باب الميم
(الماجشون)
القرشي مولى آل المنكدر ابويوسف يعقوب بن ابى سلمة التيمي المدني سمع ابن عمروعمر بن عبدالعزيز ومحمد بن المنكدر، وهو الدى روى ابن خلكان عن ابنه انه قال: عرج بروح الماجشون فوضعناه على سرير الغسل فرأى الغسال عرقا يتحرك في اسفل قدمه فأخر امره، فمكث ثلاثا على حاله ثم استوى جالسا فقال ائتوني بسويق فأتى به فشربه فقالوا: اخبرنا مارأيت؟ قال نعم خرجت روحي إلى السماوات حتى انتهيت إلى السماء السابعة، فقيل له: من معك؟ قال الماجشون فقيل له: لم يؤذن له بعد بقي من عمره كذا وكذا، ثم هبط بي
[128]
فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وأبابكر عن يمينه، وعمرعن يساره، وعمر بن عبدالعزيز بين يديه، فقلت للملك الذي معي: من هذا؟ قال، عمر بن عبدالعزيز، قلت، انه لقريب المقعد من رسول الله؟ قال انه عمل بالحق في زمن الجور وانهما عملا بالحق في زمن الحق، مات سنة 164، قال نقلته من تاريخ الحافظ ابن عساكر، إنتهى.(1)
والمنكدر هو ابن هدير التيمي والدمحمد بن المنكدر المعروف الزاهد العابد الذى حكى عنه صاحب المستطرف انه جزءعليه وعلى امه وعلى اخته الليل اثلاثا فماتت اخته فجزء عليه وعلى امه فماتت امه فقام الليل كله، لكن مع هذه العبادة كان قليل المعرفة.
روى الشيخ الكلينى (ره) باسناده عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ان محمد ابن المنكدر كان يقول ماكنت ارى ان علي بن الحسين عليه السلام يدع خلفا افضل منه حتى رأيت ابنه محمدبن علي عليه السلام فأردت ان اعظه وفوعظني فقال له اصحابه بأي شئ وعظك؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني ابوجعفر محمد ابن علي عليه السلام، وكان رجلا بادنا ثقيلا وهو متكئ على غلامين اسودين أو موليين، فقلت في نفسي سبحان الله شيخ من اشياخ قريش في هذه الساعة على
___________________________________
(1) اقول: الظاهر ان ابن خلكان لم يعتن بما حكاه عن الماجشون من رؤيته النبي صلى الله عليه وآله وصاحبيه، وعمر بن عبدالعزيز ومقامه وظنه تخييلا له لانه نقل عن عبدالله بن المبارك في جواب من سأله ايما افضل معاوية بن ابى سفيان أم عمر بن عبدالعزيز؟ انه قال: والله ان الغبار الذي دحل في انف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وآله افضل من عمر بألف مرة، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية ربنا ولك الحمد فما بعد هذا. [*]
[129]
هذه الحال في طلب الدنيااما لاعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فردعلي بنهر وهو بتصاب عرقا، فقلت: اصلحك الله شيخ من اشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاءك اجلك وأنت على هذه الحال ماكنت تصنع؟ فقال: لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنافي طاعة من طاعة الله عزوجل اكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس وإنما كنت اخاف ان لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: صدقت يرحمك الله أردت ان اعظك فوعظتني.
وعن جامع الاصول انه سمع جابربن عبدالله وأنس بن مالك، وروى عنه الثوري وشعبة ومالك، مات سنة 131 إنتهى.
وله اخوان فقيهان عابدان ابوبكر وعمر إبنا المنكدر، وللمنكدر اخ يقال له ربيعة بن هدير من فقهاء الحجاز قيل له: أى الاعمال افضل؟ قال إدخال السرور على المؤمن.
(وقد يطلق) الماجشون على ابن اخيه عبدالعزيز بن عبدالله بن ابى سلمة المدني الثقة عند العامة، الذي عده الشيخ (ره) من رجال الصادق عليه السلام، وانه اسند عنه.
وذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وذكرانه سمع ابن شهاب محمد ابن المنكدر وعبدالله بن دينار إلى غير ذلك، وروى عنه جمع كثير، وكان عالما فقيها قدم بغداد فسكنها.
روى انه حج المنصور فشيعه المهدي فلما اراد الوداع قال: يابني استهدني، قال: استهديك رجلا عاقلا، فأهدى له عبدالعزيز بن أبى سلمة الماجشون.
توفى سنة 164 في خلافة المهدي وصلى عليه ودفنه في مقابر قريش، وابنه ابومروان عبدالملك بن عبدالعزيز الفقيه المالكي.
[130]
تفقه على مالك، وعلى ابيه عبدالعزيز وغيرهما، قيل: انه عمي في آخر عمره.
توفى سنة 213، والماجشون: بكسر الجيم وضم الشين معرب ماه غون أي القمر الوجه.
(ماجيلويه)
محمدبن ابى القاسم عبيدالله بن عمران الجنابى البرقي ابوعبدالله الملقب ماجيلويه، وأبوالقاسم يلقب بندار سيد من اصحابنا القميين، ثقة عالم فقيه عارف بالادب والشعر والغريب، وهو صهراحمد بن ابى عبدالله البرقى على ابنته وابنه علي بن محمد منها، وكان اخذ عنه العلم والادب، له كتب منها كتاب المشارب، قاله (جش).
(وقديطلق) ماجيلويه على سبطه محمدبن علي بن محمد بن ابى القاسم، يروى عنه شيخنا الصدوق محمد بن علي الحسين بن بابويه (ره).
(المادرانى)
احمدبن الحسن المادرائي، عن مجالس المؤمنين ان اهل الري في الاصل لم يكونوا شيعة إلى ان تغلب عليها احمد بن الحسن المادراني، وأظهر مذهب التشيع، فتقرب اليه الناس بتصنيف الكتب في مذهب الشيعة، ومنهم عبدالرحمن ابن ابى حاتم وغيره فصنفوا كتبا في فضائل اهل البيت (ع).
واستولى احمد المذكور على الري في زمان المعتمد العباسي سنة 275، وكان قبل هذا في خدمة صاحبه كوتكين بن تكين التركى، ومن ذلك الوقت استولى فيه على الري، إلى الآن هذا المذهب مستمر في تلك الديار، إنتهى.
والمادراني - بفتح الدال المهملة بعد الالف وبعدها الراء، هذه النسبة إلى مادرانا، والظاهر انه من اعمال البصرة.
