أعيان الشيعة
الجزء: ٩
السيد محسن الأمين

الكتاب: أعيان الشيعة
المؤلف: السيد محسن الأمين
الجزء: ٩
الوفاة: ١٣٧١
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق: تحقيق وتخريج : حسن الأمين
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة:
الناشر: دار التعارف للمطبوعات - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

الفهرست
العنوان الصفحة
الشيخ كاظم السبيتي كاظم الأنباري الكاظمي كاظم الخراساني الشاهرودي كاظم الطهراني الآخوند كاظم الخراساني ٥
كاظم الدجيلي ٦
كاظم الأعرجي الحسيني كاظم المادح ٩
كاظم نعمة الله الجزائري كاظم الحسيني الأعرجي كاظم آل نوح كاظم صادق الهر ١٠
كاظم خضر الجناجي كاظم الشيرازي السامرائي كاظم العميدي كاظم الآزري ١١
كاظم محمود الكاظمي كاظم القزويني كشوان كاظم خان كاظم السوداني النجفي ١٩
كاظم حيدري اليزدي كاظم المرتدي كاظم الهزار جريبي كاظم اليزدي كافي المشهدي كامل بك الأسعد ٢٢
كامل الصباح كامل بن مصباح فرحات ٢٤
كبيش الحسيني كتاب الكردي كثير عزة ٢٥
كرشاسف كاكويه الكركي العاملي كركين الاسترآبادي كرم الله الحويزي القاضي كرهرودي الكسائي النحوي كشاجم محمود كشواذ السروجي كعب بن ذي الحبكة كعب بن زهير بن أبي سلمى كعب بن عمرو الأنصاري كعب بن ذي الحبكة النهدي ٢٩
الكفعمي إبراهيم كلاب الأسكر الكناني كلب باقر الحائري الحسيني ٣٢
الكعبي ابن محمود الكلبي النسابة كلثوم التغلبي الشاعر كلشان الهندي الكليني محمد بن يعقوب كمال السبزواري كمال الدين نور الدين الطيب كمال الدين الموسوي الكميت الأسدي ٣٣
كوجك النيراقي الكميداني بن أبي جعفر كوهر شاد الكوفي كيخسرو البرهاني ٣٧
الشاه كوثر النجفي الكيدوي السمعي عبد الكريم الميسي حرف الميم ٣٨
مالك بن الحارث الأشتر ٣٩
مبارك الأزرق المشعشعي ٤٢
مبارك الشريف العراقي ٤٣
مبارك الحسني مبارك اليماني الهندي مبارك الأحسائي المبرد النحوي مبين الحسيني الهمذاني ٤٤
المجثي الحسني الرازي مجد الدولة بويه مجد الدين القثمي الدزفولي مجد الدين الحسيني مجد الدين فيض الله الدزفولي المجلسي محمد باقر مجمع الشاعر النحوي محب علي التبريزي محتشم الكاشاني محرز شهاب التميمي محسن العراقي محسن الدجيلي محسن الدزفولي ٤٥
محسن المعز الديني محسن القزويني القويني محسن التبريزي محسن المحقق البغدادي ٤٦
محسن الطباطبائي محسن العكفي الحافظ محسن الحسيني محسن النيسابوري الخزاعي ٤٧
محسن عبد الكريم شراره ٤٨
محسن الأردبيلي محسن بن الإمام علي (ع) محسن الحسيني العاملي الأمين ٥٠
محسن فرج الجزائري ٥١
محسن المبرقع الجواد ٥٢
محسن خضر الجناجي ٥٣
محسن الأعسم النجفي محسن المشعشعي محسن أبي حب الحائري ٥٥
محسن الرضوي المشهدي محسن الزنجاني محسن الرسي محسن الساوجي محسن الحكيم ٥٦
محفوظ بن وشاح بن محمد ٥٧
المحقق الثاني الكركي المحقق الحلي المحقق الطوسي المظفر النحوي النيسابوري أبو المجد محمد النسائي محمد الموسوي العاملي محمد إبراهيم السروي ٥٨
محمد النيسابوري محمد النواب الطهراني محمد إبراهيم اللواساني محمد الكاظمي النجفي محمد بن نصير محمد الأنصاري الوطواط محمد شرف الدين العاملي ٥٩
محمد الحجاري الأندلسي محمد الأعرج العلوي محمد الطالقاني محمد الدشتكي محمد الطبسي محمد الرضوي محمد إبراهيم الرضوي محمد الخطاط محمد الناظر محمد السرمدي محمد الكاتب النعماني محمد إبراهيم اللنكراني محمد العلوي محمد المشهدي محمد البوناتي ٦٠
محمد الكرباسي محمد الزاهد الحلي محمد بن إبراهيم الباخرزي محمد معصوم القزويني محمد إبراهيم القزويني محمد بن أبي بكر محمد السكاكيني محمد علاء الدين كلستانة محد ابن أبي حذيفة محمد الأمين ٦١
معز الدين بن أبي الحسن محمد بن أبي الحسن العاملي محمد العليماني محمد سبرة القرشي محمد بن أبي الفرج محمد الحسيني الحائري ٦٢
محمد الحسيني الاسترآبادي محمد بن أبي غالب الفقيه محمد بن أبي قرة محمد الزنجاني الموسوي محمد شاهي الموسوي محمد بن أبي قريعة محمد الطبري محمد بن أبي نعمان ٦٣
محمد العلوي محمد الرقي المعتمر محمد العريضي العلوي محمد الجعفري الديلمي محمد الجواهري ٦٤
محمد بن أحمد بن سعادة محمد بن أحمد داود محمد بن ثوابة محمد الشاطر الأنباري محمد الصابوني محمد البيروني ٦٥
محمد الشهشهاني محمد بن زهرة العلوي محمد أحمد الوزيري ٧٠
محمد التنهجاني الجيلاني محمد العلوي الموسوي محمد إبراهيم البحراني محمد الخزاعي النيسابوري محمد الجزائري النجفي ٧١
محمد الحسني الحسيني محمد الحسني العلوي محمد (ابن طباطبا) العلوي ٧٢
محمد الغساني الوأواء الدمشقي ٨٠
محمد ابن الحسن الناصر الكبير ٨١
محمد شهريار الخازن محمد إسحاق المؤمن محمد الحسيني المدني محمد المبرقع الجعفري محمد العلقمي ٨٢
محمد ابن أبي الثلج محمد الكاتب الإسكافي محمد شاذان القمي ٨٣
محمد الأبيوردي ١٠٢
محمد الجاموراني محمد الجعفي الصابوني محمد الصقر الموصلي محمد طرخان أو زلغ (أبو نصر الفارابي) ١٠٣
محمد عبد الله المفجع ١١٣
محمد الحر الجبعي محمد بن هارون محمد خاتون العاملي ١١٤
محمد العبسي الدوريستي محمد الهيوني العيناثي محمد العاملي الميسي محمد زيتي ١١٥
محمد المؤتمن الصادقي محمد الأنصاري الإشبيلي محمد الهاشمي محمد البصري الكاظمي محمد أحمد الخفري ١١٩
محمد العجل الحلي محمد إدريس ابن مطر محمد الأردكاني محمد أولجايتو خدابنده ١٢٠
محمد بن إسحاق بن عمار محمد الحموي فاضل الدين محمد بك الأسعد ١٢١
محمد سعد الدين الدواني محمد الازعذي محمد الحسيني المشهدي محمد القبيسي العاملي محمد البهبهاني محمد الحلي ابن الخلفة ١٢٢
محمد إسماعيل الصيمري محمد إسماعيل المازندراني محمد إسماعيل صاحب محمد إسماعيل خاتون بادي ١٢٣
محمد إسماعيل الحائري محمد السبزواري محمد إسماعيل المنجم محمد المحلاتي محمد إسماعيل ١٢٤
محمد أشرف عبد الحسيب محمد بن الأشعث الخزاعي محمد أصغر الحكيم محمد الأصفهاني محمد الفشاركي محمد معز الدين محمد أكبر مير الداماد محمد الأكبر آبادي محمد الأكمل البهبهاني ١٢٥
محمد الأمين الثاني ١٢٦
محمد امين مروة ١٣٥
محمد الوراق الجرجاني ١٣٦
محمد الحسيني العاشوري محمد امين الكاظماوي محمد امين الطبسي محمد امين الحسيني محمد الاسترآبادي الاخباري محمد امين الكربلائي محمد امين الكاظمي ١٣٧
محمد امين زاجان محمد ابن ايدمر محمد الفاضل الهندي محمد شمس الدين محمد المنصوري محمد حبيب الضبي ١٣٨
محمد حجر الوراق محمد أفصح الدين الفقيه محمد حبيب الله الأصفهاني نور الدين حبيب الله محمد الباشتيني محمد الحرفوشي ١٣٩
محمد بن حسام الجوسقي محمد الحساني محمد القطاوي محمد جواد مطر محمد الحسن بن عطية محمد حسن آقاسي محمد الرؤاسي محمد حسن المظفر ١٤٠
محمد الحسن الطوسي محمد الزنوزي محمد الحولائي العاملي محمد الحسن بن حمدون محمد الأقساسي محمد حسن الميرزا الطبيب محمد ابن علجة ١٤١
محمد محسن الأعرجي محمد حسن المراغي محمد الشاطري الصيداوي محمد البغدادي الصهرجتي محمد الفاضل الشرواني ١٤٢
محمد الحسن القزويني محمد حسن الهروي محمد بن الحسن محمد الحسن المهلبي محمد حسن شدقم محمد حسن الشيباني محمد الكردي الادرازي (ابن نعيم) ١٤٣
محمد الحسن روزبه محمد حسن البياتي محمد آل طاوس محمد القهشتاني محمد النيلي الفقيه محمد العمري الصغاني محمد خاتون العاملي محمد حسن الغول محمد العلوي الحسيني الجزء الثالث والأربعون ١٤٨
محمد باقر النجفي صاحب الجواهر ١٤٩
محمد الحسن النظري محمد حسن الشروقي محمد الحسن الحسيني محمد الجناحي الكربلائي ١٥٠
محمد الجليس الموسوي محمد حسن الاسترآبادي (الشيخ الرضي) ١٥١
محمد بن الحسن بن دريد ١٥٣
محمد حسن الناظر محمد العلوي البغدادي محمد الحسن العلوي ١٥٨
محمد الحسن القزويني محمد الحلي فخر المحققين محمد البارفروشي محمد الحسن الطبسي محمد بن الحسن الطوسي (الشيخ الطوسي) ١٥٩
محمد بن الحسن الحر العاملي ١٦٧
محمد حسن آل ياسين محمد بن زين الدين محمد الكوثراني محمد القرشي البزاز محمد الطبرسي ١٧١
محمد بن الحسن الحسيني محمد المقابي البحراني محمد بن الحسن المشهدي محمد بن حسن آل طاووس محمد حسن الشيرازي محمد حسول الرازي ١٧٢
محمد حسن خان محمد عسكر السمناني محمد جمال الدين الاخباري محمد الرضوي حاجي ١٧٣
محمد حسن محبوبة محمد حسن محبوبة النجفي محمد حسن خان محمد حسن كبة ١٧٤
محمد الشاطري البحراني محمد حسن الدزفولي محمد القزويني الحائري محمد حسن الحداد ١٧٨
محمد حسن سميسم ١٧٩
محمد حسن الخوانساري محمد حسن القصير محمد الباغندي محمد باقر العراقي محمد باقر اللكهنوئي محمد أشرفي ١٨٠
محمد الفاضل الإيرواني محمد القائني البرجندي محمد النصير آبادي محمد باقر شاه الهندي محمد باقر زين العابدين اليزدي محمد باقر الرشتي ١٨١
محمد باقر الجيلاني محمد باقر الرضوي محمد باقر البهبهاني محمد باقر المجلسي الثاني ١٨٢
محمد باقر الصدر الكاظمي ١٨٤
محمد باقر الرضوي المشهدي محمد باقر الموسوي محمد باقر الكلبايكاني محمد باقر نور الدين محمد باقر النواب المرعشي محمد باقر اللاهجي محمد باقر الحسيني المازندراني محمد الطباطبائي الحسني ١٨٥
محمد باقر المكي محمد باقر الأصفهاني محمد باقر الهروي محمد باقر الهز جريبي محمد باقر اليزدي ١٨٦
محمد باقر الخونساري محمد البصروي اليزدي باقر النجم آبادي محمد باقر الآخوند محمد باقر السلماسي محمد باقر الشبيبي محمد باقر الطوسي محمد باقر التستري محمد باقر الغازي محمد باقر الحسيني محمد باقر الحسيني الأصفهاني ١٨٧
محمد باقر المازندراني محمد الحسيني المرعشي محمد الرضوي القمي محمد اللاهيجي محمد الشفتي الرشتي محمد السبزواري محمد الموسوي الحكيم ١٨٨
محمد باقر الخراساني محمد الموسوي الشيرازي محمد البهاري الهمداني محمد عبد الرزاق اللاهيجي محمد المير الداماد محمد الكرمرودي ١٨٩
محمد الرضوي الحسيني محمد رضا الأردكاني محمد بحر الشيباني محمد البحراني محمد بلبان الكركي محمد التبريزي محمد التربني محمد الهريسي ١٩٠
محمد النقوي الرضوي محمد نقي الشيرازي محمد تقي القمي محمد الشهرستاني محمد البروجردي محمد السيد حسين محمد النقوي اللكهنوئي ١٩١
محمد البجنوردي المشهدي محمد بديع الرضوي محمد تقي الاسترآبادي محمد الحائري محمد الأصفهاني محمد المجلسي الأول ١٩٢
محمد مير خدائي محمد مير شاهي محمد كلبايكاني محمد الدهخوارقاني محمد الكاشاني ١٩٣
محمد تقي عبد الله المشهدي محمد العبد وهابي محمد الرضوي توفيقي محمد الكاشاني خان محمد إسماعيل التستري ١٩٤
محمد تقي الطبسي محمد تقي الجولائي محمد الهروي الحائري محمد تقي الكلهنوئي محمد الدورقي النجفي ١٩٥
محمد مؤمن القزويني محمد الشهير بآقا القزويني محمد محسن الدزفولي محمد تقي الطبيب الشاعر محمد آقا نجفي محمد تقي الطباطبائي ١٩٦
محمد تقي بديع محمد الأردكاني محمد تقي البرغاني محمد البهبهاني محد تقي الفاضل محمد الأصفهاني ١٩٧
محمد الطهراني الأصفهاني محمد تقي النطنزي محمد الخشتي محمد النوري الطبرسي محمد تقي الحسيني محمد الجزائري الشيرازي محمد عباس المشغري ١٩٨
محمد جامه ياف محمد ابن جرير الطبري محمد العلوي الأصغر محمد الأكبر العلوي محمد الشجري محمد نعمة الله الجزائري محمد ابن فسانجس ١٩٩
محمد بن جعفر النحوي محمد جعفر البزاز القرشي محمد جعفر الرازي محمد الجناجي المحتد محمد جعفر النجفي محمد المبرقع العلوي ٢٠٠
محمد جعفر اليزدي محمد الوادعي المراغي ٢٠١
محمد بن جعفر الحائري محمد الحائري المشهدي محمد جعفر البهبهاني ٢٠٢
محمد جعفر الآبادئي محمد طاهر الخراساني محمد جعفر الكرماني محمد بن جعفر نما الحلي محمد الديباج ٢٠٣
محمد جعفر الحميدي محمد شبر العلوي محمد زاهد النجفي ٢٠٤
محمد جعفر الجويني محمد جعفر العقدائي محمد القاشاني محمد جعفر الأصفهاني محمد جعفر التبريزي محمد الاسترآبادي محد جعفر شريعتمدار محمد القزاز القيرواني محمد الشيخ رضائي محمد شاه الغازي محمد جواد مغنية ٢٠٥
محمد جواد بذقت محمد جواد البغدادي محمد الجواد الشقرائي محمد جواد علي محمد جواد شرف الدين محمد الحولاوي محمد الحسيني العاملي محمد عبد الله شبر محمد سياه بوش محمد جواد الجزائري ٢٠٦
محمد جواد كربلائي محمد جواد الكردي ٢٠٨
محمد جواد فضل الله ٢٠٩
محمد جويبر الحسني محمد نجيب مروة ٢١١
محمد بن الحسين الشريف الرضي ٢١٦
محد حسين العلوي النسابة محمد حسين شمس الدين ٢٢٤
محمد حسين الدهلوي محمد الديلماني الجيلاني محمد ابن الشيبة محمد حسين الطوسي ٢٣١
محمد حسين الشيرازي محمد حسين الفشاركي محمد حسين الشهرستاني محمد حسين الطالقاني محمد حسين القمشي ٢٣٢
محمد حسين الشوهاني محمد الكازروني محمد النقوي النصير آبادي محمد حسين درباغي محمد بن حسين بن الصلت محمد حسين الخزاعي محمد حسين الفروغي محمد حسين العقيلي محمد حسين الرازي محمد صادق الاردشاني ٢٣٣
محمد حسين البهائي ٢٣٤
محمد حسين شرارة محمد حسين الكيدري البيهقي ٢٥٠
محمد الحسيني الأفطس محمد مروة الزراري محمد الكربلائي محمد مفيد القمي محمد حسين المشهدي محمد حسين التستري محمد حسين الرازي محمد حسين التبريزي ٢٥١
محمد حسين التبريزي محمد الموسوي الجزائري محمد حسين اليزدي محمد حسين الحائري محمد إبراهيم الهاشمي محمد فلحة الميسي محد حسين الآبي محمد حسين الطريحي محمد الحسيني المرعشي محمد حسين القايني محد القرشي الساوجي ٢٥٢
محمد حسين الجواهري محمد حسين السبزواري محمد حسين البارفروشي محمد حسين الخاتون آبادي محمد حسين المجلسي ٢٥٣
محمد حسين التفليسي محمد حسين الكيسكي محمد حسين النوري محمد حسن الكرهرودي محمد اليزدي الحائري محمد حسين الطباطبائي ٢٥٤
محمد رحيم البروجردي محمد حسين الآقا محمد حسين الشيرازي محمد حسين ابن العميد محمد حسين الميسي محمد حسين أبي خميس محمد حسين جبري محمد حسين الكرماني ٢٥٦
محمد حسين الشيرازي محمد حسين نيل فروش محمد حسين الأعسم محمد حسين هاشم العاملي ٢٥٧
محمد حسين الحسيني محمد الحسيني العاملي محمد حسين عبد العظيمي محمد حسين مروة ٢٥٨
محمد حسين الحر محمد حسين كمونة محمد حسين الحسيني النجفي ٢٥٩
محمد حسين القزويني محمد حسين السيفي محمد حسين الجنوشاني محمد حسين القزويني محمد حسين عبد الله الأمين ٢٦٠
محمد حسين ذو الدمعة العلوي محمد الرضوي ٢٦١
محمد الجزيني العاملي محمد الحسيني الآصفي محمد عرمة الحسيني محمد بن حماد ٢٦٢
محمد حمدان الحمداني محمد بن أعين الشيباني محمد بن حمزة الحسيني محمد بن حمزة الهاشمي ٢٦٣
محمد بن حمزة المطبقي محمد الحسيني مجدي محمد الأهوازي الحلي (الملا) ٢٦٤
محمد عبد الله الحميري محمد الحياني العاملي ٢٦٩
محمد الحسني النائيني ٢٧١
محمد بن حيدر الحسني محمد حيدر الجنابذي محمد حيدر داماد حكيم محمد الموسوي العاملي ٢٧٢
محمد خان قدسي مشهدي محمد خالد البرقي محمد الخزاعي النجفي محمد الخسروشاهي محمد الطبيب الطهراني محمد خليفة السنبسي محمد خليل السكاكي محمد الداربجردي ٢٧٣
محمد خليل دبوق ٢٧٤
محمد دخيل القارشويخلي (العطار) ٢٧٥
محمد كاكويه الديلمي محمد الدقيقي الكوفي محمد النقوي اللكهنوئي محمد الرستمداري محمد شاهرخ الكوركاني ٢٧٦
محمد حسين الكيشوان ٢٧٧
محمد ابن السدرة محمد رشيد الدزفولي محمد رضا التستري محمد رضا الخزاعي ٢٨٠
محمد امين الهمذاني محمد الموسوي الشيرازي محمد العلوي الارتمياني محمد النصيري الطوسي محمد أشرف القايني ٢٨١
محمد إبراهيم السلماسي محمد رضا الحولاوي محمد خاتون آبادي محمد بحر العلوم طباطبائي محمد كاشف الغطاء محمد الحسيني الكمالي محمد رضا التبريزي ٢٨٢
محمد رضا أسد الله محمد رضا الحسيني محمد رضا نجف محمد رضا بهاء الدين محمد رضا الحر العاملي محمد رضا الآزري ٢٨٣
محمد رضا الشبيبي الجزء الرابع و الأربعون ٢٨٧
محمد بديع الرضوي المشهدي محمد رضا القمي محمد رضا الشبر الحسيني محمد رضا السبزواري محمد رضا الهمذاني محمد رضا فضل الله ٢٩٠
محمد رضا النحوي الشاعر ٢٩٣
محمد الشيرازي القوامي (صدر المتألهين) ٣٢١
محمد رضا سليمان الزين ٣٣١
محمد رضا القمشهي محمد رضا القاري محمد رضا التبريزي ٣٣٣
محمد رضا الكاشاني محمد رضا النقيب محمد رضا السمناني محمد علي السبزواري ٣٣٤
محمد رضا البسطامي محمد الرضوي محمد الرضوي المشهدي محمد الميرزا الرضوي السيد الميرزا محمد رضوي السيد محمد رضوي القصير ٣٣٥
محمد رضوي الهندي محمد الرفا الموصلي محمد رفيع الكزازي محمد رفيع الزاهدي محمد رفيع المشهدي محمد رفيع الجيلاني محمد رفيع نظام العلماء محمد رفيع الألموتي محمد الروي دشتي محمد زاهد النجفي ٣٣٦
محمد زبانة الكعبي محمد بن زبر دست خان محمد الزريجي النجفي محمد زمان الجلايري محمد زمان الحاج طاهر محمد زمان جعفر الرضوي محيي الدين ابن زهرة محمد بن زيد بن الحسن ٣٣٧
محمد بن زيد مروان محمد زيتي النجفي محمد السائب الكلبي ٣٣٩
محمد بن النيسابوري ٣٤٠
محمد الساروي محمد السبيتي محمد سريرة الجزائري محمد النبارسي الهندي محمد العامري الدمشقي محمد سعدان الضرير محمد سعيد فضل الله ٣٤١
محمد سعيد النجفي ٣٤٢
محمد سعيد طباطبائي محمد سعيد النصري محمد سعيد المازندراني محمد سعيد الزندي محمد سعيد مفيد القمي محمد محمود حبوبي ٣٤٤
محمد بن سعيد عقدة محمد زرعة الكناني محمد الغريبي الكعبي ٣٤٦
محمد بن سلمان بن نوح الحلبي ٣٤٧
محمد سليم الرازي محمد سليمان الزين محمد سليمان التنكابني ٣٥٠
محمد بن أعين الشيباني محمد بن سليمان الحمداني محمد بن سليمان بن مسلم محمد حسن آل سليمان ٣٥١
محمد زوير السليماني محمد بن السمين الحلي ٣٦٢
محمد بن سهل البحراني محمد بك سهيل النصاري محمد شجاع القطان محمد الشريياني محمد شرع الاسلام ٣٦٣
محمد الأقساسي الأديب محمد شريف صادق محمد الشريف المشهدي محمد شمس الدين الكربلائي محمد شريف خان محمد الشاهرودي محمد حسن علي الحائري محمد شفيع مقيم محمد شفيع الكركي محمد الكرخرودي محمد نعمة الله الجزائري محمد شفيع الاسترآبادي ٣٦٤
محمد شفيع الجابلقي محمد الشهشهاني محمد الشيرازي محمد الحافظ الشاعر ٣٦٥
محمد الشيرازي النسابة محمد الناصر الصغير محمد صادق المروزي محمد صادق النقوي محمد صادق البراوكاهي محمد صادق الأصفهاني محمد صادق الموسوي محمد صادق الرضوي ٣٦٦
محمد صادق فخر الاسلام محمد صادق المرعشي محمد الحائري الاسترآبادي محمد الخونساري محمد الحسني الحائري محمد حسن الطهراني محمد بن أبي الفتوح محمد المنشي الموسوي محمد الحسيني الطباطبائي ٣٦٧
محمد صادق الخونساري محمد صادق الفحام محمد صالح آل كبة محمد صالح العلوي محمد النجفي الموسوي ٣٦٨
محمد صالح الجوربارئي محمد صالح البصري محمد صالح المشهدي محمد صالح القزويني محمد صالح المازندراني محمد صالح الأصفهاني محمد صالح البرغاني ٣٦٩
محمد صالح التربتي محمد صالح الخلخالي محمد صالح بن أبي جامع ٣٧٠
محمد صالح القزويني محمد صالح الستري محمد صالح الحسيني محمد صالح الحسيني خاتون آبادي ٣٧١
محمد صالح القزويني محمد صالح نقي طباطبائي محمد صالح الهروي محمد صالح الزنجاني محمد صالح الكرمنشاهي ٣٧٢
محمد بن صدقة محمد منصور الأسدي محمد شكس خان المرعشي محمد الصقري محمد بن ضبعان ٣٧٤
محمد طه النجف محد حسين الشيرازي محمد الأردبيلي المشهدي ٣٧٥
محمد طاهر التستري محمد طاهر الدزفولي محمد باقر المجلسي محمد الطباطبائي محمد ميرزا جلوة محمد الطبيب المولى محمد الطبيب ٣٧٦
محمد الطبيب الشيرازي محمد عادل علامي محمد عاشور الكرمنشاهي محمد العاملي الشيخ محمد العاملي محمد عباس الخوارزمي ٣٧٧
محمد الأبيوردي الأموي محمد العباس محمد عباس ابن الحجام محمد الشوشتري محمد السنجري محمد عبد الجبار محمد العلوي الفاطمي محمد القرميسيني ٣٧٩
محمد الطيار الكربلائي محمد عبد الرحمن الحلي محمد بن معروف محمد ابن قريعة محمد بن قبة الرازي محمد السماوي النجفي محمد الموسوي العاملي محمد العباسي البغدادي ٣٨٠
محمد الشهشهاني الأصفهاني محمد القزاز التبريزي محمد البهبهاني محمد بن عبد الفتاح التنكابني محمد آل عبد الجبار القطيفي محمد الجيلاني التنكابني محمد طباطبائي التبريزي محمد أسد الله الحسني ٣٨١
محمد الحسيني المرعشي محمد ماجيلويه محمد الأصبهاني محمد بن أبي عقيل محمد عبد الله السوسي ٣٨٢
محمد البحراني السبعي ٣٨٣
مجد الدين الحسيني البلخي محمد عبد الله البازيار محمد عبد الله الشيباني محمد آل مظفر محمد ابن الابار الأندلسي ٣٨٤
محمد زهرة الحسيني ٣٨٨
محمد عبد الله البحراني محمد عبد الله البهبهاني محمد عبد الله العلوي محمد عبد الله الحسني ٣٨٩
محمد عبد الله بن زرارة بن أعين محمد ابن الشيص محمد الأفطس العلوي محمد عبد الله الأصبهاني محمد الخطي ٣٩٠
محمد الحاكم النيسابوري محمد عبد الله بن جعفر ٣٩١
محمد عبد المطلب الشيباني محمد عبد الملك بن أبي جرادة محمد الصانع النيسابوري محمد العبودي النجفي محمد عبد الواحد البغدادي ٣٩٢
محمد الطبري النحوي محمد عبد الوهاب القزويني ٣٩٣
محمد عبد الوهاب الهمداني ٣٩٤
محمد ابن التعاويذي ٣٩٥
محمد العلوي البلخي ٣٩٧
محمد عبيد الله الأشتر محمد القرشي السلامي محمد الحسن النصيبي محمد المختار العبيدلي محمد عرفي الشيرازي محمد العسيلي العاملي ٣٩٨
محمد الحسيني الرضوي محمد العطار البغدادي محمد العطار حيدر الحسني محمد عقيل الصادقي ٣٩٩
محمد علي عثمان الكراجكي ٤٠٠
محمد الكنتوري محمد العكام النجفي محمد كاظم الشيرازي ٤٠١
محمد صادق الحسيني محمد محمد بن مخلد محمد يحيى المعادي محمد البهاري محمد الأردستاني محمد خواند مير بن همام محمد الأشعث الكوفي ٤٠٢
محمد خلق البصروي محمد تقي القمي محمد المختار النائيني محمد الموسوي الشيرازي محمد بن الوحيد البهبهاني ٤٠٤
محمد الخونساري محمد رفيع الأصفهاني محمد السجاد العلوي محمد عصام الكليني محمد الثقفي الطوسي ٤٠٥
محمد مجير العنقاني محمد محمد الفارسي محمد باقر الرضوي محمد الداربلي ٤٠٦
محمد الأعرجي النسابة محمد محمد اللاهيجي محمد مكي العاملي محمد محمد أمان محمد ميرزا مظفر محمد ابن الهبارية محمد الأشرفي محمد القمي المشهدي ٤٠٧
محمد الشهابي الكرنبي محمد هاشم الحسيني محمد محمد الدامغاني محمد بحر العلوم ٤٠٨
محمد تقي الطباطبائي محمد نور الدين شرف الدين محمد المبرقع الرضوي محمد مؤمن القاشاني محمد النقيبي محمد المؤذن العاملي محمد حماد الجزائري ٤٠٩
محمد لويزان الحسيني محمد جواد الحسيني محمد محمد شاهنشاه محمد الفاضل الإيرواني محمد محمد التبريزي محمد مكي الحر العاملي محمد محمد بن مكي ٤١٠
محمد محمد الاسترآبادي محمد المدني السرخسي محمد الجهني القزويني محمد الأفطسي العلوي محمد نصير الجيلاني محمد التستري اللكهنوئي محمد الفضل العبيدلي محمد زهرة العلوي ٤١١
محمد هادي النائيني محمد الخراساني الكاخكي محمد الحسني السفي محمد خاتون آبادي محمد المستوقي محمد محمد الرضوي ٤١٢
محمد الحسيني البعلي محمد مجتهد تبريزي محمد الرازي البويهي محمد الأعسم الزبيدي محمد الغد شكوئي محمد نفيع الحلي الجزء الخامس والأربعون ٤١٣
محمد زمان الكاشاني محمد طاهر القمي محمد علي الكاشاني محمد الخونساري محمد الكاشاني الحلي محمد المحقق الطوسي (نصير الدين) ٤١٤
محمد العنقاني العاملي الشيخ المفيد محمد ٤٢٠
محمد العاملي التبنيني محمد العودي الجزيني ٤٢٤
محمد الجرجاني ٤٢٥
محمد صادق الشيرازي محمد علي الأصفهاني محمد ماجيلويه محمد البلاغي ٤٢٦
محمد محسن الأعرجي محمد الميرزا الاخباري محمد علي البلداوي محمد العلوي محمد شبيب الصعبي محمد علي الشاهرودي محمد يحيى القبيسي محمد الخسروشاهي محمد ابن نجدة هزيمة ٤٢٧
محمد علي جناح ٤٢٨
محمد الكشميري اللكهنوئي ٤٢٩
محمد التولاني البصري محمد علي خان محمد المولوي الهندي محمد سعد الجزائري ٤٣٠
محمد اللويزاني الجباعي محمد شريف اللاهيجي محمد علي آل كشكول محمد العلوي النسابة محمد علي بن حيدر ٤٣١
محمد علي السهودري محمد علي الكربلائي محمد التوني الخراساني محمد بن أبي قرة القناني محمد بن علي بن يعقوب محمد العلواني البعلبكي محمد معية العلوي محمد ابن الرفاعي محمد مهدي الخونساري ٤٣٢
محمد بن علي الأشرف محمد الأقساسي الحسيني محمد الطباطبائي اليزدي محمد الفضل الدهقان محمد المحسن الحلبي محمد معمر الكوفي محمد آل أبي شبانة محمد شرف الدين نصر الله محمد علي الجواليقي ٤٣٣
محمد علي العلوي محمد علي جمهور الأحسائي محمد اللمومي النجفي محمد البصري الدؤاودي ٤٣٤
محمد بن الحنفية ٤٣٥
محمد بن علي العلوي محمد بن علي القنبري ٤٣٦
محمد علي ابن العظيمي محمد عبدك الجرجاني ٤٣٧
محمد رفيع الدين الجيلاني محمد علي الاردبادي محمد علي الأعسم ٤٣٨
محمد علي ابن حميدة محمد علي الأردبيلي محمد علي عبد العظيمي ٤٤٢
محمد خلف الواسطي محمد الطباطبائي الحائري محمد الجهاردهي ٤٤٣
محمد الكشميري القزويني محمد علي صادق مهدي محمد آل إبراهيم الحسيني محمد النيشابوري محمد بن زهرة الحسيني محمد الهمداني الرازي ٤٤٤
محمد علي عز الدين العاملي ٤٤٧
محمد علي بن نوبخت ٤٥٠

الامام السيد محسن الأمين
أعيان الشيعة
المجلد التاسع
حققه وأخرجه
حسن الأمين
دار التعارف للمطبوعات
بيروت
(٣)

بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الطبع محفوظة
١٤٠٣ ه‍ - ١٩٨٣ م
دار التعارف المطبوعات
(٤)

١: الشيخ كاظم بن حسن بن علي سبتي البغدادي النجفي المعروف
بالشيخ كاظم السبتي
ولد في حدود سنة ١٢٥٥ وتوفي سنة ١٣٤٢ في النجف ودفن بها.
عالم فاضل أديب شاعر خطيب ماهر وهو خطيب الذاكرين لمصيبة
الحسين ع في عصره ومقدمهم لا يماثله أحد منهم لا يكون القاؤه
في مجالس ذكره أقل من ساعة يصغي إليه فيها المستمعون بكلهم وبغير ملل
ويستفيدون وتفيض منهم العيون وهو مع ذلك ضعيف الصوت. وله شعر
جيد في مديح أهل البيت ع ورثائهم، عالم بالعربية يتكلم في
القائه باللغة الفصحى فلا يلحن كما قال فيه السيد جعفر الحلي:
عربي له فصاحة سحبا * ن ذكي له ذكاء اياس
مدحه في بني النبوة لا في * العبشميين أو بني العباس
تتمنى منابر الذكر أن لا * يرتقي غيره من الجلاس
وله ديوان شعر كبير في المراثي الامامية رأيناه في النجف الأشرف
بخط بعض أولاده ومن شعره قوله
وافى كتابك فاستفز صبابتي * وأهاج نار الوجد بين ضلوعي
فبكت له عيناي لا بمدامعي * لكن جرى قلبي بفيض دموعي
وقوله:
أما والحمى يا ساكني حوزة الحمى * وحاميه إذا خنى الزمان وان جارا
فان أمير المؤمنين مجيركم * وان كنتم حملتم النفس أوزارا
ومن يك أدنى الناس يحمي جواره * فكيف لحامي الجار أن يسلم الجارا
وللمترجم كما في ديوانه:
تمسك بحب المرتضى علم الهدى * فما خاب يوما من به يتمسك
وامسك أقر الله دينك بالذي * به الأرض والسبع السماوات تمسك
فلا أرشد الله امرءا غير سالك * سبيل علي وهو للرشد مسلك
فتى حار كل العالمين بكنهه * ففي أمره تحيا أناس وتهلك
وقيل في تاريخ وفاته:
منابر الدين في مأتمها * تنوح حتى قيام قائمها
تبكي على فيلسوفها أسفا * من يرقى أعلى مناسمها
تندب قوامها التقي أسى * لما هوى اليوم عن قوائمها
فقال مذ أعولت مؤرخها * عز عزاها لفقد كاظمها ٢:
السيد كاظم ابن السيد حسين الأنباري الكاظمي
كان حيا سنة ١٢٢٧ ويظن انه مات في الطاعون سنة ١٢٤٦ في
تكملة أمل الآمل: عالم عامل فاضل من تلامذة السيد محسن الأعرجي من
المعاصرين للسيد عبد الله شبر ذكره السيد عبد الله شبر في بعض كتاباته. ٣:
الملا كاظم بن الله آورد الخراساني ثم الشاهرودي الشهيد
كان من أجله العلماء فقها وأصولا نزل شاهرود واتفق بينه وبين دعاة
الفرقة البابية كقرة العين مناظرات فكمن له أحدهم وكان رجلا من قواد
النظام تركيا أو كرمانيا وقتله في خارج شاهرود غيلة وكان رحمه الله في جانب
من الورع والزهد وترويج الدين وهو الذي أحيا بلدة شاهرود بميامن أنفاسه
وأسس مدرسة لطلبة العلم وخلف ولده الحاج ملا محمد علي والد الشيخ
أحمد الشاهرودي المذكور في حرف الألف. ٤:
الآخوند ملا كاظم الطهراني
توفي أواخر شوال سنة ١٢٧٢.
ذكره في كتاب المآثر والآثار فقال: من مشاهير المجتهدين في
طهران. ٥:
الآخوند الشيخ ملا كاظم، ويقال: محمد كاظم ابن الملا حسين
الهروي الخراساني النجفي
ولد في مشهد خراسان وتوفي فجأة فجر الثلاثاء ذي الحجة سنة
١٣٢٩ في مشهد أمير المؤمنين ع ودفن فيه وكان ذلك في وقت
احتلال الروس بلاد إيران فتهيأ مع جماعة العلماء للخروج واعلان الجهاد
ففاجأه الحمام واصل أبيه أو جده من هراة. قرأ المبادئ في مشهد خراسان
إلى أن بلغ الثالثة والعشرين من عمره وقد أكمل علوم العربية والمنطق وشيئا
من الأصول والفقه ثم خرج إلى العراق بطريق طهران في رجب سنة ١٢٧٧
فأقام في طهران ستة أشهر درس أثناءها بعض العلوم الفلسفية ثم فارقها في
ذي الحجة سنة ١٢٨٨ إلى النجف دار العلم ومجمع العلماء ومقصد
المحصلين فأدرك فيها الشيخ مرتضى الأنصاري واختلف إلى مجلس درسه
فقها وأصولا في حياة الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي أكثر من سنتين
وبعد وفاة الأنصاري سنة ١٢٨١ وقيام الشيرازي مقامه في رياسة الإمامية
كان أكثر أخذه عند فقربه وأدناه، وأخذ في الفقه أيضا عن الشيخ راضي
بن الشيخ محمد ولما خرج السيد الشيرازي وخرج معه أكثر تلامذته إلى
سامراء لم يخرج معه وأقام في النجف وخلا له التدريس فيها واختلف
(٥)

للاستفادة من مجلس درسه أكثر الطلاب خصوصا في الأصولين لا يكاد
يباريه في ذلك الا الأستاذان الميرزا حبيب الله الرشتي والشيخ هادي
الطهراني ثم مات الأول سنة ١٣١٣ ونكب الثاني نكبته المشهورة فانتهت
النوبة اليه وأصبح مدرس الامامية وصارت الرحلة اليه من أقطار الأرض
وعمر مجلس درسه بمئات من الأفاضل والمجتهدين وكان مجتهدا لا يفارق
التدريس في حال وتميز عن جميع المتأخرين بحب الايجاز والاختصار وتهذيب
الأصول والاقتصار على لباب المسائل وحذف الزوائد مع تجويد في النظر
وامعان في التحقيق.
مؤلفاته
١ الكفاية في أصول الفقه عليها مدار التدريس طبعت ثلاث
مرات. ٢ حاشيته على رسائل الشيخ مرتضى مطبوعة عكف الطلاب
على دراستها سنين متعددة إلى حين ظهور الكفاية ألفها سنة ١٢٩١ وتكرر
طبعها. ٣ روح الحياة رسالة تقليدية طبعت في بغداد سنة ١٣٢٧. ٤
حاشيته على مكاسب الشيخ مرتضى. ٥ رسالة الفوائد تحتوي على خمس
عشرة فائدة طبعت مع الحاشية المتقدمة ومستقلة أ في صيغ الطلب. ب
في اتحاد الطلب والإرادة. ج في الاخلال بذكر الأجل في المتعة. د في
الصلح على حق الرجوع. ه في استعمال اللفظ المشترك في أكثر من
معنى. وفي تقدم الشرط على المشروط. ز في أن المشتق حقيقة فيمن
تلبس بالمبدأ. ح في الشبهة المحصورة. ط في معنى المتعارضين.
ي في معنى المتزاحمين. ك في وجوب اتباع الظهور. ل في التمسك
بالمطلقات. م في المدح والذم في الأفعال. ن في الملازمة بين العقل
والشرع. ص في اجتماع الأمر والنهي. ٦ التكملة وهي تلخيص
تبصرة العلامة بإضافة بعض المهمات عليها طبعت في بلاد إيران سنة
وفاته. ٧ شرح التبصرة. ٨ كتاب في الوقف طبعا في بغداد في مجلد
واحد. ٩ كتاب في القضاء والشهادات لم يكمل فاحمله نجله الميرزا
محمد. ١٠ رسالة في مسالة الإجازة لم تكمل. ١١ رسالة في الرضاع.
١٢ رسالة في الدماء الثلاثة الحيض والاستحاضة والنفاس. ١٣ رسالة
في الطلاق لم تكمل. ١٤ شرح التكملة من مبحث الطهارة إلى مواقيت
الصلاة لم يكمل. ١٥ تعاليق على أسفار ملا صدر الدين الشيرازي
مدونه. ١٦ تعاليق على شرح منظومة السبزواري. ١٧ رسالة في
العدالة.
مراثيه
مما رثى به قصيدة للشيخ محمد رضا الشبيبي.
الدين فيك المعزى لو ثوى فينا * لكنهم فقد في فقدك الدينا
بالأمس كنت بعز الدين تضحكنا * واليوم صرت بذل الدين تبكينا
كانت عليك أمانينا مرفرفة * حسب المنايا فقد خابت أمانينا
اما درى نعشك الشامي سنرفعه * على العيون إذا كلت هوادينا
من للمصلين حادوا دون قبلتهم * يا كعبة المجتدي من للمصلينا
هذي قضاياك دين الحق مهملة * فمن يقيم عليهن البراهينا
ومن ينسق عقدا من جواهرها * ومن يقنن فيهن القوانينا
أخلف الدهر شيئا من كفايته * أم غاب كافلنا عنا وكافينا
من يصدر العلم ملفوظا ومكتتبا * من يبرم الحكم مفروضا ومسنونا
من المجيب إذا حنت صوارخنا * إلى الهدى ودعى للدين داعينا
تفرق الجيش جيش الله مجتمعا * وكان بالنصر نصر الله مقرونا
تبكي عليك عوادينا مهيئة * تبكي عليك الظبا تبكي عوالينا
هيئتنا واتبعنا منك آمرنا * ولم تكن قلة الأنصار تلوينا
فشيعت زمر الأصحاب صحبهم * وودعت زمر الأهلين أهلينا
قالوا الصباح به المسرى * وما علموا * يا صبح انك بالأرزاء تأتينا
فأصبحت لا الجبال الشم مسرجة * لنا خيولا ولا الدنيا ميادينا
اضحى المجاهد يدعو أين قائدنا * وطالب العلم يدعو أين هادينا
أصغوا إلى الملأ الأعلى يناشدهم * هيهات مات أبو المهدي مخزونا
عجلت يا دهر بالصمصام تثلمه * ما كان ضرك لو أمهلته حينا
كنا نود الدماء الحمر سائلة * من الرقاب فسالت من أماقينا
بعدا ليومك لا كانت صبيحته * ولا دجت بعده الا ليالينا
يوم اطل على الدنيا فأذهلها * وأصبح العالم الأرضي مفتونا
صحنا عليك به حزنا وآنسها * فهللت فرحا فيه أعادينا
يا شاربا من حياض الخلد كوثرها * سقيتنا الوجد غساقا وغسلينا
قد أرخصوا سوم نفس منك غالية * يا صفقة الدين اضحى الدين مغبونا
لم أدر حيرت فكرا أنت مرشده * فكنت ذلك لا ماء ولا طينا
إني تحيرت ما أدري أ أندبه * أم اندب السلف الغر الميامينا
أرثي به العلماء السابقين له * أرثي الأئمة بل أرثي النبيينا
قل للمساكين موتوا بعد كافلكم * وقل بني العلم أصبحتم مساكينا
مضى فأوضح للدنيا حقيقته * وكان سرا بقلب الغيب مكنونا
إليك يا موت أرواحا معذبة * خذها فقد بلغت منا تراقينا
ليس الحياة وإن طالت بطيبة * وكيف نحيا وقد ماتت معالينا
إذا تدانوا وقلنا قومنا اجتمعوا * اضحى التنائي بديلا من تدانينا
يا رب فاجعل عرى الاسلام محكمة * وهب له منك تعزيزا وتمكينا
آمين آمين لا أرضى بواحدة * حتى أضيف إليها ألف آمينا ٦:
الشيخ كاظم الدجيلي
طلبنا اليه أن يكتب لنا ترجمته حين لقاء لنا معه في بيروت، ثم توفي
بعد ذلك سنة ١٣٩٠ في النمسا ونقل جثمانه إلى بغداد فالنجف حيث دفن
فيها:
١ اسمي ونسبي وولادتي:
إني كاظم بن حسين بن عبدان الدجيلي. وقد ولدت في العاشر من
آذار سنة ١٨٨٤ ميلادية وأنا الآن في الثانية والثمانين من عمري. وكانت
ولادتي في قرية دجيل الواقعة ما بين بغداد وسامراء. وإن أبوي عراقيان
عربيان أصلهما من فخذ يعرف بالبابليين. وهو أحد أفخاذ قبيلة الخزرج
التي تسكن أراضي دجيل منذ الفتح الاسلامي للعراق. وقد انتقل بي أهلي
إلى بغداد بعد أربعة أشهر من ولادتي وسكنوا محلة الشيخ بشار في جانب
الكرخ.
٢ دراستي:
كانت دراستي في أيامي الأولى على امرأة من جيراننا فعلمتني قراءة
القرآن. وتم ذلك لي وأنا ابن سبع سنين. ثم انتقلت منها إلى معلم للبنين
عالم بالعربية فعلمني الكتابة وطرفا من العربية. ولما بلغت الخامسة عشرة

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح).
(٦)

من العمر انكببت على قراءة كتب الأدب وحفظ الشعر من قديم وحديث.
وتملكتني رغبة عارمة في نظم الشعر فشرعت في تشطير بعض أبيات من
الشعر وتخمين بعضها الآخر. ونظمت أبياتا في الغزل أذكر بيتا منها هو:
حملتني ما لا أطيق صبابة * وأنا الحمول لكل خطب يفدح
وكنت في نظم الشعر بين الضلالة والهدى والأغوار والأنجاد، ثم
بعد بضع سنين تتلمذت على السيد محمود شكري الآلوسي فاستفدت من
علومه العربية والأدبية الكثير.
ولما أعلن الدستور في السلطنة العثمانية سنة ١٩٠٨ ميلادية نظمت
أول قصيدة في هذا الشأن. كان مطلعها:
بشرى العراق وبشرى أهل بغداد * فالدهر وافي باقبال واسعاد
والبشر قد طبق الآفاق صارحة * على غصون التهاني شادن شادي
منها:
اليوم يوم من الأيام ومنفرد * فيه لعمرك بلت مهجة الهادي
اليوم أعلن دستور لسلطنة * تديرها قبله أيد لأوغاد
وصير الناس أحرارا سورسية * ولم يكونوا سوى أسرى بأصفاد
ثم اتبعت هذه القصيدة في حفل آخر بخطبة مسهبة في مقاصد هذا
الانقلاب الدستوري وفوائده.
ومنذ ذلك الحين انبعثت انظم الشعر وأقصد القصائد منه والبعث بها
إلى مجلتي المقتطف والهلال في القاهرة والمقتبس في الشام.
ولما أعادت السلطة البريطانية التي احتلت العراق أثناء الحرب
العالمية الأولى فتح كلية الحقوق في بغداد سنة ١٩٢٠ وهي التي أنشأتها
الحكومة العثمانية قبل الحرب. درست علم الحقوق فيها وتخرجت منها سنة
١٩٢٣.
٣ أعمالي الصحفية:
يرتقي عهد ممارستي المهنة الصحفية إلى سنة ١٩٠٨ حينما أصدر مراد
بك سليمان جريدة بغداد وهو من زعماء الاتحاديين وأخ لشوكت باشا
فاتح اسطنبول وأشركني ومعروف الرصافي في تحريرها. في سنة ١٩٠٩.
أصدر عبد المجيد طلعت جريدة حقيقة بالتركية والعربية فانتدبني لتحرير
القسم العربي منها.
وفي سنة ١٩١١ اقترح على الأب الستاس الكرملي مشاركته في إصدار
مجلة لغة العرب يكون هو صاحبها وأنا مديرها وأصدرنا الجزء الأول منها
في شهر تموز من تلك السنة. وبقيت مديرا ومحررا فيها حتى خاض الأتراك
غمار الحرب العالمية الأولى وجندت فيها وتوقف صدور المجلة بسبب
ذلك.
وفي سنة ١٩٢١ عينت مديرا لتحرير مجلة العدلية. وهي مجلة
شهرية حقوقية أصدرتها تلك السنة وزارة العدل. وبعد سنة من إصدارها
رأت الحكومة العراقية إلغاءها وإصدار جريدة الوقائع العراقية بدلا
منها. وجعلتها الجريدة الرسمية. وناطت مديرية تحديها بي.
٤ تدريسي العربية في جامعة لندن والملك غازي:
في سنة ١٩٢٣ طلبت جامعة لندن إلى وزارة المعارف العراقية ترشيح
من هو أهل التدريس العربية فيها. فرشحتني لذلك وتم تعيني أستاذ
للعربية في مدرسة اللغات الشرقية. وهي إحدى كليات الجامعة. وبارحت
العراق إليها في اليوم الأول من سنة ١٩٢٤. وبقيت محاضرا فيها حتى نهاية
سنة ١٩٢٩ المدرسية.
وفي سنة ١٩٢٦ أرسل الملك فيصل ملك العراق الأول ابنه غازي
للدراسة في مدرسة هارو في جوار لندن وطلب إلي تلقينه العربية فقمت
بذلك حتى سنة ١٩٢٨.
وفي سنة ١٩٣٠ عدت من لندن إلى بغداد. فرأت الحكومة العراقية
تعييني في القنصلية العراقية في القاهرة وبعد سنة عينت مراقبا للبعثات
العلمية العراقية العسكرية والمدنية في انكلترا فعدت إلى لندن وبقيت
حتى سنة ١٩٣٥.
٥ توظفي في السلك الخارجي:
إن توظفي في السلك الخارجي يرتقي عهده إلى سنة ١٩٢٧ حينما
عينت وكيلا للسكرتير الأول في المفوضية العراقية في لندن ثم قائما باعمال
المفوضية في سنة ١٩٢٨ كل ذلك كان إضافة إلى تدريسي العربية في جامعة
لندن.
وفي سنة ١٩٣٤ عينت قنصلا في خرمشهر الإيرانية إلا أني لم أذهب
إليها وبقيت في لندن وأبطل التعيين. وفي سنة ١٩٣٥ عينت قنصلا في
فلسطين. وفي أواخر سنة ١٩٣٨ قنصلا في بومبي وبعد سنة قنصلا في
كراجي. ثم في سنة ١٩٤٢ قنصلا في تبريز وفي سنة ١٩٤٥ عينت مشاورا
للمفوضية العراقية في موسكو. ثم قائما باعمالها حتى إحالتي على التقاعد في
أواخر سنة ١٩٤٨. وكنت مع هذا كله عضوا في المجمع العلمي العربي في
دمشق ونادي القلم... المركزي في لندن وفي جمعية المؤلفين
والروائيين فيها. ولم انتسب إلى أي حزب سياسي قط وأنا أعرف عدا
لغتي العربية: الإنكليزية وطرفا من الفارسية والألمانية والتركية.
٦ مؤلفاتي:
إني قد أنشأت في مدى الخمسين سنة المنصرمة كثيرا من القصائد
والمقالات في التاريخ والدين والاجتماع والصحيح والعامي في العربية.
نشر معظمه في الكتب والمجلات والجرائد المصرية والعراقية والسورية و
اللبنانية والإنكليزية وترجم بعضه إلى الألمانية. وقد ألفت كتبا لا تزال في
مسوداتها حالت دون نشرها أحوال سياسية ودينية ومالية. وهي عن
اليزيدية والصابئة والأمكنة المقدسة في العراق والوثنية في الاسلام. وعن
أدباء العراق في القرون الأربعة الأخيرة وعن تركية وانكلترا في العراق.
وروايتين بالانكليزية واحدة سينمائية وأخرى مسرحية غنائية. ولي مذكرات
عما حدث لي طوال هذه الحقبة من الزمن. لأكثر أخبارها صلة بالذين كانوا

(١) إن هذه القصيدة قد أنشدتها في أول احتفال رسمي حضره والى بغداد وقادة الجيش في سراي
بغداد وقد طبعت في اليوم الثاني منه في جريدة الارشاد لصاحبها حسين فريد وهو تركي وقد
أصدرها في بغداد عند اعلان الدستور وقد ضاعت منى ولم يبق في ذاكرتي منها سوى الأبيات
الآنفة الذكر وقد فقدت الجريدة واصلا.
(٧)

أقوياء وذوي سلطان في العراق ولكن من الأسف إن هذه الكتب المخطوطة
قد سطت عليها الأرض وأكلت فسما منها فشوهتها وأفقدت ما فيها.
وكتبت بحكم وظيفتي رئيس بعثة دبلوماسية وقنصلية تقارير
شهرية مهمة في السياسة والاجتماع والاقتصاد أرسلت بها إلى وزارة
الخارجية العراقية.
أما شعري فقد يزيد المخطوط منه أضعافا مضاعفة على المطبوع منه
وأغلبه لا يزال في أوراق مبعثرة ورغبتي تكاد تكون مفقودة في جمعه في
ديوان. وطبعه ولا بد من جمعه وطبعه. ومعظمه قصص في الدين
والسياسة وفلسفة الحياة الاجتماعية والحب الذي لا يخلو من مجون واقعي.
من قصيدة بعنوان نفوس الناس نفس حر.
لقد أحسنت صنعا وأنت تعيبها * أ من سنن الانصاف هذا نصيبها؟
تعد لها النقصان من غير حجة * عدمتك قد أسمعتها ما يريبها
وقلت بها عيب يدنس عرضها * أنيل العلى والمكرمات عيوبها؟
وما هي إلا نفس حر حبيبها * خدين الإبا وابن العفاف رقيبها
مهذبة أخلاقها وخصالها * وطيبة أردانها وجيوبها
منها... نفس عدو في ثياب صديق
ورب صديق يظهر الود والوفا * وعقربه في الغدد دب دبيبها
يجئ بوجه ضاحك متبسم * ومهجته حد الجوى يستديبها
فما هو الثعلبان بوده * وما هو إلا في العداوة ذيبها
يراك فيولي نفسك العز والإبا * وسرعان ما أن غبت عنه يغيبها
تداريه بالمعروف شان أخي الحجى * فتنظره أفعى حدادا نيوبها
وإن سامك الدهر الخؤون بغدره * ونالتك من سود الليالي خطوبها
تراه من الخلان أول شامت * يثير اسودا لا يهون وثوبها
وعاد له ظفر وناب ومنسر * بجلدك دون الناس باد نشوبها
منها... نفس كريم
واصيد جم العلم والحلم والندى * له همة ليث العرين مهيبها
يجود ببذل النفس بعد نفيسة * إذا عم أرض الرافدين حروبها
يروح إلى دور المساكين زائرا * حتى آن من شمس النهار مغيبها
ويفقدهم بالبرقي كل ليلة * فيأتي اليتامى البائسين نصيبها
وكان يدا دون الصحاب وجنة * ترد سهاما للزمان تصيبها
يقول له اللاحي دع الصدق جانبا * وداهن فأحظى ذي البرايا كذوبها
لعمرك ما في الناس غير مداهن * وأعدى عدو للصحاب قريبها
وإن أنت تصفي للصديق مودة * فإنه بالكره الشديد يشوبها
فقال له والغيظ لاح بوجهه * عدمت الحجى ذي حالة تستطيبها
فخذني بفعل العذر إن كنت مشفقا * وإلا فصدقي زلة لا أتوبها
ومن يبتل الأصحاب في حالة الوفا * فلم يلغه عمر الزمان نسيبها
منها:
نفس عصامي
ورب عصامي يبيت ونفسه * لها العز خل والاباء لربيبها
وقد عاش يهوى الخير حتى تحاملت * عليه صروف لا يلين صليبها
فأيقن أن لا بد في العز ذلة * ولا بد من دهيا يهب هبوبها
فقال لداعي الموت زرني فزاره * وجرعه كأسا يموت شريبها
فمات ولم تحضره عند احتضاره * إخلاء بالاحسان كان يثيبها
وما حضرته عند تشييع نعشه * كان بلادا مات فيها غديبها
فشيعه من طالبي الأجرة خمسة * وشيل على حدباء صعب ركوبها
وبات غريب الدار في بطن حفرة * يضيق على الثاوين فيها رحيبها
عليه ظلام الليل والنور واحد * وشمس الضحى إشراقها وغروبها
يجاوره فيها عدو وصاحب * وحر وعبد وغدها ونقيبها
فهم جيدة لا يعرفون زيارة * وكم من فتاة لم يزرها حبيبها
سواء عليهم في الحساب شهورها * وأيامها أعوامها وحقوبها
منها...
نفس شقي
فيا ليت شعري كيف حالة معشر * أهيل حظوظ قد علاها نكوبها
كأني بهم في قعد سجين نارها * يسعر من بعد الخمود شبوبها
اسكان بيت النار ما ذا فعلتمو * وما ذنبكم حتى صلاكم وجيبها
أ لم تحسنوا أفعالكم في حياتكم * أ لم يبر مرض الفقر منكم طبيبها
أ لم تصنعوا المعروف في كل أمة * فيه حل فيكم جرحها وندوبها
أ لم تشفقوا عطفا على كل بائس * فيشفى معناها ويكسى سليبها
فقالوا بلى والنار تلفح أوجها * لهم قديدا بعد الوضاء شحوبها
ولكننا ساداتنا خطباؤنا * بهم قد أخذنا والذنوب ذنوبها
أتونا بأقوال على الحق زورت * فظلنا نلبي حين يدعو خطيبها
ولم يك لولا مركب الجهل ما ترى * فلا لوم أن بتنا ونحن سروبها
وقال حين الاحتفال بمرور ألف سنة على ميلاد أبي العلاء المعري:
لمضي ألف من سنيك احمد * الناس تخطب في علاك وتنشد
ذي مهرجانات تقام بجلق * ونظيرها من حول قبرك تعقد
الوفد تلو الوفد جاء مشاركا * فيها وكل عن بلاده موفد
جاؤوك من شرق البلاد وغربها * وشعارهم لأبي العلاء المقصد
يحيون ذكرك بعد موتك أعصرا * طاب الممات وطاب فيك المولد
مشيخ المعرة والنوائب جمة * وكفاك إنك لم تنلك لهاين
يا صاحب العلم الغزير ومن رأى * سر الحياة حواه حتى الجلمد
والخلق لا يقنون بعد مماتهم * لكنما أعمارهم تتجدد
يا من عجمت من البرية عودها * وبلوت جيلك غوروا أو انجدوا
ووصفت فلسفة الحياة بدقة * فيها تساوي يوم وصفك والغد
هل أنت تسمع منشديك قريضهم * أم أنت فان لا تعي من ينشد
أ ترى عرفت بان شعرك لم يمت * فله بالسنة الأنام تردد
شعر يهز السامعين نشيده * شعر تقوم له النفوس وتقعد
جلت معانيه وأفصح لفظه * وكأنه في السبك ثوب مؤجد
مات الملوك ولم تعش أخبارهم * وقديم ذكرك لو علمت مخلد
يروي حديثك مخلص ومنافق * ومحايدون ومفرضون وحسد
شعرا وفلسفة وزهدا صادقا * في كل عجب لمن يتفقد
لله من حيث بعيد نكته * أعلى مكانته الحجى والسؤدد
ود الملوك لو أن فضلك فضلهم * هيهات يبلغ ما يلفت السيد
خطبوا إليك ودادهم ووصالهم * فأبيته وصلهم وأنت المزهد
وغدوت عنهم راغبا مترفعا * لم يصطفك توعد وتودد
وسلكت في محياك غير سلوكهم * للعلم منك وللإله تارد
(٨)

ورغبت عن أكل اللحوم وزهادة * وعبادة وكذا التقي الأزهد
وحبست نفسك لا ترود ديارهم * حتى الممات وظل بيتك يقصد
يأتون ناديك الندي ليأخذوا * عنك العلوم كان دارك معهد
حسدتك أقوام والب غيرهم * ناسا عليك فقيل انك ملحد
وسعى لخفضك جاهل ومناوئ * وبقيت رغمهما وأنت الأمجد
الناس فيك مؤالف ومخالف * ومفكر في أمره متردد
وكذا العظيم بموته وحياته * ناس تواليه وناس تحسد
شاهدت شر الناس في أفعالهم * والشر في خير الطبائع يوجد
فنقدتهم نقدا أتنزه عن هوى * في النفس أو عما يريد المغس
وسخرت من فتك الطغاة وبطشهم * لم تخشهم ان أبرقوا أو أرعدوا
هذي لعمرك جرأة نبوية * عن نيلها قصر الشجاع الأيد
وقال وهو في مدينة على شاطئ الريفييرا الفرنسية:
ملاعب انس لا يغيب لها ذكر * وعهد صبى لم ينس أيامه الدهر
سمدت بها في نيس غير مفكر * أطال علي الليل أم طلع الفجر
وما نيس إلا الحسن معنى وصورة * يضاف اليه السحر والشعر والخمر
وما هي في الدنيا سوى نزهة الورى * تجمع فيها اليسر والخير والشر
بها للملاهي والغرام مرابع * يعوج إليها الغير والفتية الغر
يحج إليها الناس من كل بلدة * فزوارها في كل آونة كثر
هواء كما تهوى النفوس لطافة * وشمس بأيام الشتاء لها حر
صفا الجو فيها والطبيعة سالمت * سماها فلا حر لديها ولا قر
إذا راق انسانا من البرا رائق * وشاهد وجه البحر أعجبه البحر
فلا البردون البحر حسنا وبهجة * نعم كل حسن البحر يحرزه البر
بأبنية مثل الجبال شوامخ * لها قبب من دونها يقع النسر
حدائق غلب قد تنوع زهرها * وما أصغر منها النبت أو ذبل الزهر
يقام لها عيد بآذار حافل * يباح لآهليه التمسخر والوزر
يؤلف كل موكبا من زهورها * وغايته مما يؤلفه النصر
يصولون بالأوراد صولة جحفل * فجيشهم مجر وزجفهمو زجر
دع الوصف لا أقوى وصف حزبهم * ولو قام في اسعافي النظم والنشر
إذا ضاق صدر المرء في نيس ساعة * ففي المنتكارلو لا يضيق له صدر
هناك يلاقي المال جل جلاله * له النهي في تلك المبليدة والأمر
وينظر ثم الناس من كل أمة * قد ازدحموا فيها ونائلهم غمر
وللقمر في شتى النوادي خطورة * يحاذر منها الليل والسيل والبحر
قياما قعودا لا يملون لعبه * وكل امرئ منهم له نظر شزر
كأنهمو ابطال حرب تصاولوا * لأموالهم كد لأموالهم فر
وتلقى الغواني خلفهم وأمامهم * وأعينها حمر وأوجهها صفر
يردن شراء المال حيث وجدنه * وقد ضرهن السهد والسكر والخسر
نهاك قمار إلى منتكاروا فلعبة * لخاسره قبر ورابحه قصر
يموت انتحارا ذو غنى لافتقاره * ويثري امرئ قد كاد يقتله الفقر
وله:
لا الأهل أهلي ولا الجيران جيراني * إن لم أجد بينهم صحبي وخلاني
ولا الصديق صديقي إن فقدت به * عند الملمات أنصاري وأعواني
إني وإن كنت ميالا إلى جهتي * فقد أميل إلى غيري باحساني
حب الحقيقة يصبيني فيتركني * أحكي الحقيقة في سرو واعلان
كم قاتل وطنا باسم الحياة له * فقد أمثاله خدام أوطان
المرتجون من الأشرار خيرهم * كمن يؤلف بين الذئب والعنان
تعود الناس من صاروا مراهنة * فهم مراؤون من شيب وشبان
ما كنت تلقاه في أخلاق سوقتهم * كذاك تلقاه في أخلاق أعيان
تنازعوا لبقاء حيث لا ترة * فأصبحوا بين أصحاب وعدوان
وربما نال ذو علم مقاصده * وفا زمن دهره يوما بعدان
وله:
حديثك عن غير القوي حرام * وسعيك في نصر الضيف آثام
تحدث بمجد الأقوياء ففيهم * قعود باحكام الورى وقيام
إذا كنت بين العالمين أخا قوي * رعتك عيون الناس حين تنام
يؤله مذ صار ابن آدم قوة * وما الكون إلا قوة ونظام
حمى الفيل بأس الليث من كل طارق * ولم ينج من فتك البزاة حمام
يقولون أن الحق من فوق قوة * وما الحق إلا مدفع وحسام
ولو درسوا علم الطبيعة لانثنوا * وفيهم غرام بالقوى وهيام
بكت مقلتي لما رأتني أعزلا * وعز عليها في الظلام منام
بني قومنا إن المكائير جمة * وإن مياه الخائنين جمام
خذوا حذركم منكم ومن دخلائكم * فأكثر أبناء الدخيل لئام
إذا كانت الشورى سلاما فشاروا * نصوحا له فيما يقول ذمام
فتى عبقريا ينظر الغيب مثلما * ترى العين وجه البدر وهو تمام
عليما بأحوال البلاد دواهلها * له سيرة محمودة ومقام ٧:
الشيخ كاظم ابن الحاج محمد خليل الدولة آبادي البغدادي النجفي
عالم عامل، ومجاهد سلك جمال السالكين والعابدين، واحد العلماء
الربانيين ترك الدنيا والتجارة وهاجر إلى النجف الأشرف واشتغل بالعلم
واتصل بالشيخ الرباني الشيخ ملا حسين قلي الهمذاني النجفي وتكمل عليه
كان كثير العبادة قوي النفس في الرياضة والمجاهدة دائم المراقبة لنفسه
ذكره في تتمة أمل الآمل فقال كان ممن تذكر الله رؤيته وعلى جبينه نور ظاهر
وفي جبهته مثل ثفنة البعير من كثرة السجود وكان طويل الصمت قليل
الكلام لا يعرف إلا ما يصلحه نال من العلم ما يتمناه ولم تطل أيامه مات
في سن الأربعين في النجف الأشرف آه. ٨:
السيد كاظم ابن صاحب المحصول السيد محسن بن الحسن الحسيني
الأعرجي الكاظمي
توفي سنة ١٢٤٦.
أكبر أولاد السيد محسن، كان عالما فاضلا أصوليا فقيها من أجلاء
علماء بلد الكاظمين ع كان له ولدان السيد محمد علي من العلماء
المحققين توفي في حياته و السيد حسن مات في هذا العصر فانقطع عقب
السيد كاظم. ذكره في تتمة أمل الآمل، وقال رأيت خطه في مجموعة وهو
يدل على تبحره في الحديث كان من تلامذة أبيه السيد محسن. ٩:
الحاج كاظم المادح
كان معاصرا للسيد نصر الله الحائري وله سبعة أولاد أجلهم الشيخ

(١) اعدان (كشداد) وقد تكسر العين أول الزمان أو أفضله. يقال كان في عدان شبابه وملكه
ومنه قول الفرزدق (ككسرى على عدانه وكقيصرا).
(٩)

يحيى قال السيد نصر يمدحه وأولاده السبعة:
أ شمس ضحى أشعتها تلوح * أم المرجو كاظم السموح
فتى تخذ الصلاح له شعارا * فليس إلى الجناح له جنوح
بنوه سبعة مهما تجلوا * عشاء أسفر الصبح اللموح
وهم أيام أسبوع المعالي * وجمعتهم غدا يحيى الصفوح
وهم ابحار أرض الجود يحيي * محيطهم وفلكهم المديح
وقاهم ربهم من كل سوء * فإنهم لهذا الدهر روح ١٠:
السيد كاظم ابن السيد محمد ابن السيد نور الدين ابن السيد نعمة
الله الجزائري
كان من أفاضل عصره معروفا بالعلم والتقوى، وصفه صاحب تحفة
العالم بثاني سلمان الفارسي، وقال كان جامع الفضائل في العلم والعمل
والزهد والرياضات الشرعية عاشرته دهرا فلم أر منه فعلا مكروها مع أنه
كان في سن الشباب وما كانت الدنيا عنده تساوي جناح بعوضة وبعد ما
فرع من العلوم العربية والمقدمات والسطوح توجه إلى العتبات وسكن كربلا
وجد في الاشتغال في العلم فقرأ على علمائها كالآغا البهبهاني وصاحب
الرياض في الفقه والأصول والحديث ثم توجه إلى المشهد المقدس الرضوي
وأقام هناك لتحصيل الحكمة الإلهية والمعارف ألحقه فقرأ على العالم الرباني
الفيلسوف الميرزا مهدي الشهيد الخراساني وكان إماما في الحكميات
والإلهيات وهو الذي لقب السيد مهدي الطباطبائي ببحر العلوم لما جاء
السيد مهدي لزيارة الرضا ع وكان حيا في سنة ١٢١٦. ١١:
السيد كاظم ابن السيد راضي ابن السيد حسن الحسيني الأعرجي
توفي سنة الطاعون ١٢٤٦.
من تلامذة عمه المحقق السيد محسن صاحب المحصول كان عالما
فاضلا له مصنفات وفي تتمة أمل الآمل رأيت بخطه شرح تهذيب الأصول
للسيد العمدي فرع منه سنة ١٢٢٥. ١٢:
الشيخ كاظم ابن الشيخ سلمان آل نوح
ولد في الكاظمية سنة ١٣٠٢
خطيب المنبر الحسيني في الكاظمية، نشأ يتيم الأب فثقف نفسه على
طريقة لداته من حضور مجالس العلماء، وتتبع الكتب وتدارسها حتى غدا
خطيبا شهيرا تزدحم في أيام عاشوراء على منبره الجماهير. وقد كتب كتابا
في الرد على ابن حزم في فصل الإمامة سماه الحسم لفصل ابن حزم وهو
غير مطبوع وله ديوان شعري مخطوط يزيد على سبعة آلاف بيت.
واصل أجداده من الأهواز من آل كعب العشيرة العربية المعروفة وفي
ذلك يقول من قصيدة:
بغوا والبغي مرتعه وخيم * فلا نجحت بمسعاها البغاة
رووا عني حديثا لفقوه * لعمرو أبي لقد كذب الرواة
أبوا إلا الجفاء فأنفت عما * أذل به ومعشري الأباة
هم القوم الذين لهم صروح * على هام السماك موطدات
هم الحصن الحصين بيوم خوف * وهم غيث إذا طرقت عفاة
حمي النزال أما عم خطب * وفي يوم النزال هم الكماة
بنو كعب وغيرهم رعايا * لهم أمسوا وهم أبدا رعاة ١٣:
الشيخ كاظم ابن الشيخ صادق ابن الشيخ احمد المعروف بالهر
توفي سنة ١٣٣٣ في كربلا ودفن بها ويوافق تاريخه للحور زفوا
كاظما. كان فقيها عالما قرأ على السيد محمد حسين الشهرستاني وميرزا
محمد حسين الأردكاني والشيخ زين العابدين المازندراني، وهو معاصر
للسيد إسماعيل الصدر والسيد محمد باقر الطباطبائي والسيد هاشم
القزويني وميرزا جعفر الطباطبائي. وكانت له حوزة للتدريس في مدرسة
حسن خان وله ديوان شعر جله مدح في آل البيت ورثاء لهم ولم يطبع. وفي
الطليعة كان فاضلا مشاركا أديبا ظريفا خفيفا على ضخامة جسمه كتب له
الشيخ مرتضى ابن الشيخ عباس ابن الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء وقد مر عليه في الشتاء وهو لابس لباس الربيع:
قد لبس الكاظم بردا يقي من شدة البرد ومن بأسه
بردا من اللحم بلا لحمة ولا سدى من صنع أضراسه
ومن شعره:
هاجني من حل نجدا * لا هوى سلمى وسعدى
إن لي خشفا غريرا * أخجل الأغصان قدا
يا رعى الله غزالا * أبدا يقنص أسدا
لا يرى إلا فؤادي * لحسام اللحظ غمدا
عقرب الأصداغ منه * حرست للخد وردا
وببرق الثغر أورى * بحشا العاشق زندا
عندمي الخد ألمي * من دمي عندم خدا
ما له بعد التداني * للتنائي قد تصدى
ولييلات بنجد * يا سقى الهتان نجدا
كم بها سامرت بدرا * مسدلا كالليل جعدا
واعتنقت القد غصنا * واحتسيت الريق شهدا
وقوله:
غيداء من بيض الملاح رداح * تلوي عنان القلب وهي جماح
كم ذا اكتم صبوتي فيها وذا * دمعي السفوح لصبوتي فضاح
للكاعب النهدين شوقي وافر * ومديد طرفي نحوها طماح
ريحانة الصب المشوق وروحه * سيان عذب رضابها والراح
رقت شمائلها وراقت منظرا * وزها بروض خدودها التفاح
مالت كغصن البان رنحه الصبا * قلبي عليه طائر صداح
هذا أبو لهب بو جنة خدها * أورى الحشا والأدعج السفاح
جال الحمام بمهجتي لما غدا * في خصرها الواهي يجول وشاح
هيفاء أما قدها فشقيقة * حمرا وأما ثغرها فأقاح
فتكت كفتك يد الزمان فإنه * زمن بجائر صرفه ملحاح
أ وما درى اني بذكر المصطفى * من كل طارقة الهوان أراح
يا مرقدا ما انفك املاك السما * ولهم غدو عنده ورواح
وضريح قدس قد تسامى شانه * وبه سما فوق السماء ضراح
يا سر خلق الكائنات بأسرها * لولاك ما الأشباح والأرواح
وبليلة الإسراء كم لك مفخر * تعبت بشرح يسيره الشراح

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح).
(١٠)

أ فهل سواك لكل باب مقفل * ولفتح أبواب المنى مفتاح
وله من قصيدة في رثاء موسى بن جعفر ع مطلعها:
ما لي أبيت بحسرة وحنين * وأطيل في بالي الطلول أنيني
ومنها:
ولقد حكى الصديق يوسف إذ * أوى للسجن محبوسا ببضع سنين
لكنما شتان بينهما فذا * قد عاش أزمانا عقيب سجون
وغريب بغداد ثوى في سجنه * نائي الديار يحل دار الهون
يلقى الذي لاقاه مما ساءه * من كل هماز هناك مهين
تبت يدي السندي فيما جاءه * ولسوف يصلى في لظى سجين
ولأي وجه يلطم الوجه الذي * فاق البدور بغرة وجبين
وله:
عليك يقطب الكائنات حمى علي * اما ما رحى الأيام دارت بمعضل
سبيل نجاة الخلق فاسلك سبيله * وفي سبيل العذب تحظى بسلسل
هو الباب باب الله إن جئت مقبلا * إليه ترى الاقبال يسعى لمقبل
فيا من به ليل النوائب ينجلي * أبا السادة الأشباح والمرتضى علي
أييأس من جدوى يديك أخو الولا * وأنت أبو غوث لكل مؤمل
وحتى على العاتي الزنيم ابن ملجم * تفضلت في أفضال أكرم مفضل ١٤:
الشيخ كاظم ابن الشيخ محمد آل الشيخ خضر الجناجي
توفي سنة ١٣٣٣.
كان فاضلا شاعرا أديبا أصيب ببصره فلازم داره سنين حتى وافاه
الاجل. ومن شعره في سماور شاي:
يا قوم للصنع العجب * يزهو اصفرار كالذهب
الماء في أحشائه * والقلب منه ملتهب
وإذا تغنى صوته * يزري بمزمار القصب
وله في الغزل:
تفاحتا خديك قد صانها * سياف لحظيك وما خانها
وعقربا صدغيك لن يبرحا * ما ان غفت عيناك بستانها
كي يقطف المدنف تفاحة * مرصودة سبحان من صانها
وكيف يجنى الورد في وجنة * تحرق من قارب نيرانها
ظبي صريم شادن ربرب * أخجل نجران وغزلانها
ذي غرة غراء لو لم تبن * أنكرت الأقمار نقصانها
وقامة أزرت بسمر القنا * لكن في الأحشاء خرصانها
وميساء ان ماس بها أو مشى * تحسد بانات اللوى بأنها
وله:
الا ويح هذا الليل في كل ساعة * حكى منه يوم البعث بل مثله ألفا
كان دراريه مسامير فضة * بقبة فيروز لقد قرطت لطفا
كان البدر المنير مكبل * بسلسلة كيما يغيب أو يخفى
كان به الجوزاء خود وشاحها * من الدر لا تغنى على نهبه خوفا
كان به المريخ نار تأرجحت * بمهجة مشتاق مدى الدهر لا تطفأ
كان سهيلا فيه صب متيم * يأمل ان يلفى بطلعته ألفا
كان بنات النعش فيه لوجدها * على ميتها أسرى مكبلة صفا
كان سهيلا والسهى فيه مقتلا * مشوق لذيذ العيش لن يطعما لهفا
تشاطرني فيه ابنة الدوح عند ما * رأت كبدي الحري لواعجها الوقفا
فما زلت أشكوها الصبابة والجوى * وان الذي يبدو لدون الذي يخى
ومن مدحه قوله من قصيدة:
قد حار عقلي في هواه مثلما * حار بمدحي للزكي المجتبي
الحسن السامي الذي تخاله * في الجود بحرا زاخرا ما نضبا
ما ان رأى طالب جود مقبلا * الا وسر قائلا يا مرحبا
له على الناس أياد لم تكن * تحصى حسابا لو حسبت الشهبا
وراحة مثل السحاب لم يزل * وجه الصعيد من نداها معشبا
لو حاتم الطائي في أيامه * لجاء منه حاتم مستوهبا
أو كان معن في عطاه عالما * إذا تمنى لو اليه انتسبا ١٥:
الشيخ كاظم الشيرازي السامرائي.
عالم فاضل معاصر دقيق النظر له غور في الفقه والأصول من تلاميذ
الميرزا محمد تقي، سكن معه سامراء مدة مديدة ولازم درسه. ١٦:
السيد كاظم اليزدي يذكر في محمد كاظم ١٧:
الشيخ كاظم العميدي الشريف النجفي.
في كتاب مخطوط يظن ان اسمه كتاب الأنوار ومؤلفه من اهل القرن
الثالث عشر قال في حق المترجم: عالم كامل محقق نسابة من جملة مشايخنا
المعاصرين. ١٨:
الشيخ كاظم الأزري ابن الحاج محمد.
بيت الأزري
بيت الأزري بيت أدب وعلم وثراء. ويظهر من ورقة الوقف المشهور
الآن بوقف بيت الأزري وبعض الحجج الشرعية القديمة ان أسرة هذا
البيت كانت تقطن بغداد منذ أكثر من ثلاثة قرون قبل ذلك فلا يعلم عنها
شئ. وقد اشتهر من بين أفرادها علمان هما الشيخ كاظم والشيخ محمد
رضا ثم الحاج عبد الحسين.
نشاة المترجم وحياته
ولد الشيخ كاظم الأزري في بغداد سنة ١١٤٣ على الأصح ولم تزل
داره التي ولد فيها قائمة في محلة رأس القرية من بغداد وهي من جملة أوقاف
والده التي وقفها عليه وعلى اخوته سنة ١١٥٩. وبقي في طفولته مقعدا
سبع سنوات ثم مشى.
درس العلوم العربية ومقدارا غير قليل من الفقه والأصول على
فضلاء عصره ولكنه ولع بالأدب وانقطع عن متابعة الدرس. واخذ ينظم
الشعر ولم يبلغ العشرين عاما. كان سريع الخاطر حاضر النكتة وقاد الذهن
قوي الذاكرة كما كان محترم الجانب لدى العلماء والوجهاء من أبناء عصره
حتى أن السيد مهدي بحر العلوم كان يقدمه على كثيرين من العلماء لبراعته
في المناظرة ولطول باعه في التفسير والحديث ولاطلاعه الواسع على التاريخ
والسير. وكان قصير القامة مع سمنة فيه، لا يفارقه السلاح ليلا ونهارا
خشية على نفسه من أعدائه. وفي سنة ألف وماية ونيف وستين من الهجرة
حج بيت الله الحرام. وله في حجه قصيدة مطلعها:
(١١)

أنخ المطي فقد وفدت على الحمى * والثم ثراه محييا ومسلما
ثم عظم بعدئذ اتصاله بالحاج سليمان بك الشاوي الحميري الذي
كانت له الرئاسة المطلقة والكلمة النافذة في بغداد. وكان الحاج سليمان
بك يقدر فضله ويأنس بأدبه الجم ولم يزل يحمي جانبه ويدافع عنه إلى أن
توفاه الله. وكانت وفاته حسب المشهور في سنة ١٢١٢ ودفن في مقبرة
أسرته في الكاظمية غير أن الحجر الذي وجد في داخل السرداب يدل على أن
تاريخ وفاته سنة ١٢٠١ والله اعلم.
أدبه وشعره
استقبل الناس شعر الشيخ كاظم الأزري كفصل الربيع من السنة في
نسيمه المنعش وأزهاره العبقة. جاء بعد شتاء مجهد طويل لأنه جمع بين
جزالة اللفظ وجمال الأسلوب ورصانة التركيب وحسن الديباجة، وفيه
جاذبية، فالذي يقرأ قصيدة من شعره لا يتركها حتى ينتهي منها. وفيه
نشوة كالراح تدفع شاربها إلى المزيد منها ليزداد نشوة وسرورا. وأكثر
الخبراء بالأدب يعدون الشيخ كاظم الأزري في طليعة شعراء العراق وذلك
في بعض مناحيه الشعرية، ومن فحولهم البارزين في المناحي الأخرى.
ويصعب التمييز بين قصائده من ناحية السلاسة والطلاوة والرقة والانسجام
وهو صاحب الهائية التي تنوف على أكثر من خمسمائة بيت ويعرفها الناس
بقرآن الشعر وبالملحمة الكبرى وهذه القصيدة الفذة في بابها هي صدى
نفسه الكبيرة وفكره الخصب الممرع طبعت على حدة مع تخميسها للشيخ
جابر الكاظمي. اما ديوانه فقد عني السيد رشيد السعدي بطبعه سنة
١٣٢٠. وتلاقفته الأيدي بوقته ولم تبق منه نسخة معروضة للبيع ولا زال
الناس يتطلبونه ويستنسخونه. على أن الديوان لم يستوعب شعره كله بل لا
يزال عند بعض الحريصين على الأدب قسم منه غير مطبوع. وفي تتمة أمل الآمل
: كان فاضلا متكلما حكيما أديبا شاعرا مفلقا تقدم على جميع شعراء
عصره.
وقال في التتمة عن القصيدة الهائية:
كانت تزيد على ألف بيت أكلت الأرضة جملة منها كانت النسخة
موضوعة في دولاب خوفا عليها ولما أخرجوها وجدوا جملة منها قد تلف
فقدموها إلى السيد صدر الدين العاملي فاخرج منها هذا الموجود اليوم الذي
خمسه الشيخ جابر.
واليك نبذة صغيرة من شعره الذي أصبح يدور على الألسن كالأمثال
السائرة: منها قوله:
وما أسفي على الدنيا ولكن * على إبل حداها غير حاد
وقوله:
وقد تأتي الخديعة من صديق * كما تأتي النصيحة من معاد
وقوله:
ان من كان همه في المعالي * هجر الظل واستظل الهجيرا
وقوله:
لا تعجبا لفساد كل صحيحة * فالناس في زمن كجلد الأجرب
وقوله:
لا تنوحي الا علي لديهم * ما على كل من يموت يناح
وقوله:
ولسوف يدرك كل باع بغيه * المرء ينسى والزمان يؤرخ
وقوله:
ذريني أذق حر الزمان وبرده * فلا خير فيمن عاقه الحر والبرد
وقوله:
فتيقظ إذا رأيت عيون * الحظ يقظى ونم إذا الحظ ناما
وله من قصيدة يمدح بها سليمان بك الشاوي الحميري.
بأي جناية منع الوصال * أ بخل بالمليحة أم دلال
تحرم ان يمس النوم جفني * مخافة ان يمر به خيال
وفي الركب اليمانيين خشف * بحبات القلوب له اكتحال
يغص شتيته بنمير عذب * لاحناء الضلوع به اشتعال
تراءى السحر من عيني غرير * يترجم عنهما السحر الحلال
ويثمر غصنه قمرا منيرا * قليل ان يقال له كمال
يمينا ان في برديه نشرا * كما هبت بغالية شمال
وفي ديباجتيه فتات مسك * يقال له بزعم الناس خال
وفي عينيه نرجسة ذبول * تعلق في القلوب لها ذبال
وفي الحدق المراض بدا عجيب * شفاء للنواظر واعتلال
فسادي في محبته صلاحي * وفي عوج القسي لها اعتدال
يمج لعابه عسلا وخمرا * تفانت في طلابهما الرجال
وفيه كل جاذبة اليه * الا الله ما صنع الجمال
وقالوا لو سلا لأصاب رشدا * لقد كذبوا وبئس القول قالوا
أ تحسب ان بعد الدار يسلي * نعم للعاشقين بها انسلال
ويوم مثل أجياد العذارى * يقلده من البيض الوصال
شربت به على نغم الأغاني * عقارا للعقول بها اعتقال
هواء في الأكف له جمود * وتبر في الزجاج له انحلال
ظللنا تحت حلته نشاوى * ومن خيم الغمام لنا ظلال
وغنى العود مرتجلا علينا * وللورقاء في الورق ارتجال
وقد مالت عمائمنا بسكر * تمكن في الرؤوس لها مجال
الا يا مالكي هبني لوجه * بمثل هواه طاب الاعتزال
جفونك أيها الرشا المفدي * حسام الله ليس له انفلال
وركب في هواك سروا حيارى * يميل بهم نسيمك حيث مالوا
يذكرهم حديثك يوم حزوى * فتنهتك البراقع والحجال
يرجلهم هواك بلا اختيار * وتخلع في طوالك لهم نعال
أنلتك هذه روحي فخذها * وقل من الحياة لك النوال
تركت بك الجدال بلذ عيش * ولولا الحمق لم يكن الجدال
أعينونا على كبد تلظى * عسى ان يدرك الظما الزلال
وقد طاب الحديث بذكركم لي * فوا طرباه ان صدق المقال
ولا تنسوا تطلعنا إليكم * لكل مغيب شارقة مال
ولم انس الوداع وقد رجمنا كذا * وجد بجيرة الحي ارتحال
وقد غفلت عيون الركب عنا * فانعم بالسلام لنا غزال
مضت تلك الظعون فلا التفات * إلى تلك الديار ولا انفتال
رعى الله الجمال فكم لديه * مواقع عثرة لا تستقال
هوى كالمزح أول ما تراه * مداعبة وآخرة قتال
(١٢)

وما انا والهوى لولا قدود * مهفهفة وارداف ثقال
فكم صير بنى في الجو بيتا * فأسلمه إلى الشرك اغتيال
أراه وباله طمع مبيد * وغاية صاحب الطمع الوبال
نشدتك هل على الدنيا خليل * أخو ثقة يسد به الخلال
كذبت إذ ادعيت له وجودا * ولكن هكذا ابدا يقال
تأن على الأمور تنل مداها * فان البدر اوله هلال
ومن جدت مطالبه فأكدت * ولكن آفة الطلب الملال
ولا تؤيسك قارعة ألحت * وكيف وهذه الدنيا سجال
أ لم تر كيف يتلو الليل ظل * كذاك لكل مقبلة زوال
فان حاولت في الدنيا صديقا * فإنك لست تعرف ما المحال
ورب سحابة ملئت بروقا * وما كل السحاب له انهمال
يروم المرء بالحيل المرامي * وما يغني عن القدر احتيال
دعي إبلي تشق الأرض شقا * فعز الشهب في الفلك انتقال
فاما ان يبادرها نعيم * واما ان يفاجئها نكال
تريدين الإقامة والتهاني * بأرض ما بها الا الصلال
وكف أراع من خطب عقور * سليمان الزمان له عقال
سرى بالخيل موقرة نضارا * ومن عدد الورى خيل ومال
بيت نوائب الحدثان بتا * كريم لا تبتله حبال
تعرض منه للاقران بحر * تموج به الأسنة والنصال
ويسبح في غدير من دلاص * تحوم على مشارعه النبال
ولولا طبه ما كاد يرقى * من الملوين جرحاه العضال
ولا يألو لعمرك عن جميل * فتى بحر الجميل لديه آل
لكل صفات اهل المجد فضل * وأفضلها السماحة والنزال
يجدد كل آونة رسوما * من العلياء جد بها اختيال
يسهل حزنها منه أياد * بخاتمهن تنطبع الجبال
بواسم أنعم ومناخ فضل * وذروة حكمة لا تستطال
منازل تنزل الآمال فيها * وأفنية تحط بها الرحال
تسايره الروائح والغوادي * ليغشاهن منه الانتحال
وتطلع من خلال قباه شمس * مطالعها الأبوة والجلال
لنائله من الإكسير معنى له * بالشمس والقمر اتصال
أقل صفته نسب نقي * وأخلاق مضاربها صقال
أبا داود فزت بمأثرات * هي الأقمار والأيام هال
لو استهديت أعناق الأعادي * لأهدوها إليك وهم عجال
طعنت الطاعنين بطول باع * يقصر دونها الأسل الطوال
حمدتك ثم ثبت لها وفروا * ولولا القبح ما حمد الجمال
يريك الرأي صورة كل امر * وفي المرآة يرتسم المثال
جررت فيالقا لو طاولتهم * أعالي كل شاهقة لطالوا
خزنتهم فكانوا حيث تهوى * وخير خزائن الدول الرجال
يجز بهم نواصي الخيل جزا * ويصفع للملوك بهم قذال
وحسبك ان رأيك فلسفي * عليه فلاسف الدنيا عيال
ضربنا منك بالقدح المعلى * فعزت ضربة وأجاد فال
أنالتنا يداك من الأماني * أعاليها اللواتي لا تنال
فرغت من المثالث والثواني * بقلب فيه للكرم اشتغال
يمر الدهر حال بعد حال * وليس يحول من جدواك حال
وله:
وأغن لو زج السماء بنظرة * مارت كواكبها كمور رمال
قناص أسد الغاب الا انه * يرنو باحور من جفون غزال
خاض الورى من شعره وجبينه * بحرين بحر هدى وبحر ضلال
وله:
أنيخاها بمنعرج الغميم * فشم ملاعب الرشا الرخيم
منازل سالمتني في رباها * أسرة ذلك الزمن القديم
وما أنسى الغوير وان سقاني * نواح حمامه كاس الحميم
ويطرب مسمعي نقرات ورق * تردد نوحها بدجى بهيم
متى تصحو ليالينا وهلا * أفاق الدهر من سكر قديم
يعنفني اللحاة بغير علم * وكم كلم أشد من الكلوم
يحلي العين بعدكم بكاها * حلي المزن بالمطر العميم
محب ما استقال ولا تصدى * لزجر الطير من رخم وبوم
كأني يوم نشداني المغاني * سقيم يستغيث إلى سقيم
وترفع لي على طور التجلي * سنا نار تبل صدى الكليم
وتسنح لي القلائص قد تلاها * عتاق الطير تمرح بالشكيم
ارشنا نبل أقواس التصابي * فما أخطأن أفئدة الهموم
فمن ورق على ورق تغني * ومن طل على روض جميم
وفي النادي الحرام لنا أحلت * يد الزمن الكريم دم الكروم
ويوم فاختي الظل ينفي * ببرد نسيمه حر السموم
أظلتنا مدامته بوشي * من الفتيان مصقول الأديم
إذا غضبت شكوناها سريعا * إلى ابن المزن ذي الطبع الحليم
لها في الكاس ان سكبت أريج * يضيع نوافج المسك الشميم
أبت أرواحنا الا بقاء * وان وقع الفناء على الجسوم
ولي قمر سماوي المعاني * تشكل للعيون بشكل ريم
على عينيه عنوان المنايا * وفي خديه ترجمة النعيم
ومن لي ان أكون له شهيدا * عسى يبكي على الجسم الرميم
وما أنسى على خديه مسكا * تعلل منه أنفاس النسيم
وأرقني على الآثار برق * ألح مكررا خبر الصريم
الا يا برق كيف عهدت حيا * نزولا بين زمزم والحطيم
وهل قبلت عني ثغر خشف * كان الريق منه رقى السليم
أعد يا برق ذكر نجوم حي * رماني البين عنها بالرجوم
ولم يترك من العشاق الا * بقايا من جسوم كالرسوم
وهل لنزول ذاك الحي علم * بما عندي من النبأ العظيم
وهم جاروا وما عدلوا وقالوا * لمن ظلموه ويحك من ظلوم
وخذ خبر الرضاب ففيه شرح * لجالينوس في برء السقيم
لقد كانت لنا تلك المغاني * نتاج اللهو في الزمن القديم
تقاسمت الهوى نفسي فشطر * بذي سلم وشطر بالغميم
أضعت الحزم الا في امتداحي * أبا داود ذا الحزم الجسيم
وله:
هي حزوى ونشرها الفياح * كل قلب لذكرها يرتاح
مرضت سلوتي وصح غرامي * بلحاظهن المراض الصحاح
ليت شعري وللهوى عطفات * هل يباح الدنو أو لا يباح
(١٣)

يا نسيم الصبا بروضة خد * لك منها إذا اعتللت ارتياح
جز بجزوي فثم عالم لطف * من بقايا أجسامه الأرواح
هجروا والهوى وصال وهجر * هكذا سنة الغرام الملاح
أيها الورق ليس وجدك وجدي * أين من ذي الصبابة المرتاح
بت في الروض لا محاجر قرحى * من دموع ولا فؤاد متاح
لك دأب الغنا ولي النوح دأب * أين من نشاة الغناء النواح
عرجي في النقا على دار قوم * عنده يحمد المساء الصباح
وقفي منهم بوادي سلام * فيه تاوي الأرواح والأشباح
واذكريني بأفصح الذكر في * تلك المغاني إن أمكن الافصاح
لا تنوحي الا علي لديهم * ما على كل من يموت يناح
ووراء الكثيب سرحة عين * ما لها في سوى القلوب سراح
قذفتها النوى فغابت شموس * أوجه العيش بعدهن قباح
ليت شعري ما للفراق * وللأحباب ان الفراق وجه وقاح
وبذاك اللمى أحاديث ورد * شرحها للمتيمين انشراح
يا غزال الصريم يهنيك رقي * ولمثلي على الأسود جماح
لا تلمني على إباحة سري * كل عشق لأهله فضاح
ومن الظلم ان يلام بخيل * انما البخل في الملاح سماح
غر لين القوام منك أناسا * ومن البأس ان تلين الرماح
ان لله أسهما في العيون النجل * لم تندمل لهن جراح
كيف لا تملك الجاذر رقي * وقضاء الهوى قضاء متاح
يا حمام الأراك بلغ سلامي * اهل ودي فما عليك جناح
قل لهم هل رأيتم الليث ملقى * صافحته تلك اللحاظ الصحاح
فتعاطاه راحة الوجد حتى * لا هدو له ولا مستراح
كم بجنبيه للصبابة واد * كل آن حمامه نواح
جد مزح الهوى فأضنى وأفنى * وكذا أول الحروب مزاح
يا شجى القلب أين روض المنى * أم أين مني نسيمه الفياح
يا ظمي الوجد ما أرى لك ريا * بعد ثغر لماه راح براح
حبذا ليلة برامة قصر * قمر نير فيها يلاح كذا
ليلة كان لي بها ألف صبح * يا ترى ما الذي أراد الصباح
نسفتها أيدي الحوادث نسفا * مثلما تنسف الرمال الرياح
يا فريد الجمال صبرا جميلا * ربما يعقب الفساد الصلاح
وله:
زار والليل مؤذن بالرحيل * ضيف طيف مبشرا بالقبول
مرحبا بالخيال حيا فأحيا * وقضى حق مغرم عن ملول
جاء يسعى في حلتين تهاد * وتهان مبشرا بالوصال
يا خيالا الم دار خيال * هل إلي آل وائل من سبيل
ان لي بينهم فرند جمال * لاح في مرهف الزمان الصقيل
شمت من وامض الجمال بروقا * جمعت لي غرائب التشكيل
أعشق السالف الطري واهوى * ري ذاك المفلج المعسول
ويروق القد الأنيق لطرفي * لا على ضمة ولا تقبيل
وإذا الحب لم يكن عن عفاف * كان كالخمر مفسدا للعقول
لست أنسى ركائبا يوم سلع * نوخا بين رقة ونحول
نسأل الأرسم الدوارس عنهم * رب علم أصبته من جهول
أوقفتنا أزمة السلف الماضي * على دارهم وقوف خمول
فأزلنا بقية الدم والدمع * لما طل من بقايا الطلول
لا عداها حيا يجس ثراها * مثل جس الطبيب نبض العليل
يا ديار الأحباب كيف تنكرت * ومن ذا رماك بالتبديل
كنت ديباجة المنى بين خد * سندسي وسالف مصقول
فسقى ملعب الغزال وميض * يسحب الذيل من أجش هطول
ما قضت عني السحائب دينا * كان في ذمتي لرسم محيل
يا جفوني اما وقد بخل الغيث * فلا تبخلي بدمع همول
عللاني يا صاحبي فعندي * سكرة من شمائل لا شمول
عن لي في القباب من عرفات * رشا لحظة عقال العقول
قمر يقمر الفؤاد بمرآه * ويشفي بريقه المعلول
نفحتنا منه الصبا فاتتنا * من عذاريه بالنسيم البليل
بأبي اهيفا عهودي لديه * مثل خصر له ضعيف نحيل
عقدت مقلتاه وجدي ولكن * حل صبري ببنده المحلول
فهنيئا لأعين كحلتها * فتراءت من لحظة المكحول
عللاني بذكر مي الا رب * عليل يصح بالتعليل
كنت في جانب من العيش رغد * بين شرخ الصبا وصفو الخليل
ما تيقظت للنوائب الا * يوم نادى نفيرهم بالرحيل
ما سمعت العذول فيهم وما كان * صوابا الا مثال العذول
ان دهرا يذل كل عزيز * هو دهر يعز كل ذليل
أيها الواشيان لا تهزءا بي * رب عود يخضر بعد ذبول
وله:
لا تظن الخليل من رق عطفا * وحلى مبسما وراق مقولا
ليت شعري ما يرتجي من زمان * يستطب الطبيب فيه العليلا
فإذا لم تجد مكانا لجود * فمن الحزم ان تكون بخيلا
وإذا لم تكن صقيل بنان * لم يفد حملك الحسام الصقيلا
وإذا سيمت النفوس بخسف * لم يكن صبرها عليه جميلا
رب عز مستنصر بالأماني * مثل ما استنصر الزمان العويلا
وإذا لاحظتك مقلة ضيم * فاخش احداقها قنا ونصولا
رب من تطلب الإعانة منه * فتراه محاربا وخذولا
طيب الفعل من أطايب قوم * وكذا تتبع الفروع الأصولا
هو ذاك الطبيب لم يبق جسما * من جسوم الأيام يشكو النحولا
أيها الماجد المشرف شعري * حملتني يداك شكرا ثقيلا
قد كسوت الزوراء بردي سناء * وسنا خالدين لن يستحيلا
فلعمري لقد هززت العوالي * بالأيادي كما هززت الرعيلا
كيف يسري إلى نزيلك ضيم * وهو للنجم لا يزال نزيلا
شاخصا للنجوم يرقب منها * كل حين إناخة وقفولا
والليالي لا يستقر دجاها * كل يوم يريك حالا محولا
كم عليل لم يمس الا معاني * ومعاني لم يمس الا عليلا
بل إذا أنكرت حقوقك قوم * فاجعل السيف شاهدا ووكيلا
من عذيري إذا يفل حديد * ربما أعقب الضراب فلولا
وله سطوة تدك الرواسي * لو رأته لعاقها ان تطولا
آخذ ماخذ الصلاح نكول * عن سلوك الفساد ساء سبيلا
وله:
(١٤)

اني عرضت على قوم سموا حسبا * شعري فلم يشعروا هيهات موقعه
لا تعرضن على الفحام قافية * من باع درا على الفحام ضيعه
وله:
ما لي أراك تطول فخرا في الورى * قل لي بأي يد بلغت المفخرا
أ برأي رسطاليس أم برضاعه * أم لطف تبريز حكت إسكندرا
أم نسبة ملمومة بمحمد * ومحمد جد التقي بلا مرا
اما العلوم فقد جهلت وجوهها * فكان هيكل ذاته ما صورا
وكذا المناقب كلهن عدوتها * وعدتك إذ كل لكل أنكرا
والنحو ما وردت ركابك نحوه * فترى هنالك موردا أو مصدرا
ان الفخور لجائر في قصده * والله يمقت من بغى وتجبرا
فاخفض جناحك لا تكن متكبرا * ما شيمة النجباء ان تتكبرا
لا تفخرن فما يحق بمن غدا * من طينة مسنونة ان يفخرا
والمرء يفصح فعله عن اصله * وكفى بفعل المرء عنه مخبرا
وله:
عذرا إلى الشعر كم أبني بجوهره * بيتا لكل دني بيته شعر
ورب مادح قوم فوق قدرهم * أطال في هجوهم لو أنهم شعروا
وله:
من يقدم غير الحسام نذيرا * يجد الناس آثما أو كفورا
وإذا اشتقت غير طعن وضرب * فالبس الخنث واقلع التذكيرا
انما الهزل للغواني ومن كان * لأخلاقها أخا ونظيرا
وتجنب نقائص القول والفعل * ورم بالكمال ملكا كبيرا
أ ولم يدر من تواني ملالا * ان قطر الندى يعود غديرا
ان من كان همه في المعالي * هجر الظل واستظل الهجيرا
راحة المرء في الدؤوب ولولا * شدة الراح ما أفادت سرورا
اخر البيض يوم غزوك والخيل * وقدم امامها التدبيرا
ما على المبتغي إثارة عز * ان تصدى للراقصات مثيرا
والمعالي أدق من عمل الإكسير * علما ومن رأى الإكسيرا
من أعار الآمال سمعا تلقى * كلما لا يفيد الا غرورا
كل من تاجر الظبى والمعالي * أعقبته تجارة لن تبورا
وإذا الحلم لم يكن مستشارا * يوم طيش فمن تراه مشيرا
خلق العقل للقلوب أميرا * وعلى الجيش ان يطيع الأميرا
ان خلع العذار من شيم الشوس * كما شلت العذارى الخدورا
ان تحاول سلطان ملك الأماني * فاتخذ قائم اليماني وزيرا
كل قوم له نذير ولكن * خلق السيف للئيم نذيرا
يا أبا احمد الذي قد تولى * من أمور العوالم التدبيرا
اي وعينيك ان طول القوافي * تشتكي من ثنائك التقصيرا
غير اني أرحت نفث صدري * رب صدر ينفث المصدورا
وله:
آن الأوان فوفنا ميعادنا * يا ابن الوفاء ومعدن الانصاف
خفف علينا المثقلات وزن لنا * أوزان بر منك غير خفاف
اني لأرقب منك نوءا صادقا * متفجرا بالوابل الوكاف
جود تكامل في جميع صفاته * ما عابه شئ سوى الاسراف
لك في النوال عن السحاب نيابة * وخلافة جاءت بغير خلاف
أنت الملاذ لكشف كل ملمة * بل سرسر حقيقة الالطاف
لا زلت للفعل الجميل مؤاخيا * ابدا إخاء مودة وتصافي
والحر أحرى بالوفاء لعبده * صينت مواعده من الاخلاف
من معشر كانوا الهدى كانوا الفدا * كانوا المنى كانوا الغنى للعافي
وله:
ونافثة بالسحر من كلماتها * وبعض كلام الناس للب ساحر
فلا تعجبي مني بصحبة ناقص * فقد تصحب الليل النجوم الزواهر
وما رث مجدي حيث رثت ملابسي * فقد نودع الحق الحقير الجواهر
تعلم منا كل ملك سداده * وفي جودة الآراء للعمي ناظر
اخذت بأطراف البلاد كأنني * بها مثل في الشرق والغرب سائر
فما السهم حتى يرفض القوس صائب * وما السيف حتى يهجر الغمد باتر
متى يطلق المأسور منك بزورة * أ لم تدر ان الوعد للمرء آسر
ولا تيأسن من فرجة بعد شدة * فقد يرخص الغالي وتغلو البوائر
لك الود مني والنصيحة كلها * وما لك مني يا نديم السرائر
وممتلئا من كامن الغدر باطنا * تشكل منه بالأمانة ظاهر
يريك خداعا ان وجدك وجده * ويطرب لو دارت عليك الدوائر
أقام مقام الكلب عاقر وده * ومن عدة الصيد الكلاب العواقر
بسطت له وجه الرضا عابثا به * وللشهم رأي بالأحيمق ساحر
أرى الخيل لا تخفى على من يسوسها * وان حسنت للعين منها مناظر
ترى الكوكب الهادي إذا احلولك الدجى وهل نافع لولا الضياء النواظر
وألمح أعقاب الأمور بفطنة * تلوح لها قبل الورود المصادر
وقد تدرك الأشياء قبل وقوعها * وتعرف في أولى الأمور الأواخر
فدع منظري ليس الرجال مناظرا * وخذ مخبري ان الرجال مخابر
فقد تصدق الأشياء عما سمعته * وتكذب في بعض الأمور النواظر
كفى حمقا بالمرء تنفاق زيفه * على صيرفي حنكه البصائر
وإني لأدري الناس بالمكر كله * ولكن متى نال الغنيمة ماكر
ويعجبني من لا يواري صديقه * على فعل عيب وهو للعيب ساتر
ومن لج في استمطاء عشوا ركابه * ولك ركوب اللجاجة عاثر
ومن ركب الليث الهصور فلا يلم * سوى نفسه ان تدم منه الأظافر
وكم قنع بالجبن ما طال عمره * يخاف حضور الموت والموت حاضر
وللأجل المحتوم للمرء كافل * كما حفظت حوط العيون المحاجر
أرى الخير في الدنيا بطيئا مسيره * فما بال ساعي الشر بالشر بادر
وله:
لا تكثرن من الشباب وذكره * أنت ابن يومك لا ابن ماضي الأحقب
وتلاف من قبل الفوات فربما * أعياك غمز العود بعد تصلب
كم من اخ لك غير أمك أمه * تنسيك سيرته إخاء المنسب
واحفظ مغيب القوم حفظ حضورهم * أنعم بهم من حاضرين وغيب
من لم تؤدبه خلائق طبعه * ألفيته بالسيف غير مؤدب
ورأيت ألحى من لحاني صاحبي * يا نفس آن اوان أن لا تصحبي
وذري العتاب فما هنالك سامع * شرع عليك عتبت أم لم تعتبي
وبدا التساوي في المساوي للورى * شبه الأراقط ما خلت من معطب
مه يا خلي عن الشجي ولا تسل * عن موقع الأشياء غير مجرب
ومنها:
(١٥)

لا تحسبن الامر مزحة عابث * لاحت طلائعها فيا خيل اركبي
ما لليالي حاجة في عاجز * يأبى المعرس في هجير السبسب
والحزم حيزوم الأبي فخذ به * لا ترع شاءك في المكان المذئب
واحذر معاداة الرجال وادها * إن لم تكن جدة لديك فرحب
وأفطن لأدوية الأمور فإنما * سم الأفاعي غير سم العقرب
وإذا تنكه من مكان ريحه * فانحط منه إلى المكان الأطيب
وله:
ولائمة لم تدر فيما تقلني * وأي نجيب تنتحيه نجائبي
تقول أنخها واسترح من ركوبها * فجز النواصي دون جز السباسب
هي النفس لا تحمل عليها فإنها * ارق ولا من خصور الكواعب
ولست لايماض الأماني بشائم * كما لمعت في الليل نار الحباحب
وما المال الا قسمة لا تفوتها * ولو أنها نيطت بنار النوائب
ولا تتقاذفك الأماني فإنها * مصاعب لا تعطي العنان لراكب
وله:
قم يا غلام نجس نبض حظوظنا * فالجد يجدي ان رعته جدود
ليس الإصابة بالشهامة وحدها * ربما اهتدى غاو وضل رشيد
تنهى القناعة ان أفارق مسقطي * والحزم يأمر ان تجاب البيد
ان الأمور إذا جبنت شديدة * وإذا اجترأت فما عليك شديد
والجبن للانسان أشأم طائر * من أوتي الاقدام فهو سعيد
قم يا أخا خولان نعتسف الدجى * من سد باب العجز فهو سديد
وله:
كل الأمور لرأيه مشتاقة * يلمحن منه الكوكب المتوقدا
وله:
انظر إلي ولا تسل عن حالتي * فالعين ليس يفيدها ما لا ترى
النفس تأنس حيث بات حبيبها * ولو أنها باتت مجاورة الثرى
وله:
همام تزل العين عنه مهابة * ويعظم عن رجم الظنون ويكبر
وله:
عجبا لحزمهم الذي يوري المنى * كوميض برق أو كقدح زناد
اهل الحفيظة لا تزال قبابهم * دموية الاطناب والأوتاد
وله:
والحب كالأفلاك غير سواكن * لكنما غاياتهن حياد
من يستعين على الغرام بنصرة * قل المعين كقلة الأمجاد
كل الحوادث دون حاجة مسعف * تضطره الدنيا إلى الأوغاد
منها:
ان الكرام إذا سلنت طباعها * كانت شكائمها بغير جلاد
والمرء زينته بجمع ثلاثة * شرخ الشباب وصارم وجواد
منها:
والحر تصلحه الخطوب كما يشا * كافورة القرطاس مسك مداد
منها:
ان أفسدوا فالسيف يصلح بيننا * والسيف يصلح كل ذات فساد
إياك ان ترد الغدير مكدرا * واقنع من الصافي ولو بثماد
وذر التصدر في الأمور أ ما ترى * شان الملوك توسط الأجناد
منها:
والدهر في طبع الوشاة يسره * تفريق أحباب وجمع أعادي
يدني ويبعد من يشاء فلا سقي * في ذلك الادناء والابعاد
منها:
والنفس مولعة بما عودتها * فدع الطبيب وعد إلى المعتاد
واترك معاتبة الصديق إذا جنى * ما العتب غير إثارة الأحقاد
والعشق شبه دوائر فلكية * غاياتهن من المدار مبادي
وله:
وخذ التجلد في القضاء فإنما * عرق بغير تجلد لم يفصد
وله:
من القوم لا يرعون للمال ذمة * كما لا يراعي السيف ذمة جيد
ترى الحرب مغناطيسهم حيث لم تكن * طباعهم الأطباع حديد
ملوك ولكن المنايا جنودهم * ولا ملك الا باتخاذ جنود
وما كنت ممن تنثني عزماته * لحادثة أو تلتوي لحسود
ولكن من يعثر بداهية القضا * يجد من زلال الماء ذات وقود
بني حمير لا تطرحوا الحزم خلفكم * فان اطراح الحزم غير سديد
منها:
مضى كل حر طيب الفعل يشتكي * اذى كل جبار الفعال عنيد
فأين علي من مقام ابن ملجم * وأين حسين من مقام يزيد
ولم تبرح الدنيا تذل كرامها * ولا سيد الا بكف مسود
وله:
ما للفوادح نارها لا تخمد * وزفيرها بين اللهى يتردد
والدهر لا ينفك الا مبرق * ببروق صاعقة واما مرعد
والعيش مختلف المساعي تارة * تجري سفائنه وطورا تركد
والمرء ممتحن مجلة دهره * طورا بها يشقى وطورا يسعد
و على كلا الحالين لا يبقى لها * سعد يقيم ولا شقاء يقعد
وأخو الوفاء قليلة إخوانه * وأخو الحياء بها عديم مفرد
ولرب معتذر إليك ودونه * قاسي الطبيعة أفعوان أربد
وإذا رأيت العيش راقك صفوه * فتوقه ما كل ماء يورد
كرر لحاظك في الزمان أ ما ترى * ان النفوس عليه زرع يحصد
وكأنما الدنيا تقول لمن بها * عيشي وعيشك عن قليل ينفذ
لا يغررنك ما ترى من فرصة * أين الألى عمروا الديار وشيدوا
وله أيضا:
لا ترض الا بالسيوف أدلة * حيث الأمور شديدة الابهام
خذ من زمانك حذر لا متجاهل * بمكان حادثة ولا متعامي
فالدهر في فلك التقلب دائر * كالبدر بين نقيصه وتمام
زعم ابن آدم ان ينعم دائما * أين الدوام من القوام الدامي
وعقول أكثر ما رأيت مطاشة * ما ينفع الرامي بغير سهام
سفها لهذا الدهر حذوة سائل * لو يعقلون تفكهوا بحطام
(١٦)

وله:
ان كنت في سنة من غارة الزمن * فانظر لنفسك واستيقظ من الوسن
ليس الزمان بأمون على أحد * هيهات ان تسكن الدنيا إلى سكن
لا تنفق النفس الا في بلوع منى * فبائع النفس منها غير ذي غبن
ودع مصاحبة الدنيا فليس لها * الا مفارقة السكان للسكن
والعيش أنفس ما تعني لذاذته * لولا شراب من الآجال غير هني
وكيف يحمد للدنيا صنيع يد * وغاية البشر منها غاية الحزن
هي الليالي تراها غير خائنة * الا بكل كريم الطبع لم يخن
منها:
يسطو بسيفين من بأس ومن كرم * يستأصلان عروق البخل والجبن
وله:
يغرك آل تبتغي منه موردا * وذو اللب عن دعوى المحال له شغل
وتبغي بغير الجد ان تطلب العلى * ودون اجتناء النحل ما جنت النحل
منها:
إذا الحر لاقى الحادثات فإنه * بمزدحم ليث وفي حذر وعل
وله:
يا صاح لا تلق الزمان ولا تثق * بالبشر منه فإنه متصنع
وببره لا تستغر فإنه * فخ بحبته يكيد ويخدع
كم في بنيه ظالم متظلم * كالذئب يقتنص الغزال ويضلع
وله:
هذا الحمى يا فتى فانزل بحومته * واخضع هنالك تعظيما لحرمته
وان وصلت إلى حي بأيمنه * بعد البلوغ فبالغ في تحيته
واطمع بما فوق إكليل النجوم ولا * ترج الوصول إلى ما في اكلته
واحذر اسود الشري ان كنت مقتنصا * فان حمر ظباها دون ظبيته
لله حي إذا أوتاده ضربت * يودها الصب لو كانت بمهجته
بجرعة كم قضت من مهجة جزعا * وكم هوت كبد حرى بحرته
منها:
قد أنشأ الغنج شيطان الغرام به * فقام يدعو إلى طاغوت فتنته
والحسن فيه لسلطان الهوى اخذت * يداه من لك قلب عقد بيعته
أقماره الحديد الهند حاملة * تحمي الشموس العذارى في اهلته
منها:
صنتم صغار اللآلي في مباسمكم * عنه وناقشتموا ياقوت عبرته
فكوا أسير رقاد عنه رقكم * فادى جفونكم المرضى بصحته
يا حاكمي الجور فينا من معاطفكم * تعلموا العدل وانحوا نحو سنته
قلبي لدى بعضكم رهن وبعضكم * هذا دمي راح مطلولا بوجنته
أفدي بكم كل مخصور ذوائبه * تتلو لنا ذكر فرعون وفرقته
كأنما الخضر فيما نال شاركه * ففي المراشف منه طعم جرعته
أعيذ نفسي بكم من سحر أعينكم * فان أصل بلائي من بليته
اما قصيدته الهائية الكبرى التي عرفت باسم الأزرية واشتهرت
إشهارا عظيما والتي كان السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي إذا أنشدت
أمامه لا يسمعها الا قائما والتي تعتبر بحق ملحمة من ملاحم الشعر العربي
فقد بدأها بالغزل على عادة الشعر القديم وافتتحها بهذا المطلع.
لمن الشمس في قباب قباها * شف جسم الدجى بروح ضياها
وبعد ان مضى في الغزل على هذا النحو في نحو خمسين بيتا تخلص
إلى مدح النبي ص مما نأخذ منه ما يلي:
معقل الخائفين من كل خوف * أوفر العرب ذمة أوفاها
مصدر العلم ليس إلا لديه * خبر الكائنات من مبتداها
ملك يحتوي ممالك فضل * غير محدودة جهات علاها
لو أعيرت من سلسبيل نداه * كرة النار لاستحالت مياها
علم تلحظ العوالم منه خير من حل ارضها وسماها
ذاك ذو إمرة على كل امر * رتبة ليس غيره يؤتاها
ما تناهت عوالم العلم الا * وإلى ذات احمد منتهاها
اي خلق لله أعظم منه * وهو الغاية التي استقصاها
قلب الخافقين ظهرا لبطن * فرأى ذات احمد فاجتباها
رائد لا يرود الا العوالي * طاب من زهرة القنا مجتناها
لست انى له منازل قدس * قد بناها التقى فأعلى بناها
ورجالا أعزة في بيوت * أذن الله ان يعز حماها
سادة لا تريد الا رضى الله * كما لا يريد الا رضاها
علماء أئمة حكماء * يهتدي النجم باتباع هداها
ورثوا من محمد سبق أولا * ها وحازوا ما لم تحز اخراها
آية الله حكمة الله سيف الله * والرحمة التي اهدها
أريحي له العلى شاهدات * ان من نعل أخمصيه علاها
نير الشكل دائر في سماء * بالأعاجيب تستدير رحاها
فاض للخلق منه حلم وعلم * اخذت عنهما العقول نهاها
واستعارت منه الرسالة شمسا * لم يزل مشرقا بها فلكاها
بأبي الصارم الآلهي يبري * عنق الأزمة الشديد براها
جاورته طريدة الدين علما * انه ليثها الذي يرعاها
بشرت أمه به الرسل طرا * طريا باسمه فيا بشراها
وتنادت به فلاسفة الكهان * حتى وعى الأصم نداها
طربت لاسمه الثرى فاستطالت * فوق علوية السما سفلاها
لم يزالوا في مركز الجهل حتى * بعث الله للورى أزكاها
فاتى كامل الطبيعة شمسا * تستمد الشموس منه سناها
كيف لا تشتكي الليالي اليه * ضرها وهو منتهي شكواها
لا تجل في صفات احمد فكرا * فهي الصورة التي لن تراها
وبعد ذلك ينتقل إلى مدح علي ع مما نجتزئ منه بهذا المقدار:
ملك شد أزره بأخيه * فاستقامت من الأمور قناها
أسد الله ما رأت مقلتاه * نار حرب تشب الا اصطلاها
فارس المؤمنين في كل حرب * قطب محرابها امام وغاها
لم يخص في الهياج الا وابدي * عزمة يتقي الردى إياها
ذاك رأس الموحدين وحامي * بيضة الدين من اكف عداها
من ترى مثله إذا صرت الحر * ب ودارت على الكماة رحاها
ذاك قمقامها الذي لا يروي * غير صمصامه أوام صداها
وبه استفتح الهدى يوم بدر * من طغاة أبت سوى طغواها
(١٧)

صب صوب الردى عليهم همام * ليس يخشى عقبى التي سواها
يوم جاءت وفي القلوب غليل * فسقاها حسامه ما سقاها
فأقمت ما بين طيش ورعب * وكفاها ذاك المقام كفاها
ظهرت منه في الوغى سطوات * ما أتى القوم كلهم ما اتاها
يوم غصت بجيش عمرو بن ود * لهوات الفلا وضاق فضاها
وتخطى إلى المدينة فردا * بسرايا عزائم ساراها
فدعاهم وهم ألوف ولكن * ينظرون الذي يشب لظاها
أين أنتم عن قسور عامري * تتقي الأسد بأسه في شراها
فابتدى المصطفى يحدث عما * تؤجر الصابرون في اخراها
قائلا ان للجليل جنانا * ليس غير المجاهدين يراها
أين من نفسه تتوق إلى الجنات * أو يورد الجحيم عداها
من لعمرو وقد ضمنت على * الله له من جنابه أعلاها
فالتووا عن جوابه كسوام * لا تراها مجيبة من دعاها
وإذا هم بفارس قرشي * ترجف الأرض خيفة إذ يطأها
قائلا ما لها سواي كفيل * هذه ذمة علي وفاها
ومشي يطلب الصفوف كما تمشي * خماص الحشا إلى مرعاها
فانتضى مشرفيه فتلقى * ساق عمرو بضربة فبراها
وإلى الحشر رنة السيف منه * يملأ الخافقين رجع صداها
يا لها ضربة حوت مكرمات * لم يزن ثقل أجرها ثقلاها
هذه من علاه احدى المعالي * وعلى هذه فقس ما سواها
وبأحد كم فل آحاد شوس * كلما أوقدوا الوغى أطفأها
يوم دارت بلا ثوابت إلا * أسد الله كان قطب رحاها
يوم خانت نبالة القوم عهدا * لنبي الهدى فخاب رجاها
وتراءت لها غنائم شتى * فاقتفى الأكثرون اثر ثراها
وأحاطت به مذاكي الأعادي * بعد ما أشرفت على استيلاها
فترى ذلك النفير كما تخبط * في ظلمة الدجى عشواها
يتمنى الفتى ورود المنايا * والمنايا لو تشترى لاشتراها
كلما لاح في المهامة برق * حسبته قنا العدى وظباها
لم تخلها الا أضالع عجف * قد براها السرى فحل براها
لا تلمها لحيرة وارتياع * فقدت عزها فعز عزاها
ان يفتها ذاك الجميل فعذرا * انما حلية الرجال حجاها
قد أراها في ذلك اليوم ضربا * لو رأته الشبان شابت لحاها
وكساها العار الذميم بطعن * من حلى الكبرياء قد أعراها
يوم سالت سيل الرمال ولكن * هب فيها نسيمه فذراها
لا ترم وصفه ففيه معان * لم يصفها الا الذي سواها
وله يوم خيبر فتكات * كبرت منظرا على من رآها
يوم قال النبي اني لأعطي * رايتي ليثها وحامي حماها
فاستطالت أعناق كل فريق * ليروا أي ماجد يعطاها
فدعا أين وارث العلم والحلم * مجير الأيام من بأساها
أين ذو النجدة الذي لردعته * في الثريا مروعة لباها
فاتاه الوصي أرمد عين * فسقاه من ريقة فشفاها
ومضى يطلب الصفوف فولت * عنه علما بأنه أمضاها
وبرى مرحبا بكف اقتدار * أقوياء الاقدار من ضعفاها
ودحا بابها بقوة بأس * لو حمتها الأفلاك منه دحاها
عائد للمؤملين مجيب * سامع ما تسر من نجواها
أحكم الله صنعة الدين منه * بفتى ألحمت يداها سداها
لا تقس بأسه ببأس سواه * إنما أفضل الظبى أمضاها
لست أنسى للدهر رمد أماق * ما جلا غير ذي الفقار جلاها
كم عتاة أذلها بعد عز * وعفاة بعد العفا أغناها
من تلقي يد الوليد بضرب * حيدري بري اليراع براها
وسقى منه عنبة كاس بؤس * كان صرفا إلى المعاد احتساها
ورأى تيه ذي الخمار فردا * ه من الذل بردة ما ارتداها
كم نفوس تصحها علل الفقر * ولو نالها الغنى أطغاها
حسب أهل الضلال منه نبال * هي مرمى وبالها وبلاها
لذ إلى جوده تجد كيف يهدي * حلل المكرمات من صنعاها
كم له من روائح وغواد * مدد الفيض كان من مبدأها
كم له شمس حكمة تتمنى * غرة الشمس أن تكون سماها
ومن المهتدي بيوم حنين * حين غاوي الفرار قد أغواها
حيث بعض الرجال تهرب من بيض * المواضي والبعض من قتلاها
حيث لا يلتوي إلى الألف إلف * كل نفس أطاشها ما دهاها
من سقاها في ذلك اليوم كأسا * فايضا بالمنون حتى رواها
أعجب القوم كثرة العد منها * ثم ولت والرعب حشو حشاها
وقفوا وقفة الذليل وفروا * من اسود الشري فرار مهاها
وعلي يلقي الألوف بقلب * صور الله فيه شكل فناها
إنما تفضل النفوس بجد * وعلى قدره مقام علاهما
لو تراه وجوده مستباح * قبل كشف العفاة سر عفاها
خلت من أعظم السحائب سحبا * سقت الروض قبل ما استسقاها
وهو للدائرات دائرة السعد * ألا ساء حظ من ناواهما
لم يع ذلك الطبيب كلوما * قد أساءت بالدهر إلا أساها
صادق الفعل والمقالة يحوي * غرة مثل حسنه حسناها
لم تفه ملة من الشرك إلا * فض بالصارم الإلهي فاها
وطواها طي السجل همام * نشر الحرب علمه وطواهما
كم عرا مشكل فحل عراه * ليس للمشكلات الا فتاها
واسأل الأعصر القديمة عنه * كيف كانت يداه روح غذاها
بل هو الروح لم يزل مستمدا * كل دهر حياته من قواها
أي نفس لا تهتدي بهداه * وهو من كل صورة مقلتاها
وبخم ما ذا جرى يوم خم * تلك أكرومة أبت ان تضاهى
ذاك يوم من الزمان أبانت * ملة الحق فيه عن مقتداهما
كم حوى ذلك الغدير نجوما ما * جرت أنجم الدجى مجراها
إذ رقى منبر الحدايج هاد * طاول السبعة العلى برقاها
موقفا للأنام في فلوات * وعرات بالقيظ يشوي شواها
أيها الناس حدثوا اليوم عني * وليبلغ أدنى الورى أقصاها
كل نفس كانت تراني مولى * فلتر اليوم حيدرا مولاها
رب هذي أمانة لك عندي * واليك الأمين قد أداها
وال من لا يرى الولاية الا * لعلي وعاد من عاداها
أيها الراكب المجد رويدا * بقلوب تقلبت في جواها
ان تراءت ارض الغريين فاخضع * واخلع النعل دون وادي طواها
(١٨)

وإذا شمت قبة العالم الأعلى * وأنوار ربها تغشاها
فتواضع فثم دارة قدس * تتمنى الأفلاك لثم ثراها
قل له والدموع سفح عقيق * والجوى تصطلي بنار غضاها
يا بن عم النبي أنت يد الله * التي عم كل شئ نداها
حسبك الله في مآثر شتى * هي مثل الاعداد لا تتناهى
ليت عينا بغير روضك ترعى * قذيت واستمر فيها قذاها
أنت بعد النبي خير البرايا * والسما خير ما بها قمراها
لك نفس من جوهر اللطف صيغت * جعل الله كل نفس فداها
لك كف من أبحر الله تجري * أنهر الأنبياء من جدواها
حزت ملكا من المعالي محيطا * بأقاليم يستحيل انتهاها
ليس يحكي دري فخرك در * أين من كدرة المياه صفاها
يا أبا النيرين أنت سماء * قد محا كل ظلمة قمراها
لك بأس يذيب جامدة الكونين * رعبا ويجمد الأمواها
زان شكل الوغى حسامك * والرمح كما زان غادة قرطاها
لم يزل بانتظارك الدين حتى * جردت كف عزمتيك ظباها
فجعلت الرشاد فوق الثريا * ومقام الضلال تحت ثراها
فاستمرت معالم الدين تدعو * لك طول الزمان فاغنم دعاها
إنما البأس والتقى والعطايا * حلبات بلغت أقصى مداها
بأبي من له مطاعن كف * لا يداوي من الردى كلماها
ان ذات العلوم تنمى جميعا * لعلي وكان روح نماها
وكذا كل حكمة مكنته * من أعالي سنامها فامتطاها
ومتى يذكر الندى فهو لطف * ان محيي الموتى به أحياها
ولاقدامه تزول الرواسي * والمقادير تقشعر حشاها
كم له من مواهب مردفات * هي كالشمس لا يحول ضياها ١٩:
الشيخ كاظم ابن الشيخ محمود الكاظمي.
في تتمة أمل الآمل: كان عالما فاضلا فقيها محدثا طويل الباع في
الأدب والتاريخ رأيت له آثارا في الحديث والتاريخ يظهر انه من طبقة السيد
محسن الأعرجي، كان له أولاد علماء منهم الشيخ محمد علي والشيخ محمد
يوسف من المعاصرين للسيد عبد الله شبر الكاظمي. ٢٠:
السيد كاظم القزويني النجفي المعروف بالكشوان.
توفي في النجف سنة ١٢٢٩.
كان عالما فاضلا. ٢١:
كاظم علي خان الملقب بحاذق الملك.
له جامع الصناعة في الطب. ٢٢:
الشيخ كاظم ابن الشيخ طاهر ابن الشيخ حسن بن شاهي بن بندر
السوداني النجفي.
السوداني نسبة إلى السودان عشيرة عربية في العراق.
ولد حدود سنة ١٣٠٥.
أديب شاعر خطيب ذاكر لمصيبة الحسين ع، عربي الطبع في نظم
الشعر، له يد في فنونه وله مهارة في نظم الشعر الحسيني العامي وله مدائح
كثيرة في الأئمة ع، وله في الحسين ع نحو ثلاثين قصيدة وله مدائح
ومراث في بعض العلماء النجفيين وقد جمع بين الطريقة القديمة في الشعر
والطريقة العصرية.
شعره
من شعره قوله:
فاض النفاق وغاضت الاخلاق * فمتى يرجى للعراق وفاق
ولقد ابوا الا الشقاق ولم يزل * يجري شقاق بينهم ونفاق
حلى الرجال علاؤها ورجالنا * للذل في أعناقهم أطواق
اعلامنا طويت وذا علم الشقا * ويلاه فوق رؤوسنا خفاق
امناء قومي لا ربحتم انما * أنتم لصوص الشعب والسراق
يا عرب سوق عكاظكم كسدت وقد * راجت لغير علاكم الأسواق
السيف اقطع حجة وبحكمه * تمضي الحقائق والحقوق تساق
ماء الفرات وليس يحلو شربه * إلا إذا فيه الدماء تراق
شجر العراق وليت زهرك قد ذوي * غيري الثمار جنى وعنك أعاق
آنست في أحشاي غرسك ثابتا * وسقتك أعذب مائها الآماق
سمعا شباب العصر لا أعنيكم * اني وماء شعوركم رقراق
اني تجنبت القريض مذ التقت * حشدا على أبوابه الطراق
وحبست أجدله غداة بغاثة * قد أطلقت وكبا بها الاطلاق
والليث عاف الشري قد يغتدي * لبنات آوى حوله استطراق
وله من قصيدة:
وعلى الظعائن المؤلف من جاذر وجرة * حور تجد بها الجمال القود
متبرجات أسفرت عن أوجه * بيض سوى ان المحاجر سود
عمدت معرضة عوارضها وكم * قتلت لهن نواظر وخدود
من لي بها ممنوعة ووراءها * غلب كما يهوى الذمار تذود
هزوا رماحهم ومثل رماحهم * لظبائهم عند الطعان قدود
ونضوا صوارمهم ولو بعيونها * ضربوا لما فلت لهن حدود
يا عرب حسبكم البعاد ولم أخل * لكم تضيع ذمة وعهود
عودوا كما أنتم عليه من الوفا * فلعلما للوصل يورق عود
هل تسمحون بطيفكم المؤرق * يقظان شوق ما اعتراه هجود
الطرف يبكي للعقيق بمثله * وبسفحه للسفح بات يجود
وله:
قل لامرئ القيس القديم بشعره * قد بدلوك به لغير معاني
مهلا فما حطوا كرامتك التي * ضربت لهم مثلا مدى الازمان
اليوم يومهم ويومك قد مضى * والدهر من عاداته يومان
ولكل عصر شاعر وانا الذي * شهدا بنهضة شعره العصران
وله هذه القصيدة المسماة بالكندية المعارضة للدعدية:
لمن الديار سومها دثر * لم يبق من آثارها اثر
لعبت بها غير البلا عبثا * ومحا محاسن زهوها الدهر
بالأمس ليس اليوم أين وقد * راق النواظر روضها الضر
مرهوبة العرصات موحشة * أقوت ومن نزالها قفر
تتناوح الأرياح أربعة * ولكم عليها صبب القطر
مرت عليها اعصر وخلت * منها واعقب عصرها عصر

(١) جمع ظعينة وهي الهودج ويقال للمرأة الراكبة فيه - المؤلف
(١٩)

وإذا السحاب مرى التراب بدا * من محو طاسم آيها سطر
متماديا ما زلت أسألها * هل عندها من أهلها خبر
وبها مع الآرام معتكف * وكأنني من بعضها عقر
أتذكر الماضين أنشدهم * وأغلتا لو ينفع الذكر
أيام أسراب الكعاب بها * وكأنهن الكنس العفر
من كل ناشئة مرببة * يضفو عليها الدل والكبر
ويلاه من سلمى وهل علمت * منها أضر بحالي الهجر
وراء قد حسنت لواحظها * وبها حلا التشبيب والشعر
بيضاء جسم في غضارته * صافي الأديم مصلصل حر
بنت ألمها حورا ومطلعها * شمس أخو أنوارها البدر
اما النهار فوجه طلعتها * وإذا تغيب فليلها الشعر
وسوالف دبت عقاربها * ودبيبها لذوي الهوى شر
ومرجل سابت أراقمه * خذ حذرها إن أمكن الحذر
قوس يناضل وهو حاجبها * بسهام مقلتها له صر
ونواظر كعيون عبهره * سود المحاجر حشوها سحر
تعطو بجيد المشرئب وقد * نظر القنيص فراعه الذعر
والنحر ذائب فضة سبكت * بقلائد قد زانه التبر
وبأذنها قرط تزان به * فتن الأنام كأنه نسر
والأنف مثل العقد جاذبه * سلك من الياقوت محمر
والخال شرد المسك محترق * في وجنة يذكو بها الجمر
مسواكها يزداد في ارج * اني وفيه اثر الثغر
والثغر منظوم يزينه * سمط كان عقوده الدر
وبماء معصمها دمالجها * غصت وفاض شبابها الغمر
زند تواصل في ذراع يد * عدل المخط كأنه نهر
وأنامل كالخيزران فان * خصرت تلين وما بها كسر
بيض وعن يقق ترائبها * وبنانها كخدودها حمر
وبصدرها من وشمها خطط * ما خط وشامها صدر
بصحائف الكافور في قلم * البلور نقط آيها الشذر
عذراء والنهدان ما اعتصرا * ابدا ولم يرضع لها در
ممشوقة المتنين في صبب * وقد استوى بتماسه الظهر
والبطن غرثى وهي ضامرة * لا بالمفاضة قيدها شبر
والردف شفع كلما نهضت * معها بدا وقعودها وتر
والخصر وهم لا يكاد يرى * فكان لم يخلق لها خصر
فخذان عبلاوان قد فتلا * كرخامتين علاهما قصر
والساق مثل الكعب في درم * منه على خلخالها حجر
قدمان لكن بضتا ترفا * بهما تروق أنامل عشر
نشوانة الأعطاف قد ثملت * من غنجها لا ما سقى الخمر
كملت فلا حسن ولا ملح * الا واجمعه بها حصر
يعلو لها نسب إلى نسبي * لصميم كندة فيه تنجر
أخلصت ودك فيه مؤتلفا * عجبا ومنك يخصني النفر
يا هند وعدك لا يدوم ولا * ذمم توثقه ولا اصر
لا تجعلي مضناك عبد هوى * وكما علمت انا الفتى الحر
ولئن صبرت على جفاك فما * لي عن طلاب منى العلا صبر
فسلي فليس القوم تجهلني * وانا وما زيد وما عمرو
لا تجمل الانسان بزته * ما لم يجمل ربها قدر
ترد بي المطامع كلما كثرت * ومع التعفف يكثر النزر
والنفس ان قنعت فقد غنيت * شرفا وليس يشينها الفقر
لا تزهدي برياض ذي خدع * فلرب روض نبته مر
يرضيك ظاهره وباطنه * لؤم وكل فعاله نكر
انظر إلى العقبى وكن فطنا * فالامر يحدث بعده الامر
حسن الندى ببشاشة فإذا * منع الندى فليجمل العذر
قومي أعزاء ولا ذللا * يوما على شوك القنا قروا
متتبعا أقفو مآثرهم * ولئن ونيت فإنني غمر
وإلى العلاء يمت بي نسب * من كندة ولكندة الفخر
أذني لداعي المجد سامعة * لكن عن الفحشا بها وقر
هذبت أخلاقي وقد كرمت * ونفرت عمن خلقه وعر
وله أيضا في النسيب:
نعم لنزيل الحي خف قطينه * وأدلج يجدي للمسير ظعينة
سروا والنوى يسري اما ظعونهم * إلى غاية القصد البعيد شطونه
تتبعت أثراهم مجدا وأينما * تزايل يسراه معا أم يمينه
وما ضر حاديهم إذا ساق ركبه * أخو زفرة يهدي النياق أنينه
يحن وحتى العيس حنت لما به * وأبكت بنات الوكر حزنا شجونه
وفوق عروش الركب كل ابن نعمة * بضاضة غض العيش حسنا تزينه
فمن شمس حسن بدرتم عديلها * أنار دليلا للركاب جبينه
بدوا بوجوه للتبرج حسنها * ويأبى لها الكبر الذي لا يصونه
سوافر بالأصداع قد عيث الهوى * وكاد حلاها ان يرن رنينه
سلام له من سائق ما اجله * فقد حملت كل الجمام ظعونه
فديتكم هل يفتدى من غريركم * فؤاد محب بات وهو رهينه
فما صبكم عنكم صبا لسواكم * ولا هو مذموم الذمام خؤونه
ولا غيرته سورة البعد عنكم * ولا اختلفت فيكم وساءت ظنونه
تضت لبانات الهوى من ذوي الهوى * وصبكم لم تقض منكم ديونه
جنانا على مهجوركم شانه البكا * أ ما هزكم وهو الشجي حنينه
وله قصيدة يصف فيها الربيع والمطر:
بدا يزهر الربيع وقد تجلى * فأهلا فيه من باد وسهلا
ذكا دون الفصول هواه غضا * وفصل لا عدمت هواه فصلا
تنوع نيعه من كل لون * وبان مبانيا شكلا فشكلا
فما شئت انتعش نظرا وشما * فما بالظرف ما بالأنف أحلا
وغناء بحسن الروض تزهو * جلاها قين سحب المزن صقلا
تجمع فوقها من كل أفق * وقد أمسى لنازله محلا
وما برح الحيا يجري عليها * وكم منه ارتوت وبلا وهطلا
قضت وطرا من الوسمي وأخرى * تشربت الولي علا ونهلا
كلا المائين سكبا واصلاها * غداة تتابعا بعدا وقبلا
تدلت وهي حاملة عليه * ولكن أثقلت بالماء حبلى
وحانتها ولادتها فألقت * بما في بطنها للماء حملا
وما فطمت وصيبها درور * لنامي ابن الرياض الزهر طفلا
أحين تزاور الأحباب فيها * وواشينا مع الماضين ولي
وله:
(٢٠)

بغير أخلاقها لا تحفظ الأمم * هي الإرادة وهي السيف والقلم
وما مقاصد شعب أو مآربه * الا إذا منه يوما تجمع الكلم
واخيبة الشعب بين اثنين مرتبك * مقصر ويليه قاصر وجم
كان العراق ومن اثرى الوجود غنى * واليوم عض عليه البؤس والعدم
يجبي إلى غيره مال الخراج ولا * يد تصرفه من اهله وفم
من المخاطب في امن البلاد غدا * ومن لها وهي تشكو حكمها حكم
هب ما لبارحم في غير عنصرنا * أ ما بعنصرنا ما بيننا رحم
هذا عراقكم غاب لكم وحمى * والليث فيه احتراسا تحفظ الاجم
تداولته جنود القهر غاشمة * فبين من ظلموا فيه ومن ظلموا
تطرق الداء من كل العراق بنا * فكل جسم به من دائه سقم
كل الورى واحد يوما إذا افترقوا * وواحد كلهم يوما إذا التاموا
من لا يرى الامر في العقبى يرى ندما * بساعة ليس فيها ينفع الندم
باتوا ومن تعب الفلاح عيشهم * تترى عليهم بأهنى الراحة النعم
يصرم العام طرا في أشد عنا * وما له هدأت كف ولا قدم
مسخر بكنوز الأرض يخرجها * بحوثه وهي قسرا منه تقتسم
يكابد البرد جسم منه أكثره * من غير برد قد استولى به الالم
ويصطلي الحر من لفح السموم ضحى * بقائض من هجير الشمس يضطرم
فحره لهم برد وعكسهما * وبات ليس له ظل ومعتصم
سل الفرات وقد ثارت مدافعه * فمن سواهم عليها بالردى هجموا
بالأمس ثورتهم والدهر شاهدها * وقد دعتهم لها الاخلاق والشيم
تمنعوا والى أحسابهم نهضوا * والعرب تمنعها الأحساب والذم
هذي مصارع قومي فيه باقية * وفي جوانبه شقت لها رجم
ضفافة وحواليه وما ضمنا * في كل مجرى به منهم يسيل دم
قد غص في جثث القتلى ومن دمهم * تياره لا بموج الماء يلتطم
تطور الناس حتى الشعر قاطبة * لذا غدا بجديد الفن ينتظم
يا ناظم الشعر أبياتا ملفقة * الشعر ضربان ممقوت ومنسجم
لكل ناظم شعر من قريحته * معنى به يستلذ الشاعر الفهم
والرأي ما زال في الذوقين مختلفا * لكل من سمعوا شعرا ومن نظموا
ورب منتقد ما ليس يفهمه * عذرته فبسوء الفهم متهم
قل للحديث وقد جاء القديم به * ما أنت منهم وهم قد أتقنوه هم
هبوا به منكم ألفاظه اتضحت * من للمعاني وفيها يسبك الكلم
والشعر ما ضرب الأمثال سائرة * أو الذي محكمات باسمه الحكم
سلاحف الشعر في امن بأبحره * تمساحه ليس في ذا اليوم يلتقم
وقد تزف صغار الطير بارزة * إذا اختبى غائبا عن جوه الرخم
تداس عمدا ثقوب النمل هينة * ولارتياع وجار الأيم محترم
والبدر ان غاب فالأنوار باقية * فيه وما أنقصت لألاءه الظلم
وله هذه المرثية الحسينية:
بأي واد مناخ الرائد انتجعا * روضا فهل أمه بالخيف مرتبعا
يفلي الفلا تابعا للريف منتحيا * مواقع القطراني صب أو وقعا
فليت والماء من عيني له صبب * ترود عذب حيا وكافة نجعا
مضوا علي حين لا يرجى رجوعهم * ورب ماض إذا يوما مضى رجعا
وصاح في شملهم حادي النوى بددا * ان النوى آفة الشمل الذي اجتمعا
وبي كعيسهم مما نحن به * وجد يجد على آثارهم تبعا
تقول صحبي وقد أبكاهم شجني * إلى م تبكي علي أطلالهم جزعا
ما كنت أول باك فاض مدمعه * فكل شان له شان إذا دمعا
وبالمعالم عن سكانها بدل * والآل قد ينقع الصادي إذا لمعا
يا سعد خلفك مما أنت تطلبه * قد فاتك السائق الغادي وما ارتدعا
فكم لصحبك تحنانا لركبهم * تهفو إلى كل ركب منهم طلعا
فدع ركائبهم واندب بكل شجا * ركبا بجنب عراص الطف قد صرعا
باتوا ضيوفا ولا ماء لهم وقرى * الا السنان عليهم قائما شرعا
مرملين بأبراد الدما كرما * والكل خير شهيد بالدم التفعا
معفرين وكل خده شرفا * على رغام الإبا لا الذل قد وضعا
مجدلين ولو شاهدت مصرعهم * لازددت شجوا وما راء كمن سمعا
ونازلين وقد شب النزال شبا * بموقف بهم داعي المنون دعا
تليبوا بنجاد السيف وانتدبوا * له ملبين يمشون الوحي سرعا
أبت نسور الظبا مذ حلقت بهم * الا باوكان أعلى الهام ان تقعا
ومذ صقور القنا عزتي قد انبعثت * لم ترض الا بحب القلب منتجعا
صالوا بأمضى المواضي وهو عزمهم * والسيف ما زال يقفو العزم متبعا
ما كل من حمل البتار ليث وغي * ان الجبان بحمل السيف ما انتفعا
كان راياتهم قلع وخيلهم * سفائن خضن بحرا بالدم اندفعا
كان نقع الوغى والخيل تنشره * نشر تنشقه آنافهم مرعا
كان ادرابهم والصبر أحكمها * حديدها شق من أكبادهم قطعا
تاقوا إلي الله فاختارت نفوسهم * بتربة الطف وهي المسك مضطجعا
فصرعوا حيث ذاك العزم عزمهم * منه استطار إلى الحشر الردى فزعا
محلؤون عن الماء الفرات وقد * تجرعوا غصصا صاب القنا جرعا
وحائر حام بين اثنين منعطفا * لرحله والى الصحب الكرام رعا
سل الحسام وبالموت الزؤام سطا * ولم يزالا معا عند اللقا شرعي
فكل ما غام سرب من بغاثهم * جلي عليه عقاب العزم فانقشعا
فروا كأنهم شاء مزعزعة * والشاء ما حاله ان أبصر السبعا
ماضي العزيمة لا يلويه هول وغى * وعزمه قبل إنفاذ الشبا قطعا
خلت له كعبة الهيجاء منفردا * فطاف فيها على ما يشتهي وسعى
لم يلق وهو الأبي لا ضيم سلم يد * ومن يحوط على الضاري إذا امتنعا
فمن ترى مثله والحرب قائمة * يزداد عزما إذا ما جمعهم جمعا
وا حسرة الدين من سهم له شعب * رمى حسينا وفي أحشائه وقعا
فما أجل صريعا قد هوى فهوى * إلى الثرى هو والعرش العظيم معا
تحنو النسور له ظلا لتجزيه * فطالما تبعته للقرى طمعا
والخيل تكدم بالتصهال ناعية * اني وفارسها فوق الثرى صرعا
معفرا جلت البيدا أشعته * والبدر مهما تغاشاه الدجى سطعا
وناعيات وهل تجدي مصوتة * وقبلها جبرئيل في السماء نعا
حسرى وأطفاله أسرى وأعينها * عبري وأكبادها حرى نزت هلعا
تمكن الرعب من ست لجهات بها * والخطب أرجفها مرأى ومستمعا
كانت بأرسى عماد من مهابتها * مطنب والى أوج السما رفعا
ممنع بغياري رهطها ابدا * والليث ان جاز تعظيما له خضعا
فعدن في حالة يبكي العدو لها * حسرى وأسرى لأيدي السلب منتزعا ٢٣:
السيد كاظم ابن السيد محمد رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم
الطباطبائي.
توفي سنة ١٢٨٨ ودفن في مقبرة جده بحر العلوم.
(٢١)

عالم فاضل ثقة بر تقي، تزوج ابنة صاحب الجواهر ولم يعقب. ٢٤:
السيد كاظم الحيدري الواعظ اليزدي الحافظ.
توفي في النجف في أوائل العشر الأول بعد الألف والثلاثمائة.
في تتمة أمل الآمل: كان بحرا زاخرا يحفظ أربعمائة ألف حديث
وانا سمعت منه أنه قال نظمت سبعين ألف بيت من الشعر ولم اكتبه
وأحفظها الآن جميعا أضر في آخر عمره وكان زمنا ومع ذلك قال لولده السيد
علي أحب ان أملي عليك تاريخ الدنيا وأنت بالخيار في كتابته إن شئت أملي
عليك ذلك بعنوان الأسبوع فتكتب كل ما وقع في يوم الأحد من أول الدنيا
إلى اليوم وهكذا إلى تمام الأسبوع، أو بعنوان أيام السنة فتكتب كل ما وقع
في أول يوم من المحرم في الدنيا من أولها إلى هذا العام وهكذا ما وقع في
ثاني المحرم إلى آخر الشهر وهكذا إلى اتمام اثني عشر شهرا فاختار ابنه
الطريق الثاني وكتب مجلدين أملاهما عليه أبوه في ما وقع في أول المحرم من
أول الدنيا وذكر أنه يتم اليوم الأول في عشر مجلدات ولكن مات ابنه السيد
علي ولم يكن له سواه وفارق بلد الكاظمين وسكن النجف حتى توفي فيها في
التاريخ السالف. ٢٥:
الميرزا كاظم المرتدي النجفي.
كان من أشهر علماء المعقول والحكمة والفقه في العصر الأخير له
حاشية على الشوارق وعلى شرح التجريد للقوسجي وعلى المقاصد تلمذ لديه
جماعة منهم السيد شمس الدين محمود الحسيني المرعشي التبريزي النسابة
والميرزا حسن العلي ياري وغيرهما توفي في الغري الشريف ودفن به. ٢٦:
المولى كاظم بن المولى محمد شفيع الهزار جريبي.
توفي في كربلا وهو تلميذ الوحيد البهبهاني وصاحب الرياض ومدفون
معهما في كربلاء.
له كتاب الافلاكية في الهيئة وله الاقناعية في أصول العقائد وله كتاب
إلزام الملحدين في رد الصوفية فارسي وكتاب البراهين الجلية في تفضيل آل
محمد على جميع البرية فارسي وله تحفة العابدين. ٢٧:
السيد كاظم اليزدي يراجع في محمد كاظم ٢٨:
الكاظمي.
هو الشيخ جواد بن سعد بن مراد المعروف بالفاضل الجواد. ٢٩:
ميرزا كافي المشهدي.
توفي سنة ٩٦٩ في قزوين ونقل إلى المشهد الرضوي فدفن فيه، من
ذرية الخواجة نصير الدين الطوسي وآباؤه وأجداده كانوا في أذربايجان قضاة
ومن اهل الشرع وهو كان مع فضله وملكته في الانشاء يجيد خط السلسة
والتعليق وبعد ان عزل الشاه طهماسب مهدي بك عينه منشئا. ٣٠:
كامل بك ابن خليل بك الأسعد.
توفي سنة ١٣٤٢ في الطيبة من جبل عامل ودفن فيها.
كتب الأمير شكيب أرسلان الذي صحبه وعرفه عن كثب هذه
الكلمة لما بلغه نعيه:
نعت الأنباء الأخيرة البدر الكامل وامل الآمل زعيم جبل عامل
المرحوم كامل بك الأسعد الذي لا ينكر أحد انه كان أحد اعلام سورية
بل أحد اعلام العرب في كل قطر على اثر مرض قصير الاجل خسف ذلك
البدر أحوج ما كانت الناس إلى نورده وهوى ذلك الطود أعوز ما كانوا إلى
المأوى اليه فترك خلفه الفراع الذي لا يسده أحد والوحشة التي لا يؤنسها
الا وجهه وهيهات.
هيهات ان يأتي الزمان بمثله * ان الزمان بمثله لبخيل
كان كامل بك الأسعد مفردا في سجايا كثيرة من كرم مهزة ورقة طبع
وعلو جناب وشهامة طبع وتوقد حمية وسعة صدر وغزارة حلم ورجاحة عقل
حتى كأنه خلق ليكون رئيسا وليكون سيدا بل ليكون سيد السادات ورئيس
الرؤساء اجتمع فيه من خلال الرئاسة والزعامة ما قلما رأيته اجتمع في
مخلوق هذا مع التناهي في دماثة الخلق والتواضع وحسن العشرة وسرعة
الفهم ولطف المحاضرة كانت أخلاقه تسيل عسلا ومجالسه تتألق انسا ونورا
ولكن المجال الذي لم يكن يجاريه فيه مجار ولا يباريه ممن عرفناهم في هذا
العصر مبار هو الكرم الذي ذكر الناس بما يروي عن حاتم الطائي وجعفر
البرمكي ومعن بن زائدة وطلحة الطلحات وغيرهم ممن ضربت بهم الأمثال
فان كامل بك منذ نعومة أظفاره اشتهر بسخاء الطبع وبسطة الكف حتى أنه
لما كان في المدرسة كان دائما ينفق على إخوانه ويأدب لهم المآدب الطائلة
فاشتهر بالاسراف والتبذير وقال الجميع ان هذا الولد سيكون سببا في
خراب بيت خليل بك الأسعد ولا يترك منه شيئا ولكن ذهب عن الناس ان
الكرم إذا اقترن بالعقل لم يخرب البيوت بل يعمرها لأنه كما قال المتنبي:
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله * ولا مال في الدنيا لمن قل مجده
فالمرحوم كامل بك لم يبلغ أشده حتى ظهر منه رجل مدبر حكيم زاد
الثروة التي أصابها من تركة أبيه وعاش من أول حياته إلى أن لقي ربه في
هذه الأيام في بحبوحة من اليسار والرفاهية والعز بالاتباع والأعوان وكثرة
الخدم والحشم وفراهة الركاب والجياد قل ان وفق لمثلها سيد من سادات
العرب مع أنه كل مدة حياته أحزر انه رحمه الله من أترابي أو أكبر مني
بسنة اي في الرابعة والخمسين من العمر لم يقبض يده عن العطاء يوما
واحدا ولم يخل من الأضياف والقصاد ساعة واحدة وكان محله في قرية الطيبة
من جبل هونين مربعا للوفود من كل قبيل قد بنى دارا فيحاء على قمة عالية
هناك فكنت ترى اكناف تلك الدار تموج دائما بالخيالة والرجالة فتجد اهل
السنة والشيعة وأبناء معروف والاعراب والمسيحيين والغرباء من كل جنس
وكان جميع اهل جبل عامل والحولة والقنيطرة ومرجعيون عيالا عليه وكان
هو الأب ليتيمهم والملجأ لضعيفهم والمنصف لمظلومهم والحكم العادل في
الخصومات بينهم وهو لا يمل الندى ولا الجدي ولا إغاثة الملهوف ولا إسداء
المعروف فسبحان الذي زينه بتلك الخلال النادرة مع صباحة الوجه وبهاء
المنظر وطيب العرق وشرف المحتد وتوارث الزعامة كابرا عن كابر إذ لا
يخفى ان هذا البيت آل علي الصغير هو في الصف الأول بين بيوتات عشائر
سورية وقد اشتهر منهم رجال معدودون مثل حمد البيك وعلي بك الأسعد
وخليل بك الأسعد وغيرهم وكانت مقاطعتهم جميع جبل عامل أو بلاد
بشارة الواقعة جنوبي نهر الليطاني إلى حدود صفد ومن صور غربا إلى الحولة
شرقا كما أن الصعبية والمناكرة كانوا أصحاب المقاطعات التي شمالي نهر

(١) مطلع الشمس
(٢٢)

الليطاني صيدا وإقليم التفاح ومهما كان من معالي همم ذلك السلف الماجد
فلا أظن أحدا منهم كان أعلى درجة من كامل بك رحمه الله لا سيما في
الأريحية وحب البذل ولو عاش في الزمان الذي عاشوا فيه لاشتهر أكثر مما
اشتهر في زمانه الحاضر ولم يتقلد كامل بك مناصب إدارية نظير أبيه ولا مال
إليها وانما انتخب مبعوثا عن لواء بيروت منذ أعلن الدستور العثماني وهناك
تأكدت بيننا روابط الأخاء وكرعت من خالص وفائه ما هو كماء المزن في
الصفاء والاخلاق التي كنت أراها فيه والشيم العربية التي كانت تتمثل في
جميع منازعة كانت تضمن له مني خليلا لا يفارقه في السراء والبأساء وكنت
إذا خطبت في المجلس يملأه تصفيفا.
عندما كنا في المجلس كان المرحوم كامل بك واسطة خير كلما جرت
وحشة بين اثنين منا اجتهد في ازالتها وطالما أدب المآدب لمبعوثي العرب
بقصد تلاقي بعضهم مع بعض وجمع كلمتهم وكان أحد الرصفاء دعا مرة
بضعة عشر مبعوثا إلى طعام فاقتدى به رصيف آخر فدعا نحو عشرين
شخصا فخطر ببال كامل بك ان يدعو جميع أعضاء مجلسي المبعوثين
والأعيان مع النظار إلى مأدبة حافلة لم يسبق مثلها فكاشف بفكره هذا عدة
من زملائه فكلهم زهده في هذه الفكرة وقال له ما لك ولهذه الكلفة فجاء
واستشارني فقلت له ان هذه المأدبة ستجمع ٣٠٠ مدعو فتكون كلفتها كذا
وكذا وأنت تنفق ضعفي ذلك على وفد يأتيك من عرب الحولة بمائتين أو
ثلاثمائة خيال حال كون وليمة كهذه في الآستانة يتجلى فيها الكرم العربي ولم
يسبق ان مبعوثا عمل مثلها فيكون لها وقع أعظم فلما كلمته بما وافق هوى
نفسه تهلل وجهه فرحا وقال لي عليك ان تدعو لي النظار فقلت له سيكون
ذلك وهكذا فقد كانت مأدبة نادرة المثال في مطعم طوقاتليان الشهير في
الآستانة جمعت أعضاء مجلسي المبعوثين والأعيان ونظار الدولة وكثيرا من
الأكابر مما زاد على ٣٠٠ مدعو وقرأت ليلتئذ قصيدة في موضوع الاتحاد
والاتفاق والتحذير من الشقاق والاختلاف لئلا يصيبنا من استيلاء الأجانب
ما أصابنا ويا للأسف بعد الحرب وأتذكر من أبيات تلك القصيدة ما يأتي:
أوادينا هل فيك من يسمع الندا * فقد آن ان تصغي ولو كنت جلمدا
وقد رفعت فيك الحوادث صوتها * وألقت على أذنيك درسا مرددا
وكم لليالي في جنابيك قبلها * نداء ولكن قل من يسمع الصدا
فهل فيك يا وادي الكرام بقية * ترد على الداعي إلى سبل الهدى
ويعلم منها اننا اننا الألى * قديما ملأنا الأرض مجدا وسؤددا
ومنها:
سلوا اليوم عن البانيا ومصيرها * وما ناب فيها أحمدا ومحمدا
وعن اخوة صاروا تراثا مقسما * وقد أرثونا جرح قلب مؤبدا
أرادوا علوا فاستحال علوهم * هبوطا وماتوا يوم سموه مولدا
احذرهم كيدا يدب دبيبه * فيحسبه المغرور نصحا مجردا
وما قصدوا الا الشقاق وان نرى * طوائف يأبى امرنا ان يوحدا
إذا اشتجر الاخوان في عقر دارهم * على الإرث يوما ضيعوه وأزيدا
ولو شاء الكاتب ان يعدد مآثر هذا الفقيد العربي الكبير وأياديه
البيض ومفاخره التي يحلو بذكرها النثر والقريض لطال الامر وضاق المجال
فمصابه مصاب يعز بعده العزاء وتصغر في جنبه الأرزاء وسيذكره الوطن
زمانا طويلا ويأسف على فقده كل من نطق بالضاد ويندبه جبل عامل مديد
الدهر ويفتقده اهله كلما مر حادث وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. رحمه الله
وأكرم مثواه واسكنه مقاصير خلده وألهمنا الصبر الجميل على فقده.
وهذه مرثية استمطرت عارضها الخاطر الفاتر والعارضة التي فتت في
عضدها الأشجان ونبتت بها صروف الزمان فجاءت كما يجئ لا كما يجب
وانما جعلتها ترجمانا للوعتي ومفاضا لأدمعي على هذا الأخ الحميم والفقيد
العظيم:
هوى لفقدك ركن للشرق واحربا * يا كامل من يسلي بعدك العربا
كل المصائب يفني الدهر شدتها * الا رداك فيفني الدهر والحقبا
كنا نرجيك للجلى تذللها * فاليوم من ينبري للخطب ان وثبا
تلقى النوازل بالأفعال صادقة * والناس في الخطب تسدي القول والخطبا
ردت مصيبتك الأرزاء هينة * من بعدها وغدت أكبادنا صلبا
هيهات تدخر الآماق سائلة * من المدامع تبغي بعدك الصببا
لو كنت مع حاتم الطائي في زمن * ما نال في الكرم الاسم الذي كسبا
نداك بالعين مشهود ونائله * هيهات نعلم منه الصدق والكذبا
قد كنت تهدي من الأخلاق أسمحها * لقاصد ومن العلياء ما صعبا
لله درك سباقا لمكرمة * كالسيف منصلتا والسيل قد زغبا
يا أمة سكنت أكناف عاملة * وأوطنت شعفات العز والهضبا
هل عندكم قومنا عن كامل خبر * فقد أتانا نبا أن قد نأى ونبا
اللامع الرأي أن يدج الزمان بكم * والخالف الغيث أن تستبطؤوا السحبا
كانت عيالا عليه منكم زمر * من كان منكم يتيما راء فيه أبا
كانت بكاملكم أرجاء عاملكم * تتيه عجبا على الدنيا ولا عجبا
قالوا عميد بني النصار قلت لهم * بل ركن كل امرئ في يعرب انتسبا
لو أنصفت حقه افناء عاملة * من البكارق فيها الصخر وانتحبا
لهفي على كامل الأوصاف كيف ثوى * ذاك المحيا ظلام الرمس واحتجبا
لهفي على السيد الغطريف تحرمه * طوائف طالما استكفت به النوبا
لهفي على الكامل الفذ الذي فقدت * به الورى المثل الأعلى لمن وهبا
على الذي لو قضيت الدهر تصحبه * لم تلق الا الوفا والصدق والأدبا
تقرأ على وجهه آيات شيمته * وتنثني قائلا سبحان من كتبا
في كل يوم أرى منه أخا ثقة * شهما ومن غيره الحساد والرقبا
أخ أشد به أزري لنائبة * ولا أعز عليه اخوتي نسبا
كم كنت آمل أن أحظى بطلعته * يوما واطفئي من أشواقي اللهبا
كم كنت أذكره في غربتي كلفا * أحدو إلى وجهه الوضاح ريح صبا
حتى أتاني نعي غير منتظر * ألفيت ناضر آمالي به حطبا
ويل أمها جملة لما بصرت بها * خلت المنايا أماني والحياة هبا
من لي بان أمسك الدمع الهتون على * خدي وأن أدرك النوم الذي هربا
مهلا بني الأسعد الأمجاد خطبكم * خطب به الوطن المحبوب قد نكبا
تبكي له العرب العرباء أجمعها * من ساكن مدرا أو ضارب طنبا
ولو عقدنا عليه كل شارقة * مناحة ما قضينا بعض ما وجبا
لكنما الموت حتم لا يحيك به * حزن ولا عارض للدمع منسكبا
وانما نحن ركب سائرون معا * وكلنا شارب الكاس التي شربا
يا رب أمطر ثراه كل غادية * تخضل منها بقاع حوله وربى
آتيته كرم الأخلاق منقبة * فكن كريما عليه ربنا حدبا
(٢٣)

٣١:
كامل الصباح
ولد في النبطية سنة ١٨٩٤ م وتوفي سنة ١٩٣٥ م في أمريكا ونقل
جثمانه فدفن في النبطية.
درس علومه الأولية في مدرسة النبطية الابتدائية وانتقل منها للمدرسة
السلطانية في بيروت وفيها أخذت مواهبه الرياضية تظهر وانتقل لما بلغ
الصف العاشر في السلطانية للجامعة الأميركية حيث أتقن الإنكليزية بمدة
ستة شهور ثم انتقل لصفوفها العالية ولما أنشئ الفرع الهندسي في الجامعة
التحق بقسم الهندسة الكهربائية وقبل تمام السنة بشهرين سيق للخدمة في
الحرب العامة الأولى فادخل في فرقة التلغراف اللاسلكي وكان مركز فرقته
في غاليبولي ودأب هناك على البحث في اللاسلكي وآلاته حتى مهر بها وفي
الأثناء تعطلت احدى الآلات اللاسلكية فعجز المهندس الألماني عن
اصلاحها فتقدم المترجم وأصلحها بأسرع وقت لذلك أعجب به زملاؤه
وولوه رئاسة الفرقة.
ولما عاد بعد الحرب عين أستاذا في تجهيز دمشق وبعد ذهاب الحكومة
العربية استقال وعين أستاذا للرياضيات في الجامعة الأميركية فأدهش
الأساتذة والتلامذة بما أوتيه من مواهب عالية ثم سافر إلى الولايات المتحدة
الأميركية.
وما لبث طويلا حتى عين مديرا للآلات الكهربائية في أكبر شركة
كهربائية في نيويورك حيث نال مقاما ساميا وابتكر اختراعات في الكهرباء
لكن فوائدها استأثرت بها الشركة التي كان يعمل بها وله في التلفزة مباحث
واختراعات ذات بال وبلغ ما سجل له من الاختراعات ستين اختراعا. ٣٢:
كامل بن مصباح فرحات
ولد في قرية برعشيت من جبل عامل وتوفي فيها غير بالغ الثلاثين من
عمره وكان وهو في الرابعة عشرة من عمره قد أصيب بالشلل فأقعده في
منزله حتى وفاته. وقد كتب يصف حياته قائلا:
حياتي مأساة دامية فقد أصبت بداء الشلل وهذا الداء اضطرني إلى
عدم مغادرة بيتنا سنة ١٩٤٢ م وكنت آنذاك تلميذا في الرابعة عشرة من
سني حياتي فتجرعت كؤوس الألم وتحملت العذاب بقلب صبور وفي
ظلمات الوحدة وفوق أشواك الألم قضيت أجمل أيام حياتي، وكان لا بد لي
من سلوة فجعلت الكتاب سلواي والشعر سميري والقلم ترجماني وقد
طالعت مئات المجلدات والكتب ومررت بأدوار شاقة حتى استطعت أن أنمي
وأغذي وأبرز مكانتي الأدبية.
شعره
قال بمناسبة الاحتفال بمرور ألف سنة على وفاة المعري:
الليالي تمر اثر الليالي * والمعري بوحدة واعتزال
هجر العالم الذي ساد فيه * كل من تاه في طريق الضلال
ومضى يدرس الوجود بحذق * فرآه يسير لاضمحلال
أي شئ يا فيلسوف البرايا * يتراءى خلف السنين الخوالي
هل تراءت ذي الأرض والليل داج * مدلهم والريح في أعوال
هل تراءى الانسان وحشا غليظا * قاطنا في الكهوف والأدغال
حافيا يقنص الوحوش فتدمي * قدميه الأشواك بين التلال
ثم يرقى إلى الكمال ببطء * فله العلم سلم للكمال
أنشأ المدن والقرى فتراءت * في نظام حياته واعتدال
انما لم تزل بقايا طباع * عنده أشبهت طباع الصلال
ساكن الغاب تصطفيه المنايا * وكذا الفذ ذا الشعور العالي
وسواء مثقف وجهول * كلنا نستعد للترحال
تخمد الشمس مثلما الأرض تفنى * ويضم الشعوب قعر الزوال
لم يكن شاعر المعرة يهوى * رعشة النجم وابتسام الهلال
أو فتون الفجر الجميل تراءى * يلبس الكون حلة من جمال
أو رفيف النسيم بين غصون * رقصت رقصة الهوى والدلال
أو غناء النايات رن صداها * في حنايا قلب المحب السالي
سقف بيت الأعمى أحب اليه * من سماء ترصعت باللآلي
فيلسوف الدنيا درست حياة * حفلت بالهموم بالأوجال
فرأيت الحياة تمضي كبرق * مسرع الومض أو كطيف خيال
وتعجبت من بني الأرض لما * خدعوا في سرابها المتلالي
وانتشوا من خمورها وتناسوا * هول موت مقطع الأوصال
وانثنوا يطلبون نسلا ورزقا * وقصورا تفيض بالأموال
مرضت أنفس لهم وقلوب * ليس تشفى من فتك داء عضال
وتسرت جرثومة الشر فيهم * فهم بين حاسد أو قال
وهم الآن مثل من قد تولوا * في حروب خطوبها في اتصال
أوجدوا الغاز والمدافع حتى * قد تراءت ديارهم في اشتعال
هل كرهت الدنيا القبيحة لما * شمت فيها مزية الختال
فهي ان أقبلت تذيقك صابا * بعد شهد السعود والاقبال
وهي عاثت بفجر عمرك لما * دفنته بين الليالي الطوال
وهي قد حرمت عليك ضياء * وهبته لأعين الجهال
لا تعاتب دنيا سبانا بهاها * وخلقنا فيها من الصلصال
فأبوك الجاني كما قلت عنه * هو أصل لذا الأسى والوبال
ولذا أنت ما جنيت على ابن * يتشكي من الضنى والهزال
وقال:
نفيت في عامل لا القوم أحسبهم * قومي ولا الصحب أصحابي وخلاني
أرى العبودية العمياء ترهقهم * بقيدها وهو قيد مثل ثعبان
شربت يا شعب كاس الذل مغتبطا * ما أنت يا شعب الا بائس عاني
غنيت في موقف كان الأصح بان * تبكي به دون أن تشدو بألحان
افتح عيونك للنور السني أيا * شعبي فجهلك أشقاني وأبكاني
هذا هو الصبح هذا النور مؤتلق * وأنت في الليل تمشي مشي حيزان
أصبت بالجهل ان الجهل فاجعة * ترمي الشعوب باذلال وبهتان
ما لي ألومك أنت اليوم وا أسفي * مخدر الحس غاف غير يقظان
هجرت شعبي وقيثاري حملت إلى * مرج نضير جميل الزهر فتان
وداعبت شعري الأنسام في دعة * وبلبل الروض لحن الحب غناني
وكنت أشدو وقيثاري تئن ولي * عيش كأغنية أو حلم نشوان
لكن عاطفتي ثارت أ أنس في * عيشي وشعبي في ذل وخذلان
حطم قيودك يا شعبي وعش حذرا * من كل طاع بلا عقل ووجدان
(٢٤)

ذوو الزعامة أصنام تقدسهم كفاك تقديس أصنام وأوثان
وله ديوان شعر مطبوع. ٣٣:
الشريف كبيش بن جماز الحسيني
قتل في أخريات جمادى الآخرة بقرب القاهرة سنة ٨٣٩. ٣٤:
ملا كتاب الكردي النجفي
من العلماء الأفاضل. ٣٥:
كثير عزة أبو صخر كثير بن عبد الرحمان
وكثير بضم الكاف وفتح الثاء وتشديد الياء تصغير كثير بوزن أمير في
القاموس كثير كأمير اسم وبالتصغير صاحب عزة آه ولكنه قد ورد في
شعر كثير نفسه مكبرا حيث قال:
وقال لي الواشون ويحك انها * بغيرك حقا يا كثير تهيم
وكذلك ورد مكبرا في شعر أبي تمام في قوله:
لو يناجي ذكر المديح كثيرا * بمعانيه خالهن نسيبا
وقوله:
فكان قسا في عكاظ تخطب * وكثير عزة يوم بين ينسب
وقد اعترف له أبو تمام بالتقدم في النسيب في هذا الشعر.
توفي سنة ١٠٥ بالمدينة في ولاية يزيد بن عبد الملك وقيل توفي أول
خلافة هشام وعمره احدى وثمانون أو اثنتان وثمانون سنة.
في معجم الشعراء للمرزباني: كان شاعر أهل الحجاز في الاسلام لا
يقدمون عليه أحدا وكان أبرش قصيرا عليه خيلان في وجهه طويل العنق
تعلوه حمرة وكان مزهوا متكبرا وكان يتشيع ويظهر الميل إلى آل رسول الله
ص وهجا عبد الله بن الزبير لما كان بينه وبين بني هاشم. وكان شاعر بني
مروان وخاصا بعبد الملك وكانوا يعظمونه ويكرمونه، وقال خلف الأحمر
كثير أشعر الناس في قوله لعبد الملك:
أبوك الذي لما أتى مرج راهط * وقد ألبوا للشر فيمن تألبا
تشنأ للأعداء حتى إذا انتهوا * إلى أمره طوعا وكرها تحببا
وله:
إذا قل مالي زاد عرضي كرامة * علي ولم أتبع دقيق المطامع
وله:
هنيئا مريئا غير داء مخامر * لعزة من أعراضنا ما استحلت
وله:
فقلت لها يا عز كل مصيبة * إذا وطنت يوما لها النفس ذلت
وله:
وأدنيتني حتى إذا ما استبتني * بقول يحل العصم سهل الأباطح
توليت عني حين لا لي حيلة * وغادرت ما غادرت بين الجوانح
وله:
ومن لا يغمض عينه عن صديقه * وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتبع جاهدا كل عثرة * يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب
وفي حواشي البيان والتبيين للسندوبي: كثير بن عبد الرحمان شاعر
غزل مجيد من شعراء الدولة الأموية وهو أجود أهل الحجاز شعرا، وكان
يتشيع، ونسب اليه الأبيات على رأي الكيسانية المختلف في نسبتها اليه أو
إلى السيد الحميري:
ألا أن الأئمة من قريش ولاة الحق أربعة سواء
وفي الأصل: قال إبراهيم بن عبد الله بن حسن لأبيه: ما شعر كثير
عندي كما يصفه. الناس، فقال أبوه: انك لن تضيع كثيرا بهذا إنما تضيع
بهذا نفسك آه.
وله:
لمن الديار بأبرق الحنان * فالبرق فالهضبات من ادمان
أقوت منازلها وغير رسمها * بعد الأنيس تعاقب الازمان
فوقفت فيها صاحبي وما بها * يا عز من نعم ولا انسان
وله:
ما للوشاة بعزة عندي * شئ سوى التكذيب والرد
ولعزة عندي وان بعدت * أدنى من الأهلين والولد
اني وعزة ما تزال على * حكم الهوى في القرب والبعد
نبدي السلو تسترا وبنا * تحت الضلوع خلاف ما نبدي
إياك يا عز الوشاة فهم * أعداء اهل الحب والود
كم عائيب لكم لا بغضكم * ما زادني شيئا سوى الوجد
اني لا حفظ بالمغيب لكم * عهد المودة فاحفظوا عهدي
وله:
نساء الاخلاء المصافين محرم * علي وجارات البيوت كنائن
وإني لما استودعنني من أمانة * إذا ضيع الأسرار يا عز دافن
وإني إذا ما الجبس ضيع عرضه * لعرضي وما أحوى من المجد صائن
إذا ما انطوى كشحي على مستكنة * من الامر لم يفطن له الدهر فاط؟ ن
قال محمد شرارة: أمه جمعة بنت الأشيم. وهو ينتمي إلى خزاعة
التي تنتمي بدورها إلى الصلت بن النضر بن كنانة، وقد أشار كثير إلى هذا
النسب:
أ ليس أبي بالنضر أم ليس والدي * لكل نجيب من خزاعة أزهرا
والتاريخ يروي أنه من شعراء الحب. وقد اقترن اسمه ب‍ " عزة "
كما اقترن اسم جميل ب‍ " بثينة " وقيس ب‍ " ليلى " والرواية مشهورة، ولا
تستدعي المناقشة.
وأما النقاد فكثيرون، منهم قطام صاحبة عبد الرحمن بن ملجم،
ومنهم الدكتور طه حسين في العصر الحاضر.
لقد جرده الدكتور أو كاد يجرده من كل شئ ذي قيمة. فالناس
يجمعون أو يكادون يجمعون على أنه أحد الغزليين الذين أتيحت لهم
الإجادة، وقسم لهم التفوق في الغزل. والدكتور لا يرى أي بأس في
(٢٥)

الخروج على هذا الاجماع، وما عده في الغزلين الا ليخرجه منهم حسب
تعبيره.
ونحن لا نتخذ من الاجماع سيفا نتصدى به للدكتور، ونقول
له: كيف سوغت لنفسك الخروج على الاجماع، والاستهانة بالذوق
العام؟ فقد يكون هذا القول سيفا من خشب، أو سكينة عتيقة بالية،
والأسلحة الخشبية في المعارك الأدبية من الأسلحة المحطمة التي لا تستطيع
أن ترتفع في وجوه الأقزام بله العمالقة!
وإذا كان الاجماع أحد الأدلة القاطعة في الأحكام الشرعية، فلا
يمكن أن تكون له هذه القيمة في قضايا الأدب، والتفكير الأدبي، ولذلك
كان من حق الدكتور أن يخرج على الاجماع، ويتخذ الرأي الذي يراه.
وليس من حقنا، كما قلت، ولا حق لأحد أن يتخذ من هذا الاعتراف
سيفا يواجه به الدكتور. ولكن من حقنا أن نسأل الدكتور سؤالا متواضعا
عن قوله في المقال نفسه: كان شاعرا ممتازا، وكان يذكر النساء فيحسن
ذكرهن، فما معنى يحسن هذه؟ وفي أي شئ؟ وهل كان إحسانه في
ذكرهن من باب إحسان المتنبي في ذكر بدر بن عمار، أو سيف الدولة، أو
من باب إحسان حبيب في ذكر المعتصم؟ أم انه كان يحسن ذكر الجمال
والهيام والولغ وما أشبه ذلك من المعاني الشائعة في الغزل؟ وإذا
كان يحسن ذكرهن في المعاني المذكورة فعلى أي شئ يقوم الغزل إذا لم
يكن قائما على هذه المعاني؟
لا نعتقد أن نساء كثير كن في مستوى مدام كوري في العلوم مثلا أو
مستوى بلقيس أو فيكتوريا في إدارة الدولة حتى يكون احسانه في ذكرهن
قائما على معاني المثابرة والصبر في اكتشاف أسرار الطبيعة، أو سياسة الدولة
وادارتها وترقية الشعب والسهر على مصالحه وأي شئ في الشعر يهم المرأة
التي كانت في عصر كثير حتى أعجبت به؟
أظن أن الجواب العلمي على هذه الأسئلة، كاف للدلالة على وقوع
الدكتور في تناقض صارخ، وهو يثبت أن رأيه في آخر الموضوع الذي
كتبه عن كثير يلغي رأيه في أوله، ثم يلغي كثيرا من الآراء التي ذكرها بحق
الشاعر في هذا الموضوع.
وأما النفاق السياسي الذي وصفه به فقد نكون مع الدكتور فيه،
ولكن إلى حد، فالمعروف عن كثير انه هاشمي الهوى والرأي، ولكنه كان
في الوقت نفسه يمدح بني أمية، وقد عد الدكتور هذا الموقف نفاقا! ولا
شك أن موقف كثير هذا موقف بين النقيضين حسب التعبير الفلسفي، ولا
يمكن الدفاع عنه من ناحية المبدأ. ولكن يمكن أن يكون له عذر إذا أخذ
من وجه آخر... من الوجه السياسي للدولة التي كانت دولة أوتوقراطية تعد
على الناس أنفاسهم، وتحصي عليهم تنهداتهم، وتحسب حركاتهم حركة
حركة.
معنى ذلك أن حرية الرأي أو القول كفر وخروج على الدين
والايمان، وعلى الذي يرى رأيا غير رأي الدولة أن يحمل دمه على كفه،
وأن يكون مستعدا للرحيل إلى المقابر. وكثير كان مؤمنا ببني هاشم،
ومؤمنا بأنهم أحق من بني أمية، ولكنه لم يكن مستعدا حتى للتضحية
بحياته في سبيل ذلك الايمان، على أنه في الوقت نفسه كان يصرح لكبار
الأمويين بحبه لبني هاشم، وقد روى الدكتور نفسه عنه هذه الحادثة:
لما خرج عبد الملك لحرب مصعب بن الزبير لحظ في عسكره
كثيرا يمشي مطرقا وكأنه حزين، فدعاه فسأله: أ تصدقني ان أنبأتك بما
في نفسك؟ قال: نعم! قال: فاحلف بأبي تراب، فحلف كثير بالله
ليصدقنه! فقال عبد الملك: لا بد من أن تحلف بأبي تراب فحلف له بأبي
تراب. فقال عبد الملك: تقول في نفسك: رجلان من قريش يلقى
أحدهما الآخر لحربه فيقتله، والقاتل والمقتول في النار، وما آمن أن يصيبني
سهم فيقتلني، فأكون معهما! قال كثير: ما أخطأت، يا أمير المؤمنين!
فقال عبد الملك: عد من قريب، وأمر له بجائزة.
فهذا الموقف يدل، في أقل ما يدل عليه، ان الرجل لم يكن منافقا،
بل كان بالرغم من عنف الاستبداد، على شئ من الصراحة وان مدح بني
أمية.
وإذا كان مدح كثير لبني أمية نفاقا سياسيا فما رأي الدكتور بمدحه
للملك فاروق لما تزوج فريدة؟ نحن نعرف أن الدكتور طه من حملة الألوية
في الدعوة إلى الحرية، ونعرف انه رأيه السياسي يختلف عن رأي فاروق،
ونعرف في الوقت ذاته أن فاروقا لا يمكن أن يكون سوى قزم إذا قيس
بالدكتور طه حسين. وبالرغم من الفروق الهائلة بين عصري كثير وطه
حسين، ومع الفروق الهائلة بين كثير وطه نفسيهما من حيث المستوى الثقافي
والعقلي، فان الدكتور وقف أمام فاروق، موقف كثير ذاته الذي وقفه أمام
بني أمية، وإذا أمكن أن يكون لكثير عذر في ذلك العصر المظلم، فأي
عذر للدكتور طه في هذا العصر المنير؟
لقد تأسف الكثيرون يومئذ لموقف الدكتور، ودخوله في قافلة
المداحين لملك تافه، وعدوه جبنا غير لائق بواحد مثله. ولو وقف يومها
موقف المدافع عن رأيه، ورفض النزول إلى مدح واحد كفاروق، لهللت
له الحرية في أنحاء الدنيا، ولكنه لم يفعل. بل كان قبل ذلك يلوم كثيرا
على موقف وقف مثله فيما بعد! ثم عد موقف كثير من فصيلة النفاق
السياسي.
نقد آخر تعرض له هذا الشاعر، ولكن ذلك كان في حياته وفي
أيامه، لا بعد وفاته بقرون كما فعل الدكتور طه. فقد قدم الكوفة،
وطلب الاجتماع ب‍ " قطام " التي لعبت الدور الأكبر في اغتيال الإمام علي
ع. ونهاه البعض عن ذلك، فما انتهى، ثم سال عن منزلها فدل عليه،
وأخيرا وصل، ومذ رأته سالت: من الرجل؟ فقال: كثير بن عبد
الرحمن فقالت: التيمي الخزاعي؟ فأجابها بالايجاب. ثم سألها:
أنت قطام؟ فقالت نعم: فتابع السؤال: أنت صاحبة علي بن أبي
طالب ع فردت عليه: بل صاحبة عبد الرحمن بن ملجم وعندئذ
قال:
والله اني كنت أحب أن أراك، فلما رأيتك نبت عيني عنك، وما
ومقك قلبي، ولا احلوليت في صدري، فردت عليه: أنت والله قصير
القامة، صغير الهامة، ضعيف الدعامة، كما قيل لئن تسمع بالمعيدي خير

(١) كتب الدكتور مقاله عن كثير سنة ١٩٢٤. ومدح فاروقا بعد زواجه الأول سنة ١٩٣٨،
راجع حديث الأربعاء الجزء الأول س ٢٨٣
(٢٦)

من أن تراه، فأنشأ كثير:
رأت رجلا أودى السفار بجسمه * فلم يبق الا منطق وجناجن
فتابعت قطام: لله درك ما عرفت الا بعزة تقصيرا بك،
فأجاب: والله لقد سار لها شعري وطار بها ذكري وانها لكما قلت فيها:
وان خفيت كانت لعينك قرة * وان تبد يوما لم يعمك عارها
من الخفرات البيض لم تر شقوة * وفي الحسب المحض الرفيع نجارها
فما روضة بالحزن طيبة الثرى * يمج الندى جثجاثها وعرارها
بأطيب من فيها إذا جئت طارقا * وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها
فقالت له: والله ما سمعت شعرا أضعف من شعرك هذا. والله لو
فعل هذا بزنجية لطاب ريحها ثم استطردت: ألا قلت كما قال أمرؤ
القيس:
أ لم تراني كلما جئت طارقا * وجدت بها طيبا وإن لم تطيب
عبقرية هذه المرأة انها استطاعت أن تقلب الحديث عن الجريمة التي
ارتكبتها بحق أنبل انسان عرفه التاريخ، إلى الشعر، وقد خفيت هذه
الحيلة على كثير، وقبل أن يدخل في موضوع لم يكن على استعداد لخوضه،
فلحقته الهزيمة، والذي نعتقده أن هذا هو السبب الوحيد في تفوق قطام
عليه.
الذي رواه الرواة عنه انه مر في بعض الأزمات التي تتطلب ذكاء
حادا، ونظرة نفاذة ومن ذلك ما قيل عن لقاء بين عزة وبثينة رأتا في أثنائه
كثيرا مقبلا على الخيمة، فطلبت بثينة من عزة أن تختفي حتى تقوم بامتحان
له، فوافقت عزة على الامتحان، واختفت، وما ان وصل حتى ألقت عليه
بثينة نظرة من تلك النظرات الفاتنة، فقال:
رمتني على عمد بثينة بعد ما * تولى شبابي، وأرجحن شبابها
بعينين نجلاوين لو رقرقتهما * لنوء الثريا لاستهل سحابها
وقبل أن يتم ظهرت عزة، فبقي مستمرا، ولم يتعتع:
ولكنما ترمين نفسا مريضة * لعزة منها صفوها ولبابها
فعلى أي شئ يدل هذا التخلص المدهش؟ وهل يستطيع واحد
غبي أن يزوع هذا الزوغان، أو يفلت من الشبك المنصوب هذه الفلتة؟
اللحظة مشحونة بما يبعث الارتباك والقلق، ومع ذلك ظل الشعر
ماشيا وكان الشبك غير موجود، وذلك يدل على أن الرجل أبعد ما يكون
عن الغباء. ولم يكن إخفاقه مع قطام إلا لأن ذهنه كان مشغولا في موضوع
غير الموضوع الذي دخل فيه، وهذا هو السر في هزيمته.
على أن النقد الذي وجهته قطام إلى الأبيات السابقة، نقد مهلهل
يدل على جهل بالشعر وجوهره.
ان الطيب الذي جعلت منه قطام نقطة الانطلاق، كان أبعد ما
يكون عما فهمته، فقد فهمت أن الرائحة الطيبة التي تفوح من عزة كانت
آتية من المندل الرطب لا من ذاتها. فهل تدل الأبيات على هذا
الشئ الذي فهمته قطام؟ الشاعر لم يتحدث عن عزة، عند ما ذكر
الطيب، وانما تحدث عن فمها ولم تكن الروضة التي يمج جثجاثها
الندي بأطيب من عزة، بل من فمها، فأي علاقة لهذا الفم بايقاد النار
بالمندل الرطب؟ لقد تمت الفكرة عند قوله بأطيب من فيها وما جاء بعده يشير
أو ربما يشير إلى نوع من الترف. فالمندل الرطب من الأعواد الغالية، والتي
توقد نارها به لا بد وأن تكون على جانب من النعيم. والذي نراه أن
المندل الرطب يقترب من نؤوم الضحى عند امرئ القيس التي تدل
على النعيم والبلهنية، لا ما فهمته قطام، وردت عليه ذلك الرد الذي
ظنت أنها انتصرت فيه إلى الأبد.
ونقد ثالث تعرض له الشاعر. وقد كانت عزة نفسها هذه المرة هي
الناقدة، وابتدأ النقد بالموازنة بينه وبين الأحوص، وكان رأيها أن الأحوص
ألين جانبا منه ثم كانت الأمثلة حتى انتهت إلى قول كثير فيها:
وددت، وبيت الله، انك بكرة * هجان وأني مصعب ثم نهرب
كلانا به عر فمن يرنا يقل * على حسنها جرباء تعدي وأجرب
نكون لذي مال كثير مغفل * فلا هو يرعانا ولا نحن نطلب
إذا ما وردنا منهلا صاح أهله * علينا، فما ننفك ننفى ونضرب
وإذا أخذت هذه الأبيات مجردة عن ظروفها، كانت في الواقع
أمنية من أغرب الأماني التي عرفها تاريخ العشاق. ولكن النظرة تتغير
أو قد تتغير إذا أخذت الظروف بعين الاعتبار. فما الظروف التي تدل عليها
الأبيات؟ الظروف تتعلق بالحياة الاجتماعية، فالناس في كل وقت يحبون،
ويمر معظمهم إن لم يكن كلهم بالتجربة، ولكن حتى هؤلاء الذين تختلج
قلوبهم بالعواطف ينكرون على العشاق لقاءهم، ويرون فيه تحديا للمجتمع
وقوانينه المقدسة. والحب يصل أحيانا إلى درجة الغليان، فإذا بلغ هذا
المستوى طلب الاطفاء واللقاء نوع من الماء البارد، ولكن العيون لا
تلبث أن تتحرك، وتحرك فيها الغمزات، وتتحرك معها الرقابة الشديدة،
والكلمات الواشية النمامة. وقد عبر عن شئ من هذه الظاهرة
عروة:
إذا ما جلسنا مجلسا نستلذه * تواشوا بنا حتى أمل مكاني
وإذا كانت الوشاية تطارد عروة هذه المطاردة، وتجعله يتأفف ويدعو
إلى الوشاة، فالذي لا ريب فيه أن الذي طارد كثيرا أكثر من وشاية،
وأكثر من مضايقة حتى تمنى تلك الأمنية الغريبة.
في الناس من يستطيع أن يتحدى المجتمع، ويسخر من قوانينه إذا
كان وراءه الجاه والمال والقوة، ولا يستطيع الناس أن يعملوا له شيئا. فقد
تحداه أمرؤ القيس، مثلا، وتحدث عن النساء أحاديث غير لائقة، ولم
يستطع المجتمع، على تزمته في عصره، أن يرميه بحجر، لأن وراء ملكا
وبلاطا وجاها عريضا. وتحداه بعد امرئ القيس عمر بن أبي ربيعة،
وتطاول حتى على بنات الملوك والأمراء، وظل آمنا، أما كثير وأمثاله فلم
يكن لهم هذا الجبروت والعز ولذلك كان المجتمع يحاسبه حتى على اللقاء
(٢٧)

البرئ، بينما لا يستطيع أن يعمل لغيره شيئا ولو تطاول على أعراض
المحصنات!
هذا الشعور من جهة، وطغيان الحب من جهة، خلق الأمنية
الغريبة وصاغها في ذلك الاطار الغريب. انه الهروب من القسوة التي
تحيط به وبمن يحب، ولا شك انه يستطيع تقديرها أكثر مما يستطيع غيره.
لقد قالت له عزة: ويحك! لقد أردت في الشنعاء! ما وجدت
أمنية أوطأ من هذه فهل يمكن ذلك؟ أ من الانصاف أن تفهمه عزة على
هذا الوجه وهو القائل بها:
لو أن عزة خاصمت شمس الضحى * في الحسن عند موفق لقضى لها
وسعى إلي بصرم عزة نسوة * جعل المليك خدودهن نعالها
فالذي يدعو هذه الدعوة على الساعيات بها اليه، لا يمكن أن
تهون عليه حتى يريد فيها الشنعاء، ولكنها قسوة الظروف، وشدة حبه هي
التي جعلته يرضى حتى هذا الذي لا يمكن أن يرضى به أحد على شرط أن
يلتقي بها فقط! ولكن عزة لم تستطع أن تتغلغل في الأعماق حتى تفهم أن
هذه الأمنية هي ثورة على المجتمع، وان تكن ثورة سلبية عاجزة، أكثر مما
هي أمنية حقيقية!
ولكن في الوقت الذي كان يلاقي الشاعر هذا التنكر، كان يلاقي
شيئا من التقدير فقد رأته مرة غاضرة زوجة بشر بن مروان، وجرى بينها
وبينه حديث عنيف لعب فيه السباب أول الأمر دوره الرئيسي، ثم ظهر
فيما بعد أن غاضرة تحترمه وتقدره كثيرا. وقد ضمنت له عند بشر مائة ألف
درهم، فقال لها: أ في سبك إياي أو سبي إياك تضمنين لي هذا؟
وتقول الرواية: فلما قامت تودعه سفرت، فإذا هي أحسن أهل الدنيا
وجها، وأمرت له بعشرة آلاف درهم.
وكما كانت تلتقي عزة وبثينة، فقد كان يلتقي كثير وجميل، وفي أحد
اللقاءات قال كثير لجميل: أ ترى بثينة لم تسمع بقولك:
يقيك جميل كل سوء أ ما له * لديك حديث أو إليك رسول؟
وقد قلت في حبي لكم وصبابتي * محاسن شعر ذكرهن يطول
إذا لم يكن يرضيك قولي فعلمي * نسيم الصبا، يا بثن، كيف أقول
فما غاب عن عيني خيالك لحظة * ولا زال عنها، والخيال يزول!
فقال له جميل: أ ترى عزة لم تسمع بقولك:
يقول العدى يا عز قد حال دونكم * شجاع على ظهر الطريق مصمم
فقلت لها والله لو كان دونكم * جهنم... ما راعت فؤادي جهنم
وكيف يروع القلب، يا عز رائع * ووجهك في الظلماء للسفر معلم
وما ظلمتك النفس يا عز في الهوى * فلا تنقمي حبي، فما فيه منقم
وهذا السؤال من جميل ينطوي على تقدير لشاعريته، واحترام لها.
ولا شك أن أبيات جميل أعلى مستوى، وأعمق عاطفة، ولكن المسالة
ليست مسالة مقارنة، بل حاولنا أن نوضح بان الشاعر وإن هضم حقه
أحيانا كثيرة، بيد أن ذلك لم يكن عاما بل رأى من يعرف له حقه. ٣٦:
كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة واسمه الحارث بن سعيد ابن
سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب. وأمه
عائشة بنت عمرو بن أبي عقرب. وأم المطلب أروى بنت عبد المطلب بن
هاشم.
في معجم الشعراء للمرزباني: وقد روى الحديث كثير بن كثير وكان
يتشيع وهو القائل وسمع عبد الله بن الزبير يتناول أهل البيت ع
ويقال أنه قالها لما كتب هشام ابن عبد الملك إلى عامله بالمدينة أن يأخذ
الناس بسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع:
لعن الله من يسب عليا * وحسينا من سوقة وإمام
أ تسب المطيبين جدودا * والكريمي الأخوال والأعمام
طبت بيتا وطاب بيتك بيتا * أهل بيت النبي والإسلام
رحمة الله والسلام عليكم * كلما قام قائم بسلام
وله:
أهل بيت تتابعوا للمنايا * ما على الدهر بعدهم من عتاب
فارقوني وقد علمت يقينا * ما لمن داق ميتة من إياب ٣٧:
الكراجكي
هو أبو الفتح أو أبو القاسم محمد بن علي بن عثمان الكراجكي. ٣٨:
كرامة بن ثابت الأنصاري
في القاموس مختلف في صحبته، وفي تاج العروس ذكره ابن الكلبي
فيمن شهد صفين مع علي من الصحابة. ٣٩:
الكرباسي
اسمه إبراهيم أو محمد إبراهيم بن محمد حسن وترجم في إبراهيم. ٤٠:
الآخوند الكرباسي اليزدي
ولد سنة ١٠٨٠ وتوفي في يزد ولم نعلم تاريخ وفاته وقبره مزور مشهور
ببلدة يزد في مقبرة جوى هرهر.
ولم نعرف اسمه وهو غير الحاج محمد إبراهيم الكرباسي الأصفهاني
المشهور. كان اليزدي هذا من عرفاء يزد وعبادها وعلمائها ومن مؤلفاته
كتاب تباشير في العرفان وغيره وكان زاهدا يعيش من نسج الكرباس وبيعه
ولذلك عرف بالكرباسي. ٤١:
كردوس بن هاني البكري من رؤساء ربيعة
كان مع علي ع بصفين ولما رفع أصحاب معاوية المصاحف
واختلف أصحاب علي بينهم وتكلمت رؤساء القبائل فاما من ربيعة وهي
الجبهة العظمى فقام كردوس بن هاني البكري فقال أيها الناس إنا والله ما
تولينا معاوية منذ تبرأنا منه ولا تبرأنا من علي مذ تقوليناه وإن قتلانا لشهداء
وإن احياءنا لأبرار وإن عليا علي بينة من ربه وما أحدث إلا الانصاف وكل
محق منصف فمن سلم له نجا ومن خالفه هلك. ولما فعل الحكمان ما فعلا
وتكلم كردوس بن هاني قال له سعيد بن قيس الهمداني اما والله إني لأظنك
أول راض بهذا الأمر يا أخا ربيعة فغضب كردوس فقال:
ألا ليت من يرضى من الناس كلهم * بعمرو وعبد الله في لجة البحر
رضينا بحكم الله لا حكم غيره * وبالله ربا والنبي وبالذكر
(٢٨)

وبالأصلع الهادي علي إمامنا * رضينا بذاك الشيخ في العسر واليسر
رضينا به حيا وميتا وأنه * إمام هدى في الحكم والنهي والأمر
فمن قال لا قلنا بلى إن أمره * لأفضل ما نعطاه في ليلة القدر
وما لابن هند بيعة في رقابنا * وما بيننا غير المثقفة السمر
وبيض تزيل الهام عن مستقره * وهيهات هيهات لولا آخر الدهر
أتت لي أشياخ الأراقم سبة * أسب بها حتى أغيب في القبر ٤٢:
فلك الدولة أبو كاليجار كرشاسف بن كاكويه محمد بن دشمنزيار
الديلمي الأمير.
قال أبو الحسين ابن الصابي في تاريخه: لما خرج السلطان ركن الدين
طغرلبك وانتشرت طلائعه من أكناف خراسان إلى أطراف الجبال سنة ٤٣٥
أنفذ إلى فلك الدولة كرشاسف يستدعيه إليه فلم يجد بدا من امتثال أمره
فصار إليه وسار معه إلى أبهر فأولاه جميلا ظاهرا واستظهر عليه باطنا ولم يزل
بضعفه بتفرقة أصحابه عنه وأخذ ما معه من تجمل وعدة حتى تركه قاصر
الحال قليل الرجال وصار إلى همدان وهو معه على هذه الصورة. ٤٣:
الكركي
هو نور الدين أبو الحسن علي بن عبد العالي العاملي الكركي ٤٤:
كركين
اسمه إبراهيم الاسترآبادي ٤٥:
الشيخ كرم الله الحويزي
توفي سنة ١١٥٤ في السفر قريبا من خرم آباد ونقل إلى الحويزة ودفن
عند عمه.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري.
كان عالما صالحا من أجل الأنقياء وأكرم الأذكياء شيخ الاسلام ومرجع الأنام
في الحلال والحرام والقضايا أخذ عن عمه وأبي زوجته الشيخ عبد الله بن
كرم الله الحويزي تعاشرت معه كثيرا وما علمت منه إلا خيرا. ٤٦:
القاضي كرهرودي
له الرسالة الاعتقادية منها نسخة في مكتبة الحسينية بالنجف. ٤٧:
الكسائي النحوي
اسمه علي بن حمزة بن عبد الله ٤٨:
كشاجم
اسمه محمود ٤٩:
كشواذ بن ايلاس السروجي
ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المجاهرين
وأورد له في المناقب قوله:
غسله امام صدق طاهر * من دنس الشرك وأسباب الغير
فأورث الله عليا علمه * وكان من بعد إليه يفتقر ٥٠:
كعب بن ذي الحبكة
هو كعب بن عبيدة ذي الحبكة ٥١:
أبو عقبة أو أبو المضرب كعب بن زهير بن أبي سلمى
توفي في حدود سنة ٤٥
في معجم الشعراء للمرزباني: كان كعب شاعرا فحلا مجيدا وكان
النبي ص قد أهدر دمه لأبيات قالها لما هاجر أخوه بجير بن زهير إلى النبي
ص فهرب ثم أقبل إلى النبي ص مسلما فأنشده في المسجد قصيدته التي أولها
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول فيقال أنه لما بلغ إلى قوله:
إن الرسول لسيف يستضاء به مهذب من سيوف الله مسلول
أشار رسول الله ص بكمه إلى من حواليه من أصحابه أن يسمعوا
وفيها يقول:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته * يوما على آلة حدباء محمول
نبئت أن رسول أوعدني * والعفو عند رسول الله مأمول
وأسلم فأمنه النبي ص ومدحه بقوله ويروي لأبي دهبل:
تحمله الناقة الأدماء معتجرا * بالبرد كالبدر جلى ليلة الظلم
وفي عطافيه مع أبناء ريطته * ما يعلم الله من دين ومن كرم
وفي المحاسن والمساوي للبيهقي قال كعب بن زهير في الحسين بن
علي:
مسح النبي جبينه * فله بياض في الخدود
وبوجهه ديباجة * كرم النبوة والجدود
وأورد له ابن شهرآشوب في المناقب هذه الأبيات في أمير المؤمنين عليه
السلام:
صهر النبي وخير الناس كلهم * وكل من رأسه بالفخر مفخور
صلى الصلاة مع الأمي أولهم * قبل العباد ورب الناس مكفور
وروى له في مجموعة الأمثلة الشعرية:
مقالة السوء إلى أهلها * أسرع من منحدر نازل
ومن دعا الناس إلى ذمه * ذموه بالحق وبالباطل
فلا تهج إن كنت ذا إربة * حرب أخي التجربة العاقل
قال ويروي هذا الشعر لابن هرمة ويروي أيضا للحكيم بن قنبر.
وروى له في مجموعة الأمثال أيضا:
لأية حال يمنع المرء ماله * حذار غد والموت غاد ورائح
إذا المرء لم ينفعك حيا فنفعه * أقل إذا ضمت عليه الصفائح
ويرويان لابن هرمة. ٥٢:
أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري
توفي سنة ٥٥ وقيل قبلها:
قال ابن الأثير هو بدري وشهد صفين مع علي. ٥٣:
كعب بن ذي الحبكة عبيدة أو عبدة بن سعد بن قيس بن أبي ابن
عائد بن سعد بن جذيمة بن كعب بن رفاعة بن مالك بن نهد الهندي
قتل سنة ٤٠.
(٢٩)

في القاموس: الحبكة محركة الأصل من أصول الكرم وذو الحبكة
عبيدة أو عبدة ابن سعد آه وفي تاج العروس ساق نسبه كما ذكرناه
وقال ذو الحبكة لقب عبيدة وابنه كعب بن ذي الحبكة كان شيعيا وسيره
عثمان فيمن سير إلى جبل الدخان بدنباوند. قلت وقتله بسر بن أبي أرطاة
بتثليث آه أقول الظاهر رجوع الضمير إلى الابن. وفي معجم
البلدان: تثليث موضع بالحجاز قرب مكة آه ودنباوند بضم الدال
وسكون النونين وفتح الواو، في معجم البلدان: لغة في دباوند ويقال
وماوند بالميم أيضا كورة من كور الري في وسطها جبل عال لم أر في الدنيا
كلها جبلا أعلى منه وفيه عين كبريتية يخرج منها بخار كالدخان وبذلك
سمي جبل الدخان أقول تتبعت الكتب الموضوعة لمعرفة الصحابة لعلي
أجد فيها ترجمة لعبيدة ذي الحبكة والد المترجم أو لولده كعب فلم أجد فدل
على أن المترجم ليس صحابيا بل هو تابعي ولم أجد له ترجمة في كتب
التراجم وكتب الرجال التي عندي مع أن حاله تقتضي أن يكون معروفا
مشهورا وأوردت من ترجمته ما عثرت عليه في كتب لم توضع للتراجم كتاج
العروس ومعجم البلدان وكتاب أبي مخنف.
أحواله
سيأتي قول أبي مخنف أنه كان ناسكا متعبدا، أقول وكان شاعرا
قوي الحجة جريئا شجاعا خشنا في ذات الله عاقلا فصيحا عارفا كما يستفاد
مما يأتي في سيرته المنقولة عن أبي محنف ويدل كتابه الآتي الذي كتبه إلى
عثمان على جرأة وشجاعة وقوة إيمان وسخاء بالنفس في سبيل المصلحة
العامة والأمر بالمعروف وعلم ومعرفة.
تشيعه
وقد صرح بتشيعه في تاج العروس كما سمعت ويأتي قول أبي محنف
أنه كان من كبار شيعة علي بن أبي طالب ع.
أقوال العلماء فيه
قال ياقوت في معجم البلدان: دنباوند من فتوح سعيد بن العاصي
في أيام عثمان لما ولي الكوفة سار إليها فافتتحها وافتتح الرويان سنة ٢٩ أو
٣٠ للهجرة وبلغ عثمان أن ابن ذي الحبكة يعالج تبريحا كذا فأرسل إلى
الوليد بن عقبة وهو وال على الكوفة ليسأله عن ذلك فان أقر به فأوجعه
ضربا وغربه إلى دنباوند ففعل الوليد ذلك فأقر فغربه إلى دنباوند فلما ولي
سعيد رده وأكرمه فكان من رؤوس أهل الفتن في قتل عثمان فقال ابن ذي
الحبكة:
لعمري ان أطردتني ما لي الذي * طمعت به من سقطتي سبيل
رجوت رجوعي يا ابن اروى ورجعتي * إلى الحق دهرا غال أمرك غول
وإن اغترابي في البلاد وجفوتي * وشتمي في ذات الإله قليل
وإن دعائي كل يوم وليلة * عليك بدنباوندكم لطويل
انتهى ما ذكره ياقوت، لكن رواية أبي محنف تخالف هذه الرواية في
بعض الأمور ولعلها أصح وأثبت لما لأبي مخنف من المكانة في معرفة الأخبار
والسير والركون إلى روايته. ففي كتاب عندي مخطوط قديم مخروم الأول
والآخر والوسط بخط في غاية الجودة على ورق فاخر مجدول بالذهب لكنه
غير خال من الغلط يظهر منه أنه من كتب التاريخ المعتبرة وأنه من تأليف
أبي مخنف حيث يقول فيه في موضع قال أبو مخنف: وأخبرني عبد الملك بن
نوفل عن أبي سعيد المقبري. وفي موضع آخر قال أبو مخنف: حدثني نمير
ابن وعلة المقياسي من همدان عن الشعبي عن ضبيعة بن قيس البكري الخ
وهذه عادة المتقدمين في ذكرهم اسم المؤلف بهذه الصورة وأول الموجود من
الكتاب يتعلق بخلافة عثمان وما جرى له مع أبي ذر وعبد الله بن مسعود ثم
فيه بعد سقط لا يعلم قدره صورة كتاب من جماعة من أهل الكوفة إلى
عثمان حين وقع في خلافته ما وقع من الأحداث وكتاب آخر من صاحب
الترجمة إلى عثمان وخبر طويل له مع عثمان ونفيه إلى دماوند وإرجاعه ثم
ذكر جمع عثمان أمراء الأجناد واستشارتهم فيما يصنع لما رأى شكوى الناس
منه. ثم فيه بعد سقط لا يعلم مقداره أخبار تتعلق بوقعة الجمل فيظن أن
قسما منه من كتاب قتل عثمان وقسما من كتاب الجمل وكلاهما مذكور في
مصنفات أبي مخنف ونحن نذكر أولا كتاب أهل الكوفة المشار إليه ثم كتاب
المترجم لارتباط أحدهما بالآخر. قال أبو مخنف في الكتاب المذكور ما
لفظه: فكان أول من كتب إليه في إمارة سعيد بن العاص يزيد بن قيس
الهمداني ثم الأرحبي ومالك بن حبيب اليربوعي وكان ولي شرطة علي بن
أبي طالب وحجر بن عدي الكندي وزياد بن النضر الحارثي وزياد بن
حفصة التميمي وعمرو بن الحمق الخزاعي وعبد الله بن الطفيل العامري
وكتام بن الحضرمي الأسدي ومعقل بن عيسى اليربوعي وزيد بن حصين
الطائي وسليمان بن صرد الخزاعي ومسلمة بن عبدة القاري من القارة وهو
حليف بني زهرة في رجال من أهل الكوفة ونساكهم وذوي بأسهم فكتبوا
إليه: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من الملأ
المؤمنين المسلمين السلام عليك فانا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما
بعد فانا كتبنا إليك هذا الكتاب نصيحة لك واعذارا إليك وشفقة على هذه
الأمة من الفرقة وقد خشينا أن تكون خلقت لها فتنة ولا نرى فرقة أمة محمد
تكون إلا بسببك وعلى يديك فانا نرى لك ناصرا ظالما وناقما عليك مظلوما
فمتى نقم عليك الناقم ونصرك الظالم اختلفت الكلمتان وتباين الفريقان وقد
حدثت أمور متفاقمة أنت جلبتها باحداثك فاتق الله والزم سبيل الصالحين
قبلك وازدجر عن ضرب قرائنا وخيارنا وأماثلنا وقسم فيئنا بين أشرارنا
والاستئثار علينا فإنك أميرنا ما عبدت الله وأطعته وأحييت ما في كتابه
وأحببت الخير وأهله وكنت للضعفاء عونا وكان القريب والبعيد عندك في
الحق سواء قد قضينا ما علينا النصيحة لك وقد بقي ما لنا عليك لم تؤده
وأنت عندنا فيه مؤاخذ فان تبت نكن لك على الحق أعوانا وأنصارا وإلا فانا
لا نسالمك على البدعة وترك السنة ولن تجد من الله ملتحدا ولا عنه مبتعدا
ولن نعصي الله فيما يرضيك وهو أعز من أنفسنا وأجل من ذلك شهد الله
وكفى به شهيدا ولنستعين الله عليك وكفى به ظهيرا رجع الله بك إلى
الطاعة وعصمك بتقواه عن معصيته والسلام.
فلما كتبوا هذا الكتاب قالوا لا نحب أن يعرفنا عثمان فانا لا نأمنه
على أنفسنا فمن يبلغ عنا كتابنا فوالله ما نرى أحدا يجترئن على تبليغه إلا
رجلا لا يبالي ما اتي اليه من قتل أو ضرب أو حبس أو تسيير أو حدث أي
ذلك فعل به احتسب فيه الأجر والثواب الجزيل فأيكم ظن أنه صابر لهذه
الخصال فيأخذ هذا الكتاب فقالوا جميعا والله ما منا رجل يحب أن يبتلى بهذه
الخصال فقام رجل من غزة فقال هاتوا كتابكم فقد عزم الله علي الصبر على
هذه الخصال وإن كنت لأحب العافية وما أنا بآيس ان ابتليت أن يرزقني
(٣٠)

ربي صبرا جميلا فاخذ كتابهم وأتى منزله ليتهيأ فقام كعب بن ذي الحبكة
النهدي وهو كعب بن عبدة وكان ناسكا متعبدا فقال والله لأكتبن إلى عثمان
كتابا باسمي ونسبي بالغا ذلك عنده ما بلغ فكتب اليه بسم الله الرحمن لعبد
الله عثمان أمير المؤمنين من كعب بن عبدة سلام عليك فانا أحمد إليك الله
الذي لا إله إلا هو إما بعد فاني نذير من الفتنة متخوف فراق هذه الأمة
لأنك قد بسطت على الصالحين من أسلافهم وسيرت خيارهم وعذبت
أتقياءهم ووضعت فيئهم في غيرهم واستأثرت بفضلهم ومزقت كتابهم
وحميت قطر السماء ونبت الأرض وحملت بني أبيك على رقاب المسلمين فقد
أوغرت صدورهم واخترت عداوتهم ولعمري لئن فعلت ذلك بنا إنا لنعلم
أن من تدني وتكرم وتؤثره بفيئنا وبلادنا من أهل بيتك ظلما منك وإساءة
إلينا ليسوا بأحق بذلك ممن يجفى ويقصى ويحرم ويسير والله حسبنا وحكم
فيما بينك وبينه فان تنب وتعتب نقبل ونستجب وإلا تفعل نستعدي الله
عليك ونستجيره من ظلمك وعذابك بكرة وعشيا والسلام عليك ورحمة
الله. ثم جاء بالكتاب يلتمس الرجل وقد مضى وركب راحلته وأتبعه
فلحقه حين قرب من العذيب فلما رآه عرفه فوقف فسلم عليه وقال هذا
كتابي إلى عثمان فأحب أن تبلغه إياه فان فيه نصيحة وحثا له على الاحسان
إلى هذه الأمة والكف عن ظلمها فقال نعم ونعمي عين فاخذه ومضى حتى
دخل المدينة وأقبل ابن ذي الحبكة راجعا فوافى أصحاب ذلك الكتاب عند
أبواب كندة مجتمعين فحدثهم الذي صنع فقالوا والله لقد اجترأت وعرضت
نفسك لسطوة هذا الظالم فقال إني لأرجو الأجر والعافية أ فلا أخبركم بأجرأ
مني قالوا بلى قال من حمل الكتابين قالوا صدقت فقال يزيد بن قيس والله
إني لأرجو أن يكون أعظم هذه الأمة أجرا فقال يزيد بن أنس بن خالد بن
أصبغ النبهاني أما والله لقد ندمت أن لا أكون أنا سرت بالكتابين وأحب الله
أن يختص بفضلها أخا غزة وكان الغزي يكني أبا ربيعة فلما قدم المدينة أتى
عثمان فدفع إليه الكتاب فلما قرأه التمع لونه وتمغر وجهه وقال من كتب
الكتاب إلي قال اجتمع عليه عامة قراء أهل الكوفة وأهل الصلاح والفضل
في الدين والنسك قال كذبت بل كتبه السفهاء وأهل البغي والجهل خبرني
من هم قال ما أنا بفاعل قال إذا والله أوجع جنبيك وأطيل حبسك قال أظن
أنك ستفعل والله ما جئتك حتى ظننت نفسي بجميع ما ذكرت وما أراني
أسلم منك قال جردوه قال وهذا كتاب آخر فاقرأه قبل أن تبسط علي فاخذه
وقرأه فقال من كعب بن عبده؟ قال قد نسب لك نفسه قال فمن أي قبيلة
هو قال ما أنا بمخبرك عنه إلا بما أخبرك عن نفسه وكان كثير بن شهاب
الحارثي عند عثمان فقال أ هل تعرف كعب بن عبده قال نعم ذاك رجل من
بني نهد فامر عثمان بالغزي فجرد وعلي بن أبي طالب حاضر فقال سبحان
الله أ تضرب الرسول إنما هو رجل جاء بكتاب أو رسالة حملها فلم يجب عليه
ضرب بل الرسول يحبى ولا يجفي قال فترى أن نحبسه قال ما أرى حبسه
فخلي سبيله وانصرف الغزي فما راعهم وهم ينتظرون قادما يقدم عليهم
فيأتيهم بخبره إذ طلع عليه فما بقي بالكوفة أحد إلا أتاه ممن كان على رأيه
وعظم الغزي في أعينهم فسألوه فأخبرهم بما قال وما قيل له وأحسن القول
في علي والثناء عليه وكتب عثمان إلى سعيد بن العاص إن سرح إلي كعب
ابن عبده النهدي فدعاه سعيد فسرح به في وثاق مع ابن عم لعبد الرحمن بن
خنيس الأسدي كان قدم على عبد الرحمن متعرضا لمعروفه فدفع اليه سعيد
بن العاص ابن ذي الحبكة ليأتي به عثمان فلما رأى الأعرابي صلاة كعب
ودعاءه في أثناء الليل والنهار واجتهاده قال والله ما أرى بورك لي في سفري
وقدومي على ابن خنيس بعثني مع خير رجل في الناس أهديه إلى القتل
والعقوبة والحبس الطويل وأنشأ الأعرابي يقول في مسيره:
ليت حظي من مسيري بكعب * عفوك اللهم غفران ذنبي
فلما قدم كعب على عثمان رأى شابا نحيفا قد أنهكته العبادة فقال
تسمع بالمعيدي خير من أن تراه أنت تعلمني بالحق وقد قرأت كتاب الله
وأنت في صلب أبوي مشرك فقال له كعب إن كتاب الله لو كان للأول لم
يبق للآخر منه شئ ولكن الله يقول لأنذركم به ومن بلغ فانا من بلغ كتاب
الله بعد فشاركتك فيه فقال عثمان ما أراك تدري أين ربك قال بلى هو لي
ولك بالمرصاد فقال مروان يا أمير المؤمنين حلمك عن هذا وأصحابه أغروه
بنا وأغرونا بك وحملونا عليك وحملوك علينا كذا فقال عثمان جردوه
فضربوه عشرين سوطا ثم استشار أصحابه فأشاروا عليه أن يسيره إلى
دوماوند وجبالها وقال بعضهم جبل الدخان فكتب إلى سعيد بن العاص أما
بعد فاني قد سيرت كعب بن عبده إلى موضع كذا وكذا فابعث معه من يبلغ
به ذلك الموضع ثم رده إلى سعيد بن العاص مع الأعرابي الأسدي والاعرابي
يسمى كعب بن تميم فلما قدم على سعيد أمر له بأربعين دينارا وقال له سر
بهذا الرجل إلى حيث أمر أمير المؤمنين قال والله لوددت أن أنجر منها كفافا
لا لي ولا علي لا أجر ولا وزر بعثتموني مع خير الناس أهديه إلى القتل
والعقوبة فسيره سعيد مع بكر بن عمران فخرج به حتى وضعه هنالك فلما
رأى صاحب تلك الناحية اجتهاد كعب في العبادة وإقباله على الصوم
والصلاة قال له لم أخرجك قومك إلى ما هنا قال زعموا أني شرهم فطردوني
قال نعم والله القوم أنت شرهم وأسلم وكان يختلف إليه يتعلم منه الاسلام
وبلغ الزبير وطلحة ما صنع عثمان بابن ذي الحبكة فدخلا عليه فقال له
الزبير يا عثمان أ لم يكن في وصية عمر إليك أن لا تحمل آل أبي معيط على
رقاب الناس إن وليت الخلافة قال بلى قال فلم استعملت الوليد بن عقبة
قال استعملته كما استعمل عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة فلما عصى الله
نزعته فلم قال تعملت عمرا على الشام قال لرأي عمر فيه قال فلم تسير
أصحاب رسول الله ص قال أما أنت يا زبير فاني لم أسيرك وليس بمن سيرت
عوض من شتمي قال فلم صنعت بعبد الله ما صنعت وهجرت قراءته وقد
اقرأه رسول الله ص قال ما بلغني عنه أعظم مما بلغت منه قال وما بلغك عنه
قال بلغني أنه قال وددت أني وعثمان برمل عالج يحثي علي وأحثي عليه حتى
يموت الأعجل منا قال والله ما شتم لك في هذا القول عرضا ولا دعا عليك
بلعن ولقد بدأ بنفسه وما قالها حتى أبلغت إليه فاتق الله يا عثمان واعتب
من نفسك فان المسلمين لم يرضوا بهذه الأحداث نح عنك من حملته على
رقاب الناس ويحمل الناس عليك فإنك إن لا تفعل أشفق عليك من نكال
العاجل وعذاب الآجل فلم يزل يعظه حتى كتب إلى سعيد بن العاص أما
بعد فاني خشيت أن أكون اقترفت جرما في ابن ذي الحبكة فسرح به مع من
يقدم به عليك ثم عجل به علي والسلام فبعث سعيد بكبر بن عمران الذي
كان ذهب ليرده فلما قدم عليه قال له أنا أشخصتك وأنا أرجع بك فما
جدياي قال طعنة جائفة والله ما لمتك حين أشخصتني ولا أحمدك حين تردني
فاما الجديا فما أراك لها موضعا لأني أصل بها ذا رحم بل لو رميت به في
البحر كان أحب إلي من أن أضعها عند حمار مثلك لم ترث من عبد من عبيد
الله فأتعبته وسيرته عن دار قومه وعشيرته إلى دار الشرك فرجع بكير بن
حمران وهو يشكوه فقال له عمرو بن الحمق فيم تشكوه فأخبره الخبر قال
وهل في هذا شكوى قال نعم قال قد والله أصاب الرأي ووفق للسداد ما في
(٣١)

إعطائك أجر ولا ذخر ولا في منعك حرب ولا حرج قال وقدم ابن ذي
الحبكة على عثمان فأدنى مجلسه وأظهر لطفه ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال
أما بعد فأسأتني بهذا فإنك كتبت إلي كتابا لو كنت كتبت لي بعض اللين
وسهلت بعض التسهيل قبل مشورتك ونصيحتك ولكن أغلظت لي واتهمتني
وتوعدتني حتى أغضبتني نعم والله لئن كان لكم علي حق فاني أرد عليكم
مثله قم يا أخا نهد فاقتص فقبض كعب على السوط ثم قام إليه وقد تجرد
عثمان فقال اقتص قال نعم قال كعب فاني أدعه لله والله لأن تصلح أحب
إلي من أن تفسد ولأن تعدل أحب إلي من أن تعتدي ولأن تطيع الله أحب
إلي من أن تعصيه ثم خرج كعب فلقيه نفر من قومه فقالوا ما منعك أن
تقتص وقد أمكنك قال ما كنت فاعلا فقد وعد قومه كذا واستغفر من
ذنبه وكان ابن ذي الحبكة من كبار شيعة علي ابن أبي طالب ع
انتهى وقد نقلنا هذه الترجمة بطولها لما فيها من عبر وفوائد جمة.
وفي شرح النهج لابن أبي الحديد ما يدل على أن كعب بن ذي
الحبكة كان ممن خرج إلى المدينة مع الكوفيين يوم قتل عثمان فإنه حكى عن
أبي جعفر والظاهر أن المراد به الطبري في بيان الأسباب التي دعت من
خرج إلى الخروج وذكر جماعة وذكر لكل واحد سببا إلى أن قال قال أبو
جعفر وسئل سالم بن عبد الله عن محمد بن أبي بكر الخ ثم قال: وكان
كعب بن ذي الحبكة النهدي يلعب بالنايرنجات بالكوفة فكتب عثمان إلى
الوليد أن يوجعه ضربا فضربه وسيره إلى دباوند فكان ممن خرج إليه وسار
إليه آه وهو يخالف ما مر من سبب نفيه إلى دباوند وما مر هو الصواب
ويؤيد ذلك أن جملة من الأسباب التي ذكرها لخروج من خرج لا تكاد
تصح وهذا منها: ٥٤:
الكفعمي
اسمه إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد. ٥٥:
كلاب بن أمية بن الأسكر الكناني
قال البيهقي في المحاسن والمساوي: كان كلاب من خيار المسلمين
وقتل مع علي بن أبي طالب بصفين، قال ولما وجه عمر بن الخطاب الجيش
إلى اليرموك قام إليه ابن الأسكر الكناني فقال يا أمير المؤمنين هذا اليوم من
أيامي لولا كبر سني فقام ابنه كلاب وكان عابدا زاهدا فقال لكني يا أمير
المؤمنين أبيع الله نفسي وأبيع دنياي بآخرتي فتعلق به أبوه وكان في ظل نخل
له وقال لا تدع أباك وأمك شيخين ضعيفين ربياك صغيرا حتى إذا احتاجا
إليك تركتهما فقال نعم اتركهما لما هو خير لي فخرج غازيا بعد أن أرضى أباه
فأبطأه وكان أبوه في ظل نخل له وإذا حمامة تدعو فرخها فرآها الشيخ فبكى
فرأته العجوز يبكي فبكت وأنشأ يقول:
لمن شيخان قد نشدا كلابا * كتاب الله إن ذكر الكتابا
أناديه ويعرض لي حنين * فلا وأبي كلاب ما أصابا
تركت أباك مرعشة يداه * وأمك ما تسيغ لها شرابا
فان أباك حين تركت شيخ * يطارد أينقا شزبا جذابا
طويلا شوقه يبكيك فردا * على حزن ولا يرجو الأيابا
إذا غنت حمامة بطن وج * على بيضاتها ذكرا كلابا
فبلغت هذه الأبيات عمر بن الخطاب فأرسل إلى كلاب فوافاه فقال
أنه بلغني أن أباك وجد لفراقك وجدا شديدا فبما ذا كنت تبره قال كنت أبره
بكل شئ حتى أني كنت أحلب له الناقة فإذا حلبتها عرف حلبي فأرسل
عمر إلى الناقة فجئ بها من حيث لا يعلم الشيخ فقال له احلبها فقام إليها
وغسل ضرعها ثم حلبها في إناء فأرسل عمر بالاناء إلى أبيه فلما أتى به بكى
ثم قال إني أجد في هذا اللبن ريح كلاب فقلن له نسوة كن عنده قد كبرت
وخرفت وذهب عقلك كلاب بظهر الكوفة وأنت تزعم أنك تجد ريحه فأنشأ
يقول:
أ عاذل قد عذلت بغير علم * وهل تدري العواذل ما ألاقي
سأستعدي على الفاروق ربا * له حج الحجيج على اتساق
إن الفاروق لم يردد كلابا * إلى شيخين ما لهما تواقي
فقال له عمر اذهب إلى أبيك فقد وضعنا عنك الغزو وأجرينا لك
العطاء قال وتغنت الركبان بشعر أبيه فبلغه فأنشأ يقول:
لعمرك ما تركت أبا كلاب * كبير السن مكتئبا مصابا
وأما لا يزال لها حنين * تنادي بعد رقدتها كلابا
لكسب المال أو طلب المعالي * ولكني رجوت به الثوابا
وعاش أبوه أمية دهرا طويلا حتى خرف فمر به غلام له كان يرعى
غنمه وأمية جالس يحثو على رأسه التراب فوقف ينظر إليه فلما أفاق بصر
بالغلام فقال:
أصبحت لهوا لراعي الضأن أعجبه * ما ذا يريبك مني راعي الضأن
أنعق بضأنك في أرض بمخضرة * من الأباطح وأحسبها بجلدان
أنعق بضأنك إني قد فقدتهم * بيض الوجوه بني عمي وإخواني ٥٦:
السيد كلب باقر ابن المولوي كلب حسين ابن المولوي محمد ابن
المولوي علي سجاد الحسيني الهندي النصيرآبادي الحائري الفقيه الأديب
المتكلم.
ولد سنة ١٢٦٥ في نصيرآباد وتوفي سنة ١٣٢٩ وأخذ فيها عن أبيه
ثم في لكهنوء عن السيد علي محمد ابن السيد محمد سلطان العلماء ابن
السيد دلدار علي ثم هاجر إلى المشاهد في العراق سنة ١٢٩٧ وأقام في
كربلاء وأخذ عن علمائها مثل الشيخ زين العابدين المازندراني والسيد علي
اليزدي والأردكاني ويروي عنه بالإجازة والسيد حسين البهبهاني ويروي عن
الشيخ ميرزا حسين. وكان عالما فاضلا أديبا شاعرا فقيها حكيما خبيرا
بالكلام والتفسير كثير الاطلاع في الحديث والتواريخ له منظومة في العقائد
سماها دلائل الخيرات تبلغ ألفي بيت قال في آخرها:
وههنا أرجوزتي قد ختمت * في رمضان لثمان قد خلت
وزمن الشروع بعد المنتصف * من رجب أعيذها من التلف
وحيث تهدي سبل النجاة * أرختها دلائل الخيرات ١٣٠٨
وقد قرظ عليها علماء عصره وأثنوا عليه ثناء بليغا وطبعت التقاريظ
مع المنظومة وحواشيها في أيامه وكان يدرس فيها في الروضة المنورة الحسينية
وله أرجوزة في الفقه شرح على أرجوزة الطباطبائي إلى الطهارة وبعضهم
يقول أنها تشطير لمنظومة الطباطبائي وشرح على أرجوزة الشيخ محمد علي

(١) ج ١ صفحة ١٦٨.
(٣٢)

الأعسم في الأطعمة والأشربة ونظم نجاة العباد بلغة أردو ومنظومة في
الوجود والماهية ومنظومة في الحكمة. ٥٧:
الكعبي
أحمد بن محمد بن محمود ٥٨:
الكلبي النسابة
ينصرف عند الاطلاق إلى محمد بن السائب وقد يطلق على ابنه هشام
ويوجد في الرواة الحسن بن علوان الكلبي وأخوه الحسين من أصحاب
الصادق ع وذكر جماعة أن الكلبي النسابة يطلق عليه وفيه نظر
لأنه لا دليل عليه ولم يذكر أحد أن الحسن بن علوان أو أخاه الحسين كان
نسابة. ٥٩:
أبو عمرو كلثوم بن عمرو العتابي التغلبي من ولد عمرو ابن كلثوم
الشاعر.
في معجم الشعراء للمرزباني: هو شامي من أهل قنسرين شاعر مجيد
مقتدر على قول الشعر وهو كاتب مترسل وله ألفاظ تثبت ورسائل تدون
رمي بالزندقة والرفض فطلبه الرشيد فهرب إلى اليمن وقال قصيدته التي
منها:
فت الممادح الا ان ألسننا * مستنطقات بما تخفى الضمائير
ماذا عسى مادح يثني عليك وقد * ناجاك في الوحي تقديس وتطهير
فعني به البرامكة والفضل بن يحيى حاجبه وكلم الرشيد حتى أمنه
فقال للفضل:
ما زلت في غمرات الموت مطرحا * يضيق عني وسيع الرأي من حيلي
فلم تزل دائبا تسعى بلطفك لي * حتى اختلست حياتي من يدي أجلي
وحظي بعد ذلك عند المأمون ولطفت منزلته منه وهو القائل للرشيد:
امام له كف تضم بنانها * عصا الدين ممنوع من البري عودها
وعين محيط بالبرية طرفها * سواء عليها قربها وبعيدها
وأصبح يقظانا يبيت مناجيا * له في الحشا مستودعات يكيدها
وسمع إذا ناداه من قعر كربة * مناد كفته دعوة لا يعيدها
وله:
هوني ما عليك واقني حياء * لست تبقين لي ولست بباقي
أينا قدمت صرف الليالي * فالذي أخرت سريع اللحاق ٦٠:
السيد كلشان علي الهندي
من علماء الهند سكن كربلاء ودرت على يده الخيرية الهندية، مدرس
للهنود ٦١:
الكليني
محمد بن يعقوب ٦٢:
الشيخ كمال السبزواري
تلميذ مولانا عبد الحق كان من الخطاطين يكتب الخطوط الستة
بتمامها كتابة جيدة وكان يشتغل دائما بكتابة القرآن الكريم وأدعية الأئمة
الاثني عشر ومن آثار صناعته اليدوية الكتابة التي هي داخل الروضة
الشريفة الرضوية.. ٦٣:
الفاضل الحكيم كمال الدين بن نور الدين الطبيب
له كتاب الطب فارسي ألفه للشاه طهماسب قال صاحب رياض
العلماء حسن الفوائد. ٦٤:
السيد كمال الدين ابن السيد حيدر ابن السيد نور الدين علي أخي
صاحب المدارك ابن علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي الأصفهاني
انتقل أبوه من جبل عامل إلى أصفهان فولد فيها ولده المذكور. في
بغية الراغبين أنه كان من الفقهاء المحققين وذوي الشهرة والنباهة وهو أبو
العالم الفقيه الأصولي السيد بدر الدين آه وقال ابن عمه السيد عباس
ابن السيد علي بن نور الدين بن أبي الحسن في الجزء الأول من كتابة نزهة
الجليس وفي يوم الأحد حادي عشر شهر رجب الفرد سنة ١١٣١ دخلنا
أصفهان واجتمعت بابن عمي العلامة السيد مرتضى واجتمعت بنجل ابن
عمي العلامة السيد كمال الدين العالم العامل السيد بدر الدين واجتمعت
بنجل ابن عمتي العلامة الشيخ عبد اللطيف وحضرت درسه في شرح الملا
جامي على الكافية آه ولعل أكثر من يصفهم في كتابه بالعلامة كهذا
العلامة لا يتجاوز علمهم شرح الجامي على الكافية والله أعلم. ٦٥:
أبو المستهل الكميت بن زيد الأسدي
نسبه وشهرته:
هو الكميت بن زيد الأسدي ينتهي نسبه إلى مضر بن نزار بن عدنان
من أشعر شعراء الكوفة المقدمين في عصره. عالم بلغات العرب خبير
بأيامها. ومن شعراء القرن الأول من الهجرة. كان في أيام الدولة الأموية
وولد أيام مقتل الحسين سنة ستين ومات في سنة ست وعشرين ومائة في
خلافة مروان بن محمد ولم يدرك الدولة العباسية. وكان معروفا بالتشيع
لبني هاشم مشهورا بذلك. قال أبو عبيدة: لو لم يكن لبني أسد منقبة غير
الكميت لكفاهم. وقال أبو عكرمة الضبي: لولا شعر الكميت لم يكن
للغة ترجمان ولا للبيان لسان. قيل وكانت بنو أسد تقول فينا فضيلة:
ليست في العالم. ليس منزل منا إلا وفيه بركة وراثة الكميت: لأنه رأى
النبي ص في النوم فقال له: أنشدني: طربت وما شوقا إلى البيض
أطرب. فأنشده فقال له: بوركت وبورك قومك. وسئل أبو معاذ الهراء:
من أشعر الناس؟ قال أ من الجاهليين أم من الاسلاميين قالوا بل من
الجاهليين قال امرؤ القيس وزهير وعبيد بن الأبرص. قالوا: فمن
الاسلاميين؟ قال: الفرزدق وجرير والأخطل والراعي. فقيل له: ما
رأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت قال: ذاك أشعر الأولين والآخرين
ويقال ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع الكميت
فمن صحح الكميت نسبه صح ومن طعن فيه وهن.
أخلاقه وصفاته
كان في صغره ذكيا لوذعيا يقال: أنه وقف وهو صبي على الفرزدق

(١) مطلع الشمس.
(٢) من الترجمات التي توفى المؤلف قبل أن يكتبها (ح).
(٣٣)

وهو ينشد: فلما فرع قال له: أ يسرك أني أبوك؟ قال: أما أبي فلا أريد به
بدلا ولكن يسرني أن تكون أمي. فحصر الفرزدق وقال ما مر بي مثلها.
ويقال ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع
الكميت. وقيل كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر: كان
خطيب بني أسد. وفقيه الشيعة. وحافظ القرآن. وكان كاتبا حسن
الخط. وكان نسابة. وكان جدليا وهو أول من ناظر في التشيع مجاهرا
بذلك. وكان راميا لم يكن في بني أسد جرمي منه. وكان فارسا وكان
شجاعا وكان سخيا دينا.
قال الجاحظ: ما فتح للشيعة الحجاج الا الكميت بقوله:
فان هي لم تصلح لحي سواهم * فان ذوي القربى أحق وأوجب
يقولون لم يورث ولولا تراثه * لقد شركت فيها بكيل وأرحب
سبب غضب هشام عليه:
ولما هجا الكميت خالد بن عبد الله القسري عامل هشام على
العراقين أراد خالد أن ينتقم منه فروي جارية حسناء قصائده الهاشميات.
وأعدها ليهديها إلى هشام. وكتب إليه باخبار الكميت وبهجائه بني أمية
وأنفذ إليه قصيدته التي يقول فيها:
فيا رب هل إلا بك النصر يبتغي * ويا رب هل إلا عليك المعول
وهو يرثي فيها زيد بن علي. وابنه الحسين بن زيد. ويمدح بني
هاشم ويهجو بني أمية. فلما قرأها أكبرها وعظمت عليه واستنكرها. وكتب
إلى خاله يقسم عليه أن يقطع لسانه ويده. فلم يشعر إلا والخيل محدقة
بداره. فاخذ وحبس. وكان أبان بن الوليد البجلي عاملا على واسط
وصديقا للكميت. فبعث إليه بغلام وقال له أنت حر إن لحقته: وكتب
إليه: بلغني ما صرت إليه وهو القتل إلا أن يدفع الله. وأرى أن تبعث إلى
حبي زوجة الكميت وهي ممن يتشيع أيضا فإذا دخلت إليك تنقبت
نقابها ولبست ثيابها وخرجت فاني أرجو أن لا يؤبه لك. فبعث إلى حبي
وقص عليها القصة وفعل بما أشار به عليه وخرج هاربا. فمر بالسجان
فظن أنه المرأة فلم يعرض له فنجا وأنشأ يقول:
علي ثياب الغانيات وتحتها * عزيمة أمر أشبهت سلة النصل
رضى هشام عليه وصفحه عنه:
ثم بعد أن أقام مدة متواريا وأيقن أن الطلب قد خف. سار في
جماعة من بني أسد إلى الشام وقدم اعتذاره إلى هشام وطلب منه الأمان من
القتل ولم يزل به حتى أجاره. وروى أن الكميت أرسل وردا ابن أخيه زيد
إلى أبي جعفر. محمد بن علي وقال له: إن الكميت أرسلني إليك وقد صنع
بنفسه ما صنع فتأذن له أن يمدح بني أمية قال نعم هو في حل فليقل ما
شاء. وقيل: لما دخل الكميت على هشام سلم ثم قال: يا أمير المؤمنين
غائب آب. ومذنب تاب. محا بالإنابة ذنبه. وبالصدق كذبه. والتوبة
تذهب الحوبة. ومثلك حلم عن ذي الجريمة. وصفح عن ذي الريبة.
فقال له: ما الذي نجاك من خالد القسري؟ قال صدق النية في التوبة.
قال: ومن سن لك ألغى وأورطك فيه؟ قال: الذي أغوى آدم فنسي ولم
يجد له عزما فان رأيت يا أمير المؤمنين تأذن لي بمحو الباطل بالحق.
بالاستماع لما قلته فأنشده:
ذكر القلب إلفه المهجورا * وتلافي من الشباب أخيرا
أورثته الحصان أم هشام * حسبا ثاقبا ووجها نضيرا
وكساه أبو الخلائف مروا * ن سني المكارم المأثورا
لم تجهم له البطاح ولكن * وجدتها له معانا ودورا
وكان هشام متكئا فاستوى جالسا وقال هكذا فليكن الشعر. ثم
قال: قد رضيت عنك يا كميت. فقال الكميت: يا أمير المؤمنين إن
أردت أن تزيد في تشريفي لا تجعل لخالد علي إمارة. قال: قد فعلت
وكتب له بذلك وأمر له بجوائز وعطايا جزيلة. وكتب إلى خالد أن يخلي
سبيل امرأته ويعطيها العطايا الجزيلة. وقيل للكميت: إنك قلت في بني
هاشم فأحسنت وقلت في بني أمية أفضل. قال: إني إذا قلت أحببت أن
أحسن.
محبته لآل البيت وإخلاصه لهم:
قيل أن الكميت دخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد ع
في أيام التشريق بمنى فقال له جعلت فداك إني قلت فيكم شعرا أحب أن
أنشدكه. فقال: يا كميت اذكر الله في هذه الأيام المعدودات فأعاد عليه
القول فرق له أبو عبد الله فقال هات: وبعث أبو عبد الله إلى أهله فقرب
فأنشده فكثر البكاء حتى أتى على قوله:
يصيب به الرامون عن قوس غيرهم * فيا آخرا أسدى له الغي أول
فرفع أبو عبد الله يديه فقال: اللهم اغفر للكميت. ودخل أيضا
على أبي جعفر محمد بن علي فأعطاه ألف دينار وكسوة. فقال له الكميت:
والله ما أحببتكم للدنيا ولو أردت الدنيا لأتيت من هي في يديه. ولكني
أحببتكم للآخرة أما الثياب التي أصابت أجسامكم فانا أقبلها لبركتها وأما
المال فلا أقبله.
وحكي صاعد مولى الكميت. قال: دخلت معه على علي بن
الحسين. فقال: إني قد مدحتك بما أرجو أن يكون لي وسيلة عند رسول
الله ص ثم أنشده قصيدته: من لقلب متيم مستهام. فلما أتى على آخرها
قال له ثوابك نعجز عنه ولكن ما عجزنا عنه فان الله لا يعجز عن مكافأتك
وأراد أن يحسن إليه فقال له إن أردت أن تحسن إلى فادفع إلى بعض ثيابك
التي تلي جسدك أتبرك بها فنزع ثيابه ودفعها إليه ثم قال: اللهم إن الكميت
جاد في آل رسول الله وذرية نبيك بنفسه حين ضن الناس وأظهر ما كتمه
غيره من الحق فاحيه سعيدا وأمته شهيدا وأره الجزاء عاجلا فانا قد عجزنا
عن مكافاته. قال: الكميت ما زلت أعرف بركة دعائه.
وفاته:
وتوفي في خلافة مروان بن محمد سنة ست وعشرين ومائة وكان
السبب في موته أنه مدح يوسف بن عمر بعد عزل خالد القسري عن
العراق. فلما دخل عليه أنشده مديحه معرضا بخالد وكان الجند على رأس
يوسف متعصبين لخالد فوضعوا سيوفهم في بطنه وقالوا: أ تنشد الأمير ولم
تستأمره فلم يزل ينزف الدم منه حتى مات. وكان مبلغ شعره حين مات
خمسة آلاف ومائتين وتسعة وثمانين بيتا. وروى عن المستهل بن الكميت
أنه. قال: حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه ثم أفاق ففتح عينيه ثم
(٣٤)

قال: اللهم آل محمد. اللهم آل محمد. اللهم آل محمد. ثلاثا رحمه الله
تعالى.
وقال روكس بن زائد العزيزي:
لقد امتاز هذا الشاعر بمزايا لم تجتمع لسواه فقد كان خير مصور
لاتجاهات عصره في شعره، وانقطع لمدح آل البيت مدحا كاد يكلفه حياته
لو كان حافظا للقرآن الكريم من فقهاء الشيعة المعدودين، ولعله أول من
أجاد الجدل الفقهي، وناظر في التشيع جهرة، وهو أمر يحتاج إلى شجاعة
أدبية غريبة. وقد كان الكميت كاتبا حسن الخط وكان في أول أمره معلما،
فلا عجب إذا عرضته مهنته لشئ من الاحتقار، تأثرا بالعقلية التي كانت
تحقر مهنة التعليم وترى في المعلمين فئة مستضعفة.
والكميت بعد هذا من أعاظم الشعراء الذين عرفهم العصر
الأموي، ومن أصدقهم عاطفة ولا يلام إذا رأيناه يتذبذب وهو يريد
الاحتفاظ بدمه.
يظهر لنا خلقه المترفع وإخلاصه لآل البيت من الحادثة التالية:
طاف عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر على دور بني
هاشم ومعه أربعة من غلمانه، ومعهم ثوب يضعون فيه هبات بني هاشم
للكميت، وكان عبد الله يقول لأهل البيوت التي يدخلها: يا بني
هاشم! قال فيكم الشعر حين صمت الناس عن فضلكم، وعرض دمه
لبني أمية بما قد رأيتم. فكان الرجل يطرح في الثوب ما يقدر عليه من
دراهم ودنانير، أما النساء فإنهن كن يبعثن بحلاهن يخلعنها عن أجسادهن
فبلغ ما اجتمع من ذلك نحو مائة ألف درهم فقدمها للكميت قائلا:
أتيناك بجهد المقل، ونحن في دولة عدونا، وقد جمعنا هذا المال وفيه حلى
النساء كما ترى، فاستعن به على دهرك!.
أجاب الكميت: بأبي أنت وأمي، قد أكثرتم وأطبتم، وما أردت
بمدحي إياكم إلا الله ورسوله، ولم اك لآخذ لذلك ثمنا من الدنيا فاردده إلى
أهله. فجهد به عبد الله أن يقبله بكل حيلة فأبى.
فلو لم يكن له إلا هذا الموقف لكان أعظم دليل على بطولة الرجل
النفيسة، وصدقه وإخلاصه.
وقال محمد العيساوي الجمي: الكميت أول من أدخل الجدل
المنطقي في الشعر العربي، فهو مجدد بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.
وشعره ليس عاطفيا كبقية الشعراء، بل إن شعره، شعر مذهبي، ذهني،
عقلي، فهو شاعر يناضل عن فكرة عقائدية معينة، وعن مبدأ واضح،
ومنهج صحيح، ودعوة آمن بها وكرس لها حياته، وجهده وتحمل في سبيلها
الأذى ومات بسببها.
وأغلب شعره السياسي أو الهاشميات كما سمى ديوانه، نظمه ما
بين سنة ١٠٥ ه حتى آخر سنة ١٢٠ ه. وكان قبل هذه الفترة مدح آل
المهلب. والبعض من بني أمية. وربما مدح الآخرين تقية وكان الشاعر
في صراع مرير مع خالد القسري نائب الأمويين في العراق.
وهاشميات الكميت المطولة لا تبتدئ ببكاء الأطلال، والوقوف على
الدمن من الآثار على عادة من سبقوه من الشعراء. بل يبدؤها بحب آل
البيت الهاشمي والنسيب بهم. وها هو يبدأ إحدي هاشمياته قائلا:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب * ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب
ولكن إلى أهل الفضائل والنهي * وخير بني حواء والخير يطلب
والذي يتتبع مدح الكميت في الهاشميين لا يجده مدحا فقط، أعني
لا يجده ذكر محاسن وبيان فضائل فحسب، بل يجد مدحه للهاشميين عبارة
عن حجاج قوي، ومنطق لا يقبل الرد والدحض وهو محامي بارع أصيل،
يعرف كيف يدافع عن موكله. ويلصق التهم بالمدعي على صاحبه. فشعره
إذن: شعر عقلي، وهو أول من أدخل التفكير العقلي، والجدل المنطقي في
شعرنا العربي. ضنا لحريته وهنا بدأ في مدح الأمويين.
والكميت شاعر شيعي، عميق التشيع، عقلي الشعر، قوي
الحجة، متين الجدل والأدلة وهو شاعر له خطة معينة يتبعها، وفكرة دينية
يناضل في سبيلها، ومذهب سياسي معارض للحكومة يعبر عنه في
صراحة، وبدون مواربة أو دجل. وهو أول من أدخل التقرير والاحتجاج
للعلويين في الدفاع عنهم، وعن حقهم المهضوم المغتصب.
فشعر الكميت الأسدي إذن: عبارة عن مناظرات عقلية عميقة،
يقوم بها لفائدة الهاشميين وهي تعتمد على الاقناع العقلي الصرف. فهو
يؤيد وجهة نظره بأدلة عقلية، منطقية، قوية ويعضدها بآي القرآن
الكريم، ولقد كان: لسنا، فصيحا، ذكيا، سريع البديهة حاضر الحجة
قريب الدليل، غزير المنطق الجدلي، والبحث، والمقارنة. فها هو يقول
من قصيدة في الهاشميات:
بخاتمكم غصبا تجوز أمورهم * فلم أر غصبا مثله يتغضب
وجدنا لكم في آل حاميم آية * تأولها منا تقي ومعرب
وفي غيرها آيا وأيا تتابعت * لكم نصب فيها لذي الشك منصب
بحقكم أمست قريش تقودنا * وبالفذ منها والرديفين نركب
وقالوا ورثناها أبانا وأمنا * وما ورثتهم ذاك أم، ولا أب
يرون لهم فضلا على الناس واجبا * سفاها وحق الهاشميين أوجب
ولكن مواريث ابن آمنة الذي * به دان شرقي لكم ومغرب
فدى لك موروثا أبي وأبو أبي * ونفسي، ونفسي بعد بالناس أطيب
وتستخلف الأموات غيرك كلهم * ونعتب لو كنا على الحق نعتب
يقولون لم يورث ولولا تراثه * لقد شركت فيه بكيل وأرحب
وعك، ولخم، والسكون وحمير * وكندة، والحيان: بكر وتغلب
ولا تنشلت عضوين منها يحابر * وكان لعبد القيس عضو مؤرب
وما كانت الأنصار فيها أذلة * ولا غيبا عنها إذ الناس غيب
هم شهدوا بدرا وخيبر بعدها * ويوم حنين، والدماء تصبب
فان هي لم تصلح لقوم سواهم * فان ذوي القربى أحق وأقرب
هذه القصيدة كلها حجاج لبني هاشم، ورد على ما ادعاه
الأمويون... وضمن الكميت قصيدته أدلة من القرآن الكريم. فهو وجد
في آي حاميم آية لفائدة بني هاشم، وفي غير حاميم وجد آيا وآيا، تفيد
وتثبت حق الهاشميين في الخلافة الاسلامية. ولكن بني أمية اغتصبوها
جهرة وبادعاء إنهم ورثوها عن آبائهم. وكيف ورثوها؟ ومع ذلك يقولون
أن الرسول لا يورث. وما تركه صدقة؟ وبحق الهاشميين أصبحت قريش
تقودهم والمسلمين جميعا، وبالفذ ويقصد به معاوية والرديفين من جاء
بعده. ويبلغ بالشاعر العجب عند قوله:
(٣٥)

يقولون لم يورث ولولا تراثه * لقد شركت فيه بكيل وأرحب
وعك، ولخم، والسكون، وحمير * وكندة والحيان: بكر وتغلب
فيقول: إذا كان الرسول لا يورث كما يدعى ذلك فان لكل قبيلة
الحق في الخلافة وإذا كان يورث فبنو هاشم أولى بالخلافة لقرابتهم من
الموروث.
فهو يأخذ حجته وأدلته من حجج الأمويين وأدلتهم. ولهذا كانت
هاشميات الكميت الجديدة في مظهرها وخصائصها في شعرنا العربي
القديم والعصر الأموي إذن: فالكميت يعتمد في تأييد مذهبه بشيئين
اثنين:
هما الأدلة العقلية المنطقية، والقرآن الكريم...
وشعر الكميت يخالف شعر الشيعة مخالفة كبيرة. إذ كان غيره من
شعراء الشيعة المعاصرين له يعتمدون على البكاء، والرثاء، والتحسر،
وإظهار التألم، والأنين طريقهم في جميع ذلك العاطفة، ولا شئ سواها.
ولهذا قيل إن الهاشميات تؤرخ نزعة عقلية جديدة في اللغة
العربية لم تكن معروفة قبل الكميت.
ولهذا أرى مدحه لبني أمية كان اضطرارا وخوفا، لا طمعا في المال
والجاه. ونرى الكميت يأتي بالأوصاف التي يجب أن تتوفر في الامام. فنراه
يقول في الهاشميات:
الحماة الكفاة في الحرب إن لف حزاما وقودها بضرا
والغيوث الذين إن أمحل الناس فمأوى حواضن الأيتام
غالبيين هاشميين في العلم ربوا من عطية العلام
وهم الآخذون من ثقة أ فمر بتقواهم عرى لا انفصام
القريبين من ندى والبعيدين من الجور منى عرى الأحكام
راجحي الوزن كاملي العدل في السيرة طيبين بالأمور الجسام
ساسة لا كمن يرى رعية الناس سواء ورعية الأنعام
لا كعبد المليك أو كوليد أو سليمان بعد أو كهشام
رأيه منهم كرأي دوي الثلة في الثائجات جنح الظلام
جز ذي الصوف وانتقاء لذي المخنة وانعق ودعدها بالهام
فهم الأرأفون بالناس في الرأفة والأحلمون في الأحلام
أخذوا القصد واستقاموا عليه حين مالت زوامل الآثام
هذه القصيدة عبارة عن مقارنة بين أئمة الشيعة الذين يعدلون ولا
يجورون في الأحكام وهم المتصفون بصفة الحلم، وسعة الصدر وهم بهذه
الصفات المذكورة في القصيدة يختلفون عن حكام بين أمية كعبد الملك بن
مروان، والوليد، وسليمان، وهشام بن عبد الملك الحكام الأمويين
الجائرين في حكم الناس والمبتعدين عن العدل، والذين يبطشون بمخالفيهم
بطش الجبابرة العتاة والذين يسوقون المسلمين كالأنعام، ويعتبرونهم كالبقرة
الحلوب يتمتعون بمنافعها ويمتصون دماءها بدون رحمة أو شفقة.
ونحن نجد الكميت دائما يقيم المعادلات ويقدم المقارنات بين جور
الأمويين وعدل الهاشميين فائمة الشيعة يحكمون بالكتاب والسنة. أما
الأمويون فهم أصحاب جور وبدع وضلالات:
لهم كل عام بدعة يحدثونها * أزلوا بها اتباعهم ثم أوحلوا
كما ابتدع الرهبان ما لم يجئ به * كتاب ولا وحي من الله منزل
تحل دماء المسلمين لديهم * ويحوم طلع النخلة المتهدل
فيا رب هل إلا بك النصر تبتغي * عليهم، وهل إلا عليك المعول
والكميت لا يترك قضية النص، نص الرسول ص على علي بن أبي
طالب ع في حديث غدير خم فيقول:
ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الوصاية لو أطيعا
ويحدد الكميث موقفه من المذاهب والتشيع فيصبح قائلا:
وما لي الا آل احمد شيعة * وما لي الا مذهب الحق مذهب
وعند قتل زيد بن علي رثاه الشاعر بقصيدة نأخذ منها هذه الأبيات:
وعطلت الأحكام حتى كأننا * على ملة غير التي تتنحل
أ أهل كتاب نحن فيه وأنتم * على الحق نقضي بالكتاب ونعدل
كان كتاب الله يعني بامره * وبالنهي فيه الكودني المركل
فتلك ملوك السوء قد طال ملكهم * فحتام حتام العناء المطول
الحقيقة التي لا مراء فيها ولا جدال إن شعر الكميت شئ جديد على
شعرنا العربي فهو يدل على الخطوات العقلية التي خطاها العرب.
والاحتجاج، في الشعر، ذلك الطابع الجديد، في شعرنا العربي،
في دولة بني أمية اشتهر به الكميت، وهو أول شاعر رصد أكثر شعره لخدمة
فكرة عقائدية معينة في العهد الأموي. وديوانه المسمى بالهاشميات هو
وقف على فكرة الهاشميين واعتقاد الشيعة أو أتباع البيت العلوي على
التحديد والهاشميات عبارة عن مجموعة ضخمة من الحجج والأدلة سواء
كانت من العقل والذهن أو من القرآن الكريم، وكلها قيلت في تأييد حق
الهاشميين في الخلافة الاسلامية.
وما عدا الكميت من الشعراء كان معظم شعرهم مجرد تصوير
عاطفي، حماسي، مطبوع بطابع الحزن، والثورة في بعض الأحايين.
في معجم الشعراء للمرزباني كان أحمر كذا ومنزله الكوفة ومذهبه
في التشيع ومدح أهل البيت ع في أيام بني أمية مشهور ومن قوله
فيهم:
فقل لبني أمية حيث كانوا * وإن خفت المهند والقطيعا
أجاع الله من أشبعتموه * وأشبع من بجوركم أجيعا
وروي أن أبا جعفر محمد بن علي ع لما أنشده الكميت هذه
القصيدة دعا له. وللكميت في هشام وبني مروان:
مصيب على الأعواد يوم ركوبها * بما قال فيها مخطئ حين ينزل
كلام النبيين الهداة كلامنا * وأفعال أهل الجاهلية نفعل
وله في رواية اليزيدي:
يمشين مشي قطا البطاح تأودا * قب البطون رواجح الأكفال
يرمين بالحدق القلوب فما ترى * إلا صريع هوى بغير نبال
وله في رواية دعبل:
لعمري لقوم المرء خير بقية * عليه وإن عالوا به كل مركب
إذا كان في قوم عدى لست منهم * فكل ما علفت من خبيث وطيب
(٣٦)

وإن حد نيل النفس إنك قادر * على ما حوت أيدي الرجال تجرب
وقال يرثي الحسين ع:
أضحكني الدهر وأبكاني * والدهر ذو صرف وألوان
لتسعة بالطف قد غودروا * صاروا جميعا رهن أكفان
وستة لا يتجازى بهم * بنو عقيل خير فرسان
ثم علي الخير مولاهم * ذكرهم هيج أحزاني
قال السيد المرتضى في كتاب الفصول المختارة في الفصل الخامس عشر:
سمعت الشيخ أدام الله عزه يقول: ومما يشهد بان آل محمد أحق بمقام
النبي ص من النظم الذي قد ضمن وافي الاحتجاج قول الكميت بن زيد
رحمه الله عليه.
يقولون لم يورث ولولا تراثه * لقد شركت فيه بكيل وأرحب
وعك ولخم والسكون وحمير * وكندة والحيان بكر وتغلب
ولانتشلت عضوين منها يحابر * وكان لعبد القيس عضو مورب
ولانتقلت من حندف في سواهم * ولا اقتدحت قيس بها ثم أثقبوا
ولا كانت الأنصار فيها أذلة * ولا غيبا عنها إذ الناس غيب
هم شهدوا بدرا وخيبر بعده * ويوم حنين والدماء تصبب
وهم رئموها غير ظئر وأشبلوا * عليها بأطراف القنا وتحدبوا
فان هي لم تصلح لحي سواهم * فان ذوي القربى أحق وأوجب
وروى الكليني في روضة الكافي بسنده عن يونس بن يعقوب قال
أنشد الكميت أبا عبد الله ع شعرا فقال:
أخلص الله لي هواي فما * أغرق نزعا ولا تطيش سهامي
فقال أبو عبد الله ع: لا تقل هكذا: فما أغرق نزعا، ولكن قل
فقد أغرق نزعا ولا تطيش سهامي.
وفي شرح النهج الحديدي في شرح قوله ع: وقد أرعدوا وأبرقوا
ومع هذين الأمرين الفشل: كان الأصمعي ينكر أرعد وأبرق ويزعم أنه لا
يقال الأرعد وأبرق ولما احتج عليه ببيت الكميت.
أرعد وأبرق يا يزيد * فما رعيدك لي بضائر
قال الكميت قروي لا يحتج بقوله وكلام أمير المؤمنين ع حجة
على بطلان قول الأصمعي آه. ٦٦:
آقا كوجك بن محمد مهدي بن أبي ذر النيراقي أخو ملا أحمد النيراقي
عن الروضة البهية أنه قال: العالم العامل الفاضل النبيه الفقيه
المحقق فاضل كامل مقدس صالح انتهت رياسة دار المؤمنين كاشال إليه
بعد أخيه العالم الرباني الميرزا أبي القاسم النيراقي. ٦٧:
الكناني
هو أبو الصباح إبراهيم بن نعيم ٦٨:
أبو خالد القماط كنكر
قال الشيخ في الفهرست أبو خالد القماط له كتاب. وقال ابن عقدة
اسمه كنكر أخبرنا جماعة أبي المفضل عن حميد عن ابن سماعة عن أبي خالد
وأخبرنا جماعة عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن سعد والحميري
عن أحمد محمد بن سنان عن أبي خالد آه وفي نسبته إلى ابن عقدة دليل
على أن الشيخ لم يطلع عليه ومر في أبي خالد الكابلي في الكنى أن اسمه
وردان ولقبه كنكر ولكن هذا غيره. ٦٩:
الكميداني
هو علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر. ٧٠:
الكوفي
هو محمد بن الصيرفي أبو سمينة وقد يعبر عنه بأبي سمينة. ٧١:
كوهرشاد بيگم آغا
قتلت في هراة سنة ٨٦١ بامر السلطان أبو سعيد بن محمد بن
ميرانشاه بن تيمور لنك هكذا في بعض التواريخ الفارسية المخطوطة أنه لما
جاء إلى هراة في التاريخ المذكور قتلها ولم يبين السبب في ذلك. هي زوجة
الميرزا شاه رخ ابن الأمير تيمور الكوركاني وهي التي بنت مسجد كوهرشاد
العظيم الباقي إلى اليوم بجنب الحضرة الشريفة الرضوية وعمرت الحضرة
وزينتها وقامت هي وزوجها مدة في المشهد الرضوي وسكنا هناك وهذا
المسجد واقع في الجهة الجنوبية من المشهد الشريف وله صحن واسع عظيم
وعلى المسجد قبة عظيمة مبينة بالكاشي وأمام المسجد من جهة الشمال
إيوان عظيم عال إلى الغاية وفي جانبيه منارتان شاهقتان عجيبتا الصنع في
غاية الحسن وجميع الإيوان والمنارتين كلها مبنية بالكاشي البديع الصنع وقبة
هذا المسجد مع منارتيه أول ما يلوح للوارد إلى المشهد المقدس بعد القبة
الشريفة الرضوية والمنارتين المذهبتين مع القبة. ومن بنائها في المشهد
المقدس الرضوي دار الحفاظ وهو بناء عال واقع في جنب الروضة الشريفة
مربع الشكل مستطيل طوله ١٦ ذراعا وعرضه ٧ أذرع ونصف وهو منسوب
إلى حفاظ القرآن الكريم والدول التي في المشهد المقدس هي ١ دار
الحفاظ ٢ دار السيادة ٣ دار التوحيد ٤ دار الضيافة. ومسجد
كوهرشاد غاية في حسن البناء وأحكامه والزينة قل أن يرى نظيره وفي
الحقيقة كأنه صحن جنوبي للحرم المطهر وكله مبني بالكاشي المعرق وغير
المعرق وفيه من بدائع الصنعة شئ كثير وهو بصفاء الصيني. وسعة فضاء
المسجد قريب ٥٣ ذراعا وعرضه قريب ٤٨ ذراعا وله أربعة أواوين من
أربع جهات وله قبة عالية إلى الغاية وفم الأيوان اثنا عشر ذراعا ونصف
وارتفاعه خمس وعشرون ذراعا ونصف وطوله ٣٤ وارتفاع القبة الواقعة في
وسطه ٤١ ذراعا وقطر أساطين الإيوان ٥ أذرع وفي جانبيه منارتان من
الكاشي عاليتان ارتفاع كل منهما ٤١ ذراعا وكفى في إتقان عمارته أنه من
تاريخ سنة ٨٢٠ إلى الآن لم يحتج إلى مرمة وبقي في كمال الرونق وفي وسط
صحن هذا المسجد مكان مربع يعرف بمسجد العجوز يقال أن عجوزا كان
لها دار هناك لم ترض ببيعها وعملتها مسجدا وقد كتب على بعض جهات
هذا الجامع الآمرة بعمارة هذا المسجد صاحبة الرشد والرشاد العظمة
كوهرشاد ولهذا المسجد أوقاف جليلة باقية إلى اليوم وله ناظر مستقل عن
نظارة المشهد المقدس الرضوي. ٧٢:
غياث الدين أبو الفتح كيخسرو بن أبي المجد محمد بن أحمد البرهاني
القزويني.
من بيت الرياسة بقزوين وسكن أهله تبريز وغياث الدين المذكور هم
(٣٧)

عمدتهم وعميدهم وبيت قصيدهم جميل الصورة حسن السيرة اتصل إلى
المخدوم خواجة أصيل الدين الحسن ابن مولانا نصير الدين وصاهره على
ابنته وولي الولايات الجليلة السلطانية. ٧٣:
الشاه كوثر ابن الميرزا أبي الحسن النجفي
من عرفاء عصر السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي وهو الذي وقف
بعض الدور في النجف الأشرف على السيد جواد العاملي صاحب مفتاح
الكرامة أو وقفها على بعض الخيرات وجعل التولية بيده ويد أعقابه. ٧٤:
الكيدري
هو قطب الدين محمد بن الحسين بن الحسن الكيدري السمعي
صاحب شرح نهج البلاغة ٧٥:
الشيخ لطف الله ابن الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم بن علي بن
عبد العالي الميسي العاملي.
كان عالما متبحرا محققا جليل القدر أديبا شاعرا معاصرا للشيخ
البهائي يعترف له بالفضل والعلم والفقه ويأمر بالرجوع اليه.
قال الشيخ آغا بزرگ في الجزء العاشر من كتابه الذريعة في باب
الرسائل الكثيرة: الرسائل الكثيرة للشيخ لطف الله بن عبد الكريم بن
إبراهيم ابن الشيخ علي عبد العالي الميسي المنسوب إليه المسجد والمدرسة في
أصفهان. حكى في الروضات عن الرياض أن رسائل كثيرة في مسائل
عديدة. وقال: يظهر من عالم آرا أنه توفي سنة ١٠٣٣.
وقد وقفت له على رسالة الاعتكاف في المكتبة الرضوية أثبت فيها
صحة الاعتكاف ومشروعيته في كل المساجد.
وهو ابن أخت الشيخ حسن الحانيني المترجم له في موضعه من هذا
الكتاب وقد بعث اليه هذه الأبيات جواب كتاب ورد عليه منه:
خليلي إن رمت السلو فغن لي * بأوصاف لطف الله فهي جمال
فنى رقمه فيه انتظام جداول * على الفضة البيضاء فهي مثال
أتانا كتاب من رسوم يمينه * تقاصر عنه في المجال رجال
هو السحر ممزوجا بكأس مذاقه * يروقها الراووق فهي حلال
يتيه على الدنيا بآيات فضله * وتفصيله للسامعين جلال
وقال عنه في روضات الجنات ج ١ ص ٧٨ من طبعة دار الكتب
الاسلامية في طهران: المنتقل في أوائل عمره من ميس إلى المشهد المقدس
الرضوي والمشتغل هناك بالتحصيل عند مولانا عبد الله التستري وغيره إلى
أن انتظم في سلك مدرسي تلك الحضرة المقدسة والموظفين بوظائف
التدريس بل الناظرية لخدام تلك الروضة المنورة من قبل سلطان الوقت،
ثم المنتقل إلى دار السلطنة قزويين أيضا برهة من الزمان، ثم المتوطن بعد
ذلك كله في دار السلطنة أصفهان بامر ذلك السلطان. وهو الذي ذكر في
الأمل بعد وصف من علمه وصلاحه وتبحره وتحقيقه وجلالة قدره إن
شيخنا البهائي كان يعترف له بالفضل والعلم ويأمر بالرجوع اليه.
وذكرها صاحب رياض العلماء أنه كان فاضلا تقيا عابدا زاهدا
مقبولا قوله وفتواه في عصره. وقد بنى له السلطان الشاه عباس الصفوي
المسجد والمدرسة المنتسبين إليه بأصفهان وكان هو وابنه الشيخ جعفر
ووالده وجده الأدنى وجده الأعلى أعني الشيخ علي الميسي من مشاهير فقهاء
الامامية.
على أنه جاء في كتاب خطط جبل عامل ص ٢٩٩ الطبعة الأولى
إن جده الشيخ إبراهيم سكن أصفهان ولم يذكروا أنه عاد إلى جبل
عامل.
حرف الميم ٧٦:
مالك بن الحارث الأشتر.
توفي سنة ٣٩.
كان من زعماء العراق الأشداء، فارسا صنديدا لا يشق له غبار،
شديد البأس رئيس أركان الجيش لعساكر أبي الحسن ع في
معاركه. وهو من لهاميم مذحج الابطال المغاوير وسيد قروم النخع
وشجعانها المساعير. ومن رواسي الجبل في الحلم ومن السحاب الثقل في
الكرم والسخاء. وكان الأشتر بالكوفة اسود من الأحنف بالبصرة.
اما في السياسة فكان من الأكياس الحازمين، يجمع بين اللين والعنف
فيسطو في موضع سطو ويرفق في موضع الرفق. وقد شهد له بذلك أمير
المؤمنين ع فقال عنه: انه ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته، ولا
بطؤه عما الاسراع اليه أحزم ولا اسراعه إلى ما البطء عنه أمثل.
وهو خطيب منبر وقائد عسكر وشاعر ناثر. وقد استطاع ان يخمد
بذلاقة لسانه من الفتن العمياء ما أعيا السيف اطفاؤه في كثير من المواقف
والمشاهد التي نصر فيها الحق وحارب الباطل. كان أمير المؤمنين ع
حين رجع عن صفين رد الأشتر إلى عمله بالجزيرة، فلما اضطربت مصر
على محمد بن أبي بكر استدعى أمير المؤمنين ع الأشتر اليه وهو يومئذ
بنصيبين وارسل إليه هذا الكتاب:
أما بعد فإنك ممن استظهر به على إقامة الدين واقمع به نخوة الأليم
وأسد به الثغر المخوف.
إلى أن يقول: فأقوم علي للنظر فيما ينبغي واستخلف على عملك
اهل الثقة والنصيحة من أصحابك والسلام.
فاقبل الأشتر إلى علي فلما دخل عليه حدثه حديث مصر وخبره خبر
أهلها، وقال له: ليس لها غيرك فاخرج إليها رحمك الله فاني لا أوصيك
اكتفاء برأيك واستعن بالله على ما أهمك واخلط الشدة باللين وارفق ما كان
الرفق أبلغ واعزم على الشدة حين لا يغنى عنك الا شدة.
فخرج الأشتر من عنده فاتى رحله. وأتت معاوية عيونه فأخبروه
بولاية الأشتر مصر، فعظم ذلك عليه، وقد كان طمع في مصر، فعلم أن
الأشتر ان قدم عليها كان أشد من محمد بن أبي بكر، فبعث إلى رجل من

(١) بنى المسجد سنة ١٠١١ وتم بناؤه سنة ١٠٢٨.
(٢) جاء في حاشية الصفحة ١٨٠ من الجزء ٢٥ من بخار الأنوار عن المترجم: وهو وابنه الشيخ
جعفر ووالده وعمه الحسن وجداه من مشاهير الفقهاء.
(٣) من الترجمات التي توفى المؤلف قبل أن يكتبها (ح)
(٣٨)

اهل الخراج يثق به، وقال له: ان الأشتر قد ولي مصر فان كفيته لم آخذ
منك خراجا ما بقيت وبقيت فاحتل في هلاكه ما قدرت.
فخرج الأشتر حتى انتهى إلى القلزم حيث تركب السفن من مصر
إلى الحجاز فأقام به، فقال له ذلك الرجل وكان ذلك المكان مكانه أيها
الأمير هذا منزل فيه طعام وعلق، وانا رجل من اهل الخراج فأقم واسترح
واتاه بالطعام حتى إذا طعم سقاه مشربة عسل قد جعل فيه سما فلما شربها
مات.
ولما بلغ عليا موت الأشتر، قال: انا لله وانا إليه راجعون والحمد لله
رب العالمين، اللهم إني احتسبه عندك فان موته من مصائب الدهر، ثم
قال: رحم الله مالكا فقد كان وفيا بعهده وقضى نحبه ولقي ربه. مع انا
قد وطنا أنفسنا ان تصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله، فإنها من
أعظم المصائب.
وحدث أشياخ النخع قالوا: دخلنا على أمير المؤمنين حين بلغه موت
الأشتر فوجدناه يتلهف ويتأسف عليه، ثم قال: لله در مالك وما مالك؟!
والله لو كان من جبل لكان فندا ولو كان من حجر لكان صلوا، اما
والله ليهون موتك عالما وليفرحن عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي،
وهل موجود كمالك.
قال علقمة بن قيس النخعي: فما زال يتلهف ويتأسف حتى ظننا أنه
المصاب به دوننا، وعرف ذلك في وجهه أياما.
ومن أقوال أمير المؤمنين فيه: كان لي كما كنت لرسول الله وسئل
بعضهم عن الأشتر فقال: ما أقول في رجل هزمت حياته اهل الشام وهزم
موته اهل العراق.
وقد وصفه أمير المؤمنين لأهل مصر حين ولاه عليها في كتاب كتبه
إليهم: لقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام في الخوف ولا ينكل من
الأعداء حذر الدوائر أشد على الكافرين من حريق النار، فاسمعوا وأطيعوا
فإنه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة ولا كليل الحد...
موقفه يوم رفع المصاحف
لما رفع أصحاب معاوية المصاحف يدعون إلى حكم القرآن قال أمير
المؤمنين: انهم والله ما رفعوها حقا، انهم يعرفونها ولا يعملون بها، وما
رفعوها لكم الا خديعة ومكيدة أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة
فقد بلغ الحق مقطعه ولم يبق الا ان يقطع دابر الذين ظلموا.
فجاءه زهاء عشرين ألفا مقنعين بالحديد وشاكي السلاح سيوفهم على
عواتقهم وقد سودت جباههم من السجود يتقدمهم مسعر بن فدكي وزيد بن
حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد، فنادوه يا علي:
أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت اليه والا قتلناك!
فقال لهم: أنا أول من دعا إلى كتاب الله وأول من أجاب اليه وليس
يحل لي ولا يسعني ان أدعي إلى كتاب الله فلا اقبله، اني انما أقاتلهم ليدينوا
بحكم القرآن، فإنهم قد عصوا الله فيما امرهم ونقضوا عهده ونبذوا كتابه،
ولكني قد أعلمتكم انهم قد كادوكم وانهم ليسوا بالعمل بالقرآن يريدون.
قالوا فابعث إلى الأشتر ليأتيك، وكان الأشتر صبيحة ليلة الهرير قد
أشرف على معسكر معاوية ليدخله. فأرسل اليه يزيد بن هانئ فاتاه
فبلغه. فقال الأشتر: قل له ليس هذه الساعة ينبغي لك ان تزيلني فيها
عن موقفي اني قد رجوت ان يفتح الله بي فلا تعجلني. فرجع يزيد بن هاني
إلى علي فأخبره. وارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر وظهرت
دلائل الفتح والنصر لأهل العراق ودلائل الخذلان والادبار على اهل الشام.
فقال له القوم: والله ما نراك الا أمرته بقتل القوم، قال: رأيتموني
ساررت رسولي؟ أ ليس انما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون!
قالوا فابعث اليه فليأتك والا والله اعتزلناك! قال: ويحك يا يزيد،
قل له اقبل فان الفتنة قد وقعت.
فاتاه فأخبره. فقال الأشتر: أ لرفع هذه المصاحف؟! قال: نعم.
قال: أما والله لقد ظننت انها حين رفعت ستوقع اختلافا وفرقة، وقال الله
لنا، أ ينبغي ان ندع هذا أو ننصرف عنه!.
فقال له يزيد: أ تحب انك ظفرت هاهنا وأمير المؤمنين بمكانه الذي
هو به يفرج عنه ويسلم إلى عدوه! قال: سبحان الله، والله ما أحب
ذلك. قال: فإنهم قالوا لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك كما قتلنا
عثمان، أو لنسلمك إلى عدوك!.
فاقبل الأشتر، فصاح: يا اهل الذل والوهن، أ حين علوتم القوم
فظنوا انكم لهم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، وقد والله
تركوا ما امر الله فيها وسنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم أمهلوني فواقا فاني
قد أحسست بالفتح، قالوا: لا، قال: فأمهلوني عدو الفرس، فاني قد
طمعت في النصرة. قالوا إذن ندخل معك في خطيئتك. قال: فحدثوني
عنكم، وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم متى كنتم محقين حيث كنتم تقتلون
اهل الشام فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون أم الآن محقون
فقتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم وكانوا خيرا منكم في النار! قالوا عنا
منك يا اشتر، قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله، انا لسنا نطيعك
فاجتنبنا، قال خدعتم والله فانخدعتم ودعيتهم إلى وضع الحرب فأجبتم،
يا أصحاب الجباه السود كنا نظن ان صلاتكم زهادة في الدنيا وشوق إلى
لقاء الله، فلا أرى فراركم الا إلى الدنيا من الموت الا قبحا يا أشباه النيب
الجلالة ما أنتم برائين بعدها عزا ابدا فابعدوا كما بعد القوم الظالمون.
فسبوه وسبهم وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب بسوطه وجوه
دوابهم. فصاح لهم علي فكفوا.
ولما كتبت صحيفة التحكيم دعي لها الأشتر ليوقعها فيمن وقعها
فقال: لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها الشمال ان كتب لي في هذه
الصحيفة اسم على صلح ولا موادعة، أ ولست على بينة من ربي ويقين من
ضلالة عدوي، أ ولستم قد رأيتم الظفر إن لم تجمعوا على الخور! فقال له
رجل انك والله ما رأيت ظفرا ولا خورا هلم فاشهد على نفسك وأقرر بما في
هذه الصحيفة فإنه لا رغبة بك عن الناس. قال: بلى والله ان لي لرغبة
عنك في الدنيا للدنيا وفي الآخرة للآخرة، ولقد سفك الله بسيفي هذا دماء
رجال ما أنت بخير منهم عندي ولا أحرم دما. ثم قال: لكن رضيت بما

(١) هو الأشعث بن قيس الكندي
(٣٩)

صنع علي أمير المؤمنين ودخلت فيما دخل فيه وخرجت مما خرج منه فإنه لا
يدخل الا في هدى وصواب.
بطولته في القتال
من الصور التي نقلها نصر بن مزاحم عن بسالة الأشتر يوم صفين
قوله: كان الأشتر في ميمنة الناس وابن عباس في الميسرة وعلي في القلب.
والأشتر في هذه الحال يسير ما بين الميمنة والميسرة فيأمر كل قبيلة أو كتيبة
من القراء بالاقدام على التي تليها فلم يزل يفعل ذلك حتى أصبح والمعركة
خلف ظهره. وجعل يقول لأصحابه وهو يزحف بهم ازحفوا قيد رمحي هذا
فان فعلوا قال ازحفوا قاب هذا القوس. ثم دعا بفرسه وركز رايته وكانت
مع حيان بن هوذه النخعي، واقبل الأشتر على فرس له كميت محذوف قد
وضع مغفرة على قربوس السرج وهو يقول: اصبروا يا معشر المؤمنين فقد
حمي الوطيس!.
وخرج يسير في الكتائب ويقول: الا من يشتري نفسه لله ويقاتل مع
الأشتر حتى يظهر أو يلحق بالله فلا يزال الرجل من الناس يخرج إليه
ويقاتل معه.
ويقول واحد في تلك الحال: اي رجل هذا لو كان له نية!. فيقول
له صاحبه: وأي نية أعظم من هذه ثكلتك أمك وهبتك، ان رجلا فيما قد
ترى قد سبح في الدماء وما أضجرته الحرب وقد غلت هام الكماة من الحر
وبلغت القلوب الحناجر، وهو كما ترى يقول هذه المقالة!.
ثم الأشتر في أصحابه فقال شدوا فدى لكم عمي وخالي شدة
ترضون بها لله وتعزون بها الدين، فإذا شددت فشدوا، ثم نزل وضرب
وجه دابته، ثم قال لصاحب رايته: اقدم فاقدم بها ثم شد على القوم وشد
معه أصحابه يضرب العدو حتى بهم إلى معسكرهم فقاتلوا عند المعسكر قتالا
شديدا فقتل صاحب رايته. واخذ علي لما رأى الظفر قد جاء من قبله بحده
بالرجال.
رأيه في علي بن أبي طالب
قال من خطبة له: معنا ابن عم نبينا وسيف من سيوف الله علي بن أبي
طالب صلى مع رسول الله لم يسبقه إلى الصلاة ذكر حتى كان شيخنا. لم
يكن له صبوة ولا نبوة ولا هفوة ولا سقطة، فقيه في دين الله تعالى عالم
بحدود الله وعليكم بالحزم والجد. واعلموا انكم على حق وان القوم على
الباطل. انما تقاتلون معاوية وأنتم مع البدريين قريب من مائة بدري سوى
ما حولكم من أصحاب محمد، أكثر ما كان معكم رايات فقد كانت مع
رسول الله، وعدونا مع رايات قد كانت مع المشركين على رسول الله،
فمن يشك في قتال هؤلاء الا ميت القلب، أنتم على احدى الحسنيين،
اما الفتح أو الشهادة، عصمنا الله وإياكم بما عصم به من أطاعه واتقاه،
وألهمنا وإياكم طاعته وتقواه واستغفر الله لي ولكم.
وله من خطبة أخرى في صفين: الحمد لله الذي جعل فينا ابن عم
نبيه أقدمهم هجرة وأولهم اسلاما، سيف من سيوف الله حبه الله على
أعدائه. فانظروا إذا حمي الوطيس ونار القتال وتكسر المران، وجالت
الخيل بالابطال فلا اسمع الا غمغمة أو همهمة فاتبعوني وكونوا في أثري.
الأشتر زعيم الثورة الشعبية
قال سعيد بن العاص الأموي والي عثمان على الكوفة لسماره:
السواد يقصد سواد العراق بما فيه من مزارع وبساتين بستان لقريش وبني
أمية!.
فقال له الأشتر: أ تزعم ان السواد الذي أفاده الله على المسلمين
بأسيافنا بستان لك ولقومك!. والله ما يزيد أوفاكم فيه نصيبا الا ان يكون
كأحدنا، وتكلم معه القوم، فقال عبد الرحمان الأسدي وكان على شرطة
سعيد: أثر دون على الأمير مقالته!. وأغلظ لهم، فقال الأشتر: من ها
هنا؟ لا يفوتنكم الرجل فوثبوا عليه فوطئوه وطا شديدا حتى غشي عليه.
ثم إن سعيدا نفى الأشتر مع تسعة آخرين إلى الشام بامر عثمان،
ثم ردوهم إلى الكوفة، وكان فساد الحكم قد بلغ ذروته فلم يطق الأشتر
وصحبته السكوت. فنفوهم مرة ثانية إلى حمص، وكتب عثمان إلى الأشتر
وصحبه: اما بعد فاني سيرتكم إلى حمص فإذا اتاكم كتابي هذا فاخرجوا
إليها فإنكم لستم تالون الاسلام وأهله شرا. والسلام فلما قرأ الأشتر
الكتاب قال: اللهم أسوأنا نظرا للرعية وأعملنا فيهم بالمعصية فعجل له
النقمة.
فكتب بذلك سعيد بن العاص إلى عثمان وسار الأشتر وأصحابه إلى
حمص. ثم عادوا إلى بلدهم.
واستمر استهتار الحكام وعتبهم بالناس قال الطبري: اجتمع ناس
من المسلمين في الكوفة فتذاكروا اعمال عثمان وما صنع فاجتمع رأيهم
على أن يبعثوا اليه رجلا يكلمه ويخبره باحداثه فأرسلوا اليه عامر بن عبد الله
التميمي وهو الذي يدعى عامر بن عبد قيس، فاتاه فدخل عليه، فقال إن
ناسا من المسلمين اجتمعوا فنظروا في اعمالك فوجدوك قد ركبت أمورا
عظاما فاتق الله عز وجل وتب اليه وانزع عنها.
فقال له عثمان: انظر إلى هذا فان الناس يزعمون أنه قارئ، ثم
يجئ فيكلمني في المحقرات فوالله ما يدري أين الله. قال عامر: انا لا
أدري أين الله؟! قال: نعم والله ما تدري أين الله. قال عامر: بلى والله
اني لأدري ان الله بالمرصاد لك.
وكان سعيد بن العاص ومعظم عمال عثمان الذين ضج الناس من
عسفهم موجودين في المدينة فعقد عثمان منهم مؤتمرا للنظر في امر النقمة
الشعبية فكان من أبي سعيد بن العاص القضاء على الزعماء ومن رأي
عبد الله بن عامر قوله: تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك وان تجبرهم في
المغازي حتى يذلوا لك فلا يكون همة أحدهم الا نفسه.
ثم رد عثمان عماله إلى بلدانهم وأمرهم بالتضييق على الناس وأمرهم
بتجمير الناس في البعوث أي ارسالهم إلى الغزو وعزم على تحريم
أعطياتهم ليطيعوه ويحتاجوا اليه.
ورجع سعيد بن العاص أميرا على الكوفة يحمل هذه التعليمات
فخرج اهل الكوفة عليه بالسلاح فتلقوه فردوه وقالوا: لا والله لا يلي علينا
حكما ما حملنا سيوفنا.
فرجع سعيد بن العاص إلى عثمان مطرودا، فأرسل عثمان مكانه أبا
موسى الأشعري.

(١) نصر بن مزاحم
(٤٠)

ولما تلاقت الوفود بعد ذلك في المدينة مجتمعة على اعمال عثمان
وعماله كان الأشتر على اهل الكوفة مطالبا بما تطالب به الوفود كلها،
وعند ما تطورت الأمور إلى الحالة التي لم يكن أحد يظن انها ستتطور إليها
وحوصر عثمان وهدد بالقتل، لم يدخل الأشتر في هذا. فقد قال الطبري
وهو يصف حصار عثمان: فاعتزل الأشتر فاعتزل حكيم جبلة زعيم
البصريين، وكان ابن عديس زعيم المصريين وأصحابه هم الذين
يحصرون عثمان وكانوا خمسمائة.
ولما قتل عثمان كان الأشتر هو الذي قاد الجماهير إلى بيعة علي بن أبي
طالب ع.
وقال الأستاذ احمد الجندي:
من شخصيات التاريخ الاسلامي النادرة، ومن ابطال الحرب
البارزين في أيام العرب، جمع البطولة إلى النجدة، والشجاعة إلى الدين،
والفصاحة والبلاغة إلى الكرم والأدب، ورغم ما مر بك من صفات الرجل
فان التاريخ لم ينصفه، ولم يحص مآثره وأمجاده، لان ما به من صفات لا
يمكن حصرها ولا يتأتى تعدادها. انه يمثل العربي الصحيح، العربي الذي
لا يقرب العيوب ولا يداني الدنس، العربي الذي يرخص الروح في سبيل
الذود عن الكرامة والدفاع عن الحياض، هذه الكلمات المعسولة التي مرت
بك ليست ألفاظا تقال في معرض الحديث عن مالك الأشتر، وانما هي
كلمات لها معانيها ومدلولاتها وآثارها في شخص بطل طبق على نفسه
القواعد الموضوعة والحدود المرسومة حتى بلغ مرتبة المثل الأعلى للرجل
الكامل.
ولد هذا البطل المشهور قبل الاسلام بقليل وقد عاصر النبي ص
ولكنه لم يره ولم يسمع حديثه، غير أن مالكا ذكر عند النبي فقال فيه:
انه المؤمن حقا. وهذه شهادة تعدل شهادة الدنيا بأسرها لأنها صدرت
عن أعظم انسان في الدنيا وهي دليل على أن مالكا قد كان شابا في عهد
النبي له وزن وله رأي في قومه وانه دخل في الاسلام كما دخل فيه غيره من
عظماء هذا العهد المبارك، بل لقد عد بين المجاهدين الذين أبلوا البلاء
الحسن في حروب الردة وموقفه معروف من أبي مسيكة الأيادي وهو
زعيم من زعماء المرتدين وحديث مالك اليه حديث المؤنب المعتز باسلامه
وعروبته وشجاعته حتى لقد دعاه للمبارزة غير هياب ولا وجل مما يدل على أنه
قد كان يومذاك شابا في ريعان الشباب. فإذا أضفنا إلى هذا ان مالكا
الأشتر قد صرع عبد الله بن الزبير في وقعة الجمل وان عمره كان إذ ذاك على
ما يروي المؤرخون، ثمانين عاما فتكون ولادته، إذن، قبل بعثة النبي
بعقدين أو ما يزيد على ذلك قليلا. ولكنا لا نخلو من الشك في أن سنه قد
بلغت إلى هذا الحد في معركة الجمل لأنه عاش بعد ذلك أيام حرب صفين
كلها وانه في نهاية هذه الحرب، وبعد التحكيم، عين واليا على مصر من
قبل الإمام علي ع ولسنا نرى ان يعمد الامام إلى تسليم قطر من أهم
الأقطار الاسلامية لرجل شيخ هم، بل نرجح انه كان إذ ذاك في طور
الكهولة وانه تجاوز الستين بقليل.
اما اسمه المفصل فهو: مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن
مسلمة بن ربيعة... إلى أن ينتهي بالنخع ثم يصل إلى مذحج جده الأعلى
والذي تسمت به قبيلة من أشهر القبائل اليمنية العربية وأشدها قوة
ومنعة. ولقد شهد أول ما عرف خطبة عمر في الجابية كما شهد وقعة
اليرموك وشترت عينه فيها، وقيل إنها شترت استرخى جفنها في حروب
الردة مع أبي مسيكة الأيادي. وسكن أخيرا في الكوفة وترك فيها نسلا.
لهذا البطل شخصيتان: أولاهما شخصيته قبل الاسلام وأثناءه وفي
زمن الخليفتين أبي بكر وعمر، وكان خلالها غير بارز الصورة ولا ظاهر
الملامح، وكان معدودا بين الفرسان النابهين، ولكن التاريخ لم يهتم بشأنه
في هذه الفترة إذ كان منشغلا بالجهاد.
وشخصيته الثانية تبدأ بالثورة على عثمان حتى نهاية حياته وفيها انضم
إلى معسكر علي بن أبي طالب وظل وإياه حتى قتل مسموما على طريق مصر
على ما رواه المؤرخون.
كان رفيقا لعمار بن ياسر الصحابي الجليل وقد تألم لمقتله كثيرا وثارت
ثورته يومذاك على جند معاوية فأبلى فيهم وأذاقهم الويل في كراته الشديدة
عليهم انتقاما لرفيقه وثأرا لصديقه.
كان الأشتر صاحب دين، وكان معدودا في التابعين وكان على جانب
كبير من التقشف والزهادة ودليل ذلك اعجابه الشديد بأبي ذر الغفاري،
وكان مالك أحد الذين زاروا الصحابي الجليل رغم غضب الخليفة عليه،
حتى لقد مات أبو ذر بين يديه وتولى مالك دفنه وابنه تأبينا ينم على الالم لما
لقيه من عنت وغبن، كما ينم على الاستياء والحقد على أولئك الذين آذوا
صاحب الرسول الأعظم فلم يعرفوا له قدره ومكانته، ولقد وضع الشيخ
أبا ذر في حفرته الأخيرة ثم جرد سيفه فمسح به القبر ثم تكلم عن صاحبه
فقال: ان أبا ذر رأى منكرا فغيره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي وحرم
واحتقر ثم مات وحيدا غريبا، ثم تثور حفيظة مالك فيدعوا على المعتدين
بقوله اللهم فاقصم من حرمه ونفاه.
ولكن الغريب في امر مالك انه كان يثور امام الناس جميعا الا الامام
ع فقد كان يحبه حبا غير من طبيعته الثائرة وهذب من طبعه
العرم ورقق من نفسه المزمجرة المحنفة، فكان إذا سمع الأمر من علي تلقاه
كامر عسكري لا تجوز مناقشته ولا تحق مداورته، وهكذا تراجع مالك يوم
صفين نزولا عند رغبة الامام، وهكذا قبل أن يكون واليا في منطقة
الجزيرة، وهي منطقة تافهة، الا انها واقعة على حدود الشام. وهكذا
أيضا قبل أن يكون واليا على مصر بدلا من محمد بن أبي بكر، حتى لقي
حتفه في الطريق على أغلب الروايات.
وانتهت بموت مالك حياة حافلة بالدين والايمان والشجاعة والنجدة
فعد بذلك من الابطال الميامين في تاريخ الفترة الأخيرة من خلافة
الراشدين.
ولقد سر معاوية بمقتله، فقال: كانت لعلي يمينان قطعت إحداهما
بصفين يقصد عمار بن ياسر وقطعت الأخرى بمصر ويقصد مالكا.
أما الإمام علي المحب المفجوع بصديقه الأمين فقد قال فيه: كان
لي مالك كما كنت لرسول الله.
(٤١)

وقال أيضا وقد جاء خبره. إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أني احتسبه
عندك فان موته من مصائب الدهر.
وقال: لله در مالك، أما والله ليهدن موتك عالما ليفرحن عالما،
على مثل مالك فلتبك البواكي، وهل موجود كمالك.
بقي ان نذكر لك ناحية أخرى هامة عند هذا الرجل الكبير، فقد
كان شاعرا من شعراء البطولة ولكن البطولة غلبت عليه رغم موهبته
الشعرية.
يبرز شاب في معركة الجمل لمالك فيلقيه مالك أرضا ويهم بقتله
فيذكره الشاب الصريع بالقرآن ويتلو عليه حاميم والشاب يعلم ان مالكا
لا يؤخذ بامر كما يؤخذ بالقرآن فيقول الأشتر مجيبا.
يذكرني حاميم والسيف مصلت * فهلا تلا حاميم قبل التقدم
هتكت له بالرمح جيب قميصه * فخر صريعا لليدين وللفم
على غير شئ غير أن ليس تابعا * عليا ومن لا يتبع الحق يندم
وقد اختصر الأشتر مذهبه السياسي في البيت الأخير وذلك: ان
من لا يتبع عليا مخالف للحق وحقت عليه الندامة ووجب قتاله وهي
أبيات على بساطتها تدل على قوة في الشكيمة وبلاغة في الأداء لا تأتيان
الا للشعراء.
ويدعو عبد الله بن الزبير إلى البراز فينزل إليه وهو شاب في عنفوان
الشباب ويلتقي بمالك وقد بلغ الثمانين من العمر على قول بعض
الروايات، وكان رغم سنه يصوم في الحرب، فيصرع عبد الله ويجثم على
صدره فيصبح عبد الله مستغيثا.
اقتلوني ومالكا * واقتلوا مالكا معي
فيهيب مالك عن فريسته ثم يروي الحكاية مخاطبا عائشة:
أ عائش لولا انني كنت طاويا * ثلاثا لألقيت ابن أختك هالكا
غداة ينادي والرماح تنوشه * كوقع الصياصي اقتلوني ومالكا
فنجاه مني شبعه وشبابه * وأني شيخ لم أكن متماسكا
وابن أخت عائشة هو عبد الله بن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر
ذات النطاقين.
وكان يصور نفسه في الحرب تصويرا صادقا فيقول:
لأوردن خيلي الفراتا * شعث النواصي أو يقال ماتا
كما يقول لاحد مبارزيه محذرا مخوفا:
بليت بالأشتر ذاك المذحجي * بفارس في حلق مدجج
كالليث ليث الغابة المهيج * إذا دعاه القرن لم يعرج
وانظر إلى قوله يخاطب عمرو بن العاص حين هم بمبارزته وهو ملآن
حنقا عليه لأنه في رأيه مورث النار ومحرك للخلاف، وانه أيضا صاحب
الحيلة في الحرب:
يا ليت شعري كيف لي بعمرو * ذاك الذي أوجبت فيه نذري
ذاك الذي اطلبه بوتري * ذاك الذي فيه شفاء صدري
ذاك الذي ان القه بعمري * تغل به عند اللقاء قدري
وليس خافيا اني انما اتيت بشعر هذا الفارس البطل لا دلل على أنه
كان مطبوعا على قول الشعر وان أيامه الرهيبة المخوفة لم تترك له الفرصة
الكافية للتجويد في هذا الفن واتقانه، الاتقان اللازم لكل فن، ولكن
نفسه بالفتح في شعره يدل على أن وراءه طبعا شاعرا أصيلا وان الشعر
بالنسبة له صديق ورفيق يلجأ إليه للتنفيس عن صدره كلما حزبه امر أو نبا
به منزل.
والشعراء الفرسان لا يستطيعون ان ينصرفوا إلى فنهم انصرافا تاما
لانشغالهم بمزية أخرى غير مزية الشعر ولان شهرتهم في الشجاعة والبطولة
تغلب على شهرهم الفنية فهم يظلون في المرتبة التالية بالنسبة للشعراء
المتفرغين ان صحت التسمية.
هذا هو مالك الأشتر البطل المعروف والسيد المشهور، فهو فارس
وسياسي وشاعر. ٧٧:
السيد مبارك الملقب بالأزرق لزرقة عينيه ابن مطلب المشعشعي.
وباقي نسبه مذكور في تراجمهم، من السادة المشعشعية المعروفين
بالموالي حكام الحويزة وما يتبعها من قبل ملوك إيران الصفوية.
توفي سنة ١٠٢٦ ونقل إلى النجف فدفن خارج السور قريبا من مقام
صاحب الزمان كان والده في الدورق وكان مبارك حدث السن فلم يرض
أبوه سيرته فزوجه ابنة عمه السيد مناف والدة السيد بدر لعله يرجع فلم
ينجع فيه ذلك فأخرجه من الدورق فانتقل إلى شط العمارة وأطراف الجوازر
واجتمع بجماعة من آل غزين من اهل عمله وهو قطع الطريق وجعل يغزو
بهم ولما توفي السيد سجاد المقدم ذكره اتفق رأي الاعراب على اخراج الملك
من المشعشعين واقتسامه بينهم فلم يستقم لهم ذلك فأرسلوا إلى السيد زنبور
وحكموه عليهم وكان ساكنا في دزفول ولكون بنت بركة أخت الأمير سعيد
أمير امراء كربلاء والمشار اليه فيها أخت السيد مطلب وهي والدة مبارك
فأرسل سعيد إلى السيد مطلب يطلبه واعلمه بطلبهم للسيد زنبور فأرسل
مطلب لولده مبارك ومطلب في ذلك الوقت حاكم رامهرمز ونواحيها وكان
مبارك خرج مرة ومعه ابن عمه فرج الله بن لاوي وثلاثة خدام فاتفق رأيهم
ان يأتوا إلى سلطان الأوشار علي سلطان فاتوا اليه فلم يعتن بهم كثيرا فقال
مبارك لفرج الله غدا يركب السلطان للقنص فنقتله غيلة فلما كان الغد ركب
السلطان وهم معه فوصلوا نهرا يابسا وتقدم السلطان للعبور فسل مبارك
سيفه وضربه فقطع رأسه وهرب مع جماعته فلحقتهم الخيل فجعل فرج يكر
عليها ويردها ومرة يكر عليها مبارك حتى هزموها وغنموا ما في خيامها
وجاؤوا إلى الدورق ثم إنه في الغد جاء إلى باب دار خاله سعد وطلب
مواجهته وخرج اليه فقتله مبارك واجتمعت قبيلة سعد وأحاطت بالقلعة
فرمى إليهم برأسه فتفرقوا وفرق فيهم من أموال خاله وأرضاهم ثم توجه
بهم لحرب زنبور وهو بالحويزة وقت الضحى فوصلها عند العصر وانتقل
زنبور إلى بلد المشكوك فوصلها زنبور آخر الليل وصبحها مبارك طلوع
الشمس فخرج زنبور إلى دزفول وتخلف عنه أكثر عسكره في الطريق
والتحقوا بمبارك فأقام مبارك في المشكوك أياما ثم لحق زنبور إلى دزفول
وكتب إلى والده بذلك فعلم والده انه يتمكن في الولاية فذهب إلى سلطان
الفرس الشاه عباس فعلم زنبور بذلك فأرسل إلى طريقه من قبض عليه
واتى به اليه فخيره بين القتل وارجاع ولده فقبل بارجاع ولده وحلف على
ذلك وفي الصباح أتى مبارك بجنوده فخرج اليه زنبور بمن معه ثم خرج من
(٤٢)

بينهم فارس فإذا هو ولده فأخبره بما جرى فرجع مبارك إلى السوس ووالده
إلى الدورق فأصبح مبارك وقد خرج نصف عسكره إلى زنبور فاتى إلى خير
آباد وبات فيها فلما أصبح لم ير من عسكره أحدا غير خدمه فذهب إلى آل
غزين في دكة العباس فنزل في بيت خميس الأشرم بطردوه فنزل على تل ابن
طوي وبلغ الخبر زنبورا ان مبارك نزل على آل غزين فركب بخيله عليهم
فلما وصلهم ندموا على ما فعلوا بمبارك وذهبوا إلى التل واعتذروا منه وجاء
بهم فحارب زنبورا فانتصر عليه فهرب بمجموعة فلحقه مبارك فاتى دزفول
ومبارك في اثره فخرج منها ودخلها مبارك ثم عاد إلى المشكوك واستقام امره
وملك أربعين سنة وأكرمته امرأة عربية واضافته في بعض غزواته مع
أصحابه فلما ملك امر لها ولمن تعول من ذكور وإناث لكل انسان ثلاث خدم
وثلاثمائة درهم ولها خمس خدم وألف درهم وعين لها معاشا بقي إلى أيام
السيد فرج الله. وكان مبارك احمر اللون أزرق العينين ربعة أقرب إلى
القصر وكان الناس في عهده في رفاهية للغاية وفي عهده بسعي والده
والشيخ عبد اللطيف الجامعي العاملي ارتفع التشعشع من المشعشعين كان
المراد به الظلم بعد شياعه التام وكثر الخير في أيامه ورخصت الأسعار
وأخضبت الزراعة وفي أيامه أرسل عبد المؤمن خان الأوزبكي إلى الشاه
عباس الصفوي ان الذي بيننا يجب ان نرفعه فكتب الشاه كتابا إلى السيد
مبارك وتحرك في اثره ووصل بعسكره إلى خرم آباد فنزل هناك وعمر بستانا
يعرف بشاهاباد فعارضه الشيخ البهائي بالمنع فلم يقبل فأصر الشيخ على
ذلك وتأخر الشاه وارسل العسكر مع قائد اسمه فردهاد خان فوصل إلى
شوشتر وتلقاه مبارك بجموعه ومعه أربعون ألف أمير ملبس فاقتلوا أربعة
أيام طرفي النهار فراسل بعدها الشيخ البهائي السيد مبارك بالصلح ولكون
الشيخ الواسطة قبل السيد مبارك وارسل ولده السيد بخمسة عشر رأسا من
الخيل فرجع فرهاد خان ثم رجع الشاه ورجع مبارك إلى الحويزة وبرجوع
الشاه تحرك عبد المؤمن خان الأزبكي الكنقريزي وفتح هرات وخراسان
وجميع تلك الناحية وأساء السيرة والتجأ علماء المشهد الرضوي وأشرافه إلى
الروضة المقدسة فذبحوا فيها جميعا وارسل عبد المؤمن خان كتابا إلى الشاه
عباس بعد تلك الوقعة فأجاب عنه الشاه بما يطول الكلام ثم إن الشاه
عباس استرد هرات والمشهد من الأوزبك وارسل إلى السيد مبارك خان كتابا
يخبره فيه بالفتح بتاريخ صفر سنة ١٠٠٠ ويصفه فيه بقوله سيادت وايالت پناه
شوكت وجلالت دستگاه حشمت ومعدلت انتباه عاليجاه عمدة الحكام قدوة
الولاة الفخام جلالا للسيادة والإيالة والشوكة والاقبال السيد مبارك خان
الخ وبقي السيد مبارك سنة يرسل له الشاه الهدايا الثمينة ويرسل هو للشاه
خمسة عشر رأسا من الخيل وكانت البصرة في يده فظهر في تلك الأيام امر
المنتفق وملكها أولاد نشو المغامس فركب عليهم مبارك وهم بالبادية فنهبهم
ورجع وخلف اخاه منصور مع بعض الخيل بساقه الكسب وعمره ٢٢ سنة
ولحق ثويني بن مغامس مع خيله الكسب فطعن منصورا فوقع فاخذته
المنتفق ومضت ثم ركب عليهم السيد مبارك وهم في البصرة فحاصرهم فيها
أربعين يوما وقتل اثنين من أولاد مغامس وخمسة من أقربائهم وعدة من
أصحابهم وقل عليهم الزاد فأرسل إليهم ما عنده من المئونة والقهوة والثياب
واعتذر وقال بعد ما اخذنا البصرة تركناها لكم وعاد إلى الحويزة فأرسل اليه
مغامس ان البصرة هدية منا لك فأرسل من يتسلمها. وفي تلك الأيام ظهر
حسن بن اليازجي وبنى قلعة الزكية وتصرف في تلك النواحي فركب عليه
السيد مبارك فحاصره عشرين يوما في الزكية فقل على حسن الزاد فخرج في
اليوم الحادي والعشرين بنفسه على العسكر وجعل يحاربهم طرفي النهار إلى
مضي خمسة أيام ثم أرسل إلى مبارك يشكو الجوع فعاد عنه ووصف له رجل
طائي بالشجاعة فجاءه وتغذى عنده ثم استأذن بالرجوع إلى بلاده فاذن
له.
وارسل له ولأقاربه لكل واحد خلعة وللطائي ثلاث خلع وثلاث
ملبسات وثلاثين ألف درهم وارسل اليه ان جئتنا فحظك عندنا الوافر فجاء
باهله اليه وبقي معززا عنده إلى نهاية عمره وسمل عيني أخيه السيد خلف
بعد خدماته المعروفة خوفا منه على الملك وذلك مذكور في شعر الشيخ جعفر
الخطي.
وخرج عليه أعمامه بنو لاوي وذهبوا إلى والي بغداد وكان قد وصل
إليه عسكر سلطاني فأرسله معهم لحرب مبارك مع اتباعهم فالتقى بهم مبارك
غربي جصان واقتتلوا عشرين يوما ومل عسكر مبارك واضربهم الغلاء
وأعمامه يراسلون الناس فمال إليهم الأكثر وعلم مبارك وفي بعض الأيام
كر على العسكر حتى قتل قائد الأتراك فانهزموا وغنم ما في عسكرهم ورأى
يوما رجلين بزي الأتراك فظنهم جواسيس فسألهم فقالوا نحن من ناحية
الموصل قال ما حاجتكم قالوا رسل لناحية إيران فحبسهم فبقوا ثلاثة أشهر
محبوسين فتشفع فيهم بعض الناس فقال لا أفكهم الا بخمسمائة تومان
فقالوا ليس معنا شئ فطلب منهم كفيلا فرأوا السيد حمد الشريف وطلبوا
منه ان يكفلهم وهو لا يعرفهم ولا يعرفونه فكفلهم إلى شهرين وأطلقوا فلما
حضر الوقت طلب منه المال فباع كل ما يملك ودفعه ثم حضر الرجلان
ومعهما المال وهدية للشريف ولمبارك وكان عنده رجلان محبوسان فطلب منهم
أربعمائة تومان فعجزا فامر باخراجهم إلى السوق وضربهما فتخلصا ودخلا
بيت رجل يقال له رحمة بن عبد وكان غائبا فأرسلت زوجته حليها
بما قيمته أربعمائة تومان اليه فرده وعفا عنهما وركب علي باشا والي بغداد
على البصرة فبلغ الخبر إلى مبارك فطلب السيد راشد بن سالم من مدرسة
الشيخ عبد اللطيف وأرسله مع خيل فوصل الزكية يوم وصول العسكر إليها
فحاربهم ثلاثة أيام وكسروه في اليوم الرابع ورد الباشا العسكر إلى بغداد
وراسل مباركا في الصلح مع هدية سنية فقبلها وارسل اليه ان هديتنا لك
هي البصرة لأنه عرف أنه لا يقدر على حفظها من العثمانيين فسلمها الباشا
بأمان وهو أول من حكمها من العثمانيين ٧٨:
الشريف مبارك ابن الشريف زامل أمير الحاج العراقي.
ذكره جامع ديوان السيد نصر الله الحائري فقال: الشريف الكامل
مولانا مبارك ابن الشريف زامل وقال السيد نصر الله الحائري يمدحه:
صيرت قلبي المستنير دارك * فلم جعلت حرقه شعارك
فلا ترى ارفع منه منزلا * كلا ولو اضحى السما قرارك
جرحت خديك بلحظ مقلتي * فلم من القلب اخذت ثارك
علمت بان الجزع كيف ينثني * نعم وعلمت الظبا نفارك
يأخذه المحمر سبحان الذي * سقى بماء الحسن جلنارك
ويا صباح الفرق قد جل الذي * في ليل ذاك الفرع قد أنارك
وأنت يا كاس رحيق ريقه * من لي باني أحتسي عقارك
ويا أراك قدمن همت به * أراك صيرت الحلا ثمارك
(٤٣)

وأنت يا بلبل أفراحي من * عن غصن الاقبال قد أطارك
فعد وغرد فوق أغصان الهنا * ان صباح سعدنا مبارك
يا أيها المولى الشريف المرتضى * أنت الذي في العز لم تشارك
وأنت بدر لاح في أفق البها * لكننا لا نختشي سرارك
وأنت ذو الفضل الذي توقد في * أعلى الروابي للضيوف نارك
جدك خير المرسلين المصطفى * من نطقت بفضله تبارك
تبارك الله المهيمن الذي * حلا بعقد عزه فخارك
فاسحب ذيول الفخر يا غيث الندى * وابن علي أعلا السماء دارك
واركب جواد المجد في سبيل العلا * فان من طيب الثنا غبارك
وسر على اسم الله فالتوفيق قد * أصبح في كل الأمور جارك
وابشر فقد نلت الذي أملته * أعني به حجك واعتمادك
ولا تخف من درك فالله قد * أعلا على رغم العدى منارك
لا زلت في برد التهاني رافلا * متخذا ثوب التقى شعارك ٧٩:
الشريف مبارك الحسني من شرفاء مكة المكرمة.
تنسب اليه القصيدة التي وجدت بخط الشهيد الأول وبعضهم يتوهم
انها للجذوعي للبيت الذي فيها نح بها أيها الجذوعي الخ وهو توهم
فاسد للتصريح في نفس البيت بأنه منشدها لا منشئها وهذا مطلعها.
ما لعيني قد غاب عنها كراها * وعراها من الأسى ما عراها ٨٠:
الشيخ مبارك ابن الشيخ خضر اليماني الأصل الهندي المسكن
ولد سنة ٩١٢ وتوفي ١٧ ذي القعدة سنة ١٠٠١.
ذكره أصحاب كتاب دانشوران ناصري في أثناء ترجمة ابن ابنه
الشيخ أبو الفضل ابن الشيخ مبارك فقالوا ان أصل هذه السلسلة من اليمن
وأول من جاء منهم إلى الهند الشيخ خضر وحصل له فيها اعتبار إلى آخر
ما ذكرناه في ترجمة حفيده أبو الفضل المؤرخ قالوا وابنه الشيخ مبارك بعد
تحصيل العلوم العقلية والنقلية نال في تلك المملكة رياسة عامة ومرجعية
تامة وابنه الشيخ أبو الفضل كان مقدما في عهد السلطان محمد أكبر شاه
على جميع رجال ذلك العهد ومرت ترجمته في بابه والشيخ ظهرت عليه
ملامح النجابة في صباه ولما بلغ التاسعة من عمره كان قد حصل له نصيب
من العلم وما بلغ الرابعة عشرة حتى صار له إلمام بسائر العلوم المتداولة
قال ولما توفي جدي الشيخ خضر سنة ٩٥٤ التزم والدي زاويته واشتغل
بتحصيل العلوم وحصل قحط في بلاد الهند وضيق عظيم وهو لم يفارق
زاويته ولم تفتر عزيمته وانا كنت يومئذ ابن خمس سنين وكان يعول في هذا
الوقت سبعين نفسا من ذكور وإناث وصغار وكبار ولم يكن له شغل في ذلك
المنزل غير محاسبة النفس ومطالعة أسفار الحقيقة إلى أن ارتفع القحط ومن
الله تعالى بالرخاء واشتغل ببث فنون الحكمة وأنواع العلوم بين الناس وأبان
الحق والباطل ويوما بعد يوم صارت الناس تأخذ من خزينة عقله فوائد
كثيرة فدب داء الحسد له في القلوب ونسب إلى التشيع ولكن بواسطة
الحماية الإلهية دفع شرهم عنه وفي سنة ٩٧٧ خرج من زاوية الانزواء
واشتغل بنشر العلوم وتلمذ عليه الأكابر وعاد الحساد فألصقوا به عند
السلطان أمور بافترائهم من طريق التعصب الديني. قالوا ومن إمعان النظر
الدقيق واعمال الفكر العميق فيما قرره ابنه الشيخ أبو الفضل عند ذكر
ترجمته السابقة في محلها بضميمة الاطلاعات الخارجة يعلم أن الشيخ مبارك
وابنه الشيخ أبو الفضل كان كل منهما باطنا شيعي المذهب امامي المشرب
ومن هذه الجهة كان علماء ورؤساء المخالفين لهم في المذهب يعادونهما عداوة
قبيحة ومر ما يدل على تشيعهما في ترجمة ابنه أبي الفضل وذكرنا في تلك
الترجمة نقلا عن كتاب دانشوران ناصري انه لما دخلت السنة الرابعة
والعشرون من سلطنة أكبر شاه جرى يوما في مجلسه حديث في أن السلطان
هل يمكن ان يجتهد في بعض الأمور فكتب الشيخ مبارك الذي كان اعلم
علماء زمانه تذكرة بامر السلطان وختمها بخاتمه فيها انه بمقتضى آية
وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم والأحاديث الواردة في ذلك
وجوب إطاعة السلطان العادل فإذا اختلف العلماء في مسائل الدين واختار
السلطان أحد القولين لاجل تسهيل معاش بني آدم وصلاح حال العالم
فحكم به وجبت اطاعته وكذلك إذا حكم بما لا يخالف النص لاجل
المصلحة العامة. وختم هذه التذكرة بخاتمه وختمها سائر العلماء والقضاة
وذلك في رجب سنة ٩٨٧ وكان الداعي له إلى ذلك ما ظهر من الشيخ
عبد الله ابن الشيخ شمس الدين السلطانبوري الملقب بمخدوم الملك
والشيخ عبد النبي الصدر من حب الجاه والمال والسعي في إراقة الدماء
باسم الدين وقد لاقى الشيخ مبارك وولداه الشيخ أبو الفضل والشيخ أبو
الفيض منهما اذى كثيرا ولكن الله نجاهما من شرهما. وكان الشيخ عبد
القادر البدادوني من تلاميذ المترجم فقال في كتاب له ان مخدوم الملك أصدر
فتوى بان الذهاب إلى الحج غير واجب لانحصار الطريق في طريق العراق
الذي يسمع فيه كلام غير ملائم من القزلباشية وطريق البحر يلزم ان يؤخذ
فيه جواز من الفرنج فيه صورة مريم وعيسى ع وانه آله،
والبدادوني عند ترجمته نفسه يقول إن الشيخ مبارك وان كان له علي حق
عظيم لأنه أستاذي لكن حيث إنه وأولاده مغالون في الانحراف عن المذهب
الحنفي لم تبق له علي حجة وحكي البدادوني عن مخدوم الملك انه في أول
عهد أكبر شاه كان كلما رأى الشيخ أبا الفضل يتكلم عليه وعلى أبيه الشيخ
مبارك ويذمهما فأصدر الشيخ مبارك هذه الفتوى بامر السلطان لبعض ما رآه
من الصلاح والا فالآية خاصة ببعض أولي الأمر الذي لا يعصون الله ما
امرهم وكيف يأمر الله تعالى بإطاعة الفسقة والعصاة وليس الامر بإطاعتهم
الا امرا بالمعصية تعالى الله عن ذلك. ٨١:
الشيخ مبارك بن علي الأحسائي.
توفي سنة ٢٢٤، وقبره في مقبرة الحباكة من جهة الشمال معروف
عالم فاضل محدث ورع ينقل عنه تلميذه الشيخ سليمان بن عبد الجبار بعض
الفتاوى كتحريم الجمع بين الشريفتين وله رسالة في الصلاة مختصرة. ٨٢:
المبرد النحوي.
اسمه محمد بن يزيد. ٨٣:
السيد مبين الحسيني الوفي الهمداني.
توفي حدود ١٢٧٠ وقبره بمقبرة شيخان بقم.
محدث فقيه مفسر رياضي من اجلاء تلامذة صاحب الجواهر له
مؤلفات منها ١ الكشكول فرع منه سنة ١٢٦٧ ٢ زبدة الأحاديث
فرع منه بمشهد الرضا ع سنة ١٢٦٨ ٣ كتاب في الأدعية فرع منه
بطهران سنة ١٢٦٨ ٤ كتاب تلخيص ذريعة الراغب للشيخ أبي القاسم
الراغب في العرفان والتصوف.

(١) التكملة.
(٤٤)

٨٤:
السيد أبو حرب المجثي ابن الداعي الحسني الرازي.
في الرياض انه هو واخوه المرتضى ابن الداعي من مشايخ السيد
فضل الله الراوندي وابن شهرآشوب وغيرهما. ٨٥:
مجد الدولة بن بويه.
اسمه رستم بن علي بن الحسن بن بويه. ٨٦:
القاضي مجد الدين ابن القاضي شفيع الدين ابن القاضي نصيح الدين ابن
القاضي مجد الدين العباسي القثمي الدزفولي.
توفي سنة بضع وستين وألف ومائة.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
كان عالما ورعا ذكيا أديبا منشئا مجيدا عديم النظير حسن البديهة
حاضر الجواب مستقيم الفكر كريم الطبع قرأ على جدي وعلى جده القاضي
نصيح الدين عن أبيه عن الشيخ البهائي وله منه إجازة حسنة بخطه
واستفدت منه فوائد كثيرة وهو خالي وجد أولادي لوالدتهم انتقل إلى
المشاهد المشرفة بقصد المجاورة وأقام بها إلى أن توفي. ٨٧:
الأمير مجد الدين الحسيني المتخلص بمحمدي.
له زينة المجالس ألفه سنة ١٠٠٤ مرتب على تسعة اجزاء مطبوع
وألحق به فصلان في الطبع أحدهما في تاريخ المغول والآخر في الصفوية. ٨٨:
المولى مجد الدين ابن المولى أفضل بن فيض الله الدزفولي.
توفي في عشر الخمسين بعد المائة والألف وتوفي أبوه سنة ١١٢٦ في
ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
كان من خيار العلماء والصلحاء اجتمعت به بأبيه كثيرا واستفدت
منهما واخوه المولى محمد مؤمن خليفته على المنبر والمحراب وولي عهده الفائق
على الأقران والأتراب. ٨٩:
المجلسي.
هو محمد باقر بن محمد تقي الأصبهاني وقد يقال لوالده المجلس
الأول. ٩٠:
مجمع بن محمد احمد المسكني النحوي الشاعر الأديب اللغوي المعاصر
للشيخ أبي على ابن شيخ الطائفة حيث يروي الشيخ منتجب الدين عن
شيخه الشيخ طاهر بن أحمد القزويني وهو يروى عنهما. له ديوان شعر. ٩١:
المجنون المشهدي.
من شعراء الفرس وكان يكتب خطا جيدا بيده اليسرى. ٩٢:
المحاملي.
هو أبو شعيب صالح بن خالد. ٩٣:
محب علي الإبراهيمي ابن مولانا رستمعلي الخطاط المشهدي.
كان من كتاب الفرس ولقب بالإبراهيمي لأنه كان من كتاب الأمير
السلطان إبراهيم ميرزا طلبه الشاه طهماسب إلى قزوين وذهب من هناك
لزيارة العتبات الشريفة وعند رجوعه توفي بقزوين وحمل جسده إلى المشهد
المقدس الرضوي فدفن هناك بجانب قبر أبيه وتاريخ وفاته في هذا المصراع
ملا محب علي را شافع امام باد ٩٤:
المولى محب علي بن صدر الدين محمد التبريزي الشهيد المسموم
له شرح الاثنى عشرية الصلاتية للشيخ البهائي فرع منه سنة ١٠١٣
بتبريز ٩٥:
الميرزا محتشم الكاشاني الملقب بسيد شعراء الفرس.
معاصر للشاه طهماسب والمحقق الكركي ذكره في الرياض. له:
الصبائية والجلالية والشبابية مثنوي فارسي. ٩٦:
محرز بن شهاب التميمي من بني سعد.
من أصحاب أمير المؤمنين علي ع قال الطبري في تاريخه لما
عزم علي ع على العودة إلى صفين وجمع الناس لذلك وقد كان
الخوارج اجتمعوا بحروراء فبلغه ان الناس يقولون لو سار بنا إلى هذه
الحرورية فإذا فرغنا منهم وجهنا من وجهنا ذلك إلى المحلين خطبهم فقال إن
غير هذه الخارجة أهم الينا منهم قام اليه فيمن قام محرز بن شهاب فقال يا
أمير المؤمنين شيعتك كقلب رجل واحد في الاجماع على نصرتك والجد في
جهاد عدوك فأبشر بالنصر وسر بنا إلى أي الفريقين أحببت فانا شيعتك
الذين نرجو في طاعتك وجهاد من خالفك صالح الثواب ونخاف في
خذلانك والتخلف عنك شدة الوبال. ٩٧:
السيد آقا حاج محسن العراقي السلطان آبادي ابن ميرزا أبو القاسم الحسيني
وباقي النسب موجود على ظهر كتاب الدرر.
ولد سنة ١٢٤٦ وتوفي ١٣٢٤.
قرأ في بروجرود الفقه على الشيخ أسد الله المعروف بحجة الاسلام
والأصول على سيد شفيع البروجردي وقرأ التفسير على السيد جعفر
الكشفي كما أشار إليه السيد شفيع في الوجيزة المطوعة وذكر فيها أحواله ثم
على الشيخ احمد صاحب المصابيح في الأصول الساكن في دولت آباد وتلميذ
الشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم وكان مع كثرة ثروته وأشغاله يباحث ثلاثة
دروس كل يوم في الفقه الخارج والأصول الخارج والاسفار في المعقول وفي
رجب وشعبان ورمضان في التفسير ويقضي بين الناس ووقف أوقافا كثيرة
على إنارة المشاهد المشرفة وطلاب النجف وطلاب مدرسة سلطان آباد ومطلق
القربات. له من الأولاد عشرة ذكور و ١١ بنتا ١ السيد احمد وهو أكبرهم
٢ ميرزا محمود رأيناه في النجف ٣ ميرزا شمس الدين ٤ السيد
مصطفى وهؤلاء من العلماء. ٩٨:
الشيخ محسن ابن الشيخ احمد ابن عبد الله الدجيلي النجفي.
ولد في حدود سنة ١٢٦٤ وتوفي ١٣٢١.
كان عالما فاضلا شاعرا وقد تخرج على السيد ميرزا حسن الشيرازي
والشيخ محمد حسن الكاظمي وميرزا حسين الخليل واضرابهم له كتابة
استدلالية في الفقه متفرقة وله تقريرات في علم الأصول في ست مجلدات
صغار وله شرح الأمثال العربية. ٩٩:
الحاج محسن بن جان احمد الدزفولي.
توفي في عشر الخمسين وألف ومائة.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان عالما صالحا كثير الذكاء قرأت عليه بضعة من المغني واستفدت
منه.
(٤٥)

١٠٠:
الشيخ محسن بن إسماعيل بن محسن الدزفولي المعز الديني أخو الشيخ أسد
الله صاحب المقاييس.
توفي سنة ١٢٤٩.
كان فقيها مرجعا في الشرعيات ببلاد خوزستان يروي عن الكربامي
وبحر العلوم وصاحب الرياض وصاحب كشف الغطاء. له مؤلفات منها
١ حاشية المعالم ٢ شرح الارشاد. خلف الشيخ محمد طاهر والشيخ
محمد جواد والشيخ محمد حسن وكلهم أرباب فضل وتقي. ١٠١:
المولى محسن بن محمد طاهر القزويني النحوي تلميذ الميرزا قوام الدين
السيفي القويني.
له كتاب العوامل وكتاب رشح السحاب فرع منه سنة ١٢٨ وإليه
تنسب الطائفة النحوية بقزوين وله تصانيف كثيرة كتبها بخطه الجيد
الحسن. ١٠٢:
الشيخ محسن التبريزي.
في اليتيمة من أواسط العلماء في النجف. ١٠٣:
السيد محسن بن الحسن بن مرتضى الأعرجي الكاظمي المعروف بالمحقق
الكاظمي والمحقق البغدادي صاحب المحصول والوسائل.
توفي سنة ٢٢٧، وقد ناف على التسعين وقيل في تاريخ وفاته بموتك
محسن مات الصلاح نعت المدارس والعلوم لمحسن أرخت أصبح
محسن عند مليك مقتدر ودفن في الكاظمية وقبره مزور وعليه قبة.
عالم فقيه أصولي محقق مدقق من اعلام العلماء في ذلك العصر مؤلف
مؤلفاته مشهورة وعباراته في غاية الفصاحة والبلاغة وإذا كتب فكأنه خطيب
على منبر زاهد عابد تقي ورع جليل القدر عظيم الشأن وبأمره صنف أبو
علي كتاب رجاله، تلمذ على بحر العلوم وشارك كاشف الغطاء في الدرس
يروي عن الشيخ سليمان بن معتوق العاملي عن صاحب الحدائق ويروي
عنه السيد محمد باقر المعروف بالحجة، اشتغل بالتجارة إلى حدود الأربعين
من عمره ثم هاجر إلى النجف للتحصيل إلى زمان الطاعون الجارف وتفرق
اهل النجف سنة ١١٨٦ ثم عاد إلى النجف وجل تصانيفه بعد هذا.
ومن شعره قوله في المواعظ:
أ يا ربي ومعتمدي * ويا سندي ويا ذخري
عساك إذا تناهت بي * أموري وانقضى عمري
وأسلمني أحبائي * ومن يعنيهم امري
إلى قفراء موحشة * تهيج بلابل الصدر
وحيدا ثاويا في التر * ب للخدين والنحر
وأوحش بين أصحابي * مقامي وانمحى ذكري
وقمت إليك من حدثي * على وجل بلا ستر
ذليلا حاملا ثقلي * وأوزاري على ظهري
أفكر ما عسى تجري * علي بها ولا أدري
ترى متجاوزا عما * جنيت وراحما ضري
وتلطف بي لقى قد عيل * من الم الجوى صبري
ومغسولا على حدباء * بالكافور والسدر
ومحمولا على الأعواد * يسعى بي إلى القبر
وتؤنس وحشتي إذ لا * أنيس سواي في قبري
وتنجيني من الأهوال * يوم الحشر والنشر
وتحميني من النيران * ذات الوقد والسجر
وتلحقني ومن اهوى * بال المصطفى السغر
بساداتي ومن أعددتهم * للبؤس والضر
ملوك الحشر والنشر * وأهل النهي والامر
وتسقيني بكأسهم * زلالا مثلجا صدري
وتامر بي إلى الجنا * ت بالنعماء والبشر
إلى حور وولدان * وانهار بها تجري
ولست أرى يقوم بحمل * ما استحققت من وزري
سوى لقياك في حبي * لنعت ذويه في الذكر
فيسرني لذلك يا * رجائي مالكا امري
وخذ في ثار من اضحى * قتيل عصابة الكفر
حسين سبط احمد وابن * حيدرة الرضا الطهر
بجيش القائم المهدي * ذي الاقبال والنصر
وبحر العلم والجدوى * وفخر المجد والفخر
وظل الله منبسطا * بلا قبض مدى الدهر
على أصناف خلق الله * في بحر وفي بر
وعين الله ترعى الناس * في سر وفي جهر
وترقبهم بما يأتون * من خير ومن شر
وأيدني ومن علي * في السراء بالشكر
وفي الضراء بالايمان * والتسليم والصبر
ولا تقطع رجائي منك * في عسر وفي يسر
وجملني بسترك ان * اخذت أميط من ستري
وجللني بعافية * تصاحبني مدى الدهر
وقوله في رثاء الحسين ع:
فؤاد لا يزال به اكتئاب * ودمع لا يزال له انصباب
على من أورث المختار حزنا * تذوب لوقعه الصم الصلاب
ومات لموته الاسلام شجوا * وذلت يوم مصرعه الرقاب
يقبل نحره المختار شوقا * وتدميه الأسنة والحراب
فيا لله من رزء جليل * وهت منه الشوامخ والهضاب
ديار لم تزل مأوى اليتامى * سوام كيف صاح بها الغراب
وكيف تعطلت رتب المعالي * بهن وقوضت تلك القباب
كان لم تلف امنا من مخوف * ولم تحلل بساحتها الركاب
فيا غوث الأنام وصبح داجي * الظلام ومن به عرف الصواب
أ تهمل ثارها البيض المواضي * وتمنع فيئها الأسد الغضاب
وقوله:
دموع بدا فوق الخدود خدودها * ونار غدا بين الضلوع وقودها
له ١ الوسائل في مؤلفاته الفقه مطبوع ٢ المحصول في
الأصول ٣ الوافي في شرح وافية ملا عبد الله التوني ٤ سلالة
الاجتهاد ٥ شرح مقدمات الحدائق ٦ منظومة في جمع الأشباه
والنظائر ٧ كتاب في الرجال عندنا منه نسخة. وله كتاب في الصلاة
(٤٦)

وجدنا منه نسخة في كربلا بمكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني. ١٠٤:
السيد محسن ابن السيد حسن الحسيني البغدادي.
شاعر أديب كان حيا سنة ١١٤٥ له قصيدة قرض بها القصيدة
الكرارية الشريفة الكاظمية. هكذا وجدناه بخط بعض الفضلاء ولم نتحقق
اسم ناظم القصيدة ولا تحققناها قال المترجم:
فضل تكل لحصره الأقلام * وتهيم في بيدائه الأوهام
قد جزت غايات السباق بأسرها * فطل الأنام فيما عليك ملام
وشأوت أرباب القريض جميعهم * فغدوا وليس لهم سواك امام
وسلكت فجا ليس يسلك مثله * ولطالما زلت به الاقدام
وقصائد لله كم نفذت لها * بقلوب أرباب النفاق سهام
لا سيما المثل الذي سارت به الر * كبان وازداني به الأيام
مدح الامام المرتضى علم الهدى * مولى اليه النقض والابرام
نفثات سحر ليس فيه آثام * وعقود در زانهن نظام
ومدامة جليت ببابل فانتشت * مصر وماست في حلاها الشام
كم ليلة بتنا سكارى ولها * طربا بها والحادثات نيام
ما الروضة الغناء باكرها الحيا * فتعطرت من طيبها الآكام
ما الغادة الحسناء جال بخدها * ماء الشباب وفي القلوب أوام
خطرت تميس بعطفها فغدا لها * في كل قلب حسرة وغرام
درر غدا جيد المعالي حاليا * بعقودهن وثغرها بسام
تعنو لها شمس الضحى وتخرسا * جدة بدور الأفق وهي تمام
يا من تصدى للشريف أخي العلى * مهلا فقد سفهت بك الأحلام
أتروم لا هدأت جفونك رتبة * فوق المجرة لا تكاد ترام
أم كيف تدرك شاو من دانت له * حام بأطراف البلاد وسام
ثكلتك أمك هل علمت بفضله * أم لا ولكن ما عليك ملام
حسد المعالي للنفوس سجية * لم تثن عنها أو يجئ حمام
ما أن رأى الراؤون ويحك مثله * كلا ولا سمحت به الأيام
شهم إذا نامت جفونك في الدجى * فله جفون ما تكاد تنام
وإذ تكلم بالبلاغة صادعا * أعيا على اللسن البليغ كلام
بحر تدفق بالعلوم على الورى * فلهم قعود حوله وقيام
لا زالت الأدباء تنهل منه ما * ارتاحت نفوسهم اليه فهاموا
وممن مدح القصيدة الشريفة السيد احمد العطار والشيخ محمد الفتوني
العاملي كما ذكر في ترجمتهما. ١٠٥:
السيد محسن ابن السيد حسين ابن السيد محمد رضا ابن السيد مهدي
بحر العلوم الطباطبائي النجفي.
توفي في النجف ٢٢ المحرم سنة ١٣١٨ عن اثنين وسبعين سنة. كان
عالما فاضلا أديبا تخرج بأبيه وبعمه صاحب البرهان القاطع وبالشيخ مرتضى
الأنصاري وتلميذه الميرزا الشيرازي وكان نظارا بعيد النظر له كتابات في
الفقه والأصول.
تخلف بولده السيد مهدي كان فاضلا أديبا ذا فهم وقاد وفكرة قوية
تلمذ على السيد محمد الطباطبائي صاحب البلغة وعلى الشيخ عبد الهادي
الهمذاني البغدادي وعلى الشيخ ملا كاظم الخراساني له حاشية على معالم
الأصول ومنظومة في الأصول مع شرحها توفي في المحرم سنة ١٣٣٥ بمرض
الاستسقاء. ١٠٦:
محسن بن الحسين بن أحمد النيسابوري الخزاعي.
عالم حافظ ثقة جليل واعظ له: و ١ الأمالي في الأحاديث ٢
كتاب السير ٣ كتاب اعجاز القرآن ٤ كتاب بيان من كنت مولاه.
وهو عم الشيخ الآجل عبد الرحمن المفيد النيسابوري يروي أبو الفتوح
الرازي حسين بن علي بن محمد بن أحمد الخزاعي عن أبيه عن جده عنه. ١٠٧:
الشيخ محسن بن خنفر العفكي الباهلي النسب النجفي المولد والمنشأ والمدفن
الحافظ.
توفي في النجف بعد العشاء من ليلة السبت ٢٩ ربيع الأول سنة
١٢٧٠ ابن حمى المطبقة ودفن في الصحن الشريف بقرب الشيخ حسين
نجف من جهة باب القبلة على يمين الخارج من الصحن الشريف خنفر
بخاء معجمة ونون وفاء مهملة وراء مهملة وزن جعفر والعفكي نسبة
إلى عفك بعين مهملة مكسورة وفاء مفتوحة وكاف وهم ينطقونها بجيم
فارسية قبيلة من عرب العراق بين البصرة وبغداد قال تلميذه السيد
محمد الهندي في نظم اللآل في علم الرجال: أستاذي الثقة الضابط التقي
الورع العالم العلامة كنت لا أسأله عن شئ الا وجدت له جوابا حاضرا
مع حفظ المستند وكان إذا درس أتى بما له دخل من سائر العلوم في المطلب
وإذا ذكر الأحاديث ذكرها بأسانيدها محفوظة وكان وحيد زمانه في علم
الرجال إن لم يكن كذلك في غيره من سائر الفنون المشهورة وكان يحافظ على
متن الحديث ويستدرك على وسائل الحر العاملي تحريف الواو بالفاء
وبالعكس وكان له علي في الدين والدنيا فضل وكان ينقل عنه بعض الثقات
الاعتراف لي بالاجتهاد المطلق وانا إذ ذاك شاب لم ينبت في وجهي شئ
من الشعر وكان لغزارة علمه واحاطته وتفرده بذلك ربما أنكر فضيلة بعض
الأساطين وكان خشنا في الله لا يداهن ولا يبالي اقبل الناس عليه أم
اعرضوا وقال في ترجمة السيد هاشم: تلمذ على أستاذي ثقة الضابط
العلامة الشيخ محسن بن جعفر ووفى له بطول المكث عنده وعدم الانصراف
عنه بحيل أعدائه الذين فرقوا أكثر تلامذته عنه يومئذ آه وعن الشيخ
علي الجعفري في كتابه الطبقات: اخذ عن علماء عصره منهم الشيخ موسى
ابن الشيخ جعفر واخذ عنه جماعة منهم الشيخ محمد طه والسيد محمد الهندي
والشيخ احمد المشهدي واتهم في زمانه بميله إلى الفرقة الشيخية فلم تحصل له
المقبولية العامة والشهرة التامة. له مؤلفات لم يخرج منها شئ إلى المبيضة
آه أقول استدراكه على الوسائل ابدال الواو بالفاء وبالعكس لحفظه
الاخبار من الأصول حفظا يميز فيه بين موقع الواو والفاء وكفى بذلك،
والمنقول ان سبب نسبة الميل إلى الكشقية إليه انه أرسلت جنازة لبعض
عظمائهم ومعها دراهم كثيرة فقبل الدراهم وشيع الجنازة ولا يخفى ان ذلك
لا يوجب لمزه بشئ ولا الميل إليهم والظاهر أن هذا هو المشار إليه بحيل
بعض أعدائه كما مر وبعض الأساطين المشار إليه في كلام السيد الهندي هو
صاحب الجواهر فيحكي عنه انه كان يقول له اعط جواهرك هذه لبائعي
الفلفل والكمون يصرون بها ولذلك نسب إلى إعوجاج السليقة ويقال ان
صاحب الجواهر كان يرميه بذلك والله اعلم ولا يبعد ان يكون رميه من
علماء عصره باعوجاج السليقة لما كان يبديه من التحقيق ودقه النظر في
المسائل ويدل على ذلك ما يقال ان الشيخ مرتضى الأنصاري كان يرمي من
بعضهم بمثل ذلك ويحكي انه حج عن طريق نجد فزاره صاحب
الجواهر وقال لبعض الحاضرين سلوه عن هواء نجد الذي اجمع الناس كافة
على حسنه حتى ذكرته الشعراء في اشعارها لتعلموا حال سليقته فسألوه فذم
(٤٧)

هواء نجد وسأله صاحب الجواهر مرة من باب المطالبية هل للمجتهد
جميع ما للامام وكان يقول بذلك وصاحب الجواهر لا يقول به فقال نعم
فقال صاحب الجواهر اشهدوا اني طلقت زوجة الشيخ فقال الشيخ محسن
ثبت العرش ثم انقش ومثل هذا قد يقع بين المتعاصرين كثيرا ولا يقدح
في جلالة شانهم تغمدنا الله وإياهم بعفوه ورحمته.
وعن التكملة: عالم علامة فقيه فهامة محدث كبير رجالي خبير طويل
الباع كثير الاطلاع متبحر قل في المتأخرين نظيره إلا الشيخ أسد الله صاحب
المقابيس تخرج عليه جماعة كالشيخ محمد طه والسيد محمد الهندي وغيرهما
كان من تلاميذ الشيخ جعفر وابنه الشيخ موسى ولصعوبة مسلكه لم تحصل
له مرجعية عامة إلى أن توفي صاحب الجواهر فرجع إليه أكثر العرب ولم
تطل مدته ومات سنة ١٢٧١ وخلف الشيخ احمد والشيخ حسن وهما من
أهل العلم والفضل وسمعت ان قبره عند الشيخ خضر شلال آه. ١٠٨:
الشيخ محسن ابن الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ موسى شرارة.
ولد في بنت جبيل في صفر سنة ١٣١٩ وتوفي ودفن فيها سنة
١٣٦٥.
توجه والده الشيخ عبد الكريم شرارة إلى النجف الأشرف لطلب
العلم فأبقاه في كنف جده الشيخ امين شرارة والد الشيخ موسى شرارة ثم
رجع والده من العراق سنة ١٣٣٠ وتوفي سنة ١٣٣٢.
وانتقل الشيخ محسن إلى النجف الأشرف وكان لا يزال صغير السن
ضعيف المعلومات فلم تمض عليه سنتان حتى بدأت تبرز فيه الناحية الأدبية
وخلق حوله محيطا أدبيا من شباب العامليين والنجفيين كان هو البارز بينهم
بالكتابة وعمق التفكير في حين كان الشبان متوجهين إلى الشعر أكثر من
النثر.
وكذلك برزت فيه الناحية الشعرية ولكن بشكل يخالف ما كان عليه
أدباء محيطه فكانت أشعاره تشتمل على المعاني الاجتماعية والحكمية
والفلسفية مبتعدا عن النواحي التقليدية.
ولقد هاجم الطريقة القديمة هو واخوانه مرارا عديدة ونشأت على
اثرها حرب شعرية بين الشباب والشيوخ.
ولعلنا إذا تعمقنا آثاره نجده أقرب إلى الأدباء الحكماء الذين اخذت
الفلسفة جانبا من تفكيرهم، وله آثار قيمة في الشعر المنثور، ابتدأ خطابا
له في الإمام علي ع بقطعة من هذا الشعر وألقاها في ذكرى وفاة
الامام جاء فيها:
كنت إذ الاثنان في الغار، يفارقان الدار، في ظلام الأسحار
في الفراش الطهور، كالنجم في الظهور، فدية النور للنور
وكنت:
إذ الصحف على الأكف، ترمي السدف، عند النصف
اسمى بطل، رأى المهل، عند الجدل، يغني العلل، لدى الاجل
وقال يصور ما البلاد فيه من فوضى اجتماعية في صفحة من أوراقه:
ما هذه الزوابع الثائرة الهوجاء، تتراكم في غبارها المآسي، فيمتد
ضباب الآثام، لقواعد الاحكام، بلادنا يباب، ماؤنا سراب، جونا
ضباب، عصرنا كذاب، عيشنا عذاب، مع الذئاب، ولقد رأى
طريقة التعليم في النجف سقيمة مرتبكة: لا نظام، ولا إدارة، ولا
امتحان، ولا كتبا صالحة، فرأى أن عاقبة هذه الفوضى وخيمة فكتب
مقالا عنوانه بين الفوضى والتعليم الصحيح نشر في مجلة العرفان
الصيداوية فاهتزت له النجف وهاجت ولكن لم يطل الصباح فيها فقد قام
بمناصرته كثيرون ممن يرون رأيه في هذا الموضوع مقدرين جرأته واخلاصه
وقد وصف النجف في هذا المقال وصفا بليغا تعرض للبناء والهندسة وللحالة
الصحية والأخلاقية ولطريقة التعليم وما يشوبها من فوضى، ودرس قضية
معاش الطلبة.
الأمة خسرت جهاد الكثيرين لعدم تنظيم معاشهم وتعرض لفائدة
النقد وقال إن الخوف من النقد أضر بالهيئة حتى بقيت محصورة في نطاق
ضيق تخاف من التكفير والرمي بالعصرية وأشار لضرورة تعلم العلوم
الاسلامية التي كان يتحلى بها السلف الصالح إلى غير ذلك. وفي النجف
اتصل بالمعلمين اللبنانيين والسوريين وتعلم منهم اللغة الإنكليزية وترجم
عنها واليها.
أساتذته
درس علومه الاسلامية على جملة من أفاضل العامليين والنجفيين في
جبل عامل والنجف وحضر أخيرا على جملة من كبار العلماء في النجف
نذكر منهم الشيخ محمد علي الخراساني والسيد جمال الكلبايكاني والشيخ
محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ كاظم الشيرازي وحضر على السيد أبي
الحسن الأصبهاني والميرزا حسين النائيني وغيرهم ودرس كتب الفلسفة وعلم
الكلام على جملة من العلماء الإيرانيين المتعمقين في هذا الفن.
آثاره
نجد بين أوراقه أبحاثا كثيرة في أصول الفقه والفقه لكنها لم تتم
ككتاب كما أنه كان يكتب وهو في النجف مقالات نشرها في مجلة العرفان في
الاخلاق وكتب في ذيلها: من كتابنا الاخلاق ولكنه لم يكمله، وكتاب
دين الشيعة الذي ترجم منه قسما كبيرا عن الإنكليزية مع تعليقات له عليه
وارجاع الأحاديث فيه إلى نصها الحقيقي. وبروز الناحية الأدبية فيه من نثر
وشعر هو الجلي المتميز في آثاره فمعظم آثاره أدب ممتاز نشر بعضه في
العرفان والهدى العمارية والفجر الصادق والهاتف النجفيتين وغيرها من
المجلات والجرائد.
وعاد إلى بلده بنت جبيل جبل عامل فأقام عدة محاضرات دينية
واجتماعية مشبعة بالروح العلمية والدرس الصحيح ووجه الشبان وجهة
اصلاحية وأسهم إلى أبعد حد في معركة الحرية والاستقلال التي كانت
تخوضها بلاده إلى أن وافاه الأجل في عنفوان نضوجه.
هذا عدا ما كان يقوم به من فصل الخصومات والمرافعات التي كانت
تأتيه يوميا، ونشر المحبة والعدالة بين الناس.

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح)
(٤٨)

دفن في الحسينية في بنت جبيل إلى جانب المرحوم والده الشيخ عبد
الكريم شرارة وقد نظم أخوه الشيخ موسى التاريخ المكتوب على ضريحه
وهو:
قف باكي العينين واتل المصحفا * في تربة ضمت وريث المصطفى
كنز العلوم بها ومهجة شاعر * وذكي قلب ما وعى غير الصفا
شبل الكريم المجتبى أرخته * ضوء المحافل محسن الزاكي انطفا
شعره
قال:
حي يا شعب بترحابك عزما في الشباب
ومن التدجيل عوذه بآيات الكتاب
انها ناشئة كالزهر حفت بالذباب
احفظوها قبل أن تعلق فيها شر ناب
كل يوم يحدث الوحش ضجيجا في الشعاب
لا ترع قومي بهذا الحي أصوات الذئاب
انا لا أخشى على قومي من ذاك السباب
أ ويخشى جدولا من شق أثباج العباب
ويرى حول ضفافي مائه آساد غاب
شأنها ان اظلم الليل به ذود الكلاب
يتخطون إلى العليا على متن السحاب
كلما أوصد باب منه فكوا ألف باب
نبؤوني هل سواء في السرى كل الركاب
أين من يسعى لتعمير ويسعى لخراب
وقال:
رقمت لي تجارب الدهر طرسا * جعلته الخطوب عنوان درس
خط في طيه لي الغيب وحيا * حار في سره المقدس حسي
لست ان قلت مغرضا في مقالي * ان فيمن ألوم في الناس نفسي
شغف القوم باكتناه المعمى * وشغفنا من بينهم بالتأسي
أدلجت شمسنا لتنشر فيهم * شعلا من ضيائها حين تمسي
لا تخلها تضاءلت في علانا * قبس اليوم من مجامر أمس
في كنوز الألى أعاجيب صنع * خبأتها الأيام في طي رمس
ملك الغرب فضله من ثراها * وذهبنا لجهلنا بالأخس
كم لدى الشام والعراق مثال * سلبوا من حلية خير لبس
وبوادي الملوك كم من عروش * أخرجوها وزعزعوا رب كرسي
اثر خطه لنا الشرق قدما * وله امتد منهم كف خلس
تلك حراسة تحوم عليه * لا تعي من جوارهم غير همس
خطط بعضها سليب وبعض * طمسوا من مشيدة كل أس
مثلوا في جزيرة العرب حتى * كسفوا من قبابها اي شمس
شغلونا ببعضنا ثم راحوا * يعقدون العهود في طي طرس
مثل للخداع تطوى ولكن * في ستور من ظاهر القول ملس
ألمسونا على الخشونة لينا * والأفاعي تلين عند المحبس
صاحبتنا أبناؤهم فاكتسبنا * بمطاوي أخلاقنا كل جنس
وطفونا ونحن نرسب جهلا * في بصيص من الحلي وتحت الدمقس
لا تخل غرس ذي السياسة ينمو * سوف نقضي لهم على كل غرس
ان سر النهوض في الشرق باد * وبأبنائه إشارات حدس
قد اطل الذكاء في طرف هذا * واستوى ذاك في منصة درس
وقال:
حكت صحف المعرة عن أثينا * مثال حياتنا في الأقدمينا
بنا من حال هذا الدهر شبه * لغابره كما في الأولينا
على لوح الأثير بصيص نور * يموج ليظهر الشرر الدفينا
ترى الشهب البوارق في الليالي * تقاذفها زحام المدلجينا
سوابق حيثما برح ابن نور * خوافق لا تحس لها سكونا
لتجوال الغزالة في سماها * مرام سره فيها وفينا
إذا حامت على الأوراد شهرا * وضم بها الضياء الياسمينا
أضاءت في المفتق منه نورا * وأبدت للذبول به الغصونا
وطاول سيرها الانسان عمرا * وقد أعيت نهايته القرونا
ذوي غصن الحياة بهن كهلا * وأورق عوده فيها جنينا
فها هو شأنها تشقي أناسا * وتسعد في الحظوظ الآخرينا
يجئ مع الهدى كبراء قوم * ويذهب آخرون مضللينا
ألم نك في الوداد مثال صدق * فلم صرنا عليه مجاملينا؟
وها نحن نشاور في أمور * وقد كان السراة يشاورونا
تقادم عهد هذا الصد فينا * وقد لعبت به الأوهام حينا
أتت ترتاد ضلتنا فأخفت * بجندسها الحقيقة واليقينا
على مهل فها هي قد تجلت * يقينا في النهى ووهت ظنونا
نهى هز الشبيبة للمعالي * فذادت عن مسامعها الطنينا
لها الغد والمآثر شاهدات * تنوه باسمها في الخالدينا
لها في العبقرية سر فضل * يجليه المعلم وابن سينا
فنهنه تلك هينمة تفاني * صداها في نداء المرجفينا
وقال:
في الصدر من نوب الزمان قروح * تغدو به آلامها وتروح
رقمت بصفحته الحياة سرائرا * في النبض تفسير لها وشروح
سفر الحياة به تعارفت الملا * نجوى القلوب بطيه تسبيح
هو نقطة الأدوار حار بها الورى * لغز بها التصريح والتلويح
هو قطرة من ذلك اليم الذي * ماجت مع الأجسام فيها الروح
لي منه فيض قسمته جوانحي * حصصا بها لفؤادي التبريح
والرأس مشكاة وفي جنباتها * قبس له في المشكلات سنوح
هو شعلة في القلب أذكاها النهي * وشعاعها من مقلتي يلوح
والفكر آمال تخط بمهجتي * للبؤس آلاما وهن جروح
اما الدماغ فذاك محكمة النهى * وفمي بما تنهى اليه يبوح
ولئن أضيق بثثت من كبدي الجوى * درس النفوس بطيه مشروح
في واحة الصحراء لي متنفس * ولما أجن بها لدي صروح
فالجو لي طرس أخط بوجهه * حرقا تأجج في لظاها الريح
والطير لي طرب على نغماتها * في الروض وهي على الفضول صدوح
لي في الكواكب والنجوم سرائر * حول الأثير دقيقهن يسيح
فيها حقيقة ذي الوجود تكتمت * ومن الحقائق مضمر وصريح
تلك الخطوب لها بشخصي قسوة * يكفيك من آثارها التلميح
دعني أروق للسلامة أكؤسا * فيها الغبوق لدى الصفاء صبوح
(٤٩)

فحجاي أشعر في الشباك عيافة * ان الطيور لها علي بروح
وقال يخاطب اللغة العربية:
أم البيان روى فصيح نداك * سرا ليعرب رائعا بصداك
الله أظهر في النفوس جماله * فحوى اللغات جميعها وحواك
يا ريقة اللسن الفصاح وذوقها * لك في الفنون مهارة الحياك
مشت الحضارة في ظلالك وانثنت * تنشي عقول شعوبها كفاك
في ريشة الفنان منك براعة * عكس الخيال بها بهي سناك
الفكر والقلم البديع كلاهما * لك فيهما وحي من الأملاك
نطقت به الشعراء في ترنيمها * وبدا على تسبيحه النساك
في آهة الشاكي شعورك ثائر * وعلى السوائل من دموع الباكي
هذي المروج تعانقت أغصانها * والزهر يعبق من فتيق ذاكي
وبواحة الصحرا قصيدك سائل * بمنابت الأوراد والأشواك
والطير من طرب عليه عواكف * والناس بين تغازل وتشاك
لغة العواطف كل شعب ناهض * لم يبن صرح نهوضه إلاك
ارض الجزيرة في الأعاصير الألى * رفعت على حدو النياق بناك
تفنى رواتك في الشعوب جميعها * والضاد خالدة بها أنباك
ولئن خفيت برسم صنعاء فذا * أيوب في أسفاره أبداك
ينمو على سنن الطبيعة رائعا * سر الثقافة في حصاة نهاك
هذا حمورابي أتى بك شرعة * نبهت على خطوانها شعراك
فاتى المهلهل حاملا بقصيدة * للناس من آثارها أسماك
وتلفت الكندي فانبجست له * لما تنقل ثرة عيناك
والروعة الكبرى تمشت في ذرى * حراء ناطقة بسر هداك
درجت مع الاسلام في آياته * فتفتحت فيها عيون ذكاك
هموا بان يحكوك في قرآنه * فاخرس من عي لسان الحاكي
ان الذي خلق البيان وسره * يكفي البيان تقول الأفاك
في كل عصر للعروبة فتية * يتوارثون الفضل من نجواك
هذا العراق وتلك مصر شجية * والشام عاكفة على ذكراك
وبعامل كم من شعور ناضج * شهدت له الأفذاذ من أمراك
ديباجة الشعر المروق للألى * حفظوا بروعة سبكها مرآك
يا جارة الكلدان فيك من الهدى * نور توهج في نهى ابناك
حسب الخورنق ان يعود نعيمه * فيعود في الذكوات رجع صداك
سلكوا إليك على الطريقة وانبروا * كل يمثل في الذرى علياك
عطفا ليوث الرافدين فان في * بردى نفوسا جمة ترعاك
لا تقعدوا وقفوا لنستبق العلا * ونشد شد العصبة الفتاك
جدوا بنا نحو الحقيقة وانبذوا * في العلم كل تشاحن وعراك
بلغ الذين مشوا ثمار جهودهم * وتثاقلت فينا خطا الشكاك
فتشت في عمري زماني كله * فوجدت نعمى دهره نعماك ١٠٩:
الشيخ ميرزا محسن ابن الحاج عبد الله الأردبيلي.
توفي بأردبيل في المحرم سنة ١٢٩٤ وحمل إلى الحائر ودفن فيه. فر
من تجارة والده إلى الحائر وقرأ على السيد إبراهيم صاحب الضوابط وألف
كتبا في تمام الفقه في أربعة عشر مجلدا سماه ثمار الفرار يعني ان تصنيفه
هذا ثمرة فراره من التجارة ورزق ثلاثة وخمسين ولدا من صلبه كان له يوم
توفي خمسة عشر ابنا وتسع بنات وفي أولاده ثلاثة علماء هم الميرزا علي أكبر
والميرزا عبد الله والميرزا يوسف. ١١٠:
محسن بن علي بن أبي طالب.
في تبصر المنتبه في تحرير المشتبه لابن حجر العسقلاني:
محسن باسكان الحاء جماعة وبفتحها وتثقيل السي محسن بن علي بن
أبي طالب. وجدنا من الكتاب المذكور نسخة مخطوطة في بغداد في مكتبة
السيد هبة الدين الشهرستاني. ١١١:
السيد محسن ابن السيد علي ابن السيد محمد الأمين ابن السيد أبي الحسن
موسى الحسيني العاملي عم المؤلف أخو أبيه.
كان أعجوبة زمانه في الفهم والذكاء وحدة الذهن هاجر إلى النجف
الأشرف هو وابن عمه السيد كاظم السالف الذكر وكان متزوجا أخت
السيد كاظم وأكب على تحصيل العلوم حتى صار يضرب به المثل فعاجلته
المنية وقبض بالنجف الأشرف. وذكره صاحب الجوهر المجرد فقال توجه
للعراق ومهر وبرع وتقدم في الفضائل حتى سبق الأوائل إلى أن أدركه حمامة
بجوار حامي الحمى آه ومن شعره قوله يصف حر العراق:
ما لهذا المصيف يزداد وقدا * كلما قلت قد مضى وتصرم
فسلوه هل كابد البين مثلي * أم تراه استعار حر جهنم
ولما توفي رثاه الشيخ إبراهيم ابن الشيخ صادق العاملي بقصيدة وكتب
إلى أخيه السيد محمد الأمين من النجف الأشرف إلى جبل عامل كتاب
يعزيه فيه بأخيه المذكور وارسل معه القصيدة المشار إليها كما ذكرنا في ترجمته
ومما قاله في ذلك الكتاب في وصف المترجم ما لفظه:
انسان عين الوجود وعين انسان كل موجود أنيس المحراب في
الأسحار ومحيي سنن التهجدات والاذكار والناهض بتشييد ما انطمس من
بناء المجد والفخار والجاهد بتمهيد ما اندرس من علوم آبائه الأبرار.
العالم العامل الموفي بمفخره * على النهي وكذاك الماجد الحسب
والسيد السند المفضال خير فتى * ذاك لا شرف خلق الله ينتسب
الفائق اهل زمانه بخلاله وكماله والمحسن في أقواله وأفعاله:
ملاذي عصامي مؤنسي سيدي الذي * يزول به غمي ويعلو به قدري
وكهفي من الأنام ان ناب حادث * أبث له حزني وأشكو له امري
فيا له من فادح حطم أركان الهدى وأورد الفضل موارد الردى
وملمة لا تقابل بجميل الصبر وثلمة في الدين لا تسد عمر الدهر
مصاب ما السلو به مصاب * ولا الصبر الجميل له جميل
فليت ان زمانا فات دام لنا * وليت ان زمانا دام لم يدم و
ما برحت أكابد من الوجد ما لا يبارح وأواري أوار النار بين
الجوارح وأتذكر أياما مضت ما كان أبهاها وليالي قد انقضت ما كان أسناها
وساعات تصرمت ما كان أحلاها وآنات لم يبق منها سوى ان أتمناها.
ولما تفرقنا كأني ومالكا * لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
ورب خلي يؤنبني على الدمع الهتون ويفندني على ملازمة الوجد
والشجون
قائلا أين الأهلون والأقربون وأين القرون الذين توالت عليهم
السنون
(٥٠)

وطحنتهم رحى المنون وانا إليهم صائرون وانا إليه راجعون
إذا كان هذا حال من كان قبلنا * فانا على آثارهم نتلاحق
ومن صاحب الأيام في العمر مدة * فلذاتها لا بد من طوالق
فاسمع الخطاب وحقق الجواب وان لكل أجل كتاب:
وفوض إلى الاقدار امرك كله * إذا جرت الاقدار لا ينفع الحذر
وما كل من يشكو يغاث إذا شكي * وهلا تنفع الشكوى لمن مسه الضر
يثاب الفتى رغما عليه بصبره * وليس ينال الأجر من فاته الصبر
ولازم هوى الأيام واصبر لحكمها * فمن عاند الأيام عانده الدهر
ومن قامر الأيام في ثمراتها * فاجدر بها ان تنثني ولها القمر
ولا تبرمن امرا له الدهر ناقض * فهل ممكن ابرام ما نقض الدهر
فأقول لذلك القائل المطيل من الوعظ حيث لا طائل أ ما علمت ان
الامر
عظيم والخطب جسيم وفي القلب جراح وما على كل ميت يناح
يؤنبني جهلا وما بين أضلعي * لهيب الغضا يزداد وقدا على وقد
ويكثر من لومي عذولي وأدمعي * تخبره ان الملامة لا تجدي
فيا ليتني لم اسمع مقالة من نعاه فإنه ما نعى الا دروس المدارس
وخمول المجالس وتعطيل القوانين وتعظيم شعائر الدين كيف لا وهو العالم
النحرير والعالم المبرز في النحرير والتقرير فحقيق للمدارس ان تنعاه
وللمساجد ان تندبه وترعاه وللمفاخر ان تحزن عليه مدى الأبد وللفضائل
ان تبكي عليه بدمع سرمد واقسم لولا مخافة ان أكون خارجا من ربقة قوم
إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.
لنحت كما ناحت على صخرها التي * قد اتخذت من بعده العمر مأتما
ورحت أضاهي في البكا بعد مالك * زمام المعالي والفخار متمما
بيد أني رأيت كثرة النوح لن ترجع ما فات وشدة البكا لن تدفع ما هو آت
إلا كل شئ ما خلا الله باطل * وليس سوى الله العظم بدائم
ولو كان في الدنيا يخلد واحد * لخالد خير الناس من ولد آدم
فمن أجل ذلك تعزينا بعزاء الله وسلمنا له عز وعلا ما جرى من
محتوم قضاه سائلين من كرم جوده العميم وفضل احسانه القديم ان يلهمنا
وأهله على ما أصابنا الصبر الجميل ويمنحنا بما نابنا الاجر الجزيل وفي الله
جل عن كل فائت لنا خلف.
ولي سلوة عن كل ماض بفتية * وجوههم في الناس كالأنجم الزهر
لهم فلك العليا محل بدورهم * محمد من أوفى سناء على البدر
فتى جمع المعروف كهلا ويافعا * وساد الورى بالمكرمات وبالفخر
وبدر جرى والنجم في حلبة العلا * فحاز رهان السبق في مركز النسر
همام تردى بالمكارم فاغتدى * منيع الذرا سامي المراتب والقدر
نشرت مزاياه بنظمي فانبرى * نظامي من أوصافه طيب النشر
ومن بعده المهدي فرع العلا ومن * به أضحت العلياء مشدودة الأزر
فيا أيها الأمجاد صبرا على الردى * فلا شئ أولى بالكرام من الصبر
بقيتم لنا ذخرا وللفضل موئلا * وللخائف اللاجي أمانا من الضر
ودمتم مدى الأيام كهفا لأهلها * ولا أمكم من بعده صارف الدهر
ولما نصب له أعلى الله تعالى مقامة مجلس الفاتحة ثلاثة أيام وعقد له في
الحضرة المقدسة أيضا مجلس الترحيم العام رثيته بحسب الإمكان بهذه
الأبيات في ذلك المقام وهي هذه:
هو البين لم يستبق في القوس منزعا * ولم يبق للعاني من الوجد مفزعا
غداة أخو المعروف والفضل محسن * حليف العلا والمجد بالرغم أزمعا
نوى ظعنا والوجد باق وقد غدا * له جلدي يوم الرحيل مشيعا
ولي كبد قد شفها بعده النوى * وقلب براه الحزن حتى تقطعا
وأحشاء ملهوف معنى أذابها * جوى البين فانهالت من العين أدمعا
ولا عجب ان بت حلف كآبة * أخا حسرات شاحب الجسم موجعا
فاني سلبت الصبر قسرا وقد غدا * لي الوجد لا ما يدعيه من ادعى
فيا ظاعنا لأمسك السوء انني * لفقدك لا انفك مضنى مروعا
ويا هاجرا حاشاه لا عن ملالة * ومودعنا نار الجوى يوم ودعا
علمنا بان المجد قوض والأسى * تزايد والمعروف اضحى مضيعا
إذا هتفت بي غر أوصافك التي * سمت أنجم الأفلاك نورا وموضعا
تأوهت عن وجد وأصبحت من أسى * يزيل القوى أطوي على الجمر أضلعا
لئن غالبتك الحادثات فكم غدا * بجدواك روض الفضل والجود ممرعا
وان تمس رهنا في التراب مغيبا * غريبا وشمل العلم يمسي موزعا
فكم كنت للأيام انسا وبهجة * وللفضل والتقوى محلا ومجمعا
فيا واحد الأيام وابن عميدها * وأكرم ندب من لوي تفرعا
سعيت إلى كسب المعالي ونيلها * فكنت بحمد الله أكرم من سعى
لك الخير هل من أوبة تثلج الحشا * وتطفي لهيبا بين جنبي مودعا
فكم جدت بالوصل الذي أنت اهله * ولم تتخذ الا الوفا لك مهيعا
سقى عهدك الماضي ملث سحابة * أبي مدة الأيام ان يتقشعا ١١٢:
الشيخ محسن بن فرج النجفي الجزائري.
توفي في حدود سنة ١١٥٠.
كان فاضلا عالما أديبا شاعرا فمن شعره قوله:
لعمرك ما البعاد ولا الصدود * يؤرقني ولا ربع همود
ولم يجر الدموع حداء حاد * ولا ذكرى ليال لا تعود
ولكن أسبل العينين خطب * عظيم ليس يخلقه الجديد
عشية في الطفوف بنو علي * عطاشى لا يباح لها الورود
تذاد عن الفرات وويل قوم * تذودهم أ تعلم من تذود
إلا ويل الفرات ولا استهلت * على جنبيه بارقة رعود
أ لم يعلم لحاه الله ان قد * قضى عطشا بجانبه الشهيد
أ لم يجنبه ضيفا قراه * صوارمها وخرصان تميد
به غدرت بنو حرب بن عبد * وأعظم آفة المولى العبيد
ألا لا قدست سرا وبعدا * لتابعها كما بعدت ثمود
فما حفظت رسول الله فيه * هناك وما تفارقت العهود
بل استاقته ما لو قد أرادت * مزيدا فيه أعوزها المزيد
عشية عز جانبه وقلت * توابعه وقد سفه الرشيد
أرادت بسطه يمني مطيع * وابن أبيها مما تريد
ودون هوان نفس الحر هول * يشيب لوقع أدناه الوليد
وقوله في أمير المؤمنين وولده الحسين من قصيدة:
هو العلي تعالى الله بارئه * سواه ما اختار من ذا الكون انسانا
أ لم يكن خيرهم أصلا وأكرمهم * فرعا وأعظمهم علما وإيمانا
(٥١)

يا ليت شعري هل أبقى الكتاب لنا * عذرا أو المصطفى في الأمر تبيانا
أغادر الله جل الله معذرة * لنا وقد انزل القرآن فرقانا
بالأمس قد اخذ الباري ببيعته * أوحى بذاك إلى المختار قرآنا
فبلغ النص فيه ثم أنزله * فيه كهرون من موسى بن عمرانا
ومنها في الحسين ع:
أفديهم معشرا غرا بهم وترت * ريحانة الطهر طه آل سفيانا
اضحى فريدا يدير الصرف ليس يرى * سوى المثقف والهندي أعوانا
يدعوهم للهدى آنا وآونة * يطفي لظى الحرب ضرابا وطعانا
يا واعظا معشرا ضلوا الطريق بما * على قلوبهم من غيهم رانا
وزاجرا فئة ضلت بما كسبت * بالسيف حينا وبالتنزيل أحيانا
ما هنت قدرا على الله العظيم ولمز * يحجب فديتك عنك النصر خذلانا
لكنما شاء ان يبديك للملأ الأعلى * ويجعل منك الصبر عنوانا
فعز ان تتلظى بينهم عطشا * والماء يصدر عنه الوحش ريانا
ويل الفرات أباد الله غامره * ورد وارده بالرغم ظمآنا
لم يطف حر غليل السبط بارده * حتى قضى في سبيل الله عطشانا
فيا سماء لهذا الحادث انفطري * فما القيامة أدهى في الورى شانا
ولترجف الأرض شجوا فابن فاطمة * أمسى عليها تريب الجسم عريانا
ما هان قدرا عليها ان تواريه * بل لا تطيق لنور الله كتمانا
ما كان ضرهم لو أنهم صفحوا * عن جسم من كان للمختار ريحانا
هب الرجال بما جاءت به قتلت * وان تكن قتلت ظلما وعدوانا
ما بال أطفالها صرعى ونسوتها * أسرى يجاب بها سهلا وأحزانا
تهدى وهن كريمات النبي آل * من كان أعظمها لله كفرانا
والمسلمون بمرأى لا ترى أحدا * له أو لرسول الله غضبانا
تعسا لهم أمة شوهاء ما حفظت * نبيها في بنيه بعد أن بانا
جزته سوء باحسان وكان بها * يجزي عن السوء اهل السوء احسانا
فويلها اي أوتار بها طلبت * وأي طالب وتر خصمها كانا
أوتار الملك الجبار طالبها * و دين الله فيه كان ديانا
وله:
ما لي سوى أحمد الهادي وحيدرة * ذخيرة يوم حشري بعد توحيدي
هما هما ما لعبد مذنب وزر * سواهما لا وباري كل موجود
وله:
أ لا أبلغ قريشا حيث أمست * وان سلكت سبيل الغي جهلا
رسالة ناصح أن كيف أولت * سياسة امرها من ليس أهلا
وتعزل لا أقيل لها عثار * إماما امرها الرحمان أولى
فما من فادح في الكون الا * له يوم الفعيلة كان أصلا
وتمسي في الطفوف بنو علي * وفاطمة بسيف الجور قتلى
جسوما بالتراب معفرات * وفوق السمر أرؤسهم تعلى
الا من مخبري أدرت لؤي * وهاشم ما جرى في الطف أم لا
أ لم تعلم بان الآل أمست * يومهم العدى سبيا وقتلا
سيبلي الدهر كل جديد خطب * وليس جديد خطب الطف يبلى ١١٣:
السيد الميرزا كمال الدين محسن بن محمد بن علي بن حسين بن فادشاه بن أبو
القاسم بن أميرة بن أبو الفضل بن بندار بن عيسى بن محمد بن أحمد بن
موسى بن أبي عبد الله أحمد نقيب قم بن محمد الأعرج بن أبي عبد الله
أحمد بن موسى المبرقع ابن الإمام محمد الجواد.
توفي سنة ٩٣١.
ذكره القاضي نور الله في مجالس المؤمنين فقال: السيد محسن ابن
السيد رضي الدين محمد ابن السيد مجد الدين علي ابن السيد رضي الدين
محمد بن فادشاه الرضوي القمي.
كان سيدا فاضلا عالي القدر انتقل أبوه من قم إلى المشهد المقدس
الرضوي في زمان السلطان حسين ميرزا بايقراد واشتغل المترجم هناك بإفادة
العلوم الدينية وترويج مذهب آبائه الطاهرين ووفد عليه الشيخ محمد بن أبي
جمهور الأحسائي وجالسه وعاشره وصنف بعض تصانيفه باسمه وحين
مجاورته في المشهد المقدس باحث علماء المخالفين أبحاثا متينة بحمايته وذكر في
ترجمة محمد بن أبي جمهور انه اتصل في المشهد المقدس الرضوي بالسيد
النقيب الحسيب النسيب المير محسن بن محمد الرضوي القمي وكتب
بالتماس هذا السيد السعيد شرحا على رسالة زاد المسافرين سماه كشف
البراهين قال في مقدمته ثم اتفق لي المصاحبة بالسيد النقيب الشريف
الحسيب النسيب الطاهر العلوي الحسيني الرضوي ذي الكمال والأفعال
والأيادي والنوال إلى أن قال ذاك شرف الاسلام وتاج المسلمين بل ملك
السادات النقباء في العالمين السيد الأمير الذي لا مثل له في عصره ولا
نظير غياث الملة والدين محسن بن السيد الشريف رضى الملة والدين محمد بن
السيد مجد الملة والدين علي بن السيد رضى الملة والدين محمد حسين بن
فادشاه الرضوي الحافظ القمي مد الله له في العمر السعيد والعيش الرغيد
وقال في اللؤلؤة وعن السيد حسين السيد حيدر المفتي عن الشيخ نور الدين
محمد بن حبيب الله عن السيد مهدي عن أبيه الحسيب السيد محسن
الرضوي عن الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن أبي جمهور الأحسائي وكان
له مع السيد محسن المذكور صحبة أكيدة ولأجله صنف كتاب شرح زاد
المسافرين وفي بيته في طوس ناظر المولى الهروي وألجمه وألزمه ومناظرته له
مشهورة مأثورة مدونة في كتاب على حدة عن شيخه وأستاذه الشيخ شمس
الدين محمد ابن السيد كمال الدين موسى الحسيني عن والده المذكور عن
الشيخ فخر الدين احمد الشهير بالسبيعي الأحسائي عن الشيخ محمود
المشهور بابن أمير الحاج العاملي عن شيخه الشيخ حسن المشهور بابن
العشيرة عن شيخه الشهيد فالمترجم من جملة مشايخ الإجازات ويروي عنه
جماعة كثيرة بهذا السند ففي مستدركات الوسائل قال العالم الجليل الأمير
محمد حسين الخاتون آبادي في مناقب الفضلاء وعن السيد حسين المفتي عن
الشيخ نور الدين محمد بن حبيب الله عن السيد النجيب الحسيب الفاضل
السيد مهدي عن والده الشريف المنيف الكريم الباذل السخي الزكي السيد
محسن الرضوي المشهدي عن الشيخ المدقق العلامة محمد بن علي بن
إبراهيم الأحساوي وهذا السند ذكره المجلسي في روايات إجازات البحار
وقال ابن أبي جمهور في أول رسالة المناظرات المشار إليها انني كنت في سنة
ثمان وسبعين وثمانمائة مجاورا لمشهد الرضا وكان منزلي بمنزل السيد الاجل
والكهف الأظل محسن بن محمد الرضوي القمي وكان من أعيان اهل
المشهد وأشرافهم بارزا على اقرانه بالعلم والعمل وكان هو وكثير من اهل
المشهد ذكرها القاضي نور الله في مجلس من كتابه مجالس المؤمنين وهي
مذكورة أيضا في كتاب نامه دانشوران وذكر المجلس في كتاب الإجازات
صورة إجازة ابن أبي جمهور للمترجم وفي أولها سمع مني مؤلفي هذا وهو
(٥٢)

كتاب عوالي اللآلي السيد الحسيب النسيب النقيب الطاهر العلوي الحسيني
الرضوي خلاصة السادات والاشراف ومفخر آل عبد مناف ذو النسب
الصريح العالي والحسب الكامل المتعالي المستغني عن الاطناب في الألقاب
بظهور شمس الفضائل والفواضل والأحساب العالم بمعالم فقه آل طه وياسين
والقائم بمراضي رب العالمين مكمل علوم المتقدمين والمتأخرين وانسان عين
الفضلاء والحكماء المحققين والراقي بعلو همته على معالي السادات الأعظمين
غياث الاسلام والمسلمين السيد محسن ابن السيد العالم العامل الحافظ
المجود صدر الزهاد وزين العباد رضي الملة والدين محمد بن فادشاه
الرضوي المشهدي أدام الله تعالى معالي سعادته وربط بالخلود اطناب دولته
ولا زالت أيامه الزاهرة تميس وتختال في حلل البهاء والكمال بحق محمد
المفضال وآله الأطهار خير آل صلوات الله عليهم أجمعين وقد رويت له هذا
الكتاب المذكور وجميع ما هو فيه مزبور ومسطور بطريق السماع من حال
قراءاته علي وهو يسمعه مني هو أعلى طريق الرواية وأحق ما تحصل به
الدراية وكان ذلك في أوقات ومجالس متباعدة وقع بالاتفاق القدري آخرها
في منتصف شهر ذي القعدة الحرام سنة ٨٩٧ بالمشهد المقدس الرضوي
وكتب المجيز الفقيه إلى الله العفو الغفور محمد بن علي بن إبراهيم بن جهود
الأحسائي عفى الله عن سيئاته ووالديه وجميع الاخوان وذكر الشاه
طهماسب الصفوي في تذكرة أحواله انه سنة ٩٣١ توفي الأمير جمال الدين
الصدر والمير محسن الرضوي القمي وتاريخ وفاتهما ادخلوهما بسلام
آمنين. ١١٤:
الشيخ محسن ابن الشيخ محمد آل الشيخ خضر الجناجي النجفي
ولد سنة ١٢٥٠ وتوفي سنة ١٣٠٢.
كان عالما فاضلا أديبا شاعرا قرأ في الأصول على الشيخ مرتضى
الأنصاري وفي الفقه على الشيخ راضي ابن الشيخ محمد آل الشيخ خضر
وعلى الشيخ مهدي ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر الجناجي ثم عكف
على نظم الشعر وله ديوان شعر كبير وهو أخو الشيخ جعفر الشهير
والجناجي نسبة إلى جناجيا قرية في سواد العراق.
اخباره وشعره
يقول الدكتور مهدي البصير: ان ما وصلنا من أخبار الرجل قليل
جدا على أن هذه الأخبار القليلة تدل دلالة قاطعة على أنه كان سريع الخاطر
حاضر البديهة خفيف الطبع حلو الحديث والنكتة. فمن أخباره الدالة على
سرعة خاطره أن أدباء النجف تعصبوا على السيد حيدر الحلي عند تلاوة
مرثيته البليغة للسيد جعفر القزويني فلم يستعيدوا منها بيتا واحدا. وكان
المترجم حاضرا فقال له السيد حيدر ما مضمونه إذا كان في هؤلاء من يهمني
صمته فهو أنت. فأجابه على الفور بقوله:
ميزتني بالعتب دون معاشر * سمعوا وما حي سواي بسامع
أخرستني، وتقول ما لك صامتا! * وأمتني، وتقول ما لك لا تعي
ومن قصصه الدالة على حضور بديهته ان السيد صالح القزويني ثاني
أنجال السيد مهدي القزويني قال له ذات يوم: أ حدث ان نظمت شيئا في
عروض الدو بيت؟! فقال له: لم انظم فيه إلى اليوم ولكني سأنظم لك
الآن، وصمت لحظات ثم أنشده هذين البيتين:
يا من أسر الفؤاد لما ملكا * حاشاك بان يخيب من أملكا
يا مرسل جعده الذي ظللني * آمنت بربك الذي أرسلكا
ومن نوادره الدالة على سرعة خاطره وعلى خفة طبعه معه ما يروى
من انه كان ذات يوم في مجلسي من مجالس النجف، فدخل رجل ثقيل
الظل ضخم الجثة يدعى أمينا وسال سائل عن أبي امين هذا فقيل له انه
يدعى عزير، فقال الشيخ متندرا في الحال:
وذي سفه يقول أتى امين * فقلت البغل تدعوه أمينا
فقال ابن العزيز فقلت كلا * وحاشا ما عهدت له بنينا
ولكن العزير له حمار * فصاح القوم يوشك ان يكونا
روي ان الأمير نصيف أحد امراء. ربيعة مرض فاتى بغداد
للاستشفاء، وعلم الشيخ عباس كاشف الغطاء امر مرضه وقدومه بغداد
فذهب إليه من النجف يعوده لوثاقة الصلة القائمة بينهما. فكتب المترجم
إلى الشيخ عباس يقول:
أ محلقا للكرخ من نحو الحمى * كيما يعود به الأمير نصيفا
مهلا فإنك لم تعد ذا علة * الا وكان لك الحمام رديفا
ولكن لعل ألطف شعر المترجم الهزلي وأظرفه رائيته التي وصف بها
قصة الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء مع جاره الكردي الفقير بحسون
وخلاصتها ان بحسون هذا دعا الشيخ إلى تناول الطعام في داره يوم
عاشوراء، فاعتذر الشيخ ولكن بحسون أصر، ولدى اصراره أفهمه الشيخ
ما يأكل عادة، فاستسهله كثيرا، ولم يجد الشيخ بدا من اجابته، الا انه
عاد في اليوم الثاني إلى ضيفه ملتمسا منه أن يأمر بعض امائه بطبخ الطعام
لأن زوجته لا تحسن طبخه وأن يأمر بإعارته الأواني التي تلزمه فأجابه الشيخ
إلى كل ذلك، ولكن حدث ان شجارا عنيفا دار بين اماء الشيخ وهن في
بيت بحسون فتبادلن اللطم واللكم، وتراشقن بالأواني فتكسرت هذه كلها
أو أكثرها. وجاء الشيخ دار بحسون في الموعد المضروب فوجد صحنها
مغطى برضراض صحونه وأوانيه بدلا من أن يجد المائدة الشهية منصوبة وقد
أترعت بكل ما لذ وطاب. فوصف الشيخ محسن الذي كان في جملة
المدعوين مع الشيخ هذه الحادثة، وأضاف إليها من عنده كل ما يزيدها
طرافة وغرابة.
معاشر الناس من عرب ومن عجم * نصيحة فاسمعوا نصحي وتحذيري
ومنها:
لكنه جاءه راد الضحى خجلا * ينقي عليه حياء بالمعاذير
فقال مولاي طبخ ليس تحسنه * أهلي وذاك قصور غير تقصير
أجابه الشيخ في لطف ومرحمة * للجار عندي ذمام غير مخفور
فاذهب إلى قدم تكفيك كلفته * فإنها ذات معقول وتدبير
ومذ أتى قدما يسعى على قدم * هشت وبشت وأبدت بشر محبور
قالت له: هات من سمن ومن بصل * منين منين وابشر في تدابيري
وهكذا حامض النومي مثلهما * فاحفظ وإياك ان تنسى مقاديري
والملح أربع وزنات تقوم بها * إذ لم أكن ذات إسراف وتبذير
وفي الطغارين مما جف من حطب * قد نجتزي بعد تقنيط وتقتير
والماء ستون حملا فيه تسوية * للامر من دون إجحاف وتكثير
وابتع ثلاثة أرطال يطيب بها * طعامنا من عطورات العطاطير
هذا هو القدر الكافي لحاجتنا * يا خير جار لنا من جانب السور
فلم يزل جارها المغرور ممتثلا * ورب جار لبيت الشيخ مغرور
ومذ قضى جارها المسكين حاجتها * عاث الخراب ببيت منه معمور
(٥٣)

وباع ذاك المكاري الغر بغلته * ولا أراه على فعل بمأجور
واحرز الشيخ مما كان يلزمه * مؤونة العام رزقا غير منزور
وقام ثمة للسودان معترك * على الحكاكة من حول التنانير
وعندها فضة صالت على قدم * حتى علت رأسها ضربا بكفكير
واستعرضت قدم في ظهر طاوتها * وجها لفضة حتى عاد كالقير
وعربدت خيزران غب عولتها * كأنها بغلة صاحت بياخور
وحين قامت على ساق عويصتهم * شبه السخال وأمثال السنانير
هنا تفاحة شجت براطمها * فأعولت جزعا إعوال خنزير
شبت لظى الحرب بين الأم وابنتها * ضربا على الهام أو فوق المناخير
فالله الله كم للصفر من زجل * كما تمر على سوق الصفافير
فتلك بالطوس صكت هام جارتها * وتلك تضرب في كاسات فرفور
وهذه تتحراها بميجنة * وتلك تشتد في محراث تنور
فلا ترى قط إبريقا ومسخنة * وانقريا وصحنا غير مكسور
رضت جميع أوانيهم فما تركوا * على الرفوف ولا مشقاب بلور
لهفي على كسر البلور حين غدت * كلؤلؤ فوق وجه الأرض منثور
تشع مع غسق الظلماء ناصعة * فينجلي بسناها كل ديجور
ومذ أتى الشيخ يسعى بالعصا مرحا * كما سعى قبله موسى إلى الطور
رأى نجوما بصحن الدار قد نثرت * فقال جل جلال العالم النوري
ان السما أتحفت داري ببهجتها * وما درى ذاك رضراض القوارير
فزمجر الشيخ إذ قامت قيامته * بصيحة أوهمتنا نفخة الصور
فقام يجمع شملا غير مجتمع * منها ويجبر كسرا غير مجبور
فما انقضى الليل الا أصبحت قدم * آذانها نهب أطراف المسامير
وذاك لا شك مما قد جنت يدها * عدوا على الجار بالبهتان والزور
فقل لحافر تلك البئر مقتنصا * لقد وقعت بها يا حافر البير
وقال على اثر ورود السيد محمد القزويني من الحج:
أ محدثا عما يراه بمكة * عن كل ما فيها من الأنباء
وبذاك لو يقضي جميع زمانه * ما جاء في شئ من الأشياء
ثم اطلع على هداياه من فقال:
أ تحدثني عما رآه بمكة * خير الحديث سوق عكاظ
وله:
صبرا جميلا فلعل وعسى * يورق عود الوصل بعد ما عسى
والدهر قاس قلبه وربما * يلين قلب الدهر بعد ما قسا
يا دهر كم مارستني في موطن * شاهدت مني فيه قرما أشوسا
لا ينثني عن غاية يطلبها * أو يبلغ الغاية صعبا أشرسا
أبوه قد أسس بيتا للهدى * وهو بنى فشاد ما قد أسسا
من فتية أبوهم عليها * وأمهم فاطمة خير النسأ
ما أصبح الصبح على أمثالهم * أطواد عز لا ولا من المسا
من كل وضاح الجبين نوره * استعار نور الشمس منه قبسا
ما عسعس الليل على آمالهم * الا وصبح جودهم تنفسا
وعيلم ان أعضلت معضلة * كان لبرء دائها نعم الأسا
يا دهر خذ بالقرب منهم نفسا * وعد كل العمر ذاك النفسا
أسلمتني إلى الأسا من بعدهم * من بعدهم أسلمتني إلى الأسا
ودارت مطارحات أدبية بينه وبين السيد صالح ابن السيد مهدي
القزويني سنة ١٢٩٨ فقد اجتاح النجف في تلك السنة طاعون جارف هرب
منه كل من استطاع الهرب إلى المناطق الآمنة المجاورة وعاش كثير من الناس
تحت الخيام وكان الشيخ محسن في جملة الهاربين من الطاعون ولكن السيد
صالح القزويني آثر البقاء في النجف فكان خير عون للفقراء الذين لم يتيسر
لهم الفرار من وجه الطاعون يهئ الطعام والدواء لمرضاهم والأكفان لموتاهم
ويعول أراملهم ويتاماهم وقد دارت بينه وبين الشيخ محسن بهذه المناسبة
رسائل طريفة بعضها منظوم وبعضها منثور قال القزويني يخاطب الشيخ
محسن:
لو تراني يوم قد فر الألى * عن حمى المولى قبيلا فقبيل
مفردا أسلمه أصحابه * أ رأيت القوم بيوم ابن عقيل
فإذا أنكرتني أبصرتني * معلما ارغل قدام الرعيل
فعلى هذا أصلي وعلى ذا * ك من أصحابك الترب أهيل
ولذا أدعو هلموا كفنا * ولذا اهتف يا هل من غسيل
دونكم فاتخذوا مرضعة * لرضيع وطعاما لعليل
لرأت عيناك ما سر الحشا * ووعى قلبك ما يشفي الغليل
ولعاونت على البر تقى * ولواسيت على الخطب الجليل
قال الشيخ محسن يجيبه:
أنت يا من شهد المجد له * انه في المجد معدوم المثيل
وإذا ما ثقلت معضلة * فهو الناهض بالحمل الثقيل
وإذا جفت أفاويق الحيا * فاخر الغيث لدى العام المحيل
وإذا ما قصرت أيدي الورى * لملم فهو ذو الباع الطويل
وإذا ضاق بهم رحب الفضا * وسعت همته كل قبيل
ومقيما في ثنيات الحمى * عند ما أزمعت القوم الرحيل
راسخا كالطود لا يقلقه * رهج أو ينثني الطود مهيل
يا غليلي من جو وقفته * وهن من قلب الهدى تشفي الغليل
غرضا للنبل إذ يرهبه * كل شهم رابط الجاش نبيل
ابدا ما خل عن نهج الهدى * حين حاد القوم عن قصد السبيل
فهو اما ناقل اقدامه * خلف ميت أو لأطعام عليل
حسبك الله وقد فر الألى * لم يقل قائلهم صبرا جميل
حدجوا العيس فما أسرعها * ساعة السير وجيفا وذميل
فتنة ضل الادلاء بها * والعذير الله ان ضل الدليل
فتوكلت عليه قائلا * حسبي الله ويا نعم الوكيل
ومن شعره في الغزل:
أ كاس من وجنتيه النهبا * أم من دم العنقود قد تخضبا
وبالشقيق خده مذهب * أم بدمي لما اطل اختصبا
وتلك شمس بالنجوم احتنكت * أم الحميا ما أرى والحببا
ولست أدري ارضابا أحتسي * من سلسبيل ثغره أم ضربا
وما دريت بشذى أنفاسه * أم بشذى المسك ذكت ريح الصبا
يسبي الظبا في لفتات جيده * في لفتات جيده يسبي الظبا
فلو تراه إذ تهاوى طربا * رأيت في برديه غصنا رطبا
ولو ترى الأكواب إذ يديرها * لقلت ما رأيت الا كوكبا
ودون ان يمزجها بريقه * هيهات ان أشربها أو يشربا
والراح ما أشرق منها كوكب * الا وفي فم الندامى غربا
قد ساب أفعى جعده في خده * لكنه أفلاذ قلبي لسبا
(٥٤)

وعند ما أوجس منه خيفة * القى من الصدع عليه عقربا
ومن حماسياته في الأسد:
واجرد ناحل الكشحين طاو * من العسلان في متن الطريق
تألب يشمعل وملء فيه * كهداب الدمقس لعاب ريق
فرن بفوده سيفي فأهوى * كما انعطف الشقيق على الشقيق ١١٥:
الشيخ محسن الأعسم النجفي ابن الحاج مرتضى ابن الحاج قاسم والأعسم
ذكر في محمد علي.
توفي سنة ١٣٣٨.
عالم فاضل مؤلف فقيه من أجلة فقهاء النجف له كتاب كشف
الظلام في شرح شرائع الاسلام استدلالي مبسوط يقع في ثمانية عشر مجلدا
يوجد عند حفيده الشيخ محمد جواد ابن الشيخ كاظم ابن الشيخ صادق ابن
صاحب الترجمة ومناسك الحج فرع منه سنة ١٢٣٦ ذكر في آخره ان ما فيه
جامع لطرق الاحتياط. رأيت له تقريضا على كتاب شرح الشرائع في الفقه
للسيد أبي الحسن ابن السيد حسين ابن جدنا الكبير السيد أبي الحسن
موسى العاملي. قرأ على السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة وعلى
الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وسكن بغداد مدة من الزمان بالتماس
بعض أهلها. خلف ولدين عالمين هما الشيخ جعفر والشيخ صادق. ولهما
أولاد وأحفاد فيهم اهل فضل وعلم إلى اليوم وهم من قدماء بيوتات النجف
كان عضد الدولة البويهي جاء بهم إلى النجف واسكنهم بها واصل الأعسم
من طوائف الحجاز كما ذكر في مكان آخر. ١١٦:
السيد محسن ابن السيد محمد بن فلاح المشعشعي ويأتي باقي النسب في
محمد أبيه ويعرف بالملك المحسن.
في الكتاب المقدم ذكره: ملك خمسين سنة.
توفي في رجب سنة ٩٠٥.
ولي بعد أبيه ولقب بالملك المحسن وامتد ملكه بحيث لم يمتد لاحد
مثله من ذريته وكان أوصاه والده بالتجنب عما ارتكب أخوه. تملك الجزائر
وما وراءها إلى حدود سور بغداد من جهاته الأربع وأحسن السيرة مع
سكان العتبات العالية وخدام الروضات المشرفة ثم ملك البصرة وشط بني
تميم وعبادان إلى الحسا والقطيف ثم الدورق والسواحل إلى بندر عباس
وجميع البنادر إلى حدود فارس ثم كوه قيلويه ودهدشت ودامهرمز ثم
شوشتر و البختيارية وأكراد لرستان الفيلية وبيات والباجلذانية وبثت كوه
وكرمنشاه وسميرا وبهبهان ولما كان فيه الخصال الحميدة من سخاء النفس
والمروءة والشيم العالية وحب العلماء والفضلاء وأهل الكمال والأدب والتقى
والصلاح، جعل أكثر علماء الشيعة مصنفاتهم ومؤلفاتهم باسمه وأرسلوها
إليه، ومولانا شمس الدين بن محمد الاسترآبادي معاصر المير صدر الدين
الشيرازي ألف حاشيته المتضمنة رفع الكلام على ملا جلال الدين محمد
الدواني باسم السلطان محسن وأرسلها اليه فأرسل اليه جائزة سنية. وكانت
أوضاعه في جلوسه وركوبه وخيله وخدمه وحشمه أوضاع ملك مستقل تقاد
الخيل المسرجة بالذهب والجواهر أمامه ومن مكارمه انه كان بالهاشمي
وكانت تلبسه السادات المشعشعية فاتي إلى السلطان بهدية نارنج في غير وقته
في طبق فامر السلطان ان يقلى النارنج في أردان السيد النديم ففعلوا ووسع
الجميع وأمره ان يقوم فلم يقدر وقال لا تحمل عطاياكم الا مطاياكم فامر
أن يحمل ذلك على فرسه الخاص بسرجه ولجامه وجميع زينته وأعطاه إياه
فركبه وذهب. وأول من أحدث البنيان بالحويزة السيد محسن وكانت آجام
قصب تسكنها الاعراب فبنى قلعة الحويزة المعروفة بالمزينة إلى الآن وجعل
فيها عسكرا وسكن الناس حولها وبنى قلعة المشكوك واسكن في جوانبها ٤٠
ألف سباهي وأدار على الجميع مدينة حصينة ثم عمر قلعة الشوش ثم
استولى عليها الفرس كما ذكر في ترجمة علي وأيوب ولدي السيد محسن ثم
خربها العرب ثم أحدث السيد محسن قلعة الداير المعروف بأبي عمرو وكان
يسكن كل فصل في مكان ثم بنى مدينة عظيمة بين الشطين تجمع جميع
عساكره وذخائره وسماها المحسنية. فمنشئ هذه الدولة أبوه وسيفها أخوه
المولى علي ومؤيدها وناشر رايتها هو جمع بين السيف والقلم والخصال
الحميدة وعلى عهده اتسعت المملكة وكان مظفرا تقيا صالحا محبا للعلماء
جوادا سخيا محسنا إلى الفقراء وفي أيامه تغلب يحيى بن محمد الأعمى على
البصرة وهو بالأصل فصيلي من قبيلة مال عزي وهم إلى الآن شيوخ المنتفك
فركب السيد محسن عليه بعساكره وارسل إليه ان المطلوب من العسكرين أنا
وأنت فابرز إلي ولا تسفك دماء العباد فقبل وتبارزا فبدره يحيى بطعنة حاد
عنها وطعنه السيد محسن فدق صلبه وقتله فلقاه والده محمد البصير راكبا
حمارا تقوده جاريته فدخل على السيد محسن وطلب منه الخلف بولده فأعطاه
ألف تومان وعين له يومية تكفيه وتزيد وأعطاه فرسه التي كان راكبها حال
الحرب وأعطى طفلا صغيرا ليحيى الدرع الذي كان لابسه حال الحرب
والدرع للآن عندهم يسمى بالمحسن. وجاءه أمير من بني تميم يقال له
الأمير عبد علي فأكرمه وأنزله القيصرية وهي للآن تعرف بهذا الاسم وأعطاه
بلد الدورق من بعد وضع اخراجات سياس الطوائل وانعم عليه
بالميراخورية ولهذا السبب سميت ببلد السياس وتعرف به إلى الآن وكان قبل
اعطائه البلدة المذكورة جالسا عنده فقال السيد أن العربي يحمد إذا أضاف
أربعمائة جاؤوه بغير خبر سابق فقال الأمير لأحد جلسائه كان هذا شئ
مستغرب عندكم فأسرها السيد في نفسه وبعد مدة أمر أحد أولاده السيد
بركة أن يذهب مع أربعمائة خيال إلى ضيافة الأمير عبد علي في القيصرية
وتكون خيلهم بلا أرسان ولا علايق فأضاف الجميع بدون تكلف وجعل
البيوت علايق وأطنابها أرسانا فكان ذلك سبب اعطائه البلدة المذكورة ولم
يزل الأمير عبد علي يتردد عليها ويحدث فيها عمارات إلى أن مات السيد
محسن فانتقل الأمير إلى الدورق واستقل بها وبنى لها سورا وتغلب عليها إلى
أيام السيد سجاد فصار بين السيد سجاد وأخيه مطلب وأخويه انحراف
فانتقل مع أخويه إلى الدورق فأكرمه عبد علي ثم مات عبد علي فصار امرها
لولده ميرزا علي وكان بناء السيد محسن للمحسنية في ابتداء الدولة العثمانية
بالعراق وأوائل الدولة الصفوية لتتسامع بها الملوك وعين بها ١٢ ألف
عسكري وولي الملك بعده من أولاده السيد علي وأيوب ناصر خان والسيد
محمد خان والسيد مبارك بن محمد خان وكان ينظم الشعر الفارسي وحكم
أيضا أخوه السيد منصور خان وامتدت أيامه ثم حكم السيد بركة بن
منصور المذكور ثم السيد علي وكان عالما فاضلا شاعرا وهو ابن السيد خلف
ثم حكم ولده الأكبر بعد السيد حسين والسيد حيدر ولم تطل مدته وكان
راغبا في الخير وحكم بعد السيد حيدر خان السيد عبد الله خان والد مؤلف
تاريخ الصفوية ولم تطل مدته ثم أخوه فرج الله خان. ١١٧:
الشيخ محسن ابن الشيخ محمد المعروف بأبي الحب الحائري.
توفي في ليلة الاثنين في ٢٠ ذي القعدة سنة ١٣٠٥.
أحد الأدباء الوعاظ الذاكرين للشهيد في كربلاء المشهورين وله
(٥٥)

قراءات مشهورة في ذكر مصيبة الحسين ع. توفي والده وهو طفل فلما
نشأ كان له اخ أكبر منه يريد أن يعلمه احدى الصناعات فينفر من ذلك
فيضربه وكان يفر من أهله ويألف اهل العلم والأدب حتى تعلم مكتسبا
منهم.
وله ديوان شعر صغير ومن شعره:
عقيل الذي نال من مسلم * ذرى المجد لا مسلم بن عقيل
وغير عجيب بان الليوث * تعلو مفاخرها بالشبول
وله في أنصار الحسين ع:
كلهم في الكمال فرد وحتى * ذكرهم في الزمان جاء فريدا
وقفوا وقفة لو أن الرواسي * وقفت مثلها لكانت صعيدا
حملت أمهاتهم في ليال * قارن السعد عندهن السعودا
كانت أم الحروب قبل عقيما * صيروها بعد العقام ولودا
ولدت منهم الوفاء فكانوا * والدا والوفاء كان وليدا
نصب عيني يومهم غير اني * لا أرى العيش بعدهم محمودا
ولدتني أمي لما ذا إذا لم * اك فيهم يوم اللقا معدودا
لائق فيهم المديح فاسمعني * بهم ما استطعت مدحا مجيدا
كان طوفانهم كطوفان نوح * ذاك ماء يجري وهذا حديدا
لو زمان الخليل كانوا لما * ارتاع لهول ولم يخف نمرودا
وابن عمران لو رآهم لما اختار * لميقاته سواهم عضيدا
ولما خر صاعقا وهو فيهم * ولخروا دون الممات سجودا
أو لطالوت أصحروا في مجال * لغا كل واحد داود
سادة في الزمان كانوا ولكن * لابن بنت النبي صاروا عبيدا
يلتقون النصال سهما فسهما * دونه والرماح عودا فعودا
لم يكن عندهم أعز من النفس * فجادوا بها وناهيك جودا
كلما باد واحد منهم قا * م أخوه مقامه كي يبيدا
هذه حالهم إلى أن تفانوا * دونه واغتدوا جميعا رقودا
يومهم صار مأتما في السماوات * وبين اللئام سمي عيدا
كيف يسترضع الحديد دماهم * ولهم هيبة تذيب الحديدا
لكم الله واردين حياضا * لم يكن قبل ماؤها مورودا
ومذلين أنفسا في سبيل الله * عزت على المعالي وجودا
شهد الله صبركم في البلايا * وكفاكم رب السماء شهيدا
أ ويرضى الاله عن قوم سوء * اسخطوا أحمدا وارضوا يزيدا ١١٨:
المولى محسن النحوي جد الطائفة النحوية بقزوين.
ابن محمد طاهر الطالقاني القزويني المشهور بالنحوي عالم فاضل أديب
امام في العلوم العربية كان من أفاضل تلاميذ السيد قوام الدين محمد
القزويني المعاصر للعلامة المجلسي وهو من اهل طالقان ومن العلماء
المصنفين وتصانيفه وكتبه كلها وقف على الأولاد وكان جده من العلماء
الاعلام من اهل طالقان له ١ تفسير كبير ٢ العوامل المشهور بين طلبة
العلم ٣ شرح نظم الشافية لأستاذه ٤ شرح نظم الحساب أيضا لأستاذه
سماه رشح السحاب فرع منه سنة ١٩٢٨ إلى غير ذلك. ١١٩:
المحسن المعروف بفضلا بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن علي بن محمد بن
عمر الشجري بن علي بن عمر الأشرف بن زيد العابدين.
كان نقيب قم. ١٢٠:
المير محسن الرضوي المشهدي.
من شعراء دولة أكبر شاه. ١٢١:
السيد الأمير محسن بن المير محمد سليم الموسوي الزنجاني.
كان فقيها محدثا رجاليا من تلامذة المولى محمد تقي المجلسي الأول
رئيسا بزنجان وعقبه كثير منتشر بزنجان فيهم العلماء والشرفاء. ١٢٢:
السيد الشريف أبو الحسين المحسن بن محمد بن ناصر الحسيني الرسي
هو صاحب المسائل الرسية للسيد المرتضى. ١٢٣:
الشيخ محسن بن نظام الدين محمد بن الحسين الساوجي.
عالم فاضل جليل محدث فقيه خبير بالأصولين مدرس في المدرسة التي
كان يدرس أبوه بها في مشهد عبد العظيم أيام الدولة الصفوية وكان من
تلامذة المولى خليل القزويني وتوفي في أيام تدريسه في عصر صاحب رياض
العلماء وكان أبوه هو المتمم للجامع العباسي وصاحب نظام الأقوال في
الرجال وجده الحسين كان من الفضلاء الخصيصين بالشيخ البهائي. ١٢٤:
السيد محسن الحكيم.
ولد في غرة شوال سنة ١٣٠٦ ه‍. في النجف الأشرف، وهو ثاني
ثلاثة أخوة أكبرهم السيد محمود الحكيم وأصغرهم السيد هاشم الحكيم
وتوفي في بغداد ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف سنة ١٣٩٠.
بعد وفاة والده وهو إذاك ابن سبع سنين شرع في قراءة القرآن الكريم
على النهج المتعارف في ذلك الزمان.
ثم ابتدأ دراسة علم النحو وهو في التاسعة من عمره، وقد تولى
تربيته العلمية أخوه الأكبر السيد محمود الحكيم فدرس عليه المقدمات إلى
القوانين ودرس بقية الكتب على جملة من الفضلاء منهم الشيخ
صادق بن الحاج مسعود البهبهاني، والشيخ صادق الجواهري ثم حضر
درس الملا كاظم الخراساني والآقا ضياء العراقي والشيخ علي باقر الجواهري
والميرزا محمد حسين النائيني والسيد محمد سعيد الحبوبي.
وفي سنة ١٣٣٢ ه. عند ما قاد السيد الحبوبي جمهور المسلمين في
العراق في جبهة الناصرية ضد الاحتلال الانكليزي استصفى الحبوبي السيد
الحكيم لنفسه وصحبه معه وأولاه ثقته.
وفي سنة ١٣٣٣ توجه للتدريس. وفي سنة ١٣٥٠ سافر إلى جبل
عامل للمرة الأولى فمكث من أواخر ذي الحجة حتى شوال سنة ١٣٥١.
ثم سافر اليه مرة ثانية سنة ١٣٥٣.
وبعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني اتجهت اليه الأنظار. وكان
السيد البروجردي قد حل في قم، فتقسمت المرجعية بين السيد الحكيم في
النجف والسيد البروجردي في قم، حتى وفاة السيد البروجردي فاستقل
بالمرجعية بعده.

