168 - اسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبدالله البجلى(1)
___________________________________
(1) كان اسحاق بن جرير من بيت كبير فيهم المحدثون.
فقال السمعانى في الانساب في الجريرى: هذه النسبة إلى جرير بن عبدالله البجلى والى أتباع محمد بن جرير الطبرى، فأما المنتسب إلى جرير البجلى فهو.. وهم كثيرون.. وأبومنصور بن سليمان بن محمد بن الفضل بن جرير النهروانى البجلى الجريرى: من ولد جرير بن عبدالله البجلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله...
قلت: ونشير إلى جماعة ممن ينتسب اليه اسحاق هذا، وهم:(1 جرير بن عبدالله أبوعمرو البجلى الصحابى) قال الشيخ في الصحابة من رجاله(13): جرير بن عبدالله أبوعمرو، ويقال: أبوعبدالله البجلى، سكن الكوفة، وقدم الشام برسالة أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية، وأسلم في السنة التى قبض فيها النبى صلى الله عليه وآله.
وقال الحلى في الخلاصة ص 36 في الممدوحين بعد ذكره: قدم الشام برسالة أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية، وذكره أيضا ابن داود في القسم الاول ص 81 وذكر نحو ما ذكره الشيخ. وفى البحار ج 21 371 عن الطبرسى في اعلام الورى في وقايع السنة العاشرة: وفيها قدم وفد بجيلة، قدم جرير بن عبدالله البجلى، ومعه من قومه مأة وخمسون رجلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذى يمن، على وجه مسحة ملك). فطلع جرير على راحلته ومعه قومه، فأسلموا وبايعوا.
قال جرير: وبسط رسول الله صلى الله عليه وآله يده فبايعنى. وقال: على أن تشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله، وتقيم الصلوة، وتؤتى الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتنصح للمسلمين، وتطيع الوالى وان كان عبدا حبشيا. فقلت: نعم، فبايعته. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يسأله عما وراءه فقال: يا رسول الله قد أظهر الله الاسلام والاذان وهدمت القبائل أصنامهم التى تعبد. قال: فما فعل ذو الخلصة؟ قال: هو على حاله، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى هدم ذى الخلصة، وعقد له لواءا... فخرج في قومه وهم زهاء مأتين، فما أطال الغيبة حتى رجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أهدمته؟ قال: نعم الذى بعثك بالحق، وأحرقته بالنار، فتركته كما يسوء أهله، فبرك رسول الله صلى الله عليه وآله خيل أخمس ورجالها.
وفى البحار ج 16 235 عن ابن شهر آشوب في المناقب عن جرير بن عبدالله أن النبى صلى الله عليه وآله دخل بعض بيوته فامتلا البيت، فدخل جرير فقعد خارج البيت، فأبصره النبى صلى اله عليه وآله، فأخذ ثوبه فلفه فرمى به اليه وقال اجلس على هذا، فاخذه جرير فوضعه على وجهه فقبله.
وروى الراوندى في الخرائج كما في البحار ج 20 380 5 و ج 15 220 40 عن جرير بن عبدالله البجلى قال: بعثنى النبى صلى الله عليه وآله بكتابه إلى ذى الكلاع وقومه، فدخلت عليه، فعظم كتابه، وتجهز، وخرج في جيش عظيم وخرجت معه نسير، اذ رفع لنا دير راهب، فقال: اريد هذا الراهب، فلما دخلنا عليه سأله: أين تريد؟ قال: هذا النبى الذى خرج في قريش وهذا رسوله.
قال الراهب: لقد مات هذا الرسول، فقلت: من أين علمت بوفاته؟ قال انكم قبل أن تصلوا إلى كنت أنظر في كتاب دانيال، مررت بصفة محمد و ونعته وأيامه وأجله، فوجدت أنه توفى في هذه الساعة.
فقال ذو الكلاع: أنا أنصرف، قال جرير: فرجعت فاذا رسول الله صلى الله عليه وآله توفى ذلك اليوم.
وقال ابن سعد في الطبقات ج 1 347 في وفده مع بجيلة: قدم جرير بن عبدالله البجلى سنة عشر المدينة ومعه من قومه مأة وخمسون رجلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذى يمن، على وجهه مسحة ملك، فطلع جرير على راحلته ومعه قومه فأسلموا وبايعوا.
قال جرير فبسط رسول الله صلى الله عليه وآله، فبايعنى وقال على أن تشهد أن لا اله الا الله، وأنى رسول الله، وتقيم الصلوة، وتؤتى الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتنصح المسلم، وتطيع الوالى وان كان عبدا حبشيا، فقال: نعم، فبايعه... وكان نزول جرير بن عبدالله على فروة بن عمرو البياضى، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يسائله عما وراءه. فقال يا رسول الله قد أظهر الله الاسلام، وأظهر الاذان في مساجدهم وساحاتهم، وهدمت القبائل اصنامها التى كانت تعبد، قال: فما فعل ذو الخلصة؟ قال هو على حاله قد بقى والله مريح منه ان شاء الله، فبعثه رسول الله إلى هدم ذى الخلصة وعقد له لواءا... فخرج في قومه وهم زهاء مأتين، إلى آخر ما ذكره الطبرسى في اعلام الورى.
وقال ايضا في الطبقات ج 5 22 عند ذكره فيمن نزل الكوفة من الصحابة: ويكنى أبا عمرو، أسلم في السنة التى قبض فيها النبى صلى الله عليه وآله ووجهه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذى الخلصة فهدمه، ونزل الكوفة بعد ذلك، وابتنى بها دارا في بجيلة، وتوفى بالسراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة، وكانت ولاية الضحاك سنتين ونصفا بعد زياد بن أبى سفيان.
وقال في معجم البلدان ج 2 283 في الخلصة: وهو بيت اصنام كان لدوس، وخثعم، وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، وهو صنم لهم فأحرقه جرير بن عبدالله البجلى حين بعثه النبى صلى الله عليه وآله، وقيل: كان لعمرو بن لحى بن قمعة نصبه اعنى الصنم بأسفل مكة حين نصب الاصنام في مواضع شتى، فكانوا يلبسونه القلائد، ويعلقون عليه بيض النعام، ويذبحون عنده، وكان معناهم في تسميتهم له بذلك: ان عباده والطائفين به خلصة، وقيل هو الكعبة اليمانية التى بناها ابرهة بن الصباح الحميرى، وكان فيه صنم يدعى: الخلصة، فهدم. وقيل: كان ذو الخلصة يسمى الكعبة اليمانية، والبيت الحرام الكعبة الشامية... قلت: وقد اطال في نقل الاقوال في تسمية ذى الخلصة، وفى بانيها، وفى الاقوام التى يعبدونها ويستعظمونها وفى كثرة توجه الناس الكفرة اليها قديما وفى آخر الزمان حسب ما روى في ذلك الحديث، وفى كيفيتها، وفى سدانها، وغير ذلك ولم يحك خلافا في هدم جرير لها بأمر النبى صلى الله عليه وآله واحراقها.
وقال ابن عبد البرفى الاستيعا؟ عند ذكر نسبة جرير بن عبدالله بن جابر...
بن الغوث البجلى: يكنى أبا عمرو وقيل أبا عبدالله، واختلف في بجيلة فقيل ما ذكرنا، وقيل انهم من ولد أنمار بن نزار على ما ذكرناه في كتاب القبائل، ولم يختلفوا أن بجيلة أمهم، نسبوا اليها، وهى بنت صعب بن على بن سعد العشيرة، قال ابن اسحاق: جرير بن عبدالله البجلى سيد قبيلته يعنى بجيلة... وكان كريما في قومه، وافدا على رسول الله صلى الله عليه وآله، قال ابن عبدالبر: وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله حين أقبل وافدا عليه: يطلع عليكم خير ذى يمن، كأن على وجهه مسحة ملك، فطلع جرير.
وروى ابن حجر في الاصابة عنه أنه لما أتى النبى صلى الله عليه وآله فقال: ما جاء بك؟ قلت: جئت لاسلم، فألقى كسائه وقال: اذا أتاكم كريم فوم فاكرموه. وأشار إلى الرواية ايضا ابن عبدالبر في الاستيعاب.
قلت: ورواه في البحار ج 16 238 عن المناقب مع تفاوت.
قال أبوعمرو: كان اسلامه في العام الذى توفى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، قال جرير: أسلمت قبل موت رسول الله صلى الله عليه وآله بأربعين يوما.. وبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله، إلى ذى كلاع، وذى اعين باليمن... ثم ذكر عن رواية: وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله جرير بن عبدالله إلى ذى الكلاع، وذى ظليم باليمن.. وذكر ابن حجر في الاصابة جملة ما ذكره في الاستيعاب.
وقال ابن سعد في الطبقات ج 6 22 عند ذكره: أسلم في السنة التى قبض فيها النبى صلى الله عليه وآله، ووجهه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذى الخلصة، فهدمه...
قلت: في وقت اسلام جرير خلاف، فقال أبوعمر في الاستيعاب: كان اسلامه في العام الذى توفى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله: قال جرير: أسلمت قبل موت رسول الله صلى الله عليه وآله بأربعين يوما.
وقال ابن سعد في الطبقات ج 6 22: أسلم في السنة التى قبض فيها النبى..
قلت: ويبعده رواية البخارى ج 8 عنه خطبة النبى صلى الله عليه و آله في حجة الوداع في باب مستقل، وايضا مسلم في صحيحه ج 1 37، وهو من احاديث كنز العمال ج 1 165.
وأيضا قول الواقدى: ان جريرا وفد على النبى صلى الله عليه وآله في شهر رمضان سنة عشر، وانه بعثه إلى ذى الخلصة بعد ذلك، ذكره في الاصابة.
وأيضا رواية الطبرانى عن جرير قال قال لنا رسول الله صلى الله علبه وآله ان أخاكم النجاشى قد مات.
وايضا رواية أبى عمرو في الاستيعاب: أن رسول الله صلى الله عليه وآله: بعث جريرا إلى ذى كلاع، وذى رعين باليمن، وذى ظليم باليمن.