[131]
(المارانى)
ضياءالدين ابوعمر وعثمان بن عيسى بن درباس المارانى، كان من اعلم فقهاء وقته بمذهب الشافعي، وهو أخوالقاضي صدرالدين ابى القاسم عبدالملك الحاكم بالديار المصرية، وناب عنه في الحكم بالقاهرة.
شرح المهذب شرحا شافيا في قريب من عشرين مجلدا ولم يكلمه، وسماه الاستقصاء لمذاهب الفقهاء، وشرح اللمع في اصول الفقه للشيخ ابى اسحاق الشيرازي، توفي بالقاهرة سنة 602 (خب)، و (الماراني) هذه النسبة إلى بني ماران بالمروج تحت الموصل.
(المازرى)
ابوعبدالله محمدبن علي بن عمر الفقيه المالكي المحدث الذى شرح صحيح مسلم سماه كتاب المعلم بفوائد مسلم، توفى سنة 536 (لوث).
و (المازري) بتقديم الزاي المفتوحة على الراء، وقد تكسر ايضانسبة إلى مازر، بليدة بجزيرة صقلية.
(المازنى)
ابوعثمان بكر محمدبن بقية البصري النحوى اللغوي، سيد اهل العلم بالنحو والعربية واللغة بالبصرة، ومقدمته مشهورة بذلك. وكان من علماء الامامية، ومن غلمان(1) اسماعيل بن ميثم، وأخذ الادب عن ابى عبيدة والاصمعي وأبي زيد وغيرهم، وأخذ عنه ابوالعباس المبرد وبه انتفع، وله عنه روايات كثيرة.
ومما رواه المبرد عنه ان بعض اهل الذمة قصده ليقرأعليه كتاب سيبويه
___________________________________
(1) الغلام بمعنى المتأدب والتلميذ في عبائر القوم كثير. [*]
[132]
وبذل له مائة دينارفي تدريسه إياه فامتنع ابوعثمان من ذلك، قال فقلت له جعلت فداك أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة اضاقتك فقال: ان هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة كذا وكذا آية من كتاب الله عزوجل، ولست أرى ان امكن منها ذميا غيرة على كتاب الله وحمية له، قال: فاتفق ان غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي:
اظلوم ان مصابكم رجلا * اهدى السلام تحية ظلم
فاختلف من كان في المجلس في اعراب (رجلا)، فمنهم من نصبه وجعله إسم ان، ومنهم من رفعه على انه خيرها، والجارية مصرة على ان شيخها اباعثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بأشخاصه، قال ابوعثمان: فلما مثلت بين يديه قال: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن، قال: ثم سألني عن الشعر فقال: أترفع رجلا أم تنصبه؟ فقلت: الوجه النصب، قال لم؟ فقلت: ان مصابكم مصدر بمعنى اصابتكم فهو بمنزلة قولك ان ضربك زيدا ظلم، فالرجل مفعول مصابكم والدليل عليه ان الكلام معلق إلى ان تقول ظلم فاستحسنه الواثق، ثم امر له بألف دينار ورده مكرما.
قال المبرد: فلما عاد الى البصرة قال لي: كيف رأيت يا اباالعباس رددناالله مائة فعوضنا ألفا؟ نقلت ذلك من الوفيات، وفي ذلك كان معجزة للقرآن الكريم.
له مصنفات كثيرة في النحو والتصريف والعروض والقوافي وغيرذلك، وعن تعليقات الشهيد على الخلاصة قال ابن داود نقلاعن (كش) انه يعني المازنى إمام ثقة، إنتهى.
وحكي عن القاضي بكار بن ابى قتيبة الحنفي المصري قال: مارأيت نحويا قط يشبه الفقهاإلا حيان الهلال والمازني وكان في غاية الورع، توفي بالبصرة سنة 249 أو 248.
[133]
(الماسرجسى)
ابوالحسن محمدبن علي بن سهل الفقيه الشافعي، صحب ابااسحاق المروزي وتفقه عليه، درس بنيسابور وعنه اخذ فقهاؤها، توفى سنة 384.
(والماسرجسي) بفتح السين وكسر الجيم نسبة إلى ماسرجس إسم لجد امه كان نصرانيا اسلم على يد عبدالله بن المبارك.
(المالقى)
ابوبكر احمدبن عبدالله بن الحسن الانصارى المعروف بحميد، قالوا انه كان نحويا فقيها حافظا اديبا كاتبا شاعرا ورعا سريع العبرة كثير البكاء، معرضا عن الدنيا، لايفوه بمايتعلق بها، ولايضحك إلا مبتسما نادرا، ثم يعقبه بالبكاء والاستغفار، مقتصدافي مطعمه وملبسه، مدت بمصر، سنة 652 (خنب).
والمالقي: نسبة إلى مالقة بفتح اللام والقاف مدينة بالاندلس.
(المامقانى)
الشيخ الاجل الفقيه الورع الشيخ محمد حسن بن المولى عبدالله المامقاني النجفى، كان من اعاظم العلماء الامامية، مرجعا للتقليد، وكان مروجا للدين بعلمه وعمله، وحاله بعد الرئاسة التامة كحاله قبل الرياسة بدون تغيير في مأكله ومشر به وملبسه ومعاملاته. وكان في غاية التورع عن الحطام الدنيوية، لا يقبل من الظلمة شيئا، ولا يتصرف في الوجوه.
اخذ عن العلامة الانصاري، والحاج السيدحسين الكوهكمري، والشيخ راضي، والشيخ مهدي آل كاشف الغطاء.
له (البشرى في علم الاصول)، (وذرائع الاحلام في شرح شرائع الاسلام) وغير ذلك.
[134]
وقد كتب ابنه الفاضل الماهر المتبحر الشيخ عبدالله صاحب المصنفات الكثيرة رسالة في ترجمته.
توفي في المحرم سنة 1323 عن خمس وثمانين سنة، ودفن في النجف الاشرف في مقبرة المعروفة.
وتوفي نجله المذكور 16 (شل) سنة 1351، ودفن معه رحمة الله ورضوانه عليهما.
(الماوردى)
اقضى القضاء ابوالحسن علي بن محمدبن حبيب البصري البغدادى كان منوجوه الفقهاء الشافعية وكبارهم.
اخذ عن ابى القسم الصيمري بالبصرة، وأبى حامد الاسفرايني ببغداد، وأخذ عنه صاحب تاريخ بغداد، وفوض اليه القضاء ببلدان كثيرة، واستوطن بغداد في درب الزعفراني.