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح)
(٢) التكملة
(٥٦)

له من المؤلفات: ١ المستمسك وهو شرح على العروة الوثقى،
٢ نهج الفقاهة، وهو تعليق على المكاسب للشيخ الأنصاري. ٣
حقائق الأصول. تعليقة على الكفاية، طبع مع الكفاية في مجلدين. ٤
دليل الناسك، وهو تعليقة على منسك الشيخ الأنصاري المتضمن لأحكام
الحج، ٥ تعليقة على ملحقات العروة مخطوط ٦ تعليقة على مهمات
التبصرة. مخطوط. ٧ منهاج الصالحين رسالة عملية في جزءين ٨
منهاج الناسكين اعمال الحج. ١٢٥:
الشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح بن محمد.
توفي سنة ٦٩٠.
ذكره في أمل الآمل في القسم الثاني الموضوع لغير علماء جبل عامل ولم
يصفه بالحلي ووصفه بالحلي في روضات الجنات وهو غير محفوظ بن عزيزة بن
وشاح السوداني والد سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة لما في أمل الآمل
من أن والد العلامة الذي هو في طبقة المحقق يروي عن سالم هذا فلا يمكن
ان يكون والسالم من تلامذة المحقق ولما في تكملة الأمل من أن سالما أستاذ
المحقق وانه قرأ عليه كتابه المنهاج في علم الكلام فإذا كان الولد أستاذ
المحقق لا يمكن كون الوالد تلميذ المحقق وظن في روضات الجنات انهما
واحد وان النسبة هنا إلى الجد وليس بصحيح وكيف كان فمحفوظ بن وشاح
ذكر في أمل الآمل في القسم الثاني وذكر ولده محمد بن محفوظ في القسم
الثاني أيضا فما في تكملة أمل الآمل من وصفه بالعاملي وانه كان هاجر إلى
العراق وسكن الحلة وقرأ على المحقق ثم رجع إلى بلاده وكاتب المحقق غير
صحيح إذ لو كان كذلك لذكره صاحب الأمل وولده في علماء جبل عامل
فقد ذكر فيهم كل من اصله من جبل عامل ولو كان تولده وسكناه وموته في
غيرها كما يظهر بالتتبع وهذه المراسلة الظاهر أنها كانت في العراق ولم تكن
من الشام إلى العراق اما آل محفوظ الذين في الهرمل فالظاهر أن أصلهم من
العراق والله اعلم.
في روضات الجنات: يروي عنه ولده محمد بن محفوظ ويروي عنه
أيضا كمال الدين بن حماد الواسطي ويروي هو عن السيد فخار بن معد
الموسوي وفي أمل الآمل كان عالما فاضلا أديبا شاعرا جليلا من أعيان
العلماء في عصره ولما توفي رثاه الحسن بن علي بن داود صاحب كتاب
الرجال بقصيدة تقدم منها أبيات في ترجمته وجرى بينه وبين المحقق نجم
الدين جعفر بن سعيد مكاتبات ومراسلات في النظم والنثر ذكر جملة منها
الشيخ حسن صاحب المعالم في اجازته فقال عند ذكره وكان هذا الشيخ
من أعيان علمائنا في عصره ورأيت بخط الشهيد الأول في بعض مجاميعه
حكاية أمور تتعلق بهذا الشيخ وفيها تنبيه على ما قلناه فمنها انه كتب إلى
الشيخ المحقق نجم الدين بن سعيد أبياتا من جملتها:
أغيب عنك وأشواقي تجاذبني * إلى لقائك جذب المغرم العاني
إلى لقاء حبيب شبه بدر دجى * عند رماه باعراض وهجران
قلبي وشخصك مقرونان في قرن * عند انتباهي وعند النوم يغشاني
حللت فيه محل الروح في جسدي * فأنت ذكراي في سري واعلاني
لولا المخافة من كره ومن ملل * لطال نحوك تردادي واتياني
يا جعفر بن سعيد يا امام هدى * يا واحد الدهر يا من ما له ثاني
اني بحبك مغري غير مكترث * بمن يلوم وفي حبيك يلحاني
فأنت سيد اهل الفضل كلهم * لم يختلف ابدا في فضلك اثنان
في قلبك العلم مخزون بأجمعه * تهدي به من ضلال كل حيران
وفوك فيه لسان حشوه حكم * يروي به من زلال كل ظمآن
وفخرك الشامخ الراسي وزنت به * رضوي فزاد على رضوى وثهلان
وحسن أخلاقك اللاتي فضلت بها * كل البرية من قاص ومن داني
تغني عن المأثرات الباقيات ومن * يحصي جواهر أجبال وكثبان
يا من علا درج العلياء مرتقيا * أنت الكبير العظيم القدر والشأن
فأجابه المحقق بقوله:
لقد وافت قصائدك العوالي * تهز معاطف اللفظ الرشيق
فضضت ختامهن فخلت اني * فضضت بهن عن مسك فتيق
وجال الطرف منها في رياض * كسين بناضر الزهر الأنيق
فكم أبصرت من لفظ بديع * يدب بها على المعنى الدقيق
وكم شاهدت من علم خفي * يقرب مطلب الفضل السحيق
شربت بها كؤوسا من معان * غنيت بشربهن عن الرحيق
ولكني حملت بها حقوقا * أخاف لثقلهن من العقوق
فسر يا بالفضائل بي رويدا * فلست أطيق كفران الحقوق
وحمل ما أطيق به نهوضا * فان الرفق انسب بالصديق
فقد صيرتني لعلاك رقا * ببرك بل ارق من الرقيق
وكتب بعدها نثرا من جملته: ولست أدري كيف سوع لنفسه الكريمة
مع حنوه على إخوانه وشفقته على أوليائه وخلانه أثقال كاهلي بما لا تطيق
الرجال حمله بل تضعف الجبال ان تقله حتى صيرني بالعجز عن مجاراته
أسيرا وأوقفني في ميدان محاورته حسيرا فما أقابل ذلك البر الوافر ولا أجازي
ذلك الفضل الغامر وأني لا أظن كرم عنصره وشرف جوهره بعثه على
إفاضة. فضله وان أصاب غير اهله أو كان مع هذه السجية الغراء والطوية
الزهراء استملى بصحيح فكرته وسليم فطرته الولاء من صفحات وجهي
وفلتات لساني وقرأ المحبة من لحظات طرفي ولمحات شاني فلم ترض همته
العلية من ذلك الايراد بدون البيان ولم يقنع لنفسه الزكية عن ذلك الخبر الا
بالعيان فحرك ذلك منه بحرا لا يسمح الا بالدرر وانا استمد من انعامه
الاقتصار على ما تطوع به من البر حتى أقوم بما وجب علي من الشكر ان
شاء الله آه قال وقد رثاه أيضا الشيخ محمود بن يحيى بقصيدة يأتي في
ترجمته أبيات منها ورثاه أيضا صفي الدين محمد بن الحسن بن أبي الرضا
العلوي بقصيدة يأتي في ترجمته أبيات منها آه وكان من تلامذة المحقق
الحلي كما نص عليه في روضات الجنات ولما توفي المحقق رثاه تلميذه محفوظ
المذكور بهذه الأبيات من قصيدة.
أقلقني الدهر وفرط الأسى * وزاد في قلبي لهف الضرام
لفقد بحر العلم والمرتضى * في القول والفعل وفصل الخصام
أعني أبا القاسم شمس العلى * الماجد المقدام ليث الزحام
أزمة الدين بتدبيره * منظومة أحسن بذاك النظام
شبه به البازي في بحثه * وعنده الفاضل فرخ الحمام
قد أوضح الدين بتصنيفه * من بعد ما كان شديد الظلام
بعدك اضحى الناس في حيرة * عالمهم مشتبه بالعوام
لولا الذي بين في كتبه * لأشرف الدين على الاصطلام
قد قلت للقبر الذي ضمه * كيف حويت البحر والبحر طام
عليك مني ما حدا سائق * أو غرد القمري ألفا سلام
(٥٧)

ولما توفي الشيخ محفوظ رثاه الشيخ مهذب الدين محمود بن يحيى بن
محمد بن سالم الشيباني الحلي بقصيدة تأتي في ترجمته وكذلك رثاه محمد بن
الحسن بن أبي الرضا العلوي البغدادي.
ومن شعر المترجم:
راق الصبوح ورقت الصهباء * وسرى النسيم وغنت الورقاء
وكسا الربيع الأرض كل مدبج * ليست تجيد مثاله صنعاء
فالأرض بعد العري اما روضة * غناء أو ديباجة خضراء
والطير مختلف اللغات فنائح * ومطرب مالت به الأهواء
والماء بين مدرج ومجدول * ومسلسل جادت به الأنواء
وسرى النسيم على الرياض فضمخت * أثوابه عطرية نكباء
كمديح آل محمد سفن النجا * فبنظمه تتعطر الشعراء
الطيبون الطاهرون الراكعون * الساجدون السادة النجباء
منهم علي الأبطحي الهاشمي * اللوذعي إذا بدت ضوضاء
ذاك الأمير لدى الغدير أخو * البشير المستنير ومن له الأنباء
طهرت له الأصلاب عن آبائه * وكذاك قد طهرت له الأبناء
أ فهل يحيط الواصفون بمدحه * والذكر فيه مدائح وثناء
ذو زوجة قد أزهرت أنوارها * فلأجل ذلكم اسمها الزهراء
وأئمة من ولدها سادت بها * المتأخرون وشرف القدماء
مبداهم الحسن الزكي ومن إلى * أنسابه تتفاخر الكرماء
والطاهر المولى الحسين ومن له * رفعت إلى درجاتها الشهداء
والندب زين العابدين الماجد الند * ب الأمين الساجد البكاء
والباقر العلم الشريف محمد * مولى جميع فعاله آلاء
والصادق المولى المعظم جعفر * حبر مواليه هم السعداء
وامامنا موسى بن جعفر سيد * بضريحه تتشرف الزوراء
ثم الرضا علم الهدى كنز التقى * باب الرجا محيي الدجى الجلاء
ثم الجواد مع ابنه الهادي الذي * تهدي الورى آياته الغراء
والعسكري امامنا الحسن الذي * يغشاه من نور الجلال ضياء
والطاهر ابن الطاهرين ومن لهم * في الخافقين من البهاء لواء
من يصلح الأرضين بعد فسادها * حتى يصاحب ذئبهن الشاء
أنا يا بن عم محمد أهواكم * وتطيب مني فيكم الأهواء
ومن مؤلفاته كتاب غرر الدلائل في شرح القصائد السبع العلوياب
لابن أبي الحديد. ١٢٦:
المحقق الثاني.
علي بن عبد العالي الكركي. ١٢٧:
المحقق الحلي.
جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد. ١٢٨:
المحقق الطوسي.
محمد بن محمد بن الحسن. ١٢٩:
أبو المظفر محمد بن آدم بن كمال الهروي النحوي النيسابوري.
توفي سنة ٤٢٤.
كان متبحرا في جملة من العلوم اماميا تصدر لاقراء النحو والصرف
والتفسير وشرح اصلاح المنطق في اللغة وشرح ديوان الحماسة وأمثال أبي
عبيد قال عبد الغافر الفارسي في تاريخ نيسابور. أستاذ كامل امام في
الأدب والنحو والمعاني قرأ على أبي بكر الخوارزمي وأبي العلاء صاعد وله يد
في الأصول على طريقة أهل العدل ١٣٠:
أبو المجد محمد بن آدم المعروف بالحكيم النسائي.
توفي سنة ٥٥٥.
له فخري نامه فارسي منظوم ويسمى حديقة الحقيقة مطبوع نظمه
لبهرام شاه الغزنوي القونوي السبكتكيني ابن السلطان أبي سعيد مسعود
ابن السلطان إبراهيم ابن السلطان الشهيد أبي سعيد مسعود ابن السلطان
يمين الدولة أمي الملة محمود ابن الأمير ناصر الدين سبكتكين الغزنوي سنة
٥٢٤ أو سنة ٥٢٠ مرتب على عشرين باب في التوحيد ومدح الرسول ص
والصحابة والخلفاء الأربعة والحسنين وأبي حنيفة والشافعي والعقل والعلم
والعشق والقلب والتصوف وصفة البشر والشيخوخة وغور الغفلة والحكمة
والشهوة وصفة الأفلاك والربيع ومدح بهرام شاه وولده دولت شاه والحكم
والأمثال وغير ذلك قال بعد مدح الخلفاء الثلاثة:
أي سنائي بقوة إيمان * مدح حيدر بكويس از عثمان
يا مد يحش مدايح مطلق * زهق الباطل است وجاء الحق
السيد محمد بن إبراهيم الموسوي العاملي.
يروي عن صاحب الوسائل ويروي عنه ولده السيد صالح ويظهر انه
من العلماء ومن تلاميذ صاحب الوسائل لقول صاحب المستدركات انه
يروي عن شيخه وأستاذه صاحب الوسائل آه وكأنه جد السيد صدر
محمد بن صالح بن محمد بن إبراهيم الموسوي العاملي الآتي. ١٣٢:
أبو العلاء محمد بن إبراهيم السروي.
توفي سنة ٣٨٥.
كان كاتبا لابن العميد حاظيا عنده قصده شاعر فلم يجده فكتب
اليه:
جئت إلى باب مرارا فما * ان زرت الا قيل لي قد ركب
وكان في الواجب أن لا ترى * يا قمرا عن مثلنا تحتجب
فأجابه:
ليس احتجابي عنك من جفوة * وغفلة عن حرمة المغترب
لكن لدهر نكد خائن * مقصر بالحر عما يجب
وكنت لا احجب عن زائر * فالآن عن ظلي قد احتجب
ومن شعره قوله من قصيدة علوية:
حاز النبي وسبطاه وزوجته * مكان ما أفنت الأقلام والصحفا
والفخر لو كان فيهم صورة جسدا * عادت فضائلهم في أذنها شنفا
فهل تناكرت الأحلام وانقلبت * فيهم فأصبح نور الله منكشفا
الا أضاء لهم عنها أبو حسن * بعلمه وكفاهم امرهم وشفا
وهل نظير له في الزهد بينهم * ولو أصاح لدينا واهبا وكفى
وهل أطاع النبي المصطفى بشر * من قبله وحذا آثاره وقفا
وهل عرفنا وهل قالوا سواه متى * بذي الفقار إلى اقرانه زلعا
يدعو النزال وعجل القوم محتبس * والسامري بكف الرعب قد نزفا
مفرج عن رسول الله كربته يوم * الطعان إذا قلب الجبان هفا
نخاله أسدا يحمي العرين إذا * يوم الهياج بابطال الوغى رجفا
(٥٨)

يظل والنصر والرعب اللذان هما * كانا له عادة ان سار أو وقفا
شواهد فرضت في الخلق طاعته * برغم كل حسود مال وانصرفا
ثم الأئمة من أولاده زهر * متوجون بتيجان الهدى حنفا
من جالس بكمال العلم مشتهر * وقائم بغرار السيف قد زحفا
مطهرون كرام كلهم علم * لمثل ما قيل كشافون لا كشفا
وله:
بالورد من وجنتيك من لطمك * ومن سقاك المدام لم ظلمك
خلاك ما تستفيق من سكر * توسع شنما وجفوة خدمك
مشوش الصدع قد نملت * تمنع من لثم عاشقيك فمك
أظل من حيرة ومن دهش * أقول لما رأيت مبتسمك
بالله يا اقحوان مبسمه * على قضيب العقيق من نظمك
وقد عده ابن شهرآشوب في المعالم من شعراء أهل البيت المتقين:
وفي اليتيمة، في شعراء طبرستان أبو العلاء السروي واحد طبرستان أدبا
وفضلا ونظما ونثرا. وقال في ترجمة ابن العميد: كان كل من أبي العلاء
السروي وأبي الحسن العلوي العباسي وابن خلاد القاضي وابن سمكة
القمي وأبي الحسين بن فارس وأبي محمد هندو يختص به ويداخله وينادمه
حاضرا ويكاتبه ويجاوبه ويهاديه نثرا ونظما ويقال ان أحسن رسائله
الإخوانيات وما كاتب به أبا العلاء لصدوره عن صدر ماثل اليه محب له
مناسب بالأدب إياه ثم ذكر رسالة ابن العميد اليه في شهر رمضان، أولها:
كتابي جعلني الله فداك وانا في كدر وتعب منذ فارقت شعبان وفي جهد
ونصب من شهر رمضان، إلى آخر الرسالة، ونذكرها في ترجمة ابن العميد
انشاء الله تعالى. قال وله كتب وشعر سائر مشهور كثير الظرف والملح. ١٣٣:
ميرزا بدر الدين محمد ابن الميرزا إبراهيم النيشابوري.
كان من السادات العظام والمدرسين الفخام في الآستانة الشريفة
الرضوية كان حيا سنة ١١٣٤.
ذكره صاحب وسيلة الرضوان في كتابه. ١٣٤:
الآقا محمد إبراهيم النواب الطهراني المدفون بالنجف ابن الآقا محمد مهدي
النواب.
له فيض الدموع مقتل فارسي مطبوع. ١٣٥:
السيد محمد ابن السيد إبراهيم اللواساني.
ولد ١٢ رجب ١٢٦٧ في طهران وتوفي ٤ ربيع الثاني ١٣١٧ في
النجف.
قرأ على الآشتياني والميرزا عبد الرحيم النهاوندي في طهران وعلى
الميرزا حبيب الله الرشتي في النجف.
له من المؤلفات: المتاجر في الفقه في ثلاث مجلدات كبار مخطوطة
ومجلد في الأصول رأيناها بخطه عند ولده السيد أبو القاسم في همدان من
أفاضل العلماء وله ولد آخر وهو السيد حسن اللواساني نزيل جبل عامل وله
والسيد مصطفى والسيد جعفر كلهم من اهل العلم. ١٣٦:
الشيخ محمد بن إبراهيم الكاظمي النجفي.
عالم فقيه محدث لغوي متبحر له حواش كثيرة على أصول الكافي
وفروعه تدل على فضله وتبحره وجده الفقيه القاسم كان معاصرا لصاحب
رياض العلماء. ١٣٧:
المولى محمد إبراهيم بن محمد نصير.
كان مدرسا بالآستانة الرضوية في عصر الشاه حسين الصفوي، له
الفوائد العلية في شرح أصول العقائد الاسلامية فارسي كتبه باسم الشاه
حسين الصفوي في مشهد الرضا ع وفرع منه في ربيع الأول سنة ١١١١
والمتن له أيضا. ١٣٨:
محمد بن إبراهيم الأنصاري الكتبي المعروف بالوطواط
توفي سنة ٧١٨.
له غرر الخصائص الواضحة وعرر النقائص الفاضحة طبع مرتين في
مصر.
السيد أبو صالح محمد ابن السيد شرف الدين إبراهيم بن زين العابدين بن
علي نور الدين أخي صاحب المدارك ابن نور الدين علي بن الحسين بن أبي
الحسن الموسوي العاملي الجبعي.
ولد في جبع سلخ رجب سنة ١٠٤٩ وتوفي في شحور سنة ١١٣.
في بغية الراغبين قرأ في جبل عامل أولا على أبيه ثم على الشيخ
أحمد بن الحسن ن محمد بن أحمد بن سليمان العاملي النباطي ثم هاجر إلى
العراق سنة ١٠٨٠ فقرأ على الشيخ حسام الدين ابن الشيخ جمال الدين
الطريحي النجفي وغيره ثم توجه إلى أصفهان فوردها سادس المحرم سنة
١٠٨٣ في عصر الشاه عباس الثاني الصفوي وقرأ على الشيخ محمد باقر
السبزواري صاحب الذخيرة وزوجه السبزواري ابنته فولد له منها ولدان ماتا
بالوباء هما وأمهما سنة ١٠١٩ وتوفي السبزواري سنة ١٠٩٠ فقرأ بعده على
الشيخ علي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني المتوطن
بأصفهان واجازه الشيخ عامة وفي سنة ١٠٩٩ زار الرضا ع
فاستقبله علماء المشهد ومنهم محمد بن الحسن الحر صاحب الوسائل وأنزله
داره واجازه إجازة مفصلة وزوجه بنته وهي أم الباقين من ذريته وكانت لها
منه منزلة سامية لمكانها في الدين والاخلاق الفاضلة وفي سنة ١١٠٠ حج
بيت الله الحرام مع جماعة من أعيان خراسان وتوجه بعياله وبعد الحج قدم
مع الحاج الشامي إلى بلدة شحور فوصلها في ربيع سنة ١١٠١ وعمره إذ
ذاك اثنان وخمسون سنة فأقام فيها ثماني وثلاثين سنة وكان يحب العزلة ولا
يخالط الناس الا قليلا وقد استجازه أفاضل عصره واليه ينتهي اسناد كثير
ممن تأخر عنه كالشيخ مرتضى الأنصاري حيث يروي عن السيد صدر
الدين عن أبيه السيد صالح عن أبيه صاحب الترجمة. له تعليقة على أصول
الكافي بخطه وتعليقات بخطه على نفلية الشهيد ومجموعة كالكشكول بخطه
تشتمل على أحاديث واخبار ونوادر وأشعار وفيها كل ما نقلناه من أحوال
سلفه الصالح والظاهر أن له تعليقه على القواعد مطولة لأنه يحيل في تفصيل
المسائل عليها آه وفي تكملة أمل الآمل ولد في جبع وأنشأه الله منشأ
مباركا وقرأ على صاحب الوسائل محمد بن الحسن الحر العاملي وغيره وكتب
له الحر إجازة مفصلة وزوجه ابنته فولدت له ولدين أحدهما جد والدي
السيد صالح المتقدم ذكره وثانيهما السيد محمد الصغير الآتي ذكره.
(٥٩)

وكان من اعلام علماء تلك البلاد انتهت اليه الرياسة الدينية فيها
وكان له مصنفات ذهبت في فتنة احمد الجزار آه ومن آثاره الباقية
قصيدته الكبيرة النونية تشتمل على حديث الكساء على الكيفية التي في
منتجب الطريحي المشهورة. ١٤٠:
محمد بن إبراهيم بن حبون الحجاري الأندلسي.
منسوب إلى وادي الحجارة مدينة بالأندلس.
توفي سنة ٣٠٥.
ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ ووصفه بالامام الحافظ محدث الأندلس
وقال سمع محمد بن وضاح ومحمد بن عبد السلام الحسني وإسحاق بن
إبراهيم الدبري وعلي بن عبد العزيز البغوي وعبد الله بن حنبل وطبقتهم
بالأندلس والعراق والحجاز واليمن وكان من كبار حفاظ عصره لكنه فيه تشيع
حدث عنه قاسم بن أصبغ وأحمد بن سعيد بن حزم وخالد بن سعد
الأندلسيون وقال خالد بن سعد لو كان الصادق انسانا لكان ابن حبون وقال
أبو الوليد بن الفرضي لم يكن بالأندلس قبله أبصر بالحديث منه وذكره
الحافظ بن أبي الوليد بن الدباع في الطبقة السادسة من طبقات الحفاظ. ١٤١:
أبو علي محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر الأعرج بن عبد الله بن
جعفر قتيل الحرة ابن أبي القاسم محمد بن الحنيفة.
له المبسوط في النسب نقل عنه في عمدة الطالب. ١٤٢:
محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني.
من مشايخ الصدوق وأكثر من الرواية عنه مترجما أو مترضيا ويظهر
من غيبة الصدوق ان كنيته أبو العباس ولقبه المكتب. ١٤٣:
الأمير صدر الدين محمد بن إبراهيم الدشتكي الشيرازي.
توفي سنة ٩٠٣.
كان عالما فقيها مدققا له حاشية على التيسير في فقه الشافعية. ١٤٤:
المولى محمد إبراهيم بن محمد علي الطبسي.
له رسالة في التجويد. ١٤٥:
السيد محمد إبراهيم الرضوي المشهدي متولي الآستانة.
مر بعنوان إبراهيم الرضوي. ١٤٦:
محمد إبراهيم بن محمد الرضوي.
مر بعنوان إبراهيم بن محمد. ١٤٧:
محمد إبراهيم القمي الخطاط.
مر بعنوان إبراهيم القمي. ١٤٨:
الميرزا محمد إبراهيم الناظر بن ميرزا محمد رضا الناظر.
مر بعنوان إبراهيم بن محمد. ١٤٩:
السيد محمد إبراهيم ابن السيد محمد تقي النقوي اللكهنوئي.
مر بعنوان إبراهيم بن محمد تقي. ١٥٠:
بهاء الدين محمد إبراهيم بن محمد السرمدي.
له تنبيه الغافلين مطبوع فارسي. ١٥١:
أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني المعروف بابن
زينب.
من تلاميذ الكليني. له كتاب التفسير يعرف بتفسير النعماني، نوع
فيه القرآن إلى ستين نوعا ومثل لكل نوع مثالا يخصه، وفي معالم العلماء:
أبو عبد الله محمد بن إبراهيم له تفسير القرآن لأهل البيت ع آه
والمراد به المترجم. ١٥٢:
الشيخ محمد إبراهيم اللنكراني.
ذكر في إبراهيم. ١٥٣:
محمد بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن علي بن أبي
طالب ع.
في تاريخ رويان لمولانا أولياء الله الآملي انه كان كثير الزهد والورع
والدين وانه مدفون بقرية كجور وكان الداعي الكبير الحسن بن زيد متزوجا
أخت السيد محمد هذا وكان المترجم مقيما في مقاطعة في كجور من بلاد
طبرستان ولما كثر ظلم محمد بن أوس عامل طبرستان من قبل سليمان بن
عبد الله بن طاهر بن عبد الله بن طاهر التجا الناس إلى عدل سادات أهل البيت
من سكان طبرستان الذي فروا إليها من جور بني العباس وانتشر
الناس في القرى والرساتيق حتى وصلوا إلى كجور وتظلموا إلى السيد محمد
من ظلم أصحاب محمد بن أوس وقالوا نريد رجلا من آل محمد ص يكون
حاكما علينا قائما بالعدل وسائرا بسيرة محمد وعلي ع ونريد ان نبايعك على
ذلك حتى يندفع عنا ببركاتك هذا الظلم فقال لهم السيد محمد انا لست
اهلا لذلك ولكن لي صهر هو زوج أختي وهو رجل شجاع ورأى كثيرا من
الحروب والوقائع وهو ساكن في الري فإن كان ما تقولونه حقا فانا أرسل اليه
ليأتي إلى هنا ويكون ما تريدون والمراد بذلك الرجل هو الحسن بن زيد
الحسني الذي لقب بالداعي الكبير وكان رئيس أولئك الجماعة الذين
حضروا إلى عند السيد محمد رجل اسمه عبد الله بن وندا أو ميدا فتعاهد مع
السيد محمد على ذلك وارسل السيد محمد إلى الحسن بن زيد إلى الري
صورة العهد الذي كتبوه وطلب منه الحضور فأجابه وحضر الحسن بن زيد
من الري أولا إلى سعيدآباد فبايعوه على كتاب الله وسنة رسوله والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر ثم توجه إلى كجور محل إقامة المترجم فخرج
المترجم مع سادات تلك النواحي لاستقباله فدخلها يوم الخميس ٢٧
رمضان سنة ٢٥٠ ولما استولى الحسن بن زيد على آمل طلب منه أهلها ان
يقيم المترجم حاكما عليهم فأجابهم إلى ذلك واحضره إلى رويان وأقامه حاكما
على آمل والله اعلم ما جرى له بعد ذلك فقد عرفت أنه مدفون في قرية
كجور. ١٥٤:
الشيخ محمد بن إبراهيم الشهير بالمشهدي ابن الشيخ علي ابن الشيخ عبد
المولى الربعي النجفي المولد والمدفن تلمذ علي الشيخ علي والشيخ حسن
ابني الشيخ جعفر وله إجازة من الشيخ حسن وهو والد الشيخ احمد
المشهدي توفي سنة ١٢٨١ له جواهر الأفكار شرح على الشرايع في عدة
مجلدات. ١٥٥:
المولى محمد إبراهيم البوناتي.
مر بعنوان إبراهيم البوناتي.
(٦٠)

١٥٦:
الحاج محمد إبراهيم ابن الحاج محمد حسن الكرباسي صاحب الإشارات.
ذكر في إبراهيم بن محمد حسن. ١٥٧:
عفيف الدين أبو نصر محمد بن إبراهيم بن نصر يعرف بابن الزاهد الحلي
نزيل بغداد الكاتب الأديب.
قدم بغداد واستوطنها وهو فاضل عالم شاعر ناظم كاتب حاسب
لطيف الاخلاق كريم الصحبة خدم في الاعمال الجليلة وغيرها ثم ترك
التصرف ومال إلى التصوف وهو الآن على قدم الاعتزال عن الناس
والاشتغال بجناب الله تعالى رايته واجتمعت به وكتبت عنه ونعم
الصاحب. ١٥٨:
أبو منصور الباخرزي محمد بن إبراهيم من اهل خراسان.
في معجم الشعراء للمرزباني انه نزل بغداد وكان يتشيع وعمي في
آخر عمره وكان يهاجي مثقالا الواسطي. والباخرزي هو القائل:
ان دهر السرور اقصر من يوم ويوم الفراق دهر طويل ١٥٩:
محمد إبراهيم بن محمد معصوم القزويني.
مر بعنوان إبراهيم بن معصوم. ١٦٠:
السيد محمد إبراهيم القزويني.
مر بعنوان السيد إبراهيم القزويني. ١٦١:
محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة.
يأتي بعنوان محمد بن عبد الله بن عثمان. ١٦٢:
محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني ثم الدمشقي السكاكيني.
ولد ٦٣٥ بدمشق وتوفي ٧٢١.
وصفه في الدرر الكامنة بالشيعي، وقال طلب الحديث وتأدب وسمع
وهو شاب من إسماعيل ابن العراقي والرشيد بن مسلمة ومكي بن علان في
آخرين وتلا بالسبع ومن مسموعاته مسند انس للحنيني على إسماعيل عن
السلفي ومن فوائد أبي النرسي ابن الزينبي خ ل بالسند عنه روى عنه
البرزالي والذهبي وآخرون من آخرهم أبو بكر بن المحب ابن المنجاخ ل
وبالإجازة شيخنا برهان الدين التنوخي، واقعد في صناعة السكاكين عند
شيخ شيعي فأفسد عقيدته فاخذ عن جماعة من الامامية وله نظم وفضائل،
ورد على العفيف التلمساني في الاتحاد وأم بقرية جسرين مدة وأقام بالمدينة
النبوية عند أميرها منصور بن جماز مدة طويلة ولم يحفظ له قدح في الصحابة
بل له نظم في فضائلهم الا انه كان يناظر على القدر وينكر الجبر وعنده تعبد
وسعة علم.
قال ابن تيمية: وهو ممن يتسنن به الشيعي ويتشيع به السني، وقال
الذهبي كان حلو المجالسة ذكيا عالما فيه اعتزال وينطوي على دين واسلام
وتعبد سمعنا منه وكان صديقا لابي وكان ينكر الجبر ويناظر على القدر ويقال
انه رجع في آخر ونسخ صحيح البخاري وفي ذيل تذكرة الحفاظ: شيخ
الشيعة وقاضيهم وكان لديه فضائل وله نظم. ١٦٣:
السيد محمد بن أبي تراب الحسيني من سادات كلستانه المعروف بميرزا علاء
الدين كلستانه.
توفي في ٢٧ شوال سنة ١١٠٠.
جليل القدر عظيم الشأن عابد زاهد عالم بالعلوم العقلية والنقلية أخو
زوجة العلامة المجلسي أو خالها عرض عليه منصب الصدارة مرتين فلم
يقبل له مصنفات جليلة مثل ١ حدائق الحدائق في شرح نهج البلاغة ٢
بهجة الحدائق في شرحه أيضا وهو كبير لم يتجاوز الخطبة الشقشقية مطبوع
منه على هامش نهج البلاغة المطبوع بإيران ٣ روضة الشهداء ٤ منهج
اليقين وهو شرح الرسالة المذهبة للرضا ع التي أرسلها إلى المأمون وهو
يشبه شرح المجلسي على وصية النبي ص لابي ذر الموسوم بعين الحياة ٥
شرح الأسماء الحسنى وهو شرح مبسوط ٦ شرح الرسالة الأهوازية
الصادقية. وولده ميرزا محمد باقر أيضا من العلماء أحد مشايخ حاجي
محمد زمان الكاشاني الأصفهاني ويروي عن ملا محمد بن عبد الفتاح
المعروف بسراب. ١٦٤:
محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس.
قتل سنة ٣٦.
ذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفين ان معاوية لما قدم عليه عمرو بن
العاص قبل وقعة صفين قال له معاوية يا أبا عبد الله لقد طرقتنا في ليلتنا
هذه ثلاثة اخبار ليس فيها ورد ولا صدر قال وما ذاك قال ذاك ان محمد بن
حذيفة قد كسر سجن مصر فخرج هو وأصحابه وهو من آفات هذا الدين
وذكر الأمرين الآخرين ثم قال: قال ليس كل ما ذكرت عظيما اما ابن أبي
حذيفة فما يتعاظمك من رجل خرج في أشباهه ان تبعث اليه خيلا تقتله أو
تأتيك به وان فاتك لا يضرك. وقال الطبري في تاريخه: في سنة ٣٦ قتل
محمد بن أبي حذيفة وكان سبب قتله انه لما خرج المصريون إلى عثمان مع
محمد بن أبي بكر أقام بمصر واخرج عنها عبد الله بن سعد بن أبي سرح
وضبطها فلم يزل بها مقيما حتى قتل عثمان وبويع لعلي وأظهر معاوية
الخلاف وبايعه على ذلك عمرو بن العاص فسار معاوية وعمرو إلى محمد بن أبي
حذيفة قبل قدوم قيس مصر فعالجا دخول مصر فلم يقدرا على ذلك فلم
يزالا يخادعان محمد بن أبي حذيفة حتى خرج إلى عريش مصر في ألف رجل
فتحصن بها وجاءه عمرو فنصب المنجنيق عليه حتى نزل في ثلاثين من
أصحابه واخذوا وقتلوا رحمهم الله. ١٦٥:
السيد محمد الأمين ابن السيد أبي الحسن موسى.
أبو جد مؤلف هذا الكتاب لأبيه لم أعثر على تاريخ ولادته اما
وفاته فكانت سنة ١٢٢٤ كما أرخه السيد نصر الله آل فضل الله العيناثي
وفي الطليعة انه السيد فخر الدين بقوله:
قضى السيد المولى الأمين وقد مضى * إلى جنة الفردوس فيها له قصر
واقبل رضوان ينادي مؤرخا * امين به الجنات نيل بها البشر
وكان له منصب الرياسة بعد أبيه وقد قام بأعباء هذا المنصب حق
القيام ولكنه أشغله عن التفرع للعلم وتفرع له أخوه السيد حسين وتقلد
المترجم منصب الفتوى من قبل الدولة العثمانية بعنوان مفتي بلاد بشارة
كما تقلد هذا المنصب بعده ولده عمنا السيد محمد الأمين ابن السيد علي
وكان لهذا المنصب اقطاع من قبل السلطان أعطي لكل من تقلد منصب

(١) مجمع الآداب
(٢) توفى المؤلف قبل أن يكتب ترجمته (ح)
(٦١)

الفتوى من أولاده وصاحب الترجمة هو الذي تكفل طاعة البلاد للجزار فإنه
بعد قتل الأمير ناصيف بن نصار في وقعة يارون المعروفة بين العامليين
والجزار شدد الجزار الوطأة على اهل البلاد فحبس كثيرا من العلماء والوجوه
في عكا وقتلهم بعد التعذيب ونهب الأموال واستصفى العقارات والمزارع
ونهب وأحرق كثيرا من كتب العلم ولما رأى الباقون ممن لم تنلهم مخالب
الجزار ما فعل بغيرهم هرب من هرب منهم إلى العراق والهند وبلاد إيران
وهرب بعضهم إلى دمشق وبلاد بعلبك واختفى من اختفى وتشرد امراء
البلاد خوفا على أنفسهم وجعلوا يغيرون على اعمال الجزار وينهبون
ويتعرضون لبعوثه ويعيثون فلاقت الناس منهم ومن الجزار وجنوده بلاء
عظيما وهرب أكثر الناس وخربت البلاد وكان السيد محمد الأمين من جملة
من هرب باهله وعياله إلى بعلبك وعد ما سلبه الجزار من أجدادنا في صيدا
وصور وتبنين وساحل صور ومرجعيون وجبل هونين والحولة وخلافها فكانت
نوف على أربعين من قرى وأراض وطواحين وبساتين وغيرها فلما رأى الجزار
خراب البلاد أشير عليه بان يؤمن المترجم فأمنه وأحضره عنده للنظر في
ذلك فاستقر الرأي على أن يتكفل السيد للجزار امراء البلاد من العيث فيها
وأعطاهم الجزار الأمان ليعودوا إلى أوطانهم ووضع ولده جدنا الأدنى السيد
علي رهينة في عكا عند الجزار على ذلك وتم الامر على هذا وعمرت البلاد
في الجملة وعاد إليها كثير من أهلها ومع ذلك لم يسلم من مخالب الجزار حتى
حبسه في عكا ثم حبسه في دمشق الشام نحوا من سنتين وقيل ثلاث سنين
ثم جاء ولده المذكور إلى الجزار وسأله الافراج عن أبيه فأجابه إلى ذلك
وكتب معه باطلاقه فأطلق ولم تزل البلاد في خراب حتى مات الجزار وجاء
بعده سليمان باشا واليا فامن الأمراء وأعادهم إلى مراتبهم وعمرت البلاد
وانتشر فيها الأمن وصار الناس في أرغد عيش ولما توفي رثاه فيمن رثاه أحد
تلامذة والده الشيخ نصر الله حدرج ورثاه أيضا الشيخ صادق ابن الشيخ
إبراهيم بن يحيى بقصائد مذكورة في ترجمتهما. خلف من الذكور خمسة
أولاد السيد علي جدنا الأدنى والسيد حسن والسيد باقر والسيد سعيد
والسيد احمد وتوفي السيد سعيد في شقراء من جبل عامل ودفن بمقبرتها
الشرقية قرب قبر جده السيد حيدر عن ولد اسمه محمد مات عقيما وبنت
واحدة لم تعقب والباقون نذكر تراجمهم كلا في بابه. ١٦٦:
الأمير معز الدين محمد بن أبي الحسن.
المجاور في المشهد الرضوي له كتاب التقية في علم المنطق فرع منه
سنة ١٠٠١ وله رسالة النجاة ألفها سنة ١٠٤٣.
وله كتاب أنيس الصالحين تاريخ تأليفه ١٠١٧ وله ذخيرة يوم الجزاء
وعيون اللآلي. ١٦٧:
السيد محمد بن أبي الحسن العاملي.
ذكره الشيخ جواد آل محيي الدين في كتيبه ملحق أمل الآمل ووصفه
بالعالم الفاضل وقال إنه جاء من جبل عامل وجاور في كربلاء وكان في
كربلاء رجل من اهل الخير هو الذي بنى الجامع المعروف الموجود الآن في
الروضة المشرفة الحائرية تجاه الضريح وعمر مزار الشهداء ع فلما
حضرته الوفاة أوصى إلى المترجم والى الشيخ علي بن أبي جامع العاملي
بأمواله أحدهما وصي والآخر ناظر فلما توفي بلغ ذلك السلطان العثماني
فأرسل من قبله قاصدا وأمره بالقبض على الرجلين واحضارهما اليه وكان
المتوفى كان بلا وارث فميراثه لبيت المال فقبض على السيد محمد وقيده
وكان الشيخ علي غائبا في النجف الأشرف فاخذ السيد مقيدا وسار إلى
النجف فتوسط حاكم النجف السيد حسين آل كمونة لدى القاصد وتلطف
له حتى أطلق السيد فخرج السيد من وقته إلى بيت الله الحرام وجاور فيه
حتى مات وذلك في أوائل القرن الحادي عشر وهرب الشيخ علي. ١٦٨:
محمد بن أبي زيد العليماتي الشيخ العارف.
العليماتي لعله منسوب إلى وادي علمات في جبل لبنان من
شعره:
حب أهل البيت عدتيه * ولهم أخلصت نيتيه
وهم ديني ومعتقدي * وصلاتي ثم قبلتيه
وبهم أرجو النجاة غدا * حين آتي في قيامتيه
وانا فرد في محبتهم * فاتبعني في محبتيه
يا هداة الدين حبكم * حسنات في صحيفتيه
بموالاتي لجدكم * ولكم قد نلت منيتيه
وعليكم في المعاد غدا * يوم حشر الناس عدتيه
وانا رأس لشيعتكم * وجميع الناس شيعتيه
وله:
إذا عقدت يد الأعداء عقدا * فلي في حل ذاك العقد عقد
وقالوا قد وجدنا مثل هذا * وان وجود ما وجدوه فند
وإني والذي أبدوه قولا * وراء الموت شر ليس يبدو ١٦٩:
محمد بن أبي سبرة بن أبي زهير القرشي.
قال يوم صفين.
نحن قتلنا... بالسيرة * إذ صد عن اعلامنا المنيرة
يحكم بالجور على العشيرة * نحن قتلنا قبله المغيرة
نالته أرماح لنا موتوره * انا أناس ثابتو البصيرة
ان عليا عالم بالسيرة
المغيرة هذا عم عثمان وهو الذي كان يقول بعد رجوع كفار قريش
من أحد انا الذي كسرت ثنايا محمد وشججت رأسه وكدت ان اقتله لولا
أصحابه ولما فر المشركون يوم الأحزاب سلط الله عليه النوم فنام ولم يفر
معهم فلما استيقظ ورأى فرار القوم لجا إلى دار عثمان واستجار به فأجاره
وتشفع له عند رسول الله ص فأمهله ثلاثة أيام فتلكأ فأرسل اليه أمير
المؤمنين ع بعد الثلاث فقتله. ١٧٠:
المولى محمد بن أبي الفرج النجفي.
له كتاب علم اليقين الباعث على تحصيل علوم الدين الذي هو ثاني
الرسائل الثمان المشتمل عليها كتابه أبواب الجنان ألفه سنة ١٠٥٢. ١٧١:
السيد محمد أبي طالب الحسيني الحائري.
في رسالة نزهة اهل الحرمين وصفه بالعالم الجليل والسيد الجليل وفي
روضات الجنات عن رجال النيسابوري كان من جملة المشايخ له كتاب تسلية
المجالس وزينة المجالس كلاهما في مقتل الحسين ع آه والظاهر أنه
كتاب واحد لا كتابان كما توهم صاحب الروضات وهذا الكتاب كبير ينقل
عنه العلماء وممن ينقل عنه المجلسي في عاشر البحار.
(٦٢)

١٧٢:
السيد الأمير محمد بن أبي طالب الحسيني الموسوي الاسترآبادي.
من علماء دولة الشاه طهماسب الصفوي ومن كبار تلامذة المحقق
الثاني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي ومحل اعتماده له شرح الجعفرية
سماه المطالب المظفرية في شرح الرسالة الجعفرية وهو أول من شرحها باسم
سيف الدين مظفر الجرجاني وترجم كتاب أستاذه نفحات اللاهوت من
العربية إلى الفارسية. ١٧٣:
الشيخ الفقيه نجيب الدين محمد بن أبي غالب.
ذكره الشهيد في أول غاية المراد وذكر أنه عرف الطهارة في كتاب
المنهج الأقصد بتعريف ذكره وذكر ما يرد عليه. ١٧٤:
محمد بن أبي قرة.
اسمه محمد بن علي بن محمد بن أبي قرة. ١٧٥:
السيد ميرزا أبو المكارم محمد بن الميرزا أبي القاسم ابن الأمير كاظم ابن
محمد حسين ابن الأمير محسن بن سليم بن برهان الدين ابن السيد شاهي
الموسوي الزنجاني.
ولد في ذي الحجة سنة ١٢٥٥ وتوفي في ٢٦ ربيع الأول سنة ١٣٣٠
ودفن في مقبرة والده. كان على جانب عظيم من الفضل وعلو الهمة وسعة
الصدر مستجمعا لمكارم الاخلاق ماهرا في العلوم الأدبية والفقه والرجال
والحديث.
قرأ المقدمات والمبادئ وشطرا من الفقه في زنجان وسافر إلى قزوين
واشتغل هناك بطلب العلم زمانا قليلا وعاد إلى زنجان ثم هاجر إلى النجف
وحضر درس الشيخ مرتضى الأنصاري أواخر أيامه وحضر بعد وفاته على
تلامذته السيد حسين الكوهكمري والميرزا السيد محمد حسن الشيرازي
ورجع إلى زنجان وأقام بها إلى آخر أيامه. له كتب ورسائل منها رسالة
عنوان الظفر في صلاة السفر، رسالة التحية المباركة في احكام السلام ورده
مع البسط، رسالة في احكام أواني الذهب والفضة سماها لطائف الكلام
في الأواني وما يلحقها من الاحكام رسالة في شرح دعاء كميل، حواش
على الرياض، رسالة في وجه الجمع في اختلاف الآيات الواردة في بدء
الخلق، معارج الرضوان في المصائب وغير ذلك من الحواشي والتعليقات. ١٧٦:
السيد ميرزا أبو طالب فخر الدين محمد بن الميرزا أبي القاسم ابن الأمير
كاظم بن محمد حسين ابن الأمير محسن بن سليم بن برهان الدين ابن
السيد شاهي الموسوي الزنجاني.
ولد سنة ١٢٥٩ بزنجان.
وتوفي في طهران ليلة الأحد ٢٦ ربيع الأول سنة ١٣٢٩ وحملت
جنازته بوصيته إلى المشهد المقدس الرضوي على صاحبه السلام ودفن
هناك. تلقى المبادئ في زنجان ثم سافر مع أخيه الميرزا أبي القاسم إلى
قزوين ورجع ثم سافر معه إلى النجف الأشرف سنة ١٢٧٨ وأدرك برهة من
أواخر عصر الشيخ مرتضى الأنصاري ولكن عمدة تلمذه كان على السيد
الكوهكمري وعلى الشيخ راضي سبط الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء
وعاد إلى بلده سنة ١٢٨٦ واشتغل فيها بالتدريس وسائر الأمور الشرعية
والوظائف العلمية، وحج بيت الله الحرام سنة ١٢٩٧ ورجع إلى زنجان
عن طريق استانبول فأقام فيها مدة يسيرة ثم ذهب إلى طهران وسكنها
وحصلت له فيها رئاسة وشهرة لا سيما في أواخر أيامه وكان يمتاز عن سائر
معاصريه بمزيد الاطلاع في العلوم المتنوعة والسياسات وكان ذا ذكاء مفرط
وقريحة وقادة كبير النفس واسع الاطلاع في الفنون المتنوعة.
له مؤلفات بعضها مطبوع منها: غاية المرام في احكام الصيام،
مقابيس الأنوار في الأصول، الذخيرة في الدراسة، احكام الحج، التقيد
في احكام التقليد، ايضاح السبل في الترجيح والتعادل، تحفة القاصد في أن
الطهارة ليست أصلا على حدة، رسالة في حكم الكتابي، رسالة في
الاجماع، رسالة في الربا وحرمته في جميع الأديان، رسالة في أواني الذهب
والفضة، رسالة الحق المصاب في حكم الخز والسنجاب، المقلة العبراء في
مقتل خامس اهل الكساء، رسالة الرد على الاخبارية، اسمها رشحة
الخاطر، رسالة في قاعدة لا ضرر، رسالة في حكم الماء القليل، كيماء
سعادة وهو ترجمة كتاب طهارة الأعراق لابن مسكويه بالفارسية، رسالة في
أصالة الطهارة، رسالة في تحليل الأمة، رسالة في حل كلام لصاحب
المعالم. وغير ذلك. ١٧٧:
القاضي أبو بكر محمد بن أبي قريعة أو ابن قريعة البغدادي.
يأتي بعنوان محمد بن عبد الرحمن. ١٧٨:
الشيخ عماد الدين محمد بن القاسم الطبري من آل رستم البيت الجليل
في الشيعة، من اهل المائة السادسة.
له كتاب الزهد والتقوى وله بشارة المصطفى يحيل فيه إلى كتاب
الزهد. ١٧٩:
محمد بن أبي نعمان.
أورد له ابن شهرآشوب في المناقب هذه الأبيات:
خليفة الله ربي ليس ينكره * الا جهول عمي ظاهر الصمم
وفاطم غير نسوان بها فطمت * أشياعها من عظيم السخط والنقم
والصفوتان حسين قبله حسن * حبل متين وعقد غير منفصم
وتسعة كملت عد الشهور بهم * على بيان من القرآن منتظم
إذا براءة تقراها تجده بها * في شرح معنى شهور الحل والحرم
وقبلها سورة الأعراف في قصص ال‍ * أنباء عن نقباء سادة بهم
كانوا لموسى نجي الله فاتفقت * اعدادهم عدة الأبراج للنجم
وفي النساء إذا ما كنت تألبها * فرض لطاعتهم من بارئ النسم
وفي الحواميم أيضا ذكر ودهم * وذكر فضلهم في نون والقلم
وأورد له قوله:
سلام على آل النبي محمد * ورحمة ربي دائما ابدا يجري
وصلى عليهم ذو الجلال معظما * وزادهم في الفضل فخرا على فخر
فهم خير خلق الله أصلا ومحتدا * وأكرمهم فرعا على الفحص والسدر كذا
وأوسعهم علما وأحسنهم هدى * واتقاهم لله في السر والجهر
وأفضلهم في الفضل في كل مفضل * وأقولهم بالحق في محكم الذكر
وأشجعهم في النازلات وفي الرغى * وأجودهم لله في العسر واليسر
أناس علوا كل المعاني بأسرها * فدقت معانيهم على كل ذي فكر
(٦٣)

١٨٠:
أبو أحمد محمد بن أحمد بن الطيب بن عبد الله بن محمد بن عمير بن علي
ابن أبي طالب ع.
في عمدة الطالب: كان سيدا جليلا وكان شيخ آل أبي طالب بمصر
واليه يرجعون في الرأي والمشورة. ١٨١:
أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن خلف المعروف بابن أبي المعتمر الرقي
نزيل دمشق.
توفي سنة ٣٣٩.
ذكره ابن حجر في لسان الميزان في أثناء ترجمة الحسن بن محمد بن
يحيى أبو محمد المقري المعروف بابن الفحام وقال: قرأ على زيد بن أبي بلال
وغيره وحدث عن النجاد وطبقته وعنه أبو القاسم الجنائي وأبو علي
الأهوازي وآخرون، ذكره الداني وقال كان زاهدا متقشفا مات سنة ٣٩٩. ١٨٢:
ذو الشرفين أبو طاهر محمد بن أحمد الرئيس بقزوين بن محمد بن أحمد بن
زيد بن عبد الله بن القاسم الأمير باليمن بن إسحاق العريضي بن
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
في عمدة الطالب: كان سلطان قزوين. ١٨٣:
أبو جعفر محمد صاحب القلنسوة ملك الديلم ابن أبي الحسين صاحب
جيش أبيه ابن الحسن الناصر الكبير بن علي العسكري بن الحسن بن علي
الأصغر بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ذكرنا في ج ٦ ص ٢٥٣ ترجمة بعنوان الداعي أبو جعفر بن أبي
الحسين احمد ابن الناصر الكبير صاحب القلنسوة ثم أعدنا هذه الترجمة في
المستدركات وذكرنا اختلاف كلماتهم في أن محمد يكنى أبا جعفر أو أبا علي
وان صاحب القلنسوة أيهما ورجحنا وجود أبي جعفر وأبي علي كليهما فليراجع
ما ذكرناه في المستدركات لتعلم حقيقة الحال وتعرف أحواله على التفصيل. ١٨٤:
الشيخ محمد حسن ابن الشيخ احمد ابن الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ
محمد حسن صاحب الجواهر.
توفي سنة ١٣٣٥ في النجف ودفن إلى جانب جده الشيخ محمد حسن
في مقبرتهم.
كان عالما فاضلا نقيا ورعا شديد الذكاء سريع الفطنة بهي الصورة
رائق الحديث له خط رائق وشعر رصين في شتى المناسبات خصوصا في
مراثي الأئمة الأطهار وله أرجوزتان الأولى في الكلام سماها جواهر الكلام
والثانية في أصول الفقه ذكر الشيخ محمد على الأوردبادي ان الشيخ محمد
حسن كان يقرأ له منهما نبذا ممتعة فترتاح بها النفس وتلتذ بها الأذن وله
كتابات خطية في الفقه والأصول على الشيخ محمد طه نجف والشيخ ملا
كاظم الخراساني والشيخ ملا رضا الهمذاني، وكان من فطاحل بحث السيد
محمد كاظم اليزدي وله إجازات عديدة تنص باجتهاده وأهليته لمجلس
الفتوى من أساتذته وغيرهم كالسيد محمد سعيد حبوبي والسيد صالح السيد
حمد كمال الدين والشيخ حسن ابن الشيخ صاحب الجواهر وغيرهم.
شعره
من شعره تخميس بيتين لأبي الحسن التهامي واستشهد بهما السلطان
مراد عند زيارته قبر أمير المؤمنين:
علي تذل الأسد في عز غابه * وتخضع املاك السما لجنابه
فزر تر في أعتابه وقبابه * تزاحم تيجان الملوك ببابه
ويكثر عند الاستلام ازدحامها
لميقاته لبت وحجت وولولت * وفي طور ناديه سعت ثم هرولت
له علم للناس أنواره انجلت * إذا ما رأته من بعيد ترجلت
وان هي لم تفعل ترجل هامها
وله تشطيرهما:
تزاحم تيجان الملوك ببابه * وتخضع في مثوى ثراه أنامها
وتستلم الأعتاب منه ذليلة * ويكثر عند الاستلام ازدحامها
إذا ما رأته من بعيد ترجلت * ونادى مناديها عليك سلامها
وقد علمت إن أذعنت جل قدرها * وإن هي لم تفعل ترجل هامها
وله راثيا الحسين ع:
وأكبدا كظها حر الظما فغدت * تغلي بقفر بحر الشمس مستعر
ما مسها بارد ساغت موارده * للجن والإنس بين الورد والصدر
كم حرة لك يا ابن المصطفى هتكت * بين المضلين من بدو ومن حضر
مذهولة من عظيم الخطب حائرة * لم تبق كف الجوى منها ولم تذر
وكم رؤس لكم فوق القنا رفعت * مثل الأهلة تتلو محكم السور
وكم رضيع لكم يا ليت تنظره * يغني محياه عن شمس وعن قمر
بالسهم منفطم بالخيل منحطم * بالسمر منتظم بالبيض منتثر
وله في الزهراء ع:
وأعظم خطب يطيش الحلوم * وكل شجى دونه هين
وقوف ابنة المصطفى بينهم * وفي القلب نار الأسى تكمن
وقد أنكروا ما ادعت جاحدين * وكل بما تدعى موقن
أساؤوا إلى احمد يوم فيه * أساؤوا إليها وما أحسنوا
أ الله أي تراث زووا * وأية بنت له أحزنوا
وتقضي فداها نفوس الورى * وتدفن بالليل إذ تدفن
وله في تقريض كتاب من الرحمن للشيخ جعفر نقدي وقد طبعت
فيه:
لي بين تلك الظعون أغيد * مهفهف القد ناعم الخد
غصن نقى فوق دعص رمل * على رهيف يكاد ينقد
نشوان من مقلتيه صاح * بالخمر من خده المورد
قام وفي الكف منه كاس * يدير منها المدام عسجد
قد رسمت وجنتاه فيه * فصارت النار منه توقد
فلو رأته المجوس يوما * خرت لوجه الصعيد سجد
تحسب ماء الشباب فيه * يموج في خده الموقد
وزورق الخال فيه أضحى * ينزل في موجه ويصعد
أغن سمح الخدود غنج * عليه تاج الجمال يعقد
يحق للقائلين فيه * إذا رأوا جعده المجعد
ملك بعرش الجمال باهى * بلقيس في عرشها المصرد
وآل على مهجة المنى * مفت بسفك الدما بلا حد
مدير كاس الجفاء وقاض * بالهجر للمبتلى وبالصد
فليت لي مهجتين أفدي * بمهجة لحظة المسدد
ومهجة في الهوى تداري * نواه والهجران يبعد
(٦٤)

أقرب من حاجبي لعيني * وان يكن بالديار أبعد
روى حديث الجمال نظما * عن ثغره الكامل المبرد
أهيف ان مر بي حلالي * أوصد فالقلب عنه ما صد
فالصبح من وجنتيه يضحى * والليل من وفرتيه يسود
يميس تيها إذا تثنى * قد جمع الحسن وهو مفرد
يجور في الحب وهو عدل * ويمطل الوعد حيث أوعد
سل لألحاظه سيوفا * فهي بقلب المحب تغمد
زار حذار الرقيب طيفا * ومد للوصل في الكرى يد
فنم جرس الحلي فيه * وساطع المسك منه والند
فيا حليف الدلال رفقا * بواله بالغرام معمد
لله من ليلة بها قد * طوح حادي الهوى وغرد
بت بها ساهرا معنى * مضنى ونجم السماء يشهد
أ كفكف الدمع من جفوني * وأعين اللائمين رقد
حتى إذا ملني حميمي * ودعه الروح بابها انسد
أتحفني جعفر المصفى * بنظم منوره المنضد
وقرط السمع في لآل * يحيى بها الميت المبدد
جعفر علم وطود حلم * فيه نشيد المديح يحمد
جد لجمع العلوم طفلا * فحاز منها الجميع عن جد
مدارك الفقه عنه يروى * حديثها مرسلا ومسند
مذهب حق صدوق نطق * عظيم خلق كريم محتد
عميم فضل كريم أصل * فريد عصر الكمال أوحد
ارق طبعا من الصبا أو * من صب به الجوى جد
وليس تحصى له المزايا * وهل لشهب السماء من عد ١٨٥:
محمد بن أحمد بن سعادة.
كان حيا سنة ٨١٩.
وجدنا له في بعض مكتبات جبل عامل القديمة رسالة ارشاد الطالبين
إلى معرفة ما تشتمل عليه الكثرة في سهو المصلين، أولها الحمد لله المتنزه عن
الأنداد والأضداد وفرع منها في ٢١ من رجب سنة ٨١٩ ويحتمل ان يكون
هذا من ذرية أحمد بن علي بن سعيد ابن سعادة البحراني شيخ النصير
الطوسي والله اعلم، ولا يمكن ان يكون ابنه لان الطبقة تنافي ذلك فالمحقق
الطوسي توفي سنة ٦٧٢. وفي آخر الرسالة المذكورة:
كان الفراع منها آخر نهار الاثنين الحادي والعشرين من رجب سنة
٨١٩ تسع عشرة وثمانمائة العبد الفقير محمد بن أحمد بن سعادة وكتب
ناسخها في آخرها: تم وكمل والحمد لله وحده بقلم العبد الفقير محمد بن
محمد بن مجير ليلة الخميس المبارك السادس من شهر المحرم على الذين
أصيبوا فيه أفضل الصلاة والسلام سنة ١٠٩٢ والرسالة في ١٤ ورقة بقطع
الثمن بخط دقيق وعليها خاتمه: الملك لله الصمد عبده محمد بن محمد. ١٨٦:
محمد بن أحمد بن داود.
توفي في ذي الحجة سنة ٣٦٨ بالبطيحة من شفتني ودفن هناك ثم نقل
إلى بغداد.
من شيوخ ابن الغضائري، ذكره الشيخ أبو عبد الله الحسيني بن
عبيد الله الغضائري فيما كتبه على رسالة الشيخ أبي غالب الزراري أحمد بن
محمد إلى ابن ابنه محمد بن عبد الله بن أحمد فإنه بعد ما ذكر أنه نفذ ما
أوصى به أبو غالب الزراري من حمله بعد موته إلى مقابر قريش ثم إلى
الغري بالكوفة واعانه على ذلك هلال بن محمد وانه لما توفي هلال بن محمد
نفذ وصيته بحمله إلى المشهدين بمقابر قريش ثم إلى الغري بالكوفة قال:
ثم توفي في هذه السنة في ذي الحجة محمد بن أحمد بن داود رضي الله عنه
بالبطيحة من شفتني ودفن هناك ثم نقل إلى بغداد وحيل بيني وبين إنفاذ
وصيته والقيام بامره رضي الله عنه وعن جميع شيوخنا وجمع بيننا في جنان
النعيم وصلى الله على عباده الذين اصطفى آه ويظهر من ذلك أنه من
شيوخ ابن الغضائري. ١٨٧:
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن ثوابة.
قال ابن النديم في الفهرست كان مترسلا بليغا وكان كتب للمعتضد
وله كتاب رسائل مدون آه وفي معجم الأدباء في ترجمة أحمد بن
محمد بن ثوابة: ولد ابن اسمه محمد بن أحمد كان أيضا مترسلا بليغا وله
كتاب رسائل. ١٨٨:
علم الدين أبو علي محمد بن أحمد بن يحيى بن علي بن الشاطر الأنباري
الأديب الكاتب.
توفي منتصف شهر ربيع الآخر سنة ٦٩٩ وحمل إلى مشهد الحسين
ع.
ذكره شيخنا تاج الدين في تاريخه، وقال من بيت معروف بالتصرف
والعلم كان ذكيا سريع الادراك متوقد الخاطر عارفا بالكتابة والحساب
والمساحة خدم في عدة أشغال جليلة وكان أديبا شاعرا ناظما ناثرا وله شعر
كثير من ذلك:
يقولون قد أنسيت ما قد حفظته * وضيعته والعلم آفته الترك
فقلت لهم يا قوم حقا زعمتهم * وقلتم ولكن آفة الترك العلم ١٨٩:
السيد محمد بن أحمد بن عميد الدين علي الحسيني النجفي النسابة.
له المشجر الكشاف في أصول السادة الاشراف فيه أنساب آل عبد
مناف ونبذة من نسب خلفاء العباسيين والأمويين ويسير من أصول الأمم
المتقدمين ولم يرتبه على أبواب فرتبه أحد العلماء على ١٥ بابا. ١٩٠:
الشيخ أبو الفضل محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليم الجعفي
الكوفي. المصري المعروف بالصابوني.
كان زيديا ثم قال بالإمامة سكن مصر يروي عنه الشيخ أبو القاسم
جعفر بن محمد بن موسى بن قولويه القمي أستاذ المفيد فهو من المائة الثالثة
وبعدها.
له الفاخر في الفقه، قال الشيخ أسد الله في المقاييس انه مختصر من
كتابه تحبير الاحكام. ١٩١:
محمد بن أحمد البيروني المكي الخوارزمي أبو الريحان.
هكذا وجدنا اسمه في نسخة مخطوطة من كتابه الآثار الباقية قديمة
جدا رأيناها في مكتبة سبهسلار بطهران، وفي روضات الجنات وصفه
بالهروي، وكذلك ذكر ان اسمه محمد بن أحمد في معجم الأدباء وكشف
الظنون وعيون الأنباء وبغية الوعاة واكتفاء القنوع ورسالة قديمة في وفيات

(١) معجم الآداب
(٦٥)

العلماء لا أعرف مؤلفها وغيرها. فما في روضات الجنات وتأليف بعض
المعاصرين من أن اسمه أحمد بن محمد اشتباه قطعا وكذا ما احتمله في
روضات الجنات من أنهما اثنان محمد بن أحمد وأحمد بن محمد مع أنه عدل
عنه أخيرا، وما في موضع من اكتفاء القنوع من أنه محمد بن محمد فهو
تحريف.
مولده ووفاته
في اكتفاء القنوع ولد بخوارزم ٣٦٢ وفي موضع منه توفي
٤٢٩ وفي موضع آخر نبغ بين ٣٦٣ إلى ٤٤٠ وفي موضع ثالث
توفي ٤٣٠ أو ٤٤٠ وفي سفينة البحار توفي حدود ٤٣٠ وفي
كشف الظنون تارة توفي بعد ٤٣٠ وأخرى سنة ٤٣٠ وفي الرسالة
المتقدم ذكرها في وفيات العلماء توفي سنة ٤٢٨ وفي عيون الأنباء توفي في
عشر الثلاثين وأربعمائة وفي معجم الأدباء مات السلطان محمود بن
سبكتكين سنة ٤٢٢ وأبو الريحان حي بغزنة وجدت كتاب تقاسيم الأقاليم
تصنيفه وخطه وقد كتبه في هذا العام ثم قال أرى أنه توفي حدود سنة ٤٣٠
عن سن عالية آه وما يوجد في النسخة المطبوعة ٤٠٣ تحريف وكانت
وفاته بغزنة كما ذكره ياقوت.
نسبته
البيروني نسبة إلى بيرون بالباء الموحدة المكسورة والمثناة التحتية
الساكنة والراء المضمومة والواو آخر والنون الحروف وهو لفظ فارسي معناه البراني
أو الخارج. في كشف الظنون بيرون بلد بالسند كما في عيون الأنباء وقال
السيوطي هي بالفارسية البراني سمي به لكونه قليل المقام بخوارزم وأهلها
يسمون الغريب بهذا الاسم آه وفي عيون الأنباء منسوب إلى بيرون
وهي مدينة في السند وكذا في الرسالة المتقدمة وفي روضات الجنات اصله
من بيرون السند وارتحل منها إلى خوارزم وفي أنساب السمعاني: هذه
النسبة إلى خارج خوارزم فان بها من يكون من خارج البلد ولا يكون من
نفسها يقال له فلان بيروني است والمشهور بهذه النسبة أبو الريحان المنجم
البيروني، وفي معجم الأدباء هذه النسبة معناها البراني لأن بيرون بالفارسية
معناه برا وسالت بعض الفضلاء عن ذلك فزعم أن مقامه بخوارزم كان
قليلا وأهل خوارزم يسمون الغريب بهذا الاسم كأنه لما طالت غربته عنهم
صار غريبا وما يراد به إلا أنه من أهل الرستاق يعني انه من برا البلد آه
اما نسبته إلى مكة فلا اعلم سببها.
أقوال العلماء فيه
كان حكيما رياضيا عالما بالنجوم طبيبا فيلسوفا جغرافيا مؤرخا أديبا
شاعرا لغويا.
وفي رسالة وفيات العلماء المتقدمة انه معارض أبي علي حسين بن
عبد الله بن حسن بن علي بن سينا وفي كشف الظنون وصفه بالعلامة وفي
عيون الأنباء هو الأستاذ أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني كان مشتغلا
بالعلوم الحكمية فاضلا في علم الهيئة والنجوم وله نظر جيد في صناعة الطب
وكان معاصرا للشيخ الرئيس وبينهما مباحثات ومراسلات وقد وجدت
للشيخ الرئيس أجوبة مسائل سأله عنها أبو الريحان البيروني وهي تحتوي على
أمور مفيدة في الحكمة وأقام أبو الريحان البيروني بخوارزم آه وقال في
ترجمة ابن سينا عند تعداد كتبه أن له عشر مسائل أجاب عنها لأبي الريحان
البيروني وجواب ست عشر مسالة لأبي الريحان وعن الصلاح الصفدي في
تاريخه الكبير وكأنه الوافي بالوفيات: كان وحيد زمانه في فنون الحكمة
والرياضي ومسلم اقرانه في صناعتي الطب والتنجيم وله إلى الشيخ الرئيس
مراسلات وأبحاث ومنه إليه أجوبة في ذلك ثم منه عليها ردود ونقود واصله
من بيرون السند وارتحل منها إلى خوارزم التي هي مما وراء النهر فأقام بها
لتحصيل المعارف والعلوم بحيث لم يكد يفارق طرفه النظر ولا قلبه الفكر
ولا يده التحرير ولا لسانه التقرير إلا في يوم النيروز والمهرجان اللذين هما
من كبار أعياد الأعاجم. وفي سفينة البحار: الحكيم الرياضي الطبيب
المنجم المعروف بل قيل إنه أشهر علماء النجوم والرياضيات من المسلمين
اصله من بيرون بلد في السند وسافر إلى بلاد الهند أربعين سنة اطلع فيها
على علوم الهنود وأقام مدة في خوارزم وأكثر اشتغاله في النجوم والرياضيات
والتاريخ وخلف مؤلفات نفيسة و كان مكبا على تحصيل العلوم متفننا في
التصنيف آه.
وفي معجم الأدباء: إنما ذكرته انا هنا أي في كتبه المعجم الموضوع
لذكر الأدباء مع أنه كان حكيما منجما رياضيا لأن الرجل كان أديبا أريبا
لغويا له تصانيف في ذلك رأيتها. وحدثني بعض اهل الفضل إن السبب في
مصيره إلى غزنة أن السلطان محمودا لما استولى على خوارزم قبض عليه وعلى
أستاذه عبد الأول بن عبد الصمد الحكيم واتهمه بالقرمطة والكفر فأذاقه
الحمام وهم ان يلحق به أبا الريحان فساعده فسحة الاجل بسبب خلصه من
القتل وقيل له انه امام وقته في علم النجوم وإن الملوك لا يستغنون عن مثله
فاخذه معه ودخل إلى بلاد الهند وأقام بينهم وتعلم لغتهم واقتبس علومهم
ثم أقام بغزنة حتى مات بها عن سن عالية وكان حسن المحاضرة طيب
العشرة خليعا في ألفاظه عفيفا في أفعاله لم يأت الزمان بمثله علما وفهما
آه.
وفي اكتفاء القنوع في قسم الرياضيات: البيروني هو أبو الريحان محمد
ابن احمد الخوارزمي اشتهر بعلوم الأوائل وتخصص بأنواع الرياضيات وجرى
بينه وبين ابن سينا مناقشات ومكاتبات لم يزل شئ منها محفوظا بمكتبة
المتحف البريطاني ثم رحل إلى الهند وتبحر في حكمة الهنود وحكمة اليونان
الأقدمين ثم جاء إلى بلاط سلاطين غزنة وبقي فيه إلى وفاته ٤٤٠
آه وفي قسم التاريخ: هو أبو الريحان محمد بن أحمد الخوارزمي
البيروني.
وفي قسم الجغرافية: هو أبو الريحان محمد بن محمد الخوارزمي
البيروني الحكيم الفيلسوف المحقق صنف في أنواع الرياضيات الكتب
الجليلة وبرع في علم الهيئة اي الفلك آه وفي الذريعة: الآثار الباقية
ألفه باسم الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير والد الأمير منوجهر سنة
٢٩٠ وبعد تأليفه اتصل بخوارزمشاه في خوارزم إلى سبع سنين مع الشيخ
أبي علي بن سينا والشيخ أبي علي بن مسكويه والحكيم أبي سهل المسيحي
وأبي نصر العراقي وأبي الخير الخمار ثم طلبه السلطان محمود سبكتكين إلى
غزنة وبها ألف القانون المسعودي في النجوم للسلطان مسعود بن محمود
المذكور آه.
وفي معجم الأدباء: ذكره محمد بن محمود النيسابوري فقال له في
(٦٦)

الرياضيات السبق الذي لم يشق المحضرون غباره ولم يلحق المضمرون
المجيدون مضماره وقد جعل الله الأقسام الأربعة له أرضا خاشعة سمك له
لواقح مزنها واهتزت به يوانع نبتها فكم مجموع له يرف على روض النجوم
ظله ويرفرف على كبد السماء طله وبلغني انه لما صنف القانون المسعودي
اجازه السلطان بحمل فيل من نقده الفضي فرده إلى الخزانة بعذر الاستغناء
عنه ورفض العادة في الاستغناء به وكان رحمه الله مع الفسحة في التعمير
وجلالة الحال في عامة الأمور مكبا على تحصيل العلوم منصبا إلى تصنيف
الكتب بفتح أبوابها ويحيط شواكلها وأقرابها ولا يكاد يفارق يده القلم وعينه
النظر وقلبه الفكر الا في يومي النيروز والمهرجان من السنة لاعداد ما تمس
إليه الحاجة في المعاش من بلغة الطعام وعلقه الرياش ثم هجيراه في سائر
الأيام من السنة علم يسفر عن وجهه قناع الاشكال ويحسر عن ذراعيه كمام
الاغلاق حدث القاضي كثير بن يعقوب البغدادي النحوي في الستور عن
الفقيه أبي الحسن علي بن عيسى الولوالجي قال دخلت على أبي الريحان وهو
يجود بنفسه قد حشرج نفسه وضاق به صدره فقال لي في تلك الحال: كيف
قلت لي يوما حساب الجدات الفاسدة فقلت له إشفاقا عليه أ في هذه الحال
قال لي يا هذا أودع الدنيا وانا عالم بهذه المسالة أ لا يكون خيرا من أن أخليها
وانا جاهل بها فأعدت ذلك عليه وحفظ وعلمني ما وعد وخرجت من عنده
فسمعت الصراخ عليه وانا في الطريق.
قال وأما نباهة قدره وجلالة خطره عند الملوك فقد بلغني من حظوته
لديهم أن شمس المعالي قابوس بن وشمكير أراد أن يستخلصه لصحبته
ويحتبسه في داره على أن تكون له الإمرة المطاعة في جميع ما يحويه ملكه
ويشتمل عليه ملكه فأبى عليه ولم يطاوعه ولما سمحت مروءته بمثل ذلك
للملوك الخوارزمشاهية أسكنه خوارزمشاه في داره وأنزله معه في قصره
ودخل خوارزمشاه يوما وهو راكب على ظهر الدابة فامر باستدعائه من
الحجرة فأبطأ قليلا فتصور الأمر على غير صورته أي ظن خوارزمشاه أن
ابطاءه أنفة من المجئ اليه وثني العنان نحوه ورام النزول فسبقه أبو
الريحان إلى البروز وناشده الله أن لا يفعل فتمثل خوارزمشاه:
العلم من أشرف الولايات * يأتيه كل الورى ولا يأتي
ثم قال لولا الرسوم الدنياوية لما استدعيتك فالعلم يعلو ولا يعلى
وكأنه سمع هذا في أخبار المعتضد فإنه كان يوما يطوف في البستان وهو آخذ
بيد ثابت بن قرة الحراني إذ جذبها دفعة وخلاها فقال ثابت ما بدا يا أمير
المؤمنين قال كانت يدي فوق يدك والعلم يعلو ولا يعلى. ولما استبقاه
السلطان الماضي لخاصة أمره وجوجاء. صدره كان يفاوضه فيما يسنح
لخاطره من أمر السماء والنجوم فيحكي أنه ورد عليه رسول من أقصى بلاد
الترك وحدث بين يديه بما شاهد فيما وراء البحار نحو القطب الجنوبي من
دور الشمس عليه ظاهرة في كل دورها فوق الأرض بحيث يبطل الليل
فتسارع على عادته في التشدد في الدين إلى نسبة الرجل إلى الالحاد والقرمطة
على براءة أولئك القوم عن هذه الآفات حتى قال أبو نصر بن مشكان أن
هذا لا يذكر ذلك عن رأي يرتئيه ولكن عن مشاهدة يحكيه وتلا قوله عز
وجل وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا فسال أبا
الريحان عنه فاخذ يصف له على وجه الاختصار ويقرره على طريق الاقناع
وكان السلطان في بعض الأوقات يحسن الاصغاء ويبذل الانصاف فقبل
ذلك وانقطع الحديث بينه وبين السلطان وقتئذ وأما ابنه السلطان مسعود
فقد كان فيه إقبال على علم النجوم ومحبة لحقائق العلوم ففاوضه يوما في هذه
المسالة وفي سبب اختلاف مقادير الليل والنهار في الأرض وأحب أن يتضح
له برهان ما لم يصح له من ذلك بعيان فقال له أبو الريحان أنت المنفرد اليوم
بامتلاك الخافقين والمستحق بالحقيقة اسم ملك الأرض فأخلق بهذه المرتبة
إيثار الاطلاع على مجاري الأمور وتصاريف أحوال الليل والنهار ومقدارها في
عامرها وغامرها وصنف له عند ذلك كتابا في اعتبار مقدار الليل والنهار
بطريق تبعد عن مواضعات المنجمين وألقابهم ويقرب تصوره من فهم من لم
يرتض بها ولم يعتدها وكان السلطان الشهيد قد مهر بالعربية فسهل وقوفه
عليه وأجل إحسانه إليه وكذلك صنف كتابه في لوازم الحركتين بامره
آه.
وقال الأستاذ قدري طوقان في نواح مجيدة من الثقافة الاسلامية:
وامتاز البيروني على معاصريه بروحه العلمي وتسامحه وإخلاصه للحقيقة كما
امتازت كتابته بطابع خاص فهو دائما يدعم أقواله وآراءه بالبراهين المادية
والحجج المنطقية. وكان ملما بعلم المثلثات وتدل كتبه على أنه يعرف قانون
تناسب الجيوب وقد عمل هو وبعض معاصريه الجداول الرياضية للجيب
والظل. واشتغل أبو الريحان بالفلك وله فيه جولات موفقات فقد أشار إلى
دوران الأرض على محورها ووضع طريقة ثابتة جديدة لقياس طول الدرجة
وألف كتابا في الفلك يعد أشهر كتاب ظهر في القرن الحادي عشر وهو
كتاب التفهيم موضح بالاشكال والرسوم وعمل البيروني تجربة في حساب
الوزن النوعي واستعمل جهازا ووجد الوزن النوعي لثمانية عشر عنصرا
ومركبا بعضها من الأحجار الكريمة. وكانت حساباته دقيقة لا تختلف عن
التي نعرفها الآن وله كتاب في خواص العناصر والجواهر وفي بعض آثاره
شرح لصعود مياه الفوارات والعيون إلى الأعلى وكيف تتجمع مياه الآبار
بالرشح من الجوانب وكيف تفور العيون وكيف يمكن أن تصعد مياهها إلى
القلاع ورؤوس المنارات وقد شرح كل هذه المسائل بوضوح تام ودقة
متناهية وفي قالب سهل لا تعقيد فيه وهو أول من استنبط علم تسطيح
الكرة ووضع أصول الرسم على سطح الكرة وقال طرقان في تراث العرب
العلمي: كان يحسن السريانية والسنسكريتية والفارسية والعبرية عدا
العربية وكان أثناء إقامته في الهند يعلم الفلسفة اليونانية ويتعلم هو بدوره
الفلسفة الهندية وقال الأستاذ عبد الحميد الدجيلي: له فوائد تاريخية في كتبه
لا ترى في غيرها ومما أفاد عن الترقيم في الهند: إن صور الحروف وأرقام
الحساب تختلف باختلاف المحلات وإن العرب أخذوا أحسن ما عند الهنود
فلقد كان لدى الهنود أشكال عديدة للأرقام فهذب العرب بعضها وكونوا
من ذلك سلسلتين عرفت إحداهما بالأرقام الهندية وهي التي تستعمل في
بلادنا وأكثر الأقطار الاسلامية وعرفت الثانية باسم الأرقام الغبارية وقد
انتشر استعمالها في بلاد المغرب والأندلس وعن طريق هذه البلاد دخلت
الغبارية إلى أوربا وعرفت عندهم بالأرقام العربية وذكر أبو الريحان المقالتين
اللتين حملهما أحد الهنود إلى بغداد في منتصف القرن الثاني للهجرة وكانت
إحداهما في الرياضيات والثانية في الفلك وبواسطة الأولى دخلت الأرقام
الهندية إلى العربية واتخذت أساسا للعدد. ودرس المستشرق الشهير

(١) أي حاجة صدره.
(٢) راجع الآثار الباقية ص ٣٥٧.
(٦٧)

ساخاو كتب أبي الريحان فخرج عنه بهذه النتيجة التي ذكرها: أن
البيروني أعظم عقلية عرفها التاريخ الاسلامي وقال أيضا أن اللذين كتبوا
عن الهند قبل البيروني تعد كتبهم كتب أطفال لم يتقنوا عملهم وقال لقد
درس أبو الريحان اللغة الهندية في مدة قصيرة لا تتسنى لأحد في عصرنا في
دراسة هذه اللغة السنسكريتية الصعبة ولم يوجد أحد من علماء المسلمين
درس لغة وثنية محضا للعلم غير أبي الريحان. ولا أريد أن أطيل الكلام
في هذه الناحية الواسعة فأبو الريحان نابغة من نوابغ العالم الاسلامي في
العصر العباسي وداهية من دواهي التفكير البشري والمتتبع لأبحاثه التي
وضعها في فنون شتى والتي ضمنها خيرة الآراء العلمية حينذاك في الفلك
والطبيعيات والفلسفة وغيرها يعده من أعظم ما أنتجت أرض خوارزم في
تلك العصور وإنك إذا تتبعت تطور هذه العلوم بعده ترى أمثال الفخر
الرازي والخواجة نصير الطوسي ومحمد بن مسعود الغزنوي وأبي الخير
الرازي وغيرهم قد تغذوا بمائدته الغذاء الكافي ولم يفتهم حتى فتات
المائدة. ولم تقتصر علومه على الرياضيات والفلك والفلسفة والنجوم بل
تناول الأدب والتاريخ وأخص بتدوين الأخبار الهندية. ومع أن البيروني
كتب أغلب كتبه بالعربية إلا أنه كان يتقن السنسكريتية فترجم عنها جملة
كتب إلى العربية كذلك كان يتقن الفارسية إتقان أديب بارع من أدباء
الفرس وعلماء لغتها القديمة حتى أصبح كتابه التفهيم الذي كتبه باللغتين
الفارسية والعربية مرجعا في اللغة الفارسية وأساليب البيان لعلماء الفرس
وأدبائهم في العصر الحاضر. ويمتاز البيروني بكتبه العلمية بالاهتمام
بالرسوم التخطيطية وهذه الأشكال ليوضح للقارئ ما يريد في كتابه بطريقة عملية
تخطيطية وهذه قابلية أخرى فنية والرجل كان عمليا مجربا لا يقتصر على
النظريات وقراءة الكتب فإذا مر ببحث مثلا في الطول أو العرض لا يتركك
حتى يقول لقد أخذت طول مدينة جرجان مثلا في الوقت الفلاني وما إلى
ذلك وهو في هذا واضح جدا في كتابه تحديد نهايات الأماكن لتصحيح
مسافات المساكن فهو إذن لم يقعد في بيته ليسطر لك هذه النظريات
العويصة من دون خبرة وتطبيق وقد علمنا أنه ساح في الهند أربعين سنة
فكتب كتبه عنهم على رغم ما كان يتشكى منه من طوارئ الحوادث
الاجتماعية والحربية التي كانت تمنعه أحيانا من تتمة تجاربه فيعيد الكرة مرة
بعد مرة حتى يظفر بغايته.
وقال الأستاذ الدجيلي أيضا:
لعلك تندهش حينما أحدثك بناحية من نواحي أبي الريحان تلك هي
الناحية الأدبية فأبو الريحان معروف بعلمه ونضجه الفلسفي وباطلاعه
التاريخي وبطبه وصيدلته وبأصطرلابه وهندسته أما ناحيته الأدبية فهي بعيدة
عن الباحثين والمترجمين له عدا القليل ممن تنبه لذلك كياقوت والسيوطي في
بغية الوعاة. هذان هما اللذان سجلا هذه الناحية الأدبية وسجلا شيئا من
شعره. حقا أن أبا الريحان أديب ناضج الأدب لغوي بارع الاطلاع على
اللغة وفهم دقائق استعمالها وشاعر وكاتب له في الأسلوب طريقته الأدبية
ويظهر أسلوبه الأدبي جيدا في ثلاثة كتب له ١ ما للهند من مقولة ٢
الجماهر ٣ تحديد نهايات الأماكن فكتابه الأول يظهره أديبا دقيق التعبير
كثير الارتباط في جمله الكلامية جيد التنسيق فإذا حدثك فكأنه ابن المقفع في
حبك الكلام وتناسق التعبير فلا تستطيع أن تستغني عن كل جملة من جمله
وكلامه يتسلسل تسلسل المنطقي في مقدماته ونتائجه حتى تحتاج أن تقرأ ما
بين السطور وما يحوم عليها من مفاهيم دقيقة وهو يظهر في أسلوبه
بشخصية قوية مهذبة متمركزة ذات أناقة في البيان وهو أديب متجدد من
أدباء العصر العباسي يدخل الكلمة الجديدة والتعبير المبتكر ويتساهل في
تعابير الأعداد وعنعنة الجاهلية في ذلك فكأنه يومي إليك بأنه جدير بذلك
أي أديبا خاصا منفردا كالجاحظ من الأدباء المتجددين ومن الذين لا يريدون
أن تحول دونهم ودون ثقافتهم العالية أرستقراطية الألفاظ الجاهلية وتراكيب
الشنفري وامرئ القيس. وهو في كتابه الجماهر لغوي واسع الاطلاع على
اللغة ومجازاتها وتطورها ومدى بلاغتها وهو أديب بديع الأسلوب ممتنع
التناول عليم بطرق الاستشهاد بالقرآن والأمثال العربية ولعلك إذا قرأت
الجماهير تتعجب ثم تتساءل أ هذا هو صاحب كتاب التفهيم في أوائل
التنجيم وهذا هو صاحب باتنجل والصيدلة والقانون المسعودي.
وقال الدكتور عبد الرحمن زكي:
علامة فذ، أسهم في شتى ألوان المعرفة، فهو رياضي وجغرافي
وفلكي، عملاق في كل تلك الميادين، وعبقري بمعنى الكلمة، نجم متألق
في سماء الحضارة الاسلامية.
وهو أول عالم في العصور الوسطى ٩٧٣ ١٠٤٨ تتبع عثرات
القدماء بنظر صحيح، فأزالها بالرصد القويم، والمشاهد الصحيحة،
وأسس تقويم البلدان على قواعد علمية راسخة. فان التراث الذي وصله
ممن سبقوه كان مختلطا بعض الشئ بالشكوك والاختلافات، تحيط بها
التخمينات. وأما التراث الذي خلفه هو لمن بعده فقد كان خاليا من الشك
والاختلاف والتخمين! وقد استخدم في جميع أبحاثه النظر العقلي الصريح
والاستدلال النقي، وتلك هي الميزة الحقيقية التي امتاز بها البيروني في
أعماله العلمية.
ونرى البيروني صريحا في مقدمته في القانون التي يقول فيها: ولم
أسلك فيه مسلك من تقدمني من الأفاضل، وإنما فعلت ما هو واجب على
كل انسان أن يعمله من تقبل اجتهاد من تقدمه بالمنة، وتصحيح خلل أن
عثر عليه بلا حشمة، وخاصة فيما يمنع إدراك صميم الحقيقة فيه من مقادير
الحركات وتخليد ما يلوح له فيها تذكرة لمن تأخر عنه بالزمان وأتى بعده،
فقرنت بكل عمل في كل باب من علله، وذكر ما توليت من عمله.
سافر إلى الهند وتعلم لغاتها، وشاهد وحقق، ثم دون كتابه الكبير
تاريخ الهند بعد ما ألف سفره العظيم كتاب الآثار الباقية عن القرون
الخالية ١٠٠٠ م.
ولم يقصر مؤلفاته على هذين الكتابين النادرين، بل أضاف إليهما
ثروة علمية أخرى فألف رسالة في علم الفلك عنوانها: القانون المسعودي
في الهيئة والنجوم، وله كتاب في الصيدلة، ترجمه في الهند إلى الفارسية أبو
بكر بن عثمان الأصفر وكان ذلك عام ١٢١١ م ثم صنف كتابه الجماهير
في معرفة الجواهر وأهداه إلى الملك المعظم أبي الفتح مودود المتوفى عام
١٠٤٨ م.

(١) راجع مقدمة سخو لكتاب ما للهند من مقولة.
(٢) راجع نفس المصدر.
(٣) راجع تحديد نهايات الأماكن طبع الهند.
(٦٨)

تشيعه
ذكر في كتابه الآثار الباقية: حديث الغدير وفيه دلالة على تشيعه
ويدل عليه أيضا تعبيره عن أمير المؤمنين وعن الإمام الصادق ع
كما يأتي لكن الظاهر أنه لم يكن اثنا عشريا ويقال أنه كان إسماعيليا وربما
دل كلامه الآتي في الآثار الباقية على أنه كان زيديا قال فيه عند بيان عدة
شعبان ورمضان والأحاديث الواقعة في الصوم والفطر ما لفظه: مع ما في
كتب الشيعة الزيدية حرس الله جماعتهم من الآثار التي صححها أصحابهم
رضوان الله عليهم مثل ما روي أن الناس صاموا على عهد أمير المؤمنين عليه
السلام ثمانية وعشرين يوما فامرهم بقضاء يوم واحد فقضوه إلى أن قال
وكمثل ما روي عن أبي عبد الله الصادق ع أنه قال يصيب شهر
رمضان ما يصيب سائر الشهور من الزيادة والنقصان وذكر أخبارا اخر ثم
قال وهذه الأخبار كلها في كتب الشيعة مقصورة على الصوم والعجب من
سادتنا عترة الرسول ع أنهم صاروا يصغون إلى ذلك
ويقبلونه تأليفا لقلوب جمهور المتوسمين بتشيعهم ولا يقتفون أثر جدهم أمير
المؤمنين في إعراضه عن استمالة الضالين المعاندين بقوله ما كنت متخذ
المضلين عضدا فاما ما روي عن الصادق الخ.
مؤلفاته
في اكتفاء القنوع: له الكتب الجليلة في الرياضيات والهيئة ومصنفات
كثيرة متقنة آه وقال ياقوت بعد ما ذكر بعض مصنفاته وأما سائر كتبه في
علم النجوم والهيئة والمنطق فإنها تفوق الحصر رأيت فهرستها في وقف
الجامع بمرو في نحو الستين ورقة بخط مكتنز آه وعن غيره أن تصانيفه
حمل بعير.
١ الآثار الباقية عن الأمم الخالية طبع في ليبسك سنة ١٨٧٦ م ثم
أعيد طبعه سنة ١٩٢٢ م في كشف الظنون وهو كتاب مفيد ألفه لشمس
المعالي قابوس وبين فيه التواريخ التي تستعملها الأمم والاختلاف في
الأصول التي هي مباديها وفي اكتفاء القنوع أنه في النجوم والتاريخ، وفي
الذريعة شرحه بالفارسية وزير العلوم في العهد الناصري علي قلي ميرزا.
أقول منه نسخة مخطوطة في مكتبة سبهسالار في طهران رأيناها سنة
١٣٥٣ في طريقنا إلى المشهد المقدس.
قال في أوله: الحمد لله المتعالي عن الأضداد والأشباه والصلاة على
محمد المصطفى خير الخلق وعلى آله أئمة الهدى والحق الخ وكتب عليه أنه
صنفه باسم مولانا الأمير السيد الجليل المنصور ولي النعم شمس المعالي
آه وهو كتاب عجيب في بابه بحث فيه عن الأيام والشهور والتواريخ
وغيرها وفي النسخة التي رأيناها صور وأشكال للآدميين عملت باليد بألوان
مختلفة صفراء وبيضاء وسوداء وزرقاء وحمراء وبنفسجية واللون الأصفر
ذهبي ومائل إلى الحمرة والأزرق بلونين وفيها صور أشخاص راكبين على
دواب مختلفة غاية في الاتقان وبداعة الصنع وصورة طبيب يعالج ملقاة على
الفراش وقد أخذ نبضها وحوله جماعة وصورة ملك حوله وزراؤه وعلى
ركبتيه سيف وغير ذلك والنسخة بخط محمد مؤمن الجربادقاني تاريخ كتابتها
سنة ١٠٧٥ وله أيضا كما على ظهر النسخة ٢ الاستشهاد بأخلاق الأرصاد
وذكره في كشف الظنون وقال أنه ذكره في الآثار الباقية وقال أن أهل الرصد
عجزوا عن ضبط أجزاء الدائرة العظمى باجزاء الدائرة الصغرى فوضع
هذا التاليف لاثبات هذا المدعي ٣ تجريد الشعاعات والأنوار، في كشف
الظنون ألفه لشمس المعالي ٤ الشموس الشافية للنفوس ٥ أخبار
المبيضة والقرامطة ٦ كتاب في الجواهر وفي عيون الأنباء اسمه الجماهر في
الجواهر ألفه للملك المعظم شهاب الدولة أبي الفتح مودود بن مسعود بن
محمود ٧ كتاب الأرقام ٨ التنبيه على صناعة التمويه ٩ العجائب
الطبيعية والغرائب الصناعية في العزائم والطلسمات والنيرنجات ذكره في
كشف الظنون وقال تكلم فيه على العزائم والنارنجيات كذا
والطلسمات بما يغرس به اليقين في قلوب العارفين ويزيل الشبهة عن
المرتابين انتهى المذكور على ظهر النسخة ١٠ كتاب التفهيم في التنجيم
أو التفهيم إلى صناعة التنجيم بالعربية والفارسية ولعلهما كتابان ١١
القانون المسعودي ألفه للسلطان مسعود بن محمود الغزنوي سنة ٤٢١ هكذا
وجدته في مسوداتي ولا أعلم الآن من أين نقلته وفي معجم الأدباء عن
محمد محمود النيسابوري أنه قال وكتابه المترجم بالقانون المسعودي يعفي على
أثر كل كتاب صنف في تنجيم أو حساب.
وفي اكتفاء القنوع: القانون المسعودي في الهيئة والنجوم والجغرافية
ألفه للسلطان الغزنوي الرابع مسعود بن محمود بن سبكتكين سنة ٤٢١
طبع في لايبسك ١٨٧٨ باعتناء الألماني ساخاو وترجم المذكور هذا
القانون إلى اللغة الإنكليزية وطبع الترجمة ١٨٧٩ في لندن بعنوان
خرونولوجيا الأمم القديمة والقانون هذا مصنف كبير فيه هيئة وجغرافية
وتاريخ وكثيرا ما استعان به إسماعيل أبو الفدا في جغرافيته التي سماها
تقويم البلدان آه ١٢ الارشاد في أحكام النجوم ١٣ كتاب
الصيدلة في الطب ١٤ مقاليد الهيئة ١٥ كتاب استخراج الأوتار في
الدائرة بخواص الخط المنحني الواقع فيها ١٦ كتاب نفيس في وصف بلاد
الهند، في اكتفاء القنوع فيه كثير من المعلومات الهندسية والفلكية المتعلقة
بالجغرافية الرياضية اعتنى بطبعه ساخاو الألماني في لوندرة ١٨٨٨ وكأنه
هو المذكور في روضات الجنات باسم تاريخ الهند في مجلدات ١٧ كتاب
تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن ١٨ كتاب التعلل بإحالة
الوهم في معاني نظم أولي الفهم ١٩ تاريخ الأمم الشرقية وفيه ذكر تواريخ
السنين، في اكتفاء القنوع اعتنى بطبعه ساخاو الألماني في مدينة ليبسك
١٨٧٨ ٢٠ مقاليد الهيئة ٢١ العمل بالأسطرلاب ٢٢ كتاب
الاستيعاب في الأسطرلاب كبير كثير الفوائد ٢٣ مقالة في استعمال
الأسطرلاب الكسري ٢٤ كتاب الاظلال أو إفراد المقال ٢٥ تمهيد
المستقر ٢٦ رسالة أشكال الهندسة ٢٧ رسالة في الأحجار والجواهر
٢٨ رسالة في تهذيب الأقوال ٢٩ مقالة في تلافي عوارض الزلزلة ٣٠
كتاب لوازم الحركتين. في معجم الأدباء عن محمد بن محمود النيسابوري
أنه ألفه بامر السلطان الشهيد وأراد به مسعود الغزنوي قال النيسابوري أنه
كتاب جليل لا مزيد عليه مقتبس أكثر كلماته عن آيات من كتاب الله عز
وجل ٢٧ الدستور، في المعجم عن النيسابوري ألفه باسم شهاب الدولة
أبي الفتح مودود ابن السلطان الشهيد مستوف أحاسن المحاسن ٣١
تقاسيم الأقاليم ذكره ياقوت في معجم الأدباء وقال وجدته بخطه وقد كتبه
سنة ٤٠٢ ٣٢ شرح شعر أبي تمام قال ياقوت رأيته بخطه لم يتمه ٣٣
تاريخ السلطان محمود وأبيه ٣٤ المسامرة في أخبار خوارزم ٣٥ مختار
الأشعار والآثار ٣٦ كتاب سر السرور ٣٧ تسطيح الكرة ٣٨ الزيج
المسعودي ألفه باسم السلطان مسعود بن محمود الغزنوي ٣٩ دلائل
(٦٩)

القبلة ٤١ اختصار كتاب بطليموس التلوذي كذا ٤٢ كتاب الأطوال
للفرس.
شعره
قال ياقوت: كان يقول شعرا إن لم يكن في الطبقة العليا فإنه من
مثله حسن، منه في ذكر صحبة الملوك ويمدح أبا الفتح البستي من كتاب سر
السرور:
مضى أكثر الأيام في ظل نعمة * على رتب فيها علوت كراسيا
فال عراق قد غذوني بدرهم * ومنصور منهم قد تولى غراسيا
وشمس المعالي كان يرتاد خدمتي * على نفرة مني وقد كان قاسيا
وأولاد مأمون ومنهم عليهم * تبدي بصنع صار للحال آسيا
وآخرهم مأمون رفه حالتي * ونوه باسمي ثم رأس راسيا
ولم ينقبض محمود علي بنعمة * فأغنى واقني مغضبا عن مكاسيا
عفا عن جهالاتي وأبدى تكرما * وطري بجاه رونقي ولباسيا
عفاء على دنياي بعد فراقهم * ووا حزني إن لم أزر قبل آسيا
ولما مضوا واعتضت منهم عصابة * دعوا بالتناسي فاغتنمت التناسيا
وخلفت في غزنين لحما كمضغة * على وضم للطير للعلم ناسيا
فأبدلت أقواما وليسوا كمثلكم * معاذ إلهي أن يكونوا سواسيا
بجهد شأوت الجالبين أئمة * فما اقتبسوا في العلم مثل اقتباسيا
فما بركوا للبحث عند معالم * ولا احتبسوا في عقدة كاحتباسيا
فسائل بمقداري هنودا بمشرق * وبالغرب من قد قاس قدر عماسيا
فلم يثنهم عن جهد شكري نفاسة * بل اعترفوا طرا وعافوا انتكاسيا
أبو الفتح في دنياي مالك ربقتي * فهات بذكراه الحميدة كاسيا
فلا زال للدنيا وللدين عامرا * ولا زال فيها للغواة مواسيا
قال ومن أقوم شعره قوله لشاعر اجتداه:
يا شاعرا جاءني... على الأدب * وافى ليمدحني والذم من أربي
وجدته... في لحيتي سفها * كلا فلحيته عثنونها ذنبي
وذاكرا في قوافي شعره حسبي * ولست والله حقا عارفا نسبي
إذ لست أعرف جدي حق معرفة * وكيف أعرف جدي إذ جهلت أبي
أبي أبو لهب شيخ بلا أدب * نعم ووالدتي حمالة الحطب
المدح والذم عندي يا أبا حسن * سيان مثل استواء الجد واللعب
فاعفني عنهما لا تشتغل بهما * بالله لا توقعن... في تعب
وله:
ومن حام حول المجد غير مجاهد * ثوى طاعما للمكرمات وكاسيا
وبات قرير العين في ظل راحة * ولكنه عن حلة المجد عاريا
وله في التجنيس:
فلا يغررك مني لبن مس * تراه في دروس واقتباس
فاني أسرع الثقلين طرا * إلى خوض الردى في وقت بأس
ومنه:
تنغص بالتباعد طيب عيشي * فلا شئ أمر من الفراق
كتابك إذ هو الفرج المرجى * أطب لما ألم من ألف راقي
وله:
أتأذنون لصب في زيارتكم * إن كان مجلسكم خلوا من الناس
فأنتم الناس لا أبغي بكم بدلا * وأنتم الرأس والإنسان بالرأس
وكدكم لمعال تنهضون بها * وغيركم طاعم مسترجع كاسي
فليس يعرف من أيام عيشته * سوى البلهي با... قام أو كاس
لدى المكائد أن راجت مكائده * ينسى الاله وليس الله بالناسي ١٩٢:
السيد محمد بن عبد الصمد بن أحمد الشهشهاني الأصفهاني المدرس
بأصفهان المعمر المصنف.
توفي سنة ١٢٨٧.
له رضوان الآمل حاشية على القوانين في مجلدين طبع بعضها في
حواشي القوانين. ١٩٣:
أبو المجد محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله نقيب
حلب ابن جعفر بن زيد أبي تراب بن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد
من آل زهرة.
قال ضامن: كان عالما فاضلا كاملا نقل عن عبد الله الضرير وأجازه
الوادياشي وغيره وسمع الحديث من الجمال بن الشهاب محمود وكان له
اطلاع على التواريخ والسير وله يد في الشعر والنثر وكان رئيسا مهيبا ذا عفة
وصيانة ولطف وديانة مسموع الكلمة باذل الجهد في قضاء حوائج المسلمين
من غير تردد تولى منصب نقابة السادة الاشراف في أيام سيف الدولة ابن
حمدان وكانت وفاته في رجب سنة ٨٠٣. ١٩٤:
محمد بن أحمد الوزيري ابن محمد الوزيري
توفي يوم الجمعة ٥ جمادى الثانية سنة ٤٣٣ وفي كشف الظنون سنة
٤٢٣ ولا يخفى وجه الاشتباه على الخبير. من أعلام أئمة اللغة والنحو
سكن مصر وتولى ديوان الانشاء.
وفي فهرست منتجب الدين بن بويه: عدل ثقة صالح، وفي كتاب
الشيعة وفنون الاسلام في موضعين محمد بن أحمد الوزير بن محمد الوزير أبو
سعد العميدي قال ياقوت صنف تنقيح البلاغة مات ٤٣٣ وذكره منتجب
الدين في فهرسته وفي كشف الظنون أنه المتوفى ٢٣ ذكره عند ذكر تنقيح
البلاغة والأصح في وفاته ٤٢٣ آه ملخص ما في الموضعين أقول
الذي في كشف الظنون تنقيح البلاغة لمحمد بن أحمد العمري المتوفى ٤٢٣
والذي في معجم الأدباء محمد بن أحمد بن محمد أبو سعد العميدي أديب
نحوي لغوي مصنف سكن مصر قال أبو إسحاق الحبال أبو سعيد العميدي
له أدبيات مات يوم الجمعة لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة ٤٣٣ وكان
العميدي يتولى ديوان الترتيب وعزل عنه كما ذكره الروذبادي في أيام الظاهر
ووليه ابن معشر ثم تولى ديوان الانشاء بمصر في أيام المستنصر استخدم فيه
عوضا من ولي الدولة ابن خيران الكاتب في صفر سنة ٤٣٢ وتولى الديوان
بعده أبو الفرج الدهلي في جمادى الآخرة من سنة ٤٣٦ وله تصانيف في
الأدب منها تنقيح البلاغة في عشر مجلدات رأيته في دمشق في خزانة الملك
المعظم خلد الله دولته وعليه خطه وقد قرئ عليه في شعبان سنة ٤٣١،
الارشاد إلى حل المنظوم، والهداية إلى نظم المنثور، انتزاعات القرآن،
العروض، القوافي كبير. قال علي بن مشرق: أنشدنا أبو الحسين محمد بن
(٧٠)

محمود بن الدليل الصواف بمصر قال أنشدنا أبو سعد محمد بن أحمد
العميدي لنفسه:
إذا ما ضاق صدري لم أجد لي * مقر عبادة الا القرافه
لئن لم يرحم المولى اجتهادي * وقلة ناصري لم الق رافه
آه معجم الأدباء والذي نظنه ان المذكور في فهرست منتجب
الدين غير هذا أولا لاقتصاره على عدل ثقة صالح والذي ذكره ياقوت لا
يقال في حقه هذه العبارة بل يقال في حقه أمثال ما ذكره ياقوت والذي له
كل هذه الحالات والصفات التي ذكرها ياقوت لا يقال في حقه ما ذكره
منتجب الدين بل يذكر في حقه بعض ما ذكره ياقوت على الأقل، ثانيا لقبه
منتجب الدين بهاء الدين ولم يكنه وكناه ياقوت أبو سعد ولم يلقبه، ثالثا
وصفه ياقوت بالعميدي ومنتجب الدين بالوزيري اما الذي في كشف
الظنون فهو متحد مع الذي في معجم الأدباء ولفظ العمري في كشف
الظنون تصحيف العميدي أو بالعكس وتاريخ الوفاة الذي في كشف
الظنون سنة ٤٢٣ غلط والصواب ٤٣٣ لتصريح ياقوت بأنه عين سنة ٤٣٢
وأن تنقيح البلاغة قرئ عليه سنة ٤٣١ والعجب مع هذا من صاحب
الكتاب قوله والأصح في وفاته ٤٢٣ والحاصل ان صاحب الكتاب قد خلط
بين رجلين لا منسابة بينهما فجعلهما واحدا. ١٩٥:
المولى محمد سديد ابن المولى احمد الشعيبي التنهجاني الجيلاني.
من تلامذة المجلسي وجدت بخطه نسخة من الفقيه وفي آخرها تمت
المشيخة في يوم الخميس من شهر صفر سنة ١٠٧٣ على يد أحقر الطلاب
محمد سديد ابن المولى احمد الشعبي التنهجاني الجيلاني عفي عنهما آه
ووجدت حاشية بخط المجلسي على هامش النسخة المذكورة من الفقيه
صورتها أنهاه المولى الفاضل الكامل الرشيد المولى محمد سديد أيده الله تعالى
سماعا وتدقيقا وضبطا في مجالس آخرها في شهر ربيع الثاني سنة ١٠٧٢
وأجزت له دام تأييده ان يروي عني ما سمعه مني بأسانيدي المتصلة إلى
الأئمة الطاهرة س نمقه بيمناه الداثرة أحقر عباد الله محمد باقر
ابن تقي عفي عنهما بالنبي وآله آه ولم يذكره المحدث النوري في الفيض
القدسي في أحوال المجلسي. ١٩٦:
السيد محمد بن أحمد بن أبي المعالي بن أبي القاسم العلوي الموسوي.
توفي في شهر رمضان سنة ٧٦٩.
يروي عنه بالإجازة الشهيد الأول اجازه ٢٤ شعبان سنة ٧٥١. ١٩٧:
الشيخ محمد بن أحمد بن إبراهيم البحراني أخو الشيخ صاحب يوسف
الحدائق.
عالم فاضل كامل محدث ورع له ١ مرآة الاخبار في احكام الاسفار
٢ رسالة في أصول الدين ٣ رسالة في الصلاة ٤ كتاب في وفاة
أمير المؤمنين ع وله مراث في الحسين ع وهو والد الشيخ حسين آل
عصفور وأبو الشيخ احمد كلاهما يرويان عن الشيخ حسين الماحوزي. ١٩٨:
المفيد أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري.
هو جد الشيخ أبو الفتوح الرازي المفسر الحسين بن علي بن محمد بن أحمد.
له كتاب روضة الزهراء وكتاب الأربعين عن الأربعين في فضائل علي
أمير المؤمنين وجدنا منه نسخة في طهران في مكتبة الشيخ فضل الله وفي آخر
الجزء بعون الله تعالى وحسن توفيقه في غرة رجب الأصم سنة ٨٦١ وكتب
العبد الفقير إلى الله سبحانه محمد بن علي بن حسن بن محمد بن صالح
الجباعي حامدا الله سبحانه ومصليا ومسلما ومستغفرا. وهو جد الشيخ
البهائي وفي آخره أيضا النسخة المكتوب منها هذه النسخة مقابلة بخط
الشيخ شمس الدين محمد بن مكي رحمه الله وكتب في آخرها بخطه عرض
على اصله وكتب أيضا رحمه الله نقل من نسخة كتبت بمراغة سنة ٥٣٤
انتهى وهذا الكتاب هو الذي عرض على الشيخ منتجب الدين بن
بابويه صاحب الفهرست فعمل كتابه من الأربعين عن الأربعين.
وفي أول الكتاب ما صورته: حدثني الشيخ الفقيه العالم شجاع
الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن العياشي البهيقي وفقه الله
للخيرات إملاء بمدينة مراغة في ثالث عشرين صفر من شهور سنة أربع
وثلاثين وخمسمائة قال حدثنا السيد الرئيس العالم الزاهد صفي الدين
المرتضى بن الداعي بن القاسم الحسيني الرازي رحمه الله قال حدثنا الشيخ
المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري رحمه الله قال حدثني مصنف الكتاب
الخزاعي رحمه الله يقول اما بعد فان الشريف السيد أبا الفضل هادي بن
الحسين بن مهدي العلوي الحسيني أدام الله في العلوم رغبته سألني ان
اخرج له طرفا من الأحاديث في فضائل علي أمير المؤمنين ص
فأجبته إلى ملتمسه وأخرجت له أربعين حديثا عن أربعين رجلا من شيوخي
فسميته بكتاب الأربعين في فضائل علي أمير المؤمنين ص ثم
شرع في ذكر الأحاديث بأسانيدها وهي أربعون حديثا ثم ختمها بهذا
الحديث: أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمد الخطيب بقراءتي عليه بهمذان
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الصلت ببغداد حدثني أحمد يعني ابن عقدة حدثنا
كثير بن محمد الخزامي حدثنا إسماعيل بن موسى حدثنا عمر بن سعد
البصري حدثنا سلام مولى زيد بن علي ع قال كان زيد بن علي
جالسا بالقرب من قوم من قريش وكأنهم قدموا قوما على علي ع فقال لي
زيد قد سمعت كلامهم وكرهت ان جاوبهم ولكني قد قلت أبياتا فاذهب بها
إليهم وكتب معي رقعة فيها مكتوب:
ومن فضل الأقوام يوما برأيه * فان عليا فضلته المناقب
وقول رسول الله والقول قوله * وان رغمت منه الأنوف الكواذب
بأنك مني يا علي معالنا * كهارون من موسى اخ لي وصاحب
دعاه ببدر فاستجاب لامره * فبادر في ذات الاله يضارب
فما زال يعلوهم به وكأنه * شهاب تلقاه القوابس ثاقب ١٩٩:
الشيخ محمد ويقال محمد طاهر ابن الشيخ أحمد صاحب آيات الاحكام ابن
إسماعيل ابن الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري النجفي.
عالم عامل فاضل فقيه جليل يروي إجازة عن أبيه وشرح رسالته في
الصلاة المسماة بالشافية وشرح أيضا آيات الاحكام لوالده وهو أول من
بيض المحصول في حياة مصنفه.
وفي ذيل إجازة السيد عبد الله ابن السيد نور الدين ابن السيد نعمة
الله الجزائري الكبيرة: عالم مدقق كثير الذكاء والبحث يروي عن أبيه وغيره
وعن علماء المشهد رأيته هناك وجرت معه مباحثات تدل على فضله وغزارة
مادته سلمه الله آه وفي اللآلي الثمينة والدراري الرزينة: الشيخ
محمد بن العلامة الفهامة ذي الفضائل الجمة الشيخ احمد الجزائري كان
فقيها محدثا من المعاصرين المجيزين.
(٧١)

٢٠٠:
السيد محمد بن أحمد بن حيدر بن إبراهيم الحسني الحسيني الكاظمي.
توفي سنة ١٣١٥ ودفن في الحسينية التي بناها في الكاظمية في المكان
الذي عينه لنفسه ولأرحامه.
عالم فاضل كامل خبير بالحديث والرجال والتواريخ حسن المحاضرة
عالي الهمة شهم غيور: قرأ على الشيخ مرتضى الأنصاري في الفقه
والأصول ونظم الأصول وشرح في كتاب الحديث. وهو الذي بنى الحسينية
التي في الكاظمية. وكان له يد في الوعظ كان يعظ الناس في ليالي شهر
رمضان ويحضر منبره الناس وينتفعون من وعظه ويؤم الجماعة في الحسينية
المذكورة. رأيته غير مرة في الكاظمية وهو شيخ كبير، مات عقيما. ٢٠١:
أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا ابن
إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم
السلام المعروف بأبي الحسن بن طباطبا الحسني العلوي.
ولد بأصبهان وتوفي بها سنة ٣٢٢.
أقوال العلماء فيه
كان سيدا جليلا فاضلا شاعرا مجيدا متصرفا في فنون الشعر. في
معجم الأدباء: شاعر مفلق وعالم محقق شائع الشعر نبيه الذكر مولده
بأصبهان وبها مات وله عقب كثير بأصبهان فيهم علماء وأدباء ونقباء ومشاهير
وكان مذكورا بالذكاء والفطنة وصفاء القريحة وصحة الذهن وجودة المقاصد
معروف بذلك مشهور به. وذكره في معاهد التنصيص بمثل ذلك وكأنه نقله
منه. ورأيت في مسودة الكتاب ولا أعلم الآن من أين نقلته ما صورته:
أبو الحسن محمد بن أحمد بن طباطبا الحسني
كان شاعرا أديبا من ذرية أبي هاشم محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد
الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فاما أن يكون غير المترجم
واما ان يكون وقع خلل في ذكر نسبته في أحد الموضعين. وذكره ابن
خلكان في أثناء ترجمة أبي القاسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم
طباطبا فقال بعد ذكر بيتين نسبهما لابي القاسم: ثم وجدت هذين البيتين
في ديوان أبي الحسن بن طباطبا ولا أدري من هذا أبو الحسن ولا وجه النسبة
بينه وبين أبي القاسم المذكور آه ومما مر يعلم من هو أبو الحسن هذا
ويعلم وجه النسبة بينه وبين أبي القاسم وانه من أبناء عمه مساو له في تعدد
النسب. وفي رياض العلماء في باب الكنى: أبو الحسن بن طباطبا العلوي
الشاعر كان من أكابر قدماء علماء الشيعة وشعرائهم قال ابن خلكان انما
سمي طباطبا لأنه كان ألثغ إلى آخر ما مر في أحمد بن محمد بن إسماعيل ثم
قال وتوفي سنة ٣٤٥ وعمره ٦٤ سنة آه ثم قال صاحب الرياض
طباطبا لقب لوالده بل لجده اما تاريخ الوفاة فله، ثم قال: أبو الحسن بن
طباطبا العلوي كان شاعرا وقد ينقل الشيخ أبو الفتوح الرازي بعض
أشعاره في ذم الخمر في كتاب شرح الشهاب ولم أعلم عصره بخصوصه بل
ولا اسمه ومذهبه آه أقول صاحب الرياض: كان يعلق أشياء في
مسودة كتابه حسبما يراها قبل تمحيصها وبقيت كذلك في المسودة ولذلك قد
يقع فيها تناقض وخلل كما وقع هنا: أولا ان ابن خلكان لم يجعل
طباطبا لقبا لأبي الحسن بل جعله لإبراهيم كما هو الصواب ثانيا جزمه
بان تاريخ الوفاة لأبي الحسن سهو بل هو في كتاب ابن خلكان تاريخ لوفاة
أحمد بن محمد بن إسماعيل كما مر هناك وأما أبو الحسن فتوفي سنة ٣٢٢ كما
مر هنا والذي أوقعه في الاشتباه ان ابن خلكان ذكر أبا الحسن في أثناء ترجمة
أحمد بن محمد ثم ذكر تاريخ وفاة احمد فظن أنه تاريخ لوفاة أبي الحسن
ثالثا أنه ذكر أولا: الحسن بن طباطبا العلوي الشاعر وجزم ان تاريخ
الوفاة المنقول عن ابن خلكان له ثم ذكر أبو الحسن بن طباطبا العلوي وقال كان شاعرا ولم أعلم عصره بخصوصه ولا اسمه ولا
مذهبه مع أنه هو المذكور أولا بعينه الذي قال أنه من قدماء علماء الشيعة
وشعرائهم وهذا يدل على ما قلناه بأنه كان يعلق أشياء في المسودة قبل
تمحيصها.
وفي معجم الشعراء للمرزباني: شيخ من شيوخ الأدب وله كتب
ألفها في الأشعار والآداب وكان ينزل أصبهان وهو قريب الموت وأكثر شعره
في الغزل والآداب آه وفي فهرست ابن النديم: ابن طباطبا العلوي له
في الشعر والشعراء وله من الكتب: كتاب سنام المعالي. كتاب عيار
الشعر. كتاب الشعر والشعراء. ديوان شعره.
اخباره
في معجم الأدباء: ذكر أبو عبد الله حمزة بن الحسن الأصبهاني قال
سمعت جماعة من رواة الاشعار ببغداد يتحدثون عن عبد الله بن المعتز أنه
كان لهجا بذكر أبي الحسن مقدما له على سائر اهله ويقول ما اشتبهه في
أوصافه إلا محمد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك إلا أن أبا الحسن أكثر
شعرا من المسلمي وليس في ولد الحسن من يشبهه، بل يقاربه علي بن
محمد الأفوه قال وحدثني أبو عبد الله بن أبي عامر قال كان أبو الحسن طول
أيامه مشتاقا إلى عبد الله بن المعتز متمنيا أن يلقاه أو يرى شعره فاما لقاؤه
فلم يتفق له لأنه لم يفارق أصبهان قط وأما ظفره بشعره فإنه اتفق له في آخر
أيامه وله في ذلك قصة عجيبة: وذلك أنه دخل إلى دار معمر وقد حملت
إليه من بغداد نسخة من شعر عبد الله بن المعتز فاستعارها... فسوف بها
فتمكن عندهم من النظر فيها وخرج وعدل إلي كالا معييا كأنه ناهض
بحمل ثقيل فطلب محبرة وكاغدا واخذ يكتب عن ظهر قلبه مقطعات من
الشعر فسألته لمن هي فلم يجبني حتى فرع من نسخها وملأ منها خمس
ورقات من نصف المأموني وأحصيت الأبيات فبلغت ١٨٧ بيتا تحفظها من
شعر ابن المعتز في ذلك المجلس واختارها من بين سائرها.
وكتب عنه الدكتور أحمد أحمد بدوي:
في مدينة أصبهان ولد ابن طباطبا. ولا يحفظ التاريخ عام ميلاده.
وان ذكر وفاته سنة ٣٢٢ ه، أي أنه عاش في الشطر الثاني من القرن
الثالث، وجزء من القرن الرابع للهجرة.
ولم تكن الحياة السياسية يومئذ للدولة العباسية قوية مستقرة، بل
أصابها الضعف والانحلال منذ قتل الأتراك الخليفة المتوكل سنة ٢٤٧ ه
فضاعت هيبة الخلافة، ولم يعد للخليفة سلطان ولا نفوذ إلا في قليل من
الأحيان، وكثيرا ما شب الخلاف بين أبناء الأسرة العباسية على الخلافة، أو
ولى أمرها صبي لا يستطيع أن يلي شؤون الخلافة.
في هذا العهد عاش ابن طباطبا، ولكن هذا الاضطراب
(٧٢)

السياسي لم يحل دون الازدهار العلمي، وانكباب العلماء على الكتب
يجمعون فيها خلاصة تجاربهم، وما وصلوا إليه من آراء، بل يبدو أن هذه
الحياة السياسية الصاخبة المضطربة جعلته ينصرف عنها إلى الدراسة
والإنتاج، فانا لا نعرف له مشاركة في الأحداث السياسية، وكل ما عرفه
له التاريخ انه كان شيخا من شيوخ الأدب.
ولم يحدثنا من أرخ له عن ثقافته، ولكننا نستطيع أن نعرف هذه
الثقافة من المنهج الثقافي الذي وضعه، وأوجب على الشعراء أن يأخذوا به،
فقد كان شاعرا، ومن المرجح أن يكون قد عمل بهذا المنهج، فإنه يراه
ضروريا للشاعر إذ يقول: وللشعر أدوات يجب اعدادها قبل مراسه
وتكلف نظمه، فمن تعصت عليه أداته لم يكمل له ما يتكلفه، وبان الخلل
فيما ينظمه، ولحقته العيوب من كل جهة.
فمنها التوسع في علم اللغة والبراعة في فهم الاعراب، والرواية
لفنون الآداب، والمعرفة بأيام الناس وأنسابهم، ومناقبهم ومثالبهم،
والوقوف على مذاهب العرب في نظم الشعر، والتصرف في معانيه، في كل
فن قالته العرب فيه، وسلوك مناهجها في صفاتها، ومخاطباتها،
وحكاياتها، وأمثالها.
ولا بد أن يكون قد درس ذلك، وأن يكون قد أضاف إليه معرفة
واسعة بتقاليد العرب وعاداتها.
ويمضي ابن طباطبا في إيراد الشواهد الكثيرة المنبئة عن تلك
التقاليد ويظهر أن ابن طباطبا كان رجلا مشغوفا بالعلم، مكبا على
تحصيله مقبلا على العلماء يأخذ عنهم ما رووه في حب واستزادة، حتى صح
له أن يفتخر ويقول:
حسود مريض القلب يخفى أنينه * ويضحي كئيب البال منى حزينه
يلوم على أن رحت في العلم راغبا * اجمع من عند الرواة فنونه
وأسلك أبكار الكلام وعونه * وأحفظ مما استفيد عيونه
ويزعم أن العلم لا يجلب الغنى * ويحسن بالجهل الذميم ظنونه
فيما لائمي، دعني أغالي بقيمتي * فقيمة كل الناس ما يحسنونه
إذا عدا غنى الناس لم اك دونه * وكنت أرى الفخر المسود دونه
إذا ما رأى الراؤون وعيه * رأوا حركاتي قد هتكن سكوته
وما ثم ريب في حياتي وموته * فأعجب لميت كيف لا يدفنونه
أبى الله لي من صنعة ان يكونني * إذا ما ذكرنا فخرنا وأكونه
وكان مغرما بالكتب يعدها أغلى من الأصدقاء، ويقول:
إذا فجع الدهر امرأ بخليله * تسلى، ولا يسلى لفجع الدفاتر
بل إن له كتابا في تقريظ الدفاتر.
وهو يؤمن بان من صح طبعه وذوقه لم يحتج إلى الاستعانة على نظم
الشعر بالعروض التي هي ميزانه، ومن اضطراب عليه الذوق لم يستغن من
تصحيحه وتقويمه بمعرفة العروض والحذق به.
ولكنك تعجب ان يذكر له ياقوت ضمن ما صنفه كتابا في العروض لم
يسبق إلى مثله، فلعل كراهيته لهذا العلم دعته إلى أن يصمم على تذليله،
إلى درجة تمكنه من التاليف فيه، أو لعل وصف كتابه بأنه لم يسبق إلى مثله
يؤذن بأنه نهج في عرض هذه المادة نهجا جديدا يسهل جناها للدارسين.
ولست أدري موقفه من علم القوافي، وهو ملازم لعلم العروض
وشقيق له في التاليف، غير أنه قد وصل في كتابه عيار الشعر إلى حصر
قوافي الشعر.
وأعان ابن طباطبا على طلب العلم ما عرف به من الذكاء
والفطنة، وصفاء القريحة، وصحة الذهن.
ومما يروى للدلالة على سرعة حفظه ان أحد الرواة ذكر أن ابن
طباطبا دخل إلى دار حملت إليها من بغداد نسخة من شعر
عبد الله بن المعتز فطلب استعارتها، فسوف بها، فتمكن في الدار ان
ينظر فيها، ثم طلب محبرة وقرطاسا، ثم اخذ يكتب عن ظهر قلبه
مقطعات من الشعر، حتى إذا فرع من نسختها أحصيت الأبيات التي
قيدها، فبلغ عددها مائة وسبعة وثمانين بيتا حفظها من شعر ابن المعتز
في ذلك المجلس، واختارها من بين سائرها. وكان ذلك في آخر أيامه.
وساعده عليه أيضا انه كان غنيا يستطيع ان يفرع للدراسة
والاطلاع، ويدلنا على غناه أنه يقول لمن يزهده في طلب العلم بحجة انه
لا يجلب الغنى:
إذا عد أغنى الناس لم اك دونه * وكنت أرى الفخر المسود دونه
فهو غنى، ولكنه لا يكتفي من الحياة بالغنى وحده، بل يريد إلى
جانبه مجدا علميا يجلب له الفخر والسؤدد.
وإذا كان ابن طباطبا غنيا يكره الفقر، ويرى أن الحر يؤثر الموت
عليه، إذ يقول:
قد يصبر الحر على السيف * ويجزع الحر من الحيف
ويؤثر الموت على حالة * يعجز فيها عن قرى الضيف
فإنه كان يحب القصد في الغنى، ويكره الاسراف فيه، ويرى
الشراهة في جمع المال مهلكة لصاحبها، إذ تصرفه عن المجد العلمي،
ولعلنا ندرك ذلك من قوله:
ان في نيل المنى وشك الردى * وقياس القصيد ضد السرف
كسراج دهنه قوت له * فإذا غرقته فيه طفى
ومما لا ريب فيه أن ذلك خير الأوضاع لطلب العلم والتفرع له:
غنى لا تصحبه شراهة إلى الازدياد.
ولم يقتصر ابن طباطبا على التحصيل وحده، بل ترك لنا انتاجا
أديبا بقي بعضه وباد بعضه، فمن ذلك:
١ كتاب عيار الشعر الذي جمع آراءه في النقد الأدبي، وقد
حققه وعلق عليه، وقدم له، ونشره سنة ١٩٥٦ م الدكتور طه الحاجري،
والدكتور محمد زغلول سلام.
٢ وكتاب تهذيب الطبع ولعله هو كتاب الشعر والشعراء
الذي نسبه اليه ابن النديم في كتابه: الفهرست.
أما كتاب تهذيب الطبع فقد أشار إليه الناقد في أكثر من موضع
في كتابه: عيار الشعر، فهو يبين الغرض من تأليفه إذ يقول: وقد
جمعناه ما اخترناه من أشعار الشعراء في كتاب سميناه: تهذيب الطبع
(٧٣)

يرتاض من تعاطى قول الشعر بالنظر فيه، ويسلك المنهاج الذي سلكه
الشعراء ويتناول المعاني اللطيفة كتناولهم إياها، فيحتذي على تلك الأمثلة
في الفنون التي طرقوا أقوالهم فيها.
٣ وله كتاب في العروض قال عنه ياقوت: إنه لم يسبق إلى
مثله وقد سبقت الإشارة اليه.
٤ وكتاب سنام المعالي ولا أدرى عنه شيئا.
٥ وكتاب في المدخل في معرفة المعمى من الشعر، وعنوانه يدل
على موضوعه، فهو شرح لأبيات غامضة المعنى، يدل على تعمق صاحبه في
فهم غريب الأشعار، وادراك معانيها الغامضة.
٦ وكتاب في تقريظ الدفاتر سبق أن أشرنا إليه.
٧ وكتاب في الشعر والشعراء نسبه إليه ابن النديم، ولعله
كتاب تهذيب الطبع الذي لم يذكره صاحب الفهرست.
٨ وديوان شعره.
ولم يبق لنا من ذلك اليوم، فيما أعرف، سوى كتاب عيار
الشعر، وبضع قصائد وأبيات متناثرة أوردها معجم الأدباء، ومحاضرات
الأدباء وتحفة العجائب وطرفة الغرائب، وكتاب التشبيهات، والمحمدون
من الشعراء وأشعارهم، والمصون في الأدب.
وقد يورد بعض هؤلاء بيتا أو بيتين، ثم يقول: وهي أبيات كثيرة
ذات أوصاف ويقول القفطي في كتابه: المحمدون من الشعراء
وأكثر شعره في الغزل والآداب.
ومما يذكر ان ابن طباطبا كان يؤمن، لتمكنه من اللغة، بمقدرته
على أن يتجنب من الكلمات ما يصعب النطق به على من بلسانه عيب يحول
بينه وبين النطق ببعض الحروف، ويروي عنه أنه قال: والله أنا أقدر
على أبي الكلام من واصل بن عطاء.
ويروون للتدليل على ذلك أن ولدا لأحد أعيان الرجال كانت به لكنة
شديدة حتى كان لا يجري على لسانه حرفان من حروف المعجم، هما:
الراء، والكاف، يضع الغين مكاني الراء، والهمزة مكان الكاف، فكان
إذا أراد أن يقول: كركي يقول: أ ع أ ى فعمل ابن طباطبا
قصيدة في مدح أبيه، حذف منها حرفي لكنة الولد، ولقنه إياها، حتى
رواها لأبيه، ففرح بها فرحا شديدا. ومن تلك القصيدة.
يا سيد دانت له السادات * وتتابعت في فعله الحسنات
وتواصلت نعماؤه عندي، فلي * منه هبات خلفهن هبات
وهي قصيدة طويلة تبلغ تسعة وأربعين بيتا ختمها بقوله:
لو واصل بن عطاء الباني لها * تليت، توهم انها آيات
لولا اجتنابي ان يمل سماعها * لأطلتها ما خطت التاءات
وليس شعره ما يرفعه، حتى إلى درجة أوساط الشعراء، ولكنه مما لا
شك فيه أن معالجته لنظم الشعر جعلت له نظرات صائبة في النقد الأدبي،
لأنها ناشئة عن ممارسة وتجربة.
وكثير من آرائه في النقد الأدبي لم تفقد مع الزمن صحتها وجدتها.
بل أن له بعض التعبيرات التي تشبه إلى حد كبير تعبيراتنا الحديثة.
أ فمن أثر ممارسته لنظم الشعر هذا الرأي الذي أبداه في طريقه
قرض الشعر، وأغلب الظن انه كان يتبع هذا النهج في صنع قصائده.
يقول ابن طباطبا: إذا أراد الشاعر بناء قصيدة مخض المعنى الذي يريد
بناء الشعر عليه في فكره نثرا، وأعد له ما يلبسه إياه من الألفاظ التي
تطابقه، والقوافي التي توافقه، والوزن الذي يسلس له القول عليه،،
فإذا اتفقوا له بيت يشاكل المعنى الذي يرومه أثبته، وأعمل فكره في شغل
القوافي بما تقتضيه من المعاني، على غير تنسيق للشعر، وترتيب لفنون
القول فيه، بل يعلق كل بيت يتفق له نظمه، على تفاوت ما بينه وبين ما
قبله، فإذا كملت له المعاني، وكثرت الأبيات، وفق بينها بأبيات تكون
نظاما لها، وسلكا جامعا لما تشتت منها. ثم يتأمل ما قد أداه اليه طبعه،
ونتجته فكرته، فيستقصى انتقاده، ويرمى ما وهي منها، ويبدل بكل
لفظة مستكرهة لفظة سهلة نقية. وان اتفقت له قافية قد شغلها في معنى
من المعاني، واتفق له معنى آخر مضاد للمعنى الأول، وكانت تلك القافية
أوقع في المعنى الثاني منها في المعنى الأول، نقلها إلى المعنى المحار الذي هو
أحسن، وأبطل ذلك البيت أو نقض بعضه وطلب لمعناه قافية تشاكله،
ويكون كالنساج الحاذق... وكالنقاش الرفيق الذي يضع الأصباغ في
أحسن تقاسيم نقشه. ويشبع كل صبغ منها، حتى يتضاعف حسنه في
العيان.
تلك هي الخطة التي أوصى ابن طباطبا بانتهاجها في نظم
القريض أن يختار الشاعر الوزن والقافية، ثم يتقبل ما يجود به خاطره من
شعر يتعلق بالمعنى الذي يريد النظم فيه، ثم يقوم بتثقيفه وترتيبه، حتى
تصبح القصيدة مترابطة منسقة.
واختيار الشاعر للوزان والقافية مما يطالب به ابن طباطبا صانع
الشعر، حتى لا يقع في وزن يصعب عليه المعنى فيه. وقد كرر الدعوة إلى
اختيار القافية في موضع آخر من كتبه بعد أن حصر ألوان القوافي، فقال:
اختر من بينها أعذبها، وأشكلها للمعنى الذي تروم بناء الشعر عليه،
وذلك حتى لا يقع الشاعر في قافية لا تسلس لخواطره، ولا تنقاد لمعانيه.
ب وإذا كان ابن طباطبا قد دعا إلى أن يضع الشاعر بين أبياته
ما يربط بين هذه الأبيات حتى تتسق القصيدة، فذلك لأنه دعا إلى وحدة
القصيدة دعوة حارة، وهو في ذلك يشبه آراء النقاد المحدثين إذ يقول:
وأحسن الشعر ما ينتظم القول فيه انتظاما ينسق به أوله مع آخره،...
فان قدم بيت على بيت دخله الخلل... فان الشعر إذا أسس تأسيس
كلمات الحكمة المستقلة بذاتها، والأمثال السائرة الموسومة باختصارها، لم
يحسن نظمه، بل يجب أن تكون القصيدة كلها ككلمة واحدة،. في اشتباه
أولها بآخرها، نسجا حسنا، وفصاحة وجزالة ألفاظ، ودقة معان،
وصواب تأليف، ويكون خروج الشاعر من كل معنى يصنعه إلى غيره من
المعاني خروجا لطيفا،... حتى تخرج القصيدة كأنها مفرغة إفراغا...
تقتضي كل كلمة ما بعدها. ويكون ما بعدها متعلقا بها، مفتقرا إليها.
ولكن ينبغي أن نشير هنا إلى أن ابن طباطبا مع دعوته إلى وحدة
القصيدة والتلاؤم بين أجزائها، لم يمنع أن تشتمل القصيدة على الغزل
(٧٤)

والمدح، على أن يتخلص من أحدهما إلى الآخر بالطف تخلص. بلا
انفصال للمعنى الثاني عما قبله، بل يكون متصلا به، وممتزجا معه.
وإذا كان ابن طباطبا قد ألح على ضرورة وحدة القصيدة حتى
تصبح كالكلمة، فإنه قد ألح على ضرورة الصدق، وهو ما نسميه اليوم
بصدق التجربة ونكاد اليوم نعبر كما عبر ناقدنا العربي القديم عند ما قال بعد
حديثه عن أسباب تأثير الشعر في النفس: فإذا وافقت هذه المعاني هذه
الحالات تضاعف حسن موقعها عند مستمعها، لا سيما إذا أيدت بما يجلب
القلوب من الصدق عن ذات النفس، بكشف المعاني المختلجة فيها،
والتصريح بما كان يكتم منها، والاعتراف بالحق في جميعها.
هذه النظرة الصائبة، إلى الصدق في الشعر يرى ابن طباطبا أنها
كانت متحققة في شعراء الجاهلية الجهلاء وصدر الاسلام.
د غير أن شيئا يحتمل الكذب فيه في حكم الشعر، ذلك هو
الاغراق في الوصف، والافراط في التشبيه. ويورد الناقد أمثلة للأبيات
التي أغرق قائلوها في معانيها.
ويبدو لي ان ابن طباطبا لم يكن راضيا عن هذا الاغراق، فإنه
يقول بعد أن أورد أمثلة: وقد سلك جماعة من الشعراء المحدثين سبيل
الأوائل في المعاني التي أغرقوا فيها، فالتعبير بجماعة يشعر باتجاهه الذي
لا يرضى عن هذا الاغراق، كما أنه عند ما تحدث عما يجب على الشاعر أن
يتبعه، كان من ذلك أن يتعمد الصدق والوفق في تشبهاته وحكاياته. وان
حرارته في الحديث عن الصدق تدل على نفرته من المبالغة والاغراق.
ه وللشعر الجيد صفات يجب أن تتحقق فيه، وأخرى يجب أن يبرأ
منها، فمما ينبغي أن يتحقق في الشعر:
جودة معناه، فالكلام الذي لا معنى له كالجسد الذي لا روح فيه،
كما قال بعض الحكماء: الكلام جسد وروح، فجسده النطق وروحه
معناه.
وأن تشاكل الألفاظ المعاني، بمعنى أن يتأنق الشاعر في اختيار ألفاظه
حتى تبدو المعاني في صورة قوية رائعة، فان الألفاظ للمعاني كالمعرض
للجارية الحسناء التي تزداد حسنا في بعض المعارض دون بعض. وكم من
معنى حسن شين بمعرضه الذي أبرز فيها، وكم معرض حسن قد ابتذل
على معنى قبيح ألبسه، وكم من زائف وبهرج قد نفقا على نقادهما، وكم
من حكمة غريبة قد ازدريت لرثاثة كسوتها ولو جليت في غير لباسها ذلك
لكثر المشيرون إليها.
وهو بذلك كنقاد العرب الذين يعنون عناية كبرى بالصياغة وجمال
عرض المعاني.
ولم يحدد ناقدنا، أعني ابن طباطبا، معنى القبح في المعنى، ولكنه
ضرب الأمثلة للمعاني الواهية سوف نوردها في مكانها.
وأحسن الشعر ما وضعت فيه كل كلمة موضعها. حتى تطابق المعنى
الذي أريدت له، من غير حشو يجتلب، كأنما جئ به لاكمال الوزن،
ومن غير تفريق بين الكلمة وأختها، وأن تكون سهلة على اللسان، غير
مستكرهة في مكانها ولا متعبة.
ومن الكلمات التي ينبغي أن توضع في مكانها قافية البيت، فينبغي
أن تكون قد جاءت لمعنى يكمل به معنى البيت، لا ليتم بها وزن الشعر
ليس غير، فيكون ما قبلها مسوقا إليها، ولا تكون مسوقة إليه، فتقلق في
مواضعها، ولا توافق ما يتصل بها، ومعنى ذلك أن القافية ينبغي أن يسوق
إليها معنى البيت، فتاتي لتكمل معناه، وتكون لذلك مستقرة في مكانها غير
قلقة ولا متعبة، أما إذا تم المعنى بدونها، واستجلبت القافية قسرا،
ليكمل وزن البيت من الشعر فحسب، فبأنها تكون قلقة لا تتصل بما
قبلها.
اما ما ينبغي اجتنابه في الشعر، فالتفاوت في نسجه، فإذا أسس
الشاعر شعره على أن يأتي فيه بالكلام البدوي الفصيح لم يخلط به الحضري
المولد، وإذا أتى بلفظة غريبة اتبعها أخواتها وكذلك إذا سهل ألفاظه لم
يخلط بها الألفاظ الوحشية النافرة الصعبة القياد.
ودعا ابن طباطبا الشاعر أيضا إلى اجتناب سفساف الكلام،
وسخيف اللفظ، والمعاني المستبردة، والتشبيهات الكاذبة، والإشارات
المجهولة، والأوصاف البعيدة، والعبارات الغثة، وجعل هذه الأشياء كأنما
هي رقعة تزري بالثوب الجميل. ويدعا إلى أن يستعمل الشاعر من المجاز
ما يقارب الحقيقة، ولا يبعد عنها ومن الاستعارات ما يليق بالمعاني التي يأتي
بها.
(و) وعاب ابن طباطبا أن تزيد قريحة الشاعر على عقله، ومعنى زيادة
القريحة ان يستغرق الشاعر في فنه، يبحث عن معنى له قيمته في حد ذاته،
بقطع النظر عن الظروف الأخرى. ومن الأمثلة التي ساقها الناقد العربي
لذلك قول جرير:
هذا ابن عمي في دمشق خليفة لو شئت ساقكم إلى قطينا
فالشاعر هنا قد استغرق في فن الفخر بنفسه، ومما لا شك فيه أن
فخره يزداد قوة بان يكون قريبا لخليفة دمشق، وأن يكون الخليفة بحيث لا
يرد له طلبا، فلو أنه طلب منه أن يجعلهم خدما له لنفذ الخليفة له ما
يريد. ونسي جرير في غمرة الفخر ان الخليفة أكبر من أن يؤمر ولذلك
يروي أن الخليفة قال له: جعلتني شرطيا لك. أما لو قلت لو شاء
ساقكم إلي فطينا لسقتهم إليك عن آخرهم.
ز وابن طباطبا في هذا المقام يشبه النقاد المحدثين في نظرتهم
الموضوعية إلى الشعر، فان الشعر إذا كان ذاتيا، يصور تجربة ذاتية
للشاعر، يختص بها، ولها سماتها ومعالمها التي تخصه وحده، فان على
الشاعر أن يتخذ هذه التجربة الذاتية موضوع تأمله، يحكم فيها عقله،
وينفذ فيها ببصيرته، ويعرضها على تفكيره، ليقبل منها ما يرضاه عقله،
ويرفض منها ما لا يرضاه. ولذلك جعل ابن طباطبا جماع الأدوات التي
يحتاج إليها الشاعر كمال العقل الذي به تتميز الأضداد، وعليه أن يحضر
لبه عند كل مخاطبة ووصف، ويعد لكل معنى ما يليق به، ولكل طبقة ما
يشاكلها.
ح وجعل ابن طباطبا مقياس قبول الشعر ورفضه ان يورد على
الفهم الثاقب، فما قبله واصطفاه فهو واف، وما مجه ونفاه فهو ناقص.
ويعلل ابن طباطبا لقبول الفهم الناقد للشعر الحسن، ونفيه
للقبيح منه، واهتزازه لما يقبله، وتكرهه لما ينفيه، بان كل حاسة من
(٧٥)

حواس البدن انما تتقبل ما يتصل بها مما طبعت له إذا كان وروده عليها
ورودا لطيفا باعتدال لا جور فيه، فالعين تالف المرأى الحسن، وتقذى
بالمرأى القبيح الكريه، والأنف يقبل المشم الطيب، ويتأذى بالنتن
الخبيث، والفم يلتذ بالمذاق الحلو، ويمج البشع المر، والأذن تتشوف
للصوت الخفيض الساكن، وتأذى بالجهير الهائل، واليد تنعم بالملمس
اللين الناعم، وتتأذى بالخشن المؤذي، وكذلك الفهم يأنس من الكلام
بالعدل الصواب الحق ويتشوف إليه، ويستوحش من الكلام الجائر،
والخطأ الباطل، والمحال المجهول المنكر.
وعلة كل حسن مقبول الاعتدال، كما أن علة كل قبيح منفى
الاضطراب.
ويذكر لقبول النفس للشعر علة أخرى، تلك هي أنها تجد الشعر
مترجما عما تحس به، فإذا ورد عليها في حالة من حالاتها ما يوافقها اهتزت
له، وحدثت لها أريحية وطرب.
ولا ينسى ما للوزن من أثر في النفس، فللشعر الموزون ايقاع يطرب
الفهم لصوابه، وما يرد عليه من حسن تركيبه، واعتدال أجزائه.
فإذا اجتمع للفهم مع صحة وزن الشعر صحة المعنى وعذوبة
اللفظ، فصفا مسموعه ومعقوله من الكدر تم قبوله له، وان نقص جزء
من أجزائه التي يعمل بها، وهي اعتدال الوزن، وصواب المعنى،
وحسن الألفاظ، كان إنكار الفهم إياه على قدر نقصان اجزائه. ومثال
ذلك الغناء المطرب الذي يتضاعف له طرب مستمعه المتفهم لمعناه ولفظه،
مع طيب ألحانه، فاما المقتصر منه على طيب اللحن منه دون ما سواه
فناقص الطرب.
ولحسن الشعر وقبول الفهم إياه علة أخرى، وهي موافقته للحال
التي يعد معناه لها، كالتحريض على القتال عند طلب المغالبة، وكالغزل
والنسيب عند شكوى العاشق، واهتياج شوقه، وحنينه إلى من يهواه.
ويسجل ابن طباطبا أثر الشعر في النفس، فيرى أنه يمازج
الروح، ويكون انفذ من نفث السحر، وأخفى دبيبا من الرقي، وأشد
اطرابا من الغناء.
ط وله مقياس يقيس به الشعر المحكم المتقن، هو أن ينثر،
فالأشعار الأنيقة الألفاظ، الحكيمة المعاني، العجيبة التاليف، هي التي إذا
نقضت وجعلت نثرا، لم تبطل جودة معانيها، ولم تفقد جزالة تأليفها، أما
الأشعار المموهة فهي التي لا يصلح نقضها لبناء يستأنف منه.
ى وهو كثيرا ما يعقد الموازنة بين الشعر والنثر، فللشعر فصول
كفصول الرسائل، بل انه يرى الشعر رسائل معقودة، والرسائل شعرا
محلولا.
ويرى الشعر المتقن هو الذي يخرج خروج النثر في سهولة، وعدم
استكراه قوافيه. أو التكلف في معانيه.
ويورد من الأمثلة ما يبين به ما بين الشعر والنثر من اخذ وعطاء.
وكل ذلك مع اعترافه بما لموسيقى الشعر من أثر عميق في النفوس.
ك والشعر عند ابن طباطبا أنواع:
فمنه شعر محكم النسج، متمكن القوافي، كقول أبي ذؤيب:
أمن المنون وريبها تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع
وإذا المنية أنشبت أظفارها * ألفيت كل تميمة لا تنفع
والنفس راغبة إذا رغبتها * وإذا ترد إلى قليل تقنع
ومنه شعر حسن الألفاظ المستعذبة الرائقة سماعا، الواهية معنى،
كقول جرير:
إن الذين غدوا بلبك غادروا * وشلا بعينك لا يزال معينا
غيضن من عبراتهن، وقلن لي * ماذا لقيت من الهوى ولقينا
ل وابن طباطبا لا يكتفي بما يرد على الخاطر من أول الأمر،
ولكنه يدعو إلى أن يعاود الشاعر شعره بالتهذيب والتثقيف والنقد، وقد
سبق أن رأيناه عند ما كان يتحدث عن الإنتاج الأدبي يدعو الشاعر إلى أن
يتأمل ما قد أداه إله طبعه. فيستقصى انتقاده، ويرم ما وهي منه.
وفي موضع آخر يدعوه إلى إلا يظهر للناس شعره الا بعد اصلاحه،
وثقته من جودته.
ويرى الشاعر قديرا على التثقيف والتهذيب، حتى يسلس له القول،
ويطرد له المعنى.
م ويدعو الشعراء إلى الابتكار، ويكره ان يعيش الشاعر كلا على
الشعراء، يغير على معانيهم، فيودعها شعره، ويخرجها في أوزان مخالفة
لأوزان الاشعار التي يتناول منها ما يتناول، ويتوهم ان تغييره للالفاظ
والأوزان مما يستر سرقته، أو يوجب له فضيلة.
على أنه مع ذلك لا يحرم على الشاعر أن يأخذ معنى سبق به على
شريطة ان يبرزه في أحسن من الكسوة التي كان عليها، وحينئذ لا يعاب،
بل يكون له فضله واحسانه، فلا بد من عمل يبذله الشاعر، وجهد
يؤديه، وإلا صار شعره كالشئ المعاد المملول.
وهو، مع دعوته إلى الابتكار نبه إلى ضرورة أن تكون عين الشاعر
يقظة متنبهه لما يجد في الزمن من أمور تخالف الأعصر السابقة، ليكون في
الشعر غرائب مستحسنة، وعجائب بديعة مستطرفة من صفات وحكايات
ومخاطبات في كل فن توجبه الحال التي ينشأ قول الشعر من أجلها.
ن وعنى ابن طباطبا عناية خاصة بمطلع القصيدة، وحسن
التخلص فيها، ولعل ذلك راجع إلى أن المطلع له اثره في السامع وجذب
انتباهه إلى ما يلقيه الشاعر، وللأثر الأول في النفس عمقه وبقاؤه.
وعنايته بحسن التخلص ليبقى للقصيدة انسجامها وترابطها.
فينبغي للشاعر أن يحترز في مفتتح أشعاره مما يتطير به، أو يستجفى
من الكلام والمخاطبات، كذكر البكاء، ووصف اقفار الديار، وتشتت
الآلاف، ونعي الشباب، وذم الزمان، ولا سيما في القصائد التي تضمن
التهاني، وتستعمل هذه المعاني في المراثي، ووصف الخطوب الحادثة،
حذرا ان يتطير السامع، وإن كان يعلم أن الشاعر انما يخاطب نفسه.
(٧٦)

ويرى أن حسن التخلص، والتلطف في وصل مقدمة القصيدة
بالغرض منها، مما أبدعه المحدثون من الشعراء، دون من تقدمهم.
(س) وناقدنا العربي هذا يحمل للمتقدمين كل تقدير وإكبار،
ويؤمن بما وهبوه من طبع دقيق، فإذا اتفق لك في أشعار العرب التي يحتج
بها تشبيه لا تتلقاه بالقبول فابحث عنه، وتفر عن معناه، فإنك لا تعدم أن
تجد تحته خبيئة إذا أثرتها عرفت فضل القوم بها، وعلمت أنهم أدق طبعا
من أن يلفظوا بكلام لا معنى تحته.
ولكنه مع ذلك ينقدهم، كما رأيناه عند تصريحه بأننا نجد عندهم
أبياتا لا يلتئم شطراها، كما سبق أن مثلنا.
ولا يتعصب ضد المحدثين من الشعراء، ويراهم قد سلكوا منهاج
من تقدمهم بل يراهم قد أبدعوا وأجادوا، ويعرف لهم ذلك بخاصة في
حسن التخلص وجمال القوافي. وهو صريح في تقريره ان تقدم الزمن لا
يكسب الشعر مزية وفضلا. ويقدر كذلك أن المولدين اتوا في أشعارهم
بعجائب، وإن كانوا قد استفادوها ممن تقدمهم، ولكنها تسلم لهم إذا
ادعوها للطيف سحرهم فيها.
غير أن له في القدماء والمحدثين رأيا لا نتفق معه فيه، وربما كان
متأثرا في ذلك بابن قتيبة، إذ يرى أن أشعار المحدثين متكلفة غير صادرة
عن طبع صحيح كأشعار العرب التي سبيلهم في منظومها سبيلهم في منثور
كلامهم الذي لا مشقة عليهم فيه.
فالحكم بان أشعار المحدثين غير صادرة عن طبع صحيح، لا مكان
له من الصحة، فكثير من الشعراء المحدثين مطبوع يصدر شعره عن قريحة
فياضة لا شك فيها.
والحكم بان العرب لم يكونوا يجدون مشقة في انتاج شعرهم مما لا يقره
تاريخ أدبهم، فمن شعرائهم من كان يتوفر على انتاجه وقتا طويلا، حتى
يخرج انتاجه مهذبا مصفى.
ويعترف ابن طباطبا بان صناعة الشعر أشق على شعراء زمانه منها
وعلى من كان قبلهم، ويعلل ذلك بان القدماء قد سبقوا إلى كل معنى
بديع، ولفظ فصيح، وكان من نتيجة ذلك أن المحدثين إذا أتوا بما يقصر
عن معاني السابقين، لم يتلق شعرهم بالقبول.
ولعل السر في هذه المشقة ان المحدثين لم يفتحوا من أبواب الشعر غير
تلك الأبواب التي كانت للسابقين، ولو أنهم طرقوا أبوابا أخرى لوجدوا
مجال القول واسع الميدان.
ع ومنهجه في تربية الذوق والتدريب على الإنتاج الأدبي الجيد هو
الاتصال بالنصوص الأدبية، لتأملها وتقويم اللسان بها. لا ليعيش كلا
عليها، ومن أجل ذلك ألف كتابه: تهذيب الطبع. وأكثر من
الشواهد في عيار الشعر، فعلى الشاعر، كما قال: أن يديم النظر في
الأشعار التي قد اخترناها، لتلتصق معانيها بفهمه، وترسخ أصولها في
قلبه، ويذهب في ذلك إلى ما يحكى عن خالد بن عبد الله القسري قال:
حفظني أبي ألف خطبة، ثم قال لي: تناسها، فتناسيتها، فلم أرد
بعد ذلك شيئا من الكلام إلا سهل علي، فكان حفظه لتلك الخطب رياضة
لفهمه، وتهذيبا لطبعه، وتلقيحا لذهنه، ومادة لفصاحته، وسببا
لبلاغته، ولسنه وخطابته.
ولا يزال لهذا الرأي وجاهته في تربية الذوق، وتثقيف الشاعر،
وتقويم طبعه.
وشهد العصر الذي عاش فيه ابن طباطبا بعض الكتب التي ألفت
في النقد الأدبي، وورث بعضها. منها:
أ فمن ذلك كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة، ويظهر انه قرأ
هذا الكتاب، وتأثر ببعض آرائه، رغبة منه في تقسيم الشعر، فإننا نجد
بين التقسيمين كثيرا من التشابه:
ب ومن كتب ذلك العصر كتاب قواعد الشعر لثعلب، ولا
نكاد نجد صلة تربط بين الكتابين، لا من حيث المادة، ولا من حيث
الاتجاه، ولا من حيث المعالجة لما اتفقا فيه من بعض الموضوعات.
ج أما صلته بابن المعتز فيقول عنها ياقوت: ذكر أبو عبد الله
حمزة بن الحسن الأصبهاني قال: سمعت جماعة من رواة الأشعار ببغداد
يتحدثون عن عبد الله بن المعتز انه كان لهجا بذكر أبي الحسن: ابن
طباطبا، مقدما له على سائر اهله، ويقول: ليس في ولد الحسين من
يشبهه.
وكان يعرف شعر ابن طباطبا.
وكان ابن طباطبا أيضا طول أيامه مشتاقا إلى عبد الله بن المعتز
متمنيا ان يلقاه، أو يرى شعره، فاما لقاؤه فلم يتفق له، لأنه لم يفارق
أصبهان قط، وأما ضفره بشعره، فإنه اتفق له في آخر أيامه.
ومن الجائز أن يكون ابن طباطبا قد عرف بعض شعر
عبد الله بن المعتز وعرف كتابه في البديع وربما كان لذلك أثره في
اكثار ابن طباطبا من الشعر في الطبيعة، وفي تأليف كتبه، فهو أمير
علوي، ليس بغريب ان يتشبه بأمير عباسي. غير أن هناك فرقا كبيرا في
اتجاه كتابي الرجلين، فإذا كان اتجاه ابن طباطبا اتجاها علميا لبيان نظم
الشعر، وما ينبغي ان يتحقق فيه ليكون جيدا، ودراسة أسباب تأثير الشعر
في النفس، فان كتاب البديع لابن المعتز يحدد صاحبه هدفه بقوله: قد
قدمنا في أبواب كتابنا هذا بعض ما وجدنا في القرآن واللغة وأحاديث رسول
الله ص وكلام الصحابة والاعراب وغيرهم وأشعار المتقدمين من الكلام
الذي سماه المحدثون البديع، ليعلم أن بشارا ومسلما وأبا نواس، ومن
تقبلهم وسلك سبيلهم، لم يسبقوا إلى هذا الفن، ولكنه كثر في
أشعارهم، فعرف في زمانهم، حتى سمى بهذا الاسم....
د وتحدث المبرد في كتابه: الكامل عن التشبيه، قبل
ابن طباطبا ولكن لم يبد أثر واضح لهذا الفصل في كتاب عيار
الشعر.
ه ونجد أيضا كتاب نقد الشعر، لقدامة بن جعفر، وقد
تعرض الناقدان لأمور اشتركا في الحديث عنها:
فمن ذلك حديثهما عن العروض، وأن وزن الشعر يعود إلى طبع في
(٧٧)

الشاعر، لا إلى تعلم ذلك العلم، ولا يحتاج أحدهما في ذلك أن يأخذ عن
صاحبه.
اثر ابن طباطبا فيمن جاء بعده
وظهرت آراء ابن طباطبا، وبدا اثره فيمن جاء بعده من
النقاد.
أ فرأينا المرزباني في كتابه الموشح يروى آراءه في الشعر، وقد
ينقل عنه عدة صفحات متوالية.
ب وأما صلته بأبي هلال العسكري صاحب الصناعتين، فقد
رأيناه ينقد بعض شعره، كقوله:
فيا لائمي، دعني أغالي بقيمتي فقيمة كل الناس ما يحسنونه
ج ونجد المرزوقي في مقدمته لشرح الحماسة ينقل بعض آرائه.
موافقا لها، كنقله رأيه في أن الشهر هو ما ان عرى من معنى بديع لم يعر من
حسن الديباجة، وما خالف هذا فليس بشعر.
د ويشارك ابن خلدون ابن طباطبا رأيه في تربية الذوق
الأدبي إذ يرى وسيلة ذلك مخالطة كلام العرب، فبها تحصل الملكة لتذوق
الكلام، ويستعان على نظمه.
ه ووجدنا صدى لآرائه في طريقة نظم الشعر، وضرورة تثقيفه
وتنقيحه عند ابن أبي الإصبع المصري، فرأيناه يوصي الراغب في نظم
القريض ان يحصل المعنى قبل اللفظ، وأن يعمل الأبيات مفرقة بحسب ما
يجود بها الخاطر. ثم ينظمها بعدئذ.
(و) ويظهر ان آراء ابن طباطبا كان لها صدى في أوساط النقد
الأدبي وكان كثير من العلماء يحتجون بها، وكان بعض النقاد يعارض بعضها
ويخطئه. وقد رأينا صدى ذلك في كتاب ألفه الآمدي في اصلاح ما في
عيار الشعر، ابن طباطبا، كما حدثنا بذلك ابن النديم في كتابه:
الفهرست:
ولسنا ندري ماخذ الآمدي على الناقد العلوي، لأن الكتاب لم يرد
الينا. ولسنا ندعى ان آراء ابن طباطبا في النقد الأدبي وانتاج الشعر
صحيحة كلها، ولكننا نقول انها آراء جديرة بالنعام النظر والعناية.
وبعد فهذه دراسة لناقد عربي مضى عليه أكثر من ألف عام، ولا
تزال لآرائه جدتها وحيويتها، ولها مكانتها في مجال المناقشة والموازنة بين ما
اهتدى اليه الآباء منذ القدم، وما وصلنا إليه في العصر الحديث.
أشعاره
قد سمعت قول ابن خلكان انه له ديوان شعر وقد رآه، وفي معجم
الأدباء عن حمزة بن الحسن الأصبهاني أنه قال ذكر عنه حكايات منها ما
حدثني به أبو عبد الله بن أبي عامر قال من توسع أبي الحسن في اتي القول
وقهره لأبيه ان أبا عبد الله فتى أبي الحسين محمد بن أحمد بن يحيى بن أبي
البغل كانت به لكنة شديدة حتى كان لا يجري على لسانه حرفان من حروف
العجم الراء والكاف فيقلب الراء غينا والكاف همزة فإذا أراد أن يقول
كركي يقول أ ع إ ي وإذا أراد أن يقول كركرة يقول (أ ع أ
غة) وينشد للأعشى قالت أغي غجلا في افه اتف يريد قالت أرى
رجلا في كفه كتف فعمل أبو الحسن قصيدة في مدح أبي الحسين حذف
منها حرفي لكنة الحسين ولقنه حتى رواها لأبيه أبي الحسن وقال أبو الحسن
والله انا أقدر على أبي الكلام من واصل بن عطاء والقصيدة:
يا سيدا دانت له السادات * وتتابعت في فعله الحسنات
وتواصلت نعماؤه عندي فلي * منه هبات خلفهن هبات
نعم ثنت عني الزمان وخطبه * من بعد ما هيبت له غدوات
فأدلت من زمن منيت بغشمه * أيام للأيام بي سطوات
فلميت آمالي لديه حياته * ولحاسدي نعمي يديه ممات
أو ليتني مننا تجل وتعتلي * عن أن يحيط بوصفهن صفات
عجنا عن المدح التي استحققتها * والله يعلم ما تعي النيات
يا ماجدا فعل المحامد دينه * وسماحه صوم له وصلاة
فيبيت يشفع راجيا بتطوع * منه وقد غشي العيون سبات
فالجود مثل قيامه وسجوده * إن قيس والتسبيح منه عدات
ما زال يلفي جائدا أو واعدا * وعدا تضايق دونه الأوقات
ليمينه بالنجح عند عفاته * في ليل ظنهم البهيم ثبات
ذو همة علوية توفي على ال‍ * جوزاء تسقط دونها الهمات
تنأى عن الأوهام إلا أنها * تدنو إذا نيطت بها الحاجات
وعزيمة مثل الحسام مصونة * عن أن يفل به الزمان شباة
فإذا دها خطب مهم أيد * خلي العداة وجمعهم أشتات
لأبي الحسين سماحة لو أنها * للغيث لم تجدب عليه فلاة
وله مساع في العلا عدد الحصى * في طي من جلها مسعاة
كحيا السحاب على البقاع سماحة * وله على عافي نداه سمات
يحيي بنائله نفوسا مثلما * يحيا بجود الهاطلات نبات
شاد العلاء أبو الحسين وحازه * عن سادة هم شائدون بنات
سباق غايات تقطع دونها * سباقها إن مدت الحلبات
فإذا سعوا نحو العلا وسعى لها * متمهلا حيزت له القصبات
مستوفز عند السماح وإن تقس * أحدا به في الحلم قلت حصاة
طود يلوذ به الزمان وعنده * لجميع أحداث الزمان أداة
بيمينه قلم إذا ما هزه * في أوجه الأيام قلت قناة
في سنه بأس السنان وهيبة السيف * الحسام وقد حوته دواة
سحبان عيا وهو عيا بأقل * عجل إلى النجوى وفيه أناة
وسنان إلا أنه متنبه * يقظان منه الزهو والأجنات
لم يخط في ظلمات ليس مداده * إلا انجلت عنا به الظلمات
وأبو علي أحمد بن محمد * قد نمقت عني لديه هنات
فتقاعست دوني عوائد فضله * وسعت سعاة بيننا وعداة
فاقتله عن طول العقوق وهزه * فله لدى فعل العلا هزات
والله ما شاني المديح وبذله * لمؤمل ليمينه نفحات
إلا مجازاة لمن أضحت له * عندي يد أغذي بها وأقات

(١) فتى أبى الحسين أي ابنه والظاهر أن اسمه الحسين.
(٧٨)

والمسمعي له لدي صنائع * أيامهن لطيبها ساعات
فأخالها عهد الشباب وحسنه * إذ طار لي في ظله اللذات
خذها الغداة أبا الحسين قصيدة * ضيمت بها الراءات والكافات
غيبن عنها ختلة أخواتها * عند النشيد فما لها أخوات
ولو أنهن شهدن لازدوجت لها * الغينات في الإنشاد والألفات
فأسعد أبا عبد الإله بها إذا * شقيت بلثغة منشد أبيات
نقصت فتمت في السماع وألغيت * منها التي هي بينها آفات
صفيتها مثل المدام له فما * فيها لدى حسن السماع قذاة
معشوقة تسبي العقول بحسنها * ياقوتة من اللين وهي صفاة
علوية حسنية مزهوة * تزهى بحسن نشيدها اللهوات
ميزانها عند الخليل معدل * متفاعلن متفاعلن فعلات
لو واصل بن عطاء الباني له * تليت توهم أنها آيات
لولا اجتنابي أن يمل سماعها * لأطلتها ما خطت التاءات
قال ياقوت: وجد في كتاب شعراء أصبهان لحمزة الأصبهاني قال
وجدت بخط أبي الحسن رحمه الله يعني ابن طباطبا أن أبا علي يحيى بن
علي بن المهلب وصف له دعوة لأبي الحسن أحمد بن محمد بن إبراهيم
الكراريسي ذكر أنهم قربوا فيها مائدة عليها خيار وفي وسطها جامات عليها
فطر بخشت فسميتها مسيحية لأنها آدم النصارى وقربوا بعد ذلك
سكباجة بعظام عارية فسميتها شطرنجية وقربوا بعدها مضيرة في غضائر
بيض فسميتها معتدة وكانت بلا دسم والمعتدة لا تمس الدهن والطيب
وقدموا بعدها زيرباجة قليلة الزعفران فسميتها عابدة تشبيها بلون العباد في
الصفرة وقربوا بعدها لونا فسميتها قنبية وقربوا بعدها زبيبة سوداء فسميتها
موكبية وقربوا بعدها قلية بعظام الأضلاع فسميتها حسكية ثم قربوا بعدها
فالوذجة بيضاء فسميتها صابونية، وأنه اعتل على الجماعة بأنه عليل
فحولهم من منزله إلى باع بستان قد طبق بالكراث فهيا المجلس هناك
وأحضرهم جرة منثلمة وكانوا يمزجون شرابهم منها فإذا أرادوا الغائط نقلوها
معهم فكانت مرة في المجلس ومرة في المخرج وإن الباغيان البستاني ربط
بحذائهم عجلة كانت تخور عليهم خوارا مناسبا لقول القائل يا فاطمة فقلت
في ذلك:
يا دعوة مغبرة قائمة * كأنها من سفر قادمة
قد قدموا فيها مسيحية * أضحت على إسلامها نادمة
نعم وشطرنجية لم تزل * أيد وأيد حولها حائمه
فلم نزل في لعقها ساعة * ثم نفضناها على قائمة
وبعدها معتدة أختها * عابدة قائمة صائمة
في حجرها أطراف موؤودة * قد قتلتها أمها ظالمه
والقنبيات فلا تنسها * فحيرتي في وصفها دائمه
أقنب ما امتد في إصبعي * أم حية في وسطها نائمه
والموكبيات بسلطانها * قد تركت آنافنا راغمه
والحسكيات فلا تنس في * خندقها أوتادها القائمة
وجام صابونية بعدها * فأمخر بها إذ كانت الخاتمة
ظل الكراري مستعيرا * من عصبة في داره طاعمه
وقال أن ابني عليل ولي * قيامة من أجله قائمة
وولولت داياته حوله * وليس إلا عبرة ساجمه
قال والقصيدة طويلة باردة نشبت في كتابتها فكتبت منها هذا
وله:
لا تنكرن إهداءنا لك منطقا * منك استفدنا حسنه ونظامه
فالله عز وجل يشكر فعل من * يتلو عليه وحيه وكلامه
وقال وقد صادف على باب ابن رستم عثمانيين أسودين معتمين
بعمامتين حمراوين فامتحنهما فوجدهما من الأدب خاليين فدخل إلى مجلس أبي
علي وتناول الدواة والكاغد من بين يديه وكتب بديها:
رأيت بباب الدار أسودين * ذوي عمامتين حمراوين
كجمرتين فوق فحمتين * قد غادرا الرفض قرير العين
جدكما عثمان ذو النورين * فما له انسل ظلمتين
يا قبح شين صادر عن زين * حدائد تطبع من لجين
ما أنتما إلا غرابا بين * طيرا فقد وقعتما للحين
وخليا الشيعة للسبطين * الحسن المرضي والحسين
لا تبرما ابرام رب الدين * ستعطيان في مدى عامين
وقال لأبي عمر بن عصام وكان ينتف لحيته:
يا من يزيل خلقة الر * حمن عما خلقت
تب وخف الله على * ما قد جنت واجترحت
هل لك عذر عنده * إذا الوحوش حشرت
في لحية إن سئلت * بأي ذنب قتلت
وله:
ما أنسى لا أنسى حتى الحشر مائدة * ظلنا لديك بها في أشغل الشغل
إذ أقبل الجدي مكشوفا ترائبه * كأنه متمط دائم الكسل
قد مد كلتا يديه لي فذكرني * بيتا تمثلته من أحسن المثل
كأنه عاشق قد مد بسطته * يوم الفراق إلى توديع مرتحل
وقد تردى بأطمار الرقاق لنا * مثل الفقير إذا ما راح في سمل
وله:
لنا صديق نفسنا * في مقته منهمكه
أبرد من سكونه * وسط الندي الحركة
وجدري وجهه * يحكيه جلد السمكة
أو جلد أفعى سلخت * أو قطعة من شبكة
أو حلق الدرع إذا * أبصرتها مشتبكة
أو كدر الماء إذا * ما الريح أبدت حبكة
أو سفن محبب * أو كرش منفركة
أو منخل أو عرض * رقيقة منهتكة
أو حجر الحمام كم * من وسخ قد دلكه
أو كور رنبور إذا * أفرخ فيه تركة
أو سلحة يابسة * قد نقرتها الديكة
وله:
لا وانسي وفرحتي بكتاب * أتى منه في عيد أضحى وفطر
ما دجا ليل وحشتي قط إلا * كنت لي فيه طالعا مثل بدر
بحديث يقيم للأنس سوقا * وابتسام يكف لوعة صدري

(١) من الترجمات التي توفى المؤلف قبل أن يكتبها (ح)
(٧٩)

وله يصف القلم:
وله حسام باتر في كفه * يمضي لنقض الأمر وتوكيده
ومترجم عما يجن ضميره * يجري بحكمته لدى تسويده
قلم يدور بكفه فكأنه * فلك يدور بنحسه وسعوده
وله:
بانوا وابقوا في حشاي لبينهم * وجدا إذا ظعن الخليط أقاما
لله أيام السرور كأنما * كانت لسرعة مرها أحلاما
لو دام عيش رحمة لأخي هوى * لأقام لي ذاك السرور وداما
يا عيشنا المفقود خذ من عمرنا * عاما ورد من الصبا أياما
وله الأبيات المشهورة:
يا من حكى الماء فرط رقته * وقلبه في قساوة الحجر
يا ليت حظي كحظ ثوبك من * جسمك يا واحدا من البشر
لا تعجبوا من بلى غلالته * قد زر أزراره على القمر
والبيت الأخير من الثلاثة المتقدمة الذي استشهد به المصنف على أن
اطلاق اسم المشبه على المشبه به بعد إدعاء دخوله في جنس المشبه فيكون
استعمال الاستعارة في المشبه استعمالا فيما وضعت له
وله في القلم:
وإذا انتضى قلما لخط * ب خلت في يمناه نصلا
يردي به من زاع عن * سبيل الهدى كيدا وختلا
كم رد عادية الخطو * ب وكم أعز وكم أذلا
يجري فيؤمن خائفا * ويصيب في الأعداء تبلا
وله في رد الجواب على ظهر الكتاب:
قد فهمت الكتاب طرا وما * زال نجيي ومؤنسي وسميري
وتفألت بالظهور على الواشي * فصارت إجابتي في الظهور
وتبركت باجتماع الكلامين * رجاء اجتماعنا في سرور
وله يهجو أبرص و يرميه بالدعوة:
أنت أعطيت من دلائل رسل * الله آيا بها علوت الرؤسا
جئت فردا بلا أب وبيمناك * بياض فأنت عيسى وموسى
وله:
يا من يخاف أن يكو * ن ما يكون سرمدا
أما سمعت قولهم * أن مع اليوم غدا ٢٠٢:
أبو الفرج محمد بن أحمد الغساني المعروف بالوأواء الدمشقي.
ولادته ووفاته
لم يشر أحد من المؤرخين إلى سنة ولادته. أما وفاته فان الثعالبي لم
يشر إليها أيضا فظل من أخذوا عنه يهملون ذكرها، حتى جاء ابن خلكان
في وفيات الأعيان ففعل فعلهم، ولما استدرك عليه ابن شاكر في فوات
الوفيات جعل سنة ٣٩٠ تاريخا تقريبيا لوفاته على أن الدهان يرجح أنها سنة
٣٧٠.
ألقابه
يروي الثعالبي في اليتيمة نقلا عن أبي بكر الخوارزمي أن لقب
الوأواء لحقه لأنه كان مناديا في دار البطيخ بدمشق ينادي على
الفواكه وتلقيبه بالدمشقي أما لأنه ولد في دمشق أو نشأ فيها أو سكنها
فترة طويلة. وقد ترجم له ابن عساكر في جملة الدمشقيين، وقال الذهبي
عنه: هو من حسنات الشام ليس للشاميين في وقته مثله.
والغساني نسبة إلى الغساسنة ولعله يرتبط بهم بالنسب، وقد كانوا
امراء العرب في الشام قبل الاسلام.
نشأته
يقول القفطي نقلا عن ابن عبد الرحيم في طبقات الشعراء أن
الوأواء كان في أول أمره أحد العامة، وكان جابيا في فندق يتولى بيع
الفاكهة ويجتني أثمانها ولم يكن من أهل الأدب ولا ممن يعرف قول الشعر.
وقال الباخرزي في دمية القصر: وأما أبو الفرج فقد كان يسعى
بالفواكه رائحا وغاديا ويتغنى عليها مناديا.
أول ما عرف بالشعر
أول ما نعرف له من الشعر قصيدته الميمية التي يمدح بها الشريف
العقيقي والتي يقول في مطلعها:
تظلم الورد من خديه إذ ظلما * وعلم السقم من أجفانه السقما
وقد أجازه العقيقي عليها بعشرين دينارا ويقول القفطي: إن هذه
القصيدة كانت أول شئ عمله وإن الناس تسامعوا بها فاشتهر بينهم ذكره.
وقد جعلته هذه العشرون دينارا يتوفر على الشعر ويفارق ما كان فيه.
ويبدو أن هذه البداية الحسنة قد وطدت صلته بالشريف العقيقي
فنظم في مدحه قصيدة ثانية بدأ فيها تأثير الفقر واضحا فيه إذ هو يطلب منه
ثيابا. ثم أردفها بثالثة يستنجد فيها به من عوادي الزمان.
من هو العقيقي
العقيقي: نسبة إلى وادي العقيق في المدينة. ويقول الدهان:
الشريف ممدوح الوأواء كما يبدو من هذه القصائد شجاع كريم. وهو
علوي من أهل بيت تعالوا على الأقدار. والتاريخ يذكر العقيقي هذا كسيد
من أسياد دمشق ووجوه الأشراف بها وأولي المراتب العالية والممدحين فيها
وأنه عالم من علمائها، وقد شارك العلماء في علمهم والشعراء في شعرهم.
وقد عرفت له دمشق هذا الفضل فلما توفي أغلقت المدينة وسار في جنازته
نائب البلد. والعقيقي كان بمرتبة الأمراء يسكن قصرا واسعا بباب البريد
كان يسمى دار العقيقي وكان له حمام إلى جانبه. وقد ظلت الدار زمانا
أحسن ما في دمشق من دور عظيمة فقد سكنها نجم الدين أيوب والد
صلاح الدين الأيوبي ثم اشتراها الملك السعيد وهدمها وبنى مكانها مدرسة
وضريحا لوالده الملك الظاهر. وهي ما تزال حتى اليوم من الأبنية القديمة
الجميلة وقد تحول البناء إلى مكتبة حافلة.

(١) يوجد شاعر اخر غير المترجم يلق بالوأواء، ويكنى كذلك بابي الفرج عاش في القرن السادس
واسمه عبد القاهر بن عبد الله بن الحسين الحلبي النحوي. ذكر الصفدي انه شرح ديوان
المتنبي ومات بحلب سنة ٥٥١ ونقل عنه السيوطي في (بغية الوعاة) وذكره كذلك حاجى
خليفة وحدد وفاته سنة ٦١٣ (الديوان).
(٢) والوأوأة صياح ابن وى أو صياح الكلب (تاج العروس) المحمدون من الشعراء.
(٨٠)

اتصال العقيقي بسيف الدولة الحمداني
يقول ابن العديم أن الشريف العقيقي كان على اتصال بسيف الدولة
وأنه زاره في حلب فكان سيف الدولة حفيا به مجلا له. وقد زار سيف
الدولة دمشق سنة ٣٣٤ وربما كان قد حل ضيفا على صديقه العقيقي، ولا
تمكن أن تفوت الوأواء هذه المناسبة فمدح سيف الدولة.
وزيارات سيف الدولة لدمشق تكررت وإن تكن قد وقعت جفوة
باعدت بينه وبين صديقه العقيقي. ثم غدا الوأواء بعد ذلك من شعراء
سيف الدولة.
ولا شك أن معظم حياة الوأواء مضت في دمشق، ولا ندري كم
أمضى منها في حلب ومترددا بينها وبين دمشق. ولدينا من مدائحه في
العقيقي أربع قصائد لا تتجاوز الخمسين والمئة بيت، ومن مدائحه في
سيف الدولة ثلاث قصائد تبلغ أبياتها المئة بيت. وبذلك عدوه من شعراء
حلب كما عدوا المتنبي والنامي والسري الرفاء وكشاجم.
تشيعه
عصر الوأواء كان عصر التشيع فهذا سيف الدولة الحمداني ودولته
الشيعية في حلب. وهذا الشريف العقيقي، السيد الشيعي الجليل في
دمشق، وغيرهما في غير حلب غير دمشق وتشيع الوأواء صريح في شعره
فهو يقول مثلا:
إني سألتك بالنبي محمد * ووصيه الهادي الأمين المهتدي
ويقول:
ولهي عليه أشهر من * وله البتول على الحسين
ويقول:
كان خفيات الكواكب في الدجى * بياض ولاء لاح في قلب ناصبي
ويقول في مدح الشريف العقيقي:
علوي من أهل بيت تعالوا * دون أقدارهم على الأقدار
ويقول في مدح سيف الدولة:
قل لسمي الوصي يا ثاني القطر ويا ثالث الربيعين
أغراض شعره
أكثر شعر الوأواء هو الغزل، وهو لا يطيل في قصائده الغزلية فأكبر
قصيدة له فيه لا تزيد عن العشرين بيتا والباقي مقطعات بين الثلاثة والستة
أبيات، والبقية بين الخامس عشر والعشرين. وله شعر في باب
الخمريات، وعدا المديح فقد أكثر في وصف الطبيعة: وصف الليل والبدر
والثريا والنجوم والسماء كلها، كما وصف الورد والزهر والنرجس
والشقائق. وكذلك وصف الإبل والشمعة.
أما المديح فلم يتعد فيه مدح سيف الدولة والشريف العقيقي. وأما
الهجاء فلم نجد له فيه إلا قصيدة واحدة.
ديوانه
قال الثعالبي في اليتيمة: أنشدني أي أبو الحسن المصيصي لمعا
يسيرة من شعره وذكر أنه سمعها من أنشاده. وأول من حصل ديوانه إلى
نيسابور أبو نصر سهل بن المرزبان فإنه استصحبه من بغداد في جملة ما
حصله من اللطائف والبدائع التي عني بها وأنفق الرغائب عليها، وأتحفني
بذلك في دفتر صغير الجرم خفيف الحجم ثم ألحق به ما استملاه من القوال
المعروف بعين الزمان. وهو غير ثقة في الرواية والحكاية.
ويبدو أن الديوان نقل من الشام إلى بغداد أولا، ثم منها إلى نيسابور
بلد الثعالبي ووقع ابن عساكر منذ القرن السادس على شعر الوأواء رآه
منسوبا إليه بالاسناد الطويلة، فلما نظر في نسخة ديوانه لم يجد الشعر.
وفي العام ١٣٦٩ ١٩٥٠ طبع المجمع العلمي الدمشقي ديوان
الوأواء بتحقيق الدكتور سامي الدهان.
رأي النقاد به
قال الثعالبي: أنه من حسنات الشام وصاغة الكلام وما زال يشعر
حتى جاد شعره وسار كلامه ووقع فيه ما يروق ويشوق ويفوق حتى يعلو
العيوق.
وقال ابن عساكر: له شعر حسن مطبوع. وقال الكبتي: شاعر
مطبوع منسجم الألفاظ عذب العبارة حسن الاستعارة جيد التشبيه. وقال
القفطي: وتسامع الناس به فاشتهر بينهم ذكره فاستطابوا طريقة شعره.
وفي المعاصرين يقول الدكتور الدهان: هو رقيق عذب تأخذه
الحضارة ولينها، فيسهل حتى لا غرابة في مفرداته ولا تعقيد في لفظه.
وطورا يسرف في اللين حتى يسقط أعياء فيستمد مفرداته من وسطه الذي
يعيش فيه ويختار ألفاظه من حيه الذي يصبح عليه ويمسي. ويقول عنه
أيضا: إن الرجل عاش في الشام واشتهر في نيسابور أكثر ما اشتهر، وكل
من نقل عنه وحفظ منه كان من نيسابور أو من بغداد.
ويقول أيضا: لم يشتهر شعر الوأواء في عصور الأدب العربي كما
اشتهر غيره من فحولة العصر الحمداني كالمتنبي وأبي فراس، ولكنه عرف
المستحسنين والمحبين منذ القرن الرابع الهجري فعني به أبو بكر الخوارزمي
وكان يحفظ كثيرا من الشعر العربي فحمله في صدره أو كتبه في دفتر وراح
يرويه في نيسابور وعنه نقل الثعالبي إلى كتابه اليتيمة وغيره من كتبه.
وأعجب به في العصر نفسه أبو الحسن المصيصي وأما أبو نصر سهل بن
المرزبان وهو من معاصريه فقد سافر إلى بغداد واشترى ديوانه ونقله إلى
نيسابور.
وقال أيضا: ربما استخلص من ديوانه تشيع الناس في زمنه وسير
الوأواء في جملتهم. ٢٠٣:
أبو علي محمد بن أبي الحسن أحمد بن الناصر الكبير
لما توفي أبوه بايعه الناس وكان من السادات السابقين في الجلادة
والرجولية ولما حكم كان ما كان بن كاكي أمير كيلان وكانت زوجة والد أبي
القاسم جعفر بنت بنته فاتى بإسماعيل بن أبي القاسم جعفر إلى آمل مع أنه
صغير ووضع على رأسه تاج الملك وقبض على أبي علي محمد وأرسله إلى
كركان وكان ابن أخيه علي بن حسين بن كاكي في كركان فوضعه عنده
فأكرمه واحترمه فلما كان في بعض الليالي وهو جالس في مجلس علي بن
الحسين بن كاكي وصل الحال إلى الضرب والقتل واستولى على حكومة
(٨١)

كركان وبايعه الناس واستخلص أيضا ملك طبرستان وكان ملكا سائسا
مطاعا ثم عثر به جواده يوما في ميدان آمل فوقع ومات. وعلى قبره قبة
مقابل قبة الداعي ثم بايع الناس اخاه الداعي أبا جعفر ٢٠٤:
الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن
هو الذي ذكر في أوائل سند الصحيفة الكاملة بلفظ: قال أخبرنا
الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن لخزانة مولانا
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في شهر ربيع الأول سنة ٥١٦ إلى اخره
وعلى هذا فهو من المتأخرين عن الشيخ الطوسي ولعله بعينه الذي ذكره
منتجب الدين في فهرسه ووصفه بالفقه والاصلاح ويظهر من اسناد كتاب
سليم بن قيس الهلاني أن ابن شهريار الخازن روى عن الشيخ المقري أبي
عبد الله محمد بن الكمال ويروي الشريف الجليل نظام الشرف أبو الحسن
العريضي عن ابن شهريار الخازن ولعله هو هذا الشيخ أيضا ٢٠٥:
أبو عبد الله محمد بن أبي العباس أحمد بن أبي محمد اسحق المؤتمن
قال ضامن: كان أميرا بالمدينة المنورة ٢٠٦:
السيد محمد ابن السيد احمد النقيب بن سعد الحسيني المدني
ذكره السيد ضامن بن شدقم في كتاب أنسابه الذي وجدناه بخطه
وكان معاصرا له فقال أنه كان عظيم الحيل والمكر تولى بعد والده مناصبه
الثلاثة ثلاث مرات تخللها عزلتان آه وقد ذكرت ترجمة والده في بابها
نقلا عن الكتاب المذكور لكنها كانت ناقصة من أولها فلم يعلم منها ما هي
المناصب الثلاثة التي كان قد تولاها أبوه سوى نقابة الاشراف وولاية بيت
المال وذكر السيد ضامن المذكور ما يدل على وقوع النفرة الشديدة بينه وبين
المترجم وأنه كتب إلى الشريف أبي طالب بن حسن بن أبي نمى يشكوه وأن
المترجم نهض غازيا مع الدولة الحسنية وكان من أعيان أشوارها وأكبر
أنصارها على بادية ظفير فغنموا منهم ما غنموا وقتل المترجم بالقرب من
جبل شمر بموضع يقال له وسمة وكفن بكفن جديد ودفن هناك في كهف
جبل بغير غسل ولا صلاة عليه مقولا أنه شهيد وذلك يوم الأربعاء عاشر
صفر سنة ١٠١٦ ثم صلى عليه أخوه بالمدينة صلاة الغائب تقليدا لمن يقول
بها آه. ٢٠٧:
أبو علي محمد الأعرج بن أحمد بن موسى المبرقع بن محمد الجواد بن علي بن
موسى بن جعفر ع
توفي في قم يوم الأحد لثلاث مضين من ربيع سنة ٣١٥ ودفن في
مقبرة جده موسى المبرقع
اليه تنتهي سلسلة السادات الرضوية في المشهد المقدس، قال في
الشجرة الطيبة:
كان ذا فضل كثير حسن المحاورة والمنظر فصيح عالم عاقل يضع برقعا
على وجهه كجده موسى، قال صاحب تاريخ قم: لما أتى أبو علي مع بعض
بناته فاطمة وأم سلمة إلى قم بالغ عرب قم في اعزازه واكرامه وقيل إنهم
أرسلوا اليه أولا أن اخرج من بلدنا فقال لهم هذا البلد ليس لكم بل هو
ملك الله تعالى وكل من أراد أن يدخله فله ذلك فاعتذروا اليه وأكرموه
وروى أحمد بن إسماعيل سمكة النحوي أنه لما ولي أبو مسلم محمد بن بحر
الأصبهاني قم كان يركب كل جمعة ويزور رؤساء قم وفي يوم جمعة كنت
بصحبته فابتدأ بزيارة أبي علي محمد بن الرضاوي حيث جاء بصحبته وكان
أبو علي جالسا في موضع نظيف لابسا ثيابا خضراء فسلم عليه أبو علي
وأكرمه وشكر سعيه ثم خرج أبو مسلم وذهب إلى دار عبد الله بن العباس
العلوي فدخل داره وتحدث معه وجلس عنده وتفرج على أقفاص العماري
والطيور التي في الدار ثم سلم أو مسلم وخرج وجاء إلى دار أبي سهل بن أبي
طاهر الأشقري فزاره وأدى حقه ثم خرج وجاء إلى علي بن أحمد بن علي
الشجري فسلم عليه وزاره وخرج وقال لي يا علي لا أشبه أبا علي يعني
محمد بن الرضا في سكونه وجلوسه وفضله الا بالأئمة ع ولا
أشبه عبد الله بن العباس العلوي الا بمن رأيتهم في بغداد بدرب الطاق فلم
لا تقول بامامة أبي علي مع أنها اجتمعت فيه خصال الخير فقلت معاذ الله أن
أقول بامامة غير الأئمة الاثني عشر المحققة إمامتهم ولو ادعى أبو علي
الإمامة مع وجود شرف نسبه واشتهار فضله لتجنب عنه كما تباعدت عن
جعفر الكذاب بسبب دعواه الإمامة فقال أبو مسلم اني أتعجب من اعتقادك
وقولك وكان أبو مسلم معتزليا. وراوي هذا الخبر أحمد بن إسماعيل بن
سمكة من أكابر العلماء وأهل الفضل وأستاذ ابن العميد ومن تلامذة
أحمد بن محمد بن خلد وينقل عنه جعفر بن محمد بن قولويه أستاذ المفيد
وصاحب كامل الزيارة في كتبه أحاديث. وكان لابي علي محمد الأعرج من
الأولاد أبو عبد الله احمد وأربع بنات فاطمة وأم سلمة وبريهة وأم كلثوم
ودفن بناته في مقبرة جدهم موسى المبرقع وذكر المجلسي في السما والعالم أن
في جنب قبر فاطمة بنت موسى بن جعفر سبعا من العلويات وجاريتين أم
محمد بنت موسى المبرقع توفيت بعد ميمونة أخت أم محمد يعني بنت موسى
وعلى قبريهما قبة ثم توفيت أم اسحق جارية محمد بن موسى ثم أم حبيب
جارية أبي علي محمد بن أحمد ودفنا بجنب قبر فاطمة بنت الكاظم ع
واخت محمد بن موسى التي هي بنت موسى المبرقع أيضا دفنت هناك وبنات
الجواد ع زينب وأم محمد وميمونة أيضا دفن هناك ثم دفنت هناك
بريهة بنت موسى المبرقع والقبة التي على قبر فاطمة بنت موسى بن جعفر من
بناء زينت بنت الجواد ع ٢٠٨:
محمد بن أحمد بن العلقمي
مؤيد الدين أبو طالب محمد بن أحمد بن محمد بن علي ابن العلقمي
الأسدي الوزير، ذكره مؤلف الحوادث في وفيات سنة ٦٥٦ قال: ذكر
من توفي الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي في جمادى الآخرة ببغداد
وعمره ثلاث وستون سنة، كان عالما فاضلا أديبا يحب العلماء ويسدي
إليهم المعروف وقال قبل ذلك: فتوفي الوزير مؤيد الدين محمد بن
العلقمي في مستهل جمادى الآخرة ودفن في مشهد موسى بن جعفر عليهما
السلام فامر السلطان هولاكو أن يكون ابنه عز الدين أبو الفضل وزيرا
بعده.
وقال الخزرجي في وفيات سنة ٦٥٦: وفي هذه السنة توفي الوزير
مؤيد الدين محمد بن محمد بن العلقمي البغدادي الرافضي وكان عالما
فاضلا أديبا حسن المحاضرة دمث الأخلاق كريم الطباع خير النفس،
كارها للظلم خبيرا بتدبير الملك لم يباشر قلع بيت ولا استئصال مال،

(١) الرياض
(٢) من الترجمات التي توفى من قبل أن يكتبها. وهذه بقلم الدكتور مصطفى جواد
(٣) الحوادث " ص ٣٣٣، ٣٣٦ ".
(٨٢)

اشتغل بالنحو وعلم الأدب في شبيبته بالحلة على عميد الرؤساء
هبة الله بن حامد بن أيوب ثم قدم بغداد وقرأ على أبي البقاء
عبد الله بن الحسين العكبري ثم انضم إلى خاله أستاذ دار الخلافة عضد
الدين أبي نصر المبارك بن الضحاك وكان شيخ الدولة فضلا وعلما
ورئاسة وتجربة فتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه، واستنابه في ديوان الأبنية
وشغله بعلم الانشاء إلى أن توفي خاله، فانقطع ولزم داره، واستمر شمس
الدين أبو الأزهر أحمد بن الناقد أستاذ الدار فاستدعى مؤيد الدين إلى دار
التشريفات وأمره بالتردد إليها في كل يوم ومشاركة النواب بها، فلما نقل
أستاذ الدار أحمد بن الناقد إلى الوزارة نقل مؤيد الدين إلى أستاذية الدار
فكان على ذلك إلى أن توفي الوزير أحمد بن الناقد فانتقل مؤيد الدين إلى
الوزارة ولم يزل على ذلك إلى أن انقضت الدولة العباسية وأقر في الدولة
التترية على الوزارة وتغيرت أحواله ولم يتم له ما أراد ولم يظن أن التتر
يبذلون السيف مطلقا فإنه راح تحت السيف الرافضة والسنة وأمم لا
يحصون وذاق الهوان والذل من التتر وذلك في أول جمادى الآخرة من السنة
المذكورة. وقال المؤرخ نفسه في ترجمة أبي المعالي القاسم بن أبي
الحديد: ثم استكتبه الوزير نصير الدين أحمد بن الناقد بين يديه إلى آخر
أيامه ولما عجز الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي أجراه على عادته في الكتابة
بين يديه ثم جعله كاتب ديوان الانشاء.
والقارئ يتعجب كل العجب من قول هذا المؤرخ ولم يتم له ما
أراد ولم يظن أن التتر يبذلون السيف مطلقا كان ابن العلقمي هو الذي
أنشأ الدولة المغولية وألهمها فكرة الفتوح مع أنها كانت تسير بفكرة الفتوح
قبل مولد الوزير ابن العلقمي، وكيف لا يعلم أنهم يبذلون السيف وقد
اشتهر بذلهم السيف في بلاد المسلمين منذ فتوحاتهم الأولى واجتياحهم البلاد
الاسلامية على عهد خوارزمشاه محمد بن تكش سنة ٦١٧ ه.
وما دخل ابن العلقمي في حركتهم؟ إنما اتهم بذلك لأنه كان شيعيا
ولو كان غير شيعي ما اتهمه أحد،
وقال الصفدي: محمد بن محمد بن علي أبو طالب الوزير المدبر
مؤيد الدين ابن العلقمي البغدادي الرافضي وزير المستعصم ولي الوزارة
أربع عشرة سنة فأظهر الرفض قليلا، وكان وزيرا كافيا خبيرا بتدبير
الملك ولم يزل ناصحا لأستاذه حتى وقع بينه وبين الدوادار (الصغير مجاهد
الدين أيبك) لأنه كان يتغال في السنة وعضده ابن الخليفة أحمد ولي
العهد فحصل عنده من الضغن ما أوجب له أن سعى في دمار الاسلام
وخراب بغداد كذا على ما هو مشهور لأنه ضعف جانبه وقويت شوكة
الدوادار بحاشية الخليفة حتى قال في شعره:
وزير رضى من بأسه وانتقامه * بطي رقاع حشوها النظم والنثر
كما تسجع الورقاء وهي حمامة * وليس لها يطاع ولا أمر
وأخذ يكاتب التتار إلى أن جر هولاكو وجرأه على أخذ بغداد وقرر مع
هولاكو أمورا انعكست عليه كذا وندم حيث لا ينفعه الندم وكان كثيرا
ما يقول: وجرى القضاء بعكس ما أملته، لأنه عوامل بأنواع الهوان من
أراذل التتر والمرتدة، حكي أنه كان في الديوان جالسا فدخل بعض التتار
ممن لا له وجاهة راكبا فرسه فساق إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير
وخاطبه بما أراد وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير وهو
صابر لهذا الهوان، يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده. وقال له بعض أهل
بغداد: يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه وحميت الشيعة حمية لهم وقد قتل من
الأشراف الفاطميين خلق لا يحصون وارتكب من الفواحش مع نسائهم
وافتضت بناتهم الأبكار مما لا يعلمه إلا الله تعالى. فقال: بعد أن قتل
الدوادار ومن كان على مثل رأيه لا مبالاة بذلك. ولم تطل مدته حتى مات
غما وغبنا في أول سنة سبع وخمسين وستمائة، مولده في شهر ربيع الأول
سنة إحدى وتسعين وخمسمائة... اشتغل بالحلة على عميد الرؤساء ابن
أيوب وعاد إلى بغداد وأقام عند حاله عضد الدين أبي نصر المبارك ابن
الضحاك، وكان أستاذ الدار، ولما قبض على مؤيد الدين القمي وكان
أستاذ الدار فوضت الأستاذ دارية إلى شمس الدين ابن الناقد ثم عزل
وفوضت الأستاذ دارية إلى ابن العلقمي، فلما توفي المستنصر بالله وولي
الخلافة أمير المؤمنين المستعصم وتوفي الوزير نصير الدين أبو الأزهر أحمد
ابن الناقد وزر ابن العلقمي وكان قد سمع الحديث واشتغل على أبي البقاء
العكبري وحكي أنه لما كان يكاتب التتار تحيل مرة إلى أن أخذ رجلا وحلق
رأسه حلقا بليغا وكتب ما أراد عليه بوخز الإبر كما يفعل بالوشم ونفض
عليه الكحل وتركه عنده إلى أن طلع شعره وغطى ما كتب، فجهزه وقال:
إذا وصلت مرهم بحلق رأسك ودعهم يقرؤون ما فيه، وكان في آخر
الكلام قطعوا الورقة. فضربت رقبته. وهذا غاية في المكر والخزي والله
أعلم.
قلت: بل المكر والخزي اللذان بلغا الغاية هما صفتا من ابتدع هذه
التهمة على ابن العلقمي، فليت شعري من خبر بهذا الفعل لو صح أ ابن
العلقمي؟ أم الذي قطع رأسه أم المغول الذين إدعي في الخبر أنهم
روسلوا؟ وذلك من أهم أسرار دولتهم لو كان صحيحا، ولكنه خبر مفتعل
مولد مختلق، لأن الوزير كان يستطيع أن يوصل إليهم كتابه بغير تكلف
لهذا العمل، لأنه كان وزيرا فلا يعترض رسوله أحد، بله أن طرق التسلل
كثيرة وطرائق الايصال كثيرة وكيف يستجيز مسلم كابن العلقمي قطع رأس
رسول مسلم وهو قطع محرم لأنه قتل للنفس التي حرم الله.
وقال ابن الطقطقي وهو من أنصف المؤرخين: وزارة مؤيد الدين
أبي طالب محمد بن أحمد ابن العلقمي، هو أسدي أصلهم من النيل وقيل
لجده العلقمي لأنه حفر النهر المسمى بالعلقمي وهو الذي برز الأمر
الشريف السلطاني بحفره وسمي القازاني. اشتغل في صباه بالأدب ففاقه
فيه وكتب خطا مليحا وترسل ترسلا فصيحا، وضبط ضبطا صحيحا وكان
رجلا فاضلا كاملا لبيبا كريما وقورا محبا للرئاسة كثير التجمل، رئيسا

(٣) قدمنا ذكره في وفيات سنة ٦٢٧.
(١) العسجد المسبوك " نسخة المجمع المصورة، و ١٨٣ ".
(٢) المرجع المذكور " و ١٩٤ ". (١) لم يذكر المؤرخ كيف أظهر الرفض قليلا وما أفعال الاظهار التي ارتكبها؟ إنما هي أقوال باطلة
نقلها بعض عن بعض.
(٢) قلنا إن صح هذا الخبر فالعار على الدولة التترية المتوحشة التي تتغاضى عن فعل هذا القائد،
وإلا فما ذنب الوزير؟ فقد علموا أنه كان مخلصا للخليفة فاستوزروه وكيف يأتمنون خائنا؟
فإنه لا يلبث أن يكون مستعدا لخيانتهم ".
(١) لم يكن مؤيد الدين يوم قبض عليه الخليفة المستنصر أستاذ الدار بل نائب الوزارة.
(٢) هذه كذبة ثالثة للمؤرخ فإن ابن الناقد لم يعزل بل رفع إلى نيابة الوزارة باجماع المؤرخين
العارفين.
(٣) الوافي بالوفيات " ١: ١٨٥، ١٨٦ الطبعة الأولى ". وقد ترجمه ابن شاكر الكتبي بمثل ما
ترجمه به الصفدي، بلا زيادة ولا نقص وذلك يدل على أنه نقلها من الوافي بالوفيات.
(٨٣)

متمسكا لقوانين الرئاسة، خبيرا بأدوات السياسة، لبيق الأعطاف بآلات
الوزارة وكان يحب أهل الأدب، ويقرب أهل العلم، اقتنى كتبا كثيرة
نفيسة. حدثني ولده شرف الدين أبو القاسم علي رح قال: اشتملت
خزانة والدي على عشرة آلاف مجلد من نفائس الكتب، وصنف الناس له
الكتب، فممن صنف له الصاغاني اللغوي صنف له العباب وهو كتاب
عظيم كبير في لغة العرب وصنف له عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد
كتاب شرح نهج البلاغة، يشتمل على عشرين مجلدا فأثابهما وأحسن
جائزتهما. وكان ممدحا مدحه الشعراء، وانتجعه الفضلاء، فممن مدحه
كمال الدين ابن السبوقي بقصيدة من جملتها:
مؤيد الدين أبو طالب * محمد بن العلقمي الوزير
وهذا بيت حسن جمع فيه بين لقبه وكنيته واسمه واسم أبيه وصنعته.
وكان مؤيد الدين الوزير عفيفا عن أموال الديوان وأموال الرعية متنزها
مترفعا قيل إن بدر الدين صاحب الموصل أهدى إليه هدية تشتمل على كتب
وثياب ولطائف قيمتها عشرة آلاف دينار، فلما وصلت إلى الوزير حملها إلى
خدمة الخليفة وقال: إن صاحب الموصل قد أهدى لي هذا واستحييت منه
أن أرده إليه، وقد حملته وأنا أسال قبوله. فقبل ثم إنه أهدى إلى بدر الدين عوض هديته شيئا من لطائف بغداد قيمته اثنا عشر ألف دينار
والتمس منه أن لا يهدي إليه شيئا بعد ذلك. وكان خواص الخليفة جميعهم
يكرهونه ويحسدونه، وكان الخليفة المستعصم يعتقد فيه ويحبه، وكثروا
عليه عنده، فكف يده عن أكثر الأمور، ونسبه الناس إلى أنه خامر وليس
ذلك بصحيح ومن أقوى الأدلة على عدم مخامرته سلامته في هذه الدولة فان
السلطان هولاكو لما فتح بغداد وقتل الخليفة سلم البلد إلى الوزير وأحسن
إليه وحكمه. فلو كان قد خامر على الخليفة لما وقع الوثوق إليه. حدثني
كمال الدين أحمد ابن الضحاك وهو ابن أخت الوزير مؤيد الدين ابن
العلقمي قال: لما نزل السلطان هولاكو على بغداد أرسل يطلب الوزير
إليه. قال: فبعث الخليفة فطلب الوزير فحضر عنده وأنا معه، فقال له
الخليفة: قد أنفذ السلطان يطلبك وينبغي أن تخرج إليه. فحرج الوزير
من ذلك وقال: يا مولانا إذا خرجت فمن يدبر البلد ومن يتولى المهام؟
فقال له الخليفة: لا بد أن تخرج فلما حضر بين يدي السلطان وسمع كلامه
وقع بموقع الاستحسان. وكان الذي تولى تربيته في الحضرة السلطانية
الوزير السعيد نصير الدين محمد الطوسي قدس الله روحه فلما فتحت
بغداد سلمت إليه وإلى علي بهادر الشحنة، فمكث الوزير شهورا ثم مرض
ومات رح في جمادي الأولى سنة ست وخمسين وستمائة
وذكره ابن كثير الدمشقي وهو أشد المؤرخين تعصبا أعمى على
الشيعة وأكثرهم تخليطا عليهم، وقد نشأ في عصر كان قتل الشهيد الأول
السعيد محمد بن مكي من أيسر الأمور على أهل الشام والحكام قال وهو
المسؤول بين يدي الله تعالى عما قال من زور المقال: الوزير ابن العلقمي
الرافضي محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن أبي طالب الوزير مؤيد الدين
ابن العلقمي وزير المستعصم البغدادي. خدم في أيام المستنصر أستاذ دار
الخلافة مدة طويلة ثم صار وزير المستعصم، وكان وزيرا شؤما على نفسه
وعلى الخليفة وعلى المسلمين مع أنه من الفضلاء في الانشاء والآداب، وكان
رافضيا خبيثا ردئ الطوية على الاسلام وأهله وقد حصل من التعظم
والوجاهة في أيام المستعصم ما لم يحصل لغيره من الوزراء ثم مالأ على
الاسلام وأهله، الكفار أصحاب هولاكو خان حتى فعل ما فعل بالاسلام
وأهله ما فعل مما تقدم ذكره ثم حصل له بعد ذلك من الإهانة والذل على
أيد التتار الذين مالأهم وزال عنه ستر الله وذاق الخزي في هذه الحياة الدنيا
ولعذاب الآخرة أشد. وقد رأته امرأة وهو في الذل والهوان وهو راكب في
أيام التتار برذونا وهو مرسم عليه كذا وسائق يسوق به ويضرب فرسه
فوقفت إلى جانبه فقالت: يا ابن العلقمي هكذا كان بنو العباس
يعاملونك؟ فوقعت كلمتها في قلبه وانقطع في داره إلى أن مات كمدا وغبينة
وضيقا وقلة وذلة في مستهل جمادى الآخرة من هذه السنة سنة ٦٥٦ وله
من العمر ثلاث وستون سنة ودفن بأذنيه ورأى بعينيه من الإهانة من التتار
والمسلمين ما لا يحد ولا يوصف، وتولى بعده ولده الخبيث الوزارة ثم أخذه
الله أخذ القرى وهي ظالمة، سريعا، وقد هجاه بعض الشعراء فقال:
يا فرقة الاسلام نوحوا واندبوا * أسفا على الاسلام والمستعصم
دست الوزارة كان قبل زمانه * لابن الفرات فصار لابن العلقمي
قلت: ما كان أجهل هذا الشاعر السخيف القول الذي شغلته
المقابلة البديعية عن الحقائق، فابن الفرات الوزير الذي مدحه وجعله أهلا
للوزارة كان شيعيا أيضا وقد قتله المقتدر بالله وأعداؤه من أرباب الدولة
العباسية ظلما وعدوانا، صبرا وهو صائم بعد أن قتلوا ابنه ووضعوا رأسه
بين يديه، أ فكان جديرا بالوزارة وفعل به ذلك الفعل فكيف لم لو يكن بها
قمينا؟.
وقال ابن كثير قبل ذلك في حوادث سنة ٦٥٦ أيضا: وكان قدوم
هولاكو بجنوده كلها وكانوا نحوا من مائتي ألف مقاتل في ثاني عشر المحرم
من هذه السنة إلى بغداد وهو شديد الحنق على الخليفة بسبب ما كان تقدم
من الأمر الذي قدره الله وقضاه وهو أن هولاكو لما برز من همذان متوجها إلى
العراق أشار الوزير ابن العلقمي على الخليفة أن يبعث إليه بهدايا ليكون
ذلك مداراة له عما يريده من قصد بغداد وغيرها. قالوا: فخذل الخليفة
عن ذلك داواداره الصغير مجاهد الدين أيبك الشركسي وغيره وقالوا
للخليفة: إن الوزير يريد بارسال الهدايا إلى ملك التتار مصانعة عن نفسه
وأهله. وأشاروا بان يبعث إليه شيئا يسيرا. فأرسل الخليفة شيئا يسيرا،
فاحتقره هولاكو خان وأرسل إلى الخليفة يطلب منه داواداره المذكور وسليمان
شاه (الأيوقي) فلم يبعثهما إليه ولا احتفل به حتى أزف قدومه ووصل إلى
بغداد بجنود كثيرة فأحاطوا ببغداد من ناحيتيها الغربية والشرقية وجنود
بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة لا يبلغون عشرة آلاف فارس وهم في غاية
الضعف، وبقية الجيوش كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثير
منهم في الأسواق وأبواب المساجد وأنشد فيهم الشعراء القصائد يرثون لهم
ويحزنون على الاسلام وأهله، وذلك كله عن رأي الوزير ابن العلقمي
الرافضي فإنه كان وزير سوء، وذلك أنه كان في السنة الماضية كان بين
أهل السنة والرافضة حرب شديدة نهبت فيها الكرخ محلة الرافضة حتى
نهبت دور قرابات الوزير ابن العلقمي فاشتد حنقه من ذلك، فكان هذا مما
هاجه على الاسلام وأهله حتى أضعف عسكر المسلمين ودبر على الاسلام

(١) عني بالتربية السعي في قبوله والرضا عنه لا تربية الصغر.
(٢) الفخري " ص ٣٣٧ - ٣٣٩ طبعة صادر ".
(٣) البداية والنهاية " نسخة دار الكتب الأهلية بباريس ١٥١٦ و ٨٠ ".
(٨٤)

وأهله ما كان سبب فساده مما وقع في هذا الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ مثله
ولا أشنع منه منذ بنيت بغداد وإلى الآن، ولهذا كان الوزير هو أول من برز
إلى التتار في أهله وأصحابه وخدمه وحشمه فارا إليهم فاجتمع بالسلطان
هولاكوخان عليهم لعنه الله ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج والمثول
بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه
للخليفة فاحتاج الخليفة إلى أن خرج في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء
والصوفية ورؤوس الأمراء والدولة والأعيان فلما اقتربوا من مخيم هولاكو
حجبوا أولئك الذين مع الخليفة إلا سبع أنفس، فخلص الخليفة إلى
هولاكو بهؤلاء السبعة وأنزل الباقون عن دوابهم ونهبت مراكبهم وقتلوا عن
آخرهم، وأحضر الخليفة بين يدي هولاكو خان فسأله عن أشياء كثيرة،
فيقال إنه اضطرب كلام الخليفة من هول ما رأى من الإهانة والجبروت ثم
عاد إلى بغداد وفي صحبته خواجة نصير الدين الطوسي والوزير ابن
العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحوطة والمصادرة، فاحضر من دار
الخليفة شيئا كثيرا من الذهب والحلي والمصاع والجواهر النفيسة، وقد أشار
أولئك الملأ والرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو خان أن لا يصالح
الخليفة وقال الوزير: متى وقع الصلح على المناصفة لاستمر هذا إلا عاما أو
عامين ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة.
فلما عاد الخليفة إلى هولاكو أمر بقتله، ويقال إن الذي أشار بقتله الوزير
ونصير الدين الطوسي وكان النصير عند هولاكو قد استصحبه في خدمته لما
فتح قلاع الألموت وانتزعها من أيدي الإسماعيلية، وكان النصير وزيرا
لشمس الشموس الإسماعيلي ولأبيه من قبله علاء الدين بن جلال
الدين، وكانوا ينتسبون إلى نزار ابن المستنصر العبيدي، وانتخب
هولاكو خان النصير ليكون في خدمته كالوزير فلما قدم بغداد وأراد قتل
الخليفة هون عليه هذان الوزيران قتله فقتلوه رفسا بأرجلهم وهو في جوالق
لئلا يقع من دمه شئ إلى الأرض: خافوا أن يؤخذ بثاره فيما قيل لهم.
وقيل بل خنق ويقال: بل غرق والله أعلم، فباؤوا بإثمه وإثم من كان
معه من العلماء والصلحاء والقضاة والرؤساء والأمراء من أولي الحل والعقد
وستأتي ترجمته في الوفيات.
وهاهنا إنتهى تخليط ابن كثير، ومن المؤرخين من امتد تخليطه إلى
ذكره ناقلا غافلا أن هولاكو قتل الوزير ابن العلقمي قال محب الدين العيني
في حوادث سنة ٦٥٦ ووفياتها: الوزير ابن العلقمي الرافضي قبحه
الله واسمه محمد بن أحمد بن علي بن أبي طالب الوزير مؤيد الدين أبو
طالب وذكر ما قال ابن كثير وقال: هذا كله ذكره ابن كثير في تاريخه
وقال بيبرس في تاريخه: وأما الوزير فهو مؤيد الدين ابن العلقمي فان
هولاكو استدعاه بين يديه وعنفه على سوء سيرته وخبث سريرته وممالأته على
ولي نعمته وأمر بقتله جزاءا بسوء فعله فتوسل وبذل الالتزام بالأموال يحملها
واتاوة من العراق يحصلها. فلم يذعن لقبوله ولا أجابه إلى سوء فعله، بل
قتله بين يديه صبرا وأوقعه الله في البئر التي احتفر وخانه فيما قدر صرف
القدر (٣) قال مصطفى جواد: ونسبة بعض المؤرخين ومن لف لفه تسريح
الجنود إلى الوزير ابن العلقمي (٤) تهمة أخرى من هذه التهم الكثيرة الباطلة
التي اتهم بها هذا الوزير فان إدارة شؤون الجيش والتجنيد وإعطاء الأرزاق
كانت بيدي مقدم الجيش مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير خصم الوزير
وعدوه ولا شان للوزير فيها ولا نهي ولا أمر فباي وجه يتهم الرجل باقلال
عدة الجنود بالحل والتسريح؟ قال مؤلف الحوادث في أخبار سنة ٦٥٠:
وفيها فارق كثير من الجند بغداد لانقطاع أرزاقهم ولحقوا ببلاد
الشام (٥) وكانت شؤونهم قبل ذلك متعلقة بمقدم الجيوش إقبال الشرابي
الملقب بشرف الدنى ثم توفى فقد ذكر المؤرخ نفسه في حوادث سنة ٦٤٠
ما عنوانه " ذكر وقعة الأتراك " قال " وفى شعبان حضر جماعة المماليك
الظاهرية والمستنصرية عند شرف الدين إقبال الشرابي للسلام على عادتهم
وطلبوا الزيادة في معايشهم وبالغوا في القول وألحوا في الطلب فجرد
عليهم وقال ما نزيدكم بمجرد قولكم بل نزيد منكم من نزيد إذا أظهر
خدمة يستحق بها فنفروا على فورهم إلى ظاهر السور وتحالفوا على الاتفاق
والتعاضد فوقع التعيين على قبض جماعة من أشرارهم فقبض منهم
اثنان وامتنع الباقون وركبوا جميعا وقصدوا باب البدرية ومنعوا الناس من
العبور فخرج إليهم مقدم البدرية وقبح لهم هذا الفعل فلم يلتفتوا
إليه فنفذ إليهم سنجر الياغر فسألهم عن سبب ذلك فقالوا نريد أن
يخرج أصحابنا وتزاد معايشنا فأنهى سنجر ذلك إلى الشرابي فأعاد
عليهم الجواب أن المحبوسين ما نخرجهما وهم مماليكنا نعمل بهم ما نريد
ومعايشكم ما نزيدها فمن رضى بذلك يقعد ومن لم يرض وأراد الخروج
من البلد فنحن لا نمنعه وطال الخطاب في ذلك إلى آخر النهار ثم مضوا
وخرجوا إلى ظاهر البلد فأقاموا هناك مظهرين للرحيل فبقوا على ذلك
أياما فاجتمع بهم الشيخ السبتي الزاهد وعرفهم ما في ذلك من الاثم
ومخالفة الشرع فاعتذروا وسألوه الشفاعة لهم وان يحضر لهم خاتم الأمان
ليدخلوا البلد فحضر عند الشرابي وعرفه ذلك وسأله إجابة سؤالهم
فأخرج لهم خاتم الأمان مع الأمير شمس الدين قيران الظاهري والشيخ
السبتي فدخلوا والشيخ راكب حماره بين أيديهم وحضروا عند الشرابي
معتذرين فقبل عذرهم وكانت مدة مقامهم بظهر السور سبعة
أيام (٦).
فقضية الجند وقلة معايشهم ومطالباتهم لم تكن في أيام الوزير ابن
العلقمي بل قبل وزارته، ولا شان له فيها البتة كما ذكرنا آنفا.
وأما عزو التحريض على قتل العلماء والفقهاء إلى ابن العلقمي فهو
تهمة باطلة أيضا، وأذكر لتفنيدها ما ذكره ابن الفوطي في ترجمة القاضي
فخر الدين أبي بكر عبد الله بن عبد الجليل الطهراني قال: وهو ممن كان
يخرج الفقهاء إلى باب السور إلى مخيم السلطان هولاكو مع شهاب الدين
الزنجاني ليقتلوا وتوفي في رجب سنة سبع وستين وستمائة ودفن
بالخيزارانية (٧).

(١) أنظر إلى هذا التخليط الغريب من المؤرخ واسأل فقل إن كان وزيرا لامام الإسماعيلية فكيف
يكون في خدمة هولاكو لما فتح قلاعهم؟ التناقض واضح.
(٢) البداية والنهاية " النسخة المذكورة آنفا " و ٧٤، ٧٥.
(٣) عقد الجمان " نسخة دار الكتب الوطنية بباريس ١٥٤٣ و ١٤٦ ". يقول حسن الأمين:
والذي يختلق قصة قتل ابن العلقمي أيصعب عليه اختلاق غيرها واتهام الشرفاء
(٤) من الذين ذكروا ذلك ابن تغرى بردي في حوادث سنة ٦٤٨ من النجوم قال: وفيها ثارت
الجند ببغداد لقطع ارزاقهم وكل ذلك من عمل الوزير ابن العلقمي الرافضي فإنه كان
حريصا على زوال دولة بنى العباس ونقلها إلى العلويين - ج ٧ ص ٢٠ -.
(٥) الحوادث ص ٢٦١ "
(٦) الحوادث ص ١٦٨ - ١٧٠.
(٧) تلخيص مجمع الآداب ج ٤ القسم ٢ ص ١٩٥ ".
(٨٥)

وجاء في كتاب الإجازات من بحار الأنوار نقلا من خط الشيخ
محمد بن علي الجبعي مات الوزير السعيد العالم مؤيد الدين أبو طالب
محمد بن أحمد العلقمي سنة ست وخمسين وستمائة، استوزره المستعصم
بالله الآخر الخلفاء العباسيين وكان قبله أستاذ الدار في عهد المستنصر ثم
استوزره السلطان هولاكو مزيل الدولة العباسية فلم تطل مدته حتى توفي إلى
رحمة الله عام الواقعة سنة ست وخمسين وستمائة ثاني جمادي الآخرة، وكان
رحمه الله إمامي المذهب. صحيح الاعتقاد، رفيع الهمة محبا للعلماء والزهاد
كثير المبار ولأجله صنف عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد شرح النهج في
عشرين مجلدا والسبع العلويات وغيرها.
وقال الخوانساري في ترجمة نصير الدين الطوسي: ولما كان مؤيد
الدين العلقمي الذي هو من أكابر الشيعة في ذلك الزمان وزير المستعصم
الخليفة العباسي في بغداد أراد المحقق الطوسي دخول بغداد ومعارضته
بما اختلج بخاطره من ترويج المذهب الحق بمعاونة الوزير المذكور وأنشأ
قصيدة عربية في مدح المستعصم الخليفة، وكتب كتابا إلى العلقمي الوزير
ليعرض القصيدة على الخليفة، ولما علم ابن العلقمي فضله ونبله ورشده
خاف من قربه للخليفة أن تسقط منزلته عند المستعصم فكتب سرا إلى
المحتشم الرئيس ناصر الدين الإسماعيلي حاكم قوهستان: إن نصير
الدين الطوسي قد ابتدأ بارسال المراسلات والمكاتبات عند الخليفة في مدحه
وأرسلها حتى أعرضها عليه، وأراد الخروج من عندك وهذا لا يوافق الرأي
فلا تغفل عن هذا. فلما قرأ المحتشم كتابه حبس المحقق الطوسي.
وهذا ضد ما ذكره ابن الطقطقي من أن نصير الدين الطوسي هو الذي ثبت
فضل مؤيد الدين ابن العلقمي وكفايته عند السلطان هولاكو، وهو يشبه
الأخبار العامية التي لا تستند إلى وثيقة ولا إلى حقيقة. لأن التصديق به
يوجب أن يكون نصير الدين الطوسي عدوا للوزير مؤيد الدين العلقمي
فهو الذي منعه على زعمه من الاتصال بالخليفة المستعصم بالله ووشى به إلى
حاكم قوهستان حتى حبسه فكيف يتركه سالما ويرى استيزاره عند فتح بغداد
وهو يجري يومئذ من بطانته مجرى الوزير؟
وقال مؤلف الحوادث في أخبار سنة ٦٥٦: وأما السلطان هولاكو
فإنه وصل إلى ظاهر بغداد في ثاني عشر المحرم في جيش لا يحصى عدده ولا
ينفد مدده وقد أغلقت أبواب السور، فعرف بذلك ضعفهم عن لقائه،
فامر بحفر خندق فحفر وبني بترابه سور محيط ببغداد وعمل له أبواب ورتب
عليها أمراء المغول وشرعوا في عمل ستائر للمناجيق، ونصبوا المناجيق
والعرادات واستظهروا غاية الاستظهار والناس يشاهدون ذلك من وراء
السور وقد نصبوا أيضا عليه المناجيق إلا أنها لم تصح ولا حصل بها انتفاع
ثم إن السلطان أمر بعقد جسر تحت بغداد ليمنع من ينحدر إلى واسط فعقد
تحت قرية العقاب ولم يعلم أهل بغداد به فكانت السفن تصل إليه فيؤخذ
من بها ويقتل، فقتل عنده خلق كثير. فلما كان اليوم الرابع عشر من
المحرم خرج الوزير مؤيد الدين بن العلقمي إلى خدمة السلطان في جماعة
من مماليكه وأتباعه، وكانوا ينهون الناس عن الرمي بالنشاب ويقولون:
سوف يقع الصلح إن شاء الله فلا تحاربوا. هذا وعساكر المغول يبالغون في
الرمي وقد اجتمع منهم خلق كثير على برج العجمي الذي عن يمين باب
سور الحلبة ونصبوا عليه المناجيق وواصلوا الرمي بالحجارة فهدموه وصعدوا
على السور في اليوم الحادي والعشرين من المحرم وتمكنوا من البلد وأمسكوا
عن الرمي، وعاد الوزير إلى بغداد يوم الأحد سابع عشري المحرم وقال
للخليفة: قد تقدم السلطان أن تخرج إليه. فاخرج ولده الأوسط وهو أبو
الفضل عبد الرحمن في الحال، فلم يقع الاقتناع به، فخرج الخليفة والوزير
في يوم الاثنين ثامن عشري المحرم ومعه جمع كثير، فلما صاروا ظاهر السور
منعوا أصحابه من الوصول معه وأفردوا له خيمة وأسكن بها. وخرج مجاهد
الدين أيبك الدويدار الصغير وشهاب الدين سليمان شاه وسائر الأمراء، في
أول صفر وخرج ابن الخليفة الأكبر أبو العباس أحمد يوم الجمعة ثاني صفر
ثم دخل الخليفة بغداد يوم الأحد رابع صفر ومعه جماعة من أمراء المغول
وخواجه نصير الدين الطوسي وأخرج إليهم من الأموال والجواهر والحلي
والزركش والثياب وأواني الذهب والفضة والأعلاق النفسية جملة عظيمة ثم
عاد مع الجماعة إلى ظاهر السور بقية ذلك اليوم فامر السلطان بقتله فقتل
يوم الأربعاء رابع عشر صفر ولم يهرق دمه بل جعل في غراره ورفس حتى
مات ودفن وعفي أثر قبره وكان قد بلغ من العمر ستا وأربعين سنة وأربعة
أشهر وكانت مدة خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأياما، ثم قتل
ولده أبو العباس أحمد وكان مولده سنة إحدى وثلاثين وستمائة وله من
الأولاد أبو الفضل محمد ورابعة وهي التي تزوج بها خواجة هارون ابن
الصاحب شمس الدين الجويني ومولدها يوم عيد النحر سنة خمس وخمسين
وستمائة وأختها ست الملوك، ثم قتل ابن الخليفة الأوسط أبو الفضل
عبد الرحمن ومولده سنة ثلاث وثلاثين وستمائة وله من الأولاد أبو
القاسم محمد وبنت واحدة. وأما ولد الخليفة الأصغر مبارك وأخواته فاطمة
وخديجة ومريم فإنهم لم يقتلوا بل أسروا، ثم عين على بعض الأمراء،
فدخل بغداد ومعه جماعة ونائب أستاذ الدار ابن الجوزي وجاؤوا إلى أعمام
الخليفة وأنسابه الذين كانوا في دار الصخر ودار الشجرة، وكانوا يطلبون
واحدا بعد واحد فيخرج بأولاده وجواريه فيحمل إلى مقبرة الخلال التي
تجاه المنظرة فيقتل، فقتلوا جميعا عن آخرهم ثم قتل مجاهد الدين أيبك
الدويدار الصغير وأمير الحاج فلك الدين محمد بن علاء الدين الطبرس
الدويدار الكبير وشهاب الدين سليمان شاه بن برجم وفلك الدين محمد بن
قيران الظاهري وقطب الدين سنجر البكلكي الذي كان شحنة بغداد وحج
بالناس عدة سنين وعز الدين ألب قرا شحنة بغداد أيضا ومحيي الدين
يوسف ابن الجوزي أستاذ الدار وولده جمال الدين عبد الرحمن وأخوه
شرف الدين عبد الله وأخوه تاج الدين عبد الكريم وشيخ الشيوخ صدر
الدين علي بن النيار وشرف الدين بن عبد الله ابن أخيه، وبهاء الدين داود
ابن المختار والنقيب الطاهر شمس الدين علي بن المختار وشرف الدين
محمد بن طاوس وتقي الدين بن عبد الرحمن بن الطبال وكيل الخليفة، وأمر
بحمل رأس الدويدار الصغير وابن الدويدار الكبير وسليمان شاه إلى
الموصل فحملت، وعلقت ظاهر سور البلد، ووضع السيف في أهل بغداد
يوم الاثنين خامس صفر وما زالوا في قتل ونهب وأسر وتعذيب الناس بأنواع
العذاب واستخراج الأموال منهم بأليم العقاب مدة أربعين يوما فقتلوا
الرجال والنساء والصبيان والأطفال فلم يبق من أهل البلد ومن التجا إليهم
من أهل السواد إلا القليل، ما عدا النصارى فإنهم عين لهم شحاني حرسوا

(١) بحار الأنوار ج ٢٥ ١٦ "
(٢) طبع الحجر " المعتصم وهو خطأ.
روضات الجنات " ص ٦١٠ الطبعة الأولى ".
(٣) هي المقبرة المعروفة اليوم بمقبرة الشيخ الخلاني وقد أزيلت وبني في موضعها دور ومساكن
وأنشئت هناك دار الكتب.
(٨٦)

بيوتهم والتجأ إليهم خلق كثير من المسلمين فسلموا عندهم، وكان ببغداد
جماعة من التجار الذين يسافرون إلى خراسان وغيرها قد تعلقوا من قبل
على أمراء المغول وكتب لهم فرامين فلما فتحت بغداد خرجوا إلى الأمراء
وعادوا ومعهم من يحرس بيوتهم، والتجأ أيضا إليهم جماعة من جيرانهم
فسلموا وكذلك دار الوزير مؤيد الدين بن العلقمي فإنه سلم بها خلق كثير
ودار صاحب الديوان فخر الدين ابن أحمد ابن الدامغاني ودار حاجب
الباب تاج الدين علي ابن الدوامي، وما عدا هذه الأماكن فإنه لم يسلم
فيه أحد إلا من كان في الآبار والقنوات وأحرق معظم البلد وجامع الخليفة
وما يجاوره واستولى الخراب على البلد. وكانت القتلى في الدروب والأسواق
كالتلول، ووقعت الأمطار عليهم ووطئتهم الخيول فاستحالت صورهم
وصاروا عبرة لمن يرى ثم نودي بالأمان فخرج من تخلف وقد تغيرت ألوانهم
وذهلت عقولهم لما شاهدوا من الأهوال التي لا يعبر عنها بلسان وهم كالموتى
إذا خرجوا من القبور يوم النشور من الخوف والجوع والبرد... وقيل إن
عدد القتلى ببغداد زادت عن ثمانمائة ألف نفس عدا من ألقي من الأطفال
في الوحول ومن هلك في القنى والآبار وسراديب الموتى جوعا وخوفا ووقع
الوباء فيمن تخلف بعد القتل من شم روائح وشرب الماء الممتزج في الجيف
وكان الناس يكثرون من شم البصل لقوة الجيفة وكثرة الذباب فإنه ملأ
الفضاء وكان يسقط على المطعومات فيفسدها وكان أهل الحلة والكوفة
والمسيب يجلبون إلى بغداد الأطعمة فانتفع الناس بذلك وكانوا يبتاعون
بأثمانها الكتب النفيسة والصفر المطعم من الأثاث بأوهى قيمة فاستغنى بهذا
الوجه خلق كثير منهم. ورحل السلطان هولاكو من بغداد في جمادى
الأولى عائدا إلى بلاده ومقر ملكه وفوض أمر بغداد إلى الأمير علي بهادر
وجعله شحنة بها وإلى الوزير مؤيد الدين بن العلقمي وصاحب الديوان
فخر الدين ابن الدامغاني ونجم الدين أحمد بن عمران وهو من أهل
باجسرا، كان يخدم في زمن الخليفة عاملا فاتصل الآن ببعض الأمراء
وحضر بين يدي السلطان وأنهى إليه من حال العراق ما أوجب تقديمه
وتشريفه وتعيينه في الأعمال الشرقية وهي الخالص وطريق خراسان
والبندتيجي وأن يتفق مع الوزير وصاحب الديوان في الحكم ولقب الملك ونجم الدين عبد الغني ابن الدرنوس وشرف الدين العلوي المعروف
بالطويل. وكان تاج الدين علي ابن الدوامي حاجب الباب قد خرج مع
الوزير ابن العلقمي إلى حضرة السلطان فامر له أن يكون صدر الأعمال
الفراتية فلم تطل مدته وتوفي في ربيع الأول فجعل ولده مجد الدين حسين
عوضه أو حضر أقضى القضاة نظام الدين عبد المنعم البندنيجي بين يدي
السلطان فامر بان يقر على القضاء، فلما عاد الوزير والجماعة من خدمة
السلطان قرروا حال البلاد ومهدوا قواعدها وعينوا بها الصدور والنظار
والنواب فعينوا سراج الدين بن البجلي في الأعمال الواسطية والبصرية
ونجم الدين بن المعين صدر الأعمال الحلية والكوفية وفخر الدين المبارك
ابن المخرمي صدر دجيل والمستنصري وعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد
كاتب السلة فلم تطل أيامه فرتب عوضه ابن الجمل النصراني، وعز الدين
ابن الموسوي نائب الشرطة والشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش إمام مسجد
قمرية خازن الديوان. ورتبوا في جميع الأعمال نوابا وشرعوا في عمارتها
فتوفي الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي في مستهل جمادى الآخرة ودفن
في مشهد موسى بن جعفر ع فامر السلطان أن يكون ابنه عز
الدين أبو الفضل وزيرا بعده، ووصل الأمير قرابغا بعد ذلك إلى بغداد
وعين عماد الدين عمر بن محمد القزويني نائبا عنه فكان يحضر الديوان مع
الجماعة وكان ذا دين ومروءة وعين على شهاب الدين علي بن عبد الله
صدرا في الوقوف وتقدم إليه بعمارة جامع الخليفة وكان قد احرق كما ذكرنا
ثم فتح المدارس والربط، وأثبت الفقهاء والصوفية وأدر عليهم الأخبار
والمشاهرات وسلمت مفاتيح دار الخلافة إلى مجد الدين محمد بن الأثير
وجعل أمر الفراشين. والبوابين إليه، وتقدم للجاثليق بسكنى دار علاء
الدين الطبرس الدويدار الكبير التي على شاطئ دجلة فسكنها، ودق
الناقوس على أعلاها واستولى على در الفلك التي كانت رباطا للنساء تجاه
هذه الدار المذكورة وعلى الرباط البشيري المجاور لها وهدم الكتابة التي
كانت على البابين وكتب عوضها بالسرياني.
ومما نقلنا من الأخبار يظهر للقارئ أن الوزير مؤيد الدين ابن
العلقمي لم يكن السالم من القتل وحده حتى يتهم بالخيانة ذلك الاتهام
الباطل، وإنما سلم معه ونال مرتبة في الدولة المغولية فخر الدين أحمد ابن
الدامغاني الحنفي الذي كان صاحب الديوان في آخر أيام المستعصم،
وتاج الدين علي ابن الدوامي الذي كان حاجب باب النوبي للمستعصم بالله
ونجم الدين أحمد بن عمران الباجسري أحد عمال الخليفة والغالب على
أهل باجسرى الحنبلية وأقضى القضاة عبد المنعم البندنيجي الشافعي
وسراج الدين ابن البجلي الشافعي وفخر الدين المبارك ابن المخرمي
الحنبلي، وعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي، والشيخ عبد
الصمد بن أبي الجيش الحنبلي المقرئ المشهور وظهر أيضا أن جماعة من
أعيان الشيعة الكبار والسادة منهم قتلوا فقد ذكر المؤرخ منهم بهاء الدين
داود بن المختار العلوي والنقيب الطاهر شمس الدين علي بن المختار وشرف
الدين محمد بن طاوس.
وقال ابن العبري في حوادث سنة ٦٥٥: وفيها في شهر شوال رحل
هولاكو عن حدود همذان نحو مدينة بغداد، وكان في أيام محاصرته قلاع
الملاحدة قد سير رسولا إلى الخليفة المستعصم يطلب منه نجدة، فأراد أن
يسير ولم يقدر ولم يمكنه الوزراء والأمراء وقالوا: إن هولاكو رجل صاحب
احتيال وخديعة وليس محتاجا إلى نجدتنا وإنما غرضه إخلاء بغداد عن
الرجال فيملكها بسهولة. فتقاعدوا بسبب هذا الخيال عن إرسال الرجال.
ولما فتح هولاكو تلك القلاع أرسل رسولا آخر إلى الخليفة وعاتبه على إهماله
تسيير النجدة، فشاوروا الوزير فيما يجب أن يفعلوه. فقال: لا وجه غير
إرضاء هذا الملك الجبار ببذل الأموال والهدايا والتحف له ولخواصه.
وعند ما أخذوا في تجهيز ما يسيرونه من الجوهر والمرصعات والثياب والذهب
والفضة والمماليك والجواري والخيل والبغال والجمال قال الدويدار الصغير
وأصحابه: إن الوزير إنما يدبر شان نفسه مع التتار وهو يروم تسليمنا إليهم
فلا تمكنه من ذلك. فبطل الخليفة بهذا السبب تنفيذ الهدايا الكثيرة واقتصر
على شئ نزر لا قدر له. فغضب هولاكو وقال: لا بد من مجيئه هو بنفسه
أو يسير أحد ثلاثة نفر: إما الوزير وإما الدويدار وإما سليمان شاه. فتقدم

(١) لعل منهم بيت الخرداذي التجار فقد ذكرهم المؤرخ في حوادث سنة ٦٤٩ وقال في ذكر أحمد
بن الخرداذي " سافر إلى خراسان واتصل بملوك المغول وتحدث مع السلطان كيوك خان في
الصلح مع الخليفة " (ص ٢٥٩).
(٢) الحوادث " ص ٣٢٥ - ٣٣٤ ".
(٣) الصواب " فاستشاروا ".
(٨٧)

الخليفة إليهم بالمضي فلم يركنوا إلى قوله، فسير غيرهم مثل ابن الجوزي
وابن محيي الدين فلم يجديا عنه. وأمر هولاكو بايجونوين وسونجاق
أنوين ليتوجها في مقدمته على طريق إربل وتوجه هو على طريق حلوان.
وخرج الدويدار الصغير ونزل بجانب باعقوبا ولما بلغه أن بايجونوين عبر
دجلة ونزل بالجانب الغربي ظن أن هولاكو قد نزل هناك، فرحل عن
باعقوبا ونزل بحيال بايجو ولقي يزك المغول أميرا من أمراء الخليفة يقال
له أيبك الحلبي فحملوه إلى هولاكو فأمنه إن تكلم بالصحيح وطيب قلبه
فصار يسير أمام العسكر ويهديهم وكتب كتابا إلى بعض أصحابه يقول لهم:
ارحموا أرواحكم واطلبوا الأمان لأن لا طاقة لكم بهذه الجيوش الكثيفة.
فأجابوه بكتاب يقولون فيه: من يكون هولاكو؟ وما قدرته ببيت عباس؟
من الله ملكهم ولا يفلح من عاندهم ولو أراد هولاكو الصلح لما داس أرض
الخليفة ولما أفسد فيها والآن إن كان يختار المصالحة فليعد إلى همذان ونحن
نتوسل بالدويدار ليخضع لأمير المؤمنين متخشعا في هذا الأمر لعله يعفو عن
هفوة هولاكو. فلما عرض أيبك الكتاب على هولاكو ضحك واستدل به
على غباوتهم. ثم سمع الدويدار أن التتار قد توجهوا نحو الأنبار فسار
إليهم ولقي عسكر سونجاق نوين وكسرهم وهزمهم وفي هزيمتهم التقاهم
بايجونوين فردهم وهجموا جميعا على عسكر الدويدار فاقتتلوا قتالا شديدا
وانجلت الحرب عن كسر الدويدار فقتل أكثر عسكره ونجا هو في نفر قليل
من أصحابه ودخل بغداد. وفي منتصف شهر المحرم من سنة ست وخمسين
وستمائة نزل هولاكو بنفسه على باب بغداد وفي يوم وليلة بنى المغول
بالجانب الشرقي سيبا أعني سورا عاليا وبنى بوقا تيمور، وسونجاق نوين،
وبايجونوين بالجانب الغربي كذلك وحفروا خندقا عميقا داخل السيبا ونصبوا
المنجنيقات بإزاء سور بغداد من جميع الجوانب ورتبوا العرادات وآلات
النفط وكان بدء القتال ثاني وعشرين محرم كذا فلما عاين الخليفة العجز
في نفسه والخذلان من أصحابه أرسل صاحب ديوان فخر الدين أحمد ابن
الدامغاني وعبد الغني ابن الدرنوش إلى خدمة هولاكو ومعهم تحف
نزرة وقالوا: إن سيرنا الكثير يقول: قد هلعوا وخرعوا كثيرا. فقال
هولاكو: لم؟ ما جاء الدويدار سليمان شاه؟ فسير الخليفة الوزير مؤيد
الدين ابن العلقمي وقال: أنت أحد الثلاثة وها أنا قد سيرت، إليك
الوزير وهو أكبرهم. فأجاب هولاكو: إنني لما كنت مقيما بنواحي همذان
طلبت أحد الثلاثة والآن لم أقنع بواحد. وجد المغول بالقتال بإزاء برج
العجمي وبوقا تيمور من الجانب الغربي حيث المبقلة وسونجاق نوين وبايجو
نوين من جانب البيمارستان العضدي وأمر هولاكو البثيكتجية ليكتبوا على
السهام بالعربية: إن الأركاونية والعلويين والدادنشمندية وبالجملة من
ليس يقاتل فهو آمن على نفسه وحريمه وأمواله. وكانوا يرمونها إلى المدينة
واشتد القتال على بغداد من جميع الجوانب إلى اليوم السادس والعشرين من
محرم، ثم ملك المغول الأسوار وكان الابتداء من برج العجمي واحتفظ
المغول الشط ليلا ونهارا مستيقظين لئلا ينحدر فيه أحد. وأمر هولاكو أن
يخرج إليه الدويدار وسليمان شاه وأما الخليفة إن اختار الخروج فليخرج
وإلا فليلزم مكانه. فخرج الدويدار وسليمان شاه ومعهما جماعة من الأكابر
ثم عاد الدويدار من الطريق بحجة أنه يرجع ويمنع المقاتلين الكامنين
بالدروب والأزقة لئلا يقتلوا أحدا من المغول فرجع وخرج من الغد وقتل،
وعامة أهل بغداد أرسلوا شرف الدين المراغي وشهاب الدين محمودا
الزنكاني ليأخذ لهم الأمان. ولما رأى الخليفة أن لا بد من الخروج أراد أو لم
يرد استأذن هولاكو بان يحضر بين يديه، فاذن له وخرج رابع صفر ومعه
أولاده وأهله، فتقدم هولاكو أن ينزلوه بباب كلواذا، وشرع العساكر في
نهب بغداد ودخل هولاكو بنفسه إلى بغداد ليشاهد دار الخليفة وتقدم
باحضار الخليفة فاحضروه ومثل بين يديه وقدم جواهر نفيسة ولآلئ ودررا
معبأة في أطباق ففرق هولاكو جميعها على الأمراء وعند المساء خرج إلى منزله
وأمر الخليفة أن يفرز جميع النساء التي باشرهن هو وبنوه ويعزلهن عن
غيرهن ففعل، فكن سبعمائة امرأة فأخرجهن ومعهن ثلاثمائة خادم
خصى (٤). وبقي النهب يعمل إلى سبعة أيام ثم رفعوا السيف وبطلوا
السبي. وفي رابع عشر صفر رحل هولاكو من بغداد وفي أول مرحلة قتل
الخليفة المستعصم وابنه الأوسط مع ستة نفر من الخصيان بالليل وقتل ابنه
الأكبر ومعه جماعة من الخواص على باب كلواذا، وفوض عمارة بغداد إلى
صاحب الديوان فخر الدين بن الدامغاني والوزير مؤيد الدين بن
العلقمي وعبد الغني ابن الدرنوش. وأرسل بوقا تيمور إلى الحلة
ليمتحن أهلها هل هم على الطاعة أم لا؟ فتوجه نحوها ورحل عنها إلى
مدينة واسط وقتل بها خلقا كثيرا أسبوعا ثم عاد إلى هولاكو وهو بمقام سياه
كوه... ولما ملك هولاكو بن تولي خان بغداد ورتب بها الشحاني
والولاة أنفذ بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل إليه ابنه الملك الصالح
إسماعيل ومعه جماعة من عسكره نجدة له فأظهر له هولاكو عبسة وقال:
أنتم بعد في شك من أمرنا ومطلتم نفوسكم يوما بعد يوم وقدمتم رجلا
وأخرتم أخرى لتنظروا من الظافر بصاحبه فلو انتصر الخليفة وخذلنا لكان
مجيئكم إليه لا إلينا، قل لأبيك: لقد عجبنا منك تعجبا كيف ذهب عليك
الصواب وعدل بك ذهنك عن سواء السبيل واتخذت اليقين ظنا وقد لاح
لك الصبح فلم تستصبح. فلما عاد الصالح إلى الموصل وبلغ أباه ما حمل
من الرسالة الزاجرة أيقن بدر الدين أن المنايا قد كشرت عن أنيابها وذلت
نفسه وهلع هلعا شديدا وكاد يخسف بدره ويكسف نوره فانتبه من غفلته
وأخرج جميع ما في خزائنه من الأموال واللآلئ والجواهر والمحرمات من
الثياب وصادر ذوي الثروة من رعاياه وأخذ حتى حلي حظاياه والدرر من
حلق أولاده وسار إلى طاعة هولاكو بجبال همذان فأحسن هولاكو قبوله
واحترمه لكبر سنه ورق له وجبر قلبه بالمواعيد الجميلة.
وكان هذا المؤرخ قد قال من قبل في ذكر الخليفة المستعصم بالله:
وكان إذا نبه على ما ينبغي أن يفعله في أمر التتار إما المداراة والدخول في
طاعتهم وتوخي مرضاتهم أو تجييش العساكر وملتقاهم بتخوم خراسان قبل
تمكنهم واستيلائهم على العراق فكان يقول: أنا بغداد تكفيني ولا
يستكثرونها لي إذا نزلت لهم عن باقي البلاد ولا أيضا يهجمون علي وأنا بها
وهي بيتي ودار مقامي. فهذه الخيالات الفاسدة وأمثالها عدلت به عن
الصواب فأصيب بمكاره لم تخطر بباله.
وقال رشيد الدين فضل الله الهمذاني المؤرخ في تاريخه جامع التواريخ

(١) ابن الجوزي هو محيى الدين يوسف فالاسمان واحد.
(٢) اليزك: الطليعة.
(٣) أي أتباع أركون ومعناه الدهاقنة العظماء وهي كلمة يونانية (حاشية مختصر الدول)
(٤) مفهوم من هذا الخبر ان هولاكو أمر بقتل جميع الجواري اللواتي باشرهن رجال بنى العباس
من الأسرة المالكة فأمر بقتلهن لئلا يكن كلا أو بعضا حوامل بأبناء يصلحون للخلافة وهو
يريد قرضها بالكلية.
(٥) تاريخ مختصر الدول (ص ٤٧١ - ٤٨٣).
(٦) المرجع المذكور " ص ٤٤٥ - ٤٤٦ ".
(٨٨)

ونحن ننقل من الترجمة العربية التي ترجمها ثلاثة من المصريين وراجع الترجمة
يحيى الخشاب، قال تحت عنوان ظهور الفتنة ووقوع الخلاف بين
الدواتدار مجاهد الدين أيبك والوزير مؤيد الدين العلقمي وابتداء
نكبة الخليفة المستعصم بالله.
في آخر صيف سنة أربع وخمسين حدث غرق (١) عظيم أغرق مدينة
بغداد لدرجة أن الطبقة العليا من المنازل هناك غرقت في الماء واختفت تماما
وقد استمر انهمار السيل في تلك الديار خمسين يوما ثم بدأ في النقصان
وكان من نتيجة ذلك أن بقيت نصف أراضي العراق خرابا يبابا ولا يزال
أهالي بغداد حتى اليوم يذكرون الغرق المستعصمي.
وخلال تلك الواقعة امتدت أيدي جماعة من الشطار والمشاغبين
والرعاع والعيارين بالسلب والاعتداء وكانوا في كل يوم يغتصبون بعض
الأشخاص الأبرياء، وكان مجاهد الدين الدواتدار يحتضن بنفسه هؤلاء
الرعاع والسفلة فصار في مدة وجيزة صاحب شوكة وبأس. ولما لمس في
نفسه القوة ورأى الخليفة المستعصم عاجزا لا رأي له ولا تدبير وساذجا
اتفق مع طائفة من الأعيان على خلعه وتولية خليفة آخر من العباسيين في
مكانه. وعند ما علم مؤيد الدين بن العلقمي نبا تلك المؤامرة أخبر
الخليفة على انفراد قائلا: يجب تدارك أمرهم. فاستدعى الخليفة الدواتدار
على الفور وأطلعه على ما قاله الوزير في شانه ثم قال له: لما كنت اعتمد
عليك وأثق بك فاني لم أصغ إلى كلام الوزير وهو يغمزك وإني لأبلغك بأنه
لا يجوز أن تخدع بآية ولا تحيد عن جادة الصواب. فلما أحس الدواتدار
من الخليفة الشفقة والعطف أجاب قائلا: إن ثبت علي جرم فهذا
رأسي وهذا هو السيف ومع هذا فأين يذهب عفو الخليفة وصفحه
وغفرانه؟ أما هذا الوزير المزور المخادع فقد حمله الشيطان بعيدا عن
الطريق المستقيم واختمرت في ذهنه المظلم فكرة الولاء والميل إلى هولاكو
خان وجيش المغول وإن سعايته في حقي لمن أجل دفع هذه التهمة عن نفسه
وإنه عدو الخليفة فهو يتبادل مع هولاكو خان الجواسيس. فاستماله الخليفة
وقال له: منذ هذه اللحظة كن يقظا وعاقلا. بعد ذلك خرج مجاهد الدين
من حضرة الخليفة وعلى سبيل المكابرة وعدم المبالاة أصر على مهاجمته فجمع
حوله شطار بغداد وأوباشها وكانوا يلازمونه ليل نهار فخشي الخليفة مغبة
الحال وجمع جيشا لدفع هذا الخطر. ثم زادت الفتنة والاضطراب في بغداد
وكان الأهالي هناك قد ملوا العباسيين وكرهوا حكمهم. ولما عرفوا أن
دولتهم قد آذنت بالمغيب ظهرت الأهواء المختلفة بينهم، فخاف الخليفة
مغبة الأمر وعهد إلى فخر الدين ابن الدامغاني صاحب الديوان باخماد
تلك الفتنة وكتب كتابا بخطه مؤداه: أن ما قيل في حق الدواتدار إنما هو
محض افتراء وبهتان ونحن نعتمد عليه اعتمادا كليا وهو في أماننا. وعند ما
أرسلت تلك الرسالة على يد ابن درنوش إلى الدواتدار حضر ومثل
بحضرة الخليفة، فاستماله هذا وعاد معززا مكرما. ثم نودي في المدينة
بان ما قيل في حق الدواتدار إنما هو كذب، وصار اسم الدواتدار يذكر في
الخطبة بعد اسم الخليفة وبهذا خمدت الفتنة في يسر.
وقال هذا المؤرخ تحت عنوان توجه هولاكو إلى بغداد وتردد الرسل
بينه وبين الخليفة وعاقبة تلك الحال قال: بلغ هولاكو الدينور في التاسع
من ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وستمائة قاصدا بغداد ثم قفل راجعا
ومضى إلى همذان في الثاني عشر من شهر رجب من تلك السنة. وفي
العاشر من رمضان أرسل إلى الخليفة المستعصم بالله رسولا يتهدده
ويتوعده قائلا: لقد أرسلنا إليك رسلنا وقت فتح قلاع الملاحدة وطلبنا
مددا من الجند ولكنك أظهرت الطاعة ولم تبعث الجند، وكانت آية الطاعة
والاتحاد أن تمدنا بالجيش عند مسيرنا إلى الطغاة. فلم ترسل إلينا الجند
والتمست العذر ومهما تكن أسرتك عريقة وبيتك ذا مجد تليد فان لمعان
القمر قد يبلغ درجة يخفى معها نور الشمس الساطعة ولا بد أنه قد
بلغ سمعك على لسان الخاص والعام ما حل بالعالم والعالمين على يد الجيش
المغولي منذ عهد جنكيز خان إلى اليوم والذل الذي حاق باسر الخورازمية
والسلجوقية وملوك الديالمة والأتابكة وغيرهم ممن كانوا ذوي عظمة وشوكة
وذلك بحول الله القديم الدائم، ولم يكن باب بغداد مغلقا في وجه أية
طائفة من تلك الطوائف واتخذوا منها قاعدة ملك لهم فكيف يغلق في
وجهنا برغم ما لنا من قدرة وسلطان، ولقد نصحناك من قبل، والآن
نقول لك: احذر الحقد والخصام ولا تضرب المخصف بقبضة يدك ولا
تلطخ الشمس بالوحل فتتعب. ومع هذا فقد مضى ما مضى فإذا أطاع
الخليفة فليهدم الحصون ويردم الخنادق ويسلم البلاد لابنه ويحضر لمقابلتنا
وإن لم يرد الحضور فليرسل كلا من الوزير مؤيد الدين وسليمان شاه
والدواتدار ليبلغوه رسالتنا دون زيادة أو نقص فإذا استجاب لأمرنا فلن
يكون من واجبنا أن نكن له الحقد، وسنبقي له على دولته وجيشه ورعيته
أما إذا لم يصغ إلى النصح وآثر الخلاف والجدال فليعبئ الجند وليعين ساحة
القتال فإننا متأهبون لمحاربته وواقفون له على استعداد، وحينما أقود الجيش
إلى بغداد مندفعا بسورة الغضب فإنك لو كنت مختفيا في السماء أو في
الأرض فسوف أنزلك من الفلك الدوار وسألقيك من عليائك إلى أسفل
كالأسد ولن أدع حيا في مملكتك وسأجعل مدينتك وإقليمك وأراضيك
طعمة النار.
فإذا أردت أن تحفظ رأسك وأسرتك فاستمع لنصحي بمسمع العقل
والذكاء وإلا فسأرى كيف تكون إرادة الله. وبعد ما بلغ الرسل بغداد
وبلغوا الرسالة أوفد الخليفة شرف الدين بن الجوزي وكان رجلا فصيحا
ومعه بدر الدين محمود وزنكي النخجواني بصحبته الرسل وأجاب قائلا:
أيها الشاب الحدث المتمني قصر العمر ومن ظن نفسه محيطا ومتغلبا على

(١) في الأصل من الترجمة سيل " وليس في تاريخ بغداد سيل واحد.
(٢) الصواب " ارتفاع الماء ".
(٣) في الأصل " الزناطرة ".
(٤) الصواب " يسلبون جماعة من الناس الأبرياء أموالهم ".
(٥) في الترجمة شخصا عاجزا " ولا حاجة إلى الكلمة الأولى لأنه كان بالبداهة شخصا.
(٦) في أصل الترجمة إذا وهي قول من يميل إلى الحدوث المتوقع وذلك خطأ ها هنا.
(٧) في الأصل رنود جمع رند بالفارسية وهو الشاطر بالعربية والعيار.
(٨) يظهر التهافت على كلام هذا المؤرخ اليهودي الأصل.
(٩) في الترجمة فخر الدامغاني وهو خطأ والصواب ما ذكرته وعلى الأقل الفخر ابن
الدامغاني.
(١٠) في الترجمة أمام الخليفة " وهذا يوجب أن يولى الخليفة ظهره هكذا قالت العربية
الصحيحة.
(١١) الفصيح شهر ربيع الاخر.
(١٢) الفصيح عكس ما قيل مع الربيع " من رجب ".
(١٣) الفصيح من شهر رمضان "
(١٤) ما بين القوسين شعر كان بالفارسية فجعل نثرا بالعربية.
(١٥) في الترجمة رغم ما لنا وهو خطأ.
(١٦) في الأصل وإذا لم يرد " وهو بخطأ لأنه موضع الشرط المحقق.
(١٧) المحصور بين القوسين هو من الشعر بالفارسية.
(٨٩)

جميع العالم مغترا بيومين من الاقبال متوهما أن أمره قضاء مبرم، وأمر
محكم، لما ذا تطلب مني شيئا لم تجده عندي كيف يمكن أن تتحكم في
النجم وتقيده بالرأي والجيش والسلام. ألا ليعلم الأمير أنه من الشرق
إلى الغرب، ومن الملوك إلى الشحاذين ومن الشيوخ إلى الشباب ممن
يؤمنون بالله ويعملون بالدين، كلهم عبيد هذا البلاط وجنود لي، إنني
حينما أشير بجمع الشتات سأبدأ بحسم الأمور في إيران ثم أتوجه منها إلى
بلاد توران وأضع كل شخص في موضعه وعندئذ سيصير وجه الأرض جميعه
مملوءا بالقلق والاضطراب غير أني لا أريد الحقد والخصام ولا أن أشتري
ضرر الناس وإيذاءهم كما أنني لا أبغي من وراء تردد الجيوش أن تلهج
ألسنة الرعية بالمدح أو القدح، خصوصا أنني مع الخاقان وهولاكو خان
قلب واحد ولسان واحد، وإذا كنت مثلي تزرع بذور المحبة فما شأنك
بخنادق رعيتي وحصونهم، فاسلك طريق الود وعد إلى خراسان وإن كنت
تريد الحرب والقتال فلا تتوان لحظة ولا تعتذر إذا استقر رأيك على
الحرب، إن لي ألوفا مؤلفة من الفرسان والرجالة وهم متأهبون للقتال
وإنهم ليثيرون الغبار من ماء البحر وقت الحرب والطعان.
وعلى هذا النحو بلغ الرسالة وصرف الرسل مع بعض التحف
والهدايا، وحينما خرج الرسل من المدينة بغداد وجدوا الصحراء كلها
ممتلئة بالرعاع فأطلقوا ألسنتهم بسب هؤلاء الرسل وبادروهم بالسفاهة
وأخذوا يمزقون ثيابهم ويبصقون في وجوههم لعلهم يقولون شيئا يتخذونه
ذريعة لايذائهم والاعتداء عليهم. فلما علم الوزير ابن العلقمي بذلك
أرسل على الفور بعض الغلمان فأبعدوهم. وعند ما وصل الرسل إلى
حضرة هولاكو خان وعرضوا عليه كل ما شاهدوه غضب وقال: إن الخليفة
ليست لديه كافية قط، إذ أنه معنا كالقوس العوجاء فلو أمدني الله
الأزلي بعونه فسوف أجعله مستقيما كالسهم. ثم دخل رسل الخليفة وهم
ابن الجوزي وبدر الدين وزنكي وبلغوا الرسالة، فغضب هولاكو خان من
عبارة الخليفة غير اللائقة وقال: إن إرادة الله مع هؤلاء القوم أمر آخر إذ
ألقي في روعهم مثل هذه الأوهام.
وفي شهر... من سنة الستين لوتيل الموافقة لسنة ٦٥٥ أذن هولاكو
لرسل الخليفة في الانصراف من موضع پنج انكشت على حدود همذان
التي كانت معسكرا له وأرسل يقول: إن الله الأزلي رفع جنكيز خان ومنحنا
وجه الأرض كله من الشرق إلى الغرب، فكل من سار معنا وأطاعنا
واستقام قلبه ولسانه تبقى له أمواله ونساؤه وأبناؤه، ومن يفكر في الخلاف
والشقاق لا يستمتع بشئ من ذلك، ثم عاتب الخليفة مراسلته بشدة
قائلا: لقد فتنك حب الجاه والمال والعجب والغرور بالدولة الفانية بحيث
انه لم يعد يؤثر فيك الناصحين بالخير وإن في أذنيك وقرا فلا تسمع نصح
المشفقين ولقد انحرفت عن طريق آبائك وأجدادك، وإذن فعليك ان تكون
مستعدا للحرب والقتال فاني متوجه إلى بغداد بجيش كالنمل والجراد ولو
جرى سير الفلك على شاكلة أخرى فتلك مشيئة الله العظيم.
وبعد أن وصل رسل بغداد بلغوا رسالة ذلك الملك الفاتح إلى
الوزير ابن العلقمي فعرضها برمتها على الخليفة وقال: ما ذا ترى لدفع
هذا الخصم القاهر القادر؟ فأجاب الوزير قائلا. ينبغي أن ندفعه ببذل
الأموال لأن الخزائن والدفائن تجمع لوقاية عزة العرض وسلامة النفس،
فيجب إعداد ألف حمل من نفائس الأموال، وألفا من نجائب الإبل، وألفا
من الجياد العربية المجهزة بالآلات والمعدات وينبغي إرسال التحف والهدايا
في صحبة الرسل الكفاة الدهاة مع تقديم الاعتذار إلى هولاكو وجعل الخطبة
والسكة باسمه. فأعجب الخليفة برأي الوزير وأمر بإنجاز ذلك، ولكن
مجاهد الدين أيبك المعروف بالدواتدار الصغير، بسبب الوحشة التي بينه
وبين الوزير أرسل إلى الخليفة رسالة بالاتفاق مع الأمراء الآخرين وشطار
بغداد يقولون: إن الوزير دبر هذه الحيلة لمصلحته الخاصة لكي يتقرب
زلفى إلى هولاكو ويلقي بنا نحن الجنود في البلاء والمحنة، ولكننا سوف
نرقب مفارق الطرق ونلقي القبض على الرسل ونأخذ ما معهم من أموال
وندعهم في العذاب والعناء. فعدل الخليفة بسبب هذا الكلام عن إرسال
الأحمال، وبدافع من التهور والغرور أرسل إلى الوزير من يقول له: لا
تخش القضاء المقبل، ولا تقل خرافة فان بيني وبين هولاكو خان وأخيه
منكوقاآن صداقة وألفة لا عداوة وقطيعة وحيث إنني صديق لهما فلا بد أنهما
يكونان صديقين وموالين لي وإن رسالة الرسل غير صحيحة. أما إذا أضمر
الإخوان لي خلافا وغدرا فلا ضير على الأسرة العباسية، إذ أن ملوك
الأرض هم بمثابة الجنود لي، وهم منقادون ومطيعون لأمري ونهيي
فادعوهم من كل قطر وأسير لدفعهما وأثير إيران وتوران عليهما، فقو قلبك
ولا تخافن تهديد المغول ووعيدهم، فإنهم برغم كونهم أرباب دولة
وأصحاب شوكة لا يملكون سوى الهوس في رؤوسهم والريح في
أكفهم. فاضطرب الوزير لهذا الكلام وأيقن أن دولة العباسيين سوف
تزول، وإذ كان إدبار هذه الدولة سيكون في عهده فإنه طفق يتلوى
كالثعبان ويفكر في كل تدبير، وقد اجتمع عند الوزير أمراء بغداد
وعظماؤها مثل سليمان شاه بن برجم وفتح الدين بن كره ومجاهد الدين
الدواتدار الصغير وأطلقوا ألسنتهم بقدح الخليفة وطعنه قائلين: إنه
صديق المطربين والمساخر وعدو الجيوش والجنود وإننا أمراء الجيش بعنا كل
ما ادخرناه في عهد والده المستنصر. وقال سليمان شاه: إذا لم يقدم
الخليفة على دفع هذا الخصم القوي ولم يبادر إلى طلب العون والمساعدة
فسيتغلب جيش المغول عن قريب على بغداد، وحينئذ لا يرحم المغول أي
مخلوق، كما فعلوا بسائر البلاد والعباد، فلا يبقون على أي شخص من
الحضر كان أو من البدو، قويا كان أو ضعيفا، وسيخرجون ربات الخدور
من ستر العصمة، ولو أن المغول لم يحدقوا بجميع الجهات لكان من السهل

(١) في الترجمة خصوصا وأنني " وهو خطأ.
(٢) ليت شعري إن كان على اتحاد مع هولاكو فإلى من وجهه بهذه الرسالة؟
(٣) الصواب عدة غلمان لان البعض هنا بمعنى واحد كما نصت عليه اللغة الصحيحة
الفصيحة.
(٤) في الترجمة كفاءة وهي خطأ.
(٥) في الترجمة الأعوجة والقوس مؤنثة.
(٦) في الترجمة الفرنسية اللهم أنزل غضبك عل هؤلاء الذين أعطيتهم هذا الأفكار وألهمتهم
إياها.
(٧) الصواب بحيث لم يؤثر لأنه لم يتأثر سابقا حتى يقول له " لم يعد ".
(٨) في الترجمة الفرنسية التي ترجمتها أنا نفسي فإن منعتني المقادير فذلك امر الله الذي لا يرد "
(٩) في الترجمة الفرنسية " إنما تدخر لدفع الشر وحفظ النفس ".
(١٠) في الترجمة وأشار مع أنه الآمر الحقيقي.
(١١) في الترجمة رغم كونهم " و " إلا أنهم لا يملكون وكلاهما خطأ.
(١٢) ذكر المؤرخ آنفا أن هؤلاء كانوا أشد أداء الوزير فكيف اجتمعوا عنده؟ إنه مخلط ولا شك
في ذلك.
(١٣) الصواب " بالقذف في الخليفة.
(١٤) الصواب " الطعن فيه أو عليه ".
(١٥) في الترجمة كما فعلوا ذلك " مع أن " ما " اسم موصول.
(٩٠)

حشد الجنود من الأطراف ولحملت عليهم بجيش في غارة ليلية وشتت
شملهم، ولو جرت الأمور على خلاف ذلك فأولى بالفتى أن يقتل في حومة
الوغى في عزة وشرف وعند ما بلغ الخليفة هذا الكلام أعجب به وقال
للوزير: إن كلام سليمان شاه له الأثر في النفس المنهكة فاستعرض الجند
حسب تقريره لأغنيهم بالدرهم والدينار، وسلم أمرهم إلى سليمان شاه
ليحقق خطته. على أن الوزير ابن العلقمي عرف أن الخليفة لن يمنح
مالا، لكنه لم يبد على الفور رأيا مخالفا لأعدائه، وأمر العارض أن
يعرض الجنود بالتدرج فوجا فوجا، ليصل نبا تعبئة الجنود في حضرة الخليفة
إلى البعيد والقريب والترك والعرب فتفتر عزيمة العدو. وبعد خمسة أشهر
أبلغ العارض الوزير أن الجند قد صاروا عددا وفيرا وجيشا جرارا وأن على
الخليفة أن يمنح المال، فعرض الوزير الأمر على المستعصم ولكنه اعتذر
فيئس الوزير من مواعيده كلية ورضي بالقضاء ووضع عين الانتظار على
نافذة الاصطبار حتى يكشف الفلك نفسه عما وراء الستار. ولما كان
الدواتدار في تلك المدة خصما للوزير فان اتباعه من سفلة المدينة وأوباشها
كانوا يذيعون بين الناس ان الوزير متفق مع هولاكو خان وأنه يريد نصرته
وخذلان الخليفة، فقوي هذا الظن. ثم أرسل الخليفة ثانية هدية صغيرة
إلى هولاكو على يد بدر الدين ريكي قاضي بندنيجان وبعث يقول:
لو غاب عن الملك فله أن يسال المطلعين على الأحوال إذ أن كل ملك
حتى هذا العهد قصد أسرة بني العباس ودار السلام بغداد كانت عاقبته
وخيمة ومهما قصدهم ذوو السطوة من الملوك وأصحاب الشوكة من
السلاطين فان بناء هذا البيت محكم للغاية وسيبقى إلى يوم القيامة. وفي
الأيام السالفة قصد يعقوب بن الليث الصفار الخليفة وتوجه بجيش لجب
إلى بغداد فلم يبلغ مآربه إذ مات بعلة الزحار والأمر كذلك مع أخيه عمرو
إذ قبض عليه إسماعيل بن أحمد الساماني وكبله وأرسله إلى بغداد لكي
يجري عليه الخليفة ما حكم به القضاء وكذلك جاء البساسيري بجيش
عظيم من مصر إلى بغداد وقبض على الخليفة وسجنه في الحديثة. وفي
بغداد جعل الخطبة والسكة مدة عامين باسم المستنصر الذي كان خليفة
الإسماعيلية في مصر وفي النهاية علم طغرلبك بذلك فأسرع من خراسان
وقصد البساسيري في جيش جرار وقبض عليه وقتله، وأخرج الخليفة
من السجن وأعاده إلى بغداد وأجلسه على عرش الخلافة وكذلك قصد
السلطان محمد بن محمود السلجوقي بغداد فعاد منهزما وهلك في
الطريق، وجاء محمد خوارزم شاه بجيش عظيم قاصدا استئصال الأسرة
فابتلي في روابي أسدآباد بالثلج والعواصف بسبب غضب الله عليه، وهلك
أكثر جنوده وعاد خائبا خاسرا لاقى ما لاقى من جدك جنكيز خان في جزيرة
آبسكون فليس من المصلحة أن يفكر الملك في قصد أسرة العباسيين،
فاحذر عين السوء من الزمان الغادر. فاشتد غضب هولاكو بسبب هذا
الكلام وأعاد الرسل قائلا: اذهب فاصنع من الحديد المدن والأسوار
وارفع من الفولاذ الأبراج والهياكل واجمع جيشا من المردة والشياطين ثم
تقدم نحوي للخصام والنزال فسأنزلك ولو كنت في السماء وسأدفع بك
غصبا إلى أفواه السباع.
ثم قال: تحت عنوان قصة اشتغال هولاكو خان بترتيب الجيش
وتجهيزه لفتح بغداد وما حولها قال: عند ما أعاد هولاكو الرسل كان
يفكر في كثرة جند بغداد فاشتغل باعداد الجيش وتجهيزه وأراد أن يرسل
أغلب الجند إلى نواحي بغداد حيث الجبال الشاهقة المنيعة فيستولي
عليها، ثم أرسل رسولا لاستدعاء حسام الدين عكر الذي كان حاكما
على درنتك وما حولها من قبل الخليفة وكان حنقا عليه، فسلم حسام
الدين درنتك دون تردد إلى ابنه الأمير سعد وحضر بنفسه لتقديم الطاعة
لهولاكو فشمله بكثير من العطف والرعاية وأذن له في العودة ومنحه حصني
وروده والمرج وعدة قلاع أخرى ثم قفل راجعا فأرسل إلى كل قلعة جيشا
فخضع له أهلها جميعا وسلموا إليه القلاع. ولما تحققت أمنية حسام الدين
التي طالما تمناها وتجمعت عنده جنود سليمان شاه بن برجم تعاظم وتكبر
فأرسل إلى تاج الدين ابن الصلايا العلوي زعيم إربل يرجو منه أن يتوسط
في الصلح بين الديوان العزيز وبينه وقال: لقد قدرت هولاكو خان وما
عليه من كفاءة وكياسة ومهما يكن له من العنف والتهديد فليس له عندي
قدر ولا وزن. فلو طيب الخليفة خاطري وطمأن قلبي وبعث إلي بجيش
من الفرسان لجمعت أنا أيضا ما يقرب من مائة ألف من فرق المشاة من كرد
وتركمان ولسددت الطرق في وجه هولاكو ولا أدع أي مخلوق من جنده
يدخل بغداد. فعرف ابن الصلايا الوزير ابن العلقمي بذلك. فعرضه
هذا بدوره على الخليفة، فلم يبد اهتماما كثيرا. ولما بلغ هولاكو خان هذا
لدفعهم. وعند ما اقترب منهم استدعى حسام الدين قائلا: لقد صممنا
على قصد بغداد ونحن في حاجة إلى مشاورتك. فحضر حسام الدين دون
تفكر أو تدبير وأوكل به كيتو بوقا وقال: إذا أردت النجاة والبقاء حاكما على
هذه القلاع فانزل نساءك وأبناءك وأتباعك وجنودك جميعا من هذه القلاع
لكي أحصيهم وأقرر لهم الأموال والمؤن. فلم يجد حسام الدين بدا من
الطاعة وأحضرهم جميعا، فقال كيتو بوقا: إذا كانت ميولك مخلصة للملك
فمر بتخريب جميع القلاع ليتحقق هذا المعنى. فأدرك أن كلماته التافهة
بلغت مسامعهم، فيئس من حياته الغالية وأرسل من يهدم كل القلاع. ثم
قتله المغول مع كافة أتباعه وأشياعه ما عدا أهل القلعة التي كان فيها ابنه
المألوف في الأدب الفارسي ان تتضمن الخطب والرسائل وحتى البعض من عروض التواريخ
والوقائع شواهد من الشعر يرصعون بها تلك الألواح وقد تنظم هذه الشواهد خصيصا لتلك
الرسائل والخطب وغيرها ويجيئون بها شواهد كما يقع ذلك في الخطب العربية وقد كان
للسلاطين والملوك والأمراء من يقوم بتحبير هذه الرسائل كما هو عند الأمويين وعند العباسيين
بصورة خاصة لذلك حين قام المؤرخ بعرض القضية في الفارسية ونقل صورة الكتاب فإنه
فعل ذلك حسب مقتضيات القواعد الفارسية.
(١١) في ترجمتي الفرنسية " وعزم قبل كل شئ ان يرسل سرايا للاستيلاء على ثغور العراق وقرى
بغداد وفيها جبال عسير سلوكها " وهو أوضح وأصح.
(١٢) هي البلاد التي تلى حلوان من حلوان العراق من الغرب.
(١٣) في الترجمة وارسل ابن صلابة العلوي إلى حاكم إربل ليصلحه مع ديوان الخليفة " وهو
تخبيط وتخليط. (*)

(١) في ترجمتي من الفرنسية " وإن المغول إن لم يستولوا على ثغور المملكة إلى هذا اليوم فإن من
الهين علينا ان نحشد الجيوش من الأقطار ثم أسير انا فيهم وآمل ان اضرب هذا العدو بيد
قوية تشتت شمله.. ".
(٢) لم يكن أمر الجيش موكولا إلى الوزير بل إلى مجاهد الدين ايبك الدويدار الصغير فهذان من
تخريفات هذا المؤرخ اليهودي الأصل.
(٣) في الترجمة " الفترة " وهي خطأ.
(٤) كذا ورد في ترجمة المصريين والأصل هو " على يد بدر الدين وزنكي والقاضي البنديجي ".
(٥) الصواب وارسل به لأنه كان مقيدا غير مختار.
(٦) في الترجمة الحديقة وهو مضحك.
(٧) لم يقبض عليه بل حاربه وقتل في الحرب.
(٨) في ترجمتي من الفرنسية " آل أمره إلى أن هرب إلى جزيرة في بحر ابسكون ".
(٩) هذا شعر وانا أعجب من ايراد المؤلف الاشعار على لسان هولاكو غير مرة فهل كان أديبا وهل
كان في لغته شعر ينشد؟!.
(١٠) الصواب كرها ".
(٩١)

الأمير سعد، فقد طلبوا إليه التسليم تخويفا وإرهابا فلم يجبهم وقال: إن
عهدكم غير صحيح ولا أثق به. ثم ظل يجول مدة خليع العذار في تلك
الجبال وأخيرا سار إلى بغداد ولقي من ديوان الخليفة حسن الاستقبال إلى أن
قتل في حرب بغداد. وعاد كيتو بوقا مظفرا منصورا إلى حضرة هولاكو.
وكان الخان يتشاور مع أركان الدولة وأعيان الحضرة في أمر تصميمه على
الزحف إلى بغداد فكان منهم من يبدي رأيه حسب ما يعتقد، ثم طلب
حسام الدين المنجم الذي كان مصاحبا له بامر القاآن ليختار وقت النزول
والركوب وقال له: بين كل ما يبدو لك في النجوم دون مداهنة. ولما كانت
له جرأة بسبب تقربه فقد قال بصورة مطلقة: إنه ليس ميمونا قصد أسرة
الخلافة والزحف بالجيش إلى بغداد إذ أن كل ملك حتى زماننا هذا قصد
بغداد والعباسيين لم يستمتع بالملك والعمر وإذا لم يصغ الملك إلى كلامي
وذهب إلى هناك فستظهر ستة أنواع من الفساد أولها أن تنفق الخيول كلها
ويمرض الجنود وثانيها أن الشمس لا تطلع وثالثها أن المطر لا ينزل ورابعها
تهب ريح صرصر وينهار العالم بالزلزال وخامسها لا ينبت النبات في الأرض
وسادسها أن الملك الأعظم يموت في تلك السنة. فطلب منه هولاكو
شهادة بصحة هذا الكلام فكتبها المسكين وقال الكهان المغول والأمراء:
إن الذهاب إلى بغداد هو عين المصلحة... وبعد ذلك استدعى هولاكو
خان الخواجة نصير الدين الطوسي واستشاره فخاف الخواجة وظن أن الأمر
على سبيل الاختبار فقال: لن تقع أية واقعة من هذه الأحداث. فقال
هولاكو: إذن ما ذا يكون؟ قال: إن هولاكو سيحل محل الخليفة. ثم
أحضر هولاكو حسام الدين ليتباحث مع الخواجة فقال الخواجة: لقد
استشهد جمع كثير من الصحابة باتفاق آراء الجمهور وأهل الاسلام ولم
يحدث فساد قط ولو قيل إن للعباسيين مكرمة خاصة بهم فان طاهر بن
الحسين جاء من خراسان بامر المأمون وقتل اخاه محمدا الأمين، وقتل
المتوكل ابنه بالاتفاق مع الأمراء، كذلك قتل الأمراء والغلمان المنتصر
والمعتز وقتل عدد من الخلفاء على يد جملة اشخاص فلم تختل الأمور
فأضاء قلب الملك من قول العالم كأنه زهرة العلل في الربيع الباكر.
وقال هذا المؤرخ بعد ذلك تحت عنوان تصميم هولاكو خان
وتحركه بعد ذلك إلى بغداد وزحف الجيوش من كل ناحية وصوب إلى
مدينة السلام والاستيلاء عليها وانتهاء الدولة العباسية.
بعد ذلك عقد هولاكو النية على فتح بغداد فامر بان تتحرك جيوش
جرماغون وبايجونوين اللذين كانت معاقلهما في بلاد الروم وأن تسير على
الميمنة إلى الموصل عن طريق إربل ثم تعبر جسر الموصل وتعسكر في الجانب
الغربي من بغداد وذلك في وقت معين حتى إذا قدمت الرايات من المشرق
تخرج إليها من تلك الناحية، ويسير الأمير بلغا بن شيبان بن جوجي
والأمير توتار بن سكنقور، وقولي بن أورده بن جوجي وبوقا تيمور
وسونجاق من الميمنة أيضا ويدخلون من مضيق سونتاي نوين إلى ناحية
هولاكو خان. أما قوات كيتو بوقا نوين وقدخون ونرك ايلكا فعلى الميسرة
كانت تزحف من حدود لرستان والبيات وتكريت وخوزستان التي تمتد إلى
ساحل بحر عمان. ثم ترك هولاكو المعسكرات والأفواج في مرج زكي
من ضواحي همذان وأقر عليهم قياق نوين. وفي أوائل المحرم سنة ٦٥٥
سار بالجيوش في القلب الذي يسميه المغول قول نحو كرمانشاهان
وحلوان وكان في ركابه كبار الأمراء: كوكا ايلكا وأرقتو وأرغون آقا، ومن
الكتاب قرتاي وسيف الدين البينكجي المدير لشؤون المملكة والخواجة
نصير الدين الطوسي والصاحب السعيد علاء الدين عطا ملك الجويني مع
كافة السلاطين والملوك وكتاب بلاد إيران. وعند ما بلغ أسدآباد أوفد
رسولا لدعوة الخليفة مرة أخرى للحضور فكان يماطل ويتعلل ووصل ابن
الجوزي إلى الدينور للمرة الثانية قادما من بغداد يحمل رسالة بالوعد
والوعيد وملتمسا أن يعود هولاكو خان ويتراجع في مقابل أن يسلم الخليفة
للخزانة كل ما يقرره هولاكو خان. فظن هذا أن الخليفة يريد من وراء
عودة الجيش أن يعد جنده ويهيئهم لمقاومة المغول فقال: وكيف نترك زيارة
الخليفة بعد كل ما قطعناه من هذا الطريق؟! سوف نعود باذنه بعد
الحضور للقائه والتحدث معه. وقد تحرك جنود المغول من هناك إلى جبال
الأكراد ونزلوا بكرمانشاه في السابع والعشرين من الشهر وقاموا بالقتل
والسلب وأرسلوا رسولا ليحضر على الفور الأمراء: سونجاق وبايجو نوين
وسنتاي، فوصلوا إلى الحضرة في طاق كري ثم قبضوا على أيبك الحلبي
وسيف الدين قلج اللذين كانا من طلائع جيش الخليفة وأحضروهما إلى
الحضرة فأعطى هولاكو الأمان لأيبك وفي نظير ذلك قبل أن يقول الصدق
ثم جعلهما هولاكو مرشدين لطلائع قوات المغول، بعد ذلك أعاد الأمراء
مرموقين بالعطف والرعاية ليعبروا نهر دجلة ويتوجهوا إلى غربي بغداد،
وأحرقوا أكتاف الأغنام، جريا على عادتهم، ثم عادوا وعبروا نهر دجلة
قاصدين غربي بغداد. وفي تلك الجهة كان قائد الطلائع لجند الخليفة
ببغداد هو قبجاق المعروف بقراسنقر، وأما سلطان جو الذي كان من
نسل الخوارزميين فقد كان مع طلائع المغول، فكتب هذه الرسالة إلى
قراسنقر يقول فيها: إنني وأنت من جنس واحد وبعد البحث والتدقيق
التحقت بخدمة هولاكو بسبب الفقر والاضطرار ودخلت في طاعته وهو الآن
يعاملني معاملة طيبة فأنقذ أنت أيضا حياتك وترفق بها وأشفق على أولادك
وقدم الطاعة حتى تأمن على دارك وأولادك ومالك وروحك من هؤلاء
القوم، فكتب إليه قرا سنقر مجيبا: من يكون هؤلاء المغول حتى يقصدوا
أسرة العباسيين، لقد شاهدت هذه الأسرة الكثيرين من أمثال دولة جنكيز
خان وإن أساسها لأكثر إحكاما ورسوخا من أساس أسرة جنكيز خان التي
تترنح من كل ريح عاصف، ثم إن العباسيين قد استمروا حكاما أكثر من
خمسمائة سنة وكل مخلوق قصدهم بسوء قضى عليه الزمان وإذن فليس من
العقل والكياسة أن تدعوني لأنضم إلى جانب الغصن الغض لدولة جنكيز
خان، وكان الأولى بالود والمسالمة أن لا يتجاوز هولاكو خان الري بعد

(١) في ترجمتي من الفرنسية وكان هذا المنجم قد اعتاد المعسكر فقال لهولاكو بغير
خوف... "
(٢) لا أحسب هذه الأقوال الا من الاخبار المختلفة للاستهزاء بالخليفة العباسي.
(٣) في الأصل " العلامات ".
(٤) لم يقتل المنتصر بل مات موتا والظاهر أن نصير الدين الطوسي ان من قال على لسانه أراد
المستعين بالله.
(٥) في ترجمتي من الفرنسية " فإذا وصلت اعلام السلطان من الشرق إلى بغداد بدأت جنود
القائدين المذكورين منازلة المدينة من الجهة الأخرى ".
(٦) في الفرنسية قويار بن سنقر بن جوجى ".
(٧) فيها كاولى.
(٨) هذا الاسم مصحف فلا صلة لتكريت بالبيات وخوزستان وهذه المواضع الجنوبية
(٩) في الفرنسية " زكي أوزك ".
(١٠) في أصل الترجمة المصرية " دينور " مع تقدم تعريفهم لها بالألف واللام على الوجه الصحيح
(١١) في الترجمة " طاق كسرى " وهو من التصحيف الشنيع فطاق كسرى جنوبي بغداد على
عدة كيلومترات وطاق كرى عيل الحدود العراقية الإيرانية.
(١٢) في الترجمة الفرنسية قبجاقي اسمه قراسنقر ".
(٩٢)

فراغه من فتح قلاع الملاحدة وأن يعود إلى خراسان وتركستان لأن قلب
الخليفة متأثر وساخط بسبب زحف هولاكو بجيوشه، فإذا كان هولاكو نادما
حقا على فعلته فعليه أن يعيد الجيش إلى همذان لكي نجعل الدواتدار شفيعا
فيتضرع إلى الخليفة عله يزول ألمه ويقبل الصلح فيغلق بذلك باب القتال
والجدال. فلما عرض سلطان جوقة تلك الرسالة على هولاكو ضحك
وقال: إن اعتمادي على الله لا على الدرهم والدينار فإن كان الله الأزلي
مساعدا لي ومعينا فما ذا أخشاه من الخليفة وجيشه؟ تتساوى في نظري
النملة والبعوضة والفيل كما يتساوى الينبوع والنهير والبحر والنيل، ولو كان
أمر الله على خلاف تلك فمن يدري سواه كيف يكون ذلك الكلام؟ وإلا
فليتأهب للقتال وليحضر إلينا قبل كل شئ الوزير وسليمان شاه والدواتدار
ليسمعوا ما نقول.
وفي اليوم التالي سار هولاكو وعسكره على شاطئ نهر حلوان في
التاسع من ذي الحجة سنة ٦٥٥ حيث أقام إلى الثاني والعشرين من ذلك
الشهر، وفي هذه الأيام استولى كيتو بوقا على كثير من بلاد لرستان طوعا
وكرها. وفي الحادي عشر من شهر جقشاباط من سنة موعاييل الموافق
التاسع من المحرم سنة ٦٥٦ عبر بايجونوين وباقا تيمور وسونجاق في الوقت
المقرر نهر دجلة عن طريق نهر دجيل ووصلوا إلى نواحي نهر عيسى، وقد
التمس سونجاق نوين إلى بايجو أن يكون قائدا لجيش غرب بغداد ثم سار
بعد الاستئذان وجاء إلى حربي. وقبل ذلك كان مجاهد الدين أيبك
الدواتدار الذي كان قائدا لجيش الخليفة ومعه فتح الدين ابن كر قد
أقاما معسكرهما بين بعقوبا وباجسرا، وحينما سمعا بمجئ المغول إلى
الضفة الغربية عبرا نهر دجلة وحاربا سونجاق وبوقا تيمور في حدود الأنبار
على باب قصر المنصور في أعلى المزرفة على تسعة فراسخ من بغداد،
فلوى جنود المغول العنان وجاؤوا إلى البشيرية من ناحية دجيل، فلما
لحقوا ببايجو ووصل هؤلاء أعادوهم، وفي تلك النواحي كان يوجد نهر كبير
ففتح المغول السد المقام عليه فغمرت المياه كل الصحراء الواقعة خلف
جيش بغداد. وفي فجر يوم الخميس من نهار عاشوراء دهم بايجو وبوقا
تيمور الدواتدار وابن كر وانتصرا عليهما فهزم جيش بغداد وقتل فتح الدين
ابن كر وقراسنقر اللذان كانا قائدي الجيش مع اثني عشر ألف رجل فضلا
عمن غرق أو قضى نحبه في الوحل، اما الدواتدار فقد فر هاربا مع نفر
ضئيل وعاد إلى بغداد، كما هرب البعض إلى الحلة والكوفة. وفي يوم
الثلاثاء منتصف المحرم قدم بوقا تيمور وبايجو وسونجاق إلى بغداد واستولوا
على الجانب الغربي، ونزلوا في أحياء المدينة على شاطئ دجلة ووصل أيضا
بوقا نوين والأمراء الآخرون من ناحية النخاسية وصرصر بجيش عظيم.
وترك هولاكو خان معسكراته في خانقين وواصل سيره إلى بغداد ونزل في
الجهة الشرقية منها في السابع من شهر جقشباط من سنة موغا الموافق الحادي
عشر من المحرم سنة ٦٥٦ ثم تدفق الجيش المغولي كالنمل والجراد من كل
جهة وناحية فحاصروا أسوار بغداد واحتموا بجدار أقاموه. وفي يوم الثلاثاء
الثاني والعشرين من المحرم شرعوا في الحرب والتحم الجيشان وكان هولاكو
في القلب من طريق خراسان على الجانب الأيسر من المدينة في مقابل برج
العجمي، وكان ايلكا نوين وفربا على باب كلواذا، أما قولي وبولغا
وتوتار وشيرامون وأرقيو فقد نزلوا في عرض ظاهر المدينة في مواجهة باب
سوق السلطان، وكان بوقا تيمور يقف في جهة القلعة وجانب القبلة
بموضع دولاب البقل، وكان بايجو وسونجاق يرابطان في الجانب الغربي
حيث المارستان العضدي وكان الجميع يحاربون وقد صوبوا المجانيق مباشرة
تجاه برج العجمي حتى أحدثوا فيه ثغرة. وعندئذ أرسل الخليفة الوزير
والجاثليق إلى هولاكو يقول: إن الملك قد أمر بان أبعث اليه بالوزير وها
أنا ذا قد لبيت طلبه فينبغي أن يكون الملك عند كلمته. فرد الملك قائلا:
إن هذا الشرط طلبته وأنا على باب همذان أما الآن فنحن على باب بغداد
وقد ثار بحر الاضطراب والفتنة فكيف أقنع بواحدة، ينبغي أن ترسل
هؤلاء الثلاثة يعني الدواتدار وسليمان شاه والوزير. ثم ذهب الرسل
إلى المدينة وفي اليوم التالي لذاك خرج إلى هولاكو الوزير ابن
العلقمي وصاحب الديوان فخر الدين ابن الدامغاني وجمع من المعارف
والمشاهير، ولكنه أعادهم وقد دارت حرب طاحنة مدة ستة أيام، ثم أمر
الملك بان يكتب ستة منشورات تفيد بان القضاة والعلماء والشيوخ
والسادات والتجار وكل من لا يحاربنا لهم الأمان. وربطوا هذه المنشورات
بالنبال وألقوها على المدينة من جوانبها الستة. ولما لم تكن توجد حجارة
للمجانيق في أطراف بغداد فإنهم كانوا يأتون بها من جبل حمرين وجلولاء
وكانوا يقطعون النخيل ويرمون بقطعها بدلا من الحجارة، وفي يوم الجمعة
الخامس والعشرين من المحرم هدم المغول برج العجمي وفي يوم الاثنين
الثامن والعشرين وحيث كان يقف هولاكو تسلق جنود المغول السور عنوة
وطهروا أعالي الأسوار من الجند، لكنهم لم يتسلقوا الأسوار من ناحية سوق
السلطان حيث كان يحارب بولغا وتوتار، فعاتبهم السلطان، كذلك لم
يذهب أتباعهم كذا وفي المساء تسلم المغول جميع الأسوار الشرقية،
بعد ذلك أمر هولاكو خان بان يقيموا جسرا في أعلى بغداد وآخر في أسفلها
وأن يعدوا السفن وينصبوا المجانيق ويعينوا المستحفظين، وكان بوقا تيمور
قد رابط مع عشرة آلاف جندي على طريق المدائن والبصرة ليصد كل من
يحاول الهرب بالسفن. ولما حمي وطيس الحرب في بغداد وضاق الحال على
الأهالي أراد الدواتدار أن يركب سفينة وأن يهرب إلى ناحية السيب ولكنه
بعد أن اجتاز قرية العقاب أطلق جند بوقا تيمور حجارة المنجنيق والسهام
وقوارير النفط واستولوا على ثلاث سفن وأهلكوا من فيها وعاد الدواتدار

(١) في الترجمة مصر فيتضرع بدوره ولا حاجة إلى هذا الدور.
(٢) في أصل الترجمة فإذا كان الله ".
(٣) فيها من جديد وهو من التعابير الفرنسية.
(٤) في ترجمة مصر الحربية وهو تصحيف محربى من قرى نهر الدجيل المشهورة أيامئذ.
(٥) هذا مستبعد جدا فالأنبار كانت على الفرات شمال الفلوجة الحالية وحدودها كانت قريبة منها
فالمؤرخ واهم ويؤكد وهمه قوله " في أعلى المزرقة وكانت قرية كبيرة فوق بغداد على دجلة
بينها ثلاثة فراسخ كما في معجم البلدان.
(٦) في ترجمة مصر " المزرقة ".
(٧) في ترجمة مصر إلى بشرية والمعروف نهر بشير والبشيرية من دجيل.
(٨) في ترجمة مصر " نحاسية " والعياذ بالله وإنما هي قرية منسوبة إلى بعض النخاسين في آخر
بادوريا كانت.
(٩) في ترجمة مصر البرج العجمي والصواب برج العجمي بالإضافة وذلك لأنه منسوب
إلى الشيخ عبد القادر الجيلي وكان يعرف أيام قدومه بغداد بالعجمي وكان يتعبد فيه فنسبه
الناس اليه.
(١٠) لم يكن هناك قلعة وإنما كانت رباط سلجوقي خاتون زوج الناصر لدين الله وتربتها على
شاطئ دجلة عند الجعيفر.
(١١) في ترجمة مصر الحمرين وهو لم يعرف.
(١٢) في ترجمتي من الفرنسية فوبخهم هولاكو وتحمسوا وأخذتهم النخوة والغيرة من الجنود
الآخرين فكروا الهجوم وغلبوا على السور.
(١٣) في ترجمة مصر ناحية سيب مع أن السيب معرف والسيب من ارض واسط على دجلة
" النجوم ٨: ٩٥ ".
(٩٣)

منهزما. فلما وقف الخليفة على تلك الحال يئس نهائيا من الاحتفاظ
ببغداد ولم ير أمامه مفرا ولا مهربا قط فقال: سأستسلم وأطيع ثم
أرسل فخر الدين الدامغاني وابن الدرنوش مع قليل من التحف إلى هولاكو
زاعما أنه لو بعث بالكثير لكان ذلك دليلا على خوفه فيتجرأ العود، فلم
يلتفت هولاكو إلى هذه الهدايا وعادا محرومين. وفي يوم الثلاثاء التاسع
والعشرين من المحرم خرج من بغداد للقاء هولاكو أبو الفضل عبد
الرحمن بن الخليفة الثاني، بينما ذهب الوزير ابن العلقمي إلى
المدينة، وكان صاحب الديوان فخر الدين ابن الدامغاني وجماعة من
العظماء مع أبي الفضل قد حملوا أموالا كثيرة، فلم تقبل منهم، وفي غد
ذلك اليوم آخر المحرم خرج ابن الخليفة الأكبر أبو العباس أحمد ومعه
الوزير ابن العلقمي وجماعة من المقربين للشفاعة فلم يجدوا فائدة وعادوا
إلى المدينة. وقد بعث الملك الخواجة نصير الدين الطوسي وايتيمور
برسالة إلى الخليفة، فخرجا في صحبة رسل بغداد غرة صفر، وأرسل فخر
الدين الدامغاني الذي كان صاحب الديوان وابن الجوزي وابن الدرنوش
إلى المدينة ليخرجوا سليمان شاه والدواتدار ومنحهم فرمانا وبايزة طمأنة لهم
وتقوية لموقفهم وقال: إن الرأي للخليفة فله أن يخرج أو لا يخرج وسيكون
جيش المغول مقيما على الأسوار إلى أن يخرج سليمان شاه والدواتدار.
وفي يوم الخميس غرة صفر خرج الرجلان فأعادهما مرة ثانية إلى
المدينة ليخرجا أتباعهما حتى ينضموا إلى قوات مصر والشام، وعزم جند
بغداد على الخروج معهم وكانوا خلقا لا يحصون مؤملين أن يجدوا الخلاص
فقسموهم ألوفا ومئات وعشرات وقتلوهم جميعا. أما من بقي في بغداد فقد
هربوا إلى الأنفاق ومواقد الحمامات ثم خرج جماعة من أعيان المدينة وطلبوا
الأمان قائلين: إن ناسا كثيرين طائعون خاضعون فليمهلوا لأن الخليفة
سيرسل أبناءه ويخرج بنفسه أيضا. وفي تلك الأثناء أصاب سهم عين هندو
البتكجي وكان من أكابر الأمراء. فتملك هولاكو غضب عظيم وجد في
الاستيلاء على بغداد وأمر الخواجة نصير الدين الطوسي أن يقيم على
باب الحلبة أمانا للناس، فشرع الأهالي يخرجون من المدينة. وفي يوم
الجمعة الثاني من صفر قتل الدواتدار وجئ بسليمان شاه مع سبعمائة من
أقاربه وكان مكبل اليدين فاستجوبه هولاكو قائلا لقد كنت منجما ومطلعا
على أحوال السعد والنحس للبلاد فكيف لم تتنبأ بسوء مصيرك ولم تنصح
مخدومك لكي يبادر إلينا عن طريق الصلح؟ فأجاب سليمان شاه: لقد
كان الخليفة مستبدا برأيه منكود الطالع فلم يستمع لنصح الناصحين. ثم
أمر بقتله مع كافة أتباعه وأشياعه كما قتل الأمير تاج الدين ابن الدواتدار
الكبير وأرسل رؤوس هؤلاء الثلاثة على يد الملك الصالح ابن بدر الدين
لؤلؤ إلى الموصل وكان بدر الدين صديقا لسليمان شاه فبكى ولكنه علق
رؤوسهم خوفا على حياته. وبعد أن رأى الخليفة المستعصم أن الأمر قد
خرج من يده استدعى الوزير ابن العلقمي وسأله ما تدبير أمرنا؟.
فانشد الوزير هذا البيت في جوابه:
يظنون أن الأمر سهل وإنما * هو السيف حدت للقاء مضاربه
وبعد خراب البصرة خرج ومعه أبناؤه الثلاثة أبو الفضل عبد الرحمن
وأبو العباس أحمد وأبو المناقب مبارك وكان ذلك يوم الأحد الرابع من صفر
سنة ٦٥٦ وكان معه ثلاثة آلاف من السادات والأئمة والقضاة والأكابر
والأعيان ثم قابل هولاكو خان فلم يبد الملك غضبا قط وكلمه بالحسنى ثم
قال له: مر سكان المدينة حتى يضعوا أسلحتهم ويخرجوا لكي نحصيهم
فأرسل الخليفة من ينادي في المدينة ليضع الناس أسلحتهم ويخرجوا، فألقى
الناس أسلحتهم زمرا زمرا وصاروا يخرجون فكان المغول يقتلونهم ثم أمر
بان تقام الخيام للخليفة وأبنائه وأتباعه بباب كلواذا في معسكر كيتو بوقا
نوين ونزلوا فيها وعهدوا بحراستهم إلى عدد من المغول وكان الخليفة
المستعصم ينظر بعين الحقيقة إلى هلاكه ويأسه على تركه الحزم وإبائه
قول النصح قال في نفسه: لقد فاز عدوي إذ رآني قد وقعت في الشرك
كالطائر الحذر. وكان بدء القتل والنهب في يوم الأربعاء السابع من صفر
فاندفع الجند المغول مرة واحدة إلى بغداد وأخذوا يحرقون الأخضر واليابس
ما عدا قليلا من منازل الرعاة وبعض الغرباء. وفي يوم الجمعة التاسع من
صفر دخل هولاكو المدينة لمشاهدة قصر الخليفة وجلس في المثمنة واحتفل
بالأمراء ثم أشار باحضار الخليفة فقال له: إنك مضيف ونحن الضيوف
فهيا أحضر ما يليق بنا. فظن الخليفة أن هذا الكلام على سبيل الحقيقة
وكان يرتعد من الخوف وبلغ من دهشه أنه عاد لا يعرف مكان مفاتيح
الخزائن فامر بكسر عدة أقفال وأحضر لهولاكو ألفي ثوب وعشرة آلاف
دينار ونفائس ومرصعات وعددا من الجواهر. فلم يلتفت هولاكو إليها
ومنحها كلها للأمراء والحاضرين ثم قال للخليفة: إن الأموال التي تملكها
على وجه الأرض ظاهرة وهي ملك عبيدنا لكن اذكر ما تملكه من الدفائن ما
هي وأين توجد؟ فاعترف الخليفة بوجود حوض مملوء بالذهب في ساحة
القصر، فحفروا الأرض حتى وجدوه كان ملآنا بالذهب الأحمر وكان كله
سبائك تزن الوحدة مائة مثقال. بعد ذلك صدر الأمر باحصاء نساء الخليفة
فعدوا سبعمائة زوجة وسرية وألف خادمة فلما اطلع الخليفة على تعداد نسائه
تضرع فقال لهولاكو: من علي باهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس
ولا القمر. فقال له هولاكو: اختر مائة من هذه النساء السبعمائة واترك
الباقي. فاخرج الخليفة معه مائة امرأة من أقاربه والمحببات إليه. ثم
رجع هولاكو خان إلى المعسكر ليلا. وفي الصباح أمر بان يسير سونجاق إلى
المدينة وأن يعتبر أموال الخليفة ويخرجها. وقصارى القول أن كل ما كان
للخلفاء قد جمعوه خلال خمسة قرون وضعه المغول بعضه على بعض

(١) لا يقال في العربية احتفظ فلان بالمدينة وإنما يكون الاحتفاظ بالشئ الذي يختزن أو ينقل
بسهولة.
(٢) في ترجمة مصر " سأسلم " وهو هنا م كلام العامة.
(٣) يعنى الابن الثاني للخليفة المستعصم.
(٤) قدم المؤرخ ذكره بأنه صاحب الديوان غير مرة فما معنى قوله: الذي كان صاحب الديوان؟
(٥) في ترجمتي من الفرنسية ليأتيا بأتباعهما ويترك لهم السبيل للسفر والالتحاق بجيش مصر
والشام.
(٦) يعنى الابن الثاني للخليفة المستعصم.
(٧) الصواب ملك الدين
(٨) في النسخة الفرنسية ان هذا البيت أورده المؤرخ بعد وصول الرؤوس الثلاثة إلى بدر الدين
بالموصل لتعليقها ولم يذكر خبر سؤال الخليفة الوزير.
(٩) الصحيح انه اعتقالهم والتوكيل بهم لا حراستهم فهو كانوا لا يخشون أحدا غير المغول
(١٠) بيت شعر بالفارسية.
(١١) المثمنة إحدى دور الخلافة الفخمة وفى ترجمة مصر (الميمنية) وهو تصحيف قبيح.
(١٢) من البديهي ان الخليفة لم يكن يعلم موضع المفاتيح حتى في أيام سعادته فما هذا الاستهزاء؟
(١٣) انظر إلى استهزاء هذا الجبار الغدار السفاك إن صح الخبر ولا أحسبه صحيحا
(١٤) في ترجمة مصر " يجرد " وهو تعبير عامي.
(٩٤)

فكان كجبل على جبل، وقد احترق أكثر الأماكن المقدسة في المدينة مثل
جامع الخليفة ومشهد موسى والجواد عليها الرحمة وقبور الخلفاء.
وأخيرا أوفد سكان المدينة شرف الدين المراغي وشهاب الدين محمودا
الزنجاني والملك أحمد بن عمران الباجسري دال رست أي المخلص
إلى هولاكو وطلبوا الأمان، فصدر الأمر بالتوقف من بعد ذلك عن القتل
والنهب لأن بغداد أصبحت ملكا لنا فليستقر الأهالي ولينصرف كل
شخص إلى عمله وبذلك وجد الأمان الذين نجوا من السيف. وفي يوم
الأربعاء الرابع عشر من صفر رحل هولاكو عن بغداد بسبب عفونة الهواء
ونزل بقريتي الوقف والجلابية وأرسل الأمير عبد الرحمن لفتح ولاية
خوزستان ثم استدعى الخليفة فأدرك هذا أن أمارات النحس تبدو على
مصيره وخاف خوفا شديدا وقال للوزير ابن العلقمي: ما حيلتنا؟
فأجاب الوزير قائلا: لحيتنا طويلة. وكان مراده من ذلك أنه عند ما فكر في
أول الأمر في أن ترسل أحمال وفيرة لدفع هذا البلاء قال الدواتدار مجاهد
الدين: لحية الوزير طويلة. وحال دون الأخذ بهذا الرأي واستمع الخليفة
لكلامه وأهمل تدبير الوزير. ويئس الخليفة من إنقاذ حياته واستأذن في أن
يذهب إلى الحمام ليجدد اغتساله. فامر هولاكو خان بان يذهب مع خمسة من
المغول، ولكن الخليفة قال: أنا لا أريد أن أذهب بصحبة خمسة من
الزبانية، وكان ينشد بيتين أو ثلاثة من قصيدة هذا مطلعها:
وأصبحنا لنا دار * كجنات وفردوس
وأمسينا بلا دار * كان لم نغن بالأمس
وفي مساء الأربعاء الرابع عشر من صفر سنة ٦٥٦ قضوا على الخليفة
وعلى ابنه الأكبر وخمسة من الخدم كانوا في خدمته في قرية الوقف، وفي
اليوم التالي قتلوا الذين كانوا قد نزلوا معه في بوابة كلواذا، كذلك قضوا
على كل شخص وجدوه حيا من العباسيين اللهم إلا أفرادا قلائل لم يأبهوا
لهم. وقد سلم مباركشاه الابن الأصغر للخليفة إلى أولجاي خاتون فأرسلته
إلى مراغة ليكون مع الخواجة نصير الدين ثم زوجوه من امرأة مغولية
فأنجب منها بولدين. وفي يوم الجمعة السادس عشر من صفر ألحقوا الابن
الثاني للخليفة بوالده وأخيه وبذلك قضي على دولة خلفاء آل العباس الذين
حكموا بعد بني أمية وكانت مدة خلافتهم خمسا وعشرين وخمسمائة سنة
وعددهم سبعة وثلاثون خليفة حسب ما يأتي بالتفصيل. وذكر المؤرخ
الخلفاء بالترتيب ثم قال: وفي نفس اليوم الذي قتلوا فيه الخليفة أرسلوا
إليها مؤيد الدين ابن العلقمي ليقوم بالوزارة وفخر الدين الدامغاني ليكون
صاحب الديوان وجعلوا علي بهادر شحنة لها وعينوا المحتسبين لمراقبة
المقاييس والأوزان ونصبوا عماد الدين عمر القزويني نائبا للأمير قراتاي وهو
الذي عمر مسجد الخليفة ومشهد موسى والجواد، وكذلك نصب نجم
الدين أبو جعفر أحمد بن عمران الملقب براست دل المخلص واليا على
أعمال شرقي بغداد مثل طريق خراسان والخالص البندنيجين، وأمر
هولاكو بان يكون نظام الدين عبد المنعم البندنيجي قاضيا للقضاة واختار
إيلكانوين وقرابوقا ومعهما ثلاثة آلاف من فرسان المغول وبعث بهم إلى
بغداد ليقوموا بالعمارة في الحال وليعملوا على استتاب الأمن. ثم بادر كل
شخص بدفن قتلاه وطهرت الطرق من جثث الحيوانات النافقة وعمرت
الأسواق. وفي يوم الخميس التاسع والعشرين من صفر حضر إلى الدركاة
شرف الدين ابن الوزير وصاحب الديوان لتلقي التعليمات ثم عادا وفي يوم
الجمعة الثالث من العشرين رحل هولاكو ونزل بقية الشيخ مكارم، ومن
هناك كان يسير مرحلة بعد مرحلة إلى أن بلغ معسكراته في خانقين. وفي
أثناء حصار بغداد كان قدم إليه بعض العلويين والفقهاء من الحلة والتمسوا
إليه أن يعين لهم شحنة.
ومما نقلنا عن الأخبار المبسوطة في فتح هولاكو لبغداد والعراق يظهر
للقارئ أن مؤيد الدين ابن العلقمي كان أحد ثلاثة من أرباب دولة بني
العباس أراد هولاكو حضورهم لتمثيل الدولة العباسية وبيان الأسباب في
تلكؤها عن الإذعان للدولة المغولية والدخول في طاعتها، وأن اثنين من
هؤلاء الثلاثة أمر بقتلهما بعد ثبوت جرمهما عندها والثالث هو الوزير ابن
العلقمي نجا مع جماعة من أصحاب الدولة واستوزر فلو كان مخامرا لهولاكو
ومباطنا ومراسلا ما احتاج أن يدخله في عداد الثلاثة ولا اهتم بحضوره
وحمله الرسالة، فهذا يدل على أن الرضا عنه وقع بعد سؤاله عن سبب
اضطراب السياسة العباسية وتقديمه في أنه كان من رأيه الطاعة للدولة
المغولية التي يمثلها هولاكو واستشهاده شهودا على صدق قوله من أرباب
الدولة نفسها كفخر الدين أحمد بن الدامغاني وتاج الدين علي بن الدوامي. أدب ابن العلقمي
كان أبو طالب محمد بن أحمد بن العلقمي أديبا كاتبا منشئا ينظم
الشعر الذي يسمى شعر المناسبات وقد حوت عدة تواريخ عدة قطع
ومقطوعات من نثره وشعره، قال مؤلف الحوادث في سنة ٦٤٣ وتوفيت
ابنة الخليفة المستعصم بالله، اسمها عائشة وعمل لها العزاء في الرصافة على
جاري العادة وأنشد الشعراء المراثي وكتب الوزير مؤيد الدين محمد بن
العلقمي إلى الخليفة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب. أجزل الله
ثواب الخدمة الشريفة المقدسة النبوية الامامية المستعصمية بالله على
احتسابها، وجزاها أفضل جزاء الصابرين عند جزع النفوس واكتئابها،
وأفاء عليها ظلا من البقاء ظليلا، ورجع طرف الحوادث عن حوزتها
الشريفة حسيرا كليلا، وعوض عمن عبر وذهب بحراسة غيره مما وهب،
وجعل السادة الموالي المعظمين في حوز حياطته، وكلأهم من كل حادث
بعين حفظه التي لا تنام ورعايته، وأدام للدنيا وأهلها بقاء الخدمة الشريفة
واستمرار عصرها، وخلود الدولة الحالية بمضاء مراسمها العلية ونفاذ
أمرها:
فإذا سلمت فكل شئ سالم * وإذا بقيت فكل شئ باقي
ولا زال ملكها محروسا من الغير، لصون الموارد من الكدر، ولا
أعاد إلى مواطن شرفها حادثا، ولا أنزل بمقدس ربعها اللامع خطبا كارثا:
لا روعت بعدها الخطوب لكم * سربا ولا فصلت لكم جملا كذا

(١) ذكر التاريخ ان دار الخلافة نهبت عدة مرات آخرها في الربع الأول من القرن السادس فكيف
بقيت خمسة قرون؟
(٢) وقد ورد في غير هذا المحل باسم (راست دل) معناها اللفظي ذو القلب المستقيم الصادق
الذي تدل عليه كلمة (المخلص).
(٣) قلت لئلا ينقلوا خبر مصرعه وموضع قتله.
(٤) في ترجمة مصر " وخالص وبندنيجين " بالتجريد من الألف واللام وذلك خطأ.
(٥) في ترجمة مصر " المكارم " وهو خطأ.
(٦) راجع في جميع ما نقلنا أخيرا جامع التواريخ " ج ١ ص ٢٦٢ - ٢٩٦.
(٩٥)

بمحمد وآله. وقال في أخبار سنة ٦٤٤ فيها كتب الوزير مؤيد
الدين محمد بن العلقمي إلى الخليفة ينهي حال بعض الأمراء ويقول في آخر
كلامه وهو مدبر فوقع الخليفة على مطالعته بقلمه:
ولا تساعد أبدا مدبرا * وكن مع الله على المدبر
فكتب الوزير في الجواب من نظمه:
يا مالكا أرجو بحبي له * نيل المنى والفوز في المحشر
أرشدتني لا زلت لي مرشدا * وهاديا من رأيك الأنور
فضلك فضل ما له منكر * ليس لضوء الشمس من منكر
أن يجمع العالم في واحد * فليس لله بمستنكر
فالله يجزيك بما قلته * خيرا ويبقيك مدى الأعصر
جعلت تقوى الله مقرونة * بورد أفعالك والمصدر
من يجعل التقوى له متجرا * فذاك حقا رابح المتجر
وقال الخزرجي في أخبار سنة ٦٤٦: وفي شهر ربيع الأول أنعم
على الوزير أبي طالب محمد بن العلقمي بدواة فضة مذهبة مدورة مثمنة
بديعة الصنعة جميلة الوضع فقال بعض الشعراء. وجاء في كتاب
الحوادث في ذلك وفيها أنفذ الخليفة إلى الوزير مؤيد الدين محمد بن
العلقمي دواة فضة مذهبة مع صلاح الدين عمر بن جلدلك في جوانة فخلع
عليه ونظم الشعراء في ذلك أشعارا كثيرة.
وقال مؤلف الحوادث في سنة ٦٤٨: وفيها أنفذ الخليفة إلى الوزير
على يد عمر بن جلدك شدة من أقلام فكتب الوزير قبل المملوك الأرض
شكرا للانعام عليه بأقلام قلمت عنه أظفار الحدثان، وقامت له في حرب
صرف الدهر مقام عوامل المران، وأجنته ثمار الأوطار من أغصانها،
وحازت له قصبات المفاخر يوم رهانها، فبالله كم عقد ذمام في عقدها وكم
بحر سعادة أصبح من مدادها ومددها. وكم مناد خط استقام بمثقفاتها،
وكم صوارم خطوب فلت مضاربها بمطرور مرهفاتها، والله تعالى ينهض
المملوك بمفروض دعائه، ويوفقه للقيام بشكر ما أولاه من جميل رأيه وجزيل
حبائه، بمحمد وآله:
خولتني نعما كادت تعيد إلى * عصر الشباب وتدني منه أياما
لم يبق لي أمل إلا وقد بلغت * نفسي أقاصيه برا وإنعاما
تعطي الأقاليم من لم يبد مسالة * جودا فلا عجبا إن تعط أقلاما
لأفتحن بها والله يقدرني * مصاعبا أعجزت من قبل بهراما
إذا نسبن إلى خط فان لها * شبى إذا أعملته يخرق الهاما
بالحمد والشكر أجريها لدولتكم * والرأي يحصد من أعدائها الهاما
طالع المملوك بدعائه الصادر عن ناصع ولائه، والأمر أعلى وأسمى
إن شاء الله تعالى. انتهى مقال الدكتور مصطفى جواد
الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي يتهم بالخيانة
قال الدكتور جعفر خصباك:
يكاد المؤرخون يتفقون في الثناء على شخصية محمد بن أحمد بن
العلقمي وزير المستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس فقد وصفوه بالعقل
والعلم والأدب والكفاية والوقار والنزاهة والعفة عن أموال الديوان والمعرفة
بأدوات الرياسة. وقد وصفه سبط ابن الجوزي الحنبلي بأنه كان رجلا
فاضلا صالحا عفيفا قارئا للقرآن. ووصفه الخزرجي بأنه كان عالما
فاضلا أديبا حسن المحاضرة دمث الاخلاق كريم الطباع خير النفس كارها
للظلم خبيرا بتدبير الملك. كان مؤيد الدين أسديا من النيل قيل لجده
العلقمي لأنه حفر النهر المعروف بهذا الاسم. وكان خاله عضد الدين أبو
نصر المبارك بن الضحاك من المعدلين بمدينة السلام رتب ناظرا بديوان
الجوالي وكتب في ديوان الانشاء ونفذ رسولا إلى صاحب الشام وعند ما توفي
الخليفة العباسي الظاهر بامر الله بن الناصر لدين الله سنة ٦٢٣ ه‍
١٢٢٦ م كان هو المتولي لاخذ البيعة للخليفة الجديد المستنصر بالله وقد ظل
في عهده أستاذا للدار حتى وفاته سنة ٦٢٧ ه‍ ١٢٢٩ م. واشتغل
محمد بن العلقمي في صباه بالأدب ففاق فيه وسمع الحديث واشتغل في
الحلة على عميد الرؤساء أيوب وعاد إلى بغداد وأقام عند خاله عضد الدين
أستاذ الدار الذي عرف بالعلم والرياسة والتجربة فتخلق بأخلاقه واستنابه
في ديوان الأبنية إلى أن توفي حيث انقطع ابن العلقمي ولزم داره ولكن
شمس الدين أبا الأزهر أحمد بن الناقد الذي عين أستاذا للدار بعد عضد
الدين استدعاه إلى دار التشريفات وأمره بالتردد إليها ومشاركة النواب بها
وعند ما عزل المستنصر بالله وزيره ابن القمي سنة ٦٢٩ ه ١٢٣١ م كان
ابن العلقمي مشرفا بدار التشريفات فعين بعد قليل أستاذا للدار مكان
شمس الدين ابن الناقد الذي عين نائبا للوزارة وعند ما توفي ابن الناقد
سنة ٦٤٢ ه‍ ١٢٤٤ م عين ابن العلقمي مكانه وظل يشغل منصب
الوزارة حتى سقوط بغداد ومقتل الخليفة عام ٦٥٦ ه‍ ١٢٥٨. وقد
عرف ابن العلقمي بحبه للعلم والأدب ومعرفته باللغة وكانت له مقدرة على
نظم الشعر وكتابة النثر الجيد الحسن. وقد أنشأ لنفسه مكتبة في داره في
٦٤٤ ه‍ ١٢٤٦ م نقل إليها عددا كبيرا من الكتب من أنواع العلوم
وصفها العدل موفق الدين القاسم ابن أبي الحديد بأبيات أولها:
رأيت الخزانة قد زينت * بكتب لها المنظر الهائل
وذكر علي ابن أخت الوزير المذكور أنها كانت تشتمل على عشرة
آلاف مجلد من نفائس الكتب وقد صنفت للوزير كتب منها العباب الذي
وضعه الصغاني اللغوي وشرح نهج البلاغة لعز الدين عبد الحميد بن أبي
الحديد (١٠).

(١) الحوادث " ص ٢٠٦، ٢٠٧.
(٢) بعده كما في الوافي للصفدي:
ابنت لي بيت هدى قلته عن شرف في بيتك الأطهر
(٣) هذه الأبيات ذكرها الصفدي في الوافي " ١: ١٨٥ " ونقلها منه مؤلف فوات الوفيات.
(٤) الحوادث ص ٢٠٨، ٢٠٩.
(٥) العسجد المسبوك نسخة المجمع المصورة ١٧٣.
(٦) الحوادث ص ٢١٩.
(٧) الحوادث ص ٢٤٩ - ٢٥٠ وذكر الخبر ومن الأبيات الصفدي في الوافي " ١: ١٩٤.
(٨) انظر تاج الدين السبكي طبقات الشافعية الكبرى ج ٥ ص ١١٠ ابن الطقطقي تاريخ
الدول الاسلامية ص ٣٣٧ - ٣٣٨.
(٩) مرآة الزمان ج ٨ قسم ٢ ص ٧٤٧.
(١٠) العسجد المسبوك ج ٢ الورقة ١٩٤.
(١١) الحوادث الجامعة ص ١٦.
(١٢) ن. م ص ٣٥ خلاصة الذهب المسبوك ص ٢١١ العسجد المسبوك ج ٢ الورقة ١٩٤.
(٩٦)

ومع ذلك فقد وجه كثير من المؤرخين المسلمين إلى الوزير مؤيد
الدين بن العلقمي تهمة في غاية الخطورة خلاصتها أنه خان سيده الخليفة
المستعصم بالله ودينه الاسلام وجلب على قومه القتل والذل والخراب بمكاتبة
هولاكو طاغية التتار وأطماعه بفتح العراق بل دعوته لذلك وتهيأت الأمور له
بأساليب متعددة منها إشارته على الخليفة بتسريح أكثر جنوده وتشجيعه على
عدم انفاق المال في سبيل الاستعداد العسكري وتهوين أمر المغول أمامه
ودعوته للخروج لمواجهة هولاكو حينما أحاط هذا ببغداد للتغرير به بحجة
حضور عقد نكاح ابنة هولاكو لابن الخليفة وسبب ذلك أن الوزير كان
شيعيا رافضيا في قلبه غل على الاسلام وأهله وأنه كان يريد الانتقام من
أهل السنة خصوصا طائفة من مستشاري الخليفة كابنه أبي بكر وقائد
عسكره مجاهد الدين الدويدار الصغير لأنهم أوقعوا بمحلة الكرخ الشيعية
سنة ٦٥٤ وقتلوا العديد من أهلها وسبوا نساءها ونهبوا دورها وكان في
المحلة أقارب للوزير.
ولعل من المفيد أن نستعرض أهم ما ورد من أقوال المؤرخين في هذه
التهمة الخطيرة: قال أبو شامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل
المتوفى سنة ٦٦٥ ه‍ ١٢٦٢ م عن حوادث سنة ٦٥٦ ه‍ ١٢٥٨ م أن
التتار استولوا على بغداد بمكيدة دبرت مع وزير الخليفة. وأعاد قطب
الدين اليونيني البعلبكي المتوفى سنة ٧٢٦ ه‍ ١٣٢٥ م نفس العبارة ثم
أضاف إليها قوله أن هولاكو تهيأ في سنة أربع وخمسين وستمائة لقصد
العراق وسبب ذلك أن مؤيد الدين بن العلقمي وزير الخليفة كان
رافضيا وأهل الكرخ روافض وفيه جماعة من الاشراف والفتن لا تزال بينهم
وبين اهل باب البصرة... فاتفق أنه وقع بين الفريقين محاربة فشكا أهل
باب البصرة وهم سنية إلى ركن الدين الدواتدار والأمير أبي بكر بن الخليفة
فتقدما إلى الجند بنهب الكرخ فهجموا ونهبوا وقتلوا وارتكبوا العظائم فشكا
أهل الكرخ ذلك إلى الوزير فامرهم بالكف والتغاضي وأضمر هذا الامر في
نفسه وحصل بسبب ذلك عنده الضغن على الخليفة وبعد أن أشار اليونيني
إلى الخليفة المستنصر بالله وحال الجند في عهده عاد إلى ابنه المستعصم وقال
وكاتب الوزير ابن العلقمي التتر وأطعمهم في البلاد وأرسل إليهم غلامه
وأخاه وسهل عليهم ملك العراق وطلب منهم أن يكون نائبهم في البلاد
فوعدوه بذلك وأخذوا في التجهيز لقصد العراق وكاتبوا بدر الدين لؤلؤ
صاحب الموصل في أن يسير إليهم ما يطلبونه من آلات الحرب فسير إليهم
ذلك ولما تحقق قصدهم علم أنهم إن ملكوا العراق لا يبقون عليه فكاتب
الخليفة سرا في التحذير منهم وأنه يعد لحربهم فكان الوزير لا يوصل رسله
إلى الخليفة ومن وصل إلى الخليفة منهم بغير علم الوزير اطلع الخليفة وزيره
على أمره. ثم يمضي اليونيني فيصف تقدم جيش هولاكو إلى بغداد
وهزيمته لعسكرها واحاطته بها ثم يعود فيقول فحينئذ أشار ابن العلقمي
الوزير على الخليفة بمصانعة ملك التتر ومصالحته وسأله أن يخرج اليه في
تقرير ذلك وتوثق منه لنفسه ثم رجع إلى الخليفة وقال له أنه قد رغب أن
يزوج ابنته من ابنك الأمير أبي بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى
سلطان الروم في سلطنة الروم لا يؤثر إلا أن تكون الطاعة له كما كان
أجدادك من السلاطين السلجوقية وينصرف بعساكره عنك فتجيبه إلى هذا
فإنه فيه حقن دماء المسلمين ويمكن بعد ذلك أن يفعل ما تريد فحسن له
الخروج اليه فخرج في جمع من أكابر الصحابة فانزل في خيمة ثم دخل
الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل ليحضروا عقد النكاح فيما أظهره فخرجوا
فقتلوا وكذلك صار يخرج طائفة بعد طائفة. وقال شمس الدين
الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨ ه ١٣٤٧ م في كلامه عن وقائع سنة ٦٤٨
ه‍ ١٢٥٠ م ما يأتي: وأما بغداد فضعف دست الخلافة وقطعوا أخباز
الجند الذين استنجدهم المستنصر وانقطع ركب العراق. كل ذلك من عمل
الوزير ابن العلقمي الرافضي جهد في أن يزيل دولة بني العباس ويقيم
علويا وأخذ يكاتب التتار ويراسلونه والخليفة غافل لا يطلع على الأمور ولا
له حرص على المصلحة. وقال عبد الله بن فضل الشيرازي الذي
ألف كتابه حوالي ٧٢٩ ه ١٣٢٨ م ما معناه ان الخليفة المستعصم بالله
كان منصرفا إلى الراحة واللهو وكان وزيره ابن العلقمي مستبدا بالأمور
حتى أنه لم يكن يحترم المقربين إلى الخليفة ولا يظهر تأدبا في مخاطبته إياهم
وقد تغيرت نيته أزاء الخليفة بسبب واقعة الكرخ لأن ابن الخليفة أرسل
جنودا أغاروا عليها وأسروا البنين والبنات وبينهم العلويات فبعث ابن
العلقمي لذلك رسالة إلى تاج الدين محمد بن نصر الحسيني أحد سادات
العصر وعند ما فرع البادشاه هولاكو سنة ٦٥٤ ه ١٢٥٦ م من فتح قلاع
الملاحدة وارسل بالرسل يبشرون بالنصر في المشارق والمغارب أرسل ابن
العلقمي في الخفاء رسولا إلى هولاكو أظهر الاخلاص والطاعة وزين مملكة
بغداد في خاطره وذم الخليفة وقال لهولاكو أنه إذا توجه بسرعة فسوف تسلم
له مملكة بغداد ولكن هذا لم يعتمد على قوله لأن حصانة بغداد وكثرة جنودها
كانت أمرا مشهورا في الأقاليم السبعة وكان ملك العالم اوغوتاي في أول
جلوسه على العرش قد أرسل القائد جرماغون بجيش فتاك فهزم من قبل
الخليفة المستنصر بالله ولذلك فان البادشاه طلب من رسول ابن العلقمي ما
يؤكد صحة أقواله ليطمئن بذلك خاطره الشريف. وعند ما زحفت جيوش
هولاكو على بغداد واطمأن ابن العلقمي لنجاح مكيدته قال للخليفة أن
الجم الغفير من سلاطين وملوك الأطراف أظهروا والحمد لله اخلاصهم
وطاعتهم وسمعة الخليفة كبيرة وحكمه نافذ وماله كثير فمن الخير توفير أموال
الخزينة وعدم صرفها على الجند فكان الخليفة منصرفا لسماع الأغاني
والاجتماع بالجواري والمغنيات وابن العلقمي يفرق الكلمة ويشرد جميع
الافراد وينفر الجنود في الوقت الذي انتشرت فيه أخبار جيش المغول وكان
الشرابي والدويدار يحذرون الخليفة منه وابن العلقمي يسخف أقوالهم.
وقال ابن شاكر الكتبي المتوفى سنة ٧٦٤ ه ١٣٦٢ م في كلامه عن
الوزير ابن العلقمي ولم يزل ناصحا لأصحابه وأستاذه حتى وقع بينه وبين
الدواتدار لأنه كان متغاليا في السنة وعنده ابن الخليفة فحصل عنده من
الضغن ما أوجب سعيه في دمار الاسلام وخراب بغداد على ما هو مشهور
لأنه ضعف جانبه وقويت شوكة التتار بحاشية الخليفة... وأخذ يكاتب
التتار إلى أن جرأ هولاكو وجره على أخذ بغداد. وقال عنه أيضا
وحكي أنه لما كان يكاتب التتار تخيل إلى أنه أخذ رجلا وحلق رأسه حلقا
بليغا وكتب ما أراد عليه بالأبر ونفض عليه الكحل وتركه عنده إلى أن طلع
عليه شعره وغطى ما كتبه فجهزه وقال: إذا وصلت أمرهم بحلق رأسك
ودعهم يقرؤون ما فيه وكان في آخر الكلام اقطعوا الورقة فضربت عنقه

(١) الحوادث الجامعة ص ١٦.
(٢) تراجم رجال القرنين السادس والسابع ص ١٩٨.
(٣) ذيل مرآة الزمان ج ١ ص ٨٥ - ٨٩.
(٤) دول الاسلام ج ٢ ص ١١٨.
(٥) تاريخ وصاف الحضرة (طبعة الهند) ج ١ ص ٢٨ - ٣٨.
(٦) فوات الوفيات ج ٢ ص ٣١٣.
(٩٧)

وهذا في غاية المكر والخزي. وقال تاج الدين السبكي المتوفى سنة
٧٧١ ه ١٣٦٩ م أنه لما توفي المستنصر بالله كان أكبر الأمراء وأعظمهم
الدويدار والشرابي وهم الذين اثروا المستعصم لضعفه ولينه وأقاموه
واستوزروا ابن العلقمي وكان فاضلا أديبا وكان شيعيا رافضيا في قلبه غل
على الاسلام وأهله وحبب إلى الخليفة جمع المال والتقليل من العساكر فصار
الجنود يطلبون من يستخدمهم في حمل القاذورات ثم كرر الكاتب المذكور
رواية مكاتبة ابن العلقمي للتتار وعزا ذلك إلى رغبته في الانتقام من الأمير
أبي بكر ابن الخليفة والدويدار قائد الخليفة لأنهما أوقعا بالكرخ ووصف
طريقة مكاتبة التتار بما يأتي: أنه حلق رأس شخص وكتب عليه بالسواد
وعمل على ذلك وأصار المكتوب كل حرف كالحفرة في الرأس ثم تركه عنده
حتى طلع شعره وأرسله إليهم. وأضاف السبكي إلى ذلك قوله أن الوزير
كتب إلى نائب الخليفة في أربيل تاج الدين محمد بن الصلايا وهو شيعي
أيضا رسالة يقول فيها: نهب الكرخ المكرم والعترة النبوية وحسن التمثيل
بقول الشاعر:
أمور تضحك السفهاء منها * ويبكي من عواقبها اللبيب
فلهم أسوة بالحسين حيث نهب حريمه وأريق دمه.
امرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد الا ضحى
الغد وقد عزموا لا أتم الله عزمهم ولا أنفذ أمرهم على نهب الحلة والنيل بل
سولت لهم أنفسهم أمرا فصبر جميل والخادم قد أسلف الإنذار وعجل لهم
الاعذار.
فكان جوابي بعد خطابي لا بد من الشنيعة بعد قتل جميع الشيعة ومن
احراق كتاب الوسيلة والذريعة فكن لما تقول سميعا والا جرعناك الحمام
تجريعا ولآتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولأخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون.
ووديعة مني لآل محمد * أودعتها إذ كنت من أمنائها
فإذا رأيت الكوكبين تقاربا * في الجدي عند صباحها ومسائها
فهناك يؤخذ ثار آل محمد * لطلابها بالترك من أعدائها
فكن لهذا الأمر بالمرصاد وترقب أول النحل وآخر الصاد.
وقال عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المتوفى سنة ٨٠٨ ه ١٤٠٦
م أن هولاكو لما رجع إلى بلاد الإسماعيلية وقصد قلعة الموت بلغته في
طريقه وصية من ابن العلقمي وزير المستعصم ببغداد في كتاب ابن الصلايا
صاحب أربل يستحثه للمسير إلى بغداد ويسهل عليه أمرها لما كان ابن
العلقمي رافضيا هو وأهل محلته بالكرخ وتعصب عليه أهل السنة وتمسكوا
بان الخليفة والدويدار يظاهرونهم وأوقعوا باهل الكرخ وغضب ابن العلقمي
ودس إلى ابن الصلايا بأربل وكان صديقا له بان يستحث التتر لملك بغداد
وأسقط عامة الجند
وعند ما نصل إلى أواخر القرن العاشر الهجري نجد أن قصة سقوط
بغداد وخيانة الوزير ابن العلقمي تتسع إلى حد غير معقول وتختلط
بأقاصيص غريبة على يد الشيخ حسن الديار بكري المتوفى سنة ٩٩٠ ه
١٥٨٢ م حيث كتب يقول أن الوزير ابن العلقمي الرافضي كان قد كتب
كتابا إلى هولاكو ملك التتار في الدست انك تحضر إلى بغداد وأنا أسلمها لك
وكان قد داخل قلب اللعين الكفر فكتب هولاكو أن عساكر بغداد كثيرة فان
كنت صادقا فيما قلته وداخلا في طاعتنا فرق عساكر بغداد ونحن نحضر فلما
وصل كتابه إلى الوزير دخل إلى المستعصم وقال أن جندك كثيرة وعليك
كلفة كبيرة والعدو قد رجع من بلاد العجم والصواب أنه تعطى دستورا
لخمسة عشر ألف من عسكرك وتوفر معلومهم فأجابه المستعصم لذلك
فخرج الوزير لوقته ومحا اسم من ذكر من الديوان ثم نفاهم من بغداد
ومنعهم من الإقامة بها ثم بعد شهر فعل مثل فعلته الأولى ومحا اسم عشرين
ألفا من الديوان ثم كتب إلى هولاكو بما فعل وكان قصد الوزير بمجئ
هولاكو أشياء منها أنه كان رافضيا خبيثا وأراد أن ينقل الخلافة من بني
العباس إلى العلويين فلم يتم له ذلك من عظم شوكة بني العباس
وعساكرهم ففكر أن هولاكو قدم يقتل المستعصم واتباعه ثم يعود الحال
سبيله وقد زالت شوكة بني العباس وقد بقي هو على ما كان عليه من
العظمة والعساكر وتدبير المملكة فيقوم عند ذلك بدعوة العلويين الرافضة
من غير ممانع لضعف العساكر ولقوته ثم يضع السيف في أهل السنة فهذا
كان قصده لعنه الله ولما بلغ هولاكو ما فعل الوزير ببغداد ركب وقصدها إلى
أن نزل عليها وصار المستعصم يستدعي العساكر ويتجهز لحرب هولاكو وقد
اجتمع أهل بغداد وتحالفوا على قتال هولاكو وخرجوا إلى ظاهر بغداد ومضى
عليهم بعساكره فقاتلوا قتالا شديدا وصبر كل من الطائفتين صبرا عظيما
وكثرت الجراحات والقتلى في الفريقين إلى أن نصر الله تعالى عساكر بغداد
وانكسر هولاكو أقبح كسرة وساق المسلمون خلفهم وأسروا منهم جماعة
وعادوا بالأسرى ورؤوس القتلى إلى ظاهر بغداد ونزلوا بخيمهم مطمئنين
بهروب العدو فأرسل الوزير ابن العلقمي في تلك الليلة جماعة من أصحابه
فقطعوا شط دجلة فخرج ماؤها على عساكر بغداد وهم نائمون فغرقت
مواشيهم وخيامهم وأموالهم وصار السعيد منهم من لقي فرسا يركبها وكان
الوزير قد أرسل إلى هولاكو يعرفه بما فعل ويأمره بالرجوع إلى بغداد
فرجعت عساكره على بغداد وبذلوا فيها السيف. وأضاف هذا
الكاتب رواية جديدة عن مصير ابن العلقمي بقوله: فلم يلبث أن
أمسكه هولاكو بعد قتل المستعصم بأيام ووبخه بألفاظ شنيعة معناها أنه لم
يكن له خير في مخدومه ولا دينه فكيف يكون له خير في هولاكو ثم إنه قتله
شر قتلة.
هذه هي خلاصة النصوص التي وردت باتهام الوزير مؤيد الدين بن
العلقمي ومثل هذه التهم ليست غريبة في أيام المحن العامة والكوارث
الخطيرة وقد كان سقوط بغداد بأيدي المغول الوثنيين وقتلهم خليفة المسلمين
حدثا عظيما هز العالم الاسلامي وترك جرحا عميقا في قلوب المسلمين
جعلهم يفتشون عمن كان السبب فيه وكان الوزير شيعيا في وقت كان
للدين فيه سيطرة عظيمة على النفوس والمنازعات الطائفية شديد في بغداد،
وكان يحتل اسميا المنصب الثاني في دولة الخليفة وأعداؤه يتربصون به
الدوائر والأحوال العامة في تدهور والمغول يطرقون أبواب البلاد بدون أن
يكون أمامهم استعداد عسكري واضح وقد قتل الخليفة واستبيحت بغداد

(١) ن. م ص ٣١٥.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى ج ٥ ص ٠٩ - ١١٢.
(٣) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٥ ص ١١٤٩.
(٤) الشيخ حسن بن محمد بن الحسن الدياربكري تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس
ج ٢، ص ٤٢٠ - ٤٢١.
(٥) ن. م ص ٤٢١.
(٩٨)

فلم يقتل الوزير بل أنه كان أحد جماعة عهد إليهم إعادة تنظيم إدارة العراق
فلم لا توجه اليه التهمة وقد جمع اليه الخيانة من أطرافها كما يبدو ذلك لأول
وهلة. وقد سبق للخليفة الناصر لدين الله أن اتهمه خصومه بخيانة تشبه
ما وجه لابن العلقمي ولكنها أعظم خطرا وأورد ياقوت الحموي إشاعة
كانت تتردد في عهده هي أن علويا كان مقدما على أحد أبواب نيسابور
قاعدة خراسان، راسل المغول خلال غزوهم هذا الإقليم، يتعهد فيه
بتسليم البلد إليهم مقابل جعله متقدما عليه فأجابوه إلى ذلك وعند ما فتحوا
المدينة المذكورة كان هو أول من قتلوهم فيها. وقد أدت بنا دراستنا
للتهمة الموجهة للوزير ابن العلقمي بعد قراءة المصادر التي أوردتها وتفهم
طبيعة الغزو المغولي منذ بدايته وأحوال العراق والعالم الاسلامي المعاصر،
إلى رفضها بناء على الأسباب التالية:
أولا: أن التهمة تحدد البداية التاريخية لخيانة ابن العلقمي بمراسلته
هولاكو بعد استباحة محلة الكرخ الشيعية سنة ٦٥٤ ه ١٢٥٦ م
خصوصا بعد فراع الفاتح المغولي المذكور من فتح قلاع الإسماعيلية أو
خلال محاصرته لها في السنة المشار إليها ولكن الحقيقة هي غير ذلك لأن
هولاكو كان يسير إلى غزو العراق قبل هذا التاريخ ببضعة سنين وأنه كان
يعمل طبقا لأوامر عليا صدرت اليه قبل وصوله بلاد الإسماعيلية أي قبل
وقوع حادثة الكرخ.
ولعل الأمر يتضح بدراسة النقاط الآتية:
أكان غزو العراق أمرا تتضمنه طبيعة الغزو المغولي الذي كان
يستهدف السيطرة على العالم وقد استولى المغول فعلا على أكثر الصين
وأواسط آسيا وإيران وأوربا الشرقية وبقيت بلاد الإسماعيلية والعراق
وسورية ومصر جيبا جغرافيا وعسكريا كان لا بد من الاستيلاء عليه وهذا ما
قام به هولاكو وإذا كان العراق قد سقط بأيدي المغول نتيجة لخيانة وزيره
ابن العلقمي فكيف نفسر سقوط كل هذه البلاد الممتدة من المحيط الهادي
إلى أواسط أوربا ومن هم الخونة الذين سلموها إلى الأعداء ثم كيف نفسر
احتلال هولاكو لسورية واستعداده للزحف على مصر. (ب) ربما تلقي ضوء على رغبة المغول في ضم العراق إلى منطقة
نفوذهم قبل سنين عديدة من استيلاءهم الفعلي عليه، المقابلة التي جرت
بين الإمبراطور كيوك خان بمناسبة تنصيبه على العرش المغولي سنة ٦٤٤
ه‍ ١٢٤٦ م ورسول الخليفة حيث هدد الخان ذلك الرسول موعدا ومنذرا.
إن زحف هولاكو على العراق واحتلاله إياه إنما تم بناء على
أوامر عليا أصدرها إمبراطور المغول مانغوخان سنة ٦٥١ ه ١٢٥٣ م
بفتح البلاد الغربية التي ضمنها العراق وسورية ومصر يؤيد ذلك التقرير
الذي رفعه جانغ ته الذي أرسله مانغوخان إلى أخيه هولاكو ودونه
أحد الصينين المسمى (ليو) المتصلين بالسفير المذكور وما ورد في كتاب
التاريخ الصيني للأسرة المغولية التي حكمت الصين والذي أمر بوضعه أحد
أباطرة الصين وتم اعداده سنة ٧٧٢ ه ١٢٧٠ م وقد ورد في كلا
المصدرين أن مانغوخان أمر أخاه هولاكو سنة ٦٥١ ه ١٢٥٣ م
بالزحف لاحتلال البلاد الغربية واخضاع خليفة بغداد. وقد سبق هذا
التاريخ حادثة الكرخ بثلاث سنوات على أقل تقدير وقد أيد ذلك ابن
العبري والكتاب الموسوم بالحوادث الجامعة ورشيد الدين فضل
الله.
ثانيا: أن القول بان الوزير كان يسيطر على الخليفة تماما بحيث أنه
كان يمنع الرسل الذين يحذرونه من خطر المغول، مردود لأن الأدلة تشير إلى
أن الوزير كان ضعيفا غير مسموع القول وليس له نفوذ على الخليفة الذي
كان واقعا تحت نفوذ أعداء الوزير وخصوصا مجاهد الدين الدويدار الصغير
الشركسي الذي كان قائدا للجيش والدليل على ذلك ما يأتي:
أ إن الخليفة لم يعهد بالوزارة إلى ابن العلقمي سنة ٦٤٢ ه
١٢٤٤ م الا بعد أن عرضها على مربيه صدر الدين بن المظفر علي بن محمد
النيار شيخ الشيوخ فامتنع عليه.
ب إن استباحة محلة الكرخ سنة ٦٥٤ ه ١٢٥٦ م انما تمت
نتيجة لأوامر الخليفة القاضية بكف الشقي الكرخي الذي قتل أحد سكان
محلة قطفتا السنية كما أن ايقاف الاستباحة بعد أن أفلت زمام الأمور من
يد الحكومة بتسلط الغوغاء وأهل الفوضى انما صدر من قبل الخليفة أيضا
وكان في محلة الكرخ أقارب للوزير فلو كان له أي نفوذ في الدولة وهو
بمنصب وزير وهو يقابل رئيس الوزراء في عصرنا، لمنع استباحة المحلة
المذكورة لأوقفها عند حدها حفظا لأقاربه على الأقل.
ج في الخلاف الذي وقع بين الوزير والدويدار الصغير قائد
الجيش، لم يأخذ الخليفة برأي الوزير بل أنه صفح عن الدويدار مع عظم
التهمة التي نسبت اليه.
د إن هولاكو كان يراسل الخليفة ويطلب منه نجدة وينذره بالقدوم
اليه منذ أن كان يحاصره قلاع الإسماعيلية وكان الخليفة يستشير الوزير
والدويدار وغيره من أفراد حاشيته وخواصه، وكانت نصائح الوزير معقولة
تدل على تفهم لطبيعة الخطر المغولي من جهة وأحوال العراق من جهة
أخرى ولم تكن تتضمن تغريرا بالخليفة ولا تامرا عليه ولكن الخليفة كان
يهمل نصائح الوزير ويأخذ برأي خصومه خصوما الدويدار الصغير.
ه‍ وفيما يتعلق بمنع الوزير للرسل من الوصول إلى الخليفة أن
الأدلة لا تؤيد ذلك لأن الخطر المغولي كان يهدد العراق منذ أيام الخليفة
الناصر لدين الله أي منذ أن كان المستعصم بالله صبيا صغيرا وقد استمر
أيام الظاهر بامر الله والمستنصر بالله وأمره ذائع معروف وأخباره يعرفها

(١) انظر ص ١٤.
(٢) معجم البلدان ج ٥ ص ٣٣٢.
(٣) انظر ص ٤٤ - ٤٥.
(٤); Medieval Reserches from Eastern Asistic Sources. Bretchmeider. E ١٢١; ١٠٩. p. I
يحدد عطا ملك الجويني بداية تفكير مانغوخان بفتح هذه البلاد بسنة ٦٤٩ ه‍ / ١٢٥١ م انظر
ص ٤٥.
(٥) تاريخ مختصر الدول ص ٢٦٣.
(٦) ص ٢٦٧.
(٧) جامع التواريخ ج ٢ قسم ١ النسخة المترجمة ص ٢٣٨ انظر النص
الفارسي ج ٢ ص ٦٨٧.
(٨) العسجد المسبوك ج ٢ الورقة ١٩٣.
(٩) انظر في حوادث استباحة الكرخ ص ٢٣.
(١٠) انظر صفحات السباقة ص ٢٤ - ٢٥.
(١١) انظر موقف الوزير ف ص ٤٩ - ٥٠.
(٩٩)

الخاص والعام والمعروف أن المستشارين أيام الخطر العسكري هم
العسكريون لا المدنيون ولم يكن الوزير عسكريا، فكيف يعتمد عليه
الخليفة دون قواد الجيش وأمراءه، وقد قدمنا أن الوزير لم يكن صاحب
نفوذ على الخليفة بل أن النفوذ الحقيقي كان بأيدي الفئة العسكرية وعلى
رأسها الدويدار الصغير عدو الوزير، ثم كيف كان يستطيع الوزير أن يمنع
الرسل من الوصول إلى الخليفة وهل كان يلقي بهم في السجن وما هي
الأمثلة على ذلك وإذا كان يفعل هذا فهل كان يستطيع منع أفراد العائلة
العباسية من تحذير الخليفة أو الوقوف بين رجال الدولة الآخرين كصاحب
الديوان وعارض الجيش والنقباء والمحتسب وغيرهم واخبار الخليفة بحقيقة
الامر. ولو صحت هذه التهمة على الوزير لكان معناها أنه كان يترأس
مؤامرة كبرى يشترك فيها أكبر رجال الحكومة لكن المصادر التاريخية تبين أن
المراسلات كانت قائمة بين هولاكو والخليفة فعلا وأنها لم تكن سرية لأن
الخليفة كان يستشير فيها حكومته وأن الخليفة أرسل ابن الجوزي إلى هولاكو
وأن هذا الرسول كان مخلصا للخليفة بدليل أن هولاكو قتله بعد فتح
بغداد.
ثالثا: أما عن تامر الوزير مع المغول لينصب علويا خليفة للمسلمين
بدلا من المستعصم بالله فهو أمر مردود أيضا لأن علاقة العلويين بالعباسيين
كانت طيبة في هذه الفترة. وقد عرض المستنصر بالله على رضي الدين
أبي القاسم علي بن موسى بن طاووس ت ٦٦٤ ه ١٢٦٥ م ان
يلقب رسولا إلى سلطان التتر فرفض ذلك وعرض عليه أن يكون وزيرا
ولكنه رفض أيضا. وقد قتل المغول الفاتحون العديد من العلويين
ومنهم السيد شرف الدين بن الصدر العلوي وكان محترما في الدولة العباسية
وروسل به الملوك وقد قتلوا نقيب العلويين علي بن النقيب الحسن بن المختار
وعمر بن عبد الله بن المختار العلوي حاجب باب المراتب كما قتلوا نقيب
المشهد موسى الكاظم وأحرقوا المشهد نفسه. يضاف إلى ذلك كيف
يرضى العلويون بتنصيب أحدهم خليفة للمسلمين من قبل المغول الوثنيين
وهل كان الوزير يستطيع تدبير مثل هذا الامر الخطير بدون استشارة كبار
العلويين فمن هم هؤلاء؟؟ اما اتهام الوزير بأنه كان يعمل على أطماع
المغول بالعراق ليكون نائبا لهم فهو مردود لأنه أي الوزير كان يشغل
منصب الوزارة في دولة الخليفة وليس هناك ما يدل أنه كان سيمنح منصبا
أعلى من ذلك.
رابعا: اختلفت الروايات التي تعين رسل الوزير إلى هولاكو فمنهم
من قال أنه أرسل أخاه ومنهم من قال أنه أرسل غلامه ومنهم من قال أنه
راسل هولاكو بواسطة ابن الصلايا العلوي صدر أربيل يضاف إلى ذلك
اننا نلاحظ ما يأتي:
أ إن كل ما قيل عن رسل الوزير انما كان مجرد ترديد لإشاعات لا
تستند إلى أي دليل فليس هناك حتى من ادعى أنه رأى أرسل ابن العلقمي
إلى هولاكو أو قبض عليهم أو تحدث معهم أو شهدهم يدخلون على
هولاكو.
ب إن هولاكو في مراسلاته مع الخليفة طلب مواجهة عدد من كبار
رجال الدولة العباسية ولكنه لم يقصر طلبه على الوزير وحده في أية مرة من
المرات وكان من المعقول أن يفعل ذلك لو كانت هناك اتصالات سرية
بينهما.
ج‍ إن ابن الصلايا العلوي الذي تزعم بعض المصادر أنه كان
صلة بين الوزير وهولاكو لا يمكن أن يكون قد قام بالعمل الخياني هذا لأنه
أحد الناس الذين أمر هولاكو بقتلهم.
خامسا: أن الوضع والتكلف يتضحان في نصوص الروايات التي
تتهم الوزير فهو يحلق رأس رسوله ويكتب عليه بالأبر أو يجعل الكتابة على
رأسه كل حرف كالحفرة وهو يخرج إلى هولاكو ليتوثق لنفسه ثم يعود إلى
الخليفة ليبلغه أن هولاكو يرغب بزواج ابنته من ابن الخليفة وأن الأصلح
الخروج مع أعيان الدولة لحضور عقد النكاح في وقت كان فيه الجيش
المغولي يحيط ببغداد ويضربها بالمنجنيقات والمعروف أن هولاكو لم يجلب معه
احدى بناته عند زحفه على العراق. وهو يبعث إلى ابن الصلايا العلوي
رسالة متكلفة في أسلوبها وأفكارها مثل: فكان جوابي بعد خطابي لا بد
من الشنيعة بعد قتل الشيعة... الخ. ومثل: فكن لهذا الأمر
بالمرصاد وترقب أول النحل وآخر الصاد وغير ذلك.
سادسا: إن الزعم بان الخلفاء السابقين للمستعصم بالله وخصوصا
المستنصر بالله كانوا يتخذون جيوشا كبيرة وأن الوزير ابن العلقمي عمل
على صرفها وتفريقها ليسهل أمام هولاكو غزو العراق، أمر مردود للسببين
التاليين:
أ ليس هنا ك دليل يؤيد اتخاذ أولئك الخلفاء جيوشا كبيرة بل يبدو
أن العكس هو الصحيح فجيش الناصر لدين الله وهو أكثر الخلفاء
العباسيين اهتماما بالأمور العسكرية ورغبة في التوسع، لم يستطع الوقوف
أمام الخوارزميين ومنهم السلطان جلال الدين منكوبرتي الذي لم يستطع
بدوره الوقوف أمام المغول لأنهم هزموه وشردوه فكيف يستطيع الجيش
العباسي وحده الوقوف أمامهم.
يضاف إلى ذلك أن غزوات المغول للعراق تكررت أيام المستنصر بالله
وكان الخوف منهم يسيطر على البلاد ولو كان لدى الخليفة جيش كبير لهاجم
المغول في قواعدهم وهي إيران مع أنهم لم يكونوا في عهده على ما وصفهم
أستاذ داره غير سرايا متفرقة وغارات متفقة. ولكن قوات الخليفة
التي وقفت لمحاربتهم كانت ضعيفة وقليلة العدد.
ب كيف يستطيع الوزير اقناع الخليفة بصرف أكثر جنوده والاكتفاء
بالقليل منهم في وقت كان الخطر المغولي يهدد الدولة العباسية والعراق وكان
للخليفة مستشارون عسكريون متعددون على رأسهم الدويدار الصغير عدو
الوزير؟؟
سابعا: هناك مصادر مهمة لم ترد فيها أية إشارة إلى خيانة الوزير مثل

(١) انظر الحوادث الجامعة ص ٣٢٨.
(٢) انظر الفصل الواحد والعشرين ص ٢٥١ - ٢٥٢.
(٣) رضي الدين علي بن موسى بن طاووس كشف الحجج لثمرة المهجة ص ١١٣ - ١١٤.
(٤) العسجد المسبوك ج ٢ الأوراق ١٩٢ - ١٩٣.
(٥) انظر الصفحات السابقة ص ٣٠ - ٣١.
(٦) انظر خلاصة مراسلات هولاكو مع الخليفة في ص ٤٩ - ٥٠.
(٧) الحوادث الجامعة ص ٣٣٧.
(٨) كشف الحجة لثمرة المهجة ص ١٤٧ - ١٤٨.
(١٠٠)

كتاب جهانكشاي لعطا ملك الجويني الذي هو أحد المصادر الرئيسة في
تاريخ المغول وقد سرد الأحداث إلى نهاية احتلال جيش هولاكو لقلاع
الإسماعيلية وتدميره لدولتهم والمفروض أن مراسلات الوزير مع هولاكو انما
جرت أيام تلك الأحداث ولم يشر عطا ملك الجويني إلى أية مراسلات من
هذا النوع مع أنه كان شديد الصلة بهولاكو وكان في رفقته عند زحفه على
بغداد وقد مر بنا أنه أي الجويني أورد التهمة المنسوبة إلى الناصر لدين
الله من أنه راسل ملوك الخطأ. ولم ترد التهمة كذلك في الرسالة
المنسوبة إلى نصير الدين الطوسي ت ٦٧٢ ه ١٢٧٣ م وقد رافق
هولاكو إلى بغداد وكان كبير الاطلاع على خفايا الأمور. ولا يذكرها عبد
الرحمن سنبط بن قنيتو الأربلي في كتابه الذهب المسبوك مع أنه عراقي
معاصر للحوادث ولا يذكرها كذلك أبو الفرج ابن العبري في كتابه تاريخ
مختصر الدول مع أنه معاصر اتصل بالمغول وعرف أخبارهم بينما يرفض
التهمة ابن الطقطقي وضع كتابه سنة ٧٠١ ه ١٣٠١ م وفوق كل
هذا يفصل رشيد الدين فضل الله أحداث الفتح ويشير إلى التهمة بان
مصدرها الدويدار الصغير عدو الوزير. ورشيد الدين مؤرخ عرف بصلته
الشديدة بسلاطين المغول وأخبارهم وتاريخ شعوبهم وقد اطلع على المصادر
الاسلامية والمغولية ولم تكن له أية مصلحة في الدفاع عن الوزير. ولا
حجة لمن يقول أن هذه المصادر كتبت في ظل المغول وتحت ضغطهم لأن
عبد الله بن فضل الله الشيرازي الذي عرف بوصاف الحضرة لمدحه سلطان
المغول الإيلخاني محمد خدابنده، شدد التهمة على الوزير وقدم كتابه إلى
السلطان المذكور. كما لم يردنا من الأخبار ما يفيد أن حكام المغول كانوا
يأمرون الكتاب والمؤلفين بالدفاع عن الوزير بل هناك من المصادر الإسلامية
من يزعم أن هولاكو قتل الوزير ابن العلقمي لأنه خان مخدومه الخليفة
ولم ترد التهمة في كتاب ابن الفوطي البغدادي تلخيص مجمع الآداب وهو
معاصر كبير الاطلاع.
ثامنا: إن سلامة شخص الوزير وداره ومشاركته في اللجنة التي
أعادت تنظيم بغداد والعراق بعد الفتح لا تقوم حجة على خيانته لأن
صاحب ديوان الخليفة المستعصم بالله أي وزير ماليته وحاجب الباب في
عهده أي مدير شرطة العاصمة قد عوملوا بنفس المعاملة كما سلم أقرب
مستشاري الخليفة اليه صديقه عبد الغني بن الدرنوس وسلم الابن الأصغر
للخليفة مع أخواته فاطمة وخديجة ومريم. وقد كان هولاكو بحاجة إلى
من يدبر أمر العراق بعد فتحه وكان الوزير وصاحب الديوان وحاجب الباب
خبيرين بأموره فأشركهم في لجنة عهد إليها أمر تنظيمه ومن المحتمل أن
هولاكو أعجب بالوزير عند مقابلته له نيابة عن الخليفة فاستبقاه والأرجح أن
شفاعة نصير الدين الطوسي له كانت أهم سبب في نجاته.
تاسعا: تجمع الروايات أن هولاكو لم يفرق في استباحته لبغداد بين
السنيين والشيعيين بينما استثنى النصارى والمعقول أن ابن العلقمي لو كان
قد اتفق مع المغول على تسليم بغداد لهم انتقاما من السنيين لحفظ له المغول
جميل عمله فلم يقتلوا الشيعة على الأقل.
عاشرا: أما سقوط بغداد نفسها فلم يكن للوزير أي دخل فيه لأنه
تم بعد هزيمة جيش الخليفة بقيادة الدويدار واستيلاء المغول على أسوار
المدينة وسبب ذلك تفوق المغول الواضح في العدد والعدد والقيادة
والمعنوية.
والخلاصة ليست هناك دلائل تدين ابن العلقمي بالخيانة وقد كان
سقوط بغداد أمرا متوقعا منذ تدمير المغول لدولة خوارزم وقتلهم آخر
سلاطينها جلال الدين منكوبرتي سنة ٦٢٨ ه ١٢٣٠ م ولو أراد المغول
فتح العراق آنذاك لما وجدوا صعوبة في ذلك وخيانة ابن العلقمي حتى لو
صحت ما كانت تعمل أكثر من تشجيع هولاكو على قصد العراق وما كان
هذا في حاجة إلى تشجيع لأنه كان يحمل أوامر عليا بالفتح أصدرها اليه
الإمبراطور مانغوخان ومعه جيش متفوق على عدوه تفوقا ساحقا في العدد
والعدد لم يستطع الإسماعيلية ايقافه بالرغم من كثرة عدد حصونهم
وامتناعهم في جبال عالية وقمم شاهقة بينما تقع بغداد في سهل فسيح يسهل
الإحاطة بها وقطع الميرة عنها. ويبدو أن الصاق تهمة سقوط بغداد بالوزير
انما غايتها تبرير الاهمال والتسيب اللذين سيطرا على إدارة العراق منذ بداية
الغزو المغولي لدولة خوارزم سنة ٦١٦ ه ١٢١٩ م وقد كانت الخطة
الصحيحة المناسبة آنذاك هي محاربة المغول منذ أول ظهورهم في بلاد ما
وراء النهر وخراسان وليس التفرج على هجماتهم وفظائعهم وانتظارهم عند
أسوار بغداد ثم اتهام الوزير بأنه السبب في سقوط المدينة. ٢٠٩:
أبو بكر الكاتب محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الثلج عبد الله بن إسماعيل
المعروف بابن أبي الثلج
توفي سنة ٣٠١
في طبقة سعد بن عبد الله له كتاب ذكر من قال بالتفضيل من
الصحابة. ٢١٠:
محمد بن أحمد بن الجنيد أبو علي الكاتب الإسكافي
كان في عصر الكليني وهو أول من صنف في أمثال القرآن قال ابن
النديم في آخر كتب علوم القرآن كتاب الأمثال لابن الجنيد ٢١١:
الشيخ أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي
المعروف بأبي الحسن الفقيه الشاذاني وبأبي الحسن بن شاذان وبأبي
الحسن بن أحمد بن شاذان
من مشائخ الشيخ الطوسي كان فقيها مؤلفا من مشايخ الرواية ذكره
صاحب رياض العلماء في باب الكنى في ثلاثة مواضع ووصفه بصاحب
كتاب مائة منقبة وغيره. ثم قال ومن الغرائب أن السيد حسين بن مساعد
الحائري قد جعل أبو الحسن بن شاذان هذا من جملة علماء اهل السنة ثم
نسب اليه كتابا في صحة خبر صعود علي على كتف النبي ص وكسره
الأصنام آه. وفي تكملة الرجال الشيخ عبد النبي بن علي الكاظمي
نزيل جبل عامل عن خط المجلسي: يروي عنه أبو الفتح الكراجكي ويثني
عليه له مائة حديث في المناقب وغيره قال في مواضع: حدثني الشيخ الفقيه
اه‍ وذكره بحر العلوم في رجاله في مشايخ النجاشي صاحب الرجال

(١) انظر ص ١٤.
(٢) انظر جامع التواريخ ج ٢ قسم ١ الترجمة ص ٢٧٢ - ٢٧٤ النص الفارسي في
المرجع الأصلي ج ٢ ص ٧٠٢ - ٧٠٤
(٣) انظر ص ٣٣ - ٣٤.
(٤) الحوادث الجامعة ص ٣٢٩ - ٣٣٢.
(٥) ابن الطقطقي تاريخ الدول الاسلامية ص ٣٣٨.
(١٠١)

فقال: ومنهم أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي
ذكر النجاشي لأبيه أحمد بن علي المذكور ترجمة وقال صنف كتابين أخبرنا بهما
ابنه أبو الحسن رحمهما الله تعالى قال ولا يحضرني الآن رواية للنجاشي عن أبي
الحسن بن أحمد بن شاذان الا في هذا الموضع ولم يسمه فيه بل اكتفى بكنيته
وقد سماه ونسبه وعظمه الشيخ المتكلم الفقيه القاضي أبو الفتح محمد بن
علي الكراجكي في كتاب كنز الفوائد قال في عدة مواضع منه حدثنا الشيخ
الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي رضي
الله عنه
مشائخه
في رجال بحر العلوم عن كنز الفوائد للكراجكي أنه يروي عن أبيه
احمد وعن خال أبيه وأمه على اختلاف في مواضع الكتاب وهو الشيخ أبو
القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وعن أبي الحسين محمد بن عثمان بن
عبد الله النصيبي وعن نوح بن أحمد بن أيمن وغيرهم.
تلاميذه
منهم الكراجكي كما سمعت وفي رجال بحر العلوم قال اي
الكراجكي وقرأت عليه كتابه المعروف بايضاح دقائق النواصب بمكة في
المسجد الحرام سنة ٤١٢ وذكر له كتابا آخر قال في بعض رواياته أخبرنا بها
في المسجد الحرام محاذي المستجار
مؤلفاته
١ إيضاح دقائق النواصب ٢ بستان الكرام نقل الشيخ عماد
الدين الطوسي في كتابه ثاقب المناقب حديثين عن الجزء السادس والثمانين
من كتاب البستان تصنيف المذكور والله العالم ببقية أجزائه ٣ مائة منقبة. ٢١٢:
أبو المظفر محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الأموي المعاوي الشاعر
الأبيوردي
مات بأصبهان ٢٠ ربيع الأول سنة ٥٠٧
وقال أبو الفتح البستي يرثيه:
إذا ما سقى الله البلاد وأهلها * فخص بسقياها بلاد أبيورد
فقد أخرجت شهما خطيرا بأسعد * مبرا على الأقران كالأسد الورد
فتى قد سرت في سر أخلاقه العلى * كما قد سرت في الورد رائحة الورد
والأبيوردي نسبة إلى أبيورد بفتح أوله وكسر ثانيه وياء ساكنة
وفتح الواو وسكون الراء ودال مهملة مدينة بخراسان وقد ولد المترجم في
قرية من قراها اسمها كوفن تقع على بعد ستة فراسخ من أبيورد نفسها
بينها وبين مدينة نسا. وأول من سكن كوفن من أجداد المترجم هو
معاوية الأصغر بن محمد. وفي كوفن يقول الأبيوردي:
سقى الله رملي كوفن صيب الحيا * ولا برحا مستن راع ورائد
ويقول أيضا:
أأستنشق الريح علوية * أجل وبكوفن أهلي ومالي
ويقول:
وتلك دار ورثناها معاوية * لكن كوفن ألقانا بها الزمن
والمعاوي نسبة إلى معاوية الأصغر. وهو معاوية بن محمد بن أبي
العباس عثمان بن عنبسة بن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان
صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
لم تمنع أموية الأبيوردي من تشيعه، كما أنها لم تمنع أبا الفرج
الأصفهاني من ذلك، وقد قرأ له ياقوت الحموي وهو المصدر الأول لكل
من كتب عنه، قصيدة بخطه في رثاء الحسين يقول فيها:
فجدي وهو عنبسة بن صخر برئ من يزيد ومن زياد
وإذا عرفنا أن ياقوتا لا يمكن أن يتهم بنسبة التشيع إلى الأبيوردي لأن
ياقوتا كان متعصبا على الشيعة، عرفنا أن حذف تلك القصيدة من ديوانه
بعد ذلك إنما كان للعصبية كما جرى في كثير من الكتب.
ويقول الدكتور ممدوح حقي في كتابه عن الأبيوردي عن هذا
الموضوع: وياقوت على ما يذكر ابن خلكان كان متعصبا على علي
وجرت له مناظرة في دمشق مع متشيع بغدادي وهرب منها بعد فتنة، فلا
يعقل أن يتعصب للأبيوردي ويروي له ذلك من غير تحقيق ليحشره في زمرة
الشيعة ونضيف نحن إلى ذلك: لا سيما وأن ياقوتا يؤكد أنه قرأ القصيدة
بخط الأبيوردي نفسه.
أخباره
ولد بكوفن وانتقل منها إلى أبيورد حيث درس وحصل، ثم تنقل في
البلاد واتصل بالملوك والرؤساء ومدحهم لا سيما نظام الملك الذي أدناه
اليه. وبعد موت الاسفرائيني خازن المدرسة النظامية تولى منصبه عام ٤٩٨
ويبدو أنه كان هناك من يحسده ويدس عليه لدى الخليفة وحكام بغداد فترك
بغداد نازحا إلى أصفهان وقد ضاقت أحواله حتى اضطر لأن يعمل مؤدبا
لأولاد زين الملك برسق. ثم كتب إلى المستظهر في بغداد يعتذر عن فراره
وما لبث أن عاد إلى بغداد وراح يتصل بملوك العراق وأمرائه فأقبلت عليه
الدنيا حتى قال عنه ياقوت: لقد حصل للأبيوردي بعد ما تراه من
شكوى الزمان في أشعاره مما أنتجه بالشعر من ملوك خراسان ووزرائها
وخلفاء العراق وأمرائها ما لم يحصل للمتنبي في عصره ولا لابن هاني في
مصره.
ثم يصف وصوله إلى سيف الدولة صدقة بن دبيس في مدينة الحلة
نقلا عن أحد المشاهدين فيقول: لما قدم الحلة على سيف الدولة صدقة
ممتدحا له ولم يكن قبلها اجتمع به قط، خرج سيف الدولة لتلقيه، فاقبل
الأبيوردي راكبا في جماعة كثيرة من أتباعه منهم من المماليك الترك ثلاثون
غلاما ووراءه سيف مرفوع وبين يديه ثمان جنائب بالمراكب والسرافسارات
الذهب وعددنا ثقله فكان على واحد وعشرين بغلا، وكان مهيبا محترما
محترما جليلا عظيما لا يخاطب إلا بمولانا. فرحب به سيف الدولة وأظهر له
من البر والاكرام ما لم يعهد مثله في تلقي أحد ممن كان يتلقاه. وأمر بانزاله
وإكرامه وحمل إليه خمسمائة دينار وثلاثة حصن وثلاثة أعبد. وكان
الأبيوردي قد عزم على إنشاد سيف الدولة قصيدته التي يقول فيها:
وفي أي عطفيك التفت تعطفت * عليك به الشمس المنيرة والبدر
في يوم عينه. ولم يكن سيف الدولة أعد له بحسب ما كان في نفسه
أن يلقاه به ويجيزه على شعره، فاعتذر إليه ووعده يوما غير ذلك اليوم ليعد
ما يليق بمثل إجازته مما يحسن به بين الناس ذكره ويبقى على مر الزمان

(١) من الترجمات التي توفى المؤلف قبل أن يكتبها " ح "
(١٠٢)

أثره، فاعتقد الأبيوردي أن سيف الدولة قد دافعه عن سماعه منه استكبارا
لما يريد أن يصله به ثانيا. وأمر الأبيوردي أصحابه أن يعبروا ثقله الفرات
متفرقا في دفعات وخرج من غير أن يعلم به أحد سوى ولد أبي طالب بن
خميس فإنه سمعه ينشد على شاطئ الفرات حين عبوره:
أ بابل لا واديك بالخير مفعم * لراج ولا ناديك بالرفد آهل
لئن ضقت عنا فالبلاد فسيحة * وحسبك عارا أنني عنك راحل
فان كنت بالسحر الحرام مدلة * فعندي من السحر الحلال دلائل
قواف تعير الأعين النجل سحرها * وكل مكان خيمت فيه بابل
فبادر ولد أبي طالب إلى سيف الدولة فقال له: رأيت على شاطئ
الفرات فارسا يريد العبور إلى الشرق وهو ينشد هذه الأبيات. فقال سيف
الدولة: وأبيك ما هو إلا الأبيوردي فركب من وقته في فل من عسكره
فلحقه فاعتذر وسأله الرجوع وعرفه عذره في امتناعه من سماع شعره وأمر
بانزاله في داره وحمل إليه ألف دينار ومن الخيل والثياب ما يزيد على ذلك
قيمة.
واستمرت حياة الأبيوردي هكذا ترحالا بين ذوي السلطان حتى
استقر في أصفهان تلبية لدعوة محمد بن ملكشاه حيث أسند إليه إشراف
المملكة وهو منصب رفيع في الدولة.
ثم توفي فجأة فيقال أن الخطير أحد أركان الحكم في بلاط؟ محمد
ابن ملكشاه دس إليه سما لأنه كان يحسده على ما وصل إليه وكان ينافسه في
المناصب. ويقول العماد الأصفهاني: أنه سقي السم وهو واقف عند سرير
السلطان محمد بن ملك شاه فخانته رجلاه وحمل إلى منزله فقال:
وقفنا بحيث العدل مد رواقه * وخيم في أرجائه الجود والباس
ففوق السرير ابن الملوك محمد * تخر له من فرط هيبته الناس
فخامرني ما خانني قدمي له * وإن ردعني نفرة الجاش ايناس
فذاك مقام لا نوفيه حقه * إذا لم ينب فيه عن القدم الرأس
لئن عثرت رجلي فليس لمقولي * عثار وكم زلت أفاضل أكياس
مؤلفاته
منها: ١ تاريخ أبيورد ونسا ٢ المختلف والمؤتلف ٣ قبسة
العجلان في نسب آل أبي سفيان ٤ نهزة الحافظ ٥ المجتبى من المجتنى
في رجال كتاب أبي عبد الرحمان النسائي في السنن المأثورة وشرح غريبه ٦
الأنساب ٧ ما اختلف وائتلف في أنساب العرب ٨ طبقات العلم في
كل فن ٩ تعلة المشتاق إلى ساكني العراق ١٠ كوكب المتأمل في الخيل
١١ تعلة المقرور ١٢ الدرة الثمينة ١٣ الصهلة القارح رد فيه على
المعري في سقط الزند. ولم يبق من كل ذلك إلا ديوانه الشعري.
قال ياقوت: كان إماما في كل فن من العلوم عارفا بالنحو واللغة
والنسب والأخبار ويده باسطة في البلاغة والإنشاء وله تصانيف في جميع
ذلك وشعره سائر مشهور
قال:
من دوحة بسقت لا الفرع مؤتشب * منها ولا عرقها في الحي مدخول
أتى بمكة إبراهيم والده * فرع على كرم الاخلاق مجبول
وله:
ما للجبان الآن الله جانبه * ظن الشجاعة مرقاة إلى الأجل
فليت شعري أ حق ما نطقت به * أم منية النفس والإنسان ذو أمل
وفي ابتسامة سعدي عنه لي عوض * فلم أشم بارق إلا من الكلل
وله:
يلقي الزمام إلى كف معودة * في ندوة الحي تقبيلا وارفادا
محسد الجد لم تطلع ثنيته * إن المكارم لا يعد من حسادا
يا خير من وخدت أيدي المطي به * من فرع خندف آباء وأجدادا
رحلت فالمجد لا ترقى مدامعه * ولم ترق علينا المزن أكبادا
وضاع شعر يضيق الحاسدون به * ذرعا وتوسعه الأيام انشادا
فلم أهب بالقوافي بعد بينكم * ولا حمدت وقد جربت أجوادا
لا يخضعون لخطب إن ألم بهم * وهل تهز الرياح الهوج أطوادا ٢١٣:
محمد بن أحمد أبو عبد الله الجاموراني
المعالم: له المرشد ٢١٤:
محمد بن أحمد الجعفي الملقب بأبي الفضل الصابوني
من كتبه المحبر، التحبير، الفاخر. ٢١٥:
أبو العباس محمد بن أحمد الصقر الموصلي
توفي في حدود سنة ٣٧٥ في الموصل
ذكره في المعالم بعنوان ابن أبي الصقر وفي المناقب بعنوان الصقر كما في
معجم الأدباء من شعره في أمير المؤمنين وولده الحسين ع:
لا تذكرن لي الديار بلاقعا * أخشى على قلبي يسيل مدامعا
ومرابعا أقوت وكانت للورى * مأوى النزيل مصايفا ومرابعا
أودى الزمان بها وودت مهجتي * منها وفيها لو تقيم أضالعا
يا من به امتحن الإله عباده * من كان منهم عاصيا أو طائعا
إني لأعجب من معاشر عصبة * جعلوك في عدد الخلافة رابعا
ومنها يقول مخاطبا النبي ص:
لو أن عينك عاينت بعض الذي * بينك حل لقد رأيت فضائعا
أما ابنك الحسن الزكي فإنه * لما مضيت سقوه سما ناقعا
هروا به كبدا لديك كريمة * منه وأحشاء به وأضالعا
وسقوا حسينا بالطفوف على ظما * كاس المنية فاحتساها جارعا
قتلوه عطشانا بعرصة كربلا * وسبوا حلائله وخلف ضائعا
جسدا بلا رأس يمد على الثرى * رجلا له ويلم أخرى نازعا ٢١٦:
أبو نصر الفارابي محمد بن أحمد بن طرخان بن اوزلغ
توفي بدمشق سنة ٣٣٩
أول حكيم نشأ في الاسلام وهو المعلم الثاني وأرسطو المعلم الأول
وابن سينا تخرج على كتبه وبتعليقاته تشيخ، نص على ذلك الشيخ أبو عبيد
الجوجزاني في تلخيص الآثار. قال بعض المعاصرين كان لا يتصل إلا باهل
الفضل من الشيعة لجامعية العقيدة والمذهب. له كتاب آراء أهل المدينة
الفاضلة والمدينة الجاهلة والمدينة الفاسقة والمدينة المبدلة والمدينة الضالة

(١) من الترجمات التي توفى المؤلف قبل أن يكملها فأضفنا إليها في هذه الطبقة زيادات عن
الطبقة الأولى " ح ".
(١٠٣)

مطبوع بمصر، قال ومن تأمله عرف أنه من الامامية العدلية القائلين بعصمة
الأئمة ع. وعن تلخيص الآثار كان اتصاله بالصاحب بن عباد
لما كان ببغداد وكان الصاحب شديد الطلب له وحضر أيام إقامته ببغداد على
أبي بشر متى بن يونس الحكيم ثم ارتحل إلى يوحنا بن غيلان الحكيم بن
حران فاخذ عنه ثم رجع إلى بغداد وتناول كتب أرطاطاليس ثم مضى إلى
نحو دمشق الشام واتصل بسلطانها سيف الدولة بن حمدان فأحسن إليه
وعرف قدره وكان أزهد الناس في الدنيا وأجرى عليه سيف الدولة في كل
يوم أربعة دراهم إلى أن توفي وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من
خواصه. قال القاضي في المجالس الظاهر أن ذلك كان بوصية منه وله
كتب كثيرة. وقال بعض المعاصرين وما يوجد في بعض كتبه من قدم العالم
وإنكار المعاد فهو صرف ترجمة لكتب الأقدمين.
قال الدكتور حسين مروة:
المؤرخون يعرفون، بدقة، إن أبا نصر محمد بن أوزلغ الفارابي،
قد توفي بشهر رجب عام ٣٣٩ للهجرة الموافق لشهر كانون الأول عام ٩٥٠
للميلاد، أي منذ ألف وثلاث عشرة سنة، وإن ذلك كان في دمشق حيث
كان في صحبة الأمير سيف الدولة.
المؤرخون يعرفون هذا بدقة وضبط، لأن الفارابي، يوم وفاته، كان
المعلم الثاني للفكر البشري بعد معلمه الأول: أرسطو، فكيف يجوز
للمؤرخين يومئذ أن يجهلوا، إذن، شيئا من أمره وهو في هذه الذروة
العالية من ذروات الفكر البشري.
وإن المؤرخين هؤلاء أنفسهم، يجهلون مع ذلك كيف ولد هذا
المعلم، ومتى ولد؟... ولولا أن والده كان قائد جيش كما قالوا لجهلوا
أيضا أين ولد من الأرض، ولولا أنهم عرفوا أن الموت أدركه وهو في نحو
الثمانين، لما استطاعوا أن يفترضوا افتراضا أنه ولد عام ٢٦٠ أو
٢٥٧ ه‍.
والمؤرخون هؤلاء معذرون أن يجهلوا ذلك، لأن المعلم الثاني حين
ولد في قرية نائية قرب مدينة فاراب في إقليم خراسان التركي وراء نهر
سيحون، إنما ولد في بيت بعيد عن الأضواء التي كان يتهاوى عليها
المؤرخون، بعيد عن الخلافة وبلاط الملك ورحاب الجاه... وقد كان
هؤلاء المؤرخون أكثر ما يغريهم حياة قصر الخلافة وأبهاء البلاط ومضطرب
أهل الجاه والسلطان... غير أن هذا الفارابي علمهم جميعا، بعد ذلك
بل علم التاريخ نفسه، أن بيتا مغمورا في زاوية قصية من الأرض ربما كان
خير ألف مرة من ألوف القصور التي وقفوا طويلا في أرجائها يصنعون لها
تاريخا من الملق والزلفى، على حين كان التاريخ الحق يجري في سبيله
مع الحياة ومع صانعي الحياة من الناس الذين يعملون بجهد أيديهم
وعقولهم وقلوبهم في صمت وطيبة وتواضع ودأب.
ويمر المؤرخون سراعا بحياة هذا الفارابي حتى يبلغوه وقد استوى
على ذروته العالية في تاريخ المعرفة الانسانية. وهناك، في أعلى الذروة،
نراهم يطوفون في حرم الفكر الذي بناه المعلم الثاني، وهم يجهلون كيف
بناه، ويجهلون الأساس الذي قامت عليه هذه المداميك من المعارف
والآراء والأفكار والتعاليم... يجهلون أن الأساس هو ذلك الفارابي
الذي كان ناطورا في بستان في دمشق، وكان مع ذلك دائم الاشتغال
بالفلسفة، وكان فقيرا يستضئ في الليل بالقنديل الذي للحارس
فمتى كان الفارابي ناطورا، وفقيرا، ويستضئ بقنديل الحارس،
أي حارس البستان الذي هو ناطور له؟.
طبعا، لم يكن كذلك وهو صبي، حين هو كامل الرجولة، لأن
الرواية تقول أنه كان حينذاك دائم الاشتغال بالفلسفة، يبني للفكر
الإنساني، وللتراث العربي، ذلك البناء الرفيع الفسيح الأرجاء.
ومعنى هذا أن دعائم ذلك البناء قد نهضت على يدي كادح عاش في
صفوف الكادحين المغمورين من أبناء الحياة الذين يصنعون تاريخ الحياة...
ومعنى هذا أيضا أنه قد نهض المعلم الثاني للفكر الإنساني على كتفي
ناطور البستان الفقير وهو يستضئ في الليل بالقنديل الذي
للحارس.
ولكن المؤرخين يمضون سراعا عن الفارابي الناطور، بعد أن
أمضوا سراعا عن الفارابي المهاجر من وراء نهر سيحون في خراسان إلى
بغداد، ثم عن الفارابي المشرد من بغداد إلى حلب، فدمشق حيث أقام
ناطورا في بستان وهو دائم الاشتغال بالفلسفة أنهم يمضون سراعا
عن هذا كله، لكي يحدثونا كثيرا كيف التحق الفارابي بحاشية
الأمير سيف الدولة أمير حلب، ولكي يحدثونا بهذه المناسبة عن هذا
الأمير الذي أكرم المتنبي فمدحه في معظم شعره، وعن المتنبي الذي
أكثر من الحكمة في قصائده ثم عن سيف الدولة أيضا كيف تزيا بزي
صوفي، حدادا على الفارابي يوم وفاته، بعد أن صلى عليه صلاة الجنازة في
خمسة عشر رجلا من خاصته...
ولو كان المؤرخون مخلصين للتاريخ، وكانوا على وعي لحركة
التاريخ، لحدثونا طويلا عن هذه الحياة الزاهدة الكادحة التي عاشها
الفارابي وهو دائم الاشتغال بالفلسفة وعن أسباب هذه الهجرة التي
هاجرها من وراء سيحون إلى بغداد، وعن أسباب هذا التشرد الذي
انتزعه من بغداد عاصمة العلم والحضارة يومئذ، إلى حلب فدمشق... ثم
لحدثونا طويلا، كذلك عن العلاقة بين هذا كله وبين المدينة الفاضلة
التي ابتدعها الفارابي، وهم يحسبون أنه ابتدعها من محض العلم ومن
خالص النظر الفلسفي التجريدي ولحدثونا طويلا عن تلك الصلة بين تفكير
الفارابي المعلم الثاني والفارابي الانسان الذي كان من زهده بالمال
أنه لم يكن يتناول من سيف الدولة من جملة ما ينعم به عليه، سوى
أربعة دراهم فضة في اليوم يخرجها فيما يحتاج اليه من ضروري عيشه، ولم
يكن معتنيا بهيئته، ولا منزل ولا مكسب له، وكان يتغذى بماء
قلوب الحملان مع الخمر الريحاني، وكان يخرج إلى الحراس بالليل يستضئ
بمصابيحهم فيما يقرؤه.

(١) من الترجمات التي توفى المؤلف قبل أن يكلمها وما بعد هذا الكلام هو ما أضفناه إلى ما كان
قد كتبه (ح).
(٢) ابن أبي أصيبعة: " عيون الانباء في طبقات الأطباء " - ج‍ ٢ ص ١٣٤.
(٣) تاريخ فلاسفة الاسلام في المشرق والمغرب لمحمد لطفي جمعة - ص ١٤.
(٤) جمال الدين القفطي - ص ١٨٨.
(١٠٤)

وما بالنا نطيل اللوم للمؤرخين القدامى، وفي عصرنا هذا مؤرخون
كذلك لم يحدثونا كثيرا ولا قليلا عن هذه الصلة بين الفارابي الكادح المشرد
من خراسان إلى بغداد فحلب فدمشق، وبين الفارابي صاحب المدينة
الفاضلة والمعلم الثاني للفكر الإنساني بعد أرسطو؟...
والواقع أن الصلة بين نشاة الفارابي وطبيعة حياته الكادحة، وما وعاه
في بغداد من مظاهر التفسخ الاجتماعي والسياسي، ومن المظالم النازلة
بجمهرة الناس، وما رآه بعد من أحداث الفتن، ومن هجوم الديلم
على بغداد، ثم ما أحدثوا في أهل بغداد من شغب وتقتيل وتفظيع، ثم ما
لقيه هو في تشرده عنها من أهوال، وما استوعبه من بدوات الانحلال
الاجتماعي في تلك المرحلة الزمنية نقول: الواقع أن الصلة بين هذا كله
وبين الآراء والأفكار والتعاليم التي تشتمل عليها المدينة الفاضلة، لهي
صلة قوية ظاهرة، بحيث لا يستطيع المؤرخ الواعي لحركة التاريخ إلا أن
يتعمقها درسا وتوضيحا.
ذلك أن الفارابي يرينا في هذه المدينة الفاضلة ناسا اجتماعيين
يؤثرون خير الجماعة على خير ذواتهم الفردية وهم متعاونون جميعا في شكل
هرمي منظم يتصل رأسه بقاعدته اتصالا محكما بوسائط مترابطة
متفاعلة، يسودهم حب العدل على أساس من الخير والمعرفة، وعلى أساس
من القصد إلى العدل والخير والمعرفة...
والفارابي يرى أن رئيس هذه المدينة الفاضلة لا يستحق رئاسة
الهرم الاجتماعي إلا أن يكون تام أعضاء الجسد، حسن الفهم
والتصور، جيد الحفظ لما يفهم، ذكيا حاد الذكاء، فصيحا لطيف الأداء،
محبا للتعليم والاستفادة لا يؤذيه تعب التعليم، ولا يؤذيه الكد الذي يناله
منه، غير طامع نهم شره، محبا للصدق وأهله، مبغضا للكذب وأهله،
كبير النفس، محبا للكرامة، تكبر نفسه عن كل ما يشين من الأمور، محبا
بطبعه للعدل وأهله، مبغضا للظلم وأهله، قوي العزيمة، غير ضعيف
النفس.
ويحس الفارابي أن انسانا فردا تجتمع له هذه الخصال جميعا، قد
يكون نادر الوجود في المجتمع، فليكن معه رئيس آخر، أو فليكن للمدينة
الفاضلة عدة رؤساء تتجمع فيهم تلك الخصال، حتى تكون المدينة فاضلة
حقا برئاستهم مجتمعين مؤتلفين يكمل بعضهم بعضا، فلا سيطرة ولا
استبداد ولا طغيان لفرد على مجموع.
ويحدثنا الفارابي عن ألوان مختلفة من المدن المختلفة عن مدينته
الفاضلة، فإذا هذه الألوان المغايرة لها كما يصفها ليست من بدع
الخيال، والفلسفة المجردة، أو الافتراض العلمي، وإنما هي من المجتمع
نفسه الذي عايشه الفارابي، واستوعب أحداثه، واتصل بحياة الكادحين
من أهله، وعرف الكثير الكثير من مساوئه ونقائصه ومظالمه.
وأكره ما يكره الفارابي من المدن المضادة لمدينته، أن تكون تلك
المدن الجاهلة الضالة قائمة على القهر والقوة والغلبة، لا على العدل
والفضيلة والخير والمعرفة والتعاون الصادق، وما أقرب الشبه بين هذه المدن
الجاهلة الضالة كما يصفها وبين المجتمعات التي تسودها الأنظمة
الفاشستية التي عرفنا منها في عصرنا أشكالا كثيرة.
ويرى الفارابي أن المجتمعات الانسانية الكاملة كما يتصورها
ثلاثة: مجتمع يشمل سكان الأرض جميعا ويسميه الجماعة العظمى،
ومجتمع يشمل أمة في جزء من المعمورة ويسميه الجماعة الوسطى،
ومجتمع يختص أهل مدينة في جزء من مسكن أمة ويسميه الجماعة
الصغرى... فإذا ضاق المجتمع عن ذلك كان، في نظره، مجتمعا غير
كامل، بعيدا عن الخير الأفضل.
إننا نستنتج من هذه الصور أن المدينة الفاضلة ليست سوى
انعكاس عن أشواق عصره ومجتمعه إلى العدل المفقود فيهما، وإن أضدادها
ليست سوى انعكاس عن واقع مجتمعه وعصره هذين، وعن الواقع الذي
عاش في صميم تجاربه بين غمار الكادحين.
هذا جانب الواقعية الحية في المدينة الفاضلة. وهناك الجانب
الفكري الذي نلحظ في ثناياه بذور تفكير مادي عند الفارابي. وذلك حين
نراه يقول بان الأجسام الطبيعية أي المادية هي الكائنة وحدها في عالمنا
هذا، أما النفس فليست في رأيه منفصلة عن مادة هذه الأجسام، وإنما
هي قوى تتدرج من القوة السفلى إلى القوة العليا، وإنما العليا صورة
للسفلى وليست منقطعة عنها ذات وجود مستقل، وأرقى هذه القوى
جميعا، الفكر. فالنفس عنده تكميل وجود الجسم، والعقل يكمل
النفس، والإنسان هو العقل.
ولقد كان من ترابط جوانب الحياة، في مذهبه، أنه يرى علاقة
وحدة بين جميع العلوم والمعارف الانسانية. ونظرية المعرفة عنده قائمة على
ما يستفاد من تجارب الحواس وتصوراتها.
نقل عنه ابن طفيل أنه ذكر في شرحه لكتاب أرسطو في الأخلاق،
قوله بان أرقى ما يصل إليه الانسان هو في هذه الدنيا، وإن الخير الاسمي
هو أيضا في هذه الدنيا.
وبعد، فان فضل الفارابي على الفكر الإنساني عدا أعماله
الابداعية أنه ضبط كتب المعلم الأول: أرسطو، وصنفها، وأنه هو
وتلاميذه ترجموها إلى اللغة العربية وشرحوها، وإن كل من جاء بعده سار
على طريقته، وأنه أضاف إلى أرسطو الكثير من آرائه وأفكاره.
وتراث الفارابي من تراث الفكر العربي في الصميم، فهو قد كتب
بلغة العرب وطبع بطابع التفكير العربي، وانعكست فيه حياة المجتمع
العربي، وبرزت ملامح الشخصية العربية... ثم هو من تراث الفكر
الإنساني في الصميم كذلك، لأنه نقل إلى الأجيال الانسانية أعظم ما أنتجه
عقل المعلم الأول وأغناه وطوره بابداعاته الخاصة.
أ فليس من حق الفارابي، إذن، بل من حق الفكر العربي والفكر
الإنساني، على مفكري العرب ومفكري سائر الشعوب أن يحيوا ذكراه
الألف، وفاء للانسان العظيم الذي شغلت المشكلة الانسانية جانبا عظيما
من عبقريته، واستأثرت بمعظم هموم حياته وتفكيره؟...
(١٠٥)

وقال قدري حافظ طوقان:
يرى الفارابي في مدينة أن السعادة ممكنة على وجه الأرض... إذا
تعاون المجتمع على نيلها بالأعمال الفاصلة... إن كل مدينة يمكن أن تنال
بها السعادة ولكن أكمل اجتماع انساني هو الاجتماع الذي يشتمل على جميع
أمم الأرض وأحسن دولة تنال بها السعادة هي الدولة الكبرى....
فالفارابي قد تنبأ إذن باجتماع الأمم كلها واتصالها بعضها ببعض
واتحادها فكأنه رجل من رجال القرن العشرين يؤمن بالسلام وثيق برسالة
منظمة الأمم المتحدة... فلم يقتصر على تنظيم مدينة ضيقة كإفلاطون
وغيره، بل فكر باتحاد الأمم كلها.
ويقول الدكتور جميل صليبا أن الفارابي بمدينته كان أوسع أفقا وتصورا
من فلاسفة اليونان.
وقال الأستاذ فؤاد عينتابي:
الاحتفالات بذكراه
احتفل العالم الاسلامي والبلاد العربية في أواخر العام ١٩٥٠
الميلادي بالذكرى الألفية لوفاة الفارابي، الفيلسوف الاسلامي الكبير الملقب
بالمعلم الثاني بعد أرسطو. ولهذه المناسبة أقامت جامعتا أنقرة وإستانبول في
٢٩ كانون الأول ١٩٥٠ احتفالات شائقة ألقيت فيها الخطب والمحاضرات
وبحث فيها عن مقام الفارابي في الفلسفة والحضارة الاسلامية والعصر الذي
عاش فيه من نواحيه الاجتماعية والسياسية والفكرية. وأصدرت الحكومة
التركية طوابع بريد خاصة لذكرى الفارابي ذات ألوان متعددة، كتب
عليها: الفارابي الفيلسوف التركي ونشرت أيضا الصحف التركية
مقالات عديدة عن الفارابي: حياته وفلسفته، وبعض المجلات المصرية
مقالات عنه واحتفلت دار الإذاعة السورية بذكرى الفارابي فأذاعت بعض
القطع الموسيقية وفي مدينة حلب ناد موسيقى رياضي باسم نادي الفارابي،
ومدرسة ابتدائية تحمل اسمه.
من هو الفارابي
والفارابي علم من أعلام الاسلام ومن بناة الحضارة العربية، كان له
باع طويل في الفلسفة والموسيقي والمنطق... ويعده الأتراك الآن فيلسوفا
تركيا بالنسبة لأصله وموطنه.
ويقول الأستاذ أحمد أمين:
ونبغ من الأتراك أبو نصر الفارابي الفيلسوف الاسلامي الكبير
وأستاذ كل فيلسوف إسلامي بعده، فإنه كان من فاراب، وهي مدينة من
مدن الترك نبغ منها جماعة كبيرة من العلماء، ونبوع الفارابي من بين الأتراك
مفخرة كبيرة لهم، فقد عني بفلسفة أرسطو وأخرجها للمسلمين في شكل
جديد، وكان له فضل على كل من اشتغل بالفلسفة من المسلمين بعده.
ولد أبو نصر محمد بن طرخان بن أوزلغ في واسج وهي حصن صغير
في مقاطعة فاراب اطرار، أو ترار ببلاد تركستان حوالي العام ٢٥٧
هجري ٨٧٠ م ويروى أن أباه كان قائدا عسكريا، نشأ في بلدته
وحصل فيها مبادئ العلوم، ثم رحل إلى إيران فتعلم اللغة الفارسية
وانتقلت به الأسفار إلى أن وصل بغداد فتعلم فيها اللغة العربية وأتقنها غاية
الاتقان ويقال أنه كان يعرف عدا اللغة التركية والعربية لغات كثيرة أخرى
من لغات المشرق المعروفة في زمانه ومنها اليونانية واللاتينية. ولما دخل بغداد كان بها أبو بشر متى بن يونس الحكيم المشهور، وهو
شيخ كبير، كان يقرأ الناس عليه المنطق وهو يقرأ كتاب أرسطو في المنطق
ويملي على تلامذته شرحه ويستعمل في تصانيفه البسط والتنزيل، وكان
الفارابي يحضر حلقته في غمار تلامذته. درس في بغداد الرياضيات والطب
والفلسفة، وأقام كذلك برهة ثم رحل إلى مدينة حران وفيها يوحنا بن
حيلان، الحكيم النصراني المتوفى في أيام المقتدر، فاستفاد منه وأخذ عنه
طرفا من المنطق أيضا. ثم قفل راجعا إلى بغداد، حيث ألف فيها معظم
كتبه، وقرأ بها علوم الفلسفة وتناول جميع كتب أرسطو وتمهر في استخراج
معانيها والوقوف على أغراضها وبرز في ذلك على أقرانه وأربى عليهم في
التحقيق وأظهر الغوامض المنطقية وكشف سرها وقرب متناولها وجمع ما
يحتاج إليه منها في كتب صحيحة العبارة لطيفة الإشارة منبهة على ما أغفله
الكندي وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعاليم، فجاءت كتبه المنطقية
والطبيعية والإلهية الغاية الكافية والنهاية الفاصلة.
ثم انتقل إلى حلب في العام ٩٤١ م وقدم على سيف الدولة أبي
الحسن علي بن أبي الهيجاء ابن حمدان، فأقام في كنفه مدة يعيش في عزلة
متزييا بزي أهل التصوف، حياة هادئة متقشفة بعيدا عن ضوضاء الحياة
وصخبها، ولكنه مع هذا وجد في عصر من أزهر عصور النهضة الأدبية،
عصر سيف الدولة الذي ازدهرت به العلوم والآداب، وقد أكرمه سيف
الدولة وقدمه، وعرف من العلم موضعه ومن الفهم منزلته. ثم رحل في
صحبة سيف الدولة إلى دمشق حين استيلائه عليها، وتوجه إلى مصر سنة
٣٣٨ ه‍ ٩٤٩ م وقد ذكر الفارابي في كتابه الموسوم بالسياسة المدنية أنه
ابتدأ تأليفه في بغداد وأكمله بمصر، ثم عاد إلى دمشق من مصر وتوفي بها في
رجب سنة ٣٣٩ هجرية ٩٥٠ م عند سيف الدولة علي بن حمدان في
خلافة الراضي، وصلى عليه سيف الدولة في خمسة عشر رجلا من خاصته
ودفن بظاهر دمشق خارج الباب الصغير.
كان الفارابي فيلسوفا كاملا وإماما فاضلا قد أتقن العلوم الحكمية
وبرع في العلوم الرياضية، زكي النفس قوي الذكاء متجنبا عن الدنيا
مقتنعا منها بما يقوم بأوده، يسير سيرة الفلاسفة المتقدمين، وكانت له قوة في
صناعة الطب وعلم بالأمور الكلية منها، ولم يباشر أعمالها ولا حاول
جزئياتها. كان في أول أمره ناطورا في بستان بدمشق، وهو على ذلك دائم
الاشتغال بالحكمة والنظر فيها والتطلع إلى آراء المتقدمين وشرح معانيها،
وكان ضعيف الحال حتى أنه كان في الليل يسهر للمطالعة والتصنيف
ويستضئ بالقنديل الذي للحارس، وبقي كذلك مدة إلى أن عظم شانه
وظهر فضله.
كان الفارابي منفردا بنفسه لا يجالس الناس، وكان أزهد الناس في
الدنيا لا يحتفل بامر مكسب ولا مسكن ولا معتنيا بهيئة منزل. أجرى عليه

(١) ضحى الاسلام الجزء الأول ص ٤٧.
(٢) مشاهير الأتراك ص ١٣١.
(٣) ابن خلكان ج ٢ ص ١٠٠.
(٤) تاريخ مختصر الدول لأبي الفرج المالطي المعروف بابن العبر ص ٢٩٦.
(٥) طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة م ٢ ص ١٣٤.
(١٠٦)

سيف الدولة كل يوم من بيت المال أربعة دراهم فضة، اقتصر عليها
لقناعته، ويروي أنه كان في أول أمره قاضيا، فلما شعر بالمعارف نبذ ذلك
وأقبل بكليته على تعلمها، ولم يسكن إلى نحو من أمور الدنيا البتة. ويذكر
أنه كان يخرج إلى الحراس بالليل من منزله يستضئ بمصابيحهم فيما
يقرؤونه. وكان في علم صناعة الموسيقي وعملها قد وصل إلى غاياتها وأتقنها
إتقانا لا مزيد عليه. ويقال أنه صنع آلة غريبة يسمع منها ألحان بديعة
يحرك بها الانفعالات، والغالب أن هذه هي الآلة الموسيقية التي أخرجها من
خريطة كانت معه في مجلس سيف الدولة وركب منها عيدانا ولعب بها ألعابا
شتى من الموسيقي، وهي قصة مشهورة معروفة. ويذكر فارمر أنه اخترع
أو أوجد الرباب والقانون.
مؤلفاته
ألف الفارابي بالمنطق والفلسفة والرياضيات والطب والنبات
والموسيقي، فكان من علمائها المبرزين في حلبتها، وتعتمد شهرته الفلسفية
على شروحه وتعاليقه على مؤلفات أرسطو. بلغت مؤلفاته حوالي
الثمانين، غير أن معظمها فقد، ولا يزال منها حتى الآن حوالي الأربعين:
منها ٣١ باللغة العربية، و ٦ بالعبرية، واثنان باللاتينية ويقرر جب أن
تأليفه في الطب والموسيقي أصبحت مقاييس لمن بعده، ويضيف أن آثاره في
الفلسفة العربية هي التي خلدت اسمه، كانت فلسفته ذات نزعة
إفلاطونية، وكان أهم ما يسعى إليه التوفيق بين فلسفة أرسطو وإفلاطون
غالبا كما فهمها أصحاب الأفلاطونية الحديثة غير أنه ظل قوي الاعتقاد
بحقيقة الاسلام، وعمل جهده للتقريب بين الفلسفة اليونانية كوحدة
تامة، والمعتقدات الاسلامية وأكثر كتبه أهمية بالنظر للغربيين مؤلفه
الذي نحا به نحو جمهورية أفلاطون ألا وهو المدينة الفاضلة، حيث أراد أن
يجمع بين الدين والدولة وأن يصف بها حكومة مثالية يحكمها رجال
حكماء. إذ أن رئيس المدينة الفاضلة ليس يمكن أن يكون أي انسان اتفق
لأن الرئاسة إنما تكون بشيئين: أحدهما أن يكون بالفطرة والطبع معدا لها،
والثاني بالهيئة والملكة الإرادية.
وأهم مؤلفاته: المدينة الفاضلة، التعليم الثاني، إحصاء العلوم
والتعريف بأغراضها، ويعتبر أول موسوعة بالشرق، ومن الكتب التي
حفظ أصلها العربي كتاب الموسيقي الكبير ألفه للوزير أبي جعفر محمد بن
القاسم الكرخي. ويعتقد ماكس مايرهوف أن كتاب الموسيقي هذا هو أثر
شرقي يبحث في نظرية الموسيقي وأنه البذرة الأولى لمنشأ علم الأنساب
نسبة الاعداد أو علم اللوغاريتمات ثم له أيضا: السياسة المدنية
والسيرة الفاضلة، ويتضمن كتاب المجموع من مؤلفات أبي النصر الفارابي
المطبوع بمصر سنة ١٩٠٧ م وهو ثماني رسائل بعض المسائل والآراء
الفلسفية منها: فصوص الحكم مع شرحه نصوص الكلم للأستاذ
محمد بدر الدين النعساني.
وللفارابي شرح كتاب البرهان لأرسطو على طريق التعليق، أملاه على
إبراهيم بن عدي، تلميذ له بحلب. وذكر شمس الدين سامي أن للفارابي
مؤلفا كبيرا في عشرين مجلدا أسماه كتاب في الخطابة.
مناحي فلسفته
تأثرت فلسفة الفارابي بالأفلاطونية الحديثة، وأثرت بدورها على آراء
ابن سينا وابن رشد، حتى أن فوكارادي يعد الفارابي من كبار فلاسفة
الأفلاطونية الحديثة لأن الفارابي كان على معرفة تامة بالفلسفة القديمة ولا
سيما في تعليقاته وشروحه على مؤلفات أرسطو وإفلاطون، وهو الذي عرف
العرب على كبير فلاسفة اليونان والمعلم الأول: أرسطو.
قسم الفارابي العقل إلى أربعة أقسام: العقل بالقوة، والعقل
بالفعل، و العقل المستفاد، والعقل الفعال. وقد ظهر تحمس الفارابي في
شرحه لنظرية أزلية العالم وقدمه فالله سبحانه هو المحرك الذي لا
يتحرك، المالك للوجود والكمال المطلق، يخرج العالم بواسطة العقل
الفعال. وبالنسبة للانسان فان هذا العقل الفعال هو الصورة النهائية والجزء
الوحيد الخالد.
ونرى نزعته الفلسفية وآراءه المثالية وفكرته الدينية واضحة بينة في
دعائه الذي يقول فيه:
إني أسألك يا واجب الوجود ويا علة العلل، يا قديما لم يزل، أن
تعصمني من الزلل وأن تجعل لي من الأمل ما ترضاه لي من عمل...
اللهم أنقذني من عالم الشقاء والفناء واجعلني من إخوان الصفاء
وأصحاب الوفاء وسكان السماء مع الصديقين والشهداء. أنت الله الذي لا
إله إلا أنت، علة الأشياء ونور الأرض والسماء، امنحني فيضا من العقل
الفعال، يا ذا الجلال والافضال، هذب نفسي بأنوار الحكمة وأوزعني
شكر ما أوليتني من نعمة، أرني الحق حقا وألهمني أتباعه، والباطل باطلا
واحرمني اعتقاده واستماعه، هذب نفسي من طينة الهيولى، إنك أنت
العلة الأولى:
يا علة الأشياء جمعا والذي * كانت به عن فيضه المتفجر
رب السماوات الطباق ومركز * في وسطهن من الثرى والأبحر
إني دعوتك مستجيرا مذنبا * فاغفر خطيئة مذنب ومقصر
هذب بفيض منك رب الكل من * كدر الطبيعة والعناصر عنصري
اللهم ألهمني الهدى وثبت إيماني بالتقوى وبغض إلى نفسي حب
الدنيا، اللهم قو ذاتي على قهر الشهوات الفانية، وألحق نفسي بمنازل
النفوس الباقية، واجعلها من جملة الجواهر الشريفة الغالية، في جنات
عالية...

