باب الصاد

(الصابى)

ابواسحاق ابراهيم محمد بن هلال الحرانى الاديب المنشى الذي له في الكتابة والانشاء مقام رفيع صاحب الرسائل المشهورة والنظم البديع.

[399]

كان يعد في عداد ابن العميد وكان كاتب الانشاء ببغداد عن الخليفة وعن عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه وتقلد ديوان الرسائل سنة 349 وكانت تصدر عنه مكاتبات إلى عضد الدولة بن بويه بما يؤلمه فحقد عليه فلما قتل عزالدولة وملك عضد الدولة بغداد اعتقله في سنة 367 وعزم على القائه تحت ايدي الفيلة فشفعوا فيه ثم اطلقه في سنة 371 وكان قد امره ان يصنع له كتابا في اخبار الدولة الديلمية فعمل الكتاب التاجي وله اشعار فمنها قوله:

اسرة المرء والداه وفيما * بين حضنيهما الحياة تطيب

فاذا ما طواهما الموت عنه * فهو في الناس اجنبي غريب

وينسب اليه ايضا:

ليس لي مسعد على ما اقاسي * من كروبي سوى العليم السميع

دفتري مؤنسي وفكري سميري * ويدي خادمي وحلمي ضجيعي

ولسانى سيفي وبطشي قريضي * ودواتى غيثي ودرجي ربيعي

اتعاطي شجاعة ادعيها * في القوافي لقلبي المصدوع

روي الخطيب البغدادى عن محمد بن المظفر ابي الحسن المعدل المعروف بابن السراج المتوفى سنة 410 قال انشدنى الصابى لنفسه:

قد كنت للحدة من ناظرى * ارى السهى في الليلة المقمره

الآن ما ابصر بدر الدجى * إلا بعين تشتكي الشبكره(1)

لانني انظر منها وقد * غير مني الدهر ما غيره

ومن طوى الستين من عمره * رأى امورا فيه مستنكره

وان تخطاها رأى بعدها * من حادثات النقص مالم يره

[400]

توفي سنة 384 او 380 ودفن بالشونيزى ورثاه الشريف الرضي بقصيدته المشهورة:

أرأيت من حملوا على الاعواد * أرأيت كيف خبا ضياء النادى

جبل هوى لو خر في البحر اغتدى * نم ثقله متتابع الازبادى

ما كنت اعلم قبل حطك في الثرى * إن الثرى يعلو على الاطواد

(الابيات) وعاتبه الناس في ذلك فقال إنما رثيت فضله، (وحفيده) ابوالحسن هلال بن المحسن بن ابراهيم الصابى.

كان فاضلا له كتاب تحفة الامراء في تاريخ الوزراء، كان على دين جده ابراهيم فأسلم في آخر عمره، توفي سنة 448.

والصابى ايضا ثابت بن قرة بن مروان الصابي الحرانى كان مبدأ امره صيرفيا بحران ثم انتقل إلى بغداد واشتغل بعلوم الاوائل فمهر فيها وبرع في الطب وكان الغالب عليه علم الفلسفة وله تأليفات كثيرة وهو أول من حرر كتاب اقليدس وهذبه ونقحه بعد أن عربه ونقله من لغة اليونان إلى اللغة العربية ابوزيد حنين بن اسحق العبادي الطبيب المشهور المتوفى سنة 260 وكان امام وقته في صناعة الطب وكان يعرف لغة اليونانيين واليونانيون كانوا حكماء متقدمين على الاسلام وهم من أولاد يونان بن يافث بن نوح " ع ".

[401]

توفى الصابي المذكور سنة 288 (فرح) وكان له ولد يسمى ابراهيم بلغ رتبة ابيه في الفضل وكان من حذاق الاطباء وعالج السري الرفاء الشاعر فمدحه باشعاره المشهورة، عمران الصابي واحد المتكلمين وهو الذي كان جدلا لم يقطعه احد عن حجته اسلم على يد الرضا عليه السلام وصار موردا لا لطافة الخاصة والصابي نسبة إلى الصابى بن متوشلخ بن ادريس وقيل إلى صابى بن ماري وكان في عصر الخليل عليه السلام.

قال الراغب: الصابئون قوم كانوا على دين نوح " ع " وقيل سموا بذلك لانهم خرجوا عن دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة.

والصابى عند العرب من خرج عن دين قومه إلى دين آخر ولذلك كانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه وآله صابئا لخروجه عن دين قومه، والحراني نسبة إلى حران مدينة مشهورة بالجزيرة.

(الصابونى)

محمد بن احمد بن ابراهيم ابوالفضل الجعفي الكوفي ثم المصري كان من افاضل قدماء اصحابنا الامامية ممن ادرك الغيبتين له كتب كثيرة في الفقه وغيره منها (كتاب الفاخر) وكتاب تفسير معانى القرآن، وكتاب التوحيد والايمان إلى غير ذلك.

يروي عنه الشيخ والنجاشي بواسطتين وابن قولويه بلا واسطة وعده السيد ابن طاووس من اصحابنا العارفين بعلم النجوم وذكر العلامة الطباطبائي بحر العلوم ترجمته في رجاله.

والصابوني كما في تنقيح المقال نسبة إلى الصابون المعروف الذى يغسل به الثياب نظرا إلى صنعه او بيعه والصابون ليس من كلام العرب بلا ولا من كلام الفرس والترك وهو من الصناعة القديمة فقيل انه من صناعة بقراط وجالينوس.

[402]

وقيل انه وجد في كتاب هرمس وانه وحي وهو الذى استظهره داود الانطاكي الحكيم.

(صاحب الزنج)

كان يزعم انه علي بن محمد بن احمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن ابي طالب " ع " واكثر الناس يقولون انه دعي آل ابي طالب وكان من أهل قرية من اعمال الري يقال لها وزيق وظهر(1) من فعله ما دل على تصديق ما رمي به انه كان يرى رأي الازارقة من الخوارج لان افعاله في قتل النساء والاطفال وغيرهم من الشيخ الفاني وغيره ممن لا يستحق القتل يشهد بذلك خرج في البصرة سنة 255 وكان انصاره الزنج ووعد كل من اتى اليه من السودان ان يعتقه ويكرمه فاجتمع اليه منهم خلق كثير بذلك علا امره ولذا لقب بصاحب الزنج فكانت مدة أيامه اربع عشرة سنة واربعة اشهر يقتل الصغير والكبير والذكر والانثى ويحرق ويخرب.

وقد حكي انه دخل البصرة في يوم الجمعة السابع عشر من شوال سنة 257 وقتل اهلها وحرق المسجد الجامع والدور الواقعة فيها ولم يزل يقتل الناس ويحرق دورهم في يوم الجمعة وليلة السبت ويوم السبت حتى جرى الدم في سكك البصرة وحرق دورهم ودوابهم واثاثهم واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل وعظم الخطب وعمها القتل والنهب والاحراق فجرى من القتل الذريع والنهب العظيم والتمثيل البليغ ما يعظم سماعه جملة فما الظن بتفاصيله.

وكان ما كان مما لست اذكره * فظن ظنا ولا تسال عن الخبر

___________________________________

(1) روى عن ابي محمد العسكري " ع " في حديث قال وصاحب الزنج ليس منا اهل البيت.[*]

[403]

قال المسعودى وقد كان اتى بالبصرة في وقعة واحدة على قتل ثلاثمائة الف من الناس وبلغ من امر عسكره انه كان ينادي فيه على المرأة من ولد الحسن والحسين والعباس وغيرهم من ولد هاشم وقريش وغيرهم من سائر العرب وابناء الناس تباع الجارية منهم بالدرهمين والثلاثة وينادى عليها بنسبها هذه ابنة فلان الفلاني لكل زنجي منهم العشرة والعشرون والثلاثون يطؤهن الزنج ويخدمن النساء الزنجيات كما تخدم الوصائف.

وقد تكلم الناس في مقدار ما قتل في هذه السنين من الناس فمكثر ومقلل فأما المكثر فانه يقول افني من الناس مالا يدركه العد ولا يقع عليه الاحصاء ولا يعلم ذلك إلا عالم الغيب والمقلل يقول افني من الناس خمسمائة الف الف وكلا الفرييقين يقول في ذلك ظنا وحدسا إذ كان شيئا لا يدرك ولا يضبط وكان مقتله سنة 270 في خلافة المعتمد انتهى.

اقول: وقد اخبر عنه امير المؤمنين " ع " في خطبه منها قوله كأني به وقد سار بالجيش الذى لا يكون له غبار ولا لجب ولا قعقعة لجم ولا حمحمة يثيرون الارض بأقدامهم كأنها اقدام النعام.