وأيضا روايته بعث النبى صلى الله عليه وآله اياه في خمسين من قومه إلى ذى الخلصة، فاتاها وأحرقها.
وذكره ابن سعد أيضا في الطبقات ج 6 22. وذو الخلصة بيت كان يدعى: الكعبة اليمانية لخثعم، كان فيه صنم اسمه الخلصة، ذكره في القاموس. وتفصيل ذلك وتحقيقه في كتابنا (الطبقات الكبرى)، عند ذكره في الصحابة.
وكان بعثه صلى الله عليه وآله جريرا إلى ذى الكلاع، وذى ظليم في مرضه صلى الله عليه وآله كما في الطبرى ج 3 187. ثم ان جريرا كان في عصر النبى صلى الله عليه وآله وجيها، ولكن له أحوالا ووجوها بعد وفاته صلى الله عليه وآله إلى ان مات، نشير اليها ولم تحصل له بصيرة في عصر الرسالة حتى استعمل للخلفاء ثم اشتراه معاويه في عصره.
1 - جرير في خلافة ابى بكر
لم اقف على ذكر اصحاب السير والتراجم والتواريخ محل اقامة جرير عند وفات النبى الاكرم صلى الله عليه وآله، الا انه يظهر هجرته مما رواه البيهقى في السنن الكبرى ج 9 13 باب فرض الهجرة باسناده عن جرير قال اتيت النبى صلى الله عليه وآله وهو يبايع الناس فقلت: يا نبى الله ابسط يدك حتى أبايعك واشترط على فأنت أعلم بالشرط منى، قال: ابايعك على ان تعبد الله وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتناصح المؤمن، وتفارق المشرك. وايضا باسناد آخر عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من أقام من المشركين فقد برئت منه الذمة.
قال الطبرى في تاريخه ج 3 427 في ارسال عمر جريرا إلى حرب العراق والقادسية: فاستعمل عرفجة على من كان مقيما على حديلة بن بجيلة، و جريرا على من كان من بنى عامر وغيرهم.
وقد كان ابوبكر ولاه قتال اهل عمان في نفر، وأقفله حين غزا في البحر فولاه عمر عظم بجيلة وقال: اسمعوا لهذا و قال للاخرين: اسمعوا لجرير..
وقال أيضا ج 3 460: وكان جرير بن عبدالله، وحنظلة بن الربيع ونفر استأذنوا خالدا من (سوى) فأذن لهم، فقدموا على ابى بكر، فذكر له جرير حاجته فقال: أعلى حالنا ! وأخره بها، فلما ولى عمر دعاه بالبينة فأقامها...
قال الحموى في معجم البلدان ج 3 271 في (سوى): اسم ماء لبهراء من ناحية السماوة، وعليه مر خالد بن الوليد لما قصد من العراق الشام.. وذلك في سنة اثنتى عشرة في ايام ابى بكر...
2 - جرير في خلافة عمر
ولما اشتد الحرب بين عسكر المسلمين وبين اهل العراق والفرس و جند الفيل وكثر القتل واضطرب العسكر وتفرق الناس حتى لحقوا المدينة، تحيل عمر امورا: منها ما في الطبرى ج 3 ص 460، قال بعد ذكر انه دعا جرير بن عبدالله وحنظلة بن الربيع ونفرا استأذنوا خالدا من سوى، وأذن لهم، و قدمهم على ابى بكر، ثم ذكر جرير حاجته، وقول أبى بكر ردا عليه: أعلى حالنا ! وأخره بها: فلما ولى عمر دعاه بالبينة فأقامها، وكتب له عمر إلى عماله السعاة في العرب كلهم: من كان فيه أحد ينسب إلى بجيلة في الجاهلية، وثبت عليه في الاسلام يعر ذلك، فأخرجوه إلى جرير. ووعدهم جرير مكانا بين العراق والمدينة، ولما اعطى جرير حاجته في استخراج بجيلة من الناس بجمعهم فأخرجوا له، وامرهم بالموعد ما بين مكة والمدينة والعراق، فتتاموا، قال لجرير: اخرج حتى تلحق بالمثنى (صاحب اللواء يوم القادسية) فقال: بل الشام قال: بل العراق، فان اهل الشام قد قووا على عدوهم، فأبى حتى اكرهه، فلما حرجوا له وأمرهم بالموعد عوضه لاكرامه واستصلاحا له فجعل له ربع خمس ما أفاء الله عليهم في غزاتهم هذ، ولمن اجتمع اليه، ولمن اخرج له اليه من القبائل، وقال: اتخذونا طريقا. فقدموا المدينة، ثم فصلوا منها إلى العراق ممدين للمثنى.. وبعث المثنى بعد الجسر فيمن يليه من الممدين، فتوافوا اليه في جمع عظيم.
قال الطبرى كما في تاريخه ص 461: وكان جرير ممدا له..، وروى في ص 462 عن عطية والشعبى قالا: قال عمر حبن استجم جمع بجيلة: اتخذونا طريقا، فخرج سروات بجيلة ووفدهم نحوه وخلفوا الجمهور.
فقال: اى الوجوه احب اليكم؟ قالوا: الشام فان اسلافنا بها، فقال: بل العراق، فان الشام في كفاية، فلم يزل بهم، ويأبون عليه، حتى عزم على ذلك وجعل لهم ربع خمس ما أفاء الله على المسلمين إلى نصيبهم من الفئ، فاستعمل عرفجة على من كان مقيما على جديلة من بجيلة وجريرا على من كان من بنى عا؟ ر وغيرهم، وقد كان ابوبكر ولاه قتال اهل عمان في نفر، وأقفله حين غزا في البحر، فولاه عمر عظم بجيلة، وقال: اسمعوا لهذا وقال للاخرين: اسمعوا لجرير، فقال جرير لبجيلة: تفرون بهذا وقد كانت بجيلة غضبت على عرفجة في امرأة منهم وقد أدخل علينا ما أدخل..
قال عرفجة: انه كان من شأنى ان الشر تفاقم فينا، ودارنا واحدة فصبنا الدماء، ووتر بعضنا بعضا فاعتزلتهم لمخفتهم، فكنت في هؤلاء اسودهم وأقودهم، فحفظوا على لامر دار بينى وبين دهاقينهم، فحسدونى وكفرونى.
فقال: لا يضرك فاعتزلهم اذ كرهوك، واستعمل جريرا مكانه وجمع له بجيلة، وأرى جريرا وبجيلة انه يبعث عرفجة إلى الشام، فحبب ذلك إلى جرير العراق، وخرج جرير من قومه ممدا للمثنى بن حارثة حتى نزل ذا قار.. وقال ص 463: فارسل المثنى إلى جرير والى عصمة بالحث..
قلت: وذكر الطبرى في ج 3 ص 471 في امر جرير وعرفجة وارسال عمر اياهما إلى العراق وجها آخر عن ابى اسحاق فلاحظ. وقال ايضا ص 469 عن محمد وطلحة وزياد قالوا: وقد كان المثنى وعصمة وجرير أصابوا في أيام البويب على الظهر نزل مهران غنما ودقيقا وبقرا، فبعثوا بها إلى عيالات من قدم من المدينة وقد خلفوهن بالقوادس، والى عيالات اهل الايام قبلهم، وهم بالحيرة...
وفى ص 470: فأمر المثنى ان يعقد لهم الجسر ثم اخرجهم في آثار للقوم واتبعتهم بجيلة وخيول من المسلمين تغذ من كل فارس، فانطلقوا في طلبهم حتى بلغوا السبب ولم يبق في العسكر جسرى الاخراج في الخيل، فأصابوا من البقر والسبى وسائر الغنائم شيئا كثيرا، فقسمه المثنى عليهم، وفضل اهل البلاء من جميع القبائل.
ونفل بجيلة يومئذ ربع الخمس بينهم بالسوية، وبعث بثلاثة ارباعه مع عكرية.. فاغرروا حتى بلغوا ساباط وتحصن اهل ساباط منهم واستباحوا القريات دونها، وراماهم اهل الحصن بساباط عن حصنهم. وكان اول من دخل حصنهم ثلاثة قواد: عصمة، وعاصم، وجرير، وقد تبعهم او؟ اع من الناس كلهم ثم انكفوا راجعين إلى المثنى.
وعن عطيه بن الحارث قال: لما اهلك الله مهران استمكن المسلمون من الغارة على السواد فيما بينهم وبين دجلة فمخروها ولا يخافون كيدا ولا يلقون فيها مانعا وانتقضت مصالح العجم فرجعت اليهم واعتصموا بساباط وسرهم ان يتركوا ما وراء دجلة. وفى ص 589: واقطع عمر طلحة، وجرير بن عبدالله.. وانما القطائع على وجه النفل من خمس ما أفاء الله.. وكتب عمر إلى عثمان بن حنيف مع جرير: اما بعد قأقطع جرير بن عبدالله قدر ما يفوته، لاوكس ولا شطط.. وقال في: ج 4 من وقايع سنة 2؟ ص 163 في عزل عمر عمار بن ياسر ابا اليقظان عن الكوفة: فكتب عمر إلى عمار أن اقبل فخرج بوفد من اهل الكوفة ووفد رجالا ممن يرى انهم معه، فكانوا اشد عليه ممن تخلف...
وكان سعد بن مسعود الثقفى عم المختار، وجرير بن عبدالله معه، فسعيابه واخبرا عمر باشياء يكرهها، فعزله عمر ولم يوله. وقال المسعودى في مروج الذهب ج 2 8 3 في حرب العراق والفرس: وقد كان جرير بن عبدالله البجلى قدم على عمر، وقد اجتمعت اليه بجيلة، فسرحهم نحو العراق، وجعل لهم ربع ما ظهروا عليه من السواد، وساهمهم مع المسلمين، وخرج عمر فشيعهم، ولحق جرير بناحية الابلة ثم صاعد إلى ناحية المدائن..
وفى ص 319: وقد تنازع اهل الاخبار والسير في جرير والمثنى، فمن الناس من ذهب إلى ان جريرا كان هو المولى على الجيش، و منهم من رأى ان جريرا على قومه والمثنى على قومه.
