صفحة 35
الباب
الأول
باب
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم
)
صفحة 37
قال
السيد أبو عبد
الله الحسين
بن حمدان الخصيبي
( رضي الله عنه ) :
حدثني
جعفر
بن محمد بن
مالك البزاز
الفزاري
الكوفي ، قال :
حدثني
عبد الله بن
يونس السبيعي
، قال : حدثني المفضل
بن عمر ، عن
سيدنا
أبي عبد الله
جعفر الصادق (
عليه السلام ) .
قال
الحسين بن
حمدان : حدثني
محمد بن
إسماعيل الحسني
، عن
سيدنا
أبي عبد الله
الحسن بن علي (
عليهما
السلام ) وهو
الحادي عشر من
الأئمة
( عليهم
السلام ) . . .
قال
الحسين بن
حمدان : حدثني
منصور بن صفر
، قال : حدثني
أبو
بكر
أحمد بن محمد
القرباني
المتطبب ببيت
المقدس ، لعشر
خلون من شهر
شعبان
سنة اثنين
وثلاثمائة ،
قال : حدثني
نصر بن علي
الجهضمي ، قال
:
سالت
سيدنا أبا
الحسن الرضا
علي بن موسى
بن جعفر (
عليهم السلام ) ،
عن
أعمار الأئمة
من آل رسول
الله ( عليهم
السلام ) فقال
الرضا
( عليه
السلام ) :
حدثني أبي
موسى بن جعفر
، عن أبيه
جعفر بن محمد
،
عن
أبيه محمد بن
علي ، عن أبيه
علي بن الحسين
بن علي أمير
المؤمنين
( عليه
السلام ) :
صفحة 38
ما
رواه عن جعفر
بن محمد بن
مالك ، عن عبد
الله السبيعي
، عن
المفضل
بن عمر عن
مولانا
الصادق ( عليه
السلام ) . . .
ما
رواه عن محمد
بن إسماعيل الحسني ،
عن أبي محمد
الحسن ،
الحادي
عشر من الأئمة
( عليهم
السلام ) ،
فقالوا جميعا
: ان رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) مضى ،
وله ثلاث
وستون سنة
منها أربعون
سنة
قبل أن ينبأ
ثم نزل عليه
الوحي ثلاثا
وعشرين سنة ،
بمكة وهاجر
إلى
المدينة
هاربا من
مشركي قريش
وله ثلاث
وخمسون سنة ،
وأقام
بالمدينة
عشر سنين ،
وقبض يوم
الاثنين
لليلتين خلتا
من شهر ربيع الأول
من
احدى
عشرة سنة من
سني الهجرة .
أسماؤه
:
وكان
اسمه في
القرآن محمد ،
وأحمد ، ويس ،
وطه ، ونون ،
وحم
عسق ،
والحواميم
السبعة ،
والنبي ،
والرسول ، والمزمل
، والمدثر ،
والطواسين
الثلاثة ، وكل
ألف ولام وميم
وراء وصاد في
أول السور فهو
من
أسمائه
، وكهيعص .
وفي
صحف إبراهيم
إلى آدم ( صلى
الله عليهما )
بالسريانية - مفسرا
بالعربية
- النبي
والمحمود ،
والعاقب ،
والناجي ،
والحاشر ،
والباعث ،
والأمين
.
وكان
اسمه في
التوراة
الوفي ، وماد
الماد .
وفي
الإنجيل :
الفارقليط .
وفي الزبور :
مهيمنا ، وطاب
طاب .
كنيته
وألقابه :
أبو القاسم .
وأمه آمنة
ابنة وهب بن
عبد مناف بن قصي ، بن
صفحة 39
كلاب
، بن مرة .
وألقابه
( صلى الله
عليه وآله ) :
صفي الله ،
وحبيب الله ،
وخاتم
النبيين
، وسيد
المرسلين ،
والأمي ،
والمنتجب ،
والمختار ،
والمجتبى ،
والشاهد
، والنذير ،
والداعي إلى
الله ،
والسراج
المنير ،
والرحمة ،
والمبلغ
والمصطفى
.
ومشهده
بالمدينة
، واسمها
يثرب وطيبة .
أولاده
:
قال
الحسين بن
حمدان
الخصيبي :
حدثني أبو بكر
بن أحمد بن
عبد
الله
، عن أبيه عبد
الله بن محمد
الأهوازي - وكان
عالما باخبار
أهل البيت
( عليهم
السلام ) - قال
: حدثني محمد
بن سنان
الزاهري عن
أبي بصير ،
وهو
القاسم
الأسدي - لا
الثقفي - عن
أبي عبد الله
جعفر الصادق
( عليه
السلام ) قال :
قال ولد لرسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) من
خديجة
ابنة
خويلد ( عليها
السلام )
القاسم ، وبه
يكنى ، وعبد
الله ،
والطاهر ،
وزينب
، ورقية ،
وأم كلثوم ،
وكان اسمها
آمنة ، وسيدة نساء
العالمين
فاطمة
الزهراء (
عليها السلام
) ، وإبراهيم
من مارية
القبطية ،
وكانت أمة
أهداها
المقوقس ملك
الإسكندرية .
فاما
رقية : فزوجت
من عتبة بن
أبي لهب ،
فمات عنها ،
فزوجت
لعثمان
بن عفان .
وكان السبب في
ذلك أن رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله
) نادى في
أصحابه
بالمدينة : من
جهز جيش العسرة
، وحفر بئر
رومة ،
وأنفق
عليها من ماله
ضمنت له بيتا
في الجنة عند الله ،
فقال عثمان بن
عفان
: أنا أنفق
عليها يا رسول
الله من مالي
، فتضمن لي
البيت في
الجنة
؟ فقال رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) :
أنفق عليها
يا عثمان ،
وأنا الضامن
لك على الله
بيتا في الجنة
.
فانفق
عثمان على
الجيش والبئر من
ماله طمعا في
ضمان رسول
الله
صفحة 40
( صلى
الله عليه
وآله ) وألقي
في قلب عثمان
أن يخطب رقية
من رسول الله
فعرض
ذلك على رسول الله ،
فقال رسول
الله : إن رقية
تقول لك لا
تزوجك
نفسها الا
بتسليم البيت
الذي ضمنته لك
عند الله عز
وجل في
الجنة
تدفعه إليها
بصداقها ،
فاني أبرأ من
ضماني لك
البيت
بتسليمه إليها
إن
ماتت رقية أو عاشت ،
فقال عثمان :
أفعل يا رسول
الله ، فزوجها
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) وأشهد
على عثمان في
الوقت أنه قد
برئ
من
ضمانة البيت
له ، وأن
البيت لرقية
دونه ، لا
رجعة لعثمان
على رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله ) فيه
، إن عاشت
رقية أو ماتت .
ثم إن
رقية
توفيت
قبل أن تجتمع بعثمان ،
ولهذا السبب
زوجت رقية
نفسها .
وأما
زينب : فزوجت
من أبي العاص
بن الربيع ،
فولدت منه
بنتا
سماها
امامة ، فتزوج
بها أمير
المؤمنين بعد
وفاة فاطمة (
عليها السلام
) .
وأما
أم كلثوم :
فإنها لم
تتزوج بزوج ،
وماتت قبل
وفاة رسول الله
( صلى الله
عليه وآله ) .
وروي
أن زينب كانت
ربيبة رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
) من
جحش
بعد خديجة قبل
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) ولم يصح
هذا الخبر ،
ولا
ملك خديجة أحد
غير رسول الله
ولا ملك زوجة
غيرها حتى
توفيت .
أزواجه
:
وكانت
من أزواجه
بعدها أم أيمن
، وأم سلمة ، وميمونة
بنت الحارث
الهلالية
، ومارية
القبطية -
وكانت أمة -
أفضل أزواج
رسول الله (
صلى الله
عليه
وآله ) ،
وبعدهن صفية ،
وزينب زوجة
زيد بن حارثة .
والمذمومات
عائشة وحفصة ،
وأم حبيبة بنت
أبي سفيان ،
وهن ممن
قال
الله فيهن (
عسى ربه ان
طلقكن ان
يبدله أزواجا
خيرا منكن
مسلمات
مؤمنات
قانتات
تائبات
عابدات سائحات
ثيبات
وأبكارا ) ،
وهذا
أوضح
دليل أنه لم
يكن فيهن من
هذا الوصف شئ .
صفحة 41
وقال
الله تعالى : (
يا نساء النبي
من يأت منكن بفاحشة
مبينة
يضاعف
لها العذاب
ضعفين ) وقوله : (
وقرن في
بيوتكن ولا
تبرجن
تبرج
الجاهلية
الأولى ) وقد
عرف من خرج
وتبرج وشهد على
أولاد
الأنبياء
( عليهم
السلام ) أنهن
إذا عصين عذبن
بالنار .
وقال
الله سبحانه
وتعالى : ( وضرب
الله مثلا للذين
كفروا امرأة
نوح
وامرأة
لوط كانتا تحت
عبدين من
عبادنا
صالحين
فخانتاهما
فلم يغنيا عنهما
من
الله شيئا
وقيل ادخلا
النار مع
الداخلين ) .
وجمع
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم ) بين
ثلاث عشر
امرأة
وتوفي
عن تسع أزواج .
دلائله
وبراهينه :
ومن
دلائله
وبراهينه (
عليه السلام ) .
1 - ما
رواه السيد
الحسين بن
حمدان
الخصيبي ، عن
ابن علي
البلخي ،
عن
جابر بن يزيد
الجعفي ، عن
الحسين بن أبي
العلاء ، عن
أبي عبد الله
جعفر
الصادق (
صلوات الله
عليه ) عن
آبائه ( عليهم
السلام ) قال
:
خرج
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) وقد
أصابه جوع شديد
، فمر بأمير
المؤمنين
( عليه السلام ) فقال : يا
علي هل عندك
طعام نطعمه ؟ فقال : يا
رسول
الله والذي
بعثك بالحق
نبيا واصطفاك
على البشر ما
طعمت طعاما
منذ
ثلاثة أيام ،
فاخذ ( عليه
السلام ) بيده
وانطلقا فإذا
هما بالمقداد
بن
الأسود
الكندي ،
وأبي ذر ،
وعمار بن ياسر
، فقال لهم
رسول الله : إلى
أين
؟ فقالوا
: إليك يا رسول
الله ، فقال :
هل عند أحدكم
طعام ؟ فقال
القوم
جميعا ما
أخرجنا الا
الجهد يا رسول
الله ، فقال :
أبشروا فان
الله عز
وجل
أمر الجنة أن
تتهيأ بأحسن
هيئتها
فتهيأت ، وقال
لها : يا جنتي
لمن
تحبين
ان يسكنك ؟
فقالت : أحب
خلقك عليك ،
فقال لها : اني
جعلت
سكانك
محمدا
رسولي وأهل
بيته ( صلوات
الله عليهم
وأصحابه وشيعته
)
صفحة 42
وأنتم
والله أصحابي
وشيعتي وشيعة
أهل بيتي وعترتي
، ثم اخذوا في
طريقهم
فمروا بمنزل
سعد بن مالك
الأنصاري ، فلم
يلقوه ، فقالت
زوجته : يا
رسول
الله فداك أبي
وأمي أدخل أنت
واسحابك ، فان
سعدا يأتيك
الساعة
، فدخل هو
وأصحابه
جميعا فأرادت
ان تذبح عنزا
لهم فقال لها
النبي
( صلى الله
عليه وآله وسلم
) ماذا تريدين
؟ قالت : اذبح
هذه العنزة
لك ولأصحابك ،
فقال لها : لا
تذبحيها
فإنها عنزة
مباركة ولكن
قربيها
مني ،
فقالت : يا
رسول الله انها
ليس لها لبن ،
وهي سمينة ،
وقد عقرها
الشحم
، فلم تحمل . قال
قربيها إلي
فأدنتها منه
فمسح يده
المباركة على
ظهرها
فأنزلت لبنا
فاحتلبها ،
ونزع الاناء فشرب
وأسقى أصحابه
حتى
رووا
من ذلك اللبن .
ثم
قال لها :
يا أم مالك
إذا أتاك سعد
فقولي له :
يقول لك رسول
الله
: إياك ان تخرج
هذه العنز من
دارك ، فإنها
من قابل تحمل
وتضع
ثلاث
سخلات في بطن
، ويحملن
جميعهن من
قابل وتضع كل
واحدة منهن
أربع
سخلات في بطن .
ثم
نظر في داره
وإذا هو ببقرة
حمراء فقال
لامرأة سعد
: قولي لسعد :
يستبدل
بهذه البقرة
بقرة سوداء
، فإنها تضع
عجلتين ببطن
واحد ثم
تحملان
عن
قليل مع أمهما
فيضعن جميعا
اثنين اثنين
، ورأي في
جانب داره
نخلة
أشر
ما يكون من
النخل فصعد
إليها وتكلم
بكلام خفي
، فأنزل الله
فيها
بركته
، فحملت حملا
حسنا وارطبت
رطبا حسنا لم يكن
في المدينة
رطب
بشبهه
ولا رؤي مثله
، ودعا لسعد
وأهله بالبركة
.
وبشرها
بغلام وذلك
أنها قالت : يا
رسول الله فديتك
بابي وأمي انا
حامل
، فادع لي ،
فدعا لها ان
يهب الله لها
غلاما ذكرا
سويا . وخرج
رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) ومن معه
وأقبل سعد إلى
أهله فأخبرته
بدخول
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم ) وأمير
المؤمنين (
عليه
صفحة 43
السلام
) والمقداد
وأبي ذر وما
قاله النبي (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
لها
وما
فعل بالعنز
والبقرة
والنخلة ، وما
بشرها به
ودعائه لها
ففرح سعد بذلك
واقبل
إلى النبي
، فقال له : يا
سعد أخبرتك أم
مالك بما قالت
وقلت لها ؟
قال :
نعم . قال استبدل
ببقرتك بقرة
سوداء فان
الله تبارك
وتعالى يهب
لك
منها عجلتين ،
ويولد لك غلام
.
قال
أبو عبد الله
جعفر الصادق (
عليه السلام ) :
ما خرجت تلك
السنة
حتى وهب الله
له منها غلاما
، ورزق جميع
ما قاله رسول
الله ( صلى
الله
عليه وآله )
، وما مضى له
أربع سنين حتى
كان أكثر أهل
المدينة مالا
وأخصهم
بها رجلا وكان
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) أكثر ما
يأتي هو
وأصحابه
إلى منزل سعد .
2 - وعنه ، قال
حدثني عبد
الله بن جرير
النخعي ، عن
أبي مسعود
المدائني
، عن أبي
الجارود ، عن
أبي جعفر محمد
بن علي (
عليهما
السلام )
قال
اقبل اعرابي
إلى رسول الله
( صلى الله
عليه وآله )
وهو مع أصحابه
جالس
، فقال : يا
رسول الله كنت
رجلا مليا
كثير المال ،
وكنت أقري
الضيف
، وأجل
وأجبر ، وآمر
بالمعروف
وأنهي عن
المنكر ، وكان
لله علي
نعمة
، فذهب جميع
ما كنت أملك
من قليل وكثير
، فشمت بي
أقاربي
وأهل
بيتي فكانت
الشماتة علي
أعظم من زوال
النعمة وما ابتليت
به .
قال :
صدقت في جميع
ما ذكرت ، ثم
التفت إلى
جميع أصحابه ،
فقال :
من
معه شئ يدفع
إلى هذا الرجل
؟ فقالوا : يا
رسول الله ما
يحضرنا
شئ ،
فقال : سبحان
الله ما أعجب
هذا : ثم حول
وجهه ضاحكا
مستبشرا
، ورفع مصلى
كان تحته وإذا
بسبيكة ذهب
فدفعها إليه
وقال له :
خذها
واشتر بها
غنما ضأنا
، فإنها تبقى
عليك إلى أن
تموت . فقال
الاعرابي
: ادع لي يا
رسول الله أن
يكثر الله مالي
وولدي ، فقال
رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) :
اللهم أكثر
ماله وولده .
صفحة 44
قال
أبو جعفر (
عليه السلام ) : فما مات
الأعرابي حتى
ولد له اثنا
عشر
ولدا ذكورا ،
وعشر بنات ،
وكان أكثر
العرب مالا
ويقال : ان
الأعرابي
علقمة بن
علاقة
العامري .
