‹ صفحة 325 ›

الباب الثالث عشر

      باب الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام )

‹ صفحة 327 ›

مضى أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن

محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) وله سبع

وعشرون سنة يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين

ومائتين من الهجرة .

وكان مولده في مدينة الرسول في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وكان مقامه

مع جده وأبيه احدى وعشرين سنة وثمانية اشهر وثلاثة عشر يوما ، وبعد

أبيه خمس سنين وثلاثة اشهر وسبعة عشر يوما .

وولد له الخلف الإمام الثاني عشر صاحب الزمان ( عليه السلام ) يوم

الجمعة طلوع الفجر لثمان ليال خلت من شعبان سنة سبع وخمسين ومائتين

من الهجرة قبل مضي أبيه بسنتين وسبعة اشهر .

وكان اسمه الحسن ، وكنيته أبو محمد لا غير .

ولقبه : الصامت ، والشفيع ، والموفي ، والزكي ، والتقي ، والنقي ،

والسخي ، والمستودع .

واسم أمه حديث ، وقيل : غزالة المغربية ، وليس غزالة اسما مثبوتا .

‹ صفحة 328 ›

ومشهده بداره إلى جانب مشهد أبيه ( عليهما السلام ) ، وله من

البنات : فاطمة ودلالة ، واسم الخلف المهدي الثاني عشر محمد بن

الحسن ، والحمد ، والحامد ، والحميد ، والمحمود .

وكناه أبو القاسم وأبو جعفر .

وروي ان له كني الأحد عشر اماما من آبائه إلى عمه الحسن ابن علي

( عليه السلام ) .

ومن لقبه : المنتقم ، وصاحب الرجعة البيضاء ، والكرة الزهراء ،

والقابض ، والباسط ، والساعة ، والقيامة ، والوارث ، والكاسر ،

والجابر ، وسدرة المنتهى ، والغاية القصوى ، وغاية الطالبين ، وفرج

المؤمنين ، ومنية الصابرين ، والمحيط بما لم يعلن ، وكاشف الغطاء

والمجازي بالاعمال ومن لم يجعل الله له من قبل سميا ( اي شبيها ) ، ودابة

الأرض ، واللواء الأعظم ، واليوم الموعود ، والداعي إلى شئ نكر ،

ومظهر الفضائح ، ومبلي السرائر ، ومبدي الآيات ، وطالب الثارات ،

والفرج الأعظم ، والصبح المسفر ، وعاقبة الدار ، والعدل ، والقسط ،

والأمل ، والمحسن ، والمنعم ، والمفضل ، والسناء ، والضياء ، والهناء ،

والحجاب ، والحق ، والصدق ، والصراط ، والسبيل ، والعين الناظرة ،

والاذن السامعة ، واليد الباطشة ، والجنب ، والجانب ، والوجه ،

والعين ، والنفس ، واليمين ، والأيد ، والتأييد ، والنصر ، والفتح ،

والقوة ، والعزة ، والقدرة ، والكمال ، والتمام .

وأمه : صقيل ، وقيل : نرجس . ويقال : سوسن ، ويقال : مريم

ابنة زيد أخت حسن ، ومحمد بن زيد الحسيني الداعي بطبرستان وان التشبيه

وقع على الجواري أمهات الأولاد ، والمشهور والصحيح : نرجس فهذا من

دلائله ( عليه السلام ) .

قال الحسين بن حمدان الخصيبي : حدثني الحسن بن محمد بن يحيى

‹ صفحة 329 ›

الخرقي ببغداد في الجانب الشرقي في الخطابين في قطيعة مالك قال : كان

أبي بزازا من أهل الكرخ ، وكان يحمل المتاع إلى سامرا ، ويبيع بها ويعود

إلى بغداد فلما نشأت وصرت رجلا جهز لي أبي متاعا وأمرني بحمله إلى

سامرا وضم إلي غلاما كان لنا وكتب إلى صديق له كان بزازا من أهل

سامرا وقال انظر إلى من هو منهم صاحب طاعة كطاعتك لي وقف عند

امره ولا تخالفه واعمل بما يرسمه لك واكد علي بذلك وخرجت إلى سامرا

فلما وصلت إليها صرت إلى البزاز وأوصلت كتاب أبي إليه فدعا لي حانوتا

وأمرني الرجل الذي امرني أبي بطاعته أن أحمل المتاع من السقيفة إلى

الحانوت ففعلت ذلك ولم أكن دخلت سامراء قبل ذلك اليوم انا وغلماني

أمير المتاع وأعاينه حتى جاءني خادم فقال يا أبا الحسن محمد بن يحيى

الخرقي أجب مولاي ورأيته خادما جليلا فرهبته وقلت : ما أعلمك بكنيتي

واسمي ونسبي وما دخلت هذه المدينة الا في يومي هذا وما يريد مولاي

مني فقال : قم عافاك لا تخف ما ها هنا شئ تخافه ولا تحذره فذكرت قول

أبي وما امرني به من مشاورة ذلك الرجل والعمل بما جاءني رسمه وكان

جاري وبجانب حانوتي فقمت إليه وقلت يا سيدي جاءني خادم جليل

فسماني وكناني وقال لي أجب مولاي فوجب الرجل من حانوته وقال لي : يا

بني اطرح عليك ثوبك واسرع معه ولا تخالف ما تؤمر به ولا تراجع فيه

واقبل كلما يقال لك فقلت في نفسي : هذا من خدم السلطان أو أمير أو

وزير قلت للرجل انا ابتعت السعر ومتاعي مختلط ولا أدري ما يراد مني

فقال : الست يا بني وامض مع الخادم وكلما يقال لك ، قل نعم ،

فمضيت مع الخادم وانا خائف حتى انتهى بي إلى باب عظيم ودخل من

دهليز إلى دهليز ومن دار إلى دار حتى تخيل لي انها الجنة ثم انتهيت إلى

شخص جالس على بساط اخضر فلما رأيته انتفضت وداخلني منه هيبة

ورهبة والخادم يقول ادن مني حتى قربت منه فأشار إلي بالجلوس فجلست

وما أملك عقلي فأمهلني حتى سكنت وقال : احمل الينا الحبرتين اللتين في

متاعك رحمك الله ولم أكن والله أعلم ان معي حبرا ولافقت عليهما فكرهت

‹ صفحة 330 ›

ان أقول ليس معي حبرا فأخالف ما وصاني به الرجل وخفت ان أقول نعم

فاكذب فتحيرت وانا ساكت فقال قم يا محمد إلى حاديك وعد ستة اسفاط

من متاعك وافتح السفط السابع واعزل الثوب الأول الذي تلقاه بأوله وخذ

الثوب الثاني فافتح وخذ الحبرة التي في طيه وفيها رقعة في ثمن الحبرة وما

رسم لك فيها من الربح وهو في العشرة اثنان والثمن اثنان وعشرون دينارا

واحد عشر قيراطا وحبة وانشر الرزمة العظمى في متاعك فعد منها ثلاثة

أثواب وافتح الثوب الرابع فإنك تجد في طيه حبرة في طيها رقعة الثمن

تسعة عشر دينارا ، وتسع قراريط وحبتان الربح العشرة اثنان فقلت :