3 - جرير في خلافة عثمان
ولما تولى عثمان استعمل جرير بن عبدالله على ثغر همدان، وكان عليها واليا حتى هلك عثمان، وبويع لامير المؤمنين عليه السلام، فكتب اليه بأخذ البيعة ثم نزل الكوفة كما يأتى.
وكان لجرير هوى في عثمان، فروى الذهبى في سير اعلام النبلاء ج 3 ص 11 عن مغيرة قال: خرج عدى، وجرير البجلى، وحنظلة الكاتب من الكوفة فنزلوا قرميسيا، وقالوا: لا نقيم ببلد يشتم فيه عثمان.
4 - جرير في بدء خلافة الامام امير المؤمنين عليه السلام
كان جرير باقيا على ولايته في همدان من بدء خلافة الامام عليه السلام إلى زمان نزوله الكوفة، فقال نغرر بن مزاحم في كتاب صفين ص 15: لما بويع على عليه السلام وكتب إلى العمال في الافاق، كتب إلى جرير بن عبدالله البجلى، وكان جرير عاملا لعثمان على ثغر همدان، فكتب اليه مع زحر بن قيس الجعفى...
قلت: اخرج كتابه عليه السلام إلى جرير نصر بن مزاحم، وابن ابى الحديد في الشرح ج 3 70، وابن عساكر في تاريخ دمشق وغيرهم ونذكره بعينه.
5 - كتاب الامام امير المؤمنين عليه السلام عند نزوله الكوفة إلى جرير
ولما بويع الامام امير المؤمنين عليه السلام وقدم الكوفة بعد وقعة الجمل، كاتب العمال، فكتب إلى جرير بن عبدالله البجلى عامل عثمان على ثغر همدان مع زحر بن قيس الجعفى: اما بعد فان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم واذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال (الرعد 11).
وانى اخبرك عن نبأ من صرنا اليه من جموع طلحة والزبير، عند نكثهم بيعتى، وما صنعوا بعاملى عثمان بن حنيف، وانى نهضت من المدينة بالمهاجرين والانصار، حتى اذا كنت بالعذيب بعثت إلى اهل الكوفة الحسن بن على، و عبدالله بن عباس، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد بن عبادة، فاستنفرتهم، فأجابوا، فسرت بهم حتى نزلت بظهر البصرة، فاعذرت في الدعاء، وأقلت العثرة، وناشدتهم عهد بيعتهم، فأبوا الا قتالى، فاستعنت الله عليهم، فقتل من قتل، وولوا مدبرين إلى مصرهم، وسألونى ما كنت عوتهم اليه قبل اللقاء، فقبلت العافية، ورفعت السيف، واستعملت عليهم عبدالله بن العباس، وسرت إلى الكوفة، وقد بعثت اليك زحر بن قيس، فاسأله عما بدا لك والسلام.ذكره نصر بن مزاحمن في كتاب صفين ص 15، وابن ابى الحديد في شرح النهج ج 3 70.
6 - اخذ جرير بيعة اهل همدان لعلى عليه السلام
قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 16، وابن ابى الحديد في الشرح ج 3 71 بعد ذكرهما كتاب الامام عليه السلام إلى جرير: فلما قرأ جرير الكتاب، قام فقال ايها الناس، هذا كتاب امير المؤمنين على بن ابيطالب عليه السلام، وهو المأمون على الدين والدنيا، وقد كان من أمره، وأمر عدوه ما نحمد الله عليه، وقد بايعه الناس الاولون من المهاجرين والانصار والتابعين باحسان، ولو جعل هذا الامر شورى بين المسلمين، كان احقهم بها.
الا وان البقاء في الجماعة. والفناء في الفرقة، وان عليا حاملكم على الحق ها استقمتم، فان ملتم أقام ميلكم... فقال الناس: سمعا وطاعة، رضينا رضينا. فكتب جرير إلى على عليه السلام جواب كتابه بالطاعة.
7 - تردد جرير في بيعته للامام عليه السلام
قال نصر: وكان مع على عليه السلام رجل من طيئى، ابن اخت لجرير، فحمل زحر بن قيس شعرا له إلى حاله جرير، وهو:
جرير بن عبد لله لا تردد الهدى * وبايع عليا اننى لك ناصح
فان عليا خير من وطأ الحصى * سوى احمد والموت عاد ورائح
ودع عنك قول الناكثين فانما * أولاك أبا عمرو، كلاب نوابح
وبايعه ان؟ ايعته بنصيحة * ولايك معها في ضميرك قادح
فانك ان تطلب به الدين تعطه * وان تطلب الدنيا فبيعك رابح
وان قلت عثمان بن عفان حقه * على عظيم والشكور مناصح
فحق على عليه السلام اذ وليك كحقه، * وشكرك ما اوليت في الناس صالح
وان قلت لا نرضى عليا امامنا * فدع عنك بحرا ضل فيه السوائح
ابى الله الا انه خير دهره * وافضل من ضمنت عليه الاباطح
ثم قام زحر بن قيس خطيبا، فكان مما حفظ من كلامه ان قال: الحمد لله الذى.. (ثم ذكر خطبته ففيها فضائل على عليه السلام وبيعة المهاجر والانصار له ونكث طلحة والزبير بيعتهما له وما اوقدوا من نار حرب الحمل، وفتح الامام عليه السلام ثم قال: (هذا عيان ما غاب عنكم ولئن سألتم الزيادة زدناكم ولا قوة الا بالله.
وفى خطبته: ايها الناس ان عليا عليه السلام قد كتب اليكم كتابا لا يقال بعده الا رجيع من القول، ولكن لا بد من رد الكلام. ان الناس بايعوا عليا عليه السلام بالمدينة من غير محاباة له ببيعتهم لعلمه بكتاب الله وسنن الحق..
8 - اعلان جرير بطاعة الامام عليه السلام
قال نصر ص 18: وقال جرير في ذلك:
أتانا كتاب على عليه السلام فلم * نرد الكتاب، بارض العجم
ولم نعص ما فيه لما أتى * ولما نذم، ولما فلم
ونحن ولاة على ثغرها * نضيم العزيز ونحمى الذمم
نساقيهم الموت عند اللقاء * بكأس المنايا ونشفى القرم
طحناهم طحنة بالقنا * وضرب سيوع تطير اللمم
مضينا يقينا على ديننا * ودين النبى مجلى الظلم
امين الا له وبرهانه * وعدل البرية والمعتصم
رسول المليك، ومن بعده * خليفتنا القائم المدعم
عليا عنيت وصى النبى * نجالد عنه غواة الامم
له الفضل والسبق والمكرمات * وبيت النبوة لا يهتضم
قال ابن ابى الحديد في الشرح ج 3 ص 73 بعد ذكره هذه الخطبة والاشعار عن نصر: قال نصر: فسر الناس بخطبة جرير وشعره. وزاد فيما حكاه عن جرير في على عليه السلام وحرف (وصلى على الطهر) بقوله رسول المليك:
فصلى الا له على احمد * رسول المليك تمام النعم
وصلى على الطهر من بعده * خليفتنا القائم المدعم
عليا عنيت وصى النبى * بجالد عنه غواة الامم
له الفضل والسبق والمكرمات * وببت النبوة لا يهتضم
هذا كما رواه في البحار ج 38 276 في سبق على عليه السلام بالاسلام والايمان.
وروى بعضه مع تفاوت يسير عن زحر بن قيس الجعفى في ج 38 24 فلاحظ.
وكتب جرير بن عبدالله البجلى إلى شرحبيل بن السمط الكندى رئيس اليمامة من اصحاب معاوية.
نصحتك با ابن السمط لا تتبع الهوى * فمالك في الدنيا من الدين من بدل
ولا تك كالمجرى إلى شرغاية * فقد خرق السربال واستونق الجمل
مقال ابن هند في على عضيهة * ولله في صدر ابن أبيطالب أجل
وما كان الا لازما قعر بيته * إلى أن أتى عثمان في بيته الاجل
وصى رسول الله من دون اهله * وفارسه الحامى به يضرب المثل
رواه في البحار ج 38 24، وأخرجه ابن أبى الحديد في الشرح ج 1 149.
9 - مدح الناس لجرير في طاعته للامام عليه السلام
قال نصر في كتاب صفين ص 18 بعد نقل كلام جرير المتقدم: وقال رجل، وقال ابن ابى الحديد في الشرح ج 3 73 حكاية عن نصر: وقال ابن الازور القسرى في جرير يمدحه بذلك:
لعمر ابيك والانباء تنمى * لقد جلى بخطبته جرير
وقال مقالة جدعت رجالا * من الحيين خطبهم كبير
بدا بك قبل امتة على عليه السلام * ومخك ان رددت الحق رير
أتاك بأمره زحر بن قيس * وزحر بالتى حدثت خبير
فكنت بما أتاك به سميعا * وكدت اليه من فرح تطير
فأنت بما سعدت به ولى * وأنت لما تعد له نصير
ونعم المرء انت له وزير * ونعم المرء انت له أمير
فأخرزت الثواب، ورب حاد * حدا بالركب ليس له بعير
ليهنك ما سبقت به رجالا * من العلياء والفضل الكبير
وقال النهدى في ذلك:
أنانا بالنبأ زحر بن قيس * عظيم الخطب من جعف بن سعد
تخيره أبوحسن على عليه السلام * ولم يك زنده فيها بصلد
(إلى آخر شعره).
10 - كتاب جرير إلى الاشعث في بيعته لعلى عليه السلام
قال ابن أبى الحديد في ج 3 ص 73: قال نصر: وكتب على عليه السلام إلى الاشعث وكان عامل عثمان على آذربيجان يدعوه إلى البيعة والطاعة، وكتب جرير بن عبدالله البجلى إلى الاشعث يحضه على طاعة امير المؤمنين عليه السلام، وقبول كتابه: اما بعد فانى أتتنى بيعة على عليه السلام، فقبلتها، ولم اجد إلى دفعها سبيلا لانى نظرت فيما غاب عنى من امر عثمان، فلم اجده يلزمنى.
وقد شهد المهاجرون والانصار، فكان اوفق امرهم فيه الوقوف، فاقبل بيعته، فانك لا تنقلب إلى خير منه، واعلم ان بيعة على عليه السلام خير من مصارع اهل البصرة والسلام.