وله مصنفات، منها: كتاب أدب الدين والدنيا، والاقناع والحاوي وتفسير القرآن، وغيرذلك.
حكي عنه قال: ومما مااتدارك من خالي اني صنفت في البيوع كتابا جمعية مااستطعت من كتب الناس، واجتهدت فيه نفسي، وكررت فيه خاطري حتى إذانهدت واستكمل وكدت اعجب به، وتصورت اني اشهد الناس اطلاعا بعمله حضرني وأنا في مجلسي اعرابيان، فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت اربع مسائل لم اعرف لشئ منها جوابا، فأطرقت مفكرا وبحالي وحالهما معتبرا، فقالا: أماعندك فيما سألناك جواب وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لا، فقالا، ايهالك وانصرفا.
[135]
ثم أتيا من قد يتقدمه في العلم كثيرمن اصحابى فسألاه فأجابهما مسرعا بما اقنعهما، فانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه.
قال: فكان ذلك زاجر نصيحة، وتدبر عظيمة تذلل لهما قياد النفس، وانخفض لهما جناح العجب.
توفي آخر (ع ل) سنة 450 (تن) ودفن في مقبرة باب حرب ببغداد، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وقال: صليت عليه في جامع المدينة، وكان قدبلغ 86 سنة، قال وكتبت عنه وكان ثقة إنتهى، و (الماوردي) نسبة إلى بيع ماء الورد.
(المبرد)
ابوالعباس محمدبن يزيد بن عبدالاكبر الازدي الثمالي البصري النحوى اللغوى الفاضل الامامي المقبول القول عند الفريقين:
وإذايقال من الفتى كل الفتى * والشيخ والكهل الكريم العنصر
والمستضاء براأيه وبعلمه * وبعقله قلت ابن عبدالاكبر
صاحب كتاب الكامل المعروف، والروضة، والمقتضب(1)، ومعاني القرآن وغيرها من الكتب النافعة.
___________________________________
(1) المقتضب في الخطب: شرحه علي بن عيسى الرماني، روى الخطيب عن علي بن عيسى بن علي النحوي قال: كان ابوبكر بن السراج يقرأ عليه كتاب الاصول الذى صنفه فمر فيه باب استحسنه بعض الحاضرين فقال: هذا والله احسن من كتاب المقتضب، فأنكر عليه ابوبكر ذلك، وقال: لا نقل هذا، وتمثل ببيت وكان كثيرا ما يتمثل فيما يجري له من الامور بأبيات حسنة، فأنشد (ح):
ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا * بكاها فقلت الفضل للمتقدم [*]
[136]
كان إماما في النحو واللغة، قال الخطيب في تاريخ بغداد بعد سرد نسبه مالفظه: ابوالعباس الازدي ثم الثمالي المعروف بالمبرد، شيخ اهل النحو وحافظ علم العربية، كان من اهل البصرة فسكن بغداد، وروى بها عن ابى عثمان المازنى، وأبى حاتم السجستاني وغيرهمامن الادباء.
وكان عالما فاضلا موثوقا به في الرواية، حسن المحاضرة مليح الاخبار كثير النوادر، حدث عنه نفطويه النحوي، ومحمدبن ابى الازهر، ثم عد جماعة، ثم ذكربعض ماقيل في مدحه من شعر الشعراء، فممن مدحه احمدبن عبدالسلام الشاعر فقال:
ياابن سراة الازد ازد شنوءة * وأزد العتيك الصدر رهط المهلب
وأنب الذى لايبلغ الناس مدحه * وان اطنب المداح مع كل مطنب
رأيتك والفتح بن خاقان راكبا * وأنت عديل الفتح في كل موكب
وآويت علمالايحيط بكنهه * علوم بني الدنيا ولا علم ثعلب
يؤوب اليك الناس حتى كأنهم * ببابك في اعلى منى والمحصب
ولبعضهم في مدحه:
رأيت محمد بن يزيد يسمو * إلى العلياء في جاه وقدر
جليس خلائق وغذي ملك * واعلم من رأيت بكل امر
وفتيانيه الظرفاء فيه * وابهة الكبير بغير كبر
وينثران اجاك الفكر درا * وينثر لؤلؤامن غير فكر
وقالوا ثعلب رجل عليم * واين النجم من شمس وبدر
وقالوا ثعلب يملي ويفتي * وأين الثعلبان من الهزير
إنتهى كان المبرد وثعلب عالمين متعارضين، قد ختم بهماتاريخ الادباء، وفيهما يقول ابوبكر بن ابى الازهر:
[137]
أياطالب العلم لاتجهلن * وعذ بالمبرد اوثعلب
تجد عند هذين علم الورى * فلا تك كالجمل الاجرب
علوم الخلائق مقرونة * بهذين في الشرق المغرب
كان المبرد (ره) فصيحا مفوها، كثير الامالي، حسن النوادر، فمما املاه.
ان المنصور اباجعفر ولى رجلا على العميان والايتام والقواعد من النساء اللاتي لاازواج لهن، فدخل على هذا المتولي بعض التخلفين ومعه ولده فقال المتولي: ان القواعد نساء فكيف اثبتك فيهن؟ فقال: فقى العميان فقال أماهذا فنعم فان الله تعالى يقول: (لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)، فقال: وتثبت ولدي في الايتام فقال: هذا افعله ايضا فانه من يكن انت اباه فهو يتيم فانصرف عنه، وقد اثبته في العميان وولده في الايتام، وحكي انه كان كثيرا ما ينشد في مجالسه:
يامن تلبس اثوابا يتيه بها * تيه الملوك على بعض المساكين
ماغير الجل اخلاق الحمير ولا * نقش البرادع اخلاق البراذين
وذكر الخطيب في ترجمة اسماعيل بن اسحاق البصري الفاضل الفقيه صاحب المسند، وكتب في علوم القرآن، وكان استوطن بغداد وولي القضاء بهاالى ان مات.
