(ابن الراوندى)

ابوالحسين احمد بن يحيى بن اسحاق الراوندي البغدادي العالم المقدم المشهور، له مقالة في علم الكلام وله مجالس ومناظرات مع جماعة من علماء الكلام، وله من الكتب المصنفة نحو من مائة واربعة عشر كتابا وكان عند الجمهور يرمى بالزندقة والالحاد.

وفي (ضا) وعن ابن شهر اشوب في كتابه المعالم: ان ابن

[288]

الراوندى هذا مطعون عليه جدا ولكنه ذكر السيد الاجل المرتضى في كتابه الشافي في الامامة: انه انما عمل الكتب التي قد شنع بها عليه مغالطة للمعتزلة ليبين لهم عن استقصاء نقصانها وكان يتبرأ منها تبرء‌ا ظاهرا وينتحي من علمها وتصنيفها إلى غيره، وله كتب سداد مثل كتاب الامامة والعروس، ساق (ضا) الكلام في ترجمته وفي آخره ان صاحب رياض العلماء قال ظني ان السيد المرتضى نص على تشيعه وحسن عقيدته في مطاوي الشافي او غيره انتهى.

توفي سنة 245 (رمه) وراوند بفتح الواو وسكون النون قرية من قرى قاسان وفي القاموس: راوند موضع بنواحي اصبهان واحمد بن يحيى الراوندي من اهل مرو الروذ انتهى.

قال ابن خلكان في ترجمة ابى الحسين احمد بن يحيى الراوندي المذكور: راوند قرية من قرى قاسان بنواحي اصبهان وراوند ايضا ناحية ظاهرة بنيسابور وقال ذكروا ان رجلين من بني اسد خرجا إلى اصبهان فآخيا دهقانا بها في موضع يقال له راوند وخزاق ونادماه فمات احدهما وغبر (اي بقي) الآخر والدهقان ينادمان قبره يشربان كأسين ويصبان على قبره كأسا ثم مات الدهقان فكان الاسدي الغابر ينادم قبريهما ويترنم بهذا الشعر:

خليلي هبا طالما قد رقدتما * اجدكما لا تقضيان كراكما

أمن طول نوم لا تجيبان داعيا * كأن الذي يسقي المدام سقاكما

ألم تعلما مالي براوند كلها * ولا بخزاق من صديق سواكما

اقيم على قبريكما لست بارحا * طوال الليالي او يجيب صداكما

وابكيكما حتى الممات وما الذي * يريد على ذي لوعة ان بكاكما

فلو جعلت نفس لنفس وقاية * لجدت بنفسي ان تكون فداكما

اصب على قبريكما من مدامة * فالا تنالاها تروي ثراكما

وخزاق: بضم الخاء المعجمة وبعدها زاي وبعد الالف قاف قرية اخرى مجاورة لها انتهى.

[289]

(اقول) ويناسب هنا ذكر قس بن ساعدة الايادي وعكوفه على قبر اخويه روي عن ابن عباس في حديث انه قال: لما قدم على النبي وفد اياد وذكر صلى الله عليه وآله قس بن ساعدة وتكلمه بسوق عكاظ بكلام عليه حلاوة، قال رجل من القوم يا رسول الله لقد رأيت من قس عجبا ! قال وما الذي رأيت؟ قال بينا انا يوما بجبل في ناحيتنا يقال له سمعان في يوم قايظ شديد الحر اذا انا بقس بن ساعدة في ظل شجرة عندها عين ماء واذا حواليه سباع كثيرة وقد وردت حتى تشرب من الماء وإذا زأر سبع منها على صاحبه ضربه بيده وقال كف حتى يشرب الذي ورد قبلك فلما رأيته وما حوله من السباع هالني ذلك ودخلني رعب شديد فقال لي لا بأس عليك لا تخف ان شاء الله، وإذا انا بقبرين بينهما مسجد فلما انست به قلت ما هذان القبران؟ قال قبر اخوين كانا لي يعبدان الله في هذا الموضع معي فماتا فدفنتهما في هذا الموضع واتخذت فيما بينهما مسجدا أعبدالله فيه حتى الحق بهما ثم ذكر ايامهما وفعالهما فبكى.

[290]

(ابن راهويه)

ابويعقوب اسحاق بن ابي الحسن ابراهيم بن مخلد (كجعفر) بن ابراهيم الحنظلي المروزي المحدث الفقيه.

حكي عن ابن حنبل انه قال: اسحاق عندنا امام من ائمة المسلمين وما عبر الجسر افضل منه، وقال: اسحاق احفظ سبعين الف حديث واذاكر بمائة الف حديث وما سمعت شيئا قط إلا حفظته ولا حفظت شيئا فنسيته وكان قد رحل إلى الحجاز والعراق واليمن والشام وسمع من سفيان بن عيينة الهلالي ومن في طبقته، وسمع منه البخاري ومسلم والترمذي اصحاب الصحاح ولد سنة 161 وسكن في آخر عمره نيسابور وتوفي بها منتصف شعبان سنة 237 (لرز).

حكي انه جرى بينه وبين الشافعي مناظرة بمكة وكان اسحاق لا يرخص في كراء دور مكة فاحتج الشافعي بقوله تعالى (الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق) فاضيف الديار إلى مالكها وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة من اغلق بابه فهو آمن وقال هل ترك لنا عقيل من ريع وقد اشترى عمر دار السجن أترى انه اشترى من مالكيها أو غير مالكيها؟ قال اسحاق فلما علمت ان الحجة لزمتني تركت قولي.

(ثم اعلم) انه احد المحدثين تعلقوا بلجام بغلة مولانا الرضا " ع " في مربعة نيسابور وطلبوا منه حديثا يرويه عن آبائه الطاهرين " ع " فحدثهم الرضا بالحديث المشهور.