(الصاحب بن عباد)

كافي الكفاة ابوالقاسم اسماعيل بن ابي الحسن عباد بن عباس الطالقاني نادرة الزمان وشقائق النعمان احد من يشد اليه الرحال لاخذ الادب وينسل إلى جوده وكرمه من كل حدب جمع إلى الشرف عز الجاه ونال من الدنيا والآخرة مرتجاه:

ورث الوزارة كابرا عن كابر * موصولة الاسناد بالاسناد

يروي عن العباس عباد وزا * رته واسماعيل عن عباد(1)

___________________________________

(1) يحكى عن الصاحب بن عباد قال محدت بمائة الف قصيدة عربية وفارسية، وما سرني شاعر كما سرني ابو سعيد الرستمي الاصبهاني بقوله: ورث الوزارة كابرا عن كابر البيتين.[*]

[404]

وله سنة 326 وسمع العلم والحديث عن ابيه واخذ الادب عن ابى الحسين احمد بن فارس اللغوي وعن ابي الفضل العباس بن محمد النحوي تلميذ احمد بن ابى عبدالله البرقي وعن الوزير الاعظم الاستاذ الاستناد ابي الفضل بن العميد ولاجل صحبته إياه لقب الصاحب.

وقيل: انما سمي الصاحب لان أول من استوزره هو مؤيد الدولة ابو منصور بن ركن الدولة بن بويه الديلمي فصحبه كثيرا من زمن صباه هو هو سماه الصاحب فغلب عليه.

وكان رحمه الله تعالى اعجوبة عصره ووحيد دهره ونسيج وحده في العربية.

يحكى انه لما جلس للاملاء حضر عنده خلق كثير وكان المستملي الواحد لا يقوم بالاملاء حتى انضاف اليه ستة كل يبلغ صاحبه وما اتفق مثل ذلك لاحد إلا ما يحكى عن مجلس عاصم بن علي بن عاصم ايام المعتصم فقد استعيد في مجلسه اسم رجل في الاسناد اربع عشرة مرة والناس لا يسمعون ثم احصوا فكانوا مائة الف وعشرين الف رجل.

له كتب وانشاء‌ات كثيرة واشعار وافرة في مناقب الائمة الطاهرة " ع " ومثالب اعدائهم فمنها قوله:

لو شق عن قلبي يرى وسطه * سطران قد خطا بلا كاتب

العدل والتوحيد في جانب * وحب أهل البيت في جانب

وله:

ان المحبة للوصي فريضة * اعني امير المؤمنين عليا

قد كلف الله البرية كلها * واختاره للمؤمنين وليا

[405]

وله رحمه الله:

أنا وجميع من فوق التراب * فداء تراب نعل ابى تراب

وقد ذكر كثيرا من اشعاره في مناقب اخطب خوارزم منها قوله:

يا امير المؤمنين المرتضى * ان قلبي عندكم قد وقفا

الابيات وقد تقدم في ابن السقا مع اشعار اخر له وقال اخطب ايضا وللصاحب كافي الكفاة:

من كمولانا علي * والوغى تحمى لظاها

من له في كل يوم * وقعات لا تضاهى

كم وكم حرب عقام * سد بالصمصام فاها

اذكرا افعال بدر * لست ابغي ما سواها

اذكرا غزوة أحد * انه شمس ضحاها

اذكرا حرب حنين * انه بدر دجاها

واذكرا بكرة طير * فلقد طار بناها

واذكرا لي قلل العل‍ * م ومن حل ذراها

حاله حالة هارو * ن لموسى فافهماها

أ على حب علي * لامني القوم سفاها

أهملوا قرباه جهلا * وتخطوا مقتضاها

ردت الشمس عليه * بعد ما غاب سناها

وله ايضا:

علي له في الطير ما طار ذكره * وقامت به اعداؤه وهى تشهد

وله وقد انكر على بعض اهل التنجيم:

خوفني منجم أخو خبل * تراجع المريخ في برج الحمل

فقلت دعني من اباطيل الحيل * فالمشتري عندي سواء وزحل

ادفع عني كل آفات الدول * بخالقي ورازقي عزوجل

[406]

وله عرض على علوي من تعديه:

لعمرك ما الانسان إلا بدينه * فلا تترك التقوى اتكالا على النسب

فقد رفع الاسلام سلمان فارس * وقد وضع الشرك الشريف ابا لهب

وله رحمه الله في مخاطبة نفسه:

كم نعمة عندك موفورة * لله فاشكر يا ابن عباد

قم فالتمس زادك وهو التقى * لن يسلك الطرق بلا زاد

إلى غير ذلك وتقدم في ابن العميد وابوهاشم العلوي بعض اشعاره وكان نقش خاتمه:

شفيع اسماعيل في الآخرة * محمد والعترة الطاهرة

وله كلمات حكمية منها من لم تهذبه الاقالة هذبه العثار ومن لم يؤد به والداه أدبه الليل والنهار، رب لطائف أقوال تنوب عن وظائف أموال، الصدر يطفح بما جمعه وكل إناء مؤد ما اودعه، الشئ يحسن في أبانه كما ان الثمر يستطاب في أوانه، ربما كان الاقرار بالقصور انطق من لسان الشكور إلى غير ذلك.

ومن كلامه في وصف أمير المؤمنين " ع " ونسبته مع رسول الله صلى الله عليه وآله صنوه الذي واخاه وأجابه حين دعاه، وصدقه قبل الناس ولباه، وساعده وواساه، وشيد الدين وبناه وهزم الشرك واخزاه، وبنفسه على الفراش فداه ومانع عنه وحماه، وارغم من عانده وقلاه، وغسله وواراه، وأدى دينه وقضاه وقام بجميع ما اوصاه ذاك امير المؤمنين " ع " لا سواه.

وتصانيفه كثيرة منها: كتاب المحيط في اللغة سبع مجلدت، وألف لاجله شيخنا الصدوق رضوان الله عليه (عيون أخبار الرضا " ع ") وصدر كتابه بقصيدته التي نظمها واهداها إلى الرضا " ع " منها قوله:

يا سائرا زائرا إلى طوس * مشهد طهر وأرض تقديس

[407]

أبلغ سلامي الرضا وحط على * اكرم رمس لخبر مرموس

والله والله حلفة صدرت * من مخلص في الولاء مغموس

اني لو كنت مالكا أربي * كان بطوس الفناء تعريسي

يا سيدى وابن سيدى ضحكت * وجوه دهرى بغير تعبيس

لما رأيت النواصب انتكست * راياتها في زمان تنكيس

صدعت بالحق في ولايتكم * والحق مذ كان غير منحوس

ان بني النصب كاليهود وقد * يخلط تهوديدهم بتمجيس

كم دفنوا في القبور من نجس * اولى بن الطرح في النواويس

عالمهم عندما اباحثه * في جلد ثور ومسك جاموس

إذا تأملت شوم جبهته * عرفت فيها اشتراك ابليس

والف لاجله الفاضل الماهر الحسن بن محمد القمي كتاب (تاريخ قم) وذكر في أوله من فضائله ومناقبه وعلمه وتقواه وسداده وكرمه وإحسانه وتعظيمه للسادة العلوية واكرامهم وسد خلتهم ولم شعثهم شطرا وافيا، والف باسمه حسين بن علي ابن بابويه القمي كتابا، والثعالبي يتيمة الدهر وقال في حقه ليست تحضرني عبارة أرضاها للافصاح عن علو محله الخ.

(وبالجملة) كان رحمه الله تعالى حسنة من حسنات الزمان وبقية مما ترك الاعيان، ذا مروة فاتت الواصف. وجود أخجل الغمام الواكف. قيل لم يجتمع قط لاحد من الوزراء المعظمين مثل ما اجتمع ببابه من الشعراء المجيدين والادباء المفيدين باصبهان والرى وجرجان وسائر ممالك ايران، ومنهم ابوبكر الخوارزمي والزعفرانى وقد تقدم ذكرهما.

[408]

يحكى من مآثره انه كان ينفذ إلى بغداد في السنة خمسة آلاف دينار تفرق على الفقهاء والادباء وكان في اوان صغره إذا أراد المضي إلى المسجد ليقرأ تعطيه والدته دينارا ودرهما كل يوم وتقول له تصدق بها على اول فقير تلفاه فجعل هذا دأبه في شبابه إلى ان كبر وماتت والدته، وله في ذلك حكاية لا يناسب ذكرها المقام وكان لا يدخل عليه في شهر رمضان بعد العصر احد كائنا من كان فيخرج من داره إلا بعد الافطار عنده، وكانت داره لا تخلو في كل ليلة من ليالى شهر رمضان من الف نفس مفطرة فيها وكانت صلاته وصدقاته وقرباته في هذا الشهر تبلغ مبلغ ما يطلق منها في جميع شهور السنة وكانت ايامه رحمه الله للعلوية والعلماء والادباء والشعراء وحضرته محط رحالهم وموسم فضلائهم امواله مصروفة اليهم وصنائعه مقصورة عليهم، ولما كان ببغداد قصد القاضي ابا السائب عتبة ابن عبيدالله لقضاء حقه فتثاقل في القيام له وتحفز تحفزا اراه به ضعف حركته وقصور نهضته فأخذ الصاحب بضبعه واقامه وقال: نعين القاضي على قضاء حقوق اصحابه فخجل القاضي واعتذر اليه.