نعم ، ولا علم لي بذلك فوقفت عند قيامي بين يديه فمشيت القهقري ولم

أول ظهري اجلالا واعظاما وانا لا اعرفه فقال لي الخادم ، ونحن في

الطريق طوبى لك لقد أسعدك الله بقدومك فلم أغير قولي نعم وصرت إلى

حانوتي ودعوت الرجل وقصصت عليه قصتي وما قال لي فوضع خده

للأرض وبكى وقال قولك يا مولاي حق فعلمه من علم الله وقام إلى

الأسفاط والرزم واستخرج الحبرتين وأخرج الرقعتين فوجدنا رأس المال

والربح موضوحا في طي الحبرتين كما قال ( عليه السلام ) فقلت يا عم اي شئ

هذا الانسان كاهن أو حاسب أو مخدوم فبكى وقال يا بني لم تخاطب بما

خوطبت به الا لان لك عند الله منزلة وسيعلم من لا يعلم فقلت يا عم ما

لي قلب ارجع إليه قال ارجع فرجعت فسكن ما في قلبي وقوي مشيي وانا

معجب من نفسي إلى أن قربت من الدار فقال : انا منتظرك إلى أن تخرج

فقلت يا عم اعتذر إليه ، وأقول : اني لم اعلم بالحبرتين قال : لا بل تقعد

كما قيل لك فدخلت ووضعت الحبرتين بين يديه فقال لي : اجلس فجلست

وانا لا أطيق انظر إليه اجلالا واعظاما له ، فقال للخادم ، خذ الحبرتين

منه فاخذهما ودخل فضرب بيده إلى البساط وقبض قبضة وقال هذا ثمن

حبرتيك وربحهما امض راشدا وانا لم أر شيئا على البساط وإذا اتاك رسولنا

فلا تتأخر عنا فاخذته في طرف ملاءتي وإذا هي دنانير وخرجت فإذا بالرجل

فقال هات حدثني فأخذت بيده وقلت يا عم الله الله فما أطيق أحدثك بما

‹ صفحة 331 ›

رأيت فقبض قبضة دنانير وأعطاني إياها وقال هذا ثمن حبرتيك وربحهما

فوزناه وحسبناه فكان كما قال لا زاد حبة ولا نقص حبة قال يا بني تعرفه

قلت لا يا عم فقال : هذا مولانا أبو محمد الحسن بن علي حجة الله على

خلقه فهذه أول دلالة رأيتها منه ( عليه السلام ) .

وعنه عن أبي الفضل محمد بن علي بن عبد الله الحسيني المعروف بباعر

قال خرجت من الكوفة إلى زيارة أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) ليلة

النصف من شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين وقد عرفت ولادة المهدي

( عليه السلام ) وان الشيعة تتضرع إلى الله في المشاهدة وبحمده وشكره

على ولادته فقالت لي أمي : وكانت مؤمنة يا بني اسال الله عند قبر سيدنا

أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) ان يرزقك خدمة مولانا أبي محمد

الحسن بن علي العسكري ( عليهم السلام ) كما رزق أباك علي بن عبد الله

قال أبو الفضل : فلم أزل اسال الله وأتوسل بابي عبد الله الحسين إلى أن

رزقني منزلة أبي من سيدنا أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) قال فلما كان في

وقت السحر بليلة النصف من شعبان جاءني خادم وقد طرحت نفسي على

شاطئ الحير من شدة التعب والقيام فجلس الخادم عند رأسي وقال لي يا أبا

الفضل محمد بن علي مولاي أبو محمد الحسن قد سمع دعاءك فصر الينا

مخلصا بما تنطقه وبما سالت فقلت له ما اسمك قال سرور فقلت يا سرور

وما انا على هيئة وما معي ما ينهض إلى العسكر حتى أرجع إلى الكوفة

وأصلح شأني وأحصل فقال قد بلغتك الرسالة فافعل ما ترى فرجعت على

الزيارة إلى الكوفة وعرفت أمي بما من الله علي بما قاله الخادم وشكرت الله

وحمدته فقالت : يا بني قد أجاب الله دعاءك ودعائي لك فقم ولا تقعد

فأصلحت شاني وخرجت ومعي علي الذهبي من سوق الصاغة بالكوفة

ووصته بي خيرا وأمرته قبل يدي لأني كنت حدثا فخرجنا من الكوفة إلى

بغداد ووقف اني نزلت على عم لي حبيس وكانت ليلة الشعانين

فدعوني إلى أن خرجت معهم إلى الشعانين وصاروا بي إلى دار الروميين

‹ صفحة 332 ›

ودخلوا إلى دار الخمار وهو من بعض النصارى واحضروا طعاما فأكلت

معهم وابتاعوا خمرا وسألوني ان اشرب معهم فلم افعل وغلبوا على رأيي

وسقوني فشربت وجاؤوا بغلمان حسان فحملوني ان افعل كما فعلوا فزين

لي الشيطان سوء عملي ففعلت وأقمت أياما ببغداد وخرجت إلى العسكر

فوردتها وأفضت علي الماء من الدجلة ولبست ثيابا طاهرة وصرت إلى

المسجد الذي على باب سيدي أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) وفيه قوم

يصلون فصليت معهم ودخلت فإذا انا بسرور الخادم قد دخل المسجد

فقمت مسرورا إليه فوضع يده بصدري ودفعني عنه ثم قال لي هاك وطرح

بيدي دنانيرا وقال لي : مولاي يقول لك ويأمرك ان لا تصير إليه فتقدم من

وصولك ببغداد وأرجع من حيث جئت وهذه نفقتك من دارك بالكوفة

وإليها راجعا إلى ما نفقته في دار الروميين فرجعت باكيا إلى بغداد ومنها إلى

الكوفة وأخبرت والدتي بما كان مني وكلما نالني ولم أخف منه شيئا والذهبي

حسبما اتفقنا فوجدنا الذي أعطانا إياه الخادم لا يزيد حبة ولا ينقصن حبة

الا دينارين وزنتها في دار الروميين فلبست الشعر وقيدت رجلي وغللت

يدي وحبست نفسي إلى أن توفي أبو محمد الحسن ( عليه السلام ) بيوم

الجمعة لثمان ليال خلت من ربيع الأول سنة ستين ومائتين ثم أطلقت

نفسي بعد ذلك فكان هذا من دلائله ( عليه السلام ) .

وعنه عن أحمد بن سند ولا والعباس التبان الشيبين قال : تشاجرنا

ونحن سائرون إلى سيدنا أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) بسامرا في

الصلاة وفي الخبر المروي عن السجود على سبع أعضاء اليدين والركبتين

والقدمين والوجه دون الانف فصرنا نلتمس الاذن فصادفنا ركوبه إلى دار

أبي بحير ، وقفنا في الشارع فلما طلع علينا بوجهه الكريم نظر إلينا فعلمنا

ما يريدنا به ثم وضع سبابته اليمنى على جبهته دون انفه وقال هو على هذه

دون هذا وانفذ إصبعه من جبهته إلى انفه قال وتشاجرنا في اكل اللحم فلم

نستنم كلامنا حتى دخل علينا لؤلؤ الخادم فاخذ لحم غنم واكتنفنا وقال

‹ صفحة 333 ›

مولاي يقول لكم لحم المقرن أقرب مرعى وابعد من الداء ولحم الفخذ

منعا نصحا منه فعلمنا ان سيدنا ( عليه السلام ) علم بتشاجرنا فأطلق لنا

أكله وهذا من دلائله ( عليه السلام ) .