3 - وعنه ،
قال : حدثني
جعفر بن أحمد
القصير ، عن
أحمد بن
جبلة
، عن زيد بن
خالد الواقفي
، عن عبد الله
بن جرير ، عن
يحيى بن
نعيم
، عن أبي حمزة
الثمالي ، عن
جابر بن عبد الله
بن عمر بن
حزام
الأنصاري
، قال : خرجنا
مع رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
إلى
بني
قريظة ،
وأقمنا إلى أن
فتح الله على
رسول الله
وعلينا ،
فانطلقنا
راجعين
وكان في
طريقنا رجل من
اليهود ،
فلما قربنا من
كنيسته
تلقانا
والتوراة
على صدره
منشورة مزينة
، فلقي رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله )
فرحب
به وقربه ،
وقال له : يا
أخا اليهود ،
ما لك قد سعيت
إلينا بالتوراة
العظيمة
القدر في كتب
الله المنزلة
؟ فقال له اليهودي
: جعلتها
وسيلتي
إليك
يا رسول الله
لتنزل وتأكل
من طعامي ،
فقال النبي (
صلى الله عليه
وآله
) لقد توسلت
بعظيم ، وانا
مجيبك يا أخا
اليهود .
ثم
نزل ونزلنا
، فإذا بطعام
اليهودي قد
حضر وحضر معه
من تولى
اصلاحه
من المسلمين ،
وقال اليهودي
: يا أيها النبي
أنا ما صنعت
طعامك
بيدي
، بل قوم من
أهل دينك لأنا
عرفنا انك
تكره طعامنا
أهل الملل
قبلك
، فجلس
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
وكان على
الطعام
خروف مشوي ،
فغسل النبي
يديه وغسلنا
أيدينا ،
ومددنا إلى الطعام
،
ودعا
بالبركة ،
وضرب بيده إلى
الخروف ، فثغا
الخروف
واضطرب ، فرفع
رسول
الله يده عنه
ورفعنا
أيدينا عنه
، فقال رسول
الله : يا أخا
اليهود
عرفنا
توسلك وعرفنا
التوراة حقا
، وضيعت ما
حفظناه فيك
أغواك
الشيطان
حتى
رأيت هذا
الخروف وسمعت
منك ما قد
عرفته من نفسي
.
قال
اليهودي : فان
كنت رسول الله
حقا فاسأل الله
أن ينطق هذا
صفحة 45
الخروف
كما أحياه لك
فيخبرك بقصتنا
.
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) :
اللهم إني
أسألك بقدرتك
التي
ذل
لها ملكك الا
ما أنطقت هذا
الخروف بهذه
القصعة ، فقال
الخروف في
وسط
القصعة اشهد
ان لا إله إلا
الله ، وأنك
محمد رسول
الله ، وأن
الذي
كان سمني لك
عدوك عتيق
وزفر صارا إلى
هذا اليهودي
فدفعا إليه
عشرين
دينارا
وعهدوا له
ولقومه من
اليهود ان لا
يؤذوا ، وأن
لا يسخروا ولا
يعشروا
، ولا يكرهوا
على شئ
يريدونه ،
وأنه دس السم
في الطعام
وتلقاك
به ،
وقالا له :
القه في
التوراة فإنه
يعظمها ، وأسأله
ان ينزل بك ،
وهاك
هذا
الخروف وهذه
العشرين دينارا
، فاتخذ بها
خبز البر
وفاخر أطعمة
الأعاجم
طبيخا ومشويا
، ودس هذا
السم بهذا الخروف
ففعل ذلك .
قال
جابر بن عبد
الله : والله
لقد ظننا أن
شنبويه وحبتر
- لعنهما الله -
قد
ماتا ، لأنهما
طأطأ وجوههما
.
قال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) : أرفعا
رؤوسكما ، لا
رفع الله لكما
صرعة ،
ولا أقالكما
عثرة ، ولا
غفر لكما ذنبا
ولا جريرة ،
وأخذ بحقي
منكما
، إلى كم هذه
الجرأة على
الله ورسوله ؟
فاظهرا اختلاط
عقل ودهشة
حتى
حملا رحليهما
.
وضرب
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
بيده إلى
الخروف وقال
له :
ارجع
بإذن الله
مشويا كما كنت
، فرجع الخروف
كما كان . فقال
النبي ( صلى
الله
عليه وآله ) -
وقد ضرب بيده
إلى لحمه - بسم
الله الذي لا
يضر مع
اسمه
داء ولا غائله
، واكل ، ثم
قال كلوا يرحمكم
الله ، فقال
اليهودي : أنا
أشهد
أن لا إله الا
الله وحده لا
شريك له ، وأنك
محمد عبده
ورسوله حقا
حقا
، وإله موسى
وهارون وما
أنزل في
التوراة لقد
قص عليك
الخروف
القصة
، ما نقص
حرفا ولا زاد
حرفا .
وأسلم
اليهودي وغزا
ست غزوات
واستشهد في
ذات السلاسل
، رحمه
صفحة 46
الله
.
4 - وعنه عن
أحمد بن محمد
الحجال ، عن
جعفر بن محمد
الكروزوني ،
عن
الحسن
بن مسكان ، عن
صفوان الجمال
، قال : قال
جعفر بن محمد
الصادق
( صلوات الله
عليه ) لما
نزلت هذه
الآية ( وأنذر
عشيرتك
الأقربين
) دعا رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) عليا (
عليه السلام )
فقال
: يا علي
اصنع لنا
طعاما فخذ شاة
وصاعا من بر ،
وادع عشرة من
بني
هاشم وبني عبد
المطلب ،
فصنع علي ما
أمره رسول
الله ،
وأدخلهم
عليه
، وكان الرجل
منهم يأكل
الجذعة وحده ،
فقرب علي منهم
المائدة
وقدم
القصعة ووضع
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
يده على دورة
القصعة
، وقال : هلموا
وكلوا على اسم
الله فأكلوا
حتى صدروا ،
وفضل
كثير
، فبادرهم
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله )
بالكلام ،
وقال : أيكم
- يا بني عبد
المطلب - يقضي ديني ،
وينجز وعدي ،
ويقوم مقامي ،
ويكون
خليفتي في
أهلي ومالي
، وأكون أخاه
ويكون أخي في
الدنيا
والآخرة
، ويكون
وزيري وخليلي
وصفيي وموضع
سري ، ويكون معي
في
درجتي
؟
فسكت
القوم كلهم
، فقال علي (
عليه السلام ) :
يا رسول الله
أنا
أقضي
دينك وأنجز وعدك ،
وأكون خليفتك
في أمتك وأهلك
، وأكون
أخاك
وتكون أخي
وأكون معك
وعلى درجتك في
الدنيا والآخرة
.
وكان
علي ( عليه
السلام )
أصغرهم سنا ،
وأعظمهم بطشا
، وأحمشهم
ساقا
، فقال رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) قد فعلت
يا علي فوجبت
يومئذ
المؤاخاة
والموازرة له
( عليه السلام ) .
5 - وعنه عن
محمد بن إسحاق
، عن عتبة بن
مسلم - مولى
بني
تميم
- وعبد الله بن الحارث ،
ونوفل بن
الحارث بن عبد
المطلب ، عن
عبد
الله
بن العباس
، عن علي بن
أبي طالب (
صلوات الله
عليه ) ، قال : لما
صفحة 47
نزلت
هذه الآية على
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) قال :
يا علي إن
الله
أمرني
أن ( أنذر
عشيرتك
الأقربين )
فضقت ذرعا ، وعرفت
انني متى
أبديت
لهم ذلك أرى
منهم ما اكره
فصمت حتى
جاءني جبرائيل
( عليه
السلام
) فقال : يا محمد
إنك ان لم
تفعل ما تؤمر
به يعذبك ربك
فاصنع
لي ا
علي صاعا
واجعل عليه
رجل شاة ،
واملأ لنا عسا
من لبن واجمع
لي
بني
عبد المطلب
حتى أكلمهم
وأبلغهم ما
أمرت به ،
ففعلت ما
أمرني به ،
ثم
دعوتهم وهم
يومئذ أربعون
رجلا لا
يزيدون رجلا
ولا ينقصون رجلا ،
وجئت
بالطعام فلما
وضعته تناول
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) جذوة من
اللحم
فشقها في
نواجذه ثم
ألقاها في
نواحي الطعام
في القصعة
، ثم قال :
خذوا
بسم الله ،
فاكل القوم
حتى ما بهم من
حاجة وما أرى
الا مواضع
أيديهم
، وأيم الله
الذي نفس علي
بيده ، لقد كان
الرجل منهم
يأكل ما
قدمت
لجميعهم .
ثم
قال : أسبق
القوم ، فجئتهم
بذلك العس
فشربوا حتى
رووا جميعا
وأيم
الله لقد كان
الرجل منهم
يشرب مثله .
فلما
أراد رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) ان
يكلمهم بدره
أبو
لهب
، فقال : لقد
سحركم صاحبكم
، فتفرق القوم
ولم يكلمهم
رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) ،
فقال من الغد
إن هذا الرجل
قد سبقني
إلى
ما سمعت من
القول فتفرق
القوم ولم أكلمهم
، فأعد لنا
من الطعام مثل
ما
صنعت ثم
اجمعهم إلي ،
قال ففعلت ثم
جمعت ، ودعا
بالطعام
فقربته
إليهم
ففعل كما فعل
بالأمس ،
فاكلوا حتى ما
بهم من حاجة
ثم قال :
أسقهم
فجئتهم بذلك
العس فشربوا
حتى رووا منه
جميعا ، ثم
تكلم رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله )
فقال : يا بني
عبد المطلب
اني والله ما
اعلم أن
إنسانا
في العرب جاء
قومه بأفضل
مما جئتكم به ،
واني جئتكم
بخير الدنيا
والآخرة
وقد أمرني
الله أن
أدعوكم إليه ،
فأيكم
يوازرني على
أمري هذا
كله
، على أن
يكون أخي ووصيي
ووليي
وخليفتي فيكم
؟ فأحجم القوم
صفحة 48
عنها
جميعا فقلت
: - والله إني
أحدثهم سنا ،
وأطولهم باعا
، وأعظمهم
بطشا
وأحمشهم ساقا
- أنا يا رسول
الله موازرك ،
فاخذ رقبتي
بيده ،
وقال
: هذا أخي
ووصيي
وخليفتي ،
فاسمعوا له
وأطيعوا .
قال
فقام القوم
يضحكون ويقولون
لأبي طالب :
قد أمرك أن
تسمع
لعلي
وتطيعه طاعة
لا بطانة بها
.
6 - وعنه عن
علي بن الحسين
المقري ، عن
يحيى بن عمار
، عن
جعفر
بن سنان
الزيات ، عن
الحسين بن
معمر ، عن أبي
بصير عن أبي
عبد
الله
الصادق ( عليه
السلام ) قال
: سار أبو
طالب إلى
الشام في بعض
ما
كان
يخلف النبي (
صلوات الله
عليه ) بمكة
، فكان يومئذ
صغيرا ، فلما
صار
معه إلى الشام
خلفه أبو طالب
في رحله ، ودخل
يمتار حوائجه
،
والنبي
( صلى الله
عليه وآله )
عند شجرة عند
دير النصارى
فأوى إلى تلك
الشجرة
، فنام فلم
يزل نائما ،
وكان لا يقدر
أحد من الناس
أن يدنو إلى
تلك
الشجرة ولا
يقربها ، مما
كان عندها من
الهوام
والحيات
والعقارب ،
وبحيرا
الراهب ينظر
إلى النبي (
صلى الله عليه
وآله ) والى
القوم ، فاقبل
يتعجب
من ذلك ، وقال :
هذا غلام غريب
نائم ها هنا ،
وأخاف عليه
من
الهوام فاقبل
إليه فانتبه
من نومه ودعاه
إليه ، فاقبل
النبي ( صلى
الله
عليه
وآله وسلم )
وإذا هو معافى
لم يمسه سوء
مما خاف عليه
بحيرا
الراهب
.
فقال
: يا غلام ،
من أنت ؟ وكيف
صرت إلى تحت
هذه الشجرة ؟
فقال
: خلفني ها هنا
عمي ومضى يقضي
حوائجه من الشام
، وان لي
حافظا
من الله .
فقال
له بحيرا : من
أنت ؟ وما اسمك
؟
صفحة 49
فقال
: أنا محمد
بن عبد الله
بن عبد المطلب
بن هاشم بن
عبد مناف .
قال :
هل لك اسم غير
هذا ؟
قال :
نعم أحمد .
قال :
هل لك اسم غير
هذا ؟
قال
: الأمين .
قال
بحيرا : اكشف
لي عن كتفك ،
فكشف له فنظر
بحيرا إلى
خاتم
النبوة
بين كتفيه
، فلما رآه
قبل فوق
الخاتم ،
وأقبل أبو
طالب وقد باع
حوائجه
، فقال بحيرا :
ما هذا منك
ولا أنت منه ، فقد
رأيت من هذا
الغلام
عجبا ، ما
نام تحت هذه
الشجرة بشر
وسلم من
الهلاك ، ولم
يزل
هذا
الغلام نائما تحتها
وجميع ما
تحتها من
الحيات
والعقارب
حوله تحرسه في
نومه
.
فقال
أبو طالب : هذا
أبن أخي . قال
له : ما فعل
أبوه ؟ قال :
مات
قال
: ما فعلت
أمه ؟ قال :
ماتت . قال : ما
اسمه ؟ قال :
محمد .
قال :
هل له اسم غير
هذا ؟ قال : نعم
، أحمد . قال : هل له
اسم غير
هذا
؟ قال :
الأمين . قال :
ان ابن أخيك
هذا نبي ورسول
، ولا تذهب
الأيام
والليالي حتى
يوحي إليه الله
، ويسوق
العرب بعصاه
ويملا الأرض
عدلا
وقسطا كما
ملئت جورا
وظلما ، فاتق
عليه خاصة من
قريش واليهود
فإنهم
أعداء له من
بين الناس .
قال
له أبو طالب
: يا هذا رميت
ابني بأمر
عظيم ، أتزعم
أنه نبي ولا
تذهب
الأيام
والليالي حتى
يملأ الأرض
عدلا ، وقسطا
كما ملئت جورا
وظلما ،
شرقا
وغربا ،
ويسوق العرب
بعصاه ؟ قال
بحيرا : لقد والله
أخبرتك عن
أمره
، وهذا الذي
نجده عندنا
مكتوبا في سفر
كذا وكذا من
الإنجيل ،
وهو
الذي بشرنا به
السيد عيسى بن
مريم ( عليه السلام
) ، ولم أقل فيه
إلا
صفحة 50
الحق
، فالله
الله في الغلام
لا تقتله قريش
واليهود ،
فاكتم علي ما قلت
لك
، وأنا أشهد
أنه محمد رسول
الله ، وأنه
الغلام الهاشمي
القرشي
الأبطحي
، وانه عندنا
مكتوب اسمه
واسم أبيه من
قبل ، وإن
أنكر
من
أنكر واعلم
أنك تلقى رجلا
من إخواني ممن
هو على ديني
وقد قرأ مثل
ما
قرأت من هذه
الكتب بأرض تهامة ،
وسيقول لك
بهذا الغلام
ما قلته لك .
