باب الثاء

(الثعالبى)

ابومنصور عبدالملك بن محمد بن اسماعيل النيسابوري الاديب اللغوي صاحب كتاب يتيمة الدهر في محاسن اهل العصر، وفقه اللغة وسحر البلاغة، وسر الادب واللطائف والظرائف وغير ذلك قيل في وصف التيميمة:

أبيات اشعار اليتيمة * أبكار افكار قديمة

ماتوا وعاشت بعدهم * فلذاك سميت اليتيمة

توفى في حدود سنة 429 (تكط)، والثعالبي منسوب إلى خياطة جلود الثعالب وعملها قيل له ذلك لانه كان فراء، والنيسابوري يأتي في الحاكم النيسابوري،

[129]

وقد يطلق الثعالبي على الشيخ الاجل احمد بن علي بن الحسين الثعالبي من مشائخ رئيس المحدثين محمد بن على بن بابويه القمي، وقد يطلق على عبدالرحمان بن محمد ابن مخلوف المالكى الاشعري.

حكي انه رحل في طلب العلم فلقي بمصر ومكة بعض المحدثين وأخذ عنه علوما جمة، له (الجواهر الحسان في تفسير القرآن الكريم)، و (العلوم الفاخرة)، و (الذهب الابريز في غريب القرآن العزيز) وغير ذلك، توفى سنة 875.

(ثعلب)

ابوالعباس احمد بن يحيى بن زيد النحوي الشيباني بالولاء، شيخ اديب بارع، كان إمام الكوفيين في النحو واللغة، قرأ على ابن الاعرابي والزبير بن بكار، وكان الشيوخ يقدمونه عليهم وهو حديث السن لعلمه وفضله، وهو صاحب كتاب الفصيح في اللغة الذي نسب اليه الفصيحي لكثرة تكراره عليه ودرسه إياه، وسمي الرجل ثعلب لانه كان إذا سئل عن مسألة أجاب من هاهنا وهاهنا فشبهوه بثعلب إذا اغار.

ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه كثيرا، وقال بعد ذكر جماعة ممن روى عنه، كان ثقة حجة دينا صالحا مشهورا بالحفظ وصدق اللهجة والمعرفة بالغريب ورواية الشعر القديم.

وذكر عنه اشعارا منها قوله:

إذا ما شئت ان تبلو صديقا * فجرب وده عند الدراهم

فعند طلابها تبدو هنات * وتعرف ثم اخلاق الاكارم

وله ايضا:

إذا انت لم تلبس لباسا من التقى * تقلبت عريانا وإن كنت كاسيا

[130]

وله ايضا:

عجبت لم يخاف حلول فقر * ويأمن ما يكون من المنون

أتأمن ما يكون بغير شك * وتخشى ما ترجمه الظنون

وله ايضا:

بلغت من عمري ثمانينا * وكنت لا آمل خمسينا

فالحمد لله وشكرا له * إذ زاد في عمري ثلاثينا

وأسأل الله بلوغا إلى * مرضاته آمين آمينا

قال المسعودي: كان محمد بن يزيد المبرد يحب ان يجتمع في المناظرة مع احمد ابن يحيى ويستكثر منه، وكان احمد بن يحيى يمتنع من ذلك، وكان احمد بن يحيى قد ناله صمم، وزاد عليه قبل موته حتى كان المخاطب له يكتب ما يريده في رقاع، إنتهى.

قلت: الظاهر ان هذا الصمم صار سبب موته لما يحكى انه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق فصدمته فرس فألقته في هوة فأخرج منها وهو كالمختلط فحمل إلى منزله على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم، وكان ذلك ببغداد في سنة 291، وكان مولده سنة 200 قال المسعودي: ودفن في مقابر الشام في حجرة اشتريت له وخلف إحدى وعشرين ألف درهم وألفي دينار وغلة بشارع باب الشام قيمتها ثلاثة آلاف دينار ولم يزل احمد بن يحيى مقدما عند العلماء منذ ايام حداثته إلى ان كبر وصار إماما في صناعته ولم يخلف وارثا إلا ابنة لابنه فرد ماله عليها إنتهى.