قال قال نصر: فقبل الاشعث البيعة وسمع واطاع.
قلت: الموجود في كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص 20 ذكر بلوغ كتاب امير المؤمنين عليه السلام إلى الاشعث بن قيس الكندى مع زياد بن مرحب الهمدانى وقرائته على الناس ثم خطبة الاشعث: ايها الناس ان امير المؤمنين عثمان ولانى آذربيجان، فهلك وهى في يدى، وقد بايع الناس عليا عليه السلام وطاعتنا له كطاعة من كان قبله، وقد كان من امر وامر طلحة والزبير ما قد بلغكم وعلى عليه السلام المأمون على ما غاب عنا وعنكم من ذلك الامر. فلما اتى منزله دعا اصحابه فقال: ان كتاب على قد اوحشنى، وهو آخذ (وعن الامامة والسياسة: آخذى) بمال آذربيجان، وأنا لاحق بمعاوية.
ثم ذكر كلام القوم وتوبيخهم له على ذلك بقولهم: الموت خير لك من ذلك، اتدع مصرك وجماعة قومك وتكون ذنبا لاهل الشام، وأنه استحياه فسار حتى قدم على على عليه السلام، وذكر اشعار جماعة في ذلك في منعه عن اللحوق بمعاوية.
11 - نزع جرير من همدان وسيره إلى الكوفة وبيعته للامام عليه السلام.
قال نصر في كتاب صفين ص 20: ثم اقبل جرير سائرا من ثغر همدان حتى ورد على على عليه السلام بالكوفة، فبايعه، ودخل فيما دخل فيه الناس، من طاعة على عليه السلام واللزوم لامره.
وروى في ص 27 عن عامر الشعبى ان عليا عليه السلام حين قدم من البصرة نزع جريرا من همدان، فجاء حتى نزل الكوفة. و ذكر نحوه ابن أبى الحديد في الشرح ج 3 74.
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق باسناده عن عامر الشعبى ان عليا عليه السلام بعد قدو؟ ه الكوفة نزع جرير بن عبدالله البجلى من همدان، فأقبل جرير حتى قدم الكوفة على على بن أبيطالب عليه السلام، فبايعه.
12 - طلب جرير من امير المؤمنين عليه السلام ارساله إلى معاوية
قال نصر في صفين ص 27: فأراد على عليه السلام ان يبعث إلى معاوية رسولا، فقال له جرير: ابعثنى إلى معاوية فانه لم يزل لى متنصحا وودا، فآتيه فادعوه على ان يسلم لك هذا الامر، ويجامعك على الحق، على ان يكون أميرا من امراءك، وعاملا من عمالك ما عمل بطاعة الله، واتبع ما في كتاب الله، وادعو اهل الشام إلى طاعتك وولايتك وجلهم قومى وأهل بلادى، وقد رجوت الا يعصونى.
ورواه ابن ابى الحديد في الشرح ج 3 84 عنه مثله، كما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق عنه، وايضا باسناد آخر عن عامر الشعبى مع تفاوت.
قلت: ليس جرير اول من بعثه الامام إلى معاوية بدؤ خلافته، فقد بعث هو عليه السلام بدؤ خلافته وقبل حرب الجمل رسولا إلى الشام، وهو سهل بن حنف الاوسى الانصارى الصحابى الجليل الذ؟ كان من السابقين، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وثبت يوم احد حين انكشف الناس، وبايع يومئذ على الموت وكان ينفخ عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بالنبل، و صحب عليا عليه السلام من يوم بويع له، واستخلفه هو عليه السلام على البصرة بعد الجمل و شهد معه صفين، وكان معه حتى مات بالكوفة سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه على عليه السلام، وكبر عليه ستا، ذكره ابن عبد البرفى الاستيعاب ج 2 91، و ابن حجر في الاصابة ج 2 86 وغيرهما. ولكن معاوية دس وبعث خيلا للمنع عن دخول أى وال من الامام عليه السلام.
قال الطبرى في تاريخه ج 4 442 في وقايع سنة ست وثلاثين: ومنها تفريق الامام عليه السلام عماله وبعثه سهل بن حنيف على الشام: فأما سهل فانه خرج حتى اذا كان بتبوك لقيته خيل، فقالوا: من أنت؟ قال: أمير، قالوا: على اى شيئى؟ قال: على الشام، قالوا: ان كان عثمان بعثك فحيهلا بك، وان كان بعثك غيره فارجع.
قال: او ما سمعتم بالذى كان؟ قالوا بلى، فرجع إلى على عليه السلام. كما ان الامام عليه السلام قد كتب إلى معاوية للطاعة والبيعة كتابا وأرسله مع سيرة الجهنى، فقدم عليه، فلم يكتب معاوية بشئ ولم يجبه ورد رسوله إلى آخر ما صنع في الخلاف على الامام عليه السلام من ارسال الطومار وغيره.
ذكره الطبرى في تاريخه ج 4 444 وكذا عبره.
13 - منع الاشتر عن ارسال جرير إلى معاوية لما طلب جرير من الامام عليه السلام ان يبعثه إلى معاوية لاخذ البيعة منه والرامه الطاعة، منع مالك الاشتر عن ذلك.
قال نصر بن مزاحم في كتاب صفبن ص 28: فقال له الاشتر: لا تبعثه ودعه ولا تصدقه، فو الله انى لاظن هواه هواهم، ونيته نيتهم. فقال له على عليه السلام: دعه حتى ننظر ما يرجع به الينا.
واخرجه ابن ابى الحديد في الشرح ج 3 74، وابن عساكر في تاريخ مشق.
قلت: ان الامام عليه السلام كان اعرف من الاشتر بمعاوية ونيته وأنه لا يبايع ولا يطيع ويريد الحرب كما نطق بذلك كتبه وخطبه وكلماته، فليس امره خفيا عليه، كما انه عليه السلام كان اعرف منه بجرير البجلى من بدء اسلامه إلى يومه، ويعرف عاقبة أمره، ولكن كان كل ذلك اتماما للحجة ودعما للباطل وحقنا للدماء ومنعا عن اثارة نار الحرب، والزاما لامثال جرير من الولاة للخلفاء قبله مع كثرتهم على الاستقامة على الحق وعدم البدار بالطرد.
14 - ارسال الامام عليه السلام جرير البجلى إلى معاوية
قال نصر: فبعثه على عليه السلام وقال له حين ارد أن يبعثه: ان حولى من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، من أهل الدين والرأى من قد رأيت، وقد اخترتك عليهم، لقول رسول الله صلى الله عليه و آله فيك: (انك من خير ذى يمن). ايت معاوية بكتابى، فان دخل فيما دخل فيه المسلمون، والا فانبذ اليه، وأعلمه أنى لا أرضى به أميرا، وان العامة لا ترضى به خليفة. واخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن أبى الحديد في الشرح ج 3 74. وزاد ص 88 عن المبرد في كتاب الكامل: ان عليا عليه السلام لما أراد أن يبعث جريرا إلى معاوية، قال: والله يا أمير المؤمنين ! ما أدخرك من نصرتى شيئا، وما أطمع لك في معاوية. فقال على عليه السلام: انما قصدى حجة اقيمها عليه، فلما أتى جرير معاوية دافعه بالبيعة، فقال له جرير: ان المنافق لا يصلى حتى لا يجد من الصلاة بدا. فقال معاوية: انها ليست بخدعة الصبى عن اللبن، فابلعنى ريقى، انه امر له ما بعده.
15 - ورود جرير بالشام على معاوية
قال نصر في كتاب صفين ص 28: فانطلق جرير حتى أتى الشام ونزل بمعاوية، فدخل عليه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: اما بعد يا معاوية ! فانه قد اجتمع لابن عمك اهل الحرمين واهل المصرين واهل الحجاز، واهل اليمن، واهل مصر، واهل العروض، عمان، وأهل البحرين، واليمامة، فلم يبق الا اهل هذه الحصون التى انت فيها، لو سال عليها سيل من اوديتها غرقها، وقد اتيتك ادعوك إلى ما يرشدك ويهديك، إلى مبايعة هذا الرجل. ودفع اليه كتاب على بن أبيطالب عليه السلام، وفى آخره: وقد ارسلت اليك والى من قبلك جرير بن عبدالله، وهو من اهل الايمان والهجرة، فبايع ولا قوة الا بالله.
فلما قرء الكتاب قام جرير فقال: الحمد لله المحمود بالعوائد.. إلى ان قال: ايها الناس، ان امر عثمان قد أعيا من شهده، فما ظنكم بمن غاب عنه، وان الناس بايعوا عليا غير واتر ولا موتور، وكان طلحة والزبير ممن بايعه ثم نكثا بيعته على عير حدث. الا وان هذا الدين لا يحتمل الفتن، الا وان العرب لا يحتمل السيف، وقد كانت بالبصرة امس ملحمة ان يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للناس، وقد بايعت العامة عليا عليه السلام، ولو ملكنا الله امورنا لم نختر لها غيره، ومن خالف هذا استعتب فادخل يا معاوية فيما دخل فيه الناس. فان قلت: استعملنى عثمان ثم لم يعزلنى فان هذا امر لو جاز لم يقم لله دين، وكان لكل امرء ما في يديه، ولكن الله لم يجعل للاخر من الولاة حق الاول، وجعل تلك امورا موطأة، وحقوقا ينسخ بعضها بعضا.
ثم قعد، فقال معاوية: أنظر وننظر، واستطلع رأى اهل الشام. فلما فرغ جرير من خطبته امر معاوية مناديا فنادى: الصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس صعد المنبر ثم قال الحمد لله.. اللهم انصرنا على اقوام يوقظون نائمنا، ويخيفون آمننا، ويريدون هراقة دمائنا واخافة سبيلنا.. ايها الناس ! قد علمتم انى خليفة امير المؤمنين عمر بن الخطاب، وانى خليفة عثمان بن عفان عليكم، وانى لم أقم رجلا منكم على خزاية قط، وانى ولى عثمان وقد قتل مظلوما، والله يقول (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا) وأنا احب ان تعلمونى ذات انفسكم في قتل عثمان. فقام اهل الشام بأجمعهم فأجابوا إلى الطلب بدم عثمان وبايعوه على ذلك واوثقوا له على ان يبذلوا انفسهم واموالهم..
واخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق وابن أبى الحديد في الشرح ج 3 75.
16 - مشاورة معاوية مع الامويين في امر البيعة
قال نصر بن مزاحم في صفين ص 32، وابن عساكر في تاريخه، وابن أبى الحديد في الشرح ج 3 78: فلما امسى معاوية، وكان قد اغتم بما هو فيه، قال لما جن معاوية الليل واغتم وعنده اهل بيته قال:
تطاول ليلى واعترتنى وساوسى * لات أتى بالترهات البسابس
أتانا جرير والحوادث جمة * بتلك التى فيها اجتماع المعاطس
أكابده والسيف بينى وبينه * ولست لاثواب الدنى بلابس
ان الشام اعطت طاعة يمنية * تواضعها اشياخها في المجالس
فان يجمعوا اصدم عليا بجبهة * تفت عليه كل رطب ويابس
وانى لارجو خير ما نال نائل * وما أنا من ملك العراق بآيس
والا يكونوا عند ظنى بنصرهم * وان يخلفوا ظنى كف عابس
وقد أعلن في ذلك اقرارا بأن ولايته ومخالفته مع على عليه السلام باطل، من الترهات البسابس، ولكن طمعه في الرياسة على الشام وعلى العراق الجئته إلى هذه الغواية، وانه بضمر في نفسه قتل جرير، ثم حر؟ الامام، رجاءا بشرحبيل اليمنى، اذ يوصف الخلافة لمعاوية.
قال نصر: ودعا ثقاته فقال له عتبة بن أبى سفيان (اخوه) وكان نظيره: اجمعن على هذا الامر بعمرو بن العاص، وأثمن له بدينه فانه من قد عرفت. وقد اعتزل امر عثمان في حياته، وهو لامرك اشد اعتزالا ان ير فرصة.
17 - خديعة معاوية في تطاول جرير بالجواب ترقبا لقدوم ابن العاص عليه
قال نصر: واستحثه جرير بالبيعة، فقال: يا جرير ! انها ليست بخلسة، وانه أمر له ما بعده، فأبلعنى ريقى حتى أنظر.
18 - كتاب معاوية إلى عمرو بن العاص
قال نصر: كتب معاوية إلى عمرو بالبيع من فلسطين: اما بعد فانه كان من أمر على وطلحة والزبير ما قد بلغك..وقدم علينا جرير بن عبدالله في بيعة على، وقد حبست نفسى عليك حتى تأتيتى، أقبل اذا كرك أمرا.
قال: فلما قرأ الكتاب على عمرو استشار ابنيه عبدالله ومحمدا فقال: ابنى، ما تريان؟ فقال عبدالله: ارى ان نبى الله صلى الله عليه واله وسلم قبض.. وقتل عثمان وأنت عنه غائب فقر في منزلك فلست مجعولا خليفة، ولا تريد ان تكون حاشية لمعاوية على دنيا قليلة، اوشك ان تهلك فتشقى فيها، وقال محمد: ارى انك شيخ قريش وصاحب أمرها.. فالحق بجماعة اهل الشام فكن يدا من أياديها، واطلب بدم عثمان، فانك قد استنت فيه إلى بنى امية. فقال عمرو: أما أنت يا عبدالله فأمرتنى بما هو خير لى في دينى واما أنت يا محمد فأمرتنى بما هو خير لى في دنياى، وأنا ناظر فيه. فلما جنه الليل رفع صوته وأهله ينظرون اليه فقال: (تطاول ليلى للهموم الطوارق) إلى آخر اشعاره التى أعلن فيها بانه اشترى سخط الخالق برضى الطاغى وباع آخرته بدنياه... ثم قال له غلامه وردان وكان داهيا ماردا: اعتركت الدنيا والاخرة على قلبك، فقلت: على معه الاخرة في غير دنيا، وفى الاخرة عوض الدنيا، ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة، وليس في الدنيا عوض من الا؟ رة فأنت واقف بينهما.
قال: فانك والله مأ اخطات فما ترى يوردان؟ قال: أرى أن تقيم في بيتك... فقال عمرو بن العاص: يا قاتل الله وردانا وقدحته.. إلى آخر شعره وفيه ابراز غوايته وخروجه من الدين فسار حتى قدم على معاوية.
19 - مكايدة عمرو بن العاص ومعاوية عند دخوله عليه
قال نصر في صفين ص 37 وابن أبى الحديد في الشرح ج 2 64: فسار حتى قدم إلى معاوية وعرف حاجة معاوية اليه، فباعده من نفسه، وكايد كل منهما صاحبه، فلما دخل عليه قال يا أبا عبدالله طرقتنا في ليلتنا هذه ثلاثة اخبار وليس منها ورد ولا صدر.. ومنها ان عليا نزل الكوفة متهيأ للمسير الينا قال... واما على فلا والله يا معاوية ما تسوى العرب بينك وبينه في شئ من الاشياء وان له في الحرب لحظا ما هو لاحد من قريش، وانه لصاحب ما هو فيه الا ان تظلمه. قال معاوية ادعوك إلى جهاد هذا الرجل الذى عصى ربه وقتل الخليفة، و؟ أظهر الفتنة وفرق الجماعة وقطع الرحم.
قال عمرو: إلى من؟ قال إلى جهاد على، فقال عمرو: والله يا معاوية ما أنت وعلى بعكمى بعير (اى متساويين في الشرف) مالك هجرته ولا سابقته ولا صحبته ولا جهاده ولا فقهه وعلمه... والله ان له مع ذلك حدا وجدا و حظا وخطوة، وبلاءا من الله حسنا، فما تجعل لى ان؟ ايعتك على حربه، وانت تعلم ما فيه من الغرر والخطر؟ قال: حكمك. قال: مصرطعمة.
قال: فتلكأ عليه معاوية وقال يا أبا عبدالله انى اكره ان يتحدث العرب عنك انك انما دخلت في هذا الامر لغرض الدنيا.قال: دعنى عنك.
قال معاوية: انى لو شئت ان امنيك واخدعك لفعلت.
قال عمرو: لا لعمر الله، ما مثلى يخدع، لانا أكيس من ذلك.
قال له معاوية: ادن منى برأسك اسارك.
قال: فدنا منه عمرو يساره، فعض معاوية اذنه، وقال: هذه خدعة، هل ترى في بيتك احدا غيرى وغيرك؟ (ثم أنشأ عمرو شعرا مضمونه ان اعطائى لك دينى نقد، واعطائك ملك مصر نسيئة اوله:)
معاوى لا أعطيك دينى ولم انل * بذلك دنيا فانظرن كيف تصنع
قال: أبا عبد اله، الم تعلم ان مصرا مثل العراق؟ قال: بلى، ولكنها انما تكون لى اذا كانت لك وانما تكون لك اذا غلبت عليا على العراق، وقد كان أهلها بعثوا بطاعتهم إلى على عليه السلام.
قال فدخل عتبة بن أبى سفيان فقال: اما ترضى أن. نشترى عمروا بمصر ان هى صفت لك؟ فليتك لا تغلب على الشام، فلما سمع معاوية قول عتبة أرسل إلى عمرو وأعطاها اياه، وكتب معاوية.
ثم ذكر ملامة ابنى عمرو، وابن عم له كان داهيا حليما وقال: الا تخبرنى يا عمرو بأى رأى تعيش في قريش؟ أعطيت دينك ومنيت دنيا غيرك؟ ! وجرى بينها كلام وشعر ذكره نصر بن مزاحم قى كتاب صفين ص 41.
20 - مشورة عمرو ومعاوية في أمر جرير والبيعة
قال نصر ص 44: لما بات عمرو عند معاوية واصبح اعطاه مصر طعمة له وكتب له بها وقال: ما ترى؟ قال... ثم قال: ما ترى في على؟ قال أرى فيه خيرا، اتاك هذه البيعة خير أهل العراق ومن عند خير الناس في أنفس الناس ودعواك اهل الشام إلى رد هذه البيعة خطر شديد، ورأس أهل الشام شرحبيل بن السمط الكندى، وهو عدو لجرير المرسل اليك، فارسل اليه ووطن له ثقاتك فليفشوا في الناس ان عليا قتل عثمان، وليكونوا أهل الرضا عند شرحبيل فانها كلمة جامعة لك اهل الشام على ما تحب، وان تعلقت بقلب شرحبيل لم تخرج منه بشئ أبدا.
فكتب إلى شرحبيل: ان جرير بن عبدالله قدم علينا من عند على بن أبيطالب بأمر فطيع، فاقدم ودعا رؤس قحطان، واليمن، وبنى شرحبيل بن السمط، وكانوا ثقات معاوية وخاصته، فامرهم ان يلقوه ويخبروه ان عليا قتل عثمان. فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل وهو بحمص استشار اهل اليمن قاختلفوا عليه وقيل له (فعلام تصدق معاوية عليه؟ لا تهلك نفسك وقومك فان كرهت ان يذهب بحظها جرير فسر إلى على عليه السلام فبايعه على شأنك وقومك. فأبى شرحبيل الا ان يسير إلى معاوية.
21 - دعوة جرير لشرحبيل إلى الحق ونصيحته في بيعته للامام عليه السلام
ذكر نصر ص 46 وغيره قدوم شرحبيل على معاوية ونلقى الناس له معظمين ومصانعة معاوية له واجتماعه مع حصين بن نمير ثم اجتماعهما مع جرير بن عبدالله، قال: فتكلم شرحبيل فقال: يا جرير ! آتيتنا بأمر ملفف لتلقينا في لهوات الاسد، واردت ان تخلط الشام بالعراق، وأطرأت عليا وهو قاتل عثمان.