وكان
صاحب بحيرا
ورقا بن نوفل
، وكانا جميعا
ممن استحفظ
الإنجيل
واخبار
محمد ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
وكانا اعلم
أهل زمانهما ،
فرجع فرحا بما
سمع
من بحيرا
الراهب ، حتى
إذا دخل أرض
تهامة استقبله
ورقا بن نوفل
الراهب
وهو من
المستحفظين
الذين
استودعوا علم
الإنجيل
والزبور ،
فقال
ورقا
بن نوفل مثل
ما قاله بحيرا
، وقال : اكتم علي
يا شيخ ما
قلته في
هذا الغلام ،
قال : وانتشر
خبر النبي (
صلى الله عليه
وآله ) بأرض
تهامة
وكلام
ورقا ،
فأقبلت قريش
إلى ورقا بن
نوفل . فقالوا
: ما هذا الذي
انتشر
عنك فيما قلت
من هذا الغلام
؟ والله لئن
نطقت فيما
نطقت به من
أمره
لنقتلنك
بأعظم قتلة ،
فاعلم ذلك
فخاف ورقا على
نفسه فخرج من
أرض
تهامة ، وقد
اظهر من امر
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) ما
أظهر
وأشهد على
نفسه أنه يشهد
ان لا إله الا
الله وحده لا
شريك له وان
محمدا
عبده ورسوله
، وانه نبي
ورسول ، وقصد
إلى الشام
هاربا من قريش
لأنه
خالفهم على
نفسه ، فما
لبث النبي بعد
ما قاله ورقا
وبحيرا إلا
يسيرا
حتى
أظهر الله
دعوته وطلبوا
ورقا بن نوفل
فلم يقدروا عليه ،
وحفظه أبو
طالب
من قريش ،
واستوهب
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) عليا بن
أبي
طالب
من أبيه فوهبه
له فدعاه إلى
الاسلام ، والى
دين الله
فاجابه يومئذ
وهو
ابن سبع سنين
، فكان أول
من أسلم علي
بن أبي طالب (
عليه
السلام
) فمكث على ذلك سنتين ،
وكان أبو طالب
يقول لعلي :
أطع ابن
عمك
واسمع قوله ،
فإنه لا يألوك
خيرا فكانا
يصليان جميعا
ويكتمان ما
هما
فيه
حتى اظهر الله
امر دينه فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
صفحة 51
7 - وعنه عن
أبي العباس ،
عن أبي غياث
بن يونس الديلمي
، عن
أبي
داود الطوسي ،
عن محمد بن
خلف الطاطري ،
عن أبي بصير ،
عن أبي
عبد
الله جعفر بن
محمد ( عليهما
السلام ) ،
قال : لما بلغ
رسول الله (
صلى
الله
عليه وآله )
أربعة عشر سنة
، وكان يومئذ
أقل أهل
المدينة مالا
،
فاكرى
نفسه لخديجة
ابنة خويلد (
عليها السلام )
على بكر وحقة
، وخرج
غلام
خديجة إلى
الشام وكان
لها غلام ،
صدوق اسمه
ميسرة فأمرته
خديجة
- لما أراد
الخروج - أن لا
يخالف النبي فيما
يأمره به إذ
رأيه سديد
معروف
بذلك
، وكانت
قريش لا تصدر
عن رأيه في كل
ما يأتيهم به
، ويخوفهم
من
امره فلذلك
وصت خديجة
ميسرة ان لا
يخالف امره ،
وخرجا إلى
الشام
فباعا
ما كان معهما
من التجارة
وربحا ربحا ما
ربحت خديجة
بمثله ،
ورزقت
بتلك السفرة
ما لم ترزق
مثله ببركة
النبي ( صلى
الله عليه وآله
وسلم ) ، فأقبلا
بتلك الغنيمة
، وما رزق
الله ، حتى إذا
قربا من ارض
تهامة
قال ميسرة
للنبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) :
لو تقدمت إلى
خديجة
فبشرتها بما
رزقها الله
رجوت لك منها
جائزة عظيمة ،
ففعل النبي
ذلك .
وكان
لخديجة منظرة
في مستشرف
الطريق تقعد
فيها ونساء
قومها ، وكانت
قاعدة
في المنظرة
تنظر إليه ومن
معها من
النساء فقالت
لهن يا هؤلاء
ما
ترين
ان لهذا
الرجل قدرا
عظيما ؟ اما
ترينه منفردا
وعلى رأسه
غمامة تسير
بمسيره
، وتقف لوقوفه
وتظله من الحر
والبرد ،
والطير ترفرف
عليه
بأجنحتها
، ولها زجل
وتسبيح
وتمجيد
وتقديس لله رب
العالمين ، يا
ليت
شعري
من هو ؟
وانه مقبل
نحوها ، فقالت
: أظن هذا
الرجل يقصد
حينا
فلما
دنا منها
تبينته ،
فقالت لهن :
هذا محمد بن
عبد الله ، !
فقرب منها
فسلم
، فردت ( عليه
السلام ) وقربته
منها ، ورفعت
مجلسه ،
فبشرها بما
رزقها
الله تعالى من
تجارتها ،
ففرحت بذلك فرحا
شديدا ،
وازدادت فيه
رغبة
وضاعفت له
الرزق اضعافا
، وقالت : يا
محمد اعرض
عليك أمرا
وهي
حاجة لي بعضها
وهي لك حظ ورغبة
، قال : وما هي
؟ قالت :
صفحة 52
أريد
ان تتزوجني ،
فقد تباركت بك
، ورأيت منك
ما أحب ، وأنا
من
عرفت
شرفي وحسبي
ونسبي وموضعي
من قومي وسيادتي
في الناس ،
وكثير
لا
ينالون تزويجي
، وقد عرضت
نفسي عليك .
فقال لها : رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) أو
تفعلين ذلك ؟
فقالت
: ما قلت الا ما
أريد ان أفعله
فقال لها : حتى
أستأمر عمي ،
وأخبرك
ما يكون إن
شاء الله
تعالى .
وانطلق
إلى عمه
فأخبره ما
قالت خديجة ،
فقال له عمه :
يا بني إنها
من
قوم كرام
فتزوجها ، ولا
تخالفها
فإنها فائقة
في الحسب
والنسب
والشرف
والمال
، وهي رغبة
لمن تزوجها ،
فاقبل إليها
وأخبرها بما
قاله عمه ،
فقالت
: إذا كان
يوم كذا وكذا
، فاقبل : فلما
كان اليوم المعلوم
أقبل ابن
عمها
وأهلها ،
وتهيأت خديجة
لما أرادت
ونحرت البدن ،
واتخذت طعاما
كثيرا
.
واقبل
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) وعمه
وبنو عمه وأهل
بيته من بني
عبد
المطلب خاصة ،
وأرسلت خديجة
إلى عمها وأهل
بيتها فدعتهم
ولم
يعلم
الفريقان إلى
ما دعوا
فأطعمت القوم
الطعام ونحرت
البدن على
الجبال
والشعاب
والأودية
بمكة وجعلتها
قرى للناس
والطير والسباع
والهوام سبعة
أيام
، وأمرت
بسقي القوم ،
فلما شربوا
وأخذوا في حدثهم
قال أبو طالب
لعمها
: انك في الشرف
العظيم من
قومك ، وأنت الكفؤ
الكريم ،
ومحمد
بن عبد الله
ولد أخي وهو
لا يجهل حسبه
ولا ينكر نسبه
، وقد أتاك
خاطبا
خديجة ابنة
خويلد ، وهو
ممن قد عرفتم
أمره وحاله .
فقال
عمها : يا أبا
طالب ، خديجة
مالكة نفسها ،
وأمرها إليها
، فارسل
إليها
واستأذنها .
فارسل
إليها عمها
يستأمرها ،
فقالت : يا عم
زوجه فإنه
بالنسب
الثاقب
والفرع الباسق
، وليس هذا
ممن يرد فزوجه
عمها في مجلسه
،
صفحة 53
وذلك
بمحضر من
الفريقين
فخرجوا قريرة
أعينهم بمجلسهم
، وما كان من
خديجة
في تزويج محمد
( صلى الله
عليه وآله وسلم
) ، وذلك أنها
خطبت
من
أكابر قريش
وسائر العرب
، فلم تزوج
نفسها فلما
خرجوا احتبس
النبي
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) ،
عندها ، فقالت
له : يا محمد ما
نحلتك ؟
قال :
البكر والحقة
، وهما نحلة ،
مني إليك ، وما
أضعفت لي بعد
ذلك
من
الرزق فهو في
بيتك في موضع
كذا وكذا ،
فقالت : قد
قبلته
وقبضته
، فادخل باهلك
متى شئت ،
فبات عندها
ليلته من أقر
الناس عينا
وأحبهم
إليها من جميع
الناس .
وأصبحوا
من غد ذلك
اليوم فقدم
بعض حساد محمد
( صلى الله عليه
وآله
وسلم ) إلى
عمها وقالوا :
زوجت بنت أخيك
بغلام فقير
قليل المال ؟
فاقبل
عمها إلى أبي
طالب نادما
، وقد بلغ
أبا طالب
ندامته ، فقال
له : يا
هذا
ان المال يأتي
ويذهب ، وقد
رأينا من لم
يكن له مال
فرزقه الله
مالا
ورزقا
حسنا واسعا ،
وقد بلغ خديجة
ذلك فأرسلت إليه
، فاقبل إليها
وهو
نادم
على ما كان منه
، فقالت له :
يا عم لا
تتهمني في
نفسك ، ما
زوجته
أنت ، بل
الله زوجه ،
فهو ممن عرفت
شرفه وكرمه
وأمانته ،
فقال
لها
: نعم ، صدقت
هو كما تقولين
وأفضل ، ولكن
ليس له مال ،
قالت
له :
يا عم اني ما
قدمت الا على
بصيرة ، وقد
رأيت بعيني ما
رأيت ،
ورأي
ذلك نساء قريش
معي ، قال :
ما الذي رأيت
ورأين ؟ قالت :
قد
أقبل
من تجارتي
التي أنفذته
بها مبشرا
بالأرباح
التي رزقني
الله عليه يده
وانا
جالسة
، في
المنظرة
فرأيته مقبلا
فردا وعلى
رأسه غمامة
تسير بمسيرة ،
وتقف بموقفه ،
وتظله من الحر
والبرد ،
ورأينا رجالا
بأجنحة لا
بأيد من حوله
ومن
فوقه
يسيرون
بمسيره
ويكنفونه
ويرفون عليه
بأجنحتهم
ولهم زجل
بالتسبيح
والتهليل
والتمجيد والتقديس
لله عز وجل
، فهذا ما
رأيت ونساء
قومي ،
وقلت لهن : ترين
هذا الرجل
الكريم على
الله عز وجل
العظيم
المنزلة عند
الله
، الذي أظله
بالغمام وحفه
بالملائكة ؟
إلى أن أن قرب
مني فتبينته
فرأيته
صفحة 54
محمدا
بن عبد الله
، ورأي نساء
قومي ، فمن
أجل ذلك يا عم رغبت
فيه ،
وعلمت أن له
شانا عظيما ،
ويؤول إلى نبوة
ورسالة فسر
عمها وخرج
وقال
: يا خديجة
اكتمي هذا
الامر ، ولا
تظهريه ، ولا
تذكري شيئا من
الغمام
والملائكة
فتسمع به قريش
فتقتله ،
وخرج من عندها
، وقالت :
اكتم
أنت ذلك يا عم
فإنه قد بات
عندي ودخل باهله
، فعند ذلك
شكره
العم
وعرف فضله
فكانت هذه من
دلائله ( عليه
السلام ) .
8 - وعنه عن
أبيه حمدان بن
الخصيب ، عن
أحمد بن الخصيب
،
قال
: كنا
بالعسكر ونحن
مرابطون
لمولانا أبي
الحسن وسيدنا
أبي محمد
( عليما
السلام ) قال
: لما اظهر
الله دينه ،
ودعا رسول
الله ( صلى الله
عليه
وآله
) إلى الله ،
كانت بقرة في
نخل بني سالم
، فدلت عليه
البقرة وآذنت
باسمه
، وأفصحت
بلسان عربي
مبين - في جميع
آل ذريح -
فقالت : يا آل
ذريح
، صائح يصيح
بان لا إله
إلا الله وحده
لا شريك له
وأن محمدا
رسوله
حقا .
فاقبل
آل ذريح إلى
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
فآمنوا به
وكانوا
أول
العرب إسلاما
وايمانا
وطاعة لله ( عز
وجل ) ولرسوله .
9 - وعنه ، عن
أبيه ، عن عمه
، بهذا
الاسناد ، عن
الصادق جعفر
بن
محمد
( عليهما
السلام ) قال
: تكلمت في
عهد رسول الله
( صلى الله
عليه
وآله
) بقرة ، وهي
كانت في نخل
آل بني سلام
فصاحت لآل
ذريح :
الذئب
، وهو الذي
أقبل إلى رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
) فشكا إليه
الجوع
فدعا النبي
بالرعاة ،
فقال :
افترضوا له
شيئا ، فخشوا
، فقال النبي
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) للذئب
: أختلس ما
تجد ، فصار
الذئب يختلس
ما
يجد لأنه مسلط
. قال أبو عبد
الله جعفر بن
محمد ( عليه
السلام ) : وأيم
الله
لو كانوا
فرضوا للذئب
ما زاد عليه
إلى يوم
القيامة .
وأما
الجمل فان
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
، كان جالسا
صفحة 55
في أصحابه ،
إذ نظر إلى
بعير ناد ،
حتى اقبل إليه
وهو جالس بين
أصحابه
فضرب
في أخفافه
ورغا ، فقال
القوم : يا
رسول الله
يسجد لك هذا
البعير
، فنحن أحق ان
نسجد لك ، قال
لهم : اسجدوا
لله رب
العالمين .
إن
الجمل يشكو
إلي أربابه
ولو أمرت أحدا
أن يسجد لاحد
لأمرت المرأة
ان
تسجد
لزوجها .
فوقع
في قلب رجل
منهم ما شاء
الله ان يقع
في قلبه من
كلام النبي
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) ،
فما لبث إلا
قليلا حتى أتى
صاحب البعير ،
فقال
له : يا اعرابي
هلم إلي ، فما
بال هذا البعير
يشكو من
أربابه ؟ فقال
:
يا
رسول الله ما
يقول ؟ قال :
يقول : انكم
أنختموه
صغيرا
وأعنفتموه
كبيرا
، ثم انكم
أردتم نحره .
قال
الاعرابي :
والذي بعثك
بالحق نبيا
واصطفاك
بالرسالة
نجيا ، ما
كذب
هذا البعير ،
ولقد قال
بالحق .
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) :
يا أعرابي
اختر واحدة من
ثلاث
إما ان تهبه
لي ، وإما ان
تبيعني إياه ،
وإما أن تجعله
سائبا لوجه
الله
. فقال :
يا رسول الله
أهبه لك . فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله
وسلم
) اللهم
أشهدكم علي
أني جعلته
سائبا لوجه
الله ، كان
البعير يأتي
المعالف
فيعتلف منها ،
ولا يمنعوه
حياء من رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ، حتى هلك
الجمل فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام )
والتحية .
10 - وعنه بهذا
الاسناد عن
أبي عبد الله
جعفر بن محمد (
عليه
السلام
) قال : كان
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) جالسا
والناس
حوله
، فقال لهم :
انه يأتيني
غدا تسعة نفر
من حضرموت يسلم
منهم
ستة ،
وثلاثة لا
يسلمون ، فوقع
في قلوب الناس
من كلامه ما
شاء الله أن
يقع
، فلما
أصبحوا وجلس
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) في
مجلسه ،
أقبلت
التسعة رهط من
حضرموت ،
حتى دنوا من
النبي ( صلى
الله عليه
وآله
) وقالوا له : يا
محمد اعرض
علينا
الاسلام فعرض
رسول الله
عليهم
صفحة 56
الاسلام
فاسلم منهم
ستة ، وثلاثة
لم يسلموا فوقع
في قلوب الناس
مرض
وانصرفوا
.
قال رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) يموت
منهم واحد
، وهو هذا
الأول
، وأما هذا
الآخر فإنه
يخرج في طلب
إبل له فيستلبه
قوم فيقتلونه
،
وأما
الثالث فيموت
بالداء
والدبيلة .
فوقع
في قلوب الذين
كانوا في
المجلس أعظم
ما وقع في
الكرة الأولى
،
فلما
كان من قابل
أقبل الستة
الرهط الذين
أسلموا حتى
وقفوا على
النبي
( صلى الله
عليه وآله )
فقال لهم :
ما فعل
الثلاثة
أصحابكم
الذين كانوا
معكم ولم يسلموا
؟ فاخبروه
بموتهم -
والناس
يسمعون - والتفت
إلى أصحابه
فقال
لهم : ما قلت
لكم في العام
الماضي في
هؤلاء القوم ؟
فقالوا :
سمعنا
مقالتك
يا رسول الله
، وقد ماتوا
جميعا في
الموتات التي
أخبرتنا بها ،
فكان
قولك
الحق عند الله
، فأنت الأمين
على الاحياء
والأموات .
فكان هذا من
دلائله
( عليه السلام ) .
11 - وعنه ، عن
أبي بكر
القصار ، عن
سيف بن عميرة
، عن
بكر
بن محمد ،
عن أبي عبد
الله جعفر بن
محمد ( عليهما
السلام ) قال :
لما
دعا
النبي قريشا
إلى الله وخلع
الأنداد ، اشتد
ذلك على قريش
، وغمهم
غما شديدا ،
وتداخلهم أمر
عظيم ، وقالوا
: إن ابن أبي
كبشة ليدعي
أمرا
عظيما
، ويزعم أنه
نبي ورسول
فاتاه منهم
أبو جهل لعنه
الله - عمرو بن
هشام
بن المغيرة -
وأبو سفيان ،
وسفيان بن
حوشبة ، وعتبة
بن ربيعة ،
وهشام
، والوليد
بن عتبة ،
وصناديد قريش
المنظور إليهم
، وقالوا : يا
محمد
تزعم انك نبي ورسول ،
وقد ادعيت
أمرا عظيما لم
يدعه آباؤك ،
ولا
أحد
من أهل بيتك ،
ونحن نسألك
أمرا ان جئتنا
به وأريتنا
إياه علمنا
أنك
نبي ورسول ،
وان أنت لم
تفعل ذلك
علمنا أنك
تدعي الباطل
وتقول
السحر
والكهانة .