(١) انظر بحث ه‍ وفارمر عن الموسيقى عند العرب (تراث الاسلام ص ٣٦١.
(٢) مشاهير الأتراك ص ١٣١.
(٣) جب الأدب العربي ص ٣ - ٦.
(٤) بروكلمان - تاريخ الأدب العربي م ١ ص ٢١٠ - ٢١٣ وكارداى فو (مفكرو الاسلام) م ٤
ص ٧ - ١٨.
(٥) آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي ص ٨٣.
(٦) تراث الاسلام ص ٣٣٣.
(٧) تراث الاسلام ص ٣٩١.
(٨) قاموس الاعلام م ٥ ص ٣٣٢٣.
(٩) تراث الاسلام ص ٣٩١.
(١٠) دائرة المعارف البريطانية ط ١٤ م ٩ ص ٧٠.
(١١) تراث الاسلام ص ٢٥٥ - ٢٥٦.
(١٢) دائرة المعارف البريطانية ط ١٤ م ٩ ص ٧٠.
(١٠٧)

اللهم إنك قد سجنت في سجن من العناصر الأربعة ووكلت
بافتراسها سباعا من الشهوات، اللهم جد لها بالعصمة وتعطف عليها
بالرحمة التي هي بك أليق وبالكرم الفائض الذي هو منك أجدر وأخلق،
وامنن عليها بالتوبة العائدة بها إلى عالم السماوي، وعجل لها بالأوبة إلى
مقامها القدسي، واطلع على ظلمائها شمسا من العقل الفعال، وأمط عنها
ظلمات الجهل والضلال، واجعل ما في قواها بالقوة كامنا بالفعل،
وأخرجها من ظلمات الجهل إلى نور الحكمة وضياء العقل. الله ولي الذين
آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور...
وفي شعره التالي يعبر عن رأيه في الحياة وزهده بالدنيا داعيا إلى الأخذ
بحقائق الأمور والانصراف عن نزوات النفس والحواس، واللهو والعبث،
فالدنيا كما يراها دار زوال وفناء لا تستقر على حال...
لما رأيت الزمان نكسا * وليس في الصحبة في انتفاع
كل رئيس به ملال * وكل رأس به صداع
لزمت بيتي وصنت عرضا * به من العزة اقتناع
اشرب مما اقتنيت راحا * لها على راحتي شعاع
لي من قواريرها ندامى * ومن قراقيرها سماع
واجتني من حديث قوم * قد أقفرت منهم البقاع
وله أيضا: أخي خل حيز ذي باطل * وكن للحقائق في حيز
فما الدار دار خلود لنا * ولا المرء في الأرض بالمعجز
وهل نحن إلا خطوط وقعن * على كرة وقع مستوفز
ينافس هذا لهذا على * أقل من الكلم الموجز
محيط السماوات أولى بنا * فلم ذا التزاحم في المركز؟ عبد
الملك الفارقي البغدادي الدار.
مع الفارابي الفيلسوف الروحي
كان أبو نصر الفارابي فيلسوفا مسلما على الحقيقة، وفيلسوفا عقليا
ينزع في فلسفته منزعا روحيا باسمى ما في الفلسفة العقلية والروحية من
المعاني الدقيقة، فقد كانت سيرته في حياته العملية، وفلسفته في حياته
العقلية، ونزعته في حياته الروحية، آيات على أنه قد وجد في العقل
والروح أصفى مورد يروي منه، وأنقى منبع يصدر عنه، وأرقى مبدأ
يعول عليه، ويعلل به، ويقيم حياته وحياة أشباهه الفردية، كما يقيم حياة
المدن وحياة الأمم الاجتماعية، على دعائم عقلية وروحية، هي قوام
السعادة الحقيقية التي تطمح إلى تحقيقها الانسانية.
والمتأمل فيما كان يأخذ به الفارابي نفسه في حياته، وفيما كان يصور به
منهجه ومذهبه ومسلكه في هذه الحياة الدنيا، وفيما كان يبتغي به وجه الله
في الحياة الأخرى، وفيما كان يريد أن يحققه لنفسه وأن يحققه غيره في
الحياتين من السعادة القصوى والبهجة العظمى، يلاحظ أنه في كل أولئك
أدنى إلى الصوفي التقي، والزاهد الخلي، والورع التقي، الذي ينصرف
عما في الحياة من متاع حسن وجاه مادي، ويقبل على كل ما فيها من نعيم
عقلي وخلود روحي، فإذا هو يجد في الخلوة والعزلة ملاذه، وفي التفكر
والتدبر عياذه، وفي اشتغال عقله بالحقائق، وتذوق روحه للرقائق، أقصى
ما تسكن إليه وتطمئن به نفس الفيلسوف الحكيم، من فردوس العقل
الدائم ونعيم الروح المقيم.
وليس أدل على ذلك المنزع الفلسفي الصوفي الذي نزعه الفارابي في
حياته العقلية والروحية، من هذه الأبيات:
وليس أدل عليه أيضا من قوله في دعائه الذي كان يتضرع به إلى ربه
فيقول:
إلى أن يقول:
... اللهم طهر بروح القدس الشريفة نفسي، وآثر بالحكمة البالغة
عقلي وحسي، واجعل الملائكة بدلا من عالم الطبيعة أنسي... اللهم قو
ذاتي على قهر الشهوات الفانية، وألحق نفسي بمنازل النفوس الباقية،
واجعلها من جملة الجواهر الشريفة الغالية، في جنات عالية...
فواضح هاهنا أن الأبيات الستة الأولى إنما هي تعبير صادق عن حياة
العزلة التي آثرها الفارابي بعد ما رأى من مساوئ الزمان وصحبة أهله التي
لا تنفع، وحتى يستطيع أن ينجو بعرضه وعزته وكرامته، وأن يخلو إلى
نفسه وتأمله وفلسفته، وأن يخلص من هذا كله إلى صفاء عقله وقلبه،
وإلى انفصاله عن الحياة المادية واتصاله بالحياة الروحية في ظل ربه، حيث
يشعر ويتذوق وحيث يفكر ويتحقق، وحيث ينظر ويتعمق، وحيث يكون
بعد هذا كله أصفى وأطهر ويكون نصيبه من العادة أوفى وأوفر، على
نحو ما يرجوه في دعائه الذي يناجي به ربه من قهر ذاته للشهوات الفانية،
والحاق نفسه بالنفوس الباقية واحلال روحه محلا رفيعا في جنات عالية.
ويؤيد نزوع الفارابي هذا المنزع الصوفي الروحي ما ذكره عنه ابن خلكان في
ترجمته له من أنه كان منفردا بنفسه، لا يجالس الناس، ومن أنه أبان إقامته
بدمشق لم يكن غالبا إلا عند مجتمع ماء أو مشتبك رياض، ومن أنه كان
أزهد الناس في الدنيا، لا يحتفل بامر مكسب ولا مسكن، وأنه كان من
القناعة بحيث اقتصر على أربعة دراهم كل يوم كان يجريها عليه سيف
الدولة الحمداني من بيت المال.
على أن هذا الطابع الصوفي الذوقي وما تطبع به نفس صاحبه من
كمال في العلم والعمل هو سبيله إلى التحقق بالحقائق العلية، والتخلق
بالأخلاق الرضية، لم يكن مقصورا عند الفارابي على تلك الحياة الروحية
النقية التي كان يحياها الفيلسوف فيما بينه وبين نفسه، وفيما بينه وبين
أشباهه، وفيما بينه وبين ربه وإنما هو طابع لا يكاد ينفك عن كثير من
النواحي العقلية الخالصة للفلسفة النظرية والعملية لهذا الفيلسوف بل أنه
ليجعل من كثير من المبادئ والمناهج العلمية والعملية التي تقوم عليها وتقوم
بها الحياة الروحية شرطا لا بد منه في طالب الحكمة ومعلمها، ولا منصرف
عنه لأهل المدينة الفاضلة ورئيسها فكل أولئك لا يتهيأ لهم العلم الصحيح
ولا يصدر عنهم العمل الصالح، ولا تستقيم لهم وبهم أمور معاشهم في
الحياة الدنيا ولا يتاح لهم الفوز الأعظم في معادهم في الحياة الأخرى، إلا
إذا صلحت نفوسهم باطراح الشهوات، وإلا إذا خلصت قلوبهم إلى الله

(١) طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة ج ٢ ص ١٣٧.
(٢) نفس المصدر صفحة ١٣٨ ويذكر ابن خلكان ان هذه الأبيات منسوبة للفارابي وانه رآها في
الخريدة منسوبة أيضا إلى الشيخ محمد عبد الملك الفارقي البغدادي الدار.
(٣) الأبيات العينية المتقدمة في كلمة العينتابي.
(٤) الدعاء المتقدم مع الأبيات الرائية.
(١٠٨)

بالخلاص عن النزوات وإلا إذا صقلت عقولهم فانتقشت فيها حقائق
الموجودات.
وحسبنا لنتبين هذا كله أن ننظر مع الفارابي في السبيل التي ينبغي أن
يسلكها من أراد تعلم الفلسفة: فهو يرى أن هذه السبيل هي القصد إلى
الأعمال وبلوغ الغاية وإنما يكون القصد إلى الأعمال بالعلم إذ أن تمام
العلم إنما يكون بالعمل كما أن بلوع الغاية في العمل إنما يكون باصلاح
الانسان نفسه أولا ثم باصلاح غيره ممن يعيشون معه في منزله أو في
مدينته. وهو يرى أيضا أن من أراد الشروع في الحكمة فينبغي أن يكون
شابا صحيح المزاج متأدبا بآداب الأخيار قد تعلم القرآن واللغة وعلوم
الشرع أولا وأن يكون عفيفا صدوقا معرضا عن الفسوق والفجور والخيانة
والمكر والحيلة فارع البال عن مصالح معاشه غير مخل بركن من أركان
الشريعة ولا بأدب من آدابها معظما للعلم والعلماء ولا يكون لشئ عنده قدر
إلا للعلم وأهله ولا يتخذ علمه لأجل الحرفة وإن من كان بخلاف ذلك فهو
حكيم زور ولا يعد من الحكماء...
وحسبنا أيضا أن ننظر مع الفارابي في الحال التي يجب أن يكون عليها
الرجل الذي تؤخذ عنه الفلسفة: فهو يرى أن تلك الحال هي أن يكون
معلم الفلسفة قد تقدم وأصلح الأخلاق من نفسه الشهوانية، كيما تكون
شهوته للحق فقط، لا للذة، وأن يكون قد أصلح مع ذلك قوة النفس
الناطقة كيما يكون ذا إرادة صحيحة.
وحسبنا أن ننظر كذلك مع الفارابي فيما اشترطه من شروط ينبغي أن
تتوفر في رئيس المدينة لكي يكون رئيسا فاضلا لمدينة فاضلة مكونة من أفراد
فضلاء كلهم من أهل الفضل القادرين على تحصيل السعادة لأنفسهم من
ناحية، وعلى تحقيقها لغيرهم من أهل مدينتهم الفاضلة من ناحية أخرى:
فعند الفارابي لا يكون رئيس المدينة رئيسا فاضلا لمدينة فاضلة إلا إذا كان
حكيما على التمام، ولا يكون حكيما على التمام إلا أن يكون إنسانا قد
استكمل من الناحيتين العلمية والعملية بصفة عامة، وأن تكون نفسه
الناطقة أو قوته العاقلة قد استكملت بحيث يصير عقلا ومعقولا بالفعل،
وأن تكون قوته المتخيلة قد استكملت غاية الكمال بحيث تصبح معدة
للتلقي عن العقل الفعال الذي يلقي إليها وإلى القوة العاقلة الفيوضات
الآتية من لدن الله، وعنده أيضا أن من استكمل قواه النظرية والعملية
والمتخيلة على هذا الوجه، فإنما يكون حكيما فيلسوفا أو متعقلا على التمام،
كما يكون نبيا مخبرا بما هو كائن ومنذرا بما سيكون، وهو بحكم ما تهيأ له
من أسرار الحكمة وأنوار النبوة، يعد أكمل وأفضل درجات السعادة
الحقيقة، وأصبح من أهل المدينة الفاضلة التي يرأسها مثلا أعلى يقتدى به
ويهتدى في الحياة النظرية والعملية، بحيث يصبح كل فرد من أفراد هذه
المدينة الفاضلة، بمثابة صورة منه أو نسخة عنه.
أما كيف يتهيأ لرئيس المدينة الفاضلة أن يكون كذلك، فذلك ما
نتبينه مع الفارابي من خلال الشروط العلمية والعملية التي يشترطها فيه،
والتي يرد كثير منها إلى ذلك الطابع الروحي الذي طبعت به حياة الفارابي،
وطبع به مذهبه الفلسفي فلا بد لرئيس المدينة الفاضلة من ألا يكون شرها
في الشهوات البدنية، من ماكل ومشرب وغيرهما، وذلك على وجه يتجنب
معه اللهو والعبث، ويبغض اللذات الحسية الناشئة عن تلك الشهوات
البدنية، ومن أن يكون محبا للصدق وأهله، مبغضا للكذب وأهله، ومن
أن يكون كبير النفس مترفعا عن كل ما يشين، محبا للكرامة متساميا بنفسه
عن كل ما يرفع، ومن أن يهون عنده الدرهم والدينار وسائر أعراض
الدنيا.
فإذا كان ذلك كذلك، وكانت تلك هي الخصال المحمودة التي ينبغي
أن يتحلى بها الرئيس الفاضل للمدينة الفاضلة ومعلم الحكمة وطالبها،
والتي ينبغي أن يتحلى بها ويتخلى عن أضدادها كل فرد من أفراد المدينة في
حياته النظرية والعملية الفردية والاجتماعية، حتى تكون المدينة فاضلة
رافلة في حلل السعادة الحقيقية، فقد تبين إذن إلى أي حد، وعلى أي
وجه، يمكن أن يقال أن فلسفة الفارابي الاجتماعية والسياسية إنما تقوم على
أسس روحية، وتستمد عناصرها من منابع نفسية وأخلاقية من شأنها أن
تطهر النفوس من أدرانها، وأن تجعل من أصحابها أفراد فاضلين في المدينة
الفاضلة، وأناس كاملين في الانسانية الكاملة. ومعنى هذا بعبارة أخرى
أن المدينة الفاضلة التي هي دعامة للانسانية الكاملة، والتي يرأسها حكيم
أو نبي قد كملت نفسه ونفوس معاونيه ومواطنيه على هذا الوجه، إنما هي
ثمرة روحية بقدر ما هي ضرورة اجتماعية. وأي شئ أدل على صدور
المدينة الفاضلة والإنسانية الكاملة عن منابع عقلية وروحية إلى جانب ما
تقوم عليه من صنائع علمية وعملية، من أن الرئيس الفاضل إنما هو كما
يقول الفارابي من تكون مهنته ملكية مقرونة بوحي من الله تعالى، كما أنه
هو الذي يقدر الآراء والأفعال التي في الملة الفاضلة بالوحي، وذلك بان
توحى اليه هذه الأفعال وتلك الآراء مقدرة من ناحية، وبان يقدرها هو
بالقوة التي استفادها هو عن الوحي والموحي تعالى من ناحية أخرى.
هذه طائفة من المنازع الصوفية التي نزع إليها الفارابي الفيلسوف في
حياته الروحية، والتي فاضت بها فلسفته النظرية والعملية، في نواحيها
العقلية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية، والتي طبعت بطابعها المثالي
الرائع فكرته الكبرى عن المدينة المثلى، فكان في أنظاره العقلية، وفي
أذواقه الروحية، وفي أغراضه الانسانية، فيلسوفا مثاليا يريد أن يقيم الحياة
العملية الانسانية على دعائم مستمدة من العقل الذكي، والقلب النقي،
والضمير الحي، ولقد تألفت هذه المعاني لديه، ثم تمثلت له وتجلت عليه،
فإذا هي مدينته الفاضلة.
مع الفارابي في المدينة الفاضلة
ها نحن أولا نقف مع الفارابي في مدينته الفاضلة، لنتبين من خلال
هذه الوقفة كيف كانت هذه المدينة الفاضلة عند الفارابي الفيلسوف العقلي
والروحي المسلم، مرآة صادفة للحياة الاجتماعية والسياسية، وقد أقيمت
على دعائم اسلامية، واستمدت مقوماتها من منابع قرآنية ونبوية، إلى
جانب ما أقيمت عليه، واستمدت منه، من الفكرة الأفلاطونية عن
الجمهورية:
فرئيس المدينة الفاضلة عند الفارابي فيلسوف يقرب كثيرا أو قليلا مما
يصور به أفلاطون في جمهوريته هذا الرئيس وغيره ممن إليهم شؤون الحكم
وتدبير السياسة في هذه الجمهورية، ولكنه ليس عند الفارابي فيلسوفا قد
صلحت نفسه الناطقة واستعلت على نفسه الشهوية ونفسه المغضبية
فحسب، ولا هو يستطيع، بفضل ما أتيح له من صلاح نفسه الناطقة أو
(١٠٩)

قوته العاقلة، أن يتصل بالعقل الفعال الذي يفيض عليه حقائق الموجودات
ودقائق المعقولات فحسب، وإنما هو فيلسوف بهذه المعاني كلها، وبمعنى
آخر زائد عليها، هو هذا المعنى النبوي الاسلامي الذي يجعل من رئيس
المدينة الفارابية فيلسوفا أضفى الله على قوته المتخيلة ثوبا من أثواب النبوة
فإذا هو متعقل لما هو موجود، ومخبر بما هو كائن، ومنذر بما سيكون، لأن
كلا من قوتيه المتعلقة والمتخيلة قد بلغت من الدقة والرقة، ومن الصفاء
والنقاء، بحيث تهيأ لصاحبهما من الكمال، ما يجعله أهلا للتلقي عن الله
بطريق الاتصال بالعقل الفعال.
وعن هذه المعاني الكاملة التي تلتقي في رئيس المدينة الفاضلة،
وتنتفي عن رئيس المدينة الجاهلة، قد عبر الأستاذ ت. ج دي بور
مؤرخ الفلسفة الاسلامية، وذلك في كتاب تاريخ الفلسفة في الاسلام
فقال:
... ولما كان الفارابي رجلا شرقيا في نظرته للأمور، فقد ظن أن
معاني الجمهورية الأفلاطونية تتلخص في صورة الرئيس الفيلسوف. يرى
الفارابي أن الناس قد دعتهم الضرورة الطبيعية إلى الاجتماع، فهم
يخضعون لإرادة رئيس واحد تتمثل فيه المدينة بخيرها وشرها، فتكون
فاسدة إذا كان حاكمها جاهلا لقوانين الخير، أو كان فاسقا أو ضالا، أما
المدينة الفاضلة فهي نوع واحد، ويرأسها الفيلسوف. والفارابي يصف
أميره بكل فضائل الانسانية، وكل فضائل الفلسفة، فهو أفلاطون في ثوب
النبي محمد ع.
على أن الفارابي الذي نزع في حياته الشخصية منزعا صوفيا، وذهب
في فلسفته العامة مذهبا عقليا أضفى عليه في بعض نواحيه ثوبا روحيا،
كان كذلك في فلسفته العملية سواء فيما يتعلق بتدبير حياة الفرد مع نفسه،
ومع أشباهه ممن يعايشهم ويواصلهم في منزله وفي مدينته، وكان في هذه
الفلسفة العملية شيئا آخر فوق ذلك كله.
كان فيلسوفا اجتماعيا وسياسيا بأدق ما في الاجتماع والسياسة من
المعاني العلمية والمبادئ العلمية، ولعل نظرته الاجتماعية والسياسية كانت
أبعد آفاقا، وأوسع نطاقا، بحيث لم تقف عند حد الفرد في مجتمعاته
الصغيرة والكبيرة التي تبدأ من المنزل وتنتهي إلى المدينة، وإنما هي تتجاوز
هذه المجتمعات إلى المجتمع الأكبر وهو هذا المجتمع الذي يشمل أفراد
الانسان جميعا شمولا كليا يجعل منهم أمة واحدة فاضلة، تنطوي على
اسمى معاني الحق والخير، وتسعى إلى تحقيق أرقى مبادئ التعاون والبر،
فإذا الناس لا يحيون في هذه المدينة أو تلك، ولا في هذه الأمة أو تلك،
وإنما يحيون في الانسانية كلها، ويتواصلون بها ويتعاونون من أجلها، فلا
يجحف فرد بحق فرد، ولا تتحيف أمة من حق أمة، لأن الأفراد والأمم
جميعا قد استظلوا بظل واحد هو ظل الانسانية.
ويتبين هذا كله إذا لاحظنا مع الفارابي ان كل انسان قد خلق
مفطورا على أنه محتاج إلى غيره، وذلك فيما يتقوم به في حياته، وفيما يعول
عليه لبلوغ أفضل كمالاته، وتحقيق أكمل غاياته، لا سيما فيما لا يستطيع
أن يحققه ويحقق الكمال فيه لذاته بذاته، وإن هذه الفطرة على حاجة
الانسان إلى الانسان، وعلى تعاون الانسان مع الانسان، هي العلة الأولى
في وجود الجماعة المؤلفة من أفراد متكثرين متعاونين يقوم كل منهم لغيره بما
يحتاج إليه غيره حتى يبلغ به الكمال.
على أن الجماعات الانسانية التي تنشأ على هذا الوجه، ليس كلها
عند الفارابي سواء، بل منها جماعات كاملة، وجماعات غير كاملة.
والجماعات الكاملة ثلاث:
جماعة صغرى وهي اجتماع أهل مدينة في جزء من مسكن أمة.
وجماعة وسطى وهي اجتماع أمة في جزء من المعمورة.
وجماعة عظمى وهي اجتماع الجماعة كلها في المعمورة كلها.
وأما الجماعات غير الكاملة فهي اجتماع في منزل، أو اجتماع في
سكة، أو اجتماع في محلة، أو اجتماع في قرية.
وهذه الجماعات سواء ما كان منها كاملا أو غير كامل، يرتبط بعضها
ببعض، ويقوم بعضها ببعض، ويحتاج بعضها في تحقيق كماله إلى بعض.
وإن الفارابي ليظهرنا على هذه المعاني كلها بحيث يظهرنا على معنى التعاون
والتضامن بينها، وذلك إذ يقول أن القرية من المدينة بمثابة الخادمة لها،
وإن المحلة من القرية بمثابة جزئها، وإن السكة من المحلة بمثابة جزئها،
وإن المنزل من السكة بمثابة جزئها، وإن المدينة من الأمة بمثابة جزء من
مسكنها، وإن الأمة بمثابة جزء من أهل المعمورة كلها.
وإذا كانت تلك هي مراتب الجماعات، وتسلسل بعضها من
بعض، وترتب بعضها على بعض، فقد انتهى الفارابي إلى أن الخير
الأسمى، والكمال الأقصى، إنما يتوصل إليه، ويحصل عليه، بالاجتماع
في مدينة لا بما دون ذلك من ألوان الاجتماع الذي يقع فيما دون المدينة من
جماعات.
وكما أن الجماعات مراتب ودرجات بعضها فوق بعض أو دون
بعض، فكذلك المدن ليس كلها سواء فيما تحقق من خير وشر، ولا فيما
تقوم عليه من فضل وجهل، ولا فيما تتحقق به من كمال ونقص، ذلك
بان هذه كلها غايات يتوسل إلى تحقيقها بالإرادة والاختيار، والإرادة نزوع
إلى الخير تارة وإلى الشر تارة أخرى، وللاختيار جنوح إلى الكمال حينا وإلى
النقص حينا آخر، والإرادة هي الملكة التي يعملها الانسان منفردا في
نفسه، وتعملها الجماعة مجتمعة فيما بين بعض أفرادها وبعض، وهذا من
شانه أن تقوم بين الأفراد صلات على أساس من التعاون على بلوع غايات
بعضها خيرات وبعضها شرور، ومن هنا كانت المدن التي يعمل أهلها
ارادتهم في سبيل التعاون على الخير والفضل والكمال، مدنا فاضلة مؤدية
باهلها إلى السعادة، بقدر ما كانت المدن التي يعمل أفرادها ارادتهم في
سبيل التعاون على الشر والجهل والنقص مدنا مؤدية باهلها إلى الشقاء.
ويخلص الفارابي من هذا التسلسل والتدرج في مراتب الجماعات،
وما ينبغي أن تحققه كل جماعة من خيرات وكمالات، إلى فكرته الكبرى
عن المدينة الفاضلة، التي هي عنده قوام فكرته العليا عن الانسانية
الكاملة، وذلك إذ ينتهي إلى النتيجة التي ترتب على ما قدمه بين يديها من
مقدمات، وهي ان المدينة التي يقصد بالاجتماع فيها إلى التعاون على
الأشياء التي تنال بها السعادة في الحقيقة هي المدينة الفاضلة، كما أن
الاجتماع الذي يتعاون به على نيل السعادة هو الاجتماع الفاضل، وكما أن
الأمة التي تتعاون مدنها على ما تنال به السعادة هي الأمة الفاضلة، وكما أن
(١١٠)

المعمورة التي تتعاون مدنها كليا على ما تنال به السعادة هي المعمورة
الفاضلة.
ومن الطريف العجيب معا أن يكون الفارابي الفيلسوف الصوفي
الروحي في حياته الخاصة، والفيلسوف العقلي والنظري في فلسفته العامة،
والذي تقع حياته فيما بين سنتي ٢٥٩ و ٣٣٩ للهجرة الموافقتين لسنتي ٨٧٠
و ٩٥٠ للميلاد، أسبق من علماء الاجتماع المحدثين والمعاصرين في أوربا
وأمريكا، إلى تشبيه المدينة بالجسم الحي، والمقابلة بين كل جزء من أجزاء
المدينة وبين كل عضو من أعضاء الجسم...
فالمدينة الفاضلة عند الفارابي تشبه البدن التام الصحيح الذي تتعاون
أعضاؤه كلها على تتميم حياة الحيوان من ناحية، وعلى حفظ هذه الحياة
على الحيوان من ناحية أخرى. فكما أن للبدن أعضاء يتفاوت كل منها عن
الآخر في رتبته وقيمته، وفي وظيفته وخدمته، وفيما يؤديه من هذه الخدمة
لغيره من الأعضاء، فكذلك للمدينة أفرادهم منها بمثابة الأعضاء من
البدن، ولكل منهم في المدينة رتبته وقيمته ووظيفته التي تتفاوت بتفاوت ما
يؤديه من خدمة نحو غيره من أفراد مدينته الذين يتصل بهم، ويعمل
معهم، فيما يشارك فيه من حياة المدينة، وكما أن في البدن أعضاء رئيسية
هي قوام حياته، فكذلك للمدينة أفراد يرأسونها، ويتولون أمرها،
وبعضهم مرؤوس لبعض، وكلهم مرؤوس لرئيس أعلى واحد هو منهم في
المدينة بمثابة القلب في البدن، وهذه الرتب المتفاضلة والمتكاملة من أعلاها
إلى أدناها في أفراد المدينة، هي التي يصورها الفارابي على هذا الوجه
الدقيق الذي يدل عليه قوله:
إن المدينة أجزاؤها مختلفة الفطرة، متفاضلة الهيئات وفيها انسان
هو رئيس، وآخر تقرب مراتبها من الرئيس، وفي كل واحد منها هيئة
وملكة يفعل بها فعلا يقتضى به ما هو مقصود ذلك الرئيس، وهؤلاء أولوا
المراتب الأول، ودون هؤلاء قوم يفعلون الأفعال على حسب أغراض
هؤلاء، وهؤلاء هم في الرتبة الثانية، ودون هؤلاء أيضا من يفعل الأفعال
على حسب أغراض هؤلاء، ثم هكذا تترتب أجزاء المدينة إلى أن تنتهي إلى
آخر يفعلون أفعالهم على حسب أغراضهم، فيكون هؤلاء هم الذين يخدمون ولا
يخدمون، ويكونون في أدنى المراتب وهم الأسفلون آراء أهل
المدينة الفاضلة: ص ٨٩ ٨٠.
على أن الفارابي لا يطلق الموازنة والمقابلة بين أجزاء المدينة وبين
أعضاء البدن، إطلاقا تاما دون أن يقيدهما بقيد، أو يحدهما بحد، وإنما
هو من الدقة وعمق الفكرة بحيث يظهرنا على أن ثمة فرقا بين ما هو من
أجزاء المدينة وبين ما هو من أعضاء البدن، وذلك إذ يبين أن أعضاء البدن
طبيعية، وإن الهيئات التي لهذه الأعضاء إنما هي قوى طبيعية، على حين
أن أجزاء المدينة وهم أفرادها، وإن كانوا طبيعيين، إلا أن الهيئات
والملكات التي يفعلون بها أفعالهم للمدينة ليست طبيعية، وإنما هي إرادية
تصدر عن فكر وروية. وهذه الروية وذلك الفكر هما الأداتان اللتان
يصطنعهما أهل المدينة فيما هم بسبيل إنشائه واستحداثه من صناعات في
مدينتهم، مما يستدل به الفارابي على أن أهل المدينة ليسوا أجزاء لمدينتهم
بفطرتهم وحدها، ولا بطبيعتهم وحدها، وإنما هم كذلك بملكاتهم
الإرادية، وفرق ما بين الفطرة الطبيعية وبين الملكة الإرادية، كفرق ما بين
الغريزة التي لا تفكر وبين العقل الذي يروى ويدبر.
فإذا كان ذلك كذلك، وكانت المدينة بافرادها، وكان أفرادها بمثابة
أجزائها، وكان رئيسها من أفرادها بمثابة القلب من أعضاء البدن، فقد
ترتب على هذا كله أن تكون المدينة فاضلة كاملة بقدر ما يتهيأ لأفرادها
بصفة عامة من فضل وكمال، وما أتيح لرئيسها بصفة خاصة من استعداد
للرئاسة بالعظمة والطبع من ناحية، وبالهيئة والملكة الإرادية من ناحية
أخرى، بحيث لا يمكن أن يعدله من هاتين الناحيتين أي من أفراد
المدينة، سواء في طبيعته أو في صناعته إذ كما لا يصلح كل انسان لرئاسة
المدينة الفاضلة، فكذلك لا تصلح كل صناعة لتكون على رأس صناعات
المدينة الفاضلة، ومن هنا كانت صناعة رئيس المدينة الفاضلة هي الصناعة
الرئيسة التي ترأس الصناعات الأخرى في هذه المدينة، ومن هنا أيضا كانت
الصناعة الفاضلة للرئيس الفاضل في المدينة الفاضلة هي تؤم الصناعات
كلها، وتوجه كل الصناعات الأخرى إلى تحقيق غرضها. وهذا يعني بعبارة
أخرى أن المدينة إنما تكون فاضلة بفضل رئيسها، وكاملة بكماله، ذلك
بان الفارابي يرى أن رئيس المدينة الفاضلة يجب أن يكون أولا بحيث يكون
هو السبب في حصول أجزائها وحفظ بقائها، وبحيث يكون إليه أمر
إصلاح أي من تلك الأجزاء إذا اختل أو عرض له فساد.
أما كيف تحقق فكرة الفارابي عن المدينة الفاضلة، وعلى أي وجه يحيا
أهلها في ظل رئيس فاضل وسعادة شاملة، وما ذا لهم وعليهم من حقوق
وواجبات هي قوام الجماعة الكاملة، فكل أولئك هو ما نوضحه هنا:
مع أهل المدينة الفاضلة
إن الفارابي ليفصل الأمر في مواطن عدة من كتابه آراء أهل المدينة
الفاضلة تفصيلا نتبين خلاله أن للمدينة الفاضلة عنده رؤساء يختلفون في
مراتبهم، ويتفاوتون في خدماتهم ولكنهم على تفاوتهم واختلافهم في هذه أو
في تلك يعدون جميعا من أهل الفضل والكمال في العلم والعمل، كما نتبين
أن الرئيس الأعلى لهؤلاء الرؤساء، وقد امتاز عليهم جميعا بخصائص
بعضها فطري وبعضها الآخر كسبي وأعد بها لتدبير أهل المدينة في شؤون
معاشهم وتبصيرهم بأمور معادهم يستطيع أن يصوع نفوسهم وقلوبهم
وعقولهم صياغة تقومها تقويما سليما وتكونها تكوينا مستقيما، بحيث يجعل
منهم مواطنين صالحين، بقدر ما يجعل ممن دونه من الرؤساء حكاما
مصلحين، وحراسا عاملين على تحقيق المثل الأعلى في العلم والعمل تحقيقا
من شانه أن تصير به نفوسهم وقلوبهم وعقولهم شبيهة بنفس الرئيس الأعلى
وقلبه وعقله، فإذا أهل المدينة كلهم من أكبر كبير إلى أصغر صغير حكماء
كاملون وعلماء عاملون، ورؤساء مصلحون، ومرؤوسون صالحون، وإذا
المدينة فاضلة بفضلهم وكاملة بكمالهم، لأنها إنما هي في حقيقة نشأتها قد
قامت بهم وعليهم، وفي طبيعة حياتها قد استمدت منهم واستعانت بهم.
وها هو ذا الفارابي يظهرنا على ما ينبغي أن يتحقق في كل من أهل
المدينة الفاضلة من أشياء مشتركة بينه وبين غيره من أهل مدينته من
ناحية، ومن أشياء خاصة بكل واحد من أهل المدينة على حدة من ناحية
أخرى، تحقيقا لكمال العلم والعمل الذي تحصل به السعادة الكاملة في
حياة المدينة الفاضلة، وذلك إذ يرى أن لأهل المدينة الفاضلة أشياء مشتركة
يعلمون بعضها ويفعلون بعضها الآخر، وإن لهم أشياء أخرى من علم
(١١١)

وعمل تخص كل رتبة من رتبهم، وكل فرد من أفرادهم، وإن كل أولئك
إنما يصير به كل فرد من أفراد المدينة الفاضلة في كل رتبها المتكاملة، في حد
السعادة على حد تعبير الفارابي نفسه. وأما كيف تحصل هذه السعادة
الكاملة لأهل المدينة الفاضلة، فذلك ما بينه الفارابي الفيلسوف الصوفي
صاحب المذهب العقلي والمنزع الروحي، في قوله:
... فإذا فعل ذلك كل واحد منهم أكسبته أفعاله تلك، هيئة
نفسانية جيدة فاضلة، كلما داوم عليها أكثر، صارت هيئته تلك أقوى
وأفضل، وتزايدت قوتها وفضيلتها، كما أن المداومة على الأفعال الجيدة من
أفعال الكتابة تكسب الانسان جودة صناعة الكتابة، وكلما داوم على تلك
الأفعال أكثر، صارت الصناعة التي بها تكون تلك الأفعال أقوى وأفضل،
وتزيد قوتها وفضيلتها بتكرير فعالها، ويكون الالتذاذ التابع لتلك الهيئة
النفسانية أكثر، واغتباط الانسان عليها نفسه أكبر، ومحبته لها أزيد وتلك
حال الأفعال التي تقال بها السعادة، فإنها كلما زيدت منها وتكررت،
وواظب الانسان عليها، صيرت النفس التي شأنها أن تستعد، أقوى
وأفضل وأكمل، إلى أن تصير من حد الكمال إلى أن تستغني عن المادة،
فتحصل متبرئة منها، فلا تتلف بتلف المادة ولا إذا بقيت احتاجت إلى
المادة... آراء أهل المدينة الفاضلة: ص ٩٣ ٩٤. وهاهنا يدخل
الفارابي في تفصيلات تتصل بمذهبه في بقاء النفوس مجردة عن الأبدان وفي
اتصال بعضها ببعض، والتذاذ بعضها ببعض، بعد هذه المفارقة، وما
عساها أن تجد في هذا كله من سعادة قصوى وبهجة عظمى. على أن هذه
التفصيلات في هذا المذهب ليست مما يعنينا أن نقف عنده بقدر ما يعنينا أن
نقف عند أهل المدينة الفاضلة في حياتهم الفردية والاجتماعية، وما ينبغي
أن يحقوه من مثل عليا في العلم والعمل، حتى تتحقق بهم المدينة
الفاضلة، وتتحقق لهم فيها السعادة الشاملة.
وإذا كان ذلك هو شان أهل المدينة الفاضلة، وكانت تلك هي
سبيلهم ونهايتهم إلى السعادة فليس كذلك الشأن ولا السبيل والنهاية مع
أهل المدن التي ليست بفاضلة، والتي ينعتها الفارابي بنعوت مختلفة تجعل
منها أصنافا مختلفة، ولكنها على اختلافها تشترك في صفات كلها من قبيل
النقص والفساد، ومال أهلها أو بعضهم إلى الهلاك والشقاء: فهناك المدينة
الجاهلية، والمدينة المبدلة، والمدينة الفاسقة، والمدينة الضالة، وهناك
أيضا مدينة اليسار، ومدينة الخسة والشقوة، ومدينة الكرامة، ومدينة
التغلب، ومدينة الهوى: فكل أولئك مدن غير فاضلة يحصيها الفارابي،
ويستقصي أسباب النقص فيها، ويبين وسائل أهلها في الحياة وغايتهم
منها، ومبلغ قربهم من السعادة أو بعدهم عنها. فالمدينة الجاهلية مثلا هي
التي لم يعرف أهلها السعادة ولا خطرت ببالهم، ولا يعرفون من الخيرات
إلا بعض ما يظن أنه خيرات في ظاهر أمره في الحياة كسلامة الأبدان واليسار
والتمتع باللذات، وغير ذلك مما يزعمه أهل المدينة الجاهلية خيرات مؤدية
لسعادات، والواقع أنها شرور مولدة لشقاوات. وإذا كانت المدينة الجاهلية
هي بهذا النعت الصورة الجامعة لمعاني النقص والشر والفساد والشقاء التي
تتمثل في أنواع المدن غير الفاضلة الأخرى التي عددها الفارابي ونعت كلا
منها بنعت خاص يبين طبيعته وغايته على الوجه الآنف الذكر، فان في
أصناف هذه المدن غير الفاضلة وفيما سمى به كلا منها باسم، تفصيلا لهذا
المعنى الجامع من شانه أن يبين لنا أن المدينة الجاهلية إنما هي من المدن غير
الفاضلة بمثابة الجنس من الأنواع، بمعنى أن المدن المبدلة والفاسقة
والضالة، ومدن اليسار والخسة والشقوة والكرامة والتغلب والهوى، إنما
هي أنواع متعددة لجنس واحد هو المدينة الجاهلية التي تأخذ هذه الصورة أو
تلك من صور هذه المدينة غير الفاضلة أو تلك، وجماع معاني النقص والشر
والفساد والشقاء التي تتمثل في أنواع المدن الجاهلية هو ما يقوله الفارابي عن
أهل هذه المدن من أن: أنفسهم تبقى غير مستكملة، بل هي محتاجة في
قوامها إلى المادة ضرورة، إذ لم يرتسم فيها رسم حقيقة لشئ من
المعقولات الأول أصلا آراء أهل المدينة الفاضلة: ص ٩٨، ومناط
التفرقة بين أهل هذه المدن الجاهلية وبين أهل المدن الفاضلة هو ما يقوله
الفارابي أيضا من أن أهل المدينة الفاضلة فان الهيئات النفسانية التي
اكتسبوها من آراء أسلافهم فهي تخلص أنفسهم من المادة والهيئات النفسانية
الرديئة التي اكتسبوها من الأفعال الرذيلة آراء أهل المدينة الفاضلة
٩٩.
والفارابي الفيلسوف الصوفي الروحي فيما يحصي ويستقصي من
أصناف المدن فاضلة وغير فاضلة، وفيما يوازن بين ألوان الحياة الدنيوية
والأخروية التي يحياها أهل كل من هذه المدن، لا يكاد ينفك عن مذهبه
العقلي الروحي الذي طبع بطابعه حياته الشخصية وتأملاته العقلية وأذواقه
الروحية، ولم يكن بد من أن تصطبغ بصبغته الروحية فلسفته الاجتماعية
والسياسية، وذلك على الوجه الذي يتمثل فيه ذلك الطابع العقلي والصوفي
الروحي الاسلامي تمثلا واضحا جليا في رئيس المدينة الفاضلة، وفيما ينبغي
أن يأخذ به نفسه وقلبه وعقله من خضوع لأوامر الشرع وأحكام العقل،
خضوعا يجعل منه رئيسا فاضلا على الحقيقة، له من الكمالات الدينية
والعقلية والأخلاقية والروحية ما ليس لغيره من أهل مدينته، وله من
القدرة على صياغة النفوس والعقول والقلوب التي لأهل مدينته ما يمكنه من
أن يجعل منهم أشباها له، يحيون معه في ظل ظليل من التدين والتخلق،
ومن التأمل والتحقق، حياة فاضلة في مدينة فاضلة، في عاجلة فاضلة،
وتكتب لهم معه بما رقت به نفوسهم، ودقت به قلوبهم، حياة سعيدة في
جنة عالية في آجلة خالدة.
ويعني هذا كله أن الحياة الدنيوية الفاضلة، والحياة الأخروية الكاملة
لا تكون إحداهما أو كلتاهما إلا لمن تخلوا عن الرذائل وتحلوا بالفضائل،
وخلصت نفوسهم وعقولهم وقلوبهم من غواش المادة، وذلك بما أحكموا
من أصول الدين وقواعد الخلق ومبادئ العقل ومعاني الروح، فأولئك عند
الفارابي هم الكاملون، وأولئك عند الله هم الفائزون، وغيرهم ممن لم
يسلك سبيلهم هم الضالون الفاسقون الخاسرون. وهذا يعنى أيضا أنه لا
سادة في الدنيا ولا في الآخرة إلا لأهل المدينة المتدينة، أما المدن الضالة أو
المبدلة فالشقاء كل الشقاء لمن أضلهم وبدل الأمر عليهم.
وإذا كان ذلك كذلك، فقد أظهرنا الفارابي على أن أهل مدينته
الفاضلة إنما هم مثل أعلى في علمهم وحكمتهم، وفي خلقهم وحياتهم،
وفي أذواقهم وأنظارهم وتأملاتهم: فهم في كل أعمالهم لا يصدرون إلا عن
الخير، كما أنهم في كل معارفهم لا يصدرون إلا عن الحق، مثلهم في هذا
كمثل رئيسهم الذي أخص خصائصه التمسك باحكام العقل، والتشبث
بأصول الشرع، والتعلق بمبادئ الخلق. ولهذا نجد الفارابي يشترط في
أهل المدينة الفاضلة أن يشتركوا جميعا في العلم بأشياء لا بد لهم من العلم
(١١٢)

لها حتى يفضلوا غيرهم وتفضل بهم مدينتهم، ذلك بان من شان العلم
بهذه الأشياء، أن يجعلهم حكماء فضلاء سعداء، بقدر ما يجعل الجهل بها
من غيرهم من أهل المدن الأخرى سفهاء أدنياء أشقياء، فالسبب الأول،
والأشياء المفارقة للمادة، والجواهر السماوية، والأجسام الطبيعية، وكون
الانسان، وكيف تحدث قوى النفس وكيف يفيض عليها العقل الفعال من
ضوئه وكيف يكون الوحي، والرئيس الأول والرؤساء الذين ينبغي أن
يخلفوه إذا لم يكن موجودا في وقت من الأوقات، والمدينة الفاضلة وأهلها،
والسعادة التي تصير إليها أنفسهم والمدن المضادة، للمدينة الفاضلة وما
تصير إليه أنفس أهلها بعد الموت... كل أولئك أشياء يشترك أهل المدينة
الفاضلة في معرفتها، وهم في معرفتهم لها درجات بعضها فوق بعض:
حكماء المدينة الفاضلة ويعرفونها ببراهين عقولهم وبصائر نفوسهم، وطائفة
هي دون أولئك وهؤلاء، ويعرفون هذه الأشياء بمثالاتها التي تحاكيها، لا
بحقائقها التي هي عليها، لأن أذهانهم لا تستطيع أن تدرك ما وراء
المثالات والمحاكيات من الحقائق والمعقولات. هذا من الناحية النظرية،
أما من الناحية العملية فلا بد من أن يصطنع أهل المدينة الفاضلة ما يطلق
عليه الفارابي اسم الخشوع، وهو عنده مرآة التدين في هذه المدينة التي يعني
فيلسوفنا الصوفي بان يقيمها على دعائم روحية بقدر ما يقيمها على دعائم
عقلية. وهو يعني بالخشوع الايمان بالله، وبان للعالم إلها يدبره، وبان
الروحانيين مدبرون ومشرفون على جميع الأفعال، كما أنه يعني به تعظيم
الاله، والصلاة التسبيح والتقديس له. فهذه كلها أشياء إذا أقبل عليها
الانسان وفعلها، وانصرف عن كثير من الخيرات التي يشتاق إليها في هذه
الحياة، وراض نفسه بتلك الأشياء، وواظب عليها، فهنالك يعوض
ويكافأ بخيرات عظيمة تتحقق له بعد الموت، وذلك على خلاف ما إذا لم
يتمسك بشئ من هذه الأشياء التي تصرفه عن الخيرات الدنيا وتجلب له
الخيرات العليا، فإنه عندئذ يعاقب بعد موته بشرور عظيمة تلحقه في حياته
الآخرة.
وهكذا يتصور الفارابي أهل المدينة الفاضلة، ويصورهم في هذه
الصورة المثالية التي تمثلهم قوما متعقلين متأملين، ومتدينين متخلقين، لا
يحيون لدنياهم وحدها، وإنما يحيون لها ولأخراهم أيضا، ويجعلون من
حياتهم في الدنيا زادا لحياتهم في الأخرى، وتلك لعمري هي أكمل
صورة لأفضل حياة في خير أمة. ولو قد حاول كل فرد من أفراد المدينة
الواحدة، وكل مدينة من المدن المختلفة، أن يحقق هذه المبادئ العقلية
والدينية والأخلاقية والروحية، في الحياة الفردية والاجتماعية، لنعمت
الانسانية كلها بحياة قوامها الحق والخير والسعادة، وغايتها الأمن والفوز
والنجاة. ٢١٧:
أبو عبد الله محمد بن عبد الله الكاتب البصري المعروف بالمفجع
توفي سنة ٣٥٠ بالبصرة
عده ابن شهرآشوب في المعالم من شعراء أهل البيت المقتصدين فقال
في باب الألقاب من المعالم: المفجع محمد بن أحمد بن عبد الله له: المنقذ
وكتاب قصيدته في أهل البيت ع وقال في معجم الشعراء: لقب
بالمفجع لبيت قاله من شعره:
زفرات تقتادني عند ذكراك * وذكراك ما تريم فؤادي
وسروري قد غاب عني مذ * غبت فهل كنتما على ميعاد
حاربتني الأيام فيك بنصلين * بسيف النوى وسهم البعاد
ليس لي مفزع سوى عبرات * من جفون مكحولة بالسهاد
وله قصيدة الأشباه تناهز ٣٠٠ بيت منها:
أيها اللائمي بحبي عليا * قم ذميما إلى الجحيم خزيا
أ بخير الأنام فندت لا زلت * مذودا عن الهدى مزويا
أشبه الأنبياء كهلا وزولا * وفطيما وراضعا وغذيا
كان في علمه كآدم إذ علم * شرح الأسماء والمكنيا
وكنوح نجا من الهلك لما * سار في الفلك إذ علا الجوديا
وجفا في رضا الاله أباه * واجتواه وعده أجنبيا
كاعتزال الخليل آزر في الله * وهجرانه أباه مليا
ودعا قومه فامن لوط * أقرب الناس منه رحما وريا
وعلي لما دعاه أخوه * سبق الحاضرين والبدويا
وله من صفات إسحاق حال * صار في فعلها لإسحاق سيا
صبره إذ يتل للذبح حتى * ظل بالكبش عنده مفديا
وكذا استسلم الوصي * لأسياف قريش إذ بيتوه عشيا
فوقى ليلة الفراش أخاه * بأبي ذاك وافيا ووليا
وله من أبيه ذي الأيد اسما * عيل شبه ما كان عني خفيا
أنه عاون الخليل على الكعبة * إذ شاد ركنها المبنيا
ولقد عاون الوصي حبيب الله * إذ يغسلان منه الصفيا
رام حمل النبي كي يقطع الأصنام * من سطحها المثول الخبيا
فمناه ثقل النبوة حتى * كاد يناد تحته مثنيا
فارتقى منكب النبي علي * صنوه ما أجل ذا المرتقيا
فأناط الأوثان عن طاهر الكعبة * ينفي الرجاس عنها نفيا
ولو أن الوصي حاول مس النجم * بالكف لم يجده قصيا
إلى أن يقول:
وله خلتان من زكريا * فهما غاظتا الحسود الغويا
كفل الله عز مريم إذ كا * ن تقيا وكان برا صفيا
فرأى عندها وقد دخل المحراب * من ذي الجلال رزقا هنيا
وكذا كفل الاله عليا * خيرة الله وارتضاه رضيا
خيرة بنت خيرة رضي الله * لها الخير والامام كفيا
وله من صفات يحيى محل * لم أغادره مهملا منسيا
إن رجسا من النساء بغيا * كلفت قتله كفورا شقيا
وكذاك ابن ملحم فرض الله * له اللعن بكرة وعشيا
كان داود سيف طالوت حتى * هزم الخيل واستباح العديا
وعلي سيف النبي بسلع * يوم اهوى بعمرو المشرفيا
وهل من مراتب الروح عيسى * رتب زادت الوصي مزيا
ضل فيه حزبان غال وقال * لم يسيرا له الطريق السويا
مثل ما ضل بابن مريم ضربا * ن من المسرفين جهلا وغيا
وله في غلام مغن جدر:
يا قمرا جدر حين استوى * فزاده حسنا وزالت هموم
كأنما غنى لشمس الضحى * فنقطته طربا بالنجوم
وقال في أبي الحسن محمد بن عبد الوهاب الزينبي الهاشمي يمدحه:
للزينبي على جلالة قدره * خلق لطعم الماء غير مزند
(١١٣)

وشهامة تقص الليوث إذا سطا * طالت دعائمه محل الفرقد
حر يروح المستميح ويغتدي * بمواهب منه تروح وتغتدي
بضياء ستة المكارم تقتدي * وبجود راحته السحائب تهتدي
مقدار ما بيني وما بين الغنى * مقدار ما بيني وبين المربد
وقال الدكتور مصطفى جواد:
كان أديبا شاعرا ذا نوادر وأخبار وتأليف في الأدب منها كتاب الترجمان
وكتاب المنقذ، وقد أخذ الأدب عن ابن دريد وقام مقامه بالبصرة في
التاليف والإملاء، ومن المؤرخين من قال إنه كان مكثرا من النظم ومنهم من
قال إنه كان مقلا، ذكره ياقوت الحموي في معجم الأدباء وأبو محمد
عبيد الله بن عبد المجيد الأهوازي في تاريخه والقفطي في كتابه المحمدون
من الشعراء وأشعارهم قال أبو محمد الأهوازي في تاريخه ونقله
القفطي: ففيها يعني سنة سبع وعشرين وثلاثمائة توفي أبو عبد الله
محمد بن أحمد بن عبد الله المفجع الكاتب الشاعر، وكان شاعر البصرة
وأديبها، وكان يجلس في الجامع بالبصرة فيكتب عنه ويقرأ عليه الشعر
واللغة والمصنفات، وامتنع من الجلوس مدة لسب لحقه من بعض من
حضره فخوطب في ذلك، فقال: لو استطعت أن أنسيهم اسمي
لفعلت... وكان أبو عبد الله الأكفاني راويته
وشعر أبي عبد الله المفجع كثير حسن وله في جماعة من الأهواز مدائح
كثيرة وأهاجي، وله قصيدة في أبي عبد الله بن درستويه يرثيه وهو حي
ويلقبه بدهن الآجر.
وله فيه:
يا من أطال يدي إذ هاضني زمني * وصرت في المصر مجفوا ومطرحا
أنقذتني من أناس عقد دينهم * قتل الأديب إذا ما علمه اتضحا
ومدح أبا القاسم علي بن محمد التنوخي فرأى منه جفاء فكتب اليه:
لو أعرض الناس كلهم فأبوا * لم ينقصوا رزقي الذي قسما
كان وداد فزال وانصرما * وكان عهد فبان وانهدما
وقد صحبنا في عصرنا أمما * وقد فقدنا من قبلهم أمما
فما هلكنا هزلا ولا ساخت الأرض * ولم تقطر السماء دما
في الله من كل هالك خلف * لا يرهب الدهر من به اعتصما
حر ظنا به الجميل فما * حقق ظنا ولا رعى الذمما
فكان ما ذا ماكل معتمد * عليه يرعى الوفاء والكرما
غلطت والناس يغلطون وهل * تعرف خلقا من غلطة سلما؟
من ذا تخطى السداد فيه ولم * يقرف بذنب ولم يزل قدما
شكت يدي لم جلست عن ثقة * أكتب شجوي وأمتطي القلما
يا ليتني قبلها خرست فلم * أعمل لسانا ولا فتحت فما
يا زلة ما أقلت عثرتها * أبقت على القلب والحشا ألما
يا رب يا رب لا أعود لها * ان عدت فاشعر مسامعي صمما
من راعه بالهوان صاحبه * فعاد فيه فنفسه ظلما
ومن ملح المفجع المشهورة في عصره قوله لإنسان أهدى اليه طبقة فيه
قصب السكر والأترج والنارنج:
إن شيطانك في الظرف * لشيطان مريد
فلهذا أنت فيه * تبتدي ثم تعيد
قد أتتنا تحفة منك * على الحسن تزيد
طبق فيه قدود * وخدود ونهود
وله وقد سال بعض أصحابه ايصال رقعة وشعر له بتهنئة في مهرجان
إلى بعض الناس فقصر الصاحب حتى مضى المهرجان:
إن الكتاب وإن تضمن طيه * كنه الفصاحة كالفصيح الأخرس
وإذا أعانته عناية حامل * فجوابه يأتي بنجح منفس
وإذا الرسول ونى وقصر عامدا * كان الكتاب صحيفة المتلمس
قد فات يوم المهرجان فذكره * في الشعر أبر من سخاء المفلس
فسئل عن سخاء المفلس فقال: يعد المفلس في افلاسه بما لا يفي به
عند امكانه. وله يخاطب أبا عبد الله الريدي وقد أعاد عليه سبب عفوه
ذنبه عنه مثربا عليه:
قل لمن كان قد عفا * عن ذنوب المفجع
لا تعد ذكر ما مضى * من عفا لم يقرع
ومن شعره وقد دامت الأقطار وقطعت الناس عن الحركة:
يا خالق الخلق أجمعينا * وواهب المال والبنينا
ورافع السبع فوق سبع * لم تستعن فيهما معينا
ومن ذا قال كن لشئ * لم تقع النون أو يكونا
لا تسقنا العام صوب غيث * أكثر من ذا فقد روينا
وله في وصف الراح:
أداروها وليل اعتكار * فخلت الليل فاجأه النهار
فقلت لصاحبي والليل داج * ألاح الصبح أم بدت العقار؟
فقال هي العقار تداولوها * مشعشعة يطير لها شرار
فلو لا أنني أمتاح منها * حلفت بأنها في الكاس نار ٢١٨:
الشيخ محمد بن أحمد بن محمد الحر العاملي الجبعي جد الشيخ علي الحر
المشهور.
كان عالما فاضلا وجد بخطه رسالة في العبادات وأصول الدين تاريخ
كتابتها سنة ١٢١٤. ٢١٩:
أبو منصور محمد بن أحمد بن هارون بن أحمد خازن دار الكتب القديمة
بالكرخ.
توفي ١٣ شعبان سنة ٥١٠.
قال ابن الجوزي: كان نحويا أديبا فاضلا فقيها شيعيا. ٢٢٠:
الشيخ محمد بن أحمد بن نعمة الله علي بن خاتون العاملي.
يروي عنه السيد حسين بن حيدر الحسين الكركي ووصفه في اجازته
بالشيخ الفاضل الفقيه وذكر له من المؤلفات شرح الارشاد وشرح الألفية
والأنموذج في المنطق والحكمة الطبيعي والإلهي وغيرها.
وله حواش على ألفية الشهيد مدونة منها نسخة بخط المؤلف في
المكتبة الرضوية وفي آخرها وليكن هذا آخر ما رقمه قلم العجز والتقصير من
القيود والحواشي التي هي نتائج مؤلفها الفقير الحقير محمد بن أحمد بن
نعمة الله بن خاتون العاملي عامله الله بغفرانه وأسبل عليه ذيل عفوه وامتنانه
(١١٤)

وكان طلوع شمس اختتام هذا التاليف بمكة المشرفة في جوار البيت
الشريف المخوص من المصدر الأعلى بمزيد اليمن والتشريف خامس عشرين
شهر رمضان المبارك سنة ١٠٠٣ وعلى ظهرها انتقل إلى الوجه الشرعي وانا
العبد عطاء الله الكيلاني. وبجانبه ثم انتقل منه سلم الله على وجه الهبة إلى
أقل عباد الله محمد بن علي نعمة الله الشهير بابن خاتون العاملي سنة ١٠٣٩
وعليها وقف الشيخ أسد الله بن محمد مؤمن الخاتوني العاملي. ٢٢١:
محمد بن أحمد بن العباس بن العبسي الدوريستي من ولد حذيفة بن اليمان
العبسي الصحابي.
والدوريستي. ذكرت في جعفر بن محمد يروي عن الصدوق ويروي عنه
ولده جعفر بن محمد. ٢٢٢:
الشيخ محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الهيوني العيناثي العاملي.
وجد بخطه ايضاح القواعد لفخر الدين ابن العلامة الحلي وهو شرح
على قواعد أبيه بصورة قال: أقول: من النكاح إلى الديات. وفي آخرها
اتفق اكمال هذه النسخة المباركة نفعنا الله بها والمؤمنين في يوم الأحد لسبع
ليال بقين من شهر ذي الحجة سنة تسع وأربعين وثمان مائة على يد
الضعيف المفتقر إلى عفو الله الغني بمحمد وآله محمد بن أحمد بن محمد
الصهيوني يعقوب من قرية عيناثا بمعاملة صفد كتبه لنفس والحمد لله رب
العالمين كما هو اهله وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين انتهى
وجدنا هذه النسخة في قرية بهار من قرى همذان في مكتب مولانا الشيخ
رضا البهاري في طريقنا إلى زيارة المشهد المقدس الرضوي في أوائل صفر
سنة ١٣٥٣ وقال الفخر في آخر الايضاح ما صورته: وإني ملتمس من
أرباب الأذهان الوقادة والأفكار النقادة النظر إليه بعين الانصاف وان وجدوا
عيبا ستروه بمكارم أخلاقهم وان قبل التأويل أولوه بسانح إفضالهم وإني
اختم كتابي هذا بأبيات ختم بها بعض الفضلاء كتابه وهي قوله:
يا جاهدا فيما عمدت لجمعه * عذرا فان أخا الفضائل يعذر
علما بان المرء لو بلغ المدى * في العلم ذاق الموت وهو مقصر
ومن المحال بان ترى أحدا حوى * كنه الكمال لأنه متعذر
فإذا ظفرت بزلة فافتح لها * باب التجوز ان ذل أجدر ٢٢٣:
محمد بن أحمد بن علي بن رزق العاملي الميسي.
وجدنا في قرية ميس بخطه كتب المجالس في مأتم الحسين عليه
السلام الذي كان معروفا في جبل عامل قبل هذا العصر وهو من تأليف
بعض اهل البحرين وفي آخر الجزء الأول منه ما صورته:
وقع الفراع منه في اليوم الثامن عشر من شهر شعبان المبارك نهار
الأحد سنة ١١٣٥ من الهجرة النبوية على مشرفها أفضل الصلاة والسلام
والتحية في مشهد الحسين بكربلا على يد تراب اقدام المؤمنين محمد بن
أحمد بن علي بن رزق العاملي الميسي اه‍.
وهذا وإن لم يدل على أنه كان ذا مكانة في العلم الا انه يدل على أنه
لم يكن عاريا من مع أن فيه اثرا تاريخيا. ٢٢٤:
السيد محمد زين الدين الحسني الحسيني البغدادي النجفي المعروف بالسيد
محمد زيني.
توفي سنة ١٢١٦ ورثاه ولده السيد جواد المعروف بسياه پوش بقصيدة
مذكورة في ديوانه وجاء في تاريخه منها محمد غاب عن
كان من مشاهير علماء النجف الأشرف وأدبائها وشعرائها في القرن
الثاني عشر. من معاصري بحر العلوم الطباطبائي واحد أصحاب واقعة
الخميس وكان متزوجا بنت السيد حسين بن أبي الحسن العاملي جد جد
المؤلف. له ديوان شعر رأيته في بغداد في مكتبة الشيخ محمد رضا الشبيبي
وكان له اليد الطولى في نقل الشعر من الفارسية إلى العربية بدون ان يتغير
منه شئ غالبا وهو جد السادة المعروفين في النجف اليوم بال زيني. حكى
الشيخ ميرا حسين النوري في كتابه دار السلام عن الشيخ جواد نجف عن
والده الشيخ حسين نجف قال كان السيد محمد زيني أحد العلماء المبرزين
والفقهاء المكرمين إلى آخر ما ذكره، ثم قال وكان قد توسل السيد محمد
زيني في حال رمده بأبيات أنشأها وهي قوله:
ربي بجاه المصطفى وآله * خير الورى من غائب وشاهد
أعد بعيني الضياء عاجلا * يا خير عواذ بخير عائد
أربعة وعشرة جعلتهم * وسائلا إليك في الشدائد
يكفي جميع الناس جاه واحد * فعافني بجاه كل واحد
له مؤلفات منها تفسير القرآن ومؤلفات في اللغة والمعاني والبيان
والبديع. والتمس منه بعض أصدقائه استعطاف رجل اشترى منه فرسا
ويريد تبديلها بغيرها:
يا من إذا جادت سحائب كفه * تغنيك عن صوب السحاب المسبل
وإذا النزيل اتاه وافى عنده * أقصى المنى نزلا بأكرم منزل
واعد للوفاد منه معجلا * ما تشتهيه النفس غير مؤجل
يعطيك ما ترجو وليس بسائل * فضلا وخير البر ما لم يسال
أشكو إليك وأنت اهل شكايتي * صعب القياد لدي غير مذلل
قد كنت أمشي قبل ذلك راجلا * فشريت لي فرسا ليوم تخيل
ورأيتها بخلت علي بمشيها * فضلا عن السير السريع أجمل
قد قلقلت أحشاي حتى انني * أصبت أحسد مشية المترجل
أنت الجواد فعد علي بغيرها * تنجي المحب من العناء الأطول
انا واثق إن لم يكن لي مركب * فنداك يحملني بأكرم محمل
لا زلت للوفاد أكرم كعبة * ولخائف الأيام امنع موئل
وله مؤرخا ولاية مصطفى باشا في بغداد:
قد ساس بغداد الوزير المصطفى * والعدل منه للأنام تكنفا
فاتيت إذ سروا بذاك مؤرخا * قد سرت الدنيا بحكم المصطفى ١١٩٠
ومن شعره:
أبا حسن يا عصمة الجار دعوة * على اثرها حث الرجاء ركابه
شكوتك صرف الدهر قدما وانك ال‍ * مذل من ارجاء الخطوب صعابه
فما باله قد فوق الدهر سهمه * وصب على قلب الحزين عذابه
أبا حسن والمرء يا ربما دعا * كريما فلباه وزاد ثوابه
فان كنت ترعاه لسوء فعاله * فبرك يرعى فيك منك انتسابه
وله مخمسا بيتي الصاحب بن عباد في بعض الشعراء وجعلها لهم
ع:
ولما زهت للناظرين قبوركم * وأشرق منها للسموات نوركم
(١١٥)

ومن زاركم أولاه فضلا مزوركم * أتيناكم من بعد دار نزوركم
وكم منزل بكر لنا وعوان
ولا يهتدى الا بنهج سبيلكم * ولا يجتدى الا نوال منيلكم
فكيف وقد نلنا المنى من جميلكم * نسائلكم هل من قرى لنزيلكم
بملء ء جفون لا بملء ء جفان
الرحلة المكية
وقال واصفا ما عرض له في طريق مكة المشرفة من الأهوال وغيرها:
طوى الكشح عما تروم العذارى * وجانب ما اخترت منه اضطرار
وأحرق كاس الكرى والرضاب * فلم يرو أو يغف الا غرارا
وزمته يوم النوى عزمة * فزمت لديه القلاص المهارا
ينهنهها عن ديار الغري * فتأبى خضوعا وتبدي اعتذارا
تقول وقد حرمنا الفراق * وشبت قلوب المحبين نارا
وآذن حادي السري بالرحيل * وجدت بن الحزم تبغي المطارا
وقوض بعض وبعض أقام * واتهم بعض وبعض أغارا
ودارت على الصحب كاس الوداد * فعادوا سكارى وما هم سكارى
أعن مثل دار الغري تسير * وقد كنت تطوي إليها القفارا
ولن تجد العز في غيرها * ولو كنت في دار كسرى ودارا
فقلت أراني في حيرة * فقالت علي دليل الحيارى
فقلت افتقاري نفى هجعتي * فقالت بمغناه تخشى افتقارا
وان مع العسر يسرا به * وقد رد من صد عنه اليسارا
أ في الحق بعدك عن دار من * يدور مع الحق من حيث دارا
وصي الرسول وزوج البتول * واصل الأصول الذي لا يجارى
فقلت صواب ولكنني * أجبت المنادي البدار البدارا
فرمت بلوع المنى في منى * لأقضي بها حجة واعتمارا
فشوق الحجاز وشوق العراق * أحاطا بها وعليها أغارا
فكانت كمن قاده جاذبان * فبعض يمينا وبعض يسارا
فسرنا وعون الإله الدليل * ومن دله ما سوى الله حارا
وفي شهر شوال كان السرى * لسبع وعشرين الا نهارا
وفزنا بصحبة من قد حوى * فخارا له الله ذو اللطف خارا
محمد الألمعي الرضا أبو المكر * مات التي لا تبارى
روينا بمنهمر من نداه * ومنفجر من ذكاه انفجارا
فلو لا الاله ولولاهما * شهدت الحطيم والمستجارا
فأي عطاياه منكورة * وفي أي آلائه نتمارى
ولما تعدت حداة الركاب * رفضن لها إذ خلعن العذارا
نثرن لها اليوم حب القلوب * ولم نرض بالدمع منا نثارا
فما ساقها غير ما شاقها * ومن ساقه الشوق عاف القرارا
نزلن المقارير مع معشر * حووا كل فضل وحازوا الفخارا
فودعت صحبي بها ليلتين * وبتنا سهارى كانا سكارى
وما زالت العيس تدني لنا * ديارا وتبعد عنا ديارا
تراها تشق الفلا بالوخيد * فتحسب سفنا شققن البحارا
وقد لاح إذ لم نجد حائلا * لنا حائل وشهدن قفارا
أقمنا بمغناه خمسا معا * وسرنا وللعرب صرنا أسارى
أساء بما شاء كبارها * الصغار حباها الاله الصغارا
نبيت دجى الليل في حبهم * ننادي الحذار وأنى الحذارا
إذا المرء لم يحتفظ نفسه * فكيف الشعار وكيف الدثارا
رأى منهم المسلمون الذي * تعاف اليهود وتأبى النصارى
فشمركم شمرت للأذى * وبثت من الشر فينا شرارا
وخصت دغيرات من شمر * بلعن وبيل يدوم ادكارا
وكم لعنيزة غزو غزى * فجار وربك منهم أجارا
فلا نال خلاد فيها المراد * وباء بخلاد سوء وبارا
لقد سامنا الضيم والموجعات * وقرح منا قلوبا حرارا
الا قاتل الله حربا ولا * عدتها جيوش تبار تبارا
وقل خذل الله منصورها * ولا نال يوم الهوان انتصارا
فلهفي على مسلم قد غدا * بكافر حربي اليوم جارا
الا قبح الله تلك الوجوه * وبرقعها ذلة واحتقارا
ولو لم يكن قاسم قاصما * ظهورهم ما وجدنا ظهارا
فلا لقي الضر فيها أبو * خليل فكم كف عنا الضرارا
وأولاه جاها وجيها كما * حباه بها قوة واقتدارا
ولما بدت قبة المصطفى * أرانا الإله هلالا أنارا
وشاهدت نورا أضاء الفضا * وقطرا على هيبة الله دارا
ولما توسمت ذاك المقام * وشاهد طرفي ذاك المزارا
نزلت على الهام أمشي بهم * خضوعا لمن حله وانكسارا
وجئت اقبل ذاك الثرى * واجعل كحلي ذاك الغبارا
فيا خير من توضع اليعملات * اليه جواري نبغي الجوارا
اتيناك والقلب منا كسير * ولا يبتغي من سواك انجبارا
اتينا إليك ذوي عسرة * ومن ذا سواك يقيل العثارا
نؤمل منك العطايا الجسام * لتمحو عنا الخطايا الكبارا
أ مولاي يا خير من يرتجى * ونعم المجير إذا الدهر جارا
لقد أدرك الحج والوقت ضاق * أحار وأنت دليل الحيارى
ولم يبق منه سوى خمسة * فلو رامه الطير أعيا مطارا
فها نحن سرنا عسى ربنا * بجاهك يدني الينا المزارا
وليل نفى القر فيه القرار * ولم يألف المرخ فيه العفارا
به وفق الله احرامنا * وأحرى منى أكسبتنا اليسارا
حثثنا القطار وجبنا القفار * وسرنا النهار ونمنا الغرار
تيقنت ان المطايا تطير * وان الفيافي تطوي جهارا
إلى أن دخلنا دجى تاسع * ببكة زيدت علا وافتخارا
فظلت أطوف وأسعى بها * وقصرت إذ تم سعيي اعتمارا
وأحرمت بالحج للموقفين * فنلت الوقوفين ثم اختيارا
وفي عرفات عرفت الثواب * دثارا وفي المشعرين الشعارا
وكم نلت اجرا برمي الجمار * ومن يوم الاجر يرم الجمارا
وها انني طائف للوداع * وداع أرجي لذنبي اغتفارا
أودع ليلى اضطرارا وما * يودعها قيس الا اضطرارا
وعدنا إلى طيبة ظامئين * لذاك المزار تعالى مزارا
ولكنما أهلها نافقوا * وأبدوا لنا بغضة وازورارا
طردنا كما طردت قبل ذاك * أجدادنا حيث عافوا الديارا
لقد اجمعوا مثل ما اجمعوا * قديما فلم نر الا الفرارا
فأولى لهم ثم أولى لهم * وويل لهم ثم ويل مرارا
خرجنا ونكب منها الدليل * يمينا وكان السواء اليسارا
(١١٦)

لقد أنجد الركب يا ليته * بنا أعرق اليوم من حيث سارا
ترانا نطالع تلك الربى * ويرتبع الركب تلك الديارا
فما سار الا يسيرا إذا * خيول تجول وركب أغارا
ومن كل وجه ترى بندقا * يرش علينا ونقعا مثارا
نعم عاد مجلى وشر العباد * بشر يرى شررا مستطارا
غدا حيث لم يدر ان الردى * معد له جهرة أو سرارا
فطالت عليه الكماة الحماة * مراض يرون الشفاء الشفارا
طنين البنادق في عدهم * طنين الذباب إذا هو طارا
رموه بنزاعة للشوى * وساموه سوء العذاب احتقارا
ودائرة السوء دارت عليه * واصلته قبل القيامة نارا
فولى فرارا بها خاسئا * إلى حيث ألقت أعد الفرارا
وقد رده الله في غيظه * وما زاده الغزو الا خسارا
وإذ خلع الرجس ثوب الحيا * البسه الله خزيا وعارا
فزمزم حادي السرى والمطي * ترقص بين الفلاة انتهارا
فأضحت منازل نجد لنا * منازل مجد له السعد بارى
أقمنا قليلا بها مثلما * تميط الردا أو تلوث الأزرارا
وقال العميد بها للعميد * وداعي الرحيل ينادي البدارا
تزود بها من شميم العرار * ستفقد بعد العشي العرارا
فسرنا ولم ندر أين المسير * أأعرق حاديهم أم أغارا
فقلت لصحبي ضللنا الطريق * وهل يهتدي من أضل المارا
ولم نر سيرا سوى القهقري * كمن عد منه الصعود انحدارا
وتحسبنا قوم موسى بها * نتيه وأغنام بر بلارا
وقالوا يرومون سعدونهم * ويرجون منه العطايا الغزارا
فلما التقينا لقينا به * من السوء ما سام صحبي الصغارا
فجار علينا بفجاره * وأوثق بالظلم منا الأسارى
فلا أسعد الله سعدونهم * وسايره الذل من حيث سارا
ألا لعن الله ذلك الخؤون * ومن معه بمسير أشارا
إلى أن تناهى بنا برها * وجئنا إلى البحر منهم فرارا
وقائلة هل ضللت الطريق * فجئت البحار تخوض الغمارا
فقلت مسسنا بني خالد * فجئنا إلى البحر نبغي أطهارا
طويتم من المخزيات التي * قد انتشرت في الأنام انتشارا
ومن من ذي اللطف من بعد ما * قطعن البحار وجبن القفارا
أتينا الغري وزرنا الوصي * وسفن القفار أصبنا القرارا
وقال يرثي الآقا محمد باقر المعروف بالوحيد البهبهاني المتوفى سنة
١٢٠٥ مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه السيد مهدي الطباطبائي:
أطيفا فقد طافت بذلكما الحمى * قلوب عهدنا طيرها فيه حوما
قفا وأنعشاني ساعة بخيامه * وإن شئتما أن تحيياني فخيما
سلا لي قلبا ظل في الحي هائما * وكم مثل قلبي ذلك الحي هيما
يقيم رهينا أن أقاموا بحيهم * وإن يمموا عن ذلك الحي يمما
ولا تسألا الربع الذي بان أهله * فان الضنا يأبى له أن يكلما
يجمجم أن سلمت أو جئت ناشدا * ومن لم يطق رجع التحية جمجما
نزلنا به حيرى كما حار قبلنا * فكنا به كما كان أبكما
لئن بات مما نابه اليوم مغرما * فقد رحت من وجدي عليه متيما
فلا ذو شجا إلا وشابه ذا شجا * ولا مغرما إلا وشارك مغرما
ولم يبق وشك البين ألا تذكرا * يهيج فؤادي أو خيالا مسلما
ورسما بربع لاح جسمي مثله * ودمعا سيبقى فوق خدي أرسما
وكم أعربت أيامه عن نضارة * وأفصح عن بشر فأصبح أعجما
فتلك ديار الباقر العلم قد عفت * وقد كن للوفاد مغنى ومغنما
قضى واحد الآحاد والعالم الذي * أقر له من في الوجود وسلما
ديار علوم الدين أصبحن بلقعا * ونهج سبيل الله فيهن أبهما
نعي نعى شرقا وغربا مفجعا * فأفعمها دمعا وأسجمه دما
نعى الباقر البحر الخضم فغاض من * بحار علوم الدين ما كان مفعما
فأنجد بالأحزان من كان منجدا * واتهم بالأشجان من كان متهما
أقيمت بأبيات النبي مأتم * له أبكت البيت الحرام وزمزما
وحصن بناه الله حفظا لدينه * فيا ليت شعري اليوم كيف تهدما
لئن غاض ذاك البحر من بعد فيضه * وأقلع هذاك السحاب أو جهما
سيذكره من روعته خصاصة * وأودى به غرث وجد به الظما
على هذه الأيام من بعده العفا * وتعسا لما أسدت إلينا وبئسما
شكونا إلى رب العلى ما أصابنا * ومن بث غير الله شكوى تندما
فأبقى لنا من فضله وامتنانه * له خلفا ناوي إليه ونعم ما
بما شئت بالغ إن قدر محمد * علي وعن قدر المبالغ قد سما
وإن قسم المجد الأثيل لماجد * فعبد الحسين المجد منه تقسما
هما فرقدا عز وبدرا سعادة * وشمسا علا في كل فخر تسنما
لئن هدت الأقدار ركنا موطدا * فان لنا ركنين بالفضل أحكما
وإن عظمت تلك الرزية في الورى * فان رجانا فيهما كان أعظما
فصبرا بنية فهو خير سجية * وإن كان هذا الصبر فيه محرما
فان الذي فاضت ينابيع فضله * ومن به الباري علينا وأنعما
به نهتدي في كل نهج من الهدى * ويهدي الينا فضله الغض كلما
لئن ساد من قد ساد في الناس قبله * فرب أخير ساد من قد تقدما
هو السيد المهدي ما ساد سيد * ولا عالم إلا إلى فضله انتمى
فضائله كانت نجوم سمائه * يراهن من فوق السماوات أنجما
سما مجده ما كان للمجد غاية * فأول مرقى منه غاية من سنما
إذا ما دهى من جانب الدهر حادث * حمانا وآوانا إلى أمنع الحمى
حماه إله العرش مما يسوءه * وأبقاه محمي الجناب معظما
وبالعلوي الهاشمي أخي العلى * علي يعود الفضل غضا منمنما
إذا ما طما للناس بحر علومه * ترى البحر ضحضاحا طغى البحر أو طما
وقى الله تلك الذات من كل حادث * فيا لك ذاتا ما أجل وأكرما
وأبقى لنا الباقين من علمائنا * فان بهم دين المهيمن أحكما
فمن يبتغي التاريخ قال مؤرخا * بكت باقر العلم النبيل العلى دما
وأحرق أقصى القلب ساعة أرخوا * نأي باقر والعلم بالفقه أوتما
سنة ١٢٠٥
والتاريخ الثاني يزيد اثنين أشار إليهما بقوله وأحرق أقصى القلب وهو
الباء.
ومن شعره قوله مهنئا السيد مهدي الطباطبائي بولادة ولده السيد
محمد ومؤرخا عام ولادته:
(١١٧)

بشرى فقد وافى السرور السرمد * وقارن الاقبال صح أسعد
لقد وفى الدهر لنا بوعده * وقلما ينجز منه الموعد
وقد تولى كل هم مخلقا * لما أتانا فرح مجدد
فكل حزن وسرور أصبحا * ذاك مصفد وهذا مصفد
جنة عيش فتحت أبوابها * ما تشتهيه النفس فيها معتد
غنى على أزهارها هزارها * لما رأى طير الهنا يغرد
بشرى لآل هاشم فإنه * أشرف مولودها محمد
قد عطرت رياض أحسابهم * من طيب فرع طاب منه المحتد
فالورد ورد سائغ شرابه * والعيش عيش في الزمان أرغد
هو الهلال مذ بدا بدت لنا * فيه سمات بالكمال تشهد
شاهدت عقل الكهل من صفاته * فهل ترى الانسان كهلا يولد
قد أعقم الياس لدى ميلاده * وأولد الآمال هذا الولد
ما اتخذوا مهدا له وإنما * ظهر السماك مهده الممهد
يهزه الشوق إلى وصل العلى * وإن هذا ناغاه فيه الفرقد
نيطت به تمائم رصعها * من الثريا دره المنضد
قلادة الجوزا له قلادة: إن لم يكن بغيرها يقلد
واسطة العقد التي حف بها * من جانبيها الشرف المؤبد
مطهر ينمى إلى مطهر * وأمجد يعزى إليه أمجد
فلم تعد نازلا وصاعدا * أطائبا إن نزلوا أو صعدوا
سلالة المهدي هادينا الذي * إلى الصراط المستقيم يرشد
قام بامر الله لا يؤده * مؤيد من ربه مسدد
كشاف كل مشكل إذا دجا * بصبح رأي نوره متقد
مجتهد قلد كلا منة * ولم نجد مجتهدا يقلد
كم قرب البعيد من طالبه * حتى رأى النجم تناله اليد
إن نضب البحر فنال قطرة * من سيبه يعب وهو مزبد
أو كفت السحب فسحب كفه * من صوبها كل سحاب يرد
من ذا يقيس بالسحاب كفه * هل قيس بالماء القراح العسجد
قد أنعم الله به على الورى * على الورى أن يشكروا ويحمدوا
تهوي إليه طاعة قلوبهم * فهم لديه ركع وسجد
هلم للوجيه عند ربه * فوجهه من كل وجه مقصد
وهنه بنجله المولى الذي * به المعالي هنئت والسؤود
أكمل بمولود يعز مثله * إن النساء مثله لا تلد
أرسله الله إلينا رحمة موصولة. ونعمة تجدد
وقل له مبشرا مؤرخا * أتى إليك رحمة محمد
يا أيها السيد والمولى الذي * ساد به من قال إني سيد
ليهنك اليوم محمد وما * محمد إلا الحبيب الأحمد
أعيذه من شر كل حاسد * بالصمد الفرد الذي لا يلد
لا زلت مسرورا به حتى ترى * أولاد أولاد له تولد
فقر عينا فيه وأسعد مثلما * عادت جدود الناس فيكم تسعد
وأسلم ودم وسد وعش منعما * بنعمة الله التي لا تنفد
قد زال أقصى السوء حين أرخوا * قرة عين للورى محمد
سنة ١١٩٧
وفيه فذلكة بانقاص واحد مشار إليه بقوله قد زال أقصى السوء.
وقال يرثي السيد أحمد القزويني جد الأسرة القزوينية الشهيرة في
العراق المتوفى سنة ١١٩٩ مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه السيد مهدي بحر
العلوم الطباطبائي:
أ كذا المعالي في التراب توسد * أ كذا المفاخر في الحفائر تلحد
أ كذا شموس المجد بعد بهائها * يطفى ويكسف نورها المتوقد
أ كذا جبال العز تنسف بعد ما * سمقت علا ينحط عنه الفرقد
بكر النعي بضد ما نهوى فلم * نعبا به فانصاع وهو مفند
وعلمت أن الحب شئ عنده * ينأى القريب ويقرب المتبعد
حتى إذا لاحت مخايل صدقه * حالت بنا الأحوال عما نعهد
ملأ البلاد نوائحا ونوادبا * هذي تعد وثم تلك تعدد
خبر أتاح لكل قلب حسرة * في كل قلب نارها تتوقد
وثنى ثنى الآمال عن غاياتها * وانصد عما ترتجيه الوفد
أ ترى البشير يكون يوما ناعيا * ويعود نحسا طائر هو أسعد
هن الحوادث لا تزال سهامها * لذوي المعالي والفخار تسدد
يا دهر قدك اليوم ما نلقى فقد * عودتنا ما لم نكن نتعود
أترعت للسادات عند ورودها * كأسا يداف به الزعاف الأسود
ورقيت ما لا يرتقى وجنيت ما * لا يجتنى وحصدت ما لا يحصد
فتق المدامع إن فقدنا سيدا * فقد الفخار بفقده والسؤدد
يا معشر السادات أين عميدكم * وعمادكم فيما إليه يعمد
قوموا بني أمي لأخذ حدادكم * هذا لعمركم المقيم المقعد
أين الدليل دليل منهاج الهدى * فاليوم ضل عن الهدى المسترشد
ومن الذي يحيي الدجى مهما سجى * فاليوم أودى القائم المتهجد
كيف التصبر عن بعيد نازح * ما كان من راجيه يوما يبعد
أسفي عليه قضى غريبا مفردا * بأبي وغير أبي الغريب المفرد
عظم المصاب فأي قلب لم يذب * أسفا عليه وأي عين تجمد
خطب ألم فعم إلا أنه * قد خصني بحرارة لا تبرد
لم أطلب لي مسعدا في رزئه * بعضي لبعضي في الرزية مسعد
فترى المعزي والمعزى واحدا * كل لكل مسعد أو منجد
هل أحمد الأيام بعدك أحمد * ويطيب لي عيش ويحلو مورد
لا والدموع الجاريات ألية * في يوم رزئك صوبها لا ينفد
ولئن فقدت عن العيون فإنما * لك في الأنام محاسن لا تفقد
لا يشجينك إن رمسك نازح * ناء ومن مثوى الأئمة مبعد
فلقد رآك بخير رؤيا مرتضى * في قومه وبما حكى لا ينفد
وافاك والعلماء حولك ضمهم * عند الأمير الطهر ذاك المشهد
ورآك ملحودا هنالك راقدا * برواقه يا نعم ذاك المرقد
تلك البشارة لا بشارة مثلها * كم كنت قاصدها فتم المقصد
صبرا بنية وأن تعذر صبركم * فتصبروا فيما جرى وتجلدوا
جلت مصيبتكم وحسب جلالها * إن المعزى اليوم فيها السيد
إني لأعجب من مصاب فاقد * يأوي حمى المهدي ما ذا يفقد
متكفل الأيتام عن آبائهم * فكأنما الأيتام منه تولدوا
أو هل ترى أحدا سواه يكشف ال‍ * كربات أ وعند الحوائج يقصد
لا والذي هو عالم بصفاته * وبذاته مما تحيط وتحشد
قد حير الأحلام أحلام الورى * فرد بحسن صفاته متفرد
إني لأستحيي إذا استعطفته * فكأنني أرشدت من هو مرشد
(١١٨)

لك في جنان الخلد أحمد منزل * بنعيمه الموصول أنت مخلد
وحييت أقصى ما تشاء فأرخوا * لك منزل في الخلد أزهر أحمد
سنة ١١٩٩
قوله وحييت أقصى ما تشاء فيه إشارة إلى نقصان التاريخ سنة واحدة
فأضاف إليها آخر ما تشاء وهي الهمزة.
وقال يرثي السيد مرتضى والد السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي
المتوفى سنة ١٢٠٤ ومؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه ولده المذكور وفيها تضمين
شطور معلقة امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * خلي من الخلان من وجدهم ملي
قفا نبك إن جفت ماقي عيوننا * بقانئ دمع من دم القلب مسبل
قفا نقض حق الربع من بعد بينهم * وقوف عليل بالشفاء معلل
ولا تعذلاني إن قضيت من الأسى * فمثلي لا يصغي إلى قول عذل
ولا تسألاني اليوم عما أجنه * فلي كبد حرى بها النار تصطلي
وقفنا فحيينا المنازل بعدهم * تحية ذي ثكل يحن لثكل
شكونا إلى الربع الذي بان أهله * وهل نافع شكوى الشجي إلى الخلي
أذلنا به دمعا تخلله دم * فكان كعقد بالنضار مفصل
ومن جهل مسلوب الحشا أنه يرى ال‍ * وقوف على ربع ببيداء مجهل
ويحسب وهما عند رسم معولا * وهل عند رسم دارس من معول
أصبنا وعند الله نحتسب الذي * أصبنا به من يوم دهياء معضل
أصبنا بأعلى هاشمي مفضل * وأكرم به من هاشمي مفضل
أصبنا بفقد المرتضى مرتضى الهدى * تمت به التقوى إلى المرتضى علي
فجيد المعالي منه ليس بفاحش * إذا هي نضته ولا بمعطل
بكته محاريب الصلاة بكاءه * إذا قام في جنح من الليل أليل
يطيل بطول الليل ذكرا ولم يقل * إلا أيها الليل الطويل ألا انجلي
لتقض الليالي بعد محيي ظلامها * بأكمل تسبيح وخير تبتل
فلا مطلب الراجين بعد بحاصل * ولا مأرب من بعده بمحصل
رأينا عليه المكرمات نوائحا * ولم نر إلا معولا أثر معول
أنادبه السادات ما شئت عظمي * ونائحة القادات ما شئت بجلي
فانا فقدنا اليوم خير مبجل * يذل له في الناس كل مبجل
بني هاشم ما ذلك الروض يانع * لدينا ولا ذاك الغمام بمسبل
بني هاشم ما البدر بعد بطالع * علينا ولا ليل الهموم بمنجلي
فأين الذي يمسي وسيلة سائل * إلى الله فيما نابه متوسل
وملجأ ملهوف ومورد ظامئ * ونجعة معتام وغيث مؤمل
لئن كان مصباح المحافل كلها * فقد عاد منه مظلما كل محفل
لئن كان عنا شخصه اليوم خافيا * فليس يخاف عندنا ذكره الجلي
ولولا الذي من الاله تفضلا * على الناس فيه اليوم أي تفضل
وأرسى جبال العز منه خليفة * تزلزلت الأرضون أي تزلزل
فيا نعم ما أبقى المهيمن للورى * من النعمة العظمى لجملتهم ولي
فللمجتدي جدوى وللمحتمي حمى * وللخائف الملهوف امنع معقل
إذا غاب ذاك البدر عنا فإننا * جنحنا إلى شمس من الفضل تنجلي
إذا المرتضى قد غاب وهو ولينا * فمهدي هذا العصر من ولده الولي
أقول لأصحابي هو الخلف الذي * به يظهر الايمان والحق يعتلي
أطال اله العرش فينا بقاءه * وعوضه عن كل فضل بأفضل
بنفسي من خطوا ضريحا له الثرى * فقلت الثرى اثرى بأكرم منزل
سقى الله ذاك القبر صيب عفوه * ولا زال مهتز الربى غير ممحل
فما هو إلا جنة الخلد إذ ثوى * به ابن رسول الله أكرم مرسل
لذلك قد وافيت فيه مؤرخا * له جنة الفردوس أجدر منزل
سنة ١٢٠٢
وله مؤرخا عام وفاة السيد مهدي بحر العلوم:
عزيز على المهدي فقد سميه * أجل وعلى هادي الأنام إلى الرشد
به ثلمت للدين أعظم ثلمة * وهد به طود التقي أي هد
فقدناه فقد الأرض صوب عهادها * وفقد السما للبدر والنحر للعقد
وقد زلزلت زلزالها الأرض مذ قضي * ولا غرو إذ قد كان كالعلم الفرد
أصيب به الاسلام طرا فأرخوا * أثار مصاب القائم السيد المهدي ١٢١٢
أبو إبراهيم محمد بن أحمد بن الحسين بن إسحاق المؤتمن ابن الإمام
الصادق ع.
كان عالما فاضلا أديبا لبيبا عاقلا شجاعا مقداما تقدم بحران ونبغ بها
واشتهر ذكره وعلا صيته ومن شعره القصيدة التي كتبها إلى أبي العلاء منها
قوله:
همه المجد واكتساب المعالي * ونوال العلى وفك المعاني
وأجاب عنها المعري بقصيدة منها قوله:
وعلى الدهر من دماء الشهيدين * علي ونجله شاهدان
فهما في أواخر الليل فجران * وفي أولياته شفقان ٢٢٦:
الشيخ أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر الأنصاري الإشبيلي الملقب
بالخدب
توفي في حدود سنة ٥٨٠ والخدب الرجل الطويل سمي به لطول باعه في علوم الأدب، كان
يتعاطى الخياطة مع أنه إمام في العربية وهو أستاذ ابن خروف النحوي وله
شرح على كتاب سيبويه وعليه اعتمد تلميذه المذكور في شرحه لكتاب
سيبويه وله تعليقة على الايضاح لأبي علي الفارسي. ذكره صاحب كتاب
تأسيس الشيعة في كتابه على ما حكي عنه ولم ينقل مستند الحكم بتشيعه. ٢٢٧:
أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي السر من رائي
وقد يعبر عنه بالمنصوري يروي عنه الفحام. ٢٢٨:
الشيخ محمد بن أحمد البصري الكاظمي
توفي حدود سنة ١٢٤٦
عالم جليل قرأ على السيد محسن الأعرجي له زهرة الزيارات ٢٢٩:
الفاضل الحكيم شمس الدين محمد بن أحمد الخفري
تلميذ صدر المتألهين الأمير صدر الدين الدشتكي والد الأمير غياث
الدين منصور ومعاصر المحقق الكركي توفي سنة ٩٥٧ له سواد العين
تعليقات على شرح حكمة العين.

(١) الرياض
(١١٩)

٢٣٠: فخر الدين أبو منصور محمد بن إدريس بن محمد العجلي الحلي فقيه
الشيعة
كان من فضلاء فقهاء الشيعة والعارفين بأصول الشريعة وله من
التصانيف كتاب السرائر وروى كتب المفيد أبي عبد الله عن جعفر
الدوريستي عن أبي جعفر محمد بن موسى بن جعفر عن جده أبي عبد الله
جعفر بن محمد الدوريستي وأخبرني بها شيخنا نجيب الدين يحيى بن أحمد
الهذلي قال أخبرني بجميعها السيد محيي الدين محمد بن عبد الله بن علي بن
زهرة الحسيني الحلبي عن فخر الدين محمد بن إدريس العجلي وكان فخر
الدين بن إدريس جد شيخنا نجيب الدين لأمه (١). ٢٣١:
محمد بن إدريس بن مطر الحلي الشهير بابن مطر
توفي سنة ١٢٤٧ بالطاعون الكبير
في الطليعة كان أديبا شاعرا مكثر النظم في الوقائع في الحلة وما
جاورها وأكثر شعره في الحسين ع فمنه قوله:
هي كربلا لا تنقضي حسراتها * حتى تبين من النفوس حياتها
يا كربلا ما أنت إلا كربة * عظمت على أهل الهدى كرباتها
أضرمت نار مصائب في مهجتي * لم تطفها من مقلتي عبراتها
شمل النبوة كان جامع أهله * فجمعت جمعا كان فيه شتاتها
ملأ البسيطة كل جيش ضلالة * فيه تضيق من الفضا فلواتها
يوم به للكفر أعظم صولة * وقواعد الاسلام عز حماتها
قل النصير به لآل محمد * فكان أبناء الزمان عداتها
غدرت به من بايعت وتتابعت * منها رسائلها وجد سعاتها
فحمى حمى الاسلام لما ان رأى * عصب الضلال تظاهرت شبهاتها
في فتية شم الأنوف فوارس * إذا أحجمت يوم النزال كماتها
ترتاح للحرب الزبون نفوسهم * وقراع فرسان الوغى لذاتها
لهم من البيض الرقاق صوارم * أغمادهن من العدى هاماتها
خاضوا بحار الحرب غلبا كلما * طفحت بأمواج الردى غمراتها ٢٣٢:
محمد الأردكاني
يروي عنه السيد حسين بن حيدر الحسيني الكركي ووصفه في اجازته
بالفاضل العالم الزاهد ويروي هو عن السيد علي الصائغ عن الشهيد
الثاني. ٢٣٣:
السلطان محمد اولجايتو خان خدابنده بن أرغون بن آبقا خان ابن
هلاكو بن تولي بن جنكيز خان المغولي.
أولجايتو لقب له ومعناه السلطان الكبير المبارك وخدابنده معناه
عبد الله، وعلى ألسنة العامة خربندا وقيل الصحيح أن اسمه بالمغولية
خربندا ومعناه الثالث.
ولد في ١١ ذي الحجة سنة ٦٨٠ وتوفي ليلة عيد الفطر سنة ٧١٦
ودفن في مدينة سلطانية في المقبرة التي كان قد أنشأها بجنب قبة أبواب
البر. وبقي في الملك اثنتي عشرة سنة وتسعة أشهر، هكذا في التاريخ
الفارسي الآتي ذكره، وفي توضيح المقاصد للشيخ البهائي: في ٣٠ من
شهر رمضان سنة ٧١٦ توفي السلطان أولجايتو محمد خدابنده وعمره ٦٣
سنة آه وفي رياض العلماء في ترجمة العلامة الحلي أنه لقب بذلك أي
السلطان الكبير المبارك في أول سلطنته لأنه صالح طوائف أردق
جنكيز خان وارتفع النزاع بينهم بعد ما دام فيهم خمسين سنة فأطاعوا
السلطان محمدا وأرسلوا إليه الرسل وارتفع النزاع عن العالم ولذلك اعتقد
الناس أن سلطنته كانت ميمونة مباركة فطلبوا إليه أن يلقب بذلك أي
اولجايتو لأنه في لغتهم بمعنى السلطان المبارك آه.
وكان تشيعه على يد العلامة الحلي سنة ٧٠٨ في خبر ذكر في ترجمة
العلامة الحسن بن يوسف وذلك بعد ما مضى من سلطنته خمس سنين
فادخل أسماء الأئمة ع في الخطبة والسكة. وفي توضيح المقاصد للشيخ
البهائي: اولجايتو محمد خدابنده كان رحمه الله متصلبا في التشييع معظما
لعلماء الشيعة كالعلامة جمال الحق والدين قدس الله روحه وغيره من علماء الإمامية
آه. وقال المحقق الشيخ علي لكركي في رسالة حل الخراج:
ثم انظر إلى ما اشتهر من أحوال آية الله في المتأخرين بحر العلوم مفتي
الفرق جمال الملة والدين أبو منصور الحسن بن المطهر قدس الله روحه كيف
كانت ملازمته للسلطان المقدس المبرور محمد خدابنده وأنه أي العلامة
كانت له عدة قرى وكانت شفقات السلطان وجوائزه واصلة إليه رحمة الله
اه‍.
وفي الدرر الكامنة: ملك العراق وخراسان وآذربيجان بعد أخيه
غازان وكان جميل الوجه إلا أنه أعور وكان حسن الاسلام لكن لعبت بعقله
الامامية فتشيع وأسقط من الخطبة في بلاده ذكر الأئمة إلا عليا وكان جوادا
سمحا يؤثر اللعب ويحب العمارة وأنشأ مدينة جديدة بآذربيجان سماها
السلطانية وقد حاصر الرحبة رحبة مالك بن طوق سنة ٧١٢ وأخذها
بالأمان وعفا عن أهلها ولم يسفك فيها دم ثم رحل عنها بغتة بغير سبب
ظاهر وكان معه في حصارها الأفرم وغيره من الأمراء الذين فروا إليه من
الناصر وكان فيما يقال رجع عن التشيع وأظهر التسنن فقال بعضهم في
ذلك:
رأيت لخربندا... دراهما * يشابهها في خفة الوزن عقله
عليها اسم خير المرسلين وصحبه * لقد رابني هذا التسنن كله
وفي رحلته عن الرحبة يقول الوداعي:
ما فر خربندا عن الرحبة ال‍ * عظمى إلى أوطانه شوقا
بل خاف من مالكها أنه * يلبسه من سيفه طوقا
ولما رحل عن الرحبة التمس القاضي والأمير وطائفة أصحاب
الوظائف من الناصر عزلهم لأجل اليمين ففعل آه.
والعجب من ابن حجر مع كونه من الحفاظ كيف يتكلم بكلام الجهل
فيقول: لكن لعبت الامامية بعقله، وتشيع خدابنده كان بحجة وبرهان
من العلامة الحلي لم يستطع رده علماء بلاده والقصة معروفة مذكورة في
ترجمته ولكن الشنشنة الأخزمية تأبى إلا ذلك وما قوله قد لعبت الامامية
بعقله فتشيع إلا كقول المغول لعبت المسلمون بعقله فأسلم وأما هؤلاء
الأمراء الذين حملهم الورع على طلب العزل من الناصر لاجل اليمين التي
حلفوها لخدابنده فتورعهم هذا تورع بارد فإنهم لا شك كانوا قد حلفوا
اليمين للناصر ولكنهم حيث علموا انه لا يقبلهم توسلوا بهذه الحيلة.
وفي كتاب فارسي مخطوط ذهب أوله فجهلنا مؤلفه ويظهر أن

(١) معجم الآداب
(١٢٠)

مراجعته أنه كتاب معتبر وهو في تاريخ ملوك إيران إلى زمن الشاه طهماسب
الصفوي المعاصر للمؤلف ما ترجمته: جلس على تخت السلطنة في تبريز
خامس ذي الحجة ٧٠٣ وعمره ٢٣ سنة ولم يكن مثله في ملول المغول كان
عادلا كريما في الغاية واجتهد في تقوية دين الاسلام ووضع الجزية على
الذميين وأمر أن يخطب باسما الأئمة الاثني عشر في جميع ممالك إيران وجعل
الأمير قتلغشاه نوتين أمير الأمراء وجعل الصاحب الأعظم الخواجة رشيد
الدين دستورا أكرم وأبقى الخواجة سعد الدين الساوجي في منصبه السابق
وفي سنة ٧٠٥ بنى مدينة سلطانية وفي ذي الحجة سنة ٧٠٦ فتح كيلان
ورشت وقرر الخراج عليها أما الأمير قتلغشاه الذي كان نوتين أعظم فإنه مع
عدة من الأمراء قتلوا في حرب في طريق قومس في عاشر شوال سنة ٧١١
فغضب على الخواجة سعد الدين الساوجي وقتله وإشراك الخواجة علي شاه
التبريزي مع رشيد الدين في الوزارة وفي شوال سنة ٧١٢ توجه المترجم إلى
جهة الشام ورجع بالصلح آه.
وكان سبب موته أنه أصابه إسهال واتهم بقتله رشيد الدولة فضل الله
ابن أبي الخير الطبيب الوزير فقتله جوبان. ٢٣٤:
محمد بن إسحاق بن عمار بن حيان الكوفي التغلبي مولاهم الصيرفي
أبوه إسحاق بن عمار الراوي عن الصادق ع المشهور قال
النجاشي: ثقة روى عن أبي الحسن موسى ع كثير الرواية. له كتاب
أخبرنا أحمد بن محمد الأهوازي حدثنا أحمد بن عمر بن كيسة حدثني
محمد بن بكر بن جناح حدثنا محمد بن إسحاق بن عمار بكتابه وذكره الشيخ
في رجاله في رجال الكاظم ع بعنوان محمد بن إسحاق وفي رجال الرضا
ع محمد بن إسحاق بن عمار الصيرفي كوفي وفي الفهرست محمد ابن
إسحاق بن عمار له كتب رويناها عن جماعة عن أبي المفضل عن ابن بطة
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب عنه
وفيه أيضا محمد بن مسعود له كتاب محمد بن حكيم له كتاب محمد ابن
إسحاق بن عمار له كتاب رويناها عن جماعة عن أبي المفضل عن حميد عن
القاسم بن إسماعيل عنهم وقال المفيد في ارشاده أنه من ثقات الكاظم ع
وخاصته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته. وقال العلامة في الخلاصة
ثقة قاله النجاشي وقال أبو جعفر بن بابويه أنه واقفي فانا في روايته من
المتوقفين آه وفي التعليقة في الكافي أنه روى النص على الرضا ع
عن أبيه آه وهذا ظاهر في عدم وقفه مضافا إلى عدم تعرض النجاشي
أوقفه مع توثيقه وعدم تعرض الشيخ لذلك وكلام المفيد وروايته عن الرضا
ع وكونه من أصحاب الرضا ع كما مر مضافا إلى رواية ابن أبي عمير
عنه في الصحيح آه وقال العلامة الطباطبائي في رجاله أما محمد بن
إسحاق بن عمار فقد حكى العلامة وابن داود عن أبي جعفر بن بابويه أنه
واقفي ولذا توقف العلامة في حديثه وعده العلامة المجلسي موثقا والظاهر
استناد الصدوق في ذلك إلى ما رواه في العيون في أبواب دلائل الرضا ع
في الدلالة العشرين عن الدقاق عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن جرير
ابن حازم عن أبي مسروق عنه قال دخل على الرضا ع جماعة من الواقفة
فيهم علي بن أبي حمزة البطائني ومحمد بن إسحاق بن عمار والحسين بن
مهران والحسن بن أبي سعيد المكاري فقال له علي بن أبي حمزة جعلت فداك
أخبرنا عن أبيك ما حاله فقال هل قد مضى قال فإلى من عهد فقال إلي
فقال إنك لتقول قولا ما قاله أحد من آبائك علي بن أبي طالب فمن دونه
قال لكن قاله خير مني رسول الله ص فقال له ما تخاف هؤلاء على نفسك
فقال لو خفت عليها كنت عليها معينا إن رسول الله ص أتاه أبو لهب فتهدده
فقال رسول الله ص إن خدشت من قبلك خدشة فانا كذاب فكانت أول
آية نزع بها رسول الله ص وهي أول آية انزع بها لكم إن خدشت خدشا
من قبل هارون فانا كذاب فقال له الحسين بن مهران قد أتانا ما نطلب إن
أظهرت هذا القول فقال فتريد ما ذا؟ تريد أن أذهب إلى هارون فأقول له
إني امام وإنك لست في شئ ليس هذا صنع رسول الله ص فأول أمره إنما
قال ذلك لأهله ومواليه ومن يثق به خصهم به دون الناس وأنتم تعتقدون
الإمامة لمن كان قبلي من آبائي ولا تقولون إلا أنه يمنع علي بن موسى الرضا
أن يخبر أن أباه حي تقية فاني لا أتقيكم في أن أقول أن أبي امام فكيف
أتقيكم في أن أدعي أنه حي لو كان حيا وفي طريق الرواية جرير بن حازم
وهو مجهول ومحمد بن عبد الله الكوفي وهو كذلك غير أن له كتابا والراوي
وهو أبو مسروق لم يثبت توثيقه ووقف محمد بن إسحاق إنما جاء من قبله
وليس في قول الرضا ع ما يصرح بذلك والذي تولى الكلام معه من
الجماعة علي ابن أبي حمزة والحسين بن مهران وقد روى الكشي هذا الحديث
عن إسماعيل بن سهل قال حدثني بعض أصحابنا وسألني إن اكتم اسمه
وكان عند الرضا ع فاشتبه على أبي مسروق وظن أنه دخل معهم وكيف
كان فلا يصلح لمعارضة ما تقدم من توثيق المفيد والنجاشي ومدحهما له بما
ينفي هذا الوهم ويشهد له روايته عن الرضا وروايته له بالنص عليه من أبيه
ص وعدم ذكر الشيخ في غيره فساد مذهبه وكذا ما سبق في
الصحيح من قول الصادق ع لأبيه لما أخبره بولادته جعله الله قرة عين
لك وخلف صدق من بعدك وأي فضل في خلف فاسد المذهب يعادي ولي
الله وقد يلوح من بعض الأخبار نوع اختصاص له بابن أبي حمزة الواقفي
المذكور وكان ذلك هو الذي أدخل عليهم الوهم والاتهام بالوقف فظن فيه
ذلك وهو برئ منه آه.
وروى الشيخ في التهذيب والصدوق في العلل في الصحيح عن
إسحاق بن عمار قال دخلت على أبي عبد الله ع فخبرته أن ولد لي غلام
فقال ألا سميته محمدا قلت قد فعلت قال فلا تضربن محمدا ولا تشتمه
جعله الله قرة عين لك في حياتك وخلف صدق من بعدك فقلت جعلت
فداك في أي الأعمال أضعه قال إذا عدلت عن خمسة أشياء فضعه حيث
شئت لا تسلمه صيرفيا فان الصيرفي لا يسلم من الربا إلى آخر
الحديث.
وهذا الحديث مشهور ذكره الفقهاء في الصنائع المكروهة وهو مما يؤيد
حسن حاله. ٢٣٥:
محمد بن إسحاق بن محمد الحموي المدعو بفاضل الدين
عالم فاضل كامل من علماء عصر الشاه طهماسب الصفوي ومن
مصنفاته مبهج الفاضلين في إمامة الهداة الكامبين تاريخ تأليفه سنة ٩٣٧. ٢٣٦:
محمد بك الأسعد ابن أسعد بن خليل ابن الشيخ ناصيف الشهير ابن
نصار
توفي سنة ١٢٨٢ بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير بجوار القبور
المنسوبة لأهل البيت ع وكان قبره مبنيا بالرخام وعليه تاريخ
هدمه بعض الناس وعفى أثره وكان بمنزلة الوزير لابن عمه علي بك ابن
(١٢١)

أسعد بن محمد بن محمود بن نصار وكان شهما فارسا شجاعا ومات عقيما
وكان قبض عليه وعلى ابن عمه المذكور ثم أطلقا فذهبا إلى دمشق وتوفيا
بالوباء الهواء الأصفر ولبعض الشعراء مؤرخا بناءه قصرا في قلعة
تبنين.
وقصر شاده الندب الكريم * محمد من له الشرف القديم
بنى قصرا رفيع السمك أضحت * له تاوي الأهلة والنجوم
لسان الشكر في التاريخ داعي * بحفظ الله بانيه يدوم
وجاء أسد أعمى إلى الطيبة فقتله محمد بك بالعصا فقال السيد أمين
الأمين
وكان حاضرا: أيا لله من أسد تجري * وقد ملأ العلا بأسا وكرا
أتى يبغي لقا أسد هصور * ومذ لاقاه في البيداء فرا
تلقاه براحته وأبقى ال‍ * مهند في قراب مستقرا
محمد قد سقاه الحتف ارخ * فأردى بالعصا الليث الهزبرا ٢٣٧:
جلال الدين محمد بن سعد الدين الدواني
توفي سنة ٩٠٨ وقد تجاوز عمره الثمانين ودفن قريبا من قرية دوان
وعلى قبره قبة بجنبها منارة: والدواني نسبة إلى دوان بوزن رمان قرية من
توابع كازرون في شمالها ببعد نحو من فرسخين فيها اليوم نحو من أربعمائة
دار وأهلها نحو ألفين زراعتهم الحنطة والشعير وفيها بساتين كثيرة أكثرها
من الكرم والتين. ذكره في كتاب آثار العجم فقال ما ترجمته: قرأ على أبيه
العلوم الأدبية ثم سافر إلى شيراز فقرأ على ملا محيي الدين الأنصاري من
أولاد سعد بن عبادة الأنصاري وقرأ على همام الدين صاحب شرح الطوالع
العلوم الدينية وفي مدة قليلة وصل فضله وكماله إلى أطراف العالم واقتبس
جماعة كثيرة من أنوار علومه وأكرمه واحترمه سلاطين التراكمة حسن بك
وسلطان خليل ويعقوب بك وجعلوه قاضي القضاة في مملكة فارس وسافر
إلى بلاد العرب وتبريز وغيرها وجمع أموالا كثيرة ولذلك كان الناس يزيدون
في توقيره وكان يرى أن المال من أسباب ترويج العلم وتحصيل الكمال كما
أشار إليه في بعض أشعاره الفارسية بقوله:
مرا بتجربة معلوم شد در آخر حال * كه قدر مرد بعلم است وقدر علم بمال
وتعريبه: علمت بالذي جربت في آخر أحوالي فقدر المرء بالعلم
وقدر العلم بالمال آه.
تشيعه
صرح هو نفسه بتشيعه في رسالته نور الهداية الفارسية المطبوعة، وقد
ذكره السيد مهدي بحر العلوم في رجاله.
مؤلفاته
١ رسالة في إثبات الواجب ٢ رسالة أخرى في إثبات الواجب
٣ الحاشية القديمة على شرح
التجريد ٤ الحاشية الجديدة على شرح التجريد ٥ شرح الهياكل ٦ حاشية تهذيب المنطق ٧ حاشية شرح
المطالع ٨ حاشية شرح العضدي ٩ حاشية كتاب المحاكمات ١٠
حاشية حكمة العين ١١ أنموذج العلوم ١٢ رسالة الزوراء مع حاشيتها
١٣ رسالة في تعريف علم الكلام ١٤ حاشية على شرح الجغميني ١٥
حاشية على شرح الشمسية ٦ شرح خطبة الطوالع ١٧ تفسير بعض
السور والآيات منها تفسير سورة الاخلاص ١٨ رسالة حل الجذر الأصم
١٩ شرح الرسالة النصيرية ٢٠ الرسالة القلمية وهذه كلها بالعربية.
وله بالفارسية ٢١ الأخلاق الجلالية ٢٢ الرسالة التهليلية ٢٣ رسالة
في الجبر والاختيار ٢٤ رسالة في خواص الحروف ٢٥ رسالة صيحة
وصدى نور الهداية إلى غير ذلك من الكتب الكثيرة.
وله القلمية لغز، في مقابلة كتب البهائي القوسية والسيد نور الدين
الجزائري السيفية وولده السيد عبد الله الرمحية.
وله قولا:
إني لأشكو خطوبا لا أعينها * ليبرأ الناس من عذري ومن عذلي
كالشمع يبكي فلا يدري أ عبرته * من حرقة النار أم من فرقة العسل ٢٣٨:
مولانا محمد إسماعيل الازعذي
توفي سنة ١٢٣١ في المشهد المقدس الرضوي ودفن في مقبرة قتل
كاه.
من أكابر العرفاء في عهد فتح علي شاه القاجاري جاور ثلاثين سنة في
المشهد المقدس الرضوي ووصل إلى خدمة ملا محراب وحسين علي شاه
الأصفهاني. له عدة رسائل في الطريقة ويتخلص في أشعاره بوجدي. ٢٣٩:
السيد ناصح الدين أبو البركات محمد بن إسماعيل الحسيني المشهدي
هو أستاذ منتجب الدين صاحب الفهرست وقد ذكره بعض العلماء في
فوائده و نسب إليه كتاب المسموعات ولكن أورده بعنوان الشيخ ناصح
الدين أبو البركات المشهدي والصواب إيراد السيد بدل الشيخ وقد أورده
الحسن بن أبي علي الطبرسي في مكارم الأخلاق بعنوان السيد الإمام ناصح
الدين أبو البركات المشهدي ونسب إليه كتاب المسموعات ونقل عن ذلك
الكتاب بعض الأخبار وكذا ولده الشيخ علي بن الحسن بن الفضل
الطبرسي في مشكاة الأنوار لكن نسب إليه كتاب المجموع وقال القطب
الراوندي في الخرائج أخبرنا السيد أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي
عن الشيخ جعفر الدوريستي عن المفيد وقد يعبر عنه بالسيد أبو البركات
المشهدي وهو بعينه السيد أبو البركات العلوي الذي نقل صاحب تبصرة
العوام قصة مناظرته في الإمامة مع أبي بكر إسحاق الكرامي انتهى. ٢٤٠:
الشيخ محمد بن إسماعيل القبيسي العاملي
وجد تملكه لمختصر مغني ابن هشام سنة ١١٠٩. ٢٤١:
محمد إسماعيل بن محمد علي بن الوحيد البهبهاني
عالم فاضل كامل نبيل مقدس صالح قرأ على أبيه وعلى صاحب
الرياض فصار مدققا في علم أصول الفقه وصاهر صاحب الرياض على ابنته
وله أولاد أفاضل وهم الآقا محمد مهدي والآغا محمد صالح والآقا محمد
هادي وله رسالة في الفقه ورسالة في الأصول. ٢٤٢:
محمد بن إسماعيل الحلي المعروف بابن الخلفة
كان أديبا شاعرا يعرب الكلام على السليقة وبتحرف بالبناء والخلفة

(١) مطلع الشمس.
(٢) التكملة.
(١٢٢)

بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام معناه بلسان أهل العراق البناء الذي
يكون ثاني الأستاذ الأكبر ومن شعره:
عج بي برسم الدار في عرصاتها * ودع الجفون تجود في هملاتها
وأحبس بمعهدها الركائب علما * نروي بعهد الدمع رمث نباتها
واسأل دوارس من معالمها متى * ركب الأحبة بان عن باناتها
يا صاح وقفة مغزل مذعورة * أو كارتداد الطرف في هضباتها
لتذكري دارا بعرصة كربلا * درست معالمها لفقد حماتها
يا سادة جلت مزايا فضلهم * أن تدرك الأوهام كنه صفاتها
لي فيكم مدح أرق من الصبا * يذكو عبير المسك من نفحاتها
فتقبلوا حسناء ترفل بالثنا * حسان مفتقر إلى فقراتها
يرجو بها الجانب محمد سادتي * منكم نجاة النفس غب وفاتها
قال مؤرخا عام وفاة أولاد الشيخ حسين الكاظمي
أقمار تم في ثرى البوغاء * أفلت لعمرك أم نجوم سماء
وجواهر قد ضمها صدف الفنا * من بعد رونق بهجة وصفاء
وصوارم فل الحتوف غرارها * وهي القضاء بنجدة ومضاء
أم تلك أشبال لها الأجداث * غابات أ لم تفطر برحب فناء
يا سعد دع تذكار ساكنة الحمى * بعنيزتين ودع خليط النائي
واحبس ركابك بي برملة كاظم * لا سفح كاظمة ولا تيماء
كيما نبل ثرى ضرائح فتية * بمدائح مزجت بفيض دماء
ما أم طفل في يباب بلقع * قفر تجاذبها يد البرحاء
بأشد مني حسرة وتوجعا * لما دهاني الدهر بالأبناء
أحسين صبرا إنما الأقوام في الدنيا * رعاك الله زرع فناء
لك أسوة بسميك ابن محمد * وابن الوصي وسيد الشهداء
مذ شق لحدهم طفقت مؤرخا * بسماه غاب كواكب الجوزاء
وله مادحا الحاج حسن:
فرد العلى حسن من كفه للقا * الأبطال والجند للوفاد معدود
رب المآثر والمجد الأثيل فمن * سواه في الخلق مشكور ومحمود
صمصامه والسخا في كفه اختلفا * هذا حديد وذا ما فيه تحديد
يرمي الخميس بقلب لا يمازجه * رعب ولا هو هياب ورعديد
أرق من نسمات الغور يوم ندى * لكنه عند نقط الخط جلمود
من معشر ترهب الآساد سطوتهم * غلب كماة بها ليل صناديد
يا بن الذين معا من عدلهم رتعت * في واسع الهضبات الشاء والسيد
إني أهنيك في عيد عليك به * بالخير ما دامت الأيام تعويد
فاسحب على ذروة الشعرى العبور ضحى * ذيلا به الفخر موصول ومعقود
يرى بكم عيده عيدا مؤرخه * فأنت في العيد يا عين الورى عيد
وله أيضا:
أ لحظ ظمياء أم ظبى الصريم رنا * وقدها ماس أم ذي صعدة وقنا
أم ثغرها من تحت مرخي النقاب بدا * أم بارق لاح من وادي العقيق لنا
شمس البها كهلال الشك صرت بها * مذ شف جسمي من فرط الغرام ضنا
ونسمة الريح لما أن سرت سحرا * كم رقصت فوق كثبان النقا غصنا
بشرا بعرس أخي العليا نتيجة من * بيت الفخار على هام السماك بنى
حسين من أظهرت آراء فكرته * لكشف مبهم أحكام الندى فطنا
أطلق سراح مسرات الفؤاد ودع * قلب الحسود بقيد الهم مرتهنا
للقلب قلت استعن بالفرد أرخه * هلال سعد بزهراء البها اقترنا
وقال يمدح السيد خضر المكي عن لسان ولده السيد أبو طالب
ومؤرخا وراثيا أبناء عمه:
كم لي بريعك يا أميمة موقف * كبد يذوب به ودمع يذرف
أقوت معالمه فليس ببانه * إلا الحمام ضحى يرن ويهتف
مذ قوضت تلك القباب تقلها * بزل تزج على المسيل وتعنف
يا سائقا سحم الركاب عشية * كسفائن بعباب بحر تقذف
فإذا وصلت عشية أم القرى * تجد القرى ما لا يحد ويوصف
بفناء من لو بالنفيسة نفسه * يصل الورى ما قيل أنك مسرف
فبفتكه وببذله وبحلمه * ما عنتر ما حاتم ما أحنف
ويتيمة في جيد مجد شامخ * نبوية بالوصف لا تتكيف
بل دوحة علوية قد أثمرت * عفوا فمنها كل جان يقطف
بل بحر علم ما له من ساحل * عذب له ترد الأنام وتغرف
والنير الأعلى الذي بكماله * كالبدر إلا أنه لا يخسف
ركبوا على طرف العلى وعليهم * برد من الشرف الرفيع ومطرف
قد عودوا كرم الطباع يزينه * عفو وحسن سجية وتعفف ٢٤٣:
محمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري
توفي حدود سنة ٢٥٥
كان أديبا شاعرا من أصحاب أبي الحسن الثالث ع
قال ابن عياش في مقتضب الأثر: لمحمد بن إسماعيل بن صالح
الصيمري رحمه الله قصيدة يرثي بها مولانا أبا الحسن الثالث ويعزي ابنه أبا
محمد ع أولها:
الأرض حزنا زلزلت زلزالها وأخرجت من جزع أثقالها
إلى أن قال:
عشر نجوم أفلت في فلكها * ويطلع الله لنا أمثالها
بالحسن الهادي أبي محمد * تدرك أشياع الهدى آمالها
وبعده من يرتجي طلوعه * يظل جواب الفلا جوالها
ذو الغيبتين الطول الحق التي * لا يقبل الله من استطالها
يا حجج الرحمن اثنا عشرة * آلت بثاني عشرها مالها ٢٤٤:
الشيخ محمد إسماعيل بن الحسين بن محمد رضا المازندراني المشهور
بإسماعيل.
له شرح دعاء المصباح المنسوب إلى أمير المؤمنين الذي اوله يا من دلع
لسان الصباح بنطق تبلجه: فرع منه سنة ١٢٦٨ وجدت منه نسخة في
كرمنشاه في مكتبة الشيخ حيدر قلى خان. ٢٤٥:
المولوي محمد إسماعيل صاحب.
له تكميل الحبور في الاعتبار بأحوال اهل للقبور فارسي مطبوع. ٢٤٦:
المير محمد إسماعيل الحسيني الخاتون آبادي.
توفي بأصفهان سنة ١١١٦ ودفن فيها.
له كتاب التفسير في أربعة عشر مجلدا.
(١٢٣)

٢٤٧: الشيخ محمد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن سعد الدين المازندراني
الحائري.
المعروف بأبي علي صاحب كتاب الرجال ولد بالحائر في ذي الحجة
سنة ١١٥٩ وتوفي سنة ١١١٥ بالحائر ودفن فيه.
أصل أبيه من مازندران وولد هو في الحائر وسكنه حيا وميتا حكى هو
عن والده ان نسبه يتصل بابن سينا وقال هو عن نفسه مات والدي ولي أقل
من عشر سنين واشتغلت على الأستاذ العلامة يعني المحقق محمد باقر
البهبهاني والسيد الأستاذ يعني السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض
دام علاهما برهة. له من المؤلفات ١ كتاب منتهى المقال في أحوال الرجال
المعروف برجال أبو علي صنفه بإشارة المحقق السيد محسن البغدادي وضمنه
تعليقة شيخه الآقا البهبهاني على نهج المقال للميرزا محمد المعروف بكتاب
الرجال الكبير وصار لهذا الكتاب رواج في عصره بسبب اشتماله على تمام
التعليقة وبسبب انه صنف بإشارة المحقق البغدادي فطبع مرتين في إيران في
حين ان الكتاب الوحيد في الرجال هو رجال الميرزا الكبير ولم يطبع الا مرة
واحدة.
وفي مستدركات الوسائل: ان منتهى المقال لاشتماله على تمام
التعليقة صار معروفا ومرجعا للعلماء والا ففيه من الأغلاط ما لا يخفى على
نقدة الفن آه وقد اسقط منه ذكر المجاهيل معتذرا بعدم تعقل فائدة في
ذكرهم مع أن الفوائد في ذكرهم كثيرة ولذلك ذكرهم علماء الرجال من أول
يوم ألفت فيه كتب الرجال إلى عصره وبعده إلى كل يوم فمن الفوائد انه
ربما يظهر للناظر امارة الوثوق بالمجهول فلو لم يذكر تنتفي الفائدة غالبا
ومنها انه ربما كان الاسم مشتركا بين المجهول وغيره فمع عدم ذكره لا
يعلم الاشتراك ومنها ان الفائدة في ذكره هي الفائدة في ذكر الموثق والممدوح
والمقدوح وغيرها فلو لم يذكر لم تعلم صفته لمن يريد البحث عن
سند الرواية كما لا تعلم صفة غيره لو لم يذكر. وقد أهمل ذكر مؤلفات
الرواة من الأصول والكتب ولكن هذا قد شاركه فيه غيره من المؤلفات
المختصرة في الرجال. وعلى ذكر كتب الرجال نقول إنه قد حصل التهاون
في علم الرجال من المتأخرين في عصرنا وما قرب منه وفي علم الحديث
واشتغل الناس عنهما بعلم أصول الفقه وصاروا يكتفون في تصحيح
الروايات وتضعيفها بما صححه غيرهم كما تهاونوا في علم التفسير وعلم فقه
القرآن مع وضوح الأهمية في هذه العلوم. وعلم أصول الفقه وان كان
الركن الأعظم في استنباط الأحكام الشرعية الا انه لا ينبغي صرف العمر
فيه واهمال ما سواه مما لا يقصر عنه في الأهمية. ٢ رسالة عقد اللآلئ
البهية في الرد على الطائفة الغبية اي الاخبارية ألفها قبل منتهى المقال
بعشرين سنة ٣ ترجمة مناسك الحج للمحقق البهبهاني من الفارسية إلى
العربية ٤ ترجمة رسالة أخرى لولد المحقق البهبهاني ٥ رسالة زهر
الرياض فارسية في الطهارة والصلاة والصوم منتخبة من الرياض ٦ رسالة
احكام الحج مختصرة منه أيضا ٧ كتاب في الرد على صاحب نواقض
الروافض، في مستدركات الوسائل رايته في مجلدين في غاية الجودة
آه.
وذكر في كتاب النقض نسبه هكذا محمد بن إسماعيل المدعو بأبي علي
البخاري محتدا الغاضري مولدا الجيلاني أبا الشيباني نسبا. ٢٤٨:
المولى محمد إسماعيل ابن المولى محمد جعفر السبزواري الواعظ
توفي في سنة ١٣١١
له كتاب الطيور فارسي مطبوع من اجزاء كتابه المسمى بخرج سال
وخرج الأيام في سبع مجلدات. ٢٤٩:
مولانا محمد إسماعيل المنجم.
لم يكن له نظير في علم الهيئة واعمال النجوم واستخراج التقاويم
ذكره الميرزا عبد الرحمن المدرس الأول في الآستانة الرضوية في رسالة في
تاريخ علماء خراسان ونقل عنه أشياء غريبة. في فن التنجيم. ٢٥٠:
الشيخ محمد إسماعيل بن المولى محمد علي بن زين العابدين المحلاتي.
ولد في ٢٨ جمادى الأولى سنة ١٢٦٩ في قصبة محلات وهي واقعة
جنوبي بلدة قم.
كان مجتهدا محققا دقيق النظر جيد التاليف، اشتغل بالتحصيل أيام
الصبا عند والده ثم رحل إلى طهران واشتغل في الأصول عند صاحب
التقريرات والأشتياني تلميذي الأنصاري ثم رحل إلى العراق ولقي الفاضل
الأردكاني والمولى الشيخ زين العابدين المازندراني في كربلا واشتغل في
النجف على عدة من أكابر العلماء كالميرزا حسن الشيرازي والميرزا
خلف الله الكيلاني. ثم رجع إلى بلاده سنة ١٢٩١ ثم رحل مرة ثانية إلى
العراق واشتغل في سامراء عند السيد الشيرازي المتقدم ثم رجع إلى إيران
وأقام في بلدة بروجرد مشتغلا بالتدريس ثم رجع إلى النجف مرة أخرى
سنة ١٣١٣ وأقام هناك مشتغلا بالبحث والتدريس حتى توفي في ربيع الأول
سنة ١٣٤٣.
له مؤلفات منها كتاب أنوار الحكم عدة اجزاء ١ في التوحيد مطبوع
٢ في النبوة لم يطبع ٣ في المعاد. ومنها كتاب نفائس الأصول وكتاب
لباب الأصول خرج منه إلى مقدمة الواجب، ومنها رسالة كلمات موجزة
ورسالة في اللباس المشكوك وكلها غير مطبوعة ومن تلاميذه في الكلام السيد
شهاب الدين النجفي ويروي عنه بالإجازة عن النوري بطرقه. ٢٥١:
المولى محمد إسماعيل.
له العقيدة الوحيدة أرجوزة في الكلام وقد وصفه كاتب نسخها:
رئيس المجتهدين والمحققين. والكاتب هو المولى أسد الله بن علي محمد
الكلبايباني وعليها حواشي من الناظم فرع من كتابة المتن سنة ١٢٥٢ ومن
كتابة الحواشي سنة ١٢٥٥ أولها:
الحمد لله الذي دل على * وجوده وجوده من فعلا
يقول عبد خائف ذليل * أحقر خلق الله إسماعيل
فهذه أرجوزة وحيدة * أعددت فيها ما هو العقيدة
غردتها تغريد طير حمره * والحجة التاريخ
فيها عمره فيها اقتفي المعارف العديدة * سميتها العقيدة الوحيدة
وذكر في حواشيها فهرست تصانيفه البالغة نيفا وعشرين.

(١) مطلع الشمس.
(١٢٤)

٢٥٢: السيد محمد أشرف بن عبد الحسيب بن أحمد بن زين العابدين الحسيني
الأصفهاني وأمه بنت المحقق الداماد.
أديب شاعر عالم فاضل محدث متتبع متبحر تلميذ المجلسي وسبط المير
الداماد. له كتاب كبير عمله في فضائل العلويين بالفارسية يعرف بكتاب
فضائل السادات ينقل فيه كثيرا عن كتاب سيادة الاشراف للسيد حسين بن
حسن بن محمد الموسوي العاملي الكركي والظاهر أنه والد ميرزا حبيب الله
المشهور. وكتاب فضائل السادات كتاب جليل في معناه لم يصنف مثله يدل
على طول باعه وكثرة اطلاع في الأنساب والحديث وقد ذكر في آخره ماخذه
وما حضره من الكتب ومنه يعلم ان خزانته من أجل خزائن الكتب في ذلك
العصر وقد اتفق ان تاريخ الفراع من تأليفه هو زبدة مناقب السادات
ومنه نسخة في مكتبة الحسينية في النجف الأشرف رأيتها سنة ١٣٥٢ وقد
ألفه باسم الشاه حسين الصفوي وفرع من تأليفه سنة ١١٠٢. ٢٥٣:
محمد بن الأشعث الخزاعي.
كان من المقربين عند بني العباس والمناصحين لهم وكان المنصور ولاه
دمشق حين عزل عنها صالح بن علي بن عبد الله بن العباس وولاه أيضا
مصر وكان ابنه جعفر من وزراء الرشيد ومر في بابه وكان محمد بن الأشعث وأهل
بيته يتشيعون ففي مناقب ابن شهرآشوب وغيره عن صفوان بن يحيى أنه قال
: قال لي جعفر بن محمد بن الأشعث أ تدري ما كان. سبب دخولنا في
هذا الامر؟ ان أبا جعفر يعني أبا الدوانيق قال لابي محمد بن الأشعث يا
محمد ابغني رجلا له عقل يؤدي عني فقال له اني قد أصبته لك هذا
فلان بن مهاجر خالي قال فائتني به فاتاه بخاله فقال أبو جعفر يا بن مهاجر
خذ هذا المال وائت المدينة والق عبد الله بن الحسن وجعفر بن محمد وأهل
بيتهم فقل لهم اني رجل غريب من اهل خراسان وفيها من شيعتكم وقد
وجهوا إليكم بهذا المال فادفع إلى كل واحد منهم كذا وكذا فإذا قبضوا المال
فقل اني رسول و أحب ان يكون معي خطوطكم بقبض ما قبضتم مني فاخذ
المال ومضى فلما رجع قال له أبو جعفر ما وراءك فقال اتيت القوم وهذه
خطوطهم بقبض المال خلا جعفر بن محمد فاني اتيته وهو يصلي في مسجد
الرسول ص فجلست خلفه وقلت ينصرف فاذكر له ما ذكرت لأصحابه
فعجل وانصرف ثم التفت إلي وقال يا هذا اتق الله ولا تغرنا آل بيت محمد
وقل لصاحبك اتق الله ولا تغر اهل بيت محمد فإنهم قريبو العهد بدولة بني
مروان وكلهم محتاج إلى آخر الحديث. ٢٥٤:
محمد أصغر ابن الحاج مير مقيم الحكيم.
له تجربات اكملي في الطب فارسي مطبوع حاو المجربات الاكبري. ٢٥٥:
السيد محمد الأصفهاني النجفي.
توفي في النجف سنة ألف ومائتين ونيف وتسعين.
له كتاب اعمال اليوم والليلة والأسبوع والشهور والسنة مع خاتمة في
الآداب والسنن والاخلاق. ٢٥٦:
السيد محمد الفشاركي الأصفهاني.
هو من أسرة كريمة من الأسر الطباطبائية القاطنين بلدة زوارة. هاجر
جده الأعلى منها إلى قرية فشارك من قرى قهباية أصفهان وبها ولد المترجم
سنة ١٢٥٣ وبعد وفاة والده قصد العراق مع والدته وهو في الحادية عشرة
من عمره وقطن كربلا وتكلفه أخوه السيد إبراهيم المعروف بالكبير فقرأ فيها
العربية والمنطق والفقه والأصول عند جمع من الأساطين وانتقل إلى
النجف الأشرف في حدود سنة ١٢٨٦ وحضر بحث الميرزا محمد حسن الشيرازي ولما هاجر
الشيرازي إلى سامراء هاجر المترجم إليها إلى أن توفي
الشيرازي فعاد بعده إلى النجف وفيها توفي سنة ١٣١٦ ودفن في احدى
الحجرات الشرقية في الصحن العلوي.
تخرج عليه جملة من الفضلاء وله كتاب في البراءة في تقرير بحث
أستاذه الشيرازي وشرح أوائل رسالة البراءة للأنصاري وغير ذلك.
أقول رأيته في النجف بعد وفاة الميرزا الشيرازي رجلا مهيبا وكان
ضيق الحال كثير العيال طالما رأيته حاملا خبزا كثيرا من خبز العجم لعياله
ولابسا طول الشتاء فروة ثقيلة من خراسان ويظهر انه لم يكن عنده ثمن
عباءة مع اشتهاره بالعلم والفضل. ٢٥٧:
معز الدين محمد الأصفهاني المشهور بمعز الدين.
كان علامة العلماء في عصر الشاه عباس الصفوي والشاه
طهماسب. وصفه في عالم ارا بالعلامة الرباني الجامع للعلم والعمل قال ولما
وقعت المباحثة بين المير غياث الدين منصور وبين المحقق الكركي وانجرت
إلى إطالة الكلام على المحقق الكركي عزل المير غياث الدين عن الصدارة
وانتقلت الصدارة إلى علامة العلماء العالم الرباني المير معز الدين محمد
الأصفهاني الجامع للعلم والعمل وكانت صدارته بالعرار ثمان سنين ولما
سعى به الحكيم الكازروني عزل وصارت الصدارة للمير أسد الله المرعشي. ٢٥٨:
السيد محمد أكبر بن مير محمد باقر الداماد.
قبره في حيدرآباد دكن وكان يعد من علماء السلاطين القطب شاهية في
حيدرآباد لا يعلم تاريخ وفاته. ٢٥٩:
السيد محمد الاكبرآبادي الهندي.
له كتاب تنزيه القرآن وكتاب في الرد على الباددي المشهور وعماد
الدين في الذي كفر بعد اسلامه كذا ذكره السيد شمس الدين محمود
الحسيني التبريزي فيما كتبه الينا ولده آقا نجفي. ٢٦٠:
الآقا محمد أكمل الأصفهاني والد الآقا محمد باقر البهبهاني.
وصفه ولده المذكور في اجازته للسيد مهدي بحر العلوم بالوالد الماجد
العالم الكامل الفاضل الأمين المحقق المدقق الباذل الأعلم الأفضل الأكمل
أستاذ الأساتيذ والفضلاء وشيخ المشائخ العظماء العلماء الفقهاء مولانا محمد
أكمل الله عمره في رحمته الواسعة وألطافه البالغة عن أساتيذه الأعاظم
فريدي الدهر ووحيدي العصر لم يسمح الزمان بمثلهم المشتهرين في المشارق
والمغارب المستغنين عن التعريف بالفضائل والمناقب مولانا ميرزا محمد
الشيرواني والشيخ جعفر القاطي ومولانا محمد شفيع الاسترآبادي تزوج
المترجم بنت الآقا نور الدين محمد بن ملا محمد صالح المازندراني صاحب
حاشية المعالم فأولدها الآقا محمد باقر البهبهاني الشهير وأم آقا نور الدين بنت
المجلسي الأول محمد تقي وبهذا الاعتبار يعبر الآقا البهبهاني عن المجلسي
الثاني بخالي.
(١٢٥)

٢٦١: السيد محمد الأمين الثاني ابن السيد علي ابن السيد محمد الأمين ابن السيد
الحسن موسى ابن السيد حيدر ابن السيد احمد الحسيني عم المؤلف.
ولد في حدود سنة ١٢٢٧ وتوفي في شهر رمضان سنة ١٢٩٧ كان
رئيسا جليلا عظيم النفس عالي الهمة يسمو إلى معالي الأمور ويرى أنه لا
يستحيل عليه ان يكون أجل وأسمى من أحد من الناس. توفي أبوه وهو في
ريعان الشباب واخوته كثيرون وفيهم من هو أعلم منه واعرف فشمر عن
ساعد الجد وسعى في اخذ منصب الإفتاء بعنوان مفتي بلاد بشارة الذي كان
لأبيه وجده من قبله فاخذه أولا بالوكالة ثم بالأصالة وخالط الحكام والأمراء
وسما مقامه عندهم وهابته الرؤساء وتهافتت عليه الوفود وكانت داره في
شقراء كعبة الوفاد ومنهل الوراد ووفد على إبراهيم باشا بن محمد علي باشا
أمير مصر واخذ منه فرمانات بقرية الصوانة وبأربعة فدن في شقراء كانت
معطاة لأبيه معاشا له عن منصب الإفتاء ولجده من قبل واستبد على اخوته
ولم يبال بأحد منهم ومنعهم من قرية الصوانة التي كانت معطاة لأبيه من قبل
عبد الله باشا ابن علي باشا الخزندار والي عكا وما إليها والتجأوا إلى حمد
البك وبعده إلى علي بك امراء تبنين فكانوا يساعدونهم عند عداوتهم معه
ويخذلونهم إذا صالحوه ومع ذلك لم تجد مساعدتهم شيئا وتحول في آخر امره
إلى الصوانة وسكنها وهجر شقراء.
تربع المترجم في دست الرياسة وخالط الحكام والأمراء وسما مقامه
عندهم ولم يرض بالضيم في حال من الحالات وكان إذا أراد حاكم أو آمر
ان يسومه الضيم أبت نفسه ذلك وقلب له ظهر المجن وقابله بكل شجاعة
وثبات جنان وأجابه بأخشن جواب وله مع الحكام والأمراء المقامات
المشهورة في ذلك فطالما صال عليهم وطال بلسان كالسيف وجنان كالحجر
الصلد وتهدده بعض الولاة مرة بالحبس فقال له انك تستطيع ان تحبس
جسمي ولا تستطيع حبس لساني وقلمي وكان في كثير من أوقاته في نزاع
ونضال مع بعض الولاة العثمانيين وامراء البلاد وذلك أنه لم يكن يرضى
بمظلمة ولا يهاب أحدا مهما عظم ولا يرى لاحد من الناس تفوقا عليه ومن
جراء ذلك نفي في بعض الأوقات إلى طرابلس الشام ثلاث سنين وجرت له
صحبة وصداقة مع أعيانها وعلى الأخص آل الثمين وجرت بينهم وبينه
مراسلات بعد ذلك. وحدث خبير ان سبب نفيه إلى طرابلس انه اجتمع
جماعة من عظماء سوريا منهم المترجم واحمد باشا الصلح وغيرهما وقرروا
انشاء دولة عربية واختاروا لها الأمير عبد القادر الجزائري وخابروه بذلك
واجتمعوا به وكانت كتب السيد محمد الأمين ترد اليه إلى دمشق ويكتب في
أعلاها إلى دار الامارة فعلمت بذلك الدولة العثمانية فكان سبب نفيه إلى
طرابلس وهذا الخبير ينقل ذلك عن رضا بك الصلح عن أبيه احمد باشا
الذي كان أحد أعضاء هذا المؤتمر. رأيته مرة وانا في سن الطفولية فرأيت
رجلا صبيح الوجه بهي المنظر جهوري الصوت طلق اللسان كأنه زجل
الرعد بطينا ابيض الرأس والحية تلوح الشجاعة وعلو الهمة على أسارير
وجهه وملامح عينيه وكان يومئذ قد حضر من بيروت وكان يتخاصم فيها
ويتحاكم مع يوسف آغا المملوك وخليل بك الأسعد وقد احضر معه عدة
من الدواوين الشعرية وبعض الكتب وكنا جماعة من أبناء اخوته وغيرهم
فأعطى كل واحد منا كتابا أو ديوانا ووقفه عليه وكتب صورة الوقف بخطه
على ظهره وجعل يحثنا على طلب العلم. وكانت له املاك وعقارات كثيرة
وكان على ما هو فيه من الصفات الجميلة المشار إليها سئ الإدارة لأملاكه
وله همة في الاستملاك لا الاستغلال وكان لباسه وطعامه بسيطا مع ما هو فيه
من الثروة والجاه الطويل العريض وكان حليما صفوحا لا يحتاج خصمه في
الصفح عنه إلى أكثر من رؤيته والاعتذار اليه وكان في خصوماته مع
اخصامه اهل الطول والحول لا يستعين بغير الله وقوة جنانه ويكون له في
أكثر الحالات الظفر عليهم مع ما يبذلون من الأموال الطائلة ويقاسون من
المتاعب في سبيل الغلبة عليه وطالما كان الولاة يلزمونهم بمصالحته بعد
خصومات طويلة حينما يعجز الولاة امره وفي جل تلك الخصومات أو كلها
يكون مظلوما ولا يكون له ذنب الا إباء الضيم وقد ظهرت له كرامة عظيمة
في بعض تلك الخصومات التي كان مظلوما فيها وقد اقسم الله تعالى أن لا
يجوزه ظلم ظالم: حدثني الحاج إبراهيم ابن الحاج حسن عبد الله من اهل
قرية الخيام في جبل عامل وكنا يومئذ بمرج الخيام ان اجتمع أكثر كبراء جبل
عامل في قرية الخيام بقصد تنظيم مضبطة بحق السيد محمد الأمين
والشكاية عليه إلى الحاكم فنظمت تلك المضبطة وختمها جميع من كان
هناك وختمها مختار الشيعة ومختار النصارى في الخيام وبات القوم بقصد
إرسالها في الصباح لتختم من اهل جبل عامل فمات تلك الليلة مختار
النصارى فجأة وأغلق الذين ختموها عليهم غرفة وفيها منقل فيه الفحم
فأشرفوا على الهلاك وفي الصباح اخذ المضبطة رجل يسمى الشيخ صادق من
عائلة الشيخ إبراهيم بن يحيى الشاعر المشهور فلما وصل إلى أوائل مرج
الخيام سقط عن الفرس فكسرت رجله وارجع إلى الخيام محمولا فبعثت
المضبطة مع غيره فجرى له شئ من هذا النوع غاب عن حفظي فلما جرى
ذلك كله قال لهم رجل من وجوه جبل عامل ممن ختم المضبطة يسمى أبو
سويد من اهل زبدين دعوا هذا السيد الجليل وارفعوا أذاكم عنه والا
هلكتم وكان أبو سويد ممن أشرف على الموت في حادثة الفحم فتفرقوا بعد ما
مزقوا المضبطة وكفاه الله تعالى شرهم يقول مؤلف الكتاب وانا كنت
يومئذ صغير السن وسمعت هذا الذي نقله لي الحاج إبراهيم كله من أفواه
الناس متواترا حين وقوعه والحاج إبراهيم الناقل لهذا كان ممن ختم المضبطة
وجرت الواقعة في دار أخيه الحاج محمد في الخيام فهو ليس بمتهم في نقله
وكان الحاج إبراهيم المذكور من عقلاء الرجال ووجهائهم. وتوفي السيد
محمد الأمين في قرية الصوانة ودفن بها في مقبرة أعدها لنفسه وولده
وحضرت يوم دفن وانا صغير السن فشيع بمحفل عظيم حافل حضره جميع
اهل جبل عامل وما جاورها وكنت ادخل عليه بعد موته وهو مسجى وجماعة
يقرءون عنده القرآن فما أذكر انني رأيت أحدا بعد موته مثله في صباحة
وجهه وجمال منظره ومهما نسيت فلا أنسى انني لم أكن أجد الوحشة التي
توجد عند رؤية الأموات مع صغر سني ولا أنسى جمال انفه وتناسقه ويقال
انه مات مسموما على يد خادم له والله اعلم.
وقد جمع أشعاره وما مدح به في كتاب ورتبه على حروف المعجم
مدائحه
قال الشيخ عبد الله البلاغي يمدحه
تصيخ لك الاسماع ما دمت قائلا * وتعولك الابصار ما دمت كاتبا
إذا زان قوما بالمناقب واصف * ذكرنا به شخصا يزين المناقبا
لك الشيم الغر التي لو تجسمت * لكانت لوجه الدهر عينا وحاجبا
أيا ماجدا لم يقبل المجد وارثا * ولكن سعى حتى حوى المجد كاسبا
تبسم ثغر الدهر منه بصاحب * إذا جد لم يصحب سوى العزم صاحبا
(١٢٦)

ثنى نحو شمطاء المفاخر طرفه * فصارت بأدنى لحظة منه كاعبا
تناول أولاها وما مد ساعدا * واحرز اخراها وما قام واثبا
وقال الشيخ حبيب الكاظمي يمدحه:
تعالى فوق هام النيرات * محلك فاستقام على ثبات
وقد طالعتها شماء برج * فزاحمت النجوم الثابتات
ففيك أبا الجواد السبط سارت * وعنك على جباه السائرات
مدائح في المكارم واضحات * تنوف على البدور المشرقات
ومذ لحظتك ألحاظ المعالي * وكنت لها على سنن الهداة
وقد ألبستها حلل المزايا * بأنواع الصفات الكاملات
فما اختارت سواك من البرايا * ولا وقعت لغيرك في الجهات
ملكت عناها فاتتك طوعا * تجر إليك جنح الخاضعات
وقد أسكنتها أبيات قوم * كفوها في السنين الماضيات
وهم عين الهدى بدءا وختما * وهم يوم القضا سفن النجاة
بهم وبجدهم لا مستراب * بان لهم زمام الكائنات
ومن ولدته آباء كرام * حري بالصفات وبالسمات
ومن طابت مغارسه أصولا * تحلى بالفروع الزاكيات
عدلت وما عدلت عن المعالي * بحكمك في الولاة وفي العداة
فمن والاك بالتسليم أمسى * على الدنيا قصي الحادثات
ومن عاداك لا ينفك عنه * لدى الأحلام رعب المرهفات
مليك ما اتخذت شبا ودرعا * ولا خيلا لأجناد كماة
ولكن العناية من قدير * كفتك عن الدروع النابغات
وعن خيل وأسياف ولدن * وعن مال وأقداح رماة
وقد خفقت لك الاعلام جهرا * على أيدي المكارم والروات
وما ضربت لك البوقات لكن * ضربن لك المدائح في الجهات
وقد توجت اقبالا ومجدا * بنوف على الجبال الشامخات
وان وهم العدو سللت عزما * من الآراء يغري المحصنات
يراعك لا يرى عيا إذا ما * محوت به سطور العاديات
ووجهك فيه نستسقي غماما * لدى ورد السنين المجدبات
إليك أبا الجواد الندب وافت * مدائح كالعقود الزاهيات
تدوم لدى الورى ما عاش حي * وهن مع النجوم الثابتات
وأصدق ما عهدت لديك حال * يعد من الفروض الواجبات
مثالك والفعال لا مطال * ووعدك والوفاء لدى العفاة
وقد أرجأتني وعدا بما قد * نطقت غداة تقصير الصلات
فلما شمت من ريح جنوب * اتاني في الرياح المعصرات
فدم وأسلم وعش ابدا هنيا * قرير العين محمود الصفات
وقال الشيخ حبيب الكاظمي أيضا يمدحه:
رويدا أيها الغيث المجد * لريك شايق سلع ونجد
واما سفح لبنان ففيه * لنا بمحمد كفو وند
فما سيان وردك من أجاج * ووردي سائغ عذب وشهد
فان تك أنت غيث فهو غوث * لنا والدهر جيد وهو عقد
وان يك فيض مزنك عن رذاذ * فهامر فيضه علم ورشد
وان تأتي بروقك خلبات * فبرق نواله نجز ونقد
وان تأتي رعودك موعدات * فلم يسبق له في البذل وعد
وان تعطي وتمنع عن هضاب * فليس لسيبه منع ورد
وتجزيك الرواعد سائقات * وليس لجوده برق ورعد
فأين وأين من هذا وهذا * متى قيل استوى قرب وبعد
دليلك منه عن بعد اليه * سناء باذخ يعلو ويبدو
تهز الأريحية منه عطفا * إذا ذكر الندى أو طل وفد
تنال به الأنام الفوز حتى * كان الناس سعي وهو سعد
تجئ له المعاضل مشكلات * فيرجع وقرها حكم ورشد
إليك أبا الجواد السبق حتى * كأنك قبلها والناس بعد
وجودك صيقل التكوين فيهم * وهم عكس السنا وعلاك طرد
رأوا بعلاك باطن كل معنى * لعلياها وليس هناك حد
فان تكن النفوس مركبات * فان نفوسكم علم ومجد
وان تكن المكارم شاهدات * فشاهدكم علا وندى وزهد
أ لست وأنت من مثل علي * له في عالم الايجاد عهد
به ضرب الإله له مثالا * لعزته وليس هناك ند
لكم فصل الخطاب وذاك مما * أدال السابقين أب وجد
نزلت بغايتين هما سواء * محلك والزمان وأنت فرد
تعالى الله لم أئت بشئ * بوصفك غير أن الدهر عبد
وان الناس طرا والمعالي * حواها منك أثواب وبرد
وانك للندى غيث وغوث * وانك للهدى كف وزند
إليك لكل مكرمة مال * وأنت سحابها ولديك تبدو
أبيت قصيدة الاعلام فضلا * وليس لآمل إلاك قصد
فهل لي غير هذا الطود كهف * وهل لي غير هذا البحر ورد
تمحض من ولائك في فؤادي * على الأيام اخلاص وود
اتت بكر القريض إليك علما * بان قبولها مهر وعقد
فلا برحت بك الاحداث تجلى * حنادسها وفيك العز يحدو
أشعاره
قال يرثي حمد البيك أمير جبل عامل
أ رأيت اي ملمة ومخوف * سلب الكرى عن ناظر مطروف
هدمت صروف الدهر ارفع كعبة * ورمت سنا شمس العلى بكسوف
ذهب الذي قد كان من عاداته * في الروع ضرب طلا وخرق صفوف
ذهب الذي كبرت عظائم جده * فينا عن التحديد والتعريف
ذهب الذي قد كان طودا راسيا * وملاذ كل مؤمل ملهوف
حمد أخو العلياء نجل محمد * قمر العشائر من بني ناصيف
بدر عراه الخسف عند تمامه * بدر التمام معرض لخسوف
أ مكلف أيام دهرك مثله * هيهات ذلك أصعب التكليف
كم جاء ريب الحادثات بمنكر * فأعاد منكره إلى المعروف
كم قارع الأيام منه أروع * ورمى العدى بمقذف غطريف
كم فل في يوم القراع كتائبا * كثرت فلف زحوفها بزحوف
يا راحلا رحل العزاء لفقده * الأرض بعدك آذنت برجيف
أبقيت ما بين الجوانح لي جوى * جرح بأظفار النوى مقروف
ما وجد ثاكلة كوجدي لا ولا * كنيا حتى الحمام العيف
ما لي وجدت الدهر بعدك قد غدا * تعب الشريف وراحة المشروف
ما لي رأيت الدهر بعدك كاشرا * عن ثغر لا حسن ولا مألوف
(١٢٧)

فكأنني لما ذكرتك شارب * يهتز للوجد اهتزاز نزيف
أين الذي يسعى لكل عظيمة * فينا لها بذوابل وسيوف
أين الذين فضح الصباح بغرة * أوفت على قمر السماء الموفي
من ذا آمال عن البسيطة طودها * قسرا فخف وكان غير خفيف
ما ذا الذي منع الهزبر زئيره * ورماه من ريب الردى بصروف
حيتك من سحب الرضا وكافة * تبكي عليك بدمعها المذروف
ما غاب بدر منكم الا بدا * بدر به يجلى ظلام سدوف
ذاك العلي وشبلك السامي علا * غوث الضعيف ومنجد الملهوف
أمسى بحمد الله بعدك لابسا * ثوب العلى والمجد والمعروف
ما جئت ساحته لامر معضل * الا كفاك مخافة التخويف
يا سيف عامل يا كفيل خطوبها * وأمانها من حادث ومخوف
وقفت عليك مودة من مخلص * يفدي علاك بتالد وطريف
وقال مفتخرا على البديهة:
انا ابن جلا وطلاع الثنايا * وجدي خير من ركب المطايا
وأمي فاطم وأبي علي * امام الحق دفاع البلايا
ولي همم تبلغني الثريا * أبي الضيم محمود السجايا
لي النسب القصير لآل طه * وأشرف من تامر في البرايا
فهل أرضى البقاء بدار ذل * وكم أطوي على الخمص الحوايا
كسوت الشمس من حسبي ضياء * وما في الناس غيري من بقايا
ونحن الآل ان قمنا كفينا * بني الأيام عن ورد المنايا
وان بخل الأنام بما لديهم * كفينا السائلين من العطايا
أعد لشدتي تسعا وخمسا * بيوم الهول من كل البرايا
وارسل إلى السر عسكر مصطفى باشا قصيدة من جملتها:
حسبي حمى المصطفى فيما أرجيه * مولى يقصر عنه من يباريه
وترجف الأرض رعبا من مهابته * وللأعادي رجيف من مواضيه
وطبق الأرض والأقطار راجعها * على الرعية من عدل يوفيه
سل المدافع والأطواب في حلب * كأنها الغيث تهمي في أعاديه
سل البروق إذا أسيافه لمعت * من علم البرق ومضا في لياليه
أعطاه مولى الورى عقد اللوا فغدا * عقد الولا منه جار في نواصيه
هو المليك الذي أمست مواهبه * مثل السحائب يحكيها وتحكيه
عبد المجيد أمير المؤمنين ومن * هو الضياء لمن ضلت مساعيه
هو المليك الذي ما زال صارمه * يفي لهذا الورى عهدا ويحميه
ما قال لا قط الا في تشهده * لولا التشهد ما مرت على فيه
به الخلافة خصت بعد أربعة * فالله ناصره والله كافيه
وكتب اليه المشير سر عسكر بر الشام محمد باشا القبرصلي كتابا يسال
فيه عن أحواله وقد أصابه مرض وأحفى السؤال وبالغ في التلطف بعبارات
رقيقة فأجابه عنه بقصيدة من جملتها
وجلا القذا عن ناظري بأسطر * أحيا الفؤاد بها وعوفي داؤه
فانا الذي فيها أصبت من العلى * شرفا يمد على الزمان رداؤه
لا غرو ان البحر يقذف لؤلؤا * والبدر يشرق في الجهات ضياؤه
وتراكضت جم القلوب لبابه * يسعى بهن ولاؤه وولاؤه
وكتب إلى عزت باشا حين قدم من دمشق الشام إلى جبل عامل وزاره
في شقراء وزار حمد البك في تبنين وذلك سنة ١٢٦٨ قصيدة من جملتها
يا نيرا من دمشق الشام قد طلعا وليث غاب بساح المجد قد رتعا
سارت ركابك منها نحو عاملة وحل فيها وزير قدره ارتفعا
وكتب إلى محمد باشا القبرصلي سر عسكر إيالة بر الشام يهنيه بعيد
الفطر
سقى صوب الحيا بالرقمتين * معاهد أنسنا والأبرقين
ربوع ان جفاها الغيث يوما * سقيناها بدمع المقلتين
ربوع لا يزال بها هلال * يفوق سناه نور النيرين
طربت بها وعاودني التصابي * بظني نقا أزج الحاجبين
أبرقع منظر المرآة عنه * مخافة ان أثنيه بعيني
إذا ما رمت لثم الخد منه * حمى باللحظ ورد الوجنتين
وان رمت ارتشاقا للثنايا * يهددني بقوس الحاجبين
الا يا نسمة الأسحار كوني * رسولا بين أحبابي وبيني
أدر يا أيها الساقي كؤوسا * وناولها بكلتا الراحتين
لقد تم السرور بمدح ليث * طويل الباع عبل الساعدين
هو المقدام في الهيجاء يلفى * ربيط الجاش ماضي الشفرتين
هو الضراب بالبيض المواضي * هو الطعان بالرمح الرديني
مشير لا يدانيه مسير * بحفظ عهود حامي الكعبتين
أمير السدة العليا تبوأ * مقاما فوق هام النيرين
ألا فاهنأ بعيد الفطر وأسلم * فأنت هلاله في كل عين
فورد الجواب من الشيخ محمد امين الجندي مفتي معرة النعمان
وكاتب الديوان السر عسكري وذلك سنة ١٢٦٨ بما صورته:
حمدا لمن غرس شجر المحبة في الروع وأجرى ماء المودة بين الأحشاء
والضلوع والصلاة والسلام على سيدنا النبي المتبوع وآله وصحبه ما دام
غروب وطلوع وبعد من الحقير محمد امين الجندي بن العباس حفظه الله من
الزيغ والتناس إلى جناب العالم العامل والهمام الشريف الكامل الأمين على
مستودع الفضائل والفارس الجرئ في ميدان أحسن الشمائل سيدنا
الفاضل ومولانا الفاضل عطر الله أوقاته بماء ورد الايناس وحفظه من شر
الجنة والناس:
نسب أقرب في شرع الهوى * بيننا من نسب من أبوين
ترد تحاريركم وقصائدكم البهية بمدح الحضرة الكريمة المشيرية فنتلوها
مترنمين ونقول هذا اثر امين وكم أردت أن أساجل قريحتكم بمدح صاحب
السعادة كما جرت بذلك بين المعاصرين من اهل الأدب العادة لكني انظر
إلى مقام دولته العالي فأقول ما لي ولاقتحام هذه الذروة ما لي إلى أن وصلت
الحضرة من دولته العلية وتلوت ما دبرت في أعتابه السنية وحيث وافق
مزاجه الفخيم ورسم بارساله إلى جنابكم الكريم طويته في هذا التحرير
معتذرا عما فيه من التقصير ولعمري اني لأدنى عبيد ولي النعم قليل
البضاعة بين من ألف ونظم لكن إكسير دولته صير نظمي ابريزا ونظره
السامي يعيد الذليل عزيزا ولا أقول اني جندي ميدان القريض ولي في هذا
الباب نسب عريق عريض فقد لا يأتي الفرع وفق اصله وانا ممن يعترف
بجهله فكم في باب حضرة المشير من ذي قدر خطير لو ابتغي تأليفا بين
النيرين لاقتدر على ذلك من دون مين والحبة بعقدها تدخل بالمدح وصاحب
(١٢٨)

هذا الفن هدف بين الثناء والقدح فالرجاء من سيادة المولى إذا وقف على ما
دبرناه واطلع على ما ألفناه ان يجر ذيل العفو عن القصور والهفو وناهيك ان
البحر مرجع المياه وان كان ماؤها من خضمه وسقياه على اني قد اطلعت
على خاطر دولته الخطير فكان للتشوق لمرأى المولى بشير فلذلك أرجو الله ان
يجمعني بطلعة بدر محياكم وان يبل غليل شوقي بلقياكم والرجاء أن لا امنع
من التراسل والتواصل والدعاء والرضاء آه والقصيدة التي أجاب بها
الشيخ امين الجندي هي هذه:
امين الدين يا نجل الحسين * برؤياكم أقر الله عيني
بليغ نظامك الدري وافى * إلى باب الوزارة مرتين
مدحت ولي نعمتنا وفي ذا * لقد شاركت اهل الخافقين
وما شاهدت طلعته ولكن * سمعت ولا أرى اثرا كعين
لعمرك انه فذ المعالي * وفرد في ظلال النشأتين
مشير لو أشار إلى الثريا * أجيبي أقبلت من غير مين
قصور ان أشبهه بكسرى * وقيصر أو باحدى النيرين
مليك للشام كسى جمالا * وخص دمشق ذات النيرين
به افتخرت بلاد العرب طرا * على من دونها في الأيكتين
بحكمته استمال قلوب قوم * وقوما بالنضار وباللجين
وبالأحكام ساس الملك حتى * أنام الذئب بين الظبيتين
ومن نبذ الكرامة أو تمادى * سطا فيه بماضي الشفرتين
سجاياه الكريمة ليس تحصى * وهل تحصى النجوم بإصبعين
فتى في دولة الاسلام ركن * وعز للمهند والرديني
به الشهباء بعد الموت عاشت * وخلص ربعها من كل شين
وزير لا نظير له وشهم * رضي الخلق أندى الراحتين
تفرد بالكمال فلا يضاهي * وأضحى للورى انسان عين
محمد والمحامد فيه حق * على الشعراء مثل قضاء دين
وتشملهم نوافل راحتيه * بلا حصر بكيف أو باين
ومن ناواه يرجع رغم انف * بيأس حاملا خفي حنين
وكم في بابه المحروس عبد * له صار الكلام بمنطقين
غدا جند القريض له مطيعا * فألف منه بين الفرقدين
فكم من أبكم مثلي يجاري * بنعمته فصيح العالمين
وأدناهم سميك ذا ولكن * بعون الله سوف تقر عيني
وفي ظل المشير أنال سؤلي * ويجمع بين آمالي وبيني
فهاك من الأمين جواب نظم * على عجل أتى يا ابن الحسين
فأجابه المترجم بهذه القصيدة:
إذا عادت بأرض الرقمتين * ليالينا أقر الله عيني
وليل نام نور الفجر عنا * وسمر فيه نجم الفرقدين
قضيت لبانتي فيه اختلاسا * بحمراء الحلي والوجنتين
وخود من بني بكر بن سعد * تمائها رقاق الشفرتين
رعت نومي بنرجس مقلتيها * واصمت حب قلبي بالرديني
حماة الحي اي همام بأس * رمته كريمة منكم بحين
سأنفض من وداد الخود كفي * وأقضي من حقوق المجد ديني
والتحف السراب بحر يوم * يذيب القلب من ضجواين
بناجية تظن الليل بحرا * تلف البيد لف الشملتين
وأطلس خلفها يعدو فيعيا * فيقعي عاويا في الحرتين
يغالطها اختلاسا عن وجاها * تمانعه بحر الوجنتين
عليها للمعالي اي دين * يدين له ضياء النيرين
فلا للمشط قد دهنت رأسي * ولا للكحل قد هيات عيني
ولكن للرهان ربطت مهري * لأحظى عنده بالغايتين
لرحلة مفخر وطلاب عز * ومجد لا النضار ولا اللجين
إلى مولى طويل الباع فذ * جليل القدر رحب الساحتين
وقائد عسكر بحسام عزم * صقيل الحد ماضي الشفرتين
ومن يبغي الخلاف رمته دهما * من الاقدار تخبط باليدين
كسا الشامات ثوب العدل حقا * وأقصى الجور بعد المشرقين
ربطت على الولا قلبا مقيما * وطلت على الرجال بمفخرين
فكم ساجلت في هذا وهذا * بليغا عاد في خفي حنين
وأبقى الله دولة ذي المعالي * بذي الدنيا لأمن العالمين
وكتب إلى حسن بك كأخيه مشير إيالة صيدا محمد امين باشا حين
قدومه لبلاد بشارة سنة ١٢٦٨ قصيدة من جملتها:
جلا بقدومه عنا ظلاما * بوجه مشرق كهلال عيد
له القلم الذي ما زال فيه * يصيب شواكل الامر البعيد
ورأي لو يناط على الليالي * لما احتاج الصباح إلى عمود
وللآداب كنز اي كنز * سما بنفائس الدر النضيد
وقال في جده أمير المؤمنين ع
أبا حسن لولاك ما خلق الملا * ولا دحيت ارض ولا رفعت سما
ولا دارت الأفلاك والفلك ما جرت * ولا نزل الغيث الملث ولا همي
من مدائحه
وجدنا هذه القصيدة في مدحه وتهنئته بسيف أهداه له بعض الملوك ولم
نعلم ناظمها:
مولاي ان حياض جودك منهلي * وعليك في هذا الزمان معولي
انظر إلي ببعض طرفك نظرة * يسمو بها نظري ويعرب مقولي
تمحو أساطير الخطوب كما محت * ريح الشمال ركام غيث مثقل
أرجوك للامر العظيم وانما * يرجى المعظم للعظيم المعضل
لا تشمتن بي الأعادي بعد ما * قربتني وغدا العدو بمعزل
أملي على أعتاب بابك واقف * فكأنه في هضبة من يذبل
ومجلل بيدي نداك كأنما * غطاه عرف العارض المتهلل
لا ينثني الا بادراك المنى * ودفاع عادية الخطوب النزل
أ تصيب فادحة الليالي مقتلي * ويروعني زمني وجاهك معقلي
وأذود عن عيني كراها قائلا * يا أيها الليل الطويل الا انجلي
حاشاك تسلبني العطية بعد ما * أبرمت فيها عقدة لم تحلل
حاشاك تخفض رتبتي من بعد ما * أحللتني أوج السماك المعتلي
ان الرياسة في يديك زمامها * وسواك يخبط جنح ليل أليل
ان المظالم مذ حللت ديارنا * رحلت رحيل الظاعن المتحمل
أسقيتني كاس المنى معسولة * من ذا يمازجها بطعم الحنظل
حاشاك توردني سرابا بعد ما * أوردتني ماء الزلال السلسل
أحكمت لي عقدا أو لست بناقض * ما كان احكم في الزمان الأول
هي قولة لا يستطاع رجوعها * كالسهم يرمي نافذا في المقتل
من مبلغ الاعراب اني وارد * حوض السماح من الغمام المسبل
(١٢٩)

وسموت أفلاك العلى بمحمد * غيث المؤمل نير المتأمل
أسد إذا جئت الخطوب ببابه * يرمي غواربها بحد المنصل
يسطو على الأيام منتصرا لمن * القى الزمان على حماه بكلكل
يا حاميا للجار بل يا حاميا * دين الأئمة والنبي المرسل
يا ناصر الاسلام أنت كفيته * شر الأعادي بالرماح الذبل
ان يهربوا من ارض معركة إلى * أخرى وهبت ترابها للقسطل
ما استعصمت فرسانهم في معقل * الا طلعت عليهم في جحفل
جيش يغص به الفضاء جررته * يهوي إلى الباغي هوي الأجدل
فغزوتهم بالرأي والقلم الذي * طعن العدى والسيف لما يسلل
تمتاح إن لم ترتشف منهم دما * عقبانها وتعل إن لم تنهل
يا أيها السامي إلى أفق العلى * مهلا فما فوق السما من منزل
واهنا بما فيه حباك مليكنا * سيف لغيرك في الورى لم يرسل
اقبل رجائي انني متوسل * بك والنبي وبالامام الأفضل
خذها محجلة إذا ما أنشدت * عطفت عنان الراكب المستعجل
وارسل اليه الشيخ إبراهيم الأحدب أحد علماء طرابلس وشعرائها
بقصيدة فأجابه عنها بأبيات منها:
غدا بحر القريض له مطيعا * فنضد منه ياقوتا وعسجد
حباني منه قافية أبانت * لدينا ان إبراهيم مفرد
فقرب للقا نجب المعاني * وأوصلها بوصل الآل ترشد
ففينا جاء في القرآن مدح * بنص مستبين ليس يجحد
فأجابه الشيخ الأحدب بهذه القصيدة:
أسال مدامعي خد مورد * بديوان البها أمسى مورد
وأطلق ناظر الأجفان دمعي * ورشحه بعامله المجرد
وأخلقني الزمان بحب ريم * به ثوب الصبابة قد تجدد
وعذبني بنار الصد منه * ولم أبرح أوحده وأشهد
معطلة به بئر اصطباري * وقصر صبابتي فيه مشيد
وصيرني ودون لماه قلبي * لسيف جفونه الماضي تشهد
يحل بمهجتي ولعقد صبري * ولي سبب اللقاء به معقد
لوجنته بقلبي اي خد * كما خدي بدمعي قد تخدد
بمحراب الذوائب لي ركوع * ولي بالغرة الغراء مشهد
وعدت إلى الغرام فكان عودي * لأحوي أحور الأجفان احمد
بحمرة وجنة وبياض جيد * غدا حظي كليل نواه اسود
وما لي مسعد بهواه يوما * وهل من يعشق الآرام بسعد
وما انا في هواه سعيد حظ * على اني أميل إلى محمد
امين الفضل مأمون المعالي * رشيد من أتى علياه يرشد
يفوز بكل سعد من اتاه * ومن وافى سعيدا فهو مسعد
كسته مفاخر الآباء عزا * فأزرى بالفخار بكل أصيد
له حر الكلام غدا رقيقا * فحرزه باتقان ونضد
وثبت من معاليه حديثا * غدا مرفوعه بالفضل مسند
تكلفني القريض لها جزاء * وفكري عن شوارده مقيد
وذلك حيث إن الدهر أمسى * يريني ما به أصبحت مكمد
يغض الجفن عن فضلي حسودي * ويفتح ناظرا للشر مرصد
وهبني الشمس في أفق المعالي * أ يحسن ان تراها عين أرمد
فخذها من بنات الفكر خودا * بفضلك عند اهل الفضل تشهد
ولا تعتب قصوري عن لقاكم * فما انا على باب تردد
واني قد غدوت الآن حلسا * لبيتي خوف عذالي وحسد
وسل حسن الختام لنا جميعا * وذلك غاية تعنى وتقصد
وكتب له دفتر دار صيدا فائق باشا مرسوما إلى الشيخ حسين
السلمان بالأربعة الفدن الاقطاعية في شقرا معاشا له بعنوان أنه مفتي بلاد
بشارة نثبت هنا صورته لأنه من الآثار التاريخية وهو على ورق متين بخط
رقعي في غاية الجودة قد نشرت عليه البرادة الذهبية اللون وبقيت إلى الآن
وتبقى بعد هذا المئات من السنين وهذه صورته:
افتخار الأماجد والأعيان محصل هونين حالا الشيخ حسين السلمان
زيد قدره
المبدي إليكم أن رافع تحريرنا هذا افتخار العلماء الكرام السيد محمد
أمين أفندي بيده مراسيم سابقة من حضرات المشيرين والدفتر دارية الفخام
السابقين وذلك بخصوص المشد المطلق في قرية شقرة التابعة بلاد بشارة
ومن كون المشد المطلق المذكور خارجا عن ترتيب القرية التمس منا تجديد
التصرف به كما كان قديما وقد صار التماسه مقبولا فيلزم أن يتصرف بهذا
المشد معاشا له وأيا من يعقبه من الذرية إنعاما مؤبدا من دون أن يعارضه
معارض فبناء على ذلك اقتضى إصدار هذا كي تعملوا بموجبه في ٢٣ سنة
١٢٦٠.
محمد فائق
دفتر دار إيالة
صيدا وملحقاتها
محل الختم
وهذا بعد ذهاب إبراهيم باشا من سورية واستيلاء الدولة العثمانية
عليها.
صورة مرسوم آخر من أدهم باشا دفتر دار إيالة صيدا بهذا المعاش
افتخار المشايخ المكرمين محصل هونين وقانا الشيخ حسين السلمان
زيد مجده.
إن رافع تحريرنا هذا افتخار العلماء الكرام السيد محمد أمين العالم
بيده مراسيم سابقة من حضرات الولاة السابقين مضمونهم بخصوص مشد
المطلق في قرية شقرة التابعة بلاد بشارة ومن كون مشد المطلق المذكور
خارجا عن ترتيب القرية التمس منا تجديد التصرف له به كما كان قديما وقد
قبلنا التماسه فيقتضي أنه يتصرف به معاشا له وإلى ذريته من بعده بدون أن
يعارضهم بذلك معارض ولا ينازعهم منازع بناء على ذلك اقتضى إصدار
تحريرنا هذا لكي بعد الوقوف على مضمونه وإجراء العمل بموجبه يرجع ليد
المومى إليه ليبقى محفوظا لمحل الحاجة إليه اعلموا ذلك والسلام في ١٠ ن
سنة ١٢٥٧.
الحاج إبراهيم أدهم
الختم دفتر دار إيالة
صيدا وتوابعها
حالا
السيد إبراهيم أدهم
صورة مرسوم آخر بقرية الصوانة من إبراهيم باشا من محمد علي باشا
(١٣٠)

صدر مرسومنا العالي المطاع إعلاما به إلى كل واقف عليه أن رافع
مرسومنا هذا افتخار العلماء الكرام السيد محمد أمين العالم أنعمنا عليه بقرية
الصوانة لأن تكون معاشا له يتصرف بها ويستولي إيرادتها لمعاشه بعد وفاة
والده ولا يعارضه بها معارض ولا ينازعه منازع فبناء على ذلك اقتضى
إصدار مرسومنا هذا من ديوان معسكر عكة ليعمل بموجبه ويعتمد عليه غاية
الاعتماد في ١٠ ل سنة ١٢٤٩.
الختم
الحاج إبراهيم والي
جدة
سلام على إبراهيم
صورة مرسوم آخر بقرية الصوانة من فائق باشا دفتر دار إيالة
صيدا
افتخار الأماجد الكرام محصل تبنين وساحل معركة شيخ المشائخ حمد
البك زيد مجده.
غب التحية والتسليم بمراسم الإعزاز والتكريم المبدي إليكم أن قرية
الصوانة الكائنة من أعمال بلاد بشارة هي من القديم مفروزة القلم غير
داخلة بترتيب الميري السابق والآن من كونها معاش إلى افتخار العلماء
الكرام السيد محمد أمين أفندي العالم ومتصرف بالقرية المذكورة بموجب
مراسيم من الولاة السالفين وقد صار الاطلاع عليها بناء على ذلك قد جددنا
له هذا طبق الأوامر المخلدة بيده لتستبقي القرية المذكورة بتصرفه ويستوفي
ايرادتها لمعاشه ولمن يعقبه من ذريته أنعاما من دون أن يعارضه معارض ولا
ينازعه منازع بل تكون القرية معاشا لهم حكم القديم لقاء أمره بالدعاء
الخيري بدوام سرير سلطنة ولي نعمة العالمين خلد الله سرير ملكه ما دام
الدوام فبناء على ذلك حررنا لكم هذا كي تعملوا بموجبه في ١٣ ر سنة
١٢٦٠.
محمد فائق دفتر دار إيالة صيدا وملحقاتها
الختم
محمد أمين فائق
وكتب كتابا إلى مصطفى باشا قائم مقام إيالة صيدا سنة ١٢٧٧ فجاءه
الجواب من الباشا المذكور بما صورته:
افتخار العلماء الكرام ذو المجد والاحترام مولانا أفندي دام بقاه.
غب التحيات الفاخرة وغرر التسليمات العاطرة لمشاهدة جنابكم على
كل خير وعافية ونبدي أنه بأشرف وقت ورد كتابكم وقطفنا درر معان
تنضدت من جنابكم وصار عندنا لذلك غاية السرور والبهجة وعلى كل
حال لا يفوت جنابكم شئ من الكمال غير انا تكدرنا من اللطف الحاصل
لجنابكم كثيرا ونسأله تعالى أن يزيله عن ذاتكم بحق جدكم وآله وأما
الشوق فعندنا أضعاف مضاعفة وإنشاء الله نشاهد جنابكم بكل خير وتشكر
من حسن مزاياكم آه ونحن ننقل هذه المكاتبات لا لبلاغة فيها بل
لأنها أثر تاريخي معبر عما كانت عليه حالة ذلك الوقت.
وكتب كتابا إلى إسحاق باشا مير ميران وقائم مقام إيالة بر الشام فورد
اليه الجواب من الباشا المذكور سنة ١٢٦٨ وهو هذا:
افتخار السادة الكرام الأشراف ذوي المجد والاحترام من آل عبد
مناف مولانا أفندي حميد الخصال زيد فضله غب إهداء التحيات الوفية
والتسليمات السنية والأشواق القلبية لمشاهدة نور طلعتكم البهية نبدي أنه
بينما نحن في تذكار أوصافكم الحميدة وأخلاقكم الفائقة الفريدة إذ بأبرك
وقت سعيد وأيمن طالع رغيد ورد تحريركم المنبئ عن اعتدال مزاجكم
الفاخر ورفاه طبعكم البهي العاطر وما تضمنه من الألفاظ الدرية والعبارات
الفائقة الزكية صار معلوم هذا العاجز والقصيدة التي أهديتموها وقعت في
عين القبول إذ هي تحفة آل بيت الرسول فما أحلى تلك الأساليب الفائقة وما
أعذب تلك الموارد الرائقة فلا فض فوك ولا عاش من يشنؤك ونحن لا نزال
نسمع بفضلكم من الوارد والصادر وبناء على تهيج الأشواق حررنا بقلم
الخلوص والمودة نرجو دوام اتصال تحاريركم فيما بعد ودمتم.
وأخذ مرسوما آخر من أدهم باشا دفتر دار إيالة صيدا بقرية الصوانة
بهذا التاريخ باسم حمد البك هذه صورته:
افتخار المشايخ المكرمين محصل مقاطعة تبنين ومعركة حالا الشيخ حمد
البك زيد مجده أن قرية الصوانة الكائنة من أعمال بلاد بشارة هي من
القديم مفروزة القلم غير داخلة بترتيب الميري من سابق والآن أيضا كونها
معاش إلى رافع تحريرنا هذا افتخار العلماء الكرام السيد محمد أمين العالم
ومتصرف بالقرية المذكورة بموجب مراسيم من الولاة السابقين قد صار
الاطلاع عليها بناء على ذلك مجددا الآن مصدرين بيده تحريرنا هذا لكي
بموجبه يبقى السيد محمد المومى اليه متصرف بالقرية المذكورة ويستولي
إيرادتها لمعاشه وإلى أولاده من بعده بدون أن يعارضهم بذلك معارض ولا
ينازعهم منازع بل تكون القرية المذكورة معاشا لهم حكم المدد السابقة على
حسب الرسم القديم وإعلانا لذلك اقتضى إصدار تحريرنا هذا لكي بعد
الوقوف على مضمونه وإجراء العمل بموجبه ترجعوه ليد المومى اليه ليبقى
محفوظا بيده لوقت الاحتياج إليه اعلموا ذلك والسلام في ١٠ ن سنة
١٢٥٧.
الإمضاء
الحاج إبراهيم أدهم دفتر دار إيالة صيدا وتوابعها حالا
الختم
السيد إبراهيم أدهم
وكانت المراسيم تجدد لأصحابها من الولاة كلما تجدد وال فلذلك أخذ
مرسوما آخر بالافتاء من ديوان إيالة صيدا بتاريخ ٢١ ربيع الأول سنة
١٢٥٧ هذه صورته:
مفاخر المشائخ المكرمين محصلين مقاطعات تبنين وهونين ومرجعيون
زيد مجدهم. وأعلام به إلى كامل المشايخ وأهالي وفلاحين المقاطعات
المذكورة بوجه العموم يحيطون علما بخصوص رافع مرسومنا هذا افتخار
العلماء الكرام السيد محمد امين زيد علمه بيده مراسيم من حضرات
أسلافنا الوزراء العظام بتوجيه وكالة إفتاء بلاد بشارة ومرجعيون على والده
من قبله وعليه فالآن اقتضى إصدار مرسومنا هذا إليكم بيده لكي يكون
معلوم الجميع منكم أن الأفندي المومى اليه باق مقرر بوكالة الإفتاء في بلاد
بشارة جميعها ومرجعيون وجميع المواد الشرعية يكون فصلها عن يده وتعتبر
فتاويه وتجروا معه جميع رسومات وظيفته حسبما كان على موجب المراسيم
التي بيده من حضرات أسلافنا الوزراء العظام بما فيها عوائده لأجل اغتنام
خير دعاه لحضرة مولانا السلطان نصره العزيز الرحمن أيد الله تعالى سرير
ملكه إلى انتهاء الزمان وانقراض الدوران فبناء على ذلك أصدرنا لكم
(١٣١)

بيورليدينا هذا من ديوان إيالة صيدا لأجل عند اطلاعكم على مضمونه
تجرون العمل بموجبه وتعتمدوه.
٢١ ر ل ١٢٥٧ وذهب من أسفله محل التوقيع لكنه مختوم في أعلاه
بختم كبير وعلى جوانب الختم بسم الله الرحمن الرحيم يوم لا ينفع مال
ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وفي وسطه هكذا عبده محمد
سليم.
وأخذ مرسوما من فائق باشا دفتر دار إيالة صيدا بالمشد المطلق في
شقراء الآنف الذكر سنة ١٢٦٠ هذه صورته:
افتخار الأماجد والأعيان محصل هونين حالا الشيخ حسين السلمان
زيد قدره المبدي إليكم أن رافع تحريرنا هذا افتخار العلماء الكرام السيد
محمد أمين أفندي بيده مراسيم سابقة من حضرات المشيرين والدفتر دارية
الفخام السابقين وذلك بخصوص المشد المطلق في قرية شقرة التابعة بلاد
بشارة ومن كون المشد المطلق المذكور خارجا عن ترتيب القرية التمس منا
تجديد التصرف به كما كان قديما وقد صار التماسه مقبولا فيلزم أن يتصرف
بهذا المشد معاشا له وأيا من يعقبه من الذرية انعاما مؤبدا من دون أن
يعارضه معارض فبناء على ذلك اقتضى إصدار هذا كي تعملوا بموجبه في
٣ ر سنة ١٢٦٠ محمد فائق دفتر دار إيالة صيدا وملحقاتها.
الختم
محمد أمين فائق
ولما حضر فؤاد باشا الصدر الأعظم إلى سورية لاصلاح الأحوال في
حادثة الدروز والنصارى سنة ١٢٧٧ حضر إليه عمنا السيد محمد الأمين
وأخذ منه مرسوما بقرية الصوانة ومشد المطلق في شقراء وصرح له في هذا
المرسوم بأنه ليس لاخوته حق المعارضة معه في الصوانة لأنهم كانوا ينازعونه
فيها وكانت يده أقوى من أيديهم فكان حكام البلاد من أبناء العشائر إذا
تخاصموا معه حركوا اخوته عليه وأعانوهم فإذا اصطلحوا معه تخلوا عنهم
وإنما صرح له فؤاد باشا بذلك لأن المرسوم الذي أخذه من إبراهيم باشا
عند وفاة والده كان باسمه خاصة كما مر فجرت المراسيم المتأخرة على حسبه
وهذه صورة مرسوم فؤاد باشا.
قد صدر مرسومنا هذا إعلاما إلى كل مطلع عليه وناظر إليه بوجه
العموم يحيطون علما أنه قد أطلعنا على البيوير لديات الموجودة بيد جناب
مكرمتلو السيد محمد أمين أفندي الحسيني مفتي بلاد بشارة المعطاة له من
طرف حضرات الولاة العظام والوزراء الفخام ودفتر دارية إيالة صيدا ذوي
الاحترام المعربين بان مزرعة الصوانة من أعمال بلاد بشارة هي موجودة
بعهدته من القديم بوجه المعاش وهكذا مشد المطلق في قرية شقرة ولكون
جناب الأفندي المومى اليه قد استدعى تجديد البيوير لديات التي بيده من
طرفنا لكي تدفع عنه المداخلة بالمحلين المذكورين الموجودين بعهدته فقد
أجبنا التماسه وبناء عليه ينبغي أن الأفندي المومى إليه يكون متصرفا في
المحلين المذكورين حسب قديمه الجاري حتى الآن من دون أن ينازعه منازع
ولا يعارضه بذلك معارض ولا بوجه من الوجوه بل تبقى المعيشة المذكورة
بيده وليس لاخوته ولا خلافهم تعرض ولا دخل بها وبما أن الأفندي المومى
إليه هو من الذرية الطاهرة الذين يقتضي أن تجري بحقهم الرعاية والحرمة
فيقتضي أن تجري بحقه المساعدة بخصوصياته ومسؤولياته الموافقة للأصول
وبناء على ذلك قد أصدرنا هذا البيوير لدي من ديوان نظارة الأمور الخارجية
والمأمورية المخصوصة فوق العادة بالاستقلال لاصلاح أحوال سوريا فاعلموه
واعتمدوه غاية الاعتماد في ٥ ربيع الأول سنة ١٢٧٧ والختم مطبوع في
أعلاه مع بيت من الشعر بالتركية هكذا بصورة دائرة:
حكومت حكمت ايله مشتركدر
محمد فؤاد ١٢٧١
وزير اولان حكيم اولمق كركدر
أما الختم الخاص لفؤاد باشا فهو هكذا السيد محمد فؤاد
وأخذ مرسوما آخر من حاكم صيدا محمد قبولي سنة ١٢٨٠ بقرية
الصوانة ومشد المطلق في شقراء مبنيا على مرسوم فؤاد باشا هذه صورته:
صدر مرسومنا هذا المطاع إعلاما إلى كل مطلع عليه وناظر إليه بوجه
العموم يحيطون علما أنه قد أطلعنا على البيورلديات الموجودة بيد جناب
مكرمتلو السيد محمد امين أفندي الحسيني مفتي بلاد بشارة المعطاة له من
طرف أشرف حضرة صاحب الصدارة العظمى فخامتلو دولتلو فؤاد باشا
المعظم وحضرة الولاة العظام والوزراء الفخام في أيالة صيدا المعربين بان
مزرعة الصوانة من أعمال بلاد بشارة المعطاة له هي موجودة بعهدته من
قديم الزمان بوجه المعاش وهكذا مشد المطلق في قرية شقرة ولكون جناب
الأفندي المومى اليه قد التمس تجديد المراسيم المذكورة من طرفنا أيضا كي
ترتفع عنه المداخلة في المحلين المذكورين الموجودين بعهدته كما ذكر آنفا فقد
أجبنا التماسه وبناء عليه ينبغي أن الأفندي المومى اليه يكون متصرفا في
المحلين المذكورين حسب قراره الجاري حتى الآن وصاعدا لا ينازعه بهما
منازع ولا يعارضه بهما معارض بل تبقى المعيشة المذكورة بيده وليس لأخوته
ولا لخلافهم تعرض ولا مداخلة بهما وبما أن الأفندي المومى اليه هو من
الذرية الطاهرة فيلزم أن تجري بحقه الرعاية والحرمة أيضا ليواظب على
الدعوات الخيرية بحفظ سرير السلطنة السنية وبناء على ذلك قد أصدرنا
مرسومنا هذا من ديوان ولاية صيدا والمأمورية المخصوصة في عربستان
فاعلموا ذلك واعتمدوه كل الاعتماد ١٩ جمادى الأولى سنة ١٢٨٠ الختم
محمد قبولي.
في الوسط وفي الجوانب قناعة العبد خير من المال وجملة أخرى لم
نتمكن من قراءتها.
وأخذ مرسوما آخر من خورشيد باشا حاكم صيدا صادرا من ديوان
ولاية صيدا بالصوانة ومشد المطلق في شقراء مؤرخا في ٢٣ جمادى الأولى
سنة ١٢٨١ و ٣١ تشرين الأول سنة ١٢٨٠ مبنيا على مرسوم فؤاد باشا
أيضا وعبارته عين عبارة هذا المرسوم بغير زيادة ولا نقصان سوى عبارة
فالمأمورية المخصوصة في عربستان فإنها غير موجودة فيه والختم في الوسط
محمد خورشيد ويحيط به هذه الآيات الثلاث.
حسبي الله ونعم الوكيل. وأفوض أمري إلى الله. وما توفيقي إلا بالله.
(١٣٢)

أولاده
ولد للمترجم: السيد جواد والسيد أبو الحسن أمهما الحاجة خاتون
بنت الحاج محمد شيث سقط عليها البيت في دار بعلها في شقراء فلجات إلى
موقد النار فتوفيت محترقة تجاوز الله عنها والسيد مرتضى والسيد رضا والسيد
حسن أمهما الحاجة سكنة بنت الحاج حسن ابن الحاج محمد شيث تزوجها
بعد موت عمتها المذكورة كانت من فضليات النساء بارعة في الجمال
سافرت بعد وفاة بعلها وأولادها إلى العراق مرتين وفي الأولى منهما زارت
مشهد الرضا ع وفي المرة الثانية جاورت في النجف الأقدس وقلت ذات
يدها وكانت تقضي نهارها صائمة وأكثر ليلها قائمة تدعو وتصلي وتتضرع
وتبكي إلى الفجر فتذهب إلى الحضرة الشريفة وتعود عند الضحى ثم
تذهب بعد الظهر إلى الحضرة المشرفة فتبقى حتى تصلي المغرب والعشاء
وتعود وتنام شيئا من الليل ثم تقوم فتصلي وتدعو وتتضرع إلى الفجر كان
هذا دأبها حتى مضت إلى رحمة الله تعالى في النجف. جاورتنا مدة طويلة
هناك في دار واحدة فكان هذا دأبها حتى توفيت وكانت لا تنسى بعلها
وأولادها من الصدقات والخيرات في ليالي القدر من شهر رمضان كل سنة،
توفي أولادها المرتضى والرضا في حياة أبيهم وأرخ الشيخ علي زيدان وفاة
المرتضى بقوله:
هذا ضريح المرتضى * ريحانة الهادي البشير
شبل الأمين محمد * وابن الأمير ابن الأمير
لما تغيب في الثرى * عن دوحة الشرف الخطير
أرخت يوم أفوله * في رمسه القمر المنير
سنة ١٢٧٥
وله فيه تاريخ آخر وقد ذهب بيت التاريخ:
هذا ضريح المرتضى * بدئ الوجود بجده
جبريل ناغى جده * طفلا وهز بمهده
فرع من السبط الذي * أوفى الأنام بعهده
نجل الأمين محمد * أغنى العفاة برفده
لما تغيب في الثرى * غاب الضياء لفقده
والكون أضحى مظلما * يا للرجال لبعده
وكانت وفاة السيد حسن محزنة جدا خطب له أبوه بنت الفقيه العلامة
الشيخ محمد علي عز الدين وليلة زفافه توفي فجأة قبل أن يدخل بها وكان
فاضلا نجيبا خير أولاده علما وفضلا ونجابة ونبلا أحضر له أبوه الشيخ
جعفر مغنية فعلمه علم العربية والبيان وغيرهما ولو بقي لكان خليفة أبيه
ولكن لله أمر هو بالغه رأيته وأنا في سن الطفولية وقد حضر مع والده إلى
دارنا قادمين من دوبيه ولست أتحقق صورته وتوفي بعد ذلك بمدة قليلة.
والسيد علي ابن السيد محمد الأمين أمه بنت الشيخ علي زيدان العالم
الشاعر المشهور كان شهما كاملا سخيا توفي سنة ١٣٢٩ وأرخ وفاته الشيخ
محمد حسين شمس الدين بقوله:
قد قلت للقبر الذي قد ضمه * بوركت فيك من الفضائل أبحر
يا قبر طبت بما حويت فأنت من * هذا الثرى سفط بجوفك جوهر
فيك العلي ابن الأمين ومن له * منن مؤرخة بها أتذكر
سنة ١٣٢٩
والسيد حسين أمه من السادة آل عباس الموسويين الشهيرين من دير
سريان وكان أخرس ٢٦٢:
السيد محمد ابن السيد أمين ابن السيد علي ابن السيد محمد الأمين ابن
السيد أبي الحسن موسى ابن عم المؤلف
ولد في حدود سنة ١٢٧٩ وتوفي سنة ١٣٦٠ شاعر أديب ظريف
طلب العلم مدة ومن شعره قوله في أهل البيت ع:
حبي لآل محمد يكفيني * هم عصمتي ذخري بيوم الدين
ما لي من الأعمال غير ولائهم * من كل ما أخشى غدا ينجيني
بالمصطفى والمرتضى وبفاطم * وبنيهم الأطهار اهل الدين
أرجو النجاة من السعير واتقي * بولائهم من كل ما يؤذيني
هم حجة المولى ومهبط وحيه * ومحل مودع سره المكنون
وارسل اليه أخوه السيد سعيد كتابا وضمنه أبياتا فأجابه بقوله:
قل للأديب أخي خليفة والدي * عضدي حسامي في الشدائد ساعدي
أعددته ذخرا لكل ملمة * عرضت علي برغم انف الحاسد
لما نظرت إلى كتابك سرني * وشممت منه طيب عرف وافد
وقريضك المكسور في ميزانه * يعطي ويأخذ في روي واحد
اعجازه بصدوره مخبوصة * خبص الدقيق مع الطبيخ البارد
ان كنت في نظم القصائد مولعا * فابعث لنا من غير هذا الوارد
وذبح السيد علي ابن عمنا السيد محمود عجلا فأرسل هو وجماعة معه
من الأدباء أبياتا إلى أخيه السيد محمد على طريق المداعبة يفضلون فيها
الكبة النية على اللحم المطبوخ لعلمهم انه يكره ذلك وكان ابن عمه السيد
محمد المترجم حاضرا عنده فقال له أجبهم فأجابهم بهذه الأبيات عن
لسانه:
ما ذا أقول لعصبة * حازوا الكمال بطرقه
جاءوا بامر كذبه * أدنى له من صدقه
اللحم يحسن اكله * بالطبخ لا في دقه
لكن لغلظ عقولهم * لا يهتدون لفرقه
قسما بحرمة عجلكم * وبوركه وبعنقه
من جاء منكم ثانيا * فورا أمرت بشنقه
والشيخ يذهب حلمه * ويضيق واسع خلقه
ان شام امرا خارجا * يوما أتى عن حقه
وارسل إلى ابن عمه السيد علي ابن السيد محمد الأمين:
لعمرك شقراء ما شقراء بعد ما * نأيت ونار الحرب وارية الزند
اطار غبار الشر فيها جماعة * وما وقفوا يوما بامر على حد
تراهم صحاحا والقلوب مريضة * وقد زهدوا في الدين من كثرة الزهد
وارسل اليه أيضا وكان وعده بكسوة فتأخرت:
يا ابن الأمين على الاحكام والسنن * وحجة الله في سر وفي علن
يا ابن الألى ملكوا الدنيا وما ادخروا * منها سوى العمل الموسوم بالحسن
البر عندك مذخور بحاصله * والجوع كاد بوجه البر يقتلني
وعندكم ذرة تذري بمدورها * من اصفر اللون أو أصفى من اللبن
كذا الشعير كثير حيث تمنعه * مني وتبذله للخيل والأتن
(١٣٣)

لبست وعدك والأيام دافئة * وخلف وعدك هذا اليوم أبردني
وارسل إلى بعض بني عمه عن لسان ابن عمه السيد علي المذكور في
بعض الأغراض:
لا خير في خل تراه مداهنا * يسقيك من بعد الحلاوة حنظلا
فارجع إلى دين الأخاء مبسملا * من قبل أن تأتي اليه محوقلا
وسرقت له أتان في بنت جبيل فأرسل إلى المؤلف بهذه الأبيات:
يا من يداه تحاكي الغيث إذ وكفا * وعنده بان نهج الحق وانكشفا
ومن له مكرمات لاعداد لها * وفاق بالفضل من يأتي ومن سلفا
ومن سما للعلى فاجتاز غايتها * وكل من سامها من بحره غرفا
انظر لعبد أتى يرجوك ملتجئا * وعند بابك يا مولاي قد وقفا
كانت له من جياد الأتن راحلة * تكاد تأخذ من طير السما علقا
فاغتالها اللص في سوق الخميس ولم * يبق لها اثرا عندي ولا خلفا
وأنت ملجا هذا الخلق اجمعه * ومن غدا بصفات الفضل متصفا
فأجابه المؤلف بقوله:
وافى قريضك يا ابن العم متصفا * بكل وصف ظريف أعجز الظرفا
وليس ذلك بدعا منك انك من * نسل الألى فضلهم قد بان وانكشفا
ذكرتني لك حقا واجبا وبه * أصبحت من قبل هذا اليوم معترفا
وارسل معها المترجم أيضا بهذه الأبيات إلى المؤلف:
مولاي يا كهف العشيرة * مولاي أنت لنا ذخيرة
قلبي يودك مخلصا والله اعلم بالسريرة
لا زلت في حفظ الإله * وانه ذو عين قريره
هذا القريض مسعر * عن كل بيت نصف ليره
والشعر لست أبيعه * بالقيمة البخس النزيرة
الا إذا قد أحوجت * واليه ألجأت الضرورة
فأجابه المؤلف عنها بقوله:
سرقت أتان محمد * تلك المشهرة الشهيرة
كانت تفوق الريح عد * وا والبروق المستطيره
في الشام تصبح ان نوت * سفرا وتمسي في الجزيرة
بالتبن تقنع لم تذق * من كفه يوما شعيرة
سمعت باخبار الشعير * ولم تشاهد منه صوره
والماء تشرب رنقه * عفوا ولا تبغي نميره
كانت على عطش وجو * ع ان أصاباها صبوره
وعلى ركوب الهول عند * مسيرها ابدا جسوره
سيان ان طالت مسا * فته وان كانت قصيرة
فلذاتها تبكي لفرقتها * بأدمعها الغزيرة
ويح اللصوص فإنهم * جاؤوا بموبقة كبيرة
سرقوا أتان ابن الأمين * فناله منهم كدوره
تبت يد الجاني عليه * ولا يزل في شر حيره
حدث ببنت جبيل كان * وما وعى الواعي نظيره
فلذاك حركه لنظم * الشعر ما أذكى شعوره
وافى يطالبنا لذلك * بالدنانير اليسيرة
يبغي بان يشري نظيرا * للحمارة أو نظيره
ويروم جائزة لها * عن كل بيت نصف ليره
انا رضينا ذلك التسعير * واخترناه خيره
لكن بشرط مبرم * لا ينقض القاضي مريره
ان يشتري قيدا له الحلقات * أضحت مستديره
ويشدها فيه ليا * من سارقا يخشى شروره
أولا فيعذر سارق ال‍ * أولى إذا سرق الأخيرة ٢٦٣:
الشيخ محمد امين ابن الشيخ عباس مروة.
كان فاضلا شاعرا، توفي ودفن في جباع من جبل عامل.
شعره
قال مهنئا السيد محمد جواد الأمين بزفافه ومادحا السيد محمد والسيد
علي ابني السيد محمود عم المؤلف:
هل الركب في الاعراب بادين غلسوا * وفي مسقط الرمل استقلوا أو عرسوا
لقد درست الا بقايا طلولهم * وفي مهجتي الحب الذي ليس يدرس
فلا جفن من يوم نأوا خالط الكرى * كان الكرى من بين جفني يخلس
ولا غرة من بعد لمياء غرة * ولا مرشف من بعد لمياء العس
تجسست آثار الديار على النقا * مرارا وهل يجدي الحزين التجسس
سلوا معبر الغادين كم حمت حوله * لعلي ألاقي فيه ما انا أحدس
متى يا ليالي الخيف تستوقف الخطى * على حاجر حيث الرواحل تحبس
لنا معهد في قرب تيماء عامر * حلا فيه للمشتاق مرعى وملمس
و عندي علاقات هواها إلى العلا * إذا اخذ الناس الهوى وتجنسوا
علقت بها قبل اعتلاقي مع الصبا * على حين لا ذيلي بشئ يدنس
لتلك التي أرجو بها رد لهفتي * فيقصر عني طول ما أتنفس
مضى زمن الوانين والياس عودوا * على حدثان الدهر حتى تفرسوا
فلا شاو الا بيننا ما يحوزه * ولا هم الا عندنا ما ينفس
أ عادت لنا بشرى قران محمد * الجواد الحسيني ما يعز ويؤنس
فتى لنجباء الطاهرين الذين هم * زكوا أنفسا دون الأنام وقدسوا
كريمون اما طفلهم فمرشح * واما فتاهم في الورى فمرأس
إذا ضربوا يوما إلى العز حلقوا * وان بسطوا كفا إلى الصعب أسلسوا
بنو الحزم أبناء الأمين هم الألى * بنوا للمريدين البناء وأسسوا
وهم حققوا حتى لقد قيل أغربوا * وهم دققوا حتى لقد قيل هندسوا
وهم عبروا القصد الذي نهضوا له * وهم عمروا الربع الذي كان يطمس
أخو النجح ناشيهم إذا شب وانتشى * وذاكر ما فات الكرام وما نسوا
تتابع فيهم كل من يؤثر الهدى * وعند اشتباه الامر من يتحرس
عميد هداهم ثقل مقدار شانهم * محمد محمود إذا القوم نافسوا
ملئن سرورا في زفاف محمد الجوا * د وفيما من سنا الرشد يقبس
أحادي المطايا ان في جانب الحمى * مهابط تفدى عندها النفس أنفس
إذا نزلت مغنى علي فلذ به * همام زكا عرق نماه ومغرس
لقد ثنت العليا اليه وسادها * ومنه التقاها رابط الجاش كيس
وثفنا بمولانا علي على العلا * وما العلماء استحفظوه ومارسوا
حمى الله فيه حوزة الدين انه * جلا عن بني الدين الذي كان يلبس
سيبرز منه في معانيه جوهر * من الحمد لو لاقى النجوم لأشمسوا
ولا زلتم آل الأمين بمفخر * تطأطأ اعلام لديكم وأرؤس
ودامت ليالي نجل احمد بالهنا * زواهر حتى لا يرى الدهر حندس
(١٣٤)

عادت الدنيا إلى زهرتها * مثلما عاد إلى الغصن الورق
فترى الأوجه في نظرتها * كل وجه باسم الثغر طلق
ولأرواح الصبا بين الرياض * مثل خفقات جناح الطائر
من أفانين وزهر وحياض * بدو انس ما له آخر
كان مل ء المهج الهم فغاض * والهنا من وارد أو صادر
ملك العليا بنو بجدتها * فصفى الرونق للمجد ورق
الأمينون على حوزتها * والمحامون على هذي الفرق
خيرة الأكرم جدا وأبا * سبط خير العالم الطهر الحسين
بذلوا الجهد فنالوا الإربا * فأصابوا حظهم في النشأتين
علماء أتقياء نجبا * لم أجد منهم سوى قرة عين
اخذوا النجدة من وجهتها * ما جرى ناشئهم الا سبق
كم فتى شاهدت في خطتها * نسق العز على خير نسق
كفتى الفضل سمي المصطفى * وأخيه الطاهر البر علي
أحرز الامر فحاز الشرفا * واضحا في واضحات السبل
برعا من حين حلا النجفا * وعلى الآمل درك الأمل
بلغا شأوا إلى غايتها * حيث كم ذا قدم عنها زلق
أنتما يا قمري دارتها * نلتما منها السنام والعنق
يا عمادي سقف بيت الكرم * ويدي مرتهن ملتهف
سندي عان غياثي معدم * أملي راج أماني مخوف
جامعي شمل الهدى في حرم * في حماه ألفة المؤتلف
علمي هاشم من ذروتها * ساحبي ذيل فخار لا يشق
أنتما ابنا من على نجدتها * يصبح الخير إذا الصبح انفلق
أنتما عروتنا الوثقى التي * مذ تمسكنا بها نلنا المراد
ثابت أكرم به من ثابت * وجواد أفتديه من جواد
طيبي أصل زكيي منبت * ماجدي ما نسل العرق فجاد
قدما والناس في غفلتها * فاستنارت بهما والحق حق
إذ هما الغرة في جبهتها * بهما الدين استهل وائتلق
سيدا من ضرب المجد لهم * في الذرى شأوا وفي الشأو قباب
من يلذ فيهم يجد في رحبهم * للسخا كفا وللحطة باب
كل ذات علقت في حبلهم * ظفرت بالفوز والشأن العجاب
مهدوا والنفس في حيرتها * طرق الرشد وللرشد طرق
فأتيناها على عادتها * أنسات جل معناها ودق
هذه البشرى لمحمود الأمين * دام مسرورا على طول البقا
بسنا بدرين بين العالمين * بزغا علما ورشدا وتقى
ان هذين العديمين القرين * سلكا للنهج حتى حلقا
اخذا الألواح في نسختها * للهدى نور وللبرهان حق
فالمجيدون على حومتها * والمريدون على ذاك الرتق
سطعت جوهرة في عامل * وأبو عبد الرضا يلحظها
ضمها وهو غياث الأمل * وهو من معدنها يحفظها
العلي بن العلي الفاضل * طاهر الذات الكبير حظها
حفظ الزهراء في عترتها * بعدها صدقا وقل من صدق
شكر النعمي على فورتها * فاستقرت وفم الإنس انطلق
وقال يمدحهما:
بهجة انس من شمس الضحى * وهي في جبهة وجه المشرق
ورفيف الطير فيها وضحا * والورى في مطرب أو مطرق
بينما طار من الصبح الأغر * طرف منه لأقطار السما
وعلى الأرض استهل فاشتهر * فرج الجو الذي بينهما
وإذا بالريح هبت ونشر * ريشة الديك وهاج الندما
حيث لا تبصر الا فرحا * اخذا في كتف أو مرفق
كل باب مصمت ما فتحا * حيث غير الزق لم ينطلق
ولاخذ الكاس رجع ورنين * حيث يثنى أهيف طاف بها
لو رمى من طرفه ذات اليمين * كرة الكاس على شاربها
انما قلب أخي الوجد رهين * مقتضى حال الهوى دائمها
عجبا أذكر ان لاح لحا * ساعة الهجر إلى أن نلتقي
وحبيبي كيف عني جنحا * مع تذكاري له في الغسق
ان يكن قد بان عني وحلا * عنده هجري والصب لجوج
فلقد صار طرازي أولا * وركابي نهضت فيها السروج
وإذا ما الباع مدت للعلا * فصعود ما أرجي وعروج
قد أبحت البيد مني أجنحا * طالما مدت رقاب الأينق
ليس لي في خطة اللهو مراد * لا ولا نفسي اليه ترغب
لست بالغافل عن حفظ السداد * انما يوقظ مثلي الكوكب
بين خوض في المعالي وتماد * عالقا في المجد منى سبب
طامحا بين ناظر ما برحا * قلق الجفن بامر مقلق
في شراه الليث مهما مرحا * لم تمت منه حشا في حرق
خير مرمى نصب عينيك الوصال * لسعاد أو لصدر المنير
لكن العز على أية حال * في لقى القرن وظهر الأشقر
انما تعرف بالباس الرجال * وعلى المسرى ترى يبنى السرى
أنت للدست فقم مفتتحا * وصل الواثق بالمتثق
كم على مثلي فتى دارت رحا * غربي يا ناق بي أو شرق
كنت في بدء غرامي لا أعد * غير ما آلفه من خلتي
نقلة الصبية في أهيف قد * ومن السن حدوث الفترة
ومن اللطف على ذاك الجسد * ثقل الردف وضعف الفكرة
كلما عاينت ظبيا سنحا * زاد همي وتوالى ارقي
وفتاة ان رأتني مصبحا * لوصال ألفت مغتبقي
غادة تحكي إذا ما أسفرت * زهرة النجم إذا الصب يهيم
وإذا ليم عليها ذكرت * موقف العتب وقد هب النسيم
ما رأت وجهي الا سترت * عن عيوني ذلك الوجه الوسيم
ولكم آنست منها ملحا * قصر الخطو وطول العنق
وجبينين بطرفي لمحا * مثل لمح الزهر بين الورق
يوم طفنا في محاني المنحنى * وهوانا البان والمنعرج
زمرا ترفل في ثوب الهنا * مسمع يصغي وثغر يلهج
مثل ما انزاح الغمام عن سنا * غرة البدر فأمسى يرهج
أو كما الطرف الغضيض طمحا * بعد عشرين بروض مونق
بيننا كل فتى ما جرحا * قلبه غير سواد الحدق
وجميل بعد عشرين الرشاد * لكن السن له بعض طرب
ليس إلا شغف أو قطع واد * أو مقاسات عنا مع من أحب
وإذا ما رائح لاقاه غاد * عاد طرفي فيه كالمضطرب
(١٣٥)

دائم اللحظ إلى أن يبرحا * ومن الأوتار ربط الطرق
وكثير الهم لا يمشي الوحا * وعلى السائل طي الشقق
نحن لا ننكر ارخاء العنان * وغرام المرء في حين صباه
إذ يجيل الفكر حسن الجولان * سيما ان زانه حسن انتباه
والتصابي للفتى أكبر شان * هل يقوم الجسم لا بهواه
انه نفح شباب نفحا * في عروق الجسد المؤتلق
ليس من زمرتنا من رنحا * عطفه الا لذكر الأبرق
انما الناشئ منا للهموم * ولأنواع العنا والعطب
رائق ان عافت الناس الحلوم * وجليد دون نيل الإرب
فإذا هام بسعدى فالجوم * عن هوى يذهب نحو المغرب
والهوى في كل جسم رجحا * وفؤاد بالعلى معتنق
والى العشرين حدا فسحا * للتصابي والفتى فيما بقي
ان يكن في نشأت العيش الهني * فورة العزم وحذو المحتذي
فلما لا أقتفي اثر بني * كل صعب الشأو سهل المأخذ
ضاربا عن رنة في أذني * سالكا للمسلك المتخذ
لم أفرع للتواني مطرحا * هان عندي نسق ما لم ينسق
ما ترى الموقف عما وضحا * والورى في اي جمع محدق
فذواة شارعات في الحديث * وذوات كارعات للكؤوس
حيث تسلو عن قديم وحديث * بنعيم فيه يسلى كل بوس
ومقام فيه للبسط حثيث * يا له موقع بشرى في النفوس
بالهمامين اللذين منحا * كرم النفس وحسن الخلق
وعلا الشأن وشان الصلحا * وتقى البر وبر المتقي
حاميي جانب هذا العالم * رابطي جاش الهدى ان هو جاش
ساميي صعدة عليا هاشم * للورى روح وللروح انتعاش
جامعي شمل الفريق الفاطمي * باسطي فعل القضا والرأي طاش
بهما نور الرشاد اتضحا * كوضوح الصبح عند الفلق
قل لأبناء المعالي انفسحا * لك ميدان العلى فاستبق
طلع الصبح ولكن عن دجى * كان قد أكثر في الأرض الهياج
وأصبنا للعلوم أبلجا * بشعاع نير مل ء الفجاج
وهماما للنجوم يرتجى * سببي هدي رجائين لراج
بهما صدر الوجود انشرحا * هدأ العالم بعد القلق
ان ميزان قريش رجحا * يا بني أم الفخار المطلق
نهض المجد بشهمين هما * نخبة العليا ونعم المنتخب
أوتيا الحكمة والفضل وما * بسطاها لهما جد وأب
فاخذنا بقرار الحكما * كل من جد أصاب ما طلب
فئة ساد بها من أصلحا * نفسه في الله بين الفرق
وكذا الزند إذا ما قدحا * شب منه الجوهر الصافي النفي
فاهن يا وارث علم المصطفى * وسماه وشعار الأول
وأخوك المقتدى والمقتفي * صاحب العزم الفتى الطهر علي
أنتما عمدة هذي الشرفا * مع ما فيهم من الفضل الجلي
في الصباح تبصر الأفق انمحا * نجمه والنجم مل ء الأفق
وسنا الفجر إذا شمس الضحى * طلعت غاب ومعناه بقي
أمة من قوم موسى يعدلون * عرقت فيهم بنو عبد مناف
فأناخوا والورى غض العيون * ولهذا مجدهم طال وناف
حيث لا يسرى بذي قصد امون * لا ولا يجري على انف رعاف
وكثير من يعاف القدحا * بورود المنهل المندفق
وعلى المنهل قوم نصحا * تملأ الدلو لمن لم يستق
خلفا الشرف الغض الخطير * حلما الطبع كرام الحسب
ولهم منهم بشير ونذير * رتب أكرم بهم من رتب
ورثوا العهد الذي يوم الغدير * لأبيهم قد ما كان حبي
هم قديما جعلوا مفتتحا * للكرامات وارشاد الشقي
وهم الآن إذا ما أفصحا * طفلهم سار بذاك النسق
يا أباة الضيم من آل نزار * و ذوي الأصل العريق الباذخ
قد أمنتم لا تخافون العثار * مثل امن المستجير الصارخ
وعليكم أصبح الآن المدار * وبكم رغم لأنف الشامخ
حزتم القصد الذي لا ينتحي * فغدوتم عنبر المستنشق
منح تكثر فيكم مدحا * بسواكم أبدا لم تحدق ٢٦٤:
محمد بن أحمد الوراق الجرجاني أبو الحسن
في معجم الشعراء للمرزباني: كان يتشيع وله أشعار يمدح فيها
الطالبيين وهو القائل يرثي ابن ليلى بن النعمان بنيسابور في سنة ثمان
وثلاثمائة قتله أصحاب نصر بن أحمد وأنفذ رأسه إلى الحضرة ورأيته في سنة
تسع وثلاثمائة. له قصيدة أولها:
الا خل عينيك اللجوجين تدمعا * لمؤلم خطب قد ألم فأوجعا
وليس عجيبا أن يدوم بكاهما * وإن يمتري دمعيهما الوجد أجمعا
يقول فيها:
ولما نعاه الناعيان تبادرت * عليه عيون الطالبيين همعا
لقد غال منه الدهر ليث حفيظة * وغيثا إذا ما أغبرت الأرض ممرعا
بكته سيوف الهند لما فقدته * وآضت جياد الخيل حسرى وظلعا
وكان قديما يرتع البيض في العلى * فأصبح للبيض المباتر مرتعا
وما زال فراجا لكل عظيمة * يظل لها قلب الكمي مروعا
فلم ير إلا في المعالي مشمرا * ولم يلف إلا في المعالي موضعا
أصيب به آل الرسول فأصبحوا * خضوعا وأمسى شعبهم متصدعا
لقد عاش محمودا كريما فعاله * ومات شهيدا يوم ولى فودعا
فقد ثلم الدهر العلاء بموته * وأوهن ركن المجد حتى تضعضعا
فلا حملت بعد ابن ليلى عقيلة * ولا أرضعت أم الدهر مرضعا ٢٦٥:
الشيخ محمد أمين مروة بن محمد حسن بن محمد بن موسى العاملي
كان عالما فاضلا وجد بخطه جزء من مفتاح الكرامة كتبه في النجف
الأشرف سنة ١٢٦٥ عن نسخة المصنف. وهذا هو والد الشيخ محمد علي
مروة المشهور بجودة خطه وحذقه في الصناعات حتى أنه تعاطى ضرب
النقود وقرأ على الشيخ محمد علي عز الدين في حنويه وتوطنها وهو والد
الشيخ جواد الذي كان مقيما في عين بعال وتوفي فيها. ٢٦٦:
ميرزا محمد أمين
هو السادس من أولاد السلطان إبراهيم قطبشاه الرابع وهو والد
السلطان محمد قطبشاه السادس كان محبا للعلم ولم يتول الملك.
(١٣٦)

توفي وعمره ٢٥ سنة سنة ١٠٠٤ ودفن في مقابر آبائه وأجداده وكتب
على قبره هذه الأبيات:
يا قاهرا بالمنايا كل جبار * بنور وجهك اعتقني من النار
إليك أسلمني من كان يعضدني * من أهل ودي وأصحابي وأنصاري
في قعر مظلمة قفراء موحشة * فردا غريبا وحيدا تحت أحجار
أمسيت ضيفك يا ذا الجود مرتهنا * وأنت أكرم منزول به قارى
فاجعل قراي بفضل منك مغفرة * أنجو إليك بها يا خير غفار
إن الملوك إذا شايت عبيدهم * في رقعهم أعتقوهم عتق ابرار
وأنت يا سيدي أولاهم كرما * قد شبت في الرق فاعتقني من النار ٢٦٧:
السيد محمد أمين الحسيني العاشوري
توفي بعد ١٠٧٧
قال السيد شهاب الدين الحسيني فيما كتبه الينا: هو العالم المؤرخ
الشاعر، كان من علماء الدولة الصفوية وكتابها والمختصين بملوكها وأستاذا
ومربيا لأبناء ملوكها. وله تواليف، وله ذرية بقم. ٢٦٨:
محمد أمين بن محمد علي الكاظماوي
فاضل فقيه صالح جليل له كتب منها هداية المحدثين إلى طريقة
المحمدين عندنا منه نسخة
المولى محمد أمين ابن المولى عبد الفتاح الطبسي المتخلص بوقاري
له ديوان شعر فارسي وله كتاب گلدسته انديشة فرع منه سنة ١٠٨٣ ٢٦٩:
الشيخ محمد أمين ابن الشيخ حسن ابن الشيخ أسد الله التستري
الأصل الكاظمي
كانت له مرتبة عالية من الرياسة والجلالة وكان ذا بأس وصولة
وديوان عامر يزوره أشراف الناس ويقصده أركان الدولة وقوله مسموع لدى
الحكومة العثمانية. له حواش على جواهر الكلام. ٢٧٠:
السيد محمد الأمين ابن السيد حسن ابن السيد هادي ابن السيد احمد
العطار بن محمد بن علي بن سيف الدين الحسيني البغدادي الكاظمي
توفي سنة ١٣٣١ وله مصنفات في الفقه والحديث مات في الكاظمية
ودفن في مقبرتهم في حجرة الصحن الشريف. ٢٧١:
السيد ميرزا محمد أمين الاسترآبادي الاخباري
توفي سنة ١٠٢٣
رأس الأخباريين في القرن الحادي عشر وأول من حارب المجتهدين
وتجرد للرد عليهم داعيا إلى العمل بمتون الأخبار طاعنا على الأصوليين
بلهجة شديدة زاعما أن أتباع العقل والاجماع وإن اجتهاد المجتهد وتقليد
العامي بدع ومستحدثات إلى غير ذلك من آراء الأخباريين المتأخرين وقد
أودع آراءه هذه في كتاب سماه الفوائد المدنية في الرد على من قال
بالاجتهاد والتقليد وهو مطبوع، وقد رد عليه السيد نور الدين علي ابن
السيد علي بن أبي الحسن أخو صاحب المدارك بكتاب سماه الشواهد المكية
في مداحض حجج الخيالات المدنية مطبوع بهامش الأصل. وكان المترجم
مجاورا بالمدينة المنورة عند تأليف كتابه المذكور فلذلك سماه بالفوائد المدنية
كما أن صاحب الرد كان مجاورا بمكة المكرمة فلذلك سمي كتابه الشواهد
المكية. ٢٧٢:
الشيخ محمد امين الكربلائي
وصفه جامع ديوان السيد نصر الله الحائري بالأديب اللبيب وأرسل
إليه السيد نصر الله هذه الأبيات:
سلام سليم كنفح النسيم * يهب على زهر روض الكمال
غيث الأمين الذي لم يخن * عهودي ولم ينح سبل الملال
رعاه إله الورى من فتى * كريم الطباع حميد الخصال ٢٧٣:
الشيخ محمد أمين بن محمد علي الكاظمي صاحب المشتركات
هو تلميذ فخر الدين الطريحي، صنف كتاب المشتركات تتمة لكتاب
مشتركات شيخه فخر الدين فذكر ما ذكره شيخه واستدرك عليه لكنهما لم
يأتيا بشئ كثير من الفائدة لاقتصارهما على ما يعلم من الأسانيد التي ذكرها
الشيخ في الفهرست والنجاشي في كتاب رجاله وفارس هذا الميدان هو الحاج
محمد الأردبيلي صاحب جامع الرواة فان كتابه هو الذي يجب أن ينظر فيه
كل من أراد البحث عن أحوال الرواة وكتابه عند الشيعة ككتاب تهذيب
التهذيب عند غيرهم وأحسن لكن المؤسف أنه لم يطبع وكانوا يشتغلون
سابقا بطبع أشياء لا فائدة منها.
وعندنا نسختان من كتاب المترجم كتبت إحداهما عن نسخة الأصل
وفي آخرها فرع مؤلف هذه الكلمات محمد أمين في ٢٥ ربيع الأول سنة
١٠٨٥ وفي آخر النسخة الثانية فرع منها مؤلفها ضحوة أول شعبان سنة
١٠٨٨ آه فكان إحداهما منقولة عن المسودة والأخرى عن المبيضة مع أن
في الثانية بعض زيادات. وأورد خلاصته أبو علي في رجاله وذلك بتمييز
المشترك بذكر من روى عن المشترك أو روي المشترك عنه وأول من استوفى
ذكر من روى عن الرجل وروى الرجل عنه سواء كان مشتركا أو غير مشترك
الحافظ ابن حجر العقلاني في تهذيب التهذيب وتلاه من علمائنا الحاج
محمد الأردبيلي في جامع الرواة. قال الكاظمي في أول الهداية وبعد فيقول
الفقير إلى الله الغني محمد أمين بن محمد علي الكاظمي إني نظرت في الكتاب
المسمى بجامع المقال فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال الذي هو من
مؤلفات شيخنا الجليل الورع الزاهد المتفرد في زماننا هذا بالأخلاق الفاضلة
والمحامد فوجدت في الباب الثاني عشر منه أغلاطا كثيرة لا تخفي على من له
أدنى بصيرة وشاع بين الطلبة فتقربت إلى الله باصلاح ما فيه من الغلط
الواضح وبيانه وتتميم ما قصر من عباراته عن أداء المراد وبيانه ثم أني
أفردت بعد ذلك هذا الكتاب اعتمادا على شرحي السابق له إلا قليلا منها
لاشتماله على فوائد مهمة تكثر الحاجة إليها وأضفت شيئا كثيرا ممن روى
عن الراوي إلى ما ذكره سلمه الله لأنه اقتصر في كتابه على النظر في ترجمة
الرجل ومن روى عنه وأنا نظرت في كتاب المنتقى للشيخ حسن رحمه الله
من أوله إلى آخره فميزت الرجل برواة كثيرين وانفرد كتابي هذا بشئ
مهم أيضا وهو ما وقع في الكتب الأربعة للمحدثين الثلاثة رحمهم الله من
السهو في زيادة السند ونقصانه وتغيير الاسم وقدمت ما ذكره شيخنا فخر
الدين سلمه الله من الرواة عن الراوي المطابق للواقع فإذا فرع من تمييز
الراوي بمن روى عنه اتبعته بقولي قلت وروى عنه فلان وفلان ووسمته

(١) مآثر دكن.
(١٣٧)

بهداية المحدثين إلى طريقة المحمدين قال سلمه الله الباب الثاني عشر في ذكر
المهم من أسماء الرجال وطبقاتهم انتهى وله شرح جامع المقال للطريحي
كما أشار اليه في الكلام السابق وله ذكر طرق الصدوق التي في الفقيه مفصلة
مرتبة على حروف المعجم ويذكر بعد كل اسناد منها ما يشتمل عليه من
وجوه الصحة والضعف ونحوهما بالاصطلاح المتأخر. عندنا منه أيضا
نسخة ملحقة بهداية المحدثين. ٢٧٤:
محمد أمين ابن أمير زاجان النجفي الحجازي ثم القمي
له موضح الخلاصة شرح على خلاصة الحساب بالفارسية.
وصرح في الخطبة بأنه من تلاميذ البهائي منها نسخة مخطوطة في
الخزانة المباركة الرضوية وله رسالة في الأسطرلاب منها نسخة مخطوطة في
المكتبة الرضوية أيضا. ٢٧٥:
محمد بن ايدمر
وجدنا بخطه مجلدا كبيرا في الأمثال الشعرية في المكتبة الرضوية
والمجلد المذكور على حروف المعجم وفي حواشيه التي هي بخط كاتب
الأصل: قال كاتبه محمد بن ايدمر وفي أصل النسخة: كاتبه عفا الله
عنه. قال كاتبه عفا الله عنه فإذا كاتبها هو مؤلفها. ونقل الكاتب ما
وجد. ثم إن ترتيب هذه الأمثال على الحروف باعتبار أول الأبيات لا
آخرها وقد سقط أوله وبقي فيه بعض حرف اللام وما بعده إلى آخر حرف
الياء ابتدأ فيه من حرف اللام بلو لم ثم لو لولا ثم له ثم لها ثم لي ثم ليت
شعري ثم ليس وليست ولئن وليهلك. ثم حرف الميم ابتدأ فيه بما أوله ما
آب ثم ما آفة ثم ما أبالي ثم ما أبصر، ما أبعد ما أحسن ما أسعد
وهكذا. ثم حرف النون وهكذا إلى الياء ولا يذكر في المثل إلا بيتا واحدا
وجميعها من الأشعار الجيدة لمشاهير الشعراء وعدد أوراق الكتاب ٢٦٧ بقطع
كبير جدا. وفي آخر هذا المجلد: والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وسلم. ومن ذلك قد يستظهر تشيعه فان مثل هذا التعبير قل أن
يستعمله غير الشيعة وذكر فيه ما صورته: وإقبال الشرابي البنوي
المستنصري هو الذي رباني صغيرا وجعلني في جملة من يدخل عليه كل يوم
وكان ذلك ممنوعا آه فإذا هو في عصر المستنصر لأن إقبالا الشرابي كان
في عصر المستنصر والمستنصر توفي سنة ٦٤٠ فإذا هو من أهل المائة
السابعة. ومر في ج ١٣ ص ١٣٧ أيدمر بن علي الجلدكي فيمكن أن يكون
هذا ابنه لكن ايدمر هذا توفي سنة ٧٦٢ أو ٧٥٠ فالطبقة لا توافقه وقد أورد
الكاتب من نظمه في المجموعة المذكورة ما دل على أنه كان شاعرا فقال ما
صورته: كاتبه عفا الله عنه:
له وجه كان الشمس فيه * فما تستطيع تنظره العيون
تحجب بالمهابة وهو طلق * لراجيه ووقره السكون
وفيها ما صورته: قال كاتبه عفا الله عنه كان لي على المرحوم علاء
الدين عطا ملك بن محمد الجويني إطلاق فاشتغل عنه فكتبت إليه والشعر
لي:
ما لي ظمئت وبحر جودك مترع * وعلام أطوي والقري مبذول
في كل عام لي ببابك منهل * عذب وأنت القصد والمأمول
فانعم باطلاق ما سألته وزاد تغمده الله برحمته آه وهذا أيضا مما
يؤيد تشيعه فان آل جوين كانوا شيعة ولكن يظهر من بعض أشعاره في
الحاشية أن اسمه سعيد حيث يقول:
ولم تظفر يداك لذا بشئ * سوى ما أنت فيه يا سعيد
ولعله أراد بقوله يا سعيد الوصف لا الاسم أو أن الحواشي ليست
للمؤلف والله أعلم ٢٧٦:
المولى بهاء الدين محمد بن تاج الدين حسن الأصفهاني المعروف
بالفاضل الهندي
توفي سنة ١١٢٦
له تحفة الصالح أجوبة مسائل سأله عنها تلميذه المولى محمد صالح بن
عبد الله الكزازي القمي وجمعها سنة ١١٢٦ وأهداها إلى الشاه حسين
الصفوي ٢٧٧:
محمد حافظ شمس الدين
من شعراء الفرس ٢٧٨:
الشيخ محمد بن الحارث المنصوري الجزائري
نسبة إلى جزائر خوزستان وصفه السيد حسين ابن السيد حيدر
الحسيني الكركي في اجازته بالفقيه المتكلم وقال أنه يروي عنه السيد حسين
ابن السيد حسن الحسيني الموسوي الكركي والد ميرزا حبيب الله وفي أمل الآمل
كان فاضلا عالما شاعرا صدوقا محققا من تلامذة الشيخ علي بن عبد
العالي العاملي الكركي ٢٧٩:
محمد بن حبيب الضبي
توفي في حدود الأربعمائة والضبي بفتح الضاد المعجمة والباء
الموحدة المكسورة المشددة: في أنساب السمعاني هذه النسبة إلى بني ضبة
وهم جماعة ففي مضر ضبة وفي قريش ضبة وفي هذيل ضبة، كان فاضلا
أديبا كاتبا شاعرا مدح الأمراء فمن دونهم وكتب في فارس.
ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المقتصدين
وأورد له في المناقب أحد عشر بيتا من الميمية الآتية وقال الصدوق في عيون
أخبار الرضا ع وجدت في كتاب لمحمد بن حبيب الضبي فدل على أنه
مؤلف صاحب كتاب ويمكن أن يريد أنه وجد في كتاب من الكتب قصيدة
لمحمد بن حبيب ثم أورد هذه القصيدة وهي في رثاء الرضا ع ومدح
النبي ص والأئمة ع قالها حين زار الرضا ع وهي:
قبر بطوس به أقام امام * حتم إليه زيارة ولمام
قبر أقام به السلام وإذ غدا * تهدي إليه تحية وسلام
قبر سنا أنواره يجلو العمى * وبتربه تستدفع الاسقام
قبر يمثل للعيون محمدا * ووصيه والمؤمنون قيام
خشع العيون لذا وذاك نهاية * في كنهها تتحير الافهام
قبر إذا حل الوفود بربعه * رحلوا وحطت عنهم الآثام
وتزودوا أمن العقاب وأمنوا * من أن يحل عليهم الاعدام
الله عنه به لهم متقبل * وبذاك عنهم جفت الأقلام
أن يغن عن سقي الغمام فإنه * لولاه لم تسق البلاد غمام
قبر علي بن موسى حله * بثراه يزهو الحل والاحرام
صلى الاله على النبي محمد * وعلت عليا نضرة وسلام
(١٣٨)

وكذا على الزهراء صلى سرمدا * رب بواجب حقها علام
وعليه صلى ثم بالحسن ابتدا * وعلى الحسين لوجهه الاكرام
وعلى علي ذي التقى ومحمد * صلى وكل سيد وهمام
وعلى المهذب والمطهر جعفر * أزكى الصلاة وإن أبى الأقزام
الصادق المأثور عنه علم ما * فيكم به يتمسك الأقوام
وكذا على موسى أبيك وبعده * صلى عليك وللصلاة دوام
وعلى محمد الزكي فضوعفت * وعلى علي ما استمر كلام
وعلى الرضا بن الرضا الحسن الذي * عم البلاد لفقده الأظلام
وعلى خليفته الذي لكم به * تم النظام فكان فيه تمام
لولا الأئمة واحدا عن واحد * درس الهدى واستسلم الاسلام
كل يقوم مقام صاحبه إلى * أن ينبري بالقائم الأيام
يا ابن النبي وحجة الله التي * هي للصلاة وللصيام قيام
ما من امام غاب منكم لم يقم * خلف له تشفى به الأوغام
إن الأئمة تستوي في فضلها * والعلم كهل منكم وغلام
أنتم إلى الله الوسيلة والألى * علموا الهدى فهم له اعلام
أنتم ولاة الدين والدنيا ومن * لله فيه حرمة وذمام
يا نعمة الله التي يحبو بها * من يصطفي من خلقه المنعام
إن غاب منك الجسم عنا انه * للروح منك إقامة ونظام
أرواحكم موجودة أعيانها * إن عن عيون غيبت أجسام
ولقد تهيجني قبوركم إذا * هاجت سواي معالم وخيام
من كان يغرم بامتداح ذوي الغنى * فبمدحكم لي صبوة وغرام
وإلى ابن الحسن الرضا أهديتها * مرخية تلتذها الافهام
خذها عن الضبي عبدكم الذي * هانت عليه فيكم الألوام
إن اقض حق الله فيك فان لي * حق القرى للضيف إذ يعتام
فاجعله منك قبول قصدي انه * غنم اليه حداني استغنام
من كان بالتعليم أدرك حكم * فمحبتي إياكم إلهام
وفي معجم الشعراء للمرزباني: كان يظهر القول بالإمامة وهو القائل
في محمد بن زيد العلوي:
إن ابن زيد كل يوم زائد * علا علوا لا يسامته أحد
أو صال بالطود إذا لذله * أو زجر البحر إذا صار زبد
وله من قصيدة طويلة:
وصي محمد حقا علي * وقتال الجبابرة القروم
وخازن علمه وأبو بنيه * ووارثه على رغم المليم
شفاعته لمن والاه حتم * إذا فر الحميم من الحميم
ومن يعلق بحبل الله فيه * فقد أخذ الأمان من الجحيم ٢٨٠:
محمد بن حجر الوراق القمي
ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المقتصدين
وأورد له في المناقب قوله:
علي لهذا الناس قد بين الهدى * هم اختلفوا فيه ولم يتوجم
علي أعاش الدين وفاه حقه * ولولاه ما أفضى إلى عشر درهم
وقوله:
علي الذي ناجاه بالوحي احمد * فعلمه أبواب علم مسلم
وقوله:
علي غدا يبتاع قوتا لأهله * فبايعه جبريل بيع المحكم ٢٨١:
السيد محمد بن حبيب الله بن أحمد الحسني الملقب بأفصح الدين
العلامة المحدث الفقيه.
له كتب منها كتاب التحفة العلمية في شرح نهج البلاغة فرع من
تأليفه يوم السبت لتسعة وعشرين من صفر سنة ٨٨١ وكانت على ظهر
الكتاب إجازة من حفيده السيد محمد بن علي بن محمد المترجم للسيد علاء
الدين الحسين الحسيني الموسوي المشهور بخليفة سلطان وسلطان العلماء
ختن الشاه عباس الكبير وقد ذكر فيها أنه يروي عن والده علي وهو عن
والده السيد محمد أفصح الدين. ٢٨٢:
الشيخ أفضل الدين أبو حامد محمد بن حبيب الله الأصفهاني
القاضي بعسكر الشاه طهماسب المعروف بتركة من علماء القرن
العاشر له قواعد التوحيد وشرحه بعض أسباطه وهو صائن الدين علي بن
محمد بن محمد التركة وسماه بتمهيد القواعد مطبوع. ٢٨٣:
الشيخ نور الدين محمد بن حبيب الله
يروي عنه السيد حسين بن حيدر الحسيني الكركي ويروي هو عن
السيد مهدي ابن السيد محسن الرضوي عن أبيه عن ابن أبي جمهور
الأحسائي ٢٨٤:
السيد الميرزا محمد ابن الميرزا حبيب الله الرضوي الباشتيني نسبة إلى
باشتين قرية من قرى سبزوار خرج منها الملوك السركدارية
توفي سنة ١٢٦٦ في المشهد المقدس ودفن في مسجد رياض جانب
الحرم المبارك وهو من السادات الرضوية الذين في المشهد المقدس قرأ العلوم
الشرعية وأكملها في المشهد المقدس وجاور هناك وصارت له رئاسة كلية. ٢٨٥:
الأمير محمد الحرفوشي الخزاعي البعلبكي
توفي سنة ١٢٠١ في دير القمر ودفن في تربة الشهابيين وكان ملتجئا
إلى الأمير يوسف الشهابي ملتمسا رجوعه إلى بلاده فحدث له مرض ومات
هناك فمشى الأمير يوسف قدام جنازته باحتفال، كذا في تاريخ الأمير
حيدر.
وفيه أنه في سنة ١١٩٧ حضر الأمير محمد الحرفوشي إلى دير القمر
مطرودا من أخيه الأمير مصطفى فجهز الأمير يوسف الشهابي معه عسكرا
عدده خمسة آلاف فلما وصلوا إلى بلاد بعلبك هرب الأمير مصطفى وأولاده
إلى حمص وتولى الأمير محمد بلاد بعلبك ورجع عسكر الأمير يوسف إلى
البلاد وتمهدت ولاية بعلبك للأمير محمد والتقى الأمير مصطفى بعبد الله
باشا والي طرابلس وهو متوجه إلى الحج ووعده بخمسة وعشرين ألف قرش
إذا جعل طريقه على بعلبك فأبى وسار معه الأمير مصطفى إلى دمشق ومكث
هناك إلى أن رجع عبد الله باشا من الحج فرجع إلى بعلبك بعسكر من
رجال الدولة وهرب الأمير محمد بأسرته ومعه جماعة من بني الحرفوش فأقاموا
في قرية المجدل التي في جرد المتن.

(١) مطلع الشمس.
(١٣٩)

٢٨٦:
محمد بن حسام الجوسقي المولد
من قرى قائم من أعمال فوهستان خراسان توفي سنة ٧٨٥ له ديوان
معروف بديوان ابن حسام رآه بعض المعاصرين وله كتاب خاور نامه ينقل
عنه في مجالس المؤمنين. ٢٨٧:
الشيخ محمد الحساني ابن الشيخ حسان الأكبر
ينتهي نسبهم إلى امراء ربيعة ومرت ترجمة أبيه حسان في بابها
والمترجم من العلماء الأبرار كان يبذل الأموال في الأعياد وفي شهر محرم
الحرام وشهر رمضان المبارك. وقد أعقب ستة أولاد وهم الشيخ حسين
والشيخ حبيب وعمران وسعيد وعباس وباقر. أما الشيخ حسين فهو المقيم
في النجف لإدارة أوقافهم. وكان الشيخ حبيب أقام بالحيرة الجعارة
وأسس فيها أملاكا وأراضي زراعية ولا يزالون في الحيرة قرب أبي صخير
التي تبعد عن النجف نحو أربعة فراسخ وهم يدعون بآلبو شيخ حبيب وهم
كثيرون ذوو أموال طائلة هناك. وأما الشيخ حسين المقيم في النجف
الأشرف فقد أولد أربعة أولاد الشيخ محسن الحساني ومحمد وجعفر وعبد
علي. وكان من تلامذة السيد مهدي القزويني في الحلة. وشرح منظومته في
أصول الفقه وعلم الكلام وله عدة رسائل في الفقه والتوحيد. أما ابن
الشيخ محسن الحساني فقد كان المقيم من أولاده في النجف الأشرف لإدارة
املاكهم. وباقي أولاده أقاموا في الهاشمية. وخلف الشيخ محسن الحساني
سبعة أولاد وهم الشيخ محمد رضا وأحمد وطاهر وعلي وجواد وعبد الرزاق
وباقر. ٢٨٨:
عفيف الدين أبو المعالي محمد بن حسان القطاوي الحلي النديم
الصوفي
من محاسن الإخوان أدبا وظرفا ومعنى ولطفا كان يتصرف ثم ترك
ذلك وتصرف واستراح وعاشر الأكابر والأفاضل ونادم الأعيان والأماثل
وكان لطيف المعاشرة يحفظ الأشعار الرقيقة ويتكلم على لسان أهل الطريقة
ولسيدنا النقيب الفاضل صفي الدين أبي عبد الله بن الطقطقي فيه مداعبة
سنة سبع وثمانين وستمائة:
ألا ما أقل وفاء العفيف * وأكثر هجرانه والصدودا
لقد كان في الود خلا ودودا * فصار وحاشاه خلا ودودا
وكنا نرى أن لقيانه * قريبا فصرنا نراه بعيدا
وأصبح حبل موداته * ضعيفا وكان شديدا وكيدا ٢٨٩:
الشيخ محمد جواد ابن الشيخ حسن مطر
ولد بالنجف عام ١٣٠٧ وتلمذ في الأصول على جماعة من الاعلام
كشيخ الشريعة الأصفهاني والشيخ مهدي المازندراني والسيد أبو تراب
وله مؤلفات تزيد على الخمسين مؤلفا لا تزال خطية منها في الفقه:
١ رفيع الدرجات: وهو كتاب استدلالي ٢ الدرجات الرفيعة
وهو أيضا كتاب استدلالي ٣ نظام الايمان ٤ نيل الطلبات: وهو أيضا
استدلالي يقع في جزءين ٥ مختار الأحكام ٦ بلوع المرام ٧ معظم
الأحكام ٨ الوجيز المنتظر ٩ غاية المرام ١٠ نضارة المعقول في شرح
كفاية الأصول ١١ غاية المأمول في شرح معالم الأصول ١٢ اختيارات
الأصول ١٣ تلخيص الاختيارات في التعادل والترجيح ١٤ سبائك
المقال في علم الرجال ١٥ إجابة السائل ١٦ جلوة الغريزة في إيضاح
الوجيزة: وهو شرح لوجيزة الشيخ البهائي ١٧ الروض المونق في شرح
تهذيب المنطق ١٨ مرآة العقول ١٩ غنيمة المعقول ٢٠ الرشحات
المطرية على كتاب الشمسية ١٢ تلخيص البيان في علم الميزان ٢٢
التعليقات العامرية ٢٣ نشر عبير المنشق في شرح الروض المونق.
وله مؤلفات متفرقة في المعاني والبيان والبديع وفي الأفلاك وفي آداب
الأكل والشرب وله ديوان بدائع القريض وديوان آخر خاص بالتوسلات
إلى الله وإلى النبي ص والأئمة ع وله أرجوزة في
الفقه وأرجوزة في الدراية وأرجوزة في المنطق. ٢٩٠:
محمد بن الحسن بن عطية العوفي
في ميزان الاعتدال في ترجمة أبيه روى عن أبيه وقوينا هناك تشيعه
لتشيع أبيه عطية ويظن تشيع الحفيد لتشيع الأب والجد ٢٩١:
ميرزا محمد حسن الآشتياني
ذكر في حسن ٢٩٢:
الميرزا محمد حسن ابن الميرزا أقاسي القمي
توفي ٨ ربيع الأول سنة ١٢٠٤
كان إمام مسجد العسكري بقم له كتاب في الفقه الاستدلالي
في ثلاث مجلدات. ٢٩٣:
أبو جعفر محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي الكوفي النحوي
توفي في أواسط المائة الثانية، شيخ الكوفيين وأحد أئمة القرآن كان
من أصحاب الصادق وأصحاب أبيه وجده ع ويروي عنهم وهو
أول من صنف في النحو من الكوفيين قرأ عليه الكسائي والفراء وله:
الفيصل في النحو. ذكره أبو عمرو الدواني في طبقات القراء وله اختيار في
القراءة. ٢٩٤:
الشيخ محمد حسن ابن الشيخ محمد المظفر
ولد عام ١٣٠١ في النجف الأشرف وتوفي فيها عام ١٣٧٥
نشأ وترعرع في النجف الأشرف برعاية والده ثم حضر على الشيخ
كاظم الخراساني وشيخ الشريعة والشيخ علي الشيخ باقر الجواهري والسيد
كاظم الطباطبائي اليزدي وبعد وفاة السيد اليزدي سنة ١٣٣٧ استقل في
البحث والتدريس والتأليف وقد تخرج على يده جملة من الأفاضل.
مؤلفاته
١ دلائل الصدق لنهج الحق في مجلدين كبيرين بالقطع المتوسط
مجموع صفحاتهما ١١٠٤ وقد رد فيه على كتاب أبطال نهج الباطل لمؤلفه
ابن روزبهان الذي رد فيه على كتاب كشف الحق للعلامة الحلي. جعله
بدلا عن إحقاق الحق الذي هو رد أيضا على كتاب ابن روزبهان وقد
انتهى به إلى المباحث الفقهية أتم تأليفه في ٢٩ ربيع الثاني سنة ١٣٥٠.
٢ الافصاح عن أحوال رجال الصحاح في مجلد واحد وهو كتاب

(١) مجمع الآداب.
(٢) مما استدركناه على مسودات الكتاب " ح ".
(١٤٠)

وحيد في بابه ٣ حاشية على جزئي كفاية الأصول لم تتم وقد فرع من
الجزء الأول وجملة من الجزء الثاني ٤ كتاب فقهي استدلالي خرج منه أكثر
كتاب الطهارة ولم يتبع فيه العادة المألوفة عند العلماء من جعل مؤلفاتهم
الاستدلالية شرحا على أحد المتون الفقهية ٥ رسالة في فروع العلم
الاجمالي من الصلاة ٦ مجموعة شعره.
شعره
من أبيات أجاب بها عن رسالة شعرية للشيخ جواد الشبيبي:
وكم حبت ليل البين اقطع جوه * بسيارة للفكر تحمل أثقالي
أقول لعين الشمس لا تبزغي به * فقد سار بي فكري على برق آمالي
تبشرني يا شمس أن سوف نلتقي * وأحظى برؤيا كوكب الشرف العالي
وأنت إذا وافيت واستتر الدجى * وأنجمه من يخبر الندب عن حالي
وإني لا أرضى لضوئك منة * إذا بزغت شمس العلا فوق أطلالي
بغرتها نور الجلالة ساطع * بها يهتدي الساري إلى المفخر العالي
أضاءت على أفق الكمال مطلة * وجرت بروض الفضل فاضل أذيال
وقال يتشوق إلى وطنه وهو في البصرة:
ربوع الحمى هل لي إليك رجوع * وهل لي بدارات الديار طلوع
وهل ترد الألحاظ منهل أنسها * ويجمعها والماجدين شروع
وهل يبلغ المعمود مأمن عزه * فيا من روع للكئيب مروع
وهل لي في تلك المنازل وقفة * تبث لديها لوعة وولوع
فقد ملكت قلبي الأبي همومه * وعاصي دموعي للغرام مطيع
وكم بت من بعد الوداع مسهدا * أعاني الأسى والوادعون هجوع
فمن لي بكوماء برى جسمها السري * وشوقي براها والغرام نسوع
لتبلغني أرض الغري وروضة... * الوصي التي منها الزمان يضوع
فامسك أطراف العتاب بمذودي * وأفرش خدا ما علاه خضوع ٢٩٥:
المولى محمد بن الحسن الطوسي الخراساني
توفي سنة ١٢٥٧
كان تلميذ صاحب الرياض وأستاذ المولى نوروز علي البسطامي. له
الفيروزجة الطوسية في شرح الدرة الغروية لبحر العلوم وهو شرح مزجي
إلى آخر الطهارة فرع منه في الحائر ٥ ذي الحجة سنة ١٢٢٧ ٢٩٦:
الشيخ محمد حسن ابن ملا محمد جعفر الاسترآبادي
توفي سنة ١٣١٨
كان عالما جليلا له مظاهر الآثار وحقائق الأسرار لبيان دقائق متون
الأخبار وأسانيدها المنتهية إلى الأئمة الأطهار برز منه خمس مجلدات وله كتب
في النسب وله تحفة الممالك في اعراب ألفية ابن مالك ٢٩٧:
الميرزا محمد حسن بن عبد الرسول الحسيني المعروف بشيخ الاسلام
الزنوزي نزيل بلدة خوي بآذربايجان
ولد ١٨ صفر سنة ١١٧٢ وتوفي سنة ١٢٢٣
العلامة البحاثة المؤرخ المحدث المفسر الفقيه الشاعر الأديب كان من
تلامذة الآخوند ملا عبد النبي الطسوجي له تأليف كثيرة منها ١ رياض
الجنة المعروف الكتاب الوحيد في بابه وهو في أحوال الحج الطاهرة وغيرها
وأحوال جملة من العلماء ويشتمل على مقدمة وثماني روضات وخاتمة. منه
نسخة في مكتبة وزارة الخارجية في طهران ونسخة في مكتبة الحاج ملك
بطهران. وهو بالعربية والفارسية ٢ وسيلة النجاة في المواعظ والمقتل ٣
زبدة الأعمال في الأدعية ٤ شرح الاستبصار في مجلدات ٥ في الفنون
المختلفة ٦ روضة الآمال ٧ رياض مصائب الأبرار ٨ دوائر العلوم في
الفنون المختلفة ٩ بحر العلوم في العلوم المختلفة وكان يتخلص في شعره
بالفاني. ٢٩٨:
الشيخ شمس الدين محمد بن الحسن الحولاني العاملي
الحولاني نسبة إلى حولا أو حولة بضم الحاء المهملة وسكون الواو
قرية من قرى جبل عامل يروي بالإجازة عن الشيخ جمال الدين أبي العباس
أحمد بن محمد بن فهد الحلي وهي إجازة مختصرة تاريخها ١٩ ذي الحجة
سنة ٨٢٥ أدرجها بتمامها الشيخ محمد بن علي بن محمد بن خاتون
العاملي في اجازته التي كتبها للمحقق الكركي سنة ٩٠٠ ولم يذكره
صاحب أمل الآمل كما أنه فاته ذكر جماعة كثيرة غيره من علماء جبل عامل. ٢٩٩:
محمد بن الحسن بن حمدون
من قدماء أصحابنا ينقل عنه منصور الآوي تلميذ شيخ الطائفة في
كتابه نثر الدرر بعض مواعظ السجاد ع وله كتاب التذكرة ينقل عنه
صاحب كشف الغمة وغيره كثيرا من مواعظ الأئمة ع والظاهر أن
كتابه التذكرة مخصوص بمواعظ الأئمة ع وقد صرح صاحب
كشف الغمة بان اسمه محمد بن الحسن بن حمدون عند نقل مواعظ للسجاد
ع من كتابه ولكنه عند نقل مواعظ الباقر ع قال قال
أحمد بن حمدون في تذكرته فالظاهر أنه من تحريف النساخ أبدل محمد
بأحمد. ٣٠٠:
الشريف أبو يعلى محمد بن أبي القاسم حسن الأقساسي
له تفسير القصيدة السلامية للسلامي الشاعر المشهور محمد بن عبيد
الله المخزومي المنسوب إلى دار السلام بغداد مدح بها أمير المؤمنين
مطلعها:
سلام على زمزم والصفا والسلامي ولد سنة ٣٣٦ وتوفي سنة ٣٩٣
ونقل عن التفسير المذكور السيد ابن طاووس في كتاب اليقين عن نسخة
كتابتها رمضان سنة ٤٣٣ ٣٠١:
الشيخ ميرزا محمد حسن ابن الميرزا محمد كريم الطبيب الزنوزي
نزيل بلدة تبريز كان فقيها أصوليا متكلما أديبا رياضيا توفي ليلة
السبت ٢٦ شوال سنة ١٣١٠ ببلدة تبريز ونقل نعشه إلى النجف الأشرف.
له تأليف منها كتاب المائتين في الإمامة على نمط الألفين ورسائل فقهية
و أصولية فارسية وعربية وخلف الميرزا محمد حسن من علماء تبريز والدكتور
الميرزا عبد الحسين خان فيلسوف الدولة صاحب كتاب مطارح الأنظار في
تراجم الأطباء والميرزا رضى الدين من علماء تبريز والميرزا رفيع الدين من
أفاضل كرمرود تلمذ لديه جماعة منهم السيد شمس الدين محمود الحسيني
المرعشي النسابة والد السيد شهاب الدين النجفي النسابة المرعشي وغيره. ٣٠٢:
محمد بن الحسن. محمد بن علجة.
وجد في آخر رسالة بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
(١٤١)

للجاحظ تصنيف السيد أحمد بن طاوس على النسخة التي بخط الحسن بن
داود صاحب الرجال بخط دقيق ما صورته: هذه الأبيات كتبها أصغر
عباد الله تعالى محمد بن الحسن بن محمد بن علجة إلى سيده ومولاه ووالده
عز الدين عز نصره وجعلت فداه لما وصلت من الاردو المعظم في خدمة
سيدي ومولاي وأخي شرف الدين جعلني الله من كل سوء فداه على يد
قاصد يبشر سيدي واخوتي بالوصول إلى منزل السلامة والعافية في شعبان
المبارك سنة ٦٨٤ والأبيات هي هذه
لله الا ما ألاقي * شوقا إلى ارض العراق
وعظيم وجد ينقضي * عمر التفرق وهو باق
شطت عن الزوراء لي * دار فروحي في السياقي
فارقتها بقضا الزمان * فبدر لهوى في محاق
لما وصلنا ارضها * وغدت تبشرني رفاقي
وشممت من ارض العراق * نسم لذات التلاق
أيقنت لي ولمن أحب * بجمع شمل واتفاق
فضحكت من طلب اللقاء * كما بكيت من الفراق ٣٠٣:
صنيع الدولة محمد حسن خان بن اعتماد السلطنة المراغي.
توفي سنة ١٣١٠.
له سالنامه إيران فارسي في تاريخ سنين عديدة مطبوع. ٣٠٤:
السيد محمد ابن السيد محسن الأعرجي صاحب المحصول.
توفي سنة ١٣٠٣.
عالم عامل فاضل فقيه عالي الهمة كريم الطبع تلميذ الشيخ محسن بن
خنفر. ٣٠٥:
الشيخ محمد بن الحسن بن محمد بن سليمان الشاطري نسبا العاملي بلد
الصيداوي مولدا ومسكنا.
وجد بخطه كتاب آمل الآمل في علماء جبل عامل قال في آخره وهي
أول نسخة كتبت من خط مسودة الشيخ المؤلف في هذه البلاد فرع من
كتابتها في ١٥ جمادى الآخرة يوم الخميس سنة ١١١٨. ٣٠٦:
أبو الفرج محمد بن الحسن البغدادي الصهرجتي. ينسب إلى صهرجت
في معجم البلدان: قريتان بمصر متاخمتان لمنية
غمر شمالي القاهرة معروفتان بكثرة زراعة قصب السكر وتعرف بمدينة
صهرجت بن زيد وهي على شعبة النيل بينها وبين بنها ثمانية أميال، من
فقهاء الشيعة له كتاب سماه قيس المصباح لعله اختصره من مصباح
المتهجد للطوسي وله شعر وأدب ذكره الشيخي في تاريخه ومن شعره:
قم يا غلام إلى المدام فسقني * وأخفف على الندماء كل عقار
أ وما ترى وجه الربيع ونوره * يزهو على الأنوار بالنوار
ورد كأمثال الخدود ونرجس * ترنو نواظره إلى النظار
فاقدح بأقداح السرور سرورنا * واصرف بشرب الخمر داء خماري
آه ولم نجد له ذكرا في فقهاء الشيعة في كتب أصحابنا وهذا مما
يوقع الشك في أنه منهم مع انا ذكرنا في أبي الحسن سليمان بن الحسن بن
سليمان الصهرشتي ان البعض نسب كتاب قبس المصباح اليه وذلك
الصهرشتي بالشين وهذا بالجيم فراجع ما مر هناك والله اعلم. ٣٠٧:
المولى ميرزا محمد بن الحسن الشرواني الأصفهاني المعروف بالفاضل
الشرواني وبملا ميرزا.
توفي سنة ١٠٩٨ أو سنة ١٠٩٩.
كان في عصر الشاه سليمان الصفوي طلبه من النجف وتلمذ عليه
الميرزا عبد الله صاحب الرياض والشيخ حسن البلاغي صاحب تنقيح
المقال والمولى محمد أكمل والأمير محمد صالح خاتون آبادي. يروي عن
التقي المجلسي وكان صهر المجلسي على ابنته فأولدها المولى حيدر علي
المنسوبة اليه الطائفة الحيدرية وتزوج المولى حيدر علي بنت المجلسي الثاني.
والمترجم هو العلامة المحقق المدقق المشهور المتبحر في العلوم من
نوادر الدهر في لطف فطنته ودقة فكره وأصالة رأيه وهو مع ذلك أشهر من أن
يذكر وتعاليقه كلها مطارح انظار العلماء مثل تعليقته على المعالم على
حكمة العين وغير ذلك من تعاليق له على كتب الفلسفة والكلام
والرياضيات.
وعن الشيخ الحسن بن عباس البلاغي النجفي في كتابه تنقيح
المقال في توضيح الرجال أنه قال في صفته شيخي وأستاذي ومن عليه في
علمي الأصول والفروع استنادي أفضل المتأخرين وأكمل المتبحرين آية الله
في العالمين قدوة المحققين وسلطان الحكماء والمتكلمين إلى أن قال: وأمره في
الثقة والجلالة أكثر من أن يذكر وفوق ان تحوم حوله العبارة لم أجد أحدا
يوازيه في الفضل وشدة الحفظ ونقاية الكلام فلعمري انه وحيد عصره
وفريد دهره.
هيهات ان يأتي الزمان بمثله * ان الزمان بمثله لبخيل
له تلاميذ فضلاء اجلاء علماء وله تصانيف حسنة نقية جيدة لم تر عين
الزمان مثلها ثم قال فلعمري قد حقق فيها تحقيقات جليلة ودقق فيها
تدقيقات جميلة جزاه الله أفضل جزاء المحسنين انتهى وفي الروضات ما
ملخصه ومهذبه: كان من أفاضل أواخر دولة السلاطين الصفوية مقدما
عند الشاه سليمان الصفوي ماهرا في الأصولين والمنطق والطبيعي والفقه
والحديث وغيرها واحدا في قوة الجدال والمناظرة له من المصنفات حاشيتا
أصول المعالم بالعربية والفارسية شرح الشرائع من بحث مسقطات القضاء
يزيد على خمسة آلاف بيت كتاب مسائل الشكوك كبير واخر مختصر منه
حاشية شرح التجريد للقوشجي حاشية على الحاشية القديمة للمحقق
الدواني حاشيته على حاشية الفاضل الخفري عليه حاشية شرح المطالع شرح
المختصر للعضدي حاشية حكمة العين حاشية على شبهة الاستلزام كبيرة
كتاب أنموذج العلوم رسالة التوحيد فارسية رسالة في صدق كلام الله رسالة
تحقيق التخلف عن جيش أسامة رسالة الاستدلال بآية ان الأبرار لفي نعيم
على عصمة أهل البيت ع رسالة في معنى البدار رسالة في مسالة
الاختيار رسالة كائنات الجو رسالة الاحباط والتكفير رسالة تحقيق اختلاف
الأذهان في النظري والضروري رسالة في الهندسة تشمل على سبعة عشر
إشكالا رسالة السالبة المعدولة والموجبة المعدولة رسالة غسل الميت والصلاة
عليه رسالة شرح قول العلامة في القواعد كل من عليه طهارة واجبة ينوي
الوجوب رسالة شرح قوله ولو اشترى عبد بجارية رسالة مسالة الصيد
والذبائح فارسية رسالة في تفسير رواية من كمه أعمى رسالة تفسير حديث
ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع رسالة في الجواب عن مسائل متفرقة مثل
ان الحية هل لها نفس سائلة وعن التقليد والفتوى ووجه التأكيد في الجرة
العبرية وعن زكاة الغلات والخمس ونية الوجه والحبوة انتهى وله
حاشية على المسالك وعن رياض العلماء انه لما طلبه الشاه سليمان الصفوي
وحضر إلى أصفهان غير فواتح جملة من مصنفاته وجعلها باسم السلطان
المذكور وفي الروضات نقل من غاية مهارته في الجدل انه صلى على جنازة
(١٤٢)

امرأة فاتفق ان قال في الدعاء وأنت خير منزول بها فاعترض عليه في ذلك
فكتب رسالة في تصحيحه وارجاع الضمير إلى المرأة وهو من تلامذة الآقا
حسين بن الآقا جمال الدين الخوانساري. ومن تلامذة الفاضل الشرواني
صاحب رياض العلماء وفي الروضات انه يعبر عنه بأستاذنا العلامة وعن
الآقا حسين المذكور بأستاذنا المحقق وعن صاحب الذخيرة بأستاذنا الفاضل
وعن العلامة المجلسي بالأستاذ الاستناد، قال ومنه يستفاد انه اعلم الأربعة
ومن تلامذته أيضا محمد أكمل والد الآقا البهبهاني والأمير محمد صالح
الخاتون آبادي ختن العلامة المجلسي الأول وكان صهر المجلسي الأول على
ابنته ولد له منها المولى حيدر علي صهر المجلسي الثاني على ابنته أيضا.
توفي سنة تسع وتسعين بعد الألف ونقل إلى المشهد الرضوي على مشرفه
السلام فدفن في سرداب مدرسة ميرزا جعفر وقبره معروف.
والشرواني منسوب إلى شروان بوزن انسان في المراصد انها مدينة من
نواحي باب الأبواب وقيل ولاية قصبتها شماخي قرب بحر الخزر انتهى وأما
شيروان بالياء فهي قرية ببخارا كما عن القاموس وعن تلخيص الآثار شروان
بغير ياء اسم لناحية بقرب باب الأبواب عمرها أنوشروان فسميت بجزء
اسمه مستقلة بنفسها ملوكها من نسل بهرام جوبين الذي انهزم من كسرى
ابرويز وسار إلى ملك الترك ثم قتل هناك. انتهى باختصار.
وفي المراصد باب الأبواب هو الدربند دربند شروان وهي مدينة على
بحر طبرستان وهو بحر الخزر وربما أصاب حائطها وفي وسطها مرسى
السفن قد بني على حافتي البحر سدان وجعل المدخل ملتويا وعلى هذا الفم
سلسلة فلا مخرج للسفينة ولا مدخل الا بامر وهي فرضة لذلك البحر
وسميت باب الأبواب لأنها أفواه شعاب في جبل القبق فيها حصون كثيرة
وهو حائط بناه أنوشروان بالصخر والرصاص وعلاه ثلاثمائة ذراع وجعل
عليه أبوابا من حديد آه. وشروان هذه من أطراف مملكة إيران قديما
ثم صارت في يد الروس إلى الآن. ٣٠٨:
الآقا رضي الدين محمد بن الحسن القزويني.
توفي سنة ١٠٩٦.
له لسان الخواص وله رسالة في النيروز فارسية وانه غير ما هو
المعروف من تحويل الشمس إلى الحمل. ٣٠٩:
مولانا محمد حسن الهروي.
توفي سنة ١٢٥٤ ودفن في مزار قتلگاه. قال في مطلع الشمس: انه
كان من أكابر أبناء دار السلطنة هرات وكان أبوه الحاج علي أصغر بك له
منصب ملك التجار في مملكة الأفغان ولكنه هو بموجب الهمة الذاتية
والجذابة الغيبية من أبناء هذه السلسلة سلك مسلك اهل العلم ونال
اعتبارا كثيرا واخذ اشتهارا كبيرا فكان في ذلك نظير العالم الفقيه الفاضل
امين الاسلام الميرزا محمود الذي به استظهار الطلبة التبارزة والقزاونة خصه
الله بعامة ألطافه البارزة والكامنة فخرج بسائق السعادة وقائد العناية من
دائرة الكسب العظيمة وادخار التالد والطارف إلى حوزة اقتناء العلوم
والمعارف وفي كل يوم في دار السلطنة قزوين حيث إنه كان له منصب امين
التجار موروثا يشتغل بنشر احكام الدين ولما ذهب مولانا إسماعيل
الارغدي إلى هرات صحبه مولانا محمد حسن المذكور وبارشاداته وصل إلى
مقام عال من مراتب السلوك وغالب قواد الأفغان كانوا من مريديه إلى أن
حاصر محمد شاه هرات فأرسله إلى المشهد المقدس مكرما. ٣١٠:
الشيخ محمد بن الحسن صاحب المعالم
له رسالة في تزكية الراوي وجد منها نسخة بخط الشيخ حسن بن
أحمد بن سنبغة العاملي سنة ١٠٢٨ وعليها خط تلميذ المصنف الشيخ حسين
ابن الحسن المشغري العاملي. ٣١١:
محمد بن الحسن المهلبي
ترجمه في أمل الآمل وذكر أن له الأنوار البدرية وهو تلميذ ابن فهد
الحلي وصنف الكتاب المذكور بامره في الحلة ردا على كتاب يوسف الأعور
الواسطي الذي يرد به على الشيعة ومن الأنوار البدرية نسخة في مكتبة
الشيخ محمد السماوي في النجف ٣١٢:
السيد محمد بن حسن المؤلف لزهر الرياض بن علي بن حسن بن علي بن
شدقم بن ضامن بن محمد بن عرمة الحسيني المدني
قال السيد ضامن بن شدقم في كتابه تحفة الأزهار: لم يعلم له صبوة
مع توفر أسبابها ولم يصرف أوقاته الا في الخيرات وأبوابها ولم يعاشر غير أبناء
جنسه عديم الكلام الا في المباحث الدينية والمنافع الأخروية خال مجلسه من
الغيبة والنميمة إلا عن العلوم والأحاديث الشريفة البسه الله تعالى خلع
السكينة والوقار وحسن الخلق والاعتبار كثير الحكم والتواضع لين الجانب
سخي اليدين للأباعد والأقارب كان نقيبا بعد والده ثم عزف عنها لزهده
وورعه وتقواه قاله نور محمد بن الحسين الحسني المكي السمرقندي آه
ثم التجا إلى الله حرم تعالى مهموما مغموما مظلوما طالبا دمه من أولاد
أحمد بن سعد بن شدقم فاجتمعوا باتباعهم وأعوانهم على قتل محمد بن
المؤلف وحسن بن محمد الحكيم حين زوج محمد ابنته من حسن فظفروا
بالحكيم بعد خروجه من الروضة النبوية ليلة ١١ ربيع سنة ١٠٠٧ فضربوه
ضربا عنيفا فعابت احدى عينيه وقطعت بعض أصابعه وظنوا أن محمد بن
المؤلف مات فاتى الحاكم الحسني بذاته وحرس دورهما بجنوده وأعوانه ثم إن
محمدا ذهب إلى مكة فتوفي بها في جمادي الثانية سنة ١٠٠٨ ٣١٣:
الشيخ محمد بن الحسن الشيباني
وهو غير أبي المفضل صاحب مزار الأمير ع
له نهج البيان عن كشف معاني القرآن في التفسير كتبه للمستنصر بالله
سنة نيف وستمائة ٣١٤:
الشيخ محمد بن الحسن بن محمد بن كحيل ابن الشيخ سلطان العارفين
جاكيرين باكير الكردي الادرازي الحلي المعروف بابن نعيم
له كتاب شرف المزية في المدائح العزية كما كتب على ظهره أو أنيس
الجليس وفرصة الأنيس كما كتب في مقدمته عثرنا منه على نسخة مخطوطة في
بغداد سنة ١٣٥٢ كتبت في عصر الناظم وعليها خطه في مائة واثنين
وعشرين ورقة كل صفحة منها ثلاثة عشر سطرا تاريخ كتابتها ١٦ رمضان
سنة ٦٩٥ وعلى ظهرها تقريض بخط العلامة الحلي، وهي عبارة عن قصائد
على جميع حروف المعجم في مدح بعض امراء الحلة، وشعره في غاية
الجودة. وهذا الكتاب يعد من نفائس الآثار القديمة فلا بأس أن نصفه
وصفا شافيا فقد جاء في اوله: الحمد لله موجد الوجود ذي الطول والجود
إلى أن قال اما بعد حيث كان الملك العادل والبطل الحلاحل رب
الفضائل والفواضل ذو العز المكين عمدة السلاطين عز الدنيا والدين مؤيد
العزم والحزم حسن بن الحسين بن نجم أدام الله أيامه وأجرى بكل سعد
أقلامه ممن أراش أجنحة السادات العظماء وعاضد برأيه فضائل الوزراء
(١٤٣)

الخلصاء وبدرت بوادره واشتهرت نوادره وضربت بصنائعه محاسن الأمثال إذ
هي قلائد في أعناق الرجال فشمخت به بنو أسد الأسد الشداد وفخرت به
على سائر العباد والبلاد صلصال أسدي ومفخر أبدي وطالت دعائم الحلة
الفيحاء على مجرة الجوزاء وفخرت بمجده مراتب الزوراء.
قصدته أبناء الرجاء فلم يروا * عن بابه عوضا ولا مستبدلا
رجعوا وكل بالفخار مؤيد * واتوا وقد فضلوا به فضل الألى
وجدوا أميرا حاتميا حاكما * يوم الفخار معمما ومخولا
ملك إذا زحفت كتيبة معشر * يوما رأيت ابن الحسين الأولا
لا زال محروس الجناب مؤيدا * رب المكارم والفضائل والعلى
إلى أن قال دعاني رسول فكري وناجاني رب نظمي ونثري أن
اجمع في محاسنه ديوانا مكملا وفصلا مفصلا ومجملا يزهو في دوحه اللحظ
ويلهو ويطرب منه اللفظ فهززت عضب الكلف وحطمت قناة الكلف
وصنعته بين طباقه وجناسه وبديعه وقياسه موانع الحصر وتوابع القصر وكلما
ارتج علي باب وحجب عن بديهتي حجاب فتحها لي حسن أخلاقه الحميدة
وأعراقه المجيدة:
ملك يسايقني سوابق فضله * في كل معنى يجتنى أو يقتنى
فيحل بالأوصاف عقدة خاطري * فيه وإن كنت البليد الألكنا
لولا خلال ابن الحسين وجوده * لم يمس مدحي في البرية بينا
صدر ضياء جبينه مثل اسمه * فانظر ترى حسا وحسنا محسنا
أحيا عظامي الدراسات بجوده * لولا صنائعه والا من انا
فسارعت إلى العمل بنجح الأمل وسميته نزهة الجليس وفرصة
الأنيس كثير الفضل قليل الحجم يشتمل على مدائح الصاحب الصدر
المعظم عز الدين نجم أدام الله أيامه وأجرى بالسعد أقلامه ورفع سنجق
مناره ونصب رزدق فخاره على مجرة الجوزاء صلة عائدها رب السماء ولا زال
مهنا بآصف الملك خسرو الآفاق سيد الوزراء رب الرتبة العلياء مذل
الأعداء صاحب اليد البيضاء ناصر المسلمين جمال الملة والحق والدين أدام
الله أيامه وأمضى على رقاب أعاديه حسامه:
أ ما ترى ملكا عليه مهابة * يوم الفضائل أو ترى ملكا
وعضده الله بالمالك الأعظم المولى المعظم مالك الأيام صاحب ديوان
الزمام صدر الآفاق ومالك العراق ذي اليد والتمكين عماد الحق والملة
والدين أدام الله أيامهما ولا زال السعد يخطر بجديهما ويمر بسعديهما
مثل الأهلة في البروج منيرة * كملا فخارهما فصرن بدورا
شرفا فأصبح في الأنام علاهما * بين البرية أولا وأخيرا
رضعا ثدي المكرمات من العلى يوم الفخار فطهرا تطهيرا والمملوك
وأن أطال نظمه ونثره وأسهب خاطره وفكره متوشلا من بحر مولانا قطره
متوسلا من أياديه ذرة
يسال الصفح عن خطاه وكشف مغطاة. فأول ما صنع على قافية
الهمزة ثم شرح في ذكر القصائد فأورد في بعض حروف المعجم عدة قصائد
وفي بعضها قصيدة واحدة وكتب على ظهر النسخة ما صورته:
شرف المزية في المدائح العزية من نظم المملوك محمد بن
الحسن بن محمد بن كحيل ابن الشيخ سلطان العارفين جاكير بن باكير
الكردي الادرازي الحلي المعروف بابن نعيم برسم خزانة المولى الصاحب
الصدر الكبير المعظم عز الدنيا والملة حقا والدين فخر الاسلام والمسلمين أبي
محمد الحسن بن الحسين بن نجم الحلي الأسدي أدام الله أيامه وبلغه في
الدنيا مرامه بمحمد وبآله الطاهرين آه وعلى ظهرها تحت ذلك تقريض
بخط العلامة الحلي قدس الله روحه هذه صورته:
لقد أحسنت أيها الشيخ العالم الفاضل البارع النحرير اللقن الفصيح
العلامة المحقق ملك العلماء شمس الملة والدين فيما نظمت وأجدت القول
فيما اتيت به وبرزت فيه على المتقدمين ولم يساجلك أحد من المتأخرين
وجمعت بين اللفظ الرائق البديع والتركيب الشائق الصنيع فمن جرى في
ميدانك تأخر وصلى وأنى يدرك شأوك كلا كلا ولا شك في أحسن القول
أصدقه وقد انضم جودة معانيك إلى صدقك في مدح المولى الصاحب الصدر
الكبير العالم المعظم المرتضى كهف الفقراء وملاذ المؤمنين عز الملة والحق
والدين أعز الله ببقائه الاسلام والمسلمين وختم اعماله بالصالحات وغفر
له جميع الذنوب والزلات بمحمد وآله الطاهرين. وكتب العبد الفقير إلى الله
تعالى الغني به عمن سواه حسن بن مطهر حامدا لله تعالى ومصليا على
سيدنا محمد وآله.
وكتب تحت هذا التقريض تقريض آخر لم يعلم صاحبه لذهاب بعض
الكلمات من آخره ووسطه على تطاول الأيام وهذا ما تمكنا من قراءته منه:
ما قاله المولى المنعم الفاضل البارع البليغ الفصيح المحقق المدقق
ملك العلماء شمس الملة والدين من نظم ونثر فإنه جاز فيه حد الفصاحة
والبلاغة ولقد صدق فيما قاله من مدح المولى الصاحب المعظم
وبقي كلام آخر في الوسط والآخر لم نتمكن من قراءته وفي آخر
الكتاب ما صورته: ثم الديوان الموسوم بمديح المولى الصاحب الصدر
المعظم عز الدنيا والدين الحسن بن الحسين بن نجم بن مظفر بن أبي
المعالي بن الصروي بن قيصر الأسدي في سادس عشر شهر رمضان المبارك
سنة خمس وتسعين وستمائة. كتبه العبد إسماعيل بن يوسف بن الدين
كذا الحلي. وبعد هذا ما صورته: فرع من نسخه ونظمه العبد الفقير
إلى الله تعالى محمد بن حسن بن محمد بن كحيل بن الشيخ سلطان العارفين
جاكير بن باكير الكردي الادرازي المعروف بابن نعيم الحلي في أواخر رمضان
المبارك من سنة خمس وتسعين وستمائة الهلالية والحمد لله رب العالمين وصلى
الله على محمد النبي وآله الطاهرين آه ونحن ننتخب منه قسما صالحا
ندرجه في كتابنا. قال أول ما صنع على قافية الهمزة قصيدة عملها فيه
ويذكر فيها وقعة في الكوفة في ليلته المعروفة واخذه عدوه حيا وقتل أصحابه
ولها:
الوجد ما طابت به البرحاء * والحب ما كثرت به الأعداء
وأخو الصبابة كلما رق الصبا * عز الدواء به وهاج الداء
ما للقلوب الهائمات كأنما * وقف عليها البين والعدواء
باتت تجاذبها الكآبة والجوى * بازمة الأشواق حيث تشاء
فهي الحوائم لا يبل غليلها * حتى تجود بظلمها ظمياء
ضاقت عليها الأرض وهي فسيحة * من حيث ما حلت بها أسماء
هيفاء واضحة الجبين غريرة * لعساء طيبة الشذا غيداء
سفرت فنم بعطرها نشر الصبا * فتبسمت فتجلت الظلماء
وبدت لنا والليل اسود حالك * فكأنها للناظرين ذكاء
وتمايلت أعطافها من لينها * تيها وما عبثت بها الصهباء
كيف السبيل وحولها من عامر * شوس وحول خبائها الرقباء
والخيل تعثر والليوث عوابس * والبيض واليزنية السمراء
(١٤٤)

يا حارقا بان الأراك وبانه * فانزل بعيسك هذه الدهناء
واربع بذياك الحمى فجنابه * رق النسيم به وراق الماء
ربع زهت هضباته ووهاده * في كل فج روضة غناء
تحميه آساد الشري من عامر * لهم الوغى والغارة الشعواء
عرب إذا جن الظلام لنارهم * في حندس الليل البهيم لواء
ما للمكارم أصبحت لا ترتجى * فكأنما هي في الزمان هباء
لولا خلال ابن الحسين وجوده * كرما لما سرت به الاحياء
ملك إذا افتخر الأنام فمجده ال‍ * عالي المنيف ودونه الجوزاء
فعرائق أسدية ومناسب * مضرية ومراتب شماء
وغريمة معدودة وزعيمة * مشهودة وكتيبة شهباء
ورغائب متحوفة وغرائب * موصوفة ومناسب غراء
يا أيها الملك الذي آراؤه * شرفت بها الأبناء والآباء
لله ليلتك التي جليتها * عزما وقد جنت بها الظلماء
في ارض كوفان وقد كمنت بها * أسد لهم يوم الهياج لقاء
فالشوس تعثر والليوث عوابس * والموت دان والنجاة قضاء
فرجتها با يا محمد الذي * شهدت له الأعوام والشرفاء
فمصفدين إلى المماة قوادم * ومجدلين عليهم الرمضاء
وأتيت بالليث الهزبر مكبلا * وعليه من فيض الدماء رداء
لولا حسامك يا ابن نجم لم يقد * يوما ولا ظفرت به الأعداء
لله كم من غمة وعظيمة * فرجتها ولها المنون غطاء
ومكارم ومراحم وعظائم * ومغانم ما أن لها احصاء
قوم أقاموا الدين بعد خموله * ولفضله في الجاهلين خفاء
فهم بنو أسد الفتى ابن خزيمة * خير الأنام المعشر النجباء
فافخر وطل واسم الأنام بمفخر * شهدت به السادات والعظماء
سمعا لها يا ابن الحسين مدائحا * دانت لها الفصحاء والبلغاء
يا ماجدا شهد الحسام بفضله * يوم الوغى والصعدة السمراء
صدعت مناقبك العقول مهابة * وتفاخرت عن طولك العظماء
وتفيأت في ظل مجدك معشر * لولاك قل عليهم الأفياء
أعشبت زوراء العراق لرائد * تالله فهي العرصة الخصباء
جاءت إليها الوافدون كأنها * يا ابن الحسين بقصدك البطحاء
فشدا لسان المعتفين مرنما * أنت الرشيد وهذه الزوراء
والنظم الا في مديحك ضائع * والرشد الا من هداك غواء
والقصد الا نحو بابك خائب * والسعي الا في حماك شقاء
فبقيت ما بقي الزمان مخلدا * وعليك من كنف الاله وقاء
أنعم وسربلني ملابسك التي * شرفت بها السادات والعظماء
لتظل تحسدك الملوك الصيد بي * وتظل تحسدني بك الشعراء
وقال يمدحه ويذكر وقائعه بالكوفة وفضائله بها:
خالفت أشجان المحبة عامدا * حتى قضيت وما قضيت مآربا
فغدا فؤادك للغرام مسالما * طوعا وسمعك للملام محاربا
سلبت فؤادك يوم جرعاء الحمى * مقل الحسان فلا عدمت السالبا
سفروا شموسا وانتقبن أهلة * وبرزن أقمارا وجبن رباربا
يا جار إن جئت الأراك عشية * ونظرت حورا في الخيام كواعبا
قبل ثرى الوادي فبين خيامه * قسرا ترى أسد العرين ثعالبا
حور هززن من القدود ذوابلا * وغمدن في هدب الجفون قواضبا
وبرزن حورا وانثنين جآذرا * وارين من حسن الشباب عجائبا
قوم هم عين الحياة إذا دنوا * وإذا نأوا كانوا الحمام الغالبا
يا غائبا وخياله في ناظري * وضمير قلبي لا عدمت الغائبا
ما اعتن لي من نحو أرضك بارق * الا بعثت له الدموع سحائبا
ويهيج لي ذكراك تبريح الجوى * شوقا كما هز المدام الشاربا
ما بان عني نائيا متباعدا * الا وأصبح وده متقاربا
كم ذا يسوفني الزمان بقربه * وارى مواعيد الزمان كواذبا
والدهر يعكس ما أؤمل ناقما * فأبيت مرتقبا وأصبح خائبا
كم خضت تيار الزواخر عائما * وقطعت من جوز الفلاة لواحبا
حتى وقفت بباب أروع ماجد * أزكى الأنام مناسبا ومناقبا
وفضائلا وفواضلا ودلائلا * وشمائلا وخصائلا ومواهبا
فهو ابن نجم ذو المكارم والعلى * اسمى الملوك مكانة ومراتبا
أنت الذي افنى النضار مواهبا * والجور عدلا والزمان تجاربا
أنت الذي أبصرت منه حاضرا * مثل الذي حدثت عنه غائبا
وله فيه من قصيدة:
لله من لحظات غزلان النقا * غادرن في قلبي الغداة جراحا
من كل مخضر العذار مضرج ال‍ * وجنات ماد من الدلال مراحا
رشا كان البدر فوق جبينه * أمسى لكل دجنة مصباحا
ورأيت من ماء الحيا ببليتي * في وجنتيه الآس والتفاحا
ووصلته في جنح كل دجنة * خوف الوشاة وما رأيت جناحا
ما خفت إذ عزم ابن نجم بالندى * ابدا أراش بجانبي جناحا
صب ببذل المكرمات فلا يرى * امر الزمان عن النوال براحا
وشرى العلا في سوق كل فضيلة * فرأى خسارة ما شراه رباحا
وله فيه من قصيدة:
خلقت فريدا في المكارم والأخا * وفي رتب العلياء والمجد والسخا
خبيرا بكسب الفضل يا با محمد * فأنت لنا في البؤس ذخر وفي الرخا
وله فيه من قصيدة:
رويدكما يا عاذلي على الهوى * فما منكما مثلي سقيم وفاقد
حسان ربيبات الخدور أهلة * بتيلات ارداف ملاح نواهد
وخذ لي أمانا من جفونك انها * لها نفثات كل عنها المساعد
انا الدنف الصب الذي بفؤاده * لهيب جوى في طيه الصبر خامد
أمعتف الغبراء في غسق الدجي * على بكرة قد زينتها القلائد
أ غير ابن نجم ذي الحجى ابن مظفر * سرير المعالي أنت في الأرض قاصد
اليه والا كل راج مخيب * وفيه والا المدح في الأرض كاسد
به اعشوشبت اكناف حلة بابل * فمن ريعها يرجى الغني والفوائد
وزير له يومان للباس والندى * فليس سواه في المفاخر ماجد
تجمع فيه الفضل وهو مبدد * وفرق شمل المال والمال عاقد
وسارت بأرض الروم منك عزائم * فتلك جيوش للسرى ومطارد
وأورده الخابور والقوم حوله * وقد سهلت قسرا لديه الشدائد
ومن حوله قيس بن عيلان عصبة * شداد على قتل النفوس نواكد
وقد خربوا في ماردين واقبلوا * اليه وكل في العريكة مارد
فثار عليهم ثورة أسدية * له في السطا جد وعم ووالد
(١٤٥)

فقربه سلطانها واحتمى به * واتحفه من راحتيه العوائد
الا يا ابن نجم شدت للفخر رتبة * فمفخرها بين المفاخر سائد
فكل علو غير مجدك ساقط * وكل ثناء غير مدحك نافد
وله فيه ويذكر وروده من الاردو مرتبا عميدا:
سفرت وقد غشي الظلام البيدا * فرأيت من فلق الصباح عمودا
كالبدر وجها والنسيم شمائلا * والغصن قدا والغزالة جيدا
يا سعد إن شارفت شعب طويلع * يوما وعاينت الحسان الغيدا
احذر عيون العين فهي صوارم * جعلت لها جفن العيون غمودا
عرب هززن من القدود ذوابلا * وغمدن في غنج اللحاظ حدودا
كم عاشق شنت عليه غارة * أمسى لقى بين الخيام شهيدا
قسما ببلور السوالف زانه * خد رأيت بوجهه التوريدا
ما كنت قبل لحاظ علوة مثبتا * أن الظباء بها يصدن الصيدا
يا علو هل من عطفة يتيم * واه وكان على الغرام جليدا
أ ظننت اني بالتباعد والنوى * أنسيت ودك أم نقضت عهودا
يا سائق الاظعان إن جئت الغضا * ونزلت من واد الأراك زرودا
ونشقت من ذاك الجناب لطيمة * حملت من الند المعنبر عودا
واتيت شعب العامرية بالحمى * فأنخ بمربعه الصعاب القودا
أبلغ تحية من على طول النوى * يرعى حبيبا في الدنو بعيدا
لولا ابن نجم ذو المناقب والعلى * لم يمس ما بين الملا موجودا
ملك إذا استجديت جود بنانه * في يوم لازبة عرفت الجودا
وفضائلا وفواضلا ودلائل * وشمائلا وقبائلا وجدودا
وأعاد في الزوراء فضل ملوكها * لما غدا للطالبين مفيدا
فتشبهت بالري منه جلالة * وكأنما حسن غدا مسعودا
بأبي محمد الذي بفعاله * وجماله أمسى بها محمودا
طل يا بن نجم فضل كل مفضل * بسنا علا جعل الملوك عبيدا
لما رأت منك الملوك معظما * ليثا هصورا في الأمور جليدا
ورأوك عز الدين أشرف مالك * خروا لباسك ركعا وسجودا
أحيا نسيم العدل منك مواليا * وأمات زعزعه الشديد حسودا
ورأوا ممر العيش في أيامه * حلوا ومذموم الزمان حميدا
روحي الفداء لمالك ما أن رأى * يوما عن المجد الشريف محيدا
فاستنجحوا مصرا رأوك عميده * وتلمحوا يوما فكان العيدا
وطردت شيطان المظالم عنهم * لما قرأت عليهم التقليدا
أصبحت يا حسن بن نجم حاكما * عدلا وبت لحكمها داودا
وحباك رب العرش منه مكارما * ومفاخرا ومحاسنا ومزيدا
لا زلت أشرف كعبة لمؤمل * متخولا متعظما محسودا
وقال يمدحه أيضا:
سفرت فانجلى دجى الديجور * دون شعب الغضا مهاة الحور
ولمحنا من الخباء هلالا * فوق غصن من الأراك نضير
ونشقنا من جانب الخدر طبيبا * فهو روح لنفثة المصدور
وأرتنا وقد تبسمت الحسناء * ياقوتة على بلور
ولقطنا درين در حديث * قد حبتنا به ودر الثغور
وثنت قامة القضيب وجيد ال‍ * ظبي حسنا ومقلة اليعفور
يا خليلي إن مررتم بوادي الجزع * ميلا فالموت دون الخدور
مائسات القدود عند التثني * قاصرات اللحاظ هيف الخصور
لا ويوم لهوت في جنة الخلد * بشاد من الملاح سمير
من بني الترك من عوائده الفتك * فلا يرعوي لفك أسير
في محياه للعيون جنان * زاهرات تزهو بنور ونور
فهو آس من حول خالة مسك * وشقيق باد على كافور
وعذار إن رام قلبي سلوا * عنه تالله ليس بالمعذور
فعنت أوجه القلوب تعالى الله * بين المنظوم والمنثور
فاهن بالصاحب المؤيد عز الدين * خير الملوك اسمى الصدور
بمليك سبط البنان حمي * أيحي مؤيد منصور
راقنا منظرا وهبناه خوفا * فهو مل ء العيون مل ء الصدور
يا عميد العراق اهن بعيش * سالم صالح من التكدير
واهن عرسا تجلى عليك بفضل * وعلو ورفعة وحبور
ابنة الصيد من بني الأمراء الترك * اهل التعظيم والتأمير
شرف الدست واليراعة والطرف * بعز الدين المليك الوزير
ومشى الدهر في الزمان بعجب * وتبدى في بهجة وسرور
نسخ العدل دولة الظلم * من فضل مليك من الملوك كبير
عم اهل الأمصار والبدو حتى * جازهم عامدا لأهل القبور
رد أرواحهم فلو لا حذار الله * قاموا من قبل يوم النشور
عش رعاك الاله يا ملك الدهر * بجد سام ومجد منير
ومكان عال وعزم رشيد * وابق في نعمة بقاء الدهور
يا بن نجم دم للملوك عميدا * نافذ الامر في جميع الأمور
وتهن الدار السعيدة لا زلت * مهنا بكل قصر وحور
وتهن النعمى السنية والبس * حلل المجد والفعال الخطير
وتمتع بنضرة العيش إذ جاءتك * في رونق الزمان النضير
ناصح الدولة المؤيدة الغراء * عند التقديم والتأخير
وتقيك الأيام من كل خطب * صفوة لا تشاب بالتكدير
وابق وأسلم يا بن الحسين بجد * وفخار ونعمة وحبور
وقال يمدحه أيضا:
بالأبرقين اكلة وخدور * ينجمن منها أنجم وبدور
عرب ارق من النسيم شمائلا * عند التثني والقلوب صخور
يا سعد هل آس لدائك في الهوى * الا المراشف والعيون الحور
أ تروم من داء الغرام تخلصا * كيف السبيل وقلبك المأسور
وإلى م أطمع في الدنو ودونه * شوك الصوارم والأسنة سور
وبرملة الجرعاء جرعاء الغضا * رشا غضيض المقلتين غرير
رشأ كأن ضياء غرة وجهه * بدر وليل أثيثه ديجور
يفتر عن ياقوتتين وقد بدا * من تحتهن اللؤلؤ المنثور
لام الخلي ولي بلام عذاره * عذر ومثلي في الهوى معذور
أ ترى يساعفني الزمان بقربه * يوما ويتحفني به المقدور
ولسرب بهماء قطعت يبابها * والركب طورا يهتدي ويجور
كشفت غياهبه وميض بوارق * في الليلي تخبو تارة وتنير
لكنما الزوراء لاح لها سنا * بالمكرمات إلى العفاة يشير
فانظر ترى وجه ابن نجم قد بدا * من فوق مجلسه الشريف النور
ملك من الصروي منه عهدة * حق سواها في المفاخر زور
(١٤٦)

لله كم من عزمة أسدية * نحرت بها في النائبات نحور
وهمي بها في المحل شؤبوب الندى * وعلى العراق رواقها منشور
وبحلة ابن ديبس من إفضالها * شرف يلذ لمثله التأمير
باب المعالي بل بمفخر قيصر * شيدت به في الخافقين قصور
فاختص زين الدين منه بمفخر * والصدر عز الدين منه أمير
أحيا به الله الفخار فجيشه * المنصور حيث لواؤه المنشور
مولاي عز الدين يا من جوده * ابدا على كل العفاة غزير
انا عبد رتبنك الذي أرضعته * معروفكم في المهد وهو صغير
ويح الليالي كم تجذ حبائلي * قسرا وما لي في الزمان مجير
فكأنما الأفلاك قهقر جدها * نحسي فها هي بالشقاء تدور
وكأنما فيها النجوم نواظر * غيري ولي منها عيون عور
وكان والدي المقوم رمزها * في الرصد عندي فاته التحرير
وقال يمدحه من قصيدة:
إذا الصدر عز الدين لاح جبينه * تجلى ضياء الشمس واحتجب البدر
أتى بك سلطان البلاد لعلمه * بأنك مقدام لك النهي والامر
فجئت كما قد جاء موسى معظما * على قدر يا من له الفضل والقدر
أيا ابن الملوك الأولين مكانة * تعاضدهم يوم الوغى البيض والسمر
تعاضدك السمر العوامل والظبى * ويصحبك الاقبال والجد والنصر
فيوم الوغى ليث وفي الدست مالك * وفي العالم لقمان ويوم الندى بحر
وقال يمدحه:
لحاظ ظباء من حدود الظبى أمضى * فهن صحاح والقلوب بها مرضى
من الغنجات البابليات أن رنت * إليهم بغير السفك والفتك لا ترضى
هوى مذ عرفناه أباح لنا الجوى * فيا طيب ما أسدى الغرام وما أفضى
رعى الله أياما تقضت حميدة * وعمرا بلغناه وعيشا بها خفضا
قطفت ثمار الوصل من شجر المنى * وعانقت غصنا في أريكته غضا
أ ساكنة بالجزع عطفا على فتى * يبيت يراعي النجم أو يرقب الومضا
فلو لا ادكار الغور لم يمس مدنفا * ولولاك ما جس الطبيب له نبضا
الا يا مغاني الحي حياك وابل * إذا ما همي طولا يروي الثرى عرضا
يميل غصون الدوح لطفا وكلما * بكى في الحمى وسميها اضحك الأرضا
وحيا مقبلا منك طاب مصيفه * إذا وقدة الجوزاء أسعرت الرمضا
لك الله كم أنفقت فيك بشاشة * من اللهو واستقرضت من أملي قرضا
وكيف وعود اللهو أصبح ذاويا * وفودي مسود فغودو مبيضا
ولائمة باتت تلوم جهالة * وقد دحض الإملاق جلدتها دحضا
فقلت لها لا اختشي صرف فاقة * وجود ابن نجم في الورى طبق الا رضا
إذا مسنا الاعسار منه بفاقة * دعونا لدى معروفه الغمر فأرفضا
وهز إلى العلياء اي عزيمة * يطول على طول المدى بعضها بعضا
بنى للعلى بيتا رفيعا مشيدا * فليس يرى بنيانه ابدا نقضا
وطنب أشطان المفاخر والعلى * فليس يرى ابرامه ابدا نقضا
إذا المدح أمسى في البرية سنة * غدا مدح عز الدين بين الملا فرضا
فمن ذا يضاهي منه جودا ونائلا * وهمته العليا وراحته البيضا
لوامع فضل في دجى ليل حادث * تريه إشارات القضا قبل أن يقضى
أيا ابن أبي النجم المليك ومن له * ديون حقوق لا تؤدى ولا تقضى
فلا زلت للجلى أميرا وللعلى * فخارا وللأحكام صارمها الا مضى
أصول سقاها الله ماء مراحم * وأينع غصنا من أريكتها بضا
وسار الهوينا طالبا شاو مفخر * وقد بهض الطلاب ذاك السرى بعضا
وانى لهم أن يمتطوا كاهل العلى * وقد نفضتهم عن كواهلها نفضا
مليك غضيض الطرف عن كل محرم * وأيسر شئ أن يرى طرفه الغضا
وقال يمدحه:
أسمر القنا دون المضارب تلمع * رويدك ما في وصل مية مطمع
رويدك في سجف الخيام غريرة * عليها من الشمس المنيرة برقع
لها الله ذات الخدر كم دون خدرها * دم هدر للعاشقين ومصرع
خليلي ما لي كلما هبت الصبا * أظل ولي جفن من الشوق يهمع
لقد ملك الوجد الممض جوانحي * فلم يبق للسلوان في القلب موضع
وعائدة لم أدر من زفرة الأسى * أظمياء عادت أم خيال مروع
هل الدار بالجرعاء جرعاء مالك * تعود لنا بعد التشتت تجمع
حمى حجبته الشوس عن كل عائد * فما منهم الا الكمي السميذع
ربيع زكت أعراقه وكأنه * أنامل عز الدين لليسر مربع
تسربلتها يا ابن الحسين فضائلا * عليها طراز الألمعية يلمع
تبوأت في أعلى المراتب مفخرا * له مغرب فوق السماك ومطلع
وركب يبيد البيد في غسق الدجى * شدت شحشدا نوه الغداة وهيلعوا
غواربها محدودبات من السرى * واخفافها من شدة السير ظلع
يعمن بتيار المهامة تارة * فيجذبها آل التلاع ويرفع
تحاول في اكناف حلة بابل * مليكا به اللأواء تجلى وتدفع
عزيمته تغنيه عن باتر الشبا * واخلاقه ضيق المطالب توسع
وبهجته أن أسفرت خلت في الدجى * هلالا وقال الركب في السفر يوشع
حباه إله الخلق كل فضيلة * فجل الذي يعطي العباد ويمنع
مليك به الزوراء تسمو وانها * بغير نداه فهي غبراء بلقع
فأمنها صدر العراقين بعد ما * غشاها أناس للنهيبة جمعوا
ففي الدست صدر أرحب الصدر ماجد * وفي الروع ليث في الوقائع أروع
ودم وابق وأسلم وارق واحي وكد وطب * وعش ما ضياء الشمس يخفى ويطلع
وما ميلت ريح الصبا غصن النقا * وما الدوح يزهو والحمام يرجع
وقال فيه:
بت ما بين سالف وسلاف * مستهاما ما تسفي علي السوافي
آه من منصفي من الظالم الحاكم * في مهجتي بلا انصاف
أهيف القد ناعم الخد بادي الصد * حلو الوصال مر التجافي
فاتن اللفظ فاتر اللحظ المى * وافر الحظ مائس الأعطاف
بدر تم حاز الجمال بقد * وافر الحسن كامل الأوصاف
أناصب يرى الصبابة فرضا * وعلى اللهو مذهبي وانعكافي
انا ممن جنى ثمار الأماني * باللذاذات دانيات القطاف
خل عني قول المفيد وألفه * الشيخ في كتاب الخلاف
لا أبالي أن سالمتني الليالي * أو تعدت بصرفها الحياف
وابن نجم أبو محمد المولى * معيني وهمه اسعافي
قسما بالنبي احمد المبعوث * حقا من صلب عبد مناف
والذي أنزلت عليه من الرحمن * طاها وسورة الأعراف
ما سما في الأنام مثل ابن نجم * ظاهر الفخر طاهر الاسلاف
(١٤٧)

وابق وأسلم واغنم ثناء محب * صدقه في ودادكم غير خافي
وله فيه:
تخفي الصبابة و الجوانح تخفق * وتصون وجدك والمدامع تنطق
إن كنت ممن يدعي ترك الهوى * جدا وممن للغرام يطلق
لا تنشقن نسيم رامة أنه * سر يسر به الفؤاد الشيق
كيف التجلد والصبا نجدية * والبرق من هضبات رامة يبرق
يا سائق الاظعان هذي رامة * طربت إليها بالمسير الأينق
وخيام سلمى والقباب لوامع * ولمثلها يصبو الحليم ويعشق
تلك القباب الزرق يحجب خدرها * بيض الصوارم والسنان الأزرق
ومطوحين على الرحال كأنما * شربوا السلاف على الرحال فحلقوا
شمل الهجير عليهم ثوب السرى * ليلا فكل بالتراب مخلق
آها لأيام الوصول فماؤها * عذب وزهر القرب منها مونق
أيام لهوي والسرور معاضدي * والسعد يسعدني وغصني مورق
واليوم دمعي من جفوني مطلق * وجدا وقلبي بالصبابة موثق
والغانيات ترى وصالي فرصة * ابدا ولي من كل خود موثق
كم جبت بيد الأرض في طلب الغنى * والرحب في وجه المطالب ضيق
حتى وقفت بباب أروع ماجد * ملك له في كل فضل رزدق
الضارب الهامات في رهج الوغى * والخيل للأكم الفساح تطبق
عثرت بعثيرها وفوق متونها * شوس إلى ضرب الرقاب تحدق ٣١٥:
أبو بكر المدائني الكاتب محمد بن الحسن ابن روزبه
نزيل الرحبة راوي الصحيفة الكاملة السجادية. يروي عنه أبو
المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني وهو في درجة الصدوق وأمثاله
كذا. في الرياض ٣١٦:
مولانا محمد حسن البياتي اصله من بيات نيشابور
توفي في رجب سنة ١٢٦٢ ودفن بجانب قبر الطبرسي في مقبرة قتل
كاه حسب وصيته. في مطلع الشمس: قرأ في المشهد المقدس الرضوي
المقدمات العادية وقرأ على مولانا عبد الوهاب شيخ الاسلام في العقليات
والرياضيات وتخلى عن الظاهريات ووضع قدمه في جادة السلوك وبقي مدة
أربع سنوات في حجرة من حجرات المدرسة التي تحت الرجلين مشتغلا
بالرياضيات والمجاهدات
وفي فردوس التواريخ: الفاضل المؤتمن والعارف الممتحن مولانا
محمد حسن من الطائفة المسماة بالبياتية وكانت ولادته في قرية من قرى
نيشابور تعرف بمعموري وتعلم العلم في المشهد المقدس على الميرزا
معصوم الرضوي فحصل الفقه والأصول واشتغل مدة مديدة في حضرة
مولانا عبد الوهاب شيخ الاسلام بنشر الفضائل وتدريس الفنون ثم اعتزل
في منزله وكان مجاورا لي مدة مديدة وشملتني منه فيوضات كثيرة وكان مدة
أربع سنين في حجرة من حجرات المدرسة التي تحت الرجلين مشتغلا
بالرياضيات الصعبة. ٣١٧:
السيد مجد الدين محمد بن عز الدين حسن بن موسى بن جعفر من آل
طاوس
له كتاب البشارة صنفه للسلطان هلاكو خان فرد اليه النقابة في البلاد
العراقية وببركته سلمت الحلة والنيل والمشهدان من القتل والنهب كما ذكره
في عمدة الطالب ٣١٨:
علاء الدين أبو السعادات محمد بن جلال الدين الحسن بن محمد
الإسماعيلي القهشتاني
صاحب القلاع والري لهم نسب متصل بالمصطفى نزار بن المستنصر
الفاطمي واستولى على قهستان والروذبار إلى نواحي خراسان وكان حسن
السيرة محبا للخير وفي مدحه يقول مولانا نصير الدين أبو جعفر:
مولى الأنام علاء الدين من سجدت * جباه أشرافهم لما رأوا شرفه
شخص تواضعت الدنيا لهمته * وانما الفوز بالعقبى لمن عرفه ٣١٩:
عماد الدين أبو الفضل محمد بن الحسن بن أبي الآجك السلجوقي النيلي
الفقيه الأديب
من أكابر الفقهاء وأعيان الأدباء قدم بغداد واستوطنها بالمحلة المعروفة
بالمختارة وقرأ الفقه وكتب الكثير لنفسه وتوريقا للناس واقتنى أملاكا سنية
مختارة بالمختارة وصنف كتبا أدبية وفقهية وكان له معرفة تامة بفقه الشيعة
وجالس شيخنا فخر الدين يوسف بن الصوفي وانتفع به ولما توجه النقيب
رضي الدين علي بن طاوس إلى الحضرة في شوال سنة ٧٠٤ كان في الصحبة
وهو دمث الاخلاق أديب وله شعر حسن في الفنون ٣٢٠:
علاء الدين أبو البركات محمد بن رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن
العمري الصغاني
اشتغل وقرأ على والده وكان حافظا لكتاب الله تعالى مواظبا على
تلاوته وتدبره وكتب تصانيف والده وكان خطه عظيم الشبه بخط والده وهو
الذي أوصى اليه شيخنا رضي الدين بأنه إذا سجاه أحضره إلى جامع
الحريم ٣٢١:
الشيخ محمد حسن خاتون العاملي
توفي في آخر المحرم سنة ١٢٠٣ في قرية جويا
ذكره بعض مؤرخي جبل عامل ويدل كلامه على أنه كان من اهل
العلم والفضل ٣٢٢:
الشيخ محمد حسن الغول العاملي الميسي
توفي في ذي الحجة سنة ١٢٠٢
ذكره بعض مؤرخي جبل عامل ويدل كلامه على أنه من اهل العلم ٣٢٣:
عز الدين الحارث محمد بن الحسن بن علي العلوي الحسيني الفقيه
كتب إلى شيخنا الفقيه العالم نجيب الدين أبو علي يحيى بن أحمد بن
يحيى بن سعيد الهذلي الحلي من الحلة السيفية في شهر رجب سنة ٦٧٩ قال
أخبرنا السيد أبو حامد بن زهرة الحسيني الحلبي عن قطب الدين أبي الحسن
عن السيد الأغر النقيب عن القاضي أحمد بن علي بن قدامة عن السيد
المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي

(١)، (٢)، (٣) مجمع الآداب
(٤) مجمع الآداب
(١٤٨)

٣٢٤:
الشيخ محمد حسن ابن الشيخ باقر النجفي مولدا ومسكنا ومدفنا صاحب
الجواهر
توفي سنة ١٢٦٦ وقد تجاوز السبعين ودفن في مسجده بالنجف وعلى
قبره قبة معروفة. فقيه الامامية الشهير وعالمهم الكبير مربي العلماء وسيد
الفقهاء اخذ عن الشيخ جعفر وولده الشيخ موسى وعن صاحب مفتاح
الكرامة وعن السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى ابن السيد حيدر
الحسيني العاملي ابن عم صاحب مفتاح الكرامة وعن الشيخ قاسم محيي
الدين وغير هؤلاء من تلامذة الوحيد البهبهاني وبحر العلوم الطباطبائي.
انتهت اليه رياسة الطائفة في منتصف القرن الثالث عشر وصار مرجعا
للتقليد في سائر الأقطار وأذعن له معاصروه وفيهم من الأئمة المؤلفين مثل
الشيخ جواد ابن الشيخ تقي ملا كتاب شارح اللمعتين والشيخ حسن أبين
الشيخ جعفر والشيخ محسن خنفر والشيخ محسن الأعسم صاحب كشف
الظلام والشيخ خضر شلال والشيخ مشكور الحولاوي ورحل اليه الطلاب
من كل فج وتخرج به كل فقهاء المذهب من بعده عربا وفرسا لا يكاد
يحصى عدد من اخذ عنه وتخرج به ويمكن ان يقال ان الأئمة المجتهدين
منهم يبلغون الستين عدا من عرب وفرس ورزق في التاليف حظا عظيما قلما
اتفق لسواه واشتهرت كتبه اشتهارا يقل نظيره وهو يدل على غزارة مادته
وتبحره في الفقه أشهرها جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام لم يؤلف
مثله في الاسلام حتى حكي عن بعض العلماء أنه قال لو أراد مؤرخ زمانه
ان يثبت الحوادث العجيبة في أيامه لما وجد حادثة أعجب من تصنيف هذا
الكتاب، لا يكاد يعول المتأخرون عنه على غيره ولا يفضلون عليه كتابا في
تمامه واستيفائه كتب الفقه وجمعه لأقوال العلماء من اوله إلى آخره واحتوائه
على وجوه الاستنباط والاستدلال مع ما فيه من النظر الدقيق وجيد
التحصيل والتحقيق هذا مع تجريده عن الحشو والفضول فهذه مزايا قلما
اتفقت في كتاب لمتقدم أو متأخر ويحكى عن الشيخ مرتضى الأنصاري انه
كان يقول يكفي للمجتهد في أهبته وعدة تحصيله نسخة من الجواهر وأخرى
من الوسائل مع ما قد يحتاج اليه أحيانا من النظر في كتب الأوائل. وعليه
إلى الآن معول المجتهدين والمحصلين من الامامية في كل مكان. طبع في
إيران عدة مرات في ستة مجلدات كبيرة واصلها المخطوط يزيد على
الثلاثين لا تخلو من الغلط إذ أن خط المؤلف ردئ يصعب هجاؤه ونسخة
الأصل بخطه. وله في الفقه مجموعة رسائل عملية جارية مجرى المتون
سماها نجاة العباد في يوم المعاد جمعت فأوعت فيها الطهارة والصلاة واحكام
الحيض والزكاة والخمس والصوم والحج والفرائض وهي عند الجمهور أشهر
من الجواهر علق عليها اهل الرأي والفتوى من الفقهاء المتأخرين عن
مؤلفها لتكون مرجعا لمقلديهم وهم يعدون بالعشرات كالشيخ مرتضى
الأنصاري وهو أول من علق عليها والميرزا الشيرازي والشيخ راضي والحاج
ملا علي ابن الميرزا خليل والمامقاني والشرابياني والآقا رضا الهمذاني والشيخ
محمد طه نجف والسيد كاظم اليزدي والسيد إسماعيل الصدر وجل من قلد
بعد مؤلفها حتى نسختها العروة الوثقى بسهولة عبارتها وحسن ترتيبها،
وطبعت أكثر من ثلاثين مرة في إيران والهند وهي من كتب القراءة واشتهرت
بالغموض والاغلاق وعليها شروح لجماعة ولها مكانة عظمى في قلوب
المتفقهين يتباهون ويتفاخرون بحل عباراتها وأول من عني بها الشيخ مرتضى
الأنصاري وتلميذه الميرزا الشيرازي من بعده. وله في الأصول مقالات
ورسائل شتى وإجازات كثيرة. ومن آثاره حفر النهر الذي حاول جر الماء
فيه إلى النجف أنفق عليه أموالا طائلة ولكن لم يتهيأ له ذلك لأنه لم يكن
حفره عن فن وهندسة فكان يحاول فيه غير المقدور. وكان فيما يقال
متساهلا في إجازة تلاميذه بالاجتهاد يقول دعوهم يأكلوا خبزا وجرى على
خلافه الشيخ مرتضى الأنصاري من بعده فقد كان متشددا في ذلك ولا
تعرف له إجازة أو شهادة باجتهاد أحد قط. وعقبه في النجف من أكثر
الاعقاب عددا فيهم إلى هذه الغاية الوجيه والفقيه والأديب والشاعر.
وكان متوسعا في تجملاته عكس الشيخ مرتضى الأنصاري الذي كان
غاية في التزهد ويقال ان الشيخ مرتضى سئل عن ذلك فقال الشيخ محمد
حسن أراد أن يظهر عز الشريعة وانا أردت إظهار زهدها. وكان يرى ان
القضاء يجوز بالوكالة ولذلك كثرت وكالته بهذا الخصوص وأظن ان هذا هو
الذي كان يتساهل فيه لا اعطاء الشهادة بالاجتهاد. وفي نظم اللآل كانت
مدرسته أعظم المدارس تجتمع فيها الأفاضل من اهل كل ناحية وكان من
مشائخ الإجازة، كان أحد أجداده من جهة الأم المولى أبو الحسن الشريف
العاملي الفتوني الأصفهاني. وعن كتاب طبقات الشيعة ما ذكره صاحب
الروضات من انه قرأ على صاحب المصابيح يعني السيد مهدي الطباطبائي
ليس بصحيح نعم يروي عنه بواسطة أستاذه السيد جواد صاحب مفتاح
الكرامة وكذا ما استظهره من تعبيره عن الآغا البهبهاني بشيخ مشائخنا
وأستاذنا الأكبر انه حضر على الآقا البهبهاني في مبدأ امره ليس كما استظهره
وانما جرت عادة المصنفين ان يعبروا عن أساتيذ أساتيذهم بمثل ذلك.
وممن مدحه تلميذه السيد حسين ابن السيد رضا ابن السيد مهدي بحر
العلوم الطباطبائي بقصيدة طويلة أولها:
هل غازلتك برامة غزلانها * ورعتك من تلك الظباء حسانها
منت عليك بزورة من بعد ما * أورى بأحشاك الجوى هجرانها
ورثاه بعد موته بقصيدة ارخ فيها عام وفاته مطلعها:
عين البرية باديها وحاضرها * تذري الدموع لناهيها وآمرها
زان الشرائع مذ حلى مقالدها * جواهرا ما الدراري من نظائرها
فاليوم تسكب من وجد ومن أسف * عليه تلك اللآلي من نواظرها
تبكيه شجوا وتنعاه مؤرخة * أبكى الجواهر هما فقد ناثرها
١٢٦٦
تلامذته
أجاز بالاجتهاد عددا كبيرا من تلامذته رأسوا من بعده نسمي أشهرهم
واليك أسماءهم:
الحاج ملا محمد الأندرماني الحاج ملا علي الكني الشيخ عبد الحسين
الطهراني الميرزا صالح الداماد السيد إسماعيل البهبهاني في طهران السيد
أسد الله ابن السيد محمد باقر الشيخ محمد باقر الأصفهاني ابن صاحب
حاشية المعالم في أصفهان السيد محمد الشهشهاني الحاج ميرزا محمود
البروجردي في بروجرد الشيخ مهدي الكجوري في شيراز الملا محمد
الأشرفي في مازندران الملا محمد الساوري الشيخ محمد حسن ياسين الشيخ
(١٤٩)

حسن أسد الله كلاهما في الكاظمية الميرزا علي نقي الميرزا زين العابدين
الطباطبائيان الشيخ محمد حسين القزويني الشيخ محمد طاهر الشيخ زين
العابدين المازندرانيان وغيرهم في كربلاء السيد حسين والسيد علي
الطباطبائي سبطا بحر العلوم الشيخ راضي ابن الشيخ محمد النجفي الشيخ
محمد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر الكبير الشيخ مهدي ابن الشيخ علي ابن
الشيخ جعفر الميرزا حبيب الله الرشتي الملا محمد الإيرواني السيد حسين التبريزي
الكهكمري الشيخ حسن المامقاني الحاج ملا علي واخوه الحاج ميرزا حسين
ولد ميرزا خليل الطبيب الطهراني الشيخ محمد حسن الشرقي الشيخ جعفر
التستري الشيخ جعفر الأعسم الشيخ محمد حسين الكاظمي كل هؤلاء في
النجف الأشرف إلى غيرهم كالسيد محمد الهندي وسلطان العلماء والآقا
حسن النجم آبادي والشيخ عبد الرحيم البروجردي ساكن المشهد المقدس
الرضوي والشيخ عبد الرحيم البروجردي ساكن طهران والحاج ميرزا
إبراهيم السبزواري والحاج ملا نصر الله ساكن خراسان وغيرهم كثير. ٣٢٥:
محمد بن الحسن النضري العاملي الأصفهاني
يعرف بدرويش محمد ومر هناك. ٣٢٦:
الشيخ محمد حسن الشروقي المحتد والمولد النجفي المنشأ والمدفن
توفي في النجف ٧ ربيع الأول سنة ١٢٧٧ ودفن في الصحن الشريف
في الحجرة الملاصقة لباب المسجد المسمى بمسجد الخضراء من الجهة
الشرقية وكان يصلي فيه جماعة.
والشروقي نسبة إلى بلاد العراق الشرقية يقال لأهلها الشروقية.
كان عالما فاضلا نقيا زاهدا فقيها تفقه بصاحب الجواهر وصاهره على احدى
بناته واخذ عن جماعة من علماء النجف واخذ عنه جماعة. أعقب الشيخ محمد
والشيخ احمد والشيخ محمد علي والشيخ محمد رضا والشيخ جعفر وهو
أصغرهم أمه بنت صاحب الجواهر. ٣٢٧:
السيد أبو طالب محمد بن الحسن الحسيني
له كتاب جمال الاخبار في مجلدين فرع من المجلد الأول منه في رجب
سنة ١١١٢ اوله الحمد لله ذي الجلال والاكرام مشتمل على فوائد كثيرة رأينا
منه نسخة في قم الظاهر أنها بخط المؤلف ألحق فيه كل باب من أبواب من
لا يحضره الفقيه ما يناسبه وفرع من المجلد الثاني في رجب سنة ١١١٣. ٣٢٨:
الحاج محمد حسن بن حمادي بن مهدي من آل أبو المحاسن الجناحي
الكربلائي
ولد حدود ١٢٩٥ وتوفي في جناجة يوم الخميس ١٣ ذي الحجة سنة
١٣٤٤.
كان شاعرا أديبا حسن البديهة كاتبا ناثرا له ديوان كبير مخطوط
مبوب. درس في كربلاء على جماعة من علمائها الأعلام وخلال الثورة
العراقية انتدبه الميرزا محمد تقي الشيرازي عن علماء كربلاء للتفاوض مع
الإنكليز وقد كان رئيسا للمجلس الملي الثوري والحكومة الموقتة في كربلاء
يومذاك. وهو أحد السبعة عشر شخصا الذي طلبت بريطانيا تسليمهم
للمحاكمة عند احتلال جنودها لمدينة كربلاء عام ١٩٢٠ م فاعتقل مع
أولئك الاشخاص في بغداد ثم في الحلة أياما عديدة وحكم عليهم باحكام
مختلفة حتى صدر القرار بالعفو العام ولما شكلت الوزارة العراقية بعد الثورة
عين وزيرا للمعارف في وزارة جعفر العسكري سنة ١٩٢٣ م.
شعره
له في ساعة:
مسمعة تعجب ألحانها * لكنها ليست بسماعة
رقاصها طفل لدى مكتب * يقرأ في الجزء بتباعة
فاخذ هذا المعنى الرضا الأصفهاني ابن محمد حسين بن محمد باقر بن
محمد تقي صاحب حاشية المعالم النجفي فقال:
غالية غالية المنتمى * في الشرق والغرب حوت نسبتين
يا عجبا من طفل رقاصها * يقرأ في الجزء بتباعتين
فقال المترجم:
عجبت للشيخ على فضله * في شعره يسرق تباعه
دقيقة يسطو بها آخذا * مني ما قد قلت في ساعة
وله:
كم لعيني ليل النوى من جميل * وافر ضاق دونه باع شكري
مذ رأتني أنفقت كنز اصطباري * ملأت من لآلئ الدمع حجري
وله في معنى فارسي:
ما حل بالمكتب الحبيب ولا * خط بيمناه خط تحرير
وأودع الله في لواحظه * رموز درس لألف نحرير
وله في أمير المؤمنين ع:
كنت على أعداء دين الهدى * سهما براه الله قدما فراش
كأنما سيفك يوم الوغى * نار تلظى والأعادي فراش
وقت طه يوم أحد وفي * يوم حنين ومبيت الفراش
وقوله:
عهد وصل بالرقمتين قديم * سلفت فيه نضرة ونعيم
قف عليه مسلما ان فرضا * بالديار الوقوف والتسليم
ربما قام للصبابة فيه * موسم راق حسنه الموسوم
من سما للمنون في يوم بدر * يوم صالت ابطالها والقروم
وبأحد من رد بأس عداها * ثابت الجاش مقدما لا يخيم
وبيوم الأحزاب إذ عظم الكرب * فراع الاسلام خطب جسيم
وسطا فارس الكتيبة يختال * به مشرف أقب هضيم
من جلا كربها وجلى دجاها * وبمن فل جيشها المهزوم
(١٥٠)

غير مولاهم ومن في علاه * صدع الذكر والكتاب الحكيم
عميت أعين تساوى لديها * فلق الصبح والظلام البهيم
وله:
أجدك هل لي من سواك مجير * فأيسر شجوي لوعة وزفير
أسامر في ليل التمام نجومه * وكل شجي للنجوم سمير
وقد منعوا طيف الخيال فلا الكرى * يلم ولا طيف الحبيب يزور
وآخر عهدي يوم برقة عالج * وهوج المطايا بالظعون تسير
حمائل يحملن الحسان كأنها * دمى وكان اليعملات قصور
تهز غصون البان وهي معاطف * وتجلو رياض الحزن وهي خدور
فلم أدر والأشباه تشكل منظرا * أتلك ظباء أم كواعب حور
ولما وقفنا للوداع بذي الغضا * نعرض بالشكوى لهم ونشير
وقد أشرقت للناظرين طوالعا * بدور لها فوق الحدوج سفور
عشية أقصدن الحشا بنوافذ * من اللحظ في قلب البرئ تغور
فلم نر أنضى من سهام كليلة * ينصلها سحر بها وفتور
واقسم لولا أن ينم مراقب * ولوع بنا أو يستريب غيور
جرت لمراعاة النظير مدامعي * نجوما فلاحت أنجم وبدور
جلون لنا نوري أقاح ونرجس * وما هو الا أعين وثغور
وهل يسلم العيش الرغيد من الأذى * ويصفو لأبناء الزمان سرور
إذا ما حلا عيش أتى الدهر دونه * فأصبح حلو العيش وهو مرير
عذيري من الأيام لا در درها * ومن أين للحر الأبي عذير
ومن شيمي أن لا أقر ظلامة * وإن لم يكن الا الحسام نصير
واهجر عذب الماء ان هان ورده * فأظما أو يروي الغليل هجير
وله في قبة أمير المؤمنين ع
يا قبة يتجلى من أشعتها * سنا ضياء على الظلماء متقد
شمس رأت ذلك المأوى لها شرفا * فلازمت من علي دارة الأسد
له:
وصاحب عاشرني مدة * فكان من خيرة أصحابي
يصبو إلى شعري فلا بدع إن * سميته الصاحب والصابي
وله:
يقولون لي كم تركب الهول مقدما * على الأمر لم تؤمن عليه عواقبه
فقلت لهم كم يدرك الحتف وادعا * يخفض وكم ينجو من الحتف راكبه
ويحمل مني الخطب والله عدتي * فتى لا تبالي بالخطوب مناكبه
وما زال مني جانب لملمة * إذا نزلت بالطور زلت جوانبه
اخذنا إلى المجد الأثيل سبيله * فذلت لنا من بعد لأي... مصاعبه
ضربنا بسيف الحق من رد حكمه * وذلك سيف لا تفل مضاربه
هو الحق أقوى كل شئ وانما * يعود ضعيفا حين يضعف صاحبه
إلى العز يا شعب العراق * إلى العلا إلى المجد تبدو شهبه وكواكبه
وقال وهو معتقل في سجن الإنكليز بالحلة:
مقولي ماض وسيفي مثله * وجناني ثابت لم يخن
سالم الاخلاق من منتقد * في سرور كنت أو في حزن
عظموا الجرم وقالوا حاكم * وطني ثائر ذو لسن
هيج الشعب وأغراه بنا * لم يغب عن مشهد أو موطن
ان أكن احسب فيكم مجرما * فانا المحسن عند الوطن
سيئات وضعتني عندكم * حسنات عنده ترفعني ٣٢٩:
السيد محمد ابن السيد حسن بن هاشم بن محمد بن عبد السلام بن زين
العابدين بن عباس صاحب نزهة الجليس الموسوي العاملي
ولد سنة ١٢٤٧ بدير سريان من جبل عامل وتوفي بها سنة ١٣١٩.
في بغية الراغبين: كان فاضلا كاملا تقيا شاعرا ناثرا كثير الحفظ
حسن الرواية قرأ العربية على الشيخ جعفر مغنية ثم ارتحل إلى المدرسة
الخاتونية في جويا واتصل بعدها بالشيخ عبد الله نعمة والشيخ محمد علي
عز الدين فاخذ عنهما ما وفق له ومن شعره وقوله يخاطب ولده الأكبر:
لا تصحبن لئيما فاللئيم له * طبع على اللؤم والفحشاء قد طبعا
ولا تمدن طرفا للغنى وان * اضحى ذوو الجهل من جهل له اتبعا
واتل القرآن فما شئ أحب إلى * الرحمن منه ففيه العلم قد جمعا
والنفس امارة بالسوء مائلة * للجهل لا تبتغي زهدا ولا ورعا
مشغولة بالملاهي والملاعب لا * تنفك تظهر في أفعالها البدعا
العلم يحرس أهليه ويكلأهم * والمال يحرسه أصحابه جزعا
والعلم يزداد بالانفاق زائده * والمال ينقص مهما زاد واتسعا ٣٣٠:
الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاسترآبادي المعروف بالشيخ الرضي
الملقب نجم الأئمة شارح الكافية
وفاته
توفي في أواخر المائة السابعة أو بعدها وفي مجالس المؤمنين ان وفاته
سنة ٦٨٦ وفي بغية الوعاة أخبرني صاحبنا المؤرخ شمس الدين بن عزم بمكة
ان وفاته سنة ٦٨٤ أو ٦٨٦ الشك مني آه وهذا التاريخ لا يصح لما
ستعرف من أن فراغه من شرح الكافية كان سنة ٦٨٦ كما في بعض النسخ
أو سنة ٦٨٨ كما في بعض آخر وفي خزانة الأدب ان شرحه للشافية متأخر
عن شرحه للكافية فلا يصلح التاريخ وعصره قريب من عصر ابن الحاجب
فان وفاة ابن الحاجب سنة ٦٤٦ آه فالظاهر أن تاريخ الوفاة بذلك اشتباه
بتاريخ فراغه من شرح الكافية والله اعلم.
أقوال العلماء في حقه
في أمل الآمل: كان فاضلا عالما محققا مدققا له كتب وذكره السيوطي
في بغية الوعاة في طبقات النجاة ولم يعرف اسمه فقال: الرضي الامام
المشهور صاحب شرح الكافية لابن الحاجب الذي لم يؤلف عليها بل ولا في
غالب كتب النحو مثله ولقبه نجم الأئمة ولم أقف على اسمه ولا على شئ
من ترجمته ووجد على ظهر نسخة من شرحه على الشافية بخط الفاضل
(١٥١)

الأصفهاني الشهير بالفاضل الهندي ما نصه: شرح الشافية للشيخ الرضي
المرضي نجم الملة والحق والحقيقة والدين الاسترآبادي الذي درر كلامه
أسنى من نجوم السماء وتعاطيها أسهل من تعاطي زلال الماء إذا فاه بشئ
اهتزت له الطباع وإذا حدث بحديث قرط الاسماع بالاستماع الذي هو بين
الأئمة ملك مطاع للمؤالف والمخالف في جميع الأصقاع والبقاع آه
وذكره عبد القادر بن عمر البغدادي في مقدمة كتابه خزانة الأدب التي هي
شرح على شواهد شرح الكافية له فقال: الأمر الثالث فيما يتعلق بترجمة
الشارح المحقق والحبر المدقق رحمه الله وتجاوز عنه ولم اطلع على ترجمة له
وافية بالمراد وقد رأيت في آخر نسخة قديمة من هذا الشرح ما نصه: هو
المولى الامام العالم العلامة ملك العلماء صدر الفضلاء مفتي الطوائف الفقيه
المعظم الملة والدين محمد بن الحسن الاسترآبادي وقال البقاعي في مناسبات
القرآن هو محمد بن الحسن الاسترآبادي العلامة نجم الدين آه وقال
السيد الشريف الجرجاني في حاشية المطول في بحث العلم عند قول صاحب
المطول حقيقة التعريف جعل الذات مشارا بها إلى خارج مختص إشارة
وضعية: هذا مأخوذ من كلام نجم الأئمة وفاضل الأمة الرضي
الاسترآبادي آه وقال في اجازته الآتية لمن قرأ عليه شرح الكافية: وان
شرح الكافية للعالم الكامل نجم الأئمة وفاضل الأمة محمد بن الحسن
الاسترآبادي تغمده الله بغفرانه واسكنه بحبوحة جنانه آه وقيل إن أول
من لقبه بنجم الأئمة السيد الشريف. المذكور وقد كان عالما فقيها متفردا
في العلوم العربية لم يوجد له نظير فيها في جميع الأعصار ويظهر منه ان كان
مجاورا بالنجف الأشرف عند تأليفه ذلك الشرح لما يظهر من آخره وأوله كما
ستعرف ومع ما كان عليه هذا الرجل من جلالة القدر والتفرد بمزيد
التحقيق وفلسفة اللغة العربية فإنك لا تجد له ترجمة وافية وكلما ذكر في حقه
عبارات متقطعة وكل ذلك لأنه لم يترجم في حياته ولا قريبا منها لتعلم
أحواله مفصلة وانما ترجم في الأزمنة المتأخرة ولم يطلع مترجموه على تفصيل
حاله فاكتفوا باجماله وعن صاحب كشف اللثام أنه قال نجم الملة والحق
والحقيقة والدين ومدن كثيرا وذكره القاضي في المجالس.
مؤلفاته
١ شرحه على كافية ابن الحاجب لم يؤلف مثله في علم العربية
قبله ولا بعده اعتنى به علماء الأقطار اعتناء عجيبا من العرب والفرس
والأتراك في جميع الأقطار واكبوا عليه وتداولوه من عهد مؤلفه إلى اليوم طبع
مرارا في إيران وطبع في مصر مرارا أيضا وقد امتاز هذا الكتاب بفلسفة
النحو واللغة وعلله واشتمل على تحقيقات لم يسبق إليها ولا أتى أحد بعده
بمثلها وكل من أتى بعده استفاد منه ونقل عنه. قال السيوطي في بغية الوعاة
لم يؤلف على الكافية بل ولا في غالب كتب النحو مثله جمعا وتحقيقا وحسن
تعليل وقد أكب الناس عليه وتداولوه واعتمده شيوخ العصر فمن قبلهم في
مصنفاتهم ودروسهم وله فيه أبحاث كثيرة واختيارات جمة ومذاهب ينفرد بها
لم أقف على شئ من ترجمته الا انه فرع من تأليف هذا الشرح سنة ٦٨٣
وقال السيد الشريف الجرجاني في حق الكتاب المذكور في اجازته الآتية انه
كتاب جليل الخطر محمود الأثر يحتوي من أصول هذا الفن على أمهاتها ومن
فروعه على نكاتها قد جمع بين الدلائل والمباني وتقريرها وبين تكثير المسائل
والمعاني وتحريرها وبالغ في توضيح المناسبات وتوجيه المباحثات حتى فاق
ببيانه على اقرانه وجاء كتابه هذا كعقد نظم فيه جواهر الحكم بزواهر
الكلم آه ويظهر من الشرح المذكور انه حين تصنيفه كان مجاورا في
النجف الأشرف لقوله في اوله فان جاء مرضيا فببركات الجناب المقدس
الغروي صلوات الله على مشرفه لاتفاقه فيه والا فمن قصور مؤلفه فيما
ينتحيه ولقوله في آخره قبل احكام هاء السكت على ما حكاه البغدادي في
خزانته وهو المطابق لما في النسخة المطبوعة في إيران: هذا آخر شرح المقدمة
والحمد لله على انعامه وإفضاله بتوفيق اكماله وصلواته على محمد وأكرم آله
وقد تم تمامه وختم اختتامه في الحضرة المقدسة الغروية على مشرفها أفضل
تحية رب العزة وسلامه في شوال سنة ٦٨٦ وقال البقاعي في مناسبات القرآن
انه تمم شرح الكافية سنة ٦٨٦ ولم ينقل الشرح من العجم إلى الديار
المصرية الا بعد أبي حيان وابن هشام وقال البغدادي أيضا في خزانته انه
رأى في آخر نسخة قديمة من هذا الشرح ما نصه: وقد املى هذا الشرح
بالحضرة الشريفة الغروية في ربيع الآخر من سنة ٦٨٨.
ومما سمعت تعلم وقوع الاختلاف في تاريخ الفراع من شرح
الكافية فالسيوطي جعله سنة ٦٨٣ ومثله في مجالس المؤمنين والموجود في
آخره قبل احكام هاء السكت انه كان سنة ٦٨٦ وفي النسخة القديمة التي
رآها البغدادي انه كان سنة ٦٨٨ ويمكن الجمع بان اتمامه أولا كان سنة ٨٣
ثم عاش مدة يحرر شرحه ولهذا تختلف نسخه اختلافا كثيرا كما نقله السيد
الجرجاني في اجازته الآتية فالتاريخ الأول للفراغ من تأليفه والباقية لمراجعاته
والتغيير فيه والله اعلم وقد علق عليه السيد الشريف الجرجاني حاشية نفيسة
مطبوعة ومن شدة اعتنائه بهذا الشرح انه اقرأه لتلاميذه ولعله كتب الحاشية
عليه أيام قراءتهم له وأجاز بعض تلامذته به كما ستعرف.
٢ شرح الشافية لابن الحاجب في الصرف ومقدمة الخط في غاية
الجودة الا انه لم يشتهر اشتهار شرح الكافية وفي روضات الجنات عندنا منه
نسخة صححها الفاضل الهندي بنفسه وكتب على ظهرها الحمد لله الذي
اطلع هذا النجم الزاهر بل البدر الباهر في إقليم ملكي البائر وقد عرفت ما
وجد بخط الفاضل الهندي على شرح الشافية أيضا.
٣ شرح القصائد العلويات السبع لابن أبي الحديد ذكره في أمل الآمل
وغيره في مؤلفاته وغير ذلك وكان ابن أبي الحديد في عصره متقدما
عليه.
إجازة السيد الشريف الجرجاني بعض تلاميذه بشرح الكافية
قال صاحب خزانة الأدب بعد ذكره ترجمة الرضي ما لفظه: وقد
رأيت أن اكتب هنا صورة إجازة الشريف الجرجاني لمن قرأ عليه هذا الشرح
فإنه بالغ في تقريظه وأطرى ومدح الشارح بما هو اللائق والأحرى وهي
هذه:
احمده على جزيل نواله واصلي على نبيه محمد وصحبه وآله وبعد فان
صناعة الاعراب لا يخفى في رفعة مكانها تجري من علوم الأدب مجرى
الأساس وتنزل منه منزلة البرهان من القياس وبها يتم ارتشاف الضرب من

(١) من الطرائف ما ذكره المصحح هنا لنسخة خزانة الأدب المطبوعة بمصر سنة ١٣٤٧ في تفسير
الحضرة الشريفة الغروية حيث قال:
هي المدينة المنورة ومن ضواحيها الغرو والغراء ومن آطامها غرة وهو الذي بنيت منارة مسجد
قبا في مكانه والغري كغنى الحسن الجيد آه وما كان عليه الا ان ينظر في بعض كتب اللغة
ليعلم ان الغري موضع قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) والغروية نسبة اليه ولكن
الظاهر أنه لم يخطر بباله ان حضرة أمير المؤمنين (ع) يمكن ان يقال عنها الحضرة الشريفة -
المؤلف -
(١٥٢)

تراكيب كلام العرب بل هي مرقاة منصوبة إلى علم البيان المطلع على نكت
نظم القرآن وان شرح الكافية للعالم الكامل نجم الأئمة وفاضل الأمة
محمد بن الحسن الرضي الاسترآبادي تغمده الله بغفرانه واسكنه بحبوحة
جنانه كتاب جليل الخطر محمود الأثر يحتوي من أصول هذا الفن على
أمهاتها ومن فروعه على نكاتها قد جمع الدلائل والمباني وتقريرها وبين تكثير
المسائل والمعاني وتحريرها وبالغ في توضيح المناسبات وتوجيه المباحثات حتى
فاق ببيانه على اقرانه وجاء كتابه هذا كعقد نظم فيه جواهر الحكم بزواهر
الكلم لكن وقع فيه تغييرات وشئ كثير من المحو والاثبات وبدل بذلك
صور نسخه تبديلا بحيث لا تجد إلى سيرتها سبيلا واني مع ما منيت به من
الاشغال واختلال الحال وانتكاس سوق الفضل والكمال وانقراض عصر
الرجال الذين كانوا محط الرحال ومنبع الافضال ومعدن الاقبال ومجمع
الآمال وتلاطم أمواج الوسواس من غلبة أفواج الشوكة وظهور الفساد في
البر والبحر بما كسبت أيدي الناس قد بذلت وسعي في تصحيحه بقدر ما
وفي به حين مع تلك العوائق ووسعت مقدرتي مع موانع العلائق فتصحح
الا ما قدر أو طغى به القلم أو زاع عنه البصر وقد قرأه علي من اوله إلى
آخره المولى الامام والفاضل الهمام زبدة اقرانه في زمانه وأسوة الأفاضل في
اوانه محمد حاجي ابن الشيخ المرحوم السعيد عمر بن محمد زيدت فضائله
كما طابت شمائله قراءة بحث واتقان وكشف وايقان وقد نقر فيها عن
معضلاته وكشف عن وجوه مخدراته هذا وقد أجزته ان يرويه عني مع سائر
ما سمعه علي من الأحاديث وفنون الأدب والأصولين راجيا منه أن لا
ينساني في خلواته وفي دعواته عقيب صلواته لعل الله يجمعنا في جنانه
ويتغمدنا بمرضاته انه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وحسبنا الله ونعم
الوكيل نعم المولى ونعم النصير.
كتبه العبد الفقير الجاني علي بن محمد الحسيني الجرجاني وذلك
بمحروسة سمرقند سنة اثنتين وثمانمائة آه. ٣٣١:
أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن حسن.
بن حمامي بن جرو بن واسع بن وهب بن سلمة بن حاضر بن
أسد بن عدي بن عمرو بن ملك بن فهم بن غانم بن دوس بن عدنان بن
عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن
نصر بن الأزد بن الغوث بن بنت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا بن
يشجب بن يعرب بن قحطان الأزدي البصري اللغوي.
نسبه
هكذا ساق نسبه ابن خلكان والخطيب في تاريخ بغداد الا ان الثاني
اسقط ابن وهب وفي فهرست ابن النديم حشم بدل حنتم وفيه أيضا: ابن
أسلمة بن حشم بن حاضر بن حشم بن ظالم بن حاضر بن أسد إلى الغوث
وترك الباقي وفي معجم الأدباء اسقط ابن حسن الثاني وابن جرو وابن
عمرو وابن كعب الثاني وزاد ابن حنتم بعد ابن سلمة وابن جشم بن ظالم
بعد ابن حاضر وذكر غنم بدل غانم وقال ابن زهير ويقال زهران. ويمكن
كون سقوط ما سقط من النساخ خصوصا مع تكرر الأسماء ودريد
تصغير أدرد تصغير ترخيم وقياسه أديرد كما يقال سويد في تصغير اسود
وزهير في تصغير أزهر والأدرد الذي ليس في فمه سن وعتاهبة بعين
مهملة مفتوحة ومثناة فوقية وألف وهاء مكسورة ومثناة تحتية مفتوحة وهاء
وحنتم بحاء مهملة مفتوحة ونون ساكنة ومثناة فوقية مفتوحة وميم اصله
الجرة المدهونة الخضراء وبها سمي الرجل وقد عرفت أن في فهرست ابن
النديم حشم بدل حنتم وفي معجم الأدباء تارة وتارة حنتم ولا شك ان كل
ذلك تصحيف للفظ باخر وحمامي بحاء مهملة مفتوحة وميمين بينهما ألف
وياء قال ابن النديم منسوب إلى قرية من نواحي عمان يقال لها حمام وهو
أول من أسلم من آبائه وهو من السبعين راكبا الذين خرجوا مع عمرو بن
العاص من عمان إلى المدينة لما بلغهم وفاة النبي ص حتى أدوه وفي ذلك
يقول قائلهم:
وفينا لعمرو يوم عمرو كأنه طريد نفته مذحج والسكاسك
مولده ووفاته
قال ابن النديم قال أبو الحسن الدريدي وكان أحد غلمانه وخصيصا
به قال أبو بكر رحمه الله ولدت بالبصرة في سكة صالح سنة ٢٢٣.
وتوفي ببغداد يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقين من شعبان أو من
رمضان سنة ٣٢١ فيكون عمره ثمانين وتسعين سنة وقال ابن خلكان يقال إنه
عاش ثلاثا وتسعين سنة لا غير آه. وفي اليوم الذي توفي فيه توفي
أبو هاشم الجبائي ودفنا في الخيزرانية وقال ابن النديم دفن بالمقبرة المعروفة
بالعباسية من الجانب الشرقي في ظهر سوق السلاح آه. وكان جحظة
البرمكي في جنازته فانشد لنفسه:
فقدت بابن دريد كل فائدة * لما غدا ثالث الأحجار والترب
وكنت أبكي لفقد الجود منفردا * فصرت أبكي لفقد الجود والأدب
أقوال العلماء فيه
قال ابن النديم كان عالما باللغة وأشعار العرب وذكره ابن شهرآشوب
في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المجاهرين فقال الأديب أبو بكر بن
دريد الأزدي آه وذلك أنه قال هم أربع طبقات المجاهرون والمقتصدون
والمتقون والمتكلفون. وقال الخطيب في تاريخ بغداد كان رأس اهل العلم
والمقدم في حفظ اللغة والأنساب وأشعار العرب يقال إنه اعلم الشعراء
وأشعر العلماء وقال ياقوت في معجم الأدباء كان رأس اهل هذا العلم يعني
اللغة والأدب وروى من اخبار العرب واشعارها ما لم يروه كثير من اهل
العلم وقال أبو الطيب اللغوي في كتاب مراتب النحويين عند ذكر ابن دريد
هو الذي انتهت اليه لغة البصريين وكان احفظ الناس وأوسعهم علما
وأقدرهم على شعر وما ازدحم العلم والشعر في أحد ازدحامهما في صدر
خلف الأحمر وابن دريد وتصدر ابن دريد في العلم ستين سنة وفي نزهة الألباء
كان من أكابر علماء العربية مقدما في اللغة وأنساب العرب
وأشعارهم وقال ابن خلكان: امام عصره في اللغة والأدب والشعر الفائق
قال المسعودي في مروج الذهب: كان ابن دريد ببغداد ممن برع في زماننا
هذا في الشعر وانتهى في اللغة وقام مقام الخليل بن أحمد فيها وأورد أشياء في
اللغة لم توجد في كتب المتقدمين. وذكره السيوطي في بغية الوعاة ووصفه
بالشافعي وذكر جملة مما مر.
وذكره صاحب رياض العلماء فقال: كان وزيرا لبني ميكال امراء
الشيعة في فارس فعهدوا اليه نظارة ديوانهم حتى كانت الأوامر تصدر عنه
(١٥٣)

ويوقع عليها بتوقيعه وبلغ أعلى المراتب ولما خلع بنو ميكال وذهبوا إلى ارض
خراسان جاء ابن دريد إلى بغداد سنة ٣٠٨ واتصل بالوزير الشيعي علي بن
الفرات فقربه إلى المقتدر فامر له بخمسين دينارا كل شهر حتى مات.
وقال في معجم الشعراء: شيخنا رضوان الله عليه. ولد بالبصرة
ونشأ بعمان وكان اهله من رؤساء أهلها وذوي اليسار منهم ثم تنقل في
جزائر البحر وفارس ثم ورد مدينة السلام بعد أن أسن فأقام بها إلى أن توفي
في سنة احدى وعشرين وثلاثمائة، وكان رأس اهل العلم والمتقدم في
الحفظ للغة والأنساب وأشعار العرب وهو غزير الشعر كثير الرواية سمح
الاخلاق وكانت له نجدة في شبابه وشجاعة وسخاء وسماحة.
حفظه
روى الخطيب في تاريخ بغداد عن علي بن الحسن التنوخي عن أبي
الحسن أحمد بن يوسف الأورق عن جماعة عن أبي بكر بن دريد قال كان أبو
عثمان الاشنانداني سعيد بن هارون صاحب كتاب المعاني معلمي وكان
عمي الحسين بن دريد يتولى تربيتي فإذا أراد الأكل استدعى أبا عثمان يأكل
معه فدخل عمي يوما وأبو عثمان المعلم يرويني قصيدة الحارث بن حلزة
التي أولها آذنتنا ببينها أسماء فقال لي عمي، إذا حفظت هذه القصيدة
وهبت لك كذا وكذا ثم دعا بالمعلم ليأكل معه فدخل اليه فأكل وتحدثا بعد
الأكل ساعة فإلى ان رجع المعلم حفظت ديوان الحارث بن حلزة بأسره
فخرج المعلم فعرفته ذلك فاستعظمه وأخذ يعتبره علي فوجدني قد حفظته
فدخل إلى عمي فأخبره فأعطاني ما كان وعدني به قال أبو الحسن وكان أبو
بكر واسع الحفظ جدا ما رأيت احفظ منه كان يقرأ عليه دواوين العرب
كلها أو أكثرها فيسابق إلى اتمامها ويحفظها وما رأيته قط قرئ عليه ديوان
شاعر الا وهو يسابق إلى روايته لحفظه له. وفي معجم الأدباء عن السلامي
في كتاب النتف والظرف ان ابن دريد صنف الجمهرة للأمير أبي العباس
إسماعيل بن عبد الله بن ميكال أيام مقامه بفارس فأملاه عليه إملاء من اوله
إلى آخره حفظا في سنة ٢٩٧ قال أبو العباس فما رأيته استعان عليه بالنظر في
شئ من الكتب الا في باب الهمزة واللفيف فإنه طالع له بعض الكتب
وكفاك بهذا فضيلة وعجيبة ان يتمكن الرجل من عمله كل التمكن ثم لا
يسلم من الألسن حتى قيل فيه ابن دريد بقره إلى آخر ما يأتي.
من قدح فيه
في تاريخ بغداد بسنده عن الدارقطني انه سئل عن ابن دريد فقال
تكلموا فيه وقال حمزة سمعت أبا بكر الأبهري المالكي يقول جلست إلى
جنب ابن دريد وهو يحدث ومعه جزء فيه ما قال الأصمعي فكان يقول في
واحد حدثني الرياشي وفي آخر حدثنا أبو حاتم وفي آخر حدثنا ابن أخي
الأصمعي عن الأصمعي يقول كما يجئ على قلبه. وذكر ياقوت عن ابن
شاهين كنا ندخل على ابن دريد ونستحي منه لما نرى من العيدان المعلقة
والشراب المصفى موضوع وقد كان جاوز التسعين سنة وعن الخطيب فيما
أسنده إلى إسماعيل بن سويد ان سائلا جاء إلى ابن دريد فلم يكن عنده
غير دن نبيذ فوهبه له فجاء غلامه وأنكر عليه ذلك فقال أيش أعمل لم يكن
عندي غيره ثم تلا لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فما تم اليوم حتى
أهدي له عشرة دنان فقال للغلام تصدقنا بواحد واخذنا عشرة.
وقال أبو منصور الأزهري في مقدمة كتاب التهذيب: وممن ألف في
زماننا الكتب فرمي بافتعال العربية وتوليد الألفاظ وادخال ما ليس من كلام
العرب في كلامها أبو بكر محمد بن دريد وقد حضرته في داره ببغداد غير مرة
فرأيته يروي عن أبي حاتم والرياشي وعبد الرحمن بن أخي الأصمعي
وسالت إبراهيم بن محمد بن عرفة عنه فلم يعبأ به ولم يوثقه في روايته وألفيته
انا على كبر سنه سكران لا يكاد يستمر لسانه على الكلام من سكره وقد
تصفحت كتابه الذي أعاره اسم الجمهرة فلم أرد على معرفة ثاقبة ولا قريحة
جيدة وعثرت من هذا الكتاب على حروف كثيرة أنكرها ولم اعرف مخارجها
فاثبتها في كتابي في مواقعها منه لأبحث انا وغيري عنها وقال أبو ذر الهروي
سمعت الأزهري يقول دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم أعد
اليه آه وفي بغية الوعاة قلت قد تاب بعد ذلك كما سيأتي آه وأشار
إلى ما سيأتي من قصة من ناوله طاقة نرجس مع أن الخطيب في تاريخ بغداد
لم يذكر في ترجمته شيئا من هذا فلعله مكذوب عليه والدار قطني قال تكلموا
فيه وهو يشير إلى عدم ثبوته عنده وقول الأزهري السابق في حق الجمهرة
محض تحامل ولو لم تكن بتلك المكانة لما اشتهرت هذا الاشتهار.
سيرته
قال ابن النديم أقام بالبصرة ثم مضى إلى عمان فأقام بها مدة ثم
صار إلى جزيرة ابن عمارة فسكنها مدة ثم صار إلى فارس فقطنها ثم صار
إلى بغداد فنزلها.
وقال الخطيب في تاريخ بغداد بصري المولد ونشأ بعمان وتنقل في
جزائر البحر والبصرة وفارس وطلب الأدب وعلم النحو واللغة وكان أبوه
من الرؤساء وذوي اليسار وورد بغداد بعد أن أسن فأقام بها إلى آخر
عمره. وفي معجم الأدباء بالبصرة تأدب وعلم اللغة وأشعار العرب وقرأ
على علماء البصرة ثم صار إلى عمان فأقام بها مدة ثم صار إلى جزيرة ابن
عمارة ثم صار إلى فارس فسكنها مدة ثم قدم بغداد فأقام بها إلى أن مات
وقال ابن خلكان كانت ولادته بالبصرة ونشأ بها وتعلم فيها ثم انتقل عنها
مع عمه الحسين عند ظهور الزنج وقتلهم الرياشي وسكن عمان وأقام بها
اثنتي عشرة سنة ثم عاد إلى البصرة وسكنها زمانا ثم خرج إلى نواحي فارس
وصحب ابني ميكال وكانا يومئذ على عمالة فارس وعمل لهما كتاب الجمهرة
وقلداه ديوان فارس وكانت تصدر كتب فارس عن رأيه ولا ينفذ امر الا بعد
توقيعه فأفاد معهما أموالا عظيمة وكان مفيدا مبيدا لا يمسك درهما سخاء
وكراما ومدحهما بقصيدته المقصورة فوصلاه بعشرة آلاف درهم ثم انتقل من
فارس إلى بغداد ودخلها سنة ٣٠٨ بعد عزل ابني ميكال وانتقالهما إلى
خراسان ولما وصل إلى بغداد أنزله علي بن محمد بن الخواري في جواره
وأفضل عليه وعرف الامام المقتدر خبره ومكانه من العلم فامر ان يجري
عليه خمسون دينارا في كل شهر ولم تزل جارية عليه إلى حين وفاته وعرض
له في رأس التسعين من عمره فالج سقي له الترياق فبرئ منه وصح ورجع
إلى أفضل أحواله ولم ينكر من نفسه شيئا ورجع إلى اسماع تلامذته واملائه
عليهم ثم عاوده الفالج بعد حول لغذاء تناوله فكان يحرك يديه حركة
ضعيفة وبطل من مجزمه إلى قدميه فكان إذا دخل عليه الداخل ضج وتألم
لدخوله وإن لم يصل اليه قال تلميذه أبو علي إسماعيل ابن القاسم القالي
فكنت أقول في نفسي ان الله عز وجل عاقبه بقوله في مقصورته حين ذكر
الدهر:
مارست من لو هدت الأفلاك من * جوانب الجو عليه ما شكا
وكان يصيح لذلك صياح من يمشي عليه أو يسل بالمسال والداخل
(١٥٤)

بعيد منه وكان مع هذه الحال ثابت الذهن كامل العقل يرد فيما يسال عنه
ردا صحيحا قال أبو علي وعاش بعد ذلك عامين وكنت أسأله عن شكوكي
في اللغة وهو بهذه الحال فيرد بأسرع من النفس بالصواب وقال لي مرة وقد
سألته عن بيت شعر لئن طفئت شحمتا عيني لم تجد من يشفيك من العلم
ثم قال لي يا بني وكذلك قال لي أبو حاتم وقد سألته عن شئ ثم قال لي أبو
حاتم وكذلك قال لي الأصمعي وقد سألته قال أبو علي وآخر شئ سألته
جاوبني ان قال لي يا بني حال الجريض دون القريض فكان هذا الكلام
آخر ما سمعته منه وكان قبل ذلك كثيرا ما يتمثل:
فوا حزني أن لا حياة لذيذة * ولا عمل يرضى به الله صالح
وفي معجم الأدباء: قال أبو هلال عن أبي احمد حضرنا مجلس ابن
دريد وكان يتضجر ممن يخطئ في قراءته فحضر غلام وضئ فجعل يقرأ
ويكثر الخطأ وابن دريد صابر عليه فتعجب اهل المجلس فقال رجل منهم لا
تعجبوا ان في وجهه غفران ذنوبه فسمعها ابن دريد فلما أراد ذلك الرجل ان
يقرأ قال هات يا من ليس في وجهه غفران ذنوبه فعجبوا من صحة سمعه
مع علو سنه وقال بعضهم في مجلس ابن دريد:
من يكن للظباء صاحب صيد * فعليه بمجلس ابن دريد
ان فيه لا وجها قيدتني * عن طلاب العلى بأوثق قيد
قال ابن خلويه في شرح مقصورة ابن دريد كان ببغداد عباد بن
عمر بن الحليس بن عامر بن زيد بن مذكور بن سعد بن حارث الكرماني
صاحب لغة وكان يطعن على ابن دريد وينقض عليه الجمهرة فجاء غلام
لابن دريد فجلس بحذائه في الجامع ونقض على الكرماني جميع ما نقضه
على ابن دريد فقال اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم قال أبو بكر بن دريد أعزه
الله تعالى عننت الفرس إذا حبسته بعنانه فان حبسته بمقوده فليس بمعن قال
الكرماني الجاهل أخطأ ابن دريد لأنه ان كان من عننت فيجب ان يكون
معنونا وان كان من أعننت فيجب ان يكون معنا وأخطأ لكذا وكذا فوقف
شاعر على الحلقة فقال اكتبوا:
أذللت كرمان وعرضتها * لجحفل مثل عديد الحصى
وابن دريد عزة فيهم * في بحره مثلك كم غوصا
جثا على الركبة حتى إذا * أحس نزرا قعد القرفصا
والله ان عاد إلى مثلها * لأصفعن هامته بالعصا
فلم يلتفت إلى الكرماني بعد ذلك. وقال ابن خالويه في الشرح
المذكور حضرت ابن دريد وقد ناوله أبو الفوارس غلامه طاقة نرجس فقال
يا بني ما اصنع بهذا اليوم وأنشد:
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه * فلما علاه قال للباطل أبعد
وفي معجم الأدباء سئل ابن دريد عن معنى قول الشاعر:
هجرتك لا قلى مني ولكن * رأيت بقاء ودك في الصدود
كهجر الحائمات الورد لما * رأت ان المنية في الورود
تفيض نفوسها ظما وتخشى * حماما فهي تنظر من بعيد
فقال الحائم الذي يدور حول الماء ولا يصل اليه فقال حام يحوم حياما
ومعنى الشعر ان الأيائل تأكل الأفاعي في الصيف فتحمى فتلتهب بحرارتها
وتطلب الماء فإذا وقعت عليه امتنعت من شربه وحامت حوله تتنسمه لأنها
ان شربته في تلك الحال صادف الماء السم الذي في جوفها فتلفت فلا تزال
تدفع بشرب الماء حتى يطول بها الزمان فيسكن ثوران السم ثم تشربه فلا
يضرها ويقال فاظ الميت وفاضت نفسه وفاظت نفسه أيضا جائز عن الجميع
الا الأصمعي فإنه يقول فاظ الميت فإذا ذكر النفس قال فاضت نفسه بالضاد
ولم يجمع بين الظاء والنفس. وقال ابن دريد كنت بعمان مع الصلت بن
مالك الشاري وكانت الشراة تدعوه أمير المؤمنين وكانت السنة كثيرة الأمطار
ودامت على الناس فكادت المنازل ان تتهدم فاجتمع الناس وصاروا إلى
الصلت وسألوه ان يدعو لهم فأجل بهم ان يركب من الغد إلى الصحراء
ويدعو فقال لي بكرة لتخرج معي في غد فبت مفكرا كيف يدعو فلما
أصبحت خرجت معه فصلى بهم وخطب ودعا فقال: اللهم انك أنعمت
فأوفيت وسقيت فأرويت بعلى القيعان ومنابت الشجر وحيث النفع لا الضرر
فاستحسنت ذلك منه. وتذاكر قوم المتنزهات وابن دريد حاضر فقال
بعضهم أنزه الأماكن غوطة دمشق وقال آخرون بل نهر الأبلة وقال آخرون
بل صغد سمرقند وقال بعضهم نهروان بغداد وقال بعضهم شعب بوان
بأرض فارس وقال بعضهم نوبهار بلخ فقال هذه متنزهات العيون فأين أنتم
عن متنزهات القلوب قلنا وما هي يا أبا بكر قال عيون الاخبار للقتيبي
والزهرة لابن داود وقلق المشتاق لابن أبي طاهر ثم أنشأ يقول:
ومن تك نزهته قينة * وكأس تحث وكأس تصب
فنزهتنا واستراحتنا * تلاقي العيون ودرس الكتب
وحكي ياقوت في معجم الأدباء في ترجمة أبي العباس إسماعيل بن
عبد الله بن محمد بن ميكال ان المقتدر لما قلد أباه عبد الله بن محمد الاعمال
بكور الأهواز حمل إسماعيل إلى أبيه فاستدعى أبوه أبا بكر محمد بن
الحسن بن دريد لتأديبه فهو كان مؤدبه وفيه وفي ابنه المذكور قال ابن دريد
مقصورته المشهورة في الدنيا آه. وقال ابن الأنباري حكى أبو القاسم
الحسن بن بشر الآمدي قال سالت أبا بكر بن دريد عن الكاغد فقال يقال
بالدال المهملة وبالذاك المعجمة وبالظاء المعجمة.
تشيعه
كفى دليلا عليه ايراد ابن شهرآشوب له في شعراء أهل البيت
المجاهرين كما مر وشعره الذي أورده له في المناقب كما يأتي واما وصف
السيوطي له في بغية الوعاة بالشافعي كما مر فلم نجده لغيره ويمكن ان يكون
تستر بمذهب الشافعي كما وقع لجملة من علماء الشيعة الجعفرية.
مشايخه
قد سمعت انه قرأ على أبي عثمان الاشنانداني سعيد بن هارون كتاب
المعاني وقال ابن النديم في الفهرست قرأ على علماء البصريين واخذ عنهم
مثل أبي حاتم والرياشي والتوزي والزيادي وروى أبو بكر عن عمه
الحسن بن محمد كتاب مسالمات الاشراف وقال الخطيب في تاريخ بغداد
حدث عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي وأبي حاتم السجستاني وأبي
الفضل الرياشي.