عن ابى العباس المبرد قال: لماتوفيت والدة اسماعيل بن اسحاق القاضي ركبت اليه اعزيه وأتوجع له فألفيت عنده الجلة من بني هاشم والفقهاء والعدول ومستوري مدينة الاسلام ورأيت من ولهه ماابداه ولم يقدرعلى ستره وكلا يعزيه وقدكاد لا يسلو فلمارأيت ذلك منه ابتدأت بعد التسليم فأنشدته:
لعمري لئن غال ريب الزمان * فينا لقد غال نفسا جبيبة
ولكن علمي بمافي الثواب * عند المصيبة ينسى المصيبة
[138]
فتفهم كلامى واستحسنه ودعا بدواة وكتبه ورأيته بعد قد انبسط وجهه وزال عنه ماكان فيه من تلك الكآبة وشدة الجزع توفى سنة 285 ببغداد ودفن في مقبرة باب الكوفة في دار اشتريت له، ولماتوفي لم يبق له ممائل إلا ثعلب فنظم ابوبكر بن العلاف ابياتا كان ابن الجواليقي كثيرا ماينشد ها وهي هذه:
ذهب المبرد وانقضت ايامه * وليذهبن اثر المبرد ثعلب
بيت من الآداب اصبح نصفه * خربا وباقي بيتها فسيخرب
فابكوا لماسلب الزمان ووطنوا * للدهر انفسكم على مايسلب
وتزودوامن ثعلب فبكأس ما * شرب المبرد عن قريب يشرب
وأرى لكم ان تكتبوا انفاسه * إن كانت الانفاس مما يكتب
(تذييل) حكى شيخنا في المستدرك عن كامل المبرد خبر ابى نيزر أحببت ايراده هنا قال: كان ابونيزر من ابناء بعض ملوك العجم قال: وصح عندي بعد انه من ولد النجاشي، فرغب في الاسلام صغيرا فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلم وكان معه في بيوته فلماتوفى رسول الله صلى الله عليه وآله صار مع فاطمة وولدها عليهم السلام قال ابونيزر جاءني علي بن ابى طالب عليه السلام وأنااقوم بالضيعتين عين ابى نيزر والبغيبغة فقال: هل عندك من طعام فقلت طعام لا ارضاه لاميرالمؤمنين عليه السلام قرع من قرع الضيعة صنعته باهالة سنخة فقال علي به فقام إلى الربيع وهو جدول غسل يده، ثم اصاب من ذلك شيئا، ثم رجع إلى الربيع فغسل يديه بالرمل حتى انقاهما ثم ضم يديه كل واحدة منهما إلى اختها وشرب بهما حسا من ماءالربيع ثم قال: يابا نيزر ان الاكف انظف الآنية ثم مسح ندى ذلك الماء على بطنه وقال: من ادخله بطنه في النار فأبعده الله، ثم اخذ المعول وانحدرفي العين فجعل يضرب وبطأ عليه الماء فخرج وقدتنضح جبينه عليه السلام عرقا فانتكف العرق عن جبينه ثم اخذ المعول وعاد إلى العين فأقبل يضرب فيها وجعل يهمهم فانثالت كأنهاعنق جزور فخرج مسرعا وقال: اشهدالله انهاصدقة، علي بداوة
[139]
وصحيفة قال: فعجلت بهما اليه فكتب: (بسم الله الرحمن الرحيم) هذا ماتصدق به علي أميرالمؤمنين تصدق بالضيعتين المعروفتين بعين ابى النزر والبغيبغة على فقراء اهل المدينة وابن السبيل ليقي الله بهماوجهه حرالنار يوم القيامة لاتباعا ولا توهبا حتى يرثهما الله وهو خير الوارثين إلا ان يحتاج اليهما الحسن والحسين فهما طلق لهما وليس لاحد غيرهما قال محمدبن هشام: فركب الحسين (ع) دين فحمل اليه معاوية بعين ابى نيزر مائتى ألف دينارفأبى ان يبيع، وقال إنما تصدق بها ابي ليقي الله وجهه حرالنار ولست بايعهما بشئ.
(مبرمان)
كنهروان، ابوبكر محمد بن علي بن اسماعيل العسكرى النحوي، اخذ عن المبرد، وأكثر بعده عن الزجاج.
وكان قمينا بالنحو، اخذ عنه الفارسي والسيرافي، قيل: انه كان ضنينا بالاخذ منه، ويحكى في ذلك حكايات لايهمنا ذكرها، توفى سنة 354 (شمه).
(المتنبى)
ابوالطيب احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفى الكندي الكوفي الشاعر المشهور.
ولد بالكوفة سنة 303 وقدم الشام في حال صباه وجال في اقطاره، واشتغل بفنون الادب ومهر فيها، وكان من المكثرين من نقل اللغة، والمطلعين على غريبها وحواشيها، ولا يسئل عن شئ إلا واستشهد فيه بكلام العرب من النظم والنثر.
[140]
وأما شعره فهو في النهاية، والناس في شعره على طبقات: فمنهم
من يرجحه على ابى تمام، ومنهم من يرجح ابا تمام عليه.
وقال الواحدي في شعره:
مارأى الناس ثاني المتنبي * أي ثان يرى لبكر الزمان
وهوفى شعره نبي ولكن * ظهرت معجزاته في المعاني
واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه، قال ابن خلكان: قال لي احد المشايخ الذين اخذت عنهم: وقفت على اكثر من اربعين شرحا مابين مطولات ومختصرات ولم يفعل هذا بديوان غيره.
وممن شرح شعره ابوالعلاء المعري، صنف كتاب اللامع العزيزى في شرح شعر المتنبي، وقال ابوالعلاء كأنما نظرإلي بلحظ الغيب حيث يقول:
أناالذي نظر الاعمى إلى أدبي * وأسمعت كلماتي من به صمم
قال ابن خلكان: كان الشيخ تاج الدين الكندي يروي له بيتين لا يوجدان في ديوانه فأحببت ذكرهما لغرابتهما، وهما:
أبعين مفتقر اليك نظرتني * فأهنتني وقذفتني من حالق
لست الملوم أناالملوم لانني * انزلت آمالي بغير الخالق
وذكره الخطيب في تاريخ بغدادوقال: بلغني انه ولد بالكوفة سنة 303، ونشأ بالشام وأكثر المقام بالبادية، وطلب الادب وعلم العربية، ونظر في ايام الناس، وتعاطى قول الشعر من حداثته(1) حتى بلغ فيه الغاية التي فاق اهل عصره وعلاشعراء وقته، واتصل بالامير ابى الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة وانقطع اليه وأكثر القول في مدحه.