واظن اني رأيت في كتبا معاهد التنصيص للفاضل الاديب عبدالرحيم العباسى المعاصر للشهيد الثانى: ان الصاحب استدعى في بعض الايام شرابا فأحضروا قدحا فلما أراد ان يشرب قال له بعض خواصه لا تشربه فانه مسموم وكان الغلام الذى ناوله واقفا فقال للمحذر ما الشاهد على على صحة قولك؟ قال تجربه في الذي ناولك إياه قال لا استجيز ذلك ولا استحله قال فجربه في دجاجة قال التمثيل بالحيوان لا يجوز ورد القدح وامر بقلبه وقال للغلام انصرف عني ولا تدخل داري وامر باقرار جاريه وجرايته عليه وقال لا يدفع اليقين بالشك والعقوبة بقطع الرزق نذالة إنتهى.

توفى في 24 صفر سنة 385 (شفه) بالري ثم نقل إلى اصبهان ودفن بمحلة تعرف بدريه.

قال ابن خلكان: ورأيت في اخباره انه لم يسعد احد بعد وفاته كما كان في حياته غير الصاحب فانه لما توفي اغلقت له مدينة الري واجتمع الناس على باب قصره ينتظرون خروج جنازته وحضر مخدومه فخر الدولة اولا وسائر القواد وقد غيروا لباسهم فلما خرج نعشه من الباب صاح الناس بأجمعهم صيحة واحدة وقبلوا الارض، ومشى فخر الدولة أمام الجنازة مع الناس وقعد للعزاء اياما،

[409]

ورثاه ابوسعيد الرستمي بقوله:

أبعد ابن عباد يهش إلى السرى * اخو امل او يستماح جواد

أبي الله إلا ان يموتا بموته * فما لهما حتى المعاد معاد

إنتهى، ورثاه السيد الرضى رحمه الله بقصيدة لم يسمع اذن الزمان بمثلها اولها:

اكذا المنون يقطر الابطالا * اكذا الزمان تضعضع الاجبالا

اكذا تصاب الاسد وهى مدلة * تحمي الشبول وتمنع الاغيالا

إلى قوله:

واقم على يأس فقد ذهب الذي * كان الانام على مداه عيالا

وقبره باصبهان مزار معروف، قال (ضا): واصاب قبته انهدام وفتور من مرور الدهور فأمر شيخنا الامام العلامة الحاج محمد ابراهيم الكرباسى في هذه الايام بتجديد عمارتها وتطيينها وتشييد نضارتها وزينتها فصارت كأحب موضع يرام وأجود منزل ومقام وهو سلمه الله تعالى مع ما به من الزمن والانكسار في هذه الايام ليس يدع زيارته ايضا طول شهر او شهرين بل ايام إلا ان تلك المحلة المسعودة موسومة في زماننا هذا بباب الطوقجي والميدان العتيق وقد جربت العامة ايضا الخير العاجل الذي لا يتجاوز الاسبوع في زيارة مرقده الشريف قدس الله روحه اللطيف انتهى، وتقدم في ابوحيان التوحيدي ما يدل على جلالته وتعظيمه.

(والطالقانى) بفتح اللام نسبة إلى طالقان، وهى بلدتان إحداهما بخراسن بين مرو روذ وبلخ والاخرى بلدة وكورة بين قزوين وابهر وبها عدة قرى واليها ينسب الصاحب بن عباد.

(الصايغ)

انظر ابن الصايغ.

(صاين الدين)

ابوبكر يحيى بن سعدون بن تمام القرطبي احد الائمة المتأخرين في

[410]

القراء‌ات وعلوم القرآن الكريم والحديث والنحو واللغة وغير ذلك، توفي بالموصل سنة 567.

(الصبان)

الشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي الحنفي ولد بمصر واجتهد في طلب العلم وحضر اشياخ عصره وتلقى طريق القوم وتلقين الذكر على منهج السادة الشاذلية عن الاستاذ عبدالوهاب العقيقى المرزوقي ولم يزل يخدم العلم ويداب في تحصيله حتى تمهر في العلوم العقلية والنقلية والف كتبا معروفة منها اسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل آل بيته الطاهرين عليهم السلام.

توفي سنة 1206 (غرو)، والصبان كشداد بائع الصابون. وتقدم ما يتعلق بالصابون في الصابونى.

(صدر الافاضل)

قاسم بن الحسين الخوارزمي النحوى صاحب كتاب ضرام السقط في شرح سقط الزند وهو شرح مشكلات ديوان ابى العلاء المعري كان اوحد الدهر في علم العربية ونظم الشعر ونثر الخطب قتل في فتنة التتار سنة 617 (خيز) والخوارزمي تقدم ما يتعلق به في اخطب خوارزم.

(صدرالدين وكذا المولى صدرا)

محمد بن ابراهيم الشيرازي الحكيم المتاله المعروف كان عالم اهل زمانه في الحكمة متقنا لجمع الفنون كما قال صاحب السلافة له الاسفار الاربعة وشرح الكافى وتفسير بعض السور القرآنية وكسر الاصنام الجاهلية وشواهد الربوبية وغير ذلك، توفى بالبصرة وهو متوجه إلى الحج سنة 1050 يروي عنه المولى المحقق محسن الكاشاني وهو يروي عن المحقق الداماد والشيخ البهائي، قال صاحب نخبة المقال في تاريخه:

[411]

ثم ابن ابراهيم صدر الاجل * في سفر الحج مريض(1050) ارتحل

قدوة اهل العلم والصفاء * يروي عن الداماد والبهائي

وابنه الجليل الفاضل النبيل الميزرا ابراهيم بن محمد كان عالما بأكثر العلوم وله في الفضل مقام معلوم خصوصا في العقليات والرياضيات وكان مسلكه بعكس والده له عروة الوثقى في التفسير وحاشية على شرح اللمعة توفى في العشر السابع بعد الالف في بلدة شيراز رضوان الله تعالى عليه.

(السيد صدرالدين الدشتكي)

محمد الحسيني الشيرازي هذا الاسم واللقب يطلق على العلمين العالمين الجليلين من آباء السيدالاجل السيد علي خان الشيرازى احدهما صدر الدين الكبير سيد الحكماء والمدققين ابوالمعالي محمد بن ابراهيم والد الميرغياث الدين منصور صاحب الحواشي على التجريد وشرح المطالع وشرح الشمسية وشرح مختصر الاصول وغير ذلك، قتل سنة ثلاث وتسعمائة على أيدى التركمانية الديار بكرية الفجرة الفسقة.

(وثانيهما) حفيده محمد بن منصور بن صدر الدين محمد الحسيني الدشتكى صاحب التوبة النصوحية وتارك الصحبة الصبوحية الذى قال فيه صاحب الروضات لم يعهد من احد من الآحاد توبة إلى الله بمثل توبة هذا الرجل المؤيد من عند رب العباد ثم ذكر وصف توبته ثم قال ولقد رأيت من ثمرات عمره المبرور بعد تنبهه المزبور بتوفيق المالك للامور اجازة فاخرة منه لبعض فضلاء دار العبادة فيها من الفضل والزيادة ما لم يتفق مثله إلى الآن لاحد من العلماء والسادة ورسالة طريفة في التشديد على مذمة الخمر الخبيث والتهديد على شاربه الحثيث بالعقل والاجماع من جميع ارباب الشرائع بعد القرآن والحديث وفيها من الفوائد الشريفة مالا يحصى ومن العوائد المنيفة مثل عدد الرمل والحصي، ثم

[412]

ذكر الاجازة وبعض رسالته في قبائح الخمر ومن اراد التفصيل فعليه بمجالس المؤمنين والروضات.

(اقول) ولما ينتهي إلى هذا السيد الجليل نسب السيد على خان الشيرازي فينبغي ذكر مختصر من ترجمته هنا وهو كما ذكرناه في سفينة بحار الانوار صدر الدين علي بن احمد بن محمد معصوم بن احمد الحسيني المدني الشيرازى السيد النجيب والجوهر العجيب العالم الفاضل الماهر الاديب والمنشئ الكاتب الكامل الاريب الجامع لجميع الكمالات والعلوم والذي له في الفضل والادب مقام معلوم الذى إذا نظم لم يرض من الدر إلا بكباره وإذا نثر فكالانجم الزهر بعض نثاره حائز الفضائل عن اسلافه السادة الا ماثل صاحب المصنفات الرائقة والمؤلفات الفائقة كسلافة العصر، والدرجات الرفيعة، وسلوة الغريب، وانوار الربيع، والكلم الطيب، والشروح على الصمدية، وشرح الصحيفة السجادية وهذا الكتاب ينبئ عن طول باعه وكثرة اطلاعه واحاطته بالعلوم.

تولد بالمدينة المعظمة سنة 1052 (غنب) وتوفي سنة 1119 بشيراز ودفن بحرم الشاه جراغ بقرب السيد ماجد البحرانى مكان آبائه العلماء والفضلاء.

قال رحمه الله في السلافة: في ترجمة والده إمام بن إمام وهمام بن همام وهلم جرا إلى ان جاوز المجرة مجرا، لا اقف على حد حتى انتهي إلى اشرف جد وكفى شادها على هذا المرام قول احد اجداده الكرام ليس في نسبنا إلا ذو فضل وحلم حتى نقف على باب مدينة العلم إنتهى.

