صفحة 89
الباب
الثاني
باب
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
صفحة 91
مضى علي
أمير
المؤمنين وله
ثلاث وخمسون
سنة ، في عام
الأربعين من
أول سني
الهجرة ، وكان
مقامه بمكة مع
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم )
ثلاثا وعشرين
سنة ، منها
ثلاث عشرة سنة
في ظهور
الرسالة ،
وأقام
معه بالمدينة
عشر سنين ، ثم
قبض النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) وأقام
بعده
أيام أبي بكر
سنتين وشهور ،
وأيام عمر تسع
سنين وشهور ،
وأيام
عثمان
اثنتي عشرة
سنة ، وأيامه (
عليه السلام ) ست
سنين ، الجميع
ثلاثون
سنة .
ومضى
بضربة عبد
الرحمن بن
ملجم المرادي
في ليلة
الجمعة لإحدى
عشرة
ليلة بقيت من
شهر رمضان .
وكان
اسمه عليا وفي
القرآن مبينا
، قوله في قصة
إبراهيم (
عليه
السلام )
، ( واجعل لي
لسان صدق في
الآخرين )
وقوله تعالى
إجابة
لإبراهيم
( عليه السلام ) : (
ووهبنا له
إسحاق ويعقوب
وكلا جعلنا
نبيا
ووهبنا
لهم من رحمتنا
وجعلنا لهم
لسان صدق عليا
) وقوله : ( وانه
في أم
الكتاب
لدينا لعلي
حكيم ) وله في
القرآن ثلاثمائة
اسما .
ورويت
الأسانيد
الصحيحة
ووجدت في
قراءة عبد الله
بن مسعود
صفحة 92
(
رضي الله عنه )
الذي قال
النبي ( صلى
الله عليه وآله
) من أراد أن
يسمع
القرآن غضا
طريا كما
أنزله الله
تعالى فليسمعه
من فم عبد
الله بن
مسعود ،
وبهذا كان
يدعوه رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) لأبيه ،
ففي
قراءته : (
ان علينا جمعه
وقرآنه ، فإذا
قرأناه فاتبع
قرآنه ، ثم إن
علينا
بيانه ) ( 1 )
، وقوله تعالى
: ( إنما أنت
منذر ولكل قوم
هاد ) والمنذر
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله )
والهادي علي (
عليه السلام ) .
وقوله
تعالى : ( أفمن
كان على بينة
من ربه ويتلوه
شاهد منه )
والشاهد
منه علي ( عليه
السلام ) .
وقوله
عز وجل : ( عم
يتساءلون عن
النبأ العظيم
الذي هم فيه
مختلفون
) وقول أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
لعلي بن دراع
الأسدي وقد
دخل
عليه وهو محتب
في جامع
الكوفة فوقف
بين يديه ،
فقال : قد أرقت
مدى
ليلتك ، فقال
له : ما أعلمك
يا أمير
المؤمنين
بأرقي ؟ فقال :
ذكرتني
والله
في أرقك ، فإن
شئت ذكرتك
وأخبرتك به
فقال علي بن
دراع : أنعم
علي يا
أمير
المؤمنين
بذلك ، فقال
له : ذكرت في ليلتك
هذه قول الله (
عز
وجل ) : ( عم
يتساءلون ، عن
النبأ العظيم
الذي هم فيه
مختلفون )
فأرقك
وفكرك فيه
وتالله يا علي
ما اختلف
الملأ إلى بي
وما لله نبأ
هو أعظم
مني ،
ولي ثلاثمائة
اسم ، لا يمكن
التصريح بها
لئلا يكبر على
قوم لا
يؤمنون
بفضل الله ( عز
وجل ) على
رسوله وأمير
المؤمنين
والأئمة
الراشدين
.
اسمه في
صحف شيث
وإدريس ونوح
وإبراهيم
وبالسرياني :
مبين ،
صفحة 93
وباللسان
العبراني
الهيولي ،
والأمين ، والثبات
، والبيان ،
واليقين ،
والايمان ،
وفي
التوراة :
إليا ، وفي
الزبور : اريا
، وبلغة الزنج
: جينا ،
وبلسان
الحبشة :
تبريك ، وسمي
يوم القليب -
وقد سقط عثمان
في البدء من
دابته
الهلالية
فعلق أمير المؤمنين
برجله وأخرجه
فسمته -
ميمونا ، وبلسان
الأرمن :
افريقا ،
وباللسان
العربي :
حيدرة . وسماه
أبوه أبو طالب
- وهو
صغير
وكان يصرع
أكابر اخوته -
ظهيرا .
وكناه :
أبو الحسن
والحسين وأبو
شبر وأبو شبير
، وأبو تراب ،
وأبو
النور ،
وأبو السبطين
، وأبو الأئمة
.
وألقابه : أمير
المؤمنين ،
وهو اللقب
الأعظم الذي
خصه الله به
وحده ولم
يسم به
أحد قبله ولا
يسمى به أحد
بعده إلا كان مأفونا
في عقله
ومأبونا في
ذاته ،
وأمير النحل
والنحل هم
المؤمنون ،
والوصي ،
والامام ،
والخليفة ،
وسيد
الوصيين ،
والصديق
الأعظم ،
والفاروق الأكبر
، وقسيم الجنة
والنار
، وقاضي الدين
، ومنجز الوعد
، والمحنة
الكبرى ،
وصاحب
اللواء
، والذائد عن
الحوض ، ومهلك
الجان ، الأنزع
البطين ،
والأصلع
الأمين
، وكاشف الكرب
، ويعسوب
الدين ، وباب
حطة ، وباب
المقام ،
وحجة
الخصام ،
ودابة الأرض ،
وصاحب
القضايا ، وفاصل
القضاء ،
وسفينة
النجاة ،
والمنهج
الواضح ،
والمحجة البيضاء
، وقصد السبيل
،
وجزارة
قريش ، ومفتي
القرون ، ومكر
الكرات ، ومديل
الدولات ،
وراجع
الرجعات ، والقرم
الحديد ، الذي
هو في الله
ابدا جديد .
وأمه
فاطمة بنت أسد
بن هاشم بن
عبد مناف ،
ولم يكن في
زمانه
هاشمي ابن
هاشمية غيره
وغير اخوته
جعفر وطالب
وعقيل ،
وابنيه الحسن
والحسين
وابنتيه زينب
وأم كلثوم (
عليهم السلام
) ، ومشهده في
الذكوات
البيض
بالغريين
غربي الكوفة .
وفي
مشهده خبر قال
الحسين بن
حمدان
الخصيبي : حدثني
أحمد بن
صفحة 94
صالح ،
عن أبي هاشم
داود بن القاسم
الجعفري ، عن
أبي جعفر
الإمام
التاسع (
عليه السلام )
عن أبيه علي
الرضا وموسى
الكاظم وجعفر
الصادق
(
عليهم السلام
) ان الصادق (
عليه السلام )
قال لشيعته
بالكوفة ، وقد
سألوه
عن فضل
الغريين
والبقعة التي
دفن فيها أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
ولم سمي
الغريان غريين
فقال : ان
الجبار
المعروف
بالنعمان بن
المنذر
، كان يقتل
أكابر العرب
ومن ناوأه من
جبابرتهم
وكبرائهم
وكان
الغريان
على يمين
الجادة فإذا
قتل رجلا امر
بحمل دمه إلى
جادة العلمين
حتى
يغريانه يريد
بذلك يشهده
المقتول إذا
رأى دمه على
العلمين من
اجل
ذلك سمي
الغريان .
واما
البقعة التي
فيها قبر أمير
المؤمنين ( صلوات
الله عليه )
فإن نوحا
(
صلوات الله
عليه ) لما
طافت السفينة
وهبط جبريل (
عليه السلام )
على
نوح
فقال : ان الله
يأمرك أن
تنزيل ما بين
السفينة
والركن
اليماني فإذا
استقرت
قدماك على
الأرض فابحث
بيدك هناك فإنه
يخرج تابوت
آدم فاحمله
معك في
السفينة فإذا
غاص فابحث
بيدك الماء فادفنه
بظهر النجف
بين
الذكوات
البيض
والكوفة
فإنها بقعة
اخترتها له
ولك يا نوح
ولعلي بن أبي
طالب (
صلوات الله
عليه ) وصي
محمد ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
ففعل
نوح ذلك
ووصى ابنه
ساما ان يدفنه
في البقعة مع
التابوت الذي
لآدم ،
فإذا
زرتم مشهد
أمير
المؤمنين
فزوروا آدم ونوح
وعلي بن أبي
طالب ( عليهم
السلام ) .
ولد له
من فاطمة (
عليها السلام
) الحسن ،
والحسين ،
ومحسن
-
مات صغيرا -
وزينب وأم
كلثوم ( عليهم
السلام ) .
وكان له
من خولة
الحنفية أبو
هاشم محمد بن
الحنفية .
وكان له
عبد الله
والعباس
وجعفر وعثمان
من أم البنين
وهي جعدة
ابنة
خالد بن زيد
الكلابية .
صفحة 95
وكان له
من أم عمر
التغلبية عمر
ورقية وهي من سبي
خالد بن
الوليد .
وكان له
يحيى من أسماء
بنت عميس
الخثعمية .
وكان له
محمد الأصغر
من أم ولد .
وكان له
الحسن ورملة
وأمهما أم
شعيب
المخزومية .
وكان له
أبو بكر وعبيد
الله وأمهما
ليلى ابنة مسعود
النهشلية
والذي
اعقب من
ولد أمير
المؤمنين :
الحسن
والحسين ( عليهما
السلام )
ومحمد بن
الحنفية
والعباس وعمر
.
قال :
ومضى أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وخلف منهن
امامة ابنة
زينب
ابنة رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
وليلى
التميمية
وأسماء
ابنة
عميس
الخثعمية ،
وأم البنين
الكلابية ، وثمانية
عشر ولدا ،
ولم يكن
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) تزوج أو
تمتع بحرة ولا
أمة في حياة
خديجة (
عليها السلام
) إلا بعد
وفاتها ،
وكذلك أمير
المؤمنين لم
يتزوج ولا
تمتع
بحرة ولا أمة
في حياة فاطمة
( عليها السلام
) إلا بعد
وفاتها وكان
اسم
أبي
طالب عبد مناف
بن عبد المطلب
بن هاشم بن عبد
مناف .
وروي عن
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
أنه قال : " أنا
أهل بيت
نبوة
ورسالة
وإمامة ، وإنه
لا تقبلنا عند
ولادتنا
القوابل " .
وإن الامام
لا
يتولى ولادته
ووفاته
وتغميضه
وتغسيله وتكفينه
ودفنه
والصلاة عليه
إلا
الإمام .
والذي تولى
وفاة رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) علي (
عليه
السلام )
غمضه وغسله و
كفنه وصلى
عليه وتولى امره
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وولداه
الحسن
والحسين (
عليهما
السلام )
توليا وفاة
أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
وتغميضه
وغسله
وتكفينه
والصلاة عليه
ودفنه ولم
يحضره
أحد
غيرهما ،
ودفناه ليلا ،
ولم يظهر على
مشهده أحد الا
بدلالة صفوان
صفحة 96
الجمال
، وكان جمال
الصادق ( عليه
السلام ) . ثم دلت
عليه الأئمة
من
موسى بن
جعفر وعلي
الرضا ومحمد
الجواد وعلي الهادي
والحسن
العسكري
ورواه
شيعتهم وكان
دلالة صفوان
على مشهد أمير
المؤمنين (
صلوات الله
عليه )
دلالة ظهرت
للناس .
قال
الحسين بن
حمدان : حدثني
محمد بن يحيى
الفارسي عن
محمد بن
جمهور
القمي عن عبد
الله الكرخي
عن علي بن
مهران
الأهوازي عن
محمد بن
صدقة عن محمد
بن سنان
الزاهري عن
المفضل بن عمر
الجعفي
عن
مولانا
الصادق ( عليه
السلام ) قال
المفضل : دعاني
سيدي الصادق
في
جنح
الليل وهو
مقتم اسود
فحضرت داره
وهي تزهر نورا
بلا ظلمة فلما
امتثلت
بين يديه قال
يا مفضل : مر
صفوانا يصلح
لي على ناقتي
السعداء
رحلها
وأقم في الباب
إلى وقت رجوعي
إليك قال ثم
خرج مولاي
الصادق
(
عليه السلام )
وقد احضر
صفوان الناقة
وأصلح رحلها
فاستوى عليها
واثارها
ثم قال يا
صفوان : خذ
بحقاب الناقة
وارتدف ، قال :
ففعل صفوان
ذلك
ومرت الناقة
كالبرق الخاطف
أو كاللحظ
السريع وجلست
بالباب حتى
مضى من
الليل سبع
ساعات من وقت
ركوب سيدي
الصادق منه
السلام .
قال
المفضل :
فرأيت الناقة
وهي كجناح
الطير وقد
انقضت إلى
الباب ،
ونزل عنها
مولاي منه
السلام
فانقلب صفوان
إلى الأرض
خافتا
فأمهلته
وأقبلت انظر
إلى الناقة ،
وهي تخفق
والعرق يجري
منها حتى ثاب
صفوان
فقلت : خذ
ناقتك إليك
وعدل إلى أن
خرج مغيث خادم
مولاي
الصادق
، فقال سل يا
مفضل صفوانا
عما رأى ، ويا
صفوان حدثه
ولا
تكتمه .
قال : فجلس
صفوان بين يدي
، وقال : يا
مفضل أخبرك
بالذي
رأيت
الليلة فقد
اذن لي مولاي
، قلت : نعم ، قال
: أمرني سيدي (
عليه
السلام )
فارتدفت على
الناقة ، ولم
أعلم انا في
سماء أم في
أرض غير اني
أحس في
الناقة وهي
كأنها الكوكب
المنقض حتى أناخت
ونزل مولاي (
عليه
السلام )
ونزلت وصلى
ركعتين وقال :
يا صفوان صل واعلم
انك في بيت
صفحة 97
الله
الحرام ، قال :
فصليت ثم ركبت
وارتدفت ،
وهبت الناقة
كهبوب
الريح
العاصف ، ثم
انقضت فأناخت
فنزل مولاي ( عليه
السلام ) فقال :
صل يا
صفوان ركعتين
واعلم إنك في
المسجد الأقصى
، قال : ثم ركب
وارتدفت
وسارت الناقة
وهبطت فأناخت
فنزل مولاي
عنها ونزلت
فصلى
ركعتين .
ثم قال :
صل يا صفوان
واعلم بأنك
بين قبر جدي (
عليه السلام )
ومنبره
قال : فصليت
فقال : يا
صفوان ارتدف
من ورائي
فارتدفت
فسارت
مثل
سيرها وانقضت
فنزل مولاي (
عليه السلام )
وصلى وصليت
فقال : يا
صفوان
أنت على جبل
طور سيناء
الذي كلم الله
عليه موسى بن
عمران
(
عليه السلام )
ثم ركب وارتدفت
وانقضت فنزل
عنها ، ونزلت
فإذا هو
يجهش
بالبكاء
ويقول : جللت
من مقام ما
أعظمك ، ومصرع
ما اجلك ،
أنت
والله البقعة
المباركة
والربوة ذات
قرار ومعين ،
وفيك والله
كانت الشجرة
التي
كلم الله منها
موسى ( عليه
السلام ) ما
أطول حزننا
بمصابنا فيك
إلى أن
يأخذ
الله بحقنا
قال : وتكلم
بكلام خفي عني
ثم صلى ركعتين
وصليت
وأنا
أبكي وأخفي
بكائي ثم ركب
وارتدفت فنزل
عن قريب لنا
وصلى
وصليت
قال : يا صفوان
هل تعلم أين
أنت ؟ قلت : يا مولاي
عرفني
حتى
اعرف ، قال :
أنت بالغريين
في الذكوات
البيض في
البقعة التي
دفن
فيها
أمير
المؤمنين علي
( عليه السلام ) .
قال :
فقلت يا مولاي
فاجعل لي
إليها دليلا ،
قال : ويحك
بعدي أو
بعدي ،
قال فقلت يا
مولاي بعهدك
وبعدك قال على
انك لا تدل
عليها
ولا
تزورها الا
بأمري قال :
فقلت يا مولاي
إني لا أدل
عليها ولا
أزورها
الا
بأمرك ، قال
خذ يا صفوان
من الشعير الذي
تزودته
الناقة فانثر
منه حبا
إلى
مسجد السهلة
وبكر عليه
تستدل وتعرف
البقعة
بعينها وزرها
إذا
شئت ،
ولا تظهرها
لأحد إلا من
تثق به ومن
يتلوني من
الأئمة (
عليهم
السلام )
إلى وقت ظهور
مهدينا أهل
البيت ( صلوات
الله عليه ) ثم
يكون
صفحة 98
الأمر
إلى الله
ويظهر فيها ما
يشاء حتى تكون
معقلا
لشيعتنا
وتضرعا إلى
الله
ووسيلة
للمؤمنين .
قال
المفضل : فظلت
باقي ليلتي
راكعا وساجدا
أسأل الله
بقائي إلى
صباح
ذلك اليوم
فلما أصبحت
دخلت على
مولاي منه
السلام فقلت
أريد
الفوز
العظيم
والسعي إلى
البقعة
المباركة التي
بين الذكوات
البيض في
الغريين
قال : امض وفقك
الله يا مفضل
وصفوان معك
قال المفضل :
فأخذ
بيدي وقصدت
مسجد السهلة ،
ثم استدللنا بالحبات
الشعير
المنثورة
حتى
وردنا البقعة
فلذنا بها
وزرنا وصلينا
ورجعنا
وأنفسنا
مريضة خوفا من
أن لا
نكون وردنا
البقعة
بعينها ، قال :
ودخلنا من
مزارنا منها
إلى مولانا
الصادق (
عليه السلام )
فوقفنا بين
يديه فقال : والله
يا مفضل ويا
صفوان
ما
خرجتما عن
البقعة عقدا
واحدا ولا
نقصتما عنها
قدما فقلنا :
الحمد لله
ولك يا
مولاي وشكرا
لهذه النعمة
وقرأ : ( وكل شئ أحصيناه
كتابا )
وقوله : (
وكل شئ
أحصيناه في
إمام مبين ) .
وروي
بهذه الاسناد
عن الصادق (
عليه السلام )
عن أبيه
الباقر ( عليه
السلام )
قال : دخل
سلمان
الفارسي (
عليه السلام ) ،
والمقداد بن
الأسود
الكندي
، وأبو ذر
جندب الغفاري
، وعمار بن
ياسر ، وحذيفة
بن اليمان ،
وأبو
الهيثم مالك
بن التيهان ،
وخزيمة بن ثابت
، وأبو الطفيل
عامر على
النبي
(
صلى الله عليه
وآله وسلم )
فجلسوا بين
يديه والحزن
ظاهر في
وجوههم
فقالوا
له فديناك
بالآباء
والأمهات يا
رسول الله انا
نسمع في أخيك
علي
(
عليه السلام )
ما يحزننا
سماعه وإنا
نستأذنك في
الرد عليهم ،
فقال
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) : وما
عساهم يقولون
في أخي علي ؟
فقالوا :
يا رسول الله
انهم يقولون :
اي فضيلة له
في سبقه إلى
الإسلام ،
وإنما
ادركه
الإسلام طفلا
، ونحن يحزننا
هذا فقال رسول
الله ( صلى
الله
عليه
وآله ) : هذا
يحزنكم ؟
قالوا : نعم يا
رسول الله ،
فقال أسألكم
بالله
هل
علمتم من
الكتب الأولى
ان إبراهيم (
عليه السلام )
هربت به أمه
وهو
صفحة 99
طفل
صغير من عدو
الله وعدوه
النمرود في
عهده فوضعته
أمه بين ثلاث
أشجار
شاطئ نهر يدفق
يقال له حوران
وهو بين غروب
الشمس وإقبال
الليل
فلما وضعته
أمه واستقر
على وجه الأرض
فقام من تحتها
فمسح رأسه
ووجهه
وسائر بدنه
وهو يكثر من
الشهادة لله
بالوحدانية
ثم اخذ ثوبا
فاتشح
به وأمه
ترى ما يفعل
فرعبت منه
رعبا شديدا
فهرول من بين
يديها مادا
عينه
إلى السماء
فكان منه ما
قال الله ( عز
وجل ) : ( فلما جن
عليه الليل
رأى
كوكبا قال هذا
ربي ) وقصة
الشمس والقمر
إلى قوله : وما
انا من
المشركين
) .
وعلمتم
ان موسى بن
عمران ( عليه
السلام ) كان
فرعون في طلبه
يبقر
بطون النساء
الحوامل
ويذبح
الأطفال لقتل
موسى ( عليه
السلام ) فلما
ولدته
أمه أوحى
إليها أن
يأخذوه من
تحتها فتقذفه
وتلقيه في
التابوت
وتقذفه
في اليم
فبقيت حيرانة
حتى كلمها
موسى وقال لها
يا أم اقذفيني
في التابوت
فقالت
له هي من
كلامه يا بني
اني أخاف عليك
من الغرق فقال
لها : لا
تخافي
ان الله رادني
إليك ففعلت
ذلك فبقي التابوت
في اليم إلى
أن ألقاه
إلى
الساحل ورد
إلى أمه وهو
برهة لا يطعم
طعاما ولا
يشرب شرابا
معصوما
وروي ان المدة
كانت سبعين
يوما وروي
انها كانت
تسعة اشهر
وقال
الله تعالى في
حال طفوليته : (
ولتصنع على عيني
إذ تمشي أختك
فتقول
هل أدلكم على
أهل بيت
يكفلونه )
الآية .
وهذا
عيسى بن مريم (
عليه السلام )
قال الله تعالى
: ( فناداها من
تحتها
الا تحزني قد
جعل ربك تحتك
سريا ) إلى آخر
الآية .
فكلم
أمه وقت مولده
فقال لها : ( كلي
واشربي وقري
عينا فإما
ترين
من
البشر أحدا
فقولي اني
نذرت للرحمن
صوما فلن أكلم
اليوم انسيا ) .
وقال : (
فأشارت إليه
قالوا كيف
نكلم من كان
في المهد صبيا
قال إني
عبد
الله آتاني
الكتاب
وجعلني نبيا
وجعلني مباركا
أينما كنت
وأوصاني
صفحة 100
بالصلاة
والزكاة ما
دمت حيا وبرا
بوالدتي ولم
يجعلني جبارا
شقيا ) .
فتكلم
عيسى بن مريم (
عليه السلام )
في وقت ولادته
وأعطي الكتاب
والنبوة
وأوصي
بالصلاة
والزكاة في
ساعة مولده
وكلمه الناس
في اليوم
الثالث
وقد
علمتم جميعا
خلقتي وان
عليا من نوري
ونوري ونوره
نور واحد وكنا
كذلك
نسبح الله
ونقدسه
ونمجده
ونهلله ونكبره
قبل ان يخلق
الملائكة
والسماوات
والأرضين
والهواء ثم
عرش العرش وكتب
أسماءنا
بالنور عليه
ثم
اسكننا صلب
آدم ولم نزل
ننتقل في
أصلاب الرجال
المؤمنين وفي
أرحام
النساء
الصالحات يسمع
تسبيحنا في
الظهور
والبطون في كل
عهد وعصر
وزمان
إلى أبي عبد
المطلب فإنه
كان يظهر نورنا
في بلجات وجوه
آبائنا
وأمهاتنا
حتى ثبتت
أسماؤنا
مخطوطة
بالنور على
جبهاتهم .
فلما
افترقنا
نصفين : في عبد
الله نصف ،
وفي أبي طالب
عمي نصف
كان
تسبيحنا في
ظهورهما ،
فكان عمي وأبي
إذا جلسا في
ملأ من الناس
ناجى
نوري من صلب
أبي نور علي
من صلب أبيه
إلى أن خرجنا
من
صلبي
أبوينا وبطني
أمينا ولقد
علم جبريل (
عليه السلام )
في وقت ولادة
علي وهو
يقول : هذا أول
ظهور نبوتك
واعلان وحيك
وكشف رسالتك
إذ
أيدك
الله بأخيك
ووزيرك وصنوك
وخليفتك ومن
شددت به أزرك
وأعليت
به ذكرك
علي بن أبي
طالب فقمت
مبادرا فوجدت
فاطمة ابنة
أسد أم
علي بن
أبي طالب وقد
جاءها المخاض
فوجدتها بين
النساء
والقوابل من
حولها
فقال حبيبي
جبرائيل : سجف
بينها وبين النساء
سجافا ، فإذا
وضعت
عليا
فتلقه بيدك
اليمنى ففعلت
ما امرني به ومددت
يدي اليمنى
نحو أمه
فإذا
بعلي ماثلا
على يدي واضعا
يده اليمنى في
اذنه يؤذن
ويقيم
بالحنفية
ويشهد
بوحدانية
الله ( عز وجل )
وبرسالتي .
ثم أشار
إلي فقال : يا
رسول الله
إقرأ ، قلت :
اقرأ والذي
نفس
محمد
بيده لقد
ابتدأ بالصحف
التي أنزلها
الله على آدم
وابنه شيث
فتلاها من
صفحة 101
أول حرف
إلى آخر حرف
حتى لو حضر
شيث لأقر بأنه
أقرأ لها منه
، ثم
تلا صحف
نوح حتى لو
حضر نوح لأقر
أنه اقرأ لها منه
، ثم تلا صحف
إبراهيم
حتى لو حضر
إبراهيم لأقر
انه اقرأ لها
منه ، ثم تلا
زبور داود حتى
لو
حضر
داود لأقر أنه
أقرأ لها منه ،
ثم تلا توراة
موسى حتى لو
حضر موسى
لأقر
انه أقرأ ، ثم
قرأ إنجيل
عيسى حتى لو
حضر عيسى لأقر
بأنه
اقرأ
لها منه ، ثم
خاطبني
وخاطبته بما
يخاطب به
الأنبياء ثم
عاد إلى
طفولتيه .
وهكذا
سبيل الاثني
عشر إماما من
ولده يفعلون في
ولادتهم مثله
.
فماذا
تحدثون وماذا
عليكم من قول
أهل المشك
والشرك بالله
هل
تعلمون
إني أفضل
النبيين ،
ووصيي علي
أفضل الوصيين
، وان أبي آدم
تمام
اسمي واسم أخي
علي وابنتي
فاطمة وابني الحسن
والحسين (
عليهم
السلام )
مكتوبة على
سرادق العرش
بالنور ، منذ
قال آدم : "
الهي هل خلقت
خلقا
قبلي هو أكرم
عليك مني " قال
يا آدم : لولا
هذه الأسماء
ما
خلقت
سماء مبنية
ولا أرضا
مدحية ولا
ملكا مقربا
ولا نبيا
مرسلا ولا
خلقتك
يا آدم " فقال :
الهي وسيدي
بحقهم الا غفرت
لي خطيئتي .
فكنا
نحن
الكلمات التي
تلقى آدم من
ربه ، فغفر له
وقال : ابشر يا
آدم فإن
هذه
الأسماء من
ذريتك وولدك
فحمد الله
وافتخر على
الملائكة بنا
فإذا كان
هذا من
فضلنا عند
الله وفضل
الله علينا
ولا يعطى
إبراهيم
وموسى وعيسى
شيئا من
الفضل الا
ويعطيه بنا
فماذا يضرنا
ويحزنكم قول
أهل الإفك
والمسرفين
.
فقام
سلمان ومن كان
معه على
اقدامهم وهم
يقولون : يا
رسول الله
نحن الفائزون
؟ قال : نعم .