___________________________________
(1) فمما قال في حداثته وصباه قوله:
أبلى الهوى اسفا يوم النوى بدني * وفرق الهجر بين الجفن والوسن
روح تردد في مثل الخلال إذا * اطارت الريح عنه الثوب لم يبن
كفى بجسمي نحو لا انني رجل * لو لا مخاطبتي إياك لم ترن [*]
[141]
ثم مضى إلى مصر فمدح بها كافور الخادم، وأقام هناك مدة ثم خرج من مصر وورد العراق ودخل بغداد وجالس بها اهل الادب، وقرئ عليه ديوانه، ثم ذكر الخطيب من حفظه انه حفظ كتابا كان نحو ثلاثين ورقة بنظرة واحدة.
(اقول): وله في ابى المسك كافور الاخشيدي مدائح كثيرة منها قوله:
قواصد كافور توارك غيره * ومن قصد البحر استقل السواقيا
فجاءت بناإنسان عين زمانه * وخلت بياضا خلفها ومآقيا
وقال في قصيدة اخرى:
وأخلاق كافور إذا شئت مدحه * وان لم تشأ تملي عليك فتكتب
إذا ترك الانسان اهلا وراءه * ويمم كافورا فما يتغرب
إلى ان قال:
وكل امرئ يولي الجميل جميل * وكل مكان ينبت العز طيب
ومن غرر قصائد المتني قصيدة مدح بها اباشجاع فاتك الكبير صاحب مصر المعروف بالمجنون الرومى اولها:
لاخيل عندك تهديها ولا مال * فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
وتوفى فاتك سنة 350، ورثاه المتني بقصيدة عينية فائقة منها قوله:
تصفو الحياة لجاهل أوغافل * عما مضى منها وما يتوقع
أين الذي الهرمان من بنيانه * ماقوله مايومه ماالمصراع
تتخلف الآثار عن اصحابها * حينا فيدركها الفناء فتتبع
وله ايضا في رثائه إياه:
لافاتك آخر في مصر نقصده * ولا له خلف في الناس كلهم
من لا تشابهه الاحياء في شيم * امسى تشابهه الاموات في الرمم
[142]
وذكره القاضي نورالله (وه) في شعراء الشيعة ونقل عن الشيخ عبدالجليل الرازي انه نقل منه هذا الشعر:
أبا حسن لوكان حبك مدخلي * جهنم كان الفوز عندي جحيمها
وكيف يخاف النار من بات موقنا * بأن أميرالمؤمنين قسيمها
وعن نسمة السحر بذكرمن تشيع وشعر: ان ابا الطيب المتني كان يتحقق بولاء أميرالمؤمنين عليه السلام تحققا شديدا، وان له فيه عدة قصائد سماها العلويات، وقال: ويقوي تشيعه انه كوفي، والكوفة احد معادن الشيعة إنتهى، ويؤيد تشيعه ايضا: ان امه همدانية من صلحاء النساء الكوفيات، وتشيع قبيلة همدان اشهر من نار على علم، فقد رضع المتنبي التشيع مع اللبن، كما قال الشاعر:
لا عذب الله امي انها شربت * حب الوصي وغذتنيه باللبن
وكان لي والد يهوى أبا حسن * فصرت من ذي وذا اهوى اباحسن
وتقدم في ابونواس شعره في مدح امير المؤمنين عليه السلام يحكى انه كان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة فيتكلمون بحضرته، فوقع بين المتنبي وبين ابن خالويه النحوي كلام فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح كان معه فشجه وخرج دمه يسيل على ثيابه فعضب خرج إلى مصر وامتدح كافور الاخشيدي، ثم رحل عنه وقصد بلاد فارس، ومدح عضدالدولة الديلمي فأجزل جائزته، ولمارجع من عنده قاصدا بغداد ثم إلى الكوفة في شعبان لثمان خلون منه سنة 354 (شند)، عرض له فاتك بن ابى الجهل الاسدي في عدة من اصحابه، وكان مع المتنبي ايضا جماعة من اصحابه فقاتلوهم فقتل المتنبي وابنه محمد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية (بلدبين واسط وبغداد) في موضع يقال له الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين، كذاعن ابن خلكان.
[143]
وعنه ذكر ابن رشيق في كتاب العمدة في باب منافع الشعر ومضاره ان ابا الطيب لما فرحين رأى الغلبة، قال له غلامه: لايتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل:
الخيل والليل والبيداء تعرفني * والحرب والضرب والقرطاس والقلم
فكر راجعا حتى قتل، وكان سبب قتله هذا البيت، وقال ابن خلكان إنما قيل له المتنبي لانه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثيرمن بني كلب وغيرهم، فخرج اليه لؤلؤ امير حمص نائب الاخشيديه، فأسره وتفرق اصحابه، وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه، وقيل انه قال أنا اول من تنبأ بالشعر إنتهى وعن صاحب يتيمة الدهر قال: قال ابن جني النحوي سمعت ابا الطيب يقول إنما لقبت بالمتنبي لقولي:
أنا ترب الندى ورب القوافي * وسمام العدى وغيظ الحسود
أنافي امة تداركها الله غري * ب كصالح في ثمود
مامقامي بأرض نحلة إلا * كمقام المسيح بين اليهود
(اقول): نحلة بالحاء المهملة، قرية بقرب بعلبك بينهما ثلاثة اميال وأنا رأيتها ونزلت بها، فلعمل المتنبي اقام بها مدة فانه كان يترددالى تلك البلاد والله العالم.
(المتوكل على الله)
جعفر بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد، يكنى اباالفضل، بويع له بعد الواثق، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه ثناء قتل 4 شوال سنة 247 وذكران في الليلة التي قتل فيها غارت زمزم.
وروي عن ابراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة يقول: الخلفاء ثلاثة ابوبكر الصديق قاتل اهل الردة حتى استجابوا له، وعمربن عبدالعزيز رد مظالم بني امية، والمتوكل محى البدع وأظهر السنة إنتهى.
[144]
وذكره ابن العربي في الفتوحات، وعده من الاقطاب، وممن حاز الخلافة الظاهرة والباطنة.
قلت: قدذكر المؤرخون وأهل السير ما فعله المتوكل بقبر الحسين (ع) من الهدم والاستخفاف، وانه كان شديد البغض لعلي بن ابي طالب عليه السلام ولاهل بيته.