فقال لهم :
ما حاجتكم ؟
فقالوا : نريد
أن تدعو لنا
هذه
صفحة 57
الشجرة
تنقلع
بعروقها وتقف
بين يديك ،
فقال لهم : إن
أفعل هذا
تؤمنون ؟
قالوا
: نعم نؤمن ،
قال لهم :
سأريكم ما
تطلبون ، وأعلم
انكم ما
تجيبون
ولا
تؤمنون ؟ ولا
تؤولون إلى
خير .
فقال
للشجرة يا
أيتها الشجرة
، إن كنت
تؤمنين بالله
واليوم الآخر
،
وتعلمين
أني رسول الله
حقا فانقلعي
بعروقك حتى
تقفي بين يدي
.
قال :
ما استتم
كلامه حتى
اقتلعت
الشجرة ووقفت
بين يديه ،
فلما
نظروا
إليها اغتموا
غما شديدا
، وقالوا له :
مرها أن ترجع
إلى مكانها
وليأتك
قسما سويا
فأمرها بذلك
فاقبل نصفها وبقي
نصفها قالوا
: مر هذا
النصف
يرجع إلى الذي
كان فيه فأمره
فرجع إلى موضعه
كما كان .
فلما
رأوه قالوا
بأجمعهم :
تالله ما
رأينا مثل هذا
السحر ، فقال
النبي
( صلى الله
عليه وآله ) : قد
أخبرتكم انكم
لا تؤمنون بما
أريكم وقد علمتم
أني
لست ساحرا ولا
كذابا ولا مجنونا
.
قالوا
: يا محمد ما
رأينا أعظم من
هذا السحر ولم
يكن فيهم أشد
تكذيبا
من أبي لهب
، فقال له
بعضهم : يا
محمد ما وجد
ربك من يبعثه
غيرك
؟ فغضب من
كلامهم
وقال لهم :
والله يا معاشر
قريش قد علمتم
انه
ما منكم أحد
يتقدمني في
شرف ، وأني
إلى خير مكرمة
، وان آبائي
قد
علمتم
من هم ،
فسكت القوم
وانصرفوا وفي
قلوبهم عليه
أحر من الجمر
مما
سمعوا
من الكلام
وأراهم من
العجائب التي
لم يقدروا أن
يأتوا بمثلها
،
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
12 - وعنه بهذا
الاسناد عن
سيف بن عميرة
عن إسحاق بن
عمار ،
قال
قال الصادق (
عليه السلام ) : لما أسري
برسول الله (
صلى الله عليه
وآله
) في طريق مر
على عير في
مكان من الطريق
، فقال لقريش
- حين
أصبح
- يا معاشر
قريش ان الله (
تبارك وتعالى
) قد أسرى بي في
هذه الليلة
صفحة 58
من
المسجد
الحرام إلى
المسجد
الأقصى - يعني
بيت المقدس -
حتى ركبت
على البراق ،
وإن العنان
بيد جبريل (
عليه السلام )
وهي دابة أكبر
من
الحمار
، وأصغر من
البغل ،
خطوتها مد
البصر ، ركبت
عليه وصعدت
إلى
السماء
، وصليت
بالمسلمين
وبالنبيين
أجمعين وبالملائكة
كلهم ، ورأيت
الجنة
وما فيها ،
والنار وما
فيها ، واطلعت
على الملك كله
.
فقالوا
: يا محمد
كذب بعد كذب ،
يأتينا منك
مرة بعد مرة ،
لئن لم
تنته
عما تقول
وتدعيه ،
لنقتلنك شر
قتلة ، أتريد
أن تأفكنا عن
آلهتنا
وتصدنا
عما يعبد
آباؤنا الشم
الغطاريف ؟
فقال
يا قوم إنما
اتيتكم
بالخير ، ان
قبلتموه ، فإن
لم تقبلوه
فارجعوا
وتربصوا
اني متربص بكم
أعظم مما
تتربصون بي وأرجو
أن أرى فيكم
ما
أؤمله من الله
فسوف تعلمون .
فقال
أبو سفيان : يا
محمد إن كنت
صادقا فانا قد
دخلنا الشام
ومررنا
في
طريقنا ،
فخبرنا عن
طريق الشام
وما رأينا فيه
. فانا قد
رأينا جميع ما
ثم
ونحن نعلم أنك
لم تدخل الشام
، فان أنت
أعطيتنا
علامة علمنا
أنك
رسول
حق ونبي صدق
.
فقال
: والله
لأخبرنكم بما
رأت عيناي
الساعة ، رأيت
عيرا لك يا
أبا
سفيان
وهي ثلاثة
وعشرون جملا
يقدمها ارمك
عليه عباءتان
قطوانيتان ،
وفيهما
غلامان ،
أحدهما صبيح
والاخر رياح
في موضع كذا
وكذا ، ورأيت
عيرك
يا أبا هشام
بن المغيرة في
موضع كذا وكذا
، وهي ثلاثون
بعيرا
يقدمها
جمل أحمر فيها
مماليك أحدهم ميسرة ،
والآخر سالم ،
والثالث
يزيد
، وقد وقع
بهم بعير
بمحمله فمررت
بهم وهم يحملون
عليه حمله ،
والعير
تأتيكم في يوم
كذا وكذا وهي
ساعة كذا وكذا
، ووصف لهم
جميع ما
رأوه
في بيت المقدس
.
فقال
أبو سفيان :
أما ما كان في
بيت المقدس
فقد وصفت جميع
ما
صفحة 59
رأينا
، وأما
العير فقد
ادعيت أمرا ،
فان وافق قولك
ما قلت لنا ،
وإلا
علمنا
انك كذاب ،
وأن ما تدعيه
الباطل .
فلما
كان ذلك اليوم
الذي أخبرهم
أن العير تأتيهم
خرج أبو سفيان
وهشام
بن المغيرة
حتى ركبا
ناقتيهما
وتوجها يستقبلان
العير فرأوها
في الموضع
الذي
وصفه لهما النبي
( صلى الله
عليه وآله )
فسألا
غلمانهما عن
جميع ما
كانوا
فيه ،
فأخبروهما
بمثل ما
اخبرهم رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله
وسلم
) فلما أقبلا
قالا لهما : ما
صنعتما ؟
قالوا جميعا :
لقد رأينا
جميع ما
قلت ،
وما يعلم أحد
السحر الا
إياك وإنك
لشيطان عالم ،
ولو رأينا
ملائكة
من السماء
تنزل عليك لما
صدقناك ،
ولا قبلنا
قولك ، ولا
قلنا :
انك
رسول ولا نبي
ولا آمنا بما
تقول أبدا ،
افعل ما شئت
فهو سواء
علينا
أو عظت أم لم
تكن من الواعظين
، أو عدتنا أم
لم توعدنا .
فكان
هذا
من دلائله (
عليه السلام ) .
13 - وعنه عن أبيه ، عن
عبد الرحمن بن
سنان ، عن
جعفر بن محمد
الأنباطي
، عن الحسين
بن العلاء ،
عن أبي بصير
الأسدي ، عن
أبي عبد
الله
جعفر بن محمد (
عليهما
السلام ) قال
: مطر الناس
مطرا شديدا ،
فلما
أصبحوا
خرج النبي (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
ومعه أبو بكر
وعمر
يمشيان
فتبعهما أمير
المؤمنين علي
بن أبي طالب (
عليه السلام )
وقد برز إلى
الصحراء
، فقال له
رسول الله : ما
سرني تخلفك ،
ولقد سررت
بمجيئك
يا علي ، فإذا
هم برماية قد
انقضت من
السماء
إليهما أشد
بياضا من
الثلج
وأحلى
من الشهد
فاخذها رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) فمصها
ثم
دفعها
إلى أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فمصها حتى أتى
على ما أراد ،
قال
النبي
: يا أبا بكر
لولا هذا طعام
من طعام الجنة
لا يأكله أحد
في الدنيا الا
نبي
أو وصي نبي لأطعمتك
، ثم كسرها
النبي ( صلى
الله عليه
وآله )
نصفين
فاخذ النبي
نصفها وأعطى
عليا نصفها فاكل
النبي ( صلى
الله عليه
صفحة 60
واله
) ما كان في يده
، وأكل أمير
المؤمنين ما
كان في يده ،
وانصرف أبو
بكر
خائبا فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
14 - وعنه عن أبيه ، عن
محمد بن
المفضل ، عن
بياع السابري
عن
سيف
بن عميرة عن
أبي بكر أحمد
بن محمد
الحضرمي عن
أبي عبد الله
جعفر
بن محمد ( عليه
السلام ) قال
: كان رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله
وسلم
) جالسا إذ
أقبل إليه نفر
من قريش فقالوا
: يا محمد إنك
تنحل
نفسك
بأمر عظيم
، وتزعم أنك
نبي وأنه يوحى
إليك
والملائكة
تنزل
الوحي
عليك ،
فان كنت صادقا
فأخبرنا عن
جميع ما نسألك
به ، فقال
اسألوني
عما بدا لكم ،
فان يكن عندي
منه علم وخبر
أنبئكم به ،
وإن لم
يكن
عندي منه علم
استأجلتكم
أجلا حتى
يأتيني رسول
ربي جبريل عن
الله
( عز وجل )
فأخبركم به .
وقال
أبو جهل - لعنه
الله - اخبرني
عما صنعت في منزلي ،
فان
عيسى
بن مريم ( عليه
السلام ) كان
يخبر بني إسرائيل
بما كانوا
يأكلون وما
يدخرون
في بيوتهم
، فان كنت
نبيا كما تزعم
فأخبرنا عما
نعمل في بيوتنا
وما
ندخر
فيها .
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) : يا
أبا جهل لو
كنت رأيت
الملائكة
نزلت
علي وكلمتني
الموتى ما كنت
تؤمن أنت ولا أصحابك
ابدا ،
وسأخبرك
بجميع
ما سألتني عنه
، أما أنت يا
أبا جهل فإنك
دفنت ذهبا في
منزلك في
موضع
كذا وكذا ،
ونكحت خادمتك
السوداء سرا من
أهلك لما فرغت
من
دفن
المال . واما
أنت يا هشام
بن المغيرة
فإنك جهزت
جهازا وأمرت
المغيرة
ليخرج
في ذلك الجهاز
، فان أنت
أتممت ما نويت
في نفسك عطب
ابنك
في
ذلك الطريق
ولم تلق ما
تحب فأخرج
هشام ابنه المغيرة
معاندا كلام
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) فلما توجه
لم يسر الا
قليلا حتى قطع
عليه
الطريق
وقتل ابنه
ورأي جميع ما
قاله رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
صفحة 61
وسلم
) وكتم هشام ما
أصابه في ابنه
. فجاءه النبي ( صلى الله
عليه
وآله
) وجماعة من
قريش ، فقال
النبي : ما
منعك يا هشام
ان تخبرنا ما
أصبت
به في مالك
وولدك لئن لم
تخبرهم
لأخبرتهم انا
، فقالت قريش :
يا
أبا
المغيرة ما
الذي أصبت به
؟ قال : ما أصبت
بشئ ولم يمنعه
ان يخبرهم
الا
بصدق رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) فقال رسول
الله : اخبرني
جبريل
( عليه السلام )
عن الله ( عز
وجل ) ان
اللصوص قطعوا
على ابنك
الطريق
واخذوا جميع
مالك وأصبت
بابنك في موضع
كذا وكذا ،
فاغتم
لذلك
هشام ، وقال :
لئن لم تكفف
قتلناك عنوة
فإنك لم تزل
تؤذينا
وتخبرنا
بما نكره .
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله ) :
تسألونني حتى
إذا أنبأتكم
تجزعون
ليس
لكم عندي بقول
الحق عن الله .
فسكت
هشام فقام مغتما
بشماتته ،
وقال لأبي جهل
: ما تقول في
الذهب
الذي دفنته في
بيتك في موضع
كذا وكذا
ونكاحك
السوداء ؟ قال
ما
دفنت
ذهبا ولا نكحت
سوداء ، ولا
كان مما ذكرت شيئا
، فقال رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) : لئن لم
تقر عليه ، دعوت
الله ان يذهب
مالك
الذي دفنته
، ولأرسلن
إلى السوداء
حتى أسألها
فتخبر بالحق .
فقال
أبو جهل - لعنه
الله - نحن
نعلم أن معك
رجالا من الجن
يخبرونك
بجميع
ما تريد وأما
أنك تريد أن
نقول فيك نبي
ورسول فلست
هناك
فقال
: ولم يا لكع ؟
ألست أكرمكم
حسبا ،
وأطولكم قصبا
، وأفضلكم
نسبا
، وخيركم
أما وأبا ،
وقبيلتي خير
قبيلة ؟ أتجزع
ان تقول اني
نبي والله
لأقتلنك
وأقتلن شيبة ،
ولأقتلن
الوليد ، ولأقتلن
جبابرتكم
وأشراركم
ولأوطين
دياركم
بالخيل ، وآخذ
مكة عنوة ،
ولا تمنعوني
شيئا ، شئتم
أم
أبيتم
.
قال
أبو عبد الله :
فوالله ما
ذهبت الأيام
والليالي حتى
قتل رسول الله
صفحة 62
( صلى الله
عليه وآله )
قريشا بيده شر
قتلة ،
وجميع من سماه
النبي ( صلى
الله
عليه وآله
وسلم ) سبعون
رجلا من
أكابرهم وخيارهم
فصح جميع ما
قاله
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) ما
غادر منه حرفا
فكان هذا
من
دلائله ( عليه
السلام ) .
15 - وعنه عن
أبي الحسين
محمد بن يحيى
الفارسي عن
عبد الله بن
جعفر
بن خالد الجلاب
، عن عبد
الله بن أيوب
، قال : حدثني
أبو أيوب
وصفوان
الجمال عن أبي
عبد الله جعفر
بن محمد الصادق
( عليه السلام )
قال :
لما رمي رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) بالسيف
، وكان الذي
رماه
به عتبة
بن أبي معيط
ووضع رجله على
عنقه وهو ساجد
فغمزه في
الأرض
غمزة
شديدة ، حتى
بلغ منه فرفع
رأسه فقال :
والله الذي لا
يحلف بأعظم
منه
لئن مكنني
الله منك يا
عقبة لأقتلنك
، فقلته يوم
بدر وقد جئ به
أسيرا
فضرب عنقه
، وصدق ما
قال فيه رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
)
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
16 - وعنه عن
الخضر بن أبان
، عن عبد الله
بن جرير النخعي
عن
أحمد
بن عنان ، عن
أبي حمزة
الثمالي عن
أبي جعفر محمد
بن علي (
عليهما
السلام
) قال : قال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) يا
معاشر
أصحابي
يأتيكم
الساعة تسعة
نفر من وراء
هذا الجبل من
آل غسان فيسلم
سبعة
ويرجع رجلان كافران ،
ولا يصلان إلى
منازلهم حتى
يبليان ببلية
،
أحدهما
يأكله السبع
والآخر يعضه
بعيره فيورثه
حمرة وبعد
الحمرة اكلة ،
فيموت
ويلحق بصاحبه
في النار .
فلما
أصبح اقبل
النفر إلى
النبي ( صلى
الله عليه وآله
وسلم ) فقال
أهل
مكة :
ان محمدا له
من يخدمه من
الجن هؤلاء
كانوا أحسنهم
قولا ، وقال
بعضهم
: ساحر كذاب
مجنون ، فاسلم
من القوم سبعة
، ورجع اثنان
كفارا
صفحة 63
بما
قاله رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام
) .
17 - وعنه عن
أبي بكر محمد
بن جبلة
التمار ، عن
حامد بن يزيد
،
عن
خليل بن أحمد
الزيات ، عن
صندل ، عن
داود بن فرزدق
عن أبي عبد
الله
الصادق ( عليه
السلام ) قال
: لما ظهر
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم
) بالرسالة
جاء ذئب إلى
الأشعث بن قيس
الخزاعي ، وهو
في غنم له
يطرده
عنها كرة بعد
كرة فقال في
الكرة الرابعة
: ما رأيت
أصفق وجها
منك ذئبا ، قال
الذئب : بل
أدلك على من
هو أصفق مني
وجها ، فقال
له
الأشعث بن قيس :
من هو يا ذئب ؟
قال له : أنت
قال : كيف ذلك ؟
قال
الذئب : هذا
النبي ظهر
بينكم يدعوكم
إلى الله
وأنتم لا
تجيبونه . قال
له الأشعث : ما
تقول ؟ قال
الذئب : أقول
الحق . قال له :
وأين هو ؟
قال : بيثرب قال
له الأشعث :
ومن يحفظ غنمي
؟ قال الذئب :
أنا
أحفظها
حتى تذهب إليه
فتؤمن به ،
قال الذئب : الله
لك بذلك قال :
فلم
يزل في غنمه
يحفظها حتى
وصل الأشعث
إلى رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) فقص
عليه قصته مع
الذئب وآمن
برسول الله (
صلى الله
عليه
وآله ) وعاد
إلى غنمه
والذئب
يحفظها ، فدفع
للذئب سخلة من
غنمه ،
فاكلها
الذئب وخرج من
عنده فكان هذا
من دلائله (
عليه السلام ) .
