صفحة 199
الباب
الخامس
باب
الإمام حسين
الشهيد ( عليه
السلام )
صفحة 201
مضى أبو
عبد الله
الحسين وله
سبعة وستون
سنة في عام
الستين من
الهجرة
في يوم
عاشوراء ، وهو
يوم السبت من
المحرم وكان
بينه وبين
أخيه
الحسن (
عليهما
السلام ) طهور
الحمل وكان
حمل أبي عبد
الله ستة أشهر
،
ولم
يولد لستة
اشهر غير
الحسين ( عليه
السلام ) وعيسى
بن مريم ( عليه
السلام )
، وروي يحيى
بن زكريا كذلك
صلى الله عليه
.
وكان
مقام الحسين
مع جده رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ست
سنين
وستة أشهر
وعشرة أيام
والعشرة أيام
هي المدة بين
مولد الحسن
وحمل
الحسين (
عليهما
السلام ) .
وأقام
مع أمير
المؤمنين ست
سنين ، ومع
أبي محمد بعد
مضي أمير
المؤمنين
عشر سنين ،
وأقام بعد مضي
الحسن ( عليه
السلام ) عشر
سنين
وستة
أشهر لأنه لم
يكن بينهما
غير الحمل .
واسمه
الحسين وفي
التوراة شبير
ولما علم موسى
بن عمران (
عليه
السلام )
قبل التوراة
ان الله سمى
الحسن والحسين
سبطي محمد شبر
وشبير
سمى
اخوه هارون
ابنيه بهذين
الاسمين وكان
يكنى أبا عبد
الله والخاص
أبو
علي
ولقبه الشهيد
والسبط
والتام وسيد
شباب أهل
الجنة
والرشيد
والطيب
صفحة 202
والوفي
والمبارك
والتابع
والرضي لله والشاري
نفسه لله
والدال على
ذات الله
وأمه
فاطمة بنت
رسول الله صلى
الله عليهما
ومشهده
البقعة
المباركة
والربوة
ذات
قرار ومعين
بكربلاء غربي
الفرات وقتله
عبيد الله بن
زياد وعمر بن
سعد
وشمر بن ذي
الجوشن بأمر
يزيد بن
معاوية لعنهم
الله واتوه
ومعهم
اثنان
وثلاثون الف
فارس وأربعة
وعشرون الف
راجل وعدة
أصحاب
الحسين (
عليه السلام )
اثنان
وثلاثون
فارسا وأربعون
راجلا
وثمانية عشر
رهط عبد
المطلب
والباقون من
سائر الناس
ووقع شبهه على
حنظلة
الشبامي
وشبام
من همدان ولما
رأى أخاه
العباس بن علي
مخلصا في
الجهاد بين
يديه
رحمه
الله فالقى
شبهه على رشدة
بن سنان والذي
كان له من الأولاد
علي
سيد
العابدين وهو
الأكبر وعلي
الأصغر وهو المتصل
به وعبد الله
وهو
الطفل
المذبوح
بالنشابة
ومحمد وجعفر
ومن البنات
زينب وسكينة
وفاطمة .