أنتم
الفائزون ،
والله لكم
خلقت الجنة ،
ولأعدائنا
وأعدائكم
خلقت النار .
فكان هذا من دلائله
وبراهينه
ومعاجزه
قبل
وفاة رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) .
وأما
بعد وفاة رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) فمن
دلائله
صفحة 102
و معجزاته
.
روي
بالاسناد ان
أبا بكر لقيه
في سكة بني
النجار في
المدينة ،
وكان قد
استخلف
الناس أبا بكر
فسلم أبو بكر
عليه وصافحه
وقال له : يا
أبا الحسن
عسى في
نفسك شئ من
استخلاف
الناس إياي
وما كان في
السقيفة
واكراهك
على البيعة ،
والله ما كان
ذلك بإرادتي
إلا أن المسلمين
اجتمعوا
على أمر
لم أكن أخالف
عليه وفيه ،
لأن رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم )
قال : ( لن تجتمع
أمتي على ضلال
) فقال له أمير
المؤمنين (
عليه
السلام ) :
منهم الذين
أطاعوا الله
وأطاعوا رسوله
بعهده وبعده
واخذوا
بهديه
وأوفوا بما
عاهدوا الله
عليه ، ولم
يغيروا ولا
بدلوا ؟ قال
أبو بكر :
والله
يا علي لو شهد
عندي من أثق
به أنك أحق بهذا
الأمر مني
لسلمته
إليك ،
رضي من رضي ،
وسخط من سخط ،
فقال له أمير المؤمنين
منه
السلام :
بالله يا أبا
بكر هل أنت
بأحد أوثق منك
برسول الله ؟
قال أبو
بكر : لا
والله ، قال
له : فقد أخذ
عليك بيعتي في
أربع مواطن ،
وعلى
جماعة
معك فيهم عمر
وعثمان : في
يوم الدار ،
وفي بيعة
الرضوان ،
وتحت
الشجرة
ويوم جلوسه في
بيت أم سلمة
وأنا عن يمينه
أحضرك وعمر
وعثمان
وسلمان
والمقداد
وجندب وعمار
وحذيفة وأبو الهيثم
مالك بن
التيهان وأبو
الطفيل
عامر بن واثلة
حتى امتلأ
منهم البيت
وحضر بريدة
الأسلمي
فجلس
على عتبة
الباب فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) : قم
يا
أبا بكر
فسلم على علي
بإمرة
المؤمنين
وبايع له فما
أجزاك إلا أن
القول مني
فقلت
أقوم يا رسول
الله عن امر
الله وأمرك
وأبايع عليا
وأسلم عليه
بإمرة
المؤمنين
؟ فقال : نعم ،
قم يا أبا بكر
، فقمت
فبايعتني
وسلمت علي
بإمرة
المؤمنين
كما أمرك ،
وجلست ، ثم
قال : قم يا عمر ،
فأعاد القول
كما
أعدته
أنت فقال : يا
رسول الله
أسلم على علي
بإمرة
المؤمنين قال
: نعم ،
قم
فبايعه ، وسلم
عليه بإمرة
المؤمنين
فقام و بايعني
وسلم علي
بإمرة
المؤمنين
وجلس .
صفحة 103
فقال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ، قم يا
عثمان إلى أخي
علي
وسلم
عليه بإمرة
المؤمنين ،
فما قام حتى
قال مثلما
قلتما فأعاد
عليه رسول
الله
(
صلى الله عليه
وآله وسلم )
ثالثة فقام
فبايعني وسلم
علي بإمرة
المؤمنين
وجلس .
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) : قم يا
سلمان ، قم يا
مقداد ، قم
يا جندب
، قم يا عمار ،
قم يا حذيفة ،
قم يا خزيمة ،
قم يا أبا
الهيثم ،
قم يا
عامر ، قم يا
بريدة ،
فبايعوا لأخي
علي وسلموا
عليه بإمرة
المؤمنين
فقاموا
بأجمعهم بلا
مراجعة ،
فبايعوا لي
وسلموا علي
بإمرة
المؤمنين .
وفي يوم
غدير خم بعد
رجوعه من حجة
الوداع فقد نزل
بغدير خم وقد
علمت
أنه كان يوما
شديد القيظ
يشيب فيه
الطفل فأشار
إلي جميعكم
ورسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
فاستظلوا
بالدوحات
التي حول
الغدير
، فلما قرب
الزوال وقف (
عليه السلام )
وأشار إليكم
ان احتطبوا
وخذوا
من الدوحات ما
سقط وأتوني به
فكبس ما جمعتم
بعضه فوق بعض
فلما
رأى لا يوفي
الجمع امر
عليه
بالأقتاب ، فنصب
بعضا فوق بعض
حتى
علت
العسكر ثم
علاها ودعاني
فعلوت معه
فكان ما
سمعتموه ، وهو
أن
أخذ كفي
بكفه اليمنى
وقد بسطهما
نحو السماء حتى
رأيتم بياض
إبطيه
يريكم
شخصي ويعلن
بأمري ، ويقول
ما أمر به .
قال
الحسين بن
حمدان : إنما
تركنا إعادة
الاشهاد عند
الناس جميعا ،
ويرجع
الخبر إلى قول
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
فقلتم
بأجمعكم سمعا
وطاعة
لله و لرسوله
فقال لكم :
الله ورسوله
عليكم من
الشاهدين ، فقال
لكم :
فليشهد بعضكم
على بعض
وليسمع من سمع
مني من لم
يسمع
فقلتم :
نعم يا رسول
الله فنزل
وصلى صلاة
الزوال ،
وارتفع صوت
الأذان
والإقامة
في
العسكر ، فصلى
بهم صلاة
الظهر والعصر
، فلما فرغنا
من
الصلاة
قمتم أنتم
بأجمعكم
تهنئون رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله )
وتهنئوني
صفحة 104
بكرامة
الله لنا ،
فدنا مني عمر
فضرب على كفي وقال
بحضرتكم : بخ
بخ
يا ابن
أبي طالب
أصبحت مولانا
ومولى
المؤمنين ،
قال له رسول
الله ( صلى
الله
عليه وآله ) :
ويحك يا أبا
حفص ألا دعوته
بما امرك الله
ان تدعوه
بإمرة
المؤمنين ،
فتقول : أصبحت يا
أمير
المؤمنين
مولانا ومولى
المؤمنين ؟
فقال :
نعم ، فقال
أبو بكر : يا
أبا الحسن
والله لقد
ذكرتني امرا
لم أكن
أعلم
ولو يكون رسول
الله شاهدا
فاسمعه ، فقال
له أمير
المؤمنين (
عليه
السلام ) :
يا أبا بكر ،
الله ورسوله
عليك من الشاهدين
، ان رأيت
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
حيا ويقول لك :
انك ظالم في
اخذ حقي
الذي
جعله الله لي
ولرسوله دونك
ودون المسلمين
انك تسلم هذا
الأمر إلي
وتخلع
نفسك منه ؟
قال أبو بكر :
هذا ما لا
يكون إلا أن
أرى رسول الله
(
صلى الله عليه
وآله وسلم )
بعد موته حيا
يقول لي
ويأمرني بذلك قال
له
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
نعم يا أبا
بكر ، قال :
فأرني ذلك إن
يكن
حقا قال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
الله ورسوله
عليك من
الشاهدين إنك
تفي بما
قلت ، قال أبو
بكر : نعم فضرب
أمير المؤمنين
على يده ومال
يسعى به
إلى مسجد قبا
فلما ورداه
تقدم أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فدخل
المسجد
وأبو بكر من
ورائه فإذا
هما برسول الله
( صلى الله
عليه وآله )
جالس في
قبلة المسجد ،
فلما رآه أبو
بكر سقط لوجهه
كالمغشي عليه
فبادره
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) :
ارفع أيها
الضليل
المفتون ارفع
رأسك
فرفع رأسه وقال
لبيك يا رسول
الله أحياة
بعد الموت ؟
قال : نعم ،
ويحك يا
أبا بكر ان
الذي أحياها
لمحيي الموتى قال
: فسكت أبو بكر
وشخصت
عيناه نحو
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) فقال :
ويحك يا أبا
بكر
أنسيت ما
عاهدت الله
ورسوله عليك
في المواطن
الأربع لعلي
فما
بالك
تناشد عليا
فيها ويذكرك
فتنساها ، وقص
عليه رسول الله
( صلى الله
عليه
وآله وسلم ) ما
جرى بينه وبين
أمير المؤمنين
فلم ينقص منه
كلمة ولا
زاد فيه
كلمة ، إلى أن
انتهى فقال
أبو بكر يا رسول
الله : فهل من
توبة ؟
صفحة 105
وهل
يعفو الله عني
إذا سلمت هذا
الأمر إلى أمير
المؤمنين ؟
فقال : نعم يا
أبا بكر
وأنا الضامن
لك على الله
ذلك إن وفيت .
قال :
وغاب رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) فثبت
أبو بكر
إلى
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وقال الله الله
سر معي حتى
أعلو المنبر
فأقص
على الناس ما
شاهدت وما
رأيت من أمر
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ،
وما قال لي ،
وما قلت له ،
وما امرني وأخلع
نفسي من هذا
الأمر ،
وأسلمه إليك .
قال
أمير
المؤمنين :
أنا معك يا
أبا بكر إن
تركك شيطانك ،
قال أبو
بكر : إن
لم يتركني
تركته وعصيته
، فقال أمير المؤمنين
: تطيعه ولا
تعصيه ،
والله ما أردت
الا تأكيد
الحجة عليك
فأخذ بيده
وخرجا من
مسجد
قبا يريدان
مسجد رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
والمنبر
وأبو
بكر يخفق بعضه
بعضا يتلون
ألوانا والناس
ينظرون إليه
ولا يدرون
بالذي
كان منه حتى
لقيه عمر ،
فقال له : يا
خليفة رسول
الله ما شأنك
؟
وما
الذي دهاك ؟
فقال : خل عني
يا عمر فوالله
لا سمعت لك
قولا ،
فقال :
وأين تريد يا
خليفة رسول
الله ؟ فقال
أبو بكر : أريد
المنبر ، فقال
له عمر :
انه ليس وقت
صلاة ولا منبر
، فقال : خل عني
فلا حاجة لي
في
كلامك ،
فقال له عمر :
يا خليفة رسول
الله ، فما تدخل
قبل المسجد
منزلك
فتسبغ الوضوء
؟ فقال له أبو
بكر : بلى ، ثم
التفت إلى أمير
المؤمنين
فقال : يا
أبا الحسن
اجلس إلى جانب
المنبر حتى أخرج
إليك فتبسم
أمير
المؤمنين
، ثم قال : يا
أبا بكر قد
قلت لك إن شيطانك
لا يدعك ويردك
.
وسعى
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وجلس بجانب
المنبر ودخل
أبو
بكر
منزله وعمر
معه فقال له :
يا خليفة رسول
الله لم لا
تعرفني امرك
وتحدثني
بما دهاك ؟
فقال
أبو بكر : ويحك
يا عمر ، رجع
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
صفحة 106
وسلم )
بعد موته
وخاطبني
وخاطبته في
ظلمي لعلي ،
ويأمرني أن
أرد حقه
عليه
وأخلع نفسي
منه ، فقال
عمر : يا خليفة
رسول الله قص
على قصتك من
أولها
إلى آخرها ،
فقال له : ويحك
يا عمر إن
عليا قال لي :
إنك لا
تدعني
أخرج هذه
المظلمة من
عنقي ، وإنك
شيطاني فلم
يزل عمر يحدثه
بحديثه
كله فقال له
بالله يا أبا
بكر أنسيت في
أول شهر رمضان
الذي
فرض
علينا صيامه ،
حيث جاءك حذيفة
بن اليمان ،
ومعه سهل بن
حنيف
وعثمان
اخوه ونعيمان
الأنصاري
وخزيمة بن ثابت
في الجمعة إلى
دارك
ليقضيك
دينا له عليك
فلما انتهوا
إلى باب الدار
سمعوا صلصلة
في الدار
فوقفوا
على باب الدار
ولم يستأذنوا
عليك فسمعوا
أم بكر زوجتك
تناشدك ،
وتقول
لك : قد عمل حر
الشمس بين
كتفيك ، فقم
من سواء الدار
إلى
داخل
الجدار وكن
بنفسك من
الشمس ، وابعد
من الباب
ليسمعك بعض
أصحاب
محمد فيهدر
دمك فقد علمت
أن محمدا قد
أهدر دم من
أفطر يوما
من شهر
رمضان من غير
سفر ولا مرض
خلافا على الله
ورسوله فقلت
لها
هاك لا
أم لك فضل
طعامي في
الليل واترعي
لي الكأس
قرقفا فوقف
حذيفة
بن اليمان ومن
معه يسمعون
محاورتك فجاءت
بصحيفة فيها
ثريد
وأخذت
القعب فكرعت
منه في ضحى
النهار وجعلت
تقول لزوجتك :
ذريني
اصطبح يا أم
بكر * فإن
الموت نقب عن
هشام
ونقب عن
أخيك وكان
صفوا * من
الفتيان في
شرب المدام
تلبي
بالتحية أم بكر
* وهل لك بعد
قومك من سلام
فكم لك
بالقليب قليب
بدر * من
الأجسام تكلم
بالسهام
وكم لك
بالطوي طوي
أحد * من
الحركات
والدسع العظام
من
أنصار الكريم
إلى علي * حيا
الكأس
الكريمة والمدام
يقول
لنا ابن كبشة
سوف نحي * وكيف
حياة أشلاء وهام
يود ابن
المغيرة لو
فداه * بألف من
سنام أو سوام
أاترك
ان يكف الموت
عني * ويحييني
إذا بليت عظامي
صفحة 107
أتزعم
باطلا ما قال
هذا * وافكا من
زخاريف الكلام
الا من
مبلغ الرحمن
عني * بأني
تارك شهر
الصيام
إذا ما
الرأس فارق
منكبيه * وليس
بذاك يقطع للطعام
فقل لله
يمنعني شرابي
* وقل لله يمنعني
طعامي
فسمعوك
تهجو محمدا في
دارك ، فهجموا
عليك في دارك
، فوجدوك
وقعب
الخمر في يدك
وأنت تكرعها ،
فقالوا لك : يا
عدو الله
خالفت الله
وخالفت
رسوله وحملوك
كهيئتك إلى
مجمع الناس ،
بباب رسول
الله وقصوا
قصتك ،
وأعادوا شعرك
، فدنوت منك
وقلت في صحيح
الناس ، عليك
قل : انك
شربتها ليلا
فثملتها
نهارا ، فزال
عقلك فأتيت ما
اتيته زيادا ،
ولا علم
لك بذلك فعسى
أن يدرأ عنك
الحد .
وخرج
محمد فنظر
إليك فقال :
استنطقوه
فقالوا : رأيناه
ثملا يا رسول
الله لا
يعقل ، فقال :
ويحك ، والخمر
تزيل العقول
تعلمون هذا من
أنفسكم
، وأنتم تشربونها
، فقلنا : نعم
يا رسول الله
وقد قال فيها
قائد
الشعراء
امرؤ القيس
ابن حجر
الكندي :
شربت
الإثم حتى زال
عقلي * كذاك
الإثم تذهب بالعقول
فقال :
والإثم من
أسماء الخمرة
، فقلنا : نعم
يا رسول الله
، فقال :
أنظروه
إلى افاقته من
سكرته ،
فأمهلك حتى
أريتهم أنك قد
صحوت
فسألك
محمدا
فأخبرته بما
أوعزته إليك
من شربك لها
بالليل وكانت
حلالا في
سائر
الشرائع
والملل وفي
شريعة محمد (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
فجاء
تحريمها
من أجلك من
سبب سكرتك فما
بالك اليوم تؤمن
بمحمد وما جاء
به ، وهو
عندنا ساحر
كذاب .
فقال :
ويحك يا أبا حفص
لا شك عندي
فيما قصصته
علي فأخرج إلى
علي ،
فاصرفه عن
المنبر .
صفحة 108
فخرج
عمر وأمير
المؤمنين (
عليه السلام )
بجانب المنبر
جالس فقال :
مالك يا
علي قد تصديت
لها هيهات
هيهات ، دون والله
ما تروم من
علو
هذا
المنبر خرط
القتاد .
فتبسم أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
حتى بدت
نواجذه
، ثم قال : ويلك
منها كل الويل
يا عمر إذا
أفضت إليك ،
والويل
للأمة
من بلائك .
وانصرف
أمير
المؤمنين إلى
منزله فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام
) .
قال
الحسين بن
حمدان : حدثني
جعفر بن مالك
، عن محمد بن
خلف
عن
المخول بن
إبراهيم ، عن زيد
الشحام عن أبي
حمزة الثمالي
، عن أبي
خالد بن
عبد الله بن
حزام
الأنصاري ، عن
حذيفة بن
اليمان
ونعيمان
وسهل بن
حنيف وخزيمة
بن ثابت
بالحديث الذي
كان لحذيفة بن
اليمان
مع أبي
بكر وقصد داره
بهؤلاء
الثلاثة نفر
في يوم الجمعة
في أول يوم من
شهر
رمضان فرض على
المسلمين
صيامه ، وأكل
أبي بكر
الطعام ،
وشربه
الخمرة
، وشعره على
ما تضمنه منه
عمر بتذكيره لأبي
بكر في نقضه
الصيام
وأكله
الطعام وشربه
الخمرة وقوله
الشعر الذي
لزمه الكفر
بالله عز وجل
وبرسوله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) ،
اجتمعت تيم -
وهي قبيلة أبي
بكر -
وعدي - وهي
قبيلة عمر -
وأمية - وهي
قبيلة عثمان -
وزهرة - وهي
قبيلة
عبد الرحمن بن
عوف الزهري -
والكل من قريش
فقالوا : يا
رسول الله
ما لأبي
بكر ذنب فلا
تحرم علينا
الخمرة فهب لنا
ذنبه وأقبل
منا الكفارة
فقال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) : لا
حكم إلا حكم
الله ،
وأنا
منتظر ما يأتي
به جبريل (
عليه السلام )
عن الله ( عز
وجل ) فأنزل
الله
تبارك وتعالى
: ( والذي خبث لا
يخرج إلا نكدا
) ونهى بذلك
وكثر
سؤال
الناس عن
الخمرة إلى
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) عن
شرب
الخمر ، ونادى
في المدينة
وكتب إلى أهل
الإسلام بذلك .
صفحة 109
واحتجوا
بأنه مطلق
حلال ، ولم
ينزل تحريمها
في كتاب من
كتب الله
(
عز وجل ) ،
وذكروا خبر
نوح ( عليه
السلام ) وانه
شرب وسكر من
الخمرة
حتى رقد وخرج
ابنه حام وقد
حملت الريح ثوب
أبيه نوح (
عليه
السلام )
حتى كشف عورته
، فوقف ينظر
إليه ويتضاحك
في وجهه ،
ويعجب
من أبيه فقام
سام اخوه ونظر
إليه ورأي ما
يصنع فقال له :
ويحك
يا حام
بمن تهزأ ؟
فلم يخبره بشئ
فنظر سام منظر
حام وإذا
بالريح قد
كشف ثوب
أبيهما ، وهو
سكران نائم ،
فدنا منه ومد
عليه ثوبه
وألقى عليه
ملاءته
وقعد يحرسه
إلى أن أفاق ،
وأنتبه من رقدته
فنظر إلى سام
فقال : يا
بني ما
لك جالسا
وملاءتك على
لونك متفكرا
لا يكون أحد
جنى عليك
جناية ،
فعدت تحرسني
منها فقال له
الله ورسوله
اعلم فهبط
جبريل ( عليه
السلام
، وقال له : يا
نوح ربك يقرئك
السلام ويقول
لك ان حاما
فعل
بك كيت
وكيت ، وسام
ابنك انكر ذلك
من فعله وسترك
وطرح ملاءته
عليك ،
وحرسك من أخيه
حام ومن الريح
، فقال نوح :
بدل الله ما
بحام من
جمال قبحا ،
ومن خير شرا ،
ومن ايمان كفرا
، ولعنه لعنا
وبيلا
كما صنع
بأبيه رسولك
ولم يشكر
لولادته ولا
لهدايته .
فاستجاب الله
دعاء
نبيه
نوح ( عليه
السلام ) في
ولده حام
واستحال جماله
سوادا مخبا
منخلقا
مجددا
مقطحا
طمطمانيا
فوثب على أبيه
نوح يريد قتله
فوثب عليه سام
فعلا
هامته
بيده وصده عنه
، فدعا نوح (
عليه السلام ) ان
ينزل عليه
الأمان
من
ذريته وان
يجعل بين حام
وذريته
العداوة والبغضاء
إلى يوم
القيامة .
واحتجوا
بأن القرابين
لها منذ قرب
هابيل كانوا
يشربون الخمر
ويسقون
القرابين
منها وشرباها
ووقفا يقربا
منها ، وان
شبر وشبير
ابني هارون (
عليه
السلام )
قربا قربانا
ثم سقياه
الخمر
وشرباها ووقفا
يقربان ،
فنزلت النار
عليهما
وأحرقتهما
لأن الخمر في
بطونهما فقتلا
بذلك .
واحتجوا
بقول الله عز
وجل في الزبور
على لسان داود
( عليه السلام )
خمرا
مريئا ، دلنا
تريا مفصحا
أثر فسمي لحما
لنا قلب
ترياشا حسر
خمرا
صفحة 110
حسرا
حرابا .
قال
داود ( عليه
السلام : معنى
خمرة هي الخمر
، هي شقيق لنا
قلب
ترياشا ابن
آدم ، ويسقون
القرابين
منها وإنها
شربت بعهد
رسول الله
(
صلى الله عليه
وآله وسلم )
فاتخذوا الزي
والمزفت إلى
سكرة أبي بكر
فقال
المسلمون
لم تنهانا عن
شربها يا رسول
الله أنزل
فيها أمر من
عند الله
فنعمل
به ؟
فأنزل الله (
عز وجل ) : ( إنما
الخمر
والميسر والأنصاب
والأزلام
رجس من
عمل الشيطان
فاجتنبوه
لعلكم تفلحون )
فقال
المسلمون
إنما
أمرنا
بالاجتناب
عنها ولم تحرم
علينا فأنزل الله
تبارك وتعالى
: ( إنما يريد
الشيطان
ان يوقع بينكم
العداوة
والبغضاء في الخمر
والميسر
ويصدكم عن
ذكر
الله وعن
الصلاة فهل
أنتم منتهون ) .
فقالوا :
أمرنا أن
ننتهي ولم
تحرم
علينا فأنزل
الله عز وجل : (
يسألونك عن
الخمر
والميسر قل
فيهما
إثم
كبير ومنافع
للناس
وإثمهما أكبر
من نفعهما )
فقال
المسلمون :
فيه
منافع
للناس وإن كان
الإثم أكبر من
المنافع ولم
يحرم شربها
علينا فأنزل
الله
تعالى : (
قل إنما حرم
ربي الفواحش
ما ظهر منها وما
بطن والإثم
والبغي
بغير الحق
) فصح تحريم
الخمر من
قولهم إن
الإثم اسم م أسماء
الخمر
ويستشهد
بما تقدم من
قول امرئ
القيس ابن حجر
الكندي حيث
يقول :
شربت
الإثم حتى زال
عقلي * كذاك
الإثم يذهب بالعقول
ومما
عني به السيد
ابن محمد
الحميري في
الخمرة يقول :
لولا
عتيق وشؤم
سكرته * كانت
حلالا كسائغ
العسل
وفي
قصيدة أخرى
يقول : كانت
حلالا لساكن
الزمن .
وله في
لقاء أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وحمله له إلى
مسجد قبا
وخبره
مع رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) وخطابه
له يقول :
لما
لقاه أبو
الفصيل بمشهد
* فخلا به
وقرينه لم
يعلم
صفحة 111
فتناشدوا
في نقضه العهد
الذي * اخذ
النبي عليه
غير تكتم
لتسلمن
إلى الوصي
امامة *
وامارة صارت
له من آدم
قال
الغوي فأين لي
ذو خبرة * أدري
ويشهد بالذي قد
تزعم
قال
الوصي هل لك
عني مخبر * عن
النبي فقال آه
حرم
أين
النبي وكيف لي
بمغيب * بين
الجنادل في
ضريح مظلم
قال
الوصي علي ان
تلقاه في *
نادي قبا في
مسجد لم يهدم
قال
الغوي له أبعد
مماته * قال
الوصي نعم
برغم مرغم
فأتى به
فإذا النبي
بمحضر * حي
يحاوره بغير
تجمجم
أنسيت
ويلك يا عتيق
وكبه * لجبينه
للأرض صفة النادم
قال
النبي له عتيق
ردها * ويلك
تنجو من جريرة
ظالم
قال
الشقي نعم أرد
ظلامة * لعلي
ذي الهادي
بغير تذمم
وله في
هذا المعنى
قصيدة أخرى :
حتى
لقاه أبو
الفصيل بجانب
* فخلا به
وقرينه لم
يشعر
وعنه
بهذا الاسناد
عن جابر بن
عبد الله
الأنصاري عن
سلمان
الفارسي
(
عليهما
السلام ) قال :
دخل أبو بكر
وعمر وعثمان على
رسول الله (
صلى
الله عليه
وآله وسلم )
فقالوا يا
رسول الله ما
لك تفضل عليا
علينا في كل
الأفعال
والأشياء ولا
يرى لنا معه
فضلا قال لهم :
ما أنا فضلته
بل الله
فضله ،
فقالوا : وما
الدليل على
ذلك ؟ فقال (
عليه السلام ) :
إذا لم
تقبلوا
مني فليس شئ
عندكم أصدق من
أهل الكهف حتى
تسلموا عليهم
وانا
أحملكم وعليا
واجعل سلمانا
شاهدا عليكم
فمن أحيى الله
أصحاب
الكهف
له وأجابوه
كان الأفضل .
قالوا
رضينا يا رسول
الله ، فأمر
رسول الله أن
يبسط بساطا له
، ودعا
بعلي
فأجلسه في
البساط وأجلس
كل واحد منهم
قرن قال سلمان
:
وأجلسني
القرنة
الرابعة وقال
: يا ريح احمليهم
إلى الصحاب
الكهف ورديهم
صفحة 112
إلي
فدخلت الريح
وسارت بنا
فإذا نحن في
كهف عظيم فحطت
عليه .
قال
أمير
المؤمنين يا
سلمان هذا
الكهف والرقيم
فقل للقوم :
يتقدمون
أو أتقدم ؟
فقالوا : نحن
نتقدم فقام كل
واحد منهم صلى
ودعى
وقال :
السلام عليكم
يا أصحاب الكهف
فلم يجبهم أحد
، فقام بعدهم
أمير
المؤمنين صلى
ركعتين ودعا
بدعوات خفيات
فصاح الكهف
وصاح القوم
من
داخله
بالتلبية
فقال أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
السلام عليكم
أيها
الفتية
الذين آمنوا
بربهم وزادهم
هدى .
فقالوا :
وعليك السلام
يا أخا رسول
الله ووصيه ،
لقد اخذ الله
العهد
علينا بعد
ايماننا
بالله
وبرسوله محمد
، ولك يا أمير
المؤمنين
بالولاية
إلى يوم
الدين ، قال
فسقط القوم
لوجوههم وقالوا
يا أبا عبد
الله ردنا ،
فقلت :
وما ذلك إلي ،
فقالوا : يا
أبا الحسن
ردنا فقال (
عليه السلام ) :
يا ريح
رديهم إلى
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله )
فحملتنا فإذا
نحن بين
يديه ،
فقص عليهم
رسول الله
القصة كما جرت
فقال : حبيبي
جبريل
اخبرني
ان عليا فضله
الله عليكم .