قيل في رثائه:

مات ابن يحيى فماتت دولة الادب * ومات احمد انحنى العجم والعرب

فان تولى ابوالعباس مفتقدا * فلم يمت ذكره في الناس والكتب

[131]

ويأتي في المبرد ما يتعلق به، (أقول): ثعلب حيوان معروف كثير الفطنة والاحتيال، يحكي إذا اجتمع عليه البق والبرغوث الكثير اخذ بفيه قطعة من جلد حيوان ميت أو صوف، ثم انه يضع يده ورجليه في الماء ولا يزال يغوص فيه قليلا قليلا وتلك الحيوانات ترتفع قليلا قليلا لاحساسها بالماء فلا تزال ترتفع متدرجا متدرجا إلى الرأس فهو يغوص رأسه في الماء قليلا قليلا فتلك الحيوانات تنتقل إلى الجلدة وتجتمع فيها فاذا أحس الثعلب بذلك رماها في الماء وخرج فارغا من تلك الحيوانات المؤذية ولذا أعوزه الطعم تماوت ونفخ بطنه حتى يحسبه الطير ميتا فاذا وقعت عليه لتنهشه وثب عليها وأخذها.

وعن الشعبي انه قال: مرض الاسد فعاده جميع السباع ما خلا الثعلب فنم عليه الذئب فقال الاسد إذا حضر فأعلمني فلما حضر اعلمه فعاتبه في ذلك فقال كنت في طلب الدواء لك، قال: فأي شئ اصبت؟ قال خرزة في ساق الذئب ينبغي ان تخرج فضرب الاسد بمخالبه في ساق الذئب وانسل الثعلب فمربه الذئب بعد ذلك ودمه يسيل فقال الثعلب يا صاحب الخف الاحمر إذا قعدت عند الملوك فانظر ماذا يخرج من رأسك.

(الثعلبى)

ابواسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم المحدث النيسابوري صاحب التفسير الكبير الذي يروي عنه صاحب الكشاف وغيره الحديث المعروف في فضل من مات على حب آل محمد " ع "، وله (العرائس في قصص الانبياء)، وهو لتشيعه أو لقلة تعصبه كثيرا ما ينقل من اخبارنا ولهذا ينقل عنه العلامة المجلسي في البحار توفى سنة 427 أو سنة 437.

(ثقة الاسلام)

انظر الكلينى.

(الثقفى)

ابراهيم بن محمد بن سعيد صاحب الغارات وكتب كتب كثيرة نحو خمسين

[132]

مؤلفا قالوا: كان زيديا ثم صار إماميا، فعمل كتاب المعرفة وفيه المناقب المشهورة والمثالب، فاستعظمه الكوفيون وأشاروا اليه بتركه وان لا يخرجه من بلده فقال: أي البلاد ابعد من الشيعة؟ فقالوا اصفهان فحلف ان لا يروي هذا الكتاب إلا بها، فانتقل اليها ورواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه وأقام هناك، ويقال ان جماعة من القميين كأحمد بن محمد بن خالد وغيره وفدوا اليه وسألوه الانتقال إلى قم فأبى، توفى رحمه الله في حدود سنة 283.