18 - وعنه
عن يعقوب بن
حازم عن أبي
عبد الله جعفر
بن محمد
الصادق
( عليهما
السلام ) قال
: خرج رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله
وسلم
) إلى غزاة
تبوك وخلف
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
وسائر من بها
،
فتكلم
الناس فيه
، وقالوا ما
بال علي مقدم
في كل غزوات
رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) وقد
أخره عن هذه
الغزوة
بالمدينة وما
هذا الا
اجتزاء
عن علي ،
وبغضا له لئلا
يشهد فضل هذه
الوقعة فخرج
إليه أمير
المؤمنين
حتى وافى
معسكر رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) فقال
:
صفحة 64
فداك أبي وأمي
يا علي ما
الذي جاء بك ؟
قال : ان الناس
يقولون إنك ما
خلفتني
بالمدينة الا
من بغضك لي
قال رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم
) : ليس الامر
كما يقولون يا
علي كيف وقد
أمرني الله
يخبرني
مشافهة
- حيث أسري
بي إليه -
أمرني أن أو
أخيك وأزوجك
بفاطمة بنتي
سيدة نساء
العالمين
في الأرض بعد
أن زوجك الله
في السماء
، وأمرني أن
أعلمك جميع
علمي
ولا أتركك
، وأن أقربك
ولا أجفوك ،
وأدنيك ولا
أقصيك ، وأن
أصلك
ولا أقطعك وإن
أرضيك ولا
أسخطك ، وأنت
أخي وانا أخوك
في
الدنيا
والآخرة ، ولا
يعطى أحد
الشفاعة غيري وسالت
ربي أن يشركك
فيها
معي ففعل ،
فمن له مثل ما
لك ، ومن أعطي
مثلما أعطيت .
يا
علي اما ترضى
أن تكون مني
بمنزلة هارون
من موسى حين
خلفه في
قومه
.
فلما
قال النبي (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
ذلك رجع علي (
صلوات
الله
عليه ) إلى
المدينة
مستبشرا
مسرورا ، وسار
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم ) والناس معه ،
فشكوا العطش
فقال للناس :
اطلبوا الماء
فلم
يصيبوا
قليلا ولا كثيرا
، حتى خافوا
على أنفسهم ،
ومات بعضهم
وبعض
دوابهم
فلما رأوا ما
نزل بهم ،
قالوا : يا
رسول الله ادع
لنا ربك
يسقينا ريا
من
الماء فنزل
جبريل ( عليه
السلام ) فقال
: يا رسول
الله ابحث
بيدك
هذا الصعيد ،
وضع قدميك
وإصبعيك
المسبحتين
فينفجر اثنتا عشرة
عينا
كما انفجرت
لموسى ( عليه
السلام ) فوضع
النبي ( صلى
الله عليه
وآله
وسلم
) عشر أصابع
رجليه وسبابتيه
، وسمى باسم
الله ( عز وجل )
ودعا
فتفجرت
من بين أصابعه
اثنتا عشرة
عينا ، للاثنتي
عشرة إصبعا ،
وفاض
الماء
حتى ملا
الوادي
والبقعة وشرب
الناس وسقوا دوابهم ،
وحملوا من
الماء
ما
كفاهم إلى
الماء الآخر وأعطي
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) مثل
الذي
أعطي موسى (
عليه السلام )
وموضع الماء
معروف مشهور
في طريق
الحديثة
إلى وقتنا هذا
فكان هذا من
دلائله ( عليه
السلام ) .
صفحة 65
19 - وعنه عن
أبي الحواري
عن جعفر بن
يزيد الطريقي
عن محمد بن
مسلم
، عن عمر بن
سهم ، عن جابر
بن يزيد
الجعفي ، عن
أبي جعفر
الباقر
( عليه السلام )
قال سمعته
يقول : لما ظهر محمد
( صلى الله
عليه
وآله
) ودعا الناس
إلى دين الله
أبت ذلك قريش
وكذبته وجميع
العرب فبقي
النبي
( صلى الله
عليه وآله )
مستجيرا في
البلاد لا يدري
ما يصنع ،
وكان
يخرج وأمير
المؤمنين (
صلوات الله
عليهما ) في كل
ليلة إلى الشعاب
فيصليان
فيها
سرا من قريش ،
ومن الناس ،
وكانت خديجة (
عليها السلام
) تخاف
عليهما
ان تقتلهما
قريش ، فجاءت
إلى أبي طالب فقالت
له : إني لست
آمن
على
رسول الله
وعلى علي من
قريش أن
يقتلوهما ،
فاني أراهما
يذهبان في
بعض
تلك الشعاب
يصليان
فأتاهما أبو طالب ،
وقال لهما :
إني أعلم أن
هذا
الامر سيكون
له آخر ، وان
هذا الذي
أنتما عليه
لدين الله ،
وإني
أعلم
أنكما على
بينة من ربكما
، فاتقيا
قريشا ،
فوالله ما
أخاف عليكما
الا
من
قريش خاصة
، وما أنتما
بكاذبين ،
ولكن القوم
يحسدونكما ،
والذي
دعوتما
إليه عظيم عندهم
، وإنما
تريدان أن
تقلباهم عن
دينهم ودين
آبائهم
إلى
دين لا
يعرفونه
ويستعظمون ما
تدعوانهم إليه
.
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
لأملكن رقابهم
، ولأطأن
بلادهم
بالخيل ،
ولتسلمن قريش
والعرب طوعا
أو كرها
ولأقطعن
أكابرهم
جهرا
ولآخذنهم
بالسيف عنوة ،
وهكذا اخبرني
جبريل ( عليه
السلام ) عن
الله
( عز وجل ) .
فرجع
أبو طالب من
تلك الشعاب من
عندهما وهو من
أسر الناس بما
أخبره
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
وأتى أبو طالب
خديجة ( عليها
السلام
) وأخبرها
بذلك ففرحت
فرحا شديدا
وسرت بما قال
لها أبو
طالب
، وعلمت انهما
في حفظ الله (
عز وجل ) فكان هذا
من دلائله
( عليه
السلام ) .
صفحة 66
20 - وعنه عن
محمد بن نجيح
بن سليمان بن
إبراهيم الخزاز
، عن
عبيد
الله بن سعيد
الخزاعي ، عن
عمر بن بنشط عن
أبي بكر الحضرمي
عن
أبي حمزة
الثمالي عن
أبي جعفر
الباقر ( عليه
السلام ) قال
لما ظهر
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) ودعا
قريشا إلى
الله تعالى
فنفرت قريش من
ذلك
وقالوا يا ابن
أبي كبشة ،
لقد ادعيت
امرا عظيما
أتزعم انك نبي
وان
الملائكة
تنزل عليك
، فقد كذبت
على الله وملائكته
، ودخلت فيما
دخل
فيه
السحرة
والكهنة .
فقال
لهم النبي (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) :
لم تجزعون يا
معاشر
قريش
ان أدعوكم إلى
الله والى
عبادته ؟
والله ما دعوتكم
حتى أمرني
بذلك
، وما أدعوكم
ان تعبدوا
حجرا من دون
الله ، ولا
وثنا ولا صنما
ولا
نارا
، وإنما دعوتكم
أن تعبدوا من
خلق هذه
الأشياء كلها
وخلق الخق
جميعا
، وهو
ينفعكم
ويضركم ،
ويميتكم
ويحييكم
ويرزقكم .
ثم
قال : والله
لتستجيبن إلى
هذا الذي
أدعوكم إليه
شئتم أم أبيتم
،
طائعين
أو كارهين
صغيركم
وكبيركم ،
فبهذا اخبرني
جبريل ( عليه
السلام
) عن رب
العالمين ،
وانكم
لتعلمون ما
انا بكاذب وما
بي من جنون
ولا
سحر ولا كهانة
، فقد
أخبرتكم بما
أخبرني به ربي
، فاسمعوا وأطيعوا
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
21 - وعنه ، عن
علي بن الحسين
المقري ، عن
جابر بن خالد
الآبي ، عن
سعيد
بن قيس العبدي
الحلبي ، عن
عبد الله بن بكر
، عن أبي حمزة
الثمالي
عن
أبي جعفر
الباقر ( عليه
السلام ) قال :
لما ظهر رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله
) قال لعمه
حمزة بن عبد
المطلب ولأهل
بيته : أبشروا
فوالله
لأسوقن
قريشا
وجميع العرب
بعصاي هذه ،
طائعين أم كارهين
، وليظهرن
الله امره
ان
شاء ، أنبئوهم
يا بني عبد
المطلب بما
يسوءهم ، فهو
نعمة من الله
وتفضل
عليكم فخذوا
ما أعطاكم
واشكروه واحمدوه
، ولا تكونوا
مثل هذه
صفحة 67
الاعراب
الجفاة ،
وقريش الحسدة
الظلمة المفترين
، فكان هذا من
عجائبه
ودلائله
( عليه السلام ) .
22 - وعنه عن
أبيه حمدان بن
الخصيب عن
إبراهيم بن
الخصيب
- وكان
مرابطا
لسيدنا أبي
الحسن علي بن
محمد العسكري
( عليه السلام ) -
قال :
حدثني زيد بن
شهاب ، عن
محمد بن راشد
الصيدناني عن
الحسن
بن محمد
السكني عن أبي
بصير عن أبي
عبد الله الصادق
( عليه
السلام
) ، قال :
جاء قوم من
المنافقين
إلى رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم
) وقالوا :
زعمت يا محمد
أن الله تبارك
وتعالى اتخذ
إبراهيم
خليلا فما
الذي
صنع بك ؟
قال : اتخذني
حبيبا ،
والحبيب أقرب
من الخليل إلى
خليله
.
قالوا
: فإنك زعمت أن
الله كلم موسى
تكليما فما
صنع بك ؟ قال :
صنع
بي ما صنع
بموسى ،
وزادني عليه
أن الله كلمه
فوق الأرض ،
وكلمني
في
حجب النور فوق
السماوات .
قالوا
: انك زعمت أن
الله ألان
الحديد لداود
حتى عجنه بيده
بلا نار
وقدره
في السرد ،
وعمل منه
الدروع
والخوذ ، فما
الذي صنع بك ؟
قال :
صنع بي ما صنع
بداود وزادني
عليه أني علوت
على جبل أبي
قبيس
على ناقتي العضباء
مشرفا على
جميعكم وأنتم
تريدون اخراجي
من
مكة
فركبت ناقتي
في الحجر
الصلد في رأس
أبي قبيس ،
ولين لي الحجر
حتى
غاصت وهي
باركة
وانقلبت
مستلقيا على
قفاي فلان لي
الحجر حتى
تبين
فيه صورة ظهري
وقفاي وتخطيط
شعري في الحجر
، وها أنتم
تنظرون
إليه
، ولن يخفى
ذلك الأثر ما
دامت
السماوات
والأرض .
قال
الحسين بن
حمدان
الخصيبي : أنا
رأيت مبرك الناقة
وأثر رداء
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) في
الحجر فوق
الجبل في سنة
اثنين
وثمانين
ومائتين
قبل أن حججت
، ومعي جمع
كثير من
الحجاج ،
وتمسحنا
بالموضع
صفحة 68
وصلينا
عنده .
ويرجع
الحديث إلى
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) :
وهذا
سيف من
أسيافكم
فاعطونيه حتى
أجعله ما شئتم
بيدي ،
فقالوا
: هذا سيف من
أسيافنا
فقطعه لنا
ابرا مثقبة
إلى الأسفل
بلا نار ،
فاخذ
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله ) سيفا من
أسيافهم فلم
يزل يقطعه
بيده
ابرا مثقبة
إلى الأسفل
بلا نار حتى
على آخره ،
وقال : أتحبون
أن
أقطع
لكم
حمائله إبرا ؟
قالوا : هو من
أديم يا محمد
، قال يجعلها
الله
حديدا
.
وضرب
بيده
المباركة إلى
حصى رضراض كان
جالسا عليه
فقبض منه
قبضة
وقال يا حصى
سبح الله بكل
لغة في كفي
فنطق ذلك الحصى
بثلاث
وسبعين
لغة يثبتها من
عرفها بتسبيح
الله وتقديسه وتمجيده ،
والشهادة
لرسول
الله
بالرسالة
ولعلي
بالإمامة .
قالوا
: يا محمد فقد
زعمت أن داود
كانت تسبح معه
الجبال
بالعشي
والاشراق
، والطير
محشورة كل له
أواب قال النبي
: ( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) : انظروا
بأعينكم واسمعوا
بآذانكم ماذا
تجيب الجبال
ثم صاح
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) : يا جبال
مكة ومن حولها
والريح
والتلاع
أجيبيني
بإذن الله ويا
أيها الطير
آوي إلي بإذن
الله .
قال
فصاحت جبال
مكة وما حولها
والريح
والتلاع ، وكل
شعب بمكة
لبيك
لبيك يا رسول
الله إجابة
لدعوتك وطاعة لأمرك ،
وأقبلت
الطيور من
كل
جانب صغارا
وكبارا ، بري
وبحري وجبلي
وسهلي ، حتى
انفرشت
بمكة
وسطوحاتها
وطرقاتها
وحجبت الطير
السماء
بأجنحتها
عنهم .
فقال
المنافقون :
فقد زعمت أن
الله أعطى
لعيسى احياء
الميت وابراء
الأكمه
والأبرص وأن
يخلق من الطين
كهيئة الطير
فينفخ فيه
فيكون طيرا
بإذن الله ،
ونبا بني
إسرائيل بما
يأكلون وما
يدخرون في بيوتهم
ونحن
صفحة 69
نسألك
أن تحيي لنا ميتا ،
فدعا رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
عليا
بن أبي طالب (
عليه السلام )
وقال له :
ائتني ببردتي
السحاب
وقضيبي
الممشوق
ثم كلمه بكلام
خفي لا يفهم
، ثم قال :
انطلق يا علي
معهم
إلى
بلاطة من
بلاطهم فأحي
لهم من أرادوا
من الموتى
فلما انتهوا
إلى البلاطة
بظهر
شعب بني سعد
قالوا : يا علي
هذا قبر سيد
من ساداتنا من
أكابر
قريش
، وقد مات
قريبا وقد
دفناه بالأمس
، وهو قريب العهد
بالحياة ،
أحيه
لنا حتى نسأله
، فدنا أمير
المؤمنين من
القبر ، وتكلم
بكلام خفي ثم
ركل
القبر برجله
فارتجت الأرض
وزلزلت حتى خافوا
على أنفسهم ،
فقالوا
يا
علي أقلنا
أقالك الله
فقال علي ليس
الامر لي ، بل
الامر إلى
رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) وهذا
ميتكم فكلموه ،
فإذا هم بالقبر
قد
انشق
، وخرج
الرجل من
أكفانه بعينه
واسمه ونسبه
فقال : يا
ويلكم يا
منافقي
قريش ، ما
أجرأكم على ما
أنا فيه من العذاب
، أو لم أؤمن
بمحمد
حتى
شهرتموني في
الدنيا فولوا
هاربين إلى رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
)
فقالوا
: يا رسول الله
اقلنا أقالك
الله ، فقال
رسول الله
انكم لا
تتمردون
علي
وإنما تمردكم
على الله ،
اللهم لا
تقلهم فاني لا
أقيلهم فارسل
النبي إلى
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
بعد أن رد
الميت في قبره
، فكان هذا
من
دلائله
( عليه السلام ) .