وليعلم ان هذا السيد الجليل غير السيد علي خان الحويزي العالم الجليل والفاضل النبيل والشاعر الاديب والصاحل الاريب فريد عصره وعزيز مصره فانه ابن السيد الاجل العالم خلف بن المطلب بن حيدر بن المحسن بن محمد الملقب بالمهدي ابن فلاح الموسوى المشعشعئ والي الحويزة صاحب النور المبين وخير المقال وتفسير القرآن وغير ذلك.

[413]

ذكره صاحب السلافة واثنى عليه ومدحه شعراء عصره ومدحه السيد نعمة الله في الانوار النعمانية وذكره الشيخ الحر العاملي في (مل) وقال: هو من المعاصرين وذكر كتبه وبعض اشعاره منها قوله من قصيدة:

ولولا حسام المرتضى اصبح الورى * وما فيهم من يعبد الله مسلما

وابناؤه الغر الكرام الاولى بهم * أنار من الاسلام ما كان مظلما

واقسم لو قال الانام بحبهم * لما خلق الرب الكريم جهنما

(السيد صدر الدين العاملي)

هو السيد محمد بن السيد صالح بن السيد محمد بن ابراهيم شرف الدين بن زين العابدين الموسوى العاملي الاصبهاني الحبر النبيل والعالم الجليل الماهر في الفقه والاصول والحديث والادب والرجال، صاحب المصنفات الشريفة منها اسرة العترة في ابواب الفقه بطريق الاستدلال، والقسطاس المستقيم في اصول الفقه ومنظومة في الرضاع مع شرحه، وكتاب في النحو لم يأت فيه بشواهد العربية إلا من الآيات القرآنية، ورسالة في شحر مقبولة عمر بن حنظلة.

قرأ على جماعة من افاضل علماء العراق: ككاشف الغطاء والسيد جواد العاملي والمحقق الاعرجي والشيخ سليمان العاملي، كان رحمه الله سبط الشيخ علي بن الشيخ محيي الدين بن الشيخ علي السبط وصهر الشيخ الاجل الافقه الشيخ جعفر.

يروي عنه شيخ الطائفة العلامة الانصارى رحمه الله وهو عن ابيه الصالح عن ابيه السيد محمد عن الشيخ الحر العاملي، ويروي ايضا عن العلامة بحر العلوم وعن المقدس الاعرجي والمحقق القمى قدس الله تعالى ارواحهم.

[414]

قال (ضا): كان رحمه الله في غاية الشفقة معي واعانني على هذا التصنيف اي تصنيف الروضات كثيرا وقال: ومن جملة ما حكى لنا (قده) انه كان يتردد في زمن حداثته وقبل اوان حلمه كثيرا إلى عالي مجلس سيدنا الاجل المرحوم بحر العلوم ويستفيد من بركات انفاسه وكان ذلك المرحوم إذ ذاك مشتغلا بنظم درته المشهورة فكان يعرض على خاطره الشريف ما كان ينشده في كل يوم في جملة من كان يريهم إياه لما كان يعتقد صفاء ذهنه وحسن سليقته وهو كما استفيد لنا من تضاعيف كلماته كان مدعيا لمرتبة الاجتهاد قبل أوان بلوغهة توفي بالغري ليلة الجمعة الرابعة عشر من محرم سنة 1263 (غرسج) وصلى عليه الشيخ الكامل الشيخ محمد بن علي بن الشيخ جعفر ودفن في الصحن الشريف في الحجرة الواقعة في الزاوية الغربية، ثم توفي مولانا الفاضل الرفيع المجتهد الحاج ميرزا مسيح المتوطن بطهران ثم قم المباركة في هذه السنة بعد وفاة السيد المرحوم ودفن هو ايضا في تلك الحجرة المطهرة انتهى (ضا) ملخصا.

(السيد صدرالدين القمى)

شارح الوافية، ابن السيد محمد باقر الرضوى المجاور بالغرى السري جامع المعقول والمنقول ملجأ الخواص والعوام ومرجع الاحكام اخذ من افاض لعلماء اصبهان كالمدقق الشيرواني والا فاجمال الدين الخونسارى والشيخ جعفر القاضي ثم ارتحل إلى قم المباركة لارشاد العباد فأخذ هناك في التدريس إلى ان اشتعلت نائرة فتنة الافغان فانتقل منها إلى موطن اخيه الفاضل بهمدان ثم منها إلى النجف الاشرف فاشتغل فيها ايضا على جملة من ارباب الفضل: كالمولى الشريف ابى الحسن العاملي والشيخ احمد الجزائري وتلمذ عليه الاستاذ الاكبر المحقق البهبهانى ويعبر عنه في بعض رسائله بالسيد السند الاستاذ، ويروي عنه العالم المتبحر النقاد السيد عبدالله بن السيد نورالدين بن السيد نعمة الله الجزائري رضوان الله تعالى عليهم اجمعين.

[415]

قال رحمه الله: وهو افضل من رأيتهم بالعراق واعمهم نفعا واجمعهم للمعقول والمنقول اخذ العقليات من علماء اصبهان ثم لما كثرت الفتن في عراق العجم انتقل إلى المشهد اى مشهد امير المؤمنين " ع " وعظم موقعه في نفوس اهلها وكان الزوار يقصدونه ويتبركون بلقائه ويستفتونه في مسائلهم له كتاب الطهارة استقصى فيه المسائل ونصر مذهب ابن ابي عقيل في الماء القليل ناولني منه نسخة، وله حاشية على المختلف ورسائل عديدة منها: رسالة في حديث الثقلين وان احدهما اكبر من الآخر.

توفي في عشر الستين بعد المائة والالف وهو ابن خمس وستين وله اخ جليل اسمه السيد ابراهيم بن السيد محمد باقر كان من الفضلاء المدققين والعلماء المحققين حسن الخط وله من التصانيف شرح المفاتيح وشرح الوافي كان مقيما بهمدان ثم انتقل إلى كرمنشاه ولم اتحقق تاريخ وفاته إلا انه كان حيا سنة 1168 ولا يخفى انه غير السيد ابراهيم بن السيد محمد باقر الموسوي القزويني صاحب الضوابط الذى تقدم في الآغا النجفي.

(صدر الشريعة)

جمال الدين عبيدالله بن مسعود بن تاج الشريعة محمود بن صدر الشريعة البخاري الحنفي ورث المجد عن أب فأب اخذ العلم عن جده تاج الشريعة عن ابيه صدر الشريعة عن ابيه جمال الدين المحبوبى، كان ذا عناية بتقييد نفائس جده وجمع فوائده شرح الوقاية من تصانيف جده تاج الشريعة في الفقه حنفي وله تنقيح الاصول والتوضيح في حل غوامض التنقيح إلى غير ذلك، توفي سنة 747.

(صدر الممالك)

الميرزا صاحل الرضوي نقيب الاشراف الرضوية في المشهد المقدس الرضوى سلام الله على مشرفه كان مصدر خيرات ومبرات ومن آثاره الخيرية المدرسة

[416]

الصالحية المعروفة بمدرسة النواب في المشهد الرضوى بناها سنة 1086 ووقف عليها املاكا كثيرة (ومن آثاره) ايوان مصلى المشهد المقدس بناه سنة 1087 بأمر السلاطين الصفوية، ووقف كتبا كثيرة على طلاب المدرسة المزبورة وألف رسالة سماها دقائق الخيال اورد فيها رباعيات الشعراء بالفارسية اختصرتها وسميتها منتخب دقائق الخيال توفي في حدود سنة 1090.

(الصدوق)

محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى و (الصدوقان) محمد وابوه علي بن الحسين لا محمد واخوه الحسين بن علي، كما اعتقده الشيخ على الشهيدي إلى ان رأى جده الشهيد الثاني في المنام فقال له يا بني: الصدوقان محمد وابوه وقد تقدم ذكرهما في ابن بابويه.

(الصعلوكى)

بضم الصاد وسكون العين ابوسهل محمد بن سليمان بن محمد العجلى الاصبهاني النيسابوري الشافعي الفقيه المفسر المتكلم الاديب النحوي الشاعر صحب ابا اسحق المروزى واخذ عنه ثم خرج إلى العراق ودخل البصرة ودرس بها سنين ثم انتقل إلى اصبهان ومنها إلى نيسابور فدرس بها وافتى وعنه اخذ فقهاء نيسابور وكان الصاحب بن عباد يقول ابوسهل الصعلوكى لا نرى مثله ولا يرى مثل نفسه، توفى سنة 369 (شسط) بنيسابور.

(وابنه) ابوالطيب سهل بن محمد الفقيه كان مفتي نيسابور وابن مفتيها خرجت له الفوائد من سماعاته قيل انه وضع له في المجلس اكثر من خمسمائة محبرة واخذ عنه فقهاء نيسابور توفى سنة 402 (تب).