وعنه عن جعفر بن محمد بن إسماعيل الحسيني ، قال : دخلت على

سيدنا أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) انا وعلي بن عبيد الله ، وبين يديه

محمد بن ميمون الخراساني ، ومحمد بن يحيى الخرقي وعبد الحميد بن

محمد ، وعقيل بن يحيى ، وبين يديه نخلة فيها ثمر بغير أوانه فقال : اغسلوا

أيديكم وسموا على طعامكم ومن يسمى رسول الله ( صلى الله عليه وآله )

والأئمة ( عليهم السلام ) إذا حضروا الطعام فلا يمد الناس أيديهم إليه

حتى يمد صاحب الوقت يده ويضعها في الطعام ، فإذا فعل ذلك مد الناس

أيديهم فترفعنا وقلت : في نفسي فما بال سيدي لم يمد يده حتى نمد أيدينا

بعده ونأكل من هذا الثمر فانا نشك انه من تمر الجنة ، فعلم ما في نفسي

فقال لي : يا أبا جعفر كل طعام المؤمنين حلال ولم امسك يدي لا لحضور

قوم من اخوانكم من الجن باعدادكم قد جلسوا معكم وقد أمرتكم به وها

انا أمد يدي فمدوا أيديكم فمددنا أيدينا واكلنا ونحن ننظر إلى مواضع

أيدي إخواننا من الجن فنرى يؤخذ من الثمر مثلما نأخذ بالسوية ولا نرى

أيديهم فقلت في نفسي لو شاء مولاي لكشف لنا عنهم حتى نراهم كما

يروننا ، فقال : حيوا بغمي وقرة عيني أبي جعفر ثم مد يده ومر على أعيننا

فكان بيننا وبينهم سدا ثم كشف عن أعيننا وتجلت فأردنا ان نعتنقهم فقال

لنا حرمة الطعام أوجب فقد بدأتم به فإذا قضيتم أريك منه فافعلوا

بإخوانكم ما تشاؤون فلبثنا ننظر إليهم شحب الألوان نحل الأبدان غاضين

أعينهم يتكلمون خفاتا وأعينهم ترغرغ بالدمع فقلنا يا سيدنا الجن بهذه

الصورة كلهم فقال : لا فيهم ما فيكم واما هؤلاء فاسألوهم فإنهم لا

يطعمون طعاما ولا يشربون شرابا الا في وقت قيام نبي أو وصي فيأمرهم

فيأكلون طاعة له لا رغبة في الطعام والشراب وقد صرفوا أنفسهم لله

‹ صفحة 334 ›

وأشغلتهم الرهبة والخوف من الله عن الطعام والشراب فصارت صورهم

كما ترون فقلنا يا سيدنا لقد أقررت أعيننا بالنظر إلى إخواننا هؤلاء من الجن

فقال الآن قد قبلت اعمالكم عندنا وعلمنا ان لله عبادا مكرمون فوقنا في

درجات الله في طاعته ، قال : لمواليكم من اخوان الجن كالخرس لا ينطقون

نطقة ولا برمقة عيوننا حتى اذن لهم فكان الستر بيننا وبينهم قد اسبل على

أعيننا فقمنا ونحن نشكر الله ونحمده على ما فضلنا به فكان هذا من دلائله

( عليه السلام ) .

وعنه عن موسى بن مهدي الجوهري ، قال : دخلت على مولاي أبي

محمد الحسن ( عليه السلام ) بالعسكر فقلت له يا مولاي هذه سنة خمس

وخمسين وقد أخبرتنا بولادة مهدينا فهل يوقت لها ، وقت نعلمه قال : السنا

قد قلنا لكم لا تسألونا عن علم الغيب فنخرج ما علمنا منه إليكم فيسمعه

من لا يطيق استماعه فيكفر فقلت : يا مولاي أرجو ان أكون ممن لا يكفر

قال : يولد قبل طلوع الفجر بيوم الجمعة لثمان ليال خلت من شهر شعبان

سنة سبعة وخمسين ومائتين وأمه نرجس وانا اقبله وحكيمة عمتي تحضنه

فقلت لك : الحمد ، والشكر ، يا مولاي إذ جعلتني اهلا لعلم ذلك فلم

أزل وجماعة علمت منه نرقب الوقت ونعد الأيام حتى ولد كما قال لا زود

ولا نقص وأمه نرجس وقبله في ولادته وعمته حكيمة ابنة محمد بن علي

( عليهما السلام ) حضنته فكان هذا من دلائله ( عليه السلام ) .

وعنه عن جعفر بن محمد القصير البصري ، قال : حضرنا عند سدنا أبي

محمد ( عليه السلام ) المكنى بالعسكري فدخل عليه خادم من دار السلطان

جليل القدر ، فقال له أمير المؤمنين : يقرئك السلام ويقول لك : كاتبنا

انوش النصراني وقيل : اليهودي يطهر ابنين له وقد سألنا ان نركب إلى

داره وندعو لابنيه بالسلامة والبقاء فوجب ان نركب ونفعل ذلك فانا لم

نحمل هذا الفئ الا ان قال : لنتبارك ببقايا النبوة والرسالة ، فقال

مولانا : الحمد لله الذي جعل اليهود والنصارى اعرف بحقنا من المسلمين

‹ صفحة 335 ›

ثم أسرجوا الناقة فركب وورد إلى دار انوش فخرج مكشوف الرأس حافي

القدم وحوله القسيسون والشمامسة والرهبان وعلى صدره الإنجيل وتلقاه

على باب داره وقال : يا سيدنا أتوسل إليك بهذا الكتاب الذي أنت أعلم

به مني أم عرفت ديني فهو غناك والمسيح عيسى بن مريم وما جاء به هذا

الإنجيل من عند الله الا ما سالت أمير المؤمنين مسألتك هذه فما وجدناكم

في هذا الإنجيل الا مثل عيسى المسيح عند الله فقال مولانا

( عليه السلام ) : الحمد لله ودخل على فراشه والغلمان على منصبه وقد قام

الناس على اقدامهم فقال اما ابنك هذا فباق عليك والآخر مأخوذ منك بعد

ثلاثة أيام وهذا الباقي عليك يسلم ويحسن اسلامه ويتولانا أهل البيت فقال

انوش : والله يا سيدي قولك حق ولقد سهل علي موت ابني هذا لما عرفتني

ان ابني هذا يسلم ويتوالى أهل البيت ، فقال له القسيس : وأنت مالك لا

تسلم فقال له انوش : انا مسلم ومولاي يعلم هذا فقال مولانا صدق

انوش ولولا يقول الناس ، انا ما اخبر لما أخبرتك بموت ابنك ولو لم يمت

كما أخبرتك لسألت الله يبقيه عليك فقال انوش لا أريد يا مولاي الا كما

تريد ، قال جعفر بن أحمد القصير مات والله ذلك الابن لثلاثة أيام واسلم

الاخر بعد ستة أيام ولزم الباب ولزم الباب معنا إلى وفاة سيدنا الحسن

( عليه السلام ) .