وروي
بإسناده عن
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) ان الله
عز وجل هنأه
بحمل الحسين
وولادته
وعزاه بقتله
ومصيبته
فعرفته فاطمة
فكرهت حمله
وولادته
فأنزل الله
تعالى في
كتابه العزيز
: ( حملته أمه
كرها ووضعته
كرها
وحمله
وفصاله
ثلاثون شهرا )
وهذه الآية
أنزلت في حق
مولانا
الحسين
خاصة
ليس هذا في
سائر الناس
لأن حمل
النساء تسعة
اشهر والرضاع
حولين
كاملين لمن
أراد ان يتم
الرضاعة وهما
أربعة وعشرون
شهرا ليكون
بذلك
ثلاثة
وثلاثون شهرا
ومن النساء من
تلد لسبعة
اشهر مع أربعة
وعشرين
فيكون أحد
وثلاثون شهرا
والمولود لا يعيش
ابدا إذا ولد
لستة
اشهر
ورضاعه أربعة
وعشرون شهرا
فهو ثلاثون شهرا
كما قال الله
عز وجل
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
قال
الحسين بن
حمدان
الخصيبي شرف
الله مقامه حدثني
أبو الحسين
محمد بن
علي الفارسي
عن أبي بصير
عن أبي جعفر الباقر
( عليه السلام )
قال لما
أراد الحسين
بن علي ( عليه
السلام ) الخروج
إلى
صفحة 203
الشام
بعثت إليه أم
سلمة وهي التي
كانت ربته
وكان هو أحب
إليها من
كل أحد
وكانت أرأف
الناس عليه
وكانت تربة
الحسين عندها
في قارورة
مختومة
دفعها إليها
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) وقال
لها إذا خرج
ابني
إلى
العراق
فاجعلي هذه
القارورة نصب
عينيك فإذا
استحالت
التربة في
القارورة
دما عبيطا
فاعلمي ان
ابني الحسين
قد قتل فقالت
له أذكرت رسول
الله ان
تخرج إلى
العراق قال
ولم يا أم
سلمة قالت
سمعت رسول
الله
(
صلى الله عليه
وآله ) يقول
يقتل ابني
الحسين بالعراق
وعندي يا بني
تربتك
في قارورة
مختومة دفعها
إلي النبي (
صلى الله عليه
وآله ) فقال يا
أم
سلمة
إني مقتول لا
محالة فأين
أفر من القدر
والقضاء
المحتوم
والأمر
الواجب
من الله
سبحانه تعالى
قالت وا عجباه
فأين تذهب
وأنت مقتول
قال
يا أم
إني ان لم
أذهب اليوم
ذهبت غدا وإن
لم أذهب غدا
ذهبت بعد غد
وما من
الموت مفر
والله يا أم
إني لأعرف
اليوم الذي
أقتل فيه والساعة
التي
أحمل
فيها والحفرة
التي أدفن
فيها واعرف
قاتلي
ومحاربي
والمجلب علي
والسائق
والقائد
والمحرض ومن
هو قاتلي ومن
يحرضه ومن
يقتل معي من
أهلي
وشيعتي رجلا
رجلا وأحصيهم
عددا وأعرفهم
بأعيانهم
وأسمائهم
وقبائلهم
وعشائرهم كما
أعرفك وإن
أحببت أريتك
مصرعي ومكاني
فقالت
فقد شئت
فما زاد علي
ان تكلم باسم
الله فخضعت له
الأرض حتى
أراها
مضجعه
ومكانه ومكان
أصحابه
وأعطاها من
تلك التربة
التي كانت
عندها
ثم خرج
الحسين ( عليه
السلام ) وقال
لها يا أم إني
لمقتول يوم
عاشوراء يوم
السبت
فكانت أم سلمة
تعد الأيام
وتسأل عن يوم عاشوراء
فلما كانت تلك
الليلة
صبحته قتل
الحسين ( صلى
الله عليه
وآله ) فرأت في
منامها أشعث
مغبرا
باكيا وقال
دفنت الحسين
وأصحابه الساعة
فانتبهت أم
سلمة وخرجت
صارخة
بأعلى صوتها
واجتمع إليها
أهل المدينة
فقالوا لها ما
الذي دهاك
قالت
قتل الحسين بن
علي وأصحابه (
عليه السلام )
قالوا أضغاث
أحلام
فقالت
مكانكم فإن
عندي تربة
الحسين
فأخرجت إليهم
القارورة
فإذا هي
صفحة 204
دم عبيط
فحسبوا
الأيام فإذا
الحسين قتل في
ذلك اليوم .