وراهويه بالواو المفتوحة بين الساكنتين أو بفتح الهاء لقب اب ابى الحسن ابراهيم، وانما لقب بذلك لانه ولد في طريق مكة، والطريق بالفارسية راه، وويه معناه وجد، فكأنه وجد في الطريق.

(ابن رشد)

ابوالوليد محمد بن احمد بن محمد الاندلسي المالكي أوحد زمانه في العلم والفضل والطب والفلسفة، له تهافت الفلاسفة وهو رد على تهافت الفلاسفة للغزالي

[291]

قال فيما حكي عنه: ان ما ذكره الغزالي بمعزل عن مرتبة اليقين والبرهان، وقال في آخره لا شك ان هذا الرجل اخطأ على الشريعة كما اخطأ على الحكمة ولو لا ضرورة طلب الحق من اهله ما تكلمت في ذلك توفي سنة 595.

(ابن رشيق)

انظر القيروانى.

(ابن الرضا)

عيسى بن جعفر بن الامام علي بن محمد بن علي الرضا " ع " عالم فاضل كامل، سمع منه الحديث الشيخ الاجل ابومحمد هارون بن موسى التلعكبرى في سنة 325 (شكه) واستجاز منه فاجازه.

وله اخ يقال له ابوالرضا وهو محسن بن جعفر قتل في ايام الخليفة المقتدر بالله في اعمال دمشق سنة 300 وحمل رأسه إلى بغداد وصلب على الجسر.

ولابن الرضا عيسى هذه الابيات:

يا بني احمد اناديكم اليو * م وانتم غدا لرد جوابى

الف باب اعطيتم ثم افضى * كل باب منها إلى الف باب

لكم الامر كله واليكم * ولديكم يؤول فصل الخطاب

(ابن الرفاعى)

السيد أحمد الذى يأتى في الرفاعى.

(ابن الرومى)

ابوالحسن علي بن العباس بن جريج (سريج خ ل) البغدادي الشاعر ذكره بعض العلماء في شعراء الشيعة ويؤيده ما نقل من شعره:

تراب ابى تراب كحل عيني * إذا رمدت جلوت بها قذاها

تلذ لي الملامة في هواه * لذكراه واستحلي اذاها

وعن الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ان ابن الرومي كان شاعرا للامام الهادي " ع " ذكره عامة اهل التأريخ واثنوا عليه انتهى.

[292]

له ديوان، وكان مشهورا بكثرة التطير وله فيه اخبار غريبة ونوادر بديعة وكان اصحابه يعبثون به فيرسلون اليه من يتطير من اسمه فلا يخرج من بيته اصلا ومن شعره:

رأيت الدهر يرفع كل وغد * ويخفض كل ذي شيم رضيفه

كمثل البحر يغرق فيه حي * ولا تنفك تطفو فيه جيفه

أو الميزان يخفض كل واف * ويرفع كل ذي زنة خفيفه

وله ايضا:

كفى بسراج الشيب في الرأس هاديا * لمن قد اضلته المنايا لياليا

وكان كرامي الليل يرمي ولا يرى * فلما اضاء الشيب شخصي رمانيا

وله في هجاء المفضل بن سلمة (سلمه بن عاصم كان صاحب الفراء وراويته) ابن عاصم الضبي البغدادي اللغوي، صاحب المصنفات في فنون الادب ومعانى القرآن والد ابى الطيب محمد بن المفضل الفقيه الشافعي المتوفى سنة 308 من اهل بيت فضلاء قوله:

لو تلففت في كساء الكسائى * وتفريت فروة الفراء

وتخللت بالخليل واضحى * سيبويه لديك رهن سباء

وتكونت من سواد ابى الاسود * شخصا تكنى ابا السوداء

لابى الله ان يعدك اهل ال‍ * علم إلا من جملة الاغبياء

ولا يخفى انه ليس ابن جريح المعروف فانه عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريح المكي، سمع جمعا من العلماء.

يقال انه اول من صنف الكتب وكان احمد بن حنبل يقول: كان ابن جريح من اوعية العلم، وعن ابن جريح انه قال:

خلت الديار فسدت غير مسود * ومن الشقاء تفردي بالسودد

توفي سنة 151، وتوفي ابن الرومي سنة 283 ببغداد.

وقال المسعودي وغيره ان القسم بن عبيد الله وزير المكتفى بالله العباسي قتله بالسم.

(اقول) التطير التشاؤم من الفال الردي واشتقاقه من الطير لان اصل الزجر

[293]

في العرب كان من الطير كصوت الغراب فالحق به غيره وكان رسول الله يحب الفال الحسن ويكره الطيرة واعلم ان كفارة الطيرة التوكل وعدم الاعتناء بها وان التطير يضر من اشفق منه وخاف، واما من لم يبال به ولا يعبأ به فلا يضره البتة لاسيما ان قال عند رؤية ما يتطير منه أو سماعه ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك، اللهم لا يأتى بالحسنات إلا انت ولا يذهب بالسيئات إلا انت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

واما من كان معتنيا بها فهي اسرع اليه من السيل إلى منحدره تفتح له ابواب الوساوس فيما يسمعه ويراه ويفتح له الشيطان من المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى كالسفر والحلاء من السفرجل. واليأس.

والمين من الياسمين وسوء سنة من السوسنة وامثال ذلك ما يفسد عليه دينه وينكد عليه معيشته فليتوكل الانسان على الله تعالى في جميع اموره ولا يتكل على سواه وليقل ما روى عن ابى الحسن " ع " لمن اوجس في نفسه شيئا: اعتصمت بك يا رب من شر ما اجد في نفسي فاعصمنى من ذلك.