وعنه عن أبي الحسن عاصم الكوفي وكان محجوبا قال : دخلت على أبي

محمد الحسن ( عليه السلام ) بالعسكر فطرقت شيئا ناعما فقلت مولاي : ما

هذا فقال يا عاصم أنت على بساط قد جلس عليه ووطئه كثير من المرسلين

والنبيين والأئمة الراشدين فقلت : يا مولاي لا تخففت بخف ولا تنعلت

بنعل ما دمت في الدنيا اعظاما لهذا البساط فقال : يا علي ان هذا الذي

منه الخف جلد ملعون نجس رجس لم يقر بإمامتنا ولا أجاب دعوتنا ولا

قبل ولايتنا فقلت وحقك يا مولاي لا لبست خفا ولا نعلا ابدا وقلت في

نفسي كنت أشتهي ان أرى هذا البساط فوجدته ملء الدار ولم يبق لون

‹ صفحة 336 ›

حسن الا وجدته فيه وأطلت النظر إليه ، قال : يا علي تحب ان ترى آثار

أرجل النبيين والمرسلين والأئمة الراشدين الذين وطئوا هذا البساط

ومجالسهم عليه قلت : نعم ، يا مولاي فرأيت مواضع اقدامهم وجلوسهم

على البساط مصورة فقال : هذا أثر قدم آدم وموضع جلوسه ، وهذا موضع

قدم قابيل إلا أنه لعن حيث قتل أخاه هابيل ، وهذا أثر شيث ، وهذا أثر

انوش ، وهذا اثر قينان ، وهذا أثر مهلائيل ، وهذا اثر يازد ، وهذا اثر أخنوخ وهو

إدريس ، وهذا اثر المتوشلخ ، وهذا اثر لمك ، وهذا اثر نوح ، وهذا اثر

سام ، وهذا اثر ارفخشد ، وهذا أثر يعرب ، وهذا اثر هود ، وهذا اثر

صالح ، وهذا اثر لقمان ، وهذا اثر لوط ، وهذا اثر إبراهيم ، وهذا اثر

إسماعيل ، وهذا أثر الياس ، وهذا اثر قصي ، وهذا اثر إسحاق ، وهذا

اثر يعقوب وهو إسرائيل ، وهذا أثر يوسف ، وهذا اثر شعيب ، وهذا

اثر موسى ، وهذا أثر هارون ، وهذا أثر يوشع ، وهذا أثر كولب ، وهذا

أثر حزقيل ، وهذا أثر شمويلا ، وهذا أثر طالوت ، وهذا أثر داود ، وهذا

أثر سليمان ، وهذا أثر آصف ، وهذا أثر أيوب ، وهذا أثر يونس ، وهذا

أثر إشعياء ، وهذا أثر السيع ، وهذا أثر الخضر ، وهذا أثر زكريا ، وهذا

أثر يحيى ، وهذا أثر اليسع ، وهذا أثر الخضر ، وهذا أثر زكريا ، وهذا

أثر يحيى ، وهذا أثر عيسى ، وهذا أثر شمعون ، وهذا أثر دانيال ، وهذا

أثر الإسكندر ، وهذا أثر أردشير ، وهذا أثر سابور ، وهذا أثر لؤي ،

وهذا أثر مرة ، وهذا أثر كلاب ، وهذا أثر قصي ، وهذا أثر عبد مناف ،

وهذا أثر هاشم ، وهذا أثر عبد المطلب ، وهذا أثر عبد الله ،

وهذا أثر السيد محمد ، وهذا أثر أمير المؤمنين ، وهذا أثر الحسن ،

وهذا أثر الحسين ، وهذا أثر علي ، وهذا أثر محمد ، وهذا أثر

جعفر ، وهذا أثر موسى ، وهذا أثر علي ، وهذا أثر محمد ، وهذا أثر

علي ، وهذا أثري ، وهذا أثر المهدي ، لأنه وطئه وجلس عليه فقال لي

علي بن عاصم يخيل لي والله من رد بصري ونظري إلى البساط وهذه الآثار

كلها وانا نائم وإني أحلم ما رأيت فقال أبو محمد الحسن ( عليه السلام ) :

يا علي بن عاصم فما أنت نائم ولم تحلم وترى إلى تلك الآثار واعلم أنهم

‹ صفحة 337 ›

اذنين ، فمن زاد فيهم كفر ومن نقص كفر والشاك في واحد منهم

كالشاك الجاحد لله وبهم يعذبه الله يوم القيامة ، عذابا شديدا لا يعذب به

أحدا من العالمين غض طرفك يا علي فغضضت طرفي فرجعت محجوبا

فقلت يا سيدي من يقول إنهم مائة الف نبي وأربعة وعشرون الف نبي

هو آثم وان علم ما قال لم يأثم ، فقلت يا سيدي أعلمني علمهم حتى لا

أزيد فيهم ولا انقص منهم قال الأنبياء والرسل والأوصياء والأئمة هم الذين

رايتهم وآثارهم في البساط والمائة الف نبي وأربعة وعشرون ألف الذين

حسبوا من الأنبياء لله ورسله وحجبه فامنوا بالله وبما جاءتهم رسلهم به من

الكتب والشرائع فمنهم الصديقون والشهداء والصالحون وهم المؤمنون وهذا

عددهم منذ اهبط آدم من الجنة إلى أن بعث الله جدي رسول الله ( صلى

الله عليه وآله ) فقلت لله الحمد والشكر ولك يا مولاي الذي هديتني

لهداكم وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله فكان هذا من دلائله

( عليه السلام ) .

وعنه عن أحمد بن ميمون الخراساني ، قال : قدمت من خراسان أريد

سامرا القى مولاي الحسن ( عليه السلام ) فصادفت بغلته وكانت عندنا

الأخبار الصحيحة ان الحجة والامام من بعد أبيه علي بن محمد سيدنا أبو

محمد الحسن ( عليه السلام ) فصرت إلى إخواننا المجاورين له فقلت أريد

سيدنا أبا محمد الحسن ، فقالوا هذا يوم ركوبه إلى دار المعتز فقلت أقف له

في الطريق فلست أخلو من آية في مشيئة الله وعونه فاتى وهو ماض فوقفت

على ظهر دابتي وكان يوما شديد الحر يوم لقيته فأشار إلي بطرفه فتأخرت

وسرت من ورائه وقلت في نفسي : اللهم انك تعلم اني اشهد وأقر بأنك

الحجة على خلقك وان مهدينا الثاني عشر ، فسهل لي دلائله آية منه تقر

عيني وينشرح صدري بها فأشار إلي وقال يا محمد بن ميمون ، قد أجيبت

دعوتك والله فقلت لا إله إلا الله والله قد علم سيدي ما ناجيت ربي في

نفسي ثم قلت طمعا في الزيادة إن كان يعلم ما في نفسي فيأخذ العمة عن

‹ صفحة 338 ›

رأسه ، قال : فمد يده فاخذها فوسوست في نفسي ، وقلت : لعله ان

حميت عليه فيأخذها ثانية فيضعها على قربوس السوج فاخذها ووضعها على

سرجه ، فقلت : يردها على رأسه ، فردها على رأسه فقلت : لا إله إلا الله

يكون هذا فاق مرتين اللهم إن كان هذا هو الحق فليأخذها ثالثا من

رأسه ، فيضعها على قربوس سرج فرسه ، ويردها مسرعا فاخذها من رأسه

ووضعها على قربوس فرسه وردها مسرعا إلى رأسه وصاح يا محمد بن

ميمون إلى كم هذا فقلت حسبي يا مولاي فكان هذا من دلائله

( عليه السلام ) .