وعنه عن
الحسين بن
محمد بن جمهور
عن محمد بن علي
عن علي بن
الحسن
عن علي بن
محمد عن عاصم
الخياط عن أبي
حمزة الثمالي
قال :
سمعت
عليا بن
الحسين (
عليهما
السلام ) يقول
لما كان اليوم
الذي استشهد
فيه أبو
عبد الله (
عليه السلام )
جمع أهله وأصحابه
في ليلة ذلك
اليوم فقال
لهم : يا
أهلي وشيعتي
اتخذوا هذا
الليل جملا لكم
وانجوا
بأنفسكم فليس
المطلوب
غيري ولو
قتلوني ما فكروا
فيكم فانجوا
بأنفسكم
رحمكم الله
فأنتم
في حل وسعة من
بيعتي وعهد
الله الذي عاهدتموني
فقالوا اخوته
وأهله
وأنصاره
بلسان واحد
والله يا
سيدنا أبا عبد
الله لا
تركناك أبدا
أيش يقول
الناس
تركوا امامهم
وسيدهم
وكبيرهم وحده
حتى قتل
ونبلوا بيننا
وبين الله
عذرا
وحاش لله أن
يكون ذلك أبدا
أو نقتل دونك
فقال ( عليه السلام
) يا
قوم
فإني غدا أقتل
وتقتلون كلكم
حتى لا يبقى منكم
أحد فقالوا
الحمد لله
الذي
أكرمنا
بنصرتك
وشرفنا
بالقتل معك
أولا ترضى ان
نكون معك في
درجتك
يا ابن بنت
رسول الله
فقال لهم خيرا
ودعا لهم بخير
فأصبح وقتل
وقتلوا
معه أجمعين
فقال له
القاسم ابن
أخي الحسن يا
عم وأنا اقتل
فاشفق
عليه ثم
قال : يا ابن
أخي كيف الموت
عندك قال : يا عم
أحلى من
العسل
قال أي والله
فذلك أحلى لا
أحد يقتل من الرجال
معي ان تبلو
بلاء
عظيما وابني
عبد الله إذا
خفت عطشا قال
يا عم ويصلون
إلى النساء
حتى
يقتل عبد الله
وهو رضيع فقال
فداك عمك يقتل
عبد الله إذا
خفت
عطشا
روحي وصرت إلى
خيامنا فطلبت
ما أوليناه فلا
أجد فأقول
ناولني
عبد
الله اشرب من
فيه أندى
لهواني
فيعطوني إياه
فأحمله على
يدي فأدنى فاه
من في
فيرميه فاسق
منهم لعنه
الله بسهم
فيخره وهو
يناغي فيفيض
دمه في
كفي
فارفعه إلى
السماء وأقول
اللهم صبرا
واحتسابا فيك
فتلحقني
الأسنة
منهم
والنار تحرق
وتسعر في
الخندق الذي
في ظهر الخيم
فأكر عليهم في
آخر
أوقات
بقائي في دار
الدنيا فيكون
ما يريد الله
فبكى وبكينا
وارتفع
البكاء
صفحة 205
والصراخ
من ذراري رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) في
الخيم
ويسألني
زهير بن
القين وحبيب
بن مظاهر عن
علي فيقولان يا
سيدنا علي إلى
ما
يكون من
حاله فأقول
مستعبرا لم
يكن الله ليقطع
نسلي من
الدنيا وكيف
يصلون
إليه وهو أبو
ثمانية أئمة
وكان كلما قاله
صار فكان هذا
من دلائله
(
عليه السلام ) .