قال ابوالفرج في مقاتل الطالبيين: وكان المتوكل شديد الوطأة على آل ابي طالب، غليظا على جماعتهم، مهتما بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم ثم ذكر من ذلك كرب قبر الحسين (ع) وعفاء آثاره، (إلى ان قال) واستعمل على المدينة ومكة عمربن الفرج الرخجي فمنع الناس من برآل ابى طالب وكان لا يبلغه ان احدا براحدا منهم بشئ وان قل إلا انهكه عقوبة وأثقله غرما حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعدواحدة ثم ينزعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر إلى ان قتل المتوكل فعطف المنتصر عليهم وأحسن اليهم ووجه بمال فرقة فيهم، وكان يؤثر مخالفة ابيه في جميع احواله ومضادة مذهبه طعناعليه ونفرة لفعله إنتهى.
وعن مناقب ابن شهر اشوب ابومحمد الفحام قال: سأل المتوكل ابن الجهم عن اشعر الناس فذكر شعراء الجاهليه والاسلام، ثم سأل اباالحسن (ع) اشعرهم الحماني حيث يقول:
لقد فاخرتنامن قريش عصابة * بمط خدود وامتداد اصابع
ترانا سكونا والشهيد بفضلنا * عليهم جهير الصوت في كل جامع
فلما تنازعنا المقال قضى لنا * عليهم بمانهوى نداء الصوامع
فان رسول الله احمد جدنا * ونحن بنوه كالنجوم الطوالع
قال المتوكل: ومانداء الصوامع ياابا الحسن؟ قال: اشهد ان لا إله إلا الله
[145]
وأشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل ثم قال هو جدك لا ندفعه عنك.
(المتولى)
ابوسعيد عبدالرحمن بن ابى محمد مأمون بن علي، المتولي الفقيه الشافعي النيسابورى.
له يد قوية في الاصول والفقه والخلاف، تولى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد بعد وفاة ابى اسحاق الشيرازى، صنف في الفقه كتاب تتمة الابانة تمم به الابانة تصنيف شيخه الفوراني لكنه لم يكمل وعاجلته المنية وأتمه من بعده جماعة منهم ابوالفتوح اسعد العجلي، توفى ببغداد سنة 478 (تعح).
(المجاشعى)
ابوالحسن علي بن الفضال القيرواني المفسر اللغوى النحوى صاحب التفسير العميدي وشرح بسم الله الرحمن الرحيم في مجلدة كبيرة، ومن شعره: ماهذه الالف التي قدزدتم * فدعوتم الخوان بالاخوان توفى سنة 479 (تعط).
(مجدالدين الحلبى العريضى)
هوالسيد الاجل على بن الحسن بن ابراهيم بن علي بن جعفربن محمد بن علي ابن الحسن بن عيسى بن محمد بن عيسى بن علي العريضي صاحب المسائل عن اخيه الكاظم بن الامام جعفر الصادق (ع)، فاضل جليل من مشايخ المحقق الحلي (ره)، وجده علي بن جعفر العريضي (ره) كان راوية للحديث سديد الطريق شديد الورع كثير الفضل، ولزم اخاه الامام موسى بن جعفر عليه السلام وروى عنه شيئا كثيرا، وذكره العلامة في محكي (صه) وقال علي بن جعفر اخوموسى الكاظم (ع) من اصحاب الرضا (ع) ثقة.
[146]
روى الكشي عنه مايشهد بصحة عقيدته، وتأدبه مع ابى جعفر الثاني عليه السلام وحاله اجل من ذلك، سكن العريض بضم العين المهملة من نواحي المدينة فنسب ولده اليها إنتهى.
(اقول): قدذكرت مايتعلق بهذا السيد الجليل في السفينة، ومنتهى الآمال وغيرهما، وذكرت ان التقي المجلسي قال في حقه: جلالة قدره اجل من ان تذكر، وقبره بقم مشهور.
وسمعت ان اهل الكوفة التمسوا منه مجيئه من المدينة اليهم وكان في الكوفة مدة، وأخذ اهل الكوفة الاخبار وأخذ منهم، ثم استدعى القميون نزوله اليهم فنزلها وكان بها حتى مات (ره) إنتهى.
وقال ابنه العلامة المجلسي (ره) في البحار: اعلم ان المشاهد المنسوبة إلى اولاد الائمة الهادية (ع) والعترة الطاهرة واقاربهم يستحب زيارتها والالمام بهافان تعظيمهم تعظيم الائمة وتكريمهم عليهم السلام والاصل فيهم الايمان والصلاح إلى ان يعلم منهم خلافهما كجعفر الكذاب واضرابه.
لكن المعلوم حاله من بينهم بالجلالة، والمعروف بالنبالة جعفر بن ابى طالب المدفون بموتة، وفاطمة بنت موسى (ع) المدفونة بقم، وعبدالعظيم الحسني المقبور بالري (ره) وعلي بن جعفر (ع) المدفون بقم، وجلالته اشهر من ان تحتاج الن البيان، واما كونه مدفونافي قم فغير مذكور في الكتب المعتبرة لكن اثرقبره الشريف موجود قديم وعليه اسمه مكتوب إنتهى.
وقال شيخنا في المستدرك: والحق ان قبره بعريض كما هو معروف عند اهل المدينة وقد نزلناعنده في بعض اسفارنا وعليه قبة عالية ويساعده الاعتبار واما الموجود فى قم فيمكن ان يكون من احفاده وقال: ان عريض قرية من قرى المدينة على فرسخ منها، وكانت للباقر والصادق (ع) أوصى بها لولده وكان عمره عند وفاة الصادق عليه السلام بسنتين ولماكبر سكن القرية ولذايقال لولده العريضية إنتهى.
[147]
ثم اعلم ان مجد الدين المذكور ليس السيد مجدالدين الحسيني صاحب زينة المجالس فانه معاصر لشيخنا البهائي واسمه السيد محمد الملقب بالمجدي.
(المجدويه)
ابوالفضل احمد بن ابى بكر الخازراني النحوي الاديب صاحب شرح المفضل وغيره، توفى سنة 620 (خك).
(المجلسى)
إذا اطلق فهو شيخ الاسلام والمسلمين، مروج المذهب والدين، الامام العلامة المحقق المدقق محمدباقر بن محمد تقي بن المقصود علي المجلسي قدس الله تعالى ارواحهم.