23 - وعنه عن
أبيه عن محمد
بن موسى القمي
عن زيد بن شهاب
القمي
عن طلحة بن
جعفر الأشعري
عن الحسين بن
العلاء ، عن
يونس
بن ظبيان ، عن
المفضل بن عمر
الجعفي عن أبي
عبد الله (
صلوات
الله
عليه ) قال :
لما أرضعت
حليمة رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
) اقبل
إليها
زوجها فقال
: يا حليمة من
هذا الصبي ؟
فقالت : ابن
أخي أبي
طالب وهو
محمد بن عبد
الله بن عبد
المطلب . فقال
لها : ويحك
سنتنا سنة
مجدبة
كما ترين فإذا
أرضعت هذا
الصبي مع ابنك
اضررتنا به ،
فقالت :
صفحة 70
والله
لقد وقع لهذا
الصبي في قلبي
من المحبة شئ
لا أحسن أصفه
لك ،
فلما
كانت صلاة
الفجر سرحت
غنمها
وحميرها مع غنم
الناس
وحميرهم ،
فلما
أمسوا وراحت
الأغنام إلى
منازلهم راحت
غنم حليمة
حفلة يكاد
يبدر
ما في
ضرعها من
اللبن
ودوابها
بطينة تكاد ان
تفزر ، وراحت
الأغنام على
ما
كانت تروح قبل
ذلك فتكلم
الناس في ذلك
فقالوا : كيف
هذا صار ان
أغنامنا
هلكت من الجوع
، وأغنام
حليمة ودوابها
تروح بطينة
تكاد تتفزر ،
وضروعها
حفلة ،
فقالت حليمة
لزوجها يا
فلان أتسمع
الناس ما يقولون
؟
قال :
يا حليمة قد
رمى الناس
غنمك ودوابك
بابصارهم
فاني خائف على
أموالنا
أن تهلك من
أعين الناس
، فقالت له
حليمة : كلا -
وكانت موفقة -
والله
يا فلان إنا
لأكرم على
الله من هؤلاء
الناس ،
وإلهنا رزقنا
ما ترى حتى
يكون
لدينا عظيما
فلما انتشى
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم
)
وصار
يخرج مع
الرعاة إلى
البرية كان
يتجلى له
جبريل ( عليه
السلام )
فيفزع
ففطنت به
حليمة فكانت
تكتم ذلك
زمانا حتى أتاها
صبي من
الصبيان
فأخبرها
بخبره فلم تدر
حليمة ما تصنع
، فاغتمت
لذلك غما
شديدا
، وكان رسول
الله من أسرع
الناس شبابا
حتى أوحى الله
إليه ،
فامنت
به حليمة
وزوجها وعلما
انه نبي مرسل
مما كانا
يرياه في
منازلهما من
الخير
والبركة فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
24 - وعنه
عن جعفر بن
محمد بن مالك وكان
جعفر بن مالك
راويا
علوم
آل محمد (
عليهم السلام
) قال : -
وكان الحسن
عمه من فقهاء
شيعة
آل محمد - (
عليهم السلام
) :
حدثنا
محمد بن أحمد
عن حمران بن
أعين عن جابر بن
يزيد الجعفي
عن
أبي جعفر
الباقر ( عليه
السلام ) قال :
لما أظهر رسول
الله ( صلى
الله
عليه
وآله وسلم )
الرسالة
والوحي بمكة
واراهم الآيات
العظيمة
والبراهين
المبهرة
تحيرت قبائل
قريش من بني
أمية وبني تيم
وعدي فيما اتى
به النبي
صفحة 71
( عليه
السلام )
اجتمع بعضهم
إلى بعض وقالوا
لذي الرأي
منهم ماذا
ترون
من الرأي في
ما يأتي به
محمد مما لا
يقدر عليه أحد
من السحرة
والكهنة
والجن واتى
بشئ لا يقدر
ان يأتي به ممن
ذكرناه أحد
حتى نسأل
محمدا
من أين اتى به
فلم يدع بدينه
إلى الأنبياء
والرسل ولا
الكهنة
والسحرة
ولا الجن
المسخرة
لسليمان بن
داود ولا
معجزة الا وقد
أتاهم
النبي
( صلى الله
عليه وآله وسلم
) بمثلها وأعظم
منها فقال
بعضهم
لبعض
: اجمعوا
على أن نسأله
أن يشق لنا
القمر في السماء
وينزله إلى
الأرض
شعبتين فان
القمر ما
سمعنا من سائر
النبيين أحدا
يقدر عليه كما
قدر
على الشمس
فإنها رجعت
ليوشع بن نون (
عليه السلام )
وصي
موسى
بن عمران (
صلوات الله
عليه ) وكانوا
يظنون أن
الشمس لا ترد
من
مغربها
، فمن ذلك
إبراهيم (
عليه السلام )
قال : ( ان الله
يأتي بالشمس
من
المشرق فات
بها من المغرب
فبهت الذي كفر
) وهو النمرود
ثم ردت
على
يوشع بن نون
على عهد موسى (
عليه السلام )
فاجمعوا
أمرهم وجاؤوا
إلى
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
فقالوا له :
يا محمد قد
جعلنا
بينك
وبيننا آية ان
اتيت بها آمنا
بك وصدقناك ،
قال لهم رسول
الله
اسألوني
فاني أنبئكم
بكل آية لو
كنتم تؤمنون بالله
ورسوله .
فقالوا
: يا محمد
الوعد بيننا
وبينك سواد
الليل وطلوع
القمر ، تقف
على
المشعرين
فتسأل ربك
الذي تقول انه
أرسلك رسولا
ان يشق لك
القمر
شعبتين ،
وينزله من
السماء حتى
ينقسم قسمين ،
ويقع القسم
الواحد
على
المشعرين ،
والقسم
الثاني على
الصفا .
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) :
فهل أنتم
مؤمنون بما
قلتم
انكم
تؤمنون بالله
ورسوله .
قالوا
: نعم يا محمد ،
وتسامع الناس
وأتوا إلى
سواد الليل
فاقبل
الناس
يهرعون إلى
البيت وحوله
حتى اقبل الليل
واسود وطلع
القمر وأنار ،
صفحة 72
والنبي
( صلى الله
عليه وآله )
وأمير
المؤمنين ( عليه
السلام ) ومن
آمن بالله
ورسوله
يصلون على
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
ويطوفون حول
البيت
، فاقبل أبو
جهل وأبو
سفيان على
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
وقالوا
له : الآن بطل
سحرك وكهانتك
، هذا القمر
فاوف بعهدك ،
فقال
النبي
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) : قم يا
أبا الحسن قف
بجانب الصفا ،
وهرول
إلى المشعرين
وناد بهذا
اظهارا وقل في
ندائك : "
اللهم رب هذا
البيت
الحرام
والبلد
الحرام وزمزم
والمقام ومرسل
هذا الرسول
التهامي أئذن
للقمر
أن ينشق وينزل
إلى الأرض
فيقع نصفه على
الصفا ونصفه
على
المشعرين
فقد سمعت سرنا
ونجوانا وأنت
بكل شئ عليم " .
فتضاحكت
قريش وقالوا
ان محمدا
استشفع بعلي لأنه
لم يبلغ الحلم
،
ولا
ذنب له فقال
أبو لهب ( لعنه
الله ) لقد
أشمتنا الله بك
يا ابن أخي في
هذه الليلة .
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
اخس يا من أتب
الله يديه ،
ولم
ينفعه ماله
ولا بنوه ،
وتبين مقعده
في النار .
فقال
أبو لهب :
لأفضحنك في
هذه الليلة
بالقمر وشقه
وانزاله إلى
الأرض
ولافلت كلامك
هذا الذي إذا
كان غدا جعلته
سورة ، وقلت
هذا
أوحى
إلى أبي لهب .
قال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
امض يا علي فيما
أمرتك
واستعذ
بالله من الجاهلين
، ثم هرول
أمير
المؤمنين من
الصفا إلى
المشعرين
، ونادى واسمع
بالدعاء فما
استتم كلامه
حتى كادت الأرض
ان
تسيخ
باهلها
والسماء ان
تقع فقالوا :
يا محمد لقد
اعجزك شق
القمر اتيتنا
بسحرك
لتفتنا فيه
، فقال النبي
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) هان عليكم
بما
دعوت به فان
السماء
والأرض لا
يهون عليهما
بذلك ولا
يطيقان
سماعه
، فقوموا
بأجمعكم
وانظروا إلى
القمر قال : ثم
إن القمر انشق
صفحة 73
نصفين
نصفا وقع على
الصفا ونصفا
وقع على المشعرين
، فأضاءت داخل
مكة
وأوديتها
وصاح
المنافقون :
أهلكنا محمد بسحره
يا محمد افعل
ما شئت
فلن
نؤمن بك ولا
بما جئتنا به .
ثم
رجع القمر إلى
منزله من
الفلك وأصبح
الناس يلوم
بعضهم بعضا
ويقولون
برأيهم :
والله لنؤمنن
بمحمد
ولنقاتلنكم
معه مؤمنين
فقد سقطت
الحجة
وتبين
الاعذار
وانزل في ذلك
اليوم سورة
أبي لهب
واتصلت به
فقال
: ان محمد فعل
ما قلته له في
تأليفه له في
هذا الكلام
ليشنعني به ،
والله
اني
لاعلم ان
محمدا
يعاديني
لكفري به
وتكذيبي له من
بين بني عبد
المطلب
وخاصة
لسبب العباس
فإنه أنكره
أولاد عبد
المطلب لما
أتت أمه بتلك
الفاحشة
واحرقها
أبونا عبد
المطلب على
الصفا وكان
أشدهم له جحدا
الحارث
والزبير وأبو
طالب وعبد
الله فحلفت باللات
والعزى انه من
أبناء
عبد
المطلب حتى
ألحقت العباس
بالنسب فمن
اجل ذلك الف هذا
ويزعم أنها
سورة
أنزلها الله
عليه ، فوحق
اللات والعزى
لو اتى محمد
بما يملا
الأفق
من
المدح ما آمنت
به ولا فيما
جاء به ولو
عذبني رب
الكعبة
بالنار .
فامن
في ذلك اليوم
ستمائة واثنا
عشر رجلا وأكثرهم
أسر ايمانه
وكتمه
إلى
أن جاء رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
إلى المدينة
ومات أبو
لهب (
لعنه الله )
وقتل أبو جهل
وأسر أبو
سفيان ومعاوية
يوم فتح مكة
والعباس
وزيد بن
الخطاب وعقيل
بن أبي طالب
واسر كثير
منهم مقدار
ثمانين
رجلا تحت
القدم فكانوا
طلقاء لم ينفعهم
ايمانهم وهم
لا ينظرون
فكان
هذا من دلائله
( عليه السلام ) .
25 - وعنه عن
أبي بصير عن
أبي عبد الله
الصادق ( عليه
السلام )
قال
: لما ظهرت
نبوة محمد (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) بمكة
عظم على
قريش
امره ونزول
الوحي عليه
وما كان
يخبرهم به قال
بعضهم لبعض :
ليس
لنا إلا قتل
محمد ، وقال
أبو سفيان :
انا اقتله لكم
قالوا : وكيف
صفحة 74
تصنع
ذلك قال : انه
بلغنا انه يظل
في كل ليلة في مغارة
الجبل أو في
الوادي
وقد عرفت انه
في هذه الليلة
يمضي إلى جبل
حراء فيظل فيه
قالوا :
ويحك
يا أبا سفيان
انه لا يمشي
عليه أحد الا
قذفه حتى
يقطعه قطعا
وكيف
يمضي
محمد إليه
فبعثوا إلى
رصادهم على النبي
فقالوا :
تجسسوا لنا
عليه
أين
يظل في هذه
الليلة
ودوروا من حول
حراء فلعل
تلقون محمدا
فتقتلوه
فنكفى
مؤونته فلما
جن عليه الليل
أخذ بيد أمير
المؤمنين
وخرج وأصحابه
لا
يشعرون
وأبو سفيان
وجميع الرصدة
مقنعون من حول
الجبل فما
شعروا حتى
وافى
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
وأمير
المؤمنين (
عليه السلام )
بين
يديه وصعدا
جبل حراء فلما
دارا في دورة
الجبل اهتز
الجبل وماج
ففزع
أبو
سفيان ومن معه
وتباعدوا من
الجبل وقالوا
: قد كفينا
مؤونة محمد
وقد
قذفه
حراء وقد قطعه
، فاطلبوا من
حول الجبل فسمعوا
النبي ( صلى
الله عليه
وآله
وسلم ) وهو
يقول أسكن يا
حراء فما عليك
الا نبي ووصي
فقال أبو
سفيان
: سمعت محمدا
يقول يا حراء
ان قرب منك أبو
سفيان ومن معه
فارمهم
بهوامك حتى
تنهشهم
فتجعلهم
حصيدا خامدين
.
قال
أبو سفيان :
ويلبيه من حول
جوانبه ويقول
سمعا وطاعة يا
رسول
الله
لك ولوصيك علي
فسعينا على
وجوهنا خوفا
ان نهلك بما
قاله محمد
وأصبحوا
واجتمعت قريش
فقصوا قصتهم
وما كان من
رسول الله (
صلى
الله
عليه وآله )
وما خاطبه به
حراء فقال :
أبو جهل ( لعنه
الله ) : فماذا
أنتم
صانعون ؟
قالوا : انك
سيدنا
وكبيرنا ، فقال
لهم : لو نكافح
محمدا
بالسيف
غلبناه أم
غلبنا وفي
إحدى
القتلتين
راحة .
فقال
أبو سفيان : قد
بقي لي كيد
أكيده فقالوا
له : وما هو يا
أبا
سفيان
؟ فقال خبرت
انه سيتظل من
حر الشمس تحت حجر
عال وفي يومنا
هذا
قد اتى الحجر
واستظل به
فنهده عليه
بجمع ذي قوة
فلعلنا نكفى
مؤنته
فقالوا
: افعل يا أبا
سفيان ، فبعث
يرصد النبي (
صلى الله عليه
وآله
صفحة 75
وسلم
) حتى عرف انه
قد خرج وعلي (
عليهما
السلام ) حتى أتيا
الحجر
فاستظلا
به وجعل رأسه
في حجر علي (
عليه السلام )
وقال : يا علي
اني
قد
ارقد وأبو
سفيان يأتيك
من وراء هذا
الجبل بجمع ذي
قوة فإذا صار
في
الحجر
استصعب عليهم
وامتنع ان
تعمل فيه
أيديهم فامر الحجر
ان ينقلب
عليهم
فينقلب فيقتل
القوم جميعا
ويفلت أبو سفيان
وحده . فقال
أبو
سفيان
: لا تفزعوا من
قول محمد فما
قال هذا القول
الا ليسمعنا
فلا نمضي
إلى
الحجر ومحمد
راقد في حجر
علي فراموا ان
يهدوا الحجر
ويقتلعوه فيقلبوه
على
رسول الله
فاستصعب
عليهم وامتنع
منهم فقال
أصحاب أبي
سفيان :
انا
لنظن ان محمدا
قد قال حقا
نحن نعهد ان
هذا الحجر
يقلعه بعض
عددنا
فما باله
اليوم مع
كثرتنا لا
يهتز فقال أبو
سفيان :
اصبروا عليه .
ثم
أحس بهم أمير
المؤمنين
فصاح بالحجر :
انقلب على
القوم فاتى
عليهم
غير صخر بن
حرب فما استتم
من كلامه ، حتى
انقلب الحجر
عليهم
فتفرقوا
فامتد عليهم
الحجر وطال
حتى كسر القوم
جميعا تحته
غير أبي سفيان
فإنه
اقبل يضحك ويقول
: يا محمد ، لو
أحييت لنا
الموتى وسيرت
الجبال
وأعطاك
الله كل شئ
لعصيتك وحدي
فسمع كلامه رسول
الله ( صلى
الله
عليه
وآله وسلم )
فقال له ويلك
يا أبا سفيان
والله لتؤمنن
بي وتطيعني
مكرها
مغلوبا إذا
فتح الله مكة
.
فقال
أبو سفيان وقد
أخبرت يا محمد
بفتح مكة وايماني
بك وطاعتي
إياك
فهذا ما لا
يكون ففتح
الله على رسول
الله مكة واسر
أبو سفيان
وأمن
كرها
وأطاع صاغرا
مغلوبا .
قال
أبو عبد الله
الصادق ( عليه
السلام ) : ولقد
والله دخل أبو
سفيان
بعد
فتح مكة على
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم
) وهو على
المنبر
يوم
الجمعة
بالمدينة
فنظر أبو
سفيان إلى أكابر
ربيعة واليمن
ومصر
وساداتهم
في
المسجد يزاحم
بعضهم بعضا
فوقف أبو
سفيان متحيرا
وقال : يا
صفحة 76
محمد
قدرت ان هذه
الجماعة تذل
لك حتى تعلو
دعواك هذه
وتقول ما تقول
فقطع
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
خطبته وقال له
: على رغمك يا
أبا
سفيان فسكت
أبو سفيان
خجلا وقال في
نفسه : والله
يا محمد لئن
أمكنني
الله منك
لأملأن يثرب
خيلا ورجالا
ولأخمدن نارك
ولأعفرن
آثارك
فقطع
النبي خطبته
وقال : يا ويلك
يا أبا سفيان اما
بعدي فيتقدمك
من
هو
أشقى منك وأما
بعهدي فلا
وبعدي يكون
منك ومن أهل
بيتك ما
تقول
في نفسك الا
انك لا تطفي
نوري ولا تقطع
ذكري ولا يدوم
لكم
ذلك وليسلبنكم
الله إياه
ويخلدكم النار
وليجعلنكم
شجرتها التي
هي وقودها
الناس
فمن اجل ذلك
قال الله
سبحانه
وتعالى : ( الشجرة
الملعونة في
القرآن
) إلى تمام
الآية
والشجرة هي
بنو أمية وهم
أهل النار
فكان هذا من
دلائله
( عليه السلام ) .