(١) هذا مثل مشهور أول من نطق به عبيد بفتح العين وكسر الياء بن الأبرص أحد شعراء الجاهلية
لما لقى النعمان بن المنذر اللخمي اخر ملوك الحيرة في يوم بؤسه وعزم على قتله وكان ذلك
عادته فاستنشده شيئا من شعره فقال حال الجريض دون القريض فأرسلها مثلا والجريض
بجيم مفتوحة وراء مكسورة ومثناة تحتية ساكنة وضاد معجمة الغصة والقريض العشر ابن
خلكان.
(١٥٥)

تلاميذه
قال الخطيب روى عنه أبو سعيد السيرافي وعمر بن محمد بن سيف
وأبو بكر بن شاذان وأبو عبيد الله المرزباني وغيرهم قال ياقوت وأبو الفرج
علي بن الحسين الأصبهاني أقول ومن تلاميذه أبو العباس إسماعيل بن
محمد بن ميكال وهو الذي مدحه ومدح أباه بالمقصورة وأبو عبد الله بن
خالويه ومحمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي صاحب الحكاية مع المتنبي وأبو
بكر بن محمد بن إبراهيم الجوري الأديب كتب عنه بفارس لما قدم على
عبد الله بن محمد بن ميكال لتأديب ولده أبي العباس إسماعيل بن عبد الله
وغيرهم.
مؤلفاته
في فهرست ابن النديم له من الكتب ١ كتاب الجمهرة في علم
اللغة مختلف النسخ كثير الزيادة والنقصان لأنه أملاه بفارس وأملاه ببغداد
من حفظه فلما اختلف الإملاء زاد ونقص ولما أملاه بفارس على غلامه تعلم
من أول الكتاب والباقية التي عليها المعول هي النسخة الأخيرة وآخر ما
صح من النسخ نسخة أبي الفتح عبد الله بن أحمد النحوي لأنه كتبها من
عدة نسخ وقرأها عليه أقول وقد صنفها للأمير أبي العباس إسماعيل بن
عبد الله بن ميكال أيام مقامه بفارس. ٢ كتاب السرج واللجام
٣ كتاب الاشتقاق وعبر عنه ياقوت باشتقاق أسماء القبائل ٤ كتاب
المقتبس ٥ كتاب الوشاح قال ياقوت على حذو المحبر لابن حبيب وقال
ابن خلكان صغير مفيد ٦ كتاب الخيل الكبير ٧ كتاب الخيل الصغير
٨ كتاب الأنواء ٩ كتاب المجتنى قال ابن خلكان وهو مع صغر
حجمه كثير الفائدة ١٠ كتاب المقتني ١١ كتاب الملاحن
١٢ كتاب رواة العرب ١٣ كتاب ما سئل عنه لفظا فأجاب عنه
حفظا جمعه علي بن إسماعيل بن حرب عنه وكأنه هو الذي عبر عنه ياقوت
بالأمالي نقلا عن ابن النديم ١٤ كتاب اللغات ١٥ كتاب السلاح
١٦ كتاب غريب القرآن لم يتمه ١٧ كتاب فعلت وأفعلت
١٨ كتاب أدب الكاتب على مثال كتاب ابن قتيبة ولم يجرده من المسودة
فلم يخرج منه شئ يعول عليه ١٩ كتاب السحاب والغيث وكأنه الذي
عبر عنه ياقوت بكتاب المطر ٢٠ كتاب المقصور والممدود ذكره ياقوت
نقلا عن ابن النديم ولا يوجد في نسخة الفهرست المطبوعة ٢١ كتاب
تقويم اللسان ذكره ياقوت نقلا عن ابن النديم ولا يوجد في نسخة
الفهرست المطبوعة ولعله كتاب اللغات أو أدب الكاتب بدليل قول
السيوطي في بغية الوعاة لم يبيض راجع كشف الظنون ٢٢ كتاب
وزراء العرب ذكره السيوطي في بغية الوعاة وابن خلكان ٢٣ كتاب
التوسط جمعه أبو حفص من كلامه وسماه التوسط. قال ابن النديم قال لي
أبو الحسن الدريدي حضرت وقد قرأ أبو علي ابن مقلة وأبو حفص كتاب
المفضل بن سلمة الذي يرد فيه على الخليل بن أحمد على أبي بكر بن دريد
فكان يقول صدق أبو طالب في شئ إذا مر به وكذب أبو طالب في شئ
آخر ثم رأيت هذا الكلام وقد جمعه أبو حفص في نحو المائة ورقة وترجمه
بالتوسط ٢٤ كتاب ذخائر الحكمة جمعه مما اثر من الكلمات الحكيمة
والوصايا النافعة والآداب وغير ذلك، عندنا منه نسخة مخطوطة في أربع
وعشرين ورقة ونصف بقطع الثمن وهذا الكتاب لم يذكره أحد من
المترجمين.
أشعاره قد عرفت قول أبي الطيب اللغوي انه أقدر الناس على شعر وانه ما
ازدحم العلم والشعر في صدر أحد ازدحامهما في صدره وصدر خلف الأحمر
وما قيل إنه أشعر العلماء واعلم الشعراء وفي تاريخ بغداد: له شعر كثير
وقال ابن الأنباري كان شاعرا كثير الشعر وفي معجم الأدباء أول شعر
قاله:
ثوب الشباب علي اليوم بهجته * فسوف تنزعه عني يد الكبر
انا ابن عشرين ما زادت ولا نقصت * ان ابن عشرين من شيب على خطر
وأورد ابن شهرآشوب له في المناقب هذه الأبيات في أمير
المؤمنين ع:
ان البرية خيرها نسبا * ان عد أكرمه وأمجده
نسب معظمه محمده * وكفاه تعظيما محمده
نسب إذا كبت الزناد فما * تكبو إذا ما نض أزنده
وأخو النبي فريد محتده * لم يكبه في القدح مصلده
حل البلاد به على شرف * يتكائد الراقين صعدده
أ ولم يبت عنه أبو حسن * والمشركون هناك ترصده
متلففا ليرد كيدهم * ومهاد خير الناس ممهده
فوقى النبي ببذل مهجته * وبأعين الكفار منجده
وله:
اهوى النبي محمدا ووصيه * وابنيه وابنته البتول الطاهرة
اهل الوفاء فإنني بولائهم * أرجو السلامة والنجا في الآخرة
وارى محبة من يقول بفضلهم * سببا يجير من السبيل الجائرة
أرجو بذاك رضى المهيمن وحده * يوم الوقوف على ظهور الساهرة
شعره
من شعره المقصورة المشهورة التي أولها:
إما ترى رأسي يحاكي لونه * طرة صبح تحت أذيال الدجى
وهذه قد اشتهرت في الدنيا لقوة سبكها واشتمالها على القضايا
التاريخية وجمعها من الألفاظ اللغوية ما لم يجتمع في سواها وجمعها أكثر
المقصور وخمسها الشيخ محمد رضا النحوي بتخميس ذكر في ترجمته وجعلها
في مدح السيد مهدي الطباطبائي واجازه عليها بألف تومان قال ياقوت اما
مقصورة ابن دريد المشهورة فإنه قالها يمدح بها الأمير أبا العباس
إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال بن عبد الواحد بن جبريل بن
القاسم بن بكر بن ديواستي وهو سور بن سور بن سور بن سور أربعة الملوك
ابن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور قالها فيه وفي أبيه وكان الأمير أبو
العباس رئيس نيسابور ومتقدمها وكان أبوه عبد الله واليا من قبل المقتدر على
كور الأهواز فارس وخوزستان فلما توفي قلد المقتدر هذه الاعمال ولده أبا
العباس وكان ابن دريد استدعي إلى فارس من قبل عبد الله ليؤدب ولده أبا
العباس كما مر وقال ابن خلكان ومن جيد شعره قصيدته المشهورة بالمقصورة
التي يمدح بها الشاه ابن ميكال وولديه عبد الله بن محمد بن ميكال وولده أبو
العباس إسماعيل بن عبد الله فجعلها في مدح محمد وولديه وياقوت جعلها
في مدح ولديه فقط قال ويقال انه أحاط فيها بأكثر المقصور، ثم قال
(١٥٦)

المسعودي وقد عارضه في هذه القصيدة جماعة من الشعراء منهم أبو القاسم
علي بن محمد بن أبي الفهم الأنطاكي التنوخي وعدد جمعا ممن عارضها قال
ابن خلكان وقد اعتنى بهذه المقصورة خلق من المتقدمين والمتأخرين
وشرحوها وتكلموا على ألفاظها ومن أجود شروحها وابسطها شرح الفقيه أبي
عبد الله محمد بن أحمد بن هشام بن إبراهيم اللخمي السبيتي المتوفى في
حدود سنة ٥٧٠ وشرحها الإمام أبو عبد الله بن جعفر المعروف بالقزاز
صاحب كتاب الجامع في اللغة وشرحها غيره آه قال السيوطي في بغية
الوعاة وقد تكلف ابن الأنباري نظم أبيات جعلها مطلعا لها فقال:
شرد عن عيني الكرى طيف سرى * من أم عمرو في غياهيب الدجى
زار وسادي والظلام عاكف * وأنجم الليل مديدات الطلى
اهلا بشخص ما رأينا مثله * في يقظة تزهو لنا طول المدى
إذ نحن نزهو والزمان مولع * باعين الغيد وأجياد الظبا
نواعس مثل ألمها نواهد * خمص البطون عاليات المنتمى
والغانيات لا يردن من بدا * في عارضيه الشيب لو رام الصبا
لما رأت شيبي عم مفرقي * قالت غبار يا خليلي ما أرى
ولم تزل تمسحها بمرطها * والقلب منها بين ياس ورجا
قلت موعظة لعلها * تقي صروف ما رأت بي قد علا
يا ظبية أشبه شئ بالمها * راتعة بين الهضيم والحشا
وفي نزهة الألباء من شعره المقصورة المشهورة ومنه أيضا القصيدة
المشهورة التي جمع فيها بين المقصور والممدود.
وله يمدح أبا احمد حجر بن أحمد الجويمي المتوفى سنة ٣٢٤ وكان من
اهل الفضل بجويم ونواحي فارس:
نهنه بوادر دمعك المهراق * اي ائتلاف لم يرع بفراق
حجر بن أحمد فارع الشرف الذي * خضعت لعزته طلى الأعناق
قبل أنامله فلسن أناملا * لكنهن مفاتح الارزاق
وانظر إلى النور الذي لو أنه * للبدر لم يطبع برين محاق
وقال في النرجس:
عيون ما يلم بها رقاد * ولا يمحو محاسنها السهاد
إذا ما الليل صافحها استهلت * وتضحك حين ينحسر السواد
لها حدق من الذهب المصفى * صياغة من يدين له العباد
وأجفان من الدر استفادت * ضياء مثله لا يستفاد
على قصب الزبرجد في ذراها * لأعين من يلاحظها مراد
وله:
ودعته حين لا تودعه * روحي و لكنها تسير معه
ثم افترقنا وفي القلوب لنا * ضيق مكان وفي الدموع سعة
وكتب ابن دريد إلى عيسى بن داود الجراح الوزير:
أبا حسن والمرء يخلق صورة * تخبر عما ضمنته الغرائز
إذا كنت لا ترجى لنفع معجل * وأمرك بين الشرق والغرب جائز
ولم تك يوم الحشر فينا مشفعا * فرأي الذي يرجوك للنفع عاجز
علي بن عيسى خير يوميك ان ترى * وفضلك مأمول ووعدك ناجز
واني لأخشى بعد هذا بان ترى * وبين الذي تهوى وبينك حاجز
ومن شعره:
وقد ألفت زهر النجوم رعايتي * فان غبت عنها فهي عني تسائل
يقابل بالتسليم منهن طالع * ويومئ بالتوديع منهن آفل
وله يرثي عبد الله بن عمارة:
بنفسي ثرى ضاجعت في بيته البلى * لقد ضم منك الغيث والليث والبدرا
فلو أن حيا كان قبرا لميت * لصيرت أحشائي لأعظمه قبرا
ولو أن عمري كان طوع إرادتي * وساعدني المقدار قاسمتك العمرا
وما خلت قبرا وهو أربع أذرع * يضم ثقال المزن والطود والبحرا
ومن شعره قوله:
عانقت منه وقد مال النعاس به * والكاس تقسم سكرا بين جلاس
ريحانة ضمخت بالمسك ناضرة * تمج برد الندى في حر أنفاسي
وكتب ابن دريد إلى أبي علي أحمد بن محمد بن رستم:
حجابك صعب يجبه الحر دونه * وقلبي إذا سيم المذلة أصعب
وما أزعجتني نحو بابك حاجة * فأجشم نفسي رجعة حين احجب
ووعد ابن دريد أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف القاضي ان
يصير اليه فقطعه المطر فكتب اليه ابن دريد:
مناويك في بذل النوال وانه * ليعجز عن أدنى مداك ويحسر
عداني عن حظي الذي لا أبيعه * بأنفس ما يحظى به المتخير
لم الغيث واعذر من لقاؤك عنده * يعادل نيل الخلد بل هو أكبر
فأجابه أبو الحسين:
على الرسل في بري فقد عظم الشكر * ولم اك ذا شكر وان جل ما يعرو
مدائح مثل الغيث جادت عيونها * سحاب توالى من جوانبه قطر
وحدث المرزباني عن ابن دريد قال خرجت أريد زهران بعد دخول
البصرة فمررت بدار كبيرة قد خربت فكتبت على حائطها:
أصبحوا بعد جميع فرقا * وكذا كل جميع مفترق
فمضيت ورجعت وإذا تحته مكتوب:
ضحكوا والدهر عنهم صامت * ثم أبكاهم دما حين نطق
قال ابن دريد: وخرجنا نريد عمان في سفرنا فنزلنا بقرية تحت نخل
فإذا بفاختتين تتزاقان فسنح لي ان قلت:
أقول لورقاوين في فرع نخلة * وقد طفل الإمساء أو جنح العصر
وقد بسطت هاتا لتلك جناحها * ومر على هاتيك من هذه النحر
ليهنكما إن لم تراعا بفرقة * وما دب في تشتيت شملكما الدهر
فلم أر مثلي قطع الشوق قلبه * على أنه يحكي قساوته الصخر
ومن شعره قوله:
غراء لو جلت الخدود شعاعها * للشمس عند طلوعها لم تشرق
غصن على دعص تأود فوقه * قمر تألق تحت ليل مطبق
لو قيل للحسن احتكم لم يعدها * أو قيل خاطب غيرها لم ينطق
(١٥٧)

وكأننا من فرعها في مغرب * وكأننا من وجهها في مشرق
تبدو فيهتف للعيون ضياؤها * الويل حل بمقلة لم تطبق و
في نزهة الألباء: يحكى ان أبا بكر بن دريد قال لأصحابه رأيت
البارحة في المنام آتيا اتاني فقال لي لم لا تقول في الخمر شيئا فقلت وهل ترك
أبو نواس فيها لاحد قولا قال نعم أنت أشعر منه حيث تقول:
وحمراء قبل المزج صفراء بعده * اتت بين ثوبي نرجس وشقائق
حكت وجنة المعشوق صرفا فسلطوا * عليها مزاجا فاكتست لون عاشق
فقلت له من أنت فقال شيطانك وسألته عن اسمه فقال أبو راجية
وأخبره انه يسكن بالموصل آه أقول وهذا ان صح من تخيلات الشيطان
وجار على مذهب العرب في خرافاتهم ان لكل شاعر شيطانا. وروى هذه
القصة في معجم الأدباء بوجه آخر عن ابن دريد أنه قال سقطت من منزلي
بفارس فانكسرت ترقوتي فسهرت ليلي فلما كان في آخر الليل حملتني عيناي
فرأيت في نومي رجلا طويلا اصفر الوجه كوسجا دخل علي واخذ بعضادتي
الباب وقال أنشدني أحسن ما قلت في الخمر فقلت ما ترك أبو نواس شيئا
فقال انا أشعر منه فقلت ومن أنت قال أبو ناجية من اهل الشام ثم أنشدني
وذكر البيتين فقلت له أسأت قال ولم قلت لأنك قلت وحمراء فقدمت الحمرة
ثم قلت بدت بين ثوبي نرجس وشقائق فقدمت الصفرة فألا قدمتها على
الأخرى كما قدمتها على الأولى فقال وما هذا الاستقصاء في هذا الوقت يا
بغيض. وعن الزمخشري في ربيع الأبرار قال جمع ابن دريد ثمانية أسماء في
بيت واحد فقال:
فنعم أخو الجلي ومستنبط الندى وهيجاء محزون ومفزع لاهث
وقال نفطويه النحوي في
ابن دريد: ابن دريد بقره * وفيه لؤم وشره
ويدعي بجهله * وضع كتاب الجمهره
وهو كتاب العين الا * انه قد غيره
فأجابه ابن دريد:
أف على النحو وأربابه * قد صار من أربابه نفطويه
أحرقه الله بنصف اسمه * وصير الباقي صراخا عليه
وله في الشقيق:
جام تكون من عقيق احمر * فرشت قرارته بمسك أذفر
خرط الربيع مثاله فأقامه * بين الرياض على قضيب اخضر
وقال يرثي عمه الحسين بن دريد:
نجم العلى بعدك مقض * وركنه الأوثق منهض
يا واحدا لم تبق لي واحدا * يرجى به الابرام والنقض
أديل بطن الأرض من ظهرها * يوم حوت جثمانه الأرض
ولى الردى يوم تولى به * ووجهه أزهر مبيض
وله:
لو كنت اعلم أن لحظك موبقي * لحذرت من عينيك ما لم احذر
لا تحسبي دمعي تحدر انما * روحي جرت من دمعي المتحدر
خبري خذيه عن الضنى وعن البكا * ليس اللسان وان تلفت بمخبر
وقال في الشيب:
أرى الشيب مذ جاوزت خمسين حجة * يدب دبيب الصبح في غسق الظلم
هو السقم الا انه غير مؤلم * ولم أر مثل الشيب سقما بلا الم
وقيل قصد بعض الوزراء في حاجة فلم يقضها وظهر له منه تضجر
فقال:
لا تدخلنك ضجرة من سائل * فلخير وقتك ان ترى مسؤولا
لا تجبهن بالرد وجه مؤمل * فبقاء عزك ان ترى مأمولا
تلقى الكريم فتستدل ببشره * وترى العبوس على اللئيم دليلا
اقض الحوائج ما استطعت ولا تقل * أصبحت عنها ذاهلا مشغولا
واعلم بأنك عن قليل صائر * خبرا فكن خبرا يروق جميلا ٣٣٢:
الشيخ محمد حسن الرازي الملقب بالناظر.
لكونه ناظرا على المدرسة الفخرية بطهران كان من الطبقة الأولى من
تلامذة الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي ورعا تقيا. وما عن التكملة من أن
الميرزا لم يكتب شهادة الاجتهاد لاحد سواه منقوض بأنه كتب شهادة
الاجتهاد لابن عمنا السيد علي وكان ذلك باطلاع صاحب التكملة ولعله
نسي وسبحان من لا ينسى. وكان المترجم معروفا بالفضل في طهران
مرجعا لأهل العلم معظما عند السلطان وأبناء الدولة. ٣٣٣:
السيد صفي الدين محمد بن الحسن أبي الرضا العلوي البغدادي.
ذكره في أمل الآمل ووصفه بالسيد الجليل وقال كان من الفضلاء
الفقهاء الأدباء الصلحاء الشعراء يروي عنه ابن معية والشهيد آه واليه
ينسب شرح العلويات السبع الذي ينسب اشتباها إلى صاحب المدارك.
ومن شعره قوله يرثي بها الشيخ محفوظ بن وشاح:
مصاب أصاب القلب منه وجيب * وصابت لجفن العين فيه غروب
يعز علينا فقد مولى لفقده * غدت زهرة الآداب وهي شحوب
وطاب له في الناس ذكر ومحتد * كما طاب منه مشهد ومغيب
الا ليت شمس الدين بالشمس يفتدى * فيصبح فينا طالعا ويغيب
فمن ذا يحل المشكلات ومن إذا * رمى غرض المعنى الدقيق يصيب
ومن يكشف الغماء عنا ومن له * نوال إذا ضن الغمام يصوب
فلا قام جنح الليل بعدك خاشع * ولا صام في حر الهجير منيب
ولا سال فوق الطرس من كف كاتب * يراع عن السمر الطوال ينوب
وبعدك لا سح الغمام ولا شدا ال‍ * حمام ولا هبت صبا وجنوب ٣٣٤:
السيد محمد بن الحسن بن حسن بن حسين بن حسن بن اشتر بن أبي
المفاخر بن ذو الفقار بن زيد بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن زيد بن
حسن وكنيته بو طالب ويقال انه كان عنده سيف أمير المؤمنين ع
ابن موسى الثاني بن عبد الله الشيخ الصالح ويقال له عبد الله الرضا بن
موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ابن الإمام السبط
الحسن بن علي بن أبي طالب ع.
وجدنا بهامش كتاب الأنساب للسيد ركن الدين الحسن بن
عبد الله بن أحمد الحسيني النسابة نقيب الاشراف كما في نسخة مخطوطة في
المكتبة الرضوية فرع من تأليفها ٨٧٣ ما صورته: نسب سادات بيزة
(١٥٨)

من اعمال سبزوار السيد محسن ابن السيد إبراهيم ابن السيد حسين ابن
السيد علاء الدولة بن فخر الدولة بن علاء الدولة بن محمود بن حسين بن
محمد صاحب الترجمة السيد محمد المشهور صاحب الشرح الفارسي على
الشرائع وهو الذي جاء من الحلة وسكن قرية بيزة وعنده إجازة من
العلامة. كذا سمعت من أولادهم كثرهم الله تعالى وكتب ذلك بيمناه
الداثرة الوزارة عبده الأحقر ابن محمد جعفر علي أصغر آمنه الله من الفزع
الأكبر في أيام التشريق من سنة ١٠٩٦. ٣٣٥:
رضي الدين محمد بن الحسن القزويني المشهور بآقا رضى.
توفي سنة ١٠٩٦.
عالم جليل فاضل نبيل محقق مدقق متكلم ماهر خبير كامل معاصر من
تلامذة ملا خليل القزويني في الحديث والفقه. له ١ لسان الخواص
٢ قبلة الآفاق ٣ رسالة شير وشكر اي حليب وسكر ٤ رسالة
المقادير ٥ رسالة التهجد ٦ رسالة النوروز ٧ كتاب المسائل الغير
المنصوصة ٨ كحل الابصار ٩ ضيافة الاخوان في تاريخ علماء
قزوين. ٣٣٦:
فخر الدين محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المعروف بفخر
المحققين ولد العلامة الحلي.
توفي سنة ٧٧١ عن تسع وثمانين سنة وأيام.
يروي عنه الشهيد الأول بالإجازة اجازه سنة ٧٥١.
ووجدنا مجموعة في مكتبة الشيخ فضل الله النوري في طهران فيها
مسائل سئل عنها فخر المحققين وأجوبتها بخطه وتلك المجموعة كان قد
تملكها السيد كاظم الأمين العاملي الحسيني ابن عم والدي سنة ١٢٩٤
ووجدنا فيها مناسك الحج لفخر المحققين فرع منها كاتبها بمدينة الحلة
بمدرسة صاحب الزمان ع سنة ٧٥٥.
وله الرسالة الفخرية في نية العبادات صنفها باسم فخر الدين
حيدر بن شرف الدين علي بن أبي علي بن محمد بن إبراهيم البيهقي وله
شرح الفصول النصيرية وشرح نهج المسترشدين. ٣٣٧:
الشيخ محمد حسن المازندراني البارفروشي الطبرستاني.
له تعليقة على شرح التصريف لسعد الدين التفتازاني مطبوعة سنة
١٣١٢. ٣٣٨:
محمد بن الحسن الطبسي.
له كتاب آيات الاحكام. ٣٣٩:
الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي المعروف
بشيخ الطائفة والشهير بالشيخ الطوسي.
ولادته ونشأته
ولد في طوس في شهر رمضان سنة ٣٨٥ وهاجر إلى العراق فهبط
بغداد سنة ٤٠٨ وهو ابن ثلاثة وعشرين عاما، وفيها لقي محمد بن
محمد بن النعمان الشهير بالشيخ المفيد وتلمذ عليه، وأدرك شيخه
الحسين بن عبيد الله بن الغضائري المتوفى سنة ٤١١، وشارك النجاشي في
جملة من مشايخه، وبقي على اتصاله بشيخه المفيد حتى اختار الله
للأستاذ دار لقائه سنة ٤١٣، فانتقلت المرجعية إلى علم الهدى السيد
المرتضى، فانحاز المترجم اليه، ولازم الحضور تحت منبره، وعني به
المرتضى، وبالغ في توجيهه وتلقينه، وعين له في كل شهر اثني عشر دينارا
وبقي ملازما له طيلة ثلاث وعشرين سنة، إلى أن توفي المرتضى فاستقل
المترجم بالإمامة والرياسة، وكانت داره في مأوى الناس، ومقصد
الوفاد، يأتونها لحل المشاكل وايضاح المسائل، وقد تقاطر اليه العلماء
والفضلاء للتلمذة عليه والحضور تحت منبره وقصدوه من كل بلد ومكان،
وبلغت عدة تلاميذه ثلاثمائة من مجتهدي الشيعة.
وبلغ الامر من الاعتناء به والاكبار له ان جعل له خليفة الوقت
القائم بامر الله عبد الله بن القادر بالله احمد كرسي الكلام والإفادة، وقد
كان لهذا الكرسي يومذاك عظمة وقدر فوق الوصف، إذ لم يسمحوا به الا
لمن برز في علومه، وتفوق على أقرانه، ولم يكن في بغداد يومذاك من يفوقه
قدرا أو يفضل عليه علما فكان هو المتعين لذلك الشرف.
هجرته إلى النجف الأشرف
أورى السلجوقيون نار الفتن المذهبية في بغداد وأغرى أول ملوكهم
طغرل بيك العوام بالشر حتى أدى الامر أول وصوله إلى بغداد سنة ٤٤٧
إلى احراق مكتبة الشيعة التي أنشأها أبو نصر سابور وزير بهاء الدولة
البهويهي وكانت من دور العلم المهمة في بغداد، بناها هذا الوزير الأديب
في محلة بين السورين في الكرخ سنة ٣٨١ على مثال بيت الحكمة الذي
بناه هارون الرشيد، وقد جمع فيها ما تفرق من كتب فارس والعراق،
واستكتب تأليف أهل الهند والصين والروم كما قاله الأستاذ محمد كرد علي
ونافت كتبها على عشرة آلاف من جلائل الآثار ومهام الاسفار، وأكثرها
نسخ الأصل بخطوط المؤلفين، قال ياقوت الحموي: وبها كانت خزانة
الكتب التي أوقفها الوزير أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن
عضد الدولة ولم يكن في الدنيا أحسن كتبا منها كانت كلها بخطوط الأئمة
المعتبرة وأصولهم المحررة الخ وكان من جملتها مائة مصحف بخط ابن مقلة
على ما ذكره ابن الأثير وحيث كان الوزير سابور من أهل الفضل والأدب
أخذ العلماء يهدون اليه مؤلفاتهم فأصبحت مكتبته من أغنى دور الكتب
ببغداد، وقد احترقت هذه المكتبة العظيمة فيما احترق من محال الكرخ عند
مجئ طغرل بيك، وتوسعت الفتنة حتى اتجهت إلى المترجم وأصحابه
فأحرقوا كتبه وكرسيه الذي كان يجلس عليه للكلام.
قال ابن الجوزي في حوادث سنة ٤٤٨: وهرب أبو جعفر الطوسي
ونهبت داره ثم قال في حوادث سنة ٤٤٩: وفي صفر في هذه السنة كبست
دار أبي جعفر الطوسي متكلم الشيعة بالكرخ واخذ ما وجد من دفاتره

(١) ترك المؤلف مكان بعض الترجمات في المسودات بياضا على امل ان يكتبها حين الوصول إليها
ومنها هذه الترجمة، فعدنا فيها إلى ما كتبه المؤلف وما كتبه الشيخ آغا بزرك والشيخ محمد
رضا المظفر.
" الناشر "
(٢) خطط الشام ج ٦ ص ١٨٥.
(٣) معجم البلدان ج ٢
(٤) التاريخ الكامل ج ١٠.
(١٥٩)

وكرسي كان يجلس عليه للكلام، واخرج إلى الكرخ وأضيف اليه ثلاث
سناجيق بيض كان الزوار من اهل الكرخ قديما يحملونها معهم إذا قصدوا
زيارة الكوفة فأحرق الجميع الخ.
ولما رأى الشيخ الخطر محدقا به هاجر بنفسه إلى النجف الأشرف لائذا
بجوار أمير المؤمنين ع وصيرها مركزا للعلم وجامعة كبرى للشيعة الإمامية
، وأخذت تشد إليها الرحال وتعلق بها الآمال، وأصبحت مهبط
رجال العلم ومهوى أفئدتهم.
تلك هي جامعة النجف العظمى التي شيد المترجم ركنها الأساسي
ووضع حجرها الأول، وقد تخرج منها خلال هذه القرون المتطاولة آلاف
مؤلفة من أساطين الدين وأعاظم الفقهاء، وكبار الفلاسفة ونوابغ
المتكلمين، وأفاضل المفسرين واجلاء اللغويين، وغيرهم ممن خبروا العلوم
الاسلامية بأنواعها وبرعوا فيها أيما براعة، وليس أدل على ذلك من آثارهم
المهمة التي هي في طليعة التراث الاسلامي.
وقد استدل بعض الكتاب المحدثين على وجود الجامعة العلمية في
النجف قبل هجرة المترجم إليها، وذلك اعتمادا على استجازة الشيخ أبي
العباس النجاشي من الشيخ أبي عبد الله الخمري فقد قال في كتاب رجاله
المطبوع ص ٥٠ عن كتاب عمل السلطان للبوشنجي ما لفظه:
أجازنا بروايته أبو عبد الله الخمري الشيخ الصالح في مشهد مولانا أمير
المؤمنين ع سنة أربعمائة.
وهذا لا يكفي للتدليل فالنجف مشهد يقصد للزيارة فربما تلاقيا في
النجف زائرين فحصلت الاستجازة كما هو الحال في المحقق الحلي صاحب
الشرايع فقد أجاز البعض في النجف أيام ازدهار العلم في الحلة وفتوره
في النجف، فهل يمكن عد المحقق من سكنة النجف وقال الشيخ محمد
رضا المظفر:
ومما يشيد بمركز المترجم الديني الاجتماعي انه هو المؤسس لجامعة
النجف ومركزها الديني، فان الذي يبدو ان النجف قبل أن ينتقل إليها لم
تكن الا مزارا ومدفنا وحول القبر جماعة من المجاورين لا عمل لهم الا
خدمة الزوار والقاصدين، وهي يومئذ قرية في طرف ناء عن العمران
والبلاد المأهولة والكوفة التي هي أقرب بلدة إليها كان قد شملها الخراب
ودكت صروحها.
ولم يصل الينا تاريخيا سعة رقعة النجف يومئذ وعلى اي مورد كان
يعتاش أهلها، وكيف كان يتم ارواؤها وهو أهم مشاكل النجف من
القديم. ولكن لا شك ان البلاد القريبة منها كالحلة والعشائر الفراتية
القريبة كانت تمدها بالمعونة فيما تحتاج.
أضف إلى أن الشيخ لما القى عصا الترحال فيها وهو زعيم الشيعة
الأول يومئذ لا بد ان تصير مقصدا لجميع المسلمين الشيعة ومرجعا لحقوقهم
المالية من جميع أقطار الأرض.
ويظهر ان الزعامة الدينية استقرت في النجف قبل أن تنتقل إلى الحلة
مدة قرن على الأقل واستمرت في بيته بالذات، فان ولده أبا علي الحسن
الملقب بالمفيد الثاني كان من أفذاذ العلماء وصار مرجعا للشيعة وكان قد
اجازه والده سنة ٤٥٥ اي قبل وفاة والده بخمس سنين وبقي في النجف
مرجعا إلى أن توفي وإن لم نتحقق سنة وفاته ولا مدفنه.
وكذلك حفيده أبو الحسن محمد بن الحسن بن محمد أيضا بقي في
النجف وصار مرجعا للشيعة إلى أن توفي سنة ٥٤٠ وهذا الشيخ محمد ليس
له ذكر في تاريخنا وهو من العجيب ولكن قد ذكره أبو فلاح عبد الحي بن
عماد الحنفي المتوفى ١٠٨٩ في كتابه شذور الذهب فإنه قال عنه ج ٤
ص ١٢٦ بهذا النص: وفيها اي في سنة ٥٤٠ توفي أبو الحسن محمد
ابن أبي علي الحسن بن أبي جعفر الطوسي شيخ الشيعة وعالمهم وابن شيخهم
وعالمهم رحلت اليه طوائف الشيعة من كل جانب إلى العراق وحملوا اليه
الأموال. وكان ورعا عالما كثير الزهد وأثنى عليه السمعاني. وقال العماد
للطبري: لو جازت على غير الأنبياء صلاة صليت عليه.
مكانته العلمية
مضت على علماء الشيعة سنون متطاولة وأجيال متعاقبة ولم يكن من
الهين على أحد منهم ان يعدو نظريات شيخ الطائفة في الفتاوى، وكانوا
يعدون أحاديثه أصلا مسلما، ويكتفون بها، ويعدون التاليف في قبالها
وإصدار الفتوى مع وجودها تجاسرا على الشيخ وإهانة له، واستمرت الحال
على ذلك حتى عصر الشيخ ابن إدريس فكان يسميهم بالمقلدة، وهو أول
من خالف بعض آراء الشيخ وفتاواه وفتح باب الرد على نظرياته، ومع
ذلك فقد بقوا على تلك الحال حتى أن المحقق وابن أخته العلامة الحلي ومن
عاصرهما بقوا لا يعدون رأي شيخ الطائفة.
نعم لما ألف المحقق الحلي شرايع الاسلام استعاضوا به عن
مؤلفات شيخ الطائفة، وأصبح من كتبهم الدراسية، بعد أن كان كتاب
النهاية هو المحور وكان بحثهم وتدريسهم وشروحهم غالبا فيه
وعليه آه. ويقول الشيخ محمد رضا المظفر: ومما يلفت النظر عن مقامه
العلمي ان كل من جاء بعده من العلماء إلى مدة قرن كاد ان يكون مقلدا له
في آرائه لا يتخطى قوله ولا يحيد عن رأيه حتى كاد يخشى ان ينسد باب
الاجتهاد عند الشيعة.
مشايخه
في رجال بحر العلوم: يروي عن المفيد والحسين بن عبيد الله
وأحمد بن عبدون وابن أبي جيد ومداره في كتابي الاخبار ومشيخة الكتابين
على هؤلاء المشائخ الأربعة وزاد في الفهرست الرواية عن أحمد بن محمد بن
موسى بن الصلت الأهوازي وهو طريقه إلى ابن عقدة وروى عن أبي
القاسم علي بن شبل بن أسد في ترجمة إبراهيم بن إسحاق الأحمري واختص
فيه بالرواية عن السيد الاجل المرتضى عنه في إبراهيم بن محمد بن سعيد
الثقفي ومحمد بن يعقوب الكليني وعن الشريف أبي محمد الحسن بن القاسم
المحمدي في إسماعيل بن علي الخزاعي ومحمد بن أحمد بن عبد الله بن
قضاعة الصفواني ومحمد بن علي بن الفضل وبالرواية عن أحمد بن إبراهيم
القزويني والحسين بن إبراهيم وجعفر بن الحسين بن حسكة القمي ومحمد بن
سليمان الحراني وأبي طالب بن عزور وروى عنهم في ترجمة أبي عمرو ابن

(١) الشيخ آغا بزرك.
(١٦٠)

أخي السكري البصري والحسين بن أبي غندر وأحمد بن محمد بن الجندي
ومحمد بن علي بن بابويه وزاد في من لم يرو عنهم ع روايته عن ابن عزور
في أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع وأحمد بن محمد بن سليمان الرازي
وجعفر بن محمد بن قولويه فهؤلاء جملة مشايخ الشيخ ممن شارك فيهم
النجاشي أو اختص بهم وهم ثلاثة عشر شيخا اختص الشيخ بالرواية عن
سبعة منهم وشاركه النجاشي في الباقين آه وفي رجال بحر العلوم
أيضا: وقد روى الشيخ في الفهرست عن عدة من أصحابنا عن جعفر بن
محمد بن قولويه وأحمد بن محمد الزراري والحسن بن حمزة ومحمد بن داود
وأحمد بن إبراهيم بن أبي رافع والقاضي أبي بكر الجعابي وأراد بالعدة المفيد
والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون وغيرهم كما يستفاد من كلامه في عدة
مواضع من كتابه وزاد في الفهرست العدة عن محمد بن علي بن بابويه
وأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد.
مؤلفاته
لهذا الشيخ الجليل من المؤلفات الضخام في قيمتها العلمية ما يزال
خالدا مع الزمن. وقد كانت مرجعا للمجتهدين والباحثين منذ تسعة
قرون، بل هي من عيون المؤلفات النادرة التي من شأنها ان توضع في أعلى
رف من المكتبة العربية إذا وضعنا مؤلفات الناس في رفوف متصاعدة حسب
قيمتها العلمية. بل له في كل فن ألف فيه مؤلف هو الأول من نوعه لم
يسبق إلى مثله سابق وكل من جاء بعده كان عيالا عليه: ففي الاخبار
التهذيب والاستبصار وفي الفقه المبسوط وهو فتح في الفقه لم يعهد
لاحد علمائنا قبله ما يقاربه. وفي أصول الفقه العدة وهي أول كتاب
في هذا العلم مبسط جامع لأبوابه. وفي التفسير التبيان وهو لا يزال
مفخرة علماء الإمامية. وفي الأدعية المصباح وكل من ألف بعده فيها
سماه بهذا الاسم احتذاء له وتقديرا لسابقته المتفردة. وفي غير ذلك من
كتب في الرجال والكلام هي اللامعة في هذه الفنون.
مؤلفاته في الحديث
للشيعة الإمامية أربعة كتب ضخام في الحديث هي المرجع
للمجتهدين لاستنباط الأحكام الشرعية مدى هذه العصور المتطاولة منذ
القرن الرابع والخامس وقد جمعت هذه الكتب الأربعة من الأصول
الأربعمائة المؤلفة في زمن الأئمة ع ومن غير هذه الأصول من
الأحاديث المدونة وغير المدونة وتسمى هذه الكتب بالأصول الأربعة وهي
حسب زمن تأليفها الكافي للكليني، ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه،
والتهذيب، والاستبصار للمترجم. فهو له الحصة الوافرة من هذه الأصول
في تخليد تراث آل البيت في الفقه مع تفوقه فيها وله غيرهما لا تبلغ أهمية
هذين الأصلين الكبيرين ونحن نبحث هنا عن التهذيب أو تهذيب
الكلام ورمزه يب في كتب الحديث والفقه وهو جامع لأبواب الفقه كلها
مشتمل على ٢٣ كتابا من كتاب الطهارة إلى الديات. وقد أحصيت أبوابه
فبلغت ٣٩٣ بابا وأحصيت أحاديثه فبلغت ١٣٥٩٠ حديثا.
وهذا الكتاب كما قال المحدث النوري في الفائدة السادسة من خاتمة
المستدرك أعظم كتب الحديث في الفقه منزلة وأكثرها منفعة بل هو كاف
للفقيه فيما يبتغيه من روايات الأحكام مغن عما سواه في الغالب ولا يغني عنه
سواه وقد اثنى عليه جميع العلماء الذين ترجموا له بمثل هذا الثناء العاطر
وكفى ان العلامة الحلي جعله موضع اعتماده وحده في نقل الأحاديث في
كتاب التذكرة الا ما شذ.
وبعد النسخ المخطوطة الباقية منه إلى اليوم بالمئات منتشرة في أقطار
الأرض وقد طبع في إيران بمجلدين كبيرين سنة ١٣١٧ وفي مكتبة شيخ
الاسلام الطباطبائي في تبريز تحفة نادرة منه حسب نقل صاحب الذريعة
وهي الجزء الأول منه بخط مؤلفه وعليه خط الشيخ البهائي.
ويظهر ان هذا الكتاب هو أسبق كتبه في التاليف بشواهد:
١ انه ابتدأ به في تعداد مؤلفاته لما ترجم لنفسه في الفهرست
٢ انه ذكره في مقدمات أكثر كتبه.
٣ انه ألف كتاب الطهارة والفصل الأول من الصلاة في
حياة أستاذه الشيخ المفيد المتوفى سنة ٤١٣ بدليل انه عند ما يتحدث عنه يدعو له
بالتأييد فيقول أيده الله ومن بعد الفصل الأول من الصلاة يترحم عليه
عند ذكره. وبعيد ان يسعه الزمن في حياة أستاذه لتأليف كتاب آخر قبل
التهذيب لأنا نعلم انه جاء إلى العراق قبل وفاة أستاذه بخمس سنوات اي
سنة ٤٠٨ وهذا الوقت لا يكفي لأكثر من التلمذة واخذ الحديث ثم
التاليف لكتاب ضخم ككتاب الطهارة من التهذيب الذي يبلغ نحو من
٢٠٠ صفحة بالقطع الكبير، بل من معجزات العباقرة ان يتم لشاب في
سن ٢٨ تأليف ذلك مع ما فيه من التحقيقات العلمية واللفتات البارعة
والآراء الناضجة مع الجمع للأحاديث المتفرقة وروايتها عن عشرات
المشايخ.
٤ إنه لم يشر في مقدمة التهذيب إلى أن له مؤلفا آخر على عادته في
أكثر مقدمات كتبه، نعم وعد في آخر المقدمة أن يؤلف كتاب آخر أوسع
من هذا الكتاب غير أنه لم يف لنا بوعده. واحسب أنه حقق وعده في نفس
هذا الكتاب لأنه خرج فيه في الأثناء عن منهجه الذي اشترطه أولا في
مستهل تأليفه وستأتي الإشارة إلى ذلك.
وتضمنت مقدمته ذكر البواعث لتأليفه، فابتدأ بنقل مذاكرة بعض
أصدقائه عن اختلاف أحاديث الامامية الذي كان سببا لطعن المخالفين في
طريقة الامامية، ثم ذكر اقتراح ذلك الصديق تأليف كتاب يحتوي على
تأويل الأخبار المختلفة والأحاديث المتنافية درأ للطعن وذلك عنده حسب
قوله من أعظم المهمات في الدين ومن أقرب القربات إلى الله تعالى لما فيه
من كثرة النفع للمبتدئ والريض في العلوم.
فليست الغاية الأولى من تأليفه إذن هي جمع الأدلة الفقهية أو
الأحاديث كسائر كتب الحديث. بل الغاية الأولى غاية كلامية هي الدفاع
عن العقيدة والجواب عن الشبهة التي طرأت على أحاديث أهل البيت من
جهة اختلافها.
ولما كانت هذه غايته من تأليف الكتاب وهي غاية كلامية فهي تلقي
ضوء على منهاج تأليفه الذي نتكلم عنه فيما يأتي:
وإذا قرأنا مقدمة الكتاب نجد ان المؤلف يضع منهاج تأليفه على
أساسين:
الأول نوع التاليف:
(١٦١)

فهو يجعله شرحا للمقدمة في الفقه تأليف أستاذه الشيخ المفيد حسبما
اقترحه عليه ذلك الصديق لأنها حسب تعبيره:
شافية في معانيها كافية في أكثر ما يحتاج اليه من احكام الشريعة
وانها بعيدة عن الحشو.
ثم يترجم كل باب حسبما يترجمه صاحب المقدمة اي يجعل عناوين
الأبواب كعناوين أبواب المقدمة ثم يذكره مسالة مسالة فيستدل عليها ويجعله
مقصورا على ما تضمنته الرسالة من الفتوى ولم يقصد زيادة عليها كما
قرره أخيرا.
الثاني في أسلوب التاليف:
فهو لأجل ان يشرح المسالة يتبع ما يلي:
١ يستدل عليها اما من ظاهر القرآن الكريم أو صريحه أو فحواه أو
دليله أو معناه واما من السنة المقطوع بها بالتواتر أو بالقرائن. واما من اجماع
المسلمين أو اجماع الامامية الاثني عشرية. ويقصد بالسنة المقطوع بها التي
يعبر عنها بالأخبار وهي الأخبار التي يرويها اهل السنة ونفهم ذلك من
مقابلتها فيما يأتي بتعبيره أحاديث أئمتنا ومن تصريحه بذلك في مقدمة
المشيخة وستأتي الإشارة اليه.
٢ يذكر بعد ذلك ما ورد من أحاديث أصحابنا اي الاثني
عشرية المشهورة في ذلك. وينظر بعد ذلك فيما ينافيها ويضادها.
٣ يبين الوجه في المنافية للمشهورة اما بتأويل يجمع بينهما أو يذكر
وجه الفساد في المنافية من سنة أو من عمل للعصابة على خلافها.
فلو اتفق الخبران على وجه لا ترجيح لأحدهما على الآخر اي تعادلا
في الترجيح بميزان العمل يجب ان يكون بما يوافق الأصلي وترك ما يخالفه.
وكذلك إذا كان الحكم مما لا نص فيه على التعيين حمله على ما
يقتضيه الأصل.
فهو على هذا يسعى جهده للتوفيق بين المتنافيات من الأحاديث
ومهما تمكن من التأويل من غير طعن في سند أحدهما فإنه لا يتعداه اي انه
لا يتسرع في الطعن بسند الحديث الا إذا اقتضت الضرورة عند العجز عن
التوفيق.
٤ يجتهد في أن يرى حديثا يكون شاهدا على الجمع والتأويل إما
بصريحه أو بفحواه حتى يكون عمله على الفتيا والتأويل معا بالأثر وإن كان
لا يرى من الواجب ان يلتمس الشاهد وإنما يلتمسه لأنه مما يؤنس
بالتمسك بالأحاديث ثم يقول بالأخير: واجري على عادتي هذه إلى آخر
الكتاب.
ومن هذا الأسلوب في الشرح الذي يقرره يظهر لنا أن كتابه ليس
كسائر كتب الحديث لجمع الأخبار خاصة كالكافي ومن لا يحضره الفقيه
وهذه الطريقة من الجمع والتأويل والتعادل والتراجيح استوحاها من غايته
الكلامية التي أشرنا إليها.
ولقد كان رحمه الله في طريقته هذه بارعا كل البراعة وموفقا كل
التوفيق في أكثر تأويلاته وجمعه لم يسبقه إلى نظيرها أحد من المؤلفين وبهذا
امتاز على كتابي الكافي ومن لا يحضره الفقيه وذلك من ناحية النظر في
المتعارضات والجمع بينها.
ولكن يبقى التساؤل انه هل حافظ الشيخ على منهاجه هذا إلى آخر
الكتاب كما وعد في كلمته الأخيرة التي نقلناها؟ وقبل ان نفتش بأنفسنا في
غضون الكتاب لنرجع إلى المؤلف نفسه فإنه يحدثنا في مقدمة المشيخة التي
وضعها خاتمة لكتابه انه عدل على ذلك المنهج فإنه يقول: كنا شرطنا في
أول الكتاب أن نقتصر على ايراد شرح ما تضمنته المقنعة وأن نذكر مسالة مسالة
ونورد فيها الاحتجاج من الظواهر والأدلة المفضية إلى العلم ونذكر مع ذلك
طرفا من الأخبار التي رواها مخالفونا ثم نذكر بعد ذلك ما يتعلق به أحاديث
أصحابنا ونورد المختلف في كل مسالة منها والمتفق عليها. ووفينا بهذا
الشرط في أكثر ما يحتوي عليه كتاب الطهارة، ثم رأينا ان نخرج بهذا
البسط عن الغرض ويكون مع هذا الكتاب مبتورا غير مستوفى.
فعدلنا عن هذه الطريقة إلى ايراد أحاديث أصحابنا رحمهم الله
المختلف فيه والمتفق ثم رأينا بعد ذلك أن استيفاء ما يتعلق بهذا المنهاج أولى
من الأطناب في غيره فرجعنا وأوردنا من الزيادات ما كنا أخللنا به.
فهو إذن قد عدل عن منهاج بحثه في الأساسين معا فلم يتقيد بما تضمنته
المقنعة واقتصر على أحاديث أصحابنا والدافع له إلى هذا العدول حسب
تصريحه هو تلك الغاية الكلامية وفي الحقيقة ان هذه الغاية هي التي تحكمت
في هذا الكتاب وجعلته الوحيد من نوعه في أسلوبه ومنهاجه فجاء بآراء في
الجمع والتأويل لا يزال أكثرها معمولا بها عند المجتهدين.
وجاءت الزيادات التي أشار إليها في آخر كتاب الطهارة واسعة
كمستدرك على أصل الكتاب، وقد خالف فيها المألوف إذ يضع المؤلفون
المستدرك في كتاب مستقل ولكنه أبى الا ان يسمي المستدركات بباب
الزيادات كأنها جزء من أبواب الكتاب الأصلي. وهي لم تختص بكتاب
الطهارة كما يبدو من عبارته بل كان يأتي بها لأكثر الكتب الفقهية.
وبعد ان تحققنا من مناهجه وعرفنا ان اختص بالأخير بالأحاديث
لنعرف الآن كيف سلك في نقل الحديث فان هناك طريقتين: الأولى
طريقة الكافي وهي ان يذكر في كل حديث نص السند كاملا الثانية
طريقة من لا يحضره الفقيه وهي ان يحذف السند ويشرح في موضع آخر
سنده إلى كل راو بالتفصيل.
ولكن التهذيب قد جمع بين الطريقتين اما في كتاب الطهارة فهو يذكر
السند غالبا كاملا، وفي باقي الكتاب كثيرا ما يبتر مقدمة السند فينقل رأسا
عن الأصل ويترك ذكر طريقه اليه فلذا التجا في الخاتمة إلى ذكر مشيخته
الذين يروى عنهم الأصول والكتب، لتخرج بذلك كما قال عن حد
المراسيل وتلتحق بباب المسندات.
مؤاخذات الكتاب:
أخذت على الكتاب عدة أمور لها تأثيرها على قيمته العلمية باعتباره
مرجعا للمجتهدين يعتمد عليه في استقاء الآراء الفقهية من جهة،
(١٦٢)

وباعتباره مصدرا واصلا من أصول الحديث يوثق به من جهة أخرى.
فيجب علينا النظر في هذه المؤاخذات في صبر العالم المتثبت من غير
تحيز، لما في ذلك من الأثر على الناحية الفقهية وهي منظورنا الأول في بحثنا
هذا وعليه فنقول:
أولى الملاحظات: ان الكتاب حذف كثيرا من سند الأحاديث استنادا
على ما يذكره في خاتمة الكتاب من المشيخة لتخرج عن حد المراسيل كما
أشرنا إلى ذلك في البحث السابق. ولكنه بالأخير لم يذكر جميع الطرق التي
له بل أحال بيانها على كتابه الفهرست وعلى فهارس شيوخه. والإحالة على
الفهرست كانت موفقة لأن هذا الكتاب استطاع ان يحافظ على نفسه من
عوادي الدهر فبقي حتى اليوم بين أيدينا وقد طبع مرتين اما فهارس شيوخه
فقد فقدت منا ولم يبق لها اثر بين أيدي الناس من القديم. ولأجل هذا
بقيت جملة من الأحاديث منه مرسلة بغير اسناد معروف. ولكن الفاضل
الأردبيلي في خاتمة جامع الرواة تمكن من اصلاح جملة من الطرق التي كانت
مغفلة وقد صنع في ذلك رسالة سماها تصحيح الأسانيد تقع في
٥٧ صحيفة.
وثاني الملاحظات: ما لهج به الشيخ الحلي ابن إدريس فقد قال في
سرائره كتاب الميراث في ميراث المجوسي ص ٤١٠: وقد صنف كتبا
اخبارية أكبرها تهذيب الكلام أورد فيه من كل غث وسمين. ويقصد
بالغث حسبما يقتضيه بحثه في تلك المسالة وجود روايات غير معتمدة لا
يصح الأخذ بها.
واحسب ان السر في اكثاره من نقد التهذيب في الرواية اختلافه مع
الشيخ في الخبر الواحد لأن الشيخ من القائلين بحجيته وهو ينكرها تبعا
للسيد المرتضى علم الهدى كما صرح به في خطبة السرائر وكرره في غضونها
قال ص ١٤: فلا يجوز الرجوع إليها اي اخبار الآحاد لأن خبر الواحد
لا يوجب علما ولا عملا كائنا من كان رواية. وزاد على ذلك فادعى
اجماع علماء الإمامية فقال: ان مذهب أصحابنا ترك العمل باخبار الآحاد
ما خالف فيه أحد منهم.
وإذا كان هذا رأيه في خبر الواحد فما تظنه يقابل اخبار الآحاد التي
يرويها الشيخ في التهذيب وغيره الا ان يعتبرها غثا. ولذلك رأى من اللازم
عليه ان يوجه اليه شبه النصيحة القارصة في قوله في كتاب الرهون ٢٦١:
وله توسطات عجيبة لا استجملها له والذي حمله على ذلك جمعه بين
المتضادات وهذا لا حاجة فيه بل الواجب الأخذ بالأدلة القاطعة للاعذار
وترك اخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا فإنه أسلم للديانة لأن الله
تعالى ما كلفنا الا الأخذ بالأدلة وترك ما عداها.
ونحن نقول لشيخنا المتبحر ابن إدريس: انك تفردت مع جماعة
معروفة وهم السيد المرتضى وابن زهرة والطبرسي الذي جاء بعدكم باطراح
اخبار الآحاد، وخالفتم في ذلك علماء الطائفة وعلى رأسها شيخها ورئيسها
أبو جعفر الطوسي، فحق ان ترى اخبار الآحاد التي يرويها الثقات غثا.
ولكن العلماء كلهم يرونها من السمين الذي يجب ان يؤخذ به في حدود
مدونة في كتب علم الوصول. وقد اتضح ذلك للذين جاءوا بعدكم من
المحقق الحلي المتوفى ٦٧٦ إلى يومنا هذا. وذلك مما أوضحه الشيخ وبرهن
عليه في كتاب العدة وغيره.
بل إن من الطعون المأخوذة على ابن إدريس نفسه انكاره للعمل بخبر
الواحد ومن العجيب وهو يستغرب رواية خبر الواحد والاعتماد عليها
يحاول مرة بعد أخرى الاعتذار عن الشيخ في ايراده اخبار الآحاد بأنه
يوردها للتدوين لا للعمل لا سيما عن كتابه النهاية. راجع السرائر ص ١٧
و ١٨ و ٨٨ و ١٦٦ و ٣٧٩ وغيرها.
والأعجب من ذلك أن ينسب إلى الشيخ انكار العمل بخبر الواحد
فيقول ص ٢١٨: وان وجد له في بعض كتبه كلام يدل على أنه يعمل
باخبار الآحاد فقد يوجد له في بعض كتبه وتصانيفه كلام يدل على أنه غير
عامل باخبار الآحاد ويوجد ذلك في استبصاره كثيرا فإنه يقول هذا خبر
واحد واخبار الآحاد غير معمول بها.
وكأنه لهذا الكلام يريد أن يؤكد احتواء التهذيب على الغث باعتراف
الشيخ، ولكن الشيخ في خطبة الاستبصار نفسه يصرح بجواز العمل بخبر
الواحد ويذكر وجوه المعارضات والترجيح بين اخبار الآحاد، وكذلك في
معظم كتبه ولا سيما العدة، ولم نعثر على تصريح له بعدم العمل بخبر
الواحد بنحو العموم الا ما قد يقول عن بعض الأخبار انه شاذ أو مرسل لا
يعمل به ونحو ذلك.
ونعود فنقول لابن إدريس: ان كنت أردت من الغث اخبار الآحاد
فهو ليس من الغث كما تصورته وحاولت من الشيخ الاعتراف به وإن أردت
شيئا آخر فما هو؟ لعلك تريد انه يروي عمن لا يعول عليه والشيخ يشترط
في قبول الراوي ان يكون اماميا عدلا. وذلك حينما انتقدت الشيخ في
روايته عن السكوني إسماعيل بن زياد ص ٤١٠ من السرائر وهو أي
السكوني عامي المذهب بغير خلاف وشيخنا أبو جعفر موافق على ذلك
وقائل به ذكره في فهرست أسماء المصنفين ثم قلت: فإن كان عاملا
باخبار الآحاد فلا يجوز ان يعمل بهذه الرواية إذا سلمنا له العمل باخبار
الآحاد تسليم جدل وقلت ص ٢٤٢: وهذا يعني السكوني عامي
المذهب وان كان يروي عن الصادق ع فكيف ترك الأدلة الظاهرة
يعني الشيخ لرواية هذا الرجل ولكن السكوني هذا ذكره الشيخ في
الفهرست غير أنه لم ينص على أنه ليس بامامي والمعروف عن طريقته ان من
لم ينص عليه فهو عنده امامي، فمن أين حكمت على أنه موافق على أنه
عامي المذهب؟ على أنه ذكره في رجاله من أصحاب الصادق ع ومن
يذكره في أصحاب الإمام الصادق من دون نص على مذهبه فهو امامي
عنده، ثم إنه نقل عن الشيخ في عدته انه ذكره بالتوثيق وادعى الاجماع على
العمل بروايته.
وكفى ما قاله السيد الداماد في رواشحه كما نقل عنه: فاذن رواياته
ليست ضعافا بل هي من الموثقات المعول عليها والطعن فيه بالضعف من
ضعف التمهر وقصور التتبع.
وثالث الملاحظات: ما نقله صاحب لؤلؤة البحرين عن بعض
مشايخه المعاصرين في بعض إجازاته ولم يصرح باسمه قال هذا البعض بعد
الثناء على الشيخ: الا انه كثير الاختلاف في الأقوال وقد وقع له خبط
(١٦٣)

عظيم في كتابي الأخبار في تمحله للاحتمالات البعيدة والتوجيهات الغير
السديدة ويظهر ان صاحب اللؤلؤة أمضاه على هذا الرأي في حق
الشيخ.
والحق ان الشيخ أول باحث نقد الأحاديث وحاول الجمع بين مختلفاتها
ومتعارضاتها لتلك الغاية الكلامية التي أشرنا إليها فلذلك بذل جهدا عظيما
في هذه الناحية لم يسبق إليها سابق وبرع فيها براعة قد لا تتأتى لمثله وهو
مجتهد بحق لم نعرف له نظيرا ولا يمكن لإنسان مجتهد باحث ان يسلم من
غفلة أو خطاة ولا يمكن لمجتهد آخر ان يقره على كل ما رآه الأول مع طبيعة
الاختلاف في البشر قابلية وذكاء وفطنة وتمكنا من البحث. وليس ما وقع
فيه من بعض الأخطاء شيئا يذكر في جنب ما في كتابه من دقائق نفيسة وآراء
ناضجة وترجيحات مستقيمة ومحاسن لا تقدر بقيمة. اما ان يقال عن
الشيخ انه وقع له خبط عظيم فلذلك تجن وظلم عظيم ولكنها تلك شنشنة
نعرفها من اخزم فان مثل هذا القائل يريد من الناظر في الأحاديث الا يفتح
فاه بكلمة يشم منها رائحة الرأي في الحديث أو ترجيح بعضها على بعضها
أو تأويله بل يبقى الناظر مطموس الفهم أعمى الرأي لا يفكر ولا
يرجح. فكل ترجيح وتأويل وكل رأي ونظر هو عنده خبط عظيم. ولذا ان
هذا القائل بالذات استحسن كتاب النهاية للشيخ إذ اقتصر فيه على مضمون
الأخبار فقال عنه: في كتاب النهاية سلك مسلك الاخباري الصرف ثم
قال وهذه هي الطريقة المحمودة والغاية المقصودة. ولكن الشيخ حينما
ذكر مضمون بعض الأخبار قد ألغى ما يعارضها ويخالفها لترجيح ما ذكره
على غيره لوجه من الوجوه التي يذكرها في التهذيب والاستبصار إذ لم يصرح
بتلك الوجوه فلا بد انه عمل رأيه وتأويله، والا فذكر جميع الاخبار متفقاتها
ومتعارضاتها. و
رابع الملاحظات: ما قاله صاحب اللؤلؤة بعد أن ذكر كلام ذلك
القائل بعض مشايخه المعاصرين فإنه بعد أن اثنى عليه قال: وقد غفل
عن شئ آخر هو أشد مما ذكره لمن تأمل بحقيقة النظر وهو ما وقع للشيخ
المذكور سيما في التهذيب من السهو والغفلة والتحريف والنقصان في متون
الأخبار وأسانيدها وقلما يخلو خبر من علة من ذلك.
واني شخصيا قد تثبت كثيرا من أحاديث التهذيب وطابقتها مع متون
أحاديث الكافي فعثرت على جملة من الاختلاف في المتون بكلمة أو كلمتين
وعلى الأكثر لا تخل بالمعنى والمقصود والذي يبدو للمتتبع ان الشيخ الكليني
كان أضبط في نقل متن الحديث وهو أسبق منه فعند تعارض النصين مع
اتحاد الرواية مسندا حيث يبدو اتحادهما متنا يكون الترجيح لا شك لمتن
الكافي عند الاطمئنان من صحة النسخة.
وتلك ميزة للكافي على التهذيب بل الاستبصار لا يمكن لباحث ان
ينكرها. وأبرز مثال لهذا الأمر رواية ثلاثة أشبار ونصف فقد ذكر في الكافي
بعدين وكذا في الاستبصار ولكن في التهذيب أضاف بعدا ثالثا مما يجلب
الانتباه إلى أنه زيادة في نسخة التهذيب لأن السند واحد في الجميع.
وقال الشيخ آغا بزرگ: إن في مؤلفات شيخ الطائفة ميزة خاصة لا
توجد فيما عداها من مؤلفات السلف، وذلك لأنها المنبع الأول والمصدر
الوحيد لمعظم مؤلفي القرون الوسطى حيث استقوا منها مادتهم وكونوا
كتبهم، ولأنها حوت خلاصة الكتب المذهبية القديمة، وأصول
الأصحاب فقد مر عليك عند ذكر هجرة الشيخ إلى النجف الأشرف ان
مكتبة سابور في الكرخ كانت تحتضن الكتب القديمة الصحيحة التي هي
بخطوط مؤلفيها، وقد صارت كافة تلك الكتب طعمة للنار كما ذكرناه،
ولم نفقد بذلك والحمد لله سوى أعيانها الشخصية وهيآتها التركيبية
الموجودة في الخارج، وأما محتوياتها وموادها الأصلية فهي باقية على حالها
دون زيادة حرف ولا نقيصة حرف، لوجودها في المجاميع القديمة التي
جمعت فيها مواد تلك الأصول قبل تاريخ إحراق المكتبة بسنين كثيرة، حيث
ألف جمع من أعاظم العلماء كتبا متنوعة، واستخرجوا جميع ما في كتبهم من
تلك الأصول وغيرها مما كان في المكتبات الأخرى، وتلك الكتب التي
ألفت عن تلك الأصول موجودة بعينها حتى هذا اليوم، وأكثر أولئك
استفادة من تلك المكتبة وغيرها شيخ الطائفة الطوسي لأنها كانت تحت يده
وفي تصرفه، وهو زعيم الشيعة ومقدمهم يومذاك فلم يدع كتابا فيها الا
وعمد إلى مراجعته واستخراج ما يخص مواضيعه منه.
وهناك مكتبة أخرى كانت في متناول يده، وهي مكتبة أستاذه السيد
المرتضى الذي صحبه ثمان وعشرين سنة، وكانت تشتمل على ثمانين ألف
كتاب سوى ما أهدي منها إلى الرؤساء كما صرح به كل من ترجم له،
وذلك أحد وجوه تلقيبه بالثمانيني.
نعم كان شيخ الطائفة متمكنا من هاتين الخزانتين العظيمتين وكان
الله ألهمه الأخذ بخطه منهما قبل فوات الفرصة، فقد اغتنمها، وغربل كوم
الكتب فاخذ منها حاجته وظفر فيها بضالته المنشودة، وألف كتابيه الجليلين
التهذيب والاستبصار اللذين هما من الكتب الأربعة، والمجاميع
الحديثية التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند الفقهاء الاثني
عشرية منذ عصر مؤلفه حتى اليوم، وألف أيضا غيرهما من مهام الأسفار
قبل أن يحدث شئ مما ذكرنا، وكذا غيره من الحجج فقد اجهدوا نفوسهم
وتفننوا في حفظ تراث آل محمد ع، فكان لهم بحمد الله
ما أرادوا.
وهكذا استقى شيخ الطائفة مادة مؤلفاته من تصانيف القدماء،
وكتب في كافة العلوم من الفقه وأصوله، والكلام والتفسير، والحديث
والرجال، والأدعية والعبادات، وغيرها، وكانت ولم تزل مؤلفاته في كل
علم من العلوم ماخذ علوم الدين بأنوارها يستضيئون ومنها يقتبسون وعليها
يعتمدون.
على أن جمعا من علماء الشيعة القدماء عملوا ما عمله، فان الشيخين
الكليني والصدوق ألفا الكافي ومن لا يحضره الفقيه اللذين هما من
الكتب الأربعة أيضا، وكذا غيرهما من الأقطاب، وانا لا ننكر فضلهم بل
نشكرهم على حسن صنيعهم ونقدر مجهودهم ونسأل الله لهم الأجر والثواب
الجزيل، إلا أنه لا بد لنا من الاعتراف بان شيخ الطائفة بمفرده قام بما لا
تقوم به الجماعة، ونهض بأعباء ثقيلة لم يكن من السهل على غيره النهوض
بها لولا العناية الربانية التي شدت عضده، فان الغير ممن أجهد نفسه
الكريمة فكتب وألف قد خص موضوعا واحدا كالفقه أو الحديث أو الدعاء

(١) الشيخ محمد رضا المظفر (٢) الأصل عنوان يصدق على بعض كتب الحديث خاصة
والأصول الأربعمائة هي، أربعمائة كتاب ألفت من جوابات الإمام الصادق عليه السلام.
(١٦٤)

أو غير ذلك بينما لم يدع شيخ الطائفة بابا إلا طرقه، ولا طريقا إلا سلكها،
وقد ترك لنا نتاجا طيبا متنوعا غذى عقول فطاحل عدة قرون وأجيال.
ومع ما ذكرناه مما حل بكتب الشيعة من حريق وتلف وتدمير، فقد
شذت مجموعة نادرة منها، وبقيت عدة من الكتب بهيآتها إلى أوائل القرن
الثامن، ومنها عدد كثير من كتب الأدعية، فقد حصلت جملة وافية للسيد
جمال السالكين رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن محمد الطاووسي
الحسيني الحلي المتوفى سنة ٦٦٤، كما يظهر ذلك من النقل عنها في أثناء
تصانيفه، فقد ذكر في الفصل الثاني والأربعين بعد المائة من كتابه كشف
المحجة الذي ألفه سنة ٦٤٩ بعد ترغيب ولده إلى تعلم العلوم ما لفظه:
هيا الله جل جلاله لك على يدي كتبا كثيرة إلى قوله بعد ذكر كتب
التفسير: وهيا الله جل جلاله عندي عدة مجلدات في الدعوات أكثر من
ستين مجلدا.
وبعد هذه السنة حصلت عنده عدة كتب أخرى، فقال في آخر كتابه
مهج الدعوات الذي فرع منه يوم الجمعة ٧ جمادى الأولى سنة ٦٦٢
يعني قبل وفاته بسنتين تقريبا: فان في خزانة كتبنا هذه الأوقات أكثر من
سبعين مجلدا في الدعوات.
أقول: وأما سائر كتبه فقد جاء في مجموعة الشهيد أنه جرى ملكه
في سنة تأليفه الاقبال وهي سنة ٦٥٠ على ألف وخمسمائة كتاب. والله
أعلم بما زيد عليها من هذا التاريخ إلى وفاته في سنة ٦٦٤ وهذه النيف
والسبعون مجلدا من كتب الدعوات التي عنده كلها كانت من كتب المتقدمين
على الشيخ الطوسي الذي توفي سنة ٤٦٠ لأن الشيخ منتجب الدين بن
بابويه القمي جمع تراجم المتأخرين عن الشيخ الطوسي إلى ما يقرب من مائة
وخمسين سنة وذكر تصانيفهم ولا نجد في تصانيفهم من كتب الدعاء الا
قليلا وذلك لما ذكرناه من أن علماء الشيعة بعده إلى مائة سنة أو أكثر كانوا
مكتفين بمؤلفاته ومتحاشين عن التاليف في قبالها، والحديث في هذا الباب
طويل تكاد تضيق عن الإحاطة به هذه الصحائف، فلنمسك عنان القلم
محيلين طالب التفضيل إلى مقالتين مبسوطتين كتبناهما في الذريعة الأولى في
ج ١ ص ١٢٥ ١٣٥ والثانية في ج ٨ ص ١٧٢ ١٨١ واليك الآن فهرس
ما وصل الينا من مؤلفات شيخ الطائفة مرتبا على حروف الهجاء:
١ الأبواب: سمي بذلك لأنه مرتب على أبواب بعدد رجال
أصحاب النبي ص وأصحاب كل واحد من الأئمة ع ويسمى برجال
شيخ الطائفة وهو أحد الأصول الرجالية المعتمدة عند علمائنا.
٢ اختيار الرجال: هو كتاب رجال الكشي الموسوم بمعرفة
الناقلين لأبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي معاصر بن قولويه
المتوفى سنة ٣٦٩ والراوي كل منهما عن الآخر، وكان كتاب رجاله كثير
الأغلاط كما ذكره النجاشي لذلك عمد شيخ الطائفة إلى تهذيبه وتجريده من
الأغلاط وسماه بذلك، وأملاه على تلاميذه في المشهد الغروي وكان بدء
إملائه يوم الثلاثاء ٢٦ صفر سنة ٤٥٦ كما حكاه السيد رضي الدين بن
طاووس في فرج المهموم والنسخة المطردة المعروفة برجال الكشي هي عين
اختيار شيخ الطائفة، واما الأصل فلم نجد له اثرا.
٣ الاستبصار فيما اختلف من الأخبار: هو أحد الكتب الأربعة
والمجاميع الحديثة التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند الفقهاء
الاثني عشرية منذ عصر المؤلف حتى اليوم، جزءان منه في العبادات والثالث
في بقية أبواب الفقه من العقود والايقاعات والاحكام إلى الحدود
والديانات، وهو مشتمل على عدة كتب التهذيب غير أنه مقصور على ذكر
ما اختلف فيه من الأخبار وطريق الجمع بينهما، والتهذيب جامع للخلاف
والوفاق، وقد حصر الشيخ نفسه أحاديث الاستبصار في آخره ٥٥١١
حديثا، وقال: حصرتها لئلا تقع فيها زيادة أو نقصان الخ. وقد طبع في
المطبعة الجعفرية في لكهنو الهند سنة ١٣٠٧ وطبع ثانيا في طهران سنة
١٣١٧ وطبع ثالثا في النجف الأشرف سنة ١٣٧٥ على نفقة الفاضل الشيخ
علي الآخوندي، وقد قوبل بثلاث نسخ مخطوطة، وفاتهم مقابلة النسخة
المقابلة بخط شيخ الطائفة نفسه الموجودة في مكتبة الشيخ هادي آل كشف
الغطاء في النجف الأشرف.
٤ أصول العقائد ٥ الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد: وهو فيما
يجب على العباد من أصول العقائد والعبادات الشرعية على وجه الاختصار
٦ الآمالي: في الحديث، ويقال له المجالس لأنه أملاه مرتبا في عدة
مجالس، وقد طبع في طهران عام ١٣١٣ منضما إلى كتاب آخر اسمه
الأمالي أيضا شاعت نسبته إلى الشيخ أبي علي الحسن ابن الشيخ
الطوسي، وليس كما اشتهر بل هو جزء من أمالي والده شيخ الطائفة
أيضا، الا انه ليس مثل جزئه الآخر مرتبا على المجالس ٧ انس الوحيد:
كذا ذكره في ترجمته عند عد تصانيفه في كتابه الفهرست وقال: انه
مجموع. ٨ الايجاز: في الفرائض، وقد سماه بذلك لأن غرضه فيه
الايجاز، وأحال فيه التفصيل إلى كتابه النهاية ٩ التبيان في تفسير
القرآن: وهو أول تفسير جمع فيه مؤلفه أنواع علوم القرآن، وقد أشار إلى
فهرس مطوياته في ديباجته ووصفه بقوله: لم يعمل مثله واعترف
بذلك امام المفسرين امين الاسلام الطبرسي في مقدمة كتابه الجليل
مجمع البيان في تفسير القرآن فقال: انه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء
الحق، ويلوح عليه رواء الصدق، وقد تضمن من المعاني الأسرار
البديعة، واحتضن من الألفاظ اللغة الوسيعة، ولم يقنع بتدوينها دون
تبيينها ولا بتنسيقها دون تحقيقها، وهو القدوة استضئ بأنواره، وأطأ
مواقع آثاره.
وكان الشيخ محمد بن إدريس العجلي المتوفى سنة ٥٩٨ كثير الوقائع
مع شيخ الطائفة، دائم الرد على معظم مؤلفاته، وهو أول من خالف
أقواله كما أسلفناه الا انه يقف عند كتابه التبيان ويعترف له بعظم الشأن،
واستحكام البنيان ١٠ تلخيص الشافي: في الإمامة، اصله لعلم الهدى
السيد المرتضى رحمة الله عليه، وقد لخصه تلميذه شيخ الطائفة، وطبع
التلخيص في آخر الشافي بطهران، سنة ١٣٠١ ١١ تمهيد الأصول:
شرح الكتاب جمل العلم والعمل لأستاذه المرتضى لم يخرج منه إلا شرح
ما يتعلق بالأصول كما صرح به في الفهرست، توجد منه نسخة في خزانة
الرضا ع بخراسان كما في فهرسها ١٢ الجمل والعقود: في
العبادات، وقد رأيت منه عدة نسخ في النجف الأشرف، وفي طهران ألفه
بطلب من خليفته في البلاد الشامية، وهو القاضي عبد العزيز بن نحرير بن
عبد العزيز بن البراج قاضي طرابلس المتوفى سنة ٤٨١، كما صرح في اوله
(١٦٥)

بقول: فاني مجيب إلى ما سال الشيخ الفاضل أطال الله بقاءه. وقد
صرح في هامش بعض النسخ القديمة بان القاضي المذكور هو المراد بالشيخ
١٣ الخلاف في الأحكام: ويقال له مسائل الخلاف أيضا، وهو مرتب على
ترتيب كتب الفقه وقد صرح فيه بأنه ألفه قبل كتابيه التهذيب
والاستبصار وهو في مجلدين كبيرين، يوجدان تماما في مكتبة السيد ميرزا باقر
القاضي في تبريز ١٤ رياضة العقول: شرح فيه كتابه الآخر الذي سماه
مقدمة في المدخل إلى علم الكلام ١٥ شرح الشرح: في الأصول، قال
تلميذه الحسن بن مهدي السليقي: إن من مصنفاته التي لم يذكرها في الفهرست
كتاب شرح الشرح في الأصول، وهو كتاب مبسوط وأملى علينا منه شيئا
صالحا، ومات رحمه الله ولم يتمه ولم يصنف مثله. ١٦ العدة في
الأصول، ألفه في حياة أستاذه السيد المرتضى، وقسمه قسمين الأول في
أصول الدين والثاني في أصول الفقه، وهو ابسط ما ألف في هذا الفن عند
القدماء طبع ببمبئي في سنة ١٣١٢ وطبع في إيران ثانيا سنة ١٣١٤ مع
حاشية المولى خليل القزويني المتوفى سنة ١٠٨٩ ١٧ الغيبة:
١٨ الفهرست: ذكر فيه أصحاب الكتب والأصول، وانهى إليهم واليها
أسانيده عن مشايخه، وهو من الآثار الثمينة الخالدة، وقد اعتمد عليه علماء الإمامية
على بكرة أبيهم في علم الرجال، وقد شرحه الشيخ سليمان
الماحوزي المتوفى ١١٢١ وسماه معراج الكمال إلى معرفة الرجال ورتبه
على طريقة الرجال كل من الشيخ علي المقشاعي الأصبغي البحراني المتوفى
سنة ١١٢٧ والمولى عناية الله القهبائي النجفي المتوفى بعد سنة ١١٢٦
وغيرهما.
طبع الفهرست في ليدن قبل سنين متطاولة ولا أذكر الآن عام طبعه
وطبع ثانيا في كلكته عام ١٢٧١ فجاء في ٣٧٣ صفحة وقد تولى نشره
وتصحيحه أ. سبرنجر والمولى عبد الحق، وقد طبع في ذيل صفحاته
نضد الايضاح يعني ايضاح الاشتباه للعلامة الحلي تأليف علم الهدى
محمد بن الفيض الكاشاني المتوفى بعد سنة ١١١٢.
وفي سنة ١٣٥٦ طبعه في النجف الأشرف السيد محمد صادق آل بحر
العلوم مع مقدمة إضافية عن الشيخ وتعاليق مفيدة، تدارك فيها ما فات في
طبعتيه الأولى والثانية.
وللفهرست ذيول وتتمات من أنفس الكتب الرجالية، منها فهرست
الشيخ منتجب الدين المتوفى بعد سنة ٥٨٥ ذكر فيه المصنفين بعد عصر
الشيخ إلى عصره، وقد طبع مع الجزء الأخير من بحار الأنوار ومنها
معالم العلماء للشيخ رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السرري
صاحب المناقب المتوفى سنة ٥٨٨ وقد زاد هذا الأخير على ما ذكره شيخ
الطائفة من أسماء المصنفين ثلاثمائة مصنف.
ولقد لخص الفهرست الشيخ نجم الدين أبو القاسم جعفر بن
الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي الشهير بالمحقق الحلي صاحب الشرايع
والمتوفى سنة ٦٧٦ لخصه بتجريده عن ذكر الكتب والأسانيد إليها،
والاقتصار على ذكر نفس المصنفين وسائر خصوصياتهم مرتبا على الحروف في
الأسماء والألقاب والكنى، ١٩ ما لا يسع المكلف الاخلال به: في علم
الكلام ٢٠ ما يعلل وما لا يعلل: في علم الكلام أيضا ٢١ المبسوط:
في الفقه من أجل كتب هذا الفن، يشتمل على جميع أبوابه طبع في إيران
١٢٧٠ ٢٢ مختصر اخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي: ويعبر عنه ب‍ " اخبار
المختار أيضا ٢٣ مختصر المصباح: في الأدعية والعبادات، اختصر فيه
كتابه الكبير مصباح المتهجد ٢٤ مختصر في عمل اليوم والليلة: في
العبادات، ٢٥ مسالة في الأحوال ٢٦ مسالة في العمل بخبر الواحد
وبيان حجيته ٢٧ مسالة في تحريم الفقاع ٢٨ مسالة في وجوب الجزية
على اليهود والمنتمين إلى الجبابرة ٢٩ مسائل ابن البراج ٣٠ الفرق بين
النبي والامام: في علم الكلام ٣١ المسائل الالياسية ٣٢ المسائل
الجنبلائية: في الفقه ٣٣ المسائل الحائرية في الفقه، ٣٤ المسائل
الحلبية: في الفقه أيضا ٢٥ المسائل الدمشقية في تفسير القرآن،
٣٦ المسائل الرازية: في الوعيد، ٣٧ المسائل الرجبية: في تفسير آي
من القرآن ٣٨ المسائل القمية ٣٩ مصباح المتهجد: في اعمال السنة
كبير، وهو من أجل الكتب في الأعمال والأدعية، ٤٠ المفصح: في
الإمامة، وهو من الآثار الهامة توجد نسخة منه في مكتبة راجة فيض آباد في
الهند، وحصلت نسخة منه للميرزا حسين النوري، وجدها مع النهاية
وهي بخط أبي المحاسن بن إبراهيم بن الحسين ابن بابويه كان تاريخ كتابته
للنهاية الثلاثاء ١٥ ربيع الآخر سنة ٥١٧ ٤١ مقتل الحسين ع
٤٢ مقدمة في المدخل إلى علم الكلام ٤٣ مناسك الحج في مجرد العمل
٤٤ النقض على ابن شاذان في مسالة الغار ٤٥ النهاية في مجرد الفقه
والفتوى: من أعظم آثاره واجل كتب الفقه ومتون الأخبار ٤٦ هداية
المسترشد وبصيرة المتعبد: في الأدعية والعبادات ذكره الشيخ في
الفهرست.
وفاته وقبره
لم يبرح شيخ الطائفة في النجف الأشرف مشغولا بالتدريس
والتأليف، والهداية و الارشاد، مدة اثنتي عشرة سنة، حتى توفي ليلة
الاثنين الثاني والعشرين من المحرم سنة ٤٦٠، عن خمس وسبعين سنة،
وتولى غسله ودفنه تلميذه الشيخ الحسن بن مهدي السليقي، والشيخ أبو
محمد الحسن بن عبد الواحد العين زربي، والشيخ أبو الحسن اللؤلؤي،
ودفن في داره بوصية منه وأرخ وفاته بعض المتأخرين بقوله مخاطبا مرقده
الزاكي كما هو مسطور على جدار المسجد، وقد ذكره الشيخ جعفر نقدي في
كتابه ضبط التاريخ بالأحرف أيضا ص ١٣:
يا مرقد الطوسي فيك قد انطوى * محيي العلوم فكنت أطيب مرقد
إلى أن قال:
أودى بشهر محرم فاضافه * حزنا بفاجع رزئه المتجدد
إلى أن قال:
بك شيخ طائفة الدعاة إلى الهدى * ومجمع الاحكام بعد تبدد
إلى أن قال:
وبكى له الشرع الشريف مؤرخا * أبكى الهدى والدين فقد محمد
وتحولت الدار بعده مسجدا في موضعه اليوم حسب وصيته أيضا،
وهو مزار يتبرك به الناس من العوام والخواص، ومن أشهر مساجد
النجف، عقدت فيه منذ تأسيسه حتى اليوم عشرات حلقات التدريس من
قبل كبار المجتهدين وأعاظم المدرسين فقد كان العلماء يستمدون من بركات
قبر الشيخ لكشف غوامض المسائل ومشكلات العلوم، ولذلك كان مدرس
العلماء ومعهد تخريج المجتهدين إلى عصر شيخ الفقهاء الشيخ محمد حسن
(١٦٦)

صاحب الجواهر الذي كان يدرس فيه أيضا، حتى بعد أن بنوا له
مسجده الكبير المشهور باسمه.
واستمرت العادة كذلك إلى عصر الشيخ محمد كاظم الخراساني
صاحب الكفاية فقد كان تدريسه فيه ليلا إلى أن توفي، وقد أحصيت
عدة تلامذته في الأواخر بعض الليالي فتجاوزت الألف والمائتين، وكذلك
شيخ الشريعة الأصفهاني، فقد كان يدرس فيه عصرا إلى أن توفي، كما أن
تلميذ الخراسان الشيخ ضياء الدين العراقي كان يدرس فيه صبحا إلى أن
توفي.
وموقع مسجد الشيخ في محلة المشراق من الجهة الشمالية للصحن
المرتضوي الشريف وسمي باب الصحن المنتهى إلى مرقده ب‍ " باب
الطوسي، وقد طرأت عليه بعد عمارته الأولى عمارتان، حسبما نعلم
إحداهما في حدود سنة ١١٩٨ وذلك بترغيب من السيد مهدي بحر العلوم
كما ذكره في الفوائد الرجالية فقد قال: وقد جدد مسجده في حدود سنة
١١٩٨ فصار من أعظم المساجد في الغري، وكان ذلك بترغيبنا بعض
الصلحاء من اهل السعادة.
وبني لنفسه مقبرة في جواره دفن فيها مع أولاده وجملة من أحفاده.
والثانية في سنة ١٣٠٥ كما ذكره السيد جعفر آل بحر العلوم في كتابه
تحفة العالم ج ١ ص ٢٠٤ وكانت بعناية السيد حسين آل بحر العلوم
المتوفى سنة ١٣٠٦، كما قاله، فإنه لما رأى تضعضع أركانه وانها آلت إلى
الخراب رغب بعض أهل الخير في قلعه من أساسه، فجدد وهي العمارة
الموجودة اليوم.
وفي سنة ١٣٦٩. هدمت الحكومة ما يقرب من ربع مساحته
فأضافتها إلى الشارع الذي فتحته بجنبه في نفس العام، وسمته بشارع
الطوسي أيضا، فصار للمسجد بابان أحدهما وهو الأكبر والأوجه على
الشارع الجديد العام من جهة الشرق، والثاني وهو الباب الأول من جهة
الغرب على الطريق القديم مقابل المدرسة المهدية. ٣٤٠:
الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين بن الحر العاملي
المشغري صاحب الوسائل
مولده ووفاته
ولد في قرية مشغرى ليلة الجمعة ثامن رجب سنة ١٠٣٣ كما ذكره هو
في أمل الآمل وتوفي في المشهد المقدس الرضوي بطوس سنة ١١٠٤ عن
احدى وسبعين سنة ودفن في إيوان بعض حجر الصحن الشريف وتاريخ
وفاته منقوش على صخرة موضوعة على قبره الشريف فما ذكره المحبي في
خلاصة الأثر ان وفاته باليمن أو إيران سنة ١٠٧٩ سهو منه.
أقوال العلماء في حقه
في السلافة: علم علم لا تباريه الاعلام وهضبة فضل لا يفصح عن
وصفها الكلام أرجت أنفاس فرائده ارجاء الأقطار وأحيت كل ارض نزلت
بها فكانت لبقاع الأرض أمطار تصانيفه في جبهات الأيام غرر وكلماته في
عقود السطور درر وهو الآن قاطن ببلاد العجم ينشد لسان حاله:
انا ابن الذي لم يخزني في حياته ولم اخزه لما تغيب في الرجم
يحيي بفضله مآثر اسلافه وينتشي مصطحبا ومغتبقا برحيق سلافه وله
شعر مستعذب الجنا بديع المجتلي والمجتنى آه.
أحواله
كان اخباريا صرفا ذكر في كتابه أمل الآمل فقال: قرأ في مشغرى على
أبيه وعمه الشيخ محمد الحر وجده لامه الشيخ عبد السلام بن محمد الحر
وخال أبيه الشيخ علي بن محمود وغيرهم وقرأ في قرية جبع على عمه أيضا
وعلى الشيخ زين الدين بن محمد الحسن صاحب المعالم ابن زين الدين
الشهيد الثاني وعلى الشيخ حسين الظهيري وغيرهم. أقام في البلاد
أربعين سنة وحج فيها مرتين ثم سافر إلى العراق فزار الأئمة ع
ثم زار الرضا ع بطوس واتفق مجاورته بها إلى هذا الوقت مدة أربع
وعشرين سنة وحج أيضا مرتين وزار أئمة العراق ع أيضا مرتين اه‍
وصرح في خاتمة أمل الآمل ان وروده المشهد الرضوي كان سنة ١٠٧٣
وقال المحبي في خلاصة الأثر قدم مكة في سنة ١٠٨٧ أو ١٠٨٨ وفي الثانية
منها قتلت الأتراك بمكة جماعة من الفرس لما اتهموهم بتلويث البيت الشريف
حين وجد ملوثا وكان صاحب الترجمة قد أنذرهم قبل الواقعة بيومين وأمرهم
بلزوم بيوتهم فلما حصلت المقتلة فيهم خاف على نفسه فالتجأ إلى السيد
موسى بن سليمان أحد أشراف مكة الحسنيين وسأله ان يخرجه من مكة إلى
نواحي اليمن فأخرجه مع أحد رجاله إليها فنجا آه وهكذا كان اهل مكة
وخدمة البيت الشريف يأتون بطبيخ العدس الجريش بعد أن يترك في حر
الحجاز حتى ينتن ويضعونه على جدار الكعبة المعظمة أو في المسجد ويتهمون
به الفرس المسلمين القادمين لحج بيت الله الحرام من البلاد الشاسعة
المعتقدين لحرمة البيت والمسجد وحرمة تنجيسهما ويعتدون عليهم بالقتل
وأنواع الأذى ويحرشون عليهم الأتراك وعساكرهم ليس إلا لأنهم شيعة من
اتباع أهل البيت الطاهر جرأة على الله تعالى وعنادا للحق نابذين كتاب الله
تعالى وراء ظهورهم حيث يقول ومن دخله كان آمنا.
وفي روضات الجنات: انه مر في طريق سفره إلى المشهد المقدس
بأصفهان ولاقى بها كثيرا من علمائها وكان أشدهم انسا به وأكثرهم صحبة
له المولى محمد باقر المجلسي وأجاز كل منهما صاحبه هناك فقد ذكر صاحب
الترجمة روايته عن المجلسي بعد تعداد أسماء الكتب المعتمدة التي ينقل عنها
في كتاب الوسائل فقال ونرويها أيضا عن المولى الأجل الأكمل الورع المدقق
مولانا محمد باقر بن الأفضل الأكمل مولانا محمد تقي المجلسي أيده الله
تعالى وهو آخر من أجازني وأجزت له عن أبيه وشيخه مولانا حسن علي
التستري والمولى الجليل ميرزا رفع الدين محمد النائيني والفاضل الصالح
شريف الدين محمد الرويدشتي كلهم عن الشيخ الأجل الأكمل بهاء الدين
محمد العاملي إلى آخره وذكر نظيره المجلسي في مجلد الإجازات من البحار.
ومما يحكى عنه انه ذهب مدة اقامته بأصفهان إلى مجلس الشاه سليمان
الصفوي فدخل بدون استئذان وجلس على ناحية من المسند الذي كان
الشاه جالسا عليه فسال عنه الشاه فأخبر انه عالم جليل من علماء العرب
يدعى محمد بن الحسن الحر العاملي فالتفت اليه وقال: فرق ميان حر وخر
چقدر است اي كم هو الفرق بين حر وخر، وخر بالفارسية معناها الحمار
فقال له الشيخ على الفور يك متكأ اي مخدة واحدة فعجب الشاه من
(١٦٧)

جرأته وسرعة جوابه. ولما وصل إلى المشهد المقدس ومضى على ذلك زمان
أعطي منصب قاضي القضاة وشيخ الاسلام في تلك الديار وصار بالتدريج
من أعاظم علمائها.
وكان اخباريا صرفا كما تقدم ومن غريب ما اتفق منه على ما حكاه
في روضات الجنات انه في بعض مجالس قضائه شهد لديه بعض الطلبة على
امر فقيل له انه يقرأ زبدة البهائي في الأصول فرد شهادته آه والله
اعلم.
وفي اللؤلؤة: لا يخفى انه وان كثرت تصانيفه قدس سره كما ذكره
الا انها خالية عن التحقيق والتحبير تحتاج إلى تهذيب وتنقيح وتحرير كما لا
يخفى على من راجعها وكذا غيره ممن كثرت تصانيفه كالعلامة وغيره ولهذا
رجح بعض متأخري أصحابنا الشهيد على العلامة وقال إنه أفضل بجودة
تقريره وحسن تحبيره وكذا مصنفات شيخنا الشهيد الثاني فإنها مشتملة على
مزيد التحقيق والتنقيح والتقرير آه.
أقول قد رزق المترجم حظا في مؤلفاته لم يرزقه غيره فكتابه
الوسائل عليه معول مجتهدي الشيعة من عصر مؤلفه إلى اليوم وما ذاك الا
لحسن ترتيبه وتبويبه، والوافي لملا محسن الكاشي اجمع منه ومع ذلك لم
يرزق من الحظ ما رزقته الوسائل لصعوبة ترتيبه وربما كان مؤلفه أكثر تحقيقا
من صاحب الوسائل. وكان لبحر العلوم الطباطبائي اعتناء خاص بالوافي
وكان يدرس فيه وأمر تلميذه صاحب مفتاح الكرامة بجمع تقريرات ذلك
الدرس ومع ذلك كله لم يجر الوافي مع الوسائل في حلبة وكم صنف العلماء
في أحوال الرجال فلم يرزق كتاب من الاشتهار ما رزقه أمل الآمل على
اختصاره وكثرة انتقاد الناس إياه ووضعت عدة كتب في اعصار كثيرة باسم
تكملة أمل الآمل.
مشايخه في التدريس
قد عرفت أنه قرأ على أبيه وعمه الشيخ محمد وجده لأمه الشيخ عبد
السلام الحر وخال أبيه الشيخ علي بن محمود والشيخ زين الدين حفيد
صاحب المعالم والشيخ حسين الظهيري وغيرهم.
مؤلفاته
ذكرها في أمل الآمل ١ الجواهر السنية في الأحاديث القدسية وهو
أول ما ألفه ولم يجمعها أحد قبله مطبوع ٢ الصحيفة الثانية من أدعية زين
العابدين ع الخارجة عن الصحيفة الكاملة طبعت في الهند وطبعت في
مصر مع شرح علقته عليها وجمع معاصره ملا عبد الله عيسى الأصفهاني
المعروف بالأفندي الصحيفة الثالثة استدرك فيها ما فات الصحيفة الثانية
وجمع معاصرنا الميرزا حسين النوري الصحيفة الرابعة استدرك فيها ما فات
الثانية والثالثة وجمعت انا الصحيفة الخامسة وفيها ما فات الثانية والثالثة
والرابعة ٣ تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ست
مجلدات تشتمل على جميع أحاديث الأحكام الشرعية الموجودة في الكتب
الأربعة وسائر الكتب المعتمدة أكثر من سبعين كتابا وذكر الأسانيد وأسماء
الكتب وحسن الترتيب وذكر وجوه الجمع مع الاختصار وكون كل مسالة لها
باب على حدة بقدر الإمكان ويعرف هذا الكتاب بالوسائل طبع ثلاث
مرات في ثلاث مجلدات كبار ٤ هداية الأمة إلى احكام الأئمة عليهم
السلام ثلاث مجلدات صغيرة منتخبة من ذلك الكتاب مع حذف الأسانيد
والمكررات وكون كل مطلب منه اثني عشر من أول الفقه إلى آخره يذكر
المسالة ثم دليلها من الأخبار بحذف الاسناد ٥ فهرست وسائل الشيعة
يشتمل على عنوان الأبواب وعدد أحاديث كل باب ومضمون الأحاديث
مجلد واحد ولاشتماله على جميع ما روي من فتاويهم ع سماه
كتاب من لا يحصره الامام ٦ الفوائد الطوسية خرج منه مجلد يشتمل على
مائة فائدة في مطالب متفرقة ٧ اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات مجلدان
على أكثر من عشرين ألف حديث وأسانيد تقارب سبعين ألف سند منقولة
من جميع كتب الخاصة والعامة مع حسن الترتيب والتهذيب واجتناب
التكرار بحسب الإمكان والتصريح بأسماء الكتب وكل باب فيه فصول في
كل فصل أحاديث كتاب تناسب نقل فيه من مائة واثنين وأربعين كتابا من
كتب الخاصة ومن أربعة وعشرين كتابا من كتب العامة هذا ما نقل منه بغير
واسطة ونقل من مائتين وثلاثة وعشرين كتابا من كتب العامة بالواسطة لأنه
نقل منها بواسطة أصحاب الكتب السابقة حيث نقلوا منها وصرحوا
بأسمائها فذلك مائة وثمانية وثمانون كتابا بل نقل من كتب أخرى لم تدخل
في العدد عند تعداد الكتب وقد صرح بأسمائها عند النقل منها وناهيك
بذلك ٨ كتاب أمل الآمل في علماء جبل عامل صنفه بسبب رؤيا رآها.
قال في خاتمته: في السنة التي قدمت فيها المشهد الرضوي وهي سنة ١٠٧٣
وعزمت على المجاورة به والإقامة فيه رأيت في المنام كان رجلا عليه آثار
الصلاح يقول لي لأي شئ لا تؤلف كتاب تسميه أمل الآمل في علماء
جبل عامل فقلت له اني لا أعرفهم كلهم ولا اعرف مؤلفاتهم وأحوالهم
كلها فقال لي انك تقدر على تتبعها واستخراجها من مظانها ثم انتبهت
فتعجبت من هذا المنام وفكرت في أن هذا بعيد من وساوس الشيطان ومن
تخيلات النفس ولم يكن خطر ببالي هذا الفكر أصلا فلم التفت إلى هذا
المنام فإنه ليس بحجة شرعا ولا هو مرجح لفعل شئ وتركه فلم أعمل به
مدة أربع وعشرين سنة آه وقد جعله قسمين اقتصر في الأول على علماء
جبل عامل وذكر في الثاني علماء بقية البلاد واقتصر فيه على ذكر علمائنا
المتأخرين وجعله كالمتمم لرجال الميرزا الكبير مطبوع غيره مرة ٩ رسالة في
الرجعة سماها الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة وفيها اثنا عشر بابا
تشتمل على أكثر من ستمائة حديث وأربعة وستين آية من القرآن وأدلة
كثيرة وعبارات المتقدمين والمتأخرين وجواب الشبهات وغير ذلك رأيت منهما
نسخة في مكتبة الحسينية بالنجف سنة ١٣٥٢ ١٠ رسالة الرد على الصوفية
تشتمل على اثني عشر بابا واثني عشر فصلا فيها نحو ألف حديث في الرد
عليهم عموما وخصوصا في كل ما اختصوا به ١١ رسالة في خلق الكافر
وما يناسبه ١٢ رسالة في تسمية المهدي ع سماها كشف التعمية في
كشف حكم التسمية ١٣ الجمعة في جواب من رد أدلة الشهيد الثاني في
رسالة الجمعة ١٤ رسالة نزعة الاسماع في حكم الاجماع ١٥ رسالة
تواتر القرآن ١٦ رسالة الرجال مطبوعة مع الوسائل ١٧ رسالة أحوال
الصحابة ١٨ رسالة تنزيه المعصوم من السهو والنسيان ١٩ بداية الهداية
في الواجبات والمحرمات المنصوصة من أول الفقه إلى آخره في نهاية
الاختصار مطبوع. قال في آخرها فصارت الواجبات ألفا وخمسمائة وخمسة
وثلاثين والمحرمات ألفا وأربعمائة وثمانية وأربعين ٢٠ الفصول المهمة في
أصول الأئمة مطبوع يشتمل على القواعد الكلية المنصوصة في أصول الدين
(١٦٨)

وأصول الفقه وفروع الفقه وفي الطب ونوادر الكليات فيه أكثر من ألف
باب بفتح كل باب ألف باب ٢١ العربية العلوية واللغة المروية ذكر فيه ما
يتعلق بالعربية من النحو والصرف والمعاني والبيان وما يتعلق باللغة من
تفسير الألفاظ الواردة في القرآن وغير القرآن كل ذلك من الأخبار رأينا منه
نسخة مخطوطة ٢٢ إجازات متعددة للمعاصرين مطولات ومختصرات
٢٣ ديوان شعر يقارب عشرين ألف بيت أكثر في مدح النبي ص والأئمة
ع ٢٤ منظومة في المواريث ٢٥ منظومة في الزكاة
٢٦ منظومة في الهندسة ٢٧ منظومة في تاريخ النبي ص والأئمة ع
ووفياتهم وعدد أزواجهم وأولادهم ومدة خلافتهم واعمارهم ومعجزاتهم
وفضائلهم تبلغ نحو ألف ومائتي بيت. وفي كتاب الفوائد الطوسية أيضا
رسائل متعددة طويلة نحو عشر يحسن أفراد كل واحدة منها قال وفي العزم
ان مد الله تعالى في الأجل تأليف شرح كتاب رسائل الشيعة انش يشتمل
على بيان ما يستفاد من الأحاديث وعلى الفوائد المتفرقة في كتب الاستدلال
من ضبط الأقوال ونقد الأدلة وغير ذلك من المطالب المهمة اسميه تحرير
وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة ٢٨ رسالة نزعة الاسماع في حكم
الاجماع رأيت منها نسخة كتبت عن خط المؤلف في ٨ رجب سنة ١١٣٣
وكلها استدلال من الأخبار.
شعره
قد عرفت أن ديوان شعره يحتوي على عشرين ألف بيت وقال
صاحب السلافة لا يحضرني من شعره الآن غير قوله ناظما الحديث
القدسي:
فضل الفتى بالبذل والاحسان * والجود خير الوصف للانسان
أو ليس إبراهيم لما أصبحت * أمواله وقفا على الضيفان
حتى إذا افنى اللهى اخذ ابنه * فسخى به للذبح والقربان
ثم ابتغى النمرود احراقا له * فسخى بمهجته على النيران
بالمال جاد وبابنه وبنفسه * وبقلبه للواحد الديان
اضحى خليل الله جل جلاله * ناهيك فضلا خلة الرحمن
صح الحديث به فيا لك رتبة * تعلو بأخمصها على التيجان
قال وهذا الحديث رواه أبو الحسن المسعودي في كتاب اخبار الزمان
قال: إن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم ع انك لما سلمت مالك للضيفان
وولدك للقربان ونفسك للنيران وقلبك للرحمن اتخذناك خليلا آه ومن
شعره الذي أورد في أمل الآمل قوله من قصيدة تزيد على أربعمائة بيت في
مدح النبي ص والأئمة ع وكأنه أراد معارضة همزية
البوصيري وليته لم يفعل:
كيف يحظى بمجدك الأوصياء * وبه قد توسل الأنبياء
ما لخلق سوى النبي وسبطيه * السعيدين هذه العلياء
وقوله من المحبوكات الطرفين في مدحهم ع من قافية
الهمزة وهي تسع وعشرون قصيدة:
أ غير أمير المؤمنين الذي به * تجمع شمل الدين بعد تنائي
أبانت به الأيام كل عجيبة * فنيران بأس في بحور عطاء
وقوله من قصيدة محبوكة الأطراف الأربعة:
فان تخف في الوصف من إسراف * فلذ بمدح السادة الاشراف
فخر لهاشمي أو منافي * فضل سما مراتب الآلاف
فعلمهم للجهل شاف كافي * فضلهم على الأنام وافي
فاقوا الورى منتعلا وحافي * فضل به العدو ذو اعتراف
فهاكها محبوكة الأطراف * فن غريب ما قفاه قافي
وقوله:
ان سر الصديق عندي مصون * ليس يدريه غير سمعي وقلبي
لم أكن مطلعا لساني عليه * قط فضلا عن صاحب ومحب
حكمه انني أخلده في السجن * أعني الفؤاد من غير ذنب
لست أخفي سري وهذا هو الواجب * عندي اخفاء اسرار صحبي
وقوله من قصيدة طويلة في مزج المديح بالغزل:
لئن طاب لي ذكر الحبائب انني * أرى مدح أهل البيت أحلى وأطيبا
فهن سلبن العلم والحلم في الصبا * وهم وهبونا العلم والحلم في الصبا
لئن كان ذاك الحسن يعجب ناظرا * فانا رأينا ذلك الفضل أعجبا
وقوله:
كم حازم ليس له مطمع * الا من الله كما قد يجب
لاجل هذا قد غدا رزقه * جميعه من حيث لا يحتسب
وقوله:
كم من حريص رماه الحرص في شعب * منها إلى أشعب الطماع ينشعب
في كل شئ من الدنيا له طمع * فرزقه كله من حيث يحتسب
وقوله:
سترت وجهها بكف خضيب * إذا رأتني حذار عين الرقيب
كيف نحظى باجتماع وقد عاين * كل إذ ذاك كف الخضيب
وقوله:
لا تكن قانعا من الدين بالدو * ن وخذ في عبادة المعبود
واجتهد في جهاد نفسك وابذل * في رضى الله غاية المجهود
وقوله من قصيدة تبلغ ثمانين بيتا خالية من الألف في مدحهم ع:
وليي علي حيث كنت وليه * ومخلصه بل عبد عبد لعبده
لعمري قلبي مغرم بمحبتي * له طول عمري ثم بعد لولده
وقوله:
علمي وشعري اقتتلا واصطلحا * فخضع الشعر لعلمي راغما
فالعلم يأبى ان أعد شاعرا * والشعر يرضى ان أعد عالما
وقوله:
حذار من فتنة الحسنا وناظرها * فلا ترح بفؤاد منه مكلوم
فقلبها صخرة مع ضعف قوتها * وطرفها ظالم في زي مظلوم
وقوله:
يا صاحب الجاه كن على حذر * لا تك ممن يغتر بالجاه
فان عز الدنيا كذلتها * لا عز الا بطاعة الله
وقوله:
خليلي ما بال الزمان معاندي * بتكسير آمالي الصحاح بلا جبر
(١٦٩)

زمان يرينا في القضايا غرائبا * وكل قضاء جور على الحر
وقوله من قصيدة:
طال ليلي ولم أجد لي على السهد * معينا سوى اقتراح الأماني
فكأني في عرض تسعين لما * حلت الشمس أول الميزان
ليت اني فيما يساوي تمام ال‍ * ميل عرضا والشمس في السرطان
وقال يمدح النبي ص وأهل بيته ع:
جد وجدي لفرقة وتنائي * عن ربى ارض مكة الغراء
وشجاني بعد الحجاز خصوصا * عند بعدي عن طيبة الفيحاء
وعجبنا ما بين تلك المغاني * لاعتناق السراء والضراء
ودعتني عند البعاد فتاة * أفحمت منطقي عن الإفتاء
عانقتني الفتاة عند مشيبي * قلت صيف معانق لشتاء
وبدا في الخدود ماء ونيرا * ن وحظي النيران دون الماء
وتناءت فقلت معذورة أنت * لعمري في مثل هذا التنائي
أ فلا يعجبون كيف أضلت * مقتدى الفاضلين والصلحاء
فتنت كل عاشق وخلي * منية الخلق في الملا والخلاء
ليتني كنت مبتلى ببلاء * واحد بل لدي ألف بلاء
كم رأينا بأرض بدر عجيبا * حار في شانه ذوو الآراء
ألف بدر يلوح في ارض بدر * وارى البدر واحدا في السماء
غادرتني تلك اللحاظ شهيدا * إذ أردنا زيارة الشهداء
كحلت بالهوى العيون فعنت * بهواها وحبها كل رائي
فقلوب الرجال وهي تفوق الصخر * بأسا أسرى عيون النساء
كم طلبنا منها الوفاء فضنت * واصطلى العاشقون نار الجفا
كم رأينا من ليث غاب قتيلا * أو أسيرا في كف بعض الظباء
جزعت من لحاظ ظبي وكانت * لا تبالي بالباس والبأساء
رمت زورا تعاد زورا ببدر * وغرورا من ساكني الزوراء
حدثوني عن اللقاء فسمعي * كاد ينسى حديث ذاك اللقاء
أودعوني سر الغرام ولولا * أدمعي لم يخف من الافشاء
انا راض منهم بطيف ومن لي * بعدهم بالمنام والاعفاء
رب بدر بدا ببدر وشمس * ثم تبدو في الليلة الظلماء
ثارة تشبه الغزالة في الأفق * وطورا غزالة البيداء
اي شئ ألذ في القلب من وصل * حبيب في غفلة الرقباء
أسرتهم عين وحور فحاروا * بين عين العيناء والحوراء
قد قتلن الأحباب يا ليت شعري * اي شئ تركن للأعداء
كم فتاة غدت لها حكمة العين * وعادت في غيرها في انتفاء
بين ألحاظها كتاب الإشارات * وفي ريقها كتاب الشفاء
أضنت القلب بالجفاء وفاءت * ثم صدت فلم تجد بالوفاء
سكنت غرفة علت قلت أنتم * ما سكنتم في الأرض بل في السماء
وكذاك البدور والشمس والأنجم * ليست من ساكني الغبراء
قتلتنا إذ أقبلت بجفون * ثم لما ان أعرضت بجفاء
قلت يوما لو زرت ليلا إذا ما * غلب النوم أعين الرقباء
بأبي من أزورها وهي تأبى * ان تزور المحب اي إباء
برحت في النوى سقى ربعها ها * م ملث من أغزر الأنواء
حرسوها بأسهم ورماح * ومواضي السيوف عن كل رائي
قلب تلك الخنساء صخر ولكن * جسمها صيغ من هواء وماء
ولها في القصور حيث تمشت * لفتات الظباء في البيداء
فد خضبن البنان بالدم والبيض * خضبن البنان بالحناء
اطلعت لي أسماء بدرا فخلنا * بدر أسماء فاق بدر السماء
فأشارت بالطرف لا لا فقلنا * رؤية اللحظ أكبر الآلاء
وزمان الوصال فصل ربيع * وزمان الصدود فصل الشتاء
أو يئسنا لما ذللنا ولكن * ما أذل الرجال مثل الرجاء
أعرضت والفؤاد مال إليها * فصباحي من صدها كمسائي
كم أذاب القلوب منا وكانت * تشبه الصخر أعين الخنساء
قد نسيت الاحرام عنها وقلبي * ليس ينسى يوما طواف النساء
ونسينا طوسا ونجدا ومصرا * وشاما وقاعة الوعساء
وعراقا وبصرة وقطيفا * والمخا مع معاهد الأحساء
أيقظت كل مقلة وأثارت * كل وجه بمقلة نعساء
لو رأى الميت وجها كاد يحييه * فلا تسألوا عن الاحياء
حبذا غفلة الزمان الذي فا * زت اسود فيها بصيد الظباء
وانقياد من الظباء إلى بذ * ل الأماني منها بغير إباء
كم تعجبت من شبابي وشيبي * أين ذاك الصباح من ذا المساء
لست أنسى عصر الصباحين أقبلن * بدورا في الأرض لا في السماء
فبلغن المنى ونحن بلغنا * ها اغتناما لغفلة الرقباء
وأضاء الجبين لي عند رشفي * ظلم تلك الظلماء في الظلماء
تحفة الحسن ما لها مشبه تهدى * الينا من امنا حواء
غال حزني مسرتي وابتهاجي * واصطلت مهجتي بنار الجفا
لادكاري مصائبي وذنوبي * مع ليالي اللقا ويوم اللقاء
كل ما يوجب المسرة والأفراح * للناس موجب لبكائي
برحت بي شدائد قد أذاقتني * طعم الحمام والبرحاء
يا إلهي وسيدي ورجائي * فرج الهم واستجب لي دعائي
سيدي أنت أنت غاية قصدي * سيدي أنت أنت أقصى منائي
يا غياثا للمستغيث أغثني * جد وجدي جدا وطال عنائي
يا ملاذي يا ملجأي يا معيني * يا مغيثي يا منقذي من بلائي
يا رجائي إذ لا يرام ولا ير * جى ملاذ به يناط رجائي
بك أرجو كشف الشدائد عني * وزوال البأساء والضراء
أنت يا سيدي غفور رحيم * لا تكلني لرحمة الرحماء
بنبي فاق الخلائق فضلا * وعلي وولده الأوصياء
مفزع الناس مرجع الخلق طرا * منبع الفضل مجمع العلياء
بحر علم وطود حلم رزين * معدن الجود منهل للظماء
ان تشكك في فضل مجدهم فسأل * جميع الأعداء والأولياء
يشهدوا كلهم فأكرم بفضل * أثبتته شهادة الأعداء
حبذا حبذا وناهيك ناهيك * بفخر وسؤدد وعلاء
مدحتهم اهل السماوات والأرض * وفي الأرض شاع بعد السماء
سل ثقات الرواة إن شئت ان تسمع * عنهم غرائب الأنباء
ومجال المديح فيهم فسيح * طال فيه تسابق الفصحاء
غير أن الاعداد تقصر عنه * ان أرادوا ميلا إلى الاحصاء
كلما قلت فيهم فهو صدق * من جميل ومدحة غراء
(١٧٠)

فالأكاذيب في مديح علاهم * غير مشهورة من الشعراء
بمديحي لهم تشاغل فكري * لا بمدح الملوك والأمراء
ذكرهم عندنا يلذ ويحلو * لا غناء عن ظبية غناء
انا داع إليهم والى الله * بهم كل من أجاب دعائي
وجزائي شفاعة منهم يو * م جزائي فلينعموا بجزائي
وإبائي يزداد عند سواهم * ولدى عزهم يزول إبائي
انا عبد لعبدهم وموال * لهم أولياؤهم أوليائي
شمس مجد لهم تعالت وجلت * تخجل الشمس في سنا وسناء
بلغوا سؤددا بليغا منيعا * بارع الوصف مفعم البلغاء
اهل بيت هم سفينة نوح * وصراط النجاة يوم الجزاء
فاز من كان يهتدى بهداهم * في اختلاف الأهواء والآراء
اعلم الخلق بل إليهم تناهى * سند الناقلين والعلماء
أترجاهم لدنياي والأخرى * وهيهات ان يخيب رجائي
جدهم سابق البروق على متن * براق في ليلة الاسراء
قاطعا للعوالم الملكوتية * يمضي قدما بغير انثناء
خلف الأرض والسماوات والكر * سي والعرش خلفه من وراء
خائضا في بحار وصل وقرب * يتلألأ في روضة الآلاء
خاتم الأنبياء لكنه أضحى * اماما لسائر الأنبياء
كم صلاة كان المقدم فيها * وهم خلفه بغير إباء
أشرقت في دجى ظلام القضايا * من سنا علمهم وجوه القضاء
سطعت نارهم على كل طود * فاهتدى من رآه في البيداء
خير نار يبدو الردى والهدى فيها * لكل الأعداء والأولياء
صرعوا الكفر والضلالة لما * هاج منهم بأس لدى الهيجاء
وعناق السيوف أحلى لديهم * من عناق البيضاء والسمراء
وإذا أججت جحيم ضلال * أطفأوا نارها بغيث الداء
فرؤوس الرؤوس ودعن بالرغم * صدور الصدور يوم اللقاء
مدحهم خير قربة ظل يزري * بالعبادات أيما ازراء
كل بيت منه ببيت من الجنة * يجزى أكرم بذاك الجزاء
خبرا صادقا رواه ثقاة النقل * لم نروه عن الضعفاء
لو ظمئنا يوم الجزا لوجدنا * ساقي الحوض مرويا للظماء
هم ملاذي إذا الخطوب ادلهمت * وهم مفزعي لدى الأدواء
يتجلى عنا بهم كل خطب * وبهم يستجاب كل دعاء
انا حر رق الذنوب وأرجو * بهم ان أرى من العتقاء
كم عروس من المناقب راموها * فجاءت تسعى على استحياء
كلما جادلوا العدى أبطلوا كل * محال منهم وكل مراء
فعليهم تحية وسلام * وصلاة منا وطيب ثناء ٣٤١:
الشيخ محمد حسن آل ياسين الكاظمي.
توفي في رجب سنة ١٣٠٨ بالكاظمية ونقل نعشه حفيده الشيخ عبد
الحسين إلى النجف ودفنه في مقبرتهم التي في دارهم المعروفة.
عالم جليل فقيه متبحر ثقة ورع أنموذج السلف حسن التحرير جيد
التقرير متضلع في الفقه والأصول خبير بالحديث والرجال. كان المرجع
لأهل بغداد ونواحيها وأكثر البلاد في التقليد، انتهت اليه الرياسة الدينية
في العراق بعد وفاة الشيخ مرتضى الأنصاري، قرأ المطول على الشيخ عبد
النبي الكاظمي نزيل جبل عامل صاحب تكملة نقد الرجال وكان من
تلاميذ صاحب الجواهر وصاحب الفصول. له ١ رسالة في الطهارة
والصلاة والصوم ٢ رسالة في حقوق الوالدين ٣ ترتيب مجالس في
عزاء الحسين ع كان يقرأها في عشرة عاشوراء ٤ تعليقات على
رسائل الشيخ مرتضى وغير ذلك. وكان الشيخ جعفر الشوشتري شريكه
في الدرس ومن أخص إخوانه سافر معه إلى شوشتر في سنة الطاعون سنة
١٢٦٤ وكان مبتلى بفقد الأولاد الكبار مات ولده الأرشد الكامل الشيخ علي
سنة ١٢٨٨ بعد وفاة ولده الشيخ جعفر الذي كان من تلاميذ الشيخ
مرتضى ومات بعد زمان قليل من وفاة الشيخ علي ولده الآخر الشيخ باقر
والد الشيخ عبد الحسين القائم مقام جده ثم مات حفيده الشيخ محمد
حسين ثم الشيخ تقي ابنا الشيخ علي ثم الشيخ عبد الله ابن الشيخ باقر،
ولم يعرف منه الا الرضا والتسليم. ٣٤٢:
الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني.
ولد ضحى يوم الاثنين ١٠ شعبان سنة ٩٨٠ قال والده: وقد
نظمت هذا التاريخ عشية الخميس ٩ رجب عام ٩٨١ بمشهد الحسين
السلام هذين البيتين وهما:
احمد ربي الله إذ جاءني * محمد من فيض نعماه
تاريخه لا زال مثل اسمه * بجوده يسعده الله
له استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار عندنا منه نسخة وله معاهد
التنبيه في شرح من لا يحضره الفقيه عندنا منه قطعة. ٣٤٣:
الشيخ محمد بن حسن بن صالح بن منصور بن علي بن محمد العاملي الشهير
بالكوثراني.
له تلخيص شرح لامية العجم للصلاح الصفدي فرع منه في شهر
صفر سنة ١٢٣٠. ٣٤٤:
محمد بن الحسن القرشي البزاز مولى بني مخزوم.
قال أبو غالب الزراري في رسالته انه أخو جدة أبي غالب أم أبيه
وقال: قد روى محمد بن الحسن الحديث وكان أحد حفاظ القرآن وقد
نقلت عنه قراءة وكبرت منزلته فيها. ٣٤٥:
الشيخ محمد حسن البارفروشي المازندراني المعروف بالشيخ الكبير
الطبرسي.
من شيوخ علماء عصرنا المعمرين، من تلاميذ صاحب الجواهر. وله
منه إجازة. عالم فاضل فقيه أصولي محدث رجالي أديب له ١ نظم تتميم
الدرة في صلاة الجمعة ٢ نتيجة المقال في علم الرجال لخص فيه رجال
الشيخ محمد تقي الهروي وفرع منه سنة ١٢٨٤.

(١) مما يلفت النظر في حياة المترجم ما ورد في كتاب روح الجنان للشيخ محمد الجزائري فقد ذكر
في هامشه انه رأى المترجم في شيراز سنة الف ونيف وتسعين قال ثم جاور المشهد فزرته
بها سنة ١٠٩٩ وله حلقة عظيمه للتدريس في كتابه وسائل الشيعة وكنت أحضره مدة إقامتي
في المشهد واحتمل بعضهم ان يكون صاحب روح الجنان يعينه هو المولى محمد مؤمن
الجزائري فإنه ولد بشيراز سنة ١٠٧٤.
(١٧١)

٣٤٦: السيد بهاء الشرف نجم الدين أبو الحسن محمد بن الحسن بن أحمد بن
علي بن محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين النسابة بن أحمد المحدث بن
عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب ع.
هو السيد الاجل المذكور في أول الصحيفة الكاملة يرويها عنه عميد
الرؤساء وروى عنه جماعة غير عميد الرؤساء مثل علي بن السكون
وجعفر بن علي والد الشيخ محمد بن المشهدي والشيخ هبة الله بن نما والشيخ
عربي بن مسافر وغيرهم. ٣٤٧:
الشيخ محمد بن حسن رجب المقابي البحراني.
تلمذ على السيد ماجد البحراني وذكره الشيخ سليمان البحراني
صاحب بلغة الرجال ووصفه بالفاضل الفقيه وقال إنه أول من صلى صلاة
الجمعة في البحرين بعد فتحها على يدي السلاطين الصفوية وكان على غاية
من التقوى والورع والإنصاف يدل على ذلك أن الشيخ زين الدين علي بن
سليمان بن درويش بن حاتم القدمي البحراني تلميذ الشيخ البهائي كان
قبل تلمذه على البهائي يقرأ على المترجم فلما عاد من خدمة البهائي جعل
المترجم يحضر حلقة درسه فليم على ذلك فقال إنه قد فاق علي وعلى غيري
مما اكتسبه من علم الحديث. ٣٤٨:
الشيخ محمد بن الحسن المشهدي.
توفي سنة ١٢٥٧ عن ٧٥ سنة بمشهد الرضا ع ودفن في دار
السيادة.
عالم فاضل متتبع خبير له مؤلفات منها ١ الفيروزجات الطوسية
شرح على الدرة ٢ مرشد الخواص في حل بعض الآيات والروايات
المشكلة وفقرات الأدعية والزيارات وبيان نكاتها ٣ ترجمة طب الرضا
٤ رسالة الشرق والبرق ٥ رسالة الورد الجعفري ٦ كتاب في
أصول الفقه ٧ زبدة وجيزة في تحقيق المقادير الشرعية ٨ رسالة
كشف الغطاء عن حكم الغناء ٩ رسالة في احكام الذهب والفضة وغير
ذلك. ٣٤٩:
السيد مجد الدين محمد بن حسن بن موسى بن جعفر من آل طاوس ابن عم
السيد علي بن طاوس.
عالم فاضل جليل خرج إلى السلطان هلاكو وصنف له كتاب الثاقب
وسلم الحلة والنيل والمشهدين من القتل والنهب ورد اليه النقابة بالبلاد
العربية. قاله في عمدة الطالب. ٣٥٠:
الميرزا السيد محمد حسن بن محمود بن إسماعيل الشيرازي الشهير.
مضى بعنوان حسن بن محمود بن إسماعيل. ٣٥١:
الوزير أبو العلاء محمد بن حسول الرازي.
عده ابن شهرآشوب في المعالم من شعراء أهل البيت ع
المقتصدين وأورد بعض أشعاره الثعالبي في تتمة اليتيمة وهو معاصر للثعالبي
صاحب اليتيمة وذكره في تتمة اليتيمة في عدة مواضع منها في ترجمة طاهر بن
الحسين بن يحيى المخزومي البصري فأورد لطاهر عدة أشعار إلى أن قال:
وقوله لابي العلاء بن حسول أيده الله.
قالوا وداد أبي العلاء يحول * كالظل يقصر تارة ويطول
فسأستشف لقاءه فأميل في * وصل وهجر منه حيث يميل
فإذا دعاني بشرة قاربته * وإذا تجعد فالعزاء جميل
ومنها في ترجمة القاضي أبي بكر عبد الله بن محمد بن جعفر الاسكي
حيث قال حاكيا عن أبي الفتح محمد بن أحمد الدباوندي أنه قال كنت قلت
في صباي أبياتا منها:
كم حيلة للوصل أعملتها * وكم خداع قد تمحلته
اسر حسوا في ارتغاء إذا * ناجيت من اهوى فقبلته
فأنشدني الأستاذ أبو العلاء بن حسول أيده الله بعد مدة طويلة لنفسه
في هذا المعنى بعينه:
جذبت كفي القدائر منه * فشممنا منها نسيم العرار
ألثم الصدع والسوالف منه * احتجاجا بأننا في سرار
ومنها في ترجمة أبي علي مسكويه الخازن قال وكتب إلى أبي العلاء بن
حسول قصيدة منها:
ولقد نفضت بهذه الدنيا * يدي وحسمت دائي
ما ذا يغرني الزما * ن وقد قضيت به قضائي
أو بعد ما استوفيت عمري * واطلعت على فنائي
اصطاد بالدنيا وينصب * لي بها شرك الرجاء
هيهات قد أفضيت من * صبح الحياة إلى المساء
وبلغت من سفري إلى * اقصاه مذموم العناء
ومنها في ترجمة الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي صاحب نثر
الدرر قال وكتب إلى الأستاذ أبي العلاء هذه القصيدة الكتابية من فيروزكوه
وتجري القصيدة مجرى الكتاب:
يا كاتبي ألق الدواة * وقط حافية الاباء
إلى أن يقول:
واكتب لسيدنا صفي * الحضرتين أبي العلاء
من عبده الآبي معطيه * القياد بلا إباء
أنعم صباحا أيها ال‍ * أستاذ وانعم بالمساء
وتمل عزا دائما * مرخى له طول الرخاء
وأبلغ نهايات المنى * وتعد ارجاء الرجاء
اني كتبت وقد لوت * عضد السرور يد الثناء
فكتبت من فيروزكوه * مقر عزي وارتقائي
لثلاث عشر جزن من * شعبان يوم الأربعاء
اني انتميت إلى ولائك * فارع لي حق الولاء
ظهر اعتزازي باعتزائي * وبدا نمائي بانتمائي
وهي طويلة نذكرها في ترجمة ناظمها ان شاء الله تعالى.
(١٧٢)

٣٥٢: صنيع الدولة محمد حسن خان وزير المطبوعات ودار الترجمة في إيران ابن
علي خان اعتماد السلطنة. له المآثر والآثار في تاريخ ناصر الدين شاه القاجاري وعلماء عصره من
سنة ١٢٦٤ وهي سنة جلوسه إلى سنة ١٣٠٦ وهي سنة تصنيف الكتاب.
وله مطلع الشمس فارسي في ثلاث مجلدات كتبه بعد سفره مع ناصر
الدين شاه إلى المشهد المقدس السفر الثاني سنة ١٣٠٠ وله مرآة البلدان.
وله كتاب درر التيجان في تاريخ بني الاشكان وهم ملوك فارس
وكانت سلطنتهم في فارس أربعمائة وثمانين سنة ثم تغلب عليهم
السامانيون فانقرض ملكهم. ٣٥٣:
السيد محمد حسن بن عسكر الحسني السمناني.
كان عالما فقيها محدثا له تأليف كثيرة منها كتاب منهاج العارفين في
الأدعية كبير ورتبه على مقاصد وأبواب وخاتمة وقد طبع مرارا بإيران ألفه
باسم بهمن ميرزا ابن السلطان فتح علي شاه القاجاري وله تأليف آخر في
الفقه والحديث. ٣٥٤:
السيد ميرزا محمد جمال الدين الاخباري.
ولد يوم الاثنين في الثاني والعشرين من شهر ذي القعدة سنة ١١٧٨
بمحلة تسمى فرخ آباد من ارض الهند وقال الشرواني في كتابه بستان
السياحة: تولد في أكبر آباد الهند وأكبر آباد كانت هي العاصمة ومن
المحتمل قويا ان تكون فرخ آباد من أطراف هذه العاصمة فيصدق كلا
القولين في موضع ولادته.
اما أبوه السيد ميرزا عبد النبي فإنه ولد في نيشابور وهاجر إلى بلاد
الهند بعياله وحرمه وجده السيد ميرزا عبد الصانع ولد في أسترآباد قال هو
عن نفسه في كتاب رجاله: محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع أبو أحمد
المعروف بالمحدث الاخباري الاسترآبادي جدا النيشابوري والدا الهندي
مولدا المشاهدي نزلا.
وفي سنة ١١٩٩ حج البيت الحرام بصحبة أبويه وفي طريق رجوعه
توفي والده و بعد وفاة والده توفيت والدته.
وفي سفره هذا زار العتبات المقدسة وجاور زمنا في النجف وفي كربلاء
ثم اضطر لمغادرة العراق والهجرة إلى البلاد الإيرانية في أيام دولتي محمد شاه
وفتح علي شاه القاجاريين واستوطن المشهد الرضوي ثم اضطر للعودة إلى
العراق فجاور في الكاظمية زمنا، وكان يدعو للرأي الاخباري فحدثت
احداث أدت إلى مقتله ومقتل ولده الكبير السيد احمد ومقتل أحد تلاميذه
وذلك سنة ١٢٣٢.
مؤلفاته
له كثير من المؤلفات منها: ١ تسلية القلوب الحزينة يقع بعشر
مجلدات ضخمة ٢ الحق المبين والنهج المستبين ٣ كتاب في الرجال
٤ دوائر العلوم ٥ منية المرتاد ٦ ذخيرة الألباب وبغية الأصحاب
٧ التقويمات والتعديلات ٨ أشجار العلوم ٩ مصادر الأنوار
١٠ فتح الباب ١١ معاول العقول لقلع أساس الأصول وهو رد على
كتاب أساس الأصول للسيد دلدار علي الهندي ١٢ ديوان شعر عربي
كبير وديوان آخر فارسي.
أساتذته
السيد مهدي بحر العلوم وصاحب الرياض والشيخ موسى البحراني
والسيد محمد مهدي الشهرستاني والآقا محمد علي نجل الآقا محمد باقر.
أولاده
كان له ولدان أحدهما قتل معه وهو ولده الكبير وقد ترك هذا ولدين
هربت بهما أمهما حتى أوصلها الهرب إلى سبزوار موطن أهلها وقومها، ومن
نسله جماعة يستوطنون العاصمة طهران وشاروط وغيرها. وفي إيران
يعرفون بفاميل اخباري اما ولده الثاني الميرزا علي فقد اختفى يوم قتل والده
ثم استطاع ان يهرب حتى انتهى إلى قرية من قرى مدينة العمارة كان
أهلها يرون رأيهم وبقي هناك زمانا طويلا ثم اخذ ينتقل من قرية إلى أخرى
حتى استقر امره في قرية من قرى لواء المنتفك تسمى السورة في محلة منها
تدعى الآن جماعة المؤمنين.
وتعرف هذه الأسرة الآن في العراق بال جمال الدين. ٣٥٥:
الميرزا محمد حسن الرضوي المشهدي المعروف بحاجي مجتهد ابن الميرزا
محمد معصوم ابن السيد محمد الرضوي.
توفي في شعبان سنة ١٢٧٨ في المشهد المقدس ودفن في المسجد الذي
وراء الحرم.
في الشجرة الطيبة: السيد الجليل والحبر المعتمد النبيل شمس
الفضل المستوي على عرش الكمال وقمر الفخر السابح في فلك السؤدد
والجلال الذي لا تحصى صفاته بتعداد ولو أن الشجر أقلام والبحر مداد
العالم الممتحن والفقيه المؤتمن الميرزا محمد حسن الرضوي المعروف بحاجي
مجتهد. وفي فردوس التواريخ: تلمذ في أوائل أمره على أبيه ثم ذهب إلى
أصفهان فقرأ على الشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم حتى وصل درجة
الاجتهاد ثم جاء إلى كربلا فقرأ على السيد محمد المجاهد ثم رجع إلى
المشهد المقدس وصار له بعد أخيه مرجعية عامة ورياسة تامة وله اهتمام تام
في الأمور الشرعية وترويج الاحكام وكان لا يعاشر الحكام وتلمذ عليه
جماعة من العلماء الربانيين وارتقوا في درجات العلم والعمل مثل حجة
الاسلام ميرزا نصر الله والعلامة الفهامة ملا محمد صادق النيشابوري وآقا
ميرزا بابا السبزواري وغيرهم وقرأت عليه مدة سنتين ولم يقصر في تربيتي
وتشويقي واهتم في ترويجي وشيوع مؤلفاتي وكتب تقريظا على كتاب ذخيرة
المعاد بخطه وكان الباعث على ترويج ذلك الكتاب وباقي مؤلفاتي وفي أوائل
فتنة سالار ومحاصرة المشهد المقدس نصحه مرارا هذا السيد الجليل وأرشده
فلم يؤثر فيه ولم ينصرف عن طريق لجاجه حتى ضاق به الامر فالتمس من
السيد ان يشفع له فذهب مع جماعة من أصحابه إلى جهة المعسكر فاحترموه
كثيرا ولكن حيث كان هذا الصلح باعتقاد السيد غير موافق للمصلحة توجه
من هناك إلى العراق وبعد فتح المشهد وسكون الفتنة رجع وعاد إلى ما كان
عليه اه‍.
(١٧٣)

٣٥٦: السيد الميرزا محمد حسن الرضوي المشهدي ابن الميرزا محمد محسن ابن
ميرزا إبراهيم الناظر ابن محمد رضا بن محمد بن محمد مهدي الشهيد بن
محمد إبراهيم بن محمد بديع وباقي النسب مذكور في الأخير.
ولد يوم الجمعة ٢٠ المحرم سنة ١٢٥٠ وتوفي في ليالي الاحياء من
شهر رمضان سنة ١٣٢٩ بالمشهد الرضوي ودفن مما يلي الرجلين.
في الشجرة الطيبة: سيد جليل الشأن عظيم المقام ترجمة الرحمة
الرحمانية وآية الرأفة السبحانية أسوة أصحاب القدس والنهي وصاحب
مراتب الزهد والتقوى كشاف رموز الحقائق مفتاح كنوز الدقائق سيد العلماء
المحققين سند الفقهاء المدققين جامع المعقول والمنقول مستنبط الفروع من
الأصول مولانا وسيدنا الممجد المؤيد الممتحن الميرزا محمد حسن الرضوي
وصل في العلوم النقلية والشرعية إلى الدرجة القصوى والمرتبة العليا حتى
تولى امر القضاء والفتوى وامامة الجماعة زاهد ورع حسن الاخلاق والطباع
لم يخطر بباله تحصيل المال ومع انه من اهل بيت رياسة وجلالة وقوم ورثوا
المجد لا عن كلالة فقد كان خاضعا متواضعا كافا نفسه عن المناصب
والاعراض الدنيوية واما أدبه فروض تبسمت أزهاره وجرت بسلسبيل
الفصاحة أنهاره تحسده النثرة بنثره وتغبطه الشعرى بشعره نظم أغلب قواعد
العربية والمسائل الفقهية وأصول الشيخ مرتضى الأنصاري بالنظم الرائق.
يقضي نهاره بترويج الشرع المطهر واعلاء كلمة الدين وإغاثة الملهوفين. ٣٥٧:
الشيخ محمد حسن ابن الشيخ محمد علي آل محبوبة النجفي.
توفي سنة ١٣٠٦ بالنجف ودفن في وادي السلام.
كان عالما فاضلا أدبيا شاعرا وكان يجيد النظم باللغة العامية المواليا
قرأ على صاحب الجواهر والشيخ مرتضى الأنصاري. ومن قصيدة له يمدح
بها المختار بن أبي عبيدة الثقفي على اخذه بثار الحسين ع يقول
فيها:
أنخ المطي بساحة المختار * هي ساحة الليث الهزبر الضاري
قرم كساه الله أفخر حلة * بيضا تجلببها بأخذ الثار
فشفا قلوب بني البتول وحيدر * وقلوب شيعتهم مدى الأعصار ٣٥٨:
الأمير محمد حسن علي خان ابن السلطان مير محمد نصير خان ملك السند
له تحفة المسلمين والرزية الكبرى. ٣٥٩:
الحاج محمد حسن بن الحاج محمد صالح كبة البغدادي.
ولد في شهر رمضان سنة ١٢٦٩ في الكاظمية، ولما شب شجع والده
فيه ميوله العلمية والأدبية وفرغه للدرس وأحاطه بجماعة من العلماء
والأدباء والشعراء فدرس اللغة وقواعدها وغيرها من المقدمات وانصرف إلى
النظم والنثر فكانت له مساجلات أدبية وشعرية مع كثير من الأدباء
والشعراء كالسيد محمد سعيد الحبوبي والشيخ جعفر الشروقي وغيرهما من
فضلاء عصره، وأكثر ما كان يقع ذلك في قصر أسرته جنوبي بغداد وكان
ذلك القصر بمثابة ندوة أدبية يؤمها الداني والقاصي من اهل الفضل والأدب
وكان موقع ذلك القصر على الضفة الشرقية لنهر دجلة حيث الحدائق الغناء
والرياض الفيح والجو الرائق الطلق مما يلهم الشعور الحي والخيال
السامي.
ولما توفي والده وخلف وراءه التجارة الواسعة والأموال الطائلة
والعقارات الكثيرة كان الحاج مصطفى شقيق المترجم منشغلا بمركزه الاجتماعي عن الاشتراك بتدبيرها مفوضا امر ذلك إلى أخيه المترجم فنشط
إلى إدارة ذلك المدار الواسع وهو لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره وكانت
تجارتهم إذ ذاك تمتد إلى أمهات الحواضر التجارية كلندره ومنشستر وكلكته
وبمباي وأصفهان وهمذان ودمشق وحلب وغيرها من الحواضر، وكان يمارس
تلك الشؤون بمفرده نحوا من عشر سنين ولكن نزعته الملحة إلى العلم
والأدب كانت تتغلب عليه وتجذبه إلى تلك الحياة الحافلة، وكان امر
تجارتهم قد ارتبك وانتهى الحال إلى اعتزال المترجم التجارة وتفرغه إلى طلب
العلم وهجرته إلى النجف سنة ١٢٩٩. وقد أقام في النجف حتى سنة
١٣٠٦ وفي هذه السنة هاجر إلى سامراء حيث انتقل المركز العلمي إليها على
عهد الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي وكان من المستفيدين من بحثه
ويحضر في نفس الوقت بحث كل من الميرزا محمد تقي الشيرازي والسيد
محمد الأصفهاني وبعد وفاة الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي سنة ١٣١٢
اختص ببحث الميرزا محمد تقي الشيرازي وأمضى في سامراء ٢٩ سنة كان
مجدا خلالها في التدريس والتصنيف وكان مجلس تدريسه حافلا بطلاب
العلم وقد تخرج عليه كثير من الفضلاء وانصرف إلى الكتابة والتأليف حتى
بلغت مؤلفاته الخمسين مؤلفا وهي محفوظة بتمامها عند نجله الشيخ محمد
مهدي كبة.
شعره
يبلغ مجموع شعره نحوا من عشرة آلاف بيت وجل شعره غير مطبوع
الا ما نشر في العقد المفصل وفي ديوان السيد محمد سعيد الحبوبي وفي
ديوان السيد حيدر الحلي. قال:
لئن أسلمتني في النوائب عصبة * فلا ارضها ارضي ولا دارها داري
وان غدرت بي عند معترك الأسى * فلا لام الا نفسه كل غدار
وان خذلتني الا عبد السود خسة * فما ضائري والسادة البيض أنصاري
ولا غرو ان خاف الزمان بفرده * فقد عاد حامي الجار والملتجي جاري
علي أمير المؤمنين ومن لنا * سواه يجير المذنبين من النار
وقال:
أذاقتني النوائب كاس صاب * ولم تحفظ من العليا مكاني
وأسلمني الزمان وكان طوعي * وأصبح وهو منقلب العنان
وكان يرى لشخصي دون غيري * مكانا لا يدانيه مداني
وما بالمرء منقصة وعيب * إذا نهشته أنياب الزمان
وأي خسارة والربح دين * قويم لم يشنه لسان شاني
وقد وجد بخط يده هذان البيتان ووقع اسمه تحتهما ثم شطب عليه
واستغفر الله واعتذر انها فلتة من فلتات نفسه:
تتبعت اثار الأنام فلم أجد * هنالك الا الغادر المتلونا
فما لك الا ان تسئ فإنما * تسئ إليك الناس ما دمت محسنا
وقال وهي أوليات نظمه:
عج بالحمى فالقلب عند معاجه * حيران بين شعابه وفجاجه
ساروا فسار وعرجوا حيث الحمى * فحلا له التعريس عن إدلاجه
زجوا الركاب إلى العذيب وبينهم * روحي مرفرفة على أحداجه
(١٧٤)

فسل الركاب بدمع عين سائل * عمن يحوم عليه في منهاجه
وإذا بدا لك والهلال نقابه * قمر فؤادي كان من أبراجه
فتخال ما بزجاجه في خده * وتخال ما في خده بزجاجه
فاخلع فؤادك عند واد لم تزل * يقرشنه الحدقات عن ديباجه
قبس لرب الحسن قد آنسته * في الخد يا قلبي الكليم فناجه
خد تموج فيه ماء شبابه * فتوارت الأحشاء في أمواجه
يغنيك عنبر خاله عن مسكه * أرجا وحق نهوده عن عاجه
اخذ الفؤاد بذي الأثيلة عنوة * ظبي يصيد الليث عند هياجه
وقال وهي من أوليات نظمه أيضا:
سرحت في ذات الأراك نواظرا * روضن بالعبرات سرحة نجدها
وأنلت جائلة الوشاح تحية * نمت بسر الصب نفحة ندها
ما ضرها وانا القتيل بحبها * لو أنها منت علي بردها
خود تمانعني سلافة ثغرها * أتذاد حائمة القطا عن وردها
ومنازل بين الأجارع شفني * مر النسيم بشيحها وبرندها
هاجت بلابل ساكنيها صبوة * فاهتاج من كبدي حرارة وقدها
وقال يرثي الشيخ احمد ابن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر:
لعبت بك الأيام في نكباتها * ورمت فاصمت منك اي مقاتل
سلبتك انسانا لعيني فلتصب * ابدا عليه بدمع عين سائل
ما ذا تروم من السؤال عن الحشا * هو ذاك بين صفائح وجنادل
نزعت يد الحدثان منك حشاشة * ما ان عرفت لها سجية باذل
ما ذا وقوفك بالديار وأهلها * ما بين شارق عبرة أو راحل
زجوا الرواحل للمسير ولم أسر * ومن الوفاء بان أزج رواحلي
ساروا فاتبعت الحمولة عبرة * حرى تحدث عن سعير بلابل
مستبدلين أحبة بأحبة * ومقايضين منازلا بمنازل
فغدوت أغتبط المنازل حيرة * لا أستطيع سوى تلفت ذاهل
لله صبري كم تسعر لاعجي * في النائبات وكم تحمل كاهلي
ولكم بليت من النوى بمنكد * ولكم شغلت من الخطوب بشاغل
وكأنني لم أزر عند فصاحتي * وندى يدي بطئ وبوائل
يا دهر ما لك لا تمل عداوتي * حتى ظفرت بحز كل مفاصلي
وقلبت لي ظهر المجن ولم تكن * ترعى حقوق أواخري وأوائلي
أفهل تراتك عند حامية العلى * حتى فتكت بكل أصيد باسل
منيت نفسي ان تفوز بأحمد * طول الحياة فما ظفرت بطائل
وطويته هو والهدى في حفرة * أرجت بنشر فضائل وفواضل
ما كنت احسب ان أوسد مهجتي * بيدي وامسح عبرتي بأناملي
يا موردا عذبت مناهل فضله * من بعد فقدك ما عذبن مناهلي
أظلمن بعدك وانقطعن وخاب ما * أملت فيك مسالكي ووسائلي
ما كان اقصر عمر وصلك بالحمى * أفهل تعود كما عهدت مواصلي
غصن نمته يد الشريعة رائقا * غضا فأثمر بالنهى المتكامل
فجنى عليه الدهر قبل اوانه * وذوي فغودر اي غصن ذابل
فلأصبغن عليه من دم مقلتي * ما ان بقيت مدارعي وغلائلي
ولأحرمن من الرقاد نواظرا * مقروحة لا تستفيق لعاذل
انا والسلو وما السلو بحاجتي * كالراء قاطعها الزمان وواصل
ان يحمد الصير الجميل فإنني * عنه برحلة احمد بمراحل
ساروا بنعشك والقلوب تزفه * كزفيف حائمة القطا لمناهل
شخصوا بأبصار إليك مروعة * لم تذر غير هوامع وهوامل
لله يومك كم ابان عن العلى * شرفا وكم أودى لها بفضائل
فغدت تجز من الكآبة شعرها * بمدى وتلطم خدها بأنامل
بشرى لأحمد ان ذكر ثنائه * حتى يقوم الناس ليس بخامل
لم ينس من صعدت مراتب علمه * كالشمس تبعد عن يد المتناول
ما كنت متخذ القريض صناعة * تعزى إلي لدى انعقاد محافل
بل حين أحشائي عليك تقطعت * أسفا تولت نظمهن مقاولي
ولي السلو بان ربعك بالحمى * بزعيم قومك اي ربع آهل
المفرد العلم العلي مقامه * علما علا بتفي ولطف شمائل
هو طود حلم ما له من غاية * وخضم علم ما له من ساحل
وبأخوة الشرف الذين بمثلهم * جمع الزمان شتات فضل الفاضل
وسقى ضريحك من سحائب لطفه * ما ترتضيه ذريعة في الآجل
وقال وأرسلها إلى السيد عباس ابن السيد محمد ابن السيد جواد
صاحب مفتاح الكرامة العاملي جوابا عن قصيدة كان أرسلها اليه يهنئه
بعرسه فكتب اليه الحاج محمد حسن كتابا وضمنه هذه القصيدة:
نبت الروض من دموعي الذوارف * إذ شجاني في الدوح سجع الهواتف
ذكرتني مورد الخد غض ال‍ * جيد مر الصدود حلو المراشف
راقني منه مرسلات جعود * بين قاني خدوده والسوالف
فلو اني لم اخش تلك الأفاعي * كنت من ورد خده الغض قاطف
عكف الحسن والدلال عليه * والتصابي باد عليه وعاكف
لاذ بالمستجار من وجنتيه * منه خال بكعبة الحسن طائف
يامن الناس به إذا ما استجاروا * وفؤادي مروع منه خائف
يا رشيقا قد راق للعين حتى * ما عليه من ناعمات المطارف
فترفق بالمستهام فاني * جئت مستعطفا بلين المعاطف
يا فؤادي دع عنك ذكر غزال * شانه الدل للصدود محالف
واذكرن عهد سيد ألمعي * بهر الناس بالحجى والمعارف
يا أبا الفضل قد تساميت فضلا * ولسان الثنا بفضلك هاتف
حار وصفي في كنه فضلك يا من * بمزاياه لم يحط وصف واصف
ان أقل فاضل فما الفضل الا * لك عبد للامر عندك واقف
أو أقل حاتم الندى فأياديك * ندى عمت الورى بالعوارف
انما حاتم وان فاض جودا * هو بالجود من بحارك غارف
وحداة المطي بذكرك غنت * وتحلت بالمدح فيك المصاحف
رد لي عهدك القديم بمغنى * ألبسته يد الربيع مطارف
وضلوعي انحنت على جمرات الشوق * والطرف من دم القلب راعف
وله:
لك قامة تدعى بصعده * وحسام لحظ ما أجده
جدلت في حديهما * مضنى يكابد فيك وجده
حيران مسلوب القوى * كلفا لديك أضاع رشده
فسل الحمى عن وجده * إذ كابد الزفرات وحده
(١٧٥)

وله:
هل سلا عاشق سواي فأسلو * والتأسي في شرعة الحب يحلو
لا وإلفي ما راق عيني الا * أعين تخجل ألمها وهي نجل
هي مرضى وما بهن سقام * وهي كحلا وليس فيهن كحل
زججت حاجبا لنا وهو قوس * ورمتني بلحظها وهو نبل
يا حبيبا أدال صدغيه حسن * وقضيبا آمال عطفيه دل
رشق قلبي بسهم لحظيك جور * واقتطافي من ورد خديك عدل
ووصالي ان كان عندك صعبا * فحمامي مذ بنت عني سهل
وله مكاتبا السيد حيدر الحلي:
ناديت من سلب الكرى عن ناظري * فتجلدي بقطيعة وفراق
أمناي أنت القلب بين جوانحي * حقا وأنت النور في أحداقي
هلا ترق لمغرم متجلبب * برد العفاف رمية الأشواق
فحشاشتي ذابت عليك صبابة * والعين ترعف بالدم المهراق
ان كنت فردا في الجمال فإنني * فالله فيك لواحد العشاق
وانا الأثيل المجد بدر سما العلا * فرع المكارم طيب الأعراق
فإذا الملا اضطربت بها آراؤها * لعظيمة كشفت لهم عن ساق
أهديهم نهج الصواب بفكرة * كالشمس مشرقة على الآفاق
وإذا السنون تتابعت أوليتها * من راحتي بوابل غيداق
وإذا الوغى ازدحمت أذقت أسودها * طعم الحمام على متون عتاق
وله وقد عزم على السفر إلى النجف والمجاورة فيه:
وقائلة وأدمعها استهلت * غيوث دون وابلها غيوث
رحلت فمن تؤمل قلت مولى * اليه يحمد السير الحثيث
فقالت كيف تدرك ما تمنى * وركب النجح يسرع أو يريث
فقلت بكفو فاطمة استغثنا * فقالت لي أجل نعم المغيث
فمن لربوع مجدك قلت اهل * لأن تحمي عرينتها الليوث
وله:
ما لقلبي تهزه الأشواق * خبرينا أهكذا العشاق
كل يوم لنا فؤاد مذاب * ودموع على الطلول تراق
عجبا كيف تدعي الورق وجدي * ولدمعي بجيدها أطواق
كم لنا بالحمي معاهد انس * والصبا يانع الجنا رقراق
يا لظعن به النياق تهادى * نهنهي السير ساعة يا نياق
فبأحداجك استقلت ظباء * آنسات بيض الخدود رقاق
فارحمي يا أميم لوعة صب * شفه يوم ذي الأثيل الفراق
كاد يقضي من الصبابة لولا * ان تحاماه في الوداع العناق
وله:
وقهوة طاب من أرواحها عبق * فلذ مصطبح منها ومغتبق
كالشمس تعبث بالنادي أشعتها * إذ لاح من وجنة الساقي لها شفق
عنيت صهباء قد شيبت بريقته * أو التي من دجى ظلمائها الغسق
من كف ساق ولكن من لواحظه * وما ارق مداما كأسها الحدق
أرخى على الأبلج القاني غدائره * فالليل منسدل والصبح منفلق
يا جيرة الحي من نجران ما ذرفت * عيناي الا وشبت في الحشى حرق
سقيا لدارك من دار أرقت لها * وأين مني لولا عهدها الأرق
وكان له مع بعض إخوانه محاورات شعرية ارتجالية كثيرة منها ما نظمه
السيد حسين ابن السيد راضي البغدادي المعروف بالقزويني:
فدع عنك السلافة ليس شئ * اعل لغلتي من شرب قهوة
أدرها واسقنيها لا دهاقا * ولكن حسوة من بعد حسوه
فأجابه المترجم ارتجالا:
فوا عجبا لمثلك أريحيا * يشف لطافة ويرق صبوه
تبيع سلاف ريقتها المصفى * بأجنة تسميها بقهوه
على أن السلاف وان عداها * فمي كرما لتعطي الروح نشوه
وتلك وويل تلك ومن حساها * تزيد ملالة وتقل شهوه
هلم نحكم الخريت فينا * فذاك السيف لا تعروه نبوه
وأراد بالخريت الشيخ جعفر الشروقي وكان ممن حضر المجلس
فقال:
عجبت وأنتما ماء وخمر * قد استرضعتما در الاخوة
فكيف يبين بينكما خلاف * برشف سلافة راقت وقهوه
عذرتكما عليه فكل صب * تميل به لمن يصبيه صبوه
أجل والشرك في المحبوب شرك * ابته غيرة حمدت ونخوه
ولكني إذا حكمتماني * سعيت لذاك بين صفا ومروه
أرى ما زفها الساقي عروسا * سلافا زف أو قد زف قهوه
فان تكن السلافة فهي روح * وجدت لروحها فرحا ونشوه
وان تك قهوة كالمسك فاحت * فمن يده وان مرت لحلوه
وما ذهب السواد لها بشئ * فان الخال زاد الخد حظوه
فسل كم قد بلونا الكاس منها * وقد رشفت لمى المحبوب بلوه
وأي أخي هوى قد رق طبعا * يذم لراح خمر الريق جلوه
ومن ذلك ما كتبه اليه السيد محمد القزويني الحلي على لسان أخيه
الحاج مصطفي كبه وكان إذ ذاك في الحلة:
لقد سحرتني بابل فاستمالني * هواها عن الزوراء من حيث لا أدري
فلو لم تكن فيها هجرت لاجلها * عيون ألمها بين الرصافة والجسر
فأجابه المترجم:
أ تسحر مثل المصطفى ارض بابل * وان كان فيها ثالث الشمس والبدر
وهذي عصى موسى أخيه بكفه * تبدت فما أبقت لبابل من سحر
وقال معاتبا السيد كاظم الأمين وذلك في أوائل رحلته إلى النجف:
عذرتك لم أعدد جفاءك هفوة * وحاشاك إذ كنت الكريم المسددا
ولكن دهرا حاربتنا صروفه * حري بان لا يترك الود سرمدا
فأجابه بقصيدة تبلغ الأربعين بيتا منها:
الا من عذيري من أغر مهذب * كريم المساعي طيب وابن طيب
يعاتبني جدا ويعلم انني * بشرع الهوى والود لست بمذنب
منها:
وما ظاهري في الناس الا كباطني * سجايا كريم عن أب وأبي أب
لحى الله من لم يرع للود ذمة * وحم له طول الجفاء والتجنب
(١٧٦)

ويختمها بقوله:
فدم يا ابن حي المكرمات مواظبا * على العلم مرتادا لأشرف منصب
تروح وتغدو في لباس من التقى * بأنعم عيش في الغريين محصب
وقال:
الوجد منصرم والعيش مقتبل * والدهر يقطع ما استبقاك أو يصل
يا شانئون أديموا الحقد أو فدعوا * لنا بغر المعالي عنكم شغل
لستم باكفاء أقوام إذا ذكروا * بفضلهم في البرايا يضرب المثل
ابن الفرات من الملح الأجاج إذا * قيسا وابن السيارة الوشل
منا الكرام وفي نعمائنا انكشفت * دجى الخطوب وفي أسيافنا الاجل
منها:
ما أنت والسيف فاستبق الحلي حلما * والسيف يقطع ان وافى به الرجل
وما الهجين بمرخى من أعنته * دون الهجان فلا يخلط بك الخبل
عجيبة وزماني كله عجب * رام الذباب محلا دونه زحل
وقال:
إلى وادي الأبيرق من غراف * رحلت العيس تجتاب الفيافي
ولولا من بساحتها أقاموا * لما نظمت شاردة القوافي
ولولا من بساحتها لعفنا * ركوبة كل ناشطة فيافي
يطير لوكرها قلبي ولكن * يطير بلا قوادم أو خوافي
ولو شرع الهوى حجا لأضحت * مخصصة لحجي واعتكافي
وكان لربعها مسعاي شوقا * وفي اكناف دارتها مطافي
وفي الأثلاث من وادي زرود * حبيب لا ينيل ولا يوافي
يجرعني الأجاج الرنق صدا * ويحسب انه الخل المصافي
منها:
لعمر أبيك ليس الشعر فني * وان سارت بمدحتي القوافي
سل الضيفان عن اهلي وعني * وسلهم عن قراي وعن صحافي
وسلهم عن قدور راسيات * بحيث شمام ثالثة الأثافي
فبيتي ذاك مفزع كل ووفد * وملجأ كل منتجع وعاف
وقال يرثي الميرزا الشيرازي من قصيدة:
على من أقيمت في السماء المآتم * وهدت من الدين الحنيف القوائم
ومم علت في الخافقين عجاجه * بها الكون مغبر الجوانب قاتم
وعن اي امر زعزع الدهر قارع * وراع الهدى صدع إلى الحشر دائم
وما للورى كل تراه من الأسى * بليل سليم ساورته الأراقم
وما للنفوس المطمئنات فزعا * من الرعب لم تملك عليها الشكائم
منها:
وما ثاكل قد خامرتها نوائب * بأحشائها من لفحهن سمائم
قريحة أجفاف سرين باهلها * رمال المنايا لا المطي الرواسم
نعت أربعا نافت قديما على العلى * فأودت وأقوى عهدها المتقادم
تروح وتغدو لا الحمى ذلك الحمى * ولا العيش ذاك العيش أرغد ناعم
بأنكى فؤادا من بني العلم إذ نأى * حمى العلم عنها فالعلوم يتائم
منها:
أ جوهرة الدين القويم الذي بها * علت شرفا فوق الرؤوس العمائم
رحلت ولم ترحل مكارمك التي * إذا نعتوها قيل هذي المكارم
ومنها:
أ مولاي ما للشعر ربتني العلى * ولم يرض ان يعزى إلى الشعر عالم
ولكن شظايا لوعة قد كتمتها * فنم لساني بالذي انا كاتم
وقال يرثي الشيخ عباس الجصاني أستاذه:
أوشك الصخر لوجدي ان يذوبا * كيف لا احتقر الدمع السكوبا
اخذت مني النوى ما اخذت * وشجاني صائح البين نعيبا
أبعد الركب بمن أهواهم * ولقد كان بهم عهدي قريبا
وخلي بات يستخبرني * والجوى دب بأحشائي دبيبا
أ فهل ودعت لذات الهوى * فاستفزتك نحيبا ووجيبا
أم تذكرت عهودا للصبا * حيث صافيت به العيش الرطيبا
لا بل استأصل آلاف الحمى * حادث لم يبق لي منهم نصيبا
جيرة قد واصلونا زمنا * طاب حتى لم نشم وجها قطوبا
منها:
يا أبا الفضل الذي قلده * من صلاحات النهى حسنا وطيبا
ان يوما نابني ما نابني * فيك قسرا كان لي يوما عصيبا
واقتضينا كل ما نأمله * من لبانات بها نجلو الخطوبا
وقال يرثي الحسين ع:
عجبا وتلك من العجائب * والدهر شيمته الغرائب
ويل الزمان وقلما * يصفو الزمان من الشوائب
ما أنت الا آبق * يا ذا الزمان فمن أعاتب
فلكم وكم من غدرة * أوليتها الشم الأطائب
أفهل تراتك عند حامية * الذمار بها تطالب
ان الشهيد غداة يوم * الطف انسانا المصائب
لم انس ساعة أفردوه * يصول كالليث المحارب
قرم رأى مر المنون لدى * الوغى حلو المشارب
فبرى الرؤوس بسيفه * بري اليراع لخط كاتب
فالأرض من وثباته * مادت بهم من كل جانب
حيث التلاع البيض * من فيض الدما حمر خواضب
فرد يروع الجمع ليس له * سوى الصمصام صاحب
منها:
من للرعيل إذا تزاحمت * الكتائب بالكتائب
من ذا يرد إلى الحمى * تلك المصونات الغرائب
من يطلق العاني الأسير * مكبلا فوق النجائب
أين الغطارفة الجحاجح * والخضارمة الهواضب
أين الألى بوجوهها * وسيوفها انجلت الغياهب
أم أين لا أين السراة * المنتمون علا لغالب
منها:
(١٧٧)

سرت الركائب حيث لا * تدري بمن سرت الركائب
تسري بهن اليعملات * حواسرا والصون حاجب
وغرائب بين العدى * يشجونهن بدت غرائب
هتفت بخير قبيلة * من تحت أخمصها الكواكب
قوموا عجالا فالحسين * ورهطه صرعى ضرائب
قطعوا له كفا على * العافين تمطر بالرغائب
منعوه عن ماء الفرات * وقد أبيح لكل شارب
لا اضحك الله الزمان * ووجه دين الله قاطب
وله أراجيز عديدة أهمها وأطولها رحلته المكية التي تبلغ ألف بيت وله
أرجوزة نظمها في أوائل هجرته إلى النجف الأشرف وذلك في احدى زياراته
لكربلاء المشرفة على طريق ماء الفرات وكان معه الشيخ محمد علي الحر
العاملي والشيخ محمد شرارة العاملي والشيخ باقر مروه العاملي في سنة
١٣٠١ يقول في مطلعها:
يا رب يوم هو أصفى يوم * أحسن وقعا من لذيذ النوم
سرت على اسم الله فيه من حمى * حامي الحمى ميممين الحرما
بل بقعة ما البيت الا دونها * وتربة كل الملا يرجونها
فرحت اختال ارتياحا ومعي * من صفوتي كل نبيل لوذعي
منها:
سرنا على حراقة وابن الصبا * يخفق كالقلب إذا ما طربا
تزفنا إذ ذاك نسمة السحر * بزورق أسرع من لمح البصر
فلم نزل حتى إذا الليل دجى * ثانية فزنا بتحقيق الرجا
ملاحظين قبة ابن المرتضى * حيث بها نور الهدايات أضا
في بقعة تعرف بالهندية * أصفى من الصفيحة الهندية
منها:
فلاح فجر ببياض كاليقق * وساق سيف الصبح أجناد الغسق
هناك حاز القائمون فضلها * مراقبين فرضها ونفلها
مؤلفاته
١ المواقيت للصلاة مبسوطا في عشرة آلاف بيت ٢ المواسعة
والمضايقة مبسوطا ٣ صلاة الجماعة ٤ صلاة المسافر ٥ شرح
كتاب الصوم من ارشاد العلامة ٦ كتاب الحج من الدروس لم يتم
٧ حاشية على المكاسب أكثر من عشرين ألف بيت ٨ حاشية على
الوسائل أكثر من ستة عشر ألف بيت ٩ حاشية أخرى على الوسائل
١٠ حاشية على قاعدة من ملك ١١ حاشية على معالم الأصول
١٢ حاشية على الفصول إلى آخر تعريف الفقه ١٣ حاشية على
المدارك ١٤ رسالة في وجوب مقدمة الواجب المشروط لو علم بحصول
الشرط بعد العجز عنها ١٥ الوجيزة في الصلاة في غير المأكول والمشتبه به
١٦ رسالة في جواز الصلاة في المحمول المتنجس ١٧ رسالة في
استحباب الأذان والإقامة ١٨ رسالة في بيع أم الولد ١٩ رسالة في
قاعدة ما يضمن بصحيحه ٢٠ رسالة في الاجتزاء بالوضوء الناقص بعد
زوال العذر ٢١ رسالة في حجية الظن في عدد الركعات ٢٢ رسالة
في سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة ٢٣ رسالة في تكرار العبادة احتياطا
٢٤ رسالة في الوطن الشرعي ٢٥ رسالة في عقد المريض
٢٦ رسالة في منجزات المريض ٢٧ رسالة في الصيد والذباحة
٢٨ الرسالة الرضاعية ٢٩ رسالة في المطلق والمقيد ٣٠ رسالة في
حد الكراهة في الخلع ٣١ رسالة في مديون لم يعلم وارثه بأداء دينه
٣٢ شرح حديث معايش العباد ٣٣ رسالة في حجية الاستصحاب في
غير الشك في المقتضي ٣٤ رسالة فيمن اقرض المستحق وبعد تلفه
يحتسبه عليه ٣٥ رسالة في موت الراهن قبل الاقباض ٣٦ رسالة في
حجية حكم الحاكم في الموضوعات ٣٧ رسالة في الاقرار بملكية شئ لأبيه
ودعوى ملكيته بعد موت الأب بناقل ٣٨ رسالة في أواني الذهب والفضة
٣٩ رسالة في أصول الدين ٤٠ الفوائد الرجالية في كراسة ٤١
جوابات مسائل سألها الشيخ مهدي الخالصي في حكام التقليد ٤٢
جوابات مسائل كتبها بامر الميرزا الشيرازي. ٣٦٠:
الشيخ محمد بن الحسن بن محمد الخطي الشاطري البحراني.
له كتاب البستان في فضائل خيرة الرحمن أمير المؤمنين ع. ٣٦١:
الشيخ محمد حسن ابن الشيخ محسن بن إسماعيل بن محسن الدزفولي.
توفي في شعبان سنة ١٣٢٩.
كان عالما فقيها أصوليا أمه أم اخوته العلوية أخت السيد إسماعيل
الصدر الموسوي خلف الشيخ محمد باقر المتوفى سنة ١٣٥٦ والشيخ محمد
حسين. ٣٦٢:
الشيخ محمد حسن ابن الحاج معصوم القزويني الحائري.
توفي سنة ١٢٤٠.
قرأ على الوحيد البهبهاني ويروي بالإجازة عنه وعن بحر العلوم
وأطراه بحر العلوم اطراء بليغا. له رياض الشهادة في مصائب السادة
ومختصره ونور العينين وملخص الفوائد السنية ومنتخب الفرائد الحسينية وهو
تلخيص الفوائد الحائرية للبهبهاني لخصه في ٨٠ فائدة وشرحه وسماه
تنقيح المقاصد الأصولية. وله كشف الغطاء في الاخلاق ومصابيح الهداية في
شرح البداية للحر العاملي وله كتاب الغرة الغراء وجدت منه نسخة مخطوطة
في طهران في مكتبة شريعتمدار الرشتي فرع منها مؤلفها ضحوة يوم الاثنين
١٢ شوال سنة ١٢١٠ وله كتاب في فوائد أصولية وفقهية فرع منه ٢٤
جمادى الأولى سنة ١٢٠٢ وجدنا منه نسخة مخطوطة في طهران في مكتبة
شريعتمدار الرشتي أيضا. ٣٦٣:
الشيخ محمد حسن بن ناصر الدين إبراهيم الحداد العاملي.
له كتاب الدرة النضيدة في شرح الأبحاث المفيدة للعلامة الحلي منه
نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية مخرومة الآخر الا ان الظاهر أن الذاهب
منها شئ قليل لأن فيها قبل الآخر بورقتين الفصل الثامن في المعاد وهي من
أصل الأربعمائة كتاب التي وقفها الشيخ أسد الله بن محمد مؤمن الخاتوني
العاملي المشهدي وكتب على ظهر النسخة ما صورته: كتاب الدرة النضيدة
في شرح الأبحاث المفيدة تصنيف الشيخ الإمام الفاضل الكامل أنموذج
السلف بقية الخلف عين أعيان الزمان عز الملة والدين أبو محمد حسن بن
ناصر الدين إبراهيم الحداد العاملي قدس الله روحه وبجانب ذلك ما
(١٧٨)

صورته: صورة ما كتبه المصنف على نسخته ابتدأت في تصنيفه ثامن
عشرين شعبان وفرغت في أربع عشرين رمضان فكان مجموع المدة ستة
وعشرين يوما وذلك في الحلة مجاورا مقام صاحب الزمان ع آه
ولكنه مع الأسف لم يذكر التاريخ وهذا الشرح بهذه السرعة يدل على كمال
فضله. قال في مقدمته اما بعد فقد سألني بعض أصحابي الكريم لدي
والواجب الحق علي المفتخر بأعظم جرثومة والمنتسب إلى أكرم أرومة إملاء
شرح المباحث المفيدة في تحصيل العقيدة الخ. ٣٦٤:
الشيخ محمد حسن سميسم ابن الشيخ هادي ابن الشيخ احمد ابن الشيخ محمد
ابن ملا بري بن حميدان بن سميسم بن خميس اللامي.
وآل خميس فخذ من النصرين المنحصرة فيهم رئاسة بني لام وبنو لام
هم القبيلة العراقية الشهيرة التي تقطن على ضفاف نهر دجلة في لوائي
العمارة والكوت.
وعلى اثر قتلهم للشيخ بلاسم الزعيم العام يوم ذاك أجلتهم أعمامهم
إلى لواء الديوانية فجاوروا حمود آل حمد زعيم الخزاعل يومئذ حوالي ١١٨٧
ولما ان انتهت الزعامة إلى الشيخ عبد القادر أرجعهم إلى وطنهم وتخلف عن
العودة منهم سميسم وولده وحفيده وهبطوا النجف طلبا للعلم.
ولد المترجم في النجف سنة ١٢٧٨ وفيها توفي سنة ١٣٤٢ وقد اخذ
عن علماء النجف ولازم السيد محمد سعيد الحبوبي وتلمذ عليه وقد ترك
ديوان شعر كبير.
شعره
قال مهنيا الحاج ميرزا حسين آل ميرزا خليل في زواج الشيخ محمد
إبراهيم آل ميرزا خليل:
حيا وما أصغى إلى لوامه * فأعاد عيد البشر في إلمامه
وافى إلي مسلما فعجلت في * رد السلام عليه قبل سلامه
ودهشت من فرحي به فلثمته * في وجنتيه من وراء لثامه
رشا قلوب العاشقين تقطعت * ما بين نصلي لحظة وقوامه
حكم الهوى في أن يحكمه على * أرواحنا والقتل من احكامه
ومهفهف قاسي الفؤاد منعم * لم يطمع المشتاق في انعامه
الورد في الاكمام يشرق نوره * من خده وشذاه من أكمامه
قسما بلفته جيده مهما رنا * وبلحظه مهما رمى بسهامه
كملت عليه من المحاسن لامة * تغري جبان القوم في اقدامه
فالشعر عن أدراعه والقد عن * عساله واللحظ عن صمصامه
وسطا فأحجم عنه أغلب باسل * لم تطمع الآساد في أحجامه
طاشت له أحلامه ولو أنه * في رقدة لارتاح في أحلامه
من حيث فردي الحتوف تحوطه * من خلفه ويمينه وأمامه
ان كر فالداء الدفين غريمه * أو فر فهو أسير قيد غرامه
زجر الحمام فانباته انه * لا بد يشرق في الهوى بحمامه
يشكو له ما نابه وسفاهة * شكوى السقيم إلى مثير سقامه
ما حن منه سوى الوشاح ولم يلن * منه سوى أعطافه وكلامه
يا هائما فيه إلي فان لي * قلبا كقلبك مولع بهيامه
ومنها:
فلكم تبعت الركب أين نوى النوى * لحجازه عزم النوى أم شامه
في ظهر أدهم كالدجى ذي غرة * كالفجر طار فشق جنح ظلامه
وعلى قوائمه وجبهته غدا * متوزعا بدر السما بتمامه
لا ورد يأمل غير رغوته ولا * مرعى له يرجوه غير لجامه
يا مهر ان جئت العذيب وأهله * تنل المنى بثماده وتمامه
وعسى أنال به المنى من أحور * حل العذيب فكان من آرامه
جساس أوتار مهلهل نغمة * حرب البسوس يهون عن أيامه
ما طاف بالكاسات الا وانتشت * بجفونه الندمان لا بمدامه
فكأنما في جامه من جفنه * وكأنما في جفنه من جامه
لهب الكؤوس كنار إبراهيم في * حشد السرور ببرده وسلامه
عرس تزود مكمد الأيام من * بشراه ما يكفيه من أعوامه
ومنها:
هو واحد الاسلام من يك شك في * تفضيله فالشك في اسلامه
للدين اعلام رفعن كثيرة * لكنه علم على اعلامه
حبر إذا صعد المنابر اطرقت * عظماؤها للأرض من اعظامه
في نقضه نقض الضلال ومبرم * الالحاد والاشراك في ابرامه
يا حاكما في الدين قد أحكمت من * بنيانه وأبنت من احكامه
وقال يرثي الشيخ علي الجواهري:
أزمعت عن وادي السلام مقوضا * فإذا على وادي السلام سلام
أفديك يا حامي الحمى من راحل * كيف الحمى يبقى بغير محامي
يا كافل الأيتام هل من أوبة * تعتادنا يا كافل الأيتام
للمسلمين من الذي خلفته * علم الهدى عن زلة الاقدام
من للصلاة وللصلات وللقضا * من يتقي الاحكام بالاحكام
أنت الوحيد بلا شريك وان تكن * مستنجدا بالواحد العلام
ان غبت عن بصري فكن ببصيرتي * نورا عن الأوهام والابهام
قلم به سر النبوة مضمر * لم يبده الا بكف امام
قاد الملوك مطيعة في نصله * قود الجنيب له بغير خطام
لم يبق من ملك بصدر سريره * الا وعفر وجهه برغام
رامت بك العلياء تسحب ذيلها * والموت جب مرامها ومرامي
وله:
إذا المرء لم يكرم ولم يهن العدى * فلا يدرك المجد المؤثل مقعدا
وما المرء يدعى بالمنيع جواره * إذا لم يكن في نفسه يمنع الردى
تعودت ان أسعى معا انا والردى * لكل امرئ من دهره ما تعودا
انا البدر والنجم الرجوم قبيلتي * انا الصل من تلك الأفاعي تولدا
يلبون صوت المستجير إذا دعا * بساحتهم من قبل أن يرجع الصدا
فلا عيب فيهم غير أن إباءهم * لدى الروع تلقاه غشمشم أصيدا
وما في من عيب يشان به الفتى * سوى انني للضيف أبدي التقيدا
طربت إلى داعي الوغى لا لغيره * ولو كان إسحاق بجنبي مرددا
كان صهيل الصافنات ضوابحا * مزامير داود تعبدن معبدا
كان لظى الهيجاء مذ رنح القنا * نسيم الصبا بالجزع رنح خردا

(١) الغري
(١٧٩)

كان صليل السيف في شجر القنا * حمام على غصن الأراكة غردا ٣٦٥:
السيد محمد حسن بن محمد يوسف ابن الميرزا بابا ابن السيد مهدي صاحب
رسالة أبي بصير الموسوي الخونساري.
توفي سنة ١٣٣٧.
له كتاب تدوين الآثار في أحوال علماء خونسار. ٣٦٦:
السيد محمد حسن ابن الميرزا معصوم الرضوي المشهدي المعروف بالسيد
محمد القصير.
توفي سنة ١٢٥٥.
له التحفة الرضوية في شرح اللمعة الدمشقية وهو شرح مزجي. ٣٦٧:
الشيخ شمس الدين أبو البركات محمد الباغندي.
نسبة إلى باغند بفتح الغين المعجمة وسكون النون وآخرها دال. في
انساب السمعاني ظني انها قرية من قرى واسط آه.
له كتاب جواهر المطالب في مناقب الامام أبي الحسن علي بن أبي
طالب رأينا منه نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية وقد ظهر لنا من تلك
النسخة تشيعه وان وصف بالشافعي فكثير من علماء الشيعة كانوا يتسترون
بالشافعية. ومن جملة ما ذكره فيه مما يدل على تشيعه ما أوردناه في ترجمة
يحيى بن سلامة الحصكفي. ٣٦٨:
السيد محمد باقر العراقي نزيل بلدة سلطان آباد.
توفي سنة ١٣٠٨.
قال السيد شهاب الدين الحسيني النجفي فيما كتبه الينا: كان عالما
فاضلا مجتهدا نافذ الحكم مقيما للحدود الشرعية وله شرح كبير على الشرايع
حج وزار سنة ١٢٩٠ وذكرت نسبه في كتابي المشجر. ٣٦٩:
السيد محمد باقر ابن السيد أبي الحسن ابن السيد علي ابن السيد صفدر ابن
السيد صالح ابن السيد حسين القمي صاحب المزار بكشمير ابن السيد
محمد بن أحمد بن منهاج بن جلال بن قاسم بن علي بن حبيب بن حسين بن أبي
عبد الله احمد نقيب قم ابن محمد الأعرج بن أحمد بن موسى المبرقع ابن الإمام
أبي جعفر محمد بن علي الجواد ع الرضوي الكشميري
أصلا ومولدا اللكهنوئي موطنا ومدفنا.
نأخذ ترجمته باختصار مما ألحقه تلميذه السيد عالم حسين بكتاب
إسداء الرغائب.
ولد في ٧ صفر سنة ١٢٨٥ في لكهنوء بالهند. وتوفي ١٦ شعبان سنة
١٣٤٦ في كربلاء ودفن هناك.
كان عالما فاضلا عابدا زاهدا متواضعا شجاعا أديبا شاعرا.
قرأ في الهند في الرياضي والهيئة والمنطق والحكمة على الشيخ تفضل
حسين وعلي السيد حيدر علي وفي الفقه والأصول على أبيه السيد أبي الحسن
مدة قليلة ثم سافر للعراق فقرأ في النجف الأشرف على الشيخ ملا كاظم
الخراساني والشيخ حسن المامقاني والميرزا حسين ابن الميرزا خليل الطهراني
والسيد كاظم اليزدي والشيخ فتح الله المعروف بالشيخ شريعة الأصفهاني
نحوا من احدى عشرة سنة ثم عاد إلى الهند فدرس في مدرسة أبيه الملقبة
سلطان المدارس.
مشايخه
قد عرفوا مما مر ذكره ويروي إجازة عن الميرزا حسين الخليلي والميرزا
حبيب الله الرشتي والسيد محمد حسين الشهرستاني والسيد كاظم اليزدي
والشيخ ملا كاظم الخراساني والشيخ فتح الله الأصفهاني الغروي المعروف
بالشيخ شريعة والميرزا حسين النوري صاحب مستدركات الوسائل ووالده
السيد أبي الحسن.
تلاميذه
١ السيد سبط الحسن الهندي ٢ السيد شبير حسين المدرس
الأعلى في المدرسة العالية بفيض آباد ٣ أخوه السيد محمد هادي.
مؤلفاته
١ القول المصون في فسح نكاح المجنون ٢ الروضة الغناء في
مسالة الغناء ٣ صوب الديم النوافث في أن الوصية قبل القبول هل هي
للموصى له أو للوارث ٤ رد المقدمة في الكلام ٥ إسداء الرغائب في
مسالة الحجاب مطبوع. ٣٧٠:
السيد محمد باقر بن زين العابدين دست غيب الحسيني الشيرازي.
قال السيد شهاب الدين الحسيني النجفي فيما كتبه الينا: هو من
أعيان الأسرة المعروفين بدست غيب ببلدة شيراز. وله شرح على ارشاد
العلامة وشرح على إرشاد المفيد فرع منه في شهر جمادى الأولى سنة
١٠٩٢. ٣٧١:
ملا محمد البار فروشي الشهير بأشرفي.
له كتاب شعائر الاسلام سؤال وجواب في الفقه مطبوع كبير جدا. ٣٧٢:
ملا محمد باقر بن محمد باقر الإيرواني المعروف بالفاضل الإيرواني.
توفي بالنجف يوم الخميس ١٣ ربيع الأول سنة ١٣٠٦ وقد ناف على
التسعين.
والايرواني نسبة إلى إيروان بكسر الهمزة وسكون المثناة التحتية
بعدها واو فألف فنون مدينة من تركستان كانت تابعة لمملكة إيران واخذها
منهم الروس في بعض الحروب.
كان عالما فقيها رئيسا جليلا أنهت اليه رياسة الترك وصار المرجع
العام في تلك البلاد في التقليد بعد وفاة السيد حسين الترك الكوه كمري قرأ
في أول امره على السيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط في كربلا ثم قرأ
في النجف على صاحب الجواهر وعلى الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر صاحب
كشف الغطاء وعلى الشيخ مرتضى الأنصاري، كان يدرس في الفقه نهارا
في مسجد الطوسي وليلا في الأصول، ويحضر درسه جل فضلاء النجف
وله اليد الطولى في جملة من العلوم العقلية لا سيما الرياضيات.
(١٨٠)

أعقب ولدا فاضلا اسمه الشيخ احمد ولما توفي رثاه شاعر العصر
السيد محمد سعيد الحبوبي بقصيدة مطلعها:
لمحمد أبكي أم الأصحاب قد مات فانقلبوا على الاعقاب
ويقال ان السيد محمد سعيد أوذي في سبيلها ممن ظنوا ان فيها
تعريضا بهم ولأجل ذلك ترك قول الشعر حتى مات والله اعلم.
له جملة مصنفات لم تخرج إلى البياض سوى رسالة عملية للمقلدين
وتخرج عليه جماعة من العلماء. يروي بالإجازة عن مشائخه المذكورين ومن
مؤلفاته رسالة في التعادل والترجيح ورسالة في مقدمة الواجب ومسالة الضد
وحاشية على تفسير البيضاوي. ٣٧٣:
أبو الحسن الشيخ محمد باقر بن محمد حسن بن أسد الله بن عبد الله القائني
البرجندي.
ولد في قرية جازار من قرى القائن سنة ١٢٧٦ وتوفي سنة ١٣٥٣
ببرجند ودفن خارج البلد.
عالم فاضل متتبع ماهر فقيه محدث درس الصرف والنحو عند والده
ثم ارتحل إلى المشهد الرضوي ثم إلى النجف وقرأ الأصول على الميرزا
الرشتي والفقه على المولى محمد الإيرواني والميرزا حسين الطهراني ثم رحل
إلى سامراء وحضر مجلس درس الميرزا الشيرازي، وكان من أساتيذه في
علم الحديث المحدث النوري صاحب المستدرك.
له من المؤلفات: ١ وثيقة الفقهاء ٢ رسالة في صلاة الجمعة
٣ رسالة في تزويج البكرة ٤ رسالة في ارث الزوجة والحبوة
٥ رسالة في طلاق زوجة الغائب ٦ رسالة في منجزات المريض
٧ رسالة في حرمة الترياك ٨ رسالة في السير والسلوك ٩ كتاب
نور المعرفة ١٠ رسالة بداية المعرفة ١١ رسالة ذخيرة المعاد في الإجازة
١٢ بغية الطالب في الامام الغائب ١٣ اكفاء المكائد في رد الصوفية
مطبوع ١٤ الكبريت الأحمر في شرائط المنبر مطبوع ١٥ مفتاح
الفردوس وكتب ثلاثة في الرجال والدراية ورسالة في ترتيب اخبار الكتب
الثلاثة وتهذيب الشيخ ورسالة وقائع الشهور والأيام والمحاكمة بين
الأصوليين والأخباريين وفاكهة الذاكرين في الدعاء ورسالة في الرد على الملا
شمس الهراتي الرضوي كما كتب شيئا في تفسير القرآن.
وكان ممن يرى وجوب صلاة الجمعة عينا وكون العسر أحد موجبات
الفسخ في النكاح وجواز طلاق زوجة الغائب وعدم الفرق بين العقار وغيره
في ارث الزوجة ووجوب البقاء على تقليد الميت إذا كان اعلم. ٣٧٤:
الميرزا محمد باقر بن زين العابدين بن حسين بن علي اليزدي الحائري.
توفي بالحائر حدود سنة ١٣٠٠.
له مخازن الاحكام ومقاليد الافهام في شرح شرائع الاسلام خرج منه
من الطهارة إلى الأغسال وبعض الصلاة وخرج منه البيع والنكاح والإجازة
وبعض الوكالة والقضاء في عدة مجلدات. يروي بالإجازة عن الشيخ أبي
تراب الشهير بميرزا آقا القزويني الحائري بتاريخ ١٢٧٩ وله مخازن الأصول
ومقاليد الأصول في علم الأصول. ٣٧٥:
السيد محمد باقر ابن السيد محمد ابن السيد دلدار علي ابن السيد محمد معين
الدين النصير آبادي النقوي اللكهنوئي.
ولد سنة ١٢٣٤.
كان عالما بارعا له مهارة في علم الطب والحكمة وقلد منصب القضاء
من قبل الحكومة الجعفرية فلقب بمنصف الدولة شريف الملك. من
مصنفاته تشييد مباني الايمان رد فيه على بصارة العين للفاضل حيدر علي
الفيض آبادي فارسي مطبوع. ٣٧٦:
السيد محمد باقر ابن السيد أبي الحسن بن السيد علي شاه الهندي.
ولد في لكهنوء في صفر سنة ١٢٨٥.
كان فقيها أصوليا أديبا من أعاظم علماء لكهنوء ومرجع التقليد في
بلاد الهند وممن تشد اليه الرحال للاستفادة واكتساب العلوم يشهد بفضله
المؤالف والمخالف ورع تقي تعلوه الأبهة والوقار والسكينة لا يتكلم الا همسا
ولا يزيد في الضحك على التبسم طلق المحيا واضع البشر لوفاده سيماه في
وجهه من اثر السجود. قرأ في لكهنوء على والده والسيد حيدر علي ثم
هاجر إلى العراق وحضر على الشيخ محمد كاظم الخراساني أربع سنين وعلى
السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي وأكثر تحصيله على شيخ الشريعة
الشيخ فتح الله الغروي الأصفهاني وفي خلال ذلك قد استفاد من بحث
الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي والشيخ محمد حسن المامقاني وهو يروي عن
جملة من الاعلام منهم والده السيد أبو الحسن ابن السيد علي شاه والسيد
محمد كاظم الطباطبائي اليزدي والشيخ عبد الله المازندراني والحاج ميرزا
حبيب الله الرشتي وغيرهم ورجع بعد الإقامة في مشاهد العراق ما يزيد على
عشر سنين إلى لكهنوء فكان فيها علما من الاعلام وقد حضر عنده كثير من
العلماء والأفاضل.
سافر إلى العراق سنة ١٣٤٦ وزار المشاهد وورد النجف الأشرف ثم
رجع إلى كربلاء وزار مشهد الكاظمين وهناك اعترته الحمى فعاد إلى كربلاء
وهو مريض ملقى على فراشه وتوفي فيها يوم السادس عشر من شعبان سنة
١٣٤٣ وقد أرخ وفاته السيد علي نقي النقوي:
في شهر شعبان أشجانا برحلته * لما مضت سنة من بعد عاشره
فقال في عامه شجوا مؤرخه * الفقه أشجاه حزنا موت باقره
وقد خلف ولدين السيد محمد والسيد علي. ٣٧٧:
المولى محمد باقر ابن المولى زين العابدين اليزدي.
من مشايخ البهائي كما عن الرياض واحتمل بعض انه من تلاميذ
البهائي. له عيون الحساب لم يكتب مثله في هذا الباب رتبه على مقدمة
وخمسة أبواب في حساب الصحاح والكسور والمساحة واستخراج المجهولات
بالخطأين والجبر والمقابلة والأربعة المتناسبة والستة المتناسبة واستخراج
الوصايا المبهمة، وله مطالع الأنوار في الهيئة. ٣٧٨:
الشيخ محمد باقر الرشتي.
من علماء دولة فتح علي شاه القاجاري. رأيت له رسالة فارسية في
(١٨١)

الطهارة والصلاة صنفها باسم فتح علي شاه القاجاري الذي توفي سنة
١٢٥٠. ٣٧٩:
الشيخ محمد باقر الجيلاني النجفي.
توفي في النجف سنة ١٣٤١ له تقريرات في غالب مباحث الأصول
وبعض الفقه في ثلاث مجلدات. ٣٨٠:
السيد صدر الدين محمد باقر الرضوي القمي المجاور بالغري.
توفي سنة ألف ومائة ونيف وستين.
أفضل علماء العراق في عصره وأعمهم نفعا واجمعهم للمعقول
والمنقول أخذ العقليات عن علماء أصبهان وخرج بعد حدوث الفتن في
عراق العجم واختلال أحوال الصفويين لاستيلاء الأغيار على البلاد سنة
١١٣٥ عنها إلى المشهد الغروي فعظمت منزلته في القلوب وصار مفتيا
للمجاورين والزائرين. له حاشية على المختلف ورسائل عديدة منها رسالته
في حديث الثقلين. ٣٨١:
الآقا محمد باقر بن محمد أكمل المعروف بالآقا البهبهاني أو الوحيد
البهبهاني.
ولد سنة ١١١٦ أو ١١١٧ وما يأتي عن نخبة المقال ان تاريخ ولادته
كنه الغيب يقتضي ان يكون ولد سنة ١١١٨ وكذا ما قيل إن تاريخ
ولادته ناقة الله لكم آية.
توفي سنة ١٢٠٥ في كربلاء ودفن في الرواق الشرقي مما يلي قبور
الشهداء وأرخ وفاته بعض شعراء ذلك العصر بقوله:
جفون لا تجف من الدموع * ولم تعلق بها سنة الهجوع
لرزء شب في الأحشاء نارا * توقد بين احناء الضلوع
يكلفني الخلي له عزاء * وما انا للعزا بالمستطيع
قضى من كان للاسلام سورا * فهدم جانب السور المنيع
وشيخ الكل مرجعهم جميعا * اليه في الأصول وفي الفروع
خلت منه ربوع العلم حتى * بكته عين هاتيك الربوع
بكاه كل تلميذ وحبر * من العلماء ذي شرف رفيع
بكوا أستاذهم طرا فأرخ * وقل قد فات أستاذ الجميع
وكلمة قل غير داخلة في التاريخ وأستاذ تقال بالدال المهملة في لسان
العراقيين والإيرانيين وقد ارخ وفاته السيد محمد زيني بقوله بكت باقر
العلم النبيل العلى دما ١٢٠٥ وعن السيد حسين ابن السيد محمد رضا
الحسيني في هامش منظومته في الرجال أنه قال تبعا لما في روضات الجنات
توفي سنة ١٢٠٨ وفي تتمة أمل الآمل الذي رأيته بخط تلميذيه السيد صدر
الدين العاملي والسيد محمد باقر الرشتي الأصفهاني ان وفاته كانت سنة
١٢٠٦ فما ذكر من تاريخ الوفاة تبعا لما في الروضات وهم قطعا آه
ولكن عن حفيده الآقا احمد ابن الآقا محمد علي ابن المترجم انه ارخ وفاته بما
يوافق سنة ١٢٠٥ ولعل ذلك هو الصواب. وصفه تلميذه السيد مهدي
بحر العلوم في بعض إجازاته بقوله شيخنا العالم العامل العلامة وأستاذنا
الحبر الفاضل الفهامة المحقق النحرير والفقيه العديم النظير بقية العلماء
ونادرة الفضلاء مجدد ما اندرس من طريقة الفقهاء ومعيد ما انمحى من آثار
القدماء البحر الزاخر والامام الباهر الشيخ محمد باقر ابن الشيخ الاجل
الأكمل والمولى الأعظم الأبجل المولى محمد أكمل أعزه الله تعالى برحمته
الكاملة وألطافه السابغة الشاملة.
وعن السيد حسين ابن السيد رضا الحسيني في منظومة رجاله نخبة
المقال أنه قال:
والبهبهاني معلم البشر * مجدد المذهب في الثاني عشر
أزاح كل شبهة وريب * فبان للميلاد كنه الغيب
وانه ذكر في الهامش ما نصه مجدد المذهب في رأس المائة الثانية عشرة
شيخنا الاجل الآقا محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني.
ومر ان السيد مهدي القزويني جمع رسائل المترجم في الأصول ورتبها
وزاد عليها.
خلف ولدين عالمين فاضلين ورعين تقيين أكبرهما الآقا محمد علي
الذي سكن كرمانشاه والثاني الآقا عبد الحسين ذكرا في بابيهما
له من المؤلفات الموجودة في خزانة كتب آقا فخر الدين ابن آقا أكبر ابن
آقا محمد تقي ابن آقا محمد جعفر ابن آقا محمد علي بن الوحيد البهبهاني في
كرمانشاه:
١ شرح المفاتيح من الأول إلى آخر الصلاة في مجلدين كبيرين
٢ حاشية على شرح الارشاد من الأول إلى آخر البيع في مجلد واحد
٣ حاشية المدارك مجلد واحد ٤ الفوائد الجديدة ٥ الفوائد العتيقة
٦ رسالة في الاستصحاب ٧ رسالة في الاجماع ٨ رسالة في أصالة
البراءة ٩ رسالة في الشهرة ١٠ صورة مباحثة مع بعض أفاضل
الأشاعرة في مسالة الرؤية ١١ رسالة في حجية الأدلة الأربعة
١٢ شرح على الوافية غير تام ١٣ تعليقة على منهج المقال
١٤ رسالة في الاجتهاد والتقليد في مكتبة الشيخ حيدر قلي الكابلي
١٥ تعليقة على رجال السيد مصطفى. وله رسالة الجبر والاختيار
مطبوعة. ٣٨٢:
المولى محمد باقر المعروف بالمجلسي الثاني ابن المولى محمد باقر المعروف
بالمجلسي الأول الأصفهاني.
ولد في أصفهان سنة ١٠٢٧ وتوفي فيها سنة ١١١٠.
في كتاب دار السلام: لم يوفق أحد في الاسلام مثل ما وفق هذا
الشيخ المعظم والبحر الخضم والطود الأشم من ترويج المذهب بطرق
عديدة اجلها وأبقاها التصانيف الكثيرة التي شاع ذكرها في الأنام وانتفع بها
الخواص والعوام و المبتدي والمنتهي ثم حكى عن الآغا احمد حفيد المحقق
البهبهاني في كتاب مرآة الأحوال أنه قال: كان شيخ الاسلام من قبل
السلاطين في أصفهان وكان يباشر جميع المرافعات بنفسه ولا تفوته صلاة
الأموات والجماعات والضيافات والعبادات وبلغ من كثرة ضيافته ان رجلا
كان يكتب أسماء من أضافه فإذا فرع من صلاة العشاء يعرض عليه اسمه
وانه ضيفه فيذهب وكان له شوق شديد إلى التدريس وخرج من مجلس

(١) لعلهم الأفغان.
(٢) ملخص عن إجازة للسيد عبد الله الجزائري حفيد السيد نعمة الله الجزائري.
(١٨٢)

درسه جماعة كثيرة من الفضلاء آه وعن تلميذه الفاضل الآميرزا
عبد الله الأصبهاني في كتابه رياض العلماء انهم بلغوا ألف نفس قال وحج
بيت الله الحرام وزار أئمة العراق مكررا وكان يباشر أمور معاشه وحوائج
دنياه بغاية الضبط ومع ذلك بلغت مؤلفاته ما بلغت وذلك فضل الله يؤتيه
من يشاء قال وبلغ في الفصاحة وحسن التعبير الدرجة القصوى ولم يفته في
تلك التراجم الكثيرة شئ من دقائق نكات الألفاظ العربية وبلغ من ترويجه
الدين ان عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة الاثني عشرية في الرد على
الامامية صرح بأنه لو سمي دين الشيعة بدين المجلسي لكان في محله لأن
رونقه منه ولم يكن له عظم قبله انتهى قال صاحب كتاب دار السلام
بعد نقل هذا الكلام: ولا يخفى ان آية الله العلامة وان كثرت تصانيفه بل
ربما ترجح على تصانيف العلامة المجلسي من جهة ان أغلبها مطالب نظرية
ومسائل فكرية تحتاج إلى زمان أزيد من زمان جمع المتشتتات وان كان عندي
فيه نظر يعرف ذلك من عثر على شروح المجلسي وبياناته وتحقيقاته حتى لا
تكاد تجد آية ولا خبرا في الأصول والفروع وغيرها الا وله فيه بيان وتوضيح
سوى ما اختص بالتحقيق والتهذيب الا ان كتب العلامة لم يشتهر منها الا
بعض كتبه الفقهية وبعض مقدماتها المختص انتفاعها بالعلماء ولقد حدثني
شيخنا الشيخ عبد الحسين الطهراني عمن حدثه عن بحر العلوم انه كان
يتمنى ان تكون جميع تصانيفه في ديوان اعمال المجلسي ويكون واحد من
كتبه الفارسية التي هي ترجمة متون الاخبار الشائعة كالقرآن المجيد في جميع
الأقطار في ديوان عمله انتهى.
يقول المؤلف: فضل المجلسي لا ينكر وتصانيفه الكثيرة التي
انتفع بها الناس لا تقدر لكن لا يخفى ان مؤلفاته تحتاج إلى زيادة تهذيب
وترتيب وقد حوت الغث والسمين وبياناته وتوضيحاته وتفسيره للأحاديث
وغيرها كثير منه كان على وجه الاستعجال الموجب قلة الفائدة والوقوع في
الاشتباه وكلمات القوم في حق المجلسي مشوبة بنوع من العصبية مع ما
للرجل من فضل لا ينكر والاستشهاد بكلام الدهلوي الذي قاله في مقام
تنقيص مذهب الشيعة وانكار ما لعلمائهم السالفين من فضل غريب
والمنصف يعلم ان الذين شيدوا مذهب الشيعة ووطدوا بنيانه وتعلمت منهم
الشيعة طرق الاحتجاج وإقامة البراهين بعد عصر الأئمة الطاهرين ع من
العلماء ثلاثة: المفيد والمرتضى والعلامة الحلي مع ما للجم الغفير من علماء
الشيعة في كل عصر وزمان من الأيادي البيضاء في نصرة الحق وتشييد
مذهب أهل البيت ع. وفي إجازة السيد عبد الله بن نور
الدين بن نعمة الله الجزائري: سمعت والدي عن جدي رحمة الله عليهما
انه لما تأهب المولى محمد باقر المجلسي لتأليف كتاب بحار الأنوار وكان
يفحص عن الكتب القديمة ويسعى في تحصيلها بلغه ان كتاب مدينة العلم
للصدوق يوجد في بلاد اليمن فأنهى ذلك إلى سلطان العصر فوجه السلطان
أميرا من أركان الدولة سفيرا إلى ملك اليمن بهدايا وتحف كثيرة لتحصيل
ذلك الكتاب وانه كان قد أوقف السلطان بعض أملاكه الخاصة على كتاب
البحار لتنسخ منه نسخ وتوقف على الطلبة ومن هنا قيل العلماء أبناء الملوك
ثم استشهد بقول القائل:
أتى الزمان بنوه في شبيبته * فسرهم وأتيناه على هرم
ثم قال:
فهم على كل حال أدركوا هرما * ونحن جئناه بعد الموت والعدم
مؤلفاته
أشهرها وأكبرها بحار الأنوار ٢٥ مجلدا كبار كل مجلد منها يبلغ
عشرات المجلدات الصغار والمتوسطة وهو على ما فيه دائرة معارف شيعية لا
مثيل لها أثبت فيه جل آثار الشيعة واخبارهم وعلومهم وقد طبع غير مرة في
بلاد إيران ١ في العقل والجهل وفضل العلم وحجية الأخيار ٢ في
التوحيد وفيه كتابا توحيد المفضل والإهليلجة المنسوبين إلى الإمام الصادق
ع وشرحهما ٣ في العدل والمعاد ٤ في الاحتجاجات
٥ في أحوال الأنبياء من آدم إلى نبينا ص ٦ في أحوال خاتم
الأنبياء ص من ولادته إلى وفاته ٧ في الإمامة وفيه شرائط الامام
وفضائل الأئمة وما ورد فيهم من الآيات عموما بيت ٨ في الفتن الحادثة
بعد وفاة الرسول ص وفيه غزوات أمير المؤمنين ع وكتبه ٩ في
أحوال أمير المؤمنين ع من ولادته وفضائله ومعجزاته ووفاته ١٠ في
أحوال الزهراء والحسنين ع ١١ في أحوال السجاد والباقر
والصادق والكاظم ع ١٢ في أحوال الرضا والجواد والهادي
والعسكري ع ١٣ في أحوال المهدي وما ورد في الرجعة
١٤ في السماء والمعالم وفيه الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة واحكام
الآنية من أبواب الفقه ١٥ في الايمان وصفات المؤمنين وفضائلهم والكفر
والاخلاق الرذيلة ١٦ في الآداب والسنن والأوامر والنواهي والكبائر
والعصيان ١٧ في المواعظ والحكم والخطب ١٨ في الطهارة والصلاة
وفيه رسالة إزاحة العلة في معرفة القبلة لشاذان بن جبرئيل القمي ورسالتان
في الجمعة للشهيد الثاني وأدعية الأسابيع وصلواتها وصلاة الشهور
والحاجات ١٩ في فضائل القرآن واعجازه وآدابه وثواب تلاوة سوره وفيه
تفسير النعماني ٢٠ في الزكاة والصدقة والصوم والاعتكاف واعمال السنة
٢١ في الحج والعمرة وشطر من أحوال المدينة المنورة والجهاد والرباط
والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ٢٢ في الزيارات ٢٣ في احكام
العقود والايقاعات ٢٤ في الأحكام الشرعية ٢٥ في الإجازات.
ومن الخامس عشر إلى الآخر غير الصلاة والمزار والإجازات لم يخرج
من السواد إلى البياض في حياته ولما توفي وقعت مسوداتها في سهم بعض
ورثته فاشتراها منه تلميذه الآميرزا عبد الله الأصفهاني صاحب رياض
العلماء فرتبها وهذبها حسب قابليته فلما توفي اخذها من ورثته السيد
نصر الله الحائري الشهيد ومنه شاعت تلك المجلدات.
وكتاب مرآة العقول في شرح اخبار آل الرسول ع
شرح على الكافي عدا نصف كتاب الدعاء وكتاب العشرة ونصف الصلاة
وتمام الخمس والزكاة.
ملاذ الأخيار في شرح تهذيب الاخبار من اوله إلى الصوم ومن
الطلاق إلى آخره شرح الأربعين حديثا الفوائد الطريفة في شرح
الصحيفة إلى الدعاء الرابع الوجيزة في الرجال رسالة الاعتقاد ألفها
في ليلة واحدة رسالة الأوزان وهي أول مصنفاته رسالة الشكوك
المسائل الهندية المسائل المتفرقة على الكتب الأربعة وغيرها رسالة في
الآذان وهذه كلها بالعربية. اما كتبه بالفارسية فهي: مشكاة الأنوار مختصر
عين الحياة. حق اليقين وهو آخر تصانيفه. حلية المتقين. حياة القلوب
ثلاث مجلدات. تحفة الزائر جلاء العيون. مقباس المصابيح. ربيع
الأسابيع. زاد المعاد. رسالة في الديات. رسالة في الشكوك. رسالة في
(١٨٣)

الأوقات. رسالة في الرجعة. ترجمة عهد أمير المؤمنين ع إلى مالك
الأشتر. اختيارات الأيام. رسالة في الجنة والنار. رسالة في احكام
الجائز. مناسك الحج رسالة أخرى فيها. مفاتيح الغيب في الاستخارة.
رسالة في مال النواصب. رسالة في الزكاة. رسالة في الكفارات. رسالة في
آداب الرمي. رسالة في صلاة الليل. رسالة في آداب الصلاة. رسالة السابقون.
السابقون. رسالة في الفرق بين الصفات الذاتية والعقلية. رسالة في التعقيب.
رسالة في البداء. رسالة في الجبر والتفويض رسالة في النكاح. ترجمة فرحة
الغري لعبد الكريم بن طاوس. ترجمة توحيد المفضل. ترجمة توحيد
الرضا ع. ترجمة الزيارة الجامعة. ترجمة دعاء كميل. ترجمة دعاء
المباهلة. ترجمة دعاء السمات. ترجمة دعاء الجوشن الصغير. ترجمة حديث
عبد الله بن جندب. ترجمة حديث رجاء بن أبي الضحاك. ترجمة قصيدة
دعبل الخزاعي. ترجمة حديث ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع المعرفة
والجهل والرضا والغضب والنوم واليقظة. أنشأت كتبها بعد رجوعه من
المشهد الغروي في الشوق اليه. رسالة في الجزية واحكام الذمة. مناجاة.
أجوبة المسائل المتفرقة. ويقال ان تصانيفه تبلغ ألف ألف وأربعمائة ألف
وألفان وسبعمائة بيتا والبيت في اصطلاح الكتاب عبارة عن خمسين حرفا
وإذا وزعت على عمره لحق كل يوم ثلاثة وخمسون بيتا وكسر. ولا يخفى انه
كان له كتاب يدلهم على مواضع ما يريد نقله فينقلونه فيكون له الاختيار
والترتيب وعليهم النقل غالبا ومما اعانه على تأليف البحار انه كان جماعا
للكتب مولعا باقتنائها حتى أنه حكي ان كتاب مدينة العلم للصدوق لم تكن
له نسخة على عهده فبلغه ان نسخته توجد في اليمن فحمل الشاه على إنفاذ
رسول لاحضاره مهما كلفه الامر ففعل وأحضرها كما مر ووجدنا على
بعض نسخ الفقيه ما صورته:
يقول تراب اقدام المحدثين محمد باقر بن محمد تقي عفى الله عن
سيئاتهما أخبرني بهذا الكتاب وسائر كتب الاخبار حشر الله تعالى مؤلفيها مع
الأبرار عدة من الأفاضل والثقات منهم والدي العلامة قدس الله أرواحهم
عن الشيخ بهاء الملة والدين محمد العاملي عن والده الفقيه الحسين بن عبد
الصمد عن الشيخ زين الملة والدين الشهير بالشهيد الثاني عن الشيخ نور
الدين علي بن عبد العالي الميسي عن الشيخ شمس الدين محمد بن المؤذن
الجزيني عن الشيخ ضياء الدين علي عن والده السعيد الشهيد محمد بن
مكي عن الشيخ فخر الدين أبي طالب محمد عن والده العلامة جمال الملة
والدين الحسن بن يوسف بن المطهر عن والده وعن شيخه المحقق نجم
الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد عن السيد فخار بن
معد الموسوي عن الشيخ شاذان بن جبرائيل القمي عن الشيخ العماد أبي
جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري عن الشيخ أبي علي الحسن عن والده
شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي عن الشيخ السديد المفيد محمد بن
محمد بن النعمان عن الشيخ الصدوق محمد بن بابويه القمي رضي الله عنهم
أجمعين وحشرهم مع الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ولي
إليهم طرق كثيرة أوردتها في كتاب بحار الأنوار وغيره.
من تلاميذه الشيخ محمد حسين الشيرازي وهذا لم يذكره الميرزا
حسين النوري لأنه لم يطلع عليه وقد أرانا صديقنا الفاضل السيد ميرزا أبو
القاسم النجفي نسخة من إرشاد المفيد كتبت بخط تلميذه هذا في ٢١
رمضان سنة ١٠٨٢ وعليها إجازة المجلسي له بخطه وصورتها: بسم الله
أجزت للأخ في الله المحبوب لوجه الله المبتغي لمرضاته سبحانه ميرزا محمد
حسين وفقه الله تعالى لمراضيه ان يروي عني هذا الكتاب المستطاب وسائر
ما اخذه عني في مجالس عديدة مع جم غفير من إخواننا المؤمنين بأسانيدي
المكثرة المتصلة إلى مؤلفيها من أفاضل علمائنا رضوان الله عليهم أجمعين
مراعيا لشرائط الرواية طالبا لأقصى مدارج الدراية داعيا لي ولمشائخي في
مظان الإجابة وكتب بيمناه الوازرة الدائرة أفقر العباد إلى عفو ربه الغني
محمد باقر بن محمد تقي عفي عنهما. آخر جمادى الآخرة سنة ١٠٩٥. وفي
أول النسخة: أخبرنا السيد السند الاجل عميد الرؤساء أبو الفتح يحيى بن
نصر بن علي بن حبا أدام الله علوه قراءة سنة أربعين وخمسمائة قال حدثنا
القاضي الاجل أبو المعالي أحمد بن علي بن قدامة في سنة ٤٧٨ قال حدثني
الشيخ السعيد المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في سنة ٤١١
قال الحمد لله الخ. ٣٨٣:
السيد محمد باقر ابن السيد حيدر ابن السيد إسماعيل الصدر. ولد في
الكاظمية سنة ١٣٥٣ واستشهد سنة ١٤٠٠. في ٢٤ جمادى الأولى سنة
١٤٠٠.
هو من بيت اشتهر بالعلم. ثاني اخوة ثلاثة أكبرهم السيد
إسماعيل، وثانيهم المترجم وثالثهم السيدة آمنة رفيقة أخيها في الشهادة.
منذ أيام دراسته الأولى عرف بالنبوغ المبكر، واتسم حضوره العلمي
حتى في فترة التلمذة، بالأصالة والحرية الفكرية، وصل إلى مرتبة الأساتذة
الكبار في النجف الأشرف ابتداء من سنة ١٣٧٨ ه، وهذا امر غير عادي
بالنسبة للتقاليد العلمية، ليس في النجف فقط، بل في كل المعاهد والمراكز
العلمية.
هو مؤسس مدرسة فكرية اسلامية أصيلة تماما، اتسمت بالشمول
من حيث المشكلات التي عنيت بها وميادين البحث، فكتبه فلسفتنا
والأسس المنطقية للاستقراء. والمرسل والرسول والرسالة عالجت
البنى الفكرية العليا للاسلام في حين ان اقتصادنا والبنك اللا ربوي في
الاسلام والإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية عنيت بطرح التصور
الاسلامي لمشاكل الانسان المعاصر، هذا بالإضافة إلى كتبه في الفقه
والأصول التي قدم فيها إضافات هامة وأصيلة.
ولا تفوتنا الإشارة إلى مجموعة محاضراته حول التفسير الموضوعي
للقرآن التي طرح فيها منهجا جديدا في التفسير اتسم بعبقريته وأصالته.
منذ اثنتي عشرة سنة لاحقه النظام الحاكم في العراق فمنع من إقامة
الصلاة في فترات كثيرة، ومنع من التدريس واعتقل عدة مرات ثم وضع
في الإقامة الجبرية في منزله بالنجف الأشرف، وحيل بينه وبين الناس تماما
عدة ثمانية أشهر.
ثم مضى شهيدا سعيدا وكان بحق جديرا بلقب الشهيد الثالث.
درس على أخيه السيد إسماعيل المبادئ، ثم درس في النجف على
الشيخ محمد رضا آل ياسين خاله والسيد أبو القاسم الخوئي.
كان في السادسة عشرة من سنه يزامل في الدراسة كبار العلماء عند آل
ياسين.
(١٨٤)

أجيز بالاجتهاد في سن الثامنة عشرة ثم استقل بالدرس والبحث.
وبعد وفاة السيد محسن الحكيم برزت أهليته للمرجعية وبدأ الاخذ عنه
وكثر تلاميذه. وحين استشهد كان قد أصبح مهيا للمرجعية العامة في
النجف، ولو امتدت به الحياة لساد في جميع أقطار الشيعة. ٣٨٤:
السيد محمد باقر الرضوي المعاصر ابن ميرزا إسماعيل ابن ميرزا صادق
الرضوي المشهدي المدرس في العتبة الرضوية.
ولد في ١٧ ربيع الأول سنة ١٢٧٠ وتوفي سنة ١٣٤٢ على ما أخبرنا
به ولده الفاضل السيد محمد تقي المدرس مدير المدرسة المتوسطة في المشهد
الرضوي. له كتاب الشجرة الطيبة فارسي في شرح أحوال السادات
الرضوية وسلسلة نسبهم الشريف رأينا منه نسخة مخطوطة بخط المؤلف في
المشهد المقدس الرضوي أيام تشرفنا بلثم أعتابه عند أحفاد المؤلف ووصلت
إلى يدنا يوم السبت ٩ ربيع الثاني سنة ١٣٥٣ وابتدأ بموسى المبرقع الذي
تنتهي اليه سلسلة السادات الرضوية التقوية. وله رسالة في ترجمة الربيع بن
خثيم.
ترجم نفسه في الكتاب المذكور فقال إنه ولد ليلة ١٧ ربيع الأول
سنة ١٢٧٠ وقال إنه وقف نفسه على تحصيل العلوم وأغمض طرفه عن
العلائق الدنيوية والوظائف العلمية واكتفى بمطالعة الكتب والبحث
والدرس حيث علم أن العلم أشرف الخصال الانسانية وأظهر وجوه المظاهر
الربانية لهذا أعرض عن قبول المناصب العلمية مثل الفتوى والقضاء واما
طريق روايته بالإجازة فقال: هو ما أخبرني إجازة في المشهد المقدس العالم
العابد الكامل الزاهد علم الاعلام ثقة الاسلام نادرة الأدوار باقعة الأزهار
ناصر الملة والدين في العلم والتحقيق والدقة والزهد والورع والعبادة
والكياسة بما لم يبلغه من تقدم عليه ولا يحوم حوله من تأخر عنه المولى
الصمداني الشيخ حسن علي الطهراني جزاه الله تعالى عن الاسلام والمسلمين
خير جزاء المحسنين. عن العالم العامل والفقيه الفاضل محيي السنة النبوية
ومجدد اثار الاثني عشرية غواص بحار الاخبار ونقاد ما روي عن الأئمة
الأطهار صاحب التصانيف الجليلة الجمة والمآثر المعظمة المهمة حجة الرواة
وأعجوبة المحدثين الوعاة الفرد الأوحد والمؤيد المسدد صاحب الفيض
القدسي الميرزا حسين النوري الطبرسي مولدا الغروي هجرة وجوارا اهدى
الله تعالى اليه طرائف السلام وألحقه بمواليه الكرام جميع مصنفاته ومؤلفاته
ومسموعاته ومقروءاته على أساتيذه العظام ومشايخه الكرام بطرقه المسطورة في
مستدرك الوسائل. ٣٨٥:
السيد محمد باقر الموسوي.
له شرح الصحيفة السجادية وتحفة الحجاج في المناسك فارسي وجدنا
من كل منهما نسخة في بلدة كرمانشاه. ٣٨٦:
الشيخ محمد باقر الكلبايكاني النجفي.
توفي بالحائر سنة ١٣٣٢.
من تلاميذ الشيخ ملا كاظم الخراساني، له التعادل والترجيح. ٣٨٧:
الشيخ محمد باقر ابن الشيخ فخر الدين ابن الشيخ نور الدين العاملي
الدرفولي.
توفي سنة بضع وستين ومائة وألف.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
كان عالما متقنا ذكيا ذا طبع موزون معظم اشتغاله في أصبهان وكان كثير
التعطيل. ٣٨٨:
الميرزا محمد باقر صدر الخاصة بن الميرزا محمد مقيم النواب بن محمد نصير
ابن السيد حسن النواب ابن السيد حسين سلطان العلماء الحسيني
المرعشي.
أمه بنت الشاه حسين الصفوي كان من تلامذة والده خلف الميرزا
حبيب الله. ٣٨٩:
المولى محمد باقر بن محمد تقي اللاهجي.
كان معاصرا للعلامة المجلسي.
له تذكرة الأئمة مطبوع فرع منه سنة ١٠٨٥ وقد نسب إلى المجلسي
للمطابقة في الاسم واسم الأب. وعن الرياض ان مؤلف التذكرة من
المعاصرين له المائلين إلى التصوف وفيه أحوال الأئمة المعصومين وتواريخ
ولادتهم ووفياتهم. ٣٩٠:
السيد محمد باقر بن محمد تقي الحسيني المازندراني.
له تذكرة المتقين في أحقية مذهب الإمامية مرتب على مقدمة وخمسة
فصول وخاتمة. ٣٩١:
السيد محمد باقر ابن الميرزا أبي القاسم المعروف بالحجة ابن السيد حسن
المعروف بالحاج آقا ابن السيد محمد المجاهد ابن المير السيد علي صاحب
الرياض الطباطبائي الحسني الحائري.
ولد سنة ١٢٧٣ وتوفي في ١١ رجب سنة ١٣٣١ بكربلا ودفن مع
عمه وابيه في مقبرتهم المعروفة مقابل مقبرة السيد محمد المجاهد.
كان عالما فاضلا جليلا نبيلا مهيبا رئيسا مدرسا موصوفا بحدة الذهن
وقوة الفهم حسن الاخلاق رأيته بكربلا وحضرت مجلسه فرأيته يتدفق رقة
ولطفا ومخايل الشرف والفضل والرياسة عليه لائحة له مؤلفات في الفقه
والأصول غير مهذبة ولا مبوبة وله منظومة مطبوعة مع هائية الأزري وله
عدة منظومات منها منظومة في الكلام والاخلاق وأخرى في النكاح وثالثة في
الحج وأربعة في تتمة منظومة بحر العلوم أكمل بها الصلاة وكل واحدة من
الأربعة تنيف على ألف بيت وخامسة في رد قصيدة البغدادي بشأن
المهدي ع وسادسة في الخيارات وسابعة في الصوم. يروي بالإجازة عن
والده وعن الميرزا حبيب الله الرشتي والشيخ محمد حسن آل ياسين
الكاظمي. واخذ عن الأردكاني فقها وأصولا واخذ في النجف عن الميرزا
حبيب الله الرشتي وفي مشهد الكاظمين عن الشيخ محمد حسن ياسين.
وكان بيده تقسيم الأموال المعروفة بفلوس الهند المعين نصفها لأهل النجف
الأشرف والنصف الآخر لأهل كربلاء.
وفي تكملة أمل الآمل: عالم فاضل أديب فقيه أصولي محقق قوي
الفطنة سريع الانتقال حسن المحاضرة جيد النظم في الأراجيز كثير الكد في
الاشتغال حريص على التلقي من اهل الفضل جل تحصيله للمطالب
الغامضة من مذاكرة الفضلاء المترددين إلى كربلاء كان لا يفتر من المذاكرة
العلمية إذا حضر عنده أحد من اهل العلم دائم التدريس والمباحثة والكتابة
حتى صار من أفاضل العصر وعلماء الوقت مرجعا في القضاء والتدريس في
(١٨٥)

كربلاء وكان من حسنات هذا العصر.
له من المصنفات: ١ منظومة في الكلام ٢ منظومة في الحج
والزكاة والنكاح والطلاق ٣ منظومة في تكملة الصلاة من منظومة بحر
العلوم ٤ رد على قصيدة البغدادي بمنظومة تزيد على ألف بيت مطبوعة
٥ منظومة في ارث الزوجة من ثمن العقار بعد الاخذ بالخيار. ٣٩٢:
الشيخ محمد باقر المكي.
يروي عنه السيد نصر الله الحائري ويروي هو عن السيد علي خان
شارح الصحيفة الأربعة الأحاديث المسلسلة بالايماء إلى سيد الساجدين
صلوات الله عليه لم يدخل بينهم أجنبي الا رجلين من أصحابنا وهي منقولة
في آخر شرح الصحيفة. ٣٩٣:
الشيخ محمد باقر ابن الشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم ابن الشيخ عبد
الرحيم الأصفهاني.
ولد سنة ١٢٣٤ وتوفي سنة ١٣٠١ في صفر.
شيخ شيوخ أصفهان وأحد أعيان الرؤساء في إيران رأس بعد أبيه.
خرج إلى العراق في اوان الطلب واخذ في الفقه عن خاله الشيخ هو ابن
الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء لأن الشيخ محمد تقي كان متزوجا بنت
الشيخ جعفر وعن صاحب الجواهر وفي الأصول عن الشيخ مرتضى
الأنصاري ثم لما عاد إلى أصفهان اتفق موت امامها السيد أسد الله وغيره
من الشيوخ فانحصر الامر فيه ورأس بها زعامة قلما تتفق لاحد حتى أقام
الحدود الشرعية من القتل قصاصا وقصده الناس في المهام إلى غير ذلك ولم
يبق معه شان لولاة أصفهان أبطل حكومتهم حتى ضاق بهم الخناق بل كان
حكمه فوق كل حكم وتعدى ذلك إلى غيرها من بلاد إيران خصوصا بعد
رحلاته إلى طهران وقد قصده طلاب الفقه من كل صوب وتخرجوا به
وبعضهم من المشاهير مثل السيد إسماعيل الصدر والسيد كاظم اليزدي
الطباطبائي وشيخ الشريعة الأصفهاني وأولاده المشهورون اي أولاد
المترجم وغيرهم كثير من اهل أصفهان وغيرها وخرج سنة ١٣٠١ إلى
العراق عازما على المجاورة في المشاهد فمرض بعد أيام قليلة من وصوله إلى
النجف ومات فيها في صفر من تلك السنة. صنف رسالة في مسالة الظن
وكتاب لب الفقه وغير ذلك. له من الأولاد الشيخ محمد علي والشيخ محمد
جواد والشيخ إسماعيل درسوا بالنجف وجاور بعضهم بها زمانا طويلا ثم
عادوا إلى أصفهان حيث لهم فيها الشأن. ٣٩٤:
الميرزا محمد باقر الجوهري الهروي الأصل القزويني المسكن الأصفهاني
الوفاة والمدفن.
توفي في حدود ١٢٤٧.
من شعراء الفرس المعروفين له كتاب طوفان البكاء في مقاتل الشهداء
وغيره. ٣٩٥:
الآقا محمد باقر الهزاجريبي المازندراني النجفي مسكنا.
نسبة إلى هزار جريب قرية من قرى مازندران وهزار جريب كلمة
فارسية معناها ألف جريب.
توفي سنة ١٢٠٥ كما أرخه الشيخ محمد رضا النحوي بقوله في آخر
قصيدة ذكرت في ترجمته على الباقر العلم استزاد عويلا وأرخ وفاته
بعضهم بقوله:
لما قضى العلم التقي العالم ال‍ * بحر النقي أخو الفخار الباهر
علامة العلماء نادرة الورى * علم الهدى روض الكمال الزاهر
الباقر العلم الذي لمصابه * بكت السماء دما بدمع هامر
وتفجرت عين العلوم لفقده * بدم كمنهل السحاب الماطر
صدر الجوى وافى يقول مؤرخا * تبكي العلوم دما لفقد الباقر
وهذا التاريخ تبلغ حروفه ١٢٠٢ وبإضافة صدر الجوى اليه وهو
الجيم يبلغ ١٢٠٥ وهو فقيه مجتهد شارك في المعقولات جيد البضاعة في
الفلسفة والكلام روى عن جماعة واخذ عنه جماعة في النجف منهم بحر
العلوم الطباطبائي والشيخ جعفر الجناحي النجفي وصاحب القوانين وقد
عمر طويلا وقبره بالنجف في إيوان العلماء ولما توفي رثاه جماعة من شعراء
ذلك العصر منهم الشيخ محمد رضا النحوي والسيد صادق الحسيني
الأعرجي المعروف بالفحام والشيخ مسلم بن عقيل الجساني وتخلف بولدين
أحدهما يسمى الشيخ رضا.
وعن الآقا محمد حسن ابن الآقا محمد علي ابن الآقا محمد باقر المترجم
في رسالته التي ألفها في أحوال والده أنه قال ما لفظه: كان والد والدي وهو
الآقا محمد باقر الهزارجريبي أصلا والنجفي مسكنا ومدفنا من أوحدي
الفضلاء وأجلة العلماء جامعا للمعقول والمنقول حاويا لمراتب الفروع
والأصول عريقا في الحكمة والكلام مؤيدا بتأييد الملك العلام وقد عمر
طويلا في العلم والأدب والدين آه وذكره تلميذه السيد مهدي بحر
العلوم في اجازته للسيد حيدر اليزدي فقال شيخنا العالم العارف وأستاذنا
الفاضل الحائز لأنواع العلوم والمعارف جامع المعقول والمنقول ومقرر الفروع
والأصول جم المناقب والمفاخر محمد باقر بن محمد باقر الهزارجريبي.
وقال الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم أمل الآمل في حقه:
غواص تيار بحار العلوم دقيق النظر رقيق الفكر الجامع لأنواع العلوم الحقة
والمعارف المحقة مدرسة دار الشفاء من أسقام الجهالات كلماته أشارت إلى
طرق النجاة. وذكر عبارات أخرى تركناها لعجمتها ثم قال ما حاصل
عبارته: انه قرأ عند أعاظم العلماء الكاملين في ذلك الزمان في أصفهان في
عشر الخمسين بعد المائة وألف ثم انتشر فضله في عراق العرب بمجاوراته في
النجف الأشرف.
يروي عن شيخه الفقيه ميرزا إبراهيم القاضي بأصفهان والمحقق
الشيخ محمد بن محمد زمان القاشاني وغيرهما. ٣٩٦:
السيد محمد باقر ابن السيد مرتضى اليزدي.
عالم فاضل جليل درس في العتبات ثم ذهب إلى الهند وعاد بعد ذلك
إلى النجف ثم ذهب إلى تبريز وطهران ثم جاور في كربلاء وتوفي هناك.
كان من تلاميذ الشيخ راضي النجفي والسيد حسين الترك الكوه كمري له يد
طولى في العلوم الرياضية والعربية ومقام عال في الموعظة له شرح مبسوط
على الخصائص الحسينية ومجلدات في الفقه وتفسير آية النور وحاشية على
رسائل الشيخ مرتضى طبعت في تبريز مع رسالة أخرى.
(١٨٦)

٣٩٧:
السيد محمد باقر ابن ميرزا زين العابدين بن أبي جعفر بن الحسين
الخونساري الأصفهاني صاحب روضات الجنات.
توفي سنة ١٣١٣.
يروي عن السيد محمد باقر بن محمد تقي بن محمد زكي بن محمد
تقي بن شاه قاسم بن أمير شرف ابن شاه قاسم الموسوي الشفتي
الأصفهاني المتوفى سنة ١٢٦٠ عن المحقق القمي المتوفى سنة ١٢٣٣ والشيخ
جعفر الجناجي والسيد محسن الأعرجي وصاحب الرياض ويروي عن والده
ميرزا زين العابدين. ٣٩٨:
الشيخ محمد باقر ابن الشيخ محمد حسين البصروي اليزدي.
له شرح شواهد السيوطي فرع منه سنة ١٢٣٢. ٣٩٩:
السيد محمد باقر الطباطبائي ابن السيد علي صاحب البرهان القاطع.
توفي في حياة أبيه سنة ١٢٩١ في طهران ونقل إلى النجف.
كان عالما فاضلا أديبا نشأ على طلب العلم وقرأ على علماء عصره
وعمدة قراءته على أبيه. ٤٠٠:
الشيخ باقر النجمابادي.
كان فقيها أصوليا محققا مدققا تقيا نقيا أخلاقيا تلمذ في علم الاخلاق
على الشيخ ميرزا حسين قلي الهمذاني وتخرج به وكان على جانب عظيم من
التقوى وحسن الخلق قرأنا عليه مدة في النجف الأشرف وما رأيته غضب
قط وحج ونحن بدمشق فمر بنا في طريقه إلى الحج وأخبرنا بعد ذلك
بوفاته. له رسالة في المشتق مطبوعة. ٤٠١:
الشيخ محمد باقر ابن الآخوند ملا محسن الأصبهانائي الشيرازي.
قتل غيلة في شيراز سنة ١٣٢٦ ودفن في التربة الحافظية خارج
شيراز. هو الأستاذ الفيلسوف قرأ في الفقه والكلام أولا في شيراز وأصفهان
وطهران على الحاج ملا علي الكني وتردد بين شيراز وأصفهان لخصومة بينه
وبين حكام بلاده وخرج إلى العراق سنة ١٣٠٣ فأقام في النجف مدة ثم في
سامراء آخذا عن الميرزا الشيرازي إلى أن توفي سنة ١٣١٢ فعاد بعد ذلك
بسنة واحدة إلى النجف وتجرد للتدريس في الفلسفة والفقه والأصول واقبل
عليه الطلاب من الفرس وكان يدرس في الفلسفة في الاسفار وشرح
التجريد في تربة أستاذه الشيرازي عند مدخل باب الطوسي ولكنه لم يرأس
ولم يقلد ورجع لضيق حاله إلى شيراز فتصدر فيها واقبل عليه أهلها
واتسعت حاله وكان كريم الاخلاق على نحو أخلاق أمثاله من الفلاسفة
وهو من جملة العلماء الأحرار الذين انحازوا إلى جانب الأمة في مسالة
الدستور الإيراني وتعرض بذلك لانتقال آل القوام رؤساء شيراز الذين قتل
كبيرهم في تلك الفتنة فقتل غيلة بالتاريخ المذكور وخلف عدة أولاد قاموا
مقامه في شيراز وله مؤلفات في فنون مختلفة لم تخرج إلى المبيضة. ٤٠٢:
ميرزا محمد ابن ميرزا باقر السلماسي.
توفي سنة ١٢١٩.
السلماسي نسبة إلى سلماس بلدة في إيران بآذربايجان الغربية.
وأول من انتقل من هذه الأسرة إلى العراق المترجم وكان من زهاد العلماء
المعروفين بالتقى والصلاح. حدث الشيخ حسين ابن الشيخ زين العابدين
المازندراني فقيه كربلاء المتوفى سنة ١٣٣٩ قال كان الحاج ميرزا محمد
السلماسي شديد الولاء لأهل البيت النبوي ويتبعه من أهالي سلماس
وأرومية الآذربايجانية خلق كثير ومن أعيانهم حسين خان واخوه
الأكبر حسن خان ولهم اخ ثالث فحثهم هذا الشيخ الورع على بناء سور
لمدينة سامراء وبناء مدرسة علمية في كربلا فقام أولئك الاخوة
بالمشروعين خير قيام. اما سور سامراء فهو موجود إلى يومنا هذا. واما
المدرسة فهي المشهورة في يومنا هذا بمدرسة حسن خان في الزاوية
الشمالية الشرقية من صحن الحسين ع. وقد أوقف عليها بانيها
الدكاكين الواقعة خلف المدرسة في سوق البقالين بين الحرمين وأوقف عليها
خانات وحوانيت أخرى في كربلا المشرفة وفي إيران وكانت المدرسة مؤثثة
الغرف لجميع ما يحتاج إليها طالب العلم من كتب وفرش وأواني وغيرها. ٤٠٣:
محمد باقر الشبيبي.
يذكر في باقر. ٤٠٤:
السيد محمد باقر بن معز الدين محمد الحسيني النجفي أصلا الطوسي مولدا
ومسكنا.
عن تكملة أمل الآمل: كان والده القاضي معز الدين محمد من
أساتيذ مولانا محمد تقي المجلسي كما صرح بذلك المجلسي في البحار. ٤٠٥:
المولى محمد باقر بن محمد حسين التستري.
توفي سنة ١١٣٥.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان عالما صالحا عارفا بالعربية والفقه رضي الاخلاق كثير الكد
والاشتغال أكثر القراءة على جدي ويروي عن المولى عبد الرحيم الجامي
بالقراءة أيضا وعن الشريف أبي الحسن العاملي الغروي بالإجازة قرأت عليه
بضعة من شرح اللمعة. ٤٠٦:
الشيخ محمد باقر بن الغازي القزويني أخو ملا خليل القزويني.
عالم فاضل متكلم جليل كان مدرسا في المدرسة التفاتية بقزوين ويؤم
في مسجد محلته له حاشية على حاشية عدة أخيه ورسالة في الجمعة
والفهرست الذي هو منتخب كتاب العقل والتوحيد والحجة والمعيشة. ٤٠٧:
السيد محمد باقر بن علي الحسيني القزويني.
في التكملة: عالم جليل وفاضل نبيل فقيه أصولي ماهر محقق قرأ على
شريف العلماء وعلى الشيخ علي ابن الشيخ جعفر له رسالة في مقدمة
الواجب ورسالة في نقل الملائكة النقالة وتجاوز عمره الثمانين. ٤٠٨:
السيد محمد باقر بن محمد حسين بن بديع الزمان الحسيني الأصفهاني.
ولد سنة ١٢٠٨.
فاضل معروف بمعرفة النجوم له كتاب زيج أصفهان في رصد
الكواكب واحكام النجوم بأفقها في ١٥٤ صفحة فرع منه يوم النيروز رابع
(١٨٧)

عشر جمادى الأولى سنة ١٢٣٣ وجد منه نسخة مخطوطة بخط يده في مكتبة
السيد هبة الدين الشهرستاني. ٤٠٩:
محمد باقر المازندراني.
ذكره عبد الرزاق الدنبلي في تجربة الأحرار وقال إنه رآه عام ١١٨٨
وهو شيخ كبير وقال في حقه: شيخ الطائفة سيد فضلاء المتأخرين سند
علماء المتقدمين سالك مناهج اليقين مولانا محمد باقر المازندراني. ٤١٠:
الميرزا السيد محمد باقر صدر الخاصة الأول ابن الميرزا السيد حسن
الحسيني المرعشي.
كان عالما فقيها نبيها جليل القدر عظيم المنزلة من وجوه علماء عصره
قرأ على والده ويروي عنه جماعة منهم المولى غياث الدين محمد إبراهيم
الخوزاني الأصبهاني الذي يروي عنه السيد نصر الله الحائري الشهيد
والشيخ محمد الكاشاني صاحب مرآة الزمان ويروي المترجم عن المجلسي
الثاني وعن والده الميرزا السيد حسن عن والده سلطان العلماء السيد حسين
عن الشيخ البهائي. له رسالة في الشكوك وحواش على الفقيه وعلى شرح
اللمعة. قال القزويني في تكملة الأمل: عمر أزيد من مائة سنة حتى أدرك
أوائل سلطنة نادر شاه وكان صدرا للسلاطين الصفوية خلف الميرزا محمد
سليم والميرزا شمس الدين محمد والميرزا محمد تقي والميرزا محمد جعفر
والميرزا محمد فاضل والميرزا علاء الدين الحسيني الذي نال الصدارة. ٤١١:
ميرزا محمد باقر ابن الأمير السيد إبراهيم بن محمد باقر الرضوي القمي
أصلا الهمذاني مولدا ومسكنا ابن محمد علي بن محمد مهدي وباقي النسب
ذكر في صدر الدين بن محمد باقر.
توفي في ١٨ صفر سنة ١٢١٨ بهمذان ونقل إلى قم ودفن بدار
الحفاظ.
هو ابن اخ السيد صدر الدين شارح الوافية كان من العلماء المحققين
والمتكلمين المدققين صاحب تصانيف كثيرة منها ١ شرح أصول الكافي
٢ رسالة في المعاد الجسماني وله أشعار رائقة يروى عن أبيه. ٤١٢:
الميرزا محمد باقر بن محمد اللاهيجي.
من علماء عصر فتح علي شاه القاجاري.
له تحفة الخاقان في تفسير القرآن بالفارسية في خمس مجلدات المجلد
الأول منه في تفسير قصص الأنبياء وغيرها كتبه باسم السلطان المذكور وهو
بترتيب الأنبياء من آدم إلى محمد ص وله شرح نهج البلاغة بالفارسية. ٤١٣:
السيد محمد باقر بن محمد تقي الموسوي الشفتي الرشتي الجيلاني مولدا
الأصبهاني مسكنا ومدفنا.
توفي في أصفهان سنة ١٢٦٠ ودفن في البقعة التي بناها في جنب
مسجده في محلة بيدآباد والشفتي نسبة إلى شفت بشين معجمة
مفتوحة وفاء ساكنة ومثناه فوقية قرية من قرى جيلان ورشت قصبة جيلان
وجيلان اسم للقطر.
الفقيه الامام الرئيس في أصفهان هاجر إلى العراق في ابان الطلب
واخذ في النجف عن بحر العلوم الطباطبائي وفي كربلاء عن صاحب
الرياض وفي الكاظمية عن صاحب المحصول وفي رجوعه إلى إيران مر بقم
فاخذ عن صاحب القوانين ولما عاد إلى أصفهان كان فقيرا لا يملك شروى
نقير ثم نال من الثروة والمال والأملاك ما لم ينل أحد من العلماء وكان رئيسا
مبسوط اليه في أصفهان وسائر إيران يقيم الحدود الشرعية وله آثار فخمة لا
يشيدها الا الملوك مثل مسجده في شق بيدآباد الذي بناه سنة ١٢٤٥
وكان في جمعه الدين والدنيا مصداق قوله ع وقد يجمعها الله لأقوام
اجتمع فيه من الخصال الحميدة من العلم والفضل والتقوى والسخاء
والاهتمام بأمور المسلمين والجاه العظيم والسعي في نشر الشرائع والاحكام
وتعظيم شعائر الاسلام وإقامة الحدود والهيبة في قلوب السلاطين والحكام ما
لم يجتمع في أحد من اقرانه. وعن الروضة البهية للسيد محمد شفيع: انه
بعد فراغه من التحصيل عاد إلى أصفهان مع الحاج محمد إبراهيم
الكرباسي وكانا صديقين رفيقين وكان هو في فقره المدقع فنزل مدرسة
جهار باع البساتين الأربعة فاجتمع عليه الطلاب فأخرجه المدرس
فخرج ولم يعارض.
مؤلفاته
له: ١ مطالع الأنوار في شرح الشرائع عدة مجلدات ٢ تحفة
الأبرار في آداب صلاة الليل فارسية ٣ رسالة في شكوك الصلاة وعدة
رسائل في الرجال ٤ في إسحاق بن عمار ٥ في ابان بن عثمان ٦ في
إبراهيم بن هاشم ٧ محمد بن عيسى اليقطيني وعدة الكافي وحماد بن عيسى
وعمر بن يزيد وسهل بن زياد ومحمد بن إسماعيل وعبد الحميد بن سالم
٨ في أحوال ولد عبد الحميد ٩ في محمد بن سنان ١٠ في اتحاد
معاوية بن شريح مع ابن ميسرة ١١ في العقد على أخت الزوجة المطلقة
١٢ في قبول قول المرأة في عدم المانع لها من النكاح ١٣ في أنه هل
للولي ان يهب المدة في العقد المنقطع ١٤ في مناسك الحج ١٥ في
وجوب إقامة المجتهدين الحدود في زمن الغيبة ١٦ في الوقف ١٧ في
زيارة عاشوراء ١٨ حاشية على السيوطي رأيتها في النجف الأشرف سنة
١٣٥٢ فرع من الجزء الأول منها في رجب سنة ١٢٠٤ ألفها في الكاظمية
وهو مريض باحتراق البول ١٩ في الحقيقة والمجاز ٢٠ في السؤال
والجواب في جملة من المسائل الفقهية.
أولاده
خلف من الأولاد الميرزا زين العابدين والمير محمد مهدي والسيد
محمد علي والسيد أسد الله والسيد مؤمن جلهم علماء فضلاء انتهت إليهم
الرياسة العلمية بعد أبيهم في أصفهان. ٤١٤:
مولانا محمد باقر السبزواري الخراساني.
له رسالة في الغناء مخطوطة مختصرة وجدت منها نسخة في مكتبة
شريعتمدار الرشتي بخط بهاء الدين محمد الحسيني الطالقاني بن محمد شفيع
في دار العلم شيراز سنة ١١٨٧ وبعدها رسالة في شرح حديث ان الله خلق
آدم على صورته وفي آخرها حرره الفقير إلى الله الغني محمد شفيع الحسيني. ٤١٥:
السيد محمد باقر الموسوي الحكيم.
من أطباء الشاه سليمان الصفوي له كتاب الأدوية القلبية فارسي ألفه
(١٨٨)

بامر الشاه المذكور منه نسخة في الخزانة الرضوية مخطوطة. ٤١٦:
محمد باقر الخراساني.
مدرسة ملا محمد باقر المشهورة بالسميعية في الشارع الأعلى كتب على
بابها بخط في غاية الجودة رقاعي في الصخر المنبت: قد اتفق اتمام بناء هذه
المدرسة الشريفة السميعية في أيام دولة السلطان الأعظم مولى ملوك العرب
والترك والعجم الشاه سليمان الصفوي الحسيني بهادرخان خلد الله دولته
بتجويز عالي حضرة أكمل الفضلاء والحكماء مجتهد الزمان مولانا محمد باقر
الخراساني من مال حضرة الفاضل الباذل ذي الحسب الرفيع مولانا محمد
سميع باهتمام السيد العالم العامل مير عبد الحسين وسعي حاجي محمد
شفيع الأصفهانيين سنة ١٠٨٣ كتبه محمد رحيم آه وبذلك عرف وجه
اشتهارها بالسميعية وتسميتها بمدرسة ملا محمد باقر. ٤١٧:
السيد محمد باقر ابن السيد محمد الموسوي الشيرازي وتلقب سلسلته بملأ
باشي.
توفي سنة ١٢٤٠ ودفن في تكية الخواجة حافظ في شيراز.
حاوي الفروع والأصول جامع المعقول والمنقول وهو وان كان معروفا
بالحذق في الطب ولكنه كان منصرفا عن الطب ومتوجها إلى الاستفادة من
محققي الحكماء ومدققي الفضلاء مجموعة فضل وعلم له من المؤلفات
١ أنوار القلوب في الاخبار والمواعظ والاخلاق فارسي مطبوع
٢ شرح الصحيفة السجادية أكبر من شرح السيد علي خان كتبه على
مذهب اهل العرفان ٣ بحر الجواهر في الكلام ٤ أنوار الحقائق
٥ مقاصد الصالحين. ٤١٨:
الشيخ محمد باقر بن محمد جعفر بن محمد كافي بن محمد يوسف البهاري
الهمداني.
تقدم بعنوان الشيخ باقر بن محمد جعفر. ٤١٩:
المولى محمد باقر بن عبد الرزاق اللاهيجي.
المتكلم الحكيم العارف المحدث كان من تلاميذ والده في العقليات
ومن تلاميذ أخيه الميرزا حسن في العلوم النقلية وللمترجم شرح على بصائر
الدرجات للصفار فرع منه في شوال سنة ١٠٨٣ بشاه جهان آباد من بلاد
الهند. ٤٢٠:
السيد محمد باقر ابن المير شمس الدين محمد الحسيني الاسترآبادي الأصل
المعروف بالمير الداماد.
توفي سنة ١٠٤١ في النجف لما جاء لزيارة مشاهد العراق مع الشاه
صفي الصفوي.
الداماد بالفارسية الصهر ولقب بذلك لأن أباه كان صهر الشيخ
علي بن عبد العال الكركي ولقب هو بذلك بعد أبيه.
كان فيلسوفا رياضيا متفننا في جميع العلوم الغريبة شاعرا بالعربية
والفارسية ويتخلص باشراق وكان مقربا جدا لدى الشاه عباس الصفوي
وقد ذكره إسكندر بيك في تاريخ عالم أرا وعلي قلي خان في رياضيي الشعراء
والسيد علي خان في السلافة. وهو معاصر للشيخ البهائي هاجر إلى
خراسان وعراق العجم واخذ عن السيد نور الدين علي بن أبي الحسن
الموسوي وعن خاله المحقق الثاني وغيرهما وكان من عيون تلاميذ قطب
الدين الاشكوري العارف وصدر الدين الشيرازي المعروف بملأ صدرا،
وله آثار باقية في الحكمة وأصول الدين والفقه وغيرها، وعباراته في بعض
مؤلفاته غير خالية من التعقيد وقد يستعمل في عناوين كلامه ألفاظا نفرد
باستعمالها بحال شبيه بالتقعر فيقول في رسالة الرضاع استوجب حق صون
الدين عن تحريف الغالين استجداد الكشط واستحفاء الفحص في تقدمة
واستنباتات ثلاث وتختمة. ويقول في بعض عناوينه: ضابط وفيصل.
ضابطة وتثبيت وفي بعضها ذيالة فيها مقالة. ذنابة. ضابطة احصائية.
شك وضابطة. بحث تفصيلي وضابط تحصيلي. ضابطة تلخيصية لحاقة.
مؤلفاته
١ نبراس الضياء في تحقيق معنى البداء ٢ القبسات
٣ الايقاظات ٤ تقدمة تقويم الايمان ٥ حواشي رجال الكشي
٦ رسالة في الرضاع ٧ رسالة في خلق الأفعال ٨ رسالة في تحقيق
مفهوم الوجود ٩ الأنموذج ذكر فيه عشرين إشكالا عويصا فيما يتعلق
بالرياضي ذي الأصلين وغيرها اوله: بعد الحمد له، فيا ولدي الروحاني
ويا حبيبي العقلاني يا أشرف آل خاتون يا من هو بقريحته الملكوتية لكل
غامض قانون ١٠ الايماضات والتشريفات في حدوث العالم وقدمه
وأوله: سبحانك اللهم رب الخلق والامر لك الملك ولك الحمد الخ
١١ تقويم الايمان فيه مبحث واجب الوجود وتقديسه وتمجيده اوله
تقدست يا من الأنوار ظلالك الخ ١٢ الجذوات في بيان سبب عدم
احتراق جسد موسى ع واحتراق الجبل في حال التجلي في
طور سيناء ألفه للشاه صفي اوله:
عينان عينان لم يكتبهما قلم في كل عين من العينين عينان
١٣ الأفق المبين في الحكمة الآلهية وله سبحانك اللهم جل حمدك
وعز مجدك يا رب العاقلات العالية والسافلات البالية، إلى قوله: تلويح
استناري عسيت ان أثبت لك الخ يقرب من ١٥ ألف بيت يوجد عند
السيد هبة الدين الشهرستاني في بغداد ١٤ الاعضالات العويصات في
فنون العلوم والصناعات يعرف بالسبع الشداد طبع في إيران
١٥ حاشية تقويم الايمان وكتاب التصحيحات والتقويمات فيه فلسفة
الايمان وتقويم الحكمة فيه طرف من الأحاديث الدالة على امامة علي بن أبي
طالب ع وفضائله اوله الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيد
المرسلين الخ لم يعلم انه له أو لغيره ١٦ رسالة في حدوث العالم طبعت
في هامش القبسات ١٧ رسالة في العلم الواجب ١٨ الرواشح
السماوية في شرح أحاديث الامامية وهو شرح على الكافي ١٩ ديوان
شعر.
وذكر مؤلفاته سبطه السيد محمد أشرف في كتابه فضائل السادات
وقال: كلها لجدي ثالث المعلمين ومراده به المترجم لأن جدته أم أبيه عبد
الحسيب هي بنت المحقق الداماد ولذلك يعبر عنه بجدي الأعلى. ٤٢١:
ملا محمد باقر الشهير بالكبير الكرمرودي العراقي.
ولد سنة ١٢٥٧ وتوفي سنة ١٣١٥ تلمذ في السطوح عند السيد عبد
الرحمن الكرمرودي ثم ارتحل من كرمرود إلى ملاير وتلمذ عند الآخوند ملا
(١٨٩)

احمد الملايري ثم ارتحل إلى النجف فتلمذ إلى الأنصاري ثم رجع إلى إيران
فأقام مدة في طهران واشتغل بالتدريس ثم ذهب إلى بلده كنكاور وأقام بها
إلى حين وفاته. له من المؤلفات ١ في رسالة المواسعة والمضايقة
٢ رسالة في اجتماع الأمر والنهي ٣ رسالة في علم الكلام
٤ رسالة في شرح منظومة الطباطبائي ٥ رسالة في الأصول في مباحث
الألفاظ ٦ رسالة في الاستصحاب وغير ذلك.
تخلف بولده آقا محمد نزيل بلدة كنكاور ومرجع أهلها. ويروي عن
المترجم جماعة منهم السيد شمس الدين محمود الحسيني المرعشي التبريزي
المتوفى سنة ١٣٣٨ ٤٢٢:
ميرزا محمد باقر بن محمد إبراهيم بن محمد علي بن محمد مهدي
الحسيني الرضوي القمي الهمداني.
توفي سنة ١٢١٨ ودفن بدار الحفاظ في قم. ذكره النيسابوري في
رجاله. له رسالة في المعاد الجسماني. ٤٢٣:
الميرزا محمد باقر ابن المولى علي رضا الأردكاني معاصر لصاحب الجواهر.
له جامع الشواهد فارسي شرح فيه الأبيات المستشهد بها في كتب
العربية المتداولة اختصره من كتابه الشواهد الكبرى مطبوع مرارا. ٤٢٤:
محمد بن بحر الشيباني.
ذكر الصدوق ان له كتاب الفروق بين الأباطيل والحقوق ونقل عنه
خبرا مسندا فيما شرطه الحسن ع على معاوية. ٤٢٥:
الشيخ محمد البحراني.
في تجربة الأحرار: كان عالما في علم النحو واللغة والكلام من
فضلاء زمانه أدبيا شاعرا وكان ساكنا مدة في العتبات المقدسة وفي دار العلم
شيراز وفي أواخر امره طلبه السلطان فتح علي شاه لاجراء الأحكام الشرعية
وامامة الجماعة في طهران ورأيته فيها سنة ١١٠٩ وقد توفي فيها عام
١١٢١. ٤٢٦:
محمد بلبان الكركي شيخ كرك نوح.
في ذيل تذكرة الحفاظ: انه في يوم ١٣ ذي القعدة سنة ٨٤٢ قتلت
عامة دمشق شيخ كرك نوح محمد بلبان وولده آه والظاهر أنه من
الشيعة وقتله لاجل التشيع لأن اهل كرك نوح كانوا شيعة في ذلك العصر
المقارب لعصر المحقق الكركي بل كانت دار العلم مقصد الطلاب والعلماء
في ذلك الوقت. ٤٢٧:
الشيخ محمد التبريزي.
توفي سنة ١٣٢٠.
من شعراء الحلة المطبوعين ولد في تبريز وهاجر إلى العراق محترفا
للتجارة وكان يتردد على البادية والأرياف ولم يكن قويا في العربية وله ديوان
يقع في نحو ثمانمائة صفحة يوجد عند أولاده في الحلة وهو خال من
المواضيع المألوفة كالمديح والرثاء وأكثره في الصفات والتشبيب وشؤونه
الخاصة ومن شعره البيت السائر في فتاة كانت تختلف اليه الشراء الخبز
وتدعوه عمي:
وقائلة عمي ولست بعمها * ولكنني أفدي بعمي خالها
وله:
لست أبيع الشئ من بضاعتي * ما لم يكن فيه قليل منفعة
فمن يجئني شاريا اهلا به * ومن يرح عني فالله معه
وله وقد فتش العشار ثيابه بعد أمتعته في البصرة:
الا رب عشار خبيث أهاجني * على جرف العشار حيث أهاجا
وقد اخذ النعشير عن كل سلعة * وفتش جيبي مطمعا ولجاجا
فقلت له ما ذا تفتش بعد ذا * أتأخذ احدى خصيتي خراجا
وله في موظفي الحكومة التركية:
لم يكفهم تعشير أملاكنا * حتى استزادوا بالإجارات
قد قللوا الأقوات في أرضنا * وأكسدوا سوق التجارات
لقد مشوا عنا الا فاقذفوا * وراءهم سبع حجارات
وله:
أسائلها فتسكت عن جوابي * ولا تحكي فيزداد الجوى بي
فصرن هموم قلبي كالرواسي * وصرن حياض دمعي كالجوابي
وله:
رب عجوز سرقت مخيطي * ثم انثنت تسحب أذيالها
فليت شعري ما أرادت به * أظنها خاطت به ما... ٤٢٨:
ملا محمد التربتي.
نسبة إلى تربة بلدة في إيران.
في فردوس التواريخ: العالم الرباني والفقيه الصمداني والزاهد
الواقعي كمل الفقه والأصول عند السيدين السندين السيد محمد علم
الهدى وميرزا محمد الرضوي. وكان امام جماعة مقبولا عند عموم الناس
بحيث ان أكثر المقدسين والفضلاء والطلاب يأتمون به وكان يشتغل
بالتدريس. ٤٢٩:
الشيخ محمد التبريزي الهريسي مولدا الكاظمي مسكنا.
ولد في قرية هريس أذربايجان سنة ١٣١٥ وارتحل إلى تبريز سنة
١٣٢٥ وقرأ الصرف والنحو والمنطق والبيان على الشيخ محمد علي التبريزي
وسافر إلى النجف الأشرف للتحصيل سنة ١٣٣٤ وقرأ المكاسب والرسائل
والكفاية على الشيخ حسين الرشتي ثم حضر بحث السيد أبي الحسن
الأصفهاني والشيخ مهدي الخالصي. وله إجازات من السيد أبي الحسن
الأصفهاني والسيد حسن الصدر ومن المؤلف. له شرح على التبصرة
للعلامة إلى الحج وشرح على عوامل ملا محسن في النحو ورسالة يذكر فيها
ما وقع له في سفره إلى كركوك وحولها.

(١) العشار موظف الضرائب.
(١٩٠)

٤٣٠:
السيد ميرزا شمس الدين محمد التقوي الرضوي.
من مشاهير السادات التقوية الرضوية في المشهد المقدس الرضوي
ورئيس خدمة العتبة الرضوية.
له تتبع في الحديث والآثار. له كتاب اسمه وسيلة الرضوان في
أحوال وكرامات الرضى ع وكان معاصرا للشاه حسين الصفوي وكان
حيا سنة ١١٣٦ ونسخة كتاب وسيلة الرضوان كانت عند الميرزا عبد الرحمن
المدرس الأول في الآستانة الرضوية المقدسة حين تأليفه تاريخ علماء خراسان
واخذ منها أسماء جماعة من العلماء والأطباء المعاصرين للمترجم ونحن نذكر
أسماء جماعة منهم. ٤٣١:
الميرزا محمد تقي المدعو بالحاج بانا الشيرازي الملقب بملك الأطباء.
توفي قبل سنة ١٢٩٠ بقليل له الرسالة الصغرى والرسالة الكبرى
فارسيتان مطبوعتان. ٤٣٢:
الشيخ محمد تقي القمي.
عالم عامل فاضل فقيه ورع من قدماء تلامذة الميرزا الشيرازي توفي في
قم ودفن في مقبرة المشايخ الكبرى مقابل قبر المحقق القمي وهو أخو الملا
على الفقيه الفاضل المحقق الذي توفي في هذا العصر. ٤٣٣:
السيد محمد تقي ابن الأمير السيد محمد حسين المرعشي الحسيني الشهرستاني
المتوفى سنة ١٢٤٦ الذي تزوج بنت السيد الميرزا محمد مهدي الموسوي
الشهرستاني المتوفى سنة ١٢١٦ وبتلك المصاهرة لقب هو وأولاده وأحفاده
بالشهرستاني. لأن المرعشيين كما مر حسينيون والسادة الشهرستانيون
موسويون.
ولد المترجم في كربلاء سنة ١٢١٣ وتوفي فيها ليلة السبت ٢٩ ذي
الحجة سنة ١٣٠٧ بعد أن عمر ٩٤ سنة ودفن في مقبرة الشهرستانيين في
رواق روضة الإمام الحسين ع بكربلاء. تلمذ على صاحب الجواهر
وعلى الشيخ مرتضى الأنصاري وله منهما إجازات.
كان ورعا تقيا صالحا فقيها له مؤلفات في الفقه والأصول لم تخرج إلى
البياض انتقلت إلى أكبر أولاده السيد ميرزا علي آقا. كما ألف كتابا ضخما
في الأدعية والاعمال سماه ذخيرة المعاد للتقي من العباد وهو مجموعة
جامعة من الأدعية واعمال النهار والأسابيع والشهور وغيرها من الاذكار.
وهو باللغتين العربية والفارسية وبخطه، وتاريخه العشر الأخير من شهر
رجب ١٢٥٧ وتوجد هذه النسخة لدى حفيده السيد احمد المرعشي
الحسيني الشهرستاني المقيم في طهران حاليا. وكما يظهر من تاريخ الكتابة
ان المترجم عمر بعد تأليفه إياها نصف قرن بالتمام.
وأعقب المترجم ١٢ ولدا ستة ذكور وست إناث فيهم العلماء الاعلام
الذين سكنوا كربلا والنجف. وذريته منتشرون الآن في أكثر مدن العراق
وإيران، بينهم علماء وأدباء وفضلاء. ٤٣٤:
الشيخ محمد تقي ابن المولى احمد البروجردي نزيل بلدة كاشان.
كان عالما واعظا فقيها أديبا شاعرا مخلصا في ولاء أهل البيت عليهم
السلام له تأليف منها كتاب
عين البكاء في مصائب المعصومين وكتاب لب عين البكاء هو ملخصه بالفارسية ألفه سنة ١٠٠٩ وعلى ظهره إجازة منه
للمولى عبد الله الكاشاني تلميذه والنسخة عند السيد شهاب الدين الحسيني
النجفي وتاريخ الإجازة سنة ١١٠٣ ويروي فيها عن المجلسي صاحب
البحار. ٤٣٥:
السيد محمد تقي ابن السيد حسين سيد العلماء.
ولد سنة ١٢٣٤ وتوفي في ٢٤ رمضان سنة ١٢٨٩ وصلى عليه ابنه
السيد محمد إبراهيم ودفن في حسينيته بلكهنوء.
كان عالما فقيها أصوليا متكلما أديبا مفسرا نحويا حكيما لم يعهد مثله في
الجامعية وهو أعلم أحفاد السيد دلدار علي وأورعهم تقلد الزعامة الدينية
بعد أبيه حتى تسلمها منه ولده السيد إبراهيم. قرأ على أبيه العلوم الأولية
والنهائية حتى الفقه وأصوله وفرع منها في حداثة سنه وطار صيته في الآفاق
وشرق وغرب ذكره وتخرج عنده جمع كثير من العلماء والمبرزين وخزانة كتبه
من كبار المكاتب في الهند فيها من الكتب النادرة والمخطوطة في القرن الثالث
والرابع من الهجرة وما يليها ما لا يوجد في غيرها ومنها الصحيفة السجادية
بخط الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي ومصحف في ثلاثين صفحة كل
جزء في صفحة بخط أنيق وهو يروي عن أبيه بإجازة مفصلة وعن عمه
سلطان العلماء السيد محمد وعن صاحب الجواهر وهذه الإجازات الثلاث
قد طبعت في مجلد واحد بالهند. له من المؤلفات ١ ينابيع الأنوار في
تفسير كلام الله الجبار برز منه مجلدان ضخمان إلى سورة آل عمران يشتمل
على كثير من الحقائق وقد تصدى فيه للمناظرة مع فخر الدين الرازي في
تفسيره الكبير ٢ ارشاد المبتدين إلى احكام الدين في الفقه ٣ ارشاد
المؤمنين في فضل صلاة الجمعة ٤ حديقة الواعظين في المواعظ والحكم
٥ حاشية على شرح الجغميني في الهيئة ٦ الدعوات الفاخرة في
الأدعية المأثورة عن العترة الطاهرة ٧ رسالة في تحقيق بعض المسائل من
صلاة الجماعة ٨ رسالة في المواريث ٩ شرح مقدمات الحدائق
١٠ ظهير الشيعة في احكام الشريعة ١١ العباب في علم الاعراب
١٢ غنية السائل في مسائل الفقه والكلام ١٣ غوث اللائذ وعون
العائذ ١٤ الفرائد البهية في شرح الفوائد الصمدية ١٥ كتاب
الدعوات والاستغاثات ١٦ كتاب الضراعات إلى قاضي الحاجات
١٧ منهج الطاعات ١٨ منتخب لآثار ١٩ مرشد المؤمنين في
الفقه ٢٠ رسالة في مسالة القطع ٢١ نخبة الدعوات ٢٢ نزهة
الواعظين في المواعظ والعبر ٢٣ الوسائل إلى المسائل ٢٤ هداية
المسترشدين في شرح تبصرة المتعلمين برز منه مقدمة في أصول الفقه في
كتاب ضخم لكنه لم يتسن له كتابة غير المقدمة ٢٥ حاشية على شرح
هداية الحكمة للصدر الشيرازي ٢٦ الارشاد إلى حسن الدعاء
٢٧ نخبة المعجزات ٢٨ رسالة في جواز الائتمام بمن لم يتبين فسقه
٢٩ كتاب الأسئلة والأجوبة. ٤٣٦:
السيد محمد تقي ابن السيد محمد إبراهيم ابن السيد محمد تقي ابن السيد
حسن ابن السيد دلدار علي النقوي النصيرآبادي اللكهنوئي.
ولد سنة ١٢٩٣ وتوفي في سادس شهر المحرم سنة ١٣٤١.
كان أكبر ولد أبيه وكان فاضلا متتبعا يؤم الجماعات. له ظهير
اللاجئين وأمان الخائفين عربي في الأدعية المأثورة. رسالة في صلاة

(١) مطلع الشمس.
(١٩١)

الجمعة تفسير سورة الحمد. كتاب في المواعظ وغير ذلك. ٤٣٧:
الشيخ محمد تقي البجنوردي المشهدي.
توفي ليلة ١٤ صفر سنة ١٣١٤ ودفن في دار السيادة على يسار الخارج
منها إلى مسجد كوهرشاد البجنوردي نسبة إلى بجنورد بلد من بلدان
خراسان. عالم كبير وفقيه شهير صالح عابد ثقة عدل من اعلام الدين
وأئمة المسلمين له مقامات عالية في التقوى والورع وعدم مخالطة الحكام
وأهل الدنيا كبير في قلوب اهل الدين من أراد شرح مقاماته فعليه بكتاب
تاريخ علماء خراسان تأليف الميرزا عبد الرحمن المدرس في الحضرة الرضوية
وله خلف صالح ورع وفي كتاب مطلع الشمس: الشيخ الشهير
والفقيه الكبير اصله من اهل بوزنجرد ولكن بعد تحصيله علم الفقه وتكميله
الشرعيات بسنين جاور في المشهد المقدس الرضوي وكان لأهل ذلك البلد
به وثوق عجيب ولم يجتمع خلف أحد من أئمة الجماعة ما يجتمع خلفه ومن
شدة ورعه ونهاية زهده لا يراود أحدا من اهل الدنيا ومستخدمي الديوان
زاد الله في توفيقه. ٤٣٨:
السيد ميرزا محمد تقي ابن ميرزا إبراهيم الناظر بن محمد رضا بن محمد بن
مهدي الشهيد بن محمد إبراهيم بن محمد بديع الرضوي المشهدي وباقي
النسب ذكر في محمد بديع.
في الشجرة الطيبة: سيد جليل نبيه وحبر معتمد فقيه جامع المعقول
والمنقول حاوي الفروع والأصول مالك أزمة التحقيق والتدقيق صاحب
ملكة الاجتهاد على التحقيق وهو من حيثية المراتب العلمية يحسب من
أعاظم الفقهاء الراشدين والعلماء المتبحرين ومن جهة المآثر الدنيوية يعد من
اجلاء الأعيان وبهذا اللحاظ كان منظور توجهات فقيه عصره ونادرة دهره
ميرزا هداية الله ابن ميرزا مهدي الشهيد فاختصه بمصاهرته فزوجه ابنته ولما
توفيت زوجه أختها فولد له منهما ميرزا إبراهيم وميرزا محمد علي وأكبرهما
ميرزا إبراهيم يعد في مراتب العلم والكمال والفضل والافضال من الأعيان
العظام والاجلاء الفخام سليم النفس كريم الطبع حسن الخلق رحيم
القلب. ٤٣٩:
السيد محمد تقي بن أبي الحسن الحسيني الاسترآبادي.
فاضل جليل فقيه له: ١ تذكرة العابدين في الفقه ٢ رسالة في
وجوب صلاة الجمعة ٣ رسالة في شرح خطبة الشرائع ٤ مجمع
الفرائد حواشي على تلخيص المفتاح ٥ مناسك الحج فرع منه سنة
١٠٢٢ ٦ مجمع الفوائد حاشية على التجريد وشرحه للمولى علي
القوشجي وغير ذلك. قرأ على الشيخ البهائي والمير الداماد ووجد بخطه
إجازة للمير معز الدين على ظهر كتاب تحفة الرضا وفي آخرها: كتب هذه
الأحرف أقل الأنام محمد تقي بن الحسن الظهير الحسيني الاسترآبادي في
أوائل العشر الثاني من ذي القعدة سنة ١٠٢٧ ووجد على ظهر نسخة من
تحفة الرضا إجازة من السيد محمد تقي الاسترآبادي بخطه للمؤلف قال
فيها: ومن الموفقين لسلوك أشرف السبيلين السيد الأجل الأفضل والسند
المحقق الأكمل نسل العترة الطاهرة وسلالة الأنجم الزاهرة صاحب
الاخلاق الرضية والملكات المرضية الجامع بين مكارم الاخلاق وطيب
الأعراق قدوة أعاظم السادات الكرام وعنوان صفيحة صفائح أفاضل
العلماء الاعلام معز الدين والدنيا الأمير الكبير معز الدين محمد بن أبي
الحسن الموسوي وفقه الله وكتب في آخر الكتاب فهرست مصنفات خادم
عتبة الرضا ع معز الدين محمد أبي الحسن الموسوي ثم ذكر مؤلفاته وهي
تزيد على خمسين مصنا وألف عدة كتب كل منها موسوم بالتحفة مضافة إلى
أحد أسماء المعصومين مثل تحفة النبي في عمل السنة وتحفة فاطمة في
الصرف وهكذا إلى تحفة القائم في أصول الدين. ٤٤٠:
الميرزا محمد تقي الشيرازي الحائري ابن محب علي.
توفي ٣ ذي الحجة سنة ١٣٣٨ في كربلاء.
كان والده من اهل الورع والدين جاور في الحائر واخوه الميرزا محمد
علي سكن شيراز وكان من مراجعها وهم بيت حكمة وعلم وأدب ينظمون
الشعر الرائق بالفارسية وقد كان عم المترجم من مشاهير الشعراء. حضر
المترجم على الأردكاني ثم قصد سامراء فحضر على الميرزا الشيرازي وانقطع
اليه حتى صار من أكبر تلامذته وبعد وفاة الشيرازي بقي في سامراء ورجع
إلى تقليده والعمل بفتاواه جماعة كثيرة. وفي أثناء الحرب العامة وانسحاب
العثمانيين من العراق لم يتمكن من البقاء في سامراء فغادرها إلى الكاظمية
ثم إلى كربلا وأقام فيها وبعد وفاة السيد محمد كاظم اليزدي انتقلت الرياسة
اليه وبفتواه الشهيرة أعلنت الثورة العراقية على الاحتلال الانكليزي وكان له
فيها مواقف مشهودة على ما هو معروف في تاريخ تلك الثورة وما زال على
ذلك حتى توفي والثورة قائمة على قدم وساق فدفن في البقعة المخصوصة في
الصحن الحسيني.
كتب كثيرا من مباحث الأصول وطبع له حاشية على المكاسب وهو
شاعر باللغة الفارسية وأكثر شعره في مدائح أهل البيت النبوي ورثائهم. ٤٤١:
السيد معز الدين محمد بن تقي الدين الحسيني الأصفهاني قاضي أصفهان
في عصر الشاه عباس الأول.
عالم نحرير فاضل جليل متكلم فقيه يروي عنه المجلسي الأول
ويروي هو عن المحقق الكركي ويعلم من كتاب نامه دانشوران في ذيل
ترجمة الشيخ إبراهيم القطيفي انه سيد حسيني وان له إجازة من الشيخ
إبراهيم والظاهر أنه والد السيد محمد باقر الحسيني الرضوي المترجم في
محله. ٤٤٢:
المولى محمد تقي الأصفهاني المجلس الأول.
ولد سنة ١٠٠٣ وتوفي سنة ١٠٧٠ في أصفهان ودفن في الباب القبلي
من الأبواب التسعة لجامعها الأعظم ودفن معه ولده العلامة المجلسي وغيره
من العلماء.
ينتهي نسبه من جهة الأب إلى الحافظ أبي نعيم احمد الأصفهاني
صاحب كتاب حلية الأولياء وغيره والمعروف انه من العامة لكن له كتب في
المناقب وفيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين ع ولكن حكى
صاحب رياض العلماء عن شيخه العلامة المجلسي انه سمع منه ان الظاهر
كونه من علماء أصحابنا واتقاؤه من العامة كما هو الغالب من أحوال ذلك
الزمان. ومن جهة الأم إلى المولى درويش بن الحسن النطنزي الذي يوجد

(١) التكملة.
(١٩٢)

اسمه أيضا في طرق إجازاته وفي الأمل: مولانا الاجل محمد تقي بن
المجلسي كان فاضلا عالما محققا متبحرا زاهدا عابدا ثقة متكلما فقيها
انتهى وعن اللؤلؤة: كان فاضلا محدثا ورعا ثقة ونسب إلى التصوف
كما اشتهر بين جملة ممن يقول بهذا القول الا ان ابنه قد نزهه عن ذلك في
بعض رسائله والتنزيه المشار اليه قوله وإياك ان تظن بالوالد انه من الصوفية
وانما كان يظهر انه منهم لاجل التوصل إلى ردهم عن اعتقاداتهم الباطلة.
وعن حدائق المقربين كان في علوم الفقه والتفسير والحديث والرجال فائق
اهل الدهر وفي الزهد والعبادة والتقوى والورع وترك الدنيا مقتديا بأستاذه
البهائي مشتغلا طول حياته بالرياضات والمجاهدات وتهذيب الاخلاق
والعبادات وترويج الأحاديث والسعي في حوائج المؤمنين وهداية الخلق
وانتشرت بيمن همته أحاديث أهل البيت واهتدى بنور هدايته الجم الغفير
إلى أن قال: وكان ينقل أستاذنا المولى محمد باقر المجلسي عنه كرامات
عديدة وأمورا عجيبة ومنامات غريبة. وفي الروضات قيل إنه أول من نشر
حديث الشيعة بعد ظهور دولة الصفوية. يروي عن المحقق الثاني والشيخ
البهائي والمولى عبد الله التستري والأمير إسحاق الاسترآبادي ويروي عنه
الشيخ عبد الله بن جابر العاملي وكان ابن عمة المجلسي الأول ومن مشائخ
إجازة المجلسي الثاني. وله أولاد فضلاء ذكور وإناث أفضلهم المولى محمد
باقر المسمى بالمجلسي على الاطلاق الذي فاق أباه في الفضل ولم يعقب منه
بل من أخيه عزيز الله ومنهم المولى عبد الله بن محمد تقي وأفضل بناته علما
زوجة المولى محمد صالح المازندراني. له من المصنفات شرحان على الفقيه
فارسي وعربي وشرح الصحيفة وحديقة المتقين فارسي في رسالة الرضا ع
وشرح الزيارة الجامعة وشرح حديث همام في صفات المؤمن وإجازات كثيرة
وحواشي كثيرة على جملة من كتب الحديث والرجال. وفي الروضات: وقد
شرح الصحيفة الكاملة أيضا بالعربية والفارسية غير تامين وله كتاب مناماته
العجيبة وأطيافه الصادقة. ووجدنا في مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني
في كربلا نسخة مخطوطة من كتاب له في الرجال. وفي الروضات فوضت
اليه امامة الجمعة بمسجديه الأعظمين بعد إماميهما الأقدمين السيد الداماد
والبهائي وكان امرها غير منتظم قبل ذلك فتارة يقيمها صاحب الذخيرة
بإشارة خليفة سلطان ومرة الشيخ لطف الله العاملي بإرادة بعض سلاطين
الوقت ومرة غيرهما حتى استقر الامر عليه. ٤٤٣:
السيد محمد تقي الرضوي المشهور بمير خدائي.
توفي سنة ١١٥٠ في المشهد المقدس ودفن بمقبرة قتلگاه.
من معاصري الشاه حسين الصفوي ونادر شاه الافشائي. زهده
وتقواه مسلمان في خراسان والعراق بل جميع الآفاق ويقال ان الشاه حسينا
الصفوي لما زار المشهد المقدس ذهب إلى دار المترجم وزاره وعرض عليه
جوائز من النقود والعروض فلم يقبل الا قرآنا بسبب جودة خطه فأراد الشاه
ان يخفف الخراج عن بعض مزارع المشهد الراجعة إلى المترجم فلم يرض
وقال هذا خلاف الانصاف أن لا أكون مساويا لأهل تلك المزارع فامر الشاه
بان يكون تمام تلك المزرعة مرفوع القلم.
ووجه اشتهاره بالمير خدائي انه كان في عصره في المشهد المقدس من
السادات الرضويين شخص آخر يعرف بمير محمد تقي مشهورا بمير شاهي
وكان أيضا من العباد والزهاد وحيث إن صيت مناقب ومعالي وزهد وتقوى
المترجم وصل من المشهد إلى أصفهان إلى مسامع الشاه حسين فأرسل يطلبه
فأبى فكتب الشاه إلى اهل المشهد وكلفهم بارساله وانهم إذا قصروا في ذلك
واقعوا في سخط الشاه فذهب اليه اهل المشهد وأصروا عليه في الذهاب فلم
يقبل فذهبوا إلى المير محمد تقي الرضوي الآخر وطلبوا منه الذهاب إلى
أصفهان وأصروا عليه حتى رضي بذلك وحصلت إطاعة امر الشاه ومن
ذلك الوقت هذان الرجل المتحدان في الاسم والبلد والنسبة صار يعرف
أحدهما بخدائي يعني الآلهي والاخر بالشاهي وتوفي في عهد نادر شاه. ٤٤٤:
السيد محمد تقي الرضوي المشهور بمير شاهي.
توفي في المشهد المقدس سنة ١١٥٠ ودفن بمقبرة قتل كاه.
كان واحد عصره في العبادة والرياضة والورع والزهد كما كان سميه
المير خدائي المقدم ذكره الا ان المير خدائي كان أكثر تقيدا بظاهر الشريعة
ومير شاهي بجادة الطريقة ويقال ان رضا قلي ميرزا بن نادر شاه لما عزم على
فتح ما وراء النهر بامر أبيه نادر شاه جاء اليه واستمد منه البركة فقال له إذا
كان سفرك هذا لوجه الله فالله معك وإلا فلا تصل إلى مطلوبك. ٤٤٥:
الشيخ محمد تقي الكلبايكاني النجفي.
الكلبايكاني نسبة إلى كلبايكان بكاف فارسية مضمومة ولام
وموحدة تحتية وألف ومثناة تحتية وكاف فارسية وألف ونون بلدة في إيران.
توفي في طاعون ١٢٩٨ في النجف وهو من الطواعين الجارفة كان يموت فيه
كل يوم أكثر من مائة نسمة ودفن في المشهد الشريف. تخرج في العلوم
الدينية بالشيخ مرتضى الأنصاري وكان مشاركا في الرياضيات مشهورا في
هذا الشأن زاهدا في الدنيا معرضا عنها متواضعا دمث الاخلاق يسكن في
زاوية من زوايا المشهد العلوي في الطبقة العليا. وقال في التكملة: عالم
فاضل رباني زاهد لم يكن في النجف أفضل منه في الحكمة بجميع أقسامها
حتى علم الطب كان تاركا للدنيا ساكنا احدى حجر الصحن الفوقانية ولم
يتزوج وكان من تلامذة حجة الاسلام البروجردي صنف كتبا كثيرة في
الحكمة والطب والفقه آه. وقال السيد أبو القاسم الموسوي واضع
الهندسة الحديثة التي لا تحتاج إلى الفرجار: رأيت بخطه مجلدات من
رسائل الحكماء في الكيمياء والجفر والحروف وله تعليقات وتوضيحات عليها
وتكفل لحل رموز لا يدركها الا الأوحدي. ونقل عن السيد أبي تراب
الخوانساري انه رأى منه مصنفات كثيرة في الفقه والأصول. ٤٤٦:
الشيخ محمد تقي الله الدهخوارقاني مولدا والقزويني منشأ.
توفي سنة ١٠٩٣ منسوب إلى دهخوارقان تكتب بالواو والألف وتنطق
بالألف فقط مثل خوارزم وخواجه وخوانسار.
عالم فاضل ماهر في كثير من الفنون خصوصا الطب قرأ على ملا
خليل القزويني وأخيه ملا محمد باقر. له مؤلفات ١ حواشي على العدة
٢ كشكول ٣ منظومة في المنطق ٤ كتاب في الطب ٥ مقامات
٦ ديوان شعر فارسي. ٤٤٧:
الشيخ محمد تقي الكاشاني الطهراني المعاصر.
من مشاهير العلماء في الحديث والتفسير والفقه والكلام وسائر
العلوم. له مصنفات كثيرة منها: ١ سفينة النجاة في الفقه ٢ هداية

(١) مطلع الشمس.
(١٩٣)

الطالبين ٣ بحر الفوائد ٤ جامع المواعظ ٥ توضيح الآيات
٦ وسيلة النجاة ٧ نجم الهداية وغير ذلك وهو غير ميرزا محمد تقي
الكاشاني الملقب بلسان الملك. ٤٤٨:
ميرزا محمد تقي ابن الميرزا عبد الله المشهدي.
توفي سنة ١٢٨٠.
كان مدرسا في المشهد الرضوي له منظومة في الفقه ومنظومة في
النحو. ٤٤٩:
ميرزا محمد تقي التبريزي العبد الوهابي.
في تجربة الأحرار: انه واعظ فصيح اللسان جمال الأيام أقضى
للقضاة من تلامذة العلامة البهبهاني عارفا بعلوم الحكمة والحديث ماهرا في
الوعظ والتذكير والفقه والتفسير. ٤٥٠:
الأمير محمد تقي العلوي الرضوي توفيقي كذا.
توفي في حدود سنة ١١٣٨.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
كان عالما فاضلا جامعا أديبا قدم الينا سنة ١١٣٨ وأقام مدة ثم
سافرنا جميعا إلى بهبهان وتفاوضنا في كثير من الفنون وكان له ميل إلى
مقالات اهل الباطن توفي بعد ذلك بفاصلة قليلة. ٤٥١:
الميرزا محمد تقي خان الكاشاني مستوفي الديوان الملقب بلسان الملك
المتخلص بسبهر.
توفي في ربيع الثاني سنة ١٢٩٧.
كان فاضلا متبحرا أديبا أريبا بصيرا مطلعا خبيرا.
له: كتاب اسرار الأنوار في مناقب الأئمة الأطهار وكتاب براهين
العجم في قوانين المعجم فارسي في العروض والقافية وقوانين الاشعار
الفارسية كتبه بامر اعتماد الدولة الميرزا آقا خان الصدر الأعظم النوري
مطبوع.
وله ناسخ التواريخ فارسي كبير في غاية البسط مطبوع شرع فيه في
أواسط سلطنة محمد شاه بن عباس ميرزا بن فتح علي شاه القاجاري سنة
١٢٥٨ في عدة مجلدات الأول في وقائع ما قبل الهبوط إلى ولادة المسيح
والثاني من ولادة المسيح إلى الهجرة. وكان فراغه منه في أواخر سلطنة محمد
شاه سنة ١٢٦٣ وخرج من كتابه الثاني في وقائع زمان الهجرة إلى زمانه
مجلدان الأول في وقائع زمان النبي ص من الهجرة إلى الوفاة مع ذكر
جميع ملوك الأرض في زمانه والمجلد الثاني مشتمل على خمسة كتب كتاب أبي
بكر كتاب عمر كتاب عثمان كتاب الأصحاب وهو ترجمة كتاب الاستيعاب لابن عبد
البر باسقاط أحاديثه وكتاب أمثال العرب وأيامها والمجلد الثالث
في أحوال أمير المؤمنين ع وهو لولده الميرزا هداية مشتمل على خمسة
كتب كتاب الجمل كتاب صفين كتاب الخوارج كتاب مقتل أمير
المؤمنين ع وبعض خطبه كتاب التابعين ذكر فيه من روى عن
النبي ص وعن أمير المؤمنين ع وعن الحسن والحسين ع وهو
ترجمة لكتاب رجال الشيخ الطوسي من أول من روى عن النبي ص إلى
آخر من روى عن الحسين ع ولما كان غرضه ذكر خصوص التابعين لم
يذكر رواة بقية الأئمة ع المذكورين في رجال الشيخ في هذا
الكتاب. وفي آخره ذكر الكلمات القصار لأمير المؤمنين ع المشتملة على
الحكم والمواعظ ورتبها بترتيب الحروف الهجائية وأحصى عددها في ثلاثة
عشر ألف وثلاثمائة وثمان وعشرين حكمة وهو عين غرر الحكم للآمدي
والمجلد الرابع في أحوال الزهراء ع والمجلد الخامس في أحوال
الحسن ع والمجلد السادس في أحوال الحسين ع فهذه الستة مع
المجلدين الأولين ثمان مجلدات خرجت من كتاب ناسخ التواريخ مرتبة
وبقيت تواريخ سائر الأئمة إلى أن أدركه الموت. وخرج منه أيضا بغير
ترتيب تاريخ القاجارية في ثلاثة كتب الكتاب الأول في تاريخ أول سلطنتهم
من جدهم فتح علي خان بن الأمير شاه قلي خان بن محمد ولي خان بن
مهدي بن محمد قلي خان الذي استقل بالملك سنة ١١٣٣ وتوفي سنة ١١٣٩
عن اثنين وأربعين سنة ودفن بقرب خواجة ربيع في مشهد طوس وانتهى فيه
إلى محمد شاه الغازي والكتاب الثاني في خصوص تاريخ محمد شاه الغازي
ابن نائب السلطنة عباس ميرزا ابن فتح علي شاه الذي كان الشروع بناسخ
التواريخ في عصره والكتاب الثالث في تاريخ ناصر الدين شاه بن محمد شاه
الغازي وسمى هذا الكتاب بالتاريخ الناصري وكان عزمه اتمام تواريخ سائر
الأئمة فعاجله اجله المحتوم وتوفي يوم الأربعاء ١٧ ربيع الثاني سنة ١٢٩٧
عن ولدين الميرزا هداية الملقب بلسان الملك وعباس قلي ثم كتب عباس قلي
خان مجلدا في أحوال زينب بنت أمير المؤمنين ع سماه الطراز
المذهب في أحوال زينب وكتب مجلدين سماهما مشكاة الآداب الناصري
أحدهما في أحوال السجاد والثاني في أحوال الباقر إلى الإمام الهادي عليهم
السلام فصار تمام مجلدات الناسخ اثني عشر مجلدا. ٤٥٢:
الشيخ محمد تقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ أسد الله ابن الشيخ إسماعيل
التستري الكاظمي.
ولد سنة ١٢٥٥ وتوفي ٢٣ رجب سنة ١٣٢٧ وأمه بنت عمنا السيد
باقر أخي جدنا السيد علي الأمين.
هو من مشاهير العلماء وأكابر الفضلاء مشهود له بالفقاهة والتحقيق
أديب شاعر توفي والده الشيخ حسن سنة ١٢٩٨ وكان له خمسة أولاد علماء
أفضلهم المترجم فجاء إلى الكاظمية وقام مقام والده وترك في آخر عمره
القضاء وارجع إلى أخيه الشيخ محمد امين وله اخ أكبر من الشيخ محمد امين
فاضل اسمه الشيخ باقر اختصر رسائل الشيخ مرتضى وكتب في رد العامة
كتابا مبسوطا ولما توفي المترجم قام مقامه ولده الشيخ عبد الحسين له شرح
على الجزء الأول من الكفاية مطبوع توفي سنة ١٣٣٦.
خرج المترجم في أول الطلب إلى النجف فاخذ عن الميرزا الشيرازي
والشيخ محمد حسن الكاظمي يروي عنه بالإجازة وعن غيره أيضا ولما عاد
على بلد الكاظمين رأس وتصدر للقضاء والحكومة والتدريس صنف
منتهى الأمل في شرح القواعد خرج منه شئ من كتاب الطهارة وسيلة
النجاة رسالة لعمل المقلدين وغير ذلك. وله شعر في المواعظ والاخلاق قال

(١) التكملة.
(٢) مطلع الشمس.
(١٩٤)

مؤدبا ولده بهذه الأبيات التي كل شطر منها تاريخ لسنة ١٣١٣:
ما ان شكوت فلا أشكو إلى أحد * كلا ولا أدنى دعوى بضيق يدي
من يرفع الكف في الدنيا لدى بشر * أقيم حيران يشكو علة الكبد
ان رمت للنفس وفرا دائما ابدا * اسأل لها الله لا تنقص ولا تزد
اشكر إلهك فيما أنت فيه ونب * اليه بتا وعش عيشا بلا نكد
صل وصم وتوكل واقتف ابدا * روادع الشرع واقمع كامن الحسد
اقنع وف واتق واصبر وزن * وأقل وصن لسانك عن كذب وعن لدد
احتط لدينك ما تستطيع فيه وسل * عما جهلت ولا تقف بلا سند
سجل أمورك في الدنيا لخالقها * وعج لأخراك فالدنيا إلى فند
لها الخيال وان والت إليك بما * أغناه قارون من تبر ومن أود ٤٥٣:
الشيخ محمد تقي الطبسي.
من تلامذة جمال الدين محمد الخوانساري. كان من اهل العلم
والفضل رأيت له حواشي على المدارك وقد ترجم أدعية الأسابيع وكتب في
الحاشية ما يرفع ابهام ما أبهم من عبارات الأدعية. ٤٥٤:
مولانا محمد تقي الجولائي.
توفي سنة ١٢٨٠.
مولده في جولائي خانه قرية من اعمال المشهد المقدس. قرأ على
السيد محمد علم الهدى حتى بلغ درجة الاجتهاد.
له ١ رسالة عملية كبرى ٢ رسالة عملية صغرى ٣ رسالة في
علم الكلام. ٤٥٥:
المولى محمد تقي بن حسين علي الهروي الأصفهاني الحائري
ولد بهراة سنة ١٢١٧ وتوفي في الحائر سنة ١٢٩٩
ذكره تلميذه في نتيجة المقال وذكر نفسه في نهاية الآمال. له تلخيص
تحفة الأبرار الفارسي في الصلاة وتعليقات عربية على تلخيصه سماها
كاشف الأستار وله نهاية الآمال في كيفية الرجوع إلى الرجال فرع منه سنة
١٢٩٧ وله رسالة في المواريث مخطوطة وله المقاصد العلية ورسالة في التعادل
والترجيح جعلها جزءا من المقاصد العلية وكتاب في الفرائض وتقريرات في
الأصول والرد على الميرزا علي محمد الباب سماه تنبيه الغافلين وله حاشية
على القوانين ونتائج الأفكار. ومع إظهاره البراءة من الباب ولعنه فقد رمي
بالميل إلى طريقته وألجئ إلى الخروج من أصفهان فجاور في الحائر إلى أن
توفي. ٤٥٦:
السيد محمد تقي ابن السيد حسين ابن السيد دلدار علي اللكهنوئي
ولد في ١٦ جمادى الآخرة سنة ١٢٣٤ وتوفي في ٢٤ رمضان سنة
١٢٨٩ ودفن في حسينيته في لكهنوء.
كان فقيها أصوليا متكلما أديبا مفسرا نحويا جامعا لأنواع العلوم من
بيت جليل قديم في العلم والجلالة، أبوه من أئمة الفقه وجده من أئمة
الكلام وشيخ الفقه والأصول قرأ على أبيه ويروي عنه وعن عمه السيد
محمد وعن صاحب الجواهر، انتقلت اليه الرياسة العلمية بعد أبيه وتلمذ
عليه جملة من العلماء.
له من المصنفات ١ ارشاد المبتدئين إلى احكام الدين ٢ ارشاد
المؤمنين في صلاة الجماعة ٣ الدعوات الفاخرة في الأدعية المأثورة
٤ رسالة في الميراث ٥ شرح مقدمات الحدائق ٦ ظهير الشيعة في
احكام الشريعة ٧ العباب في علم الاعراب ٨ غنية السائل في المسائل
٩ غوث اللائذ وعون العائذ ١٠ الفرائد البهية في شرح الصمدية
١١ الدعوات والاستغاثات ١٢ الضراعات إلى قاضي الحاجات
١٣ منهج الطاعات ١٤ منتخب الآثار ١٥ مرشد المؤمنين في الفقه
١٦ نخبة الدعوات ١٧ حديقة الواعظين بالفارسية وترجمته المسمى
بتبصرة المهندي فرع منه سنة ١٢٦١ ١٨ الوسائل إلى المسائل ١٩ هداية
المسترشدين في شرح تبصرة المتعلمين برز منه مجلد واحد في المباحث
الأصولية ٢٠ حاشية شرح هداية الحكمة للصدر الشيرازي ٢١ رسالة
في جواز الائتمام لم يتبين فسقه ٢٢ جامع الأنوار في تفسير كلام الله
الجبار برز منه مجلدان. ٤٥٧:
الشيخ محمد الدروقي النجفي
توفي سنة ١١٨٦ والدورقي نسبة إلى الدروق بلد بخوزستان.
قال القزويني في تتمة أمل الآمل: من اعلام الفضلاء ومن أفراد
العلماء جمع بين العلوم النقلية والعقلية مع تحقيق رائق وتدقيق وعمل كامل
وزهد شامل انتشر فضله في العراق واخذ عنه علماء الأطراف وسكن
النجف الأشرف واستفاد منه جميع اهل الأقطار بدون استنكاف كان له ذهن
دقيق وفكر عميق وعمل بجد وسعي بكد ففاق اهل عصره واستعلى هلى
ذكره آه.
وفي تتمة أمل الآمل للعاملي: من أجلة العلماء واعلم الفقهاء
الجامعين للمعقول والمنقول والمحققين في الفروع والأصول كان من مشاهير
علماء العراق في الغري يكاتبه علماء الأطراف والأمصار ويستفيدون من
عمله كان المدرس المتقدم في النجف الأشرف وعليه قرأ السيد مهدي بحر
العلوم كان صاحب نظر دقيق وفكر عميق كثير الكد والجد في ترويج العلم
فبهذا ونحوه فاق على اهل عصره وحدث الشيخ الجليل الثقة العارف الشيخ
سعد بن أحمد الجزائري عن جماعة منهم الشيخ زين العابدين النجفي
والشيخ عبد الله ابن عم الشيخ سعد المذكور والشيخ محمد تقي الدورقي ثم
النجفي فيكون المذكور في طبقة الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي والآقا
البهبهاني آه قرأ عليه بحر العلوم الطباطبائي وكان السيد قرأ أولا على
أبيه في كربلاء ثم على الشيخ يوسف البحراني ثم انتقل إلى النجف وتلمذ
على الشيخ محمد مهدي الفتوني وعلى المترجم.
وقال الشيخ آغا بزرگ الطهراني في بعض تحريراته: كان الشيخ محمد
تقي الدروقي معاصرا للسيد شبر بن تنوان الموسوي الحويزي وقد حكيا
جميعا عن الشيخ سعد بن أحمد الجزائري في سنة ١١٥٤ حكاية أوردها
الشيخ ميرزا حسين النوري في دار السلام ويظهر منه انه في ذلك التاريخ
كان الدروقي من اعلام العلماء والتاريخ بعينه هو سنة ولادة بحر العلوم فما
ذكره غير واحد انه كان من أساتيذ بحر العلوم مرادهم انه تلمذ عليه في
أول عمره قبل سفره إلى مشهد الرضا ع سنة الطاعون ١١٨٦ واما بعد
(١٩٥)

رجوعه من المشهد إلى النجف في سنة ١١٩٣ فكان الدروقي قد توفي آه
وقد رثاه السيد محمد زيني النجفي على ما في ديوانه وأرخ وفاته بقوله من
قصيدة:
اليوم أطلق كل دمع موثق * والصبر مزق فيه كل ممزق
اليوم صوح نبت كل فضيلة * من بعد ما سقيت بغيث مغدق
هذا التقي وقد تناهبه الردى * منا فمن نرجوه من بعد التقي
أين الذي أحيا الظلام ووجهه * في جنحه باد كبدر مشرق
ولقد أفيض الحزن فيض نواله * في متهم أو منجد أو معرق
يا أيها المولى وظني انها * من سندس نسجت ومن استبرق
فعليك يا حلف التقى وعلى التقى * من ذاهبين تحية المتشوق
لما قضيت وأنت فرد في التقى * أرخته هدم التقى يوم التقي ٤٥٨:
السيد محمد تقي ابن المير مؤمن الحسين القزويني جد السيد آغا القزويني
المعاصر
توفي سنة ١٢٧٠.
عالم فاضل حكيم فقيه أصولي يروي عنه السيد مهدي القزويني.
قال الشيخ جابر الشاعر في سلوة الغريب: السيد الأمجد العلامة السيد
محمد تقي القزويني في الحكمة والفقه والأصول وفنون الكمال على حد
الكمال وله مقام عظيم في قزوين يزوره الناس في ليالي الجمعة انتهى له:
١ رسالة في ماء البئر ٢ برهان العصمة في الأنبياء والأئمة ٣ منظومات
كثيرة ٤ كتاب في رد القادري ٥ طرائف الحكمة وبدائع المعرفة مختصر
نهج البلاغة ٦ منظومة الألوف في الكلام ٧ منظومة نهاية التحرير
٨ أنوار الاشراق منظومة في الكلام ٩ بدائع الأصول ١٠ التجليات
منظومة في الكلام. ٤٥٩:
السيد محمد تقي الشهير بالسيد آقا القزويني ابن السيد رضا ابن السيد محمد
تقي ابن السيد مؤمن ابن السيد محمد تقي ابن السيد رضا ابن المير أبو
القاسم
توفي في قزوين سنة ١٣٣٥.
رأيناه في النجف الأشرف وقرأنا عليه شيئا يسيرا من رسائل الشيخ
مرتضى. له حاشية على طهارة الرياض وأخرى على مكاسب الشيخ
مرتضى وثالثة على القوانين ورابعة على رسائل الشيخ مرتضى ورسالة في
العقائد وله مجامع الأحكام في شرح شرائع الاسلام لم يتم. ٤٦٠:
الشيخ محمد تقي ابن الشيخ مهدي ابن الشيخ محسن ابن إسماعيل ابن
محسن الدزفولي
توفي في شهر رمضان سنة ١٣٠٣.
كان فقيها أصوليا أديبا زاهدا مرجعا ببلاد خوزستان. خلف الميرزا
هادي من مشاهير علماء دزفول والشيخ مهدي. ٤٦١:
محمد تقي الطبيب الشاعر
من تلامذة مسيح الأنام الفشائي ذكره الحزين في تذكرته. ٤٦٢:
الشيخ محمد تقي ابن الشيخ محمد باقر ابن الشيخ محمد تقي صاحب حاشية
المعالم ابن الشيخ عبد الرحيم الأصفهاني الشهير بآقا نجفي.
توفي سنة ١٣٣٢.
قام مقام أبيه ورأس مكانه في أصفهان. قرأ في النجف على الميرزا
السيد محمد حسن الشيرازي والشيخ مهدي آل الشيخ جعفر النجفي
والشيخ راضي النجفي وبلغ من نفاذ حكمه وأمره في أصفهان انه ناهض
ادخال النظم والقوانين الحديثة إليها قتل بذلك عن امره جملة من الناس وفي
ذلك يقول أحد الشعراء:
هم معشر نهضوا بدين محمد * في أصفهان وأتلفوا القانونا
هدروا دم القوم الذين تزندقوا * ودم الزنادق لم يكن محقونا
وضع كتبا كثيرة قيل إنها تناهز المائة حتى ادعى خصومه ان أكثرها
منتحل ليس له.
له كتاب المتاجر استدلالي مبسوط مطبوع وله جوامع الحقوق منتخب
من كتاب العشرة من البحار مطبوع وله فقه الإمامية خرج منه مجلد الطهارة
ومجلد البيع مطبوعان. ٤٦٣:
السيد محمد تقي ابن السيد محمد رضا ابن السيد محمد مهدي بحر العلوم
الطباطبائي النجفي
ولد سنة ١٢١٩ وتوفي في كربلاء زائرا أواسط شهر رمضان سنة
١٢٨٩ كان فقيها أصوليا رئيسا مطاعا شهما جليلا مهيبا وكم كشف عن
اهل النجف من كربة سيما أول ورود القرعة العسكرية كان يجمع الأموال
ويشتري من تخرج القرعة باسمه، يعطف على الصغير ويحنو على الكبير
ويعين الفقير ويقضي حاجة المحتاج.
أخذ في الأصول عن الملا محمد علي ابن الملا مقصود علي ثم على
صاحب الجواهر وكان من وجوه تلامذته ثم انصرف عن ذلك إلى الزراعة
والعمل في ارض العيلة التي اقطعه إياها علي رضا باشا والي بغداد قرب ذي
الكفل ورأس في هذا الباب رياسة مطلقة وكان عالي الهمة شريف النفس
غيورا على الأمة كثير المشي في المصالح العامة اليه مفزع الناس في النائبات
وجيها عند الولاة والعلماء مطاعا عند العامة. صنف أيام اهتمامه بالعلوم
القواعد في الأصول من امالي أستاذه السابق لم يخرج من المسودة وكان ممدوح
شعراء زمانه. قال أخوه السيد علي صاحب البرهان القاطع في آخر رسالته
في ميراث الزوجة الموضوعة في آخر المجلد الأول من البرهان القاطع ما
صورته: وحين وصل تحرير هذه الرسالة إلى هذا المقام فاجأتني رزية تذيب
الصخر فجعتها وهي ورود نعش اخ لي شقيق شفيق كان لي ظهيرا وكهفا
منيعا بل كان جل اهل الحمى في كنفه آمنين وفي ظله راقدين لجلالة قدره
وعظم شانه ونفوذ امره قصد زيارة مولانا أبي عبد الله الحسين ع فصادف
اجله في ذلك المشهد الشريف ليلة ٢١ من شهر رمضان المبارك ليلة وفاة
مولانا أبي الحسن ع ونقل إلى الغري حيث إنه مسقط رأسنا ومدفن
أسلافنا.
وعن السيد محمد علي بن أبي الحسين الموسوي في اليتيمة: انه بعد ما
ذكر السيد رضا ابن بحر العلوم قال واما فروعه فأولهم السيد السند الكهف
المعتمد الحاوي شمائل جده ومن بلغ الغابة من الورع والفضل بجده ولقد
(١٩٦)

حاز ما حازه وزيادة ونال في النشأتين السعادة فهو أيضا جليل في الأنظار
مواظب على الطاعات في الليل والنهار رئيس في بني الأعصار ما على يده يد
من جميع ملوك الأبد وكل من في العلم قد اجتهد ذو أخلاق يقصر ان يحكيها
النسيم وبره عميم للشارد والوارد ولم يزل ربعه كعبة للوفاد ومنية للقصاد
رفيع القدر والجاه عند الملوك وأرباب الدولة ذو همم عليا وشيم لا تحصيها
يد الاحصاء باستقصاء ما حاتم الطائي الا فقير لديه وما معول المسلمين في
الشدائد عليه آه كان المترجم متزوجا ابنة السيد علي صاحب الرياض
فأولدها السيد علي تقي المعروف بآقا كوجك قتل في كربلاء سنة ١٢٩٤
وكان قد جاء للزيارة من النجف في المجلس العام في شهر رمضان بعد موت
أبيه فحمل إلى النجف. والسيد حسن سكن كربلا وكان فاضلا منصفا
مات سنة الطاعون في النجف وهي سنة ١٢٩٨ والسيد محمد يأتي في محله.
ثم تزوج علوية أخرى فأولدها السيد حسين المتوفى سنة ١٣١١. ٤٦٤:
السيد ميرزا محمد تقي بن محمد بن علي تقي بن محمد حسن بن محمد
بديع بن طالب إلى آخر النسب المذكور في محمد بديع
كان أبوه ميرزا محمد له منصب خدمة خادمي الضريح المطهر
وبعد موته اخذ ذلك المنصب جواهر خان فلما مات جواهر خان كتب
المترجم إلى شاه رخ النادري يطلب منصب أبيه فكتب له الشاه رخ على
هامش عريضته باعطاء ذلك المنصب له وذلك في سنة ١١٧٠ وكان نقش
خاتمه.
يافت از ألطاف احمد پادشاه شاه رخ بر تخت شاهي تكيه كان
وفي سنة ١٢٢٠ قدم المترجم عريضة إلى الشاهزاده محمد ولي ميرزا
حاكم ومتولي المشهد المقدس يطلب انتقال خدمة خادمي ضريح مطهر
إلى ولده ميرزا محمد علي وكتب ميرزا محمد علي المتولي وميرزا محمد كاظم
على ظهر العريضة تصديقا بلياقة ميرزا محمد علي لذلك فصدر الحكم بذلك
بتاريخ ١٢٢٠ وبعد ذلك اتفق لميرزا محمد علي سفر إلى غزنين فأوكل نيابة
الخدمة بالوكالة إلى ميرزا عسكري امام الجمعة وتوفي ميرزا محمد علي في
ذلك السفر فراجعت زوجته وولده وطلبت إعادة الخدمة لهم لأنها
كانت بالوكالة فلم يجبها أحد وفي سنة ١٢٦١ في زمان سلطنة محمد
قدمت الأحكام السابقة وطلبت ارجاع الخدمة فصدر الأمر إلى آصف الدولة بأخذ
الخدمة من امام الجمعة وإرجاعها إليهم ولكن لم ينفذ ذلك اما بسبب ضعفهم أو
بسبب قوة امام الجمعة وفي زمان جلوس ناصر الدين راجعته والدة ميرزا محمد تقي
وفي سنة ١٢٧٣ صدر امر لعضد الملك المتولي باشي بمضمون الفرمان
السابق فلم يجد بدا من الاذعان ولكنه كتب في حاشيته ان جامع المعقول
و المنقول امام الجمعة ميرزا عسكري صار له مدة في هذه الخدمة ورعاية
ميرزا محمد تقي لازمة فيعوض عنها بخدمة أخرى. ٤٦٥:
الشيخ محمد تقي بن محمد حسين الأردكاني
له كتاب في الأصول وجدت منه نسخة مخطوطة في كرمانشاه وله أيضا
رسالة في الاجتهاد والتقليد فرع منها سنة ١٢٣٠ وجدت منها نسخة في
كرمانشاه. ٤٦٦:
الشيخ محمد تقي بن محمد البرغاني
توفي شهيدا بقزوين سنة ١١٦٣ ودفن بها في جوار الشاهزاده حسين
وتاريخ وفاته موافق لكلمة برغاني. قتله البابية في مسجده وهو ساجد،
ضربوه ثماني ضربات فبقي يومين ومات، وهو المعروف بالشهيد الثالث من
تلامذة صاحب الرياض والشيخ جعفر ومن أكابر علماء عصره له
١ مجالس المتقين ٢ عيون الأصول والغالب فيه الاعتراض على صاحب
القوانين ٣ منهج الاجتهاد ٤ القضاء عن الأموات وغير ذلك. ووجدنا
في طهران نسخة مخطوطة في مكتبة شريعة مدار الرشتي من كتابه منهج
الاجتهاد وصل فيه إلى آخر اللعان، كتب على ظهرها: المولى الجليل
والعالم النبيل الجامع بين درجتي العلم والعمل والفائز برفيع منزلة السعادة
والشهادة الحاج ملا محمد تقي بن محمد الساكن في مدينة قزوين. وفي آخره
فرع مؤلفه الخاطي بن محمد محمد تقي قريب نصف الليل ستة وعشرين
رجب سنة ١٢٤٣ والمرجو من الله ان يحفظنا من شرور أنفسنا وأعادينا سيما
الروسية المستولية في هذه الأوقات على تبريز وما والاها من أذربايجان اللهم
أخرجهم عن بلاد المسلمين واحفظنا من شرورهم وشرور سائر الظالمين. ٤٦٧:
آقا محمد تقي ابن آقا محمد جعفر ابن آقا محمد علي بن الوحيد البهبهاني
وباقي النسب ذكر في آقا محمد علي.
توفي في ١٨ ربيع الأول سنة ١٢١٠ في النجف الأشرف حيث ذهب
إليها زائرا ودفن بها في حجرة من حجرات الصحن الشريف.
كان من أفاضل العلماء وله شرح على مبادئ الأصول للعلامة
ورسالة في دليل الافتراض وشرح تهذيب الأصول للعلامة وجدنا منه نسخة
في مكتبة أحفاده في كرمانشاه وخلف من الأولاد ستة وهم آقا محمد هاشم
وآقا أصغر وحاج آقا أكبر وآقا أبو القاسم وآقا محمد ولي ثقة الاسلام وآقا
حاجي آقا نبي. وولده آقا محمد من العلماء المجتهدي وأئمة الجماعات في
كرمانشاه. ٤٦٨:
المولى محمد تقي بن الفاضل الهندي
ذكره جامع ديوان السيد نصر الله الحائري فقال: شمس سماء
الفضل والإفضال وقطب دائرة الكمال والنوال مولانا محمد تقي ولد الأجل
الفاضل الهندي وذكر أن المترجم أرسل رقعة إلى السيد نصر الله مستدعيا
مجيئه إليه فأجابه السيد نصر الله يقول:
يا أيها المولى التقي الذي * لسانه ما زال يروي الصواب
يا بن البهائي الذي فضله * كالشمس إذ لا يعتريها سحاب
أهديت لي رقعة عز غدت * في حسنها تشبه عصر الشباب
فيها شراب رائق قد صفا * وفي رقاع الغير اضحى سراب
فقلت للمرسل قل للذي * اهدى لي الرقعة اني الجواب ٤٦٩:
الشيخ محمد تقي بن محمد كاظم بن عزيز الله بن محمد تقي المجلسي
الأصفهاني
توفي في شعبان سنة ١١٥٩ ودفن في مقبرة جده المجلسي الأول.
عالم عامل كامل زاهد عابد من علماء دولة نادر شاه كان يصلي الجمعة
والجماعة في أصفهان ألف عدة رسائل ويعرف بميرزا تقي الماسي لسبب ان
والده نصب في قبر أمير ع في محمل الإصبعين قطعة ماس قيمتها في ذلك
الزمان سبعة آلاف تومان وهي إلى الآن موجودة.
(١٩٧)

٤٧٠:
الشيخ محمد تقي بن عبد الرحيم الطهراني الأصفهاني
توفي سنة ١٢٤٨.
عالم جليل محقق له شرح الوافية لملا محسن وله شرح طهارة الوافي من
تقرير أستاذه بحر العلوم وحاشية على المعالم وله كتاب الفقه في الفقه
الاستدلالي رثي منه مجلد الطهارة في غاية المتانة والتحقيق. ٤٧١:
الشيخ محمد تقي بن علي الملقب أبوه بمجلسي العاملي النطنزي الأصفهاني
له شرح الفقيه بطريق المزج رأيت منه نسخة مخطوطة في بهار من قرى
همذان فرع من كتاب المزار منها في سنة ١٠٦٢ وفرع من شرح المشيخة سنة
١٠٦٤ وهو يدل على فضله وسعة عمله. ٤٧٢:
السيد محمد تقي بن عبد الرضا الموسوي الخشتي
توفي سنة ١٢٧٥.
له طوالع اللوامع في شرح المختصر النافع. ٤٧٣:
الآميرزا محمد تقي ابن الآميرزا علي محمد النوري الطبرسي والد صاحب
مستدركات الوسائل
ولد يوم السبت ١١ شوال سنة ١٢٠١ وتوفي في ربيع الأول سنة
١١٦٣ في قرية سعادة سعادة آباد من قرى نور بلفظ اسم الضياء احدى
كور طبرستان ونقل إلى النجف الأشرف فدفن بوادي السلام. ذكره ولده
الآميرزا حسين النوري في كتابه دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا والمنام. كان
والده وأقرباؤه من حواشي السلطان وأعوانه على الظلم والعدوان وكانوا
يستخدمونه في عمل الحساب وتنسيق الدفاتر فحبب الله اليه العلم فكان
يهرب منهم إلى المدارس ومحافل اهل العلم فيأخذونه منها ثم يهرب ثانيا حتى
ضاق به الأمر فهرب إلى أصفهان وبقي فيها سنين وتلمذ على جماعة منهم
الحكيم المعروف المولى علي النوري ثم سافر إلى العتبات وقرأ على السيد
السند الفقيه السيد محمد ابن المحقق صاحب الرياض ثم عاد إلى وطنه وقد
فرع مما يحتاجه من طلب العلم واشتغل بالتأليف وترويج الشرع المنيف ولما
يبلغ الثلاثين وجمع بين التحقيق وسرعة الكتابة والزهد والبحث والقضاء في
مكان منحصر فيه وتعليم العوام وكان عنده من الطلاب ما يزيد على
ثلاثمائة وقد كفاهم امر معاشهم وقدمهم على عياله وكان حسن المحاضرة
طلق اللسان حاضر الجواب لم يغلبه أحد في المناظرة مستوحشا من لذات
الدنيا وزينتها رقيق القلب باكي العينين واعظا غيره بأفعاله وأقواله داعيا إلى
الله بمحاسن أحواله حسن الخلق جيد الخط سريع الكتابة قوي الحافظة
شديدا على الفساق والظلمة عذابا عليهم لا يرى لهم مالا الا اخذه منهم
بقدر الإمكان وفرقه في الفقراء والمساكين وكان يبعث إلى كل قرية من قرى
تلك النواحي من يعلم أهلها مسائل الأصول والفروع إلى نور العلم
أو الهداية. له من المصنفات شرح الارشاد في أربعة عشر مجلدا كبارا خرج
منه شرح الطهارة والصلاة والزكاة والخمس والصوم والمكاسب والدين
وتوابعه والإجازة ولواحقها والإرث والقضاء والصيد والأطعمة دون غيرها.
المدارج في الأصول إلى بحث المشتق وقليل من الأوامر. رسالة في الفور
والتراخي. رسالة في الرضاع. رسالة في جواد هبة الولي مدة الزوجة
المنقطعة للمولى عليه. كشف الحقائق في عدم معذورية المخطئ في
العقليات. هداية الأنام في مسائل الحلال والحرام مجلدان فارسي. رسالة
في الصيد والذباحة والأطعمة والأشربة. رسالة في الإمامة بالفارسية.
منظومة التهذيب في المنطق. رسالة في الصوم. كتاب مأتم في المقتل
بالفارسية نظما ونثر. مجموعة أشعار في مجالس التعزية. مجموعة قصائد في
المديح. تشويق العارفين منظوم بالفارسية في المواعظ والنصائح. مجموعة
قصائد في المراثي. أجوبة مسائل وغير ذلك من الرسائل والحواشي. ٤٧٤:
السيد محمد تقي الرضوي ابن ميرزا علي رضا ابن ميرزا حسن المجتهد
له في العلم والفضل والتقدس والتقوى وسلامة النفس وكرم الطبع
مرتبة عليا ودرجة قصوى وكان حيا بعد وفاة والده أزيد من ثلاثين سنة
وكان يحضر غالبا درس ابن عمه الميرزا احمد وكان محل وثوق واطمئنان
الناس. ٤٧٥:
السيد محمد تقي ابن السيد احمد محمد الحسيني
المنتهي نسبه السيد نصر الدين صاحب المزار المعروف باسمه في
طهران الأورازاني الطالقاني نزيل طهران. أدرك أواخر عصر العلامة
الأنصاري وبعده حضر على تلاميذه لا سيما السيد حسين الكوهكمري
ورجع إلى طهران قرب سنة ١٣٠٠ مقيما للوظائف الشرعية من القضاء
والتدريس والجماعة وغيرها إلى أن توفي بها في ثالث عشر محرم الحرام سنة
١٣٣٥ ودفن بالمسجد المعروف بمسجد ما شاء الله قرب مزار الشيخ
الصدوق ابن بابويه. ألف كتابه الكبير الموسوم بالمظاهر العقلية في مقدمة
وثلاثة مقاصد الأول في أصول الدين منه عدة مجلدات مجلد في الطهارة ومجلد
في الصلاة ومجلدان في القضاء. هذه المجلدات بخط المصنف موجودة في
طهران عند ولده السيد احمد القائم مقامه. ٤٧٦:
الشيخ محمد التمامي الجزائري الشيرازي
توفي في حدود سنة ١١٥٨.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان عالما متتبعا خصوصا في الأوراد والأدعية رايته لما قدم الينا من
الحضرة السلطانية واستفدت منه ثم في المعسكر بآذربيجان سنة ١١٥٨
وتوفي بعد ذلك بفاصلة يسيرة. ٤٧٧:
الشيخ محمد بن جابر بن عباس العاملي المشغري النجفي
كان تلميذ الميرزا محمد الرجالي والشيخ محمد السبط
عالم فاضل فقيه محدث رجالي متبحر من تلامذة الشيخ محمد بن
الحسن ابن زين الدين الشهيد. له ١ رسالة في تحقيق محمد بن إسماعيل
الواقع في رواية الكليني في الكافي ٢ رسالة الكنى والألقاب يظهر منها ان
له ٣ كتابا في علم الرجال وانه تلمذ على الميرزا محمد صاحب الرجال
الكبير ٤ منتخب الحاوي كتبه حدود سنة ١٠٣٠ ٥ الحقيقة الشرعية.
يروي عن أبيه الفقيه الشيخ جابر وعن السيد شريف الدين علي ابن
حجة الله الشولستاني وعن الشيخ البهائي والشيخ عبد النبي الجزائري بلا
واسطة ويروي عنهما بواسطة أبيه. ويروي عنه تلميذه الشيخ فخر الدين
الطريحي والشيخ عبد علي الخمايسي.
وذكره السيد عبد الله سبط السيد نعمة الله الجزائري في اجازته
(١٩٨)

الكبيرة ووصفه بالفاضل في جميع العلوم وذكره الشيخ احمد الجزائري في
اجازته لولده محمد طاهر بن أحمد ووصفه بالشيخ الأجل الأفضل. ٤٧٨:
السيد محمد الشهير بجامه باف ابن ناسج الثوب الخراساني الشاعر العارف
الحكيم المتكلم الأديب.
توفي سنة ٩٧٢.
كان يتخلص في شعره بفكري وأغلب نظمه كان رباعيا وهو المعروف
بالمير رباعي اشتهر بهذا اللقب لنظمه الرباعيات. ورد بلاد الهند وبها
توفي.
ذكره في رياض العارفين وأثنى عليه ثناء بليغا. ٤٧٩:
أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم بن جرير الطبري الآملي
المعروف باسم أبو جعفر محمد بن جرير الآملي الطبري رجلان من
كبار العلماء أحدهما محمد بن جرير بن يزيد المولود في آمل طبرستان والساكن
في بغداد المفسر المحدث الفقيه المؤرخ من أئمة اهل السنة المجتهدين
وصاحب التفسير والتاريخ المشهورين وصاحب كتاب طرق حديث الطير
المشوي وكتاب الغدير في مجلدين كبيرين توفي أوائل شوال سنة ٣١٠ في
بغداد عن أربع وثمانين سنة. والثاني محمد بن جرير بن رستم الطبري
الآملي من أكابر علماء الإمامية في المائة الرابعة ومن اجلاء الأصحاب ثقة
جليل القدر وقد يشتبه أحدهما بالآخر. من المواضع التي وقع فيها الاشتباه
والاختلاف في أبي بكر الخوارزمي محمد بن العباس ابن أخت محمد بن
جرير الطبري الذي يقال له الطبر خزمي نسبة إلى طبرية وخوارزم فقيل ان
خاله الطبري الأول وجماعة آخرون قالوا ان خاله الطبري الثاني الامامي
وهو الأصح بدليل قول أبي بكر المذكور:
بآمل مولدي وبنو جرير * فأخوالي ويحكي المرء خاله
ومن يك رافضيا عن تراث * فاني رافضي عن كلالة
ولمحمد بن جرير الامامي من المؤلفات ١ الايضاح ٢ المسترشد
في الإمامة ٣ دلائل الإمامة الواضحة روى فيه في أحوال الزهراء باسناده
إلى ابن مسعود أنه قال جاء رجل إلى فاطمة فقال يا بنت رسول الله هل ترك
رسول الله عندك شيئا تطوقينيه فقالت يا جارية هات تلك الجريدة فطلبتها
فلم تجدها فقالت ويحك اطلبيها فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا فطلبتها
فإذا هي قد قمتها في قمامتها فإذا فيها قال محمد النبي ليس من المؤمنين من
لم يامن جاره بوائقة ومن كان يؤمن باليوم الآخر فلا يؤذي جاره ومن كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت ان الله يحب الخير الحليم
المتعفف ويبغض الفاحش البذاء السائل الملحف ان الحياء من الايمان
والايمان في الجنة وان الفحش من البذاء والبذاء في النار ٤ كتاب مناقب
فاطمة وولدها ٥ كتاب نور المعجزات في مناقب الأئمة الاثني عشر وهو
أخصر من الدلائل ٦ كتاب الرواة عن أهل البيت ع كما في
ميزان الاعتدال.
وفي الرياض: يروي المترجم عن أبي جعفر محمد بن هارون بن
موسى التلعكبري.
وذكره ابن الحديد في أثناء جوابه عن كلام للمرتضى في الشافي ما
لفظه: واما الأخبار التي رواها عن عمر فاخبار غريبة ما رأيناها في الكتب
المدونة وما وقفنا عليها الا من كتاب المرتضى وكتاب آخر يعرف بكتاب
المستبشر لمحمد بن جرير الطبري وليس جرير صاحب التاريخ بل هو من
رجال الشيعة وأظن ان أمه من بني جرير من اهل مدينة طبرستان وبنو جرير
الآمليون شيعة مشهورون بالتشيع فنسب إلى أخواله ويدل على ذلك شعر
مروي له وهو:
بآمل مولدي وبنو جرير * فأخوالي ويحكي المرء خاله
فمن يك رافضيا عن أبيه * فاني رافضي عن كلاله
وصرح في ميزان الاعتدال بان له كتاب الرواة عن أهل البيت عليهم
السلام والايضاح والمسترشد وغيره. ٤٨٠:
محمد الأصفر بن جعفر بن أبي طالب
قتل مع الحسين ع بكربلاء. ٤٨١:
أبو جعفر محمد بن جعفر الشجري
في عمدة الطلب كان سيدا بالمدينة. ٤٨٢:
محمد الأكبر بن جعفر بن أبي طالب
قتل مع عمه أمير المؤمنين علي ع بصفين. ٤٨٣:
السيد محمد جعفر بن عبد الصمد بن أحمد بن محمد بن طيب بن محمد ابن
نور الدين بن نعمة الله الجزائري.
كان عالما فاضلا أديبا عابدا كيسا فطنا حسن البيان منيع النفس
كريم الأخلاق ولد عام ١٢٧٨ وتوفي في ليلة شعبان سنة ١٣٥٠ في الأهواز
وحملت جنازته إلى النجف فدفن فيها.
اخذ العلوم العربية عن والده ثم سافر إلى النجف وأقام فيها مدة
وتلمذ على فحول ذلك العصر في الفقه والأصول وعاد إلى الأهواز وبها أقام
مرجعا لأهلها حتى وفاته. ٤٨٤:
ذو السعادات أبو الفرج محمد بن جعفر بن أبي محمد بن العباس بن
فسانجس
مات سنة ٤٤٠ وعمره ٥١ سنة.
كان وزير الملك كاليجار الديلمي. قال ابن الأثير في حوادث سنة
٤٣١ فيها وصل الملك أبو كاليجار إلى البصرة ثم عاد إلى الأهواز وجعل
ولده عز الملوك فيها ومعه الوزير أبو الفرج بن فسانجس. وقال في حوادث
سنة ٤٣٦ فيها سار الملك أبو كاليجار إلى بغداد في مائة فارس ودخل بغداد
في شهر رمضان ومعه وزيره ذو السعادات أبو الفرج محمد بن جعفر بن
محمد بن فسانجس. وقال في حوادث سنة ٤٣٧ فيها عزل الخليفة وزير
عميد الرؤساء وسببه ان ذا السعادات بن فسانجس وزير الملك أبي كاليجار
كان يسئ الرأي في عميد الرؤساء فطلب من الخليفة ان يعزله فعزله
واستوزر علي بن الحسن بن المسلمة.
(١٩٩)

٤٨٥:
أبو الحسن النحوي محمد بن جعفر
من مشائخ النجاشي يروي عن ابن عقدة. قال النجاشي في ترجمة
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى سمعان أبو اسحق المدني أخبرنا أبو الحسن
النحوي حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد آه ويقال أبو الحسين النحوي
وهما واحد وانما الاختلاف في النسخ ففي رياض العلماء: أبو الحسن
النحوي من مشايخ النجاشي كما يظهر من ترجمة إبراهيم بن محمد بن أبي
يحيى أبو اسحق والحق انه بعينه أبو الحسين النحوي الذي يروي عن أبي
عبد الله الحسين بن علي عن الحسين بن الحكم الوشاء عن الحسن بن
الحسين العرني عن علي بن الحسن العبدي عن الأعمش ويروي عنه السيد
أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون الحسيني الهروي إملاء سنة ٣٠٥ كما
يظهر من اسناد بعض اخبار كتاب الأربعين للشيخ منتجب الدين بن بابويه
ولم أعلم اسمه آه واسمه كما ذكرناه. وترجمه النجاشي باسم محمد بن
جعفر بن محمد بن عبد الله النحوي أبو بكر المؤدب وبناء على ما يأتي عن
بحر العلوم يكنى أيضا بأبي الحسن ويوصف بالتميمي. قال النجاشي
حسن العلم بالعربية والمعرفة بالحديث له كتاب الموازنة لمن استبصر في امامة
الاثني عشر أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري حدثنا أبو بكر
أحمد بن عبد الله بن جلين الدوري عنه آه وهو من مشائخ النجاشي فقد
قال النجاشي في أول كتابه في ترجمة أبي رافع تارة أخبرنا محمد بن جعفر
الأديب عن محمد بن سعد كاتب الواقدي في تاريخه وأخرى محمد عن
محمد بن سعيد بن جعفر وثالثة أخبرنا محمد بن جعفر النحوي عن أحمد بن
محمد بن سعيد ورابعة أخبرني أبو الحسن التميمي عن أحمد بن محمد بن
سعيد في موضعين وفي ترجمة الحسن بن محمد بن سماعة أخبرنا محمد بن
جعفر المؤدب عن أحمد بن محمد وفي ترجمة محمد بن ثابت له نسخة يرويها.
أخبرنا أحمد بن علي بن نوح حدثنا الحسن بن حمزة حدثنا محمد بن جعفر
المؤدب حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد وفي الحسين بن محمد بن الفرزدق
أخبرنا محمد بن جعفر التميمي عنه وفي إبراهيم بن محمد بن يحيى أخبرنا أبو
الحسن النحوي حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد وفي رجال بحر العلوم التعبير
عنه يختلف وهو واحد آه والظاهر أنه هو المترجم ولا ينافي ذلك روايته
عن المترجم بواسطتين وكونه من مشائخه ويروي عنه هنا بدون واسطة لأن ذلك
غير ممتنع عن المترجم وواقع بان يروي الرجل عن شخص بلا واسطة وبواسطة
واحدة وبواسطتين كما وقع في ترجمة محمد بن ثابت فقد روى النجاشي عن
محمد بن جعفر المؤدب بواسطتين كما سمعت مع اعتراف بحر العلوم انه
شيخه الذي يروي عنه بلا واسطة. بقي هنا شئ وهو انه على ما ذكره
النجاشي يكنى أبا بكر ولم يوصف بالتميمي وبناء على ما جزم به بحر العلوم
بكى أبا الحسن ويوصف بالتميمي وهو مما يبعد الاتحاد. ويمكن دفعه بان
تعدد الكنية ممكن وواقع كثيرا ومن لم يصفه بالتميمي لم ينف وصفه به
وهناك صفات تشترك فيها جملة من تراجمه كالنحوي والأديب والمؤدب
وروايته عن محمد بن سعد كاتب الواقدي وعن أحمد بن محمد بن سعيد أو
أحمد بن محمد وكأنه لذلك جزم بحر العلوم باتحاد أبي الحسن النحوي وأبي
الحسن التميمي مع محمد بن جعفر للاشتراك في الرواية عن أحمد بن
محمد بن سعيد وهو ابن عقدة الحافظ المشهور. وفي رجال بحر العلوم روى
عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ المشهور غالبا وعن الحسين بن
محمد بن الفرزدق قال وفي ترجمة أحمد بن سعيد بن عثمان القرشي أخبرنا
محمد بن جعفر النجار حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد والظاهر أنه
المذكور آه. ٤٨٦:
أبو العباس محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن البزاز القرشي مولى بني
مخزوم
ولد سنة ٢٣٣ ومات سنة ٣١٦ وسنه ثمانون سنة كذا في رسالة أبي
غالب الزراري وفيها انه أخو جدة أبي غالب فاطمة بنت جعفر بن محمد بن
الحسن يروي عنه أبو غالب وهو خال أبيه قال في الرسالة وهو أحد رواة
الحديث ومشائخ الشيعة وكان من محله في الشيعة انه كان الوافد عنهم إلى
المدينة عند وقوع الغيبة سنة ٢٦٠ وأقام بها سنة وأمه وأم أخته فاطمة جدة
بنت محمد بن عيسى القيسي. ٤٨٧:
أبو الحسين محمد بن جعفر الرازي الأسدي
توفي في شهر ربيع الأول سنة ٣١٢.
في سفينة البحار: أحد الثقات الذين ترد عليهم التوقيعات من قبل
المنصوبين للسفارة ومات على ظاهر العدالة ولم يتغير ولم يطعن عليه. ٤٨٨:
الشيخ محمد ابن الشيخ جعفر ابن الشيخ خضر ابن الشيخ يحيى الجناجي
المحتد النجفي المولد والمنشأ والمسكن والمدفن الملقب ندر.
توفي بالحلة سنة ١٢٤٧ بالطاعون الذي عم العراق ونقل إلى النجف
أيام أخيه الشيخ علي ودفن في مقبرتهم. قال سبطه في طبقات الشيعة:
كان عالما فاضلا كاملا شهما جليلا مهيبا مطاعا كان المقدم بعد اخويه
الشيخ موسى والشيخ علي تلمذ على أبيه وبعد وفاته هاجر إلى الحلة ورأس
فيها وكان كريما سخيا ذا همة عالية وكانت رجال الحكومة يخشونه ويرجونه
وإذا سمع بتعد على بعض الفقراء يغضب ويخاطب الحاكم بقوله نذر ندر
فيرتدع الحاكم وندر بالتركية كلمة استفهام فلذلك لقب بها. توفي عن بنت
واحدة. وللشيخ صالح التميمي وغيره فيه أشعار كثيرة وكان يجيز الشعراء
ويصلهم. ٤٨٩:
الشيخ محمد جعفر النجفي
قال الشيخ عبد النبي القزويني في تتمة أمل الآمل: من علماء الزمان
وفضلاء الأوان فقيه أصولي نحوي متكلم كلامي رياضي حسابي
وبالجملة هو مجمع العلوم من المنقول والمفهوم خدمته حين رجوعه من
المشهد الرضوي وهو اليوم قاطن في النجف الأشرف. ٤٩٠:
السيد مير محمد جعفر ابن مير محمد سعيد ابن مير مسعود ابن السيد احمد
ابن السيد علي بن رضى الدين محمد بن علي بن حسين بن فادشاه أبو
القاسم بن أميرة بن أبي الفضل بن بندار بن عيسى بن محمد بن أحمد بن
موسى بن أبي عبد الله احمد نقيب قم ابن محمد الأعرج بن أبي عبد الله
أحمد بن موسى المبرقع بن الإمام محمد الجواد ع
كان من الفقهاء والزهاد ذكره القاضي نور الله في مجالس المؤمنين في
ترجمة ولده ميرزا محسن فقال: سيد متقي عامل معنى الانسان الكامل:
فتى لا يحب لزاد الا من التقى * ولا يبتغي الخلان الا ذوي الفضل
وهو بغاية شرف ذاته ونفاسة جوهره مستغن عن مدح هذا الأحقر
كف سمعه وبصره عن غير ما يرضي الحق وما يفيد العلم من الله علينا
بطول بقائه ورزقتي مرة أخرى شرف لقائه وفي تاريخ عالم ارا: المير مسيب
النقيب والمير محمد جعفر ابن المير محمد سعيد من السادات الرضوية وكان
(٢٠٠)

المير مسيب في منصب النقابة معتبرا معززا بين الأقران والمير محمد جعفر
مشغولا باكتساب الفضل والكمال وأخيرا ترقى ترقيا عظيما في الفقه والعلوم
المنقولة حتى حاز مرتبة الاجتهاد ولكن لفرط احتياطه لم يدع الاجتهاد وكان
تقيا متورعا في الغاية متحرزا مجتنبا للمأكول والمشروب المشتبه وقف جملة
من أملاكه على أولاده الذكور وجاء في كتاب الوقف ما تعريبه: وقف
حضرة العالي الجاه ملجا السيادة والنجابة وموضع الحقائق والمعارف عمدة
العلماء الاعلام قدوة الأخيار من الأنام افتخار الذرية خلاصة العترة العلوية
المؤيد في أفعاله وأقواله بالتأييدات الأزلية الأبدية والموفق بالتوفيقات
السرمدية الأمير محمد جعفر الرضوي المشهدي مولدا ومسكنا ابن السعيد
المبرور الأمير محمد سعيد تغمده الله برحمته سهما من أصل اثنين وستين سهما
من الأرض الواقعة في قرية ميمد من قرى المشهد المقدس الغني عن
التحديد لغاية شهرته وسهما من أصل ثمانية عشر سهما من ماء وارض بلوك
فأرمد على الإشاعة سوى بستانين معينين كان الواقف قد ملكهما لولديه
الأمير محمد زمان والأمير غياث الدين محمد على أولاده الذكور نسلا بعد
نسل وجعل التولية لنفسه ما دام حيا وبعده لأولاده الذكور وجعل للمتولي
العشر وكتبه في ١٢ رجب سنة ١٠١٢ ألف واثني عشر. وكتب الشيخ
البهائي على ظهر كتابه مشرق الشمسين ما يدل على جلالة شان ميرزا محمد
زمان ووالده مير محمد جعفر وذكرنا ما يتعلق بمحمد زمان في ترجمته وقال
وأدام بقاء والده الأمجد الأكمل قدوة أعاظم السادات الكرام وعنوان
صحيفة العلماء الأعلام أمير محمد جعفر الرضوي من الله على كافة المؤمنين
بطول بقائه. ٤٩١:
ميرزا محمد جعفر اليزدي المتخلص بأسير
في تجربة الأحرار: درويش كامل حكيم فاضل وحيد عصره وفريد
دهره كان يسكن يزد وكان له مع العلامة السيد البيدآبادي وميرزا محمد
جعفر مطارحات ومراسلات وكان شاعرا أديبا بارعا له يد طويلة في
الإخوانيات والنجديات والوجديات. ٤٩٢:
محمد بن جعفر بن محمد أبو الفتح الهمذاني الوادعي المعروف بالمراغي
في بغية الوعاة مات سنة ٣٧١ وتأسف عليه السيرافي تأسفا شديدا
آه وأظن انه اشتبه عليه تاريخ سماع المحاملي منه بتاريخ وفاته. قال
الخطيب عنه: أبو الحسين المحاملي مات سنة ٣٧١ ولا يخفى ان الموجود في
تاريخ بغداد كما يأتي: حدث عنه المحاملي وذكر أنه مما سمع منه في سنة
٣٧١ فكان نسخته من تاريخ بغداد كانت مختلة العبارة كما أن ما في الذريعة
من نسبة تاريخ وفاته المذكور إلى تاريخ بغداد سهو لما عرفت.
أقوال العلماء فيه
قال النجاشي: كان وجيها في النحو واللغة ببغداد حسن الحفظ
صحيح الرواية فيما يعلمه وكان يتعاطى الكلام وكان أبو الحسن السمسمي
أحد غلمانه. وقال ابن النديم في الفهرست: ابن المراغي أبو الفتح
محمد بن جعفر الهمذاني ثم المراغي كان حافظا نحويا بليغا اخباريا في نهاية
السرور والحرية آه وقال الخطيب في تاريخ بغداد: محمد بن جعفر بن
محمد أبو الفتح الهمذاني يعرف بابن المراغي سكن بغداد وكان من اهل
الأدب عالما بالنحو واللغة آه وفي معجم الأدباء محمد بن جعفر بن محمد
الهمذاني ثم المراغي ذكره محمد بن إسحاق ثم نقل كلام الفهرست السابق.
وقال الخطيب ونقل كلامه المتقدم. ثم قال: وقال أبو حيان في الامتاع
بعد ما وصف جماعة من النحويين أبا سعيد السيرافي والرماني وأبا علي
الفارسي ثم قال واما ابن المراغي فلا يلحق هؤلاء من براعة اللفظ وسعة
الحفظ وقوة النفس وبلل الريق وغزارة النفث وكثرة الرواية ومن نظر في
كتاب النهجة له عرف ما أقول واعتقد فوق ما أصف.
ذكر أبو حيان في كتاب المحاضرات قال لما مات المراغي وكان قدوة في
النحو وعلما في الأدب كبيرا مع حداثة سنه ورقة حاله وان قلت اني ما
رأيت في الأحداث مثله كان كذلك استرجع أبو سعيد السيرافي واستعبر
وأنشد:
ومن عاش لم يخل من هم ومن حزن * بين المصائب من دنياه والمحن
وانما نحن في الدنيا على سفر * فراحل خلف الباقي على الظعن
وكلنا بالردى والموت مرتهن * فما نرى فكا لمرتهن
من الذي آمن الدنيا فلم تخن * أو الذي اعتز بالدنيا فلم يهن
كل يقال له قد كان ثم مضى * كان ما كان من دنياه لم يكن
ثم قال قوموا بنا لتجهيزه وتولية امره فتبعناه على ذلك فلما أخرجت
جنازته بكى وأنشد:
أساءت بنا الأيام ثمة أحسنت * وكل من الأيام غير بديع
وما زال صرف الدهر مذ كان ولعا * بتأليف شتى أو بشت جميع
آه معجم الأدباء. وذكره السيوطي في بغية الوعاة مقتصرا في
ترجمته على نقل شئ من كلام ياقوت والتوحيدي والخطيب.
مشائخه
قال الخطيب: سكن بغداد وروى بها عن أبي جعفر أحمد بن
عبد الله بن مسلم بن قتيبة.
تلامذته
قال ابن النديم كان معلم عز الدولة أبي منصور بختيار بن معز
الدولة بن بويه آه وقال الخطيب حدث عنه القاضي أبو الحسين محمد بن
أحمد بن القاسم المحاملي وذكر أنه سمع منه في سنة ٣٧١ آه وفي رجال
بحر العلوم: الظاهر أنه من مشايخ النجاشي ولعله محمد بن جعفر الأديب
النحوي ويبعده اختلاف الكنية وغيرها آه بل هو كالمقطوع بعدمه.
مؤلفاته
قال ابن النديم له من الكتب ١ كتاب البهجة وفي معجم الأدباء
النهجة بالنون على مثال كتاب الكامل وقال السيوطي البهجة على نمط كامل
المبرد ٢ كتاب الاستدراك لما أغفله الخليل آه والظاهر أنه في اللغة
واحتمل بعض انه متمم لكتاب الخليل في الإمامة لقول النجاشي الآتي
كتاب الخليلي في الإمامة. وقال النجاشي له ٣ كتاب مختار الأخبار
٤ كتاب الخليلي في الإمامة ٥ كتاب ذكر المجاز من القرآن ٦ كتاب
الجزء.
(٢٠١)

٤٩٣: محمد بن جعفر الحائري
فاضل جليل له كتاب ما اتفق من الأخبار في فضل الأئمة الأطهار. ٤٩٤:
أبو عبد الله محمد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري المعروف
بمحمد بن المشهدي
شيخ جليل متبحر محدث صدوق هو صاحب كتاب المزار المشهور
بمزار محمد ابن المشهدي والمزار الكبير كما استظهره في مستدركات الوسائل
من بعض القرائن يروي عن أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي ويروي
بواسطتين عن المفيد ذكر في خطبته: الحمد لله القديم احسانه الظاهر
امتنانه العالي سلطانه إلى قوله: فاني قد جمعت في كتابي هذا من فنون
الزيارات للمشاهد وما ورد في الترغيب في المساجد والأدعية المختارات وما
يدعى به عقيب الصلوات مما اتصلت به من ثقاة الرواة إلى السادات وحثني
على ذلك أيضا ما التمسه مني الحضرة السامية القضوية المجدية أبو القاسم
هبة الله بن سلمان آه وجملة هؤلاء الثقات الذي يروي عنهم خمسة عشر
رجلا ١ شاذان المذكور ٢ أبو عبد الله الحسين بن هبة بن رطبة عن
الشيخ أبي علي ابن شيخ الطائفة عن والده ٣ أبو محمد عبد الله بن جعفر
الدوريستي ٤ الشيخ الجليل أبو الفتح قيم جامع الكوفة ٥ الشيخ
الجليل المقري مسلم بن نجم المعروف بابن الأخت البزاز الكوفي الزيدي
٦ أبو المكارم حمزة بن زهرة الحسيني الحلبي سنة ٥٧٤ ٧ السيد الأجل
العالم عبد الحميد بن التقي عبد الله بن أسامة العلوي الحسيني في ذي
القعدة سنة ٥٨٠ ٨ و ٩ الشيخان الجليلان أبو البقاء هبة الله بن هبة
وأبو الحسين سعد بن أبي الحسن الفراء ١٠ الشريف الأجل العالم أبو
جعفر محمد المعروف بابن الحمد النحوي سنة ٥٧١ ١١ الشيخ الفقيه
عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري سنة ٥٥٣ ١٢ الشريف الجليل
العالم أبو الفتح محمد بن محمد الجعفرية ١٣ و ١٤ الشيخان العالمان أبو
محمد عربي بن مسافر وهبة الله بن نما بن علي بن حمدون في سنة ٥٧٣
١٥ الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني
السروي.
مؤلفاته
١ المزار المشهدي اعتمد عليه الأصحاب وسماه المجلسي في البحار
بالمزار الكبير ٢ بغية الطالب ٣ ايضاح المناسك لمن هو راغب في الحج
كما صرح به في آخر آداب المدينة المنورة من كتاب المزار ٤ المصباح يروي
عن جماعة منهم ابن بطريق والسيد ابن زهرة وشاذان بن جبرئيل القمي
وهبة الله بن نما وورام بن أبي فراس وغيرهم. ٤٩٥:
آقا محمد جعفر ابن آقا محمد علي ابن الوحيد البهبهاني وباقي النسب ذكر في
آقا محمد علي
ولد في كربلاء ٢٦ جمادى الثانية سنة ١١٧٨ وتوفي في كرمانشاه
٢٦ ذي القعدة سنة ١٢٥٩ ودفن بها في مقبرة والده.
عالم فاضل فقيه محقق مجتهد رباني زاهد عابد ورع جامع لفنون العلم
وأنواع الفضائل كان معروفا بالتحقيق في أصول الفقه حسن المحاضرة كثير
التواضع ساع في قضاء حوائج الناس قرأ على والده وحضر درس صاحب
الرياض.
له من المؤلفات ١ التحفة الجعفرية في الكلام شرح مفاتيح الشرائع
في خمسة مجلدات: مجلد المطاعم والمشارب مجلد النكاح مجلد القضاء
والشهادات مجلد العطايا والوصايا مجلد الميراث ٢ حاشية مراح الأرواح في
الصرف ٣ حاشية شرح الباب الحادي عشر ٤ حاشية المعالم في مجلدين
٥ مجموعة خطب الجمعة والأعياد من انشائه ٦ رسالة في أصول الدين
مع الأدلة الاجمالية وواجبات الصلاة والصوم والخمس والزكاة والحج فارسية
٧ رسالة أخرى في أصول الدين وآداب الصلاة فارسية ٨ منتخب
الأصول في علم الأصول ٩ تحفة الأبرار في الحكايات والغرائب والأحكام
والتواريخ فارسي ١١ الجواهر البهية في الأحكام الإلهية في أصول الدين
وفروعه وجد منه الجزء الأول في أصول الدين والجزء الخامس في الميراث
وباقي اجزائه ذهبت طعمة الحريق الذي حصل في مكتبة حفيده امام
الجمعة آقا أبو علي في كرمانشاه في شوال سنة ١٣٥٢ وهي من مكاتب إيران
العظيمة المحتوية على نفائس المخطوطات الوحيدة ١٢ أنيس الطلاب شبيه
بالمقامع في ثلاث مجلدات وجد منها المجلد الأول والمجلدان الآخران فرع
من أحدهما سنة ١٢٣٥ ذهبا طعمة الحريق في المكتبة المذكورة ١٣ التكملة
في شرح التبصرة يوجد منها عشرة مجلدات مجلد في شرح المقدمة في أصول
الدين والباقي من الطهارة إلى القضاء والشهادات وبقية مجلداته الظاهر أنها
ذهبت طعمة الحريق المذكور ١٤ الوجيز في أحوال الأئمة ١٥ رسالة
سؤال وجواب في مسائل متفرقة فارسية ١٦ الانسان الكامل في الأخلاق
ذهبت طعمة الحريق المذكور ١٧ رسالة في المكاسب ١٨ رسالة في
الحج.
ووجد على ظهر كتاب الصلح من شرح المفاتيح ما صورته:
بسم الله وله الحمد وصلى الله على محمد وآله لقد أجاد وأفاد واتى بما
فوق المراد ذو الفهم الوقاد والفكر النقاد والبالغ درجة الاجتهاد ذو القدر
الأنور والمحل الأزهر ونجل الميامين الغرر الظاهر فضلهم ظهور الشمس
والقمر الطاهر مولانا وابن موالينا آقا محمد جعفر فاني تصفحت كثيرا من
كلماته وتأملت في جملة من تحقيقاته وتفحصت عن مزايا صفاته فثبت عندي
انه من العلماء الاعلام المتأهلين لرجوع الخاص والعام وكفى بهذا التصنيف
الغني عن التعريف والتوصيف شاهدا على صحة ما ذكرناه وبرهانا على
حقية ما ادعيناه لاشتماله على تحقيقات يعجز عنها الفحول ولا تصدر إلا عن
ماهر بعلم الفقه والأصول ولذلك أجزته ان يروي عني ما رويته عن
قدوتي العلماء الأعلام ونخبتي فضلاء اهل الاسلام عمدتي المجتهدين
وامامي الفقهاء المعتمدين وكاشفي ما خفي من شريعة سيد المرسلين
مؤسسي قواعد الفقه بعد الانهدام ومقيمي بنيان الاجتهاد بعد الانثلام
أفضل الأوائل والأواخر شيخي ووالدي آقا محمد باقر وشيخي وأستاذي
ومن عليه معولي واعتمادي السيد المهدي الطباطبائي نور الله ضريحهما من
كتب الأخبار كالكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار وغيرها من أحاديث
الأئمة الأطهار وشرطت عليه نهاية الاحتياط في الروايات والتمسته أن لا
ينساني من صالح الدعوات والله ولي التوفيق صورة الختم جعفر
الصادق.

(١) كتب المؤلف في المسودة إلى جانب هذه الإجازة: (يفتش عن هذا المجيز من هو) - الناشر -
(٢٠٢)

أولاده
تخلف بكل من: آقا محمد صادق وآقا عبد الله وآقا محمد تقي وآقا
محمد كاظم. ٤٩٦:
محمد جعفر بن محمد صفي الأبادئي الفارسي
فاضل فقيه معاصر لصاحب الروضات له تلخيص كتاب تحفة الأنوار
للسيد محمد باقر الرشتي وغيره من المصنفات في الفقه والأصول. ٤٩٧:
محمد جعفر بن محمد طاهر الخراساني الأصفهاني
ولد سنة ١٠٨٠.
عالم فاضل له ١ كتاب إكليل المنهج تعليق على منهج المقال للميرزا
محمد الاسترآبادي مشتمل على فوائد جمة ٢ كتاب التباشير مشتمل على
عدة صحف إدريسية ٣ رسالة في الرضاع ٤ كتاب أصحاب النبي ص
الممدوحين وأصحاب أمير المؤمنين ع. ٤٩٨:
المولى محمد جعفر الكرماني
له تباشير في المعارف على قواعد الصوفية ذكره في الرياض. ٤٩٩:
الشيخ أبو جعفر أو أبو إبراهيم نجيب الدين محمد بن جعفر بن محمد نما
الحلي
توفي ٤ ذي الحجة سنة ٦٣٦ بالحلة وحمل إلى مشهد الحسين ع
فدفن فيه.
من مشايخ والد العلامة والمحقق الحلي، صاحب مصنفات وهو والد
الشيخ جعفر صاحب مثير الأحزان وجد الشيخ الأجل جلال الدين أبي
محمد الحسن بن نظام الدين أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن نما أحد
مشائخ الشهيد الأول.
وعن التكملة: وصفه تلميذه الشيخ محمد بن صالح القسيني في
اجازته للشيخ ابن طومان بشيخي الفقيه السعيد المعظم شيخ الطائفة
ورئيسها غير مدافع ورأيت بخط الشيخ الفقيه الفاضل علي بن فضل الله بن
هيكل الحلي تلميذ أبي العباس أحمد بن فهد الحلي ما صورته: حوادث
سنة ٦٣٦ فيها عمر الشيخ الفقيه العالم نجيب الدين محمد بن جعفر بن
هبة الله بن نما الحلي بيوت الدرس إلى جانب المشهد المنسوب إلى صاحب
الزمان ع بالحلة السيفية وأسكنها جماعة من الفقهاء. وبخطه أيضا
متصلا بذلك ما صورته حوادث سنة ٦٤٥ في ٤ ذي الحجة توفي الشيخ
الامام الفقيه المفتي نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلي وهو
مناهز الثمانين وحمل من يومه إلى مشهد الحسين ع وكان يوما عظيما رثاه
الناس ورثاه ابن العلقمي آه. ٥٠٠:
محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب
بالديباج
توفي بجرجان سنة ٢٠٣.
قال المفيد في الارشاد: كان محمد بن جعفر سخيا شجاعا وكان
يصوم يوما ويفطر يوما ويرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف وروي عن
زوجته خديجة بنت عبد الله بن الحسين انها قالت ما خرج من عندنا يوما قط
في ثوب فرجع حتى يكسوه وكان يذبح في كل يوم كبشا لأضيافه وخرج على
المأمون في سنة تسع وتسعين بمكة واتبعته الزيدية الجارودية فخرج لقتاله
عيسى الجلودي ففرق جمعه واخذه وأنفذه إلى المأمون فلما وصل اليه أكرمه
المأمون وأدنى مجلسه منه ووصله وأحسن جائزته فكان مقيما معه بخراسان
يركب اليه في موكب بني عمه وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان
من رعيته وروي ان المأمون أنكر ركوبه اليه في جماعة من الطالبيين الذين
خرجوا على المأمون في سنة المائتين فأمنهم فخرج التوقيع إليهم لا تركبوا مع
محمد بن جعفر واركبوا مع عبيد الله بن الحسين فأبوا ان يركبوا ولزموا
منازلهم فخرج التوقيع اركبوا مع من أحببتم فكانوا يركبون مع محمد بن
جعفر إذا ركب إلى المأمون وينصرفون بانصرافه وذكر عن موسى بن سلمة
أنه قال أتى إلى محمد بن جعفر فقيل له ان غلمان ذي الرياستين قد ضربوا
غلمانك على حطب اشتروه فخرج متزرا ببردين معه هراوة وهو يرتجز ويقول
الموت خير لك من عيش بذل وتبعه الناس حتى ضرب غلمان ذي
الرياستين واخذ الحطب منهم فرفع الخبر إلى المأمون فبعث إلى ذي
الرياستين فقال له: أئت محمد بن جعفر فاعتذر اليه وحكمه في غلمانك قال فخرج
ذو الرياستين إلى محمد بن جعفر قال موسى بن سلمة فكنت عند محمد بن
جعفر جالسا حتى أتى فقيل له هذا ذو الرياستين فقال لا يجلس الا على
الأرض وتناول بساطا كان في البيت فرمى به هو ومن معه ناحية ولم يبق في
البيت الا وسادة جلس عليها محمد بن جعفر فلما دخل عليه ذو الرياستين
وسع له محمد على الوسادة فأبى ان يجلس عليها وجلس على الأرض فاعتذر
اليه وحكمه في غلمانه. وتوفي محمد بن جعفر بخراسان مع المأمون فركب
المأمون ليشهده فلقيهم وقد خرجوا به فلما نظر إلى السرير نزل فترجل
ومشى حتى دخل بين العمودين فلم يزل بينهما حتى وضع فتقدم وصلى عليه ثم
حمله حتى بلغ به القبر ثم دخل قبره فلم يزل فيه حتى بني عليه ثم
خرج فقام على القبر حتى دفن فقال له عبيد الله بن الحسين ودعى له يا أمير المؤمنين
انك قد تعبت اليوم فلو ركبت فقال المأمون إن هذه رحم قطعت من مائتي سنة.
وروي عن إسماعيل بن محمد بن جعفر أنه قال قلت لأخي وهو إلى جنبي
والمأمون قائم على القبر لو كلمناه في دين الشيخ فلا تجده أقرب منه في وقته
هذا فابتدأنا المأمون فقال كم ترك أبو جعفر من الدين فقلت له خمسة
وعشرين ألف دينار فقال قد قضى الله عنه دينه، إلى من أوصى؟ قلنا إلى
ابن له يقال له يحيى بالمدينة فقال ليس هو بالمدينة وهو بمصر وقد علمنا
بكونه فيها ولكن كرهنا ان نعلمه بخروجه من المدينة لئلا يسوءه ذلك لعلمه
بكراهتنا لخروجه عنها.
وقال اليافعي في مرآة الجنان: كان عاقلا شجاعا متنسكا كان يصوم
يوما ويفطر يوما آه وظاهر كلام المفيد السابق انه كان مقيما بخراسان عند
مجئ الرضا ع إليها ولكن الطبري في تاريخه قال في سنة ٢٠٠ وجه
المأمون لأشخاص علي بن موسى بن جعفر بن محمد ومحمد بن جعفر آه
وعند البيعة للرضا ع كان محمد بن جعفر حاضرا قال المفيد وقامت
الخطباء والشعراء ثم دعا أبو عباد بالعباس بن المأمون فوثب فدنا من أبيه
فقبل يده وأمره بالجلوس ثم نودي محمد بن جعفر بن محمد وقال له
الفضل بن سهل قم فقام فمشى حتى قرب من المأمون فوقف ولم يقبل يده
فقيل له امض فخذ جائزتك وناداه المأمون ارجع يا أبا جعفر إلى محلك
فرجع آه.
وكان محمد بن جعفر مع المأمون حين توفي الرضا ع ففي بعض
(٢٠٣)

الروايات اجتمع الناس وقالوا هذا قتله واغتاله وقالوا قتل ابن رسول الله
وأكثروا القول والجلبة فقال المأمون لمحمد يا أبا جعفر اخرج إلى الناس
وأعلمهم ان أبا الحسن لا يخرج اليوم وكره ان يخرجه فتقع الفتنة فقال لهم
محمد بن جعفر ذلك فتفرقوا. وفي رواية ان المأمون كتم موته يوما وليلة ثم
انفذ إلى محمد بن جعفر وجماعة آل أبي طالب الذين كانوا عنده فنعاه
إليهم. وتدل بعض الروايات على أن محمد بن جعفر هذا كان قد خرج في
زمن الرشيد بالمدينة فحاربه هارون بن المسيب أميرها من قبل الرشيد فيكون
قد خرج مرتين مرة في زمن الرشيد ومرة في زمن المأمون. ٥٠١:
الشيخ محمد بن جعفر بن يونس ابن الحاج راضي بن شويهي الحميدي
الأصل والنسب النجفي الوطن والاشتغال والحسكي المولد والاكتساب
والحلي الدار
الحميدي بضم الحاء نسبة اما إلى الحميدات قبيلة من قبائل الفرات
معروفة أو إلى آل حميد بلفظ المصغر قبيلة في المنتفق أو إلى آل احميد بسكون
الحاء قبيلة بالمنتفق أيضا ولا يبعد ان يكون من حميدات الفرات لمصاهرة آل
الشيخ جعفر معه الذين هم من آل علي من قبائل الفرات فان الشيخ جعفر
كان متزوجا أخته وهو خال الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر. كان عالما
فاضلا له اليد الطولى في الوعظ والارشاد وتعليم الجهال.
اخذ عن السيد مهدي الطباطبائي والشيخ جعفر وكان فقيرا محارفا
كثير الشكوى من معاندة الدهر له شديد النقمة على اهل زمانه كثيرا ما فكر
في قوت ليلته وربما كان مطعونا فيه من بعض الفقهاء الذين لا يحسنون غير
الفقه من العلوم التي كان يحسنها كالمنطق وغيره ويروى ان ابن أخته الشيخ
موسى ابن الشيخ جعفر قال له يوما: الحمد لله يا خالي مصنفاتك كثيرة
فقال له اني أبيعها كلها إياك بقليل من حظك. صنف ١ براهين العقول
في كشف اسرار تهذيب الأصول ٢ اسرار أئمة المعقول والمنقول مجلدان
صنفه سنة ١٢٢٩ ٣ مختلف الأنظار ومطرح الأفكار ست مجلدات في
الأصول ٤ حجة الخصام في أصول الاحكام ثلاث مجلدات ٥ البحر
المحيط في الأصول أيضا ٦ منية اللبيب في شرح التهذيب ٧ شرح
الأمثال العامية ٨ موقظ الراقدين ومنبه الغافلين في المواعظ قال في اوله:
لما دخلت في السنة الحادية عشرة بعد المائتين والألف ورأيت الناس عكوفا
على الضلال تصديت لتعليمهم وكان ذلك في بلد الحلة والحسكة وما بينهما
من القرايا والمعدان والعربان وبعض أطراف آل سلمان صنفت كتابا كبيرا
سميته ٩ الحجر الدامغ للعصاة سيما تارك الصلاة ومانع الزكاة ثم
صنفت بعده كتابا أكبر منه سنة ١٢٢٦ سميته ١٠ حياة القلوب ثم
صنفت رسالة كلها في الشعر وأكثرها قد نظمتها انا اخذت معانيها من
القرآن والاخبار وسميتها ١١ سرور الواعظين وذكرى للناظرين
والسامعين ثم صنفت سنة ١٢٢٨ كتابا سميته موقظ الراقدين ومنبه الغافلين
وهو هذا الكتاب آه ومما يحكى عنه انه كان يتردد على قبائل الاعراب في
الحسكة فأراد أن يعلمهم الصلاة فلم يقبلوا فجعل يعلمهم إياها بطريق
الهوسة وهي طريقة لهم عند إرادة الحرب أو دخول بلد أو نحو ذلك
ينشدون زجلا لهم ويمشون كالخبب. واستشعر منهم الاعتقاد في الله تعالى
انه شخص موجود في السماء فجعل يفهمهم ان الله تعالى ليس بجسم وليس
له أعضاء ولا رأس ولا عينان فسمع يوما امرأة تقول لصاحبتها وحق رب
الشيخ محمد يونس الذي هو دمدومة لا رأس له ولا عينين
والدمدومة القطعة من اللحم. ٥٠٢:
السيد محمد بن جعفر بن عبد الله بن محمد رضا بن محمد بن محسن بن
أحمد بن محمد بن ناصر الدين بن شمس الدين محمد بن محمد بن نعيم
الدين بن رجب بن الحسن الشبر واليه ينتمي كل شبري ابن محمد بن أبي
احمد حمزة بن علي الملقب بطلة ابن أبي عبد الله الحسين القمي بن أبي
الحسين علي بن عمر شهيد فخ بن الحسن علي الأصغر ابن الإمام السجاد
زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع.
توفي يوم الجمعة ١٦ رمضان سنة ١٣٤٦ وحمل إلى النجف الأشرف
ودفن في الحجرة التي على يسار الداخل إلى الصحن الشريف من الباب
الغربي وولد بأصبهان في حدود سنة ١٢٧٢ ولما جاوز الثالثة عشرة من عمره
توفي أبوه فغادر أصبهان مع أخيه الأصغر وصهره إلى الكاظمية حيث مقر
أبيه وجده من قبل.
قرأ على أبيه المبادئ من العلوم العربية والمقدمات وحضر بعد أبيه في
الكاظمية على بعض الفضلاء فأكمل دور العلوم البيانية وشطرا من علم
الأصول ثم قرأ الأصول والدراية والفقه على جماعة منهم الشيخ محمد حسين
الهمذاني والميرزا إسماعيل السلماسي والسيد هادي صدر الدين العاملي ثم
ارتحل إلى النجف وقرأ على علمائها وسافر أخيرا إلى سامراء وقرأ على الميرزا
الشيرازي، ولما سافر يريد بوشهر سنة ١٣٠٣ مر بالبصرة فاستقبله أشرافها
وطلبوا منه البقاء عندهم فأجابهم إلى ذلك بعد ما كتبوا إلى الميرزا
الشيرازي، فكتب اليه بذلك وأقام في البصرة بمحلة تعرف بيحيى بن
زكريا وبنى فيها مسجدا ومجلسا وفي سنة ١٣٠٥ توجه مع جملة من أشراف
البصرة لحج بيت الله الحرام وكان لا يفتر عن الكتابة والتأليف وهو
القائل:
من كان في جمع الدراهم مولعا * طول الحياة وهمه الترصيف
فانا الذي أولعت في جمع الطروس * وهمي التاليف والتصنيف
له من المؤلفات ما يربو على مائة وسبعين مؤلفا منها:
١ إكسير السعادات في احكام العبادات في أربعة وعشرين مجلدا
٢ مقتدى الأنام في شرح شرائع الاسلام برز منه عدة اجزاء ٣ هداية
المستهدين في تمام الفقه في جزأين ضخمين ٤ كشف اليقين في أصول
الدين ثلاثة اجزاء ٥ كتاب في الأصول ٦ كتاب في المسائل المشكلة
٧ كتاب في الاخلاق ٨ منتخب عجائب الاخبار ٩ كتاب في علم
الكلام ١٠ ايقاظ النائمين أربعة اجزاء ١١ تنبيه الغافلين جزءان
١٢ اللوامع في الطب ١٣ الفوائد الطبية جزءان ١٤ كتاب من لا
يجد الطبيب ١٥ كتاب أحوال الحسين ١٦ الكشكول ثلاثة اجزاء. ٥٠٣:
الشيخ محمد ابن الشيخ جعفر ابن الشيخ عيسى المعروف بزاهد النجفي
مولدا ومنشأ ومسكنا ومدفنا.
كان فاضلا أديبا شاعرا أصابه في أواسط عمره مرض في رجليه حتى
صار مقعدا وكان يقرأ عليه جماعة في علمي العربية والبلاغة وكان ماهرا
فيهما.
(٢٠٤)

٥٠٤:
محمد جعفر بن عبد الرحيم الجويني أصلا الجقتاتي مسكنا.
له كتاب بحر المصيبة شرع فيه سنة ١٢٦٤. ٥٠٥:
المولى محمد جعفر العقدائي.
له تذكرة العارفين فارسي في المواعظ. ٥٠٦:
السيد محمد جعفر بن محمد علي القاشاني الحسيني.
له الرسالة الشرطية في الشروط وأقسامها واحكامها مطبوعة كتبها سنة
١٢٩٩. ٥٠٧:
ميرزا محمد جعفر الأصفهاني.
أحد وزراء الدولة الزندية توفي سنة ١١٩٤ بشيراز. ذكره عبد
الرزاق بك الدنبلي في تجربة الأحرار. ٥٠٨:
المولى محمد جعفر ابن السلطان احمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسن
التبريزي.
من اهل أواخر القرن الثالث عشر.
له كتاب بحر المصائب وكنز الغرائب مقتل فارسي في عدة مجلدات
مطبوع. ٥٠٩:
المولى محمد جعفر الاسترآبادي الطهراني.
توفي سنة ١٣١٥.
له غاية الآمال في استعلام أحوال الرجال كالشرح على منتهى المقال
كبير في عدة مجلدات وذكر في ترجمة نفسه فهرست تصانيفه البالغة ٧١ كتابا
ورسالة نظما ونثرا. ٥١٠:
المولى محمد جعفر المعروف بشريعتمدار ابن المولى سيف الدين الاسترآبادي
نزيل طهران.
ولد سنة ١١٩٨ وتوفي في طهران سنة ١٢٦٣ ودفن في النجف.
له رسالة آب حياة ماء الحياة في أصول الدين وله كتاب الفلك
المشحون في أصول الدين أيضا وله تحفة العراق في علم الاخلاق وتعليقة
على الروضة البهية وشروح عليها وجامع الفنون تكلم فيه على اثني عشر
علما، ومائدة الزائرين الكبيرة ومائدة الزائرين الصغيرة وأنيس الزاهدين
فرع منه سنة ١٢٣٨ ومظاهر الاسرار في بيان وجوه اعجاز كلام الجبار في
التفسير لم يتم.
ومصابيح الدجى في أصول الفقه رأينا منه نسخة في مكتبة
شريعتمدار الرشتي في طهران فرع منها مؤلفها في كربلاء سنة ١٢٢٤ وله
شوارع الاعلام في شرح قواعد الاحكام خرج منه المجلد الأول مرتبا إلى
الحيض والباقي متفرقات.
وله جامع كبير محمدي فارسي كتبه باسم الشاه محمد القاجاري.
والقواعد الفقهية ويسمى المقاليد الجعفرية. وله حاشية على معالم الأصول
قال في آخرها: وليكن هذا آخر ما أراد العبد المذنب محمد جعفر
الاسترآبادي تأليفه من تحقيقات الأستاذ المحقق والسند العماد المدقق العالم
الرباني مولانا وملاذنا وسيدنا السيد علي الطباطبائي البهبهاني ومما وصل اليه
نظري القاصر ولما كانت هذه التعليقة من تحقيقات الأستاذ أعلى الله مقامه سميتها
بملاذ الأوتاد من تحقيقات الأستاذ وكان الفراع من تأليفها سنة ١٢٣٧ وله
رسالة في الدراية سماها لب اللباب رأينا من كل منهما نسخة في مكتبة
الشيخ علي المدرس في طهران ورأينا من الأولى نسخة في كرمانشاه.
يروي بالإجازة عن السيد علي صاحب الرياض تاريخها ١٢٢٨ وهو
يومئذ ابن ٣٠ سنة.
أبو عبد الله محمد بن جعفر القزاز القيرواني التميمي النحوي.
توفي سنة ٤١٢ في القيروان.
له كتاب الضاد والظاء ذكره السيوطي في البغية وترجمه في نسمة
السحر. له طراير الشعر والجامع في اللغة. قال في نسمة السحر وهو من
الكتب المشهورة ونص على أنه امامي.
الشيخ محمد ابن الشيخ جعفر ابن الملا محمد الكرمانشاهي الشهير بالشيخ
محمد ابن الشيخ رضائي.
توفي سنة ١٢٩٤.
له تقريرات فقهية وأصولية في مجلدين بخطه.
المولى غياث الدين محمد بن جلال الدين بن شرف الدين المصطفى آبادي.
له غياث اللغة فارسي في اللغتين الفارسية والعربية طبع مرتين. ٥١٥:
السلطان محمد شاه الغازي ابن جهانشاه بن محمد شاه ابن اورنك زيب
محمد الملقب بعالم كير شاه ابن محمد شاه جهان الباني لشاه جهان آباد ابن
محمد سليم بن محمد أكبر شاه الباني لأكبرآباد ابن همايون شاه ابن بهادر
محمد ميرزا.
بابر شاه أول الملوك البابرية بالهند ابن عمر شيخ ابن سلطان أبو
سعيد ابن سلطان محمد ابن ميران شاه ابن الأمير تيمور كوركان الذي هو
والد شاه رخ وهو والد الأمير ألغ بيك المنسوب اليه الزيج المعروف بزيج
ألغ بيك. توفي المترجم سنة ١١٣١ وباسمه عمل الزيج المعروف بزيج
محمد شاهي في شاه جهان آباد وتم في غرة ربيع الثاني. ٥١٦:
الشيخ محمد جواد مغنية.
ولد سنة ١٣٢٢ في قرية طير دبا من جبل عامل وتوفي في المحرم سنة
١٤٠٠ في بيروت ونقل جثمانه إلى طير دبا حيث دفن فيها.
درس على شيوخ قريته ثم سافر إلى النجف فأنهى هناك دراسته وكان
من أبرز أساتذته السيد حسين الحمامي. ثم عاد إلى جبل عامل فسكن
قرية طير حرفا ثم عين قاضيا شرعيا في بيروت ثم مستشارا للمحكمة
الشرعية العليا فرئيسا لها بالوكالة. وفي خلال رئاسته عرضت على المحكمة
قضية تهم أحد النافذين فعرض النافذ عليه ان يحكم بما يرغب فيه، وفي
مقابل ذلك يجعله رئيسا أصيلا، فأعرض الشيخ عنه، ولما نظر في القضية
تبين ان الحق في غير الجانب الذي يلتزمه النافذ، فحكم الشيخ بالحق مما
أغضب النافذ فنجح في اقصائه نهائيا عن الرئاسة. ثم أحيل للتقاعد
(٢٠٥)

فانصرف إلى التاليف فاخرج العديد من المؤلفات من أهمها: الفقه على
المذاهب الخمسة. ورفقة الإمام جعفر الصادق ع في ستة مجلدات.
والتفسير الكاشف، وهو تفسير مطول للقرآن. وفي خلال نهج البلاغة
وهو شرح له. والتفسير المبين وغير ذلك. ٥١٧:
الحاج محمد جواد بذقت.
هو الحاج محمد جواد ابن الحاج محمد حسين الأسدي الحائري، مر
في حرف الجيم في جواد. ٥١٨:
محمد جواد البغدادي.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد. ٥١٩:
السيد محمد الجواد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الحسيني العاملي الشقرائي
صاحب مفتاح الكرامة.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد. ٥٢٠:
الشيخ محمد جواد ابن المولى محرم علي.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد. ٥٢١:
الشيخ محمد الجواد بن شرف الدين محمد مكي العاملي النجفي من ذرية
الشهيد الأول.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد. ٥٢٢:
الشيخ محمد جواد ابن الشيخ حسن أبي حيدر بن عبد الله الحائري الهمداني
العاملي النجفي.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد. ٥٢٣:
الشيخ محمد جواد ابن الشيخ مشكور بن محمد بن صقر الحولاوي
النخفي.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد ٥٢٤:
السيد محمد الجواد ابن السيد حسن ابن السيد محمد ابن السيد محمد الجواد
صاحب مفتاح الكرامة بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الحسيني
العاملي النجفي.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد. ٥٢٥:
السيد محمد جواد ابن السيد عبد الله شبر الكاظمي.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد. ٥٢٦:
السيد محمد جواد المعروف بسياه پوش بن محمد المعروف بالسيد محمد
زيني بن أحمد زين الدين الحسيني النجفي البغدادي.
مرت ترجمته في حرف الجيم في جواد. ٥٢٧:
الشيخ محمد جواد ابن الشيخ علي الجزائري.
ولد في النجف سنة ١٢٩٨ وفيها نشأ وتوفي فيها سنة ١٣٧٨.
أسرته
هو من أسرة عربية أسدية وبيت علم استوطن النجف قبل القرن
التاسع الهجري وانجب من أبنائه الفقيه والأديب والشاعر.
أساتذته
أخوه الشيخ عبد الكريم والشيخ ملا كاظم الخراساني، والشيخ
عبد الهادي شليلة، والسيد محمد الفيروزآبادي، والشيخ آغا ضياء
العراقي، والسيد أبو الحسن الأصفهاني، والشيخ علي رفيش، وغيرهم.
مؤلفاته
له عدة مؤلفات مخطوطة بين علمية وأدبية ١ تعليقة على شرح
ألفية ابن مالك لبدر الدين ٢ تعليقة على مباحث الألفاظ من كفاية
الخراساني ٣ كتاب الآراء والحكم بين نظم وشرح لكثير من مباحث
النفس ومسائل الحكمة والكلام ٤ كتاب حل الطلاسم بين نظم وشرح
عارض به الشاعر إيليا أبو ماضي وقد نشرت شطرا منه مجلة الاعتدال
النجفية والعرفان الصيداوية والشرق البغدادية والرضوان الهندية
٥ ديوان شعر متنوع الأغراض ٦ نقد الاقتراحات المصرية.
الحكم عليه
على اثر الاحتلال الانكليزي للعراق فكر في تشكيل جمعية سرية سنة
١٣٣٦ تعمل في الخفاء لمقاومة الإنكليز وتعميم الفكرة في سائر البلاد
العراقية وساعده على ذلك السيد محمد علي بحر العلوم وانضم إليها الشبان
المتحمسون وبعض الزعماء المخلصين، فدفعت الحماسة بعضهم إلى الهجوم
على دار الحكومة في النجف وقتلوا الحاكم الإداري الكابتن مرشال وجمعا
من أعوانه الإنكليز فاقبل الإنكليز يحاصرون النجف فقاتلهم النجفيون.
وبعد حصار أربعين يوما استطاعت القوات المرابطة ان تدخل النجف
وتقبض على الثائرين وشكلت مجلسا عرفيا قضى باعدام اثني عشر شخصا
كان من بينهم المترجم، ولكن الحكم لم ينفذ فيه فاستبدل الشنق بالسجن
وقضى فيه مبعدا عن بلده النجف سنة وعشرة أشهر. ولما اشتعلت الثورة
العراقية الكبرى بعد ذلك شارك فيها وبعد خمودها اضطر للفرار فاجتاز
الحدود العراقية إلى إيران حتى وصل إلى رام هرمز ولما أعلن العفو العام عاد
إلى العراق وفي عام ١٣٦٥ زار بلاد الشام فنظم فيها كثيرا من الشعر.
شعره
قال وهو في سجن الإنكليز:
مددنا بصائرنا لا العيونا * وفزنا غداة عشقنا المنونا
عشقنا المنون وهمنا بها * وعفنا أباطحنا والحجونا
وقمنا بها عزمات مضاة * أبت ان نسيس الردى أو نلينا
معي الهمم الغر لم ترض بالسماكين * مهما استفزت قرينا
رعينا بها سنة الهاشمي * نبي الهدى والكتاب المبينا
وصنا كرامة شعب العراق * وكنا لعلياه حصنا مصونا

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب " ح ".
(٢٠٦)

وخضنا المعامع وهي الحمام * ندافع عن حوزة المسلمينا
وجحفل أعدائنا الإنكليز * يملأ سهل الفلا والحزونا
يهاجم شعب بني يعرب * ليشفي أحقاده والضغونا
وسرب المناطيد مل ء الفضاء * يصب القنابل غيثا هتونا
وقذف المدافع بين الجموع * يهد معالمها والحصونا
ورعد قذائف مكسيمها * يشيب بهول صداه الجنينا
ورمي البنادق رشاشة * يحطم مجتمع الدارعينا
ولما ادلهمت علينا الخطوب * وحققت الحادثات الظنونا
لقينا زعازع ريب المنون * وهان على النفس ما قد لقينا
نعم خاننا الدهر في جريه * وهل يترك الدهر حرا ركينا
غداة أسرنا بأيدي العدو * ورحنا نكابد داء دفينا
وضيم الغريان غاب العراق * وفارق ليث العرين العرينا
وجزنا كما شاء تلك الحزون * ننتظر الفتك حينا فحينا
وأرجلنا طوع قيد الحديد * تسيل دما يستفز الرصينا
ولم نلو للدهر جيد الذليل * وان يكن الدهر حربا زبونا
وما ضامنا الأسر في موقف * أطعنا عليه الرسول الأمينا
وما ضامنا ثقل ذاك الحديد * ونحن بحسن الثنا ظافرونا
ولم يزر بالحر غل اليدين * إذا ما قضى للعلاء الديونا
ولا غرو ان خان صرف الزمان * مثلي فمن طبعه ان يخونا
وله في الشياح احدى ضواحي بيروت عام ١٣٦٥:
من عذيري على هواي بلبنان * وفيه منازل الشياح
أربع قادني هواها على بعد * مداها وراض مني جماحي
وطني غابة العراق الغربان * وقومي آساد تلك البطاح
أسلمتني فيه نسائم لبنان * بأيدي الغرام سكران صاح
ودعتني إلى هواه فلباها * فؤادي عن منطق وضاح
طرت من قبل أن أقول لها لبيك * لبيك والقطار جناحي
ووصلت الحزون بالسهل في طي * الفيافي وليله بالصباح
وتمثلت حيث أوقفني الشوق * طروبا ما بين روحي وراحي
وبلغت المنى على القرب من كيفون * ما بين عالية والضواحي
وهناك النفوس تسعد ما بين * مباح لنا وغير مباح
فأخو الدين ينشر الفرع والأصل * من الدين في هنا وارتياح
ويذيع الأحكام عن مصدر الدين * ولا عاذل هناك ولاح
وأخو الشوق في هناء من العيش * على مسرح الحسان الملاح
يتغنى بخالد الأرز نشوا * نا برشف الثغور والأقداح
وقال تحت عنوان فلسفة الهوى:
دعاة الهوى ما العصر عصر بثينة * شعار هوى اهليه ان ينظموا الشعرا
بلى سوق هذا العصر جار حسابه * على جدول لم تخط أرقامه الفكرا
أخو الشوق لم يجمع على الشوق رأيه * إذا لم يراع الجبر في الجمع والكسرا
يهيم بأطوار القريض مشببا * ويرمز في التشبيب فلسفة كبرى
دعاة الهوى ان الوجود مدارس * تمر بها أرواح نشأتكم سكرى
مدراس تعطي كل صاح قياسها * وتفهمه الصغرى من الشكل والكبرى
على لغة الأرواح تجري دروسها * فلا همس للتدريس فيها ولا جهرا
وما الدرس الا ان ترى النفس صورة * لديها ومنها ترتئي صورة أخرى
فهلا مددتم في الوجود بصائرا * وواصلتموها نحو مهواكم جسرا
وحللتم معناه تحليل عارف * وميزتم شرط الحقيقة والشطرا
وهلا عرفتم يوم طارت قلوبكم * أكانت هيولاه أم الصورة الوكرا
ولو درست أرواحكم منطق الهوى * لما عرفت فيه سوى الصورة الغرا
دعاة الهوى اني أراكم كما أرى * الخليين سفرا يقتفي في السرى سفرا
وما لكم صحو وفجر بأفقها * وانكم فارقتم الصحو والفجرا
وصرتم إلى شاط من البحر والهوى * يمر ويحلو عنده كلما مرا
وقيدتم الأرواح وهي طليقة * و مثلتموها بين احكامه أسرا
ترون لكم حرية في حدوده * وما عرف الشاطي على حده حرا
فهلا دريتم أين أنتم مع الهوى * وهلا عرفتم شاطئ البحر والبحرا
دعاة الهوى اني أراها زوارقا * تخوض غمار البحر مائجة قسرا
تسير ولا تدري المصير ولا تعي * العبور ولم تملك لأنفسها امرا
تدبرها أرواحكم وتسوسها * سياسة ملك يملك النفع والضرا
لقد ضل ديمقراط في نظراته * ورب ضلال كان حده كفرا
وضيع درب النفس والدرب واضح * فلم ير إلا هيكل الذر والذرا
ولو نظر الانسان نظرة عارف * رأى نفسه لبا وهيكله قشرا
ولو حلل الأشواق بين حدودها * رأى رأيه في شكل تحديدها نكرا
وأيقن ان الشوق سر وهيكل * الطبيعة لا يستطيع ان يحمل السرا
وقال وهو رام هرمز:
تطلبت حق الشعب والحق منيتي * غداة تذرعت السرى والبواديا
فليس الفتى من عاش وهو منعم * يروح ويغدو بين اهليه لاهيا
فلي وقفة اليقظان في رام هرمز * أخالس أيامي بها واللياليا
ولي نظرة القناص استطلع المنى * عليها وأرعى سؤددي وعلائيا
ولي جنة الصادي الطريد عن الروي * إذا ما تذكرت الوغى والأعاديا
فكم جلت حول السفح نظرة خابر * فلم تر عيناي الخليل المصافيا
وقال:
أ يقل أرحلك الصعيد الهامد * ومناك ذياك الزلال البارد
شتان حالك والمنى فاجهد لها * فلكم تمكن من مناه الجاهد
أ وليس روحك في العراق بليلة * نفحت وعود هواك غض مائد
لا ينفع الصادي الطريد تعلل * كلا ولا يطفى الغليل مواعد
ان التعلل بالوعود على المنى * صلة المعلل والمعلل عائد
لا تيأسن من الليالي كلما * مرت عليك فإنهن عوائد
لكنما يرد المنى رواده * ويعض أصبح كفه المتقاعد
مهما تجزئت الشعوب وفردت * فعراقنا المحبوب شعب فارد
ان تفترق نسماته نسبا ولم * يجمع غصون ثراه أصل واحد
فالشعب بين أولي النهي نسب لهم * وهو الأرومة بينهم والوالد
فرغائب المستعمرين شوارد * وخيال ساستهم خيال فاسد
يا للهوى أين المعني في الهوى * أين المولع فيه أين الواجد
(٢٠٧)

هذا العذيب وفي مجاريه المنى * جار فهلا صادر أو وارد
هذا العذيب محط أسرار الهوى * باد فهلا قافل أو قاصد
هذا العذيب وهل يقاس بمائه * مستنقع كدر الموارد راكد
هذي ظباه تجول بين رياضه * مرحا فهلا طارد أو صائد
انا أهيل هوى نغازل مبدأ * نشرت عليه دلائل وشواهد
قد أحكمته مواثق ومعاهد * وتضمنته مواقف ومشاهد
انا أهيل هوى ولكن ما لنا * غير الكعاب إلى الصبابة قائد
فعلا م لا تتناشدون بذكرها * والصب أ ما ذاكر أو ناشد
شببتم بتهامة وتهامة لم * تلف ساحتها الكعاب الناهد
كم تدعون هوى الكعاب وجلكم * واش على حب الكعاب وحاسد
انا ان هويت فقد طلبت وهمت في * طلبي ولي في كل واد شاهد
انا لا أغالط في هواي ولست من * تلويه عن مغنى الحبيب معاهد
انا ان غزوت وجلت في أرجائها * زمنا فمغزاي السهى وعطارد
ما ضر مبدئي الكريم سوى امرئ * لا يستقر عليه لون واحد
يحدو حداي مجاهدا وإذا خلا * بسواي يحدو حدوه ويجاهد
فعلى تبادل حالتيه مسالم * ومحارب وموافق ومعاند
وقال في رثاء الحسين ع:
يا ليل طلت ورحت تمتد * قل لي أ هل لك في غد عهد
اني لأسمع بالصباح فهل * ذاك الصباح لمقلتي يبدو
هل أوقف الأفلاك مبدعها * أو حال دون مسيرها سد
أو كان نظم الكون مضطربا * لا العكس متجه ولا الطرد
أو أنت ذياك القديم فلا * قبل لديك يرى ولا بعد
كلا فأنت الكم متصلا * حتم على أجزائك العد
أو أنت أنت وان يومي من * أرزاء يوم الطف مسود
أرزاء هذا الكون تعبث في * سر الحياة وما لها حد
أنا لا أغالط في حقائقها * كلا فامر عيانها جد
لكن رزايا الطف ليس لها * في نوعها مثل ولا ند
طوت الحقوب حدودها ولها * في كل آونة لنا حد
هل انها نوع وكان له * في قلب كل موحد فرد
أو انها فرد وكان له * بعد ليوم الحشر ممتد
نزلت بحومة كربلا ولها * آل النبي محمد قصد
وتمثلت ومثالها شعل * وتمثلوا ومثالهم وقد
وقال وهو في بعلبك عند رأس العين:
هبت علي عشية * في روض رأس العين نسمه
وعرفت عند هبوبها * سر الهوى وأطعت حكمه
وطويت بين جوانحي * حر الغرام وذقت طعمه
وأردت كتمان الهوى * لو انني أستطيع كتمه
يا نسمة قد ذكرتني * ربع كاظمة ورسمه
وتعطرت فتمثلت * وردا نضا عن فيه كمه
قلبي بصدرك قد تعلق * لا يرى إلاك رحمه
لا أستطيع فراقه * كلا ولا أستطيع فصمه
فكأنما كان الفؤاد * هو الرضيع وكنت أمه
هل مسعد في بعلبك * يرى لأهل الشوق ذمه
ليرد قلبي أو يريني * في فراق القلب حكمه
وقال في زحلة من لبنان:
يا ربع زحلة أين عنا * فلكم عليك القلب حنا
حن الفؤاد وليته * بهواك أدرك ما تمنى
يا ربع هل لك ان تجيب * شكاية الوله المعنى
أنت الذي غادرتني * أسوان طوع هواك مضنى
لولا هواك لما غدا * وسع العراق علي سجنا
أ عريب ذاك الربع أنى * نلتقي يوما وأنى
فأريك كيف ملأت * آفاق العراق عليك حزنا
يا راكبا زيافة * تطوي الفلا سهلا وحزنا
تسري ولم تر عند سكرتها * سوى الارقال خدنا
عرج على اطلال زحلة * طالبا يسرى ويمنى
حتى إذا وطئت أخف * قلوصك الروض الأغنا
اعقل به متوسما * أطلاله أقصى وأدنى
واطلب به وادي العرايش * ناشدا هنا وهنا
حتى إذا شاهدته * فقل السلام عليك عنا ٥٢٨:
الشيخ محمد الجواد بن كربلائي علي الكاظمي.
عالم فاضل من تلاميذ الشيخ حسام الدين الطريحي المتوفى سنة
١٠٩٥ وله منه إجازة. ٥٢٩:
الشيخ محمد ابن الشيخ جواد ابن الشيخ تقي ملا كتاب الكردي النجفي.
قال يهنئ الشيخ رضا ابن الشيخ زين العابدين العاملي بعرسه
١٢٥٤:
الم بنا والليل مرخ ظلامه * غزال دمي ظلما أباح حرامه
رشا قد أعار الظبى جيدا ومقلة * وأغصان بانات العقيق قوامه
ولما التقينا باللوى بت اشتكي * اليه غرامي وهو يشكو غرامه
فعاطيته الصهباء صرفا وليلنا * يجرد نور الصبح فيه حسامه
فبات على رغم العذول مضاجعي * يدير بأنوار المدامة جامه
حميا وعت أيام عاد وجرهم * تزيل عن القلب الشجي ضرامه
كان أريج المسك من نفحاتها * ومن نورها البدر استعار تمامه
فلله أيام التداني وطيبها * فكم قد جلت سقم الحشى وهيامه
ونال بها أقصى المنى فرع ماجد * له طائعا القى الزمان زمامه
لقد عاودت أيام أنسى بأنسه * وأخلت عن القلب الشجي سقامه
سليل فتى حاز المكارم والعلى * وحل من المجد الأثيل شمامه
سما بالتقى والفضل أعلى سمائه * فاقصر عزا من يروم مرامه
كسا الملة الغراء عزا ورفعة * وشيد من دين الاله دعامه
أطاع إله الخلق بالخلق والتقى * فأعلى على الخلق الاله مقامه
أ يا بن الذي قد ساد بالعلم والنهى * وقوم دين المصطفى وأقامه
ليهنك ان زفت إليك خريدة * بآبائها حلت من المجد هامه
فدم سالما ما رنحت غصن بانة * وهيجت الأشواق فيها حمامه
وله أيضا يهنئه:
(٢٠٨)

زارني بعد فرقة وصدود * طاويا عذل عذلي وحسودي
واتى يخبط الظلام حبيب * جذبته إلي ذكرى العهود
فكسا الروض بهجة ونضارا * وزها ورده بورد الخدود
وسقاني سلافة ذخروها * قبل أيام جرهم وثمود
لا تلوما من يشرب الراح صرفا * ان في الراح راحة المجهود
هي راح يربح نشر شذاها * قلب مضنى معذب بصدود
فأدرها من كاس تبر لتبري * سقم ميت صبا لهيف القدود
يا بن ودي قد غرد الورق شوقا * وأطال الترديد بالتغريد
وأضاءت في دار عز المعالي * وربيع الأيام شمس السعود
دار قوم يضئ فيهم سرورا * كل بيت بالمكرمات مشيد
علماء أئمة حكماء * علموا الخلق منهج التوحيد
عم جدواهم الأنام فأضحى * طوق جدواهم على كل جيد
بلغوا غاية من المجد حتى * لم يجد واصف لها من مزيد
يا بن من حل ذروة الفخر حتى * ساد كل الورى بجد وجود
ساع وردي لما سررت بعرس * أكسب المجد رفعة بالجدود
فاستدامت أيام انسك بيضا * ما استنارت شمس الضحى في الوجود ٥٣٠:
السيد محمد جواد ابن السيد عبد الرؤوف فضل الله
ولد في النجف الأشرف سنة ١٣٥٧ أثناء إقامة والده فيها وتوفي في
بيروت في ٢٣ رجب ١٣٩٥، ودفن في بنت جبيل من جبل عامل.
درس في النجف على أخيه وعلى السيد محمد الروحاني والسيد
نصر الله المستنبط والسيد أبو القاسم الخوئي.
وقد مارس التدريس في الحوزة العلمية في النجف الأشرف ثم في
بيروت.
كان يخوض الصراع، فيما يؤمن به، بطريقة عنيفة لا تقبل
المهادنة، وكان يتمسك بوجهة نظره في المواقف الدينية والاجتماعية مهما
كانت الصعوبات كبيرة، ومهما كانت السلبيات شديدة، وقد كلفه ذلك
كثيرا من الخصومات في النجف الأشرف في إطار أجواء المرجعيات الدينية،
كما كلفه بعض المواقف الصعبة في لبنان مع بعض القوى المتحركة في
الساحة الدينية والاجتماعية...
وقد أدت به مواقفه المبدئية إلى الدخول في سجن النظام العراقي وقد
مكث في السجن مدة أسبوعين عانى فيهما الكثير من التعذيب الجسدي
والنفسي.
كان قريبا إلى السيد أبو القاسم الخوئي وكان يثق برأيه في كثير من
الشؤون المتعلقة بالحوزة وبغيرها ويعتمد عليه في بعض الأمور المهمة في
النجف وفي لبنان.
وقد توفر على الأبحاث الاسلامية الاجتماعية والتاريخية التحليلية كما
كان شاعرا مجيدا له من المؤلفات: كتاب صلح الحسن وكتاب علي الرضا
وكتاب حجر بن عدي وكتاب جعفر الصادق.
شعره
ما قاله بمناسبة ذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء ع نقتبس من
قصيدته هذه المقاطع:
يا ابنة الطهر وما أروعها * ذكر منك تزين المهرجانا
أنت تاريخ رسالات بها * يشرق للواقع مجدا وكيانا
عزة الايمان في دعوتها * شرعة منها هدى الله استبانا
قد حملناها وإن أزرى بنا * شانئ يرعف حقدا ولحانا
فهي منا رعشة في دمنا * وهي فينا خفقة تحيي الجنانا
دوحة من أحمد مطلعها * باسق أعظم به مجدا مصانا
حسبها أن رضاه مدد * من رضاها... ورضاها مبتغانا
انها الذكرى انفتاح للسرى * وانطلاق للذرى يغري سرانا
دعوة الحق على صفحتها * أحرف علوية خطت علانا
يشرق الايمان فيها أملا * باسما يحتضن الروح احتضانا
فتعود الأنفس الحيرى به * حية تورق بالنعمى حنانا
وعبير الخير يذكي حسها * بعطاياه فتحويه افتتانا
لو وعينا روحه لانصهرت * لمنانا هذه الأرض جنانا
ولكنا غير ما نحن به * قلق يلهب بالشكوى ندانا
وصداع مثقل يحفزه * مطمع غر كما شاء هوانا
وانفلات من مقاييس صفت * نظما تزرع في الدرب هدنا
وانصهار بميول مزقت * بالأباطيل على الدرب أخانا
يا لذل الفكر أن تسحقه * صرعة التجديد من وحي عدانا
قد حملنا العب ء من آلامها * ومشينا يلحس الشوك خطانا
تثقل المحنة منا مطمحا * للسرى أغنى به المجد وزانا
قد شربناها كؤوسا أترعت * علقما والليل غاف في ذرانا
وافقنا والشجا يسحقنا * نرقب الأطلال ذلا وهوانا
ها هو المجد الذي عشنا له * عاد شلوا في يدي الغازي مهانا
يا لذل المجد أن تحرسه * أعين تعشى إذا ما الصبح بانا
يظمأ النور على أحداقها * والضحى يخطر زهوا في سمانا
تحسب الليل صباحا مشرقا * وهي لا تعرف للصبح مكانا
والسراب الجدب وردا مائجا * كذب الأحلام فيه يتدانى
والمدى صحوا ليحلو صفوها * وهو بالاعصار يربد احتقانا
سوف يصحو المجد من غفوته * ويعود الفتح زهوا في حمانا
ويصاد الذئب في مكمنه * بعد أن شل على الدرب الأمانا
ليعود الصحو ضاح في المدى * يمسح الجرح ويروي من ظمآنا
لا نعي إلا الصدى من أمسنا * ساخرا يخنق بالجلي صدانا
عيبنا أنا على الدرب إذا * غرب الحادي فغربي هوانا
وإذا شرق فالشرق لنا * مطلع يغمر بالنور ربانا
عاطفيون فاني التفتت * وجهة السادر نسديه العنانا
نحسب الصرخة من أشداقه * منقذا من سرف الجلي أتانا
ويرف الفتح في أجفاننا * حلما نرشف نعماه دنانا
وليمت أمس ويحيا لغد * مطلع يركز في الشمس لوانا
سوف نسقي الأرض من أشلائهم * سوف لن يحتضن الفتح سوانا

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح)
(٢٠٩)

وهنا تنفجر الساح بنا * وإذا نحن كما كنا وكانا
يا أساة الجرح إنا هاهنا * لم يزل يرعف بالبلوى حمانا
قد طويناها سنينا حملت * بالمآسي والذي كان كفانا
فليكن ماضي أسانا عبرة * نبلغ الغاية فيها بسرانا
خل ما قلنا وما قالوا فقد * ملت الأسماع منا الهذيانا
وارمق الواقع يا رائده * كيف شقت بالضلالات عصانا
وعرى الأمة من فرقها * فتلاشى عزمها الصلد وهانا
انها الردة شلت عزمها * وأبادت بالأعاصير قوانا
كل حزب في المدى مملكة * حلمها أن تستحل الصولجانا
هذه الصرعة في واقعنا * كم شكا الحر مآسيها وعانى
السجون السود يا لوعتها * ظلم تصطك رعبا بأسانا
وإذا شئناه نصرا شافيا * من لظى الجرح وان عز شفانا
فإلى الاسلام يا قادتنا * فهو للداء كما كان دوانا
ومن قصيدة في الحسن ع:
يا سيدي ذكراك سر ملهم * يوحي بقلبي الخاطرات ويلهب
أنا في بياني حيرة هل انني * أطري رؤى الميلاد فيك وأسهب
أم أعرض المأساة يذكى نارها * عذر ويحكم مدها متقلب
مذ أفلتت كف الخيانة زيفها * بغيا تخدش من هداك وتشجب
وتعيق مجدك عن سراه وقد بدا * للنصر ركبك شامخا يتأهب
عفنت ضمائر حاقدين تلمسوا * بك حتفهم إن سدتهم فتألبوا
وتفرقوا شيعا يبثون الشجا * في الدرب كي يكبو لعزك موكب
بالأمس يجرعها أبوك مرارة * من حقدهم ويضيق فيه المهرب
واليوم يأتمرون فيك تحزبا * للبغي وهو لهم مجال أرحب
ما أفجع المأساة حين تثيرها * كف لروحك من نصيرك أقرب
شلت يد أورت عليك شرارة * من غدرها تضني السرى وتذبذب
جرعتها غصصا وكانت محنة * للحق أنك عن تراثك تحجب
فمددتها للصلح كفا تبتغي * أن لا يراق دم يطل ويذهب
ولكي يبين لخابطين مصيرهم * في ظل حكم زائف يتقلب
ولكي تمزق عن وجوه شوهت * بالغي أقنعة بها تتحجب
حتى إذا طفح الضلال وأتلعت * برقا بها للجاهلية أذؤب
وتنكرت للحق تبغي محوه * حقدا لثارات هنالك تطلب
هز الحسين كيانها بشرارة * منه تفتت مجدها وتشطب
حمى المآسي لا تزال تثيرنا * نكباتها فلنا بها متقلب
أورت بنا للذل أقسى محنة * فيها فلسطين الجريحة تخضب
عشرون عاما نحن في قلق السرى * نشقى وأحلام هنالك تحسب
حتى م يأسرنا السراب فبرقه * زيف به الأمل المجنح يكذب
ما ذا حصدنا من سني بعثرت * فيها القوى فمشرق ومغرب
ما بيننا نوري العداء ونغفل * المأساة تمتهن المصير وتنكب
ونثير مهزلة السباب فناعق * مرن ومدرع بشتم ينعب
وهنا أفقنا والمدى متجهم * يحكي لنا كيف المآسي تكتب
كيف الشراع تجاذبته عواصف * هوج فمزق واستبيح المركب
هدرت علينا النائبات بنكسة * ذهبت بكل قوى تعد وتحسب
وإذا بنا بمدى الصراع مصيرنا * في كف عفريت به يتقلب
عقبى لنا كانت تفيض مرارة * واسى وكان خباؤنا ما نكسب
ومن قصيدة له في رثاء سيد الشهداء الإمام الحسين ع:
كيف يرقا دمع عليك سفوح * وعلى الأفق من دماك رشيح
وستبقى مدى السنين رؤى * المأساة جرحا تذوب فيه الجروح
أ وينسى التاريخ يومك إذ أنت * على صفحة الرمال طريح
تبذل النفس للرسالة كي تحيا * فأنت الباني لها والنصوح
حسب البغي أن في قتلك الموت * لشرع صدت به البغي ريح
هو ثار من الرسالة تحتم صدور * به وأخرى تبوح
حسبوه نصرا وان المدى صحوا * سيبدو لمجدهم ويلوح
غير أن الرؤى استحالت سرابا * يتلهى به لباع طموح
وإذا أنت فكرة في ضمير الحق * منها طيب الدماء يفوح
ومنار للسالكين إذا حم * أصيل دام وغامت سفوح
بهداه السرى يمد على الدرب * خطاه فتستعاد الفتوح
كبرت باسمك الضحيا فسر * الفتح في شلوها البديد صريح
و ستبقى رمز الفداء على دربك * هديا يغدو السرى ويروح
وله من قصيدة في القدس:
للقدس في كل قلب ثائر نار * يلظى بها في جحيم النقع ثوار
أم المآسي بما عانت وما حملت * فجرحها بدم الأحرار فوار
تلتاع من دنس الأرجاس بثقلها * من ريبه نزق جلف وأكدار
أرض السلام غدت للحرب منطلقا * يثيرها بسعار الغدر فجار
ومهد عيسى أريج الطهر روعه * بما استباح من الآثام غار
يا ذل مجد تهاوت من دعائمه * مشارف عز في عليائها الغار
عار على المجد أقداس تدنسها * بلوثة الاثم أرجاس وأوضار
ينوء بالعب ء منها كاهل ثقلت * عليه في زحمة الأحداث أقدار
وثم صعب جراحات يعمقها * حقد من الغرب موتور ومكار
شؤم المطامع أغرى كل عابثة * بنا تحدد ما شاءت وتختار
ولتسلب الدار ما دامت مشاربها * ريا يطيب بها ورد وإصدار
كأننا نفحة في كف عارضها * يسومها في حنايا الشوق سمسار
من يبذل الثمن الأغلى يفوز بها * وقد يفوز بها للذبح جزار
يا قدس... يا دمعة المأساة تذرفها * من قلوب مروعات وابصار
يا محنة تتحدى في مرارتها * أحرارنا أن يبيد الغدر إعصار
هل بعد يومك أرض تستريح بنا * وهل تطيب هوايات واسمار
مضت عهود بيانات مرصفة * غصت بها في رفوف الحكم أطمار
وليس يبلغ فينا الشوط غايته * إلا إذا ضمنا في الروع مضمار
وعادت الأرض ريا من دمائهم * ومن دمانا وقد ثرنا وقد ثاروا
هناك تمتحن الآساد عزمتها * ويخبر الشوط إذ يحتم مغوار
ويمسح الصيد عارا من هزيمتهم * فجرحها بصديد العار نفار
ردوا المنايا وما تغني الشكاة إذا * لم ينعتق من حدود الحرف إنذار
ومجلس الأمن أمن للغزاة ومن * بناته لذئاب الغزو أنصار
تحمى الجريمة فيه إذ يبررها * من الصلافة تشكيك وإنكار
مقررات ولكن لا ينفذها * إلا كسير بلمح العتب ينهار
أما القوي فلن تلوى شكيمته * وان قست منه أنياب وأظفار
وان تفجر منه عاصف نزق * جم المصاعب تشقى فيه أقطار
محاكم ضعفت عن أن يدان بها * طاع وتدفع عن شاكين أضرار
وإنما هي ميدان ومصطرع * يشد فيه عنان الشوط قهار
(٢١٠)

فيا دعاة سلام خادع حبكت * معسولة من زعاف المكر أفكار
ويا حماة مشاريع منمقة * مبهرجات لها بالزيف آطار
لن يبلغ الفتح مشلول القوى صعق * ولن يطول لشاو المجد خوار
شر الهزيمة أن نعطي لمحتكم * يدا وجان على الأشلاء يمتار
والحرب أهون أعباء وان ثقلت * منها على المجد أعباء واخطار
فان هزمنا فشرع الحرب من قدم * كر وفر وإقبال وإدبار
وإن هزمنا فنبل في مضاربنا * منه ازدهت بالفتوح النجب أدوار
ومن قصيدة له في فلسطين:
يا فلسطين... وهل يحلو لنا * بعد أن ضرجك العار غناء
لم نزل لعق من آلامنا * ما به يصعب للجرح شفاء
الشعارات ضباب خلفه * يصطفي للمطمع الغر خباء
أحرف جوفاء كم راح بها * يتغنى للفتوح الشعراء
طالما صفقت الأيدي لها * طربا واهتز للحلم رجاء
خدعوها أمة ما نكبت * لو رعى درب علاها الأمناء
سلبوها مجدها وانتهبوا * فيئها وانتهبوها وأساؤوا
وأدلللوها علينا دولا * يحكم الأمة فيها الخلطاء
ذنب يصرع منهم ذنبا * وهم في شرعة العذر سواء
بعثروا الطاقات هل من أجلنا * أم لأطماع لهم فيها امتلاء
انها سخرية أن تنطلي * خدعة هل آمنت بالذئب شاء
يا فلسطين ولا يجدي البكاء * فثبي يحتم للنصر قضاء
وزني الخطو فقد يعثر من * زلة فيها انخذال وانطواء
وارقبي المسرى و لا تأتي فقد * يلغز المسرى عليك الدخلاء
إنهم في الدرب ما زالوا ومن * همهم أن يجهد الركب عناء
عبئ منا القوى والتحمي * بالمنايا الحمر وليصمد إباء
فجري الطاقات من مكمنها * وانشريها يلهب الأرض اصطلاء
إننا نار وإعصار إذا * ضامنا في غمرة الجلي بلاء
فألهبي معركة الحق فان * خلصت يهتف بالنصر دعاء
وله:
ذكرياتي هبي على خاطري * رحماك فالليل في مداي شديد
وأعيدي علي من صور الماضي، * أماس غشت رؤاها العهود
فانا هاهنا بمنأى قلب * موحش يستبد فيه الشرود
غربتني عن واقعي وبلادي * غاية دونها الصراع العنيد
طلبتها نفسي صعودا مع * المجد ليسمو بها غد محمود
فبها لي مضمار جد وشوط * يحتويني به جهاد بعيد
وطموح يزاحم النجم في المرقى * سموا حيث الخلود المجيد
فحقيق بالطامحين إذا ما * طلبوا المجد غربة وصدود
إن من يطلب العلا لم يضره * لوعة مرة وجهد جهيد
وله:
خيالك يا أم في مقلتي * طيوف تهز بقلبي الشبابا
وتلهب في اختلاج الحنين * فيغتصب الدمع عيني اغتصابا
ولم لا وأنت ضمير الحياة * تفجر في جانحي التهابا
فكم نظرة لي من مقلتيك * بها الحب غنى اللحون عذابا
تلمستها بدمي رعشة * تكهرب قلبي عليها وذابا
وللحب معنى رقيق السمات * سوى الأم لم يدر منه اللبابا ٥٣١:
السيد محمد بن جويبر بن محمد الحسني المدني
ذكره السيد ضامن بن شدقم الحسيني المدني في كتابه في الأنساب
الذي وجدناه بخطه في طهران فقال كان نبيها محدثا مدققا محيطا بأقوال
العلماء وخلافاتهم. ٥٣٢:
الشيخ محمد نجيب مروة ابن الشيخ باقر ابن الشيخ محمد حسين الشهير
بالحافظ.
ولد في قرية الزريرية حوالي سنة ١٢٩٩ وتوفي سنة ١٣٧٦ في قرية
عيثا الزط من جبل عامل ودفن فيها.
نشأ وترعرع في قرية سلعا العاملية فما دخل مدرسة ولا قرأ عند
معلم، غير أن والدته علمته مبادئ القراءة والكتابة، اما والده فكان
مشغولا عنه بأسفاره الكثيرة، ولما شب تتبع الكتب والشيوخ فأتقن اللغة
وقواعدها وسلك طريق الشعر الفكاهي حتى غدا علما فيه.
ولقد كان محدثا طلق اللسان ورواية متقنا يحفظ الكثير من الأخبار
والنوادر ويرويها بأسلوب شيق مما جعل الناس على اختلاف طبقاتهم
يتشوقون إلى مجالسته ويتسابقون إلى الاستمتاع بأحاديثه وأشعاره، على أنه
في مواقف الجد يكون في شعره جادا صارما كما سترى في قصيدته
الفلسطينية الميمية الآتية وفي هذه الأبيات التي نظمها ابان اشتداد المظالم
التركية في الحرب العامة الأولى مخاطبا العرب:
الا فليفق بعد الرقاد وينثني * إلى الحرب من غلمانكم كل نائم
فحتى متى هذا القعود وقد سقت * بنو الترك من أوداجكم كل صارم
وحتى متى ترضون بالضيم والعدى * تروح وتغدو بينكم كالأراقم
وحتى متى تغدون في كل وجهة * وتمسون في ذل من العيش دائم
أما آن ان تأبى الهوان نفوسكم * فعيشكم بالذل عيش البهائم
فكم غالت الأتراك منكم أماجدا * أولي عزمات كالليوث الضياغم
غدوا بين مقتول بغير جناية * وبين طريد للخمول ملازم
رحلاته وأسفاره
كانت أولى رحلاته إفريقيا الغربية سنة ١٩٣٢ م هجرة محفوفة
بالأخطار، ومليئة بالمغامرات وكان مما نظمه عن هذه الرحلة قوله:
لما رأيت بلادي * بلاد فقر وفاقة
والدهر أخنى عليها * مذ لازمته الحماقة
والضيم القى عصاه * فيها ومد رواقه
غادرتها إذ ليس لي * على المذلة طاقة
وقد كثرت رحلاته بعد الرحلة الإفريقية. ولكنها كانت رحلات
قريبة تجول بها في سوريا وزار الأردن ومصر وفلسطين.
آثاره ومؤلفاته
من مؤلفاته المطبوعة: كتاب الروض الزاهي في الأدب الفكاهي
الذي يحتوي على جانب كبير من انتاجه الأدبي، وعلى كثير من النوادر
الفكاهية والطرائف. وكتاب ثمرات الاسفار الذي يتضمن وصفا
للقوافل البشرية التي كانت تتدفق من المدن والقرى اللبنانية على حمامات

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح).
(٢١١)

طبريا في فلسطين لأجل الاستحمام والاستجمام. وكتاب بغية
الراغبين في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومقدمة كتاب رحلة الشتاء
والصيف وكتاب التحفة الصيداوية.
ومن مؤلفاته المخطوطة: كتاب العقد المنضود في اخبار الوفود
يتضمن شرح كثير من وفادات الشعراء والأدباء والفلاسفة والحكماء على
الأنبياء والملوك والوزراء والأمراء. وكتاب المراسلات والمحاورات يحتوي
على مراسلات ومحاورات دارت بين الكثير من الملوك والوزراء والشعراء
والفقهاء. وكتاب الوصايا يتضمن وصايا الأنبياء والملوك والحكماء
لرعاياهم وجنودهم وأولادهم. وأخيرا كتاب رحلة الشتاء والصيف
الذي طبعت مقدمته فقط. ويحتوي هذا الكتاب على وصف جميع الأسفار
والرحلات التي قام بها وما كتب من نظم ونثر.
شعره
قال بعنوان نشأتي:
العلم فخر ينال الفضل طالبه * ويدرك المجد والعلياء صاحبه
ولا ينال وان هانت مطالبه * الا بجلا وتعليم وتدريب
وللدراهم فضل ليس نجحده * من رام علما فان المال يسعده
والفقر عن نيل فضل العلم يقعده * حتما ولو كان ذا فهم وتهذيب
يلومني الناس إذ لم أبلغ الإربا * من العلوم وهم لم يعلموا السببا
قالوا حويت الذكار والفهم والأدبا * وكان حفظك من بعض الأعاجيب
لو كنت عصر الصبا بالعلم مشتغلا * لنلت مجدا أثيلا واكتسبت علا
لكنما كنت في روض الهوى ثملا * تجني ثمار الملاهي والألاعيب
فقلت تالله ليس الجهل من أربي * ولا تماديت في لهو ولا لعب
ولا رغبت بوصل الخرد العرب * بل كان نيل المعالي جل مرغوبي
لكن دهري عن التعليم أقعدني * ومنهل العسر والإملاق أوردني
كم قد دنوت من العليا فأبعدني * عن نيلها بعد تقديم وتقريب
لقد ترعرعت في سلعا ولا كتب * عندي ولا فضة كلا ولا ذهب
ولا فتى ذو علوم زانه أدب * من أهلها يتولى امر تأديبي
هذا ولى والد بالفضل مشتهر * وبالعفاف وتقوى الله مؤتزر
لم تصف أيامه إذ كلها سفر * تصرمت بين تشريق وتغريب
لذاك شملي به ما كان مجتمعا * لتحتسي فكرتي من علمه جرعا
تالله ما كنت من دنياه منتفعا * إلا بلبس ومأكول ومشروب
نشأت بين أناس كلهم همج * جوارهم شدة للمرء لا فرج
بعدا لهم كم مضت لي بينهم حجج * وقد صبرت عليها صبر أيوب
ان الخمول سقاني الدهر خمرته * وأورثتني دواعي العسر سكرته
لهفي على العمر إذ قضيت زهرته * ما بين سلعا وباريش ومعروب
عصر تقضى باحياء الرعاة سدى * إذ لم أنل منهم علما ولا رشدا
لو أن حزني عليه نافعا لغدا * حزني عليه يساوي حزن يعقوب
وكان يوما في مجلس فذكر بعض الحاضرين الشاعر شوقي معجبا به
فقال المترجم:
أتينا من رجال العلم شهما * جليلا قد حوى أدبا وفهما
فنلنا عنده في الأنس سهما * كبيرا حيث بات لنا سميرا
وأمسينا وكأس الأنس صافي * نميز بين أرباب القوافي
فكدر صفونا رجل صحافي * وأسرف في تعصبه كثيرا
وبالغ في ذكا شوقي وآلى * بان الكل قد أمسوا عيالا
عليه وان منزله تعالى * علوا عن منازلهم كبيرا
وقال هو الذي سهر الليالي * لتحصيل المعارف والكمال
إلى أن صار في أفق المعالي * برغم عداته قمرا منيرا
به فن القريض لقد تحلى * فعز مقامه فيه وجلا
ولما فاز في القدح المعلى * على أربابه اضحى أميرا
فقلت له رويدك ليس فينا * جهول يكره الحق المبينا
تصفحنا الأنام فما لقينا * لشوقي في بلاغته نظيرا
ولا عجب إذا بلغ الثريا * ونال بفضله قدرا عليا
وأصبح في البلاغة عبقريا * وطرف المجد بات به قريرا
فكم افنى بربع العلم عاما * وخاض ببحره حينا وعاما
ونال من الخديوي احتراما * وكان على الزمان له نصيرا
لعمري لو جلست مكان شوقي * لفاض الشعر من تحتي وفوقي
ولكن النوائب فوق طوقي * تكلفني فتسلبني الشعورا
ترعرع في المدارس وهو يرعى * تلامذة زكوا أصلا وفرعا
ويحصد من حقول العلم زرعا * ويقطف من حدائقه زهورا
وقد ضيعت في سوح الضياع * شبابي بين حراث وراعي
فقصر عن بلوغ المجد باعي * ورحت بأرضها أرعى الحميرا
واسكنه إله الخلق مصرا * وآتاه على الأيام نصرا
فشيد فوق ماء النيل قصرا * به فاق الخورنق والسديرا
وأسكنني بعاملة زمانا * فم أحرز لعائلتي مكانا
ولا فرسا ركبت ولا أتانا * ولا بغلا ملكت ولا بعيرا
وقال:
يا شيب ما لك قد كرهت فراقي * وعلى م قد لزمت يداك خناقي
بيضت ظاهر عارضي ومفرقي * فاسود باطن قلبي الخفاق
أ مضيق الاخلاق هل لك غيبة * عني فأغدو واسع الاخلاق
نات الشبيبة بعد طول دنوها * مني وعافت منزلي ورواقي
وعلي في سنن المشيب وشرعه * أضحت محرمة بغير طلاق
كم قد بكيت على الشباب لأنه * إذ سار ودعني لغير تلاق
ولكم إحن إلى لقاه وقربه * بعد التفرق حنة المشتاق

(١) هي قرية متقاربة في جبل عامل.
(٢١٢)

ذهب الهنا وصفاء عيشي بعده * وغدا الشيوخ الشائبون رفاقي
وفقدت شدة ساعدي وهمتي * ثقلت وخفت قوة الأعراق
وابيض شعري والزمان أحاله * قطنا وبارت صبغة الخلاق
وكرهت ان تحتل وجهي شيبة * بيضاء تلمع فيه كالمزراق
ويحسن الفقهاء لي إطلاقها * وانا أقبح مذهب الاطلاق
ويعد عندهم المخفف ذقنه * بين البرية أكبر الفساق
ومن التقلب في عذاب جهنم * يوم القيامة ما له من واق
كم قال لي امل الديانة منهم * ذهبت بدينك شفرة الحلاق
فأجبتهم كفوا فتطويل اللحى * بعد المشيب مخالف المذاقي
وإذا أبيتم فاكتبوا ضبطا بها * وإلى المفوض حولوا أوراقي
وقال:
أرى الحكام طرا والرعايا * جميعا بين مرتشي وراشي
وان الاختلاف بكل قطر * لأمر بينهم في الكون فاشي
لقد كذب الذين رووا وقالوا * بان الحال بين الناس ماشي
أ أرباب الحكومة لم غدوتم * تقودون الورى قود المواشي
وليس يهمكم الا بطون * معودة على اكل المحاشي
وتغسيل لأيد كامشات * معودة على قبض المعاش
وهندسة لألبسة كسيتم * بها الأبدان من أغلى القماش
ونوم يطرح الانسان منكم * إلى قرب الظهيرة في الفراش
وتطربكم مشاجرة البرايا * وتعجبكم مقالة كل واشي
وكم تستبشرون إذا سمعتم * بان الخلف بين الناس فاشي
لنيل مآرب ان تنكروها * سأذكرها الغداة ولا أحاشي
وقال:
معاشر اهل المال حتى م نشتكي * إليكم بهذا الدهر فقرأ وإعوازا
ونسألكم إسعافنا فنراكم * تولوننا منكم ظهورا واعجازا
أ ليس حراما ان يكون طعامكم * مدى الدهر عن قوت الخلائق ممتازا
وطبخكم والخبز لا تأكلونه * بأبياتكم يوما إذا لم يكن طازا
وأطفالنا لا تستقر إذا رأت * من الناس طباخا هناك وخبازا
أ ليس حراما ان نرى الشخص منكم * لأفخر أنواع الملابس قد حازا
وواحدنا لا يستطيع بعامه * بان يكتسي إلا قميصا وغنبازا
أ يحسن منكم أن يكون فتاكم * بخيلا لأصناف الدراهم كنازا
وكل امرئ منا يروح ويفتدي * وقد أعجزته قلة المال إعجازا
أعد لا يعيش المرء منا بقربكم * زمانا طويلا لا يصادف إعزازا
ونحن إذا ما حل يوما بربعنا * فتى منكم أو مر بالحي مجتازا
يصادف تعظيما هناك لنفسه * وتكرمة منا ولو كان معازا
أعدلا يعد المرء منكم لسيره * جوادا يضاهي الصقر في السير والبازا
ونحن إذا ما المرء منا على السرى * أراد معينا ليس يملك عكازا
الا فاعدلوا اهل الفلوس فصنفنا * إلى نحو حزب البلشفيك قد انحازا
ولا تأمنوا الغارات منا فنهبكم * بمذهب أبناء الخصاصة قد جازا
يقول الناس في جبل عامل للرجل: هذا ركبه عيسى كناية عن
الفقر والإملاق وعدم النجاح في الأعمال، وعيسى هذا يراد به عيسى
سيف الذي كان حاكما جائرا إذا غضب على انسان أفقره حتى أصبح
اسمه رمزا للفاقة والاخفاق، ولما كان المترجم من اعلام الجماعة المنكوبة
بعيسى فقد خاطبه بعدة قصائد منها هذه القصيدة:
الا قل لعيسى ان وجد له اثرا * خف الله واصرف على جماعتك الفقرا
حكمت فلا عدل بحكمك فيهم * وجرت فلم تترك على مؤمن سترا
لكل مليك دولة ونهاية * سواك لقد أفنيت في حكمك الدهرا
فلم تراع جانب الله فيهم * فقد صبروا حتى لقد اطعموا الصبرا
فكم من فقيه ذي علا وفضائل * على غير جرم قد ركبت له ظهرا
كأنك من دون الأنام حسبته * حمارا لقطع البيد يصلح أو مهرا
وكم سيد جردته من ثيابه * ولم تخش يوما من عمامته الخضرا
وكم ذي غيال قد حللت بداره * وأعلقت في أذياله الناب والظفرا
إذا ما مشى يوما إلى الرزق ساعيا * تضيق في ألحاظه البر والبحرا
أ لم تنظر الأطفال في كسر بيته * من الجوع قد أمست وجوههم غبرا
وكم من فتى قد كان في حال ثروة * وأفنى مع الإثراء من عمره شطرا
صنعت به مثل الطيور فلم تدع * جناحا ولا ريشا عليه ولا وبرا
أ ما لك تسليط على غير عصبة * مساكين لم يعصوا لربهم امرا
فكم من أناس واصلوا كل شقوة * فلم يحفظوا لله حقا ولا قدرا
ترى المال والإنعام مل ء ديارهم * ولم يعرفوا يوما لمنعمهم شكرا
فقل لي لما ذا لا تحل بربعهم * ولم لم تصبهم قد محنتك الكبرى
تنح وكن هنا جميعا بمعزل * ولا تعترض في الناس زيدا ولا عمرا
وإلا رب البيت والركن والصفا * يوافيك جيش يملأ السهل والوعرا
ويأتيك أرباب العمائم كلهم * غضابا يهزون البواتر والسمرا
ترى ان سروا يوما عراج حميرهم * تضاهي نسيم الريح في حالة المسرى
بهم كل شيخ كالبعير وسيد * تخيله من غرض أكتافه جسرا
سيجمعك الرحمن ربك في غد * وإياهم طرا ويحشركم زمرا
هناك لديه كم ترى من شكاية * عليك فلا تلقى مفرا ولا عذرا
وقال وقد التقى بزميله الشاعر الفكاهي مصباح رمضان في صيدا:
ان المصابيح في صيداء قد كثرت * وزال منها ظلام الليل وانقشعا
فبعضها منه نور الكهرباء بدا * وبعضها منه نور الغاز قد طلعا
ويغلب الكل مصباح هناك غدا * من معدن اللطف والعرفان مصطنعا
أ لا ترى كل وقت من زجاجته * نور المعارف والآداب قد سطعا
لقد أعارته بيروت لجارتها * صيدا فطوبى لحي فيه قد وضعا
يا أيها الندب ان الناس قد وصفوا * ما حل فيك من الآداب واجتمعا
وكنت أقطف من أثمار شعرك ما * ألقاه في روضة العرفان قد زرعا
حتى إذا ما التقينا بعد آونة * في سفح صيدا بأيام الربيع معا
أيقنت أنك حاو فوق ما وصفوا * من الكمال وما راء كمن سمعا
لقد نشأت بارجاء الضياع ولى * قلب من الهم في سلعاء قد سلعا
وأنني موجع فامنن علي إذا * من القوافي بشئ يذهب الوجعا
وقال مستصرخا لدفع الشر عن فلسطين:
إذا ما جئت مصرا والشئاما * وأرضا ضمت البيت الحراما
ونجدا والعراق وسرت يوما * إلى اليمن التي حوت الإماما
ولبنان الذي تسقي الأعادي * بواسله العلاقم والشماما
وتونس والأقاليم اللواتي * بها مجد العروبة قد تسامى
فبلغ اهل هاتيك النواحي * جميعا عن فلسطين السلاما
وقل لهم مقالة مقدسي * تؤجج في قلوبهم الضراما
(٢١٣)

لسان المسجد الأقصى ينادي * ويدعو الشيخ منكم والغلاما
بني السمر المريعة والمواضي * إلى م أنتم فرق إلى ما
دعوا الاحياء واعتزلوا البوادي * وهاتيك المنازل والخياما
دعوا طيب الكرى فالنوم اضحى * على أجفان قومكم حراما
دعوا الأهواء واعتصموا جميعا * بحبل الله وانتظموا انتظاما
وخلوا الخيل في البيداء تعدو * إلى أن تملأ الدنيا قتاما
فعهدي انكم أصحاب بأس * شديد لا تهابون الحماما
وعهدي ان للاعراب بيضا * صقالا تجلب الموت الزؤاما
وعهدي ان جارهم عزيز * وجار العرب حاشا أن يضاما
متى كان اليهود لهم وقار * متى نالوا من الأمم احتراما
متى ركبوا المضمرة المذاكي * متى عرفت أكفهم الحساما
متى رفع اليهودي بين قوم * بكل حياته رأسا وهاما
أ يتخذ اليهود بلاد عيسى * واحمد في الدنا لهم مقاما
وتملك آل شمعون ديارا * مقدسة تكون لهم عصاما
وأنتم في الوجود وليس يلغى * بكل عديدكم الا الهماما
وأنتم اهل عز ما عرفتم * بكل زمانكم ذالا ولاما
فقوموا وأحرقوا الأحياء منهم * ومن أجداث قومهم العظاما
لقد بعث النجيب لكم مقالا * عساكم تسمعون له كلاما
وقال لما تفاقم امر العطش في جبل عامل:
قلب الجنوب من الظما قد ذابا * والطفل فيه من الحوادث شابا
والفقر حكم في جميع جهاته * من جلده الأظفار والأنيابا
والمحل فيه قد أناخ مطيه * جهرا وشد بأرضه الأطنابا
وبنوه من حر الظماء لديهم * عذب المياه قد استحال عذابا
يا شاعر الشعب الذليل الا انتحب * حزنا عليه ومزق الأثوابا
وارث الجنوب بما تراه مناسبا * بين الأنام وأسمع النوابا
قوم لقد ظن الجنوب ببعضهم * خيرا ولكن ظنه قد خابا
ما آن ان ينسوا زغاريد النسأ * والمدح والتصفيق والأطنابا
لكنهم من بعد نيل مرادهم * لم يحسبوا لهم بذاك حسابا
كاس الحياة صفا لكل موظف * منهم هناك وعيشه قد طابا
حقا لقد حفظ المعاش بجيبه * لكنه قد ضيع الأصحابا
نبذ الوفا وجميع اخوان الصفا * وغدا يغني بعد ذاك عتابا
ومن طرائفه قوله:
رب شيخ قد غدا مفتتنا * بفتاة عقله منها انبهر
قد حكت سمر القنا قامتها * صاح لكن عقلها يشكو القصر
وإذا أبصرتها يوما ترى * جسمها أشبه شئ بالبقر
قد رمته بسهام اللحظ من * مقلة حولا كميزان الجزر
ليت شعري ما الذي قد شاقه * عندها حتى رآها كالقمر
سألتها البعض من جاراتها * أتحبين علي قالت: فشر
وقال يصف حالة القرى وحياة أهلها وما فيها من بؤس وشقاء:
أبى الدهر إلا أن يكون محرما * علي بلوع المجد طول حياتي
فألزم شخصي بالإقامة في قرى * أرى أهلها للضيم غير أباة
إذا رمت يوما ان أسير لغيرها * يثبط لي عند السرى خطواتي
كأن له عندي ذخولا كثيرة * وثارات آباء له وتراث
وكيف الترقي في القرى بين معشر * ذوي غلظة غبر الوجوه جفاة
أحاديثهم في كل وقت بدينهم * وزرعهم والحرث والبقرات
ويروون ما للزير في سهراتهم * وعنترة العبسي من غزوات
وكم في الليالي يطربون بدقهم * على الأرغل المشهور والقصبات
وطبخهم المعدود للآكل برغل * مضاف إلى الفولات والعدسات
وقد جعلوا الخرنوب والتين عندهم * بكل اوان أفخر السنوات
وأغناهم من لا تجوع عياله * وأولاده في أغلب السنوات
وأكثرهم أن ضيق لم يلف عنده * طعام سوى الخبزات والبصلات
وأما تسلني عن صفات بيوتهم * فتلك لعمري مجمع الحشرات
ترى الغار فيها لا يزال معشعشا * له عائلات غير منحصرات
وحيطانها بالزعفران تخالها * ملطخة من كثرة الدخنات
والبس نسج العنكبوت سقوفها * رداء يواري سائر الخشبات
وأصبح تعليم الصنائع عندهم * حراما على الفتيان والفتيات
وكلهم بالفهم لا فرق بينهم * وبين وحوش البر في الفلوات
فهذا مع الفدان يذهب عمره * وذاك مع العنزات والغنمات
وآخر يقضي عنفوان شبابه * ولوعا بطابات له وكرات
وهذي مع الحراث تصلح حرثه * وتلك لجلب الماء والحطبات
وهاتيك للأسطبل في كل بكرة * أعدت لكنس الزبل والقذرات
وأعقب هذه القصيدة بقصيدة يخاطب بها الأثرياء:
لا تحسبوا اهل الفلاحة انهم * لكم من الخدام والغلمان
بل فاعلموا ان العماد عليهم * بمعاشكم في أكثر الأحيان
يتقلب الفلاح حولا كاملا * بين المتاعب في شقا وهوان
حتى إذا جمع الحبوب يجيئكم * مثل الأسير بغلة الفدان
فيطول بينكم الجدال وبينه * كي توصلوه لأبخس الأثمان
فيبيعكم والمال يذهب بعضه * بعد المبيع لصاحب القبان
والبعض يرميه إذا رام القرى * بخزانة الطباخ والفران
والبعض يذهب في سبيل دوابه * لفتى مقيم منكم في الخان
والبعض يذهب في طلاء جماله * حتما عليه لبائع القطران
وكذلك البيطار يأخذ سهمه * وكذا المحدد ضارب السندان
وإذا بقي من بعد ذلك درهم * في الكيس كان لصاحب الكوشان
وقال وقد سرقت عمامته في شهر رمضان بقرية كان أهلها دائمي
الشجار:
لقد وجبت مذمة اهل... * لتركهم المروءة والشهامة
لو أن لهم كبعض الناس دينا * لما سرقوا لشيخهم العمامة
فلا دين ولا شرف لديهم * ولا لهم على الحق استقامة
ولا عرفوا لبارئهم حلالا * ولا اجتنبوا لجهلهم حرامه
لعمري ان شهر الصوم وافى * فما أدوا كغيرهم صيامه
بلى جعلوا أوائله حروبا * ونهب العمة البيضا ختامه
أقمت بربعهم زمنا طويلا * فيا بعدا لهاتيك الإقامة
لو أني بين أظهر قوم عاد * أقمت لنلت أنواع الفخامة
سالت الله يخرجني سريعا * من الأرض الذميمة بالسلامه
(٢١٤)