حكي انه لما مات والده محمد بن سليمان حتب ابوالنصر بن عبدالجبار اليه يعزيه عن والده:

[417]

من مبلغ شيخ اهل العلم قاطبة * عني رسالة محزون وأواه

أولى البرايا بحسن الصبر ممتحنا * من كانت فتياه توقيعا عن الله

(الصغانى)

بالغين المعجمة بعد الصاد المفتوحة ابوالفضائل الحسن بن محمد بن الحسن العمري الحنفي اللغوى النحوى المحدث الفاضل صاحب مجمع البحرين في اللغة وشرح البخاري وبيان الاحاديث الموضوعة والتكملة على الصحاح العباب وصل فيه إلى بكم، وفيه قيل:

ان الصغانى الذى * حاز العلوم والحكم

كان قصارى امره * ان انتهى إلى بكم

إلى غير ذلك، نقل عن كتبه الدرر الملتقطة انه قال: ومن الموضوعات مازعموا ان النبي صلى الله عليه وآله قال: ان الله يتجلى للخلائق يوم القيامة عامة ويتجلى لك يا ابا بكر خاصة، وانه قال حدثني جبرئيل ان الله تعالى لما خلق الارواح اختار روح ابي بكر من الارواح، ثم قال الصغاني وانا انتسب إلى عمر بن الخطاب واقول فيه الحق لقول النبي صلى الله عليه وآله قولوا الحق ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين، فمن الموضوعات ما روي ان اول ما يعطى كتابه بيمينه عمر ابن الخطاب وله شعاع كشعاع الشمس، قيل فأين ابوبكر قال سرقته الملائكة، ومنها من سب ابابكر وعمل قتل ومن سب عثمان وعليا جلد الحد إلى غير ذلك من الاحاديث المختلفة ومن الموضوعات زرغبا تزدد حبا. النظر إلى الخضرة تزيد في البصر انتهى.

(اقول) وقد ذكر الخطيب في تاريخ بغداد بعض الاحاديث الموضوعة بزعمه واشار إلى اختلاقه فمنها الحديث المروى عن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله ألا لعنة الله على مبغضي ابي بكر وعمر وعثمان وعلي.

[418]

قال الخطيب: هذا الحديث كذب موضوع في ج 13 ص 272 وقال في محمد بن الحسن ابن ازهر بعد إيراد حديثين عن النبي صلى الله عليه وآله احدهماعن ابن عمر عنه وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليهم، وثانيهما ان جبرائيل اتى النبي صلى الله عليه وآله بخرقة من الجنة فيها صورة عائشة، وقول النبي صلى الله عليه وآله ان الله تعالى امرنى ان اتزوج هذه الجارية وهي عائشة.

قال الخطيب: رجال هذين الحديثين كلهم ثقات غير محمد بن الحسن ونرى الحديثين مما صنعت يداه انتهى، وتقدم في الاشناني بعض الاحاديث الموضوعة فراجعه.

(والصغانى): احذ مشايخ اجازة السيد الاجل جمال الدين احمد بن طاووس وآية الله العلامة الحلي طاب ثراهما، توفي ببغداد سنة 650 (نخ) والصغاني نسبة إلى صغان كبنان، ويقول الصاغانى بالالف ايضا قرية بمرو وقد يسمى جاغان.

(الصفار)

الشيخ ابوجعفر محمد بن الحسن بن فروخ القمي (جش) كان وجها في اصحابنا القميين ثقة عظيم القدر راجحا قليل السقط في الرواية له كتب منها كتاب الصلاة كتاب الوضوء.

(اقول) ثم عد كتبه وذكر فيها (بصائر الدرجات) وهو الذى بأيدينا وهو غير بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله الاشعرى القمي فانه لا يوجد إلا منتخبه للشيخ حسن بن سليمان تلميذ الشهيد صاحب كتاب المحتضر وكتاب الرجعة، توفى الصفار بقم سنة 290 (رص).

[419]

(الصفدى)

صلاح الدين خليل بن ايبك بن عبدالله الصفدي الشافعي الاديب الفاضل الكامل صاحب الوافي بالوفيات والغيب المنسجم في شرح لامية العجم وفض الختام عن التورية والاستخدام واعيان العصر واعوان النصر والروض الباسم وتكملة شرح التسهيل(1) وغير ذلك.

(حكي) انه كتب ترجمة نفسه وذكر مشايخه واسماء مصنفاته وهو نحو خمسين مصنفا وقال: وكتبت بخطي ما يقارب خمسمائة مجلد، توفي بدمشق سنة 764 (ذسد) ويأتي النظام ما يتعلق به، والصفدى نسبة إلى صفد بالتحريك بلد بالشام.

(الصفوانى)

ابوعبدالله محمد بن احمد بن عبدالله بن قضاعة بن صفوان نزيل بغداد شيخ الطائفة ثقة فقيه فاضل جليل وكانت له منزلة من السلطان وهو الذي ناظر قاضي الموصل في الامامة بين يدي ابن حمدان وباهله وجعل كفه في كفه، فلما قام القاضى من موضع المباهلة حم وانتفخ كفه الذي مده للمباهلة وقد اسودت ثم مات من الغد فانتشر لابى عبدالله بهذا ذكر عند الملوك وحظى منهم وكانت له منزلة وله كتب قال ابن النديم انه كان اميا لقيته في سنة ست واربعين وثلاثمائة وكان رجلا طوالا معرقا حسن الملبوس وكان يزعم انه لا يقرأ ولا يكتب انتهى.

وقال الشيخ الطوسى (ره): انه كان حفظة كثير العلم جيد اللسان، وقيل: انه كان اميا وله كتب أملاها عن ظهر قلبه.

___________________________________

(1) اعلم ان ابن مالك كتب كتابا في النحو سماه تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، فاعتنى العلماء بشأنه فصنفوا له شروحا كثيرة منها شرح المصنف وصل فيه إلى باب المصادر ثم كمله ولده بدر الدين محمد المتوفى سنة 686 وكمله ايضا صلاح الدين الصفدى المذكور.[*]

[420]

يروي عن علي بن ابراهيم وعنه احمد بن علي بن نوح والتلعكبرى والمفيد وغير هؤلاء انتهى.

ومن كتبه كتاب الامامة وكتاب يوم وليلة وكتاب تحليل المتعة وغير ذلك وانما يقال له الصفواني لانتهاء نسبه إلى ابي محمد صفوان بن مهران الجمال الكوفي وكان ثقة، روى عن ابى عبدالله " ع " وكان له كتابا يرويه جماعة وعرض على الصادق " ع " ايمانه واعتقاده بالائمة عليهم السلام وهو الذي قال له ابوالحسن موسى " ع " في قصة له كل شئ منك حسن جميل ماخلا شيئا واحدا والقصة هذه: (كش): عن صفوان الجمال قال: دخلت على ابى الحسن الاول " ع " فقال لي يا صفوان كل شي منك حسن جميل ما خلا شيئا واحد ! قلت: جعلت فداك اى شئ؟ قال: اكراؤك جمالك من هذا الرجل يعني هارون قلت والله ما اكريته اشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو ولكن اكريته لهذا الطريق يعني طريق مكة ولا اتولاه بنفسي ولكني ابعث معه غلماني فقال لي يا صفوان ايقع كراك عليهم قلت نعم جعلت فداك، قال: فقال لي اتحب بقاهم حتى يخرج كراك قلت نعم قال فمن احب بقاء‌هم فهو منهم ومن كان منهم فهو كان ورد النار.

قال صفوان: فذهبت وبعت جمالى عن آخرها فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني فقال لي يا صفوان بلغني انك بعت جمالك؟ قلت نعم قال ولم؟ فقلت انا شيخ وان الغلمان لا يفون بالاعمال فقال هيهات ههيهات اني لاعلم من اشار عليك (اليك خ ل) بهذا اشار عليك (اليك خ ل) بهذا موسى بن جعفر قلت مالي ولموسى بن جعفر فقال دع هذا عنك فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك.

وكان صفوان الجمال ممن حمل الصادق " ع " من المدينة إلى العراق مرارا ولهذا اخذ بقدر استعداده منه عليه السلام العلم وبعض الزيارات والادعية الشريفة،

[421]

وتشرف بزيارة قبر امير المؤمنين " ع " وعلمه الصادق الزيارة المعروفة التى رواها المشايخ في كتبهم المزارية وتعلم منه " ع " الدعاء المعروف بدعاء علقمة، وعلمه " ع " ايضا كيفية زيارة الحسين " ع " في الاربعين كما رواها الشيخ في التهذيب، ولما اطلع ببركة الصادق " ع " على موضع قبر امير المؤمنين " ع " مكث عشرين سنة يصلي عند قبره عليه السلام والله يعلم ماله من الاجر في ذلك لان الصلاة عند علي " ع " بمائتي الف.

(وروى) الشيخ في مصباح المتهجد عن جماعة عن الصفواني عن ابيه عن جده عن صفوان المذكور قال: استأذنت الصادق " ع " لزيارة مولانا الحسين " ع " فسألته ان يعرفني ما اعمل عليه فقال يا صفوان صم ثلاثة ايام قبل خروجك واغتسل في اليوم الثالث (إلخ) فعلمه عليه لاسلام الزيارة المعروفة بزيارة وارث.