وعنه عن
يعقوب بن بشر
عن زيد بن
عامر الطاطري عن
زيد بن
شهاب
الأزدي عن زيد
بن كثير
اللخمي عن أبي
سمينة محمد بن
علي عن
أبي بصير
عن مولانا
الصادق ( عليه
السلام ) قال :
لما اظهر رسول
الله
(
صلى الله عليه
وآله ) فضل
أمير
المؤمنين كان
المنافقون
يتخافتون
بذلك
ويسترونه
خوفا من رسول
الله إلى أن
خطب أكابر قريش
فاطمة ،
وبذلوا في
تزويجها
الرغائب ،
فكان رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) لا يزوج
أحدا
منهم
حتى خطبها
أمير
المؤمنين علي
بن أبي طالب
فقال رسول
الله ( صلى
الله
عليه
وآله ) : يا علي
ما خطبتها إلا
والله زوجك إياها
في السماء لأن
الله
وعد ذلك
فيك وفي ابنتي
فاطمة فقام
إليه أبو أيوب
خالد بن زيد
الأنصاري
وقال : يا
رسول الله وقد
زوج الله عليا
في السماء
بفاطمة (
عليها
صفحة 113
السلام )
؟ فقال له (
عليه السلام ) :
نعم يا ابن أيوب
أمر الله
الجنة ان
تتزخرف
وشجرة طوبى أن
تنشر أغصانها
في السبع سماوات
إلى حملة
العرش
وان
تحمل
بأغصانها درا
وياقوتا
ولؤلؤا ومرجانا
وزبرجدا
وزمردا
أصكاكا
مخطوطة
بالنور ، هذا
ما كان من
الله
للملائكة
وحملة عرشه وسكان
السماوات
كرامة لحبيبة
وابنته فاطمة
ووصيه علي
وأمر لجبريل
وميكائيل
وإسرافيل
وعزرائيل
واللوح
المحفوظ
والقلم ونون ،
وهي مخازن وحي
الله
وتنزيله
على أنبيائه
ورسله وان
يقفوا في السماء
الرابعة وان
يخطب جبريل
بأمر الله
، ويزوج
ميكائيل عن
الله ، ويشهد
جميع الملائكة
وانتثرت طوبى
من تحت
العرش إلى
السماء
الدنيا
فالتقط الملائكة
ذلك النثارة
الصكاك فهو
عندهم
مذخور .
قال أبو
أيوب : يا رسول
الله ما كان
نحلتها ؟
قال يا
أبا أيوب شطر
الجنة وخمس
الدنيا وما فيها
والنيل
والفرات
وسيحان
وجيحان
والخمس من
الغنائم كل
ذلك لفاطمة (
عليها السلام
)
نحلة من
الله وحبا لا
يحل لأحد أن
يظلمها فيه بورقة
.
قال أبو
أيوب : بخ بخ يا
رسول الله هذا
من الشرف العظيم
أقر الله
بها
عينيك
وعيوننا يا
رسول الله
فقام حذيفة بن
اليمان رضي
الله عنه
قائما
على
قديمه وقال :
يا رسول الله
تزوجها في يوم
الأربعين من
تزويجها في
السماء
، قال حذيفة
بن اليمان : ما
نحلتها في الأرض
يا رسول الله
؟
قال : يا
أبا عبد الله
نحلتها ما
تكون سنة من
نساء أمتي من
آمن منهن
واتقى
قال : وكم هو يا
رسول الله ؟
قال خمسمائة درهم
، قال حذيفة :
يا
رسول
الله لا يزيد
عليها في نساء
الأمة فإن بيوتات
العرب تعظم
النحلة
وتتنافس
فيها تأديبا
من الله ورحمة
منه في ابنتي
وأخي .
قال
حذيفة بن
اليمان يا
رسول الله فمن
لم يبلغ
الخمسمائة
درهم ؟
قال له (
عليه السلام )
تكون النحلة
ما تراضيا عليه
قال حذيفة : يا
رسول الله
صفحة 114
فإن أحب
أحد من الأمة
الزيادة على
الخمسمائة درهم
؟ فقال له (
عليه
السلام )
يجعل ما
يعطيها من عرض
الدنيا برا ولا
يزيد على
الخمسمائة
درهم ،
فقال حذيفة :
صدقت يا رسول
الله فيما بلغتنا
إياه عن الله
عز
وجل في
قوله عز من
قائل : ( وان
آتيتم إحداهن
قنطارا فلا
تأخذوا منه
شيئا
أتأخذونه
بهتانا وإثما
مبينا وكيف
تأخذونه وقد
أفضى بعضكم
إلى بعض
وأخذن
منكم ميثاقا
غليظا ) .
قال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) : ما وجب
لهن ذلك الا
عند
الإفضاء
إليهن ، ألا
ترى يا أبا
عبد الله حذيفة
، وتسمع قوله
عز وجل :
(
وان طلقتموهن
من قبل ان
تمسوهن وقد
فرضتم لهن
فريضة فنصف ما
فرضتم
إلا أن يعفون
أو يعفو الذي
بيده عقدة النكاح
وأن تعفو أقرب
للتقوى
ولا تنسوا
الفضل بينكم
ان الله كان
بما تعلمون
بصير ) فأعلم
عز
ذكره
انه إذا لم
يفض إليهن ولم
يمسسن أن لا
تأخذوا شيئا .
قال
فلما تمت
الأربعون
يوما أمر الله
رسوله ( صلى
الله عليه
وآله ) أن
يزوجها
من علي ( عليه
السلام )
فزوجت في مسجد
رسول الله (
صلى الله
عليه
وآله ) وحضر
جميع
المسلمين ،
وفيهم حاسد لعلي
وشامت بفاطمة
،
وانها
تزوجت من فقير
ورضا مسرورا
رضاء الله ورسوله
، فلما اجتمع
الناس
وتكاتفوا قال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) : قد
أخبرتكم معاشر
الناس
ما أكرمني به
الله وأكرم به
أخي عليا وابنتي
فاطمة (
عليهما
السلام )
، وتزويجها في
السماء وقد
أمرني الله أن
أزوجه في
الأرض وأن
اجعل له
نحلتها
خمسمائة درهم
ثم تكون سنة
في أمتي من
أغناهم ،
والمقل
منهم ما
تراضيا عليه .
ثم قال :
قم يا علي
فديتك فاخطب
لنفسك فان هذا
يوم كرامتك
عند
الله
وعند رسوله .
فقال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
الحمد لله حمدا
لأنعمه
وأياديه ،
صفحة 115
ولا إله
إلا الله
شهادة تبلغه
وترضيه ، وصلى
الله على محمد
صلاة تزلفه
وتحظيه
، الا وان
النكاح مما
امر الله به
ورضيه ،
ومجلسنا هذا
مما قدره الله
وقضى
فيه ، هذا
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) قد
زوجني ابنته
فاطمة
وصداقها
علي خمسمائة
درهم فاسألوا
رسول الله ،
واشهدوا علي .
فقال
رسول الله : ما
زوجتك حتى
زوجك الله في
السماء منذ
أربعين
يوما ،
فاشهدوا
رحمكم الله
فخرج مولى لأم
سلمة - زوجة
رسول الله (
صلى
الله
عليه وآله ) -
فنثر سكرا
ولوزا ونثر
الناس من كل
جانب ، وانصرف
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ويده في
يد أمير
المؤمنين (
عليهما
السلام )
حتى دخل
إلى مشرفة أم
سلمة ، وهي
مشرفة عالية البناء
كثيرة
الأبواب
والطاقات
وانصرف الناس
إلى منازلهم ،
وارتفع في دور
الأنصار نقر
الدفوف
من
مشارف رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) والأصوات
بحمد الله
وشكره
والثناء
عليه ، فدعا
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) بتمرات
كانت له في
قعب
وفضلة سمن
عربي فطرحه في
قصعة كانت له
وفتها بيده
اليمنى
وقال :
قدموا يا
أنصار الصحاف
والقصاع ،
واحملوا إلى
سائر أهل
المدينة
وأبواب
المهاجرين
والأنصار ، ثم
سائر المسلمين
وأسرعوا في
المدينة
للسابلة
ما
يأكلون
ويتزودون فلم
تزل يده
المباركة فيه
تنقل من قصعة
إلى الصحاف
من ذلك
الخبز وهي
تمتلئ وتفيض
حتى امتلأ
منهما منازل
المسلمين في
المدينة
وأسرعت
في الطرقات
فأكلت وتزودت
السابلة وسائر
الناس وقصعته
( عليه
السلام )
كهيئتها
بحالها .
وتكلم
المنافقون
والحساد
لأمير
المؤمنين ( عليه
السلام )
وقالوا
لنسائهم
: ألقين إلى
فاطمة ما
تسمعن منا
فبلغنها وقلن
لها خطبك
أكابر
الناس
أغنياءهم
وبذلوا لك
الرغائب ،
فزوجك رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) من
فقير قريش
وليس له
خمسمائة درهم
الا ثمن درعه
التي وهبها له
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ومن لا
يقدر يملك من
الدنيا أكثر
من
فراش
أديم ، ومضوغة
محشوة ليف
النخيل ، وأصواف
الغنم .
صفحة 116
فألقت
نساؤهم إلى
فاطمة ( عليها
السلام ) هذا القول
وزدن منه
وحكت أم
سلمة لرسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) فخرج
إلى مسجده
واجتمع
الناس من حوله
فقال ( عليه
السلام ) : ما بال
قوم منكم
يؤذون
الله
ورسوله وعليا
وفاطمة ؟ فقال
الناس : لعن الله
من يؤذيك يا
رسول
الله ،
ومن لم يرضى
ما رضيت ،
ويسخط ما سخطت
.
فقال
لهم : ليبلغني
عن قوم منكم
انهم يقولون اني
زوجت فاطمة من
أفقر
قريش وقد علم
كثير من الناس
ان الله تعالى
أمر جبريل (
عليه
السلام )
ان يعرض علي
خزائن الأرض
وكنوزها وما
فيها من تبر
ولجين
وجوهر ،
واتاني
مفاتيح
الدنيا وكشف
لي عن ذلك حتى
رأيت من خزائن
الأرض
وكنوزها
وجبالها
وبحارها
وأنهارها ، فقلت
له وأخي علي ،
يرى ما
رأيت
ويشهد ما شهدت
، فقال حبيبي
جبريل : نعم ، فقلت
: ما عند
الله من
الملك الذي لا
يحول ولا يزول
في الآخرة
التي هي دار
القرار أحب
إلي من
هذه الدنيا
الفانية فكيف
أكون وأخي عليا
وابنتي فاطمة
؟ الله بيني
وبين
المنافقين من
أمتي ، فأنزل
الله عز وجل : ( لقد
كفر الذين
قالوا إن
الله
فقير ونحن
أغنياء ) إلى
آخر القصص .
وعنه
بهذا الإسناد
عن أبي جعفر (
عليه السلام ) قال
: لما كثر قول
المنافقين
وحساد أمير
المؤمنين (
صلوات الله
عليه ) في ما يظهره
رسول الله
(
صلى الله عليه
وآله ) من فضل
أمير
المؤمنين ( عليه
السلام )
ويبصر الناس
ويدلهم
ويأمرهم
بطاعته ويأخذ
البيعة له من
كبرائهم ومن
لا يؤمن غدره
،
ويأمرهم
بالتسليم
عليه بإمرة
المؤمنين ، ويقول
لهم : انه وصيي
،
وخليفتي
، وقاضي ديني
، ومنجز وعدي
، والحجة على
خلقه من بعدي
،
من
اطاعه سعد ومن
خالفه ضل وشقي
، قال المنافقون
: لقد ضل محمد
في ابن
عمه علي وغوى
وجن ، والله
ما فتنه فيه ولا
حببه إليه إلا
قتل
الشجعان
والفرسان يوم
بدر وغيره من
قريش وسائر
العرب
واليهود ، وان
صفحة 117
كل ما
يأتينا به
ويظهره في علي
من هواه وكل
ذلك يبلغ رسول
الله ( صلى
الله
عليه وآله )
حتى اجتمع
التسعة الرهط
المفسدون في
الأرض في دار
الأقرع
بن حابس
التميمي وكان
مسكنها في وقت
صهيب الرومي ،
وهم
التسعة
الذين هم
أعداء أمير
المؤمنين علي
( عليه السلام )
كان عددهم
عشرة ،
وهم أبو بكر
وعمر وعثمان
وطلحة وسعد وسعيد
عبد الرحمن بن
عوف
الزهري وخالد
بن الوليد
وأبو عبيدة بن
الجراح ،
فقالوا : قد
أكثر
رسول
الله في أمر
علي وزاد فيه
حتى لو أمكنه
أن يقول لنا
اعبدوه لقال ،
قال سعد
ابن أبي وقاص :
ليت محمدا
أتانا فيه
بآية من
السماء كما
أتاه في
نفسه من
الآيات من شق
القمر وغيره ،
فباتوا ليلتهم
تلك ، فنزل
نجم
من
السماء حتى
صار على ذروة
المدينة حتى
دخل ضوءه في
البيوت وفي
الآبار
والمغارات
وفي المواضع
المظلمة من
منازل الناس
فذعر أهل
المدينة ذعرا
شديدا
وخرجوا وهم لا
يعلمون ذلك
النجم على دار
من نزل ، ولا
أين هو
معلق
الا انهم
يظنونه على
بعض منازل
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ،
وسمع
رسول الله ذلك
الضجيج
والناس فخرج
إلى المسجد
وصاح
بالناس :
ما الذي
أزعجكم
وأخافكم ؟ من
هذا النجم
النازل على
دار
أخي علي
بن أبي طالب ؟
فقالوا : نعم .
فقال : فلا
يقول
منافقوكم
التسعة الذين
اجتمعوا في
أمسكم في دار
صهيب الرومي
فقالوا
في وفي
أخي علي ما
قالوا ، وقال
قائل : ليت
محمدا ، أتانا
بآية من
السماء
في علي
كما أتانا بها
في نفسه من شق
القمر وغيره
فأنزل الله عز
وجل هذا
النجم
على ذروة دار
أخي علي آية
له خصه الله
بها فلم يزل
ذلك النجم
معلقا
على مشربة
أمير
المؤمنين (
صلوات الله عليه
) ومعه في
المسجد إلى أن
غاب كل
نجم من السماء
وهذا النجم
معلق .
فقال
لهم رسول الله
( صلى الله
عليه وآله ) :
هذا حبيبي
جبريل قد
انزل
علي في هذا
النجم وحيا
وهو ما
تسمعونه ، ثم
قرأ ( عليه
السلام ) :
(
بسم الله
الرحمن
الرحيم
والنجم إذا
هوى ، ما ضل
صاحبكم وما
صفحة 118
غوى ،
وما ينطق عن
الهوى ، إن هو
إلا وحي يوحى
، علمه شديد
القوى )
ثم ارتفع
النجم وهم
ينظرون إليه ،
والشمس قد
بزغت وعاب
كل نجم
في السماء .
فقال
بعض
المنافقين : لو
شاء محمد لأمر
هذه الشمس
فنادت باسم
علي
فقالت : هذا
ربكم فاعبدوه
، فهبط جبريل (
عليه السلام )
فخبر
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) بما
قالوا ، وكان
هذا في ليلة
الخميس
وصبيحته
، فأقبل رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
) بوجهه
الكريم على
الله
وعلى
الناس وقال :
استعيدوا
عليا من منزله
فاستعادوا
إليه ( عليه
السلام )
، فقال : يا أبا
الحسن ان قوما
من منافقي
أمتي ما قنعوا
بآية
النجم
حتى قالوا : لو
شاء محمد لأمر
الشمس ان تسلم
على علي وتقول
هذا
ربكم فاعبدوه
، فبكر يا علي
بعد صلاتك الفجر
إلى بقيع
الغرقد وقف
نحو
مطلع الشمس
فإذا بزغت
الشمس فادع
بدعوات نلتفك
إياها وقل
للشمس :
السلام عليك
يا خلق الله
الجديد ، واسمع
ما تقول وما
ترد
عليك ،
وانصرف إلى
البقيع ، فسمع
الناس قول رسول
الله ( صلى
الله
عليه
وآله ) وسمع
التسعة الرهط
المفسدون في
الأرض فقال
بعضهم
لبعض : لا
تزالون تغرون محمدا
في ابن عمه
علي على كل شئ
، وليس
قال
مثلما قاله في
هذا اليوم ،
فقال اثنان
منهما ،
وأقسما بالله
جهد ايمانهما
انهما
لا بد أن
يحضرا إلى
البقيع حتى
ينظرا ويسمعا
ما يكون من
علي
والشمس
، فلما صلى
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) صلاة
الفجر وأمير
المؤمنين
( عليه السلام )
في الصلاة معه
أقبل عليه ،
وقال : قم يا
أبا
الحسن
إلى ما أمرك
الله به
ورسوله فأت
البقيع حتى
تقول للشمس ما
قلت
لك فأسر
إليه سرا كان
فيه الدعوات
التي علمه إياها
فخرج أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
يسعى إلى
البقيع وتلاه
الرجلان ،
وتلاهما
آخرون معهم
حتى
انتهوا إلى
البقيع
فأخفيا
اشخاصهما بين تلك
القبور ووقف
أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
بجانب البقيع
حتى بزغت
الشمس فهمهم
كما علمه
النبي
صفحة 119
بهمهمة
لم يعرفوها
فقالوا : هذه
الهمهمة مما علمه
محمد من سحره
،
وقال :
السلام عليك
يا أول خلق
الله الجديد ،
فأنطقها الله
بلسان عربي
مبين ،
وقالت له :
وعليك السلام
يا أخا رسول
الله ووصيه
أشهد انك
عبد
الله وأخو
رسول الله حقا
فأرعد القوم
واختلطت
عقولهم
ورجعوا إلى
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) مسودة
وجوههم تفيض
أنفسهم غيظا ،
فقالوا :
يا رسول الله
ما هذه العجائب
التي لم تسمع
من النبيين
ولا من
المرسلين
ولا في الأمم
الغابرة
القديمة ليت تقول
: ان عليا ليس
بشرا وهو
ربكم
فاعبدوه ،
فقال لهم رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) بمحضر
علي :
ما
رأيتم ؟
فقالوا : ما
نقول ونسمع
ونشهد بما قال
علي للشمس وما
قالت
له
الشمس ، فقال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) لا بل
تقولون ما قال
علي
للشمس فقالوا
: قال علي
للشمس :
السلام عليك
يا أول خلق
الله
الجديد
، بعد ان همهم
همهمة تزلزل
منها البقيع
فأجابته
الشمس : وعليك
السلام
يا أخا رسول
الله ووصيه
اشهد انك عبد
الله وأخو
رسول الله
حقا .
فقال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) : الحمد
لله الذي خصنا
بما
تجهلون
وأعطانا ما لا
تعلمون وقد
علمتم أني واخيت
عليا دونكم
وأشهدتكم
انه وصيي فما
أنكرتم عساكم
تقولون : لم
قالت له الشمس
أشهد
أنك أنت الأول
والآخر
والظاهر
والباطن قالوا
: يا رسول الله
انك أخبرتنا
أن الله
هو الأول
والآخر
والظاهر
والباطن في كتابه
العزيز
المنزل
عليك ،
قال رسول الله
( صلى الله
عليه وآله ) :
ويحكم وأني
لكم بعلم ما
قالت
الشمس ؟ أما
قولها : إنك
الأول فصدقت
أنه أول من
أمن بالله
ورسوله
ممن دعوتهم من
الرجال إلى
الإيمان بالله
وخديجة في
النساء ، وأما
قولها
له : الآخر فهو
آخر الأوصياء
وأنا آخر النبيين
والرسل ،
وقولها :
الظاهر
فهو الذي ظهر
على كل ما
أعطاني الله
من علمه فما
علمه معي غيره
ولا
يعلمه بعدي
سواه ومن
ارتضاه الله
لبشريته من
صفوته ، وأما
قولها :
صفحة 120
الباطن
فهو والله
باطن علم
الأولين
والآخرين
وسائر الكتب
المنزلة على
النبيين
والمرسلين
وما زادني
الله وخصني الله
من علم وما
تعلمونه .
واما
قولها
له : يا من أنت
بكل شئ عليم
فإن عليا يعلم
علم المنايا
والقضايا
وفصل
الخطاب فماذا
أنكرتم ،
فقالوا
بأجمعهم نحن
نستغفر الله
يا رسول
الله لو
علمنا ما تعلم
لسقط
الاعتذار ،
والفصل لك يا
رسول الله
ولعلي
فاستغفر
لنا ، فأنزل
الله تبارك
وتعالى : ( سواء
عليهم
استغفرت لهم
أم لم
تستغفر
لهم لن يغفر
الله لهم ان
الله لا يهدي القوم
الفاسقين )
وهذه في
سورة
المنافقون .
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
محمد بن منير
القمي عن زيد
بن صعصعة
التميمي عن
عمار بن
عيسى عن علي
بن أبي حمزة
عن أبي بصير عن
أبي جعفر محمد
بن
علي (
عليهما
السلام ) ، قال
قلت : يا سيدي
كم من مرة ردت
الشمس
على جدك
أمير
المؤمنين قال
: يا أبا بصير
ردت له مرة
عندنا
بالمدينة ،
ومرتين
عندكم بالعراق
.
فأما
التي عندنا
بالمدينة فإن
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
صلى
العصر وخرج
إلى منفسح في
غربي المدينة
، وأمير
المؤمنين (
صلوات
الله
عليه ) يتبعه
ولم يكن صلى
العصر فلحق
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله )
النعاس فوضع
رأسه في حجر
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
ورقد فلم
ينتبه
من رقدته إلا
وقد توارت
الشمس
بالحجاب فلما
انتبه رسول
الله
(
صلى الله عليه
وآله ) قال
أمير
المؤمنين : يا
رسول الله ما
صليت ولا
أيقظتك
من رقدتك
اجلالا
واعظاما
واشفاقا عليك
يا رسول الله
فقال
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) : اللهم
انك تعلم أن
عليا عظم نبيك
واشفق
عليه ان يوقظه
من رقدته حتى
غربت الشمس ولم
يصل العصر
فكرم
نبيك ووصيك
برد الشمس
عليه حتى يصلي
العصر فأقبلت
من مغربها
راجعة
لها زجل
بالتسبيح
والتقديس ،
حتى صارت في
منزلة الشمس
لوقت
العصر
فصلى أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
ورسول الله (
صلى الله عليه
صفحة 121
وآله )
جميع الناس
ينظرون فلما
قضى صلاته هوت
إلى مغربها
كالبرق
الخاطف
أو كالكوكب
المنقض فأمر
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
أن يبني
في موضع صلاة
العصر التي
صلاها أمير المؤمنين
مسجدا يصلى
فيه
ويزار .
قال
السيد الحسين
بن حمدان ( رضي
الله عنه ) : انا
رأيت هذا
المسجد
في غربي
المدينة في
ارض السهلة
سنة ثلاث
وسبعين
ومأتين من
الهجرة
وصليت به مع
جمع كثير من
الناس والمسجد
يجدد أبدا في
كل زمان
ويعرف
بموضع ردة
الشمس لعلي
أمير
المؤمنين ( رضي
الله عنه ) وهو
مشهد
معروف .
وأما
الأولى من
المرتين في
العراق فإن
أمير
المؤمنين سار
بعسكره من
النخلية
مغربا حتى اتى
نهر كربلاء
فمال إلى بقعة
يتضوع منها
المسك وقد
جن عليه
الليل مظلما
معتكرا ومعه
نفر من أصحابه
وهم محمد بن
أبي بكر
والحارث
الأعور
الهمداني
وقيس بن عبادة
ومالك الأشتر
وإبراهيم بن
الحسن
الأزدي
وهاشم المري ،
قال ابن عبيد
الله بن يزيد :
فلما وقف في
البقعة
وترجل
النفر معه
وصلى ، وقال
لهم : صلوا كما
صليت ، ولكم
علي علم
هذه
البقعة
فقالوا : يا
أمير
المؤمنين لك
منن علينا
بمعرفتها ،
فقال ( عليه
السلام )
هذه والله
الربوة ذات
قرار ومعين ،
التي ولد فيها
عيسى ( عليه
السلام )
، وفي موضع
الدالي من ضفة
الفرات غسلت
مريم ،
واغتسلت
وهي
البقعة
المباركة
التي نادى
الله موسى من الشجرة
، وهي محط
ركاب
من هنأ
الله به جده
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) وعزاه ،
فبكوا
وقالوا :
يا أمير
المؤمنين هو
سيدنا أبو عبد
الله الحسين ؟
قال لهم أمير
المؤمنين
( عليه السلام ) :
اخفضوا من
أصواتكم فإنه
واخوانه في
هذا السواد
وما أحب
أن يسمعوا
فيحزنوا على
الحسين ، على
أن الحسين قد
علم وفهم
ذلك كله
، وأخبره به
جده رسول الله
( صلى الله عليه
وآله ) .
صفحة 122
ثم قبض
قبضة من نثر
دوحات كأنهن
قضبان اللجين
، فاشتمها ثم
ردها في
أيدينا ، وقال
: تحيوا بها
فأخذناها فإذا
هي بعر غزلان
فقال لنا :
لا
تظنوا أنها من
غزلان الدنيا
، بل هي من غزلان
الجنة ، تعمر
هذه
البقعة
وتؤنسها
وتنثر فيها
الطيب .
قال قيس
بن سعد بن
عبادة : كيف
لنا بأن نرسم
هذه البقعة
بأبصارنا
، وهذا الليل
بظلمته
يمنعنا من ذلك
؟ فقال لهم :
هذا عسكرنا
حائر لا
يهتدي مسيره ،
فقال له محمد
ابن أبي بكر
يا مولانا
ومولى كل
مؤمن
ومؤمنة ، فأين
فضلك الكبير
لا يدركنا ؟ فانفرد
أمير
المؤمنين (
عليه
السلام )
في جانب من
البقعة ، وصلى
ركعتين ودعا
بدعوات فإذا
الشمس
قد رجعت
من مغربها
فوقفت في كبد
السماء فهلل العسكر
وكبروا وخر
أكثرهم
سجدا لله ،
ونظروا إلى
البقعة
وعرفوها
وعلموا أين هي
من الفرات
وهي
كربلاء ثم سار
العسكر على
الجادة وغربت
الشمس .
وأما
الثالثة فإن
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
انكفأ من
النهروان بعد
قتله
الخوارج حتى
قرب من أرض
بابل وقد وجبت
صلاة العصر في
أرض
بابل ،
فلما وجبت
أقبل الناس من
العسكر وهم سائرون
يقولون : يا
أمير
المؤمنين
، الصلاة ليلا
، ثم يجري في
ارض قد خسف
الله فيها
بطشه وهي
ارض لا
يصلي لها نبي
ولا وصي ،
فأقبل الناس
يصلون إلى أن
غربت
الشمس
وقد صلى أهل
المعسكر الا
أمير المؤمنين
وجويرية بن
مسهر يقول :
والله
لأقلدن صلاتي
لأمير
المؤمنين
فإني أصلها
وقد صلاها
سائر العسكر ،
ولي
بأمير
المؤمنين
أسوة ، فقال
له أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
ما صليت ؟
فقال : لا
يا أمير
المؤمنين ما
صليت ، فقال
له أمير
المؤمنين (
عليه
السلام ) :
أذن وأقم حتى
نصلي العصر ،
فصلى أمير المؤمنين
وهو منفرد من
العسكر
ودعا بدعوات
من الإنجيل لم
يسمع أحد منها
كلمة الا
جويرية فإنه
سمعه
يقول : اللهم
إني أسألك
باسمك الأعظم
ودعا
بالكلمات
صفحة 123
الإنجيلية
، فأقبلت
الشمس بعد غروبها
راجعة لها
ضجيج وزجل
بالتسبيح
والتقديس
حتى صارت في
درجة وقت
العصر فصلى وجويرية
معه وندم أهل
المعسكر
في صلاتهم
دونه .