وقال:
وقائلة أرى منك المحيا * يجل عن المحاسن والجمال
وشخصك للغنى أضحي عدوا * وحالك في الخصاصة شر حال
وتهجو من تشاء من الغواني * وتهزأ بالكثير من الرجال
فقلت لها عداك الفهم اني * بقولك يا أميمة لا أبالي
يسود المرء في أدب وعلم * وليس يسود في حسن ومال
فكم في الأغنياء أدلى وجوه * وسام غضة بيض صقال
تراهم صامتين لضعف فهم * بأندية المعارف كالبغال
وكم عبد فقير ذي علوم * يعلق في رؤوسهم المخالي
وقال في المؤلف:
لا ترى في علماء المسلمين * عالما كالمحسن السامي الأمين
سيد يعزى إلى خير الورى * وبنيه الطيبين الطاهرين
ملأ الأقطار من تأليفه * باذلا للنفس في علم ودين
ولقد أحسن في تصنيفه * فجزاه الله اجر المحسنين
ولعمري انه في عصرنا * زينة للعلماء العاملين
وقال هذه القصيدة يصف بها أحوال اهل الحرث وأهل المدن وأهل
البادية، وقد نظمها سنة ١٣٣٧ بعد رجوعه من رحلة إلى بصرى في
حوران:
أ جيل بهذا الكون طرفي فلا أرى * كحالة اهل الحرث في سائر القرى
إذا ما أتى فصل الشتاء وأبطأت * سحائبه، والغيث عنهم تأخرا
يقولون عند الله لم يبق رحمة * سنفنى بهذا العام من قلة القرى
وحين يرون المعصرات هواطلا * ووجه الثرى اضحى بحارا وأنهرا
يقولون ان الله جل جلاله * يريد بهذا العام ان يغرق الورى!
كذاك إذا جاء السحاب عليهم * باخر أيام الشتاء وأمطرا
يقولون جاء الصيف والزرع لم يزل * بغيطانه من كثرة الغيث أخضرا
وفي الصيف ان جاءت غيوم كثيرة * يقولون هذا الوقت لم قد تغيرا
وإن جاء حر لا نرى الشخص منهم * من الحر إلا شاكيا متضجرا
ويأتي الهوا الشرقي في القيظ مدة * فيغدو لعيش الكل منهم مكدرا
يقول الفتى الفلاح منهم إذا أتى * من الحرث عند العصر أشعت أغبرا
هنيئا لأهل المدن إذ ليس عندهم * مدى الدهر أشغال سوى البيع والشرا
فهذي على طول المدى كلماتهم * فيا رب هب لي من لدنك التصبرا!
وإن كنت تبغي وصف حالة عيشهم * فسلني تجدني بالحقيقة مخبرا
ترى كل فلاح يمر زمانه * ويمضي ولا تلقاه إلا مشمرا
وقد يتمنى الموت في البرد غالبا * إذا الماء من صم الصخور تفجرا
وقد يتمناه إذا الحر مسه * وجار عليه واغتدى متسعرا
يبيع من الغلات في كل موسم * كثيرا وتلقاه مدى الدهر معسرا
وأحوال دنياه تراها تأخرت * إذا ثوره يوما عن الحرث قصرا
وليس له هم بدنياه كلها * سوى الحرث مهما عاش فيها وعمرا
تراه مدى الأيام في خلواته * بأحوال مزروعاته متفكرا
فان أقبلت تلقاه أظهر عزة * وفاق بأنواع التبختر عنترا...
وإن أدبرت تلقاه في كل عامه * كئيبا لأنواع المذلة مظهرا
وعن جلساه ان تسلني، فإنه * مدى العمر في كل المجالس لا يرى!
على أن حنجولا ونوار صنوه * لقد أغنياه عن معاشرة الوزى!...
وانك مهما قلت فيه فقد حوى * فضائل طول الدهر لن تتغيرا
تراه بأثواب الدراويش قد غدا * لأعضائه بين الأنام مسترا
ويأكل من جنس الطعام ببيته * مع الأهل والأولاد مهما تيسرا
واما دعي يوما لاسعاف معدم * ضعيف معاذ الله ان يتأخرا
وان جاءه الأضياف في كل ليلة * فحاشاه ان يرتاع أو يتكدرا
يجيئون أفواجا فيلقون داره * مفتحة الأبواب محلولة العرى
ويلقون عند العصر قدرا مركبا * على النار مملوءا طبيخا محمرا
فيأتيهم وقت العشاء بقصعة * مجمعة تكفي من الناس عسكرا!
فما بال اهل المدن لم يتعلموا * سماحة سكان الرساتيق والقرى!
لقد بخلوا حتى كأني ببعضهم * يرون العطايا والضيافة منكرا
أولئك قوم يرهبون ضيوفهم * كما ترهب الأقوام من أسد الشري!
أ لم تنظر الأبواب من كل دورهم * بتحصينها قد شابهت باب خيبرا؟
فان دقها الأضياف لا يفتحونها * وقد حدودها خيفة ان تكسرا
ينادون في الأسواق من كل جانب * الأهل غريب جائع يشتهي القرى
وإن أطعموه وقعة يسلبونه * من المال ما يكفيه للأكل أشهرا...!
وان كان فيهم ذو سخاء فإنه * يعد سخيا في المدينة مضمرا
يجود وصحن الفول غاية جوده * وليس بمعذور إذا ما تعذرا
أناس إذا ما أصبح الشخص منهم * تراه على المرآة اضحى مبكرا
فيجدل شعر الرأس من بعد غسله * ومن بعد ذا يسقيه ماء معطرا
ويمضي لنيل الأنس في وسط قهوة * بها غضب الرحمن اضحى مقررا
فيصحبه الشيطان فيها وربما * سقاه من المشروب ما كان مسكرا
ويسرف فيها بالقمار فيغتدي * على ماله بين الورى متحسرا
وتلقاه كالمجنون ينفض ثوبه * إذا ما مشى كي لا يراه مغبرا
كذا يمسح الطربوش في كل ساعة * ليبقى نقي الشكل واللون احمرا
فهذي صفات الأكثرين لأننا * نرى فيهم اهل الجهالة أكثرا
عسى الله ربي ان يتوب عليهم * ويعفو عمن تاب منهم ويغفرا
وفيهم رجال مسلمون إذا غدا * مؤذنها عند الصباح مكبرا
تراهم أفاقوا للصلاة وغيرهم * إلى الظهر يبقى لا يفيق من الكرى
تحن إلى تقوى الإله نفوسهم * ولا تشتهي في العمر خمرا وميسرا
وفيهم مسيحيون يخشون ربهم * وقد صعدوا في المكرمات إلى الذرى
وكم فيهم تلقى طبيبا وكاتبا * أديبا بأحوال الورى متبصرا
إذا قيل اهل البدو أحسن، أم هم * أقول لهم أين الثريا من الثرى!
لحى الله سكان القفار فإنني * لقد رحت في أوصافهم متحيرا
فان قلت هم اهل السماحة والندى * أرى البخل أمسى في الجميع مؤثرا
وكل امرئ منهم أراه إذا دعي * إلى البذل عن عاداته متغيرا
وان قلت أنواع الشجاعة كلها * بها ذكرهم في الكتب اضحى مسطرا
أرى عزمهم بالحرب في كل موقف * كليل عن العهد القديم مقصرا
وان قلت قد حاز الفصاحة لفظهم * أراه بهذا العصر اضحى مكسرا
ولست أرى فيهم سوى كل خامل * تردى بثوب أزرق وتأزرا

(١) حنجول ونوار من أسماء البقر عند الفلاحين.
(٢١٥)

يحب من الدنيا دخانا وقهوة * ويصبو إلى اكل الحلاوة أكثرا
وتلقاه ملهوفا على التين دائما * إلى أن يوارى بالتراب ويقبرا!
ولا يعرف الصابون مدة عمره * كان عليه الغسل اضحى محجرا!
لقيت ببصرى الشام أيام فيصل * فتى عالما بين الأنام موقرا
فقلت له من أين جئت فقال لي * من الشام قد قادت ركابي يد السرى
فقلت لما ذا قد اتيت إلى هنا * لتطلب مالا أو لتصعد منبرا؟
فقال إلى العربان قد جئت قاصدا * لأغدو فيهم واعظا ومبشرا
فألفيت في البلقاء أرضا مخوفة * وشاهدت براما هنالك مقفرا
وعربا بتلك الأرض سود وجوههم * حفاة عراة ما عليهم سوى الفرا
فبت بحي فيه عرب كثيرة * إلى أن بدا وجه الصباح وأسفرا
فقمت ولم الق العمامة فاغتدى * فؤادي منهم خائفا متحذرا
فقلت لرب البيت أين عمامتي * ففتش حولي ثم هرول مدبرا
وصاح على الجيران في الحي من سطا * على الشيخ في نهب العمامة واجترا؟
فيا حبذا امر عليه قدمتم * ويا رب فصل في منازلكم جزى
فاقسم كل عند ذلك منهم * يمينا بهاتيك العمامة ما درى
فجاء باردان وقال لي اتخذ * لرأسك منها عمة، وتضجرا
وجاء بزاد بعد ذا فوجدته * عتيقا، ومن دهن الجمال معصفرا
فأبصرت فيه قملة بدوية * على شكلها من قبل ذلك لم أرى!
فغادرتهم من غير مهل، وها انا * بخفي حنين قد رجعت كما ترى...
فقلت جزاك الله خير جزائه * عساك بهذا ان تثاب وتؤجرا
فهل تعرف الأعراب الا حلاوة * وتينا ودخانا وتمرا وسكرا
نعم كان للعرب الأوائل طلعة * بها كان عصر الجاهلية نيرا
وكانوا بأنواع الشجاعة والندى * جميعا من الشمس المنيرة أشهرا
وكانوا أشد الناس بأسا وقوة * وأقواهم يوم الكريهة عنصرا
وكان كلام الشيخ والطفل منهم * فصيحا صريحا لا تراه معكبرا
وكانت بساحات الكفاح ملوكهم * تضاهي بذاك العصر كسرى وقيصرا ٥٣٣:
الشريف الرضي ذو الحسبين أبو الحسن محمد بن الطاهر ذوي المنقبتين أبي
احمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
ولد ٣٥٩ وتوفي ٤٠٦ عن ٤٦ سنة ودفن بداره في بغداد ثم نقل إلى
مشهد الحسين بكربلا.
أبواه
ورث الشريف الرضي المجد والعلا عن أبوين جليلين علويين طالبيين
ولعله لذلك لقب ذو الحسبين. فأبوه ذو المنقبتين أو المناقب نقابة الطالبيين
وامارة الحج والنظر في المظالم. فنقابة الطالبيين تجعل جميع أمور الطالبيين
وأحكامهم اليه، أحدثت هذه الولاية مع نقابة العباسيين في دولة بني
العباس ولا نعلم الآن مبدأ حدوثها واستمرت في دول الاسلام إلى اليوم
لكنها أصبحت في الزمن الأخير اسما بلا مسمى. وامارة الحج مكانتها
معلومة. والنظر في المظالم يشبه منزلة المدعي العام اليوم لكنه أوسع منها.
وكان أبوه من جلالة الشأن وعلو المكان في عصره بحيث كان سفير الخلفاء
والملوك والأمراء في الأمور المهمة، وكان ميمون النقيبة مبارك الطلعة ما سفر
في امر الا وكلل بالنجاح. وفي ذلك يقول الشريف من قصيدة:
وهذا أبي الأدنى الذي تعرفونه * مقدم مجد أول ومخلف
مؤلف ما بين الملوك إذا هفوا * وأشفوا على حز الرقاب وأشرفوا
في عدة أبيات يذكر فيها سفارته بين الخلفاء والملوك ويذكر في هذه
القصيدة ان أباه لجلالة قدره ما كان يقبل الأرض يدي الخلفاء والملوك كما
كان متعارفا في ذلك الزمان فيقول:
حمى فاه عن بسط الملوك وقد كبت * عليها جباه من رجال وآنف
ويزيد به الفخر والحماسة في هذه القصيدة فيفضل نفسه على أبيه مع
مراعاة الأدب فيقول:
جرى ما جرى قبلي وها انا خلفه * إلى الأمد الأقصى أغذ وأوجف
ولولا مرعاة الأبوة جزته * ولكن لغير العجز ما أتوقف
وأمه فاطمة بنت الناصر الصغير أبي محمد الحسن بن أحمد أبي الحسين
صاحب جيش أبيه الناصر الكبير أبي محمد الحسين بن علي بن الحسين بن
علي بن عمر بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب فهو
حسيني النسب من الطرفين ولعله لذلك لقب ذو الحسبين وأبوها هذا وآباؤه
كانوا من ملوك طبرستان ببلاد الديلم.
وكان عضد الدولة اعتقل أباه بقلعة فارس عام ٣٦٩ وبقي معتقلا
إلى عام ٣٧٦ فتكون مدة اعتقاله سبع سنوات. ولم يصرح المؤرخون
بسبب اعتقاله، وانما ذكر بعضهم في سببه انه كان يخاف منه وهذا سبب
إجمالي لا يفيد كثير فائدة، والمتيقن أنه كان السبب في ذلك امر سياسي
ولعله كان ميله لبعض أقارب عضد الدولة ممن كان يناوئه كعز الدولة بختيار
أو غيره. ولكن عضد الدولة أرسله بعد ذلك في سفارة بينه وبين بني
حمدان، وبعد ذلك بعام واحد قبض عليه وعلى أخيه أبي عبد الله واعتقلهما
في القلعة بفارس. ولما سئل عضد الدولة العفو عن أبي إسحاق الصابي،
قال لمن سأله ذلك: اما العفو فقد شفعناك فيه وعفونا له عن ذنب لم نعف
عما دونه لأهلينا يعني الديلم ولا لأولاد نبينا يعني أبا الحسن محمد بن عمر
وأبا احمد الموسوي وأخاه، ولكن وهبت إساءته لخدمته. ومن هنا يفهم ان
عضد الدولة كان ينقم على أبي احمد أشياء سياسية كبيرة في نظره. وكان
عمر الرضي عند اعتقال أبيه عشر سنوات وهذا يدلنا على أن أمه فاطمة
بنت الناصر هي التي كانت تقوم بشؤون الرضي وبتعليمه وان الفضل كل
الفضل في تعليمه وتربيته لأمه الجليلة الفاضلة فاطمة بنت الناصر، وهي
التي دفعته إلى الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان مع أخيه المرتضى
ليعلمهما الفقه، ولو كان أبوه حاضرا لكان هو الذي يحضره واخاه إلى
الشيخ المفيد، ولم تحتج أمه إلى أن تحضرهما اليه وكان المفيد رأى في تلك
الليلة فاطمة الزهراء جاءت اليه إلى مسجده الذي كان يعلم فيه ومعها
ولداها الحسن والحسين وقالت له: أيها الشيخ خذ ولدي هذين وعلمهما
الفقه، فلما أصبح تعجب من ذلك. فلما جاءت أم الشريفين اليه بولديها
علم تأويل رؤياه.
ولما توفي عضد الدولة سنة ٣٧٢ بعث الرضي بأبيات إلى أبيه وعمره
إذ ذاك فوق الثلاث عشرة سنة بقليل، وهذه الأبيات تنم عن أن الرضي لم
يكن واثقا بخلاص أبيه بعد عضد الدولة وان أبناءه سيجرون على سنة
أبيهم في معاملة من كان يعاديهم أبوهم أو يصادفهم ولم يستطع الرضي ان
يبوح في تلك الأبيات بكل ما في نفسه حيث يقول

(١) أضوى به الردى - اي جعله هزيلا نحيلا -.
(٢١٦)

أبلغا عني الحسين الوكا * ان ذا الطود بعد عهدك ساخا
والشهاب الذي اصطليت لظاه * عكست ضوءه الخطوب فباخا
والفنيق الذي تدرع طول الأرض * أضوى به الردى فأناخا
والعقاب الشعواء أهبطها النق * وقد أرعت النجوم سماخا
أعجلتها المنون عنا ولكن * خلفت في ديارنا أفراخا
وعلى ذلك الزمان بهم عاد * غلاما من بعد ما كان شاخا
فلم يستطع الرضي أن يقول عند موت عضد الدولة أكثر من هذا
ولا ان يصرح بشئ مما تكنه نفسه، سوى ان تلك العقاب تركت أفراخا
يخاف منهم ما كان يخاف منها. وبقي أبوه معتقلا إلى سنة ٣٢٦ فافرج عنه
شرف الدولة بن عضد الدولة بعد انتصاره على أخيه صمصام الدولة، وكان
عضد الدولة قد صادر املاك والد الشريف الرضي، وبذلك نعرف فضل
والدته التي حفظته وأخاه وعلمتهما وأنفقت عليهما كل ما تملكه بعد مصادرة
أموال أبيهما.
نشأته
نشأ الرضي بين هذين الأبوين الجليلين منشأ عز وشرف وتربية
صحيحة ورضع الإباء والشمم مع اللبن فهو يقول وهو طفل ابن عشر
سنين لا شان لمثله الا اللعب:
المجد يعلم ان المجد من أربي * وان تماديت في غيي وفي لعبي
اني لمن معشر ان جمعوا لعلا * تفرقوا عن نبي أو وصي نبي
إذا هممت ففتش عن شبا هممي * تجده في مهجات الأنجم الشهب
وان عزمت فعزمي يستحيل قذى * ترمى مسالكه في أعين النوب
وتعلم في نشأته العلوم العربية وعلوم البلاغة والأدب والفقه والكلام
والتفسير والحديث على مشاهير العلماء ببغداد كأبي الفتح عثمان بن جنى من
أئمة العربية في عصره تعلم عليه العلوم العربية، وأبا عبد الله محمد بن
محمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد تعلم عليه الفقه وعلوم الحديث
والتفسير والكلام وغيرها. ونظم الشعر من صباه فجاء مجليا في حلبته.
شاعريته
نظم الشريف الرضي الشعر في عهد الطفولية ولما يزد عمره عشر
سنين فأجاد ونظم في جميع فنون الشعر فأكثر، وجاء محلقا محرزا قصب
السبق بغير منازع. ولم يكن في ناحية من نواحي الشعر أشعر منه في غيرها
مما دل على غزارة مادته، وانه كان ينظم قصائده بمنحة نفسانية قلما تؤثر بها
العوامل الخارجية. وامتاز الرضي بان شعره على كثرته لابس كله ثوب
الجودة والملاحة وهذا قلما يتفق لشاعر مكثر، بل لم يتفق لغيره، فإننا نرى
تلميذه وخريجه مهيار الديلمي قد أكثر من نظم الشعر ولكن قصائده لم تكن
متناسقة متناسبة في الجودة بخلاف قصائد الرضي. وإذا نظرنا إلى شعر
المتنبي المتقدم عليه في العصر نجده مع ما للمتنبي من المكانة السامية في
الشعر يشتمل على سقطات لا تقع من أداني الشعراء فلا غرو إذا فضل
مفضل شعر الرضي على شعر المتنبي.
وإذا تأملنا في شعر الشريف الرضي وجدناه منطبعا بطابع لا يوجد في
غيره ويعسر علينا وصفه والتعبير عنه. فان حسن الشعر بمنزلة الجمال في
الانسان، فمن نظر إلى الوجه الجميل من اهل الأذواق علم أنه جميل،
ولكن يعسر عليه ان يبين أسباب جماله، وتفاصيلها، وكذلك إذا استمع ذو
الطبع المستقيم إلى القصيدة الجيدة عرف انها من الشعر الجيد وصعب عليه
ان يفصل الأسباب في جودتها ولعله إلى ذلك ينظر كلام أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب ع حين سئل عن أشعر الشعراء فقال: ان القوم لم
يجروا في حلبة واحدة فيعرف السابق منهم، فإن كان ولا بد فالملك
الضليل. فشعر الرضي مطبوع بطابع من البلاغة والبداوة والبراعة وعذوبة
اللفظ والأخذ بمجامع القلوب وغير ذلك من المميزات لا تكاد تجده في غيره
ولا نكون بعيدين عن الصواب إذا قلنا إن الشريف الرضي بين الشعراء أمة
برأسه. ومما امتاز به شعر الشريف انه نقي من كل ما يتعاطاه الشعراء من
الغزل المشين والهجاء المقذع والتلون بالمدح تارة والذم أخرى. ولا يليق بنا
ان نمدح الشريف الرضي بان شعره خال من المجون الذي كان شائعا في
ذلك العصر فهو أجل قدرا وارفع شانا من أن نمدحه بذلك. كما أن شعره
خال من وصف الخمرة، وان وصفها كثير من الشعراء الذين لا يتعاطونها،
ولكن الشريف لم يصفها الا بسؤال من سأله ذلك على لسان بعض
الناس، فوصفها بعدة أبيات لم يصفها بغيرها.
إباؤه وعظمة نفسه
كان الشريف الرضي كما يظهر من كثير من شعره يطمح إلى
الخلافة، وكان أبو إسحاق الصابي يطمعه فيها، وكان يسامي خلفاء بني
العباس ويرى أنه أحق بالخلافة منهم، ولا يكترث بهم فهو يقول:
صاحت بذودي بغداد فآنسني * تقلبي في ظهور الخيل والعير
أطغى على قاطنيها غير مكترث * وافعل الفعل منها غير مأمور
ومن هم الذين يطغى عليهم من قاطني بغداد ولا يأتمر بأمرهم غير
الخلفاء والملوك، ولكنه لم يقصر في مدح الخلفاء المبالغة وهو الذي حكى
عنه الوزير أبو محمد المهلبي انه ولد له غلام فأرسل اليه الوزير يطبق فيه
ألف دينار فرده وقال: قد علم الوزير اني لا اقبل من أحد شيئا، فرده
الوزير اليه وقال: انما أرسلته للقوابل، فرده ثانية وقال: قد علم الوزير
انه لا تقبل نساءنا غريبة، فرد، اليه وقال: يفرقه الشريف على ملازميه
من طلاب العلم، قال ها هم حضور فليأخذ كل أحد ما يريد، فقام
أحدهم فقرض قطعة من جانب دينار ورد الدينار إلى الطبق فسأله الشريف
عن ذلك، فقال: احتجت إلى دهن للسراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا
فافترضت دهنا من البقال واخذت هذه القطعة لأدفعها اليه. وكان طلبة
العلم الملازمون للرضي في دار قد اتخذها لهم سماها دار العلم وعين لهم ما
يحتاجون اليه. فلما سمع ذلك امر ان يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة
ورد الطبق، وكفى في إبائه وعظمة نفسه أشعاره الكثيرة في الفخر والحماسة
وسيأتي طرف منها.
شجاعته وثباته على المبدأ وتضحيته
لما كتب الخلفاء العباسيون محضرا بالقدح في نسب الفاطميين،
وكتب فيه القضاة والعلماء من اهل بغداد، وكان الداعي اليه السياسة، كما
هو معلوم في كل عصر وزمان، أبى الشريف الرضي ان يكتب فيه مع أنه
كتب فيه أخوه المرتضى وأبوهما النقيب أبو أحمد والشيخ المفيد وسائر العلماء
والقضاة، وما ذكره بعض المؤرخين من أن الرضي كتب فيه أيضا ليس
بصواب، لأنه لما شاعت هذه الأبيات التي يقول فيها:
ما مقامي على الهوان وعندي * مقول صادق وانف حمي
وإباء محلق بي عن الضيم * كما زاع طائر وحشي

(١) عمدة الطالب
(٢١٧)

احمل الضيم في بلاد الأعادي * وبمصر الخليفة العلوي
من أبوه أبي ومولاه مولاي * إذا ضامني البعيد القصي
لف عرقي بعرقه سيدا الناس * جميعا محمد وعلي
أرسل الخليفة القادر بالله القاضي أبا بكر الباقلاني إلى والد الرضي
يعاتبه فأنكر الرضي الشعر، فقال أبوه اكتب للخليفة بالاعتذار والقدح
بنسب المصري، فامتنع واعتذر بالخوف من دعاة المصريين، فإنه لو كان
قد كتب في المحضر لم يمتنع من الكتابة إلى الخليفة بالاعتذار والقدح في
نسب المصري.
مكانته العلمية وآثاره
كان أوحد علماء عصره، وقرأ على اجلاء الأفاضل، فكان أديبا
بارعا متميزا، وفقيها متبحرا، ومتكلما حاذقا، ومفسرا لكتاب الله وحديث
رسوله محلقا، واخفت مكانة أخيه المرتضى العلمية شيئا من مكانته
العلمية، كما أخفت مكانته الشعرية شيئا من مكانة أخيه المرتضى
الشعرية، ولهذا قال بعض العلماء: لولا الرضي لكان المرتضى أشعر
الناس، ولولا المرتضى لكان الرضي اعلم الناس. وظهر فضله في
مؤلفاته، فقد ألف كتبا منها كتاب حقائق التأويل في متشابه التنزيل قال
عنه ابن جني أستاذ الرضي: صنف الرضي كتابا في معاني القرآن الكريم
يتعذر وجود مثله. والحق يقال ان من يتأمل فيما ذكره الرضي في ذلك
الكتاب من دقائق المعاني يعلم صدق قوله انه يتعذر وجود مثله، وقد وجد
منه الجزء الخامس فقط وطبع في العراق. وكتاب مجازات الآثار النبوية أبدع
فيه ما شاء وأبان عن فضل باهر ومعرفة بدقائق العربية، وقد طبع في
بغداد، ثم أعيد طبعه طبعا متقنا في مصر. وكتاب تلخيص البيان عن
مجازات القرآن نظير كتاب مجازات الآثار النبوية قال فيهما مؤلفهما انهما
عرينان لم أسبق إلى قرع بابهما. وكتاب الخصائص ذكر فيه خصائص أئمة
أهل البيت. وكتاب اخبار قضاة بغداد وتعليق على خلاف الفقهاء،
وتعليق على ايضاح أبي علي الفارسي. وكتاب الزيادات في شعر أبي تمام.
ومختار شعر أبي إسحاق الصابي. وكتاب ما دار بينه وبين إسحاق الصابي
من الرسائل. وكتاب رسائله في ثلاث مجلدات ومن ذلك يظهر أنه ألف في
النحو والتاريخ والفقه والتفسير وغيرها.
نهج البلاغة
ومما جمعه الشريف كتاب نهج البلاغة اختاره من كلام أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب ع وغيره خفي ان من يريد اختيار أنفس الجواهر من
بين الجواهر الكثيرة لا بد ان يكون جوهريا حاذقا. فكان الرضي في اختياره
أبلغ منه في كتاباته كما قيل عن أبي تمام لما جمع ديوان الحماسة من منتخبات
شعر العرب انه في انتخابه أشعر منه في شعره. وقد لاقى ديوان الحماسة
من القبول عند الناس اقبالا كثيرا وشرحه أعاظم العلماء وكذلك نهج
البلاغة لاقى في الشهرة والقبول ما هو اهله وشرح بشروح كثيرة تنبو عن
الاحصاء، وكان مفخرة من أعظم مفاخر العرب والإسلام.
نثره
كما كان الشريف شاعرا فذا، فقد كان كاتبا بليغا ومنشئا قديرا،
فقد ذكروا ان له كتاب رسائل في ثلاث مجلدات وان كان هذا الكتاب قد
فقد في جملة ما فقد من الآثار العربية العظيمة التي لعبت لها أيدي الزمان
وفرقتها سهام الحوادث ولا يوجد منه اليوم الا رسائل قليلة في ضمن
المؤلفات.
شعره: غزله ونسيبه
ومما امتاز به شعر الشريف إنطباعه بطابع العروبة والبداوة ولا سيما
حجازياته التي كان ينظمها في نجد والحجاز، فتساعده رقة الهواء واتساع
الفضاء ومشاهدة العرب الصميميين من اهل تلك الديار على طبع قصائده
بطابع الرقة والبداوة مضافا إلى ما في طبعه من ذلك. وهذا ظاهر في شعره
لا نحتاج إلى إقامة الشواهد عليه، مع أنه يكفي فيه ما سنورده من شعره
في الفنون المختلفة. ومن مميزاته ايراده الكثير من الألفاظ العربية الرقيقة
العذبة المصقولة المتون التي هي أشهى إلى السماع من بارد الماء على الظما
كلفظ الجزع، ووادي الأراك، والركب اليمانين، وسرعان الريح، واحم
غضيض الناظرين كحيل، وحو اللثاث، والضرب والشمول، وثور
حاد، ظباء معاطيل، الربرب العيف، نسيم البان، والنقا، والأناعم
ولوثة أعرابية، وهو كثير يعسر استقصاؤه.
تعاطى الشريف الرضي في غزله ما تعاطاه الشعراء من وصف
حالات الوصال وما يجري مجراها مما أكثره داخل تحت: وانهم يقولون ما
لا يفعلون ولكن الشريف الرضي في أكثر غزلياته أقرب إلى الآداب وابعد
عن كثير مما يتعاطاه الشعراء من الألفاظ الغرامية فمن غزلياته التي مزجها
بالحماسة ونحى فيها إلى مناحي الشعراء عند وصفهم الوصال قوله:
تضاجعني الحسناء والسيف دونها * ضجيعان لي والسيف أدناهما مني
إذا دنت البيضاء مني لحاجة * أبى الأبيض الماضي فأبعدها عني
وان نام لي في الجفن انسان ناظر * تيقظ عني ناظر لي في الجفن
وقالت هبوه ليلة الخوف ضمه * فما عذره في ضمه ليلة الأمن
ومن غزله الذي ينحو به مناحي باقي الشعراء في وصف الوصال،
قوله:
يا ليلة النفح هلا عدت ثانية * سقى زمانك هطال من الديم
ماض من العيش لو يفدى بذلت له * كرائم المال من خيل ومن نعم
وظبية من ظباء الإنس عاطلة * تستوقف العين بين الخمص والهضم
لو أنها بفناء البيت سانحة * لصدتها وابتدعت الصيد في الحرم
قدرت منها بلا رقبى ولا حذر * على الذي نام عن ليلي ولم أنم
بتنا ضجيعين في ثوبي هوى وتقى * يلفنا الشوق من فرع إلى قدم
وأمست الريح كالغيرى تجاذبنا * على الكثيب فضول الريط واللمم
يشي بنا الطيب أحيانا وآونة * يضيئنا البرق مجتازا على أضم
وبيننا عفة بايعتها بيدي * على الوفاء بها والرعي للذمم
يا حبذا لمة بالرمل ثانية * ووقفة ببيوت الحي من أمم
دين عليك فان تقضيه أحي به * وان أبيت تقاضينا إلى حكم
وقوله من قصيدة وهو ما ظهر فيه طابع العروبة، وسالت الرقة من
جوانبه وتنزه عما تستعمله الشعراء في غزلها وتجلبب بجلباب الأدب
والكمال، وهو:
زار والركب حرام * أوداع أم سلام
طارقا والبدر لا * يحفزه الا الظلام
وحلول ما قرى نا * زلهم الا الغرام
بدلوا الدار فلما * نزلوا القلب أقاموا

(١) عمدة الطالب
(٢١٨)

يا غزال الجزع لو كا * ن على الجزع لمام
أحسد الطوق على جيدك * والطوق لزام
وأعض الكف ان نال * ثناياك البشام
وأغار اليوم ان * مر على فيك اللثام
انا عرضت فؤادي * أول الحرب الكلام
ثم قوله:
ومقبل كفي وددت لو أنه * أوما إلى شفتي بالتقبيل
جاذبته فضل العتاب وبيننا * كبر الملول وذلة المملول
ولحظت عقد نطاقه فكأنما * عقد الجمال بقرطق محلول
جذلان ينفض من فروج قميصه * أعطاف غصن البانة المطلول
من لي به والدار غير بعيدة * من داره والمال غير قليل
ثم قوله:
أقول وقد جاز الرفاق بذي النقا * ودون المطايا مربخ وزرود
أ تطلب يا قلبي العراق من الحمى * ليهنك من مرمى عليك بعيد
ترى اليوم في بغداد أندية الهوى * لها مبدئ من بعدنا ومعيد
فمن واصف شوقا ومن مشتك حشا * رمته المرامي أعين وخدود
تلفت حتى لم يبن من بلادكم * دخان ولا من نار هن وقود
وان التفات القلب من بعد طرفه * طوال الليالي نحوكم ليزيد
ولما تدانى البين قال لي الهوى * رويدا وقال القلب أين تريد
ولو قال لي الغادون ما أنت مشته * غداة أجزنا الرمل قلت أعود
ثم قوله:
خليلي هل لي لو ظفرت بنية * ان الجزع من وادي الأراك سبيل
وهل انا في الركب اليمانين مصعد * وأيدي المطايا بالرحال تميل
وفي سرعان الريح لي لو علمتما * شفاء ولو أن النسيم عليل
وفي ذلك السرب الذي تريانه * أحم غضيض الناظرين كحيل
شهي اللمى عاط إلى الركب جيده * ختول لأيدي القانصين مطول
وكم فيه من حو اللثاث كأنما * جرى ضرب ما بينها وشمول
تجللن بالريط اليماني كأنما * ضممن غصونا مسهن ذبول
واني إذا اصطكت رقاب مطيكم * وثور حاد بالرفاق عجول
أخالف بين الراحتين على الحشا * وانظر اني ملتم فأميل
وقوله:
من الركب ما بين النقا فالأناعم * نشاوى من الادلاج ميل العمائم
وجوه كتخطيط الدنانير لاحها * مع البيد إضباب الهموم اللوازم
كان القطاميات فوق رحالهم * سوى انها تأبى دني المطاعم
الفخر والحماسة
واما شعره في الفخر والحماسة فهو على كثرته وسمو مكانته يصعب
الاختيار والانتقاء منه لأنك كلما نظرت إلى قطعة فيها شئ من ذلك،
وراقك حسنها وظننت انها أحسن ما تختاره تنظر إلى غيرها فتظنها مثلها أو
أحسن منها، وهكذا فتقع في الحيرة، بل هذا حاصل في كثير من فنون
شعره غير الفخر والحماسة كالغزل والنسيب وغيرهما. وإذا كان لا بد من
الاختيار فليكن الحال في ذلك كقدحي العطشان ورغيفي الجائع. ولكن
حماسته مع ذلك كثيرة ما تشتمل على المبالغة المفرطة، وهذا لأمر لمن تجيش
نفسه بأمور لا يوصله إليها الزمان فمن قطعاته الحماسية قوله:
انا ابن الألى اما دعوا يوم معرك * أمدوا أنابيب القنا بالمعاصم
إذا نزلوا بالماحل استنبتوا الربى * وكانوا نتاجا للبطون العقائم
يسيرون بالمسعاة لا السعي بالخطى * ويرقون بالعلياء لا بالسلالم
ثم يزيد به الحماسة فيريد ان * يفتخر على بني العباس فيقول
وما فيهم الا امرؤ شب ناشئا * على نمطي بيضاء من آل هاشم
فتى لم توركه الإماء ولم تكن * أعاريبه مدخولة بالأعاجم
إذا هم أعطى نفسه كل منية * وقعقع أبواب الأمور العظائم
وكيف أخاف الليل اني ركبته * وبيني وبين الليل بيض الصوارم
ثم يعود إلى ذكر بني العباس، فيقول:
لويت إلى ود العشيرة جانبي * على عظم داء بيننا متفاقم
وسالمت لما طالت الحرب بيننا * إذا لم تظفرك الحروب فسالم
وقوله:
نبهتهم مثل عوالي الرماح * إلى الوغى قبل نموم الصباح
فوارس نالوا المنى بالقنا * وصافحوا أغراضهم بالصفاح
يا نفس من هم إلى همة * فليس من عب ء الأذى مستراح
قد آن للقلب الذي كده * طول مناجات المنى ان يراح
لأبد ان اركبها صعبة * وقاحة تحت غلام وقاح
في حيث لا حكم لغير القنا * ولا مطاع غير داعي الكفاح
وأشعث المفرق ذي همة * طوحه السهم بعيدا فطاح
لما رأى الصبر مضرا به * راح ومن لم يطق الذل راح
دفعا بصدر السيف لما رأى * الا يرد الضيم دفع براح
حتى أرى الأرض وقد زلزلت * بعارض أغبر دامي النواح
ثم أشار إلى بني العباس، فقال:
متى أرى البيضة مصدوعة * عن كل نشوان طويل المراح
مضمخ الجيد نؤوم الضحى * كأنه العذراء ذات الوشاح
إذا رداح الروع عنت له * فر إلى ضم الكعاب الرداح
قوم رضوا بالعجز واستبدلوا * بالسيف يدمى غربه كاس راح
توارثوا الملك ولو أنجبوا * لورثوه عن طعان الرماح
غطى رداء العز عوراتهم * فافتضحوا بالذل اي افتضاح
ثم عاد إلى الحماسة فقال:
اني والشاتم عرضي كمن * روع آساد الشري بالنباح
فارم بعينيك مليا تر * وقع غباري في عيون الطلاح
وارق على ظلعك هيهات ان * يزعزع الطود بمر الرياح
لا هم قلبي بركوب العلا * يوما ولا بل يدي بالسماح
إن لم أنلها باشتراط كما * شئت على بيض الظبا واقتراح
إما فتى نال العلا فاشتفى * أو بطل ذاق الردى فاستراح
ثم قوله:
يقرع باسمي الجيش ثم يردني * إلى طاعة الحسناء قلب مكلف
سلي بي أ لم اثن الأعنة ظافرا * تحدث عن يومي نزار وخندف
سلي بي أ لم احمل على الضرب ساعدي * وقد ثلم الماضي ودق المثقف
وحي تخطت بي أعز بيوته * صدور المواضي والوشيج المرعف
(٢١٩)

وكل غلام مل درعيه نجدة * ولوثة اعرابية وتغطرف
لنا الدولة الغراء ما زال عندها * من الجور واق أو من الظلم منصف
بعيدة صوت في العلا غير رافع * بها صوته المظلوم والمتحيف
ونحن أعز الناس شرقا ومغربا * وأكرم ابصار على الأرض تطرف
بنو كل فياض اليدين من الندى * إذا جاد ألغى ما يقول المعنف
وكل محيا بالسلام معظم * كثير اليه الناظر المتشوف
وابيض بسام كان جبينه * سنا قمر أو بارق متكشف
حيي فان سيم الهوان رأيته * يشدو لا ماضي الغرارين مرهف
لنا الجبهات المستنيرات في العلا * إذا التثم الأقوام ذلا وأغدفوا
وهو مع كل هذه الحماسة يفتخر بأنه تمكن من الهرب يوم القبض على
الخليفة الطائع وسلم مما أصيب به أكثر القضاة والأشراف وغيرهم من
الحاضرين من الامتهان وسلب الثياب فيقول:
إعجب لمسكة نفس بعد ما رميت * من النوائب بالابكار والعون
ومن نجائي يوم الدار حين هوى * غيري ولم أخل من حزم ينجيني
مرقت منها مروق النجم منكدرا * وقد تلاقت مصاريع الردى دوني
وكنت أول طلاع ثنيتها ومن ورائي شر غير مأمون
تولية المناصب
لم يمنع الشريف الرضي انتظامه في سلك العلماء والفقهاء وأعاظم
الأدباء من تولي أعلى المناصب. في عمدة الطالب انه ولي نقابة الطالبيين
مرارا وكانت اليه امارة الحج والمظالم كان يتولى ذلك نيابة عن أبيه، ثم تولى
ذلك بعد وفاة أبيه مستقلا وحج بالناس مرات، وقصائده الحجازيات من
أشهر شعره.
شعره في الهجاء
من مميزات الرضي انه ليس له شعر في الهجاء يشبه هجاء الشعراء
الذين كانوا يهجون بقبيح القول والألفاظ الفاحشة ويصرحون بمن يهجونه،
ويكون هجاؤهم وتركهم له تابعا للاعطاء والمنع. فالشريف ان وجد في
شعره ما يشبه الهجاء فهو بألفاظ نقية وأدب وتورع عن التصريح باسم
المهجو. فهو قد كان يربأ بنفسه ان يصدر منه في الهجاء شئ مما يتعاطاه
الشعراء كما أشار إلى ذلك بقوله:
واني إذا ابدى العدو سفاهة * حبست عن العوراء فضل لسانيا
وكنت إذا التاث الصديق قطعته * وان كان يوما رائحا كنت غاديا
وقال:
وان مقام مثلي في الأعادي * مقام البدر تنبحه الكلاب
رموني بالعيوب ملفقات * وقد علموا باني لا أعاب
واني لا تدنسني المخازي * واني لا يروعني السباب
ولما لم يلاقوا في عيبا * كسوني من عيوبهم وعابوا
وقال:
وجاهل نال من عرضي بلا سبب * أمسكت عنه بلا عي ولا حصر
وقوله:
وأغضيت اللواحظ عن ذنوب * وموضعها لعيني غير خاف
ولكن الحمية في تأبى * قراري للرجال على التكافي
فما سهمي السديد من النوابي * ولا باعي الطويل من الضعاف
وقوله:
وغر آكل بالغيب لحمي * وان لاكله داء عياء
يسئ القول اما غبت عنه * ويحسن لي التجمل واللقاء
وفاؤه
من أدل الدلائل على وفاء الرضي ان يكون له رجل من الاعراب
صديقا يقال له ابن ليلى واسمه عمرو وكنيته أبو العوام كما ظهر ذلك كله
من شعر الشريف فيرثيه الرضي بعدة قصائد، وهو من امراء العرب، ولم
يكن من المشهورين فان المؤرخين لم يذكروا عنه شيئا وغاية ما يمكننا ان
نعتقده انه كان بينه وبين الرضي مودة فاستحق هذا الرثاء، وفيه يقول:
وأين كفارس الفرسان عمرو * إذا رزء من الحدثان فاجا
بحق كان أولهم ولوجا * على هول وآخرهم خراجا
ويموت اعرابي آخر تكون بينه وبين الشريف بعض الصلات فيرثيه
بقصيدة غراء ولا يصرح باسمه، يقول فيها:
منابت العشب لا حام ولا راع * مضى الردي بطويل الرمح والباع
القائد الخيل يرعيها شكائمها * والمطعم البذل للديمومة القاع
وابن جني يشرح قصيدة للشريف فيمدحه على ذلك. وإبراهيم بن
ناصر الدولة كان بينه وبين الشريف صداقة رثاه بعد موته بقصيدة طويلة.
ويبلغه ان الصاحب بن عباد وقع اليه شئ من شعر الرضي، فأعجب
به، وانفذ إلى بغداد لاستنساخ تمام شعره، فيمدحه بقصيدة طويلة يقول
فيها:
بهداه يستضوي الورى وبهديه * قرب الطريق لهم إلى المعبود
أسد إذا جر القبائل خلفه * حل الطلى بلوائه المعقود
بيني وبينك حرمتان تلاقتا * نثري الذي بك يقتدي وقصيدي
ووصايل الأدب التي تصل الفتى لا باتصال قبائل وجدود
ورثاؤه للصابي الذي يجلب في ذلك العصر شيئا من الملام، فيقول
فيه:
أ علمت من حملوا على الأعواد * أرأيت كيف خبا ضياء النادي
إلى أن يقول:
الفضل ناسب بيننا إن لم يكن * شرفي مناسبه ولا ميلادي
ثم يشير إلى أن الذي دعاه إلى رثائه هو الوفاء، فيقول:
لا در دري ان مطلتك ذمة * في باطن متغيب أو بادي
ورثاؤه للخليفة الطائع بعد موته، فان المدح في الحياة يكون له داع
من طمع في جاه أو مال، اما الرثاء بعد الموت لخليفة مات منحى عن
الخلافة، لا يكون داعية الا الوفاء.
وهو يرثي أبا عبد الله الحسين بن أحمد المعروف بابن الحجاج الشاعر
الهزلي المشهور، لمجرد صداقة كانت بينهما. ويرثي إبراهيم بن ناصر الدولة
لمجرد الصداقة أيضا.
شعره في المديح
مدح الشريف الخلفاء والملوك الذين عاصرهم، ووصفهم بالصفات
التي اعتاد الشعراء ان يصفوا بها ممدوحيهم. ولكنه امتاز عنهم بأنه كان
أبعد عن المبالغة المفرطة وعن ان يكون داعيه إلى المدح حب الفوز بصلاتهم
وجوائزهم فقط لما جبل عليه من الأنفة وعلو النفس ولكنه لا يمتنع مع ذلك
(٢٢٠)

ان يكون الخلفاء والملوك تصله منهم بعض الصلات وخصوصا صديقه
الحميم الطائع، لكن لا بالطريقة التي كان ينتحيها سائر الشعراء فتكون
الصلات هي هدفهم الوحيد في المديح وإذا لم يصلوا إلى هذا الهدف لجأوا
إلى الهجاء والذم بالحق والباطل، فالشريف الرضي كان منزها عن هذه
الطريقة، فهو يقول في الطائع:
رأي الرشيد وهيبة المنصور في * حسن الأمين ونعمة المتوكل
نسب إليك تجاذبت أشياخه * طولا من العباس غير موصل
هذي الخلافة في يديك ذمامها * وسواك يخبط قصر ليل أليل
شعره في الرثاء
وهو يشبه شعره في المديح وجله كان وفاء لأصدقائه، بعيدا عن
الطمع بالصلات.
وقالت مجلة العربي:
بعد أن توفي أبو الطيب المتنبي في سنة ٣٥٤ ه، وكان في حياته
مالئ الدنيا وشاغل الناس، ظلت اخباره الكثيرة وأشعاره الوفيرة شغلا
شاغلا لكثير من العلماء والنقاد والكتاب يستقصون هذه الأخبار في تصنيفها
وشرحها وتفسيرها، ويتجادلون في ذلك ويتمارون مراء شديدا. وكان أبا
الطيب كان على علم بما سيكون من بعده حين قال:
أنام مل ء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم
في هذه الفترة، وبعد وفاة أبي الطيب بخمس سنوات، ولد ببغداد
أبو الحسن، محمد بن الحسين بن موسى، الملقب بالشريف الرضي.
الذي يتصل نسبه بموسى الكاظم والحسين بن علي بن أبي طالب، ولذلك
يعرف بالموسوي.
نشأ الرضي، ذو الحسبين كما لقبه الملك بهاء الدولة بن عضد
الدولة البويهي سنة ٣٦٩ ه في بيت يتسم بالمجد والشرف والحسب
والنسب، فنال من ذلك كله حظه فيه، واخذ نفسه في سن مبكرة بما يأخذ
به أمثاله أنفسهم من الانصراف إلى التعلم وحفظ القرآن والحديث ودراسة
الفقه الاسلامي والشعر والنثر، فتتلمذ على نفر من جلة العلماء وأفاضلهم
في ذلك العصر من أمثال أبي سعيد السيرافي، وأبي الفتح عثمان بن جني،
وأبي علي الفارسي، والقاضي عبد الجبار، وأبي بكر الخوارزمي وغيرهم
ممن يبلغ عددهم بضعة عشر أستاذا، تلقى على أيديهم علوم العربية
والعلوم الاسلامية المختلفة.
وتشير الأخبار إلى أنه بكر تبكيرا شديدا في حضور جلسات العلم
والعلماء وأظهر فيها نجابة ملحوظة، حتى ليروى انه احضر إلى أبي سعيد
السيرافي، العالم النحوي المشهور، وهو صبي لم يبلغ عمره عشر سنين،
فلقنه النحو. وكان السيرافي، والحاضرون يعجبون من ذكائه وحدة
خاطره. كما يروى انه تلقن القرآن في سن مبكرة فحفظه في مدة يسيرة،
ثم درسه دراسة أمكنته من أن يصنف بعد ذلك كتابا في معاني القرآن
الكريم يوصف بأنه يتعذر وجود مثله. ودل على توسعه في علم النحو
واللغة. وصنف كتابا في مجازات القرآن فجاء نادرا في بابه. ويقول محقق
الكتاب الأخير انه يقوم في التراث العربي الاسلامي وحده شاهدا على أن
الشريف الرضي خطا أول خطوة من التاليف في مجازات القرآن واستعاراته
تأليفا مستقلا بذاته، ولم يأت عرضا في خلال كتاب، أو بابا من أبواب
مصنف.
هذه الشواهد تدلنا في سرعة على أن الشريف الرضي امتاز بشخصية
جادة في الحياة اخذت نفسها اخذا شديدا بأسباب الجد في الدرس والعلم
والتحصيل، وذلك في السن التي يكون فيها أضرابه وأترابه في العمر لا
يزالون يلعبون لعب الصبية ويلهون لهو من لم يشبوا عن الطوق.
يواكب ذلك النبوع والذكاء في هذا التطور من حياة الرضي ملكة
مبكرة وموهبة فنية نادرة، تلك هي شاعريته المصقولة المهذبة النامية، التي
تؤكد الروايات والأخبار انها بدأت تؤتى ثمارها من الشعر بعد أن جاوز
عشر سنين بقليل. ونحن نقرأ شعره هذا الذي تنص الروايات على أنه من
أوائل أشعاره فنجده شعرا، رصينا قويا لا تنقصه أسباب الصقل
والتهذيب، ولا يقل في جودته عن شعره المتأخر من حيث النسج والصياغة
والبناء.
هذه الموهبة الفنية ظلت تفيض في حياة الرضي وهي حياة ليست
طويلة، حتى ملأت ديوان شعر كان يوصف في عصره بأنه ديوان كبير،
يدخل في أربع مجلدات، وبأنه مشهور بين الناس كثير الوجود... وحتى
اتفق النقاد والعلماء على أن الرضي أشعر الطالبيين من مضى منهم ومن
غبر. على كثرة شعرائهم المفلقين. ولو قيل إنه أشعر قريش لم يجاوز ذلك
الصدق، لأن قريشا كان فيها من يجيد القول، اما الشعر فقل في قريش
مجيدوه، فاما المجيد المكثر فليس الا الشريف الرضي.
وهذه الشاعرية الفياضة المبكرة لا ينبغي ان ننسى انه كان بجانبها
عقلية دارسة فاحصة أنتجت دراسات قيمة في القرآن والحديث والنقد
والبلاغة والتاريخ، نذكر منها بالإضافة إلى كتابيه السابقين في معاني القرآن
ومجازات القرآن، المجازات النبوية، وخصائص الأئمة، واخبار قضاة
بغداد، وسيرة والده، وحقائق التأويل في متشابه التنزيل، وكتاب
رسائله، والحسن من شعر الحسين بن الحجاج، ونهج البلاغة الذي جمعه
من كلام الإمام علي بن أبي طالب.
وتطالعنا في عقلية الرضي، كما تطالعنا في شاعريته، خاصة واضحة
تبدو بجلاء فيما وصل الينا من كتبه، هي حريته في التفكير واستقلاله في
الرأي وانطلاقه في التعبير عما يرى ويستقر رأيه عليه ويناقش في حرية وغير
تعصب آرائه وآراء غيره، لا يقيده في ذلك كله، سواء في شعره أو في
نثره، غير قيد واحد، ان صح ان يكون تمسكه بعروبته وأصالته العربية
قيدا.
لا جرم، فالرضي من أشرف العرب نسبا، واعتزازه بعربيته
واعتداده بتفكيره العربي امر واجب مقدس في نظره، يفرضه عليه نسبه
العربي العريق، كما أن ثقافته العربية الخالصة التي تعتمد على مصادر عربية
اسلامية صافية من القرآن والحديث وتاريخ العرب وتراثهم في النثر والشعر
جميعا، ونفوره من الثقافة الأجنبية التي انحدرت في محيط الثقافة العربية،
كل ذلك جعلنا نحكم على ثقافته ونصفها بأنها ثقافة دينية عربية وانها ليست
فلسفية أو علمية أو أجنبية.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن الرضي كان من الرواة العرب المعدودين
البارزين في المحيط العربي والمجال الاسلامي، بما كان يليه من أمور العرب
وأمور المسلمين، حيث صارت اليه ولاية نقابة الطالبيين والحكم فيهم
(٢٢١)

أجمعين، والنظر في المظالم والحج بالناس، وكانت كل هذه الأعمال لأبيه
فصارت اليه في حياة أبيه سنة ٣٨٠ ه وعمره لم يتجاوز الحادية والعشرين،
ثقة من السلطان ومن أبيه ومن عامة الذين ولى امرهم فيها، واطمئنانا
منهم إلى رجاحة عقله ووفرة ذكائه وحكمته، مما جعل الثعالبي يصفه بقوله
وهو اليوم أبدع أبناء الزمان، وانجب سادة الطرق، يتحلى مع محتده
الشريف، ومفخرة المنيف، بأدب ظاهر وفضل باهر، وحظ من جميع
المحاسن وافر.
وإذا أضفنا كذلك ما هو معروف من أسباب الصراع السياسي
والاجتماعي حينذاك بين الفرس الذين استولوا على السلطان جميعه، وبين
العرب الذين أحسوا بضياع نفوذهم وهيبتهم. إذا أضفنا هذا وإذا
استطعنا من زاوية أخرى ان نفسر سر تمسك الرضي بعروبته وسر تمكن
هذه العربية من طريقته في التفكير والتعبير، ذلك التمكن الذي يشبه
القيد، بحكم نسبه العربي الأصيل وثقافته العربية الخالصة ومنصبه العربي
الطالبي، والصراع السياسي الاجتماعي بين العرب والفرس.
شعر الرضي مرآة تعكس شخصيته وتصور عصره
وشعر الشريف الرضي هو المرآة التي تنعكس عليها كل الملامح
السابقة فتكشف لنا بوضوح كل ما فيها من جوانب وتفصيلات، وهو
الذي يعطينا صورة صادقة لسمات شخصيته من ناحية، وسمات عصره
وبيئته وثقافته من ناحية أخرى بحيث يصلح الكثير من شعره ان يكون من
الوسائل القيمة التي تعين على فهم كثير من احداث هذا العصر واخباره.
وأول ما يطالعنا في هذا الشعر، في قوة ووضوح، هو أرستقراطية
الشريف الرضي العربية التي تحدثنا عن أسبابها ومقوماتها، وهي تطالعنا في
الفنون والأغراض التي طرقها، واهم هذه الفنون في ديوانه دون شك:
الفخر والرثاء.
اما الفخر فيعتمد عنده قبل كل شئ على هذه الأرستقراطية العربية
التي تجري في دمه، ثم على منزلته ومنزلة بيته في المجتمع الاسلامي، ثم
على الصفات العربية التليدة المأثورة، من شجاعة واقدام وعدم مبالاة
بالأخطار وبالموت، ومن كرم ونجدة وإغاثة، ومن وفاء وحسن جوار
ولطف معاشرة، ومن حلم ووقار وقوة احتمال وعفة في القول والعمل... ولا
عجب ان يكون الفخر من الفنون المبكرة جدا في حياته الفنية، إذ نجد في
ديوانه قصيدة في هذا الغرض، قالها وله عشر سنين منها:
المجد يعلم ان المجد من أربى * ولو تماديت في غي وفي لعب
اني لمن معشر ان جمعوا لعلي * تفرقوا عن نبي أوصى نبي
ومن القصائد الرائعة في هذا الباب، وهي تجمع كثيرا من مقومات
فن الفخر عنده من حيث المعاني والصياغة إلى جانب طول نفسه فيها
قصيدته التي يقول فيها:
لغير العلى مني القى والتجنب * ولولا العلى ما كنت في الحب ارغب
ملكت بحلمي فرصة ما استرقها * من الدهر مقتول الذراعين أغلب
فان تك سنى ما تطاول باعها * فلي من وراء المجد قلب مدرب
وللحلم أوقات، وللجهل مثلها * ولكن أوقاتي إلى الحلم أقرب
ولا اعرف الفحشاء الا بوصفها * ولا انطق العوراء والقلب مغضب
لساني حصاة يقرع الجهل بالحجى * إذا نال مني العاضة المتوثب
وديوان الشريف الرضي يضم بين دفتيه قصائد في المديح، يمدح بها
بعض الملوك والحلفاء في عصره، ولكن أغلب مدائحه في أبيه وفي اهل
بيته، وهي ألصق بفن الفخر لأنه إذا مدح أباه أو اهل بيته فهو انما يفخر
بهم وبنسبه، وحتى إذا مدح الخليفة أو غيره، فهو انما يتخذ ذلك تكئة
يعتمد عليها ويتوسل بها إلى الفخر فيقول للخليفة القادر:
عطفا أمير المؤمنين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت * أبدا، كلانا في المعالي معرق
الا الخلافة ميزتك، فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق
الرثاء في شعر الرضي
وأما الرثاء فهو القيثارة المحببة لدى الرضي، يعزف عليها ألحانه
الشجية الحزينة كلما مات فرد من أقاربه وأهل بيته، سواء في ذلك
صغيرهم وكبيرهم، الذكر منهم والأنثى، بل تستبد به هذه النزعة
الأرستقراطية العربية فتأخذه اخذا إلى الوراء في مواضي الليالي وسوالف
الأيام ليفيض من هذه الألحان الباكية على من رحلوا من اهل بيته الأبعدين
والأقربين. لا سيما الحسين بن علي، الذي رثاه أكثر من مرة، وبكاه بكاء
حارا بدمع ساخن مدرار.
الرضي رثى الشيعي وغير الشيعي والعربي وغير العربي والمسلم وغير
المسلم
وأغلب الظن ان نفس هذه النزعة هي التي كانت تملي عليه ان يكون
وفيا، فيمسك بنفس القيثارة، وما أسرع ما كان يمسكها، ليبكي أناسا
آخرين من غير اهل بيته، تربطهم به علاقة الصداقة أو الزمالة في العلم أو
في الشعر، أو استأذتهم له. ومن حق الرضي ان نسجل له في هذا المقام
صفة مهمة في شخصيته هي تحرره من كل عصبية، وخاصة في باب
الصداقة أو باب الزمالة في الأدب والعلم، إذ لم يكن يفرق في هذا المجال
بين شيعي على مذهبه وغير شيعي، ولا بين عربي وغير عربي، بل لم يكن
يفرق بين مسلم وغير مسلم، حين بكى صديقه أبا إسحاق إبراهيم بن
هلال الصابي، وهو على دين الصابئة، على حين كانت تجمع بينهما صناعة
الأدب وكانت بينهما مراسلات بالشعر والنثر. وقصيدة الرضى في رثاء
الصابي تعد من أروع قصائده في الرثاء ومطلعها:
أ علمت من حملوا على الأعواد * أرأيت كيف خبا ضياء النادي
جبل هوى لو خر في البحر اغتدى * من وقعة متتابع الأزباد
ما كنت اعلم قبل حطك في الثرى * ان الثرى يعلو على الأطواد
ولقد رثاه الشريف بأكثر من قصيدة، ولم يعبأ بما وجه اليه من لوم في
ذلك.
ولعله ليم كذلك على رثائه الحسين بن أحمد بن الحجاج الشاعر
الماجن المشهور، لبعد ما بينهما في السلوك والخلق، بقصيدة يقول فيها:
ليبك الزمان طويلا عليك * فقد كنت خفة روح الزمان
ومما يؤكد هذه الصفة، وهذه الروح في الشريف الرضي انه رثى
(٢٢٢)

عمر بن عبد العزيز، على قديم ما بين البيتين من خلاف عميق وعداء
وصراع في السياسة والنحلة. قال فيه:
يا ابن عبد العزيز، لو بكت العين * فتى من أمية لبكيتك
غير اني أقول: انك قد طبت، * وإن لم يطب ولم يزل بيتك
ولو اني رأيت قبرك لاستحييت * من أن أرى وما حييتك
وقليل ان لو بذلت ماء البدن * حزنا على الذرى وسقيتك
وعلى بضعة أوتار من نفس هذه القيثارة الحزينة يعزف الرضي ألحانه
في فنون شعره الأخرى في الحكمة والزهد والشكوى من الزمان وضياع
الشباب ونزول الشيب، حتى غزله ونسبه يفيضان بالأنين والتوجع والتألم.
وشعره في الحكمة والزهد يكاد يعتمد اعتمادا خالصا على ثقافته
العربية والآثار الاسلامية في معانيه وأفكاره، وان خالطه شئ غير عربي
فمما كان شائعا في عصره وقبل عصره من اثر الثقافات الأجنبية، وفيما عدا
ذلك فهو مستمد من القرآن الكريم والحديث الشريف وأقوال الصحابة
والزاهدين، ومن تجاربه الخاصة في حياته العربية الخالصة ومذهبه العربي في
هذه الحياة.
غزل الرضي
وغزل الشريف الرضي ونسيبه عربيان خالصان، يستوحيهما من
العربيات الخالصات، ومن البيئات العربية، على الرغم من كثرة الإماء
والجواري غير العربيات وذهاب الشعراء في التشبب بهن كل مذهب في
عبث ومجون. والرضي لم يزل زلة واحدة ولم ينحرف به الطريق عن العفة
والشرف والخلق الرفيع في هذا الباب، وهو إذا تغزل فإنما يتغزل في
العربيات من مثيلات أميمة ولمياء، وهن من بيئات عربية في نجد أو في
العراق أو في الحجاز، وغاية عشقه وغزله أن يقول:
عفافي من دون التقية زاجر * وصونك من دون الرقيب رقيب
عشقت وما لي، يعلم الله، حاجة * سوى نظري، والعاشقون ضروب
وما لي يا لمياء بالشعر طائل * سوى ان أشعاري عليك نسيب
ومذهبه في اختصاصه العربيات بالغزل واضح حين يدلنا على ذلك في
بعض شعره إذ يفرق بين نجد العربية وبابل الفارسية، فيقول في معرض
النسيب:
لواعج الشوق تخطيهم وتصميني * واللوم في الحب ينهاهم ويغريني
هيهات بابل من نجد، لقد بعدت * على المطي مرامي ذلك البين
والرضى إذا تعرض لوصف الفتاة لا يذهب، بعفته، إلى أبعد من
نضرة الوجه ونقاء الخد وصفاء البشرة وامتلاء الساعد والساق، فإذا كان
بينه وبينها لقاء فهما على هذا النحو:
بتنا ضجيعين في ثوب الظلام كما * لف الغصينين مر الريح بالأصل
طورا عناقا كان القلب من كثب * يشكو إلى القلب ما فيه من الغلل
وتارة رشفات لا انقضاء لها * شرب النزيف طوى علا على نهل
وكم سرقنا على الأيام من قبل * خوف الرقيب كشرب الطائر الوجل
غير أن الرضي كثيرا ما يؤكد ان هذه اللقاءات، على ما يبدو في
ظاهرها من إرابة، بعيدة عن الشبه، وليس فيها غير عفيف القول وعفيف
الفعل، مما لا يمس الشرف بخدش، ولا يؤثر في حسن الخلق بأثر:
وظبية من ظباء الإنس عاطلة * تستوقف العين بين الخمص والهضم
بتنا ضجيعين في ثوبي هوى وتقى * يلفنا الشوق من فرع إلى قدم
وبيننا عفة بايعتها بيدي * على الوفاء بها والرعي للذمم
فقمت انفض بردا ما تعلقه * غير العفاف وراء الغيب والكرم
ثم انثنينا وقد رابت ظواهرنا * وفي بواطننا بعد عن التهم
فهذه عفة عربية وتقوى عربية، ووفاء عربي، وذمة عربية لفتاته
العربية ان يرعاها ويتمسك بها ولا يفرط فيها. وفيما عدا ذلك فغزل
الشريف الرضي يفيض بآنات الألم، الم الفراق، والشوق، والحنين،
والذكرى.
شكوى الزمان
والى جانب ذلك كله نجد الرضي كثير الشكوى من الزمان ومن
نوازله وخطوبه وغدره، وأكثر من ذلك شكواه من المشيب وتفجعه على
الشباب. إذ فاجأه الشيب وهو لم يزايل عتبات الصبا بكثير، ففي شعره ما
يدلنا على أن الشيب داهمه وهو في سن العشرين أو بعد ذلك بقليل:
عجلت يا شيب على مفرقي * وأي عذر لك ان تعجلا
فكيف أقدمت على عارض * ما استغرق الشعر ولا استكملا
كنت أرى العشرين لي جنة * من طارقات الشيب ان أقبلا
فالآن سيان ابن أم الصبا * ومن تسدى العمر الأطولا
ولذلك نجده كثير الشكوى من الزمان ومما أنزله به من شيب باعد
بينه وبين الشباب وقارب بينه وبين الموت وأغمض عنه عيون الحسان:
لو دام لي ود الأوانس لم إبل * بطلوع شيب وابيضاض غدائر
واها على عهد الشباب وطيبه * والغض من ورق الشباب الناضر
وأرى المنايا، ان رأت بك شيبة * جعلتك مرمى نبلها المتواتر
لو يفتدى ذاك السواد فديته * بواد عيني بل سواد ضمائري
ان أصفحت عنه الخدود فطالما * عطفت له بلواحظ ونواظر
أما في الوصف فقد كان مجليا مبرزا فلم تكن شاعريته معبرة تعبيرا
قويا عن مكنون نفسه ودخيلة عاطفته فحسب، وانما كانت معبرة أيضا عن
انعكاسا الصور الخارجية عليها مصورة لها تصويرا فنيا يدل على براعة
المصور وروعة فنه.
على أن الأمر الذي يثير التأمل حقا في شعره انما هو موسيقاه، والذي
يصيخ السمع أثناء قراءة شعر الرضي يجد انه كان يختار الايقاع الموسيقي
المناسب ربما في غير وعي منه للفن الذي يقول فيه معانيه ويصوغ فيه
أفكاره وخلجات نفسه، فالتوافق الموسيقي بين الأوزان والمعاني سمة
واضحة في قصائد الرضي بحيث يثير ذلك انتباهك وتأملك ويلفتك لفتا
شديدا.
عوامل صرفت الناس عن شعر الرضي
وبعد هذه الوقفة غير المستانية مع الشريف الرضي وشاعريته،
أ ليس من الانصاف ان ندل على أنه من الواجب ان نقف معه وقفة طويلة،
تنصفه وتنصف شاعريته التي اشتغل عنها القدامى بالمتنبي وشعر المتنبي،
(٢٢٣)

ثم لم يلبثوا ان طلع عليهم أبو العلاء المعري فاشتغلوا به إلى جانب
اشتغالهم بأبي الطيب؟
لا شك ان هناك عوامل أخرى صرفت الناس عن الشريف الرضي
صرفا ما، من أهمها نفس هذه الأرستقراطية العربية التي لازمته في
شخصيته وسلوكه وخلقه وفنه، والتزامه طريق الجد والرزانة والوقار،
بعيدا عن مخالطة العامة وجماهير الناس. ويبدو ان تعففه وارتفاعه بمعانيه
وأغراضه وصياغته بما يناسب ارستقراطيته صرف طوائف أخرى من الناس
الذين كانوا يميلون إلى اللهو والعبث تنفيسا عن أنفسهم، ولم يكن في
الفنون والأغراض التي طرقها الشريف ما يعطف هؤلاء على شعره، حتى
في نسيبه وغزله اللذين كان يحافظ فيهما على الوقار والجد. ونفس النغمة
الحزينة الشاكية التي تجلل معظم شعره تعتبر عاملا مهما في هذا السبيل
وانصراف الكثيرين عنه. اما العلماء والنقاد فيبدو انهم لم يجدوا في شعره
من المشكلات والمعضلات ما وجدوه في شعر أبي الطيب وأبي العلاء بما
يشغلهم به. كما أن شخصيته كرئيس ديني وعالم من علماء البيان والفقه
والتفسير طغت على شخصيته شاعرا.
ولعل الرضي، لو كان شاعرا متفرغا للشعر وقرضه، سالكا في
حياته ومذهبه وطريقته طريقا غير الطريق الذي التزمه والزم به نفسه
وسلوكه وشعره، لكان له شان آخر بين شعراء هذه الفترة وعلى رأسهم
المتنبي والمعري، ولنال اهتماما أكبر عند من أرخوا لتاريخ الأدب العربي. ٥٣٤:
أبو الحسين محمد بن الحسين النقيب بن علي الأحول بن الحسين بن زيد
النسابة بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
في عمدة الطالب: كان جليلا خيرا دينا كريما له مكارم وفضائل ولا
بقية له من الذكور. ٥٣٥:
الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محسن ابن الشيخ علي شمس الدين
ولد سنة ١٢٨٠ وتوفي سنة ١٣٤٣ في قرية مجدل سلم.
كان فاضلا شاعرا أديبا ظريفا، في الطليعة من شعراء جبل عامل
وفضلائه.
شعره
كان العامليون قد ألفوا زيارة يوشع في النصف من شعبان كل
عام فيذهبون اليه جموعا من كل القرى حيث يحيي الشبان منهم حلقات
الرقص القروي فتيات وفتيانا فلم يكن هذا النوع من الزيارة يرضي المترجم
فقال في احدى السنين هذه الأبيات من قصيدة معرضا ببعض من حضر
الزيارة:
بئس الزيارة أيها السفهاء * رقص وفعل فواحش وغناء
لا دين يمنعكم ولا شرف ولا * لكم إذا ذكر الحياء حياء
أصبحتم بين الطوائف سبة * فعليكم وعلى العقول عفاء
جئتم لحضرة يوشع زواره * ان الزيارة خشية وبكاء
لو كان يوشع حاضرا ما بينكم * لاستأصلتكم غارة شعواء
لا دينكم يرضى بفعلكم ولا * ترضى به العلماء والعقلاء
يا جند إبليس الخبيث رويدكم * سيصيبكم من ربكم أسواء
قل للذين تمجوزوا وتدففوا * منكم جميع الأنبياء براء
فترى الرجال مع النساء ففرخة * في كف ديك والديوك رعاء
أبدلتم الشرف الرفيع بجزمة * أفهكذا أوصتكم الآباء
وقال:
من كان همته الدنيا وزخرفها * ولم يكن عاملا للعلم في الدين
فإنما هو شيطان وعمته * أحبولة الصيد من مال المساكين
يشكو إلى الناس فقرأ لا يفارقه * وفي خزائنه أموال قارون
وقال مخمسا لها:
سجية العلماء السوء أعرفها * ان أبدعوا بدعة قالوا نحرفها
فقل لهم والمساوي لا أكشفها * من كان همته الدنيا وزخرفها
ولم يكن عاملا للعلم في الدين
تغر بالسوء اهل الوسع كمته * بلى وأوسع من كميه ذمته
وكل من صرفت في المكر همته * فإنما هو شيطان وعمته
أحبولة الصيد من مال المساكين
وماتت له فرس فرثاها بأبيات منها:
قد كان لي مما أقلته الثرى * جرداء تكتال من الطير علف
تنشر ما لفت ومن اسراعها * تخالها تنصاع من نشر ولف
تسبق للغابات كالسهم انبرى * من كبد القوس إلى قلب الهدف
تبدو وتخفى بين وهد وربى * ايماضة البرق يضي وينخطف
وكان بين كامل بك الأسعد وشبيب باشا الأسعد نزاع على الزعامة في
جبل عامل وكان الشيخ محمد حسين شمس الدين يميل إلى شبيب باشا
والشيخ علي مهدي شمس الدين يميل إلى كامل بك وكان شبيب باشا نظم
قصيدة يشكو بها صروف الزمان ويعرض بكامل بك فرد عليه الشيخ علي
مهدي بقصيدة تعرض له فيها بالهجاء المقذع فرد عليه الشيخ محمد حسين
بهذين البيتين وكان الشيخ علي اقرع الرأس:
إذا ما التقى الليثان في حومة الوغى * وكان على كل جرئ مشيع
فمن سفه ان ينبح الكلب ضيغما * وينطح ذوارق لدى الروع اقرع
ولما اشتد النزاع بين كامل بك وشبيب باشا وقعت بين أهالي الطيبة
مقر كامل بك وبين أهالي تبنين مقر شبيب باشا وقائع شملت قرى
أخرى فأرسل المترجم إلى كامل بك:
يا غيث عامل في السنين * وامن عامل في المخاوف
هذي البلاد على شفا * جرف وسيل الشر جارف
يخشى تدمرها فقد * عصفت بعقوتها العواصف
لا تسلمن بها الرؤوس * من الرجال ولا الزعانف
ووراء بارقة الشرور * قواصف تحدو قواصف
ولربما صدقت بروق * غمامة واليوم صائف
وسافر مرة إلى العراق للزيارة بقربه كان يؤمل ان يبره بعض من فيها
فلم ينل شيئا ولما ودعه قرأ في أذنه: ان الذي فرض عليك القرآن
لرادك وبعد وصوله إلى العراق أرسل هذه الأبيات:
ملأتم لدى التوديع مني مسامعي * وأملقتم مما علمتم أصابعي
سأنفق من اذني في كل عسرة * علي ففي اذني جم المنافع
إذا لم أنل من سيد القوم بلغة * فعذر سواه كالنجوم الطوالع
(٢٢٤)

ولما زار العراق كتب اليه بعض شعرائها بهذه الأبيات:
بيمنك قطر العلم سح عهاده * ومنك ربيع الفضل طاب ارتياده
اخذت بأطراف العلى فزمامه * إليك والا لا يكون انقياده
بك النجف الأعلى تبسم ثغره * ابتهاجا وراقت للعيون بلاده
فأجابه بقوله:
لعمري ان العلم أنتم بحاره * وعنكم إلى الأقطار تزجى عهاده
فكل لعمري في الورى يستمده * على أنه عم البسيط مداده
طغى فالتقطنا دره من ثغوركم * نظيما وحلت كل جيد جياده
وقال يصف ما أصاب جبل عامل بعد ثورته على الفرنسيين سنة
١٣٣٨ في أعقاب الحرب العالمية الأولى:
سمعا فعامل خطبه جلل * يكفيك عن تفصيله الجمل
لا تسأل الاطلال عن أحد * خف القطين وأوحش الطلل
ناخت على الجبل الخطوب ضحى * فقل السلام عليك يا جبل
جاست خلال ربوعه فتن * خرقاء فيها يضرب المثل
صبت عليه مصائب فعلى * أمثالها لا تبرك الإبل
وتدافعت ترمي مدافعها * كللا تطاير تحتها القلل
فكأنما أبناء عاملة * غنم من الذئبان تنجفل
ودوي أصوات المدافع * في الست الجهات لوقعها زجل
والطير طير الحتف فوقهم * يرمي القنابل حيث ينتقل
فالجو يرمي فوقهم شررا * والأرض بالنيران تشتعل
وقال عند اعلان الدستور العثماني وخلع السلطان عبد الحميد:
حدث بما شئت الحديث وأصدق * فقد تخلى لك سرب المنطق
وأصبح الشمل جميعا، ومضى * غير حميد، زمن التفرق
تصرم الجور فقم منتجعا * صفو الهنا لوردك المرنق
إلى متى نوما على الضيم فقم * منتهزا في الدهر فرصة الرقي
دع اليراع ينتقيها دررا * نظمها فريد فكر المنتقي
لطالما قيده الخوف عن الجري * بمضمار الجواد المطلق
قد آن ان ترسله لغاية * بعيدة المرمى عن المحلق
ولا تخف ارصاد من جار فقد * أرهفه الخوف بما لم يطق
لو دام حال الزمان لم يدم * ظلم فيا حادي الضلال استفق
أ نشوة الجور التي أعمتهم * أم نشوة الغي وحب الورق
تحكموا ظلما وقالوا لمدى * جورهم اللحم عن العظم أعرق
رعية نكبها الرائد عن * خصب الكلأ إلى الوبى الموبق
وقادها على الوجى شاكية * لغويها لكن لغير مشفق
فكم أباحوا حرمة وكم دم * أشاطه الجور بلا ترفق
وقال:
أهاج بنعمان الأراك جاذر * غراما بقلبي انهن نوافر
تعرضن لي والقلب خال من الهوى * وأعرضن عني والجوى لي مخامر
مشين بنعمان الأراك فشابهت * معاطفها تلك الغصون النواضر
يمسن دلالا في برود من الصبا * غصون النقي قلبي عليهن طائر
مهى لو تبدت ذات يوم لعاذل * لعاد على تعذاله وهو عاذر
وقال يمدح السيد محمد والسيد علي ابني عم المؤلف السيد محمود
ويهنئهما بعيد الفطر سنة ١٣١٨:
شوق يضاعف لوعتي وغرامي * وجوى يدق مفاصلي وعظامي
وهوى يبرح في الحشى ورميه * أدرى من الخالي بسهم الرامي
ليت الذي أذكى بمهجتي الجوى * يولي ولو بزيارة الالمام
فلكم نصبت لطيفه متناوما * شرك الكرى بمدارج الأحلام
حتى إذا ما رنقت سنة الكرى * في مقلتي ودنا بعيد مرامي
طاف الخيال مسلما فغضضت عن * عيني لطيب لقاه طيب منامي
من لي بشائقة القلوب على النوى * لا بل حر صبابتي وأوامي
عجبت لفرط صبابتي وبمفرقي * طلع المشيب بعارض بسام
اني يروعها المشيب وانه * نور الشيبة أو جلاء حسام
ولو ارعوت لدرت بان بياضه * من ليل هجرتها وطول سقامي
الآن ألقيت الصبابة جانبا * ونضوت برد صبابتي وغرامي
وإلى محمد الأمين تتابعت * غرر المدائح من بديع نظامي
المقتني غرر الفضائل والعلا * والمستطيل ذوائب الاعلام
والواهب المنن الجسام ولم يكن * من بحيث يضن كل غمام
فندى يديه إذا السنون تتابعت * بحر بأمواج المواهب طامي
وإذا تداحضت الرجال بموقف * تلقاه أرسى من هضاب شمام
كم بذ مجتمع الخصوم بمشهد * وعلاهم بالنقض والابرام
جلت مناقب فضله فصفاته * بالعد تعجز السن الأقلام
لاهوت قدس يستشف وان بدا * للناظرين بهيكل الأجسام
وبمهده سيما النجابة والعلا * لاحت عليه قبل حين فطام
لاذت بحقوقه الشريعة فاغتدت * منه بأمنع حرمة وذمام
لن يجهل الساري المحجة بعد ما * اجلا بضوء سناه كل ظلام
فمحمد صرح العلوم وضوء * باب المدينة فادخلوا بسلام
الواضح البرهان غير مدافع * ومعز دين الله والإسلام
يا بن الأعاظم من ذؤابة هاشم * والمنتمي منهم لخير امام
هذي المعالي أصبحت لك فاقتعد * منها بأمنع ذروة وسنام
فت الألى طلبوا مكانك في العلا * سبقا فعينهم إليك سوام
لا يدعي أحد رقيك بعد ما * جاوزت فيه خواطر الأوهام
لو لم تكن للدين أفلج حجة * ما لقبوك بحجة الاسلام
أنت المجدد للشريعة والعلا * والمكرمات ودارس الأحكام
محضت درايتك الظنون فأحكمت * متشابه الأقوال الافهام
ونسخت داجية الشكوك فأسفرت * عن أوجه للناظرين وسام
ان القلوب إلى لقاك مشوقة * شوق الرياض إلى رهام غمام
مستشرفين بزوغ طلعتك التي * تحيي قلوبهم من الاسقام
وسهام جودك ما تزال مراشة * ابدا تصيب مقاتل الاعدام
انا في ظلال ذاك لست ببارح * وسحائب الجدوى على هوامي
وليهنكم عيد الصيام وان يكن * عيد الورى بكم مدى الأعوام
لا زلتم للدين قطب مداره * وحتى الأنام وبهجت الأيام
وقال يرثي السيد جواد الأمين ويعزي عنه ابني عمه السيد محمد
والسيد علي المذكورين:
جب للمجد غاربا وسناما * قادح أوغر القلوب احتداما
روعة للحمام غادرت الناس * حيارى كمن أصاب الحماما
(٢٢٥)

نبا أشعل العيون بكاء * من دواهيه والقلوب اضطراما
اي رزء أذكى وأقذى قلوبا * وعيونا تزفرا وانسجاما
ان يوما به أصيب جواد المجد * بالروع روع الأياما
مفردا بالعراق طبق رعبا * يوم أودي عراقها والشئاما
غاله غائل الردى وعجيب * كيف القى صعب القياد الزماما
يا عظيم المصاب خطبك بعد اليوم * قد هون الخطوب العظاما
غالك الخسف بعد ما رحت تزهو * في سماء الكمال بدرا تماما
مذ أتى ما أتى بفقدك راحت * من جوى راحتي لقلبي التزاما
كنت روح الكمال انسان عين المجد * بحر الندى ثمال اليتامى
بالجواد الجواد أثكلنا الدهر * إلى م تبقى النفوس إلى ما
ما نرى العيش بعده غير سؤر * غادرته أفعى الخطوب سماما
قل لريب المنون دونك فارم * من تشأ لم تزد بنا الآلاما
ما نبالي بعد الجواد برزء * لا ولا تختشي الخطوب العظاما
يا هلالا طوته أيدي الليالي * وعلينا أسى نشرن الظلاما
بك كان الزمان يشرق بشرا * والمعالي تفتر عنك ابتساما
كم قلوب أشجت نواك وقبلا * كنت بردت بالنوال الأواما
كيف يا طور هاشم لك يرقى * فادح والخطوب عنك تحامى
ما درى يا قريعها بك ان لو * شئت انقضت للردى الا براما
أو ما راعه خطير مقام * لك يثنى اقدامه احجاما
ليت شعري فاجا علاك اغتيالا * أم خداعا حتى أصاب المراما
أم أتى سائلا فجدت بأسنى * ما تراه لمثله انعاما
قل لأبناء هاشم والمعالي * آن ان تخمشي الوجوه الوساما
ان يكن فقده أهاض قلوبا * واحتسبنا نواه داء عقاما
فلنا بعده شموس كمال * بسناها أضاءت الأياما
قد لجانا من حادثات الليالي * للحسين السامي علا ومقاما
المقيل العثار من كل خطب * والمقيم الفخار حيث أقاما
ما وهي جانب العلى وبماضي * عزمه المنتضي أقام الدعاما
وبعليا محمد وعلي * أصبح الكون ثغره بساما
علما مفخر وبدرا كمال * بهما الله أيد الاسلاما
فلكل آيات فضل إذا ما * بعضها عد يعجز الاقلاما
بلغا غاية الكمال وكل * في معاليه جاوز الأوهاما
من تر منهما تر طود حلم * مستخفا أطوادها أحلاما
يقتفي شرعة النبي مبينا * للبرايا حلالها والحراما
مستنابا عن صاحب الأمر بالأمر * وعنه يبلغ الأحكاما
صادعا يقتفي المحجة يرعى الدين * منه بمقلة لن تناما
ينحت الحكم بالدليل يقينا * فيزيل الشكوك والابهاما
يا بني هاشم وأي فخار * ما سبقتم بكسبه الأقواما
لكم المجد حادثا وقديما * وتراثا أحرزتم واغتناما
أنتم سلوة الورى عن فقيد * سار لكن لدى النعيم أقاما
أنتم قدوة الأنام وملجأ الناس * حيث الردى أراش سهاما
عرفتكم قلوبها ولهذا * أكبرتكم نفوسها اعظاما
أنتم مفزع الورى وظلال الأمن * رحتم لنا هدى واعتصاما
جمع الله فيكم كل فضل * وعدوتم للناس طرا اماما
وحدا عارض السحاب لقبر * حل فيه شخص الجواد النعامى
وكساه من الرياض برودا * تزدهي غضة به أعواما
وقال يمدح السيد علي ابن عم المؤلف السيد محمود:
سأجمع همي والمرامي كثيرة * وأمضي على العلات والنجم غائر
أقول لناقي حين كلت من السرى * وأجهدها طي الفلا والجواهر
إلى نجوة العز انتحي تردي على * بحور ندى لم يلف عنهن زاجر
لدى العلم الفرد الذي لو تفيأ * الأنام ذرى علياه ما خيف ضائر
علي أبي عبد الحسين الذي غدت * بطلعته الغرا تزان المنابر
امام هدى لاذت شريعة جده * به فاستقرت فهو هاد وناصر
ترفرف منه فوق ذا الدين رأفة * وينقض من فوق لشانيه كاسر
أقام لنا في جده نهج جده * فلا الدين مهضوم ولا الحق جائر
فتى خلقه في كل آن ووجهه * كروض الحيا والبدر باه وباهر
هو القطب قطب الدين والعلم والحجى * ولولاه للعلياء ما دار دائر
هو الآمر الناهي إلى الحق هديه * فطائعه ناج وعاصيه كافر
له في الورى فصل القضا وهو اهله * كابائه والفرع للأصل ناظر
رقى في المعالي الغر أبعد غاية * إلى حيث لم ترق النجوم الزواهر
وضئ المحيا لو به قابل الحيا * لأرخى عزاليه حيا وهو هامر
يدل عليه عرفه السفر في الفلا * فما يخطئ المسعى اليه المسافر
أنامله في الجود عشر سحائب * على الجدب بالجدوى هوام هوامر
إذا ما مطير السحب جاري بنانه * تخلف عنها في الندى وهو حائر
فللجود يمناه وللعلم صدره * فكل لعافيه بحور زواخر
إذا جئته في حاجة فابتسامه * يضئ لك الآمال وهي ضمائر
يشق على الأقلام عد صفاته * وعن حصر علياه تضيق المحابر
إذا ما الظنون استوفرت دون مشكل * وسدت عليها للصواب المعابر
تبلج منه ثاقب الرأي فانثنت * مواردها عن رأيه والمصادر
ومن فطنة لا يحجب الغيب دونها * تريه بطون المشكلات الظواهر
إذا صوب الآراء في حل مشكل * تبدت وجوه الحق وهي سوافر
متى أبرم الاحكام أحدقن حولها * دلائل منه للشكوك بواتر
إذا قلب الآراء في العلم رأيه * أعيدت سحيلات وهن مراثر
فقل للألى يرجون ادراك شأوه * رويدا فعن ادراكه الوهم قاصر
فان لكم من دون علياه برزخا * تضل به ابصاركم والبصائر
فما طرقت أم المعالي بمثله * بلى ذهبت عن مثله وهي عاقر
تشير اليه بالأكف ذوو النهى * وقد عقدت منهم عليه الخناصر
يزين الجبال الراسيات رزانة * وتعنو لعلياه الرجال الأكابر
لآل الأمين الغر ينمى ومجدهم * على كل مجد في البرية ظاهر
هم الهاشميون الألى لهم العلا * وما لسواهم في الأنام المفاخر
تليد المعالي منهم وطريفها * وهم للهدى قلب وسمع وناظر
إليك علي بن الأمين خريدة * بمدحك زينت وهي عذراء باكر
تهنيك بالنعماء مولودك الذي * حباك به الباري ونعم المؤازر
هلال به الأيام أشرقن إذ بدا * بأفق المعالي يزدهي وهو زاهر
يلوح عليه للمكارم آية * وسيما فخار ما عدتها الخواطر
فها هي بشرى أنعشت كل مهجة * سرورا ودامت عنه تأتي البشائر
هو الكوكب الدري والطالع الذي * بطلعته الغرا تماط الدياجر
وقال يرثي السيد علي ابن عم المؤلف السيد محمود:
طرقتك غائبة القضاء المبرم * ورمتك عادية الخطوب بمعظم
(٢٢٦)

يا طود هاشم كيف صدعك الردى * وذراك امنع من هضاب يلملم
فآلوا الرقاب بني أوي بعده * ذلا فلا ليد بقيت ولا فم
صدعت صروف الدهر ارفع ذروة * واستأصلت نبع الفخار الأقدم
لله اية ثلمة للدين لم تسدد * وقبل بمثلها لم يتثلم
جاءت بها للدين أعظم نكبة * قالت لأبنية الفخار تهدمي
قل لليالي بعد معقل هاشم * بثي الخطوب فلا نراع لمأتم
عصفت بركن الدين اي ملمة * أخنت على ركن الحطين وزمزم
وعظيمة فصمت عرى الاسلام إذ * وسمت بوسم الذل كل معظم
هتف النعي به فطبق رحبها * رعبا غشى وجه النهار بمظلم
ومنها:
هل بعد فقدك يا بقية هاشم * انف لها بالحزن غير مهشم
ولعظم قدرك حين فاجأك الردى * والفضل بين مقوض ومزمم
حدت الرعود بركب بينك دالجا * والبرق مد له ذبالة معدم
فالرعد صوت نعي فقدك صائحا * في العالم العلوي غير مكتم
وله شعاع النفس كل غمامة * طارت فكانت آية المتوسم
ومنها:
قسمت مصيبتك الظهور وأضرمت * لهب السعير بكل مهجة مسلم
كنا بظل حماك نمرح في حمى * عز وتغدو من نداك بمغنم
فاليوم رنقت الرزية مشربي * وأمر مر نواك لذة مطعمي
لله يومك ما امض وانه * يوم له الآماق تقطر بالدم
يوم به من حول نعشك ولها * طافت بنو الدنيا طواف المحرم
كل يجمع بالأكف فؤاده * متصدعا من زفرة المتألم
لا يستطيع النطق من دهش ولم * يمش لفرط الوجد غير مجمجم
فلسانه من هول يومك والأسى * متلجلجا لا يهتدي لتكلم
ساروا بنعشك خشعا ابصارهم * وقلوبهم تهوي عليك وترتمي
زمر تحف به فبين مكبر * ومهلل ومودع ومسلم
حملوك فوق رقابهم وهي التي * طوقتها بنداك حلية منعم
حشدوا عليك كأنهم وفد الندى * أو انهم هرعوا إليك لمبهم
وقال من قصيدة يرثي بها خليل بك الأسعد:
صدعت ذراك وكنت امنع جانبا * نوب الزمان وكم صدعت نوائبا
نزلت بساحتك الخطوب وأنشبت * بك يا وحيد بني الزمان مخالبا
طرقتك أم الحادثات وغادرت * حزنا بني الدنيا عليك لواغبا
نقضت بك الأيام هضبة عزها * قسرا وجبت للفخار غواربا
جاءت بها أم الخطوب رزية * فقماء أرسلها الزمان عجائبا
فلطالما هاب الردى لك جانبا * حتى أريع فعاد يقدم هائبا
ومنها:
بك صوت الناعي فطبق وجهها * رعبا وأوجس خيفة فتجانبا
مذ قال أودى خيرها متلجلجا * جزعا تيقنت ان أسعد ذاهبا
ما فاه حتى أعجلت فاه يدي * خوفا وكنت محاذرا ومراقبا
فلطالما ألقحت عند مقاله * شكلا لينتجه حديثا كاذبا
حتى إذا غلب اليقين تسعرت * لي زفرة تركت فؤادي ذائبا
ومن الجوى بين الضلوع تقاطرت * نفسي من الآماق دمعا ساربا
فجمعت قلبي باليدين مخافة * ان يستفيض جوى فأصبح لاهبا
ومنها:
قد كنت للأيام صبح ظلامها * حتى إذا غيبت عدن غياهبا
كانت بك الدنيا تروق لناظري * فاحتلها مذ بنت وجها قاطبا
ما كنت احسب ان يروعك حادث * أو يرتقي لك يا ثبير غواربا
قد كنت للثغر المخوف طليعة * فردا ويحسبك العدو مواكبا
كانت قناتك والبنان كلاهما * هذي تسيل دما وتلك مواهبا
ومنها:
يا منجح الآمال حيث تتابعت * سنة تذر على الأنام مصائبا
آلت بنو الآمال بعدك حلفة * أن لا تزج إلى سواك ركائبا
فاليوم صوح نبت كل قرارة * للجود والراجية أصبح خائبا
واليوم غاب عن الندى تياره * وحياض ذاك العرف عدن نواضبا
أسفي على مغناك إذ هو كعبة * للوافدين عليك أصبح ناحبا
من للعفاة إذا السنون تتابعت * يقريهم جودا ويروي الساغبا
ومن المقيل بني الورى عثراتها * ومن المنيل المجتدين مطالبا
جزوا نواصي الخيل بعد مغيرها * تحت العجاجة في الهياج سلاهبا
ودعوا كرائمها عليه عقيرة * فلقد فقدن ملاعبا وملاعبا
وله من قصيدة:
رسم محياك على جماله * في صورة الدر لدى كماله
وللثريا في الوشاح شبه * فإنها صيغت على مثاله
أ ما ترى خفوق نجم قرطه * مذبذبا تحت دجى قذاله
نبي حسن قد أتى وفرعه * مرسله يوحي إلى خلخاله
يقود أرباب النهي إلى الهوى * بسحر عينيه على ضلاله
كناسه في المنحنى من أضلعي * وما شجى قلبي سوى غزاله
حيا بريحان العذار وانثنى * يرنح الأعطاف من دلاله
في وجهه جنة عدن حرمت * رياضها الا على أمثاله
خط الجمال جمل الحسن به * فاستنبط التفصيل من اجماله
يقول للبدر إذا قابله * صل على محمد واله
وقد أراني وردة الخد وما * جنيت غير اللهف من خلاله
يرنح الأعطاف من سكر الصبا * تمايل الغصن على اعتداله
إذا رنا ذو مقة من جفنه * اليه أو أومى إلى جماله
فطرفه يوحي إلى سيافه * ولحظة يومي إلى نباله
ما بل يوما ماء ورد خده * غليل عبد ما سوى بلاله
لكنه اصطلى على جمرته * شقيقه ولا تسل عن خاله
رأى السوار البدر في معصمه * فاستأنف العود إلى هلاله
ثم رأى منه المحيا باهرا * فأسرع السير إلى كماله
فهو على حاليه ما اهتدى إلى * مثاله ولا إلى مناله
أوقرت عن عذالي السمع وقد * أصغى بأذنيه إلى عذاله
وأنني أعزفت في حبي له * فما أرى شيئا سوى جماله
وما نبذت الرنق من حياته * حتى شربت الصفو من زلاله
وله من قصيدة يمدح السيد نجيب فضل الله:
على الدار من سلمى بذي الضال سلموا * وهل تسمع العجماء أو تتكلم
قفوا بحانيها قليلا لعلني * أداوي الحشا من زفرة تنضرم
دعوني أجيل الطرف في عرصاتها * قذيا وفي آياتها أتوسم
(٢٢٧)

أناشدها عنهم متى عنك قوضوا * وفي اي دار بعدك اليوم خيموا
وشعت على الأكوار خمص من الطوى * سروا يخبطون الليل والليل مظلم
خفاف على الأقتاب الا حلومهم * وان وقذتهم نعسة السير هرموا
ينصون في الليل البهيم قلائصا * لها من ذميل السير ورد ومطعم
وميل على الأكوار تثنى رقابهم * بجذب الكرى والعيس بالسير ترجم
مذاويد لا تهفو لروع حلومهم * وان غرموا يوما على الروع صمموا
إذا ركبوا طارت بهم عزماتهم * وان عزموا فالحمد كسب ومغنم
وكل له في مفرق النجم غاية * على أنهم في ظلمة الليل أنجم
يمسح عن أجفانه سنة الكرى * ويمضي على العلات والناس نوم
يرى الحمد أسنى مركب وهو مصعب * فيحلو بفيه الموت والموت علقم
إذا هب مذعورا تنضنض مثلما * ينضنض رأسا في ذرى الرمل أرقم
أنيساه زياف وسيد عملس * ويصحبه لدن وعضب مصمم
يرى العز من مخض العوالي نتاجه * إذا ثقلت هيجاء طلقتها الدم
كان القنا بالجو منه ذبالة * لها في ضمير النجم سر مكتم
إذا نبذته روعة هب أروعا * كما هب مشبوح الذراعين ضيغم
وان نجيب الدين من آل هاشم * به غرف العلياء راحت تنظم
وأصبحت الأيام تشرق بهجة * بطلعته والدهر وجه مقسم
وله مهنئا صديقا بزفافه:
عاطني اليوم على الأنس العقارا * يا أخا البدر وخذ مني الوقارا
والتفت ريما ومس غصن نقي * وتبد قمرا وأشد هزارا
ود لو كان هلال الأفق يا * كوكب السعد بزنديك سوارا
حي ريحان عذاريك فقد * خلع الناس على الأنس العذارا
فاسقني الخمر التي ان ذقتها * أشعلت سورتها في العين نارا
خمرة قد عتقت واعتجرت * بخمار الشيب في المهد اعتجارا
ذكرت قطع طلى إبائها * فاستشاطت وهي في الدن اقتدارا
فهي لم تنس زمان عصرها * حيث ساموها على الخسف الصغارا
فإذا ما ذكرت ثاراتها * اخذت قسرا عيون الشرب نارا
وإذا ما ذقت منها جرعة * صعدت نفسك أنفاسا حرارا
كلما أرسلها ذو يقظة * في اللهى تملأ عينيه غرارا
فاسقني الريق ودع عنك التي * اعتصرتها أرجل القوم اعتصارا
يا بنفسي أهيف القد إذا * ما مشى ينتقل الخصر الأزارا
علم الغصن التثني مثلما * علم الظبي التفاتا ونفارا
طرزت كف الصبا في وجهه * عارضيه وبه الأنس استدارا
غرست في خده وردا كما * غرست في وجنتيه الجلنارا
كلما رام اجتناء ورده * شامه عقرب صدغيه فثارا
ومن اللحظ ترى نباله * فوق السهم ليرمي من أغارا
ولقد جرد من أجفانه * مرهفا يدعو على الفتك البدارا
كم دم طل على وجنته * بشبا اللحظ وقد بات جبارا
يا بنفسي رشا في خده * جمع الضدين أمواها ونارا
تبصر العين رياض وجهه * حائرا من جمرة الخدا استجارا
جاء يجني وردة الخد على * غبطة فاستشعر الخوف فحارا
يا لها من روضة قد جمعت * نرجسا، وردا، أقاحا وبهارا
فاغتنم صفو الهنا مقتطفا * زهرة الأنس فذا الدهر استنارا
ان أوقات السرور اقتبلت * والهنا فيها لقد زاد انتشارا
فابن عز الدين اهدى عرسه * نشوة راحت بها الناس سكارى
يا له فرعا لقد طاب ثنا * في البرايا مثلما طاب نجارا
ذاك من أسرة بيت حلقت * في سماء المجد فضلا وفخارا
معشر مدوا لكل مفخر * أبوعا طولى وأنسابا قصارا
نسب مثل أنابيب القنا * لم يصب من دنس اللؤم غبارا
وقال:
شوق أطال على الطلول دؤوبي * فإلى م في عذلي وفي تأنيبي
أكبرت إدماني على دمن بها * أخلقت برد شبيبتي ومشيبي
لست المعير إلى العذول مسامعي * فأقل من عذلي ومن تشبيبي
أ وبعد ما أبليت في نهج الهوى * خمسين عاما واستجم قليبي
وتناقل الركبان كل غريبة * عني فكانت انس كل غريب
وشربت أكواب الغرام روية * وسقيت اهل الحب فضلة كوبي
قد كنت في ليل الشبيبة مبصرا * أعمى ولاح اليوم صبح مشيبي
لا تعجب الغيد الحسان إذا بدا * صبح المشيب فذاك غير معيب
أ يريبها لون المشيب وطالما * يأتي البياض مكان كل مريب
والصبح أجمل ما يكون لناظر * من جنح ليل حالك غربيب
ومنها:
هي في الوعيد جهينة لكنها * اخذت وفاء الوعد عن عرقوب
ما أعرضت الا لبارق عارض * في جنح ليل شبابي المخضوب
ولو أنها علمت لما قد لاح في * فودي ما عدته بعض ذنوبي
ان الذي أذكى بمهجتي الجوى * فالشيب ضوء غرامي المشبوب
انى يكون بياضهن محببا * وبياض رأسي ليس بالمحبوب
وانا الذي صقل الزمان مهندي * كبرا وثقفت الخطوب كعوبي
لست المقل وفي يدي سبب الغنى * ابدا ولست المستقل ذنوبي
لكن لي نفسا تبيت على ظما * كبرا ولا تمتاج كل قليب
وله:
حيا ديار أحبتي عرف الصبا * بأريج عرف المسك من دارين
هم أيقظوني للهوى واستخلصوا * طيب الكرى لجفونهم وجفوني
وهم دعوني للغرام وادعوا * جمر الغضا في مهجتي ودعوني
أ يصون سر هواهم قلبي عن الواشي * وسر العين غير مصون
وروى مسلسل عبرتي خبر الجوى * في وجنتي عن مراسلات شؤني
وعلى شؤني في الهوى يبدو ضنا * جسمي بحبهم وفيض شجوني
وله من قصيدة:
لم أشب من كبر لكن لما * بك لاقيت الملمات الكبارا
ذاك مذ دارت رحى الهم على * هامتي ألقت على الشعر غبارا
وقال يمدح أمير المؤمنين ع وسماها القصيدة الغديرية نأخذ
منها:
اليوم أكملت فيه دينكم نزلت * ونعمة الله في الاسلام قد كملت
وألسن الشكر آيات الثناء تلت * إذ حجة المرتضى بالنص فيه علت
يوم الغدير فأضحى للورى عيدا
يوم به المصطفى من فوق منبره * علا وأدنى اليه صنو عنصره
(٢٢٨)

وظل يتلو عليهم طيب مخبره * وحيا تنزل فيه من مطهره
فيا له من مقام كان مشهودا
يوم به قد أقام المرتضى علما * إذ كان من ذاته العليا يدا وفما
وقال من كنت مولاه فلا جرما * فالمرتضى هو مولاه الأمين كما
أوحى إلي به الرحمن تأييدا
فقال من قال في ذاك المقام بخ * أصبحت مولى الورى إذ كنت خير اخ
فكان أعلاهم حاشاه من بذخ * قدرا وقرآن حق غير منتسخ
والله مجده في الذكر تمجيدا
سل هل أتى هل اتت مدحا بغير علي * وهل سواه بأوصاف الكمال ملي
عمى لأعدائه والنص فيه جلي * كيف استحبوا العمى عن رشد خير ولي
وكيف عنه على علم لووا جيدا
قل للألى نكثوا من بعد ما اعترفوا * وعن أميرهم السامي قد انحرفوا
تبا لكم ما لكم دين ولا شرف * أنكرتموه ولما ترفع الصحف
ورحتم بقبيح الذكر تخليدا
بايعتموه على علم يدا بيد * وخنتموه بلا داع سوى الحسد
يا ناكثي العهد أغضيتم على كمد * وسئ المكر لا يخفى على أحد
فالمكر حاق بكم غما وتنكيدا
بايعتموا ونقضتم عقد بيعته * وما رعيتم لطه حق حرمته
وخنتموه على علم بعترته * هذا أميركم ابان نصرته
أخلفتموه بني الغدر المواعيدا
ان الخبيث بها والطيب امتازا * بلى وفاز بحسن الذكر من فازا
بشرى لمن قصبات السبق قد حازا * ومن على منهج العليا قد اجتازا
ذاك الذي راح في الدارين محمودا
وقد سقى القاسطين الحتف يوم بدا * رفع المصاحف في صفين خوف ردا
لولا المكيدة ما أبقى لهم سندا * فحكموا الحكمين لا بقصد هدى
لكنهم بلغوا ما كان مقصودا
والمارقين سقاهم حد منصله * بالنهروان فخذ تفصيل مجمله
لم يبق من جمعهم مقدار أنمله * كل جرى كفره فيه لمقتله
يا قاتل الله تلك الأوجه السودا
يا أيها الناس لا زلت بكم قدم * ولا الم بكم في موقف ندم
سيرا على رشدكم لا كالذين عموا * عن الهدى وبحبل الله فاعتصموا
فحسبنا حب أهل البيت تأييدا
فاغرقوا النزع وارموا نحو غايتهم * فالموت يا قوم عز تحت رايتهم
لا يسال المرء إلا عن ولايتهم * وليس أول غدر نكث بيعتهم
فكل ذي نعمة تلقاه محسودا
فحب طه وأهل البيت مفترض * هم جوهر وسواهم في الورى عرض
بعدا لكل امرئ في قلبه مرض * ثناه عنهم إلى أعدائهم غرض
فراح عن رحمة الرحمن مطرودا
يا أيها الناس لا خوف ولا حرج * صبرا جميلا فبعد الشدة الفرج
أ تذكرون الألى من قبلكم درجوا * على الأمير أبي السبطين قد خرجوا
ووطدوا امرهم في الغي توطيدا
من مثله وسط بيت الله قد وضعا * ومن على كتف الهادي قد ارتفعا
ومن بتكسير أصنام محا البدعا * ومن بمرقد طه لم يبت فزعا
والكفر قد جاش ارعادا وتهديدا
اما وعلياه لولا حد صارمه * ما انقض بنيان كفر من دعائمه
سبحانك الله راميه بهادمه * سل التواريخ تنبي عن ملاحمه
كم قط معترضا بالسيف صنديدا
سل يوم بدر وهل يخفى على أحد * وسل ذوي العلم ما ذا كان في أحد
وعج على خيبر مستعلما تجد * من المآثر ما يأتي على العدد
وما شق على الافهام تحديدا
يوم به فر من قد فر من وجل * وعادت الراية العظمى على خجل
وقال طه سأعطيها إلى رجل * يكر ليس بهياب ولا وكل
قد صيغ صارمه للفتح إقليدا
فمد كل إليها عنقه املا * والمصطفى لا يرى منهم لها رجلا
فقال ابن أخي الكرار وابن جلا * فجاءه لا يرى سهلا ولا جبلا
فابرأ الريق منه العين تضميدا
وكر حيدرة الكرار مبتهجا * على اليهود يقد الهام والمهجا
فاسرعوا هربا منه بغير حجى * واستوثقوا دون باب الحصن مرتتجا
والحصن امنع احكاما وتشييدا
وباب حصنهم نحو السماء دحا * براحة كم أدارت للحروب رحى
ومرحبا قده بالسيف فانكفحا * من بعد ما كان يثني عطفه مرحا
سرعان وسده الرمضاء توسيدا
سل ابن ود زعيم الشرك كيف جرى * به ففي امره ما أوضح الخبرا
يوم استفز جيوش العرب مبتدرا * إلى المدينة لا يبقي لها اثرا
وجال مقتحما تلك الأخاديدا
وظل يدعو اليه من يبارزه * ولا يرى أحدا ممن يحاجزه
والمصطفى يتوخى من يناجزه * فقام من بهرت فيهم معاجزه
يستلفت المصطفى بالاذن ترديدا
فقال خير الورى للمرتضى علنا * هذا ابن ود لدى الهيجاء ما وهنا
وكان في قوله للقوم ممتحنا * فقال حيدرة الهيجا له وانا
أولى به دونهم قتلا وتشريدا
واستل مرهف عزم دونه القدر * ما ان تخلف عنه في الوغى الظفر
وانقض ما مسه جبن ولا خور * إلى الوغى والوغى منه لها خطر
عدو الخماسي نحو الماء مورودا
فقال عمرو ومن ذا أنت فانتسب * فلا أبارز الا واضح النسب
فقال صنو النبي المصطفى العربي * انا ابن أكرم أم في الورى وأب
فاستجمع العزم تقريبا وتبعيدا
فقال عمرو أ ما يخشى ابن عمك إذ * دعاك لي فإلى ظل المثقف لذ
وأعطني السلم إشفاقا عليك وخذ * نصيحتي وبسيفي من حمامك عذ
لا يرهب الجذع البزل الجلا عيدا
(٢٢٩)

فقال يا عمرو اني لم أهن جزعا * فكن لما أتوخى منك مستمعا
ارجع بجيشك أو كن للهدى تبعا * فها انا والهيجا وأنت معا
فانظر بأمرك تصويبا وتصعيدا
فراع كل إلى صمصامه غضبا * مستجمعا عزمة منه أحد شبا
واستقبل المرتضي عمرا كما طلبا * وأوغل السيف في ساقيه منتصبا
فخر منعفرا كالطود مهدودا
فكبر القوم بشرا حين جدله * ضربا وأكبرت الأحزاب مقتله
فدمر الكفر تاليه وأوله * واستأصل البغي أعلاه وأسفله
بضربة تركت اعلامهم سودا
فيا لها ضربة ما كان أبعدها * صيتا وأجملها ذكرا واحمدها
فاسأل به العرب من للحرب أحمدها * وسل عتاة قريش كيف بددها
بذي الفقار أبو السبطين تبديدا
فقل به ما تشأ فضلا تقى وعلا * فالدين لولا ولي الله ما كملا
اني وجبريل بالأفق المبين تلا * مديحه لا فتى الا علي ولا
سيف سوى سيفه يستعبد الصيدا
بلى لقد خصه الباري وفضله * بالعلم والحلم والتقوى وكمله
وبالشجاعة دون الخلق خوله * فكل ذي نخوة بالسيف ذلله
فسيفه كان ايمانا وتوحيدا
ذاك الذي أفرع الرحمن جوهره * من طينة القدس صفاه وطهره
وكل ما خلق الرحمن أكبره * والمصطفى خير خلق الله آثره
خير النساء لامر كان معهودا
والله في العالم العلوي زوجه * بنت النبي وتاج الفخر توجه
وقد أقام سبيل الرشد منهجه * ففاطم كفؤه والامر أحوجه
وكفؤها لم يكن لولاه موجودا
من مثله وهو سيف الله جرده * على العدى وبروح القد أيده
والمصطفى قال مني حيث سدده * كمثل هارون من موسى وأشهده
اسرار علم تفوق النجم تعديدا
بلى وبالطائر المشوي قد كشفا * عن حبه لأخيه المرتضى وكفى
بعدا لمن عن وداد المرتضى انحرفا * ومن عن الحق لما أبصر انصرفا
فالمرتضى كان دون الغير مودودا
وسل بمن باهل المختار أسقفة * من ارض نجران قد جاءته كاشفة
فواجهت أوجها للشمس كاسفة * فأكبرتها وعادت ثم عارفة
فقل باهل الكسا ما شئت تمجيدا
ذو عزمة لو على الأفلاك أرسلها * لسكن الفلك الأعلى وبدلها
فخذ إليك من الأوصاف مجملها * ودع إذا كنت لا تحصي مفصلها
فان أوصافه تعييك تعديدا
وفي براءة سر غير مكتتم * ما رد من رد فيها غير متهم
وانظر إلى آية التطهير غير عمي * فتهتدي لطريق الحق من أمم
ان كان حقا طريق الحق منشودا
من مثله راكعا زكي بخاتمه * وانما هي نص في مكارمه
فالمصطفى وعلي في عوالمه * كالنيرين تعالى شان قاسمه
فاطلب على وحدة النور الأسانيدا
فالرشح من علمه في العالمين طما * بحرا فعامت به سباحة العلما
ولو طغى علمه ضلت به الحكما * ضلال من في البرايا يعبد الصنما
وأصبح الخالق الديان مجحودا
كم ذي نهى في معاني ذاته انبهرا * لما رأى خارقات تعجز البشرا
وراح ينشر من آياته سورا * وبالربوبية العظمى لقد نظرا
اليه يوليه تقديسا وتحميدا
والله أعطاه ما لم يعطه أحدا * إذ كان في طاعة الرحمن مجتهدا
براه للخلق باريه منار هدى * فهو الهدى اليوم حقا والشفيع غدا
وأمره الامر اطلاقا وتقييدا
بنفسه قد وقى خير الورى وحمى * بسيفه حوزة الاسلام اي حمى
وفي فراش رسول الله بات وما * ثناه رعب ومن مع احمد انتظما
في الغار بات حزين القلب مزؤدا
وانما انزل الباري سكينته * عليه مبتذلا في الله مهجته
فالله أيده والشرك بيته * مكرا به واستفزوه حميته
فأرجعتهم على رعب عباديدا
فسل به أمة عن امره عدلت * الا المودة في القربى بمن نزلت
وكم به آية جلت ثنى وجلت * عمي لهم فلذكر الله ما وجلت
قلوبهم ومضوا بالخزي تأبيدا
انا المدينة عنه قد أتى الخبر * والمرتضى بابها وائتوا فما ائتمروا
وانما الثقلان الذكر والنفر * من آله بهداهم يهتدي البشر
فحبلهم لم يزل للحشر ممدودا
فحجة الله سيف الله آيته * علي والعروة الوثقى ولايته
وراية الحمد يوم الحشر رايته * والامر والخلق مبدأه وغايته
اليه والله أعطاه المقاليدا
فالمصطفى واخوه الطهر وابنته * وابناهم حجة الباري وخيرته
لولاهم والهداة الغر عترته * ما كان ارض ولا كانت خليقته
فيها ولا كان شئ قط موجودا
هم علة الخلق هم سر الإله وهم * مظاهر الحق فالشان الرفيع لهم
فهذه الأرض قامت والسماء بهم * ولا أزيدك فالسر الخفي فهم
فقل بهم ما تشأ فضلا علا جودا
ولاهم العروة الوثقى وأنزلها * في الذكر إذ قال فيها لا انفصام لها
فخذ إليك من الاعمال أفضلها * وته بحبهم بين الورى ولها
فحبهم جنة لا سرد داودا
فحبهم مذهبي ان ضلت السبل * وليس لي بدل عنهم ولا حول
وهل بغير ولاهم يقبل العمل * لام شانيهم الويلات والهبل
إذ أبرموا امرهم زورا وتفنيدا
فبعد نيل ولاهم لم أخف ابدا * من أن تمد إلي الحادثات يدا
ولا أخاف من الهول العظيم غدا * ولست اطلب الا منهم المددا
إذا تفاقمت الأهوال تشديدا
هذا اعتقادي لقد أظهرت مضمره * وصنت عن عرض التشكيك جوهره
غذيت اوله طفلا وآخره * وفي فؤادي مذ أوجدت سطره
من صير العالم المعدوم موجودا
مولاي عفوا فقد أفرطت في الكلم * وما اعتمادي به إلا على الكرم
فاجعل عبيدك يا مولاي في حرم * مما اجترأت به من موبقات فمي
فقد وسعت الورى حلما نهى جودا
(٢٣٠)

فأنتم عدتي في النشأتين فلا * أخاف ضيما ولا أخشى غدا زللا
وما احتقبت سوى حبي لكم عملا * فأنجحوا لي بكم يا سادتي الأملا
حتى أكون من الناجين معدودا
فأنتم شفعائي يوم لا أحد * يرجي ولا والد يغني ولا ولد
حيث الخلائق والأهوال تطرد * والشمس تصهرهم والأرض تتقد
والامر امركم قربا وتبعيدا
وقال يرثي الشيخ عبد الكريم شرارة سنة ١٣٣٢.
لمن المدامع بعد فقدك تذخر * أم اي رزء بعد رزئك أكبر
هذا هو الرزء الذي كانت بنو * الدنيا لرائعة تخاف فتحذر
يا ظاعنا عنا بكل فضيلة * ومقيم حزن لا يرث فيبتر
هتف النعي فطار قلبي روعة * منه عليك لكثر ما أتطير
ولطالما ألقحت عند مقاله * شكا وتعترض الظنون فاشعر
حتى إذا غلب اليقين قبضت من * وجدي حشاي وحرها يتسعر
بك يا بن موسى لف اعلام الهدى * ريب المنون وليس بعدك تنشر
فجرت أعيننا عليك دما وهل * عين لطول نواك لا تتفجر
يا صفوة الابدال ما لك في الورى * بدل ولا للرشد بعدك مظهر
اشبهت زين العابدين فكنت في * الضراء مثلك في المسرة تشكر
ما افتر عن ذكر الاله وشكره * لك مقول ابدا يسر ويجهر
مستغرقا في الحب لا متألما * لأذى الم ولا بنفسك تشعر
أحييت نهج السالكين ولم تكن * الا على عين الحقيقة تصدر
قد كنت عيبة سره لكنه * بنحيف هيكلك المقدس مضمر
أسفا عليك وأنت شمس حقيقة * العرفان عن آفاته تتكور
فبمن ندي الفضل بعدك يزدهي * بشرا به وبمن يزان المنبر
كنت الصراط المستقيم إلى الهدى * ودليل اهل الأرض حيث تحيروا
ألبست شخص الدين بزة عزه * والزهد بردك والعفاف المئزر
عزفت عن الدنيا بنفسك همة * هي عن رضا باريك لا تتأخر
لله ذاتك وهي أعظم آية * بين الورى وأبيك لو تتدبر
لا خير بعدك في الحياة وهل ترى * يحلو لعين بعد فقدك منظر
لله يومك وهو أعظم روعة * فكأنما هو يا فديت المحشر
تركت روائعه الخلائق هجسا * والكل من الم به يتضور
واروك شمس هداية وتراجعوا * يسترشدون سبيلها فتحيروا
حملوا بنعشك ناكسين رؤوسهم * وبنعشك الثقل الذي هو أكبر
ولكم بنعشك عائذ ومقبل * جنابته ومهلل ومكبر
فأقول للآل الكرام إذا أبى * الصبر الجميل عليكم فتصبروا
عمت رزيته جميع بني الورى * فهم سواء غائبون وحضر
وكذاك شان النيرات فكوكب * يخفى على عجل وآخر يظهر
وأقول للقبر الذي قد ضمه * بوركت فيك منه الفضائل أبحر
يا قبر طبت بما حويت فأنت من * هذا الثرى صفط بجوفك جوهر
وأرب فوق ثراك سارية الرضى * ابدا تروح بما تحب وتبكر ٥٣٦:
المولوي محمد حسين الدهلوي المشهور بشمس العلماء الملقب بآزاد
توفي حدود سنة ١٣٣٠.
له كتاب آب حياة بلغة أوردو في تراجم شعراء الهند مطبوع وله
سخندان فارسي في تراجم شعراء الفرس مطبوع أيضا. ٥٣٧:
المولى محمد حسين بن الحسن الديلماني الجيلاني
ذكره صاحب رياض العلماء في أثناء ترجمة أبيه وتقدمت فقال وله
أي الحسن الديلماني ولد عالم صالح فاضل كامل وهو المولى محمد حسين
وقد كان ولده شريكا لنا في القراءة على الأستاذ المجلسي في الفقهيات
وكتب الأخبار والآن هو مدرس ببعض المدارس ولولده هذا شرح كبير على
الصحيفة الكاملة السجادية حسن آه. ٥٣٨:
محمد بن الحسين المعروف بابن الشبية
يروي عن الجواد ع حديثا في ج ٣ تاريخ بغداد ص ٥٥ فهو من
أصحاب الجواد. ٥٣٩:
الآقا جمال الدين محمد بن الآقا حسين بن جمال الدين محمد الخوانساري
الخوانساري نسبة إلى خوانسار تلفظ بالخاء المضمومة والنون
الساكنة بدون واو ولا ألف وتكتب بالواو على قاعدة الفرس. وهي بلدة
من بلاد إيران جيدة الماء والهواء في الغاية واقعة بين جبال شاهقة طولها يزيد
على فرسخين وعرضها لا يبلغ معشار ذلك.
اسمه محمد كما صرح به صاحب مستدركات الوسائل وروضات
الجنات في ترجمة أبيه واشتهر بلقبه ولذلك ترجمه صاحب الروضات في حرف
الجيم وذكره في أمل الآمل في حرف الجيم. كان فاضلا محققا مدققا قليل
النظر في جودة الذهن واعتدال السليقة. في أمل الآمل: فاضل حكيم
محقق مدقق معاصر. ووصفه في المستدركات بالمحقق العالم المدقق النقاد
صاحب التصانيف الرائعة التي يعلم منها جودة فهمه وحسن سليقته وصفاء
ذهنه خصوصا في فهم ظواهر الأحاديث كما يظهر من ترجمته مفتاح الفلاح
وما علقه عليه من الحواشي ومزاره الذي ألفه للسلطان شاه حسين حين
توجه إلى زيارة الإمام علي بن موسى ع وتوضيحه لألفاظ الزيارات من
الجامعة وغيرها بما لا يوجد في غيره من المؤلفات فيما اعلم ورسالة في أصول
الدين بالفارسية وشرحه الغرر والدرر للآمدي وغيرها. وكانت أمه أخت
المحقق السبزواري صاحب الذخيرة توفي في شهر رمضان من سنة خمس
وعشرين بعد الألف ومائة انتهى أصله من خوانسار ونشأ بأصفهان
وانتهت اليه فيها رياسة التدريس وبها توفي. وفي الروضات ما حاصله:
كان في غاية ظرافة الطبع وصباحة الوجه وجلالة القدر وسعة الصدر ومتانة
الرأي وعظم المنزلة تلمذ هو واخوه الآقا رضي الدين الحاذي حذوه في
العلم والفضل على أبيهما وخالهما المحقق السبزواري انتهى وعن صاحب
جامع الرواة المعاصر له أنه قال في حقه: جليل القدر عظيم المنزلة رفيع
الشأن ثقة ثبت عين صدوق عارف بالأخبار والفقه والأصول والحكمة له
مؤلفات منها شرح مفتاح الفلاح وحاشية على شرح مختصر الأصول وعلى
حاشية الفاضل المولى ميرزا جان عليه وحاشية على حاشية الفاضل الخفري
وتعليقات على تهذيب الحديث ومن لا يحضره الفقيه وشرح اللمعة والشرائع
والشفاء وشرح الإشارات وغيرها انتهى وذكر في الروضات من مصنفاته
أيضا رسالة شرح حديث البساط، رسالة النية، رسالة صلاة الجمعة
ويقال انه كان بينه وبين العلامة المجلسي والفاضل الشرواني محشي المعالم
قليل منافرة والله العالم ودفن تحت قبة والده التي بناها الشاه سليمان في مزاد
تخت فولاذ بأصفهان. ٥٤٠:
الشيخ محمد حسين الطوسي البغجمي
يروي عنه السيد نصر الله الحائري ويروي هو عن صاحب الوسائل
(٢٣١)

وعن المجلسي الثاني والشيخ محمد أمين الكاظمي. ذكره السيد عبد الله بن
نور الدين بن نعمة الله الجزائري في اجازته الطويلة ووصفه بالمولى المتبحر في
الأحاديث المعصومية. ٥٤١:
السيد محمد حسين ابن السيد ربيع الشيرازي مولدا الحلي مسكنا ثم النجفي
موطنا ومدفنا.
ولد في شيراز سنة ١٠٥٠ وتوفي في النجف سنة ١٣٢٥.
كان أبوه من أهل شيراز وهاجر به إلى العراق سنة ١٢٥٩ فتوطن
كربلا ومنها انتقل إلى الحلة وأقام بها وتوفي أبوه السيد ربيع بالحلة سنة
١٢٧٥ وكان أبوه السيد ربيع يتعاطى طب العيون واخذ عنه ولده المترجم
هذه المهنة إلى أن برع فيها واشتهر وصارت له الشهرة التامة في العراق في
طب العيون وعمل الكحل. عاصرناه ورأيناه في النجف الأشرف سيدا
جليلا وقورا يرجع اليه في هذه الصنعة وتقصده الناس من الأطراف. له
كتاب تذكرة الكحالين رأيناه عند ولده السيد احمد وقد الحق به الأدوية
المفردة في نحو من كراس. خلف من الأولاد السيد محمد والسيد جواد
وكلهم اقتفوا آثار أبيهم في هذه المهنة وفي صفاته واخلاقه. ٥٤٢:
المولى محمد حسين الفشاركي الأصفهاني.
توفي يوم الثلاثاء ٨ ذي القعدة سنة ١٣٥٣ بأصفهان ودفن بمقبرة
تخت فولاذ من مقابر أصفهان وعطلت الأسواق وأقيمت له المآتم في أكثر
بلاد إيران وكان عمره نحوا من تسعين سنة والفشاركي نسبة إلى فشارك
قرية في قرى أصبهان خرج منها عدة من الاعلام.
كان فقيها أصوليا أعجوبة في الإحاطة بالفروع الفقهية من اجلاء
تلامذة الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري المشهور والميرزا السيد محمد
حسن الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي له تأليف حسنة في الفقه
والأصول وكانت له اليد الطولى في الخطابة والوعظ وهو أخو المولى محمد
باقر الفشاركي صاحب عنوان الكلام لأبيه وأمه يروي عن أخيه وشيخه
المازندراني المذكورين وكان من مدرسي أصفهان والمقلدين فيها. ٥٤٣:
الحاج السيد ميرزا محمد حسين بن محمد علي بن محمد حسين الحسيني
الشهرستاني الحائري.
ولد سنة ١٢٥٦ وتوفي في ٣ شوال سنة ١٣١٥ ودفن في مقبرتهم
المعروفة في المشهد الحسيني.
العالم الأديب له مشاركة في عدة فنون واخذ الفقه والأصول عن
الأردكاني وهو أكبر تلاميذه واجلهم يروي بالإجازة عنه واخذ الهيئة والنجوم
عن الميرزا باقر اليزدي والحساب والهندسة والعروض عن الميرزا علام
الهروي الحائري صنف غاية المسؤول في الأصول طبع في إيران وشوارع
الاعلام في شرح شرائع الاسلام والترياق الفاروقي في الفرق بين المتشرعة
والشيخية وتنبيه الأنام على كتاب ارشاد العوام لبعض الشيخية ردا عليه
وبلوغ الإشارة في تلخيص شرح الزيارة ومواقع النجوم في الهيئة واللباب في
الأسطرلاب وسبل الرشاد في شرح نجاة العباد والدر النضيد في نكاح الإماء
والعبيد والموائد شبه كشكول ورسالة في نسب المرعشيين وتراجم اسلافه
والكوكب الدري في معرفة التقويم فارسي وفي سنة ١٣٠٥ إزار مشهد
خراسان وعاد في طريقه إلى طهران فاقبل عليه الناس وردت اليه الإمامة في
مسجد الحاج ملا علي الكني والتدريس في مدرسة الميرزا حسين خان الصدر
القزويني ثم عاد بعد ذلك إلى كربلاء إلى أن توفي.
وفي سلسلة آبائه مير قوام الدين ابن السيد صادق المعروف بمير بزرگ
المتوفى سنة ٧٨١ والمدفون بآمل مازندران وله مشهد مزور عليه قبة عظيمة
بنيت في عهد الصفوية وهو من السادات المرعشية المازندرانية من ولد علي
المرعشي ابن عبد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين الأصغر ابن الإمام
زين العابدين ع وانما عرف بالشهرستاني لأن أم أبيه بنت الميرزا محمد
مهدي الشهرستاني الموسوي الحائري أحد اعلام علمائها فكل من له نسبة
اليه عرف بنسبته لجلالته، منهم صاحب الترجمة وأبوه وعمه وهم طائفة
بالحائر المقدس كلهم معروفون بالشهرستاني وكان صاحب الترجمة سيدا
وقورا مهيبا جليلا عليه سكينة ووقار حسن المحاضرة حلو الأخلاق.
وقال المترجم فيما حكاه عنه ولده السيد محمد علي برواية الشيخ محمد
الكوفي في كتابه الشجرة الطيبة: لما وصلت إلى حد التمييز اشتغلت بقراءة
القرآن فحفظته في زمن قليل ثم قرأت شيئا من الكتب الفارسية والعربية ثم
زرت في خلال ذلك الرضا ع مع والدي العلامة ولما رجعنا بعد سنة
وكسر اشتغلت مرة أخرى فحفظت الرسالة الصمدية وألفية ابن مالك ثم
تشرفنا بزيارة كربلاء ولى من العمر ١٣ سنة فاشتغلت في هذه البلدة المباركة
بالبحث والمذاكرة فقرأت النحو والبيان والمنطق وسائر المقدمات في نحو
ثلاث سنين وصنفت الفوائد والمهجة في النحو والتسهيل والصيغ المشكلة في
الصرف وشرحت جلة من أبيات شواهد المغني وألفت مهذب التهذيب في
المنطق ثم اشتغلت بأصول الفقه وكتبت فيه حاشية على القوانين في ست
سنين إلى أواسط مباحث التقليد وباحثت في الحكمة والكلام والحساب
والهيئة والنحو والهندسة وغيرها وصنفت غاية المسؤول في علم الأصول
وتحقيق أدلة الاحكام في الأصول ثم شرعت في علم الفقه وألفت فيه سبيل
الرشاد خرج منه مباحث المياه وهداية المستمد في شرح كفاية المقتصد خرج
منه الوضوء وبعض الغسل ثم ذكر أنه يروي بالإجازة عن المولى محمد
حسين الأردكاني وعن والده.
خلف المترجم عدة أولاد أفاضل منهم الميرزا علي الذي قام مقامه
والسيد جعفر نزيل مشهد الرضا ع. ٥٤٤:
الشيخ محمد حسين بن علي الطالقاني القزويني الحائري
توفي بكربلا ٤ محرم سنة ١٢٨١ ودفن بمقبرة ركن الدولة.
كان مشهورا بالاجتهاد والفضل والسداد وله يد طولى في الوعظ وكان
تلميذ صاحب الجواهر والسيد إبراهيم القزويني والشيخ مرتضى
الأنصاري. له: نتائج البدائع في شرح الشرائع ورسائل في المنطق وبدائع
الأصول في حجية الظن والاستصحاب والاجتهاد والتقليد. ٥٤٥:
المولى محمد حسين بن قاسم الأصفهاني القمشي الكبير النجفي المسكن
ولد في حدود سنة ١٢٥٠ وتوفي في النجف في أواسط المحرم سنة
١٣٣٦.
(٢٣٢)

والقمشي أو القمشهي نسبة إلى قمشة بلدة بين أصفهان
وشيراز خرج منها جمع كثير من الأفاضل. الشيخ الجليل الثقة أدرك بحث
الشيخ مرتضى الأنصاري نحو خمس سنين ثم تلمذ على السيد حسين
الكوهمري المعروف بالسيد حسين الترك وعلى الميرزا السيد حسن الشيرازي وعلى
الميرزا حبيب الله الرشتي، له تواليف كثيرة منها شرح نجاة العباد
في عدة مجلدات، وكتاب أصول الفقه في ثمانية عشر مجلدا، ورسالة في
الخضاب. ومن خدماته لأهل العلم تصحيحه الوسائل والجواهر والحدائق
وأكثر كتب الحديث والفقه. يروي عنه جماعة منهم: السيد شهاب الدين
الحسيني النجفي، ويروي هو عن جماعة كالميرزا السيد محمد حسن
الشيرازي والميرزا حسين قلي الهمذاني والمولى لطف الله المازندراني وغيرهم.
واشتهر بالقمشي الكبير تمييزا له عن سميه المولى محمد حسين القمشي
الصغير. ومما يلفت النظر: ان كتاب الفقه في ثمانية عشر مجلد وقد كان
يكفيه عنها مجلد واحد بدلا عن تضييع عمره في كتابة هذه المجلدات بدون
جدوى له ولا لغيره. ٥٤٦:
الشيخ عفيف الدين محمد بن الحسين الشوهاني من اهل أواخر القرن
السادس
عالم جليل وفاضل نبيل من أجلة علمائنا وفقهائنا الأقدمين وكبار اهل
العلم بالحديث يروي عن جماعة من المشائخ منهم شيخه الفقيه علي بن
محمد القمي تلميذ المفيد عبد الجبار الراوي عن الشيخ الطوسي ومنهم
الشيخ أبو الفتوح الرازي ومنهم السيد أبو الرضا الراوندي ومنهم محمد بن أبي
القاسم الطبري ويروي عنه عبد الله بن حمزة بن عبد الله بن حمزة
الطوسي شيخ الحسين بن الحسن البيهقي الكيدري شارح نهج البلاغة
ووصفه بالإمامة كما ذكر في ترجمة الكيدري المذكور. ٥٤٧:
شيخ الحكماء الميرزا محمد حسين ابن الحكيم علي محمد الكازروني نزيل
بوشهر
له ناسخ الآثار في تاريخ بوشهر فارسي كبير وله ملكوت السماء
ورسالة في النبض وغيرها. ٥٤٨:
السيد محمد حسين ابن السيد بنده حسين ابن السيد محمد ابن السيد دلدار
علي النقوي النصيرآبادي
ولد في محرم سنة ١٢٦٧ في لكهنوء وتوفي ٢٧ رجب ١٣٢٥ وقرأ على
والده ثم سافر إلى المشاهد المشرفة بالعراق وتلمذ استفاد وروى عن الشيخ
زين العابدين المازندراني الحائري ورجع إلى الهند سنة ١٣٠١ له من
المؤلفات القول الأسد في قبول توبة المرتد والتحرير الرائق في حل الدقائق
والدر النضيد في تحقيق البيعة والتقليد وبناء الاسلام في المواعظ والحديث
الحسن في جواز التسامح في أدلة السنن والروض الأريض في منجزات
المريض وشرح زبدة الأصول للشيخ البهائي وغير ذلك. توفي يوم السابع
والعشرين من رجب سنة ١٣٢٥. ٥٤٩:
المولى محمد حسين المعروف بدرباغي
من اهل أواخر القرن الثاني عشر له شرح قصيدة السيد الحميري
العينية ذكره صديقه الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم الأمل. ٥٥٠:
الشيخ أبو سعد محمد بن الحسين بن الصلت
ذكره في الرياض في باب الكنى ووصفه بالشيخ السعيد. ٥٥١:
الشيخ المفيد أبو سعيد محمد بن حسين الخزاعي
له كتاب الفرق بين المقامين وله كتاب الأربعين من الأربعين في
فضائل أمير المؤمنين والروضة الزهراء وغيرهما وهو جد أبو الفتوح الرازي
المفسر ومعاصر الشيخ الطوسي. ٥٥٢:
الميرزا محمد حسين ابن الآقا محمد مهدي الأرباب الأصفهاني الملقب بالميرزا
الفروغي
له غرائب اسمان وزمين وله ديوان يعرف بديوان الفروغي. ٥٥٣:
السيد محمد حسين بن محمد هادي العقيلي العلوي
كان حيا سنة ١١٩٥.
من أطباء السند. من مصنفاته ١ كتاب مخزن الأدوية ذكر فيه
الأدوية المفردة والمركبة في مقالين على ترتيب حروف الهجاء ويعرف بتذكرة
أولي النهى وذكر فيه مقدمة مشتملة على أربعة فصول في كليات الطب وذكر
في اوله أسامي كتب الطب، طبع في بمبي ٢ قرابادين مجمع الجوامع
وذخائر التركيب فارسي في الطب في عدة مجلدات ابتدأه بمقدمة في بيان
الأغذية والقوى والمزاج وأفعالهما بطريقة علمية وعلة احتياج بعض الأدوية
إلى التركيب وكيفيته وغير ذلك مرتبا على حروف الهجاء فرع منه سنة
١١٨٥ وطبع في إيران سنة ١٢٧٦ وفي كلكتا سنة ١٢٥٥ في مجلدين كبيرين
٣ خلاصة الحكمة في كليات مجمع الجوامع قرابادين كبير رتبة على مقدمة
ومقالتين ألفه بامر أستاذه مير محمد علي الحسيني طبع سنة ١٢٦٢. ٥٥٤:
الشيخ محمد حسين بن عبد الرحيم الرازي الأصل الحائري المسكن والمدفن
صاحب الفصول
توفي في كربلاء سنة ١٢٦١.
الفقيه الأصولي الشهير اخذ عن أخيه الشيخ محمد تقي صاحب
هداية المسترشدين وعن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر واختار الإقامة في
كربلا فرحل اليه الطلاب واخذ عنه جماعة من العلماء مثل الحاج ميرزا علي
تقي والميرزا زين العابدين الطباطبائيين وله مؤلفات في الأصول منها
الفصول وهي من كتب القراءة في هذا الفن أورد فيه مطالب القوانين وحلها
واعترض عليها وهو مشهور عند اهل هذا النوع وأحفاده موجودون في كربلا
وأصفهان خلف ولدين الشيخ عبد الحسين مات بكربلا والشيخ باقر مات
بأصفهان. ٥٥٥:
الآقا محمد حسين ابن الآقا محمد إسماعيل بن محمد مهدي ابن العالم الرباني
المولى محمد صادق الاردشاني اليزدي الحائري
توفي سنة ١٢٧٢ ودفن في الحائر بمقبرة ركن الدولة في الصحن.
قرأ على صاحب الجواهر وعلى الشيخ راضي النجفي وجاور في
كربلا.
(٢٣٣)

له القسطاس المستقيم في المنطق والمسكيا القويم في علم الميزان
وتعليقته على حاشية ملا عبد الله على التهذ، والفلك المشحون في أصول
الفقه والكلمة الباقية في الأخلاق والمقاليد في الفقه. كان معاصرا لميرزا علي
نقي الطباطبائي ومعارضا له وبينهما حكايات من جهة الدراهم الهندية وهو
المعروف بباشته طلائي تمييزا له عن سميه من بلده ومعاصره. ٥٥٦:
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد بن محمد بن علي بن
الحسين بن صالح الحارثي الهمداني العاملي الجبعي نزيل أصفهان
نسبته
الحارثي الهمداني نسبة إلى الحارث الهمداني صاحب أمير المؤمنين
علي ع والهمداني بالدال المهملة وسكون الميم نسبة إلى همدان القبيلة
العربية المشهورة وهم حي من اليمن وبالمعجمة وفتح الميم البلد وهي مدينة
إيرانية. والحارث الهمداني هو الذي قال له أمير المؤمنين ع شعرا منه:
يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا
وكانوا مخلصين في ولاء علي ع وصبروا معه يوم صفين، روي
انهم في بعض أيامها حين استحر القتل ورأوا فرار الناس عمدوا إلى أغماد
سيوفهم فكسروها وعقلوا أنفسهم بعمائهم وبركوا للقتل فقال فيهم
علي ع:
لهمدان أخلاق ودين يزينها * وبأس إذا لاقوا وحسن كلام
فلو كنت بوابا على باب جنة * لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
وقال ع يوم الجمل لو تمت عدتهم ألفا لعبد الله حق عبادته.
وكان إذا رآهم يتمثل بقول الشاعر:
ناديت همدان والأبواب مغلقة * ومثل همدان سنى فتحة الباب
كالهندواني لم تفلل مضاربه * وجه جميل وقلب غير وجاب
والى ذلك يشير الشيخ جعفر الخطي شاعر البحرين في قصيدته الرائية
التي عارض بها رائية البهائي المسماة روح الجنان المذكورة في ترجمته بقوله:
فيا ابن الألى أثنى الوصي عليهم * بما ليس تثني وجهه يد انكار
بصفين إذ لم يلف من أوليائه * وقد عض ناب للوغى غير فرار
وابصر منهم جن حرب تهافتوا * على الموت اسراع الفراش إلى النار
سراعا إلى داعي الحروب يرونها * على شربها الأعمار منهل اعمار
أطاروا غمود البيض واتكلوا على * مفارق قوم فارقوا الحق فجار
وأرسوا وقد لاثوا على الركب الحبي * بروكا كهدي أبركوه الجزار
فقال وقد طابت هنالك نفسه * رضي وأقروا عينه اي اقرار
فلو كنت بوابا على باب جنة * كما أفصحت عنه صحيحات آثار
مولده ووفاته ومدفنه
ولد في بعلبك يوم الخميس لثلاث عشرة بقين من المحرم سنة ٩٥٣
كما في السلافة وغيرها. وقال أبو المعالي الطالوي انه ولد بقزوين والله
اعلم.
وتوفي في أصفهان ١٢ شوال سنة ١٠٣٠ على ما ذكره تلميذه السيد
حسين ابن السيد حيدر الحسيني الكركي العاملي والمجلسي الأول الذي
حضر وفاته والصلاة عليه فهما اعرف بتاريخ وفاته. وقيل سنة ١٠٣١ وقيل
سنة ١٠٣٥ فيكون عمره ٧٧ سنة. وذكر تلميذه المجلسي الأول ان عمره
بضع وثمانون سنة اما احدى وثمانون أو اثنتان وثمانون لأني سألته عن
عمره فقال: ثمان أو تسع وسبعون ثم توفي بعد ذلك بسنين آه وعليه
فكون أحد التاريخين مغلوطا تاريخ الولادة أو تاريخ الوفاة وكان من ارخ
وفاته سنة ١٠٣٥ أخذه من هذا والله اعلم. وعن السيد نعمة الله الجزائري
ان تاريخ وفاته على ما نظمه بعض مشائخنا المعاصرين:
بدر العراقين خبا ضوءه * ونير الشام وشمس الحجاز
أردت تاريخا فلم اهتد) له فألهمت قل الشيخ فاز
ولا يخفى انه ينقص سنة لأن حروفه تبلغ ١٠٢٩. وفي روضات
الجنات انه رأى في التعليقات القديمة على نسخة في توضيح المقاصد من
مؤلفات البهائي في ١٢ شوال سنة ١٠٣٠ توفي شيخنا العلامة الكامل بهاء
الدين محمد العاملي مؤلف هذا الكتاب وكان تاريخ وفاته بالفارسية.
بي سر وباكشت شرع وافسر فضل اوفتاد آه ولست أعرف كيف صار
هذا تاريخا لوفاته فمن عرفه فليبينه. كانت وفاته في أصفهان كما مر ثم
نقل قبل الدفن إلى مشهد الرضا ع ودفن هناك في داره بجانب الحضرة
المقدسة الرضوية وقبره هناك مشهور مزور إلى اليوم ولو كان في مضيعة
العلماء جبل عامل لكان كقبر الشيخ علي الميسي في قرية صديق لا يعرفه
أحد وكقبر السيد علي الصائغ فيها عليه الأتربة والأوساخ ولا يزوره أحد
وكقبور صاحبي المعالم والمدارك واجلاء العلماء المدفونين في جبع وغيرها
المهجورة المجهولة كما كان أصحابها زمن الحياة وكان من هو دونهم في إيران
والهند وغيرها محفودا محشودا.
وقال تلميذه المجلسي الأول: تشرفت بالصلاة عليه في جميع الطلبة
والفضلاء وكثير من الناس يقربون من خمسين ألفا
أقوال العلماء في حقه
في الأمل: حاله في الفقه والعلم والفضل والتحقيق والتدقيق وجلالة
القدر وعظم الشأن وحسن التصنيف ورشاقة العبارة وجمع المحاسن أظهر
من أن يذكر وفضائله أكثر من أن تحصر وكان ماهرا متبحرا جامعا كاملا
شاعرا أدبيا منشئا عديم النظير في زمانه في الفقه والحديث والمعاني والبيان
والرياضي وغيرها.
وقال السيد مصطفى التفريشي في نقد الرجال: جليل القدر عظيم
المنزلة رفيع الشأن كثير الحفظ ما رأيت بكثرة علومه ووفور فضله وعلو رتبته
في كل فنون الاسلام كمن له فن واحد، له كتب نفيسه جيدة آه.
وقال السيد عز الدين الحسين ابن السيد حيدر الكركي في بعض
إجازاته: شيخنا الامام العلامة ومولانا الهمام الفهامة أفضل المحققين
واعلم المدققين خلاصة المجتهدين بهاء الملة والحق والدين كان أفضل اهل
زمانه بل كان متفردا بمعرفة بعض العلوم الذي لم يحم حوله من اهل زمانه
ولا قبله على ما أظن آه.
وقال السيد علي خان في السلافة: علم الأئمة الاعلام وسيد علماء
الاسلام وبحر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه وفحل الفضل الناتجة لديه
(٢٣٤)

أفراده وأرواجه وطود المعارف الراسخ وقضاؤها الذي لا تحد له فراسخ
وجوادها الذي لا يؤمل له لحاق وبدرها الذي لا يعتريه محاق، الرحلة التي
ضربت إليها أكباد الإبل والقبلة التي فطر كل قلب على حبها وجبل فهو
علامة البشر ومجدد دين الأئمة على رأس القرن الحادي عشر اليه انتهت
رياسة المذهب والملة وبه قامت قواطع البراهين والأدلة جمع فنون العلم
وانعقد عليه الاجماع وتفرد بصنوف الفضل فبهر النواظر والأسماع فما من
فن الا وله فيه القدح المعلي والمورد العذب المحلي ان قال لم يدع قولا لقائل
أو طال لم يأت غيره بطائل وما مثله ومن تقدمه من الأفاضل والأعيان الا
كالملة المحمدية المتأخرة عن الملل والأديان جاءت آخر ففاقت مفاخرا وكل
وصف قلته في غيره فإنه تجربة الخواطر.
وقال الحاج محمد مؤمن الشيرازي في كتابه خزانة الخيال في حقه:
بهاء الحق وضياؤه وعز الدين وعلاؤه وافق المجد وسماؤه ونجم الشرف
وسناؤه وشمس الكمال وبدره وروض الجمال وزهره وبحر الفيض وساحله
وبر البر ومراحله وواحد الدهر ووحيده وعماد العصر وعميده وعلم العلم
وعلامته وراية الفضل وعلامته ومنشأ الفصاحة ومولدها ومصدر البلاغة
وموردها وجامع الفضائل ومجمعها ومنبع الفواضل ومرجعها ومشرق الإفادة
ومشرعها وسلطان العلماء وتاج قمتهم وبرهان الفقهاء وتتمة أئمتهم وخاتم
المجتهدين وزبدتهم وقدوة المحدثين وعمدتهم وصدر المدرسين وأسوتهم
وكعبة الطالبين وقبلتهم مشهور جميع الآفاق وشيخ الشيوخ على الاطلاق
كهف الاسلام والمسلمين مروج احكام الدين العالم العامل الكامل الأوحد
بهاء الملة والحق والدين.
وفي لؤلؤة البحرين: كان رئيسا في دار السلطنة أصفهان وشيخ
الاسلام فيها وله منزلة عظيمة عند سلطانها الشاه عباس وله صنف الجامع
العباسي.
وقال الشيخ احمد المنيني الدمشقي في شرح القصيدة الرائية للمترجم
في حقه: صاحب التصانيف والتحقيقات وهو أحق من كل حقيق بذكر
اخباره ونشر مزاياه واتحاف العالم بفضائله وبدائعه وكان أمة مستقلة في
الأخذ بأطراف العلوم والتضلع من دقائق الفنون وما أظن ان الزمان سمح
بمثله ولا جاد بنده وبالجملة فلم تتشنف الأسماع بأعجب من اخباره وقد
ذكره الشهاب في كتابيه وبالغ في الثناء عليه وقد أطال أبو المعالي الطالوي في
الثناء عليه وكذلك البديعي آه.
وذكره تلميذه المجلسي الأول في شرحه العربي على الفقيه عند الكلام
على مشيخة الكتاب فصرح بأنه من مشائخه وانه من نسل الحارث الهمداني
قال ذكره الشهيد الثاني في اجازته لأبيه وذكر جماعة من أجداده ومدحهم ثم
قال هو شيخنا وأستاذنا ومن استفدنا منه بل كان الوالد المعظم كان شيخ
الطائفة في زمانه جليل القدر عظيم الشأن كثير الحفظ ما رأيت بكثرة علومه
ووفور فضله وعلو مرتبته أحدا. له كتب نفيسة آه.
وقال الشيخ محمد رضا الشبيبي:
لقد استرعى نظري وانا أتصفح مختلف الأسفار والتصانيف لتقييد ما
يتصل منها بتاريخ الفلسفة الاسلامية. ان جملة من كتب الشيخ بهاء الدين
العاملي رحمه الله حافلة بفوائد وشواردة فلسفية مضافا إلى بحوثه الأخرى في
الرياضيات والفلكيات. لا تخلو كتب الطبقات والتأليف من التنويه بعلماء
قليلين شاركوا في جملة من الفنون والعلوم ولكن ما أندر الذين برعوا
وحذقوا تلك العلوم والفنون التي شاركوا فيها جميعا وما أقل الذين جودوا
التاليف ووضع الكتب فيها إذ ليس كل من مشارك في ذلك موفقا كما لا
يخفى ومن ذلك القليل النادر الإمام محمد بن الحسين بن عبد الصمد
الحارثي الهمداني العاملي المعروف بالشيخ البهائي أو بهاء الدين العاملي فإنه
شارك مشاركة عجيبة في جميع العلوم والفنون المعروفة في زمانه عقلية ونقلية
ووفق في التاليف فيها وفي جملتها الفقه والأصول والحديث والتفسير واللغة
وعلومها والحكمة والفنون الرياضية والفلكية وقد كتب له التوفيق في مؤلفاته
فذاعت واقبل عليها العلماء المتعلمون في القرون الأربعة الأخيرة وندر ان
يقدر لغيره ما قدر له من بقاء الذكر وطيب الأحدوثة وجميل الأثر ونلاحظ
الأثر الذي تركه في مختلف شؤون الحياة من دينية ودنيوية مادية ومعنوية،
نقول إن ذلك الأثر الذي تركه لدى طبقات مختلفة من العالم الاسلامي لا
يزال باقيا حتى اليوم.
ما أكثر التاليف والتصانيف التي اندثرت فعفي شأنها وذهب زمانها
اما آثار الامام العاملي على كثرتها فقد غالبت الأيام بجدتها وطرافتها.
يحفل تاريخ العلوم والحضارة الاسلامية بذكر عدد كبير من العلماء
منهم من قصر جهده وصرف وكده على علم أو فن بعينه فمنهم من انقطع
لعلوم الدين ومنهم من تجرد لعلوم الدنيا حتى عاش كل منهم داخل اطار
معين من فنه لا يكاد يتعداه في الغالب، اما الامام العاملي فقد طاف في كل
مدرسة واخترق نطاقها ودمر على رجالها وشاركهم فيما يعنيهم كأنه واحد من
القوم وهذا سر من أسرار تفوقه وسبقه وتقدمه اخذه بمجامع القلوب فهو
فقيه مع الفقهاء ومحدث مع المحدثين وصوفي مع المتصوفة وفيلسوف مع
الفلاسفة ورياضي مع أصحاب التعليم وهو نحوي مع النحاة إلى غير
ذلك.
ترجم للامام العاملي كثيرون من متأخري المؤلفين وأصحاب
المعجمات وأطنب بعضهم في هذه الناحية ومع ذلك بقيت مصادر من
صنف آخر قلما تناولها الباحثون وفي هذا الصنف من المصادر نعثر على نبذ
غير معروفة حتى الآن من أحراك الشيخ وقوام هذا الصنف البقية الباقية من
مخطوطات الامام العاملي والنسخ الأصلية المقروءة عليه من مؤلفات غيره إذ
لا يخفى ان الشيخ رحمه الله كتب ونسخ وعلق الكثير. وتوجد جملة من
مؤلفاته في مكتبات الديار الإيرانية وغيرها ولا يستبعد وجود بعض نسخ
الأصل من مؤلفاته وغيرها من المؤلفات التي نسخها بخطه في
بلاد أخرى كالهند وأفغانستان والبحرين عدا ما يوجد منها في دور الكتب
والمتاحف الغربية ومن يتصفح تلك النسخ المخطوطة وتعاليق الشيخ عليها
وصور إجازاته لمن قرأ كتبه أعني إجازات روايتها عثر بلا شك على فرائد
ونوادر غير قليلة لها علاقة بسيرته والتعريف بجملة من أصحابه الذين لم يرد
لهم ذكر في التاريخ.

(١) من المصادر التي يحسن الرجوع إليها في هذا الشأن الكتب الآتية: (عالم ارا عباسي للمنشي)
(رياض العلماء للأفندي) (خلاصة الأثر للمحيي) " سلافة العصر لابن معصوم " " أمل الآمل
للمحدث الحر " " بحار الأنوار للمجلسي " لؤلؤة البحرين للمحدث البحراني " " روضات
الجنات للخوانساري " " مستدركات الوسائل للنوري ".
(٢٣٥)

وقال الأستاذ الشبيبي أيضا:
اخذ الشيخ عن والده علوم العربية والفقه وا لأصول والحديث
والتفسير ودرس عليه في قزوين في عصر من عصور ازدهارها ونهضتها اي
في العصر الأول من عصور الدولة الصفوية وكانت قزوين قاعدة هذه الدولة
الأولى وقد شهدت حركة علمية واسعة في ذلك الزمان وأنشئت فيها عدة
مدارس فثابر الشيخ على الدراسة إلى أن غادرها أبوه إلى هراة فبقي هو في
قزوين متبرما من طول الإقامة فيها مفضلا الانتقال منها إلى حيث يقيم
والده وقد أسعفه الزمان بالرحلة إليها بعد ذلك وواصل هناك دراسته
وذاعت شهرته أول ما ذاعت في هذه المدينة وله فيها ذكريات جميلة خلدها
في أشعاره ورسائله.
ولنا ان نقول إن الامام لم يترك ناحية من نواحي المملكة الإيرانية الا
زارها. زار خراسان وأذربيجان واران قفقاسية سنة ١٠١٥ صحبة الشاه
عباس الكبير فان هذا الشاه قصد الديار الكرجية وأوقع باهلها في التاريخ
المذكور وكان ديدن الشيخ في سفره الأخذ عن الجهابذة. وأعظم حاضرة
إيرانية رحل إليها وطابت له الإقامة فيها أخيرا حتى وافته منيته تغمده الله
بالرحمة هي مدينة أصفهان وهي القاعدة الثانية للدولة الصفوية. وفي
أصفهان لقي جماعة من العلماء المتضلعين في مختلف العلوم والفنون فاخذ
عنهم واخذوا عنه وفي هذه المدينة على الأرجح وضع جملة من تأليفه
المشهورة وأسس أكثر من مدرسة واحدة فيها حتى صارت إليها الرحلة من
كثير من الأقطار الاسلامية وأصبحت أصفهان بذلك دار العلم في هذا
العصر وما بعده إلى عصور غير قليلة كما هو معروف وما زالت تلك
المدارس وغيرها من الآثار التي أنشأها الامام العاملي غير حاضرة من
حواضر الدولة الصفوية قائمة إلى هذا اليوم.
وقال الأستاذ الشبيبي متحدثا عن أخلاقه:
خلق هذا الامام مطبوعا على حب الحرية والتخفف ومجافاة التصنع
والتكلف مشغوفا بمظاهر البساطة في الحياة فطرة الله ومن أحسن من الله
فطرة ثائرا على المتصنعين المتكلفين وما أكثرهم في زمانه ومكانه. ويقول
بعض المؤرخين في معرض الاستدلال على مجافاته للتكلف والتصنع انه ما
كان على جلالة قدره يتحرج من النزول إلى ميادين المدينة والاختلاط
بالسواد والوقوف مع المارة على حلقات الألعاب البريئة كألعاب الحواة
ومروضي الحيوان وغيرها من الألعاب ضاربا بمظاهر التزمت والتصنع عرض
الحائط.
هذا ما قاله بعض المؤرخين. ومن رأينا انه رحمه الله ما كان يقصد
الا المزيد من الاطلاع واكتناه الأسرار والفنون الكامنة في تلك الألعاب.
ويستفاد من كثير من مؤلفاته وأشعاره انه كان صوفي المشرب ميالا إلى الزهد
والتقشف وقد رغب أواسط عمره بالفقر والسياحة وكان زيه في أسفاره هذه
زي الدراويش أو السائحين المغتربين كما ورد في بعض كتب المؤرخين.
وقد أمضى في سياحته أعواما كثيرة ويعده بعض الباحثين أجل عرفاء أواخر المائة
العاشرة وأوائل المائة الحادية عشرة خصوصا في إيران كما يعد أكبر مشايخ
هذه الطائفة. وقد لاحظ جمع من المنتسبين إلى العلم أو المتصدرين للرياسة
ان الشيخ أفرط في بعض اتجاهاته الصوفية حتى زعموا ان والده أنكر عليه
ذلك وليس من السهل اثبات ما قيل عن والده في هذا الشأن وهناك روايات
أشبه بالأساطير تروى معززة بالصور والرسوم عن بعض أوضاعه في ثباه
ورباطة جأشه. والمرجح ان بعض هذه الروايات موضوعة.
كان الامام العاملي عميق النظر جوال الفكر حاد الذكاء جم النشاط
راغبا رغبة أكيدة في اصلاح ما فسد من الأخلاق والأوضاع العامة. انتقد
الجمود والتقليد وشن الحملة تلو الحملة في شعره ونثره على المتزعمين
الجامدين وعلى المرتزقين من الدجل والشعوذة والرياء. ومن هذه الناحية
ناوأه من ناوأه من هذه الطبقة بل وجهت اليه بعض المطاعن والتهم
الباطلة. وتاريخ العالم الاسلامي قديما وحديثا طافح باخبار الصراع بين
المصلحين ومناوئيهم والمتحررين والجامدين على صورة أدت إلى حوادث
دامية معروفة في التاريخ فلا عجب إذا اتفقت هذه المشادة بين الامام
العاملي وهو قطب من أقطاب الحكمة والاصلاح والتجدد وبين غيره من
الجهلة المقلدين. ومن يقرأ أشعاره بالعربية والفارسية وهي كثيرة في هذا
المعنى يتضح له ذلك.
كان رحمه الله على جانب عظيم من رحابة الصدر وسعة الأفق اتصل
بشتى الطوائب وباحث مللا ونحلا ولم يتحرج من أخذ الحكمة أينما وجدت
وبذلك نال ثقة أبناء مختلف الملل والنحل وكان العصر الصفوي بحاجة إلى
امام مثل هذا الامام المجدد المصلح بل كان مفتقرا إلى توجيهه وارشاده في
رتق الفتوق ورأب الصدوع الكثيرة في العصر المذكور وقد عمل على توحيد
الآراء وجمع الشتات وعول السلاطين والأمراء على آرائه في الاصلاح وحسم
مادة النزاع الداخلي بالوسائل السلمية على قدر الإمكان وفي كثير من
الأحيان آه.
وقال الأستاذ قدري حافظ طوقان في مجلة المقتطف ولكنه اشتبه فلقبه
الآملي:
على الرغم مما كانت عليه العربية والاسلامية في مختلف الأقطار من
الضعف، وعلى الرغم مما أصابها من الانحلال، وما حل بها من المصائب
وما أحاطها من المتاعب التي تحول دون تقدم العلوم ودون ازدهار الفنون،
أقول على الرغم من كل ذلك فقد ظهر في بعض الحواضر من وجه بعضا
من عنايته إلى العلوم وتشجيع المشتغلين بها. ومن هؤلاء الذين ظهروا في
القرن السادس عشر للميلاد وبرزوا في العلوم الرياضية بهاء الدين محمد بن
حسين بن عبد الصمد الآملي.
وقد اختلف المؤرخون في البلدة التي ولد فيها فبعضهم يقول إنه ولد
في بعلبك وآخرون في آمل الواقعة في شمال إيران. ومن المؤلفين من قال إنه
ولد في بلدة آمل الخراسانية الواقعة على الضفة اليسرى لنهر
جيحون.
أما القول بأنه ولد في بعلبك فبعيد عن الصواب بل هو خطا محض،
وأرجح ان قولهم هذا يرجع إلى الخلط بين جبل عامل في سوريا وبين
آمل، وقد يكون هذا الخلط هو الذي جعلهم يقولون بمولده في بعلبك،
وقد يكون أيضا هو الذي جعل بعض العلماء يسمونه بهاء الدين
العاملي. ونجد في بعض الكتب ان الآملي ينتسب إلى قبيلة همدان

(١) هو عاملي من جبع وهي من قرى جبل عامل هاجر أبوه إلى بعلبك وبها ولد ولده البهائي ومنها
هاجر إلى إيران - كما مر -
(٢) الخلط استنتاج الكاتب
(٢٣٦)

اليمنية، وان نسبه ينتهي بالحارث وهذا ما جعل البعض يلقبه بالحارثي
الهمداني، ولكن الروايات تكاد تؤيد القول بأنه ولد في آمل الإيرانية
الكائنة على طريق مازندران. وكانت ولادته في منتصف القرن السادس
عشر للميلاد ثم أحضره والده إلى العجم حيث اخذ العلم عن كبار
علماء زمانه وقد آثر حياة الفاقة والفقر على حياة الغنى والترف يدلنا على ذلك
المناصب التي عرضها عليه أولو الأمر ولعل أكثر ما امتاز به الآملي رغبته
الشديدة في السياحة وزيارة الأقطار المختلفة، وقد بقي في سياحته ثلاثين
سنة زار خلالها مصر والجزيرة العربية وسوريا والحجاز حيث أدى فريضة
الحج. وبعد ذلك عاد إلى أصفهان، ويقول إنه عند ما علم الشاه عباس
حاكم الدولة الصفوية بعودة الآملي إلى أصفهان ذهب بنفسه إليها وأحاطه
بالإكرام والجلة وعرض عليه منصب رئاسة العلماء، ومع انه لم يقبل هذا
المنصب فقد بقي صاحب المقام الأول عند الشاه إلى أن وفاه اجله في
أصفهان في القرن السابع عشر للميلاد ودفن في طوس بجوار الإمام الرضا.
اشتهر صاحب الترجمة بما ترك من الآثار في التفسير والآداب فله فيها
تأليف قيمة. أما آثاره في الرياضيات والفلك فقد بقيت زمنا طويلا مرجعا
لكثيرين من علماء المشرق كما انها كانت منبعا يستقي منه طلاب المدارس
والجامعات. فمن أشهر مؤلفاته رسالة الهلالية. وكتاب تشريح الأفلاك
والرسالة الأسطرلابية وكتاب خلاصة الحساب. وقد اشتهر هذا الكتاب
الأخير كثيرا وانتشر انتشارا واسعا في الأقطار بين العلماء والطلاب، ولا
يزال مستعملا إلى الآن في مدارس بعض المدن الإيرانية، ولقد تمكنا من
الحصول على نسخة من هذا الكتاب أخذناها عن مخطوطة عثرنا عليها في
المكتبة الخالدية في القدس. ويقول عنه كشف الظنون في أسامي الكتب
والفنون: خلاصة في الحساب لبهاء الدين محمد بن محمد بن حسين وهو
من علماء الدولة الصفوية. وهو على مقدمة وعشرة أبواب... ونجد في
الخلاصة ان المؤلف استعمل الأرقام الهندية التي نستعملها نحن اليوم الا
انه استعمل للصفر الشكل الذي نستعمله للرقم خمسة، وللخمسة شكلا
يخالف الشكل الذي نعرفه الآن. ولهذا الكتاب مقدمة تبدأ هكذا:
نحمدك يا من لا يحيط بجميع نعمه عدد ولا ينتهي تضاعف قسمه إلى
أحد... اما أبوابه فعشرة يبحث الباب الأول منها في حساب الصحاح
وهو على ستة فصول: الفصل الأول في الجمع والثاني في التصنيف والثالث
في التفريق اي الطرح والرابع في الضرب والخامس في القسمة والسادس
في استخراج الجذر ويبحث الباب الثاني في الكسور وهو يحتوي على
مقدمات ثلاث وفصول ستة فالمقدمات تتناول الكسور وأصولاتها الأولية
ومعنى مخرج الكسور كيفية ايجاد مخارج عدة كسور اي كيفية ايجاد
المضاعف المشترك الأصغر لمقامات عدة كسور وتتناول أيضا التجنيس
والرفع، والمعنى المقصود من التجنيس: جعل الصحيح كسورا من جنس
كسر معين والعمل فيه إذا كان مع الصحيح كسران تضرب الصحيح في
مخرج الكسر وتزيد عليه صورة الكسر... ومن الرفع جعل الكسور
صحيحا فإذا كان معنا كسر عدده أكثر من مخرجه قسمناه على مخرجه
فالخارج صحيح والباقي كسر من ذلك المخرج....
ويأتي عند شرح كل من هذه البحوث بأمثلة تزيل من غموض
الموضوع وتزيد في وضوحه أما الفصول الستة فتبحث عن جمع الكسور وتضعيفها،
وتصنيفها، وتفريقها وضربها وقسمتها واستخراج جذورها ثم
تحويل الكسر من مخرج إلى مخرج.
ويجد القارئ في الباب الثالث والرابع والخامس بحوثا في استخراج
المجهولات وقد استعمل المؤلف ثلاث طرق إحداها طريقة الأربعة المتناسبة
وهذه الطريقة يعرفها كل من له إلمام بالرياضيات الابتدائية والطريقة الثانية
تعرف بحساب الخطأين هي غير مستعملة في الكتب الحديثة مع أنها كانت
شائعة الاستعمال عند العرب في القرون الوسطى. والطريقة الثالثة وهي
التي في الباب الخامس في استخراج المجهولات بالعمل بالعكس وقد
يسمى بالتحليل والتعاكس وهو العمل بعكس ما أعطاه السائل فان ضعف
فنصف وان زاد فأنقص، أو ضرب فاقسم، أو جذر فربع أو عكس
فاعكس مبتدأ من آخر السؤال ليخرج الجواب....
ويحتوي الباب السادس على مقدمة وثلاثة فصول، فالمقدمة تبحث في
المساحة وفي بعض تعاريف أولية عن السطوح والأجسام، والفصل الأول
في مساحة السطوح المستقيمة والأضلاع كالمثلث والمربع والمستطيل والمعين
والأشكال الرباعية والمسدس والمثمن والأشكال المستقيمة الأضلاع
الأخرى. ويتناول الفصل الثاني والثالث طرفا لايجاد مساحة الدائرة
والسطوح المنحنية الأخرى كالاسطوانة والمخروط التام والمخروط الناقص
والكرة...
ويحتوي الباب السابع على ثلاثة فصول تبحث فيما يتبع المساحة من
وزن الأرض لاجراء القنوات ومعرفة ارتفاع المرتفعات وعروض الأنهار
وأعماق الآبار... ولهذه الأعمال والطرق براهين يقول عنها انه أوضحها
وبينها في كتابه الكبير المسمى بجبر الحساب وان بعضا منها مبتكر وطريف
لم يسبق اليه أورده في تعليقاته على فارسية الأسطرلاب. ويستعمل بهاء
الدين طرقا أخرى غير التي ذكرها لاستخراج المجهولات وهنا يقبل على
موضوع الجبر والمقابلة وهذا ما نجده في الباب الثامن المتكون من فصلين.
أحدهما في معنى المجهول اي س والمال اي س ٢ والكعب اي س ٣
ومال مال اي س ٤ ومال كعب اي س ٥ وكعب كعب
اي س ٦... وهكذا... وجزء الشئ
اي... وجزء المال س: اي ١ س ٢: اي ١ وجزء الكعب س ٣: اي ١... س س ٢ س ٣
وفي كيفية ضرب هذه بعضها في بعض وقسمتها بعضها على بعض.
والفصل الثاني في المسائل الجبرية الست وهي عبارة عن أوضاع مختلفة
للمعادلات وكيفية ايجاد المجهول منها اي حلها، ولولا الخوف من الإطالة
لأتينا على أمثلة من ذلك. ويجدر بنا أن لا نترك هذا الباب من دون الإشارة
إلى تعريف الآملي لكلمتي جبر ومقابلة ففي تفسير هاتين الكلمتين يقول:
انه عند حل مسالة من المسائل بطريقة الجبر والمقابلة تفرض المجهول شيئا
اي س بالمعنى الجبري الحديث وتستعمل ما يتضمنه السؤال سالكا على
ذلك المنوال لينتهي إلى المعادلة والطرف ذو الاستثناء يكمل ويزاد مثل ذلك
على الآخر وهو الجبر. والأجناس المتجانسة المتساوية في الطرفين تسقط منها
وهو المقابلة... ثم المعادلة...

(١) إذا كان ولد في إيران كما يقول الكاتب فما معنى قوله أحضره
(٢) هو مطبوع طبعا حجريا في إيران.
(٢٣٧)

ويقول العلامة سمث في كتابه تاريخ الرياضيات في الصفحة ٣٨٨
من الجزء الثاني عن هذا التفسير انه أوضح تفسير لكلمتي جبر ومقابلة.
قد لا يكون في بحوث الأبواب والفصول التي مرت شئ مبتكر أو
جديد فقد سبقه إليها كثيرون من علماء العرب والمسلمين فهو لم يكن في
ذلك إلا آخذا أو ناقلا على الرغم من وجود بعض طرق لم يسبق إليها.
ومن الحق ان نذكر انه قدم هذه البحوث والموضوعات في طرق
واضحة جلية تسهل فهمها فهم البحوث والموضوعات وتناولها. وهذه
هي ميزة بهاء الدين على غيره فقد استطاع ان يضع بحوث الحساب
والمساحة والجبر التي يرى فيها أكثر الناس غموضا وصعوبة في قالب سهل
جذاب وفي أسلوب سلس بدد شيئا من غموض الموضوع وأزال شيئا من
صعوبته.
ونأتي الآن إلى الباب التاسع فنجد فيه كما يقول المؤلف: قواعد
شريفة وفوائد لطيفة لا بد للحاسب منها ولا غناء له عنها وقد اقتصر في
هذا الباب على اثنتي عشرة قاعدة وفائدة يدعي انها من مبتكراته وانه لم
يسبقه أحد إليها، ولكن على ما أرجح ان في ادعائه هذا بعض المبالغة إذ
أكثرية هذه القواعد كانت معروفة عند الذين سبقوه وهو لم يكن في وضعها
كلها مبتكرا فقد تكون الطرق التي أتى بها مغايرة لطرق من تقدمه من
العلماء العرب والمسلمين و لكنه في بعضها مبتكر وقد استعمل لها طرقا
طريفة فيها بعض الابداع وفيها شئ من المهارة والمقدرة تدل على عمق في
التفكير. وبعد ذكر هذه القواعد وكيفية تطبيقها يأتي إلى مسائل متفرقة
بطرق مختلفة فيضعها في باب خاص هو الباب العاشر ويقول إن القصد
من هذا الباب شحذ ذهن الطالب وتمرينه على استخراج المطلب ونراه
يستعمل في حلول بعض هذه المسائل طرقا جبرية وفي البعض الآخر طرقا
حسابية يجد فيها الطالب ما يشحذ ذهنه ويقوي فيه ملكة التفكير.
والآن نحن امام الخاتمة يستهلها المؤلف هكذا قد وقع للحكماء
الراسخين في هذا الفن مسائل صرفوا في حلها أفكارهم ووجهوا إلى
استخراجها أنظارهم وتوصلوا إلى كشف نقابها بكل حيلة وتوسلوا إلى رفع
حجابها بكل وسيلة فما استطاعوا إليها سبيلا وما وجدوا عليها مرشدا أو
دليلا فهي باقية على عدم الانحلال من قديم الزمان مستعصية على سائر
الأذهان إلى هذا الآن....
ولقد أورد في هذه المسائل التي أعجزت علماء الرياضة وأنهكت قوى
الحاسبين سبعا أتى بها على سبيل المثال. ثم يخرج من بعد ذكرها إلى مدح
رسالته هذه وقد سماها بالجوهرة العزيزة ويقول إن فيها: من نفائس
عرائس قوانين الحساب ما لم يجتمع إلى الآن في رسالة ولا في كتاب....
ويقول عنها أيضا على القارئ ان يعرف قيمتها ويعطيها حقها من
الانصاف والتقدير وان يحول بينها وبين من لا يعرف مزاياها وان لا يزفها
الا إلى حريص لأن كثيرا من مطالبها حري بالصيانة والكتمان حقيق
بالاستتارة عن أكثر هذا الزمان، فاحفظ وصيتي إليك فالله حفيظ
عليك... وليس في مدح بهاء الدين رسالته اي عجب فلقد كانت العادة
عند مؤلفي زمانه والذين سبقوه ان يمتدحوا رسائلهم ومؤلفاتهم وان يسرفوا
في ذلك ونظرة إلى كتب الأقدمين في اللغة والأدب والتاريخ وبقية العلوم
تؤيد رأينا وتحققه.
ولكتاب الخلاصة شروح عديدة عرفنا منها شرحا لشخص اسمه
رمضان، ولم يكن هذا الشرح معتبرا عند العلماء بل لم يكن له ميزة أو صفة
خاصة وقد ظهر في زمن السلطان محمد خان ابن السلطان إبراهيم، وهناك
أيضا شرح لعبد الرحيم بن أبي بكر المرعشلي أحد علماء الدولة العثمانية
ويمتاز شرحه على غيره بالأمثلة المتعددة التي توضح كثيرا من المبادئ الصعبة
والقوانين العويصة وفي هذا الشرح يتجلى للقارئ سعة اطلاع الشارح
ووقوفه على العلوم الرياضية وهذا هو الذي ميزه على غيره من الشروح
وهذا الذي جعله منهلا لكثيرين من العلماء. وقد طبع كتاب الخلاصة في
كلكتا سنة ١٨١٢ وفي برلين سنة ١٨٤٣ وقد ترجمه إلى الافرنسية الأستاذ
مار في سنة ١٨٦٤.
ويظهر ان بهاء الدين بدأ في تأليف كتابه المسمى بجبر الحساب
ولكنه لم ينجزه فقد مات قبل الفراع منه، وفيه تفصيل لبراهين من
النظريات الهندسية وقوانين المساحات والحجوم وبعض المبادئ الحسابية،
وادخل فيه أيضا طرقا جديدة لحل مسائل مختلفة صعبة تشحذ الذهن وتمرنه
على حل الأعمال المعقدة الملتوية.
وقالت جريدة السفير:
وصدر عن دار الشروق في بيروت وعن إدارة العلوم في المنظمة
العربية للتربية والثقافة والعلوم كتاب الأعمال الرياضية لبهاء الدين
العاملي بتحقيق وشرح وتحليل الدكتور جلال شوقي الأستاذ بكلية الهندسة
في جامعة القاهرة.
جاء في التعريف: كتاب يبحث في تراث العرب في الرياضيات،
فيقدم دراسة علمية لكتابات الشيخ بهاء الدين العاملي في كتابه خلاصة
الحساب والجبر والمقابلة ويعرض لرياضياته في كتابه الكشكول ويشرحها
شرحا وافيا مدعما بالتحليل الرياضي الشامل ويمتاز الشيخ العاملي العالم
الموسوعي العربي بأنه قد رسم صورة واضحة وصادقة لمعارف العرب
الرياضية في نهاية القرن السادس عشر الميلادي بعد أن جاب الأمصار
العربية والاسلامية واطلع على اعمال العرب وفلاسفتهم زهاء ثلاثين عاما.
يبدأ الشيخ العاملي ببيان طرائف الحساب الأساسية من جمع وتفريق
وضرب وقسمة واستخراج للجذور سواء بالنسبة للأعداد الصحيحة أو
للكسور. كذا كيفية التحقق من سلامة أدائها بتطبيق قاعدة ميزان العدد،
تلك القاعدة التي أطلق عليها الغرب تسمية القاعدة الذهبية. ويعرج
العاملي بعد ذلك في استخراج المجهولات بطريق الأربعة المتناسبة، كذا
بطريق حساب الخطأين، ثم بطريق العمل بالعكس، وقد عرض العاملي
في مجال الحساب لكيفية استخراج المضمرات عن طريق تكوين معادلة
بسيطة ذات مجهول واحد، كذلك لفكرة التباديل والتوافيق كايجاد عدد
الكلمات التي تتركب من حروف المعجم بشروط خاصة، وأخيرا قدم
العاملي طريقة قسمة مال على جماعة من المستحقين تزيد استحقاقاتهم على
المال الموجود.
(٢٣٨)

ويبحث الشيخ العاملي في خواص الأعداد، ويعرف الأعداد التامة
والمتحابة والمتوافقة والمتداخلة وغيرها، ويقدم قاعدة مبتكرة ليقين الأعداد
التامة ثبتت صحتها حتى البلايين، وأمكن باستخدامها تعيين الأعداد التامة
السبعة الأولى.
ويعرض العاملي لجمع المتواليات الرياضية، فيبين كيفية جمع الأعداد
على النظم الطبيعي وهو ما نسميه اليوم بالمتوالية الحسابية، وجمع الأفراد
دون الأزواج وعكسه، كذا جمع المربعات المتوالية وجمع الكعبات المتوالية.
اما في مجال الجبر والمقابلة، فان العاملي يعرف الشئ والمال والمكعب
ومراتبها، اي المقدار المجهول ومربعه ومكعبه وما فوق ذلك على التوالي،
ويشرح المسائل الجبرية الست، ويقدم حلول معادلة الدرجة الثانية،
كذلك يبين العاملي تحويل الفرق بين مربعين مقدارين إلى حاصل ضرب
مجموع المقدارين في الفرق بينهما، كما يعرض للمسائل السيالة وهي
تسمية أطلقها العرب على المسائل التي يصح لها عدد غير محدود من
الإجابات الصحيحة.
ويسوق العاملي بابا خاصا لتعيين مساحات الأشكال الهندسية المستوية
وحجوم الأجسام المنتظمة، ويتناول بيان اعمال المساحة العملية وتقديم
البراهين الهندسية على صحة الطرق المتبعة فيها، فيعرض لطرق قياس فرق
المنسوب بفرض شق القنوات، وطرق تعيين علو المرتفعات وأعماق
الآبار، كذا قياس ارتفاع الشمس دون أسطرلاب أو آلة ارتفاع.
ويفرد الشيخ العاملي خاتمة كتابه لسبع مسائل يسميها
المستصعبات السبع وهي مسائل بعضها صعب وبعضها الآخر
مستحيل الحل....
أحواله
في السلافة تولده ببعلبك وانتقل به والده وهو صغير إلى إيران فنشأ في
حجره بتلك الديار المحمية واخذ عن والده وغيره من الجهابذة كالعلامة
عبد الله اليزدي حتى أذعن له كل مناضل ومنابذ فلما اشتد كاهله وصفت له
من العلم مناهله ولي بها مشيخة الاسلام وفوضت اليه أمور الشريعة على
صاحبها الصلاة والسلام ثم رغب في الفقر والسياحة واستهب من مهاب
التوفيق رياحه فترك تلك المناصب ومال لما هو لحاله مناسب فقصد حج بيت
الله الحرام وزيارة النبي وأهل بيته الكرام عليهم أفضل التحية والسلام ثم
اخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة وأوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
واجتمع في أثناء ذلك بكثير من أرباب الفضل والحال ونال من فيض
صحبتهم ما تعذر على غيره واستحال ثم عاد وقطن ارض العجم وهناك
همي غيث فضله وانسجم فألف وصنف وقرط المسامع وشنف وقصدته علماء
تلك الأمصار واتفقت على فضله اسماعهم والأبصار وغالت تلك الدولة في
قيمته واستمرت غيث الفضل من ديمته فوضعته على مفرقها تاجا وأطلعته في
مشرقها سراجا وهاجا وتبسمت به دولة سلطانها الشاه عباس واستنارت
بشموس رأيه عند اعتكار حنادس الياس فكان لا يفارقه سفرا ولا حضرا
ولا يعدل عنه سماعا ونظرا لأخلاق لو مزج بها البحر لعذب طعما وآراء لو
كحلت بها الجفون لم يلف أعمى وشيم هي في المكارم غرر وأوضاح وكرم
بارق جوده لشائمه لامع وضاح فتفجر ينابيع السماح من نواله ويضحك
ربيع الإفضال من بكاء عيون آماله وكانت له دار مشيدة البناء رحبة الفناء
يلجأ إليها الأيتام والأرامل ويغدو عليها الراجي والآمل فكم مهد بها وضع
وكم طفل بها رضع وهو يقوم بنفقتهم بكرة وعشيا ويوسعهم من جاهه جنابا
مغشيا مع تمسك من التقى بالعروة الوثقى وايثار للآخرة على الدنيا والآخرة
خير وأبقى ولم يزل آنفا من الانحياش إلى السلطان راغبا في الغربة عن
الأوطان يؤمل العود إلى السياحة ويرجو الاقلاع عن تلك الساحة فلم يقدر
له حتى وافاه حمامه وترنم على أفنان الجنان حمامه.
وقال تلميذه السيد حسين الكركي في بعض إجازاته كان يميل إلى
التصوف كثيرا وكان منصفا في البحث كنت في خدمته منذ أربعين سنة في
الحضر والسفر وكان له معي محبة وصداقة عظيمة سافرت معه إلى زيارة
أئمة العراق عليهم الصلاة والسلام فقرأت عليه في بغداد وبلد الكاظمين
وفي النجف الأشرف وحائر الحسن ع والعسكريين كثيرا من الأحاديث
وأجازني في كل هذه الأماكن جميع كتب الحديث والفقه والتفسير وغيرها
وكنت في خدمته في زيارة الرضا ع في السفر الذي توجه فيه النواب
الأعلى خلد الله ملكه ابدا ماشيا حافيا من أصفهان إلى زيارته ع فقرأت
عليه هناك تفسير الفاتحة من تفسيره المسمى بالعروة الوثقى وشرحيه على
دعاء الصباح والهلال من الصحيفة السجادية ثم توجهنا إلى بلدة هرات التي
كان سابقا هو ووالده فيها شيخ الاسلام ثم رجعنا إلى المشهد المقدس ومن
هناك توجهنا إلى أصفهان ومن جملة ما قرأت عليه أولا في عنفوان الشباب
ألفية ابن مالك في النحو ثم قرأت عليه رسائل متعددة من تصانيفه وشرح
الأربعين حديثا الذي هو من تصانيفه وهذا التصنيف كان بامداد الفقير
والتماسه وهو في غاية الجودة ونهاية الحسن لم يوجد مثله وقرأت عليه المجلد
الأول من كتاب تهذيب الأخبار والمجلد الأول من الكافي لثقة الاسلام
محمد بن يعقوب الكليني والمجلد الأول من كتاب من لا يحضره الفقيه وأكثر
كتاب الاستبصار الا قليلا من آخره قراءة وسماعا وقرأت عليه خلاصة
الأقوال في معرفة الرجال ودراية والده ودرايته التي جعلها كالمقدمة لكتاب
حبل المتين وقرأت عليه كتاب حبل المتين الذي خرج منه وأربعين حديثا
التي ألفها الشهيد وقرأت عليه الحديث المسلسل بألقنمي الخبز والجبن
وألقمني لقمة منها وقرأت عليه الرسالة المسماة بتهذيب البيان والفوائد
الصمدية كلاهما من مصنفاته في النحو وتوفي في أصفهان سنة ١٠٣٠ وقت
رجوعنا من زيارة بيت الله الحرام ثم نقل إلى مشهد الرضا ع ودفن هناك
في بيته قرب الحضرة المقدسة وقبره هناك مشهور بزوره الخاصة والعامة
آه وفي تلك الأعصار التي كان فيها البهائي وأبوه وغيرهما مشائخ
الاسلام في هرات وأصفهان كان الشهيد الثاني الذي هو أعلم منهم واجل
قدرا يحرس الكرم في جبع وفي مضيعة العلماء جبل عامل وينقل الحطب على
حماره لعياله بالليل ويبني مسجده في جبع بيده ويتجر بالشريط كما ذكره ابن
العودي لتحصيل قوته ويسافر في تجارته مع الجمالة إلى الأمكنة البعيدة
كالقسطنطينية وغيرها ولا يعامله الجمالة معاملة أحدهم بل يتعدون عليه
وفي الوقت الذي كان فيه المحقق الكركي شيخ الاسلام بأصفهان نافذ الأمر
مفوضة اليه جميع أمور السلطنة ويخرج في موكب الملوك كان سميه ومعاصره
المحقق الميسي ينقل الحطب على حماره ليلا لتلاميذه في ميس ويعيش عيشة
القناعة والفقر ويكون عند اهل جبل عامل أقل قدرا من بعض المتفقهة.
ومما يؤسف له ان الشيخ البهائي لم يدون اخباره في سياحته التي استغرقت
(٢٣٩)

ثلاثين سنة في بلاد الروم والشام وغيرها مع ما كان عليه من الفضل والمعرفة
وطول صحبة الملوك والأمراء والعلماء ولا شك انه اتفق له في سياحته هذه
أمور غريبة وأشياء كثيرة لو دونت لكانت من نفائس الكتب ونرى أن
الشهيد الثاني دون رحلته من الشام إلى القسطنطينية إلى إيران إلى العراق
إلى الشام التي لم تستغرق زمنا طويلا فكان فيها من الفوائد والغرائب أمور
كثيرة تداولها المؤلفون واستفاد منها المطالعون وكذلك رحلته من الشام إلى
مصر كما ذكرناه في ترجمته وابن بطوطة وابن جبير دونا رحلتين لهما لم يستغرقا
بعض ما استغرقته سياحة البهائي وقد طبعتا ونشرتا واستفاد منهما الناس ولا
ريب ان سياحة البهائي لو دونت لكانت فوق ذلك كله ولكن وللأسف لم
يدون منها شئ سوى أمور يسيرة نقلها الشيخ احمد المنيني في شرح قصيدة
البهائي عن أبي المعالي الطالوي وستأتي.
مركزه في الدولة
يقول المنشي في كتابه عالم ارا عباسي تقلد الشيخ منصب شيخ
الاسلام في أصفهان زمن الشاه عباس الكبير خلفا للشيخ علي المنشار وتبوأ
مكانته المعروفة في عهد الشاه المذكور ولم يكن لاحد من كبار الرجال
الصفويين مركز يداني مركزه ولذلك كثر حساده ومناوئوه وكثر الدس حوله
حتى تمنى ان والده لم يخرج به من جبل عامل إلى الشرق في كلمة قوية عبر
بها عن تبرمه من فساد الاخلاق في كثير من أبناء زمانه ومعاصريه فقال طيب
الله ثراه: لو لم يأت والدي قدس الله روحه من بلاد العرب ولو لم يختلط
بالملوك لكنت من اتقى الناس وأعبدهم وأزهدهم لكنه طاب ثراه أخرجني
من تلك البلاد وأقام في هذه الديار فاختلطت باهل الدنيا واكتسبت
أخلاقهم الرديئة واتصفت بصفاتهم ثم لم يحصل لي من الاختلاط باهل
الدنيا الا القيل والقال والنزاع والجدال وآل الامر ان تصدى لمعارضتي كل
جاهل وجسر على مباراتي كل خامل. هذه نص كلمة الشيخ وهي نفثة
مصدور عبر بها كما قلنا عن آلامه وامتعاضه وتكاثر حساده ومنافسيه وما
كان أكثر هؤلاء الحساد والمنافسين بلا شك الا من ذوي الاطماع وعباد
المصالح الشخصية والجاه الزائف ولكنهم مع ذلك لم ينالوا منه منالا ولا
استطاعوا ان يزعزعوا من مركزه الكبير وكان ذلك من بواعث تنغيص عيشه
وتكدير صفو حياته أحيانا وطالما نفس عن كربه بالعزلة أو بالسياحة
والرحلة. يستفاد أيضا من هذه الكلمة ان والده الحسين بن عبد الصمد
سبقه إلى مخالطة الملوك وصحبة السلاطين عند ما انتقل من بلاده إلى البلاد
الإيرانية وذلك في عصر الشاه طهماسب حتى ألف له كتابا في الفقه سماه
العقد الطهماسبي ومن ذلك يتضح ان هذه الدولة الناشئة كانت بأمس
الحاجة إلى من يرعى لها التاليف في المعارف الدينية والمصنفات في أصول
الشريعة وفروعها فلم ينهض بهذه المهام الجسام الا قليلون في مقدمتهم
الحسين بن عبد الصمد وابنه بهاء الدين بعد ذلك والظاهر أن إقامة الشيخ
حسين لم تكن طويلة في حواضر الدولة الصفوية فإنه سرعان ما انتقل منها
عائدا إلى البحرين فأقام فيها إلى أن وافته المنية رحمه الله وكانت البحرين
عامرة بالمدارس والدراسة وفيها عدد غير قليل من الفقهاء والمحدثين والأدباء
ولا تخلو البحرين حتى هذا اليوم من تلك الدراسات.
بطل أم قديس
وتتحدث الأجيال التي تلت جيل البهائي حتى الجيل الحاضر
بأحاديث تشبه الأساطير عن مكانته وأعماله الإنشائية في دولة الشاه عباس
الكبير حتى أنه كان يضع تصاميم المعاهد والمعابد والصور وغير ذلك من
الأبنية التي اشتهر هذا الشاه بانشائها وهي مبان ضخمة لا يزال جملة منها
قائما ومنها عمارة المشهد العلوي في النجف وهذه التصاميم تشهد للشيخ
بخبرته وبراعته الفنية في فرع الرياضيات والهندسة وقد وضع تصاميم كثيرة
من تلك المعابد والمساجد على أسس فنية بحيث يستفاد منها تعيين المواقيت
الشرعية ويقال انه صنع بعض الآلات الفلكية التي تحدد المواقيت المذكورة
ولا شك في صحة هذا القول لأن له أكثر من تأليف واحد في صناعة
الأسطرلاب وما إلى ذلك من الآلات العلمية. هذا إلى روايات اخر شائعة
عند الجمهور عن اعماله الرصدية والفلكية في أصفهان وغيرها من ديار
الفرس والعرب وهي روايات ترفع البهائي إلى مستوى الأبطال أو القديسين
في نظر الجمهور ولا شك ان جملة من هذه الروايات لا تتحمل النقد
والتمحيص ومما لا شك فيه أن سور المشهد العلوي القائم اليوم يرجع إلى
عصر الشاه عباس الكبير وان الشيخ البهائي أشرف على وضع اسمه وانشائه
وان كنا لا نحدد بالضبط مدة مكثه في النجف بيد انه على كل حال جاء إلى
النجف ونشأت بينه وبين علماء هذه المدينة علاقة وثيقة حتى دارت بينه
وبينهم مراسلات شعرية ونثرية بعد عودته إلى أصفهان ويروي المحبي في
خلاصة الأثر بعض الرباعيات التي كاتب بها الشيخ بعض إخوانه في هذه
المدينة.
ورود الخطي على البهائي بأصفهان
وفي سنة ١٠١٦ دخل الشيخ أبو البحر جعفر الخطي العبدي من عبد
القيس البحراني شاعر البحرين الشهير أصفهان واتصل بحضرة المترجم
وعرض عليه أدبه فاقترح عليه إجازة هذه القصيد فأجازها الخطي بالقصيدة
المذكورة في ترجمته التي أولها:
هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري فسقيا فأجدى الدمع ما كان للدار
ومده بها المترجم وأنشده إياها بداره في محروسة أصفهان في رجب من
السنة المذكورة وكان المتولي لانشادها الحسن بن محمد الغنوي الهذلي راوية
الخطي ومنشده فاستحسنها واستجادها ولما وصل في انشادها إلى قوله:
جهلت على معروف فضلي فلم يكن * سواه من الأقوام يعرف مقداري
وكان عند الشيخ البهائي جماعة من أعيان البحرين وساداتهم فقال
الشيخ وهؤلاء يعرفون مقدارك ان شاء الله وأشار إلى القوم واجازه.
ثم كتب له رقعة بيده المباركة هذا لفظها: أيها الأخ الأعز الفاضل
الألمعي بدر سماء أدباء الأعصار وغرة سماء بلغاء الأمصار أيم الله اني كلما
سرحت بريد نظري في رياض قصيدتك الغراء ورويت رائد فكري من
حياض فريدتك العذراء زاد بها ولوعي وغرامي واشتد إليها شوقي وأوامي
فكأنما عناها من قال:
قصيدتك الغراء يا فرد دهره * تنوب عن الماء الزلال لمن يظمأ
فنروي متى نروي بدائع لفظها * ونظما إذا لم نرو يوما لها نظما

(١) الشيخ محمد رضا الشبيبي.
(٢) نفس المصدر.
(٢٤٠)

ولعمرك لا أراك الا آخذا فيها بازمة أوابد اللسن تقودها حيث أردت
وتوردها انى شئت وارتدت حتى كان الألفاظ تتحاسد على التسابق إلى
لسانك والمعاني تتغاير في الانثيال على جنانك والسلام.
وكتب محبك الاخلاصي بهاء الدين محمد. وقال الخطي يشكر
انعام الشيخ البهائي وقد سير له بعض الملابس الخضر وهو يومئذ بأصفهان
سنة ١٠١٦:
يا فتح من أغلقت أبواب مطلبه * في وجهه وغنى القوم المفاليس
لو سمتني حصر ما أوليت من نعم * كتبا لضاق بها باع القراطيس
أ وليتني منك آلاء خرجت لها * اجر ذيلي في خضر الملابيس
فلو رآني أدري الناس بي لقضى علي اني من بعض الطواويس
وقال الطالوي: ولد بقزوين وأخذ عن علماء تلك الديار ثم خرج
من بلده وتنقلت به الأسفار إلى أن وصل إلى أصفهان فوصل خبره إلى
سلطانها الشاه عباس فطلبه لرياسة العلماء فوليها وعظم قدره وارتفع شانه
الا انه لم يكن على مذهب الشاه في زندقته لانتشار صيته في سداد رأيه الا
انه غالى في حب آل البيت وألف المؤلفات الجليلة ثم خرج سائحا فجاب
البلاد ودخل مصر وألف بها كتابا سماه الكشكول جمع فيه كل نادرة من
علوم شتى أقول الظاهر أنه لم يؤلفه بمصر والا لذكر ذلك في خطبته، قال
وكان يجتمع مدة اقامته بمصر بالأستاذ محمد بن أبي الحسن البكري وكان
الأستاذ يبالغ في تعظيمه فقال له مرة يا مولانا انا درويش فقير فكيف
تعظمني هذا التعظيم قال شممت منك رائحة الفضل وامتدح الأستاذ
بقصيدته المشهورة التي مطلعها:
يا مصر سقيا لك من جنة * قطوفها يانعة دانية
مجيئه في سياحته إلى القدس وما جرى له فيها
ثم قدم القدس. وحكى الرضي بن أبي اللطف المقدسي قال: ورد
علينا من مصر رجل من مهابته محترم فنزل من بيت المقدس بفناء الحرم عليه
سيماء الصلاح وقد اتسم بلباس السياح وقد تجنب الناس وانس بالوحشة
دون الايناس وكان يألف من الحرم فناء المسجد الأقصى ولم يسند أحد مدة
الإقامة اليه نقصا فألقي في روعي انه من كبار العلماء الأعاظم فما زلت
لخاطره أتقرب ولما لا يرضيه أتجنب فإذا هو ممن يرحل اليه للأخذ منه وتشد
له الرحال للرواية عنه يسمى بهاء الدين محمد الهمداني الحارثي فسألته عند
ذلك القراءة عليه في بعض العلوم فقال بشرط ان يكون ذلك مكتوما وقرأت
عليه شيئا من الهيئة والهندسة ثم سار إلى الشام قاصدا بلاد العجم وقد
خفي عني امره واستعجم آه.
مجيئه في سياحته إلى دمشق وما جرى له فيها
وقال المنيني: ولما ورد دمشق نزل بمحلة الخراب عند بعض تجارها
الكبار واجتمع به الحافظ الحسين الكربلائي القزويني والتبريزي نزيل دمشق
صاحب الروضات الذي صنفه في مزارات تبريز واستنشده شيئا وكثيرا ما
سمعت انه تطلب الاجتماع بالحسن البوريني فاحضره له التاجر الذي كان
عنده بدعوة وتأنق في الضيافة ودعا غالب فضلاء محلته فلما حضر البوريني
المجلسي رأى فيه البهائي بهيئة السياح وهو في صدر المجلس والجماعة
محدقون به وهم متأدبون غاية التأدب فعجب البوريني من ذلك وكان لا
يعرفه ولم يسمع به فلم يعبأ به ونحاه عن مجلسه وجلس غير ملتفت اليه
وشرع على عادته في بث دقائقه ومعارفه إلى أن صلوا العشاء ثم جلسوا
فابتدر البهاء في نقل بعض المناسبات واخذ في الأبحاث فأورد بحثا في
التفسير عويصا فتكلم عليه بعبارة سهلة فهمها الجماعة كلهم ثم دقق في
التعبير حتى لم يبق من يفهم ما يقول الا البوريني ثم أغمض في العبارة فبقي
الجماعة كلهم والبوريني معهم صموتا جمودا لا يدرون ما يقول غير أنهم
يسمعون تراكيب واعتراضات وأجوبة تأخذ بالألباب فعندها نهض البوريني
واقفا على قدميه فقال إن كان ولا بد فأنت البهاء الحارثي إذ لا أحد اليوم
بهذه المثابة الا هو فاعتنقا وأخذا بعد ذلك في ايراد أنفس ما يحفظان وسال
البهاء من البوريني كتمان امره وافترقا تلك الليلة ثم لم يقم البهاء فاقلع إلى
حلب. وذكر الشيخ أبو الوقاء العرضي في ترجمته قال: قدم مستخفيا في
زمن السلطان مراد بن سليم مغيرا صورته بصورة رجل درويش فحضر
درس الوالد الشيخ عمر وهو لا يظهر انه طالب علم حتى فرع من الدرس
فسأله عن أدلة تفضيل الصديق على المرتضي فذكر حديث ما طلعت
الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر وأحاديث غيره
فرد عليه ثم ذكر أشياء كثيرة تقتضي تفضيل المرتضي فشتمه الوالد وقال له
رافضي شيعي وسبه فسكت وما فعل ذلك الا لعجزه عن الجواب فعمد
إلى السفه والسباب لما أعيته الحجة في الجواب كما هي العادة قال: ثم إن
البهائي امر بعض تجار العجم ان يصنع وليمة ويجمع فيها بين الوالد وبينه
فاتخذ التاجر وليمة ودعاهما فأخبره ان هذا هو الملا بهاء الدين عالم بلاد
العجم فقال للوالد شتمتمونا فقال ما علمت انك الملا بهاء الدين ولكن
ايراد مثل هذا الكلام بحضور العوام لا يليق. اه‍ وهذا عذر أقبح من
الذنب فإنه إن كان ما اعترض به مستحقا لهذا الجواب فلا فرق بين ان
يكون الملا بهاء الدين أو رجلا من المساكين وان كان غير مستحق لهذا
الجواب فالمجيب مذموم ولو لم يكن المجاب بهاء الدين فهو بهذا العذر سجل
على نفسه انه ينظر إلى من قال لا إلى ما قال ويعرف الأقوال بالرجال لا
الرجال بالأقوال ويشتم اهل المسكنة ويتحامى اهل الجاه والأبهة وأبرد من
ذلك: العذر بان ايراد مثله لا يليق بحضور العوام فإن كان الدليل
يقتضيه يلزم ايراده بحضور العوام والخواص وإن كان الدليل لا يقتضيه
يلزم أيضا إيراده بحضور العوام ليعلموه عن دليل لا عن تقليد ولكن الحال
ظاهر في أن إثباته بالدليل غير مستطاع فيخشى من تغير عقيدة العوام ويلزم
بقاؤهم على التقليد بغير برهان.
قال: ولما سمع بقدومه اهل جبل بني عاملة تواردوا عليه أفواجا
فخاف ان يظهر امره فخرج من حلب، قال وسياق كلام العرضي يقتضي
ان دخوله إلى حلب كان بقصد الحج.
اعتقاد البهائي تشيع الرازي
ومما يحكى عن البهائي انه كان يعتقد تشيع الفخر الرازي صاحب
التفسير.
الحكايات عن البهائي في سياحته
واشتهرت عنه حكايات في سياحته منها ممكن الحصول ومنها مستبعد
أو ملحق بالخرافات فمن الأول انه مر في سياحته براع فبات عنده فقال
له الراعي يا درويش ادخل إلى داخل المراح ولا تبت خارجه فأبى البهائي
إذا كانت السماء صاحية وليس من شئ يدل على المطر فلما كان في أثناء
(٢٤١)

الليل أمطرت السماء مطرا عزيرا فدق عليه الباب ففتح له فقال أ لم أقل لك
لا تبت خارج المراح قال نعم ولكن هل عندك علم الغيب قال لا قال فمن
أين علمت ان السماء ستمطر قال عندي كلبة والدة فرأيتها أول الليل
أدخلت جراءها إلى المراح ومن عادتها انها إذا فعلت ذلك تمطر السماء.
هل للبهائي ذرية
لم يذكر أحد من المترجمين له ذرية وبعضهم يقول إنه كان عقيما وان
ذلك مما ساعده على السياحة ثلاثين سنة وان من كان له أولاد وعائلة لا
تطاوعه نفسه على فراقهم كل هذه المدة وعليه فما اشتهر من أن آل مروة
العامليين وهم بيت علم وفضل وتقوى وصلاح من ذريته غير صحيح
ويمكن ان يكون لهم به علاقة بالنسب من بعض الوجوه لا انهم من ذريته
والله أعلم.
حديث ان القلوب تمل كما تمل الأبدان واستفادة تلامذته منه أيام
التعطيل
عن السيد نعمة الله الجزائري أنه قال في كتابه المعروف بالمقامات في
مقام حثه على رعاية حال النفس وتحذيره الناس عن الارتكاب لموجبات
ملالها وإعياثها: يا أخي قال مولاك أمير المؤمنين ع ان هذه القلوب تمل
كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة وروي عن ابن عباس انه كان
يقول عند ملله سن دراسة العلم حمضونا حمضونا فيخوضون عند ذلك في
الأخبار والأشعار وقد حكى لي أوثق مشائخي ان تلامذة شيخنا البهائي
عطر الله مرقده كانوا يستفيدون منه يوم تعطيل الدروس أكثر من الدرس
لأنه كان يلقي عليهم يوم التعطيل من فنون العلم ونوادر الأخبار والأشعار
الفائقة والحكايات الرائقة ففيه الاستفادة لعلوم جديدة ونشاط واستعداد
لأيام الدرس وطلب العلم ولعل طرفا من الانبساط ونوعا من الحكايات
والمطايبات محصل للنشاط أيضا وقد يقع الملال أيضا في العبادات والمداومة
على نوع منها فينبغي التنقل في أنواع العبادات والطاعات حتى يحصل من
التنقل الاقبال على العبادة قال مولانا أمير المؤمنين ع ان للقلوب اقبالا
وادبارا فإذا أقبلت فاقبلوا على النوافل وإذا أدبرت فدعوها وقد استنبطت في
شرح تهذيب الحديث من هذا التحقيق وجها لطيفا لما وقع من النوافل
والأدعية المأثورة في جميع الأوقات خصوصا بين الصلاتين لا سيما المغرب
والعشاء فان ما بينهما من الوقت يضيق عما شرح فيه من الدعاء والعبادة ولا
يجوز التكليف بعبادة في وقت يضيق عنها كما قرر في الأصول.
عدم اشتهار الكتب في عصر مؤلفيها
ومما ذكره السيد نعمة الله في الكتاب المذكور: ان بعض الأفاضل من
اهل عصره صنف كتابا مفيدا لكنه لم يشتهر مع وفور مؤلفه فقيل له في ذلك
فقال كتابي هذا لم يشتهر لأن له عدوا فإذا ذهب اقبل الناس على كتابه فقيل
له من هذا العدو قال انا وكان الحال كما قال ثم ذكر ان بهاء الملة والدين لما
صنف كتابه شرح الأربعين حديثا أتى به بعض الطلبة إلى حضرة المحقق
المدقق جامع العلوم السيد محمد باقر الداماد فلما نظر فيه قال إن هذا العربي
رجل فاضل لكنه لما جاء في عصرنا لم يشتهر ولم يعد عالما آه ويبعد هذه
الحكاية أو ينفيها ما تواتر به النقل من اعتراف الداماد بفضل البهائي وانهما
كانا بغاية المصافاة والوداد وكانت بينهما خلطة تامة ومؤاخاة عجيبة قلما يوجد
مثلها بين متعاصرين وذلك مما يبعد معه أو يمتنع صدور مثل هذا الكلام من
الداماد الذي لو صح لكان قدحا في مقام الداماد مع اشتهاره بالتقوى
والفضل والسداد.
ما جرى للبهائي والداماد بصحبة الشاه عباس
ومما يحكى ان الشاه عباس ركب يوما إلى بعض متنزهاته وكان البهائي
والداماد في موكبه إذ كان لا يفارقهما غالبا وكان الداماد عظيم الجثة
والبهائي نحيفها فأراد الشاه ان يختبر صفاء الخواطر بينهما فقال للداماد وهو
راكب فرسه في مؤخرة الجمع وقد ظهرت عليه آثار الإعياء والتعب والبهائي
في مقدمة الجمع: يا سيدنا أ لا تنظر إلى هذا الشيخ كيف تقدم بفرسه ولم
يمش على وقار كما تمشي أنت فقال الداماد أيها الملك ان جواد الشيخ قد
استخفه الطرب بمن ركبه فهو لا يستطيع التأني ألا تعلم من الذي ركبه،
ثم قال للبهائي يا شيخنا أ لا تنظر إلى هذا السيد كيف أتعب مركبه بجثمانه
الثقيل والعالم ينبغي ان يكون مرتاضا مثلك خفيف المئونة فقال البهائي أيها
الملك ان جواد الشيخ أعيا بما حمل من علمه الذي لا يستطيع حمله الجبال
فعند ذلك نزل الشاه عن جواده وسجد لله شكرا على أن يكون علماء دولته
بهذا الصفاء فأكرم به من ملك كامل وسلطان عادل وأكرم بهما من عالمين
مخلصين. وحكايات ما وقع بينهما من المصافاة والمصادقة كثيرة وهكذا
يسعد الزمان وأهله بأمثال هؤلاء العلماء وهؤلاء الملوك.
نسبته إلى التصوف
عن السيد نعمة الله الجزائري التستري في كتاب المقامات عند ذكره
ان السيد المرتضى كان يترجل عند مروره بقبر أبي إسحاق الصابي تعظيما
لعلمه والمشهور ان الصابي مات على دين الصابئة أنه قال إن هذا التعظيم له
مما لا تسمح به النفس حذرا من قوله تعالى: يوادون من حاد الله. وهذه
المسامحة كانت أيضا في الشيخ الأجل بهاء الدين محمد طاب ثراه وذلك
حيث انك تراه يعظم كثيرا من الصوفية الأغوياء والملاحدة الأشقياء في جملة
من مؤلفاته ومنظوماته مثل قوله في حسين بن منصور الحلاج:
روابا شدانا الحق از درختي * جرابنود روا از نيك بختي
ولذلك كانت كل طائفة من طوائف المسلمين تنسبه إليها وسمعت
الشيخ الفاضل الشيخ عمر من علماء البصرة يقول إن بهاء الدين محمدا من
اهل السنة والجماعة الا انه كان يتقي من سلطان الرافضة، وكذلك
الملاحدة والصوفية والعشاق سمعت كل هؤلاء يقول إنه من اهل نحلتنا
ومن هذا كان شيخنا المعاصر أبقاه الله يعني محمد باقر المجلسي يزري
عليه بهذا وأمثاله وفيض الله التفريشي لم يوثقه في كتاب الرجال وان اثنى
عليه في العلم والحفظ وغير ذلك والحق انه ثقة معتمد عليه في النقل
والفتوى آه وفي اللؤلؤة ربما طعن عليه بالقول بالتصوف كما يتراءى من
بعض كلماته وأشعاره والحق في الجواب عن ذلك ما أفاده المحدث العلامة
السيد نعمة الله الجزائري التستري قدس سره وهو ان الشيخ المذكور كان
يعاشر كل فرقة وملة بمقتضى طريقتهم ودينهم وملتهم وما هم عليه قال
السيد المذكور فأظهرت له كتاب مفتاح الفلاح وكان معي فعجب من ذلك
وذكر جملة من الحكايات المؤيدة لما ذكره ثم استدل له بقوله في القصيدة
الآتية:
(٢٤٢)

واني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي * ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري
أخالط أبناء الزمان بمقتضى * عقولهم كيلا يفوهوا بنكار
وأظهر اني مثلهم تستفزني * صروف الليالي باحتلاء وامرار
قال وطعن عليه بعض مشائخنا المعاصرين وقال في الحاشية هو
المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني بان له بعض
الاعتقادات الضعيفة كاعتقاد ان المكلف إذ بذل جهده في تحصيل الدليل
فليس عليه شئ إذا كان مخطئا في اعتقاده ولا يخلد في النار وان كان
بخلاف اهل الحق قال وهو باطل قطعا لأنه على هذا يلزم ان يكون معتقدو
غير الحق من علماء اهل الضلال ورؤساء الكفار غير مخلدين في النار إذا
وصلت شبههم وعقائدهم إلى هذا الحد آه ثم رد عليه صاحب اللؤلؤة
بانا لا نسلم انهم بذلوا الجهد في تحصيل الدليل ولو بذلوه لوصلوا إلى الحق
غالبا.
قال المؤلف: لا شئ أعجب من نسبة مثل الشيخ البهائي أحد
اعلام الاسلام إلى التصوف المذموم اما التصوف الممدوح فعلى فرض ميله
اليه لا ذم فيه عليه وهو ينقل في كشكوله كثيرا من أشعار الصوفية وأحوالهم
ولعل من نسب اليه التصوف استفاده من أمثال ذلك. واما تعظيم المرتضى
للصابي بعد موته ان صح ذلك فلا حذر فيه من موادة من جاد الله إذ المنهي
عنه الموادة من حيث المحادة لما ان تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية،
اما الموادة لغرض صحيح فلا تتناولها الآية الكريمة، واما الحلاج المنسوب
إلى سوء العقيدة فلسنا نظن بمثل شيخنا البهائي تعظيمه ولعله لم يطلع على
فساد عقيدته أو لم يثبت عنده فسادها أو لم يصح عنه تعظيمه إياه. واما
معاشرته كل اهل نحلة بالحسنى بحيث يظنون انه منهم فهو يدل على علو
درجته واستحقاقه على صفات المدح. واما ازراء المجلسي عليه فلا نحتمله
من مثل المجلسي في مثل البهائي. واما عدم توثيق التفريشي له فالرجاليون
انما يهتمون بتوثيق رجال الحديث من أصحاب الأئمة ع الذين وقع
الكلام في وثاقتهم وعدمها لا بتوثيق مشاهير العلماء الذين وثاقتهم أشهر من
النور على الطور وليس التفريشي الذي يحتاج إلى توثيقة البهائي أعرف في
الوثاقة من البهائي ولا المحدث الجزائري الذي دغدغ أولا في وثاقته ثم
تفضل عليه بالشهادة بوثاقته والاعتماد عليه في النقل والفتوى يدانيه في علم
وفضل ووثاقة فضلا عن أن يحتاج إلى شهادته له واما طعن البحراني عليه في
قوله بمعذورية من بذلك جهده فكفى في رده كلام صاحب اللؤلؤة وما
أحق هؤلاء بقول القائل:
كضرائر الحسناء قلن لوجهها * حسدا وبغيا انه لدميم
والحاصل انه إذا تطرق الشك إلى وثاقة البهائي لم يبق ثقة في الدنيا
وما الوسوسة في وثاقة البهائي الا كالوسوسة في اعجاز القرآن وبلاغة نهج
البلاغة وشجاعة علي بن أبي طالب ع وكرم حاتم وشاعرية امرئ
القيس ووجود مكة المكرمة.
وللبهائي رحمه الله كلام معروف في مسالة الضد ذكره في زبدة
الأصول نفى فيه فائدة الخلاف فقال إن الأمر بالشئ لو لم يقتض النهي عن
ضده فهو يقتضي عدم الأمر بضده إذ لا يمكن الأمر بالضدين في آن واحد
فإذا كان الضد عبادة فسد لأن العبادة لا تصح بدون امر ويكفي في فسادها
عدم الأمر ولا يحتاج إلى النهي و لكن المتأخرين قالوا بامكان الأمر بالضدين
في وقت واحد أحدهما منجز والآخر معلق على عصيان الأول وهو الحق كما
حقق في محله.
لغز في علي
عمل الشيخ البهائي عليه الرحمة لغزا في اسم علي ع وكأنه أرسله
إلى والده وهو: يا ثقتي ورجائي ومن به في الدارين افتدائي استدعي منكم
الأخبار عن اسم عدد أفراده بعده لطائف الأركان ومن اجزائه عرق أبواب
الجنان ويذكرونه مع الله المنان في اوله بصيرة المخلوقات وثانيه تالي اسم
الذات وآخره أول مراتب العشرات ويحصل منه الايمان بالزبر والبينات أول
أفراده رأس العرب والعجم وآخر اجزائه مساو للاسم الأعظم صورته
بالاستعلاء موصوف ومسماه في السماوات والأرضين معروف وآخر آخره
صدر الحروف اوله مدار الدنيا وبآخره تتم العقبى ولولا وسطه لكان معه
وما ان نقص ثلاثة من ثلثه بقي ثلاثة وان زيد ثلاثة على ثلثه جعل ثلث
ثلاثة لولا اوله لكان رأس العمر مقطوعا وإن لم يكن آخر ثانيه واسطة العمر
لكان بقطعتين مكسولا من وجد بأوله نصيبا فقد كان غنيا ومن عري فلا
يرى من العيش نصيبا ولو كان اوله لآخرته لم يكن فقيرا آخره رأس اليقين
وبجزئي اوله يتم الدين الحروف مندرج بين جزئي آخره بالتمام وبآخره يبني
حروف كل كلام والسلام خير ختام.
مشائخه من علماء الشيعة
قرأ على أبيه الامام المحقق كما مر ويروي عنه قراءة وسماعا وإجازة
لجميع ما للإجازة فيه مدخل من سائر العلوم العقلية والنقلية لا سيما كتب
الحديث والتفسير والفقه من طرفنا وطرف العامة بحق روايته عن شيخنا
الامام قدوة المحققين الشهيد الثاني طاب ثراه حسبما ذكره في اجازته الطويلة
وقرأ أيضا في إيران على جماعة من الجهابذة كالمولى عبد الله اليزدي كما من
عن السلافة وعن رجال النيسابوري ان أساتيذه ورؤساء سلسلة أساتيذه
الذين اخذ عنهم الحديث وغيره بالقراءة وغيرها من علماء الإمامية وغيرهم
هم أيضا جماعة وفي روضات الجنات بعد نقل ذلك الا اني مهما تصفحت
كتب الإجازات والرجال لم أعثر على شيخ له في الرواية لأحاديث الشيعة الإمامية
ومصنفاتهم غير والده وأستاذه آه.
مشائخه من علماء اهل السنة
والسند المسلسل بالمحمدين
في اللؤلؤة: واما كتاب صحيح البخاري فنرويه بالاستناد عن
شيخنا البهائي قدس الله روحه عن محمد بن محمد بن محمد بن أبي
اللطف المقدسي عن أبيه محمد بن محمد عن شيخه كما الدين محمد بن أبي
الشريف المقدسي عن أبي الفتح محمد بن أبي بكر عن أبي الحسين محمد
المراغي عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل القرشيدي عن السيد أبي
عبد الله محمد ابن سيف الدين قليج بن كيكذي العلائي عن قاضي القضاة
أبي عبد الله محمد بن مسلم بن محمد بن مالك الحنبلي عن أبي عبد الله
محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي عن أبي طاهر محمد بن عبد
الواحد البزاز عن محمد بن أحمد بن حمدان عن محمد بن اليتم عن محمد بن
يوسف الغريري عن محمد بن إسماعيل البخاري بكتابه المذكور وجميع
مصنفاته إلى أن قال في اللؤلؤة: وهذا السند من غريب الأسانيد باتفاق
(٢٤٣)

كون رجاله كلهم من المحمدين ويمكن تتميمه من اوله بطريقنا إلى الشيخ
محمد بن يوسف بن كتبار البحراني عن الشيخ محمد بن ماجد البحراني عن
الآخوند المولى محمد باقر المجلس عطر الله مرقده عن والده المولى محمد تقي
قدس سره عن شيخنا محمد بن الحسين البهائي زاده الله تعالى مع هؤلاء
المذكورين بل جملة علمائنا الصالحين بهاء وشرفا.
تلامذة
١ السيد حسن ابن السيد حيدر الكركي ٢ نظام الدين محمد
القرشي صاحب نظام الأقوال في أحوال الرجال والظاهر أنه نظام بن حسين
الساوجي الذي أتم الأبواب العشرين من الجامع العباسي بعد وفاة شيخه
البهائي بامر الشاه عباس الصفوي ٣ الشيخ نجيب الدين علي بن
محمد بن مكي العاملي الجبيلي ثم الجبعي ٤ الفاضل الجواد البغدادي
شارح الزبدة لشيخه المذكور ٥ السيد ماجد البحراني ٦ ملا محسن
الفيض الكاشاني كما يظهر من مفتتح كتابه الوافي ٧ السيد الآميرزا رفيع
الدين النائيني ٨ المولى شريف الدين محمد الروي دشتي ٩ المولى
خليل بن غازي القزويني ١٠ المولى محمد صالح بن أحمد المازندراني
١١ الشيخ زين الدين ابن الشيخ محمد ابن صاحب المعالم ١٢ المولى
حسن علي بن المولى عبد الله الشوشتري شيخ رواية المجلسي الأول محمد
تقي ١٣ الشيخ محمد بن علي العاملي التتبنيني ١٤ المولى مظفر الدين
علي الذي كتب رسالة في أحوال شيخه البهائي ١٥ الشيخ محمود بن
حسام الدين الجزائري الذي يروي عنه الشيخ فخر الدين الطريحي صاحب
مجمع البحرين ١٦ الشيخ زين الدين علي بن سليمان بن درويش بن
حاتم القدمي البحراني وكان قبل تلمذه على البهائي يقرأ عند الشيخ
محمد بن حسن رجب المقابي البحراني ولما رجع من خدمة البهائي جعل
الشيخ محمد المذكور يقرأ عليه فعوتب على ذلك فقال إنه قد فاق علي وعلى
غيري مما اكتبه من علم الحديث آه وفيه أيضا دلالة على فضل البهائي
المكتسب منه ١٧ المجلسي الأول محمد تقي ١٨ الشيخ إبراهيم بن
إبراهيم العاملي البازوري نزيل المشهد المقدس ١٩ الشيخ عبد
اللطيف بن أبي جامع العاملي يروي عنه بالإجازة ويمكن ان يكون في الباقين
هو كذلك.
ومن تلاميذه سلطان العلماء السيد حسين الحسيني المرعشي صاحب
الحواشي على الروضة والمعالم وزير الشاه عباس وله منه إجازة، صرح به في
الرياض وجامع الرواة وغيرها.
مؤلفاته
التفسير
١ مشرق الشمسين وإكسير السعادتين جمع في آيات الاحكام
وشرحها والأحاديث الصحاح وشرحها خرج من كتاب الطهارة لا غير نحو
٤٠٠ حديث مطبوع. ٢ العروة الوثقى في تفسير القرآن خرج منه تفسير
الفاتحة لا غير ٣ حاشية على تفسير القاضي البيضاوي جيدة نفيسه أحسن
ما كتب على هذا التفسير، قاله تلميذه السيد حسين الكركي ٤ حواشي
الكشاف لم تتم ٥ التفسير الموسوم بعين الحياة.
الحديث
٥ الحبل المتين في احكام الدين في الأحاديث الصحاح والحسان
والموثقات خاصة وشرحها شرحا لطيفا وجمع بين متعارضاتها خرج منه كتاب
الطهارة لا غير في مجلد واحد فيه ألف حديث وزيادة يسيرة لم يتم، مطبوع
٦ شرح الأربعين حديثا قال تلميذه الكركي لم يصنف مثله، مطبوع عدة
طبعات ٧ حاشية الفقيه لم تتم.
الدراية
٨ رسالة في الدراية مختصرة مطبوعة.
الرجال
٩ حاشية على خلاصة العلامة مختصرة ١٠ فوائد في الرجال.
العبادة والدعاء
١١ مفتاح الفلاح في عمل اليوم والليلة مطبوع عدة طبعات ومنها
الطبعة المصرية ولنا عليها بعض الحواشي ١٢ حدائق المقربين أو حدائق
الصالحين في شرح الصحيفة السجادية مطبوع وسمي شرح كل دعاء باسم
حديقة فسمي شرح دعاء الهلال بالحديثة الهلالية وكذا غيره، وعليه فما
ذكره المترجمون من أن له الحديثة الهلالية وحدائق المقربين وشرح دعاء
الصباح وشرح دعاء رؤية الهلال من الصحيفة ليس في محله، نعم الظاهر أن
شرح الصحيفة لم يتم.
الفقه
١٣ الجامع العباسي صنفه للشاه عباس الصفوي خرج منه إلى آخر
كتاب الحج، مطبوع ١٤ الاثنا عشريات الخمس في الطهارة والصلاة
والزكاة والصوم والحج مرتبة على اثني عشر في كل أبوابها وفصولها ومطالبها
١٥ رسالة في استحباب السورة ردا على بعض معاصريه لكنه رجع عنه
أخيرا ١٦ رسالة في قصر الصلاة واتمامها في الأماكن الأربعة ١٧ شرح
اثني عشرية صاحب المعالم ١٨ حواش على مختلف العلامة ١٩ رسالة في
المواريث ٢٠ رسالة في ذبائح أهل الكتاب ٢١ شرح الفرائض النصيرية
للمحقق الطوسي لم يتم ٢٢ رسالة الكر ٢٣ رسالة القبلة ٢٤ رسالة
في احكام سجود التلاوة.
الأصول
٢٥ الزبدة مطبوع وشرحه الشيخ جواد الكاظمي المعروف بالفاضل
والشرح كالأصل مشهوران ٢٦ لغز الزبدة ٢٧ حواش على قواعد
الشهيد ٢٨ حواشي الزبدة ٢٩ حاشية شرح العضدي على مختصر
الأصول ٣٠ شرح شرح الرومي على الملخص ذكره في الحديقة الهلالية.
النحو
٣١ الفوائد الصمدية صنفها لأخيه عبد الصمد يدرسها الإيرانيون
ومطبوعة ٣٢ تهذيب البيان.
البيان
٣٣ حاشية على المطول لم تتم.
(٢٤٤)

الحساب
٣٤ خلاصة الحساب لم يصنف مثلها مطبوعة في إيران وغيرها عدة
طبعات ومترجمة إلى لغات أجنبية منها الألمانية وكانت العادة ان تدرس في
المدارس الدينية في العراق وغيرها في شهور التعطيل ٣٥ بحر الحساب.
علم الهيئة
٣٦ تشريح الأفلاك مع حواشيه مختصر مطبوع والظاهر أنه فارسي
٣٧ الأسطرلاب كبير بالعربية سماه الصفيحة ٣٨ أسطرلاب آخر
بالفارسية سماه التحفة الحاتمية ٣٩ رسالة في نسبة أعظم الجبال إلى قطر
الأرض ٤٠ رسالة في أن أنوار الكواكب مستفادة من الشمس ٤١ رسالة
في حل اشكالي عطارد والقمر.
الحكمة
٤٢ الرسالة الموسومة بالجوهر الفرد ذكرها في الكشكول وذكر فيها
دليلا على ابطال تركيب الجسم من الاجزاء التي لا تتجزأ.
التاريخ والأدب
٤٣ توضيح المقاصد فيما اتفق في أيام السنة ٤٤ المخلاة جمع فيها
فوائد وطرائف من كل فن بدون ترتيب مطبوعة بمصر ٤٥ الكشكول
صنفه بعد المخلاة وجمع فيه من كل فن بدون ترتيب تشبيها له بكشكول
الدراويش الذي يجمعون فيه من كل طعام وقد صار كل كتاب بعده بهذا
الوصف يسمى الكشكول وان كان له اسم غير ذلك ككشكول البحراني
وكل من جمع أصنافا من علوم شتى يسمى مجموعة بالكشكول وجمع جماعة
كتبا سموها بنحو هذا الاسم مثل بيدر الفلاح وسفينة نوح وقد اشتهر
الكشكول بين الناس اشتهارا عظيما وطبع في مصر مرارا كثيرة وطبع في
إيران لكن الظاهر أن الطبعة الإيرانية تزيد عن المصرية وبعضهم يتوهم ان
الكشكول جمعه في وقت سياحته وليس كذلك كما يظهر من خطبته. وقد
ترجم الكشكول إلى الفارسي برغبة أحد ملوك الهند المغول ولو كان دون
جميع مشاهداته وما جرى له في سياحته لكانت من أنفس وامنع ما كتب
٤٦ سوانح سفر الحجاز كتاب من شعره وانشائه أكثره بالفارسية
٤٧ نان وحلوى اي خبز وحلوى كتاب شعر بالفارسية ظريف
٤٨ ديوان شعره بالعربية والفارسية، في الأمل جمع شعره ولدي محمد
رضا الحر فصار ديوانا لطيفا.
أجوبة المسائل
٤٩ جواب مسائل الشيخ صالح بن حسن الجزائري اثنتان
وعشرون مسالة مشهورة ٥٠ جواب ثلاث مسائل أخرى عجيبة
٥١ جواب المسائل المدنيات. إلى غير ذلك من الرسائل وأجوبة المسائل
٥٢ حواشي شرح التذكرة.
استدراك على مؤلفاته
يضاف إلى أسماء مؤلفاته المتقدمة ما يلي:
١ حاشية على نتائج الأفكار للسيد إبراهيم الحائري في الأصول
٢ حاشية على مبادئ الأصول للعلامة الحلي ٣ شرح الشافية في
الصرف ٤ حاشية على شرح الكافية للجامي في النحو ٥ هداية العوام
رسالة عملية في الفقه ٦ تشييد الأذهان معرب عين الحياة للمجلسي
٧ رسالة في مقتل الحسين ع.
شعره
له شعر كثير بالعربية والفارسية فمن شعره قصيدته التي يمدح بها
صاحب الزمان وسماها وسيلة الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان كما في
شرح المنيني عليها وبعضهم يقول اسمها روح الجنان كما في ديوان الشيخ
جعفر الخطي وهي التي شرحها الشيخ أحمد بن علي المنيني الدمشقي بطلب
السيد محمد هاشم قاضي دمشق الشام وطبعت مع شرحها في آخر
الكشكول وأولها:
سرى البرق من نجد فهيج تذكاري * عهودا بحزوى والعذيب وذي قار
وهيج من أشواقنا كل كامن * وأجج في أحشائنا لاعج النار
الا يا لييلات الغوير وحاجر * سقيت بهام من بني المزن مدرار
ويا جيرة بالمازمين خيامهم * عليكم سلام الله من نازح الدار
خليلي ما لي والزمان كأنما * يطالبني في كل وقت بأوتار
فأبعد أحبابي وأخلي مرابعي * وأبدلني من كل صفو بأكدار
وعادل بي من كان أقصى مرامه * من المجد ان يسمو إلى عشر معشاري
أ لم يدر اني لا أذل لخطبه * وان سامني بخسا وأرخص أسعاري
مقامي بفرق الفرقدين فما الذي * يؤثره مسعاه في خفض مقداري
واني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي * ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري
أخالط أبناء الزمان بمقتضى * عقولهم كي لا يفوهوا بإنكار
وأظهر اني مثلهم تستفزني * صروف الليالي باحتلاء وامرار
واني ضاوي القلب مستوفز النهي * أسر بيسر أو آمل باعسار
ويضجرني الخطب المهول لقاؤه * ويطربني الشادي بعود ومزمار
ويصمي فؤادي ناهد الثدي كاعب * بأسمر خطار وأحور سحار
وانس يخي بالدموع يوقفه * على طلل بال ودارس أحجار
وما علموا اني امرؤ لا يروعني * توالي الرزايا في عشي وأبكار
إذ دك طود الصبر من وقع حادث * فطود اصطباري شامخ غير منهار
وخطب يزيل الروع أيسر وقعه * كؤود كوخز بالأسنة سعار
تلقيته والحتف دون لقائه * بقلب وقور في الهزاهز صبار
ووجه طليق لا يمل لقاؤه * وصدر رحيب من ورود وإصدار
ولم أبده كي لا يساء لوقعه * صديقي ويأسي من تعسره جاري
ومعضلة دهماء لا يهتدى لها * طريق ولا يهدى إلى ضوئها الساري
تشيب النواصي دون حل رموزها * ويحجم عن أغوارها كل مغوار
أجلت جياد الفكر في حلباتها * ووجهت تلقاها صوائب انظاري
فأبرزت من مستورها كل غامض * وثقفت منها كل قسور سوار
أ أضرع للبلوى وأغضي على القذى * وأرضى بما يرضى به كل مخوار
وأفرح من دهري بلذة ساعة * واقنع من عيشي بقرص وأطمار
إذ لا ورى زندي ولا عز جانبي * ولا بزغت في قمة المجد أقماري
ولا بل كفي بالسماح ولا سرت * بطيب أحاديثي الركاب وأخباري
ولا انتشرت في الخافقين فضائلي * ولا كان في المهدي رائق أشعاري
خليفة رب العالمين وظله * على ساكني الغبراء من كل ديار

(١) النهى يكون مفردا أو جمعا - المؤلف -
(٢٤٥)

هو العروة الوثقى الذي من بذيله * تمسك لا يخشى عظائم أوزار
امام هدى لاذ الزمان بظله * والقى اليه الدهر مقود خوار
ومقتدر لو كلف الصم نطقها * بأجذارها فاهت اليه بأجذار
علوم الورى في جنب أبحر علمه * كغرفة كف أو كغمسة منقار
فلو زار أفلاطون أعتاب قدسه * ولم يعشه عنها سواطع أنوار
رأى حكمة قدسية لا يشوبها * شوائب انظار وأدناس أفكار
باشراقها كل العوامل أشرقت * لما لاح في الكونين من نورها الساري
امام الورى طود النهى منبع الهدى * وصاحب سر الله في هذه الدار
به العالم السفي يسمو ويعتلي * على العالم العلوي من غير انكار
ومنه العقول العشر تبغي كمالها * وليس عليها في التعلم من عار
همام لو السبع الطباق تطابقت * على نقض ما يقضيه من حكمه الجاري
لنكس من أبراجها كل شامخ * وسكن من أفلاكها كل دوار
ولانتثرت منها الثوابت خيفة * وعاف السرى في سورها كل سيار
أ يا حجة الله الذي ليس جاريا * بغير الذي يرضاه سابق أقدار
ويا من مقاليد الزمان بكفه * وناهيك من مجديه خصه الباري
أغث حوزة الايمان واعمر ربوعه * فلم يبق منها غير دارس آثار
وأنقذ كتاب الله من يد عصبة * عصوا وتمادوا في عتو واصرار
يحيدون عن آياته لرواية * رواها أبو شعيون عن كعب الأحبار
وفي الدين قد قاسوا وعاثوا وخبطوا * بآرائهم تخبيط عشواء معسار
وانعش قلوبا في انتظارك قرحت * وأضجرها الأعداء اية اضجار
وخلص عباد الله من كل غاشم * وطهر بلاد الله من كل كفار
وعجل فداك العالمون بأسرهم * وبادر على اسم الله من غير انظار
تجد من جود الله خير كتائب * وأكرم أعوان وأشرف أنصار
بهم من بني همدان أخلص فتية * يخوضون أغمار الوغى غير فكار
بكل شديد البأس عبل شمر دل * إلى الحتف مقدام على الهول صبار
تحاذره الأبطال في كل موقف * وترهبه الفرسان في كل مضمار
أيا صفوة الرحمن دونك مدحة * كدر عقود في ترائب ابكار
يهن ابن هان ان أتى بنظيرها * ويعنو لها الطائب من بعد بشار
إليك البهائي الحقير يزفها * كغانية مياسة القد معطار
تغار إذا قيست لطافة نظمها * بنفحة أزهار ونسمة أسحار
إذا رددت زادت قبولا كأنها * أحاديث تجد لا تمل بتكرار
ويقال ان السيد محمد باقر الداماد كتب إلى الشيخ البهائي بهذين
البيتين بالفارسية:
اي شروه حقيقت اي كان سخا * در مشكل أين حرف جوابي فرما
كوثى كه خدا بود ديگر هيج نبود * جون هيج بنود بس كجا بود خدا
فأجابه الشيخ البهائي بقوله.
اي صاحب مساله تو بشنو زا ما * تحقيق بدان كه لا مكان است خذا
خواهي كه أ كشف شود أين معنى * جان در تن تو بگو كجا دارد كجا
وعن السيد نعمة الله الجزائري في كتاب المقامات ان الشيخ
صالح بن حسن الجزائري صاحب المسائل المشهورة التي سال عنها البهائي
كتب اليه ما قول سيدي وسندي ومن عليه بعد الله وأهل البيت معتمدي في
هذه الأبيات لبعض النواصب فالمأمول من أنفاسكم الفاخرة وألطافكم
الظاهرة ان تشرفوا خادمكم بجواب منظوم عنها نصر الله بكم الاسلام
بمحمد وآله الكرام ع وذكر الأبيات الرائية الثلاثة التي أولها
أهوى عليا أمير المؤمنين ولا قال فأجابه الشيخ بهاء الدين محمد طاب
ثراه: الثقة بالله وحده التمست أيها الأخ الأفضل الصفي الوفي الألمعي
الزكي الذكي أطال الله بقاءك وأدام في معارج العز ارتقاءك الإجابة عما هذر
به هذا المخذول فقابلت التماسك بقابول وطفقت أقول يا أيها المدعي حب
الوصي ولم ثم أورد اثني عشر بيتا تركنا ذكرها ولكن الأبيات الراثية الثلاثة
المذكورة منسوبة إلى الكميت ولها خبر معروفة من انه أثبت الذنب واحتمل
العذر فكيف نسبها الشيخ صالح إلى غيره وكيف خفي ذلك على البهائي
مع سعة اطلاعه؟!.
وله وقد رأى النبي ص في منامه:
وليلة كان بها طالعي * في ذروة السعد وأوج الكمال
قصر طيب الوصل من عمرها * فلم تكن الا كحل العقال
واتصل الفجر بها بالعشا * وهكذا عمر ليالي الوصال
إذ اخذت عيني في نومها * وانتبه الطالع بعد الوبال
لزرته في الليل مستعطفا * أفديه بالنفس وأهلي ومال
أشكو له ما انا فيه من * البلوى وما ألقاه من سوء حال
فأظهر العطف على عبده * بمنطق يزري بنظم اللآل
فيا لها من ليلة نلت في * ظلامها ما لم ينل في خيال
أمست خفيفات مطايا الرجا * بها وأضحت بالعطايا ثقال
سقيت في ظلمائها خمرة * صافية صرفا طهورا حلال
وابتهج القلب باهل الحمى * وقرت العين بذاك الجمال
ونلت ما نلت على انني * ما كنت استوجب ذاك النوال
وقال يرثي والده الشيخ حسين بن عبد الصمد وقد توفي بالمصلى من
قرى البحرين سنة ٩٨٤.
قف بالطول وسلها أين سلماها * ورو من جرع الأجفان جرعاها
وردد الطرف في أطراف ساحتها * وارج الروح من أرواح أرجاها
فان يفتك من الاطلال مخبرها * فلا يفوتنك مرآها ورياها
ربوع فضل تباهي التبر تربتها * ودار انس تحاكي الدر حصباها
عدا على جيرة حلوا بساحتها * صرف الزمان فأبلاهم وأبلاها
بدور ثم غمام الموت جللها * شموس فضل سحاب الترب غشاها
فالمجد يبكي عليها جازعا أسفا * والدين يندبها والفضل ينعاها
يا حبذا أزمن في ظلهم سلفت * ما كان أقصرها عمرا وأحلاها
أوقات عمر قضيناها فما ذكرت * الا وقطع قلب الصب ذكراها
يا جيرة هجروا فاستوطنوا هجرا * واها لقلب المعنى بعدكم واها
رعيا لليلات وصل بالحمى سلفت * سقيا لأيامنا بالخيف سقياها
لفقدكم شق جيب الصبر وانصدعت * أركانه وبكم ما كان أقواها
وخر من شامخات العلم ارفعها * وانهد من باذخات الحلم أرساها
يا ثاويا بالمصلى من قرى هجر * كسيت من حلل الرضوان أضفاها
أقمت يا بحر بالبحرين فاجتمعت * ثلاثة كن أمثالا وأشباها
ثلاثة أنت أسداها وأغزرها * جودا وأعذبها طعما وأحلاها
حويت من درر العلياء ما حويا * لكن درك أعلاها وأغلاها
يا أخمصا وطئت هام السهى شرفا * سقاك من ديم الوسمي أسماها
ويا ضريحا علا فوق السماك علا * عليك من صلوات الله أزكاها
(٢٤٦)

فيك انطوى من شموس الفضل آخرها * ومن معالم دين الله أسناها
ومن شوامخ إطواد الفتوة أرساها * وارفعها قدرا وأنهاها
فاسحب على الفلك العلوي ذيل علا * فقد حويت من العلياء أعلاها
عليك مني سلام الله ما صدحت * على غصون أراك الدوح ورقاها
ومن شعره قوله:
ان هذا الموت يكرهه * كل من يمشي على الغبرا
وبعين العقل لو نظروا * لرأوه الراحة الكبرى
وقوله:
وثورين حاطا بهذا الورى * فثور الثريا وثور الثرى
وهم فوق هذا ومن تحت ذاك * حمير مسرحة في قرى
وقوله:
ومائسة الأعطاف تستر وجهها * بمعصمها الله كم هتكت سترا
أرادت لتخفي فتنة من جمالها * بمعصمها فاستأنفت فتنة أخرى
وقوله:
وثقت بعفو الله عني في غد * وإن كنت أدري انني المذنب العاصي
وأخلصت حبي في النبي وآله * كفى في خلاصي يوم حشري اخلاصي
وقوله في الشوق إلى لثم عتبة سيد الأنبياء ص:
للشوق إلى طيبة جفني باكي * لو أن مقامي فلك الأفلاك
يستحقر من مشى إلى روضتها * المشي على أجنحة الأملاك
وله دو بيت قاله ليكتب على المكان الذي امر ببنائه في النجف
الأشرف لحفظ نعال الزوار:
هذا الأفق المبين قد لاح لديك * فاسجد متذللا وعفر خديك
ذا طور سينين فاخضع الطرف به * هذا حرم العزة فاخلع نعليك
وقوله وأرسلها إلى خدام حرم مولانا الحسين ع:
يا سعد إذا جزت ديار الأحباب * وقت السحر
قبل عني تراب تلك الأعتاب * واقض وطري
ان هم سألوا عن البهائي فأنطق * رؤيا النظر
قد ذاب من الشوق إليكم قد ذاب * هذا خبري
وقوله في التشوق إلى زيارة مولانا الرضا ع:
ان جئت اقص قصة الشوق لديك * ان جئت إلى طوس قبا لله عليك
قبل عني ضريح مولاي وقل * قد مات بهاثيك بالشوق إليك
وقوله:
في يثرب والغري والزوراء * في طوس وكربلا وسامراء
لي أربعة وعشرة وهم ثقتي * في الحشر وهم حسيني من أعدائي
وقوله:
يا رب اني مذنب خاطئ * مقصر في صالحات القرب
وليس لي من عمل صالح * أرجوه في الحشر لدفع الكرب
غير اعتقادي حب خير الورى * وآله والمرء مع من أحب
وقوله عن لسان اهل الحال من الصوفية:
انا الفقير المعني * ذو رقة وحنين
للناس طرا خدوم * إذا هم استخدموني
يعلو مقامي قدرا * إذا هم لمسوني
ولست أسلو هواهم * يوما ولو قطعوني
هذا ومن سوء حظي * وحسرتي وشجوني
ان لست أذكر الا * عقيب رفع الصحون
وله دو بيت:
يا بدر دجى خياله في بالي * مذ فارقني وزاد في بلبالي
أيام نواك لا تسل كيف مضت * والله مضت بأسوء الأحوال
وله:
يا عاذل كم تطيل في اتعابي * دع لومك وانصرف كفاني ما بي
لا لوم إذا أهيم بالشوق فلي * قلب ما ذاق فرقة الأحباب
وله:
كم بت من المسا إلى الإشراق * في فرقتكم ومطربي أشواقي
والهم منادمي ونقلي سهري * والدمع مدامتي وجفني الساقي
وكتب إلى والده بهراة من قزوين سنة ٩٨١:
بقزوين جسمي وروحي ثوت * بأرض الهرات وسكانها
فهذا تغرب عن اهله * وتلك أقامت بأوطانها
وكتب اليه شيخ الاسلام الشيخ عمر المفتي بالقدس الشريف أبياتا في
بعض الأغراض فأجابه بهذه الأبيات ملغزا فيها باسم مدينة القدس.
يا أيها المولى الذي قد غدا * في الخلق والخلق عديم المثال
وحل من شامخ طود العلي * في ذروة المجد وأوج الكمال
وعطر الكون بمنظومة * نظامها يزري بعقد اللآل
كأنها بكر بألحاظها * سحر به تسلب لب الرجال
وروضة ممطورة مر في * أرجائها صبحا نسيم الشمال
لو لم يكن أسكرني لفظها * لقلت حقا هي سحر حلال
يا سادة فاقوا الورى عبدكم * أحقر من أن تخطروه ببال
أرضعتموه در ألفاظكم * وما له عن ودكم من فصال
ومذ أناخ الركب في أرضكم * سلا عن الأهل وعم وخال
أنتم بنو اللطف وألطافكم * على الورى ما برحت في اتصال
في قمة الفضل لكم منزل * ما مر في وهم ولا في خيال
وعبدكم أعجزه مدحكم * فصار باللغز يطيل المقال
سا سيدا قد حاز من سائر * الفنون حظا وافرا لا ينال
ما بلدة أولها سورة * بل جبل صعب بعيد المنال
وما سوى آخرها قد غدا * اسما وفعلا وهو حرف يقال
وقلبه فعل واسم لما * يصير منه الجسم مثل الخلال
وغيرها ان ينتقص نصفه * من صدرها فهو طعام خلال
وما سوى أولها قلبه * امر به كل جميل الخصال
وقلبها ان زال نصف له * يصير ما قلبي غدا منه غال
وان تزده النصف منه يكن * حاجب من يرمي لقلبي نبال
مولاي ان العبد من شعره * في خجل متصل وانفعال
قال يراعي حين كلفته * تحرير هذا الهذر ما ذا الخبال
يقابل الدر بهذا الحصى * لا شك في عقلك بعض اختلال
فأجابه الشيخ عمر المذكور بهذه الأبيات:
(٢٤٧)

حلت وقد حيت برفع النقاب * وابتسمت عن نظم در الحباب
وأسفرت إذ ما بدت تنجلي * فخلت بدرا قد بدا من سحاب
تمايست عجبا ومالت قنا * وعطرت بالطيب تلك الرحاب
وأسرعت نحوي وقد أبدعت * وأودعت سمعي لذيذ الخطاب
وأرشفتني من لمى لفظها * فرحت سكران بغير الشراب
مستغرقا في بحر ألفاظها * كأنني مما عراني مصاب
وليس ذا مستغربا حيثما * أبرزها بحر خضم عباب
فيا امام النظم أكرتني * بهذه الغادة عصر الشباب
ألغزت يا مولاي في بلدة * قدامها الداعي بنص الكتاب
مضافها الروح بلا شبهة * مطهر من دنس الارتياب
إذا أزلت القلب من لفظها * فهي فصيح العرب لب اللباب
وان تزدها واحدا تلفها * سفينة تجري بما يستطاب
كذاك ان زدت إلى قلبها * واوا تجد اسما لمولي الثواب
عساك ان جئت إلى حيها * تقدس الذات وتنفي الشواب
وتشرح الصدر بما صغته * من در لفظ ومعان عذاب
فأسلم ودم في نعمة ملغزا * في بلد القدس رفيع الجناب
وكتب في آخر هذه الأبيات هذا المصراع ودامت معاليك ليوم
الحساب وله مضمنا المصراع المشهور للجامي فاح ريح الصبا وصاح
الديك:
يا نديمي بمهجتي أفديك * قم وهات الكؤوس من هاتيك
هاتها هاتها مشعشعة * أفسدت نسك ذي التقى النسيك
قهوة ان ضللت ساحتها * فسنا ضوء كأسها يهديك
يا كليم الفؤاد داو بها * قلبك المبتلى لكي تشفيك
هي نار الكليم فاجتلها * واخلع النعل واترك التشكيك
صاح ناهيك بالمدام قدم * في احتساها مخالفا ناهيك
عمرك الله قل لنا كرما * يا حمام الأراك ما يبكيك
أ ترى غاب عنك اهل منى * بعد ما قد توطنوا واديك
ان لي بين ربعم رشا * طرفه ان تمت أسى يحييك
ذا قوام كأنه غصن * ماس لما بدا به التحريك
لست أنساه إذ أتى سحرا * وحده وحده بغير شريك
طرق الباب خائفا وجلا * قلت من قال من يرضيك
قلت صرح فقال تجهل من * سيف ألحاظه تحكم فيك
بات يسقي وبت اشربها * قهوة تترك المقل مليك
ثم جاذبته الرداء وقد * خامر الخمر طرفه الفتيك
قال لي ما تريد قلت له * يا مني القلب قبلة من فيك
قال خذها فمذ ظفرت بها * قلت زدني فقال لا وأبيك
ثم وسدته اليمين إلى * ان دنا الصبح قال لي يكفيك
قلت مهلا فقال قم فلقد * فاح ريح الصبا وصاح الديك
وله:
يا ساحرا بطرفه * وظالما لا يعدل
أخربت قلبي عامدا * كذا يراعى المنزل
وله وقد أشرف على مدينة سر من رأى:
أسرع السير أيها الحادي * ان قلبي إلى الحمى صادي
وإذا ما رأيت من كثب * مشهد العسكري والهادي
فالثم الأرض خاضعا فلقد * نلت والله خير اسعاد
وإذا ما حللت ناديهم * يا سقاه الاله من نادي
فاغضض الطرف خاضعا ولها * واخلع النعل انه الوادي
وله وقد أشرف على المشهد الأقدس الرضوي:
هذه قبة مولاي * بدت كالقبس
فاخلع النعل فقد * جزت بوادي القدس
وأورد في الكشكول ما صورته: رثى السيد الأجل والد جامع
الكتاب ولم يذكر من هو هذا السيد الأجل بقصيدة مطلعها:
جارتي كيف تحسنين ملامي * أيداوي كلم الحشى بالكلام
وطلب منه القول على طرزها فقال مشيرا إلى بعض ألقابه الشريفة:
خلياني بلوعتي وغرامي * يا خليلي واذهبا بسلام
قد دعاني الهوى ولباه لبي * فدعاني ولا تطيلا ملامي
ان من ذاق نشوة الحب يوما * لا يبالي بكثرة اللوام
خامرت خمرة المحبة عقلي * وجرت في مفاصلي وعظامي
فعلى الحلم والوقار صلاة * وعلى العقل ألف ألف سلام
هل سبيل إلى وقوفي بوادي * الجزع يا صاحبي أو المامي
أيها السائل الملح إذا ما * جئت نجدا فعج بوادي الخزام
وتجاوز عن ذي المجاز وعرج * عادلا عن يمين ذاك المقام
وإذا ما بلغت حزوي فبلغ * جيرة الحي يا أخي سلامي
وانشدن قلبي المعنى لديهم * فلقد ضاع بين تلك الخيام
وإذا ما رثوا لحالي فسلهم * ان يمنوا ولو بطيف منام
يا نزولا بذي الأراك إلى كم * تنقضي في فراقكم أعوامي
ما سرت نسمه ولا ناح في الدوح * حمام الا وحان حمامي
أين أيامنا بشرقي نجد * يا رعاها الا له من أيام
حيث غصن الشباب غض وروض * العيش قد طرزته أيدي الغمام
وزماني مساعدي وأيادي اللهو * نحو المنى تجر زمامي
أيها المرتقي ذرى المجد فردا * والمرجى للفادحات العظام
يا خليف العلى الذي جمعت فيه * مزايا تفرقت في الأنام
نلت في ذروة الفخار محلا * عسر المرتقى عزيز المرام
نسب طاهر ومجد أثيل * وفخار عال وفضل سامي
قد قرنا مقالكم بمقال * وشفعنا كلامكم بكلام
ونظمنا الحصى مع الدر في سمط * وقلنا العبير مثل الرغام
لم أكن مقدما على ذا ولكن * امتثالا لأمركم اقدامي
عمرك الله يا نديمي انشد * جارتي كيف تحسنين ملامي
وله متسليا به من طول الإقامة بقزوين:
قد اجتمعت كل الفلاكات في الأرض * فقوموا بنا نعدو فقوموا بنا نعدو
فمختلطات الهم فيها كثيرة * فليس لها رسم وليس لها حد
وأشكال آمالي أراها عقيمة * ومعكوسة فيها قضاياي يا سعد
فمن قلة التمييز حالي تسيئني * وفعلي معتل وهمي ممتد
ومن شعره قوله:
الا يا خائضا بحر الأماني * هداك الله ما هذا التواني
(٢٤٨)

أضعت العمر عصيانا وجهلا * فمهلا أيها المغرور مهلا
مضى عصر الشباب وأنت غافل * وفي ثوب العمى والغي رافل
إلى كم كالبهائم أنت هائم * وفي وقت الغنائم أنت نائم
وطرفك لا يرى الا طموحا * ونفسك لم تزل ابدا جموحا
وقلبك لا يفيق عن المعاصي * فويلك يوم يؤخذ بالنواصي
بلال الشيب نادى في المفارق * بحي على الذهاب وأنت غارق
ببحر الاثم لا تصغي أواعظ * وان أطرى وأطنب في الموعظ
وقلبك هائم في كل وادي * وجهلك كل يوم في ازدياد
على تحصيل دنياك الدنية * مجدا في الصباح وفي العشية
وجهد المرء في الدنيا شديد * وليس ينال منها ما يريد
وكيف ينال في الأخرى مرامه * ولم يجهد لمطلبها قلامه
وقوله مشيرا إلى حال من صرف العمر في جمع الكتب وادخارها على
غير طائل:
على كتب العلوم صرفت مالك * وفي تصحيحها أتعبت بالك
واتفقت البياض مع السواد * إلى ما ليس بنفع في المعاد
تظل من المساء إلى الصباح * تطالعها وقلبك غير صاحي
وتصبح مولعا من غير طائل * بتحرير المقاصد والدلائل
وتوضيح الخفا في كل باب * وتوجيه السؤال مع الجواب
لعمري قد أضلتك الهداية * ضلالا ما له ابدا نهاية
وبالمحصول حاصلك الندامة * وحرمان إلى يوم القيامة
وتذكرة المواقف والمراصد * تسد عليك أبواب المقاصد
فلا تنجي النجاة من الضلالة * ولا يشفي الشفاء من الجهالة
وبالارشاد لم يحصل رشال * وبالتبيان ما بان السداد
وبالايضاح أشكلت المدارك * وبالمصباح اظلمت المسائل
وبالتلويح ما لاح الدليل * وبالتوضيح ما اتضح السبيل
صرفت خلاصة العمر العزيز * على تنقيح أبحاث الوجيز
بهذا النحو صرف العمر جهل * فقم واجهد فما في الأمر مهل
ودع عنك الشروح مع الحواشي * فهن على البصائر كالغواشي
وقوله وهو من سوانح سفر الحجاز:
يا نديمي ضاع عمري وانقضى * قم إلى استدراك وقت قد مضى
واغسل الأدناس عني بالمدام * واملا الأقداح منها يا غلام
واسقني كأسا فقد لاح الصباح * والثريا غربت والديك صاح
زوج الصهباء بالماء الزلال * واجعلن عقلي لها مهرا حلال
هاتها من غير مهل يا نديم * خمرة يحيا بها العظم الرميم
بنت كرم تجعلن الشيخ شاب * من يذق منها عن الكونين غاب
خمرة من نار موسى نورها * دنها قلبي وصدري طورها
ثم ولا تمهل فما في العمر مهل * لا تصعب شربها فالأمر سهل
قل لشيخ قلبه منها نفور * لا تخف فالله نواب غفور
يا مغني ان عندي كل فم * قم والق الناي فينا بالنغم
غن لي دورا فقد دار القدح * والصبا قد فاح والقمري ثدح
واذكرن عندي أحاديث الحبيب * ان عيشي بسواها لا يطيب
واحذرن ذكرى أحاديث الفراق * ان ذكر البعد مما لا يطاق
روحن روحي باشعار العرب * كي يتم الأنس فينا والطرب
وافتتح منها بنظم مستطاب * قلته في بعض أيام الشباب
قد صرفنا العمر في قيل وقال * يا نديمي قم فقد ضاق المجال
ثم أطربني باشعار العجم * واطردن هما على قلبي هجم
قم وخاطبني بكل الألسنة * عل قلبي ينتبه من ذي السنة
انه في غفلة عن حاله * خابط في قيله مع قاله
كل آن وهو في قيد جديد * قائلا من جهله هل من مزيد
تائه في الغي قد ضل الطريق * قط من سكر الهوى لا يستفيق
عاكف دهرا على أصنامه * تهزأ الكفار من اسلامه
كم أنادي وهو لا يصغي التناد * يا فؤاد يا فؤاد يا فؤاد
يا بهائي اتخذ قلبا سواه * فهو ما معبوده الا هواه
وقوله:
أيها القوم الألى في المدرسة * كلما حصلتموه وسوسة
فكركم ان كان في غير الحبيب * ما لكم في النشأة الأخرى نصيب
فاغسلوا بالراح عن لوح الفؤاد * كل علم ليس ينجي في المعاد
وكتب إلى والده وهو بهراة:
يا ساكني ارض الهرات اما كفى * هذا الفراق بلى وحق المصطفى
عودوا علي فربع صبري قد عفا * والجفن من بعد التباعد ما غفا
وخيالكم في بالي * والقلب في بلبال
ان أقبلت من نحوكم ريح الصبا * قلنا لها اهلا وسهلا مرحبا
واليكم قلب المتيم قد صبا * وفراقكم للروح منه قد سبا
والقلب ليس بخالي * من حب ذات الخال
يا حبذا ربع الحنى من مربع * فغزاله شب الغضا في أضلعي
لم انسه يوم الفراق مردعي * بمدامع تجري وقلب موجع
والصب ليس بسالي * عن ثغرة السلسال
وله في وصف محاسن الديار المصرية أبيات أولها:
يا مصر سقيا لك من جنة * قطوفها يانعة دانية
ترابها كالتبر في لطفه * وماؤها كالفضة الصافية
لما أنخت الركب في ارضها * أنسيت أحبابي وأصحابيه ٥٥٧:
الشيخ محمد حسين النائيني
مرت ترجمته في حسين. ٥٥٨:
الشيخ محمد بن الحسين المدعو بيوسف الطهراني
له الفصول في المنطق لخصه بنفسه وسمى تلخيصه بنقد الأصول فرع
من التلخيص سنة ١١٠٤. ٥٥٩:
الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محمد باقر ابن الشيخ محمد تقي صاحب
حاشية المعالم ابن عبد الرحيم الأصفهاني النجفي
ولد سنة ١٢٦٦ وتفي غرة المحرم سنة ١٢٠٨ ودفن في مقبرتهم
المعروفة في المشهد الشريف الغروي.
الامام الزاهد العارف. ولد في أصفهان وفيها قرأ أوائل أمره ثم
خرج شابا إلى النجف ولزم درس الميرزا حبيب الله الرشتي في الأصول
ودروس الشيخ راضي النجفي واخذ عن الميرزا السيد محمد حسن
الشيرازي واخذ الفلسفة عن الشيخ محمد علي التركي وكان من أفاضل حملة
(٢٤٩)

الفلسفة من الترك في النجف اقرأه كتاب الأسفار وكان مجدا مجتهدا في شانه
ثم عاد إلى أصفهان ولكنه مال إلى العزلة وانقطع إلى العبادة أكثر من غيرها
واعرض عن الرياسة حتى أنه فضل عوده إلى العراق ثم رجع إلى أصفهان
بطلب من والده ولما خرج أبوه إلى العراق سنة ١٣٠١ خرج معه وجاور في
النجف بعد وفاته تاركا تلك الرياسة التي تهيأت له بأصفهان إلى أخيه الآقا
نجفي مقبلا في النجف على الإملاء والتدريس ثم أعرض في آخر امره حتى
عن الدرس واعتزل كل شئ غير العبادة. كان كثير الفكر منقطعا عن
الناس يغلب عليه الصمت ولكنه من الأفراد في جودة الفهم وحدة الفؤاد.
وهو أفضل اخوته واتقاهم، فسر أيام عزلته سورة الحمد والبقرة على
مشرب العرفاء وله كتب في الفقه والأصول لم تبيض. وولده الشيخ محمد
رضا من مشاهير العلماء في أصفهان. ٥٦٠:
الشيخ محمد حسين شرارة العاملي النجفي
آل شرارة بيت علم قديم في جبل عامل ولا يزال فيهم العلماء
والأدباء والشعراء إلى اليوم ويوجد منهم في العراق أيضا في النجف نزح
إليهم أجدادهم في فتنة الجزار التي تشتت فيها العامليون في البلاد واصلهم
من جبل عامل ويوشك ان يكون أصلهم من العرب المدعوين بالشرارات
والذين في جبل عامل جمهورهم في بنت جبيل واصلهم من جزين نزحوا منها
حين تفرق أهلها الشيعة ولا يزال فيها إلى اليوم ارض تنسب إليهم. في
تكملة أمل الآمل: كان من العلماء الفضلاء الأجلاء في طبقة الشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء والشيخ قاسم محيي الدين والشيخ حسين نجف وقد
رأيت خط الشيخ حسين نجف على ظهر نسخة تنقيح المقداد مستعيرا له من
الشيخ محمد حسين شرارة، قال مما نظرت الحقير الفقير وهو إلى الأخ العزيز
الأكرم الشيخ محمد حسين شرارة العاملي المحترم سلمه الله تعالى الأقل
العبد حسين نجف، ورأيت خطه عليه هكذا: كتاب التنقيح الرابع في
شرح مختصر الشرايع في حيازة العبد محمد حسين شرارة العاملي سنة ١٢٠٠
وكان لهذا الشيخ الجليل ولدان جليلان عالمان فاضلان أحدهم الشيخ محمد
امين والآخر الشيخ حسن من تلامذة السيد بحر العلوم والشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء وقد رأيت خطيهما على ظهر نسخة التنقيح المذكورة
وصورة خط الشيخ محمد سنة ١٢٢٥ فيعلم من هذا ان والده كان حيا في
ذلك التاريخ وصورة خط الشيخ حسن هكذا: بسم الله بيد الجاني وهو
لأخي ملك له ولنا الأقل حسين بن المرحوم الشيخ محمد حسين شرارة
العاملي آه والأسف انه لم يؤرخ كتابته لتعلم وفاة أبيه. ٥٦١:
قطب الدين محمد بن الحسين بن الحسن الكيدري البيهقي
في أمل الآمل: فاضل فقيه متبحر والعلامة الحلي قد ينقل فتاواه في
المختلف في جملة المجتهدين المعتمدين وكذا غيره من ناقلي الخلاف والوفاق
وصفه الفاضل الهندي فيما كتبه على ظهر بعض كتبه بأنه الامام الأجل العالم
الزاهد المحقق المدقق قطب الدين تاج الاسلام مفخر العلماء مرجع
الأفاضل عب في علوم الدين من كل بحر وقلب ما انطوى عليه الكتاب
بطنا لظهر ولم يأل جهدا في اقتناء العلوم والآداب وأدب نفسه كل الآداب
حتى ظفر بمقصوده وعثر على منشوده آه.
وكتب على ظهر كتاب الفائق للزمخشري: قرأ علي السيد الأجل
الأكمل الأفضل قراءة مثله في وفور أدبه وكمال فضله مبعثرا خزاين كلمه
عن نفايس حكمه مجتنيا زواهر أغراضه عن أزاهير رياضه كاشفا عن ساق
التشمير حاسرا عن ذراع التنقير والله عزل وجل المسؤول ان يبلغه غاية
طلبته ونهاية أمنيته وهذا خط أضعف النفوس المبتلى ببؤس الزمن العبوس
والدهر الضروس محمد بن الحسين بن الحسن الكيدري البيهقي كتبه في
جمادي الأولى من سنة ٦١٠.
مؤلفاته
له كتاب أنوار العقول من أشعار وصي الرسول ص جمع فيه أشعار
أمير المؤمنين ع ذكر فيه أنه جمع من ثلاثة دواوين أحدها الذي جمعه
الشيخ أبو الحسن الفنجكردي في مائتي بيت وثانيها أبسط من ديوان
الفنجكردي بعض أشعاره مستخرج من كتاب محمد ابن إسحاق وبعضها
ملتقط من متون الكتب منسوب اليه ع وثالثها الذي جمعه السيد الجليل
أبو البركات هبة الله بن محمد الحسيني ومن غير هذه الثلاثة من كتب السير
والتواريخ ويذكر غالبا أسانيد ما أثبته من الأشعار ويظهر منه إتقان مؤلفه في
الحفظ والضبط والأخذ من المآخذ الصحيحة المعتبرة وجدت منه نسخة
كتبت سنة ١٠٣٥ منقولة عن نسخة كتبت سنة ٨٥٢، والسيد أبو البركات
كأنه السيد هبة الله بن علي بن محمد المعروف بابن الشجري.
وله كتاب الإصباح وشرح نهج البلاغة المسمى بحدائق الحقائق في
تفسير دقائق أفصح الخلائق ووجد بخط الفاضل الهندي على ظهر بعض
كتبه ان ابن حمزة الطوسي من مشايخه وقد وصف شرحه ذلك بأنه جامع
لبدائع الحكم وروائع الكلم وزواهر المباني وجواهر المعاني فاق ما صنف في
فنه من الكتب حاز في فنون من العلم لب اللباب ألفاظه رصينة متينة
ومعانيه واضحة مستبينة فالبحري ان يقابل بالقبول والاقبال ولا يعرض عنه
صفحا، ثم شرع في اجازته عن مشايخه كلما اشتمل عليه فهارس كتب
أصحابنا رضوان الله عليهم لا سيما نهج البلاغة عنه عن الراوندي عن
علي بن أحمد عن أبي الفضل محمد بن يحيى عن عبد الكريم ابن محمد
الديباجي المعروف بسبط بشر الحافي الذي خلص من وثاق الدنيا الدنية
بكرامة أبي الحسن الأول ع وله حكاية مشهورة عن السيد
الشريف الرضي رضي الله عنه وعن غير هؤلاء وهو حري بان يؤخذ عنه
وموثوق بان يعول عليه انتهى والفاضل الهندي شيخه.
وقال المترجم في كفاية البرايا في معرفة الأنبياء والأوصياء: حدثني
مولاي وسيدي الشيخ الأفضل العلامة قطب الملة والدين نصير الاسلام
والمسلمين مفخر العلماء ومرجع الفضلاء عمدة الخلق ثمال الأفاضل
عبد الله بن حمزة بن عبد الله بن حمزة الطوسي أدام الله تعالى ظل سموه
وفضله للأنام وأهله ممدودا وشرح نكته وفوائده لعلماء العصر مشهودا قراءة
عليه بساتر دار بيهق في شهور سنة ٥٧٣ عن الشيخ الامام عفيف الدين
محمد بن الحسين الشوهاني عن شيخه الفقيه علي بن محمد القمي عن شيخه
المفيد عبد الجبار بن عبد الله بن علي المقري عن شيخ الطائفة آه قال في
الرياض: رأيت من مؤلفاته الوافي بكلام المثبت والنافي وهو مختصر وهو غير
ابن حمزة صاحب الوسيلة فلا تغفل.

(١) فنجرد قرية من نواحي نيسابور على حد الدرب.
(٢٥٠)

٥٦٢:
السيد تاج الدين أبو الفضل محمد الحسيني من ذرية الحسن الأفطس بن
علي الأصغر بن علي زيد العابدين ع
قتل في ذي القعدة سنة ٧١١.
كان أول امره واعظا واعتقد فيه السلطان اولجايتو محمد وولاه نقابة
نقباء الممالك بأسرها العراق والري وخراسان وفارس وسائر ممالكه، وعانده
الوزير رشيد الدين الطبيب وأصل ذلك أن مشهد ذي الكفل بقرية بين
الحلة والكوفة على شط التاجية واليهود يزورونه ويترددون عليه ويحملون
النذور اليه فمنع السيد تاج الدين اليهود من قربه ونصب فيه منبرا وأقام فيه
جمعة وجماعة فحقد ذلك الرشيد الطبيب مع ما كان في خاطره منه بجاهه
العظيم واختصاصه بالسلطان وكان السيد شمس الدين حسين بن السيد
تاج الدين هو المتولي لنقابة العراق وكان فيه ظلم وتغلب فاحقد سادات
العراق بأفعاله فتوصل الرشيد الطبيب واستمال جماعة من السادات أوقعوا في
خاطر السلطان من السيد تاج الدين وأولاده حكايات ردية فلما كثر ذلك
على السلطان استشار الرشيد الطبيب في امره وكان به حفيا فأشار عليه ان
يدفعه إلى العلويين وأوهمه انه إذا سلمه إليهم لم يبق لهم طريق إلى الشكاية
والتشنيع وليس على السيد تاج الدين من ذلك كثير ضرر فطلب الرشيد
الطاهر جلال الدين بن الفقيه وكان سفاكا جريئا على الدماء وقرر معه ان
يقتل السيد تاج الدين وولديه ويكون له حكم العراق نقابة وقضاء وصدارة
فامتنع السيد جلال الدين من ذلك وقال إني لا اقتل علويا قط ثم توجه من
ليلته إلى الحلة فطلب الرشيد السيد ابن أبي الفائز الموسوي الحائري وأطمعه
نقابة العراق على أن يقتل السيد تاج الدين وولديه فامتنع من ذلك وهرب
إلى الحائر من ليلته وعلق السيد جلال الدين إبراهيم بن المختار في حبالة
الرشيد وكان يختصه بعد وفاة أبيه النقيب عميد الدين ويقربه ويحسن اليه
ويعظمه حتى كان يقال اي شغل يريد الرشيد ان يقضيه بالسيد جلال
الدين فأطعمه الرشيد في نقابة العراق وسلم اليه السيد تاج الدين وولديه
شمس الدين حسين وشرف الدين علي فأخرجهم إلى شاطئ دجلة وأمر
أعوانه بقتلهم فقتلوهم وقدم قتل ابني السيد تاج الدين قبله عتوا وتمردا
وموافقة لأمر الرشيد وأظهر عوام بغداد والحنابلة التشفي بالسيد تاج الدين
وقطعوه قطعا وأكلوا لحمه ونتفوا شعره وبيعت الطاقة من شعر لحيته بدينار
فغضب السلطان لذلك غضبا شديدا وأسف لقتل السيد تاج الدين وابنيه
وأوهمه الرشيد ان جميع سادات العراق اتفقوا على قتله فامر السلطان بقاضي
الحنابلة ان يصلب ثم عفا عنه بشفاعة جماعة من أرباب الدولة فامر ان
يركب على حمار أعمى مقلوبا ويطاف به في أسواق بغداد وشوارعها وتقدم
بان لا يكون من الحنابلة قاض. ٥٦٣:
الشيخ محمد حسين ابن الشيخ طالب آل مروة الزراري العاملي نزيل دمشق
ذكره صاحب جواهر الحكم وقال: قرأ أول امره في جبل عامل قليلا
واقتفى سنن والده وسلك جادته في التقى والهداية ثم هاجر إلى العراق
لطلب العلم فبقي نحو سنتين ثم حضر إلى وطنه الزرارية وصادف مجيئه
طلب العساكر النظامية والرديف من جميع الممالك التركية بسبب الحرب
الواقع بينها وبين روسيا وكان من جملة المطلوبين فكر راجعا إلى دمشق املا
ان يرجع إلى العراق فطلب منه شيعة دمشق البقاء عندهم ليعلمهم معالم
دينهم ويرشدهم وجاءتهم كتابات توصية بحقه من المشائخ العظام فأقام فيها
مبجلا مكرما وقابلته مرارا فعلمت احترام اهل الشام له وقد أصاب
واستراح وسلم له دينه وسلم من نوازل المصائب التي أصيب بها اهل جبل
عامل بعد سنة ١٢٨٠ آه أقول: كان المترجم على جانب من التقوى
والصلاح ووفور العقل وحسن السلوك مع الناس وأخبرت انه لما أقام في
دمشق امتنع من هم القدوة في الدين فيها من الصلاة خلفه حتى استأذنوا
الفقيه الشيخ محمد حسين آل يسين الكاظمي في ذلك فاذن لهم مما دل على
شدة تمسكهم وتثبتهم في أمور دينهم وقد اثر المترجم في تربيتهم وأخلاقهم
اثرا حسنا بينا مع أنه لم يكن ذا مكانة قوية في العلم ومن ذلك يعرف ان
الأهم في المرشدين التقوى ووفور العقل وحسن السياسة لا كثرة العلم بل
العلم بدون ذلك يكون ضرره أكثر من نفعه. ٥٦٤:
الشيخ محمد حسين القزويني الكربلائي
له كتاب في الضمان رأينا منه نسخة مخطوطة في طهران في مكتبة
الحاجي شريعتمدار الرشتي. ٥٦٥:
الحكيم محمد حسين بن محمد مفيد القمي
كان معاصرا للمولى محمد التنكابني الملقب أخوه بالسراب والقاضي
محمد سعيد بن محمد مفيد الملقب بحكيم كوجك القمي وقوام الدين
الرازي صاحب عين الحكمة وكانوا جميعا من تلاميذ المولى رجب علي
التبريزي المعاصر للشاه عباس الثاني كما صرح بجميع ذلك في الرياض
وللمترجم كتاب في التفسير فارسي كبير يدل على تبحره. ٥٦٦:
الميرزا محمد حسين بن محمد تقي بن إبراهيم بن محمد رضا بن محمد بن
محمد مهدي الشهيد ابن محمد إبراهيم بن محمد بديع الرضوي النسب
المشهدي البلد وباقي النسب في محمد بديع
توفي سنة ١٣٠٤.
في الشجرة الطيبة: السيد السند الأجل والثقة الفرد الأكمل صاحب
الجاه و الجلال منبع الجود والإفضال كان مع أبهته وجلاله وشوكته واقباله
صاحب مكارم شيم وأخلاق وصفاء باطن وظاهر لم يترك مصاحبة الفقراء
وطريقة الدراويش تربى في حجر خاله ميرزا محمد هاشم يقضي نهاره غالبا
بالأدعية والأذكار وخاطره مشغوف بالخيرات والمبرات. ٥٦٧:
المولى محمد حسين بن حيدر علي التستري
يروي بالإجازة عن المولى محمد صالح المازندراني والمولى محمد صادق
الشريف الأصفهاني الهمداني والعلامة المجلسي، له كتاب اعمال السنة. ٥٦٨:
الشيخ محمد بن الحسين بن الحسن الرازي
له كتاب بستان العوام ونزهة الكرام ينقل عنه السيد ابن طاووس في
فرج الهموم. ٥٦٩:
الأديب محمد حسين المتخلص ببرهان بن خلف التبريزي
له كتاب البرهان في اللغة الفارسية والبهلوية وقليل من التركية صنفه
باسم السلطان عبد الله قطبشاه بن قطبشاه سنة ١٠٦٢ مطبوع.

(١) كأنها منسوبة اليه " المؤلف ".
(٢٥١)

٥٧٠:
الشيخ محمد حسين التبريزي
يروي بالإجازة عن الشيخ صفي الدين الطريحي بتاريخ الإجازة
٢٥ ذي الحجة سنة ١٠٩٠. ٥٧١:
السيد محمد حسين خان بن محمد علي بن حسين بن نور الدين الموسوي
الجزائري التستري
له راحة الأرواح في ترجمة المصباح يعني مصباح الكفعمي وله مختار
الجوامع ألفه للنواب مختار الملك. ٥٧٢:
المولى محمد حسين بن أحمد بن محمد بن سميع اليزدي
له تحفة الولي فارسي وهو شرح وترجمة لعهد مالك الأشتر ألفه بمشهد
الرضا سنة ١٢٢٧ بامر واليها محمد ولي ميرزا. ٥٧٣:
الشيخ محمد حسين اليزدي الحائري
توفي سنة ١٢٧٢.
من اهل المنطق والأصول له مصنفات منها القسطاس المستقيم حاشية
على تهذيب المنطق. ٥٧٤:
تاج الدين بن محمد بن إبراهيم الهاشمي
له ترجمان القرآن على ترتيب الحروف فرع كاتب النسخة منها سنة
٩٩١. ٥٧٥:
عميد الشرف محمد الحسين بن أبي الحسن احمد العلوي المحمدي الموصلي
النقيب
ذكره أبو الفضل مهنا في المشجر وقال:
هو محمد بن الحسين بن أحمد بن القاسم بن محمد بن العويد بن
علي بن عبيد الله رأس المذري بن جعفر الثالث الأعرج بن عبد الله بن جعفر
الأول بن أبي القاسم محمد بن علي ابن أبي طالب. ٥٧٦:
الشيخ محمد ابن الشيخ حسين فلحة الميسي جد المؤلف لأمه
كان عالما فاضلا ورعا تقيا شاعرا مجيدا قرأ في جبل عامل على الشيخ
عبد الله نعمة في جبع ثم سافر إلى العراق ومعه ولده الشيخ حسين خال
المؤلف فقرأ في النجف الأشرف على علمائها وجاءته منيته فتوفي هناك ذكره
صاحب جواهر الحكيم فقال: قرأ على الشيخ الأكبر الشيخ عبد الله بن
علي بن النعمة بقرية جبع وتخرج على يده وحصل وبرع أفاد واستفاد وبلغ
الغاية والمراد ثم توجه للعراق إلى النجف الغروي وتوفق لاقتناء الفضائل
والعلوم ثم انتقل إلى رحمة الله بجوار حامي الحمى الأنزع البطين آه.
وعاد ولده إلى جبل عامل. ومن شعره قوله مراسلا عمنا المرحوم
السيد عبد الله:
خذا خبر الأشواق عن قلب واجد * وعوجا على تلك الربى والمعاهد
إحن إليها لا إلى سفح رامة * وأصبو إليها لا لوصل الخرائد
بها الحبر عبد الله من ورث العلى * بهمته عن خير جد ووالد
معالم دين الله عنهم رواتها * روت نصها عن واحد بعد واحد
ووجد تملكه لشرح الشمسية سنة ١٢٥٦ وذلك قبل أن يذهب
للعراق على الظاهر. ٥٧٧:
أبو منصور محمد بن الحسين الآبي أخو منصور بن الحسين الآبي صاحب نثر
الدرر المتوفى سنة ٤٢٢
قال ياقوت في معجم البلدان عند ذكر آبة بعد ما ذكر أنه ينسب إليها
أبو سعد منصور ابن الحسين الآبي: واخوه منصور محمد كان من عظماء
الكتاب وجلة الوزراء آه واخوه منصور المذكور من اجلاء علماء الشيعة
ومؤلفيهم. وأهل آبة كلهم شيعة في ذلك العصر وبعده بنص اهل
التواريخ فلا ريب في تشيع المترجم. ٥٧٨:
الشيخ محمد ابن الشيخ حسين الطريحي النجفي
له شرح على منظومة أخيه الشيخ صافي الطريحي في الأصول. ٥٧٩:
الميرزا رفيع الدين محمد بن علاء الدين السيد حسين سلطان العلماء
الحسيني المرعشي
كان فقيها عالما محدثا ورعا قرأ على والده واخوته، أمه الشريفة خان
آغا بيگم بنت الشاه عباس الأول خلف: الميرزا فتح الله، وله آثار علمية
وحواش على كتب الفقه والحديث. ٥٨٠:
الميرزا محمد حسين ابن الميرزا أبو الحسن القايني
له رسالة في النيروز وتصحيح انه غير ما هو المعروف من تحويل
الشمس إلى الحمل. ٥٨١:
نظام الدين محمد بن حسين القرشي الساوجي
نسبة إلى ساوه: وصفه في روضات الجنات بالعالم الفاضل الجامع
الكامل. من تلامذة البهائي وأتم الأبواب العشرين مع الجامع العباسي
لشيخه البهائي بامر الشاه عباس الصفوي.
ووجدت نسخة من كتاب مزار الشهيد بخط المترجم وعلى ظهرها
بخطه ما صورته: كان خروجي من ساوه متوجها نحو العتبات العاليات في
السنة الثالثة والثلاثين بعد الألف يوم السبت السادس عشر من شهر صفر
ختم بالخير والظفر ووصلت إلى مشهد الكاظمين ع يوم الاثنين
العاشر من ربيع المولود وكان السلطان الأعظم الشاه عباس الصفوي
بهادر خان خلد الله ملكه حاصر قلعة بغداد ويوم الثلاثاء اتيت للزيارة
وزرتهما صلوات الله عليهما وليلة الجمعة كنت في الحضرة ويوم الجمعة
سمعت الخطبة في مسجد الكاظمين وأقمت بها احدى وستين يوما وزرتهما
صلوات الله عليهما يوم الاثنين السابع عشر من الشهر المزبور يوم مولد
النبي ص والحمد لله وكان فتح بغداد ليلة الأحد وخرجت منه متوجها نحو
النجف الأشرف وكربلاء المعلى يوم الخميس الحادي عشر من شهر جمادي
الأولى سنة ١٠٣٣ ودخلت بلد الحسين صلوات الله عليه يوم السبت وزرته
صلوات الله عليه وخرجت منه نحو النجف الأشرف يوم الثلاثاء السادس
عشر من الشهر المذكور ودخلت النجف الأشرف ضحى يوم الأربعاء
السابع عشر من الشهر المذكور وأقمت بها أحد عشر يوما وخرجت يوم
السبت السابع والعشرين من الشهر المذكور وزرت مسجد الكوفة ودخلت
مشهد الحسين صلوات الله عليه يوم الاثنين التاسع والعشرين منه وأقمت
بها وقت انتقال النير الأعظم يوم النوروز وهو الساعة الثالثة من يوم
الأربعاء غرة شهر جمادي الآخرة وخرجت من كربلا إلى بغداد يوم الجمعة
السابع عشر من شهر جمادى الآخرة ودخلت الكاظمين ع يوم
(٢٥٢)

الأحد التاسع عشر من الشهر المذكور وخرجت متوجها نحو كربلا المعلى
لزيارة رجب المرجب آخر يوم الأحد السادس والعشرين من الشهر المذكور
وخرجت منه متوجها نحو الحلة يوم الثامن من الشهر المذكور ودخلت الحلة
يوم السبت وخرجت منها متوجها نحو بلد الكاظمين ع يوم
الأحد ودخلت بلد الكاظمين ع يوم الثلاثاء وزرتهما صلوات الله
عليهما وأقمت بها اثني عشر يوما وخرجت منها متوجها نحو زيارة العسكريين
ع انتهى والسنة المذكورة هي التي توجه بها الشاه عباس لفتح
بغداد ونزل بموكبه في جهة الأعظمية غرة ربيع الأول وارسل إلى والي بغداد
الذي كان وعده بالتسليم وأمهله ثلاثة أيام والا فليستعد للحرب فامتنع عن
التسليم وهدد الرسول بالقتل واختار الحرب وابتدأ بضرب المدافع على
عسكر الشاه فامر الشاه جنوده بحصر بغداد ففعلوا وداروا حول البلد ثم
حفروا حفيرة من خارج البلد إلى داخله فدخلوا منها ليلة الأحد الثالث
والعشرين من الشهر المذكور وفتحوها وفي يوم الجمعة الثامن والعشرين من
الشهر صلوا الجمعة في الجامع المستنصري وخطب الخطيب على المنبر ودعا
للشاه وذكر في خطبته أسماء الأئمة الاثني عشر وكان الخطيب هو المير جمال
الدين الكاشي وكان من الفضلاء الأتقياء وكان قد عين قبل ذلك بسنة اماما
للجماعة في المسجد الجامع الجديد العباسي بأصبهان ثم جاء في هذه السنة
في موكب السلطان فخطب في الجامع المذكور ببغداد وفي جامع الكاظمية
وفي النجف الأشرف ثم مرض في كربلا وتوفي ودفن فيها وبقي الشاه في
بغداد شهرا حتى رتب أمورها ثم توجه لزيارة النجف وقبل وصوله إليها
مشى راجلا حتى دخلها ثم توجه إلى كربلا وعاد إلى الكاظمية ثم زار
سامراء ثم عاد إلى أصبهان بعد ما رتب أمور العراق وكان وصوله إليها يوم
الخميس السابع عشر من شهر رمضان من السنة المذكورة وهي سنة ١٠٣٣
وفي مدة اقامته في بغداد زار الكاظمين مرارا وزار الحسين ع كذلك وكان
يوم النيروز في الحضرة الشريفة وهو بعد انقضاء ساعتين وثمانية وأربعين
دقيقة من طلوع الشمس يوم الأربعاء غرة جمادي الثانية وزار أمير
المؤمنين ع مرارا.
مؤلفاته
له ١ نظام الأقوال في أحوال الرجال رأيته بخطه في جبل عامل
٢ زينة المجالس نظير كشكول أستاذه ٣ رسالة في ترجمة سلطان العلماء
السيد حسين الحسيني المشهور بخليفة سلطان وزير الشاه عباس وصاحب
حواشي المعالم والروضة وحواشي شرح المختصر العضدي. ٥٨٢:
الشيخ محمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر
توفي يوم الأحد ١٨ محرم سنة ١٣٤٤.
كان عالما فاضلا تقيا حسن الأخلاق جميل الطباع وكان شريكنا في
الدرس عند الشيخ آقا رضا الهمداني صاحب مصباح الفقيه. ٥٨٣:
الشيخ محمد حسين بن كمال الدين الحسين السبزواري
عالم محدث له كتاب زبدة الأخبار، قال جمعت فيه نبذا عن الأخبار
المأثورة من الأئمة الأطهار في معرفة المذهب المختار على وجه الايجاز
والاختصار مشتمل على الأحاديث الشريفة والآثار اللطيفة جامعا للزهد
والموعظة والترغيب والترهيب واخذت كلها من الكتب المعتبرة بحذف
الأسانيد طلبا للاختصار وختمه بقوله قد فرغت من تأليف هذا الكتاب
الشريف في المشهد المقدس الرضوي على ساكنه ألف ألف ثناء وتحية يوم
الاثنين السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة ١٠٧٣.
رأيت هذا الكتاب بقرميسين وجله بل كله منقول من كتاب الكليني
ومن كتاب الصدوق ومن الثاني أكثر. ذكر في اوله مقدمة في فضيلة العلم
والعلماء وقال في آخره فائدة جليلة وموعظة بليغة وهي أربعون سورة منتخبة
من التوراة التي كلم الله بها موسى بن عمران بلا ترجمان. ٥٨٤:
الشيخ محمد حسين ابن الميرزا علي ابن الميرزا أشرف البارفروشي النجفي
توفي بالنجف سنة ١٣٠٨ أدرك صاحب الجواهر ثم الشيخ مرتضى
الأنصاري. له ذخائر الأيام في معرة احكام دين الاسلام فقه مبسوط وجد
منه ست مجلدات وله ذخائر المعاد في أصول الدين مجلد كبير. ٥٨٥:
السيد مير محمد حسين ابن السيد عبد الحسين الحسيني الخاتون آبادي
ولد سنة ١٠٧٣.
المؤرخ الرجالي الفقيه الأصولي له تأليف كثيرة منها ترجمة مصباح
السيد ابن باقي ترجمه بامر الشاه سلطان حسين الصفوي ١١٢٣ ومنها
تكميل تاريخ وقايع السنين لوالده السيد عبد الحسين وكلاهما عند السيد
شهاب الدين المشهور بالنجفي الحسيني التبريزي بقم وذكر نسبهما في كتابه
المشجر. ٥٨٦:
السيد مير محمد إسماعيل ابن المير محمد باقر الحسيني الخاتون آبادي
كان من علماء الدولة الصفوية ولد سنة ١٠٣١ وقيل سنة ١٠٣٣
وتوفي سنة ١٠٨٠ ودفن بمقبرة تخت فولاد في أصفهان في بقعة مخصوصة به
وبأقربائه وله تأليف كثيرة ذكر نسبه السيد شهاب الدين النجفي الحسيني في
كتابه المشجر. ٥٨٧:
المير السيد محمد حسين بن محمد صالح بن عبد الواسع الحسيني الخاتون
آبادي سبط العلامة المجلسي وامام الجمعة بأصفهان وجد أئمة الجمعة
بطهران
توفي سنة ١١٥١ ونقل إلى المشهد الرضوي.
كان عالما فاضلا جليلا من علماء دولة الشاه حسين الصفوي ولما
فتحت أصفهان على يد الأفغان ارتحل إلى خاتون آباد.
قرأ على الآقا البهبهاني وذكره السيد عبد الله سبط السيد نعمة الله
الجزائري في اجازته الكبيرة ووصفه بالسيد المؤيد الفاضل الزاهد الجامع
لفنون العلوم الدينية وقال إنه يروي عن أبيه وجده لأمه محمد باقر المجلسي
ويروي عنه السيد عبد الله المذكور آه وفي كتاب المآثر والآثار: كان
واحد زمانه في الفقه والحديث والتفسير وحسن الخط وألف مؤلفات بديعة
وأجاز جماعة من علماء العصر منهم الشيخ زين الدين الخوانساري إجازة
بإجازة سماها مناقب الفضلاء وهي من نفائس آثاره وكان كتابه لها في وقت
محاصرة الأفغانيين لأصفهان وأتمها في قرية خاتون آباد وهو أول من عين من
هذه السلالة لامامة الجمعة بأصفهان وكان هذا المنصب لميرزا محمد تقي
الألماسي صاحب بهجة الأولياء ابن ميرزا محمد كاظم ابن عزيز الله بن محمد
تقي المجلسي ابن مقصود علي الأصفهاني وهو ابن خالة المترجم ولما توفي
جعل المترجم وصيه وانتقلت اليه امامة الجمعة وبقيت في اعقابه آه وله
(٢٥٣)

من المؤلفات سوى مناقب الفضلاء كتاب الألواح السماوية في اختيارات
الأيام والسنة ورسالة في منجزات المريض ورد على البادري ورسالة عملية.
قال في اجازته المذكورة للخوانساري بقرية خاتون آباد من قرى
أصفهان بعد كلام: فتغير ذلك الزمان إلى أن فشا الظلم والفسوق
والعصيان في أكثر بلاد إيران وانطمى العلم واندرست آثار العلماء وضعفت
أركان الدولة حتى حوصرت أصفهان واستولى على أطرافها جنود الأفغان
فمنعوا عنها الطعام وغلت الأسعار وبقي أهل البلد بين ميت من الجوع أو
مشرف على الموت أو هارب أردته سيوف الأعداء حتى فتحوا البلد فقتلوا
الرجال ونهبوا الأموال وذبحوا الأطفال وسبوا المخدرات ولم يبق من أهلها الا
القليل الذين نجاهم الأسر والاسترقاق وحبسوا الملك وقتلوا أكثر الأمراء
وخربت البلد فيا أسفا على الديار وأهلها وخربت المدارس والمعابد ونهبت
كتب الفقهاء وكنت في تلك الأحوال مبتلى بالضرب والحبس ولكن الله تعالى
من علي بحفظ العرض والسلامة من القتل وبقاء بعض الأهل والولد ولما
تعسرت إقامتي في البلد رحلت إلى خاتون آباد وهي على فرسخين من
أصفهان.
ومدحه في الروضات بأوصاف في العلم جليلة تركنا نقلها لاختلال
العبارات و قال كان حسن الخط في الغاية يروي عن أبيه وعن جده لأمه
العلامة المجلسي وعن الآقا جمال الدين والمولى أبي الحسن الشريف والسيد
علي خان شارح الصحيفة وبعض فضلاء البحرين وغيرهم ويروي عنه ولده
الأمير عبد الباقي: له من المصنفات خزائن الجواهر في اعمال السنة لم يتم
والسبع المثاني في زيارة أئمة العراق ووسيلة النجاح في الزيارات البعيدة
والنجم الثاقب والألواح السماوية وكلمة التقوى في الغيبة ومفتاح الفرج في
الاستخارة ورسالة البدا ورسالة الزكاة والخمس واللقطة ورسائل متفرقة
وحواشي الشرح الجديد للتجريد وحواشي شرح اللمعة. توفي ليلة الاثنين
الثالث والعشرين من شهر شوال سنة احدى وخمسين بعد المائة والألف
ونقل إلى المشهد الرضوي على مشرفه السلام وهو منسوب إلى خاتون آباد
من قرى ناحية حي من اعمال أصفهان. ٥٨٨:
المولى محمد حسين التفليسي نزيل أصفهان
كان عالما عارفا متكلما مرجعا بأصفهان له رسائل في السير والسلوك
ومن آثاره تفسير كبير وقبره بمقبرة آب بخشان الواقعة بأصفهان وقد ذكر
ترجمته الآخوند ملا عبد الكريم في تذكرة القبور. ٥٨٩:
السيد سراج الدين المسمى تاج الدين محمد بن الحسين الحسيني الكيسكي
صالح محدث، قاله منتجب الدين. ٥٩٠:
الشيخ محمد حسين بن يحيى النوري
عالم فاضل محدث فقيه تلميذ العلامة المجلسي. له رسالة في صلاة
المسافر وملخص الربع الأخير من الجلد الثامن عشر من البحار. ٥٩١:
الشيخ محمد حسن بن محمد مهدي الكرهرودي السلطان آبادي
توفي في الكاظمية سنة ١٣١٤ ودفن في احدى حجرات الصحن
الشريف قريب الباب الفرهادية. من تلاميذ الميرزا السيد محمد حسن
الشيرازي من المهاجرين الأولين إلى سامراء كان عالما فاضلا محققا محدثا
خبيرا بصيرا خصوصا في كتب حديث اهل السنة وكتب الكلام والمناظرة
طويل الباع كثير الاطلاع صنف كتبا كثيرة جملة منها في الأصول وله
١ الصراط السوي والبرهان الجلي في تعيين خلافة علي بعد النبي ص
٢ مبرم البرهان ٣ جامع الدين والدنيا ٤ الفلك المشحون شبه
الكشكول ٥ البحر المحيط ٦ الإشارات اللطيفة في أحوال أبي حنيفة
٧ كشف الحجة في المذاهب الأربعة ٨ سواء الطريق ٩ منبع الحياة
١٠ تلبيس إبليس ١١ عجالة الراكب ١٢ السر المقنع ١٣ الجامع
العسكري ١٤ الجامع الغروي في الفوائد المتفرقة التي جمعها في النجف
١٥ أصول مذاهب الموحدين من اهل المعرفة والدين فارسي. ٥٩٢:
السيد جمال الدين محمد الواعظ ابن السيد حسين الحسني الحسيني
الطباطبائي اليزدي الحائري
له ١ رسالة في الأوائل فارسية سماها اخبار الأوائل أو مؤنس
أرباب الفضائل مطبوعة في بمبي فرع منها سنة ١٣٠٨ وعليها تقريظ للشيخ
ميرزا حسين النوري وغيره نظما ونثرا وفي آخرها ذكر باقي مؤلفاته
٢ سراج الأمة في أحوال الأنبياء والأئمة ٣ نجاة المذنبين في مصائب آل
طه ويس ٤ لطائف الأقوال في معرفة الرجال ٥ كشف الحجب الظلامية
في أسماء الكتب الامامية ٦ رياض الجنان ٧ لسان الغيب في المعمى
٨ غرائب البلدان ٩ حديقة الفضلاء وروضة الشعراء ١٠ رياض
الملوك في السير والسلوك ١١ تذكرة المصنفين من العلماء وترجمة المؤلفين
من الفضلاء ١٢ مفتاح التواريخ في تاريخ السلاطين الصفوية
١٣ سوانح العمر ١٤ ماه ومهر في تاريخ بوشهر ١٥ تحفة الإخوان في
أحوال آقا خان الحسني المحلاتي ١٦ الروضة الناصرية ١٧ مخزن
الدعوات المجربة ١٨ نجوم الأرض في المحدثين الذين اطاعتهم فرض
١٩ أحسن التقويم في الاختيارات ٢٠ بحر الحقائق وكشف الوثائق في
الأشعار ٢١ مواعظ السالكين ومواعظ الحائرين ٢٢ ربيع القلوب
٢٣ زبدة الأخبار في تاريخ الأئمة الأطهار ٢٤ تذكرة المعمرين
٢٥ تحفة الأنام في وقائع الأيام ٢٦ مرآة العالم في أحوال بني آدم
٢٧ مصباح المتقين في اعمال السنة ٢٨ مجمع التواريخ في ولادة ووفيات
العلماء ٢٩ الدرة البيضاء في أحوال فاطمة الزهراء ٣٠ بدائع الكلام
فيمن فاز بلقاء الامام ٣١ رسالة في أحوال السيد حسين اليزدي
٣٢ منهج الشيعة وتقويم الشريعة. ٥٩٣:
السيد محمد حسين الطباطبائي
توفي ١٤٠٢ في قم بعد أن بلغ سنا عالية.
قال في ترجمة نفسه:
ولدت في أسرة علمية بمدينة تبريز وقد حازت شهرة علمية منذ
زمن بعيد في ذلك البلد وفقدت أمي في الخامسة من عمري وأبي في التاسعة
منه، فذقت بذلك ألم اليتم وأحسست به منذ صباي، ولكن الله قد من
علينا بيسر في المعيشة والمال ويراقبني وأخي الصغير وصي أبينا، عملا
بوصية المرحوم ويرعانا بخلقه الاسلامي الكريم، واستخدم خادما
بالإضافة لزوجته لمراقبتنا نحن الأطفال الصغار.
وبعد شطر من عمرنا ذهبنا إلى المدرسة وباشراف معلم خاص، كان

(١) مما استدركناه على الكتاب (ح).
(٢٥٤)

يأتي إلى بيتنا كل يوم، وقد بدأنا بدراسة اللغة الفارسية وآدابها وبعد ست
سنوات متتالية فرغنا من تعلمها ومن الدراسات البدائية للأطفال.
في تلك الأيام لم يكن للدراسات البدائية المدرسية برنامج خاص بل
يتهيأ للطالب عند وروده المدرسة، وكل أحد يتعلم حسب ذوقه واستعداده
للدراسة.
وقد انتهيت من تعلم القرآن الكريم الذي كان يدرس قبل كل شئ
ومن ثم من كتاب گلستان وبوستان لسعدي الشيرازي ونصاب
الصبيان وأنوار سهيلي وأخلاق مصور وتاريخ معجم ومنشآت أمير
نظام وارشاد الحساب وهكذا تمت دراستنا في الدور الأول في تعلم
الأطفال.
ثم شرعت بدراسة العلوم الدينية واللغة العربية، وفرغت من دراسة
المتون العلمية المتعارفة آنذاك لدى الأوساط العلمية، ففي خلال سبع
سنوات، قرأت في علم الصرف ولاشتقاق كتب الأمثلة وصرف مير
والتصريف، وفي النحو كتاب: العوامل في النحو والنموذج
والصمدية وألفية ابن مالك مع شرحه للسيوطي وكتاب النحو
للجامي والمغني اللبيب لابن هشام، وفي المعاني والبيان كتاب: المطول
للتفتازاني، وفي الفقه: الروضة البهية للشهيد الثاني، والمكاسب
للشيخ الأنصاري، وفي أصول الفقه كتاب: المعالم في أصول الفقه
للشيخ زين الدين، وقوانين الأصول للميرزا القمي، والرسائل
للشيخ الأنصاري، وكفاية الأصول لآية الله الآخوند، وفي المنطق:
الكبرى في المنطق وكتاب الحاشية وشرح الشمسية، وفي الفلسفة:
الإشارات والتنبيهات لابن سينا، وفي الكلام: كشف المراد للشيخ
خواجا نصير الدين الطوسي، وهكذا انتهيت عن المتون الدراسية غير
الفلسفة المتعالية والعرفان.
واستكمالا لدراساتي الاسلامية ذهبت إلى النجف الأشرف فحضرت
درس الأستاذ آية الله الشيخ محمد حسين الأصفهاني، ودرست خارج
أصول الفقه لمدة ست سنوات متتالية، وفي أثناء تلك الفترة كنت أحضر
الدراسات العالية في التشريع الاسلامي والفقه الشيعي لشيخنا آية الله
النائيني وأكملت عند سماحته أيضا دورة كاملة خارج أصول الفقه لمدة
ثمانية سنوات، وفي الرجال تتلمذت في: كليات علم الرجال على
المرحوم آية الله الحجة الكوهكميري.
كان أستاذي في الفلسفة الاسلامية، هو حكيم الاسلام السيد
حسين البادكوبي وقد تتلمذت على سماحته في منظومة السبزواري
والأسفار والمشاعر للملا صدرا، والشفاء لابن سينا، وكتاب
اثولجيا لأرسطو، والتمهيد لابن تركه. والاخلاق لابن مسكويه.
وقد كان الأستاذ البادكوبي يحبني كثيرا ويشرف بنفسه على دراستي
وتريخ جذور التربية في وجودي، ومن ذلك كان يرشدني إلى مدارج الفكر
وطرق الاستدلال، حتى اعتدت بها في تفكيري، ومن ثم أمرني ان احضر
درس العالم الفلكي السيد أبو القاسم الخونساري فقرأت معه:
الرياضيات العالية دورة كاملة والعلوم الهندسية بكلا قسميها:
المسطحة والفضائية والجبر الاستدلالي.
ثم اضطررت إلى العودة إلى الوطن إثر تدهور الأوضاع الاقتصادية
ونزلت بمدينة تبريز مسقط رأسي وأقمت بها مدة أكثر من عشر سنين،
ففي الحقيقة كانت تلك الأيام أيام تعيسة في حياتي لأني بسبب الحاجة الماسة
للإعاشة ولامرار شؤون الحياة انشغلت عن التفكر والدراسة واشتغلت
بالفلاحة والزراعة، وكنت أشعر بخسارة روحية عند ما كنت هناك وكان
يسود البؤس نفسي ويظلني غمام الألم والضجر، حيثما كنت مشغولا عن
الدراسة والتفكير. ثم أغمضت العين عن أمر المعاش وتركت المدينة
عائدا إلى قم المشرفة وحين نزلتها أحسست بنجاتي من السجن المؤلم،
شاكرا العلي القدير، لأنه أجاب دعائي وأعطاني التوفيق والسداد في سبيل
العلم واعداد رجال الدين وتهيئة جيل صالح لخدمة الاسلام والشريعة
المحمدية ص، والى الآن وقد قضيت أيامي في تلك البلدة المشرفة حرم
الرسول.
نعم، لكل أحد حسب ظروف الحياة، فترات حلوة ومرة طوال
حياته، ولي أيضا خاصة من ناحية اني قضيت فترة من حياتي في اليتم
ومفارقة الأحبة وذقت ألم اليتم بكل شعوري وعواطفي، وقد واجهت
بملمات مؤلمة طول حياتي، ولكن ربي لم ينسني لحظة واحدة فقد ساعدني
دوما بنفاحته القدسية في مزالق خطيرة وكأني أحسست أن قوة خفية جذبتني
وأزالت كل العوائق عن طريقي.
فعند ما كنت طفلا ومتعلما بعلمي: الصرف والنحو، لم أجد في
نفسي رغبة في مواصلة التحصيل والدراسة ومضت أربع سنوات ولم افهم
ما ذا أقرأ، ولكني فجأة وجدت نفسي مطمئنا وكأني أصبحت على غير ما
كنت عليه أمس، فاهما مجدا في سبيل العلم والتفكير، ومنذ ذلك اليوم
والحمد لله إلى أخريات أيام دراستي زهاء سبعة عشر سنة ما كسلت وما
توانيت في طلب العلم، فقد نسيت حوادث الدهر وملذات الحياة وتعاستها
وانقطعت عن كل أحد وكل شئ غير اهل العلم وأصحاب الفضيلة
مقتصرا على الحاجيات الأولى في الليل والنهار ووقفت نفسي للدرس
والتعليم وبث معارف الاسلام وتربية الطلاب.
وطالما قضيت الليل في القراءة خاصة في فصلي: الربيع والصيف
حتى تطلع الشمس وأنا مشغول بالمطالعة، وكم معضلة حلت لي خلال
مطالعاتي وكنت أقرأ درس الغد قبل مجئ يومه فلا تبقى لي مشكلة حين
عند ما أواجه الأستاذ.
المؤلفات التي كتبتها في النجف:
١ رسالة في البرهان. ٢ رسالة في المغالطة. ٣ رسالة في
التحليل. ٤ رسالة في التركيب. ٥ رسالة في الاعتباريات الأفكار
التي يخلقها الانسان ٦ رسالة في النبوة ومنامات الانسان.
المؤلفات التي ألفتها في تبريز:
١ رسالة في اثبات الذات.
٢ رسالة في الصفات.
(٢٥٥)

٣ رسالة في الأفعال.
٤ رسالة في الوسائط بين الله والإنسان.
- (٥) -
٦ الانسان في الدنيا.
٧ الانسان بعد الدنيا.
٨ رسالة في الولاية.
٩ رسالة في النبوة.
هذه الرسائل مقارنة بين العقل والنقل.
١٠ رسالة في انساب السادات الطباطبائيين في آذربيجان.
الكتب التي ألفتها في قم:
١ الميزان في تفسير القرآن، في عشرين مجلدا باللغة العربية ورجم
إلى اللغة الفارسية وصدر منه ٣٧ مجلدا. والتفسير يفسر القرآن بنفسه،
فالقرآن نور وهداية، فكيف لا يكون هذاية لنفسه.
٢ أصول الفلسفة الواقعية ٥ مجلدات، طبع ٤ مجلدات منها
لحد الآن.
٣ تعليق على كفاية الأصول.
٤ تعليق على كتاب الأسفار صدر الدين الشيرازي.
٥ الوحي أو الشعور الخفي.
٦ رسالة في الحكومة الاسلامية بالفارسية والعربية
والألمانية.
٧ مناظرات مع البروفسور كربن حول الشيعة عام ١٣٣٨.
٨ مناظرات مع نفس البروفسور عام ٣٩ ٤٠ حول دور التشيع
في عالم اليوم.
٩ رسالة في الاعجاز.
١٠ علي والفلسفة الإلهية، وترجم إلى الفارسية أيضا.
١١ الشيعة في الاسلام.
١٢ القرآن في القرآن.
١٣ جميع المقالات التي ألقيتها في التعريف للشيعة كنت
موركان أستاذ جامعة هاروارد الأمريكية.
١٤ وأخيرا سنن النبي ص الذي ترجمه إلى الفارسية الكاتب
الاسلامي محمد هادي فقهي في أربعمائة صفحة. ٥٩٤:
الشيخ محمد رحيم البروجردي
كان مقبولا عند عامة اهل المشهد المقدس بل كل بلاد خراسان قرأ
الفقه في بروجرد عند فقيه الشيعة ومحيي الشريعة المولى أسد الله البروجردي
الشهير بحجة الاسلام وكل الفقه على صاحب الجواهر وقرأ علم الأصول
على السيد شفيع الجابلقي وله مصنفات مفيدة في الحديث والفقه وغيرهما
مثل ١ شرح المختصر النافع ٢ شرح القواعد ٣ الهدية الرضوية في
آداب الزيارة ٤ رسالة في اعمال السنة وغير ذلك وفي سنة ١٢٦٦ بعد
فتنة سالار نضب متوليا على الآستانة وجرى في هذا المنصب الجليل على
موجب الشرع متع الله المسلمين بطول عمره. ٥٩٥:
المولى محمد حسين بن الآقا باقر البروجردي
له كتاب اسرار التنزيل تفسير كبير وكتاب النص الجلي. ٥٩٦:
الشيخ محمد حسين الشيرازي ابن الميرزا خليل
توفي سنة ١٣٤٠ في سامراء ودفن فيها.
تلمذ على الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي وعلى الميرزا محمد تقي
الشيرازي وعلى السيد مرتضى الكشميري الهندي، وكان له إلمام بالعلوم
الغريبة وله حاشية على تفسير البيضاوي وحواشي على الرسائل والمكاسب
وله مؤلفات في الحكمة والكلام والفقه والأصول والعقائد ورسالة في
الغائب. ٥٩٧:
أبو الفضل محمد بن الحسين بن العميد الكاتب المشهور
كان وزير ركن الدولة البويهي ومن تلاميذ أبي عبد الله أحمد بن خالد
البرقي وممن تربى على يده.
من نثره قوله:
من أسر دائه وكتم ظمأه بعد عليه ان يبل من علله ويبل من غلله
وله:
خير القول ما أغناك جده وألهاك هزله وله: العاقل من افتتح في
كل امر خاتمته. وعلم من بدئ كل شئ عاقبته وله: المرء أشبه
بزمانه. وصفة كل زمان منتسخة من سجايا سلطانه.
وكتب اليه أبو سعد الواذاري: انا أيد الله الأستاذ الرئيس سلمان
بيته. وأبو هريرة مجلسه. وانس خدمته. وبلال دعوته، وحسان مدحته. ٥٩٨:
الشيخ محمد بن حسين بن الحسن الميسي العاملي الحائري
ذكره السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري في اجازته
الكبيرة ووصفه بالمحدث الفاضل وقال إنه روي عن الشيخ الأجل
عبد الله بن محمد العاملي عن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن صاحب المعالم
ويروي عنه الشريف أبو الحسن بن محمد طاهر الفتوني العاملي النجفي. ٥٩٩:
الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محمد حسين آل أبي خميس الأحسائي
توفي سنة ١٣١٦.
كان من تلامذة الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء
وله منه إجازة. ٦٠٠:
الشيخ محمد حسين ابن الشيخ خميس الجبري النجفي
أصل أبيه من عشيرة الجبور القاطنين في نواحي الحلة هاجر إلى
النجف في عهد السيد مهدي بحر العلوم وتوطنها كما مر في ترجمته وتولد
ولده المذكور فيها وطلب العلم وكان فقيها شاعرا ألف مجلدا في الفقه وكان
معاصرا للشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء. ٦٠١:
المولى محمد حسين ابن المولى علي أكبر اليزدي الكرماني نزيل شيراز
كان من تلاميذ الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي بسامراء وكتب

(١) مطلع الشمس
(٢٥٦)

من تقرير بحثه رسالة في التعادل والترجيح. ٦٠٢:
الشيخ محمد حسين الشيرازي
من تلاميذ المجلسي وجد بخطه إرشاد المفيد فرع منه في رمضان سنة
١٠٨٢ وعليه إجازة من المجلسي له تاريخها سنة ١٠٩٥ وصفه فيها بالأخ في
الله المحبوب لوجه الله المبتغي لمراضيه. ٦٠٣:
الحاج محمد حسين الأصفهاني المعروف بنيل فروش اي بائع النيل
توفي بالنجف سنة ألف ومائة ونيف وستين.
من تلامذة الحكيم علي أصغر المهندس قرأ عليه شرح المطالع وكان له
اهتمام بمباحث الإمامة ألف في ذلك كتابا اختار فيه طريقة الشيعة على
غيرها وله تفسير لعله في الأصل من علماء خراسان على ما يظهر من ترجمة
القزويني التي لخصناها. ٦٠٤:
الشيخ محمد حسين الأعسم النجفي
توفي شهيدا يوم عاشوراء سنة ١٢٨٨.
في تتمة أمل الآمل: ذكره ابن عمي في اليتيمة ووصفه بحائز
الفخرين وحاوي الفضيلتين الأروع الأفقه الأعلم محمد حسين الأعسم هو
نابغة الدهر ومجتهد العصر والهمام السامي بفخره على كل ذي فخر الوحيد
في المنثور والمنظوم وفي جميع العلوم. ألف في الفقه المؤلفات العديدة
وأدركت سهام آرائه الأماني البعيدة وأحاط بمشكلات الفقه صبيا ونال في
الناس قدرا عليا، وكان له حفيد سمي له ورثه الفضائل جده وشاع فضله
وورعه وتقاه وزهده مات شهيدا بسهم خطا أصابه آه. ٦٠٥:
الشيخ محمد حسين ابن الشيخ هاشم العاملي أصلا الكاظمي مولدا ومنشأ
النجفي مسكنا ومدفنا.
ولد بالكاظمية سنة ١٢٢٤ وتوفي ليلة ١١ من المحرم سنة ١٣٠٨ في
النجف ودفن في الصحن الشريف في حجرة السيد جواد صاحب مفتاح
الكرامة من الجهة القبلية.
الشيخ العالم الفقيه الزاهد المشهور الحال، انتهت اليه رياسة الإمامية
في بلاد العرب وقلده كافة العرب ووصلت اليه الأموال الكثيرة وكان
يبسطها في الفقراء ولا يتناول منها أزيد مما يحتاجه على وجه الاقتصاد ولم
يخلف بعد وفاته دارا ولا عقارا. تخرج به كثير من فقهاء العرب والفرس
وكان من عباد زمانه وزهادهم خشنا في ذات الله قليل النظير سهل المئونة
سريع الإعانة والإجابة كثير الاهتمام بأمور الطائفة خصوصا حملة العلم على
طريقة السلف الصالح في كل ذلك.
كان أبوه فقير الحال في الكاظمية وطلب العلم خفية عنه لأن أباه كان
يريد أن يعينه ولده في معاشه. وفي الكاظمية فرع من الآليات ثم هاجر إلى
النجف في عهد صاحب الجواهر وجد في طلب العلم على فقره وكثيرا ما
بات طاويا وهو مع ذلك لا يفتر عن الجد في طلب العلم، فاخذ الفقه عن
الشيخ عبد الله نعمة العاملي مدة إقامة الشيخ عبد الله في النجف وكان يعينه
في معاشه وعن الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر وأغلب قراءته عليه ويروي
عنه إجازة وبعده قرأ على الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وتزوج ابنة
صاحب الجواهر ويروي عنه بالإجازة واخذ عن الشيخ مرتضى الأنصاري
ثم استقل بالتدريس.
ويحكى في كيفية طلبه العلم ان أباه كان كاسبا في الكاظمية له دكان
فلما قرأ القرآن الكريم وضعه أبوه معه في دكانه فتاقت نفسه إلى طلب العلم
فسال بعض اهل العلم كيف يصنع من يريد طلب العلم قال يحفظ أولا
الأجرومية فالتمسه ان يكتبها له فكتبها وجعل يقرأ فيها في دكان أبيه فلما رآه
أبوه غضب منه وضربه وقال إن هذا يلهيك عن الكسب فدعه فجعل إذا
غاب أبوه قرأ فيها وإذا حضر خباها فلما أكملها سال مرشده كيف يصنع
فأشار عليه بالنجف فاكترى دابة وخرج إلى النجف بدون ان يعلم أبوه
وليس معه غير كراء تلك الدابة وأطعمه المكارية في الطريق من فاضل
زادهم وأوصلوه إلى النجف فدخل الصحن الشريف وليس معه شئ
فجلس فيه إلى وقت انصراف الناس ليلا فانصرف الناس وبقي وحده فجاء
السدنة ليخرجوه فأخبرهم بخبره فسلموه حجرة ونام فيها واحضروا له
عشاء وتعرف إلى طلبة العلم واخذ عنهم وبقي في تلك الحجرة يطالع على
ضوء بيوت الخلاء ويعيش من دعوة ان حصلت له أو صدقة ويطوي إذا لم
يجد قوتا حتى اشتهر امره وظهر فضله وصار مرجعا وجبيت اليه الأموال
فكان يصرفها على طلبة العلم والمحتاجين ويلبس الخشن ويأكل الجشب
ويزهد في حطام الدنيا وكان يلبس هو أولاده وخادمه عباءات بطرائق بيض
وسود لا يلبسها غيرهم فإذا اقبلوا قال اهل العلم من اهل النجف أقبلت
الكتيبة الشهباء ومات ولم يخلف لوارثيه شيئا مع ما كان يصل إلى يده من
الأموال العظيمة على الدوام فيصرفها على مستحقيها والتهجد والخشوع
يطيل في صلاته في ركوعه وسجوده حتى كان كثير من الناس ممن لا يعرف
عادته إذا صلى خلفه مرة لا يصلي غيرها وقيل له مرة أ ليس ورد انه يستحب
لامام القوم ان يصلي بصلاة أضعفهم فقال ليس فيهم أضعف مني.
وكانت لا تفوته زيارة الحضرة الشريفة كل يوم وغالبا يأتي الحمام
مسحرا قبل حضور خادمه فيأتي داره فلا يجده فيلحقه إلى الحمام ثم يخرج
إلى الحضرة فيصلي الفجر فيعقب ويزور ثم يعود إلى داره فيلقي درسه العام
ولا يفوته عيادة مريض ولا حضور جنازة، ولا زيارة قادم ولا تشييع
مسافر، وكان اهل النجف يقولون الشيخ محمد حسين يعلم بالمريض قبل أن
يعلم به اهله. وكان حازما محافظا على كرامة اهل العلم تعدى بعض
سدنة الحضرة الشريفة على أحد اهل العلم فبلغه ذلك فلقيه رئيس السدنة
وهو يومئذ أجل من في البلد فتهدده الشيخ وقال له لئن لم تردع اتباعك
لأخرجنك من النجف بليلة ظلماء ثم زاره في منزله واعتذر اليه وقال له انما
أردت بما قلت إن أؤدب بك السدنة فقال لست اخرج عن امرك. وتوفي
بعض العلماء أيام الوباء والحكومة مانعة من دخول الجنائز إلى الحضرة
الشريفة ومن تشييعها فجاءه العلماء والطلبة منكرين ذلك فمشى بهم
قائلا: وآية السيف تمحو آية القلم وادخلوا الجنازة الحضرة ومشوا
خلفها في تشييع عظيم فلم يسع الحكومة الا السكوت خوف الفتنة. وكان
لا يترك التدريس لشئ من العوائق المتعارفة ولا يصده عنه شئ حتى أنه
يوم وفاة الشيخ مرتضى لم يترك الدرس فقيل له في ذلك فقال ندرس
ونجعل الثواب للشيخ وضعف بصره في آخر عمره فكان يكتب بالقلم
العريض ثم أضر فكانت زوجته تقرأ له وتكتب، خلف ولدين فاضلين
الشيخ محمد جواد وله ذرية فضلاء والشيخ احمد مات عقيما.
(٢٥٧)

مؤلفاته
صنف هداية الأنام إلى شرائع الاسلام خمسة وعشرين مجلدا وصل
فيه إلى كتاب القضاء وتوفي وهو مشغول به. طبع منه الطهارة وبعض
الصلاة. ٦٠٦:
السيد فخر الدين محمد بن حسين الحسيني.
له رسالة في شرح آية الكرسي فارسية صنفها باسم الشاه طهماسب
الصفوي رأيت منها نسخة في كرمانشاه سنة ١٣٥٣ فرع من تأليفها سنة
٩٥٢ وله رسالة في آداب المناظرة اسمها خلاصة الآداب رأيت منها نسخة
بكرمانشاه فرع منها سنة ٩٦٥. ٦٠٧:
السيد محمد ابن السيد حسين ابن السيد احمد الحسيني العاملي الشقرائي.
هو من الفرع الذين تفرع منه صاحب مفتاح الكرامة من عائلتنا كان
فاضلا نحويا حافظا مؤرخا يحفظ كثيرا من تواريخ العائلة واخبارها قرأ في
كفرة في مدرسة الفقيه الشيخ محمد علي آل عز الدين. ٦٠٨:
السيد محمد حسين ابن السيد محمد علي ابن السيد ميرزا محمد الشاه عبد
العظيمي النجفي.
توفي سنة ١٣٤٣ ببلدة طويريج ونقل إلى النجف الأشرف ودفن في
الصحن الشريف والشاه عبد العظيمي نسبة إلى البلد المسمى شاه عبد
العظيم مدفن عبد العظيم الحسني.
كان من العلماء الأتقياء الأجلا تلمذ في الفقه على خاله الشيخ ميرزا
حسين ابن ميرزا خليل الطهراني وفي الأصول على الشيخ ملا كاظم
الخراساني وفي الاخلاق على الميرزا حسين قلي الهمذاني رأيناه في النجف
الأشرف أيام إقامتنا به وعاصرناه عدة سنين وبعد خروجنا من النجف انتقل
إلى طويريج بلدة بين كربلا والنجف على شط الهندية وبقي فيها مدة
لهداية المؤمنين وتعليمهم إلى أن توفي فيها. ٦٠٩:
الشيخ محمد حسين مروة المعروف بالحافظ ابن الشيخ محمد حسن.
قرأ في حنويه في مدرسة الشيخ محمد علي عز الدين ثم ترك الدرس.
ولقب بالحافظ لسرعة حفظه وكثرة ما كان يحفظه من اخبار الأوائل
وأشعارهم. كان فاضلا أديبا شاعرا كاتبا عابدا لا يترك قيام الليل وكان
قليل الأكل وقلما يشرب ماء حتى في الصيف ويستغني عنه بأكل شئ من
العنب. عاصرناه وعاشرناه وكان لطيف العشرة.
ذكره في جواهر الحكم فقال: كان أبوه الشيخ محمد حسن عبدا
صالحا ألوفا محبا لمجالس العلماء تخلف بعدة أولاد أكبرهم الشيخ محمد امين
قرأ في جبل عامل حتى ترعرع وكان فطنا ثم سافر إلى العراق لطلب العلم
ولم تطل مدته فقبضه الله اليه والثاني الشيخ محمد حسين كان رفيقي في
الدرس عند الشيخ محمد علي عز الدين وبعدها اشتغل عن الدرس وكان
شاعرا مجيدا أديبا جامعا مانعا وفي الحفظ ما سمع نظيره في هذا العصر يحفظ
أشعار العرب واخبارهم والثالث الشيخ عبد المطلب قرأ الدرس معنا بقرية
كفرا عند الشيخ محمد علي عز الدين مدة جزئية واشتغل بامر العيال وكان
لطيفا ذكيا أديبا شاعرا مجيدا آه.
ومن شعر المترجم قوله يمدح عمنا السيد محمد الأمين ويذكر دخوله
على فؤاد باشا في دمشق ويهنئه بالعيد:
حتى متى أنت صب هائم وصب * حتى لقد كاد ان يودي بك العطب
كم قد اثار الهوى في القلب منك جوى * فالدمع ما زال من عينيك ينسكب
إذا تذكرت عهد البيض همت بها * ورحت منتشيا واعتادك الطرب
وكلما هبت النكباء أو نسمت * ريح الصبا يتمتك الخرد العرب
ربع الأحبة لا زالت تسح على * ساحاتك الغر من أنوائها السحب
سقيا ورعيا لأيام نعمت بها * بين الكواعب إذ عصر الصبا قشب
وموردا للهو صاف بينهن ولا * أسقى من العذب الا الظلم والشنب
بيض عوارضها صفر ترائبها * كأنها فضة قد شابها ذهب
لولا العفاف لما قد كان يحجبني * عنها العوامل والهندية القضب
لم انس موقفنا يوم الوداع ضحى * ودمعنا من حذار البين ينسكب
ترنو بعيني مهاة لم يمسهما * قذى وأومت لما ذا أنت منقلب
ما لي أراك تجد السير قلت إلى * طلاب مجد فما في عامل طلب
ولا ذمام ولا خيم ولا شيم * في ذا الزمان ولا في اهله حسب
إلا م أنت بدار الضيم تسكنها * وأنت في قعر بيت مقفر تعب
فسر ويمم بلاد الله مغتربا * فالمجد قد حازه ناء ومغترب
واسلك سبيلا إلى خير الورى حسبا * عدا وأفضل من سارت به النجب
أبو الجواد الذي عمت فضائله * الدنيا وطبق منها السهل والهضب
محمد بن امين الله من خضعت * لمجده في الزمان العجم والعرب
ينمى إلى الذروة العلياء من مضر * شاو تقاصر عنه السبعة الشهب
من معشر وطؤوا هام السماك علا * وفوق متن السهى أبياتهم ضربوا
من عاد بالنسب الوضاح مفتخرا * على جميع البرايا حين ينتسب
ما في الجدود كجدي المصطفى أحد * ولا كمثل أبي بين أرجال أب
السيد الندرب رب المجد والشرف * السامي ورب المزايا الماجد الحسب
والراسخ الحلم في يوم به اضطربت * أحلامنا وتخطت نحونا النوب
أبا الجواد فلا زالت أناملك * البيضاء تهمي بغيث دونه السحب
بالحلم والعلم سدت الناس كلهم * ونلت فخرا بجد ما به لعب
ومذ رآك فؤاد وهو من خضعت * له الأسود فظلت منه تضطرب
أولاك منه خضوعا والتقاك * بتعظيم وهابك اجلالا ولا عجب
وأبت بالمنصب السامي الجليل وبالنصر * المبين وأبراد المنى قشب
يا من به تدفع الجلي إذا عرضت * وباسمه تكشف الغماء والكرب
خذها إليك عروسا بنت ليلتها * تجلى عليك فامهرها بما تهب
هنئت بالعيد يا عيد الأنام ولا * برحت في نعمة ما دامت الحقب
ولا تزال عمر الأيام تحسدك العدى * ويأخذهم من خوفك الرهب
وله:
خليلي من عليا لؤي هديتما * وبلغتما من كل ما تسلان
ألما على اطلال لمياء بالغضى * لعلي أراها ساعة وتراني
نشدتكما الرحمن الا مررتما * على ربع ليلى وامضيا وذراني
لعل فتاة الحي تشفي بوصلها * فؤاد محب دائم الخفقان
وأشكو إليها ما لقيت من الجوى * وما شفني من حبها وشجاني
المياء هل بعد التقاطع والجفا * تواصل حبل بيننا وتداني
وهل ترجعن تلك الليالي كعهدنا * ونأمن ما نخشى من الحدثان
(٢٥٨)

وله:
صحا قلب هذا الصب من بعد ما صبا * وقد كان في حب الحسان معذبا
سقى الله أيامي بمنعرج اللوى * ملث الغوادي ما ألذ وأطيبا
نعمت به عصر الشباب مع المهى * أجرر أذيال الشبيبة معجبا
وله:
بأبي وأمي سبعة أحببتهم * لله لا لعطية أعطاها
بأبي النبي محمد ووصيه * والطيبان وبنته وابناها
الطيبان: حمزة وجعفر. ٦١٠:
الشيخ محمد بن حسين العاملي الجبعي المعروف بالشيخ محمد حسين الحر.
توفي سنة ١٣٢٤.
هو من ذرية الشيخ محمد بن محمود العاملي المشغري الشاعر المشهور
وليس من آل الحر بل لهم معهم خؤولة لا عمومة ولذلك نسب إليهم كان
عالما فاضلا كريما سخيا حسن الاخلاق كريم الطباع حلو العشرة وكان يرى
رأي الاخبارية قرأ مدة في النجف الأشرف ثم حضر إلى وطنه في جبع إلى أن
توفي فيها وقد بلغ سن الشيخوخة.
وكان ولده الشيخ محمد علي من العلماء الفضلاء توفي في النجف
الأشرف ونحن هناك. ٦١١:
السيد محمد ابن السيد حسين ابن السيد ناصر الدين الحسيني الشهير بكمونة
وباقي النسب في ترجمة السيد عبد الحسين بن علي.
قتل سنة ٩٢١ في الوقعة التي جرت بين الشاه إسماعيل والسلطان
سليم في أذربايجان كذا في بعض القيود ويأتي عن تاريخ عالم آراي عباسي
انه استشهد في حرب الشاه إسماعيل الصفوي الأول مع السلطان سليم
العثماني في جالدران سنة ٩١٨ والذي في تاريخ العثمانيين ان السلطان
سليم ولي الملك سنة ٩١٩ فالصواب ما ذكر أولا ويقال انه حمل إلى قم
فدفن فيها مع السلاطين الصفوية وكمونة تصحيف كمكمة على ما
قيل حتى عده في مجالس المؤمنين من الغلط المشهور وذلك أن أحد
أجدادهم وضعته أمه في كيس فقالت وضعته مكمكما فلقب كمكمة ثم
صحف كمونة والله أعلم بصحة ذلك. ورأيت في جبل عامل رسالة في
الجذر الأصم يلوح عليها آثار القدم خطها غير منقوط وهو جيد جدا كتب
عليها انها لابن كمونة ولا يعلم من هو هذا ابن كمونة: ومر الكلام على آل
كمونة على العموم في السيد عبد الحسين بن علي فليراجع. وفي مجالس
المؤمنين ما تعريبه:
ومن أكابر متأخري هذه الطائفة صاحب الترجمة نقيب مشهد النجف
ورئيس الشيعة في العراق خاف منه والي بغداد ازيك بك برناك لما قصد
الشاه إسماعيل الصفوي فتحها ان يساعد الشاه على تسليم البلد فسجن
السيد المذكور في بئر مظلمة أو حفيرة في بغداد وجمع الأطعمة وما يحتاج اليه
واستعد للحصار ثم فر الوالي فجاء البغداديون وأطلقوه ورد الشاه اليه
النقابة في جميع المشاهد وضربت له البوقات والطبول وبقيت النقابة في
أولاده إلى اليوم انتهى وفي تاريخ عالم آراي عباسي وهو كتاب
فارسي في تاريخ الصفوية الشاه عباس ومن قبله.
ان الشاه إسماعيل الأول الصفوي لما عزم على فتح بغداد كان رجل
يسمى ازيك التركماني قد ضبط بغداد وأطمع الشاه في فتحها فأرسل له
الشاه قلنسوة ومنطقة وخلعة فلبسها ثم تغير رأيه فاستعد لحرب الشاه فأرسل
الشاه حسين بك أحد قواده فلما صار على مرحلتين من بغداد هرب ازيك
إلى حلب وكان ازيك قد قبض على السيد محمد كمونة الذي هو من أعاظم
سادات النجف وصاحب الأمر والنهي في ذلك البلد وحبسه في بئر مظلم
فلما هرب ازيك جاء أعيان بغداد وأخرجوه وفي يوم الجمعة خطب في
المسجد الجامع بخطبة الاثني عشرية ودعا للشاه ودخل الشاه دار السلام في
العشرين من جمادي الثانية سنة ٩١٤ ويقال سنة ٩١٦ ونال السيد محمد من
الشاه كل اعزاز واحترام وولاه على النجف الأشرف وبعض محال عراق
العرب واستشهد السيد محمد كمونة في حرب الشاه إسماعيل مع السلطان
سليم العثماني في جالدران سنة ٩١٨ وقتل معه الأمير عبد الباقي والأمير
السيد شريف الصدر آه وقد عرفت ما هو الصواب في تاريخ قتله وان
الوقعة كانت سنة ٩٢١ وذلك أن السلطان سليم توجه إلى إيران من ناحية
أذربايجان ولما سمع بذلك الشاه إسماعيل خرج لمقابلته في عشرين ألف
مقاتل ومعه المترجم والظاهر أنه استصحبه معه من العراق ولما اصطفت
العساكر للقتال وقف الشاه مع المترجم ومير عبد الباقي وكيل السلطان ومير
سيد شريف الصدر الأعظم في القلب فوقعت الغلبة على عسكر الشاه وقتل
منه خمسة آلاف واستشهد المترجم والوكيل والصدر الأعظم ودخل السلطان
سليم دار السلطنة تبريز وتخلف المترجم بالسيد حسين والسيد احمد.
والسيد حسين كانت له النقابة بالعراق ويوجد في يد خلفهم وثائق وحجج
من النقباء ومن ولاة الدولة العثمانية أرانا إياها الحسيب النسيب النجيب
السيد ناصر ابن السيد حبيب كمونة في النجف سنة ١٣٥٢ وبعضها مختوم
بخاتم السيد حسين هذا على الظاهر والمكتوب في الخاتم هكذا نقيب
الاشراف السيد حسين كمونة وتاريخه سنة ٩٥٠ ومنها وثائق بالتركية بتاريخ
١١٥٦، و ١١٦٤ و ١١٩٠ و ١١٩٦ وغير ذلك.
وبقيت سدانة الحضرة الشريفة العلوية فيهم إلى عهد الملا يوسف
الذي ولي السدانة مدة حياته ثم وليها بعده السيد رضا الرفيعي والد السيد
جواد الرفيعي ولما قتل السيد رضا تولى ولده السيد جواد وبقيت السدانة في
ذريته إلى اليوم. ٦١٢:
السيد محمد بن الحسين بن محمد بن محسن بن عبد المطلب بن علي بن
فاخر بن أسعد بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن أحمد أمير الحاج الحسيني
النجفي.
توفي سنة ألف ومائة ونيف وثمانين في النجف ودفن بها.
كان عالما فاضلا أديبا شاعرا تلمذ على السيد نصر الله الحائري
ومدحه وله الآيات الباهرات في مدائح النبي والأئمة عليه وعليهم الصلوات
شعر جعل فيه لكل معصوم تسع منظومات ذكر في كل واحدة منها آية
بالشعر أو الرجز أو الموشح أو المقامة فمن شعره قوله في العباس بن علي
ع:
بذلت أيا عباس نفسا نفيسة * لنصر حسين عز بالجد عن مثل
أبيت التذاذ الماء قبل التذاذه * وحسن فعال المرء فرع عن الأصل
فأنت أخو السبطين في يوم مفخر * وفي يوم بذل الماء أنت أبو الفضل
(٢٥٩)

وله من قصيدة:
شريت دنياي من جهلي بضرتها * بيع الجهالة فيه يغبن الرجل ٦١٣:
الحاج محمد حسين بن الحاج محمد حسن القزويني الشيرازي.
توفي في ذي الحجة سنة ١٢٤٩.
له كتاب رياض الشهادة وكتاب إلهي نعمة. ٦١٤:
السيد محمد حسين المعروف بالسيفي ابن الأمير إبراهيم القزويني.
كان شيخ بحر العلوم له معارج الاحكام وله القضاء والشهادات
ولعله من مجلداته. ٦١٥:
المولى محمد حسين ابن المولى علي أصغر الصفي آبادي الخبوشاني.
توفي سنة ١٢٦٢ ودفن في دار التوحيد المباركة في المشهد الرضوي
كان من تلامذة الميرزا محمد مهدي الشهيد. ٦١٦:
الشيخ محمد حسين القزويني.
توفي في ٧ المحرم سنة ١٢٨١.
له من المصنفات مجلدات في الفقه في المطهرات والحيض والصلاة
والزكاة والصوم والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والكفارات
والوقف والتجارة والنقد والدين وبيع الحيوان والصلح والرهن والوديعة
والضمان والكفالة والعارية والدين والنكاح والطلاق والوصية والمواريث
والأطعمة والأشربة والشهادات والحدود والقصاص وكتاب في المنطق. ٦١٧:
السيد محمد حسين ابن عمنا السيد عبد الله
توفي سنة ١٣٣٤ في أثناء الحرب العامة في قرية اليهودية. كان عالما
فاضلا تقيا نقيا ثقة صالحا شهما أبيا أديبا شاعرا قرأ على أبيه وعلى الشيخ
مهدي شمس الدين وقرأنا عليه في أوائل الطلب سكن قرية اليهودية إلى أن
توفي. تخلف بولده السيد موسى.
شعره
من شعره قوله يهني المرحوم السيد علي ابن عمنا السيد محمود
بزفاف:
خطرت فما كقوامها الخطار * ورنت فما كلحاظها البتار
وبدت تمايل في غلائل دلها * تيها فما الظبيات والأقمار
هيفاء لعساء اللمى رعبوبة * غيداء طيبة الشذا معطار
حوراء ساجية الجفون بفرعها * وجبينها ليل سجا ونهار
غراء ذات نواظر نجلاء بالألباب * تفعل كيفما تختار
سلت من الأجفان اي مهند * بشباه يرى الباسل الكرار
وتقول كبرا ما قتيل سهامنا * يودي وكل دم تطل جبار
وبثغرها ضرب وفي لحظاتها * عطب وناعس طرفها سحار
ناديتها عطفا على ذي غلة * للوجد منها في حشاه أوار
هل عهد موقفنا بمنعرج اللوى * باق وهل بعد البعاد مزار
هذا الزمان قد ازدهى وبدوحة * الاقبال غرد بلبل وهزار
وبنغمة الألحان فوق غصونها * هتفت ترجع سجعها الأطيار
لزفاف أعظم سيد من هاشم * بر نمته سادة ابرار
الجهبذ الفذ المبرز من له * الأنجاد في العلياء والأغوار
مولى الأنام وبدر هالة عزها * وعليها وخضمها الزخار
علم تلوذ العالمون بظله * ولديه يحمى للنزيل ذمار
وبه لأوج العز عليا هاشم * شمخت وعزت يعرب ونزار
من معشر كالأسد ليس يروعهم * عند اللقاء الجحفل الجرار
لله اي قران ازدوجت به * الأفراح وابتهجت به الأقطار
بأريجه عبق الوجود مضخما * وبه التهاني للأنام شعار
فاهنأ أبا عبد الحسين بعرسك * الميمون ولتهنأ بك الأمصار
لعلاك زفت من عقائل هاشم * غراء حليتها على وفخار
لا زلت في حرز المهيمن ما من * الوسيمي جاد العارض المدرار
وبقيت قطبا للشريعة ما لها * الا عليك مدى الزمان مدار
وقال يرثي اخاه المرحوم السيد احمد وقد توفي بطريق العراق سنة
١٣٠٥:
ابان اصطباري صوت ناعيك احمد * فخذي من فيض الدموع مخدد
وأصبحت كالطير الكسير جناحه * تغور بي الأحزان طورا وتنجد
وقد كنت قبل اليوم ذا جلد إذا * المت رزايا الدهر أو أتجلد
إلى أن أتيحت لي بفقدك حسرة * لها في فؤادي جذوة ليس تبرد
واقصدني الدهر الخؤون بأسهم * بها صرت لا أدري إلى أين اقصد
ولم يبق لي صبر ففي كل ساعة * من الدهر لي وجد عليك مجدد
إلى الله أشكو من فراقك لوعة * يذوب لها قلبي ويفنى التجلد
وكيف سلوي والجوى يصدع الحشى * ونار الأسى بين الضلوع توقد
وعندي ما لو أن في الشم بعضه * من الوجد يوما أوشكت تتبدد
ولي كبد حرى وعين قريحة * ونفس شج حسرى ونوم مشرد
الا ليت شعري هل لك الدهر أوبة * بها لوعتي تطفى وعيني ترقد
وهيهات من لي بالتواصل واللقا * وقد غال قلبي فيك بين مؤيد
لقد سعدت ارض حللت بتربها * وبالساكنين الأرض تشقى وتسعد
وقائلة لما تنهدت حسرة * وما الحزن الا حسرة وتنهد
أراك شجي القلب حلف كآبة * أخا نفثات بالزفير تصعد
علا م تطيل النوح وجدا وما الأسى * حميد على ما فات والصبر احمد
فقلت لها كفي الملام فقد قضى * غريبا بقفر شاحط الدار احمد
تناءى عن الأهلين والولد فاغتدى * رهينا بها يبكيه مجد وسؤدد
ثوى مفردا أفديه في دار غربة * وكل امرئ في ضيق اللحد مفرد
أراد سموا للعلى فسما به * لأوج المعالي الغر أصل ومحتد
أ في كل يوم من بني الطهر فاطم * هلال دجى تحت الصفائح يلحد
وفي كل يوم مرهف الحد صارم * له الموت في خط من الأرض يغمد
لعمر أبي ليس البقاء بمكمن * وكل امرئ للموت لا شك يولد
مضى اليوم عني أعلق الناس بالحشي * ومن هو في الشدات عضب مجرد
سقى رمسه من وابل العفو ديمة * تجود بدمع هاطل ليس ينفد
تساق بأرواح النعيم لقبره * فتبرق بالرضوان فيه وترعد
وقال يرثي السيد علي ابن عمه السيد مهدي ويعزي عنه السيد كاظم
ابن السيد احمد واخاه السيد محمد ابن السيد مهدي:

(١) مطلع الشمس.
(٢٦٠)

عط مني الحشى وأذكى الفؤادا * صوت ناع نعى الهدى والرشادا
جلل فأقم الم ورزء * طبق الأرض هضبها والوهادا
علم باذخ بعلياه كنا * ندفع الهول والخطوب الشدادا
كان للدين مرهفا مشرفيا * يحطم السمر والسيوف الحدادا
ولعين الرشاد كان سوادا * ولجسم الكمال كان فؤادا
يا لها نكبة أتاحت مصابا * البس الكون ظلمة وسوادا
سددت نحو هاشم سهم غدر * اقصد السيد الهمام الجوادا
أورثت بعده الشريعة حزنا * وعيون الورى قذا وسهادا
يا نعيا نعاه ويحك لا * بلغت رشدا ولا بلغت مرادا
قد نعيت الورى لنا بعلي * ولطرف الهدى نعيت الرقادا
بحر علم وطود حلم تسامي * صرح مجد وسؤدد لن يشادا
لا تلمني على إذالة دمعي * فالجوى أوقد الحشى ايقادا
فلتذب حسرة سويداء قلبي * بعد من للعيون كان السوادا
وثوى بالغري من بعد ما كان * اليه الزمان القى القيادا
سار للخلد إذ تزود من تقواه * والزهد للقيامة زادا
وبدار النعيم مذ حل رضوان * كساه من سندس أبرادا
ان تكن غيبته عنا الليالي * وبنا فادح المصاب تمادى
فلنا كاظم حليف المعالي * عيلم نستمد منه الرشادا
ذاك ركن به الشريعة عزت * وعميد للمجد شاد العمادا
أرشد الناس للرشاد هداه * وعن الدين سورة الغي ذادا
من حوى مثل كاظم الغيظ فضلا * وكمالا وعفة وسدادا
ولنا أشرف الأنام أصولا * وفروعا وخيرها أجدادا
ذو المعالي محمد من بعلياه * تسامى وفي البرية سادا
أيها الماجد الذي أحرز الفضل * بمجد سما به الأمجادا
كن صبورا لفادح فت في الأعضاد * منا وقرح الأكبادا
وعلى تربة أناخ علي * في ثراها صوب من العفو جادا
وقال يرثي عمه السيد علي المتوفى سنة ١٣١٥:
هوى اليوم من عليا نزار ركينها * وأقفر من بعد الليوث عرينها
واقلع عن أرجائها ممرع الحيا * فأمحل واديها وغاض معينها
أتاحت لها الأقدار اية نكبة * بها من متون الفخر هد متينها
وفلل منها مرهف كانت العدى * تفل به آحادها ومثينها
وأودي الردى من عامل بعمادها * وركن علاها من اليه ركونها
وغال الزمان ابن الأمين بها فقل * من اليوم بعد ابن الأمين أمينها
فهاتيك عين المكرمات لفقده * تذيل أسى حمر الدموع شؤونها
وتلك برغم المجد هاشم بعده * غدت كشمال بان عنها يمينها
وان الندى منها تعفت رسومه * وان العلى منها أصيب وتينها
وقد فقدت بعد العميد سناءها * فحق لها إعوالها ورنينها
وغاب سناها من به طالما انجلى * عن الخلق من سحب الحوادث جونها
لتنض برود الفخر بعد عميدها * علي فما من بعده من يزينها
لتلو لؤي جيدها بعد ماجد * اليه المعالي انقاد طوعا حرونها
عزاء عن المولى بني المجد فالرضا * ربيب المعالي بعده وخدينها
حليف هدى ينمى لأكرم دوحة * زكت فاستطالت ناميات غصونها
وناهيك من عبد الحسين بسابق * به هذه الأيام قرت عيونها
هما ليمين المجد كف وساعد * أجل وهما انف العلى وجبينها
وحيا من الرضوان رمسا به ثوى * علي ركام مستهل هتونها ٦١٨:
السيد محمد حسين الملقب بالسيد بزرگ ابن محمد جعفر بن محمد حسين بن
جعفر بن طيب بن محمد بن نور الدين بن نعمة الله الموسوي الجزائري.
ولد سنة ١٢٧٥ في شوشتر وتوفي ليلة ١٥ شوال سنة ١٣٥٠ ودفن
حسب وصيته في مقام الحسين في شوشتر.
كان عالما أديبا فقيها عابدا زاهدا متضلعا في تاريخ الاسلام. قرأ في مدرسة
بلده القرآن والآداب الفارسية وتعلم الخط لدى السيد أسد الله القاضي
المرعشي الشوشتري تلميذ وصال الشيرازي ففاق في ذلك كما درس العلوم
العربية والرياضيات والفقه والأصول ثم هاجر إلى النجف ثم إلى سامراء
وحضر درس الميرزا محمد حسن الشيرازي ثم عاد إلى وطنه وتابع الدرس
لدى السيد حسين الحكيم والسيد جعفر الهمداني ثم سافر إلى حيدرآباد
الدكن ودرس هناك بعض العلوم الغريبة.
وقد عرف بالصبر على الرزايا والمحن حتى أنه استقبل القبلة بولده
السيد عبد الله المتوفى وعمره ٢٥ سنة حال احتضاره وشرع بتلاوة القرآن
وغسله ولم ير منه أدنى جزع مع رقة قلبه، ولم ينهر سائلا بلا يعطيه ما تيسر
ويعتذر ان كان قليلا وقد يؤثر الفقراء على نفسه وكانت له قطعة ارض
بشوشتر تسمى زير بارو وفيها أشجار من سدر فلم يؤجرها في عام مجاعة
وأباح ثمرها للفقراء يسدون به رمقهم وكان كثير الحفظ يحفظ غالب ما يقرأه
أو يسمعه ويحفظ جملة من المتون والمنظومات العلمية والأشعار العربية
والفارسية والسير والتواريخ واستظهر من القرآن الكريم قريبا من ثلاثة
أرباعه وجميع فضلاء شوشتر في ذلك العصر يعدون من تلامذته. وكان
قانعا من الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف واعتزل الناس في أواخر
عمره وكان يصرف أغلب أوقاته في المسجد الجامع.
خلف ولدا واحدا اسمه حسن. ٦١٩:
محمد بن الحسين ذو الدمعة بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي
طالب ع
روى الحديث وكان بالري وله بقية وأولاده. ٦٢٠:
الميرزا محمد الرضوي بن الميرزا حسين الرضوي الملقب أبوه بالقدس ابن
ميرزا حبيب الله الرضوي.
توفي في رجب سنة ١٢٦٦ عن ٧٤ سنة في المشهد الرضوي ودفن في
مسجد الرياض بجانب الحرم المطهر.
قال في الشجرة الطيبة: كان أبوه الميرزا حسين ورعا على سنة أجداده
زاهدا في الدنيا وذهب المترجم في أوائل سنه إلى العتبات العاليات وقرأ على
صاحب الرياض حتى بلغ مراتب العلم وإجازة موجودة بخط وخاتم
صاحب الرياض على ظهر الشرح الكبير وكذلك اجازه الشيخ عيسى زاهد
النجفي على ظهر بعض مؤلفات المترجم التي عندي بهذه الصورة: لعمري
لقد شهد هذا التصنيف الرائق والتحرير العجيب الفائق على اجتهاد صاحبه
المؤيد بتوثيق الملك العلام وكمال تبحره في بحور دقائق علمائنا الأعلام
وحسن تفرده بأبكار أفكار لم تجر على السنة الأفواه منهم والأقلام ولطف
اعتدال سليقته المنزهة عن الاعوجاج لدى ذوي الأفهام كما يعرف ذلك من
(٢٦١)

جاس خلال تلك الديار واقتطف من جنى هاتيك الأثمار وتزود من شميم
روائح هذه الأزهار وتزوج من خرائد ابكار هذا الأفكار أدام الله وجوده
رحمة للعالمين وتفضلا منه جل جلاله على العالمين والمتعلمين بحق محمد وآله
الهداة عليه وعليهم أفضل السلام والصلاة المفتقر إلى الغني الواحد
عيسى بن الحسين الملقب بالزاهد النجفي مولدا ومسكنا وانشاء الله تعالى
مدفنا.
الخاتم
عيسى الزاهد
وكذلك اجازه السيد محمد القصير على ظهر بعض مصنفات المترجم
الموجود عندي بالفارسية.
وكذلك السيد مهدي ابن السيد محمد باقر المعروف بالرشى كتب في
ظهر كتاب مطالع الأنوار من مؤلفات حجة الاسلام الذي أهداه للمؤلف
وكتب عليه هدية إلى العالم العامل والفاضل الكامل والفقيه الباذل زبدة
العلماء والأجلة ونخبة الأبرار والأعزة السيد الأجل الأوحد مولانا ميرزا
محمد سلمه الله وأبقاه وكثر أمثاله آه وكان شريكا مع السيد محمد
المجاهد صاحب المناهل في القراءة على صاحب الرياض وكان بينهما
مناظرات في بعض المسائل منها مسالة حجية الشهرة كتب فيها صاحب
المناهل وشرحها المترجم واعترض عليه فيها وأول الشرح: احمد من تنزه
عن خواطر الظنون وأحاط علمه بما كان أو يكون. وكتب السيد إبراهيم
الموسوي القزويني على ظهر بعض مؤلفات المترجم: لقد أجاد صاحب هذا
المصنف الجليل في اقتناص المدلول من الدليل وجاء بما يبهر العقول في
تطبيق الفروع على الأصول وأعرب عن تحقيق مشكلات المسائل بتحرير
أنيق نافع للمبتدي والواسطة والمواصل فلا غرو ان أحرز من بين الفضلاء
قصب السباق وفات الجهابذة المحققين عن المحاق فهو العلامة العلم
المهذب وعذيقها المرجب فليشكر الله سبحانه على ما وفقه له من المرتبة
السنية والموهبة السماوية والملة التي رقى بها معالي الدرجات واعترف له
بالفضل اهل الملكات آه.
له من المؤلفات ١ شرح رسالة صاحب المناهل في حجية الشهرة
كما مر ٢ شرح على احكام الخلل من الشرائع ٣ مناهج الأحكام من
الطهارة إلى القضاء والشهادات ٤ سؤال وجواب في الفتاوي الشرعية
٥ شرح معالم الأصول ٦ رسالة في قواعد أصولية ٧ رسالة في الشبهة
المحصورة ٨ رسالة في الماء القليل ٩ رسالة في الحقيقة الشرعية وغير
ذلك. وكان له في عصره رياسة عامة ومرجعية تامة يرجع اليه في المسائل
التقليدية وتجبى اليه الأموال من الأطراف وكان يصلي اماما في مسجد
سبستان كوهر شاد المعروف الآن بشبستان ميرزا محمد ويسد الطريق في
صحن المسجد فلا يمكن العبور فيه وكان متعففا عن جوائز الظلمة أعطاه
آصف الدولة القاجاري جائزة مالية سنية وقدم له حجج بعض أملاكه
فردها:
كذا فلتكن عزة المرسلين والا فما الفخر يا فاخر
وكان وقته مصروفا في ترويج الشرع المطهر والقضاء بين الناس
والتصنيف والتأليف وكان له ثلاثة أولاد الميرزا احمد وهو أكبرهم والميرزا أبو
الحسن وهو أصغرهم والميرزا محمود وهو أوسطهم.
وفي فردوس التواريخ: السيد السند والعالم الكامل المؤيد فخر
العلماء العاملين وبدر الفقهاء والمجتهدين المولى الأعظم الأمجد الأوحدي آقا
ميرزا محمد الرضوي فاضل تحرير ومحقق بصير وعالم بلا نظير أكمل الفقه
والأصول عند صاحب الرياض واشتغل في المشهد المقدس بالتدريس وتربية
الطلاب وارتقى جماعة كثيرة من الأفاضل الذين حضروا درسه وتربوا بتربيته
إلى درجات العلم والعمل بحيث تحتاج ترجمة كل واحد إلى دفتر على حدة
وانتهت اليه الرياسة العامة والخاصة وامامة الجماعة في المشهد المقدس وكان
مقبولا عند العامة والخاصة. ٦٢١:
السيد محمد الحسيني الجزيني العاملي
له الكشكول فيما جرى على آل الرسول وجدت منه نسخة في جبل
عامل ألفه بالتماس بعض الأمراء ولعله صاحب الاثني عشرية. ٦٢٢:
السيد ميرزا محمد الحسيني الشيرازي الآصفي
كان من أفاضل عصر فتح علي شاه وحفيده محمد شاه القاجاريين.
وكان شاعرا ويتخلص في شعره تارة بحيرة وأخرى إشراق.
له تواليف كثيرة منها شرح لطيف على نهج البلاغة، وديوان شعره.
وقبره بمقبرة يزد. ٦٢٣:
السيد محمد بن حمد بن حسن بن علي بن شدقم بن ضامن بن محمد ابن
عرمة الحسيني المدني
ذكره السيد ضامن بن شدقم في كتابه فقال: كان فقيها فاضلا صالحا
تقيا نقيا شهما ذا صلابة في الدين وحماسة على المعتدين قامع السنة المتمردين
المتزندقين مات ولم يعقب. ٦٢٤:
محمد بن حماد
لا نعلم من أحواله شيئا سوى ان له مشاركة في مساجلة شعرية
جرت في بعلبك بين عشرة علماء أدباء من العامليين وغيرهم وجدت في
مجموعة شعرية كتبت في ذلك العصر سنة ١١٠١ وذكر في ترجمة الشيخ
حسن بن علي الحانيني قال المترجم له فيها:
أطمعت نفسي وقلت الدهر يجمعنا * ودون ذلك أهوال وأهوان
تجرع الصبر يحدث بعده فرج * فللمحبين اسرار وكتمان
وتوجد أشعاره كثيرة تنسب لابن حماد من غير ذكر اسمه لكن الظاهر أن
الاطلاق ينصرف إلى علي بن حماد.
وهنا أبو الحسن محمد بن حماد الحويزي المشهور بابن حماد الشاعر
المعاصر للمجلسي وقد توفي في الحلة حدود ١٠٣٠ ودفن بها.
وقال في رياض العلماء في ترجمة علي بن حماد بن عبيد الله العدوي أو
العبدي الأخباري البصري: ان ابن حماد الشاعر يطلق على جماعة أعرفهم
اثنان أحدهما الشيخ محمد بن حماد من المتأخرين والآخر علي بن حماد المذكور
من القدماء كثيرا ما يشتبه حال كل منهما على الأغلب بالآخر حتى على جماعة
(٢٦٢)

من فحول اهل العلم آه أقول: وجدنا في عدة مواضع من مجاميع
وغيرها أشعارا منسوبة لمحمد بن حماد في أهل البيت ع منها
قوله:
لغير مصاب السبط دمعك ضائع * ولم تحظ بالحظ الذي أنت طامع
فقاموا يرون الموت أكبر مغنم * وما منهم إلا عن السبط دافع
وقام لهم سوق من الموت رائج * وتجاره سمر القنا والقواطع
ونادى منادي الموت واشتجر القنا * وقد نشرت للبيع ثم البضائع
فكم بائع باع السعادة والمنى * وكم غاب ذاك اليوم شار وبائع
فلله كم أقمار ثم تساقطت * على الأرض صرعى فهي منها طوالع
وله من قصيدة:
فمتى تعود لآل احمد دولة * ونرى لملك الظالمين زوالا
يا آل احمد أنتم سفن النجا * وبكم أفوز وأبلغ الآمالا
الله انزل هلى أتى في مدحكم * والنمل والحجرات والأنفالا
وانا ابن حماد وليكم الذي * لم يرض غيركم ولم يتوالا
وله من قصيدة:
مصارع أولاد النبي بكربلا * عليها بكائي ما حييت طويل
قبور عليها النور يزهو وعندها * صعود لأملاك السما ونزول
قبور بها يستدفع الضر والأذى * ويعطي بها رب السما وينيل
وله:
واني ابن حماد بمدح أئمتي * أعيش وعيشي في الزمان حميد
احبر في آل النبي مدائحي * وأحسن ما حبرته وأجيد
وله:
إذا نزع الانسان ثوب شبابه * فليس يرى الا إلى الموت مسرعا
كفاك بخير الخلق آل محمد * أصابهم سهم المصائب أجمعا
وان لهم في عرصة الطف وقعة * تكاد لها الأطواد ان تزعزعا
غزتهم بجيش الحقد أمة جدهم * ولم ترع فيهم من لهم كان قد رعى
وله:
ان يوم الطفوف لم يبق لي من * لذة العيش والرقاد نصيبا
يوم سارت إلى الحسين بنو حرب * بجمع فنازلوه الحروبا
وحموه من الفرات فما ذلق * سوى الموت دونه مشروبا
في رجال باعوا النفوس على الله * فنالوا ببيعها المرغوبا
فكأني بصحبه حوله صرعي * لدى كربلا شبابا وشيبا
وكأني بزينب إذ رأته * عاريا دامي الجبين تريبا
كنت حصني من الزمان إذا ما * خفت خطبا دفعت عني الخطوبا
يا هلالا لما استتم كمالا * غاله خسفه فأهوى غروبا
ما توهمت يا شقيق فؤادي * كان هذا مقدرا مكتوبا
وله:
هن بالعيد ان أردت سوائي * اي عيد لمستباح العزاء
ان في مأتمي عن العيد شغلا * قاله عني وخلني بشجائي
فإذا الناس عيدوا بسرور * كان عيدي بزفرة وبكاء
وإذا جددوا الأبزة جددت * ثيابا من لوعة وضناء
وإذا أدمنوا الشراب فشربي * من دموع ممزوجة بدماء
وإذا استشعروا الغناء فنوحي * وعويلي على الحسين غنائي
وقليل لو مت هما ووجدا * لمصاب الغريب في كربلاء
آه يا كربلاء كم فيك من كرب * لنفس شجية وبلاء
أألذ الحياة بعد قتيل الطف * ظلما إذا لقل حيائي
كيف لا اسلب العزاء إذا ما * انا مثلته سليب الرداء
كيف لا تسكب الدموع جفوني * بعد تضريح شيبه بالدماء
تطأ الخيل جسمه في ثرى * الطف وجسمي يلتذ لين الوطاء
بأبي زينبا وقد شبيت في * الطف من خدرها كسبي الإماء
ورأت صنوها طريحا على الترب * معرى مجدلا بالعراء
يا بني احمد السلام عليكم * ما أنارت كواكب الجوزاء
أنتم صفوة الاله من العالم * من يعد خاتم الأنبياء
وله:
أ يفرح من له كبد يذوب * وقلب من صبابته كئيب
وقفت بكربلاء فهيجت لي * كروبا ليس يشفيها طبيب
ومثل لي الحسين بها غريبا * بنفسي ذلك النائي الغريب
فلا سعد ابن سعد حين حثت * إلى حرب الحسين به الحروب
عجبت لهم وحلم الله عنهم * وكل فعالهم تعس عجيب
حبيب محمد فيهم صريع * يناديهم وليس له مجيب
بنات محمد فيهم سبايا * ورحل محمد فيهم نهيب
كأني بالنساء مهتكات * عليهم الكآبة والشحوب
فلما ان بصرن به صريعا * له خد على الرمضا تريب
سقطن على الوجوه مولولات * وأدمعهن واكفة تصوب
صلاة الله والأملاك تترى * عليهم ما سرت في الأرض نيب
لعبدكم ابن حماد قريض * يلذ سماعه الفطن الأديب ٦٢٥:
الشيخ محمد بن حمدان بن محمد الحمداني
رئيس الأصحاب ومقدمهم بقزوين عالم واعظ له كتاب الفصول في
ذم أعداء الأصول رسالة في المناظرة بينه وبين الملاحدة. ٦٢٦:
محمد بن حمران بن أعين بن سنسن الشيباني
في رسالة أبي غالب الزراري انه لقي أبا عبد الله جعفر بن محمد
وروى عنه. ٦٢٧:
محمد بن حمزة الحسيني
أورد له ابن شهرآشوب في المناقب هذه الأبيات:
بحبل رسول الله والبر حيدر * وشبليه والزهراء مفقودة العدل
وحبل علي وابنه ثم جعفر * وكاظمه ثم الرضا وابنه العدل
وحبل علي ابن الزكي محمد * وبابن له المشهور بالحسن الكفل
وبالقائم المهدي من آل احمد * سمي لطه الطهر خاتمة الرسل ٦٢٨:
أبو الطيب محمد بن حمزة بن عبد الله بن العباس بن الحسن بن عبيد الله بن
العباس بن علي بن أبي طالب ع
قتل في صفر سنة ٢٩١.
(٢٦٣)

في عمدة الطالب: كان من أجمل الناس مروءة وسماحة وصلة رحم
وكثرة معروف مع فضل كثير وجاه واسع واتخذ بمدينة الأردن، وهي طبريا
ضياعا وجمع أموالا فحسده ضفرين خضر الفراعني فدس اليه جندا قتلوه في
بستان له بطبريا في صفر سنة ٢٩١ ورثته الشعراء وكان عقبه بطبريا يقال
لهم بني الشهيد. ٦٢٩:
أبو العباس محمد بن حمزة بن أحمد بن محمد بن العباس بن محمد المطبقي بن
عيسى بن محمد الرئيس بن علي بن عبد الله بن جعفر الطيار
في عمدة الطالب كان فقيها بباب الشعير من بغداد يعرف بابن
ميمونة. ٦٣٠:
الأمير مجد الدين محمد الحسيني المتخلص بمجدي
له كتاب زينة المجالس في التاريخ ألف سنة ١٠٠٤.
في الرياض: هو شريف الدين أبو عبد الله محمد بن الحسين بن إسحاق
بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد
علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع المعروف بنعمة وهو
الذي صنف له الصدوق الفقيه. ٦٣١:
الشيخ محمد ابن الشيخ حمزة بن حسين التستري الأهوازي الحلي المعروف
بالملا.
ولد سنة ١٢٤٣ وتوفي سنة ١٣٢٢ وحمل إلى النجف ودفن هناك.
كان شاعرا أديبا ومن شعره قوله يرثي السيد جعفر الحلي الشاعر
المشهور من قصيدة:
اظلم حزنا أفق المجد * مذ غاب عنه قمر السعد
ومن لؤي فل صرف الردى * غرب حسام مرهف الحد
أ جعفر للآلاء قد غاب أم * أرخت: غاب البحر في اللحد
أخذ عن السيد مهدي ابن السيد داود والشيخ حمزة البصير والسيد
حيدر والشيخ حمادي نوح وأكثر ما اخذ عن الشيخ حمادي كان وراقا مليح
الخط لبق اليد كف بصره في أواخر أيامه نظم الشعر في صباه وعمر فأكثر
تصرفا في اللفظيات وتفننا في البديعيات حتى صار رأسا في هذا الشأن
واهتدى إلى أنواع لم يسبق إليها وهو مكثر وجد من شعره خمس مجلدات
بالحلة أكثرها بخطه وكان يقيد كل ما ينظمه من الغث والسمين تقييدا متقنا
فيضبط على أبيات القصيدة ويوم عملها وشهره وسنته وتاريخ نسخها ونقلها
إلى ديوانه وكان لا يجود المطولات والمقاطيع وهو على ذلك في البيتين والثلاثة
أقدر. وقد انفذ أكثر شعره في أهل البيت ع وكان مولعا
بالجناس خاصة فمنه قوله:
قم عاطنيها كالدمع صافية * ومن قلاها لا تدعه نبها
واهتف بما تشتهي فعذ لنا * لهم قلوب لا يفقهون بها
وقوله مقتبسا:
لما بدا عذاره لي وقد * هيم قلبي زهره المحجب
غدوت عنه سائلا خده * فقال لي هو البلد الطيب
وله في الاكتفاء:
يا من غدا كالنسيم لطفا * ولا أرى من حشاه أقسى
كنت أظن الغرام قسما * لكن وجدت الغرام أقسى
وله:
من انا عند الله حتى إذا * أذنبت لا يغفر لي ذنبي
العفو يرجى من بني آدم * فكيف لا أرجوه من ربي
وله:
على الفرات رأيت الشمس بازغة * والفلك تجري به في قدرة الملك
مذ مد بينهما طرفي رأى عجبا * للجري والسير بين الفلك والفلك
وله:
يا خليلي ان تريدا مواساتي * فعن سنة الوفا لا تحيدا
وإذا رمتما تحيدان عني * فاتركاني القى الخطوب وحيدا
وله:
مشوقك بثك أشواقه * ويعلمهن اللطيف الخبير
فأجمل تفصيلهن اللسان * وفصل اجمالهن الضمير
وله:
يا من غدا الشيب له زاجرا * يذكره والجهل ينسيه
تطمع من عمرك في رجعة * وقد مضى الأمس بما فيه
وله:
وحقك لما بثت الكتاب * نهضت فحييته قائما
عديد الثرى والحصى والمياه * ونجم السما وبني آدما
وله في التلفيق:
أناخ الهوى في القلب مني ركبه * قديما والقى رحله برحابه
وواقى الشجى فانصاع قلبي والها * فلم يرحلا عنه وما برحا له
وله عاقدا:
ظن الضنين بأنه * يغدو بعز ماكث
فيروح ظمآنا كما * يغدو ببطن غارث
مال البخيل مبشر * في حادث أو وارث
وقال:
اني لأعجب إذ تسئ * وأنت بالاحسان أحرى
أحيا بقربك تارة * وأموت بالهجران أخرى
وله:
غدا ريق الحبيب يقول جهرا * لقد جعل الاله بي الحياة
أ ما يكفيكم في الذكر مدحي * وأسقيناكم ماء فراتا
وله:
يأمرني بالصبر وهب ولا * تملك نفسي في الهوى صبرا
قد سحرتها للظبي أعين * هاروت منها اقتبس السحرا
هل لي روحان إذا غابت الأولى * انا استمتعت بالأخرى
وكان رجل من أدباء الحلة يقال له الشيخ علي أبو شعاثة إذا لقيه رجل
(٢٦٤)

وقال له مرحبا يغضب ويسخط عليه ويسبه فقال فيه المترجم:
قال قوم لعلي مرحبا * فغدا يعرض عنهم مغضبا
قلت لما عجبوا لا تعجبوا * فمتى ود علي مرحبا
وقال:
يا من سباني في معاطفه * التي سبت الأراكا
وسرى إلى جسمي الضنا * من جفنه فاخترت ذاكا
وودت ان جوارحي * وجوانحي مقل تراكا
يا كرخ جاد عليك مدرار * الحيا وسقى ثراكا
قلبي يحدثني بأنك * متلفي روحي فداكا
لي بالغرام طبيعة * وتطبع طبعي هواكا
الأول له والثاني للتلمساني واصله:
وسرى إلى جفني الضنا من جفنه * واخترت ذاك لأنه من عنده
والثالث لصدر الدين بن الوكيل واصله:
وودت ان جوارحي وجوانحي * مقل تراك وكلهن عيون
والرابع لابن أبي الحديد واصله:
يا كرخ جاد عليك مدرار الحيا * وسقى ثراك من الرواعد مسبل
والخامس لابن الفارض واصله:
قلبي يحدثني بأنك متلفي * روحي فداك عرفت أم لم تعرف
والسادس لحمادي بن الكواز واصله:
لي بالغرام طبيعة وتطبع * طبعي هواك وما عداه تطبع
وله:
من لي بمن أشمت بي حسدي * حين غدا يدأب في ظلمي
سرت إلى أعطافه صحتي * وسقم جفنيه إلى جسمي
وقوله:
انني يا عترة الهادي * وأبناء النبوة
اشتكي ضعفي إليكم * فأعينوني بقوة
وله في التوجيه وهي تزيد على المائة بيت:
في مبتدأ الحب أفشت عفتي خبري * وان حالي يتميز يعرفني
فالحب ينصبني والوصل يرفعني * والهجر يخفضني والعذل يحزمني
وله في التشطير:
ان تسألي عن فؤاد الصب يوم حدا * عن لعلع فيك حادي البين أينقه
فالحب هيمه والوجد تيمه * والدمع أغرقه والهجر أحرقه
وقال في مراعاة النظير:
مقراض هجركم في ثوب مصطبري * من الهموم جرت في طرقه ابر
وفي خيوط السقام الحب خيطه * ومنه تفصيله قد أحسن القدر
وله فيه:
صندوق صبري قدوم الهوى نجرت * ألواحه بعد قطع بالمناشير
وأحكمت يد نجار الهوى غلقا * لبابه ولها مفتاح تكدير
والشوق في قلبي المضني مطارقه * لها رنين عظيم في المسامير
وباحمرار دموعي رحت أصبغه * قان فوشى به أبهى تصاوير
وقال في اللف والنشر:
يا من سبى عاشقيه حسنا * فصبرهم فيه مستباح
البدر والفجر والثريا * وجهك والفرق والوشاح
وقال في الهزل مجاريا أبيات ابن الصريخ:
نظمت في سلك المجون حكما * بمثلهن ابن دريد ما أتى
من مد في العمر له عاش ومن * مات فلا يدفن الا في الثرى
والغيم في الأفق تراه سائرا * اما جهاما أو دفوقا بالحيا
من لم يكن بالسبح يوما ماهرا * أغرقه الماء إذا الماء طما
ومن تبيت عينه ساهدة * لذ لها بعد سهادها الكرى
ومن أصيبت مقلتاه بالعمى * فهو بانسانيهما ليس يرى
من لم يكن لعورتيه ساترا * عن العيون كان مهتوك الحيا
ومن ترقى فوق سطح أو رقى * منارة فإنه تحت السما
ومن رمى بنفسه من شاهق * رضض أضلاعا وفاجأه الردى
والجائع الشبع له مصلحة * وغلة الأحشاء يطفيها الروا
والمرأة الحامل لم تحمل سوى * بنت أو ابن وهما ليسا سوا
والحطب اليابس ان أضرمته * بالنار ضاءت وبدا منها السنا
والحطب المبتل لا يعقبه * الا دخان ما به الا الأذى
وانما الحنظل مر طعمه * وانما السكر حلو المشتهى
والقبر لم يسكنه الا ميت * اما إلى الجنة يمضي أو لظى
وقال:
هل يجف محجره * والهموم تمطره
في فؤاده قبس * ثاقب تسعره
سل به تجد كلفا * هالكا تصبره
طال داؤه فغدت * واصلوه تهجره
فهو هاتف بثنا * ذي الجلال يذكره
نخمد الاله على * فضله ونشكره
أعين القلوب به * تهتدي فتبصره
فالهدى يهلله * والندى يكبره
فهو ذخر مدخر * والسعيد يذخره
لا يخيب سائله * والهبات تغمره
يطلق الأسرى إذا * ما الخطوب تأسره
صاح والمشوق ذكا * بالحشى تزفره
وازدرى السحائب من * دمعه تفجره
ان ترد بيان هوى * للفؤاد يضمره
ان سر مخبره * باح في منظره
مذ غدت أحبته * بالسلو تأمره
واغتدت عواذله * بالضنا تعيره
وابتغت جهالتها * انها تغيره
عنفته فانكفأت * عنه وهي تعذره
(٢٦٥)

فالهموم تعرفه * والعيون تنكره
ربنا إليك شكا * دنبه مكثره
فاحتمال أيسر ما * يشتكيه يضجره
فامح من مأثمه * ما الكرام تسطره
واعف عنه حيث برى * جسمه تضوره
واكفه الحساب وما * في المعاد يحذره
واجزه الثواب إذا * ما يقوم محشره
فالعقاب يفزعه * والكتاب ينذره
والرجاء يطمعه * والولاء يظفره
نظرة برحمتها * من لدنك تنظره
فيك ظنه حسن * بالمنى يبشره
لم يكن ليخذل من * كنت أنت تنصره
فالصباح حين بدا * للعيون مسفره
واجتداك ملتمس * نائل توفره
والدنية اختبرت * حازما تبصره
ما رأت سوى بطل * راعها تنمره
راودته فاتنة * والعفاف يزجره
فانثنى وحبك عن * أنسها ينفره
فاستقام منهجه * واستدام مفخره
وقال موقعا على هذا البيت:
وهم حجج الاله على البرايا * بهم وبجدهم لا يستراب
وذلك أنه كان في بغداد سنة ١٢٩٨ فخطر البيت المذكور بباله ليلا
فعده بحروفه فإذا البيت موافق عدد السنة وكان في ذلك العام كمل صحن
الجوادين تعميرا فنظم قصيدة قدرها زهاء ثلاثمائة بيت وكل بيت تاريخ مدح
أهل البيت ومدح ناصر الدين شاه وفرهاد ميرزا معمر الصحن وأرسلت إلى
طهران وأضاف إليها ما يخرج البيت مع التضمين تاريخا:
أعنف والهوى للمجد باب * وترك الحاسدين به الصواب
وهل أصبو لمن قد لام جهلا * وديدنه عناد وارتياب
لاي الجاهلين يطيع حر * ولم يفتح بهم للسعد باب
فجانب نهج لاح حاز خدعا * لدى كل الملا فيه يعاب
ونفسك داوها بثناء قوم * حبوا مننا وقد سادوا وطابوا
سلالة فاطم هم سوف أحبى * بهم ان يجمع الأمم الحساب
بنو الزهراء لم يحجد نداهم * هم امن متى دهم المصاب
بهم وهم الهداة النهج نادى * بال محمد عرف الصواب
بهم وجد الهدى مجدا جليا * وفي أبياتهم نزل الكتاب
وهم حجج الاله على البرايا * بهم وبجدهم لا يستراب
هم أبرزها الوهاج يبدو * فليس لها سوى نعم جواب
فللأعداء ان يدنو حتوفا * فليس لها سوى نعم جواب
أصول الجواد هم اهل المزايا * وباب الله وانقطع الخطاب
إلى أن قال:
ومن سيب الجوادين ارج نفعا * فلم يحصر لأدناه حساب
سما بنيان صحنهما جليلا * ومنه جل معنى مستطاب
بناه أرخوا يحلو بناء بمعناه بدا المدح اللباب
ونظم هذه البديعية في مدح النبي ص وأهل البيت واخترع أنواعا غير
ما نظمه أئمة البديع:
حسن الابتداء:
يا أيها البرق أعلم جيرة العلم * ان الغرام غريم الوامق العلم
الجناس المركب والمطلق:
يولون منعا ومن عن وصل صبهم * أقصاهم والحشى استقصوه بالسقم
الجناس الملفق:
انا الذي كان لج الحب مقتحمي * وفيه أمقت اهل العذل مقت حمي
إرسال المثل:
في الحب قالوا حليف القوم منهم * فيا لها تهمة من أحسن التهم
الجناس المصحف والمحرف:
حزت الثنا حين حزت النيرات علا * فهن يشهدن لي بالحكم والحكم
الجناس التام والمطرف:
الرأس شاب وشاب الدمع فيض دم * وبالغرام لعمر الله كم حكم
الجناس اللفظي والمقلوب:
ضل المؤنب لما ظل يعذلني * والعذل مدن اليه قاصي الندم
الجناس المذيل واللاحق:
أمسي وليلي داج داجن أرقا * سهران حيران من ضري ومن ألمي
الالتفات:
كم ذا يهددني دهري ببعدهم * بلغت سؤلك يا دهري ببعدهم
التفويف:
اكتم ابن ارض اسخط أثبت انف امل * قم خذ اترك تيقظ ثم تسل هم
الطباق:
ضيق الهوى سعة والذل فيه لنا * عز وفيه وجودي ليس بالعدم
التهكم:
جلوت يا عاذلي عن مسمعي صدأ * غداة قرطته في جوهر الكلم
رد الصدر على العجز:
رمى فؤادي يوم البين في نوب * ينسفن ثهلان لو يوما بهن رمي
تشابه الأطراف:
رمى وما نال قصدا بالذين بهم * اضحى حليف الجوى من فرط حبهم
الاكتفاء:
إني سمير الجوى من بعد هجرهم * وانه كان لي يا للرجال سمي
اللف والنشر:
حبي هيامي عنائي ملجأي اربي * لهم وفيهم ومنهم نحوهم بهم
الاستعارة:
أجياد ابكار أفكاري بذكرهم * وشحتها بلآلي النظم والكلم
الافتتان:
(٢٦٦)

لا أكتمن عن اللوام حبكم * وليس عند العلا امري بمكتتم
التخيير:
نقمت يا وهب سقما ظل يؤلمني * فظلت جذلان فيما نلت من سقم
الايهام:
يا قاتل الله أدهانا وأغلظنا * قلبا وأخوننا للعهد والذمم
المراجعة:
قالوا اجتهد قلت في علمي بحبهم * قالوا استند قلت للعلياء والكرم
الجناس المعنوي:
قد ألقحوها أبا صخر وقلبهم * كان ابنه عند كل الناس باللؤم
المواربة:
دم في سرور ووفر يا هذيم فما * سواك عندي حبيب حائز الشيم
عتاب المرء نفسه:
حتام يا نفس منك اللبث في عبث * والمرء ان عاش ألفا فهو لم يدم
التذييل:
هذي ديارهم اللاتي بهم نعمت * فيها أقمت ولولا ذاك لم أقم
التصغير:
فيا عصير أصيحاب الغوير أعد * وصيلهم فأنيسي في وصيلهم
تجاهل العارف:
أطيب ريح الصبا في معطسي نفحت * أم العبير ذكا من طيب ارضهم
التوشيح:
قد شيد بنيان حبي محكما لهم * فلا يزال رفيعا غير منهدم
مراعاة النظير:
بنات فكري يهدين السرور إلى * حبري ومحبرتي والطرس والقلم
التوجيه:
لهم رفعت عقيب المبتدأ خبري * فنال خفضا وقالوا للحشى انجزم
حسن التخلص:
فمن ظلام الهوى استنقذت نفسي في * ضياء مدح نبي العرب والعجم
المقابلة:
قد كان ليلي مبيضا بوصلهم * فصار صبحي مسودا بهجرهم
حسن الختام:
جعلت خاتمة الأعمال مدحهم * فثقل الله ميزاني بمدحهم
الكلام الجامع:
من استلان الهوى منه الجماح فلا * يزال عن نصح اهل العذل في صمم
التكميل:
مؤيد من إله العرش في عظم * مؤيد للذي والاه في الأمم
التعطف:
هم الكرام الألى جلت مراتبهم * وانما جلت العليا بمدحهم
الانسجام
قد خصهم ذو المعالي حين أنشأهم * بالعلم والحلم والاحسان والكرم
الهجاء في معرض المدح:
تبغي اتباعا لأهليك الذين أرى * عليك ظاهرة اثار جودهم
النزاهة:
قد آنستك المخازي مذ ألفت لها * ونافرتك المعالي الغر من قدم
القول بالموجب:
قالوا الأحبة سنوا الهجر قلت لهم * سنوا صوارهم عمدا لسفك دمي
المناسبة اللفظية:
فإنما المجد منه كان في دعة * وانما الرشد منه كان في عظم
نفي الشئ بايجابه:
لم يخش من لاذ فيه بالمعاد اذى * ولم يحاذر بدنياه من النقم
الإشارة:
كم كان في خلقه للخلق من حكم * لم يحصها غير باري اللوح والقلم
التسميط:
فالدين في وزر والحق في ظفر * والغي في خور والرشد في عصم
الفرائد:
أغيث ذو النون فيهم وابن نون له * بنورهم ضاءت الصقعاء في القدم
البسط:
فما الم الدجى والصبح في أحد * أجل منهم مقاما عند ربهم
كلمة متصلة وكلمة منفصلة:
ممض داء بقلبي راح يهلكني * وان خصمي روى لما رأى سقمي
في الألغاز بالسيف:
ووالد للردى ينجاب عن غسق * كالصبح مبتسم مهما بكى بدم
الأحجية:
لم يبق الا كما تنبيك أحجية * لها المثال مضاهي والد أمم
التوشيع:
عليه تقرأ اعظاما لهيبته * رسائل الأشرفين اللوح والقلم
التشطير:
أفزع لمعتمد يهدي إلى رشد * بالحق معتصم للحمد مغتنم
الموازنة:
مؤازر رابح مستعصم ملك * مصابر راجح مستخدم علم
الترقيط:
شاف لنا بهبات منه تمنحنا * فوزا بأبلج حيانا بمنسجم
الصدر منفصل الحروف والعجز متصل الحروف:
أزال وزري آس وده وزر * فيه نمت حكمي لما سمت هممي
التورية:
قد صير الله منه الذكر في شرف * والقدر منه برغم الخصم في عظم
(٢٦٧)

التوزيع:
ملكت ملكا عظيما منه نعمتي * بنعمة جمة من مركز النعم
الترصيع:
شهم أبي نجيب طاهر الشيم * قرم رضي حسيب وافر الكرم
التقطيع:
إذا أردت رواء راق وارده * وردا ارده وزره واردا ورم
اتصال الحروف:
لقد غنيت بسيب منه منبعث * فليس ينفك عني غير منحسم
التشريع:
خير البرية طه ساد مفخره * فيه المهيمن باهى اجمع الأمم
التطريز:
فبيته وهو والقرآن محترم * في ضمن محترم في ضمن محترم
الترديد:
هو البديع علا عند البديع به * راق البديع بمنثور ومنتظم
الحذف:
سماحه كهداه مسعد الأمم * وعلمه كعلاه مهلك الألم
التوريد:
ظنت عداه نفت أسواءها فبغت * على نبي لملك بين الحكم
المناصفة:
يجزي يفي يجتبي يغني يغيث يقي * وما لحساده طرا سوى العدم
حصر الجزئي وألاقه بالكلي:
الدهر ميلاده وهو العوالم * والفردوس معهده يا سعد بالعظم
الاشتقاق:
له النهي ينتهي والعرف يعرفه * وهو العليم وعين المفرد العلم
تشبيه شيئين بشيئين:
فكيف لا يهتدي قلبي له وارى * هداه في الخلق مثل النور في الظلم
الكناية:
يسبي العقول بمشحوذ فرائده * تسبي الفريد ووضاح ومبتسم
الإيغال:
ان الاله اصطفاه يوم فطرته * وخصه وارتضاه راعي الذمم
المواردة:
وكم بعثت وقد قاسيت مهلكة * تبدي الخفي له في واضح الكلم
السلب والايجاب:
لا ينثني منه بالحرمان آمله * وينثني منه بالاحسان والنعم
التلميح:
وللكليم اليد البيضاء قد قهرت * به ذوي السحر بين الناس في القدم
التكرار:
المبدع الحكم ابن المبدع الحكم * ابن المبدع الحكم ابن المبدع الحكم
العنعنة:
تروي الرياض الشذا والابتهاج لنا * عن جنة الخلد عن أزهار خلقهم
العكس:
صعب القياد قياد الصعب في يده * ذو مقول ذرب كالأنصل الخذم
الغلو:
تكاد فكرته من حر لفحتها * تنسي ذوي النار ما بالنار من ضرم
الاغراق:
تخشى جميع البحار الفعم من غرق * في موج صارمه يوم الوغى الأزم
الالتزام:
فيا لمولى عظيم الشأن محترم * عداه في عمر بالخوف مخترم
المقلوب المستوي:
بحر الحبا هو وهاب حلا رحب * منه الأنام استمدت أوفر النعم
الاقتباس:
والله يدعو إلى دار السلام به * وهو الدليل على الرحمان للأمم
الاستعانة:
محمد المصطفى المختار من شرفت * بوطء نعليه ارض القدس والحرم
الايداع:
أسماؤه الغر تنجي الذاكرين لها * من كل هول من الأهوال مقتحم
القسم:
لا سار ذكري في عرب وفي عجم * ان لست امدح غوث العرب والعجم
التدبيج:
تبيض سود ليالينا بمدحة من * يخضر هذا الثرى في جوده العمم
التسجيع:
سما به علمي فالدهر من خدمي * وكان معتصمي تجلى به غممي
الاستدراك:
وقائل مال أعداه فقلت له * مالوا ولكن إلى التخسير والندم
المذنب الكلامي:
لو لم يكن دينه الحق المبين لما * بدا كنار بدت ليلا على علم
الابداع:
نفيس نفس رأى الجود الوجود بها * وكنز قدس به الغالون لم تلم
ولما توفي المترجم قال الشيخ حمادي بن نوح الكواز يرثيه ويعزي ولده
الشيخ قاسم:
يا عترة المصطفى لم تبق جوهرة * محمد لم يصغها فيكم كلما
وناهل من تفاصيلي ومن جملي * راووق ملتمع العرفان منسجما
تفيضه في سما الأقلام فكرته * زلال رشد إذا ما سدد القلما
ومنها يخاطب ولده القاسم:
أنت البقية في الدنيا لفضل فتى * عند الاله وعند المصطفى كرما
(٢٦٨)

٦٣٢:
محمد الحميري
هو محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري. ٦٣٣:
الشيخ شمس الدين محمد الحياني العاملي
الحياني نسبة إلى بني حيان وبني بلفظ جمع ابن مضاف إلى حيان
بالحاء المهملة المفتوحة والمثناة التحتية المشددة المفتوحة بعدها ألف ونون قرية
من قرى جبل عامل.
ذكره الشيخ سليمان ظاهر في معجم قرى جبل عامل فقال:
من شعراء جبل عامل المنسيين كان مهاجرا إلى العراق كما يظهر من
قصائده التي عثرنا عليها وكلها في مدائح آل البيت ع ويكثر
فيها من الحنين إلى بلده بني حيان والى ارض التحارير بالتاء الفوقية
المثناة أو النون ولعلها قرية كانت عامرة في عهده قريبة من بني حيان، فمن
شعره في الحنين قوله وكأنه خطاب لأمير المؤمنين ع:
ولولا ضريح أنت فيه موسد * لما اخترت غير الشام ارضي من بدل
ولا كنت عن ارض التحارير نائيا * ولا عن بني حيان ما ساعد الأجل
وقوله:
حييت يا شام من شام ومن سكن * ولا تعداك جون المزن يا وطني
وان أكن قاطنا ارض العراق ففي * ارض التحارير لي قلب بلا بدن
وقوله:
إذا ما بدا من جانب الشام معرق * عساه لقلبي بالوصال يبشر
وان هب من ارض التحارير نسمة * تنسمت روح الوصل فيها فاذكر
رعى الله أياما تقضت وأعصرا * مضت في بني حيان والغصن اخضر
ويقول في آخرها:
محمد الحيان ناظم درها * لها الشام ورد والتحارير مصدر
وتتجلى محبته لوطنه بنسبة قصائده لبلده ومنها قوله في ختام قصيدة:
عربية الألفاظ حيانية يعنو لمعنى حسنها حسان
والتحارير هذه نسب إليها الشهيد الثاني الشيخ زين الدين من أعيان
العلماء العامليين في القرن العاشر ولم أقف على ذكر التحارير الا في شعر
الحياني وفي نسب الشهيد الثاني. وفي روضات الجنات إضافة الطلوسي إلى
التحاريري وطلوسة قرية قريبة إلى بني حيان بينهما واد والظاهر أن
الحياني من رجال القرن العاشر الهجري ولولا ما تركه من بعض آثاره
الشعرية التي خلدت ذكره وإن لم تكن من الشعر الخالد لأدرج كما درج غيره
في سجل المنسيات وهذه احدى مزايا الشعر آه.
أقول الذي وجدته في نسب الشهيد الثاني التحارير بالنون لا بالتاء
وبعض العلماء كان يقول إن ارض النحارير هي المعروفة اليوم بوادي
الشحارير وحرفت وانها منسوبة إلى النحاير جمع نحرير لأن جماعة من العلماء
النحارير كانوا يستغلونها فنسبت إليهم والله اعلم.
ووجدنا في مجموعة مخطوطة في المكتبة المقدسة الرضوية بخط حاجي
ابن خميس الغروي صورة كتابين من الشهيد الثاني أحدهما إلى الملا عبد الله
في المشهد الرضوي في حق الشيخ محمد الحياني المترجم والثاني إلى السيد
فخر الدين السماكي يوصيه به، وقد جاء في الكتاب الأول:
مجمع الفضائل منبع الفواضل مرجع الأفاضل صفوة الأكامل تاج
الأتقياء أسوة الأصفياء خلاصة الإخلاص في الاخلاص مظهر الوداد في
الاختصاص الوحيد الفريد إلى الأشباه بلا اشتباه مولانا عبد الله أديمت
ميامن قواعد محبته ومودته في شرائع اخلاصه واختصاصه وأيدت في جوامع
فضيلته وطريقته لوامع إفادته وإفاضته وتأكدت في مطالع الوداد والاتحاد
طوالع أمانته وديانته ما شرق برق وبرق شرق بحق الحق انه قادر على ما
يشاء وحيث إن الواصل جناب الفاضل الكامل التقي النقي الورع الزكي
الشيخ محمد الحياني سعد جده وجد سعيه لم يحتج حديث تفسيره في شرح
وبيان فان بديع معاني تحريره من مبادي تقريره في أظهر مواقع البيان.
وكيف يصح عند العقل شئ إذا احتاج النهار إلى دليل
والمأمول ابلاغ جليل التحية وجزيل السلام وجميل الثناء والاكرام إلى
جميع الاخوان المؤمنين والخلان الموقنين على اختلاف درجاتهم وتفاوت
طبقاتهم والتماس الأدعية المستطابة في مظان الإجابة ومواقع الاستجابة
وعدم الاغفال من الزيارات المقبولة والضراعات المبتولة والسلام والاكرام
لمطالع أنوار السيادة والنقابة والنجابة.
قواعد فضائله وفواضله وحقائقه ورقائقه ومحبته ومودته ما طلع نجم
ونجم طلع بحق الحق وأهله وحيث إن تفاصيل الأحوال موكولة إلى تقرير
الفاضل الكامل العالم العامل الصفي الوفي الورع الزكي الشيخ محمد
الحياني سعد جده وجد سعده لم يحتج إلى كشفها وبيانها والاعلام بسوانح
الاعلام وعدم الاغفال من صوالح الدعوات المستطابة في مواضع الإجابة
على مرور الليل وكرور الأيام من أعاظم ما يطلب ويراد وابلاغ السلام إلى
جميع اهل الايمان ومحل الايقان الصلحاء الأخيار العلماء الأبرار وسؤالهم
الدعاء تحت القبة الشريفة المنيفة المقدسة المطهرة الراضية المرضية الرضوية
على مشرفها الصلاة والسلام والتحية ما لا يحتاج إلى مبالغة وتأكيد
والسلام.
وجاء في الكتاب الثاني:
السيد السند العالم العامل الفاضل الكامل زين العباد في العباد خلد
الله معاقد سيادته لقابته ونجابته وفضيلته وحقيقته ومحبته إلى قيام ساعة
القيام بمحمد وآله الكرام.
الشوق أعظم ان يختص جارحة كلي إليك على الحالات مشتاق
عجل الله لمحات الوصال على أسر حال وأرضى بال بالنبي والوصي
والآل عليهم الصلاة والسلام والاكرام على الدوام انتهى الموجود منه.
قال المترجم يمدح أمير المؤمنين ع:
سرى طيف من اهوى فزاد التفكر * وارق أجفاني وقل التصبر
وذكرني عصر التصابي وأعصرا * تقضت بصفو العيش والغصن اخضر
رطيب تربى في سرور وغبطة * وظل ظليل والحواسد سحر
ورونق زهر الوصل بالسعد ضاحك * يروحه روح الهنا ويبكر
(٢٦٩)

نعم ورياض الأنس تكسى غلائلا * نسائجها منثور ورد وعنبر
مطفحة من طيب نشر أخلة لها * في سويدا القلب باق ومحضر
نات عن سواد العين فالقلب مغرم * كئيب كان القلب للعين ينظر
وها انا موقوف على سبل الجفا * أشيم وميض البرق شوقا وابصر
إذا ما بدا من جانب الشام معرق * عساه لقلبي بالوصال مبشر
وان هب من ارض التحارير نسمة * تنسمت روح الوصل منها فاذكر
رعى الله أياما تقضت وأعصرا * مضت في بني حيان والغصن اخضر
ولم تك الا زهوة ونضارة * واخوان صدق والوداد معطر
أحبة قلبي ان نسيتم مودتي * فلست بناسي الود ما جن ديجر
وحاشاي ان أنسى هواكم وذكركم * أأنسى وأنتم في فؤادي حضر
وإن كنت بالجثمان أصبحت نائيا * فقلبي لديكم قاطن الدار موسر
له شغل عمن سواكم وشاغل * بكم وأبى السلوان عنكم ويعذر
وكيف أرى السلوان عنكم وأنتم * مناي وأنفاسي بكم تتعطر
وحبكم أنسي وراحي وراحتي * عليه مدى الأيام اطوى وانشر
فجودوا وصدوا واهجروا وصلوا معا * وصونوا وخونوا وارفقوا وتجبروا
على أجمل الحالات فالحب ثابت * مقيم مدى الأزمان في القلب مضمر
فان أركم قبل الممات فنعمة * وان تكن الأخرى فبالدمع أعثر
وحسبي عناء ان ما بي من الأسى * أسامر أشواقي إلى حين أقبر
فتى حسن خل التصابي ولذ بمن * تفوز به فالعمر فان ومدبر
وحث مطايا الحزم والعزم قاصدا * إلى حضرة فيها الخطايا تكفر
إلى حضرة يجلي الدباجي ضياؤها * وتمحى بها الأوزار والذنب يغفر
إلى حضرة فيها أمان ورحمة * وعفو وغفران عميم ومحشر
إلى حضرة اضحى بها العلم ثاويا * وتربتها مسك شميم وعنبر
إلى حضرة هادية هاشمية * عبير شذا الفردوس فيها يعطر
إلى حضرة عالية علوية * معالمها اعلامها وهي أشهر
إلى حضرة طابت وطاب نزيلها * سقاها من المزن الركام الكهنور
إلى حضرة مكية مدنية * بها العدل مدفون بها النور نير
إلى حضرة نوحية آدمية * بها بدر تم بين شمس منور
إلى حضرة كوفية نجفية * حماها غري والغري معطر
إلى حضرة قدسية عدنية * سماوية فيها الملائك حضر
تسبح اجلالا تقدس هيبة * تهلل تهليلا بها وتكبر
إذا أنت نلت القرب منه فسلمن * سلام موال لم يثب منه عنصر
وقف وقفة العبد المطيع تأدبا * وقل معلنا بالصوت الله أكبر
لدى القبة البيضاء فهي حصينة * مقدسة فيها الوقار موقر
وتب وازدجر واندم وأوب وارتدع * تفز بالتهاني والأماني وتجبر
ففيها وصي أريحي مؤيد * ولي ملي أنور متنور
وزر واجتهد تسعد وسل تعط وابتهل * تجد خير ما ترجو وتنوي وتضمر
امام همام عالم عادل فتى * حكيم شجاع هادم الشرك قسور
سري جري واهب متفضل * مثيب منيب طاهر متطهر
حمم خصيم صافح فاتك معا * بعيد قريب خازن العلم مظهر
فقير جواد حاكم السيف عادل * مبين احكام الكتاب مفسر
سعيد شهيد واعد متوعد * شريف عفيف النفس والذيل أطهر
منيع الذرى ليث الشري زاهدا الورى * حميد السرى وافي القرى لا مبذر
مزيل العنا مولى الغنى غاية المنا * مليح الكنى عالي السنا متنور
طراز اللوا حامي الحمى حامل اللوا * فتى مترد بالعلا متأزر
مريع الهوا في داره النجم قد هوى * شديد القوى بحر خضم كنهور
أجل وهو قوام الدجى معدن الحجى * محل الرجا مستشعر الخير خير
ثمال اليتامى والمساكين كنزهم * ومطعمهم قوتا على النفس مؤثر
وقد كان صوام الهجير مجاهدا * يصوم على قرص الشعير ويفطر
وقد طلق الدنيا ثلاثا ولم يرد * زخارفها اللاتي تغر وتمكر
ولم ير في الهيجاء قط موليا * حذار الردى يوما ولا هو مدبر
أ يدبر خوف الحتف من في حسامه * حتوف قصاراها هلاك مدمر
أ يرهب مغوار المغاوير من به * أقيمت قناة الدين أم يتأخر
وخرصانه فيها المنايا شواخص * إذ لأسد لم تبرح على الأسد تزأر
صفي زكي بل حبيب مكرم * علي الوفي الطاهر الطهر حيدر
علي علا أعلى العلا والعلا علت * به وكذاك المجد بالمجد يفخر
أبو الحسنين الفارس البطل الذي * هو الأسد الوثاب والموت احمر
لقد عقمت عن مثله جملة النسأ * يقينا كما عن شانه القوم قصروا
علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين * والآثار بالفضل تخبر
وأبناؤه الغر الميامين تسعة * مع اثنين في العيا شموس وأقمر
غيوث ليوث لا يضام نزيلهم * مصابيح أفلاك أضاؤوا فاههروا
أ لم تر ان الشمس من فضل نورهم * أضاءت وان البدر منه منور
بل العرش من أنوارهم متلألئ * وقدرهم عند المهيمن أكبر
إذا ذكروا في محفل ظل ذكرهم * يضوع شذى كالمسك بل هو أعطر
ملوك إذا جادوا أفادوا وان سطوا * أبادوا وفي الدارين ذخر ومفخر
نعم ذكرهم أزكى من المسك نكهة * وأحلى من العذب الزلال وأطهر
فيا عادل عنهم ضلالا وغفلة * عدمت الأماني واجتراك التبصر
أ تعدل عن آل الرسول مجاهرا * وهم حجة الله التي لا تصغر
وتتبع مفضولا وتترك فاضلا * فيا بئس ما دبرته يا محير
لحا الله من يشري الضلالة بالهدى * ويترك دين الحق والحق نير
فكن هكذا إن شئت أما انا فلا * أروع ولا عن حبهم أتغير
وحبهم دين قويم ورحمة * وروح وريحان وفوز ومتجر
وبغضهم كفر وجحد وجرأة * وبغي وعدوان وقبح ومنكر
فيا ويل من ساداته خصماؤه * بيوم ترى في الرواسي تسير
علي قسم النار والجنة التي * أبيحت لنا والناس صنفان تحشر
فسحقا لقوم خالفوه وأنكروا * فضائله اللاتي مدى الدهر تنشر
وسبوه من فوق المنابر جهرة * وأسيافه منها دم الشرك يقطر
فاقسم لولا سيفه وحسامه * وهمته العليا لما كان منبر
ولا قرئ القرآن بالصوت جهرة * ولا صاح بالتكبير يوما مكبر
عموا ثم صموا كيف ضلوا عن الهدى * ولم يرعووا يوما ولم يتفكروا
فلا بردت أجداثهم وغشاهم * عذاب مقيم عنهم لا يفتر
حلفت برب البيت والحجر والصفا * ويثرب من فيها النبي المطهر
بان ولي الله أشرف من مشى * على الأرض من بعد النبي وأفخر
وأنت أمير المؤمنين مفضل * على سائر الحساد بل أنت أطهر
اخ ووزير وابن عم وناصر * وظهر ودرع للنبي ومغفر
وان هم لأخذ الأمر منك تسابقوا * فما سبقوا في الفضل لكن تأخروا
أبى الله الا ان مجدك شامخ * ولو كرهت ذاك العدى وتأخروا
وكعبك أعلا رتبة من خدودهم * جميعا ومن تيجانهم لو تبصروا
(٢٧٠)

مواقفك العليا بها الدهر شاهد * فمن بعضها بدر واحد وخيبر
وسطوتك العظمى التي من حذارها * هوى تبع وانهد كسرى وقيصر
أبادت جيوش المشركين وشيدت * منار الهدى حتى علا وهو نير
بصارمك البتار قد قد مرحب * وعمرو بن ود والوليد وعنتر
وأضحى صريعا ذو الخمار ونوفل * ومرة والقتلى من العدا أكثر
وطحطحت بالسمر العوالي كتائبا * كماة ودانت وائل ثم حمير
وكم من صياصي لليهود هدمتها * وأصبح في أرجائها البوم يصفر
وكم كربة فرجتها بمهند * صقيل وخير الشرك بالشوس تذعر
والقى إليك السلم خوفا ورهبة * صناديد أوغات الطغاة وعفروا
وحزت علوما جل معشار عشرها * فمن عشر عشر العشر قد فاض أبحر
ومن فيض فيض الفيض بحر قد اغتدت * عيون بحور العلم منه تفجر
لآلئ نظمي فيك با كعبة الورى * تفوق اللآلي قيمة حين تخبر
وعقد ولائي فيك عمت عقوده * فمن عقد عقد العقد عقد وجوهر
لو أعطيت مل ء الأرض درا وجوهرا * لما بعته والله والعسر أيسر
فكن خير مأمون لدى الحشر شافعي * غداة إذا طي الصحائف تنشر
فوعدك لي سؤل وأنت ذخيرتي * وما خاب من يرجوك يوما ويدخر
وحبك يا مولاي في القبر لي حمى * ولو جاءني فيه نكير ومنكر
إذ العمل المبرور حبك وهو لي * بلحدي بشير في الورى ومبشر
وان اك ذا جرم عظيم وجانيا * ثمار الخطأ فالله يعفو ويغفر
بصدق اعتقادي فيك يا موضح الهدى * ويا عصمة الأحباب والنار تزفر
وحاشاك ان أظمى غدا في قيامتي * وفي يدك البسطاء حوض وكوثر
فدونكها بكرا رضاك صداقها * يناط عليها الدر والطيب ينثر
محمد الحيان ناظم درها * لها الشام ورد والتحارير مصدر
يحن إليها كل من ضمه الولا * ويزور عنها كل تغل وينفر
وصلى عليك الله يا خير ساكن * ضريحا ثراه المسك والترب عنبر
صلاة يباريها السلام مضاعفا * تروح وتغدو بكرة وتهجر
مدى الدهر ما سار الحجيج ميما * عراص رسول الله والله أكبر
وقال:
زهت الرياض ومالت الأغصان * وتبم النسرين والسوسان
والنبق أصبح مائسا في عجبه * زهوا وما بعجبه الريحان
والنرجس الغض البهي تبسما * من ثغره النعمان والقحوان
وكأنما نثر الزهور وعطرها * غرف الجنان وغيدها الولدان
ضحك الربيع إلى الغمام تعطشا * فبكى عليه العارض الهتان
والورق في أعلا الغصون تراشقت * زجلا تقصر دونه الخلان
ما بين منطرب بألف أليفه * أو فاقد أورت به الأشجان
وبدا لنا في الروض ريم أغيد * دمث الشمائل طرفه نعسان
ذو قامة كالغصن الا انه * يحكيه في طواته كذا النشوان
وجبينه الصبح المضئ وفرعه * الليل البهيم وخده العقيان
في وجهه ضدان مختصمان ذا * ماء الحياة وهذه نيران
وإذا تبدى مائسا في عجبه * خضعت له سمر القنا ولدان كذا
وكأنما الشمس المنيرة عبده * وكواكب الجربا له غلمان
يا ملبسا جسمي بصاد صدوده * قمص الجفاء ونسيجها الهجران
ومحرما ما قد أبيح من الكرى * عمدا علي وناظري سهران
جد لي ولو بالطيف منك فإنني * قد شفني التبريح والأحزان
واسمح بواب الوصل عطفا مثلما * سمحت لنا بعلي الأزمان
سر الإله وعلة الأشياء التي * وجدت لأجل وجودها الأكوان
وأخو النبي الهاشمي ومن به * خفي الضلال وأكمل الايمان
ومشيد الاسلام من لولاه ما * عرف الصواب وأوضح التبيان
وبفضله يكفيك شاهد هل أتى * والنجم والأعراف والفرقان
وله فضائل لا تعد ومعجز * قهرت لديه العجم والعربان
وبيوم ختم والنبي محمد * يوصي بما أنبأ به القرآن
ويقول من والى عليا مخلصا * فجزاؤه يوم الجزى الاحسان
من كنت مولاه فهذا حيدر * مولى له وبذا أتى التبيان
هذا ولي الله بعدي فيكم * حقا أقول وما به هذيان
وله مناقب جل عشر عشيرها * عن أن يحيط بكنه ذاك لسان
سل عنه سلعا حين فل جموعها * قصرا وولت عندها الشجعان
واسأل ببدر شوسها عنه وما * لاقت هناك من الردى الأقران
وبيوم أحد والجيوش كأنها * بحر يعمم موجه الموران
والبيض تلمع واللدان شوارع * والصافنات أنهما العقبان
من ذا ترى هزم الجموع وجنده * الأملاك في الهيجا له أعوان
وبخيبر لما أتت ابطالها * زحفا تضيق بجردها القيعان
لم يلق مرحب مرحبا منه ولا * أنجاه منه الحصن والبنيان
وكتائب الأحزاب أردى عمرها * شلوا هناك ينوشه السرحان
وهوازن أردى كماة حماتها * وتبوك ذلت عندها الفرسان
أقسمت لولا غضبه وسنانه * ما شيد يوما للهدى أركان
زوج البتول أخو الرسول أمينه * وقرينه والفاتك الطعان
هو نفسه ووزيره ونصيره * ونظيره والمؤثر السغبان
شهد الإله بأنني متبرئ * من معشر نقضوا العهود وخانوا
اني لأعذر حاسديه على الذي * أولاه من نعمائه الرحمن
يا صاحب الآيات والشأن الذي * ينحط دون علوه كيوان
خذها إليك عروس فكر غادة * تزهو بمدحك في الورى وتزان
حورية تجلى عليك ومهرها * منك القبول وشانك الاحسان
عربية الألفاظ حيانية * يعنو لمعنى حسنها حسان
راقت فراق نظامها وتنزهت * عما يقول الملحد الخوان
حاشا أضام وأنت لي ذخر إذا * عنت الوجوه وشبت النيران
صلى عليك الله وترا كلما * زهت الرياض ومالت الأغصان ٦٣٤:
السيد رفيع الدين محمد بن حيد الحسيني الحسني الطباطبائي النائيني
توفي في شوال ١٠٩٩ بأصفهان وبني على قبره بامر الشاه سليمان
الصفوي قبة عالية هي باقية إلى الآن.
قال في جامع الرواة فريد عصره ووحيد دهره قدوة المحققين سيد
الحكماء المتألهين برهان أعاظم المتكلمين وأمره في جلالة قدره وعظم شانه
وسمو رتبته وتبحره في العلوم العقلية والنقلية ودقة نظره وإصابة رأيه وحدسه
وثقته وأمانته وعدالته أشهر من أن يذكر وفوق ما تحوم حوله العبادة اخذ
الأخبار من الأفضل الأكمل الأورع الأزكى مولانا عبد الله التستري قدس