فأقبل عليه جرير فقال: يا شرحبيل، اما قولك: انى جئت بأمر ملفف فكيف يكون امرا ملففا وقد اجتمع عليه المهاجرون والانصار وقوتل على رده طلحه والزبير. وأما قولك: انى القبتك في لهوات الاسد، ففى لهواتها ألقيت نفسك. وأما خلط العراق بالشام فخلطهما على حق خير من فرقتهما على باطل. وأما قولك ان عليا قتل عثمان فو الله ما في يديك من ذلك الا القذف بالغيب من مكان بعيد، ولكنك ملت إلى الدنيا. وشئ كان في نفسك على زمن سعد بن أبى وقاص. فبلغ معاوية قول الرجلين، فبعث إلى جرير، فزجره ولم يدر ما أجابه اهل الشام.
22 - كتاب جرير إلى شرحبيل نصيحة له
قال نصر ص 48: وكتب جرير إلى شرحبيل:
شرحبيل يا ابن السمط لا تتبع الهوى * فمالك في الدنيا من الدين من بدل
وقل لابن حرب مالك اليوم حرمة * تروم بها ما رمت، فاقطع له الامل
شرحبيل ان الحق قد جد جده * وانك مأمون الاديم من النخل
فأرود ولا تفرط بشئى نخافه * عليك ولا تعجل فلا خير في العجل
ولاتك كالمجرى إلى شرغاية * فقد خرق السربال واستنوق الجمل
وقال ابن هند في على عضيهة * ولله خرق في صدر ابن أبيطالب أجل
وما لعلى في ابن عفان سقطه * بأمر، ولا جلب عليه، ولا قتل
وما كان الا لازما قعر ببته * إلى ان أتى عثمان في بيته الاجل
فمن قال قولا غير هذا فحسبه * من الزور والبهتان قول الذى احتمل
وصى رسول الله من دون أهله * وفارسه الاولى به يضرب المثل
* * *
فلما قرأ شرحبيل الكتاب ذعرو فكر، وقال: هذه نصيحة لى في دينى ودنياى، لا والله لا أعجل في هذا الامر بشئ، وفى نفسى منه حاجة.
23 - دسيسة معاوية لشراء دين شرحبيل اليمانى ولما ذعر شرحبيل من كتاب جرير دس معاوية وكاد لشراء دينه بديناه.
فقال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 49: فاستتر له القوم، ولفف له معاوية الرجال يدخلون اليه ويخرجون، ويعظمون عنده قتل عثمان ويرمون به عليا ويقيمون الشهادة الباطلة والكتب المختلفه، حتى أعاد وأرأيه وشحذوا عزمه. وقال ابن عبد البرقى الاستيعاب ج 141 في شرحبيل انه كان عدوا لجرير فاستقدمه معاوية، فقدم عليه، فهيأ له رجالا يشهدون عنده ان عليا قتل عثمان، فشهدوا.
24 - تعبير قوم شرحبيل له في عزمه الخبيث
ولما سمع قوم شرحبيل باتباعه لمعاوية للطمع. في الدنيا وعداءا منه على جرير، عيروه.
فقال نصر ص 49: وبلغ ذلك قومه فبعث ابن اخت له من بارق، وكان يرى رأى على بن أبيطالب عليه السلام، فبايعه بعده وكان ممن لحق من أهل الشام، وكان ناسكا، فقال:
لعمر أبى الاشقى ابن هند لقد رمى * شرحبيل بالسهم الذى هو قاتله
ولفف قوما يسحبون ذيو لهم * جميعا وأولى الناس بالذنب فاعله
فألفى يمانيا ضعيفا نخاعه * إلى كل ما يهوون تحدى رواحله
فطأطأ لها لما رموه بثقلها * ولا يرزق التقوى من الله خاذله
ليأكل دنيا لابن هند بدينه * الا وابن هند قبل ذلك آكله
وقالوا على في ابن عفان، خدعه * ودبت اليه بالشنان عوائله
ولا والذى ارسى شبيرا مكانه * لقد كف عنه كفه ووسائله
وما كان الا من اصحاب محمد ص * وكلهم تغلى عليه مراجله
فما بلغ شرحبيل هذا القول قال: هذا بعيث الشيطان، الان امتحن الله قلبى. والله لاسير من صاحب هذا الشعر اوليفوتنى. فهرب الفتى إلى الكوفة، وكان اصله منها، وكاد اهل الشام ان يرتابوا.
25 - كتاب النجاشى إلى شرحبيل
قال ابن حجر في الاصابة ج 2 142 في ترجمة شرحبيل: يقول النجاشى يخاطبه:
شرحبيل ما للدين فارقت امرنا * ولكن لبغض المالكى جرير
وانما نسبه مالكيا لانه من ذرية مالك بن سعد بن بدر، بطن من بجيلة، و كان ما بين شرحبيل وجرير تباعد.
وقال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 51: فبعث اليه النجاشى بن الحارث وكان صديقا له:
شرحبيل ما للدين فارقت امرنا * ولكن لبغض المالكى جرير
وشحناء دبت بين سعد وبينه * فاصبحت كالحادى بغير بعير
وما انت، اذ كانت بجيلة عاتبت * قريشا فيا لله بعد نصير
أتفضل امرا غبت عنه بشبهة * وقد حار فيها عقل كل بصير
بقول رجال لم يكونوا أئمة * ولا للتى لقو كها بحضور
وما قول قوم غائبين تقاذفوا * من الغيب مادلاهم بغرور
وتترك ان الناس اعطوا عهودهم * عليا عليه السلام على انس به وسرور
اذا قيل هاتوا واحدا تقتدونه * نظيرا له لم يفصحوا بنظير
لعلك ان تشقى الغراة بحربه * شرحبيل ما ما جئته بصغير
26 - تحريص معاوية شرحبيل على ندائه بأن عليا عليه السلام
قتل عثمان ورد جرير عليه قال نصر: وبعث معاوية إلى شرحبيل: ان هذا الامر الذى قد عرفته لا يتم الا برضا العامة، فسر في مدائن الشام، وناد فيهم بأن عليا قتل عثمان، وانه يجب على المسلمين ان يطلبوا بدمه.فسار.. وجعل شرحبيل يستنهض مدائن الشام حتى استفرغها، لا يأتى على قوم الا قبلوا ما اتاهم به ثم دخل على معاوية، فقال انت عامل امير المؤمنين وابنه، و؟ حن المؤمنون، فان كنت رجلا تجاهد عليا وقتلة عثمان حتى ندرك بثارنا اوتفنى ارواحنا استعملناك علينا...
فقال جرير: يا شرحبيل مهلا فان الله قد حقن الدماء، ولم الشعث، وجمع امر الامة، ودنا من هذه الامة سكون، فاياك ان تفسد بين الناس، وأمسك عن هذا القول قبل ان يظهر منك قول لا تستطيع رده.
قال: لا والله لا أستره ابدا، ثم قام فتكلم، فقال الناس: صدق صدق، القول ما قال والرأى ما رأى.
فأيس جرير عند ذلك عن معاوية وعن عوام الشام.
27 - خدعة معاوية لجرير في كتاب منهما إلى الامام عليه السلام
قال نصر في كتاب صفين ص 52، وكذا ابن ابى الحديد في الشرح ج 3 84 عن الجرجانى قال: كان معاوية أتى جريرا في منزله، فقال يا جرير انى رأيت رأيا. قال: هاته.
قال: اكتب إلى صاحبك يجعل لى الشام ومصر جباية، فاذا حضرته الوفاة لم يجعل لاحد بعده بيعة في عنقى، واسلم له هذا الامر. واكتب اليه بالخلافة.
فقال جرير: اكتب بما اردت، واكتب معك، فكتب معاوية بذلك إلى على عليه السلام.
قلت: ثم ذكر نصر شعرين للوليد بن عقبة الاموى يحرض فيهما معاوية على حرب الامام عليه السلام وفيهما:
سألت عليا فيه مالن تناله * ولو نلته لم يبق الا لياليا
أمثل على (عليه السلام) تعتريه بخدعة * وقد كان ما جربت من قبل كافيا
وايضا من شعره في ذلك:
فان عليا غير ساحب ذيله * على خدعة ما سوغ الماء شاربة
28 - كتاب الامام عليه السلام إلى جرير يكشف فيه عن خدعة معاوية
قال نصر: فكتب على عليه السلام إلى جرير: اما بعد فانما اراد معاوية ألا يكون في عنقه بيعة، وان يختار من امره ما احب، وأراد ان يريثك حتى يذوق اهل الشام، وان المغيرة بن شعبة قد كان اشار على ان استعمل معاوية على الشام وانا بالمدينة، فأبيت ذلك عليه ولم يكن الله ليرانى أتخذ المضلين عضدا، فان بايعك الرجل فأقبل. قال: فخرج جرير يتجسس الاخبار، فاذا هو بغلام يتغنى على قعود له، وهو يقول:
حكيم، وعمار الشجا، ومحمد * وأشتر، والمكشوح جروا الدواهيا
وقد كان فيها للزبير عجابة * وصاحبه الادنى أشاب النواصيا
فأما على عليه السلام فاستغاث ببيته * فلا آمر فيها ولم يك ناهيا
وقلت في جميع الناس ما شئت بعده * وان قلت اخطأ الناس لم تك خاطيا
إلى آخر شعره...
قال جرير: يا ابن اخى ! من انت؟ قال: انا غلام؟ ن قريش و أصلى من ثقيف، أنا ابن المغيرة الاخنس بن شريق، قتل أبى مع عثمان يوم الدار. فعجب جرير من قوله، وكتب بشعره إلى على عليه السلام، فقال على عليه السلام: والله من اخطأ الغلام شيئا.
29 - توقيت الامام عليه السلام لجرير وقتا لاقامته
قال نصر ص 55 عن حديث صالح قال: ابطأ جرير عند معاوية حتى اتهمه الناس، وقال على عليه السلام: وقت لرسولى وقتا لا يقيم بعده الا مخدوعا او عاصيا.
قال نصر: وابطأ على علي عليه السلام حتى أيس منه.