وعنه عن أبي الحسن محمد بن يحيى وأبي داود الطوسي قالا : دخلنا

على أبي شعيب ، محمد بن نصير بن بكر النميري البصري ، وبين يديه أبو

عباد بن عبادة البصري ، وإسحاق بن محمد بن ابان النخعي البصري ،

المعروف بالأحمر والحسن بن منذر القيسي وقوف في المجلس وعلي بن أم

الرقاد وفاذويه الكردي ، ومحمد بن جندب ، ومحمد بن عمر الكناسي

وأحمد بن محمد بن فرات الكاتب ، فأمرنا بالجلوس فجلسنا دون القوم وكان

الوقت في غير أوان حمل النخل والشجر فانثنى أبو شعيب إلى علي بن أم

الرقاد وقال : قم يا علي إلى هذه النخلة واجتني منها رطبا وائتنا فقام علي

إلى النخلة ، نخلة في جانب الدار لا حمل فيها فلم يصل إليها حتى رأيناها

قد تهدلت أثمارها فلم يزل يلقط منها ونحن ننظر إليه حتى لقط ملء طبق

معه ثم أتى به ووضعه بين أيدينا ، وقال لنا كلوا واعلموا يسيرا في فضل

الله على سيدكم أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) على من كان متصلا به ،

قال : فأكلنا منه واقبل يظهر لنا فيه ألوانا من الرطب من كل نوع غريب

وإذا نحن بخادم قد أتى من دار سيدنا الحسن ( عليه السلام ) وفي يده اناء

مملوء لبنا وزبدا ، وقال : يا أبا شعيب ما قنع النخعي بما طلبه في نفسه من

الرطب بغير أوانه فأطعمته إياه إلى أن تحير في نفسه ، إن كان هذا من عند

أبي محمد الحسن ، فليبعث الينا لبنا وزبدا فوضع الخادم الاناء وانصرف

‹ صفحة 339 ›

فامسنا عن الاكل ، فقال أبو شعيب : يا إسحاق ويحك تجد هذا وتتحير

بغيره ، فقال : لا يا سيدي ، فقالت الجماعة الحمد لله الذي عرفنا من

طلب الرطب واللبن والزبد ، فقال : لنا كلوا لا تثريب عليكم ، فأكلنا

والله فما رأينا رطبا ولا زبدا أطيب من ذلك فرجع الخادم وقال : مولاك

يقول لك يا أبا شعيب اغرس هذا النوى في بستانك بالبصرة يخرج منه

نخلة واحدة آية لك وعبرة في حياتك وبعد وفاتك فامر بجمع النوى

وغرسه في البستان بحفرة واحدة ، قال أبو الحسين محمد بن يحيى

الفارسي : فعدت من قابل فجاء في نفسي من امر النخلة فلما وصلت إلى

أبي شعيب قال : يا أبا الحسين جئت ترى النخلة قلت نعم يا سيدي وكان

عنده جماعة من أولياء سيدنا أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) فقال : قوموا

فقمنا فدخل البستان ودخلنا معه فرأينا نخلة ظننا انها من نبات سنين كثيرة

فلم نعرفها فقال : هذه هي فدنونا منها واسعافها تحركها الرياح فسمعنا في

تخشخشها السنا تنطق وتقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلي أمير

المؤمنين والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي

والحسن بن علي حجج الله على خلقه والحجة المهدي سمي جده رسول الله

وكنيته ابن الحسن حقا حقا علم من علم وشهد من شهد والله على ما

نقول من الشاهدين فقلنا يا سيدنا أبا شعيب ان هذا شئ عجيب هذه السن

الملائكة تنطق بهذه النخلة أم السن المؤمنين من الجن فقال : هذه السن من

النخلة فقلنا جعلنا فداك وهذا مثله ما كان في الزمان ، فقال : نعم ،

واعجب من ذلك قلنا : له خبرنا به فقال سال جابر بن يزيد الجعفي ،

لمولانا أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) بستين الف خبر وقال له : ذلك

استودعه علما وفضلا في هذه الدلالة فحدثه الباقر ( عليه السلام ) الستين

الف خبر ، فقال له : يا مولاي كيف أكون فيها ، فقال : تحدث منها

بعشرين الف خبر ، وعشرين ألف خبر ، أخفيها ولا تظهرها ، فقال : يا

مولاي ضعف صبري عن اخفائها فقال : احفر لها حفيرة في الجبانة وتحدث

بها فإذا أخرجت رأسك منها ادفنها ففعل جابر ذلك كله فلما ان حدث

‹ صفحة 340 ›

الحفيرة ودفنها أنبتت الحفيرة قصبا فكانوا يأخذون القصبة من قصبها ويلعبون فيها

تنطق بما حدث به جابر للحفيرة فقصد إليها الكهول والشيوخ فاخذوا من

ذلك القصب ونفخوا فيه فنطق بالعشرين الف خبر عن جابر عن محمد الباقر

( عليه السلام ) فسمعوه وكتبوه فخاف جابر على نفسه من بني أمية فقشر

القصب وركبه وركض في طرقات المدينة فنظر إليه الناس ، وقالوا له : ما

شأنك أيها الحكيم ، فقال لهم : جن جابر ، فصاح الناس جن جابر ، بما

قال عن أبي جعفر ، فرفع بعض الأخبار إلى بني أمية فانفذوا ليريدوا قتله

فصادفوه في طرقات المدينة راكب القصب يطوف ويصيح جن جابر فكتبوا

يخبرون السلطان من بني أمية بجنونه فبعث إليهم أردنا قتله لما فعل فإذا

كان قد جن اتركوه فقال : أهل المدينة الجنون لجابر خير من القتل فقلنا :

سبحان الله سمعنا بهذا الخبر لكن نسيناه واما هذا بفضل موالينا أهل البيت

( عليهم السلام ) وهذا من دلائله ( عليه السلام ) .

وعنه عن الحسن بن إبراهيم والحسن بن مسعود قالا دخلنا على سيدنا

أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) في سنة ست وخمسين ومائتين وقد ورد

عليه كتاب من السواد من إخواننا يسألون مسالة لسيدنا أبي محمد

( عليه السلام ) ان يسال الله ان يكفيهم مؤونة رجل كان يتقلد الحرب

يسمى السرجي وهو سفاك للدماء ومسالة يصرفه عنهم فدخلنا والكتاب

معنا ومجلسه حافل بالناس قال السلطان مبتدئا قد قرأت الكتاب الذي

معكم وبما بعث يريد اخوانكم من أهل السواد وما التمسوا فحمدنا الله

وشكرناه وقمنا والكتاب معنا ففككنا ختمه في غرفة كنا نسكنها الا انا قرأناه

وختمناه لنوصله فوصلنا إلى غرفتنا فأخرجنا الكتاب الذي كان معنا فوجدناه

في خاتمه ففضضناه وقرأناه فوجدناه بخطه ( عليه السلام ) هذا سؤالنا والله

الذي إليه الامر كله ولم نسأله من ليس له من الامر شئ كفيتهم شره وهو

سيموت بالطاعون قبل وصول هذا الكتاب بثلاثة أيام فطبق السرجي

بالطاعون ومات وحمل في أثاثه إلى سامرا فكان هذا من دلائله

( عليه السلام ) .