وعنه عن
أحمد بن عبد
الله بن صالح
عن محمد بن عبد
الرحمن عن
محمد بن
علي بن الحسين
عن صندل عن
هارون بن خارجة
قال : قال أبو
عبد
الله الصادق (
عليه السلام )
قال الحسين بن
علي ( عليه
السلام ) : لا
تخرجوا
إلا في يوم
سبت أو يوم
خميس فإنكم إن
خالفتموني
وخرجتم في
غيرهما
قطع عليكم
الطريق
وقتلتم وذهب
ما معكم وكان
قد أرسلهم إلى
ضيعة له
فخالفوه
وخرجوا في غير
اليومين الذي قال
لهم واخذوا في
طريق
الجزيرة
فاستقبلهم
اللصوص
فقتلوا القوم
أجمعون
واخذوا ما كان
معهم
فقيل
ذلك للحسين (
صلوات الله
عليه ) فقال قد
قلت لهم لا
تخرجوا إلا
في يوم
السبت أو في
يوم الخميس
فخالفوني
فدخل من ساعته
إلى والي
المدينة
فقال قد بلغني
ما نزل
بغلمانك
ومواليك
فآجرك الله
فيهم فقال
الحسين (
عليه السلام )
فاني أدلك على
من قتلهم فأشدد
يدك عليهم
فقال
يا أبا
عبد الله
وتعرفهم قال :
نعم كما أعرفك
وهذا منهم وأشار
بيده إلى
رجل على
رأس الوالي
قائم قال له :
وكيف عرفتني يا
ابن بنت رسول
الله
بأني
كنت معهم قال
إن صدقتك تصدق
قال : نعم والله
لأفعلن قال
الحسين (
عليه السلام ) :
نعم ، ومعك
فلان وفلان يسميهم
بأسمائهم
كلهم
وفيهم أربعة
من موالي
الوالي
والباقي من
حبشان المدينة
فقال الوالي
للغلام :
برب القبر
والمنبر
لتصدقني أو
لأنزلن لحمك
بالسياط فقال
الرجل
والله
ما كذب الحسين
ولو كان ما
زاد علما على قوله
قليلا ولا
كثيرا
فجمعهم
الوالي جميعا
فأقروا بلسان
واحد والله
أراد بهم
ليعلم الناس
والوالي من
هو أحق
بالأمر فقام
الوالي وضرب أعناقهم
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
صفحة 206
وعنه عن
الحسين بن علي
بن جمهور عن
علي بن الطيب
الصابوني قال
الحسين
بن حمدان لقيت
علي بن الطيب
الصابوني فحدثني
بهذا الحديث
عن
الحسن
بن زيد المدني
عن محمد بن
علي بن الحسين
الزيات عن سيف
بن
عميرة
التمار عن أبي
عبد الله
الصادق (
صلوات الله
عليه ) قال : جاء
رجل
من
موالي أبي عبد
الله الحسين (
عليه السلام )
يشاوره في
امرأة
يتزوجها
فقال له (
عليه السلام ) :
لا أحب لك أن
تتزوجها فإنها
امرأة مشؤومة
وكان
الرجل محبا له
ذو مال كثير
فخالف مولانا الحسين
( عليه السلام )
وتزوجها
فلم تلبث معه
الا قليلا حتى
اتلف الله
ماله وركبه
دين ومات أخ
له كان
أحب الناس
إليه فقال له
الحسين ( عليه
السلام ) : لقد
أشرت
عليك ما
هو خير لك
منها وأعظم
بركة فخلى
الرجل سبيلها
فقال عليك
بفلانة
فتزوجها فما
خرجت سنته حتى
اخلف الله عليه
ماله وحاله
وولدت له
غلاما
ورأي منها ما
يحب في تلك
السنة فكان
هذا من دلائله
( عليه
السلام )
والتحية .