30 - اشارة اصحاب الامام عليه السلام بالحرب مع معاوية وجوابه عليه السلام
ولما ابطأ جرير أشار اصحاب الامام عليه السلام بالاستعداد لحرب اهل الشام فقال الامام عليه السلام كما في نهج البلاغه 43: ان استعدادى حرب اهل الشام وجرير عندهم، اغلاق للشام، وصرف لاهله عن خير ان ارادوه، ولكن وقت لجرير وقتا لا يقيم بعده الا مخدوعا او عاصيا، والرأى مع الاناه فارودوا، ولا اكره لكم الا عدا، ولقد ضربت أنف هذا الامر وعينه، وقلبت ظهره و؟ طنه، فلم أر فيه الا القتال او الكفر بما جاء محمد صلى الله عليه، انه قد كان على الامة وال أحدث احداثا، وأوجد الناس مقالا، فقالوا، ثم نقموا فغيروا.
31 - كتاب الامام إلى جرير في تخييره معاوية بين السلم والبيعه وبين الحرب:
قال نصر ص 55: وفى حديث محمد وصالح بن صدقة قالا: وكتب على عليه السلام إلى جرير بعد ذلك: اما بعد فاذا أتاك كتابى هذا فاحمل معاوية على الفصل، وخذه بالامر الحزم، ثم خيره بين حرب مجلية، او سلم محظية، فان اختار الحرب فانبذله، وان اختار السلم فخذ بيعته. وفى نهج البلاغه تمام الكتاب مع تفاوت يسير في بعض الفاظه. فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى معاوية فأقرأه الكتاب فقال له: يا معاوية انه لا يطبع على قلب الا بذنب، ولا يشرح صدر الا بتوبة، ولا اظن قلبك الا مطبوعا، اراك قد وقفت بين الحق والباطل كأمك تنتظر شيئا في يدى غيرك. فقال معاوية: القاك بالفيصل اول مجلس ان شاء الله.
فلما بايع معاوية اهل الشام وذاقهم قال: يا جرير الحق بصاحبك، واكتب اليه بالحرب.
32 - رجوع جرير متهما في امر معاوية
قال ابن ابى الحديد في الشرح ج 3 ص 15 ونصر في كتاب صفين ص 59 عن صالح بن صدقة باسناده قال: لما رجع جرير إلى على عليه السلام كثر قول الناس في التهمة لجرير في أمر معاوية، فاجتمع جرير والاشتر عند على عليه السلام.
فقال الاشتر: اما والله يا امير المؤمنين ! لو كنت ارسلتنى إلى معاوية لكنت خيرا لك من هذا الذى أرخى من خناقه، واقام عنده، حتى لم يدع بابا يرجو روحه الا فتحه، او يخاف غمه الاسد.
فقال جرير: والله لو أتيتهم لقتلوك، وخوفه بعمرو، وذى الكلاع، وحوشب ذى ظليم، وقد زعموا انك من قتلة عثمان.
فقال الاشتر: لو أتيته والله يا جرير لم يعينى جوابها، ولم يثقل على محملها، ولحملت معاوية على خطة أعجله فيها عن الفكر. قال: فأتهم اذا. قال: الان وقد أفسدتهم ووقع بينهم الشر؟ !.
ثم قال عن عامر الشعبى قال: اجتمع جرير والاشتر عند على عليه السلام فقال الاشتر: أليس قد نهيتك يا أمير المؤمنين ان تبعث جريرا وأخبرتك بعداوته وغشه؟ وأقبل الاشتر يشتمه ويقول: يا أخا بجيلة ! ان عثمان اشترى منك دينك بهمدان. والله ما أنت بأهلل أن تمشى فوق الارض حيا، انما أتيتهم لتتخذ يدا بمسيرك اليهم، ثم رجعت الينا من عندهم تهددنا بهم، وأنت والله منهم، ولا أرى سعيك الا لهم، ولئن اطاعنى فيك أمير المؤمنين عليه السلام ليحبسنك وأشباهك في محبس لا تخرجون منه، حتى تستبين هذه الامور ويهلك الله الظالمين.
قال جرير: وددت والله انك كنت مكانى بعثت، اذا والله لم ترجع.
قال نصر: وقال الاشتر فيما كان من تخويف من جرير اياه بعمرو و حوشب وذى الكلاع: (لعمرك يا جرير لقول عمرو) إلى آخر شعره.
33 - ترك جرير الكوفة ولحوقه بقرقيساء
ولما اعتزل جرير عن الحق وأظهر الشقاق سكن قرقيساء، حتى هلك سنة اربع وخمسين او احد وخمسين، ذكره ابنا عبدالبر، وحجر في الاستيعاب والاصابة.
وذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 12: ان ارض الجزيرة وحران والرفة والرهة وقرقيساء كان في سلطان الضحاك لمعاوية، وكان من كان بالكوفة والبصرة من العثمانية قد هربوا فنزلوا الجزيرة في سلطان معاوية، فخرج الاشتر وهو يريد الضحاك بن قيس بحران. ثم مضى على اهل قرقيساء فتحرزوا منه...
وذكره ابن ابى الحديد في الشرح ج 4 ص 84. وقال نصر ايضا بعد كلام الاشتر لجرير ص 59: فلما سمع جرير ذلك لحق بقرقيساء، ولحق به اناس من قسر من قومه..
وقال ابن ابى الحديد في الشرح ج 4 ص 93 في المنحرفين عن على عليه السلام: وممن فارقه عليه السلام حنظلة الكاتب، خرج هو وجرير بن عبدالله البجلى من الكوفة إلى قرقيساء، وقالا: لا نقيم ببلدة يعاب فيها عثمان. وتقدم ص 43 عن الذهبى في سير اعلام النبلاء ج 3 ص 111 نحوه.
34 - انحراف جرير وتوليه عن سبيل الحق
وقد تولى جرير بن عبدالله البجلى عن سبيل المؤمنين وطريق الحق بعدما تبين له الهدى، وأظهر الانحراف عن الامام امير المؤمنين عليه السلام جهارا وأعلن العدى والشقاق، وصار من أهل هذه الاية: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسائت مصيرا. النساء 5 1).
وروى العياشى في تفسيره ج 1 275 كما في البحار ج 42 149 ونور الثقلين ج 1 551 عنه عن عمرو بن ابى المقدام عن ابيه عن رجل من الانصار قال: خرجت أنا والاشعث الكندى، وحرير البجلى حتى اذا كنا بظهر الكوفة بالفرس من بناضب، فقال الاشعث وجرير: السلام عليك يا امير المؤمنين خلافا على على بن ابيطالب عليه السلام فلما خرج الانصارى قال لعلى عليه السلام، فقال على عليه السلام: دعهما فهو امامهما يوم القايمه، اما تسمع إلى الله وهو يقول: (نوله ما تولى).
وقال ابن ابى الحديد في الشرح ج 4 75 في ذكر المنحرفين عن على عليه السلام: وروى يحيى بن عيسى الرملى عن الاعمش: ان جريرا والاشعث خرجا إلى جبان الكوفه، فمر بهما ضب بعدو، وهما في ذم على عليه السلام، فنادياه: يا أبا حسل هلم يدك نبايعك بالخلافة، فبلغ عليا عليه السلام قولهما، فقال: اما انهما يحشران يوم القيامة وامامهما ضب.
35 - هدم الامام عليه السلام دار جرير بعد انحرافه
قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 61: وخرج على عليه السلام إلى دار جرير، فشعث منها، وحرق مجلسه... فخرج على عليه السلام منها إلى دار ثوير بن عامر فحرقها وهدم منها، وكان ثوير جلا شريفا وكان قد لحق بجرير.
وقال ابن أبى الحديد في الشرح ج 1 28 في بيان شدة سياسته عليه السلام وكونه خشنا في ذات الله، غير مراقب غيره: ونقض دار مصقلة بن هبيرة، و دار جرير بن عبدالله البجلى..
وقال في ج 3 118: ويذكر اهل السير: ان عليا عليه السلام هدم دار جرير ودور قوم ممن خرج معه، حيث فارق عليا عليه السلام، منهم ابوأراكة بن عامر القسرى، كان ختنه على ابنته، وموشع داره بالكوفة.
وقال في ج 4 74 في ذكر المنحرفين عن على عليه السلام من الصحابة والتابعين والمحدثين عن جماعة شيوخ البغداديين، قالوا: وكان الاشعث بن قيس وجرير بن عبدالله البجلى يبغضانه، وهدم على عليه السلام دار جرير بن عبدالله. قال اسماعيل بن جرير: هدم على دارنا مرتين.
وروى الحارث بن حصين: ان رسول الله صلى الله عليه وآله دفع إلى جرير نعلين من نعاله، وقال: احتفظ بهما، فان ذهابهما ذهاب دينك. فلما كان يوم الجمل ذهبت احداهما. فلما أرسله على عليه السلام إلى معاوية ذهبت الاخرى، ثم فارق عليا عليه السلام، واعتزل الحرب.
وقال في ج 17 242 فيما رواه عن ابى الفرج باسناده عن محمد بن سيرين عن صاحب سجن الوليد بجندب بن كعب الازدى القائم بالليل والصائم بالنهار بالكوفة في حديث طويل قال: وسأل الناس عن افضل اهل الكوفة فقالوا: الاشعث بن قيس، فاستضافه فجعل يراه ينام الليل ثم يصبح فيدعو بغدائه، فخرج من عنده.
وسأل: اهل الكوفة افضل؟ قالوا: جرير بن عبدالله، فذهب اليه، فوجده ينام الليل ثم يصبح، فيدعو بغدائه فاستقبل القبلة وقال: ربى رب جندب ودينى دين جندب، ثم أسلم.
36 - لعن مسجد جرير بالكوفة في المساجد الملعونة
قد لعنت مساجد بالكوفة قد بنيت او عمرت ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله بحربهم عليا أمير المؤمنين عليه السلام، وقالوا كذبا واحلفوا على انهم ما ارادوا بذلك الا الاحسان والتوسعه على الضعفاء لاقامة الصلاة فيها حينما يتعب عليهم حضور الجامع الكبير بالكوفة، والله تعالى يشهد بكذبهم ويعلم بفساد نيات بانيها، فانهم انما بنوها او عمروها ريبة في قلوبهم حتى تقطع قلوبهم، ويموتوا بغيظهم، ويسقط ما بنوه في نار جهنم، قال تعالى: في سورة التوبة والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن ان اردنا الا الحسنى والله يشهد انهم لكاذبون(107) لا تقم فيه أبدا لمسجد اسس على التقوى من اول يوم احق ان تقوم فيه، فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المطهرين(108) أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به نار جهنم والله لا يهدى القوم الظالمين(109) لا يزال بنيانهم الذى بنوا ريبة في قلوبهم الا ان تقطع قلوبهم والله عليم حكيم(11). وقد ورد لعن هذه المساجد في الروايات منها صحيح محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: ان بالكوفة مساجد ملعونة، ومساجد مباركة... فاما المساجد الملعونة فمسحد ثقيف، ومسجد الاشعث، ومسجد جرير..