26 - وعنه عن
الحسن بن
محمد بن جمهور
عن أبيه محمد
بن جمهور
عن محمد
بن عبد الله
بن مهران عن
محمد بن صدقة
العنبري
التميمي عن
أبي
المطلب جعفر
بن محمد بن
المفضل بن عمر
، عن الصادق (
صلوات الله
عليه
) قال : لما
سال عبد الله
بن سلام النبي
( صلى الله عليه
وآله وسلم )
عن
تلك المسائل
وأجابه عنها
فقال عبد الله
بن سلام وقد
أسلم يا رسول
الله
هذا علم قد
جاءك من الله
على ألسن
البشر أو على
ألسن
الملائكة ؟
فقال
النبي ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
ويحك يا عبد الله
البشر كيف آخذ
عنهم
؟ والله ما
أتاني به الا
جبريل عن الله
. قال : وكيف
تسمعه يا رسول
الله
قال : يا ابن
سلام سماعا
باذني ومنزلا على
قلبي قال ابن
سلام تعلم
الغيب
سماعا يا رسول
الله بسمعك
ومنزلا على قلبك
؟ قال له رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) الغيب
درجات منها سماع ،
ومنها نبت في
القلب
. قال :
يا رسول الله
فمن لك بذلك
نسمعه ونعلمه
قال له رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله ) ما
في نفسك يا
ابن سلام من
قولك أو من
فلعل
صفحة 77
ما
جاء به محمد
حق قال ابن سلام
: ومتى قلت
هذا يا رسول
الله في
نفسي
؟ قال يا
ابن سلام :
الساعة بين
قولك لي فحسن
اسلامه بهذه
الدلالة
.
27 - وعنه قال
حدثني أبو
الحسين محمد
بن يحيى ، قال :
حدثني أبو
عبد
الله بن زيد ،
عن الحسين بن
موسى عن أبيه
موسى بن جعفر
، عن
أبيه
جعفر بن محمد
الصادق عن
محمد بن علي
الباقر (
عليما السلام ) ،
قال
أبو جعفر
لجابر بن يزيد
الجعفي : يا
جابر ان نفرا
من شيعتنا في
الحديقة
قد اجتمعوا
للحديث
والتذكار وقد
وجدوا في حديثهم
حديث
أصحاب
العقبة الذين
هم أصحاب
الدباب وشكوا
في عدتهم
فارسل إليهم
ليأتوا
إلينا
فنخبرهم
بعددهم وأسمائهم
وأنسابهم
وكيدهم لجدي
رسول الله (
صلى
الله
عليه وآله
وسلم ) في ليلة
العقبة ، فبعث
جابر بن يزيد
الجعفي إليهم
واحضرهم
على الباب
وأذن لهم أبو
جعفر ( عليه
السلام )
فدخلوا عليه
فقال لهم : ما لكم
تشكون ونحن
بين أظهركم
تلقونا صباحا
ومساء ؟ فقال
القوم
فرج الله عنك
يا سيدنا .
وقال أبو جعفر
( عليه السلام ) :
تكلموا
يرحمكم
الله . فقالوا
: بعلة
خطايانا
وكثرة ذنوبنا
تحول بيننا
وبين ما ذكرت
لنا
جزاك الله
خيرا من إمام
خبير أخبرنا
يا سيدنا بقصة
أصحاب العقبة
.
قال
أبو جعفر (
عليه السلام ) :
أخبركم
بقصتهم وعدد
أسمائهم فقال
القوم
: فرج عنا
فرج الله عنك
يا سيدنا فقال
أبو جعفر : اعلموا
رحمكم
الله
ان الأرض لم
تقل والسماء
لم تظل على
أحد من الكفار
الا الاثني
عشر
أصحاب
العقبة أشدهم
لعنة وكفرا
وجحدا ونفاقا
لله ولرسوله
منذ الذرو
الأول
فإنهم بدو
كفرهم ( وإذ
اخذ ربك من
بني آدم من
ظهورهم
ذريتهم
واشهدهم على
أنفسهم ألست
بربكم قالوا
بلى ) فقال :
ضليلهم
وإبليسهم
الأكبر مكرها
وقالوا
مكرهين : نعم ، وقال
إبليسهم
لجحده لا
بغير
نطق فاستحال
ظلمة وكدرا
واسر ما قال
كما أسر عجل
موسى بن عمران
صفحة 78
( عليه
السلام )
فسمعنا
وعصينا فعلى
ذلك الكفر والانكار
وقول الطاغوت
إبليسهم
وجاؤوا معه
إلى علم الله
إلى أن ظهر وظهروا
في الجان الذي
خلقه
الله
من مارج من
نار السموم
فقد سمعتم ما
كان منه من
آدم والنداء
له
والنبيين
والمرسلين والأوصياء
والأئمة
الراشدين من
قتل قابيل لهابيل
،
ونصبه
لهم المنادة
، الطاغية
الباغية ،
العمالقة
والفراعنة
والطواغيت
يكذبون
الرسل
والأنبياء
والأوصياء
والأئمة (
عليهم السلام
) ويردون عليهم
ويدعون
الربوبية
والإلهية من
دون الله ويقتلونهم
ومن آمن بهم
وصدقهم
وينظرون
ممهلون إلى
يوم الوقت المعلوم
.
وقال
القوم إلى أبي
جعفر ( عليه
السلام ) يا
سيدنا وأولئك
الاثنا عشر
أصحاب
عقبة الدباب
هم إبليس ومن
كان معه من الأحد
عشر الأضداد ؟
قال
: هو والله
وهم والله
خلقه ، وان
قلت إن هؤلاء
أولئك حقا
أقول .
فقالوا
يا سيدنا ،
نحب أن تعرفنا
قصة أصحاب
العقبة
الاثني عشر .
قال
أبو جعفر : نعم
أخبركم ان جدي
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله
وسلم ) قد سرى
والليل مظلم
معتم ، وهو
راكب ناقته
العضباء ،
والمهاجرون
والأنصار من
حوله فلما قرب
من العقبة
اجتمع الاثنا
عشر
المنافقون
فقال ضليلهم
وإبليسهم زفر
: يا قوم ان يكن
يوم تقتلون
فيه
محمدا
فهذا من لياليه
، فقالوا :
وكيف ذلك ؟
فقال لهم : اما
تعلمون شر
هذه
العقبة
وصعوبتها
وهذا أوانه
فإنها لا يرقى
فيها الناس
الا واحدا بعد
واحد
لضيق المسلك .
قالوا
: ماذا نصنع
وكيف نقتل
محمد ؟ فقالوا
ما يمكن أن
نقتله ومن
معه من
المهاجرين
والأنصار فقالوا
: وليس إنما
يصعد وحده قال
لهم : لا
تؤمنون
ان يبدركم
أصحابه
فتقتلون
قالوا : كيف نصنع
؟ قال نستأذنه
بالتقدم
والصعود في
العقبة ونقول
يا رسول الله
فنسهل طريقها
لك ونلقي من
عسارة
رصده بأنفسنا
دونك ولا
تلقاه أنت
بنفسك فإنه
يحمدنا على
ذلك
صفحة 79
ونتقدمه
قالوا : اصنع
ما ذكرت ،
فقال : قد فكرت
في شئ عجيب
نقتل به
محمدا
ولا يشعر بنا أحد ،
فقالوا : صف
لنا ما أنت
صانع فقال لهم
نكب
هذه
الدباب التي
فيها الزيت
والخل ، ونلقي
فيها الحصى
ونقف في ذروة
العقبة
فإذا أحسسنا
بمحمد يرقى
العقبة ، دحرجنا
الدباب في هذه
الظمة
من
ذروة العقبة ،
فتنحط على وجه
الناقة في الجادة
، لها دوي
فتذعر الناقة
في
الجادة فترمي
محمدا فيتقطع
مع ناقته ونستريح
ونريح العرب
والعجم منه
فقد
أضلنا وجميع
العالم بسحره
وكذبه حتى ما
لأحد معه طاقة
.
قالوا
نعم ما رأيت
ونعم ما احتلت
وأشرت فجاؤوا
إلى العقبة
فقاموا
بين
يديه فقالوا
: فديناك يا
رسول الله
بالآباء
والأمهات قد
وصلنا إلى
العقبة
فنحن نقيك من
كل سوء محذور
، ائذن لنا ان
نتقدم فنرقى
هذه
العقبة
الصعبة
ونستهل
طريقها ونلقى
رصدان المشركين
في ذروتها
فقال
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
امضوا لشأنكم
والله شاهد
على ما
تقولون
، فقال أبو
بكر - وقد تولى
إلى العقبة -
ويحك يا عمر
سمعت كلام
محمد
واني لأخشى أن
يكون قد علم
بما أسررنا فنهلك
، فقال له عمر :
لا
تزال
خائفا وجلا
مرعوبا حتى
كان ما اتينا
به ليس بحق خل
عن الصعود ،
فانا
أتقدمك والجماعة
.
قال
فتقدم عمر
وتلاه أبو بكر
وطلحة
والزبير وتلاهم
سعد بن أبي
وقاص
وتلاه أبو
عبيد بن
الجراح وخالد
بن الوليد والمغيرة
بن شعبة وأبو
موسى
وصاروا في
ذروة العقبة
وكبوا ما كان
في دبابهم من
الزيت والخل
وطرحوا
فيها الحصى
وكبروا
وصاحوا يا
معاشر المهاجرين
والأنصار
خبروا
رسول
الله ما في
ذروة العقبة
ولا في ظهر
الجبل رصدة
ولا غيرة من
المشركين
فتقدم رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
) على ناقته
العضباء
فصعدوهم
يرون من ذروة
العقبة ضياء
وجه رسول الله
( صلى الله
عليه
وآله
) كدارة القمر
يجلو ذلك
الليل فقال
أبو بكر : ويحك
يا عمر ، مع
محمد
مصباح ؟ قال :
لا ، قال : ما
هذا الضياء
الذي قد أضاء
بين يديه
وحوله
؟ فقال : شئ من
سحره الذي
نعرفه فاقبل
أبو بكر
يتوارى فلما
صفحة 80
أحسوا
بالناقة في
ثلثي العقبة
دحرجوا الدباب
في وجهها
فنزلت ولها
دوي
كدوي
الرعد فنفرت
الناقة ، فقال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم
) : ان الله معنا
فاسرع أمير
المؤمنين (
صلوات الله
عليه ) وكان
يتلوه
من
ورائه في
الطريق وقال :
لبيك لبيك يا
رسول الله
وتلقته
الدباب فاقبل
يأخذها
برجله فيطحنها
واحدة بعد
واحدة وضج
المهاجرون
والأنصار فصاح
بهم
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) : لا
تخافوا ولا
تحزنوا فقد
مكروا ومكر
الله
والله خير الماكرين
.
وكان
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) قد
نزل عن الناقة
في
وقت
نفورها واخذ جبريل (
عليه السلام )
زمام الناقة
في العقبة في
أغصان
دوحة
كانت بجانب
المسلك في
العقبة وسمع
للناقة صريخ
والشجرة
تنادي
يا
رسول الله قد
عقد خطام
ناقتك في
أغصاني .
فقال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) :
يا أخي جبريل
ما هذه
الدوحة
التي تكلمني
فقال : يا حبيب
الله ورسوله
هذه الدوحة ،
اثلة من
نبات
الأرض التي تحتها ولد
أبوك إبراهيم
الخليل ( عليه
السلام ) وهي لك
يا
رسول الله
محبة ، والله
أذن لها ان
تكلمك فقال
رسول الله (
صلى الله
عليه
وآله وسلم ) :
اللهم بارك في
الأثل كما باركت
في السدر وقدم
جبريل
( عليه
السلام ) الناقة
من رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
حتى
ركبها
وسار وهي تمر
كمر السحاب
وقرب ما كان
بعيدا من مسلك
هذه
العقبة
حتى صار
كالأرض
البسيطة قال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم
) فديتك يا أبا
الحسن ناد
بالمهاجرين
والأنصار
فلما صاروا
على
ذروة
العقبة مع
رسول الله
( صلى الله
عليه وآله )
اجتمعوا من
حوله وقالوا
فديناك
بالآباء
والأمهات يا
رسول الله ما هذا الكيد
؟ ومن أكادك ؟
فقال
لهم
رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) :
سيروا على أسم
الله وعونه ،
وانزلوا
إلى الأرض
فاني مخبركم
بهذا الكيد ومن
هو اكادني ،
والمهاجرون
والأنصار
يظنون ذلك من
مشركي قريش
ورصادهم زيادة
الاثني عشر
صفحة 81
أصحاب
الدباب
فنزلوا أكثر
الناس واختار
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم
) سبعين رجلا
فقال لهم :
قفوا معنا في
ذروة العقبة ،
فإنكم تعلمون
ما
انا صانع فلما
لم يبق غير
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) وأمير
المؤمنين
والسبعون
رجلا قال رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
وسلم ) : هل
رأيتم
ما صنع
هؤلاء
الأشقياء
الضالون
المضلون من
كبهم ما كان
في الدباب من
زادهم
وطرحهم فيها
الحصا
وارسالها في
وجه الناقة -
ناقتي -
مقدرين
نفورها
بي
وسقوطي عنها
من ذروة العقبة
، فأهلك
وتقطعني
الناقة ، وقص
عليهم
ما
قاله الاثني
عشر أصحاب
الدباب وما
تشاوروا فيه
من أول أمرهم
إلى
آخره
.
ثم
قال : اني
مختار منكم
اثني عشر
نقيبا يكونوا
سعداء في
الدنيا
والآخرة
كما الاثني
عشر أصحاب
الدباب أشقياء
في الدنيا
والآخرة
فلباه
السبعون
رجلا وقال كل
واحد منهم :
اللهم اجعلني
من الاثني عشر
نقيبا
واختار
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) من
السبعين رجلا
اثني عشر
نقيبا
: أولهم أبو
الهيثم مالك
بن التيهان
الأشهلي
الأنصاري ،
والبراء بن
مغرور
الأنصاري ،
والمنذر بن
لوذان ، ورافع
بن مالك
الأنصاري ،
وأسيد
بن حضير ،
والعباس بن
عبادة ( بن
نضلة الأنصاري
) ، وعبادة بن
الصامت
النوفلي ،
وعبد الله بن
عمر بن حزام
الأنصاري ،
وسالم بن عمير
الخزرجي
، وأبي بن كعب
، ورافع بن
ورقا ، وبلال
رياح الشنوي .
فقال
حذيفة بن
اليمان :
والله ما حسدت
أحدا ولا
خلقني الله
حاسدا
ولكني
سألت الله ( عز
وجل ) وتمنيت
ان أكون من هؤلاء
الاثني عشر
نقيبا
فان
لله ما يشاء ،
فقال رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
أذن مني يا
أبا
عبد الله ،
فمسح يده على
ظهره وقال ما
يكفيك يا أبا
عبد الله يا
حذيفة
ان يعطيك
الله علم
المنايا
والبلايا إلى
يوم القيامة ؟
فقال : بلى يا
رسول
الله ولله
الحمد ، ولك
يا رسول الله
ثم خص رسول
الله ( صلى
الله
عليه
وآله وسلم )
كلا من السبعة
وخمسين رجلا
الباقين من السبعين
رجلا
صفحة 82
شيئا
من فضله .