قال شيخنا صاحب المستدرك: لم يوفق احد في الاسلام مثل ماوفق هذا الشيخ المعظم والبحر الخضم والطود الاشم من ترويج المذهب وإعلاء كلمة الحق وكسرصولة المبتدعين، وقمع زخارف الملحدين، وإحياء دارس سنن الدين المبين، ونشر آثار أئمة المسلمين بطرق عديدة وأنحاء مختلفة اجله وأبقاها التصانيف الرائقة الانيقة الكثيرة التي شاعت في الانام وينتفع بها في آناء الليل والايام، العالم والجاهل والخواص والعوام، والعجمي والعربي مع ماخرج من مجلسه جماعة كثيرة من الفضلاء.
وصرح تلميذه الاجل الا ميرزا عبدالله الاصبهاني في (ض) انهم بلغوا إلى ألف نفس، وفي اللؤلؤة والروضه البهية في ترجمته وهذاالشيخ لم يوجد في عصره ولا قبله قرين في ترويج الدين وإحياء شريعته سيد المرسيلين صلى الله عليه وآله بالتصنيف والتأليف، والامر والنهي وقمع المعتدين والمخالقين من اهل الاهواء والبدع سيما الصوفية والمبدعين.
[148]
وكان إماما في الجمعة والجماعة، وهو الذي روج الحديث ونشره سيما في بلاد العجم، وترجم لهم الاحاديث لهم الاحاديث بالفارسية بأنواعها من الفقه والادعية والقصص والحكايات التعلقة بالمعجزات والغزوات وغير ذلك مما يتعلق بالشرعيات مضافا إلى تصلبه في الامر بالعروف والنهي عن المنكر وبسط يد الجود والكرم لكل من قصده، وقدكانت مملكة الشاه السلطان حسين لمزيد خموله وقلة تدبيره محروسة بوجوده الشريف، فلمامات انتقضت اطرافها وبدا اعتسافها.
وأخذت من يده في تلك السنة بلدة قندهار، ولم يزل الخراب يستولي عليها حتى ذهبت من يده إنتهى.
ومن خصائص فصائله انه كان المتصدي لكسراصنام الهنودفي دولتخانه كما ذكره معاصره الامير عبدالحسين الخواتون ابادي في وقائع جمادى الاولى من سنة 1098 (غصح) من تاريخه.
(وقال) صهره العالم الجليل الامير محمدصالح الخاتون ابادي في حدائق المقربين في ترجمته بعد مدحه بعبارات رشيقة ماملخصه: وحقوق جنابه المفضل على هذاالدين من وجوه شتى اوضحهاستة وجوه:
(أولها) انه استكمل شرح الكتب الاربعة التي عليها المدار في جميع الاعصار وسهل الامر في حل مشكلاتها، وكشف معضلاتها على سائر فضلاء الاقطار، واكتفى بشرح والده على الفقيه حيث لم يشرحه، وأمرني ايضا بشرح الاستبصار فشرحته بيمن إشارته.
(وثانيها): انه جمع سائر المروية في مجلدات بحاره الذي لم يكتب في الشيعة كتاب مثله.
(وثالثها): المؤلفات الفارسية التي في غاية النفع والثمرة للدنيا والآخرة.
(ورابعها): إقامة الجمعة والجماعات وتشييده لمجامع العبادات.
(وخامسها): الفتاوى وأجوبة مسائل الدين الصادرة منه التي كان ينتفع: المسلمون في غايه السهولة واليوم بقيت الناس حيارى.
[149]
(سادسها): قضاؤه لحوائج المؤمنين وإعانته أياهم ودفعه عنهم ظلم الظلمة وماكان من شرورهم وتبليغه عرائض الملهوفين إلى اسماع الولاة والمتسلطين ليقوموا بانجاحهم.
وبالجملة حقوقه كثيرة على اهل الدين وبقيت آثاره ومؤلفاته إلى يوم القيامة وكل مؤلفاته الشريفة على ماوقع عليها التخمين تبلغ ألف ألف بيت وأربعة آلاف بيت وكسرا، ولما حاسبناه بتمام عمره المكرم جعل قسط كل يوم ثلاث وخمسون وكسر، وحقوقه علي غير متناهية، ولقد كنت في حداثة سني حريصا على فنون الحكمة والمعقول، صارفاجميع الهمة دون تحصيلها وتشييدها إلى ان شرفني الله تعالى بصحبته الشريفة في طريق الحج فارتبطت بجنابه واهتدبت بنور هدايته، وأخذت في تتبع كتب الفقه والحديث، وعلوم الدين وصرفت في خدمته اربعين سنة من بقية عمري متمتعا بفيوضاته مشاهدا آثار كراماته واستجابة دعواته، إنتهى.
توفى (ره) سنة 1110 في ليلة السابع(1) والعشرين من شهر رمضان، وفي تاريخ الخاتون ابادي في 27 (مض) سنة 1111 صار إلى رحمة الله تعالى، وبالجملة عمره إذ ذاك ثلاثا وسبعين فانه في سنة 1037 وهو يوافق عدد (جامع كتاب بحار الانوار).
وماقيل في تاريخ وفاته من النظم والنثر اكثر من ان يذكر،
___________________________________
(1) كتب في السفينة ليلة السابع عشر وهو غلط، والصحيح السابع والعشرين [*]
[150]
فانظر إلى سحر البلاغة ومعجزتها، فقد تضمن هذا المضمون ليوم الوفاة وشهرها وسنتها من غير ارتكاب ضرورة ولا اطناب.
ومرقده الشريف الآن ملجأ الخلائق باصبهان في باب القبلي من جامعها الاعظم العتيق، ومن المجربات إستجابة الدعوات عند مضجعه المنيف، وفى تلك البقعة الشريفة مقابر جملة من العلماء العظماء والصلحاء الفخام منهم والده المعظم وصهره المولى محمد صالح المازندراني، وولده الآقا هادي بن محمد صالح والفاضل النحرير المولى محمد مهدي الهرندي، والمولى محمدعلي الاسترابادى وابن ابن اخيه الميرزا محمد تقي الالماسي وغيرهم رضوان الله عليهم.
ويظهر من جملة المنامات الصادقة له التقدم في النشأة الآخرة، (حدث) شيخنا العلامة النوري عن بعض تلامذة صاحب الجواهر (ره) قال: حدثنا استاذنا شيخ الفقهاء في عصره صاحب جواهر الكلام يومافي مجلس البحث والتدريس فقال: رأيت البارحة كأني بمجلس عظيم فيه جماعة من العلماء وعلى بابه بواب فاستأذنته فأدخلني فرأيت فيه جميع من قدم وبأخر من العلماء مجتمعين فيه وفي صدر المجلس مولانا العلامة المجلسي فتعجبت من ذلك فسألت البواب عن سر تقدمه فقال: هو معروف عنه الائمة (ع).