وعنه
بهذا الإسناد
عن أبي عبد
الله جعفر
الصادق ( عليه
السلام )
قال : لما
سار أبو عبد
الله الحسين (
صلوات الله عليه
وآله ) من
المدينة
تكنفه
أفواج
الملائكة
المسومين والمردفين
في أيديهم
الحراب على
نجب من
نجب
الجنة فسلموا
عليه وقالوا :
يا حجة الله على
خلقه بعد جده
وأبيه
وأخيه
ان الله قد
أمدك بنا فقال
لهم : الموعد حضرتي
وبقعتي التي
استشهد
بها في
كربلاء فإذا
وردتها
فأتوني
فقالوا يا حجة
الله ان الله
أمرنا ان نسمع
لك
ونطيع فهل
تخشى من عدو
يلقاك فنكون
معك فقال لا
سبيل لهم علي
ولا
يلقوني
بكريهة حتى
أصل إلى بقعتي
وأتاه أفراخ
من مؤمني الجن
فقالوا
له : يا
مولانا نحن
شيعتك
وأنصارك مرنا
بأمرك فإن
امرتنا نقتل
كل عدو
لك وأنت
مكانك
لكفيناك ذلك
فجزاهم خيرا
وقال لهم : أما
قرأتم كتاب
الله المنزل
على نبيه
المرسل قوله
تعالى : ( قل لو
كنتم في
بيوتكم لبرز
الذين
كتب عليهم
القتل إلى
مضاجعهم )
فإذا أقمت
مكاني فبماذا
يمتحن
صفحة 207
الله
هذا الخلق
المنكوس
وإنما يحشرون
إلى النار
وأما من يكون
حضرتي
بكربلاء
التي اختارها
الله لي دون
الأرض وجعلها
معقلا
لشيعتنا
ومحبيهم
ويقبل
فيها اعمالهم
ويشكر الله
سعيهم وتكون لهم
أمانا في
الدنيا
والآخرة
ولا
يبقى مطلوب من
أهلي ونسبي
وذراري
وإخوتي وأهل
بيتي ويسير
برأسي
إلى
يزيد بن
معاوية لعنه
الله ولعن كل
ظالم لهم ،
فقالت له الجن
: والله
يا حبيب
الله وابن
حبيبه لولا أن
أمرك امر الله
وطاعتك ذلك لا
يجوز لنا
مخالفته
لخالفناك
وقتلنا جميع
أعدائك قبل أن
يصلوا إليك
فقال لهم (
عليه
السلام )
ونحن بالله
عليهم أقدر
ولكن ليهلك من
هلك عن بينة
ويحيى من
حي عن
بينة فكان هذا
من دلائله (
عليه السلام ) .
وعنه عن
الحسين بن علي
الصائغ عن
محمد بن شهاب
الوشاء عن
كثير بن
وهب عن الحدا
ابن يونس بن
ظبيان عن جابر
بن يحيى
المعبراني
عن سعيد
بن المسيب قال
لما استشهد
أبو عبد الله
الحسين ( عليه
السلام )
وحج
الناس من قابل
دخلت على سيدي
علي بن الحسين
( عليهما
السلام )
فقلت له
يا مولاي قد
قرب الحج
فماذا تأمرني
قال امض على
نيتك
فحججت
فبينما أنا
أطوف بالكعبة
فإذا نحن برجل
مقطوع اليدين
ووجهه
كقطع
الليل المظلم
متعلقا
بأستار
الكعبة وهو
يقول اللهم رب
هذا البيت
الحرام
اغفر لي وما
أحسبك تغفر لي
ولو شفع لي سكان
سماواتك
وجميع
من خلقت
لعظم جرمي قال
سعيد بن
المسيب
فشغلنا وشغل
جميع الناس
من
الطواف حتى حف
به الناس
واجتمعنا
عليه وقلنا له
يا ويلك لو
كنت
إبليس
لعنه الله
لكان ينبغي أن
لا ييأس من
رحمة الله فمن
أنت وما ذنبك
فبكى
وقال يا قوم
انا أعرف
بنفسي وذنبي
وما جنيت
فقلنا له
تذكره لنا
فقال
إني كنت
جمالا لأبي
عبد الله
الحسين بن علي
( عليهما
السلام ) لما
مر من
المدينة
إلى العراق
وكنت أراه إذا
أراد الوضوء
للصلاة فإذا
يضع سراويله
فأرى
التكة تغشي
الأبصار بحسن
اشراقها وألوانها
وكنت أتمناها
إلى أن
صرنا