(الصفى الحلى)

عبدالعزيز بن السرايا الشيخ العالم الفاضل الشاعر الاديب المنشئ تلميذ المحقق الحلى (ره) كان شاعر عصره على الاطلاق اجاد القصائد المطولة والمقاطيع تطربك الفاظه المصقولة ومعانيه المعسولة ومقاصده التي كأنها سهام رشقة وسيوف مسلولة، دخل مصر سنة 736 واجتمع بالقاضي علاء الدين بن الاثير وابن سيد الناس وابى حيان وفضلاء ذلك العصر فاعترفوا بفضله ثم عاد إلى ماردين، وتوفي ببغداد سنة 750 (ذن) له ديوان شعر كبير وديوان شعر صغير والقصيدة البديعة المذكورة بتمامها في انوار الربيع وقصيدة ابن المعتز(1)

___________________________________

(1) قال ابن المعتز في قصيدته:

ونحن ورثنا ثياب النبي * وكم تجذبون بأهدابها

لكم رحم يا بني بنته * ولكن بني العم اولى بها [*]

[422]

إلى غير ذلك، ومن شعره قوله:

يا عترة المختار يا من بهم * يفوز عبد يتولاهم

أعرف في الناس بحبي لكم * إذ يعرف الناس بسيماهم

وله في مدح امير المؤمنين عليه السلام:

فوالله ما اختار الاء‌له محمدا * حبيبا وبين العالمين له مثل

كذلك ما اختار النبي لنفسه * عليا وصيا وهو لابنته بعل

وصيره دون الانام أخا له * وصنوا وفيهم من له دونه الفضل

وشاهد عقل المرء حسن اختياره * فما حال من يختاره الله والرسل

وله ايضا:

تول عليا وابناه * تفز في المعاد واهواله

إمام له عقد يوم الغدير * بنص النبي واقواله

له في التشهد بعد الصلاة * مقام يخبر عن حاله

فهل بعد ذكر إله السماء * وذكر النبي سوى آله

وله ايضا:

جمعت في صفاتك الاضداد * فلهذا عزت لك الانداد

زاهد حاكم حليم شجاع * فاتك ناسك فقير جواد

شيم ما جمعن في بشر قط * ولا حاز مثلهن العباد

قتلنا امية في دارها * ونحن احق باسلابها

قال صفي الدين الحلي رحمه الله:

ألا قل لشر عبيدالاء * له وطاغي قريش وكذابها

وباغي العباد وناعي العناد * وهاجي الكرام ومغتابها

أأنت تفاخر آل النبي * وتجحدها فضل احسابها

بكم باهل المصطفى او بهم * فرد العداة بأوصابها

[423]

خلق يخجل النسيم من اللطف * وبأس يذوب منه الجماد

ظهرت منك للورى مكرمات * فأقرت بفضلك الحساد

ان يكذب بهذا عداك فقد * كذب من قبل قوم لوط وعاد

جل معناك ان يحيط به الشعر * ويحصي صفاته النقاد

(قوله) جمعت في صفاتك الاضداد اشار بذلك إلى ما اشار اليه الشريف الرضي رضي الله تعالى عنه في مقدمة نهج البلاغة قال: ومن عجائبه اى امير المؤمنين (ع) التي انفرد بها وأمن المشاركة فيها ان كلامه الوارد في الزهد والمواعظ والتذكير والزواجر إذا تأمله المتأمل وفكر فيه النظر وخلع من قلبه انه كلام مثله ممن عظم قدره ونفذ امره واحاط بالرقاب ملكه لم يعترضه الشك في انه كلام من لاحظ له في غير الزهادة ولا شغل له بغير العبادة قد قبع في كسر بيت او انقطع في سفح جبل لا يسمع إلا حسه ولا يرى إلا نفسه ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه فيقط الرقاب ويجدل الابطال ويعود به ينطف دما ويقطر مهجا وهو مع تلك الحال زاهد الزهاد وبدل الابدال، وهذه من فضائله العجيبة وخصائصه اللطيفة التي جمع بها بين الاضداد وألف بين الاشتات، وكثيرا ما اذكر الاخوان بها واستخرج عجبهم منها وهي موضع للعبرة بها والفكرة فيها، إنتهى.

(صفى الدولة)

ابوالفتيان محمد بن سلطان محمد بن حيوس (كتنور) بن محمد الغنوي الشاعر المشهور، كان يدعى بالامير لان اباه كان من امراء المغرب وهو احد الشعراء الشاميين له ديوان شعر كبير وهو الذي قال في شرف الدولة سلم بن قريش.

انت الذي نفق الثناء بسوقه * وجرى الندى بعروقه قبل الدم

وتقدم في ابن الخياط ما يتعلق به، توفي بحلب سنة 473 (تعج).

[424]

(صفى الدين الاردبيلى)

هو قطب الاقطاب برهان الاصفياء الكاملين الشيخ صفى الدين ابوالفتح اسحق بن السيد امين الدين جبرئيل الاردبيلي الموسوي ينتهى نسبه إلى حمزة بن الامام موسى الكاظم عليه السلام. توفي سنة 735 في اردبيل ودفن بها ودفن عنده جماعة كثيرة من اولاده واحفاده كالشيخ صدر الدين والشيخ جنيد والسلطان حيدر وابنه الشاه اسماعيل والشاه محمد خدابنده والشاه عباس الاول وغيرهم رضوان الله عليهم اجمعين.

ينسب اليه السلاطين الصفوية الذين اهتموا بنشر اعلام الدين وترويج شيعة امير المؤمنين عليه السلام.

(اولهم) الشاه اسماعيل الاول ابن السلطان حيدر بن السلطان شيخ جنيد المقتول ابن السطان شيخ ابراهيم بن الخواجه على المشهور بسياه بوش المتوفى سنة 833 في بيت المقدس ابن الشيخ صدرالدين موسى بن الشيخ صفي الدين كان مبدأ سلطنته سنة 906 وتوفي سنة 930.

2 - ابنه الشاه طهماسب قام بأمر السلطنة في 19 رجب سنة 930 (ظل) وكان معاصرا للمحقق الكركي والشيخ حسين بن عبدالصمد والد شيخنا البهائي فطالت سلطنته إلى ان بلغ اربع وخمسين وتوفي في منتصف صفر سنة 984(1).

3 - ابنه الشاه اسماعيل الثانى لم تطل مدته، توفي سنة 985.

4 - اخوه السلطان محمد المكفوف فقام بأمر السلطنة إلى سنة 996.

ثم فرض الامر إلى ابنه الشاه عباس الاول، فقام به في نيف واربعين سنة في كمال الابهة والجلالة وله آثار كثيرة من الخيراتوالمبرات وتعمير البقاع المقدسات وهو الذي تشرف بمشهد الرضا (ع) ماشيا على قدميه من دار السلطنة اصفهان إلى حضرة علي بن موسى الرضا " ع " في 28 يوما وامر بتذهيب القبة المطهرة وغير ذلك مما هو مذكور في محله توفي في 24 ج 1 سنة 1038.

___________________________________

(1) والعجب ان تاريخه يوافق الخامس عشر من شهر صفر 984.[*]

[425]

6 - ابن ابنه الشاه صفي الاول وتوفى 12 صفر سنة 1052 ودفن بقم في جوار عمته فاطمة بنت موسى " ع ".

7 - ابنه الشاه عباس الثانى وتوفى سنة 1078 ودفن بقم في بقعة كبيرة متصلة بالحضرة الفاطمية سلام الله عليها.

8 - ابنه الشاه صفي الثاني المعروف بالشاه سليمان توفى سنة 1105 ودفن بقم في بقعة متصلة ببقعة الشاه عباس.

9 - ابنه الشاه سلطان حسين وهو آخر السلاطين الصفوية اتصلت بفتنة الافاغنة فاخذ السلطان حسين اسيرا وحبس في سنة 1137 وقتل في محبسه 22 محرم سنة 1140 فحمل نعشه إلى قم ودفن عند آبائه في جوار الحضرة الفاطمية لا زالت مهبطا للفيوضات السبحانية.

(صفي الدين الحنفى)

السيد ابوالفضل محمد صفي الدين بن احمد الحسيني البخاري الاصل نزيل بلدة الخليل " ع " ثم نابلس الشام كان آية في حفظ الحديث ومعرفة رجال السند وقد جمع عنده من كتب الحديث قل ما يجتمع عند غيره له القول الجلي في ترجمة ابن تيمية الحنبلي توفى بالطاعون سنة 1200 (غر).

(صفى الدين بن عبدالحق)

ابوالفضائل عبدالمؤمن بن الخطيب عبدالحق بن عبدالله البغدادي الحنبلى ولد ببغداد سنة 658 وسمع بها الحديث وسمع بدمشق من الشرف بن عساكر وجماعة وبمكة من الفخر التوزري وبرع وافتى ومهر في علم الفرائض والحساب والجبر والمقابلة والهندسة والمساحة وغير ذلك له مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع وهو مختصر معجم البلدان للحموي، توفى سنة 739 ودفن بمقبرة ابن حنبل.