ووالده محمدتقى المجلسي، كان وحيد عصره وفريد دهره، أورع اهل زمانه وازهدهم وأعبدهم.
قال صاحب حدائق المقربين كمافي (ضا)، كان في علوم الفقه والحديث والرجال، فائق اهل الدهر، وفي الزهد والعبادة والتقوي والورع وترك الدنيا تاليا تلو استاذه المولى عبدالله الشوشتري مشتغلا طول حياته بالرياضات والمجاهدات وتهذيب الاخلاق والعبادات، وترويج الاحاديث والسعي في حوائج المؤمنين وهداية الخلق وانتشر بيمن همته احاديث اهل البيت (ع)، وكان مؤيدا من عندالله ومسددا، وأكثر العلماء الاعلام من تلامذته مثل الآقا حسين الخونسارى
[151]
واستاذنا المولى محمدباقر بل سائر الفضلاء الاعيان الذين كانواقبل هذه الطبقة كانوامن تلامذته وأخذواعنه الفقه والحديث والتفسير، وأجيزوا عنه في الرواية وآثاره كثيرة جداولولم يكن له اثر غيرولده المبرور لكان يكفيه فضلا عن سائر فضلاءعصره الذين صاروا ببركته علماء الدين.
ومصنفاته كثيرة،، منها شرحاه العربي والفارسي على كتاب من لا يحضره الفقيه وكل منهما يزيد على مائة ألف بيت.
وارتحل إلى جوار رحمة الله تعالى في سنة 1070 إنتهى إستفاد العلم من شيخ الاسلام والمسلمين الشيخ بهاءالدين العاملي والعلامة الزاهد المقدس الورع المولى عبدالله الشوشتري، وبعد فراغه من التحصيل أتى النجف الاشرف واشتغل بالرياضيات، وتهذيب الاخلاق، وتصفية الباطن وله مكاشفات ومنامات حسنة ليس مقام نقلها.
وأبوه المولى مقصود علي كان بصيرا ورعا مروجا لمذهب الاثنى عشرية، له ابيات رائقة بديعة، ولحسن محاضرته وجودة مجالسته سمي بالمجلسي وتخلص به فصار هذا لقبا في هذه الطائفة الجليلة والسلسلة العلية.
وكانت ام المولى محمدتقى عارفة مقدسة صالحة، بنت العالم الجليل كمال الدين درويش محمدبن الشيخ حسن العاملي ثم النطنزي ثم الاصفهانى من اكبرثقاة العلماء، يروى عن المحقق الشيخ علي الكركي.
وعن مناقب الفضلاء قال: وهذا المولى كمال الدين (ره) من اهل العبادة والزهادة، وهو مدفون في نطنز وله قبة معروفة.
وقال الشيخ يوسف البحراني: انه اول من نشر الحديث في الدولة الصفوية باصفهان.
[152]
وعن مرآة الاحوال: كان فاضلا عالما مقدسا من تلامذة افضل المتأخرين الشيخ زين الدين الشهيد الثاني.
(مجير الجراد)
مدلج بن سويد الطائى الذي يضرب به المثل فيقال احمى من مجير الجراد وقصته على ماحكي عن الكلبي انه خلاذات يوم في خيمته فاذا هوبقوم من طي ومعهم اوعيتهم، فقال: ماخطبكم؟ قالوا: جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه فركب فرسه وأخذ رمحه وقال: والله لا يتعرض له احد منكم إلا قتلته، أيكون الجراد في جواري ثم تريدون اخذه، ولم يزل يحرسه حتى حميت عليه الشمس فطار، فقال: شأنكم الآن به فقد تحول عن جواري إنتهى.
ومن خطبة لاميرالمؤمنين عليه السلام في صفة عجيب خلق من اصناف الحيوان، قال: وإن شئت قلت في الجراد إذ خلق لهاعينين حمراوين، وأسرج لها حدقتين قمراوين، وجعل لهاالسمع الخفي، وفتح لهاالسمع السوي، وجعل لهاالحسن القوي، ونابين بهماتقرض، ومنجلين بهماتقبض، ترهبها الزراع في زرعهم، ولا يستطيعون ذبها ولو اجلبوا بجمعهم، حتى تردالحرث في نزواتها وتقضي منه شهواتها، وخلقهاكله لايكون اصبها مستدقة، فتبارك الذي يسجدله من في السماوات والارض طوعا وكرها.
(بيان) المنجل: كمنبر حديده يقضب بهاالزرع شبهت بهايدها، والذب الدفع، نزواتهاأي وثباتها وخلقها كله الواو حالية.
(اقول): قيل في الجراد خلقة عشرة من جبابرة الحيوان مع ضعفه: وجه فرس وعينافيل وعنق ثور وقرناايل وصدراسد وبطن عقرب وجناحانسر وفخذاجمل ورجلا نعامة وذنب حية.
[153]
ولقد اجاد من قال في وصفه:
لهافخذا بكر وساقا نعامة * وقاد متانسر وجؤجؤ ضيغم
حبتها افاعي الارض بطنا وأنعمت * عليها جياد الخيل بالرأس والفم
(المحاملى)
القاضي ابوعبدالله الحسين بن اسماعيل بن محمدالضبي البغدادى، كان عالمافاضلا.
ولي قضاء الكوفة ستين سنة، سمع البخارى ومحمدبن المثنى العنزي الزبير ابن بكار وطبقتهم ومن بعدهم.
وروي عنه الطبراني، والدار قطني أبوبكربن الجعابي وأبوحفص ابن شاهين وغيرهم.
يحكى انه كان يحضرمجلس إملائه عشرة آلاف رجل، وكانت ولادته سنة 235 أو 236 ومات في ع 2 سنة 330 (شل).
(محب الدين الطبرى)
احمدبن عبدالله صاحب كتاب صفة حج النبى صلى الله عليه وآله على اختلاف طرقها توفى سنة 694 (خصد).
(المحبى)
محمدامين بن فضل الله بن محب الله بن محب الدين الدمشقي الحنفي، اخذ عن ابيه وعن عبدالغني النابلسى وعلاءالدين الحصكفي وغيرهم من مشايخ وقته حتى برع وتفوق في صناعة الانشاء والادب والشعر وغيره.
ولي تدريس المدرسة الامينية بدمشق، وصنف خلاصة الاثرفي اعيان القرن الحادي عشر، توفى سنة 1111.