‹ صفحة 341 ›

وعنه عبد الحميد بن محمد ، ومحمد بن يحيى الخرقي ، قالا دخلنا

على أبي الحسن ، علي بن بشر ، وهو عليل قلق ، فلما رآنا استغاث بنا

وقال : ادعوا الله لي بالإقالة وانفذوا كتابا خطيته بيدي إلى مولاي أبي محمد

الحسن ( عليه السلام ) مع من تتقون به فقلنا يا علي أين الكتاب فقال

جنبي فأدخلنا أيدينا تحت مصلاه فأخذناه وفضضناه لنقرأه فإذا نحن في

رأس الكتاب توقيعا ونحبا وإذا فيه قد قرأنا كتابك وسالنا الله عافيتك

واقالتك ، فان الله مد بعمرك تسعا وأربعين سنة من بعد ما مضى عمرك

فاحمد الله واشكره واعمل بما فيه وبما تبقيه ولا تأمن ان أسأت ان يبتر

عمرك فان الله يفعل ما يريد ، فقلنا : يا علي قد قرأ سيدنا كتابك وهذا

خطه بكلما أصابك فقام في الوقت ارضى جايته وتصدق بها فلما كان بعد

ثلاثة أيام ، وردت سفتجة من أبي عمر عثمان بن سعد العمري السمان

من سامرا على بعض تجار الكرخ يحمل مالا إلى علي بن بشر فحمله إلى

فحسب ما تصدق به من ماله فوجد المال المحمول إليه ثلاثة اضعاف فكان

هذا من دلائله ( عليه السلام ) .

وعنه عن أحمد بن صالح ، قال : خرجت من الكوفة إلى سامرا

فدخلت على مولاي أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) في سنة تسع وخمسين

ومائتين وكان لي أربع بنات ، فقال لي : يا احمد أي شئ كان من بناتك

فقلت : بخير يا مولاي ، فقال : اما الواحدة آمنة فقد ماتت بهذا

اليوم ، واما سكينة تموت في غد ، وخديجة وفاطمة ، فتموتان بأول يوم من

الهلال المستهل فبكيت فقال : رقة عليهن أم اهتماما بتجهيزهن فقلت يا

مولاي ما خلفت ما يستر الواحدة منهن فقال : قم ولا تهتم فقد أمرنا

عثمان بن سعيد العمري بانفاذ ورق بتجهيزهن ويفضل لك بعد تجهيزهن

بالأكياس ثلاثة آلاف درهم وهي ما ان سالت قال : قد كان قصدي يا

مولاي ان أسألك ثلاثة آلاف درهم وهي ما ان سالت قال : قد كان قصدي يا

مولاي ان أسألك ثلاثة آلاف درهم حتى أزوجهن واخرجهن إلى أزواجهن

فجهزتهن إلى الآخرة وذخرت الثلاثة آلاف درهم علي وأقمت إلى أول يوم

‹ صفحة 342 ›

من الهلال ودخلت عليه فقال اخرج يا أحمد بن صالح إلى الكوفة فقد عظم

الله اجرك في بناتك فخرجت حتى وردت الكوفة الثلاثة آلاف درهم فلم

يزل إخواني من أهل الكوفة وسائر السواد يستمدون من تلك الدراهم

وفرقتها عليهم وما أنفقت منها علي نفسي ثلاثين درهما ، ورجعت من قابل

ودخلت على مولاي الحسن ( عليه السلام ) يوم الجمعة لثمان ليال خلت

من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين ، وكان هذا من دلائله

( عليه السلام ) .

وعنه عن أحمد بن داود القمي ، ومحمد بن عبد الله الطلحي ، قالا :

حملنا ما جمعنا من خمس ونذور وبر من غير ورق وحلي وجوهر وثياب من

بلاد قم وما يليها وخرجنا نريد سيدنا أبا محمد الحسن ( عليه السلام ) فلما

وصلنا إلى دسكرة الملك تلقانا رجل راكب على جمل ، ونحن في قافلة

عظيمة فقصد إلينا وقال : يا أحمد الطلحي معي رسالة إليكم ، فقلنا من أين

يرحمك الله ، فقال : من سيدكم أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) يقول

لكم انا راحل إلى الله مولاي في هذه الليلة فأقيموا مكانكم حتى يأتيكم امر

ابني محمد فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا وقرحت اجفاننا لذلك ولم نظهره

وتركنا المسير واستأجرنا بدسكرة الملك منزلا وأخذنا ما حملنا إليه ، وأصبحنا

والخبر شائع بالدسكرة بوفاة مولانا أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) فقلنا لا إله إلا الله

ترى الرسول الذي اتانا بالرسالة أشاع الخبر في الناس فلما تعالى

النهار رأينا قوما من الشيعة على أشد قلق لما نحن فيه ، فأخفينا امر

الرسالة ، ولم نظهره فلما جن علينا الليل جلسنا بلا ضوء حزنا على سيدنا

الحسن ( عليه السلام ) نبكي ونشكي إلى فقده ، فإذا نحن بيده قد دخلت

علينا من الباب فضاءت كما يضئ المصباح وهي تقول : يا احمد هذا

التوقيع اعمل به وبما فيه ، فقمنا على اقدامنا واخذنا التوقيع فإذا فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم : من الحسن المسكين ( لله رب العالمين ) إلى

شيعته المساكين : اما بعد فالحمد لله على ما نزل منه ونشكره إليكم جميل

‹ صفحة 343 ›

الصبر عليه وهو حسبنا في أنفسنا وفيكم ، ونعم الوكيل ، ردوا ما معكم

ليس هذا أوان وصوله إلينا ، فان هذا الطاغي قد دنت غشيته إلينا ، ولو

شئنا ما ضركم ، وأمرنا يرد عليكم ومعكم صرة فيها سبعة عشر دينارا في

خرقة حمراء إلى أيوب بن سليمان ، الآن فردوها فإنه حملها ممتحنا لنا بها

وبمن بعله وهو ممن وقف عند جدي موسى بن جعفر ( عليه السلام ) فردوا

صرته عليه ، ولا تخبروه فرجعنا إلى قم ، فأقمنا بها سبع ليال ثم جاءنا امر

ابنه قد بعثنا إليكم إبلا غير ابلكم احملا ما قبلكما عليها واخليا لها

السبيل ، فإنها واصلة إلي وكانت الإبل بغير قائد ولا سائق على وجه الأول

منها ، بهذا الشرح وهو مثل الخط الذي بالتوقيع التي أوصلته إلى الدسكرة

فحملنا ما عندنا واستودعناه وأطلقناهم فلما كان من قابل خرجنا نريده

( عليه السلام ) فلما وصلنا إلى سامرا دخلنا عليه فقال لنا : يا احمد ومحمد

ادخلا من الباب الذي بجانب الدار وانظرا ما حملتماه على الإبل فلا نفقد

منه شيئا فدخلنا من الباب فإذا نحن بالمتاع كما وعيناه وشددناه لم يتغير

فحللناه كما أمرنا وعرضنا جمعه فما فقدنا منه شيئا ، فوجدنا الصرة الحمراء

والدنانير فيها بختمها ، وكنا قد رددناها على أيوب ، فقلنا : إنا لله وإنا

إليه راجعون فقلنا : انها من سيدنا ، فصاح بنا من مجلسه : فما لكما بدت

لكما سؤاتكما فسمعنا الصوت فاتينا إليه فقال : من أيوب وقت وردت

الصرة عليه فقبل الله ايمانه وقبل هديته فحمدنا الله وشكرناه على ذلك

فكان هذا من دلائله ( عليه السلام ) .