قال
جويرية : يا
أمير
المؤمنين لم
أعلم أن الشمس
ترد لصلاتك ،
فقال
أمير
المؤمنين منه
السلام : لا
تثريب عليك
اليوم يا
جويرية فقال
قوم من
العسكر :
فقد صلينا يا
أمير
المؤمنين في
ارض بابل ،
فقال لهم أمير
المؤمنين
: أنتم
المغرورون ،
إذ قلتم ما لا
تعلمون
واعلموا
رحمكم الله ان
لكل شئ
حرما يكون
أربعين ذراعا
الا محرم مكة
فإنه اثنا عشر
ميلا على
يمين
الكعبة أربعة
وثمانية
بيسارها ،
وكذلك امركم
رسول الله (
صلى الله
عليه
وآله ) ان
تباشروا في
القبلة وإذا
صليتم تباينوا
فإنكم إذا
باشرتم في
وسط
القبلة
تباينتم
خرجتم عنها
وإنما صليتم في
حرم الفرات ،
ثم رجعت
الشمس
بعينها منقضة
كالكوكب
المنقض أو
الشهاب
الثاقب فلما
توارت
بالحجاب
امر العسكر
إلى غربي
الفرات
فعبروا ثلاث
ساعات من
الليل
وعسكروا
بقرية سور
العقيق
وأمروا في
الأذان والإقامة
فصلى بالناس
العشائين
وسار من
ليلته حتى ورد
الكوفة .
وروي
انه لم ترد
الشمس لأحد من
خلق الله
تعالى الا
ليوشع بن نون
وصي
موسى (
عليه السلام )
ولأمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وكان آخر قتالهم
له
يوم
الجمعة إلى أن
غربت الشمس
وقد ظهر على
المنافقين
أصحاب يوشع
(
عليه السلام )
، وقال
قاتلوهم فقد
غلبتموهم بإذن
الله فقالوا :
لا نقاتل
وقد دخل
السبت فانفرد
يوشع ( عليه
السلام ) فتلا
أسفارا من صحف
إبراهيم
( عليه السلام )
ومن التوراة ،
وسأل الله عز
وجل برد الشمس
عليهم
حتى لا يحتج
المارقون ،
فقال يوشع (
عليه السلام ) :
قاتلوا ،
قالوا :
لا نقاتل لان
السبت قد دخل
، قال : هذا لا من
السبت ولا من
الجمعة
، وإنما سألت
الله عز وجل
رد الشمس لتظهروا
على أعدائكم
ولا
يظهروا
فقاتلوهم
فغلبوهم
وملكوهم
وغربت الشمس
وكانت صفراء
ابنة
صفحة 124
شعيب
النبي ( عليه
السلام ) زوجة
موسى بن عمران
( عليه السلام )
تقاتل
يوشع بن
نون ( عليه
السلام ) مع
المارقين من
بني إسرائيل
على زارفة كما
قاتلت
عائشة ابنة
أبي بكر زوجة
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله ) وصيه
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
مع المارقين
من أمته على
جمل .
وقد ردت
ليوشع مرة ،
وقد ردت لأمير
المؤمنين ثلاث
مرات وسلمت
عليه
بالبقيع .
وهذا
نبي الله
سليمان بن
داود ( عليهما
السلام ) أمر
بأن تعرض عليه
خيله
حتى أعجب بها
وفتنته إلى أن
غربت الشمس ،
وفاتته صلاة
العصر ،
فذكر
انه لم يصل
صلاة العصر
فأمر برد خيلة
فأمر بضرب
سوقها وأعناقها
كفارة
لما فوتته
صلاة العصر
ولم ترد الشمس
له فصلى العصر
، كما ردت
لأمير
المؤمنين (
عليه السلام )
الفضل لرسول الله
( صلى الله
عليه وآله )
لأن
الفضل
للنبيين
والمرسلين ،
ولأمير المؤمنين
لأنه أفضل
الوصيين
والأئمة
الراشدين
.
وقد قص
الله خبر
سليمان ( عليه
السلام ) فقال
تعالى : ( إذ عرض
عليه
بالعشي
الصافنات
الجياد فقال
إني أحببت حب
الخير عن ذكر
ربي حتى
توارت
بالحجاب
ردوها علي
فطفق مسحا
بالسوق والأعناق
) ولم يخبر الا
به ولم
يخبر عن نفسه (
عليه السلام )
ولا اخبر ان الشمس
ردت عليه
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
وعنه عن محمد
بن جابر بن
عبد الله بن
خالد
الخزاعي
، عن محمد بن
جعفر الطوسي ،
عن محمد بن
صدقة العنبري
عن محمد بن
سنان
الزاهري
، عن الحسن بن
جهم عن أبي
الصامت ، عن جابر
بن يزيد
الجعفي
عن أبي جعفر
الباقر ( عليه
السلام ) قال :
بينما أمير
المؤمنين (
عليه
السلام )
متجهز إلى
معاوية ويحرض
الناس على قتاله
اختصم إليه
رجلان
فعجل
أحدهما
بالكلام وزاد
فيه فالتفت
إليه أمير
المؤمنين
وقال له : اخسأ
يا
صفحة 125
كلب
فإذا رأسه رأس
كلب فبهت من
كان حوله ،
واقبل الرجل
بإصبعه
المسبحة
يتضرع إلى
أمير
المؤمنين
ويسأله
الإقالة فنظر
إليه وحرك
شفتيه فعاد
خلقا
سويا فوثب بعض
أصحابه
فقالوا له : يا
أمير
المؤمنين هذه
القدرة لك
أريتنا
إياها وأنت
تجهزنا إلى
قتال معاوية ،
فما لك لا
تكفينا ببعض
ما
أعطاك
الله من هذه
القدرة ؟
فأطرق قليلا
ورفع رأسه إليهم
فقال : والذي
فلق
الحبة وبرأ
النسمة لو شئت
لضربت برجلي
هذه القصيرة
في طول هذه
الفيافي
والفلوات
والجبال
والأودية حتى
اضرب صدر
معاوية على
سريره
فأقبله
على أم رأسه
لفعلت ، ولو
أقسمت على الله
عز وجل أن آتي
به قبل
أن أقوم
من مجلسي هذا
ومن قبل ان
يرتد إلى أحدكم
طرفه لفعلت
ولكنا
كما وصف
الله عز من
قائل : ( عباد
مكرمون لا
يسبقونه
بالقول وهم
بأمره
يعلمون ) فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
وعنه عن
أبي الحسن بن
يحيى الفارسي
عن عقيل بن
يحيى الحسيني
عن زيد
بن عمر بن
كثير المدني
عن جعفر بن
محمد الحلبي
عن حمران بن
أعين عن
ميثم التمار
قال : خطب بنا
أمير المؤمنين
( عليه السلام )
في
جامع
الكوفة فأطال
خطبته وعجب
الناس من طولها
وحسن وعظها
وترغيبها
وترهيبها
إذ دخل نذير
من ناحية
الأنبار وهو مستغيث
يقول : الله
الله يا
أمير
المؤمنين في
رعيتك وشيعتك
، هذه خيل معاوية
قد شنت علينا
الغارات
في سواد
الفرات ، ما
بين هيت
والأنبار ،
فقطع أمير
المؤمنين
الخطبة ،
وقال :
ويحك ان خيل
معاوية قد
دخلت الدسكرة
التي تلي
جدران
الأنبار
فقتلوا
فيها سبع نسوة
وسبعة من
الأطفال ذكرانا
، وشهروهم
ووطئوهم
بحوافر
خيلهم ،
وقالوا هذه
مراغمة لأبي
تراب .
فقام
إبراهيم بن
الحسن الأزدي
بين يدي
المنبر فقال :
" يا أمير
المؤمنين
هذه
القدرة التي
رأيت بها وأنت
على منبرك وفي
دارك ، وخيل
معاوية ابن
آكلة
الأكباد فعل
بشيعتك ما فعل
" ويعلم بها هذا
النذير ، ما
بالها تقصر
عن
معاوية ؟
صفحة 126
فقال له
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
ويحك يا
إبراهيم
ليهلك من
هلك عن
بينة ، ويحيى
من حي عن بينة
فصاح الناس في
جوانب
المسجد :
يا أمير
المؤمنين
والى متى يهلك
من هلك ،
وشيعتك تهلك ؟
فقال
لهم (
عليه السلام ) :
ليقضي الله
امرا كان
مفعولا .
فصاح
زيد بن كثير
المرادي ،
فقال يا أمير
المؤمنين
تقول لنا
بالأمس
وأنت
متجهز إلى
معاوية ،
وتحرضنا على
قتاله ويحتكم
الرجلان في
البغل ،
فيعجل
أحدهما عليك
في الكلام
فتجعل رأسه
رأس كلب ،
ويستجيرك
فترده
بشرا سويا ،
ونقول لك ما
بال هذه
القدرة لا
تبلغ معاوية
فتكفينا
شره ،
فتقول لنا :
وفالق الحبة
وبارئ النسمة
، لو شئت ان
أضرب
برجلي
هذه القصيرة
صدر معاوية
فأقلبه على أم
رأسه لفعلت ،
فما بالك
اليوم
لا تفعل ما
تريد الا ان
يضعف يقيننا
فنشك فيك
فندخل النار ؟
فقال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
لأفعلن ذلك
ولأعجلن على
ابن
هند فمد
رجله
المباركة على
منبره فخرجت
من أبواب
المسجد ،
وردها إلى
فخذه ،
وقال معاشر
الناس افهموا
تاريخ الوقت وأعلموه
فلقد ضربت
برجلي
هذه في هذه
الساعة صدر
معاوية
فألقيته على
أم رأسه فظن
أنه قد
هبط به
فقال : يا أمير
المؤمنين أين
النظرة ، فرددت
رجلي عنه ،
فتوقع
الناس
وورد الخبر من
الشام بتاريخ
تلك الساعة
بعينها من ذلك
اليوم بعينه
ان رجلا
جاءت من نحو
أبواب كندة
ممدودة متصلة قد
دخلت من أبواب
معاوية
والناس
ينظرون حتى
ضربت صدر
معاوية فاقلبته
عن سريره على
أم
رأسه
فصاح يا أمير
المؤمنين حقا
فكان هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
وعنه عن
أبي الحسن
محمد بن يحيى
الفارسي عن
جعفر بن حباب
عن
محمد بن
علي الآدمي عن
الحسن بن
محبوب عن مالك
بن عطية عن
أبي
حمزة
الثمالي عن
أبي إسحاق
القرشي قال
دخلت المسجد
الأعظم
بالكوفة
وإذا
انا بشيخ أبيض
الرأس
واللحية
يستمد بأعلى
صوته ويبكي
ودموعه
صفحة 127
تسيل
على خديه فقلت
له : يا شيخ ما
يبكيك ؟ فقال :
انه أتى علي
نيف
ومائة
سنة لم أر
فيها عدلا ولا
حقا ولا علما
ظاهرا الا
ساعة من الليل
وساعة
من النهار ،
فانا أبكي
لذلك فقلت :
وما تلك
الساعة
والليلة
واليوم
الذي
رأيت فيه
العدل ؟ قال :
اني كنت رجلا
من اليهود
وكان لي ضيعة
بناحية
سور ، وكان
لنا جار في
القرية من أهل
الكوفة يقال
له الأعور
الهمداني
وكان رجلا
مصابا بإحدى
عينيه وكان خليطا
وصديقا ، وإني
دخلت
الكوفة يوما
من الأيام
بطعام لي على
أحمرة لي أريد
بيعه فبينما
أنا
أسوق
حميري وإذا
بصوت في سبخة
الكوفة وذلك
بعد العشاء
والآخرة
فافتقدت
حميري فكأن الأرض
ابتلعتها أو
السماء
تناولتها أو
كأن الجن
اختطفتها
فمررت يمينا
وشمالا فلم
أجدها فأتيت
منزل الحارث
الهمداني من
ساعتي
أشكو إليه ما
أصابني فلما
أخبرته قال : انطلق
بنا إلى منزل
أمير
المؤمنين
حتى أخبره
فانطلقنا
إليه وأخبره بالخبر
، فقال أمير
المؤمنين (
عليه
السلام )
للحارث انطلق
إلى منزلك
وخلني واليهودي
فأنا ضامن له
حميره
وطعامه
، حتى أردها
إليه ، فأخذ
بيدي ومضى حتى
أتينا الموضع
الذي
فقدت
فيه حميري
فوجه وجهه عني
وتحركت شفتاه
بكلام لا
أفهمه ثم رفع
رأسه
فسمعته يقول :
والله ما
بايعتموني
وعاهدتموني
معاشر الجن
إلا بالطاعة
لي
والاستماع
لامري وأيم
الله لئن لم
تردوا على هذا
اليهودي
حميره وطعامه
لأنقضن
عهدكم
ولأجاهدن
فيكم حق
الجهاد ، قال :
فوالله ما فرغ
أمير
المؤمنين
من كلامه حتى
رأيت حميري
وطعامي بين
يدي فقال لي
أمير
المؤمنين
إختر يا
يهودي احدى
الخصلتين إما
أن تسوق حميرك
وأنا أحرسها
من ورائها
وإما أن
أسوقها أنا
وأنت تحرسها ،
فقلت : أنا أسوقها
وتقدم أنت يا
أمير
المؤمنين
فتقدم
وأتبعته
الحمير حتى
انتهى بها إلى
الرحبة فقال :
يا يهودي
أحط
عنها وتحفظها
أنت ، أو تحط
وأحفظها أنا
حتى يصبح
الصبح ؟ فإنه
عليك
بقية من الليل
، فقلت له : يا
مولاي أنا
أقوى عليها
بالحط ، وأنت
أقوى
عليها بالحفظ
فقال خلني
وإياها ونم ،
حتى يطلع
الفجر فليس
عليك
بأس
فلما طلع
الفجر نبهني ،
ثم قال لي : قد
طلع الفجر
فاحفظ عليك
صفحة 128
طعامك
وحميرك ولا
تغفل عنها حتى
أعود إليك فانطلق
وصلى بالناس
الصبح
فلما طلعت
الشمس أتاني ،
وقال افتح عن
برك على بركة الله
ففعلت
ثم قال : اختر
خصلة من
خصلتين ، إما
تبيع واستوفي
انا ، وإما
استوف
أنت وأبيع أنا
، فقلت : انا
أقوى على بيعها
وأنت أقوى على
استيفائها
فبعت انا
واستوفى لي
الثمن ، ودفعه
إلي وقال : ألك
حاجة ؟
فقلت :
نعم أريد أدخل
إلى السوق في
شراء حوائج
فقال : امض حتى
أعينك
عليها ، فإنك
ذمي فلم يزل
معي حتى فرغت من
حوائجي ، ثم
ودعني
فقلت له عند
الفراق : اشهد
ان لا إله إلا الله
وأشهد أن
محمدا
عبده
ورسوله ، وإنك
وصيه وخليفته
على الجن والإنس
فجزاك الله عن
الإسلام
خيرا . ثم
انطلقت إلى
قريتي وأقمت
بها شهورا
ونحو ذلك ،
فاشتقت
إلى رؤية أمير
المؤمنين من
تلك الليلة
فقدمت الكوفة
فقيل لي قد
قتل
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
، فاسترجعت وصليت
صلاة كثيرة
وقلت
عند ذلك
ذهب العلم ،
فكان هذا أول
عدل رأيته تلك
الليلة وآخر
عدل
رأيته
في ذلك اليوم فما
لي لا أبكي .
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
علي بن محمد
الصيرفي قال :
حدثني علي بن
محمد بن عبد
الله
الخياط ، قال :
حدثني الحسين
بن علي عن أبي
حمزة
البطائني وهو
علي بن
معمر عن جابر
بن يزيد
الجعفي ، عن
أبي جعفر
الباقر ( عليه
السلام )
قال : خرج أمير
المؤمنين إلى
أصحابه فقال :
يا قوم أرأيتم
أن
لا تذهب
الأيام
والليالي حتى
يجري ها هنا
نهر تجري فيه
السفن ، فما
أنتم
قائلون
؟ أفأنتم
مصدقون فيما
قلت أم لا ؟
قالوا يا أمير
المؤمنين :
ويكون
هذا ؟
قال : والله
كأنني انظر
إلى نهر في
هذا الموضع
يزخر فيه الماء
وتجري
فيه
السفن يحرفه
طاغوت ينسب
إلينا وليس هو
منا يكون على
أهل هذه
العترة
أولا
عذابا ، ورحمة
عليهم اخرا
فلم تذهب الأيام
والليالي حتى
حفر الخندق
بالكوفة
حفره المنصور
فكان عذابا
على أهلها أولا
ورحمة عليهم
آخرا ، ثم
صفحة 129
جرى فيه
الماء والسفن
وانتفع الناس
به فكان هذا
من دلائله (
عليه
السلام ) .
وعنه عن
الحسن عن أبي
حمزة عن أبيه
قال : حدثني مسعود
المدائني ،
وحسين
بن محمد بن
فرقد جميعا عن
فضل الرسول عن
أبي جعفر (
عليه
السلام )
ان أمير
المؤمنين قال
له أصحابه : لو
أريتنا ما
تطمئن به
قلوبنا مما في
يدك مما
أنهى إليك
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) فقال : لو
أريتكم
عجيبة
من عجائبي
لكفرتم ،
وقلتم : ساحر
أو كاهن ولكان
هذا من
أحسن
قولكم فقالوا
: يا أمير
المؤمنين ما
منا أحد إلا
وهو يعلم إنك
ورثت
علم
رسول الله
وصار إليك
فقال : علم
العالم صعب
مستصعب ، لا
يحمله
الا ملك
مقرب ، أو نبي
مرسل ، أو
مؤمن امتحن الله
قلبه للإيمان
، وأيده
بروح
منه ، فإذا
أبيتم إلا أن
أريكم بعض
عجائبي وما
أتاني من
العلم
فاتبعوا
أثري ، إذا
صليت العشاء
الآخرة فلما صلى
اخذ طريقه إلى
ظهر
الكوفة
واتبعوه وهم
سبعون رجلا
ممن كانوا عند
أنفسهم من خيار
الناس
وكانوا
شيعة له له
فقال : إني لست
أريكم شيئا حتى
آخذ عليكم عهد
الله
وميثاقه
ألا تكفروني
ولا ترموني
بالمعطلات ،
والله ما
أريكم الا بعض
ما
أعطيت
من ميراث
النبي المرسل
والحجة علي
وعليكم (
صلوات الله
عليه )
فأخذ
عليهم عهد
الله وميثاقه
ثم قال : حولوا
وجوهكم حتى
أدعو بما أريد
فسمعوه
جميعا يدعو
بالدعوات
التي
يعرفونها ويعلمونها
من أسماء الله
، ثم
قال
حولوا وجوهكم
فإذا هم
بالقيامة قد
قامت ، والجنة
والنار قد
حضرت ،
وحشر جميعهم
فما شكوا في
القيامة وإنهم
بعثوا وحشروا
فقالوا يا
أمير
المؤمنين ما
هذا فقال هكذا
يوم القيامة
فقال أحسنهم
قولا : ان هذا
الا
سحر
عظيم ، ورجعوا
من فورهم
كفارا الا
رجلان فلما
صار مع
الرجلين ،
قال
سمعتما مقالة
أصحابكما
واخذي عليهم
العهود
والمواثيق
ورجوعهم
يكفرونني
اما والله
انهم لفي حجتي
، وهكذا كان
أصحاب محمد (
صلى الله
عليه
وآله ) يقولون :
ساحر كاهن
كذاب ، وقد
علمت قريش ما
خلق الله
صفحة 130
خلقا
كان خيرا منه
، وبالله الذي
لا يحلف بأعظم
منه وبرسوله
ورسله
وكتبه
كلها إني لست
ساحرا ولا
كذابا ، ولا
يعرف هذا الا
لي ولرسوله
(
صلى الله عليه
وآله ) أنهاه
الله إلى
رسوله ، وأنهاه
رسوله إلي ،
وأنهيته
إليكم
فصدق رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ، وكذبتموني
وكذبتم رسله
وننبئ
عن الله ،
فإذا رددتم
على رسول الله
فقد رددتم على
الله ، ثم
قال :
وأنتما
راجعان معي
وفي قلوبكما
مرض وسيرجع
أحدكما كافرا
قالا يا
أمير
المؤمنين
نرجو ان لا
نكفر بعد
الايمان ، قال
: هيهات
المؤمن قليل ،
كما قال
الله ( وما آمن
معه إلا قليل )
حتى إذا صار
إلى مسجد
الكوفة ،
ودعا
بدعوات
فسمعناها
فإذا حصى
المسجد درا وياقوتا
ولؤلؤا ،
فقلنا : يا
أمير
المؤمنين هذا
در وياقوت
ولؤلؤ فقال لو
أقسمت على
الله فيما هو
أعظم
من هذا
لابر قسمي ،
فرجع أحدهما
كافرا والآخر
مثبتا ، واخذ
درة من
ذلك
الدر بيضاء لم
ينظر مثلها
وقال يا أمير
المؤمنين قد
اخذت من ذلك
الدر
درة واحدة وهي
معي ، قال فما
دعاك إلى هذا
قال : أحببت
اعلم
أحق هو
أم باطل ؟ قال
له أمير
المؤمنين :
إنك ان رددتها
إلى موضعها
الذي
اخذتها
منه عوضك الله
ان لم تردها
عوضك منها
النار ، فقام
الرجل فردها
إلى
موضعها
فتحولت حصاة
كما كانت ،
فأخبره فقال
أحسنت .
وكان
مما روى عمر
ابن الحمق
وأبو الحارث
الأعور وميثم
التمار ،
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
وعنه عن
علي بن الحسين
عن إسماعيل بن
دينار ، عن
عمر بن
ثابت ،
عن حبيب عن
الحارث
الأعور انه
كان يوما مع
أمير المؤمنين
( عليه
السلام )
في مجلس
القضايا ، إذ
أقبلت امرأة
مستعدية على
زوجها فتكلمت
بحجتها
وتكلم زوجها
بحجته ، فأوجب
بحجته القضاء
عليها فغضبت
غضبا
شديدا ثم قالت
: يا أمير
المؤمنين
حكمت علي
بالجدر وما
بهذا امرك
الله ،
قال أمير
المؤمنين : يا
سلفع يا مهيع
يا فردع بل
حكمت عليك
بالحق
الذي
تعلمينه فلما
سمعت هذا
الكلام قامت
من بين يديه
منسحبة ولم
ترد
صفحة 131
عليه
جوابا
فاتبعها عمر
بن حريش ،
فقال لها : يا
أمة الله لقد
سمعت
منك
اليوم عجبا ،
سمعت أمير
المؤمنين قد
قال لك كلاما
فقمت من بين
يديه
منهزمة وما
رددت عليه
حرفا ،
فاخبريني ما
الذي قال لك
حتى لم
تقدري
تردين عليه
جوابا ؟ قالت :
يا عبد الله لقد
اخبرني بما لا
يطلع
عليه
أحد غيري ،
وانا ما قمت
من بين يديه
الا مخافة ان
يخبرني بما هو
أعظم
مما رماني به
فصبرت على
واحدة كانت أجمل
من صبر على
واحدة
بعدها .
قال لها :
فأخبريني ما
الذي قال لك ؟
قالت له : يا عبد
الله أنه قال
لي ما
اكره ذكره
وبعد فإنه
قبيح أن يعلم
الرجل ما في
النساء من
العيوب ،
فقال :
والله إلا
تعرفيني ولا
أعرفك ولعلك
لا تريني ولا
أراك بعد يومي
هذا ،
فلما رأته قد
ألح عليها
أخبرته بما
قال أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
،
أما
قوله لي : يا
سلفع ، والله
ما كذب اي لا
تحيض من حيث
تحيض
النساء
، واما قوله :
يا مهيع فإني
والله امرأة
صاحبة نساء
وما أنا صاحبة
رجال ،
وأما قوله : يا
فردع أي إني
لمخربة بيت زوجي
، وما أبقي
عليه
شيئا ،
فقال : ويحك أو
ما علمت بهذا
انه ساحر ،
وكاهن ومجنون
أخبرك
بما فيك
، وهذا علم
كثير ؟ فقالت :
هو والله غير ما
قلت يا عدو
الله انه
ليس ذا
ولكنه من أهل
بيت الله
ورسوله محمد (
صلى الله عليه
وآله ) علمه
إياه
لأنه حجة الله
على خلقه بعد
النبي ( عليهما
السلام ) فكانت
أحسن
قولا في
أمير
المؤمنين من
عمر بن حريش (
لعنه الله )
وفارقته ،
واقبل عمر
إلى
مجلسه ، فقال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
يا عمر بن
حريش بم
استحللت
أن ترميني بما
رميتني به ؟
وأيم الله لقد
كانت المرأة
أحسن قولا
في منك
ولأقفن انا
وأنت موقفا من
الله فانظر
كيف تخلص من
الله ؟ فقال
يا أمير
المؤمنين أنا
تائب إلى الله
واليك مما كان
فاغفر لي يغفر
الله لك ،
قال :
والله لا غفرت
لك هذا الذنب
حتى أقف انا وأنت
بين يدي الله
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
صفحة 132
وعنه عن
محمد بن علي
الصيرفي عن
علي بن محمد
عن وهب بن حفص
الجزائري
عن بن حسان
العجلي ، عن
فتوى ابنة رشيد
الهجري ، قال :
قلت لها :
أخبريني بما
سمعت من أبيك
، قالت سمعته
يقول اخبرني
أمير
المؤمنين
( عليه السلام )
، فقال : يا
رشيد كيف صبرك
إذا أرسل إليك
دعي بني
أمية فقطع
يديك ورجليك
ولسانك ؟ فقلت
: يا أمير
المؤمنين
أليس
خيرا من ذلك
الجنة ؟ فقال :
بلى يا رشيد
أنت معي في
الدنيا
والآخرة
، قالت فتوى
فوالله ما
ذهبت الأيام والليالي
حتى أرسل إليه
عبيد
الله بن
زياد - لعنه
الله - فدعاه
إلى البراءة من
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فأبى أن
يتبرأ منه ،
فقال له الدعي
فبأي موتة قال
لك تموت ؟ قال
أخبرني
أمير
المؤمنين أنك
تدعوني إلى
البراءة فلا أبرأ
منه فتقطع
يداي ورجلاي
ولساني
، فقال : والله
لأكذبن قوله
فيك فقطع يديه
ورجليه وترك
لسانه
فقلت يا
أبت هل أصابك
ألم ؟ فقال : لا
يا بنتي إلا
كالزحام بين
النساء
والناس
، فلما احتملناه
من داره
بالكوفة
اجتمع الناس
من حوله فقال :
أئتوني
بصحيفة ودواة
وكتب الناس
عنه وذهب اللعين
فأخبره انه
يحدث
والناس
يأخذون منه
علم ما هو
كائن إلى يوم
القيامة
فارسل إليه
عبيد
الله بن
زياد لعنه
الله ، فقطع
لسانه في تلك
الليلة .