(الثمالى)

أبوحمزة ثابت بن دينار الثقة الجليل صاحب الدعاء المعروف في اسحار شهر رمضان، كان من زهاد اهل الكوفة ومشايخها، وكان عربيا أزديا، روي عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الثقة يقول سمعت الرضا عليه السلام يقول ابو حمزة الثمالي في زمانه كسلمان الفارسي وذكل انه خدم اربعة منا علي بن الحسين ومحمد ابن علي وجعفر بن محمد وبرهة من عصر موسى بن جعفر عليه السلام إنتهى (كش) عن علي بن ابي حمزة في خبر قال قال الصادق عليه السلام لابي بصير: إذا رجعت إلى ابي حمزة الثمالي فاقرأه مني السلام واعمله انه يموت في شهر كذا في يوم كذا، قال ابوبصير: جعلت فداك والله لقد كان فيه أنس وكان لكم شيعة قال صدقت ما عندنا خير لكم قلت شيعتكم معكم قال: إن هو خاف الله وراقب نبيه وتوقى الذنوب فاذا هو فعل كان معنا في درجاتنا.

قال علي فرجعا تلك السنة فما لبث ابوحمزة إلا يسسيرا حتى توفى رحمه الله مات في سنة خمسين ومائة.

(الثمالى)

بضم المثلثة نسبة إلى ثمالة، واسمه عوف بن اسلم وهو بطن من الازد، وسميت ثمالة لانهم شهدوا حربا فني فيها اكثرهم فقال الناس ما بقي منهم إلا الثمالة، والثمالة البقية اليسيرة، وينسب اليها ابوالعباس محمد بن يزيد

[133]

المبرد، قال عبدالصمد بن المعدل في هجوه المبرد:

سألنا عن ثمالة كل حي * فقال القائلون ومن ثمالة

فقلت محمد بن يزيد منهم * فقالوا زدتنا بهم جهالة

(الثمانينى)

ابوالقسم عمر بن ثابت الضرير النحوي، كان قائما بعلم النحو، عارفا بقوانينه، شرح كتاب اللمع لابن جني، أخذ النحوعن ابن جني وأخذ عنه الشريف ابوالمعمر يحيى بن محمد بن طباطبا العلوي، توفى سنة 442.

(والثمانيني) نسبة إلى ثمانين وهي قرية من نواحى جزيرة ابن عمر، وهي أول قرية بنيت بعد الطوفان سميت بعدد الجماعة الذين خرجوا من السفينة مع نوح عليه السلام.

(وقد) يطلق الثمانيني على الشريف علم الهدى، قال (ضا) نقل صاحب مجالس المؤمنين عن بعض الاعلام انه ذكر في ذيل ترجمة السيد المرتضى بعد ان أثنى عليه انه خلف بعد وفاته ثمانين ألف مجلد من مقروآته ومحفوظاته، ومن الاموال والاملاك ما يتجاوز عن الوصف. وصنف كتابا يقال له الثمانين، وخلف من كل شئ ثمانين، وعمره ثمانون سنة وثمانية اشهر فمن اجل ذلك سعي الثمانيني.

(الثورى)

ابوعبدالله سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وقال بعد عد جمع من مشايخه ومن روى عنه انه كان إماما من أئمة المسلمين وعلما من اعلام الدين مجمعا على إمامته بحيث يستغني عن تزكيته مع الاتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد.

وورد بغداد غير مرة فمنها حين أراد الخروج إلى خراسان، ثم ذكر

[134]

روايات في فضله، (منها) انه لم ير افضل منه، وأنه ما رأت العينان مثله، وان ابن المبارك قال: كتبت عن ألف ومائة شيخ وما كتبت عن افضل من سفيان الثوري، وانه كان اعلم بحديث الاعمش من اعمش.

(وروي) عن يوسف بن اسباط قال قال لي سفيان الثوري: وقد صلينا العشاء الآخرة ناولني المطهرة فناولته فأخذها بيمينه ووضع يساره على خده ونمت فاستيقظت وقد طلع الفجر فنظرت فاذا المطهرة بيمينه كما هي فقلت هذا الفجر قد طلع فقال: لم أزل منذ ناولتني المطهرة اتفكر في الآخرة حتى الساعة وروي عنه ايضا انه كان في الليل ينهض مذعورا ينادي النار النار شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات إلى غير ذلك.