وعنه عن أحمد بن منذر قال تقلدت ديار ربيعة وغيرها ، وكان مقامي

بنصيبين وتقلدت اعمال النواحي وقدمت إلى كل واحد منهم ان يحمل إلى

كل من علمه ممن له مذهب فكان يرد على الحما مما دخل إلي كتاب من عاملي

بكفرتوثي يذكر انه انفذ إلي رجلا كفرتوثيا ، يقال له إدريس بن زياد

فدعوت به فرأيته رجلا وسيما فقبلته نفسي فناجيته فوجدته منتظرا ممن يقف

على امامة أبي الحسن موسى بن جعفر ولا يقر بالرضا علي بن موسى

‹ صفحة 344 ›

( عليه السلام ) ومن بعده من الأئمة ورأيت به من الفقه والمعرفة ما

أعجبني فدعوته إلى مذهبنا الإمامة فأنكر ذلك وخاصمني فسالت أن يهب لي

زادا إلى سامرا وينصرف إلى أبي محمد الحسن بن علي ( عليه السلام ) ،

فقال لي : اقضي حقك وامضي بمسألتك وشخص بعدما حملته وانهضته

وزودته فأبطأ وتأخر الكتاب ثم آليت ان قدم فدخل علي فأول ما رآني أسبل

عينيه بالبكاء ، فلما رأيته باكيا ، لم أتمالك ان بكيت فدنا مني وقبل يدي

ورجلي ثم قال : يا عظيم الناس على أبي محمد الحسن ( عليه السلام )

نجيتني من النار وأدخلتني الجنة ، ثم قال : خرجت من عندك وعزمت على

لقاء أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) لابتليه من مسائل فكان فيما أضمرت

من مسألته عن من عرف الجنابة هل تجوز صلاته في ثوب يأخذ ذلك العرق

أم لا فصرت إلى سامرا فسمعت يتحدثون ببابه انه يركب فبادرت وركبت

أريد السلطان فجلست في الشارع لا أبرح أو ينصرف فاشتد الحر علي

فعدلت إلى باب دار فيه واسع الظن فجلست فيه فحملني النوم فلم انتبه

الا بقرعة قد وضعت في كتفي ففتحت عيني فإذا انا بابي محمد

( عليه السلام ) واقف فوثب على قدميه وقال : يا إدريس بن زياد أمان لك

فقلت بلى ، يا سيدي فقال : إن كان من حلال فحلال وإن كان من حرام

فحرام ، من غير أن أساله فلما علم ما أضمرته من مسألتي في عرق الجنابة

ولم يعلم به فقلت لا إله إلا الله سبحانه وتعالى فوالله لقد علمت أنه الامام

والحجة فلما جرى ذلك آمنت به وأسلمت فكان هذا من دلائله

( عليه السلام ) .

وعنه عن عيسى بن مهدي الجوهري قال : خرجت انا والحسن بن

مسعود والحسين بن إبراهيم وعتاب وطالب ابنا حاتم ومحمد بن سعيد ،

وأحمد بن الخصيب ، وأحمد بن جنان من جنبلا إلى سامرا في سنة سبع

وخمسين ومائتين فعدلنا من المدائن إلى كربلاء فرأينا اثر سيدنا أبي عبد الله

الحسين ( عليه السلام ) ليلة النصف من شعبان فلقينا إخواننا المجاورين

‹ صفحة 345 ›

بسامرا لمولانا محمد أبي الحسن ( عليه السلام ) لنهنئه بمولد مولانا المهدي

( عليه السلام ) فبشرنا إخواننا ان المولود كان طلوع الفجر من يوم الجمعة

لثمان ليلا خلت من شعبان وهو ذلك الشهر فقضينا زيارتنا ببغداد فزرنا أبا الحسن

موسى بن جعفر وأبا محمد جعفر ، ومحمد بن علي ( عليهم السلام )

وصعدنا إلى سامرا فلما دخلنا على سيدنا أبي محمد الحسن ( عليه السلام )

بدأنا بالبكاء بل التهنئة فجهرنا بالبكاء بين يديه ونحن ما ينيف عن سبعين

رجلا من أهل السواد فقال : ان البكاء من السرور بنعم الله مثل الشكر

لها فطيبوا نفسا وقروا عينا فوالله انكم على دين الله الذي جاءت به ملائكته

وكتبه ورسله وانكم كما قال جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )

أنه قال إياكم ان تزهدوا في الشيعة فان فقيرهم الممتحن المتقي عند الله يوم

القيامة له شفاعة عند الله يدخل فيها مثل ربيعة ومضر فإذا كان هذا لكم

من فضل الله عليكم وعلينا فيكم ، فأي شئ بقي لكم ، فقلنا بأجمعنا ،

الحمد لله ، والشكر له ، ولكم يا ساداتنا ، فبكم بلغنا هذه المنزلة ،

فقال : بلغتموها بالله وبطاعتكم إياه ، واجتهادكم بطاعته وعبادته وموالاتكم

لأوليائه ومعاداتكم لأعدائه ، قال عيسى بن مهدي الجوهري : فاردنا

الكلام والمسألة فأجابنا قبل السؤال اما فيكم من أظهر مسألتي عن ولدي

المهدي فقلنا وأين هو فقال : قد استودعته لله كما استودعت أم موسى ابنها

حيث ألقته في اليم إلى أن رده الله إليها ، فقالت طائفة منا : اي والله لقد

كانت هذه المسالة في أنفسنا قال : ومنكم من سال عن اختلاف بينكم

وبين أعداء الله وأعدائنا من أهل القبلة والاسلام ، وانا أنبئكم بذلك ،

فافهموا ، فقالت طائفة أخرى : اي والله يا سيدنا لقد أضمرنا ، فقال أن

الله عز وجل ، أوحى إلى جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اني قد

خصصتك وعليا وحججي منه ليوم القيامة وشيعتكم بعشر خصال : صلاة

الخميس ، والتختم باليمين ، وتعفير الجبين ، والاذان والإقامة مثنى ، وحي

على خير العمل . والجهر في بسم الله الرحمن الرحيم ، والآيتين ،

والقنوت ، وصلاة العصر والشمس بيضاء نقية ، وصلاة الفجر مغلسة

‹ صفحة 346 ›

واختضاب الرأس واللحية ، والوشمة ، فخالفنا من اخذ حقنا وحزبه في

الصلاة فجعل أصل التراويح في ليالي شهر رمضان عوضا من صلاة

الخميس ، كل يوم وليلة وكتف أيديهم على صدورهم عوضا عن تعفير

الجبين ، والتختم باليسرى عوضا عن التختم باليمين ، والفاتحة فرادى

خلاف مثنى ، والصلاة خير من النوم خلاف حي على خير العمل ،

والاخفاء عن القنوت ، وصلاة العصر إذا اصفرت الشمس خلافا على

بيضاء نقية ، وصلاة الفجر عند تلاحف بزوغ الشمس خلافا على صلاتها

مغلسة ، وهجر الخضاب والنهي خلاف على الامر به واستعماله ، فقال

أكثرنا : فرحت عنا يا سيدنا قال : نعم ، في أنفسكم ما تسألون عنه وانا

أنبئكم به .