وكان
أمير
المؤمنين
يقول له : أنت
رشيد البلايا
، وكان قد
ألقى إليه
علم
البلايا
والمنايا في
حياته ، إذا
لقي الرجل
يقول يا فلان
تموت ميتة كذا
وكذا ،
وتقتل أنت يا
فلان قتلة كذا
وكذا فيكون
كما قال رشيد .
وكان
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
يقول : رشيد البلايا
أي تقتل بهذه
القتلة .
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
علي بن ياسين
عن محمد بن
علي الرازي عن
علي بن
محمد بن
ميهوب عن يوسف
ابن عمران قال
: سمعت ميثم
التمار يقول :
دعاني
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فقال : كيف أنت
يا ميثم إذا
دعاك
صفحة 133
دعي بني
أمية عبيد
الله بن زياد -
لعنه الله -
إلى براءة مني
؟ فقلت إذا
والله
لا أبرأ منك
يا مولاي ،
قال : والله
ليقتلنك
ويصلبنك . قلت :
إذا
أصبر
وذلك والله
قليل في حبك
قال : يا ميثم
إذا تكون معي
في درجتي .
قال :
وكان ميثم
التمار يمر
بعريف عبيد
الله بن زياد
فيقول له يا
فلان
كأني بك وقد دعاك
دعي بني أمية
وابن دعيها
يطلبني منك
فتقول هو
بمكة ،
فيقول ما أدري
ما تقول ، ولا
بد لك أن تأتي
به فتخرج إلى
القادسية
فتقيم بها
أياما ، فإذا
قدمت إليك ذهبت
بي إليه حتى
يقتلني
وأصلب
على باب دار
عمرو بن حريث
فإذا كان اليوم
الرابع ابتدر
من
منخري
دم عبيط .
وكان
ميثم يمر
بنخلة في
السبخة فيضرب
بيده عليها
فيقول : يا
نخلة
ما غرست
إلا لي ولا
خلقت الا لك ،
وكان يمر بعمرو
بن حريث فيقول
يا
عمر إذا
جاورتك فأحسن
مجاورتي ،
وكان عمرو يروي
عنه ويظن أنه
يشتري
دارا أو
ضيعة ويجاوره
لذلك فيقول :
ليتك قد فعلت
ذلك .
ثم خرج
ميثم إلى مكة
فأرسل
الطاغوت عبيد
الله بن زياد
لعنه الله
عريف
ميثم يطلبه
منه فأخبره
انه بمكة ،
فقال : لئن لم
تأتني به
لأقتلنك
فأجله
اجلا ، وخرج
العريف إلى
القادسية
ينظر ميثم
فلما قدم ميثم
اخذ
بيده
فاتى به إلى
ابن زياد (
لعنه الله )
فلما ادخله
علي ، قال : يا
ميثم قال :
نعم ،
قال : تبرأ من
أبي تراب ،
قال : لا اعرف
أنا أبا تراب
، قال :
تبرأ من
علي بن أبي
طالب قال : فإن
لم أفعل ؟ قال : إذا
والله أقتلك ،
قال :
وأيم الله انه
قد كان يقول
لي انك تقتلني
وتصلبني على
باب دار
عمرو بن
حريث فإذا كان
اليوم الرابع
ابتدر من منخري
دم عبيط ،
فأمر
ابن
زياد ( لعنه
الله ) بصلبه
على باب دار
عمرو بن حريث
، فقال للناس :
اسألوني
وهو مصلوب قبل
أن أقتل
فوالله لأخبرنكم
بعلم ما كان
وما يكون
إلى يوم
القيامة وبما
يكون من الفتن
، فلما سأله
الناس حدثهم
حديثا واحدا
صفحة 134
فأتى
رسول من قبل
عبيد الله بن
زياد ( لعنه
الله ) فألجمه
بلجام شريط من
نحاس ،
فهو أول من
ألجم بلجام
وهو مصلوب حيا
فمنعه الكلام
فأقبل
يشير
إلى الناس
بيده ويوحي
بعينه
وحاجبيه ففهم
أكثرهم ما
يقوله فامر
عبيد
الله بن
زياد ( لعنه
الله ) بقتله
وهو مصلوب على
جذع تلك
النخلة التي
كان
يخاطبها
إذا مر بها في
سبخة الكوفة
وكان في جوار
عمرو بن حريث
فكان
هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
محمد بن علي
الرازي عن علي
بن محمد بن ميمون
الخراساني
عن علي
بن أبي حمزة
عن عاصم
الخياط عن أبي
حمزة الثمالي
عن أبي جعفر
الباقر (
عليه السلام )
قال : لما أراد
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
ان يسير إلى
الخوارج
إلى النهروان
، واستنفر أهل
الكوفة وأمرهم
ان يعسكروا
بالمدائن
فتخلف
عنه شبت بن
ربعي والأشعث
بن قيس الكندي
، وجرير بن
عبد
الله النخعي ،
وعمر بن حريش
، وقالوا ، يا أمير
المؤمنين
إئذن لنا
أياما
حتى نقضي حوائجنا
ونصنع ما نريد
، ثم نلحق بك
فقال لهم :
خدعتموني
بشغلكم ، سوءا
لكم من مشائخ
، والله ما
كان لكم من
حاجة
تتخلفون
عليها ولكنكم
تتخذون سفرة
وتخرجون إلى
البرية ،
وتجلسون
تنتظرون
متنكبون عن
الجادة ،
وتبنطون
سفرتكم بين
أيديكم
وتأكلون من
طعامكم
، ويمر بكم ضب
، فتأمرون
غلمانكم ،
فيصطادونه
لكم ويأتونكم
به
فتخلعون
أنفسكم عن
مبايعتي ،
وتبايعون الضب
وتجعلونه
امامكم
دوني ،
واعلموا اني
سمعت أخي رسول
الله ( صلى الله
عليه وآله )
يقول :
ما في
الدنيا أقبح
وجها منكم
لأنكم تجعلون
أخا رسول الله
امامكم
وتنقضون
عهده الذي
يأخذه عليكم
وتبايعون ضبا
وسوف تحشرون
يوم
القيامة
وامامكم ضب ،
وهو كما قال
الله تعالى : (
يوم ندعو كل
أناس
بامامهم
) قالوا : والله
يا أمير
المؤمنين ما نريد
الا ان نقضي
حوائجنا
ونلحق
بك ونوفي
بعهدك ، وهو
يقول : عليكم
الدمار وسوء
الديار والله
ما
يكون
الا ما قلت
لكم وما قلت
لكم الا الحق .
صفحة 135
ومضى
أمير
المؤمنين حتى
إذا صار
بالمدائن وخرج
القوم إلى
الخندق
وذهبوا
ومعهم سفرة
وبسطوا في
الموضع
وجلسوا يشربون
الخمر فمر بهم
ضب
فامروا
غلمانهم
فصادوه لهم
وأتوهم به فخلعوا
أمير
المؤمنين
وبايعوا
الضب
وبسطوا يده ،
وقالوا له :
أنت والله
إمامنا ما
بيعتنا لك
ولعلي بن
أبي
طالب الا
واحدة ، وإنك
لأحب إلينا
منه ، فكان ما
قال أمير
المؤمنين
( عليه
السلام ) ،
وكانوا كما
قال الله عز وجل
( بئس
للظالمين
بدلا ) ثم
لحقوا
به فقال لهم
لما وردوا
عليه : فعلتم
يا أعداء الله
وأعداء رسوله
وأمير
المؤمنين
ما أخبرتكم به
، فقالوا : يا
أمير المؤمنين
ما فعلنا ،
فقال : والله
ان
بيعتكم
مع امامكم ،
قالوا قد
أفلحنا إذ
بايعنا الله
معك ، قال :
وكيف
تكونون
معي ، وقد
خلعتموني
وبايعتم الضب
؟ والله لكأني
انظر إليكم
يوم
القيامة
والضب يسوقكم
إلى النار ،
فحلفوا بالله
إنا ما فعلنا
، ولا خلعناك
ولا
بايعنا الضب
فلما رأوه
كذبهم ولم
يقبل منهم ،
فأقروا له
وقالوا اغفر
لنا
ذنوبنا
قال لهم والله
لاغفرت لكم
ذنوبكم واخترتم
مسخا مسخه
الله ،
وجعله
آية للعالمين
، فكذبتم رسول
الله ( صلى الله
عليه وآله )
وقد حدثني
رسول
الله ( صلى الله
عليه وآله )
وقال : ويل لمن
كان رسول الله
خصمه
وفاطمة
بنت محمد (
عليها السلام
) .
ولما
قتل الحسين (
عليه السلام )
كان شبث بن
ربعي وعمرو بن
حريث
ومحمد بن
الأشعث فيمن
سار إليه من
الكوفة
وقاتلوا
بكربلاء
فقتلوه
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
وعنه عن
عبد الله بن
زيد
الطبرستاني
عن محمد بن
علي عن الحسين
بن
علي بن
أبي حمزة عن
أبي بصير عن
أبي عبد الله
الصادق ( عليه
السلام )
قال : لما
انقضت الهدنة
التي كانت بين
أمير المؤمنين
( عليه السلام )
وبين
معاوية (
لعنه الله )
أمر أمير
المؤمنين
بالنداء
بالكوفة
وبالبصرة
وهما
العراقان :
انكم
معاشر شيعتنا
طالبتمونا
بالمراجعة عن قتال
معاوية
والهدنة التي
كنتم
سببها
وأعوان
معاوية عليها
انقضت ولم
يمكن نقض
العهد إلى أن
ينقضي
صفحة 136
الأجل ،
وعهد الهدنة ،
وها انا
مطيعكم في
المسير إليه
فانهضوا
بنيات
صحيحة
وقلوب مطمئنة
، ووفاء لله
ولرسوله
عليكم طائعين
لا مكرهين
فاجتمع
من شيعة
الكوفة
والبصرة زهاء
ثلاثين ألفا
محققون سوى من
لحق
بالعسكر
، فلما برزوا
وصاروا
بالنخيلة
وساروا إلى
القطقطانيات
ورد عليه
كتاب من
عامله
بالنهروان أن
أربعة آلاف
رجل من
الخوارج
حكموا
بالنهروان
ورفعوا
راياتهم وأشهروا
أسلحتهم
وردوا
بالمعبرة
فأخرجوا عبد
الله بن
خباب من الحكم
، وأتوا إليه
وكبروا وقالوا
الحمد لله
الذي اظفرنا
بك أيها
الخائن
الكافر بكفر
علي بن أبي
طالب ،
والمقيم معه
على ردته ،
والله
لنقتلنك
وزوجتك تقربا
إلى الله
بدمائكم ،
وأتوا بخنزير
فذبحوه على
شط النهروان
وذبحوا عبد
الله بن خباب
فوقه ، وقالوا
: والله ما
ذبحنا لك
ولهذا
الخنزير الا
واحدا .
وكان
عبد الله بن
خباب من اعبد
شيعة أمير
المؤمنين
وأفضلهم
وأخيرهم
، وذبحوا
زوجته وطفله
فوقه ، وقالوا
: هذا فعلنا
بشيعة علي
وأنصاره
نقتلهم ولا
نبقي منهم
أحدا .
فقرأ أمير
المؤمنين
الكتاب وبكى
رحمة لعبد
الله وزوجته
وطفله وقال :
آه يا
عبد الله لئن
فجع الله بك
الدين لقد صرت
وزوجتك وطفلك
إلى
جنات رب
العالمين ،
وسمع من في
العسكر ما ورد
عليه وصاح
الناس من
العسكر :
فماذا ترى يا
أمير
المؤمنين ؟
قال : اعتدوا
بنا إلى هؤلاء
المارقين
، فهذا وأيم
الله أرى
بوارهم
ولحوقهم
بالنار .
فرجع
إلى النهروان
حتى نزل
بالقرب من
القنطرة وكان
في أصحابه
رجل
يقال له جندب
الأزدي قد
داخله شك في
أمير المؤمنين
( عليه
السلام )
فلحق
بالخوارج (
لعنهم الله ) ،
فقال له أمير
المؤمنين :
الزمني وكن
معي حيث
كنت ، وحقق
أمير
المؤمنين
فحققه إلى أن
زالت الشمس ، فأتاه
قنبر
فقال له يا
أمير
المؤمنين :
الصلاة يرحمك
الله ، فقال
له : ائتني
بماء
صفحة 137
فأتاه
فأسبغ وضوءه
وصلى فأتاه
فارس يركض ،
فقال له : يا
أمير
المؤمنين
قد عبر
القوم
القنطرة فقال
له ( عليه
السلام ) : انهم ما
عبروها ، فقال
:
والله
لقد عبروها ،
فقال : والله
لقد كذبت ما عبروها
ولن يعبروها
ولا
يقتلون
منا الا تسعة
ولا يبقى منهم
الا تسعة .
قال
جندب الأزدي
الله أكبر هذه
دلالة قد أعطاني
إياها فيهم
فاتاه
فارس
آخر يركض فرسه
فقال يا أمير
المؤمنين : عبروا
القنطرة فقال :
والله
لقد
كذبت ما
عبروها ولا
يعبرونها ،
ولا يبقى منهم
الا تسعة ولا
يفقد منا
الا
تسعة .
قال
جندب : الحمد
لله وهذه
دلالة أخرى ،
فاتاه فارس
آخر فقال : يا
أمير
المؤمنين قد
أراد القوم ان
يعبروها وما عبروها
، قال : صدقت .
وكان
لجندب فرس
جواد فقال :
والله لا سبقني
أحد ولا
تقدمني فيهم
برمح
وضرب فيهم
بسيف ، وخرج
أمير
المؤمنين ( عليه
السلام ) من
العسكر
وفي رجليه نعل
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله )
المخصوف ،
وعلى
منكبيه ملاءة
وعن يمينه عبد
الله بن العباس
، وعن يساره
أبو أيوب
خالد بن
زيد الأنصاري
، يمشي نحو
الخوارج فوثب
أصحابه عليه
من
معسكره
بالسلاح
وقاموا بين
يديه وقالوا :
يا أمير
المؤمنين
تخرج إلى
أعداء
الله
وأعداء رسوله
وأعدائك ،
حاسرا بغير
سلاح ، وهم
مقنعون
بالحديد
يريدون
نفسك لا غيرها
؟ فقال :
ارجعوا رحمكم
الله فوالذي
فلق الحبة
وبرأ
النسمة ، لا
يكون الا ما
يريد الله عز
وجل .
فلما
دنا منهم
وأشرف على
القنطرة التي
كانت من
ورائها
الواقعة
هاجوا
نحوه
فصاح بهم :
معاشر
الخوارج اني
جئتكم لأقدم
الاعذار
والانذار
إليكم
وأسألكم
ما تريدون وما
تطلبون
وتسمعون ما أقول
واسمع ما
تقولون ،
فاخزى
الله
الظالمين
فزجرهم .
ثم قال
ويلكم أيها
الخوارج انا
اعلم ما
تقولون ولا
تعلمون ما أقول
،
صفحة 138
فاخفضوا
من أصواتكم
وصلصلتكم
وضجيجكم وليبرز
إلي ذو الحكم
والرأي
منكم ، فيفهم
عني وافهم عنه
فهدوا وبرز
إليه ذو الرأي
منهم ،
فقال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
يا معاشر الخوارج
ما الذي أحكم
بينكم
ان مرقتم من
دين الله كما
يمرق السهم من
الرمية ؟
وماذا أنكرتم
علي ؟
وعلى هذا
الأمر الذي
تطلبونه
بالقتال ان
ادفعه إليكم
بغير قتال
تقبلونه
، وتقومون حتى
لا تعطل شريعة
الله ولا
رسوله ( صلى
الله عليه
وآله )
ولا تطيش
مسلمة في حكم
الله ، ولا
يقولوا على
الله الا الحق
.
فقالوا :
لا .
فقال وا
عجباه لقوم
يطلبون امرا
بقتال ادفع إليهم
بغير قتال لم
يقبلوه ،
قالوا :
وكيف نقبله
ونحن نريد
قتلكم ؟ قال :
أخبروني ما
الذي أردتم
للقتال
بغير سؤال ولا
جواب ، فقالوا
: أنكرنا أشياء
يحل لنا قتلك
بواحدة
منها .
فقال
لهم ( عليه
السلام ) :
فاذكروها
فقالوا :
أولها : انك
كنت أخا
رسول
الله ووصيه ،
والخليفة من
بعده ، وقاضي
دينه ، ومنجز
عداته ،
واخذ لك
رسول الله
البيعة في
أربع مواطن
على المسلمين
: في يوم الدار
،
وفي
بيعة الرضوان
، وتحت الشجرة
، في بيت أم سلمة
، وفي يوم
غدير
خم ،
وسماك أمير المؤمنين
فلما قبض رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
)
تشاغلت
بوفاته ،
وتركت قريشا
والمهاجرين
وأنصار
يتداولون
الخلافة ،
والمهاجرون
يقولون :
الخلافة لمن
استخلفه رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله )
وأخذ له
البيعة منها ،
وسماه أمير
المؤمنين ،
وهو علي بن
أبي طالب
وقريش
تقول لهم لا
نرضى ولا نعلم
ما تقولون ،
فقال لهم
الأنصار : إذا
منع علي
حقه فنحن
وأنتم أحق بها
فتعالوا ننصب منا
أميرا ومنكم
أميرا
فجاءت
قريش فقامت
قسامة أربعون
شاهدا يشهدون
على رسول الله
( صلى
الله
عليه وآله )
قال : الأئمة
من قريش
فأطيعوهم ما
أطاعوا الله ،
فان
صفحة 139
عصوه
فالحوهم لحي
هذا القضيب ،
ورمى القضيب من
يده ، وكانت
هذه
أول
قسامة ، أقسمت
بهتانا وزورا
وأشهرت في الإسلام
فاجتمع الناس
في
سقيفة
بني ساعدة
وعقدوا الامر
باختيارهم لأبي
بكر ودعوك إلى
بيعته ،
فخرجت
مكرها مسحوبا
بعد ان هيأت
يقيم لك فيها عذرا
، وتقول
للناس :
انك مشغول
بجمع رسول
الله وأهل
بيته وذريته
وتعزيتهن
وتأليف
القرآن
، وما كان لك
في ذلك عذر
فلما تركت ما
جعله الله
ورسوله لك
وأخرجت
نفسك منه
أخرناك نحن
أيضا وشككنا
بك .
قال : هيه
، وماذا
تنكرون ؟
قالوا :
والثانية انك
حكمت يوم
الجمل فيهم
بحكم خالفته
بصفين ،
قلت لنا
يوم الجمل : لا
تقاتلوهم
مولين ولا مدبرين
، ولا نياما
ولا
أيقاظا
، ولا تجهزوا
على جريح ،
ومن ألقى سلاحه
فهو كمن أغلق
بابه
فلا
سبيل عليه ،
وأحللت لنا في
محاربتك
لمعاوية سبي
الكراع واخذ
السلاح
وسبي الذراري
فما العلة
فيما اختلفوا
فيه إلى أن
هذا حلال وهذا
حرام ؟
قال : هيه
، ثم ماذا
أنكرتم ؟
قالوا :
والثالثة انك
الامام
والحاكم
والوصي والخليفة
وانك أجبتنا
إلى أن
حكمنا
دونك في دين
الله الرجال
فكان ينبغي لك
ان لا تفعل
ولا تجيبنا
إلى
ذلك
وتقاتلنا
بنفسك ونطيعك
، أو تقتل ولا
تجيبهم عند
رفع المصاحف
إلى أن
يحكم في
دين الله عز
وجل الرجال
وأنت الحاكم .
قال : هيه
، ثم ماذا ؟
قالوا :
والرابعة انك
كتبت كتابا
إلى معاوية تقول
فيه بسم الله
الرحمن
الرحيم
من أمير
المؤمنين إلى
معاوية بن صخر
، فرد الكتاب
إليك وكتب فيه
يقول :
إني لو أقررت
انك أمير
المؤمنين وقاتلتك
فأكون قد
ظلمتك ، بل
صفحة 140
اكتب
باسمك واسم
أبيك فكتبت
إليه : بسم
الله الرحمن
الرحيم من
علي بن
أبي طالب إلى
معاوية بن صخر
، فلما أجبت
معاوية إلى
اخراج
نفسك من
امرة
المؤمنين كنا
نحن في
اخراجكم ، عن
الآمرية أولى
.
قال : هيه
ثم ماذا ؟
قالوا :
والخامسة انك
قلت : هذا كتاب
الله فاحكموا
به واتلوه من
فاتحته
إلى خاتمته
فان وجدتم
معاوية أثبت
مني فاثبتوه
وان وجدتموني
أثبت
منه
فاثبتوني
فشككت في نفسك
فنحن فيك أعظم
شكا .
قال لهم :
بقي لكم شئ
تقولونه ؟
قالوا : لا .
فقال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
في الجواب :
1
- أما ما ذكرتم
وأقررتم مني
من الأمر فيما
اخذه الله لي
ورسوله على
المسلمين
من البيعة في
أربعة مواطن
إلى أن تشاغلت
فيما ذكرتموه
وفعلتم
وفعلت
قريش
والمهاجرون
والأنصار ما
فعلوا إلى أن
عقدوا الأمر
لأبي بكر ،
فما
تقولون معاشر
الخوارج هل
توجبون على
آدم إذا امر الله
بالسجود له
فعصى
الله إبليس
وخالفه ولم
يسجد لآدم ان
يدعو إبليس
إلى السجود له
ثانية ،
فقالوا : لا ،
قال : ولم ؟
قالوا : لأن
الله أمر
إبليس
بالسجود
فعصى
الله وخالفه
ولم يفعل فلم
يجب لآدم ان
يدعوه بعدها .
قال :
فهذا بيت الله
الحرام
أرأيتم ان امر
الله الناس
بالحج من
استطاع
إليه سبيلا
فان ترك الناس
الحج ولم يحجوا
للبيت كفر
البيت أو كفر
الناس
بتركهم ما فرض
الله عليهم من
الحج إليه ؟
قالوا : بل كفر
الناس ،
قال :
ويحكم معاشر
الخوارج
أتعذرون آدم
وتقولون لا
يجب عليه ان
يدعو
إبليس
إلى السجود له
بعد أن أمر
الله بذلك
فعصى ، وخالف
، ولم يفعل
وإنما
امره
مرة واحدة ولا
تعذرونني
وتقولون : كان
يجب عليك ان
تدعو الناس
إلى
البيعة وقد
أقررتم ان
المسلمين
سموني بأمير
المؤمنين
ورسول الله (
صلى
صفحة 141
الله
عليه وآله )
اخذ لي البيعة
عليهم في أربعة
مواطن ، وهذا
بيت الله
فريضة ،
والإمام
فريضة ، كسائر
الفرائض التي
تؤتى ولا تأتي
فتعذرون
البيت
وتعذرون آدم (
عليه السلام )
، ولا تعذرونني
؟
فقال
الخوارج :
صدقت وكذبنا ،
والحق والحجة
معك .
ثم قال :
2
- وأما في يوم
الجمل بما
خالفته في
صفين فإن أهل
الجمل اخذوا
عليهم
بيعتي فنكثوا
وخرجوا عن حرم
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) إلى
البصرة
ولا إمام لهم
ولا دار حرب
تجمعهم ، وإنما
خرجوا مع
عائشة زوجة
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) معهم
لإكراهها
لبيعتي وقد
أخبرها رسول
الله (
صلى الله عليه
وآله ) بأن
خروجها خروج
بغي وعدوان من
أجل قوله
عز وجل : ( يا
نساء النبي من
يأت منكن
بفاحشة مبينة
يضاعف لها
العذاب
ضعفين ) وما من
أزواج النبي
واحدة أتت بفاحشة
غيرها فإن
فاحشتها
كانت عظيمة ،
أولها خلاف
لله فيما أمرها
في قوله : ( وقرن
في
بيوتكن
ولا تبرجن
تبرج
الجاهلية
الأولى ) فأي تبرج
أعظم من
خروجها
وطلحة
والزبير وخمسة
وعشرين ألفا
من المسلمين
إلى الحج ،
والله ما
أرادوا
حجا ولا
عمرة ،
ومسيرها من
مكة إلى
البصرة واشعالها
حربا قتل فيه
طلحة
والزبير
وخمسة وعشرون
ألفا من
المسلمين ،
وقد علمتم ان
الله جل
ذكره
يقول : ( ومن
يقتل مؤمنا
متعمدا
فجزاؤه جهنم
خالدا فيها
وغضب
الله عليه
ولعنه واعد له
عذابا عظيما )
فقلت لكم عندما
أظهرنا الله
عليهم
ما قلته
لكم لأنه لم
يكن لهم دار
حرب تجمعهم ولا
امام يداوي
جراحهم ،
ولا
يعيدهم إلى
قتالهم مرة
أخرى ، ولو
كنت أحللت لكم
سبي الذراري
أيكم
كان يأخذ
عائشة زوجة
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) في سهمه
؟
فقالوا :
صدقت والله في
جوابك وأصبت
وأخطأنا ،
والحق والحجة
لك .
صفحة 142
فقال
لهم :
3
- وأما قولكم :
أجبتكم عند
رفع المصاحف
إلى أن حكمتم
في دين
الله
الرجال وكنت
الحاكم ،
فماذا تقولون
أيها الخوارج
في ألف رجل من
المسلمين
قاتلهم ألفا
رجل من
المشركين فولوهم
الأدبار فما
هم ؟ قالوا
كفار
بالله
لأن المسلمين
ألف رجل على
التمام ، والمشركون
ألفا رجل لا
يزيدون
، وقد قال
الله تعالى : (
وان يكن منكم
ألف يغلبوا
الفين ) فقال
لهم
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
فان نقص من عدد
الألف رجل من
المسلمين
، والكفار على
التمام ما هم
عندكم ؟ قالوا
المسلمون
معذورون في
ذلك ،
فضحك أمير
المؤمنين حتى
بدت نواجذه ثم
قال : يحكم يا
معاشر
الخوارج
تعذرون
تسعمائة
وتسعة وتسعين
رجلا في قتال
ألفي رجل ،
ولا
تعذرونني
، وقد التقاني
رجال ابن هند
في مائة وعشرين
ألفا ما جمع
حكم
حاكم ،
وقد دعوناهم
إلى كتاب الله
فقالوا : دعنا
نحكم عليك من
نشاء ،
والا
أخرجنا
أنفسنا من
الفريقين
وأبطلنا الحكمين
وارتدونا عن
الدين وقعدنا
عن نصرة
المسلمين ،
فقال لي عبد
الله بن العباس
: حكم من هو منك
وأنت
منه فقلت لكم :
اختاروا من
شئتم من بني
هاشم ، فقلتم :
لا
يحكم
فينا مضري ولا
هاشمي ،
فأعرضتم عن
المهاجرين
والأنصار
وأظهرتم
مخالفتكم لي ،
وكتبتم إلى
عبد الله بن
قيس ، وقد قعد
عن نصرتنا
وهو فدم
حمار
فحكمتموه
وانا انصح لكم
، وأقول لكم
اتقوا الله
ولا
تحكموا
علي أحدا .
واني الحاكم
عليكم ،
وأخبرتكم
انها خديعة من
معاوية
، فقلتم أسكت
والا قتلناك
وسلمنا هذا
الأمر إلى عبد
اسود وجعلناها
بردة عن
الإسلام ، فمن
هو أولى
بالعذر ؟
فقالوا : أنت
فوالله لقد
أصبت
وصدقت
وأخطأنا
والحق معك
والحجة لك .