(ولكن) لا يخفى عليك انه كسميه ابن عيينة ليسا من اصحابنا ولا من عدادنا، وكانا يدلسان، وعن تقريب ابن حجر سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ابوعبدالله الكوفي ثقة عابد إمام حجة من رؤوس الطبقة السابعة، وكان ربما دلس إنتهى.

(والعجب) من ابن حجر انه إذا كان يعترف بأنه كان ربما دلس كيف وثقه وجعله إماما حجة.

قال ابوجعفر الطبري وذكر عن زيد بن حباب قال: كان عمار بن زريق الضبي وسليمان بن قرم الضبي وجعفر بن زياد الاحمر وسفيان الثورى اربعة يطلبون الحديث وكانوا يتشيعون فخرج سفيان إلى البصرة فلقي ابن عون وأيوب فترك التشيع، قال: وكانت وفاته بالبصرة سنة 161 إنتهى.

وقال شيخنا الطريحي في المجمع في لغة الثور وسفيان الثورى كان في شرطة هشام بن عبدالملك وهو ممن شهد قتل زيد بن على بن الحسين عليه السلام، فأما ان يكون ممن قتله أو اعان على قتله أو خذله (إنتهى) توفى سنة 161 (قسا) وقبره في البصرة، و (أخوه) المبارك بن سعيد ابوعبدالرحمان الثورى كوفي، سكن بغداد وحدث بها عن أبيه وأخيه سفيان وكان اعمى توفى بالكوفة في أول سنة 180.

[135]

والثوري بفتح المثلثة وسكون الواو نسبة إلى ثور بن عبد مناة بن اد بن طابخة بن الياس بن مضر. وكان يقال انه في بني ثور ثلاثين رجلا ليس منهم رجلا دون الربيع بن خيثم وهم بالكوفة وليس بالبصرة منهم احد(1) (تذييل). وممن شارك الثورى في الرواية عن المشايخ ابونعيم الفضل بن دكين، ودكين لقب عمرو بن حماد بن زهير. وكان الفضل من اهل الكوفة وكان شريك عبدالسلام بن حرب في دكان واحد يبيعان ملاء، ذكره الخطيب وأثنى عليه ووثقه وروى عنه قال شاركت الثورى في ثلاثة عشر ومائة شيخ.

وقال ايضا: كتبت عن نيف ومائة شيخ ممن كتب عنه سفيان (وروى) عن عبدالله بن الصلت قال: كنت عند ابي نعيم الفضل بن دكين فجاء‌ه ابنه يبكى فقال له مالك؟ فقال الناس يقولون انك تتشيع فأنشأ يقول:

وما زال كتمانيك حتى كأنني * يرجع جواب السائلي عنك اعجم

لاسلم من قول الوشاة وتسلمي * سلمت وهل حي من الناس يسلم

وروى عنه قال: ما كتبت علي الحفظة اني سببت معاوية.

(وروي) عنه هذه الاشعار:

ذهب الناس فاستلقوا وصرنا * خلفا في اراذل النسناس

___________________________________

(1) قال الحموى في المعجم وقد اخرجت مرو من الاعيان وعلماء الدين والاركان ما لم تخرج مدينة مثلهم، منهم احمد بن محمد بن حنبل الامام، وسفيان بن سعيد الثورى مات وليس له كفن واسمه حي إلى يوم القيامة، وإسحاق بن راهويه وعبدالله بن المبارك وغيرهم.[*]

[136]

في اناس نعدهم من عديد * فاذا فتشوا فليسوا بناس

كلما جئت ابتغي النيل منهم * بدروني قبل السؤال بيأس

وبكوا لي حتى تمنيت اني * مفلت منهم فرأس برأس

قال ابويوسف يعقوب اجمع اصحابنا: ان ابا نعيم كان غاية في الاتقان والحفظ، وانه حجة.

(اقول) قد تقمد ما يتعلق به في ابونعيم.