[426]

(صلاح الدين الاربلى)

ابو العباس احمد بن عبدالسيد بن شعبان من بيت كبير باربل كان حاجبا عند الملك المعظم مظفر الدين صاحب اربل فتغير عليه واعتقله مدة فلما افرج عنه خرج إلى بلاد الشام فاتصل بخدمة الملك المغيث بن الملك العادل فلما توفي المغيث انتقل إلى الديار المصرية وخدم الملك الكامل فعظمت منزلته عنده ووصل منه إلى ما لم يصل اليه غيره وكان ذا فضيلة تامة وكان يحفظ الخلاصة في الفقه للغزالي وله نظم حسن ودو بيت رائق فمنه قوله:

وإذا رأيت بنيك فاعلم انهم * قطعوا اليك مسافة الآجال

وصل البنون إلى محل ابيهم * وتجهز الآباء للترحال

وله ايضا:

يوم القيامة فيه ما سمعت به * من كل هول فكن منه على حذر

يكفيك من هوله ان لست تبلغه * إلا إذا ذقت طعم الموت في سفر

(الصليحى)

بضم الصاد وفتح اللام ابوالحسن علي بن محمد بن علي بالقائم باليمن كان والده محمد قاضيا باليمن سنينا ولكن ابنه علي بن محمد كان فقيها في مذهب الامامية مستبصرا في علم التأويل ملك اليمن وله شأن لا يناسب المقام شرح حاله قتل سنة 473 (تعج).

[427]

(الصنعانى)

بفتح الصاد وبعدها النون الساكنة هذه النسبة إلى صنعاء وهي من اشهر مدن اليمن ينسب اليها ابوبكر عبدالرزاق ابن همام بن نافع الصنعانى الحافظ المشهور مولى حمير.

قال ابن خلكان: قال ابوسعد بن السمعاني، قيل ما رحل الناس إلى احد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله مثل ما رحلوا اليه، يروي عن معمر(1) بن راشد الازدي مولاهم البصري والاوزاعي وابن جريج وغيرهم روى عنه ائمة الاسلام في ذلك العصر منهم سفيان بن عيينة وهو من شيوخه واحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم في زمانه وكانت ولادته في سنة 126 وتوفي في شوال سنة 211 باليمن رحمه الله انتهى.

قال شيخنا (ره) في المستدرك: عبدالرزاق بن همام اليمانى روى عنهما " ع " ق كذا في نسخ جخ وفي (جش) في ترجمة ابى بكر محمد بن همام شيخ اصحابنا ومتقدميهم له منزلة عظيمة كثير الحديث، قال ابومحمد هارون بن موسى رحمه الله حدثنا محمد بن همام قال حدثنا احمد بن مابندار قال: اسلم ابى اول من اسلم من اهله وخرج من المجوسية فكان يدعو اخاه سهيلا إلى مذهبه فيقول له يا اخي اعلم انك لا تألوني نصحا ولكن الناس مختلفون فكل يدعي ان الحق فيه ولست اختار ان ادخل في شئ إلا على يقين، فمضت لذلك مدة وحج سهيل فلما صدر من الحج قال لاخيه ان الذي كنت تدعو اليه هو الحق قال: وكيف علمت ذلك؟ قال لقيت في حجي عبدالرزاق بن همام الصنعانى وما رأيت احدا مثله فقلت له على خلوة نحن قوم من اولاد الاعاجم وعهدنا بالدخول في الاسلام قريب وارى اهله مختلفين في مذاهبهم وقد جعلك الله من العلم بما لا نظير لك فيه في عصرك مثل

___________________________________

(1) معمر بن راشد الصنعانى البصري ابوعروة عده الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق عليه السلام يروي عن الزهري.[*]

[428]

واريد ان اجعلك حجة فيما بيني وبين الله عزوجل فان رأيت ان تبين لي ما ترضاه لنفسك من الدين لاتبعك فيه واقلدك فاظهر لي محبة آل رسول الله صلى الله عليه وآله وتعظيمهم والبراء‌ة من عدوهم والقول بامامتهم (إلخ).

وفي تقريب ابن حجر عبدالرزاق بن همام بن نافع الحميرى مولاهم ابوبكر الصنعانى ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع من التاسعة مات سنة إحدى عشرة بعد المائتين وله خمس وثمانون سنة، وفي كامل ابن الاثير في حوادث سنة 211 فيها توفي عبدالرزاق بن همام الصنعانى دين من مشايخ احمد بن حنبل وكان يتشيع، وذكر الذهبي في ترجمته ما يقرب منهما وعلى ما ذكروا لا يمكن روايته عن الباقر " ع " بل كان في سنة وفاة الصادق " ع " في حدود العشرين نعم ادرك من عصر الجواد " ع " ثمان سنين انتهى.

(اقول) وابويحيي الصنعاني هو الذى يروي عن ابى عبدالله " ع " وذكروا ان له كتاب فضل إنا انزلناه، وضعفه ابن الغضائري (وصه) والظاهر ان منشأ التضعيف ما يرويه في فضائل اهل البيت " ع " من الروايات التي كانوا يعدون الاعتقاد بها سابقا غلوا منها روايته في (كا) في ان الائمة عليهم السلام يزارون ليلة الجمعة قيل ان اسمه عمر بن توبة.

(الصنوبرى)

ابوبكر بن احمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الانطاكي الامامي كان شاعرا مجيدا مطبوعا عالي النفس ضنينا بماء وجهه عن ان يبذله في طلب جوائز ممدوح صائنا لسانه عن الهجاء يقول الشعر تأدبا لا تكسبا مقتصرا في اكثر شعره على وصف الرياض والازهار قالوا كان من فحول الشعراء ومن جملة من كان منهم بحضرة سيف الدولة ذكره ابن النديم وقال جمع ديوانه الصولي في مقدار مأتى ورقة وذكره ابن شهر اشوب في شعراء اهل البيت " ع " وله اشعار

[429]

في مدائح اهل البيت عليهم السلام ومراثيهم فمنها قوله في مدح امير المؤمنين عليه السلام:

أليس من حل منه في اخوته * محل هارون من موسى بن عمران

ردت له الشمس في افلاكها فقضى * صلاته غير ماساه ولا وان

وشافع الملك الراجي شفاعته * إذ جاء‌ه ملك في خلق ثعبان

ما مثل زوجته اخرى يقاس بها * ولا يقاس إلى سبطيه سبطان

فمضمر الحب في نور يخص به * ومضمر البغض مخصوص بنيران

قال النبي له اشقى البرية يا * على ان ذكر الاشقى شقيان

هذا عصى صالحا في عقر ناقته * وذاك فيك سيلقانى بعصيانى

ليخضبن هذه من ذا ابا حسن * في حين يخضبها من احمر قانى

(الابيات) وله في رثاء الحسين عليه السلام:

ذكر يوم الحسين بالطف اودى * بصماخي فلم يدع لي صماخا

منعوه ماء الفرات وظلوا * يتعاطونه زلالا نقاخا

بأبى عترة النبي وامي * سد عنهم معاندا صماخا

خير ذا الخلق صبية وشبابا * وكهولا وخيرهم اشياخا

اخذوا صدر مفخر العز مذكا * نوا وخلوا للعالمين المخاخا

النقيون حيث كانوا جيوبا * حيث لا يأمن الجنوب اتعاخا

خلقوا اسخياء لا متساخين * وليس السخي من يتساخى

اهل فضل تناسخوا الفضل ثيبا * وشبابا اكرم بذاك انتساخا

يا ابن بنت النبي اكرم به ابنا * وباسناخ جده اسناخا

وابن من وازر النبي ووالا * ه وصافاه في الغدير وواخى

وابن من كان للكريهة ركا * با وفي وجه هولها رساخا

للطلى(1) تحت قسطل الحرب ضرا * با وللهام في الوغى شداخا

___________________________________

(1) الطلى جمع الطلية أي العنق ومن كلامهم اللحية لحلية مالم تطل عن الطلبة.[*]

[430]

ما عليكم اناخ كلكله الد * هر ولكن على الانام اناخا

إلى غير ذلك، وله في مدح سيف الدولة:

ما خلت قبلك ان كل فضيلة * للناس يستجمعن في إنسان

فمتى يطيق لسان شعري مدح من * ما زال ممدوحا بكل لسان

توفي سنة 334 (شلد)، والصنوبري نسبة إلى الصنوبر شجر معروف.

(الصنهاجى)

الحافظ مجد الدين ابومحمد عبدالله بن محمد بن عبدالله بن الاشيري المتوفى ببعلبك سنة 561 (ساث) وتقدم في ابن اجروم الصنهاجي.

(الصورى)

ابومحمد عبدالمحسن بن محمد بن احمد الصوري الشاعر الاديب بديع الالفاظ رائق الكلام له ديوان شعر ومن محاسنه قصيدة عملها في علي بن الحسين والد الوزير المغربي توفي سنة 419 (تيط) وقد يطلق على ابي عبدالله محمد بن علي بن عبدالله بن محمد الصوري قال الخطيب البغدادي قدم علينا في سنة 418 فسمع من ابي الحسن بن مخلدو من بعده واقام ببغداد يكتب الحديث وكان من احرص الناس عليه واكثرهم كتبا له واحسنهم معرفة به إلى ان قال وكان يسرد الصوم ولا يفطر إلا يومي العيدين وايام التشريق ولم يزل في بغداد حتى توفى بها في 29 ج 2 سنة 441 (مات).