رواه في الكافى ج 3 489 باب مساجد الكوفة، واخرجه الشيخ في التهذيب، ورواه ايضا غيرهما من المشايخ.
ومنها صحيح صفوان عن بعض اصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه نهى بالكوفة عن الصلاة في خمسة مساجد: مسجد الاشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبدالله البجلى، ومسجد سماك بن محزمة، ومسجد شيث بن ربعى، ومسجد التيم.
وزاد في الخصال: قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام اذا نظر إلى مسجدهم قال: هذه بقعة تيم. ومعناه انهم قعدوا عنه لا يصلون معه عداوة له وبغضا، لعنهم الله. رواه في البحار ج 100 ص 438.
ومنها ما رواه الطوسى في الامالى كما في البحار عنه باسناده عن خالد بن عرعرة قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: ان بالكوفة مساجد مباركة ومساجد ملعونة... واما المساجد الملعونة فمسجد الاشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبدالله البجلى، الحديث.
37 - تعمير مسجد جرير فرحا بقتل الحسين عليه السلام
ولما قتل الحسين بن على بن أبيطالب عليهما السلام وفرحت به آل زياد وآل مروان وأتباع عثمان من بنى امية، جددت مساجد ملعونة بالكوفة قد انهدمت، فرحا وشكرا لقتل ابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، منها مسجد جرير البجلى، كما بنيت اربعة مساجد بالبصرة، بناها عبيد الله بن زياد، تقوم على بغض على بن أبيطالب والوقيعة فيه. ذكره ابن ابى الحديد في الشرح ج 4 ص 94.
فروى الكلينى في الكافى ج 3 ص 490 بأسناده عن سالم عن أبى جعفر عليه السلام قال: جددت اربعة مساجد بالكوفة فرحا لقتل الحسين عليه السلام: مسجد الاشعث، ومسجد جرير، ومسجد سماك، ومسجد شيث بن ربعى.
واخرج الحاكم في المستدرك ج 3 464 عن الزبيرى: ان جرير بن عبدالله كان قد أقام في الفتنة بقرقيسا، ثم انتقل فيها إلى لكوفة، وبها توفى سنة احدى وخمسين.
قلت: تحقيق الكلام في سوء عاقبة جرير في كتابنا في الطبقات. ولا يغرك ذكر ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص 50 له في شعراء اهل البيت المقتصدين، فانه باعتبار بدء أمره، هذا ويقع الكلام (ح) في بعض آل جرير ممن ينتسب إلى اسحاق.
1 - اسماعيل بن جرير بن عبدالله البجلى: تقدم ذكر اسماعيل بن جرير عند ذكر امر الامام عليه السلام بهدم دار جرير عن ابن ابى الحديد في الشرح ج 4 74.
وذكره الذهبى فيمن له رواية في الكتب الستة: الكاشف ج 1 121، وقال: عن قزعة، وعنه عبدالعزيز بن عمر.
2 - بشر بن جرير بن عبدالله البجلى: ذكره ابن ابى الحديد في الشرح ج 4 180 في اخبار الخوارج و رجالهم وحروبهم.
3 - يزيد بن جرير بن عبدالله البجلى: ذكره النجاشى في نسب حفيده اسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير، ولم اقف له على ترجمة ولا رواية.
4 - ابواسحاق جرير بن يزيد بن جرير بن عبدالله البجلى: كان ممن روى عنه العامة الحديث. وقال الذهبى في ميزان الاعتدال ج 1 397: قال أبوزرعة: منكر الحديث، شامى. وذكره ايضا فيمن له رواية في الكتب الستة في كتابه الكاشف ج 1 ص 182 ح 781 وقال: عن أبيه، وعمه أبى زرعة، وعنه هشيم، وعدة.
5 - خالد بن جرير بن يزيد بن جرير الكوفى اخو اسحاق: كان خالد بن جرير اخو اسحاق من مصنفى الشيعة ورواتهم، روى عن أبى عبدالله عليه السلام، ذكره النجاشى بترجمة تأتى في محلها، وذكره الشيخ في اصحاب الصادق عليه السلام وذكرناه في طبقات اصحابه بمن روى عنه عليه السلام.
6 - عمرو بن جرير بن يزيد بن جرير الكوفى اخو اسحاق: ذكره الشيخ في اصحاب الصادق عليه السلام(249) موصوفا بالبجلى الكوفى و قال: نزل بغداد. وذكرناه في طبقات اصحابه عليه السلام. (*)
[79]
ابويعقوب، ثقة(1)
___________________________________
(1) منزلة اسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبدالله كان اسحاق هذا من ثقات رواة الشيعة وفقهائهم واعلامهم ورؤسائهم المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والاحكام، ومن اصحاب الاصول المدونة والمصنفات المشهورة. فعده منهم الشيخ المفيد رحمه الله في رسالته في الرد على اصحاب العدد قائلا: واما رواة الحديث بأن شهر رمضان شهر من شهور السنة، يكون تسعة وعشرين يوما ويكون ثلثين يوما، فهم فقهاء اصحاب أبى جعفر محمد بن على، وأبى عبدالله جعفر بن محمد بن على، وأبى الحسن على بن محمد، وأبى محمد الحسن بن على بن محمد صلوات الله عليهم، والاعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والاحكام، الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق إلى ذم واحد منهم، وهم اصحاب الاصول المدونة، والمصنفات المشهورة... ثم ذكر اسحاق بن جرير منهم. وكان اسحاق بن جرير من رواة كتاب كامل الزيارات، وتفسير على بن ابراهيم، وروى عنه من لا يروى الا عن ثقة، ومن أصحاب الاجماع مثل محمد بن ابيعمير، والحسن بن محبوب، لكن يأتى عن الشيخ: أنه واقفى.
[80]
روى عن أبى عبدالله عليه السلام(1)
___________________________________
(1) ويأتى في ترجمة أخيه خالد قول النجاشى: روى عن أبى عبدالله عليه السلام وأخوه اسحاق بن جرير..، وذكره البرقى في اصحاب الصادق عليه السلام (28) قائلا: اسحاق بن جرير البجلى، عربى كوفى، وقبل ذلك باسمين: اسحاق الجريرى، كما ذكره الشيخ ايضا في اصحابه عليه السلام (ص 149 ح 130) قائلا: اسحاق بن جرير بن يزيد بن عبدالله البجلى الكوفى.
وقال ابن حجر في لسان الميزان ج 1 358: روى عن جعفر الصادق عليه السلام، قاله الطوسى.
قال: وكان فقيها من أهل العلم والتصنيف والرواية..
وقال الشيخ في اصحاب الكاظم عليه السلام من رجاله(343 24): اسحاق بن جرير واقفى.
وقال العلامة في الخلاصة(200): اسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبدالله أبويعقوب، كان ثقة، روى عن أبى عبدالله عليه السلام، وكان واقفيا، والاقوى عندى التوقف في رواية ينفرد بها.
وقد روى جماعة من الاجلاء الثقات واصحاب الاجماع عن اسحاق بن جرير عن أبى عبدالله عليه السلام ذكرناهم في طبقات اصحابه، منهم: الحسن بن محبوب كما في الكافى ج 2 68، والتهذيب ج 7 485، وكامل الزيارات ص 37 ومحمد بن زياد، كما في التهذيب ج 4 162، وحماد بن عيسى، كما في الكافى ج 2 68، ووهب بن حفص، كما في اصول الكافى ج 1 472، وسعدان بن مسلم في التهذيب ج 2 65، وعلى بن الحكم في الكافى ج 1 26، وج 2 73 والتهذيب ج 8 73، والمستطرفات 485، وعثمان بن عيسى في الكافى ج 2 13 و 185 و 200 وغيره، واحمد بن محمد بن عيسى في الكافى ج 2 13، والتهذيب ج 7 327، والبرقى في التهذيب ج 8 73.
[81]
ذكر ذلك ابوالعباس(1) له كتاب(2) يرويه عنه جماعة(3)، اخبرنا محمد بن عثمان قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا عبيد الله بن أحمد قال حدثنا محمد بن أبيعمير عن اسحاق بن جرير به(4).
___________________________________
(1) قد عرفت كثرة رواية اسحاق بن جرير عن أبى عبدالله عليه السلام وأنه روى عنه عنه عليه السلام جماعة، وان الطرق اليها كثيرة، فيها الصحاح، فلا مجال للتأمل في روايته عن أبى عبدالله عليه السلام، وليست عولا على ما ذكره أبوالعباس بن عقدة في كتابه الكبير فيمن روى عنه، وقد تقدم في الجزء الاول من هذا الشرح التحقيق في المراد بأبى العباس الذى يعول النجاشى عليه في امثال المقام، و لعله سهى قلم بعض الاعاظم قدس سره حيث قال: ان ابا العباس كنية ابن نوح، فانه لم ينكر احد لابن عقدة التكنية به كما لا يخفى على الخبير.
(2) ويظهر من الشيخ: ان كتابه كان من الاصول حيث قال في الفهرست: اسحاق بن جرير، له أصل، أخبرنا به..
(3) منهم اصحاب الاجماع والاجلاء مثل محمد بن أبى عمير، والحسن بن محبوب، وأحمد بن ميثم.
(4) قلت طريق النجاشى إلى كتابه صحيح على الاظهر بجعفر بن محمد ومحمد بن وطريق الشيخ اليه: ابن أبى جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن اسحاق بن جرير به.قال: ورواه حميد بن زياد عن أحمد بن ميثم عنه. قلت: والاول صحيح، والثانى موثق بحميد اذا كان معلقا على طريقة إلى حميد. والا فالواسطة بين الشيخ وببن حميد غير مذكور.