(١) روضات الجنات.
(٢٧١)

سره. له مصنفات جيدة منها ١ حاشية على المختلف ٢ حاشية على
أصول الكافي ٣ حاشية على شرح الإشارات ٤ حاشية على مختصر
الأصول ٥ حاشية على الصحيفة الكاملة ٦ رسالة شبهة الاستلزام
٧ رسالة التشكيك ٨ رسالة الشجرة الإلهية وهو كتاب في أصول العقائد
فارسي ٩ الثمرة الإلهية ١٠ ملخص الشجرة الإلهية. يروي عنه الحر
العاملي بتوسط المجلسي وهو الجد الأعلى للحكيم المتأله أبي الحسن بن محمد
الطباطبائي الأصفهاني المعروف بميرزا جلوة المذكور في بابه. ٦٣٥:
السيد محمد ابن السيد حيدر ابن السيد إبراهيم بن محمد بن علي بن سيد
الدين الحسني البغدادي الكاظمي.
توفي في المحرم سنة ١٣١٥ في الكاظمية ودفن في الحسينية المعروفة
بحسينية آل السيد حيدر.
قرأ على الشيخ مرتضى الأنصاري وأمه بنت السيد احمد العطار عم
والده السيد إبراهيم. ٦٣٦:
سلطان محمد بن حيدر محمد الجنابذي
له تفسير اسمه بيان السعادة مطبوع. ٦٣٧:
فريد الدين محمد بن حيدر المعروف بداماد النيسابوري الحكيم الفاضل
ذكره نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي في جملة شيوخه
وقال يروي جميع تصانيف مولانا فخر الدين الرازي عنه. ٦٣٨:
السيد محمد بن حيدر بن نور الدين علي أخي صاحب المدارك بن
علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي
كذا في أمل الآمل وفي لؤلؤتي البحرين السيد محمد ابن السيد علي
ابن السيد حيدر الموسوي العاملي أصلا المكي توطنا ويدور على الألسن
السيد محمد حيدر آه وفي نزهة الجليس عمي السيد محمد بن علي بن
حيدر آه والظاهر أن هذا هو صاحب الترجمة وان صاحب الأمل نسبه
إلى جده مراعاة لما يدور على الألسن كما سمعت. توفي في ذي الحجة سنة
١١٣٩ بمكة المكرمة.
قال في أمل الآمل: فاضل عالم مدقق من المعاصرين ماهر في أكثر
العلوم العقليات والنقليات آه وفي لؤلؤتي البحرين كان هذا السيد
فاضلا محققا مدققا حسن التعبير جيد التحرير والتقرير ثم حكى عن الشيخ
عبد الله ابن الحاج صالح السماهيجي الذي يروي عن صاحب الترجمة أنه قال
في حقه محقق مدقق خصوصا في علم العربية والكلام والنجوم والفلك
وغيرها ثم نقل عن السيد عبد الله بن نور الدين ابن نعمة الله الشوشتري
ان الذي بلغنا متواترا من حال صاحب الترجمة انه كان في غاية من الفضل
والسداد وجودة النظر وسمعت الوالد أطال الله بقاءه يصفه بالجميل جدا
ويثني عليه ثناء مطولا لما اجتمع معه في مكة ثم قال وحكى والدي انه
اجتمع به لما سافر إلى مكة المشرفة في السنة الخامسة عشرة أو السادسة عشرة
بعد المائة والألف فكان يصف فضله وعلمه وانه عرض عليه إشكالا في
مسالة الزوال في شرح اللمعة وهي التي ذكرنا أن للوالد فيها رسالة فأجاب
بأنها تتوقف على ملاحظة الأسطرلاب. وكان مشغولا بالناس قال وجرى
ذكر الملا محمد امين صاحب الفوائد المدنية في مجلسه فتجرأ عليه وسبه
بكلمات قبيحة من حيث إنه طعن في العلماء آه وفي نزهة الجليس:
فاضل بأحاديث فضله تضرب الأمثال ومجتهد رحلة إلى بابه تشد الرحال
وبليغ تفرد بالبلاغة وأديب صاع النظم والنثر أحسن صياغة كان بمكة
المشرفة كالبيت العتيق يقصده الطلاب من كل فج عميق. له من المؤلفات
كتاب في آيات القرآن قال في اللؤلؤة: وقفت عليه فإذا هو يشهد بسعة
باعه ووفور اطلاعه على مذاهب العامة والخاصة سلك فيه مسلكا غريبا
يتكلم فيه على جميع العلوم واشتمل على أبحاث في ذلك شافية مع علماء
العامة صنفه باسم الشاه حسين الصفوي وذكر في خطبته انه جمع إلى آيات
الأحكام الفقهية كل آية يستفاد منها مسالة أصولية من أصول العقائد أو
أصول الفقه أو القواعد العربية وقفت على مجلد منه ولا أعلم هل خرج
غيره آه وقال السماهيجي له كتاب في الإمامة من طرق العامة وحاشية
على المدارك ورسالة في تفسير آية اجعلني على خزانة الأرض آه.
وقال ابن عمه في نزهة الجليس: له التصانيف العديدة المشهورة
المفيدة منها برهان الحق المبين في مجلدين. الحسام المطبوع في المعقول
والمسموع في علم الكلام مجلد ضخم. تنبيه وسن العين في المفاخرة بين بني
السبطين. رجل الطاووس إذا تبختر بالقاموس حاشية عليه مفيدة.
كنز فرائد الأبيات للتمثل والمحاضرات مجلد ضخم به الشريف أحمد بن
سعيد بن شبر. الثقوب السنية في الفهوم الحسنية مجلد ضخم خدم به
الشريف ناصر بن الحارث. نجح أسباب الأدب المبارك في فتح قرب المولى
شبير بن مبارك خدمه به. العبائر المزجية في تركيب الخزرجية. مذاكرة
ذوي الراحة والعنا في المفاخرة بين الفقر والغنى أوردها في نزهة الجليس
بتمامها. ديوان شعره. فمن شعره قوله:
لولا محياك الجميل المصون * ما بت تجري من عيوني عيون
ولا عرفت السقم لولا الهوى * ولا تباريح الأسى والشجون
كم وقفة لي في طلول الحمى * روى ثراها صوب دمعي الهتون
يا ربع خير لا جفاك الحيا * ولهان لا يعرف غمض الجفون
هلى كنت مغني للغزال الذي * اليه أصبو والتصابي فنون
وأشرقت فيك شموس الضحى * ورنحت فوق رباها الغصون
من كل غيداء إذا أسفرت * جلا محياها سجوف الدجون
صوارم الألحاظ ان جردت * أثارت الحرب بكسر الجفون
والمقلة السوداء مهما رنت * علمت الصب فنون الجنون
منيعة الحجب فنيل اللقا * منها بعيد عن مرامي الظنون
عزيزة تحمي حمى خدرها * اسود غيل فوق قب البطون
حسبك لوما يا عذولي اتئد * اني لعهدي في الهوى لا أخون
لا تطلب السلوان من وامق * فذاك امر ابدا لا يكون
يا ويح عذالي أ ما شاهدوا * طلعة من أهواه بل هم عمون
فحسبهم بالنون عن حاجب * عما يقولون وما يسطرون
اما ووجدي يا أهيل اللوى * وعهدي الوافي وسري المصون
لقد أطعت الحب في حكمه * عدلا وجورا في جميع الشؤون
وقوله مؤرخا ولادة الشريف بركات بن شبير:
منح الله شبيرا ذا العلا * وافدا بالبشر وأفراح عما
خير نجل سر في مولده * بركات قارنت اسما ورسما
دام في ظل أبيه سيدا * سندا لا يختشي راجيه هضما
(٢٧٢)

فهو المسعود جدا إذ غدا * ينتمي للفضل جدا حين ينمى
أول الاقبال في تاريخه * بركات اسمه نفس المسمى
وقوله مؤرخا ولادة الشريف مبارك بن بشير بن مبارك بن فضل بن
مسعود ابن الشريف حسن ١١٣٩:
وافت تباشير التهاني تشير * ان بشير السعد وافي بشير
هو الهمام الماجد المرتقي * بفخره الباذخ أوج الأثير
نجل سعيد الحظ ميمونه * من منح الرب اللطيف الكبير
مبارك الغرة مسعودها * قدومه عنوان خير خطير
فاسمه الموروث من جده * بجده المسعود اضحى جدير
قرت به عين أبيه ولا * زال به طرف المعالي قرير
خذ غاية السؤل لتاريخه * مبارك للسعد وافى بشير
وقوله مؤرخا ولاية الشريف سعيد بن سعد على مكة المكرمة سنة
١١٢٤ المستمرة إلى سنة ١١٢٨:
طوالع السعد قالت * والدهر واف ومحسن
بيتا نأى عنه كيد * فجاء تاريخ متقن
بشر سعيد بن سعد * بملك زيد بن محسن
وقوله نأى عنه كيد اي نقص منه لفظ كيد وهو أربع وثلاثون وهذا
النوع من التاريخ يسمى بالمستثنى وقوله:
أقول لقلبي إذا تولع بالهوى * وشرق في حب الملاح وغربا
إذا عز صيد الظبي فاقنع بغيره * فكل الفلا صيد وان كان أرنبا
وفي نشوة السلافة: نشر عليه الأدب مطارفه وملكه تليده وطارفه
وخص بالفضائل من المبدأ الفياض وله نظم يماثل أزاهير الرياض أتى مكة
المعظمة فألقى بها عصاه ورزق فيها السعادة ونال مناه إلى أن قبضه الله
وتوفاه وكان له مع الوالد محبة عظيمة وصحبة مستقيمة.
ومن غرر نظمه هذه القصيدة أجاب فيها الفاضل الأديب الشيخ عبد
الرحمن الذهبي الشامي من قصيدة أصدرها اليه:
يا قلب ويحك من لك * ان كان خلك ملك
شرطت ان لست تسلو * هواه والشرط أملك
فاصبر لحكم التصابي * عليك ذلك أملك
يا قلب كم من عذول * قد ظل يعذل مثلك
يقول مهلا رويدا * أضللت في الحب سبلك
ومن يعيرك عقلا * ان كنت ضيعت عقلك
اسلك طريق التسلي * فإنه لك اسلك
لئن بقيت على ما * أرى أخالك تهلك
عساك في الحب تحظى * بما تروم وعلك
أطعت امري فضلا * والله يشكر فضلك
في عشق ظبي فريد * على القلوب مملك
قال الظلام كفرعي * فقلت فرعك أحلك
فقال جفني حسامي * فقلت أنسيت نبلك
فقال صفني وأوجز * فقلت لم أر مثلك
فقال قل في شعرا * اني أرى النظم شغلك
فقلت شعري حقير * وواجب ان أخلك
لكنني مستعين * بمن سيملأ سجلك
بفاضل ذهبي * لدفتر الفضل فذلك
أخا الفضائل عبد الرحمن * شرفت خلك
لا زلت في كل خير * والضد في كل مهلك ٦٣٩:
الحاج محمد خان المعروف بقدسي المشهدي
كان من شعراء شاه جهان ملك الهند له شعر جيد في المثنوي. ٦٤٠:
محمد بن خالد البرقي
عده المسعودي في مقدمة مروج الذهب في عداد المؤرخين وقال إن له
كتاب التبيان ٦٤١:
الشيخ محمد الخزاعي النجفي
في اليتيمة: فاضل محدث. ٦٤٢:
السيد محمد الخسرو شاهي التبريزي
توفي في تبريز سنة نيف وعشر وثلاثمائة وألف ونقل إلى النجف. من
تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري.
له مشكاة المصابيح في التعادل والتراجيح مطبوع. ٦٤٣:
الميرزا محمد ابن الميرزا خليل الطبيب الطهراني النجفي
طبيب مشهور على طريقة الطب اليوناني أقام في النجف ومسكنه
الأول طهران. ٦٤٤:
القائد أبو عبد الله محمد بن خليفة السنبسي الشاعر
ذكره عماد الدين في الخريدة وقال شاعر مسبوك النقد جيد الشعر
سديد البديهة شديد العارضة يتفق له أبيات نادرة ما يوجد مثلها وكان شاعر
سيف الدولة صدقة فلما قتل صدقة مدح دبيسا ولده فلم يحسن اليه فقدم
بغداد وأقام بها إلى أن مات سنة ٥٣٥ ومن شعره:
إذا جئته لم تلق من دون بابه * حجابا ولم تدخل اليه بشافع
كماء الفرات الجم أعرض ورده * لكل أناس فهو سهل الشرائع ٦٤٥:
أبو جعفر محمد بن خليل السكاكي البغدادي
كان من المتكلمين. له ١ كتاب المعرفة ٢ كتاب الاستطاعة
٣ كتاب الإمامة ٤ كتاب الرد على من أبى وجوب الإمامة بالنص. ٦٤٦:
المولى شاه محمد الدارابجردي الفارسي نزيل الهند
شاعر حكيم متكلم يتخلص في شعره بلفظه شاه استشهد ببلاد
الهند بيد العامة له تواليف منها كتاب تذكرة الشعراء وهو في تراجم عدة من
الشعراء المعاصرين له والنسخة موجودة عند السيد شهاب الدين النجفي
الحسيني المرعشي النسابة التبريزي نزيل قم. ٦٤٧:
السيد ميرزا محمد بن داود اليزدي
كان شيخ الاسلام ببلدة يزد من قبل السلطان فتح علي شاه
(٢٧٣)

القاجاري، اجتمع به صاحب المرآة ببلدة يزد سنة ١٢١٩ وأثنى عليه ثناء
بليغا. ٦٤٨:
الشيخ محمد بن خليل دبوق العاملي
توفي سنة ١٣١٧ في خربة سلم.
كان عالما فاضلا شاعرا أديبا تقيا ورعا صالحا زاهدا عابدا مخشوشنا في
المأكل والملبس ذو أخلاق حسنة يندر وجود مثلها تقيا ورعا خشنا في ذات
الله متصلبا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وله أسلوب عجيب في دفع
الغيبة، إذا اغتاب أحد بحضرته ردع المغتاب بأسلوب حسن بحيث لا
يخجله ولا يغضبه وتفنن في التأول لمن قيلت فيه الغيبة والاعتذار له وكان
مليح النادرة وقلما تحصل معه واقعة الا انشد فيها شعرا، كان له كتب
أودعها عند شخص لما سافر إلى العراق وكان فيها كتاب مجلد تجليدا متقنا
من الجلد الأحمر الفاخر فجاء رجل وقوره من الجانبين وجعلهما جلدا لعوذة
فنهيته فلم ينته فلما حضر فقد الكتاب فلم يجده فأخبرته الخبر فانشد:
وقد يهلك الانسان كثرة ماله كما يذبح الطاووس من أجل ريشه
وكان له مقام رفيع في نفوس الخاصة بسبب اخلاصه في أقواله وأفعاله
وتقواه وحسن أخلاقه وخشونته في ذات الله وكان لا يرفع بصره إلى امرأة
متسترة أو سافرة وإذا التقى بالنساء في الطريق أدار وجهه إلى الحائط حتى
يذهبن. تفرع من أب فقير عامي فنبغ بجده لا بأبيه وجده. كان شريكنا
في الدرس في أول الاشتغال في جبل عامل فقرأنا معا القطر وشرح الألفية
والمغني والحاشية والشمسية والمطول والمعالم وسافر إلى العراق في أثناء ذلك
بزي الدراويش ثم عاد إلى الجبل ثم سافر إلى العراق لطلب العلم ثم عاد
منها بسبب انحراف مزاجه عام ١٣٠٨ والتقينا به في الطريق ونحن ذاهبون
إلى العراق وهو عائد منها ثم اشتغل في مدرسة شقرا على ابن عمنا السيد
علي ثم توطن مدة في دمشق وانتفع به أهلها ثم عاد إلى مسقط رأسه خربة
سلم من جبل عامل وتوفي فيها.
من شعره قوله وارسل بها إلى ابن عمنا السيد علي ناعيا نفسه:
يا قاصدا شقراء زر * سامي الذرى محيي الفضائل
حامي شريعة جده * عن أن تصاب بسهم صائل
والثم يديه وقل له * عني مقالة غير غافل
يا أولا في المكرمات * وآخرا فاق الأوائل
ومبرزا عند الخصام * وملهما حل المشاكل
ومقلدا فصل القضاء * وعالما بالحق عامل
اني أخصك بالسلام * وبث أشواقي القواتل
وأقول قول محقق * اني إلى مولاي راحل
والأمر سهل ان عفا * عني وصعب ان يعامل
بالعدل ان الله جل * الله بين الخلق عادل
وإذا رزقت رضا النبي * وآله الغر الأفاضل
فهنالك العفو العظيم * بظل ملك غير زائل
ولئن يحل خلاف ذا * لك بي فان الأمر هائل
والله أولى بالجميل * وبالعطاء لكل سائل
وانا أرجيه النجاة * مقدما خير الوسائل
حب النبي وآله * أزكى الأواخر والأوائل
وقال وقد مرض بصيدا وكان مطلوبا للجندية:
عليل بصيدا لا يرى من يعوده * سوى أوجه تضنيه رؤيتها سقما
أقل الورى قدرا لديهم أخو التقى * وأعظمهم من بات يرتكب الإثما
وقال وهو بعانا في طريقه إلى العراق:
ان جئت عانا فارتحل عنها ولا * تمكث فان المكث فيها معطب
اني نزلت بأرض عانا ليلة * فخرجت منها خائفا أترقب
وقال في كيفية ترتيب قلم الأظافر حسبما روي:
بتقليم أظفار اليمين ابتدئ ولا * تخل بترتيب به العبد يؤجر
فأولها سبابة ثم خنصر * كذلك ابهام ووسطى وبنصر
وتقليم أظفار الشمال بعكس ما * ذكرناه فاحفظه لعلك تؤجر
وكانت له مخدة أيام طلب العلم من الكرباس المصبوغ بالنيل حشوها
نخالة البرغل مربوط فيها بخيط وكانت له عباءة بوزية وأخرى سوداء أخنى
عليها الدهر فجعل إحداهما بمنزلة الظهارة والأخرى بمنزلة البطانة فكان
يلبسهما للعيد والجمعة ويفترشهما ويجلس عليهما ويتدثر بهما ليلا وما قاله في
المخدة المذكورة:
ورب مخدة زرقاء أمسى * لها حشو يفوق الشوك لينا
جعلت رباطها البابير كيما * تزيد ملاحة وتقل شينا
وقال مراسلا ابن عمه الحاج حسن دبوق:
لله أزمان سرور زهت * ما بين ارام ربي نجد
في ساحة فيحاء تهدي لنا * في كل آن ارج الند
يخالنا الرائي بها أنجما * طوالعا في فلك السعد
اخوان صدق لم يشب صفونا * بساقط الهمة أو وغد
نكرع صهباء الصفا من يد * أو مرشف أحلى من الشهد
كأننا بين رياض المنى * رواتع في جنة الخلد
في فتية نبل كان الهنا * منهم وهم منه على وعد
من كل فتان ظبا لحظة * تزري بفعل الصارم الهندي
وغادة معطارة لم تقف * من بارع الحسن على حد
فارقتها والقلب مغرى بها * والنار تذكيها يد البعد
اقسم لا حالفت طيب الكرى * ولا توسدت على زند
ولا طويت القلب الا على * ما ليس بسطاع من الوجد
ولا شربت الراح ما لم أطأ * بأخمصي سالفة الضد
وأبلغ القصد بلقيا فتى * أحرز أقصى رتب المجد
عزي وكنزي والهمام الذي * أصبحت فيه واري الزند
انسان عين المجد روح العلى * باهي السنا واسطة العقد
وقال:
إذا رمت ان ترقى إلى الرتبة العليا * وتبلغ قدرا شامخا فاهجر الدنيا
وكن ذا اصطبار عند كل ملمة * ومت قبل وقت الموت إن شئت ان تحيا
وله:
ما لآرام رامة وظباها * قد أراقت دمي حدود ظباها
فسلاها ما بالها لم تصل من * علم الله دهره ما سلاها
(٢٧٤)

بعثت نحوه رسائل شوق * ما تلاهى عن ذكرها مذ تلاها
وله:
من لي بصحبة ماجد * ازداد منه ولا أمله
متآخيات على العلى * متقارب شكلي وشكله ٦٤٩:
الحاج محمد بن دخيل علي الشهير بالقارشويخلي البغدادي المعروف بالعطار
ذكره في نشوة السلافة بهذه الترجمة وقال: أديب خضع له جميع
الأدباء وفصيح أقر له جهابذة الفصحاء فهو قس الفصاحة وسحبان البلاغة
يطرب الأسماع كلامه ويخجل الدر نظامه يزهر به المجلسي والنادي ويعترف
بفضله الحاضر والبادي ذو فهم وقاد وفكر نقاد ولى معه مراسلات ومكاتبات
فمما أرسلت اليه هذه الأبيات:
عرج إلى الزوراء يا زائر * فهي التي حل بها الفاخر
وطف به وانشر لديه الثنا * فهو لنا الملجأ والناصر
العلم الفائق في علمه * والعارف النقاد والشاعر
ونظمه أزهر من روضة * ونثره يعيا به الناثر
مثل عصى موسى إذا ألقيت * تلقف ما جاء به الساحر
قد طال اهل الفضل ممن مضى * تأخيره ليس له ضائر
وليس سبق الليل يقضي له * فضلا إذا الصبح له آخر
وفاق اهل العصر في وقتنا * والأمر فيما قلته ظاهر
يا قمرا فاق نجوم الدجى * كماله وهو له باهر
ألفاظه تطرب أسماعنا * اطراب من غرده السامر
حل من المجد على ربوة * ذات قرار روضها زاهر
لا زال شمس الفضل بدر العلى * ما فاح مسك نشره عاطر
فكتب إلي دام ظله مجاوبا:
ربع فنائي بكم عامر * يا حبذا المغمور والعامر
ان كنت أخفيت مزاياكم * ولم أذعها فانا الكافر
فتوة عنوانها ظاهر * وقدرة سلطانها قاهر
يا علما أقواله لم تزل * يغتالها الناظم والناثر
فقد فقت اهل النظم طرا فيا * خجلة من قيل له شاعر
لو سئل العالم عن نظمكم * لقلت هذا المثل السائر
قد فاق اهل العصر في وقتنا * والأمر فيما قلته ظاهر
سما علي في سماء العلى * فكل من طاوله قاصر
عطرنا من طيب أنفاسه * يا حبذا العطار والعاطر
فاخضع لمولى نوره باهر * واعجب لروض نوره زاهر
وارسل إلى الحاج محمد جواد عواد البغدادي وكان اهدى اليه كتاب
اليتيمة لكنها قديمة الكتابة قد عفت رسومها ولم يتحصل منها الا القليل بهذه
الأبيات:
لقد جاد مولانا الجواد بغادة * يتيمة دهر عهدها متقدم
فلما قبلناها وحلت بدارنا * ندمنا ولكن لا يفيد التندم
فلم أر رسما دارسا مثل رسمها * ولم تر مثلي عابسا يبتسم
فوا خجلي ما ذا أقول لربها * وربي أدرى بالضمير واعلم
وما القصد الا انني جئت مازحا * فطورا الا غيها وطورا أترجم
وشاورت نفسي ان أقوم مداعبا * أؤخر رجلا تارة واقدم
فلاحت لي الآداب من كل جانب * نقلنا ونلنا والسلام عليكم
فكتب اليه الحاج محمد جواد بهذه الأبيات:
لقد غادرت قلب المحب ملوعا * يتيمة دهر بالجفا مسها الضر
خريدة حسن قد تولى شبابها * وقد نال منها الدهر وانصرم العمر
فأضحت لطول العهد من زمن الصبا * يلوح بها سطر ويخفى بها سطر
عجوز غدت شمطاء رأس لناظر * قد ابيض فيما بين أوراقها الحبر
ولا عيب ان أضحت عجوزا فإنما * بها كل معنى ان تأملته بكر
أتى خاطبا فيها الأديب محمد * أبو القاسم العطار من نظمه الدر
أديب أريب ألمعي مهذب * تعطر هذا الكون أخلاقه الغر
فلما زففناها وحلت بداره * تجافى وأبدى الذم وانهتك الستر
فكانت كما قد قيل قدما بحقها * مقالة صدق قالها شاعر جسر
تروح إلى العطار تبغي شبابها * وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر
لقد كنت أرجو انه سينيلها * ببر فكم بالبر يستعبد الحر
فخاب رجائي والظنون كواذب * لدى المرء أحيانا بها يخطئ الحزر
كأني به استغلى ثمين صداقها * ومن يطلب الحسناء لم يغله المهر
وقد كنت لما ان أطالع نظمها * تطالعني من أفقه أنجم زهر
فما جن عندي الليل الا فقدتها * وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
واني معيذ سيدي ان سيغتدي * غضوبا لنظم جاد في سبكه الفكر
فان أولي الألباب يهدي إليهم * بديع المعاني إذ يجيش بها الصدر
فأرسل اليه المترجم ثانيا بهذه الأبيات:
جواد جواد جيد في نزاله * إذا نحن جاريناه أيده النصر
بلا حسد منا عليه لأنه * إذا شاد بيتا قيل هذا هو القصر
ولا انا عن عجز أجئ مقصرا * ولا فرسي مهر ولا ربه غمر
إذا كان نصر الله للعبد شاملا * ولم يك ذا أمر يتم له الامر
فدع عنك قول الحاسدين ولا تقل * كذا قال لي زيد كذا قال لي عمرو
فاخوان هذا الجيل جلهم عنا * فما فيهم خير وكلهم شر
مواعيدهم خلف وايعادهم جفا * وظاهرهم حلو وباطنهم مر
مواعيد عرقوب اخاه بيثرب * فيومهم شهر وعامهم دهر
فلا يحسنون الفرق والعكس شانهم * ورفعهم نصب ونصبهم جر
وما انا في شعري عليكم بفاخر * ولكن لمدحي فضلكم يفخر الشعر
جواد متى أمدحه ساعدني الحجى * عليه واما لمته خانني الفكر
دعاني فأعطاني يتيمة دهرها * بخط قديم قبل أن يخلق الدهر
عجوزا تمنت ان تكون فتية * قد ابيض منها الشعر واحدودب الظهر
فصنت حماها صابرا لمصيبتي * فصبري بها صبر وقلبي به جمر
عسى هزة مني عليها لهابها * كما انتفض العصفور بلله القطر
لأصلحها بالفكر والرأي والنهى * ولا ينفع الادبار رأي ولا فكر
بتلفيق أوراق وترميم آخر * هلم كذا جرا ولا ينفع الجر
فاصلاح ذات البين في الله واجب * ولا يصلح العطار ما أفسد الدهر
إذا قلت كيف الحال قالت من الضنا * أراك عصي الدمع شيمتك الغدر
لقد كسر الدهر الخؤون جناحها * ككاسر دن الخمر إذا فسد الخمر
(٢٧٥)

عليك بأرباب الصدور فمن غدا * مضافا لأرباب الصدور له الصدر
فقمت حياء أسحب الذيل قائلا * حنانيك اي منهم فهم كثر
فقالت بعنف ويك تنكر سيدي * حليف الندى نجل الرضا من له الفخر
كأنك لم تسمع به وبفضله * أكان على أذنيك من سمعه وقر
وبالأمس قد جاءتك منه خريدة * كدرة غواص يجود بها البحر
فقلت لها هذا صديقي وصاحبي * أنيسي جليسي ليس في عرفه نكر
فقالت صدقت الآن انك عارف * بمقداره والحر يعرفه الحر
ومن نظمه ما أرسله إلى السيد نصر الله الحائري يدعوه إلى الضيافة
وقت الغداء:
سلام على الحضرة السامية * لدى قبة الفلك العالية
إلى من غدا للعباد الرشاد * وضاع وقد أرخص الغالية
إلى نجل سر بني آدم * وأطيبهم طينة زاكية
فيا آل احمد اني لكم * محب مقيم على حاليه
إلى أبد الدهر لا اختشي * غويا مضلا ولا غاويه
فأنتم نجوم الهدى لأمرا * وأنتم غيوث لنا هاميه
وأنتم ليوث الوغى في الورى * وأنتم بحور لنا طاميه
ليهنكم انني صانع * برودا وقيمتها غاليه
تجر رداها حياء لكم * من التيه ما أعرض الحاشية
بكم باهل المصطفى جدكم * وقد كان جبريل في زاوية
لكم ربكم حافظ حاميا * ومهجة شانئكم حاميه
فداعيكم قد غدا داعيا * جناب الجناب مع الحاشية
فكونوا غدا للغدا عندنا * محل الغداة إلى داريه
نسر بطلعتكم أولا * وننظر رجعتك ثانيه
فعيني إلى الباب يا سيدي * فليت على عينكم واقيه
وإياك من قول لا أن لا * ضلال وهذي هي النافيه
ولولا التأدب أضجرتكم * ولست أبالي بذي القافيه ٦٥٠:
علاء الدولة أبو جعفر محمد بن دشمنزيار بن كاكويه الديلمي صاحب
أصبهان
ذكره الصابئ في تاريخه وقال علاء الدولة هو ابن خال والدة مجد
الدولة رستم بن فخر الدولة وعين عليه في امارة أصبهان وكان ذا قوة باسطة
فاستولى على جميع تلك البلاد وجرى بينه وبين مجد الدولة حروب ولما خرج
السلطان محمود بن سبكتكين إلى بلاد الجبال واستولى على مجد الدولة سنة
٤٢٠ انفذ ولكين بن وندرين لقصد علاء الدولة ولم يزل يستولي على أمواله
إلى أن استصفاها وهرب علاء الدولة وأقام على الامتناع وبذل الطاعة على
بعد من الدار وكتب علاء الدولة إلى بغداد بخبر يمين الدولة محمود وان
عساكره خمسون ألف رجل ومعهم مائتا فيل وأربعون ألف جمازة عليها
خزائن وسلاح ثم انتهى الامر إلى أن تصالحا وقال بعض المؤرخين ان أبا
جعفر اسمه محمد. وكان في جملة الأمير عين
الدولة أبي شجاع بن فخر الدولة ولما توفي عين الدولة استولى علاء الدولة على أصبهان والزم أهلها
بطاعته رغبة ورهبة وقوى يد أصحابه وأشبعهم من غير أن يعطيهم مالا بل
يعطيهم ما يحتاجون اليه من النفقات والكسوات ويهب لهم الجواري
والسراري ويخزن المال الصامت لنفسه وكانت وفاته سنة ٤٣٣ وقام ابنه
الأكبر فرامرر مقامه. ٦٥١:
أبو نعامة محمد بن الدقيقي الكوفي.
مختلف في اسمه هل هو محمد أو احمد وقد ذكرناه في احمد. ٦٥٢:
السيد محمد ابن السيد دلدار علي ابن السيد محمد معين الدين النصيرآبادي
النقوي اللكهنوئي.
ولد ١٧ صفر سنة ١١٩٩ وتوفي ١٢١٢ ربيع الأول سنة ١٢٨٤
وأرخه بعضهم بقوله مات مجتهد العصر ودفن بجنب والده في حسينية
غفران مآب في لكهنوء.
كان فقيها حكيما متكلما حسن المحاضرة جيد التحرير تخرج على والده
وانتقلت اليه رياسة الجعفرية بعد أبيه وفوض اليه الحكم والقضاء على عهد
السلطان أبي المظفر مصلح الدين أمجد علي شاه والزم قضاة البلاد بتطبيق
احكامهم على فتاواه وكان لا يعدو له امرا ولا يتخلف عن إشارته حتى توفي
السلطان المذكور وحذا حذوه خلفه ناصر الدين محمد واجد علي شاه وهو
يروي عن والده السيد دلدار علي بإجازة مفصلة وكان عمره وقتئذ تسع
عشرة سنة. له من المؤلفات ١ احياء الاجتهاد في أصول الفقه
٢ شرح زبدة الأصول ٣ أصل الأصول في الرد على الأخباريين
٤ كتاب في الإمامة ردا على التحفة الاثني عشرية ٥ السيف الماسح
في اثبات مسح الرجلين مطبوع حاشية على الشرح الصغير للمير السيد علي
الطباطبائي ٦ الصمصام القاطع مطبوع ٧ طعن الرماح في النقد على
بعض مواضع التحفة مطبوع ٨ رسالة في صلاة الجمعة ٩ الفوائد
النصيرية في الزكاة والخمس ١٠ رسالة في المواسعة والمضايقة
١١ حاشية على شرح السلم للمولى حمد الله في المنطق ١٢ الضربة
الحيدرية مجلدان ضخمان مطبوعان ١٣ ثمرة الخلافة ١٤ العجالة
النافعة في الكلام ١٥ البارقة الضيغمية نقدا على التحفة ١٦ البوارق
الموبقة في الإمامة ١٧ البشارة المحمدية ١٨ السبع المثاني في القرآن
والتجويد ١٩ البرق الخاطف. إلى غير ذلك وكان له عدة أولاد لهم في
الفضل والعلم أياد ناصعة. ٦٥٣:
مولانا محمد الرستمداري المجاور بالمشهد المقدس الرضوي توفي سنة
١٢٥٧ بمشهد الرضا.
كان معاصر للشاه عباس الأول وفي وقت محاصرة الأوزبك لتلك
البلدة الشريفة كان هو في الحصار ولما كتب علماء ما وراء النهر مكتوبا في
ابطال مذهب الشيعة كتب المترجم جوابا لهم في غاية الجودة والاتقان
وأرسله إليهم.
له كتاب التعليقة على بحث جزء تمام المشترك من شرح الشمسية
القطبية. ٦٥٤:
ميرزا ألغ بيك محمد بن شاهرخ بن الأمير تيمور الكوركاني.
ولد في ١٩ جمادى الأول سنة ٧٩٦.
وتوفي قتيلا في ١٠ رمضان سنة ٨٥٣ كذا في توضيح المقاصد للبهائي
ألغ بضم الهزة واللام كأنه لقبه واسمه محمد واشتهر بلقبه. وصفه البهائي
في توضيح المقاصد بالسلطان الفاضل آه وهو سلطان ما وراء النهر
(٢٧٦)

وعاصمة ملكه سمرقند كان فاضلا عالما بالنجوم له من المؤلفات:
الزيج السلطاني أو الزيج الجديد فارسي عربه وشرحه السيد محمد بن
هاشم بن محسن بن علي بن حسين العلوي النجفي المعروف بالشرموطي
المتوفى حدود ١٣٠٧. ٦٥٥:
السيد محمد حسين ابن السيد كاظم القزويني المعروف بالكيشوان.
ولد في النجف الأشرف سنة ١٢٩٦ ونشأ بها وتوفي سنة ١٣٥٧ العالم
الشاعر الأديب المشارك في جملة فنون. لطيف الفكر عالي الطبع، قرأ
العلوم العربية والمنطق والأصول في مقتبل شبابه وحضر تدريس جماعة من
العلماء الاعلام في الفقه.
له منظومة في الحساب والجبر والمقابلة ومنظومة في العروض وتعليقة
على فرائد الأصول للشيخ مرتضى الأنصاري في حجية القطع والظن
وبعض البراءة و الاشتغال وشرح على تبصرة العلامة الحلي في الفقه برز منه
كتاب الطهارة الا قليلا منها وديوان شعر يزيد على ألفي بيت وله مراث في
سيد الشهداء وفي أمه الزهراء وأخيه المحسن المجتبي ع.
قال يداعب أحد أصدقائه، وكان ذاك الصديق يدعي أنه مدح
بأبيات تأتي، وكانت بينهما مداعبات وطرائف ذكرها المترجم في قصيدته،
اما الأبيات المدعاة فهي:
أرسلت طرفك للعقول رسولا * ولكم أقمت عليك منك دليلا
لولا مخافة حاسديك لكان لي * شرح بفضلك يا حسين طويلا
لو كان يتخذ الخليل من الورى * لم اتخذ الا الحسين خليلا
ويقول المترجم عن صديقه المذكور: وكان كثيرا ما يكرر هذه
الأبيات كأنه معجب ببلاغتها وسمو معانيها وصحة تراكيبها العربية وحسن
صوغها وبديع أسلوبها وإذا سألناه ما الذي نصب طويلا وهل يتخذ الخليل
من غير الورى أجاب بأنكم لا تفهمون دقائق العربية ولا تصلون إلى مدارك
المعاني السامية ونكات البلاغة.
والقصيدة هي هذه:
ما كان ضرك لو صنعت جميلا * فأقمت فينا للوداع قليلا
أو مثل هذا يا حسين جزاء من * أولاك ظلا في حماه ظليلا
ونزلت منه بكعبة الكرم التي * كانت مقرا للرجا ومقيلا
طافت بها الآمال تسعى للذي * حجت اليه لتدرك المأمولا
هل تنكرن نواله وهو الذي * أسدى لك المعروف والتنويلا
أقبلت من حوران لم تحمل سوى * مدح لنفسك لم يكن مقبولا
ونزلت في بيروت ضيفا مكرما * لكن رحلت محقرا مخذولا
أو لم يكن بالفضل يلبسك العبا * متبخترا فيها تجر ذيولا
أسدلتها من فوق عطفك فانثنى * كرما عليك بهاؤها مسدولا
ثم انعطفت ولم تبجل شأنها * وهي التي عطفت لك التبجيلا
وغسلتها بالماء منك وقاحة * ليكون مثلك حظها مغسولا
ما كنت تحملها لنا مبلولة * لو كان وجهك بالحيا مبلولا
أنسيت يوم تدور في أسواقها * متزملا بوقارها تزميلا
متطلبا لجلال قدرك جبة * تبتاعها كيما تكون جليلا
لكن نفسك حين لم تسمح بما * في الجيب ما وجدت لذاك سبيلا
عزت عليك دراهم جعلتك في * قيد الحياة من الهوان ذليلا
قبضت عليها منك أنمل راحة * مبسوطة لتنال لا لتنيلا
وختمت كيسك عاقدا أن لا يرى * حتى بأحلام الكرى محلولا
سوداء جئت بها وتلك هي التي * قذفت إلى شقراء فيك رحيلا
أصبحت موضوعا لكل قضية * كان الشنار بشكلها محمولا
ودللت انك باجتهادك فارع * لا تعرف المعقول والمنقولا
فعلت بك الأوهام حتى أنها * نصبتك في أحوالها مفعولا
خفت بحملك يا ثقيل فحق ان * نلقي بها قولا عليك ثقيلا
ما أنت رب المكرمات وان تكن * أرسلت طرفك للعقول رسولا
فلكم دللت عليك انك خامل * ولكم أقمت عليك منك دليلا
أفطرت في رمضان لا تخشى من * التأنيب في الأخرى ولا في الأولى
وحملت بطنك للقرى بين القرى * عرضا تجوب بها الفلاة وطولا
مهما رأيت جماعة في دعوة * أقحمت نفسك بينهم تطفيلا
وإذا سمعت بأكلة أسرعت * بالمسرى وجيفا نحوها وذميلا
فكأنما بالأرض كنت موكلا * لتقيسها بالذرع ميلا ميلا
ما كنت صواما ولكن كنت * قواما تهب إلى الطعام عجولا
شاركتنا بفطورنا وسحورنا * جشعا وزادك بكرة وأصيلا
هذي سجيتك التي لم تتخذ * يوما بها بدلا ولا تحويلا
ويحق ان أملي مخازي فعلك * المعتل شرحا بالهجاء طويلا
لكنني أوجزت فيك مطولا * وطويت عنك مسالكا وفصولا
يهنيك ان العيد اقبل حافلا * يسدي لك المشروب والمأكولا
لو كان يتخذ الخليل من الورى * لاخترت غيرك يا حسين خليلا
خذها مدبجة الحروف مخازيا * عقدت عليك هجاءها إكليلا
وقال مشطرا أبيات عبد الباقي العمري التي نظمها لما زار مشهد أمير
المؤمنين:
وليلة حاولنا زيارة حيدر * وقد رجع الحادي بترديد أشعاري
وسامرت نجم الأفق في غلس الدجى * وبدر سماها مختف تحت أستار
بادلاجنا ضل الطريق دليلنا * وقد هومت للنوم أجفان سماري
تحريت أستهدي بأنوار فكرتي * ومن ضل يستهدي بشعلة أنوار
ولما تجلت قبة المرتضى لنا * بأبهى سنا من قبة الفلك الساري
قصدنا السنا منها ومذ لاح ضوءها * وجدنا الهدى منها على النور لا النار
وقال مشطرا:
تثنت بقد مائس غير ذابل * وأومت بطرف نافث سحر بابل
وحلت عرى صب بها غير صابر * وصدت بجيد عاطر غير عاطل
وأرسلت الوحف الأثيث سلاسلا * تحدث فيه أنه عن مقاتل
غزاني بها في الحب بدري وجهها * فرحت أسيرا في غزاة السلاسل
وقال مشطرا أيضا:
رنا وانثنى كالسيف والصعدة السمرا * وأبدى لنا من خده راية حمرا
وأرسلها من وفرتيه سلاسلا * فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
خذوا حذركم من خارجي عذاره * فقد حكم الأجفان يحمى بها الثغرا
(٢٧٧)

ولا تشهدوا بدرا إذا سل بيضه * فقد جاء زحفا في كتيبته الخضرا
وقال مراسلا بعض أصدقائه سنة ١٣٢٤:
قلبي به من لوعة البين وصب * ذاب فاجرى ذوبه طرفي وصب
قلب وطرف في هواك اتفقا * فاختلفا في صعد وفي صبب
تشاطرا فيك صبابات الهوى * فصار هذا دنفا وذاك صب
وبات قلبي والجوى فيه على * سلم وطرفي والكرى على حرب
وكم حديث لهما خرجه * ياقوت دمعي وابن مقلتي كتب
فمن ضعيف لجريح انتمى * ومرسل منه إلى الأعشى انتسب
تاجرت في الحب فلم أربح سوى * ان الجوى سعر قلبي فالتهب
صرفت نقدا حبة القلب فما * أفادني نقد الهوى ولا ذهب
وعاد قلبي بأعاريض النوى * مقطعا فيا خليلي ما السبب
كم قلت للبرق الذي أضاء لي * ثم خبا تبت يد البرق وتب
كيف خبا نارا وهذي أضلعي * قد أصبحت حمالة له حطب
عجبت من قلبي هوى محمدا * وكان عهدي انه أبو لهب
فتى يرينا كوكب السعد هدى * بطلعة منه بها تجلى الريب
تشيد بالفعل بناء مجده * رفعا إذا ما عاق غيره نصب
فكفه في نائل وسمعه * عن عاذل فيه ربيع ورجب
فمصره وهو الخصيب كم به * مخض للوفد نداه وحلب
ذو راحة عودها على العطا * فما تشكت مللا ولا تعب
ان حاز غايات العلى بأنمل * فهو قد استولى بها على القصب
اطلع سهم الغيب فيهن فلا * نبع يدانى فصله ولا غرب
جرى على حالين سخط ورضى * يراعه في رهب وفي رغب
له سنان ولسان بهما * أنشأ في الآفاق خبطا وخطب
هذابه قد طعن الجاني وذا * مج له بالعفو شهدا وضرب
وقال مهنئا صديقا له بزواجه سنة ١٣١٨:
جادك يا سرحة ملتف الأثل * برق على مسرح واديك استهل
لولاك ما أوقفت أحشائي على * رسم ولا طل دمي على طلل
لا ظللتني اليزنيات إذا * لم أتفيأ بمحانيك ظلل
ولا رشفت سلسل الثغر إذا * لم ارو بالطعن أنابيب الأسل
سأطرق الحيين موهنا على * زاملة تلف بالسهل الجبل
تقتات من لفح الهجير بالفلا * وتشرب الآل بها نهلا وعلى
جاذبتها فضل البرى فانبعثت * تعتسف الرمل وسيرها رمل
بمثل ظهر الترس لا ترى به * مأوى ولا تسمع للوحش زجل
ما ألف الطير به وكرا ولا * عوى به الذئب ولا اجتاز الوعل
ناء عن الرشد فلو مر به * سرب القطا تاه عن الرشد وضل
تخدى لتنزل العذيب باللوى * فثم رهط الرسم للوادي نزل
سرب يريث بالكثيب خطوه * حتى تخطى عقد الرمل فحل
اهوى على الورد بجس نبأة * على الغدير روعته فجفل
وما عليه لو الم ضحوة * دون الأراك وبظله استظل
تبطن الوادي الأغن ملعبا * فيه تهادى بالحلي والحلل
من غادة مترفة الخد صبا * مخطفه الكشح ظما ريا الكفل
وأغيد أخشى على وجنته * من رقة الشباب تدميها المقل
مليك حسن بالحشا حكمته * فجار في حكم الهوى وما عدل
يرمي فيصمي القلب عن نبالة * قد اخذت رمي النبال عن ثعل
كحلت يا ميل الفتور عينه * فافتضح الجؤذر منها بالكحل
تقوى علي منه عين ضعفت * من الفتور ليس لي بها قبل
ما علل القلب السقيم في الهوى * وفي رضاب ثغره برء العلل
مالت بقرطيه على عارضه * نشوة راحين شبيبة ودل
أخجلت منه وجنة حتى جنت * عيني من رياضها ورد الخجل
قبلته فسل سيف جفنه * وشرعة الحب أباحت القبل
عذلته وقد أصيبت كبدي * فقال تيها سبق السيف العذل
ان قتل الحب بنيه في الهوى * فالحب ان أفرط في القلب قتل
مل ومال عن هواي معرضا * وفي الصبابات ملال وميل
وعاد يعطو لي بجيد عاطل * والرشا الأجيد حليه العطل
يمرح بالرمل الأغن سانحا * بروضة تلقاه ربات الكلل
روض كان الغصن فيه منتش * مال به خمر الزجاج واعتدل
كان نوار الأقاحي به * ثغر فتاة الحي زانه الرتل
كأنما النرجس عين جؤذز * بها من النعاس لوثة الكسل
كأنما الشقيق والورس به * غداة هطال الشآبيب هطل
خدا حبيب ومحب عرضا * فاختلفا من خجل ومن وجل
كان غريد الهزار مطرب * غنى فأغنى عن غزال وغزل
عاطيته سلاف أشعاري في * عرس علي فاستخفه الجذل
القائل القول يليه فعله * والحازم الرأي إذا قال فعل
ذو همة تقاذفت به العلى * فنيط للمجد بها عقد وحل
ونخوة هزته للمجد كما * هزهزت الشارب نشوة الثمل
وغرة كالبدر الا انها * ما أفلت والبدر ربما أفل
يلوث برديه على ابن أجمة * ما هتف الخوف به ولا الفشل
قل لمباريه الا قف دونه * ما كل من جرى لغاية وصل
تحتال بالسعي لمجده وهل * تدرك أسباب السماء بالحيل
وكيف يرقى طود سؤدد * ذو رهب برجله الرجيف ذل
سبقته وهو العجول في الخطى * وأنت تجري للمدى على مهل
أبصرت غايات المساعي وعشى * كما انتبهت للمعالي وغفل
لك اليراع ما جرى أسمره * بالطرس الا واعترى البيض فلل
أرضعته در اللبان حكمة * فعاد مفطوما بها عن الزلل
لم يدر خطيا جرى أم أرقما * بالطرس هز عطفه من البلل
أجل براه قصبا مثقفا * بحده تجري الحياة والأجل
يسعى لدى حالين سخط ورضى * فينبري يمج صابا وعسل
تبريه كف منك ذات راحة * لا تتعب الراجي بتسويف الأمل
عجلت للفضل فنلت قصده * ورب قصد فيه يحمد العجل
من فتية ما ضربت أبياتها * الا على ذرى اليفاع والقلل
المتلفين المال للعافي جدي * فلم يخب سائلهم إذا سال
والموقدين النار للساري قرى * شبت لها بمفرق الليل شعل
مشبوبة بالعود يدعو ضوءها * ونشرها للمدلجين حيهل
كان جنح الليل وهي تلتظي * موقدة رأس به الشيب اشتعل
يوقدها قوم ترى عندهم * مواهب الجود محلا مرتحل
من أصيد بتالد المجد ارتدى * وماجد بطارف العز اشتمل
خف بأعباء المعالي ناهضا * فما وهي منها له متن أزل
(٢٧٨)

سار ولكن مثل الفضل به * والمرء من سار بفضله المثل
وبالعطا جد فقيل هازل * فيه وبعض الجد للمرء هزل
لا عيب فيه غير أن عرضه * يصونه والمال منه مبتذل
ان حل في صدر الندي واحتبى * فاه بفصل الحكم ما فيه خطل
تخاوص النجم اليه حسدا * يا عين ترمقه على حول
أخي ان الفكر مني سابق * بحلبة الشعر ولكن عنك كل
وذا يراعي لا يمل ان جرى * لكنه بعد آلائك مل
ومقولي كثر في مديحه * لكن كثير القول في علاك قل
خذها وان تأخرت في عصرها * فإنها تزري بما جاء الأول
تخالها لو تليت لمسمع * سبائك التبر ومن يسمع يخل
بقيت والزمان غض ناعم * والعيش طلق والسرور مقتبل
وقال مادحا بعض العلماء سنة ١٣٢٤:
طرفك لا يقوى عليه أحد * والغنج ماض لا تقيه الزرد
كسرت جفنا بالفتور فانبرى * يفعل ما لا يفعل المهند
لا تكسر الجفن فان سيفه * أصاب أحشائي وهو مغمد
جرحتني فيه بلا ذنب سوى * اني معنى بهواك مكمد
سل عن دمي عند ما دمعي فهو قد * أودع عيني حمرة لا الرمد
سفكته فوق محياك وذا * خدك من نضح دمي مورد
وهذه وجنته وان تكن * يجرحها الطرف بقتلي تشهد
آه على نار بخديه ذكت * ومثلها في كبدي لا تخمد
نار بها ماء الصبا مسلسل * فكلما ماج بها تتقد
رشا إذا غازلته غزيل * وان أراد الفتك فهو الأسد
ان مرضت من الفتور عينه * فما لها الا القلوب عود
حل عرى صبري بعين نفثت * سحر الهوى وليس فيها عقد
سدد لي سهما بقوس حاجب * لكن بهدب جفنها مسدد
قربه من كبدي وقال لي * دع نصله تحنو عليه الكبد
فالسهم ان قربته من كبد * القوس يفوت مرتمى ويبعد
تفنن الحسن به فأبدع * التصوير فهو غادة وأغيد
ولانا حتى عطفه كاد من * اللين على اردافه ينعقد
فؤاده قاس ولكن كاد ان * يشرب كالصهباء منه الجسد
خادعته بالعتب حتى لان لي * فؤاده وقد يلين الجلمد
وذا لجين خده جرى على * درهمه من الحياء عسجد
قلت له ومدمعي مصبب * وبالحريق نفسي مصعد
يا كامل الحسن تناهى ظمأي * وريق فيك السلسل المبرد
فما عليك لو تجود لي بما * يبرد بعض النار مما أجد
ولست أخشى الحتف بعد ورده * اني ولي ماء الحياة مورد
فقال لي أخشى عليه حر * أنفاسك ان يذوب منه البرد
فم ولكن كوثري ريقه * حصباؤه الأقاح لا الزبرجد
كأنه سلك عقيقي به * من الثنايا لؤلؤ منضد
كنز من اللؤلؤ مرصود ومن * أراقم الجعد عليه رصد
يا جوهري الثغر انما فمي * بلثم هاتيك الصحاح ينقد
بي رشا منك يزين جيده * العاطل حسنا وكفاه الجيد
فما بدا عذاره لكنما * طرائق النمل عليه قدد
دبت نمال الحسن في عارضه * فأوهمت ان لماه شهد
وما على وجنته لألئ * كلا ولا ماء الحيا مبدد
لكن مرآة محياه بها * قابلني ونقطر دمعي بدد
فانعكست مدامعي في خده * جارية فهي به تطرد
ما أنت الا صنم مصور * إياك يا رب الجمال نعبد
أخلصت شوقي لك لم أشرك به * سواك اني وانا الموحد
لي المحيا قبلة وانما * يدعو الهوى قلبي لها فيسجد
أتلو له سورة يوسف وللعاذل * لا أتلو سوى تبت يد
أهدي له دماء أحشائي ومن * عقيقهن نحره مقلد
تعرف القلب يطوف بالصفا * سعيا له والحب ليس يجحد
أحرم لكن في هواه ومتى * حر جمار الشوق منه يبرد
وضل في وادي هواه خابطا * والوجد فيه متهم ومنجد
والركب صفا أصحرت ركابهم * وهم عليها ركع وسجد
وأرعشت رؤوسهم كاس السرى * بنشوة النعاس حتى رقدوا
وافترشوا معاقد الرمل كرى * وغير أيدي العيس ما توسدوا
سروا وغير المجد ما تزايدوا * له وغير العز ما تزودوا
تفرعوا لكن بعرق محتدى * فطاب فرع منهم ومحتد
سادوا البرايا شرفا وقبلهم * آباؤهم وبعدهم من ولدوا
أسودهم في شرف المجد علا * وما شريف القوم الا السيد
ورددوا حديث أشعاري وما * سواهم فيما بينهم مردد
ينشده الحادي فتصغي طربا * اليه حتى العيس حين ينشد
فتنثني تخدي بهم راقلة * تحسبها سرب نعام يخد
كأنها سفائن والليل من * موج الظلام بالنجوم مزبد
سروا عليها قاصدين ندوة * المجد علا والمجد مما يقصد
حتى إذا آنست نارا في الدجى * يرتد منها الطرف وهو أرمد
قلت امكثوا لعلني آتيكم * بقبس من ضوئها أو أجد
ومذ تخلصت لها تلألأت * لي غرة الهادي بها تتقد
ناديت بشراي فقد أنجح لي * قصد وما بعد النجاح مقصد
هذا ابن أم الفضل لكن عقمت * عن مثله فما سواه تلد
فتى يرى الامر بعين فكره * فيومه فيه سواء والغد
تحسد أبناء العلى سؤدده * السامي ولا يحسد الا السؤدد
ان تم نور البدر في الأفق فما * يضره ان النجوم حسد
ما فيه من وصم سوى ان على * كفيه أفواه الورى تحتشد
ان رقدت عين امرئ عن العلا * فان فيها طرفه مسهد
يستعبد الحر جميل صنعه * ووفره لوفده مستعبد
كادت تمور الأرض لكن وقرت * ارجاؤها له حلوم ركد
والرأي في حالاته مختلف * الا على تفضيله متحد
ما اختلف اثنان به وكيف ذا * وهو لجمع المكرمات أوحد
ردوا له الامر غداة أيقنوا * بفضله وقبل ذا ترددوا
يا خابطين بالعمى هذا الذي * برق هداه للعيون إثمد
من جذوات فكره ومن عباب * علمه فاقتبسوا أو فردوا
والعدل والجور لديه اختلفا * فعاكف هذا وذا مشرد
عادته يحنو على الدين تقى * وغيره على الجفاء معود
والشرع في احكامه قلده * فقام في احكامه يجتهد
بنخوة تزاحم الشمس علا * وهمة ينحط عنها الفرقد
(٢٧٩)

وفكرة عم البرايا رشدها * والشمس لا تختص فيها بلد
له المساعي في العلا وغيره * لا قدم له بها ولا يد
لا نخطئ الرشد بها وربما * مسترشد النجم عداه الرشد
لو لم تلح في غرر الدهر لما * أصبح مذموم الليالي يحمد
فقل هو الله الذي كونها * ولم يكن لهن كفوا أحد
مناقب في المجد الا انها * يشقى بها بعض وبعض يسعد
مثل النجوم نورها ونارها * للخلق ان ضلوا وان تمردوا
يخشى ويرجى غير أن سخطه * ليس يدوم ورضاه سرمد
فليله عند النزول ابيض * ويومه عند النزال اسود
وما لما يمنحه من عدة * وانما ينجز ما لا يعد
في المحل ينشى منه عارضا إذا * لاح لوجه الأرض خد أمرد
يا واحد الدنيا لك الفضل بها * منفردا والبدر فيها مفرد
ذكرك باق في البرايا وكذا * ما ينفع الناس واما الزبد
لك اليراع ما جرى لقصده * الا وألوى بالعوالي قصد
المستطيل ليس فيه قصر * والمستقيم ليس فيه أود
مجرد لكن عن الوصم ولا * يقطع الا الصارم المجرد
مرتعد العطف على الطرس ومن * خشيته أسد الشري ترتعد
عدل روى الاحكام في إملائه * صحيحة النقل اليه تسند
أخرس الا انه إذا جرى * لسانه تسمعه يغرد
أجوف صح للعدات والعداة * في الورى وعيده والموعد
يجري على الحالين طعم ريقه * مختلفا فعلقم وصرخد
يسود الطرس به وأوجه * الآمال تبيض إذا يسود
يفتح في الطرس فما لكنه * ينهش كالأرقم وهو أدرد
هذا يراعي وهو ان قومته * له بأشواط السباق الأمد
جرى بها طلق العنان فانثنى * يقوم طورا بالثنا ويعقد
أطلقته مستبقا لكنه * بالعجز عن أوصافه مقيد
كاد يضل في مجال مدحه * لو لم يكن بهديه يسترشد
يا دمت والورد لديك عذب * والعيش فيه بالتهاني رغد ٦٥٦:
السيد شريف الدين محمد نقيب الكوفة المعروف بابن السدرة.
نازع أبا الحسين زيد الأسود بن الحسين بن علي كتيلة ففاق عليه
وغلبه وصار هو النقيب وسافر إلى مشهد الغري في النجف وتامر فيه ٣٨
سنة حتى توفي وأعقب من الذكور سبعة ومن الإناث خمسة انتشروا
واشتهروا ببني السدرة. ٦٥٧:
الميرزا محمد رشيد الدزفولي المعروف بالحاج ملا رشيد.
توفي سنة ١٣٣١.
كان عالما فقيها شاعرا يتخلص في شعره بلفظة ضيائي وله ديوان
شعر فارسي معروف طبع في بمبي وكان من اجلاء تلامذة الميرزا السيد محمد
حسن الشيرازي الشهير ومن تلامذته الميرزا هادي الدزفولي من العلماء
المعاصرين بدزفول. ٦٥٨:
الشيخ محمد رضا الدزفولي التستري.
ولد بدزفول من بلاد خوزستان سنة ١٢٧٤ وتوفي ببلدة برجرد في
جمادي الأولى سنة ١٣٥٢ ودفن في جوار الامام زاده أبو الحسن.
كان فقيها أديبا مقلدا ببلاد خوزستان يروي عن عمه الشيخ محمد
طاهر عن الشيخ مرتضى الأنصاري. من مؤلفاته ١ فيض الباري
حاشية على متاجر الشيخ مرتضى الأنصاري ٢ أجوبة المسائل الفقهية
استدلالي في مجلدات ٣ كلمة التقوى في الفقه بطريق الفتوى مطبوع.
ويروي عنه السيد شهاب الدين النجفي الحسيني النسابة ويقال
لأسرة المترجم آل معز الدين نسبة إلى جدهم الأعلى الشيخ معز الدين محمد
الذي كان من علماء زمان الشاه طهماسب الصفوي الأول وقبره في مقبرة
تخت فولاذ بأصفهان. ٦٥٩:
الشيخ محمد رضا بن إدريس بن محمد بن جنقال بن عبد المنعم بن
سعدون بن حمد بن حمود الخزاعي النجفي.
توفي في النجف سنة ١٣٣١ عن عمر يناهز الثلاثين سنة.
وجده حمد هذا هو شيخ خزاعة المشهور المعروف بحمد آل حمود.
الطليعة:
كان فاضلا مكبا على الاشتغال في النجف لتحصيل العلم ملتزم
بالتقى وكان أديبا مقل الشعر في جميع أحواله فمنه قوله يرثي
الحسين ع:
مشين يلثن الأزر فوق قنا الخط * ويسحبن في وجه الثرى فاضل المرط
حديثات عهد بالشباب يزينها * رشاقة ما بين الخلاخل والقرط
فانى بها والغيد يطلعن في الدجى * وفي وفرة قد لاح صبح من الوخط
وما شبت عن سن ولكن أشابني * مصاب جرى يوم الطفوف على السبط
غداة سعت بالغدر فيه عصابة * كما انقلبت بالشر أفعى من الرقط
وجاءت تضيق الأرض عنها وانها * بعينيه لم تكثر على قلة الرهط
فألحمها حد الحسام محاميا * يرى الذب في يوم الكفاح من الضبط
تروع ابن خواض المنايا وسيفه * إذا هدرت ابطالها مخمر اللغط
وما انفك يروي حده من دمائها * إلى أن هوى صادي الفؤاد إلى الشط
فأردته نهبا للسيوف وأبدلت * بما أنهكت منه رضى الله بالسخط
وأجرت على جثمانه الخيل بعد ما * قضى نحبه بين الظبى وقنا الخط
تعطلت العلياء منه وطالما * تعطلت الحسناء من حلية السمط
وله من قصيدة أخرى:
يا منزل الأحباب والمعهدا * حياك وكاف الحيا مرعدا
وانهل فيك الدمع عن ناظر * ان ظل يبكي اضحك المعهدا
وافتر ثغر الروض واسترجعت * فيك ليالي الملتقى عودا
اني وسلمى قربت للنوى * عيسا وللتوديع مدت يدا
بانت فما ألفيت من عهدها * الا فتيت المسك والمرودا
ما بالها لا روعت روعت * قلبي لدى المسرى برجع الحدا
ومنها في الرثاء يخاطب الامام عليا ع:
يهنيك يا غوث الورى أروع * غير أن يوم الروع فيك اقتدى
يستقبل الاقران في مرهف * ماض بغير الهام لن يغمدا
أضحت رجال الحرب عن حده * تروي حديثا في الطلا مسندا
لا يرهب الابطال في موكب * كلا ولا يعيا بصرف الردى
ما بارح الهيجاء حتى قضى * فيها نقي الثوب غمر الردا
(٢٨٠)

فلو تراه حاملا طفله * رأيت بدرا يحمل الفرقدا
مخضبا من فيض أوداجه * البسه سهم الردى مجسدا
وله:
طاب الهنا وحلا التشبيب والغزل * والدهر غض الحواشي روضه خضل
يا صاح قم نصطبح خمرا معتقة * صرفا إذا مزجت بالماء تشتعل
شمسية بيدي بدر أشعتها * بنور طلعته الغراء تتصل
أخو الغزال فكم يسلو المشوق به * أخت الغزالة خود طرفها غزل
رود ينم بمسراها إذا طرقت * من نشرها وحلاها الطيب والزجل
هيفاء لينة الأعطاف ان نهضت * أطاعها وعصاها الخصر والكفل
ان النوى وهوى سلمى على تلفي * تنازعا ولكل منهما العمل
لا عطف يرجى لديها ان وصفت لها * حالي ولا لي منها يرتجى بدل
وله:
من لي بلعساء اللمى * كأنها بدر السما
كأنما من سحرها * هاروت قد تعلما
ترى دمي محللا * ووصلها محرما ٦٦٠:
الآقا محمد رضا الهمذاني الواعظ ابن ميرزا علي نقي ابن ملا رضا ابن ملا
محمد امين الهمذاني.
ولد ليلة ٢٣ رمضان سنة ١٢٦١ وتوفي يوم الخميس ١٤ ربيع الأول
عند الزوال سنة ١٣١٨.
كان عالما عارفا فقيها محدثا حكيما متكلما أديبا شاعرا كريم الاخلاق
مجدا في عنفوان شبابه في ترويج الدين ورفع البدع. قال صاحب المآثر
والآثار: له يد طولى في الفقه والأصول والحديث والتفسير والحكمة
والكلام.
وكان أبوه من أجلة العلماء والحكماء وجده ملا رضا صاحب مفتاح
النبوة في اثبات النبوة الخاصة والدر النظم كلاهما مطبوع من فحول أساتيذ
فنون المعقول وشهرته في رد هنري مارتن وصلت إلى أوربا.
له من المؤلفات: ١ نخبة الصوارم في الفقه والأصول
٢ منظومة التجريد وشرحها ٣ سيف الله المسلول على محرفي دين
الرسول ٤ التوحيد الرضوي وهي رسالة في التوحيد ٥ كشف المهجة
في أحوال الحجة ألفها حين ظهور المتمهدي المغربي باستدعاء احتشام الدولة
ابن فرهاد ميرزا القاجاري وترجمت إلى عدة لغات وطبعت بسعي المذكور
٦ منظومة الألفين في ألفين وأربعمائة بيت اسمها سراج الغيب على قافية
واحدة ابتدأ بها أول ذي القعدة وفرع منها مطابق يوم الغدير سنة ١٣٠١
٧ منظومة في النحو نحو ألفي بيت ٨ منظومة في الفقه على ترتيب
حروف المعجم ٩ الإشارات على نهج الفصوص ١٠ ديوان شعر
بالعربية والفارسية ١١ هدية النملة إلى رئيس الملة في عقائد الكشفية
عملها باسم الميرزا الشيرازي مطبوعة ١٢ المكواة المكية في رد هداية
المسترشد التي هي رد على هدية النملة ١٣ الأنوار القدسية في التوحيد
والكلام مطبوع. وجده ملا رضا كان من أفاضل العلماء ترجم في محله.
وكان للمترجم ولد اسمه ميرزا محمد سلك منهاج أبيه فاضل متتبع كان
صاحب منبر في طهران للوعظ يحضره الكثيرون مع التوجه والرغبة توفي في
طهران أوائل سنة ١٣٥٢.
والمترجم كان خطيبا واعظا، رأيته في النجف الأشرف وسمعت
وعظه بالفارسية، كان يوضع له منبر في الصحن الشريف ليلا ويجتمع
الناس تحت منبره. ٦٦١:
السيد محمد رضا بن إسماعيل الموسوي الشيرازي نزيل طهران.
توفي سنة ١٣٠٠ ونيف.
له شرح الفقه الرضوي طبع في مجلد كبير وله مجاميع في العلوم
المتفرقة أكثرها مطبوع. ٦٦٢:
السيد الميرزا محمد رضا العلوي الارتيماني.
العلامة الحكيم العارف المشهور كان من علماء دولة الشاه عباس
الأول الصفوي وكان شاعرا بليغا وله ديوان شعر يبلغ ألف بيت.
وارتيمان من توابع توسركان وهي بلدة قريبة من همذان
وللمترجم شرح على النصوص لمحيي الدين وعلى التأويلات للكاشاني
وحواشي على شرح التجريد القديم. يروي عن السيد ميرزا رفيع الدين
محمد الحسيني المرعشي صدر الصدور والد السيد حسين المعروف بسلطان
العلماء صاحب الحواشي على شرح اللمعة والمعالم وغيرهما. ٦٦٣:
المولى المحدث الشيخ محمد رضا بن عبد الحسين النصيري الطوسي نزيل
أصفهان.
له كتاب كشف الآيات لمعرفة محل الآية من القرآن الكريم رأينا منه
نسخة مخطوطة في المكتبة الحسينية بالنجف الأشرف سنة ١٣٥٢ تاريخ
تأليفها ١٠٦٧ و تاريخ كتابتها ظهر يوم الأحد التاسع من الشهر الحادي
عشر من السنة الرابعة من العشر الثامن من المائة الثالثة من الألف الثاني
للهجرة ١٢٨٤ ورأينا منه نسخة أخرى مخطوطة في كرمانشاه ونسخة في
طهران في مكتبة شريعتمدار الرشتي وله تفسير الأئمة لهداية الأمة أكثر من
ثلاثين مجلدا قال فيه فلم يكن بد من ذكر مشايخي فروايتي ذلك كله عن
السيد السند الجليل الفاضل العابد الزاهد العالم الورع التقي النقي الموفق
بتوفيقات الله الملك الوفي الأمير شرف الدين علي بن حجة الله الحسني
الحسيني الشولستاني النجفي نسبا ومولدا وتوطنا عن شيخنا العالم العامل
المحقق المدقق المؤيد بتأييد الله الملك الأحد الصمد الشيخ محمد ابن الشيخ
لجليل المحقق الزاهد الشيخ حسن ابن زين الملة والدين الشهيد الخ ووجد
على ظهر النسخة تملك ولد المصنف لها بالإرث وذكر اسمه هكذا عبد الله بن
محمد رضا النصيري. ٦٦٤:
الحاج محمد رضا القزويني المعاصر لآغا خليل بن محمد أشرف القايني.
له الرد على الصوفية كتبه حدود ألف ومائة وست وثلاثين وأرسله إلى
الآغا خليل زعم أنه منهم فكتب الآغا خليل عليه ما بين فيه براءته منه.
كذا عن تميم الأمل للشيخ عبد النبي القزويني. استشهد المترجم في دفاع
الأفغان.
(٢٨١)

٦٦٥: المولى محمد ابن الآقا رضا الرشتي جد الميرزا إبراهيم السلماسي الكاظمي
لامه.
له مجموعة الأحاديث فرع من بعض اجزائه يوم السبت ٢٠ ربيع
الثاني سنة ١٢٣٢. ٦٦٦:
الشيخ محمد رضا بن خلف الحولاوي.
له مختصر الحدائق الناضرة بدئ بمقدمات تسع واختصر الكتاب في
مجلد واحد وفرع من بعض اجزائه سنة ١١٩٦. ٦٦٧:
السيد محمد رضا بن محمد مؤمن الامامي المدرس الخاتون آبادي
الأصفهاني.
من علماء عصر العلامة المجلسي كان من العلماء الفضلاء المتبحرين
المدرسين بأصفهان له ١ التفسير الكبير المسمى بخزائن الأنوار
٢ أبواب الهداية ٣ مختصرة المسمى بجنات الخلود فرع منه سنة
١١٢٧ وأهداه للسلطان حسين الصفوي. والامامي نسبة إلى الامام زاده
المدفون بجملان محلة من أصفهان من ولد علي بن جعفر العريضي. ٦٦٨:
السيد محمد رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي.
ولد سنة ١١٨٩ في النجف وتوفي فيه سنة ١٢٥٣ ودفن بجنب والده
تحت قبة مستقلة خلفه وأرخ ولادته الشيخ محمد علي الأعسم بقوله:
فان يسال الأحباب عن موالد الرضا فقل أرخوه بالرضا هني المهدي
وأرخه الشيخ محمد رضا النحوي بقوله:
بشرى فان الرضا بن المرتضى ولدا * وانجز الله للاسلام ما وعدا
حبا به الله مهدي الزمان فيا * له من هدى متبعا من ربه بهدى
قد طاب أصلا وميلادا وتربية * بذاك أرخت قد طاب الرضا ولدا
كان عالما فاضلا تقيا متبحرا في أنواع العلوم لا سيما الفقه والأصول
والرجال، وقال الآقا احمد في مرآة الأحوال انه من مشاهير العلماء وقال
السيد محمد علي في اليتيمة: انه كان رئيسا مطاعا في الأمر والنهي نافذ
الحكم جليل القدر قرأ على والده وله الإجازة منه، وعلى الشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء ويروي عن الشيخ محمد سعيد ابن الشيخ يوسف
الدينوري القراجه داغي، وأثنى عليه في اجازته ثناء بليغا ويروي عن
الشيخ محمد تقي ابن الشيخ محمد الشهير بملأ كتاب الأحمدي البياتي ووصفه
في اجازته بقوله: سيدي وسندي وذخري ومعتمدي ليومي وغدي العالم
العامل والفاضل الكامل الراقي الذروة العليا في العلوم والبالغ الدرجة
القصوى في الرسوم مولانا السيد محمد رضا الطباطبائي رضي الله عنه
وأرضاه وبلغه أعلى مرامه ومناه، وعن السيد محمد القصير الخراساني
الرضوي وتاريخ اجازته في شوال سنة ١٢٤٥ قال في اجازته استجازني
مولانا المفخم وسيدنا المحترم العالم النبيه والفقيه الوجيه المتحلي بالورع
والتقوى قطب دائرة العلم من الرحى الخ.
له في الفقه كتابة متينة في غاية البسط مع تحقيقات فائقة وتدقيقات
رائقة حاوية للأدلة والأقوال فمن مؤلفاته: ١ كشف القناع في أصحاب
الاجماع ٢ شرح اللمعة من أول الطهارة إلى آخر بحث الغسالة ومن أول
بحث الوضوء إلى آخر الأغسال ومن أول الصلاة إلى آخر احكام الستر
والساتر وفي بعض أفعال الصلاة وقواطعها وفي البيع ومن أول النكاح إلى
قوله وليس للعبد طلاق أمة سيده ٣ شرح الشرائع من أول التيمم
إلى بحث العصير العنبي ٤ كتاب في الأصول.
خلف سبعة أولاد: السيد محمد تقي والسيد علي والسيد حسين
والسيد عبد الحسين والسيد كاظم والسيد محمد علي والسيد جواد. ٦٦٩:
الشيخ محمد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر صاحب كاشف
الغطاء.
توفي في البصيرة قرية لهم على الفرات ليلة ٢٥ رجب سنة ١٢٩٧
ونقل إلى النجف فدفن هناك.
في اليتيمة للسيد محمد علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي النجفي:
نشأ في النجف وقرأ في المقدمات على الشيخ إبراهيم قفطان والشيخ موسى
الخمايسي وفي الفقه على الشيخ احمد الدجيلي وعلى عمه الشيخ حسن وعلى
صاحب الجواهر. ولما وقعت وقائع الشمرت والزقرت اتهم بميله لأحد
الفريقين فاخرج من النجف إلى بغداد وأقام في الكاظمية ثلاث سنين ومنع
من الرجوع إلى النجف بالخصوص فاختار الإقامة في كربلا ولما كانت سنة
١٢٩٠ رجع إلى النجف. ٦٧٠:
السيد محمد رضا بن أبي القاسم بن فتح الله بن نجم الدين الملقب بآقا
ميرزا الحسيني الكمالي الاسترآبادي الأصل الحلي.
توفي في الحلة سنة ١٣٤٦.
له نهاية الآمال منظومة في الرجال قريب ثمانمائة بيت أولها:
الحمد لله الذي أعطانا * لسان ذكر وبه أسدانا
رضا الكمالي الحسيني النسب * ابن أبي القاسم حينما انتسب
يقول قد نظمت هذا الجوهرا * لمن أطاع ربه مشمرا
سميتها نهاية الآمال * لطالب معرفة الرجال
له جمال الأبحر منظومة في أصول الدين أولها:
حمدا لمن أوجد من بعد العدم دراري العلم وزانا للكرم
وقال في ختامها ما يدل على أنه نظمها سنة ١٣٠٥. ٦٧١:
الشيخ محمد الرضا بن عبد اللطيف التبريزي.
توفي سنة ١١٥٨.
العلامة المحدث له كتاب الشفا في حديث آل المصطفى وهو اجمع
الجوامع في عدة مجلدات كبيرة ويأتي الشفا لمحمد رضا بن عبد المطلب
التبريزي. ٦٧٢:
الآقا محمد رضا ابن المولى محمد هادي ابن المولى محمد صالح الطبرسي
المازندراني.
توفي في عشر الخمسين بعد المائة وألف.
(٢٨٢)

في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان فاضلا متكلما رفيع المنزلة مدرسا في مدرسة خيرآباد من
اعمال بهبهان قدم الينا وهو متوجه إلى العراق للزيارة ثم اجتمعت به في
بهبهان وحضرت درسه بشرح اللمعة. ٦٧٣:
المولى محمد رضا بن أسد الله.
له كتاب بصيرة السعداء في شهادة سيد الشهداء فارسي ألفه وطبعه
سنة ١٣٣٤ وله رجاء الغفران في مهمات القرآن فارسي مطبوع ألفه سنة
١٣٣١. ٦٧٤:
مولانا محمد رضا المشهدي.
مدرس ونائب رئيس السدنة في الآستانة المقدسة الرضوية ذكره
صاحب وسيلة الرضوان في كتابه. ٦٧٥:
السيد محمد رضا الحسيني الأصفهاني.
الأمير الكبير منشئ الممالك عالم فاضل معاصر محدث جليل القدر
له كتاب كشف الآيات تفسير القرآن كبير عربي وفارسي يزيد عن ثلاثين
مجلدا جمع فيه الأحاديث وترجمتها. ٦٧٦:
الشيخ محمد رضا نجف.
توفي سنة ١٢٤٣ ودفن في النجف عند باب المراد. هو ابن عم
الشيخ حسين نجف من وجوه فقهاء عصره وعبادهم اخذ عنه جماعة منهم
الشيخ مهدي ملا كتاب صنف العدة النجفية في تسع مجلدات من الطهارة
إلى الجهاد. ٦٧٧:
الشيخ محمد رضا زين العابدين ابن الشيخ بهاء الدين المدفون في مدارس
من بلاد الهند.
من تلامذة السيد عبد الله شبر. له شرح على الشرائع ورسالة في
الفتوى. ٦٧٨:
الشيخ محمد رضا ابن الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب
الوسائل.
توفي في شعبان سنة ١١١٠ برواية الفاضل النصيري في تاريخ الشاه
حسين الصفوي سنة وفاة العلامة المجلسي ودفن في جوار أبيه في بعض
حجرات الصحن الشريف في المشهد الرضوي. كان في الفقاهة والفضل
مثالا لأبيه جمع أشعار البهائي في ديوان.
وفي تكملة أمل الآمل: كان عالما فاضلا يجري مجرى أبيه في الفضل
والعلم وقام مقامه في المشهد الرضوي. ٦٧٩:
الشيخ محمد رضا الأزري.
نشأته وحياته
ولد سنة ١١٦٢ وتوفي ١٢٤٠ في بغداد. درس العلوم العربية على
أخيه الكبير الشيخ يوسف الأزري وعلى غيره من فضلاء عصره. وولع
بحفظ القصائد الطوال من شعر العرب فقد رووا عنه انه كان يحفظ
المعلقات السبع وقسما عظيما من أشعار الجاهلية والإسلام علاوة على الخطب
والأحاديث المروية عن العرب. وكان نشيطا مفتول الساعدين قوي البنية
معدودا من ابطال الفتوة بين اقرانه. وهو أصغر اخوته ولم يعقب.
أدبه وشعره
أهم شعره في رثاء أهل البيت ع وهو المعول عليه وبه امتاز
واشتهر اما الباقي من شعره ففي أغراض شتى. وقد حدثت في زمانه واقعة
الوهابيين المعروفة في التاريخ حينما احتلوا كربلا ونهبوها وقتلوا من أهلها ما
يزيد على خمسة آلاف نسمة وذلك في سنة ١٢١٦ فنظم على اثرها ثلاث
قصائد تشتمل على مائتين وستين بيتا ذكر بها الواقعة المذكورة وختم كلا منها
بتاريخ.
اما شعره فقد نهج به منهج المخضرمين. وإذا لاحظنا تواريخ قصائده
رأينا أكثرها نظمت بعد وفاة أخيه الشيخ كاظم الأزري ومنها يظهر انه لم
يتصد إلى إظهار أدبه في زمن حياة أخيه. وقد تفرد بنظم قصائد جعل كل
شطر منها تاريخا وهذا ليس بالعمل السهل وإن لم يكن مفيدا ولكنه يدل على
مقدرة فائقة وباع طويل.
اما ديوانه الموجود فلا يشتمل على أكثر من ألف وخمسمائة بيت.
قال من قصيدة:
لتعل بنا جرثومة الفخر وائل * وتمنع بنا عند الحفاظ القبائل
فنحن الألى لم ينكر الدهر فضلهم * أواخرهم معروفة والأوائل
وحرب أثرناها بنجد فأصبحت * تزمجر منها في العراق زلازل
مآثر من أبناء صدق ورثتها * وهل خلف الأنواء الا الخمائل
ومنها:
ومن لم يصب في دينه ونجاره * فلا يبتئس فيما تغول الغوائل
بهذا تواصى قبلنا قدماؤنا * وتمشي على الآثار فينا الشمائل
إلى مثل ذا فليسع من كان ساعيا * فخار له منه عليه دلائل
وله من قصيدة أخرى:
لك الخير إن لم تعلمي بي فسائلي * إذا ما سراة العرب عدت أصولها
ولو شئت من قومي لكنت معددا * مفاخر يسمو في معد أثيلها
بحيث أساطين القبائل شهد * تقاذف في رمي الفخار نصولها
لنا الغاية المعيي الغطاريف مثلها * إذا ما استجيدت بالرهان خيولها
ضربنا جموع الدهر في أم رأسه * اباء فألوى بالشكيم تليلها
وهاتيك أحقاب مضت بقرونها * كأضغاث احلام يمر مخيلها
وقال يمدح السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي وقد ضمن كل شطر
منها تاريخ عام اهداء القصيدة اليه:
هي الدار من سعدي سقى جارها القطر * وراق على عليائها المن والبشر
قباب تناءت بالعلاء كأنما * لها إرب فوق السهى أو لها وتر
متى آب منها متهم عاج منجد * مساكن فيها تحمد الزهر الزهر

(١) مطلع الشمس.
(٢) الأمل.
(٣) مطلع الشمس.
(٢٨٣)

تحج إليها العيس في كل بلدة * مقام جلال بات شاهده الحجر
تكاد بأقيال الحمية والعلى * تطاول مجد الفرقدين بها الصخر
ففيها المنى والسعد عبد وخادم * وكم للنهى والسعد من ربها بشر
تجل بأقيال لها السيف آية * ملوك بهم باهى الملوك ولا فخر
معارج صدق بل بروج إنابة * تكاد لها تهوي الكواكب والبدر
فكيف وقد طالت عمادا وهيبة * بذي حكم جلى بها النهي والامر
هو السيد المهدي كساب فضلها * نبيل له امر السيادة والصدر
نبيه بتاج العلم أمسى متوجا * وأكرم بملك تاجه العلم لا الدر
عزيز ذرى لا يحلل الهون بابه * على الدهر أو ينحاش للحمل النسر
من الحي اما جدهم فهو أفخر * واما هداهم فهو ما دله الذكر
مصاليت طلابون كل بديعة * لها عنت الأفلاك والبر والبحر
له النسب الوضاح كلله النهى * وحبره ميرطا الجلالة والبر
فزان مقام المجد في العلم والتقى * لقد زان أبراج السما الشمس والبدر
بعيد مناط الهم أفخر بحزمه * أبي له تحنو الشواهق والزهر
هو السيد ابن السيد الناطق الذي * تفوق على قس الأيادي به فهر
علي رفيع البيت عز جواره * علاء على الشعري يجل له قدر
وحسبي عدولي عن عذول مكادح * لمدح نجيب زانه المجد والفخر
فلا يطمع الاشعار ان نلن وصفه * حليم به القرآن جاء فما الشعر
وقال لي اليوم الحميد مؤرخا * بمهدي أهل البيت عاودنا البشر
وقال الشيخ محمد علي الأعسم مقرضا لها مؤرخا في كل شطر
أيضا:
بدائع مدح كل بيت قصيدة * وحل استماعا للورى وبه السحر
كسته من الممدوح أكمل بهجة * محاسن أشباه بها يحسن الشعر
وفي كل مصراع شهدن حروفه * بان لمن أزجى الينا بها الفخر
وقال المترجم يمدح السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي مؤرخا في
كل شطر منها عام اهدائها والتزم مساواة جميع مئاتها وعشراتها وآحادها عدد
وعدم مساواة الصدور للاعجاز فان الصدور تاريخ عام الابتداء:
أ من مربع بالجزع أقوت معالمه * تكفكف دمعا قد سكبن روازمه
أم القوم قد صاح النفير بشملهم * فزالت من الشأن المجيد دعائمه
ولما استقل الركب من سفح حائل * طما مدمعي مثل العقيق سواجمه
سقى السفح مدرار الهوامر مسبل * تبس أعالي الشم صدغا زمازمه
ليال تناهى في السعود شموسه * فصار أنيق الأنس تزهو كمائمه
بحيث مهب الريح من أيمن الصفا * تنافح عن ند الشمال لطائمه
نزلنا ثراه والصبا يانع الصبا * فانعم صباحا إذ يحييك باسمه
إذ السعد يسعى بالمجاسد طائلا * وتعرك حبك الأفق عجبا مناسمه
فسقيا لربع حاول النجم عزة * ورعيا لعيش مزهر فيه ناعمه
نعم هو سلع ما الأثيل ورنده * وما مرتع قيد العيون نواعمه
وفي شعب بوان سقى الشعب أسحم * من السحب مبراق تصلن سواجمه
مجاني هوى قد شف عن رونق الصبا * واسفر عن صبح البشائر ناجمه
ولعت بها والعيش بالسعد آنس * وسرب المنى في البشر ينساب حائمه
إذ المجد جلى ساطعا عن علائه * وأنجمه في الأفق تسري عوائمه
يبشرن في المهدي صاحب عصرها * ومن حل والشعري من الأفق قائمه
نبيل على العيوق تسمى ربوعه * ويعلو الثريا في السماء عزائمه
بحيث المعالي يعرك النجم عزها * علاء تسامي الشهب مجدا عواصمه
فثم سماء زان بالنور سعدها * وبرق مني قد فاز في النجع شائمه
ومنزل وقد في التكرم قد علا * ومعرج قدس ساطعات معالمه
هو العالم الأعلى الذي عز ناديا * فجلت بفود الفرقدين دعائمه
فعج بي على تلك المراقي وأوجها * فللعز عرش قد سمون قوائمه
بحيث سماء العرف ينهل وكفه * وينعش من محل الربوع رمائمه
وكيف وفجر البشر يسطع بالمنى * فينجاب عن أفق القواطع قاتمه
وكم رعرع الأحشاء منه بمنجع * يقصر عنه في المنائح حاتمه
منيع حمى يعلو الثريا علاؤه * وسور تقى جاس السماك عواصمه
بحيث المنى باليمن يسطع يسرها * وبرق المنى والقصد ينهل شائمه
وعزا مكانا بالنهي عنه قصرت * خوافي مكين في العلى وقوادمه
ومنتصر لله قد طالع العلى * فزانت بأقمار السعود علائمه
له السمة السامي على الشهب مجدها * وعزت على الأفلاك شانا نواجمه
وعز تجلى في المعالي شموسه * فزانت بأقمار السعود علائمه
أخو المن والعز المعلى مقامه * بمجد على النسرين خفت قوائمه
وسمح حكى صدر اليماني مشرفا * متى سل عند النصر أو هز قائمه
على عانق العلياء يزهو بعرفه * ويشرق عن صبح المقاصد باسمه
وفي السنة الشهباء ينهل عن جدي * تجود على القصاد عرفا سواجمه
لتهن العلى والشأن منه بمنجد * توقد عن سرد المعالي عزائمه
وذي نسب يعلو السماك علاؤه * فاسعد بسعد قارع الشهب عاصمه
حميد تسامي في المحاف شانه * وزينت على أفق السماح مكارمه
من القوم قد طالوا على قمة العلى * فنالوا ثناء سار والنجم ناجمه
مصاليت طال الفرقدين سناؤهم * بمهديهم شان تسامى عواصمه
فلا زال في شان السعادة طائلا * ودام وأسنى نعمة العيش دائمه
فلا تجهدن نفسا بعلمك شانه * لقد خاب عن مس السماك مزاحمه
وقال يرثي السيد مرتضى والد السيد مهدي الطباطبائي المتوفى سنة
١٢٠٤ مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه ولده المذكور:
أ تطلب ملكا بالعوالي مشيدا * ولم تدر عن اليوم تظعن أم غدا
كأنك لم تعلم بأنك ميت * كفى بك جهلا ان تضل على هدى
أ لم تأتك الأنباء انباء تبع * ومن قد بنى ذات العماد وشيدا
رمتهم يد الأقدار منها بحادث * فاضحوا أحاديثا لمن راح واغتدى
ودارت على آل المهلهل دورها * فما ترى للقوم دارا ولا صدى
اما آن ان تلوي عناك عن مدى * كبت دونه الآمال مثنى وموحدا
أ في كل يوم أنت طاو مفازة * من الأرض يسعى الدهر فيها مقيدا
فخذ بتلافي العمر قبل تلافه * إذا نفذ المقدور لم ينفع الفدا
هو الدهر لا ينفك يجلب خيله * على كل مغشي الرواقين أصيدا
أجل خر بدر من لؤي بن غالب * فكادت له شم الذرى ان تأودا
فتى طاول العبوق فخرا بجده * وما كل جد في الرجال محمدا
هو ابن رسول الله وابن وصيه * فخار على كيوان اضحى موتدا
من القوم قد حلوا بعرعرة العلى * فطالوا على السادات فخرا ومحتدا
أساطين بقرون الحلوم هداية * إلى كل فضل لا السديف المسرهدا
لهم من قريش ما لأحمد من على * وناهيك فخرا ان علمت وسؤددا
وابيض من علياء هاشم غاله * مصاب أحال الصبح في العين اسودا
وهيج منه صافيات تصاعدت * فأوثقها بالحزم منه وقيدا
(٢٨٤)

ويا ربما ابدى العزاء أخو حجي * وفي النفس منه ما أقام وأقعدا
الا في سبيل الله سار تقحمت * به عاديات السبق صبحا إلى مدى
فمن مبلغ اهل التقى ان حصنها * تزلزل بعد المرتضى علم الهدى
ولما نحا دار المقامة أرخوا * أبو العالم المهدي للجنة اهتدى
وله في وقعة الوهابي في كربلا وفي كل شطر منها تاريخ:
أريحا فقد لاحت طلائع كربلا * لنقبر أشلاء ونسعد مرملا
لنبكي دورا راعها قارع الردى * فأوجف منها ما تستقر وما علا
لعمري لقد عبت عليها مصائب * وجلى عليها الرعب للحتف قسطلا
مبان محى آياتها الويل فانمحت * وكلل ثاويها الردى فتكللا
وهب بجو الدين يخفق برقه * مصاب بجون الحزن اضحى مجللا
يقل بثجاج يزمجر برقه * بوحف فيثني الدو بالدم أشكلا
إلى نهاية خمسة وستين بيتا من جملتها:
فثم ابن سعد سن أفعال حقده * ونجل سعود قد توطاه لا تلا
ونادى به ناعي الصلاح مؤرخا * لقد عاودتنا اليوم أرزاء كربلا
وقال يرثي السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي وقد اشتملت هذه
القصيدة على اثنين وثمانين تاريخا في كل منها تاريخ منها:
أجل بكر الناعي بمجهشة الوجد * فرحت بشأن لا أعيد ولا أبدي
وسرعان ما نادى النفير بسفرها * فأصبح نادي جودها مرتعي الربد
ويا سعد قف في النجب ان كنت مسعدي * لتسأل عن تلك المنائح والرفد
إلى تمام واحد وأربعين بيتا.
ولما كتب ابن السعود النجدي كتابا إلى الشيخ جعفر صاحب كشف
الغطاء يدعو به العراقيين إلى مذهبه أجابه الشيخ محمد رضا بهذه القصيدة:
ألم يأن ان يصغي إلى الحق عاقل * ويسلك نهج الاستقامة عادل
ويصحو ذوو سكر ويبصر ذو عمى * ويبرأ ذو سقم ويحلم جاهل
فهاتيك سبل المسلمين تفرقت * وشطت برأي المبدعين المخائل
وجاؤوا بها نكراء وعرا سبيلها * موام بها سيد الغواية عاسل
فقل للألى حادوا عن الدين ضلة * وبدر الهدى في هالة الدين كامل
تعالوا إلى قول سواء فبيننا * وبينكم ما فيه خلف وباطل
نراجع بما فيه اختلفنا من الهدى * مذاهبنا اللاتي بها الحق شامل
فان تجنحوا للسلم تجنح لها وان * أبيتم فحد السيف بالحق فاصل
ترى هل عسيتم ان توليتم بان * تسنوا سبيلا تقتفيه الأراذل
ولم أدر ذا وحي عن الله جاءكم * حديثا ولم تدرك مداه الأوائل
أم الأمر ممن قد حكمتم بشكهم * اتاكم وكل في الشريعة باطل
ويا ليت شعري حيث قام زعيمكم * إذا لم يك الاسلام والدين زائل
فان قال إبراهيم قد كان أمة * فذاك له الوحي السماوي نازل
وان يدعي بالبغض والبعض فليقل * لنا من أولاك البعض ان هو قائل
والا فكل مثل دعواه يدعي * إذا لم يصح نقل ما هو ناقل
وان يزعموا ان الكتاب دليله * فكل فريق بالكتاب يجادل
على أنه ما نال في العلم شأوهم * ولا كان من اقرانهم لو تنازلوا
ولا نال ما نالوه من قرب عهدهم * وشتان ما منه غريب وآهل
ومن ير اهل الاعتزال وعلمهم * فنسبتهم منه اياس وباقل
على أنه لا نمتري بضلاله * فما ذا عسى بالذكر يغني المجادل
وان تسألوا عن بعض ما اقترف الورى * من الإثم فالرحمن للتوب قابل
هبوا انهم جاءوا بكل كبيرة * فما ذاك كفر بل فسوق وباطل
بل الكفر تحرير الدماء التي أتى * بتحريمها الاجماع والذكر نازل
ولا خلف في ذلكم لو علمتم * وان كنتم لا تعلمون فسائلوا
وتلكم زيارات القبور تواترت * نصوص بها مشهورة ودلائل
وجاءت الينا عن يد بيد إلى * صحابة طه منهج متواصل
وقد دفن الهادي النبي بحجرة * محجبة ترجى إليها الرواحل
ومن بعد حلا صاحباه إزاءه * وبضعته والدين إذ ذاك كامل
وحلف بغير الله لم يجز عندنا * بحد ولا فيه لدى الشرع قاتل
وان جاء أحيانا ففيه كراهة * به نص اهل الاجتهاد الأفاضل
ونحن امرنا باتباع سبيلهم * ومن حاد عن تلك السبيل فجاهل
ومن حرم التتن الذي لم يرد لنا * بتحريمه نص من الشرع فاصل
وما لم يحرمه الاله فعندنا * مباح وفيما ذلكم لا مجادل
وان يستدل الشيخ في كل مسكر * حرام فقول الشيخ بالسكر باطل
فتعسا لشيخ خاض في الجهل لجة * غطامط لا يلغى لها الدهر ساحل
وصير امر الدين أحبولة الدنا * وما تلك للشيطان الا حبائل
وان غركم ان أجل الله نصرنا * فما ذاك الا للفتوح دلائل
وهيهات يوم الغار من فتح مكة * الا ان نصر المسلمين لآجل
وان قتل العبد المزنم سيدا * فليس ببدع ذاك حيث الأفاضل
لقد قتل الرجس ابن ملجم حيدرا * وأردى حسينا أخبث الناس جاهل
ومن فوقت أيدي القضا سهم حتفه * فكل الذي يلقاه في الدهر قاتل
وغير عجيب ان نبا بك صارم * وليس ببدع ان كبا بك صاهل
فما لأولاء القوم لم يسمعوا ندا * إذا ما دعوا للحق والحق فاصل
وان ابصروا رشدا تناهوا بغيهم * وعند التناهي يقصر المتطاول
ولم يدر في الأباصر عن غيهم عمى * فلم يبصروا أم ابصروا وتغافلوا
أ في أي شرع ان تباع هجينة * بها لولي الأمر في الحق طائل
وسيان ان تسرق مها وحمالة * إذا ما أقام الحد قاض وعامل
وهل جائز ذبح الرضيع بشرعة * فهاتيكم الأديان طرا فسائلوا
وكان رسول الله في كل حربه * لاسلام اهل الشرك في الحرب قابل
فان قلتم في ردة بعد فطرة * ففي الشرك من آبائنا لا نجادل
وفي الأمس أنتم حاكمون بشركهم * بناء لعمر الله بالنقض هائل
وان قستم لما رأوا بأسنا بها * فذاك قياس فارق ومزايل
ولو جاز هذا جاز بالتين حلفنا * كما حلف الباري قياس مماثل
وقد أورد الله الردى أولياءه * فهل أحد ما يفعل الله فاعل
فيا قوم هبوا عن مضاجع جهلكم * ولبوا لداعي الله فالأمر هائل
ولا تعبثوا في الدين فالله غالب * على امره سبحانه لا يناضل
وكلمته العليا تعالى بشأنه * مدمر عاد إذ عتوا وتطاولوا
ومن قبلكم فيها مسيلمة عتا * فدارت عليه الدائرات القواتل
ومن قبل اهل الرس باؤوا بغيهم * وغالت بهاتيك القرون الغوائل
فتلكم ديار القوم ينعى بها الصدى * خلاء بها تعوي الذئاب العواسل
كأنهم لم يلبثوا غير ساعة * بلاغ فهل يبغي بها اليوم عاقل
وسرعان مزجيها إليكم سحائبا * صواعقها بيض الظبا والعوامل
عليها من الفتيان كل موحد * أشم طويل الساعدين وناحل
يذب بها عن بيضة الدين قائلا * الا في سبيل الله ما انا فاعل
من القوم لم يرضوا سوى الصعب مركبا * وليس لهم الا السيوف وسائل
(٢٨٥)

غطاريف طلاعون كل ثنية * تناذر في الأقطار منها القبائل
وآساد غيل غيلها حومة الوغى * ولا مخلب الا القنا والمناصل
إذا ما الملوك الصيد قالوا بمفخر * فما منهم الا سنام وكاهل
ولو خفقت تحت العجاج بنودهم * لكانت لها الشم الرعان تهايل
صواد إلى شرب الدماء كأنهم * من البزل هيم عارضتها المناهل
يقرون ان الأمر لله وحده * وكل له داع وإياه سائل
ولم ينكروا للأنبياء مزية * ولا لرجال الله والله فاعل
أولئك هم حزب الإله وجنده * إذا ما دهى الاسلام أفظع نازل
ومن قبل دعوى الصيد كادت تغيظها * فلم نكترث هو لا بهم إذا تطاولوا
بلى منذ وافتنا رسائل من لدن * صعاليك نجد أضحكتنا الرسائل
وأغلب من جادلت من ليس برعوي * واقتل من حاولت من لا يماثل
وأعلمنا في الدين من هو عالم * وأجهلنا بالدين من هو جاهل
يمينا برب البدن تنحر في منى * صباح منى والحج هاد وغافل
وأول بيت قام في الناس للذي * ببكة فيه للعصاة معاقل
ومختلف الأملاك في ملكوتها * لهم عارج بالأمر منه ونازل
بذاك اعتقادي قد أمطت حجابه * ولا منه بدلا ولا عنه حائل
ورثناه عن آباء صدق أفاضل * جبتهم به آباء صدق أفاضل
بهذا تواصوا قبلنا فدماؤنا * ونحن على آثارهم نتناسل
إلى مثل ذا فليسع من كان ساعيا * منازله منه عليه دلائل
فإن كان قدحي لم يطش وهو لم يطش * ستكثر في تلك العراص الثواكل
ويصبح في أيدي القبائل فيئهم * تقاسمه ايمانهم والشمائل
وهل آمنوا اهل القرى ان تزورهم * بغاشية قد ظللتها القساطل
وهل آمنوا اهل القرى ان تحلهم * بياتا وكل راقد الطرف غافل
وهل آمنوا اهل القرى ان تشلهم * صباحا وكل في الضلال يجادل
مجلجلة مبراقة الجو حشوها * شفار المواضي والعتاق الصواهل
إذا طالعت نجدا أقلت بشمه * جحافل حنت أردفنها جحافل
تدور بمردات طحون عليهم * لها لموات للجيوش أواكل
وتعرك روقي كل أرعن شاهق * تكاد تحك السحب منه الهياطل
إلى الحرب عن أنيابها العضل كشرت * وحطت على الآفاق منها الكلاكل
أقلت بها سوداء ضر يحوقها * لفيف من الجند السماوي نازل
تعوم بثجاج من الدم وأطف * إذا غب منهم هاطل عب هاطل
إذا برقت تحت القتام حسبتها * بروقا تدى أو نجوما هوائل
تنوء بأعباء الردى أحمدية * بها صاعد تحت السماء ونازل
لها شرر لو طار عن قبساتها * لكادت لها تحكي الجمال البوازل
ويا قوم سمعا ما أقول فإنها * لتذكرة فيها هدى ودلائل
حذارا فقد أنذرتكم بزواجر * تناشد غطفانا وتسمع وائل
فان تنتهوا بغفر لكم ما مضى وان * تعودوا فما غير البنود رسائل
وساء صباح المنذرين إذا هوت * صواعقها في ارضهم والزلازل
وله سبع قصائد في الرثاء عارض بها المعلقات السبع منها التي يقول
فيها:
أ وما أتاك حديث وقعة كربلا * اني وقد بلغ السماء قتامها
وله:
تعلمت أسباب الرضا خوف سخطها * وعلمها حبي لها كيف تغضب
أرى القرب منها وهي تنأى بجانب * وما كنت لولا الحب تنأى وأقرب
ويا عز قد عز التواصل بيننا * وطارت بذاك العيش عنقاء مغرب
واني على ما بي من الحزم والنهى * أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
فمن لي لو يجسدي التمني بزورة * فيأمن مرتاع ويرتاح متعب
والا فبثي من نسيمك نفحة * الا كل ما يبدو من الطيب طيب
سلام على تلك المغاني التي بها * نعمنا وحياها من السحب صيب
إذا الكرخ داري والأحبة جيرتي * وقومي ترضى ان رضيت وتغضب
ليالي أعطتني مقاليدها المنى * وساقية الأفراح تملي وأشرب
وله يرثي السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة وفي كل شطر
منها تاريخ عام وفاته:
أنخها على الاعلام واعقد ونادها * وسل اية جاست ركاب جوادها
وسلها متى شط النوى بمزارها * وفارقت الصادون عطف عهادها
فسرعان ما بان النفير بعيرها * وجلت ملمات الردى ببدادها
سقى الله أياما تفيأت جوها * إذ الجو نديا بعرف مهادها
فيا صاحبي شاوي أريحا هنيهة * فقد ثار في الأكباد قدح زنادها
أريحا لنا لوث الإزار فإنها * صبابة نفس زحزحت بفؤادها
لتبكي اعلاما هناك توزعت * ودارة نجح سار بدر سدادها
ومما شجاني ان رأيت وفوده * كأذواد رسم جف ماء مزادها
سرى وفده منا ويا ليت لا سرى * وجلل غيداء الهدى بسوادها
منازل طول طالت النجم عزة * فأوهت عوادي الدهر ركن عمادها
معالم مجد أوحشت من معالم * لها النفس شجوا عاجلت بنفادها
حبست بها القود المهارى مساورا * تعاين هيماء فلت بفؤادها
فمن لحشا قد راعها واجس الردى * بهائلة اصمت صميم جمادها
ومن ناشد لي بالركائب نجدة * قضى بجلاء الشول يوم بعادها
عزيز على العافين ان تر عامها * بجدب ولم تشرق بطل عهادها
لتبك بنات الجود جهدا لرزئه * وتزج على الأزمان شبه رمادها
لتبك العلى منه أشم شمردلا * له أعطت القادات اي مقادها
لتبك الجياد الصافنات مجيبها * إذا ما اصم الصيد لدن صعادها
ويا هل أرى السادات من حي هاشم * دروا بضياع الجود يوم جوادها
وهل علمت بطحاء مكة من منى * بان خر في الآداب أعلى عمادها
فلو أن جند الموت رد بشزب * ولدن عوال أشرعت بجلادها
لقل إذا للطعن من آل طالب * رجال تعد الموت أبهج زادها
من الشوس سحابون كل عرمرم * يقوم لها بالفخر طول نجادها
وبي آسيا قالوا مضى لسبيله * فجردت نفسا حال سقم فؤادها
سقى قبره من وكف الجود مزنة * تريك المراعي دان حين حصادها
متى سمط الأزهار بالطيب عرفها * ترى كل طيب فائق من فدادها
ولا فتات جود السحائب عطفا * تساوره في كرها وطرادها
تلج بثجاج من السحب هامل * كسرب سرت أيدي الصبا بقيادها
وعار زها من حلية عبقرية * علا حير الآراء لمع اتقادها
وأثلج تنشق الدياجي بنوره * إذا لفع البيداء برد سوادها
من البيض كم زفوا هجاين جودهم * تنوء بأبهى طارف وتلادها
مضى في سبيل الله يزجي مطية * ليدرك بالجنات زهو مرادها
وربع باهل المجد قد بات مربعا * عفا فأنخها رابيا في وهادها
تناشده عن قاطنيه متى نأوا * وأمسى خلاء مرجها من عمادها
(٢٨٦)

واني رأيت الدار منه بلاقعا * جهشت بمسرى عيسها وجيادها
فقالت على الدنيا وقاطنها عفا * إذا جد بالعلياء سفر جوادها
وسار إلى الجنات مدل بسفره * رحال الأماني قد نحت لمرادها
لتبك له العافون في كل مشهد * وتبدله خود العلي بحدادها ٦٨٠:
الشيخ محمد رضا الشبيبي ابن الشيخ جواد
ولد في النجف الأشرف وتوفي ببغداد سنة ١٩٦٥ م وقد ناهز الثمانين
ونقل جثمانه إلى النجف فدفن فيها.
نشأته وأساتذه
نشأ كما كان ينشأ لداته في تلك العصور من أبناء الأسر العلمية،
فأول شئ يتوجه اليه هو الكتاتيب لتعلم القراءة والخط وختم القرآن،
وكان نصيب الطفل رضا ان يختم القرآن على سيدة صالحة مقرئة هي السيدة
مريم البراقية.
وكان في النجف يومذاك بيت من بيوتها تتسلسل فيه مهنة تعليم
الأطفال هو آل حصيد فتولى الشيخ هادي حصيد تعليم المترجم له الخط
في مكتبه مع غيره من الأحداث. ثم تقدمت به السن فدرس علوم اللغة
العربية على أساتيذ كان في مقدمتهم الشيخ محمد حسن المظفر والشيخ محمد
جواد الجزائري، ودرس المنطق على السيد مهدي الطباطبائي والسيد حسين
الحمامي والسيد هبة الدين النهرستاني، ودرس علم الفقه وعلم الأصول
على أكثر من أستاذ. ولكن طبيعته الأدبية وموهبته الشعرية اتجهت به نحو
دروس الأدب وعلومه فتخرج على السيد حسين القزويني والشيخ هادي
الجعفر وعلى والده الشيخ جواد الشبيبي وآخرين. على أنه لم يتخل عن
متابعة الدراسات الفقهية والأصولية العالية فحضر دروس الشيخ كاظم
الخراساني في الأصول والشيخ فتح الله النمازي المعروف بشيخ الشريعة في
الفقه.
عمله في الاصلاح
وكان ذلك في أواخر عصور الدولة العثمانية. اي قبل نشوب الحرب
الكونية الأولى. وهو عصر امتاز بيقظة فكرية ظهرت في الأقطار التابعة
للدولة العثمانية ومن جملتها العراق. وكان هدف تلك اليقظة المطالبة
باصلاح شؤون الدولة حيث أسهم المترجم له مع شباب ذلك العصر من
عراقيين وغيرهم في الدعوة إلى الاصلاح. ثم كانت له جولات معروفة في
الصحافة خصوصا السورية والمصرية ومن يتصفح بعض صحف مصر
والشام ولبنان والعراق الصادرة في ذلك العصر يقرأ له فيها شعرا اجتماعيا
أو سياسيا غير قليل ومقالات أدبية وتاريخية ولغوية وكان لجمهرة المتأدبين
شغف بالغ بقصائده وحفظها وروايتها في تلك الفترة. حمل المترجم لواء
الدعوة إلى الاصلاح السياسي والاجتماعي في شعره ونثره منذ نشأ وكانت
له رسالة من هذا القبيل في بلاد العرب والعراق وفي أقاليم الفرات
خاصة.
ويقول مؤرخو الأدب العراقي الحديث انه في أوائل من طرق
الموضوعات الاجتماعية وتناولها في شعره بين شعراء العراق وأولهم على
الاطلاق بين شعراء النجف. وكان ذلك حوالي سنة ١٣٢٠ للهجرة
١٩٠٥ م كما كان عمره إذ ذاك حوالي الخمس عشرة سنة، وله ديوان
شعر عنوانه ديوان الشبيبي طبع في القاهرة سنة ١٩٤٠ م.
بحوثه ودراساته
وللشبيبي دراسات وبحوث تاريخية وأدبية وسياسية بعضها مطبوع
وأكثرها مخطوط من ذلك بحث عنوانه فن التربية في الاسلام ألقاه على
طلبة كلية التربية ببغداد سنة ١٣٧٧ ١٩٥٨ ودراسة في اللغة عنوانها
أصول ألفاظ اللهجة العراقية وأخرى في الأدب موضوعها أدب المغاربة
والأندلس في أصوله المصرية ونصوصه العربية. وهي محاضرة ألقاها على
طلبة معهد الدراسات العربية العالية في القاهرة. هذا إلى بحوث غير قليلة
في التاريخ والأدب واللغة ألقيت في دورات مؤتمر المجمع اللغوي في القاهرة
وعددها خمس عشر دورة. وقد نشرت محاضر الدورات المذكورة وفيها أمثلة
من تلك البحوث و المحاضرات. واخر مجهود ظهر له كتاب عنوانه رحلة
في بادية السماوة نشرت في بغداد.
مساهمته في الحرب الأولى
ولما أعلنت الحرب الكونية الأولى واندلعت في العراق سنة ١٩١٤
شارك في هذه الحرب إلى جانب الجيش العثماني. وحضر معركة الشعبية
الطاحنة التي خذل فيها الجيش المذكور. ومن ثم عاد مع فلول الجيش
المتقهقر إلى مدينة الناصرية.
بعد انتهاء الحرب العامة الأولى
ولما عقدت الهدنة العامة سنة ١٩١٨ أي بعد انتهاء الحرب الكونية
الأولى باندحار ألمانيا وحليفتها تركية وعقب احتلال العراق قام المحتلون
بانشاء حكومة قوامها فريق من ضباط الجيش.
ولم يحسب للشعب العراقي حساب في تأليف هذه الحكومة، ومن
ذلك التاريخ شرع العراقيون بمقاومة تلك السلطة الأجنبية وبدأوا يطالبون
الإنكليز بالجلاء والوفاء بعهودهم التي قطعوها للعرب بشأن حقهم في تقرير
المصير. وهذه العهود عبارة عن مراسيم أصدرها في العراق الحلفاء
وأذاعوها مذيلة بتواقيع رؤساء حكوماتهم بعد تقهقر الأتراك في ميدان
الحرب العراقية إلى شمال الموصل واحتلال بغداد، وفي هذه المراسيم ما
فيها من الأماني المعسولة والمواعيد الخلابة في إسداء العون للعرب في
كفاحهم لنيل حريتهم وبعث تراثهم المجيد في الحضارة. وألح العراقيون
على الإنكليز بان تتكون في العراق حكومة مستقلة ذات سيادة. وكان
للشبيبي في هذا العهد جهود معروفة في مقاومة دسائس المحتلين والمطالبة بما
قطعوه للعرب والعراقيين من عهود ووعود. ولما اضطرت حكومة لندن إلى
تكليف نائب الحاكم السياسي العام في العراق السر ارنولد ولسن باستفتاء
العراقيين. وجه الحاكم العام المذكور بواسطة حكام الأقاليم من الضباط
والسياسيين أسئلة معينة إلى اهل العراق في اجتماعات كانت تعقد في
مكاتب الحكام المذكورين ويشهدها فريق من الوجوه والزعماء وكان السؤال
الأول عن جنسية الحاكم الذي يريدونه والثاني عن شكل الحكم. والثالث
عن حدود العراق. فكانت أجوبة العراقيين مغايرة تماما لرغبة الإنكليز.
طالب الشبيبي في الاجتماع الذي عقد في مدينة النجف بحكومة
دستورية يرأسها ملك عربي. وعبر بذلك عن رغبات أحرار العراق على
صورة أثارت امتعاض الحاكم العام فقاطعه في تلك الجلسة ضاربا اي

(١) مما استدركناه على الكتاب (ح)
(٢) طبع كتاب أدب المغاربة والأندلسيين في القاهرة سنة ١٩٦٠
(٢٨٧)

الحاكم بقبضة يده على المنضدة ولكن بدون جدوى والواقع ان أشق ما
كان يشق على البريطانيين يومئذ هو ذلك الشعور الحي بالكرامة لدى أبناء
العراق الأحرار. ولنا ان نقول إن جملة من الحوادث التي أريقت فيها الدماء
نشأت في العراق عن خشونة في اللهجة أو عجرفة استعمارية في اللقاء
اعتبرها الجانب العراقي جارحة لكرامته. ماسة بشرفه وهكذا فان الشعور
الحي بالكرامة ونزعة الاستعماريين المعروفة في الشموخ والكبرياء ضدان لا
يجتمعان وما أكثر الشواهد على ذلك في احداث العراق خلال فترة
الاحتلال. ولا حاجة إلى القول بان للشبيبي مواقفه المعروفة في هذا الدور
الخطير من أدوار الكفاح بين الشعب العراقي والسلطة المحتلة خصوصا في
بعض المراكز المعروفة كالحلة وكربلاء والنجف والديوانية وبغداد فان الروح
الوطنية التي بعثت يومئذ كانت قائمة على نشاط عدد من العلماء ورجال
الدين والوجوه والزعماء والشباب في المدن والأرياف المذكورة. وكان هو في
طليعتهم. هذا ولما اخذت السلطات الإنكليزية المحتلة تماطل وتسوف في
تلبية مطالب العراقيين والاعتراف بحقوقهم المشروعة، وقد أعلنوها وطالبوا
بها مرارا خصوصا بعد اجراء الاستفتاء الذي تقدم ذكره. ولما كان قادة
الثورة العربية في سورية والحجاز يجهلون ما يجري داخل العراق من صراع
عنيف بين أحرار البلاد والسلطات الإنكليزية وكان من الضروري اعلام
زعماء العرب خارج العراق بحقيقة الحال هناك فكر صاحب الترجمة بان
يقوم بهذه المهمة. وفاتح بذلك فريقا من أصدقائه وزملائه العاملين من
علماء ورؤساء وغيرهم من الشباب الناهض وأقنعهم بضرورة تنفيذ هذه
الفكرة فوافقوا على رأيه.
رحلته الوطنية
ومن ثم قام برحلته إلى البلاد العربية منتدبا عن العراقيين لدى
الحكومتين العربيتين في مكة المكرمة ودمشق الشام إذ ذاك. وزود بوثائق
مذيلة بتواقيع زعماء البلاد وعلمائها وقادة الرأي العام فيها تضمنت انتدابه
ليمثل العراق لدى الحكومتين المذكورتين وابلاغهما رغائب العراقيين
وايقافهم على الأحوال الجارية في العراق. وقد بارح العراق في أواخر سنة
١٩١٩ م إلى مكة المكرمة سالكا طريق البادية من البصرة إلى جبل شمر
في الديار النجدية فالمدينة المنورة. ومن المدينة إلى مكة.
في الحجاز
واستقبله الملك حسين في قصر الامارة بمكة وخلا به حيث قدم له ما
معه من الوثائق. وتحدث اليه واطلعه على حقيقة الأحوال في العراق، وان
العراقيين يعانون كثيرا من الضيم والارهاق تحت إدارة الاحتلال.
ويطالبون أشد المطالبة بالحرية والاستقلال وانهم مستعدون لحمل السلاح
واعلان الثورة والتضحية في هذا السبيل بنفوسهم ونفائسهم كما وقع ذلك
فعلا. وقد طلب الشبيبي إلى الملك حسين ان يبذل جهده في سبيل تحقيق
مطالب الشعب العراقي. وتكليف رسله وممثليه في مؤتمر الصلح الذي كان
ملتئما في باريس بذلك. وكان فيصل يعاونه شباب اكفاء من السوريين
وغيرهم يمثل والده في المؤتمر المذكور، فما كان من الملك حسين الا ان اعلم
فيصلا بالوضع الراهن في البلاد العراقية وبان يدافع عن حقوق العراق في
مؤتمر الصلح استنادا إلى تلك الوثائق. التي تسلمها من الشبيبي في مكة
المكرمة. ثم إن الملك حسين كتب بهذا المعنى رسائل أجاب بها العراقيين
من علماء وزعماء وأعلمهم بتسلم الرسائل والوثائق التي حملها الشبيبي
ووعدهم وعدا قاطعا في كتبه بأنه مستعد للتضحية بنفسه وعرشه في سبيل
استقلال العراق بحدوده المعلومة وقد وفى الحسين بوعده فإنه توفي بعد أن
اخرج من مكة وتنازل عن عرشه بسبب صلابته وثباته. وبعد ان أقام
الشبيبي مدة لا تقل عن ٤٠ يوما في مكة بارحها إلى المدينة المنورة ومنها
استقل القطار وكان بحالة يرثى لها من الخراب بعد الثورة وذلك إلى حدود
الشام.
في دمشق
وفي دمشق اجتمع بالملك فيصل بعد عودته من لندن وبقادة الحركة
العربية من عراقيين وسوريين وفلسطينيين وغيرهم وتأكد لديه منهم وصول
تلك الوثائق العراقية، وهكذا مثل العراق في عدة جمعيات ومؤتمرات من
أشهرها المؤتمر العراقي الذي التام في الشام سنة ١٩٢٠ م ونادى اي المؤتمر
على رؤوس الأشهاد باستقلال العراق استقلالا تاما على أن تقوم فيه حكومة
دستورية.
عوده من الشام
هذا وقد آثر العودة من دمشق إلى الوطن فور الاحتلال الفرنسي
لدمشق بعد معركة ميسلون، فبارح دمشق في خريف سنة ١٩٢٠ عائدا إلى
العراق بطريق البادية على ظهور الجمال. وقد قطعوا المسافة بين دمشق
وبغداد في خمسة وعشرين يوما.
في العراق
هذا وفي هذه الفترة الصاخبة من تاريخ البلاد ظهر للجميع ان
الإنكليز لم يجدوا بدا من انهاء عهد الاحتلال. والموافقة على قيام دولة
مستقلة ذات سيادة وفقا لما تقرر في مؤتمر القاهرة الذي عقد سنة ١٩٢١
حيث مثل شرشل وغيره من البريطانيين الحكومة الإنكليزية ومثل العراق
كل من ساسون حسقيل جعفر العسكري. وفي صيف السنة المذكورة وصل
فيصل وحاشيته على باخرة انكليزية اقلعت بهم من جدة إلى البصرة. ومنها
توجهوا على السكة الحديد فمروا في طريقهم بالديوانية والحلة وكربلاء إلى
النجف وأرياف الفرات وهي قلب العراق النابض وغرين الأبطال الأشاوس
الذين أذاقوا قوى المحتلين في الرارنجية والرميثة والشامية وأبي صخير
وغيرهما ما أذاقوه. وضحوا بأرواحهم وجمع ما ملكت أيديهم في سبيل
حرية البلاد وكرامتها. وكان لفيصل باعتباره ثائرا عربيا استقبال باهر يعجز
التعبير عن وصفه في تلك المدن المجاهدة. وقوبل بمظاهرات ترحيبية كبيرة
وخطب ثورية بليغة كما أنه القى عدة خطب في تلك المناسبات، وكان
الشبيبي يجتمع بفيصل وصحبه طول مدة اقامته في تلك الجهات وخصوصا
في النجف وبغداد بعد وصوله إليها ولا يضن عليهم بالنصح ومواجهتهم
بالواقع، ولما نودي بفيصل ملكا على العراق في تلك السنة كان يستدعيه
ويستشيره في الأمور المهمة، وقد رشح لأشغال بعض المناصب العليا في
أوائل أيام العهد الفيصلي ولكنه كان يعتذر ويفضل الانقطاع للدراسة
والتأليف إلى أن كانت سنة ١٩٢٤ وفيها عهد إلى يسن الهاشمي بتأليف
وزارته الأولى فأبرق اليه وهو مقيم في النجف قائلا انه يسره التعاون معه
وان يشغل منصب وزارة المعارف في الوزارة الهاشمية.

(١) في وصف هذه الرحلة كتب رسالة تعتبر من أطراف ما كتب في الرحلات.
(٢٨٨)

في مناصب الدولة
وتردد كثيرا في قبول الوزارة ولكن الحاح أصدقائه في بغداد والنجف
اضطره إلى القبول فأشغل منصب هذه الوزارة فترة لا تزيد على سبعة
أشهر، ولما عرضت اتفاقية النفط على مجلس الوزراء وكانت من الاتفاقيات
المجحفة بحقوق العراق اقترح تعديل بعض بنود الاتفاقية على أساس يكفل
للعراق في زيادة العوائد المالية فلم يجد من يعضده. وفي جلسة خاصة بينه
وبين الهاشمي سأله عن موقفه الأخير من الموضوع فقال الهاشمي ان ابرام
هذه الاتفاقية من واجب وزارته. وعلى اثر ذلك غادر الجلسة وذهب إلى
مكتبه في ديوان الوزارة وبعث بكتابه الذي يستقيل فيه من الوزارة لأنه يرى
ان الاتفاقية مجحفة بمصالح العراق. وقد تقلد الشبيبي منصب وزارة
المعارف خمس مرات وإن لم تكن مدة الاستيزار طويلة فيها ففي سنة ١٩٢٤
تقلدها كما قلنا أول مرة. وتقلدها مرة ثانية سنة ١٩٣٥ وثالثا سنة ١٩٣٨
ورابعا سنة ١٩٤١ وخامسا سنة ١٩٤٨ واختير سنة ١٩٣٥ عضوا في مجلس
الأعيان وانتخبه هذا المجلس رئيسا له سنة ١٩٣٧ وقد رشح في الانتخابات
النيابية فكان عضوا في المجلس النيابي غير مرة وانتخب رئيسا للمجلس
النيابي سنة ١٩٤٣ وأمضى سنة في الرياسة ثم أعيد انتخابه لرئاسة المجلس
المذكور سنة ١٩٤٤ ولكنه استقال قبل انتهاء السنة بسبب دسائس
استعمارية معروفة دبرت بليل.
وكانت آخر استقالة له، استقالته من رئاسة المجمع العلمي العراقي قبيل
وفاته.
في المناصب العلمية
وانتخب الشبيبي في كثير من المؤسسات والمجامع العلمية واللغوية
داخل العراق وخارجه. فهو عضو نادى القلم العراقي ورئيسه نحوا من
عشرين سنة ورئيس المجمع العلمي العراقي سنة ١٩٤٨ إلى أن تخلى عن
رئاسته لأسباب معروفة. قد منح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة
القاهرة تقديرا لبحوثه في الأدب والتاريخ وانتخب عضوا في المجمع العلمي
العربي في الشام سنة ١٩٢٣ كما انتخب عضوا عاملا في مجمع اللغة العربية
في القاهرة وذلك في أواخر سنة ١٩٤٧. ومن المحاضرات التي ألقاها في
المؤتمر اللغوي محاضرة موضوعها النهضة النهضة الأدبية الحديثة في العراق
ومن محاضراته في القاهرة اقدم مخطوط وصل الينا في وصف جزيرة العرب
ومن مؤلفاته التاريخية كتاب أبو الفوطي مؤرخ العراق في ثلاثة اجزاء
طبع منها اثنان فقط.
شعره غير المنشور في الديوان المطبوع
توفيت زوجته قبله بعام واحد فنظم في رثائها مجموعة قصائد ومنها
هاتان القصيدتان سماها رنين على الأجداث:
وقت السرور ووقت ما أشجاني * نعمى الحياة وبؤسها سيان
دنيا تحيرنا وتبطل منطقي * ابدا وتعقد بالخطوب لساني
ولقد نفى عني الشكوك وردها * برد اليقين ونعمة الايمان
النزع نزع الروح موت أول * والجهل جهل الحال موت ثاني
قد نستكين إلى الصلاح وطالما * غلبت علينا نزوة الحيوان
ما بين مبدأه وبين معاده * ضلت وحارث فكرة الانسان
في هيكلي كون كبير سره * ما زال عند مكون الأكوان
يا ربة البيت الذي أودت به * وتخبطته بوائق الأزمان
أعزز علي بان أراك أخيذة * بعد الكفاح، وشيكة الاذعان
في ذمة الله اذهبي مبكية * منعوتة بالبر والاحسان
معصومة مما يشين مصونة * مما يريب نقية الأردان
من سار يحدوه الهوى غير الذي * اخذ الطريق على هدى القرآن
عصف الردى بالطيبين أورمة * من رهطي الأدنى ومن إخواني
بالسابقين فتوة ومروءة * والعاملين لرفعة الأوطان
قد ترتقي همم وتشرف أنفس * تدع المحال بحيز الإمكان
ومن الضنى، ملأ الحياة مرارة * ما هونوه بحكمة الديان
لم يعيني الوصب الذي قاسيته * بعد اللقاء هو الذي أعياني
وإذا اختبرت أصبت في أحوالكم * رأى الشيوخ ونجدة الشبان
قال بعد مضير أربعين يوما على وفاتها:
جددوا العهد غداة الأربعين * وعلت زفرتهم لو تسمعين
وتخلصنا إلى واعية * هزت الحي وما كنت تعين
كنت عونا لهم فانقلبوا * كاليتامى، فقدوا حدب المعين
يا سريرا أحدق الأهل به * ورنا القوم اليه جزعين
أنهكتها علة موجعة * تركت كل ذويها وجعين
حقق الله لها منزلة * بين حور في جنان الخلد عين
ورع سيرته موروثة * من نساء ورجال ورعين
أزمعت بينا، وليست وحدها * سترانا بعد حين مزمعين
عشرة ما اعترضتها نبوة * أو هناة في سنين أربعين
ما ادعينا كذبا في ودنا * فضح التجريب افك المدعين
ملك الموت ينادي ابدا * كم صريع برماحي أو طعين
ما دعا يوما إلى طيته * معشرا الا ولبوا مسرعين
لا ترى من فارق بين ذوي * يسرة أو فقراء مدقعين
طالما حدنا فعدنا للهدى * وتمردنا فابنا طيعين
يا زمان القرب ممن رحلوا * جادك الغيث ورواك المعين
قد بكيناك بشعر رائق * مستجاد من هواة مبدعين
يا نزول الربع في أرض الحمى * كم طرقنا حيكم مرتبعين
بعدت نجعتكم، فاغتربوا * واقتفوا آثاركم منتجعين
أي ركب لم لم يغادر داره * ونزول لم تجدهم مقلعين ٦٨١:
السيد محسن الأمين
بقلم: الأستاذ أكرم زعيتر
أرسل الكاتب العربي الكبير الأستاذ أكرم زعيتر هذه الرسالة اثر
تلقيه الجزء الأربعين المخصص لترجمة المؤلف:
وبعد فبينا كنت أعد برنامج مطالعة خاصا برمضان متسما بسمة الدين
ابتغاء التفقه فيه قرأت اعلانا عن ترجمة السيد محسن الأمين في كتاب
أعيان الشيعة ويمينا بالله وددت لو اظفر به وفكرت فيمن يشتري لي ذلك
الجزء من بيروت ويبادر إلى إرساله. وما أعظم سروري حين تجلى علي
الكاتب المنشود هدية منك! لقد أحسست بنشوة واعتبرت وصول الهدية إلي
في هذا الوقت من كرامات الوالد العظيم، وأقبلت على مطالعته مشتاقا حتى
إذا انتهيت منه تلوت فاتحة الكتاب هدية إلى روحه واعترافا بفضله علي فقد
أزهر ايماني وضوأ قلبي، وكأني عايشته حياته الفخمة وكأنني تتلمذت له وما
(٢٨٩)

أكثر ما أنست بحديثه وتأثرت بخطرات ذهنه، ويا للروح الخفيفة الشفافة
تبدو في سرد مطلع حياته وزمان طلبه سردا طريفا سائغا لذا قال عنه أنه من
باب الأحماض مع أنه من لب تاريخ البلاد وتطور التربية والاجتماع فيها.
ولو يطالع الجيل العربي ما لقي الوالد في سبيل العلم من مشاق تنوء
بالعصبة أولي القوة، وكيف تجسدت المروءات بشرا سويا في موقفه الشهم
أيام انتشار الكوليرا إذن لكان له من ذلك درس بليغ يلقيه أستاذ عظيم
هيهات أن يجود الدهر بمثله.
لقد ملأ أبوك نفسي اعجابا بنزعته الإصلاحية وبجهوده العملية في
الاصلاح، وبثباته في وجه الشاغبين المشعبذين، وراقني تشبيهه ذلك
المجلس الضلالي الذي أقاموه بمسجد الضرار. وحمدت الله أن قرأت
ملخص كتاب التنزيه وتتبعت صداه واثره وعنف الحملة عليه والحركة
العلوية والأموية، وقد ترحمت على مظاهريه أمثال السيد أبي الحسن
الأصفهاني والسيد مهدي القزويني وترضيت الله عن الشيخ عبد الكريم
الجزائري والسيد هبة الدين الشهرستاني وشكرت لله أن أقر عين أبيك
برؤية نجاح دعوته وبذلك الاستقبال النجفي الباهر الذي جاء آية النصر
المبين.
وقد أحسنت يا صديقي إذ نشرت نداءه البليغ إلى العرب والمسلمين
من أجل قضية فلسطين ودعوته إلى مظاهرة ثائريها.
وأحب أن أعرب عن اعجابي الكلي بخطاب الدكتور حكمة هاشم في
المجمع العلمي بدمشق وأن اشتاق فيه كاتبا بليغا من الطراز العالي.
كما أراني اثني على مقالات الأستاذ وجيه بيضون النامة على وفائه وعلى
معرفته بالعظيم الراحل.
وأنوه بقصيدة الأستاذ احمد صندوق الذي اقرأ له واسمع باسمه أول
مرة في حياتي ولا أدري أ يعود ذلك إلى جهلي أم إلى كونه مغمورا على غير
حق، وقل مثل هذا عن قصيدة الشيخ خليل مغنية.
وناهيك بقصيدة الأخ السيد عبد المطلب إبداعا وروعة، وهي
وحدها تصفه في صفوف كبار شعراء العربية.
ولا أتحدث عن المعروفين من فحول الشعراء أمثال الظاهر واليعقوبي
والأحمد ولا أعددهم وأن كنت أذكرهم.
واراني في ختام القول أتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يثيب الوالد
أجزل المثوبة فيدخله مدخلا كريما ويتقبل جهاده بقبول حسن، وأن يبلغك
الأمل في انجاز سائر مؤلفات الوالد فتلك آلاء الله عليك ويده المسداة
إليك. ٦٨٢:
ميرزا محمد رضا ابن ميرزا محمد الناظر ابن ميرزا محمد مهدي الشهيد ابن
محمد إبراهيم بن ميرزا بديع الرضوي المشهدي
كان ناظر الآستانة المقدسة في عهد نادر شاه وشاهرخ. وفي سنة
١١٦٨ حين كان احمد شاه الأفغاني عازما على تملك بلاد إيران وارسل بسند
خان الأفغاني مع خمسة عشر ألف فارس إلى جهات خراسان وجرجان
واستراباد فهذا السيد الجليل المعظم بحسن سلوكه ومراعاته للتقية حفظ
المشهد المقدس ولولا ذلك لكان مثل سائر البلاد التي حاصرها الأفغانيون
ونهبوها وقتلوا أهلها وفي هذه المحاصرة ذهب خوانين خراسان إلى محمد
حسن خان القاجاري بأهلهم وحشمهم إلى استراباد واهدوا له هدايا منها
قطعتان من الألماس إحداهما وزنها ثمانية مثاقيل تسمى جبل النور والثانية
وزنها ستة مثاقيل اسمها تاج ماه پور فأرسل نواب محمد حسن خان المذكور
محمد ولي خان اخاه حسين خان مع جماعة لحرب الأفغانيين فقهروا
الأفغانيين وهزموهم وفي هذه السنة وهي سنة ١١٦٨ صدر فرمان من
احمد شاه الأفغاني في نظارة المترجم على الحضرة الشريفة الرضوية وكان
للمترجم ثلاثة أولاد أولهم ميرزا محمد إبراهيم. ٦٨٣:
الشيخ محمد رضا القمي
الظاهر أنه الشيخ محمد بن محمد رضا بن إسماعيل القمي صاحب
تفسير كنز الدقائق ٦٨٤:
السيد محمد رضا الشبر الحسيني والد السيد عبد الله شبر
توفي في الكاظمية سنة ١٢٣٠ ودفن في الرواق القبلي
ذكره السيد محمد ابن السيد معصوم في الرسالة التي وضعها في أحوال
ابنه السيد عبد الله فقال: سيدنا الحليم الأواه السيد عبد الله سلالة العالم
المحقق والماهر المدقق مستنبط الفروع من الأصول مرجع الدليل إلى المدلول
علامة الزمن وحجة الاسلام محيي الليل بالعبادة ومن استوجب من الله
الحسنى وزيادة فذلكة الفضلاء وبقية العرفاء العالم النحرير الفاضل المحقق
المدقق التقي النقي. وساق الكلام إلى أن قال: المبرز على كل اهل
الفضل في زمانه ومجتهد عصره وفريد اوانه المتواضع للصغير والكبير المعظم
لدى الجليل والحقير ثم ذكر استسقاءه لأهل بغداد والكاظمين في مسجد
براثا ونزول المطر بحيث هدم كثير من دور اهل بغداد. وبيت شبر سادة في
الحلة إلى الآن من مشاهير السادة وشبر لقب جدهم الحسن بن محمد بن
حمزة المنتهي إلى زين العابدين ع بعشرة آباء وكان السيد محمد رضا شبر
كريما سخيا لا يرد سائلا وربما رهن جبته لقضاء حاجة سائل إذا لم يكن
عنده دراهم. ٦٨٥:
الشيخ محمد رضا بن محمد مهدي بن محسن السبزواري
قرأ على السيد محمد الشهشهاني والشيخ محمد باقر الأصفهاني، كان
يكتب الخط الجيد الفاخر ويعد من أساتيذ هذا الفن وكان مع هذا من
عجب الزمان في سرعة الكتابة كان كثيرا ما يكتب في اليوم الواحد ألف
بيت بالقلم الفاخر كتب قريب أربعمائة مصحف بالخط الفاخر. ٦٨٦:
الشيخ محمد رضا بن محمد امين الهمذاني
له كتاب الدر النظيم في تفسير القرآن الكريم مطبوع صنفه باسم
السلطان فتح علي شا القاجاري. ٦٨٧:
السيد محمد ابن السيد رضا آل فضل الله الحسيني العاملي العيناثي
ولد سنة ١٢٨١ وتوفي أثناء الحرب العامة الأولى سنة ١٣٣٦ وآل
فضل الله سادة حسنيون أصلهم من أشراف مكة المكرمة وهم من أجل
البيوتات في جبل عامل في العلم وصحة النسب وعندهم كتاب نسب جليل
فيه خطوط العلماء وشهاداتهم.
والمترجم كان عالما فاضلا أديبا شاعرا منشئا قرأ في جبل عامل ثم

(١) الشجرة الطيبة
(٢٩٠)

هاجر معنا إلى العراق لطلب العلم سنة ١٣٠٨ وخرجنا من النجف وبقي
هو فيها ثم جاء إلى جبل عامل فبقي في وطنه ومسقط رأسه عيناثا مدة ثم
انتقل إلى قرية قانا سنة ١٣٢٥ وتوطنها إلى أن توفي بها عن بنت واحدة وقد
جمع كثيرا من شعره ونثره في كتاب بخطه وله رسالة سماها السمكية فيها
أدب وحكمة.
ومن شعره قوله في بعض الأغراض:
تبلج ضوء الصبح عن سنن القصد * ولاح لنا ما كان منا على بعد
وشمنا بروقا من مخايل ديمة * تنور منها ذروة العلم الفرد
وشبت لنا نيرانها بعد هدأة * من الليل فارتاح الفؤاد من الجهد
سدرنا بمغير التنائف برهة * بمعتكر من حالك الجهل مسود
وبهماء يغشى الناظرين ظلامها * سلكنا بها في الغي بالأعين الرمد
وتوردنا عشواء خابطة بها * صعاب ضلال في شكائمها تردي
تلف بفيفاء الحزون سهولها * وتطوي موامي البر وهدا على وهد
إلى أن بدا والليل في أخرياته * لموعا كما استل الحسام من الغمد
صباح يشق الحالكات من الدجى * فيعرب عن غور ويفصح عن نجد
تبينت اني خابط اثر خابط * ضلالا ومثني الزمام عن القصد
فكفكفت من قود نوافح في البرى * ونفهت عن خوص ونهنهت عن جرد
ثنيت لها فضل الزمام إلى التي * تسر وجانبت الرفاق على عمد
إذا ما استنار العقل للمرء قاده * وراح لها نورا يشب بلا وقد
ومن غاب عنه نير العقل لم تزل * به شهوات النفس ترقل أو تخدي
ومن لم يكن منه له زاجر فما * شقاشق أقوال الرجال به تجدي
خبرت الورى طفلا وكهلا ويافعا * وطارحتها الأقوال بالهزل والجد
عذرت الأقاصي حين غاض وفاؤها * وتخفي من الأشياء غير الذي تبدي
إذا فاض من دان قريب اوده * جفاء وسالت منه أودية الصد
اخ ماجد قد لف عرقي بعرقه * لنا النسب الوضاح في جبهة المجد
أواصر انساب وأعراق دوحة * لقد نظمتنا مثل منتظم العقد
أحاشيك أن تهوى القطيعة جافيا * أخا راح محني الضلوع على الوجد
وتسلك نهجا ما أبى الله غيره * وتذهب فيه واري القدح والزند
اما الرحم البلهاء تعطيك عطفة * وتثني صعابا منك جاهلة الرشد
عهدناك والود القريبة بيننا * تحلأ عن ذم وتأوي إلى حمد
كريم السجايا ما بعودك وصمة * حليف الوفا موف على كرم العهد
لهزتك بالأعتاب لما تفاقمت * هموم بقلبي ضاق عن حملها جلدي
وأرهفت نصلا منك ماض غراره * ليشتد مني إذ أصول به زندي
هززتك في يمنى يدي بمقول * رهيف الشبا ماضي الصحيفة والحد
ونظم غدا طلاع كل ثنية * من الأدب السيال والشرف العد
أ توردني العد البكي علالة * وتذهب ريان الفؤاد من العد
لقد نازعتني كل غرثانة الحشا * إليك وعضتني بأنيابها اللد
وقد لزمت جسمي من الوجد رعشة * كما ارتعش المقرور من كلب البرد
أقمت بعيناثا ودوني أصبحت * تم ر فصول العام بالأوجه الربد
إذا رحت توليني القطيعة جافيا * فيا ليت شعري من تواصله بعدي
ولي كبد قد قطعتها يد النوى * بفرقة من تفدى بأكرم ما عندي
وحانية عطفا علي تحوطني * برأفتها مذ كنت ارقد في المهد
لئن رحت عنكم مبعد الدار نازحا * فعل الليالي فيك تعطف بالرد
لي الله كم من غصة قد جرعتها * غداة نواجي السير قيل لها جدي
عشية أزمعت السرى عن كرائم * كان لم تفارق قط قبلي ولا بعدي
كسرب القطا مذعورة حين أيقنت * بان ليس لي عن ذلك الامر من بد
يرفرفن حولي كالحمائم ولها * ويسحبن دوني فاضل الذيل والبرد
ويعطفن نحوي ثانيات معاطفا * علي ولا يعرفن آخر ما عندي
وكم حنة دوني لهن وزفرة * إذا نفثت بالسرد واهت قوى السرد
يكفكفن بالأردان عبرة واجد * ويحذرن أن تجري على صفحة الخد
تحملن مني زفرة الوجد والجوى * جميعا ولكني انفردت بها وحدي
أشارك بالنوح الحمائم أن شدت * على غصنها المياد من دوحة الرند
وقال مهنئا السيد إبراهيم الطباطبائي بزفاف ولده السيد حسن
أ معاقر الصهباء ويحك حثها * صرفا توشح بالجمال مديرها
رق النسيم وراق كأسك فانتهز * فرصا من الأيام عز نضيرها
واخلع عذارك للهوى مسترسلا * فلقد يخف من الرجال وقورها
في روضة اللهو طابت بعد ما * زهرت خمائلها وراق غديرها
ومعقرب الأصداع يبرز لحطه * ما قد أجن من القلوب ضميرها
نبهته والنوم قيد جفونه * في ليلة سلب الكرى ديجورها
لما تبلج في سماء زفافه * قمر له الأقمار اخمد نورها
حسن الثناء ومن لشامخ مجده * ولفخره الأفلاك دان أثيرها
ضربت بدوحته عروق لم يزل * لأصولها صفو العلى ونميرها
ورث المعالي بالجدود كبيرها * وبه اقتدى في كسبهن صغيرها
وهم بآفاق المكارم والعلى * دون الأنام شموسها وبدورها
يا من هو الإكليل من تيجانها * وسناؤها اللألاء بل إكسيرها
طابت لك الدنيا وراق نعيمها * وصفت مشارعها وتم سرورها
فاهنأ أبا حسن بسابغ نعمة * يضفو عليك ظلالها وستورها
ومواسم الأيام عندك لم تزل * تفتر عن حبب السرور ثغورها
فرع سما من دوحة نبوية * وكذاك يسمو في الفروع نضيرها
راض القوافي المصعبات فقادها * وهوى فرزدقها وخر جريرها
حلته من حلل الجلال مهابة * تعلوه لا ديباجها وحريرها
نفث اللسان بها وما انا شاعر * أطرى بها حتى استلان نفورها
كلا ولا وطري ولكن وده * اجرى بها قلمي ففاح عبيرها
وقوله جوابا عن رسالة:
ما روضة من رياض الحزن باكرها * وكاف عيش من الوسمي سحاح
تقابل الزهر فيها وهو مزدوج * وراح يرنو بطرف غير طماح
أذكى وأطيب أنفاسا إذا عبثت * عند الصباح بها أنفاس أرياح
من نشر مالكة أمست صحائفها * تطوى على عبق بالمسك نفاح
وقوله:
مقامي بأكتاف الغريين لا عدت * ثراك الغوادي غدوة ورواحا
تراوح روضا ينفح الطيب كلما * به عبثت أيدي النسيم صباحا
إذا ما ضللنا دلنا طيب نشره * على القصد مذهب النسيم وفاحا
قطعنا اليه البر قفرا وسبسبا * وجبنا الفيافي نفنفا وبطاحا
أصبنا به نجح الأماني وربما * ترى لأماني الرجال نجاحا
وقوله:
(٢٩١)

خذ من مجاري الدمع أو طف دلاحا * إذا بارق من جانب الغور قد لاحا
وشوقا باحناء الضلوع مبرحا * إذا ما نسيم منه اقبل نفاحا
ذكرناكم ذكر الغريب رباعه * وذكر الصوادي مشرع الماء طلاحا
قضى الله فيما بيننا بمنازل * أقام بها كل على الروح مرتاحا
منازل في ارض الغريين أشرقت * وأخرى بأفق الشام كوكبها لاحا
رضيت به حكما وأن كان ناظري * لأجلك نحو الشام أصبح طماحا
ولولاك لم يطمح لها ناظري ولا * تنسمت منها بالعشيات أرواحا
منازل لا وجه المنى مشرق بها * ولا عاطش الآمال أصبح ممتاحا
أقمت بها سبعا وعشرين حجة * أعاطي بها كاسات لهو وأقداحا
ولو انني كنت المقيم بغيرها * لأصبح روضي ناضر الدوح فياحا
وقد شحذت مني الغريان مرهفا * وأعطت جيادي غارة السبق ملحاحا
وقوله يهني الشيخ محمود ابن الشيخ محمد مغنية بزفاف:
جريت مع الصبا والعيش غض * بميدان الهوى طلق الجماح
طموح الطرف للذات أجري * بمضمار الفكاهة والمزاح
ويدعوني إلى الصبوات ظبي * كحيل الطرف جوال الوشاح
أغر يفرج الظلماء عنه * كان جبينه فلق الصباح
إذا ما الريح هب عليه وهنا * خشيت عليه من مر الرياح
وكم نبهته سحرا فلبى * ونجم الليل آذن بالبراح
فقام وللكرى في العين خط * فغودر بين نشوان وصاحي
وأم مدامة صهباء صرفا * كميت اللون مثل دم الجراح
تناثر في الدنان حباب در * إذا مزجت بسلسال القراح
تمتع ما استطعت من الحميا * ولثم مراشف الغيد الملاح
لعرس طبق الدنيا سرورا * فعادت منه ضاحكة النواحي
عشية إذ تزف إلى كريم * كريمة خالص النسب الصراح
كريم الأصل محمود خصال * بخلق مثل معتل الرياح
عليه سيمياء الفضل تبدو * وعنوان المكارم والسماح
لقد ضربت بدوحته عروق * نوازع في ربى أزكى البطاح
صلاب النبع ما عجمت بناب * ولا حطمت بغارات الكفاح
إذا الجبار ناوأهم لووه * بعزم راح كالقدر المتاح
وقال في زفاف السيد حسن القزويني النجفي مهنئا عميه الجليلين
السيد محمد والسيد حسين:
اهدى النعيم لك الربيع المرهم * لما استهل له الغمام المرزم
وكسا الثرى وشيا يروق لناظر * في جانبيه الطرف لا يتقسم
والطير عاكفة على أفنانها * طربا بألحان الهنا تترنم
هذا الزمان غدا عليك بوجهه * جذلان عن طلق المحيا يبسم
أبدت لنا الدنيا بمولد عيدها * عيدا يجل به الزمان ويعظم
متأخر عنه ورب مؤخر * عن غيره قد راح وهو مقدم
في ليلة فيها الثريا قارنت * بدرا به ملك الدجنة يهزم
حسن بك الدنيا تكامل حسنها * والدهر عن أمثال قومك يعقم
ولانت ممن لا يشب وليدهم * الا استقل له الفخار الأقدم
كم من عظيم منكم شمخت به * همم أجل من الزمان وأعظم
ساس العلوم سياسة دانت لها * شرقا وغربا عربها والأعجم
إن أبرم الرأي الوثيق لمشكل * لا تنقض الأيام ما هو مبرم
لما رآه الله اهدى خلقه * علما يبين به الطريق المظلم
ورأى قواعد دينه قامت على * أركان عزم منه لا تتهدم
أولاه من دست الرياسة منزلا * يزهو به وينير ساعة يبسم
لم يخل دست منكم من سيد * الا ونال على باخر منكم
حتى استقل به الأغر محمد * بدر الهداية والصراط الأقوم
بفضائل صدع الضلال ضياؤها * عن نعتها ذرب المقاول أعجم
مشفوعة بمآثر تسري على * أفق العلى فكأنما هي أنجم
فاذهب بفخر ليس قبلك وائل * طمحت اليه وتغلب أو جرهم
وبدا حسين في ذرى أفلاكها * بدرا يشق به الظلام الأدهم
يجري إلى نيل العلى في حلبة * لا معرق يجتازها أو مشئم
ومضى على غلوائه متقحما * لجج العلوم وخوضها يتجشم
يا هضب مجد في الورى لا ترتقى * وسيوف عزم في الوغى لا تكهم
لا زال طير السعد في عرصاتكم * طربا بألحان الهنا يترنم
وقال:
سقى الله عيشا في فريز تصرمت * لياليه والأيام غض جديدها
إذا ذكرتها النفس جنت كأنها * مرزأة قد بان عنها وحيدها
أبيت ودمعي بل مني ملابسي * كما بل من وبل السحاب صعيدها
فلا انا راج سلوة بعد بينكم * ولا جمرات القلب يخبو وقودها
وقال:
وأبلج وضاح كان جبينه * به لاح من بدر الدجنة تمه
وفرع تسامى من ذؤابة هاشم * له الفضل كسب والمفاخر غنمه
يلف بعرقي عرقه وتضمني * جراثيم عز في المعالي تضمه
سقى الله ربعا بين نعمان فالنقا * وبين الكئيب الفرد لم يعف رسمه
وقوله:
الا حصا إلى ارض الغري * رواحل مثل أعواد القسي
مخيسة نوافح في براها * أزمتها كأشطان الركي
بها اعتسفا ثرى الموماة حتى * تحل بذروة الشرف القصي
بعزم صادق الوثبات أمضى * واقطع من حدود المشرفي
وما دار الهوان بدار حر * إذا ما كان ذا انف حمي
الا فانهض بعزمك واقتعدها * نجائب مثل منعطف الحني
الا فانهض فليس المجد الا * لمغوار ومقدام جري
وقوله:
وما كل حمال السلاح بفاتك * ولا كل خفاق الجناح بباشق
وقوله:
فما الأذفر الداري فاح بطيبه * فعطر أذيال الصبا والشمائل
ولا الروضة الغناء لاعبها الصبا * وباكرها دلاح أوطف هاطل
بأطيب نشرا من سلام سرت به * عتاق المهارى أو هجان الرواحل
ترعرع في وادي الغريين طفله * وشب بمغنى خير حاف وناعل

(١) اسم مكان في عيناثا كان عامرا بالكروم
(٢٩٢)

وقال:
الدهر أشرق فيك اليوم وابتهجا * ونشر ذكرك اضحى في الورى أرجا
بزغت كالبدر تجلو كل داجية * من الخطوب إذا ليل الخطوب دجا
حويت عزا ومجدا باذخا وندى * ما كان حاتم في نهج له نهجا
من آل هاشم من سنوا له سننا * ما أن ترى بينها أمتا ولا عوجا
أقمت في سفح بيروت وفيك غدا * لواء بيروت مسرورا ومبتهجا
كم عزمة لك يوم الروع نافذة * تكاد تختلس الأرواح والمهجا
وقال يرثي الشيخ مهدي ابن الشيخ محمد طه نجف المتوفى في رجب
سنة ١٣١٠ من قصيدة:
قد أدرجوا ما بين برديه الهدى * والمكرمات وكل مجد أتلد
حملوا سريرا ضم أرسخ هضبة * خفت لها اعلام برقة ثهمد
كم قبل لا تبعد وليس بنافع * فيه مقالة واجد لا تبعد
وله معزيا المؤلف بابن عمه السيد جواد:
سكر الشباب وحرص الشيب والأمل * ضلت بنا عندها الغايات والسبل
كم مدلج سادر في فجها فمضى * تهوي به في المهاوي الأينق البزل
أو طالب منهلا يروي الغليل به * فآب ظمآن لم تبرد له غلل
وأوردته سرابا من مناهلها * فراح لا العل يرويه ولا النهل
يمضي على الغي مفتونا بزبرجها * عجلان أدنى سراه الوخد والرمل
ضلت مساعيك يا من راح يطلبها * الو السرى قبل أن يلوي بك الأجل
ولا يغرنك أقوام لها درجوا * على الضلال فان القوم ما عقلوا
ساروا على جهلهم اثر الهوى عنقا * في مهمه جف منه الري والبلل
فأمهل لنفسك ما دام الحراك بها * من قبل أن تقبض الابصار والمقل
تلك القرون المواضي قبلنا درجت * على المنون وفيها يضرب المثل
فاضرب بطرفك في الدنيا وغابرها * تخبرك عن ساكنيها الأعصر الأول
جار الزمان عليهم فاغتدوا رمما * وكلهم من حياض الموت قد نهلوا
آثارهم درستها السافيات فما * فيها لهم علم باق ولا طلل
تهافتوا في ذرى اعلام عزهم * قسرا ولم تحمهم بيض ولا أسل
نجب الليالي جرت فيهم بحلبتها * يحدو بها في السرى الاشراق والطفل
طورا ذميلا وطورا سيرهم عنقا * حتى إذا بلغوا غاياتهم نزلوا
من بعدهم يأمل البقيا بدار فنا * هيهات ضل بما حاولته الأمل
انا ونحن ظلال من حقائقنا * والظل أن قابلته الشمس ينتقل
أو كالخيال بدار الوهم مسرحه * يمتد سانحه ما الوهم متصل
أو سانح الطيف يبقى ما استمر على * رقاده في الدياجي الراقد الثمل
ما أسرع الموت أن تبدو طلائعه * على النفوس وعنها ضلت الحيل
هذا الجواد وقد كنا نؤمله * ظلا على حين لا فيئ ولا ظلل
ناداه داعي القضا فانصاع ممتثلا * وكل حي لداعي الموت ممتثل
مستحكم الرأي ما في رأيه خطل * وصادق القول ما في نطقه زلل
كشاف داجية عن كل معضلة * عن العلى وظلام الشك منسدل
مصمم العزم لم تحلل له عقد * وقاصد السعي لا وان ولا عجل
انف حمي على الأنام لا ضرع * بالمجد مؤتزر بالفضل مشتمل
فلت به نوب الأيام عضب هدى * في حده قد تساوى الجد والهزل
ما شنفت سمعه السؤال يوم ندى * الا وأعطاهم فوق الذي سألوا
ويح النوائب ما هذا الذي صنعت * راحاتها لا عدا راحاتها الشلل
خطب اطل على الدنيا بقارعة * للحشر في مسمع الدنيا لها زجل
ويل أمها نكبة في الدهر طارقة * جلى على مثلها لا تبرك الإبل
كم حرة قد مضت منها على دهش * والدمع من طرفها كالسيل منهمل
تطوى الضلوع على لوعات زفرتها * حري الجوانح ما في ريقها بلل
يا بن الأكارم مذ قوضت مرتحلا * فالهم ثار وصفو العيش مرتحل
والطرف مني بشؤبوب الدموع همي * هيهات يحكيه ذاك العارض الهمل
اني لأذري عليك الدمع من كبد * جرى بها جمرات الوجد تشتعل
لا ساخط للقضا أبكي ولا جزع * من المصاب ولا من وقعه وجل
لكن قلبي أذابته حرارته * وجدا عليك فراح الدمع ينهمل
ما كنت احسب أن ألقاك في ملاء * من الرجال على الأعناق تحتمل
عنا تناسيت ما عوضتنا بدلا * وكل شئ له من جنسه بدل
قد كنت للدهر حلى الجيد من عطل * لما تخليت عنه جيده عطل
أبا محمد لا أودي بك الاجل * ولا غدا لعلا في ثكلك الثكل
أن يعجم الدهر عودا منك عن حنق * فالرمح يناد حينا ثم يعتدل
أو يلبسنك ثياب الحزن آونة * فالنجم يخبو زمانا ثم يشتعل
عهدي بعزمك والاقدار نافذة * أمضى من العضب ما في حده فلل
عهدي بحلمك والأحلام طائشة * عند الهزاهز طود راسخ جبل
قد ينكث الليث ذو الأشبال آونة * من الليالي وفيها يسلم الوعل
والكسف للشمس من دون النجوم * وما أربى على قدرها المريخ أو زحل
هب أن دهاك مصاب لا يقوم به * صبر وكل مصاب عنده جلل
فالصل يقوى إذا ما راح مرتعشا * والليث يضري إذا ما راعه الجفل
ولا يقيم على هم الم به * انف حمي وشهم حازم بطل
لا يثقل الخطب منه متن كاهله * ولا يلم فيه جبن ولا فشل
انا رأيناك فرد الناس واحدها * حامي الحفيظة لا نكس ولا وكل
إذا رأتك العلى هزت معاطفها * وطار بالمجد ايناسا بك الجذل
ولا رأتك المساعي الغر آونة * الا وفيك من الرحمن تبتهل
هذي مساعيك في العلياء قد بزغت * شمسا لها في ذرى آفاقها شعل
يسابق القول منك الفعل والعمل * طبعا وحظ سواك القول لا العمل
لم نلف بين الورى للمجد مأثرة * الا وبرجك في آفاقها الحمل
تجلل المرمل الضاحي بمجهلة * امنا إذا جد فيه الكرب والوهل
وتستحل دماء البدن في حرم * يوم النوال إذا ما استأسد البخل
أن جاذبتك الليالي السود منصلتا * عضبا تدق به أغصانه الذبل
ها أن محسن اهل الفضل سيدها * وأكمل الناس فيه يرتق الخلل
فيه السلو إذا ما رمت تسلية * وإن تفاقم ذاك الحادث الجلل
فصل القضايا إلى لألاء فكرته إن * أشكلت في الورى واستنوق الجمل
ما لف بردته الا على كرم * وهمة في مناط النجم تتصل
حلم عريض الحواشي ليس يهتكه * ذنب المسئ إذا أودي به الزلل
يزداد ذنبا على ذنب فيوسعه * عفوا على سيئات الدهر ينسدل
طول المقام دعاني أن اقصر في * ندب به يحمد التفصيل والجمل
ولا عدا من سحاب العفو غيث حيا * قبرا به قد أقام العلم والعمل ٦٨٨:
الشيخ محمد رضا النحوي ابن الشيخ أحمد بن الحسن الشهير بالشاعر
توفي سنة ١٢٢٦ في الحلة ونقل إلى النجف.
شاعر عصره وأديبه غير مدافع، فاق على أبيه في الشعر، وكان
نحويا لغويا واقفا على اسرار العربية ودقائقها. قرأ على السيد مهدي بحر
(٢٩٣)

العلوم الطباطبائي في علوم الدين. وفي علوم الأدب لا سيما اللغة على
السيد صادق الفحام وانقطع إلى السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي
واختص به وله فيه مدائح كثيرة.
وقال بعضهم في ترجمته: كان أديبا أريبا عالما عاسلا برا تقيا رضيا
مرضيا، له من القصائد الفرائد جمة آه.
ولما توفي والده كتب اليه الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء:
مات الكمال بموت احمد فاغتدى * حيا بأبلج من بنيه زاهر
فأعجب لميت كيف يحيى ظاهرا * بين الورى من قبل يوم الآخر
شعره
قال:
أريحا فقد أودى بها النص والوخد * وقولا لحادي العيس أيها فكم تحدو
طواها الطوى في كل فيفاء ماؤها * سراب وبرد العيش في ظلها وقد
تحن إلى نجد واعلام رامة * وما رامة فيها مرام ولا نجد
وتلوي على بان الغوير ورنده * ولا البان يلوى البين عنها ولا الرند
وتعطوا إلى مرخ الحمى وعفاره * وما بالحمى والمرخ وار لها زند
وتصبو إلى هند ودعد على النوى * ولا هند تشفي ما جنت ولا دعد
وتهفو إلى عمرو وسعد ضلالة * وما عمرت عمرو ولا أسعدت سعد
هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى * وما قصدها حيث اختلفا هوى قصد
فعوجا فهذا السر من سر من رأى * يلوح فقد تم الرجا وانتهى القصد
وهاتيك ما بين السراب قبابهم * فآونة تخفى وآونة تبدو
فعرج عليها حيث لا روض فضلها * هشيم ولا ماء الندا عندها ثمد
ورد دارها المخضلة الربع بالندى * ترد جنة للخلد طاب بها الخلد
وطف حيث ما غير الملائك طائف * يروح على من طاف فيها كما يغدو
وسل ما تشأ من سيب نائلهم فما * لسائلهم الا بنيل المنى رد
هم القوم آثار المعارف منهم * على جبهات الدهر ما برحت تبدو
هم آل ياسين الذين صفا لهم * من المجد برد ليس يسمو له برد
ربينا بنعماهم وقلنا بظلهم * وعشنا بهم والعيش في ظلهم رغد
إليكم بني الزهراء أمت مغذة * عراب المهارى والمسومة الجرد
يفلن بها غور الفلاة ونجدها * فيخفضنا غور ويرفعنا نجد
على كل مرقال زفوف طمرة * بعيدة مهوى الخط يدنو بها البعد
فقبلن أرضا دون مبلغها السما * وسفن ترابا دون معبقه الند
فيا ابن النبي المصطفى وسميه * ومن بيديه الحل في الكون والعقد
إليك حثثناها خفافا عيابها * على ثقة أن سوف يوقرها الرفد
لوينا على ناد أناخ به الندى * والقى عليه فضل كلكله المجد
إلى خلق كالروض وشعه الحيا * يغار إذا استنشقته الغار والرند
ومنعة جار رحت تحمى ذماره * كما مر يحمي غيله الأسد الورد
تباعدت عنكم لا ملالا ولا قلى * ولكن برغمي عنكم ذلك البعد
وجئتكم والدهر عضت نيوبه * علي وعهدي وهي عني درد
إلى كم نعادي من وددناه رقة * وخوفا ويضفي الود من لا له ود
ومن نكد الدنيا على الحران يرى * صديقا يعاديه لخوف عدا تعدو
وأنكد من ذا أن يبيت مصادقا * عدوا له ما من صداقته بد
وفي النفس حاجات وعدتم بنجحها * وقد آن يا مولاي أن ينجز الوعد
فدونكها فضفاضة البرد ما انتمى * بنعتك بشار إليها ولا برد
على أنها لم تقض حقا وعذرها * بان المزايا الغر ليس لها حد
فانعم وقابل بالقبول اعتذارها * فكل اعتذار جهد من لا له جهد
وله:
ذكرت لياليا سلفت بجمع * فبت لذكرها شرقا بدمعي
واذكرني نسيم رياض نجد * معاهد جيرة نزلوا بسلع
وأومض بارق بالجزع وهنا * يترجم عن قلوب ذات صدع
وغرد طائر يملي حديثا * فعذب خاطري وأراح سمعي
بجمع لو تعطفتم قلوب * تبدد شملها من بعد جمع
فمنوا واصلين عقيب هجر * وجودوا منعمين عقيب منع
وله:
حادي الاظعان إن جئت النقا * وثنيات اللوى والأجرع
فاحبس العيس على أطلالهم * وأذل دمعك بين الأدمع
واسأل الركب إذا ما عرضوا * عند وادي المنحنى من لعلع
عن فؤاد ظاعن اثرهم * من غرام هاج بين الأضلع
ليس في الربع لنا من إرب * لا ولا في الدار لي من طمع
غير اني كلما طارحتها * ذكر جيران الغضا لم تسمع
يا أحباء عهدناهم على * سلمات رويت من أدمع
من لقلب بكم فرقته * ولشمل بعدكم لم يجمع
ليت شعري هل زماني راجع * بالحمى هيهات ما من مرجع
ما تذكرت زمانا في الحمى * رق لي الا جفاني مضجعي
يا خليلي خذا لي نظرة * يشتفي فيها فؤاد الموجع
من لقلب وهو نجدي الحمى * متهم في حب ذات البرقع
يا لقلب ظاعن نحو اللوى * ولجسم للمصلى مودع
وله:
أفارقكم لا ملالا لكم * ولكن رجاء لطيب التلاق
فكان بعاد لخوف البعاد * وكان فراق لخوف الفراق
وله معاتبا:
جفوت وكنت لا تجفو ولكن * هي الأيام دولتها تدور
وغيرك الزمان وجل من * لا تغيره الحوادث والدهور
سأصبر ما أطاق الصبر قلبي * فان الحر في الدنيا صبور
وإن الليل يظلم حين يبدو * ويسفر بعده صبح منير
وإن الماء يكدر ثم يصفو * وتخبو ثم تلتهب السعير
وله:
عجبت لمن بالله أصبح موقنا * ويرجو سواه عند احدى العظائم
واعجب من ذا من رأى بدء خلقه * ويعجبه رجع الرفات الرمائم
واعجب من هذين من شك بعد ما * تفكر في إتقان صنع العوالم
أ في الله شك باسط الأرض سبعها * ورافعها سبعا بغير دعائم
وفي اية ما أنت تنظر ناظر * دليلا عليه بالقضايا الجوازم
ودخل الشيخ محمد رضا النحوي على السيد مهدي بحر العلوم
الطباطبائي وقد إبل من مرضه سنة ١١٩٨ فأنشده له:
ولما اعتللت اغتدى العالمون * وكل عليل جفاه الوساد
(٢٩٤)

فلا غرو إن لم يعودوك إذ * مرضت فمن حقهم أن يعادوا
وله في المعنى:
لقد مرض الناس لما مرضت * وما كان ذلك بدعا جليلا
حللت من العالمين القلوب * فلا شخص الا وأمسى عليلا
وأنشده في ذلك:
وقالوا أصابته وحاشا علائه * قشعريرة من ذلك الالم الطاري
أ ما علموا أن تلك من قبل عادة * تعودها مذ كان من خشية الباري
وفيه له:
لقد مرضت فأضحى الناس كلهم * مرضى ولولاك ما اعتلوا ولا مرضوا
ومذ برئت من الاسقام قد برؤوا * فمنك في حالتيك البرء والمرض
وكتب إلى شيخه السيد صادق الفحام:
يا أديبا على الفرزدق قد شاد * باحكام نظمه وجرير
وبسر الحديث آثره الله * فأوفى على علا ابن الأثير
وبعلم اللغات فاق كثيرا * من ذوبها فضلا عن ابن كثير
بك روض الآداب عاد أريضا * ذا غدير يروي الظماء نمير
حجج قصر ابن حجة عنها * ودجى ليلها على ابن منير
حلم قيس وأحنف نجل قيس * طلت فيه الورى ورأي قصير
خلق كالرياض دبجها الطل * بند فعبرت عن عبير
ومزايا لو رمت احصاء ما أوليت * منها لم أحص عشر العشير
فقليلي ولو حرصت سواء * حين أسمو لعدها وكثيري
قد تجشمت خطة لو سما الطرف * إليها لرد اي حسير
عالما انني وإن طال مدحي * وثنائي عليك ذو تقصير
فكتب السيد صادق الفحام في جوابه:
أيها الناقد البصير ولا فخر * فما كل ناقد ببصير
والمجلي لدى السباق إذا صلت * جياد المنظوم والمنثور
والذي قد طوى بنشر بديع النظم * ذكر الطائي دهر الدهور
وغدا ابن النبيه غير نبيه * وتحامى البصيرة البوصيري
يا معيد الذماء من بارع الآداب * بعد انطماسه والدثور
وجوادا للسبق جلى أخيرا * فشأى كل أول وأخير
كيف قلدت في نظامك من لم * يك في العير لا ولا في النفير
وعزم السيد محمد ابن السيد زين الدين على الحج فشيعه السيد
صادق الفحام في رهط من العلماء وتقدم السيد الفحام فالبسه عمامة الطراز
الأخضر مضيفا إليها حلالية وهي الكوفية دسمالا وكان ذلك سنة ١١٨٣
فأنشأ الشيخ محمد رضا النحوي يقول:
سعى ليحج البيت أكرم من سعى * فبورك من ساع لتلك المعالم
وطافت بنو الآداب عاكفة فمن * مزامل سامي ركبه وملازم
ومن حامد منه المساعي وشاكر * ومن ناثر اثنى عليه وناظم
وزر عليه السعد إزرار سالم * وأضفى عليه المجد أثواب غانم
وها هو ذا الكاسي كساء من التقى * كابائه اهل الكساء الخضارم
حلالية زانت طرازا وزانها * ودسمال عز من لبوس الأكارم
حمين ثلاثا فاتفقن بداهة * على الحال تاريخا ثلاث عمائم
وله في قدوم الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء من الحج سنة
١٢١٩:
قدم الحجيج فمرحبا بقدومه * لقدوم من شرع الهدى بعلومه
هو جعفر من كان أحيا مذ نشأ * من دين جعفر عافيات رسومه
مأمونه في سره وأمينه * في شرعه ورديفه في خيمه
وافوا كأنجم أسعد مذ أحدقت * بالبدر أو كالزهر عند نجومه
وردوا الغري فطال إذ وردوا السما * بقدومهم إذ كان عند قدومه
وتود أن لو أبدلته بدرها * عن بدره ونجومها بنجومه
علما بنقص بدورها في أفقها * ومغيب أنجمها خلال غيومه
وتيقنا أن ليس ينقص نورهم * والله أمضى الامر في تتميمه
حث الرواسم للحجاز ولم تزل * مشتاقة لوجيفه ورسيمه
كالغيث كل تنوفة ظمآنة * لغزير وابل ودقة وعميمه
وسعى لحج البيت وهو الحج في * تحليله المعهود أو تحريمه
وبمروتيه وركنه ومقامه * وبحجره وحجونه وحطيمه
ودقيقه وجليله وكثيره * وقليله وحديثه وقديمه
رفعت قواعد حجر إسماعيله * فيه وقام مقام إبراهيمه
وبه الصفا لقي الصفا وتأرجت * ارجاء مكة من أريج نسيمه
وغدت ينابع زمزم وكأنما * مزجت لطيب الطعم من تسنيمه
اهدى السلام إلى النبي وما درى * أن النبي بداه في تسليمه
جزل العطاء فمن ينخ آماله * بشريف طبع من علاه كريمه
ينخ الرجاء بباب غير منهنه * من أم جدواه ولا محرومه
طبعت خلائقه على محمودها * والطبع ليس حميده كذميمه
اما المقال فدق في منثوره * عن كنه معناه وفي منظومه
فليقتنع ذو اللب في تبجيله * بمديح خالقه وفي تعظيمه
ليس المديح يزيد في تشريفه * شرفا وليس يزيد في تكريمه
وإن ادعى أحد بلوع ثنائه * بنثير در صياغه ونظيمه
فانا الذي سلمت اني عاجز * ونجاة نفس المرء في تسليمه
لكن عام قدومه أرخته * قدم السخا والمجد عند قدومه
وارسل اليه الشيخ جعفر هدية وكتب معها:
عذر الحقير إذا قلت هديته * إن الهدايا على مقدار مهديها
فكتب اليه الشيخ محمد رضا:
وافت هديتك الغراء حاملة * شذا نسيمك يذكو في مطاويها
وأعربت عن صفايا الود منك فيا * طوبى لنفس لصفو الود تصفيها
فجل مقدارها عند المحب كما * قد جل بين الورى مقدار مهديها
وجاوزت قدر من وافت وقد عدلت * إذ كنت مهديدها الدنيا وما فيها
وقال مهنئا السيد مهدي بعيد الفطر سنة ١٢١٠
مولاي فيك لنا ذا اليوم عيدان * ثانيهما أول والأول الثاني
وما عليك له في السبق سابقة * ما آدم ورسول الله سيان
العيد يوم وثانيه وثالثه * وأنت في كل آن عيدنا الآني
العيد ذا فضله المعهود فيه بلا * زيادة يتحراها ونقصان

(١) الدسمال المنديل الذي تمسح به اليد فارسي معرب اصله دست ماليدن اي ما يمسح به اليد.
(٢٩٥)

وأنت ما زلت مزدادا إلى شرف * جمعته شرفا في كل ابان
العيد كم عاد في الدنيا بسيئة * ولم تزل عائدا فيها باحسان
العيد يثنيه عيد في فضيلته * وأنت في الفضل فرد ما له ثاني
وكيف يختص باسم العيد منفردا * بالفضل من سائر الأيام والشأن
وكل ما مر من يوم بطلعتك العيد * الجديد برعم الحاسد الشانئ
أن نال فضلا فمن شهر تقدمه * وأشهر أخرت عنه وأزمان
وأنت سدت بنفس منك كاسية * بالحمد عارية من كل نقصان
ونلت ما نلت عن جد ومجتهد * ضما إلى شرف من آل عدنان
ونسبة برسول الله معرقة * حطت برفعتها أعراف كيوان
العيد أصبح عيدا بالورود على * علياك لم يثنه في حالة ثاني
فنال ما نال من قدر ومنزلة * وكم سما برفيع القدر من داني
ليس المفضل لم يدرك حقائق ما * له من الفضل في قاص وفي داني
مثل المفضل عن علم ومعرفة * وشوق قلب إلى العلياء ولهان
فكيف نقرنه بالفضل منك وما * له الذي لك من قدر ومن شان
لكن يرقونه عن قدر رتبته * ظنا بأنكما في الفضل مثلان
لذاك قالوا وأرخنا مقالتهم * مولاي فيك لنا ذا اليوم عيدان
وكان السيد مهدي في زيارة أئمة سر من رأى وذلك في أيام الربيع
فقال السيد:
وأضحكت الخضراء غبراء ارضها * فمغبر وجه الأرض بالنبت مخضر
وأحب ان يدمج هذا البيت في ضمن أبيات تتضمن وصف تلك
الرياض وتنطوي على كشف اسرار بهجة تلك الغياض فقال المترجم:
رد الروض لا تبعث على الروض رائدا * فقد كلل الأقطار بالزهر القطر
وعجها بسامراء فالنجم ناجم * بها وأريض الروض وشعه الزهر
وأضحكت الخضراء غبراء ارضها * فمغبر وجه الأرض بالنبت مخضر
كان نجوم الزهر في جنباتها * وقد فتقت أكمامه أنجم زهر
وقد ضاع نشر المندلي مع الصبا * فلا فطر الا قد أضيع به قطر
وطاب شذا الدنيا كان بعثت به * إليك من المهدي أخلاقه الغر
فتى عشق العلياء عاشقة له * خليلا صفاء ما لوصلهما هجر
فحدث عن البحر الخضم ولا اني * فلا حرج فيما اتيت ولا نكر
تدفق لي والدهر هيمان سيبه * فلا اختشي ظما ومن حولي البحر
وشاهدت ربع الجود ما عنه حاجب * يصد وباب العرف ما دونه ستر
سأشكر لا اني أجازيه نعمة * بأخرى ولكن كي يقال له شكر
واذكر أيامي لديه وطيبها * وآخر ما يبقى من الذاكر الذكر
وكان مع السيد مهدي جماعة من اهل العلم والأدب مشيعين لوالده
لما توجه إلى كربلا وقد طاب سفرهم به حتى لم يجدوا مشقة فابتدر المترجم
قائلا في ذلك:
وركب دعاهم خلوص الهوى * إلى سفر ضم منهم كراما
دعتهم لنيتهم خدمة * لمولى سما في المعالي مقاما
هو الشهم مهدي هذا الزمان * فتى قام فيه الهدى واستقاما
فتى جمع الله فيه الهدى * كما جمع الله فيه الأناما
أتانا زمان مغيب الامام * فكان لنا حين غاب الإماما
إذا سار سار الندى حيث سار * أجل ويقيم الندى ان أقاما
أطافوا به كنجوم السما * أطافت ببدر أصابت تماما
تهاووا عليه فراشا رأى * سراجا ولكن أصابوا سلاما
سروا يخطبون الربى والوهاد * ويطوون غوط الفلا والآكاما
فطورا صعودا وطورا هبوطا * وطورا مقيلا وطورا لماما
نشاوى يميلون فوق الرحال * وما عرفوا غير شوق مداما
تصافوا هوى وتساووا وفي * وكل عن الكل بالحق قاما
كفاهم من السير وعثاؤه * هوى كلما انآد ود أقاما
تراهم وقد سافروا حاضرين * كان لهم في الفيافي مقاما
فلم يدر فرضهم في الصلاة * أقصرا يؤدونه أم تماما
ولما أفاضوا لأوطانهم * وكل بدار علاه أقاما
وأوحش كل أخا وده * وان تخذ القلب منه مقاما
وعانوا اذى السير حال الحضور * وكل بكل من الشوق هاما
تشابه فرضهم في الصلاة * واعيا جميع البرايا مراما
وفي الحضر القصر كان الوجوب * وفي السفر الفرض كان التماما
وقال يمدح السيد مهدي مؤرخا عام وروده من الحج:
أعيد من الحمد المضاعف ما أبدي * واهدي إلي المهدي من ذاك ما أهدي
وليس الهدايا قدر من أهديت له * ولكنها تأتي على قدر المهدي
ولو انني أهديت ما ينبغي له * لسقت له ما في المثاني من الحمد
على أن ذا في ذاك تحصيل حاصل * ولكن ذا جهدي وغاية ما عندي
بدا للهدى بدرا يجلي دجى العمى * وحسبك بدرا من ظلام العمى يهدي
له نسب في آل احمد معرق * كمنظوم عقد الدر ناهيك من عقد
هم القوم ماز الله فيهم عباده * فبين هدى منج وبين هوى مردي
هم القوم لطف الله يرجى بلطفهم * وليس ينال الرشد الا من الرشد
أساريره تبدو سرائر قدسهم * عليها وللآباء ستر على الولد
تأخر عنهم لا لنقص يرده * عن السبق حاشاه عن النقص والرد
ولكن أتى من بعد أن قد تكاملوا * عديدا وكم في ذاك من شرف عد
لكيلا يجور الناس عن قصدهم به * غلوا به والله يدعو إلى القصد
وكيلا يقولوا وهو اهل لقولهم * بعصمته لولا مجاوزة الحد
على أنه لم يجتمع قط نائب * لنا ومنوب عنه من سالف العهد
وكم فيه سر للإله محجب * أبى الله ان يبدو فمن ذا له يبدي
به الغيبة الكبرى تجلى ظلامها * وأشرق في آفاقها قمر السعد
وأعشب واديها ورفت رياضها * وأوراقها عادت لأغصانها الملد
وسار على اسم الله سيرة صاحب * الزمان لبسط العدل والهدى والرشد
ولولا سمات عندنا قد تميزت * لمعرفة المهدي قلنا هو المهدي
عطاء بلا من حباء بلا اذى * سحاب بلا رعد سخاء بلا وعد
حقائق يخفيها وتبدو فحسبها * ظهورا لها ان الاله لها مبدئ
سما الزهد أعلى رتبة بانتسابه * اليه فما في الزهد إذ ذاك من زهد
ولولا علوم بثها لاغتدى الورى * بحالك ليل من دجى الجهل مسود
أضاق فسيخ القول غامض كنهه * فما ذا عسى يبدي المقال بما يبدي
وكيف يحيط الواصفون بنعت من * له سؤدد عد يجل عن العد
وقالوا غلا في المدح فيه وعنفوا * ولاموا لو أن اللوم في مثله يجدي
ولو أنصفوني فيه قالوا مقصر * ولا قصر في باعي ولكن ذا جهدي
ولو أن لي في كل عضو لمدحه * لسانا يبث الحمد قل له حمدي
تعالى به جدي وطالت به يدي * وقام به حظي ودام به سعدي
(٢٩٦)

فشكرا لدهر قد سخا لي به فكم * به من يد للدهر ظاهرة عندي
فمن مبلغ الاحياء عني انني * بلغت به سؤلي ونلت به قصدي
واني قد سيرت فيه شواردا * تجاوزن من قبلي وأتعبن من بعدي
على انني لم اقض واجب حقه * فيا ليت شعري ما اعتذاري إلى المجد
سعى ليحج البيت والحج بيته * فكم عاكف باد معيد الثنا مبدئ
فلو كان يدري البيت من كان أمه * إذن أمه سعيا ولم يأل من جهد
عساه إذا وافاه مستقبلا له * يزيد له بالابن ما كان بالجد
وكر من الركن اليماني راجعا * إلى جده أكرم بأحمد من جد
وقد بان في ارض الغري ظهوره * لذلك قد أرخته ظهر المهدي
وكان المترجم بحضرة السيد مهدي وكان السيد موعوكا فامر ان يؤتى
بعباءة ليلبسها فلما ألبسها قال الشيخ محمد رضا بداهة في المجلس مؤرخا:
يا أيها المولى الذي * ورد الشرائع صافيه
يا من بنشر علومه * أحيا رسوما عافية
وأبان كل خفية * لولاه كانت خافية
وقفا النبي وحق ان * يمسي ويصبح قافية
يا من يضيق البحر بي * لنعوته والقافية
لله كم من نعمة * لله عندك وافيه
بورود عافية اتت * لك من إلهك شافية
وافتك بل كانت * لكل العالمين موافيه
كفي الأنام جميعهم * بكفاية لك كافيه
لبسوا وقد ألبستها * حلل المسرة ضافية
فهناك قد أرختها * ألبست ثوب العافية
وقال مؤرخا عام ولادة السيد رضا ابن السيد مهدي:
بشرى فان الرضا ابن المرتضى ولدا * وانجز الله للاسلام ما وعدا
حبابه الله مهدي الزمان فيا * له هدى متبعا من ربه بهدى
قد طاب أصلا وميلادا وتربته * لذاك أرخت قد طاب الرضا ولدا
وكان السيد صادق الأعرجي المعروف بالفحام في الحلة فكتب اليه
الشيخ محمد رضا النحوي:
اسكان فيحاء العراق ترفقوا * بمهجة صب بالغرام مشوق
ولا تقطعوا كتب المودة والرضا * فقد خانني في الحب كل صديق
واني على ما تعهدون من الوفا * مقيم وان ضاعت لديك حقوقي
فأجابه السيد صادق يقول:
اسكان اكناف الغري عليكم * سلام صديق في الأخاء صدوق
ولا زايلتكم من ثناء نسائم * خوافقها تعتادكم بخفوق
وأمست عليكم مثل ما أصبحت به * بكل صبوح مقبل وغبوق
أ أحباب اخوان الصفاء عتبتم * على مخلص ما وده بمذيق
عتبتم على قطع الرسائل برهة * وذاك لسر فيه غير دقيق
وقلتم بانا قد أضعنا حقوقكم * وما قولكم في حقنا بحقيق
وما كان هذا العتب الا تجنبا * على عاشق من ترهات عشيق
وحاشاي من تضييع حق فان من * أضاع حقوقا عق شر عقوق
ولا سيما حق به سدت انه * يطوق حر النفس طوق رقيق
واني على ما كنت تعهده فما * حقوقك الا في الأداء حقوقي
وحاشاك من ضيم تجر لذي وفا * خلاف خليل بالوفاق خليق
شكوت أناسا بعد ما كنت واثقا * بهم دون من صافاك أي وثوق
فكان الذي قد كان والدهر مولع * بجمع فريق أو بشت فريق
على انها الأيام تذهب بالفتى * طوارقها عدوا بكل طريق
فقد قيل والأقوام فيهن عثرة * بمعتمد في عمدة ابن رشيق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عدو في ثبات صديق
فدع عنك اخوان الزمان ولا تثق * فما عهدهم في ودهم بوثيق
فكم من قريب وهو غير مقارب * وكم من رفيق وهو غير رفيق
واني على ما مر من زمني بهم * يرق ويصفوكم جرضت بريقي
فما العيش من بعد الفراق لذي هوى * بصاف ولا ماء الحيا برقيق
وقد هاج أشواقي إليكم مهيم * على فنن طامي الفروع وريق
أطارحه شكوى النوى فيجيبني * وكم بين عان موثق وطليق
عسى الله ان يرتاح للقرب باللقا * فيجمع شملي شائق ومشوق
وقال يرثي الآقا محمد باقر بن محمد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني
المتوفى سنة ١٢٠٥ مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه السيد محسن الطباطبائي
وميرزا مهدي الموسوي والشيخ جعفر ابن الشيخ خضر الجناحي النجفي:
أغار بآفاق البلاد واتهما * نعي سرى بالرزء فذا وتوأما
فصوبها ملمومة الذيل صوبت * فوارع ثهلان ودكت يلملما
نعى الحسب الوضاح والكرم الذي * أبى الله الا ان يعز ويكرما
نعى لا نعى الاسلام فليقض حسرة * وحزنا على الاسلام من كان مسلما
نعى الباقر العلم الذي طار للعلى * فكان وان كان الأخير المقدما
نعى محيي الدين الحنيف وقد عفا * رسوما وقد أعيت على من ترسما
فأبقى لها ذكرا وأجزى مراسما * والبسها البرد القشيب المرسما
فتى بلغته نفسه كل غاية * فكانت إلى نيل المعالم سلما
أفاد فكانت للصراط إلى الهدى * فوائده في ظلمة الجهل أنجما
تصرم اعمار الدهور وعهدها * جديد على الأيام لن يتصرما
وساء بما ساء النبي وآله * وطاف على الدنيا فخض وعمما
بكته محاريب العبادة شعشعت * أسرته منهن ما كان اعتما
وحن اليه في الظلام تهجد * إذا هوم الساري أبى ان يهوما
وحنت اليه كل وقت خطابة * ذرى منبر صلى عليه وسلما
معالم دين الله خرت فما نرى * لها معلما الا بما ساء معلما
على أنه قد رد من حادث عرى * وهون من خطب الم فألما
وجعجعها موارة الضبع لم تدع * رواسمها في معهد الصبر مرسما
عزاء بشبليه اللذين هما هما * علاء وما ادراك في الفضل ما هما
وما خلفاه فيه من جل سؤدد * وسر له قد كان أودع فيهما
هما خلفاه في الفضائل قدما * وان اخرا ما كان في الفضل قدما
فما كان الا الغيث ثرى على الثرى * فأعقب روضا بالبرود منمنما
وما كان الا الشمس غابت فازدهرت * عشية غابت للهداية أنجما
وحسبك تعزاء بعليا حميمه * علي الذي هام المعالي تسنما
فتى أسفرت أيامه عن موفق * حباه بما شاء الاله وأكرما
وباليافع الرعراع ذي الفضل سبطه * عزاء وكل للمعالي به أنتما
(٢٩٧)

هم القوم دين الله أسس أسه * بهم وقويم المجد فيهم تقوما
تتالوا اليه كالأنابيب قومت * بوشج تتاليها الوشيج المقوما
فأصبح عن أنفاسهم متنفسا * وأعرب عن أخلاقهم متنسما
فيا أيها المهدي يا من بهديه * وارشاده يهدى الأنام من العمى
ومن لم يزل مذ كان في الكون نعمة * بها الله لم يبرح على الناس منعما
ومن ملأ الدنيا علوما وسؤددا * ومجدا وإفضالا وجودا وأنعما
ويا من أسارير الوصي بوجهه * تلوح وعن سر النبوة ترجما
أصبت وقاك الله ما كنت تتقي * بما هد أركان المعالي وهدما
فصبرا وان كان التبصر معوزا * عليه وان كان العزاء محرما
فان الذي قد كان ما زال كائنا * على الناس فرضا منذ كان محتما
وان بمن اضحوا خلائف بعده * عزاء يرد الصدع شعبا ملأما
بقوا وبقيت الدهر في الدهر عدة * لراج وكهفا للشدائد أعصما
ويا موسوي المجد مهدي عصره * ويا من أفذ الجود جودا واتأما
ومن عن مساعيه العظام تبلجت * عظام المساعي في دجى الليل أنجما
ويا جعفر بالاسم والرسم من به * على الناس رب الناس جاد وأنعما
لقد رزئ الاسلام فيما رزيتما * به وأصيب المجد لما أصبتما
وعز على آل النبي محمد * وعترته ما كان عز عليكما
فما مات من قد طبق الأرض فضله * وأعرق بالذكر الجميل واشأما
وان بمن أبقى إلى المجد بعده * عزاء نهى الأحشاء ان تتضرما
فكم بهم من أحوذي مظفر * تقدم للعلياء طفلا فقدما
تقصوا مزاياه فكل لها انبرى * وشاموا سجاياه فكل تشيما
فهم وطدوا ارض العلا فتوطدت * وهم قوموا ركن الهدى فتقوما
قضى الباقر العلم الذي ساء رزؤه * أعالي الصفا والمروتين وزمزما
وطار بقلب الدين تاريخ يومه * على الباقر العلم السماء بكت دما
وقال يرثي سلمان مملوك السيد مهدي الطباطبائي مؤرخا عام وفاته:
لك البقاء فما سلمان حين قضى * الا كسلمان أدي فرضه ومضى
فداك مثل فدا سلمان سيده * كل فدى جوهرا أمسى له عرضا
فاق الرقيق بنفس حرة ويد * بيضاء ما عرقها بالسوء قد نبضا
ساد العبيد كما قد ساد سيده * السادات مضطلعا بالعب ء إذ نهضا
ما خلق عبد بني الحسحاس معترض * خلقا له كانبلاج الصبح معترضا
هيهات ليس بنو الحسحاس كفوء بني * الهادي وما العبد من سلمانهم عوضا
الحب في الله والبغضاء فيه له * خيم فما حب الا فيه أو بغضا
يصفي مودة من أصفى مواليه * ودا ويرفض من للحق قد رفضا
يقضي الصلاة مؤداة الفروض فما * أعاد منها صلاة ساهيا وقضى
ما زال يلهج بالتكبير مفتتحا * حر الكلام وكان الختم حين قضى
فخذ من القول ما ان ترع مجمله * سمعا بين لك من تفصيله الغرضا
جرى على نهج ما قد سن سيده * من رعي ذمتنا قدما وما فرضا
قد كان يمحضنا ود أو قل من الأحرار * من مثله للود قد مخصا
يجيبنا كلما ندعو بتلبية * كم أثلجت كبدا بالشوق مرتمضا
من السفير إلى المهدي ان وفدت * بنو الرجا بعده أو عارض عرضا
من السفير يؤدي ما عليه لهم * قد كان أوجبه مولاه وافترضا
يثنيهم عنه فيما أملوه وكم * قد صرح المخض عن زبد لمن مخضا
لقد أنسنا به والرق يجمعنا * دهرا فأوحشنا حاشاه حين قضى
لقد غرضنا من الدنيا وما أحد * من لذة العيش فيها قبلنا غرضا
قضى الإله علينا بالفراق ولا * مفر مما له الله الحكيم قضى
جرضت بالريق تهيأ ما عليه وكم * مثلي على مثله بالريق من جرضا
كم قد جرضت وما حال الجريض به * دون القريض على حال ولا اعترضا
فقلت ما قلت لا اني أحطت بما * يراد مني ولا أديت ما فرضا
أطلتها لأسري ما امض من * الحزن الطويل فزادتني به مضضا
تبني الأسى عنه لي صبرا فينقض ما * تبنيه عهد على الأيام ما نقضا
أصبحت يعقوبه إذ كان يوسف لي * حبا وأمسيت من تذكاره حرضا
شتان ما بين يعقوب وبيني في * رجا ويأس رماني للضنا غرضا
ما كان الا كظل قد تقلص أو * برق بدا فمضى من بعد ما ومضا
عن كل ماض مضى من شكله عوض * وما نرى عنه من أشكاله عوضا
وقد ينوب عن الماء الصعيد فخذ * عنه الرضا بدلا لو صح منك رضا
قد كان سلمان زهد في الحياة لذا * أرخت سلمان زهد للجنان مضى
نظم حديث جنونان لا أخلاني الله منهما
وقال السيد محمد ابن عمنا السيد مهدي: وجدت في بعض
مسودات جدي السيد علي الأمين طاب ثراه ما صورته: تذاكر يوما الشيخ
محمد رضا النحوي الشاعر والسيد محمد الزيني النجفي الحديث المشهور
عن أمير المؤمنين ع وهو قوله جنونان لا أخلاني الله منهما
الشجاعة والكرم فقالا صدر هذا الحديث صدر بيت من الشعر فليجعل
كل منا عجز الحديث عجز بيت مع بقائه على معناه فقال السيد محمد
الزيني:
جنونان لا أخلاني الله منهما * مدى الدهر ما عشت الشجاعة والكرم
وقال الشيخ محمد رضا:
جنونان لا أخلاني الله منهما * وان أخليا مني الشجاعة والكرم
فبينما هم على هذه الحالة إذ قدم عليهما العم السيد حسين أدام المولى
علاه هو السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى عم جد المؤلف
فطلبا منه ان يكون لهما ثالثا فقال ارتجالا:
جنونان لا أخلاني الله منهما * لأحيى وان مت الشجاعة والكرم
ثم إن العم المذكور نقل لي ذلك وطلب مني ان أكون لهم رابعا
فقلت:
جنونان لا أخلاني الله منهما * لأعقل ما أبقى الشجاعة والكرم
قال ووجدت تحت هذا الحديث بخط الفاضل العلامة السيد كاظم
ابن السيد احمد ابن عم والد المؤلف ما صورته: ومذ وقفت على ما
حكاه العم الجليل السيد علي قلت بديهة:
جنونان لا أخلاني الله منهما * هما الغاية القصوى الشجاعة والكرم
وقال السيد محمد ابن عمنا السيد مهدي المحدث بهذا الحديث: وقد
جرى على لسان القلم حين اطلاعي على ذلك ما لفظه:
جنونان لا أخلاني الله منهما * هما المطلب الأسنى الشجاعة والكرم
وقال العم السيد امين ابن السيد علي الأمين حين اطلاعه على
ذلك:
(٢٩٨)

روى ثقة الأخيار عن سيد الأمم * بان قال في فصل الخطاب من الحكم
جنونان لا أخلاني الله منهما * هما جنتي درعي الشجاعة والكرم
وقال المؤلف لطف الله به:
أتى عن علي المرتضى معدن الحكم * وصي النبي المصطفى سيد الأمم
جنونان لا أخلاني الله منهما * هما منبع العقل الشجاعة والكرم
وقيل إن الشيخ محمد رضا وجد هذين البيتين على بلاطة ولم يعرف
قائلهما وهما:
بالله يا قبر هل زالت محاسنها * وهل تغير ذاك المنظر النضر
ما أنت يا قبر لا روض ولا فلك * فكيف جمع فيك الغصن والقمر
فعرضهما على السيد مهدي الطباطبائي فامر بتشطيرهما فشطرهما
فقال:
بالله يا قبر هل زالت محاسنها * فاليوم عندك من دوني لها خبر
فاشرح لي الحال هل زالت غضارتها * وهل تغير ذاك المنظر النضر
ما أنت يا قبر لا روض ولا فلك * ولا كناس به الآرام تبتدر
فكيف أودع فيك الريم ملتفتا * وكيف غيب فيك الغصن والقمر
ثم امره بتشطير الجميع فشطرها فقال:
بالله يا قبر هل زالت محاسنها * وغيرت حسن ذاك العارض الغير
كانت واخبارها عندي مفصلة * فاليوم عندك من دوني لها خبر
فاشرح لي الحال هل زالت غضارتها * وحال لا حال ذاك المبسم العطر
وهل ذوي قدها أو جف ناضرها * وهل تغير ذاك المنظر النضير
ما أنت يا قبر لا روض ولا فلك * كلا ولا صدف تجلى به الدرر
كلا ولا جنة للحور قد خلقت * ولا كناس به الآرام تبتدر
فكيف أودع فيك الريم ملتفتا * وكيف خلد فيك الحور والحجر
وأودع اللؤلؤ المكنون قعرك ذا * وكيف جمع فيك الغصن والقمر
وقال يهني السيد الطباطبائي بتزويج جديد:
بارك الله بالبناء لباني * المجد باني الجلال باني المعالي
يا له من بناء مجد بناه * للأجلاء منة ذو الجلال
كان اهل السماء والأرض فيه * شرعا في مسرة واقتبال
فلهذا جميعهم أرخوه * زهرة المجد زوجت بالهلال
وله:
أقول وللهوى ولع بروح * أبت الا التردد في التراقي
بنفسي الجيرة الغادين عني * ووجدهم كوجدي واشتياقي
وأيديهم تكفكف يوم بانوا * دموعهم وكفى في آماقي
وهذا قائل هل من سبيل * إلى عود وذا هل من لحاق
وأصفى العاملين هوى حبيب * يلاقي في الصبابة ما يلاقي
الا يا يوم فرقتنا رويدا * فلست إلى تلاقينا بباقي
وكيف أطيق نوما كاد فيه * الفراق أسى يفر من الفراق
وقفنا موقف التوديع سكرى * ولا كاس يدير يمين ساقي
أحب نوى يكون به وداع * وإن كان النوى مر المذاق
نودعكم أحبتنا فانا * نرى أن لا سبيل إلى التلاقي
وأين مساقط العلمين ممن * ثوى ملقى بفيحاء العراق
وله مشطرا:
سقى الله أياما لنا لسن رجعا * وهل راجع ما فات من فارط العمر
وحياز زمانا بالوصل فرعه * علينا وعصر العامرية من عصر
ليالي أعطيت الصبابة مقودي * ووليت سلطان الهوى في الهوى امري
ورحت بألحاظ الظبى الغيد لاهيا * تمر الليالي والشهور ولا أدري
وله:
أ أحبابنا والهوى قاتل * وما فاق في الحب من قد أفاق
وكم واجد مات في وجده * وكم شيق غاله الاشتياق
وكم مظهر حبه جنة * وإن أنفق العمر فيه نفاق
وللعاشقين بأهوائهم * خلاف جرى بينهم واتفاق
وكل له في الهوى مذهب * رآه فطاب لديه وراق
وها أنذا من هوى شفني * وعبء جوى حمله لا يطاق
أفارقكم لا ملالا لكم * واعلم أن ذاك مر الذاق
واجرع بالبعد شوق الفراق * رجاء لابقاء طيب التلاق
فكان بعادا لخوف البعاد * وكان فراقا لفوق الفراق
وكتب اليه السيد سلمان ابن السيد داود الحلي وكان يومئذ في الحلة
معاتبا له على انقطاعه عنه مضمنا:
عهدت حبيبي إن دجى ليل بيننا * سرى يخبط الظلماء والليل عاكف
وعهدي به ما مثله في وصاله * حبيب بأوقات الزيارة عارف
ولا كلفة أو ربية يقتضي لها * أيدخل محبوب على الدار واقف
فكتب اليه في الجواب مشطرا أبياته:
عهدت حبيبي إن دجى ليل بيننا * وما زرت جلاه سنا منه خاطف
فكيف يظن الخل يجفو وكم وكم * سرى يخبط الظلماء والليل عاكف
وعهدي به ما مثله في وصاله * وهجري له عاط إلي وعاطف
يلوم على غب المزار وأنه * حبيب بأوقات الزيارة عارف
ولا كلفة أو ريبة يقتضي لها * عتاب ولا قول لفعل مخالف
وكم قد تعمدت المزار ولم أقل * أيدخل محبوب على الدار واقف
قاله:
بيني وبين الدهر فيك عتاب * سيطول إن لم يمحه الأعتاب
يا غائبا بمزاره وكتابه * هل يرتجى من غيبتيك إياب
لا ياس من روح الإله فربما * يصل القطوع وتقدم الغياب
وكان المترجم مع السيد مهدي الطباطبائي في طريق زيارة سيد
الشهداء مع جماعة من الأدباء والعلماء فبينما هم في أثناء الطريق إذ هبت
ريح وثار عجاج يمنعهم من المسير لاستقباله ويدعوهم إلى السير فرارا من
تراكم أهواله فأمره بنظم هذا المعنى في ذلك الحال فقال على سبيل
الارتجال:
ثار عجاج دوننا حاجز * قد غشي المبصر والسامعا
مقتضيا للسر في منعه * فأعجب له مقتضيا مانعا
وكان معه في جماعة من العلماء والأدباء فكروا راجعين من الزيارة فلما
وردوا الرباط الأول من الطريق وجلسوا فيه وقد اخذ منهم التعب
وأجهدهم النصب امر بتعريب البيت المشهور حيث اقتضت ذلك الحال
فقال الشيخ محمد رضا ممتثلا امره على سبيل الارتجال:
(٢٩٩)

ضعفت من البلوى فأية بقعة * حللت بها كانت من الضعف لي وطن
ومن طول ما أبكي على كل دمنة * مررت بها عادت رياضا لي الدمن
وقال يرثي السيد احمد القزويني جد الأسرة القزوينية الشهيرة في
العراق مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي:
تقادم عهد بالخليط فجدد * ورد على سمعي الحديث وردد مضى ما
مضى من نضرة العيش وانطوى * زمان وما عيش لحي بسرمد
أروح وأغدو من جواه على جوى * يروح على مر الليالي ويغتدي
بقلب على جمر الغضا متقلب * وطرف إذا نام الخلي مسهد
وصبر كمنثور الهباء مفرق * ودمع كمرفض الجمان مبدد
غرام مقيم واحتمال مزايل * وخد روي بالبكا وحشا صدي
عذيري من ماء ونار ترددا * على شبح مثل الخيال مردد
إذا اتقدت من حرما اتقدت جرى * ومهما جرى مما جرى تتوقد
فلا حرها من مدمع بمجفف * ولا مدمع من حرها بمبرد
قضيت بدائي والخليون من أسى * يقولون لا تهلك أسى وتجلد
فيا سعد ساعدني فقد كنت مسعدي * قديما وأنجدني فقد كنت منجدي
لعمرك ما هاجت لواعج لوعتي * لخولة اطلال ببرقة ثهمد
ولا اهل ذاك الخدر لما تحملوا * ولا اهل هذاك الطراف الممدد
ولا بت معمود الفؤاد مدلها * ببهكنة تحت الخباء المعمد
ولكن شجاني اليوم ناع نعى الندى * فأوحش من فقد الندى ذلك الندي
أتى ناعيا لأقرب الله داره * يجوب الفيافي فدفدا بعد فدفد
فاضرم في الأحشاء للبين جمرة * إلى الحشر لا تنفك ذات توقد
وما زالت الأنباء تفجأ بالردى * ويأتيك بالاخبار من لم تزود
تقلص ظل المجد وأغبر ربعه * وأقفر نادي الحمد من بعد احمد
مضى الخضرم الغطريف لا العيش بعده * بغض ولا روض الشباب بأغيد
تولى فلا عين المعالي قريرة * عليه ولا خد الندى بمورد
ولا الجود ممدود الرواقين ظله * ظليل ولا ناديه من بعده ندي
بكته محاريب العبادة وارتدى * عليه بأثواب الشجى كل مسجد
وحنت صلاة الليل لما تذكرت * تهجده أفديه من متهجد
وأمست رسوم العلم عافية الصوى * تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
تولى حميدا وهو في دار غربة * شهيدا من الأملاك طرا بمشهد
لئن غاب عنه الغر من أوليائه * لما غاب عنه الغر من آل احمد
وإن جردوه من ثياب يزرها * فما هو من ثوب العلى بمجرد
وإن شط عن آبائه فهو بينهم * مقيم فلم تشحط نواه ويبعد
لقد نقلته نحوهم فهو راقد * ملائكة الرحمن في خير مرقد
كما قد رآه المرتضى في عصابة * من العلماء الغر في خير مشهد
يجدد عهدا في زيارة جده * علي فيا طوبى له من مجدد
فقال امرؤ منهم أ لم يك قد قضى * وذا قبره فليفتقد فيه يوجد
الا فاكشفوا عن ذا المكان صفيحة * تروه دفينا في صفيج منضد
فأهوى إليها ثم مقتلعا لها * فألفوه ملحودا بأكرم ملحد
فيا لك بشرى عجلت غير ما له * أعد من الاجر المضاعف في غد
فقدنا العلى والمجد يوم افتقاده * ومن يفتقده للمكارم يفقد
فلا غرو إن عاصيت في النوح عاذلي * وخالفت في الحزن الطويل مفندي
فلم تجد الخنساء من بعد صخرها * كوجدي ولا الشماخ بعد مزرد
فيا عبرتي جردي ويا زفرتي اصعدي * ويا مهجتي ذوبي ويا سلوتي أبعدي
ولولا عزائي بالمرجى إذا التوت * خطوب أثابت كل كهل وأمرد
قضى الرزء في اليوم شر قضائه * وقامت بيأس عن وسادي عودي
هو السيد المهدي من بجينة * ونور هداه ساطع النجم يهتدي
فتى عود النفس السماحة والندى * وقال لها جودي بما ملكت يدي
فتى شاد بيت المجد عال دعامه * ولولا علاه لم يكن بمشيد
فتى أحرز المجد الأثيل وراثة * تورثها من جده الطهر احمد
بنى داره للضيف شامخة الذرى * فيا داره إن شئت للنجم فاصعدي
فشكرا لرب خصني بوداده * وانجز لي فيه كما شئت موعدي
أساغ على رغم العواذل مشربي * وأصفى على كيد الحواسد موردي
وأنجح من قبل السؤال مطالبي * وما أخرت حاشا علاه إلى غد
فكم نعمة تمت بها منه نعمتي * وكم من يد من جوده ملأت يدي
فيا ابن النبي المصطفى ووصيه * تعز وإن عز العزا وتجلد
تأس بآباء كرام تقدموا * إلى المجد من آل النبي محمد
تقسمهم صرف الردى فأبادهم * فمن منهم نائي المزار ومنجد
وما أحد من بعد أن اقصد الردى * نبي الهدى في دهره بمخلد
وجدد فدتك النفس صبرا مجددا * على ذا المصاب الدائم المتجدد
وجد غير مأمور على ولده وعد * عليهم بما عودتهم من تودد
وأضف عليهم برد عطفك وافترش * لهم ارض مجد من علاك ومهد
وسددهم منا بتسديدك الذي * متى علقت كف امرئ فيه يرشد
فأنت لهم ما دام فيهم أبوهم * أب إن سطا دهر يجور ويعتدي
وأنت لهم من بعده خلف له * وهم خلف عنه بهديك يهتدي
الا يا بنية حسبكم من أبيكم * أب بنداه ينقع الأمل الصدي
فقوموا له بالأمر والنهي تسعدوا * ومن يتعلق بالسعادة يسعد
وجدوا إلى كسب المعالي وجددوا * مآثر ما طال المدى تتجدد
سقى جدثا وارى معاليه رائح * من المزن محلول النطاقين مغتدي
ولا زالت الأملاك تغشاه بالسنا * فمن ركع تنهى ثناها وسجد
ولا زال ريحان من الله عائد * عليه وروح مثلما عاد يبتدي مضى لا
مضى والحزن عم به الورى * وساء البرايا من مسود وسيد
تنوح عليه الإنس في كل موطن * وتبكي عليه الجن في كل مشهد
وأهل الكساء الخمس وافوا وأرخوا * لقد ثلم الاسلام من فقد احمد
وفي هذا التاريخ فذلكة وهي إضافة خمس اليه مشار إليها بقوله وأهل
الكساء الخمس وافوا وقال راثيا السيد مرتضى ابن السيد محمد الطباطبائي
والد السيد مهدي بحر العلوم وقد توفي سنة ١٢٠٤ ومعزيا عنه ولده المذكور
وفيها تضمين شطور من لامية العجم.
ليس الوقوف برسم دارس الطلل * يشفي من الوجد أو يطفي من الغلل
كلا ولا وقفة بالربع ثانية * يدب منها نسيم البرء في عللي
عدت علي عواد لو رمت جبلا * بما رمتني لهدت ذروة الجبل
فلا ملام إذا ما خانني جلد * مالي بعادية الأيام من قبل
كم قد ثنيت النوى جهدي فما ثنيت * لم يثن كيد النوى كيدي ولا حيلي
أحال نضرة أيامي وأبعدني * عن طيب عيشي وأدناني إلى أجلي
خطب أناخ على الدنيا بكلكله * حتى رمى أهلها بالحادثات الجلل
فما خلا ابدا من همه أحد * فما ترى رجلا الا على وجل
لا در در الليالي كم تكر * على علاتها في العلى بالخيل والرجل
فكم وكم صوبت للسعد من قمر * عال وكم ضعضعت للمجد من جبل
(٣٠٠)

أخنت على المرتضى بن المرتضى ورمت * يا للرجال اسود الغيل بالغيل
ذاك الأغر الذي في الله ما مزجت * بشدة البأس منه رقة الغزل
فكم سرى لطروق الحي من أضم * وقد حماه رماة من بني ثعل
اني لأعجب والأيام ما برحت * تبدي عجائبها من غابر الأزل
من جرأة الدهر يا للناس كيف سطا * بمثله غير هياب ولا وكل
من للمعارف والآداب ما بلغت * منه يداها ومن للفرض والنفل
من للتهجد كم أحيا الدجى سحرا * والليل أغرى سوام النوم بالمقل
قامت نواعي العلى بالنعش محدقة * فهن يتبعنه في كل مرتحل
فما خلت بقعة من فقد فاقده * ولا خلت عقوة من ثكل ذي ثكل
عروا لدى الغسل كاسي الحمد منصلتا * كالسيف عري متناه عن الخلل
لئن غدا عطلا من فضل حليته * فحلية الفضل زانته لدى العطل
عجبت من حامليه انهم حملوا * في نعشه اي طود شامخ القلل
وقد أقلوا وكم في الدهر من عجب * في النعش شؤبوب ذاك العارص الهطل
وكيف يا للملا في النعش قد جعلوا * شمس الضحى بدلا من دارة الحمل
وكيف قد حملوا البحر المحيط على * أكتاف أربعة أعظم بمحتمل
وكيف قد وضعوا الدنيا بجملتها * للغسل يا للبرايا فوق مغتسل
وأدرجوا ببرود اي متزر * بالمجد تشح بالفضل مشتمل
وبالجريدة راموا انسه وله * في قبره مؤنس من صالح العمل
وكيف قد دفنوا شمس الضحى وعدوا * في جنح ليل من الظلماء منسدل
وأودعوا البحر اطباق الثرى ورضوا * من بعد زاخره الثجاح بالوسل
ان غاب عنا فما غابت نوافله * عنا ولا ظله عنا بمنتقل
وكنت من شوقه حيا أخا وله * عليه حلف صبابات أخا وجل
فحال ما بيننا صرف القضاء فما * حالي واعلاقه في القلب لم تحل
وما صبابة مشتاق على امل * من القاء كمشتاق بلا امل
لولا التأسي باهل البيت مت أسى * حزنا عليه وغالتني يد الغيل
وان في الخلف المهدي لي خلفا * عنه ولي بدل ناهيك من بدل
علامة العصر فرد الدهر شمس سماء * الفخر عين المعالي غرة الدول
رنا إلي وعين الدهر مغمضة * ورد حظي وقد ولى على عجل
ومن مصارع دار الحسف أنقذني * حتى استعاد حياتي من يدي أجلي
له خلائق أمثال الرياض ذكت * من طيبها نفحات الرند والنقل
فسر بنا نحو ارض منه قد عبقت * فنفحة الطيب تهدينا إلى الحلل
فإنه خلف عما مضى وكفى * بالروض نفعا عقيب الهيدب الخضل
ولي عزاء بأبناء له اتسقوا * في الفضل مثل أنابيب القنا الذبل
من كل سامي المساعي فاختبره تجد * حالا تروقك بالتفصيل والجمل
صبرا بني المرتضى عنه فان لكم * بجدكم أسوة محمودة السبل
لكل حي وحاشا الله من امد * وان تطاول منه العهد لم يطل
يا راحلا بعده ما جاد صوب حيا * مرعى لراج ولا روضا لذي امل
قد صوحت بعدك الدنيا وزهرتها * وكل عيش قشيب البرد مقتبل
خلفت كل شج تدمى محاجره * شجوا عليك طويل الويل والوهل
قاطعته بالجفا فانصاع فيك أخا * حزن طويل بيوم الحشر متصل
لا يعلق الطيب كفيه ومفرقه * ولا يمسح عينيه من الكحل
عن كل ماض لنا من شكله بدل * ولا نرى لك في الاشكال من بدل
لم ترض رمسا بأرض قد نشأت بها * صيانة عن رخيص القدر مبتذل
فجئت من بلد تسعى إلى بلد * عزت بنجل أمير المؤمنين علي
صدقت قول المعالي وهي صادقة * فيما تحدث ان العز في النقل
وشمت عتد احتضار الروح بارقة * البشرى بظل ظليل غير منتقل
وقد بلغت المنى فيما تؤمله * ونلت أعلى مقام في الجنان علي
وبت جارا كما شاء الرجا لفتى * ينال بالقرب منه منتهى الأمل
فطاب امرك أولاه وآخره والشمس * راد الضحى كالشمس في الطفل
سقى ثراه من الرضوان ذو زجل * يغنيه عن كل وسمي وكل ولي
ولا خلا روض قبر كان روضته * من سيب عفو كمسكوب الحيا هطل
ولا تخطاه من روح الاله صبا * يعتاد مثواه بالاصباح والأصل
لفقدك المجد أمسى وهو ذو وله * باد عليه عظيم الحزن والثكل
هناك قامت نواعيه مؤرخة * لرزئه الوجد أمسى وهو ذو وجل
سنة ١٢٠٤
وقال يرثي الآقا محمد باقر الهزارجريبي مؤرخا عام وفاته معزيا
لولديه متعرضا لذكر السيد مهدي الطباطبائي سنة ١٢٠٥:
قضى الدهر لي أن لا أزال عليلا * أعالج داء في الضلوع دخيلا
على وجنتي من نار وجدي سحائب * يزيد بها قلبي المحيل محولا
لعمرك ما علقت بالغور غادة * ولا رشا بالأبرقين كحيلا
ولا خف بي شوق لناء تطاوحت * نواه ولا ألف أجد رحيلا
ولا تأمني ما تام قبلي بزينب * وجمل نصيبا في الهوى وجميلا
ولا أرقتني في الغصون حمائم * دعون بترداد الهديل هديلا
ولكن شجاني اليوم ماسك مسمعي * والقى به قولا علي ثقيلا
نعي لعمر الله قصر مدتي * وصير حزني ما بقيت طويلا
نعى لا نعى الناعي من ارتبعت به * رياض الهدى واليوم عدن محولا
نعى من بني للمجد أرسى قواعد * فأضحت رسوما بعده وطلولا
نعى الباقر العلم الذي كان بالذي * تقادم من علم النبي كفيلا
له من سمات الأنبياء علامة * تقوم لمن رام الحجاج دليلا
ولكنه ما كان ربك مذ برى * ليبعث من بعد النبي رسولا
نعى زينة المحراب ناشئة الدجى * أشد له وطئا وأقوم قيلا
تقسم آناء الدجى متشطرا * لها غررا تحيا به وحجولا
خلائق أمثال الرياض سقى الحيا * ثراها وحياها النسيم بليلا
وعلم لو الابحار كن لرسمه * مدادا لما بلت لذاك غليلا
وراجح حلم لو يوازيه يذبل * لخر كثيبا للحضيض مهيلا
رعى الله عهدا فيه أزهر ناصعا * وعيشا كمتن المشرفي صقيلا
وحيا الحيا الهطال أيامه التي * هصرت بها عود الزمان ذبولا
فثار لاخذ الثار مني طالبا * تراث قديمات له وذحولا
ليقض الذي يقضي فقد ذهب الذي * إذا صال رد الغرب منه كليلا
خليلي بالود الذي عنه لم نكن * لنعدل ما حج الورى ونحولا
وبالذمة المرعية العهد عاقلت * برسم التصافي مالكا وعقيلا
ألما على رمس له واعطفا بنا * عليه وعوجا بالركاب قليلا
ألما على رمس بكوفان ضمه * فقد ضم مجدا لو دراه أثيلا
ألما بنا نقض حقوقا مضت له * ونشكر صنعا من لدنه جميلا
ونملأ ناديه نواحا ورنة * عليه وواديه بكا وعويلا
ونستاف تربا منه بالمسك عابقا * ونقتبل الأرواح فيه قبولا
ونلقي بمثواه الجباه عفيرة * عليه ونذري الدمع فيه همولا
(٣٠١)

ونأسى على أن لم نكن عنه فدية * وبدلا لو اختار الحمام بديلا
سقى الله مثواه من العفو مرزما * أجش هتون العارضين هطولا
وساق اليه من ملائكة الرضا * قبيلا يلقيه الرضا فقبيلا
فيا أيها المولى الرضا استعمل الرضا * وخفض وان كان المصاب جليلا
عزاء وان كان العزا ليس مجديا * وصبرا وإن لم يغن عنك فتيلا
فما مات من كنت الخليفة بعده * أجل وأخوك المستطاب سليلا
تشيد ما قد شاده من قواعد * وتحيي فروعا ساسها وأصولا
وبالخلف المهدي منه لنا العزا * فانا وجدناه بذاك كفيلا
وكلنا اليه الامر فهو على الهدى * وكيل من الرحمن دام وكيلا
قفا جده المختار فينا فما ترى * له في موازاة الرسول رسيلا
وان بالطاف له وشمائل * لنا عوضا يرضي العلى وبديلا
أعزيك لو أني وجدت إلى العزا * لنفسي إذا رمت العزاء سبيلا
فكم قد حبست النفس للصبر عادلا * بها لو أطاقت نحو ذاك عدولا
ونهنهت دمعي لو تماسك غربه * ولكنه سيب أصاب مسيلا
لقد نابني دهري بمن لو بكيته * دما كان في حكم الوفاء قليلا
رثيت وما أديت ما ينبغي له * قصورا وان أسهبت فيه مطيلا
وهل بعد نعت الله جل ثناؤه * واطرائه من مقول فأقولا
على أنه قد هون الحزن والأسى * وأجمل صبرا عنه ليس جميلا
ان ارتاد من ظل الغريين وارفا * وقال به أكرم بذاك مقيلا
وجاور في الدارين حامي الحمى وقد * تبوأ ظلا في ذراه ظليلا
وباكرت الأملاك مثواه بالذي * يروق لديه بكرة وأصيلا
وهبت له من جانب القدس نفحة * تجر عليه للقبول ذيولا
ونادى مناد في السماء مؤرخا * على الباقر العلم استزاد عويلا
وقال:
لقد كان شيخي في الحديث بقية * من السلف الماضين حتى تقشعوا
فلما مضى مات الحديث بموته * وأدرج في أكفانه العلم اجمع
لعمرك ما للناس في الموت حيلة * ولا لقضاء الله في الخلق مدفع
ولو أن مخلوقا نجا من حمامه * إذا لنجا منه النبي المشفع
تعز به عن كل ميت رزئته * فرزء رسول الله أشجى وأوجع
وقال متغزلا:
وافتك زائرة وهنا وقد رقدت * حراسها وسمير الحي قد هجعا
وظنت الليل يخفى امرها فوشى * بها سنا بارق من ثغرها لمعا
فأوجست رقبة الواشين فالتثمت * وأسلبت ذيل فرع للثرى فرعا
فنم لما مشت جرس الحلي بها * وساطع الطيب من أراد انها سطعا
فعند ما علمت ان التحرز ما * أجدى عليها وان الحذر ما نفعا
وافت جهارا على عين الرقيب وقد * نضت قناعا بغير البدر ما قنعا
وأسفرت فكان الشمس ما غربت * لما بدت وكان الليل ما سفعا
وقالت الحب أعيي من يروم له * كتما وكم كتموا حبا فما نجعا
دع الحسود يقل ما شاء من كمد * اضناه وليصنع الغيران ما صنعا
وأقبلت وأريج المسك يسبقها * والعذل يتبعها بعدا له تبعا
ما للعواذل والمشتاق لا نطقوا * كم يعذلون ولا أصغى ولا استمعا
وبشرتني أهازيج الحلي بها * كالصبح بشر فيه الطير إذ سجعا
يا ليلة أسفرت لي عن بلوع منى * لم يصدع الصبح عنها قط مذ صدعا
ما فات أولها يقتاد آخرها * وأرسلت فرعها الا وقد رجعا
ما كان أقصرها عندي وأطولها * ضدان كيف لعمر الله قد جمعا
تقارن الليل فيها والنهار معا * فأعجب له ممكنا ما زال ممتنعا
عانقت فيها قضيب البان منعطفا * نحوي وطالعت بدر التم قد طلعا
وأطربتني لحون من خلاخلها * برزن شدوا وقد ألفين مستمعا
فيا سقى الله أيام الحمى ورعا * عهد الغواني فما أبقين لي ورعا
فقل لمن قد هجا الخلخال مجتهدا * ولم يكن بالتي تمشي به اجتمعا
لو كنت تسمع إذ تأتيك رنته * طربت شوقا فما وراء كمن سمعا
وقال راثيا الشيخ إبراهيم سليمان العاملي ومؤرخا عام وفاته سنة ١١٩٥
مذ قضى الشيخ وعاشت * بعده الناس يتامى
وتناءى الصبر منهم * عنه والحزن أقاما
وضياء الكون قد عاد * وقد غاب ظلاما
وأتته الحور بالبشرى * وقد نال المراما
وله الجنة أمست * مستقرا ومقاما
قلت في مفرد * تاريخي له بيتا تماما
حاز إبراهيم في الجنات * بردا وسلاما
وقال راثيا له أيضا ومؤرخا عام وفاته:
أ ضريح ما أرى أم روضة * بعثت نشر عرار وخزامي
جدث ضاء به القطر كما * مزق البارق من جنح ظلاما
أيها الزائر قف مستعبرا * ناضحا بالدمع ذياك الرغاما
مهديا في البدء والعود إلى * ذلك القبر صلاة وسلاما
تاليا فاتحة الذكر له * ناعشا بالختم هاتيك العظاما
ثم انشد بعد تعدادك من * فضله تاريخه بيتا تماما
حل إبراهيم في دار علا * وكساه الله بردا وسلاما
وله:
صحا من خمار الشوق من ليس وجده * كوجدي وقلبي من جوى البين ما صحا
وعاد غرامي فيكم مثل ما بدا * وأمسى هيامي مثلما كان أصبحا
أطعت غراما نال مني ولوعة * وخالفت عذالا عليكم ونصحا
وإن لامني فيكم على الوجد لائم * أقام له عذري هواكم وأوضحا
الا فليلم في الحب من لام فالهوى * أبي على اللوام وليلح من لحا
فكم قد سترت الحب والدمع فاضح * وما جرت العينان الا لتفضحا
وكنيث عنكم ان خطرتم بغيركم * فغالبني الشوق الملح فصرحا
وصرت بنوحي للحمام مجاوبا * إذا هتفت ورقاء في رونق الضحى
فتدعو هديلا حين اهتف باسمكم * كلانا به الشوق المبرح برحا
وما وجدت وجدي فتصطبح الجوى * وتعتنق الأشجان ممسى ومصبحا
ولو صدقت بالوجد ما خضبت يدا * ولا اتخذت في الروض مسرى ومسرحا
ولا أوت الأغصان يرقص دوحها * وما أوت الأغصان الا لتصدحا
ولي دونها ألف متى مر ذكره * طحابي لذكراه من الشوق ما طحا
إذا ما تجاهشنا البكا خيفة النوى * وجدنا بدمع كان أسخى واسمحا
وإن أفصح المشتاق عما يجنه * بنطق أفاض الدمع شجوا فافصحا
فيا غائبا ما غاب عني ونازحا * على بعده ما كان عني لينزحا
تقربك الذكرى على الشحط والنوى * وبرح جوى ما كان عني ليبرحا
(٣٠٢)

فأنت معي سر وإن لم تكن معي * جهارا فما أدناك مني وانزحا
فيا لك غصنا بعد ريعانه ذوي * ويا لك روضا بعد ما صاح صوحا
فهل دعوة ترجى وما فات لم يعد * فترأب ما أثا الفراق وتصلحا
فما وجد يعقوب بيوسف إذ بكى * عليه فكم اجرى من الدمع أبطحا
بأعظم من وجدي وشتان بينه * وبيني ولكني أرى الصبر أنجحا
ولي أسوة في آل احمد إذ رموا * وطاح بهم ريب المنون فطوحا
وقال مخمسا قصيدة السيد نصر الله الحائري التي قالها في بناء قبة أمير
المؤمنين ع بالنجف الأشرف:
إلى كم تصول الرزايا جهارا * وتوسعنا في الزمان انسكارا
فيا من على الدهر يبغي انتصارا * إذا ضامك الدهر يوما وجارا
فلذ بحمى امنع الخلق جارا
تمسك بحب الصراط السوي * أخي الفضل رب الفخار الجلي
امام الهدى ذو البهاء البهي * علي العلي وصنو النبي
وغيث الولي وغوث الحيارى
جمال الجمال جلال الجلال * جميل الخصال حميد الخلال
بعيد المنال عديم المثال * هزبر النزال وبحر النوال
وشمس الكمال التي لا توارى
فيا قبة زانها مشهد * لمن فضله الدهر لا يجحد
سنا نورها في الورى يوقد * هي الشمس لكنها مرقد
لظل المهيمن عز اقتدارا
هي الشمس من غير حر يذيب * ولا ضير للمنتأي والقريب
لقد طالعتنا بامر عجيب * هي الشمس لكنها لا تغيب
ولا يحسد الليل فيها النهارا
هي الشمس جلت ظلام العنا * وبشرنا سعدها بالمنى
فلا الليل يسترها إن دنا * ولا الكسف يحجب منها السنا
ولم تتخذ برج نحس مدارا
هي الشمس تبهر في حسنها * وتهدى لذي اليمن في يمنها
وتمحو دجى الخوف في أمنها * هي الشمس والشهب في ضمنها
قناديلها ليس تخشى استتارا
بدت وهي تزهو بتبرية * منمقة أرجوانية
شقيقة حسن شقيقية * عروس تحلت بوردية
ولم ترض غير الدراري نثارا
هوت نحوها الشهب غب ارتفاع * لتعلو بتقبيل تلك البقاع
ولم تر عن ذا الجناب اندفاع * فها هي في قربها والشعاع
جلالها لعينيك در صفارا
عروس سبت حسن بلقيسها * وعم الورى ضوء مرموسها
زهت فزها حسن ملبوسها * بدت تحت احمر فانوسها
لنا شمعة نورها لا يوارى
هي الشمع ضاء بأبهى نمط * وقد قميص الدياجي وقط
كفانا سنا النور منها نقط * هي الشمع ما احتاج للقط قط
ولا النفخ اطفاءه مذ أنارا
جلا للمحب جلا كربه * واهدى الضياء إلى قلبه
ترفرف شوقا إلى قربه * ملائكة الله حفت به
فراشا ولم تبغ عنه مطارا
فيا قبة شاد منها المحل * بعز فتى للأعادي أذل
ولا عجب حيث فيها استقل * هي الترس ذهب ثم استظل
به فارس ليس يخشى النفارا
غمامة تبر جلت غمة * أطلت وكم قد عدت أمة
ومرجانة بهرت قيمة * وياقوتة خلطت خيمة
على ملك فاق كسرى ودارا
عقيق يفوق الحلي في حلاه * غداة تسامى بأعلا علاه
إلى حيدر ليس تبغي سواه * ولم يتخذ غير عرش الإله
له معدنا وكفاه فخارا
فكم قد عرتنا بها زهوة * لدى سكرة ما لها صحوة
فقلت ولي نحوها صبوة * حميا الجنان لها نشوة
تسر النفوس وتنفي الخمارا
فيا لك صهباء في ذا الوجود * تحلت أشعتها في السعود
ترى عندها الناس يقظى رقود * إذا رشقتها عيون الوفود
تراهم سكارى وما هم سكارى
هي الطود طالت بأعلى العلا * ولم ترض غير السهى منزلا
غدت لعلي العلا موئلا * عجبت لها إذ حوت يذبلا
وبحرا بيوم الندى لا يبارى
فيا أيها التبر قدكا استتم * فخارا وركن العلى فاستلم
فما زلت اطلب برهان لم * وكنت أفكر في التبر لم
غلا قيمة وتسامى فخارا
وكيف غدا وهو مستطرف * وبين السلاطين مستظرف
مطل على هامهم مشرف * إلى أن بدا خوفها يخطف
النواظر مهما بدا واستنارا
فثم تسامى إلى نسبة * تسامى وناعلا رتبة
ولم يخش في الدهر من سبة * وما يبلغ الدهر من قبة
بها علم الملك زاد افتخارا
فيا قبة نلت عزا وجاه * وعين النضار بك اليوم تاه
ومع حسنها فهي عين الحياة * ومذ كان صاحبها للإله
يدان يدا نعمة واقتدارا
يرى الركب إن ضل حاديهم * يدا في علاها تناديهم
لها آية الفتح تهديهم * يد الله من فوق أيديهم
بدت فوق سر طوقها لا تبارى
يد ربح البذل في سوقها * ترى البذل أحسن معشوقها
تسامت إلى أوج عيوقها * وقد رفعت فوق سر طوقها
تشير إلى وافديها جهارا
وقال رحمه الله مخمسا قصيدة البردة المشهورة للبوصيري وكان
تخميسها باقتراح بحر العلوم الطباطبائي وصدر تخميسها بهذه المقدمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الممدوح بكل لسان الغني بظاهر محامده عن
الايضاح والبيان بديع السماوات والأرض باسط الفضل في الطول والعرض
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد المبعوث لحفظ النظام المنعوت بما هو
اهله من الاجلال والاعظام وعلى غر آله القماقمة الأكبرين وعلى هر
(٣٠٣)

أصحابه الخضارمة الأنجبيين اما بعد فيقول أفقر العباد إلى رحمة ربه
الغني محمد الملقب بالرضا ابن الشيخ احمد النحوي بصره الله بعيوب نفسه
وجعل يومه خيرا من أمسه اني لما وقفت على القصيدة البديعة الغراء
والفريدة اليتيمة العصماء للشيخ العالم العامل الأديب الكامل الشيخ
الاسلام والمسلمين امام الملة والدين الشيخ أبي عبد الله محمد بن سعيد
الدلاصي المصري البوصيري تغمده الله برحمته ورضوانه وأفاض عليه
شآبيب عفوه وغفرانه وقد سارت بها على تقادم عهدها الركبان وأذعن لها
بالفضل كل قاص ودان وقد تداولتها الرواة وتغنت بها الحداة وتلقتها جميع
الفضلاء والأدباء بالقبول وهبت عليها من قدس الجلال نسمات القبول
والناس بين شارح لغامض أسرارها وكاشف لنقاب أستارها وبين من انبرى
لمباراتها وجرى على النسق لمجاراتها وبين متعرض لها بالتخميس وآخر جانح
إليها بالتدريس وبين من سبع وثمن ونقح ما اشتملت عليه من المحاسن
وكل أفرع في ذلك جهده وما قصر من بذل جميع ما عنده وما ذاك الا لما
انطوت عليه من المحاسن الفائقة واحتوت عليه من المعاني الرائقة مضافا إلى
شرف ممدوحها الذي جادت بما اشتملت عليه من ذكره تراكيبها وحسنت بما
تضمنته من وصفه أساليبها فشرفت لذلك معانيها ولطفت لما هنالك
مبانيها:
فسارت مسير الشمس في كل بلدة * وهبت هبوب الريح في البر والبحر
أحببت أن انتظم معهم في ذلك السلك وأستوي معهم بحمد الله
على ذلك الفلك وأن لم أكن من فرسان هذا الميدان ولا ممن ينبغي له أن يثني
نحو هذه المضائق منه العنان فقد تجمع الحلبة بين السكيت والمجلي واللطيم
والمصلي وقد يتزيا بالهوى غير اهله وتنزع نفس المرء به للسمو إلى غير
محله فجنحت في هذا إلى التسميط راجيا من الله العصمة من الافراط
والتفريط.
ما أن مدحت محمدا بمقالتي * لكن مدحت مقالتي بمحمد
وأسأل الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن يهديني بها
الصراط المستقيم وأرجو ممن وقف منها على ما زلت به القدم أو طغى به
حال جريانه القلم أن يقابل ذلك بالعفو والصفح ويتنكب جادة الاعتساف
بالازراء والقدح فان الانسان محل الخطأ والنسيان وأن أول الناس أول
الناس وكان الفراع من ذلك في يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من رجب
سنة ١٢٠١ قال:
ما لي أراك حليف الوجد والألم * أودى بجسمك ما أودى من السقم
ذا مدمع بالدم المنهل منسجم * أمن تذكر جيران بذي سلم
مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
أصبحت ذا حسرة في القلب دائمة * ومهجة اثرهم في البيد هائمة
شجاك في الدوح تغريد لحائمة * أم هبت الريح من تلقاء كاظمة
وأومض البرق في الظلماء من أضم
نضا لك البين عضبا منه منصلتا * فلست من قيده ما عشت منفلتا
إن كنت تنكر ما بالوجد عنك أتى * فما لعينيك إن قلت أكففا همتا
وما لقلبك إن قلت استفق يهم
واها لصب يراه في الهوى سقم * يخفى هواه ودمع العين منه دم
فكيف يخفى ومنه القلب محتدم * أيحسب الصب أن الحب منكتم
ما بين منسجم منه ومضطرم
تخفي الهوى وتبيت الليل في وجل * حيران طرف بعد النجم مشتغل
تبكي بدمع على الاطلال منهمل * لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل
ولا أرقت لذكر البان والعلم
نمت بسرك عين في الدجى سهدت * وأدمع في مجارى خدك اطردت
وبينات الضنى في الجسم منك بدت * فكيف تنكر حيا بعد ما شهدت
به عليك عدول الدمع والسقم
قد سار سرك في اهل الهوى علنا * وأنت تخفي الذي أضناك منه عنا
وكم نفى عنك عذري الهوى وسنا * واثبت الوجد خطي عبرة وضنا
مثل البهار على خديك والعنم
فكم تنوح على الاطلال والدمن * مجاوبا كل ورقاء على فنن
هل طيف مية ولى عنك بالوسن * نعم سرى طيف من اهوى فارقني
والحب يعرض باللذات والألم
فدع ملامي فليس النفس مقصرة * عن حب مي ولا للصبر مؤثرة
لم يبق لي الشوق للسلوان مقدرة * يا لائمي في الهوى العذري معذرة
منى إليك ولو أنصفت لم تلم
سلمت من دنف عندي ومن سهر * ومن وشاة أداريهم ومن فكر
شتان ما بين حالينا لذي بصر * عدتك حالي لا سري بمستتر
عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
عذلت من صم عند العذل مسمعه * فخل عنه فليس العذل ينفعه
قد قدتني للهدى لو كنت اتبعه * محضتني النصح لكن لست اسمعه
أن المحب عن العذال في صمم
فكم طلائع إنذار وكم رسل * بدت بفودي فما أقصرت من أملي
فكيف تطمع في رشدي بعذلك لي * اني اتهمت نصيح الشيب في عذلي
والشيب أبعد في نصح عن التهم
أيقظت نفسي لأخراها فما يقظت * وواعظ الموت وافاها فما وعظت
فدع زواجر لوم منك قد غلظت * فان امارتي بالسوء ما اتعظت
من جهلها بنذير الشيب والهرم
واها لها بالتصابي قضت العمرا * وما أصاخت لمولاها بما امرا
ولا استعدت لزاد إذ نوت سفرا * ولا أعدت من الفعل الجميل قرى
ضيف الم برأسي غير محتشم
يبشر المرء لو أصغى وينذره * فيما يرجيه في العقبى ويحذره
فساء عندي لسوء الفعل منظره * لو كنت اعلم اني ما أوقره
كتمت سرا بدا لي منه بالكتم
فيا لنفس تمادت في عمايتها * واستبدلت بضلال من هدايتها
فما احتيالي وقد ندت لغايتها * من لي برد جماح من غوايتها
كما يرد جماح الخيل باللجم
نبت فضيعت الدنيا بنبوتها * ومذ كنت ضاعت الأخرى بكبوتها
فان ترد ردها عن غي صبوتها * فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها
إن الطعام يقوي شهوة النهم
ولا تذرها على ما تشتهي هملا * فرب شهوة نفس قربت اجلا
فالنفس طوع الفتى إن جار أو عدلا * والنفس كالطفل إن تهمله شب على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

(١) صبغة الشعر.
(٣٠٤)

أسخطت ربك فيما كنت مقصيه * من صالح وقبيح رحت مدنيه
فان ترد أن يراك الله مرضيه * فاصرف هواها وحاذر أن تواليه
إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
لا تغترر بهداها فهي رائمة * للغي طبعا وللأسواء سائمة
فافطن لها وهي في الطاعات قائمة * وراعها وهي في الاعمال سائمة
وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم خاتلتك وما زالت مخاتلة * توليك قطعا تراها فيه فاضلة
كم زينب عزة بالذل شاملة * كم حسنت لذة للمرء قاتلة
من حيث لم يدر أن السم في الدسم
لا خير في طمع يفضي إلى طبع * ومنظر حسن ذي مخبر شنع
فساو حاليك في ياس وفي طمع * واخش الدسائس من جوع ومن شبع
فرب مخمصة شر من التخم
برتك نفس من الأدواء ما برئت * ولا انبرت لشفاء قط مذ برئت
فانهض إلى برئها لو أنها برئت * واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت
من المحارم والزم حمية الندم
رمتك منك عداة أقصدتك فما * أبقت بقلبك بعد اليوم غير ذما
فكن بطاعة من أنشاك معتصما * وخالف النفس والشيطان واعصهما
وإن هما محضاك النصح فاتهم
فكم أبادا بكيد منهما أمما * ونكسا من أخي علم به علما
فلا تكن لهما في حالة سلما * ولا تطع منهما خصما ولا حكما
فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
فأعجب لآمر قوم غير ممتثل * وعاذل عن هواه غير منعذل
كم قد نصحت وكم في القلب من دغل * استغفر الله من قول بلا عمل
لقد نسبت به نسلا لذي عقم
فيا لقلب تمادى في تقلبه * يؤدب الناس ساه عن تأدبه
أوجبت امرا ولم أعمل بموجبه * امرتك الخير لكن ما ائتمرت به
وما استقمت فما قولي لك استقم
أفنيت أيام عمري الغض كاملة * ولا أرى النفس عما ساء عادلة
لم اثن نفسا إلى الآثام مائلة * ولا تزودت قبل الموت نافلة
ولم أصل سوى فرضي ولم اصم
فكم سهرت الدياجي في العكوف على * ما ليس ينفع لا علما ولا عملا
أبيت ليلي بما لم يغن مشتغلا * ظلمت سنة من أحيى الظلام إلى
إن اشتكت قدماه الضر من ورم
كم قد تعرضت الدنيا له فلوى * عنها العنان وما ألوى لها ولوى
وكم طوى كشحه من لذة وطوى * وشد من سغب أحشائه وطوى
تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
تطلبته وحاشاه بلا طلب * بكل ما في كنوز الأرض من نشب
فصد عما بها من زبرج كذب * وراودته الجبال الشم من ذهب
عن نفسه فأراها أيما شمم
جفته للزهد في الدنيا عشيرته * فما عدت خيرة الرحمن خيرته
قد بصرته بما فيها بصيرته * وأكدت زهده فيها ضرورته
إن الضرورة لا تعدو على العصم
كم صد عن زهرة في روضة وفنن * علما بتلك الرياض الخضر خضر دمن
لم يدعه نحوها ضر وطول شجن * وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من
لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
لوت بمنسبه الأنساب آل لؤي * واستقصت المجد والعلياء آل قصي
وكم محا عن ضريح الحق شبهة غي * محمد سيد الكونين والثقلي
من والفريقين من عرب ومن عجم
كم في نعم قد أفيضت من يديه يد * وكم تنزه في لا واحد أحد
أتى بأمرين كل منهما رشد * نبينا الآمر الناهي فلا أحد
ابر في قول لا منه ولا نعم
هو الشفيع لمن قلت بضاعته * في الصالحات ومن طالت إضاعته
فاعدده للهول إن هالت فظاعته * هو الحبيب الذي ترجى شفاعته
لكل هول من الأهوال مقتحم
دعا فجلى العمى عن وجه مذهبه * كما جلا البدر ليلا جنح غيهبه
دعا ففاز ملبيه بمطلبه * دعا إلى الله فالمستمسكون به
مستمسكون بحبل غير منفصم
كم من نبي مع المختار متفق * في النعت مختلف في الفضل مفترق
فيا نبيا بفضل فيه متسق * فاق النبيين في خلق وفي خلق
ولم يدانوه في علم وفي كرم
به أضاء لموسى في الدجى قبس * فالبحر منفلق والماء منبجس
والكل من نوره للنور مقتبس * وكلهم من رسول الله ملتمس
غرفا من البحر أو رشفا من الديم
هو المثابة ان طافوا أو التزموا * فالبعض ملتمس والبعض مستلم
فهم قيام بما يقضي ويحتكم * وواقفون لديه عند حدهم
من نقطة العلم أو من شكله الحكم
اعلانه وفق ما تخفي سريرته * وسيرة الله فيما شاء سيرته
فهو الصفي لباريه وخيرته * وهو الذي تم معناه وصورته
ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم
ان قال فالدر يزهو في معادنه * أو جال فالليث يسطو في براثنه
مبرء في علاه عن موازنه * منزه عن شريك في محاسنه
فجوهر الحسن فيه غير منقسم
كم حار في كنه معنى ذاته أمم * فالبعض فيه هدوا والبعض فيه عموا
فدع مقالة من زلت به القدم * دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
فكم نوابغ آيات وكم صحف * تروى له خلفا في المجد عن سلف
فانسج لأمداحه ما شئت من تحف * وأنسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وأنسب إلى قدره ما شئت من عظم
كفاه ما من مزيد الفضل خوله * من للورى بالهدي والحق أرسله
فما مقال امرئ بالمدح بجله * فان فضل رسول الله ليس له
حد فيعرب عنه ناطق بفم
كم آية من جاحد علما * قد جل عن قدرها قدرا وجل سما

(١) يقتل (٢) يصيب.
(٣٠٥)

كي لا تضل به لو ناسبت أمما * لو ناسيت قدره آياته عظما
أحيى اسمه يدعى دارس الرسم
وافى بأعجب برهان وأغربه * يرد في صدقه دعوى مكذبه
ومذ دعانا إلى إفصاح مذهبه * لم يمتحنا بما تعيى العقول به
حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم
دنا فشط فأعيا كنهه البشرا * فما أحاط بمعناه امرؤ ودرى
وكلما امتحنوا في ذاته نظرا * أعيا الورى فهم معناه فلست ترى
للقرب والبعد فيه غير منفحم
داني التواضع سامي المجد ذو حيد * فالنفس في صبب والمجد في صعد
فأعجب لمقترب للعين مبتعد * كالشمس تظهر للعينين من بعد
صغيرة وتكل الطرف من أمم
قد هذب الله اعظاما خليقته * ولم ينبه لمعناه خليفته
فكيف يبلغ ذو جهد طريقته * وكيف يدرك في الدنيا حقيقته
قوم نيام تسلوا عنه بالحلم
كم قد تعمق في ادراكه نظر * وأعملت من ذوي فكر به فكر
فما تجدد لا علم ولا خبر * فمبلغ العلم فيه أنه بشر
وانه خير خلق الله كلهم
كم جاءت الرسل الأولى لمطلبها * بحجة شعشعت أنوار مذهبها
فكان من نوره إشراق كوكبها * وكل آي أتى الرسل الكرام بها
فإنما اتصلت من نوره بهم
هم النجوم بها تجلى غيابها * ما حجب الشمس عن عين مغاربها
فلا يقاس بنور منه ثاقبها * فإنه شمس فضل هم كواكبها
يظهرن أنوارها للناس في الظلم
كم شق جيب الدجى من نوره فلق * وعبق الكون من أخلاقه عبق
فالخلق والخلق كل فيه متسق * أكرم بخلق نبي زانه خلق
بالحسن مشتمل بالبشر متسم
خلق وخلق وكل اي مؤتلف * جود وبأس وكل غير مختلف
أعظم بمولى بكل الفضل متصف * كالزهر في ترف والبدر في شرف
والبحر في كرم والدهر في همم
على أساريره سيما بسالته * تلوح كالبدر يزهو وسط هالته
لم يبد الا وفروا من مهابته * كأنه وهو فرد في جلالته
في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كم بالمقال جلا للريب من سدف * وبابتسام محا لليل من سجف
فاللفظ والثغر در اي مرتصف * كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف
من معدني نطق منه ومبتسم
فلذ بقبر به الرحمن أكرمه * ومثل تحريمه للبيت حرمه
والثم ثرى رمسه ان نلت ملثمه * لا طيب يعدل تربا ضم أعظمه
طوبى لمنتشق منه وملتثم
قد شق ميلاده إصباح مفخره * عن واضح المجد سامي الجد أزهره
ومذ ابان الهدى من حين مظهره * ابان مولده عن طيب عنصره
يا طيب مبتدأ منه ومختتم
يوم به نال اهل الحق امنهم * من خوفهم وأحق الله ظنهم
يوم تبين فيه الروم وهنهم * يوم تفرس فيه الفرس انهم
قد انذروا بحلول البأس والنقم
كم ضاق فيهم من الأقطار متسع * فالكل منهم شبح مما عرا جزع
فظل كسرى لديهم وهو منقطع * وبات إيوان كسرى وهو منصدع
كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
كم قد هوت منه نحو الأرض من شرف * هوت بشامخ ما قد كان من شرف
فالجو مضطرب الارجاء من دنف * والنار خامدة الأنفاس من أسف
عليه والنهر ساهي العين من سدم
لقد تمادت على الكفار حيرتها * إذ لم تفدها لغور الماء غيرتها
قد غمها ان خبت عنها نويرتها * وساء ساوة ان غاضت بحيرتها
ورد واردها بالغيظ حين ظمي
فالنار والماء من خوف ومن وجل * قد حال عن طبعه كل إلى بدل
فالنار في صرد والماء في غلل * كان بالنار ما بالماء من بلل
حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم
آيات حق لأهل الزيغ قامعة * منها بروق الهدى في الكون لامعة
فالإنس تلهج والأملاك صادعة * والجن تهتف والأنوار ساطعة
والحق يظهر من معنى ومن كلم
كم بشروا لو يلقون الهدى بنعم * وانذروا لو يعوقون الردى بنقم
لكنهم من عمى لجوا به وصمم * عموا وصموا فاعلان البشائر لم
تسمع وبارقة الإنذار لم تشم
ابدى لهم نبا الأصنام سادنهم * لما هوت فخوت منها مدائنهم
ضاقت على القوم في رحب معاطنهم * من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم
بان دينهم المعوج لم يقم
كم كذبوا ما لديهم فيه من كتب * تعللا بأباطيل لهم كذب
من بعد ما رأوا الآيات من كثب * وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب
منقضة وفق ما في الأرض من صنم
هوت رجوما فوجه الوحي مبتسم * عن أبلج منه شمل الدين منتظم
فكل مسترق للسمع منقصم * حتى غدا عن طريق الحق منهزم
من الشياطين يقفوا اثر منهزم
رموا من النجم منقضا بترهة * قد أبطلت إذ أطلت كل ترهة
فأجفلوا هربا في كل مهمهة * كأنهم هربا ابطال أبرهة
أو عسكر بالحصى من راحتيه رمي
به ابن متى نجا من بعد ما التقما * وفي يديه الحصى تسبيحه علما
لم يرم لكنما الله العظيم رمى * نبذا به بعد تسبيح ببطنهما
نبذ المسبح من أحشاء ملتقم
كم قد هدى أمة ظلت معاندة * وكلما قربت ولت مباعدة
(٣٠٦)

ومذ بغت آية بالصدق شاهدة * جاءت لدعوته الأشجار ساجدة
تمشي اليه على ساق بلا قدم
جاءت وردت بامر منه وانسربت * فقال عودي فعادت مثلما ذهبت
جاءت اليه تخط الأرض واقتربت * كأنما سطرت سطرا لما كتبت
فروعها من بديع الخط في اللقم
لقد دعاها فلبته مبادرة * فردها مثلما جاءته صادرة
لو شاء كانت لعلياه مسايرة * مثل الغمامة انى سار سائرة
تقيه حر وطيس للهجير حمي
قد شق عن قلبه الباري فجلله * نورا وبالقمر المنشق بجله
فليهنأ البدر فالرحمن خوله * أقسمت بالقمر المنشق ان له
من قلبه نسبة مبرورة القسم
وما حكى الله من فضل له عمم * لم يحص عدا بقرطاس ولا قلم
وما روى الخبر من خيم ومن شيم * وما حوى الغار من خير ومن كرم
وكل طرف من الكفار عنه غمي
أقام لا وجلا فيه ولا وجما * أجل وصاحبه مستشعر سدما
فقال لا تبتئس فالله خير حمى * فالصديق في الغار والصديق لم يرما
وهم يقولون ما بالغار من ارم
حام الحمام بباب الغار إذ دخلا * والعنكبوت كسته نسجها حللا
فالقوم من حيرة ضلوا بها السبلا * ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على
خير البرية لم تنسج ولم تحم
نسج العناكب أقوى كل صارفة * للسوء عن فئة بالله عافة
فاستعن بالله في صماء قاصفة * وقاية الله أغنت عن مضاعفة
من الدروع وعن عال من الأطم
شكوت دهري اليه في تقلبه * فكنت غلاب دهري في تغلبه
فدع زماني يضوي في تعتبه * ما سامني الدهر ضيما واستجرت به
الا ونلت جوارا منه لم يضم
فما شكوت عدوا في تردده * بالكيد في يومه نحوي وفي غده
الا ثنى الكيد منه في مقلده * ولا التمست غنى الدارين من يده
الا استلمت الندى من خير مستلم
ينام منتبها للوحي مجمله * وعى كما قد وعى منه مفصله
ان تعرفوا ما به ذو الوحي خوله * لا تنكروا الوحي من رؤياه ان له
قلبا إذا نامت العينان لم ينم
كم في المنام رأى من قبل دعوته * وحيا اتاه وحينا حال غفوته
قد كان بادئ بدء من فتوته * وذاك حين بلوع من بنوته
فكيف ينكر منه حال محتلم
أعظم بمولى لوعي الوحي منتخب * على العيوب امين غير ذي ريب
سبحان مولى له للوحي منتجب * تبارك الله ما وحي بمكتسب
ولا نبي على غيب بمتهم
مولى محل الهدى والرشد ساحته * ومهبط الوحي والأملاك باحته
كم أنعشت ميت املاق سماحته * كم أبرأت وصبا باللمس راحته
واطلقت اربا من ربقة اللمم
مولى له من لباب المجد صفوته * ومن منيع رفيع القدر صهوته
دعت إلى الملة الغراء دعوته * وأحيت السنة الشهباء دعوته
حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
دعا فجللت الدنيا بغيهبها * سحائب قد تجلى صوب صيبها
ثرت على الأرض من منهل هيدبها * بعارض جاد أو خلت البطاح بها
سيب من اليم أو سيل من العرم
كم آية لذوي الالحاد قد قهرت * قد حاولوا سترها جهلا فما استترت
يا لائمي في مزايا منه قد بهرت * دعني ووصفي آيات له ظهرت
ظهور نار القرى ليلا على علم
دعني انظم درا سمطه كلم * قد أحكمت في مباني لفظه حكم
وان تساوت بحاليه له قيم * فالدر يزداد حسنا وهو منتظم
وليس ينقص قدرا غير منتظم
كم طار ذو مقول فيه فما وصلا * وان تجاوز في زعم له وغلا
فليحتقر مدحه وليقصر الأملا * فما تطاول آمال المديح إلى
ما فيه من كرم الاخلاق والشيم
عن فضله السور العظمى محدثة * وللمزايا له والمجد مورثة
قديم فضل له الآيات محدثة * آيات حق من الرحمن محدثة
قديمة صفة الموصوف بالقدم
جاءت تبشرنا طورا وتنذرنا * حرصا علينا وبالعقبى تبصرنا
ومن مصارع عاد كم تحذرنا * لم تقترن بزمان وهي تخبرنا
عن المعاد وعن عاد وعن ارم
أعظم بمعجزة للوعد منجزة * وفية بالمعاني الغر موجزة
لملة الحق ما دامت معززة * دامت فقامت لدينا كل معجزة
من النبيين إذ جاءت ولم تدم
آيات صدق سمت في الصدق عن شبه * كم نبهت من غوي غير منتبه
مبينات فما حق بمشتبه * محكمات فما يبقين من شبه
لذي شقاق ولا يبغين من حكم
كم قد تجلت به للريب من ريب * وكم بصدق بها ردت أخا كذب
ما غولبت قط الا وهي في غلب * ما حوربت قط الا عاد من حرب
أعدى الأعادي إليها ملقى السلم
كم رام ذو فطنة دركا لغامضها * فخاض في لجة أودت بخائضها
وكلما عارضوها في مناقبها * ردت بلاغتها دعوى معارضها
رد الغيور يد الجاني عن الحرم
فكم ينابيع من هدي ومن رشد * روت بريقها المخضل قلب صد
ألفاظ در لعقد النجم مطرد * لها معان كموج البحر في مدد
وفوق جوهره في الحسن والقيم
(٣٠٧)

جاءت وقد طمت الدنيا غياهبها * جهلا فجلى ظلام الجهل ثاقبها
عجائب ضل عنها الدهر حاسبها * فما تعد ولا تحصى عجائبها
ولا تسام على الاكثار بالسام
نور من الله للتبيان أنزله * على نبي هدى بالحق أرسله
ومذ تلا ما تلا منها ورتله * قرت بها عين قاريها فقلت له
لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
كم أيقظت لو دعت لما رعت يقظا * واستحفظت لو أصابت من لها حفظا
فكن بوعظ بها ان تتل متعظا * ان تتلها خيفة من حر نار لظى
أطفأت حر لظى من وردها الشبم
قد فاز ذو مطلب منها بمطلبه * واطلعت بدره من بعد مغربه
كم أزهرت وجه عاص بعد غيهبه * كأنها الحوض تبيض الوجوه به
من العصاة وقد جاؤوه كالحمم
جاءت نجوما لتاليها منزلة * مبينات لواعيها مفصلة
كالشمس نورا وكالعيوق منزلة * وكالصراط وكالميزان معدلة
فالسقط من غيرها في الناس لم يقم
تطلعت ولا حسود الغمر يسترها * بغيا وقد شعشع الأكوان نيرها
فما عليك إذا ما ضل منكرها * لا تعجبن لحسود راح ينكرها
تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم
ان أنكر الصبح ذو حيف وذو أود * فالصبح لم يخف في حال على أحد
قد ينكر الفضل اهل الجهل من جسد * قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
يا خير من امل الراجي سماحته * ومن لجدواه مد الغيث راحته
يا من به يجد المكروب راحته * يا خير من يمم العافون ساحته
سعيا وفوق متون الأينق الرسم
يا من هو النصر في الدنيا لمنتصر * ومن هو الذخر في الأخرى لمدخر
يا من هو الحجة العليا لمزدجر * ومن هو الآية الكبرى لمعتبر
ومن هو النعمة العظمى لمغتنم
ملأت من سيب ما أوعيت من كرم * شعاب مكة من فرع إلى قدم
ومذ دعيت لمرقى اي محترم * سريت من حرم ليلا إلى حرم
كما سرى البدر في داج من الظلم
هوت لاسرائك الأملاك منزلة * واستقبلتك رياح اللطف مقبلة
ولم تزل لك نحو القدس موصلة * وبت ترقى إلى أن نلت منزلة
من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
في ليلة بك جلت جنح غيهبها * إذ نبت عن بدرها فيها وكوكبها
خرت لعلياك من علوي مرقبها * وقدمتك جميع الأنبياء بها
والرسل تقديم مخدوم على خدم
تقربوا بك زلفى في تقربهم * بخدمة لك أدنتهم لمطلبهم
قد كنت إذا وكبوا بدرا لموكبهم * وأنت تخترق السبع الطباق بهم
في موكب كنت فيه صاحب العلم
ما زلت من أفق ترقى إلى أفق * مجاوزا طبقا للقرب عن طبق
شأوت كل أخي سبق بمستبق * حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق
من الدنو ولا مرقى لمستنم
نبهت للقرب والغمر الحسود وقذ * وقد وفيت بميعاد عليك اخذ
ومذ رفعت ومن لم يدن منك نبذ * خفضت كل مقام بالإضافة إذ
نوديت بالرفع مثل المفرد العلم
أدركت من خطر لولاك ذا خطر * ما ليس يدرك في سمع ولا بصر
خصصت بالقرب من باد ومحتضر * كيما تفوز بوصل اي مستتر
عن العيون وسر اي مكتتم
كم جزت في صهوات المجد من حبك * وكم سموت لنيل القرب من فلك
وكم تجاوزت دون الرسل من ملك * فحزت كل فخار غير مشترك
وجزت كل مقام غير مزدحم
كم قد خرقت لما وليت من حجب * وكم رأيت لما أوليت من عجب
فجل نعتك عن نظم وعن خطب * وجل مقدار ما وليت من رتب
وعز ادراك ما أوليت من نعم
مولى به الله رب الفضل فضلنا * وبالعناية دون الناس خولنا
فليهننا ما من البشرى تجللنا * بشرى لنا معشر الاسلام ان لنا
من العناية ركنا غير منهدم
فدع لساني يجري في براعته * بمدح من كل عاص في شفاعته
أكرم بداع كرمنا في اطاعته * لما دعى الله داعينا لطاعته
بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
مولى به الله أضفانا بنعمته * واختصنا واصطفانا اهل ملته
دعا فمذ بلغت انباء دعوته * راعت قلوب العدى انباء بعثته
كنباة أجفلت غفلا من الغنم
كم قد سطا بهم في كل مشتك * للسمر مضطرب الارجاء مرتبك
انى يفرون خوفا من سطا ملك * ما زال يلقاهم في كل معترك
حتى حكوا بالقنا لحما على وضم
أبادهم فقضى بعض بمضربه * رعبا وشالت به عنقاء مغربه
والبعض ضاق عليه وجه مهربه * ودوا الفرار فكادوا يغبطون به
أشلاء شالت مع العقبان والرخم
تفنى الدهور ويبلى الله جدتها * وتستمر ولا يدرون مدتها
ومن حروب أذيق القوم شدتها * تمضي الليالي ولا يدرون عدتها
ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم
إباحة الدين إذ حادوا استباحتهم * بكل غرثان يستقري إجاحتهم
ظمآن أوسع كي يروي جراحتهم * كأنما الدين ضيف حل ساحتهم
بكل قرم إلى لحم العدى قرم
كم قاد أرعن موار بجائحة * يعوم في عباب الآل طافحة
يسطو بشوس مصاليت جحاجحة * يجر بحر خميس فوق سابحة
يرمى بموج من الابطال ملتطم
كم جر نحو العدى من فيلق لجب * ريبط جاش كموج البحر مضطرب
(٣٠٨)

يرمي بشهب كما ينقض من شهب * من كل منتدب لله محتسب
يسطو بمستأصل للكفر مصطلم
كم أنهجوا من سبيل نحو مذهبهم * بحد خطيهم طورا ومقضبهم
وكم وكم شعبوا صدعا لمشعبهم * حتى غدت ملة الاسلام وهي بهم
من بعد غربتها موصولة الرحم
صينت بكل أبى الضيم منتدب * للعز ليس بعزهاة ولا لغب
تنفك في راحة والقوم في تعب * مكفولة ابدا منهم بخير أب
وخير بعل فلم تيتم ولم تئم
لو كنت تشهد إذ كروا تصادمهم * والروح بالنصر لا ينفك قادمهم
رسوا فلست ترى قرنا مقاومهم * هم الجبال فسل عنهم مصادمهم
ما ذا رأى منهم في كل مصطدم
كم أرهقوهم عذابا إذ عتوا صعدا * ومن أرب الردى لم يلق غير ردى
سل خيبرا حين ولى جمعهم بددا * وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا
فصول حتف لهم أدهى من الوخم
الجاعلي الولد شيبا عند ما ولدت * بعاديات عليهم في الحجور عدت
الموردي الشهب لج الموت ما وردت * المصدري البيض حمرا بعد ما وردت
من العدى كل مسود من اللحم
الكاشفين دجى الهيجاء ما حلكت * بكل بيض لأعمار العدى بتكت
والشاكلين ببيض الهند ما فتكت * والكاتبين بسمر الخط ما تركت
أقلامهم حرف جسم غير منعجم
سلاحهم لأعاديهم تحرزهم * بعز مولى به قدما تعززهم
قد مازهم بمزاياهم مميزهم * شاكي السلاح لهم سيما تميزهم
والورد يمتاز بالسيما من السلم
هم الكماة أعز الله نصرهم * وطيب الله طيب الزهر نجرهم
ولم تزل كلما استنشقت عطرهم * تهدي إليك رياح النصر نشرهم
فتحسب الزهر في الأكمام كل كمي
تسنموا صهوات الجرد منتدبا * يهتاج مشتملا بالحزم منتقبا
رسوا فلست ترى نكسا ولا ثئبا * كأنهم في ظهور الخيل نبت ربى
من شدة الحزم لا من شدة الحزم
طافوا بهم فتمنوا للنجا نفقا * في الأرض أو سلما يرقى بهم أنقا
ومذ عدوا وغدا جمع العدا مزقا * طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا
فما تفرق بين البهم والبهم
من كل ندب تبت الشر شرته * شهم أمرت على العلات مرته
يكر مقرونة بالنصر كرته * ومن تكن برسول الله نصرته
وإن تلقه الأسد في آجامها نجم
غوث الولي فما ينفك في وزر * حتف العدو فلم يبرح على خطر
فسرح اللحظ في باد ومحتضر * فلن ترى من ولي غير منتصر
به ولا من عدو غير منقصم
وافى إلى الله يدعو في أدلته * والشرك ظلل كلا في أظلته
ومذ دها الغي مجتاحا بصولته * أحل أمته في حرز ملته
كالليث حل مع الأشبال في الأجم
كفاك بالذكر برهانا لمنتضل * يرد كل دخيل الأصل ذي دخل
فاقصم به كل ذي ريب وذي جدل * كم جدلت كلمات الله من جدل
فيه وكم خصم البرهان من خصم
أمي بعث به أضحت مميزة * تلك العلوم التي ما زلن ملغزة
إن تبغ معجزة للخصم معجزة * كفاك بالعلم في الأمي معجزة
في الجاهلية والتأديب في اليتم
أفنيت عمري وقلبي في تقلبه * يهيم في كل واد من تخيبه
ومنذ بؤت بعاصي القلب مذنبه * خدمته بمديح استقبل به
ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم
صبت على قلبي العاني مصائبه * إذ قد تقلد ما نابت نوائبه
دعني أراقب خوفا ما أراقبه * إذ قلداني ما تخشى عواقبه
كأنني بهما هدي من النعم
دعني أمت ندما إن لم أمت ندما * من غفلة ضاع فيها العمر وانصرما
ومذ عصيت النهي والحلم محترما * أطعت غي الصبا في الحالتين وما
حصلت إلا على الآثام والندم
فيا لنفس تمادت في شرارتها * لا ترعوي عن قبيح من زعارتها
تعتاض عن ربحها أشنى خسارتها * فيا خسارة نفس في تجارتها
لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم
ويا لاسيان ساهي القلب غافله * مستبدل حقه جهلا بباطله
يبتاع عاجله الفاني بآجله * ومن يبع آجلا منه بعاجله
يبن له الغبن في بيع وفي سلم
إن فاتني جل مسنون ومفترض * فان لي من ولاه أيما عوض
فلم أبت قط من ذنب على مضض * إن آت ذنبا فما عهدي بمنتقض
من النبي ولا حبلي بمنصرم
على ولائيه ميلادي وتربيتي * وباسمه كلما نوديت تغذيتي
إن خنت عهدي وميثاقي بمعصيتي * فان لي ذمة منه بتسميتي
محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم
كم من يد لي منه أردفت بيد * أرجوه يشفع يومي مثلها بغدي
مولاي خذ بيدي وأعدل غدا أودي * إن لم تكن في معادي آخذا بيدي
فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
مولى أفاض على الدنيا مراحمه * وذاد من كل ذي اثم مآثمه
تراه يحرم راجيه مغانمه * حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه
أو يرجع الجار منه غير محترم
ألزمت نفسي مذ كانت ممادحه * فما عدمت على حال منائحه
وكم كفاني من دهر جوائحه * ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه
وجدته لخلاصي أي ملتزم
فاهرب إليه بنفس منك ما هربت * إليه إلا ونالت منه ما طلبت
فليس تعدو المنى نفسا له رغبت * ولن يفوت الغنى منه يدا تربت
إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
سمطت بردة مدح في علاه شفت * أديب بوصير فاستوفت علا ووفت
أرجو بها الفوز في العقبى وتلك كفت * ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت
يدا زهير بما أثني على هرم
مولاي عبدك دلاء بمعطبه * خطب أضاق عليه وجه مذهبه
يدعوك والخطب طاح في نصوبه * يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
(٣٠٩)

أشفيت لولاك من ذنبي على عطبي * فكن شفيعي لربي يوم منقلبي
كم عم جاهك من ناء ومقترب * ولن يضيق رسول الله جاهك بي
إذا الكريم تحلى باسم منتقم
فادرأ بجاهك عن نفسي مضرتها * واقمع على نزق فيها معرتها
وسق إليها بداريها مسرتها * فان من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
كم بالرجاء نجت نفس امرئ وسمت * وبالقنوط هوت أخرى وما علمت
كم بين من حرمت يأسا ومن رحمت * يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت
إن الكبائر في الغفران كاللمم
واها لنفسي كم بالعفو يكرمها * ربي الكريم وكم بالذنب أظلمها
فازدد رجاء إذا ما ازداد مأثمها * لعل رحمة ربي حين يقسمها
تأتي على حسب العصيان في القسم
يا رب دعوة راج منك ملتمس * أسير جرم ببحر الذنب منغمس
لولا رجاؤك لم أبرح على يأسي * يا رب فاجعل رجائي غير منعكس
لديك واجعل حسابي غير منخرم
وفك عبدك من ذنب تجلله * بعبء هم ليوم الحشر أثقله
وهب له من جميل الصبر أجمله * وألطف بعبدك في الدارين إن له
صبرا متى تدعه الأهوال ينهزم
وبلغ المصطفى مع كل ناسمة * أعلاق نفس لبعد العهد ناسمة
وجد بمزن ثناء منك ساجمة * وائذن لسحب صلاة منك دائمة
على النبي بمنهل ومنسجم
واشفع به آله من قد زكوا نسبا * به وأصحابه أوفى الورى حسبا
ورنح الكون من أمداحهم طربا * ما رنحت عذبات البان ريح صبا
وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
وله مخمسا هذه الأبيات:
سلي عنكم من ضل عنكم وما اهتدى * عشية آنسنا على ناركم هدى
ومذ عادنا الشوق القديم كما بدا * نزلنا بنعمان الأراك وللندى
سقيط به ابتلت علينا المطارف
عكفنا به والركب للأين جثم * كأنهم طير على الماء حوم
قضوا للكرى حقا ونومي محرم * فبت أقاسي الوجد والركب نوم
وقد أخذت منا السرى والتنائف
صحا كل ذي شوق من الشوق وارعوى * وبت أعاني ما أعاني من الجوى
أعلل نفسي بارعواء عن الهوى * واذكر خودا أن دعاني على النوى
هواها اجابته الدموع الذوارف
تنكر ربع بعد ميثاء ممحل * عفا رسمه العافي جنوب وشمال
أ تعرض عنه العين والقلب مقبل * لها في محاني ذلك الشعب منزل
إذا أنكرته العين فالقلب عارف
وعهدي به والعيش برد منمنم * به وهو للذات واللهو موسم
ومذ هاجني شوق له متقدم * وقفت به والدمع أكثره دم
كأني من عيني بنعمان راعف
وقال مخمسا مقصورة أبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي
المشهورة في مدح الأمير أبي العباس إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن
ميكال وأبيه عبد الله من ذرية فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور وكانا من
رؤساء خرسان ووليا كور الأهواز فارس وخوزستان من قبل المقتدر وكان
ابن دريد مؤدب أبي العباس. فجعلها المترجم في مدح السيد مهدي بحر
العلوم الطباطبائي ويقال أن السيد سال كم أجاز ابن ميكال بن دريد على
هذه القصيدة فقيل بألف دينار فأعطاه ألف تومان ذهبا وذلك سنة ١٢٠٤.
قال:
مذ كان ما لا زال يخشى كونه * وأبيض من وحف القذال جونه
قلت لها والصبر ندعونه * إما تري رأسي يحاكي لونه
طرة صبح تحت أذيال الدجى
كر المشيب حاشدا لجنده * مجردا أبيضه من غمده
فاحتدمت نار الحشا لوقده * واشتعل المبيض في مسوده
مثل اشتعال النار في جزل الغضا
غداف فود بالشباب مغدف * طر بعضب للمشيب مرهف
تمزقت أرجاء تلك السدف * فكان كالليل البهيم حل في
أرجائه ضوء صباح فانجلى
كنت على ذا الدهر صلا صيلما * انقض من إبرامه ما أبرما
أفاض دمعي ما أعانيه دما * وغاض ماء شرتي دهر رمى
خواطر القلب بتبريح الجوى
لما غدا الزمان لي مناويا * وناشرا ما كان قبلي طاويا
حقائق القصف غدت دعاويا * وآض روض اللهو يبسا ذاويا
من بعد ما قد كان مجاج الثرى
لما تنادوا للرحيل غدوة * وأبدلوني بعد بري جفوة
ألانني البين وزاد قسوة * وضرم الناي المشت جذوة
لا تأتلي تسفع أثناء الحشا
لما جفا من لم يعودني جفا * وخانني من كنت أصفيه وفا
فر الكرى وطيفه منصرفا * واتخذ التسهيد عيني مألفا
لما جفا أجفانها طيف الكرى
جوى ووجد دائم وسهر * ومدمع من الحشا منحدر
إن لم يكن عن بعض ذا مصطبر * فكل ما لاقيته مغتفر
في جنب ما أسأره شحط النوى
جار علي البين لما حكما * ولم يدع لحما لجسمي ودما
فلا تلمني إن قضيت ألما * لو لابس الصخر الأصم بعض ما
يلقاه قلبي فض أفلاذ الصفا
فكم وقوف بالربوع والدمن * تسألها فيمن بلاها ولمن
ذويت فأربا بالذماء وأسلمن * إذا ذوي الغصن الرطب فاعلمن
إن قصاراه نفاذ وتوى

(١) هذا البيت هو أول القصيدة وأما مركب من أن الشرطية وما الزائدة وترى مجزوم بأن وجواب
الشرط قوله فكل ما لاقيته مغتفر الخ.
أما ما أشتهر أن أول القصيدة هذا البيت.
يا ظبية أشبه شئ بالمهى * ترعى الخزامي بين أجراع النقي
فغير صحيح بل إن ابن الأنباري زاد في أول القصيدة هذا البيت مع عدة أبيات كما نبهنا
عليه في ترجمة ابن دريد " المؤلف ".
(٢) حدتي.
(٣) الذماء بقية النفس بسكون الفاء.
(٣١٠)

تامت فؤادي يوم بانوا رخصة * وهنانة بي في الهوى مختصة
ومذ غذتني من لماها حصة * شجيت لا بل أجرضتني غصة
عنودها اقتل لي من الشجى
نهنهت غرب مدمعي عن عودي * خوف سعاة في الهوى وحسد
حميته لو كان قلبي في يدي * إن يحم عن عيني البكا تجلدي
فالقلب موقوف على سبل البكا
واحربا من حادث لي هجما * أحالني بعد وجودي عدما
ما خلت أن يروع روعي حلما * أو كانت الأحلام ناجتني بما
ألقاه يقظان لأصماني الردى
صوب نفسي الدهر في هضابها * إلى حضيض القرب من شعابها
هيهات إن أغضي على مصابها * منزلة ما خلتها يرضى بها
لنفسه ذو أرب وحجى
فكم يشوق خاطري شائقه * للامع يطمعني خافقه
أكذب ما يروقني رائقه * شيم سحاب خلب بارقه
وموقف بين ارتجاء ومنى
فكم وكم يشنفني ترحل * ومن حمى إلى حمى تنقل
منازل فيها الوبا لي منزل * في كل يوم منزل مستوبل
يشتف ماء مهجتي أو مجتوى
أكابد الصراء والضراء لا * أرى بحال عنهما لي حولا
لم يدر إن لم يدن مني أملا * ما خلت إن الدهر يثنيني على
صراء لا يرضى بها ضب الكدى
فكم أفي ولا يفي بما ضمن * وكم يمين جاهدا ولم أمن
إن رمت عيشا وبه مثلي قمن * أرمق العيش على برض فان
رمت ارتشافا رمت صعب المنتسا
قاطعني وكان دهرا واصلا * وجار في الحكم وكان عادلا
فكم أقول آيسا لا آملا * أراجع لي الدهر حولا كاملا
إلى الذي عود أم لا يرتجى
فكم تجد بالأذى وتجتهد * وكم تريد جاهدا ما لم أرد
كم أطلب العتبى وعتبي لم يفد * يا دهر إن لم تك عتبي فاتئد
فان اروادك والعتبى سوى
أقصيتني من بعد ما أدنيتني * ومثل بري النبع قد بربتني
إن تتلاف ما به أضنيتني * رفه علي طالما أنضيتني
واستبق بعض ماء غصن ملتحى
كم قارعتني للردى قوارع * وأوقعت بي للعدى وقائع
أضرع للبلوى وربي مانع * لا تحسبن يا دهر أفي ضارع
لنكبة تعرقني عرق المدى
إن تقس ما تقسو علي لم ألن * أو رمت دون الله وهني لم أهن
فان تمارس من من الشكوى امن * مارست من لو هوت الأفلاك من
جوانب الجو عليه ما شكا
لم أدره أعطى المنى أم أخذا * وقرة للعين أم كان قذى
لا اختشي كيدا له ولا أذى * لكنها نفثة مصدور إذا
جاش لغام في نواحيها عمى
ما لي وللدهر لحربي نهضا * أسخطني وانصاع يستام الرضا
إن لم أكن أرضى اختيارا ورضا * رضيت قسرا وعلى القسر رضا
من كان ذا سخط على صرف القضا
ما الملوان للبرايا أمليا * إلا ومنهم كل ربع أخليا
لا تغترر يوما بما قد أوليا * إن الجديدين إذا ما استوليا
على جديد أدنياه للبلى
لم يبق في العيش لنفسي مطمع * وقد خلت من القرون أربع
فلا تلمني والغرور موقع * ما كنت أدري والزمان مولع
بشت مكموم وتنكيت قوى
إن الزمان مبدلي عن قوة * وهنا ومنعا منه عن فتوة
لم أدر لما غراني بصوة * إن الزمان قادني في هوة
لا تستبل نفس من فيها هوى
كم قد عثرت قبلها فعجلت * إقالتي وكم لعالي سلسلت
يا عثرة بي ما بقيت اتصلت * فان عثرت بعدها إن وألت
نفسي من هاتا فقولا لالعا
يا عثرة ان أصبحت مبتولة * بفيصل من ربها مفصولة
هونتها وان دهت مهولة * وان تكن مدتها موصولة
بالحتف سلطت الأسى على الأسى
كم رقرق الدهر سرابا بعدي * فغر فيه صاديا زاد صدى
كم خان قوما ولواهم موعدا * ان امرأ القيس جرى إلى مدى
فاعتاقه حمامه دون المدى
وهز زيد للمعالي أسسه * فقلب الدهر عليه ترسه
قد صير الجذع اليبيس رمسه * وابن الأشج القيل ساق نفسه
إلى الردى حذار إشمات العدى
وابن طريف الطرف النفس لوى * عنانه للملك خفاق اللوى
فاعتامه توا ففاجأه التوى * وخامرت نفس أبي جبر الجوى
حتى حواه الحتف فيمن قد حوى

(١) ناعمة.
(٢) متثاقلة.
(٣) الروع بالضم القلب.
(٤) صخرة ملساء.
(٥) جمع كدية.
(٦) أعطى بقدر سد الرمق.
(٧) ماء قليل.
(٨) من النسيئة.
(٩) امهالك.
(١٠) مأخوذ قشره.
(١١) رمى بلغامه.
(١٢) رجع وانفتل.
(١٣) أحجار توضع علامة للطريق.
(١٤) حفيرة ضيقة الرأس متسعة الأسفل.
(١٥) كلمة تقال للعاثر.
(١٦) ناحية من الأرض.
(١٧) ابن علي بن الحسين (ع)
(١٨) في نسخة كتبت في عصر الناظم أسه اي قلبه وخاطره.
(١٩) قلب له ظهر المجن (٢٠) قبره.
(٢١) عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي وأمره معروف.
(٣١١)

واصلت الوضاح عزم مصلت * لخطبة الزباء بعد الخطبة
فاعترض الحين بسهم مثبت * واخترم الوضاح من دون التي
أم لها سيف الحمام المنتضي
ومصعب كم ارتقى مصاعبا * تبلغه من المنى مآربا
فرده الحط كردي خائبا * وقد سما قبلي يزيد طالبا
شاو العلى فما وهي ولا ونى
قد ركب الأبلق والازدحشد * وقاد من احلافها ما لم يقد
وجد ظنا ان من جد وجد * فاعترضت دون الذي رام وقد
جد به الجد اللهيم الاربى
ساوقت في الجد اسودا حفلا * فصلت الأنباء عنهم جملا
لست بما ناب زماني أولا * هل انا بدع من عرانين علا
جار عليهم صرف دهر واعتدى
جاري لعمر المجد جار منقذ * معتصم بمقصد ذي قذذ
أسهر في رأبي له طرفي القذي * فان أنالتني المقادير الذي
أكيده لم آل في رأب الثأى
دعني أخض للوتر في غماره * مؤججا نحو السما لناره
فان مثلي لم ينم عن ثاره * فقد سما عمرو إلى أوتاره
فاحتط منها كل عالي المستمى
وفي قصير بالذي له ضمن * منها لعمرو وهو بالوفا قمن
فطار للثار مجدا لم يهن * واستنزل الزباء قسرا وهي من
عقاب لوح الجو أعلى منتمي
وهلهلت مهلهلا عزمته * لكشف عار وصمت وصمته
لقد وفت بما وأت ذمته * وسيف استعلت به همته
حتى رمى أبعد شاو المرتمى
طار إلى كسرى فكر راجعا * بوهرز يقودها طلائعا
فصك مسروقا فخر واقعا * وجرع الأحبش سما ناقعا
واحتل من غمدان محراب الدمى
وابن عباد هزه سلطانه * للثار من تغلب واعتنانه
عاثت بهم فافترسوا فرسانه * ثم ابن هند باشرت نيرانه
يوم ارارات تميما بالصلى
ما زلت بالله العظيم عصمتي * من كل ما يشفني عن وصمه
وبالذي لي عنده من ذمة * ما اعتن لي ياس يناجي همتي
الا تحداه رجاء فاكتمى
كم نعمة تنثال لي عن نعم * منه وكم أكرومة عن كرم
وكم ابر منه برا قسمي * الية باليعملات يرتمي
بها النجاء بين اجواز الغلا
منبريات تحت كل منبري * محتذيات بنجيع احمر
ميل الهوادي بلغام أكدر * خوص كأمثال الحنايا ضمر
يرعفن بالأمشاج من جذب البرى
تنفي شرارا بالحصى مقتدحا * تكسو به الليل البهيم الوضحا
سفائن البر إذا البر طحا * يرسبن في بحر الدجى وفي الضحى
يطفون بالآل إذا الآل طفا
يخضن من آل الموامي لججا * من خاضها لم يلق منها مخرجا
وكم رسمن منهجا فمنهجا * أخفافهن من حفا ومن وجا
مرثومة تخضب مبيض الحصى
يقرين كل نفنف فنفنف * متصل بمتلف فمتلف
من تحت قاصف مقصوصف * يحملن كل شاحب محقوقف
من طول تدآب الغدو والسرى
أدمعه مغرقة أجفانه * يكف شانا ان يبين شانه
يبر من إيمانه إيمانه * بر برى طول السرى جثمانه
حتى غدا كالنبع محني القرى
مسود من سادة سادوا على * من مر في ماضي القرون أو خلا
يجوب في التدآب اجواز الفلا * ينوي التي فضلها رب العلى
لما دحى تربتها على البنى
ان تن عيسى خف شوق ارملا * أو تنأ أدناها له تخيلا
كم رد دمعا للنوى تهللا * حتى إذا قابلها استعبر لا
يملك دمع العين من حيث جرى
ناب لامر ربه مسلما * ونفسه إلى البلاء مسلما
ملبيا يطوي الفجاج محرما * ثمة طاف وانثنى مستلما

(١) جذيمة الأبرش.
(٢) ماض في الأمور.
(٣) ابن الزبير.
(٤) ابن المهلب بن أبي صفرة
(٥) جواد له.
(٦) الداهية.
(٧) شابهت.
(٨) رجل يضرب به المثل في حسن الجوار وفيه البسوس يوم كليب:
لعمرى لو أصبحت جار لمنقذ لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي
(٩) اقصد السهم إذا قتل مكانه.
(١٠) اصلاحي.
(١١) أريده.
(١٢) ابن أخت جديمة.
(١٣) هواء الجو.
(١٤) حركت.
(١٥) وعدت.
(١٦) عهده وكفالته.
(١٧) ابن ذي يزن.
(١٨) رئيس الجيش الذي وجهه معه كسرى إلى اليمن لاستنقاذ ملكه من مسروق بن ابراهة.
(١٩) جمع دمية وهي الصور المنقوشة في قصر غمدان.
(٢٠) الحارث بن عباد يوم وقعة وليب وقد قتل مهلهل ولده بحيرا فثار لثأره وقال.
قربا مربط النعامة مني * قرباه وقربا سربالي
(٢١) تعرضه لثأره.
(٢٢) عمرو بن هند.
(٢٣) موضع.
(٢٤) عرض
(٢٥) اعترضه
(٢٦) اختفى.
(٢٧) أخلاط الدم واللغام.
(٢٨) ضوء الصبح.
(٢٩) انبسط
(٣٠) السراب
(٣١) مخلوطة بلون غير ألوانها وهو الدم
(٣٢) يقصف بعضهم بعضا من الازدحام قال النبي (ص) أنا فرط القاصفين إلى الجنة " ١٠ " الرمل
نوع من السير.
(٣١٢)

ثمة جاء المروتين فسعى
كم خاض من طافي السراب غمرة * أذكت له بين الضلوع جمرة
وكم رمى بالحصيات جمرة * وأوجب الحج وثنى عمرة
من بعد ما عج ولبى ودعا
أجاب داعي الله لا يلوي على * ما ليس يرضى من علا رب العلى
لبى قديما من أ لست وبلى * ثمة راح في الملبين إلى
حيث تحجي المأزمان ومنى
اصغي إلى داعي الفلاح منصتا * فراح اما قانتا أو مقنتا
قام بما كان لها مؤقتا * ثم اتي التعريف يقرو مخبتا
مواقفا بين الألال فالتقى
أجهد نفسا ما آلته جهدها * فيما سيعلي جده وجدها
طاف طوافات تعدى عدها * واستأنف السيبع وسبعا بعدها
والسعي ما بين العقاب والصوى
جد على المبيت فيها واجتهد * ليالي التشريق طوعا واعتمد
وحل للتحليل فيها ما عقد * وراح للتوديع فيمن راح قد
أحرز أجرا وقلى هجر اللغا
لست امرأ عن قسطه قد قسطا * ولا كمن يحنث مهما احلطا
ما قسيمي اني تحدث شططا * بذاك أم بالخيل تعدو المرطى
ناشرة اكتادها قب الكلى
سلائل من ضمر سلائل * يعمن في بحر نجيع سائل
من تحت كل قشعمي صائل * يحملن كل شمري باسل
شهم الجنان خائض غمر الوغى
يقظان لا يغضي بها على قذى * عن وتره الموتور حتى يؤخذا
لا يختشى للحرب نارا واذى * يغشى صلى الموت بخديه إذا
كان لظى الموت كريه المصطلى
أشم للشم العرانين انتمى * آل النبي يا له من منتمى
مارد عن قرن له وأحجما * لو مثل الحتف له قرنا لما
صدته عنه هيبة ولا انثنى
كم خاض للموت الزؤام لجة * ورج في الله البلاد رجة
لو شاء افنى الملحدين ضجة * ولو حمى المقدار منه مهجة
لرامها أو يستبيح ما حمى
القى إليه الله مذ أقره * من كل شئ نفعه وضره
ولم يزل منذ ابان امره * تغدو المنايا طائعات امره
ترضى الذي يرضى وتأبى ما أبى
بهم يميني ويمين من وصل * إلى المعالي وبهم قد اتصل
اضرب غيري قائلا فيما أمل * بل قسما بالشم من يعرب هل
لمقسم من بعد هذا منتهى
ما قسمي الا بمن تنزلا * عليهم القرآن فيما انزلا هم الألى ان طاولوا طالوا الملا * هم الألى ان فاخروا قال العلى
بفي امرئ فاخركم عفر الثرى
شم الأنوف منذ خروا سجدا * اضحوا ملوكا حين صاروا أعبدا
هم الألى قد أوضحوا سبل الهدى * هم الألى أجروا ينابيع الندى
هامية لمن عرى أو اعتفى
هم الألى قد أنبطوا بحر السخا * في شدة من الزمان أو رخا
هم الذين أرغموا من شمخا * هم الذين دوخوا من انتخى
وقوموا من صعر ومن صغا
هم الذين سجلوا من ساجلوا * وأدركوا من غاية ما حاولوا
هم الذين نضلوا من ناضلوا * هم الذين جرعوا من ما حلوا
أفاوق الضيم ممرات الحسا
قد اعتصمت من ظبي مسنونة * بالله في درع له حصينة
أفتأ مل ء جنة مصونة * أزال حشو نثرة موضونة
حتى أوارى بين أثناء الجثى
أجنني ما عشت في مجنه * من لم يزل للعبد عند ظنه
أخشى وقد أرقدني في أمنه * وصاحباي صارم في متنه
مثل مدب النمل يسعى في الربى
عضب متى جردته لعضبه * دبت سموم الموت في مدبه
تحتدم النيران في مهبه * كان بين عيره وغربه
مفتأدا تآكلت فيه الجذا
لم يبد الا ان يشام سره * كالزند عند القدح يبدي شره
ان شق عن ليل الفتام فجره * يرى المنايا حين تقفو اثره
في ظلم الأكباد سبلا لا ترى
ان باكرتك أزمة باكرها * أو بادرت بادرة بادرها

(١) مطيل القيام في الصلاة ومداوم الحج والدعاء.
(٢) يقصد. (٣) جبل. (٤) العقبات. (٥) جمع صوة أحجار توضع علامة في الطريق.
(٦) مال جائرا.
(٧) اقسم.
(٨) بابل الحجاج.
(٩) بخيل المجاهدين.
(١٠) نوع من العدو.
(١١) مرتفعة.
(١٢) جمع كند وهو ما بين الكاهل والوسط.
(١٣) القشعم الأسد.
(١٤) الكريه أو المجهز.
(١٥) عرى واعتفى طلب المعروف.
(١٦) ذللوا.
(١٧) تكبد.
(١٨) ميل الخد.
(١٩) الميل.
(٢٠) غلبوا في المساجلة.
(٢١) غلبوا في المناضلة.
(٢٢) من المماحلة ومنه قوله تعالى شديد المحال.
(٢٣) جمع جثوة وهي تراب القبر.
(٢٤) لقطعه.
(٢٥) تصدم.
(٢٦) مهزه.
(٢٧) الناشز في الوسط.
(٢٨) حده.
(٢٩) تنورا.
(٣٠) اكل بعضها بعضا.
(٣١) جمع جذوة.
(٣٢) يجرد.
(٣١٣)

كم شبح من قاهرة قاهرها * إذا هوى في جثة غادرها
من بعد ما كانت خسا وهي زكا
ووافض يعدو الرياح وفضه * أبوض عدو كالشهاب أبضه
عبل الشوى يفري الأراضي ارضه * ومشرق الأقطار حاظ نحضه
جائي القصيري جرشع عرد النسأ
مندمج الأعضاد ممغوط الخطأ * يختبط الظلماء مأمون الخطأ
هضيم لوح الكشح حاظي الممتطا * قريب ما بين القطاة والمطا
بعيد ما بين القذال والصلا
فقل بموار العنان شيظم * مطهم يعزى إلى مطهم
نهد القرى صافي الثلاث ارثم * سامي التليل في دسيع مفعم
رحب اللبان في أمينات العجا
ما زال في الهجاء في مئنة * يوطئني كل جبهة وسنة
يستن في قوائم مستنة * ركبن في حواشب مكتنة
إلى نسور مثل ملفوظ النوى
خص من الجياد في أكرومة * إلى خلال عنده معلومة
ان هجس الطارق في ديمومة * يدير اعليطين في ملمومة
إلى الموحين بألحاظ اللائ
قد زانه يوم الطراد كره * ولم يشنه يوم فر فره
رحب الثلاث متألب صدره * مداخل الخلق رحيب شجره
مخلولق الصهوة ممسود وأي
فدع وجيها عنده وأعوجا * فهو ازاك ملجما أو مسرجا
ان صكك شان الجياد أو وجا * لا صكك يشينه ولا فجا
ولا دخيس راهن ولا شظا
يسبق رجع الطرف في آناته * فما انتهى قط إلى قطاته
والريح ان جارته من عاداته * يجري فتكبو الريح في غاياته
حسرى تلوذ بجراثيم السحا
يطوي الفلاة سبسبا فسبسبا * يعلو وينحط وهادا وربى
لم تستطع له العيون طلبا * تظنه وهو يرى محتجبا
عن العيون ان ذأى وان ردى
كم جال ذو تأمل في امره * إذ ينبري للكر في مكره
ما البحث عند كره عن سره * إذا اجتهدت نظرا في أثره
قلت سنا أومض أو برق خفا
سبحان من أبدع في إفراغه * بقالب أعرب عن بلاغه
محجلا أغر في انصياغه * كأنما الجوزاء في أرساغه
والنجم في غرته إذا بدا
أنعم ربي بهما قدما ومن * علي وامتن النبي المؤتمن
من يعتدد سواهما مدى الزمن * هما عتادي الكافيان فقد من
أعددته فلينأ عني من نأى
كم ثبت للنار وكم مثوبة * بنار حرب للعدى مشبوبة
على حقوق للعلى مغصوبة * فان سمعت برحى منصوبة
للحرب فاعلم انني قطب الرحى
أيقظني للثار هم موقظي * له وعزم للحفاظ محفظي
فاشهد مقاماتي بقلب يقظ * وإن سمعت نار حرب تلتظي
فاعلم باني مسعر ذاك اللظى
دعني أكر كرة فكرة * فكم وكم لي ترة وترة
دعني أسلها في الهياج مرة * خير النفوس السائلات جهرة
على ظباة المشرفي والقنا
عفت العراق لا لقلب مله * إلى خراسان أجوب سبله
لكن لمن شرف فيه رمله * ان العراق لم أفارق اهله
عن شنا أصابني ولا قلى
آل النبي من متى خالقتهم * وددت ان للحشر قد رافقتهم

(١) التربية والصدر.
(٢) أراد شجها.
(٣) فردا.
(٤) حصان واقض سريع العدو.
(٥) فرس أبوض سريع العدو.
(٦) أسفل قوائمه.
(٧) مرتفع.
(٨) كثير.
(٩) لحمه.
(١٠) مرتفع.
(١١) آخر الأضلاع.
(١٢) ضخم الصدر.
(١٣) شديد.
(١٤) عرق يستبطن الفخذين إلى الحافر.
(١٥) ممدود.
(١٦) مكتنز.
(١٧) الظهر.
(١٨) صاو الفرس.
(١٩) فتى من الخيل.
(٢٠) الظهر.
(٢١) العين والأديم والحافر.
(٢٢) العنق.
(٢٣) مركب العنق في الظهر.
(٢٤) مملوء.
(٢٥) عصب في باطن الكف.
(٢٦) خليقا.
(٢٧) سنة الوجه.
(٢٨) يقمص.
(٢٩) جمع حوشب وهو موصل الوظيف في الرسغ.
(٣٠) لحم يابس في بواطن الحوافر.
(٣١) الاعليط وعاء ثمر المرخ كالباقلا يشبه أذان الفرس لانتصابه.
(٣٢) ثور الوحش.
(٣٣) الجوف والمنخر والجبهة.
(٣٤) في نسخة مسبكر نحره اي ممتد في وثبه.
(٣٥) مجمع عظم اللحين.
(٣٦) أملس.
(٣٧) مفتول.
(٣٨) سديد.
(٣٩) قرب الحافرين بحيث يضرب أحدهما الآخر.
(٤٠) وجع في الحافر.
(٤١) افراط تباعد الحافرين.
(٤٢) ورم في الحافر.
(٤٣) عظم لاصق بالذراع.
(٤٤) شجر مخصوص.
(٤٥) نوعان من السير.
(٤٦) لمع.
(٣١٤)

صحبتهم دهرا فما نافقتهم * ولا اطبى عيني مذ فارقتهم
شئ يروق العين من هذا الورى
محمد المهدي من تسورا * بنفسه وقومه كل ذرى
هم الشآبيب المخلاة العرى * هم الشناخيب المنيفات الذرى
والناس ادحال سواهم وهوى
أكرم بها من نسبة عليها * يتبعه في هديه مهديها
هم السيول غامر اتيها * هم البحور زاخر اذيها
والناس ضحضاح ثغاب واضا
عشت كما شاء الرجا برفدهم * وفزت في ودي لهم وودهم
فارقتهم لا طالبا لندهم * ان كنت أبصرت لهم من بعدهم
مثلا فأغضيت على وخز السفا
بنو الأميرين سليلي أحمدا * الحسنين الزاكيين محتدا
ما لهم ند مواز ابدا * حاشا الأميرين الذين أوفدا
علي ظلا من نعيم وغنى
آيسني إن لم اقدم عملا * يمحو إذا آويت رمسي زللا
لكن هما ردا رجائي كملا * هما اللذان اثبتا لي املا
قد وقف الياس به على شفا
كر زمان حاشدا فيلقه * وكل ما يجمعني فرقه
مذ شاب من عيشي به ريقه * تلافيا العيش الذي رنقه
صرف الزمان فاستساغ وحلا
قد كان روضي حقبة مصردا * وموردي العذب النمير ثمدا
فأنبطا لي من ندى بحر ندى * وأجريا ماء الحيا لي رغدا
فاهتز غصني بعد ما كان ذوي
كم أخلفتني في الدنا ذخائري * وأسلمتني للردى عشائري
ومذ أجلت في الورى نواظري * هما اللذان سموا بناظري
من بعد إغضائي على لذع القذى
بلوت دهري والورى تجاربا * مستقصيا أباعدا أقاربا
وعند ما عاد رجائي خائبا * هما اللذان عمرا لي جانبا
من الرجاء كان قدما قد عفا
إليهما نفسي ببدء سكنت * وامنت بما به قد امنت
فأولياني نعمة قد رصنت * وقلداني منة لو قرنت
بشكر اهل الأرض طرا ما وفى
نجلهما المهدي من كل نكل * عن عد آلاء له عجزا وكل
ولم يقم شاكلهما مهما شكل * بالعشر من معشارها وكان
كالحسوة في أذي بحر قد طما
أعاشني ربي مذ أعاشني * بهديه القامع ما أطاشني
فلم أقل وابن النبي راشني * ان ابن ميكال الأمير انتاشني
من بعد ما قد كنت كالشن اللقا
امنت فيمن من يلذ به امن * فمد ضبعي وافيا بما ضمن
فلم أقل ما قال غيري وامن * ومد ضبعي أبو العباس من
بعد انقباض الذرع والباع الوزى
كفاني المهدي عن مدحي الملا * بما به من المعالي قد علا
ذاك الذي ان قال قولا فعلا * ذاك الذي ما زال يسمو للعلى
بفعله حتى علا فوق العلى
من زين الوجود في وجوده * وشعت السعود في سعوده
يصعد حتى قبل في صعوده * لو كان يرقى أحد بجوده
ومجده إلى السماء لارتقى
حتام تقضي العمر في تلهف * تشكو أوارا لسراب مخلف
فاقطع إلى جدواه كل نفنف * ما ان أتى بحر نداه معتفي
يشكو اوارى أعيم الا ارتوى
تجل أميري الحسين والحسن * من قلداني منة مدى الزمن
من كان لم يفد امرأ أسدى ومن * نفسي الفداء لأميري ومن
تحت السماء لأميري الفدا
لست إلى كنه الثناء واصلا * ولو غدوت ابن عطاء واصلا
من يقطع الشكر وكان واصلا * لا زال شكري لهما مواصلا
لفظي أو يعتاقني صرف المنا
فارقت أبناءهما مرتحلا * إلى الرضا وللرضا مؤملا
فارقتهم على الوفا متكلا * ان الألى فارقت من غير قلى
ما زاع قلبي عنهم ولا هفا
نضيت غرب العزم إذ نضيته * إلى مقام للعلى ارتضيته
لم اقض خوف الهون ما قضيته * لكن لي عزما إذا انتضيته
لمبهم الخطب فآه فانفأى
شكرا لرب لي إليهم حببا * وبعد شحطي عنهم لي قربا
هيا لي ما أشتهي وسببا * فلو أشاء مد قطريه الصبا
علي في ظل نعيم وغنى
لكن أبت لي في النهى مكانة * ان تنبري لي بالعلى استهانة
ما فتنتني بضة فتانة * ولاعبتني غادة وهنانة
تضني وفي ترشافها برء الضنى
لا تطبيني رخصة جللها * حسن بعين من غووا جملها
تفتح من اسماعهم مقفلها * لو ناجت الأعصم لانحط لها
طوع القياد من شماريخ الذرى
لست أخا قلب طروب شيق * تروقه ذات شباب ريق
تصبي بحسن منظر ومنطق * لو صابت القانت في مخلولق
مستصعب المسلك وعر المرتقى
حن وكم للشوق في حنينه * من كامن يبديه في أنينه
مذ حال عما اعتاده من دينه * ألهاه عن تسبيحه ودينه
تأنيسها حتى تراه قد صبا
ذات طلا كم أسكرت بحبها * ما لم تكن تسكره بشربها
تنفخ بالنوار من أشنبها * كأنما الصهباء مقطوب بها
ماء جنى ورد إذا الليل غسا

(١) استمال.
(٢) حفر كالهوى.
(٣) جمع هوة.
(٤) القصير.
(٥) القدر.
(٦) شقة فانشق.
(٧) من الصبوة.
(٨) عادته.
(٩) ممزوج.
(٣١٥)

تفعل بالألباب في بريقها * ما تفعل الصهباء في إبريقها
كم من برود الرشف في رحيقها * يمتاحه راشف برد ريقها
بين بياض الظلم منها واللمى
شوقي لا للغيد بل شوقي إلى * من جدهم سما بهم أوج العلي
حلوا العقيق فالحزيز منزلا * سقى العقيق فالحزيز فالملا
إلى النحيت فالقريات الدنا
إلى الصفا فالشم من هضابه * فالبيت فالمغشي من أبوابه
فالحجر فالفسيح من رحابه * فالمربد الأعلى الذي تلقى به
مصارع الأسد بألحاظ ألمها
ثرعيلها الغيث من مصبه * منازلا منها حيا هيدبه
كل سما بمن سما لشعبه * محل كل مقرم سمت به
مآثر الآباء في فرع العلى
يغزون لله الجليل ان غزوا * وان غزوا ففي سبيله غزوا
هم الآلي للسوء بالحسنى جزوا * من الألى جوهرهم إذا اعتزوا
من جوهر منه النبي المصطفى
لولاه ما نوح به الفلك نجا * ولا الخليل بالمقام عرجا
ولا جرت شمس ولا ليل سجا * صلى عليه الله ما جن الدجى
وما جرت في فلك شمس الضحى
أنشت رياح مجدهم سحائبا * سالت نضارا للعفاة ذائبا
كم ثر جود من نداهم ساكبا * جون اعارته الجنوب جانبا
منها وأوصت صوبه يد الصبا
كم معصرات جودهم قد أعصرت * نجاح عرف سحبه قد همرت
بياه نجد يا له الريح مرت * فأي يمانيا فلما انتشرت
أحضانه وامتد كسراه غطا
هيادب ثرت على هيادب * وصائب ينهل اثر صائب
أوفى على الدنيا بكل ساكب * فجلل الأفق فكل جانب
منها كان من قطره المزن حبا
مجلجل التهتان مد ظله * على بروق يمترين بله
قد ضمنت صبا نداهم هطله * إذا خبت بروقه اعتنت له
ريح الصبا تثير منها ما خبا
إن تتئد أحضانه عن دأبها * أو تن في التسكاب عن تسكابها
صرت بها النكباء في تنعابها * وأن ونت رعوده حدا بها
حادي الجنوب فحدت كما حدا
يا لك غيثا حل عقد سلكه * ففاز كل معنف بملكه
كم زجل يصطك في مصطكه * كان في أحضانه وبركه
بركا تداعى بين سجر ووحى
كم قد حدا حين تحدى إبلا * لم ندرها مخزومة أم هملا
مهما ترم لما تحدى مثلا * لم تر كالمزن سواما بهلا
تحسبها مرعية وهي سدى
كم شعة للبنت عند شعة * ونجعة ترتاد حول نجعة
أرخى على الدنيا عزالي دفعة * فطبق الأرض فكل بقعة
منها تقول الغيث في هاتا ثوى
أو في فساق نحوها ما اتسقت * أجراحها من صوبه واغدودقت
أضحت وقد ناء بها ما وسقت * تقول للاجرار لما استوسقت
بسوقه ثقي بري وحيا
جود بني أزكى البرايا نسبا * ما ثرثر فضة أو ذهبا
دلى على الكون ركاما هيدبا * فأوسع الأحداب سيبا محسبا
وطبق البطنان بالماء المروى
آب فأب الخير عند أوبه * وثاب فانتاب الفضا بثوبه
لم يبق بر بانسكاب أو به * كأنما البيداء غب صوبه
بحر طما تياره ثم سجى
يا لجدا ما حام حول شعبه * سواهم ولا دنا من قربه
كل قد اختص به من ربه * ذاك الجدا لا زال مخصوما به
قوم هم للأرض غيث وجدا
قد خامرتني من ولاهم خمرة * فيها على الدهر لنفسي امرة
فما أبالي كيف صرت صرة * لست إذا ما بهضتني غمرة
ممن يقول بلغ السيل الزبى
أضرع للدهر ونفسي حرة * ولي بهم على الزمان شرة
إن ساءني فلي بهم مرة * وإن ثوت بين ضلوعي جمرة
تملأ ما بين الرجا إلى الرجا
ثأثأت من نيرانها ما سعرا * فعاد بردا وسلاما ما ورى
وإن طغت لواذع لن تفترى * نهنهتها مكظومة حتى يرى
مخضوضعا منها الذي كان طغى
لقد كفتني لولاهم نسبة * أن تنبري لي في السباب سبة
لا تزدهيني إن علت بي رتبة * ولا أقول إن دهتني نكبة
قول القنوط أنقذ في بطن السلا
جربت صحبي صاحبا عن صاحب * فلم يقم غيرهم بواجبي
سما بهم سمك السماك جانبي * وقد علت بي رتبا تجاربي
اشفين بي منها على سبل النهى
أنجاني الله بهم وأنقذا * من كل ما يشينني وعوذا
أصبحت مأمونا بهم من الشذا * إذا امرؤ خيف لافراط الأذى
لم يخش مني نزق ولا اذى
ليهنني اني امرؤ مهنا * بهديهم من غيره مبرأ

(١) مكان
(٢) مكان
(٣) موضع
(٤) جمع قرية
(٥) القريبة
(٦) موضع
(٧) المقرم الفحل الكريم من الإبل يوصف به السيد الكامل في جوده وشجاعته.
(٨) أسالت ماءه.
(٩) طلع.
(١٠) جانباه
(١١) غشي كل شئ.
(١٢) اتصل بعضه ببعض.
(١٣) مصوت.
(١٤) يعتصرن.
(١٥) بمائه ومرعاه
(١٦) صدره
(١٧) إبلا باركة
(١٨) حنين (١٩) وصوت
(٢٠) مهملة
(٢١) شع النبت رها
(٢٢) ملت
(٢٣) الأراضي المرتفعة
(٣٤) عوده
(٢٥) امتلأ
(٢٦) سحابه
(٢٧) حدة
(٢٨) الجانب
(٢٩) أطفأت
(٣١٦)

وإن نار شرتي مثاثا * من غير ما وهن ولكني امرؤ
أصون عرضا لم يدنسه الطخا
قد صنت نفسي بهم معتصما * من كل ما يشينها تأثما
لم ابق دينارا لها ودرهما * وصون عرض المرء أن يبذل ما
ضن به مما حواه وانتقى
قد شارست مني الليالي أشرسا * صلبا على الأيام صلدا أملسا
ولم أقل عسى الغوبر أبؤسا * قد مارست مني الخطوب مرسا
يساور الهول إذا الهول علا
حظ المناوي الصد مني والنوى * وما حض الود له محض الهوى
حالي مع الناس على حد سوا * لي التواء أن معادي التوى
لي استواء أن موالي استوى
خذها إذا لم تدرني إشارة * تغدو على خلائقي امارة
حلاوة قد قارنت مرارة * طعمي شري للعدو تارة
والاري بالراح لمن ودي ابتغى
أصفي ودادي من لودي يصطفي * ومن جفاني لا أباله جفي
مثقف طوع يد المثقف * لين إذا لوينت سهل معطفي
ألوي إذا خوشنت مرهوب الشذا
أن ينب دهر فمحال نبوتي * أو يكب حظ فضلال كبوتي
لا تطبيني لمطاش زهوتي * يعتصم الحلم بجنبي حبوتي
إذا رياح الطيش طارت بالحبى
سما بنفسي للاباء معطس * أشم لا يلويه علق منفس
إذا استمالت بالمداني أنفس * لا يطبيني طمع مدنس
إذا استمال طمع أو اطبى
فانهض بها ذخائرا معتنة * تكن لاطراء الثناء سنة
فالشكر عقبى ما مننت منة * والحمد خير ما اتخذت جنة
وانفس الادخار من بعد التقى
ما مادت الدنيا بهم عن سنن * للحق في سر لهم أو علن
والناس مع دنياهم في قرن * وكل قرن ناجم في زمن
فهو شبيه زمن فيه بدا
للدهر في علاته طرائق * طوارف تنثال أو طوارق
وللورى مذ خلقوا خلائق * والناس كالنبيت فمنه رائق
غصن نضير عوده مر الجنى
ومنه ذو نور متى يزدن يزن * أن تختبره ناشفا أو تمتحن
تبدو خفايا ريحه وتتبن * ومنه ما تقتحم العين فان
ذقت جناه انساع عذبا في اللهى
فاقفهم والعمر في ابانه * ورائع الشباب في ريعانه
وقوم المناد في اوانه * يقوم الشارخ من زيغانه
فيستوى ما انعاج منه وانحنى
كم من فتى متعه بهيغة * شبابه وشربه بسيغه
رددته إلى الحجى عن ليغه * والشيخ إن قومته من زيغه
لم يقم التثقيف منه ما التوى
تلاف عمرا ازدهاه قصفه * واكشف بهم ما ليس بغني كشفه
فالداء ما لم يضن هين صرفه * كذلك الغصن يسير عطفه
لدنا شديد غمزه إذا عسا
من شاء أن يكفى الذي أهمه * من العدو طمه ورمه
فليهتضم من قد تحدى هضمه * من ظلم الناس تحاموا ظلمه
وعز فيهم جانباه واحتمى
نهج الوفاء شارع لا حبه * لكن قليل في الورى راكبه
من يقس فيهم كلهم هايبه * وهم لمن لان لهم جانبه
اظلم من حيات انبات السفا
نفسي الفدا لسادة ترفعوا * عن الدنايا للعلى فارتفعوا
والناس منذ ابتدؤوا وابتدعوا * عبيد ذي المال وإن لم يطمعوا
من غمره في جرعة تشفي الصدا
ما للورى من لنت معه لا يلن * وأن تدنه بجميل لا يدن
من يثر منهم فهو بالولا قمن * وهم لمن أملق أعداء وأن
شاركهم فيما أفاد وحوى
كم قلب الدهر العوف لي المجن * فمل يجد لي نزقا ولا وهن
وكم قسا عودي عن مضغ الزمن * عاجمت أيامي وما الغز كمن
تآزر الدهر عليه وارتدى
كم حط خط الحظ من سهم علا به * وأعلى إذ علا من سفلا
فلا تكن على الحجى متكلا * لا يرفع اللب بلا وجد ولا
يحطك الجهل إذا الجد علا
كم اخر الدهر أناسا قدما * وكم لمن أصحك قد أبكى دما
وكم بوعظ لو دعوا تقدما * من لم يعظه الدهر لم ينفعه ما
راح به الواعظ يوما أو غدا
كم من مليك خفقت اعلامه * عاجله دون المنى حمامه
فليعتبر من درجت توأمه * من لم تفده عبرا أيامه
كان العمى أولى به من الهدى
كم أخلف الدهر الخؤون ما وأي * من عدة كانت كال رأرأ
فقس بقايا حاله بما نأى * من قاس ما لم يرده بما رأى
أراه ما يدنو اليه ما نأى
كم من عزيز قاده الحرص فذل * للامع يطفي غليلا بغلل
فاخلع رباق الحرص واقطع الأمل * من ملك الحرص القياد لم يزل
يكرع في ماء من الذل صرى
كم غرت الدنيا وكم قد فتنت * قوما وكم حرا أعز امتهنت
فغض يأسا منك عما زينت * من عارض الأطماع باليأس رنت
اليه عين العز من حيث رنا
فاسلك سبيل العز من وجوهها * بنفس حر النفس من وجوهها
وردها بالرغم من عموهها * من عطف النفس على مكروهها
كان الغنى قرينه حيث التوى
فليصرف المرء نفيس عمره * فيما به يبقى بقاء ذكره
ولا يجاوز حده في امره * من لم يقف عند انتهاء قدره
تقاصرت عنه فسيحات الخطأ

(١) العيب
(٢)
العسل
(٣) شديد الخصومة.
(٤) الأذى.
(٥) متعرضة.
(٦) خيار الأشياء.
(٧) عيش أهيغ رغد.
(٨) مساغه.
(٩) جهله وحمقه.
(١٠) لهوه.
(١١) صلب.
(١٢) جاء بالطم والرم بالبري والبحري والرطب واليابس.
(١٣) التراب.
(١٤) تراب البئر والقبر.
(١٥) ما ضغنها والعواجم الأسنان.
(١٦) جمع توأم.
(١٧) وعد.
(١٨) لمع.
(١٩) سبق.
(٢٠) كرامها.
(٣١٧)

روض روضا يانعا لنفسه * من يومه خير له من أمسه
لا نترك الحزم سدى وتنسه * من ضيع الحزم جنى لنفسه
ندامة الذع من سفع الذكي
كم سابق غير في سباقه * بوجه من أوغل في الحاقه
طوقه العجب إلى خناقه * من ناط بالعجب عرى أطواقه
نيطت عرى المقت إلى تلك العرى
كم طائل أشط في شطته * فلم يفز بالنجح من خطته
لا يبرح العاقل من خطته * من طال فوق منتهى بسطته
أعجزه نيل الدنا بله القصا
لا يطمع الطب الحكيم توقه * بما يروق وهو مرد روقه
ولا يرم عبثا ينئ أوقه * من رام ما يعجز عنه طوقه
ملعب ء يوما آض مخزول المطا
نفسي الفدا لأحوذي ماجد * مقارب أشكاله مباعد
منفرد لعزم ألف حاشد * والناس ألف منهم كواحد
وواحد كالألف إن امر عنا
مسودة من سادة تسنمت * أوج العلى وبالجلال اتسمت
قد قدمت فضلا به تقدمت * وللفتى من ماله ما قدمت
يداه قبل موته لا ما اقتنى
يقضي الفتى نحبا ويأوي لحده * ويذكر الناس جميعا عهده
ينشر كل ذمه أو حمده * وانما المرء حديث بعده
فكن حديثا حسنا لمن وعى
كم طامع رام البقا مدى الأبد * وجد يمري كل ضرع واجتهد
قد أدرك الثعل وللدرر فقد * اني حلبت الدهر شطريه فقد
امر لي حينا وأحيانا حلا
كم رضت دهري ناهضا بما ثقل * وكم حللت ما يشد من عقل
كهلت رأيا وعذاري ما بقل * وفر عن تجربة نابي فقل
في بازل راض الخطوب وامتطى
ما للورى ودهرهم * وانسهم بذي الحياة أنسهم
كم غرسوا وللفناء غرسهم * والناس للموت خلا يلسهم
وقلما يبقى على اللس الخلا
كم راقد عن نفسه قد رقدا * إن لم يمت في يومه مات غدا
أيقن بالموت وخلاه سدى * عجبت من مستيقن أن الردى
إذا اتاه لا يداوى بالرقى
يلوى على نفس له ملويه * عن الهدى على الهوى مطويه
كم موقظات عنده علوية * وهو من الغفلة في أهويه
كخابط بين ظلام وعشا
حتام لم نبرح سواما سهما * نخضم خضم الإبل نجما نجما
نرتعب الاخلاء طيرا حوما * نحن ولا كفران الله كما
قد قيل في السارب أخلى فارتعى
يطمع كل وهو باليأس قمن * يسر حسوا بارتغاء ويجن
بينا تراه خائفا إذ يطمئن * إذا أحسن نبأة ريع وأن
تطامنت عنه تمادى ولها
ما آن أن يلوى بنا نزوعنا * عما له من غرة نزوعنا
فكم وقد تشتت جموعنا * نهال للأمر الذي يروعنا
ونرتعي في غفلة إذا انقضى
مرعى وبيل وسراب مطمع * وسلسبيل وجناب ممرع
ما الناس نعمى وشقاء شرع * أن الشقاء بالشقي مولع
لا يملك الرد له إذا أتى
للناس في علاتهم طبائع * كل إليها حيث كان راجع
فالنصح في الخب اللئيم ضايع * واللوم للحر مقيم رادع
والعبد لا يردعه الا العصا
عليك بالعقل فكن مكملا * له بهدي للنجاة موصلا
سلامة العقل الهدى لو عقلا * وآفة العقل الهوى فمن علا
على هواه عقله فقد نجا
اني امرؤ أن تجفه رفاقه * لم ين عن رفق بهم ارفاقه
أحلو لمن يمر لي مذاقه * كم من اخ مسخوطة أخلاقه
أصفيته الود بخلق مرتضى
من ذا الذي عن غيه ما عدلا * ولا ابتغى عنه بحال حولا
فكن على بلائه معولا * إذا بلوت السيف محمودا فلا
تذممه يوما أن تراه قد نبا
من ذا الذي ما حال عما رئما * من خلة شب عليها ونما
فالزند يكبو ولكم قد ضرما * والطرف يجتاز المدى وربما
عن لمعداه عثار فكبا
فاقبل من المآخذ ما في المأخذ * من عوز ما عن سداد وخذ
من لم تبت منه على طرف قذي * من لك بالمهذب الندب الذي
لم يجد الذم اليه مرتقى
فاقنع من الرزق بما الله قسم * فكم له من حكمة فيها حكم
فلا تصفح حال من ادعى ولم * إذا تصفحت أمور الناس لم
تلق امرأ حاز الكمال فاكتفى
يا ناشد المجد مغذا مرملا * يبغي مقيلا عنده ومنهلا
رفه فما الآخر منه أولا * أن نجوم المجد أضحت افلا
وظله القالص * أضحى قد ازى
خف الألى قد كان يروى عنهم * دهرا فخف المجد تلوا لهم
لم يبق ديار عليها منهم * الا بقايا من أناس بهم
إلى طريق المكرمات يقتدى
بنو الزكي لا ترى وراءهم * لذي رواء في النهى رواءهم
حدث عن البحر وزد ثناءهم * إذا الأحاديث انتضت أنباءهم
كانت كنشر الروض غاداه الندى
هز الردى للناس عضبا مصلتا * يرقب وقتا لهم موقتا
لا يدفع الحتف إذا الحتف أتى * ما أنعم العيشة لو أن الفتى
يقبل منه الموت أصناف الرشى

(١) النار
(٢) أبعد
(٣) حاجته
(٤) الثدي المسدود.
(٥) يبطل حسهم ومنذ قوله تعالى إذ تحسونهم
(٦) نبت
رطب
(٧) اقلاعنا
(٨) ميلنا
(٩) أشار إلى قول الشاعر:
لي صديق هو عندي عوز * عن سداد لا سداد عن عوز.
(٣١٨)

من ذا الذي يملك فيها امره * فيما يشاء نفعه أو ضره
يا طيبها لو راض فيها دهره * أو لو تحلى بالشباب عمره
لم يستلبه الشيب هاتيك الحلي
أن الشباب للشباب مرتع * لا بد تذويه سموم زعزع
ما في العواري ببقاء مطمع * هيهات مهما يستعر مسترجع
وفي خطوب الدهر للناس أسى
وليلة نجم سراها ما سرى * وصبحها من طولها ما أسفرا
ساريتها بعزمة حلف السرى * وفتية سامرهم طيف الكرى
فسامروا النوم وهم غيد الطلا
كل أطال الليل منه عركه * واعتكه طول السرى وامتكه
والنجم ما حل لمسرى سكه * والليل ملق بالموامي بركه
والعيس ينبثن أفاحيص القطا
كم نشأت لليل فيهم نشاة * شدت عليهم فيه منها وطأة
كم أهدأتهم ٤ حنتهم وأمالتهم للنعاس هدأة * بحيث لا تهدى لسمع نبأة
الا نئيم البوم أو صوت الصدى
تخال كلا منهم تنبذا * وهم صحاة من كرى قد اخذا
وعند ما أوقذهم ما أوقذا * شايعتهم على السرى حتى إذا
مالت أداة الرحل بالجبس الدوى
هبت بهم تعرية مهبها * يدب في أرواحهم مدبها
ومذ عداهم ونحا بي ثلبها * قلت لهم أن الهوينا غبها
وهن فجدوا تحمدوا غب السرى
ومهمه مغبرة ارجاؤه * كان لون ارضه سماؤه
شرقته فانشرقت ظلماؤه * وموحش الأقطار طام ماؤه
مدعثر الأعضاد مهدوم الجبى
لا يمكن الصادي من ارتوائه * مما تحوم الطير في افنائه
مقتتلات لورود مائه * كأنما الريش على ارجائه
زرق نصال أرهفت لتمتهى
يعيد للقائل فيه قوله * صدى تهاب الغول فيه غوله
تخشى الأسود الضاريات هوله * وردته والذئب يعوي حوله
مستك سم السمع من طول الطوى
أن يدج من ليل التمام تمه * أو يدلهم منه مدلهمه
اكشف فيما الجد منه عمه * ومنتج أم أبيه أمه
لم يتخون جسمه من الضوى
قد بان عن أم أبيه إذ دنت * ومنه لم تحضنه فيما حضنت
اني إذا الطراق ليلا لزنت * أفرشته بنت أخيه فانثنت
عن ولد يورى به ويشتوى
كم أوعس لا تنتهي وعساؤه * سرى به المطمع فيه ماؤه
بادت وقد دوختها بيداؤه * ومرقب مخلوق ارجاؤه
مستصعب المسلك سهل المرتقى
طلعت ترمي الهيف لي حريقها * كوامضات نضنضت بريقها
وأن أضلت كدره طريقها * أوفيت والشمس تمج ريقها
والظل من تحت الحذاء يجتذى
وصارع من دهره يشكو الشذا * يغض من أجفانه على القذى
رددت غير مؤتل عنه الأذى * وطارق يؤنه الذئب إذا
تضور الذئب عشاء وعوى
أدناه لي وهنا سحاب مسنف * يتلوه مهما ثر عيش أوطف
وشاحب أزفاه ليل مزدف * آوى إلى ناري وهي مألف
يدعو العفاة ضوؤها إلى القرى
وليلة أبدلت عن مسامر * فيها بطيف واصل لي هاجر
فأعجب له من غائب لي حاضر * لله ما طيف خيال زائر
تزفه للعين احلام الرؤى
رأى طريقا من نعاس وكرى * اخفى له فاعتاض عن سير سرى
قد جاء يختاض الدجى مستترا * يجوب أجواز الفلا محتقرا
هول دجى الليل إذا الليل انبرى
كم حال من دوني عن لقائه * من مهمه أسرف في غلوائه
كيف تخطى الليل في غلائه * سائله أن أفصح عن انبائه
انى تسدى الليل أم انى اهتدى
زار وجنح الليل داج دامس * ولجه ما خاضه مقامس
كيف اهتدى ودوننا بسابس * أو كان يدري قبلها ما فارس
وما مواميها القفار والقرى
من مصنفي يا للملا من زمن * يشتط بي عن أهل أو عن سكن
ولائم باللوم لي مفتتن * وسائل بمزعجي عن وطن
ما ضاق بي جنابه ولا نبا
يقول ما للشمل منك شتتا * وما على حزمك ذاك قد أتى
كيف تحداك وأني ومتى * قلت القضاء ما لك أمر الفتى
من حيث لا يدري ومن حيث درى
كم سائل مثلك مثلي قد سال * عن مثل ذا فما دنا ولا وصل
إن تبتغ التفصيل عن تلك الجمل * لا تسألني واسأل المقدار هل
يعصم منه وزر أو مدرى
كم رفع الله أمرا وحطه * أبدى رضاه بالقضا وسخطه
كل يوفي في الكتاب قسطه * لا بد أن يلقي امرؤ ما خطه
ذو العرش مما هو لاق ووحى
لج الزمان فانطوت عشائر * وأخليت من أهلها منابر
حتام أنت في اللجاج حائر * لا غرو إن لج زمان جائر
فاعترق العظم الممخ وانتقى
هل صلح الدهر بحال ففسد * نرقد عنه وهو عنا ما رقد
لم يبق في الدهر على حال أحد * بينا ترى القاحل مخضرا وقد
ترى أخا الاقتار يوما قد نما
وظبية آنسة مرت بنا * لم تبق إلا عانيا مرتهنا
تسأل والقلب آوته موطنا * يا هؤلاء هل نشدتن لنا
ثاقبة البرقع عن عيني طلا

(١) أتعبه
(٢) تقصه
(٣) صدره
(٤) حنتهم وأمالتهم
(٥) صوت
(٦) صوت
(٧) طائر يصر
بالليل
(٨) شرب النبيذ
(٩) أرقدهم
(١٠) حلسه
(١١) اللئيم
(١٢) الأحمق
(١٣) مهدوم
(١٤) حجارة توضع عند الحوض
(١٥) من أمهيت السكين سفيته ماء
(١٦) ينتقص
(١٧) الضعف
(١٨) ازدحمت
(١٩) أملس
(٢٠) يرى قريبا
(٢١) هنئ
(٢٢) ساقه
(٢٣) مظلم
(٢٤) إشارة إلى المثل جري المذكيات غال ء
(٢٥) قطع
(٢٦) غواص.
(٢٧) انتقى اخذ النقي وهو المخ.
(٢٨) اليابس.
(٣١٩)

أم الصبيين أثارت غلتي * فهي شفائي في الهوى وعلتي
أصبت فؤادي وبحلمي ولت * ما أنصفت أم الصبيين التي
أصبت أخا الحلم ولما يصطبى
ولى الشباب الغض والشيب ارجحن * وعظمك الممخ بالشيب وهن
واقتدنك البيض الطلا بلا رسن * استحي بيضا بين أفوادك ان
تقتادك البيض اقتياد المهتدى
طربت والشيب أشع شعلة * في الفود كانت للوقار علة
تحسبها تحسن هاتا خلة * هيهات ما أشنع هاتا زلة
أطربا بعد المشيب والجلى
أعرضت في تقريضهم عن غزلي * فجمعوا بالنجح قطري أملي
فلم أقل قول طروب ثمل * يا رب ليل جمعت قطريه لي
بنت ثمانين عروسا تجتلى
بكر فما شيم عليها خدرها * وشجها من قد تولى عصرها
مذ ضوعت للناشقين نشرها * لم يملك الماء عليها أمرها
ولم يدنسها الضرام المحتضى
دارت فلم يدر سنا مديرها * شعشعها أم نوره من نورها
ذر على الصحن سنا أثيرها * كان قرن الشمس في ذرورها
بفعلها في الصحن والكاس اقتدى
في ليلة وحف دجاها أرسلا * كانت عن المشكاة فيها بدلا
مذ طاف ساقيها علينا وجلا * نازعتها أروع لا تسطو على
نديمه شرته إذا انتشى
تعرف خافي وده من لحظة * فاز من الصرف بأوفى حظه
ينشد ما ينشده من حفظه * كان نشر الروض نظم لفظه
مرتجلا أو منشدا أو أن شدا
لا قول يرضي المجد إلا قلته * ومن يطاول أو يساجل طلته
فزت بما من الثنا أملته * من كل ما نال الفتى قد نلته
والمرء يبقى بعده حسن الثنا
أرشت سهمي من علا بقذة * ما هيئة المجد بها يبذة
ولم تقذ ما عشت عقلي وقذتي * فان أمت فقد تناهت لذتي
وكل شئ بلغ الحد انتهى
صاحبت دهري أحوذيا حازما * ليثا على علاته ضبارما
فان أمت خلدتها مكارما * وإن أعش صاحبت دهري عالما
بما انطوى من صرفه وما انتشى
طريقة بين الأياس والرجا * كم زحزحت عن الهلاك للنجا
تظنني أبغي سواها منهجا * حاشا لما اسأره في الحجا
والحلم أن اتبع رواد الخنا
ما خنت يوما صاحبا بصحبة * ولم أمل لرغبة أو رهبة
حاشاي أن أغشى مداني سبة * أو أن أرى مختضعا لنكبة
أو لابتهاج فرحا أو مزدهى
وقال مخمسا أبيات ابن الخياط الدمشقي:
إذا نفحت أرواح نجد وهضبة * وهبت صباه هب لاعج كربه
فبالله يا ابني وده دون صحبة * خذا من صبا نجد أمانا لقلبه
فقد كاد رياها يطير بلبه
كفاه من الأشجان ما قد أجنه * فكفا صبا هاجت جواه وحزنه
أبحتكما سهل الغوير وحزنه * وإياكما ذاك النسيم فإنه
متى هب كان الوجد أيسر خطبه
فبالله إلا ما مع الصب ملتما * وجانبتما عن عذله وعدلتما
خلا منكما همي ووجدي فلمتما * خليلي لو أحببتما لعلمتما
محل الهوى من مغرم القلب صبه
طوى الهجر بردي ذلك العيش فانطوى * وبدل ذاك القرب بالبعد والنوى
شج كلما قالوا أفاق أو ارعوى * تذكر والذكرى تشوق وذو الهوى
يتوق ومن يعلق به الحب يصبه
قضى الله أن الصب يقضي بدائه * فلا تطمعا ما عشتما بشفائه
أ يرجى وقد ألقاه في برحائه * غرام على ياس الهوى ورجائه
وشوق على بعد المزار وقربه
تمادى المدى ما بين هجر إلى نوى * ويطمع أن يصحو وينجو من نوى
وفي الحي من هام الفؤاد به هوى * وفي الركب مطوي الضلوع على جوى
متى يدعه داعي الغرام يلبه
أ يرجى له برء وتؤمل صحة * وقد لفحته من جوى البين لفحة
وما زال مذ أردته في الغور لمحة * إذا نفحت من جانب الغور نفحة
تضمن منها داءه دون صحبه
عذيري من داء لجسمي محرض * لفرقة شاف في المحبة ممرض
ومستتر في وده متعرض * ومحتجب بين الأسنة معرض
وفي القلب من إعراضه مثل حجبه
فيا لك نارا في الحشى مستجنة * لحب رشا أضحى لي اليوم فتنة
ومن غيرة كم فيه عاينت محنة * أغار إذ آنست في الحي أنه
حذارا عليه أن تكون لحبه
وقال مخمسا أبياتا أخرى لابن الخياط الدمشقي أيضا:
نأوا فأثاروا للمتيم بلواه * وأوصوا خيالا في دجى الليل يغشاه
فيا من أذابوا بالتباعد أحشاه * هبوا طيفكم أعدى على الناي مسراه
فمن لمشوق أن تهوم جفناه
فيا لك حقا أبدلوه بباطل * وعاجل وصل عوضوه بأجل
لقد ضل عنه فهو ليس بواصل * وهل يهتدي طيف الخيال لناحل
إذا السقم عن لحظ العوائد أخفاه
تمادى جواه واستمر سهاده * وليس بمردود عليه رقاده
ولا بمفادى من أسار فؤاده * وما كل مسلوب الرقاد معاده
ولا كل مأسور الفؤاد مفاداه
ملم خيال مر لا أستزيده * وماض من الأوقات لا أستعيده
لعمرك زور الوصل لست أريده * غنى في يد الأحلام لا أستفيده
ودين على الأيام لا أتقاضاه
تناءوا فدهري لوعة وتحسر * ووجد وتهيام بهم وتذكر
وقالوا اصطبر لو كان يجدي تصبر * يرى الصبر محمود العواقب معشر
وما كل صبر يحمد الناس عقباه
سقى عهدهم عهد الحيا وهو ساجم * إذ العيش صاف والزمان مسالم

(١) انحسار شعر الرأس.
(٣٢٠)

وإذ كل أيام الكثيب نواعم * إلا حبذا عهد الكثيب وناعم
من العيش مجرور الذيول لبسناه
وحيا رياضا دبج الوصل زهرها * وأصفى الهوى العذري للورد غدرها
ليالي ولتنا الخلاعة أمرها * ليالي عاطتنا الصبابة درها
فلم يبق منها منهل ما وردناه
تمادى على العاني المتيم أسرهم * وطال ولا وصل يرجيه هجرهم
صحا من عدا ضري وبلواي ضرهم * وبالجزع حي كلما عن ذكرهم
أمات الهوى مني فؤادا وأحياه
نأوا لا نأوا عني وشط مزارهم * وشبت بأحشائي على البعد نارهم
ولما تناءت عن دياري ديارهم * تمنيتهم بالرقمتين ودارهم
بوادي الغضى يا بعد ما أتمناه
سقى دارهم من كل أوطف مرزم * أجش هزيم ينعش الربع مرهم
فيا غيث نب عن دمع صب متيم * وما كنت لولا أن دمعي من دم
لأحمل منا للسحاب بسقياه
وقال مخمسا هذه الأبيات لابن الخياط الدمشقي أيضا:
هو الرسم ما أبقى لجسمك من رسم * فكم تنطوي فيه على عبرة تهمي
فكم ضل ذو حزم برسم على علم * هو الرسن لو أغنى الوقوف على الرسم
هو الحزم لولا بعد عهدك بالحزم
سقى عهدها من أربع ومنازل * توسمتها عن حقها غير غافل
ولكنني من خوف واش وعاذل * تجاهلت عرفانا بها غير جاهل
وللشوق آيات تدل على علمي
حبست بها والوجد حشو أضالعي * أكتم ما بي خوف ساع وطامع
فنمت بأسراري علي مدامعي * فوالله ما أدري أ بوحي نافعي
عشية هاجتني المنازل أم كتمي
وقفت على ربع لمية خاشع * بقلب إذا لم تدمع العين دامع
ومن خوف سر للمحبين ذائع * وقفت أداري الوجد خوف مدامع
تبيح من السر الممنع ما أحمي
عذيري من طرف أكف شؤونه * فتجري وتبدي من هواهم مصونه
عشية أبدى الصب فيها شجونة * عشية جن القلب فيها جنونه
ونازعني شوقي منازعة الخصم
حكتني نحولا بعدهم وكآبة * رسوم كأمثال الرسوم كتابة
أصير جد البين فيها دعابة * أغالب بالشك اليقين صبابة
وادرأ عن صدر الحقيقة بالوهم
أدار علي البين للوجد أكؤسا * حسا الصب منها ساعة البين ما حسا
وقال اصطبر أوفى بهم فالأسى أسى * فلما أبى إلا البكاء أو الأسى
بكيت فما أبقيت للرسم من رسم
تمثلت أعلام الحمى فتراجعت * نوازع شوق للحمى بي نازعت
فما هاطلات السحب حين تتابعت * وما مستفيض من غروب تنازعت
عراها السواني فهي سجم على سجم
إذا مسحت هام الروابي تكللت * وسدت فجاج الأرض مهما تهللت
فليست ولو ما دامت الأرض أسبلت * بأغزر من عيني يوم تمثلت
على الظن اعلام الحمى وعلى الرجم
ضنى وسهاد دائم وتتيم * وقلب بأجراع الثنية مغرم
ألا يا لقومي هل علي لهم دم * كأني بأجراع الثنية مسلم
إلى ثائر لا يعرف الصفح عن جرم
لقد أنست مني الديار بمثلها * ضني وسهادا إذ نأوا عن محلها
أطاف الضنى في حزنها بعد سهلها * لقد وجدت وجدي الديار باهلها
ولو لم تجد وجدي لما سقمت سقمي
عفت غير وسم من نؤي توسما * وسحم خدود كالفواخت جثما
لقد وسمت بالوجد صبا توسما * عليهن وسم للفراق وإنما
علي لها ما لبس للدار من وسم
عطفت عليها يوم دارة جلجل * بشكوى عليل يشتكي لمعلل
براني وإياها الضنا يوم حومل * وكم قسم البين الضنا بين منزل
وبيني ولكن الهوى جائر القسم
حكى رسم جسمي رسمها وطلولها * عفاء وأحشائي محولا محولها
وما كسبيلي في الوفاء سبيلها * منازل أدراس شجاني نحولها
فهلا شجاها ناحل القلب والجسم
أتاها أتى الغيث ثم أتيتها * فرويتها بالدمع حين رايتها
بكاها ولكن لا كما قد بكيتها * سقاها الحيا قبلي فلما سقيتها
بدمعي رأت فضل الولي على الوسمي
وله تخميس لقصيدة ابن الفارض التي أولها:
شربنا على ذكر الحبيب مدامة * سكرنا بها من قبل أن تخلق الكرم
وتخميس لبانت سعاد تركناهما مكنفين بما مر. ٦٨٩:
المولى صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي القوامي،
المشهور على لسان الناس ب‍ الملا صدرا، وعلى لسان تلامذة مدرسته
ب " صدر المتألهين أو صدر المحققين.
شخصيته
هو من عظماء الفلاسفة الآلهيين الذين لا يجود بهم الزمن إلا في
فترات متباعدة من القرون وهو المدرس الأول لمدرسة الفلسفة الآلهية في
القرون الثلاثة الأخيرة في البلاد الاسلامية الامامية، والوارث الأخير
للفلسفة اليونانية والاسلامية، والشارح لهما والكاشف عن أسرارهما ولا
تزال الدراسة عندنا تعتمد على كتبه، لا سيما الأسفار الذي هو القمة في
كتب الفلسفة قديمها وحديثها، والأم لجميع مؤلفاته هو.
وكل من جاء بعد من الفلاسفة في هذه البلاد فان فخر المجلي منهم
أن يقال عنه أنه يفهم أسرار كلامه أو أنه من تلاميذه ولو بالواسطة ومن
الطريف حقا أن نجد أساتذة فن المعقول كما يسمونه يفتخرون باتصالهم
به في سلسلة التلمذة. حتى أن بعضهم يبالغ في أسماء أشخاص هذه
السلسلة، كالعناية بسلسلة رواية الحديث.
وأكثر من ذلك أن المحقق الحجة الشيخ محمد حسين الأصفهاني
١٢٩٦ ١٣٦١ سمعت عنه أنه كان يقول: لو أعلم أحدا يفهم
أسرار كتاب الأسفار لشددت إليه الرحال للتلمذة عليه وإن كان في أقصى
الديار. وكأنه يريد أن يفتخر أنه وحده بلغ درجة فهم اسراره أو أنه بلغ

(١) من الترجمات التي لم يكملها المؤلف بل ترك مكانها بياضا في المسودات ليكتبها حين وصوله
إليها. وقد اعتمدنا فيها على ما كتبه الشيخ محمد رضا المظفر " ح ".
(٣٢١)

درجة من المعرفة أدرك فيها عجزه عن اكتناه مقاصده العالية.
وأزيدك أني من المؤمنين بان صدر المتألهين أحد أقطاب أربعة في
الدورة الاسلامية: هو والمعلم الثاني أبو النصر الفارابي المتوفى حدود
٣٠٤، والشيخ الرئيس ابن سينا ٣٧٣ ٤٢٧، والخواجا نصير الدين
محمد بن الحسن الطوسي ٥٩٧ ٦٧٣. هؤلاء هم في الرعيل الأول
وهم الأصول للفلسفة والمترجم خاتمتهم، والشارح لآرائهم، والمروح
لطريقتهم، والأستاذ الأكبر لفنهم. ولولا خوف المغالاة لقلت هو الأول من
بينهم الرتبة العلمية، لا سيما في المكاشفة والعرفان.
والرجل نشأ مطاردا متقوما عليه حتى كان يقول عن نفسه: ما كان
له رتبة أدنى من آحاد طلبة العلم. ولكنه في أيامه الأخيرة أقبل الناس على
فلسفته والتلمذة عليه حتى نبغ من بينهم جماعة منهم صهراه على ابنتيه
الحكيم المحدث المشهور ملا محسن الفيض والحكيم الآخر الشيخ عبد
الرزاق اللاهيجي الفياض صاحب شوارق الالهام. والفيض والفياض
لقبان وضعهما لهما أستاذهما وأبو زوجتيهما صدر المتألهين.
أما بعد حياته فقد بعد صيته وأقبل طلاب الفلسفة إقبالا عظيما على
مؤلفاته يتدارسونها ويكتبونها ويتلمذون عليها، وسادت مدرسته الفلسفية
ومؤلفاته وطغت على كل مدرسة ومؤلفات أخرى حتى مؤلفات الشيخ ابن
سينا والخواجا نصير الدين الطوسي. وبالأخير أي قبل مائة سنة فما بعدها
طبعت جميع مؤلفاته في المطابع الحجرية بإيران.
نشأته
لم نتحقق من التاريخ سنة ولادته، وقد توفي سنة ١٠٥٠ في البصرة
في طريقه للحج امرة السابعة أو بعد رجوعه. وأكبر الظن أنه تجاوز
السبعين أو ناهزها، فيكون تولده في الربع الأخير من القرن العاشر
الهجري.
وكل ما عرفنا عنه انه تولد في شيراز من والد صالح اسمه
إبراهيم بن يحيى القوامي، وقيل: كان أحد وزراء دولة فارس التي
عاصمتها شيراز، وانه من عائلة محترمة هي عائلة قوامي. وهذا الوزير
لم يولد له ذكر فنذر لله ان ينفق مالا خطيرا على الفقراء وأهل العلم إذا رزق
ولدا ذكرا صالحا موحدا، فكان ما أراد في شخص ولده هذا محمد صدر
الدين.
فتربى هذا الولد الوحيد لأبويه في حجر والده معززا مكرما، وقد
وجهه لطلب العلم. ولما توفي والده الذي لم نتحقق سنة وفاته رحل المترجم
لتكميل معارفه إلى أصفهان عاصمة العلم والسلطان يومئذ في عهد
الصفوية. ويظهر انه حين انتقل إلى أصفهان كان ذا ثقافة ممتازة، لان أول
حضوره كان على الشيخ بهاء الدين العاملي ٩٥٣ ١٠٣١. وما تظن
انه يحضر درس الشيخ البهائي وهو شيخ الاسلام يومئذ!
فهو من ولعه في طلب العلم أنفق كل ما خلفه والده من المال في
تحصيله، وأشرب المذهب استوفي الفلسفي العرفاني الذي كان هو
السائد في ذلك العصر، والذي كان يجهر به حتى الشيخ البهائي،
فانعكس على نفسية هذا الطلب الذكي. فأولع فيه ولوعا اخذ عليه جميع
اتجاهاته، وخلق منه صوفيا عرفانيا وفيلسوفا إلهيا فريدا قل نظيره أو لا نظير
له. فقد صرح هو في مقدمة الاسفار بهذا الولع، فقال ص ٢: قد
صرفت قوتي في سالف الزمان منذ أول الحداثة والريعان في الفلسفة الآلهية
بمقدار ما أوتيت من المقدور وبلغ اليه قسطي من السعي الموفور.
ومن اثر ولعه بالفلسفة واتجاهه هذا كان انقطاعه إلى درس فيلسوف
عصره السيد الداماد محمد باقر المتوفى سنة ١٠٤٠، وكان يعظمه كثيرا
ومما قاله فيه قوله في شرح أصول الكافي في شرح أول حديث منه: سيدي
وسندي وأستاذي واستنادي في المعالم الدينية والعلوم الإلهية والمعارف
الحقيقية والأصول اليقينية...
وبهذا ومثله يعبر عنه في كل مناسبة تدعو إلى ذكره.
والذي استنتجه ان صاحبنا صدر المتألهين مرت له في نشأته العلمية
ثلاث مراحل رئيسية كونت منه عظيما من جملة عظماء تاريخ الفلسفة:
المرحلة الأولى دور التلمذة، وهو دور البحث وتتبع آراء
المتكلمين والفلاسفة ومناقشتهم، ويظهر انه لم ينضج يومئذ مسلكه
العرفاني. وذلك ما يشير اليه في مقدمة تفسير سورة الواقعة.
واني كنت سالفا كثير الاشتغال بالبحث والتكرار وشديد المراجعة
إلى مطالعة كتب الحكماء والنظار، حتى ظننت اني على شئ فلما انفتحت
بصيرتي ونظرت إلى حالي وذلك طبعا بعد المرحلة الأولى هذه رأيت
نفسي وان حصلت شيئا من أحوال المبدأ وتنزيهه عن صفات الإمكان
والحدثان وشيئا من احكام المعاد لنفوس الانسان فارغة من العلوم الحقيقية
وحقائق العيان مما لا يدرك الا بالذوق والوجدان. ويريد من العلوم
الحقيقية المكاشفات العرفانية.
وقد أظهر الندم مما فرط في أول عمره في سلوك مسلك اهل البحث،
فقال في مقدمة الاسفار ص ٤: واني لأستغفر الله مما ضيعت شطرا من
عمري من تتبع آراء المتفلسفين والمجادلين من اهل الكلام، وتدقيقاتهم
وتعلم جربزتهم في القول وتفننهم في البحث.
ولئن أظهر الندم والأسف على ما ضيع في هذه المرحلة من الوقت،
فإنه استفاد منها كثيرا للمرحلة الأخيرة من حياته، وهي دور احتأليف
الذي جمع فيه بين المسلك البحثي والمسلك العرفاني، وسنذكره في البحث
الآتي.
على أنه في هذه المرحلة لم يسلك مسلكا بحتيا صرفا، بل كان مشوبا
بالمسلك العرفاني وان كان بعد لم ينضج عنده، ولذا كان يقول بوحدة
الوجود فيها وألف فيها رسالة طرح الكونين في وحدة الوجود على ما
سيأتي. ومن هذا القول وأمثاله مما كان لا يتورع من التصريح به والاعلان
بتحبيذه كان مضايقا من الناس الذين أشرقوه بريقه جزعا، على ما صرح
به في عدة مناسبات في كتبه، ويشير بها إلى هذه المرحلة الأولى بالذات.
فالتجأ إلى أن يفر بنفسه منهم وينتقل إلى:

(١) وقد تجد خامسا لهم هو محيى الدين بن عربي (المتوفى ٦٣٨) والعهدة في عده من هذه الطبقة
بل فوقها على المترجم.
(٢) ولم نتحقق اسم تلك الدولة ولا ملوكها، مع أنه في عصر الصفوية الذين شمل حكمهم جميع
إيران.
(١) الاسفار ج ١ ص ١٠. ويرجى من كل من يريد الرجوع إلى الاسفار في معرفة ما نشير اليه
ان يرجع إلى الطبعة الحجرية بعد ترقيم نسخته.
(٣٢٢)

المرحلة الثانية. وهي دور العزلة والانقطاع إلى العبادة في بعض
الجبال النائية، وقيل إنها كهيك من قرى قم وانه استقام في هذه
العزلة خمسة عشر عاما. وهي مدة طويلة. وقد حكى لنا قصة هذه الفترة
من حياته في مقدمة الاسفار وغيرها، فإنه كما يقول لما رأى الحال على
ذلك المنوال من خلو الديار من اهل المعرفة وضياع السير العادلة وإشاعة
الآراء الباطلة، ضرب صفحا عن أبناء الزمان والتجأ إلى أن ينزوي في
بعض نواحي الديار، منكسر البال منقطع الال متوفرا إلى العبادة، لا على
درس يلقيه ولا تأليف يتصرف فيه.
ويعلل عدم توفره على الدرس والتأليف على عادته في التسجيع
بان هذه أمور تحتاج إلى تصفية الفكر وتهذيب الخيال عما يوجب الملال
والاختلال، وتحتاج إلى فراع البال. ولا تحصل هذه الأشياء لمن يسمع
ويرى من أهل الزمان من قلة الانصاف وكثرة الاعتساف، وخفض الأعالي
والأفاضل ورفع الأداني والأراذل، وظهور الجاهل والعامي على صورة العالم
النحرير وهيئة الحبر الخبير، إلى غير ذلك من القبائح والمفاسد.
وهكذا يتشكى من أبناء زمانه ومثلهم أبناء كل زمان، ولم يبين
نوع تلك الاعتسافات التي كان يلاقيها. ولكنها على كل حال أرهقته حتى
طفق يرتئي بين ان يصول بيد جذاء وما أدري هل كان يريد أن يعارك أبناء
الزمان بالسيف ويجاهدهم؟، أو يصبر على سطحية عمياء. فرأى بالأخير
ان الصبر على هاتي أحجى، فصبر، وفي العين قذى وفي الحلق أشجى،
اتباعا كما قال لسيرة أمير المؤمنين ع واقتداء به فامسك عن الاشتغال
بالناس، واختار العزلة والاستناد مديدا وأمدا بعيدا وقد قلنا إن هذا
الأمد البعيد قدر ب‍ " ١٥ عاما.
وهو في كل هذا الأمد البعيد ليس له شغل وعمل الا العبادة
والمجاهدات والرياضات، متوجها توجها غريزيا إلى مسبب الأسباب،
ومتضرعا تضرعا جبليا إلى مسهل الأمور الصعاب على حد تعبيره
وهو يعتقد ان الانسان يتمكن من الحصول على العلم اللدني
والانكشاف اليقيني، بطول المجاهدات والانقطاع إلى الله تعالى، بعد
تصفية الباطن ورفع الحجب عن النفس. لذلك قال نتيجة لتلك
العزلة: اشتعلت نفسي لطول المجاهدات، والتهب قلبي لكثرة
الرياضات التهابا قويا، ففاضت عليها أنوار الملكوت وحلت بها خبايا
الجبروت، ولحقتها الأضواء الأحدية وتداركتها الالطاف الآلهية. فاطلعت
على اسرار لم أكن اطلعت عليها إلى الآن، وانكشفت لي رموز لم تكن
منكشفة هذا الانكشاف من البرهان بل كل ما علمته من قبل بالبرهان
عاينته مع زوائد بالشهود والأعيان.... وهكذا يكرر هذا المعنى في كثير
من مؤلفاته.
ولما حصلت له هذه الحالة النفسية نتيجة لتلك العزلة انفتح له ان
ينتقل إلى:
المرحلة الثالثة. وهي دور التاليف، إذ ألهمه الله تعالى الإفاضة
مما شعر به في المرحلة الثانية جرعة للعطاش الطالبين، فبلغ الكتاب
اجله، وأراد الله تقديمه وقد كان أجله هكذا يقول. ورأى أن يخرجه
من القوة إلى الفعل، ونهضت عزيمته بعد ما كانت قاعدة واهتز الخامد من
نشاطه.
فصنف كتابا إلهيا، ويعني به الاسفار. وهو أول كتبه بعد تلك
العزلة الطويلة ويظهر انه أشغل في تأليفه وهو لا يزال في موطن عزلته.
ولم يصنف كتابا قبله فيما عثرنا على نصوصه غير ثلاث رسائل، إذ
أشار إليها في الاسفار، وهي رسالة طرح الكونين ١: ١٠ ورسالة حل
الاشكالات الفلكية في الإرادة الجزافية ١: ١٧٦ ورسالة حدوث العالم
١: ٢٣٣، وان كان هذا ليس دليلا وحده على سبقها على الاسفار
بمجرد الإشارة إليها فيه، لأنه في رسالة الحدوث أيضا يشير إلى الاسفار
نفسه، والى الشواهد الربوبية مع أنه قيل إنه آخر مؤلفاته، وذلك ص ٢٢
من الرسالة.
ولعله يدخل الإشارة إلى كتبه الأخرى بعد تأليف الكتاب بمدة،
فذكر الإشارة إلى كتاب في كتاب آخر لا يعنى سبق تأليف ما أشار اليه.
وفيما أظن ان الرسالة الوحيدة التي سبقت تأليف الاسفار ووقعت في
المرحلة الأولى، هي رسالة سريان الوجود التي سيأتي ذكرها في
مؤلفاته، لاشتمالها على آراء في الوجود عدل عنها في الاسفار، كما أظن
انها نفس رسالة طرح الكونين.
وعلى كل حال، فان كتاب الاسفار هو أول مصنفاته في المرحلة
الثالثة من حياته وهي مرحلة التاليف. وقد شحنه بكل ما عنده من أفكار
وآراء ومكاشفات وشواهد ربوبية وواردات قلبية ومشاعر إلهية. وكل كتاب
ألفه وكل رسالة صنعها بعد ذلك فالجميع مجرد منه، ومقتبس من عباراته
وآرائه. ولذا قلنا إنه الأم لباقي مؤلفاته، حتى كتب التفسير التي ألفها
على ما يظهر لغرض تطبيق فلسفته على القرآن الكريم.
وإذا انتهينا إلى هنا فإنه يحسن بنا ان نتحدث عن مدرسته العلمية
التي كان يدعو إليها:
مدرسته العلمية
ان المترجم يرى ان المعرفة تحصل من طريقين: طريق البحث
والتعلم والتعليم الذي يستند على الأقيسة والمقدمات المنطقية، وطريق
العلم اللدني الذي يحصل من طريق الالهام والكشف والحدس. وهذا
الأخير انما يحصل بسبب تجريد النفس عن شهواتها ولذائذها والتخلص من
أدران الدنيا وأوساخها، فتنجلي مرآتها الصقيلة وتنطبع عليها صور حقائق
الأشياء كما هي إذ تتحد النفس بالعقل الفعال حينما تحدث لها فطرة ثانية
بذلك.
ويرى ان الفرق بين العلمين كالفرق بين علم من يعلم الحلاوة
بالوصف وبين علم من يعلمها بالذوق. وان الثاني أقوى واحكم، ويمكن
وقوعه، بل هو واقع للأنبياء والأوصياء والأولياء والعرفاء.
قال في مفاتيح الغيب في المشهد الثامن من المفتاح الثالث: ان
كثيرا من المنتسبين إلى العلم ينكرون العلم الغيبي الدني الذي يعتمد عليه
السلاك والعرفاء. وهو أقوى واحكم من سائر العلوم، قائلين: ما معنى
العلم الا الذي يحصل من تعلم أو فكر وروية.