قال
الحسين بن
حمدان : إنما
لم اذكر ما
خصهم به رسول
الله فقال
حذيفة
بن اليمان :
أتأذن لي يا
رسول الله ان
أؤذن في
العسكر فأجمع
جميعهم
مصرحا
بأسمائهم
أصحاب الدباب
وألعنهم رجلا رجلا
؟ فقال له
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
افعل إذا شئت
فصاح حذيفة في
ذروة
العقبة مسمعا
جميع العسكر الذي نزل
إلى الأرض من
جانب العقبة
إلى
الآخر وهو يقول
: الله أكبر ،
الله أكبر ،
اشهد أن لا
إله إلا الله
،
وأشهد
أن محمدا رسول
الله ،
أمرني رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله
وسلم
) أن أفضح من
دحرجوا
الدباب منكم ،
أيها المنافقون
الفاسقون
المفترون
على الله
ورسوله ،
اسمعوا يا
معاشر المهاجرين
والأنصار ان
عدد
أصحاب
الدباب اثنا
عشر رجلا ،
وسماهم
ونسبهم رجلا
رجلا ، ثم قال
هذا رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) قد
لعنهم ولعنهم
أمير
المؤمنين
ولعنهم
السبعون رجلا
وأمرني أن
ألعنهم ولعنهم
حذيفة بن
اليمان وهو
ينادي
ملء صوته : يا
فلان يا فلان
الفلاني : ان الله
ورسوله لعنك
لعنا
كثيرا
بقيا عليك في
الدنيا
والآخرة ولا
يزول ثبوته ولا
يعفو ولا يصفح
من
الله
حتى اتى على
آخرهم عدد ا
لاثني عشر
رجلا أصحاب
الدباب
بأسمائهم
وأنسابهم
في صعودهم
العقبة واحدا
بعد واحد بعد
واحد فكان هذا
من حديث
أصحاب
العقبة
وأصحاب
الدباب .
قال
الحسين بن
حمدان
الخصيبي ،
حدثني جعفر بن
مالك ، عن
يحيى
بن زيد
الحسيني ، عن
أبيه زيد عن
عبد الله ، عن
الحسين بن
موسى
بن جعفر عن
أبيه جعفر بن
محمد الصادق
عن أبيه محمد
الباقر عن
أبيه
علي بن الحسين
( صلوات الله
عليهم ) قال لما
لقيه جابر بن
عبد الله
الأنصاري
برسالة جده
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
إلى ابنه
محمد
الباقر قال له
علي بن الحسين
: يا جابر كنت
شاهدت جدي
رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) يوم
الغار ؟ قال
جابر لا يا
ابن بنت
صفحة 83
رسول
الله ، قال :
اذن أحدثك يا
جابر ، قال
جابر : حدثني
فداك أبي
وأمي
، فقد سمعته
من جدك رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
وسلم ) : لما هرب
إلى
الغار من
مشركي قريش
حين كبسوا
داره لقتله
قال : اقصدوا
فراشه
حتى نقتله فيه
، قال رسول
الله ( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) لأمير
المؤمنين
علي بن أبي
طالب ( صلوات
الله عليه ) : يا
أخي ان مشركي
قريش
يكبسوني في
داري هذه
الليلة في
فراشي فما أنت
صانع يا علي
.
قال
له أمير
المؤمنين أنا
أضطجع يا رسول
الله في فراشك
وتكون
خديجة
في موضع من
الدار ، وأخرج
واصحب الله حيث
تأمن على نفسك
فقال
له رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) :
فديتك يا أبا
الحسن
اخرج
لي ناقتي
العضباء حتى
أركب عليها
وأخرج إلى
الله تعالى
هاربا من
مشركي
قريش و افعل
بنفسك ما تشاء
، والله
خليفتي عليك
وعلى خديجة
فخرج
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
راكبا ناقته
العضباء وسار
وتلقاه
جبرئيل ( عليه
السلام ) فقال
له : يا رسول الله
ان الله أمرني
أن
أصبحك
في مسيرك وفي
الغار الذي
تدخله وارجع معك
إلى المدينة
إلى أن
تنيخ
ناقتك بباب
أبى أيوب الأنصاري
( رضي الله عنه ) .
فتلقاه
أبو بكر ،
فقال له يا
رسول الله
أصبحك ، فقال :
ويلك يا أبا
بكر
أريد
أن لا يشعر بي أحد ، فقال
يا رسول الله
أخشى أن
يستحلفني
المشركون
على
لقائي إياك
ولا أجد بدا
، من صدقهم ،
فقال له ( عليه السلام
) :
ويحك يا
أبا بكر ،
وكنت فاعلا
ذلك ؟ فقال له
: كنت افعل
لئلا
اكذب واقتل
، فقال له (
عليه السلام ) :
فما صحبتك
إياي
بنافعتك
، فقال له أبو
بكر ولكنك
تستغشني وتخشى
أن أنذر بك
المشركين
، فقال له (
عليه السلام )
سر إذا شئت فتلقاه
الغار فنزل
رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) عن
ناقته
وأبركها بباب
الغار ودخل
ومعه
جبريل
( عليه السلام )
وأبو بكر ،
وقامت خديجة في
جانب الدار
باكية على
رسول
الله ( صلى
الله عليه وآله
) واضطجع علي
على فراش رسول
الله يقيه
صفحة 84
بنفسه
، ووافى
المشركون
الدار ليلا
فتساوروا
عليها ودخلوها
وقصدوا إلى
الفراش
فوجدوا أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
مضطجعا فيه
، فضربوا
بأيديهم
إليه وقالوا
: يا ابن أبي
كبشة لم ينفعك
سحرك ولا خدمة
الجن لك
اليوم
نسقي أسلحتنا
من دمك .
فنهض
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
ليريهم انهم
لم يصلوا إليه
،
وجلس
في الدار وقال
: يا مشركي
قريش انا علي
بن أبي طالب ،
قالوا
له
: وأين محمد
يا علي ؟ قال :
حيث يشاء الله
، قالوا : فمن
في الدار ؟
قال
ما فيها الا
خديجة ، قالوا
: الحسيبة
النسيبة لولا
تبعلها بمحمد
يا علي
واللات
والعزى لولا
حرمة أبيك
وعظم محله في
قريش لأعملنا
أسيافنا فيك
فقال
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) :
يا مشركي قريش
أعجبتكم
كثرتكم ،
وفالق
الحبة وبارئ
النسمة ما
يكون الا ما
يريد الله
تعالى ، ولو
شئت ان
افني
جمعكم لكنتم
أهون علي من
فراش السراج
فلا شئ أضعف
منه .
فتضاحك
المشركون
وقال بعضهم
لبعض : خلوا
عليا لحرمة
أبيه
واقصدوا
الطلب إلى
محمد ، ومحمد (
صلى الله عليه
وآله وسلم ) في
الغار
وهو
وجبريل ( عليه
السلام ) وأبو
بكر معه فحزن
رسول الله (
صلى الله
عليه
وآله وسلم )
على خديجة
فقال جبريل (
عليه السلام ) : (
لا تحزن
ان
الله معنا ) ثم
كشف له ( عليه
السلام ) فرأى
عليا وخديجة (
عليهما
السلام
) ورأي سفينة
جعفر بن أبي
طالب ( عليه
السلام ) ومن
معه تعوم
في
البحر ، فأنزل
الله سكينته
على رسوله وهو
الأمان مما
خشيه على علي
وخديجة
، فأنزل الله (
تأتي اثنين )
يريد جبريل ( عليه
السلام )
ورسول
الله
( إذ هما في
الغار إذ يقول
لصاحبه لا
تحزن ان الله
معنا فأنزل
الله
سكينته
عليه ) ولو كان
الذي حزن أبو
بكر لكان أحق
بالأمن من
رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله )
ولم يحزن .
ثم إن
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) قال
لأبي بكر : يا
أبا بكر اني
صفحة 85
أرى
عليا وخديجة
ومشركي قريش
وخطابهم له
وسفينة جعفر
بن أبي طالب
ومن
معه تعوم في
البحر ورأي
الرهط من
الأنصار
مجلبين في المدينة
، قال
أبو بكر :
وتراهم يا
رسول الله في
هذه الليلة ،
وفي هذه الساعة
، وأنت
في الغار ،
وفي هذه
الظلمة ، وما
بيننا وبينهم
من بعد المدينة
؟ فقال رسول
الله
( صلى الله
عليه وآله )
إني أريك يا
أبا بكر ما
رأيت حتى تصدقني
ومسح
يده على بصره
فقال له :
انظر إلى
سفينة جعفر ،
كيف تعوم في
البحر
، فنظر أبو
بكر إلى الكل
من مشركي قريش
وعلي على
الفراش
وخطابه
لهم ، وخديجة
في جانب الدار
، ففزع ورعب
وقال يا رسول
الله لا
طاقة
لي بالنظر إلى
ما رأيته فرد
علي غطائي
فمسح يده على
بصره فحجب
عما
رآه واخذته
رهقة ، شديدة
حتى أحدث اثني
عشرة حفيرة .
وروي
أنه كان في
الغار صدع
وثلمة يدخل
منها ضياء
النهار ، فوضع
أبو
بكر كعبه فيه
لسده فنهشته
أفعى في عقبه
ولم تسمه ففزع
وأحدث في
الحفرة
، وليس هذا
صحيحا بل
الأول أصح في
الاحداث .
وقصد
المشركون في
الطلب لقفوا
اثره حتى
جاؤوا إلى باب
الغار
ونظروا
إلى مبرك
الناقة ولم
يروها ،
وقالوا : هذا
اثر ناقة محمد
ومبركها في
باب
الغار فدخلوا
فوجدوا على
باب الغار نسج
العنكبوت قد أظله ،
فقالوا
: يا ويلكم
ما ترون إلى
نسج هذا
العنكبوت على
باب الغار
فكيف
دخله
محمد ؟ فصدهم
الله عنه
ورجعوا وخرج
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم ) من
الغار وهاجر
إلى المدينة
وخرج أبو بكر
فحدث
المشركين
بخبره
مع رسول الله
وقال لهم لا
طاقة لكم بسحر
محمد وقصص
يطول
شرحها
. قال جابر ابن
عبد الله الأنصاري
هكذا والله يا
ابن رسول الله
حدثني
جدك ما زاد حرفا
ولا نقص حرفا .
28 - وعنه عن
أبي الفوارس
محمد بن موسى
بن حمدون العدوي
،
قال
: حدثني
العباس بن عبد
اله قال :
حدثنا موسى بن
مهران البصري
،
صفحة 86
عن
أبي داود
القدوسي عن
عروة عن عائشة
قالت : لما فتح
رسول الله
( صلى الله
عليه وآله
وسلم ) خيبر
أصابوا أواني
من ذهب وفضة
وأزواجا
من
خفاف ونعالا
وحمارا اقمر
فلما ركبه
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله
وسلم
) قال له :
يا حمار ما
اسمك ؟ قال :
عتيق ابن شهاب
ابن حنيفة ،
قال
: لمن كنت ؟
قال : لرجل
يهودي ، يقال
له مرحب وكنت إذا
ذكرت
يسبك
، وكنت إذا
ركبني كبوت به
على وجهه ،
وكان يسئ إلي
، قال
رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله ) : هل
لك من إرب
وحاجة تريد أن
أعطيك
من الإناث
شيئا ؟ قال : لا
، قال : ولم ذلك
؟ قال حدثني أبي عن
أبيه
وعن أجداده
أنه ركب نسلنا
سبعون نبيا
وان آخر نسلنا
يركبه نبي
يقال
له
محمد ( صلى
الله عليه
وآله وسلم )
وأحب ان أكون
آخر نسل فمكث
عند
رسول الله إلى
أن توفي رسول
الله ( عليه
السلام ) ومكث
الحمار ثلاثة
أيام
بعده وتوحل في
بئر فمات .
29 - وعنه قال
حدثني جعفر بن
القصير ، عن
إسماعيل القمي
عن
شاذان
بن يحيى
الفارسي ، عن
ماهان الابلي
عن محمد بن
سنان الزاهري
قال :
حججنا فلما
اتينا
المدينة وبها
سيدنا جعفر الصادق
( صلوات الله
عليه
) دخلنا عليه
فوجدنا بين
يديه صحف فيها
تمر من تمر
المدينة وهو
يأكل
منه
ويطعم من
بحضرته فقال
لي هاك يا
محمد بن سنان
هذا التمر
الصيحاني
، كله وتبرك
به فإنه يشفي
شيعتنا من كل
داء إذا عرفوه
،
قلت :
مولاي عرفوه
بماذا ؟ يدعى
صيحانيا ، قال
: عند العامة
هفوة
وينبغي
ان يسمى التمر
باسم غير هذا
الكلام والله
أعلم ، قلت : لا
والله
يا
مولاي ما نعلم
هذا الا منك ،
قال : نعم ، يا
ابن سنان هو
من دلائل
جدي
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
وأمير
المؤمنين قلت
: مولاي
أنعم
علينا
بمعرفته أنعم
الله عليك .
قال خرج جدي
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
قابضا على يد
أمير
المؤمنين
متوجها نحو
حدائق ظهر
المدينة فكل من
لقيه استأذنه
في
صفحة 87
صحبته
، ولم يؤدن له
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
حتى انتهى
إلى
أول نخلة
فصاحت إلى
التي تليها
هذا آدم وشيث
قد أقبلا ،
وصاحت
الأخرى
إلى التي تليها
: يا أختي هذا
نوح وسام قد
أقبلا ، وصاحت
الأخرى
التي تليها
: يا أختي هذا
يعقوب ويوسف
قد أقبلا ،
وصاحت
الأخرى
إلى التي
تليها : يا
أختي هذا موسى
ويوشع قد
أقبلا ، وصاحت
الأخرى
إلى التي
تليها : يا
أختي هذا
سليمان وآصف
قد أقبلا ،
وصاحت
الأخرى
إلى التي
تليها : يا
أختي هذا عيسى
وشمعون الصفا
قد أقبلا
وصاحت
الأخرى إلى
التي تليها :
يا أختي هذا
محمد رسول
الله وأمير
المؤمنين
علي بن أبي
طالب قد أقبلا
، وصاح سائر
النخل في
الحدائق بعضه
إلى
بعض بهذا .
فقال
رسول الله (
صلى الله عليه
وآله ) لأمير
المؤمنين (
عليه السلام )
فديتك
بابي وأمي يا
أبا الحسن هذا
ذكرى لنا
فاجلس بنا عند
أول نخلة
ننتهي
إليها فلما
انتهيا جلسا
وما كان أوان
حمل النخل
فقال النبي (
صلى
الله
عليه وآله
وسلم ) : يا
أبا الحسن مر
هذه النخلة
تنثني إليك
وكانت
النخلة
باسقة فدعاها
أمير
المؤمنين (
عليه السلام ) وقال : يا
أيتها النخلة
هذا رسول الله (
صلى الله عليه
وآله وسلم )
يقول لك أن
تنثني إلى
الأرض
فانثنت
إلى الأرض وهي
مملوءة حملا
رطبا جنيا
، فقال له يا
أبا الحسن :
التقط
وكل واطعمني فالتقط
أمير
المؤمنين (
عليه السلام )
من رطبها واكل
منها
فقال رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) : يا
أبا الحسن ان
هذا
النخل
ينبغي ان
نسميه
صيحانيا
لتصايحه وتشبيهه
لي ولك
بالنبيين
والمرسلين
وهذا أخي جبريل (
عليه السلام )
يقول إن الله (
عز وجل ) جعله
شفاء
إلى
شيعتنا خاصة
فأمرهم يا أبا
الحسن بمعرفته
ان يستضيئوا
ويتبركوا
بأكله
ثم قال رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) يا
نخلة أظهري
لنا
من أجناس ثمر
الأرض فقالت
: لبيك يا
رسول الله حبا
وكرامة
فأظهرت
النخلة من كل الأجناس ،
فاقبل جبريل (
عليه السلام )
يقول :
صفحة 88
ها يا
نخلة ، ان
الله قد امرك
ان تخرجي من
كل جنس لرسول
الله وحبيبه
محمد
وأخيه ووصيه
من أجناس الثمر
، فاقبل
جبريل ( عليه
السلام )
يلقطه
ويضعه بين يدي
رسول الله ( صلى
الله عليه
وآله ) وأمير
المؤمنين
( عليه
السلام )
فاكلا من كل
جنس ، فمرة
يأكل أمير المؤمنين
نصفها
ورسول
الله نصفها
وجبريل ( عليه
السلام ) يقول يا
رسول الله
لوددت اني
ممن
يأكل الطعام
فاستشفي الله
وأتبرك بفضل سؤرك
، وسؤر أمير
المؤمنين
وقال
له رسول
الله ( صلى
الله عليه
وآله وسلم ) يا
حبيبي جبريل
فإن الله
قد
فضلك علينا
فقال جبريل (
عليه السلام )
والله يا رسول
الله ما فضلي
الا
بكما ، انكما
أحب خلقه إليه
وأقربهم منه وازلفهم
لديه .
قال
الصادق جعفر
بن محمد (
صلوات الله
عليهما ) فارتفعت
النخلة
وحدث
رسول الله
وأمير المؤمنين
شيعتنا
بخبرها وقصة
تلك النخلة من
دلائله
وعجائبه (
عليه السلام
والتحية
والاكرام ) .