(الصولى)

بالضم ابوبكر محمد بن يحيى بن عبدالله بن العباس بن محمد بن صول تكين الكاتب المعروف بالصولي الشطرنجي كان احد الادباء الفضلاء المشاهير روى عن ابى داود السجستاني وثعلب والمبرد وابى العيناء وروى عنه الدار قطني والمرزبانى وله تصانيف منها كتاب الوزراء واخبار بن هرمة واخبار السيد الحميري واخبار

[431]

جماعة من الشعراء وادب الكتاب، وكان ينادم الخلفاء وكان اوحد وقته في لعب الشطرنج لم يكن في عصره مثله في معرفته حتى يضرب به المثل في ذلك قال الخطيب البغدادي في حقه كان واسع الرواية حسن الحفظ للآداب حاذقا بتصنيف الكتب ووضع الاشياء منها ونادم عدة من الخلفاء وصنف اخبارهم وسيرهم وجمع اشعارهم ودون اخبار من تقدم من الشعراء والوزراء والكتاب والرؤساء وكان حسن الاعتقاد جميل الطريقة مقبول القول وقال وله شعر كثير في المدحوالغزل وغير ذلك وذكر من شعره قوله:

احببت من اجله من كان يشبهه * وكل شئ من المعشوق معشوق

حتى حكيت بجسمي ما بمقلته * كأن سقمي من جفنيه مسروق

(وحكي) عن الصولي انه قال: ان رجلا من الكتاب ادعى هذين البيتين فعاتبته فقال هبهما لي فقلت له اخاف ان تمتحن بقولك مثلهما فلا تحسن فقال قل انت فعملت بحضرته:

إذا شكوت هواه قال ما صدقا * وشاهد الدمع في خدي قد نطقا

ونار قلبي في الاحشاء ملهبة * لولا تشاغلها بالجسم لاحترقا

يا راقد العين لا تدري بما لقيت * عين تكابد فيك الدمع والارقا

يكاد شخصي يخفي من ضنى جسدي * كأن سقمي من عينيك قد سرقا

فحلف انه لا يدعي البيتين ابدا ثم روى الخطيب عن محمد بن العباس الخراز قال: حضرت الصولي وقد روى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله من صام رمضان واتبعه ستا من شوال، فقال واتبعه شيئا من شوال، فقلت: ايها الشيخ اجل النقطتين اللتين تحت الياء فوقها فلم يعلم ما قصدت فقلت انما هو ستا من شوال فرواه على الصواب.

وقال الازهري: سمعت ابا بكر بن شاذان يقول رأيت للصولي بيتا عظيما مملوء‌ا بالكتب وهي مصفوفة وجلودها مختلفة الالوان كل صف من الكتب لون فصف احمر وآخر اخضر وآخر اصفر وغير ذلك، وكان يقول هذه الكتب

[432]

كلها سماعي، ثم روى انه انشد ابوسعيد العقيلي لنفسه في الصولي:

إنما الصولي شيخ * اعلم الناس خزانه

فاذا تسأله مشكلة * طالبا منه ابانه

قال يا غلمان هاتوا * رزمة العلم فلانه

مات بالبصرة سنة 335 أو 336 انتهى ملخصا.

قال ابن النديم في وصفه: انه كان من الادباء والظرفاء والجماعين للكتب نادم الراضي وكان أولا يعلمه، ونادم المكتفي ثم المقتدر دفعة واحدة، وامره اظهر واشهر وعهده اقرب من ان نستقصيه وكان من ألعب اهل زمانه بالشطرنج حسن المروة وعاش إلى سنة 330 (شل) وتوفي مستترا بالبصرة لانه روى خبرا في علي " ع " فطلبته الخاصة والعامة لقتله انتهى.

وقال (ض) عده في المعالم من طبقة الشعراء المتفننين في شعرهم لاهل البيت عليهم السلام.

وقد يطلق الصولي: على عم والد ابى بكر المذكور ابى اسحق ابراهيم بن العباس الصولي ابن اخت العباس بن الاحنف وكان كاتبا بليغا و شاعرا مجيدا لا يعلم فيمن تقدم وتأخر من الكتاب اشعر منه وكان يكتسب في حداثته بشعره ورحل إلى الملوك والامراء ومدحهم طلبا لجدواهم وله مكاتبات قد دونت وفصول حسن من كلامه قد جمعت ومن شعره قوله:

سقياورعيا لايام لنا سلفت * بكيت منها فصرت اليوم ابكيها

كذاك ايامنا لاشك نندبها * إذا تقضت ونحن اليوم نشكوها

وقوله:

أولى البرية طرا ان تواسيه * عند السرور لمن واساك في الحزن

إن الكرام إذا ما اسهلوا ذكروا * من كان يالفهم في المنزل الخشن

وله ايضا:

كم قد تجرعت من حزن ومن غصص * إذا تجدد حزن هون الماضي

[433]

وكم غضبت فما باليتم غضبي * حتى رجعت بقلب ساخط راضي

وله ايضا ويقال انه ما يرددهما من نزلت به نازلة إلا وفرج الله تعالى عنه:

ولرب نازلة يضيق بها الفتى * ذرعا وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها * فرجت وكان يظنها لا تفرج

ومن كلامه: مثل اصحاب السلطان مثل قوم علوا جبلا ثم وقعوا منه فكان أقربهم إلى التلف ابعدهم في الارتقاء.

يروى عن الامام علي بن موسى الرضا (ع) توفي بسر من رأى منتصف شعبان سنة 243 وابن عمه ابوالفضل بن عمرو بن مسعدة بن سعيد بن صول الكاتب كان احد وزراء المأمون وكان كاتبا بليغا جزل العبارة وجيزها سديد المقاصد والمعاني وتوفى سنة 217 (ريز).

والصولى نسبة إلى صول تكين وكان احد ملوك جرجان وكان تركيا واسلم على يد يزيد بن المهلب بن ابي صفرة الذي تقدم ذكره في ابوصفرة وكان جد الصولى المذكور والعباس بن الاحنف الذى يدعى خئولته هو ابوالفضل العباس ابن الاحنف بن الاسود بن طلحة الحنفى اليمامي الشاعر المشهور في ايام الرشيد كان رقيق الحاشية لطيف الطباع جميع شعره في الغزل، وفي سنة وفاته وموضعها اختلاف.

قال ابن خلكان ما حاصله انه توفي سنة 192 ببغداد في اليوم الذي توفي فيه الكسائي وابراهيم الموصلى وهشيمة الخمارة فرفع ذلك إلى الرشيد فأمر المأمون ان يصلى عليهم فخرج فصفوا بين يديه فقال: من هذا الاول فقالوا: ابراهيم الموصلى فقال اخروه وقدموا العباس بن الاحنف فقدم فصلى عليه وهذه الحكاية تخالف ما يجئ في الكسائى انه مات بالري.

وحكى المسعودي في مروج الذهب عن جماعة من اهل البصرة قالوا: خرجنا نريد الحج فلما كنا ببعض الطريق إذا غلام واقف على المحجة وهو ينادى

[434]

ايها الناس هل فيكم احد من اهل البصرة قالوا: فعدلنا اليه وقلنا له ما تريد قال: ان مولاي لما به يريد ان يوصيكم فملنا معه فاذا شخص ملقى على بعد من الطريق تحت شجرة لا يحير جوابا فجلسنا حوله فأحس بنا فرفع طرفه وهو لايكاد يرفعه ضعفا فانشأ يقول:

يا غريب الدار عن وطنه * مفراد يبكي على شجنه

كلما جد البكاء به * دبت الاسقام في بدنه

ثم اغمي عليه طويلا ونحن جلوس حوله إذ أقبل طائر فوقع على أعلى الشجرة وجعل يغرد ففتح عينيه وجعل يسمع تغريد الطائر ثم أنشأ يقول:

ولقد زاد الفؤاد شجا * طائر يبكي على فننه

شفه ما شفني فبكى * كلنا يبكي على سكنه

قاتل: ثم تنفس تنفسا فاضت نفسه منه فلم نبرح من عنده حتى غسلناه وكفناه وتولينا الصلاة عليه، فلما فرغنا من دفنه سالنا الغلام عنه فقال: هذا العباس بن الاحنف انتهى.

وذكر الخطيب ما يقرب من ذلك عن الاصمعي عنه وذكر في أحوال جعفر بن يحيى البرمكي ان هذ الاشعار للعباس بن الاحنف:

ولما رأيت السيف خالط جعفرا * ونادى مناد للخليفة في يحيى

بكيت على الدنيا وأيقنت إنما * قصارى الفتى يوما مفارقة الدنيا

وما هى إلا دولة بعد ودلة * تخول ذا نعمى وتعقب ذا بلوى

إذا انزلت هذا منازل رفعة * من الملك حطت ذا إلى الغاية القصوى

(الصهرشتى)

ابو الحسن سليمان بن الحسن صاحب كتاب قبس المصباح مختصر مصباح المتهجد، قال الشيخ منتجب الدين الشيخ الثقة ابوالحسن سليمان بن الحسن

[435]

ابن سلمان الصهرشتي فقيه وجه دين قرأ على شيخنا الموفق ابى جعفر الطوسي وجلس في مجلس درس سيدنا المرتضى علم الهدى رحمه الله وله تصانيف منها: كتاب النفيس، وكتاب التنبيه، كتاب النوادر، كتاب المتعة، اخبرنا بها الوالد عن والده عنه.