(١) راجع سفينة البحار (ج ٢. ص ١٧) في الحاشية
(٢) راجع حاشية سفينة البحار (٢: ١٧)
(٣٢٣)

بل ذم مجرد الأنظار البحثية أشد ذم، فقال في الاسفار ج ١ ص
٧٥:... لا على مجرد الأنظار البحثية التي ستلعب بالمعولين عليها
الشكر، ويلعن اللاحق منهم فيها السابق، ولم يتصالحوا عليها، بل كلما
دخلت أمة لعنت أختها ثم اثنى على كبار الحكماء والأولياء في مشاهداتهم
النورية، وذلك في موضوع المثل الأفلاطونية، فقال: واكتفوا فيه بمجرد
المشاهدات الصريحة المتكررة التي وقعت لهم فحكوها لغيرهم، لكن يحصل
للانسان الاعتماد على ما اتفقوا عليه والجزم بما شاهدوه ثم ذكروه.
وليس لاحد ان يناظرهم فيه. وكيف وإذا اعتبروا أوضاع الكواكب
واعداد الأفلاك بناء على ترصد شخص كأبرخس أو اشخاص بوسيلة الحس
المثار للغلط والطغيان، فبان يعتبروا أقوال فحول الفلسفة المبتنية على
ارصادهم العقلية المكررة التي لا تحتمل الخطأ كان أحرى.
وهذا غاية ما يمكن ان يقال في الثناء على الارصاد العقلية: ليس
لاحد ان ينازع فيها! لا تحتمل الخطأ! ان هذا لشئ عجيب!
ولكنه مع قوة عقيدته هذه في المكاشفات العرفانية يرى أنه لا غنى
للانسان السالك بأحد الطريقين عن الآخر. وقد كرر ذلك في كتبه وأكده
مرة بعد أخرى، فأصر على ضرورة الجمع بينهما كما جمع هو، وتفرد بهذا
الجمع فبلغ ما لم يبلغه أحد من فلاسفة العصور الاسلامية.
قال في المبدأ والمعاد ص ٢٧٨: فأولى ان يرجع إلى طريقتنا في
المعارف والعلوم الحاصلة لنا بالممازجة بين طريقة المتألهين من الحكماء
والمليين من العرفاء.
ثم قال متبجحا: فان ما تيسر لنا بفضل الله ورحمته وما وصلنا اليه
بفضله وجوده من خلاصة اسرار المبدأ والمعاد مما لست أظن ان قد وصل
اليه أحد ممن اعرفه من شيعة المشائين ومتأخريهم دون أئمتهم ومتقدميهم
كأرسطو ومن سبقه. ولا أزعم ان كان يقدر على اثباته بقوة البحث
والبرهان شخص من المعروفين بالمكاشفة والعرفان من مشائخ الصوفية من
سابقيهم ولاحقيهم.
إذن لا المشاؤون بلغوا ما بلغه بالمكاشفة، ولا الاشراقيون والعرفاء
بلغوا ما بلغه بالبحث والبرهان. فهو المتفرد بجمعه بين مسلك الطائفتين
والتوفيق بينهما.
ثم قال ليؤكد سر تفوقه في منهجه: وظني ان هذه المزية انما
حصلت لهذا العبد المرحوم من الأمة المرحومة، من الواهب العظيم والجواد
الرحيم، لشدة اشتغاله بهذا المطلب العالي وكثرة احتماله من الجهلة
والأرذال وقلة شفقة الناس في حقه وعدم التفاتهم إلى جانبه، حتى أنه كان
في الدنيا مدة مديدة كأنه يشير إلى دور العزلة كئيبا حزينا ما كان له عند
الناس رتبة أدنى من آحاد طلبة العلم، ولا عند علمائهم الذين أكثرهم
أشقى من الجهال قدر أقل تلاميذهم.
وصرح هو مرة في الاسفار ٤ ١٦١ بجمعه بين الطريقين إذ علل
اختلافه مع بعض مشايخ الصوفية في بعض أقوالهم، فقال: لان من عادة
الصوفية الاقتصار على مجرد الذوق والوجدان فيما حكموا عليه. واما نحن
فلا نعتمد كل الاعتماد على ما لا برهان عليه قطعيا، ولا نذكره في كتبنا
الحكمية.
ولم يزل يشنع على من يستعمل أحد المسلكين دون الآخر، كقوله في
مفاتيح الغيب ص ٣ ومثله في الاسفار ص ٤: ولا تشتغل بترهات
الصوفية ولا تركن إلى أقاويل المتفلسفة، وهم الذين إذا جاءتهم رسلهم
بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن. وقانا
الله وإياك يا خليلي من شر هاتين الطائفتين ولا جمع بيننا وبينهم طرفة
عين.
بل عبر في مقدمة تفسير الفاتحة عن الطائفة الأولى بالمبتدعين
المضلين، وعن الطائفة الثانية بالمعطلين الضالين. ثم قال: لان كلهم
من أولياء الشياطين وأبناء الظلمات وأهل الطاغوت.
إذن فلسفته التي يدعو إليها ويحلف فيها هي الجمع بين طريقة
المشائين وطريقة الاشراقيين والتوفيق بينهما. وعلى هذا تبتني مدرسته العلمية
تعليمه وارشاده لأبنائه الروحانيين ولأجلها ألف معظم كتبه لا سيما
الاسفار، إذ قال في مقدمته آخر ص ٣: قد اندمجت فيه العلوم التألهية
في الحكمة البحثية، وتدرعت فيه الحقائق الكثيفة بالبينات التعليمية ولا
يجد غنى للسالك باحدى الطريقتين عن الأخرى، كما سبق.
وهذه في الحقيقة مدرسة جديدة للفلسفة الأهلية لم يعهد لاحد قبله
سلوكها والدعوة إليها صراحة، الا ما قد يظن في أستاذه السيد الداماد،
فيكون عنه اخذها فجلاها وبين معالمها فان لم يكن فيها هو المجدد المؤسس
فهو الموضح لها المشيد لأركانها المعلن بها.
ثم بعد هذا يرى ان الشرع والعقل متطابقان في جميع المسائل
الحكميات الاسفار: ص ٧٥. وأعقب هذا التصريح بقوله: حاشا
الشريعة الحقة الإلهية البيضاء ان تكون احكامها مصادمة للمعارف اليقينية
الضرورية. وتبا لفلسفة تكون قوانينها غير مطابقة للكتاب والسنة.
وهذه مدرسة أخرى له في المعرفة، وهي التوفيق بين الشرع
الاسلامي وبين الفلسفة اليقينية وعلى هذا لم يفتأ يستشهد على كل مسالة
حكمية عويصة بالآيات القرآنية والآثار الاسلامية وهو بارع حقا في تطبيق
ما يستشهد به منها على فلسفته.
والحق انه في هذه المدرسة مجدد مؤسس أيضا لم يعرف له نظير فيها.
وحاشا ان يكون استشهاده بالأدلة السمعية كما يسميها رياء
لغرض دفع عادية المتهمين له بالخروج على الشرع، بل هو دائما يتبجح بأنه
لا يرى أحدا يفهم اسرار القرآن الكريم والسنة كما يفهمهما هو، ويبالغ في
التوفيق بين فلسفته والدين مبالغة تجعله أبعد ما يكون عن الرياء والدجل،
حتى يكاد ان يجعل كتبه الفلسفية تفسيرا للدين، وكتبه الدينية كتفسير
القرآن الكريم وشرح أصول الكافي تفسيرا للفلسفة. ولذا نقول إن كتبه
في التفسير وشرح الحديث هي امتداد لفلسفته.
والحاصل ان الذي نستوضحه من أسلوبه والتأليف ان له فكرة واحدة
يسعى إليها جاهدا في كل ما ألف، وهي ما تلخصها عبارته المتقدمة من أن
الشرع والعقل متطابقان ولهذه الفكرة العميقة جزءان أو طرفان:
الطرف الأول تأييد العقل للشرع، والطرف الثاني تأييد الشرع للعقل.
(٣٢٤)

ولكل من الطرفين جعل كتبا: فكتبه الفلسفية ألفها ويستهدف فيها تأييد ما
جاء في الشرع الاسلامي بالفلسفة، وكتبه الدينية ألفها ويستهدف فيها تأييد
ما جاء في فلسفته بالشرع. فحق ان نعد كتبه الفلسفية كتبا دينية ونعد كتبه
الدينية كتبا فلسفية وهذا معنى ما قلناه آنفا ان كتبه الدينية كانت امتدادا
لفلسفته.
وهو بهذا الأسلوب من المزج بين الفلسفة والدين والتوفيق بينهما
سواء كان مصيبا أو مخطئا كان صاحب مدرسة جديدة أخرى هو المؤسس
لها حقا، وان كان الواضع لبذرتها الخواجا نصير الدين الطوسي في التوفيق
بين الفلسفة والكلام.
بل في الحقيقة ان فيلسوفنا له مدرسة واحدة هي الدعوة إلى الجمع
بين المشائية والإشراقية والإسلام. هذه العناصر الثلاثة هي عمدة أبحاثه
ومنهجه العلمي في مؤلفاته جعلت منه مؤسسا لمدرسة جديدة بكل ما لهذه
الكلمة من معنى في الفلسفة الإلهية، ويمثلها حق التمثيل من كتبه أسفاره
الأربعة.
منهجه العلمي في التاليف
تبتني فلسفته في كل ما ألف حتى كتبه الدينية التي قلنا انها جزء من
فلسفته وامتداد لها على حصر العلوم الحقيقية والمعارف اليقينية في العلم بالله
وبصفاته وملكه وملكوته، والعلم باليوم الآخر ومنازله ومقاماته، لأنه يجد
ان الغاية المطلوبة وكم يكرر ذلك في كتبه لا سيما في مقدماتها هي تعليم
ارتقاء الانسان من حضيض النقص إلى أوج الكمال الذي لا حد له
بالنسبة إلى الانسان خاصة من بين سائر المخلوقات وبيان كيفية سفره إلى
الله تعالى، قال في الاسفار عن كتابه ١ ٩: عرضنا فيه بيان طريق
الوصول إلى الحق وكيفية السير إلى الله.
ان هذا الهدف وحده يبتني عليه منهج التاليف في كل كتبه المطولة
والمختصرة، وهو قطبها وعليه تدور رحاها. حتى كتبه الدينية التي يعنيه منها
تطبيق الشرع على فلسفته، كما سبق آنفا.
ولهذا الهدف حسب تقريره ستة مقاصد: ثلاثة منها كالدعائم
والأصول، وثلاثة كاللواحق. وركز مؤلفاته على الدعائم، وهي:
١ معرفة الحق الأول وصفاته وآثاره. وهو فن الربوبيات الذي
هو جزء من الفلسفة الكلية. وإذا بحث عن الفلسفة الكلية كما في
الاسفار فالبحث عنها انما هو عنده لهذه الغاية ليس إلا.
٢ معرفة الصراط المستقيم، ودرجات الصعود اليه تعالى، وكيفية
السلوك اليه وهو علم النفس الذي هو جزء من العلم الطبيعي.
وإذا بحث عن العلم الطبيعي كما في الاسفار أيضا فالبحث عنه لهذه
الغاية عنده.
٣ معرفة المعاد والمرجع اليه تعالى وأحوال الواصلين اليه والى دار
رحمته علم المعاد.
هذه الدعائم الثلاث هي محور مؤلفاته عليها تدور ولها تستهدف
واما اللواحق فلم يفرد لها تأليفا، وانما يذكرها عرضا وبالتبع في غضون
أكثر مؤلفاته، لأنها لواحق تلك الدعائم. وهي:
١ معرفة المبعوثين من عند الله لدعوة الخلق ونجاة النفس، وهم
قواد سفر الآخرة ورؤساء القوافل. يعني الأنبياء والأوصياء، بل
الأولياء.
٢ حكاية أقوال الجاحدين وكشف فضائحهم. وهم قطاع الطريق
في سفر الآخرة.
٣ تعليم عمارة المنازل والمراحل في ذلك السفر، وكيفية اخذ الزاد
والراحلة له، والاستعداد برياضة المركب وعلف الدابة ويقصد بالمركب
والدابة النفس وهو الذي يسمى علم الاخلاق.
وهو في تحصيل ذلك الهدف سلك الطريقة المتقدم ذكرها وهي الجمع
بين المشائية والإشراقية والإسلام، اي انه يذكر الأدلة المنطقية على
مطلوبه، ويذكر مكاشفاته ومشاهداته العرفانية ويستشهد بالأدلة السمعية.
وهذه المنهج يسلكه في أكثر كتبه لا سيما الاسفار أمها، نعم بعض
المؤلفات خصه بالمسلك العرفاني، والبعض الآخر بالمسلك البحثي.
اما المختصة بالمسلك العرفاني فهي الشواهد الربوبية والعرشية وأسرار
الآيات والواردات القلبية، على ما بينها من الاختلاف في التطويل
والاختصار واسماؤها تنم عن ذوقها العرفاني وفي خصوص الأخير
الواردات القلبية سلك مسلك الكهان المتحذلقين في التسجيع والتعقير
وتلمس الاغراب، كأنما يريد: ان يظهرها بمظهر الإلهامات الإلهية التي ورد
بها آمر قلب ودفعت إليها إشارة مشير غيب على حد تعبيره
في مقدمة الشواهد ص ٣ فامتثل ذلك الامر والمأمور معذور ويبدو انه يريد أن
يقول إنه فاقد للاختيار وانه مجبور. فهي تشبه ان تكون عنده من نحو
النصوص الدينية والأحاديث القدسية، كما يرى هو ذلك في كلمات ابن
عربي قال في مقدمة العرشية: بل هذه قوابس مقتبسة من مشكاة النبوة
والولاية مستخرجة من ينابيع الكتاب والسنة. من غير أن تكتسب من
مناولة الباحثين ومزاولة صحبة المعلمين.
وسلك في شرحه للهداية الأثيرية وشرحه لآلهيات الشفا مسلك
البحث الصرف اتباعا لطريقة المتن. ولذا لما ندت منه بادرة في السلوك
العرفاني مرة في شرحه للشفا اعتذر عن ذلك فقال ص ١٦٧ من هذا
الشرح: وليعذرنا اخوان البحث في الخروج عن طورهم تشوقا إلى طور
المكاشفة وتحننا إلى عالم الملكوت
ثم هو حينما يسلك الطريقين في تأليفه لا سيما في الاسفار يشرع
أولا في البحث على طريقة النظار وأهل البحث ثم يذكر مشاهداته العرفانية
ومكاشفاته اليقينية شفقة على المتعلمين كما يقول. وهي عادة الفلاسفة
لسهولة التعليم الاسفار ج ص ١٨ ثم قال ص ١٩: ونحن أيضا
سالكو هذا المنهج في أكثر مقاصدنا الخاصة، حيث سلكنا أولا مسلك
القوم في أوائل الأبحاث وأوساطها ثم نفترق عنهم في الغايات، لئلا تنبو
الطبايع عما نحن بصدده في أول الامر بل يحصل لهم الاستيناس به، ويقع

(١) راجع رسالة المظاهر المطبوعة على هامش المبدأ والمعاد ص ٢٣٢
(٣٢٥)

في اسماعهم كلامنا موقع القبول إشفاقا بهم.
وفي الحقيقة ان هذا المنهج العلمي هو متفرد به بل هو المؤسس
لمدرسته كما قلنا. ولم يعهد كالاسفار كتاب جمع بين الطريقين بأوسع ما
يمكن من الجمع والتوفيق، فاحتشدت فيه آراء لناس على اختلاف
مشاربهم، ومحاسبتها حسابا دقيقا علميا مع نصوع العبارة ورصانتها
وسلامتها وحسن أداء المقاصد والصراحة في ايضاحها. والمعهود في كتب
الفلسفة الغموض والرمز والتعقيد.
فسهولة التعليم التي أشار إليها بريئة منه كتب الفلسفة المتقدمة
عليه، بل المتأخرة عنه، كيف ومن تعاليمهم ان يكتموا آراءهم إلا على فئة
خاصة من تلاميذهم يفتحون لهم رموزهم، حيث يجدون منهم استعدادا
لفهم مقاصدهم و الاستنارة بها.
وصاحبنا هو أيضا يوصي بهذه الوصية في كتمان مطالبه على الجلود
الميتة اتباعا للحكماء الكبار أولي الأيدي والابصار، كما يقول، ولكن
يأخذ بها في اتخاذ الرمز والتعقيد والغموض سبيلا لكتمان آرائه لا سيما في
الاسفار بل بالغ في تصوير آرائه باختلاف العبارات والتكرار، حسبما أوتي
من مقدرة بيانية وحسبما يسعه موضوعه من أدائه بالألفاظ وهو معبر موهوب
لعله لم نعهد له نظيرا في عصره وفي غير عصره من أمثاله من الحكماء وإذا
كان أستاذه الجليل السيد الداماد يسمى أمير البيان، فان تلميذه ناف عليه
وكان أكثر منه براعة وتمكنا من البيان السهل وانما كان امتياز السيد
باستعمال المجاز والكنايات والألفاظ المتخيرة والتسجيع ولأجله أعطي هذا
اللقب أمير البيان، وتلميذه في نظري أحق به وأولى.
وإن كان هو يرى أن الحقائق لا يمكن فهمها عن مجرد الألفاظ
فان الاصطلاحات وطبايع اللغات مختلفة ولقد أحسن جدا في هذا التعبير
الحكيم، وتلك حقيقة واقعة معروفة، لكنه لم يدخر وسعا في تقريب
مقاصده من مكان قريب وبعيد في كتابه الاسفار، وجاء فيه بأقصى جهد
الكاتب البليغ في توضيحها ووفق توفيقا لم يتهيأ لمثله.
فجاء كما قال في مقدمته آخر ص ٣ بحمد الله كلاما لا عوج فيه
ولا ارتياب ولا لجلجة ولا اضطراب يعتريه، حافظا للأوضاع، رامزا
مشبعا في مقام الرمز والاشباع، قريبا من الافهام في نهاية علوه، رفيعا
عاليا في المقام مع غاية دنوه.
ثم قال: واستعملت المعاني الغامضة في الألفاظ القريبة من
الاسماع.
ثم قال: انظر بعين عقلك إلى معانيه هل تنظر فيه من قصور؟ ثم
ارجع البصر كرتين إلى ألفاظه هل ترى فيه من فطور.
وفي الحقيقة أن كتابه الاسفار جدير بهذا الوصف، لا سيما قوله فيه
قريبا من الافهام في نهاية علوه فان قربه من الافهام باعتبار سهولة عبارته
ورصانتها، ونهاية علوه باعتبار ما حوى من الآراء الدقيقة والأفكار السامية
التي هي في مستوى كبار العلماء المنتهين، فإنه كما قال في المبدأ والمعاد عنه
ص ٣: وانا عملنا لمن له فضل قوة لتحصيل الكمال على وجه أبلغ وأوفر
كتابا جامعا لفنون العلوم الكمالية التي هي ميدان لأصحاب الفكر وفيها
جولان لأرباب النظر سميناه الاسفار الأربعة.
المآخذ عليه
وحدة الوجود
كثر التشنيع على هذا الرجل بعد وفاته عند رجال الدين حتى كان
اسمه ومؤلفاته مثار السخط والاشمئزاز. ويكفي أن نعرف أن الشيخ احمد
الأحسائي المتوفى سنة ١٢٤٣ كفره الناس لميله إلى بعض آراء المترجم.
ومن المفارقات العجيبة في تلك العصور أن الأحسائي نفسه كان يقول بكفر
صاحبنا ويشنع عليه. وبلية الأحسائي كلها أنه قرأ كتبه من دون حضور
على أستاذ فلم يفهمها كما يجب، وكان ذكيا معتدا بنفسه، فأصيب بداء
الغرور فاشتط من جهته في تأثره بها عقيدة، واشتط من جهة أخرى في
بحث آرائه ناقدا. وفي كلتا الجهتين كان متورطا.
بل صاحبنا قد لاقى من العنت في زمانه ما دفعه إلى اعلان تذمره من
اهله والسخط عليهم في عدة تصريحات ثائرة عنيفة في أكثر كتبه، لا سيما
في مقدماتها. بل الجاه ذلك إلى أن يهرب بنفسه فينزوي في بعض النواحي
البعيدة، على ما سبق ومن امض التشنيعات عليه في نظري أن يقال: (٣) في
صدد الثناء على ولده ميرزا إبراهيم: " وهو في الحقيقة مصداق يخرج الحي
من الميت " وعلل ذلك بأنه " كان على ضد طريقة والده في التصوف
والحكمة " بينما أن الوالد هذا لا يرى في غير الحكمة والعرفان حياة للنفس
الانسانية، بل من يتجرد عن ذلك يقسو عليهم فيعبر عنهم باهل الجلود
الميتة. ومن اللازم أن نشير إلى جملة من المؤاخذات البارزة التي سجلت
عليه من قبل المترجمين له:
أحدها رأيه في وحدة الوجود:
إن الرأي المعروف بوحدة الوجود على اجماله يعتبر من سمات
المتصوفين التي تدفعهم إلى دعوى الشطحات والمواجدة وعلم المغيبات وما
إليها، ويعد من أكبر الوصمات فيهم الملازمة لطعنهم بالكفر والزندقة.
وهو يساوق عند الناس مقالة الحلول والتناسخ. وهذه الكلمات وحدها
مدعاة لإثارة الشعور بكراهية القائل بها، وللاستنكار لأقواله والتسرع
بنسبته إلى الكفر، وأن لم تتحدد معانيها ومفاهيمها بالضبط، ولم تعرف
العامة السر في التكفير بها.
قال الشيخ احمد الأحسائي في شرحه للعرشية ناقدا المولى محسن
الفيض ص ١٢: فإذا لم يكن قوله هذا قولا بوحدة الوجود إذن؟.
وموضع الشاهد نقله الاجماع على تكفير معتقد وحدة الوجود.
اما السر في الكفير بها، فقد قيل: أن لازم هذه المقالة أن يكون أمير
المؤمنين ع وقاتله ابن ملجم مثلا ممدوحين ناجبين. وكذا موسى
وفرعون، والحسين ع ويزيد، وهكذا الخلق كلهم سعيدهم
وشقيهم اما لا شقي أو لا سعيد. وقيل: أن لازمها أن يتصف الله تعالى
بصفات الممكنات أو تتصف الممكنات بصفات الواجب، أو تكون هو إياها
أو هي إياه، فتكون واجبة الوجود أو معبودة، فتصح العبادات لفرعون
والأصنام والشمس والقمر وهكذا. قال الشيخ احمد الأحسائي في شرح
العرشية ص ١٧ مخاطبا للمولى محسن الفيض متهكما: قل انا الله، ولا

(١) الاسفار في المقدمة ص ٤، والمبدأ والمعاد ص ٤ وغيرهما.
(٢) الاسفار ج ١ ص ٥١ (٢) قصص العلماء ص ٣٧ فما بعدها
(٣) الروضات ص ٣٣١
(٣٢٦)

تخف فإنك بالتصريح تستريح وتريح.
وعلى كل حال فقد اقترنت مقالة وحدة الوجود بإطار من صفة
المروق من الدين والكفر والزندقة، مع أن لها كما سيأتي عدة معان ربما
لا يكون لأحدها تلك اللوازم الباطلة ولا غيرها. ولكن لا صبر للرأي
العام على التفكير في ذلك، والتفكيك بين المعاني وتوجيه كلام القائل بها.
ولذلك كان يتحاشى المترجم التعبير بعبارة وحدة الوجود تعبيرا صريحا
واضحا اما تلامذة مدرسته فقد بالغوا في تصويره القول بالوحدة على الوجه
الذي لا يلزم منه تلك اللوازم الباطلة ولا غيرها وأنه ليس المراد من الوحدة
الاتحاد الذي يفهم من ظاهر الكلمة وعندهم أن هذا المعنى لا يفهمه الا
الأوحدي من الأذكياء والفضلاء. وإذا انطلى على العامة وأشباه العامة لفظ
وحدة الوجود فذلك شان من لا يفهم الاسرار الفلسفية، فيشنع على
قائلها. وقال هو في تفسير سورة البقرة ص ٢٧٨: أن أكثر الناس
يتنازعون في مسالة لا يعرفون بعد موضوعها ولا محمولها، فقبل تحرير محل
النزاع يخاصم بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا ويتندرون بقصة الشيخ
محمد كاظم في الروضة الحسينية حينما كان في تعقيبه بعد صلاة الصبح يلعن
بتسبيحة كاملة الملا صدر، وكل واحد من جماعة آخرين بتسبيحة كاملة
منهم المولى محراب وهو الحكيم المولى محراب علي الأصفهاني من اعلام
القرن الثاني عشر. وكان هذا الحكيم صدفة جالسا إلى جنبه يستمع إلى
هذه التسبيحات القدسية، وهو لا يعرفه وقيل: أنه جاء متخفيا فارا إلى
كربلاء من أصفهان بعد تكفيره فيها فقال للشيخ: لما ذا تلعن هؤلاء؟
أ تعرفهم؟، فقال: لأنهم يقولون بوحدة واجب الوجود فلم يفرق بين
وحدة الوجود ووحدة واجب الوجود فقال له ببرودة دم متهكما: حق من
مثلك أن يلعن من يقول بوحدة واجب الوجود حتى لا ينتشر مثل هذا
الاعتقاد.
وسواء صحت هذه القصة الطريفة أم لم تصح، فإنها ترمز عندهم
إلى عدة أشياء: منها عدم تمييز العامة للواضحات واضطهادهم للحكماء
بما لا يعرفون ومنها اللوم على الحكماء أن يصرحوا بما لا تتحمله عقول
العامة، ويحق عليهم اللعن من هذه الجهة، ومنها أن القول بوحدة
الوجود الذي يذهب اليه هؤلاء العرفاء راجع في الحقيقة إلى القول بوحدة
واجب الوجود. اي أن التوحيد الحقيقي الذي لا يشاب بالشرك لا يصح
الا إذا قلنا بوحدة الوجود، اي أن التوحيد الحقيقي الذي لا يشاب بالشرك
لا يصح الا إذا قلنا بوحدة الوجود، لأن التوحيد توحيد في العبادة وتوحيد
في الخلق وتوحيد في الوجود. ويعبر عنه صدر المتألهين في كثير من الواقع
بالتوحيد الخاص أو توحيد الأخصي. فإذا كان التوحيد كفرا فعلى الاسلام
السلام!
بل يقولون: إذا نفينا وحدة الوجود التي يفسرها صدر المتألهين يلزمنا
القول بالشرك في الحقيقة. وهو دائما يقول: انما الناس يعبدون أصناما
ينحتونها بأوهامهم، ويستشهد بكلام للإمام الباقر ع: كل
ما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه فهو مصنوع مثلكم مردود إليكم.
ولأجل أن نجلي غرض صدر المتألهين وتلاميذ مدرسته في هذا
الباب، نقول: أن الأقوال في المسالة يمكن تصويرها في ثلاثة وجوه:
١ تعدد الوجود والموجود. وهذا هو الذي يتصوره عموم الناس.
٢ وحدة الوجود والموجود، وأن التعدد الذي يبدو للعامة في الوجود
والموجود انما هو تعدد ظاهري مجازي وفي الحقيقة لا تعدد لكل منهما. وهذا
هو المذهب المعروف المنسوب إلى المتصوفة، الذي قال عنه الأحسائي أن
العلماء مجمعون على تكفير معتقده باعتبار أنه يفهم منه الحلول أو الاتحاد بين
الخلق والمخلوق.
٣ وحدة الوجود وتعدد الموجود. وهو المنسوب إلى بعض المتألهين،
كما حكاه في الاسفار ١: ١٦ ورد عليه من عدة وجوه، ولكنه نفسه في
رسالة سريان الوجود يظهر منه الميل اليه، ومن هنا نستظهر أن هذه الرسالة
ألفها في مرحلته الأولى من حياته العلمية. قال فيها ص ١٣٨ عن
الممكنات: فهي موجودات متعددة متكثرة في الخارج ولها كثرة حقيقية
عينية، فالوجود واحد والموجود متعدد متكثر. هذه الاحتمالات الثلاثة
المتصورة كل واحد منها به قائل، ولم يبق الا الاحتمال الرابع وهو تعدد
الوجود ووحدة الموجود فليس به قائل لوضوح استحالته.
اما الذي استقر عليه رأي المترجم في كتاب الاسفار وغيره، فلا يتفق
مع تلك الأقوال الثلاثة كلها، بل إن لم يكن قولا رابعا فهو جمع بين
الأقوال، يعني أنه يقول أن الاحتمالات الأربعة كلها صحيحة ويجب القول
بها جمعا. فان الذي يراه أن الوجود متعدد حقيقة، ولكنه في عين الحال
الوجود واحد حقيقة والموجود أيضا واحد حقيقة فإن شئت قلت بتعدد
الوجود والموجود أو بوحدة الوجود والموجود أو بوحدة الوجود وتعدد الموجود
أو بتعدد الوجود ووحدة الموجود فكله صحيح ولكن بشرط الجمع بين هذه
الأقوال كلها. وهذا من العجيب حقا، ويبدو أنه متهافت متناقض، غير
أنه يصر عليه كل الاصرار ويقول أن فهمه يحتاج إلى فطرة ثانية.
ويرتفع التهافت الظاهر بان يكون معنى الوجود متعددا حقيقة أنها
الحقيقة في قبال المجاز اللغوي، ومعنى أن الوجود واحد حقيقة أنها الحقيقة
في قبال المجاز العرفاني. قال في المبدأ والمعاد ص ١١٤: ليس اطلاق
الوجود على ما سوى الله مجازا لغويا بل عرفانيا عند اهل الله.
ولكن يجد أن العبارة قاصرة عن أداء هذا المقصد لغموضه ودقة
مسلكه وبعد غوره، فيشتبه على الأذهان ويختلط عند العقول. ولذا طعنوا
في كلام الأكابر بأنه مما يصادم العقل الصريح والبرهان الصحيح.
ونكتة الغموض في هذا المسلك وبعد غوره أنه يرى أن الوحدة في
الوجود والموجود عين الكثرة، والكثرة فيهما عين الوحدة. وهذا هو معنى
المجاز العرفاني في التعدد، لا أن هويات الممكنات أمور اعتبارية محضة
وحقائقها أوهام وخيالات لا تحصل لها إلا بحسب الاعتبار، فان هذا
ليس معنى المجاز الذي يراه.
ولما كانت الوحدة عين الكثرة، فان الظاهريين لما نظروا إلى الوجود
و الموجود بعين واحدة وهي اليسرى واقتصروا عليها رأوا الكثرة والتعدد.
والمتصوفون لما نظروا إليهما بعين ثانية وهي اليمنى واقتصروا عليها رأوا

(١) راجع تفسير الفاتحة ص ١٠ وغيره
(٢) الاسفار (١: ١٩١) ٠٣) نفس المصدر ص داظ
(٣٢٧)

الوحدة ولم يروا سوى الله اما الكامل الراسخ فهو ذو العينين السليمتين:
ويعلم أن كل ممكن زوج تركيبي له وجهان، وجه إلى نفسه ووجه إلى
ربه، فبالعين اليمنى ينظر إلى وجه الحق اي وجه ربه فيعلم أنه الفائض
على كل شئ والظاهر في كل شئ فيعود اليه كل خير وكمال وفضيلة
وجمال. وبالعين اليسرى ينظر إلى الخلق اي وجه نفسه ويعلم أنه ليس
له حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ولا شان الا قابلية الشؤون
والتجليات وفي ذواتها اعدام ونقائص، قائلا لسان مقاله طبق لسان حاله:
رق الزجاج ورقت الخمر * فتشابها وتشاكل الامر
فكأنه خمر ولا قدح * وكأنه قدح ولا خمر
والسر في ذلك: أن الوجودات وأن تكثرت وتمايزت الا أنها من
مراتب تعينات الحق الأول وظهورات نوره وشؤونات ذاته. لا أنها أمور
مستقلة وذوات منفصلة
باعتبار أنها معلولة للحق الأول والمعلول طور من أطوار العلة وشان
من شؤونها فالوجود الحقيقي ظاهر بذاته بجميع أنواع الظهور ومظهر
لغيره، وبه تظهر الماهيات، وله ومعه، وفيه، ومنه. ولولا ظهوره في
ذوات الأكوان واظهاره لنفسه بالذات ولها بالعرض لما كانت ظاهرة موجودة
بوجه من الوجوه، بل كانت باقية في حجاب العدم وظلمة الاختفاء.
ويستشهد دائما بكلمات أمير المؤمنين ع لأداء هذا الغرض
كقوله: هو مع كل شئ لا بمقارنة وفي كلمة أخرى لا بممازجة وغير
كل شئ لا بمزايلة وفي حكمة أخرى لا بمباينة لأن وجوده منبسط على
جميع الكائنات، وجميع الموجودات انما هي رشحات نوره، وإن كان كل
موجود بحدوده العدمية وبقيوده الإمكانية غير الله تعالى. ويضرب لذلك
أمثلة في الاسفار لتقريب هذا المعنى يطول ذكرها، كتقريبه بانبساط نور
الشمس على المرئيات، وبصورة المرآة وبأمواج البحر.
وعلى كل حال فالمترجم يتفق مع القائلين بتعدد الوجود والموجود من
دون تجوز، ولكن لما كان كل وجود معلولا فهو في حد ذاته متعلق بغيره
ومرتبط به، فيجب أن تكون ذاته الوجودية ذاتا تعليقة وجوده وجودا
تعليقا، لا بمعنى أنه شئ وذلك تكون ذاته الوجودية ذاتا تعلقية وجوده
وجودا تعلقيا، لا بمعنى أنه شئ وذلك الشئ موصوف بالتعلق، بل هو
بما هو عين معنى التعلق بشئ.
إلى أن يقول: ولا يمكن للعقل أن يشير في المعلول إلى هوية
منفصلة عن هوية موجده حتى تكون هناك هويتان مستقلتان في الإشارة
العقلية إحداهما مفيضة والأخرى مفاضة.
ويتفق أيضا مع المتصوفة في القول بوحدة الوجود والموجود من دون
تجوز، ولكن لا بان يفهم من ذلك الحلول والاتحاد لأن ذلك معناه الاثنينية
في أصل الوجود ولا بان يفهم أن الممكنات اعتبارات محضة، كيف وأن
لكل منها آثارا مخصوصة واحكاما خاصة ولا نعني بالحقيقة الا ما يكون مبدأ
اثر خارجي ولا نعني بالكثرة الا ما يوجب تعدد الاحكام والآثار، فكيف
يكون الممكن لا شيئا في الخارج ولا موجودا فيه.
والحاصل إذا ثبت تناهي سلسلة الموجودات إلى حقيقة واحدة
بسيطة ظهر أن لجميع الموجودات إلى حقيقة واحدة هي الموجودة لها ذاته
بذاته وجود وموجود وموجد. فهو الحقيقة، والباقي شؤونه.
فهذا هو معنى وحدة الوجود والموجود: أن الوجود والموجود المستغني
بذاته واحد لا شريك له، وهو الذي يصدق عليه أنه وجود وموجود وموجد
بنفس ذاته لا بجعل جاعل وليس هو الا الواجب تعالى. وما سواه فهو
محض الفقر والفاقة والتعلق والارتباط بالواجب لا استقلال له في الوجود.
وهذا معنى المجاز العرفاني.
وفي الحقيقة ليس هذا قولا بوحدة الوجود، ولا ينبغي التعبير عنه
بوحدة الوجود، كما لم يعبر هو. وانما هو قول بالتوحيد الخاص أو الأخصي
ولسنا أعداء لكلمة التوحيد. بل أعداء الاتحاد.
قال في المشاعر ص ٨٣: إياك أن تزل قدمك من استماع هذه
العبارات وتتوهم أن نسبة الممكنات اليه تعالى بالحلول أو الاتحاد ونحوهما،
هيهات! أن هذه تقتضي الاثنينية في أصل الوجود.
وإذا سلم صاحبنا من هذه المؤاخذة فكل مؤاخذة أخرى يهون
امرها، وليس الانسان معصوما من الخطأ.
رأيه في ابن عربي
يكثر من النقل عن محيي الدين بن عربي المتوفى سنة ٦٣٨ في جميع
كتبه ولا يذكره الا بالتقديس والتعظيم، كالتعبير عنه بالحكيم العارف
والشيخ الجليل المحقق ونحو ذلك. بل في بعض المواضع ما يشعر بان قوله
عنده من النصوص الدينية التي يجب التصديق بها ولا يحتمل فيها الخطأ.
هذا رأيه فيه، بينما أن ابن عربي هذا سماه بعض الفقهاء بمميث
الدين أو ماحي الدين بل قيل: أن كل من يرى في ابن عربي حسن
اعتقاد ويعتقد بآرائه فان الفقهاء لا بد أن يعدوه كافرا ولئن دافع عنه
القاضي السيد نور الدين التستري في مجالس المؤمنين وأول كثرا من
كلماته، فان صاحب الوضات ص ٧٠٥ لم يرضه ذلك، وقال: لو كان
الامر كذلك لما بقي على وجه الأرض كافر ولا هالك
وكان المترجم استشعر هذه المؤاخذة عليه، فاعتذر عن ذلك في
شرحه لأصول الكافي الذي له قراء مخصوصون غير قراء كتبه الفلسفية،
فقال في مقدمته ص ٥: وليعذرني إخواننا أصحاب الفرقة الناجية ما
أفعله في أثناء الشرح وتحقيق الكلام وتبيين المرام من الاستشهاد بكلام
بعض المشايع المشهورين عند الناس وأن لم يكن مرضي الحال عندهم،
نظرا إلى ما قال امامنا أمير المؤمنين ع: لا تنظر إلى من قال وانظر
إلى ما قال وطبعا لم يقصد ببعض المشايخ غير ابن عربي لأنه لا يستشهد
بكلام غيره من مشايخ الصوفية الا نادرا جدا.
ولكن هذا الاعتذار، وتبريره بقول أمير المؤمنين ع لم يرفع

(١) نفس المصدر ١٩٦.
(٢) نفس المصدر ص ١٦
(٣) نفس المصدر ١٥
(٤) نفس المصدر ١٥
(٥) الاسفار
(١: ١٩)
(٦) تفسير الفاتحة ص ١٥
(٧) الروضات ص ٧٠٥
(٨) قصص العلماء ص ٢٥٣
(٩) من هذه العبارة نستشعر جهة المؤاخذة عليه في اعتماده على ابن عربي
(٣٢٨)

المؤاخذة عليه في الاستشهاد بكلامه لأنه أولا لم يعتذر عنه في كتاب
آخر، وثانيا حينما يخالفه في الرأي كثيرا ما يحاول توجيه كلامه على
الوجه الذي يليق به، اكبارا له باعتباره من أعاظم الآلهيين القديسين عنده
خذ مثالا لذلك مخالفته في مسالة علم الله، فإنه استعظم عليه أن يقول
بثبوت المعدومات فقال في الاسفار معتذرا عنه وذكره بلفظ الجمع باعتباره
الممثل لطائفة مشايخ الصوفية: لكن لحسن ظننا بهؤلاء الأكابر لما نظرنا
في كتبهم ووجدنا منهم تحقيقات شريفة مطابقة لما أفاضه الله على قلوبنا مما
لا شك فيه حملنا ما قالوه ووجهنا ما ذكروه حملا صحيحا ووجيها... ثم
ذكر توجيهه لقوله.
وهذا الاعتذار عنه يجعل الاعتذار عن الاستشهاد بأقواله لا قيمة له
في نظر من يرى في ابن عربي مميتا للدين أو ماحيا له.
وأعظم من ذلك أنه في مسالة حدوث العالم في السفر الثاني من
الاسفار يذكر فصلا فيه بعنوان فصل في نبذ من كلام أئمة الكشف
والشهود من اهل هذه الملة البيضاء في حدوث العالم، ص ١٧٦. ولا
يذكر في هذا الفصل الا كلمات لأمير المؤمنين ع ثم يقول:
واما الكلام اهل التصوف والمكاشفين فينقل عبارات لابن عربي فقط،
وحينما يختمها يقول: انتهى كلامه الشريف
فعده من أئمة الكشف والشهود وجعله في صف أمير المؤمنين عليه
السلام، ووصف كلامه بالشريف يجعله أعظم من أن يصح في الاعتذار
بأنه لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قيل.
وهو بعد لا يجعل أحدا من الفلاسفة في رتبته، حتى الشيخ
الرئيس والشيخ نصير الدين الطوسي، فإنه لا يتأخر عن نقدهما ولا يتحرج
من تفنيد آرائها دون ابن عربي. وقد سمعت كيف كان يتحاشى من مخالفته
ويوجه كلامه. وإذا خالفه في بعض نكات البحث فإنه يرقق العبارة بما لا
يوجب طعنا فيه راجع الاسفار ٤: ١٦١ و ١٦٦ على الضد من مخالفته
للشيخين الرئيس والطوسي.
وأكبر الظن أن الذي اخذ بمجامع قلب صاحبنا صدر المتألهين من
هذا الشيخ اعجابه بآرائه في الوجود التي قال عنها كما تقدم: لما نظرنا في
كتبهم وجدنا منهم تحقيقات شريفة مطابقة لما أفض الله على قلوبنا وتغافل
عن آرائه الأخرى التي يختلف معه فيها أو لم يطلع عليها على أبعد
الفروض. وفي الواقع لا يريد من التعبير بكتبهم الا كتب هذا الشيخ
وتلاميذه. ولا يريد من التحقيقات الشريفة الا آراءه في الوجود واحكام
الموجودات التي هي أعني هذه الآراء سر فلسفة صاحبنا في جميع مذهبه
العرفاني. قال في المشاعر ص ٥: ولما كانت مسالة الوجود رأس القواعد
الحكمية، ومبنى المسائل الإلهية والقطب الذي تدور عليه رحى علم
التوحيد وعلم المعاد وحشر الأرواح والأجساد، وكثير مما تفردنا به باستنباطه
وتوحدنا باستخراجه فمن جهل بمعرفة الوجود يسري جهله في أمهات
المطالب ومعظماتها والذهول عنها.
وكم يتبجح في كل مناسبة انها لم تنفتح لغيره من ذوي الأبحاث
النظار كالشيخ الرئيس وأضرابه، وفي جنب ذلك يستشهد بكلام ابن عربي
لتأييد آرائه. قال في الاسفار ٤: ١٢٤: أن هذه الدقيقة وأمثالها من
احكام الموجودات لا يمكن الوصول إليها الا بمكاشفات باطنية... ولا
يكفي فيها القواعد البحثية.... ثم قال بعد صفحة عن الشيخ
الرئيس: والعجيب أنه كلما انتهى بحثه إلى تحقيق الهويات الوجودية دون
الأمور العامة تبلد ذهنه وظهر منه العجز.
وفي موضع آخر من هذا السفر ص ١٣٠ يقول ويعني نفسه:
اني اعلم من المشتغلين بهذه الصناعة من كان رسوخه بحيث يعلم من
أحوال الوجود أسرارا تقصر الافهام الذكية عن دركها، ولم يوجد مثلها في
زبر المتقدمين والمتأخرين من الحكماء والعلماء، لله الحمد وله الشكر.
وبالطبع لا يقصد بزبر المتأخرين ما يشمل زبر ابن عربي كيف وهو لا
يفتر من الاستشهاد بأقوال هذا الشيخ في أكثر هذه المجالات تأييدا لآرائه.
موقفه مع الفقهاء
من الأمور التي سجلت على المترجم تحامله على الفقهاء وتوهينه لهم،
بل على كل من اشتغل في العلوم، عدا من لهم رسوخ في الحكمة
العرفانية.
قال صاحب المستدرك ج ٣ ص: قد أكثر في كتبه من الطعن
على الفقهاء وحملة الدين وتجهيلهم وخروجهم من زمرة العلماء.
والحق أن صاحبنا تجاوز الحد في الشكوى الثائرة والنقد القاسي الذي
لا يطاق راجع الرسائل الثمان له ص ٢٥٨ في رسالة الواردات القلبية
وفي تفسيره ص ٣٥٢ في تفسير آية الكرسي، حينما بحث عن مسالة
انقطاع العذاب، واستشعر مخالفة كلامه لاجماع الفقهاء اخذ يقارن بين
أصحابه أصحاب الشهود والعرفان وبين الفقهاء، فالفقهاء عنده وأن كانوا
عالمين باحكام الله الا انهم في معرفة الذات والصفات والأفعال الآلهية
كباقي المقلدين من المؤمنين، بخلاف اهل التوحيد الشهودي.
ثم يطلب من خصومه وهم الفقهاء الا يظن أحد منهم في اهل
التوحيد الشهودي أن ورعهم في أمور الدين واحتياطهم في عدم القول في
مسالة شرعية بمجرد الظن والتخمين يكون أقل من ورع غيرهم
واحتياطهم. هيهات! هذا من بعض الظن.
ثم يأخذ بالثناء على اهل التوحيد الشهودي بما يرفع من ضبعهم،
ثم يقيسهم بغيرهم وهم من الفقهاء فيقول: وانى يوجد لغيرهم ما
كان لهم. وهم في الحقيقة أولياء الله وقوام الدين وفقهاء شريعة سيد
المرسلين.
وهنا حتى كلمة الفقهاء يريد أن يسلبها من علماء الفقه ويعطيها
لأصحاب الشهود.
وزاد على ذلك حتى جعل كل آية قرآنية، وكل حديث نبوي، في
مدح المؤمنين، مختصا باهل الشهود التوحيدي، إلى أن يقول: فالقدح

(١) راجع الاسفار (٣: ٣٧) والمبدأ والمعاد ص ٦٨
(٣٢٩)

من أحد فيهم في مسالة اعتقادية دينية يدل على قصور رتبة القادح وسوء
الفهم وقلة انصافه. وأكد اختصاص صفة المؤمنين بالعرفاء في اسرار
الآيات ص ٨ بل لا يرى للفقهاء شانا في المعرفة والعلم والدين، إذ هو من
جهة ينقدهم في تعظيمهم للفقه، ولا يرى من الجدير بالإنسان أن يصرف
عمره فيه، ومن جهة ثانية ينقد تهاونهم بالحكمة والفلسفة وأهلها، مع ما
يشكوه مر الشكوى في تحقيرهم له المبدأ والمعاد ص ٢٧٨ إذ ما كان له
عند الناس رتبة أدنى من آحاد طلبة العلم، ولا عند العلماء الذين أكثرهم
أشقى من الجهلاء قدر أقل تلاميذهم. وما أقسى كلمته عنهم:
أكثرهم أشقى من الجهلاء.
ولا ندري هل أن تحامل بعضهم عليه في مبدأ أمره هو الذي دفعه إلى
تعميم هذا النقد القاسي أو أن تحامله عليهم هو الذي دفعهم إلى نقده
وتوهينه.
وعلى كل حال، فهو لم يختص بنقد الفقهاء، بل تجاوز إلى نقد جميع
الناس على اختلاف طبقاتهم وطرقهم، من الحكماء أصحاب البحث
والمتكلمين إلى المتصوفين والأطباء وعلماء اللغة والمؤرخين. بل اعتبر جميع
الناس هالكين، وإن الايمان الحقيقي في غاية الندرة بل لا يوجد في كل
عصر إلا واحد أو اثنان أسرار الآيات له ص ٧ بل عنده أكثر أهل
الاسلام ظاهرا أهل الكفر والشرك باطنا.
ولم يرض أن يشتغل أحد بغير الحكمة العرفانية، وكل ما عداها
علوم جزئية غير ضرورية الاشتغال بها مضيعة للعمر وابتعاد عن الوصول
إلى النعيم الدائم، فنقد ابن سينا الأسفار ج ٤ ص ١٢٧ في اشتغاله
بالعلوم الجزئية، كاللغة، ودقائق الحساب وفزار نماطيقي وموسيقى
وتفاصيل المعالجات في الطب وذكر الأدوية المفردة والمعاجين وأحوال
الدريانات والسموم والمراهم والمسهلات ومعالجة الفروح والجراحات.
وكأنه إنما يعدد كل هذه التفاصيل لأجل توهينها في نظر القارئ
وتسخيفها، باعتبارها أمورا غير ضرورية والاشتغال بها اشتغال بأمور الدنيا
وحبائلها، مع أن ابن سينا في نظره يجب أن يكون معرضا عن الخلق
طالبا للخلوة آنسا بالله آيسا عن غيره.
ومن تهكماته في المشتغلين بغير الحكمة العرفانية قوله في أسرار الآيات
ص ٦٥: إن كنت من أهله وإلا فغض بصرك عن مطالعة هذا الكتاب
يعني أسرار الآيات والتدبر في غوامض القرآن. وعليك بممارسة القصص
والأخبار والروايات وعلم السير والأنساب، وتتبع العربية واللغة وتحمل
الرواية من غير دراية، وما هو عندك كالنتيجة للكل يعرض بما يذكره
الفقهاء في علم الأصول من لزوم دراسة بعض العلوم مقدمة للفقه من
البحث عن المسائل الفرعية الخلافية، ونوادر تفريعات الطلاق والعتاق
والسلم والرهن والإجارة وقسمة المواريث....
إلى أن يقول: وقد نصب الله لها كسائر الأمور التي هي أدون منزلة
منها أقواما يعظمون الأمر فيها ويصرون عليها ويفرحون بها. وكل حزب بما
لديهم فرحون. قيمة كل امرئ على قدر همته.
وهكذا ينقم على الفقهاء علمهم، كما ينقم على غيرهم. ولا يرضى
بغير الحكمة علما وبغير الحكماء علماء.
وهذا كله غلو مفرط في فلسفته، ولا لوم على الفقهاء ولا على غيرهم
إذا كان عندهم موضع التهمة والتجريح وفي الحقيقة لم يقسوا عليه كما قسا
هو عليهم.
وإذا أردنا أن نأخذ برأيه كله في هذا الباب لوجب أن نعطل جميع
المعارف والعلوم وجميع الأعمال والمكاسب وجميع الأمور المدنية، ليبقى
الانسان معتكفا في الكهوف منتظرا للواردات القلبية والمشاهدات العقلية،
فيكون على حد تعبيره صوفيا صفا قلبه وحظي ضميره من كل شوب
وغرض.
كان المنتظر من صاحبنا كفيلسوف خبر النفس الانسانية ومتطلباتها
أن تكون نظرته إلى الانسان الاجتماعي بالطبع غير هذه النظرة الأنانية
المتشائمة. والمنتظر منه كمسلم عرف الشريعة الاسلامية وما وضعت
للبشر من تكاليف وأنظمة وقوانين أن يكون حكمه على الانسان غير هذا
الحكم الرهباني الذي ما انزل الله به من سلطان.
وعلى كل حال، فإنه وهو يعرف أن كل انسان ميسر لما خلق له كما
كرر ذلك في كتبه كان يجب أن تكون نظرته إلى أفراد الناس أكثر تقديرا
للواقع، وإنصافا في الحكم وحبا في الخير ولا يبرر تحامله على الناس ذلك
التحامل القاسي أنه لاقى عنتا منهم أشرقه بريقه، فان هذا ليس من شيمة
العلماء الآلهيين الذين يتطلبون صلاح البشر وهدايتهم إلى الله تعالى. فلا
ينبغي أن ينتقم لنفسه منهم.
وإذا كان قصده إقلاعهم عما هو عليه وإقبالهم على الحكمة والمعرفة
الفلسفية فليس هذا طريق ترغيب البشر وتحبيذ سبل النجاة لهم بالعنف
والشتم والتحقير. بل يلزم للمرشد الهادي أن يأخذ بأيدي الناس إلى الخير
بالرفق والشفقة والمحبة.
وأكبر الظن أن فيلسوفنا كان مصابا بكبت عنيف نتيجة لحرمان
قاس. وهو الذي دفعه فيما أظن إلى العزلة الطويلة في الجبال النائية
خمسة عشر عاما كما تحدثنا عنه في الفصول السابقة، ودفعه إلى النفرة من
الناس والنظر إليهم بمنظار أسود قاتم.
وإن كنت لم أستطع أن أقف على ظروفه الخاصة، لا حكم على
مصدر ذلك الكبت ونوع ذلك الحرمان.
ولعل ذلك الكبت قد رافقه منذ الصغر، وهذا الذي حدد له اتجاهه
الفلسفي وطريقته العرفانية الصوفية. وإن كان قد يعتقد هو أن تفكيره
وعقله الواعي هو الذي ساقه إلى اختيار هذا السبيل.
وقد نجد ما يشير إلى ذلك الكبت والحرمان إعلانه للتذمر والنقمة
والقسوة في النقد كلما وجد لذلك مجالا على الفقهاء على المتكلمين، على
الحكماء، على الصوفية. وتكاد تكون أكثر تلك الاندفاعات لا شعورية
منبعثة من عقله الباطن.
(٣٣٠)

٦٩٠:
الشيخ محمد رضا الزين ابن الحاج سليمان
ولد في صيدا وتوفي في كفر رمان سنة ١٣٦٦.
كان عالما أديبا شاعرا على جانب كبير من سماحة الخلق وكرم الطبع
ولين الجانب. تلقى علومه الأولية في مدرسة النبطية ثم رحل إلى النجف
الأشرف سنة ١٣١٦ فتلمذ على الشيخ محمد كاظم الخراساني والسيد محمد
بحر العلوم الطباطبائي وشيخ الشريعة الأصفهاني والشيخ علي الجواهري.
ولما هم بالعودة إلى وطنه أعلنت الحرب العالمية الأولى فاضطر للإقامة في
العراق وتعاطى الزراعة في منطقة دجيل حتى نهاية الحرب فعاد إلى جبل
عامل وأقام في قرية كفر رمان، ثم عين قاضيا شرعيا في النبطية.
وقد كتب في أوراق له عن إقامته في دجيل التي منها بلد
سميكة ما يلي:
"... ثم ثارت الحرب فانقطعت السبل وتبدل أمن الطرق خوفا
فبقيت في العراق سفي البادية مع الاعراب تارة وفي سميكة أخرى
وهي امنع من الأبلق بل من عقاب الجو لبسالة أهلها ونجدتهم وشجاعتهم
وهم عشيرتان زبيد وخزرج وكثيرا ما تنشب الحرب بين العشيرتين وهي في
الغالب سجال. أما خزرج فهم على بداوتهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون
غير النعجة والبعير والسيف والرمح وأما زبيد فهم إلى الحضارة أقرب
يسعون وراء التجارة والديانة وقد اتصلت برؤساء العشيرتين لكني مع زبيد
أشد اتصالا وذلك لكمال شيوخهم وهم آل الشيخ محمود الحسن وعميدهم
الآن الحاج محمد جواد المحمود وهو رجل رقيق الطبع شفاف المزاج خفيف
الروح أريحي النفس مكرم للسادة والعلماء محب لأهل الديانة، له معرفة
بكثير من المسائل الشرعية واطلاع بالتاريخ يحفظ الشعر الرائق.
دخلت سميكة يوم الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة ثلاث
وثلاثين بعد الألف والثلاثمائة ومعي بعض عيالي وخدمي وبعد انقضاء
شهر الصوم دعاني رئيس زبيد إلى زيارة الامامين العسكريين ع
في سامراء فأجبت دعوته ورأيت من مكارم هذا الرجل وكرمه سفرا وحضرا
ما يبهر العقول وعند رجوعي عملت له أبياتا هن أبيات إلا عليه وهي:
يمم الركب الدجيل * قاصدا مأوى الدخيل
ومن علا ذرى العلى * بالعز والمجد الأثيل
وساد بالجود ومن * جاد فهو المستطيل
لا ينيل النزر من * جدوى يديه والقليل
لا غرو في مدحي له * فهو المهذب والنبيل
لقد دعاني للتي * فيها الشفاء للغليل
من زورة لمن بهم * برى الإله جبرئيل
ومنها في أهل البيت:
ما ذا أقول بفضلهم * وبفضلهم باهى الجليل
إن الفضائل عدها * مثل الزواهر مستحيل
وعملت له أبياتا أيضا أشركت معه فيها ابن أخيه زبيدي الشيخ
علي، كان زمام رياسة زبيد في سميكة بعد محمود الحسن بيد ولده الأكبر
الشيخ علي ولم أشاهده ولكن سمعت خبره وشاهدت سمعته وصيته كان
يلقب بشيخ المشايخ وكان أخوه الجواد الرئيس الحالي يشركه في الرياسة
وأعقب أولادا كثيره أكبرهم الحسن بن علي وبعده الحسين بن علي وهذا
يلقب زبيدي وبلقبه اشتهر وبه يعرف وهذا يشارك عمه الجواد في الرياسة
وبيده دار الضيافة وهو رقيق الطبع سخي الكف أريحي النفس محمود السيرة
والأبيات هذه:
أخو العليا زبيدي والمعالي * حميد الذات محمود الخصال
كمي لا يضاهيه شجاع * سخي لا يجاري بالنوال
أنامله السحاب بيوم جود * ويوم وغى أنامله عوالي
له طبع أرق من الحميا * مصفاة وحلم كالجبال
إذا ازدحمت بمعركة كماة * ونادى الشوس حي على النزال
وشب الدارعون لظلأ المنايا * بمطرور من البيض الصقال
وماجت بالكماة الصيد جرد * مشذبة عراب كالسعالي
بيوم فيه للأبطال ظل * بمشتبك القنا وشبا النصال
يشد عليهم طلق المحيا * كما شد الهزبر على السخال
بعزم فيه للأدراع فتق * وثلم للظبا وشبا النبال
وكتبت أبياتا إلى زبيدي الشيخ علي:
إليك زبيدي من سلامي أطايبه * وزند اشتياقي في الحشاشة ثاقبه
لقد حلت الأنضاء مني ببلدة * بها الماء مر ما النفوس تقاربه
أقول لركب جانبوا عن سميكة * أميلوا ففيها من تعز جوانبه
ومنها:
ولو كنت ممن يبتغي أخذ أجرة * على المدح لأنهلت علينا سحائبه
ولكنني والشعر ليس بحرفتي * أنزه شعري أن يذلل جانبه
ولما أسرني الدهر واشتد بي العسر وأنا ناء عن الوطن حال في
سميكة نظمت هذه القصيدة مستغيثا بالمولى الأكبر حضرة السيد محمد
بن الإمام علي الهادي ع ومتوسلا به وبآبائه الطاهرين إلى الله
سبحانه في قضاء حوائجي وانجاح آمالي:
بمن يستغيث المرء إن ثل جانبه * إذا ما دهاه دهره ونوائبه
وسل عليه من دواهيه مرهفا * تسئ مباديه وتخشى عواقبه
وسدد سهما من عجائب صرفه * فأضحى وصرف الدهر شتى عجائبه
غرائبه في كل شرق ومغرب * وقد جمعت في القلب مني غرائبه
وحمل قلبي ما يسيخ بحمله * شمام ومن رضوى تدك جوانبه
بمن تدفع اللأواء والخطب نازل * تفاقم منه مبتداه وعاقبه
بمن تدفع الجلي بمن تدرك المنى * بمن يسترد الدهر فيمن نحاربه
نعم تدفع اللأواء بابن محمد * ثمال الورى في الجدب تهمي مواهبه
به يستغيث المرء من كل فادح * فتنقذنا من شر دهر مناقبه
أبا قاسم يا ابن الإمام إصاخة * لرق لكم في الرق تعلو مراتبه
أ يملكني دهر يود بأنه * هو العبد لكن ذللتني نوائبه
أ ترضى بان يستعبد الدهر رقكم * ويؤسره بالفقر والفقر عاطبه
أتيتك يا ابن المصطفى ووصيه * وخيرك موفور ومولاك طالبه

(١): مما استدركناه على مسودات الكتاب " ح "
(٣٣١)

لتنجح آمالي فجودك هاطل * على الناس طرا تستهل سحائبه
وتنظر في حال امرئ رق حاله * وضاقت عليه سبله ومذاهبه
وشطت به عن مورد العز غربة * إلى مورد بالذل سيطت مشاربه
لقد ساقني المقدار عن خير موطن * إلى موطن بالبؤس عمت معائبه
وفرق ما بيني وبين أحبتي * ومعشر الا في زمان أحاربه
فشتت شملي بالعراق أقامني * وللشام من أهوى تخف ركائبه
وفي النجف الأعلى وليد أحبه * يجاذبني برد الأسى وأجاذبه
واتفق أن بعض المفسدين وشى بي في سميكة عند حاكمها فغضبت
لذلك فتدارك الأمر آل المحمود فقلت في ذلك:
أبا عبد الحميد إليك تنمي * مكارم لا تضاهيها المكارم
شمخت جلالة بسعيد حظ * وغيرك راسب في الخزي عائم
أقمت بظلك السامي زمانا * عزيزا لا تروعني العظائم
أضام ببلدة وتحل فيها * لعار أن أضام وأنت حاكم
وتنبحني الكلاب وأنت ليث * وترهبني العداة وأنت صارم
أضام ببلدة فيها زبيدي * منيع الجار في حد الصوارم
يثير عجاجها بصقيل عزم * ويجعل نظمها نثر الجماجم
وفيها آل محمود المعلى * جحاجحة غطاريف أعاظم
يحامون النزيل فلا شبيه * يضاهيهم إذا اشتبك الملاحم
ولست بمن يذل بأرض قوم * وفي الشامات أقوامي ضراغم
وفي الشامات أسيافي صقال * وفي الشامات أرماحي لهاذم
لئن جهلت سميكة لي اقتدارا * فقد علم الورى أني لحازم
سأترك في سميكة كل فظ * غليظ الطبع لا يحوي المكارم
كزيد لا جزاه الله خيرا * سيقرع في جهنم سن نادم
لقد تبع الهوى وحوى المخازي * وشاب على المفاسد والمظالم
أبا عبد الحميد إليك مني * مقالا شجوه ملأ الغلاصم
لئن أغضيت عن هضمي فاني * سأرحل والفضا نهج المعالم
إلى قوم يعز بهم نزيل * ويحفظ فيهم شرف العمائم
وله:
أصادق دهري والزمان مكاذب * وكل خليل في الزمان موارب
طفت البسيط فلم أجد من وده * صاف ولكن الأنام عقارب
فخير حياة للفتى عزل نفسه * عن الناس والكتب الأنيقة صاحب
تقص أحاديثا بأفصح منطق * بغير لسان فهي عجم عوارب
ولا عز إلا في لعاب يراعة * هو الشهد في يوم أو الموت عاطب
يهز فلا الرمح الرديني لهذم * لديه ولا السيف المهند قاضب
خطيب له العشر العقول موارد * وملك له الخمس اللطاف مواكب
يجرجر سحبانا من العي مطرفا * وقس لأبراد الفهاهة ساحب
ومن عجب أني إلى غير راغب * طوال الليالي في ودادي لراغب
أصافيه ودي وهو للود ماذق * وأسقيه وصلي وهو للهجر شارب
سأصدر انضائي الهجان عن الأذى * إلى مورد تصفو لديه المشارب
أديم السرى في مهمه ومفازة * بها الذئب يعوي والسباع سواغب
أميل على أكوارهن من الكرى * كما مال من بنت العناقيد شارب
لقد حلقت عن خطه الضيم همة * تحك بها الجوزاء مني المناكب
أخوض المنايا في بسالة ضيغم * له السرج غيل والسيوف مخالب
بعزمة مقدام لدى الروع أروع * يفل بها حد الظبا والمضارب
وسطوة ليث قد تقاعس دونها * أسود بخفان وهن غوالب
من القوم أمثال الجبال حلومهم * وأيديهم في الجود مزن سحائب
لنا العز والعلياء في كل مشهد * ولا عيب إلا الساميات المناقب
لئن ضربت أطناب قوم بوهدة * ففي الشم تعلو من قبيلي المضارب
هم القوم مأوى للدخيل ونارهم * دليل إذا سد الفضاء الغياهب
هم القوم لا مستنجد النصر آيب * بذل ولا مسترفد الرفد خائب
هم القوم يحمون الذمار وإنما * بفضل النهي تحمى العلى والمناصب
لهم جاذب عن كل عيب يشينهم * وليس لهم عن بسطة العرف جاذب
خليلي ريعان الصبا يستفزني * وفي القلب مشبوب من الوجد لاهب
لقد أنجد الأظعان يوم تحملوا * فأنجد صبري والدموع سواكب
وأرسل إلى ابن عمه الشيخ علي الزين:
قسما بحبك انني * أهوى اللقاء ولن أمله
تغلي مراجل لوعتي * وتزيدني الزفرات غله
بله البعاد وويحه * قد زاد هذا الوجد بله
عل الوصال وقربكم * يبري من الأحشاء عله
جمل الثناء إليك جملة * من عارف لنهاك فضله
هي حلة تزهو ومن * مثل العلي لها محله
يا ناسكا سحر الورى * بالشعر سحرك من أحله
ودعا جماعة من إخوانه وأصفيائه إلى مأدبة غداء على نبع الميذنة
منهم الشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر والسيد محمد الحسن والشيخ
علي الزين والأديب الفكه عبد الله كحيل ووجه الدعوة إلى الشيخ علي بهذه
الأبيات:
أدعوك للأنس في أرجاء مأذنة * مع عصبة في علاها الدهر يفتخر
فان أتيت فشمل الأنس مجتمع * وإن أبيت فذاك الشمل منتشر
وإن أبيت ولم تخفف لدعوتنا * فأنت من عصبة با... قد كفروا!
ولكن الشيخ علي لم يجب الدعوة فأرسل المترجم وضيوفه إليه هذه
الأبيات مداعبين:
قل لعلي الزين ما صده * عن دعوة للأنس في الميذنه
فهل تراه كان في غفلة * عن هذه الدعوة أم في سنه
أم جانب الفضل وأربابه * فلم يصب من رأيه أحسنه
أم سلبت بنت جبيل له * نهى فقد صيرها مسكنه
رماه بالكفر صديق له * فيها وما أخفاه بل أعلنه
رموه بالكفر وبهواهم * أليس هذي حالة مسخنه
إن كان أداه لذا رأيه * تبا لهذا الرأي ما أوهنه
أو كان يبغي الأنس غض الجنى * فقد أضاع الفرصة الممكنة
أو كان يرجو الخير من غيرها * فلا يعود الدور حتى سنه
ابن كحيل بالعتابا شدا * يحتاج من فضلك للميجنه
طل عليه من بعيد ولو * من شق شباك ومن روزنه
فأجاب الشيخ علي:
ما للهوى والأنس والميجنه * عند بقايا كبد مثخنه
(٣٣٢)

جار عليها الحب واستأصلت * باقي رجاها غير الأزمنة
ولم تزل ما بين داعي الهوى * في حيرة جامحة مذعنة
والفضل يستأثر في حلمها * واللهو يستعصم بالودنه
والحرص يستدرج أميالها * ولا يريها حالة ممكنة
وربما أعقب وسواسه * تمثيل بعض الصور المسخنه
يا عصبة للفضل قد آثرت * من كل فن رائع أحسنه
ما هذه اللهجة أو ما عسى * يسطيع من باعدتم مسكنه
ولم يغادر شؤمه حيلة * تدنيه منكم أو من المأذنة
أسرفتم في العتب ضمن الثنا * حتى تحامى القلب ما أيقنه؟!
فما عليكم لو أعدتم له * على نداكم حجة بينه
كي يصرف الساخر عن زعمه * في أنها بيضة رأس السنة
ويرسل الأحلام مجلوة * بين القوافي صعبة هينه
يسترحم الاقدار في قصده * ويستميح الفرصة الممكنة
وما عليكم لو حلمتم لدى * تفنيد ما أخفاه أو أعلنه
لتسمو الآداب عن لهجة * مفعمة بالعجب مستبطنه
الهزء والاسعاف من لحنها * حلا محل العلة المزمنة
كادت تذود الجد عن ورده * وتصرف الأقلام للميجنه
ان تأخذوا الأحباب في هفوة * ليست على القائل مستهجنه
أو تأخذوني بغلوي بهم * على الذي لاقيته من هنه
فكم لهم في العنق من منة * على حياتي ويد محسنه
تقهقر السل لها عنوة * وضل عزرائيل ما دونه
وانبعثت نفسي من يأسها * للفن تستنجد من أتقنه
تستنطق الاسفار مفتونة * وتدرس الازمان والأمكنة
ولم تزل تنقض حتى إذا * ألقت عصاها بينكم مؤمنه
واستمتعت بالعلم غض الجنى * وقد أصابت فيكم معدنه
وآنست بابن كحيل فتى * في معرض النكتة ما ألعنه
يبعث ميت الإنس من لحده * إذا تحرى قصص البوكنة
وان يدر للرقص أو للغنا * لم يعد وضعا حجر المطحنه
أو وشح المنكب منه العصى * اطلع قردا حاملا محجنه
يستل هم المرء من صدره * ويسحر الأعين والألسنه
أرخت عنان القلب في بلدة * أبدع منها الله ما كونه...
وأفرطت في الحب حتى غدت * تحذر داعي الحب أو موطنه
ولا ترى في كل ما سرها * من خالص الترحاب ما تأمنه
قد ردها التفكير في أمسها * حيري تناجي الأمس مستغبنه
لولا سروري لحظة ما اقتفت * قلبي هذي الأشهر المحزنه
والقلب لولا لطف أحبابه * لما تعدى ساعة مدفنه
فكيف بالعصمة منهم إذن * وفي سواهم لم يصب مأمنه
أم كيف لي بالعتق من لومهم * وقولهم: الله ما أخشنه
أ ليس هذا من جنون الفتى * أليس هذا منتهى التيسنه
وقال بعد عوده من العراق يحن اليه:
نأيت وقلبي للعراق تدانيه * وزند اشتياقي في الحشاشة واريه
إحن إليه لا إلى الغيد والمهى * واهوى مغاني قطره لا غوانيه
وأصبو إلى مغناه اطلب مهجتي * ومذ بنت عن بغداد أبقيتها فيه
عروس من البلدان اما جمالها * فخير جمال فوق منية رائية
ترى شطها سلكا ينظم دورها * عقود جمان ما الدراري تحاكيه
لقد شاهدت عينان مرأى جماله * بديعا يحار الفكر عند معانيه
تأنق بانيها بجنبيه فازدهت * كما أبدعت في الماء صنعة مجريه
قناديلها مثل النجوم وسطحه * سماء ومطبوع السماء بجاريه
فلله من سطح يزايل مركز * أو أنجمة تبقى فيبهت رائيه
قصور بها وسط الحدائق زينت * بأبدع طرز ما الجنان تضاهيه
أأطريك يا بغداد بالمدح والثنا * وحسنك يا بغداد للمدح يطريه
هي الوطن الأسمى وان كان مولدي * بعاملة أعلا الشام رواسيه
إحن إليه لا إلى الشام انني * قطفت به زهر الكمال وزاهيه
وصافيت إخوانا ببغداد لا أرى * مثالا لهم في أذرعات أصافيه
خليلي مرا بي على الكرخ ساعة * فما ينفع العاني انسكاب ماقيه
أميلا عن الشامات أعناق عيسكم * وميلا بها نحو العراق أحييه
سابكيه بالدمع المذاب من الحشا * وان قل هذا قلت بالنفس أفديه
سابكيه حتى يحكم الله بيننا * بقرب التلاقي أو بموت الاقيه ٦٩١:
آقا ميرزا محمد رضا القمشهي.
كان حكيما متالها. له حاشية على الفصل الأول من شرح فصوص
الحكم مطبوعة. ٦٩٢:
المولى محمد رضا الشهير بقاري.
تلمذ على بحر العلوم الطباطبائي. له كتاب التحفة الجعفرية في
التجويد كتبه بالتماس الميرزا جعفر الطبيب ورتبه على مقدمة وعشرة أبواب
وخاتمة وفرع منه سنة ١٢٣٢. ٦٩٣:
الشيخ محمد رضا بن عبد المطلب التبريزي قاضي عسكر السلطان
عالم فاضل آية في الحافظة الجيدة والذهن الثاقب. له مؤلفات
نفيسة: المصابيح في شرح المفاتيح. ٢ الشافي، الجامع بين البحار
والوافي مع حذف المكررات والبيانات خرج منه سبع مجلدات ٣ الشفا في
اخبار آل المصطفى جمع فيه بين اخبار الكتابين وحذف البيانات فرع من
بعض اجزائه في النجف الأشرف سنة ١١٧٨ والظاهر أنه بعينه هو الشافي.
وهو الجزء الأول من المجلد الثاني من كتاب الصلاة ينقل فيه عما لا
ينقل عنه صاحب الوسائل مثل الفقه الرضوي ودعائم الاسلام وغيرهما
يذكر في أول كل حديث انه صحيح أو حسن أو ضعيف مسند أو مرسل
ويذكر بعد اسم كل رجل انه ثقة أم مجهول أم ضعيف أم غيرها بعلامات
من الحمرة وفي ظهر النسخة إجازة للشيخ شرف الدين محمد مكي العاملي
للمصنف كتبها بخطه في النجف سنة ١١٧٨ وإجازة السيد عبد العزيز بن أحمد الموسوي النجفي تلميذ الشيخ احمد الجزائري للمصنف أيضا كتبها
بخطه تاريخها يوم الغدير سنة ١١٨٧ والظاهر اتحاده مع الشافي كما مر. ومر
(٣٣٣)

الشفا لمحمد رضا بن عبد اللطيف التبريزي. ٦٩٤:
الميرزا محمد رضا الجديد الاسلام اليزدي المعاصر لملا احمد النراقي.
له كتاب إقامة الشهود في الرد على اليهود كتبه باسم فتح علي شاه
القاجاري وترجمه إلى الفارسية السيد علي بن حسين الطهراني باسم ناصر
شاه وسماه منقول رضائي. ٦٩٥:
الشيخ محمد رضا بن المولى محمد تقي الكاشاني الطهراني.
توفي في حدود سنة ١٣٣٦.
له التحفة الرضوية في فضل زيارة الرضا ع وآدابها. ٦٩٦:
الحاج محمد رضا بن الحاج محب علي السبزواري.
توفي سنة ١٠٥٥ بمشهد الرضا ع ودفن في الرواق من طرف
الرجلين له تحفة المحسنين في التجويد وكان حافظ الروضة الرضوية. ٦٩٧:
الشريف محمد رضا النقيب.
من مصنفاته السبع السيارة في نسب ملوك المغول والتاتار يذكر فيه
من ملوك التاتار من زمان يافث بن نوح. توجد منه نسخة في مكتبة
السلطنة في اسلامبول. ٦٩٨:
السيد محمد رضا بن عبد الرزاق بن محمد إسماعيل بن محمد صالح بن
موسى بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن يحيى بن
يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب عليهم
السلام الحسني الحسيني السمناني.
من السادات الاقساسية المنسوبين إلى اقساس مالك قرية بنواحي
الكوفة وجدت إجازة له من الشيخ محمد مهدي العاملي الفتوني النجفي
بخط المجيز على ظهر جزء من شرح اللمعة وعلى ذلك الجزء صورة وقف له
من السيد عبد الرزاق ابن محمد إسماعيل والد المجاز بتاريخ ١١٥٢ وهذا
نص الإجازة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الذي شرع لنا الدين القويم وهدانا الصراط المستقيم وصلى
الله على مفتن قوانينه وموضح براهينه محمد المبعوث إلى كافة الصادع بالحق
وآله المستحفظين للدين الأئمة الهادين المهتدين وبعد فلما كان الولد الأسعد
الأرشد الأمجد بالطارف والتليد الميرزا محمد رضا وفقه الله للارتقاء إلى
معارج الفضل والكمال والسلوك في مناهج العلم بفيض ذي الجلال ممن
تعرفت منه الفطنة والذكاء وتبينت منه جودة الآراء وكان قد صرف شطرا
من عمره في العلوم الدينية والمعارف اليقينية بعد التملي من العلوم الآلية
أجزت له دام فضله ان يروي عني ما صحت روايته لدي من كتب الاخبار
ووضحت درايته من الآثار المروية عن الأئمة الأطهار بل جملة كتب علمائنا
الأبرار أسكنهم الله برحمة جنته دار القرار سيما الأصول الأربعة البالغة في
الاشتهار مبلغ الشمس في رائعة النهار وهي الكافي والفقيه والتهذيب
والاستبصار وسائر كتب أصحابنا في الأصول والفقه والحديث وغيرها سيما
ما قرأته على مشايخي أو رويته عنهم فمما قرأته وسمعته من الأستاذ الأعظم
العالم العلم قدوة العلماء والمحدثين أسوة المتبحرين شيخي وشيخ الفضلاء المعاصرين
ملا أبي الحسن الشريف العاملي عن شيخه وأستاذه ومن عليه كل
اعتماده العالم الرباني والرئيس الثاني خاتمة المحدثين محيي مراسم الملة
والدين شيخ الاسلام والمسلمين خادم اخبار الأئمة الطاهرين ملا محمد
الباقر تغمده الله بنعمته وغشاه برحمته عن أبيه العالم العابد الورع الزاهد ملا
محمد التقي شكر الله سعيه عن شيخه شيخ الاسلام ونخبة العلماء الاعلام
الشيخ بهاء الدين محمد العاملي شرف الله محله وفي دار القرار أحله عن
والده الفقيه النبيه العديم الشبيه الشيخ حسن بن عبد الصمد الحارثي عن
شيخه الامام علم الاعلام المحقق التحرير الحسن التقرير والتحرير فريد
عصره ووحيد دهره الشيخ زين الدين الشامي الشهير بالشهيد الثاني ختم
الله له بالسعادة كما قضي له بالشهادة عن شيخه الشيخ نور الدين علي بن عبد
العالي الميسي عن الورع العالم الشيخ محمد بن المؤذن الجزيني عن الشيخ
ضياء الدين علي عن والده علم الاعلام فخر العلماء وبدر الفضلاء المحدث
الفقيه بلا نظير وشبيه الفائز. بالشهادة المختوم له بالسعادة الشيخ محمد بن
مكي أعلى الله مقامه وضاعف اكرامه عن العالم الذكي العامل الزكي فخر
العلماء المعلومين الشيخ فخر الدين محمد عن والده وأستاذه اية الله لعباده
ونوره في بلاده ذي الذهن الوقاد والفكر النفاد العلامة على الاطلاق
والفهامة بالاستحقاق الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن
المطهر الحلي اجله الله أعلى دار المقامة وجعل له نورا يمشي أمامه يوم القيامة
عن السيد الأنجب العلي النسب السيد فخار بن معد عن الشيخ الجليل
شاذان بن جبرائيل عن الشيخ الملي بالعلم والنور الجلي الشيخ محمد بن أبي
القاسم طبري عن سلالة العلم وخلاصة ألوي الحلم الشيخ أبي علي الحسن
عن أبيه شيخ الطائفة وقدوة الفرقة النايفة محيي مراسم المذهب الأنور
مروض رياض الدين الأزهر رئيس المتأخرين وقدوة الأفاضل المتبحرين
الكاشف الاسرار عن غوامض الاخبار الشيخ محمد بن الحسن الطوسي
ضاعف الله حسناته ورفع درجاته عن شيخه الامام الحامي حوزة الاسلام
قدوة الأفاضل الاعلام الساد ثغر الاسلام الامام السعيد المحبو بالتأييد من
الرب المجيد أبي عبد الله محمد ابن النعمان الحارثي البغدادي الملقب بالمفيد
عن الامام الطاهر البحر الزاخر والبدر الطاهر محدث أهل البيت معدن
العلم ومحتده ومصدر الفضل ومورده الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن
علي بن بابويه القمي عن جماعة منهم أبوه السعيد العالم الفريد علي بن بابويه
طاب ثراه وطرقه إلى الأئمة معروفة وللشيخ محمد بن الحسن الطوسي طرق
متعددة إلى الأئمة معلومة من كتابه في جملتها ظريقه إلى الامام الراسخ القدم
بدء علماء الشريعة بدر فقهاء الشيعة ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
ضاعف الله اجره وأجزل بره وطرقه إلى الأئمة معلومة من كتابه الكافي
وبسندنا عن أبي الحسن عن المشايخ المعلومين عن الشيخ داود بن سليمان
القزويني عن الامام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه أبي الحسن
موسى بن جعفر عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه أبي جعفر
محمد عن أبيه زين العابدين علي عن أبيه الحسين عن أبيه أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عن النبي ص أنه قال: من حفظ على أمتي أربعين حديثا
ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما والحمد لله أولا وآخرا وكتب بيده
الفانية الجانية محمد المهدي بن بهاء الدين العاملي الفتوني النجفي
الخاتم.
وكان المترجم من أفاضل العلماء رأينا له حواشي على شرح اللمعة
(٣٣٤)

تدل على فضله وتلك الحواشي بخط يده على نسخة مخطوطة رأيناها في
كرمانشاه في المحرم سنة ١٣٥٣ وعلى ظهر النسخة الإجازة المتقدمة وهي
عند حفيده السيد جواد بن إسماعيل بن الحسن بن إسماعيل بن محمد رضا
المترجم. ٦٩٩:
محمد رضا البسطامي.
وجدت له إجازة من الشيخ البهائي هذا نصها:
قرأ علي الولد الأعز الفاضل الزكي الذكي التقي الألمعي مولانا محمد
رضا البسطامي وفقه الله تعالى لارتقاء درج الكمال جملة وافية من كتاب
الحبل المتين وقد أجزت له ان يرويه عني وكذا أجزت له ان يروي الأصول
الأربعة التي عليها المدار في هذه الاعصار بأسانيدي الواصلة إلى مؤلفيها
المحمدين الثلاثة قدس الله اسرارهم وأعلى في العليين قرارهم وكتب هذه
الأحرف بيده الفانية الجانية أقل الأنام محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي
عفى الله عنه في شهر ذي الحجة الحرام سنة ست وعشرين بعد الألف
حامدا مصليا مسلما مستغفرا. ٧٠٠:
الملا محمد الرضوي.
توفي سنة ١٢٥٧ عن خمس وسبعين سنة في المشهد المقدس ودفن في
دار السيادة. في فردوس التواريخ: العالم المؤيد والفاضل المسدد مولانا ملا
محمد فقيه جليل وعالم بلا بديل قرأ على صاحب الرياض والشيخ جعفر
النجفي وكان يؤم الناس في المسجد المقدس الرضوي ويشتغل بالتدريس
وتربية الطلاب وكان حسن البيان والتقرير وفي نهاية الشفقة على هذا الحقير
وله مصنفات كثيرة منها ١ شرح على منظومة بحر العلوم ٢ ثلاث
مجلدات في حل أحاديث مشكلة. ٣ رسالة في حل الحديث ١٨ من
الخصال ٤ رسالة شرق وبرق ٥ رسالة كل جعفري ٦ كتاب في
أصول الفقه ٧ ترجمة طب الرضا ع وغير ذلك من الرسائل وأجوبة
المسائل. ومكتبته في المشهد الرضوي لا نظير لها فيها من كل علم وفن. ٧٠١:
السيد محمد الرضوي المشهدي قائم مقام التولية في المشهد المقدس
الرضوي ابن الميرزا محسن.
ولد يوم الثلاثاء ٢٤ صفر سنة ١٢٥٣ في المشهد المقدس وتوفي في
رجب سنة ١٣١٥ ودفن هناك.
في الشجرة الطيبة للسيد محمد باير المدرس: السيد الآجل الأمجد
السند المعتمد الأوحد خلاصة الصدور الاجلاء الأكابر وسلالة السادات
الأعزاء ذوي المفاخر ذو الفضائل العديدة والشمائل الحميدة المقتفي آثار
اسلافه الكرام المرتقي بهمته العالية إلى أشرف مقام قائم مقام الروضة المقدسة
الرضوية.
لولا عجائب صنع الله ما نبتت * تلك الفضائل في لحم ولا عصب
كان في عصر ناصر الدين شاه وسافر مرارا إلى طهران وفي كل مرة
يجوز التفات الشاه وكان متولي موقوفات أجداده وصدرت له عدة فرمين،
منها باسناد رياسة الدفتر اليه مؤرخ في ربيع الأول سنة ١٣٠٠ وفيه أنه
يعطى من موقوفات الآستانة من هذه السنة وما بعدها مائتي تومان نقدا
وخمسين خروار غلة سنويا، ومنها مؤرخ في ربيع الأول ١٣١١ وفيه أنه
عليه ان يحضر كل يوم في مكان معين ويجري المحاسبات ولا تقبل الحوالات
الا بإمضائه ويغير ويبدل من الاشخاص ما يراه وعلى جميع الأمناء ورؤساء
كشيكان اطاعته، ومنها مؤرخ سنة ١٣١٣ وفيه أنه تجري المحاكمة بين
المنسوبين إلى الآستانة المقدسة وبينهم وبين غيرهم عنده وهو يعلم الإيالة بما
يحكم به فتجري حسب حكمه. ٧٠٢:
الميرزا محمد الرضوي النسب المشهدي البلد.
في الشجرة الطيبة: من أجلة العلماء الاعلام والفضلاء الكرام كان
حيا في المشهد المقدس إلى أواخر سلطنة نادر شاه وكان له منصب خدمت
خادمي في الآستانة المقدسة وبواسطة ضعف مزاجه طلب ان يكون هذا
المنصب لولده ميرزا معصوم فأعطى له فرمان مختوم بخاتم الإمام علي بن
موسى الرضا ع من قبل المتولي باشي ميرزا محمد علي الحسيني
وميرزا محمد رضا الرضوي الناظر بتاريخ ربيع الأول سنة ١١٦٦. ٧٠٣:
السيد الميرزا محمد الرضوي النسب المشهدي البلد
ابن الميرزا محمد حسن ابن الميرزا محمد معصوم ابن السيد محمد الرضوي.
في الشجرة الطيبة: السيد الجليل الفقيه والمجتهد النبيل النبيه علم
الأئمة الاعلام وسيد علماء الاسلام حر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه
السيد الممجد والفرد الأكمل الأوحد الميرزا محمد الرضوي. بعد وفاة أبيه
بعدة سنين عزم على حج بيت الله الحرام وبعد أداء المناسك جاء إلى
العتبات العاليات فأقام هناك نحو عشرين سنة في خدمة العلماء الاعلام
واحرز مرتبة علية من العلم وألف في الفقه والأصول وعاد إلى المشهد
المقدس فاحرز الرياسة التامة والقبول عند العامة وصار مرجعا في الاحكام
والمرافعات الشرعية وباشر أمور الخلق بكمال الاحتياط والديانة وأم في
المسجد الجامع. ٧٠٤:
السيد محمد الرضوي المشهدي المعروف بالقصير ابن الميرزا محمد
معصوم ابن السيد محمد الرضوي.
ولد في المشهد المقدس وتوفي في قم في طريقه إلى العتبات الشريفة
سنة ١٢٥٥ وحمل إلى المشهد المقدس الرضوي فدفن فيه بين المسجدين
الذين خلف القبر الشريف وفوق الرأس عن ٧٥ سنة.
ذكره نوروز علي ابن حاجي محمد باقر البسطامي في فردوس التواريخ
فقال: السيد السند والعالم المؤيد الفقيه الكامل المسدد مولانا علم الهدى
السيد محمد المعروف بالسيد النصير عالم خبير وفقيه بلا نظير ومحقق نحرير
كان وحيد عصره وفريد دهره في الزهد والورع والتقوى من أجلة السادات
الرضوية في المشهد المقدس حصل مبادي العلوم في المشهد المقدس وسافر
إلى العتبات العاليات لتحصيل الأصول والفقه فقار مدة على الآقا البهبهاني
ومدة على بحر العلوم ومدة على الشيخ جعفر النجفي حتى فاز بالقوة القدسية
وأجازوه ثم رجع إلى المشهد المقدس وكان مدة أربع سنوات مشغولا في
المدرسة التي فوق الرأس المبارك بإفاضة الفنون الفقهية ونشر الفتاوى
الشرعية ثم هاجر إلى أصفهان واشتغل بهذه الاعمال الشريفة وكان السيد
محمد باقر والحاج محمد إبراهيم الكرباسي يعظمانه غاية التعظيم ويأمران
(٣٣٥)

الناس بالرجوع إليه وتزوج في أصفهان فولد له الفاضل العالم الفقيه الثقة
العادل الآقا ميرزا حسين دقيق النظر كثيرا كان مدة في مدرسة النواب يشتغل
بتعليم الطلاب وترجم مستقلا. ثم رجع المترجم إلى المشهد المقدس وصار
ملجا الخاص والعام ومرجع طلاب العلوم وحج في تلك الأيام بيت الله
الحرام وزار قبور الأئمة الطاهرين ع مكررا وكان يصرف
شريف أوقاته بوظائف الطاعات والعبادات إلى أن عرض له مرض الفالج
فعزم على زيارة العتبات الشريفة فلما ورد طهران أنزله الشيخ محمد رضا
الذي كان من أكابر العلماء والأعيان في منزله وجمع له الأطباء فعالجوه مدة
ثلاثة أشهر فلم ينجع فيه واجتمع به الشافي خلال هذه المدة وأكرمه
وأنعم عليه فلما يئس من العلاج قصد المشاهد المشرفة فتوفي في قم. تلمذ
عليه جماعة فوصلوا إلى درجة الفضل والاشتهار منهم أخوه الميرزا حسن
المترجم في مخيلته ومولانا الآجل العالم سيد السادات ومنبع السعادات الحبر
النحيرير اللوذعي الميرزا محمد صادق الرضوي ناظر الروضة الرضوية
ومولانا محمد تقي الجولائي وملا محمد رضا القاري ومولانا محمد التربتي
وملا احمد الهروي وملا محمد رضا السبزواري وملا محمد رضا الماياني وولدا
المترجم ميرزا محمد مهدي وميرزا حسين وكانا من اهل العلم والعمل
الكامل وميرزا محمد علي التربتي وهذا الحقير استفدت منه مدة وكان له غاية
الشفقة علي. له من المصنفات ١ المصابيح في الفقه دورة تامة. ٢
إعلام الورى في الفقه من أول الطهارة إلى مبحث التيمم ٣ شرح مبسوط
على كتاب الخمس والإجارة والقضاء والشهادات ولباس المصلي من اللمعة
الدمشقية ٤ كتاب في الرجال. وله خدمات جليلة للدين والدولة منها
انه لما توفي الشاه الظاهر أنه فتح علي شاه هاجت الفتن في بلاد خراسان
فجاء خاء خيوق بلد بنواحي خوارزم مع ٣٠ ألفا بقصد اخذ المشهد
المبارك ونهب وقتل وهتك ولم يقم لردعه عسكر تلك الحدود ولا تحرك أحد
لتلافي هذا الامر فقام المترجم وأعلن الجهاد وخرج مع أخيه وولديه وجماعة
كثيرة من العلماء والسادات وأهل الحرف فلما سمع بذلك هرب وخمدت
الفتنة.
يروي ميرزا حسين النوري عن الميرزا هاشم الخراساني عن الفقيه
النبيه السيد محمد الرضوي المسهدي وهو المترجم عن صاحب كشف الغطاء
وكتب المترجم شهادة بالاجتهاد للشيخ محمد تقي الجولائي. ٧٠٥:
السيد سجاد المعروف بالسيد محمد الرضوي ابن السيد حسين الهندي
ذاكر للحسين ع له كتاب التحفة السجادية بلسان أوردو
مطبوع. ٧٠٦:
أبو عبد الله محمد بن الرفا الموصلي.
ذكره في نشوة السلافة ومحل الإضافة فقال: ويعجبني قول الفاضل
أبي عبد الله محمد بن الرفا الموصلي وقد مر بروضة فتذكر جلوسه فيها مع
رفقة كانوا أعزاء على قلبه من أدباء عصره:
سلي خميلتك الريا بآية ما * كانت تزف بها ريحانة الأدب
عن فتية نزلوا أعلى أسرتها * عفت محاسنهم الا من الكتب
محافظين على العليا وربتما * هزوا السجايا قليلا بابنة العنب
حتى إذا ما قضوا من كأسها وطرا * وضاحكوها إلى حد من الطرب
راحوا رواحا وقد زيدت عمائمهم * حلما ودارت على أبهى من الشهب
لا يظهر السكر حالا في ذوائبهم * الا اتفاق الصبا في ألسن العذب ٧٠٧:
الشيخ محمد رفيع بن عبد المحمد بن محمد رفيع بن أحمد صفي الكوازي
الكزازي النجفي المدفن.
توفي سنة نيف وثلاثمائة وألف.
قرأ على الميرزا حبيب الله الرشتي. له كتاب بكاء العين على مصائب
الحسين ع وله رسالة في تجزي الاجتهاد. ٧٠٨:
الشيخ محمد رفيع الزاهدي الشهير ببسير زاده.
له كتاب المعارف الإلهية في الحكمة العقلية ذكر في اوله ما حاصله
ان أستاذه ملا رجب علي التبريزي امره باملاء كتاب يكون أساسا
للحكمتين فأملى بامره ذلك الكتاب وسماه أستاذه بالمعارف الإلهية وجد
الجزء الأول منه في كرمانشاه في مكتبة الشيخ حيدر قلي خان الكابلي. ٧٠٩:
محمد رفيع المشهدي.
شاعر فارسي له مؤلف في غزوات أمير المؤمنين. ٧١٠:
محمد رفيع الدين الجيلاني.
فقيه محدث له شرح نهج البلاغة. ٧١١:
محمد رفيع بن علي أصغر الحسني الحسيني التبريزي المعروف بنظام
العلماء.
له كتاب مجمع الفضائل مطبوع كان حيا سنة ١٣١٦. ٧١٢:
آقا محمد رفيع الالموتي.
له رسالة في توجيه النوع إلى مقدمات الأدلة واسنادها بالأخص
والمساوي ٧١٣:
المولى شريف الدين محمد الروي دشتي
من تلاميذ الشيخ البهائي. ٧١٤:
الشيخ محمد زاهد النجفي
من شعره قوله:
إلى مغناك لا البيت العتيق * يحج القلب من فج عميق
وفيه أعين تسخو بسفح العتيق * عليك لا سفح العقيق
بروحي افتدي رشا غريرا * يغير الغصن بالقد الرشيق
يقول وقد حمى خديه ظلما * بسيفي مقلتيه عن المشوق
عذيري منك والنعمان قبلي * حمى بجنوده ورد الشقيق
وله:
حياك ممشوق القوام * بهوى معتقة المدام
فأعجب لشمس أشرقت * في راحة البدر التمام
ضاهى المدام بخده * وحكى الحباب بالابتسام
ريان من خمر الشبيبة * والموشح منه ظامي
يرنو بألحاظ ألمها * لكن يجل عن البغام
وسنان تفعل في الورى * ألحاظه فعل الحسام
الله أكبر جمعت * كل المحاسن في غلام
ملك الجمال بأسره * فغدا بقلبي ذا احتكام
(٣٣٦)

٧١٥:
الشيخ محمد بن زبانة الكعبي النجفي
يروي إجازة عن محمد بن يحيى بن القاسم. ٧١٦:
صدر الدين محمد بن زبردست خان
له تبصرة الناظرين في ابطال رؤية الله تعالى. ٧١٧:
الشيخ محمد الزريجي النجفي
من عشيرة الزريجيين. عالم فاضل أم بالناس ومات قبل أن يبلغ
درجة الفتوى. ٧١٨:
الحاج محمد زمان الجلائري الخراساني المتخلص بساقي.
توفي سنة ١٢٨٦.
العارف الشاعر الأديب له ديوان المناقب فارسي. ٧١٩:
المولى محمد زمان بن الحاج محمد طاهر التبريزي
له رسالة في التجويد فارسية مطبوعة سنة ١٣١٩ وله رسالة أخرى
أيضا. ٧٢٠:
الأمير محمد زمان ابن الأمير محمد جعفر الرضوي المشهدي وباقي النسب
ذكر في أبيه محمد جعفر.
ولد سنة ٩٩٠ كما وجد بخطه على ظهر كتاب رجال ابن داود الذي
وقفه على أولاده وتوفي سنة ١٠٤١ كما في السلافة ولكن وجد على ظهر
كتاب ابن داود الذي وقفه والده محمد جعفر بخط المترجم: تاريخ تولد
الحقير الفقير حسن الرضوي في صفر سنة ١٠٤٣ ومن هذا التاريخ يعرف
أن ما ذكره في السلافة اشتباه.
وكتب البهائي على ظهر كتابه مشرق الشمسين الذي وقفه على
الحضرة الشريفة الرضوية ما صورته: وقفت هذا الكتاب على الروضة
المقدسة المطهرة العرشية الملكوتية الرضوية سلام الله على من حل فيها لينتفع
بمطالعته كل من هو أهل لذلك وفوضت محافظته مع محافظة جميع كتبي التي
وقفتها والتي أقفها فيما بعد للسيد الأجل الأفضل ثمرة شجرة السيادة
والنقابة والاجلال وغصن دوحة الإفادة والإفاضة والمجد والكمال أمير محمد
زمان وفقه الله لارتقاء ارفع درج المقربين وأدام بقاء والده إلى آخر ما ذكر في
ترجمة والده. حرره أقل الأنام محمد الشهير ببهاء الدين العاملي عفى الله
عنه في العشر الأخير من شعبان سنة ١٠٢١ حامدا مصليا آه وهذا
الكتاب موجود الآن في المكتبة المباركة الرضوية. وحكى صاحب الحدائق
عن المحدث الكاشاني أنه قال في رسالة صلاة الجمعة وكان السيدان
الجليلان الأمير محمد زمان ابن الأمير محمد جعفر والأمير معز الدين محمد
مواظبين على هذه الصلاة بمشهد الرضا ع برهة من الزمان وقد صنف
أحدهما في الوجوب العيني في زمان الغيبة رسالة رأيتها ولم تحضرني الآن. ٧٢١:
السيد محيي الدين محمد بن زهرة.
توفي سنة ٦٢٦.
عن خط الشهيد الأول عن خط نجيب الدين يحيي بن سعد ان
المترجم يروي الصحيفة الكاملة لمولانا زين العابدين ع عن شيخه
محمد بن علي شهرآشوب الراوي عن محمد ابن أبي القاسم الطبري عن أبي
علي عن والده عن الحسين بن عبد الله الغضائري عن أبي المفضل الشيباني
عن الشريف أبي عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني عن عبد الله بن
عمر بن الخطاب الزيات عن علي بن النعمان الأعلم عن عمر بن المتوكل
عن أبيه المتوكل بن هارون قال لقيت يحيى بن زيد... الحديث. ٧٢٢:
محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن.
السبط الحسني الملقب بالداعي الكبير، واخوه الحسن يلقب بذلك
فلينظر، وكلاهما استولى على طبرستان مدة طويلة وأقام المترجم مستوليا على
طبرستان سبع عشرة سنة وسبعة أشهر حتى خطب له رافع بن هرثمة
بنيسابور ثم حاربه محمد بن هارون السرخسي صاحب إسماعيل بن
الساماني فقتله وحمل رأسه وابنه زيد بن محمد إلى بخاري ودفن بدنه
بجرحان عند قبر الديباج محمد بن الصادق ع.
كان إذا افتتح الخراج نظر إلى ما في بيت المال من خراج السنة الماضية
ففرقه في قبائل قريش على دعواهم ثم في الأنصار والفقهاء وأهل القرآن
وسائر طبقات الناس حتى لا يبقى منه درهم فجلس في بعض السنين فبدأ
ببني عبد مناف فقام رجل فقال له الداعي: من اي بني عبد مناف أنت قال
من بني أمية قال من أيها فسكت فقال لعلك من ولد معاوية قال نعم قال
فمن اي ولده فامسك قال لعلك من ولد يزيد قال نعم قال بئس الاختيار
اخترت لنفس تقصد ولاية آل أبي طالب وعندك ثار لهم وقد كان لك
مندوحة عنهم بالشام والعراق عند من يتولى جدك ويحب برك فان كنت
جئت على كهلك بهذا فما يكون بعد جهلك جهل وإن كنت جئت مستهزئا
بهم فقد خاطرت بنفسك. قال فنظر إلي العلويون نظرا شزرا فصاح بهم
محمد الداعي وقال كفوا عنه كأنكم تظنون ان في قتله ادراكا لثار الحسين
ع أبي، ان الله تعالى قد حرم ان تطالب نفس بغير ما كسبت
والله لا يعرض له أحد بسوء الا أقدته به، واسمعوا حديثا أحدثكم به
يكون لكم قدوة فيما تستأنفون: حدثني أبي عن أبيه ع قال عرض
على المنصور جوهر فاخر وهو بمكة فعرفه وقال هذا جوهر كان لهشام بن عبد
الملك وقد بلغني انه عند محمد ابنه ولم يبق منهم غيره ثم قال للربيع إذا كان
غدا وصليت بالناس في المسجد الحرام فأغلق الأبواب كلها ووكل بها ثقاتك
ثم افتح بابا واحدا وقف عليه ولا يخرج الا من تعرفه ففعل الربيع ذلك
وعرف محمد بن هشام انه هو المطلوب فتحير واقبل محمد بن زيد بن علي بن
الحسين ع فرآه متحيرا وهو لا يعرفه له يا هذا أراك متحيرا فمن
أنت قال ولي الأمان قال ولك الأمان وأنت في ذمتي حتى أخلصك قال انا
محمد بن هشام بن عبد الملك فمن أنت قال انا محمد بن زيد بن علي بن
الحسين فقال عند الله احتسب نفسي إذا، فقال لا بأس عليك فإنك لست
بقاتل زيد ولا في قتلك درك بثاره الا ان خلاصك أولى مني باسلامك ولكن
تعذرني في مكروه أتناولك به وقبيح أخاطبك به يكون فيه خلاصك قال
أنت وذلك فطرح رداءه على رأسه ووجهه واقبل يجره فلما اقبل على الربيع
لطمه لطمات وقال يا أبا الفضل ان هذا الخبيث جمال من اهل الكوفة

(١) في كتاب تاريخ طبرستان ورويان ومازندران تأليف السيد ظهير الدين ابن السيد نصر الدين
المرعشي الذي طبع في بطر سبورغ سنة ١٢٦٦ صفحة ١٦٩ ما تعريبه: في عهد الداعي
محمد بن زيد الذي كان في طبرستان أرسل من طرفه أموالا وعمر مشهد الحسين عليه
السلام
(٣٣٧)

أكراني جماله ذاهبا وراجعا وقد هرب مني في هذا الوقت وأكرى بعض قواد
الخراسانية ولي عليه بذلك بينة فضم إلي حارسين فمضيا معه فلما بعد عن
المسجد قال له يا خبيث تؤدي إلي حقي؟ قال نعم يا ابن رسول الله فقال
للحارسين انطلقا عنه ثم أطلقه فقبل محمد بن هشام رأسه وقال بأبي أنت
وأمي الله اعلم حيث يجعل رسالته ثم اخرج جوهرا له فدفعه اليه وقال
تشرفني بقبول هذا فقال انا اهل بيت لا نقبل على المعروف ثمنا وقد تركت
لك أعظم من هذا دم زيد بن علي فانصرف راشدا ووار شخصك حتى
يرجع هذا الرجل وانه مجد في طلبك. قال ثم إن الداعي محمد بن زيد
الحسني امر للأموي بمثل ما امر به لسائر بني عبد مناف وأمر جماعة من
مواليه ان يوصلوه إلى الري ويأتوا بكتابه بسلامته فقام الأموي وقبل رأسه
ومضى والقوم معه حتى أوصلوه إلى مأمنه وأتوه بكتابه.
وفي تاريخ طبرستان المقدم ذكره للسيد ظهير الدين المرعشي:
محمد بن زيد بن إسماعيل المعروف بالداعي الصغير. هكذا يقول بعضهم
ولكن الصحيح ان الداعي الصغير هو الحسن بن قاسم الحسيني وهو
المشهور بالداعي الصغير والموجودون هم أولاده والداعي الكبير هو
الحسن بن زيد حكم عشرين سنة ولم يعقب وأعقب بنات ولما أحس بالموت
اخذ البيعة لأخيه محمد بن زيد من العوام والخواص ولكن بعد وفاة الداعي
خرج صهره المسمى أبو الحسين وبايعه جماعة واستولى على خزائن الداعي
وأمواله ووافقه اصفيهابدة طبرستان ولما بلغ الداعي الصغير وفاة أخيه
محمد بن زيد تحرك في ذلك اليوم من كركان وجاء إلى ساري فهرب أبو
الحسين مع الديالمة الذين بايعوه وجاء إلى شالوس وفي غرة جمادي الآخرة
سنة ٢٧١ جاء إلى آمل وفي يوم واحد وصل إلى شالوس وأبو الحسين غافل
جالس فقبض عليه وعلى باليشام الديلمي وباقي الديالمة وغنم غنائم كثيرة
واخذ خزائن أخيه التي كان أبو الحسين اخذها وجاء إلى خواجك وقيد أبا
الحسين وحبسه ثم جاء به إلى آمل وأطلقه وأعلن ان كل من له دعوى عليه
فيلقمها عليه بموجب الشرع فاثبت عليه فقهاء آمل ألف ألف درهم
واخذوها منه ثم حبسه وقيده وارسل باليشام الديلمي إلى ساري ثم لم
يوقف لهما على خبر ولما كان محمد الداعي غير راض من الاصفهيد رستم بن
قارن ذهب الاصفهيد إلى أمير خراسان رافع ابن هرثمة واتى برافع مع
عساكر خراسان إلى مازندران فلم يمكن الداعي الإقامة بآمل فترك آمل
وذهب إلى كجور وحصنها فتعقبه رافع إلى كجور فهرب الداعي إلى بلاد
الديلم وبقي رافع في كجور أربعة أشهر ومعه اصفهيد رستم فجمع الداعي
عساكر الديلم ودعى رجال كلار فأجابوه وجاء إلى شالوس وقبض على نائب
رافع وجعل رافع رستم وبادوسيان في ساحل بحر بنفشة كرن وذهب هو إلى
اهلم ولما ضاق الامر على رستم وبادوسيان رجع رافع إلى قرية خواج التي
تبعد أربعة فراسخ عن شالوس فهرب الداعي إلى وازه كوه فجاء رافع إلى
لنكا وصادر أموال الناس وذهب إلى طالقان وخرب الأملاك وأحرق الزروع
وأقام مدة في طالقان واستولى على قلعة كيله كيا إلى أن عاهده جتان بن
هسودان حاكم الديلم أن لا يمد الداعي وذهب رافع إلى قزوين فأراد
الداعي ان يعود إلى شالوس فمنعه رستم ومحمد بن هارون الذين كانا هناك
من قبل رافع فذهب رافع إلى ناتل وكان من القضاء ان عسكر الخليفة
تحارب مع رافع في قزوين فانهزم رافع واضطر
للذهاب إلى خراسان وانضم بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي إلى محمد الداعي فاستقبله الداعي
واهدى له فرسا وهدايا كثيرة منها ألف ألف درهم في مائة صرة غير الآلات
والأسباب التي أهداها له وبقي مدة في آمل معززا مكرما واقطعه شالوس
ورويان وأرسله بعلم وطوق فلما وصل إلى تأمل امر ان يوضع له السم في
الفقاع فشربه فمات. ثم وقعت مخاصمة بين رافع وعمرو بن ليث انهزم
فيها رافع فبلغ ذلك المعتضد فولاه نيشابور وأرسله إلى محمد بن زيد الداعي
إلى الحق الصغير إلى كيلان وبايعه بشرط ان تكون كركان لرافع وآمل
للداعي فذهب الداعي إلى آمل ورافع إلى كركان وفي هذه الأثناء جاء الخبر
بموت احمد العجلي حاكم الري فذهب رافع إلى الري وفتحها وبعد شهر
أرسل الخليفة ولده حاكما على الري فلم يتمكن رافع من الإقامة وهرب
وعاد إلى كركان وأظهر المقاومة للداعي وجاء إلى ساري وخيم على نهر لا
ترابن وجاء رستم بن قارن مددا لرافع فكان من القضاء الرباني ان جاء مطر
عظيم كالصاعقة فجرف السيل خيامه وأثاثه وهلك كثير من دوابه فذهب إلى
استراباد وحصلت معاهدة ثانية بينه وبين الداعي ثم أرسل رافع إلى
الاصفهيد رستم: ان هذا العهد الذي جرى بيني وبين الداعي ليس مبنيا
على الاخلاص وانا معه على الخلاف الذي كنت عليه وكان الاصهيد قد
أرسل إلى عمرو بن ليث ان هذين إذا اتفقا لحقتنا منهما مضرة وحيث تحققوا
ان رافعا في الباطن مخالف للداعي تقربوا من رافع والتقوا معه في استراباد
فعمل لهم ضيافة مهمة ولما فرغوا من الطعام وجلسوا للمشورة امر بتقييد
الاصفهيد وحمله إلى الجبال واستولى على جملة الأموال والمواشي وأعطى
ولايته لابي نصر الطبري سنة ٢٨٢ وأنفق الداعي في تلك السنة على عسكر
رافع واخذ البيعة على اهل كركان ودهستان وجاجرم وجاء محمد بن زيد من
آمل إلى ساري وكان معه محمد بن وهسودان وعلي بن سرخاب فوقع بينهما
خصومة فقتل محمد بن وهسودان واحدا من خدام علي بن سرخاب وذهب
علي إلى تاكبلورجان وشاع ان علي بن سرخاب خلع طاعة الداعي فأرسل
ابن سرخاب إلى الداعي انني على الطاعة ولكن محمد بن وهسودان معي
خصم ولا يمكنني الإقامة معه في مكان واحد وأيضا ماء ساري في الصيف
غير صالح لذلك جئت إلى هنا وارسل رافع في ذلك الوقت اني ذاهب
لحرب عمرو بن الليث فأمدني بجماعة من الرجالة فذهب الداعي مع رجاله
من طريق كركان وأظهر انه ذاهب لامداد رافع وسار متأنيا إلى أن التقى
رافع وعمرو بن الليث وانهزم رافع وتفرق عنه الناس وذهبوا إلى عمرو
وتوجه رافع إلى خوارزم ونظرا لما رآه اهل خوارزم
من ظلمه قبضوا عليه وقتلوه وأرسلوا رأسه إلى عمرو فأرسله إلى الخليفة
وبعد هذه الوقايع صفت طبرستان وكيلان للداعي محمد بن زيد وفي سنة
٢٨٢ جاه خبر بان إسماعيل بن أحمد الساجاني قبض على عمرو وقتله ففرع
بال الداعي من الجميع وانتشر صيته ورغب في صداقته العرب والفرس
والروم والهند والملوك والأكابر إلى أن وقع في نظر إسماعيل بن أحمد الساماني
تملك طبرستان فأرسل محمد بن هارون في جيش عظيم إلى طبرستان واغتر
الداعي بنفسه وعجل ملاقاة خصمه وبقدر ما عجل كان محمد بن هارون
متأنيا إلى أن صار على نصف فرسخ من البلد فالتقيا هناك فانفرد الداعي مع
عدة من أصحابه وخرجوا من قلب العسكر وتقاتلوا مع محمد ابن هارون
وأظهروا شجاعة ولكن بدون فائدة وأول شخص قتل هو الداعي وقطع
رأسه واسر ابنه أبو الحسين زيد بن محمد وأرسلا إلى إسماعيل ودفن الجسد
بدون رأس في كركان ويعرف بكور داعي وكانت مدة حكمه ست عشرة

٠١) هو لقب ملك طبرستان
(٣٣٨)

سنة وارسل ولده أبو الحسين في شوال سنة ٢٨٧ إلى بخاري فحبس فيها ولما
فرع محمد بن هارون من ضبط كركان جاء إلى آمل في التاريخ المذكور
وحكم سنة ونصفا وصارت جميع خراسان في قبضة إسماعيل بن أحمد ثم
رجع إلى طبرستان وكتب أبو الحسين زيد بن محمد الداعي الصغير من
بخاري إلى طبرستان إلى أصدقاء أبيه هذه الأبيات:
أ سجن وقيد واشتياق وغربة * وناي حبيب ان ذا لثقيل
أيا شجر الجوزاء في شط هرهز * لشوقي إلى أفيائكن طويل
الا هل إلى شم البنفسج في الضحى * بخشكورد من قبل الملمات سبيل
فلما بلغت الأبيات إسماعيل بن أحمد الساماني أطلقه. وللناصر
الكبير في حق الداعي مراث كثيرة جيدة.
ويحكى ان الداعي محمد بن زيد كان يظن في حق الناصر الكبير ان
في نفسه الخروج عليه فلما كان في بعض الأيام جلس الداعي فدخل عليه
الناصر الكبير وسلم وجلس ثم نظر إلى أبي مسلم فقال يا أبا مسلم من
القائل؟
وفتيان صدق كالأسنة حسد كذا * على مثلها والليل تغشى غياهبه
لامر عليهم ان تتم صدوره * وليس عليهم ان تتم عواقبه
فعلم الناس ان الناصر الكبير قد حقق ما يظنه الداعي في حقه فبهتوا
وعلم الناصر سبب بهتهم فجلس هنيهة وخرج فقال الداعي لابي ما الذي
أنشده أبو محمد الحسن فقال أبو مسلم أطال الله بقاء السيد اعرف ما الذي
أنشده قال الداعي: يشم منه رائحة الخلاف. ٧٢٣:
أبو عبد الله محمد بن زيد بن مروان.
يروي عنه أبو غالب أحمد بن محمد الزراري ويروي هو عن أبي
عيسى محمد بن علي الجعفري وأبي الحسين محمد بن علي بن الرقام وأبي
الحسن محمد بن عبيد الله العلوي كما في غيبة الشيخ الطوسي. ٧٢٤:
السيد محمد زيني النجفي
هو محمد بن أحمد بن زين الدين. ٧٢٥:
أبو النصر محمد بن السائب الكلبي ابن بشر بن عمرو بن
الحارث بن عبد الحارث بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن
عبدون أو عبد ود كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيد بن
ثور بن كلب بن وبرة بن قضاعة.
توفي بالكوفة سنة ١٤٦ في خلافة المنصور.
وفي رجال النجاشي في ترجمة ولده هشام بشر بن زيد بن عمرو ولكن
الذي في طبقات ابن سعد وأنساب السمعاني ووفيات الأعيان بشر بن
عمرو ويوجد في بعض النسخ عبدون بدل عبد ود وفي بعضها ابن عوف بن
كنانة بن عوف وفي بعضها زيد بن عبد اللات.
قال ابن سعد في الطبقات: كان جده بشر بن عمرو وبنوه السائب
وعبيد وعبد الرحمن شهدوا لجمل مع علي بن أبي طالب ع وقتل
السائب بن بشر مع مصعب بن الزبير وله يقول ابن ورقاء النخعي:
من مبلغ عني عبيدا بأنني * علوت اخاه بالحسام المهند
فان كنت تبغي العلم عنه فإنه * مقيم لدى الديرين غير موسد
و عمدا علوت الرأس منه بصارم * فأثكلته سفيان بعد محمد
سفيان ومحمد أبناء السائب. وشهد محمد بن السائب الجماجم مع
عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. وكان محمد بن السائب عالما بالتفسير
وأنساب العرب وأحاديثهم وتوفي بالكوفة سنة ١٤٦ في خلافة أبي جعفر.
قال محمد بن سعد أخبرني بذلك كله ابنه هشام بن محمد بن السائب،
وكان عالما بالنسب وأحاديث العرب وأيامهم قالوا وليس بذاك في روايته
ضعيف جدا آه قوله وكان عالما بالنسب الخ الظاهر رجوعه إلى هشام.
قوله:
قالوا الخ الظاهر رجوعه إلى محمد. وفي انساب السمعاني ومن بني
كلب وهو كلب بن وبرة ابن قضاعة منهم أبو النصر محمد بن السائب وساق
نسبه إلى كلب ثم قال صاحب التفسير: من اهل الكوفة يروي عنه الثوري
ومحمد بن إسحاق ويقولان حدثنا أبو النصر حتى لا يعرف وهو الذي كناه
عطية العوفي أبا سعيد فكان يقول حدثني أبو سعيد الكلبي فيتوهمون انه
أراد به أبا سعيد الخدري وكان الكلبي يقول انا سبائي اي من أصحاب
عبد الله بن سبا أولئك الذين يقولون ان عليا لم يمت وانه راجع إلى الدنيا
قبل قيام الساعة فيملأها عدلا كما ملئت جورا وان رأوا سحابة قالوا أمير
المؤمنين فيها حتى تبرأ واحد منهم وقال:
ومن قوم إذا ذكروا عليا * يصلون الصلاة على السحاب
آه وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب: محمد بن السائب بن
بشر بن عمرو بن عبد الحارث بن عبد العزى الكلبي أبو النض الكوفي
النسابة المفسر من عبد ود روى عن اخويه سفيان وسلمة وأبي صالح باذام
مولى أم هانئ وعامر الشعبي والأصبغ بن نباتة وغيرهم وروى عنه ابنه
هشام والسفيانان وحماد بن مسلمة وابن المبارك وابن جريح بن إسحاق وأبو
معاوية ومحمد بن مروان السدي الصغير وهشيم وأبو عوانة ويزيد بن زريع
وإسماعيل بن عياش وأبو بكر بن عياش ويعلى ومحمد ابنا عبيد ومحمد بن
فضيل بن غزوان ويزيد بن هارون وآخرون وفيه قال ابن أبي حاتم كتب
البخاري محمد بن بشر سمع عمرو بن عبد الله الحضرمي وعنه محمد بن بن
إسحاق قال ابن أبي حاتم هو الكلبي ثم نقل فيه عن جماعة قدحا كثير
فنسبوه إلى الكذابين مثل قول بعضهم كان بالكوفة كذابان الكبي والسدي
وانه قال ما حدثت عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا تروه وان
ابن حبان قال وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الاغراق في وصفه
روى عن أبي صالح التفسير وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس ومثل ليس
بشئ وضعيف وليس بثقة وانه كبر وغلب عليه النسيان وانه قيل لزائدة
ثلاثة لا ترو عنهم: ابن أبي ليلى وجابر الجعفي والكلبي قال اما ابن أبي
ليلى فلست أذكره واما جابر فكان والله كذابا يؤمن بالرجعة واما الكلبي
وكنت اختلف اليه فسمعته يقول: مرضت مرضة فنسيت ما كنت احفظ
فاتيت آل محمد فنفلوا في في فحفظت ما كنت نسيت وعن بعضهم انه كان
مرجئا بل ترقى ابن حجر فحكى عن بعضهم تكفيره لأنه سمعه يقول كان
جبرئيل يوحي إلى النبي ص فقام النبي لحاجته وجلس علي فأوحى إلى علي
وان بعضهم رآه يضرب صدره ويقول انا سبائي انا سبائي إلى غير ذلك
أقول لم يذكره أصحابنا بتوثيق ولا غيره وانما روى الكليني في حقه حديثا
واما هذا القدح الذي حكاه ابن حجر فالظاهر أن سببه النسبة إلى التشيع
يدل عليه ما حكاه ابن حجر نفسه في ترجمته عن الساجي أنه قال متروك
(٣٣٩)

الحديث وكان ضعيفا جدا لفرطه في التشيع، ونسبتهم له إلى الكذب بل
الكفر لروايته بعض الكرامات لأهل البيت ع التي لا تستطيع
النفوس ان تقبلها ولا العقول ان تصدق بها وتصدق بما ذكره القسطلاني عن
بعض الصحابة من انه كانت تحدثه الملائكة حتى اكتوى وبما ذكره ابن حجر
نفسه في تهذيب التهذيب من أن الخضر كان يجتمع مع عمر بن عبد العزيز
يسدده يراه ولا يراه الناس الا من كشف الله عن بصيرته وإذا روى الكلبي
ما يشبه ذلك في حق امام أهل البيت ووزيره سيد الأنبياء ص نسب إلى
الكفر أو الكذب كما أن ما نسب اليه من اعترافه بأنه سبائي مكذوب عليه
لأنه ينافيه نسبته إلى الارجاء فأين السبائي من المرجئي فتناقض هذه البقول
امارة كذبها وينافيه رواية اجلاء العلماء عنه الذين تقدم ذكرهم وفيهم أمثال
السفيانين وابن المبارك وابن جريج وأغرب من ذلك نقل ابن حجر عن
زيد بن حباب انه سمع الثوري يقول عجبا لما يروي عن الكلبي قال ابن
أبي حاتم فقلت لابي ان الثوري روى عنه فقال كان لا يقصد الرواية عنه
ويحكي حكايته تعجبا فيعلقه من حضره ويجعلونه رواية آه وفي هذا
الاعتذار ما لا يخفى من التكلف وكيف يصرح بأنه كذب فيما حدث به عن أبي
صالح فإن كان متدينا لا يستحل الكذب فكيف كذب وان كان لا
يتدين فكيف ينسب نفسه إلى الكذب ويسقطها من أعين الناس وهو عاقل
مع أن ابن عدى اعترف بان له أحاديث صالحة وخاصة عن أبي صالح وهو
ينافي ما ذكر ففي تهذيب التهذيب قال ابن عدي له ما غير ذكرت أحاديث
صالحة وخاصة عن أبي صالح وهو معروف بالتفسير وليس لاحد أطول من
تفسيره وحدث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير واما في الحديث ففيه
مناكير اه أقول مناكيره روايته بعض مناقب أهل البيت التي لم
تحملها عقولهم واحتملت مثلها أو أعظم في غيرهم وكيف يجتمع تكذيب
ابن حبان المتقدم روايته التفسير عن أبي صالح مع قبول ابن عدي لأحاديثه
في التفسير خاصة عن أبي صالح ورواية الثقات عنه ورضائهم إياه في
التفسير. وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان أبو النضر محمد بن السائب
الكلبي الكوفي صاحب التفسير وعلم النسب كان اماما في هذين العلمين.
وعن السيوطي في الاتقان قال ابن عدي في الكامل: للكلبي
أحاديث صالحة وخاصة عن أبي صالح وهو معروف بالتفسير وليس لاحد
تفسير أطول منه ولا اشبع وبعده مقاتل ابن سليمان صرح بتشيعه ابن
النديم في الفهرست عند ذكر تفسير القرآن من كتب الشيعة وهو أول من
صنف في احكام القرآن فقول السيوطي أول من صنف في احكام القرآن
الإمام الشافعي غير صحيح لان الشافعي مات سنة ٢٠٤ وله أربع وخمسون
سنة وهو متقدم أيضا على القاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف البياني
القرطبي الأندلسي الاخباري اللغوي الذي قال فيه السيوطي في طبقات
النجاة انه أول من كتب في احكام القرآن لان القاسم توفي سنة ٣٤٠ عن
ثلاث وتسعين سنة.
وكما ذكرنا لم يذكره أصحابنا في كتب الرجال بمدح ولا قدح ولكن
الكليني في الكافي روى حديثا عن الكلبي النسابة يعرف منه جملة من
أحواله. والظاهر أن المراد به محمد بن السائب ويحتمل على بعد إرادة ابنه
هشام لأنه ذكر فيه لقاءه لعبد الله بن الحسن ولجعفر بن محمد الصادق
ع فدل على أنه معاصر لهما وكان محمد معاصرا لهما لأنه توفي
كما سمعت سنة ١٤٦ في خلافة المنصور وعبد الله بن الحسن قتله المنصور
والصادق ع توفي ١٤٨ بعد وفاة المترجم بسنتين وهشام وان ذكروه في
أصحاب الصادق ع الا ان الظاهر مما ذكروه في أحواله انه كان
اماميا من أول الامر اما الأب فيظهر من الحديث الآتي انه كان في أول امره
شاكا. ومن الغريب في هذا المقام ما وقع للمولى محمد صالح المازندراني في
حواشيه على أصول الكافي حيث قال عند ذكر الكلبي النسابة في الحديث
الآتي: هو الحسن بن علوان الكلبي كوفي ثقة منسوب إلى بني كلب روى
عن أبي عبد الله ع والتاء للمبالغة آه وتبعه على ذلك العلامة
المجلسي في مرآة العقول شرح الكافي فقال في شرح الحديث عند شرح
لفظة الكلبي النسابة: والكلبي نسبة إلى قبيلة كلب وهو الحسن بن علوان
ثقة روى عن الصادق ع وكان نسابة اي عالما بالأنساب والتاء
للمبالغة. وتبعهما على هذا الوهم الميرزا في رجاله فقال في باب الألقاب:
الكلبي الحسن بن علوان أو أخوه الحسين إلى أن قال وفي الكافي في باب ما
يفصل به بين دعوى المحقق والمبطل في آخر الحديث الذي نقل عنه فلم
يزل الكلبي يدين الله بحب اهل هذا البيت حتى مات قال اما عند العامة
ففي مختصر الذهبي الكلبي محمد بن السائب وابنه هشام آه أقول
والصواب ان المراد بالكلبي النسابة في الحديث هو محمد بن السائب أو ابنه
هشام وان تفسيره بالحسن بن علوان أو أخيه الحسين سهو محض اصله
الفاضل الصالح وتبعه من تبعه ولم أجد من تنبه لذلك ثم وجدت ان
المحقق البهبهاني تنبه له فقال وقيل إن الحسن هو الكلبي النسابة وربما قيل إنه
الحسين وكلاهما وهم بل هو هشام بن محمد بن السائب كما سيجئ
آه وذلك لان الحسن بن علوان واخاه الحسين لم يصفهما أحد بالنسبة.
قال النجاشي: الحسين بن علوان الكلبي مولاهم كوفي عامي واخوه
الحسن يكنى أبا محمد ثقة رويا عن أبي عبد الله ع وليس للحسين
كتاب والحسن أخص بنا وأولى ونحوه في الخلاصة ومثله في نقد الرجال نقلا
عن الفهرست وليس في شئ من كتب الرجال انه نسابة وانما أوقع الصالح
في الاشتباه كونه كلبيا فظنه نسابة لاشتهار الكلبي النسابة وسبحان من لا
يسهو ولا ينسى. ولم يذكر صاحب النقد الكلبي في الألقاب وهو دليل عدم
وقوعه في هذا الاشتباه. اما الحديث المشار اليه فهو ما رواه الكليني في
أصول الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في امر الإمامة
فقال: الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن علي قال أخبرني
عن سماعة بن مهران قال أخبرني الكلبي النسابة قال دخلت المدينة ولست
اعرف شيئا من هذا الامر فاتيت المسجد فإذا جماعة من قريش فقلت
أخبروني عن عالم هذا البيت... ٧٢٦:
أبو الفتح محمد بن النيسابوري.
أورد له ابن شهرآشوب في المناقب قوله:
سلام على الصفوة المصطفى * محمد ذي المنهج الأقوم
سلام على ابن أبي طالب * أخي الحرب والفارس المعلم
سلام من الله ما غردت * حمام على النبأ الأعظم
سلام على حرة بعلها * سبيل النجاة لمن قد عمي
سلام على الحسن المرتجى * كنور بدا في دجى مظلم
سلام على من سقي بالطفوف * كؤوسا امر من العلقم
سلام على ساجد عابد * حماه المهيمن عن مجرم
سلام على باقر علمه * يفجر كالجدول المفعم
(٣٤٠)

سلام على جعفر بعده * سلام كئيب به مغرم
سلام على كاظم نوره * توقد كالسبعة الأنجم
سلام على مفرد قبره * بطوس وطوس به تحتمي
سلام على تاسع مجده * تألق كالعلم المعلم
سلام على عاشر جوده * أسح من السبل بالمرزم
سلام على حادي عشرهم * سلام على القائم القيم
سلام عليكم بني احمد * وأولاد حيدرة الأكرم
سلام عليكم بني فاطم * سلام محب لكم مكرم ٧٢٧:
السيد محمد الساروي الغروي المشهور بثقة الاسلام الموسوي نسبا.
توفي سنة ١٣٤٢.
له كتاب أنوار الاحكام في الفقه وأنوار الأصول في علم الأصول وله
كتاب في تراجم أسرته. يروي عنه بالإجازة السيد شهاب الدين الحسيني
النجفي عن شيخه الميرزا الرشتي. ٧٢٨:
الشيخ محمد السبيتي والد الشيخ علي والشيخ حسن السبيتي
كان من العلماء توفي ليلة السابع والعشرين من شوال سنة ١٢٦٠. ٧٢٩:
السيد محمد الشهير بالسيد سريرة الجزائري
ذكره الشيخ احمد الجزائري في إجازته لولده ووصفه بالسيد التحرير
المحدث وقال أنه يروي عن شيخه المحقق الكركي وعند المولى عبد الله
الشوشتري. ٧٣٠:
السيد محمد سجاد ابن السيد علي جواد النبارسي الهندي
توفي يوم السبت ١٦ جمادى الثانية سنة ١٣٤٨
كان من العلماء قام مقام أبيه في نبارس وجهلتها في ترويج الشريعة
ولم يبق اليوم بعده في تلك الأقطار من يسد مسده. ٧٣١:
محمد بن سعد العامري الدمشقي من شعراء دمشق.
في معجم الشعراء للمرزباني. كان يظهر التشيع فاغتاله قوم من أهل
دمشق فقتلوه لرفض بلغهم عنه ولقوله في قصيدة طويلة أولها:
قد غشيت أدهرا وأدهرا * سكران لا آلف إلا السكرا
ولا أرى المعروف إلا المنكرا * فان يكن سري قد تسفرا
عني وعاد الصفو عني كدرا * وصرت زهما جنفا مكسرا
وحاد مني ناظري وشبكرا * فطالما كنت غضيضا أحورا
وطالما كنت فتى حزورا * مزعفرا معطرا معنبرا
أسحب بردا وأجر مئزرا * إذا مشيت للصبى التبخترا
ثم ضممت الكف الا الخنصرا * وقد حملت للمجون خنجرا
وصلت الكاعب تلحى المعصرا * وهي تراني كمثل ما ترى
سقيا لذاك ما ألذ منظرا * بدلت بالنوم الطويل السهرا
ومت لا موتا ولكن كبرا * ومن وقار المرء أن يوقرا
لزاجر من المشيب زجرا * أن يألف العرف ويأبى المنكرا ٧٣٢:
أبو جعفر محمد بن سعدان الضرير.
توفي سنة ٢٣١ يوم عرفة.
في فهرست ابن النديم: كان معلما للعامة وأحد القراء بقراءة حمزة
ثم اختار لنفسه ففسد عليه الأصل والفرع بغدادي المولد كوفي المذهب وله
من الكتب كتاب القراءة وكتاب مختصر النحو وله قطعة حدود على مثال
حدود القراء لا يرغب الناس فيها.
وجده سعدان له ترجمة في فهرست ابن النديم وترجمة في معجم
الأدباء. ٧٣٣:
السيد محمد سعيد ابن السيد نجيب ابن السيد محيي الدين ابن السيد
نصر الله ابن السيد محمد فضل الله الحسني
ولد سنة ١٣١٦ في قرية عيناثا في جبل عامل وتوفي في ٨ جمادى
الثانية سنة ١٣٧٣ في النجف الأشرف ودفن فيها في إحدى غرف الصحن
العلوي الشريف.
نشأ على أبيه في عيناثا ودرس العلوم العربية والمنطق وقسما من الفقه
والأصول في المدرسة التي أنشأها والده في عيناثا عند رجوعه من النجف.
وتوفي والده سنة ١٣٣٥ فهاجر بعد وفاته إلى النجف الأشرف وفيها
تلمذ على الشيخ ميرزا فتاح الشهيدي التبريزي فقرأ عنده الرسائل وغيرها
من الكتب الأصولية والفقهية كما تلمذ على آخرين كالميرزا حسين النائيني
والشيخ ضياء الدين العراقي والسيد أبو الحسن الأصفهاني والميرزا علي
الإيرواني ثم لازم السيد عبد الهادي الشيرازي وانقطع اليه. ولم يكن له
من هم إلا المطالعة والمذاكرة والاستفادة حتى أنه تخلى عن كثير من
الاعتبارات الاجتماعية والشخصية في سبيل تحصيله، وأدى به الحال آخر
الأمر إلى ما يشبه العزلة وكان قد أصبح في مصاف الطبقة العالية في العلم
و الفضل والورع والتقوى والاستقامة وقد نقل عن المؤلف أنه سئل عمن
يرجع إليه بعد وفاته فأشار إلى المترجم.
شعره
عثرنا للمترجم على أبيات شعرية نظمها في صباه، ويظهر أنه ترك
الشعر بعد ذلك لأننا لم نعثر له على شئ منه غير هذا:
عن ناظري دار الفناء تجنبي * ليس اتباعك شيمتي أو مذهبي
فلقد تسربلت الغرور ودونه * سم الأفاعي أو لديغ العقرب
تبدي البشاشة للغبي فينثني * يجثو لبغيتها خصيم الأكلب
ويروح مثلوج الفؤاد منعما * ما بين قبلة غادة أو ملعب
ومنه قوله:
أراني في جو تخيرت غيره * وداخلني في العلم ما لا يداخل
فتلك الورى نوعان مرتكب الهوى * وآخر محجوب عن الحق جاهل
فان قيل لا تركب بمتن ضلالة * أجاب ومن غيري بصير وعاقل؟
وإن قيل لا تحكم بفصل خصومة * أجاب: وهل غيري عليم وفاضل
فيصبح مغرورا ويمسي مغررا * وتعلو على الأيام منه الأباطل
فيا صاحبي أ ما ابتغيت نصيحتي * فكن واحدا لا تخدعنك المحافل

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح).
(٣٤١)

سمير كتاب عامل بمناره * فخير الورى طرا عليم وعامل
ومنه قوله:
تحملت من همي ودهري وصرفه * وقلبي ما لا يستطاع فيحمل
ولو أن ما بي قد علا رأس يذبل * وحمل منه البعض ما كان يذبل
وليس الفتى إلا الذي صح عرضه * وكان له بين السماكين منزل
وقد ترك عدة رسائل فقهية لم تخرج من المسودة.
مراثيه
مما رثي به قصيدة للشيخ عبد الكريم صادق:
هز الهضاب الشامخات بعامل * صوت يرن صداه في فجواتها
صوت أطل من العراق مروعا * غصت له اللهوات في زفراتها
ينعي إلينا عالما علامة * والسيد المرموق من ساداتها
ينعي إلينا آية قدسية * هي في نظام الغر من آياتها
ينعي إلينا شعلة وقادة * تتفجر الأنوار من مشكاتها
ينعي إلينا دوحة مضرية * العلم والأخلاق من ثمراتها
ينعي إلينا فكرة مصقولة * كشف الصقال الحجب عن مرآتها
ينعي إلينا علما زخاره * يزري بدجلتها وفيض فراتها
إلى أن يقول:
يا بن النجيب وأنت أكرم سيد * هو للنجابة عاقد حبراتها
ما زلت طلاب الرقي إلى العلى * حتى استويت على ذرى درجاتها
وحللت دار القدس وهي لأجلها * أفنيت نفسك في سبيل حياتها
ونظرت في دنياك نظرتك التي * كشفت لك المخبوء من خدعاتها
كيد تكيد به هواة علوها * لتعيدهم في الوهد من هواتها
فسلمت من خلساتها وسلمت من * لسعاتها وسلمت من لسباتها
ونبذتها نبذ النواة وأنت من * أدرى الورى بالسوء من نياتها
لم تجتذبك لها زخارفها التي * هي كالسراب يلوح في خلواتها
ووراك خافقة النعال سحقتها * بالنعل لا طربا إلى أصواتها
ورفعت قدرك أن يضيع وأنه * ليضوع كالأزهار في جناتها ٧٣٤:
الشيخ محمد سعيد ابن الشيخ محمود سعيد النجفي
هو ابن أخت ملا عباس البغدادي النجفي الشاعر المشهور.
في كنز الأديب: ولد في النجف ١٤ رجب سنة ١٢٥٠ وتوفي ليلة
الأربعاء سلخ ربيع الأول سنة ١٣١٩ ودفن في الصحن الشريف الحسيني
بكربلا.
كانت لآبائه نيابة التولية والنظارة للحضرة الحيدرية حينما كان الخازن
لها هو حاكم النجف ثم تغيرت أحواله بعد وفاة أبيه وابن عم أبيه وصرفت
عنهم هذه التولية. وتوفي والده بعد ولادته بنحو من سنتين ولما ترعرع صار
له شغف بطلب العلم وقراءة الكتب الفارسية وحصلت له الملكة باللغة
الفارسية كما أحرزها باللغة العربية وآدابها حتى كان الفرس والعرب
يراجعونه فيما يشكل عليهم من اللغتين وكان ينظم في اللغة الفارسية
والعربية فمن نظمه في العربية قوله مخاطبا بعض أصحابه في بغداد وقد
طغى شط دجلة:
أ يحسب لما أن طغى شط دجلة * يجاريك في مجراه زاخره الغمر
ولو أنه جاراك في جريانه * لما كان بعد المد يعقبه جزر
وكتب إليه أيضا وقد نقص دجلة بعد زيارته:
يا أيها الشهم الزكي الذي * قد طاب فرعا وزكا عنصرا
طغى عباب الماء من دجلة * كيما يجاريك إذا ما جرى
وحيث جاري منه أجرى ندى * أحجم حتى رجع القهقري
وله مشطرا:
أخي والكريم الحر ليس بتارك * عهود أخاء حفظها سمة الحر
أ يترك من صدق الإخاء شعاره * أخاه بفوغاء الحوادث في ضر
إذا لم تكن لي والحوادث جمة * فمن لي لدى اللأواء في الحادث النكر
وإن أنت في دنياك لم تك نافعي * فقل لي متى أرجوك تنفع في حشري
وله:
وأخ وفي لا أطيق فراقه * حكم الزمان بان أراه مفارقي
بان الأسى مذ بان وابيضت أسى * لنواه سود نواظري ومفارقي
وله:
لو كان نيل المنى التدبير ينجحه * لنلت أقصى الأماني بالتدابير
لكنما كل شئ أنت تطلبه * يجري بامر مليك للمقادير
وله ملغزا في زائدة:
يا صارفا في الصرف أيامه * هلا أفدت سائلا فائدة
ما اسم على فاعلة وزنه * لكنما أحرفه زائدة
وله مخاطبا بعض أصحابه عند قدومه لبغداد بعد غيبته:
نأيت عن الزوراء فاظلم وحشة * بها أفقها وأزور عنها جمالها
ومذ عدت عادت فيك تشرق بهجة * لأنك فيها شمسها وهلالها
وله:
زارني في رمضان في الدجى * فحسبت الصبح قد لاح ضياه
وتركت لثم فيه خيفة * يبطل الصوم إذا قبلت فاه
وله في الشيب:
رأت بفودي وخط الشيب ملتهبا * كشعلة البرق في داج من الغسق
فأعرضت ثم عادت وهي ترمقه * باعين للقلى محمرة الحدق
لا تحسبي أن رأسي شاب من كبر * فبت في قلق منه وفي أرق
لكنما استبقت بي للنهي هممي * فأحرزت منه شأوا غير مستبق
لبست بردا قشيبا للوقار وقد * جردت نفسي عن برد الصبا الخلق
ولم أقل حين وافى الشيب مقتبلا * مقال منغمر في الجهل لم يفق
يا حبذا عصر لهو للشباب مضى * قد طاب مصطبحي فيه ومغتبقى
شتان ما بين أيام المشيب وما * بين الشبيبة من كيس ومن حمق
ما ذا تعيبين من شيب نضارته * تروق كالروض غب العارض الغدق
وأين لون شباب حالك غدف * من حسن لون مشيب ناصع يقق
لئن أحال بياض الرأس حين فشا * خلقي فحسبي ما خولت من خلقي
وله في العتاب:
قد رقت فينا منظرا وإنما * معتقدي بان تفوق مخبرا
لئن تطولت ببري فلكم * أطلت من مدح عليك اقتصرا
(٣٤٢)

كم فيك قد بيضت من مدائح * في جبهة الزمان لاحت غررا
يحكي سواد الحبر في بياضها * عيون حور العين راقت حورا
أني تضيع فيك لي مدائح * بنشرها تضوع مسكا أذفرا
لديك هل عقد الوفاء واهيا * يغدو وعهدي فيه موثق العرا
إن لم يكن فيك الوفا شنشنة * إذن فلا لوم على من غدرا
لا تشمتن بي فئة نابذتها * فيك وقد ألقمت فاها الحجرا
لا تحتقر قريحة قريحة * منك بقرح غوره لن يسبرا
واتقين صاعقة تملأها * بين الثرى إلى الثريا شررا
ولا تهج ذا كبد مني فلا * وزر من الليث إذا ما أصحرا
إن لساني حية نضناضة * تنفث ما تنفث سما ممقرا
فأين من شقاشقي إن هدرت * شقشقة الفحل إذا ما هدرا
أبلغت اعذارا بانذاري في * نظمي وقد أعذر من قد انذبا
لا تلم المصدور أن ينفث ما * في صدره بل حقه أن يعذرا
وله:
تراكمت الغموم علي لما * نظرت وقد تراكمت الغيوم
ومذ هبت رياح اللطف جلت * غيوم الأفق فانجلت الغموم
وله:
تذكرت عهدا بالحمى راق لي دهرا * فهاجت تباريح الغرام لي الذكرى
وأومض من وادي الغضا لمع بارق * فأذكى بنيران الغضا في الحشا جمرا
فيا حبذا تلك المغاني وإن نات * ويا ما احيلى العيش فيها وإن مرا
إلا لا عدا الغيث الملث طلولها * ولا زال للغيث الملث بها مجرى
فيا طالما بالأنس كانت أواهلا * وإن هي أمست بعد موحشة قفرا
عشية عاطاني المدامة شادن * أغن غضيض الطرف ذو غرة غرا
حكي الغصن قدا والجاذر لفتة * وعين ألمها عينا وبيض الظبى نحرا
سلافة عصر لم تفز بدنانها * جديس ولم تدرك لهاجرهم عصرا
فبتنا وقد مد الظلام رواقه * علينا وأرخى من جلابيبه سترا
وقد هدأت عنا العيون وهومت * سوى أن عين النجم ترمقنا شزرا
من العدل يا ظبي الصريمة أن ترى * وصالي حراما في الهوى ودمي هدرا
لقد هنت قدرا في هواك وأنني * لا على الورى كعبا وأرفعهم قدرا
ويا رب لاح قط ما خامر الهوى * حشاه ولا فاضت له مقلة عبرا
يلوم فلم ارع المسامع عذله * كان باذني عند تعنيفه وقرا
وهيهات يصغي للملامة وأمق * معنى الحشى مضنى أخو كبد حرا
وقائلة ما لي أراك مشمرا * لجوب القفار البيد توسعها مسرى
تجوب الفلا أو تركب البحر جاهدا * فلم تتئد أن تقطع البر والبحرا
فقلت لها كفي الملامة إنما * هلال الدجى لولا السري لم يكن بدرا
سافري نحور البيد شرقا ومغربا * واقطع من أجوازها السهل والوعرا
لا منية أحظى بها أو منية * فان لم تك الأولى فيا حبذا الأخرى
ألا يا لحا الله الليالي ما لها * تخادعني حتى كان لها وترا
ويا ويح دهر خطبه يستفزني * وقل له إن قلت يا ويحه دهرا
قال صاحب كنز الأديب: سمعت ذلك كله عن لسانه مشافهة حيث
كنت ملازما له في أغلب الأوقات في كربلا.
وله:
افتدي فرد جمال * ما له في الحسن ثاني
ذو محيا أن تبدي * غار منه القمران
هل درن ما ذا أقاسي * أم درى ما ذا أعاني
رق لي لو كان يدري * في هواه ما دهاني
جار في الحكم زماني * آه من جور الزمان
ومن شعره قوله يرثي الحسين ع:
يقل لدمعي دما أن يصوبا * وللقلب مني أسى أن يذوبا
لما قد الم بال النبي * فاجرى الدموع وأورى القلوبا
ولا مثل يومهم في الطفوف * فقد كان في الدهر يوما عصيبا
غداة حسين وخيل العدى * تسد عليه الفضاء الرحيبا
دعته لينقاد سلس القياد * وتأبى حميته أن يجيبا
فهب لحربهم ثائرا * بفتيان حرب تشب الحروبا
فمن كل ليث وغى تتقي * له في الوغى الأسد بأسا مهيبا
وأروع يغشى الوغى باسما * ووجه المنية يبدي قطوبا
فكم ثلمت للمواضي شبا * وكم حطمت للعوالي كعوبا
إلى أن ثوت في الثرى جثما * تضوع من نشرها الترب طيبا
وأضحى فريدا غريب الديار * بنفسي أفدي الفريد الغريبا
فراح يخوض غمار الحتوف * ونار حشاه تشب لهيبا
وأضحى بجنب العرى عاريا * كسته الأعاصير بردا قشيبا
وسيقت حرائره كالإماء * تجوب حزونا وتطوي سهوبا
ويا رب نادبة والحشى * يكاد بنار الجوى أن يذوبا
أ ريحانة المصطفى هل ترى * درى المصطفى بك شلوا سليبا
يعز على المصطفى أن يرى * على الترب خدك أمسى تريبا
يعز على المصطفى أن يرى * بقاني الدما لك شيبا خضيبا
يعز على المصطفى أن يرى * بأيدي العدى لك رحلا نهيبا
ألانت قناتي يد الحادثات * وقد كان عود قناتي صليبا
فهل لليالي بهم أوبة * وهيهات ما قد مضى أن يؤوبا
وله في رثائه ع:
معاهدهم بالسفح من أيمن الحمى * سقاهن رجاس الغمام إذا همي
وقفت بها كيما أبث صبابتي * فكان لسان الدمع عنها مترجما
دهتها صروف الحادثات فلم تدع * بها اثرا الا طلولا وأرسما
بلى أنها الأيام شتى صروفها * إذا ما رمت أصحت ولم تخط مرتمى
وليس كيوم الطف يوم فإنه * أسال من العين المدامع عند ما
غداة استفزت آل حرب جموعها * لحرب ابن من قد جاء بالوحي معلما
فلست ترى الا اصم مثقا * وأبيض اصليتا وأجرد أدهما
أضلت عداها الرشد والهدي * والحجى وباعت هداها يوم باعته بالعمى
أ تحسب أن يستسلم السبط ملقيا * إليها مقاليد الأمور مسلما
ليوث وغى لم تتخذ يوم معرك * بها أجما اللا الوشيج المقوما
ولم ترض غير الهام غمدا إذا انتضت * لدى الروع مشحوذ الغرارين مخذما
ومذ عاد فرد الدهر فردا ولم يجد * له منجدا الا لحسام المصمما
ولما جرى مر القضاء بما جرى * وقد كان امر الله قدرا محتما
هوى فهوى الطود الأشم فزلزلت * له الأرضون السبع وأغبرت السما
وأعولت الأملاك نادبة وقد * أقامت له فوق السماوات مأتما
فأضحى لقى في عرصة الطف شلوه * ترض العوادي منه صدرا معظما
(٣٤٣)

ويهدي على عالي القنا رأسه إلى * يزيد فيغدو منشدا مترنما
نفلق هاما من رجال أعزة * علينا وهم كانوا أعق وأظلما
فشلت يداه حين ينكت مرشفا * لمرشف خير الرسل قد كان ملثما
وزينب تدعو والشجى يستفزها * اخاها ولم يترك لها الدهر من حمى
لقد كان دهري فيك بالأمس مشرقا * فها هو أمسى بعدك اليوم مظلما
وله:
وكل قبيل شتت الخف شمله * فان العدى تقوى عليه ويضعف
كذاك الوفا بالعهد ضربة لازم * على كل شهم بالشهامة يوصف ٧٣٥:
السيد محمد سعيد ابن السيد سراج الدين قاسم ابن السيد محمد
الطباطبائي.
ولد سنة ١٠١٣ وتوفي سنة ١٠٩٢.
له حاشية على حاشية تهذيب المنطق لملا عبد الله اليزدي. وله
مفاتيح الاحكام في شرح آيات الاحكام للأردبيلي ٧٣٦:
محمد بن سعيد النصري المعروف بالناجم.
في معجم الشعراء للمرزباني: كان في ناحية وهب بن إسماعيل بن
عياش الكاتب وأكثر مدحه فيه وفي اهله. وهو القائل يهنئ بعضهم
بالنوروز:
أسلم على الدهر ماضيه وغابره * فقد جرى لك فيه يمن طائره
يوم جديد يظل الدهر يذخره * لمن يرى الجود من أبقى ذخائره
أ ما ترى الفصل يستدعي برقته * حث الكؤوس ويبغي عهد تاجره
فصل يسر بنو الدنيا بطلعته * وتضحك الأرض حسنا عن أزاهره
كأنه واصل بعد القلى شبكا * وكان بالأمس أمس حد هاجره
وله فيهم:
تراوحنا وتغدو لابن وهب * مواهب من نداه كالغوادي
ويشرق حين يدجو وجه خطب * كان الأرض منه في حداد
خلائق لو حكاها الغيث يوما * لعم بقطره قطر البلاد ٧٣٧:
الشيخ محمد سعيد أشرف بن محمد صالح بن أحمد السروي المازندراني
مات في طريق الحج سنة ١١٢٦
عالم فاضل ثقة محدث شاعر أديب كامل رحل من أصفهان إلى الهند
واتصل بسلطانها ثم حن إلى وطنه وعاد إلى أصفهان وبقي بها مدة ثم رجع
إلى الهند وسكن عظيم آباد وبعد مدة عزم على حج بيت الله الحرام فمات
في الطريق. ٧٣٨:
المولى محمد سعيد الزندي
له تحفة الاخوان في تقوية الايمان يذكر فيه الأخبار الواردة في تفسير
بعض الآيات لا سيما النازلة في العترة الطاهرة. ٧٣٩:
القاضي محمد سعيد بن محمد مفيد القمي الملقب بحكيم كوجك
كان حكيما عارفا من تلامذة ملا محسن الكاشي الملقب بالفيض كان
معظما عند الشاه عباس الثاني وتلمذ أيضا على المولى رجب علي التبريزي
والمولى عبد الرزاق اللاهجي له شرح توحيد الصدوق في أربع مجلدات
رأيت المجلد الثالث منه في كرمانشاه وفي آخره قد اتفق الفراع بعون الله
وتوفيقه من هذا المجلد الثالث من كتاب شرح التوحيد الخاطي الجاني محمد
المدعو بسعيد الشريف في العام الثاني من تقلد شيخ الاسلامية بدار المؤمنين
قم المحروسة في ثامن عشر شهر رمضان المبارك لسنة سعب ومائة من الألف
الثاني من الهجرة حامدا مصليا مستغفرا. وله رسالة المظاهر في التوحيد
والمعارف الإلهية.
وعند السيد شهاب الدين الحسيني النجفي رسالة البوارق في العرفان
ورسالة شرح حديث رأس الجالوت مع الرضا ع له أيضا. وله رسالة
في معاني أسماء الله تعالى والقول بالاشتراك اللفظي فيها وله كتاب كليد
بهشت. ٧٤٠:
السيد محمد سعيد ابن السيد محمود حبوبي النجفي
ولد في ١٤ من جمادى الثانية سنة ١٢٦٦ وتوفي في أوائل شعبان بمركز
الناصرية في رجوعه من الشعيبة حينما خرج لجهاد الإنكليز في نهضته
الشهيرة ونقل إلى النجف فدفن في الصحن المطهر سنة ١٣٣٣
تلمذ على المولى حسين قلي الهمذاني في الاخلاق وعلى الشيخ محمد
حسين الكاظمي في الفقه وعلى الشيخ محمد طه نجف وغيرهم.
له كتاب في الفقه وكتاب في الأصول، وديوان شعره مطبوع.
وشعره الذي عرف به انما نظمه في شبابه ثم انقطع بعد ذلك عن
الشعر.
وكما اشتهر أول امره بالشعر اشتهر بعد ذلك بالعلم.
فمن شعره قوله:
أ ترى منتظم الطل السقيط * فيه بطن الواديين اتشحا
والصبا قد حملت عرف الخليط * فلذا كانت لقلبي أروحا
فصلت هذا وذياك يخيط * مطرف الزهر فيكسو الأبطحا
إذ حدا الرعد يسوق المزنا * مثقلات كالظعين المدلج
ودعا عند محاني المنحنى * يا ربوع ابتشري وابتهجي
فترى فيها الفضا لما ارتدى * وله من لامع البرق شنوف
يرقص القطر زفونا إذ غدا * يضرب الرعد بجنبيه دفوف
وترى الآكام في قطر الندى * ظهرت في مده مثل الحروف
وترى فيه الرواسي سفنا * سبحت ماخرة في لجج
وترى الضب يؤم المكمنا * ثانيا برثنه لم يعج
عارض الوسمي كم قد روضا * وجه وهد وكثيب أوعس
وكان الماء لما غيضا * قيل يا ارض ابلعي ثم اكتسي
والبسي اخضر لكن فضضا * بالأقاحي فهو أسنى ملبس
الحمت آسا وسدت سوسنا * يد أزهار الربيع الأبهج
ثم حاكته تباهي أليمنا * هكذا صنعاء أولا تنسبح
وله:
خطرت فجد وشاحها بخفوق * فكأنها اتشحت بقلب مشوق
وعلى الدلال تماسكت فتلاعبت * كف النسيم بقدها الممشوق
سمة الوقور إذا مشت تعتادها * لولا الصبا وتدلل المعشوق
(٣٤٤)

يا أسم جادكم الغمام إذا سرى * متجللا برواعد وبروق
جون إذا احتلب المهب ضروعه * هدرت رواعده هدبر فنيق
اني وثقت بحبكم فتكاثرت * علل تقلله فقل وثوقي
كان الشباب الغض موسم لذتي * ورواج سوق عاكظه في سوقي
فطوى المشيب سجله طي الدجى * حشدت عليه الشمس جيش شروق
ويلي على عصر الشباب وغادة * بخلت علي بزورة وطروق
بيضاء ألبسها النعيم بهاءه * تصبي الحليم بحسنها المرموق
قمن الولائد إذ تهب من الكرى * من حول واضحة كنار فريق
الحسن حوزتها واما غيرها * بالمستعار حظي وبالمسروق
والحب من دون البرية كلها * ديني الذي وشجت عليه عروقي
وله في النارجيلة:
ونارجيلية تهدى بكف رشا * حلو الدلال رشيق القد مياس
ظلت تعربد في كفيه شاربة * من ريقه العذب لا من نهلة الكاس
حتى إذا جاد لي فيها بثثت بها * وجدي عيانا تراه أعين الناس
حيث الدخان إذا ما جال في كبدي * موهت في نفخه تصعيد أنفاسي
جاءت تزر فريق الماء مئزرها * وفوق مفرقها لألاء مقباس
أعديتها داء برحائي معاكسة * فالدمع في قلبها والنار في الرأس
وله في الشاي:
وأقداح بلور جلاها نديمها * فعاد بها روض السرور أنيقا
جلاهن بيضا ثم عدن بكفه * نواصع حمرا قد ملئن عقيقا
فكانت كنوار الأقاح بكفه * دماء فغادرن الأقاح شقيقا
وما كنت ممن كان شاهد قلبها * لآلئ تجلوها الا كف عقيقا
وله:
لح كوكبا وامش غصنا والتفت ريما * فان عداك اسمها لم تعدك السيما
وجه أغر وجيد زانه جيد * وقامة تخجل الخطي تقويما
يا من تجل عن التمثيل صورته * أأنت مثلت روح الحسن تجسيما
نطقت بالشعر سحرا فيك حين بدا * هاروت طرفك ينشي السحر تعليما
إذا سفرت تولى المتقي صنما * وأن نظرت توقى الضيغم الريما
من لي بألمي نعيمي بالعذاب به * والحب أن تجد التعذيب تنعيما
لو لم تكن جنة الفردوس وجنته * لم يسقني الريق سلسالا وتسنيما
في وجهه رسمت آيات مصحفه * تتلى ولم يخش قاربهن تأثيما
يا نازلي الرمل من نجد أحبكم * وأن هجرتم ففيما هجركم فيما
أ لستم أنتم ريحان أنفسنا * دون الرياحين مجنيا ومشموما
أن ينأ شخصكم فليدن طيفكم * لو أن للعين إغفاء وتهويما
هل توردون ظماء عذب منهلكم * أم تصدرون الأماني حوما هيما
لي بينكم لا أطال الله بينكم * غضيض طرف يرد الطرف مسجوما
وله:
منح الصبابة أضلعا وفؤادا * وعصته سلوة مقصر فتمادى
وطغى عليه الحب وهو أميره * فأطاع جامح قلبه وانقاذا
ولهان يفرح أن دنا اهل الحمى * منه ويحزن أن نأوه بعادا
بعثوا الخيال وما رقدت فليتهم * بعثوا إلي مع الخيال رقادا
أحيي الدجى أرقا كان نواظري * خلقت محاجرها قذى وسهادا
يا غارسا بالجزع روضة حسنه * ومخيف رائدها ظبا وصعادا
كنيت عنك بمن سواك موريا * بهوى سعاد وما عنيت سعادا
أعرضت عني وادعيت مودتي * أرأيت اعراضا يكون ودادا
إن لم تساعف بالوصال فربما * عودت قلبي للجفا فاعتادا
ولقد أزورك بالمنى وخداعها * وأجوب في فكري إليك وهادا
اترك فؤادي جمرة لا تطفه * فالنار إن خمدت تعود رمادا
اني لأستر عفتي بخلاعة * وأريد فيما أنتحيه مرادا
والضد قد يبدو بمظهر ضده * أوما ترى نور العيون سوادا
يا ربع لذاتي ومربع جيرتي * روى معاهدك الغمام وجادا
لا ابتغي للوصل فيك نهاية * ابدا ولا للعيش فيك نفاذا
وله:
شمس الحميا تجلت في يد الساقي * فشع ضوء سناها بين آفاق
سترتها بفمي كي لا تنم بنا * فأججت شعلة ما بين آماقي
تشدو أباريقها بالسكب مفصحة * بشرى السلمي فهذي رقية الراقي
خذها كواكب أكواب يشعشعها * ما يحتسي الطرف من أقداح احداق
تسعى إليك بها خود مراشفها * أهنأ وأعذب مما في يد الساقي
مسودة الجعد لولا ضوء غرتها * لما هدتني إليها نار أشواقي
يهدي إليك بمرآها ومسمعها * جمال يوسف في الحان إسحاق
في مربع نسجت أيدي الربيع له * مطارف الزهر من رند وطباق
تشدو العنادل في ارجائه طربا * والغصن يسحب فيه ذيل أوارق
كأنما النرجس الغض الجني به * نواظر خلقت من غير احداق
والنهر مطرد والزهر منعكس * والناي ما بين تقييد واطلاق
في غلمة كبدور التم أوجهها * قد أشرقت في الدياجي اي إشراق
وقال:
كم يجتديني الغيث غيث الأدمع * وتشب نار البين بين الأضلع
وأبيت لا يخطو المنام بناظري الا * كما يخطو الملام بمسمعي
كيف المنام ودون من أناصبه * خرط القتاد وشوكة في مضجعي
وأروح يوحشني الأنيس كأنني * وحدي وأن عاشرت حاشد مجمعي
يا نازحا عني ومنزله الحشى * القلب معك ونار لاعجه معي
والصبر بعدك شرعة منسوخة * والوجد بعدك شرعة المتشرع
اني حلفت براقصات بالبرى * مثل الحنايا جائلات الأنسع
لفت مصيفا في مصيف أن خدت * غلس الظلام ومربعا في مربع
وقال وأرسلها إلى السيد عباس ابن السيد محمد ابن السيد جواد
صاحب مفتاح الكرامة العاملي والحاج محمد حسن كبة يصف قصر آل
كبة وخيمة كانوا يضربونها فوقه:
أيها الراكب التي انتجوها * من ظليم أصاب وجناء حرفا
فهي خلق ما بين ذاك وهذا * أعملت للسرى جناحا وخفا
عج إذا جزت أرض بدرة واقصد * شعب جصان جادها الغيث وكفا
واخلع النعل في مقدس واد * لو اتاه المشوق يوما تحفى
واقرأن السلام عني خليلا * قد قرأنا هواه حرفا فحرفا
علويا حاز المعالي لا بل * زانها مبسما وجيدا وطرفا
(٣٤٥)

يا أبا الفضل كنية قد أبانت * لك فضلا فأصبحت لك وصفا
وعميد الوغى إذا هيج يوما * وحليف الإبا إذا سيم خسفا
رف شوقا إلى لقاك فؤادي * عمرك الله هل فؤادك رفا
لم يزل بي إلى لقائك لوح * ولو اني أفنيت دجلة رشفا
أن تسلني كيف استمرت حياتي * فبطي الكتاب جاءتك لفا
أم تراك الغداة تذكر عهدا * قد تقضى ومعهدا قد تعفى
أزعجتنا النوى وكنا جميعا * بربى الكرخ في نعيم وزلفا
في مشيد من القصور منيف * أوطأته حمراء دجلة كتفا
فسما تحسب البسيطة رامت * أن تشم السما فمدته انفا
شامخ الركن والأزاهير تزهو * جهتي ارضه اماما وخلفا
تحت وردية إذا ضربوها * رفعت تشتكي إلى الله طرفا
هي في طرحها سدى وإذا ما * ضربت جللت على الجو سقفا
زانها الفرس بالتصاوير حتى * مثلت لي الظباء صنفا فصنفا
وراوها البديع نوعين منه * دون كل الفنون نشرا ولفا ٧٤١:
محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الملقب عقدة والد أحمد بن عقدة الحافظ
المشهور.
قال الخطيب في تاريخ بغداد: انما لقب بذلك لعلمه بالتصريف
والنحو وكان يورق بالكوفة ويعلم القرآن والأدب وروى فيه عن الدارقطني
علي بن عمر أن عقدة كان أنحى الناس ثم حكى عن ابن النجار أنه قال
كان زيديا وكان ورعا ناسكا وأنما سمي عقدة لاجل تعقيده في التصريف
وكان وراقا جيد الخط، قال الخطيب: أخبرني القاضي أبو العلاء
الواسطي أخبرنا محمد بن جعفر النجار قال حكى لنا أبو علي النقار قال
سقطت من عقدة دنانير على باب دار أبي ذر الخزاز فجاء بنخال ليطلبها قال
عقدة فوجدتها ثم فكرت فقلت ليس في الدنيا غير دنانيرك فقلت للنخال
هي في ذمتك ومضيت وتركته، وكان يؤدب والد ابن هشام الخزاز فلما
حذق الصبي وتعلم وجه اليه ابن هشام دنانير صالحة فردها فظن ابن هشام
أن عقدة استقلها فأضعفها له فقال عقدة ما رددتها استقلالا ولكن سألني
الصبي أن اعلمه القرآن فاختلط تعليم النحو بتعليم القرآن فلا استحل أن
آخذ منه شيئا ولو دفع إلي الدنيا. ٧٤٢:
محمد بن سلامة بن أبي زرعة الدمشقي الكناني.
في معجم الشعراء للمرزباني: شاعر محسن وهو وديك الجن شاعرا
الشام. ٧٤٣:
الشيخ أبو هبة الله محمد بن سلمان بن نوح الغريبي الكعبي الأهوازي
الأصل الحلي المعروف بالشيخ حماد بن نوح.
ولد سنة ١٢٤٠ وقيل ١٢٢٠.
وتوفي في ٢٣ صفر سنة ١٣٢٥ بالحلة وحمل إلى النجف فدفن فيها
فيكون عمره خمسا وثمانين سنة. وفي الطليعة أن عمره يقدر بمائة وخمس
سنين مع موافقته على تاريخ وفاته فيكون تاريخ ولادته كما ذكر ثانية والله
اعلم.
والغريبي نسبة إلى آل غريب قبيلة بالعراق.
والكعبي نسبة إلى قبيلة كعب التي تقطن في الأهواز.
اخذ عن السيد مهدي ابن السيد داود الحلي والشيخ حسن الفلوجي
الأديب الحلي وخرج إلى الأهواز والجزائر مدة ومنها اصله وكان يتنسك
وأنشأ أذكارا وأورادا من الشعر لعقيبه في الصلاة.
وهو شاعر مفلق مكثر طويل النفس لغوي ولكن شعره غامض معقد
غالبا، معاصر رايته بالنجف أيام إقامتي به وهو شيخ كبير، وكان اهله
بزازين في الحلة وكان هو صاحب حانوت فيها يبيع البر ويجتمع اليه الأدباء
والشعراء يتناشدون أشعارهم وكان كثير الاعجاب بشعره لا يرضى لسواه
شعرا وإذا أنشده أحد شعرا لغيره نادى كرب كرب اي هذا يشبه
كرب النخل وكان يتمايل ويطرب ويكثر من الاستحسان إذا تلي شعره
كما كان البحتري كذلك وله ديوان شعر رايته بالعراق بخط جميل يزيد على
٩٣٠٠ بيت وقد انتخبت منه ما انا مثبته هنا، فمنه قوله في العرفانيات من
قصيدة طويلة:
بعدت منك صفات الذات عن * فكرة راقت سنا النجم صفاء
قربت مرآك الأوك لطفا * وعن الأوهام مراك تناءى
وتبوأت قلوبا آمنت * أهلها فيك فكانت علماء
غبت مرأى وتجليت مزايا * غررا تنهل أحشاء ظماء
يا بعيد النعت عن وهم الحجى * أن عدا وهم العقول الانتهاء
يا غنيا عن عقاب المجتري * اطل الاغضاء عن جرمي غناء
وقوله من قصيدة تبلغ ثلاثمائة وتسعة أبيات:
وجمت بناعية الحسين على الونى * للبغى واضحة الحديث المرسل
وتصرفت فرطا برغم أمينه * بشروطها يد ذي تمائم محول
برز ابن احمد للزمان يقيله * عثرات معلن غدره المتنصل
ومسوما في الركب كل طمرة * غير المكارم فوقها لم تحمل
فتلت بأكعبها سواعد فتية * أدنت مآربها بباع أفتل
من كل من تثنى الخناصر نحوه * يرنو الزمان له بعين الأحول
يغشى النواظر في حياء عقيلة * ومضاء ذي شطب وسبطة أنمل
مأمومة بأغر ينصدع الدجى * بسناه مل ء قرى أغر محجل
قد أشخصته عن المواطن بيعة * من عنق صافقها يدا لم تحلل
فابر داعية الشريعة موضحا * في المسلمين امامة النص الجلي
يمضي ولا الأرماح نافذ حكمه * ويرى ولا المصباح منه بأمثل
متوسما انقاذ داعية الهدى * حير الضلالة وهي عنه بمعزل
حذقا بمضمر كيدها يعتادها * عن قلب وافي السريرة حول
يجري على سر المشيئة واطئا * ظهر الثنية وطأة المتمهل
الراكب الاخطار وهي منيعة * وامين ضيم الجار ساعة معقل
وممنع الأبرار بزة نسكها * ومجرع الجبار رنقة حنظل
أذكت كريهته فقال لها انزلي * ووفت حميته فقال لها اصطلي
وأبت سلامته فسل حفيظة * فياضة كرم الآباء الأجمل
ومضت تناجز يعن رواق فنائه * أسد العرينة أردفت بالأشبل
نزعت لدفع عدوها آجامها * وتفيأت أجم القني الذبل
قلوا ولكن كل فرد منهم * يغشى الكريهة مفرد في جحفل
هي ساعة أنست مواقف مأزق * أنفقن من جساس عمر مهلهل
وبضيقها لطم الصفيح وجوههم * فهوت ولا غور النجوم الأفل
وتجرد الوافي بشافية الأذى * من نجدة الكافي يصول بأعزل
(٣٤٦)

تلقى الكماة أمامه ووراءه * رهن الفلاة بغرب حد المنصل
يعدو على قلب الخميس فلا يرى * قلب الخميس سوى الرعيل الأول
يلجي تفرده القبائل نحوه * فتومه خجلا ولما تخجل
فيفل غاشية الكماة بعزمة * يوم النزال كريهة لم تفلل
جذلان يأنس عن لهيب فؤاده * متروحا بسنا الحديد المشعل
فكان شارقة السيوف بوجهه * الشمس شارقة بفعمة جدول
ينقض في رهج الظهيرة واريا * مأوى السريرة قطرة لم ينهل
يروي غرار السيف منهمر الدما * ولسانه من ريقه لم يبلل
كرمت حفيظته على مضض الظما * ريانة نيل الشفاء الأعجل
لو تبرز الدنيا بصورة واتر * دامي الوريد بسيفه لم تقبل
فجعته في فئة بها انفجع الهدى * ووثيقة امل اللهيف المرمل
وأغرة سقيت أنابيب القنا * أن لا يذوق الدين كاس مذلل
اجرام روحانية تنقض من * ملكوت قدس في دلاص شمردل
نهضت بتكليف الإمامة إذ بها * قمر الإمامة سار غير مخذل
فلذاك أورد صدره سمر القنا * وأعار جبهته شفار الأنصل
وهوى بمنعقد القساطل ليتني * من دونه الثاوي بظل القسطل
غير أن يلتمس الظلامة فانثنى * وهو الظلامة في التماس مؤجل
ثاو تمنعه الحمية تارة * وهو الكريم شبا الحسام المصقل
عار تكفنه محامد هاتف * في الكائنات متى يعنف يعول
أودى الحسين فيا سماء تكوري * جزعا عليه ويا جبال تهيلي
هد العماد فما لسمكك رافع * ودهى النفاذ فما لفرعك معتلي
فثقي بعترته البقية تأمني * بقرار مسموك ومنع تزلزل
وتبرقعي بدجى الكآبة إنما * غشيتك خطة ظلمة لا تنجلي
هذا ابن هند والحنيفة غصة * ومقالة التوحيد لم تتبدل
قد سال شفرة مرهف في كربلا * ماض لفاطمة الصفية مثكل
وضع الظبا بركاب عترة احمد * هي تلك بين معفر ومجدل
نحرت على ظما بضفة نينوى * حرى القلوب على شفير المنهل
لولا شهادتها بجنب زعيمها * لغدت هناك موائدا للعسل
تأبى الوحوش دنوها وينوشها * من خيل أعداها نعال الأرجل
عقرت فما وطئت بشدة جريها * الا لاسرار الكتاب المنزل
خلت الحمية يا أمية فاخلعي * حلل الحيا وبثوب بغيك فارفلي
سودت وجه حفائظ العرب التي * كرمت إذا ظفرت برحل مفضل
فهبي طويت قديم حقدك كامنا * وضممته في طي لوعة نعثل
وهبي الوسيلة بحت في إظهارها * بالطف في رهط النبي المرسل
وقطعت فرع أراكة نبوية * بسيوف هند في يدي مستأصل
تلك الفلا غصت بال محمد * صرعي معفرة برمل الجندل
اكل الحديد جسومهم فكأنهم * للدين قد جاءوا ببدع مشكل
يا خزية العرب انتهت إرب الشقا * من وجد حقدك في بلوغ محصل
أو ما بطرت بنكبة شابت لها * لحم الأجنة في بطون الحمل
حتى استباحت الدين إذ قهر السبا * حرم النبي على ظهور الهزل
فكأنما ظفرت يداك مضيفة * للدين مكرمة بنسوة هرقل
أ ثكلت نسوة احمد لينالها * قهر العدو حياطة المتكفل
أبرزتها حسرى كما شاء المنى * من غير مهجة راصد متحمل
تتصفح البلدان صورة سبيها * أشكال بارزة بذل المثل
هي في عيونك حسر وتبرقعت * بحجاب قدس بالجلال مكلل
تسود من ضرب السياط جسومها * ووجوهها بلظى الهواجر تصطلي
من كل زاكية تقنع بالقنا * وامين وحي بالحديد مكبل
مضنى وجامعة القيود يشبها * لهب الهجير لظى بعنق مغلل
وامض مما جرعته يد العدى * غصصا من الخطب الفظيع المهول
شتم الخطيب على المنابر جده * أخطيبها فدحتك حزة مفصل
أ بسيفكم زهت المنابر أم بكم * جبريل نادى في الزمان الأول
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * للمسلمين مجالد الا علي
تتمهد الأعواد غب فتوحه * وتسبه الأوغاد لم تتعذل
لا بوركت قوم ترفع شأنها * بجسامه وبشأنه لم تحفل
وله من قصيدة يرثي بها السيد هادي الموسوي العاملي الكاظمي:
من لمحرابك يا بدر التقى * من سنا الذكر يجليه الكمال
لك يا نور المحاريب سنا * ورع يصعد منه الابتهال
يا منبرا سحر النسك إذا * رقدت عن سحر النسك رجال
وله:
وا حر قلباه كم أحني على كمد * هذي الضلوع وأطويها على شجن
يدي من المجد صفر لم تنل اربا * وهذه فضلاء العصر تحسدني
وله يرثي الحسين ع:
أ هاتفة البان بالأجرع * مليا بفرع الأراك اسجعي
وامنا فما ريع سرب القطا * بنافحة الروض من لعلع
يقر المقيل لذات الهديل * بدور البليل على المرتع
جزعنا التياعا ليوم الحسين * فان كنت والهة فاجزعي
ليوم به انكسف المشرقان * بغاشية الغسق الأسفع
وغودر في الطف سبط الرسول * صريع الظما بالقنا الشرع
سقى حفرا بثرى كربلا * نمير الحيا غدق المربع
توارت بها أنجم المكرمات * بأدراع غلب هوت صرع
بمصرعها يصدع الحامدون * ثوت والمكارم في مصرع
تعفرها سافيات الرياح * عصفن بآفاقها الأربع
تحف بعاقد اعلامها * وملحقها بالذرى الأرفع
قضى عطشا ولديه الزلال * تدفق عن طافح مترع
فيا ظاميا شكرت فيضه * ظوامي ثرى الخصب الممرع
أيا غاديا بذرى جسرة * متى اتقدت هضب تقطع
أمون تجانب لمع السراب * إذا عبث اللمع بالألمعي
إذا جزت متقد الحرتين * وشمت سنا يثرب فاخشع
وقبل ثرى روضة المصطفى * وصل وسلم ولج واصدع
وصماء جعجع فيها بنوك * نفوسا على اقتم جعجع
جلتها جسومهم النيرات * ممزقة بالظبا اللمع
هوت وقعا من ذرى الصافنات * كأقمار تم هوت وقع
تناديك تحت مهاوي السيوف * باخر صوت فلم تسمع
وجوه كشارقة الزبرقان * لها السمر منزلة المطلع
وخائفة فزعت رهبا * فأهوت على جسد المفزع
تلوذ به فتنحي بها * بعنف يدا لكع أكوع
ومضنى يئن بثقل القيود * مشالا على جمل أضلع
(٣٤٧)

يرى حرم الوحي ان أرسلت * مدامعها بالقنا تقرع
أسارى يكلفهن الحداة * رسيما على هزل ظلع
تجشمها ربوات الفلا * فتحضرها مجلس ابن الدعي
فيا صفوة الله من خلقه * ومن لشفاعتهم مرجعي
أجلكم ان أزور القبور * وحمل ذنوبي غدا مظلعي
أبى الله يخزي ولي الكرام * ويدعو بها يا كرام اشفعي
وله:
يا راقدا عن بعثه بطرا * أرأيت بعث معاشر رقدوا
بولاء آل محمد علقت * لك يا رهين الموبقات يد
بالطيبين ولم يطب ابدا * من في سواهم قط يعتقد
نامين أقصى الصبر يوردهم * محنا يزول لبعضها أحد
ما بين منفطر الحشى حرقا * أودى فغيب جسمه الكمد
ودفينة سرا أبت سحرا * من أن يشيع نعشها أحد
دفنت وغصتها بمهجتها * تغلي الفؤاد فينضج الكبد
وصريع محراب يعممه * سيف ابن ملجم بالردى يفد
وبسم جعدة قطعت كبد * يرنو إليها الواحد الصمد
وبكربلا نحرت على ظما * فئة عليها الماء قد رصدوا
من كل بدر تقى إذا انتصبت * خيم الهدى فبه لها عمد
وركين معركة إذا رجفت * فكأنه في قلبها وتد
ولج القتام كأنه قمر * ونحا الصدام كأنه أسد
يرد الردى من دون سيده * فكأنه صافي الروي يرد
صبروا نفوس أكارم سلبت * تحت العجاجة والقنا قصد
بفناء منقطع القرين ثووا * وبحفظ عزة مجده انفردوا
وبجنب مصرع قدسه نحروا * فلذاك في درجاته صعدوا
حشدت عليه ألوفهم فاتى * يفني القبائل وهو منفرد
في جحفل من نفسه شرق * بالسيف لا يحصى له عدد
من معشر لم يخلفوا ابدا * لله ما عهدوا وما وعدوا
أودى ولا في سيفه كلل * وهوى ولا بقوامه أود
وله:
خولف المختار في عترته * اهل بيت الوحي برا وولاء
وأقام الدين فيهم فأبى * قومه في آله الا الجفا
أوردوهم كدر العيش إلى * ان أعلوهم دم النحر ظماء
وأجالوا الخيل حتى طحنت * خامس الغر الألى حلوا الكساء
طحنت صدر ابن بنت المصطفى * يوم في غر الهدى سن الآباء
بأبي الثاوين لا يندبهم * غير برح الحرب صبرا وبلاء
وثوت والدين يدعو حولها * هكذا من لبس الفخر رداء
تلك اعلام الهدى سحب الندى * وليوث الحرب عزما ولقاء
ومغاوير الحفيظات إذا * قذفوا الرعب المغاوير وراء
عانقت من دونه بيض الظبي * لم يعانق رغدها البيض الظباء
ووقته الطعن حتى قطرت * والقنا فيها اعتدالا وانحناء
في مراضي أغلب أوردها * مورد العزة بدءا وانتهاء
بأبي الفادي سنا حوبائه * دون ايضاح الهدى حتى أضاء
وأقروه على الرمضا لقى * يتردى من ثرى الطف كساء
نسج الريح عليه كفنا * فاكتسى الرمل بمثواه بهاء
ونواع حوله تدعو أسى * بقتيل لم يجب منها الدعاء
وله:
عذرتك ان تعنفني نصوحا * وقلبك لم يبت بأسى جريحا
إذا ذبح ابن فاطمة عنادا * فان الدين قد أمسى ذبيحا
وميز رأسه بشبا العوالي * قطيعا يعرب الكلم الفصيحا
يرتل في النسان لكل واع * كتاب الله ترتيلا صحيحا
تمر به الرياح وقد مراها * بأطيب من أريج المسك ربحا
وجرده إباء الضيم نفسا * إذ ذكر الهوان نات نزوحا
لدى أبناء معركة وقته * بمهجتها الذوابل والصفيحا
عشية لاذ عز الفخر فيه * ومد له الهدى طرفا طموحا
ثوى بثرى الطفوف تعل منه * مهندة السيوف دما سفوحا
فأوسع بيضة الدين انصداعا * وعطل في القصاص لها جروحا
تكفنه العواصف بين قوم * ثلاثا لا تشق له ضريحا
وله:
وأقمار رشد لو عدا البغي تمها * لما عوجلت في كربلا بخسوف
سليبة ابراد الشهادة في ثرى * يمور عليها في هجير صيوف
يرملها فيض الدماء فتكتسي * بسورة نكباء الرياح عصوف
لدى جسد صك الصناديد فانثنت * ألوف توقى بأسه بألوف
الا قد قضى ابن المصطفى متلافيا * بقايا الهدى صبرا بشم أنوف
وسل سيوف الرشد ساخطة على * بغاة على الشرك القديم عكوف
وينظر صرعى يعلم المجد انهم * معاقله من تالد وطريف
صريعا تواريه الأسنة لمعا * بأطراف مران عليه قصيف
وله:
قد خفروا من محمد ذمما * ما خفروها لغير محمود
وجرعوا آله ببيض ظبى * كاس الردى في المواقف السود
كان جاري دما نحورهم * فيض نداهم بموطن الجود
من كل ذي غرة له جلبت * كل المعالي بحشد محشود
بادي المحيا إذا الوغى التهبت * خاض لظاها ببأس صنديد
يستعرض البيض في سنا قمر * من وجه باديه غير رعديد
قد قلد الدين من صنائعه * يوم الوغى أسنى المقاليد
وله:
أ يوم الطف طرت بها شعاعا * نفوسا سلها الجزع التياعا
وجزت ببكر خطبك كل خطب * يسوم الطود أيسره انصداعا
سليبا تستمد الشمس منه * إذا بزغت بضاحية شعاعا
صريعا تشكر الهيجاء منه * إذا التفت به البطل الشجاعا
فأصبح في جنادلها عفيرا * بشرف فضل مصرعه البقاعا
وأبنية يمنع في حماها * طريد بني الجرائم ان يراعا
فأمست والتهاب النار فيها * يحط قواعدا علت ارتفاعا
أ يدري الدهر اي دم أضاعا * وأي حمى لآل الله راعا
وقال وهو بسامراء سنة ١٣٠٢ يوم الغدير مهنئا الميرزا السيد محمد
حسن الشيرازي بابلا له من مرض وذاكرا يوم الغدير:
(٣٤٨)

يهني الغدير وغريد الهدى صدحا * اليوم أكملت فيكم أنزلت مدحا
يا يوم خم وجبريل الأمين به * يغشى البسيطة أمارا ومقترحا
هذي الأوامر أنت اليوم وارثها * والشبل في سن آساد الشري قرحا
وفي محياه نستسقي الحيا وبه * نمحو البلا ونرجي عنده المنحا
يا ساحبا فوق هام النسر أردية * بهن ناصية العيوق قد مسحا
لو قارنوك بقوم عم رشدهم * لكنت روحا وكانوا كلهم شبحا
وقال في الميرزا محمد حسن الشيرازي في يوم الغدير أيضا
وهبت الموالي كافي العيش فانثنت * تطيل عليك الحمد لله والشكرا
ومن عرقت فيه الصفية فاطم * تقدس ان يأسي إذا وهب الدهرا
وحيتك أيام الغدير فحيها * بنائلك الفياض منسفحا بحرا
وقم بمزاياه كما نهضت به * بنو عمك الأمجادا إذ ملكوا مصرا
أ مشتري الأحرار أول سومها * وأكرم خلق الله من يشتري الحرا
رددت بك الأيام يرشح نابها * على الدهر لي سما يسمونه غدرا
ومن شعره السائر قوله في آل القزويني:
لم يغن عن أحد منكم على أحد * فكلكم منه كل الفضل منتشر
مثل الفواكه كل فيه لذته * الماء ماء ولما يستوي الثمر
وله من قصيدة أنفذها إلى السيد ناصر العلامة الأديب البحراني
المتوفى سنة ١٣٣٠.
وان جاهدتني في القريض عصابة * تبادرني في جهدها وأبادر
تصور اتقاني فرد مقالها * حميدا بذكري وهو جذلان شاكر
أيسحرني عن غايتي الشرف الهوى * ويقمرني عن مركز الفخر قامر
وزار المترجم الامامين الكاظمين ع ونزل في بغداد ضيفا
على الحاج محمد صالح كبة فأكرمه ولما سافر أعطاه جائزة فلما وصل الحلة
أنشأ هذه القصيدة يمدحه بها ويذكر تعميره الخانات للزوار بين كربلا والحلة
كخان الإسكندرية وخان المحاويل وبناء القنطرة ووصف البئر بجانبها
وذلك عند تمام عمارة خان المحاويل سنة ١٢٨٠ وكان في نيته تعمير خانات
بين النجف وكربلا والممدوح ينتمي إلى ربيعة وامراء ربيعة في واسط ينتمون
إلى عشيرته وأرسلها إليه:
لا زلت يا صدر الغمام المسبل * تسقي الثرى حلب الضروع الحفل
فكأنما اتصلت بسيب أبي الرضا * وطفاء نوثك في جدي متفضل
المانع الأيام سورة فادح * والسالب الأيتام رنة معول
وسمت ربيعة منه جبهة عزها * بصفاء طلعة بدرها المتهلل
بأشع من وضح الصباح إذا بدا * واثم من قمر السماء وأكمل
ومضت تغبر في قبائل طئ * في وجه حاتمها المبر المجزل
مسحت ربيعة في خصال زعيمها * في الأفق ناصية السماك الأعزل
بجواب مسالة وفصل قضية * وجلال أبهة وغوث مؤمل
بالكواكب الدرب تعقد مجدها * بذرى الرصافة عقدة لم تحلل
المادح الوفاد بعد نواله * والملقم الحساد صلدة جندل
نفر تنسم في الزمان شذاهم * عن فضل شيخهم بطيب المندل
يدني لهم بالوفد نشر دخانهم * متلألئا في جنح ليل أليل
متضوعا تحت الدجى فكأنهم * قد أوقدوا للوفد عود الصندل
لا نوهت في فضل حلة بابل * حجج المدارس بالهدى المتحصل
إن لم تقم بسيوف آل غريبها * في الروع منعطر الزمان الأميل
قد قلت للشعراء حين تجردت * تفلي نظيمي سمطي المتسلسل
فتراجعت حسد الفضيلة لهفة * تطوي الضلوع على زفير المرجل
يا أيها الشعراء دعوة حازم * تحذى أخامصه بخدي جرول
ويلف شعر جرير عامر لفظه * بشوارد ابن أبي الفوارس نهشل
يدعي بميدان الكلام أمامه * يا خيل ميدان الكلام ترجلي
فتناصفوا في حفظ ذمة غائب * غير التناصف منكم لم يأمل
ودعوا معاقدة النفاق وبادروا * بالاتفاق على ورود السلسل
ان كان ذوقكم يعارض آجبنا * أعيا الشفاء على الطبيب الأنبل
لا بد من يوم تنفذ فيكم * همم الفرزدق من وصايا الأخطل
هذا أبو المهدي خير محكم * لكعوبة النحرير لم يتوصل
ملأ الطروس مديحكم في مجده * فارضوه بالتحكيم أكرم فيصل
ما بات يرسم شعركم متطولا * في رفع شأنكم الضئيل المهمل
لكنما المأمول بعد زيالكم * ينمو على المفضول شعر الأفضل
فدعوا مدائحه لصبية بابل * أبد الإقامة في الزمان المقبل
لا تسمعوه صدى الهذاء فإنه * لم ينفصل عنكم ولم يتحول
يبقى لي الذكر الجميل وبعدكم * يمضي نظامكم لفافة فلفل
نزلت بساحتك الشريفة نعمة * في ربع غيرك مثلها لم ينزل
خضراء ناضرة ترف غضارة * رف الخضيلة في هبوب الشمال
سفرت إليك فأنت تنظر طلعة * تلقاء وجهك من وراء سجنجل
يا قلب شأنك والهوان ببابل * عن صورة الخلان لا تترحل
فأقم نديم الأغبياء وأنت عن * حضرات آل المصطفى لم تشغل
أ أبا الرضا النائي علي كماله * وقراره في الفكر لم يتحول
ومعللي فيه القريض وانما * أودى القريض بمهجة المتعلل
يهني سعادتك اتساع مكثر * وصف اتساعك في قصور مقلل
لم يرض وصفا لو تكلف ماهر * فيه على متكلف لم يسهل
ينسى اللبيب أبا عبادة ناشدا * غرر المديح بمجلس المتوكل
أنفقت عمرك في المآثر مخليا * في الله أوعية المبر المفضل
وقد اطمأن الزائرون بقطعهم * فج الفلا أصلا لآل المرسل
شيدت في الإسكندرية مانعا * قحطان مبلغها متاع النزل
ومخيبا أغزى قبائل وائل * امل الغزاة وفيه ثقل الأرجل
ومن المحاويل انتقلت بنائل * للثغر بين المشهدين محول
متطلعا ظهر المخافة مرسيا * للمسلمين بها قواعد هيكل
لك في محاويل الجزيرة آية * سطعت نضارتها بجنب الموصل
إن المآثر لم تدم ما لم يدم * في الذكر فضلب الراحل المتنقل
قمنا بوصف القصر إذ شيدته * حول القليب بنائل المتأثل
قد قلت للسلف الذين كسوتهم * خططا بجودك عارها لم يغسل
قد منعوا القصر المشيد وعطلوا * بئرا تؤجج غلة المستنهل
يا أيها الملأ المصور منة * عبثت برأي الظاعن المتحمل
إن كان قصركم المشيد ممنعا * فمشيدنا مأوى الهجان البزل
أو إن بئركم معطلة الروي * فقلبنا المأمول غير معطل
طفح بجنب الجسر نعقد ظهره * متوسطا قلب السليب الأعدل
تلك المآثر لا فضيحة غابر * هجن متى يرج الكرامة يبخل
فإليك ما ينبيك عنه مؤرخا * زهت القفار بلون بارق هيكل
وقال مقتبسا:
على دار البوار أقمت دهرا * بواريها بها حيطان داري
(٣٤٩)

أ لما تسمعوا فيكم ينادي * أحلوا قومهم دار البوار
وسافر بتجارة إلى عفك وهي ديار آل غانم فتسلط على أمتعته بعض
حفاظ بيوت الشيخ طرفة الغانمي وهو عظيم تلك الأقطار فكتب إلى الشيخ
طرفة يعرفه ذلك ويمدح الشيخ مزعل خان الكعبي الكاسبي ويمدح السادة
الموسويين بالأهواز عناية الله وأولاده فلم يلتفتوا إلى تحصيل أمواله بل
ازدادت عليه السرقات فقال:
بجوار عزك يا بن غانم * قد أصبحت عددي غنائم
وبقرب أمنك روعت * بالسوء آمال المكارم
في مزعل بن أبي محمد * جابر قمر الأكارم
بزغت شموس سعادتي * فحسود سعدي بات واجم
يا طرفة ابن الساحبين * مطارفا فوق المرازم
عجبا لمجدك تلتجي * بذراه حاملة الجرائم
أنت ابن أطواد الأمان * إذا دهى فزع الأعاظم
وبقية البأس الشديد * من القساورة الضراغم
آباؤك الصيد الذين ثناؤهم * في الدهر دائم
اصنع كصنع الموسوي * عناية الله بن هاشم
الضاربين على ذرى * الأهواز فسطاط المكارم
فكأنما كارون من * أيديهم بالجود ساجم
أ أبا محمد والبقية من * ذؤابة آل غانم
تهنيك خالدة الثناء * نظيمة من خير ناظم
بوركت في شهر الصيام * وجزن طلعتك المآثم
أنت الذي إن صام ثغرك * عن أحاديث المحارم
فيمين جودك مفطر * وعن المحارم أنت صائم
وقال في السيد محمد القزويني حين حج سنة ١٢٩٩ من قصيدة
فخرت يعرب بحاتم حتى * فاخر القوم بالفريد النجوما
ولنا ألف ألف شارع مجد * ذكره يصدر ابن طئ لئيما
لو ذكرنا كعب بن مامة أضحى * حاتم في نداه علجا ذميما
وعلى هاشم بن عبد مناف * قيد الله مجده تكريما
وعلى الطالبية انحصر المجد * ففاتوا به الزمان القديما
حي فياضته الأكف سماحا * من بني فاطم زعيما زعيما
الملوك الذين عزوا فروعا * وزكوا أنفسنا وطابوا أروما
معشر في بيوتهم نزل الوحي * وأنهوا لنا الكتاب الحكيما
هالة بدرها أبو الحسن الندب * إذا هب أنقذ المظلوما
الأغر الذي هدى لنداه * طارقا يخبط الظلام البهيما
يتجلى على شراف سحيرا * فيجلي شعاعه التنعيما
أزهر يعقد الجفان صفوفا * فتظن الجفان سمطا نظيما ٧٤٤:
الميرزا محمد بن سليمان الطبيب التنكابني.
ولد في حدود ١٢٣٠ وتوفي في حدود ١٣١٠.
قرأ على صاحب الضوابط وله منظومة في الأصول ومنظومة في الإمامة
منظومة في التوحيد والعدل ومنظومة في القواعد الفقهية ومنظومة في النبوة
لعامة والخاصة. وله كتاب بدائع الأحكام في شرح شرائع الاسلام خرج منه سبعة
عشر مجلدا وهو لم يتم وله قصص العلماء.
وله حاشية القوانين في ثلاث مجلدات والكشكول المحمدي خرج منه
٤ مجلدات وله تقرير بحث السيد إبراهيم صاحب الضوابط وتقرير بحث
أساتيذه بقزوين. ٧٤٥:
المولى محمد سليم الرازي.
عالم فاضل من تلاميذ سلطان العلماء.
له ١ كتاب الملتقطات كتبه سنة ١٠٦٠ ٢ شرح الصحيفة مزجا
٣ رسالة في الصيد. ٧٤٦:
الشيخ محمد ابن الحاج سليمان الزين.
ولد في صيدا سنة ١٢٤٦ وتوفي فيها سنة ١٣٢٠.
كان أبوه الحاج سليمان من أهل الثروة فوضع ولديه المترجم والشيخ
حسين المعروف بالشيخ أبو خليل في مدرسة الشيخ عبد الله نعمة الفقيه
الشهير في جبع فقرأ المترجم فيها علوم العربية والبلاغة. ولكون المدرسة
المذكورة لم تكن على نظام صالح لكون الشيخ عبد الله أوكل أمر تدريس
المقدمات وتنظيمه إلى غيره واختص جماعة بتدريس الفقه الذي كان ماهرا
فيه لذلك أضاع جل تلاميذها أعمارهم في درس النحو والصرف والبيان
وشبه ذلك مع أنني لا أظن أنهم أتقنوا شيئا من هذه العلوم كما شاهدته من
بعضهم. وللمترجم كتاب في علم الصرف ويقال أنه كان بارعا في هذا
العلم ويقال أنه بقي في قراءة شرح مقدمة مختصر المطول للدسوقي ستة
أشهر، وهكذا كانت تضيع الأعمار فيما لا فائدة فيه، على أن الذين
اختصهم الشيخ عبد الله بتدريس الفقه أمثال الشيخ علي الحر لم يستفيدوا
منه فائدة يعتد بها لكونهم لم يتقنوا المقدمات التي يتوقف عليها علم الفقه.
وبالجملة فمدرسة جبع وإن تخرج منها أهل علم وفضل إلا أنها لم تأت
بالفائدة المطلوبة والوقت الذي وجدت فيه كان يمكن لصاحبها أن يجعلها
أرقى مما كانت عليه بكثير وذلك لأنها كانت المدرسة الوحيدة في ذلك العصر
وكان لصاحبها جاه لم يكن لغيره وكانت الخيرات تدر عليها من كل حدب
وصوب. ثم إن المترجم أرسله والده الحاج سليمان إلى النجف الأشرف
فبقي فيها مدة ثم توفي والده وكان وصيه الحاج حسن عسيران فاستدعى
الوصي المذكور المترجم إلى الحضور للبلاد فحضر وحدث عن نفسه أنه لما
استدعاه كان يقرأ في كتاب القوانين في الأصول على الميرزا حسين ابن الميرزا
خليل الطهراني النجفي وكان يتأسف على عدم بقائه لاتمام علمه ويقول أن
للضرورة أحكاما.
من شعره قوله والبيت الأول للشيخ عبد الله نعمة:
لعل الحمى يوما تعود سعوده * فيخضر واديه ويورق عوده
وتزهو لنا أغصان عز وبهجة * ويمتد صبح في الظلام عموده
ويبسم ثغر الروض من جانب الحمى * ويصفو لوراد العذيب وروده
ونشرب كاسات العقار يديرها * لنا شادن قد طال عنا صدوده
أ لم تنظروا يا قوم حناء كفه * فهذا دمي والعاشقون شهوده
وصير جسمي للنصال درية * تناضله ألحاظه وقدوده
حمى ورد خديه بعقرب صدغه * وأسدل فرعا خافقات بنوده
فيا مخجلا يوحي بغرة وجهه * دعاك إلى حكم الغرام شهيده

(١) نهر في الأهواز.
(٣٥٠)

أقام شهودا من نحول ومن ضنى * فكيف بلا ذنب جهارا تقوده
حكمت عليه بالبعاد فليته * يؤوب وفي خمر الرضاب بروده
سباني غزال أحور الطرف ناعس * يميس وفي عجب تجر بروده
له الليل فرع والهلال سواره * وسحر جفون ذاب شوقا عميده
وله:
لك الله من قلب تلاشى فأدبرا * بتذكار هاتيك العهود ما جرى
أقام على حكم الهوى يوم بينهم * وضر به صرف الزمان فغيرا
فيا قلب ما تدري وإن كنت داريا * باني صبار إذا الخطب قد عرى
ولست بولاج البيوت وإنما * أصادم في يوم الوغى أسد الشري
أقمت على الشعرى العبور وأنني * من المجد أرجو فوق ذلك مظهرا
وحزت فخارا لم ينل بصوارم * وصيرت بيت العز ممتنع الذرى
سموت إلى المجد الرفيع بناؤه * بخدمة من دانت لخدمته الورى
وله:
سأركب متن البرق في طلب المجد * وأسعى بعزم دونه صولة الأسد
واحتمل الأخطار في كل بلدة * واقتحم الأهوال بالمهمة النكد
وأورد نفسي منهل العز صافيا * وأصدرها عما يشين من الورد
واقتنص العلياء في غاب أسدها * بهمة مقدام وفتك ذوي لبد
وإني لطلاع لكل ثنية * ينوء بها أهل البصائر والرشد
وإني لسباق إلى كل غاية * إذا أحجمت من دونها همم الوفد
وإني لوراد حياض منية * أبيع بها نفسي وأشري بها رشدي
وله:
علق الفؤاد بجؤذر * قد لاح من خلل الخدور
من نور غرة وجهه * قد أخجلت تلك البدور
سلب العقول بحسنه * منه النواظر تستجير
واستل من تلك العيون * لقتل ذياك الأسير
أسياف لحظ علقت * بحمايل سود الشعور
عبث النسيم بقده * كتمايل الغصن النضير
من عرف عنبر خاله * قد فاح ذياك العبير
يحمي ورود خدوده * بعقارب دبت تسير
در يزان بجيده * من فوق رمان الصدور
ورضاب شهدة ريقه * أشهى لدي من الخمور
قلت الوصال أجابني * يا طالب الأمر الخطير
وصل المحب حديثه * تكفي الإشارة للخبير ٧٤٧٠:
أبو طاهر محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن
سنسن الشيباني.
ولد بنيشابور سنة ٢٣٧ وتوفي في المحرم سنة ٣٠٠.
في رسالة أبي غالب الزراري أحمد بن محمد بن سليمان أن الهادي
ع كان يكاتب أباه سليمان قال وكانت الكتب ترد بعد ذلك على جدي
محمد بن سليمان إلى أن مات رحمه الله في أول سنة ثلاثمائة ويحمل إليه ما لم
أكن أحصله لصغر سني وكان آخر ما وردت عليه الكتب في ذكري في سنة
٢٩٩ وحملت إليه هدايا من هدايا خراسان فكاتبه ابن خاله وكان يعرف
بعلي بن محمد بن شجاع وحفظت ذلك لأن جدي رحمه الله كان يطالبني
بقراءة كتبه وكانت ترد بألفاظ عربية وكلام مقفى فوردت الكتب عليه وعاد
الحاج وقد مات في المحرم سنة ٣٠٠ وسنه ثلاث وثلاثون سنة وكان مولده
بنيشابور سنة ٢٣٧ فعرف من عاد من الحاج ممن جاءه بالكتب خبر موته
ولم يكن لي همة استعلم بها حالهم وأكاتب ابن خاله الذي كان كاتبه
وانقطعت الكتب عنا وما كان يحمل بعد سنة ٣٠٠ وكاتب الصاحب عنه
جدي محمد بن سليمان بعد موت أبيه إلى أن وقعت الغيبة.
وكان جدي أبو طاهر أحد رواة الحديث قد لقي محمد بن خالد
الطيالسي فروى عنه كتاب عاصم بن حميد وكتاب سيف بن عميرة وكتاب
العلاء بن زرين وكتاب إسماعيل ابن عبد الخالق وأشياء غير ذلك وروى
عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب شيئا كثيرا فيه كتاب أحمد بن محمد بن
أبي نصر البزنطي وكانت روايته عنه هذا الكتاب في سنة ٢٥٧ وسنه إذ ذاك
عشرون سنة وروى عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي وعن رجال غيره.
وأعين بوزن أحمر الواسع العين وسنسن بسينين مهملتين
مضمومتين ونونين أولاهما ساكنة. ٧٤٨:
أبو زكريا محمد بن سليمان الحمداني
من مشائخ الشيخ الطوسي صرح بذلك في الفهرست في ترجمة
الصدوق محمد بن علي بن الحسين فقال أخبرني بجميع كتبه ورواياته جماعة من
أصحابنا إلى أن قال وأبو زكريا محمد بن سليمان الحمداني كلهم رضي
الله عنهم عنه. ٧٤٩:
محمد بن سليمان بن مسلم أبو زنيبة
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق ع ومر ضبط زنيبة في
حرف الألف في الكنى. ٧٥٠:
الشيخ محمد بن الشيخ سليمان جواد ابن الشيخ حسن آل سليمان.
فاضل أديب وشاعر مجيد يتوقد ذكاء وفطنة قرأ علي في صباه شيئا من
علوم العربية فكنت أعجب بذكائه وسرعة انتقاله ثم قرأ على المرحوم ابن
عمي السيد علي في مدرسة شقراء ونظم فأجاد ثم عاقه عن
طلب العلم طلب المعاش ثم عرض له مرض فلقي منه حمامه وهو في ريعان شبابه.
أصل جده من قرى الساحل ثم سكن قرية حولا من قرى جبل هونين في
جبل عامل.
فمن شعره قوله يمدح السيد علي والسيد محمد ابني عمنا السيد محمود
عام قدومهما من العراق إلى جبل عامل سنة ١٣١١.
ما بال دمعك من فوق الخدود همي * فهل شجاك خلو السفح من أضم
أجل بواعث وجد بين أضلعه * بعثن أدمعه كالوابل الرذم
وزفرة تلو أخرى من تزفره * تركن أحشاءه تطوى على ضرم
حاولت كتمان ما أودعت من شغف * اني ووجدك باد غير مكتتم
لو صح عذرك عند اللائمين بما * أرقته من غروب الدمع لم تلم
قد جنبوك لو اسطاعوا هوى رشا * أصفيته مقة من سائر الأمم
بل كدت تعبده مما تهيم به * عبادة السلف الماضين للصنم
نشوان حمل جسمي في محبته * أضعاف ما حملت عيناه من سقم
تمتاحه كبدي علا وما برحت * تصدى إلى نهلة من ريقه الشيم

(١) اما ان الصواب ٦٣ أو الصواب في تاريخ الولادة ٢٦٧ (المؤلف)
(٣٥١)

لا يعدمنك من أنت الحياة له * مذ أنشأته يد التكوين من عدم
قد مثلت شخصك المحبوب فكرته * لسورة الحب يقظانا وفي الحلم
فأثبتت في خيالي عكس صورتك * الحسنا فأصبح طرفي عن سواك عمي
فان صمت فصمتي فيك أجمعه * وإن تكلمت كنت القصد من كلمي
ليس الزمان بمعط حكم محتكم * والسلم أن تعطه الأيام لم يدم
فلا يهمك أمر قد هممت به * فالهم يقعد إن فكرت بالهمم
هذي أمانيك قد درت وقد حفلت * أخلافها فاحتلب ما شئت وائتدم
وأنتجت فوق ما ترجو فليس كما * قد كنت تزعمه عنها من العقم
أنعم بأيامنا هذي وحق لها * مسرة أن تسمي زهرة النعم
لو وفيت حقها قام الأنام لها * على الرؤوس احتفالا لا على القدم
حتى تكون كعيد يفرحون به * ومن أتى بعدهم من غابر الأمم
قل للسماء إذا ما فاخرت شرفا * بالنيرين وأبدت كبر ذي عظم
أنا لفي غنية عن نيريك بمن * سنا ضيائهما يمحو دجى الظلم
بدران قد بزغا في عامل فجلا * سناهما من دجى أفاقها الدهم
فلتفرحن عامل ولتمض شامخة * بأنفها عزة عن مس مهتضم
ولتمنح العيش شكرانا فكم جلبت * لها من العز أيدي القلص الرسم
جاءت تواهق عدو الريح يظلمها * لف الظلام بسواق لها حطم
مدفقات تجاري خطو أرجلها * كالسيل فوق شعاف الهضب والأكم
تقل أعلام علم يستقل لها * أكناف رضوي وما في الأرض من علم
في كورها من بني الزهراء كل فتى * للعالمين به برء من السقم
محمد ولعمري أنها سمة * أضحى بها لرسول الله خير سمي
وذو المعالي علي أهل دوحته * سموا به شرفا ما كان قبل سمي
من كل أبلج في عرنينه شمم * في كفة جولة للسيف والقلم
إذا احتبى خلته مما تهيبه * أطل من مرباء عال من العظم
كأنما علمه يخفى تجهمه * فليس تلقاه حينا غير مبتسم
اني عجمت بنفسي سبر مختبر * جل البرية من عرب ومن عجم
حتى تحقق عندي أن أطيبهم * عودا وأعرقهم في مغرس الكرم
بنو الأمين الألى شادوا بسؤددهم * للعز سور فخار غير منهدم
إذا المفاخر أعيت جهد طالبها * تناولوا كل نائي الغور من أمم
أن المآثر بين الخلق قد قسمت * فكان حظهم العليا من القسم
ما زلت أعرفها يعني بخدمتها * الأقوام وهي لكم من جملة الخدم
لا تساموا أن تروضوا عنف جامحها * فلم ير الصعب لولا علة السام
محامد نطق فيكم بواهرها * أعجمن كل لسان ناطق وفم
ذهبتم في مراقي أوجها صعدا * حتى تركتم ذراها موطئ القدم
وهكذا لا برحتم يستبان بكم * تفاوت الناس في الآراء والهمم
يفنى الزمان وما تفنى مآثركم * ويهرم الدهر ما تدنو إلى هرم
منزهون علا عن كل شائية * مبرؤون من الأدناس والتهم
خمص البطون وما في الأرض مسغبة * إذا امرؤ لم يطق نهضا من البشم
تبيت تهجر هجر القول ألسنهم * فليس تنطق إلا باهر الحكم
وإنما كرم الأجداد جد بهم * سعيا إلى كرم الأخلاق والشيم
لي ذمة باقترابي من جوارهم * مشفوعة العهد بالقربى من الرحم
ومن يكن حافزا يوما لذمته * فإنهم أكرم الوافين بالذمم
وله مادحا لهما ومهنيا لهما بعيد الأضحى من تلك السنة:
وقروك بعد براحهم تبريحا * وقروك أسقاما وكنت صحيحا
ما كلموك لدى الرحيل وانما * تركوا حشاك مكلما مجروحا
نزح المدامع من شؤونك خرد * وجاذر أزمعن عنك نزوحا
من كل غيداء التثني برحت * بحشاك ساعة بينها تبريحا
شفافة لطفت وزادت رقة * لولا تجليها لكانت روحا
ويخلن من فرط التعفف والتقى * بعض الرواهب لو لبسن مسوحا
وصبيح وجه ما تفيق جفونه * فكأنما شرب السلاف صبوحا
ينمي هواك عذوبة في لفظه * فتخاله وهو المضل نصوحا
ويزيدك الاحداق فيه بهجة * كالصبح ما ترقبه زاد وضوحا
ما ساءني أن صد عني باخلا * فلقلما خلق الجميل سموحا
وعذرته إذ كنت بحت بسره * فغدا لسفك دمي الحرام مبيحا
لبني الأمين الأكرمين مآثر * ضاق الفضاء بها وكان فسيحا
قوم إذا ما العز بيع دثاره * بخسا لدى أحد شروه ربيحا
لا يطمحون إلى سواه بناظر * ولرب طرف بات عنه طموحا
قوم لهم في كل فخر سابق * ينضي المطي ويستضيق الفيحا
ورزين حلم لو وزنت ببعضه * رضوى لمال به فكان رجيحا
ومهابة تدع النواظر خشعا * فكأنما واجهن ظهرا يوحا
ومكارم في كل فج حلقت * حتى لقد ذهبت تباري الريحا
لم يبرح القدح المعلى حظهم * منها وقدح العالمين منيحا
أنست لهم نفس الزمان فروضوا * منها وكانت لا تزال جموحا
جمعوا إلى كرم الجدود وطيبها * كرم النفوس فهل تحير مديحا
لو كانت الآفاق مثل رحابهم * أو دونها لمضت رحابا فيحا
أو كان للطوفان فيض أكفهم * غرقت فلم تنج السفينة نوحا
قد أجملوا بري فراح مفصلا * عندي حديث كمالهم مشروحا
وعلمت تقصيري ولكني أرى * ترك الثناء على الجميل قبيحا
قد طابق اسم محمد أوصافه * فالحمد راح بذا وذاك موحا
وعلا علي حيث لم تبلغ علا * ابدا فخوطب باسمها تصريحا
كادت بحور الأرض اما قستها * في جنب علمهما تكون رشيحا
من تأت منهم تستظل بظله * تلقى مردي بالعلى ممنوحا
فترى حليما أن جهلت ومغضيا * اما زللت وأن أسأت صفوحا
وإذا خشنت يعاملون برفقهم * فكأنما يأسون منك جريحا
وإذا نظرت إلى امتداد أكفهم * بالبذل ألفيت السحاب دلوحا
ومحسدا شهد الحسود بفضله * قسرا فراح محسدا ممدوحا
ذهبت خفيات الأمور جلية * ومضى معماها لديه صريحا
لولا ارتفاع الوحي خلتك موقنا * في أنه وحي لديه يوحى
فتجيل سمعك في بلاغة نطقه * فتقول ما قس لديه فصيحا
وتمد طرفك في مواقع بذله * فترى الفتى الطائي كان شحيحا
يا بدر لا ما قد جلا غسق الدجى * بل من أماط دجى الضلال وضوحا
أن العيون لتجتليك فتحتمي * لغبار نعلك حين يقفو الريحا
فتود عين أن تكون قذية * ويود جفن أن يكون قريحا
لسنا نهني فيك عيدا واحدا * بك قد مضى جذل الفؤاد مروحا
لكن نهني كل عيد آيب * حتى تعمر ما تجاوز نوحا
لا بل بك الدنيا تهنى غبطة * والناس طرا شاهدا ونزوحا
وله مادحا السيد علي ومهنيا له بعيد الأضحى سنة ١٣١٢
(٣٥٢)

هذي الصبا فتنسم نشرها الأرجا * فهي التي تنعش الأرواح والمهجا
ثارت بجنح الدجى تهفو بأجنحة * لطمن ضوء جبين الصبح فانبلجا
يصافح الروض منها كف ناشئة * سبط الملامس لا جعدا ولا شنجا
في حين يمري سقيط الطل أدمعه * كالسطو فات صغير الدر فانزلجا
كأنه شرق في ماء عبرته * بكى فما ان من شجو ولا نشجا
فالبس النور أقراطا وشنفه * باللؤلؤ الرطب منثورا ومزدوجا
من لي بأدعج سحار الجفون شكت * مراود الكحل في أجفانه الدعجا
يسقي الأراك بمسكي يمج به * مؤشر بنطاف الشهد قد مزجا
كان فارة بياع يضن بها * قد خالطت غب فتق ذلك الفلجا
علقته حرج الاخلاق ليس يرى * في قتل عاشقه إثما ولا حرجا
منفر الود لا يرجى تألفه * كالظبي طالعه القناص فانزعجا
لا متع الله نفسي بالبقاء إذا * ساقت لغير علي في الورى أرجا
ولا ابان لساني العضب عن كلم * أن بات في غير سامي ذكره لهجا
أزكى الورى نسبا أغصان دوحته * لفت على خير عرق في العلى وشجا
واسمح الخلق تندى كف أوهبهم * جداولا حين تندى كفه خلجا
وأغزر الناس حلما لو تبينه * رأيت أمثلهم في جنبه همجا
فخلني من تعامي أعين قذيت * أن القذي يرى وجه الصباح دجى
لا غرو أن حقر الاعلام منصبه * تبدو ذكاء فيخفي ضوؤها السرجا
جلت صفات علاه أن يحاط بها * من الذي ينفد الأعوام والحججا
كم اطلعت شمسه في كل مرهجة * صبحا فقشع عنها ذلك الرهجا
وكم له عند أوطار النفوس يد * أحيا الرجاء بها إذ لات حين رجا
ورب غماء قد سدت مغالقها * ببيت صدرك منها ضيقا حرجا
تحس منها على المتنين جامعة * مما تضيق وفي أقصى اللهاة شجا
كانت أنامله إقليد مصمتها * ففرجت حين لا ترجو لها فرجا
هنيت مولاي بالعيد الجديد فقد * جاء الزمان به جذلان مبتهجا
فأسلم لأمثاله سامي المقام ترى * باب القضا عنك عمر الدهر مرتتجا
وله مادحا السيد علي ومهنيا له باقترانه بابنة عمه المرحوم السيد محمد
الأمين ومؤرخا عام اقترانهما وهو عام ١٣١٣
هفت سحيرا عذبات الرياح * فكدن أن يخمشن وجه الصباح
وأحرقت ذيل قميص الدجى * إذ قدحت زند سناها براح
وعمم الشيب رؤوس الربى * لكنه وخط بياض الأقاح
غدوة يوم شدخت غرة * في وجهه تسفر منها النواح
لا يبعدن إذ كان في صبحه * لنا بأكواب السرور اصطباح
ما راح في غيب سوى أنه * قد عثرت غدوته بالرواح
كان عكوفي إذ ضحت شمسه * من راحة الشمس على شمس راح
شربت بالمذهب حتى انتشى * مذهبة الهم جلوب المراح
من كف هيفاء الحشى طفلة * ناعمة الجيد كعوب رداح
مريضة الأجفان لكنها * تحسن فتكا بالقلوب الصحاح
قد بالغ الخلخال في كتمها * وانما نم عليها الوشاح
ونازع القرط دماليجها * فأخفت المعصم والقرط صاح
لها بطي الخدر عن حيها * ستر ومن نشر العبير افتضاح
صحت قواها من حميا الهوى * وطرفها بالدل نشوان صاح
لو لاح للعذال ذاك السنا * لم يلحني منهم على الوجد لاح
من علم الظبي وأقضى له * حل دم العاشق حتى استباح
جنحت يا بدر إلى قتله * أما ترى في دمه من جناح
هيجت وجدي يا نسيم الرياح * ما أطيب النشر الذي منك فاح
عارضني فارتاح قلبي له * أن بقلبي للنسيم ارتياح
فقمت استنشق من عرفه * واجتني ذاك الأريج المفاح
وراحت الورق بألحانها * شارحة عن طرب وانشراح
ليلة زفت لاجل الورى * قدرا وأنداهم يدا في سماح
أكرم من أوطأ هام الربى * وخير من داس أديم البطاح
الناطق المفصح أن ألجمت * بالعي أفواه الرجال الفصاح
وباسط الكف سخاء إذا * غلت على البخل الأكف الشحاح
وعيلم العلم الذي لو سرت * في عرضه لم تخترقه الرياح
ربيبة الخدر الذي لم يشم * ستوره الا عيون الصفاح
وضرة الشمس التي استوقدت * بعض سناها فاستنارت براح
صفوة بيت المجد من هاشم * ومن معد في الصميم الصراح
الضاربي الأبيات فوق السهى * والمثبتي الاطناب فوق الضراح
ما قدحوا يوما بزند العلى * الا استضاؤوا من ذبال الرماح
مسرة جاءت بروح الهنا * وآذنت خيل المنى أن تراح
ما سمح الدهر بأمثالها * يوما وانى للضنين السماح
قد قسمت بين جميع الورى * عدلا ولكن غير ضرب القداح
بالعز مولاي وطول البقا * والخير واليمن وحسن النجاح
والعقب النامي وعيش الغنى * والعمر الأهنى ونيل الفلاح
كان زفافا جاء فيه الهنا * على اشتراط للمنى واقتراح
فقلت في تاريخه بالهنا * قد قرن البدر بشمس الصباح
وله مادحا السيد محمد ومهنيا له بعيد الفطر سنة ١٣١٣.
بي حب أهلك واصلوا أم اعرضوا * وهواي قومك خيموا أم قوضوا
نقضوا عرى عهدي وقد أحكمتها * ولدي مبرم عهدهم لا ينقض
سقيت منازلهم بعارض مزنة * لطلولهم أنواؤه تتعرض
فمضت تبسم عن ثغور أقاحها * دمن تنور اثره وتروض
زعم العواذل إن ستذهب زفرتي * من حيث أغروا بالسلو وحرضوا
ولقد رضيت بما تعذب مهجتي * في حبه سخط العواذل أم رضوا
أ أبل من دائي فاطلب برءه * من غيره وهو الطبيب الممرض
لا تنكروا من طول اعراض الكرى * عن وصل طرفي وهو عني معرض
قالوا به مرض الجفون وانما * هي فترة تصمي القلوب وتمرض
يفتر ضوء جبينه عن مبسم * ماء الحياة بعذبه متغيض
ويصوب عارض خده في روضة * من فوقها برق اللواحظ يومض
وإذ أبدت حو اللثاث ودونها * بيض الثنايا فالعقيق مفضض
لولا علوق النفس حب محمد * لم أسل عنه وفي عرق ينبض
اني محضت له فؤادي خالصا * ولمثله تصفى القلوب وتمحض
هو عيلم العلم الذي في لجه * ماء الخضارم غائض متبرض
عضدت به كف الشريعة بعد ما * كانت مدى وجناحها متهيض
نفضت مهابته القلوب فان جثا * أرأيت كيف أبو الضياغم يربض
وإذا الرجال تفاوضوا امر العلى * وكلوا أزمتها اليه وفوضوا
لا انقضت منك الخطوب بعبئها * متنا بأعباء الشريعة ينهض
(٣٥٣)

هذي الورى آمالها مبسوطة * لعميم نائل راحة لا تقبض
لك ارث جدك مجده وعلومه * وسماه والشرف الذي لا يغمض
ولك الجلال فكل قدر امره * رفع فعند رفيع قدرك يخفض
تركت علومك كل حزب جهالة * حرضا وكاد أخو الضغينة يحرض
ما أغمض العلماء قبلك آية * الا وكنت مصرحا ما أغمضوا
لا سالمت كف الورى لك حاسدا * ابدا ولا سلم امرؤ لك مبغض
وأقام فيك الحاسدون كما هم * مقل قذيات وصدر مرمض
هنيت بالعيد الذي بك عطفه * جذلا يحركه السرور فينفض
وبقيت للأعياد حتى تنقضي * وعليك منها كل عيد يعرض
والدهر يوفدها عليك فمقبل * ضربت لديك خيامه ومقوض
وله مادحا السيد علي ومهنيا له بعيد الفطر سنة ١٣١٣:
من لي بلؤلؤ ثغرك المكنون * إذ صين بين صوارم وجفون
ما ضر طرفك حين أصبح فتنة * أن لا يضير بقلبي المفتون
أمرت جفونك كل قلب بالهوى * فلذاك اكد فوقها بالنون
في عبرتي لهواك أكبر عبرة * إن كان وجدي فيك غير مبين
ما جن ليلي بل جننت وانما * لعلاقة نسبوا اليه جنوني
ايضاع فيك لغير ما سبب دمي * ولدي سر هواك اي مصون
لو أن قلبي يوم باعك لبه * منح الوفا ما كان بالمغبون
غادرته ضمنا ولو أتلفته * ما كنت فيه مطالبا بضمين
ما حي رامة يوم قوض تاركي * حيا وأعين سربه ترميني
أدموا عيون العاشقين فخضبوا * بدم بنان ظبائهن العين
قد استهيم لخطرة من ذكرهم * فيقال فيه صرعة المجنون
استأنس الخلوات خشية أن يرى * شاني إذا أرسلت ماء شؤوني
أ رأيتم ماء العقيق فما جرت * تلعاته الا بسيل جفوني
أم شمتم لمع البروق فإنها * قدحت بزند صبابتي وشجوني
ربعت على ربع الأحبة بعدهم * قطرات غادية السحاب الجون
بل أخلفتهم فيه أخلاف الحيا * وأعان نبت ثراه كل معين
قد طالما أوردتني ظبياته * حان اللمى بل حانة الزرجون
وضممت من ألف القوام وانما * قد جاءت الألفات للتسكين
ولآخذن على الحمامة شجوها * فيه بشجو تأوهي وحنيني
ولا تركن منه بكل قرارة * بحرا إذا انفجرت عيون عيوني
انا ميت ذاك الحي لولا أن لي * املا بنظرة ساعة تشفيني
وإذا أبو عبد الحسين أقالني * أحيا ولو قطع الفراق وتيني
لا بدع أن يحيي القلوب وطالما * بعلومه أحيا فؤاد الدين
ما كان من شرف ففيه مقره * أو مفخر فلديه اي مكين
شرفت به الأكوان طرا مثلما * بأبيه شرف مبدأ التكوين
قد صيغ جوهر ذاته من جوهر * والعالمون جميعهم من طين
خير الأكف هي اليمين وانها * لتحط عن يسراه كل يمين
ويمين من زعم امرء لجلاله * مثلا ولو آلى أجل يمين
أعلى البسيطة من يدل بمنبت * عال وحلم كالجبال رزين
وبراحة علوية قد أودعت * جدة العديم وثروة المسكين
لم تحكها ديم السحاب وانما * هي ديمة التأميل والتأمين
اخذ العلى هبة وتلك هي التي * لو تشترى عدلت بكل ثمين
يستنبئ الأيام وهي عبيده * من ذا استرقك في البرية دوني
ويقول للعلياء وهو قرينها * أن تصحبي أحدا سواي فبيني
هل أنجبت آل الأمين سوى فتى * يمسي على العلياء خير امين
قوم إذا اقتعدوا متون جيادهم * ولجوا على الضرغام كل عرين
لا يقسمون بغير شامخ مجدهم * ابدا إذا ما أغلظوا بيمين
ولقد علوا حتى لقال وليدهم * حسبي بلغت فكل فوق دوني
لك يا خدين المجد لا برح الهنا * ما عادت الأعياد خير خدين
فطرت بيوم الفطر أكباد الألى * رمقوا بعين عداوة وضغون
ورمى عداك هلاله عن قوسه * فأصاب كل حشاشة ووتين
تحكى به راء ولولا نقطة * مفقودة شبهته بالنون
طفل لليلته ولكن قد كسي * هرم المشيب فعاد كالعرجون
فأسلم لعودة مثله ولك الهنا * في الدهر خير مصاحب وقرين
وله:
هذه دارهم فحي الرسوما * وأقرها الدمع أن قرتك الهموما
وتنشق ريا النسيم بريا * ها فما أطيب الشذا والنسيما
دمن طالما تداوى كليم * بصداها وما أجابت كليما
ومغان تحكي السماء بهاء * وغوان يحكين فيها النجوما
أن أهم بالربوع قلبا ولم تبعد * فأولى بعد النوى أن أهيما
من شفيعي إلى جاذر سلع * ربما اطلب الشفيع الخصيما
يا ربوع الأحباب كنت ربيعا * بالغواني فكيف سرت رسوما
روعت ريحك البليل بريا * هم صروف النوى فهبت سموما
وشجت ماءك الحميم يبين * من عذاب اللمى فعاد حميما
لا تصح السماء يوما بمغناك * ولا يبرح النسيم سقيما
وتهادت فيك الغصون قواما * وتأرجت بالخزامي شميما
وسقى سربك المخف يد المزن * فروته ظاعنا ومقيما
كيف لا أمتري الغمام لأرض * طالما قد جلوت فيها الغموما
أربعا تطلع الشموس وجوها * وترخي الشعور ليلا بهيما
ومغان تقنى المواضي جفونا * وتميس الخطي قدا قويما
تنبت اللؤلؤ الرطيب ولكن * لا يرى في الثغور الا نظيما
ويصاغ الهلال للظبي طوقا * حيثما تبزع الشنوف نجوما
هل أراني ومن مناخ ركابي * في رباها وسم يشق الأديما
وارى جوها لصحبي جوا * وألاقي نسيمها لي نسيما
وارى الشمس في الثريا بكف البدر * تسعى والظبي فيها نديما
خمرة من لدن غدا عاصروها * رمما لا تزال تحيي الرميما
بينما تبصر الحليم سفيها * عندها إذ ترى السفيه حليما
حرمت كهلة وحلت فتاة * وأهينت طفلا وعزت فطيما
خلق حول وخير خلال النفس * ما كان نهجه مستقيما
عد عن عتبك الجزيل على الدهر * فتأبى صروفه أن تليما
بينما ساء إذ يسر وبينا * شمته صح إذ تراه سقيما
تمضي بالملهيات زمانا * ثم يأتي بالمشجيات زعيما
تارة صحة وطورا بلاء * وليال بؤسي وأخرى نعيما
أقسمت حادثاته ما تقضى * وأبت نائباته أن تدوما
واللبيب اللبيب من أسهر الهمة * طرفا حتى أنام النجوما
وأخو الحزم من إذا لسعته * حمة الخطب راح عنها كظيما

(١) من المين وهو الكذب
(٣٥٤)

وله مادحا السيد علي ومهنيا له بقدومه من الحج الشريف وزيارة قبر
جده ص سنة ١٣٢٠ وفيها تعرض لمدح السيد محمد والمؤلف والتهنئة لهما:
ملئت بطلعتك القلوب حبورا * وزهت بمقدمك البلاد سرورا
اهلا بغرتك التي من نورها * قد عاد وجه الكائنات منيرا
نالت بأوبتك العيون قرارها * وأعاد وجهك للوجوه سفورا
وبعثت يا روح الوجود وسره * لنفوس أموات العباد نشورا
يا طلعة الشمس التي قد أشرق الملوان * من باهي سناها نورا
كشفت عنا للغموم دجنة * وأزحت من ظلمائها ديجورا
ورددت في عود الحياة غضارة * واعدت روض المكرمات نضير
هذي العلى طابت بعودك سالما * نفسا وجفن المجد بات قريرا
أنعشت أرواحا لبينك أتلفت * وفككت قلبا في نواك أسيرا
تهوى العيون بان تحل سوادها * فيكون في الابصار شخصك نورا
وتود أن تهب النفوس حياتها * بشرا لمن بلقاك جاء بشيرا
يا خير من لبى وطاف ومن سعى * واجل من ركب المطي ظهورا
حفتك املاك السما زمرا وقد * أزمعت للبيت الحرام مسيرا
ومشوا صفوفا في ركابك اتبعوا * تكبيرك التهليل والتكبيرا
لم تتخذ زادا سوى التقوى ولم * يعمر سوى الاخلاص منك ضميرا
ترمي بك الكوماء كل مفازة * شقت على طرف الرياح عبورا
ناءت بطود الحلم منك وما درت * أتقل رضوى أم تقل ثبيرا
حتى قضيت مناسك الحج الذي * افترض الاله مكملا مبرورا
وثنيت أعناق المطي لطيبة * فرحا بقصد ربوعها مسرورا
تستحقر الاخطار وهي عوائق * من دونها وترى العسير يسير
حتى إذا رفعت لطرفك قبة الجد * الشفيع وشمت ذاك النورا
وحللت بقعته المقدسة التي * تعنو الوجوه لتربها تعفيرا
فاخذت يومك في زيارة سيد * الكونين حظا وافيا موفورا
ثم أفنيت بعدل اعمال الورى * وزنا وأبت الفائز المأجورا
يا كعبة الله المعظم شأنها * في العالمين وبيته المعمورا
ولسان حكمته وحجته على * كل الورى وكتابه المسطورا
لك ذات قدس دون نيل صفاتها * اضحى لسان المادحين قصيرا
ومآثر كالشمس أن طمحت لها * عين بطرف أرجعته حسيرا
شكر الاله عظيم سعيك أنه * قد كان سعيا طيبا مشكورا
وأثابك الحسنى وأعظم عنده * لك في غد اجرا أعد كبيرا
فلتخطر العلياء في حلل الهنا * بلقاك وليمس الزمان حبورا
ولتمش أيام السرور بوفدها * لبني الأمين مهنيا وبشيرا
حتى تريح إلى جناب محمد * أيدي المطي روائحا وبكورا
مولى مناقبه وآي فخاره * خطت بأنملة الكمال سطورا
لم ترو من أكرومة الا غدت * تعزي اليه حديثها المأثورا
أيدي التهاني صافحي الكف التي * باللثم أصبح ظهرها معمورا
للمحسن الأفعال من لو تبتغى * لعلاه مثلا ما أصبت نظيرا
انى يقاس به وقد بلغ المدى * أحد إذا فاق الأنام صغيرا
بزغت فضائله بآفاق العلا * فبدت شموسا طلعا وبدورا
كالروض خلقا والسحاب أناملا * والبحر علما والغزالة نورا
حاكت شمائله النسيم وانها * عذبت وما هبت صبا ودبورا
يا نخبة النفر الذين أكفهم * زخرت بأندية السماح بحورا
وسلالة القوم الذين ثناؤهم * ملأت نوافحه السماء عبيرا
قرت عيونكم وسئ حسودكم * عينا ونلتم غبطة وسرورا
وسعدتم حظا وأسعد فيكم * الرحمن خلقا في العباد كثيرا
لا زال مجدكم الملاذ وعزكم * للعالمين على الزمان ظهيرا
وله مادحا ومهنيا له بعيد الأضحى سنة ١٣١٨:
هل أعرت الظباء جيدا وطرفا * أم حكتك الغصون قدا وعطفا
لفتات تحير الظبي فيها * وتئن أعيا على البان وصفا
ما لدان القنا إذا مست قدا * ورمال النقا إذا ملت ردفا
كلف البدر نفسه شبها فيك * إلى أن حكي بقرطك شنفا
نشوات السلاف لفظا ومعنى * سرقت من لماك حرفا فحرفا
والأقاحي كادت تكون ثناياك * لو استنقعت بشهد مصفى
لست أدري أهديت للروض نشرا * بالشذا أم فتقت للمسك عرفا
ما اعتلال النسيم الا ليحكي * فيك معنى قد فات معناه لطفا
في فؤادي لرشف جمرة خديك * من الشوق جمرة ليس تطفى
كم جمعت الضدين قولا وفعلا * حين تسطو ليثا وتبغم خشفا
هازئا بالبدور حسنا وبالريم * التفاتا والخيزرانة عطفا
مزريا بالحلي لو صيغت الجوزا * نطاقا أو الأهلة وقفا
جل ناري من جلنار بخديك * وورد عز اجتناء وقطفا
وعذابي من عذب تلك الثنايا * وهي ممنوعة عن الصب رشفا
قد نشأ من سقام جفنيك سقمي * وتحاكى جسمي وخصرك ضعفا
كم نضوت الصباح منك محيا * ثم أسبلت ظلمة الليل وحفا
قسم الحسن في الورى لك نصف * اثرة ثم حزت في النصف نصفا
كلفي منك ان في الدين ليا * ومطالا وان في الوعد خلفا
أ كذا شيمة الظباء نفارا * وسكونا طورا وصدا وصدفا
هاتها من لماك صرفا فأحلا * ما تعاطى زجاجة الراح صرفا
فهي ماء الحياة لو ذاق منها * حسوة الطير ميت الحب يشفى
بمعانيك يا بديع المعاني * رق معنى النسيب حسنا وشفا
مثل ما جل في علي ثنائي * حين أمسى على معاليه وقفا
منبع الحكمة التي أوجدتها * قدرة الله في الخلائق لطفا
ومنار الهدى الذي أوضح الرشد * سبيلا وأوسع الخلق كشفا
ما توسمت في محياه الا * شمت اثار حكمة ليس تخفى
أو تأملت في شمائله استنشقت * منهن للإمامة عرفا
بدر أفق العلوم شمس المعالي * أكمل العالمين معنى ووصفا
طاولت هاشم النجوم افتخارا * بعلاه فغض منهن طرفا
يخجل البدر ان تدفق علما * وحيا المزن ان تدفق كفا
ما علمنا سواه للدين ركنا * وعمادا وللشريعة كهفا
فيه طلنا على المناوين باعا * وشمخنا على المعادين انفا
كيف نخشى وهو الغياث المرجى * في حماه لحادث الدهر صرفا
بك يا نور ناظر الرشد قد أبصر * طرف الهدى وقد كان كفا
وبعلياك أصبح الدين مرفوع * المباني وكان رسما معفى
لا تزل للأعياد حتى يريك * الله عن كل واحد مر ألفا
رافلا في حلى المسرة تكسى * من برود الهنا الأشف الأشفا
وله:
(٣٥٥)

خرس الدملج منها * ولسان القرط صاح
أيها العاشق مهلا * ان في الصبر نجاح
وكتب إلى أبيه في بعض الأغراض سنة ١٣١٠.
مضى ربيع وجمادي وعاد * وحاجتي تنفك مل ء الفؤاد
متى أرى ربع المنى ممرعا * وزرع آمالي قريب الحصاد
وكم ألاقي بغيتي شائلا * مهزولة السقب وعامي جماد
مغرس أوطاري بطئ الجنا * وأم آمالي عقيم جداد
لا حاجتي تشرى ولو أرخصت * هونا ولا يؤبه لي في مراد
حظ كان القار يطلى به * لكنه قد فاقه في السواد
حسب الليالي ما دهتني به * من لزبات حلن دون المراد
وحسب نفسي انها أشربت * حب سعاد أين عنها سعاد
سقى مهب الريح من ارضها * ومسحب الريط سخي العهاد
وجادها من مدمعي رائح * يروي ثراها كل حين وغاد
ما كنت بالمعتاض عن وصلها * وصلا ولو أنفقت حر التلاد
ولا مريدا لي سواها هوى * على قلى الدار وشحط البلاد
يا ويح قلب شيق يرتضى * عناء حب ما له من نفاد
وويح جفن صوب أنوائه * سال مسيل الغيث في كل واد
ان أمورا عنك أسررتها * أظهرت منها كل خاف وباد
منى ضروبا كن لي فانبرت * واحدة أبغي لها منك فاد
وهمة ظلت لطياتها * تخبط في عشواء من غير هاد
طريقها لحب ولكنها * لطيشها تعدو سبيل الرشاد
تخال من جهل ظهور الربى * وأرؤس الهضب بطون الوهاد
أقم فدتك النفس من ميلها * شيئا وأصلح ما بها من فساد
فعودة الفائت لا ترتجى * وخضرة الذابل ما لا يعاد
وقال راثيا احمد باشا الصلح سنة ١٣١٢:
اي عضب للعلى ماضي الشبا * فل منه الدهر غربا وغرارا
يفرج النقع سنا جوهره * مثلما أوقدت في الظلماء نارا
طبعت من همم شفرته * لا صفيح الهند صنعا وابتكارا
لم يخن حامله في ساعة * تلد الكرب ولا ساء جوارا
قد جنت أيدي الليالي فادحا * للندى جب سناما وفقارا
ما وداه الدهر إذ أودى به * فكان أدرك منه الدهر ثارا
مسفر الهمة قد طال بها * همما سهكا وأبواعا قصارا
وألجأ كل مضيق في العلى * خائضا للمجد لجا وغمارا
مشرق الأحساب مهما سطعت * شمتها في ظلمة الليل نهارا
عصب قد عصب المجد بها * معقد التاج وحلاها السوارا
وقروا الأيام حلما وحجى * ثم فاتوا الناس عرقا ونجارا
لم تخطاهم إلى من دونهم * همم المجد انتقاء واختيارا
ملكوا العلياء عن آبائهم * بشبا البيض اغتصابا واقتسارا
رتب قد أصبحت تسمو على * شهب الأنجم عزا وفخارا
ان يوما أسلمت آناؤه * للمنايا أحمدا ساء نهارا
حسرت ليلته عن أسفع * جلل الآفاق تربا وعبارا
قبض الأيدي هما وشجى * ولوى الأعناق ذلا وصغارا
أمطر الدمع فروى مهجا * شفها الوجد وأكبادا حرارا
مثل أفواه الروايا أفلتت * وكاها تهطل سحا وانهمارا
ظفر الحزن بصبري فوهى * وتوخى صدع قلبي فاستطارا
من نرجى وبما ذا نلتقي * هجمة الخطب إذا ما الدهر جارا
من لرواد الندى يمطرها * في السنين الغبر خصبا ويسارا
من يزين اليوم إشراقا ومن * يعمر النادي حلما ووقارا
من يجير الجار من خوف ومن * يدفع الضيم ومن يحمي الذمارا
خطرت ريح النعامى فزفت * مثقل الودق عجالا وبدارا
لنئيج الريح في أكنافه * زجل يحكي قطا الدر مثارا
يخطر البارق في اعجازه * مثلما ساقطت الزند الشرارا
فأناخته لدى قبر أبي * كامل تسقيه أمواها غزارا
فإذا ما غادرته روضة * تنبت العبهر غضا والبهارا
ودعت لا عن قلى تربته * تضمر العود إليها والمزار
وقال يرثيه أيضا:
هذي المدامع غربها يكف * أودى الفخار وزعزع الشرف
وخلاب أفئدة السماح غدت * بمخالب الأحزان تختطف
ما للرواسي لا تميد بمن * في الأرض والأفلاك لا تقف
رزء رمى الدنيا بمعضلة * من وقعها الأرضون ترتجف
ذهب الزمان بأحمد فذوى * غرس العلاء وروضه الأنف
في طرفه عن ميله ميل * وبأنفه عن وصمة انف
لم تصبه الدنيا بزهرتها * وسواه فيها الواجد الدنف
أودى فتلك الشمس كاسفة * لمغيبه والبدر منخسف
وهي المنايا ليس يدفعها * حجب ممنعة ولا سجف
فبكته أنواء السحاب بما * كانت ببحر يديه تغترف
وتمزقت لنواه أفئدة * للمجد كان لها به شغف
ولهفا وما لهف بمجدية * أسفا وليس بنافع أسف
لو جاءه من حيث يبصره * صرف الزمان لمسه التلف
قبضت على الناعين ألسنهم * فنعوه إيماء وما هتفوا
حلفوا بزاخر جود راحته * وابر حلف ما به حلفوا
لقد استمرت يوم مأتمه * شمس الضحى في لونها كلف
واستولت البلوى على مهج * لولا التلافي غالها التلف
ببنيه تسلى كل مرزية * وتفرج الغما وتنكشف
فهم هم لا نكر في أحد * منهم ولكن بالعلى عرفوا
قوم إذا عدت مآثرهم * تعيي صفاتهم الذي يصف
صبرا وان جلت رزيتكم * فلكم تأس بالألى سلفوا
ما غاب الا رسم صورته * في الدهر من أنتم له خلف
وقال يرثي مرجع الشيعة في عصره السيد ميرزا محمد حسن
الشيرازي المتوفى في ٢٣ شعبان سنة ١٣١٢:
الدمع أطوع ان يعصيك هامره * والوجد أكبر ان ينهاك آمره
كلم بقلب المعالي لا اندمال له * أعيى الأواسي ولم تبلغ مسابره
من زلزل الطود فانهالت جوانبه * أو روع الليث فانجابت زماجره
ما ذا عرا البدر حتى زال رونقه * أوحم للبحر حتى غيض زاخره
يا كبوة ما أقيل الدين عثرتها * وفاقرا ما أصيب اليوم جابره
(٣٥٦)

رزء اطم فضاء الأرض غيهبه * وجللت هامة الدنيا دياجره
مضى فلا غرو ان جلت رزيته * في الدهر من جل ان تحصى مآثره
فأذر المدامع واستفرغ حقائبها * لمثل هذا أعد الدمع ذاخره
وأمر الجفون يوالي نوء صيبها * وبلا يفوق غوادي السحب ماطره
ما حي يعرب الا واجف قلق * كأنما ذهبت أفعى تساوره
ان يخسف البدر اعظاما لمصرعه * فمن سناه استمد النور باهره
وعازب الصبر ممطور بعبرته * يخفى الشجى جلدا والدمع يظهره
ينبو حسام الكرى عن غمد مقلته * كأنما انبتت شوكا محاجره
كايلته الوجد يبديه واستره * فكان احملنا للوجد ساتره
يا فهر لا ورد الا الدمع ان عذبت * موارد الماء أو ساغت مصادره
في كل يوم لقناص المنون يد * شوكاء يقذى لها في الجفن ناظره
تستنزل النجم من علياء مطالعه * ويقشعر لها في الغيل خادره
من قبلها لم نبت الا على حذر * حتى أتى الدهر ما كنا نحاذره
يا موضح الحق ان عماه آخذه * وشافي الدين من داء يخامره
وعامر المنبر المحفوف مجثمه * زايلته وهو مقوي الربع غامره
وفارج الكرب قد ضاق الخناق به * أمسى لبينك مشزورا مرائره
وباتر الخطب بالعزم الجراز إذا * سلت على عنق الدنيا بواتره
وكالئي الدين من شغب العدو ترى * ان قد تغيب لما غاب ناصره
العلم بعدك قد جزت موارنه * واستأسد الجهل واستعلت منابره
أقشعت سحب التعامي عن كواكبه * للخلق حتى أضاء الليل سافره
فالآن قد ارتجث عنهم مغالقه * واستوعرت دون مسعاهم معابره
لا الماء بعدك بالعذب النمير ولا * غصن الحياة وريق العود ناضره
اقض يومك فينا كل مضطجع * فليس يألف نوم الليل ساهره
لا وتر عندك للأيام تطلبه * فكيف أدرك منك الثار ثائره
لو أن رسل المنايا ترتضي بدلا * فداك في الخلق باديه وحاضره
لا العيش بعدك محبوب البقاء ولا * سهم المنية محذور بوادره
ان كان يومك غشانا بأوله * فليس ينفد حتى الحشر آخره
لا يبرح المبرق الوكاف تطرده * زماجر الرعد طرد الذود زاجره
إلى ثرى حل في اكناف تربته * محمد فسقاه الري هامره
حتى إذا روضت اعلامه وذكا * منه شذا عبق الآفاق عاطره
وافاه يحمل عذب الماء ريقه * وزار مغناه دون الغب زائره
وقال يرثي طفلا من آل الأمين سنة ١٣١٣.
نكأتم أيامنا بالمشيب * ويقتادنا الموت قود الجنيب
الا بعدت من حياة تشاب * بفقد القرين وناي القريب
علمت ستغتالنا النائبات * منذ بدت بارزات النيوب
وهل يمنع الموت عنك الطبيب * وما امتنعت منه نفس الطبيب
فيا كوكبا قد جلاه الطلوع * على الناظرين بكف المغيب
ويا مقضبا هم ان ينتضى * فأغمدن منه بنان الخطوب
لعمري ما رام منك الزمان * الا تطلب قرب الحبيب
ولكنها قد تصيب السهام * على خطا غير قصد المصيب
اجلك عن لمحات العيون * فأخفاك بين صفيح القلوب
فبت وتلك دوامي الغروب * عليك وتلك دوامي الندوب
فأخفى إنارة ذاك الهلال * وأذوى نضارة ذاك القضيب
فانى وهل أبعدتك المنون * وأنت على الناي عين القريب
وقال راثيا الحاج حسن عسيران المتوفى سنة ١٣١٣:
هل ضن بعدك مدمع بسجوم * أو بات فيك حشى بغير كلوم
فقد الأنام براحتيك غمائما * فاستبدلوا عن نوئها بغموم
لم ترع فيك يد الحوادث ذمة * وارى ذمامك كان غير ذميم
كانت رحابك منتهى همم الورى * فتبدلت همم بحر هموم
راحت قلوب الخلق فيك دواميا * ما بين منفطر وبين كليم
وغدت وجوه صان جودك ماءها * لنواك بين معفر ولطيم
لا غرو ان عمت رزيتك الورى * أو ليس فضلك فيهم بعميم
لم تبق بعدك أربع العليا سوى * دمن أقام بها البلى ورسوم
قد أودعوا بك صفو اسرار العلى * أحشاء خافية الضمير كتوم
قد باتت الآمال حرى بعد ما * شربت بجود يديك شرب الهيم
لا كان يوم زال ضحوة شمسه * امل العفاف وروح كل عديم
أنعاك للآراء طائشة الخطى * من واهن متكلف وسقيم
أنعاك للمتظلمين تصاغروا * للضيم إذ باتوا بغير رحيم
أنعاك للمسترفدين غوت بهم * آمالهم فرجوا نتاج عقيم
أنعاك للتقوى أصيب زعيمها * بيد الردى فمضت بغير زعيم
وطووك والعليا معا في حفرة * أملاكها تلقاك بالتسليم
ذهب التجلد بين صبر نازح * وجوى باحناء الضلوع مقيم
لا الورد بعد رحيله بمصفق * عذب ولا نبت الثرى بجميم
قذيت على الحسن الفعال نواظر * منعت محاجرها من التهويم
وسقى الخدود الدمع حزنا بعد ما * سقيت به من نضرة ونعيم
كان الحليم فلا يخف بلبه * غضب إذا ما خف كل حليم
لا يجزعن لفقده أبناؤه * وليفزعوا للصبر والتسليم
وهم بحمد الله خير من اعتزى * لاجل مكرمة وأطيب خيم
بكرت على الجدث الأشم سحابة * تكسوه من روض وطيب شميم
وأقام فوق ضريحه متبجس * بالمزن عن هطل أجش هزيم
وقال يرثي بعض أعيان اهل العصر سنة ١٣١٣:
صمت لصوت نعيك الاسماع * يا طود كيف عدا عليك زماع
ما كنت احسب ان تروعك نكبة * والليث ذو الأشبال كيف يراع
حمت ليوم نواك كل حشاشة * بجوى الأسى إذ حم منك وداع
ولشد ما هرقت عليك دموعها * بيض المهارق واستهل يراع
هذي يد العلياء جب ذراعها * إذ مد نحوك للمنية باع
منعت بك المقل الكرى واستنبطت * سهدا فليس يلذها تهجاع
لم نعص فيك سوى التجلد والأسى * والحزن بعدك والزفير مطاع
ولطالما صنت الجوى عن حادث * فالآن سر الوجد فيك مذاع
في فضلك السامي قد اتفق الورى * وعلى جلالك يعقد الاجماع
فت الأنام علا فان باهيتهم * كنت المليك وكلهم اتباع
شرف المفاخر والسماحة والندى * في الخلق مكتسب وفيك طباع
قد يستطاع ذرى النجوم للامس * ان كان مجدك للورى يسطاع
ندبتك فوق الأيك كل شجية * في سجعها ومن البكا تسجاع
لم ندخر عنك النفيس لفدية * لو أن نفسك بالنفوس تباع
ولما اعتللنا عن مدافعة الردى * لو كف من غرب المنون دفاع
نحن الرذايا لو نسام فهل لنا * منجى على أن الحتوف سباع
(٣٥٧)

ان البقاء وان أطيل إلى مدى * فاربأ بنفسك فالحياة متاع
لم لم تكور بعده شمس الضحى * ولقد كساها من سناه شعاع
وعجبت كيف يضيق متسع الفلا * عن مجده وقد احتواه ذراع
أمروع الآساد في آجامها * أصبحت قسرا بالمنون تراع
ومقارع الأيام عن حدثانها * ألوي بعزمك للحتوف قراع
فاذهب كماء المزن يحمد غبه * هضب تنور بعده وبقاع
رامت ثراك فأرضعته ثديها * وطفاء يحفز خطوها اسراع
وانحل فوق رباه معقود الحبا * فجر عنه العقدات والأجراع
وقال يهنئ السيد حسين ابن السيد محمد حسين احمد بزفاف من
قصيدة:
دمن شكون جوى الفراق شكايتي * وحملت مثل دثورها اضعافا
ما أنكرت منها الركائب منزلا * الا ورحت لعرفها عرافا
ليت الظباء السانحات بجوها * كانت لغيد ظبائها الافا
من كل ريا المعصمين تمارضت * منها الجفون فما تركن معافى
يسكن حبات القلوب وانما * شقت خلابا دونها وشغافا
وشكيتي ضعف الخصور فإنما * ضاعفن سقمي إذ خلقن ضعافا
أسرفت إذ كنت الضنين بهجره * من ذا رأي من باخل إسرافا
وأطلت جهد حياته فتلافها * فلقد بعثت لربها اتلافا
ما لي أراك ترنح الأعطافا * أشهدت للمولى الحسين زفافا
حتى طرحت لذاك ابراد النهى * وهفا السرور بلبك استخفافا
وفعلت فعل ذوي البطالة تيا * ما لو يكلفه الجهول لعافا
اني سررت فخامرتني نشوة * ومن المسرة ما يعود سلافا
ما كان في عرس الحسين مسرة * الا سررت بمثلها اضعافا
وكلفه بعض الأعيان مدح ناظم باشا والي بيروت فقال سنة ١٣١٤:
قل للأراكة تروي عنك ما عذبا * فإنها قد جنت من ثغرك الضربا
وابعث نسيم شذا رياك يأرج من * أنفاسه الليل يهدي مندلا وكبا
يا ريم ما رام وجدي عنك منصرفا * يوما ولا شاء قلبي عنك منقلبا
تركي لحظك لم يترك بفتنته * على النهى ابدا عجما ولا عربا
يهتز لي من تثنيك القضيب كما * هزت لواحظك الفتانة القضبا
تحلو الغصون غصون البان ما كسيت * وغصن قدك يكسي الحسن ان سلبا
يا فالق الصبح من لألاء غرته * وجاعل الليل في هجرانه حقبا
الخمر في فيك لم تمزج خلقت * صرفا فما لي أراها تحمل الحب
ما كان ضرك لو أطلقت معتقلا * في أسر هجرك لم يعرف له سببا
ان فاتني منك فيما ابتغي إرب * فناظم هو حسبي مبلغ اربا
الناظم المجد نظم العقد قلده * جيد الولاية ليس الخرد العربا
والناثر الدر من جدوى أنامله * مالا ومن لفظه المستعذب الخطبا
من حل في الذروة العليا من الشرف * الاسمي ومد على هام السما طنبا
جم المواهب ما دارت رحى كرم * الا وكان لها دون الورى قطبا
يستحقر الغيث عن توكاف راحته * ويصغر البحر في جدواه ان وهبا
مستصبح بضياء العزم يرسله * صبحا إذا ما ملم غاسق وقبا
ماضي العزيمة ان سلت صوارمه * قضى الحمام على أعدائه رهبا
تهز أحشاء رائيه مهابته * فما يكاد الخوف يمسك الركبا
والليث ان تبصر العينان طلعته * أوحى إلى القلب لحظ العين ان يجبا
الأمن والعدل حلا حيث حل فان * يقم أقاما وان يذهب معا ذهبا
والبأس والجود ما انفكا له تبعا * والفخر والمجد ما زالا له نسبا
لو كان في مطلع الجوزا له إرب * لم تغف عيناه حتى يدرك الإربا
وليس يقصر ذو الجد السعيد إذا * بغى بهمته ان يحتذي الشهبا
يا مجري الفضل من انعامه ديما * ومنبع الجود من راحاته سحبا
وناشر الأمن يلفى ناضرا ورفا * ومحيي العدل يجنى يانعا رطبا
ان المعالي بك استعلت مراتبها * يا من يزين بسامي مجده الرتبا
والدهر قد هز من أعطافه جذلا * والعصر قد رقصت أوقاته طربا
وثغر بيروت ثغر فيك مبتسم * سنا محياك قد اضحى له شنبا
لي في علاك لا جاء صوب عارضه * وغير كفك ان يبخل فلا عجبا
أدام دولتك الرحمن مرتديا * ثوب العلى لابسا أبرادها القشبا
وقال يمدح خليل بك الأسعد ويهنيه بالشفاء من مرض وبعيد الفطر
من سنة ١٣١٤:
سقى الدار من اسما سماء تجودها * جنوبية الأرواح ترغو رعودها
فحلى أثيث النبت عاطل تربها * عقودا إذا حلت عليها عقودها
تجر على وجه الوهاد ذيولها * وتخفق في أعلى الهضاب بنودها
إذا ما استزادتها الربى وكف ساعة * من الغيث أوفى فاستهل مزيدها
ومالي استسقي السحاب لأرضها * وماطر دمعي كل يوم يجودها
الا حبذا تلك الديار وأهلها * وأن أخلقت أيامها وعهودها
وما شغفي بالدار لولا قطينها * ولم تشجني الاطلال لولا همودها
وفتانة العينين يسقم طرفها * فؤادي إذا ترنو ويمرض جيدها
وسكرى التصابي والدلال إذا مشت * يثني الصبا أعطافها فيميدها
إذا لمستها الكف خيف انصداعها * وأن لمحتها العين تدمي خدودها
لوت وعدها صدف البخيل وأنما * لها عذرها في حاجة لا تفيدها
فما شيمة الغزلان الا نفارها * وما خلة الحسناء الا صدودها
وممشوقة لم يعشق الغصن قدها * بلى عشقتها للغصون قدودها
تريع بنجلاوين لو أن قانصا * يغادي بهن الوحش كان يصيدها
وتفتر عن در حوى الجيد مثله * كان على فيها تناط عقودها
أرى كسلا يهتز عنه قوامها * وما هو الا ثقل ردف يؤودها
رمت ثمرات الشوق في حجة الهوى * ولكن بأحشائي يشب وقودها
وملكها رق القلوب جمالها * فتلك جميع العاشقين عبيدها
فطوع يديها روحها وعذابها * وعن امرها تسهيدها ورقودها
وتقضي على احيائهم فتميتها * وتنفخ في أمواتهم فتعيدها
ولولا اختشاء النار في يوم حشرها * لكان لها دون الإله سجودها
ببرء خليل المكرمات من الضنا * عيون العلى قرت وطاب هجودها
الا انها النعمى التي لا يفي بها * ثناء ولا يلقى بشكر مزيدها
فكم عاش منها في نفوس رجاؤها * سرورا وماتت في صدور حقودها
إذا سلمت نفس الكريم من الردى * فأهون شئ ما ينال حسودها
كان الليالي يوم نال شفاءه * غوان بدت تختال في الوشي غيدها
شفاء شفى ميت الرجاء وصحة * بها صحت الدنيا وأورق عودها
وتلك يد للدهر ليس يسرني * بها حمر انعام البلاد وسودها
أبا كامل صحت بصحتك العلى * وراقت لنا النعمى وساع ورودها
ولو لم يق الرحمن نفسك داءها * لما زهت الدنيا ولا عاد عيدها
وقد زالت الشكوى فلا زلت بعدها * بعافية تضفو عليك برودها
(٣٥٨)

تجر مدى الأيام ابراد صحة * ترث الليالي وهي باق جديدها
وإن جاء عيد كنت بهجة يومه * وإن حسنت دنيا فأنت سعيدها
إلى أن ترى أعياد دهرك كلها * نزولا على مغنى علاك وفودها
قرير عيون في بنيك ممتعا * بخضرة عيش ما يشاب رغيدها
هم قذعوا صرف الزمان وروضوا * نوائبه حتى استلان شديدها
وهم ملكوا العلياء سلسا قيادها * إذا امتنعت يوما على من يقودها
بجدهم سادوا الورى وجدودهم * إذا ما رجال سودتها جدودها
يضيئون أقمارا صوادع للدجى * بهم تشرق الدنيا ويزدان جيدها
شموس معال من سناك ضياؤها * وأقمار مجد في علاك سعودها
وأنجم فضل ليس للنجم نورها * وأبحر جود ليس للبحر جودها
لتفخر بك العليا فأنت عمادها * وتهنأ بك الدنيا فإنك عيدها
وقال يرثي السيد حسن ابن السيد محمد ابن السيد جواد صاحب
مفتاح الكرامة وقد توفي في النجف ويعزي عنه اخاه السيد حسين وولديه
السيد علي والسيد جواد وابني عمنا السيد علي والسيد محمد:
من لعينيك بعدها أن تكفأ * وهي تستجلب المدامع وكفا
نكبة قطعت فؤاد المعالي * وأتاحت لمهجة المجد حتفا
وقفت دون خلة الصبر حتى * صيرت ناظري على الدمع وقفا
أطفأت جمرة الهدى ثم أذكت * في الحشى نار حسرة ليس تطفى
أي دهياء جللت بهجة الشمس * ظلاما وغالت البدر خسفا
وترقت سهامها للمعالي * تختلي غاربا وتجدع انفا
جبل شامخ الذرى من نزار * نسفته يد المنية نسفا
خف للموت إذا هاب وما كان * بذي خفة إذا الطود خفا
مشرق للوجه مغدق الجود فاق البدر * وجها وطاول السحب كفا
وكريم الجبين دوح معاليه * على أطيب المغارس لفا
فلل الدهر منه أمضى حسام * في يد الدهر مثله ليس يلفى
ورمى الهضبة التي يحسر الناظر * عن نيلها ويخسأ طرفا
حلفت يوم أثكلته المعالي * لا ترى بعده لها الدهر حلفا
اي عضب ماضي الشباة حسام * عطفت غربه الحوادث عطفا
وسنان لدن الكعوب طرير * أعجلته يد المنية قصفا
ناظر تبصر الهداية عنه * مسه عائر المنون فكفا
صوح الروض إذ تقشع عنه * ذلك العارض المطير وجفا
فجعتنا الأيام بالنائل الغمر * يعب البلاد فيضا ووكفا
بالجواد الأغر من آل فهر * خير من أنجز الوعود ووفى
أغزر العالمين فضلا وعلما * وابر الأنام قولا وحلفا
لا رأى النوم بعد يومك طرف * لذة مطعم الهجود فأغفى
لا مرى الوفد بعد كفيك الا * رسل مشدودة الصرارين عجفا
وسع اللحد من نداك خضما * وسع الخافقين بذلا وعرفا
وطوت بردة الثرى منك كنزا * لليتامى وللأرامل كهفا
لك عندي مدامع ليس ترقى * وجوى من لواعج ليس تطفى
وفؤاد ما يستفيق لسلوى * وزفير لف الأضالع لفا
كلما هزني الزفير للهف * عاودت زفرة فعاودت لهفا
وحلا لي تعداد آه فاما * قلت آها يسومني الوجد ألفا
لا أرى المجد بعد يومك الا * طللا دارسا ورسما معفى
لا يغب الحيا ثراك ولا تعدوه * خفاقة الجوانب وطفا
وحدت مزنة الجفون اليه * عبرة تنزف المدامع نزفا
هون الفادح الممض وأن جل * ومن غرب ذي الرزية كفا
علمنا أن كل حي وأن طال * على الفرقدين عزا وأوفى
سوف يلقى الردى إذا صرف الدهر * له عن يد الحوادث صرفا
حسبنا بالحسين سلوى إذا ما * طاش حزنا لب الحليم وخفا
وكفانا بالأمجدين علي * وأخيه عمن فقدناه خلفا
العليين في المكارم قدرا * والسبوقين للمحامد طرفا
كل رحب الاخلاق يصيبك منه * خلف كالزلال بل هو أصفى
لو تنشقت طيب نشر علاه * لم تكد تستجيد للمسك عرفا
فهم سلوة المصاب إذا برح * بالخلق داء حزن وشفا
جلدا يا بني الأمين فما للخطب * أدوى من التأسي وأشفى
والبسوا الصبر فهو امنع ما يوقى * به نازل الخطوب وأضفى
كيف تتشعرون للرزء وقعا * أو تخافون للحوادث صرفا
ولكم من محمد وعلي * شيدت كف ذي الجلالة كهفا
أكرم الخلق أنفسا وخصالا * وابر الورى مقالا وحلفا
ركبا غارب العلى واستقلا * بالذرى ثم كانت الناس ردفا
ذهبا بالسنام منها وبالغا * رب واستبقيا تليلا وخفا
أنتم العصبة الالي ألفوا * العليا وما حالفوا سوى المجد حلفا
أشرقت فيهم الليالي وأضحى * ذكرهم في مسامع الدهر شنفا
وقال:
لعل سليمى آذنت بوصال * فقد جاءني منها رسول خيال
فأهلا به من واصل جاء زائرا * بلا موعد من قاطع لحبالي
دنونا فعانقت الغزالة في الدجى * بزعمي وقد عانقت جيد غزال
واسفر حتى لاح موقع قرطه * فعاينت شمسا قرطفت بهلال
وقال يرثي خليل بك الأسعد من قصيدة فقد باقيها:
أودى فأية عبرة لم تسجم * أم اي قلب من حشى لم يكلم
ومضى فما أبقت نواه سوى قذى * أو غصة طعما لعين أو فم
مسترعف البيض القواضب في الوغى * علقا ومقتنص الكمي المعلم
ومضعضع الجيش اللهام مهابة * ومريع قلب الفارس المستلئم
وقال راثيا إبراهيم أفندي الحاج يحيى ومعزيا عائلته:
لمثل يومك كان الدمع يدخر * هيهات بعدك لا صبر فيصطبر
يا مذهل الدهر عزما عن غوائله * كيف استطاعتك من احداثه الغير
وسابق القدر الجاري ببغيته * اني لأعجب كيف اغتالك القدر
وموسع الأرض نيلا فيض راحته * ما بالها وسعت لجيها الحفر
ومانع الجار أن تخطو الخطوب له * مضيت عنه فلا ملجا ولا وزر
ومبقيا مجده فوق السهى اثرا * المجد بعدك لا عين ولا اثر
لله يومك كم من عبرة نزفت * فيه وقلب بحر الوجد يستعر
وراحة للندى قد جذ ساعدها * وناظر للمعالي عزه البصر
وأي أفق فخار شمسه كسفت * وثاقب من نجوم العز ينكدر
يا كبوة ما أقيل المجد عثرتها * وفاقرا قصمت من وقعه الفقر
وما امض على الأيام حادثة * قد طبق الأفق من نيرانها شرر
(٣٥٩)

أن يمس قد علقت ظفر الخطوب به * فطالما نشبت فيها له ظفر
موقر الجاش لا تهفو حشاشته * إذا استطار حشى الهيابة الذعر
وأبلج الوجه ما استجليت طلعته * الا حسبت سناها أنه القمر
وقصرت حادثات الدهر من يده * كفا عن الجود ما في باعها قصر
مضى فمن لعوادي الخطب أن طرقت * دهياء للدهر لا تبقي ولا تذر
ومن يرجى لدفع النائبات ومن * يخشى ويؤمل منه النفع والضرر
لولا البقية من قوم بهم نعشت * روح الزمان وفيهم طابت العصر
لما وجدنا إلى السلوان عنه يدا * ولا رقا ناظر بالدمع ينهمر
فان تفت شمس إبراهيم أخلفها * من كل مطلع مجد منهم قمر
لآل يحيى وأبناء الخليل علا * ما نالها في الورى من قبلهم بشر
قوم لهم في ثنايا المجد مزدحم * فمصعد منهم فيها ومنحدر
بيض الوجوه إذا ليل الخطوب دجا * تبلجت كالدراري منهم الغرر
من كل ذي فطنة أن يمض فكرته * في الرأي لم يحكها الصمصامة الذكر
ماض على الامر لا يثني عزيمته * عن العظائم لا خوف ولا حذر
لنا بهم سلوة عن كل مفتقد * أن عز عند عظيم الرزء مصطبر
وهم غياث الورى أن أزمة طرقت * وغيث ايسارها أن نالها العسر
فلا برحتم نجوما في سماء علا * من نورها تستمد الأنجم الزهر
وروضت رمس إبراهيم واكفة * من الرضا دون هامي نوئها المطر
وقال يرثي الحاج حسن فرحات ويعزي أنجاله وأبناء أخيه:
لمن تذخر الأجفان حمر دموعها * وهذي العلى أودى الردى بقريعها
مضى الحسن الزاكي الفعال وانما * مضى بالندى والمكرمات جميعها
هو الشمس واراها حجاب أفولها * وحال صفيح الرمس دون طلوعها
ذوت بهجة الدنيا لمصرع بدرها * وما من سبيل بعده لرجوعها
فتى كله سمع لداعية الندى * إذا ملئت بالوقر أذن سميعها
إذا ما جرى في حلبة الجود حلقت * به راحة فعل الندى من صنيعها
وللسبق مضمار الجياد ولم يكن * لظالعها ادراك شاو ضليعها
فيا دوحة في الأرض قرت أصولها * وطالت على الجوزا عوالي فروعها
لقد دق منك الخطب اية صعدة * طويل على الأعداء حبل شروعها
إذا أشرعت في الروع لم تمنع العدى * مغافرها أو سابغات دروعها
وقد كنت يا عين العلى قرة لها * فغادرتها شرقي بماء دموعها
بني حسن لا يعزب الصبر عنكم * إذا ما هفا حزنا فؤاد جزوعها
أحاشيكم أن يعظم الحزن فيكم * وأنتم سرور للأنام جميعها
سيخلف نور البدر منكم أهلة * يجلي دجى الظلما شعاع طلوعها
وأن اثرت في عزكم ثلمة ففي * بني عمكم كفو لرتق صدوعها
حلبتم أفاويق الندى وغذيتم * بدر المعالي من شطور ضروعها
الا فليحي المزن قبر أبيكم * بغادية تسقيه صوب دموعها
وقال:
سلا دار ليلى أين عنها المعرج * عشية سار الحي عنها وأدلجوا
سروا بين بدر أشرقت منه كلة * وبين غزال ضمه اليوم هودج
وظبية انس عز في الظبي شكلها * وأن كان منه أحور الطرف أدعج
ومجدولة المتنين مخطفة الحشى * لها منكب عبل وساق خدلج
إذا أسارت في الكاس ظل نديمها * يعاقر صرف الراح بالراح تمزج
ويخفي بياض العاج إشراق زندها * إذا حسرت عن ساعد فيه دملج
ومبتسمات عن أقاح منظم * أعير سناه الأقحوان المفلج
يرين الهوى لهوا إذا لم يمت به * غراما بهن الناسك المتحرج
إذا ما العيون النجل راشت سهامها * فأهون قتلاها الكمي المدجج
وللوجنات العندميات نسبة * إلى غير ما أمست به تتضرج
بعينيك ملقانا على بانة اللوى * وموقفنا نبكي الطلول وننشج
وقال مؤرخا وفاة عقيل بن خليل بك الأسعد سنة ١٣٠٧:
آليت يا غالب القدر * ما لامرئ عنك من مفر
ذهبت من آل أسعد * بالليث والصارم الذكر
طويت في بردة الثرى * عقيلها الكوكب الأغر
فعج على قبره وأرخ * واريت يا قبره القمر
وقال مؤرخا وفاته أيضا:
رمس عقيل فلك * قد ضم منه كوكبا
فقلت لما أن غدا * في تربه مغيبا
هذا الهلال في الثرى * أرخته قد غربا
وقال في المواعظ:
لا الخوف يغني امرأ منا ولا الحذر * من المنون إذا ما أبرم القدر
ولا يرد جماح المقت عن أحد * سمر العوالي ولا الهندية البتر
العيش غمرة كرب لو أفقت لها * لا ينجلي كربها أو يذهب العمر
وأن أطول أيام الفتى امد * كالظل مستغرق أوقاته القصر
إقامة مثل ابهام القطاة مدى * أو لبث مستوفز قد حثه سفر
وانما نحن في الأيام عارية * تزجى لمالكها إذ ينقضي الوطر
في كل يوم لقناص الردى شرك * يكاد يعثر فيه الشمس والقمر
أحبولة نصبت لو كنت مبصرها * بدا لعينيك من أحوالها العبر
طير النفوس وقوع في مصائدها * ما فاتها ابدا أنثى ولا ذكر
لا بد للمرء من ورد إذا نقعت * له به غلة يعتاقه الصدر
من سره ذات حين صفو مشربه * فالصفو يأتي على آثاره الكدر
وقال أيضا:
سقاها الحيا من أربع وطلول * بمنغدق قد سال كل مسيل
وقايضن من جر الغواني ذيولها * بما للغوادي من مجر ذيول
مرابع كانت للظباء مراتعا * فعوضن من أشباهها ببديل
وكانت جلاء العين حسنا وبهجة * ونزهة الباب وعقل عقول
وقفت بها حيران تروي مدامعي * حديث الأسى عن عروة وجميل
وما برحت ترفض حتى تضاءلت * حرارة أنفاسي وحر غليلي
أ منعمة بالعود نعمى ولم يمل * إلى العود شخص مولع برحيل
لقد حملت يوم الزماع على الجوى * فتى لعوادي البين غير حمول
وعرفني اطلال مية عرفها * فنكبت عن عرفانها بدليل
كان فتيت المسك تحمله الصبا * شذا تربها طيبا لكل نزيل
وهيج من شوقي تداعى حمامها * وقد جنحت شمس الضحى لأفول
تجاوب حتى خلتها تشتكي الهوى * نظيري في شجو لها وهديل
على أنها ما خالط العشق قلبها * ولا روعت من صاحب برحيل
كان متون الماء في فلواتها * أسارير في وجه أغر جميل
(٣٦٠)

يجعده مر الصبا فتخاله * سلاسل ادراع ذوات فضول
تمثل في حلق المضيق اندفاعه * رعيلا جرى عنفا امام رعيل
تظن شعاع الشمس فوق تلاعه * توهج أسياف وبرق نصول
وقال أيضا من أبيات:
عشية بتنا والندامى جميعنا * نشاوى ولا راح تدار ولا خمر
ولكنها راح السرور أدارها * علينا بأكواب الهنا فتية غر
وخود إذا ما حجبوها أبى لها * جمال المحيا أن يحجبها خدر
إذا برزت تغنيك طلعة وجهها * عن البدر إشراقا إذا أفل البدر
تريك التفات الظبي مهما تلفتت * ولين القنا أن هز أعطافها الخطر
فيا ليلة ما كان اقصر عمرها * وددت لا يناسي بها أنها الدهر
وقال من قصيدة:
أ تجزع أن بان الخليط فودعا * وأصبح اطلال الأحبة بلقعا
وعاذلة تغدو علي تلومنني * وما كنت بالمصغي إلى العذل مسمعا
رأت كبدا مقروحة ومآقيا * مسهدة تجري وقلبا مفجعا
وقال أيضا:
أن كنت بلغت من أيامك الإربا * فما يضرك من شان إذا غضبا
وأدأب فيوشك أن يسمو بهمته * يوما على ذروة الأفلاك من دأبا
ولا يثبطك عن امر تحاوله * دفاع أيدي الليالي تحمل النوبا
فان للمرء أياما يبلغها * حتى إذا ذهبت أيامه ذهبا
وليس يعدو امرؤ يوما منيته * ولا يفوت المنايا اية هربا
وراءنا حاطم لم نشأه أبدا * وطالب مدرك لا يسام الطلبا
لا يطمعنك في محو القضا امل * فليس يمحو سوى الرحمن ما كتبا
اني وأن لم أكن ذا ثروة وغنى * فإنني قد منحت الفضل والأدبا
رمى بي الدهر في عين العدو قذى * وفي فم الصاحب الأدنى له ضربا
وكتب إلى صديق كان عاتبا عليه:
لست أشري ود الصديق بشئ * ولو اني أعطيت سلطان كسرى
وإذا ما الصديق عاتب * قدمت له من ملام نفسي عذرا
أن أكن قد أسأت فالحلم أولى * بسجاياك والتحمل أسرى
والكريم الصفوح يوسع ذا الذنب * على الجهل والإساءة غفرا
وأخو الحلم يسترد جماع النفس * عن حملها الضغائن قسرا
أنت أعلى من أن تقابل بالجهل * جهولا وأنت ارفع قدرا
وأحاشيك أن تضم على الحقد * حشى أو تحله منك صدرا
اتمنى بعاد غيرك أحوالا * ولا أرتضي بعادك شهرا
وبودي بقاء غيرك أميالا * إذا ما أدنيتني منك شبرا
فاقبل العذر وامنح الصفح فالاحسان * أولى عند الكرام وأحرى
وقال مخاطبا كامل بك الأسعد:
لعمر أبي ما استاف أنفي لطيمة * من المسك الا ريح كفك أطيب
ولا استعذبت نفسي زلالا شربته * على ظما الا وخلقك أعذب
لانت على بعد المنال وعزه * إلى كل قلب من سويداه أقرب
وقال متغزلا:
محضتك آلام الصبابة كلها * وسقتك وابلها الغديق وطلها
ليت النوى رميت بمعصم حادث * ألوى على كف النوى فأشلها
كم تكرم الواشي يريد ضلالها * وتهين مولى قد تفيأ ظلها
كانت جهامة عاطش يرجو بان * تسخو بوابلها فتمنع طلها
أ زعمت أن صبابتي قد اقلعت * عني وأخلقت المودة حبلهما
أو خامر السلوان عنك ضمائري * أو أن شخصا غير شخصك حلها
أن كان ذاك فليت عينا متعت * بسواك عاث بها القذى فاعلها
لما أصبت من الفؤاد صميمه * ونزعت حبته حللت محلها
وقال أيضا:
هل أنت ناقع غلة القلب الصدي * أو مسعفي في حاجتي أو مسعدي
من لي بان تقضى لديك مأربي * فكيف عذالي ويكمد حسدي
ويخف عني بعض ما انا حامل * وتجف عبرة مقلة لم ترقد
سقم ألح علي حتى لم يدع * مني سوى نفس يروح ويغتدي
هديت إلى السلوى ولست بمهتدي * وقلتك بعد تواصل وتودد
علمت ضلالك في الغرام فأرشدت * وبقيت في غي الهوى لم ترشد
كم نظرة لك أعقبتها حسرة * ولربما أردت فكنت بها الردي
وقال مهنئا إبراهيم أفندي الزين بمولوده كامل سنة ١٣١١:
أ عذولا على الهوى أم رقيبا * منطقا ولحظا مريبا
لم يضرني احتمال منظرك المكروه * حينا إذا ذكرت الحبيبا
يا غزالا بين النقي فالمصلى * مسني السقم فالتمس لي طبيبا
أ تراني ألقاك في اي شعب * فلقد كدت فيك القى شعوبا
بز مني الهوى بقية ما أبقيت * فارفق بمهجتي أن تذوبا
فمتى يا ظلوم ترحم أجسادا * براها سقامها وقلوبا
أودع الله فيك من بارع الصنع * وحسن التكوين سرا عجيبا
وضروب الجمال أوتيت حتى * ذهب العاشقون فيك ضروبا
لست أدري أ غيرتك الليالي * عن ودادي أم لا تزال حبيبا
حلت بيني وبين وصلك حتى * قد أقمت النوى عليك رقيبا
أن تكن تبتغي تلاف محب * مدنف في هواك قاسى الكروبا
فلعمري لتأسفن على صدق * وفائي إذا سبرت القلوبا
وتغولن صاحبا وحميما * وتسيغ الوداد رنقا مشوبا
يا نزول الأراك هل أمرع الغيث * حماكم أم لا يزال جدبيا
لو نزلتم بالمنحنى من ضلوعي * لوجدتم مرعى هناك خصيبا
وامتريتم شؤبوب دمعي لأغناكم * عن المزن وكفه ان يصوبا
ولئن أخلف السحاب مغانيكم * فلن تعدموا سحابا سكوبا
ان كف الهمام ذي المجد إبراهيم * كم أمطرت لنا شؤبوبا
ماجد لا ترى إذا أنت فتشت * لعلياه في الأنام ضريبا
حسبه ان يرى إلى أشرف الآباء * في كل مدحة منسوبا
نسب فوق ذروة الشرف الباذخ * أمسى رواقه مضروبا
يا سيمي الخيل ألبسك الرحمن * بردا من السرور قشيبا
بغلام زهت بنور سناه * وجنات الأيام حسنا وطيبا
بزغت من جبينه أنجم السعد * ويأبى لها الاله غروبا
ان تلقبه كاملا فلقد * اضحى لجرثومة الكمال ربيبا
أطلعته لك الليالي * هلالا وستلقاه بدرهن قريبا
(٣٦١)

فارتقب منه اي سيد قوم * يمنع النائبات من أن تنوبا
وتوسم فيه الفلاح فلا غرو * إذا ابن النجيب كان نجيبا
من يكن زاكي الخؤولة والأعمام * طيبا أحر به ان يطيبا
أصبح الدهر باسم الثغر جذلان * سرورا وكان جهما قطوبا
هكذا فلتدم لياليك بالأفراح * ما رنح النسيم قضيبا
وصباح الأيام فيك منيرا * وشباب الزمان غصنا رطيبا
رق فيك القريض حتى لقد كاد * يكون المديح فيك نسيبا
وذكا في الأنوف طيب شذاه * حين ضمخته بذكرك طيبا ٧٥١:
الشيخ محمد بن سليمان بن زوير السليماني من اهل القرن الثاني عشر وما
بعده.
له جامع الاحكام والسنن قال في اوله: اني ذاكر في هذا الكتاب
جملة من الاخبار المتعلقة بالأحكام الشرعية والسنن النبوية واستخرجتها من
غير الكتب الأربعة ورتبته على فصول أولها فيما استخرجته من تفسير
العياشي. وله كتاب سرور الموالي يظهر منه انه من تلاميذ المولى أبي الحسن
الشريف العاملي. ٧٥٢:
محمد بن السمين الحلي.
له قصيدة في رثاء الحسين ع أولها:
لقديم فضلكم العميم فواضل * لعميم فضلكم القديم طوائل
وله أيضا قصيدة أولها:
طوبى لطيب شذا بتربة كربلا * فاق العبير شذا وفاق المندلا
وله:
بان صبري وبان خافي شجوني * واستهلت بالدمع مني جفوني
فاندبي السبط في الطفوف فريدا * قد تخلى من مسعف ومعين
يتمنى لكي يبل غليلا * شربة من مباح ماء معين
فسقاه العدو كأسا دهاقا * من كؤوس الردى وماء المنون
ان جدي النبي أشرف خلق الله * ذو الفضل والفخار المبين
وأبي المرتضى الوصي علي * وهو رب الإمكان والتمكين
والبتول الزهراء بنت رسول الله * أمي لاجلها راقبوني
يا ذوي البيت والمشاعر والأركان * والحجر والصفا والحجون
يا ذوي الذاريات والطور والأعراف * والنحل والنساء ونون
فاز من مكن اليدين من الود * وفازت يداه بالتمكين
فاز بالصدق في الولاء كما فاز * بصدق الولاء نجل السمين
وعليكم من ربكم صلوات * وسلام في كل وقت وحين
دمع عين يجود غير بخيل * وغرام يقوي بجسم نحيل
ماء عين لم يطف حر غرام * وغليل فيه شفاء عليل
كيف يشفى الفؤاد من الم الحزن * وداء بين الضلوع دخيل
وجوى الحزن لا يزال مقيما * فيه والصبر مؤذنا بالرحيل
أين صبري إذا ذكرت قتيل * الطف ملقى أكرم به من قتيل
ما ذكرت القتيل الا وسالت * عبرتي في الخدود كل مسيل
ورأى النسوة الكرائم بدر التم * قد غيبته حجب الأفول
وينادين جدهن رسول الله * يا خير مرسل و رسول
لو ترانا ونحن بين أسير * وجريح دام وبين قتيل
آل ياسين سدتم الخلق طرا * وزكا فرعكم لطيب الأصول
جدكم للهدى مدينة علم * وأبوكم للعلم باب الدخول
قد هدينا بكم ولولا هداكم * ما اهتدينا إلى سواء السبيل
وهداكم هو الدليل وقد قام * بهذا الدليل صدق الدليل
من تلقي الولا بحسن قبول * تتلقونه بحسن القبول
تسكنوه وقد نجا من حميم * تحت ظل من الحنان ظليل
حبكم جنة له وولاكم * جنة من عذاب يوم مهول
فاز نجل السمين من بعد هذا * مذ توالاكم بخير جزيل
أنتم سؤله وأقصى مناه * ورجاه وغاية المأمول
فعليكم آل النبي صلاة * كل يوم في بكرة وأصيل
وله من قصيدة:
من لقلب عن الهوى في اشتغال * وللب من لجوى في اشتعال
ما شجاه هجر الحبيب ولا فقد * قرين ولا تغير حال
بل شجاه مصاب آل رسول الله * خير الورى وأشرف آل
ما اهل الشهر المحرم الا * انهل طرفي بمدمع هطال
لكم يا بني علي علاء * في وداد وسؤدد في كمال
ومحل في رفعة ومعال * في تعال وعزة في جلال
وبهاء في بهجة وضياء في تلال * ورونق في جمال
وعليكم من الاله صلاة * جمة بالغدو والآصال
وله من قصيدة:
فان يبخلوا بالوصل اني مواصل * وبالنفس ان ضن الجواد أجود
وان عدتم يوما بما قد بدأتم * من الغدر اني بالوفاء أعود
وان تنقضوا عهد الوداد فإنني * مراع لأسباب الوداد ودود
ولا بدع ان أبديتم نقض عهدكم * فقد نقضت لابن النبي عهود
يذاد عن الماء المباح وقد غدا * لكل سباع البر منه ورود
ولست بناس قوله خاطبا بهم * ويعلم ان القول ليس يفيد
أ لم تعلموا اني امام عليكم * واني لله الشهيد شهيد
وان أبي يسقي على الحوض معشرا * ويطرد عنه معشرا ويذود
ولولاه لم يحضر للدين عوده * ولا قام للاسلام قط عمود
سلام على الاسلام بعد رعاته * إذا كان راعي المسلمين يزيد
وباتوا ومنهم ذاكر ومسبح * وداع ومنهم ركع وسجود
إلى أن تفانوا واحدا بعد واحد * لديه فمنهم قائم وحصيد
وظل بأرض الطف فردا وحوله * لآل زياد عدة وعديد
وتنظره شزرا من السمر والقنا * نواظر الا انهن حديد
وألوى على جيش العداة بعزمة * تكاد لها شم الجبال تميد
ففر العدا من بأسه خيفة الردى * كما فر من بأس الأسود صيود
هوى ثاويا فوق الثرى ومحله * له فوق آفاق السماء صعود
إليكم بني الزهراء يا من سمت بهم * إلى المجد آباء لهم وجدود
أوجه وجه المدح مني وكله * قلائد في جيد العلا وعقود
وما قدر مدح قلته في علاكم * ومدحكم في المحكمات عتيد
فيا من هم فلك النجاة ومن هم * هداة وغوث للأنام وجود
فإذ كان بدء الفضل منكم تفضلوا * وجودوا على نسل السمين وعودوا
فأنتم له ذخرا إذا جاء في غد * ومع كل نفس سائق وشهيد
عليكم سلام الله حيث ثناؤكم * حكى نشره ند يضوع وعود
(٣٦٢)

وحيث بكم هبت نسيم ونسمت * هبوب وللعيدان رنح عود
وأزهر من زهر البروج جواهر * وورد من زهر المروج ورود
وله من قصيدة:
كيف أخفي وجدي واكتم شاني * ودموعي تسح من سحب شاني
وفؤادي لا يستفيق غراما * وهياما لشدة الخفقان
وجفوني جفون طيب رقادي * واصطباري نأى ووجدي داني
كيف صبري عن الحسين وقد أودى * قتيلا بأسهم العدوان
كيف أنساه بالطفوف فريدا * بعد فقد الأنصار والأعوان
أين من يندب الشجاع المحامي عن * حمى الدين فارس الفرسان
ومفيد العفاة يوم طعام * ومبيد العداة يوم طعان ٧٥٣:
محمد بن سهل البحراني.
يروي عن الصادق ع بواسطة واحدة. ٧٥٤:
محمد بك بن سهيل بن عباس صاحب صور بن محمد بن أحمد بن نصار.
كان في عصر حمد البك وعلي بك.
قال:
قد أودعت في القلب من فرط الجوى * نارا تشب به وأخرى كامنه
أ يحل في شرع المحبة انني * أمسي بخوف وهي تمسي آمنة ٧٥٥:
محمد بن شجاع الأنصاري الشهير بالقطان.
له كتاب نهج العرفان في احكام الايمان في الاخلاق منه نسخة في
الخزانة الغروية بخط المؤلف فرع منها ١٩ شعبان سنة ٨١٩ وفرع من
تبييضها ١٨ رجب سنة ٨٣١ وذكر في أولها طريقه في الحديث هكذا: أبو
عبد الله المقداد ابن السيوري الأسدي متعنا الله بطول حياته ولا أعدمنا
شمول بركاته عن جماعة أكملهم الشيخ الشهيد محمد بن مكي عن الشيخ
العلامة فخر الدين محمد بن المطهر الخ وعن أبي الحسن علي بن الحسن
الاسترآبادي عن الشيخ عز الدين الحسن بن سليمان عن الشيخ محمد بن
مكي عن السيد عميد الدين عبد المطلب ابن الأعرج الحسيني عن شيخه
جمال الدين الحسن بن المطهر الخ. والمترجم هو صاحب معالم الدين في
فقه آل ياسين. ٧٥٦:
ملا محمد الشرابياني المعروف بالفاضل الشرابياني.
يأتي بعنوان محمد بن فضل علي بن عبد الرحمن بن فضل علي. ٧٥٧:
الشيخ محمد الملقب بشرع الاسلام النجفي المعاصر.
كان عالما فاضلا لطيفا ظريفا أديبا أريبا وكان ضعيف الحال سافر من
النجف إلى بلاد إيران وعمل في ذلك رحلة جاء فيها انه لما وصل إلى بروجرد
قصد إلى دار السيد محمود الطباطبائي فلم يجد فيها أحدا، قال: فبقيت
جالسا فيها وحدي وانا في حالة عطش وسغب فلما قاربت الشمس الغروب
فاجأني شخص من الباب قائلا ما جلوسك ههنا فقلت له يا خادم انما أنت
نادم أظن انك لما رأيتني بلا اتباع حسبتني فقعا بقاع وما دريت اني البهائي
في سياحته وسحبان في فصاحته والفارابي في طريقته وابن سينا في تعليمه
والأحنف في حلمه وابن عباس في علمه وأياس في ذكاه وقصير في دهاه
وليس كل عمامة عمامة ولا كل سارية غمامة ثم سألته عن اسمه فقال
كربلائي مراد فقلت له أنت مخير بين ان تذهب عني أو تأخذ مني رقعة
لصاحب الدار فان سر بقدومي وانسي فافتح لنا الأرسي وإن لم تر لا هذا
ولا ذاك صفعناك وضربناك فاختار الامر الثاني فكتبت له رقعة جاء فيها بعد
البسملة: سيدي اني دخلت داركم في الساعة الثامنة وحينما قاربت الشمس
الغروب جاءت الزبانية فخيرتني بين نزول المدرسة أو العروج إلى السماء
الثانية فإن كان هذا عن امرك فوا سوأتاه وإن لم يكن عن امرك فيا ويلتاه
عجل بالجواب فان محمدا شرع الاسلاح واقف في داركم والسلام فلما
وصلته الرقعة امر الخادم ان يفتح لي الأرسي وعرفه مكانتي فرجع الخادم
وهو على فعله نادم وقال هذا الأرسي قد فتح فتنحنحت وقمت فجلست
على الفراش وملأت الشطب ثم نزلت وتوضأت وبينما انا في الصلاة إذ اتي
بالعشاء فتعشيت وشربت القهوة انتهى ملخصا وكان ينحو في شعره نحو
شعر ابن الحجاج فأكثر نظمه في الهزل وكان له رسم على الشيخ علي ابن
الشيخ محمد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر الجناجي النجفي
فجاءه يوما إلى المشخاب فكتب له
حوالة برسمه إلى النجف وتشاغل عن ختمها فكتب اليه:
متى ختمت الورقة * صارت إذا محققة
أو لا فاني جالس * كالزوجة المعلقة
وكتب إلى الشيخ علي المذكور إلى المشخاب:
نادي العلي ومن سما * بصفاته فوق البرية
فبمجده وبعلمه * وبكفه تلك السخية
حاز العلوم من الرضا * عن ذي العلوم الجعفرية
ناديه تدري مذ نات * في رحلك الركب العشية
أمسى بليلة أرمد * قلقا وقد لسعته حية
ويقول بالمشخاب قد * سعدت طوالعك العلية
واليك أشعارا حكت * عقدا على جيد الفتية
وعليك تسليم تحمل * نشر ريح العنبرية
وعلى فتى والاكم * ألف وألف من تحية
ما غرد الحادي على * ظهر الجمال الشدقية
وجاءته صبية تسمى نجمة ويقال لها نجوم بسبيل غليون ملأته
تتنا وشربت منه ومسحته بخدها فقال:
ليتني كنت سبيلا * وبكف لزمتني
وبمسك ملأتني * ولفيها قربتني
وبخمر من لماها * حين شرب أسكرتني
حينما جاءت تهادى * بسبيل تيمتني
مثل غصن البان تهتز * ارتياحا مذ اتتني
عين نجوم كسيف * بشباه ذبحتني
ولنجوم عقاص * فيه نجوم سبتني
ولنجوم أساويد * طوال لدغتني
قاسم خذ لي بثاري * ان نجوم رمتني
بلحاظ فاترات * ساهيات أهلكتني
قد سقتني الحب لما * بسبيل قد سقتني
قلت بالله سبيلي * أين تتني أين تتني
فأجاب التتن اني * فيه لما ملأتني
غير اني صرت مسكا * حين لميا لمستني
كف نجوم وخمرا * من لماها صيرتني
فاشرب اليوم هنيئا * انها قد شرفتني
(٣٦٣)

٧٥٨: علم الدين أبو محمد محمد بن شرف الدين أبي القاسم بن الحسن بن
علي بن علي العلوي الأقساسي الأديب الفقيه.
قرأت بخطه في غلام اسمه بدر:
غريب الحسن من سماك بدرا * وبدر التم في خديك خال
كتمت هواك إذ قلبي سليم * فذاب القلب وانحل العقال ٧٥٩:
المولى محمد شريف بن محمد صادق الخاتون آبادي
من الأطباء ومن مؤلفاته ١ حافظ الأبدان فارسي ألفه سنة ١١٢١
٢ شرح طب الأئمة ع ذكره في حافظ الأبدان ٣ شرح
الرسالة الذهبية للرضا ع ٤ شرح طب النبي ص. ٧٦٠:
ميرزا محمد الشريف المشهدي.
من شعراء الفرس. ٧٦١:
المولى القاضي محمد شريف المتخلص بكاشف بن شمس الدين الشيرازي
الأصل الكربلائي المولد.
ولد في حدود سنة ١٠٠١ بكربلا ووالده من شيراز وهاجر والده من
كربلا إلى أصفهان سنة ١٠٠٦ وهو ابن خمس سنين وتشرف معه بمشهد
الرضا للزيارة سنة ١٠١٠ ورجع إلى أصفهان وفي سنة ١٠٢٩ ذهب والده
إلى الري وتوفي بها سنة ١٠٣٥ قرأ على والده الأدبيات والمنطق والكلام
وتولى القضاء من قبل السلطان بأصفهان وحدث عن نفسه ان له خمس
عشرة سنة منصوبا للقضاء له من المصنفات خزان وبهار في الاخلاق والفرج
بعد الشدة مرتب بعد المقدمة على أربعة عشر أساسا: الصبر، الرحم،
الأدب، الطهارة، العبادة، اللطف، اليقين، الحلم، النصرة،
المروءة، السخاء، الكرامة، الهدية. وفي طي كل منها يذكر حكايات
عجيبة وله السراج المنير والدرة المكنونة وحواس الباطن ومنشآت متفرقة.
ومن منظوماته ليلى والمجنون، هفت بيكر، عباس نامه، الغزليات،
القصائد، الرباعيات، القطعة، التركيب، الترجيع. ٧٦٢:
الحكيم محمد شريف خان.
له علاج الأمراض فارسي كتبه بامر الحكيم محمد أكمل خان حاذق
الملك ابن الحكيم واصل خان. ٧٦٣:
الشيخ محمد شريف ابن الملا محمد علي ابن الملا كاظم ابن لله آورد عطاء
الله الشاهرودي.
كان عالما فقيها متصلبا في ذات الله آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر
ببلدة شاهرود اخذ عن والده. خلف ولده العالم الصالح الشيخ بهاء
الدين. ٧٦٤:
الشيخ محمد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري المعروف بشريف
العلماء.
ولد في كربلا وتوفي فيها سنة ١٢٤٥ ودفن قرب باب القبلة. شيخ
العلماء ومربي الفقهاء مؤسس علم الأصول جامع المعقول والمنقول نادرة
الدهر وأعجوبة الزمان.
قرأ أولا على السيد محمد المجاهد ثم قرأ على والده صاحب الرياض
في الأصول والفقه حتى استغنى عن الأستاذ ولم يعد ينتفع بدرسه فسافر إلى
أبيه إلى إيران وساح فيها وبقي في كل بلد شهرا أو شهرين فزار الرضا
ع ورجع إلى كربلا وحضر درس صاحب الرياض فرأى أنه لا يستفيد
من درسه وصار السيد معمرا فاشتغل بالمباحثة والمطالعة واجتمع في درسه
الفضلاء حتى زادوا على الألف، منهم السيد إبراهيم صاحب الضوابط
وملا إسماعيل اليزدي الذي كان في اخر امره يرجح على شريف العلماء
وبعد موت شريف العلماء صار في مكانه في التدريس لكن لم تطل مدته
ومات بعده بسنة وملا آقا الدربندي وسعيد العلماء البارفروشي والشيخ
مرتضى الأنصاري والسيد محمد شفيع الجابلقي صاحب الروضة البهية
وغيرهم وكان يدرس درسين أحدهما للمبتدئين والاخر للمنتهين وقلما رئي
مثله في تأسيس قواعد الأصول وقد صرف عمره على تربية العلماء فلهذا
كان قليل التصنيف ومصنفاته على قلتها لم تخرج إلى البياض وكان أعجوبة
في الحفظ والضبط ودقة النظر وسرعة الانتقال في المناظرات وطلاقة اللسان،
له يد طولى في علم الجدل وكان له ولد توفي سنة وفاته وانقطع نسله. ٧٦٥:
المولى محمد شفيع بن محمد مقيم.
له كتاب أنيس الاسفار وجليس الأبرار في المختار من أبواب الكافي
بحذف الأسانيد. ٧٦٦:
الشيخ محمد شفيع بن بهاء الدين العاملي شيخ الاسلام بقزوين ابن أمير
محمد شفيع شيخ الاسلام ابن ميرزا بهاء الدين محمد شيخ الاسلام ابن ميرزا
كمال الدين حسين شيخ الاسلام بقزوين ابن عبد العالي ابن مير سيد
حسين الكركي العملي سبط المحقق الكركي.
عالم عارف فاضل له كتاب في شرح المثنوي يعني الاشعار التي قدحوا
بسببها في المثنوي، ذكرها وشرحها وذكر بعض اصطلاحات العرفاء
والصوفية وترجمة جملة من العلماء والعرفاء وأورد ترجمة جده مير محمد شفيع
وقال إنه توفي سنة ١١٢٥، وله محافل المؤمنين. ٧٦٧:
المولى محمد شفيع بن محمد حسين الكرخرودي العراقي.
له كتاب اسرار ابتلاء الأولياء كتبه باسم السلطان محمد شاه
القاجاري وله كتاب مجرى البكاء في المقتل. ٧٦٨:
السيد محمد شفيع بن طالب بن نور الدين ابن السيد نعمة الله الجزائري.
توفي سنة ١٢٠٤ بالأهواز وحمل نعشه إلى كربلا فدفن فيها.
ذكره أخوه السيد عبد اللطيف في كتابه الفارسي المسمى بتحفة العالم
وذكر أنه كان من تلاميذ الشيخ مهدي الفتوني العاملي والشيخ يوسف
البحراني والآقا البهبهاني والآقا محمد باقر الهزارجريبي وكان عالما فاضلا
طبيبا عالما بالنجوم توطن كربلا حتى إذا كانت سنة ١١٨٦ وهي سنة
الطاعون رحل إلى شوشتر فمرض بالأهواز بذات الجنب وتوفي. ٧٦٩:
محمد شفيع الاسترآبادي
يستفاد من إجازة الآقا البهبهاني لبحر العلوم جلالة قدره كما ذكر في
ترجمة والد البهبهاني محمد أكمل وهو من مشايخ محمد أكمل.

(١) معجم الآداب.
(٣٦٤)

٧٧٠: السيد محمد شفيع الجابلقي.
توفي سنة ١٢٨٠
عالم عامل جليل. له الروضة البهية في الطرق الشفيعية شبيه
باللؤلؤة. في إجازة ولده السيد علي أكبر الملقب بآقا كوجك يروي عنه
الشيخ عبد الحسين الطهراني الملقب بشيخ العراقين عن السيد محمد باقر
حجة الاسلام. له من المؤلفات: مناهج الاحكام في مسائل الحلال
والحرام ومرشد العوام في الصلاة والفوائد الشريفية في القواعد الأصولية
وشرح على كتاب التجارة من الروضة وغير ذلك. قرأ على شريف العلماء
والسيد محمد المجاهد والسيد محمد مهدي ولدي صاحب الرياض وعلى ملا
احمد النراقي والآقا محمد علي ابن الآقا محمد باقر المازندراني الغروي والملا
علي المازندراني وملا عباس الكزازي الأصل الكرمانشاهي المسكن وملا
محمد جعفر الامادئي الفارسي والسيد محمد باقر الرشتي الشفتي. ٧٧١:
السيد محمد الشهشهاني الحسيني
الشهشهاني نسبة إلى شهشهان قرية من قرى أصفهان. عالم
جليل فقيه نبيل انتهت إليه رياسة التدريس بأصفهان ولم يعهد مثله في
الانكباب على الاشتغال بالعلم. عمر طويلا لا يعرف غير التدريس
والتصنيف. من تلامذة صاحب الإشارات والمفاتيح. له الغاية القصوى في
الأصول ورضوان الآملين وأنوار الرياض والعروة الوثقى في شرح الدروس
وجنة المأوى في الفقه نظما في تمام الفقه بطريق الاستدلال مبلغ مائة ألف
بيت وكتاب في شرح الكبائر إلى غير ذلك. أوقف بعض أملاكه على نسخ
مصنفاته وإعطائها لأهل العلم. ٧٧٢:
السيد محمد الشيرازي الشاعر المتخلص بعرفي
توفي سنة ٩٩٩ في لاهور.
من شعره الأبيات المكتوبة في أيوان الذهب للحضرة الشريفة
العلوية. ٧٧٣:
شمس الدين محمد الملقب بحافظ الشيرازي الشاعر الفارسي
المشهور
توفي سنة ٧٩١ في شيراز وعليه قبة مزورة إلى اليوم. أصله من
توسركان بلد بين همدان ودولت آباد، له ديوان شعر مطبوع، وكانت له
دراسات وتأليفات كما يظهر من المقدمة التي كتبها على ديوانه معاصره محمد
كلندام. وقد افتخر بعض أشعاره بكونه جامعا بين تعاليم الفلسفة ومعاني
القرآن ولكنه انصرف لكليته إلى الشعر ومدح ملوك شيراز ونال الحظوة
والرعاية عندهم. ويقول الدكتور علي أكبر فياض عميد كلية الآداب في
مشهد خراسان: أنه كان ذا دعة وسكون لا يحب التنقل والسفر ولم يخرج
إلا لسفرتين قصيرتين فحسب.
وقد بلغ من شهرته في آفاق اللغة الفارسية إن كانت توجه إليه
الدعوات من ملوك الأطراف للوفود عليهم ولكنه كان يكتفي في الرد عليهم
بغزل من شعره فحسب.
وامتاز حافظ عن شعراء عصره لا بل عن جميع المتغزلين، بهذا
التفكير الفلسفي الذي مزجه بالغزل، فكأنه أوجد نوعا خاصا من الغزل
نسميه بالغزل الفلسفي.
وبراعته الفنية التي أبداها في تصوير مشاهد عصره، عصر القلاقل
والاضطرابات واصطدام المتغلبين في معارك دامية يقتل فيها ملك ويقوم فيها
آخر مقامه ليزول هو بدوره بعد أيام، وكم شهد الشاعر بعينه هذه
المآسي، وكان كذلك عصر المتكلمين في الطرق والمذاهب المدلين بأبحاثهم
اللفظية وآرائهم التافهة، كما كان عصرا تغلب فيه أهل الرياء على الخوانق
والسجادات الصوفية.
كانت براعته الفنية التي أبداها في تصوير هذه المناظر وبخاصة
أسلوبه التهكمي الذي استخدمه لبث أفكاره لا يوجد لها مثيل في الأدب
الفارسي ويقل وجود أمثالها في الآداب العالمية كلها.
قال فغي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع ما تعريبه:
المقدر الذي أظهر من آثار صنعه
السماء والشمس والقمر والسنة والشهر والليل والنهار
قرر كون سير الكواكب بامر كن فيكون
على هذه الدائرة لقبة الفلك الدوار
فجعل من الكواكب السبعة السيارة والبروج الاثني عشر
أن تسير الكواكب السيارة سيرا يخالف بعضه بعضا
وملائكة السماوات التسع بامر الحق مشغولون
بالسجود يسبحون ويذكرون ويستغفرون
والعناصر الأربعة ظهر لها مدار مختلف
وهي النار * والماء والهواء والتراب
فجعل النار فوق التراب والهواء * وجعل الأرض مستقرة في الماء
وضع الخالق الجبار أساس الدنيا وما فيها * بحب النبي والولي
لو لم يكن المقصود ذات النبي والولي * لرجعت الدنيا إلى كتم العدم كما كانت أولا
كتب كتاب القضاء على باب الفردوس * النبي الرسول وولي العهد حيدر الكرار
امام الإنس والجن هو علي الذي هو * أكثر فضلا من كل صغير وكبير
باسمه قامت السماء والكرسي والعرش * وبذاته رست الأرض على حالها التي هي عا
علي امام وعلي أيمن وعلي ايمان * علي امين وعلي سرور وعلي قائد
علي عليم وعلي اعلم وعلي عالم * علي حكيم وعلي حاكم وعلي بليغ
على نصير وعلي ناصر وعلي منصور * علي لطيف وعلي أنور وعلي أنوار
علي عزيز وعلي عزة وعلي أفضل * علي مظفر وغالب علي قائد
علي فتح الفتوح وعلي راحة الروح * وعلي بحر السماء وعلي جبل الوقار
علي صفي وعلي صافي وعلي صوفي * علي وفي وعلي وافي وعلي قائد
علي نعيم وعلي ناعم وعلي منعم * علي كان أسد الله قاتل الكفار
علي بعد محمد ص أفضل الخلق * فإذا كنت مؤمنا طاهرا فلا تغمض عينيك
قسما بنور محمد وآدم والخليل * قسما بشيث وشعيب وهو القليل الأذى
قسما بيوسف ويعقوب ويحيى ولقمان * قسما بنوح الناجي في وسط البحر
قسما بعزة التوراة وحرمة الإنجيل * قسما بالزبور ويوم القيامة
ثم ذكر عدة أقسام بالأنبياء * والمرسلين وغير ذلك إلى أن قال:
قسما بدين محمد بدم الحسين الطاهر * بحق أخيار المهاجرين والأنصار
أنه ليس لدين الهدى بقول النبي الطاهر * امام غير علي بعد احمد المختار

(١) محاضرات عن الشعر الفارسي والحضارة الاسلامية في إيران للدكتور فياض.
(٣٦٥)

أنت غافل عن جهلك ومستغرق في غفلتك
لا تعرف اللون الأبيض من الزنجاري
لا تجلس يا حافظ مع الأعداء كن مواليا وأطلب نجاة نفسك بحق ثمانية وأربعة
ابن الزنا صاحب الفعل القبيح والشؤم
والذي بدون أساس متى وأين يقر بمدح سلطان الدنيا
ما تصنع بمتابعة المنافق دعه
واستغفر الله ألف مرة من تذكر النطق باسمه
ومن شعره في الرضا ع منقول من ديوانه ما تعريبه:
يا قلب كن عبدا لملك الدنيا لتكون ملكا
ودائما تكون في حماية لطف الإله
الرجل الذي يعرف الله ويطلب التقوى
لا يتفاوت الحال بين كون لباسه أبيض أو سود
لا يشتري ألف من الخوارج بشعيرة واحدة
ولو كان من الجبل إلى الجبل عسكر من المنافقين
حيث أن حيدرا سيكون شفيعي يوم القيامة لا أبالي ولو كان جسمي الحامل
للبلاء مملوءا من الذنوب
الذي لا يحب عليا كافر
ولو كان زاهد زمانه أو من مشائخ الطرق
اليوم أنا حي بولايتك يا علي
واقسم عليك بأرواح الأئمة الطاهرة أن تشهد لي غدا
قبر الامام الثامن سلطان الدين الرضا
قبله من قلبك وكن عبدا لبابه العالي
يدك لا تصل إلى الزهر لتقطفه من الأغصان
فكن حشيشا في أسفل شجر حديقة الأزهار
يا حافظ كن متقدما في طريق عبودية الملك
وكن بعد ذلك في الطريق كرجال الطريق ٧٧٤:
الشاه تقي محمد الشيرازي النسابة
توفي سنة ١٠١٩.
ذكره صاحب السلافة والميرزا في الرجال الكبير.
وعن التكملة: كان عالما فاضلا من تلامذة العلامة فتح الله
الشيرازي له مناظرات مع ميرزا جان الشيرازي من علماء الجمهور في
المباحث الحكمية كان يدرس في شيراز في المعقول والمنقول وكان يحضر درسه
أكثر الفضلاء ويستفيدون من علمه وكان من علماء عصر الدولة الصفوية
هو وأخوه المير غياث الدين وهما من بيت علم وجلالة ورياسة كان لهما مقام
عظيم عند السلاطين الصفوية ذكرهما في عالم ارا. وللشاه تقي المذكور أخ
يسمى بالمير غياث الدين محمد المشتهر بميران الحسني وكان من أجلة العلماء
في عصر الشاه طهماسب وكان نقيب النقباء ثم نال الصدارة في آخر أيام
الشاه طهماسب وكان من المثرين وله ولدان جليلان الميرزا محمد مخدوم كان
من أفاضل عصره وعقلاء دهره والآخر الميرزا محمد أمين صالح تقي ورع. ٧٧٥:
محمد صاحب القلنسوة الناصر الصغير.
يأتي بعنوان محمد بن أحمد بن الحسن الناصر الكبير. ٧٧٦:
ميرزا محمد صادق المروزي المتخلص بهماي.
له تاريخ جهان آرا ألفه بامر فتح علي شاه القاجاري ذكره في مجمع
الفصحاء. ٧٧٧:
المولى محمد صادق ابن الآقا محمد البراوكاهي اللنكراني
له كتاب افتخار الشيعة في أحكام الشريعة بترتيب كتب الفقه وله
الغرر والدرر فرع منه سنة ١٢٧٨ والمراسم الشرعية ألفه سنة ١٢٨٢ وله
الحائريات. ٧٧٨:
السيد محمد صادق ابن السيد محمد ابن السيد دلدار علي ابن السيد
محمد معين الدين النصيرآبادي النقوي اللكهنوئي.
توفي في حياة والده ٤ رجب سنة ١٢٥٨.
له من المصنفات ١ تأييد المسلمين في إثبات نبوة خاتم النبيين
فارسي مطبوع وترجم بلغة أوردو ٢ رسالة أخرى في نفس الموضوع ٣
رسالة فارسي الرد على العامة ٤ قاطع الأذناب وقامع النصاب نقض
فصل الخطاب في توجيه الجواب في الكلام. ٧٧٩:
المولى محمد صادق بن محمد صالح الأصفهاني المهاجر إلى بلاد الهند
في عصر الصفوية.
له الصبح الصادق فارسي كبير في مجلدات في الرجال وله كتاب
فارسي موسوم بشاهد صدق. ٧٨٠:
المير محمد صادق الموسوي الخراساني
له ضياء التفاسير فارسي مطبوع. ٧٨١:
ميرزا محمد صادق الناظر ابن ميرزا محمد كاظم ابن الميرزا إبراهيم
ابن محمد رضا بن محمد الناظر بن محمد مهدي الشهيد بن محمد إبراهيم بن
ميرزا محمد بديع الرضوي المشهدي.
توفي ١٨ صفر سنة ١٣٠٠.
قال في الشجرة الطيبة: كان ذا صفات حميدة جامعا للكمالات وكان
من بداية عمره في تحصيل الكمال وتكميل الخصال قرأ على العالم التحرير
السيد محمد القصير في علمي الفقه والأصول وفي علم الرياضي خصوصا
الحساب. وكتب له صاحب الجواهر أذنا في النظارة حاصله أني أذنت لعالي
الجناب صاحب الفضائل والفواضل والعوارف والمعارف سلالة السادات
الأطياب وخلاصة السابقة الأقطاب العلامة الفهامة آقا ميرزا محمد صادق
ناظر مشهد الإمام علي بن موسى الرضا ع فأذنت له في جميع الأمور
الراجعة إلى موقوفات الحضرة الشريفة وسائر الموقوفات على حسب ما أوقفها
أهلها على حسب ما يراه صلاحا وكان ذلك في ربيع الأول سنة ١٢٦٣
وكتب عليها الشيخ عبد الحسين الطهراني المعروف بشيخ العراقين: قد
تشرفت بملاحظة هذه الورقة الشريفة التي عليها خط ملاذ الشيعة وقوام
(٣٦٦)

الشريعة شيخ الطائفة من انعقد عليه الاتفاق واشتهر اشتهار الشمس في
الآفاق الراقي أقصى مدارج العلم والتقى والفائز بالكرامة البالغة التي ليس
لها منتهى شيخنا وأستاذنا ووالدنا صاحب المفاخر والمآثر الشيخ محمد حسن
ابن الشيخ باقر قدس الله نفسه الزكية ولعمري أن الإمضاء الصادر منه وقع
في محل قابل لذلك ولقد تشرفت بصحبة جناب المكرم الماجد الحبيب اللبيب
الورع التقي العلم الزكي الأوحدي شريف القوم وسيد الأشراف العالم
الفاضل الكامل انسان العين وعين الانسان نادرة الزمان المتشرف بخدمة
العتبة العلوية الرضوية على مشرفها آلاف آلاف ثناء وتحية جناب الميرزا
محمد صادق أدام الله عزه وقد احتذيت حذو الشيخ الأستاذ واقتفيت أثره
وأذنت لجناب السيد المخدوم بل التمس منه أن ينوب حتى في ما يرجع إلى
مثلي وإن لم أكن لذلك أهلا وهو أهل لما هنالك حرره بيده الجاني عبد
الحسين الطهراني. وقام بمنصب النظارة بعده ولده الميرزا محمد كاظم. ٧٨٢:
الشيخ محمد صادق الملقب فخر الاسلام
له مؤلفات ١ أنيس الاعلام في نصرة الاسلام في مجلدين ٢
خلاصة الكلام في افتخار الاسلام سبع مجلدات ٣ بيان الحق ست
مجلدات ٤ برهان المسلمين ٥ رسالة فارقليطا في تحقيق معنى هذه
الكلمة ٦ كشف الأثر في اثبات شق القمر وهذه كلها مطبوعة ٧
السياسة الاسلامية يزيد عن ألف ورقة. ٧٨٣:
السيد محمد صادق بن محمد طاهر بن علي بن سلطان العلماء الحسيني
الحسني المرعشي نزيل الهند.
توفي سنة ١١٣٥.
كان من فضلاء عصره في الفقه وأصول الدين والحكمة الإلهية
وأدرك أواخر عصر ملا محمد باقر المجلسي وقرأ عليه بعض الكتب وأجازه
له حاشية على شرح الهداية للميبدي توجد نسختها عند آل الشهرستاني في
كربلاء وقد ذهب إلى الهند وسكن هناك وتلمذ عليه جماعة من النواب منهم
محمد علي ومحمد صاحب وغيرهما. خلف من الأولاد محمد سليم وضياء
الدين محمد وعلي أكبر. وأبوه محمد طاهر بن علي من جملة المتكلمين
الفضلاء. ٧٨٤:
الشيخ محمد صادق الاسترآبادي الحايري
توفي حدود سنة ١٣٣٥
كان عالما فاضلا له مجموعة بخطه في جملة من الأحاديث وشرحها
رأيناها في كرمانشاه. ٧٨٥:
السيد محمد بن صادق بن مهدي صاحب رسالة أبي بصير الموسوي
الخونساري.
توفي سنة ١٣٠٨.
كان تلميذ الشيخ مرتضى الأنصاري له كتاب الحج استدلالي كبير. ٧٨٦:
السيد محمد صادق ابن السيد محمد باقر ابن الميرزا أبي القاسم
المعروف بالحجة ابن السيد حسن ابن السيد محمد المجاهد ابن السيد علي
صاحب الرياض الطباطبائي الحسني الحائري.
توفي في ٢٣ ذي الحجة سنة ١٣٣٧ عن ٣٢ سنة.
قرأ على والده في كربلاء وقرأ في النجف على الشيخ ملا كاظم
الخراساني وغيره وقام مقام أبيه بعد وفاته له من المصنفات ١ كتاب
الطهارة ٢ كتاب الخمس ٣ كتاب الوقف ٤ معظم كتاب الطلاق ٥
تقريط الاسماع في نظم مسائل الرضاع مطبوع ٦ أحسن العدد في نظم
أحكام العدد مطبوع ٧ عقد الدر في قاعدة لا ضرر مطبوع ٨ رسالة في
التقية ٩ حاشية على التبصرة ١٠ الروض المطلول في نظم مسائل
الأصول جزءان الثاني منهما مطبوع. ٧٨٧:
المولي محمد صادق بن محمد حسن الطهراني
له منظومة الفنون تجمع عشرين فنا نظمها سنة ١٢٦٥. ٧٨٨:
الشيخ محمد صادق بن أبي الفتوح.
له ترجمة أبصار المستبصرين تأليف ملا عبد الوهاب الديرلي من
الفارسية إلى العربية قال في أولها: وبعد فيقول أحوج المخلوقين إلى رحمة
ربه الخالق ابن أبي الفتوح محمد صادق أن الرسالة الموسومة بأبصار
المستبصرين تأليف العالم العامل والفاضل الكامل الذي كان حنفيا فصار
إماميا يذكر فيها مناظراته مع بعض العلماء لما كانت مدونة بلغة الفرس
فأمرني بنقلها إلى العربية ليكون نفعها أعم وفائدتها أتم عاليجاه الرفعة
والدولة الذي لا تفي العبارات ببيان محاسن ذاته ومكارم صفاته كفى في علو
رتبته وسمو درجته أنه الفائز بتذهيب القبة البيضاء لسيد الأوصياء وصاحب
الحوض واللواء علي بن أبي طالب ع وبتعمير حرمه الشريف المنير فإذا
افتخر بهذه السعادة العظمى على آبائه العظام فهو بذلك حقيق نتيجة
الوزراء العظام والأمراء الفخام مقرب الخاقان مهدي قلى خان ابن محمد خان
ابن محمد مؤمن خان الوزير الأعظم لإيران أدام الله دولته وأبقاه ومن
طوارق الليل والنهار وقاه وكان ذلك من جنابه العالي بعد ابتغاء مرضاة الله
تعالى إجابة لاستدعاء الشيخ الكامل والعالم العامل الفاضل الأغر الأمجد
الأكرم الشيخ سعد الجزائري الساكن بأرض الغري فامتثلت امره العالي
أداء لبعض ما يجب علي من حقه المتعالي وبذلت الجهد في توضيح مقالته
لأنه من دون جرح وتعديل ونقل ألفاظه وعباراته من دون تغيير وتبديل إلا
ما لا يكون إليه سبيل وهو حسبي الله ونعم الوكيل ثم. شرع في ترجمة
الرسالة. ٧٨٩:
ميرزا محمد صادق المنشي الموسوي الأصفهاني كاتب الدولة
الزندية.
كان شاعرا يتخلص بنامي وله تاريخ الزندية ومثنوي خسر
ووشيرين ويوسف وزليخا وليلى ومجنون ووامق وعذرا وله أيضا رسائل في
الانشاء وغزليات ذكره عبد الرزاق الدنبلي في تجربة الأحرار. ٧٩٠:
السيد محمد صادق بن السيد مهدي ابن السيد مير علي الكبير ابن
السيد منصور ابن السيد محمد أبي المعالي ابن السيد احمد الهمداني الأصل
الحسيني الطباطبائي.
أمه بنت السيد محمد المجاهد صاحب المناهل وأمها بنت السيد مهدي
بحر العلوم الطباطبائي عالم فاضل محقق مدقق قرأ على جملة من علماء عصره
منهم صاحب الفصول وخلف السيد محمد المشهور أحد مؤسسي المشروطة
في إيران.
(٣٦٧)

٧٩١: الميرزا محمد صادق ابن الميرزا زين العابدين الموسوي الخونساري
الأصفهاني.
توفي بأصفهان سنة ١٢٨٩.
له شرح شرايع الاسلام مزجا تاما في أزيد من ثلاثين ألف بيت. ٧٩٢:
السيد محمد ابن السيد صادق الفحام النجفي
قال مخمسا أبيات الحيص بيص:
نعم جدنا المختار ليست أمية * وجدتنا الزهراء ليست سمية
ونحن ولاة الأمر لسنا رعية * ملكنا فكان العفو منا سجية
ولما ملكتم سال بالدم أبطح
أ ما نحن يا أهل الضلالة والعمى * عفونا بيوم الفتح عنكم تكرما
على م أبحتم بالطفوف لنا دما * وحللتم قتل الأسارى وطالما
غدونا عن الأسرى نمن ونصفح
ونحن أناس لم يك الغدر شاننا * ولا الأخذ يوما كان بالذنب دأبنا
ولكنما نعفو ونكتم غيظنا * فحسبكم هذا التفاوت بيننا
وكل إناء بالذي فيه ينضح ٧٩٣:
الحاج محمد صالح ابن الحاج مصطفى بن درويش علي آل كبة.
ولد سنة ١٢٠١ وتوفي سنة ١٢٨٧.
وصفه السيد داود الحلي في مصباح الأدب الزاهر: بالعالم العامل
والفاضل الكامل فخر الاقران وجوهرة الزمان ووصفه بنحو هذه الأوصاف
وزيادة الشيخ حسن صاحب الجواهر فيما كتبه وكذلك الشيخ مرتضى
الأنصاري.
كان من اهل العلم والفضل ومن أعاظم تجار بغداد وله من الخيرات
والصدقات الجارية شئ كثير مثل تعميره لخان الحماد بين كربلا والنجف
فقد كان هو البادي بتعميره من خاص ماله ثم زاد فيه الشيخ مرتضى
الأنصاري وعمر المترجم أيضا بعض الخانات بطريق سامراء وغيرها وعطاياه
وميزاته الكثيرة للعلماء وطلبة العلم والاشراف كثيرة شهيرة ورأيت كتابات
الشيخ مرتضى الأنصاري اليه يخاطبه فيها بالأخ الصالح وهو والد الحاج
مصطفى والحاج محمد حسن المشهورين ولأجله صنف السيد حيدر الحلي
كتابا في الشعر والأدب جمع فيه مدائحه ومدائح آبائه وأبنائه وأقربائه وما
يتعلق بذلك وأورد فيه قسما وافيا من شعر شعراء عصره وهو نظير العقد
المفضل الذي ألفه لولده الحاج محمد حسن وقد طبع في بغداد الا ان هذا
بقي مخطوطا لم يطبع وكانت داره مجمع العلماء والفضلاء وحضرته منتدى
الأدباء والشعراء وقد مدح من غرر الاشعار بما لا يقصر كثرة وحسنا عن
مدائح الملوك والأمراء. ٧٩٤:
محمد بن صالح بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن
علي بن أبي طالب يكنى أبا عبد الله.
حمله المتوكل من البادية بالحجاز في سنة أربعين ومائتين فيمن طلب
من آل أبي طالب فحبس ثلاث سنين ثم أطلق فأقام بسر من رأى ثم رجع
إلى الحجاز. وكان راوية أديبا شاعرا وهو القائل:
رموني وإياها بشنعاء هم بها * أحق أدال الله منهم فعجلا
بامر تركناه وحق محمد * عيانا فاما عفة أو تجملا
وله:
أ لم تر ما أم الحميد تنكرت * لنا فأطاعت كل باع وحاسد
وأبدت لنا بعد الصفاء عداوة * باهلي ونفسي من عدو محاسد
وتوعدني أم الحميد بهجرها * إلى الله أشكو خوف تلك المواعد
وله:
اما وأبي الدهر الذي جار انني * على ما بد من مثله لصليب
معي حسبي لم أرز منه رزية * ولم تبد لي يوم الحفاظ عيوب ٧٩٥:
السيد محمد ابن السيد صافي ابن السيد قاسم ابن السيد محمد ابن السيد
عبد العزيز ابن السيد احمد الموسوي النجفي.
قال جامع ترجمة السيد عبد العزيز وأحفاده: بلغ المترجم مبلغا من
العلم والفضل والأدب وكان ثقة ورعا ناسكا عابدا متهجدا شاعرا لم اكد
أعثر له علي غير تمجيد الله ومديح النبي وأهل بيته وله شعر في الحماسة
والفخر وله رسالة طرائف الأهواز ورسالة الدر النضيد ومن شعره قوله في
تمجيد الله تعالى ومدح النبي وآله ص:
لا هم أنت الواحد الفرد الصمد * لم تتخذ صاحبة ولا ولد
ولست مولودا تعالى منك جد * الأول الأول في سر الأبد
والواجب الدائم لا يعزى لحد * من حد نالوا أجب فيه أن يحد
حد افتراء وبحد من جحد * أرسلت للناس رسولا من معد
أرسلته لطفا لتقويم الأود * وقامعا من كان أفاكا ألد
بكل هندي يقد الهام قد * ليس بقي منه لبوس ذو زرد
قدره داود فيما قد سرد * وخير أصحاب وجبريل مدد
فأسفر البدني إلى خير بلد * واستخلف الخيرة خير من عبد
وخير من صام وصلى وسجد * آل النبي المصطفى اهل الرشد
من لم يوالهم تولى ومرد * ديني هذا يا عزيز لم يكد
فإنه ذخر أحق ان يعد * للحشر والنشر وذا خير العدد
فاحفظه أنت الحافظ الفرد الأحد * وأنت لي خير عماد وسند
فاردده للعبد إذ العبد انفرد * في القبر والنشر وعند المحتشد
وله:
ان كنت تسأل عن مقام أرومتي * سل هل أتى من محكم القرآن
وبراءة سلها وطه بعدها * والنور بعد وسورة الفرقان
والحمد سلها ثم سل من بعدها * حم ثم وسورة الرحمن
والنجم ما قصت من المعراج في * آياتها من محكم التبيان
قومي أولاك ومعشري وأرومتي * ولهم ولأي ومفزعي وأماني
وله من قصيدة يمدح فيها أهل البيت ع:
بيت وحي يزوره جبرائيل * وبه قد تنزل الفرقان
اذهب الله عنهم كل رجس * واصطفاهم لدينه الديان
وله من قصيدة فيهم ع:
سل عنهم البيت تبصر في مشاعره * مآثرا سنها جد لهم وأب
قد انتهى علم خير الأنبياء لهم * وعندهم علم ما جاءت به الكتب

(١) معجم الشعراء.
(٣٦٨)

فقل لمن قد تردى ثوب مجدهم * وما له سبب فيهم ولا نسب
لقد طلبت ولكن غير غايتهم * وقد بلغت ولكن غير ما طلبوا ٧٩٦:
الشيخ محمد صالح الجوبارئي المازندراني.
كان من أجلة علماء عصره وشيوخ العلم اشتغل أولا بأصفهان حتى
صار من المدرسين بها ثم هاجر إلى كربلا وحضر درس شريف العلماء حتى
صار من اعلام تلامذته ولما ورد الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر إلى كربلا
لبعض الفتن التي وقعت في النجف وشرع في الدرس وكذلك أخوه الشيخ
علي أكب عليهما فضلاء الحائر وكان الحائر الشريف يومئذ محط رحل اهل
العلم فيه ألف فاضل من علماء إيران وكانوا يحضرون درس شريف العلماء
فحضر المترجم درس الشيخين وكانا يدرسان الفقه لا غير فاستحسن فقههما
ولازم درسهما فعظم ذلك على أستاذه الشريف وعرض له بذلك ذات يوم
فقال يا مولانا اني لما كنت في أصفهان كنت أعد نفسي من أساتيذ علم
الأصول فلما جئت كربلا وحضرت مجلس درسكم عرفت اني كنت جاهلا
ولم أكن على شئ وكذلك بحثكم في الفقه حتى اعتقدت ان الفقه
والأصول ليس إلا عندكم فلما ورد الشيخان وحضرت درسهما ووقفت على
فقههما فسبقه شريف العلماء وقال له يكفي يكفي اكفف ولم يمكث الشيخ
موسى غير ستة أشهر ورجع مع أخيه إلى النجف فلما انقضى المحرم من
تلك السنة توفي شريف العلماء فورد إلى النجف ألف من طلبة كربلا منهم
المترجم وسكنوا النجف حبا بمدرسة الشيخ موسى وأخيه الشيخ علي وبعد
أيام توفي الشيخ موسى سنة ١٢٤٤ واستقل الشيخ علي بالتدريس ومنها
صارت النجف مرجعا لأهل العلم من إيران وقبلها كانت كربلا مرجعا ولم
يكن في النجف طلبة من الفرس ثم رجع المترجم إلى أصفهان وتزوج بنت
السيد صدر الدين العاملي وكانت فاضلة عالمة لها تعليقة على شرح اللمعة
وأمها بنت الشيخ جعفر وولدت له الميرزا مهدي. ٧٩٧:
الشيخ محمد بن صالح البصري.
له كتاب شرح صحيفة الرضا ع التي صنفها للمأمون وجدنا منه
نسخة مخطوطة في طهران في مكتبة حاج ميرزا أبو الحسن شريعتمدار الرشتي
فرع منها مؤلفها سبعة وعشرين رجب سنة ١٠٠١ من الهجرة وذكر في
خطبته هذين البيتين:
أفاض علينا الله من بحر علمهم * علوما فان العلم في آل احمد
فهم باب علم المصطفى دون غيرهم * تمسك باهل العلم آل محمد
وعلى ظهر النسخة دخل في ملك أفقر الطلبة إلى ربه المجيد محمد
مكي بن محمد بن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين من سلالة
الشريف أبي عبد الله الشهيد محمد بن مكي بن محمد بن أحمد بن طي
المطلبي الحارثي الهمداني الخزرجي العاملي الحانيني الجزيني سنة ١١٧١
وعلى ظهره أيضا دخل في نوبة أقل الطلبة مبادر بن عبيد العباس المزيدي
سنة ١٢١٦. ٧٩٨:
مولانا محمد صالح المشهدي.
توفي سنة ١٢٤٦ في المشهد الرضوي ودفن في مقبرة قتلگاه.
في فردوس التواريخ ما تعريبه. العالم الفاضل الزاهد الكامل عالم
نبيل وفاضل جليل من علماء تربة حصل الآداب والرسوم وكمل الفضائل
والعلوم في العتبات العاليات وحصل من كل علم ولما رجع من العتبات
العاليات جاور في المشهد المقدس الرضوي فاشتغل بالدرس والمباحثة وصلاة
الجماعة وفصل الخصومات إلى أن توفي. ٧٩٩:
الشيخ محمد صالح بن محمد القزويني الكربلائي.
له كتاب بحر العرفان من تفسير مفتاح الجنان وله مفتاح البكاء في
مصيبة خامس آل العباء رأينا منه نسخة مخطوطة في طهران في مكتبة
شريعتمدار الرشتي فرع منها مؤلفها في ربيع الآخر ١٠٧٠. ٨٠٠:
محمد صالح المازندراني.
له شرح الشافية في التصريف مطبوع. ٨٠١:
الشيخ محمد صالح الأصفهاني ابن محمد محسن المازندراني.
له رسالة في الصحيح والأعم رأينا منه نسخة مخطوطة في كرمانشاه. ٨٠٢:
الحاج الملا محمد صالح البرغاني القزويني شقيق الحاج محمد تقي
البرغاني الشهير ب‍ الشهيد الثالث الذي اغتاله زمرة من البهائية في
محرابه، ابن الملا محمد بن الملا محمد تقي بن الملا محمد جعفر
الطالقاني.
ولد المترجم في برغان سنة ١٢٠٠ ونشأ بها ثم ارتحل مع أسرته إلى
قزوين فتلقى فيها مبادئ العلوم العربية وهاجر منها إلى أصفهان ثم
خراسان وقم التي تلمذ فيها على الميرزا القمي. ثم انتقل إلى النجف
متلمذا على الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وبعدها سكن كربلا ما
يقرب من خمس سنوات مستزيدا من دروس فحول العلماء فيها كالسيد علي
صاحب الرياض والسيد محمد المجاهد وقد أجيز منهما. ثم عاد إلى قزوين
التي تصدر فيها وعكف على التدريس والتأليف.
وكان المترجم على درجة عالية من الزهد والورع، محدثا خطيبا
مكافحا للفساد الذي كان قد عم مدينة قزوين عهدئذ حتى استطاع ان يعيد
إلى سكانها تقاهم.
وقد ذكرته أكثر كتب التراجم المتأخرة كما ذكره كتاب المآثر والآثار
بما ترجمته:
كان الحاج الملا محمد صالح البرغاني القزويني من فحول المجتهدين في زمن
الدولة القاجارية وله تصانيف كثيرة وآثار نفيسة وهو من أسرة كريمة.
وكان المترجم بالإضافة إلى ذلك من النائحين على الأئمة الأطهار
وخاصة الإمام الحسين ع متقيدا منها بالاخبار الموثوقة والمراثي
المفجعة.
وقد رافق المترجم وشقيقه الملا محمد تقي، السيد محمد المجاهد
الطباطبائي في جهاده مع الروس.
(٣٦٩)

ونزح المترجم أواخر أيامه عن قزوين واستوطن كربلاء ومات بها،
وقد اختلفت الروايات في تاريخ وفاته ولكنه عثر مؤخرا بين مخلفات ابنه
الأرشد ووصيه الميرزا عبد الوهاب باللغة الفارسية ما يفيد ان والده
المترجم توفي غروب الجمعة ٢٧ جمادي الثانية سنة ١٢٧١ فجأة عند ما
كان واقفا عند ضريح الإمام الحسين ع من جهة الرأس رافعا يده
إلى السماء خاشعا متضرعا... فحمل إلى داره ثم شيع جثمانه بعد غسله
ودفن جنب الشباك المحاذي لناحية رأس الامام ع في الرواق الغربي.
كان المترجم من المؤلفين فقد ألف أكثر من ٢٥ كتابا في مواضيع
مختلفة وكلها مخطوطة عدا الجزء الأول من تفسيره الذي أشرت اليه في
البداية وله من المصنفات: كنز الواعظين في مقاتل العترة عليهم
السلام بالعربية بأربعة مجلدات. وكنز الباكين في الموضوع نفسه
باللغة الفارسية في مجلدين. ومصباح الجنان في تفسير القرآن في مجلدين
مفتاح الجنان في حل رموز القرآن في ثمانية مجلدات المسمى بالتفسير
البرغاني ومخزن الأبرار في أصول الدين مجلد واحد. وبدائع
الأصول والحكم والدرر وشرح لألفية لابن مالك، وكنز
المعادن في دعوات واعمال شهر رجب إلى ذي الحجة بالفارسية. وفن
الفقاهة ونجاة المؤمنين في معارف الذين بالفارسية ومسك النجاة
بالفارسية.
وقد خلف المترجم خمسة أولاد. وأحفاده اليوم منتشرون في طهران
وقزوين وكربلاء والنجف. كما أنه كان والد قرة العين التي لعبت دورا
رئيسيا في ترويج البهائية. وقد ترك المترجم أوقافا كثيرة في قرى ومزارع
ودور وبساتين وحوانيت في كل من كربلاء والنجف وقزوين أوقفها مع
ريعها على المدارس الدينية والمساجد التي أقامها في حياته في كل من قزوين
وكربلاء.
وكانت له مكتبة عامرة بالكتب الخطية النادرة لا زالت بعض كتبها
باقية لدى ذريته ٨٠٣:
المولى محمد صالح التربتي.
اصله من تربة بلد من بلاد إيران توفي سنة ١٢٤٦ ودفن بمقبرة قتل
كاه.
بعد تحصيل العلوم الشرعية وتكميلها في العراق اختار المجاورة
بالمشهد المقدس الرضوي. ٨٠٤:
المولى محمد صالح بن محمد سعيد الخلخالي تلميذ المولى محمد صادق
الأرجستاني.
توفي سنة ١١٣٤.
له رسالة في معرفة الله ومعرفة النفس وله العروة الوثقى. ٨٠٥:
الشيخ محمد صالح بن علي بن قاسم بن محمد بن أحمد بن علي بن حسين بن
محيي الدين بن حسين بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن
محمد المكنى بأبي جامع الحارثي الهمداني النجفي.
توفي سنة ١٣٢٢.
كان فاضلا أديبا شاعرا مجيدا ظريفا حلو النادرة رأيته يحضر درس
الفقيه شيخنا الشيخ محمد طه نجف في النجف الأشرف.
فمن طرائف شعره قوله يخاطب بعض العلماء:
راح ثوبي ولباسي * أنت تاج فوق رأسي
كل من عاداك عندي * في البرايا كمداسي
أنت ان تنس جميلا * منك اني غير ناسي
أنت غوث وغياث * وعطوف ومواسي
أنت بحر الجود طام * جبل في العلم رأسي
ورفيق وشفيق * ورقيق غير قاسي
ومنيل وجميل * وجليل ذو أساس
أكسني حلة صيف * ما أرى غيرك كاسي
كم بدا غيرك شخص * يزدري شم الرواسي
خلته بارق تبر * فبدا برق نحاس
ماطلا موعد فضل * لابسا ثوب التباس
سد كل الطرق حتى * سد لي طرق نعاسي
ان مددت كف فقر * مد لي كف اياس
قد أناخ الهم عندي * زمن صعب المراس
ولصرف الهم عندي * في الحشى جرح المواسي
قد خلا كاسي وكيسي * فاملأن كيسي وكاسي
علم الاسلام سمعا * نظم شعري في اقتباسي
كيف لا أحسن مدحا * مع اني بو نواس
جئت أشكوك زمانا * قل فيها من يواسي
ما أرى في الدهر الا * ممسكا للفضل ناسي
دم لنا في الدهر حصنا * مانعا من كل ياس
وله يخاطب بعض العلماء أيضا:
أيها العالم سمعا * من فتى يرعى ولاكا
لم يزل يلهج شكرا * ناشرا فضل نداكا
ما بد تنهل فضلا * في الورى الا يداكا
قال والحق ثقيل * يوقر السمع انتهاكا
حجة الاسلام اسم * ما له معنى سواكا
وقال يمدح السيد محمد ابن السيد محمد تقي آل بحر العلوم
الطباطبائي ويهنئه بقدومه من سفر:
أيقظني وامض برق لمعا * من لعلع سقى الغمام لعلعا
وزار معتل الصبا ربعا به * لا زال مخضر الجناب ممرعا
من منزل للانس كان منزلا * واربع للهو كانت مربعا
ذكرني مر الصبا بها الصبا * من بعد ما ولى الصبا وودعا
دعا إلى رد لييلات النقي * بعد الثلاثين وما تورعا
ليس الصبا براجع وفرحتي * للعلوي المحض لما رجعا
اهلا به ومرحبا من قادم * اضحى به روض الأماني ممرعا
قدمت خير مقدم يا من به * شتات شمل المكرمات جمعا
محمد سليل أرباب العلى * وخير من بالمجد قد تلفعا
قد كان من بحر العلوم لجه * وخيره ريا وأحلى مشرعا

(١) مطلع الشمس.
(٣٧٠)

العالم الحبر الذي بوجهه * نور التقى والعلم قد تشعشعا
والمقتدي بمن مضى من اهله * لما على أخلاقهم تطبعا
والمشتري حسن الثناء بماله * لما رأى حسن الثناء أنفعا
أكرم به من ماجد حاز العلى * والمكرمات الغر مذ ترعرعا
ذاك الذي ساد الورى بمحتد * أضحت له صيد الملوك خضعا
من الألى قد أوضحوا سبل الهدى * وأنهجوا له طريقا مهيعا
هم سر وحي الله من بفضلهم * ومدحهم محكمه قد صدعا
ومن هم ذخري ليوم فاقتي * وعدتي إذا الحجاب ارتفعا
يا أيها المولى الذي شاد لنا * ربع العلى من بعد ما تضعضعا
واختصك الرحمن بالفضل الذي * أعده للمتقين أجمعا
فاهنأ حسين الماجد الندب الذي * بالعز والعلياء قد تدرعا
فغير بدع ان غدت شمس العلى * به على الأفق تضئ مطلعا
ومن بنى للمجد قصرا بعد ما * أضحت مبانيه الشداد بلقعا
ومن غدت يمينه يوم الندى * والجود للوارد بحرا مترعا
ومن بأعباء العلوم لم يزل * دون بني زمانه مضطلعا
هنئت في قدوم من كان لنا * ان جار صرف النائبات مفزعا
لا زلتما بدري تقى ضوءهما * في كل ناد للمعالي سطعا
ثم أسلما في نعمة دائمة * ما سار نجم أو صباح طلعا
وقال يرثي الامام الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي ويعزي عنه
ولده السيد علي:
أناعي حمى الاسلام ويحك لا تنعا * شرعت بنعي قد أمت به الشرعا
علا م فروع الدين تبكي أصوله * أسى وأصول الدين قد بكت الفرعا
نعم مات من أحيا مآثر جده * فأودع قلب الدين من بعده صدعا
فديتك خبرنا اهل لك رجعة * متى يا امام العصر توعدنا الرجعى
ولو انصفتك الود نفسي سارعت * لداعي الردى من قبل نفسك ان تدعى
منعت الردى لو كنت أستطيع منعه * بنفسي ولكن ل أطيق له منعا
أيا حسن الصنع الزمان علمته * أساء بنا ذا اليوم يا حسن الصنعا
فقدناك فقدان الزلال على الظما * بيوم لعاب الشمس تجرعه جرعا
وبدرا إذا ما الليل أسدل جنحه * ونجما إذا تهنا به للهدى نسعى
لقد كنت للراجين كعبة أنعم * تطوف بك الراجون محرمة سبعا
عددناك سيفا للكفاح مهندا * وللطعن خطيا وللملتقى درعا
وقارعت فيك الدهر حتى غلبته * فبعدك اضحى الدهر يوسعني قرعا
اخذت من العين الكرى بل ونورها * وعوضتها من بعدك السهد والدمعا
فيا شامتا مذ غاب بدر هداية * فهذا هلال بعده للهدى شعا
محمد لما غاب عنا عشية * فهذا علي بعده علما يدعى
فقام بأعباء الإمامة بعده علي على هام المساعي له مسعى
به اخضر وادي الجود بعد ذوائه * تباشرت الوفاد قد أخصب المرعى
هو ابن الذي داس الثريا بنعله * وود سهيل ان يكون له شسعا ٨٠٦:
محمد صالح بن محمد القزويني.
ولد سنة ١٢٠٠ وتوفي سنة ١٢٧٠ بكربلا ودفن في الرواق
الشريف.
ذكره في الشجرة الطيبة وقال كان من اجلاء العلماء تلمذ في إيران على
الميرزا القمي ثم انتقل إلي النجف وتلمذ على الشيخ جعفر صاحب كشف
الغطاء ثم انتقل إلى كربلاء وتوفي فيها له من المصنفات ١ غنيمة المعاد في
تمام الفقه ١٤ مجلدا ٢ مسالك الراشدين ٣ مجلدات ٣ بحر العرفان في
تفسير القرآن ٧ مجلدات ٤ كنز الاخبار في أحوال النبي ص والأئمة ع
٤ مجلدات ٥ كنز الأبرار في أحوال الأئمة الأطهار مجلدان ٦ مجمع
الدرر في اللطائف والحكايات ٧ ذخيرة المعاد في أصول الدين ٨ كتاب
في أصول الفقه ٩ مفتاح البكاء في مصيبة سيد الشهداء ١٠ معدن
البكاء ١١ كنز المصائب ١٢ منبع البكاء ١٣ مجمع البكاء كلها في
مصيبة أهل البيت ومناقبهم ١٤ كنز الزائرين ١٥ الستة أشهر والظاهر
اتحاده مع الملا محمد صالح البرغاني المتقدم. ٨٠٧:
الشيخ محمد صالح ابن الشيخ احمد ابن الشيخ صالح بن طعان بن ناصر بن
علي الستري البحراني القطيفي
ولد سنة ١٢٨٤ وتوفي في الحائر سنة ١٣٣٣
عالم فاضل مصنف ماهر في الفقه والحديث والرجال زار العتبات
الشريفة سنة ١٣٣٢ ثم رجع إلى بلاده وعاد إلى الزيارة في السنة الثانية
فصادف أيام المرض العام فتوفي في الحائر الشريف.
قرأ على خاله العالم المصنف الجليل الشيخ علي ابن الشيخ حسن ابن
الشيخ علي بن سليمان ابن الشيخ احمد آل حاجي البلادي صاحب أنوار
البدرين من علماء الأحساء والقطيف والبحرين ويروي بالإجازة عن خاله
المذكور عن شيخه الشيخ أحمد بن صالح بن طعان الستري والد المترجم.
له من المصنفات ١ مجمع الدلائل في ترتيب الوسائل وتبويب المسائل
والتكلم في فقه الروايات برز منه الطهارة والصلاة في عدة مجلدات ٢
مجمع المقال في الزيارات والاعمال ٣ الدرر المختصرة في الأدعية ٤
الذريعة فيما يخص الشيعة من الأدعية والاعمال ٥ الدرة الثمينة في
زيارات المدينة ٦ العوذ والاحراز لدفع الأمراض ٧ منظومة الدرة في
التوحيد ٨ كشف الالتباس في الأخماس ٩ المفزع في اعمال الجمع. ٨٠٨:
السيد مير محمد صالح بن عبد الواسع الحسيني
ذكره الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري في اجازته لولده محمد
طاهر بن أحمد فقال وأروي إجازة وقراءة عن أفضل اهل الزمان وأورع ذوي
الايمان العالم العلامة والمحقق الفهامة السيد الاجل الأكمل الأفضل مير
محمد صالح بن عبد الواسع الحسيني عن المولى محمد باقر المجلسي. ٨٠٩:
السيد الأمير محمد صالح ابن الأمير عبد الواسع الحسيني الخاتون آبادي جد
أئمة الجمعة بطهران
توفي سنة ١١١٦
في كتاب المآثر والآثار: فقيه فحر علم وفضل كان صهر المجلسي
الثاني على ابنته وبإشارته صنف شرح الاستبصار أحد الكتب الأربعة وأكمل
شرح الكافي للعلامة المجلسي ومن آثاره ومصنفاته الجليلة كتاب حدائق
المقربين في بيان حقائق أحوال الملائكة والأنبياء والأئمة والسفراء والسادات
والعلماء آه وهو من مشايخ المولى أبي الحسن الشريف العاملي وله منه
إجازة تاريخها سنة ١١٠٧ له كتاب تحفة الصالحين وله عقب طويل في
(٣٧١)

أصفهان وطهران بيت علم وجلالة. له روادع النفوس في الاخلاق
والمواعظ فارسي قال الميرزا كمالا صهر المولى المجلسي في مجموعته كلما
اشتبه عليك معنى حديث في المجلد السادس عشر من البحار فراجع روادع
النفوس وله كتاب تقويم المؤمنين وكتاب الأنوار المشرقة. ٨١٠:
الأمير محمد صالح القزويني
وصفه صاحب مستدركات الوسائل بالسيد الفاضل يروي عن
العلامة المجلسي والعلامة الخوانساري والعلامة الخراساني ويروي عنه
الشيخ عبد النبي القزويني. ٨١١:
المير محمد صالح ابن الميرزا علي نقي الطباطبائي البهبهاني
كان علامة في الفقه رئيسا ببلاد فارس له تأليف منها كتاب الحياة
الطيبة في أصول العقائد وغيره وأكثر أوراق أوقاف المدرسة المنصورية بشيراز
موشحة بخاتمه كورقة سهل آباد وغيرها. ٨١٢:
المولى محمد صالح الهروي
يروي عنه السيد نصر الله الحائري ويروي هو عن الحر العاملي. ٨١٣:
الحاج الملا محمد صالح ابن الملا محمد ابن الملا محمد تقي الملقب فرشته
الشهير بالزنجاني
توفي في كربلاء سنة ١٣٧٠
اصله من طالقان ولكنه ولد في زنجان ونشأ في قزوين وتخرج في
أصفهان ثم في النجف على علمائها وعاد وتصدر في قزوين ثم في كربلاء
خمس سنوات إلى أن توفي وله فيها ذرية وهو والد قرة العين الخطيبة
الشهيرة القائمة بنشر دعوة البابية التي قتل أخوه الملا محمد تقي عمها
بتحريضها في قزوين سنة ١٢٦٣ ثم قتلها ناصر الدين شاه. وهو مصنف
مكثر صنف غنيمة المعاد في شرح الارشاد أيام مجاورته في النجف. مجمع
الدرر شبيه الكشكول. كنز الواعظين في الاخبار أربع مجلدات وغير ذلك.
وكانت لديه خزانة كتب جيدة مشتملة على كثير من الآثار أوقفها ولا يزال
بعضها عند أحفاده. ٨١٤:
الآقا محمد صالح ابن الآقا محمد إسماعيل ابن الآقا محمد علي ابن الآقا محمد
باقر البهبهاني الكرمانشاهي مولدا ومنشأ
توفي سنة ١٢٨١ وقبره في كربلاء عند باب السدرة في الحجرة
في تتمة أمل الآمل: كان من أجلة علماء كرمانشاه وامام الجمعة
والجماعة فيها والحاكم المطاع في القضاء ورفع الخصومات من مشاهير علماء
عصره كان في عصر حاجب الجواهر والشيخ مرتضى. ٨١٥:
السيد صدر الدين محمد ابن السيد صالح بن محمد بن إبراهيم شرف
الدين بن زين العابدين بن علي نور الدين أخي صاحب المدارك بن نور
الدين علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الأصفهاني.
ولقد بقرية شد غيث وهي اليوم خراب الواقعة قرب
معركة من قرى جبل عامل في ساحل صور سنة ١١٩٣ وتوفي في النجف
الأشرف ثالث عشر المحرم وقيل غرة صفر سنة ١٢٦٣ وقيل ١٢٦٤ وكان
عرض له ما يشبه الفالج فرأى في منامه أمير المؤمنين ع يقول له
أنت في ضيافتي في النجف ففهم أنه يموت فرحل إلى النجف ١٢٦٢ ومات
في السنة الثانية أو الثالثة من وروده ودفن في بعض حجر الصحن
الشريف. في روضات الجنات أمه بنت الشيخ علي ابن الشيخ محي
الدين ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني كان
من أفاضل علماء وقته في الفقه والأصول والحديث وفنون الأدب والعروض
وعلوم الأوائل وغيرها حسن التقرير جيد التحرير. انتقل مع أبيه بعد وقعة
الجزار من جبل عامل وكان عمره أربع سنين إلى بغداد والكاظمية سنة
١١٩٧ واشتغل بطلب العلم فقرأ في النجف والكاظمية على الشيخ جعفر
الكبير وتزوج ابنة الشيخ جعفر وقرأ على صاحب مفتاح الكرامة والشيخ
سليمان بن معتوق العاملي والسيد محسن الأعرجي صاحب المحصول اما
مشائخ الإجازة فتنيف عدتهم على عشرة اعلام سندا والده عن جده عن
شيخه محمد بن الحسن الحر صاحب الوسائل وكذلك عن شيخه الشيخ
سليمان بن معتوق عن جده السيد محمد وكان معظما عند علماء العراق من
الخاصة والعامة بعد وفاة أبيه وقلبها وله معهم نوادر وحكايات شافهني بكثير
منها لا يسعها المقام وليته وسع المقام لبعضها فهي أنفع للقارئ وأجدر
بالذكر من كثير مما أورده من الألقاب الضخمة والأسجاع الباردة قال
وكان شاعرا أديبا وحكى عن نفسه أنه كان يتردد أيام حداثته على السيد
مهدي بحر العلوم أيام نظمه لأرجوزته في الفقه وكان السيد يعرض ما
ينظمه على انظار شعراء وقته وهو من جملتهم ثم رحل إلى أصفهان قال
وأعانني كثيرا على تصنيف روضات الجنات واستعار مني كراريس منه ولم
يردها إلي الا قرب سفره وليته كان يعرض عليه عباراته ليهذبها له ثم
رجع إلى العراق سنة ١٢٦٢ وقد ناهز السبعين وكان قصده أن يدفن في
جوار الأئمة الطاهرين ع فبقي في الكاظمية أشهرا ثم ذهب لزيارة
الحسين ع ثم إلى النجف وجاور فيها وسكن في دار أخيه السيد
أبي الحسن إلى أن توفي فيها وصلى عليه الشيخ محمد ابن الشيخ علي ابن
الشيخ جعفر الكبير آه وفي خاتمة مستدركات الوسائل كان شديدا في
ذات الله آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ملجا للعلماء والأفاضل بأصفهان
وفي بغية الراغبين كان قوي الحافظة سريع البديهة في الشعر أبي النفس
متواضعا له في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقامات مشهودة قوي
الحجة وله مع فقيه الحنفية ومتكلم الأشاعرة في بغداد السيد صبغة الله
مناظرات معروفة وعد من جملة من قرأ عليهم الميرزا محمد مهدي
الشهرستاني الحائري والسيد مهدي بحر العلوم وصاحب الرياض قال وله
منه إجازة مفصلة تاريخها سنة ١٢١٠ صرح فيها ببلوغه مرتبة الاجتهاد قبل
التاريخ بأربع سنين فيكون عمره حين بلوع المرتبة ثلاثة عشر عاما. وقال
صاحب الروضات: يستفاد من تضاعيف كلامه أنه كان مدعيا للاجتهاد
قبل البلوغ آه وفي تكملة امل الآمال: تربى في حجر أبيه وكتب
حاشية على شرح القطر في النحو وعمره سبع سنين وقال في أول رسالته في
حجية الظن وردت كربلا سنة ١٢٠٥ وانا ابن اثنتي عشرة سنة فوجدت
الأستاذ الأكبر محمد باقر بن محمد أكمل مصرا على حجية الظن المطلق الخ
فيعلم أنه كان من اهل النظر والتحقيق في مشكلات مسائل الأصول في سن
الاثنتي عشرة وحضر مجلس درس بحر العلوم تلك السنة وسافر إلى خراسان
وفي تلك السفرة نظم القصيدة الرائية ثم رجع من طريق يزد فطلب منه
أهلها البقاء عندهم فبقي فيها مدة قليلة ثم رحل إلى أصفهان وكانت دار
العلم ومحط رحال اهل الفضل فأقام بها وارسل على عياله وأولاده في
(٣٧٢)

النجف فاستحضرهم. له من المؤلفات. كتاب اثرة العترة في الفقه
استدلال واختصره بكتاب سماه سيرة العترة. القسطاس المستقيم في أصول
الفقه. المستطرفات في مسائل فقهية لم يتعرض لها الفقهاء. منظومة في
الرضاع مع شرحها. كتاب في النحو وشواهده من القرآن خاصة اسمه قرة
العين. رسائل في حجية الظنون الخاصة. رسالة في ذي الرأسين. رسالة
في شرح مقبولة عمر بن حنظلة. قوت من لا يموت وهي رسالة تقليدية
فارسية. أشعار مع شرح كثير منها. حواشي على كتاب نقد الرجال.
تعليقة بخطه على رجال أبي علي سماها نكت الرحال قال في خاتمة
مستدركات الوسائل يظهر منها طول باعه وسعة اطلاعه ودقة نظره وقد دونها
ابن ابن أخيه السيد البارع في العلوم الحسن بن الهادي الموسوي
الكاظمي. رسالة حجية المظنة في الرد على القول بحجية الظن المطلق وفي
الروضات أن له قصائد كثيرة طويلة شرح بعضها إلى غير ذلك من الحواشي
والرسائل وأجوبة المسائل.
وحواشيه بخطه على رجال أبي علي رأيتها في مكتبة الشيخ ضياء الدين
النوري في طهران وفي آخر النسخة: لمحرره صدر الدين الموسوي عفي
عنه.
خليلي هل من وقفة بالمعاهد * لروعة محزون ولوعة واجد
وذكرى فقيد كان للقلب واحدا * ورب فؤاد فاقد غير واحد
وصلت فلما جاءك الصب طائعا * هجرت فهل يوم الوصال بعائد
بعيشك هل شاهدت بعد افتراقنا * من البين ما شاهدت أم لم تشاهدي
فعودي سليما أسلموه إلى الرقي * وعودي على شاك قليل العوائد
أعيدي لجفني الغمض ثاني مرة * لعل به طيف الخيال معاودي
مشائخه في القراءة والإجازة
١ والده يروي عنه عن صاحب الوسائل وعن الشيخ يوسف
صاحب الحدائق عن المولى رفيع عن المجلسي صاحب البحار بطرقهما
المعروفة ٢ السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ٣ السيد علي صاحب
الرياض ٤ المحقق السيد محسن الأعرجي الكاظمي ٥ شيخ الطائفة
الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء أبو زوجته وجد جملة من أولاده ٦
الميرزا محمد مهدي الشهرستاني الحائري ٧ الشيخ سلمان بن معتوق
العاملي الكاظمي وغيرهم.
أشعاره
كان شاعرا مجيدا وروى في تكملة أمل الآمل عن شيخ الأدب الشيخ
جابر الكاظمي مخمس الأزرية أنه كان أشعر من الشريف الرضي آه
وفيه من المبالغة ما لا يخفى ومن شعره البيتان المطبوعان في أول القوانين:
ليت ابن سينا درى إذ جاء مفتخرا) باسم الرئيس بتصنيف لقانون
أن الإشارات والقانون قد جمعا * مع الشفا في مضامين القوانين
ووجدنا له هذه القصيدة في صفة رحلة إلى المشهد الرضوي وهي من
غرر الشعر:
أتتك استباقا تقد القفارا * سوابح تقدح في السير نارا
تصك مثار الحصى بالحصى * وتتبع باقي الغبار الغبارا
أرادتك أبعد غاياتها * وقبل الطواف رمين الجمارا
من الصافنات تباري الصبا * إذ الأفعوان على الجيد مارا
تصد القوانس مثها التراق * وتضغط في اللب صدرا طمارا
يقيم على الريب فيها الفتى * أعقبان صيد رأى أم مهارى
تقلب في سبسب أغبر * قريب اليباب بعيد القصارى
يباب من الآل ايرادها * تقل خمارا وتلقي خمارا
وتلقي السنابك في الراسيات * ورى لا تداني مداها الحبارى
إذا ظللت نوقهن انثنت * مدى عقبة النسر تهوي انحدارا
رواس تسامت تريد السماء * كان لهن على النجم ثارا
يروع الوعول بهن الخيال * وتنبو ألمها أن ترائي نفارا
تركنا سجستان ذات اليمين * وذات الشمال جعلنا بخارى
توالى التلفت فيها بنا * وقبل العميد الحذار الحذارا
هما خطتان جلا عنهما * حديث الوفود وأعطى الخيارا
فاما تلاقي الصدور الطعان * واما تقاسي الضلوع الأسارا
وقوم إذ ارتفعت غبرة * على البت قالوا خيول تجارى
تظل القلوب تدق الصدور * كأجنحة الطير واللب طارا
ويغدو وقورهم لاعبا * من الخوف والخوف ينفي الوقارا
وفي القوم نشوان من شوقه * يخال غبار الأعادي المزارا
يرى خير وصليه ورد الحتوف * حذار ترائي الوداع ادكارا
ودامت على العود غلماننا * تبيت نشاوى وتصحو سكارى
أطللت على النوم أجفانها * فما تطعم النوم الا غرارا
غدونا بها تحت ظل القنا * تهادى على القب غرثى سهارى
سعت وأوام الهوى رادها * فبلت بقرب الجوار الأوارا
تراءى لهم من تجاه الرضا * بريق كسا الجو منه نضارا
ومشكاة أن لاح مصباحها * أعاه الدجى آية والنهارا
بدور إذا دار شمس الضحى * ترى فلك الشمس منها استعارا
وسل هل تجافى لتقبيله * ثرى الأرض بين يديها صغارا
ولما بدا طاق إيوانها * أرانا الإله هلالا أنارا
ومنه وردنا إلى جنة * لو أن الخلود يرى أن يعارا
هناك تطأطأ قرون الملوك * ويصبح سيان دار ودارا
تؤم بطون الأكف السماء * وتنحو الجباه الصعيد افتخارا
تبث الشكايا وترجى المنى * وتفدى الأسارى وتنجو الحيارى
فصافح ذويك بذاك الغبار * وشرف به أن مررت الديارا
ومن زار قبر الرضا عارفا * كمن جده احمد الطهر زارا
أنخها بلغت والق العصا * وصل وطف والزم المستجارا
واما نويت النوى كارها * فغالط فؤادا يسوم انفطارا
فمنكم إليك نشد الرحال * وبين ثراكم نسوق المهارى
علي بن موسى وحسب الصريخ * غياث إذا دائر السوء دارا
إليك إليك ومن قد حجى * رجاء سواكم عن القصد جارا
غلاصم جيدي استطالت إلى * أياد كست أنعم الدهر عارا
وجئت على عاتقي موبق * من السيئات عظاما غزارا
وحسبي غدا أن يقول الذي * أعاديه فيك اصطبر لن تجارى
إذا ذاق في النار طعم النعيم * والقى بحبك عارا ونارا
وأخشى الصراط وعمي الصراط * وفي جدد قد امنت العثارا
(٣٧٣)

أتفقو غباري جيوش الهموم * ومنها إليك خرجنا فرارا
يقول بنونا البدار البدار * ونومي إليك الجوار الجوارا
سجون سكن سويدا الفؤاد * وكن الشعار له والدثارا
غزت دارة اللب فاستوطنت * حماها وكانت تلم ازديارا
أسامر سود ليال طوال * وعهدي بها قبل بيضا قصارا
عزمت المديح ولكن أرى * قصارى المديح لك الاعتذارا
سقط هنا بمقدار ورقة أو أكثر
على الأرض طوفان نوح طغى * فأقصى جوارا وأدنى جوارا
ومارج بحرين عذب فرات * وملح أجاج كما شاء خارا
ومن قبله جاور المصطفى * وهيهات لا يشكران انتصارا
وكان على البيت أصنامهم * وفي البيت ثم اقتنوه شعارا
أبا الصلت طوباك سر طوي * لعينيك دون الأنام استنارا
وفود الجواد لتجهيزه * أباه وأن يحضر الاحتضارا
طوى الأرض لا السرج متنا رقى * ولا الأبرق النهد نقعا أثارا
كنجم سرى أو شعاع سما * فنال السهى أو صباح أنارا
فوافى سناباد من يثرب * كليل البراق ومن فيه سارا
سناباد طبت ثرى انما * سماك لنور الرضا قد أشارا
علي بن موسى اتتك العروس * فصر الصداق وبث النثارا
أيحظى بها دعبل جبة * إليها الجنان تحن انتظارا
وأحرمها والفتى دعبل * عليم باني أعلى ابتكارا
وقدني من جبة خملة * لو أن العطا النزر يرضي نزارا ٨١٦:
شمس الدين محمد بن صدقة.
من تلاميذ نصير الدين القاشي المذكور في محل آخر. وجد على ظهر
كتاب مصباح الأرواح تصنيف ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي
الموجود منه نسخة في الخزانة الغروية ما صورته: وجدت انهاء بخط مولانا
الأعظم الامام المعظم نصير الملة والحق والدين القاشي أدام الله أيامه انهى
قراءة هذا الكتاب من اوله إلى اخره وبحثه وتفحص عن مشكلاته وتحقق
معضلاته الأخ في الله الشيخ الصالح الفقيه العالم شمس الدين محمد بن
صدقة نفع الله به وبأمثاله وأوصله إلى رتب كماله في مجالس آخرها خامس
جمادي الأولى سنة ٧٢٥ وكتب أفقر العباد إلى الله تعالى علي بن محمد
القاشي عرفه الله عيوب نفسه وجعل يومه خيرا له من أمسه حامدا مصليا
مسلما. ٨١٧:
عز الدولة أبو المكارم محمد بن صدقة بن منصور الأسدي الأمير
ذكره أبو الحسن محمد بن الحسن بن عبد الملك الهمداني وقال وفي
شعبان سنة ٤٩٠ خلع على عز الدولة أبي المكارم في دار الخلافة وعقد له
عقد النكاح على بنت الوزير عميد الدولة محمد بن جهير وتولى العقد عمها
زعيم الرؤساء أبو القاسم وكان الخطيب الشريف أبو الكرم الهاشمي وكتب
الصداق تاج الرؤساء أبو نصر بن الموصلايا في ثوب دبيقي. ٨١٨:
الأمير السيد شمس الدين محمد خان ابن الأمير صف شكسن خان الحسيني
المرعشي
كان فقيها حكيما جليلا نسابة له كتاب في النسب وكتب في
الفقه والحديث والكلام ورسائل في الإمامة وكان من أخص ندماء السلطان
عالمگير شاه ملك الهند المتوفى سنة ١١١٨ من ذرية تيمور لنك. وعن كتاب
تذكرة شعراء الهند المسمى بصبح كلش ما معناه أن هذا السيد الجليل كان
من ندماء عالمگير معروفا بمخلص خان لأنه كان يتخلص في شعره بالمخلص
كما هو ديدن شعراء الفرس توفي في زمن سلطنة السلطان بهادر شاه ملك
الهند. ٨١٩:
السيد محمد الصقري
من شعراء عصر السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ٨٢٠:
الشيخ محمد بن ضبعان
في نشوة السلافة: هو بحر في العلم والحكم وامام من نثر ونظم
فمن نظمه قوله يمدح أمير المؤمنين ع:
فاح النسيم فباح بالاسرار * سحرا فأيقظ راقد الأزهار
واتى يخبر عن كتاب ناظم * سلكا فيعقد للنثار دراري
نهج البلاغة روضة ممطورة * بالنور من سبحات وجه الباري
أو حكمة قدسية جليت بها * مرآة ذات الله للنظار
خطب روت ألفاظها عن لؤلؤ * عن مائة بحر المعارف جاري
وتنسمت كلماتها عن جنة * حفت من التوحيد بالنوار ف
كأنها عين اليقين تفجرت * من فوق عرش الله بالأنهار
حكم كأمثال النجوم تلألأت * من ضوء ما ضمنت من الاسرار
كشف الغطاء بيانها فكأنها * للسامعين بصائر الابصار
وترى من الكلم القصار جوامعا * تغنيك عن سفر من الاسفار
مشكاة نور الله مصباح الهدى * فتاح باب خزائن الاسرار
عبد الاله مع النبي ولم يكن * للعالم العلوي ذكر ساري
يتلو اخاه ومن تقيد بعده * فيه اقتدى يمشي على الآثار
الكلمة العليا علي المرتضى * والآية الكبرى كشمس نهار
من اهل بيت سقفه وجداره * للمستظل به حمى للجار
هو صاحب الكرات في دول خلت * وامين خالقه على الأدوار
ورث العلوم من النبي وعنده * علم الكتاب بحادث الاخبار
وهو الذي حاز المفاخر كلها * والبر بعد السيد المختار
وهو الذي زان المكارم خلقه * في هديه بشعاره ودثار
وبه جمال كمالها فكأنها * خلق النبي أعيد بالتكرار
واسى النبي بنفسه في موقف * حمي الوطيس به من الكفار
ورمى بكل كتيبة صنديدها * من جحفل متغيظ جرار
جعل القناة ونفسه وحسامه * يحمون فاستغنى عن الأنصار
ويظل يهتك عن مواقع سيفه * سترا يحاجز بينهم والنار
وغدا يكر على الكتائب كلما * صمدت له أفديه من كرار
ويشد يقتل كبشها فتخالهم * حمرا تنمرها هزبر ضاري
وترى الرؤوس تطير عن أعناقها * كطيور انقضت إلى الأوكار
ولقد مددت يدي نحوك سائلا * حين ابتلاني الدهر بالاقتار
وظمئت أبغي قطرة في غلتي * من عذب بحر نوالك الزخار
وعليك من صلوات رب شاكر * درر النثار بهية الأنوار

(١) معجم الألقاب.
(٣٧٤)

٨٢١: الشيخ محمد طه ابن الشيخ مهدي ابن الشيخ محمد رضا
ابن الشيخ محمد ابن الحاج نجف علي التبريزي الحكم آبادي الأصل النجفي المولد والمنشأ
والمسكن والمدفن.
ولد في النجف سنة ١٢٤١ وقد قيل في تاريخ ولادته:
حظي المهدي فينا * بسعود وافتخار
إذ أتى طه فأرخ * كوكب الفضل أنار
وتوفي ظهر الأحد ١٣ شوال سنة ١٣٢٣ ورجت النجف لوفاته وكان
يوما مشهودا وحزن عليه الناس ورثته الشعراء وصلى عليه الشيخ ميرزا
حسين ابن الميرزا خليل ودفن في الحجرة المتصلة بباب الصحن القبلي على
يسار الداخل إلى الصحن الشريف مع جده الشيخ حسين وخاله الشيخ
جواد والشيخ محسن خنفر والشيخ مرتضى الأنصاري وخلف ابن ابنه
الشيخ محمد بت الشيخ مهدي.
أول من جاء من أجداده من تبريز إلى النجف الأشرف الحاج علي
فتولد له في النجف ذرية طيبة خرج منها علماء صلحاء زهاد أتقياء.
والمترجم شيخنا وأستاذنا الزاهد العابد المحقق المدقق الفقيه الأصولي
الرجالي أكب على تحصيل العلوم مدة عمره فاخذ المبادئ عن الشيخ عبد
الرضا الطفيلي وعلى خاله الشيخ جواد وتفقه بالشيخ محسن خنفر وهو أعظم
أساتيذه واخذ أيضا عن الشيخ مرتضى الأنصاري ويروي بالإجازة عن
الشيخ ملا علي بن ميرزا خليل. واخذ عنه كثيرون من اهل النجف منهم
السيد محمد سعيد الحبوبي والسيد علي الشرع والشيخ علي ابن الشيخ باقر
الجواهري والشيخ حسن ابن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر والسيد
مهدي الحكيم والسيد محمد الكاشي الحائري والسيد عدنان البحراني.
ومن العامليين السيد علي والسيد محمد أبناء عمنا السيد محمود والسيد
نجيب فضل الله والشيخ حسين مغنية والشيخ مرتضى شومان والشيخ
عبد الله شومان ومؤلف هذا الكتاب وغيرهم خلق كثير من عرب العراق
وغيرهم.
رأس رياسة عامة بعد وفاة الشيخ محمد حسين الكاظمي ورجع
الناس اليه في التقليد لا سيما في العراق وكان شيخ النجف الأشرف في أيامه
وانتشرت رسالة فتواه في الأقطار وطبعت مرارا وجبيت اليه الأموال من سائر
البلاد وكان في أول امره ضعيف الحال فقيرا، وأضر في آخر عمره ومات
ولده الوحيد الشيخ مهدي في حياته وكان من الأفاضل، ويؤثر عنه أنه قال
: امتحنت بثلاث: فقد ولدي وذهاب بصري والرياسة.
كان عميق الفكر دقيق النظر يضرب بزهده وتقواه المثل، ينظم
الشعر ويحسن فهمه رضي الاخلاق حسن الحديث.
مؤلفاته
١ الفوائد النجفية في مهمات الفرائض المتضوية تعليقة على رسائل
الشيخ مرتضى طبعت ٢ إتقان المقال في أحوال الرجال مطبوع ٣
مختصر في الرجال كالوجيزة ٤ الانصاف في مسائل الخلاف حاشية على
الجواهر طبعت ٥ شرح على منظومة بحر العلوم لم تتم ٦ كشف
الحجاب عن استصحاب الكر ومطلق الاستصحاب مطبوعة ٧ حاشية
على المعالم مطبوعة ٨ رسالتان في الحبوة ٩ شرح كتاب الزكاة من
الشرائع لم يتم ١٠ شرح على نكاح الشرائع لم يتم ١١ رسالة في التقية
مبسوطة ١٢ رسالة في مسالة الاستظهار من الحيض ١٣ رسالة في عقد
النكاح المردد بين الدائم والمنقطع ١٤ رسالة في المحدث بعد التيمم عن
الغسل ١٥ كشف الاستار عن الخارج عن دار الإقامة في الاسفار ١٦
رسالة فيمن أدرك ركعة من الوقت ١٧ رسالة فيمن تيقن الطهارة والحدث
وشك في المتأخر ١٨ رسالة في قدر المسافة ١٩ حواشي اللمعة ٢٠
حواشي المدارك إلى رسائل اخر كثيرة. سافر إلى مشهد خراسان سنة ١٣٠١
والى الحج سنة ١٣١٨ ونحن في النجف الأشرف. ٨٢٢:
المولى محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي الأصل القمي المسكن
والدفن.
توفي سنة ١٠٩٨ في قم.
اصله من شيراز ومنشأه في النجف الأشرف وأعطي امامة الجمعة
ومشيخة الاسلام في قم فاستوطنها إلى أن مات وكان في عصر الشاه سليمان
الصفوي وهو من اجلاء علماء ذلك العصر المعروفين بطول الباع غير أنه
اخباري صليب من شيعة صاحب الفوائد المدنية لا يملك لسانه عن
التعرض للمجتهدين وشدة اللهجة على الأصوليين وكان إذا اعتقد شيئا بالغ
فيه حتى يؤدي به الامر إلى التكفير أحيانا كتكفيره من اعتقد بالمكاشفات
العرفانية بل كفر من شك في كفرهم والمتألهين الاسلاميين ورماهم بكل
عظيمة وكان يرى ذلك منه جهادا في الدين ومعروفا، وهو الذي كفر ملا
محسن الكاشي المعروف بالفيض فيما كان عليه من التصوف والعقائد.
من المصنفات غير ما في أمل الآمل: كتاب الجامع في أصول الفقه
وأصول الدين ورسالة فرحة الدارين في العدالة مبسوطة ورسالة في الخلل في
الصلاة ورسالة في موعظة النفس طبعت مع رسالة محاسبة النفس لابن
طاوس ورسالة في الرضاع وأخرى في ترك قول السلام عليك أيها النبي في
الصلاة ورسالة في صلاة الليل وآدابها ورسالة في صلاة الاذكار وأخرى في
صلاة الجمعة وثالثة في الفرائض وبهجة الدارين في الحكمة وكتاب الأربعين
ذكره في الأمل وهو أربعون دليلا على امامة أمير المؤمنين وكتاب حجة
الاسلام متن في الأصول والكلام والفوائد الدينية في رد الحكماء والصوفية
وحكمة العارفين في رد المتصوفين والمتفلسفين منه نسخة مخطوطة في مكتبة
الحسينية في النجف كتب في آخرها: قد سود في دار السلطنة كابل في ذي
القعدة سنة ١٣٠١ وله تحفة الاخبار شرح لقصيدته في مدح أمير المؤمنين
ع والرد على الصوفية.
وهو شيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، كما استجازه المجلسي
بتاريخ ٧ ذي القعدة سنة ١٠٨٦. ٨٢٣:
السيد محمد طاهر بن محمد طالب الحسيني الموسوي الأردبيلي المشهدي.
له كتاب في الرجال على أسلوب غريب وهو جزء كتابه الكبير الموسوم
بالشجرة المباركة قال فيه: هذا العرجون الأول من الغصن الثالث من
أغصان الشجرة المباركة ثم قال: أردت في سنة احدى وتسعين وألف ان
أرتب عجالة رسالة على صورة الشبكة عليها اسم الرواة على ترتيب حروف
الهجاء من الأول إلى تمامها وعنونت السطور لسهولة طلب الاسم في موقعه
(٣٧٥)

وأشرت بثلاثة رموز رمز في رمز كل اسم، الأول رمز لأسم النبي أو الأئمة
ع على ترتيب حروف أبجد، الثاني رمز على وسط الاسم إشارة
إلى حال الراوي فصح للصحيح ق للموثق ن للحسن ض
للضعيف م للمجهول، الثالث رمز كتب في آخر الاسم مع أول إشارة
إلى أن هذا الراوي مع واسة أم لا، وفي آخره أورد تمام مشيخة الفقيه بهذا
النهج. ٨٢٤:
السيد محمد طاهر ابن السيد إسماعيل التستري النجفي.
توفي بالنجف سنة ١٣١٤ وهو تلميذ الشيخ مرتضى الأنصاري
وصهره له تقرير بحثه في تمام الأصول والخلل والمواريث وغيرهما من الفقه. ٨٢٥:
الميرزا محمد طاهر النواب ابن الميرزا سد علي الحسيني المرعشي.
كان من تلامذة والده في المعقول والمنقول له حاشية على شرح الهداية
للميبدي وكان من مدرسي أصفهان خلف الميرزا أبو الحسن والميرزا محمد
صادق. ٨٢٦:
الشيخ محمد طاهر ابن الشيخ محسن بن إسماعيل بن محسن الدزفولي.
توفي ٦ جمادى الثانية سنة ١٣١٥ بدزفول ودفن بها.
كان عالما قدوة مرجعا في الشرعيات بخوزستان قرأ على صاحب
الجواهر ثم على الشيخ مرتضى الأنصاري ويروي عن الشيخ مرتضى
ويروي عنه جماعة منهم ابن أخيه الشيخ محمد رضا ابن الشيخ محمد جواد
ابن الشيخ محسن. له مؤلفات منها الشوارع في شرح الشرائع في
مجلدات. ٨٢٧:
السيد محمد الطباطبائي ابن أخت المولى محمد باقر المجلسي.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة كان علامة محققا واسع العلم كثير الرواية له مصنفات كثيرة منها
شرح المفاتيح لم يتم رسالة في تحقيق معنى الايمان أدرج فيها فوائد مهمة
رايته أوقات اقامته في بروجرد كثيرا وتجارينا في كثير من المسائل الفقهية
وغيرها فرأيته بحرا فياضا. انتقل باهله إلى العراق وأقام مدة ثم خرج منه
معاودا إلى بروجرد ووصل كرمانشاه فعرض عليه أهلها الإقامة عندهم فلبث
هناك إلى أن توفي. ٨٢٨:
السيد محمد الطباطبائي الأصفهاني.
توفي في النجف سنة ١٣١٧.
من اجلاء تلاميذ الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي انتقل بعد وفاة
أستاذه إلى النجف ودرس بها. له كتاب الأغسال ومن تلامذته الشيخ عبد
الكريم الحائري والشيخ ميرزا حسين النائيني والآقا ضياء الدين العراقي
وغيرهم. ٨٢٩:
السيد محمد الطباطبائي الزواري الأصفهاني المتخلص بمظهر والد السيد أبو
الحسن الحكيم المعروف بميرزا جلوة من أحفاد الميرزا رفيع الدين محمد
النائيني.
توفي سنة ١٢٥٢ ببلدة زوارة من توابع أصفهان بالوباء.
كان طبيبا ماهر أديبا شاعرا ذكره ولده الميرزا أبو الحسن جلوة حينما
طلب منه وزير العلوم في إيران اعتضاد السلطنة ترجمة نفسه لتدرج في كتاب
نامه دانشور ان ناصري وهو الذي جمع ناصر الدين شاه القاجاري علماء
إيران وأمرهم بتأليف كتاب في تراجم العلماء وأجرى عليهم الارزاق فقال
ما ترجمته: كان والدي السيد محمد الطباطبائي ماهرا في علم الطب قادرا
على فنون الشعر ذكره فاضل خان الكرومي في كتاب انجمن خاقان
الذي جمع فيه أحوال الشعراء المتأخرين من معاصريه فقال: ذهب في شبابه
إلى حيدرآباد من طريق قندهار وكابل فصاهره إبراهيم شاه الذي كان وزير
مير غلام علي خان وزوجه ابنته التي كانت أخت ميرزا إسماعيل شاه وشيئا
فشيئا حصلت له مرتبة ومنزلة عند مير غلام على خان وصار إذا أراد أن يرسل
سفيرا إلى هندستان يرسله وأرسله مرة بسفارة إلى كلكته عند فرمانفرماي.
وذكر السر جان ملكم الانكليزي في تاريخ سياحته في إيران كيفية ملاقاته له
في هندستان واستعلامه منه أحوال السلاطين الصفوية وإن المترجم كتب له
رسالة في ذلك. وفي بعض الأوقات عاد من إحدى المهمات وظهرت منه
مساعي جميلة مذكورة فوشى به بعض الناس إلى الأمير حسدا منهم بأمور لا
واقع لها فانحرف عنه الأمير فلما علم بانحراف الأمير عنه ترك تلك المملكة
فورا وتوجه إلى أحمد آباد كجرات واشتغل فيها بالتجارة فعند ذلك اتضح
للأمير براءة ساحته وكذب من وشي به فكتب إليه معتذرا وطالبا رجوعه
بالحاح فلم يقبل وأجابه بجواب خشن فبقي مدة في أحمد آباد وولد له فيها
الميرزا أبو الحسن جلوة سنة ١٢٣٨ ثم توجه لأسباب إلى بمبي فبقي فيها مدة
فكتب اليه أقرباؤه في أصفهان وزوارة وخصوصا أخوه الذي كان من أهل
العلم يذكرون له معائب سكنى الهند ومحاسن سكنى إيران وأرسلوا إليه
بذلك رسولا فقبل وتوجه إلى أصفهان وكان بقاؤه في السند والهند ٣٦ سنة
وكان يقيم تارة في أصفهان وتارة في زوارة لأن أكثر أقاربه في أردستان
وزوارة فبقي هناك ست سنين أو سبع سنين وتوفي في الوباء في زوارة. ٨٣٠:
علاء الدين محمد الطبيب.
كان من أجلة العلماء والأدباء والأطباء والحكماء والمتكلمين له تأليف
منها كتاب روضة العرفاء ودوحة العلماء في شرح الأسماء الحسنى فرع منه
سنة ١١٦٥ وهو في مجلدين يظهر منه كمال تبحره في العلم واحاطته
ونسخة هذا الكتاب موجودة عند السيد شهاب الدين الحسيني النجفي
النسابة.
وله الكامل العلائي في الطب فارسي قال في ديباجته انه ذكر فيه جميع
ما أخذه عن والده وعن سائر عشيرته المشهورين بالطبابة وعن سائر الأطباء
المهرة والأدعية المجربة والمروية لمشكاة النبوة ومصابيح الإمامة صلوات الله
عليهم. ٨٣١:
المولى محمد الطبيب
من علماء الدولة الصفوية له كتاب أنيس الزاهدين في الأدعية
والاعمال وكتاب أنيس العابدين في الأدعية والاعمال والصلوات والعبادات
ينقل عنه في البحار قال: ومنها المناجاة الإنجيلية لمولانا علي بن الحسين
عليهما السلام وجدتها في بعض مرويات أصحابنا في كتاب أنيس العابدين
من مؤلفات بعض قدمائنا عنه ع آه رأينا منه نسخة بدمشق
(٣٧٦)

في مجلد كبير اوله بعد البسملة: يا من دعاه المضطرون فأجابهم ورجاه
المستغفرون فأثابهم أسألك أن لا تصرف وجوه سؤالنا عن جنابك وان لا
تكلنا إلى غيرك ولا تزيلنا عن بابك صل وسلم على طبيب قلوبنا ومزيل
عيوبنا محمد سيد المرسلين وعلى آله وعترته الغر الميامين الذي حبهم لنا في
الآخرة والأولى حصن حصين ويعد يقول داعي ربه المجيب محمد الطبيب
رأيت أن اجمع من كتب الأصحاب بعض الأدعية المجربة المأثورة وما يعمل
في الأيام والشهور من العبادات المشهورة إلى أن قال ورتبته على مقدمة
مشتملة على ثلاثة فصول في آداب الداعي وعشرة أبواب وسميته بأنيس
العابدين. وفي آخر النسخة وإذ قد اتينا على ما قصدنا فالحمد لله الذي
هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله اللهم اغفر لصاحبه ولكاتبه
ولقاربه على يد العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة الله الغني محمد رحيم بن
عبد الله السجاوندي في يوم السبت ١٦ جمادى الثانية سنة ١٠٧٠ من
الهجرة النبوية آه وقد ترجم بالفارسية لمريم بيگم بنت الشاه عباس
الأول. ٨٣٢:
نور الدين محمد الطبيب الشيرازي.
له قسطاس الأطباء ينقل عنه صاحب الرياض مسائل فارسية. ٨٣٣:
المولى محمد عادل بن علامى القمي.
المحدث الفقيه له تأليف منها رسالة في الرد على رسالة السيد
إبراهيم بن محمد باقر الرضوي أخي السيد الصدر شارح الوافية والرسالة
المردود في شرائط مكان المصلي وقد فرع الراد ببلدة ساوج سنة ١١٥٨. ٨٣٤:
المولى محمد بن عاشور الكرمنشاهي نزيل طهران.
كان في عصر فتح علي شاه له كتاب بشارة الفرج في أحوال الحجة وله
رسالة في بيع الوقف. ٨٣٥:
علاء الدين محمد العاملي.
له الرسالة الضرورية فارسية في مسائل متفرقة من الأصول
والفروع. ٨٣٦:
الشيخ محمد العاملي.
من شعراء عصر السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ومن شعره قوله
يمدحه:
أهدي إلى المهدي نجل الهادي * حمدا يضوع به عبير النادي
حبر تحدر من ذؤابة هاشم * يجتث عرش الشرك والالحاد
ما زال وجه الحق يسطع نوره * مذ فاز منه نهجه برشاد
زفت إلى علياه ابكار العلى * مهدية والله كان الهادي
ناهيك من كفو كريم صانها الباري * له من سالف الآباد
فكأنها لعلاه قد خلقت ولا * كفو سواه لها من الأمجاد
في كل ارض روضة منها زهت * أنوارها تدنو من المرتاد
آباؤه الغر الكرام وجده * خير الأنام وأكرم الأجداد
أمست تحدثنا البصائر انه * مهدينا الموعود بالانجاد
ان تنكر الحساد باهر فضله * كم أنكر الحق المبين معادي
قرت به عين الزمان فأصبحت * أيامه تزهو على الأعياد
راحاته حيث المساغب راحة * للآملين ومنهل للصادي
مولى إذا صال الزمان ببأسه * كان الملاذ من الزمان العادي
وإذا الحيا منع الورى فبنانه * تهمي سحائبها الركام أيادي
لو أن للبحر المحيط بنانه * عم البسيطة من ربى و وهاد
يا بحر جود ما له من ساحل * عذبت موارده على الوراد
مولاي ما لي من ألوذ بظله * إلاك أو ألقي اليه قيادي
فاكشف دياجي الهم واقمع غمة * كحلت جفون أخي القذى بسهاد
وأنر صباح مسرتي وأطب به * عيشي فإنك عدتي وعتادي
أ يمسني ضيم وأنت الغوث لي * والغيث ان عفت المحول بلادي
فاستجلها بكرا يرقعها الحيا * وودادها بخفائها لك بادي
جاءت لتشفع لي لدى علياك يا * أندى الأنام يدا بنيل مرادي ٨٣٧:
أبو بكر محمد بن عباس الخوارزمي
توفي سنة ٣٨٣ في نيشابور بعد عودته من الشام ويقال له الطبرخزمي
لان أمه من طبرستان فيركبون الاسمين فيقولون الطبرخزمي وكان ابن أخت
محمد بن جرير الطبري وأقام مدة بالشام وحلب وقصد الصاحب ابن عباد
بأرجان فقال للحاجب قل للصاحب جاء شاعر فرجع الحاجب وقال له
يقول الصاحب اني أعطيت عهدا أن لا آذن الا لشاعر يحفظ عشرين ألف
بيت من شعر العرب فقال قل له تريدها من شعر الرجال أو من شعر النساء
فعلم الصاحب انه أبو بكر الخوارزمي فاذن له وانس به وبواسطة الصاحب
وصل أبو بكر إلى عضد الدولة ونال عنده مرتبة رفيعة. وفي رياض العلماء
يظهر من كتبه التي نقلها الصفدي تشيعه وعده ابن شهرآشوب في معالم
العلماء من شعراء أهل البيت آه ورسالته إلى اهل نيشابور دالة على
تشيعه.
وقال ياقوت: اصله من آمل وكان سبابا رافضيا مجاهرا بذلك
مبتجحا به وكان يزعم أن أبا جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير
والتاريخ المشهور الذي اصله ومولده من آمل خاله ولذلك قال:
بآمل مولدي وبنو جرير * فأخوالي ويحكي المرء خاله
فها انا رافضي عن تراث * وغيري رافضي عن كلالة
وكذب لم يكن أبو جعفر رحمه الله رافضيا وانما حسدته الحنابلة فرموه
بذلك فاغتنمها الخوارزمي آه أقول: خال أبي بكر الخوارزمي هو
محمد بن جرير بن رستم الطبري وهو غير صاحب التاريخ والتفسير
وصاحبهما اسمه محمد بن جرير بن يزيد الطبري المولود في آمل طبرستان
وأوقع ياقوتا في الاشتباه اتحاد الكنية والاسم والنسبة
وفي كتاب شرح تاريخ اليميني لمؤلفه محمود بن عمر النيسابوري أبو
عبد الله البخات المسمى ببساتين الفضلاء ورياحين العقلاء، وصاحب
تاريخ اليميني هو محمد بن عبد الجبار المكنى بأبي نصر القبي وانما سماه
اليميني لأنه في تاريخ يمين الدولة محمود بن سبكتكين.
قال الشارح في ترجمة أبي بكر الخوارزمي: هو أبو بكر محمد بن
العباس باقعة الدهر بحر الأدب وعلم النظم والنثر وعيلم الظرف والعقل

(١) مر هذان البيتان في ترجمة محمد بن جرير الطبري برواية أخرى يختلف فيها البيت الثاني عما ورد
هنا " الناشر "
(٣٧٧)

يجمع بين الفصاحة العجيبة والبلاغة المفيدة ويحاضر باخبار العرب وأيامها
ودواوينها ويدرس كتب اللغة والنحو والشعر ويتكلم بكل نادرة ويأتي بكل
فقرة ودرة ويبلغ في محاسن الأدب كل مبلغ ويغلب على كل مجلس بحسن
مشاهدته وملاحة عبارته ونفحة نغمته وبراعة جده وحلاوة هزله. وديوان
شعره مجلد سائر وكذا ديوان رسائله واصله من طبرستان ومولده ومنشؤه
بخوارزم وكانوا يتسم بالطبري ويعرف بالخوارزمي ويلقب بالطبرخزمي أو
بالطبرخزي وفارق اهله في ريعان شبابه وتقلب في البلاد مستفيدا من
الفضلاء والشعراء ولقي سيف الدولة وخدمه واستفاد من خدمته وصحب
الوزراء والأمراء بخراسان وحمد بعضهم وذم بعضهم ومدحهم وهجاهم
وعاود حضرة الصاحب ثم سعي به إلى الوزير أبي الحسين القبي وتقولوا
عليه فيما لم يقل فكتب إلى تاج في مصادرته وقطع لسانه فهرب بعد ما أدى
بعض ما للمواقفة لحضرة الصاحب ثم عاود نيسابور بعد قتل القبي وقيام
أبي الحسن المزني مقامه وكان معنيا بامره فتمكن بخراسان أحسن ما كان
قبل ثم مني في اخر أيامه بالهمذاني الحافظ البديع واعانه عليه قوم آخرون
ونشبت غصة في حلقه إلى أن توفي.
قال يمدح أبا علي محمد بن أبي الحسن محمد بن سميجور الملقب بعماد
الدولة وبأمير الأمراء والي نيسابور وهراة وفهستان.
ان الألى خلف الخدور * هم في الضمائر والصدور
وقع الغبار عليهم * فغدا يتيه على العبير
لما مشين على الثرى * تاه المعار على المعير
فغدوت في حال الأسير * ورحت في حال الحسير
وكذاك من عشق النجوم * ورام صيدا للبدور
يا سائلي ما في البراقع * والهوادج والستور
فيها الرضاع من المنية * والقطام من السرور
وسالت من زوج المنابر * حين يخطب والسرير
فهو الأمير ابن الأمير * ابن الأمير ابن الأمير
المشتري المدح القليل * بماله الجم الغفير
من سيفه كسر الجبير * وسيبه جبر الكسير
والناظم المعنى الطويل * بلفظه النزر القصير
يرمي أعاديه بسهم * من سعادته طرير
حتى لو افترشوا الحرير * لشاكه من الحرير
ويؤنث البهم الذكور * بتلكم البيض الذكور
وسهامه نوب الخطوب * وقوسه عقب الدهور
ورماحه حشو العدى * وعداته حشو القبور
استغفر الرحمن بل * حشو الخوامع والنسور
ويصوم صارمه فيفطر * بالجماجم والنحور
وإذا اتاه سائلا * رب الشويهة والبعير
أبصرته بفنائه * رب الخورنق والسدير
أ محمد بن محمد * هذا الثماد من البحور
لو كانت الدنيا تدور * على الحقائق في الأمور
ما صيغ تاج محمد * الا من القمر المنير
وله أورده في المناقب:
هارون يا من امره بدعه * جاورت قبرا قربه رفعه
تريد أن تفلح من اجله * لن تدخل الجنة بالشفعة
وله:
عليك باظهار التجلد للعدى * ولا تظهرن منك الذبول فتحقرا
أ لست ترى الريحان يشتم ناضرا * ويطرح في الميضا إذا ما تغيرا
وله:
وماء إذا أوصلت منه صفاءه * حسبت نجوم الليل فيه سوائلا
رأيت سيوفا قد سللن على الثرى * وصارت لها أيدي الرياح صواقلا
وله:
بان الشبيبة والحبية فالتقى * دمعان في الأجفان يلتقيان
ما أنصفتني الحادثات رمينني * بفجيعتين وليس لي قلبان
وقال في ميت:
مات أبو السهل فوا حسرتا * إذا لم يكن مات من الجمعة
مصيبة لا غفر الله لي * إن أنا أذريت لها دمعه
وله:
من أسخط الدرهم أرضى الله * ومن أذل المال صان الجاها
وله:
ومحجب بحجاب عز شامخ * وشعاع نور جبينه لا يحجب
حاولته فرأيت بدرا طالعا * والبدر يبعد بالشعاع ويقرب
قبلت نور جبينه متعززا * باللحظ منه وقد زهاه الموكب
كالشمس في كبد السماء ونورها * من جانبيه مشرق ومغرب
إن ينأ شخصي عن مجالس عزه * فالنفس في ألطافه تتقلب
وإذا تقاربت النفوس وإن نات * أشخاصها فهو الجواد الأقرب
وله:
وبعض الناس يعلو وهو سفل * وبعض الناس يسفل وهو عالي
وبعض الناس يملك وهو عبد * وبعض الناس يعزل وهو والي
وله في أبي زيد:
هذا أبو زيد صقلت حسامه * فعدا به صلتا علي وأقدما
أنشأ يجهلني بما علمته * ويريش من ريشي لرميي أسهما
فأجابه أبو زيد:
يا منبضا قوسا بكفي أحكمت * ومسددا رمحا بكفي قوما
أرقيت بي في سلم حتى إذا * نلت الذي تهوى كسرت السلما
وله:
لا تصحب الكسلان في حاجاته * كم صالح بفساد آخر يفسد
عدوى البليد إلى الجليد سريعة * كالجمر يوضع في الرماد فيخمد
وله:
يبقى ويفنى الناس من شؤمه * قوموا انظروا كيف بخوت اللئام
ثم تراه سالما آمنا * يا ملك الموت إلى كم تنام

(١) وهو الذي مدحه بديع الزمان بالقصيدة التي أولها:
على أن لا أريح العيس والقتبا * * والبس البيد والظلماء واليلبا
(٢) اي غبار على الأرض
(٣٧٨)

وله:
قلت للعين حين شامت جمالا * في وجوه كواذب الايماض
لا تغرنك هذه الأوجه الغر * فيا رب حية في رياض ٨٣٨:
أبو المظفر محمد بن العباس الأبيوردي الأموي.
له كتاب تعلة المشتاق قال ياقوت في معجم الأدباء في ترجمة علي بن
سليمان الأديب البغدادي قرأت بخط أبي سعيد قال: ذكر أبو المظفر محمد
بن العباس الايبوردي في كتاب تعلة المشتاق من تصنيفه قال فيه وقد
صممت العزم على معاودة الحضرة الرضوية بخراسان لأنهي إليها ما قاسيته
في التأخر عن الخدمة وعلم الأديب أبو الحسن علي بن سليمان صري عزمي
فجشم إلي قدمه وجرى على عادته الرضية في رعاية جانبي تمهيدا لما استمر
بيننا من أواصر المودة ولعمر الفضل إني لم أجد في غربتي هذه فاضلا يباريه
ولا ظريفا يجاريه ومن وصف البغدادي بالفضل والظرف فقد كساه الثناء
المختصر وحمل التمر إلى هجر ومن مليح ما أسمعنيه أنه قال سألنا أبا
القاسم عبد العزيز بن أحمد بن ناقيا البغدادي قلت هكذا قال عبد العزيز
وصوابه عبد الله ذكرناه في بابه من هذا الكتاب عن المتنبي وابن نباته
والرضي فقال أن مثلهم عندي مثل رجل بني أبنية شاهقة وقصورا علية وهو
المتنبي فجاء آخر وضرب حولها سرادقات وخيما وهو ابن نباته ثم جاء
الرضي ينزل تارة عند هذا وتارة عند ذاك. قال أنشدني أبو الفرج الببغا
لنفسه:
أشقيتني فرضيت أن أشقا * وملكتني فقتلتني عشقا
وزعمت انك لا تكلمني * عشرا فمن لك انني أبقى
ليس الذي تبغيه من تلفي * متعذرا فاستعمل الرفقا
قال الأبيوردي وبهذا الاسناد قال أنشدني ابن الحجاج لنفسه:
يا صروف الدهر حسبي * أي ذنب كان ذنبي
علة عمت وخصت * لحبيب ومحب
أنا أشكو حر حب * وهو يشكو حر حب
قال الأبيوردي فقل في محبوب جرب وعاشق طرب. ٨٣٩:
السيد محمد العباسي
لا نعلم من أحواله شيئا سوى أن له مشاركة في مساجلة شعرية
جرت في بعلبك بين عشرة أشخاص من أدباء وعلماء جبل عامل وغيرهم
وجدت في مجموعة كتبت في ذلك العصر سنة ١١٠١ وذكرت في ترجمة
الشيخ حسن بن علي الحانيني، قال المترجم له فيها:
والوجه منه يفوق البدر منزلة * ووجنتاه لنا خمر وريحان ٨٤٠:
محمد بن عباس بن علي بن مروان بن الماهيار أبو عبد الله البزاز
المعروف بابن الجحام.
في الخلاصة: الماهيار بالياء وفي الايضاح بالمثناة التحتية بعد الهاء
والراء أخيرا والبزاز بالزاي قبل الألف وبعدها والجحام بالجيم
المضمومة والحاء المهملة بعدها وفي الايضاح بالجيم قبل الحاء المهملة.
قال النجاشي ثقة ثقة من أصحابنا عين سديد كثير الحديث. وفي
الفهرست محمد بن العباس بن علي بن مروان المعروف بابن الجحام يكنى
أبا عبد الله وذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم ع فقال
محمد بن العباس بن علي بن مروان المعروف بابن الجحام
يكنى أبا عبد الله سمع منه التلعكبري سنة ٣٢٨ وله منه إجازة. وفي معالم
العلماء ابن الجحام أبو عبد الله محمد بن علي بن مروان آه.
مؤلفاته
قال النجاشي له: ١ المقنع في الفقه وذكره في الفهرست ٢
الدواجن وفي الفهرست الدواجن على مذهب العامة ٣ ما نزل من القرآن
في أهل البيت ع وقال جماعة من أصحابنا أنه كتاب لم يصنف في
معناه مثله وقيل أنه ألف ورقة. وفي الفهرست له كتب منها تأويل ما نزل
في النبي ص ٤ تأويل ما نزل ما في شيعتهم ٥ تأويل ما نزل في
أعدائهم ٦ التفسير الكبير ٧ الناسخ والمنسوخ ٨ قراءة أمير المؤمنين
ع ٩ قراءة أهل البيت ع ١٠ الأصول ١١
الأوائل. وفي معالم العلماء ذكر مؤلفاته كالفهرست قال الشيخ في
الفهرست: أخبرنا بكتبه ورواياته جماعة من أصحابنا عن أبي هارون بن
موسى التلعكبري عن أبي عبد الله الجحام. ٨٤١:
السيد محمد عباس بن علي بن جعفر بن أبي طالب بن نور الدين ابن
نعمة الله الموسوي الجزائري الشوشتري نزيل لكهنوء المشهور بالمفتي وبمير
عباس. يراجع في عباس ٨٤٢:
الشيخ محمد بن عبد الجليل السنجري
له كتاب الزايجات في علم النجوم ذكره السيد علي بن طاووس في
الباب الخامس من فرج الهموم. ٨٤٣:
أبو النظر العتبي محمد عبد الجبار
له كتاب تاريخ الديالمة يظهر تشيعه من قوله في أوله: من تمسك
بالكتاب والعترة أمن من العثار وأخرج عن النار ومن صدف عنهما فقد أساء
الاختيار وركب الخسار وارتدف الأدبار. ٨٤٤:
السيد محمد عبد الحسيب ابن السيد احمد زين العابدين العاملي
العلوي الفاطمي
هو والد السيد الأمير محمد أشرف والسيد صدر الدين والسيد زين
العابدين وكلهم علماء. له كتاب سدرة المنتهى والعطية العظمى في أصول
الدين فارسي.
وفي تكملة أمل الآمل: قال صاحب الشذور السيد السند المحقق
المدقق الحسيب النسيب ذو الحسب الباهر والنسب الفاخر كان عالما فاضلا
رأيت خطه على كتب عديدة لكشف الحقائق وغيره تاريخ كتابته الأول من
شهر جمادى الثانية سنة ١١٠٣ وذكر في أمل الآمل جده السيد أحمد بن زين
العابدين ومضى في محله. ٨٤٥:
الشيخ محمد بن عبد الحسن بن الحسن القرميسيني النجفي الشهير
بالجزائري.
له كتاب فتوحات عباسي مشتمل على جميع أسماء الله الحسنى
(٣٧٩)

وخواصها بالفارسية وجدنا منه نسخة في همدان بخط فاخر لعله خط المؤلف
وقد ذكر المؤلف في آخره أنه من ذرية مالك الأشتر وكأنه ألف باسم الشاه
عباس الصفوي وقد ذكر منها ٣٩٣ اسما بعدد حروف مبدئ معيد باري
٥٦ ١٢٤ ٢١٣. ٨٤٦:
المولوي محمد عبد الحسين بن محمد عبد الهادي الجعفري الطياري
الكربلائي الهندي.
له كتاب أنيس الشيعة وتذكرة الطريق. ٨٤٧:
الشيخ محمد بن عبد الرحمن الحلي
كان عالما فاضلا محدثا من تلاميذ الشيخ فخر الدين الطريحي اجازه
الشيخ فخر الدين يوم الخميس جمادى الأولى سنة ١٠٧٠ بعد ما قرأ عليه
الاستبصار. ٨٤٨:
الشيخ محمد بن عبد الخالق بن معروف
له كتاب كنز اللغة بالفارسية مطبوع في إيران. ٨٤٩:
القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن قريعة
ولد سنة ٣٠٢ وتوفي يوم السبت لعشر بقين من جمادى الآخرة سنة
٣٦٧ ببغداد ودفن فيها.
كان قاضيا في السندية وكان فاضلا أديبا ظريفا شاعرا مختصا
بالوزير المهلبي ولما دخل الصاحب بن عباد بغداد اجتمع به فأعجبه ظرفه
فأتحف باخباره ابن العميد وكان صاحب مجون كانت الأدباء تكاتبه بالمسائل
لترى جوابه وقد وصفه الصاحب بن عباد لابن العميد فيما حكاه الثعالبي في
اليتيمة عن كتاب الروزنامجة بقوله: وردت أدام الله عز مولانا العراق فكان
أول ما اتفق لي استدعاء مولاي الاستاد أبي محمد الوزير المهلبي أيده الله
وجمعه بين ندمائه من أهل الفضل وبيني وكان الذي كلمني منهم شيخ
ظريف خفيف الروح أديب متفقه في كلامه لطيف يعرف بالقاضي ابن
قريعة فإنه جاراني في مسائل خفتها تمنع من ذكرها واقتصاصها إلا أني
استظرفت قوله في حشو كلامه: هذا الذي أوردته الصافة عن الصافة
والكافة عن الكافة والحافة عن الحافة قال وله نوادر غريبة وملح عجيبة منها
أن كهلا تطايب بحضرة الأستاذ أبي محمد أيده الله سأله عن حد القفا مريدا
تخجيله فقال هو ما اشتمل عليه جريانك ومازحك فيه إخوانك وباسطك فيه
غلمانك وأدبك عليه سلطانك فهذه حدود أربعة.
من شعره قوله:
برئت إلى الله من ظالم * لسبط النبي أبي القاسم
ودنت إلهي بحب الوصي * وحب النبي أبي فاطم
وذلك حرز من النائبات * ومن كل ذي سطوة غاشم
بهم أرتجي الفوز يوم المعاد * وآمن من نقمة الحاكم ٨٥٠:
أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي
الظاهر أنه من أهل القرن الرابع لأنه يروي عنه الحسن بن حمزة
العلوي الطبري والتلعكبري سمع من الحسن هذا سنة ٣٢٨ وقبة: قال
المحدث النيسابوري وجد بخط السيد صفي الدين محمد بن مسعد الموسوي
بكسر القاف وفتح الباء الموحدة وبعضهم ضبطها بضم القاف وتشديد الباء
ولكن الضبط الأول أشهر والرازي نسبة إلى الري على غير القياس وهي
اليوم طهران وما والاها.
أقوال المترجمين فيه
كان معدودا من أعاظم متكلمي الفرقة الامامية وكان معاصرا لأبي
القاسم البلخي من رؤساء معتزلة بغداد. في الفهرست محمد بن عبد
الرحمن بن قبة الرازي يكنى أبا جعفر من متكلمي الإمامية وحذاقهم وكان
أولا معتزليا ثم انتقل إلى قول الإمامية وحسنت طريقته وبصيرته. وقال
النجاشي محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي أبو جعفر متكلم عظيم القدر
حسن العقيدة قوي في الكلام وكان قديما من المعتزل وتبصر وانتقل وكان
حاذقا شيخ الامامية في زمانه له كتب في الإمامة.
وفي شرح النهج الحديدي: أحد متكلمي الإمامية وكان من تلامذة
أبي القاسم البلخي له كتاب الانصاف مشهور معروف وجدت فيه الخطبة
الشقشقية ومات قبل أن يكون الرضي موجودا.
أحواله
اشتهر عنه أنه يقول باستحالة التعبد بخبر الواحد عقلا واستدل على
ذلك بان العمل باخبار الآحاد يوجب تحليل الحرام وتحريم الحلال والثاني
أنه لو جاز الاعتماد في الاخبار عن المعصوم على خبر الواحد لجاز الاعتماد
عليه في الأخبار عن الله تعالى واللازم باطل بالاتفاق فالملزوم مثله.
وله في مسالة الإمامة مباحثات ومناظرات كثيرة نقلها المتكلمون من
الامامية في كتبهم منهم الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في
إثبات الغيبة قال: وقد تكلم علينا أبو الحسن علي بن أحمد بن بشار في
الغيبة وأجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي ببراهين وأدلة
ساطعة. ٨٥١:
الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الرسول ابن الشيخ سعد النجفي
السماوي
فقيه صالح ناسك كثير الاحتياط شديد الورع له كتابة في الفقه. ٨٥٢:
السيد محمد بن السيد عبد السلام بن زين العابدين بن عباس
صاحب نزهة الجليس الموسوي العاملي
في بغية الراغبين: كان من أهل الرياضة والمجاهدة والانقطاع عن
الدنيا وأهلها ومن الفقهاء المجتهدين والأصوليين ولد ومات في جبشيت من
قرى جبل عامل. ٨٥٣:
فخر السادة أبو طاهر محمد بن عبد السميع بن محمد بن كلبون
العباسي البغدادي النسابة
من البيت المعروف بمعرفة الأنساب وتشجيرها والوقوف على غوامض
أحوال العرب والفرس والترك والديلم وكان المشار اليه ماهرا في تشجير
الأنساب وكتب الكثير بخطه وكانت وفاته في بغداد في ٢٥ شعبان سنة ٦٤٣
وحمل إلى مشهد علي ع

(١) هي بلدة بين بغداد والأنبار والنسبة إليها سندوانى للفرق بينها وبين بلاد السند
(١) مجمع الآداب.
(٣٨٠)

٨٥٤:
السيد محمد المعمر بن عبد الصمد الشهشهاني الأصفهاني
توفي بأصفهان سنة ١٢٨٧.
كان مدرسا بأصفهان وهو تلميذ صاحب الرياض وصاحب المناهل
وأستاذ الأردكاني وغيره. له العروة الوثقى في شرح الدروس وحواشي على
الروضة والرياض والغاية القصوى في أصول الفقه في مجلدات وأنيس المتقين
في المعاصي الكبيرة مبسوط. ٨٥٥:
محمد بن عبد العظيم القزاز التبريزي
توفي بالحلة سنة ١٣٢٠ ونقل إلى النجف فدفن فيه وأرخ وفاته عبد
المجيد الحلي البغدادي بقوله:
جيد العلى من حلى الآداب والهفا أرخت عطل في العشرين من صفر
كان أديبا حافظا ولد في تبريز وسافر إلى الروم فالعراق وقطن الحلة
ونظم الشعر ونظم الكثير في أهل البيت ع فمن شعره قوله:
أ لم يحفظا قول النبي محمد * بحق علي يوم نادى فاسمعا
وبين حكم الله فيه خلافة * ونص عليه أن يطاع ويتبعا
وقد كان هذا النص عنه بحجة الوداع * وشمل الناس فيه تجمعا
فقام خطيبا في الحجيج وقد رقى * على منبر الأحداج من حيث جمعا
فاثنى على الرحمن جل جلاله * هناك وللنفس الزكية قد نعى
وقال وكان القول وحيا مبلغا * عن الله أمرا لا يرى عنه مدفعا
نصبت لكم هذا عليا خليفة * كنصب ابن عمران على القوم يوشعا
ومن كنت مولاه فهذا وليه * وأكرم به مولى كريما سميذعا
تركت كتاب الله فيكم وعترتي * ألا فاحفظوا واستمسكوا بهما معا
وما أنكروا يوم الغدير غباوة * ولكنهم أرخوا على الحق برقعا ٨٥٦:
آقا محمد بن عبد العلي بن عبد الحسين ابن الوحيد البهبهاني
كان من العلماء وله حاشية على المدارك مخطوطة رأينا منها نسخة في
كرمانشاه. ٨٥٧:
الشيخ محمد بن عبد الفتاح التنكابني
كان حيا سنة ١١٠٥
رأينا له رسالة في حجية الأخبار والاجماع تدل على كمال فضله قال في
أولها: وبعد فيقول أفقر المحتاجين إلى رحمة ربه الغني محمد بن عبد الفتاح
التنكابني لما كان عمدة ما يتمسك به في المسائل الشرعية الفرعية هي الاخبار
والاجماع لقلة الآيات المتعلقة بالأحكام على وجه تظهر لنا بها وندور استقلال
العقل في شئ من الفروع خطر ببالي أن أكتب رسالة موجزة متعلقة
بالأمرين المذكورين مشتملة على فصلين الخ قال فيها بحجية الاجماع المنقول
بخبر الواحد الثقة إذا شهدت القرائن بحقية الدعوى لا ما إذا لم نشهد.
وقد كان يقول بحجية الاجماع المنقول بخبر الثقة مطلقا كثير من فضلاء
الطائفة قبل الشيخ أسد الله التستري الكاظمي الذي دك بنيان هذا القول
من أساسه حتى أنهم كانوا يعارضون به خبر الواحد إلا أن المترجم قدم خبر
الواحد عليه فقال في آخر الرسالة المذكورة فان قلت إذا تعارض الاجماع
المنقول بخبر واحد معتمد في النقل من غير انضمام قرينة مع رواية واحد
كذلك أيهما يقدم قلت الخبر لأن الدليل الدال على حجية خبر كذلك لا يدل
على حجية الاجماع كذلك كما ظهر لك في حجية في مثل هذا الاجماع بلا
فرض المعارضة فكيف معها وعلى تقدير القول بحجية مثل هذا الاجماع
فليس قوته مثل قوة هذا الخبر لاحتمال الاجتهاد في أصل الاجماع وإن كان
مستنبط الاجماع محترزا عن تعمد الكذب ومعتمدا في النقل بخلاف الرواية
إذ لا يجري الاجتهاد فيها قم قال فان قلت احتمال الاجتهاد وإن كان جاريا
في دعوى الاجماع لكن احتمال الغلط في النقل في غاية البعد لشيوع نقل
الاجماع عن كتاب مدعي الاجماع بخلاف الأخبار لجريان النقل بحسب
الألسن الذي يجري فيه الاشتباه في الألفاظ وكثرة الوسائط التي لا تتعارف
في الاجماع فالضعف في الاجماع بامر واحد وفي الأخبار بأمرين قلت احتمال
الاجتهاد في الاجماع لما كان احتمالا ظاهرا واقعا في كثير من الموارد وطرق
الغفلة في الاجتهاد كثيرة جدا يربو ويزيد على الاحتمالين. ثم قال أيها
اللبيب إياك أن تجترئ بما ذكرته وما لم أذكره على أن لا تعد العلماء
المذكورين وغيرهم عظماء وأن تنسى حقوقهم العظيمة ومساعيهم الجميلة كما
هو دأب جماعة تتبعوا ألفاظ الأخبار والآثار ولم يذوقوا من طعم الحلم
وحلاوته كثيرا ولا قليلا ولم يبلغوا إلى قرب مرتبة تميز لهم أهل العلم من
المدعين بل يحكم كثير منهم برجحان جهال ينسبون إلى العلم عن دعوى
الكمال والمزية بكلمات لا أساس لها عند من له أدنى تمييز خصوصا إذا
انضم إلى كلماتهم كلمات شعرية واضحة البطلان كما هو دأب كثير منهم
وأن تجترئ على ترك الاحتياط في العمل والإفتاء ثم ذكر أنه انتهى من
تأليف الرسالة في شهر رمضان سنة ١١٠٥. والنسخة التي رأيناها كتبت
بخط محمد معين بن محمد فصيح في شهر ربيع الثاني سنة ١١٣٢.
وله رسالة في عينية صلاة الجمعة رأينا منها نسخة مخطوطة في طهران
في مكتبة شريعتمدار الرشتي كتبت عن المؤلف سنة ١١٢١. ٨٥٨:
الشيخ محمد بن عبد علي بن محمد بن أحمد آل عبد الجبار القطيفي
له الرد على الصوفية في مجموع من رسائله بخط تلميذه الشيخ يحيى
بن عبد العزيز بن محمد علي سنة ١٢٣٤. ٨٥٩:
المولى محمد بن عبد الكاظم بن عبد العلي الجيلاني التنكابني.
كان معاصرا للبهائي. له أنموذج العلوم وسمي الاثني عشرية أيضا
لأنه تعرض فيه لمشكلات اثني عشر علما له فيه مناقشات كثيرة مع المحقق
الداماد فرع منه سنة ١٠١٥ فأهداه إلى الشاه عباس الأول وكتبه في مشهد
الرضا ع ثم انقص منه الفقه والحديث لكونهما على طريقة الشيعة وأهداه
إلى الأمير عبد الرحيم خان الملقب بجان خان من امراء الهند وسماه العشرة
الكاملة. ٨٦٠:
السيد محمد المعروف بالحاج آقا مير عبد الفتاح ميرزا يوسف المجتهد
الطباطبائي التبريزي.
كان من أزهد علماء عصره أديبا شاعرا من تلامذة والده السيد
عبد الفتاح له تأليف كثيرة منها كتاب في الأدعية والأذكار روى عنه جماعة
منهم السيد شرف الدين علي المشتهر بسيد الأطباء الحسيني التبريزي المتوفى
سنة ١٣١٦ وغيره. ٨٦١:
السيد محمد ابن السيد عبد الكريم ابن الشاه أسد الله الحسيني
الطباطبائي الأصبهاني مولدا النجفي موطنا البروجردي مدفنا.
كان مولده بأصبهان وموطنه النجف ومدفنه في بروجرد وقبره بها مزور
(٣٨١)

معروف بمقبرة يقال لها مقبرة صوفيان قريب من الطريق وحصن البلد على
يمين الخارج، أوصى بدفنه على طرق زوار المشاهد فدفن هناك وكان أهله
في بروجرد طلبوا منه الإقامة عندهم لارشادهم حيث مال كبر منهم إلى
التصوف باغواء بعض الرؤساء.
قال السيد محمود في المواهب السنية شرح منظومة السيد مهدي
الطباطبائي: كان من أجلة السادة المجتهدين وأعاظم العلماء والفقهاء
الراشدين حاويا للفروع والأصول جامعا للمعقول والمنقول وقال السيد
عبد الله سبط المحدث الجزائري في اجازته الكبيرة: السيد محمد الطباطبائي
ابن أخت المولى محمد باقر المجلسي كان علامة محققا واسع العلم كثير
الرواية تجارينا في كثير من المسائل الفقهية وغيرها فرأيته بحرا صافيا له
مصنفات منها ١ شرح المفاتيح ولم يتم ٢ تحفة الغري في تحقيق الاسلام
والايمان ٣ مواليد النبي ص والأئمة ع وعدد أولادهم
وأزواجهم ووفياتهم ومكان دفنهم فرع منها سنة ١٢٢٦ ٤ شرح الزيارة
الجامعة الكبيرة ٥ رسالة في صوم يوم عاشوراء ٦ رسالة في شهادة
النساء ٧ رسالة في الرد على الصدوق وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد
القائلين بسهو النبي ص ٨ رسالة في الامر وبيان مباحثه الأصولية ٩
رسالة في طالع الولادة فيها ما يؤخذ للولادة من الزايجة وبيان ما يحكم عليها
من احكام النجوم ١٠ رسالة في فضل مسجد الكوفة ١١ رسالة في
شبهة ابن كمونة ١٢ رسالة في أن وقت الفجر هل هو من الليل أو من
النهار. ٨٦٢:
السيد محمد بن عبد الكريم الحسيني المرعشي الخليفة سلطاني.
من ذرية العلامة السيد حسين سلطان العلماء المعروف.
كان فقيها أديبا شاعرا ولد سنة ١١٩٨ وتوفي سنة ١٢٨٠.
له شرح على زبدة الأصول وعلى تشريح الأفلاك وكتاب الإجازات
وتفسير القرآن وديوان شعر وكتاب الرحلة إلى بلاد الهند وقبره بمقبرة تخت
فولاد في أصفهان. ٨٦٣:
محمد بن أبي القاسم عبد الله أو عبيد الله بن عمران الجبابي البرقي أبو
عبد الله الملقب ماجيلويه.
كابن ابنه محمد بن علي. والجبابي بالمعجمة المفتوحة والباء
الموحدة قبل الألف وبعدها، وأبو القاسم يلقب بندار بالباء الموحدة فالنون
فالدال فالراء المهملتين قال العلامة والنجاشي سيد من أصحابنا القميين ثقة
عالم فقيه عارف بالأدب والشعر وزاد النجاشي: والغريب. وقال إنه صهر
أحمد بن أبي عبد الله البرقي على ابنته وابنه علي بن أحمد عن محمد بن
علي بن الحسين عن محمد بن علي ماجيلويه عن أبيه علي بن محمد عن أبيه
محمد بن أبي القاسم انتهى فيكون محمد بن أبي القاسم هذا جد محمد
بن علي المتقدم قبله وقال الصدوق كما تقدم في طريقه إلى إبراهيم بن
سفيان انه عمه لا جده وان كان السند الذي ذكره النجاشي آنفا يخالف
ذلك وكلام اهل الرجال بعضه يوافق الأول وبعضه يوافق الثاني فإنهم
ذكروا عليا أبا محمد كما تقدم في ترجمته تارة بعنوان علي بن محمد بن أبي
القاسم المعروف أبوه بماجيلويه وهو يوافق الأول وأخرى بعنوان علي بن أبي
القاسم المعروف أبوه بماجيلويه وهو يوافق الثاني فيكون أبو القاسم هو
الذي تزوج بنت أحمد بن أبي عبد الله البرقي فولد له منها محمد بن أبي
القاسم واخوه علي ويؤيده انهم ذكروا في الرجال أحمد بن عبد الله ووصفوه
بابن بنت البرقي وانه يروي عن البرقي فيكون أخا محمد وعلي المذكورين
وكلام النجاشي في علي بن محمد بن أبي القاسم يخالف ما هنا ويدل على
موافقة الصدوق. ٨٦٤:
الميرزا نصير الدين محمد ابن ميرزا عبد الله الأصبهاني.
توفي أوائل ١١٩١.
له التقدم في الكلام والحكمة والرياضي وغالب الفنون العقلية
والنقلية وكان شاعرا عالي المقام بالعربية والفارسية طبيبا ماهرا وكان طبيب
كريمخان الزندي المعروف بالوكيل وكان له في شيراز عند السلطان عزة
واحترام ذكره الزنوزي في كتاب الرياض وأورد من شعره العربي قوله:
أيا نسيم الصبا ان تلق جيرتنا * بزندرود حياة الوارد الصادي
فاقرأ لصاحبنا في قرب شاطئه * ما شابه الماء من نظم ابن عباد
يا أصبهان شقيت الغيث من بلد * يا زندرود سقيت الغيث من واد ٨٦٥:
عين الدولة أبو الحسن محمد بن عبد الله بن علي بن أبي عقيل
الصوري الأمير صاحب الساحل.
كان له الحكم المطاع في جميع بلاد الساحل وقد خدمه كل رئيس
فاضل وأديب كامل انشد في اغتنام الشباب:
اما الشبيبة والنعيم فإنني * لم أدر أيهما ألذ واقصر
حتى انقضى عمر الشباب فبان لي * ان الشباب هو النعيم الأكبر
لا تخدعن عنه فبائع ساعة * منه بدنياه جميعا يخسر ٨٦٦:
الأمير أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن محمد السوسي.
توفي في حدود سنة ٣٧٠ ودفن بحلب. كان فاضلا أديبا كاتبا بحلب
وسافر إلى فارس ثم عاد إلى محله.
ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت
المجاهرين، فمن شعره قوله:
لهفي على السبط وما ناله * قد مات عطشانا بكرب الظما
لهفي لمن نكس عن سرجه * ليس من الناس له من حمى
لهفي على بدر الهدى إذ علا * في رمحه يحكيه بدر الدجى
لهفي على النسوان إذ برزت * تساق سوقا بالعنا والجفا
لهفي على تلك الوجوه التي * أبرزن بعد الصون بين الملا
لهفي على ذاك العذار الذي * علا بالطف تراب العرا
لهفي على ذاك القوام الذي * أحناه بالطف سيوف العدى
وله:
كم دموع ممزوجة بدماء * سكبتها العيون في كربلاء
لست أنساه في الطفوف غريبا * مفردا بين صحبه بالعراء
وكأني به وقد خر في الترب * صريعا مخضبا بالدماء
وكأني به وقد لحظ النسوان * يهتكن مثل هتك الإماء

(١) مجمع الآداب
(٣٨٢)

وله وهو وزن غريب:
جودي على الحسين يا عين بانغزار * جودي على الغريب إذ الجار لا يجار
جودي على النساء مع الصبية الصغار * جودي على القتيل مطروحا في القفار
الا يا بني الرسول لقد قل الاصطبار * الا يا بني الرسول أخلت منكم الديار
الا يا بني الرسول فلا قر لي قرار
وله:
لا عذر للشيعي يرقا دمعه * ودم الحسين بكربلاء أريقا
يا يوم عاشورا لقد خلفتني * ما عشت في بحر الهموم غريقا
فيك استبيح حريم آل محمد * وتمزقت أسبابهم تمزيقا
أ أذوق ري الماء وابن محمد * لم يرو حتى للمنون أذيقا
وله:
وكل جفني بالسهاد * مذ غرس الحزن في فؤادي
ناع نعى بالطفوف بدرا * أكرم به رائحا وغادي
نعى حسينا فدته روحي * لما أحاطت به الأعادي
في فتية ساعدوا وواسوا * وجاهدوا أعظم الجهاد
حتى تفانوا وظل فردا * ونكسوه عن الجواد
وجاء شمر إليه حتى * جرعه الموت وهو صادي
وركب الرأس في سنان * كالبذر يجلو دجى السواد
واحتملوا اهله سبايا * على مطايا بلا مهاد
وله:
أ أنسى حسينا بالطفوف مجدلا * ومن حوله الأطهار كالأنجم الزهر
أ أنسى حسينا يوم سير برأسه * على الرمح مثل البدر في ليلة البدر
أ أنسى السبايا من بنات محمد * يهتكن من بعد الصيانة والخدر
وأورد له في المناقب قوله:
بهم يبيض يوم الحشر وجهي * واقبض باليمين على الكتاب
فأولهم أبو حسن امامي * امام هدى يرى مثل الشهاب
ومنهم من سقته العرس مما * فغص أبو محمد بالشراب
ومنهم ثاويا بالطف اضحى * قتيلا بالصفائح والحراب
وزين العابدين معا علي * وباقر كل علم بالصواب
أبو عبد الإله به أرجي * نجاتي في الحساب وفي الكتاب
ومنهم مخبر ما كان قدما * ومخبر ما يكون بلا ارتياب
أمير المعجزات ومن تبدى * لنا بالعلم والعجب العجاب
وتاسعهم محمد ذو سناء * مقيم عند موسى في القباب
وعاشرهم أبو حسن رجائي * أبو الحسن المرجى للمآب
وحادي عشرهم حسن امامي * أبو القمر المغيب في الحجاب
وله:
أحب من غيب في كوفان * وابنه المسموم بالديفان
والثالث المقتول بالعدوان * وبعده الساجد للمنان
وباقر العلوم ذو التبيان * وجعفرا محير الأذهان
امامنا موسى العظيم الشأن * وابنه الثامن في نوقان
وابنه التاسع في بغدان * والعسكري وابنه الغرمان
وله:
أنتم سماء للسموات العلى * والخلق ارض تحتكم ومهاد
أنتم معاذ الخلق يوم معادهم * واليكم الاصدار والايراد
أنتم صراط الله حبله الممدود * أنتم بيته المرتاد
بهداكم صلح الفساد وهكذا * بهدى سواكم للصلاح فساد
يا من بهم عرف الرشاد وليتهم * لولاكم لم يعرف الارشاد
لو لم نسبح في الصلاة بذكركم * كانت ترد صلاتنا وتعاد
الطيبون الطاهرون الخيرون * الفاضلون السادة الأمجاد
اهل الندى اهل الجدا اهل الحجى * اهل النهى اهل التقى الزهاد
السادة العلماء والحلماء * والفقهاء والحكماء والعباد
الأنجم الصبحاء والفصحاء والرجحاء * والسمحاء والنقاد
أنتم عداد شهورنا ونجومنا * وبكم تصح وتستوي الاعداد
منكم علي والحسين وقبله * حسن أخوه ومنكم السجاد
ومحمد منكم وجعفر وابنه * موسى به صرح العلاء يشاد
ثم الرضا ومحمد وعليه * وأبو الذي الدنيا له تنقاد
ذاك المميت الجور بالعدل الذي * فيه لمن يبغي الرشاد رشاد
وله في أمير المؤمنين ع.
ذاك الامام المرتضى * ان غدر القوم وفي
أو كدر اليوم صفا * فهو له مطاول
مؤنسه في وحدته * صاحبه في شدته
حقا مجلي كربته * والكرب كرب شامل
وله فيه:
في فيه سيف حكاه سيف راحته * سيان ذاك وذا في الخطب والخطب
لو قال للحي مت لم يحيى من رهب * أو قال للميت عش ما مات من رعب
وقوله في الحسين ع:
فيا بضعة من فؤاد النبي * بالطف أضحت كثيبا مهيلا
قتلت فأبكيك عين الرسول * وأبكيت من رحمة جبرائيلا
وقوله في الحسين ع:
يا قمرا حين لاحا * أورثني فقدك المناحا
يا نوب الدهر لم يدع لي * صرفك من حادث سلاحا
أبعد يوم الحسين ويحيى * استعذب اللهو والمزاحا
يا سادتي يا بني علي * بكى الهدى فقدكم وناحا
أوحشتم الحجر والمساعي * آنستم القفر والبطاحا ٨٦٧:
أبو أحمد فخر الدين محمد بن عبد الله بن علي بن حسن بن علي بن محمد بن
سبع سالم بن رفاعة السبعي البحراني المعروف بالسبعي.
توفي بالحلة سنة ٨١٥ ودفن بها وابنه احمد تلميذ ابن المتوج من
أفاضل المصنفين.
في الطليعة: كان فاضلا عالما جامعا مصنفا أديبا شاعرا زار
العتبات وسكن الحلة لطلب العلم وكانت إذ ذاك محط ركاب الأفاضل
ومأوى العلماء الأماثل.
له قصيدة في رثاء الحسين ع أولها:
مصائب عاشورا أطلت بها العشر * تذكر بالأحزان ان نفع الذكر
(٣٨٣)

وله:
شباب تولى للمشيب واقبلا * نذير المن أمسى وأصبح مغفلا
يرى الناس منهم ظاعنا اثر ظاعن * فظن سواه الظاعن المترحلا
ترحلت الجيران عنه جميعهم * وما رحل الجيران الا ليرحلا
ولكنه لما مضى العمر ضائعا * بكى عمره الماضي فحن وأعولا
تذكر ما افنى الزمان شبابه * فبات يسيح الدمع في الحد مسبلا
ولم يبك من فقد الشباب وإنما * بكى ما جناه ضارعا متنصلا
حنانيك يا من عاش خمسين حجة * وخمسا ولم يعدل عن الشر معدلا
وليس له في الخير مثقال ذرة * وكم ألف قنطار من الشر حصلا
أعاتب نفسي في الخلاء ولم يغد * عتابي على ما فات من زمن خلا ٨٦٨:
مجد الدين عبد الله لعله محمد بن عبد الله الحسيني البلخي.
في كتاب أنوار الربيع في التورية ما لفظه: ومن أغراضه الغريبة قول
مجد الدين، وفهم مما ذكره بعد ذلك أن مجد الدين اسمع عبد الله ولم ندر
من هو وانه قال البيتين الآتيين في ولده فضل الله بن عبد الله وهما:
أرى ولدي قد زاده الله بهجة * وكمله في الخلق والخلق مذ نشأ
سأشكر ربي حيث أوتيت مثله * وذلك فضل الله يؤتيه من يشا
وقال يمدح الإمام علي ابن أبي طالب ع:
يا ابن عم النبي ان أناسا * قد توالوك بالسعادة فازوا
أنت للعلم في الحقيقة باب * يا إماما وما سواك مجاز
وله:
وا سوأتاه إذا وافقت بموقف * ما مخلصي فيه سوى الاقرار
وسواد وجهي عند اخذ صحيفتي * وتطلعي فيها شبيه القار ٨٦٩:
الشيخ محمد بن عبد الله بن عمر البازيار القمي.
له القرانات والدول والملل ذكره ابن طاووس في الباب الخامس من
فرج الهموم وقال إنه وصل إلينا هذا الكتاب. ٨٧٠:
أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المطلب الشيباني.
له كتاب المباهلة ينقل عنه السيد علي بن طاووس في الاقبال. ٨٧١:
الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد آل مظفر النجفي.
ولد سنة ١٢٥٦ في النجف وتوفي بالوباء سنة ١٣٢٢ فيها ودفن في
الصحن العلوي.
كان عالما فاضلا قرأ على الشيخ راضي ابن الشيخ محمد النجفي
الفقيه المشهور كان يدرس في الفقه ويحضر درسه جماعة ويصلي اماما في
المسجد الذي في محلة البراق وفي أواخر حياته كف بصره. له شرح تام
مختصر على الشرائع في مجلدين ورسالة في القراءة. ٨٧٢:
الشيخ الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر ابن عبد الله بن عبد
الرحمان بن أحمد بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الآبار الأندلسي.
ولد في بلسنية في ربيع الثاني عام ٥٩٥ ومات صبيحة الأربعاء ٢٠
المحرم سنة ٦٥٨ جاء في دائرة المعارف الاسلامية تعريب محمد ثابت واحمد
الشتناوي وإبراهيم زكي وعبد الحميد يونس: مؤرخ ومحدث وأديب وشاعر
عربي اصله من أندة ارض بني قضاعة بالأندلس تلقى العلم على أبي
عبد الله بن نوح وأبي جعفر الحصار وأبي الخطاب بن واجب وأبي الحسن بن
خيرة وأبي سليمان بن حوط وأبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن سعادة
وغيرهم وظل أكثر من عشرين عاما على اتصال وثيق بأبي الربيع بن سالم
أعظم محدثي الأندلس وهو الذي حبب اليه اتمام كتاب الصلة لابن بشكوال
وكان كذلك كاتم سر حاكم بالنسية أبي عبد الله محمد بن أبي حفص بن
عبد المؤمن بن علي ثم كاتم سر ابنه أبي زيد وأخيرا كاتم سر زيان بن
مردنيش ولما حاصر ملك ارجونة دون جايم مدينة بلنسية في رمضان عام
٦٣٥ أرسل ابن الآبار في مهمة سياسية إلى سلطان تونس أبي زكريا ويحيى
بن عبد الواحد بن أبي حفص ليقدم إليه وثيقة يعترف فيها سكان بلنسية
وأميرها بسيادة الدولة الحفصية فقابل السلطان في أربعة المحرم سنة ٦٦٣
وأنشده قصيدة سينية يلتمس فيها مساعدته للمسلمين بالأندلس ثم رجع
إلى بلنسية ثم غادرها مع أسرته إلى تونس قبل سقوط بلنسية في أيدي
المسيحيين أو بعده بأيام قلائل وذلك في صفر سنة ٦٣٦ وقال الغبريني انه
ذهب أولا إلى بجاية فاشتغل بالتدريس مدة وأحسن سلطان تونس استقباله
وأصبح كاتم سره وناط به رسم طغرائه في أعلى الرسائل والمنشورات
السلطانية ثم عزل وولي مكانه أبو العباس الغساني وكان لا يشق له غبار في
كتابة الخطوط الشرقية التي كان السلطان يفضلها على الخط المغربي وغاظ
ذلك ابن الآبار وظل رغما من التحذير المتكرر يضع الطغراء السلطاني على
الوثائق التي يكتبها واعتكف في داره وألف كتابه المسمى أعتاب الكتاب
وأهداه إلى السلطان فعفى عنه وأعاده إلى منصبه ولما مات أبو زكريا وخلفه
ابنه المستنصر قرب ابن الأبار واستمع إلى نصحه ثم غضب منه فعذبه
وصادر مصنفاته فوجد بينها قصيدة في هجاء السلطان فامر ان يقتل طعنا
بالحراب ثم احرق جسده ومصنفاته وأشعاره وإجازاته العلمية في محرقة
واحدة. وألف ابن الابار عدة كتب في التاريخ والحديث والأدب والشعر لم
يبق منها الا المؤلفات الآتية: ١ كتاب التكملة لكتاب الصلة طبع في
مجريط ٢ المعجم في أصحاب القاضي الامام أبي علي الصدفي طبع في
مجريط ٣ الحلة السيراء طبع بعضها في ليدن ٤ تحفة القادم ٥ أعتاب
الكتاب آه.
وذكره احمد المقري المغربي في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس
الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب كما ذكرناه ولم يذكر اسمه
وذكر له رسالة خاطب بها الكاتب البارع القاضي أبا المطرف بن عميرة
المخزومي وقال وهي من غرض ما نحن فيه فلنقتبس نور البلاغة منها وذكر
جواب أبي المطرف عنها وذكر أيضا ان لابن الأبار كتابا اسمه دور السمط في
خبر السبط وأورد منه فصولا ثم قال انتهى ما سنح لي ذكره من درر السمط
وهو كتاب غاية في بابه ولم أورد منه غير ما ذكرته لان في الباقي ما تشم منه
رائحة التشيع والله سبحانه يسامحه بمنه وكرمه ولطفه ثم قال وقد عرفت بابن
الآبار في أزهار الرياض بما لا مزيد عليه آه ولم يتيسر لنا الاطلاع على
أزهار الرياض لنعلم ما ذكره في حقه. اما رسالة الحافظ ابن الآبار التي
(٣٨٤)