بكربلاء فقتل
الحسين بن علي
( صلوات الله
عليه ) وأنا
معه فدفنت
صفحة 208
نفسي في
مكان من الأرض
ولم اطلب الا
مثالي قال
فلما جن علينا
الليل
خرجت من
مكاني فرأيت
تلك المعركة
بها نورا لا ظلمة
ونهارا لا
ليلا
والقتلى
مطروحين على
وجه الأرض
فذكرت لشقاوتي
التكة فقلت
والله
لأطلبن
الحسين فأرجو
أن تكون التكة
عليه في سراويله
فاخذها ولم
أزل
انظر في وجوه
القتلى حتى
وجدته جديلا
فإذا التكة
فيها فدنوت
منه وضربت
بيدي
إلى التكة
فإذا هو قد
عقدها عقدة
قوية فلم أزل
أحل حتى حللت
منها
عقدة فمد يده
اليمين وقبض
على التكة فلم
أقدر على اخذ
يده عنها
ولا أصل
إليها فدعتني
نفسي
الملعونة إلى
أن طلبت فوجدت
قطعة من سيف
مطروحة
فأخذتها
وانكببت على
يده فلم أزل
أحزها من يده
حتى فصلتها
عن
التكة ثم حللت
عقدة أخرى فمد
يده اليسرى فقطعتها
ثم نحيتها عن
التكة
ومددت
يدي إلى التكة
لآخذها وإذا
بالأرض ترجف
والسماء وإذا
بجبلة
عظيمة وبكاء
ونداء يقول وا
ابناه وا حسيناه
فصعقت ورميت
نفسي
بين القتلى
فإذا ثلاث نفر
وامرأة ،
وحولهم خلائق وفرق
قد امتلأت
منهم
الأرض
والسماء في
صور الناس
وأجنحة
الملائكة
وإذا بواحد
منهم يقول
وا
ابناه يا حسين
فداك جدك
وأبوك وأمك
وأخوك وإذا
بالحسين قد
جلس
ورأسه
على بدنه وهو
يقول لبيك يا
جداه يا رسول
الله ويا
أبتاه يا أمير
المؤمنين
ويا أماه يا
فاطمة ويا
أخاه المقتول
بالسم قبلي
وإذا هم قد
جلسوا
حوله
وفاطمة تقول
يا أبي يا
رسول الله
أتأذن لي حتى
آخذ من دم
شيبته
وأخضب
ناصيتي والقى
الله يوم
القيامة قال
لها افعلي
فرأيتهم
يأخذون
وفاطمة
تمسح ناصيتها
والنبي وعلي
والحسن ( عليهم
السلام )
يمسحون
نحورهم
وصدورهم
وأيديهم إلى
المرافق
وسمعت رسول
الله ( صلى
الله
عليه
وآله ) يقول
فديتك يا حسين
فما كان من
قطع يدك
اليمنى وثني
باليسرى
قال يا جداه
كان معي جمال
صحبني من المدينة
وكان ينظر إلى
سراويلي
ووضوء الصلاة
فيتمنى أن
يكون له فما منعني
أن ادفعها
إليه الا
لعلمي
انه صاحب هذا
الفعل فلما
قتلت خرج يطلبني
فوجدني بلا
رأس
فتفقد
سراويلي ورأي
التكة وقد كنت
عقدتها عقدة
صعبة فضرب يده
إلى
صفحة 209
العقدة
منها فحلها
فمددت يدي
اليمنى فقبضت
على التكة
فطلب في
المعركة
فوجد
قطعة من سيف
فقطع بها يدي
اليمنى ثم حل
عقدة أخرى
فضربت
بيدي
اليسرى على
التكة لئلا
يحلها فتنكشف
عورتي فأخذ
يدي اليسرى
فلما
ان حل
العقدة
الأخرى أحس بك
فرمى بنفسه
بين القتلى
فقالوا أف لك
جمالا
سود الله وجهك
في الدنيا
والآخرة وقطع يديك
وجعلك في حزب
من
سفك
دماءنا وحايش
على الله في
قتلنا فما
استتم دعاءه
حتى انتثرت
يداي
وحسست
بوجهي انه
البس قطعا من
النار مسودة
فجئت إلى هذا
البيت
استشفع
واعلم بأنه لا
يغفر لي ابدا
فلم يبق بمكة
أحد ممن سمع
بحديثه
الا
تقرب إلى الله
بلعنه وكل
يقول حسبك ما
أنت فيه فكان
هذا من دلائله
وعجائبه
وغرائبه
وبرهانه (
عليه السلام ) .