قال لهم :
4
- وأما قولكم
اني كتبت
كتابا إلى
معاوية بن صخر
فيه بسم الله
صفحة 143
الرحمن
الرحيم من علي
أمير
المؤمنين إلى
معاوية بن صخر
فأيكم يا
معاشر
الخوارج
شهد رسول الله
( صلى الله
عليه وآله ) في
غزاة
الحديبية وقد
امرني
ان اكتب
بين يديه
كتابا إلى صخر
بن حرب بإملاء
رسول الله (
صلى الله
عليه
وآله الطيبين
الطاهرين )
فيه بسم الله
الرحمن
الرحيم من
محمد رسول
الله
إلى صخر بن
حرب بن أمية
إلى آخر
الكتاب فأجابوه
، وقالوا : نعم
حضرنا
ذلك الكتاب
وأنت تكتبه
لأبي سفيان
صخر بن حرب ،
قال أليس
علمتم
ان صخر بن حرب
رده إلى رسول
الله ( صلى الله
عليه وآله )
وكتب
إليه : اما
الرحمن
الرحيم
فاسمان
نعرفهما
بالتوراة
والإنجيل ،
واما
أنت يا
محمد فانا لو
أقررنا أنك
رسول الله وقاتلناك
فقد ظلمناك
فاكتب
باسمك
واسم أبيك حتى
نجيبك فقال لي
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) :
يا علي اكتب
بسم الله
الرحمن
الرحيم من محمد
بن عبد الله
إلى
صخر بن
حرب ، ثم قال
لمن حوله ، ان
محوت اسمي ليرد
علي الجواب
فاسمي
لا يمحى في
السماء ولا في
الأرض ، ولا في
الدنيا ولا في
الآخرة ،
وإنما
أراد صخر بن
حرب ان لا
يجيب عن
الكتاب وكتب
رسول الله
(
صلى الله عليه
وآله
الطاهرين )
إلى الآباء وكتبت
انا إلى
الأبناء
تأسيا برسول
الله (
صلى الله عليه
وآله ) ، وقد
قال الله تعالى
: ( لقد كان لكم
في
رسول
الله أسوة
حسنة ) قالوا :
صدقت وأصبت
وأخطأنا
والحق والحجة
لك .
قال لهم :
5
- واما قولكم :
اني قلت هذا
كتاب الله
فاحكموا به
اتلوه من
فاتحته إلى
خاتمته
، فإن
وجدتموني
أثبت بكتاب
الله من معاوية
فاثبتوني وان
وجدتم
معاوية
أثبت مني
فاثبتوه
فوالله يا
معاشر
الخوارج ما
قلت لكم هذا
الا بعد
ان
تيقنت ان
الرين استولى
على قلوبكم
والشيطان قد
استحوذ عليكم
وانكم
قد نسيتم الله
ورسوله ،
ونسيتم حقي
وخلا بعضكم
إلى بعض ،
وقلتم
ما لنا الا ان
ننظر في كتاب
الله في علي ومعاوية
، فمن قرب إلى
صفحة 144
الحق
كان أولى به
وكنا معه
فوالله يا
معاشر الخوارج
، ان لم يكن في
كتاب
الله عز
وجل الا قوله : (
قل لا أسألكم
عليه اجرا الا
المودة في
القربى )
وقد
علمتم انه لم
يكن أقرب إلى
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) مني ومن
ابنته
فاطمة ومن
ابني الحسن
والحسين ،
لكان هذا حسبي
بهذه الآية
فضلا
عند
الله ورسوله
في كتاب الله
عز وجل في أن
لم أسألكم
اجرا على ما
هداكم
الله وأنقذكم
من شفا حفرة
من النار ، وجعلكم
خير أمة ،
وجعل
الشفاعة
والحوض لرسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
) فيكم الا
مودتنا لكان
في ذلك
فضل عظيم ،
هذا وقد علمتم
ان الله تبارك
وتعالى قد
انزل في
حقي (
إنما وليكم
الله ورسوله
والذين آمنوا
الذين يقيمون
الصلاة
ويؤتون
الزكاة
وهم راكعون )
وما أحد من
المؤمنين زكى في
ركوعه غيري
فكان
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) جاءني
بخاتم أنزله
جبريل ( عليه
السلام )
من الله عز
وجل ولم يصغه
صائغ عليه
ياقوتة مكتوب
عليها ( لله
الملك )
فتختمت به
وخرجت إلى
مسجد رسول
الله فصليت
ركعتين شكرا
لله على
تلك الموهبة
فأتاني آت من
عند الله فسلم
علي في الصلاة
في الركعة
الثانية
وقال : هل من
زكاة يا رسول
الله توصلها
إلي يشكرها
الله لك
ويجازيك
عنها فوهبت
ذلك الخاتم له
وما كان في
الدنيا أحب
إلي من ذلك
الخاتم
والناس
ينظرون
وأتممت صلاتي
وجلست أسبح
الله واحمده
واشكره
حتى
دخلنا إلى
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ، فضمني
إليه وقبلني
على
بلجة
وجهي ، وقال :
هنأك الله يا
أبا الحسن وهنأني
كرامة لي فيك
وعيناه
تهملان
بالدموع ، ثم
قرأ هذه الآية
وما يليها
وقال لهم ولي آية
الخمس
في كتاب الله
على سائر
المسلمين ،
وهي قول الله
عز وجل :
(
واعلموا إنما
غنمتم من شئ
فأن لله خمسه
وللرسول ولذي
القربى
واليتامى
والمساكين
وابن السبيل )
وقد علمتم ان
الله ( لن ينال
لحومها ولا
دماؤها
ولكن يناله
التقوى منكم )
فما هو الله
من خمس
الغنائم إلى
من
يرد ؟
قالوا إلى
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ، قال
فما هو لله
وللرسول
صفحة 145
إذا قبض
الرسول إلى من
يرد ؟ قالوا
إلى اولي القربى
من الرسول
واليتامى
والمساكين
وابن السبيل
قال : واليتيم
إذا بلغ أشده
والمساكين
إذا استغنوا
وابن
السبيل إذا لم
يحتج ، إلى من
يرد مالهم ؟ قالوا
إلى ذوي
القربى من
الرسول
، قال : فقد
علمتم معاشر
الخوارج أن ما
غنمتم من
غنيمة من
جهاد أو
في احتراف أو
في مكسب أو
مقرض الخياط أو
من غنم يكسب
فهو
لي ،
والحكم لي فيه
وليس لأحد من
المسلمين علي
حق ، وانا
شريك كل
من آمن
بالله ورسوله
في كل ما
اكتسبه فان
وفاني حق الله
الذي فرضه
الله
عليه
كان متمثلا
لأمر الله وما
أنزله على رسوله
ومن بخسني حقي
كانت
ظلامتي
عنده إلى أن
يحكم الله لي
وهو خير الحاكمين
.
قالوا :
صدقت وبررت
وأصبت
وأخطأنا
والحق والحجة لك
.
قال هذا
هو الجواب عن
آخر سؤالكم
قالوا : صدقت ،
وانحرفت إليه
طائفة
كانت استجابت
الا الأربعة
آلاف الذين مرقوا
، فقالوا : يا
أمير
المؤمنين
نقاتلهم معك
فقال : لا ،
قفوا لا معنا
ولا علينا ،
وانظروا إلى
نفوذ
حكم الله فيهم
.
ثم صاح
بهم ثلاثا ،
فسمع جميعهم : هل
أنتم منيبون ؟
هل أنتم
راجعون
؟ فقالوا
بأجمعهم : عن
قتالك ، لا .
فقال
لأصحابه :
والله لولا
أني اكره ان
تتركوا العمل
وتتكلوا علي
بالفضل
لمن قاتل لما
قاتل هؤلاء
غيري ، وكان لي
من الله الفضل
عنده في
الدنيا
والآخرة
فشدوا عليهم
فإني شاد
فكانوا كرماد
اشتدت به الريح
في
يوم
عاصف أو كيوم
قال لهم الله
موتوا فماتوا
.
فلما
أخذوا قال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) من
قتل منكم ؟
فلن يقتل
الا
تسعة ، ولم
يسلم منهم الا
تسعة ، فقدوا
من قتل منهم
ونجا فلم ينج
الا
تسعة ، وعدوا
أصحاب أمير
المؤمنين
المقتولين
فوجدوهم تسعة
.
صفحة 146
قال :
وفالق الحبة
وبارئ النسمة
ما كذبت ولا كذبت
ولا ضللت ولا
أضللت
وإني على بينة
من ربي ،
بينها لنبيه (
صلى الله عليه
وآله ) فبينها
نبيه
لي .
ثم قال
لهم : هل وجدتم
ذا الثدية في
القتلى ؟ قالوا
: لا ، قال :
أئتوني
بالبغلة ،
فقدمت إليه
بغلة رسول
الله الدلدل ،
فركبها وسار
في
مصارعهم
، فوقفت به
البغلة
وهمهمت وهزت
ذنبها فتبسم
أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
، وقال : ويحكم
هذه البغلة
تخبرني ان ذا
الثدية
حرقوصا
(
لعنه الله )
تحت هؤلاء
القتلى
فابحثوا عليه
فإذا هو في
ركن قد دفن
نفسه تحت
القتلى
فأخرجوه
وكشفوا عن
أثوابه فإذا
هو في صورة
عظيمة حول
حلمته
شعرات
كشوك الشيهم ،
والشيهم ذكر
القنافذ ، قال
: مدوا حلمته
فمدوها
فبلغت أطراف
أنامل رجليه ،
ثم أطلقوها
فصارت في صدره
،
فقال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
الحمد لله يا
عدو الله الذي
قتلك ،
وعجل بك
، وبأصحابك
إلى النار ،
فقتلوه لعنه
الله ، وهو جد
أحمد بن
حنبل
لعنه الله .
وقد كانت
الخوارج
خرجوا إليه
قبل ذلك
بحروراء في
جانب
الكوفة وهو
غربي الفرات
في اثني عشر
ألف رجل فأتاه
الخبر فخرج
إليهم
في جملة الناس
وعليه ملاءة
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ، ومعه
بغلة
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) فقال له
الناس : يا
أمير المؤمنين
تخرج
إليهم في جملة
الناس في
ملاءة ،
والقوم شاكون
سلاحهم ؟ فقال
:
انه ليس
هو يوم قتالهم
، ولكنهم
يخرجون علي في
قتال
النهروان
أربعة
آلاف
رجل يمرقون من
الإسلام كما
يمرق السهم من
الرمية ، فلما
برزوا قال
لهم :
إرضوا بمائة
منكم ثم قال ،
للعشرة :
إرضوا برجل
منكم ، وقال
للرجل :
ليس هذا يوم
أوان قتالهم ،
سيفرقون حتى
يصيروا أربعة
آلاف ،
ويخرجون
علي في قابل
مثل هذا الشهر
، وفي مثل هذا
اليوم فأخرج
إليكم
فاقتلكم
حتى لا يبقى
الا تسعة نفر
والذي فلق الحبة
وبرأ النسمة هكذا
أخبرني
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) فافترقوا
حتى صاروا
أربعة آلاف
صفحة 147
رجل
يتبرأ بعضهم
من بعض كما
اخبرهم أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وقتلهم
فلم يبق منهم
إلا تسعة نفر
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
أبي العباس عن
غياث بن يونس الديلمي
عن محمد بن
علي
عن علي
بن محمد عن
الحسن بن علي
عن أبي مسعود
العلاف عن أبي
الجارود
عن أبي جعفر (
عليه السلام )
قال : خطب أمير
المؤمنين
بالكوفة
فبينما هو
على
المنبر إذ
أقبلت عليه
حية كالخابوط
العظيم سوداء
مظلمة حمراء
العينين
محددة
الأنياب ، حتى
دخلت باب
المسجد ففزع
الناس منها
واضطربت فقطع
أمير
المؤمنين
( عليه السلام )
الخطبة ، وقال
لهم : أفرجوا
فإنها رسول
قوم يقال
لهم بنو
عامر ، فجاءت
الحية حتى
صعدت المنبر ووصلت
إلى أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
ووضعت فاها
على أذنه
والناس ينظرون
إليها ، وانها
تساره
اسرارا
وتنقنق
كتنقنق الطير
، ثم كلمها
بكلام يشبه
نقيقها ، ثم
ولت الحية
خارجة
من حيث دخلت
ونزل أمير
المؤمنين عن
المنبر
فقالوا له :
ماذا
أرادت
الحية يا أمير
المؤمنين ؟
وما حالها ؟ فقال
: هذه الحية
رسول قوم من
الجن ،
يقال لهم بنو
عامر أخبرتني
أنه وقع بينهم
وبين قوم يقال
لهم بنو
عنترة
شر وقتال
فبعثوا إلي
هذه الحية
يسألوني
الإصلاح
بينهم
فوعدتهم بذلك
وأنا
آتيهم الليلة
.
قالوا :
يا أمير
المؤمنين
إئذن لنا ان
نخرج معك ،
قال : أنا لا
اكره
ذلك
فلما صلى بهم
العشاء
الآخرة انطلق
والناس حوله
حتى أتى بهم
ظهر
الكوفة
في غربيها فخط
عليهم خطة ثم
قال لهم :
إياكم ان
تخرجوا من
هذه
الخطة فقعدوا
في الخطة وهم
ينظرون إليه وقد
نصب منبر فصعد
عليه
ثم خطب
خطبة لم يسمع
الأولون
بمثلها ثم لم
يبرح حتى أصلح
بينهم
واقتدى
بعضهم ببعض ،
وأقبل أمير
المؤمنين ( عليه
السلام ) إلى
أصحابه
وهم
ينظرون إلى الجن
حوله يمينا
وشمالا
فقالوا : يا
أمير المؤمنين
رأينا
عجبا في
المشاهدة ،
قال :
رأيتموهم ؟
قالوا : نعم ،
قال : فصفوهم
لي ،
قالوا :
هم أقوام شبر
بالطول شبية
بالزط ، قال : صدقتم
فقد رأيتموهم
صفحة 148
حقا
انهم بعثوا
يستغيثوني
فأغثتهم ،
وكان بينهم
دماءا فخافوا
ان يتفانوا
فأصلحت
بينهم وقربت
بعضهم من بعض
فكان هذا من دلائله
( عليه
السلام ) .
وعنه عن
جعفر بن مالك
عن موسى بن
زيد الجلاب ، عن
محمد بن
علي عن
علي بن محمد
عن سيف بن
عميرة عن
إسحاق بن عمار
عن حمزة
الثمالي
عن ميثم
التمار
النهرواني عن
الأصبغ بن
نباتة الطائي
قال : خرجنا
مع أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وهو يريد صفين
فلما انتهى
إلى كربلا وقف
بها
وقال : ها هنا
يقتل ابني
الحسين وثمان
رجال معه من
أولاد عبد
المطلب
وثلاثة
وخمسون من
أنصاره ، ثم
سار مغربا
وعدل عن
الجادة بشاطئ
الفرات
قاصدا فلما
توسطنا البر
وكان يوم قيظ
شديد الحر ،
وكان الماء في
العسكر
يسيرا إلا إنا
كنا على جادة
الفرات فلم
تزوده بقدر
الماء الذي
كان
معنا
وعطش أهل
العسكر حتى
تقطع الناس
عطشا وشكوا
إلى أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
فبينما نحن
نسير فإذا
بقائم من حديد
شاهق عال في
رأسه
راهب ،
فقصد إليه
أمير المؤمنين
( عليه السلام )
فصاح يا راهب
هل
بقربك
ماء فأشرف
الراهب من رأس
القائمة ، فقال
: وأين لنا
بالماء إلا
على حد
فرسخين ؟ كيف
يكون الماء في
هذه القفرة
البيداء ؟
فعدل أمير
المؤمنين
إلى قاع رضراض
وحصى رمل فوقف
هنيهة ثم أشار
إلى العسكر أن
ينزلوا
فنزل أكثر الناس
فقال لهم : ها
هنا ماء
فابحثوا ،
فتلقوا صخرة
على
عين ماء
ابيض زلال أشد
بياضا من
اللبن وأحلى من
الشهد فكبر
الناس ،
وبحثوا
في القاع حتى
قلعوا كثبانا
من ذلك الرمل
والحصى وظهرت
لنا
صخرة
بيضاء فقال
لنا : دونكم
إياها ،
فاقتلعوها
فبحثنا عليها
فصعبت
وامتنعت
منا فقال :
ارموها
بأجمعكم
فإنكم لا
تشربون الماء
ولا تروون
زلالا
إن لم تقلعوها
، وكنا في
العسكر ستين
الف رجل وتبع
كثير ، ولم
تبق
كف منا
الا رامت قلع
تلك الصخرة
فلم نقدر نقلعها
، فقلنا يا
أمير
المؤمنين
قد بلوتنا بها
فوجدنا ضعفنا
فأدركنا
بفضلك علينا ،
فدنا منها وجرد
صفحة 149
ذراعه
ومد يده إلى
السماء وتكلم
بكلمات مستقبل
القبلة
فسمعناه يقول
كلاما
من
الإنجيل : طاب
طاب الماء ،
والعلم
طيبوثا ، واليوح
اسمينا ،
والحايوثا
، وإذا يكونا
، ثم أهوى
بيده المباركة
اليمنى إلى
الصخرة
واقتلعها
كالكرة
إذا انضربت من
اللعب فكبر الناس
وظهر الماء
على وجه الأرض
من تلك
العين أبيض
زلال لم ير
مثله في ماء
الدنيا
فشربنا
وروينا
وتزودنا
والراهب
مشرف في رأس
القائمة ،
فلما استقينا اخذ
الصخرة بيده
المباركة
فردها
على تلك العين
فكأنما لم تزل
ورددنا كلما
بحثناه من
الرمل وسرنا
فلم
نبعد ،
حتى قال لنا :
ليرجع بعضكم
فلينظر هل
لموضع الصخرة
اثر ؟
فرجعوا
يحلفون بالله
انهم ما رأوا
لها اثرا ، وكان
وجه القاع
عليه سحيق
الرمل .
قال :
فلما نظر
الراهب إلى
فعل أمير
المؤمنين ( عليه
السلام ) ، قال :
هذا
والله وصي
محمد ( صلى
الله عليه
وآله ) ، فوجدناه
في الإنجيل والزبور
ونزل من
القائمة ،
ولحق بأمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فقال : أنا
أشهد ان
أبي
أخبرني عن جدي
، وكان من
حواري سيدنا
المسيح (
صلوات الله
عليه ) ،
والمسيح
أخبره بقرب
هذا القائم
الذي كنت فيه
، وبهذه العين
الماء
الأبيض
من الثلج
وأعذب من كلما
عذب وانه من
اجلها بني ذلك
الدير
والقائم
، وإنه لا
يستخرجها إلا
نبي أو وصي نبي
وأنا أشهد أن
لا إله الا
الا وأن
محمدا عبده
ورسوله ، وإنك
وصي رسول الله
( صلى الله
عليه
وآله )
والمؤدي عنه
والقائم
بالحق إلى يوم
القيامة وقد
رأيت يا أمير
المؤمنين
أني
أصحبك في سفرك
هذا يصيبني ما
أصابك من خير
وشر فقال له
أمير
المؤمنين
( عليه السلام :
جزاك الله
خيرا ، ودعا
له بالخير ،
فقال له : يا
راهب
الزمني وكن
قريبا فإنك
تستشهد معي
بصفين وتدخل
الجنة فلما
كان
ليلة
الهرير بصفين
والتقى
الجمعان قتل
الراهب في تلك
الليلة فلما
أصبح
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
، قال لأصحابه
: ادفنوا
قتلاكم ، وأقبل
أمير
المؤمنين
يطلب الراهب
فوجدناه
فاخذه وصلى عليه
ودفنه في لحده
. ثم قال
صفحة 150
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
لكأني انظر
إليه وإلى
منزلته في
الجنة
وزوجاته
التي
أكرمه الله
بها فكان هذا
من دلائله (
عليه السلام ) .
وعنه عن
أحمد بن محمد
الحجال
الصيرفي عن
محمد بن جعفر
الصيرفي
عن محمد
بن علي عن أبي
حمزة الثمالي
عن أبيه عن
أبي بصير عن
أبي عبد
الله
الصادق ( عليه
السلام ) قال :
مد الفرات عندهم
بالكوفة على
عهد
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وهو بها مقيم
مدة عظيمة حتى
طغى وعلا
كالجبال
وصار بإزاء
شرفات الكوفة
وكان أمير المؤمنين
( عليه السلام )
في
ذلك
اليوم قد خرج
إلى النجف ،
ونفرا من
أصحابه فنظر
إلى بعض
النجف
وقال للنفر
الذين معه إني
أرى النجف يخبران
الماء قد طغى
في
الفرات
حتى أوفى على
منازل الكوفة
وإن الناس بها
ضجوا وفزعوا
الينا
فقوموا
بنا إليهم
فأقبل هو
والنفر إلى
الكوفة
وتلقاه أهلها
صارخين
مستغيثين
فقال : ما
شأنكم طغى
الماء عليكم ،
ما كان الله ليعذبكم
وأنا فيكم ،
وسار
يريد الفرات
والناس من
حوله حتى ورد
على مجلس
لثقيف
فتغامزوا
عليه
وأشار إليه
بعض احداثهم ،
فالتفت إليهم
أمير
المؤمنين
مغضبا فقال
صغار
الخدود ، قصار
الغمود ،
بقايا ثمود ،
عبيد بني عبيد
، من يشتري
مني
ثقيف برغيف ،
فإنهم عبيد
زيوف ، فقام
إليه مشايخهم
، فقالوا : يا
أمير
المؤمنين أن
هؤلاء شباب لا
يعقلون فلا تؤاخذنا
بهم فوالله
إنا لهذا
كارهون
، وما أحد منا
يرضى به فاعف
عنا ، عفا
الله عنك فقال
( عليه
السلام ) :
لست اعفوا
عنكم الا على
أن لا أرجع إلى
الفرات أو
تهدموا
مجلسكم
هذا وكان
منظرا وروشنا
مشرف وميزاب يصب
إلى طريق
المسلمين
، وتسدون
بلاليعكم
فيها فقالوا
نفعل يا أمير
المؤمنين ،
وسكروا
مجلسهم
وفعلوا كل ما
أمرهم به حتى
أتى إلى
الفرات وهو
يزخر بأمواج
كالجبال
فسقط الناس
لوجوههم
وصاحوا : الله
الله يا أمير
المؤمنين
أرفق
برعيتك
فنزل وأخذ
قضيب رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) فقرعه
قرعة
واحدة ،
وقال : أسكن يا
أبا خالد
فانزجر الماء فما
أتم كلامه ،
حتى
صفحة 151
ظهرت
الأرض في بطن
الفرات حتى
كان لم يكن
فيها ماء فصاح
الناس :
الله
الله رفقا
برعيتك يا
أمير
المؤمنين ، لئلا
يموتوا عطشا ،
فقال أمير
المؤمنين
(
عليه السلام ) :
اجر على قدر
يا فرات فجرى
لا زائدا ولا
ناقصا ،
ووجد
فوق الجسر
رمانة فوقعت
على الجسر
رمانة لم يوجد
في الدنيا
مثلها
فمد
الناس أيديهم
ليحملوها إلى
أمير المؤمنين
فلم تصل
أيديهم إليها
فمد
يده
المباركة
واخذها ، وقال
: هذه رمانة من
رمان الجنة لا
يمسها ولا
يأكلها
إلا نبي
أو وصي نبي
ولولا ذلك
لقسمتها
عليكم في بيت
مالكم ، وفي
ذلك
اليوم
كانت فتنة عبد
الله بن سبأ
وأصحابه
العشرة الذين
كانوا معه
وقالوا ما
قالوه ،
وأحرقهم أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
بالنار بعد ان
استتابهم
ثلاثة
أيام
فأبوا ولم
يرجعوا
فأحرقهم في
صحراء الأخدود
. وكان هذا من
دلائله
(
عليه السلام ) .
وعنه عن
أبيه عن محمد
بن ميمون عن ،
الحسن بن علي
عن أبي حمزة
عن حيان
بن سدير
الصيرفي عن
مراد يقال له
رباب بن رياح
قال : كنت
قائما
على رأس أمير
المؤمنين
بالبصرة بعد
الفراغ من
أصحاب الجمل
إذ أتى
عبد
الله ابن عباس
فقال : يا أمير
المؤمنين إن لي
إليك ، حاجة
فقال له :
عرفت
حاجتك قبل أن
تذكرها لي ،
جئت تطلب مني
الأمان لمروان
بن
الحكم ،
فقال له : يا
أمير
المؤمنين أحب
أن تؤمنه ،
قال : اذهب
فجئني به
يبايعني
ولا يجيئني
إلا رديفا قال
: فما لبث إلا
قليلا حتى
أقبل ابن عباس
وخلفه
مروان بن
الحكم رديفا ،
فقال له أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
هل
أبايعك
قال مروان على
أن في النفس ما
فيها ، قال
أمير
المؤمنين :
إني لست
أبايعك
على ما في
نفسك إنما
أبايعك على ما
ظهر لي ، قال :
فمد يده أمير
المؤمنين
فلما بايعه ،
قال : هيه يا بن
الحكم قد كنت
تخاف ان ترى
رأسك
يقطع في
هذه المعمعة
كلا بالله لا
يكون حتى يخرج
من صلبك
طواغيت
يملكون
هذه الرعية يسومونهم
خوفا وظلما
وجورا
ويسقونهم
كؤوسا مرة .
قال
مروان
كان مني ما
اخبرني علي ثم
هرب فلحق بمعاوية
وكان كما قال
صفحة 152
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
جعفر بن محمد
عن محمد بن
عبد الرحمن الزيات
عن الربيع
ابن محمد
الأصم عن بني
الجارود عن
القاسم بن
الوليد الهمداني
عن
الحارث
الأعور
الهمداني قال
: كنا مع أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
بالكناسة
، إذ أقبل أسد
يهوي فضعضعنا
من حوله حتى
انتهى إلى
أمير
المؤمنين
( عليه السلام )
فقال له : أرجع
ولا تدخل دار
هجرتي بعد
اليوم
وبلغ
السباع عني
تتجافى
الكوفة وجميع
ما حولها ألا
ان طاعتي طاعة
الله فإذا
عصوا
الله وخلوا
طاعتي حكمت
فيهم فلم تزل
السباع
تتجافى
الكوفة إلى
أن قبض
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
، وتقلدها
زياد ابن أبيه
دعي أبي
سفيان (
لعنه الله )
فلما دخلها
سلطت السباع
على الكوفة
وما حولها حتى
أفنت
أكثر
الناس فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
وعنه عن
أبيه عن محمد
بن ميمون عن
محمد بن علي عن
الحسن بن
أبي
حمزة عن
القاسم
الهمداني عن
الحارث الأعور
الهمداني قال
: بينما أمير
المؤمنين
( عليه السلام )
يخطب في الناس
يوم الجمعة في
مسجد الكوفة
إذ
أقبلت
أفعى من ناحية
باب الفيل
رأسها أعظم من
رأس البعير
تهوي إلى
نحو
المنبر
فافترق الناس
في جانبي
المسجد خوفا
منه حتى صعد
المنبر ، ثم
تطاول
إلى أذن أمير
المؤمنين
فأصغى إليه
وجعل يساره
مليا ثم نزل
فلما بلغ باب
أمير
المؤمنين
الذي يسمونه
باب الفيل انقطع
اثره وغاب عن
الناس
فلم ير ،
فلم يبق مؤمن
ولا مؤمنة ،
الا قال هذا من
عجائب أمير
المؤمنين
، ولم يبق
منافق ولا
منافقة إلا
قال : هذا من
سحر علي ،
فقال
أمير
المؤمنين :
أيها الناس
إني لست ساحرا
وهذا الذي
رأيتموه وصي
محمد
على
الجن ، وأنا
وصيه على
الانس وهو يطيعني
أكثر مما
تطيعونني وهو
خليفتي
فيهم وقد جرى
بين الجن
ملحمة تتهادر
فيها الدماء
والذي لا يعلم
ما
المخرج منها
ولا الحكم
فيها فإنه
مسائلي عن
الجواب في ذلك
فأجبته عنه
بالحق ،
وهذا المثل
الذي يمثل لكم
به أراد يريكم
فضلي عليكم
الذي هو
صفحة 153
اعلم به
منكم فكان هذا
من دلائله (
عليه السلام ) .