والتكبير على الميت خمسا وكبر غيرنا أربعا ، فقلنا : يا سيدنا هو مما

ردنا ان نسأله عنه ، فقال ( عليه السلام ) : أول من صلى عليه من

المسلمين خمسا عمنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، فإنه لما

قتل قلق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قلقا شديدا وحزن عليه حتى

عدم صبره وعزاؤه فقال رسول الله والله لأقتلن عوضا كل شعرة سبعين

رجلا من مشركي قريش فأوحى الله سبحانه وتعالى : ( وان عاقبتم فعاقبوا

بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين . اصبر وما صبرك الا

بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ان الله مع الذين اتقوا

والذين هم محسنون ) وإنما أحب الله جل ثناؤه يجعل ذلك في المسلمين لأنه

لو قتل بكل شعرة من حمزة ( عليه السلام ) ألف رجل من المشركين ما كان

يكون عليهم في قتالهم حرج وأرادوا دفنه بلا غسل ، فأحب ان يدفن

مضرجا بدمائه ، وكان قد أر بتغسيل الموتى فدفن بثيابه فصارت سنة في

المسلمين لا يغسل شهداؤهم وأمره الله ان يكبر عليه خمسا وسبعين تكبيرة

ويستغفر له بين كل تكبيرتين منها فأوحى الله سبحانه إليه اني قد فضلت

حمزة بسبعين تكبيرة لعظم منزلته عندي وكرامته علي ولك يا محمد فضل على

‹ صفحة 347 ›

المسلمين وكبر على كل مؤمن ومؤمنة فاني افرض عليك وعلى أمتك خمس

صلوات في كل يوم وليلة والخمس تكبيرات عن خمس صلوات في كل يوم

وليلة وثوابها واكتب له اجرها .

فقام رجل منا فقال : يا سيدنا من صلى الأربعة فقال ما كبرها تيميا

ولا عدويا ولا ثالثهما من بني أمية ، ولا من بني هند ، فمن كبرها طريد

جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وان طريده مروان بن الحكم لان

معاوية وصى يزيد بأشياء منها وقال : خائف عليك يا يزيد من أربعة : من

عبد الله بن عمر ، ومن مروان بن الحكم ، وعبيد الله بن زياد ، والحسين بن

علي ، ويلك يا يزيد منه .

فاما مروان بن الحكم ، فإذا انا مت وجهزتموني ووضعتموني على نعشي

للصلاة فسيقولون تقدم صل على أبيك قل قد كنت أعصي امره فقد امرني

ان لا يصلي عليه الا شيخ بني أمية مروان فقدمه وتقدم على ثقات موالينا

فكبر أربع تكبيرات ، واستدعى بالخامسة فقال الا يسلم فاقتلوه فإنك تراح

منه وهو أعظمهم عليك فسمي الخبر إلى مروان فأسرها في نفسه وتوفي

معاوية وحمل على نعشه وجعل الصلاة عليه ، فقالوا إلى يزيد يقدم فقال :

ما وصاه أبوه فقدموا مروان وخرج يزيد عن الصلاة فكبر أربعا وتأخر عن

الخامسة قبل الدعاء فاشتغل الناس وقالوا الآن ما كبر الخامسة وقلق

مروان بن الحكم ، وقام مروان وآل مروان الاخبار الكاذبة عن رسول الله

( صلى الله عليه وآله ) في أن التكبير على الميت أربع لئلا يكون مروان

مبدعا ، فقال قائل منا : يا سيدنا يجوز أن يكون أربعة تقية فقال : هي

خمسة لا تقية فيها التكبيرات على الميت خمس والتعفير في ادبار كل صلاة

وترفع القيود وترك المسح على الخفين وشرب المسكر السني ، فقال سيدنا ان

الصلوات الخمس وأوقاتها سنة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا

الخمس منزلة في كتاب الله فقال قائل منا : رحمك الله ما استسن رسول الله

( صلى الله عليه وآله ) الا ما امره الله به فقال : اما صلوات الخمس فهي

‹ صفحة 348 ›

عند أهل البيت كما فرض الله سبحانه وتعالى على رسوله وهي احدى

وخمسين ركعة في ستة أوقات أبينها لكم من كتاب الله تقدست أسماؤه وهو

قوله في وقت الظهر : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم

الجمعة فاسمعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) فاجمع المسلمون ان السعي صلاة

الظهر وابان وأوضح في حقها في كتاب الله كثيرا وصلاة العصر بينها في

قوله : ( أقم الصلاة طر في النهار وزلقا من الليل ان الحسنات يذهبن

السيئات ) الطرف صلاة العصر ومختلفون باتيان هذه الآية وتبيانها في حق

صلاة العصر وصلاة الصبح وصلاة المغرب فاساخ تبيانها في كتابه العزيز

قوله : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) وفي المغرب في ايقاع

كتابه المنزل واما صلاة العشاء فقد بينها الله في كتابه العزيز : ( أقم

الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) وان هذه في حق صلاة العشاء

لأنه قال إلى غسق الليل ما بين الليل ودلوك الشمس حكم وقضى ما بين

العشاء وبين صلاة الليل وقد جاء بيان ذلك في قوله ومن بعد صلاة العشاء

فذكرها الله في كتابه وسماها ومن بعدها صلاة الليل حكى في قوله : ( يا

أيها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل

القرآن ترتيلا ) وبين النصف والزيادة وقوله عز وجل : ( انك تقوم أدنى

من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل

والنهار ) إلى آخر السورة ، وصلاة الفجر فقد حكى في كتابه العزيز :

( والذين هم على صلاتهم يحافظون ) وحكى في حقها : ( والذين هم

على صلاتهم دائمون ) من صباحهم لمساهم وهاتين الآيتين وما دونهما في

حق صلاة الفجر لأنها جامعة للصلاة فمنها إلى وقت ثان إلى الانتهاء في

كمية عدد الصلاة وانها الصلاة تشعبت منها مبدأ الضياء وهي السبب

والواسطة ما بين العبد ومولاه والشاهد من كتاب الله على أنها جامعة قوله :

( إلى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا ) لان القرآن

من بعد فراغ العبد من الصلاة فان القرآن كان مشهودا اي في معنى الإجابة

واستماع الدعاء من الله عز وجل فهذه الخمس أوقات التي ذكرها الله عز

‹ صفحة 349 ›

وجل وأمر بها . الوقت السادس صلاة الليل وهي فرض مثل الأوقات

الخمس ولولا صلاة ثمان ركعات لما تمت واحد وخمسون ركعة فضججنا بين

يديه ( عليه السلام ) بالحمد والشكر على ما هدانا إليه .

قال الحسين بن حمدان ، لقيت هؤلاء المذكورين وهم سبعون رجلا

وسألتهم عما حدثني عيسى بن مهدي الجوهري فحدثوني به جميعا وشتى

وكان لينيف عن السبعين الذين لقيتهم ممن اجتمع بذلك المجلس فلقي أبا الحسن

( عليه السلام ) ولقيت عسكر مولى أبي جعفر التاسع ( عليه السلام )

ولقيت الريان مولى الرضا ( عليه السلام ) ولقيت ابن عجائز الدارين داري

سيدنا أبي الحسن وأبي محمد ( عليهما السلام ) فمن يجوز تسميتهن ومن

حفظهن وروين عن أبي الحسن وأبي محمد ( عليهما السلام ) ، مثل ما

يروون الرجال فكان من دلائله ( عليه السلام ) .

تم الباب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وبه الهداية والتوفيق وهو

حسبنا ونعم الوكيل ، ونعم المولى ، ونعم النصير ، اللهم ثبتنا على ما إليه

هديتنا من علم هذا الكتاب ، وهب لنا منه توفيقا قائدا إلى الرشد ، وقلبا

منقلبا مع الحق ، ولسانا متجليا بالصدق ، وعزيمة إلى مناهج الرشد ،

قاهرة إلى النفس ، وبصيرة ندرك بها عرفان القدر ، وان تسعدنا بالهداية إلى

الدارية ، وان تعضدنا بالإعانة على الإبانة ، وان تعصمنا من الغواية في

الرواية ، وان تصرف عنا السفاهة بالكفاية ، وان تتقبل منا قبولا حسنا ، يا

أرحم الراحمين ، ( وصلى الله على سيدنا محمد وآله ) .