و عنه
بهذا الاسناد
عن الحارث قال
: خرجنا مع أمير
المؤمنين (
عليه
السلام )
حتى انتهينا
إلى القاطول
بالكوفة على
شاطئ الفرات
فإذا نحن
بأصل
شجرة قد وقع
لحاؤها وبقي
على شاطئ
الفرات عودها
يابسا فضربها
بيده ثم
قال لها : ارجعي
بإذن الله
خضراء ذات ثمر
فإذا هي تهتز
بأغصانها
مورقة
مثمرة ،
وحملها
الكمثري الذي
لم ير مثله في
فواكه الدنيا
فاطعمنا منه
وتزودنا
وحملنا فلما
كان بعد ثلاثة
أيام عدنا
إليها فإذا
بها خضراء
فيها
الكمثري
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
أبيه عن محمد
بن عمار قال
حدثني عمر بن
قاسم عن عمر
بن
شمر عن
جابر بن يزيد
الجعفي عن أبي
جعفر ( عليه السلام
) قال : لما أمر
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
بانجاز عدات
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله )
وقضاء دينه
نادى منادى
أمير
المؤمنين : ألا
من كان له دين
عند
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) أو عدة
فليقبل إلينا
فكان الرجل
يجئ
وأمير
المؤمنين لا
يملك شيئا
فيقول : اللهم
اقض عن نبيك
فيجد ما وعد
النبي (
صلى الله عليه
وآله ) تحت
البساط لا يزيد
ولا ينقص ،
قال أبو بكر
لعمر
هذا يصيب ما
وعد النبي (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
تحت البساط
ونخشى
ان يميل الناس
إليه ، فقال
عمر فينادي مناديك
أيضا فإنك
تقضي
كما قضى
فنادى مناديه
ألا من كان له
عند رسول الله
دين أو عبرة
فليقبل
إلينا
فسلط عليهم
اعرابي فقال
لي عند رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
ثمانون
ناقة سوداء
المقل ، حمراء
الوبر ، بأزمتها
ورحالها ،
فقال أبو بكر :
تحضر
عندنا غدا
فمضى
الأعرابي
فقال أبو بكر
لعمر : لا تزال
في ذلك مدة
ويحك من
أين في الدنيا
ثمانون ناقة
بهذه الصفة ما
تريد الا ان
تجعلنا عند
الناس
كاذبين ، فقال
عمر : يا أبا
بكر إن ها هنا مخلص
منه قال : وما
هي ؟ قال :
تقول : احضر لنا
بينتك على
رسول الله
بهذا الذي
ذكرته حتى
نوفيك
إياه ، فإن
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ، قال :
ألا من أتاكم
صفحة 154
ببينة .
فلما كان بعد
العصر حضر
الأعرابي
فقال : جئتكم
ببينة فقال :
أوجبت
الوعد على
رسول الله ،
فقال أبو بكر
وعمر : احضر
لنا بينتك على
رسول
الله بهذه حتى
نوفيكه ، فقال
: اترك رجلا يعطيني
بلا بينة واجئ
إلى قوم
لا يعطوني إلا
ببينة ما أرى
إلا قد تقطعت
بكما الأسباب
،
وتزعمون
أن رسول الله
كان كاذبا
لآتين أبا الحسن
( عليه السلام )
فلئن
قال لي
كما قلتما
لأرتدن عن
الإسلام فجاء
إلى أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فقال له :
إن لي عند
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ثمانون
ناقة حمراء
الوبر ،
سوداء المقل ،
بأزمتها
ورحالها فقال
( عليه السلام )
، اجلس يا
أعرابي
ان الله يقضي
عن نبيه ، ثم
قال : اذهب يا حسن
ويا حسين
اذهبا
إلى
وادي فلان ،
وناديا عند
شفير الوادي :
بعثنا رسول
الله ( صلى
الله
عليه
وآله ) إليكم
وحبيباه
ووصياه إن
للأعرابي عند
رسول الله
ثمانين ناقة ،
سوداء
المقل ، حمراء
الوبر ،
بأزمتها
ورحالها
فمضيا ومعهما
أهل المدينة
إلى
حيث
أمرهما أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
، وقالا ما
قاله لهما ،
ومن تبعهما
من
الناس يسمعون
ما جاء بهما
فجاؤوا من
الوادي
يقولون نشهد
انكما حبيبا
محمد (
صلى الله عليه
وآله ) ووصياه
كما قلتما فانظرا
حتى نجمعها
بيننا فما
جلسنا
الا قليلا حتى
ظهرت ثمانون
ناقة حمر الوبر
سود المقل
بأزمتها
ورحالها
وان الحسن
والحسين (
صلوات الله
عليهما )
ساقاها إلى
أمير
المؤمنين
فدفعها
إلى الأعرابي
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
محمد بن جبلة
التمار عن
موسى بن محمد الأزدي
عن
المخول
بن إبراهيم عن
رشدة بن يزيد
الخيبري عن
الحسن بن
محبوب
عن أبي
خديجة سالم بن
مكرم عن أبي
حمزة الثمالي
عن جابر بن عبد
الله بن
عمر بن
حزام
الأنصاري قال
: أرسل رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله )
سرية
فقال لهم :
إنكم تصلون
ساعة كذا وكذا
من الليل إلى
أرض لا
تهتدون
فيها سيرا
فإذا وصلتم
فخذوا ذات
الشمال فإنكم
تمرون برجل
فاضل
خير في كنانة
فتسترشدونه
فيأبى أن يرشدكم
حتى تأكلوا من
طعامه
صفحة 155
فيذبح
لكم كبشا
فيطعمكم
ويرشدكم
الطريق فاقرأوه
مني السلام
واعلموه
إني قد
ظهرت في
المدينة
فمضوا فلما
وصلوا الموضع
في الوقت ضلوا
فقال
قائل
منهم : ألم يقل
لكم رسول الله
( صلى الله عليه
وآله ) خذوا
ذات
الشمال
ففعلوا فمروا
بالرجل الذي
ذكره رسول
الله ( صلى
الله عليه و
آله )
لهم
فاسترشدوه
الطريق فقال :
لا أفعل حتى
تأكلوا من
طعامنا فذبح
لهم
كبشا
فأكلوا من
طعامه ، وقام
معهم فأرشدهم
الطريق ، وقال
لهم : ظهر
النبي (
صلى الله عليه
وآله ) في
المدينة ؟
قالوا : نعم
وبلغوه
السلام ،
فخلف في
نسائه من خلف
ومضى إلى رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله )
وهو
عمرو بن الحمق
الخزاعي
الكاهن بن
حبيب بن عمر
بن الفتى بن
رياح بن
عمره بن سعد
بن كعب فلبث
معه ما شاء الله
سبحانه
وتعالى ثم
قال له
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) : ارجع إلى
الموضع الذي
هاجرت
إلي منه
فإذا نزل أخي أمير
المؤمنين
بالكوفة
وجعلها دار
هجرته فأته ،
فانصرف
عمرو بن الحمق
إلى نسائه حتى
إذا نزل أمير
المؤمنين
بالكوفة أتاه
فأقام
معه بالكوفة
فبينما أمير
المؤمنين جالس
وعمر بين يديه
فقال له يا
عمر
لك دارا
بعها واجعلها
في الأزد فإني
غدا لو غبت
عنكم لطلبتك
الأزد حتى
تخرج من
الكوفة
متوجها نحو
الموصل فتمر
برجل نصراني
فتقعد عنده
وتستسقيه
الماء فيسقيك
ويسألك عن
قصتك فتخبره
وستصادفه
مقعدا فادعه
إلى
الإسلام فإنه
ينهض صحيحا
مسلما ، وتمر
برجل محجوب
جالس عن
يمين
الجادة
فتستسقيه
الماء فيسقيك
ويسألك عن
قصتك ، وما
الذي أخافك
وممن
تتوقى فحدثه
ان معاوية
طلبك لقتلك
ويمثل بك لايمانك
بالله ورسوله
وطاعتك
لي واخلاصك
لولايتي
ونصحك لله في
دينك ، فادعه
إلى الإسلام
فإنه
يسلم فمر يدك
على عينيه ،
فإنه يرجع
بصيرا بإذن
الله تعالى
فيتبعانك
ويكونان
هما اللذان
يواريان بدنك
في الأرض ثم
تصير إلى دير
على نهر يقال
له
الدجلة فإن
فيه صديقا
عنده من علم
المسيح ( عليه
السلام )
فاتخذه
عونا من
الأعوان على
سر صاحبيك ،
وما ذلك إلا ليهديه
الله بك فإذا
صفحة 156
أحس بك
شرطة ابن
الحكم وهو
خليفة معاوية
بالجزيرة
يكون مسكنه
بالموصل
فاقصد إلى
الطريق الذي
في الدير يتواضع
لك حتى تصير
في
ذروته ،
فإذا رآك ذلك
في أعلى
الموصل فناده
فإنه يمتنع
عنك فاذكر اسم
الله
الذي
علمتك إياه
فان الدير
يتواضع لك حتى
تصير في ذروته
فإذا رأى ذلك
الراهب
الصديق ، قال
التلاميذ معه
: ليس هذا أوان
ظهور سيدنا
المسيح
، هذا شخص
كريم ، ومحمد
قد توفاه الله
، ووصيه قد
استشهد
بالكوفة
، وهذا من
حوارييه ثم
يأتيك خاشعا
ذليلا ، فيقول
لك : أيها
الشخص
العظيم
أهلتني لما لم
استحقه فبم
تأمرني فتقول
استر تلميذك
هذا
من عبدك
، ويشرف على
ديرك ، فانظر
ماذا ترى ، فإذا
قال لك : أرى
خيلا
غائرة نحونا
فخلف تلميذك
عنده وأنزل
وأركب فرسك ،
وأقصد نحو
الغاب
على شاطئ
الدجلة ،
استتر فيه
فإنه لا بد ان
يشترك في دمك
فسقة
من الجن
والإنس ، فإذا
استترت فيه
عرفك فاسق من
مردة الجن
يظهر لك
بصورة
تنين اسود
ينهشك نهشا
يبالغ أظفارك
وتعثر بك فرسك
، فينذر بك
الخيل
فيقولون هذا
فرس عمرو بن
الحمق ويقفون
اثرك فإذا
أحسست بهم
دون
الغار فأبرز
إليهم بين
الدجلة
والجادة ، وقاتلهم
في تلك البقعة
فإن الله
جعلها
حضرتك وحرمك
فالقهم بنفسك
واقتل ما استطعت
حتى يأتيك امر
الله
فإذا غلبوك
حزوا رأسك
وسيروه على
قناة إلى
معاوية لعنه
الله ،
ورأسك
أول رأس يشهر
في الإسلام من
بلد إلى بلد ،
ثم يبكي أمير
المؤمنين
ويقول : وقرة
عيني ابني
الحسين ، فإن
رأسه يشهر على
قناة
وتستباح
ذراريه بعدك
يا عمرو من
كربلا غربي الفرات
إلى يزيد بن
معاوية
عليهما
اللعنة ، ثم
ينزل صاحباك
المحجوب والمقعد
فيواريان
بدنك في
موضع
مصرعك وهو بين
الدير والموصل
فكأن كلما
ذكره رسول
الله ( صلى
الله
عليه وآله )
وأمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
علي بن بشر عن
علي بن
النعمان عن
هارون بن يزيد
صفحة 157
الخزاعي
عن أحمد بن
خالد
الطبرستاني
عن حمران بن
أعين بن
القاسم بن
محمد بن
أبي بكر عن
رميلة وكان
رجلا من خواص
أمير المؤمنين
( عليه
السلام )
قال رميلة :
وعكت وعكا
شديدا في زمان
أمير
المؤمنين (
عليه
السلام )
قال ثم وجدت
منه خفة في
نفسي في يوم
الجمعة فقلت :
لا
اعمل
شيئا أفضل من
أن أعلا على
الماء وآتي
المسجد فأصلي
خلف أمير
المؤمنين
( عليه السلام )
ففعلت ذلك ،
فلما علا
المنبر في
جامع الكوفة
عاودني
الوعك فلما
خرج أمير
المؤمنين من
المسجد
اتبعته
فالتفت إلي ،
فقال : ما
لي أراك
متشكيا بعضك
إلى بعض ، قد
علمت من الوعك
وما
قلت أنك
لا تعمل شيئا
أفضل من غسلك
لصلاتك الجمعة
خلفي وإنك
كنت
وجدت خفا ،
فلما صليت
وعلوت المنبر
عاد إليك ،
قلت : والله يا
أمير
المؤمنين ما
زدت في قصتي
حرفا ولا نقصت
حرفا ، قال : يا
رميلة ما
من مؤمن
ولا مؤمنة
يمرض إلا
مرضنا لمرضه ،
ولا يحزن إلا
حزنا لحزنه ،
ولا دعا
الا امنا على
دعائه ، ولا
شكا الا دعو نا
له ، فقلت : يا
أمير
المؤمنين ، هذا
لمن كان معك
في هذا المصر
فمن كان في
أطراف الأرض
كيف
يكون في
هذه المنزلة ؟
قال : يا رميلة
ليس بغائب عنا
مؤمن ولا
مؤمنة في
مشارق
الأرض
ومغاربها إلا
وهو معنا ونحن
معه فكان هذا
من دلائله
(
عليه السلام ) .
وعنه عن
جعفر بن يزيد
القزويني عن
زيد الشحام عن
أبي هارون
المكفوف
عن ميثم
التمار عن سعد
العلاف ، عن
الأصبغ بن
نباتة قال :
جاء نفر
إلى أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فقالوا أن
المعتد يزعم
أنك تقول
إن هذا
الجري مسخ
فقال مكانكم
حتى اخرج
إليكم فتناول
ثوبه ، ثم
خرج
إليهم ومضى
حتى انتهى إلى
الفرات بالكوفة
فصاح يا جري
فأجابه
لبيك
لبيك ، قال : من
أنا ؟ قال : أنت
إمام المتقين
وأمير
المؤمنين
( عليك السلام )
، قال : من أنت ؟
قال : أنا ممن
عرضت عليه
ولايتك
فجحدتها ، ولم
أقبلها فمسخت
جريا ، وبعض
هؤلاء الذين
كانوا
صفحة 158
معك
يمسخون جريا .
فقال له
أمير المؤمنين
( عليه السلام ) :
بين ضيعتك
وفيمن كنت ومن
كان معك
، قال : نعم يا
أمير
المؤمنين كنا
أربعة وعشرين
طائفة من بني
إسرائيل
قد
تمردنا
وطغينا
واستكبرنا
وتجبرنا
وسكنا المفاوز
رغبة منا في
البعد
من
المياه ،
والأنهار
فأتانا آت
وأنت والله أعرف
به منا يا
أمير المؤمنين
فجمعنا
في صحن الدار
، وصرخ بنا
صرخة فجمعنا في
موضع واحد
وكنا
مبددين
في تلك
المفاوز
والقفار ،
فقال لنا : ما
لكم هربتم من
المدن
والمياه
والأنهار
وسكنتم هذه
المفاوز ؟
فأردنا نقول لأننا
فوق العالم
تكبرا وتعززا
،
فقال
لنا : قد علمت
ما في نفوسكم
فعلى الله
تتعززون ؟
فقلنا له : بلى
فقال :
أليس قد أخذ
عليكم العهد
لتؤمنن بمحمد بن
عبد الله
الملكي ؟
قلنا :
بلى ، قال :
وأخذ عليكم
العهد بولاية
وصيه وخليفته
بعهده وبعده
أمير
المؤمنين علي
بن أبي طالب (
عليه السلام ) ،
فسكتنا فلم
نجب بألسنتنا
وقلوبنا
، ونياتنا لا
تقبلها ، فقال
: لا أو تقولون
بألسنتكم ،
فقلناها بأجمعنا
بألسنتنا
وقلوبنا
ونياتنا : لا
نقبلها ، فصاح
بنا صيحة ،
وقال لنا :
كونوا
بإذن
الله مسوخا ،
كل طائفة جنسا
، ويا أيتها القفار
كوني بإذن
الله انهارا
وتسكنك
هذه المسوخ
وتتصل بحار
الدنيا وأنهارها
حتى لا يكون
ماء الا
كانوا
فيه فمسخنا
ونحن أربعة
وعشرون جنسا
فصاحت اثنا
عشر طائفة :
منا
أيها المقتدر
علينا ، بقدرة
الله عليك الا
ما أعفيتنا من
الماء ،
وجعلتنا على
ظهر
الأرض ، قال :
قد فعلت : فقال
أمير
المؤمنين : هيه
يا جري بين ما
كان
الأجناس
الممسوخات
البرية
والبحرية ، فقال
: أما البحرية
فنحن :
الجري ،
والسلاحف ،
والمرماهي ،
والزمار ، والسراطين
، والدلافين ،
وكلاب
الماء ،
والضفادع ،
وبنات نقرس ،
والغرمان
والكوسج ،
والتمساح
، فقال أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
هيه ، والبرية
؟ قال :
نعم ،
الوزغ ،
والخفاش ،
والكلب ،
والدب ،
والقرد
والخنازير ،
والضب ،
والحرباء ،
والورل ،
والخنافس ،
والأرنب ،
والضبع .
صفحة 159
قال
أمير
المؤمنين :
فما فيكم من
خلق الإنسانية
وطبائعها ؟
قال
الجري :
أقوامنا
والبعض لكل
صورة وخلقه ،
وكلنا تحيض
مثل الإناث .
قال
أمير
المؤمنين
صدقت أيها
الجري ، وحفظت
ما كان ، قال
الجري :
يا أمير
المؤمنين هل
من توبة ؟
فقال ( عليه
السلام ) :
للأجل
المعلوم وهو
يوم
القيامة
والله خير
حافظا وهو
ارحم الراحمين
.
قال
الأصبغ بن
نباتة :
فسمعنا والله
ما قال ذلك
الجري
ووعيناه
وكتبناه
وعرضناه على
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فصح والله لنا
ومسخ من
بعض
القوم الذين
حضروا جريا
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
أبي الحواري
عن عبد الله
بن محمد بن فارس
بن ماهويه عن
إسماعيل
بن علي
النهرواني ،
عن ماهان
الأبلي ، عن
المفضل بن عمر
الجعفي
عن الصادق (
عليه السلام )
ان أمير المؤمنين
كان حوله من
جهة
الأنبار
في بني مخزوم
، وان انسانا
منهم أتاه فقال
له يا خالي ان
صاحبي
وتربي
مات ضالا وأني
عليه لحزين ،
قال أمير المؤمنين
( عليه السلام ) :
أتحب أن
تراه ؟ قال :
نعم ، قال :
فلبس بردة
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله )
وخرج معه إلى
أن اتى إلى قبر
، فركض برجله
القبر فخرج
الرجل
من قبره
وهو يقول :
ويله وبيه
سلان ، فقال
له اخوه
المخزومي :
أولم تمت
وأنت
رجل من العرب
؟ قال كنا على
سنة أبي بكر وعمر
في العربية ،
ونحن
اليوم على سنة
الفرس فليست
ألسنتنا على دين
الله
بالعربية
فقال له
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
ارجع إلى
مضجعك وانصرف
المخزومي معه
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
وعنه عن
أبيه عن سعد
بن مسلم عن
صباح الأمري عن
الحارث بن
خضر عن
الأصبغ بن
نباتة قال :
خرجنا مع أمير
المؤمنين وهو
يطوف
بالسوق
يأمر بوفاء
الكيل
والميزان وهو
يطوف إلى أن
انتصف النهار
، مر
برجل
جالس فقام
إليه فقال له
يا أمير
المؤمنين : مر
معي إلى أن
تدخل بيتي
صفحة 160
تتغدى
عندي ، وتدعو
لي وما أحسبك
اليوم تغديت ،
قال أمير
المؤمنين :
على أن
لا تدخر ما في
بيتك ولا
تتكلف من وراء
بابك ، قال : لك
شرطك ،
ودخل ودخلنا
واكلنا خبزا
وزيتا ، وتمرا
ثم خرج يمشى
حتى
انتهى
إلى قصر
الامارة
بالكوفة فركض
برجله الأرض
فزلزلت ثم قال
:
وأيم
الله لو علمتم
ما ها هنا ،
وأيم الله لو
قام قائمنا
لأخرج من هذا
الموضع
اثني عشر ألف
درع واثني عشر
ألف بيضة لها
وجهات ثم
ألبسها
اثني
عشر ألفا من
ولد العجم ،
ثم يأمر بقتل
كل من كان على
خلاف ما
هم عليه
، وأني اعلم
ذلك وأراه كما
اعلم اليوم ،
واراه فكان
هذا من
دلائله (
عليه السلام ) .
وعنه عن
محمد بن داود
عن الحسين عن
أبيه عن عمر
بن شمر
ومحمد
بن سنان
الزاهري عن
جابر بن يزيد
الجعفي عن
يحيى بن أبي
العقب
عن مالك
الأشتر رضي
الله عنه ،
قال : دخلت على
أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
في ليلة مظلمة
فقلت : السلام
عليك يا أمير
المؤمنين
ورحمة
الله
وبركاته ،
فقال : وعليك
السلام ما
الذي أدخلك
علي في هذه
الساعة
يا مالك
؟ فقلت : خيرا
يا أمير
المؤمنين ،
وشوقي إليك
فقال : صدقت
والله
يا مالك ، فهل
رأيت أحدا
ببابي في هذه
الليلة
المظلمة ؟ قلت
: نعم
يا أمير
المؤمنين
رأيت ثلاثة
نفر ، فقام
أمير المؤمنين
( عليه السلام )
فخرج
وخرجنا
معه فإذا
بالباب رجل
مكفوف ورجل
أزمن ورجل
أبرص ، فقال
لهم
أمير
المؤمنين ، ما
تصنعون ببابي
في هذا الوقت
؟ قالوا : يا
أمير المؤمنين
جئناك
تشفينا مما
بنا فمسح أمير
المؤمنين يده
المباركة
عليهم فقاموا
من غير
زمن ولا
عمى ولا برص
فكان هذا من
دلائله ( عليه السلام
) .
وعنه عن
أبيه عن أحمد
بن الخصيب عن
أحمد بن نصير
عن عبد الله
الأسدي
عن فضيل بن
الزبير قال :
مر ميثم التمار
على فرس له مستقبل
حبيب بن
مظاهر فجلس
بين بني أسد ،
بالكوفة فتحدثا
حتى اختلف
أعناق
فرسيهما قال
حبيب : لكأني
شيخ أصلع ضخم البطن
شبيع البطيح
صفحة 161
ازرق
العينين قد
صلب في أهل
البيت بيت
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله )
وكأني وقد جاء
برأسي إلى
الكوفة ، وأخبر
الذي جاء به ،
ثم افترقا
فقال
أهل المجلس :
ما رأينا أعجب
من أصحاب أبي تراب
، يقولون : ان
عليا
علمهم الغيب ،
فلم يفترق أهل
المجلس حتى جاء
رشيد الهجري
يطلبهما
فسأل عنهما ،
فقالوا له قد
افترقا وسمعناهما
يقولان كذا
وكذا ،
قال
رشيد الهجري
لهم : رحم الله
ميثم فقد نسي
انه يزاد في
عطاء الذي
يجيب
رأسه مائة
درهم ، ثم قال
أهل المجلس :
ميثم مصلوب
على باب
دار
عمرو بن حريث
وجئ برأس ابن
مظاهر من
كربلا وقد قتل
مع
الحسين
بن علي (
عليهما
السلام ) إلى
عبيد الله ابن
زياد لعنه
الله ، وزيد
في
عطاء
الذي حمل رأس
حبيب مائة
درهم كما ذكر
، وكان كل ما
قالوه مما
اخبرهم
به أمير
المؤمنين
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
وعنه عن
محمد بن عبد
الرحمن
الطريقي عن
يونس بن أحمد
الزيات
عن كثير
بن جعفر
الأدني عن
الحسن بن
محبوب عن حمزة
الثمالي عن
أبي
إسحاق
السبيعي عن
سويد بن غفلة
، قال : بينما نحن
عند أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
إذ أتى رجل
فقال يا أمير
المؤمنين إني
قد جئت من
وادي
القرى
وقد مات خالد
بن عرفطة فقال
أمير المؤمنين
( عليه السلام ) :
مه لم
يمت
فأعاد عليه
الرجل ثانية
فقال : لم يمت ،
واعرض عنه
بوجهه ، فأعاد
عليه
ثالثة فقال :
سبحان الله قد
أخبرتك انه قد
مات ، وتقول
لي : انه لم
يمت ،
فقال ( عليه
السلام ) : لم
يمت ولن يموت
حتى يقود جيش
ضلالة
ومصيرها
النار يحمل
رايته حبيب بن
جماز ، فأتى
إلى أمير
المؤمنين
فقال له :
ناشدتك
بالله انا لك
شيعة ، وقد
ذكرتني يا مولاي
شيئا ما اعرفه
من
نفسي ،
فقال له : من
أنت ؟ عساك
حبيب بن جماز
؟ فقال له : انا
هو يا
أمير
المؤمنين
فقال : إن كنت
هو فلا يحملها
غيرك ، فولى
حبيب مغضبا
فقال
سويد بن غفلة :
فوالله ما
ذهبت الأيام
والليالي حتى
بعث عمر بن
سعد بن
أبي وقاص خالد
بن عرفطة على
مقدمته في جيش
ضلالة وحبيب
صفحة 162
ابن
جماز يحمل
رايته إلى أبي
عبد الله
الحسين (
صلوات الله
عليه ) وعلى
آبائه
الطاهرين ،
حتى استشهد
وقاتله فكان
هذا من دلائله
وعجائبه (
عليه
السلام ) .
وعنه عن
أبيه عن أحمد
بن الخصيب عن
أبي المطلب
جعفر بن محمد
بن
المفضل
عن محمد بن
سنان الزاهري
عن عبد الله بن
عبد الرحمن
الأصم
عن مديح
بن هارون بن
سعد ، قال :
سمعت أبا
الطفيل عامر
بن واثلة
يقول :
سمعت أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
يقول لعمر : من
علمك
الجهالة
يا مغرور ؟
وأيم الله
وكنت بصيرا
وكنت في دنياك
تاجرا نحريرا
،
وكنت
فيما امرك
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) أركبت
وفرشت الغضب
ولما
أحببت ان
يتمثل لك
الرجال قياما
، ولما ظلمت
عترة النبي (
صلى الله
عليه
وآله ) بقبيح
الفعال غير
اني أراك في
الدنيا قبلا
بجراحة ابن
عبد أم
معمر
تحكم عليه
جورا فيقتلك
توفيقا يدخل
والله الجنان
على رغم منك ،
والله
لو كنت من
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) سامعا
مطيعا لما
وضعت
سيفك في
عنقك ، ولما
خطبت على
المنبر
ولكأني بك قد
دعيت فأجبت
ونودي
باسمك فأحجمت
لك هتك سترا
وصلبا ولصاحبك
الذي اختارك
وقمت
مقامه من بعده
.
فقال
عمر : يا أبا
الحسن اما
تستحي لنفسك
من هذا إليك
فقال له
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
ما قلت لك الا
ما سمعت وما
نطقت إلا ما
علمت .
قال :
فمتى هذا يا
أمير
المؤمنين ؟
قال : إذا أخرجت
جيفتاكما عن
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) من
قبريكما اللذين
لم تدفنا فيها
الا لئلا
يشك أحد
فيكما إذا
نبشتما ، ولو
دفنتما بين المسلمين
لشك شاك ،
وارتاب
مرتاب ،
وستصلبان على
أغصان دوحة
يابسة فتورق تلك
الدوحة بكما
وتفرع
وتخضر بكما
فتكونا لمن
أحبكما ورضي
بفعلكما آية
ليميز الله
الخبيث
صفحة 163
من
الطيب ،
ولكأني انظر
إليكما
والناس يسألون
ربهم العافية
مما بليتما به
،
قال : فمن
يفعل ذلك يا
أبا الحسن ؟
قال : عصابة قد
فرقت بين
السيوف
أغمادها
، وارتضاهم
الله لنصرة
دينه فما تأخذهم
في الله لومة
لائم ،
ولكأني
انظر إليكما
وقد أخرجتما
من قبريكما طريين
بصورتيكما
حتى
تصلبا
على الدوحات ،
فتكون ذلك
فتنة لمن أحبكما
، ثم يؤتى
بالنار التي
أضرمت
لإبراهيم (
صلوات الله
عليه ) ولجرجيس
ودانيال وكل
نبي وصديق
ومؤمن
ومؤمنة وهي
النار التي
أضرمتموها
على باب داري
لتحرقوني
وفاطمة
بنت
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) وابني
الحسن
والحسين
وابنتي زينب
وأم
كلثوم ، حتى
تحرقا بها ،
ويرسل الله
اليكما ريحا
مدبرة
فتنسفكما في
اليم
نسفا
ويأخذ السيف من
كان منكما
ويصير
مصيركما إلى
النار جميعا ،
وتخرجان
إلى البيداء
إلى موضع
الخسف الذي قال
الله تعالى : (
ولو ترى
إذ
فزعوا فلا فوت
وأخذوا من
مكان قريب )
يعني من تحت
اقدامكما .
قال : يا
أبا الحسن
تفرق بيننا
وبين رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ؟
قال : نعم .
قال : يا
أبا الحسن إنك
سمعت هذا وأنه
حق ؟ قال : فلحف
أمير
المؤمنين
أنه سمعه من
النبي ( صلى
الله عليه وآله
) فبكى عمر
وقال أعوذ
بالله
مما تقول ،
فهل لك علامة
؟ قال : نعم قتل
فظيع ، وموت
سريع ،
وطاعون
شنيع ، ولا
يبقى من الناس
في ذلك الا ثلثهم
وينادي مناد
من
السماء
باسم رجل من
ولدي وتكثر
الآفات حتى
يتمنى
الأحياء
الموت مما
يرون من
الأهوال ،
وذلك مما
أسئتما ، فمن
هلك استراح
ومن كان له
عند
الله
خير نجا ثم
يظهر رجل من
عترتي فيملأ
الأرض قسطا
وعدلا كما
ملئت
جورا
وظلما يأتيه
الله ببقايا
قوم موسى ويحيى
له أصحاب
الكهف وتنزل
السماء
قطرها وتخرج
الأرض نباتها
.
قال له
عمر : فإنك لا
تحلف إلا على
حق فإنك أن تهددني
بفعال
صفحة 164
ولدك
فوالله لا
تذوق من حلاوة
الخلافة شيئا
أنت ولا ولدك
، وإن قبل
قولي
لينصرني
ولصاحبي من
ولدك قبل أن
أصير إلى ما
قلت .
فقال له
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
تبا لك أن
تزداد الا
عدوانا
فكأني
بك قد أظهرت
الحسرة وطلبت
الإقالة ، حيث
لا ينفعك ندمك
.
فلما
حضرت عمر
الوفاة أرسل
إلى أمير
المؤمنين
فأبى أن يجئ
فأرسل
إليه
جماعة من
أصحابه
فطلبوه إليه
أن يأتيه ، ففعل
فقال عمر : يا
أبا الحسن
هؤلاء
حالوني مما
وليت من أمرهم
فإن رأيت أن
تحالني ،
فافعل ، فقام
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وقال : أرأيت
ان حاللتك فمن
حالل بتحليل
ديان
يوم الدين ،
ثم ولى وهو
يقول : ( وأسروا
الندامة لما
رأوا العذاب )
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام )
الذي شهد أكثرها
وصح ما نبأ به
فهو حق .
وعنه عن
محمد بن موسى
القمي عن داود
بن سليمان
الطوسي عن
محمد بن
خلف الطاطري
عن الحسن بن
سماعة الكوفي
عن راشد بن
يزيد
المدني عن
المفضل بن عمر
الجعفي عن أبي
عبد الله
الصادق ( عليه
السلام )
قال : جلس رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
) في رحبة
مسجده
بالمدينة
وطائفة من
المهاجرين
والأنصار
حوله وأمير
المؤمنين عن
يمينه وعمر
عن
شماله إذ طلعت
غمامة ولها
زجل بالتسبيح
وهفيف قال
رسول الله
(
صلى الله عليه
وآله ) : قد
شاهدته من عند
الله ثم مد
يده إلى
الغمامة
فنزلت
ودنت من يده
فبدا منها جام
يلمع حتى غشيت
ابصار من في
المسجد
من
لمعاته وشعاع
نوره ، وفاح
في المسجد
روائح حتى
زالت عقولنا
بطيبها
ومشمها
والجام يسبح
الله ويقدسه
ويمجده بلسان
عربي مبين حتى
نزل في
بطن
راحة رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) اليمين
وهو يقول :
السلام
عليك يا
حبيب الله
وصفيه ونبيه
ورسوله المختار
على العالمين
والمفضل على
خلق
الله أجمعين
من الأولين
والآخرين ،
وعلى وصيك خير
الوصيين
وأخيك
صفحة 165
خير
المواخين
وخليفتك خير
المستخلفين
وامام
المتقين
وأمير
المؤمنين
ونور
المستضيئين
وسراج
المهتدين
وعلى زوجته
فاطمة ابنتك
خير نساء
العالمين
الزهراء
في الزاهرين
والبتول في
المتبتلين ،
والأئمة
الراشدين
وعلى سبطيك
ونوريك
وريحانتيك
وقرة عينيك
أبناء علي الحسن
والحسين ،
ورسول الله
وسائر
من كان حاضرا
يسمعون ما
يقول الجام
ويغضون من
أبصارهم من
تلألؤ
نوره ( صلى
الله عليه
وآله ) وهو
يكثر من حمد
الله وشكره
حتى قال
الجام -
وهو في كفه - : يا
رسول الله أنا
تحية الله
إليك والى
أخيك علي
وابنتك
فاطمة والحسن
والحسين
فردني يا رسول
الله في كف
علي ، فقال
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) خذه يا
أبا الحسن
تحية من عند
الله فمد
يده
اليمنى فصار
في بطن راحتيه
فقبله واشتمه فقال
مرحبا بكرامة
الله
لرسوله
وأهل بيته
وأكثر من حمد
الله والثناء
عليه والجام
يسبح الله عز
وجل
ويهلله
ويكبره ويقول
: يا رسول الله
ما بقي من طيب
في الجنة إلا
وأنا
أطيب
منه ، فارددني
إلى فاطمة
والحسن
والحسين كما
أمرني الله عز
وجل
فقال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) : قم يا
أبا الحسن به
فاردده إلى
كف قرة
عيني فاطمة
وكف حبيبي
الحسن
والحسين ، فقام
أمير
المؤمنين
(
عليه السلام )
يحمل الجام
ونوره يزيد
على نور الشمس
والقمر
ورائحته
قد ذهلت
العقول طيبا
حتى دخل على
فاطمة والحسن
والحسين (
عليهم
السلام )
من الله
ورحمته
وبركاته ورده
في أيديهم فتحيوا
به وقبلوه
وأكثروا
من حمد
الله وشكره
والثناء عليه
، ثم رده إلى رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ،
فلما صار في
كفه قام عمر
على قدميه فقال
: يا رسول الله
، تستأثر
بكل ما
نالك من عند
الله من تحية
وهدية ، أنت وعلي
وفاطمة
والحسن
والحسين
؟
فقال
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله ) : يا عمر
ما أجرأك على
الله ؟
اما
سمعت الجام
حتى تسألني أن
أعطيك ما ليس
لك ؟
فقال له :
يا رسول الله
أتأذن لي
بأخذه واشتمامه
وتقبيله ؟
فقال له
صفحة 166
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) : ما أشد
جأشك ، قم ، إن
نلته فما
محمد
رسول الله حقا
ولا جاء بحق
من عند الله
فمد عمر يده
نحو الجام
فلم يصل
إليه وارتفع
الجام نحو
الغمام ، وهو
يقول : يا رسول
هكذا
يفعل
المزور
بالزائر ؟
قال : قم
يا أبا الحسن
على قدميك ،
وامدد يدك إلى
الغمام وخذ
الجام
وقل ما امرك
الله به أن
تؤديه الينا
ثانية ، فقام
أمير المؤمنين
( عليه
السلام )
فمد يده إلى
الغمام
فتلقاه الجام
فأخذه فقال له
: رسول الله
(
صلى الله عليه
وآله ) يقول لك :
ماذا أمرك
الله أن تقول
له ؟ فأتاه
الجام
وقال :
نعم يا رسول
الله أمرني أن
أقول لكم ان قد
أوقفني على
نفس
كل مؤمن
ومؤمنة من
شيعتكم
وأمرني بحضور
وفاته فلا
يستوحش من
الموت
ولا
ييأس من النظر
إليكم وأن
أنزل على صدره
وأن أكسوه من
روائح طيبي
فتقبض
روحه وهو لا
يشعر .
فقال
عمر لأبي بكر :
يا ليت الجام
مضى بالحديث الأول
ولم يذكر
شيعتهم
فكان هذا من
فضل الله على
رسوله وعلى أمير
المؤمنين (
عليه
السلام ) .
وعنه بهذا
الاسناد قال :
قال أبو عبد
الله ( عليه
السلام ) : خرج
أمير
المؤمنين
( عليه السلام )
ذات يوم إلى
بستان البرني
ومعه أصحابه
فجلس
تحت
نخلة فرطبت
ونزل منها رطب
فوضع بين
أيديهم
فأكلوا فقال
رشيد
الهجري :
يا أمير
المؤمنين ما
أطيب هذا
الرطب ، فقال :
يا رشيد اما انك
تصلب
على جذعها ،
قال رشيد :
فكنت اختلف
إليها أطراف
النهار
وأسقيها
ومضى أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فخرجنا يوما
وقد قطعت
وذهب
نصفها فقلت :
قد اقترب أجلي
فجئت اليوم الآخر
فإذا بالنصف
الثاني
قد جعل زرنوقا
يستقى عليه ،
فقلت : والله
ما كذبني
خليلي فأتاني
العريف
فقال : أجب
الأمير
فأتيته فلما
وصلت القصر
فإذا انا بخشب
ملقى
صفحة 167
وفيه
الزرنوق وجئت
حتى ضربت
الزرنوق
برجلي ، وقلت :
إليك أعدت
وإليك
أتيت ، ثم
دخلت على عبيد
الله بن زياد
لعنه الله
فقال : هات من
كذب
صاحبك ، فقلت :
والله ما كان
يكذب ولقد أخبرني
أنك تقطع
يدي
ورجلي ولساني
قال : إذن
اكذبه ،
اقطعوا يديه
ورجليه
واطرحوه ،
فلما
حمل إلى
أهله أقبل
يحدث الناس
بالعظائم وما
يأتي وهو يقول
: يا أيها
الناس
اسألوني فإن
للناس عندي
طلبة لم يقضوها
.
فدخل
رجل إلى عبيد
الله بن زياد
لعنه الله قال
: بئسما صنعت
به
قطعت يديه
ورجليه وتركت
اللسان فهو
يحدث الناس
بالعظائم قال
: ردوه
فقد بلغ
إلي ذلك فردوه
فأمر بقطع
لسانه وصلبه على
جذع تلك
النخلة
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
وعنه عن
جعفر بن
المفضل
المخلول عن
إبراهيم عن
جعفر بن يحيى
القرني
عن يونس بن
ظبيان عن أبي
خالد عبد الله
بن غالب عن
رشيد
الهجري (
رضي الله عنه )
قال كنت وأبا
عبد الله سلمان
، وأبو عبد
الرحمن
قيس بن ورقا ،
وأبو الهيثم
مالك بن التيهان
وسهل بن حنيف
بين
يدي
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
بالمدينة إذ
دخلت خبابة
الوالبية
وعلى
رأسها
كور شبيه
السيف ،
وعليها أطمار
سابغة متقلدة
مصحف ، وبين
أناملها
مسباح من حصى
فسلمت وبكت ،
وقالت آه يا
أمير
المؤمنين ، آه
من فقدك
وا أسفاه على
غيبتك وا
حسرتاه على ما
يفوت من
الغيبة منك لا
يلهم
عنك ولا يرغب
يا أمير
المؤمنين من
الله فيه
الخشية
وإرادة من
أمري
معك على
يقين وبيان
وحقيقة ، وأني
اتيتك وأنت
تعلم ما أريد
فمد يده
اليمنى
إليها فأخذ من
يدها حصاة
بيضاء تلمع وترى
من صفائها
وأخذ
خاتمه
من يده وطبع
به في الحصاة
فانطبعت ، فقال
لها : يا حبابة
هذا كان
مرادك
مني ؟ فقالت :
اي والله يا
أمير المؤمنين
هذا أريد لما
سمعناه من
نقول
شيعتك
واختلافهم
بعدك ، فأردت
بهذا برهانا
يكون معي ان
عمرت
بعدك -
ولا عمرت - ويا
ليتني وقومي
لك الفداء ، فإذا
وقعت الإشارة
صفحة 168
وشئت
شيعه فمن يقوم
مقامك أتيته
بهذه الحصاة ،
فإذا فعل فعلك
بها
علمت
أنه الخليفة
وأرجو ان لا
أوجد لذلك .
قال : بلى
: والله يا
حبابة ، لتلقين
بهذه الحصاة
ابني الحسن ،
والحسين
، وعلي بن
الحسين ،
ومحمد بن علي
، وجعفر بن
محمد ،
وموسى
بن جعفر ،
وعلي بن موسى
، وكلا إذا
اتيته استدعى
بالحصاة منك
وطبعها
بهذا الخاتم
لك فبعهد علي
بن موسى ترين
في نفسك
برهانا عظيما
تعجبين
منه فتختارين
الموت
فتموتين ويتولى
أمرك ويقوم
على حفرتك
ويصلي
عليك
وأنا مبشرك
بأنك مع
المكرورات مع
المهدي من
ذريتي إذا
اظهر الله
أمره
.
فبكت
حبابة ، ثم
قالت : يا أمير
المؤمنين من
أين لأمتك
الطائعة
الضعيفة
اليقين
القليلة
العمل لولا
فضله وفضل
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ،
وفضلك يا أمير
المؤمنين أن
تتأتى هذه
المنزلة التي
انا فيها ،
والله بما
قلته لي
مؤقنة ليقيني
بأنك أمير
المؤمنين حقا
لا سواك ،
فادع لي يا
أمير
المؤمنين
بالثبات على
ما هداني الله
إليه ، ولا
أسلبه ولا
أفتتن فيه ،
ولا
أضل عنه .
فدعا
لها أمير
المؤمنين
بذلك ،
واصحبها خيرا
.
قالت
حبابة : لما
قبض أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
بضربة عبد
الرحمن
بن ملجم
المرادي في
مسجد الكوفة
أتيت مولاي
الحسن فلما
رآني
قال :
أهلا وسهلا بك
يا حبابة هاتي
الحصاة فمد يده
إليها ( عليه
السلام )
كما مد أمير
المؤمنين يده
فأخذ الحصاة
وطبعها كما
طبعها أمير
المؤمنين
، وخرج ذلك
الخاتم بعينه
، فلما قبض الحسن
بالسم أتيت
الحسين
(
عليه السلام )
فلما رآني قال
: مرحبا بك يا
حبابة هاتي
الحصاة ،
فأخذها
وختم
عليها بذلك
الخاتم ، فلما
استشهد ( عليه السلام
) أتيت عليا بن
الحسين
وقد شك الناس
فيه ومالت
شيعة الحجاز إلى
محمد بن
الحنفية ، من
صفحة 169
شكهم في
زين العابدين
( عليه السلام )
، وصار من كبارهم
جميع ،
فقالوا :
يا حبابة الله
الله فينا
اقصدي إلى علي
بن الحسين (
عليه السلام )
حتى
يتبين الحق ،
فصرت إليه
فلما رآني رحب
بي ومد يده
وقال : هاتي
الحصاة
فأخذها
وطبعها بذلك
الخاتم ثم صرت
بذلك الخاتم
إلى محمد ،
والى
جعفر بن محمد
، والى موسى
بن جعفر ،
والى علي بن
موسى الرضا
(
صلوات الله
عليهم أجمعين
) ، فكل يفعل
كفعل أمير
المؤمنين (
عليه
السلام )
والحسن
والحسين (
عليهما
السلام ) ، وكبر
سني ورق جلدي
ودق
عظمي
وحال سواد
شعري بياضا ،
وكنت بكثرة
نظري إليهم
صحيحة
العقل
والبصر
والفهم ، فلما
صرت إلى علي
الرضا بن موسى
( صلوات الله
عليه )
رأيت شخصه
الكريم ضحكت
ضحكا فقال من
حضر : قد خرفت
يا
حبابة ، والا
نقص عقلك ،
فقال لهم علي
الرضا ( صلوات
الله عليه )
اني لكم
، ما خرفت
حبابة ولا نقص
عقلها ، ولكن
جدي أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
أخبرها
بأنها تكون
معي وأنها
تكون مع
المكرورات مع
المهدي (
عليه السلام )
، من ولدي ،
فضحكت تشوقا إلى
ذلك وسرورا
وفرحا
بقربها منه ،
فقال القوم :
استغفر لنا يا
سيدنا وما
علمنا هذا ،
قال : يا
حبابة ما الذي
قال لك جدي
أمير المؤمنين
( عليه السلام )
؟
قالت :
قال تريني
برهانا عظيما
، قال : يا
حبابة ترين
بياض شعرك ؟
قلت : بلى
يا مولاي ،
قال : يا حبابة
أفتحبين ان تريه
اسود حالكا
كما
كان في
عنفوان شبابك
؟ قلت : نعم يا
مولاي ، قال : يا
حبابة ويجزيك
ذلك أو
نزيدك ؟ فقلت :
يا مولاي زدني
من فضلك علي
قال : أتحبين
ان
تكوني
مع سواد شعرك
شابة ؟ فقلت :
يا مولاي هذا البرهان
عظيم ،
قال :
وهذا أعظم منه
ما تجدينه مما
لا يعلم الناس
به ، فقلت : يا
مولاي
اجعلني
لفضلك اهلا
فدعا بدعوات
خفية حرك بها شفتيه
فعدت والله
شابة
طرية
غضة سوداء
الشعر حالكا ،
ثم دخلت خلوة
في جانب الدار
ففتشت
نفسي
فوجدتها بكرا
فرجعت وخررت
بين يديه ساجدة
، ثم قلت : يا
مولاي
النقلة إلى
الله عز وجل
فلا حاجة لي
في حياة
الدنيا ، فقال
: يا
صفحة 170
حبابة
ارحلي إلى
أمهات
الأولاد
فجهازك هناك منفردا
.
قال
الحسين بن
حمدان
الخصيبي ( رضي
الله عنه ) :
حدثني جعفر بن
مالك ،
قال حدثني
محمد بن يزيد
المدني قال :
كنت مع مولاي
علي الرضا
(
صلوات الله
عليه ) حاضرا
لأمر حبابة
وقد دخلت إلى
أمهات
الأولاد فلم
تلبث
الا بمقدار ما
عاينت جهازها
حتى تشهدت وقبضت
إلى الله
رحمها
الله .
قال
مولانا الرضا
( صلوات الله
عليه ) رحمك
الله يا حبابة
قلنا : يا
سيدنا
ولما قبضت قال
لبثت إلى أن
عاينت جهازها
حتى قبضت إلى
الله وامر
بتجهيزها
فجهزت وخرجت
وصلينا عليها
وحملت إلى
حفرتها وأمر
سيدنا
بزيارتها
وتلاوة
القرآن عندها
والتبرك بالدعاء
هناك فكان هذا
من دلائل
مولانا
أمير المؤمنين
وبراهينه (
عليه السلام ) .
وعنه
بهذا الإسناد
قال : حدثني
جابر بن عبد
الله
الأنصاري قال
كنت
بين يدي
مولانا أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) في
مسجد رسول
الله ( صلى
الله
عليه وآله ) إذ
دخل عمر بن
الخطاب فلما
جلس قال
لجماعة ان لنا
سترا
فيما بيننا ،
تخففوا رحمكم
الله ، فشمرت
وجوهنا وقلنا
ما كذا كان
يفعل
بنا رسول الله
( صلى الله
عليه وآله )
لقد كان
يأتمننا على
سره فما لك
لما
رأيت فتيان
المسلمين
تسريت بفتيان
رسول الله ؟
فقال : للناس
اسرار لا
يمكن
اعلانها
فقمنا مغضبين
، وخلا بأمير
المؤمنين
مليا ، ثم
قاما من مجلسهما
حتى
رقيا منبر
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) جميعا
فقلنا : الله
أكبر ترى
ابن
حنتمة رجع عن
غيه وطغيانه
ورقي المنبر
مع أمير
المؤمنين ،
وقد مسح
يده على
وجهه ، ورأينا
عمر يرتعد
ويقول : لا حول
ولا قوة الا
بالله العلي
العظيم
، ثم صاح ملء
صوته يا سارية
ألجأ الجبل ،
ثم لم يلبث ان
قبل
صدر
أمير
المؤمنين
ونزلا وهو
ضاحك ، وأمير
المؤمنين
يقول له : إفعل
ما
زعمت يا
عمر انك فاعله
وأن لا عهد لك
ولا وفاء ،
فقال له
امهلني يا أبا
صفحة 171
الحسن
حتى انظر ما
يرد إلي من
خبر سارية وهل
ما رأيته
صحيحا أم لا ،
قال له
أمير المؤمنين
: ويحك يا عمر
فإذا صح ووردت
الاخبار عليك
بتصديق
ما رأيت وما
عاينت ، وانهم
قد سمعوا صوتك
ولجأوا إلى
الجبل
كما
رأيت هل أنت
مسلم ما ضمنت
؟ قال : لا يا
أبا الحسن ،
ولكني
أضيف
هذا إلى ما
رأيت منك ومن
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) ،
والله
يفعل ما يشاء .
فقال له
أمير
المؤمنين :
ويلك يا عمر
ان الذي تقول
أنت وحزبك
الضالون
انه سحر
وكهانة ليس
فيك شك ، فقال :
ذلك قول قد
مضى
والامر
لنا في هذا
الوقت ، ونحن
أولى بتصديقكم
في أفعالكم
وما نراه من
عجائبكم
الا ان هذا
الملك عقيم .
فخرج
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
ولقيناه
فقلنا : يا
أمير
المؤمنين ما
هذه
الآية
العظيمة ؟
وهذا الخطاب
الذي سمعناه ؟
فقال : هل
علمتم
أوله ؟
فقلنا ما
علمناه يا
أمير
المؤمنين ولا نعلمه
الا منك ، قال :
ان هذا
ابن
الخطاب قال لي
انه حزين
القلب باكي
العين على
جيوشه التي في
فتوح
الجبل
في نواحي نهاوند
، وأنه يحب ان
يعلم صحة
اخبارهم وكيف
مع
كثرة
جيوش الجبل
وان عمرا بن
معدي كرب قتل
ودفن بنهاوند
، وقد
ضعف
جيشه واتصل
الخبر بقتل
عمر ، فقلت له :
ويحك يا عمر
كيف
تزعم
أنك الخليفة
في الأرض ،
والقائم مقام
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله )
وأنت لا تعلم
ما وراء اذنك
وتحت قدمك
والإمام يرى
الأرض
ومن
عليها ، ولا
يخفى عليه من
اعمالهم شئ ؟
فقال لي : يا
أبا الحسن
أنت
بهذه الصورة
فأت خبر سارية
وأين هو ؟ ومن معهم
؟ وكيف
صورهم ؟
فقلت له : يا
ابن الخطاب ،
فان قلت لك لا تصدقني
ولكني
أريك
جيشك وأصحابك
وسارية قد كمن
بهم جيش الجبل
في واد قعيد
بعيد
الأقطار كثير
الأشجار فإن
سار به جيشك يسيرا
خلصوا بها ،
وإلا قتل
أول
جيشك وآخره ،
فقال : يا أبا
الحسن ما لهم
ملجأ منهم ،
ولا يخرجون
صفحة 172
من ذلك
الوادي ، فقلت
: بلى لو لحقوا
الجبل الذي
يلي الوادي
سلموا
وتملكوا
جيش الجبل
فقلق واخذ
بيدي ، وقال :
الله الله يا
أبا الحسن في
جيوش
المسلمين
فأرينهم كما
ذكرت أو حذرهم
ان قدرت ولك
ما تشاء من
خلع
نفسي من هذا
الأمر ورده
إليك فأخذت
عليه عهد الله
وميثاقه ان
رقيت به
المنبر وكشفت
عن بصره
وأريته جيوشه
في الوادي
وانه يصيح
إليهم
فيسمعون منه
ويلجأون إلى
الجبل
ويظفرون بجيش
الجبل يخلع
نفسه
ويسلم
إلي حقي ،
فقلت له : قم يا
شقي ، والله
لا وفيت بهذا
العهد
والميثاق
كما لم تف لله
ولرسوله ولي
بما اخذناه
عليك من العهد
والميثاق
والبيعة
في جميع
المواطن ،
فقال لي : بلى
والله فقلت له
: ستعلم أنك من
الكافرين
، ورقيت المنبر
فدعوت بدعوات
وسألت الله ان
يريه ما قلت
ومسحت
على عينيه
وكشفت عنه
غطاءه فنظر
إلى سارية
وسائر الجيش
وجيش
الجبل وما بقي
الا الهزيمة
لجيشه ، فقلت له
: صح يا عمر ان
شئت ،
قال : يسمع ؟
قلت : نعم ،
يسمع ويبلغ
صوتك إليهم ،
فصاح
الصيحة
التي
سمعتموها : يا
سارية إلجأ
الجبل ،
فسمعوا صوته
ولجأوا إلى
الجبل
فسلموا
وظفروا بجيش
الجبل فنزل
ضاحكا كما
رأيتموه
وخاطبته
وخاطبني
بما سمعتموه .
قال
جابر : آمنا
وصدقنا وشك
آخرون إلى
ورود البريد
بحكاية ما
حكاه
أمير
المؤمنين
واراه عمر
ونادى بصوته فكاد
أكثر العوام
المرتدين أن
يعبدوا
ابن الخطاب
وجعلوا هذا
منقبا له
والله ما كان
الا منقلبا .
فكان
هذا من
دلائل مولانا
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) .