خاطب بها المطرف فنذكر فقرات منها وهي كجوابها مسجعة على عادة اهل
ذلك العصر من جملتها: الحديث عن القديم شجون والشأن بتقاضي
الغريم شؤون فلا غرو ان أطارحه إياه وأفاتحه الأمل في لقياه أبت البلاغة
الا عمادها ومع ذلك فسأنبئ عمادها درجت اللدات والأتراب وخرجت
الروم بنا إلى حيث الاعراب أيام دفعنا لأعظم الاخطار وفجعنا بالأوطان
والأوطار فإلى م نداري برح الألم وحتام نساري النجم في الظلم جمع أوصاب
ما له من انفضاض ومضض اغتراب شذ عن ابن مضاض فلو سمع الأول
بهذا الحارث ما ضرب المثل بالحارث فيا لله من جلاء ليس به يدان وثناء قلما
يسفر عن تدان هؤلاء الاخوان بين هائم بالسرى ونائم في الثرى واما
الأوطان المحبب عهدها بحكم الشباب المشبب فيها بمحاسن الأحباب فقد
ودعنا معاهدها وداع الأبد وأخنى عليها الذي أخنى عليو لبد أسلمها
الاسلام وانتظمها الانتثار والاصطلام.
كزعزع الريح صك الدوح عاصفها * فلم يدع من جنى فيها ولا غصن
واها وواها يموت الصبر بينهما * موت المحامد بين البخل والجبن
أين بلنسية مغانيها وأغاريد ورقها وأغانيها أين حلى رصافتها وجسرها
ومنزلا عطائها ونصرها أين جداولها الطفاحة وخمائلها أين جنائبها النفاحة
وشمائلها ثم لم يلبث داء عقرها ان دب إلى جزيرة شقرها فامر عذبها النمير
وذوي غصنها النضير ومع ذلك اقتحمت دانية فنزحت قطوفها وهي دانية ويا
لشاطبة ونطحائها من حيف الأيام واتحائها ولهفاه ثم لهفاه على تدمير وتلاعها
وجيان وقلاعها وقرطبة ونواديها وحمص وواديها عض الحصار أكثرها وطس
الكفر عينها واثرها وتلك البيرة بصدد البوار ورية في مثل حلقة السوار ولا
مرية في المرية وخفضها على الجوار إلى بنيات لواحق بالأمهات ونواطق بها
لأول ناطق بهات ما هذا النفخ بالمعمور أ هو النفخ في الصور وما لأندلس
أصيبت باشرافها ونقصت من أطرافها قوض عن صوامعها الأذان وصمت
بالنواقيس فيها الآذان أ جنت ما لم تجن الأصقاع أ عقت الحق فحاق بها
الايقاع كلا بل دانت للسنة وكانت من البدع في أحصن جنة هذه المروانية
مع اشتداد أركانها وامتداد سلطانها ألقت حب آل النبوة في حبات القلوب
وألوت ما ظفرت من خلعة ولا قلعة بمطلوب إلى المرابطة بأقاصي الثغور
والمحافظة على معالي الأمور والركون إلى الهضبة المنيعة والروضة المريعة من
معاداة الشيعة وموالاة الشريعة اللهم غفرا طالما ضجر ومن الأنباء ما فيه
مزدجر وربنا الحكيم العليم فحسبنا التفويض له والتسليم ويا عجبا لبني
الأصفر أ نسيت مرج الصفر دع ذا فالعهد به بعيد ومن اتعظ بغيره فهو
سعيد حاورت سيدي بمثار الفاجئ الفاجع وحاولت برء الجوى من جوابه
بالعلاج الناجع أليس لديه أسواء المكلوم وتدارك المظلوم وبيده أزمة المنثور
والمنظوم أين أبو الفضل بن العميد من العماد الفاضل وصمصامة عمرو من
قلمه الفاضل أبقاه الله تعالى وبيانه صادق الأنوار وزمانه كاذب الأسواء ولا
زال مكانه مجاوزا ذؤابة الجوزاء واحسانه مكافأ بأحسن الجزاء والسلام.
قال صاحب نفح الطيب:
وقد رأيت أن أثبت هنا رسالة خاطب بها الكاتب البارع القاضي أبو
المطرف بن عميرة المخزومي الشيخ الحافظ أبا عبد الله بن الابار جوابا عن
رسالته السابقة يذكر له اخذ العدو مدينة بلنسية، ونحن نذكر منها بعض
فقرات تتعلق بوصف ابن الابار واخذ بلنسية قال: أيها الأخ الذي دهش
ناظري لكتابه بعد أن دهش خاطري من إغبابه فبورك فيه أحوذيا وصل
رحمه وكسا منظره من البهجة ما كان حرمه وأبان والبيان لا تنجاب عنه ديمته
ولا تغلو بغير قيمته فمهلا أيها الموفي على علمه النافث بسحر قلمه
أ تظن منزلتك في البلاغة ومهيعها لاحب ومنزعها بالعقول لاعب تسفل وقد
ترفعت أو تخفى وان تلفعت عرفناك يا سودة وشهرت حلة عطارد الملاحة
والجودة طارحني حديث مورد جف وقطين خف فيا لله لا تراب درجوا
وأصحاب عن الأوطان خرجوا قصت الأجنحة وقيل طيروا وانما هو القتل
أو الأسر أو تسيروا فتفرقوا أيدي سبا وانتشروا مل ء الوهاد والربى ففي كل
جانب عويل وزفرة وبكل صدر غليل وحسرة ولكل عين عبرة لا ترفا من
اجلها عبرة وهي بلنسية ذات الحسن والبهجة والرونق وما لبث ان أخرس
من مسجدها لسان الأذان واخرج من جسدها روح الايمان فأين تلك
الخمائل ونضرتها والجداول وخضرتها راجعت سيدي مؤديا ما يجب أداؤه
ومقتديا وما كل أحد يحسن اقتداؤه وانما ناضلت ثعليا وعهدي بالنضال
قديم وناظرت جدليا وما عندي للمقال تقديم أتم الله عليه آلاءه وحفظ
مودته وولاءه ومتع بخلته الكريمة اخلاءه بمنه والسلام. ثم قال في نفح
الطيب: رأيت هنا ان أذكر فصولا مجموعة من كلامه في كتابه المسمى بدر
السمط في خبر السبط قال رحمه الله تعالى: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت
فروع النبوة والرسالة وينابيع السماحة والبسالة صفوة آل أبي طالب
وسراة بني لؤي بن غالب الذي جاءهم الروح الأمين وحلاهم الكتاب
المبين فقل في قوم شرعوا الدين القيم ومنعوا اليتيم ان يقهر والأيم ما قد من
أديم آدم أطيب من أبيهم طينة ولا اخذت الأرض أجمل من مساعيهم زينة
لولاهم ما عبد الرحمن ولا عهد الايمان سراة محلتهم سر المطلوب وقرارة
محبتهم حبات القلوب اذهب الله عنهم الرجس وشرف بخلقهم الجنس فان
تميزوا فشريعتهم البيضاء أو تحيزوا فلعشيرتهم الحمراء من كل يعسوب
الكتيبة منسوب لنجيب ونجيبة نجاره الكرم وداره الحرم.
نمته العرانين من هاشم * إلى النسب الأصرح الأوضح
إلى نبعة فرعها في السماء * ومغرسها سرة الأبطح
أولئك السادة أحيي وأفدي والشهادة بحبهم أوفي وأؤدي ومن
يكتمها فإنه آثم قلبه آه.
فصل ما كانت خديجة لتأتي بخداج ولا الزهراء لتلد الا أزاهر
كالسراج مثل النحلة لا تأكل الا طيبا ولا تضع الا طيبا خلدت بنت خويلد
ليزكو عقبها من الحاشر العاقب ويسمو مرقبها على النجم الثاقب فصل
إلى البتول سير بالشرف التالد وسبق الفخر بالأم الكريمة والوالد وأبيها ان أم
أبيها لا تجد لها شبيها نثرة النبي وطلبة الوصي وذات الشرف المستوي
على الأمد القصي كل ولد الرسول درج في حياته وحملت هي ما حملت من
آياته ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء لا فرع للشجرة المباركة من سواها فهل
جدوى أوفر من جدواها الله اعلم حيث يجعل رسالاته حفت بالتطهير
والتكريم وزفت إلى الكفؤ الكريم فوردا صفو العارفة والمنة وولدا سيدي
شباب اهل الجنة عوضت من الأمتعة الفاخرة بسيدي الدنيا والآخرة

(١) هو كنية فاطمة عليها السلام
(٣٨٥)

فصاهره الشرع وخا لله وقال بعض صعلوك لا مال له نرفع درجات من
نشاء فصل.
أ تنتهب الأيام أفلاذ احمد * وأفلاذ من عاداهم تتودد
ويضحى ويظمى احمد وبناته * وبنت زياد ودها لا يصود
في دينه في أمنه في بلاده * تضيق عليهم فسحة تتورد
وما الدين الا دين جدهم الذي * به أصدروا في العالمين وأوردوا
هذا بعض ما أورده صاحب نفح الطيب من كتاب درر السمط وقال إنه
لم يورد غيره لان في الباقي ما تشم منه رائحة التشيع.
ولا يخفى ان رائحة التشيع العطرية ونفحاته المسكية مشمومة مما
أورده أيضا لظهوره في اخلاصه في حب أهل البيت الطاهر واعترافه
بفضلهم الباهر الذي قلما يطيق كثير من الألسن ذكره أو تستطيع نشره ولا
شك ان ما تركه تحرجا وتأثلما حتى كأنه من الموبوقات رائحة التشيع العطرية
منه فائحة، وبعض المخلوقات لا يستطيع شم طيب الرائحة، فتشيع ابن
الابار ظاهر على رغم ما في رسالته السابقة إلى ابن المطرف من قوله من
معاداة الشيعة وموالاة الشريعة إذ انه كلام لا يخلو من اجمال موجب لتطرق
الاحتمال بشاهد الحال وغيره في الدلالة على تشيع الرجل أوضح وأصرح.
وهناك رجل يعرف بابن الابار وهو أبو جعفر أحمد بن محمد الخولاني
شاعر أمير إشبيلية توفي عام ٤٣٣ وله كما في كشف الظنون غير ديوانه أربعة
مؤلفات تنسب عادة إلى صاحب الترجمة والظاهر أن المعروف بابن الابار هو
المترجم هذا.
وقال محمد عبد الله عنان:
يعتبر من أعظم شخصيات التاريخ الأندلسي، في تلك المرحلة
القاتمة من مراحله، مرحلة التفكك والانهيار والسقوط.
ونحن لا نقصد في هذا المقال، أن نقدم ترجمة كاملة لحياة ابن
الابار، ولا ان نتحدث عنه كفقيه راسخ، أو كاتب بلغ ذروة البيان، أو
شاعر مبدع مبك، أو مؤرخ محقق، ما زالت آثاره وتراجمه، أهم وأوثق
مصادرنا عن حوادث عصره، ورجالات عصره، ولكنا نريد فقط ان نقدم
بعض صفحات عن حياته السياسية والدبلوماسية، التي اقترنت بأهم
حوادث عصره، والتي جعلت منه شخصية تاريخية بارزة، تفوق في
أهميتها، وفي الأدوار التي قامت بها، شخصيات امراء هذا العصر
وسادته.
ويكفي ان نقول في نشاة ابن الأبار، انه ولد بثغر بلنسية، أعظم
وأجمل حواضر شرقي الأندلس، في سنة ٥٩٥ ه‍ ١١٩٩ م، في بيت
علم ونبل. واصلهم من أندة الواقعة على مقربة من غربي بلنسية، والتي
ستنتسب إليها كثير من أكابر العلماء. ودرس ابن الأبار الحديث والفقه،
على أقطاب عصره، وفي مقدمتهم أبوه عبد الله، وبرع في اللغة والأدب،
وشغف بالأخبار والسير، ثم رحل في مطلع شبابه إلى غربي الأندلس فزار
قرطبة، ثم إشبيلية، وهو يأخذ أينما حل عن أساتذة العصر. ولما توفي أبوه
في سنة ٦١٩ ه‍، كان هو ما يزال بغربي الأندلس، في مدينة بطيوس،
عاكفا على دراساته، فعاد عندئذ إلى بلنسية، موطنه، ومثوى أسرته.
وكانت الحوادث في شرقي الأندلس، قد اخذت في هذا الوقت
بالذات تؤذن بتطورات خطيرة. ونحن نعرف ان الأندلس كانت ما تزال
حتى ذلك الوقت ولاية مغربية تحت حكم الخلافة الموحدية، ولكن الدولة
الموحدية، كانت قد بدأت قبل ذلك بقليل، منذ موقعة العقاب المشؤومة
سنة ٦٠٩ ه‍ ١٢١٢ م، التي سحقت فيها الجيوش الموحدية، على يد
الجيوش الأسبانية المتحدة، تدخل في دور انحلالها، وبدأ سلطانها
بالأندلس، يهتز تحت ضربات الحركات القومية المحلية، وكان شرقي
الأندلس بالأخص مسرحا لموجة جديدة من الصراع بين القوى الوطنية،
والسيادة الموحدية.
وكان والي بلنسية يومئذ هو السيد أبا عبد الله محمد بن يوسف بن
عبد المؤمن.
ولدينا ما يدل على أن ابن الابار، عقب عودته من منطقة الغرب،
قد تولى منصب الكتابة لهذا السيد. ولكن السيد أبا عبد الله توفي بعد
ذلك بقليل في سنة ٦٢٠ ه‍، وقام في ولاية بلنسية مكانه ولده السيد أبو
زيد عبد الرحمن، فاستمر ابن الابار في منصبه كاتبا للوالي الجديد، وزادت
حظوته ومكانته، ولم يلبث ان غدا موضع ثقة السيد وتقديره.
وكان سلطان الموحدين، في هذه المنطقة من الأندلس، منطقة
الشرق، أضعف منه في اية منطقة أخرى، أولا لنأيها وبعدها عن مركز
الحكومة العامة بإشبيلية، وثانيا لأن منطقة الشرق، كان منذ أيام زعيم
الشرق محمد بن سعد بن مردنيش، قبل ذلك بنحو سبعين عاما، مركزا
لأعنف ثورة وطنية أندلسية، اضطرمت ضد الموحدين. ومن ثم، فإنه لما
انهارت قوى الموحدين العسكرية بالأندلس على اثر موقعة العقاب، عادت
بوادر الثورة والاضطراب من جديد تعمل في منطقة الشرق. وكانت
مرسية، وهي حاضرة الشرق الجنوبية، أول مسرح لانفجار الثورة
الوطنية، فقام بها محمد بن يوسف بن هود، واستطاع ان ينتزع السلطة من
حاكمها الموحدي السيد أبي العباس سنة ٦٢٥ ه‍.
وشعر السيد أبو زيد والي بلنسية بخطورة هذه الحركة، فسار في
قواته لمقاتلة ابن هود، ولكن ابن هود هزمه، فارتد مفلولا إلى بلنسية وهو
يستشعر سوء المصير.
ذلك أنه لم تمض على ذلك أشهر قلائل، حتى ظهر صدى الحوادث
في بلنسية ذاتها، واضطرم اهل بلنسية بالثورة ضد الموحدين، واتجهوا إلى
الانضواء تحت زعامة الرئيس أبي جميل زيان بن مدافع بن مردنيش وزير
السيد وكبير بطانته. وكان الرئيس زيان، وهو سليل آل مردنيش، حملة
لواء الثورة الوطنية من قديم ضد الموحدين، هو الزعيم الطبيعي لمثل تلك
الحركة. وكان من اثر ذلك أن وقعت الوحشة بين الوالي السيد أبي زيد،
وبين وزيره الرئيس زيان، وخشى زيان من نقمة السيد، فارتد في اهله
إلى حصن أندة القريب وامتنع به، وهو يرقب سير الحوادث.
وعندئذ اشتد الهياج في بلنسية، وهتف الشعب برياسة زيان،
وخشى السيد أبو زيد بدوره البادرة على نفسه، ولم يجد سبيلا لمدافعة هذه
الثورة الجارفة، فغادر بلنسية في اهله وأمواله، ومعه كاتبه ابن الابار،
والتجأ إلى بعض الحصون القريبة. وكان خروج السيد أبي زيد من بلنسية
(٣٨٦)

في شهر صفر سنة ٦٢٦ ه‍. ١٢٢٩. وعلى اثر خروجه دخل الرئيس
أبو جميل زيان بلنسية ونزل بالقصر، ودعا للخليفة العباسي، واستقبله
الشعب بأعظم مظاهر الحماسة والترحيب.
ولبث السيد أبو زيد مدى حين بمقره على مقربة من بلنسية، فلما رأى
تطور الأمور على هذا النحو، ولما لم يجد سبيلا إلى استرداد سلطانه، عول
على أن يلتجئ إلى خايمي الأول ملك أراجون، وكان يعقد بلاطه يومئذ
بقلعة أيوب، فسار اليه ومعه كاتبه ابن الابار.
وهنا تبدأ تلك للصفحات المشجية من حياة ابن الابار الدبلوماسية.
وقد وقفنا في أحد مخطوطات الاسكوريال على هذين البيتين، اللذين
أنشدهما ابن الابار حين مغادرته لبلنسية مع مخدومه السيد أبي زيد، وهما:
الحمد لله لا اهل ولا ولد * ولا قرار ولا صبر ولا جلد
كان الزمان لنا سلما إلى امد * فعاد حربا لنا لما انقضى الأمد
ومنهما يبدو ان ابن الابار، حين مغادرته لبلنسية، كان وحيدا، لا
اهل له ولا ولد، ومن ثم كان اقدامه على مشاركة السيد في مغامرته، التي
لم يكن يقدر يومئذ مدى خطورتها، وكان ابن الابار يومئذ شابا في
عنفوانه، في الحادية والثلاثين من عمره.
والحقيقة ان هذا الأمير الموحدي السيد أبا زيد كان ينوي ان يذهب
في ارتمائه في أحضان النصارى، إلى أبعد مدى يمكن تصوره. وكان خايمي
الأول ملك أراجون، من جانبه يحاول ان يجتنى لقاء معاونه الأمير المسلم،
أقصى ما يمكن اجتناؤه من أشلاء الأندلس. وكانت بلنسية بالذات هي
أعز أمانيه، وتاج أطماعه. ومن ثم فقد عقدت بين الأمير الموحدي وملك
أراجون، معاهدة صداقة وتحالف، تقضي بان يسلم الأمير الموحدي اليه
جزءا مما يفتتحه من الأراضي والحصون الاسلامية، وان يحتفظ الملك
خايمي كذلك بكل ما يقوم بافتتاحه هو من الأراضي والحصون لنفسه، وان
يسلم اليه السيد أبو زيد عدة حصون وبلاد هامة في منطقة بلنسية رهينة
بولائه، وان يقوم ملك أراجون لقاء ذلك بحماية السيد والدفاع عنه ضد
أعدائه.
وليست لدينا تفاصيل عن الدور الذي أداه ابن الابار، في عقد هذه
المعاهدة. ولكن يبدو لنا من تصرفه اللاحق، انه لم يكن راضيا عن هذا
التسليم المزري، الذي عمد اليه السيد أبو زيد، في أراضي الوطن
الأندلسي وحصونه، تحقيقا لأطماعه الشخصية. بل يلوح لنا انه كان فوق
ذلك على علم بما ينتويه السيد من خطوات لاحقة، أبعد مدى وأشد ايلاما
للنفس. ذلك أن ابن الابار ما لبث ان غادر مخدومه السيد أبا زيد، وعاد
مسرعا إلى بلنسية، وهناك التحق بخدمة أمير بلنسية الجديد أبي جميل
زيان، وتولى منصب كتابته، وكان ابن الابار، قد ظهر في هذا احميدان
ببلاغته الأخاذة وبيانه الرائع.
اما السيد أبو زيد، فقد ذهب في مغامراته إلى حد أعناقه، دين
النصرانية واتخذ اسما نصرانيا هو بشنتى أو بجنت بالعربية.
وأصبح يسمى في الوثائق النصرانية بثنتي ملك بلنسية وحفيد أمير المؤمنين.
وتجمع الرواية الاسلامية على صحة واقعة تنصر هذا السيد الموحدي،
وتنحى عليه بأشد ضروب الانكار واللوم.
ولقد كان ابن الابار صادق الحس، بعيد النظر، حينما ترك مخدومه
الضال لمصيره المحزن، ومن المحقق انه نبذ في ذلك كل إغراء، وكل وعود
براقة، ولم يقبل ان يتورط لحظة، فيما يعتبره خيانة لوطنه وأمته ودينه.
كانت هذه التجربة الأليمة أول عهد ابن الابار بالمغامرات
الدبلوماسية، بيد ان القدر كان يدخره لمهام دبلوماسية أخرى، أشد ايلاما
للنفس، وابعث إلى الحسرة والأسى.
ذلك أن صرح الأندلس القديم الشامخ، قد اخذ في تلك الآونة
العصبية يهتز ويتداعى. أجل ان قوى الأندلس المفككة، كانت عندئذ
تحاول ان تجتمع في الشرق تحت زعامة المتوكل ابن هود، وفي الوسط
والجنوب تحت زعامة محمد بن الأحمر، ولكن هذه الزعامات المحلية
الجديدة، لم تكن لتستطيع، والفتنة تمزق أوصال الأندلس، ان تصمد
بمواردها المحدودة في وجه إسبانيا النصرانية. وكان خايمي الأول ملك
أراجون، فراناندو الثالث ملك قشتالة، يرقب كل منهما فرصته، لانتزاع
ما يمكن انتزاعه من أشلاء الأندلس الممزقة.
وشاء القدر ان يكون ملك قشتالة هو السابق بانتزاع كبرى قواعد
الأندلس التالدة فاستولى على قرطبة عاصمة الخلافة القديمة في شوال سنة
٦٣٣ ه‍ يونية ١٢٢٦ م.
واخذ ملك أراجون من جانبه يمهد للاستيلاء على بلنسية، وذلك
بانتزاع حصونها الامامية شيئا فشيئا. كل ذلك وزيان أمير بلنسية يقاوم
الأرجويين ما استطاع. وأخيرا مزقت قوى البلنسيين في معركة انيشة
الحاسمة على مقربة من بلنسية سنة ٦٣٤ ه‍.
وامتنع زيان بفلوله داخل الثغر العظيم، وعول ملك أراجون على أن
يأخذ بلنسية بالحصار والمطاولة، فجمع جيشا مختارا من فرسان الداوية
والاسبتارية والأرجونيين والقطلان والمتطوعة الفرنسيين، وسار إلى بلنسية،
وطوقها بقواته من البر، وضرب محلته بينها وبين البحر، لكي يقطع سائر
علائقها مع الخارج، وبدأ هذا الحصار الشهير في رمضان سنة ٦٣٥ ه‍
ابريل ١٢٣٨ م.
في تلك الآونة العصيبة، اتجهت انظار الأمير زيان، بتوجيه وزيره
وكاتبه ابن الابار إلى إخوانه المسلمين في الضفة الأخرى من البحر، إلى
مملكة إفريقية تونس الفتية القوية أو مملكة بنى حفص، وكان عاهلها
الأمير أبو زكريا بن أبي حفص قد استطاع ان يجعل منها في فترة قصيرة قوة
زاخرة يحسب حسابها. وبعث زيان إلى أمير إفريقية سفارة على رأسها وزيره
وكاتبه ابن الابار، يحمل اليه بيعته وبيعة اهل بلنسية، وصريحه بسرعة
الغوث والأنجاد قبل أن يفوت الوقت، ويسقط الثغر الأندلسي العظيم في
أيدي النصارى.
ولما وصل ابن الابار إلى تونس، مثل بين يدي سلطانها الأمير أبي
زكريا الحفصي، في حفل مشهود، والقى قصيدته السينية الرائعة، التي
اشتهرت في التاريخ، كما اشتهرت في الشعر، يستصرخه فيها لنصرة
الأندلس، ونصرة الدين وهذا مطلعها:
(٣٨٧)

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا * ان السبيل إلى منجاتها درسا
وهب لها من عزيز النصر ما التمست * فلم يزل منك عز النصر ملتمسا
وحاش مما تعانيه حشاشها * فطالما ذاقت البلوى صباح مسا
يا للجزيرة اضحى أهلها جزرا * للحادثات وأمسى جدها تعسا
في كل شارقة إلمام بائعة * يعود مأتمها عند العدا عرسا
وكل غاربة إجحاف نائبة * تثني الأمان حذارا والسرور أسى
تقاسم الروم لا نالت مقاسهم * ولا عقائلها المحجوبة الإنسا
وفي بلنسية منها وقرطبة * ما ينسف النفس أو ما ينزف النفاسا
مدائن حلها الأشراك مبتسما * جذلان دار تحل الايمان متبئسا
وحيرتها العوادي العاتبات بها * يستوحش الطرف منها ضعف ما أنسا
وهي طويلة في سبعة وستين بيتا، وكلها تحسر وأنين على ضياع
الأندلس، وتمزق أوصالها، وسقوط قواعدها.
فكان لانشاد هذه القصيدة المبكية التي ما زالت تحتفظ حتى يومنا
برنينها المحزن، والتي كانت كأنها نفثة الأندلس الجريح، أبلغ الأثر في
نفس الأمير أبي زكريا، فبادر بتجهيز أسطول، شحنه بالسلاح والأطعمة
والكسي والأموال. وأقلعت هذه السفن المنجدة على جناح السرعة من ثغر
تونس قاصدة إلى ثغر بلنسية ومعها ابن الابار ورفاقه.
ولكن هذه السفن المنشودة لم توفق إلى تحقيق هدفها، لأنها لم تستطع
ان تصل إلى مياه الثغر المحصور بآية وسيلة، وطاردتها السفن الأرجونية،
فاضطرت ان تفرع شحنتها في ثغر دانية وان تعود ادراجها إلى تونس،
واستطاع ابن الابار ورفاقه ان يجوزوا إلى مدينتهم، وتركت بلنسية لقضائها
المحتوم.
وهنا شدد الأرجونيون الحصار على المدينة، وبالرغم مما بذله الأمير
زيان وقواته من ضروب الاقدام والبسالة، في مدافعة الجيش المحاصر،
فقد كان من الواضح انه لا مفر من التسليم، إذا أريد ان تنجو المدينة من
العبث والتخريب. ومن ثم فقد بدأت المفاوضة بين زيان وملك أراجون في
شروط التسليم. وانتهى الامر بالاتفاق على أن تسلم المدينة صلحا.
واليك كيف يصف لنا ابن الابار، وقد كان شاهد عيان، ما تلا
ذلك من لقاء بين الأمير زيان والملك خايمي، ومن ابرام شروط التسليم
بينهما، وذلك في يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر صفر سنة ٦٣٦ ه‍.
قال:
وفي هذا اليوم خرج أبو جميل زيان بن مدافع ابن يوسف بن سعد
الجذامي من المدينة، وهو يومئذ أميرها، في اهل بيته ووجوه الطلبة
والجند، وأقبل الطاغية وقد تزيا بأحسن زي في عظماء قومه، من حيث
نزل بالرصافة أول هذه المنازلة، فتلاقيا بالولجة، واتفقا على أن يتسلم
الطاغية البلد سلما لعشرين يوما، ينتقل اهله أثناءها بأموالهم وأسبابهم،
وحضرت ذلك كله، وتوليت العقد عن أبي جميل في ذلك، وابتدئ
بضعفة الناس، فسيروا في البحر إلى نواحي دانية، واتصل انتقال اسائرهم
برا وبحرا، وصبيحة يوم الجمعة السابع والعشرين من صفر المذكور، كان
خروج أبي جميل باهله من القصر في طائفة يسيرة أقامت معه. وعندئذ
استولى عليها الروم احانهم الله.
ودخل خايمي الفاتح وجنده ثغر بلنسية في يوم الجمعة ٢٧ صفر سنة
٦٣٦ ه‍، الموافق لليوم التاسع من أكتوبر سنة ١٢٣٨ م، فكانت بلنسية،
بعد قرطبة ثانية القواعد الأندلسية العظيمة، التي سقطت في تلك الفترة،
في أيدي الأسبان، وقد كان انهيار هذه القواعد الأولى من الصرح
الأندلسي الشامخ مقدمة لانهيار معظم القواعد الباقية تباعا، في فترة
قصيرة، لا تجاوز العشرة الأعوام.
هكذا كان الدور المؤلم الذي لعبه ابن الابار في حوادث سقوط
بلنسية. ولقد هزت هذه المحنة مشاعره إلى الأعماق، فلم يطق ان يبقى
في الوطن المنكوب. فغادر أميره وغادر الأندلس كلها وعبر البحر إلى
تونس، فوصلها في أواخر سنة ٦٣٦ ه‍، وعاش حينا في كنف أميرها أبى
زكريا يتولى له كتابة العلامة. ثم اخذ يتردد حينا بين تونس وبجاية،
يدرس هنا وهنالك. ولما توفي الأمير أبو زكريا في سنة ٦٤٧ ه‍، وخلفه
ولده المستنصر بالله، التحق ابن الابار ببطانته العلمية، ولكنه لم يكن قريرا
مطمئنا إلى هذه الحياة، لما كان يتخللها من غضب السلطان، بسبب
دسائس خصومه أحيانا، وبسبب تصرفاته الشخصية النزقة أحيانا أخرى.
واستطاع خصوم ابن الابار في النهاية ان يوقعوا به، ورفعت إلى
السلطان بعض أقوال وأبيات نسبت إلى ابن الابار طعنا في السلطان
وتعريضا به، فامر السلطان بجلده، ثم بقتله، فضرب بالسياط، ثم قتل
طعنا بالرماح، واخذت كتبه و أحرقت في موضع قتله. ووقع مصرع ابن
الابار على هذا النحو المؤسى في الحادي والعشرين من شهر المحرم سنة
٦٥ ه‍ ٨ يناير سنة ١٢٦٠ م واختتمت بذلك حياة أعظم شخصية في
أدب الأندلس في القرن السابع الهجري. ٨٧٣:
السيد أبو حامد محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي بن أخي
صاحب الغنية.
له كتاب الأربعين حديثا في حقوق الاخوان قال في اوله:
ان جماعة من اهل الايمان تذاكروا حقوق الاخوان وان أكثر اهل
الزمان عنها معرضون فقلت قد ورد في ذلك ما يصعب حصره فسألني
بعضهم ان اخرج مما رويته في هذا المعنى ما تيسر فخرجت أربعين حديثا،
ثم أوردها فقال فمن ذلك ما أخبرني به عمي الشريف الطاهر عز الدين أبو
المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني رضي الله عنه قراءة عليه قال أخبرني
الشيخ أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن الحلبي الخ ثم أورد حديث من
حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة كنت له شفيعا يوم القيامة ثم قال
الحديث الأول أخبرني عمي الشريف الطاهر عز الدين أبو المكارم حمزة بن
علي بن زهرة الحسيني وخال والدي الشريف النقيب امين الدين أبو طالب
أحمد بن محمد بن جعفر الحسيني رضي الله عنه قراءة عليهما قالا أخبرنا
القاضي أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال أخبرني
الشيخ أبو الجليل الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد الجلي الحلبي حدثني
أبي إسماعيل بن أحمد عن أبيه أحمد بن إسماعيل بن أبي عيسى. ٨٧٤:
الشيخ محمد بن عبد الله البحراني الشيباني
في مستدركات الوسائل انه من جملة مشائخ الشيخ تاج الدين
الحسن بن علي الدربي الذي هو من جملة مشائخ المحقق والسيد رضي
(٣٨٨)

الدين بن طاووس. قال ذكره في الرياض ولم أقف له على ترجمة آه. ٨٧٥:
السيد محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن أبي شبانة البحراني.
قال صاحب السلافة: اما العلم فهو بحره الذي طما وزخر واما
الأدب فهو صدره الذي سما وبه فخر، ان نثر فالنثرة منه في خجل أو نظم
فالثريا من أسلاكه عقدها في وجل طالما استنزل الدراري بقلمه واستخرج
الدرر من البحار بكلمة فأطلعها في سماء بيانه ونظمها في سلك عقيانه فمن
شعره قوله من قصيدة يمدح بها نظام الدين أحمد بن معصوم والد السيد
علي خان صاحب السلافة وهو. بحيدرآباد وتدل على أنه ترك العلم
وصار تاجرا وهي:
أرى علما ما زال يخفق بالنصر * به فوق أوج المجد تعلو يد الفخر
مضى العمر لا دنيا بلغت بها المنى * ولا عمل أرجو به الفوز في الحشر
ولا كسب علم في القيامة نافع * ولا ظفرت كفي بمغن من الوفر
فأصبحت بعد الدرس في الهند تاجرا * وإن لم أفز منها بفائدة التجر
طويت دواوين الفضائل والتقى * وصرت إلى طي الأماني والنشر
وسودت بالأوزار بيض صحائفي * وبيضت سود الشعر في طلب الصفر
وبعت نفيس العمر والدين صفقة * فيا ليت شعري ما الذي بهما أشري
إذا جنني الليل البهيم تفجرت * علي عيون الهم فيها إلى الفجر
تفرقت الأهواء مني فبعضها * بشيراز دار العلم والبعض في الفكر
وبالبصرة الفيحاء بعض وبعضها القوي * ببيت الله والركن والحجر
فما لي وللهند التي مذ دخلتها * محت رسم طاعاتي سيول من الوزر
ولو أن جبرائيل رام سكونها * لأعجزه فيها البقاء على الطهر
لئن صيد أصحاب الحجى بشباكها * فقد تأخذ العقل المقادير بالقهر
وقد تذهب العقل المطامع ثم لا * يعود وقد عادت لميس إلى العتر
إذا ذعرتني في الزمان صروفه * وجدت لديه إلا من ذلك الذعر
وفي بيته في كل يوم وليلة * أرى العيد مقرونا إلى ليلة القدر
وإني لأرجو من جميلك عزمة * تبلغني الأوطان في آخر العمر
تقر عيونا بالفراق سخينة * وتبرد أكبادا أحر من الجمر
وتؤنس أطفالا صغارا تركتهم * لفرقتهم ما زال دمعي كالقطر
وعيشي بهم قد كان حلوا وبعدهم * وجدت لذيذ العيش كالعلقم المر
إذا ما رأوني مقبلا ورأيتهم * تقول أ يوم النحر أم ليلة النفر
وما زلت مشتاقا إليهم وعاجزا * كما اشتاق مقصوص الجناح إلى الوكر
ولكنما حسبي وجودك سالما * ولو أنني أصبحت في بلد قفر
فمن كان موصولا بحبل ولائكم * فليس بمحتاج إلى صلة البر ٨٧٦:
السيد محمد البهبهاني الموسوي ابن السيد عبد الله
ولد في طهران في ٩ جمادى الثانية سنة ١٢٩١ وتوفي في ٢٤ جمادى
الثانية سنة ١٣٨٣ في طهران ونقل جثمانه حسب وصيته بالطائرة حيث دفن
في النجف الأشرف في مقبرة أسرته جنب والده.
كان كبير العلماء في طهران لمدة تناهز ربع القرن. درس المقدمات
والعربية فيها حتى بلغ الثانية عشرة من عمره حيث بدأ في دراسة الفقه
وأصوله لدى بعض الفضلاء في عاصمة إيران. كما درس الفلسفة والمنطق
والعلوم العقلية مدة تقرب من ست السنوات على السيد مرزا حسن جلوة
ثم انتقل إلى حوزة العلامة الاشتكاني كبير المجتهدين عندئذ في طهران
واضطلع فيها بدراسة الفقه وأصوله على مستواهما العالي وبعد وفاة أستاذه
هذا عكف على الدراسة لدى والده السيد عبد الله ردحا من الزمن وبعدها
انتقل إلى النجف حيث زاول مدة من الزمن الدراسة فيها ونال درجة
الاجتهاد من لدن كبار المجتهدين فيها.
ولقد كان للمترجم كما لوالده دور هام مدة تربو على الستين عاما في
سياسة إيران وخاصة الموقف الذي وقفه تأييدا لوالده في مقاومة الاستبداد
وحكم ملوك القاجارية. حيث أسفر عن ذلك اعلان الدستور الإيراني
المشروطية سنة ١٣٢٥ على زمن الشاه مظفر الدين شاه. كما كان له
الأثر البالغ في تدوين مواد الدستور المذكور ومحاولة تطبيق بنوده على احكام
الشريعة الاسلامية.
هذا وكان للمترجم مسجد خاص انتقل اليه من والده يقيم فيها
صلاة الجماعة بمواقيتها مضافا إلى دروسه ومحاضراته التي كان يلقيها يوميا
على تلامذته في حوزته الخاصة بداره أو بمسجده. كما أن داره كانت مفتوحة
للجميع دوما حيث أنه كان ملجا لذوي الحاجات.
وقد ترك المترجم بعض المسودات لدروسه ومحاضراته التي كان يلقيها
على طلابه وبعض الحواشي على الكتب الفقهية. موجودة لدى ولده السيد
جعفر البهبهاني. ٨٧٧:
محمد بن عبد الله بن حسن بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن
حسن بن علي بن أبي طالب.
في معجم الشعراء للمرزباني يذكر له من قصيدة:
ولقد توسط في الأرومة منزلي * وسطا فصار موازنا للكوكل
ثكلتك أمك هل رأيت كمعشري * في الحرب عند وقودها المتلهب
نلنا المكارم ما بقين وما لها * عنا إذا ذكر الندى من مذهب
ولقد نكبت فلا جزوع خاشع * منها وأي مهذب لم ينكب
ولقد سررت فلا فخور حاسد * باغ بها متباعد بالأقرب ٨٧٨:
محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ع
ظهر بالمدينة بعد حبس المنصور لأبيه وأهل بيته فقتله عيسى بن
موسى سنة خمس وأربعين ومائة وله ثلاث وخمسون سنة. وله يرثي إبراهيم
ابن حمد الجعفري.
لا أرى في الناس شخصا واحدا * مثل ميت مات في دار الجمل
يشتري الحمد ربيحا والعلى * وإذا ما حمل الثقل حمل
موت إبراهيم أمسى هدني * وأثار الرأس مني فاشتعل ٨٧٩:
محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله
ابن جعفر بن أبي طالب ع
في معجم الشعراء للمرزباني. أبو طالب الجعفري شاعر مقل يسكن

(١) إشارة إلى مثل مشهور وهو قولهم عادة إلى عترها لميس والعتر بكسر العين المهملة وسكون
المثناة الفوقية الأصل ولميس امرأة. يضرب لمن رجع إلى خلق كان قد تركه.
(١) هامش الأصل: هو إبراهيم بن جعفر بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر
(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب وهذه الترجمة بقلم السيد صالح الشهرستاني " ح "
(٣٨٩)

الكوفة. فلما جرى بين الطالبيين والعباسيين بالكوفة ما جرى وطلب
الطالبيون قال أبو طالب:
بني عمنا لا تذمرونا سفاهة * فينهض في عصيانكم من تأخرا
وأن ترفعوا عنا يد الظلم * تجتنوا لطاعتكم منا نصيبا موفرا
وإن تركبونا بالمذلة تبعثوا * ليوثا ترى ورد المنية أعذرا
وله:
قد ساسنا الأهل عسفا * وسامنا الدهر خسفا
وصار عدل أناس * جورا علينا وحيفا
والله لولا انتظاري * برأ لدائي أشفى
ورقبتي وعد وقت * تكون بالنجح أوفى
لسقت جيشا إليهم * ألفا وألفا وألفا
حتى تدور عليهم * رحى البلية عطفا ٨٨٠:
محمد بن عبد الله بن زرارة بن أعين بن سنس الشيباني
في رسالة أبي غالب الزراري: من ولد زرارة محمد بن عبد الله بن
زرارة وكان كثير الحديث وروى عن علي بن الحسن بن فضال حديثا كثيرا
آه في ترجمة الحسن بن علي بن فضال: ما رواه النجاشي بسنده عن
علي بن الريان أن محمد بن عبد الله بن زرارة أخبره وأخبر محمد بن الهيثم
برجوع الحسن عن الوقف عند موته قال علي بن الريان فأخبرت أحمد بن
الحسن بن علي بن فضال بقول محمد بن عبد الله فقال حرف محمد بن عبد
الله على أبي قال وكان والله محمد بن عبد الله أصدق عندي لهجة من أحمد
بن الحسن فإنه رجل فاضل دين آه. ٨٨١:
أبو جعفر محمد بن عبد الله بن رزين ابن عم دعبل الخزاعي
المعروف بأبي الشيص.
له ديوان شعر في مائة وخمسين عمله أبو بكر الصولي. عده ابن
النديم من شعراء الشيعة استشهد سنة ١٩٦ وقال أبو خالد العامري لابن
المعتز من أخبرك بأنه كان في الدنيا أشعر من أبي الشيص فكذبه. ٨٨٢:
محمد بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن الحسين بن الحسن
الأفطس بن علي الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي
طالب ع.
كان يلقب بالسكران لكثرة تهجده ويقال لعقبه بنو السكران. ٨٨٣:
المولى جلال الدين محمد بن عبد الله اليزدي المنجم
له كتاب تحفة المنجمين حكى عنه السيد عبد الله في تذكرته عن
مطالع تستر السرطان خلافا لما في بعض الكتب القديمة من أن طالعها
الجوزاء. ٨٨٤:
محمد بن عبد الله بن مملك الأصبهاني أبو عبد الله
في الخلاصة: مملك بالميم بعد الميم بعدها لام وكاف وقال
النجاشي: أصله من جرجان وسكن أصبهان جليل في أصحابنا عظيم
القدر والمنزلة كان معتزليا ورجع على يد عبد الرحمن بن أحمد بن خيرويه
رحمه الله. له كتب منها كتاب الجامع في سائر أبواب الكلام كبير، كتاب
المسائل والجوابات في الإمامة، كتاب مواليد الأئمة ع، كتاب
مجالسة مع أبي علي الجبائي آه وفي معالم العلماء ابن مملك الأصفهاني
أبو عبد الله متكلم وله مع أبي علي الجبائي المتكلم مجلس في الإمامة. وفي
الفهرست: له كتب منها كتاب الإمامة وكتاب نقض الإمامة على الجبائي ولم
يتمه. ٨٨٥:
الشيخ محمد بن عبد الله أبو عزيزة الخطي
فاضل شاعر له كتاب مولد صاحب الزمان وجدنا منه نسخة مخطوطة
كتبت بقلم محمد بن عبد المهدي بن سليمان بن فرج ومعها نسخة كتاب
الملهوف بخطه فرع من كتابتها في ١٨ ذي الحجة سنة ١١٨٥ ومن شعره
الذي أورده في كتاب مولد الصاحب قوله:
شعبان شهر به الخيرات قد نزلت * وركب جيش العنا عنا به رحلت
شهر به قد ولد المهدي سيدنا * ابر من ولدت أنثى ومن حملت
معظم القدر بالمولود فيه فلا * نجوم أفراحه غابت ولا أفلت
وقوله فيه:
امام العصر والخلف المرجى * إمام حبه فرض ودين
وصي المصطفى المختار حقا * صراط الله والحبل المتين
وقوله:
الله شرفها بالحجة الخلف المهدي * صاحب هذا العصر والزمن
بشراك بالقائم المنصور والعلم المحبور * تاج المعالي كاشف المحن
وقوله فيه:
زهرت بمولده البقاع وأصبحت * أنواره في الأرض كالاعلام
يا حبذا الخلف الإمام الحجة * المهدي ناصر ملة الاسلام
هذا الامام وصاحب العصر الذي * يقضي بحكم الله في الأحكام
هذا الذي فرض الاله ولاءه * وحباه بالاجلال والاعظام
وقوله فيه:
هذا هو المنصور من رب السما * والحجة الخلف الوصي المنتظر
هذا الامام العابد الصوام والخلف * الوصي إمامنا الثاني عشر
هذا الإمام القائم الندب الذي * في لحسن يزري بالغزالة والقمر
بظهوره ظهر الهدى فوجوده * لطف براه الله حقا في البشر
فاز الذي علقت يداه بحبه * ونجا غداة الحشر حقا من سقر
صلى عليه الله ما سار سرى * ليلا وما حج الحجيج وما اعتمر
وقوله فيه:
صلوا على سيدنا السني * إمامنا المنتظر المهدي
نجل الوصي الحسن الزكي * سليل مولانا الفتى علي
نجل الجواد الزاهد التقي * فتى الرضا والكاظم البهي
ابن الإمام الصادق النقي * نجل الإمام الباقر العلي
نسل علي الخاشع الرضي * ابن الحسين السيد الوفي
أخ الإمام الحسن الزكي * ابن الإمام المرتضى علي
نفس الرسول المصطفى النبي
وقوله فيه:
صلوا على فخر بني نزار * مهدينا خليفة الجبار
(٣٩٠)

فرع النبي المصطفى المختار * إمامنا المعظم المقدار
والمدرك الثار من الكفار * سلالة الأئمة الأطهار
شمس الهدى والمجد والفخار * وصاحب السؤدد والوقار
رب الندا والجود والايثار * خاتم آل المصطفى والأبرار ٨٨٦:
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي
الطهماني النيسابوري المعروف بالحاكم وبابن البيع. وفي تذكرة الحفاظ
يقال له الضبي لأن جدته هي سبطة عيسى بن عبد الرحمن، ووالدة عيسى
هذا مثوبة بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه وبيته بيت الصلاح والورع
والبادين في الاسلام.
ولد في ربيع الأول سنة ٣٢١ وتوفي صفر سنة ٤٠٥ وقيل سنة
٤٠٣.
ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ وقال: الحافظ الكبير إمام المحدثين
طلب الحديث من الصغر باعتناء أبيه وخاله ورحل إلى العراق وهو ابن
عشرين وحج ثم جال في خراسان وما وراء النهر فسمع بالبلاد من ألفي
شيخ وكان يذاكر الجعابي والدارقطني وقال الخليل ابن عبد الله الحافظ هو
ثقة واسع العلم بلغت تصانيفه قريبا من خمسمائة جزء صنف تاريخ نيسابور
ولم يسبقه إلى ذلك أحد. قال عبد الغافر: الحاكم إمام أهل الحديث واتفق
له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء من تخريج الصحيحين
وتاريخ نيسابور ومزكي الاخبار والمدخل إلى علم الصحيح والإكليل
وفضائل الشافعي وغيرها كان مقدمو عصره يقدمونه على أنفسهم ويراعون
حق فضله ثم أطنب في تعظيمه وقال هذه جمل يسيرة وهو غيض من فيض
سيره وأحواله ومن تأمل تصانيفه اعترف له بالمزية على من تقدمه وأتعابه من
بعده وتعجيزه اللاحقين عن بلوع شأوه عاش حميدا ولم يخلف في وقته مثله.
قال الخطيب أبو بكر: أبو عبد الله الحاكم كان ثقة يميل إلى التشيع
فحدثني إبراهيم ابن محمد الأرموي قال جمع الحاكم أحاديث وزعم أنها
صحاح على شرط البخاري ومسلم منها حديث الطير ومن كنت مولاه فعلي
مولاه فأنكرها عليه أصحاب الحديث فلم يلتفتوا إلى قوله قال أبو عبد
الرحمن الشاذيارخي كنا في مجلس السيد أبي الحسن فسال الحاكم عن حديث
الطير فقال لا يصح ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي ص
قلت ثم تغير الحاكم وأخرج حديث الطير في مستدركه ولا ريب أن في
المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة بل فيه أحاديث موضوعة
شان المستدرك باخراجها فيه وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جدا قد
أفردتها بمصنف ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل وأما حديث
من كنت مولاه فله طرق جيدة وقد أفردت ذلك أيضا. قال ابن طاهر
سالت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال ثقة في الحديث رافضي
خبيث ثم قال ابن طاهر كان شديد التعصب للشيعة في الباطن وكان يظهر
التسنن في التقديم والخلافة وكان منحرفا عن معاوية وآله متظاهرا بذلك ولا
يعتذر منه قلت أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر وأما الشيخان فمعظم لهما
فهو شيعي لا رافضي وليته لم يصنف المستدرك فإنه غض من فضائله بسوء
تصرفه. انتهت تذكرة الحفاظ بتصرف واختصار يقول المؤلف:
العجب لهؤلاء لا يكاد يسلم منهم أحد ينسب إلى تفضيل علي وآله عليهم
السلام حتى أعاظم العلماء والمحدثين فيقال لأحدهم مثل الحاكم الذي يحق
للأمة الاسلامية أن تفتخر به في كل عصر وجيل: رافضي خبيث بدون
تأثم ولا تخرج لماذا؟ لميله إلى أهل البيت الطاهر النبوي وانحرافه عن
أعدائهم من بني أمية فلم يمنعه من قذفهم وشتمهم علمه وفضله وجلالته
وسمو مقامه في الاسلام ثم أنظر إلى كلام الخطيب الذي انتقد الحاكم في
زعم أن حديثي الطير والولاية من الصحاح على شرط الشيخين وإن
أصحاب الحديث أنكروهما فلم يلتفتوا إلى قوله تجد أن هذا الانتقاد ملؤه
العصبية وعدم الإطاقة لسماع فضيلة لعلي ع وآله والتماس الوجوه
للقدح فيها إما في السند أو في الدلالة ولو كثرت رواتها واتضحت دلالتها
فان وردت في غيره أغمض الطرف عنها وأخذت بالقبول مهما كانت. ما ذا
يريد الخطيب ليقبل حديثي الطير والولاية ولا ينفر ولا يمتعض منهما ولا
يصيبه وجع في بطنه أزيد من اعتراف الذهبي المعلوم حاله بان لحديث الطير
طرقا كثيرة جدا ولحديث الولاية طرقا جيدة وأفراده لكل منهما بالتأليف. أما
قول الحاكم عن حديث الطير لا يصح وقد سئل عنه في المجلس الحافل بمن لا
يرضيهم صحته إن صح ذلك عنه فكان خوفا على نفسه أن يقال له على
الأقل رافضي خبيث كما قال الأنصاري مع اعترافه بوثاقته وإذا كان
الدارقطني مع جلالته نسب إلى التشيع لحفظه ديوان السيد الحميري كما
حكاه الذهبي في تذكرته في ترجمة الدارقطني فما ظنك بمن يعترف بصحة
حديث الطائر القاضي بان عليا ع أحب الخلق إلى رسول الله ص أما
الذهبي فأراد أن يأخذ نفسه بشئ من الانصاف فلم يستطع وغلب الطبع
شيمة المتطبع فإنه ذكر أن لحديث الطير طرقا كثيرة وأنه أفردها بمصنف ومع
ذلك لم تطاوعه نفسه أن يقول هو صحيح بل قال متورعا: مجموعها يوجب
أن يكون له أصل وقال عن حديث الولاية أن له طرقا جيدة ولم يستطع أن
يقول صحيحة كما قال الشاعر:
إن دهرا يلف شملي بسعدى * لزمان يهم بالاحسان
فهذا الشاعر لكثرة غضبه من الدهر ومعاكسة الدهر له بعد أن لف
شمله بعشيقته وهو غاية المطلوب لم يطاوعه لسانه أن يقول هو محسن بل
غاية ما قال عنه أنه يهم بالاحسان ولما يحسن وكذلك كانت حال الذهبي ثم
انظر إلى الذهبي الذي لم يلتفت إلى التناقض في كلامه فهو مع اعترافه بان
لحديث الطائر طرقا كثيرة يوجب مجموعها أن يكون له أصل وإن حديث
الولاية طرقه جيدة قال أن في المستدرك أحاديث ليست على شرط الصحة أو
موضوعة وهو يعني بها أمثال حديث الطائر والولاية إذ هي التي لا تقبل
النفوس صحتها ولو كثرت طرقها ويقول الذهبي عن الحاكم أنه بعد ما
أنكر صحة حديث الطائر في المجلس العام تغير وأخرجه في مستدركه وينعي
عليه ذلك وقد عرفت وجه انكاره وأنه لم يتغير ولا يمكن أن يتغير وحاله ما
عرفت في سعة الاطلاع والإحاطة والوثاقة. ٨٨٧:
محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
قتل مع الحسين ع بالطف سنة ٦١.
قال أبو الفرج الأصبهاني: أمه الخوصاء بنت حفصة كذا بن
ثقيف بن ربيعة بن عثمان بن ربيعة بن عائد بن ثعلبة بن الحارث بن تيم
اللات بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
(٣٩١)

٨٨٨: أبو الفضل محمد بن عبد المطلب الشيباني
يروي عن رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي روى عنه دعاء بن
طاوس في المهج. ٨٨٩:
القاضي أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أحمد
بن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن أبي جرادة
عامر بن ربيعة صاحب أمير المؤمنين ع.
توفي بحلب سنة ٥٦٥ أو سنة ٥٦٦ كما في معجم الأدباء والمترجم
ابن أخت هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد ذكره ياقوت في معجم
الأدباء عند ذكره لآل أبي جرادة في أثناء ترجمة عمر بن أحمد بن العديم
فقال: سمع بحلب ورحل إلى بغداد وسمع بها محمد بن ناصر السلامي
وغيره وحدثني كمال الدين يعني عمر بن أحمد ابن العديم أيده الله
قال: قال لي شيخنا أبو اليمن زيد الكندي كان أبو المكارم محمد بن عبد
الملك بن أبي جرادة قد سمع ببغداد الحديث معنا على مشائخنا فسمعت
بقراءته وورد إلينا إلى دمشق بعد ذلك وكنا نلقبه القاضي بسعادتك وذلك
أن القلانسي دعاه في وليمة وكنت حاضرها فجعل لا يسأله عن شئ فيخبر
عنه بما سر أو ساء إلا وقال في عقبه بسعادتك فان قال له ما فعل فلان قال
مات بسعادتك وإن قال له ما خبر الدار الفلانية يقول خربت بسعادتك
فسميناه القاضي بسعادتك وكان يقولها لاعتياده إياها لا لجهل كان فيه وكان
له أدب وفضل وفقه وشعر جيد وقد روى الحديث ومن شعره:
لئن تناءيتم عني ولم تركم * عيني فأنتم بقلبي بعد سكان
لم أخل منكم ولم أسعد بقربكم * فهل سمعتم بوصل فيه هجران
وله أشعار كثيرة آه وعن الوافي بالوفيات للصفدي أنه أورد له
قوله:
لئن بعدت أجسامنا عن ديارنا * فان بها الأرواح في عيشة رغد
وليس بقاء المرء في دار غربة * مضرا إذا ما كان في طلب المجد
آه قال المؤلف: قد ذكرنا في إبراهيم بن محمد بن عمر بن
العديم تشيع آل أبي جرادة وبني العديم عموما ويدل على تشيع صاحب
الترجمة بالخصوص شرحه على قصيدة أبي فراس التي أولها:
الحق مهتضم والدين مخترم * وفي آل رسول الله مقتسم
وهذا الشرح وقع إلينا في مجموعة نفيسة مخطوطة بخط جيد وقد
نشرناه في مجلة العرفان وعلقنا عليه بعض الملاحظات وهو واضح الدلالة
على تشيعه وعلى فضله وأوله: قال القاضي الاجل أبو المكارم محمد بن عبد
الملك بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الحلبي رحمه الله: سالت وفقك
الله للخيرات وجنبك سلوك المنكرات ورفع لك علم الهداية لتقصدها وقطع
دونك لغم الغواية وأبعدها وأوضح لديك تشريعه وردك إمام الصدر لتنظر
ما تأتي وما تذر أن أذكر لك الأخبار التي ضمنها الأمير أبو فراس الحارث بن
سعيد بن حمدان العدوي التغلبي رحمه الله قصيدته الميمية الملقبة بالشافية
التي قد مدح بها أهل البيت ع وأفرد كل خبر بتضمينه البيت
منها تحته وانشر كل سر فيها شد الزمان عليه تخته مما حفظته من التواريخ
والسير وعلقته من الفوائد والغرر من غير جنوح إلى استيعاب لتفسير غريب
وإعراب إذ كانت خالية من أبهام معنى ونظام جدل حالية بلفظ مونق سهل
لا تبدي إذا رويت مشكلا ولا تخفي متى سمعت مفصلا ومجملا فأجبتك إلى
ذلك رغبة في إداء حقك ومفترضك والتماسا لبلوغ إرادتك وغرضك عارفا
لعلو همتك ونباهتك وشرف بيتك ونزاهتك وتوقلك في ذروة النسب الأفخر
والمحتد الأكرم الأطهر والله سبحانه وتعالى يوفقنا لما يزلف لديه ويصرف عنا
هول يوم العرض عليه ويجعل الحسنى خاتمة أعمالنا والمصير إلى دار السلام
نهاية آمالنا بجوده ولطفه. ثم شرع في الشرح، وله كتاب الآثار المروية في
فضائل العترة العلوية يحيل عليه في الشرح المذكور. وقال في شرح قوله
قام النبي بها يوم الغدير لهم أما قصة يوم الغدير في حجة الوداع
فمعروفة وقد شحنت الكتب منها واستفاض في الأشعار ذكرها فلا حاجة بنا
إلى إعادتها هنا وستذكر في موضع آخر مع نظائرها وما يشاكلها وقال في
شرح قوله:
خلوا الفخار لعلامين أن سئلوا * يوم السؤال وعمالين إذ علموا
بعد ما نقل استفتاء الرشيد من الكاظم ع في توسيع الحرم المكي
وإفتاءه له مستدلا بقوله سواء العاكف فيه والباد قال: وأما الأئمة الصادق
والباقر والسجاد ع فما منهم إلا من قد أجمع الناس على علمه
وعمله وأما الإمام الرضا ع فمناظرته ليحيى بن أكثم القاضي بعد
سؤال يحيى له بالمسائل العويصة وجوابه عنها في الوقت من غير تلبيت
وتفكر وارتياء وتدبر مع الشبيبة وصغر السن دليل على فائض علمه وثقوب
فهمه وسنأتي على ذلك مفردا في كتاب الآثار المروية في فضائل العترة العلوية
إن شاء الله تعالى آه إلى غير ذلك ما هو نص في تشيعه. ٨٩٠:
الشيخ أبو أحمد محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع النيسابوري
الخراساني.
له مصادر الأنوار في تحقيق الاجتهاد والأخبار رأينا منه نسخة في قم
فرع منه سنة ١٢٠٩ يدل على تعصبه في مذهب الاخبارية وله صحيفة أهل
الصفا في ذكر أهل الاجتبا ذكر فيه أحوال مشايخ الإجازة والرواة مع
الإشارة إلى بعض الفوائد رأينا منه نسخة مخطوطة في قم أيضا.
وله كتاب مخطوط رأينا منه نسخة في طهران في مكتبة شريعتمدار
الرشتي قال: أما بعد فهذه تعليقات لكتاب الفاضل المعاصر أبي القاسم بن
الحسن الذي شرح به في مقام النقض وجيزتي المعروفة بقبسة العجول الملقبة
بمنية الفحول وسماه بعين العين رد للمعنين فبينت عثرات أقلامه ووسمتها
بغبن العين ولقبتها بعواصف الحين ولعل المجموع حري بان يسمى بانسان
العين لمعرفة الزين والشين وعنونت المتن بقلت والشرح بقال والجواب
بأقوال آه. ٨٩١:
الشيخ محمد العبودي النجفي
العالم الصالح قرأ على الشيخ حسين نجف وحج مع الشيخ مهدي
ملا كتاب، روى المحدث النوري في دار السلام عنه حكاية نقل جنازة
الشيخ مهدي وله ذرية كثيرة في النجف وخارجها. ٨٩٢:
محمد بن عبد الواحد البغدادي
قال:
انبت وردا ناضرا ناظري * في وجنة كالقمر الطالع
فلم منعتم شفتي لثمه * والحق أن الزرع للزارع
(٣٩٢)

وجوابه للشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني:
لأن أهل الحب باعوا به * نفوسهم والفخر للبايع
والعبد محجور عليه وما * نرى لحكم الحجر من رافع ٨٩٣:
أبو عمرو الزاهد محمد بن عبد الواحد الزاهد الطبري اللغوي
النحوي وغلام ثعلب اللغوي المشهور
وقد يعبر عنه بصاحب ثعلب أيضا. في الرياض: الظاهر أنه من
الامامية وينقل عن كتابه ابن طاوس في كتبه كثيرا من الأخبار ومن مؤلفاته
كتاب فائت الجمهرة لابن دريد في اللغة كما يظهر من فوائد الشهيد وغيره
وله كتاب اليواقيت نسبه إليه بعض العلماء وينقل عنه في الفضائل وله كتاب
المناقب والظاهر أنه هو كتاب اليواقيت. ٨٩٤:
محمد بن عبد الوهاب القزويني
قال عباس اقبال الآشتياني:
ولد في ١٥ ربيع الأول ١٢٩٤ في محلة سنكلج القديمة في طهران
وتوفي سنة ١٣٦٨ في طهران.
درس المترجم على والده حتى وفاته سنة ١٣٠٦ ه‍. وعلى السيد
مصطفى قنات آبادي والشيخ صادق الطهراني والشيخ فضل الله النوري
المازندراني وملا علي نوري الحكمي والآخوند ملا محمد الآملي والحاج الميرزا
حسن الآشتياني، وكان ملازما مجالس الشيخ هادي نجم آبادي والسيد
أحمد رضوي البيشاوري والميرزا محمد حسين ذكاء الملك فروغي، حتى
يمكن القول أن هذه المجالس أثرت في حياته أكثر مما أثرت دروسه
المدرسية.
نقل أخوه الأصغر السيد أحمد عبد الوهابي من قبل إحدى الشركات
إلى لندن قبل سنة ١٣٢٢ ه بقليل، ولما كان أخوه هذا يعرف مدى تشوقه
لدراسة المخطوطات العربية والفارسية، وكان قد رأى في لندن مجموعة
ضخمة منها، فقد دعا أخاه محمد بعد مدة من إقامته هناك إلى زيارة لندن
للوقوف على تلك النفائس ودراستها. وكان المترجم آنذاك في السادسة
والعشرين من عمره فاستقبل الدعوة بحماسة بالغة مقدرا أنه سيبقى أياما
في لندن ويعود بعد إتمام مطالعاته إلى إيران مع أخيه، ولكن هذا السفر
الموقت طال ستا وثلاثين سنة، ذلك إن إغراء تلك الكتب النفيسة القيمة،
وتوفرها في مكان واحد وسهولة تناول تلك النسخ العزيزة النادرة، وكذلك
تعرفه بالبروفسور إدوارد براون الذي كان مفتونا بإيران ومن المتخصصين في
تاريخها وآدابها، بدلت بالتدريج عزمه من السفر الموقت إلى الإقامة
الدائمة، كما أن فنون التحقيق والمطالعة والتصحيح والمقابلة في الفروع التي
تستهويه، بما عرف عنه من دقة واحتياط وشك كانت جبلة فيه أنسته
الأحباب والأصحاب، ولم يعد في خاطره شاغل آخر سوى ملاحقة ذلك
الهدف العلمي. وبعد أن تعرف على أساليب المستشرقين في أعمالهم،
شرع بدعوة من البروفسور أدوارد براون في تصحيح تاريخ جهانكشاي
للجويني ونشره، ولما كانت فضلي النسخ وأهمها من ذلك الكتاب التاريخي
موجودة في المكتبة الوطنية بباريس، فقد انتقل إليها في شهر ربيع الثاني من
١٣٢٤ ه، أي بعد سنتين من إقامته في لندن ومنذ ذلك التاريخ حتى سنة
١٣٣٣ حين انتقل من باريس إلى برلين مكث في العاصمة الفرنسية
بسبب الحرب العالمية الأولى ولظهور عدة عقبات أخرى في الصيف، ولم
يفارقها إلا لماما، إذ كان يغادرها أحيانا للاستجمام في سويسرة، وقد وفق
خلال هذه المدة من إقامته بباريس إلى طبع الجزء الأول من تاريخ الجويني
تاريخ جهانكشاي وتحضير الجزء الثاني منه للطبع، وإلى نشر بضع
مقالات ورسالات في آداب إيران وتاريخها، وإلى تصحيح مقطوعتين أو
ثلاث من المتون الفارسية القديمة وإحيائها.
وبعد مضي عام على بدء الحرب العالمية الأولى، انتقل المترجم من
باريس إلى برلين برفقة المرحوم حسينقلي خان نواب الذي كان انتخب
سفيرا لإيران في برلين، وكان انتقاله بناء على دعوة من الأستاذ حسين تقي
زاده الذي كان في ذلك التاريخ رئيسا للجمعية الإيرانية الألمانية، والذي
كان يصدر جريدة يومية باسم كاوه انتصارا للتعاون الاسلامي الألماني
النمسوي وخصومة للروس والإنكليز، ووصل القزويني إلى برلين عن
طريق سويسرا في ١٨ ذي الحجة ١٣٢٣ ٢٧ تشرين الأول اكتوبر
١٩١٥ وبقي فيها طوال مدة الحرب بل وأمدا بعدها، وكان يقضي أيامه
في مطالعة المخطوطات العربية والفارسية في المكتبة الإمبراطورية ببرلين
ومصاحبة فضلاء المستشرقين وأعضاء الجميعة الإيرانية ببرلين ومساعدة
جريدة كاوه والتحادث إلى الأستاذ تقي زاده، ومع أن أمنيته الوحيدة كانت
أن تنتهي الحرب ليعود إلى تصحيح تاريخ جهانكشاي ونشره، فان عودته
إلى باريس تأخرت بعد الحرب حتى ١٩٢٠ أي أكثر من سنة، بسبب
عقبات نشأت بعد الحرب ولعدم عودة العلاقات بين الدول المتحاربة إلى
صورة طبيعية وعادية حالا بعد الحرب، وفي ذلك التاريخ فقط أي في
١٩٢٠ استطاع بدعوة من صديقه القديم الميرزا محمد علي خان فروغي
وبفضل التسهيلات التي مهد بها له أن يعود من برلين إلى باريس، وأن
يتابع عمله السابق المبتور في تحقيق الكتب وتصحيحها.
وخلال سفرته الثانية هذه إلى باريس تزوج من سيدة إيطالية ولدت
له بنتا، وقد كان هذا زواجه الوحيد في حياته كما أنه لم يعرف من الأولاد
سوى تلك البنت.
كان المترجم مقيما في باريس حتى خريف سنة ١٩٣٩ م. حيث ترك
باريس بسبب قيام الحرب العالمية الثانية والمتاعب التي كانت تعترض إقامة
الأجانب في البلاد المشتركة في الحرب عدا الأخطار التي كانت تتهدد حيوات
الناس في فرنسا، وبعد ست وثلاثين سنة من الاغتراب عاد المترجم في
شهر تشرين الأول من تلك السنة مع زوجته وبنته إلى طهران، ووفق
كذلك بعد انتهاء الحرب إلى جلب مكتبته النفيسة من باريس إلى طهران،
ثم قطع علاقته بأوربا وصمم على أن يقضي بقية حياته في وطنه العزيز.
وقد ظل المترجم من ١٩٣٩ م. حتى وفاته مشغولا كسابق عهده
بالمطالعة والتحقيق.
أما آثاره وكتاباته عدا كمية ضخمة من المذكرات والملاحظات

(١) نأمة دانشوران: معجم موسوعي لرجال العلم والأدب لمختلف فروعهما وأقسامهما، ومعنى
عبارة " نامة دانشوران ": كتاب العلماء - الدراسات الأدبية
مما استدركناه على الكتاب (ح).
(٢) كاوه اسم حداد في تاريخ إيران القديم حمل لواء الثورة على ملك جائر متعسف وخلص
الشعب من حكمه
(٣٩٣)

مكتوبة على أوراق مستقلة أو باقية في الدفاتر وعلى حواشي الكتب دون
ترتيب أو نشر فمعظمها مقالات أو باقية في الدفاتر وعلى حواشي الكتب
دون ترتيب أو نشر فمعظمها مقالات شبيهة بالرسائل، ومقدمات أو
حواشي كتبها على الكتب المختلفة، لذا قلما بقي له كتاب مستقل في
موضوع واحد رغم أن كل سلسلة من تلك الخواطر والمذكرات التي تتناول
موضوعا واحد رغم ان كل سلسلة من تلك الخواطر والمذكرات التي تتناول
موضوعا واحدا تؤلف وحدها فيما لو جمعت كتابا مستقلا بديعا، ولكنه لم
يكن له الجلد على مثل هذا العمل، كما أنه لم يكن يرى مذكراته في باب
أي موضوع كاملة أو كافية.
وأما الرسائل التي كتبها فنشرت مستقلة أو طبعت ترجمتها فهي ما
يلي:
١ لوائح الجامي بالفرنسية، وترجمتها الإنكليزية من وين فيلد.
٢ ترجمة مسعود بن سعد بن سلمان التي نشرت ترجمتها الإنكليزية
فقط على يد البروفسور إدوارد براون.
٣ مقالة انتقادية وتاريخية عن كتاب نفثة المصدور تأليف محمد
النسوي مؤلف سيرة جلال الدين المنكبرني، وقد طبعتها في طهران سنة
١٣٠٨ شمسية ١٩٢٩ م.
٤ رسالة في ترجمة أبي سليمان المنطقي طبعت في باريس ضمن
سلسلة منشورات جمعية التحقيقات الإيرانية أنجمن تتبعات إيراني.
٥ تصحيح مقدمة الشاهنامه القديمة.
وقد طبعت المقالتان الأخيرتان في الجزء الثاني من كتاب بيست
مقالة أي عشرين مقالة للمترجم بتاريخ ١٣١٣ ش ١٩٣٤ م. في
طهران، وطبعت الثانية كذلك مع تعديل طفيف في كتاب هزاره
فردوسي أي ألفية الفردوسي.
٦ رسالة في تراجم ممدوحي سعدي، وقد طبعت هذه الرسالة
ضمن مجموعة مقالات كتبها آخرون باسم سعدي نامه سنة ١٣١٦ ش
١٩٣٧ م. من قبل وزارة المعارف الإيرانية باشراف الأديب الفاضل
السيد حبيب يغمائي.
٧ رسالة في ترجمة الشيخ أبي الفتوح الرازي صاحب التفسير
الفارسي المعروف، وقد طبعت هذه الرسالة في آخر الجزء الخامس من ذلك
التفسير في طهران.
٨ وفيات المعاصرين شاملة تعريفا وجيزا مع تواريخ وفيات أعلام
العالم الاسلامية المعاصرين له أو قبلهم بقليل ممن رآهم أو سمع وعرف شيئا
عنهم، وقد كانت هذه الوفيات تنشر في مجلة يادكار وما طبع يمتد حتى
حرف العين فقط، ولو كانت وصلت إلى النهاية فلعلها كانت ستكون من
أفضل مؤلفات المترجم، ومن المراجع الدائمة لدارسي تاريخ إيران في
القرن الحالي.
وأما الكتب التي صححها ونشرها بمساعدة سواه أو التي أعدها
للطبع فهي التالية:
١ مرزبان نامه لسعد الدين الوراويني الذي طبع سنة ١٣٣٦ ه.
قمرية ١٩١٧ م. في ليدن بهولاندا.
٢ المعجم في معايير أشعار العجم تأليف شمس الدين محمد بن
قيس الرازي الذي طبع كالكتاب السابق ضمن منشورات أوقاف كيب
في بيروت سنة ١٣٢٧ ١٩٠٨ م.
٣ جهار مقالة أي: أربع مقالات للنظامي العروضي
السمرقندي، طبعت كذلك بواسطة أوقاف كيب مع مقدمة وحواش كثيرة
سنة ١٣٢٧ ه. ١٩٠٨ م. في ليدن.
٤ تاريخ جهانكشاي جويني تأليف عطا ملك الجويني في ثلاثة
أجزاء امتد تاريخ طبعها من ١٩١٢ حتى ١٩٣٧ ميلادية.
٥ الجزء الأول من كتاب لباب الألباب للعوفي مع حواش
ومقدمة وكان المرحوم براون قد طبع الجزء الثاني قبل ذلك.
٦ ديوان حافظ الشيرازي بالاشتراك مع الدكتور قاسم غني، وهذا
الديوان أصح وأدق النسخ من كليات حافظ، وقد طبع بامر وزارة المعارف
الإيرانية سنة ١٣٢٠ ش ١٩٤١ م. طبعة تصويرية.
٧ شد الإزار في مزارات شيراز، تأليف معين الدين جنيد
الشيرازي، بمساعدة كاتب هذه السطور، مع حواش كثيرة دقيقة
ومفصلة.
٨ و ٩ و ١٠ تصحيح كتب هفت إقليم امين أي: الأقاليم
السبعة الأمين لأحمد الرازي ومجمل التواريخ لفصيح الخوافي وعتبة
الكتبة لأتابك منتجب الملك الجويني، وثلاثتها بمساعدة كاتب هذه
السطور.
وفضلا عما تقدم فقد كتب مقدمتين تحقيقيتين لكتاب تذكرة
الأولياء للعطار طبع البروفسور نيكلسن، ونقطة الكاف لميرزا جاني
الكاشاني طبع البروفسور براون. وقد نشرت في الجزء الثاني من بيست
مقالة المقدمات التي كتبها المترجم للنسخ التي صورت لوزارة المعارف
الإيرانية، كما أن الأستاذ بورداود طبع سنة ١٩٢٨ م في بمبي مقالات
المترجم التي نشرت في الصحف قبل ذلك التاريخ بعنوان الجزء الأول من
بيست مقالة، وفي مجلة يادكار كذلك منذ تأسيسها أيلول سبتمبر
١٩٤٤ مجموعة من مقالات هذا العالم الكبير. ٨٩٥:
الميرزا محمد بن عبد الوهاب بن داود الهمداني الكاظمي
توفي سنة ١٣٠٣
عالم فاضل أديب كامل نحوي لغوي شارع بالعربية والفارسية
مصنف حسن المحاضرة جيد الحفظ حسن التحرير يعد في الكاملين في
العلوم الأدبية تصدى للقضاء في الكاظمية ولقبه ناصر الدين شاه امام
الحرمين.
له فصوص اليواقيت في نصوص المواقيت منظوما وبهجة الشباب
والمشكاة في مسائل الخمس والزكاة وعصمة منظومة في المنطق وشرحها ودرة
الأسلاك في حكم دخان التنباك والشجرة المورقة في إجازات العلماء والمواعظ
البالغة وكتاب الأدعية والاحراز والطلاسم.

(١) قامت جامعة طهران بعد وفاته بنثر مذكراته الكثيرة وطبعت منها حتى الآن سبعة مجلدات.
(٣٩٤)

والبشرى في إنشاء الصلوات الباهرة المتضمنة للمعاجز الفاخرة للعترة
الطاهرة من إنشائه وقال بعض الشعراء في تقريضه وهو مادة التاريخ:
بشرى من الله لمن يتلوها وله تقرير بحث أستاذه الشيخ مرتضى
الأنصاري وكتاب ملوك الكلام. وعطر العروس فيما تبتهج به النفوس من
شرح أبيات مشكلة وبيان النقطة تحت البسملة وبعض فضائل العترة
الطاهرة وهي شرح بيتين لعبد الباقي في القبة الشريفة وله أيضا مختصرة في
الوفيات. قرأ على الشيخ مرتضى الأنصاري ويروي عنه بالإجازة الشيخ
راضي ابن الشيخ محمد الفقيه النجفي والسيد أسد الله ابن السيد محمد باقر
الأصفهاني الموسوي والشيخ قاسم محيي الدين العاملي النجفي والميرزا
السيد زين العابدين بن الحسين الطباطبائي والمولى رفيع بن علي الرشتي
والملا علي ابن الميرزا خليل الطبيب الرازي والشيخ جواد ابن الشيخ حسين
نجف النجفي والشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني والسيد علي بن محمد
بن طيب الموسوي التستري والمولى حسين علي التوسركاني الأصبهاني والميرزا
السيد محمد علي الحسيني الشهرستاني الحائري ومن شعره قوله لما حج السيد
هاشم بن محمد بن الحسن الحسيني وإبراهيم الأصبهاني مضمنا شطورا من
ألفية ابن مالك فقال:
على أداء الحاج للمناسك * احمد ربي الله خير مالك
أخص هاشما سليل المصطفى * وآله المستكملين في الشرفا
والندب إبراهيم حيث ركبا * تركيب مزج نحو معدي كربا
كانا لأفق السعد نيرين * كما يكونان معرفين
وبذرى مجدهما اتصالا * اختار غيري اختار الانفصالا
إن قيل من في الكرما يحمي الحمى * فلهما كن أبد مقدما
ونعت كل منها وإن أتى * في النظم والنثر الصحيح مثبتا
لكنما السابق بالوصف أحق * والغرض الآن بيان ما سبق
أضافه الله إلى الشرافة * وشاع في الاعلام ذو الإضافة
ولا يبالي بالذي قد وهبا * إن كان مثل مل ء الأرض ذهبا
عداته دائمة متصلة * وكلها تلزم بعدها صله
ترى لسان حاله يقول من * يصل إلينا يستعن بنا يعن
هباته وافرة موفرة * مفردة جاءتك أو مكدرة
فقس من الأوصاف ما قد اضمرا * حتما موافقا لما قد أظهرا ٨٩٦:
أبو الفتح محمد بن عبيد الله بن عبد الله الكاتب المعروف بسبط ابن
التعاويذي الشاعر المشهور. ولد عشر رجب عام ٥١٩ وتوفي ٢ شوال عام
٨٥٣ ببغداد ودفن بباب أبرز. في تذكرة شرف الدين موسى الآتي ذكرها
في ترجمة يحيى بن سلامة الحصكفي.
كان شاعر وقته لم يكن فيه مقلة جمع شعره جزالة الألفاظ وعذوبتها
ورقة المعاني ودقتها وهو في غاية الحسن والحلاوة وكان كاتبا بالديوان ببغداد
وعمي في آخر عمره وله في عماه أشعار كثيرة يرثي عينيه ويندب زمان شبابه
وتعرفه وكان قد جمع ديوانه بنفسه قبل العمى وعمل له خطبة ورتبة أربعة
فصول وكلاما جدده بعد ذلك سماه الزيارات. ولما عمي كان باسمه راتب
في الديوان فالتمس أن ينقل باسم أولاده فكتب إلى الامام الناصر هذه
الأبيات:
خليفة الله أنت بالدين والدنيا * وأمر الاسلام مضطلع
أنت لما سنه الأئمة اعلام * الهدى مقتف ومتبع
قد عدم العدم في زمانك والجور * هما والخلاف والبدع
فالناس في الشرع والسياسة والاحسان * والعدل كلهم شرع
يا مالكا يروع الحوادث والأيام * عن ظلمها فترتدع
ومن له أنعم مكررة * لنا مصيف منها ومرتبع
ارضي قد أجدبت وليس عن * أجدب يوما لسواك منتجع
ولى عيال لا در درهم * قد أكلوني حيا وما شبعوا
إذا رأوني ذا ثروة جلسوا * حولي ومالوا إلي واجتمعوا
وطالما قطعوا حبالي اعراضا * إذا لم يكن معي قطع
يمشون خلفي شتى لكأنهم * عقارب كلما سعوا لسعوا
فمنهم الطفل والمراهق والبالغ * أيضا والكهل واليفع
لا قارح منهم أؤمل أن * ينالني خيره ولا جذع
لهم حلوق تفضي إلى معد * تحمل في الأكل فوق ما تسع
من كل رحب المعاء أجوف * ناري الحشا لا يمسه الشبع
لا يحسن المضغ فهو يترك فيه * فيه بلا كلفة ويبتلع
ولي حديث يلهي ويعجب من * يوسع لي خلقه فيتسع
نقلت رسمي جهلا إلى ولد * لست به ما عشت انتفع
نظرت في نفعهم وما انا في * اجتلاب نفع الأولاد مبتدع
وقلت هذا بعدي يكون لكم * فما أطاعوا امري وما سمعوا
فاختلسوه مني فما تركوا * عيني عليه ولا يدي تقع
فان أردتم امرا يزول به * الخصام من بيننا ويرتفع
فاستانفوا لي رشحا أعود على * ضنك معاشي به فيتسع
وإن زعمتم اني اتيت بها * خديعة فالكريم ينخدع
حاشا لرسمي القديم ينسخ من * نسخ دواوينكم فينقطع
فوقعوا لي بما سالت فقد * أطمعت نفسي واستحكم الطمع
لا تطلبوا دفعي فلست ولو * دفعتموني بالراح اندفع
وحلفوني أن لا تعود يدي * ترفع في نقله ولا تضع
فانعم عليه الناصر بالراتب فكان يصله من الخشكار الردئ فكتب
إلى فخر الدين صاحب المخزن أبياتا يشكو من ذلك.
مولاي فخر الدين أنت إلى الندى * عجل وغيرك محجم متباطي
حاشاك ترضى أن تكون جرايتي * كجراية البواب والنفاط
سوداء مثل الليل سعر قفيزها * ما بين دانقها إلى قيراط
أخنت عليها الحادثات وأفرطت * فيها الرداءة أيما إفراط
قد كدرت حسي المضئ وأفرطت * طبعي السليم وعفنت أخلاطي
فتول تدبيري فقد أنهيت ما * أشكوه من مرضي إلى بقراط
وكان وزير ديوان العزيز شرف الدين أبو جعفر بن أحمد التميمي
وزير المستنجد بالله المعروف بابن البلدي قد عزل أرباب الدواوين وحبسهم
وحاسبهم وصادرهم وعقبهم ونكل بهم فعمل المترجم في ذلك:
يا قاصدا بغداد جز عن بلدة * للجور فيها زخرة وعباب
إن كنت طالب حاجة فارجع فقد * سدت على الراجي بها الأبواب
ليست وما بعد الزمان كعهدها * أيام يعمر ربعها الطلاب
ويحلها الرؤساء من ساداتها * والجلة الأدباء والكتاب
والدهر في أولى حداثته * وللأيام فيها نضرة وشباب
والفضل في سوق الكرام يباع * بالغالي من الأثمان والآداب
(٣٩٥)

بادت وأهلوها معا فبيوتهم * ببقاء مولانا الوزير خراب
وارتهم الاحداث احياء تهال * جنادل من فوقهم وتراب
فهم خلود في مجالسهم يصب * عليهم بعد العذاب عذاب
لا يرتجى منها إيابهم وهل * يرجى لسكان القبور إياب
والناس قد قامت قيامتهم فلا * انساب بينهم ولا أسباب
والمرء يسلمه أبوه وعرسه * وتخونه القرناء والأحباب
لا شافع تغني شفاعته ولا * جان له مما جناه متاب
شهدوا معادهم فعاد مصدقا * من كان قبل ببعثه يرتاب
حشر وميزان وعرض جرائد * وصحائف منشورة وحساب
وبها زبانية بثثن على الورى * وسلاسل ومقامع وعذاب
ما خانهم من يوم ما وعدوا به * في الحشر الا راحم وهاب
وله في الوزير المذكور:
يا رب أشكو إليك ضرا * أنت على كشفه قدير
أ ليس صرنا إلى زمان * فيه أبو جعفر وزير
وكتب إلى عضد الدين أبي الفرج محمد بن المظفر يطلب منه شعيرا
لفرسه:
مولاي يا من له أياد * ليس إلى عدها سبيل
ومن إذا قلت العطايا * فجوده وافر جليل
اليه أن جارت الليالي * ناوي وفي ظله نقيل
أن كنيتي العتيق سنا * له حديث معي طويل
كان شرائي له فضولا * فأعجب لما يجلب الفضول
ظننته حاملا لرحلي * فخاب ظني به الجميل
ولم أخل للشقاء اني * لثقل أعبائه حمول
فان أكن عاليا عليه * فهو على كاهلي ثقيل
أرجل كالبوم ليس فيه * خير كثير ولا قليل
ليس له فجر حميد * ولا له منظر جميل
وهو حرون وفيه بطء * ولا جواد ولا ذلول
ولا كفل معجب لراء * إذا رآه ولا تليل
مقصرا إن مشى ولكن * إن حضر الأكل مستطيل
يعجبه التبن والشعير * والفول والقث والقصيل
فان رأى عكرشا * رأيت اللعب من شدقه يسيل
وليس فيه من المعاني * شئ سوى أنه أكول
فهب له ما به تصلني * وهبه من بعض ما تنيل
ولا تقل أن ذا قليل * فالجل في عينه جليل
ومن شعره قوله ذكره صاحب نسمة الحسر وقد وجدناها أيضا سنة
١٣٥٢ في بعض المجاميع المخطوطة في النجف وهي موجودة في ديوانه
المطبوع:
أرقت للمع برق حاجري * تألق كاليماني المشرفي
أضاء لنا الأجارع مسيطرا * سناه وعاد كالنبض الخفي
كان وميضه لمع الثنايا * إذا ابتسمت ورقراق الحلي
فاذكر في وجوه الغيد بيضا * سوالفها ولم اك بالنسي
أتيه صبابة وتتيه حسنا * فويل للشجي من الخلي
وعصر خلاعة أحمدت فيه * شبابي صحبة العيش الرخي
وليلى بعد ما مطلت ديوني * وقد حالت عن العهد الوفي
منعمة شقيت بها ولولا * الهوى ما كنت ذا بال شقي
تزيد القلب بلبالا ووجدا * إذا نظرت بطرف بابلي
إذا استشفيتها وجدي رمتني * بداء من لواحظها دوي
ولولا حبها لم يصب قلبي * سنا برق تألق في دجي
أجاب وقد دعاني الشوق دمعي * وقدما كنت ذا دمع عصي
وقفت على الديار فما أصاخت * معالمها لمحزون بكي
أروي تربها الصادي كأني * نزحت الدمع فيها من ركي
ولو أكرمت دمعك يا شؤوني * بكيت على الامام الفاطمي
على المقتول ظمآنا فجودي * على الظمآن بالدمع الروي
على نجم الهدى الساري وبحر * العلوم وذروة الشرف العلي
على الحامي بأطراف العوالي * حمى الاسلام والبطل الكمي
على الباع الرحيب إذا المت * يد الازمان والكف السخي
على أندى الأنام يدا ووجها * وأرجحهم وقارا في الندي
وخير العالمين أبا واما * وأطهرهم ثرى عرق زكي
فما دفعوه عن حسب كريم * ولا ذادوه عن خلق رضي
لئن دفعوه ظلما عن حقوق * الخلانة بالوشيج السمهري
فما دفعوه عن حسب كريم * ولا ذادوه عن خلق رضي
لقد فصموا عرى الاسلام عودا * وبدأ في الحسين وفي علي
ويوم الطف قام ليوم بدر * بأخذ الثار في آل النبي
فثنوا بالامام أ ما كفاهم * ضلالا ما جنوه على الوصي
رموه عن قلوب قاسيات * بأطراف الأسنة والقسي
وأسرى مقدما عمر بن سعد * اليه بكل شيطان غوي
سفوك للدماء على انتهاك * المحارم جد مقدام جري
اتاه بمحنقين تجيش غيظا * صدورهم بجيش كالأتي
أطافوا محدقين به وعاجوا * عليه بكل طرف أعوجي
وكل مثقف لدن وعضب * سريجي ودرع سابري
فأنحوا بالصوارم مشرعات * على البر التقي ابن التقي
وجوه النار مظلمة أكبت * على الوجه الهلالي الرضي
فيا لك من امام ضرجوه الدم * القاني بخرصان القني
بكته الأرض اجلالا وحزنا * لمصرعه واملاك السمي
وغودرت البغاة على الفتاة * الحصان ولا على الطفل الصبي
ولا بذلوا لخائفة أمانا * ولا سمحوا لظمآن بري
ولا سفروا لثاما عن حياء * ولا كرم ولا انف جمي
وساقوا ذود اهل الحق ظلما * وعدوانا إلى الورد الوبي
تذودهم الرماح كما تذاد الركاب * عن الموارد بالعصي
وساروا بالكرائم من قريش * سبايا فوق أكوار المطي
فيا الله يوم نعوه ما ذا * وعى سمع الرسول من النعي
ولو رام الحياة سعى إليها * بغرمته نجاء المضرخي
ولكن المنية تحت ظل الرقاق * البيض أجدر بالأبي
فيا عصب الضلالة كيف جرتم * عنادا عن صراطكم السوي
وكيف عدلتم مولود حجر النبوة * بالغوي ابن الغوي
(٣٩٦)

فألقيتم وعهدكم قريب * وراء ظهوركم عهد النبي
وأخفيتم نفاقكم إلى أن * وثبتم وثبة الليث الضري
وأبديتم حقودكم وعدتم * إلى الدين القديم الجاهلي
ولولا الضغن ما ملتم على ذي * القرابة بالبعيد الأجنبي
كفى حربا ضمانكم لقتل الحسين * جوائز الرفد السني
وبيعكم لأخراكم سفاها * بمنزور من الدنيا بكي
وحسبكم غدا بأبيه خصما * إذا عرف السقيم من البري
صليتم حربه بغيا فأنت * لنار الله أولى بالصلي
وحرمتم عليه الماء لؤما * وإقبالا على الخلق الدني
وأوردتم جيادكم وأظمأتموه * شربتم غير الهني
وفي صفين عاندتم أباه * وأعرضتم عن الحق الجلي
وخادعتم امامكم خداعا * اتيتم فيه بالأمر الفري
إماما كان ينصف في القضايا * ويأخذ للضعيف من القوي
سأهدي للأئمة من سلامي * وغر مدائحي أزكى هدي
سلاما اتبع الوسمي منه * على تلك المشاهد بالولي
وأكسو عاتق الأيام منها * حبائر كالرداء العبقري
حسانا لا أريد بهن الا * مساءة كل باع خارجي
يضوع لها إذا نشرت أريج * كنشر لطائم المسك الذكي
كأنفاس النسيم سرى بليلا * بهن ذوائب الورد الجني
لطيبة والبقيع وكربلاء * وسامراء تغدو والغري
وزوراء العراق وارض طوس * سقاها الغيث من بلد قصي
فحيا الله من وارته تلك * القباب البيض من حبر نقي
وأسبل ثوب رحمته دراكا * عليها بالغدو وبالعشي
فذخري للمعاد ولاء قوم * بهم عرف السعيد من الشقي
كفاني علمهم اني معاد * عدوهم موال للولي ٨٩٧:
محمد بن عبيد الله بن علي بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن عبد الله بن
الحسين الأصغر بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع الحسيني البلخي
توفي سنة أربعمائة ونيف وخمسين.
من شعره قوله:
أراني من قوم إذا ما تنمرت * ليال تلقوا صرفها بالتنمر
قدامى الورى في كل يوم تقدم * صدورهم في كل يوم تصدر
بقرباهم قد ساد كل خليفة * وبالامر منهم ساد كل مؤمر
بنى الله فوق الساريات بيوتهم * بأحمد المحمود ثم بحيدر
مقلبنا كف الوصي وحجره * وموضعنا دار النبي المطهر
وقوله:
يا طيب نفح النسيم في سحر * عرج على طيبة بتغليس
وزر بقيعا بما تجود به * رسما من الدين جد مطموس
وأغزر بها في الغري رازمة * تمزج اضحاكها بتعبيس
وطف بها في الطفوف مدلجا * وحيها ضحوة بتشميس
واقصر ببغداد من أزمتها * ترد صداها بطول تعريس
وخص سامرة بمرتجس * يشوب تطبيقه بتبجيس
وازحف إلى طوس واقض محتبسا * حقوق ذاك الغريب في طوس
مراقد روحت مشاهدها * برحمة نورت وتقديس ٨٩٨:
محمد بن عبيد الله بن أبي غالب الزراري أحمد بن محمد بن محمد بن
سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو الطاهر الزراري
ولد في قصر عيسى ببغداد يوم الأحد لثلاث خلون من شوال سنة
٢٨٣ كما ذكره جده في رسالته اليه.
قال النجاشي: كان أديبا وهو ابن أبي غالب، له كتاب فضل
الكوفة على البصرة وكتاب الموشح وكتاب حمد البلاغة. أقول هو ابن
يا بن أبي غالب لا ابنه لصلبه فأطلق الابن على الحفيد وهو شائع وهو الذي
كتب له أبو غالب الرسالة في آل أعين قال في تلك الرسالة مخاطبا له: ولما
صلح أبوك لسماع الحديث وسلوك طريق أجدادي رحمهم الله جذبته إلى
ذلك فلم يجذب وشغله طلب المعاش والبعد عن مشاهدة العلماء عن العلم
وعلت سني فآيست من الولد وبلغ أبوك سبعا وثلاثين سنة ولم يرزق ولدا
ورزقني الله جل وعز الحج ومجاورة الحرمين سنة فجعلت كدي وأكثر دعائي
في المواضع التي يرجى فيها قبول الدعاء أن يرزق الله أباك ولدا ذكرا يجعله
خلفا لآل أعين ثم قدمت العراق فزوجت أباك من أمك ففضل الله جل
وعز أن رزقناك في أسرع وقت ومن بان جعلك سوي الخلقة مقبول الصورة
صحيح العقل إلى أن كتبت إليك هذا الكتاب وقد خفت أن يسبق أجلي
ادراكك وتمكنك من سماع الحديث وتمكني من حديثك بما سمعت من
الحديث وأن أفرط في شئ من ذلك كما فرط جدي وخال أبي رحمهما الله إذ
لم يحدثاني إلى سماع حديثهما مع ما شاهداه من رغبتي في ذلك ولم يبق في
وقتي من آل أعين أحد يروي الحديث ولا يطلب العلم وشححت على اهل
هذا البيت الذي لم يخل من محدث أن يضمحل ذكرهم ويدرس رسمهم
ويبطل حديثهم من أولادهم وقد بينت لك آخر كتابي هذا أسماء الكتب التي
بقيت عندي من كتبي وما حفظت اسناده وتيقنت روايته فإن كان قد غاب
عني شرحت لك ممن سمعت ذلك وأجزت لك خاصته روايتها عني على
حسب ما أشرحه من ذلك عند ذكر اسمها وأجزت لك ما عندي من الكتب
القديمة وذكرت لك ما منها بخط جدي محمد بن سليمان رحمهما الله وما فيها
بخط من عرفت خطه وما جددت لك من الكتب التي خلفت وجعلت جميع
ذلك عند والدتك وديعة لك ووصيتها أن تسلمها إليك إذا بلغت وتحفظها
عليك إلى حين علمك بمحلها وموضعها أن حدث الموت قبل بلوغك هذه
الحال فان حدث بها حدث قبل ذلك أن توصي بها من تثق به لك وعلمك
فاتق الله جل وعز واحفظ هذه الكتب فان منها ما قرئ على عبد الرحمن بن أبي
نجران سنة ٢٢٧ وهو كتاب داود بن سرحان ومنها ما قرأه جدي
محمد بن سليمان على محمد بن الحسين بن أبي الخطاب في سنة ٢٥٧ وتاريخ
ذلك في أواخر الكتب فاروها عني حسبما رسمته لك وتوخ سلوك طريقة
أجداد أبيك رحمهم الله وتقبل أخلاقهم وتشبه بهم في أفعالهم واجتهد في
حفظ الحديث والتفقه فيه وواظب على ما يقربك من الله عز وجل واعلم أنه
ما أسن أحد قط الا ندم على ما فاته من التقرب إلى الله جل وعز بطاعته في
شبيبته وعلى ما دخل فيه من المحظورات في حداثته حين لا تنفعه الندامة ولا
يمكنه استدراك ما فاته من عمره وأصحب مشائخ أصحابك ومن تزين
صحبته بين الناس وأن صحبت أحدا من أترابك فلا تدع صحبة المشائخ
مع ذلك أجاب الله فيك دعوتي وأحسن عليك خلافتي وأن رزق الله عز
وجل الحياة ومد في الاجل إلى أن تكتب عني ما أمليه عليك وتحفظ ما
(٣٩٧)

أسنده لك فذلك مناي وإلى الله عز وجل ارغب فيه وأن تكن الأخرى
وتقدمت أيامي قبل ذلك فالله جل وعز خليفتي عليك وإياه أسأل أن يحفظني
فيك ويحفظ صالح أجدادك كما حفظ الغلامين بصلاح أبيهما فقد مر في
بعض الحديث أنه كان بين أبيهما الذي حفظا له وبينهما سبعمائة سنة والله
عز وجل حسبي فيك وفي نفسي ونعم الوكيل وعملت هذه في ذي القعدة
سنة ٣٥٦ وجددت هذه النسخة في رجب سنة ٣٦٧. ثم ذكر أسماء الكتب
التي أجاز له روايتها وأسماء الرجال الذين رواها عنهم. ٨٩٩:
الأمير أبو الحسين محمد بن عبيد الله الأشتر من ذرية الإمام زين العابدين
ع
لقب بالأشتر لضربة كانت في وجهه ضربه إياها غلام العذان
الزيدي وأعقب وأكثر وانجب وكان له نيف وعشرون ولدا يركبون الخيل
ويحملون السلاح تقدموا وملكوا حتى قال الناس السماء لله والأرض لبني
عبيد الله وكانت له جلالة ورياسة ومدحه المتنبي بقصيدة أولها:
أهلا بدار سباك أغيدها * أبعد ما بان عنك خردها
لا ناقتي تقبل الرديف ولا * بالسوط يوم الرهان أجهدها
مرتميات بنا إلى ابن عبيد الله * غيطانها وفدفدها
خير قريش أبا وأمجدها * أكثرها نائلا وأجودها
وذكر في مجالس المؤمنين أن ممدوح المتنبي هو عبيد الله ولم يذكر محمد
الأشتر والظاهر أنه اشتباه. ٩٠٠:
أبو محمد أبو أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد يحيي بن محمد بن
الحسن بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن
الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي المعروف بالسلامي من شعراء
الصاحب بن عباد
له ديوان ذكره في اليتيمة وفي نسمة السحر وتوفي سنة ٣٩٣ ٩٠١:
القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي
نسبة إلى نصيبين بلد معروف. وهو من مشائخ النجاشي صاحب
الرجال قال في ترجمة فارس بن سليمان أبو شجاع الارجاني أنه صنف كتابا
قال قرأته على القاضي أبي الحسن محمد ابن عثمان بن حسن النصيبي وكتبه
من اصله قال حدثنا أبو شجاع فارس قراءة عليه بأرجان قال وأجازنا
حديثه: وفي ترجمة محمد ابن أبي عمير: فاما نوادره فهي كثيرة لأن الرواة
لها كثيرة فهي تختلف باختلافهم فاما التي رواها عنه عبيد الله بن أحمد بن
نهيك فاني سمعتها من القاضي أبي الحسين محمد بن عثمان بن الحسن يقرأ
عليه حدثكم الشريف الصالح أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم قراءة
عليه قال حدثنا معلمنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك عن ابن أبي عمير
بنوادره. وفي ترجمة أبي عبيد الله الحسين بن خالويه النحوي له كتب منها
كتاب الأول ومقتضاه ذكر إمامة أمير المؤمنين ع حدثنا بذلك القاضي
أبو الحسين النصيبي قال قرأته عليه بحلب وفي محمد بن أحمد المفجع له
كتب أخبرني محمد بن عثمان بن الحسن قال حدثنا أبو عبد الله الحسين بن
خالويه عنه بها. وفي الحسين بن بهران له مسائل أخبرنا أبو الحسين
محمد بن عثمان حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد حدثنا ابن نهيك عنه.
وفي حذيفة بن محمد الشريف الصالح الخ. وفي حريز له كتاب الصلاة
قرأناه على القاضي أبي الحسين محمد بن عثمان قال قرأته على أبي القاسم
جعفر بن محمد بن عبد الله الموسوي الخ وفي عبد الله بن أحمد بن نهيك له
كتاب النوادر أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان ابن الحسن قال
اشتملت إجازة أبي القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي وأراناها على
سائر ما رواه عبيد الله بن أحمد بن نهيك. وفي داود بن سرحان له كتاب
رواه عنه جماعات من أصحابنا أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان
حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد الشريف الصالح حدثنا عبيد الله بن
أحمد بن نهيك بالمعلى بمكة ووصفه في محمد ابن يوسف الصنعاني بالمعدل
فقال له كتاب أخبرنا محمد بن عثمان المعدل حدثنا الشريف الصالح أبو
القاسم جعفر بن محمد. وقال الكراجكي في كنز الفوائد أن محمد بن
أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان يروي عن أبي الحسين محمد بن عثمان بن
عبد الله النصيبي آه وقد ظهر أنه مرة يسمى محمد بن عثمان بن
عبد الله وأخرى محمد بن عثمان المعدل وثالثة محمد بن عثمان فقط وأربعة
محمد بن عثمان بن الحسن وأنه يكنى بأبي الحسين ويمكن أن يكون الحسن
وعبد الله أحدهما أبوه والآخر جده فنسب تارة إلى الأب وأخرى إلى الجد. ٩٠٢:
عميد الدين أو جعفر محمد بن عدنان بن عبد الله بن المختار العلوي
العبيدلي الكوفي النقيب.
ذكره شيخنا جمال الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن المهنا العبيدلي
في المشجر وقال كان مترفا مثريا ولي سقي الفرات وكان في إصطبله مائة
وخمسون فرسا. ٩٠٣:
السيد جمال الدين محمد المعروف بعرفي الشيرازي.
ولد في شيراز وتوفي في لاهور سنة ٩٩٩ ودفن بها وبعد عدة سنين من
دفنه أريد نقل عظام درويش كان مدفونا بجنبه فنقلت عظام المترجم اشتباها
إلى النجف ودفن هناك. من شعراء الفرس المعروفين منتشر الصيت في بلاد
إيران والهند وشعره في غاية الفصاحة والبلاغة وله طريقة خاصة في الشعر
امتاز بها عن السابقين ويكثر في شعره من الاستعارات بحيث يغفل السامع
عن مقصوده الأصيل. سافر إلى بلاد الهند في عهد أكبر شاه ونال عنده
حظوة بشعره ولشدة تعلقه بولد السلطان المسمى بسليم المعروف
بجهانيكر شاه اتهمه حساده بعشقه وكان ذلك سببا لقتله في شبابه بالسم.
والأبيات الفارسية المكتوبة بالذهب في الإيوان الشريف الغروي
الشرقي في جانبيه هي من انشائه وهي موجودة في ديوانه الفارسي المطبوع.
وإذا حاز على هذه الفضيلة بان ينقش شعره في مدح أمير المؤمنين على
الذهب في الإيوان المطهر فليس من العجيب ان يفوز بالدفن في جواره من
حيث لا يحتسب. ٩٠٤:
الشيخ محمد العسيلي العاملي.
كان فاضلا صالحا تقيا قرأ على الشيخ مهدي مغنية في طيردبا.

(١) معجم البلدان.
(٣٩٨)

٩٠٥: الأمير محمد بن المير غياث الدين عزيز ابن الميرزا شمس الدين محمد
الحسيني الرضوي المشهدي.
عن حبيب السير انه كان له رتبة التقدم في زمان السلطان حسين
بايقرا على أكثر فقهاء المشهد المقدس الرضوي وشرف هؤلاء السادات
وعظيم شانهم لا يحتاج إلى شرح وبيان. ٩٠٦:
الحاج محمد العطار البغدادي.
فاضل شاعر أديب معاصر للسيد نصر الله الحائري ذكره جامع ديوان
السيد نصر الله فقال: قطب دائرة الفخار المولى الأكرم الحاج محمد العطار
آه أرسل إلى السيد نصر الله قصيدة يدعوه بها إلى الضيافة لم نعثر عليها
فأجابه عنها بهذه القصيدة:
أ زهر الكواكب في الداجية * أم الزهر في الروضة الحالية
أم الوشي لاح ببرد نفيس * أم العمد في عنق الغانية
أم الطرس حبره المجتبي * مصاص ذوي الرتب السامية
محمد الشهم من نظمه * لبرد القريض غدا حاشية
فتى ان طغى ماء بحر الخطوب * فما غير معناه من جاريه
ببرق الطلاقة في وجهه * سحائب اعطائه هامية
به تم بيت قصيد الكرام * وقد كان قبل بلا قافية
له معشر صيتهم شاسع * كرام ذوو همم عالية
قضاة إذا جلسوا في الدسوت * وفي الحرب أسيافهم قاضية
مناقبهم شبه شهب السماء * تنير بها الليلة الداجية
أيا شمس دار السلام الذي * كواكب تحقيقه هادية
ويا من حماه لنا جنة * قطوف نداه بها دانية
أتيتك أسعى إلى داركم * والثم أعتابها السامية
وقد فاخرت قدمي الرأس إذ * إلى نحوكم أصبحت ماشية
فحياكم الله من قادة * رياض العلوم بكم زاهية
ولا زال ذكركم ساريا * وأطواد مجدكم راسية
مدى الدهر يا من بمسك المديح * لهم قيمتي قد غدت غالية ٩٠٧:
السيد محمد العطار من أجداد آل السيد حيدر الحسيني.
قال يهني الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء بعوده من حجته الثانية
سنة ١١٩٩ بصحبة السيد محسن الأعرجي صاحب المحصول والسيد جواد
صاحب مفتاح الكرامة والشيخ محمد علي الأعسم:
أ سنا جبينك أم صباح مسفر * وشذا أريجك عبير أذفر
اهلا بطلعتك التي ما أسفرت * الا وليل الهم عنا يدبر
بك عاد ذابل روض آمال الورى * غضا ولا عجب فإنك جعفر
وتبسمت ارض الغري مسرة * بك بعد ما عبست فكادت تزهر
ومدارس العلم استنارت مذ بدا * فيها محياك البهيج الأنور
واستبشرت فرحا بك العلماء بل * كل الأنام وحق ان يستبشروا
كنا بفرقته بأعظم وحشة * وبعوده عاد السرور الأكبر
فكأننا روض تجانبه الحيا * فذوى وعاوده فأصبح يزهر
فكأنه شمس فيغشى الليل ان * غابت ويبدو الصبح مهما تسفر
سبحان من أحيا الورى بمعاد من * بنواله موتى الخصاصة تنشر
هو جعفر لا بل هو البحر الذي * كم فاض بحر من نداه وجعفر
والحمد لله الذي أولاه من * آلائه فالشكر عنه يقصر
ودعاه فضلا من لدنه لبيته * وقراه من جدواه ما لا يحصر
أكرم به وبصحبه من سادة * كرمت سجاياهم وطاب العنصر
لا سيما صدر الأفاضل محسن * كنز العلوم المحسن المتبحر
وجواد الندب الجواد جلال * أرباب الجلال وعزهم والمفخر
وسمي محبي العلي محمد * وعلي الطهر الزكي الأطهر
وسليل صادقنا الصدوق محمد * والنعمة الكبرى التي لا تنكر
قوم تردوا بالعلى وتقمصوا * بالمكرمات وبالعفاف تأزروا
وقد اقتفوا منهاج من عن فضله * أقلام أرباب البلاغة تقصر
مولى به بطحاء مكة أشرقت * وبنور غرته أضاء المشعر
ولقد غدا الحرم الشريف به على * ما فيه من فخر يتيه ويفخر
وبزورة المختار نال الغاية * القصوى التي عنها الكواكب تقصر
وسما بزورة آل احمد رتبة * بصر البصيرة عن مداها يحسر ٩٠٨:
السيد محمد بن عقيل الصادقي الحسيني.
مولده ووفاته
ولد ضحى يوم الأربعاء ليومين بقيا من شعبان سنة ١٢٧٩
ببلدة مسيلة آل شيخ قرب تريم من بلاد حضرموت وتوفي صباح الثلاثاء ١٣
ربيع الأول سنة ١٣٥٠ في الحديدة من ارض اليمن وشيع نعشه رجال
الدولة والأهلون عن بكرة أبيهم والجيش اليماني منكسا سلاحه وجاءت
برقيات التعزية لنجله السيد علي من الامام يحيى وولي العهد سيف الاسلام
أحمد بن يحيى وأخيه سيف الاسلام محمد وأقفلت المحاكم في اليمن ثلاثة
أيام حدادا عليه.
نسبه الشريف
هو محمد بن عقيل بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن طه بن
محمد بن شيخ بن أحمد بن يحيى بن حسن بن علي بن علوي بن محمد مولى
الدويلة بن علي بن علوي بن محمد بن علي بن محمد صاحب مربط بن
علي بن علوي بن محمد علوي بن عبيد الله بن المهاجر أحمد بن عيسى بن
محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين
العابدين بن الحسين السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابن فاطمة
الزهراء ع.
أحواله
اعتنى والده بتعليمه واحضر إلى المسيلة من يعلمه من علماء
حضرموت فقرأ القرآن في بضعة شهور وتعلم الخط وقرأ النحو وبعض متون
الفقه وبعض دواوين الشعر جل مقامات الحريري وكانت قراءته على والده
وعمه محمد بن عبد الله وعلى السيد أبي بكر بن شهاب وغيرهم وكانت
مخايل النجابة وجودة الفهم بادية عليه من صغره وبما أن والده كان يحرضه
على الاستقلال في الفهم وعدم اتباع كل ما هو محرر الا بعد فهمه وفحصه
تربت فيه ملكة الاستقلال من صغره وكانت لأسلافه مكتبة عظيمة تحوي
نفائس الكتب المطبوعة والمخطوطة ولها فهرست عمله هو فطالع أكثر ما
حوته بإمعان.
(٣٩٩)

توفي والده وهو في الخامسة عشرة من عمره فقام مقام والده في رئاسة
عائلته على صغر سنه وقام بمهام تلك الرئاسة أحسن قيام. ثم رحل من
بلاد حضرموت إلى سنغافورة والبلاد الجاوية وعمره ١٧ سنة لإفادة أهلها
فنجحت مساعيه وتكللت اعماله بالفوز حتى أصبح مضرب الأمثال فكثر
حساده و تضافرت على مقاومته أضداده فأظفره الله عليهم وعادوا بالخيبة
والخذلان ووصل إلى سنغافورة سنة ١٢٩٦ واشتغل بالتجارة ليكون مستغنيا
عن الناس فنجح في تجارته وحافظ على أوقاته فعمل جدولا قسم فيه أوقاته
على اعماله وراحته وجعل حصته للمطالعة لا تقل عن ثلاث ساعات على
الدوام وكلما وجد سعة في الوقت جعلها للمطالعة وكان يقول مواقيتك
يواقيتك فحافظ عليها وكان يقول أعظم عون لي في نجاح مقاصدي توزيع
أوقاتي ولم يكن يقبل مناصب الدول واراده الملك حسين بن علي ان يكون
ناظرا للمعارف بمكة المكرمة سنة ١٣٤٠ فأبى سوى انه رغب إلى حكومة
سنغافورة ابان الحرب العظمى الأولى في تأسيس مجلس باسم مجلس
الاستشارة الاسلامي فأجابته لذلك وترأس هذا المجلس وغايته اجراء
أحكام المسلمين كالمواريث وغيرها على وفق مذهبهم. وأسس في سنغافورة
جمعية اسلامية ومجلة وجريدة عربيتين ومدرسة عربية دينية وحج البيت
الحرام ثلاث مرات أقام في إحداها بالحجاز مع عائلته أكثر من ستة أشهر
وسافر إلى الهند مرارا وسافر إلى اليابان والصين والى آخر بلاد روسيا ومنها
إلى برلين ففرنسا وحضر بها المعرض العلمي والتجاري وتعرف بعلية
المستشرقين فيها ورأى في جهة من المعرض العلمي علما لدولة اسلامية وتحته
منبر للخطابة لم يصعد عليه أحد فصعد عليه واجتمع حوله علماء المستشرقين
فألقى خطابا نفيسا ذكر فيه السيرة النبوية ومحاسن الاسلام ولما نزل عن المنبر
صافحوه ودعوه إلى حفلة أقاموها له في نزل كبير والتفوا حوله رجالا ونساء
وسافر أيضا إلى العراق وسورية ومصر مرارا. وكان قوي الحجة ثاقب
الفكر حاد الذهن شديد الفهم باحثا محققا نقادا مطلعا رايته بدمشق وكانت
بيني وبينه مكاتبة.
مؤلفاته
١ النصائح الكافية ورد عليه رجل بكتاب سماه الرقية الشافية من
مضار النصائح الكافية فرد السيد أبو بكر بن شهاب على الرد بكتاب أسماه
الحمية من مضار الرقية ٢ تقوية الايمان ٣ فصل الحاكم في النزاع
والتخاصم ٤ العتب الجميل على اهل الجرح والتعديل وهذه كلها مطبوعة
٥ ثمرات المطالعة أشار اليه في العتب الجميل بلغ عدد صفحاته أربعة
آلاف صفحة وقيل ثمانية آلاف بقطع النصف وذلك أنه كان كثير المطالعة
وله ولع عظيم بها بقي عدة أعوام يطالع في كل ليلة مائة وخمسين صفحة
فكان إذا أراد مطالعة كتاب وضع مذكرته وقلمه ودواته بجانبه وشرع في
المطالعة وعند الانتهاء من مطالعة ذلك اليوم يكتب على المحل الذي وقف
عليه تاريخ اليوم والشهر والسنة فإذا رأى في الكتاب غلطا كتب على
هامشه: الظاهر كذا. وإذا مرت به فائدة أو اعتراض على صاحب الكتاب
أو من نقل عنه كتب ذلك في مذكراته فاجتمع عنده جملة وافرة من هذه
المذكرات فجمعها في كتاب وسماه ثمرات المطالعة وقد رأيت منه كراريس
حينما كان يطبع بمصر ثم لم أقف له على خبر ولا أدري أ تم طبعه أم لا ٦
أحاديث لمختار في معالي الكرار ذكره في العتب الجميل ٧ كتبه ومراسلاته
لإخوانه فيها فوائد جليلة لو جمعت لكانت مجلدا ضخما.
مراثيه
قال المؤلف يرثيه من قصيدة:
سالت دموع العين كل مسيل * حزنا لرزء محمد بن عقيل
رزء بدا فيه الزمان بمقلة * مكفوفة وبساعد مشلول
رزء به فجع النبي محمد * والبضعة الزهراء خير بتول
والمرتضى وبنوه كلهم فهم * من سائل باك ومن مسؤول
رزء له تبكي علوم محمد * وشرائع التحريم والتحليل
نبأ من اليمن استطار فزلزلت * منه البلاد وقيل دونك زولي
نبأ له اهتز الحجاز وبابل * وربى الشام وارض وادي النيل
وأصاب أقصى حضرموت بفجعة * تركت بنيه برنة وعويل
وصداه عم الهند من أطرافها * والمغرب الأقصى وكل قبيل
بمحمد جل المصاب ولم يكن * رزء الجليل الفذ غير جليل
ارض الحديدة قد سعدت بنازل * لم تسمح الدنيا له بمثيل
أين السان العضب ان جردته * يمضي مضاء الصارم المصقول
أين المقال الفصل لا يبقى به * عند الجدال لقائل من قيل
أين اليراع إذا جرى كشفت به * شبهات كل مموه ضليل
كم قد نصرت الحق إذ لا ناصر * وأقمت أوضح حجة ودليل
ورددت خصمك ناكصا متحيرا * بدلائل المعقول والمنقول
وإذا بدا ليل الشكوك بدت به * آراؤك الغراء كالقنديل
وإذا الفحول إلى لقاك تواثبت * تلفى فحول القوم غير فحول
كم موقف لك في الجدال غدت به * الأبطال بين مجدل وقتيل
نظروا إليك وقد بهرت عقولهم * بنواظر عند التخاصم حول
كادوك فيما لفقوا من إفكهم * فتركت كيد القوم في تضليل
وتركت ما قد لفقوه وموهوا * يذرى كعصف يابس مأكول
ورميتهم بحجارة من قولك * المعروف لا بحجارة السجيل
ونبا سلاح الحق في أيديهم * فتدرعوا بالسب والتنكيل
وكذا سلاح العاجزين سبابهم * بئس السلاح لعاجز مخذول
جردت سيف الحق ابيض ماضيا * وسطوا بسيف للضلال كليل
ضالوا وصلت لدى الخصام فلم تدع * عند التخاصم صولة لصؤول
لما تسابقتم سبقت وقصروا * وامتاز فاضلكم من المفضول
وعمدت للبرهان يشرق وجهه * نورا وقد عمدوا إلى التدجيل
ان النصائح منك كافية غدت * بسماعها ان قوبلت بقبول
أظهرت بالعتب الجميل وما حوى * هفوات اهل الجرح والتعديل
عاتبتهم عتبا جميلا للذي * ما كان فيه فعلهم بجميل
ونهجت نهجا للهدى وأبنت عن * غرر له مشهورة وحجول
ولقد ورثت من النبي محمد * خلقا كزهر الروضة المطلول
ونشرت بين الخلق علما زاهرا * ما كان بالمكذوب والمنحول
فاذهب كما ذهب الغمام له الثنا * من كل حزن في الثرى وسهول
في كل جيل منك ذكر خالد * يرويه جيل غابر عن جيل
يا قبره كم فيك غيب من ندى * غمر ومجد في التراب أثيل
يا قبره كم فيك غيب من شبا * عزم ورأي في الأمور أصيل ٩٠٩:
أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي
من أجلة العلماء والفقهاء والمتكلمين، رأس الشيعة، صاحب

(١) من الترجمات التي توفي المؤلف قبل أن يكتبها " ح "
(٤٠٠)

التصانيف الجليلة، كان نحويا لغويا عالما بالنجوم طبيبا متكلما فقيها
محدثا، أسند اليه جميع أرباب الإجازات، من تلامذة الشيخ المفيد
والشريف المرتضى والشيخ الطوسي، روى عنهم وعن آخرين من أعلام
الشيعة والسنة، وروى عنه وقرأ عليه جماعة من علماء عصره.
كان نزيل الرملة، وأخذ عن بعض المشائخ في حلب والقاهرة ومكة
وبغداد وغيرها من البلدان، وتوفي بصور، ثاني ربيع الاخر سنة أربعمائة
وتسع وأربعين هجرية.
وكتابه كنز الفوائد كما يقول السيد بحر العلوم في رجاله يدل على
فضله، وبلوغه الغاية القصوى في التحقيق والتدقيق والاطلاع على المذاهب
والاخبار، مع حسن الطريقة وعذوبة الألفاظ.
له مؤلفات كثيرة بلغت السبعين حسب عد بعض معاصريه، ومنها
كنز الفوائد والاستطراف في ذكر ما ورد من الفقه في الانصاف
والاستنصار في النص على الأئمة الأطهار والاعلام بحقيقة ايمان أمير
المؤمنين وأولاده الكرام والبرهان على صحة طول عمر صاحب الزمان
والبيان عن جمل اعتقاد اهل الايمان والتعريف بحقوق الوالدين
والتعجب من أغلاط العامة في مسالة الإمامة وتفضيل أمير المؤمنين
ع وتهذيب المسترشدين وشرح جمل العلم للمرتضى
والكر والفر في الإمامة ومعارضة الأضداد باتفاق الاعداد ومعدن
الجواهر ورياضة الخواطر ومعرفة الفارض في استخراج سهام الفرائض
والمنهاج في معرفة مناسك الحاج والنوادر ووجوب الإمامة.
والكراجكي بفتح الكاف واهمال الراء وكسر الجيم، نسبة إلى
الكراجك عمل الخيم، ولهذا وصفه بعض مترجميه بالخيمي، وضبطه
بعضهم بضم الجيم نسبة إلى الكراجك قرية على باب واسط ذكرها
ياقوت في معجم البلدان ٤ ٤٤٣، ولكن هذا ليس بصحيح. ٩١٠:
المفتي السيد محمد قلي بن محمد حسين بن حامد حسين بن زين العابدين
الموسوي النيشابوري الكنتوري.
توفي ٤ المحرم سنة ١٢٦٠.
من علماء الهند. كان متكلما بارعا في المعقول حسن المناظرة جيد
التحرير واسع التتبع من تلاميذ السيد دلدار علي بن محمد معين النصير
آبادي. اشتغل في الرد على المخالفين فقام به أحسن قيام. له من المؤلفات
١ السيف الناصري في الرد على الباب الأول من التحفة الاثني عشرية
٢ الأجوبة الفاخرة في رد ما كتبه الفاضل رشيد الدين الدهلوي جوابا
عن السيف الناصري ٣ تقليب المكائد في رد الباب الثاني من التحفة
٤ برهان السعادة في رد الباب التاسع منها في الإمامة ٥ تشييد المطاعن
لكشف الضغائن في الرد على الباب العاشر منها ٦ مصارع الافهام لقطع
الأوهام في رد الباب الحادي عشر منها ٧ الفتوحات الحيدرية في الرد على
الصراط المستقيم لبعض العامة ٨ تقريب الافهام في تفسير آيات
الاحكام. إلى غير ذلك. ٩١١:
الشيخ محمد العكام النجفي.
أستاذ صاحب اليتيمة قال عنه انه مجتهد مدرس. ٩١٢:
الشيخ محمد كاظم الشيرازي.
ولد سنة ١٢٩٢ في شيراز وتوفي سنة ١٣٦٧ في النجف ودفن في
احدى حجرات الصحن الشريف وقد أرخ بعض أدباء النجف وفاته
فقال:
بكت المدارس والدروس عميدها * وتجاوبت من ناثر أو ناظم
وتعطلت لغة المنابر لوعة * مذ أرخوها بالشجا للكاظم
لما بلغ الثامنة من عمره سافر مع أبيه الحاج حيدر وكان صباغا
للألبسة إلى كربلا لأداء الزيارة فمكث معه فيها مدة من الزمن تعلم
خلالها قراءة القرآن الكريم والكتابة وبعض المقدمات في العربية. ثم عاد
مع أبيه إلى شيراز وأقام بها سنين اشتغل خلالها بدراسة المقدمات في الفقه
والأصول ثم عاد إلى كربلا وهو يبلغ من العمر ١٥ سنة تاركا أباه وأهله
في شيراز واخذ في دراسة الفقه والأصول. وفي سنة ١٣١٠ انتقل إلى
سامراء واتصل بالسيد ميرزا محمد حسن الشيرازي الذي رعاه رعاية خاصة
وعهد لبعض علماء حوزته بتربيته وتعليمه كالسيد محمد الأصفهاني والشيخ
حسن علي الطهراني والميرزا محمد تقي الشيرازي.
وبعد وفاة الميرزا محمد حسن الشيرازي سافر المترجم إلى شيراز
صحبة الميرزا إبراهيم الشيرازي ولكنه لم يمكث فيها سوى أشهر قليلة عاد
بعدها إلى سامراء حيث لازم درس الميرزا محمد تقي الشيرازي وبقي ملازما
له لا يفارق حوزته إلى أن تخرج عليه وأصبح من من المشار إليهم بالبنان.
وعند ما انتقل الميرزا محمد تقي الشيرازي في الخامس من شوال ١٣٣٥ من
سامراء إلى الكاظمية عقيب الحرب العالمية الأولى مباشرة كان المترجم مرافقا
له وفي أواخر شهر محرم سنة ١٣٣٦ عند ما انتقل الميرزا محمد تقي الشيرازي
من الكاظمية إلى كربلا حيث انتهت اليه الرئاسة العليا بقي المترجم مدة
أشهر في الكاظمية ثم التحق بأستاذه السالف الذكر في أوائل سنة ١٣٣٧
وبقي ملازما له في كربلا إلى أن توفي الميرزا محمد تقي الشيرازي في الرابع
من ذي الحجة سنة ١٣٣٨ فبقي المترجم في كربلا إلى أن توفى الميرزا محمد
تقي الشيرازي في الرابع من ذي الحجة سنة ١٣٣٨ فبقي المترجم في كربلا
بعد وفاة أستاذه عدة أشهر انتقل بعدها اي في أوائل سنة ٧٣٣٩ إلى النجف
الأشرف حيث استقل بالبحث والتدريس والتأليف حتى أصبح من مراجع
التقليد خاصة بعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني سنة ١٣٦٥ وقد تخرج
على يد المترجم جماعة منتشرون اليوم في العراق وإيران والهند.
مؤلفاته
خلف بعض المصنفات طبع قسم منها ولا زال القسم الآخر منها
مخطوطا محفوظا لدى الأكبر الميرزا محمد. ومؤلفاته تبحث في الغالب في
الفقه والأصول منها: ١ الحواشي على العروة الوثقى ٢ الحواشي على رسائل
الشيخ مرتضى الأنصاري ومنها مجلدان حواشي على المكاسب مطبوعان في طهران
سنة ١٣٧٠. وهذه الحواشي في الحقيقة خلاصة دروس ومحاضرات أستاذ

(١) بقلم السيد صالح الشهرستاني نزيل طهران.
(٤٠١)

المترجم الميرزا محمد تقي الشيرازي مضافا إليها محاضرات المترجم دروسه
التي كان قد ألقاها على تلامذته في النجف وكربلا وسامراء والكاظمية وقد
أطلق عليها اسم بلغة الطالب في حاشية المكاسب ٣ كتاب على شكل
مذكرات في مسائل فقهية متفرقة ٤ كتاب كبير في بضعة مجلدات في أبواب
الفقه المختلفة توجد نسخته لدى ولده الأكبر الميرزا محمد ٥ تعليقات على
تقريرات المرحوم الميرزا حسين النائيني ٦ تعليقات على درر المرحوم
الحائري اليزدي طبع قسم منها في طهران ٧ الحواشي على الفصول.
وقد خلف المترجم أربعة أولاد وبنتين أكبرهم الميرزا محمد وهو مقيم
في شيراز ومن كبار علمائها. ٩١٣:
السيد الميرزا ضياء الدين محمد النواب ابن الميرزا محمد صادق الحسيني
المرعشي الخليفة سلطاني.
كان من أعيان أصفهان فقها وحديثا وأصولا وأدبا له قيود وحواشي
على الكتب الأربعة توفي بأصفهان في أوائل فتنة الأفاغنة وخلف ولدين
بارعين عالمين المير السيد علي المشتهر بالمجتهد والسيد عبد الفتاح. ٩١٤:
أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد من مشائخ الشيخ الطوسي.
قال الشيخ: أخبرني قراءة عليه في ذي الحجة سنة ٤١٠. ٩١٥:
الميرزا محمد صدر الخاصة ابن الميرزا محمد مقيم النواب ابن محمد.
نصير ابن السيد حسن النواب ابن السيد حسين سلطان العلماء
الحسيني.
أمه بنت الشاه حسين الصفوي.
كان من تلامذة أبيه في الفقه والأصول والأدب وكان صدرا في الدولة
خلف محمد جعفر ومحمد نصير ومحمد حسن. ٩١٦:
محمد بن محمد بن يحيى المعادي الكوفي.
في رسالة أبي غالب الزراري ان أمه فاطمة ابنة سليمان بن الحسن بن
الجهم بن بكير بن أعين تزوجها أبوه عند عودة سليمان من خراسان إلى
الكوفة قال وقد روى محمد بن يحيى طرفا من الحديث وروى محمد بن
محمد بن يحيى بن عمة أبي أيضا صدرا صالحا من الحديث ولم تطل أعمارهما
فيكثر النقل عنهما. ٩١٧:
الشيخ محمد ابن الميرزا محمد الهمذاني البهاري النجفي.
توفي ٩ رمضان سنة ١٣٢٥ في بهار.
البهاري نسبة إلى بهار بالموحدة المفتوحة والهاء والألف والراء قرية
من قرى همذان رايتها في سفري إلى المشهد المقدس الرضوي سنة ١٣٥٣
دعانا إليها العالم الفاضل الشيخ رضا أخو المترجم وأرانا مكتبته فيها
واستفدنا منها. وبهار بالفارسية اسم لفصل الربيع ولذلك ألغز بعضهم
فقال رأيت بهارا في الشتاء.
كان المترجم من العلماء الربانيين والسالكين المراقبين تلمذ في النجف
على الملا حسين قلي الهمذاني النجفي الأخلاقي المشهور تلميذ الشيخ
مرتضى الأنصاري وكان من أخص تلامذته وكان المترجم ذا صفات
ومقامات رفيعة مشتغلا بالعلم دائم المراقبة وكان لوجوده آثار شريفة زار
المشهد المقدس في خراسان وتوفي راجعا من زيارته في وطنه الأصلي بهار. ٩١٨:
الشيخ صارم الدين محمد الشريف ابن الشيخ محمد إبراهيم بن محمد
إسماعيل بن محمد إبراهيم بن المولى محمد صادق الأردستاني اليزدي
الحائري.
له لواء الحمد في وقائع حجة الوداع وفضل يوم الغدير وما يتعلق به
وبعض القصائد الراجعة اليه فرع منه سنة ١٣٠٤ مطبوع. ٩١٩:
غياث الدين محمد المشتهر بخواند مير بن همام الدين محمد بن خواجة جلال
الدين محمد بن برهان الدين محمد بن كمال الدين محمد الحسيني الخوارزمي
البلخي.
ينتهي نسبه إلى زيد بن علي بن الحسين ووالده صاحب روضة الصفا
والمترجم حبيب السير في اخبار أفراد البشر فارسي مطبوع لخصه من روضة
الصفا بالفارسي لوالده مع زيادات وسماه باسم الخواجة حبيب الله من
رجال دولة الشاه إسماعيل الصفوي سنة ٩٢٧ في ثلاث مجلدات ثانيها
أحوال الأئمة الاثني عشر ع وله خلاصة الاخبار على مآثر
الملوك. ٩٢٠:
أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث بن محمد الكوفي
وفي سند رواية للشيخ في التهذيب كما يأتي محمد بن الأشعث الكندي
وكذا في الرياض كما يأتي: أبو علي بن محمد بن الأشعث الكندي الكوفي
ولم ينسبه أحد إلى كندة غيرهما ويمكن أن يكون ذلك من سبق القلم لألف
الذهن بالأشعث الكندي كما وقع للشيخ في إسحاق بن عمار من نسبته
للفطحية كما بين هناك ويمكن أن يكون صحف الكوفي بالكندي في كلام
الشيخ وزيد الكندي تبعا للشيخ في عبارة الرياض.
كنيته
كناه أصحابنا أبو علي وكناه الذهبي وتبعه ابن حجر أبو الحسن ولا
ريب أن أصحابنا اعرف بكنيته ويمكن أن يكون تكنيته بأبي الحسن اشتباها
نشأ من كنية موسى بن إسماعيل الراوي عنه محمد بن الأشعث فإنه يكنى
بأبي الحسن.
أقوال العلماء فيه
ذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم ع فقال محمد بن
محمد بن الأشعث الكوفي يكنى أبا علي ومسكنه بمصر في سقيفة جواد يروي
نسخة عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه إسماعيل بن موسى عن أبيه
موسى بن جعفر ع قال التلعكبري اخذ لي
والدي منه إجازة في سنة ٣١٣ آه وقال الشيخ في رجاله في ترجمة
محمد بن داود بن سليمان الكاتب ذكر التلعكبري أن إجازة محمد بن
محمد بن الأشعث الكوفي وصلت اليه على يد هذا الرجل يعني محمد بن
داود في سنة ٣١٣ وقال يعني التلعكبري سمعت منه في هذه السنة من
الأشعثيات ما كان اسناده متصلا بالنبي ص وما كان غير ذلك لم يروه عن
صاحبه وذكر التلعكبري إن سماعه هذه الأحاديث المتصلة الأسانيد من هذا
(٤٠٢)

الرجل ورواية جميع النسخة عن محمد بن الأشعث وقال ليس لي من هذا
الرجل إجازة آه.
وقال النجاشي: محمد بن محمد بن الأشعث أبو علي الكوفي ثقة من
أصحابنا سكن مصر له كتاب الحج ذكر فيه ما وردته العامة عن جعفر بن
محمد ع في الحج أخبرنا الحسن بن عبيد الله حدثنا سهل بن أحمد عنه بالكتاب آه وفي الخلاصة: محمد ابن محمد بن الأشعث بالثاء
المثلثة بعد العين المهملة أبو علي الكوفي ثقة من أصحابنا سكن مصر
آه وفي رياض العلماء أبو علي بن محمد الأشعث الكندي الكوفي هو من
قدماء الأصحاب ويروي كتاب رواية الأبناء عن الآباء من آل رسول الله
ص على ما يظهر من كتاب جمال الأسبوع لابن طاوس ولعله هو المؤلف
لهذا الكتاب آه أقول الظاهر أن رواية الأبناء عن الآباء يراد به
رواية كتاب الأشعثيات الذي يرويه عن موسى بن إسماعيل عن آبائه كما مر
ويأتي. آه وقال الذهبي في ميزان الاعتدال محمد بن محمد بن الأشعث
الكوفي أبو الحسن نزيل مصر قال ابن عدي كتبت عنه بها وحمله شدة تشيعه
أن اخرج الينا نسخة قريبا من ألف حديث عن موسى بن إسماعيل بن
موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن آبائه بخط طري عامتها
مناكير فذكرنا ذلك للحسين بن علي بن الحسين بن عمر بن علي بن
الحسين بن علي العلوي شيخ أهل البيت بمصر فقال كان موسى هذا جاري
بالمدينة أربعين سنة ما ذكر قط أن عنده رواية لا عن أبيه ولا عن غيره.
فمن النسخة أن النبي ص قال نعم الفص البلور. ومنها شر البقاع دور
الأمراء الذين لا يقضون بالحق. ومنها ثلاثة ذهبت منهم الرحمة الصياد
والقصاب وبائع الحيوان. ومنها لا خيل أبقى من الدرهم ولا امرأة كابنة
العم. ومنها اشتد غضب الله على من أهرق دمي وآذاني في عترتي وساق له
ابن عدي جملة موضوعات. قال السهمي سالت الدارقطني عنه فقال آية
من آيات الله وضع ذلك الكتاب يعني العلويات آه وفي لسان الميزان
وقد وقفت على بعض الكتاب المذكور وسماه السنن ورتبه على الأبواب وكله
بسند واحد وأورد الدارقطني في غرائب مالك من روايته عن محمد بن
محمد بن سعدان البزاز عن القعنبي حديثا وقال كان ضعيفا آه
أقول قدح الذهبي فيه عصبية وتحاملا لتشيعه وكذلك ابن عدي
والدارقطني وغيرهما وكذلك تضعيف الدارقطني له ليس إلا لذلك وينادي به
قول ابن عدي: وحمله شدة تشيعه أن اخرج الينا الخ وقوله بخط طرى اي
جديد كأنه يريد أن يجعل ذلك إمارة على الوضع والخط يمكن أن يبقى
جديدا عدة أعوام ولعله نسخ من الكتاب نسخة وأخرجها إليهم فالباعث
على التشكيك بهذا ليس إلا سوء الظن. وقوله عامتها مناكير لأنها لا توافق
ما تعوده واعتقده أو لأن فيها من فضل أهل البيت ما لا يطيقه سمعته ولا
يحمله قلبه ولعل المناكير فيما عرفه لا فيها. ونقله عن العلوي أنه كان جاره
بالمدينة أربعين سنة ولم يذكر له أن عنده رواية عن أبيه أو غيره أن صح لا
يدل على عدم وجود الرواية فلعله كان له مانع من ذكرها له ولا يجوز رد
الروايات بالحدس والاستبعادات. والروايات التي نقلها ليس فيها شئ من
المناكير ككون البلور نعم الفص فأي مانع أن يجعل الله فيه فضلا وككون
شر البقاع دور الأمراء الذين لا يقضون بالحق فهو موافق للعقل والنقل
وكون الاعمال الثلاثة تقسي القلب إلى آخر ما نقله عنه من الروايات.
مشائخه
منهم موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر الذي يروي عنه كتاب
الجعفريات
تلاميذه
منهم أبو محمد سهل بن أحمد بن عبد الله بن سهل الديباجي يروي
عنه كتاب الأشعثيات. وأبو محمد محمد هارون بن موسى التلعكبري فقد
مر أنه سمع منه من الأشعثيات. وأبو المفضل الشيباني قال ابن طاوس:
حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله رحمه الله قال كتب إلي محمد بن
محمد بن الأشعث الكوفي من مصر يقول حدثنا موسى بن إسماعيل بن
موسى بن جعفر وساق السند والمتن. وأبو الحسن علي بن جعفر بن حماد
قال العلامة في إجازته الكبيرة لبني زهرة ومن ذلك كتاب الجعفريات وهي
ألف حديث بهذا الاسناد عن السيد ضياء الدين فضل الله باسناد واحد
رواها عن شيخه عبد الرحيم عن أبي شجاع صابر بن الحسين بن فضل بن
مالك حدثنا أبو الحسن علي بن جعفر بن حماد بن داين الصياد بالبحرين
أخبرنا بها أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي عن أبي الحسن
موسى بن إسماعيل بن جعفر ع وعبد الله بن المفضل بن
محمد بن هلال روى عنه الشيخ في باب البينات من التهذيب عن محمد بن
محمد بن الأشعث الكندي حدثنا موسى بن إسماعيل عن أبيه حدثني أبي
عن جده عن علي ع الخ ورواه في الاستبصار أيضا إلا أن في
جملة من نسخه عبد الله بن المفضل عن محمد بن هلال عن محمد بن محمد
الخ وإبراهيم بن محمد بن محمد بن عبد الله القرشي. روى الشيخ في
التهذيب عن محمد بن أحمد بن داود عن أبي احمد إسماعيل بن عيسى بن
محمد المؤدب حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله القرشي حدثنا محمد بن
محمد بن الأشعث بمصر حدثنا أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الخ. وأبو محمد عبد الله بن محمد بن
عبد الله ابن عثمان المعروف بابن السقا كما هو موجود في أول النسخة التي
وصلت إلى الميرزا حسين النوري من الجعفريات ففي أولها أخبرنا القاضي
امين القضاة أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد قراءة عليه وانا حاضر
أسمع قيل له حدثكم والدكم أبو الحسن علي بن محمد بن محمد والشيخ أبو
نعيم محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف الجمازي قالا أخبرنا الشيخ أبو
الحسن أحمد بن المظفر العطار أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن
عبد الله بن عثمان المعروف بابن السقا أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن
الأشعث الكوفي من كتابه سنة ٣١٤ حدثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل
الخ. ويمكن أن يكون من تلاميذه أبو الحسن محمد بن داود بن سليمان
الكاتب لقول التلعكبري أن إجازة محمد بن محمد بن محمد بن الأشعث
وصلت اليه على يد محمد بن داود ومنهم أبو أحمد عبد الله بن أحمد بن عدي
فقد مر عن الذهبي قال ابن عدى كتبت عنه. وصرح برواية ابن عدي عنه
محمد بن محمد الجزري الشافعي في الأربعين حديثا التي جمعها من كتاب
الأشعثيات على ما حكي فقال فيه عن عبد الله بن أحمد بن عدي عن
محمد بن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن
جعفر ع عن أبيه إسماعيل عن أبيه موسى عن آبائه ع
السلام.
مؤلفاته
قد علم مما مر عن النجاشي أن له كتاب الحج اما كتاب الجعفريات
(٤٠٣)

فالظاهر أنه تأليف إسماعيل بن موسى الكاظم ع كما مر في ترجمة
إسماعيل المذكور فراجع وسمي بالأشعثيات لرواية ابن الأشعث المترجم
له. ٩٢١:
الشيخ أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن خلف البصروي
في تاريخ بغداد للخطيب: مات في شهر ربيع الأول سنة ٤٤٣
والبصروي في انساب السمعاني: بضم الباء الموحدة وسكون الصاد
المهملة وفتح الراء وفي آخرها الواو هذه النسبة إلى بصرى وهي قرية دون
عكبرا وحربي المشهور بهذه النسبة أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد بن
خلف البصروي شاعر مجود مليح الشعر مطبوع مليح العارضة مستجاد
النادرة سريع الجواب قرأ الكلام على المرتضى الموسوي ولازمه مدة مديدة
روى عنه أبو بكر الخطيب الحافظ وذكره في تاريخ بغداد آه.
وفي أمل الآمل: الشيخ أبو الحسن محمد بن محمد البصروي فقيه
فاضل نقلوا له أقوالا في كتب الاستدلال كما في فقه المعالم وغيره له كتاب
المفيد في التكليف يروي أبو الفضل شاذان بن جبرائيل عن أبيه عنه وتقدم
رواية الشريف المعروف بابن الشريف أكمل البحراني عنه آه وفي
رياض العلماء أبو الحسن البصروي اسمه محمد بن محمد البصروي المعروف
بالبصروي وتارة أبي الحسن البصروي وقد اشتبه على الشيخ المعاصر يعني
صاحب امل الآمال فذكره مرة في الأسامي بعنوان ما ذكرناه ومرة أخرى
في الكنى فقال أبو الحسن البصروي له كتاب المفيد قاله ابن شهرآشوب
آه قال وبالجملة هو الشيخ الفاضل الفقيه من تلامذة السيد المرتضى
وكتب له إجازة نقلناها في ترجمته ولا يخفى أن الغلط نشأ أولا من ابن
شهرآشوب أورده في بعض الكنى ظنا منه أن كنيته اسمه ولم يورده في باب
الأسماء وزاد الشيخ المعاصر في الطنبور نغمة وجعلهما رجلين آه.
وفي تاريخ بغداد: محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن خلف أبو
الحسن الشاعر البصروي من اهل بصرى وهي قرية دون عكبرا سكن
بغداد ومدح بها الأكابر وعلقت عنه مقطعات من شعره أنشدنا أبو الحسن
البصروي لنفسه:
نرى الدنيا وزهرتها فنصبو * وما يخلو من الشهوات قلب
ولكن في خلائقنا نفار * ومطلبها بغير الحظ صعب
كثيرا ما نلوم الدهر فيما * يمر بنا وما للدهر ذنب
ويعتب بعضنا بعضا ولولا * تعذر حاجة ما كان عتب
فضول العيش أكثرها هموم * وأكثر ما يضرك ما تحب
فلا يغررك زخرف ما تراه * وعيش لين الأعطاف رطب
فتحت ثياب قوم أنت فيهم * صحيح الرأي داء لا يطب
إذا ما بلغة جاءتك عفوا * فخذها فالغنى مرعى وشرب
إذا اتفق القليل وفيه سلم * فلا ترد الكثير وفيه حرب
وفي تاج العروس: سكن بغداد وقرأ الكلام على الشريف المرتضى
وكان مليح العارضة سريع الجواب آه وكفى في الدلالة على تشيعه كونه
تلميذ المرتضى في علم الكلام. ونقل من خط الشهيد رحمه الله: الشيخ
المفيد محمد البصروي يرثي السيد المرتضى رضي الله عنهما:
قام النعي ببطن مكة مسمعا * فسل المشاعر والملائك من نعى
وعلى جبال منى أصاب فلم يدع * بالخيف الا خاشعا متصدعا
وتروعت في ترب طيبة أعظم * أجدر بها للحزن أن تتروعا
راحت مطايا الركب عن علم الهدى * يمشين من ثقل الكآبة ظلعا
وعلى الرحائل كل وجه كاسف * ألقت عليه من الفجيعة برقعا
ورجال أطماع أنال وجوههم * ياس وقد يذر الحمام المطمعا
وردوا فمن مستوضح عن دينه * قد كان أمس يرى طريقا مهيعا
أوذي رجاء كان يطلب مرتعا * فيه أصاف كما يشاء وأربعا
حتى إذا سمعوا النعي وأبصروا * الزوراء من بعد ابن موسى بلقعا
عادوا فكم متردد في شبهة * طخياء أعضل خطبها أن يدفعا
أو مرمل يسل الرجال وطالما * أجدى عليه المرتضى متبرعا
تركوا علي بن الحسين وقد ثوى * لحدا بفعل الصالحات موسعا
وانضمت الأكفان منه على امرئ * ضمت مآزره تقى وتورعا
فكأنما الأرض التي حفرت له * خلقت لأعظم من عليها مضجعا
لم تدر لما استودعت علم الهدى * من بات تحت طباقها مستودعا
ولو أنها علمت بذاك تحولت * مسكا فتيتا أو ربيعا ممرعا
فانظر إلى آثار مدرس علمه * أو مل إلى محرابه متسمعا ٩٢٢:
الشيخ محمد بن محمد تقي القمي
قال في الفوائد الرضوية: شيخنا العالم الفاضل الفقيه المحدث
الحكيم المتكلم الشاعر المنشئ الأديب حسن المحاضرة جيد التقرير
والتحرير جامع المعقول والمنقول أطال الله بقاه. له: الأربعين الحسينية،
شرح قصيدة السيد الحميري العينية، شرح البيان للشهيد، رسالة في الرد
على البابية، تعليقات وحواش كثيرة على كتب العلوم. وله أشعار لطيفة في
رثاء الحسين ع متعنا الله بطول حياته. ٩٢٣:
السيد بهاء الدين محمد بن محمد باقر الحسيني المختاري النائيني صاحب
حدائق المعارف.
توفي أوائل فتنة الأفغان يروي عن صاحب الوسائل وله الفوائد البهية
في شرح الصمدية. ٩٢٤:
السيد رضي الدين محمد ابن السيد محمد تقي الحسيني الموسوي النجفي
أصلا الشيرازي مولدا ومنشأ الأصفهاني مسكنا
كان حيا سنة ١١٠٦
كان عالما فاضلا حدثا يروي عن شيخه وأستاذه في العلوم الشرعية
الشيخ صالح بن عبد الكريم البحراني عن السيد نور الدين أخي صاحب
المدارك وعن الشيخ علي بن سليمان البحراني عن البهائي وعن صاحب
الوسائل محمد بن الحسن بن الحر العاملي وعن الشيخ قاسم بن محمد
الكاظمي عن أخي صاحب المدارك وعن الشيخ عبد علي الحويزي صاحب
نور الثقلين وعن ملا محسن الكاشي ويروي عنه بالإجازة الشيخ احمد ابن
الشيخ حسن ابن الشيخ محمد ابن الحر العاملي ابن أخت صاحب الوسائل
وابن ابن عمه وتاريخ الإجازة سنة ١١٠٦. ٩٢٥:
آقا محمد ابن آقا محمد نبي ابن آقا محمد تقي ابن آقا محمد جعفر ابن آقا محمد
علي بن الوحيد البهبهاني
وله في الثامن والعشرين من شعبان سنة ١٢٨٨ في كرمانشاه قرأ على
الشيخ إبراهيم اليزدي وآقا محمد شريف من أحفاد الوحيد البهبهاني ثم
(٤٠٤)

ارتحل إلى النجف في رجب سنة ١٣١٧ وقرأ على الشيخ علي الكونابادي وآقا
ضياء الدين العراقي والشيخ إبراهيم الأردبيلي ثم حضر مجلس بحث
الآخوند محمد كاظم الخراساني وشيخ الشريعة الأصفهاني في الفقه والأصول
ثم رجع إلى بلده كرمانشاه سنة ١٣٣٣. له تعليقات متفرقة على الوسائل
والمكاسب والكفاية ٩٢٦:
ملا محمد ابن الحاج محمد حسين الخونساري النجفي
ولد بخونسار سنة ١٢٥٤ وتوفي في النجف في ٢ رجب سنة ١٣٣٢
كان من تلاميذ السيد حسين الكوهكمري المعروف بالسيد حسين
الترك ويروي عن السيد مهدي القزويني وكان من الأعاظم الاجلاء يدرس
خارجا لجمع من الأفاضل في مسجده الذي كان يصلي فيه جماعة المشهور
بمسجد الصياع وكان يعظ الناس لا سيما في شهر رمضان بعد صلاة الظهر
وله خزانة كتب جليلة فيها ألوف من الكتب النفيسة والنسخ القديمة العزيزة
وألف ولده الآغا محمد رسالة في أحوال والده المذكور ذكر فيها أنه لما بلغ من
العمر ست عشرة سنة فر من والده إلى بروجرد وقرأ سطوح الفقه والأصول
على المولى محمد علي داغي الأنصاري صاحب حاشية الحديقة على الروضة
والقوانين ثم قرأ على السيد شفيع الجابلقي وفي سنة ١٢٨٣ هاجر إلى
النجف وقرأ على تلاميذ الشيخ مرتضى الأنصاري وغيرهم وصاهر الميرزا
احمد الفيض الكاشاني من أحفاد المحدث ملا محسن الفيض ومن فضلاء
تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري وعمدة تلمذه على السيد حسين الترك
وأجل مشائخه السيد مهدي القزويني وله منه إجازة وقرأ أيضا على الشيخ
راضي ابن الشيخ محمد النجفي الفقيه الشهير وله منه إجازة ومن مشائخه
السيد محمد حسن الشيرازي الشهير قرأ عليه في النجف قبل هجرته إلى
سامراء وقرأ على السيد علي الطباطبائي صاحب البرهان القاطع وعلى الشيخ
ملا علي الكني والشيخ ميرزا حبيب الله الرشتي والملا حسين الأردكاني
الحائري والمولى محمد الإيرواني النجفي والشيخ زين العابدين المازندراني
الحائري والشيخ محمد حسين الكاظمي وغيره.
له من المصنفات كتاب في أصول الفقه تام مبسوط، رسالة المبادئ
اللغوية، رسالة في مقدمة الواجب، رسالة في الاستصحاب، شرح
التبصرة خرج منه مجلد في الطهارة وخرج منه احكام الخلل وصلاة المسافر
والإجارة والوصاية والبيع والوقوف والصدقات، وحاشية على طهرة الشيخ
مرتضى، وحاشية على مكاسبه وحاشية على رسائله، وحاشية على شرح
المنظومة للسبزواري، والطرائف والنوادر عربي وفارسي في المواعظ. قواعد
الرمل فارسي قواعد الجفر فارسي، رسالة عملية فارسية طبعت سنة
١٣٢٣ وهي النخبة الكلباسية بضميمة فتاواه. خلف ولده الآقا محمد علي
من الفضلاء العلماء سنة ١٣١١ ورباه والده أحسن تربية وقام مقامه في
الوعظ في حياته وبعده قام مقامه في إمامة الجماعة بمسجده المذكور. ٩٢٧:
مولانا محمد بن محمد رفيع الأصفهاني
ذكره في تجربة الأحرار فقال: فخر السالكين وتاج الموحدين وأستاذ
المتألهين وكهف الواصلين وقطب العارفين العلامة الأكرم النحرير الأعظم
ملاذ الأعاظم والأفاخم في العالم شمس الملة والدين جمال الاسلام
والمسلمين المرشد الصمداني والعالم الرباني مولانا محمد... الخ كان يسكن
في محله بيدآباد من أصفهان وكان درسه مجمع الرشد والرشاد ومجمع اجتماع
الحكماء والفضلاء المتكلمين والفقهاء وكان زاهدا نقيا وكانت السلاطين
تحترمه وتصغي لقوله وكان زاهدا عابدا وقد وصلت إلى خدمته سنة
١١٩٦.
لقد كنت في الاخبار اسمع فضله * حديثا كنشر المسك إذ يتضوع
فلما تلاقينا رأيت محاسنا * من الفضل اضعاف الذي كنت اسمع
وقد توفي عام ١١٩٨ وشيعت جنازته باحتفال عظيم من قبل
الأصفهانيين عموما وكان يوما عظيما هناك. ٩٢٨:
رضي الدين محمد بن محمد بن محمد بن زيد بن الداعي الحسيني المنتهي
نسبه إلى علي الأصغر ابن الإمام السجاد ع النقيب الآوي نسبه إلى آوه
كساوة ويقال آبه: بليدة من توابع قم
سيد جليل صالح عابد زاهد صاحب مقامات عالية كان صديق
السيد علي بن طاوس ويعبر عنه في كتبه بأخي، منه ما ذكره في رسالة
المواسعة والمضايقة قال توجهت مع أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد
القاضي الآوي ضاعف الله سعادته وشرف خاتمته من الحلة إلى مشهد
مولانا أمير المؤمنين ص. وقال في المهج: دعاء حدثني به
صديقي والمؤاخي لي محمد بن محمد بن محمد القاضي الآوي ضاعف الله
سعادته وشرف خاتمته. ووصفه الشهيد في الذكرى بالسيد العابد الكبير
رضي الدين محمد الآوي الحسيني المجاور بالمشهد المقدس الغروي آه
وهو راوي الاستخارة المعروفة عن صاحب الزمان يرويها الشهيد عن فخر
الدين المحققين عن أبيه عن المترجم. ٩٢٩:
محمد بن محمد بن عصام الكليني
ذكر الشيخ في آخر الفهرست: ابن عصام وقال له نوادر أخبرنا بها
جماعة عن أبي المفضل عن حميد عن ابن عصام آه وفي البحار ابن
عصام محمد بن محمد بن عصام الكليني آه ولا يبعد أن يكون هو الذي
ذكره الشيخ، اما النجاشي فإنه قال في باب من اشتهر بكنيته: أبو عصام
ذكر حميد بن زياد قال سمعت من أبي جعفر محمد بن الحسين بن حازم نوادر
أبي عصام قال ومات محمد بن الحسين بن حازم سلخ رجب سنة ٢٦١
وصلى عليه قاسم بن حازم. ٩٣٠:
محمد الملقب حبيش بن مبشر بن أحمد بن محمد الثقفي الطوسي البغدادي
أبو عبد الله أخو جعفر بن مبشر
توفي يوم السبت ٩ رمضان سنة ٢٥٨
حبيش وفي الخلاصة: وقيل حبش مكبر آه ومبشر بلفظ
اسم الفاعل من بشر بالموحدة والمعجمة الثقيلة.
أقوال العلماء فيه
قال النجاشي: حبيش بن مبشر أخو جعفر بن مبشر أبو عبد الله
كان من أصحابنا وروى من أحاديث العامة فأكثر له كتاب كبير حسن سماه
اخبار السلف أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد: حدثنا أبو
عبد الله محمد بن وهبان الدبيلي حدثنا أحمد بن كثير الصوفي حدثنا أبو عبد
الرحمن أحمد بن محمد العسكري الزعفراني المعروف بماكردويه حدثنا علي بن
الحسين بن موسى الزراد حدثنا أبو عبد الله محمد بن مبشر يلقب حبيش
أخو جعفر بن مبشر الكاتب آه وروى حديثه ابن ماجة القزويني ولذلك
علم عليه ابن حجر علامة ق كما يأتي.
(٤٠٥)

وعن تقريب ابن حجر: حبيش بن مبشر بن أحمد بن محمد الثقفي
أبو عبد الله الطوسي ثقة فقيه سني من الحادية عشرة مات ٢٥٨ وكان أخوه
جعفر من كبار المعتزلة آه. وفي تاريخ بغداد حبيش بن مبشر بن
أحمد بن محمد الثقفي الفقيه طوسي الأصل وهو أخو جعفر بن مبشر
المتكلم. وكان فاضلا يعد من عقلاء البغداديين. ثم روى بسنده عن
الدارقطني: حبيش بن مبشر من الثقات. وبسنده عن ابن قانع وصفه
بالفقيه وفي تهذيب التهذيب حبيش بن مبشر ق بن أحمد بن محمد الثقفي
أبو عبد الله الفقيه الطوسي نزيل بغداد وأخو جعفر المتكلم ذكره ابن حبان
في الثقات آه.
مشايخه
في تاريخ بغداد: سمع يونس بن محمد المؤدب ووهب بن جرير
وعبد الله بن بكر السهمي وزاد في تهذيب التهذيب انه روى عن يزيد بن
هارون وغسان بن المفضل الغلابي ووهب ابن حرير بن حازم وعلي بن
المديني ويحيى بن معين.
تلاميذه
في تاريخ بغداد: روى عنه إسحاق بن بنان الأنماطي ومحمد
الباغندي ومحمد بن مخلد الدوري. وفي تهذيب التهذيب عنه ابن ماجة في
النكاح حديثا واحدا في النكاح وأبو بكر القاضي المروزي وابن صاعد
والباغندي وابن مخلد وعدة آه ولا يخفى ان ابن ماجة روى عنه
بالواسطة فلا يعد من تلاميذه وكذا من روى عنه بالواسطة.
بعض ما روي من طريقه
روى الخطيب في تاريخ بغداد حديثا هو في سنده ان النبي ص أعتق
صفية وجعل عتقها صداقها وتزوجها. ٩٣١:
الشيخ محمد بن مجير العنقاني.
يأتي بعنوان محمد بن محمد بن مجير. ٩٣٢:
الشيخ تقي الدين أبو الخير محمد بن محمد الفارسي.
توفي سنة ٩٤٨.
هو تلميذ غياث الدين منصور له كتاب بستان الأدب جمع فيه العلوم
الأدبية الاثني عشر اللغة والصرف والاشتقاق والنحو والمعاني والبيان والبديع
والعروض والقافية والخط وقرض الشعر وانشاء النثر والمحاضرات
والتواريخ. قال في رسالة في أسامي العلوم اني جمعت هذه العلوم في كتابي
الموسوم ببستان الأدب مع زيادة تحرير وفضل تقرير وقال عند ذكر العلم
الآلهي انه صنف الأستاذ صدر الحكماء رسالة الحقائق المحمدية الخ فلعله
تلمذ على والد غياث الدين منصور وله تحرير اثولوجيا وتحرير أصول
اقليدس الصوري سماه بتهذيب الأصول وجعله من أقسام رياضيات
صحيفة النور كما يظهر من رسالته أسامي العلوم. وله رسالة في معرفة
سمت القبلة تدل على تشيعه عندنا منها نسخة. ٩٣٣:
السيد صدر الدين محمد بن محمد باقر الرضوي القمي المجاور بالغري.
شارخ الوافية ابن محمد علي بن السيد محمد مهدي ابن السيد
محسن بن محمد بن علي بن حسين بن فادشاه بن أبي القاسم بن أميرة بن أبي
الفضل بن بندار بن عيسى بن محمد بن أحمد بن موسى بن أبي عبد الله احمد
نقيب قم بن محمد الأعرج بن أبي عبد الله أحمد بن موسى المبرقع ابن الإمام
الجواد.
توفي في عشر الستين بعد المائة والألف عن خمس وستين سنة.
فاضل جليل القدر ذكره السيد عبد الله سبط السيد نعمة الله
الجزائري في اجازته الكبيرة وكان من تلامذة المترجم فقال: هو أفضل من
رايتهم بالعراق وأعمهم نفعا واجمعهم للمعقول والمنقول وقد عظم موقعه في
نفوس أهلها وكان الزوار يقصدونه ويتبركون بلقائه ويستفتونه في مسائلهم
له ١ كتاب في الطهارة استقصى فيه المسائل ونصر مذهب ابن أبي عقيل
في الماء القليل ٢ حاشية المختلف ورسائل عديدة.
ولا منافاة بين ما ذكر وبين ما في بعض العبارات في ترجمته هكذا:
صدر الدين محمد بن محمد بن علي الرضوي لان اسم والده محمد وباقر من
ألقابه كما في خطبة شرح الوافية التي هي من انشاء بعض تلاميذه فقال
السيد السند والركن المعتمد والأكمل الأوحد مولانا صدر الدين محمد ولد
الفاضل المحقق والنحرير المدقق السيد محمد المدعو بباقر القمي أفاض الله
عليه سجال الغفران واسكنه أعلى غرف الجنان. وفي كتاب صلاة المسافر
من مصنفات المترجم الموجود عند صاحب الشجرة الطيبة: بعد فيقول أقل
العباد علما وعملا وأكثرهم خطا وزللا محمد بن محمد بن علي الرضوي
المدعو بصدر الدين، وكذا في هامش هذا الكتاب صورة وقف له في آخرها
وكتب مؤلفه محمد بن محمد بن علي الرضوي.
ورأينا من شرح الوافية نسخة مخطوطة أولها: اما بعد فهذا ما نثره
من الفرائد ورصع به تيجان الفوائد قلم بحر العلم المواج وسراج الفضل
الوهاج نور حدقة الأماثل ونور حديقة الفضائل وطراز العصابة العلوية
العلوية ونظام درر المفاخر الحسنية الحسينية الحامي لحوزة الدين المبين
والماجي لظلمة الظن بصبح اليقين.
علامة العلماء والبحر الذي * لا ينتهي ولكل بحر ساحل
أستاذنا الأعظم بل أستاذ الكل في الكل وجنة الفوائد التي هي دائمة
الأكل السيد السند والركن المعتمد والأكمل الأوحد صدر الدين محمد
الفاضل المحقق والتحرير المدق السيد محمد المدعو بباقر القمي أفاض الله
عليه سجال الغفران واسكنه أعالي غرف الجنان وأحيى الله بصوب تحقيقات
أستاذنا رياض العلوم فقد عادت هشيما وملكه الله رقاب المعالي وسقاه رحيق
التوفيق وأولاه في الدارين فخرا جسيما. وكان ذلك في وقت قراءة وافية
الفاضل المبجل مولانا عبد الله التوني على جناب الشريف فسرح طرف
الطرف في رياضه وأورد قلبه الصادي من زلال حياضه.
اثرت بالكنز فاحمل من نفائسه * وقد ظفرت ببحر الفضل فاعترف
وهذا جملة ما أفاده بلغه الله مراده. ثم شرع في الشرح. وهو شيخ البهبهاني حكى عن تلميذه
البهبهاني انه حضر عنده في النصف الأول من
الشرح دون الثاني ولذا صار الثاني أقرب إلى مذاق الاخبارية من الأول. ٩٣٤:
الشيخ محمد بن محمد الشيرازي الداربلي المدعو شاه محمد.
له شرح الصحيفة السجادية المسمى برياض العارفين صنفه باسم
الشاه حسين الصفوي وقد قال تلميذه السيد علي بن علاء الدولة بن ضياء
الدين نور الله الحسيني الشوشتري المرعشي في خطبته التي وضعها للشرح
المذكور وقد وفق الله سبحانه أجل العلماء قدرا وأتمهم بدرا شيخنا المفيد
(٤٠٦)

السعيد الصالح الزكي الورع التقي العالم العامل العارف البارع الكامل
المولى الأولي المؤيد بالنفس القدسية والفيض الوهابي محمد بن محمد
الشيرازي الدارابي أدام الله بركاته وخلد ظلال إفاداته لشرح دعواتها برمتها
إلى آخر ما ذكره وهو شرح مزجي رأينا منه نسخة في كرمانشاه.
وقال في التكملة: بلغ من العمر مائة وثلاثين سنة وكان معاصرا
للمجلسي الأول وقد بالغ في مدحه تلميذه الفاضل مولانا محمد مؤمن
الجزائري صاحب خزانة الخيال وله رسالة في تحقيق عالم المثال تدل على غاية
متجره في الحكمة. ٩٣٥:
السيد محمد بن محمد بن علي الأعرجي الملقب بشيخ الشرف النسابة.
توفي سنة ٤٣٥.
كان فاضلا عالما كبيرا اليه انتهى علم النسب في عصره وله فيه
مصنفات كثيرة وهو شيخ المرتضى والرضي وشيخ أبي الحسن العمري
النسابة. ٩٣٦:
الشيخ محمد بن محمد بن محمد اللاهيجي محتدا الأصفهاني موطنا الرازي
مدفنا المعروف بميرزا آقا النواب.
عالم حكيم جليل.
له: شرح نهج البلاغة ألفه بإشارة فتح علي شاه القاجاري، تفسير
القرآن رتبه على أربعة معان في أربع مجلدات حسان إحداها في القصص
والثانية في الذكرى والثالثة في الاحكام والرابعة في وقائع يوم القيامة. ٩٣٧:
الشيخ محمد ابن الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي الجزيني.
عالم فاضل جليل القدر يروي عن أبيه وعن ابن معية وغيرهما اجازه
السيد تاج الدين ابن معية وأباه واخاه عليا وأختهما أم الحسن فاطمة المدعوة
ست المشائخ وللشهيد ولد ثالث اسمه الحسن اجازه أبوه. ٩٣٨:
أبو علي محمد بن محمد أمان.
له كتاب خواتيم الصالحين فارسي فرع منه سنة ١٢٤٩ وله تحفة
المتختمين. تلمذ على سيد العلماء السيد حسين بن دلدار علي وانتقل إلى
العراق ورجع فصار يعارض أستاذه المذكور. ٩٣٩:
ميرزا محمد ابن ميرزا محمد مظفر الأصفهاني.
قال: في تجربة الأحرار حائز أنواع الفضائل النفسانية وجامع الفقاهة
النعمانية ومسائل الحكماء اليونانية من تلامذة العلامة البيدآبادي وكان ثاني
الادبيلي في الاعراض عن زخارف الدنيا والتمسك بالمسك والتقوى. ٩٤٠:
أبو يعلى نظام الدين محمد بن صالح ابن حمزة بن عيسى المعروف بابن
الهبارية الهاشمي العباسي البغدادي.
توفي بكرمان سنة ٥٠٤ أو ٥٠٩ والهبارية بفتح الهاء وتشديد الباء
الموحدة وهي أمه بنت هبار.
كان شاعرا مجيدا له ١ كتاب الصادح والباغم مطبوع وهي منظومة
على أسلوب كليلة ودمنة في ألفي بيت نظمها للأمير سيف الدولة صدقة بن
دبيس صاحب الحلة مكث في نظمها عشر سنين وأرسلها مع ابنه فأعطاه
ألف دينار والصادح من الصدح وهو صوت الطائر والباغم من
البغام بضم الباء وهو صوت الغزال لأنه نظمه عن لسان الحيوان وقد طبع
الكتاب في الهند ومصر وبيروت ٢ نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة. وله
مراث في الحسين ع تدل على تشيعه وموالاته. قال السمعاني: له
في رثاء الحسين ع ومدح آل الرسول أشعار كثيرة آه ومن
أشعاره في رثاء الحسين ما رواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص. قال
أنشدنا أبو عبد الله محمد بن البندينجي البغدادي قال أنشدنا بعض
مشائخنا ابن الهبارية الشاعر اجتاز بكربلا فجلس يبكي على الحسين وأهله
وقال بديها:
أ حسين والمبعوث جدك بالهدى * قسما يكون الحق عنه مسائلي
لو كنت شاهد كربلا لبذلت في * تنفيس كربك جهد بذل الباذل
وسقيت حد السيف من أعدائكم * عللا وحد السمهري الذابل
لكنني أخرت عنك لشقوتي * فبلابلي بين الغري وبابل
هبني حرمت النصر من أعدائكم * فأقل من حزن ودمع سائل
ثم نام مكانه فرأى النبي ص في المنام فقال له جزاك الله عني خيرا
أبشر فان الله قد كتبك ممن جاهد بين يدي الحسين ع آه.
وله:
هيهات هيهات كل الناس قد اقبلوا * في قالب الغدر والاعجاب والملق
فان تخلق منهم بالنهى رجل * عادت به نفسه لؤما إلى الخلق
وله:
ومن نكد الدنيا الدنية انها * تخص بادراك العلى كل ناقص
وما ساد في هذا الزمان ابن حرة * فان ساد فاعلم أنه غير خالص ٩٤١:
أبو الحسن محمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي العباس أحمد بن أبي محمد
إسحاق المؤتمن.
قال ضامن: مولده ومنشأه بالمدينة المنورة وبعد وفاة والده رحل منها
واستوطن بلاد حلب فلم يزل بها إلى أن توفي بها وكذا نسله من بعده. ٩٤٢:
ملا محمد بن محمد مهدي الأشرفي المازندراني
توفي سنة ١٣١٥.
كان من مشاهير العلماء المقلدين له رسالة في العبادات وغيرها
مطبوعة. ٩٤٣:
الميرزا محمد بن محمد رضا بن إسماعيل بن جمال الدين القمي الأصل
المشهدي المولد والمسكن.
كان تلميذ العلامة المجلسي له كتاب كنز الدقائق وبحر الغرائب في
تفسير القرآن والتحفة الحسينية فارسي في آداب الصلاة ونوافلها واحكام
الأموات واعمال السنة وحاشية على الكشاف وحاشية على حاشية البهائي
على تفسير البيضاوي وكتاب الصيد والذبائح استدلالي كبير.
وقد وجدنا من كتاب كنز الدقائق مجلدا كبيرا مخطوطا عن الشيخ
جواد الواعظ الطهراني في طهران وصل فيه إلى آخر سورة الإسراء وقال في
خطبته كنت فيما مضى قد رقمت تعليقات على التفسير المشهور للعلامة
الزمخشري وأجلت النظر فيه ثم على الحاشية للعلامة النحرير والفاضل
الشهير الشيخ الكاملي بهاء الدين العاملي ثم سنح لي ان أؤلف تفسيرا
يحتوي على دقائق اسرار التزيل ونكات ابكار التأويل مع نقل ما روي في
(٤٠٧)

التفسير والتأويل عن الأئمة الأطهار والهداة الأبرار إلى آخر ما ذكره. وعلى
ظهر النسخة تقريض بخط آقا جمال الدين الخوانساري قال فيه اما بعد فقد
أيد الله تعالى بفضله الكامل جناب المولى العالم العارف الألمعي الفاضل
مجمع فضائل الشيم جامع جوامع العلوم والحكم عالم معالم التنزيل وأنواره
عارف معارف التأويل وأسراره جلال كل شبهة عارضة كشاف كل مسالة
دقيقة غامضة الذي احرق بشواظ طبعه الوقاد شوك الشكوك والشبهات
ونقد بلحاظ ذهنه النقاد نقود الأحكام الشرعية المستفادة من الآيات
والروايات أعني المكرم بكرامة الله الأحد الصمد مولانا ميرزا محمد اعانه
الله في كل باب وأثابه جزيل الثواب إذ وفقه الله لتأليف هذا الكتاب الكريم
في تفسير القرآن وجمعه من التفاسير المعتبرة وسائر كتب الاخبار المشتهرة فهو
كاسمه كنز الدقائق وبحر الغرائب الذي يصادف بغوص النظر فيه أصداف
درر الحقائق فنفع الله به الطالبين وجعله ذخرا لمؤلفه الفاضل يوم الدين وانا
العبد المفتقر إلى عفو ربه الباري جمال الدين محمد بن حسين الخوانساري
أعانهما الله تعالى يوم الحساب وأوتيا فيه بيمينها الكتاب وقد كتب ذلك في
شهر محرم الحرام من شهور سنة ١١٠٧. وكتب المجلسي عليه أيضا بعد
البسملة ما صورته: لله در المولى الأولى الفاضل الكامل المحقق المدقق
البدل النحرير كشاف دقائق المعاني بفكره الثاقب ومخرج جواهر الحقائق
برأيه الصائب أعني الخبير الأسعد الأرشد مولانا ميرزا محمد مؤلف هذا
التفسير لا زال مؤيدا بتأييدات الرب القدير فلقد أحسن واتقن وأفاد وأجاد
فسر الآيات البينات بالآثار المروية عن الأئمة الأطياب فامتاز من القشر
اللباب وجمع بين السنة والكتاب وبذل جهده في استخراج ما تعلق بذلك
من الاخبار وضم إليها لطائف المعاني والاسرار جزاه الله عن الايمان وأهله
خير جزاء المحسنين وحشره مع الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين
كتب بيمناه الوازرة الداثرة أفقر العباد إلى عفو ربه الغني محمد باقر بن محمد
تقي أوتيا كتابهما بيمناهما وحوسبا حسابا يسيرا في يوم عيد الغدير المبارك من
سنة ألف ومائة واثنين والحمد الله أولا وآخرا والصلاة على سيد المرسلين
محمد وعترته الأكرمين الأطهرين انتهى.
كما رأينا منه نسخة مخطوطة في قم فرع من الجزء الثالث منه صبيحة
يوم الغدير سنة ١٠٩٧ في مشهد الرضا ع. ٩٤٤:
المولى أبو علي محمد الشهير بعبد الكريم بن محمد هادي الشهابي الكرنبي
الطبسي.
له تحفة المتقين من بحار مناقب أمير المؤمنين ع شرح فيه خمسة
أحاديث في المناقب فرع منه سنة ١١٢٥. ٩٤٥:
السيد صفي الدين محمد بن محمد بن هاشم الحسيني القمي.
كان فقيها رياضيا مؤرخا رجاليا له تأليف كثيرة منها كتاب خلاصة
البلدان في ذكر البلاد واثارها وما أورد من الاخبار وكتاب تاريخ قم صغير
وغيرها. قال السيد شهاب الدين الحسيني النسابة النجفي في كتابه بعد
سرد نسبه انه جد السادة المعروفين بالهندسيين وآل السيد بهاء الدين
وأكثرهم من خدام حرم السيدة الطاهرة فاطمة المعصومة الثاوية بقم
المشرفة. ٩٤٦:
المولى محمد بن محمد الدامغاني.
له التعريفية في تحقيق المعرفات الحقيقية كتبه بامر الأمير حسين وينقل
عنه الميرزا كمالا صهر المولى المجلسي في مجموعته. ٩٤٧:
السيد محمد ابن السيد محمد تقي ابن السيد رضا ابن السيد مهدي بحر
العلوم الطباطبائي.
ولد ليلة الأحد ٢٧ من المحرم سنة ١٢٦١ وتوفي صبيحة الخميس
قبل طلوع الشمس ٢٢ رجب سنة ١٣٢٦ فجأة بالنجف عن خمس وستين
سنة وستة أشهر.
الفقيه العلامة كان محققا مدققا عريقا عريفا في الفقه كثير الممارسة لمسائله له
انس بكلمات الفقهاء وذوق في الفقاهة مع مهارته في أصول الفقه وكان من
اجلاء شرفاء العلويين ونبلائهم ذا جلال وحشمة ووقار وهيبة ومكارم
أخلاق جمة وكان مرجع العامة والخاصة في النجف الأشرف رئيسا فيها
مطاعا أكبر رؤسائها من اهل البيوت العلمية عينه المشير رجب باشا رئيس
المدرسين لمدارس النجف لما عين فيها المدارس الرسمية لاعفاء طلبتها من
الخدمة العسكرية. وكان معروفا بالفضل والفقاهة حسن الاخلاق لطيف
العشرة ينحو في أحواله وأطواره مناحي الفرس كجل عشيرته. وكانت بيده
حصة النجف من دراهم الهند المعروفة بفلوس الهند وربما اثرت هذه في
مقامه عند الناس بحسب رتبته العلمية السامية وبقيت في يده مدة طويلة ثم
وزعت من قبل الإنكليز بأيدي مجتهدي النجف فقبلها قوم ورفضها آخرون
فبقي بيده مثل ما بيد أحدهم. تخرج بعمه السيد علي صاحب البرهان
القاطع وبالشيخ راضي النجفي فقها وبالميرزا عبد الرحيم النهاوندي في
سطوح الأصول وبالسيد حسين الترك في الأصول الخارج وبالعلوم العقلية
على الحكيم الإلهي الميرزا باقر الشكي النجفي المتوفى سنة ١٢٩٠ يروي
بالإجازة عن عمه المذكور ونروي بالإجازة عنه ولما توفي عمه صاحب
البرهان القاطع قام مقامه في الرياسة والتدريس. سمعته مرة يقول نظرت
في أكثر العلوم حتى الطب ثم تركت النظر فيه لأنه ليس لي فرصة للتعمق
فيه والقليل منه وجدته انه قد يؤدي إلى العبث بصحة جسمي على الأقل
فتركته. كان جماعة للكتب خصوصا الفقهية كانت له خزانة كتب لم يكن في
العراق اجمع منها لكتب الفقه والأصول والحديث. وكان مواظبا على
الاشتغال بالعلم لا يفتر عنه. أضر في آخر عمره ولم يفتر عن التدريس
والتصنيف وكان مجدا كمال الجد في تحقيق مسائل الفقه حتى أنه اتفق له
كثيرا ان استغرق ليله كله في المطالعة والتنقيب وباحث أبوابا كثيرة من الفقه
من غير تأليف ثم باحث كتاب الطهارة من اوله وكتب مسائله تعليقة على
الشرائع وصنف بعد ما كف بصره بلغة الفقيه مطبوعة وهي تجمع عدة
رسائل ١ في الفرق بين الحق والحكم ٢ في قاعدة ما يضمن بصحيحه
يضمن بفاسده ٣ في القبض وحقيقته ٤ في قاعدة تلف المبيع قبل قبضه
٥ في الأراضي الخراجية ٦ في اخذ الأجرة على الواجبات ٧ في بيع
المعاطاة ٨ في بيع الفضولي ومسالة الضمان ٩ في منجزات المريض
١٠ في حرمان الزوجة من بعض الميراث ١١ في الرضاع ١٢ في
الولايات ١٣ في قاعدة اليد ١٤ في بعض احكام الدعاوى ١٥ في
القرض ١٦ في الوصية ١٧ في المواريث. وله مناسك الحج. ولد له
خمسة أولاد السيد مهدي والسيد مير علي والسيد جعفر أمهم ابنة السيد علي
صاحب البرهان القاطع وتأتي تراجمهم في محلها والسيد عباس والسيد حسن
من امين أخريين وبعد ما أصيب المترجم بولديه وببصره لم يمنعه ذلك عن
(٤٠٨)

الاستمرار على التدريس والتأليف بل كان يملي على ولده السيد جعفر ما
يؤلفه. ٩٤٨:
السيد محمد ابن السيد محمد تقي الطباطبائي.
ولد سنة ١٢١٩ توفي سنة ١٢٨٩.
له كتاب قواعد الأصول تلمذ على صاحب الجواهر وشريف العلماء،
كذا في الشجرة. ٩٤٩:
السيد محمد بن محمد بن إبراهيم بن زين العابدين بن نور الدين الموسوي
العاملي المعروف بالسيد محمد الصغير جد السادات آل شرف الدين في
شحور.
ولد سنة ١١٢٨ وتوفي في شحور سنة ١٢١٢.
وصفه في تكملة أمل الآمل بالسيد الجليل العالم العالم. ٩٥٠:
السيد رضي الدين محمد الرضوي ابن مير زمان ابن مير محمد جعفر
الرضوي المشهدي المنتهي نسبه إلى موسى المبرقع.
في الشجرة الطيبة: كان من جملة الأعيان والأعاظم وكان له في
عصره الرياسة والنقابة على السلسلة العلية الرضوية ورأينا قبالة مبايعه له
مؤرخة سنة ١٠٥٢ بأربعة أزواج من مزرعة الجرمق من بلوك طوس
مضمونها انه اشترى النواب المستطاب العالي الألقاب بدر فلك السيادة
والنقابة صاحب العظمة والاجلال افتخار أعاظم السادات والنقباء الكرام
مرجع الخواص والعوام الممدوح في الألسنة والافهام المستغني عن الاطناب
في الألقاب بل الألقاب تفتخر وتباهي بذاته العالية السيد رضي الدين محمد
الرضوي من عصمة الدنيا والدين المسماة جهان بانو خانم بنت ميرزا شاه
قلي بيك أربعة أزواج عوامل من جميع مزرعة الجرمق من بلوك طوس من
اعمال المشهد المقدس ثم ذكر حدودها بمبلغ ٩٥ تومانا و ٣٣٣٣ دينارا هي
ثمن المثل بعد إيقاع صيغة البيع بالعربية والفارسية وجرى ذلك وحرر في
٢٧ رجب سنة ١٠٥٢. ٩٥١:
الشيخ محمد بن جلال الدين محمد الشهير بمؤمن القاشاني.
له كتاب منتخب من احياء العلوم للغزالي فرع من انتخاب بعض
اجزائه تاسع عشر رمضان المبارك سنة ١٠٣٢ كتب في آخره ما صورته: ثم
كتاب المحاسبة والمراقبة منتخبا جواهر عرائسه مجتنيا زواهر نفائسه وبقدر
الطاقة والوسع كنت متفكرا في مطالبه متدبرا في حقائقه ومعانيه منزويا في
جبل من جبال قرية من قرى قاشان حماها الله عن خلل الطغيان والزلل
والحدثان مستفيضا من مزار سلطان الأولياء والعرفاء برهان المكاشفين
والمتألهين الخواجة أفضل الدين المرقي القاشاني رضي الله عنه وأرضاه وأنا
الفقير إلى الله الغني محمد بن جلال الدين محمد الشهير بمؤمن القاشاني وفقه
الله للعمل بما كتبه بيده الجانية الفانية مراقبا لأوقاته محاسبا لأنفاسه معاتبا
لنفسه العاصية الغافلة بمحمد وآله الطيبين وقع الفراع تاسع عشر شهر
رمضان المبارك لسنة اثنتين وثلاثين بعد الألف من الهجرة النبوية المصطفوية
على مهاجرها ألف ألف صلاة وتحية.
وعلى بعض أجزائه ما صورته: تم انتخاب المنقذ من الضلال على
يد الفقير إلى الله الغني محمد مؤمن القاشاني عفى الله عنه في شهر ذي
الحجة من شهور سنة أربع وأربعين بعد الألف من الهجرة النبوية على
مهاجرها السلام وكان ذلك في حفظ آباد من قرى بلدة دار الارشاد.
وعلى بعض أجزائه ما صورته: تم منتخبا بحمد الله وحسن توفيقه
على يد العبد الفقير إلى الله الغني محمد بن محمد الشهير بمؤمن القاشاني
عفي عنهما بمحمد وآله في جوار سلطان الأولياء الخواجة أفضل الدين المرقي
القاشاني بقرية مرق من قرى مدينة المؤمنين قاشان بسنة ألف واثنتين
وثلاثين من شهر رمضان المبارك.
وعلى بعض أجزائه: تم منتخبا كتاب المحبة وتوابعها بسنة ألف
واثنين وثلاثين على يد العبد الجاني الفقير إلى الله الغني ابن جلال الدين
محمد الشهير بمؤمن القاشاني وفقه الله للعمل بما كتبه بيده الجانية الفانية
انتهى.
وجدنا منه نسخة مخطوطة في مكتبة حاجي سيد نصر الله سادات
أخوي في طهران سنة ألف ١٣٥٣. ٩٥٢:
السيد محمد بن محمد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري الملقب بالمطهر
والمتخلص بالنقيبي معاصر للعلامة المجلسي.
له شرح الأربعين حديثا بالفارسية منه نسخة مخطوطة في طهران في
مكتبة الشيخ ضياء الدين بن فضال الله النوري في طهران وله كتاب ازراء
العاقلين وإخزاء المجانين وله زاد العقبة في مناقب أئمة الهدى. ٩٥٣:
السيد الميرزا محمد ابن السيد الميرزا محمد حسن الشيرازي.
ولد في النجف سنة ١٢٧٠ وتوفي بسامراء وحمل إلى النجف فدفن في
احدى حجر الصحن الشريف هاجر مع والده إلى سامراء وهو ابن احدى
وعشرين سنة رباه أولا عمه الميرزا زين العابدين المدعو بميرزا آقا ابن أخي
السيد الميرزا حسن ثم تخرج على السيد محمد الأصفهاني من أكبر تلامذة
أبيه حتى تأهل للحضور على والده وكانت الآمال معقودة عليه لما كان يظهر
منه من مخائل الفضل والنجابة ولكن عاجله الاجل المحتوم في شبابه. ٩٥٤:
الشيخ محمد بن محمد بن محمد بن داود المؤذن العاملي الجزيني ابن عم
الشهيد الأول.
في أمل الآمل: كان عالما فاضلا جليلا نبيلا شاعرا يروي عن الشيخ
ضياء الدين علي ابن الشهيد محمد بن مكي العاملي عن أبيه وكان ابن عم
الشهيد كما ذكره الشهيد الثاني في بعض إجازاته آه وهو من مشائخ
الإجازة. وفي تكملة أمل الآمل: يروي عنه حفيد المحقق الكركي أحمد بن
نور الدين علي بن عبد العلي الكركي وروايته عن الشيخ ضياء الدين
محل تأمل لبعد الطبقة فان نفس المحقق الكركي يروي عن الشيخ ضياء
الدين ابن الشهيد بواسطتين وعن الشهيد بثلاث وسائط فكيف يروي
حفيده بواسطتين آه ولا يخفى ان ذلك ممكن فقد يروي أحد
المتعاصرين عن رجل ويروي معاصره عن شيخ ذلك الرجل أو شيخ شيخه
وحيث إن الرجل ابن عم الشهيد فلا يمتنع ان يروي عن ولد الشهيد
ويروي عنه حفيد المحقق الكركي مع كون المحقق يروي عن والد الشهيد
بواسطتين. ٩٥٥:
أبو الحسن محمد بن محمد بن حماد الجزائري.
توفي سنة ١٠٢٠ بالحويزة. وفي الحلة قبر ابن حماد الليثي الواسطي
(٤٠٩)

المعروف كان عالما فاضلا أديبا شاعرا معاصرا لصاحب آمل الآمل ومن
شعره قوله:
هن بالعيد ان أردت سوائي * اي عيد لمستباح العزاء
ان في مأتمي عن العيد شغلا * فاله عني وخلني بشجائي
فإذا الناس عيدوا بسرور * كان عيدي بزفرتي وبكائي
وإذا جددوا المطارف جددت * ثيابي من لوعتي وضنائي
وإذا استشعروا الغناء فنوحي * وعويلي على الحسين غنائي
يا بني احمد السلام عليكم * ما أنارت كواكب الجوزاء
أنتم صفوة الإله من الخلق * ومن بعد خاتم الأنبياء
ونجوم الهدى بنوركم يهدى * الورى في حنادس الظلماء
انا مولاكم ابن حماد أعددتكم * في غد ليوم جزائي
وقوله:
أيا سادتي يا آل طه عليكم * سلامي ما أرخى العزالي هامع
فوالله ما لي في المعاد ذخيرة * ولا عمل عندي من الخير نافع
سوى حبكم يا خير من وطئ الثرى * وذلك أرجى ما به المرء طامع
لعل ابن حماد محمد عبدكم * له في غد خير البرية شافع
عليكم سلام الله ما هبت الصبا * وما لاح نجم في دجى الليل لامه ٩٥٦:
السيد الأمير معز الدين محمد بن ظهير الدين محمد الشهير بلويزان
الحسيني.
له تفسير سورة هل أتى، كتبه في حيدرآباد الدكن باسم السلطان
عبد الله قطبشاه وبأمر الشيخ محمد بن خاتون العاملي وزير السلطان المذكور
فرع منه ١٠٤٤. ٩٥٧:
السيد محمد ابن السيد محمد الجواد صاحب مفتاح الكرامة الحسيني العاملي
النجفي.
ولد في النجف وتوفي فيها سنة ١٢٦٩ ودفن في الصحن الشريف في
الحجرة التي فيها قبر والده صاحب مفتاح الكرامة.
كان عالما فاضلا كاملا من العلماء الاعلام. قرأ على والده وعلى
غيره، ويروي بالإجازة عن والده عن مشائخه وقد روى جماعة من أعاظم
العلماء عنه وعن والده وكان له بعض الأملاك في جبال حلوان وكان يسافر
إليها أحيانا ورأيت بعض خطوطه بتملك بعض الكتب منها الهداية للحر
العاملي ملكه في سنة ١٢٥٦. له من الأولاد السيد حسن والسيد حسين
والسيد عباس، وكان السيد حسن عالما فاضلا شهما هماما وكذلك أخوه
السيد حسين، واما السيد عباس فهو أصغرهم. وولد للسيد حسن السيد
علي والسيد جواد عالمان فاضلان كان يرجى فيها الارتقاء إلى درجة جدهما
ولكن السيد جواد توفي في شبابه ولم يعقب وأصيب السيد علي بمرض عضال
جعله كالأموات وله أولاد نجباء ونسأله تعالى ان يوفقهم للاقتفاء بأجدادهم،
وولد للسيد حسين ولد توفي بعده وله الآن ولد اسمه السيد عبد الحسين
وفقه الله لسلوك جادة آبائه. ٩٥٨:
محمد بن محمد بن محمد بن عمر بن شاهنشاه.
الامام العلامة المؤرخ. له تاريخ يعرف بتاريخ ابن شاهنشاه جمع فيه
التواريخ القديمة والاسلامية منه نسخة في احدى مكتبات باريس. ٩٥٩:
الشيخ محمد بن محمد باقر المعروف بالفاضل الإيرواني.
توفي سنة ١٣٠٦.
عالم متبحر في الفقه والأصول من الأساتيذ في النجف الأشرف
انتهت اليه رياسة الترك بعد وفاة السيد حسين الكوه كمري المعروف بالسيد
حسين الترك. كان حسن الاخلاق حسن المحاضرة كثير الصلاة ورد كربلا
وله ١٤ سنة وقرأ على صاحب الضوابط أربع سنين ثم هاجر إلى النجف
فقرأ على صاحب الجواهر والشيخ مرتضى الأنصاري. له مصنفات في
الفقه والأصول وله اخ محدث صالح واعظ توفي بالمدينة الطيبة سنة
١٣٠٠. ٩٦٠:
الشيخ محمد بن محمد التبريزي.
عالم عامل فاضل كامل فقيه محدث متبحر في الحديث من علماء عصر
المجلسي ومن تلامذة المولى خليل. له: روضة الاذكار في عمل اليوم
والليلة والأسبوع والشهر والسنة ورسالة في مناسك الحج وكتاب المزار. ٩٦١:
الشيخ شمس الدين محمد ابن الشيخ شمس الدين محمد بن مكي الحر
العاملي.
في تتمة أمل الآمل: رأيت إجازة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي
لولده الشيخ حسين ولما وصل إلى ذكره وصفه بالعلم الفضل والتحقيق،
والعجب من صاحب أمل الآمل كيف غفل عن ذكره مع أنه من اجلاء
سلفه آه أقول كما أنه لم يذكر ولده الشيخ حسين المجاز من المحقق
الكركي. ٩٦٢:
محمد بن محمد بن مكي.
هو ولد الشهيد الأول الأكبر المجاز من أبيه وجد بخطه كتاب مخطوط
أجوبة مسائل في أبواب الفقه في المكتبة المباركة الرضوية ويظهر انه مرتب
على أبواب الفقه لأن الموجود في هذه النسخة شئ من النكاح وبعده كتاب
الفراق ثم كتاب العتق ثم كتاب النذر ثم كتاب الكفارات ثم
كتاب الذباحة والصيد ثم كتاب الأطعمة ثم كتاب الميراث ثم كتاب
القضاء ثم كتاب الشهادات ثم كتاب الذباحة والصيد ثم كتاب
الأطعمة ثم كتاب الميراث ثم كتاب القضاء ثم كتاب
الحدود ثم كتاب القصاص ثم كتاب الديات وإذا ذكر الكتاب قال وفيه
مسائل وقد يذكر في أول المسالة هكذا قوله ثم يذكر جوابه بلفظ قال وقد لا
يذكر قوله بل يذكر المسالة وجوابه وقد سقط من اوله ويظهر انه كان فيه تمام
كتب الفقه لكنه يذكر في كل كتاب مسائل مخصوصة قليلة والظاهر أنه
لوالده أو لغيره لأنه قال في آخره وهذا آخر ما وجدت من المسائل والحمد لله
وحده وذلك ضحوة نهار الثلاثاء أول يوم من ربيع الأول سنة ٨٧٨ ثمان
وسبعين وثمانمائة وكتب محمد بن محمد ابن مكي حامدا مستغفرا مصليا على
محمد وآله الطيبين الطاهرين آه فقوله وهذا آخر ما وجدت من المسائل
دليل على انها ليست له وأجوبتها تدل على انها لفقيه ماهر والدليل على أن
الكاتب هو الولد لا الأب ان الأب استشهد سنة سبعمائة وكسر ولم يصل إلى
الثمانمائة ومما ذكر فيه في آخر كتاب الشهادات قوله: أصل خبر الواحد
هل يجب العمل به أم لا ذهب قوم وذكر الخلاف ثم قال وذهب آخرون الا
(٤١٠)

انه يجب العمل به وهو الحق عندي وذكر أدلته وشروطه وفي بعضها مسالة
ما يقول سيدنا في طعام أهل الكتاب
ما يقول سيدنا في الفقاع وفي بعضها: مسالة: قال في القواعد: لو نذر ان
يصوم شهرا قبل ما بعد قبله رمضان فهو شوال وقيل شعبان وقيل رجب وفي
بعضها هكذا: مسالة من خطه دام فضله وظله ذكر أنه من خط جمال
الدين طاب ثراه المنذور الذي هو قبل ما بعد القبل هو رمضان لان قبله
شعبان فبعد قبله شوال وقبله رمضان فصار قبل ما بعد القبل وهو
رمضان.
اما وجه كونه شوال فعلى تقدير ان شهرا رمضان قبل ما بعد قبله
ذلك الشهر المنذور وما بعد قبل الشئ فهو نفس ذلك الشئ لأن كل شئ
فهو بعد قبل نفسه وهذا واضح فكأنه قال أصوم شهرا رمضان قبله وهو
شوال واما وجه كونه شعبان فظاهر وتقدير الكلام أصوم شهرا كائنا قبل ما
بعد قبله رمضان والشهر الكائن بعد قبله رمضان هو رمضان لان كل شئ
فهو بعد قبل نفسه على ما تقدم واما وجه كونه رجبا ففيه نقد ويمكن توجيهه
بان يجعل قبل منصوبة على الظرف وبعد مبنية على الضم لقطعها عن
مضاف مقدر وهو ضمير المضاف إلى الضمير منصوبة على الظرف والضمير
المضاف اليه اما زائدا أو كناية عن رمضان ورمضان بدل منه كما في قول
العرب كما حكاه سيبويه عنهم مررت به المسكين بجر المسكين على البدل
ويكون رمضان مجرورا وتقدير الكلام أصوم شهرا قبل شهر كائن بعده قبل
رمضان اي ذي الشهر المنذور موصوف بأنه قبل شهر كائن بعده وكائن
أيضا قبل رمضان فيكون المنذور رجبا لأنه قبل شعبان الذي قبل رمضان
وفي هذا الوجه من البعد ما فيه آه. ٩٦٣:
المولى محمد بن محمد الاسترآبادي.
له شرح المفيد على شرح قوامع المولى محمد محسن القزويني الطالقاني
النحجوي وله المغنية في الصرف. ٩٦٤:
أبو الفخر محمد بن محمد بن الحسن المدني ثم السرخسي.
له رسالة في الوقوف اللازمة في القرآن قال في أولها سألني كثير من
العلماء كثرهم الله وأبقاهم ان اجمع لهم الوقوف اللازمة محررة معينة ليسهل
حفظها الخ وفي آخرها تم بحمد الله وصلاته على محمد وآله فر من نقله من
خط الشيخ الجليل الشيخ محمد بن علي الجباعي وهو نقله من خط شيخنا
الشهيد رحمه الله وقابله به صدر الدين محمد بن محب علي ثم نقل من خطه
أدام الله تعالى إفادته وأبقاه بلطفه الخفي محمد علي بن محمد باقر الحسيني
الآملي عفي عنهما آه وجدنا منها نسخة في طهران في مكتبة الشيخ علي
المدرس. ٩٦٥:
عمدة الشرف أبو طاهر محمد بن أبي البركات محمد بن زيد
ابن الأمير احمد ابن الأمير أبي علي محمد بن أبي العلاء المسلم بن أبي علي محمد بن أبي
الحسين محمد الأشتر بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي بن
عبيد الله بن علي بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين بن
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع العلوي النقيب قرأت بخطه:
يا من اليه المصير * ما لي سواك مجير
اني إلى العفو عما * كنت أجرمت فقير
نور بعفوك قبري * فان عفوك نور
وقد انبت فهب لي * جرمي فأنت الغفور ٩٦٦:
فلك الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي الجهني القزويني الفقيه.
من مشايخ شيخنا فخر الدين يحيى بن عبد الله البغدادي ومن رواياته
كتاب النهاية وكتاب التهذيب وكتاب الاستبصار وكتاب الاقتصار تصنيف
أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي. ٩٦٧:
فخر الدين أبو غالب محمد محمد بن رضي الدين محمد الأفطسي العلوي
الآبي النقيب.
من أولاد السادات الأكابر قدم مراغة مع أخيه السيد الفاضل كمال
الدين الرضا ولم تكن همته مصروفة إلى التحصيل والاشتغال كأخيه الرضا
الكمال والتمس من خدمة مولانا نصير الدين أبي جعفر محمد بن محمد بن
الحسن الطوسي عملا من اعمال الوقوف بهمذان وأصفهان وقم وقاشان وما
يتبعها من البلاد. ٩٦٨:
المولى محمد بن محمد نصير الجيلاني.
له ظهور الحق فارسي في أصول الدين كتبه باسم محمد شاه
القاجاري. ٩٦٩:
السيد محمد المتخلص بالوزير ابن المفتي السيد محمد عباس ابن السيد علي
أكبر ابن السيد محمد جعفر الموسوي التستري اللكهنوئي.
كان فاضلا أديبا قرأ على أبيه وعلى ممتاز العلماء السيد محمد تقي وأقام
ببلدة كلكته له من المؤلفات شمس الضحى، منظوم سبيل النجاة مثنوي وغير ذلك. ٩٧٠:
فخر الدين أبو الحسن محمد بن عميد الدين أبي جعفر محمد بن أبي نزار
عدنان بن المختار العلوي العبيدلي الكوفي النقيب من البيت المعروف
بالفضل والنبل.
قدم بغداد وصاهر بها الوزير شرف الدين علي بن طراد الزينبي على
ابنته. سمع ببغداد حجة الاسلام بن الخشاب وقلده الناصر لدين الله
النقابة في ٧ ربيع الأول سنة ٦٠٣ وجلس له الوزير نصير الدين ناصر بن
مهدي وكتب تقليده مكين القمي وكان النقيب حسن السيرة وعزل عن
النقابة في شعبان سنة ٦٠٧ وتوفي ١٣ ربيع الأول من سنة ٦١٢ عن ٨١
سنة. ٩٧١:
السيد أبو إبراهيم بدر الدين محمد بن محمد بن حمد بن زهرة العلوي
الحسيني الحلبي
حكى الشهيد الأول في بعض مجاميعه على ما حكاه عنه الشيخ محمد
ابن علي بن حسين بن محمد بن صالح الجبعي العاملي في مجموعته عن السيد
أبو طالب أحمد بن المترجم قال أخبرني هذا السيد ان والده السيد الزاهد
العابد الفرد المعظم الطاهر بدر الدين توفي لثلاث مضين من صفر سنة
٧٥٥ بحلب ودفن عنه أخيه السيد علاء الدين وقد نيفا على السبعين.

(١) معجم الآداب.
(٢) معجم الآداب.
(٤١١)

٩٧٢: الميرزا محمد هادي النائيني.
عالم رجالي فقه شاعر قرأ على السيد محمد باقر الجيلاني المشهور وكان
يتخلص في شعره بالفائض. له مؤلفات منها كتاب في الرجال وعلى ظهره
إجازة من أستاذه المذكور فرع من تأليفه سنة ١٢٦٥. ٩٧٣:
الشيخ محمد بن محمد صالح الخراساني الكاخكي.
له فهرست قواعد الشهيد الأول. ٩٧٤:
قوام الدين محمد بن محمد مهدي الحسني السفي.
توفي في عشر الخمسين بعد المائة والألف.
كان عالما فاضلا نادرا في فنون العربية وغيرها وقد أطرى السيد علي
خان في مدحه وله اليه مراسلات وادخله بعد لقائه في كتابه الموسوم بالسلافة
وله مؤلفات منظومة في فنون كثيرة منها الصافية في نظم الكافية ونظم
الشاطبية على نهج المثنوي ونظم الشافية والقانون والاخلاق والخط والاثني
عشريات في مدايح الأئمة ع ونظم اللمعة الدمشقية والزبدة
ورسالة في العروض إلى غير ذلك وكتب له السيد علي خان إجازة قال فيها
اني لما قذف بي الدهر إلى ارض العجم فحللت منها بدار الايمان أصبهان
كان ممن أكرمني بزيارته كريم قومه المكرم بوظائف الكرامة في عامه وشهره
السيد السند ذو النسب والحسب الأصيل فرع دوحة النبوة والإمامة عين
الأعيان فخر السادة الاجلاء ذخر القادة الادلاء حائز قصب السبق في
مضمار الفضل والمجد حال مشارق الشرف وسالك طريقة المجد الرافل في
برد الكرم القشيب البالغ في شرخ شبابه ما لم تبلغه القرح الشيب لمد قوام
الدين ابن ميرزا محمد مهدي الحسني أطال الله بقاءه وضاعف في معارج
الفضل ارتقاه.
وقال المجلسي في اجازته له: استجازني السيد الآيد الحسيب
النجيب اللبيب الأديب الأريب الفاضل الكامل البارع المتوقد الذكي
الألمعي اللوذعي السيد قوام الدين محمد الحسني وفقه الله تعالى للعروج على
أعلى معارج الكمال في العلم والعمل وصانه عن الخطأ والخطل بعد أن اخذ
مني شطرا من العلوم الدينية والمعارف اليقينية في مجالس عديدة فاستخرت
الله سبحانه وأجزت له ان يروي عني كلما صحت لي روايته وجازت لي
اجازته وكتب محمد باقر بن محمد تقي في شعبان المعظم سنة ١١٠٧
انتهى وقال في حقه السيد نور الدين نعمة الله الحسيني: السيد السند
الجليل العالم الأمجد النبيل المحقق الألمعي والفاضل اللوذعي جامع فنون
العلم والكمال حائز قصبات السبق في مضامير الافضال الورع الزكي
الصالح المتقي ذي الكمال السني السيد قوام الدين محمد الحسني أدام الله
إفضاله وكثر في العالمين أشباهه وأمثاله انتهى. ٩٧٥:
الأمير السيد محمد ابن السيد محمد صالح بن عبد الواسع الحسيني الخاتون
آبادي.
توفي شهيدا بآذربيجان سنة ١١٤٨.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان فاضلا محققا متكلما جليل القدر عظيم الشأن له مصنفات منها
حاشية على شرح اللمعة تعرض فيها لأكثر ما ذكره المحشون وتباحث مع
أستاذه آقا جمال كثيرا اجتمعت به بنيسابور وجرت بيننا مباحثات ورأيته في
غاية التحقيق والإنصاف. ٩٧٦:
قوام الدين محمد بن محمد البحراني.
وصفه في أمل الآمل بالشيخ الفقيه وقال كان فاضلا أديبا صالحا
يروي عن السيد فضل الله الراوندي. وفي اللؤلؤة يروي عنه الشيخ
الفاضل الشيخ محمد بن صالح البستي. ٩٧٧:
الشيخ محمد بن محمد بن أبي سعيد الهروي.
له كتاب بحر الغرائب في خواص أسماء الله الحسنى مطبوع. ٩٧٨:
السيد محمد بن محمد بن الحسين بن قاسم العاملي العيناثي الجزيني.
توفي سنة ١٠٨٥ بطوس ودفن بها.
من شعره قوله:
أخي لا تركنن إلى أحد * حتى يواريك ضيق الرمس
وعش فريدا عن الأنام ففي * البعد عن الإنس غاية الأنس
وقوله:
ذكرت أيامي بأكناف الحمى * والدهر طلق المجتلى عذب الجنى
إذ شرتي وصبوتي ما فتئت * في فتيات الحي ميلا وهوى
من كل نجلاء اللحاظ غادة * ترمي حواليك بأحداق المهى
وكل هيفاء تريك ان بدت * قضيب بان فوقه شمس الضحى
وكل غيداء إذا ما التفتت * أغضى لها من غيد ظبي الفلا
حتى إذا شيبتي تصرمت * وريق العمر تولى وانقضى
أعرض عني الغانيات ريبة * به وعرضن بصدي والجفا
فحالفي يا نفس أرباب التقى * وخالفي نهج الضلال والعمى
والمرء لا يجزي بغير سعيه * وليس للانسان الا ما سعى
واعلم بان كل من فوق الثرى * لا بد من مصيره إلى البلى
وكل إلى الله الأمور تسترح * وعد إلى مدح الحبيب المجتبى
الماجد المبعوث فينا رحمة * محمد الهادي النبي المصطفى
واثن على أخيه وابن عمه * قسيم دار الخلد حقا ولظى
والحسن المسموم ظلما والحسين * السيد السبط شهيد كربلا
فهم منار الحق للخلق فما * أفلح ما ناواهم ومن شنا ٩٧٩:
الميرزا رضي الدين محمد المستوفي.
له رسالة في النيروز وتصحيح انه غير المعروف وعن الرياض ان هذه
المسالة صارت مطرح هذه الرسائل الثلاث يعني رسالة القزويني ورضي
الدين والميرزا محمد حسين. ٩٨٠:
السيد شمس الدين محمد بن محمد بديع الرضوي.
عالم فاضل نبيل من أجلة السادات العظام.
كان في أواخر دولة الصفوية رئيس كشك في الحضرة الشريفة
الرضوية له عدة مؤلفات منها، وسيلة الرضوان ألفه سنة ١١٣٥ والحبل
المتين وغير ذلك.
(٤١٢)

٩٨١: السيد محمد بن محمد الحسيني البعلي.
البعلي نسبة إلى بعلبك.
كان معاصرا للشهيد الثاني ولا يبعد ان يكون من تلاميذه. وجدنا
بخطه في مدينة طهران فهرست الشيخ الطوسي وفي آخره ما صورته: وافق
الفراع من هذا الكتاب عشية نهار السبت وهو اليوم العاشر من شهر ربيع
الأول من شهور سنة ٩٥٤ وكتبه العبد الفقير إلى رحمة الله ربه محمد بن
محمد الحسيني البعلي آه وكتب الشهيد الثاني على الهامش بخط يده ما
صورته: أنهاه أيده الله تعالى وسدده وأدام مجده وأسعده قراءة وتصحيحا
وضبطا في مجالس آخرها يوم الأحد منتصف شهر رمضان المعظم سنة أربع
وخمسين وتسعمائة وانا الفقير إلى الله تعالى زين الدين بن علي بن أحمد
الشامي العاملي حامدا مصليا مسلما آه وكتب على ظهره بخط الشيخ
البهائي: الفهرست من مصنفات الشيخ الطوسي مشترك بيني وبين أخي
عبد الصمد أطال الله بقاءه. وعلى ظهره أيضا فوائد كثيرة رجالية بخط
الشيخ البهائي بينها: أول من صنف في مذهب الإمامية عبد الله بن علي بن أبي
شعبة الكوفي عرض كتابه على الصادق ع فاستحسنه وقال
ليس لهؤلاء مثله ومنها استبعد بعض الأصحاب رواية ابن أبي عمير عن
عبد الله بن سنان بلا واسطة كما في باب الزيادات من الصلاة من كتاب
الصلاة من التهذيب وجعل ذلك من سهو قلم الشيخ الطوسي قدس الله
روحه زاعما ان بينهما مدة مديدة لا تساعد العادة على تلاقيهما مع توسعها
وظن أن هذا الاستبعاد ليس بشئ ونسبة السهو إلى قلم الشيخ وهم فان
عبد الله بن سنان كان خازنا للرشيد ووفاة الرشيد سنة ١٩٣ ووفاة ابن أبي
عمير سنة ٢١٧ فتلاقيهما غير بعيد ومما يشهد لما قلناه ما في مشيخته الفقهية
وفهرست الشيخ كما يظهر لمن راجعهما. ويظهر ان الكتاب كان أولا لشيخ
حسين ابن عبد الصمد والد البهائي ثم انتقل إلى البهائي وأخيه عبد
الصمد بالإرث. ٩٨٢:
الآقا ميرزا محمد بن محمد علي التبريزي المعروف بالآقا مجتهد تبريزي.
توفي سنة ١٣٠٠.
كان أستاذا في الفقه والحكمة والكلام ورعا مرتاضا عالما بالعلوم
الغريبة والرياضيات تلمذ على الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وغيره
وبعد وفاته خلفه ولده الآقا ميرزا صادق الذي توفي في قم سنة ١٣٥١. ٩٨٣:
قطب الدين محمد بن محمد الرازي البويهي.
توفي ١٣ ذي القعدة سنة ٧٧٦ ودفن بصالحية دمشق ثم نقل إلى
موضع آخر.
الحكيم الآلهي وأحد علماء الدهر. قال المحقق الكركي في وصفه:
الامام المحقق جامع المعقول والمنقول قطب الملة والحق والدين. وقال
العلامة في اجازته له: الشيخ العالم الكبير الفقيه الفاضل المحقق المدقق
ملك العلماء والأفاضل. وقال الشهيد الأول: اتفق اجتماعي به بدمشق
سنة ٧٧٦ فإذا هو بحر لا ينزف إلى أن قال: وكان امامي المذهب بغير
شك ورايته صرح بذلك وسمعته منه وانقطاعه إلى بقية أهل البيت ع
السلام معلوم. وقال التاج السبكي: امام مبرز في المعقولات امام في
المنطق والحكمة عارف بالتفسير والمعاني والبيان شرح الشمسية ١ شرح
المطالع ٣ شرح المحاكمات. ٩٨٤:
الشيخ محمد بن الشيخ محمد علي بن الشيخ حسين بن الشيخ محمد
المعروف بالأعسم الزبيدي النجفي.
كان عالما فاضلا من اهل القرن الثالث عشر وذكرنا في ترجمة والده
الكلام على آل الأعسم عموما وبيان نسبتهم واصلهم. ٩٨٥:
الشيخ محمد مسيح ابن المولى إسماعيل الفدشكوئي المشهور بآخوند
مسيحا.
توفي سنة ١١٢٧ في قرية فدشكوكة موطنه الأصلي عن نحو ٩٠ سنة
من أكابر الفضلاء الاعلام قرأ على الآقا حسين الخوانساري حتى بلغ رتبة
لاجتهاد وعين لمنصب شيخ الاسلام في فارس وشيراز له حواش على
الحواشي الخفرية على شرح التجريد. ٩٨٦:
الشيخ عضد الدين محمد بن محمد بن نفيع الحلي.
ذكره الشيخ خضر بن محمد بن علي الرازي الهول دودي خازن المشهد
الشريف الغروي في كتابه التوضيح الأنور بالحجج الواردة لدفع شبه
الأعور. وهو كتاب مخطوط رأينا منه نسخة في كرمانشاه في طريقنا لزيارة
المشهد الشريف الرضوي في المحرم ١٣٥٣ وهو رد على رجل واسطي أعور
في رسالة سماها العارضة في الرد على الرافضة قال فيها: اني لما عزمت على
زيارة الأربعين سنة ٨٣ ووصلت إلى المدرسة الزينبية مجمع العلماء والفضلاء
بالحلة السيفية الفيحاء معدن الأتقياء والصلحاء أراني أعز الاخوان علي
وأتمهم في المودة والاخلاص لدي وهو المستغني عن اطناب الألقاب بفضله
المتين محمد بن محمد ابن نفيع عضد الملة الدين أدام الله إشراق شمس
وجوده وأغناه وإيانا عمن سواه بجوده رسالة مشحونة بأنواع الشبه لواسطي
أعور أعمى القلب ينكر فضائل آل الرسول ويبطلها بالتغيير والقلب إلى آخر
ما ذكره. ثم قال في أثناء الكتاب: قال الأعور: ولأنهم أي الشيعة
تجري عليهم أحكامنا وتحت أيدينا وسلطاننا خصوصا في مشهد علي رضي
الله عنه وفي الحلة الذين هما تحت الرفض. ثم قال: قلت ما هي الاحكام
الجارية على اهل البلدين الذين ذكرهما ثم ذكر عدة احكام مستنكرة جارية
بغيرنا إلى أن قال: وقد نظم هذا الجواب وأوضحه بما هو عين الصواب
أخونا العالم الورع التقي عضد الدين محمد بن نفيع الذكي الألمعي نتيجة
العلماء المجتهدين لا زال في نعم المولى ونافعا للمؤمنين بقوله مخاطبا له:
وهنا ذكر قصيدة جاء في مطلعها: الا أيها الجاهل الأحقر ثم ذكر غيرها
من الشعر ومما ذكره قوله:
في آية النجوى تصدق حيدر * وله السوابق قبل كل شحيح
لما تصدق راكعا في خاتم * اثنى عليه الله بالتلويح
قل للذي وضع الحديث بجهله * ليس الذي لفقته بصحيح
لو أن قوما أحسنوا وتصدقوا * لا للرياء لشرفوا بمديح
الله فضل حيدرا ورسوله * بالناس والتخصيص بالترجيح
صلى عليه الله ما صلى الورى * بالحمد والاخلاص والتسبيح
وأورد له أيضا:
زعمتك تطفي نور آل محمد * وأنوارهم في شرقها والمغارب
وهيهات قد شاعت وذاعت صفاتهم * وسارت بها الركبان في كل جانب
علي أمير المؤمنين حقيقة * هو الأسد المقدام معطي الرغائب
وأولاده الغر الميامين في الورى * هم مفزع المضطر عند النوائب
(٤١٣)

هم العروة الوثقى لمستمسك بها * هم الآية الكبرى كبار المناقب
هم السادة الأعلون في كل رتبة * هم بلغوا في المجد أعلى المراتب
فمن رام ان يرقى سماء صفاتهم * ليسترق النجوى رمى بالثواقب
عليهم سلام الله ما ذر شارق * وأمطر قطر من ركام السحائب
وبان بان الزور من قول أعمه * وأعور محجوب عن الصدق كاذب
بتبيان نجم الدين خضر وكشفه * قناع المعاني عن خدور الكواعب
أتى بكتاب أحكمت بيناته * فأصغى لها سمع القضاة الرواتب
وآياته جاءت تلقف ما حوى * كتاب الأعادي من ظنون كواذب
فلا زال نجم الحق في لوح نفسه * يضيئ ويعلو نجمه في الكواكب
ولا برح القرطاس يحكي مراده * بالسنة الأقلام من كل كاتب
وأورد له أيضا في يوم براءة.
هو الفارس الكرار في كل موطن * وباع الأعادي عن علاه قصير
أبو حسن كشاف كل ملمة * أخو المصطفى ردء له ووزير
رسول رسول الله قارئ وحيه * ينادي به والمشركون حضور
فأبلغهم جهرا رسالة ربه * قوي امين ما اعتراه فتور
وصى رسول الله وارث علمه * سفير له في امره وظهير
فقام ينادي لا يحجن مشرك * وسيف الهدى في راحتيه شهير
عليه سلام الله ما ذر شارق * ولاحت لنا عند الكمال بدور ٩٨٧:
محمد بن محمد زمان الكاشاني أصلا ومولدا
الأصفهاني رئاسة ومسكنا النجفي خاتمة ومدفنا.
في روضات الجنات: هو من أعاظم مشايخ الإجازات ومن الفضلاء
الماهرين في فنون الحكمة وغيرها وكان مع الميرزا إبراهيم القاضي بأصفهان
كفرسي رهان ويشتركان في الرواية عن جماعة من الأعيان آه ووصفه في
مستدركات الوسائل تارة بالنحرير المحقق الفقيه الجامع وأخرى بالجليل
المحقق أستاذ محمد باقر الهزار جيبي في العلوم العقلية والنقلية آه
له: ١ مرآة الزمان ٢ القول ٣ نور الهدى ٤ هداية
المسترشدين ٥ الاثنا عشرية في القبلة ٦ رسالة في احكام عقود
الأنكحة. وفي الروضات لم أعثر من مصنفاته الا على هذه الرسالة وهي
مبسوطة مشحونة بالتحقيقات لم يكتب مثلها ٩٨٨:
المولى محمد بن طاهر بن محمد حسين القمي
توفي سنة ١٠٩٨ بقم ودفن خلف مرقد زكريا بن آدم.
نشأ في النجف ثم نزل قم. وهو شيخ محمد بن الحسن الحر العاملي
له: ١ فرحة الدارين في تحقيق العدالة ٢ حكمة العارفين ٣
حجة الاسلام في شرح تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي. وهو الذي كفر
ملا محسن الكاشاني المشهور بالفيض فيما كان عليه من العقائد المشهورة
والتصوف. ٩٨٩:
الشيخ محمد علي بن محمد حسن الكاشاني
عالم فاضل متبحر كامل له الدرة البهية منظومة في الأصول فرع من
نظمها سنة ١٢٤٢ وله مطلع الأنوار في التاريخ وكان من تلامذة صاحب
المستند. ٩٩٠:
السيد محمد الأصفهاني الكاظمي ابن السيد محمد صادق ابن السيد زين
العابدين الخونساري.
ولد في أصفهان ١٣ شعبان سنة ١٢٧٣ وتوفي بالكاظمية ١١ المحرم
سنة ١٣٥٥
هاجر من أصفهان بعد وفاة والده إلى العراق سنة ١٣٠٤ فدرس أولا
في النجف ثم في كربلا ثم ارتحل إلى الكاظمية فأقام فيها وحج البيت الحرام
سنة ١٣٣٩ كما زار مشهد الرضى سنة ١٣٤٧ وقصد من ثم إلى أصفهان
فأقام فيها ثم عاد إلى الكاظمية
كان ذا اطلاع واسع على الاخبار وإحاطة بالتاريخ والأدب والرجال
والآثار
يروي عن أستاذيه الشيخ زين العابدين المازندراني والسيد أبو القاسم
الطباطبائي، له من المؤلفات ١ المجالس العامرة في آثار العترة الطاهرة
٢ السير والسلوك في معاشرة العلماء والملوك ٣ كتاب في أحوال الأئمة.
وله أشعار كثيرة بالعربية والفارسية. ٩٩١:
المولى نصير الدين محمد بن علي الكاشاني مولدا الحلي منشأ
توفي في الغري سنة ٧٧٥ كما عن خط الشهيد الأول.
له حاشية على شرح الإشارات. ٩٩٢:
أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بالمحقق الطوسي
وبالخاجة نصير الدين الطوسي
الحكيم الفيلسوف أستاذ الحكماء والمتكلمين.
ولادته ووفاته
ولد في طوس واختلف في سنة ولادته ولكن غالبية المؤلفين على أنه
ولد سنة ٥٩٧ وتوفي في بغداد يوم الغدير سنة ٦٧٢ ودفن عند الكاظمين.
والده
كان والده محمد بن الحسن من الفقهاء والمحدثين فتربى في حجره
ونشأ على يده
أقوال العلماء في حقه
قال بروكلمن الألماني: هو أشهر علماء القرن السابع وأشهر مؤلفيه
اطلاقا
وفاضل جلبي في مقدمة كشف الظنون حين يصف المؤلفين المعتبرين
يجعل المحقق الطوسي رأس سلسلتهم.
ويقول عنه ابن عبري في كتاب مختصر الدول: حكيم عظيم الشأن
في جميع فنون الحكمة كان يقوي آراء المتقدمين ويحل شكوك المتأخرين
والمؤاخذات التي وردت في مصنفاتهم

(١) من الترجمات التي لم يكلمها المؤلف وقد ترك مكانها بياضا إلى حين الوصول إليها فكتبناها بما
يراه القارئ " ح "
(٤١٤)

وقال العلامة الحلي: كان هذا الشيخ أفضل اهل زمانه في العلوم
العقلية والنقلية. وقال عنه في موضوع آخر: هو أستاذ البشر والعقل
الحادي عشر.
وعده الصفدي في شرح لامية العجم من الرجال الذين لم يصل أحد
إلى رتبتهم في فن المجسطي. وقال عنه في الوافي بالوفيات: كان رأسا في
علم الأوائل لا سيما في الارصاد والمجسطي
دراسته
درس في صغره علوم اللغة من نحو وصرف وآداب بعد دراسته
القرآن، ثم بتوجيه من أبيه درس الرياضيات على كمال الدين محمد
المعروف بالحاسب، ثم در س الحديث والاخبار وتوسع في دراسة الحديث
على أبيه كما درس عليه الفقه، ودرس المنطق والحكمة على خاله، وفي
خلال هذه الفترة أتقن علوم الرياضيات من حساب وهندسة وجبر، وكان
لا يزال في مطلع شبابه.
ويقول هو عن نفسه: انه بعد وفاة والده عمل بوصيته في الرحيل إلى
اي مكان يلقى فيه أساتذة يستفيد منهم. وكانت نيسابور في ذلك العهد
مجمع العلماء ومنتجع الطلاب فسافر إليها حيث حضر حلقة كل من سراج
الدين القمري وقطب الدين السرخسي وفريد الدين الداماد وأبو السعادات
الأصفهاني وآخرين غيرهم. كما لقي فيها فريد الدين العطار. وفي نيسابور
قضى فترة ظهر فيها نبوغه وتفوقه وصار فيها من المبرزين المشار إليهم
بالبنان
الغزو المغولي الأول
وفي خلال وجوده في نيسابور زحف المغول زحفهم الأول بقيادة
جنكيز حاملين الدمار والموت فاجتاحوا فيما اجتاحوه بلاد خراسان وانهزم
امامهم السلطان محمد خوارزم شاه وانهارت بعده كل مقاومة وتساقطت
المدن واحدة بعد الأخرى، وساد القتل والخراب والحريق، وفر الناس
هائمين على وجوههم: بعض إلى الفلوات، وبعض إلى المدن البعيدة
وبعض إلى القلاع الحصينة، ومن لم يستطع شيئا من ذلك انطلق لا يدري
اية ساعة يأتيه الموت.
صمود الإسماعيليين
والقوة الوحيدة التي حيل بينها وبين المغول فقط هي قلاع
الإسماعيليين صمدت هذه القلاع سنوات ولم تستسلم بينما كانت باقي مدن
خراسان ومنها نيسابور قد عادت يبابا في أيدي المغول.
الطوسي عند الإسماعيليين
في هذا البحر المخيف والمحنة الرائعة كان الطوسي حائرا لا يدري
أين يلجأ ولا بمن يحتمي، وكان المحتشم ناصر الدين عبد الرحيم بن أبي
منصور متولي قهستان قد ولي السلطة على قرع الإسماعيليين في خراسان من
قبل علاء الدين محمد زعيم الإسماعيليين آنذاك، وكان ناصر الدين هذا
من أفاضل زمانه وأسخياء عهده، وكان يعني بالعلماء والفضلاء، وكانت
شهرة الطوسي قد وصلت اليه وعرف مكانته في العلم والفلسفة
والفكر، وكان من قبل راغبا في لقياه فأرسل يدعوه إلى قهستان، وصادفت
الدعوة هوى في نفس المدعو الشريد ورأى أنه وجد المأمن الذي يحميه فقبل
الدعوة وسافر إلى قهستان.
وإذا كان الطوسي قد حمد الحمى في قهستان فان ناصر الدين كان
أشد حمدا إذ اعتبر وجود الطوسي عنده مغنما اي معنم فاستقبله باجلال وكان
يسعى جهده في ارضائه وتلبية رغباته، مستفيدا دائما من عشرته ومجالسته.
في هذه الفترة استجاب لرغبة ناصر الدين فترجم للفارسية كتاب
الطهارة لأبي علي مسكويه الرازي وزاد عليه مطالب جديدة وسماه أخلاق
ناصري ناسبا ايه إلى مضيفه ناصر الدين.
ومضى الزمن سريعا والطوسي مقيم عند المحتشم ناصر الدين
وطالت اقامته هناك معززا مكرما يقضي وقته بالمطالعة والكتابة والتأليف،
وعدا كتاب أخلاق ناصري فقد ألف هناك الرسالة المعينية في علم
الهيئة، والمعينية منسوبة إلى معين الدين ابن ناصر الدين، كما ألف
غيرها كتبا كثيرة.
وبلغ علاء الدين محمد زعيم الإسماعيليين نزول الطوسي على واليه
ناصر الدين، وعرف مقدار ما يستفيد من معارفه فطلبه منه فلم يكن
مناص للطوسي من إجابة الدعوة، فمضى ناصر الدين يصطحب الهدية
العظيمة إلى زعيمه علاء الدين في قلعة ميمون در فاستقبله الزعيم
الإسماعيلي استقبالا يتفق ومنزلته واستبقاه لديه معززا مكرما.
ثم انتهت حياة علاء الدين قتلا بيد أحد حجابه فتولى امر
الإسماعيليين بعده ابنه الأكبر ركن الدين خورشاه، وظل الطوسي مع
ركن الدين في قلعة الموت حتى استسلام ركن الدين للمغول في حملتهم
الثانية بقيادة هولاكو.
هل ذهب مرغما أم مختارا
هذا هو المعروف عن اتصال الطوسي بالإسماعيليين، ولكن
هناك مؤرخين يخالفون هذا الرأي ويرون أن الطوسي ذهب إليهم مرغما
وأقام عندهم مكرها. فقد جاء في درة الاخبار أن أوامر قد صدرت إلى
فدائيي الإسماعيليين باختطاف الطوسي وحمله إلى قلعة ألموت وأن
الفدائيين ترصدوه في أطراف بساتين نيسابور وطلبوا اليه مرافقتهم إلى الموت
وأنه امتنع فهددوه بالقتل وأجبروه على مرافقتهم، وأنه كان يعيش هناك
سنواته شبه أسير أو سجين.
وكذلك فان سرجان ملكم في تاريخه قد أيد ارغامه على السفر إلى
ألموت وأن كان قد ذكر هذا الارغام برواية تختلف عن رواية درة
الاخبار. غير أن وصاف الحضرة قد جاء بامر وسط بين الأمرين،
اي أن الطوسي قد ذهب مختارا إلى ناصر الدين وخلال مقامه عنده حدث
ما عكر صفو ودادهما فنقم عليه ناصر الدين واعتبره سجينا لديه ثم أرغمه
على مصاحبته إلى ميمون در حيث عاش سجينا لا يبرح مكانه.
وقد قال كريم آقسرائي في مسامرة الاخبار: كان الطوسي الوزير
المطلق لدى الإسماعيليين وأنه بلغ عندهم رتبة أطلقوا فيها عليه لقب أستاذ
الكائنات
(٤١٥)

وبهذا القول ينفي آقسرائي قصة ارغامه وسجنه، والذين ادعوا
الارغام والسجن استدلوا على ذلك فيما استدلوا عليه بأنه كتب في آخر
كتابه شرح الإشارات وهو الذي ألفه خلال اقامته في قلاع الإسماعيليين
ما يلي:
رقمت أكثرها في حال صعب لا يمكن أصعب منها حال، ورسمت
أغلبها في مدة كدورة بال لا يوجد أكدر منه بال، بل في أزمنة يكون كل
جزء منها طرفا لغصة وعذاب أليم وحسرة وندم عظيم وأمكنة توقد كل آن
فيها زبانية نار جحيم ويصب من فوقها حميم ما مضى وقت ليست عيني فيه
مقطرا ولا بالي مكدرا ولم يجئ حين لم يزد ألمي ولم يضاعف همي وغمي،
نعم ما قال الشاعر بالفارسية:
وهنا يستشهد ببيت شعر فارسي ثم يتمم القول:
وما لي في امتداد حياتي زمان ليس مملوء بالحوادث المستلزمة للندامة
والحسرة الأبدية، وكان استمرار عيشي أمير جيوشه غموم، وعساكره
هموم، اللهم نجني من تزاحم أفواج البلاء، وتراكم أمواج العناء، بحق
رسولك المجتبى ووصيه المرتضى ص وفرج عني ما انا فيه
بلا إله الا أنت ارحم الراحمين.
ويقول السيد محمد مدرسي الزنجاني في كتابه سركذشت وعقائد
فلسفي خواجة نصير الدين الطوسي في رد ذلك: بسبب اختلاف عقيدته عن
عقيدتهم اي الإسماعيليين ولأنه كان أحيانا مضطرا لأن
يخالف ميوله ورغباته في بعض ما يكتب، بهذا السبب كانت نفسه في
عذاب، وهذا ما جعله يكتب ما كتب في آخر كتاب شرح الإشارات.
الغزو المغولي الثاني
كان الغزو المغولي الثاني بقيادة هولاكو أشد ضراوة من الغزو الأول،
والقلاع الإسماعيلية التي صمدت في وجه جنكيز لم تستطع الصمود في وجه
هولاكو، فكان أن أسرع ناصر الدين مستجيبا لدعوة التسليم التي دعاه
إليها هولاكو فسلم ثم والى هولاكو زحفه على إيران وارسل إلى ركن الدين
خورشاه يطلب اليه التسليم، وأيقن ركن الدين بعدم جدوى الدفاع
والعصيان فأرسل اخاه شاهنشاه وجمعا من كبار رجال الدولة إلى هولاكو
مظهرا الطاعة والانقياد، ثم عاد فأرسل اخاه الثاني شيرانشاه مع ثلاثمائة
جندي فقابلوا هولاكو وعادوا منه برسالة رضى وملاينة، وبقي السفراء
يتعاقبون بين هولاكو وركن الدين على هذا المنوال زمنا، وركن الدين
يتحفظ في موقفه ولا يجرؤ على ملاقاة هولاكو بنفسه، ثم عاد وارسل اخاه
الثالث ايرانشاه مصحوبا بالخاجة نصير الدين الطوسي وجماعة من الوزراء
وأعيان الدولة وقادة الجيش فعمد هولاكو إلى استجوابهم فردا فردا دون أن
يتشدد في استجوابهم ثم أعادهم وارسل إلى ركن الدين أنه لن يرضيه الا
حضوره بنفسه واعلان استسلامه، فاستشار ركن الدين خاصته وأركان
دولته فأشاروا بالتسليم ليقينهم بان المقاومة ميؤوس من نتيجتها، فمضى
ركن الدين وبصحبته أولاده ونصير الدين الطوسي والوزير مؤيد الدين
والطبيبان موفق الدولة ورئيس الدولة ونزلوا من قلعة ألموت مخلفين دارهم
التي عمروها مائة وسبعا وسبعين سنة، وكان نزول ركن الدين من القلعة
وذهابه إلى هولاكو ايذانا بانتهاء دولة الإسماعيليين في إيران.
اما هولاكو فقد انهى الامر بعد حين بقتل ركن الدين ومن معه
واستثنى من ذلك الطوسي والطبيبين موفق الدولة ورئيس الدولة، إذ أنه
كان عارفا بمكانة الطوسي العلمية والفكرية، وعارفا كذلك بمكانة
الطبيبين، فاحتفظ بالثلاثة وأمر بضمهم إلى معسكره ووجوب ملازمته.
مع هولاكو
أصبح الطوسي في قبضة هولاكو ولم يعد يملك لنفسه الخيار في
صحبته فعزم منذ الساعة الأولى أن يستغل هذا الموقف لانقاذ ما يمكن انقاذه
من التراث الاسلامي المهدد بالزوال، وأن يحول دون اكتمال الكارثة النازلة
والبلاء المنصب وقد استطاع بحنكته أن ينفذ خطته بحزم وتضحية واصرار
وقد بلغ من احكام امره وترسيخ منهجه أن الدولة التي أقبلت بجيوشها
الجرارة لتهدم الاسلام وتقضي على حضارته انتهى امرها بعد حين إلى أن
تعتنق هي نفسها الاسلام ويصبح خلفاء جنكيز وهولاكو الملوك
المسلمين!...
يقول الدكتور علي أكبر فياض في كتاب محاضراته عن الأدب
الفارسي والمدنية الاسلامية:
وكانت النهضة الإسماعيلية في قمة نشاطها في ذلك العصر وكانت
لهم مشاركة تامة في دراسة الفلسفة والنهوض بها للاستفادة منها في تقرير
أصولهم واثبات دعاويهم، وقد أسسوا لهم في قلعة ألموت في جبال قزوين
مكتبة عظيمة بادت على أيدي المغول. وكان يعيش في رعاية الإسماعيليين
رجل يعد من أكبر المشتغلين بالعلوم العقلية بعد ابن سينا ألا وهو نصير
الدين الطوسي، قدر لهذا الرجل العظيم أن يقوم بانقاذ التراث الاسلامي
من أيدي المغول.
إلى أن يقول:
لقد فرض اليه هولاكو امر أوقاف البلاد فقام بضبطها وصرفها على
إقامة المدارس والمعاهد العلمية، وجمع العلماء والحكماء وتعاون معهم في
إقامة رصد كبير في مراغة بآذربيجان ومكتبة بجانبه يقال إنها كانت تحوي
٤٠٠ ألف من المجلدات.
ويقول المستشرق روندلسن:
ثم اقترح الطوسي في مراغة على هولاكو: أن القائد المنتصر يجب أن
لا يقنع بالتخريب فقط فأدرك المغولي المغزى وخوله بناء مرصد عظيم على
تل شمالي مراغة وتم هذا العمل في ١٢ سنة. وجمع خلال ذلك الزيج
الذي أتمه بعد وفاة هولاكو وهو الزيج الإيلخاني، وقد أظهر خطا أربعين
دقيقة في موضع الشمس في أول السنة على حساب الأزياج السابقة وجمع
مكتبة عظيمة ضم إليها ما نهب من الكتب في بغداد آه.
ويبدو أن هم الطوسي انصرف أول ما انصرف إلى انقاذ حياة أكبر
عدد من العلماء، وحفظ أعظم عدد من الكتب، إذ أنه كان من الواضح
أن الغزاة القادمين لا يمكن مقاومتهم بالقوة وأن الدولة في بغداد قد بلغت
من التفسخ والانحلال والفتن ما لن تستطيع معه أن تقف بوجه هذا السيل

(١) أحوال وآثار الطوسي للسيد مدرس رضوي
(٤١٦)

المغولي الجارف، وكان لا يصح التسليم وترك الوثنية تحل محل الاسلام فإذا
عجز المسلمون اليوم عن مقابلة السيف بالسيف فإنهم لن يعجزوا عن
مقابلة آثاره بالعلم والثقافة والدعوة الحسنة، ولن يتأتى ذلك إذا باد العلماء
وانقرضت الكتب، لذلك اتخذ الطوسي من مرصد مراغة حجة لجمع الجم
الغفير من العلماء وحمايتهم من القتل، كما انصرف إلى استخلاص الكتب
وجمعها وحفظها فادت النتيجة إلى أن ينقلب الامر ويعود المغول بعد ذلك
مسلمين منافحين عن الاسلام.
مرصد مراغة
أول مرصد هو مرصد ابرخسن في اليونان أنشئ قبل الميلاد.
وبعده بحوالي ثلاثة قرون أنشئ مرصد بطليموس في الإسكندرية.
اما في الاسلام فان أول مرصد أنشئ كان مرصد الخليفة المأمون في
بغداد، وفي أواخر القرن الثالث أنشئ مرصد محمد بن جابر البتاني في
الشام، وأنشئ في مصر المرصد الحاكمي وأنشئ في بغداد مرصد آخر.
ولما اقترح الطوسي على هولاكو انشاء مرصد مراغة ووافقه على ذلك
جمع عديدا من العلماء ليعاونوه في العمل وباشر بانشائه سنة ٦٥٧ وظل
يعمل فيه حتى وفاته وسمي الزيج المستنبط من هذا المرصد الزيج الإيلخاني
ونشره في كتاب خاص احتوى على جداول وطرائف حسابية جديدة لم تكن
معروفة من قبل. لذلك كان هذا الزيج هو المعتمد عليه في أوربا في عصر
النهضة
جامعة مراغة
قال محمد مدرسي زنجاني في كتابه سركذشت وعقائد فلسفي
خاجه نصير الدين الطوسي:
فضلا عن مقام الطوسي العلمي استطاع بتأثيره على مزاج هولاكو أن
يستحوذ تدريجيا على عقله، وأن يروض شارب الدماء فيوجهه إلى اصلاح
الأمور الاجتماعية والثقافية والفنية، فادى الامر إلى أن يوفد هولاكو فخر
الدين لقمان بن عبد الله المراغي إلى البلاد العربية وغيرها ليحث العلماء
الذين فروا بأنفسهم من الحملة المغولية فلجؤوا إلى أربل والموصل والجزيرة
والشام ويشوقهم إلى العودة، وأن يدعو علماء تلك البلاد أيضا إلى الإقامة
في مراغة.
وكان فخر الدين هذا رجلا كيسا حسن التدبير فاستطاع أن ينجز
مهمته على أحسن وجه، فعاد العلماء إلى بلادهم.
ومن جهة ثانية شغل الطوسي بتأسيس مكتبة في مراغة بلغ عدد كتبها
٤٠٠ ألف مجلد وقرر رواتب دائمة لطلاب المدارس والمعاهد بحسب
أهميتها.
وجاء في البداية والنهاية:
عين الخواجة نصير الدين الطوسي لكل من الفلاسفة ثلاثة دراهم
يوميا ولكل من الأطباء درهمين ولكل من الفقهاء درهما واحدا ولكل من
المحدثين نصف درهم، لذلك اقبل الناس على معاهد الفلسفة والطب أكثر
من اقبالهم على معاهد الفقه والحديث بينما كانت تلك العلوم من قبل تدرس
سرا آه
وهكذا اجتمع حوله العدد الوافر من الطلاب واقبل العلماء من كل
ناحية إلى تلك الديار وطافوا حوله كالفراشات على النور، واشتغلوا بكشف
دقائق العلوم
عالم دمشقي في مراغة
لقد لقيت دعوة الطوسي استجابة كبرى لا من العلماء النازحين
فحسب بل من غيرهم من العلماء العرب وغير العرب الذين لبوا الدعوة
فرحلوا إلى مراغة حيث اجتمع هناك علماء من دمشق ومن الموصل ومن
قزوين ومن تفليس ومن سائر البلاد الاسلامية.
ويحسن هنا أن نذكر ما كتبه العالم الدمشقي مؤيد الدين العرضي في
مقدمة رسالته التي أنشأها في شرح آلات مرصد مراغة وأدواته والعرضي
هذا أحد العلماء العرب الذين لبوا دعوة رسول الطوسي فترك دمشق ومضى
إلى مراغة عاملا تحت لواء الطوسي في الميدان العلمي الواسع.
واليك ما كتبه في مقدمة رسالته:...
وكذلك كله بإشارة مولانا المعظم والامام الأعظم العالم
الفاضل المحقق الكامل قدوة العلماء وسيد الحكماء أفضل علماء الاسلاميين
بل المتقدمين وهو من جمع الله سبحانه فيه ما تفرق في كافة اهل زماننا من
الفضائل والمناقب الحميدة وحسن السيرة وغزارة الحلم وجزالة الرأي وجودة
البديهة والإحاطة بسائر العلوم فجمع العلماء اليه وضم شملهم بوافر عطائه
وكان بهم أرأف من الوالد على ولده فكنا في ظله آمنين وبرؤيته فرحين كما
قيل:
نميل على جوانبه كانا * نميل إذا نميل على أبينا
ونغضبه لنخبر حالتيه * فنلقى منهما كرما ولينا
وهو المولى نصير الملة والدين محمد بن محمد الطوسي أدام الله أيامه،
ولقد كنت:
واستكبر الاخبار قبل لقائه * فلما التقينا صغر الخبر الخبر
فلله أيام جمعتنا بخدمته وأبهجتنا بفوائده وأن كانت قد أبعدتنا عن
الأوطان والعشيرة والولدان فان هي وجوده عوضا عن غيره ومن وجده فما فاته شئ ومن
فاته فقد عدم كل شئ فلا أخلانا الله منه وأمتعنا بطول
بقائه.
النتائج الخطيرة لتنظيمات الطوسي
مضى هولاكو فتولى الحكم بعده ابنه أباقا خان، ثم مضى
أباقا خان فولي الحكم ابن هولاكو الآخر تكودار، وكانت أغراس
الطوسي قد بدأت تؤتي اكلها فإذا بابن هولاكو يعلن اسلامه. وإذا كان
الطوسي في ذلك الحين قد لقي وجه ربه فقد كان هناك تلميذه ومن أقرب
المقربين اليه قطب الدين أبو الثناء محمود بن مسعود الشيرازي فاستدعاه

(١) سركذشت وعقائد فلسفي خاجة نصير الدين الطوسي.
(٢) يوجد منها نسخة خطية في مكتبة الإمام الرضا في مشهد خراسان.
(٤١٧)

تكودار الذي أصبح اسمه احمد تكودار وضم اليه جمعا من العلماء
ليكونوا سفراءه إلى علماء بغداد وإلى السلطان منصور قلاوون ملك مصر
فيحملوا إليهم النبأ العظيم نبا اسلام ابن هولاكو واسلام الدولة المغولية تبعا
لاسلامه
من اخباره
لما ورد العراق بصحبة هولاكو زار الفيحاء وحضر درس المحقق أبي
القاسم نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي فكان البحث في القبلة في
استحباب التياسر قليلا لأهل الشرق من اهل العراق عن السمت الذي
يتوجهون اليه فاعترض الطوسي أن التياسر اما إلى القبلة فيكون واجبا لا
مستحبا واما عنها فيكون حراما فأجاب المحقق الحلي في الدرس بان
الانحراف منها إليها ومعنى ذلك أن الاستحباب المذكور مبني على أن الكعبة
المعظمة هي قبلة القريب والحرم قبلة البعيد والحرم عن يسار الكعبة ثمانية
أميال وعن يمينها أربعة أميال فإذا انحرف العراقي إلى جهة يساره لم يخرج
عن سمت القبلة لاتساع المسافة فيما يستقبل فالانحراف اليسير إلى بعض
جهاتها لا يخرج عنها بل يكون منها إليها وربما قيل أن الحكمة أن قبلة
مساجد العراق كان فيها تياسر كثير كما يشاهد في قبلة مسجد الكوفة مع
عدم امكان التصريح بذلك فأمروا بالتياسر إليها لذلك. ثم إن المحقق
الحلي عمل في ذلك رسالة وأرسلها إلى الطوسي فاستحسنها وقد أورد
الرسالة ابن فهد في المهذب البارع بتمامها وقال: اعلم أنه اتفق حضور
العلامة المحقق خواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي قدس
الله روحه مجلس المصنف طاب ثراه ودرسه فكان فيما قرره بحضوره درس
القبلة وأورد إشكالا على القياس فأجاب المصنف في الحال بما اقتضاه في
ذلك الزمان ثم عمل في المسالة رسالة وبعثها اليه فاستحسنها المحقق حين
وقف عليها وها انا موردها بلفظها:
جرى في أثناء فوائد المولى أفضل علماء الاسلام وأكمل فضلاء الأنام
نصير الدنيا والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي أيد الله بقوته العالية
قواعد الدين ووطد أركانه ومهد بمباحثه السامية عقائد الايمان وشيد بنيانه
إشكال على التياسر وحكايته الأمر بالتياسر لأهل العراق لا يتحقق معناه لأن
التياسر امر إضافي لا يتحقق الا بالإضافة إلى صاحب يسار متوجه إلى الجهة
وحينئذ اما ان تكون الجهة محصلة للقبلة واما أن لا تكون ويلزم من الأول
التياسر عما وجب التوجه اليه وهو خلاف مدلول الآية وعن الثاني عدم
امكان التياسر إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها ثم يلزم مع
تحقيق هذا الاشكال تنزيل التياسر على التأويل أو التوقف فيه حتى يوضحه
الدليل. وهذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر ولا تنبه له الأوائل والأواخر
ولا كشف عن مكنونه الغطاء لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وفرض
من يقف على فوائد هذا المولى الأعظم من علماء الأنام ان يبسطوا له يد
الانقياد والاستسلام وأن يكون قصاراهم التقاط ما يصدر عنه من جواهر
الكلام فإنها شفاء أنفس الأنام وجلاء الافهام غير أنه ظاهر الله جلاله ولا
أولياءه فضله وإفضاله سوع لي الدخول في هذا الباب وأذن لي ان
أورد ما يحضرني في الجواب ما يكون صوابا أو مقاربا للصواب فأقول ممتثلا لأمره
مشتملا ملابس صفحه وغفره انه ينبغي ان يتقدم ذلك مقدمة تشتمل على
بحثين ثم ذكر في البحث الأول ان لفقهائنا قولين أحدهما ان القبلة هي
الكعبة للقريب والبعيد الثاني انها قبلة من في الحرم والحرم قبلة من خرج
عنه وفي البحث الثاني ان من يشاهد الكعبة أو يتقين جهتها لا تياسر عليه
ومن فقد الأمرين يرجع للعلامات لكن ذلك لا يوجب تيقن محاذاة القبلة
اما كون التياسر امرا إضافيا فلا ريب فيه واما انه إذا كانت محصلة الخ
فالجواب عنه انا قد بينا ان الفرض للبعيد على هذا القول استقبال الحرم
فالتياسر حينئذ استظهار في مقابلة الحرم فان العلامات قد يحصل الخلل في
مسامتتها إلى آخر ما ذكره.
وقال ابن الفوطي في مجمع الآداب: ان قطب الدين أبا المظفر
أحمد بن محمود بن أبي بكر النباكتي الناسخ من الفضلاء الواردين مراغة في
أيام مولانا السعيد نصير الدين أبي جعفر سنة ٦٧١ وكتب الكثير لنفسه
ولغيره من تصانيف مولانا نصير الدين. ومن تلاميذ نصير الدين الطوسي
قطب الدين أبو الثناء محمد بن مسعود بن المصلح الشيرازي الكازروني
الأصل الحكيم المهندس نزيل تبريز قاضي القضاة بالروم قال ابن
الفوطي: قدم مراغة إلى حضرة مولانا وسيدنا نصير الدين سنة ٦٥٨
واشتغل عليه في العلوم الرياضية الخ...
وقال أيضا:
اتفق الحكماء الخمسة على رصد مراغة في أيام السلطان الأعظم
هولاكو سنة ٦٥٧ ورئيسهم نصير الدين وهم: فخر الدين الخلاطي وفخر
الدين محمد بن عبد الملك المراغي ومؤيد الدين العرضي ونجم الدين
التزويني وهؤلاء هم الذين اختارهم نصير الدين وانفذ السلطان في
طلبهم. قدم فخر الدين منصور بن محمد بن محمود بن منصور الكازروني
الحكيم الطبيب مراغة سنة ٦٥٤ إلى حضرة مولانا السعيد نصير الدين أبي
جعفر فأكرمه اكراما تاما وأنزله بالمدرسة الصدرية وكان معه كتب كثيرة من
الحكمة والطب ومد له من ذلك فلم يلتمس مولانا سوى كتاب واحد.
وقال في الدرر الكامنة: ذكر لنا عمر بن الياس بن يونس المراغي أبو
القاسم الصوفي كمال الدين انه جالس خواجة نصير الدين الطوسي.
وفاته
يفهم مما ورد في الكتاب الذي ظن أنه كتاب الحوادث الجامعة وهو
يسرد حوادث سنة ٦٧٢ انا أباقا خان جاء في هذه السنة إلى بغداد لقضاء
فصل الشتاء فيها يصبحه الأمراء ورجال الجيش والخواجة نصير الدين
الطوسي فلما انقضى الشتاء رجع الملك إلى عاصمته الصيفية وبقي الطوسي
في بغداد يتفقد الأوقاف وينظمها ويعين رواتب الفقهاء والمدرسين والصوفية
إلى أن أدركه الاجل تلك السنة.
وقد رثي كثير عربي وفارسي فمما قاله بهاء الدين عيسى الأربلي في
رثائه ورثاء عز الدين الأربلي الذي توفي في نفس السنة:
ولما قضى عبد العزيز بن جعفر * وأردفه رزء النصير محمد
جزعت لفقدان الاخلاء وانبرت * شؤوني كمرفض الجمان المبدد
وجاشت إلي النفس حزنا ولوعة * فقلت تعزي واصبري فكان قد
وكان قد أوصى ان يدفن في جوار الإمام موسى الكاظم فنفذت
وصيته.
شعره بالعربية
من شعره قوله:
(٤١٨)

ما للمثال الذي ما زال مشتهرا * للمنطقيين في الشرطين تسديد
أ ما رأوا وجه من اهوى وطرته * الشمس طالعة والليل موجود
وقوله:
لو أن عبدا أتى بالصالحات غدا * وود كل نبي مرسل وولي
وصام ما صام صوام بلا ضجر * وقام ما قام قوام بلا ملل
وحج ما حج من فرض ومن سنن * وطاف ما طاف حاف غير منتعل
وطار في الجو لا يأوي إلى أحد * وغاص في البحر مأمونا من البلل
يكسو اليتامى من الديباج كلهم * ويطعم الجائعين البر بالعسل
وعاش في الناس آلافا مؤلفة * عار من الذنب معصوما من الزلل
ما كان في الحشر عند الله منتفعا * الا بحب أمير المؤمنين علي
وقوله:
إذا فاض طوفان المعاد فنوحه * علي واخلاص الولاء له فلك
امام إذا لم يعرف المرء قدره * فليس له حج وليس له نسك
فاقسم لو لم يلف رطبا بمدحه * لساني لم يصحبه في فمي الفك
ولو لامني فيه أبي لم أقل أبي * وحاشا أبي ان يعتريه بك شك
مؤلفاته
كتب ما يناهز مائة وأربعة وثمانين مؤلفا ما بين كتب ورسائل وأجوبة
مسائل في فنون شتى نعدد منها ما يلي:
في الرياضيات: ١ تحرير اقليدس ٢ الرسالة الشافية عن الشك
في الخطوط المتوازية ٣ تحرير المجسطي ٤ كشف القناع عن اسرار شكل
القطاع ٥ تحرير مانالاوس ٦ تحرير ثاوذوثيوس ٧ تحرير مأخوذات
أرخميدس ٨ تحرير كتاب المناظر ٩ تحرير كتاب المساكن ١٠ تحرير
كتاب الكرة المتحركة لاطولوقوس ١١ تحرير كتاب ثاوذوثيوس في الأيام
والليالي ١٢ تحرير ظاهرات الفلك ١٣ تحرير كتاب اطولوقوس في
الطلوع والغروب ١٤ تحرير كتاب ابسقلاوس في المطالع ١٥ كتاب
ارسطرخس في جرمي النيرين وبعديهما ١٦ تحرير كتاب المفروضات
لأرخميدس ١٧ تحرير كتاب معرفة مساحة الاشكال البسيطة والكرية ١٨
تحرير كرة واسطوانة أرخميدس ١٩ تحرير المعطيات ٢٠ ترجمة ثمرة
الفلك ٢١ رسالة في انعطاف الشعاع وانعكاسه ٢١ التذكرة النصيرية
٢٢ ترجمة صور الكواكب ٢٣ رسالة في الشعاع ٢٤ الرسالة المعينية
٢٥ ذيل الرسالة المعينية ٢٦ الزيج الإيلخاني ٢٧ مقدمة الزيج
الإيلخاني ٢٨ عشرون بابا في معرفة الأسطرلاب ٢٩ زبدة الهيئة ٣٠
تعريف الزيج ٣١ ثلاثون فصلا في الهيئة والنجوم ٣٢ رسالة في
الحساب والجبر والمقابلة ٢٣ زبدة الاستدراك في هيئة الأفلاك ٣٤
مدخل في علم النجوم ٣٥ مائة باب في معرفة الأسطرلاب ٣٦
استخراج قبلة تبريز ٣٧ الأسطوانة ٣٨ المخروطات ٣٩ في أحوال
الخطوط المنحنية ٤٠ تربيع الدائرة ٤١ جامع الحساب ٤٢ رسالة في
علم المثلثات.
في الاخلاق: ٤٣ ديباجة الاخلاق الناصرية ٤٤ خاتمة الاخلاق
الناصرية ٤٥ أوصاف الاشراف ٤٦ ترجمة الاخلاق الناصرية.
في التفسير: ٤٧ تفسير سورة الاخلاص والمعوذتين ٤٨ تفسير
سورة العصر.
في التاريخ: ٤٩ واقعة بغداد.
في الفقه: ٥٠ جواهر الفرائد.
في الجغرافيا: ٥١ الصبح الكاذب.
في الطب: ٥٢ تعليقة على قانون ابن سينا ٥٣ جواب في رفع
التناقضي في أقوال حنين وابن سينا.
في التربية والتعليم: ٥٤ آداب المتعلمين.
في المنطق: ٥٥ أساس الاقتباس ٥٦ تجريد المنطق ٥٧ تعديل
المعيار في نقد تنزيل الأفكار ٥٨ المقولات.
في الفلسفة والحكمة: ٥٩ شرح الإشارات ٦٠ رسالة اثبات
الجوهر المفارق ٦١ رسالة في العلم الاكتسابي واللدني ٦٢ رسالة بقاء
النفس بعد فناء الجسد ٦٣ رسالة في النفي والاثبات ٦٤ الرسالة
النصيرية ٦٥ رسالة في العقل ٦٥ العلل والمعلومات ٦٦ ربط
الحديث بالقديم.
في علم الكلام: ٦٧ تجريد العقائد ٦٨ قواعد العقائد ٦٩
الفصول النصيرية ٧٠ تلخيص المحصل ٧١ مصارع المصارع ٧٢ رسالة
في الجو والاختيار ٧٣ رسالة الجبر والقدر ٧٤ الرسالة الاعتقادية ٧٥
رسالة في الإمامة ٧٦ اثبات الواجب ٧٧ الابتداء والانتهاء ٧٨ رسالة
في أصول الدين ٧٩ رسالة في العصمة ٨٠ روضة القلوب ٨١ روضة
التسليم ٨٢ رسالة السير والسلوك ٨٣ معرفة النفس.
مدحه ووصف مرصد مراغة
قال قاضي القضاة نظام الدين الأصفهاني يمدحه ويصف مرصد
مراغة:
صفا شرب عيشي في صوى في مراغة * فظلت كما شاء المنى انفرج

(١) الرسالة المعينية رأينا منها نسخة مخطوطة في بهار من قرى همدان صنفها باسم معين الدين وقد
ذهب أولها وهذا ول الموجود منها: مؤيد مظفر منصور منتصر مجاهد مجتهد معظم مكرم
ناصر الحق والدين سعد الاسلام والمسلمين أعدل الملوك والسلاطين ناشر الاحسان في
العالمين ملك ملوك العرب والعجم أفضل ولاة السيف والقلم سلطان حدود الشرق والغرب
عزيز الحضرة المقدسة خسرو آفاق فرمان ده كيتى نظام جهان شهريار إيران عبد الرحمن بن أبي
منصور خلد الله ظلاله وضاعف قدره يافت است ودر آن باركاه كيوان بناه سعادت استفادت
وكرامت استفاضت مستعد ومشرف شداه است أو برنيل دولت خدمت بادشاه زادة إيران
بمعجز جهان وجهانيان صدر معظم قدوة صدور العرب والعجم معين الدولة والدين ناصر
الاسلام والمسلمين تاج الملوك والسلاطين ذخر الأكابر والأفاضل في العالمين انسان عين الكرم
والشرف محيي رسوم فضائل السلف سلالة مكارم أخلاق صفوة أكارم الآفاق انسب افتخار
جهان أكرم وأشرف امران أبو الحسن بن عبد الرحيم ضاعف الله علاه وأدام إلى أوج المجد
والشرف ارتقاه إلى آخر ما ذكره إلى أن قال: الرسالة المعينية نام نهادة شد المؤلف
(٢) منها نسخة في الخزانة الغروية بخط ابن العتايقي وله فائدة جليلة في الحكمة بخط المذكور
وفوائد أخرى في الحكمة بخطه وخطه أيضا مسائل سئل عنها المحقق الطوسي وفى أولها:
قال مولانا السيد الركن الدين الاسترآبادي كتبت إلى حضرة المولى الأعظم سلطان المحققين
في العالم نصير الملة والدنيا والحق والدين الطوسي عدة رسائل ثم ذكرها وأجوبتها
(٣) منها نسخة ى خزانة عارف حكمة بالمدينة المنورة.
(٤) يقول الدكتور مصطفى جواد التحق نصير الدين الطوسي بهولاكو لينجي نفسه من الهلاك
وليأتي بمعجزة القرن السابع وهي نشر العلوم في الشرق وتأسيس أول أكاديمية علمية فيه
بالمعنى العلمي الحديث الذي تدل على كلمة " Academie " وإقامة أعظم رصد عرف في
الشرق وانشاء أول جامعة حقيقية من النوع المعروف اليوم ب‍ X " Universite '
(٤١٩)

بها الرصد العالي النصيري مقصدي * إلى الفلك الأعلى به أتدرج
فلله بانيه وطرق ابانها * إلى كشف اسرار الغوامض تنهج
أرى عصب التنجيم أحسن هيئة * به يستوي ما في التقاويم عواجوا
دقائق علم لا يجدن ثوانيا * حوى درجا منه إلى الغيب يدرج
تسامى الهضاب الشمم تتلع جيدها * عساها بما يبنى عليها تتوج
فغالت لعمري الخط أرض مراغة * فمن كل إقليم عليها يعرج
فان عيروا بابن المراغة شاعرا * فمدح على معنى الهجاء يخرج
بناء لعمري مثل بانيه معجز * تقربه الألحاظ والنفس تبهج
سيبلغ أسباب السماء بصرحه * يناغي كعاب الزهر منها تبرج
أقول وقد شاد البناء بذكره * وشيد قصرا لم يشده متوج
على الزهر ارصاد طلائع فكره * إلى الرصد المعهود من أين يحوج
ترصدت لقياه هناك وقربه * فكان منى من دونها الباب مرتج
ورمت سعود الجد في جنباته * فساعدني سعد بودي ملهج
وجدت اسمه فألا علي مباركا * مقدمة منها الميامن تنتج
إلى السدة العلياء شمر ناهضا * لتقبيله منه البنان يهيج
فكلفته عرض الدعاء وخدمتي * وحملته ما في الصحائف يدرج
ورمت على حال وقوف وقوفه * فهمي ان أنهي اليه يفرج
وأصدرت عن تبريز ما انا كاتب * وصحبي زموا العيس والخيل أسرجوا
لقصد جناب الصاحب الأعظم ارتمت * طلائح أسفار لما ناب تزعج
تكفل دفع الجور عنهم وانه * مواعيد صدق صبحها يتبلج
ولولا عوادي الخطب جئت ملبيا * دواعي أشواق لظاها تأجج ٩٩٣:
الشيخ محمد بن محمد بن مجير العاملي العنقاني.
نسبة إلى عين قانا قرية من قرى ساحل صيدا من إقليم الشومر
بالقرب من جبع. كان حيا ١٠٩٢.
وهو تارة يعبر عن نفسه بمحمد بن محمد بن مجير وتارة بمحمد بن مجير
له كتيب جمع فيه بعض التواريخ المتعلقة بجبل عامل وكان معاصرا للشيخ
إبراهيم بن حسن بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن خاتون العاملي المار
ترجمته في ج ٥ وصرح في بعض مخطوطاته بان له شيخين أحدهما الشيخ
جعفر والآخر الشيخ حسين بن خاتون فقال وترحم عليه وعلى والديه والدي
شيخيه الفقيه جعفر والشيخ حسين بن خاتون رحم الله جعفرا وأدام الله
ظل شيخنا ووجدنا بخطه في مكتبات جبل عامل مجموعة فيها ما يلي:
١ رسالة ارشاد الطالبين إلى معرفة ما تشتمل عليه الكثرة في سهو
المصلين للشيخ محمد بن أحمد بن سعادة فرع من نسخه ٦ المحرم سنة
١٠٩٢ ٢ الأنوار الجلالية للفصول النصيرية وهو شرح على رسالة الفصول
النصيرية للمحقق الخواجة نصير الدين الطوسي التي كان اصلها بالفارسية
وعربها الشيخ ركن الدين محمد بن علي الجرجاني الاسترآبادي تلميذ
العلامة الحلي. والشرح المذكور هو للمقداد السيوري سماه الأنوار الجلالية
لأنه ألفه باسم الملك جلال الدين علي بن شرف الدين المرتضى العلوي
الحسيني الآوي. وفي آخر النسخة: وافق الفراع من تعليقها عشاء الجمعة
٣٠ شهر ذي الحجة الحرام عام ١٠٩٢ من هجرة سيد الأنام عليه وعلى آله
أفضل الصلاة وأتم السلام.
بقلم العبد الفقير المعترف بالذنوب والتقصير محمد بن محمد بن مجير
العنقاني في قرية عين قانا.
٣ أرجوزة للشيخ نجيب الدين علي ابن الشيخ شمس الدين
محمد بن مكي بن عيسى بن حسن بن جمال الدين عيسى الشامي العاملي
الجبيلي ثم الجبعي. وفي آخرها فرع من تسويده لنفسه فقير يومه وأمسه
المعترف بذنبه وحلول رمسه محمد بن محمد بن مجير العنقاني غفر الله له
ولوالديه ولشيخه ولجميع المؤمنين ووافق الفراع منه نهار السبت ٢٥ ذي
القعدة الحرام سنة ١٠٩٢ وهذه الأرجوزة في وصف رحلة في اليمن وبلاد
الشحر والهند وإيران والعراق والحجاز وتشتمل على حكم ومواعظ كثيرة
وهي ناقصة الأول وقد أدرجنا ما وجدناه منها في الجزء الواحد والأربعين من
هذا الكتاب في ترجمة ناظمها ٤ ارشاد الطالبين للعلامة الحلي ناقص من
آخره ٩٩٤:
الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي البغدادي
المعروف بابن المعلم.
ولد سنة ٣٣٦ وقيل سنة ٣٨ في عكبرا توفي سنة ٤١٣ وشيعه
ثمانون ألفا من الباكين عليه، وصلى عليه تلميذه الشريف المرتضى علي بن
الحسين الموسوي بميدان الأشنان وهو الميدان الرئيس بكرخ بغداد وضاق
على الناس مع كبره. ودفن بداره ببغداد، ثم نقل إلى الكاظمية فدفن
بمقابر قريش، بالقرب من رجلي الإمام الجواد ع، إلى جانب أستاذه أبي
القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي. وقبره الآن معروف في وسط
الرواق الشرقي من المشهد الكاظمي.
ترعرع في كنف والده الذي لم نعرف من اخباره سوى كونه معلما
بواسط، ولذلك كان يكنى ولده ب‍ ابن المعلم.
وما ان تجاوز المفيد سني الطفولة وأتقن مبادئ القراءة والكتابة حتى
انحدر به أبوه وهو صبي إلى بغداد حاضرة العلم ومهوى أفئدة
المتعلمين.
فسارع إلى حضور مجلس درس الشيخ أبي عبد الله الحسين بن علي
المعروف بالجعل بمنزله بدرب رباح، ثم قرأ على أبي ياسر غلام أبي الجيش
بباب خراسان.
وفي أثناء قراءته على أبي ياسر اقترح عليه أستاذه هذا أن يكثر التردد
على مجلس المتكلم الشهير علي بن عيسى الرماني المعتزلي، ففعل، ويحدثنا
المفيد عن زيارته الأولى للرماني فيقول:
... دخلت عليه والمجلس غاص باهله، وقعدت حيث انتهى بي
المجلس، فلما خف الناس قربت منه، فدخل عليه داخل... وطال
الحديث بينهما، فقال الرجل لعلي بن عيسى: ما تقول في يوم الغدير
والغار؟ فقال: اما خبر الغار فدراية واما خبر الغدير
فرواية، والرواية لا توجب ما توجبه الدراية، وانصرف...
فقلت: أيها الشيخ مسالة؟ فقال: هات مسألتك، فقلت:

(١) بلدة بينها وبين بغداد عشرة فراسخ.
(٤٢٠)

ما تقول فيمن قاتل الإمام العادل؟ قال: يكون كافرا، ثم استدرك
فقال: فاسق، فقلت: ما تقول في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
ع؟ قال: امام، قلت: ما تقول في يوم الجمل وطلحة والزبير؟
فقال: تابا، فقلت: اما خبر الجمل فدراية وأما خبر التوبة فرواية، فقال
لي: كنت حاضرا وقد سألني البصري؟ فقلت: نعم، رواية برواية ودراية
بدراية. فقال بمن تعرف وعلى من تقرأ؟ قلت: اعرف بابن المعلم وأقرأ
على الشيخ أبي عبد الله الجعل، فقال: موضعك، ودخل منزله وخرج
ومعه ورقة قد كتبها وألصقها، فقال لي: أوصل هذه الرقعة إلى أبي
عبد الله، فجئت بها اليه، فقرأها ولم يزل يضحك بينه وبين نفسه، ثم
قال: أيش جرى لك في مجلسه فقد وصاني بك ولقبك المفيد فذكرت
المجلس بقصته.
وهكذا بدأ هذا الشاب اليافع دراسته في بغداد، مختارا لها نخبة من
أعلام عصره، وواهبا كل فراغه ووقته، وباذلا في سبيلها كل طاقته
وجهده، فكان نتاج ذلك هذا العلم الكبير الشهير.
ولتوضيح مدى الجهود التي بذلها المفيد في سبيل التفقه والتعلم نورد فيما يأتي
ثبتا بأسماء الرجال الذين قرأ عليهم واتصل بهم واتصلوا به.
١ أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع، أبو عبد الله، الصيمري.
٢ أحمد بن الحسين بن أسامة، أبو حسين، البصري.
٣ أحمد بن محمد بن جعفر، أبو علي، الصولي.
٤ أحمد بن محمد بن الحسن، أبو الحسن، القمي.
٥ أحمد بن محمد بن سليمان، أبو غالب، الزراري.
٦ أحمد بن محمد بن طرخان، أبو الحسين، الجرجرائي.
٧ أحمد بن محمد بن عيسى، أبو محمد، العلوي.
٨ إسماعيل بن محمد، أبو القاسم، الأنباري.
٩ إسماعيل بن يحيى، أبو أحمد، العبسي.
١٠ جعفر بن محمد بن قولويه، أبو القاسم، القمي.
١١ الحسن بن حمزة بن علي، أبو محمد، الطبري.
١٢ الحسن بن عبد الله، أبو علي، القطان.
١٣ الحسن بن الفضل، أبو علي، الرازي.
١٤ الحسن بن محمد بن يحيى، أبو محمد، العطشي.
١٥ الحسين بن أحمد بن المغيرة، أبو عبد الله.
١٦ الحسين بن أحمد بن موسى بن هدية، أبو عبد الله.
١٧ الحسين بن علي بن سفيان، أبو عبد الله، البزوفري.
١٨ الحسين بن علي بن شيبان، أبو عبد الله، القزويني.
١٩ الحسين بن علي بن محمد، أبو الطيب، التمار.
٢٠ زيد بن محمد بن جعفر، أبو الحسن، العلمي.
٢١ عبد الله بن جعفر بن محمد، البزاز.
٢٢ عبد الله بن محمد، أبو محمد، الأبهري.
٢٣ عثمان بن أحمد، أبو عمرو، الدقاق.
٢٤ علي بن أحمد بن إبراهيم، أبو الحسن، الكاتب.
٢٥ علي بن بلال، أبو الحسن، المهلبي.
٢٦ علي بن حبش، الكاتب.
٢٧ علي بن الحسين، أبو الحسن، البصري البزاز.
٢٨ علي بن خالد، أبو الحسن، المراغي.
٢٩ علي بن عبد الله بن وصيف، أبو الحسين، الناشي.
٣٠ علي بن مالك، أبو الحسن، النحوي.
٣١ علي بن محمد بن خالد، أبو الحسن.
٣٢ عمر بن محمد بن سالم، أبو بكر، الجعابي.
٣٣ عمر بن محمد بن علي، أبو حفص، الصيرفي.
٣٤ محمد بن أحمد، أبو الطيب، الثقفي.
٣٥ محمد بن أحمد، أبو بكر، الشافعي.
٣٦ محمد بن أحمد بن الجنيد، أبو علي، الإسكافي.
٣٧ محمد بن أحمد بن داود، أبو الحسن، القمي.
٣٨ محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو عبد الله، الصفواني.
٣٩ محمد بن أحمد بن عبيد الله، المنصوري.
٤٠ محمد بن جعفر بن محمد، أبو الحسن، التميمي.
٤١ محمد بن الحسن، أبو عبد الله، الجواني.
٤٢ محمد بن الحسين، أبو نصر، البصير الشهرزوري.
٤٣ محمد بن الحسين، أبو نصر، الخلال.
٤٤ محمد بن داود، أبو عبد الله، الحتمي.
٤٥ محمد بن سهل بن أحمد، الديباجي.
٤٦ محمد بن علي بن الحسين، أبو جعفر، الصدوق.
٤٧ محمد بن علي بن رياح، أبو عبد الله، القرشي.
٤٨ محمد بن عمر، أبو جعفر، الزيات.
٤٩ محمد بن عمر بن محمد، أبو بكر، الجعابي.
٥٠ محمد بن عمر بن يحيى، العلوي، الحسيني.
٥١ محمد بن عمران، أبو عبد الله، المرزباني.
٥٢ محمد بن محمد بن طاهر، أبو عبد الله، الشريف.
٥٣ محمد بن المظفر، أبو الحسين، البزاز.
٥٤ محمد بن المظفر، أبو الحسن، الوراق.
٥٥ المظفر بن محمد، أبو الجيش، البلخي.
٥٦ هارون بن موسى، أبو محمد، التلعكبري.
وتخرج به جماعة، وكان من جملة طلابه:
الشريف الرضي، محمد بن الحسين، المتوفى سنة ٤٠٦ ه‍.
الشريف المرتضى، علي بن الحسين، المتوفى سنة ٤٣٦ ه‍.
سلار بن عبد العزيز، الديلمي، المتوفى سنة ٤٤٨ ه‍.
محمد بن علي، الكراجكي، المتوفى سنة ٤٤٩ ه‍.
أحمد بن علي النجاشي، المتوفى سنة ٤٥٠ ه‍.
الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، المتوفى سنة ٤٦٠ ه‍ ١٣
محمد بن الحسن بن حمزة، الجعفري، المتوفى سنة ٤٦٣ ه‍.
وكثيرون غيرهم.
عاصر المفيد في التاريخ السياسي فترة انكماش الدولة العباسية
وضعفها ووهنها، أيام سيطرة امراء الاقليم على حكم أقاليمهم وتولي بني
بويه شؤون السلطة في بغداد. وحظي هذا الشيخ بسبب تشيع بني بويه
بما لم يحظ به غيره من أمثاله من ضروب الاعزاز والتقدير والجلالة
العظيمة في الدولة البويهية، فكانت له صولة عظيمة بسبب عضد
(٤٢١)

الدولة، كما كانت له وجاهة عند ملوك الأطراف لميل كثير من اهل ذلك
الزمان إلى التشيع، وبلغ من احترام عضد الدولة له أنه كان يزوره في
داره ويعوده إذا مرض.
وعلى الرغم من كل هذه الوجاهة والجلالة فقد اضطرت
السلطات الحاكمة قمعا للفتن الطائفية والاضطرابات المذهبية إلى نفيه
مرتين إلى خارج بغداد:
أولاها في سنة ٣٩٣ ه‍ عند ما اختلت الأوضاع ببغداد، حيث
بعث بهاء الدولة عميد الجيوش أبا علي بن أستاذ هرمز إلى العراق ليدبر
أمره، فوصل إلى بغداد فزينت له، وقمع المفسدين، ومنع السنية والشيعة
من إظهار مذاهبهم، ونفى بعد ذلك ابن المعلم فقيه الامامية. فاستقام
البلد.
ثانيتها في سنة ٣٩٨ ه‍ عند ما جرت في عاشر شهر رجب فتنة بين
اهل الكرخ والفقهاء بقطيعه الربيع. وكان السبب أن بعض أهل باب
البصرة قصد أبا عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المعروف بابن المعلم
وكان فقيه الشيعة في مسجده بدرب رباح وتعرض به تعرضا امتعض
منه أصحابه، فساروا واستنفروا اهل الكرخ... ونشأت من ذلك فتنة
عظيمة... وبلغ ذلك الخليفة فاحفظه وأنفذ الخول الذين على بابه لمعاونة
اهل السنة، فبلغ الخبر إلى عميد الجيوش فسار ودخل بغداد، فراسل أبا
عبد الله ابن المعلم فقيه الشيعة بان يخرج عن البلد ولا يساكنه، ووكل به،
فخرج في ليلة الأحد لسبع بقين من رمضان... فسال علي بن مزيد في ابن
المعلم، فرد.
وكان للدور العلمي البارز الذي قام به المفيد في عصره أثر كبير في
اشتهار اسمه وشيوع ذكره، فحفلت كتب الرجال والتاريخ بالترجمة له
والتحدث عن سيرته، وساق لفيف من المؤرخين خلال الترجمة كلمات
الاطراء وجمل الثناء بما لا مزيد عليه، وانساق لفيف آخر منهم مع وحي
عواطفهم فاندفعت أقلامهم نحو الطعن والشتم والتشهير. ولما كانت
كلمات الثناء والطعن على تضادها أصدق طريق لتوضيح الملامح
الأساسية لهذا الرجل فإننا نورد نماذج منها لمعرفة تلك الملامح على واقعها
الطبيعي الناصع:
ووصف المؤرخون حياته الخاصة وصفاته الشخصية فذكروا في جملة
ما ذكروا: انه كان شيخا ربعة نحيفا أسمر. كثير الصدقات، عظيم
الخشوع، كثير الصلاة والصوم، حسن اللباس، كثير التقشف والتخشع
والاكباب على طلب العلم. ما كان ينام من الليل الا هجعة ثم يقوم يصلي
أو يطالع أو يتلو القرآن.
وكان من أغرب ما قيل في هذا الباب ما ذكره ابن تغرى بردى إذ
قال: كان ضالا مضلا هو ومن قرأ عليه ومن رفع منزلته،
برز المفيد بين اعلام عصره بفن المناظرة. والمناظرة بمعناها
الصحيح ليست عملية مغالطة لفظية تتخذ من اللف والدوران طريقا
للتغلب على وجهة النظر الأخرى، وإنما تعتمد فيما تعتمد الموضوعية
والمنهج والدليل المتفق عليه سبيلا للاقناع ووضوح النتائج.
واشتهر المفيد بذلك بين الناس بمختلف آرائهم وطوائفهم، وذكر ابن
الجوزي انه كان لابن المعلم مجلس نظر بداره بدرب رباح يحضره كافة
العلماء وزاد ابن كثير الدمشقي في وصف هذا المجلس بقوله: كان
مجلسه يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف.
أقوال العلماء في حقه
قال النجاشي: شيخنا وأستاذنا رضي الله عنه وفضله أشهر من أن
يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم ثم عدد له نحوا من ثمانية
عشر مصنفا في الفقه والأصول والكلام وغيرها وقال إنه لما توفي صلى عليه
الشريف المرتضى بميدان الأشنان وضاق على الناس مع كبره ودفن في داره
سنين ثم نقل إلى جوار الجواد ع وعاش نحوا من ثلاث وثمانين أو خمس
وسبعين سنة. وقال العلامة الحلي: من أجل مشايخ الشيعة ورئيسهم
وأستاذهم وكل من تأخر عنه استفاد منه وفضله أشهر من أن يوصف في
الفقه والكلام والرواية، أوثق اهل زمانه وأعلمهم، انتهت رئاسة الامامية
اليه في وقته وكان حسن الخاطر دقيق الفطنة حاضر الجواب له قريب مائتي
مصنف كبار وصغار ودفن عند رجلي الجواد ع إلى جانب قبر شيخه
جعفر بن محمد بن قولويه وقال الشيخ: انتهت رياسة الإمامية في وقته إليه
في العلم وكان مقدما في صناعة الكلام وكان فقيها متقدما في حسن الخاطر
وذكر مصنفاته كالعلامة وقال كان يوم وفاته يوما لم ير أعظم منه من كثرة
الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف له والمؤالف آه. وأثنى عليه
ابن كثير الشامي في تاريخه ثناء بليغا عجيبا وقال إنه شيعه يوم وفاته
ثمانون ألفا. وقال أبو حيان التوحيدي: وأما ابن المعلم فحسن اللسان
والجدل، صبور على الخصم، كثير الحيلة، ضنين السر، جميل العلانية
آه وقال الخطيب البغدادي: شيخ الرافضة والمتعلم على مذاهبهم.
وصنف كتبا كثيرة في ضلالاتهم والذب عن اعتقاداتهم ومقالاتهم وكان أحد
أئمة الضلال!! آه وقال ابن حجر: كان كثير التقشف والتخشع
والاكباب على العلم وبرع في مقالة الامامية حتى كان يقال: له على كل
امامي منة آه وقال ابن تغري بردي: فقيه الشيعة وشيخ الرافضة
وعالمها ومصنف الكتب في مذهبها آه.
وعن اليافعي في تاريخه مرآة الجنان أنه قال: توفي سنة ثلاث عشر
وأربعمائة عالم الشيعة صاحب التصانيف الكثيرة شيخهم المعروف بالمفيد
وبابن المعلم البارع في الكلام والفقه والجدل وكان يناظر كل عقيدة بالجلالة
والعظمة ومقدما في الدولة البويهية. وقال ابن طي: كان كثير الصدقات
عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم حسن اللباس وكان عضد الدولة ربما
زار الشيخ المفيد وكان شيخا ربعة نحيفا أسمر. وفي الفهرست لابن النديم
قال: ابن المعلم أبو عبد الله في عصرنا انتهت اليه رياسة متكلمي الشيعة
مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه دقيق الفطنة ماضي الخاطر
شاهدته فرأيته بارعا. وقال السيد مهدي بحر العلوم، هو شيخ المشايخ
الاجلة ورئيس رؤساء الملة اتفق الجميع على علمه وفضله
وفقهه وعدالته وثقته وجلالته. وقال المحدث النوري: هو شيخ المشايخ
العظام وحجة الحجج الهداة الكرام محيي الشريعة وماحي البدعة. وقال
السيد هبة الشهرستاني: هو نابغة العراق ونادرة الآفاق غرة المصلحين أستاذ
المحققين ركن النهضة العلمية في المائة الرابعة الهجرية آية الله في العوالم
معلم الأعاظم وابن المعلم اه‍.
(٤٢٢)

وله مباحثات وحكايات طريفة أفرد لها المرتضى كتابا منها ان أبا بكر
الباقلاني قال له بعد مناظرة جرت بينهما وأفحمه فيها المفيد:
لك أيها الشيخ في كل قدر مغرفة فقال المفيد: نعم ما تمثلت به أيها
القاضي من أداة أبيك فضحك الحاضرون وخجل القاضي.
مؤلفاته ١ المقنعة في الفقه مطبوعة ٢ الأركان في دعائم الدين ٣
الايضاح في الإمامة ٤ الافصاح في الإمامة ٥ الارشاد ٦ العيون
والمحاسن ٧ الرد على الجاحظ والعثمانية ٨ نقض المروانية ٩ نقض
فضيلة المعتزلة ١٠ المسائل الصاغانية ١١ مسائل النضم ١٢ المسالة
الكافية في ابطال توبة الخاطية ١٣ النقض علي ابن عباد في الإمامة ١٤
النقض على علي بن عيسى الرماني ١٥ النقض على أبي عبد الله البصري
١٦ كتاب في المتعة ١٧ الذخر فيها ١٨ مختصر المتعة ١٩ مناسك
الحج ٢٠ مناسك الحج المختصر ٢١ المسائل العشر في الغيبة ٢٢
مختصر في الغيبة ٢٣ مسالة في الغسل على الرجلين ٢٤ نكاح الكتابيات
٢٥ جمل الفرائض ٢٦ مسالة في الإرادة ٢٧ مسالة في الأصلح ٢٨
أصول الفقه ٢٩ الموضح في الوعيد ٣٠ كشف الالتباس ٣١ كشف
السرائر ٣٢ وقعة الجمل ٣٣ ملح البرهان ٣٤ مصابيح
النور ٣٥ الاشراف ٣٦ الفرائض الشرعية ٣٧ النكت
في مقدمات الأصول ٣٨ ايمان أبي طالب ٣٩ مسائل اهل الخلاف
٤٠ احكام النساء ٤١ عدد الصلاة والصوم ٤٢ رسالة إلى اهل
التقليد ٤٣ التمهيد ٤٤ الانتصار ٤٥ الكلام في الانسان ٤٦ وجوه
اعجاز القرآن ٤٧ الكلام في المعدوم ٤٨ الرسالة العلوية ٤٩ أوائل
المقالات ٥٠ وجوه الاحكام ٥١ المزار الصغير ٥٢ الاعلام ٥٣
جواب المسائل في اختلاف الاخبار ٥٤ العويص في الاحكام ٥٥ رسالة
الجنيدي إلى اهل مصر ٥٦ في فضل القرآن ٥٧ جواب اهل الدينور
٥٨ جوابات أبي جعفر القمي ٥٩ جوابات علي بن نصر الفرجاني ٦٠
جوابات الأمير أبي عبد الله ٦١ جوابات العارفين في الغيبة ٦٢ جوابات
نقض خمس عشرة مسالة على البلخي ٦٣ نقض الإمامة على جعفر بن
حرب ٦٤ جوابات ابن نباتة ٦٥ جوابات الفيلسوف في الأشرار ٦٦
جوابات أبي الحسن سبط المعافي بن زكريا في اعجاز القرآن ٦٧ جوابات
أبي الليث الأواني ٦٨ الكلام على الجبائي في المعدوم ٦٩ جوابات
النضر بن بشير في الصيام ٧٠ النقض على الواسطي ٧١ الاقناع في
وجوب الدعوة ٧٢ كتاب المزورين عن معاني الاخبار ٧٣ جوابات أبي
الحسن النيسابوري ٧٤ البيان في تأليف القرآن ٧٥ جوابات البرقعي في
فروع الفقه ٧٦ الرد على ابن كلاب في الصفات ٧٧ النقض على
الطلحي في الغيبة ٧٨ امامة أمير المؤمنين من القرآن ٧٩ تأويل قوله
فاسألوا اهل الذكر ٨٠ المسالة الموضحة ٨١ الرسالة المقنعة في وفاق
البغداديين من المعتزلة لما روي عن الأئمة ٨٢ جوابات مقاتل ابن عبد
الرحمن عما استخرجه من كتب الجاحظ ٨٣ جوابات بني عرفل ٨٤
المجالس المحفوظة في فنون الكلام ٨٥ الأمالي المتفرقة ٨٦ نقض كتاب
الأمم في الإمامة ٨٧ جوابات مسائل اللطيف من الكلام ٨٨ الرد على
الخالدي في الإمامة ٨٩ الاستبصار فيما جمعه الشافعي ٩٠ الكلام في
الخبر المختلف بغير اثر ٩١ الرد على النسفي في الشورى ٩٢ الافتخار
٩٣ أقسام المولى في اللسان ٩٤ جواب أبي الحسن الحصفي ٩٥
مسائل الزيدية ٩٦ المسائل في أقضى الصحابة ٩٧ رسالة في ذبائح أهل الكتاب
وجدنا منها نسخة مخطوطة في طهران في مكتبة شريعتمدار الرشتي
٩٨ مسألة في البلوغ ٩٩ الزاهر في المعجزات ١٠٠ جوابات أبي
جعفر محمد بن الحسن الليثي ١٠١ النقض على علام البحراني في الإمامة
١٠٢ النقض على النصيبي في الإمامة ١٠٣ مسالة في النص الجلي
١٠٤ حدوث القرآن ١٠٥ جوابات المسترقين في فروع الدين ١٠٦
مقابس الأنوار ١٠٧ الرد على الكرابيسي في الإمامة ١٠٨ الكامل في
الدين ١٠٩ الرد على العيني في الحكاية والمحكي ١١٠ الرد على الجبائي
في التفسير ١١١ الجوابات في خروج المهدي ١١٢ الرد على أصحاب
الحلاج ١١٣ التواريخ الشرعية ١١٤ تفضيل الأئمة على الملائكة
١١٥ المسالة الحنبلية ١١٦ قضية العقل على الأفعال ١١٧ مسالة
محمد بن خضر الفارسي ١١٨ جوابات اهل طبرستان ١١٩ الرد على
الشعبي ١٢٠ جوابات اهل الموصلي في العدد والرؤية ١٢١ مسالة
تخصيص الأيام ١٢٢ مسالة في قول النبي ص أصحابي كالنجوم ١٢٣
مسالة تخصيص الأيام ١٢٢ مسالة في قول النبي ص أصحابي كالنجوم
١٢٣ مسالة فيما روته العامة ١٢٤ مسالة في القياس مختصر ١٢٥
المسالة الموضحة في تزويج عثمان ١٢٦ الرد على ابن عون في المخلوق
١٢٧ مسالة اني مخلف فيكم الثقلين ١٢٨ خبر مارية ١٢٩ كتاب في
قوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى ١٣٠ جوابات ابن الحمامي
١٣١ كتاب في الغيبة ١٣٢ تفضيل أمير المؤمنين على سائر الصحابة
١٣٣ مسالة في قوله المطلقات الآية ١٣٤ جوابات المافروخي
١٣٥ جوابات ابن واقدي ١٣٦ الرد على أبي الرشد في الإمامة ١٣٧
الرد على ابن الإخشيد في الإمامة ١٣٨ مسالة في الاجماع ١٣٩ مسالة في
ميراث النبي ١٤٠ الأجوبة عن المسائل الخوارزمية ١٤١ الرسالة إلى
الأمير أبي عبد الله وأبي طاهر بن ناصر الدولة في مجلس جرى في الإمامة
١٤٢ مسالة في معرفة النبي بالكتابة ١٤٣ مسالة فيمن ينسب ولادته إلى
النبي ص ١٤٤ دلائل القرآن ١٤٥ جواب الكرماني في فضل النبي على
سائر الأنبياء ١٤٦ العهد في الإمامة ١٤٧ مسالة في انشقاق القمر
١٤٨ مسالة في المعراج ١٤٩ مسالة في رجوع الشمس ١٥٠ المسالة
المقنعة في إمامة أمير المؤمنين ١٥١ المسالة الكافية في الفقه ١٥٢ المسائل
الحرانية ١٥٣ المسائل الغرية ١٥٤ مسالة في المواريث ١٥٥ البيان عن
غلط قطرب في القرآن ١٥٦ مسالة في الوكالة ١٥٧ كتاب في القياس
١٥٨ شرح كتاب الاعلام ١٥٩ النقض على ابن الجنيد في اجتهاد
الرأي ١٦٠ جواب أبي الفرج بن إسحاق لما يفسد الصلاة ١٦١ نهج
البيان عن سبيل الايمان ١٦٢ المسائل الواردة على أبي عبد الله محمد بن
عبد الله الفارسي المقيم بالمشهد النوبندجان ١٦٣ عمدة مختصرة على
المعتزلة في الوعيد ١٦٤ جواب اهل جرجان في تحريم الفقاع ١٦٥ الرد
على أبي عبد الله البصري في تفضيل الملائكة ١٦٦ الكلام في أن المكان لا
يخلو من متمكن ١٦٧ جواب اهل الرقة في الآهلة والعدد ١٦٨ جواب
أبي محمد الحسن بن الحسين النوبندجاني المقيم بمشهد عثمان ١٦٩ جواب
أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان ١٧٠ النقض على الجاحظ ١٧١
(٤٢٣)

فضيلة المعتزلة ١٧٢ كتاب العمه في الإمامة ١٧٣ الرسالة العربية
١٧٤ رسالة في الفقه ١٧٥ النقض على علي بن بن عيسى في الإمامة
١٧٦ النقض على ابن قتيبة في الحكاية والحكي ١٧٧ احكام اهل
الجمل ١٧٨ المنبر في الإمامة ١٧٩ المسائل المنشورة نحو من مائة مسالة
١٨٠ الفصول من العيون والمحاسن ١٨١ احكام المتعة ١٨٢ مسالة
في القبر ١٨٣ الفرائض في الاحكام ١٨٤ الانتصاف ١٨٥ رسالة
مسار الشيعة ١٨٦ المقالات ١٨٧ سهو النبي ونومه عن الصلاة ١٨٨
تزويج أمير المؤمنين بنته من عمر ١٨٩ أجوبة المسائل السروية ١٩٠
أجوبة المسائل العكبرية ١٩١ أجوبة المسائل الإحدى والخمسين ١٩٢
شرح عقائد الصدوق ١٩٣ شرحه على مختصر اعتقادات الصدوق ١٩٤
رسالة الرد على ابن بابويه ١٩٥ المسائل في العين وكتاب تقرير الاحكام
مذكور في الفصل الخامس من الفصول المختارة التي اختارها الشريف
المرتضى من كتابي المجالس والعيون والمحاسن للمفيد أحال اليه المفيد
وسماه صاحب الذريعة تقريب الاحكام بالباء ناقلا عن كشف الحجب
وعن كتاب الفصول المختارة المطبوع، لكن في نسخة قديمة مخطوطة عندنا
من الفصول تقرير بالراء.
وكتاب الاعلام فيما اتفقت عليه الامامية واجمع العامة علي خلافه رأينا
منه نسخة في مكتبة الشيخ ضياء الدين ابن الشيخ فضل الله النوري.
ورسالة النكت الاعتقادية هي التي ذكرها النجاشي في مؤلفات
المفيد وسماها كتاب النكت في مقدمات الأصول وقد طبعها السيد هبة
الدين الشهرستاني سنة ١٣٤٣ لكنه غير عناوينها فوضع كلمة سؤال مكان
فان قلت وكلمة جوات مكان قلت تسهيلا للأخذ منبها على ذلك وتسمى
الرسالة الجوابية كما كتب عليها في بعض نسخها المؤرخة سنة ٩٨٢
وسميت بالرسالة الجوابية لاشتمالها على السؤال والجواب وفي بعض النسخ
كتب عليها تحفة الاخوان المؤمنين ولعله بملاحظة ما في خطبتها جعلتها تحفة
لإخواننا المؤمنين.
وأول الرسالة الجوابية: اما بعد فهذه عقيدة قادني الدليل إليها وقوى
اعتمادي عليها جعلتها بعد التوضيح والتبيين تحفة لإخواننا المؤمنين... إلى أن
قال: ورتبتها على فصول الفصل الأول في معرفة الله تعالى وصفاته
الثبوتية والسلبية تنبه أيها الغافل نزل نفسك منزلة المسؤول والسائل فان قيل
لك أنت حادث أم قديم فالجواب حادث غير قديم وكل موجود ممكن
حادث غير قديم فان قيل ما حد الحادث وما حد القديم فالجواب.
والرسالة كلها بطريق السؤال والجواب، فان قيل فالجواب. وهي مرتبة
على خمسة فصول في معرفة الله وصفاته وفي العدل والنبوة والإمامة والمعاد.
مراثيه
قال الشيخ عبد المحسن الصوري يرثيه من قصيدة:
يا له طارقا من الحدثان * الحق ابن النعمان بالنعمان
برئت ذمة المنون من الايمان * لما اعتدت على الايمان
واستحل الورى محارم دين الله * ويل الورى من الديان
وأرى الناس حيث حلوا من الأرض * وحيث انتحوا من الأوطان
يطلبون المفيد بعدك والأسماء * تمضي فكيف تبقى المعاني
فجعة أصبحت تبلغ اهل لشام * صوت العويل من بغدان
وقال مهيار الديلمي من قصيدة:
ما بعد يومك سلوة لمعلل * مني ولا ظفرت بسمع معذل
سوى المصاب بك القلوب على الجوى * فيد الجليد على حشا المتململ
وتشابه الباكون فيك فلم يبن * دمع المحق لنا من المتعمل
كنا نعير بالحلوم إذا هفت * جزعا ونهزأ بالعيون الهمل
فاليوم صار العذر للفاني أسى * واللوم للمتماسك المتجمل
رحل الحمام بنا غنيمة فائز * ما ثار قط بمثلها عن منزل
كانت يد الدين الحنيف وسيفه * فلأبكين على الأشل الأعزل
لو فل غرب الموت عن متدرع * بعفافه أو ناسك متعزل
أو واحد الحسنات غير مشبه * بأخ وفرد الفضل غير ممثل
أو قائل في الدين فعال إذا * قال المفقه فيه ما لم يفعل
وقت ابن نعمان النزاهة أو نجا * سلما فكان من الخطوب بمعزل
ولجاءه حب السلامة مؤذنا * بسلامة من كل داء معضل
أو دافعت صدر الردى عصب الهدى * عن بحرها أو بدرها المتهلل
لحمته أيد لا تني في نصره * صدق الجهاد وانفس لا تأتلي
وغدت تطارد عن قناة لسانه * أبناء فهر بالقني الذبل
سمح ببذل النفس فيهم قائم * لله في نصر الهدى متبتل
نزاع أرشية التنازع فيهم * حتى يسوق إليهم النص الجلي
ويبين عندهم الإمامة نازعا * فيها الحجاج من الكتاب المنزل
بطريقة وضحت كان لم تشتبه * وأمانة عرفت كان لم تجهل
يصبو لها قلب العدو وسمعه * حتى ينيب فكيف حالك بالولي ٩٩٥:
الشيخ محمد العاملي التبنيني.
عالم فاضل جليل متبحر من تلاميذ المير فيض الله التفريشي والشيخ
حسين العاملي التبنيني المشهور بابن سودون، له من المؤلفات.
جامع الأقوال في علم الرجال جمع فيه ما في أصول كتب الرجال
بإضافة بيانات ونكات، مرتب على حروف المعجم وينقل فيه عن الشيخ
حسن صاحب المعالم. وله كتاب سنن الهداية في علم الدراية يحيل اليه في
الجامع ولم يذكره صاحب الأمل ويحتمل كونه الشيخ محمد بن علي العاملي
التبنيني المذكور في الآمل وانه قرأ على خال والد صاحب الآمل. ٩٩٦:
الشيخ بهاء الدين محمد بن علي بن الحسن العودي العاملي الجزيني.
كان حيا سنة ٩٧٥.
قرأ على الشهيد الثاني من عاشر ربيع الأول سنة ٩٤٥ إلى أن سافر
إلى خراسان عاشر ذي القعدة سنة ٩٦٢. له كتاب بغية المريد في الكشف
عن أحوال الشيخ زين الدين الشهيد في ترجمته وتاريخ أحواله من الولادة
إلى الشهادة وهو مرتب على مقدمة وعشرة فصول وخاتمة وقد ضاع أكثر هذا
الكتاب ولم يبق منه الا القليل الذي ظفر به الشيخ علي ابن الشيخ محمد
ابن الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني وأدرجه بعينه في الدر المنثور.
وفي أمل الآمل: من تلامذة شيخنا الشهيد الثاني كان فاضلا صالحا
أديبا شاعرا له رسالة في أحوال شيخه المذكور رأيت قطعة منها ونقلت منها في
هذا الكتاب آه.
(٤٢٤)

وعندي نسخة من خلاصة العلامة وايضاح الاشتباه له قابلها المترجم
بنسخة يحيى ابن محمد بن العلامة وفي آخر ايضاح الاشتباه ما صورته: تم
الكتاب على يد أفقر العباد عبد الرضا بن محمد بن عز الدين ابن نور الدين
الكفرحوني وكان الفراع من نسخه يوم الثلاثاء قبل ظهر ٢٢ من شهر جمادى
الآخرة من شهور سنة ٩٧٠ هجرية برسم المولى الشيخ الامام العامل العالم
وسيد دهره وفريد عصره الشيخ بهاء الملة والحق والدين العودي نفعنا الله
ببركاته ونسأله الدعاء في خلواته وجلواته وصلى الله على أشرف المرسلين
محمد وآله الطاهرين. وعلى هامش النسخة انتهت المقابلة بنسخة يحيى ولد
المصنف وبخطه وعليها بلاغات بخط أبيه الشيخ فخر الدين رحمهم الله
جميعا وكتب محمد بن علي العودي في سنة ٩٧٥.
والمعروف ان المترجم هو المدفون فوق قرية كفر كلا في جبل عامل
وعليه قبة في مكان نزه مشرف عال والناس يسمونه العويذي بالذال
المعجمة والياء والمذكور هو العودي بالدال المهملة بدون ياء.
شعره
من شعره قوله يرثي شيخه الشهيد الثاني:
هذي المنازل والآثار والطلل * مخبرات بان القوم قد رحلوا
ساروا وقد بعدت عنا منازلهم * فالآن لا عوض منهم ولا بدل
فسرت شرقا وغربا في تطلبهم * وكلما جئت ربعا قيل لي رحلوا
فحين أيقنت ان الذكر منقطع * وانه ليس لي في وصلهم امل
رجعت والعين عبرى والفؤاد شج * والحزن بي نازل والصبر مرتحل
وعاينت عيني الأصحاب في وجل * والعين منهم بميل الحزن تكتحل
فقلت ما لكم لا خاب فالكم * قد حال حالكم والضر مشتمل
هل نالكم غير بعد الألف عن وطن * قالوا فجعنا بزين الدين يا رجل
أتى من الروم لا اهلا بمقدمه * ناع نعاه فنار الحزن تشتعل
فصار حزني أنيسي والبكا سكني * والنوح دأبي ودمع العين ينهمل
لهفي له نازح الأوطان منجدلا * فوق الصعيد عليه الترب مشتمل
أشكو إلى الله شكوى ليس يشملها * الا مصاب الألى في كربلا قتلوا
وقال صاحب المجموع الرائق ومن مدايح العودي في أمير المؤمنين
ع قوله:
بفنا الغري وفي عراض العلقمي * تمحى الذنوب عن المسئ المجرم
قبران قبر للوصي وآخر * فيه الحسين فعج عليه وسلم
هذا قتيل بالطفوف على ظما * وأبوه في كوفان ضرج بالدم
وإذا دعا داعي الحجيج بمكة * فإليهما قصد التقي المسلم
فاقصدهما وقل السلام عليكما * وعلى رئمة والنبي الأكرم
أنتم بنو طه وقاف والضحى * وبنو تبارك والكتاب المحكم
وبنو الأباطح والمسلم كذا والصفا * والركن والبيت العتيق وزمزم
بكم النجاة من الجحيم وأنتم * خير البرية من سلالة آدم
أنتم مصابيح الدجي لمن اهتدى * والعروة الوثقى التي لم تفصم
واليكم قصد الولي وأنتم * أنصاره في كل خطب مؤلم
بكم يفوز غدا إذا ما أضرمت * في الحشر للعاصين نار جهنم
من مثلكم في العالمين وعندكم * علم الكتاب وعلم ما لم يعلم
جبريل خادمكم وخادم جدكم * ولغيركم فيما مضى لم يخدم
ابني رسول الله ان اباكم * من دوحة فيها النبوة ينتمي
آخاه من دون البرية احمد * واختصه بالأمر لو لم يظلم
نص الولاية والخلافة بعده * يوم الغدير لهن برغم اللوم
ودعا له الهادي وقال ملبيا * يا رب قد بلغت فاشهد واعلم
حتى إذا مر الزمان وأصبحوا * مثل الذباب يلوب حول المطعم
طلبوا ثؤرهم ببدر فاقتضوا * بالطف ثارهم بحد المخذم
غصبوا عليا حقه وتحكموا * ظلما بدين الله اي تحكم
نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم * ثم استحلوا منه كل محرم
واتوا على آل النبي بأكبد * حرى وحقد بعد لم يتصرم
بئس الجزاء جزوه في أولاده * تالله ما هذي فعائل مسلم
يا لائمي في حب آل محمد * اقصر هبلت عن الملامة أولم
كيف النجاة لمن علي خصمه * يوم القيامة بين اهل الموسم
وهو الدليل إلى الحقايق عارضت * فيها الشكوك من الضلال المظلم
واختاره المختار دون صحابه * صنوا وزوجه الاله بفاطم
سل عنه في بدر وسل في خيبر * والخيل تعثر بالقنا المتحطم
يا من يجادل في علي عاندا * هذي المناقب فاستمع وتقدم
هم آل يسين الذين بحبهم * نرجو النجاة من السعير المضرم
لولاهم ما كان يعرف عاندا * لله بالدين الحنيف القيم
لهم الشفاعة في غد واليهم * في الحشر كشف ظلامة المتظلم
مولاكم العودي يرج في غد * بكم الثواب من الاله المنعم ٩٩٧:
الشيخ ركن الدين محمد بن علي بن محمد الجرجاني محتدا الاسترأبادي
منشأ ومولدا الحلي الغروي مسكنا.
كان عالما فاضلا متكلما جليلا من تلاميذ الأمة الحلي. عن صاحب
رياض العلماء أنه قال: رأيت مجموعة من مؤلفات المذكور الفاضل المشهور
الذي كان من تلاميذ العلامة الحلي وشرح مبادي الأصول لأستاذه في حياة
أستاذه العلامة وفرع من الشرح سنة ٦٩٧ وتلك المجموعة كلها كانت بخط
المؤلف الجرجاني المذكور وفيها قصيدة للحسن بن راشد آه.
وقد جعل الشرح باسم السيد ابر طالب عبد المطلب بن علي بن
المختار العلوي الحسيني ابن أخت العلامة. وتوجد نسخة الأصل في إيران
وعندنا من نسخة قال في خطبته: كما أن من حق الشيوخ ايصال المعاني
المحققة بالدلائل المقررة الموشحة بالألفاظ المحبرة إلى تلاميذهم بأدنى العبارة
والكناية المحررة كذلك من حق التلاميذ ان يقرروا ما استخرج شيوخهم
من اللآلي في بحار الليالي من أصداف أذهانهم ويوضحوا ما أخرجوه من
الجواهر عن معادن عقولهم وألحانهم ورأيت شيخنا المعظم وامامنا الأعظم،
إلى أن قال بعد وصفه بجليل الصفات: أبا منصور حسن بن يوسف بن
المطهر الحلي أدام الله ظله على كافة المسلمين لإفادة الوافدين عليه والقاطنين
لديه بمحمد وآله أجمعين قد وضع مقدمته في أصول الفقه محكما أصولها مقلا
فضولها قد اجتنت معانيها الابكار في خباء ألفاظها وتسترت عن كثير من
خاطبيها وطلابها عزمت على أن أشرحها شرحا كافلا بابراز محاسنها من
مكانها واظهار دررها وجواهرها من أصدافها ومغابنها الخ...
وترجم الفصول النصيرية للنصير الطوسي في الكلام من الفارسية إلى
العربية رأيت منها نسخة فرع منها ناسخها صالح بن محمد العسيلي العاملي في
ذي الحجة سنة ١١٤٦ قال الشارح في أول هذا الشرح ان النصير الطوسي
ألف رسالة سماها الفصول في الأصول ولكونها باللغة الفارسية ألف بدرها
(٤٢٥)

الأفول فلم تبزع في أكثر الآفاق ولتراكم سحاب عجمها لم تطلع شمسها
بالعراق ولما عرج إلى ساحة الغفران وانتقل إلى مقيل الرضوان استمرت على
ذلك برهة من الزمان إلى أن اتفق للمولى العلامة المعظم السعيد ذي الجد
الحميد ركن الملة والدين محمد بن علي الجرجاني محتدا والاسترابادي منشأ
ومولدا قدس الله روحه ونور ضريحه الاستضاءة بأشعة أنوارها والاطلاع على
فوائدها واسرارها فكساها من لباس رياش العربية ما صارت به شمسها في
رائعة النهار وانجلى عن بدرها الآفل في منازل السير عائق الاستتار إلى آخر
ما قال. وعندي نسخة من شرح الفصول لم اعرف مؤلفها لذهاب أولها
وهي شرح مبسوط ألفه باسم النقيب علي بن المرتضى الآوي الحسيني.
ووجدنا في مجموعة من خطه في مكتبة الشيخ فضل الله النوري في
طهران كان يملكها السيد كاظم العاملي سنة ١٢٩٤ فهرست تصانيفه كما
يلي:
فهرست تصانيف الفقير إلى الله تعالى محمد بن علي الجرجاني غفر الله
ذنوبه وستر عيوبه بمحمد وآله:
١ روضة المحققين في تفسير الكتاب المبين خمس مجلدات ٢
الإشارات في علم البلاغة المعاني والبيان والبديع ٣ المباحث العربية في
شرح الكافية الحاجبية ٤ سرائر العربية في شرح الوافية الحاجبية ٥ غاية
البادي في شرح المبادي في أصول الفقه ٦ الدرة البهية في شرح الرسالة
الشمسية في الميزان ٧ التجويد في شرح التجريد في علم الميزان ٨
وسيلة النفس إلى حظيرة القدس في حقيقة الانسان ٩ إشراق اللاهوت في
شرح الياقوت في علم الكلام ١٠ الدعامة في الإمامة ١١ الشافية عن
أمراض القلوب القاسية ١٢ تحفة الاشراف في درر الأصداف في العلوم
الثلاثة ١٣ البديع في النحو وشرحه المسمى بالرفيع ١٤ الرافع في شرح
النافع في الفقه ١٥ گلستان عربي بالفارسية في التهجد ١٦ غنية الطالب
في شرح المطالب في العلوم الثلاثة ١٧ رسالة الرحمة في اختلاف أمة ١٨
الدر الثمين في السر الدفين في اختلاف الأمة ١٩ رسالة الأبحاث في
تقويم الاحداث ٢٠ الرسالة الشمسية في الأركان الصيدية ٢١ التبر
المسبوك في أوصاف الملوك ٢٢ عمدة الأملاك في هيئة الأفلاك ٢٣ معيار
الفضل في مباحث العقل ٢٤ الاشراف في علم الاخلاق من الحكمة
العملية ٢٥ تعريب أساس الاقتباس في الميزان ٢٦ الاخلاق النصيرية
في تعريب الاخلاق الناصرية ٢٧ تعريب أوصاف الاشراف ٢٨ تعريب
الفصول في الأصول الخواجة نصير الدين ٢٩ تعريب رسالة القضاء والقدر
للمذكور ٣٠ الشافي في الفقه آه.
ووجدنا بعض هذه المؤلفات قد ذهب اوله، وقال في آخره فرع
مصنفها الملتجي إلى الحرم الغروي صلوات الله على مشرفه محمد بن علي
الجرجاني عن مغادرة فكره فيها بعد وضعها وزيادتها ونقصها وترتيبها
وتهذيبها سلخ محرم سنة ٧٢٠ من الهجرة حامدا ومصليا ومستغفرا آه
وفي آخرها أيضا: وفرع كاتبها من كتابته يوم الأحد ثالث ذي القعدة سنة
٧٦٢ وهو العبد الفقير الحقير المحتاج إلى رحمة ربه القدير الغريق في بحور
الآثام المتمسك بولاية آبائه اهل اليمين ع أضعف عباد الله
جرما وأقواهم جرما حيدر بن علي بن حيدر العلوي الحسيني الآملي غفر الله
ذنوبه بالمشهد المذكور أعني الغروي سلام الله على مشرفه في المدرسة
المرتضوية رضوان الله عليه وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات آه. ٩٩٨:
محمد علي بن محمد صادق الشيرازي.
له كتاب معيار اللغة في مجلدين كبيرين مطبوع بإيران من أجود كتب
اللغة وأجمعها ألفه في عصر الشاه مظفر الدين القاجاري. ٩٩٩:
السيد محمد علي الأصفهاني
في آخر مجلد من تهذيب شيخ الطائفة بخط الميرزا محمد الاسترآبادي
صاحب منهج المقال: بسم الله وصلى الله على محمد وآله قرأ علي السيد
السند الفاضل التقي الورع المتقي الألمعي السيد محمد علي الأصفهاني أدام
الله فضله وكثر في فضلاء الفرقة الناجية مثله جانبا من كتب الحديث
والرجال قراءة فهم و إتقان وامعان واستكشاف عن المبهمات واستيضاح
للعويصات وقد أجزت له وفقه الله لارتقاء معارج الكمال ان يرويها عني
بالطرق المذكورة في كتاب الرجال بالشرائط المعتبرة مراعيا للاحتياط
وموجبات السعادات. وكتب ذلك العبد الأقل محمد بن علي الاسترآبادي
عفي عنهما بمحمد وآله في أواسط شهر ربيع الأول عام ألف وخمسة عشر
حامدا مصليا مسلما.
وبآخر المجلد:
إجازة الشيخ الجليل صاحب المعالم الشيخ حسين بن عبد الصمد
الجباعي المعروفة الموجودة في كتب الإجازات وبحاشيتها بخط الشيخ بهاء
الدين العاملي ما نصه:
أجزت السيد الاجل الفاضل التقي الزكي الرضي... كاتب هذه
الإجازة كما أجاز فيها والدي قدس... حرره أقل العباد محمد
المشهور ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه حامدا مصليا مسلما مستغفرا.
واسم المجاز له ضائع من النسخة والمظنون انه هو المترجم. ١٠٠٠:
محمد الملقب بماجيلويه بن علي بن محمد ماجيلويه أبي عبد الله بن أبي
القاسم عبد الله الملقب بندار عمران الجابي البرقي فماجيلويه لقب محمد بن
علي ولقب جده محمد بن أبي القاسم وقيل إنه محمد بن علي بن أبي القاسم
ماجيلويه بن عمران فمحمد بن أبي القاسم عمه لا جده وجده أبو القاسم
وهو الملقب ماجيلويه محمد بن أبي القاسم كما سيأتي تفصيله. حكم
العلامة بصحة طريق إلى إسماعيل بن رباح وهو فيه وأكثر الصدوق من
الرواية عنه مترضيا واستفاد غير واحد من ذلك وغيره وثاقته وإن لم يصرح
بتعديله وهو جيد وماجيلويه بالجيم والياء المثناة من تحت قبل اللام وبعد
الواو. ١٠٠١:
الشيخ محمد علي بن عباس بن حسن بن عباس بن محمد علي بن
محمد البلاغي النجفي.
كان حيا سنة ١٢٢٨.
كان من العلماء المؤلفين المكثرين كتب نحو ثلاثين مجلدا في الفقه
وأصوله ثلاثة منها في شرح تهذيب الأصول للعلامة الحلي سماه مطارح

(١) هذا الاسم وما يليه من الأسماء التي يبدأ فيها اسم الأب بحرف العين والغين والفاء والقاف
والكاف مكانها قبل محمد بن محمد وقد أخرت سهوا " ح ".
(٤٢٦)

الأنظار واختصره بنفسه. وكانت له بنت من اهل الفضل وجد بخطها
كفاية السبزواري.
وقد ذكرنا في ترجمة ولده الشيخ احمد أن له شرح تهذيب الأصول
للعلامة. ١٠٠٢:
السيد محمد علي ابن السيد كاظم ابن السيد محسن الأعرجي الكاظمي
توفي بلا عقب أيام حياة أبيه وكان قائما مقام جده بامر التدريس وفي
التصنيف والقضاء. له كتاب احكام الشريعة وله مجموعة فيها تحقيقات
علمية. ١٠٠٣:
الميرزا محمد بن الميرزا علي بن الميرزا محمد النيسابوري المعروف بالأخباري
كان من أفاضل عصره في الحديث والفقه والكلام والأدب وبعض
العلوم الغريبة يروي عنه والده الميرزا علي وهو عن والده الميرزا محمد وكان
نزيل المحمرة وخلف الميرزا جعفر والميرزا هادي وغيرهما. ١٠٠٤:
الشيخ محمد علي بن عبد الأئمة البلداوي
له كتاب المعجزات كتبه بعد رجوعه من زيارة الرضا ع
سنة ١٢٢٩ ١٠٠٥:
أبو عبيد الله محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن
علي أمير المؤمنين ع
في عمدة الطالب: نزل البصرة وروى عن علي الرضا بن موسى
الكاظم ع وغيره بها وبغيرها وكان متوجها عالما شاعرا مات عن
ستة ذكور ١٠٠٦:
محمد علي شبيب الصعبي
اليه ينسب خان محمد علي بين صيدا والنبطية كان نقش خاتمه الذي
رأيناه: عبد الحبيب محمد علي شبيب ١٢٦٤
ذكره الدكتور شاكر الخوري في كتابه مجمع المسرات في حوادث الفتنة
التي جرت بين الدروز والنصارى في لبنان وسورية المسماة بحادثة الستين
لوقوعها سنة ١٨٦٠ ميلادية الموافق ١٢٢٧ هجرية تقريبا. فإنه ذكر أن
المطران بطرس كرامة لما ابتدأت الحادثة وكان هاربا حتى وصل إلى قرية
المعمرية جاءه قواس قنصل فرنسا في صيدا مع اثنين من قبل مر أفندي
يدعون المطران للتوجه مع أصحابه إلى صيدا فخاف المطران من الذهاب
معهم ولكنه أرسل معهم نائبه واخاه وجماعة من الراهبات والرهبان وجماعة
كثيرين بحماية القواس والنفرين فلما وصلوا إلى قرب صيدا هجم عليهم
الخصوم وقطعوهم اربا اربا. قال واما المطران بطرس فإنه توجه مع يوسف
فرنسيس إلى محمد علي بك شبيب المتوالي الشيعي في المروانية الذي
أكرمهم وجهز لهم اتباعا يرافقونهم ويوصلونهم إلى صور ومنها نزلوا بحرا إلى
بيروت آه.
وهكذا كانت معاملة اهل جبل عامل من امراء وعلماء وعامة الناس
لنصارى لبنان في حادثة الستين فأمراؤه من الصعبية الذين أحدهم المترجم
ومنهم حسين بك الأمين مدير النبطية وغيره منهم الذين حذوا حذوه
وكذلك آل علي الصغير وعلماؤه ومنهم الشيخ عبد الله نعمة فقيه جبل
عامل وكبير علمائه في ذلك العصر الذي نهبت داره بسبب إيوائه
النصارى، وعوامه الذين كانوا يلبسون النصارى العمائم ويخبئونهم في
بيوتهم أو يخرجونهم معهم إلى الحقول لابسي العمائم كالمسلمين هؤلاء كلهم
من علماء وامراء ورعايا حافظوا على النصارى جهدهم في حادثة الستين
وحموهم كما سيأتي في تراجمهم وكما سيعترف به صاحب مجمع المسرات في
تلك التراجم، ولكن المسيحيين في جبل لبنان بعد الاحتلال الفرنسي في
هذا العصر لم يرعوا لأهل جبل عامل معروفهم وعاملوهم بغير ما يجب أن
يعامل به المحسن فاستأثروا عليهم وأساؤوا معاملتهم والتاريخ كفيل بحفظ
احسان المحسن وإساءة المسئ ١٠٠٧:
الملا محمد علي بن ملا كاظم ابن الله آورد عطاء الله الخراساني
الشاهرودي
توفي سنة ١٢٩٣
عالم زاهد جليل قرأ في أصفهان وله نحو من ٥٢ مؤلفا في الفقه
وأصوله والحديث والكلام منها: ١ كتاب الرد على الأخباريين ٢ شرح
رسالة السير والسلوك للمحقق الطوسي ٣ كتاب في الدعاء كبير ٤
كتاب القضاء ٥ عصارة الفقاهة في المهمات الفقهية ٦ البوارق الحيدرية
في أحوال الأئمة. خلف الشيخ حسن الزاهد والشيخ احمد الشاهرودي
العالم وغيرهما ويروي بالإجازة عن صاحب الضوابط ١٠٠٨:
الشيخ محمد علي ابن الشيخ يحيى القبيسي
توفي سنة ١٣٢٠ في الشرقية من قرى الشقيف كان من اهل العلم
والفضل وكان يسجع الكلام ولا يستطيع النطق بالقاف. ١٠٠٩:
السيد محمد بن علي بن أبي الحسن الحسيني الخسروشاهي التبريزي توفي
بعد سنة ١٢٦٨
له مشكاة المصابيح ورسالة في وضع الألفاظ والحقيقة الشرعية
مطبوعان ١٠١٠:
الشيخ محمد بن علي بن سليمان بن محمد بن علي الشهير بابن نجدة هزيمة
العاملي.
وجد بخطه تفسير سورة هل أتى للشريف المرتضى فرع من كتابته ٣
شعبان سنة ١١١١
ووجد بخطه رسالة استقصاء النظر في البحث عن القضاء والقدر
للعلامة الحلي ورسالة في العدل للحسن البصري فرع من نسخها سنة
١١١١ ووجد بخطه رسالة في الأرض المفتوحة عنوة في تتبع صفحات
والظاهر أنها من تأليفه فرع منها سنة ١١١٦ ووجد بخطه الرسالة المذهبة
من كلام الرضا ع التي كتبها للمأمون وفي آخرها تمت الرسالة
بحمد الله وعونه وحسن توفيقه على يد أقل عباد الله وأحوجهم إلى رحمته
وغفرانه محمد بن علي الشهير بنجدة هزيمة العاملي عاملهم الله بمنه وكرمه أنه
جواد كريم وذلك في ٢٤ خلت من شهر رمضان المبارك من شهور سنة
١١٢٢. ووجد بخطه رسالة في الرجال الموثقين والضعاف على سبيل الاجمال
فهو يقول مثلا: إبراهيم ثمانية وعشرون ثقات وضعفاء ثمانية رجال،
وهكذا
قال أن عدة الموثقين ١١٦٢ والضعفاء ٤٦٥ ويمكن أن تكون هذه
الرسالة له أيضا والله اعلم.
(٤٢٧)

١٠١١:
القائد الأعظم محمد علي جناح
ولد سنة ١٨٧٦ م وتوفي سنة ١٩٤٨ م.
أسرته
نشأ في أسرة برهمية الأصل أسلمت في القرن الماضي وانتقل جده
بعد فتنة سنة ١٨٥٧ م إلى بومباي ثم كراتشي وكان أبوه بونجا جنه
ثاني أبناء أبيه يعمل في شركتهم التجارية واحدا من مديريها وكان معظم
اعمالها في تصدير الجلود وملحقاتها ثم لحق بها الكساد من جراء القلاقل
السياسية والازمان الاقتصادية
دراسته
تلقى القائد الأعظم تعليمه الأول في كراتشي ثم انتقل إلى بومباي
حيث واصل دراسته الابتدائية ثم الثانوية في المدرسة التابعة للجماعة
الاسلامية ثم عاد إلى كراتشي ودخل مدرسة السند العليا.
وكان والده تاجرا كما مر وكان يرغب أن يدرس ولده مبادئ
التجارة ليكون عونا له إلا أن صديقا لوالده نصحه بارسال ولده إلى انكلترا
ليتم تحصيله العالي فاقتنع الوالد بهذا الرأي وارسل ابنه إلى كلية الحقوق في
لندن وهو لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره وفي عام ١٨٩٦ م نال محمد
علي جناح شهادة الحقوق وعاد إلى كراتشي وافتتح مكتبا للمحاماة ولكنه لم
يلبث أن انتقل إلى بومباي وفي سنة ١٩٠٠ م عين قاضيا ثم انصرف إلى
العمل الحر.
في المجلس التشريعي
وفي عام ١٩٠٩ انتخب باجماع الأصوات نائبا في المجلس التشريعي
الأعلى لمدينة بومباي. ولما انتهت مدة نيابته عام ١٩١٣ أقر الحاكم العام
تجديد تلك المدة كي يتمكن جناح من اتمام دراسته لمشروع قانون أوقاف
المسلمين الذي كان قد بدأ تحضيره في أثناء نيابته. ولما صدر هذا القانون
استقبله المسلمون بابتهاج، وأعجبوا بهذا المتشرع الكبير الذي وقف يدافع
عن مصالحهم، فالتفوا حوله، واعترفوا بجميله، وكانوا يمنحونه ثقتهم
باستمرار في الجمعية التشريعية.
وبرزت مواهب جناح الخطابية في المجلس التشريعي، فكان خطيب
المجلس، وابرز المناقشين البرلمانيين فيه، فلم يعرض مشروع مهم على
المجلس الا تناوله بالبحث العميق، والمنطق المتزن. وكان الناس ينتظرون
خطبه بفارغ الصبر، ويقدرونها حق قدرها. ولما انتخب رئيسا للمستقلين
في المجلس كان همه أن يحفظ التوازن بين الحكومة والمعارضة. وقد ساعده
هذا الموقف المتزن على حل كثير من القضايا المستعصية والمشاريع المختلف
عليها.
بين حزب المؤتمر والرابطة الاسلامية
كان حزب المؤتمر الوطني الذي تأسس عام ١٨٥٠ الهيئة الوحيدة في
الهند التي تهتم بمصير البلاد، وتناضل لنيل الحكم الذاتي. وكان هذا
الحزب يجمع تحت لوائه طائفتين تختلفان في الرأي: طائفة تنادي بوجوب
اتخاذ سياسة العنف والشدة لتحرير البلاد واستقلالها وطائفة تميل إلى
الاعتدال واللين. وكان الحرب يضم بين أعضائه نفرا من الشخصيات
الاسلامية، وكان دور جناح في هذا النزاع المتواصل بين الطائفتين دور
الوسيط الذي يحاول التوفيق بين الرأيين ليحافظ على وحدة الصفوف.
وفي سنة ١٩٠٦ رأى بعض الزعماء المسلمين ما لم يرتاحوا اليه في
سياسة حزب المؤتمر فانسحبوا من عضويته وأسسوا الرابطة الاسلامية لجميع
الهند.
الرابطة تعدل سياستها
وفي عام ١٩١٠ عقد مؤتمر عام في الله آباد حضره زعماء المسلمين
والهندوس لايجاد حل للاختلافات التي تنشأ بين الطائفتين. ولكن المؤتمر
خاب، ولم يصل إلى نتيجة
وألح جناح على حزب الرابطة في جعل همها الأوحد تحقيق الحكم
الذاتي للبلاد عن طريق اتباع الاحكام الدستورية. وهنا التقى حزب المؤتمر
والرابطة على صعيد واحد وأصبح السيد جناح زعيم الحزبين.
رسول التوفيق والسلام
وعقد الحزبان خلال المدة الواقعة بين ١٩١٥ و ١٩٢٠ عدة
اجتماعات في بمباي، وأتاحت هذه الاجتماعات لجناح الذي كان عضو
الحزبين أن يعمل كوسيط بينهما، ويبذل جهده لايجاد تفاهم دائم يستهدف
مصلحة الهندوس والمسلمين المشتركة. وكان أبرز نتائج هذه الجهود ميثاق
لكنؤ الذي وقعه الحزبان عام ١٩١٦
وفي سنة ١٩١٧ أصدر الحزبان قرارا مشتركا وقعه تسعة عشر مندوبا
عن المسلمين والهندوس، وعرف فيما بعد بقرار التسعة عشر، وقدم إلى
الحكومة البريطانية. وقد طالب الحزبان في هذا القرار بان تمنح البلاد
الحكم الذاتي ثم تنقل السلطة إلى الهنود.
وفي سنة ١٩١٨ اقترحت لجنة مونتاجو جيميسفورد نظاما قريبا
مما أقره الحزبان فاعتبرت هذه الخطوة نجاحا طيبا للهنود، وبشير خير للهند
بتحقيق بعض مطالبها القومية. وأدرك الهنود أن هذا النجاح الذي أصابوه
انما يرجع الفضل فيه إلى كفاءة جناح سفير الوحدة وزعيم الحزبين فكرموه
ببناء قاعة عامة في بمباي تحمل اسمه اعترافا بجميله.
وقام غاندي في ذلك الحين يبشر بسياسته الجديدة سياسة
اللا عنف وعدم التعاون ومقاطعة الإنكليز. واتخذت هذه السياسة
سبيلها بسهولة إلى أذهان الجماهير، وجعلها حزب المؤتمر هدفا أساسيا
يسعى بواسطته إلى تحقيق رغباته. ولكن جناح كان يعارض هذه
السياسة ويصر على أن تنال البلاد حقوقها الشرعية بالأساليب الدستورية
فأعلن انشقاقه عنها ثم استقال من حزب المؤتمر بعد عمل متواصل فيه دام
عشرين سنة
مطالب المسلمين
كان جناح قد اوجز سنة ١٩١٩ مطالب المسلمين في الهند في مشروعه
الشهير ذي الأربعة عشر مطلبا. وكان أبرز تلك المطالب سن دستور
اتحادي، ومنح المقاطعات سلطات محلية وحكما ذاتيا، وانشاء مقاطعتين

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب " الناشر "
(٤٢٨)

جديدتين هما السند وبلوجستان وأن تكون نسبة الممثلين في المجلس
التشريعي المركزي ٣٣ من المسلمين، والابقاء على نظام الدوائر
الانتخابية حتى يسن دستور جديد يضمن للمسلمين حرية العبادة والثقافة
واللغة، ولقد رأى جناح في ذلك الحين أن هناك مؤسسات هندوسية
متعصبة تعمل للقضاء على التراث الاسلامي في الهند وفي طليعة تلك
المؤسسات. حزب المهاسبا. ولقد أيد المسلمون جميعهم جناح في
مشروعه.
مؤتمر الطاولة المستديرة
منذ سنة ١٩١٩ كتب جناح إلى رئيس الوزارة البريطانية السير رامزي
ماكدونلد خطابا يلح فيه بدعوة ممثلين عن الهند إلى لندن للبحث معهم في
مدى الإصلاحات الدستورية التي يجب أن تمنحهم إياها إنجلترة.
واستجابت بريطانية بعد لأي إلى هذه الرغبة، ودعت إلى عقد مؤتمر
الطاولة المستديرة في لندن على أن يحضره ممثلون من الإنجليز، وآخرون من
الأحزاب الهندية، وممثلون عن الولايات المختلفة وذلك لوضع دستور يتفق
ومطالب الهنود. ولما عقد أول مؤتمر بلندن عام ١٩٣٠ قاطعه زعماء حزب
المؤتمر، واشترك فيه ممثلون عن الرابطة الاسلامية وعن سائر الأحزاب.
وفي الدورة الثانية للمؤتمر عام ١٩٣٢ رضي حزب المؤتمر أن يشترك في
الدورة وأوفد غاندي لتمثيله. وظهرت مقدرة جناح السياسية خلال
اجتماعات المؤتمر، وأصر على ضرورة إجابة مطالب المسلمين.
تنظيم الرابطة من جديد
كانت الرابطة الاسلامية قد فقدت كثيرا من نفوذها بين الجماهير،
بسبب تغيب جناح مدة عن الهند. فلما عاد إليها عمل على إعادة تنظيم
الرابطة بهمة لا تعرف الملل. ثم اخذ يتجول في البلاد ويخطب في الجماهير
حتى عاد للرابطة نفوذها القديم، وأصبحت قوة هائلة يحسب لها ألف
حساب.
وأرادت الرابطة أن تخوض المعركة الانتخابية على أساس الدستور
الجديد فألفت لجنة برلمانية مركزية وخولت جناح رئاستها وضم لجان
المقاطعات إليها.
وواجهت الرابطة قبل الانتخابات وفي أثنائها صعوبات مالية وتنظيمية
عسيرة، فتغلبت عليها، واعتبر النجاح النسبي الذي أحرزته في تلك
الانتخابات أبرز دليل على قوتها وإن لم يخولها ذلك القيام بدور حاسم في
المجلس التشريعي الجديد.
أما حزب المؤتمر فقد فاز بأكثرية ساحقة في جميع المقاطعات ما عدا
البنجاب والسند والبنغال. ورفض اقتراح جناح بقيام وزارة ائتلافية يشترك
فيها المسلمون.
وفي سنة ١٩٣٧ عقدت الرابطة الاسلامية مؤتمرا في بلدة لنكؤ
برئاسة جناح قررت فيه التحول عن مطلبها بان تصبح الهند دومنيون
وطالبت بالاستقلال التام ضمن دولة حرة ديمقراطية. فكان هذا القرار نقطة
انطلاق في تاريخ نضال المسلمين للفوز بكيان ذاتي منفصل. وانضمت
الأحزاب الوزارية في البنجاب والبنغال إلى الرابطة، وبايعت جناح بالزعامة.
وفي سنة ١٩٤٠ نادى جناح بضرورة قيام باكستان كدولة مستقلة
للمسلمين تمكنهم من ممارسة حقوقهم ومعتقداتهم بحرية وأمان، وتسمح
لهم بالتطور وفق الشرع الاسلامي
كيف قامت دولة باكستان
نص مشروع القرار الذي قدمه جناح إلى الحكومة البريطانية وأقرته
الرابطة الاسلامية على تقسيم الهند إلى حكومتين هما: باكستان
وهندستان. على أن تضم باكستان الأقاليم التي تسكنها أغلبية من المسلمين
وهي البنجاب والإقليم الشمالي الغربي وبلوجستان والسند وغرب البنغال
وشرقه.
وفي آب سنة ١٩٤٠ صرح المستر امري وزير الدولة البريطاني
لشؤون الهند في مجلس العموم أن الحكومة البريطانية ستنظر بعين الاعتبار
إلى المسالة الهندية بعد انتهاء الحرب العالمية، ولن تمنح البلاد اية سلطات
دستورية ما لم يوافق عليها المسلمون.
وفي عام ١٩٤٢ صرح المستر كريبس بان إنجلترة تقبل دولة خاصة
بالمسلمين هي باكستان.
وفي كانون الثاني سنة ١٩٤٦ أجريت في البلاد الانتخابات التي طالما
أجلت مدة الحرب فكانت امتحانا عسيرا لقوة جناح ولنفوذ الرابطة،
واختبارا لفكرة قيام دولة باكستان تلك الفكرة التي اعتنقها المسلمون وكانت
نقطة الارتكاز في برنامج الرابطة الانتخابي.
وأسفرت تلك الانتخابات عن فوز ساحق للرابطة إذ فازت بأربعمائة
وسبعة وعشرين مقعدا من أصل أربعمائة واثنين وثمانين مقعدا مخصصة
للمسلمين.
جناح يصمد امام المناورات
وفي نيسان ١٩٤٦ عقدت سلسلة من الاجتماعات بين البعثة
الوزارية البريطانية من جهة وبين حزب المؤتمر والرابطة الاسلامية من
جهة، ثم أعلنت الحكومة البريطانية التقسيم، فأوفدت اللورد لويس
مونتباتن لتنفيذ الخطة.
وصل اللورد مونتباتن إلى الهند وحل محل اللورد ويفل الحاكم العام
وعقد سلسلة من الاجتماعات مع أعضاء حزب الرابطة وحزب المؤتمر أعلن
على اثرها مشروعه في ٣ حزيران سنة ١٩٤٧.
وتسلم القائد الأعظم منصب الحاكم العام للدولة الجديدة
باكستان فراح يصرف شؤون الدولة بحنكة وكفاءة ونشاط لا يعرف الملل،
رغم السبعين التي يحمل أعباءها إلى أن توفاه الله بسكتة قلبية مفاجئة. ١٠١٢:
السيد أبو الحسن محمد ابن السيد علي شاه ابن السيد صفدر شاه ابن السيد
صالح الرضوي الفمي الكشميري اللكهنوئي
ولد سنة ١٢٦٠ ببلاد الهند.
(٤٢٩)

وتوفي بكربلاء في ٢٤ محرم الحرام سنة ١٣١٣
مر بوجه الاختصار في ج ٦ ص ٣٢٣ بعنوان أبو الحسن الكشميري
اللكهنوئي وذلك لأننا وجدناه في عدة مواضع مذكورا بكنيته تلك فظننا أن
اسمه كنيته ثم علمنا أن اسمه محمد فذكرناه هنا مع اننا ذكرنا في ج ٦ ص
٣١٣ أن اسمه محمد بن علي بن صفدر. ذكره السيد عالم حسين الهندي
تلميذ ولده السيد محمد باقر بن أبي الحسن محمد المترجم في ذيل كتاب
إسداء الرغائب تأليف ولد المذكور ووصفه بالفقيه الكامل الأورع الاجل
العالم العامل الزاهد وقال لقد ولد بالهند سنة ١٢٦٠ ثم قرأ على الميرزا محمد
علي والمفتي السيد محمد عباس التستري وقرأ في الفقه والأصول على السيد
محمد تقي ممتاز العلماء ولما سافر المترجم إلى العراق كتب له كتابا أصحبه إياه
واثنى فيه عليه كثيرا وقال أنه أسس في الهند عدة مدارس منها المدرسة
الايمانية أسسها سنة ١٠٨٩ وجعل فيها مدرسا السيد حيدر علي ومنها
المدرسة الناظمية الملقبة بمشارع الشرائع بناها بإشارته محمد عباس علي خان
ودرس فيها شمس العلماء السيد نجم المحسن ومنها المدرسة الموسومة
بسلطان المدارس كان يدرس فيها بنفسه. وزار أئمة العراق خمس مرات
وتوفي في سفره الخامس لزيارة الحسين ع في ٢٤ محرم سنة ١٣١٣
ودفن بكربلاء. خلف ولدين عالمين أحدهما السيد محمد باقر صاحب
إسداء الرغائب والثاني السيد محمد هادي
مؤلفاته
١ شرح الفصول في علم الكلام لم يتم وصل فيه إلى مبحث النبوة
٢ شرح أربعين حديثا لم يتم ٣ حواش على الرياض على مبحث الدماء
ومبحث العدة إلى كتاب الخلع ٤ حواش على بعض مباحث الفصول ٥
حواش على القوانين ٦ حواش على الرسائل ٧ الدين الثمين حواش على
شرح الأربعين للبهائي ٨ تعليقات على منهج اليقين للعلامة ٩ رسالة
في نجاسة الماء القليل ١٠ رسالة في تغيير الماء التقديري ١١ رسالة
فاقدة المثال في اعتبار رؤية الهلال وعدمه قبل الزوال ١٢ رسالة في تخلل
الرد بين الايجاب والقبول ١٣ رسالة حرمة النظر إلى الأجنبية ١٤ خير
الزاد التقوى في واجب الاعتقاد ١٥ تراجم العلماء الكاملين ١٦ رسالة
في أحوال الأئمة المعصومين ١٧ الرحيق المختوم في أحوال بحر العلوم
٨ التقريب في شرح التهذيب ١٩ شقائق الحدائق وحدائق الرقائق. ١٠١٣:
الشيخ جمال الدين محمد بن علي التولاني البصري
عده السيد ضامن بن شدقم الحسين المدني في كتابه تحفة الأزهار من
مشايخ السيد بدر الدين حسن بن علي بن شدقم صاحب زهر الرياض.
ووجدت في المكتبة الرضوية رسالة اسمها التولانية للشيخ علي
التولاني ولعله والد هذا ١٠١٤:
الشيخ بهاء الدين محمد بن علي محمد خان ابن امين الدولة
ذكره الشيخ إبراهيم بن صادق العاملي في مجموعته فقال: وقلت
مهنئا الفاضل الوحيد الكامل الشيخ بهاء الدين محمد نجل علامة الزمان
وخاتمة فضلاء الدوران حضرة علي محمد خان ابن المرحوم المبرور امين
الدولة الإيرانية بتزويجه بنت فخر الاقران وعين الأعيان إسماعيل ميرزا
سبط السلطان الأعظم والخاقان المعظم فتح علي شاه:
قد أصبح المجد باسم الثغر * وروض مغناه يانع الزهر
وأمست المكرمات مائسة * من الهنا في غلائل خضر
وفي الحمى يا رعى الحمى صدحت * بكل لحن سواجع القمري
والفخر قد راح مارحا جذلا * من نشوات الأفراح في سكر
بعرس من أدرك المنى وحوى * مناقبا كالكواكب الزهر
روح العلى عيلم العلوم بها * والدين سباق غاية الفخر
كنز التقى معدن المعارف من * قد طال بالفضل طائر النسر
سليل علامة الوجود سحاب * الجود سامي مراتب القدر
بدر الهدى حافظ الشريعة ما * في الدين من عذر كل ذي عذر
محمد منهج الرشاد وحاوي * سر آيات محكم الذكر
و جامع دون ذا الورى حكما * ينبوعها من بنانه يجري
ووارث المجد عن أجل أب * تورث المجد عن أب صدر
عليها ذو العلى محمدها * أولى البرايا بالحمد والشكر
ندب إذا عمت الورى نوب * أزاح عنها نوائب الدهر
وان دجت في العلوم مشكلة * جلا دجاها بثاقب الفكر
منحت يا ذا الفخار نجلك ما * به اغتدى في هناء وفي بشر
وأدرك القصد إذ خطبت له * مقصورة القصر درة الخدر
بنت الملوك الذين قد ملكوا * في البر امر العباد والبحر
وشيدوا في ثغور ملكهم * سورا من المرهفات والسمر
واثبتوا تحت تخت دولتهم * قوائم العز في يد النصر
ورصعوا تاجهم دراري إذ * رصع تاج الملوك بالدر
وصبحوا من عدا اطاعتهم * غارات كل جحفل مجر
وأرغموا عنوة أنوف سلاطين * البرايا بالبطش والقهر
وأيدوا الدين واغتدى بهم الايمان * لا يختشي من الكفر
وراية الشرع أصبحت بهم * منشورة لم تزل إلى الحشر
وأمطروا من كف وجودهم * في كل قطر سحائب القطر
يا كافل العلم والشريعة يا * غوث البرايا وواحد الدهر
والنائب العام بالخصوص عن * المهدي مولاه صاحب الامر
اني إن لم أوف حقكم * من الثناء الجميل في خسر
وأعظم الخسر والندامة ان * يتلى على غير سمعكم شعري
فاسمع لك الفضل والهنا ابدا * لن يبرحا عنك مدة العمر
مدائحا كالرياض ان تليت * يعبق من طيبها شذا النشر
يحكي معناها وحسن رونقها * ليلة عرس كليلة القدر
فيها وقد أدرك المنى مؤرخها * زففت شمس البهاء للبدر ١٠١٥:
السيد محمد علي المولوي الهندي
من سكنة النجف حصل وعاد إلى الهند ثم عاد إلى النجف وهو
مشارك في الفنون وتقدم في عصر مؤلف اليتيمة. ١٠١٦:
الشيخ محمد ابن الشيخ علي بن كاظم بن جعفر بن حسين بن محمد ابن
الشيخ احمد صاحب آيات الاحكام ابن الشيخ إسماعيل ابن الشيخ عبد
النبي ابن سعد الجزائري النجفي.
توفي في رجب سنة ١٣٠٣.
كان عالما فاضلا شاعرا مجيدا ظريفا اخذ عن السيد مهدي القزويني
(٤٣٠)

والآخوند ملا لطف الله المازندراني والشيخ محمد حسين الكاظمي وغيرهم.
ألف شرح كتاب الفرائض لأستاذه القزويني وكتابا في النحو ورسالة في
وصف الرياض والأغصان والزهور الغدران وما له وللعرب فيها من
الاشعار والأمثال، وكتابا في النحو. وآل الجزائري بيت علم وفضل في
العراق.
ومن شعره قوله:
صل الأوتار بالنغم الفصيح * وعاط الراح مثل دم الذبيح
وقوله:
أ هذا الصبح آذن بانبلاج * أم الصهباء تشرق في الزجاج ١٠١٧:
الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح الحارثي
العاملي اللويزاني الجباعي والد جد الشيخ البهائي.
اللويزاني نسبة إلى اللويزة بصورة تصغير لوزة قرية في جبل لبنان قرب
جبع والجباعي نسبة إلى جباع كغراب ويقال جبع. توفي سنة ٨٨٦ كما في
المجلد الخامس والعشرين من البحار نقلا عن اخبار ولده الشيخ عبد
الصمد. قال المجلسي في المجلد الخامس العشرين من البحار: وصل الينا
مجموعة بخط الشيخ الجليل شمس الدين محمد بن علي بن الحسن الجباعي
يظهر منها آثار فضله وسداده وكتب فيها في بعض المواضع: كتبه محمد بن
علي الجبعي سنة ٨٥٧.
وكتب الشيخ محمد المذكور في موضوع آخر: سافرت إلى الحجاز
سنة ٨٤٥ والى الروم سنة ٨٥٣ والى العراق سنة ٨٥٥ والى بيت المقدس
سنة ٨٥٨ ومرضت سنة ٨٦٤ وسافرت إلى العجم في أول ذي القعدة سنة
٨٧٩ ووردت العراق سنة ٨٨٠ ثم رجعت في هذه السنة إلى الشام. وكتب
ولده الشيخ عبد الصمد تحته: وتوفي رحمه الله سنة ٨٨٦ آه ومن ذلك
يظهر ان الشيخ البهائي وأباه لم يرثا السياحة في البلاد عن كلالة وقال
صاحب الترجمة:
مات والدي علي بن الحسن بن محمد بن صالح اللويزاني في جمادى
الأولى سنة ٨٦١ وخلف خمسة أولاد ذكور محمدا ورضي الدين وتقي الدين
وشرف الدين واحمد وماتت والدتي فاطمة بنت الحاج حسين بن إبراهيم بن
علامة أول يوم من شهر رمضان سنة ٨٥٥ حشرها الله مع الأئمة الميامين بحق
محمد وآله الطاهرين آه وفي تكملة أمل الآمل: وهو صاحب المجاميع
التي ينقل عنها العلامة المجلسي في البحار خصوصا في المجلد أخير
المخصوص بالإجازات وكذلك مولانا العلامة النوري حيث وقع اليه
مجموعتان من المجاميع الثلاث وقد رأيتها وأكثر ما فيها النقل عن خط
الشيخ شمس الدين الشهيد الأول قدس سره وقد شحنها من طرائف
الفوائد ونوادر الفرائد ه وذكره الشهيد الثاني في اجازته لوالد
البهائي فقال الشيخ الامام شمس الدين محمد الشهير بالجبعي
آه وذكره المحقق الثاني في اجازته للشيخ علي بن
عبد الصمد عم البهائي فقال: قدوة الاجلاء في العالمين الشيخ شمس
الدين محمد الجبعي وينقل صاحب البحار كثيرا عن مجموعته التي تعرف
بمجموعة محمد بن علي الجبعي وقد وجد منها مجلدان في مكتبة الشيخ ضياء
الدين ابن الشيخ فضل الله النوري في طهران. ١٠١٨:
نجيب الدين أبو حامد محمد بن علي بن عمر السمرقندي.
الشهيد بهراة لما دخلها التتار سنة ٦١٩.
له قوانين تركيب الأدوية ذكره المعاصر في مصنفات الشيعة. ١٠١٩:
بهاء الدين ابن الشيخ محمد بن علي شريف اللاهيجي.
كان من اعلام محققي عصره ذكره الزنوزي في رياض الجنة وقال إنه
رأى له كتابا في التفسير في مجلدين كبيرين رآه في مكتبة الشيخ عبد الحسين
في خراسان وقد سقط من أول المجلد الأول سورتان الحمد والم ذلك
الكتاب وفي هذا الكتاب يتعرض لكثير من الاخبار والأحاديث وفي آخر
المجلد الثاني ما صورته:
تم تأليف هذه الترجمة الأنيقة على يد مؤلفها بهاء الدين محمد ابن
الشيخ علي شريف اللاهيجي عفى الله عنهما في مولود من تنزل عليه القرآن
في يوم الثلاثاء ٢٤ من سنة ست وثمانين وألف من هجرة جبل البرية عليه
وعلى آله الصلاة والسلام والتحية في بلدة السبتة صانها الله عن الفساد
والفتنة من بلاد الهند والحمد الله أولا وآخرا.
والنسخة بقلم أشرف بن محمد علي بتاريخ ١٢ ربيع الأول سنة
١٢٠٦.
٣ الرسالة المثالية فارسية كتبها على أنوار وإشراقات ولمعات في بيان
أسامي عالم المثال والتقسيم والوسعة والاشكال والأصقاع والبلدان ووساطة
الأشباح بين الأجسام والأرواح وغير ذلك. رأيتها في طهران في عدة أوراق
مع جملة رسائل متنوعة وعربتها. ١٠٢٠:
الشيخ محمد علي آل كشكول.
كان حيا سنة ١٢٤٥.
كان عالما فاضلا رجاليا بالإجازة عن شريف العلماء والشيخ حسن
صاحب الفصول وأجزتهما له بخطهما على ظهر كتابه الاكمال. له ١
الاكمال ومنتهى المقال ألف سنة ١٢٤٥ ٢ الفوائد الغاضرية في علم
الرجال ٣ التنبيهات السنية في المصطلحات الرجالية ٤ حديقة النظار
٥ تنبيهات النبيه في شرح من لا يحضره الفقيه عدة مجلدات، وجد
التاسع منها في شرح كتاب الزكاة. ١٠٢١:
الشريف النسابة أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن بن الحسن بن
إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى ابن الحسن السبط.
نقل عنه في عمدة الطالب، وقال المعروف بابن معية وليس هو السيد
تاج الدين محمد بن القاسم بن معية الديباجي صاحب تذليل الاعقاب لأنه
شيخ صاحب العمدة ووالد زوجته وقد توفي سنة ٧٧٤. ١٠٢٢:
السيد محمد علي بن حيدر.
المعروف بالسيد محمد حيدر العاملي الأصل المكي الوطن.
ولد سنة ١١٠٣ وتوفي سنة ١١٣٩ في مكة المكرمة.
وكان ماهرا في العلوم الفلكية والعربية وغيرها وكان حسن التعبير
والتحرير وهو تلميذ الشريف النباطي النجفي وتخاصم معه والد صاحب
الحدائق في مكة المكرمة سنة ١١١٥ وتحامل على صاحب الفوائد المدنية.
وعده السيد عبد الله الجزائري في اجازته الكبيرة من مشايخه قال
استجزته بمكة وكتب لي إجازة مبسوطة.
(٤٣١)

وفي كتاب مخطوط يظن ان اسمه كتاب الأنوار وصفه بالعلامة الفهامة
النسابة وذكر ان له كتاب تنبيه وسن العين بتنزيه الحسن والحسين في مفاخرة
بني السبطين.
وله تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسينية تاريخ جليل عظيم
الفوائد وجدت منه نسخة في خزانة آل السيد عيسى العطار ببغداد.
وله رسالة في الصلاة تدل على اقتداره واحاطته بالفنون ذكرها
صاحب اللؤلؤة، وله كتاب موسوم بالحسام المطبوع من المعقول والمسموع
في القضاء والقدر والإرادة.
وله البسط السالك على المدارك والمسالك حاشية عليهما ذكر ولده
السيد رضي الدين في اجازته للسيد نصر الله في سنة ١١٥٥ انه برز منه
مجلد حافل.
وله الأنواء المبكرة في شرح خطبة التذكرة لداود الأنطاكي وله حاشية
على القاموس.
وله الفوائد الجلية في اعراب أبيات الخزرجية، قال ولده في الإجازة
انه كتاب مفيد.
وله برهان الحق المتين على لسان الخصم الألد المبين في أربع مجلدات
وله مطلع بدر التمام من شرح قصيدتي أبي تمام ذكره ولده رضي الدين في
اجازته للسيد نصر الله الحائري. ١٠٢٣:
السيد محمد علي السهودري.
توفي سنة ١٣٢٨.
له عمدة السلف في أحوال السلف منظومة في الرجال. ١٠٢٤:
الميرزا محمد علي خان المتخلص بشروس.
شاعر أديب من شعراء الفرس له شمس المناقب نظم فارسي
مطبوع. ١٠٢٥:
المولى محمد بن علي الكربلائي.
تلميذ ابن خاتون العاملي له الرسالة الواضحة لاستخراج الآيات
القرآنية كتبها للسلطان عبد الله قطبشاه سلطان حيدرآباد الدكن. ١٠٢٦:
المولى محمد علي بن محمد رضا التوني الخراساني.
له علاج الاسقام ودفاع الآلام فارسي وكفاية المتعبدين والنهاية في
شرح الهداية النحوية. ١٠٢٧:
الشيخ أبو الفرج محمد بن علي بن محمد بن محمد بن أبي قره القناني.
له كتاب عمل شهر رمضان ينقل عنه ابن طاوس في الاقبال كثيرا من
الأدعية والاعمال في شهر رمضان وله كتاب المزار ولعلهما من اجزاء كتاب
المسرة الذي ينقل عنه ابن طاوس. ١٠٢٨:
أبو الفرج الكاتب القناني محمد بن علي بن يعقوب.
ابن إسحاق بن أبي قرة.
شيخ النجاشي ويكثر النقل عن المترجم رضي الدين علي بن طاوس
في الاقبال بعنوان محمد بن أبي قرة ويحتمل كون محمد بن أبي قرة هو
المتقدم.
وفي الخلاصة: ابن أبي قرة بالقاف المضمومة والراء القناني
بالقاف المضمومة والنون قبل الألف.
قال النجاشي: كان ثقة وسمع كثيرا وكتب كثيرا وكان يورق
لأصحابنا ومعنا في المجالس له كتب منها ١ عمل يوم الجمعة ٢ عمل
الشهور ٣ معجم رجال أبي المفضل ٤ كتاب التهجد أخبرني وأجازني
جميع كتبه آه وفي رجال بحر العلوم عده من مشائخ النجاشي وقال:
روى عنه النجاشي في التراجم كثيرا بلفظ أبو الفرج محمد بن أبي قرة أو أبو
الفرج محمد بن علي الكاتب القناني أو محمد بن علي الكاتب أو أبو الفرج
الكاتب وأبو الفرج بلفظ أخبرنا أو خبرتنا وليس المراد به حينئذ أبو الفرج
محمد بن أبي عمران موسى بن علي بن عبد ربه القزويني الكاتب فقد صرح
في ترجمته بأنه رآه ولم يتفق له سماع شئ منه وفي ترجمة داود بن كثير الرقي
أخبرني أبو الفرج محمد بن علي بن أبي قرة حدثنا علي بن عبد الرحمن بن
عروة الكاتب الخ... والظاهر أنه هو المترجم. ١٠٢٩:
السيد محمد أبو طالب ابن السيد علي ابن السيد علوان الشريف الموسوي
العلواني البعلكي من آل المرتضى نقيب أشراف بعلبك.
توفي غرة رجب سنة ١٠٨٦.
وجدت على ظهر كتاب في الأنساب للسادات آل المرتضى الدمشقيين
بخط أحد أفراد هذه الطائفة الجليلة ما صورته: انتقل إلى رحمة الله السيد
الفاضل العالم الشريف ابن الشريف السيد محمد أبي طالب ابن المرحوم
السيد علي بن علوان نقيب سادات بعلبك غرة شهر رجب الفرد الحرام سنة
١٠٨٦. ١٠٣٠:
عز الدين أبو الفضل محمد بن علي بن معية العلوي الحسيني الفقيه.
كان فقيها مجودا له تصانيف وتعاليق وجماعة من التلاميذ وكان كريم
الكف كثير الافضال على كل من قصده أنشد في بعض تصانيفه:
الا يا أيها المرء الذي * الهم به برح
إذا ضاق بك الامر * تفكر في ألم نشرح ١٠٣١:
عماد الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن علوان الشيباني الحلي
الفقيه المقري الأديب يعرف بابن الرفاعي.
من أكابر العلماء وأفاضل الأدباء والفقهاء كتبت شعره في أشعار اهل
العصر ومما أنشدني وهو متوجه إلى زيارة أمير المؤمنين ع:
يا اماما في الأنام له مثل * ولا للورى سواه امام
غير أبنائه الهداة أولي الذكر * فأنتم على الإله كرام
ولأنتم أحق بالمدح ممن * صاغ هذا أو صيغ فيه الكلام
خير أعضائنا للرؤوس ولكن * فضلتها بسعيها الأقدام ١٠٣٢:
السيد محمد علي بن محمد صادق الخوانساري الموسوي من ذرية السيد محمد
مهدي الخوانساري صاحب رسالة أبي بصير.
توفي سنة ١٢٨٦ وكان عالما فاضلا محققا وكان في جودة الفهم وحسن

(١) (٢) مجمع الآداب
(٤٣٢)

التحرير وزيادة الحفظ على جانب عظيم مات شابا، له من التصانيف
الصراط المستقيم في الأصول وحاشية على مكاسب الشيخ مرتضى
الأنصاري. اخذ عن ملا حسين علي التسركاني ويروي عنه بالإجازة عن
الشيخ محمد تقي الأصفهاني صاحب حاشية المعالم عن الشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء واخذ عنه ابن خاله السيد أبو تراب الخوانساري. ١٠٣٣:
فخر الدين أبو الظفر محمد بن علي الأشرف.
ابن محمد بن جعفر بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن الحسن بن أبي
القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن الأفطس بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب.
من أفاضل السادة العلويين له كلام فصيح وخط ملي وود صحيح
وأدب وافرا اجتمعت بخدمته بتبريز وأقام في عمارة المخدوم رشيد.
وكتب لي كراسة من شعره بخطه وسألته عن مولده فذكر أنه ولد
ببغداد سنة ٦٧٧ وأنشدني لنفسه سنة ٧٠٧ وكتب النسب وقرأه على النقيب
وله ديوان كأنه بستن ينيف على عشر مجلدات ومن شعره:
حل بتبريز شادن سلب الروح والبدن * سكن مذ عرفته في صميم الحشا سكن
وبساجي لحاظه صد عن مقلتي الوسن * انا من فرط حبه ذو غرام وذو شجن
عجمي ان قلت من همت فيه يقل من * وإذا لام عذلي لاح في وجهه الحسن ١٠٣٤:
قطب الدين أبو يعلى محمد بن علي علم الدين بن حسن قوام الشرف يعرف
بابن الأقساسي العلوي الحسيني الكوفي النقيب.
ذكره شيخنا جمال الدين أبو الفضل مهنا العبيدلي في المشجر وقال هو
أبو يعلى علم الدين قوام الشرف حمزة بن الأغر أبي جعفر بن أبي الحسن علي
الزاهد ابن أبي جعفر محمد الأقساسي ابن أبي الحسين يحيى بن الحسين ذي
العبرة بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وقال مولده سنة
٤٩٨ وكان ينوب عن أبي المعمر بن المختار ورفع عليه أسباب فعزل
عز الدين وولى قطب الدين في شوال سنة ٥٦٥. ١٠٣٥:
السيد محمد علي الطباطبائي اليزدي المدرس.
كان عالما عاملا زاهدا له مؤلفات كثيرة منها ١ هدية القاصر إلى
مولانا الباقر وهو ترجمة المجلد المشتمل على أحوال الإمام الباقر ع
من مجلدات العوالم للشيخ عبد الله البحراني من العربية إلى الفارسية ٢
حاشية على القوانين مبسوطة ٣ وعلى شرح اللمعة ٤ وعلى الصافي ٥
وعلى سائر كتب التدريس. ١٠٣٦:
أبو الحسن محمد بن علي بن الفضل بن تمام الدهقان.
في فهرست ابن النديم اصله من الكوفة وله من الكتب كتاب فضائل
الكوفة. ١٠٣٧:
الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي.
يروي عن أبي علي ابن الشيخ الطوسي وعن أبي الوفاء عبد الجبار بن
علي المقري الرازي عن الشيخ الطوسي ويروي عن ابن شهرآشوب وفي
رياض العلماء وهو تلميذ الشيخ الطوسي آه.
أقول في أوائل مناقب ابن شهرآشوب عند ذكره لطرقه إلى الكتب
التي اخذ منها ما صورته: فاما أسانيد كتب أصحابنا فأكثرها عن الشيخ أبي
جعفر الطوسي حدثنا بذلك وذكر جماعة ثم قال وأبو جعفر محمد بن علي بن
المحسن الحبي ثم ذكر جماعة ثم قال كلهم عن الشيخين المفيدين أبي علي
الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن الحبي ثم ذكر جماعة ثم قال
كلهم عن الشيخين المفيدين أبي علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي
وأبي الوفاء عبد الجبار بن علي المقري الرازي عنه آه ومن ذلك يظهر
انه تلميذ أبي علي الحسن ابن الشيخ الطوسي لا تلميذ الشيخ الطوسي
نفسه ثم إن الذي في رياض العلماء في موضوعين محمد بن علي بن المحسن
بالميم قبل الحاء والذي في مناقب ابن شهرآشوب ابن الحسن بالحاء بغير ميم
ولعل الصواب ما في الرياض. ١٠٣٨:
أبو الحسين محمد بن علي بن معمر الكوفي.
ذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم ع فقال محمد بن
علي بن معمر الكوفي يكنى أبا الحسين صاحب الصبيحي سمع منه
التلعكبري سنة ٣٢٩ وله منه إجازة آه وفي فهرست ابن النديم عند
ذكر أخبار فقهاء الشيعة وما صنفوه من الكتب: ابن معمر أبو الحسين بن
معمر الكوفي وله من الكتب كتاب قرب الإسناد آه وفي معالم العلماء أبو
الحسين بن معمر الكوفي له كتب منها قرب الإسناد آه. ١٠٣٩:
السيد محمد ابن السيد علي آل أبي شبانة البحراني.
معاصر للشيخ يوسف البحراني يرويان عن الشيخ علي الماحوزي. له
جامع الشتات نظير الكشكول وله تتميم أمل الآمل ولأبيه السيد علي
مناسك الحج وهو من أجداد السيد ناصر نزيل البصرة المتوفى سنة ١٣٣١. ١٠٤٠:
السيد محمد الشهير بالسيد ميرزا ابن شرف الدين علي بن نعمة الله بن
حبيب الله بن نصر الله الموسوي الحسيني الجزائري.
تلميذ محمد بن خاتون العاملي وشيخ السيد نعمة الله الجزائري
والعلامة المجلسي وعده صاحب أمل الآمل من معاصري مشايخه الذين
يروي عنهم قال سكن حيد آباد وله كتاب كبير في الحديث جمع فيه أحاديث
الكتب الأربعة وغيرها ومراده به كتاب جوامع الكلم في دعائم الاسلام
بطريق أهل البيت ع الذي جمع فيه اخبار الفقه والقصص
والمواعظ والآداب الصحاح منها والحسان والضعاف من الكتب الأربعة
وغيها. ١٠٤١:
محمد بن علي الجواليقي الكوفي.
في معجم الشعراء للمرزباني: يتشيع قال يرثي الحسين بن علي
ع:
أ من رسوم المنازل الدرس * وسجع ورق سجعوا في الغلس
هتكت سجف العزاء عن طرب * مثاقل معتادة إلى أنس
وفيها يقول:
إبك حسينا ليوم مصرعه * بالطف بين الكتائب الخرس

(١) مجمع الآداب
(٢) مجمع الآداب.
(٤٣٣)

تعدو عليه بسيف والده * أيد طوال لمعشر نكس
تالله ما ان رأيت مثلهم * في يوم ضنك قماطر عبس
أحر صبرا على البلاء وقد * ضيقت الحرب مجرع النفس
أضحى بنات النبي إذ قتلوا * في مأتم والسباع في عرس ١٠٤٢:
أبو عبد الله محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن
علي بن أبي طالب ع.
في معجم الشعراء للمرزباني: انه شاعر رواية عالم يروي كثيرا من
اخبار اهله وبني عمه ولقي جماعة من شيوخنا وحدثونا عنه. ووفي سنة سبع
وثمانين ومائتين وهو القائل يعاتب رجلا:
لو كنت من امري على ثقة * لصبرت حتى يبتدي امري
لكن نوائبه تحركني * فاذكر وقيت نوائب الدهر
إجعل لحاجتنا وأن كثرت * أشغالكم حظا من الذكر
والمرء لا يخلو على عقب * الأيام من ذم ومن شكر ١٠٤٣:
الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن أبي جمهور الأحسائي
في رياض العلماء ما ملخصه: هو الفقيه الحكيم الفيلسوف
المتكلم المحدث الصوفي المعاصر للكركي تلميذ علي بن هلال الجزائري له
مؤلفات منها كتاب غوالي اللآلئ، كتاب نثر اللآلئ، كتاب المجلي في
مرآة المنجي، في العرفان والتصوف والاخلاق، معين الفكر في شرح الباب
الحادي عشر، وهو ذو فضائل جمة لكن التصوف الغالي المفرط قد أبطل
حقه.
وذكره الاسترآبادي في الفوائد المدنية والمجلسي في إجازات البحار
والحرفي موضعين من أمل الآمل وقد يطلق ابن جمهور على أبي الحسن
علي بن محمد بن جمهور صاحب كتاب الواحدة المعروف ١٠٤٤:
الشيخ محمد ابن الشيخ علي بن إبراهيم آل نصار الشيباني أو الشباني
اللمومي النجفي المعروف بالشيخ محمد بن نصار اللمومي نسبة إلى لملوم
بلد بالعراق
توفي في جمادي الأولى سنة ١٢٩٢ في النجف ودفن فيها وهو من أسرة
أدب وعلم أصلهم من لملوم سكنوا النجف لطلب العلم وتوفي منهم في
طاعون سنة ١٢٤٧ ما يقرب من أربعين رجلا طالبا للعلم وهم غير الذين
في النجف منهم الشيخ راضي نصار في محلة العمارة معاصر لبحر العلوم
وهو بيت قدم من آل عيسى من بني عم الشيخ عبد الرسول نزيل
السماوة. والمترجم فاضل أديب شاعر له شعر في القريض والزجل ولا
ينعقد اليوم مجلس للعزاء الحسيني الا ويتلى فيه من شعره الذي عمله على
طريق اهل النياحة في البادية في واقعة الطف وقد جمعناه وطبعناه في صيدا
وطبع بعد ذلك عدة مرات.
وفي الطليعة: كان فاضلا أديبا ظريفا كثير الدعابة ذا تقى وديانة
وتمسك بالشرع وكان لشدة حبه لأهل البيت يسمي كل مولود يولد له عليا
ويكنيه بأبي جعفر أو أبي الحسن للتفرقة. فمن شعره قوله في الحسين
ع:
يا مدلجا في حندس * الظلماء بكرا مقحما
أن شمت لمعة قبة * المولى فعرج عند ما
واخضع فثمة بقعة * خضعت لأدناها السما
واحث التراب على الخدود * وقل أيا حامي الحمى
ومفلقا هام العدى * أن سل ابيض مخذما
ومنظما صيد الورى * أن هز أسمر لهذما
قم فالحسين بكربلاء * طريدة لبني الإما
قدامه جيش به * رحب البسيطة أظلما
مقتادة شعث النواصي * كل أجرد أدهما
فجثا لها من آل هاشم * كل أصيد اعلما
وأشم قد شام * المنية فرصة فاستغنما
فتقاسمتها السمهرية * والمواضي مغنما
وغدا ابن احمد لا يرى * الا القنا والمخذما ١٠٤٥:
أبو بكر محمد بن علي بن أبي داود بن أحمد بن أبي دواد الأيادي الدؤادي
البصري من أولاد أحمد بن أبي دواد.
في النسخة المطبوعة من تاريخ بغداد كتب داود بدل دواد وهو سهو
وذكر في أثناء ترجمة الحسين بن إسماعيل المحاملي أبو بكر الداودي
والصواب أيضا الدوادي وهو هذا بدليل قول السمعاني في الأنساب أنه من
أولاد أحمد بن أبي دواد كما ذكرناه في الترجمة وأحمد بن أبي دؤاد القاضي وهو
ممدوح أبي تمام الذي يقول فيه:
يا أحمد بن أبي دؤاد دعوة * ذلت بذكرك لي وكانت طيعا
ويدل عليه أيضا أن السمعاني لم يذكر الداودي في أنسابه واقتصر على
ذكر الدوادي وذكر في ترجمته ما ذكره السمعاني فلو كان الداودي لذكره
والدوادي في انساب السمعاني: بالواو والألف بين الدالين
المهملتين الأولى مضمومة والأخرى مكسورة هذه النسبة إلى دواد أو أبي دواد
وهو اسم لجد أبي بكر محمد بن علي بن أبي دواد بن أحمد بن أبي دواد
الأيادي الدوادي البصري من أولاد أحمد بن أبي دواد آه
أقوال العلماء فيه
في تاريخ بغداد: محمد بن أبي دواد بن أحمد بن أبي دواد أبو بكر
الأيادي البصري كان ثقة كثير الحديث عارفا بالفقه على مذهب الشافعي
سكن بغداد إلى حين وفاته وحدث بها. سالت أبا بكر البرقاني عن أبي بكر
ابن أبي دواد فقال كان الدارقطني يثني عليه ويذكره بالفضل آه
وفي انساب السمعاني: كان فقيها فاضلا مكثرا من الحديث اثنى
عليه أبو الحسن الدارقطني وروى عنه أبو بكر الخطيب الحافظ في تاريخه
فقال وذكر ما مر
تشيعه
روى الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة الحسين بن إسماعيل المحاملي

(١) لملوم قرية كانت على الفرات في مجرى الماء بين الحلة والديوانية تخربت سنة ١٢٢٠ لانتقال
مجرى الفرات عنها وانتقل أهلها إلى الشنافية بين النجف والسماوة - المؤلف -
(٤٣٤)

القاضي ما يدل على تشيعه فروى الخطيب بسنده عن القاضي المذكور قال
كنت عند أبي الحسن بن عبدون وهو يكتب لبدر وعنده جمع فيهم أبو بكر
الداودي وأحمد بن خالد المادرائي فذكر قصة مناظرته مع الدوادي في
التفضيل إلى أن قال والله ما نقدر نذكر مقامات علي مع هذه العامة قلت انا
والله أعرفها مقامه ببدر واحد والخندق ويوم حنين ويوم خيبر قال فان عرفتها
ينفعني أن تقدمه على أبي بكر وعمر قلت عرفتها ومنه قدمتهما عليه قال من
أين قلت أبو بكر كان مع النبي ص على العريش يوم بدر مقامه مقام
الرئيس والرئيس ينهزم به الجيش وعلي مقامه مقام المبارز والمبارز لا ينهزم به
الجيش وجعل يذكر فضائله وأذكر فضائل أبي بكر قلت كم تكثر، هذه
الفضائل لها حق ولكن الذين اخذنا عنهم القرآن والسنن أصحاب رسول
الله ص قدموا أبا بكر فقدمناه لتقديمهم آه
مشائخه
في تاريخ بغداد: سمع زكريا بن يحيى الساجي وخالد بن النضر
القرشي ومحمد بن الحسين بن مكرم ويعقوب بن إسحاق القزاز والزبير بن
أحمد الزبيري وعلي بن أحمد بن بسطام الأبلي ومحمد بن إبراهيم بن أبي
الجحيم ومحمد بن أحمد بن إبراهيم السلاماني وزاد السمعاني في الأنساب
وعبد الكبير بن عمر الخطابي وسليمان بن عيسى الجوهري وبكر بن
محمد بن عبد الوهاب وغيرهم
تلاميذه
في تاريخ بغداد: روى عنه أبو الحسن الدارقطني وطلحة بن محمد بن
جعفر المعدل ومحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الأدمي ١٠٤٦:
أبو القاسم أو أبو عبد الله محمد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المعروف
بابن الحنفية
هو من الطبقة الأولى من التابعين ولد بعد وفاة رسول الله ص وتوفي
سنة ٨١ في أيام عبد الملك بن مروان وعمره خمس وستون سنة واختلفوا في
اي مكان توفي على ثلاثة أقوال: أحدها بأيلة والثاني بالمدينة
وصلى عليه ابان بن عثمان باذن ابنه أبي هاشم ودفن بالبقيع والثالث
بالطائف
غلبت عليه النسبة إلى أمه خولة الحنفية من بني حنيفة وهي خولة
بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن
الدؤل بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. قال ابن أبي
الحديد في شرح النهج ما حاصله اختلف في امرها فقيل أنها سبية من سبايا
حنيفة على يد خالد بن الوليد أيام أبي بكر أقول وبذلك قد يحتج
بعضهم على اعتراف أمير المؤمنين علي ع بصحة سبيها وفيه أن
الحال في ذلك لا يمكن الجزم بها ولا دعوى العلم بأنه كيف تزوجها لجواز
أن يكون عقد عليها مع أن المؤرخين مختلفون في امرها كما سمعت
وستسمع فكيف يمكن الاحتجاج بامر مختلف فيه إذ متى وجد الاحتمال
سقط الاستدلال على أن عمر نفسه لم يعترف بصحة سبي بني حنيفة وكان
يطلب إلى الخليفة أن يقيم الحد على خالد قال: وقال قوم منهم أبو الحسن
علي بن محمد بن سيف المدايني هي سبية في أيام رسول الله ص قالوا بعث
عليا إلى اليمن فأصاب خولة في بني زبيد وقد ارتدوا مع عمر بن معديكرب
وكانت زبيد سبتها من بني حنيفة في غارة لهم عليهم فصارت في سهم علي
فقال له رسول الله ص أن ولدت منك غلاما فسمه باسمي وكنه بكنيتي
فولدت له بعد موت فاطمة محمدا فكناه أبا القاسم قال وقال قوم وهم
المحققون وقولهم الأظهر أن بني أسد أغارت على بني حنيفة في خلافة أبي
بكر فسبوا خولة فباعوها من علي فقدم قومها عليه فأخبروه بموضعها منهم
فأعتقها ومهرها وتزوجها، قال هذا القول اختيار أحمد بن يحيى البلاذري في
كتابه المعروف بتاريخ الاشراف آه
اخباره
كان محمد من فضلاء التابعين حتى ادعى قوم فيه الإمامة وهم
الملقبون بالكيسانية وكان منهم السيد الحميري في أول امره وله في ذلك شعر
معروف ويقال أن منهم كثير عزة الشاعر. وكانت راية أمير المؤمنين ع
السلام يوم الجمل مع ابنه محمد قال ابن أبي الحديد دفع أمير المؤمنين يوم
الجمل رايته إلى محمد ابنه وقد استوت الصفوف وقال له احمل فوقف قليلا
فقال له احمل فقال يا أمير المؤمنين أ ما ترى السهام كأنها شآبيب المطر فدفع
في صدره فقال: أدركك عرق من أمك ثم اخذ الراية فهزها ثم قال:
اطعن بها طعن أبيك تحمد لا خير في الحرب إذا لم توقد
بالمشرفي والقنا المسدد
ثم حمل وحمل الناس خلفه فطحن عسكر البصرة. قيل لمحمد لم
يغرر بك أبوك في الحرب ولا يغرر بالحسن والحسين؟ فقال إنهما عيناه وانا
يمينه فهو يدفع عن عينيه بيمينه ثم دفع علي الراية إلى محمد وقال امح الأولى
بالأخرى وهذه الأنصار معك وضم اليه خزيمة ابن ثابت ذا الشهادتين في
جمع من الأنصار كثير منهم من اهل بدر وحمل حملات كثيرة أزال بها القوم
عن مواقفهم وأبلى بلاء حسنا فقال خزيمة بن ثابت لعلي اما أنه لو كان غير
محمد اليوم لافتضح ولئن كنت خفت عليه الجبن وهو بينك وبين حمزة
وجعفر لما خفناه عليه وأن كنت أردت أن تعلمه الطعان فطالما علمته الرجال
وقالت الأنصار يا أمير المؤمنين لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين
ع لما قدمنا على محمد أحدا من العرب فقال علي ع
ابن النجم من الشمس والقمر اما أنه قد أغنى وله فضله ولا ينقصه فضل
صاحبيه عليه وحسب صاحبكم ما انتهت به نعمة الله تعالى اليه فقالوا يا
أمير المؤمنين انا والله لا نجعله كالحسن والحسين ولا نظلمهما له ولا نظلمه
لفضلهما عليه فقال علي ع أين يقع ابني من ابني رسول الله ص
فقال خزيمة بن ثابت فيه:
محمد ما في عودك اليوم وصمة * ولا كنت في الحرب الضروس معردا
أبوك الذي لم يركب الخيل مثله * علي وسماك النبي محمدا
فلو كان حقا من أبيك خليفة * لكان ولكن ذاك ما لا يرى ابدا
وأنت بحمد الله أطول غالب * لسانا وأنداها بما ملكت يدا
وأقربها من كل خير تريده * قريش وأوفاها بما قال موعدا
وأطعنهم صدر الكمي برمحه * وأكساهم للهام عضبا مهندا
سوى أخويك السيدين كلاهما * امام الورى والداعيان إلى الهدى
أبى الله أن يعطي عدوك مقعدا * من الأرض أو في اللوح مرقى ومصعدا

(١) إيلة موضع بين مكة والمدينة وهو غير المدينة المعروفة - المؤلف -
(٤٣٥)

وقال عمر بن حارثة الأنصاري وكا مع محمد بن الحنفية يوم الجمل
وقد لامه أبوه لما امره بالحملة فتقاعس:
أبا حسن أنت فضل الأمور * يبين بك الحل والمحرم
إلى آخر أبياته المذكورة في ترجمته
وقال الزهري: كان محمد من اعقل الناس وأشجعهم معتزلا عن
الفتن وما كان فيه الناس وقال ابن سعد في الطبقات: لما استولى ابن الزبير
على الحجاز وقتل الحسين بعث ابن الزبير إلى ابن الحنفية يقول له بايعني
وبعث اليه عبد الملك بن مروان يقول له كذلك فقال لهما انما انا رجل من
المسلمين إذا اجتمع الناس على امام بايعته فلما قتل ابن الزبير بايع عبد
الملك وقال وهب بن منبه: كانت القلوب مائلة إلى محمد بن الحنفية وكان
المختار بن أبي عبيدة يدعو اليه بالكوفة ويراسله ويقول أنه المهدي وهذا
مذهب الكيسانية وهم طائفة من الامامية أصحاب المختار ابن أبي عبيدة
وكان المختار يلقب بكيسان وجماعة من الكيسانية يزعمون أن محمد بن
الحنفية لم يمت وأنه مقيم بجبل رضوى في شعب منه ومعه أربعون من
أصحابه دخلوا ذلك الشعب فلم يوقف لهم على اثر وانهم احياء يرزقون
وفيه يقول كثير عزة وكان من الكيسانية:
إلا أن الأئمة من قريش * ولاة الأمر أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه * هم الأسباط ليس لهم خفاء
فسبط سبط ايمان وبر * وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى * يقود الخيل يقدمها اللواء
وقوله سبط مجاز وانما أراد الولد وقال السيد الحميري:
الا قل للامام فدتك نفسي * أطلت بذلك الجبل المقاما
أضر بمعشر والوك منا * وسموك الخليفة والإماما
وعدوا اهل هذا الأرض طرا * مقامك فيهم ستين عاما
وما ذاق ابن خولة طعم موت * ولا وارت له ارض عظاما
لقد أمسى بمورق شعب رضوى * تراجعه الملائكة الكراما
هدانا الله إذ صرنا لامر * به ولديه نلتمس التماما
وقال السيد أيضا:
يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى * وبنا اليه من الصبابة أشوق
حتى متى وإلى متى ولم الذي * يا بن الوصي وأنت حي ترزق
قال الواقدي: ولما علم ابن الزبير بقصة محمد مع المختار حبسه في
مكان يقال له حبس عارم وفيه يقول كثير يخاطب ابن الزبير:
تخبر من لاقيت انك عابد * بل العابد المظلوم في حبس عارم
ومن بر هذا الشيخ في الخيف من منى * من الناس يعلم أنه غير ظالم
سمي نبي الله وابن وصيه * وفكاك أغلال وقاضي المغارم
وقال هشام وانما حبسه في قبة زمزم وحبس معه عشرين من وجوه
عشيرته وجماعة من بني هاشم لم يبايعوه وضرب لهم اجلا أن يبايعوه فيه والا
حرقهم بالنار وأشار بعض من كان مع محمد أن يبعث إلى المختار فيعرفه
حديثهم وما توعدهم به ابن الزبير وقال في كتابه يا اهل الكوفة لا تخذلونا
كما خذلتم الحسين فلما قرأ المختار كتابه بكى وجمع الاشراف وقرأ عليهم
الكتاب وقال هذا كتاب مهديكم وسيد اهل بيت نبيكم وقد تركهم الرسول
ينتظرون القتل والحريق ولست أبا إسحاق إن لم انصرهم وأسرب الخيل في
اثر الخيل كالسيل حتى يحل بابن الكاهلية الويل ثم سرح إليهم عبد الله
الجدلي في ألف فارس واتبعه بألف ثم بألف وألف فساروا حتى هجموا مكة
ونادوا يا لثارات الحسين وألقوا الحطب على باب القبة ولم يبق من الاجل
سوى يومين فكسروا باب القبة واخرجوا محمدا ومن معه وسلموا عليه وقالوا
خل بيننا وبين عدو الله المحل ابن الزبير فقال محمد لا استحل القتال في
حرم الله ثم تتابع عدد المختار حتى خرج محمد في أربعة آلاف فخرج إلى
إيلة فأقام بها مدة سنتين وكان ابن الزبير قد احرق داره وقيل بل أقام
بالطايف وهو الأشهر
وقال الثوري: قال محمد يوما لبعض ولده إذا شئت أن تكون أديبا
فخذ من كل شئ أحسنه وأن شئت أن تكون عالما فاقتصر على فن من
الفنون ١٠٤٧:
محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن الحسين بن عبد الله بن العباس بن
علي بن أبي طالب.
في معجم الشعراء للمرزباني أنه يكنى أبا إسماعيل. شاعر يكثر
الافتخار بآبائه رضوان الله عليهم. وكان في أيام المتوكل وبقي بعده دهرا.
وهو القائل:
اني كريم من أكارم سادة * أكفهم تندى بجزل المواهب
هم المن والسلوى لدان بوده * وكالسم في حلق العدو المجانب
وله:
بعثت إليها ناظري بتحية * فأبدت لي الاعراض بالنظر الشزر
فلما رأيت النفس أوفت على الردى * فزعت إلى صبر فأسلمني صبري
وله:
وجدي وزير المصطفى وابن عمه * علي شهاب الحرب في كل ملحم
أ ليس ببدر كان أول قاحم * يطير بحد السيف هام المقحم
وأول من صلى ووحد ربه * وأفضل زوار الحطيم وزمزم
وصاحب يوم الدوح إذ قام احمد * فنادى برفع الصوت لا بتهمهم
جعلتك مني يا علي بمنزل * كهارون من موسى النجيب المكلم
فصلى عليه الله ما ذر شارق * وأوفت حجور البيت اركب محرم ١٠٤٨:
محمد بن علي القنبري الهمذاني من ولد قنبر مولى علي بن أبي طالب
ع.
في معجم الشعراء للمرزباني: منزله بهمذان، مدح عبيد الله بن
يحيى بن خاقان في أيام المعتز ثم قدم بغداد في أيام المكتفي وكان يتشيع
ومدح جماعة من اهل بغداد. من قوله في عبيد الله:
آل الوزير عبد الله مقصدها * أعني ابن يحيى حياة الدين والكرم

(١) تذكرة الخواص.
(٤٣٦)

إذا رميت برحلي في ذراه فلا * نلت المنى منه أن لم تشرقي بدم
وليس ذاك لجرم منك اعلمه * ولا لجهل بما أسديت من نعم
لكنه فعل شماخ بناقته * لدى عرابة إذ أدته للأطم ١٠٤٩:
محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن نزار أبو عبد الله التنوخي الحلبي المعلم
المعروف بابن العظيمي
ولد سنة ٤٨٣ بحلب وتوفي بعد سنة ٥٣٨ كان عالما فاضلا محدثا
مؤرخا شاعرا أديبا.
عن تاريخ دمشق لابن عساكر أنه ذكره بالعنوان الذي ذكره وقال قدم
دمشق وامتدح بها جماعة بشعر لا بأس به وسمع معنا شيئا من الحديث على
الفقيه نصر الله ثم عاد إلى حلب وتردد إلى دمشق دفعات قال لنال أبو
سعيد بن السمعاني صاحب الأنساب سالت أبا عبد الله العظيمي عن
ولادته فقال في سنة ٤٨٣ بحلب آه
ولكن السمعاني لم يذكر العظيمي في أنسابه ويعلم أنه مات بعد ٤٨٣
مما نقل عن تاريخه أنه انتهى بحوادث تلك السنة فعلم أنه مات بعدها لكن
لم يعلم تاريخ وفاته على التحقيق ولعل ذلك هو السبب في عدم ذكره في
تاريخ ابن خلكان لأنه لا يذكر فيه الا ما علم تاريخ وفاته مع أنه قد أكثر
في كتابه من النقل عن تاريخه
تشيعه
يمكن أن يستفاد تشيعه من أمور: ١ أنه حلبي وأهل حلب كانوا
في ذلك العصر المائة السادسة كلهم أو جلهم شيعة ٢ قوله في تاريخه كما
حكي عنه في مجلة المجمع العلمي بدمشق ج ٥ م ١٨ ص ٢٠٩ والخلائف
بعد النبي ص إلى ملك معاوية ثلاثون سنة ومن أول ملك معاوية إلى آخر
دولة بني أمية ٩٢ سنة فجعل معاوية ملكا لا خليفة ٣ قوله ومدة الأئمة
الاثني عشر من موت النبي ص إلى غيبة المهدي بسامراء ٢٥٠ سنة.
والعمدة في الدلالة هذا الأخير فإنه إن لم يفد القطع أفاد الظن القريب منه
والأولان مؤيدان قويان. ولا ينافي ذلك عدم ذكر الآل في التصلية فلعله
من الناسخين. وهو يقول في خطبة تاريخه المنقولة وصلى الله على نبيه محمد
نبي الرحمة وعلى آله وصحبه وأمته خير آل وصحب وأمة
مؤلفاته
١ تاريخ حلب ذكره صاحب كشف الظنون فقال ومن تواريخ
حلب كتاب أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي ٢ التاريخ المسمى تاريخ
العظيمي ذكر الأستاذ عباس العزاوي البغدادي المعاصر فيما كتبه إلى مجلة
المجمع العلمي الدمشقي ج ٥ م ١٨ ص ٢٠٠ أنه رآه في مكتبات
اسلامبول ونقل منه أشياء وقال أنه هو التاريخ الصغير كما سماه ابن خلكان
وأنه ابتدأ من لدن آدم ع إلى خلافة المتقي وانتهى بحوادث سنة
٥٣٨ وتاريخ النسخة سنة ٦٣٣ ٣ كتاب الثمرة ذكره في عداد الكتب التي
نقل منها تاريخه المسمى بتاريخ العظيمي فقال كتاب الثمرة لي ٤ سيرة
الفرنج ٥ تذييل على تاريخ القلانسي وهذان الأخيران ذكر العزاوي أنه
ذكرهما في تاريخ ولكن الذي نقله عند تعداد مراجع كتابه لا يدل على أنهما
له فإنه قال سيرة الفرنج عن الرئيس حمدان بن عبد الرحيم من سنة ٤٩٠
إلى سنة ٥٣٨ تذييل شرف الدين أبي يعلى حمزة بن القلانسي من سنة ٤٤٨
إلى سنة ٥٣٨ ه‍ لم يزد على ذلك شيئا
شعره
قال ابن عساكر في تتمة كلامه السابق: أنشدني أشياء من شعره
وكتبها لي بخطه أنشدني أبو عبد الله لنفسه من قصيدة:
يلقى العدا بجنان ليس يرعبه * خوض الحمام ومتن ليس ينفصم
فالبيض تبسم والأوداج باكية * والخيل ترقص والابطال تلتطم
وأنشدني لنفسه:
جفون لأسياف اللحاظ جفون * لها فتن بين الورى وفتون
أعانت على قتلي فكيف تعينني * ودينتها قلبي فكيف تدين
ألين لها حبا فتبدي قساوة * وتزداد عزا بالهوي وأهون
من اللاء منهن البدور تعلمت * كمالا وتعديل القدود غصون
آه ومن هذا الذي نقله ابن عساكر من شعره تعلم أن مرتبة
شعره وسطى ١٠٥٠:
أبو جعفر أو أبو محمد أو أبو أحمد محمد بن علي بن عبدك الجرجاني توفي
بعد ٣٦٠
نسبته
عبدك بالعين المهملة والباء الموحدة والدال المهملة والكاف، واسم
عبدك عبد الكريم فخفف كما يقولون عبدل في عبد الله وزينل في زين
العابدين. والجرجاني نسبة إلى جرجان بضم الجيم وسكون الراء المهملة
والجيم والنون بعد الألف مدينة عظيمة مشهورة بين طبرستان وخراسان،
في انساب السمعاني فتحها يزيد بن المهلب أيام سليمان بن عبد الملك وفي
معجم البلدان قيل أن أول من أحدث بناءها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة
أقوال العلماء في حقه
قال النجاشي: محمد بن علي بن عبدك أبو جعفر الجرجاني جليل
القدر من أصحابنا فقيه متكلم آه وفي الخلاصة بدل فقيه ثقة ويشبه ان
يكون تصحيفا لان العلامة انما ينقل عبارة النجاشي والصواب فقيه كما عن
رجال ابن داود، وفي انساب السمعاني في لفظة الشيعي: وثم جماعة
من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ويتولون اليه وفيهم كثرة يقال لهم
الشيعة منهم محمد بن علي بن عبدك الشيعي واسم عبدك عبد الكريم
صاحب محمد بن الحسن الفقيه العبدكي أبو أحمد الجرجاني كان مقدم
الشيعة واليه ينسب جماعة سمع عمران بن موسى الجرجاني واقرانه روى عنه
الحاكم بن عبد الله الحافظ النيسابوري آه وقال أيضا: العبدكي بفتح
العين المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح الدال المهملة وفي آخرها الكاف
هذه النسبة إلى عبدك وهو والد علي بن عبدك واسمه عبد الكريم وعبدك
صاحب محمد بن الحسن الفقيه وتفقه عليه والمشهور بهذه النسبة أبو أحمد
محمد بن علي عبدك الشيخ العبدكي من اهل جرجان كان مقدم الشيعة
وامام اهل التشيع بها سمع عمران بن موسى بن مجاشع الجرجاني واقرانه
روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ البيع وعرفه ونسبه هكذا قال: كان
من الأدباء الموصوفين بالعقل والكمال وحسن النظر بنيسابور وبنى بها الدار
والحمام المعروف بباب عزة وتوفي بعد ٣٦٠ بجرجان آه وفي الفهرست
(٤٣٧)

ابن عبدك من اهل جرجان أظنه يكنى أبا محمد بن محمد علي العبدكي من
كبار المتكلمين في الإمامة له تصانيف كثيرة وكان يذهب إلى الوعيد وكذلك
أبو منصور الصرام على مذهب البغداديين ويخالفهما أبو الطيب الرازي وكان
يقول بالارجاء.
وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: ابن عبدك أبو محمد محمد بن
علي العبدكي الجرجاني امامي الا انه يذهب إلى الوعيد في تصانيفه،
أقول: قد سمعت قول النجاشي انه يكنى أبا جعفر ويظهر من كلام
السمعاني انه يكنى أبا احمد ولم نجد من كناه أبا محمد كما ظنه الشيخ ابن
شهرآشوب ولعله اخذه من كلام الشيخ. والقائلون بالوعيد يقال لهم
الوعيدية وهم فرقة قالوا بقبح خلف الوعيد كما يقبح خلف الوعد بدأهم
بهذا القول عمرو بن عبيد المعتزلي كما عن المصباح المنير. وعن كتاب خير
المقال انهم قالوا بان عذاب أصحاب الكبائر من المسلمين مؤبد لا ينقطع
كالكفار وان الشفاعة عبارة عن استزادة الثواب للمستحقين والمرجئة
بالهمزة أو بالياء والجيم المكسورة المخففة اسم فاعل من أرجأ اي أخر أو
بتشديد الجيم من رجا مشددا بمعنى أمل وهم فرقة لا يحكمون على أحد
بشئ في الدنيا بل يؤخرون الحكم إلى يوم القيامة وهو معنى ما قيل إنهم لا
يقطعون على اهل الكبائر بشئ من عفو أو عقوبة بل يرجئون الحكم في
ذلك اي يؤرخونه إلى يوم القيامة وهم الذين كانوا يقولون لا يضر مع
الايمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. والمرجئة في مقابل الوعيدية
ولذلك قال الشيخ ان أبا الطيب الرازي يخالف المترجم والصرام القائلين
بالوعيد ويقول بالارجاء وقيل الاجراء تأخير علي ع عن الدرجة الأولى
في الخلافة إلى الرابعة فهم في مقابل الشيعة وإذا صح عن المترج انه كان
يقول بالعيد فهو مخالف لما عليه اجماع الامامية.
مؤلفاته
قال النجاشي: له كتب منها كتاب التفسير وفي الفهرست: لابن
عبدك هذا كتب كثيرة منها كتاب تفسير القرآن كبير حسن وله كتاب الرد
على الإسماعيلية. وفي معالم العلماء تصانيفه التفسير عشرة اجزاء، مطلع
الهداية، الرد على الإسماعيلية. الكلام في الفرقة المثبتة لرؤية الله تعالى. ١٠٥١:
الميرزا محمد علي ابن أخي المولى رفيع الدين الجيلاني.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
فاضل كثير الذكاء متكلم جليل حسن الاخلاق اجتمعت به في المشهد
الرضوي يشتغل على عمه بالدروس التي كان يلقيها ثم في أذربيجان وهو
قاضي العسكر ثم قدم الينا وهو صدر الأفاضل ورأيته في جميع الأحوال على
حال واحدة من حسن التواضع وخفض الجناح والتودد لم تغيره المناصب
الدنيوية تعاشرت معه كثيرا وتناظرنا في كثير من المسائل الأصولية والفروعية
ومعاني الأبيات المشكلة والنكات الأدبية وهو الآن مقيم ببلدة يزد من بلاد
فارس. ١٠٥٢:
الشيخ محمد علي بن محمد قاسم بن محمد تقي بن محمد قاسم الأردبادي
التبريزي النجفي.
ولد في تبريز سنة ١٣١٠.
في الطليعة: قدم النجف بعد خمس سنوات من ولادته وهو اليوم بها
حي فاضل اشتمل على فضل جم وعلم غزير وشارك في فنون مختلفة إلى
تقى طارف وتليد وحسب موروث وجديد، المصنف الشاعر فمن شعره
قوله:
حدرت نقاب الصد عن متستر * بيضاء ترفل في كثيب اعفر
تفتر عن مثل العقود كأنما * نضدت مباسمها بسمطي جوهر
وتنفست عن نفحة مسكية * فكأنما عجنت بطيب أذفر
وله في علي بن أبي طالب ع:
بمجدك من زعيم علا ومجد * عدلت إليك عن سلمى ودعد
فيا عين الذؤابة من نزار * وفخر الحي من عليا معد
إمام في المعارف من قصي * كفاه الفخر من رسم وحد
وذو كف كفت ان عم جدب * وان حسر الوغى عن ساق جد
فيوم الحرب تصطلم الأعادي * وتحيي الوفد في الجلي برفد
كنجم يهتدي بهداه طورا * ويهوي تارة رجما برد
كساه الفخر هاشم من صباه * ثياب مكارم وبرود حمد
به أم القرى ترتاح بشرا * بأكرم والد وأعز ولد ١٠٥٣:
الشيخ محمد علي الأعسم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد الزبيدي
النجفي، وفي مجموعة الشبيبي محمد علي بن جعفر.
توفي سنة ١٢٣٣ أو ٣٤ في النجف الأشرف ودفن في المقبرة التي
تنسب إليهم في الصحن الشريف المرتضوي.
وآل الأعسم أسرة نجفية كبيرة عريقة في العلم والفضل والأدب
خرج منها عدة من العلماء والأدباء والى اليوم لم ينقطع ذلك منهم اصلها من
الحجاز من نواحي المدينة المنورة وجاء جدهم إلى النجف الأشرف وتوطنها
وقيل له الأعسم لكونه من العسمان فخذ من حرب احدى قبائل الحجاز
المعروفة، والزبيدي نسبة إلى زبدي أحد بطون حرب لا إلى زبيد القبيلة
القحطانية المعروفة ولهذا قال بعض المؤرخين انهم من زبيد الحجاز.
كان صاحب الترجمة عالما فاضلا فقيها ناسكا تقيا أديبا شاعرا مجيدا
متفننا له ديوان شعر وله مراث كثيرة في الحسين ع ومدائح في أهل البيت
ع وشعر كثير في أبواب شتى وكثير منه في أستاذه بحر العلوم
ومراثي الامام الشهيد ع. تخرج على السيد مهدي بحر العلوم
الطباطبائي والتحق به وكان من ندمائه وجلسائه واشترك في جميع مطارحاته
وهو ممن كانت تعرض عليه منظومة الطباطبائي المسماة بالدرة وله تقريظ
عليها مطبوع معها يقول فيه:
درة علم هي ما بين الدرر * فاتحة الكتاب ما بين السور
ترى على أبياتها طلاوة * كأنما استقت من التلاوة
لذاك فاقت كل نظم جيد * وسيد الأقوال قول السيد
وله فيه مدائح تشتمل على تواريخ في كل شطر تاريخ وكانت له اليد
الطولى في نظم التاريخ، وبعد وفاته اتصل بالشيخ جعفر صاحب كشف
الغطاء وله فيه وفي ولده الشيخ موسى مدائح كثيرة مدونة وحج مع الشيخ
جعفر وله قصيدة ذكر فيها رحلته. وقال الشيخ درويش علي البغدادي

(١) ثم انتقل إلى تبريز
(٤٣٨)

الحائري في كتابه كنز الأديب في حقه على ما حكي: الشيخ العالم العلامة
القدوة كان من كبار تلامذة بحر العلوم يروي عنه وعن غيره، صاحب
مؤلفات جيدة ومصنفات مفيدة آه.
ولم نقف له الا على منظومة في المواريث وأخرى في الرضاع وثالثة في
العدد ورابعة في تقدير دية القتل وخامسة في آداب الطعام والشراب
المستفادة من الاخبار قال فيها:
ويستحب الغسل لليدين * قبلا وبعدا تغسل الثنتين
فان فيه مع رفع الغمر * زيادة العمر ونفي الفقر
وتسكين الميم من الغمر سهو منه وانما هو الغمر بالتحريك فان الغمر
كالدسم وزنا ومعنى نص عليه اهل اللغة. وقد شرح المنظومات الثلاث
الأولى ولده الشيخ عبد الحسين كما مر في ترجمته وقد وقع اشتباه من
المؤرخين عند ذكر ترجمته وترجمة أولاده فبعض نسب أرجوزة الأب إلى ولده
الشيخ عبد الحسين وشرحها إلى ولد الابن وأرجوزة الديات إلى الابن أيضا
وبعض منظومة آداب الطعام والشراب إلى الشيخ محمد حسين ابن الشيخ
محمد علي مع أنه لا يعرف له منظومة في ذلك. وله من قصيدة في الشيخ
جعفر أو ولده الشيخ موسى:
وحق الهوى ما ملت عن سنن الهوى * وان قال لي الواشي حبيبك مائل
ذكرت له أيام وصل صفا بها * لي العيش الا انهن قلائل
أطاول فيها كل من طاب عيشه * ويحسدني فيهن من لا أطاول
أصاخ إلى الواشي فأشغل قلبه * وكان ولم يشغله عني شاغل
صبرت على أخلاقه غير خلة * يرى ان ما بي هين وهو قاتل
فيا حبه كن لي اليه وسيلة * فرب بعيد قربته الوسائل
ومنها:
إذا قست اهل العلم فيه وجدته * هو البحر والباقون منه جداول
وكل له فضل ولكن تفاوتوا * ففي القوم مفضول وفي القوم فاضل
وما كل مصقول الغرارين قاطع * ولا كل مفتول الذراعين باسل
وطلب منه السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي تخميس أبيات
للحلاج على طريقته الصوفية فقال:
أعضاي بالعالم السفلي موثقة * والروح بالملأ الأعلى معلقة
بك اتصلت فما لي بالورى ثقة * كانت لنفسي أهواء مفرقة
فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي
وقد رقيت مقاما ليس يصعده * غيري ونالت يدي ما لم تنل يده
فظل يجهدني من كنت أجهده * وصار يحسدني من كنت أحسده
وصرت مولى الورى إذ صرت مولائي
شاهدت ما غمضوا عنه عيونهم * من نور مولاي فاستبصرت دونهم
وحيث خالفت في شاني شؤونهم * تركت للناس دنياهم ودينهم
شغلا بذكرك يا ديني ودنيائي
وله مخمسا هذين البيتين وقد اقترح ذلك عليه السيد حسين ابن
السيد سلمان المزيدي:
حضر العتاب فكان زد جوابه * اطراقه للرأس عند عتابه
شاء الجواب فخاف من حجابه * لو كان يقدر ان يبثك ما به
لرأيت أحسن عاتب يتعتب
ومهفهف كالبدر لولا نقصه * أو كالنهار إذا تجلى قرصه
لما استبان على الزيارة حرصه * حجبوه عن بصري فمثل شخصه
في القلب فهو محجب لا يحجب
وله في أستاذه السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي:
لقد كنت في حالة لا يكاد * يعيد إلي الحياة المسيح
تجس فؤادي يد الاختبار * لتعلم هل مت أو في روح
وقد يعذر المتشكي المريض * بما ليس يعذر فيه الصحيح
فعالجت دائي بمدح الكريم * فاذهب ما في منه المديح
فكان الدواء وكان الغذاء * وكان الغبوق وكان الصبوح
وكيف يقول امرؤ ما يقول * ولا يامن العي وهو الفصيح
جمعت محاسن لو جمعت * إذا لم يسعها الفضاء الفسيح
فخار كشمس الضحى واضح * وعن صفة الشمس يغني الوضوح
أراح مجاريك ياس اللحاق * وذو الياس من همه مستريح
وقال مؤرخا ولادة ولده السيد رضا:
بدا كوكب الاقبال في أفق السعد * وأشرق نادي قطب دائرة المجد
بأكرم مولود لأكرم والد * يمت به أزكى فخار إلى الجد
فان يسال الأحباب عن مولد الرضا * فقل أرخوه بالرضا هني المهدي
وقال يمدحه معرضا بطلب التدريس والمباحثة:
يا رب ناد فيه مزدحم الملا * ما بين املاك وبين ملائك
لمملك فيه الأنام ثلاثة * من تابع ناج وآخر هالك
ومخلط حيران ليس بعارف * اي الفجاج بها نجاة السالك
مولاي فأنعشهم بطلعتك التي * يجلو سناها كل ليل حالك
وتدارك الأشياء غاب امامها * عنها رعاك الله من متدارك
فهم من التعطيل في هم فمن * مبد عظيم الهم أو متماسك
هم به اشترك الورى لكن لهم * نصف ونصف لي بغير مشارك
قسما بما بيني وبين رقيقه * سلمان من رحم اتحاد المالك
لأرى له في القلب من صفو * الهوى ما لست تاركه وليس بتاركي
وقال يمدحه مؤرخا بناء الخان الذي امر ببنائه ما بين كربلا والمشهد
الغروي:
سعد الألى شادوا بامر السيد * قصرا به نالوا السعادة في غد
وغدا بحمد الله أحسن منزل * ما بين بقعة كربلا والمشهد
قصر تطاولت القصور فطالها * بمحاسن في غيره لم توجد
وكفاه فخرا انه ينمى إلى * ذي سؤدد قد فاق اهل السؤدد
قد شيد الأركان منه ماجد * ما زال للطاعات خير مشيد
السيد المهدي طال بقاؤه * وبقاء قيمه الموفق احمد
فلقد توفق للقيام بامره * والله خير موفق ومؤيد
قد أودع البنيان مع احكامه * حكما إليها ذو البصيرة يهتدي
وكان بانيه لحسن صنيعه * قد صاغه من فضة أو عسجد
هو منزل للسفر اضحى مقصدا * بين المنازل بغية المتقصد
(٤٣٩)

يدعو الركاب إلى النزول ويستوي * نظر الغريب اليه والمتردد
وإذا أراد الركب ان يترحلوا * نظروا اليه نظرة المتزود
فيه من الجنات ان عيانه * يبدي قصور الواصفين لقصد
ولرب شئ لا تحيط بوصفه * حتى يكون الشئ عنك بمشهد
رفعت يد الباني قواعده فلا * كتب البلا يوما على تلك اليد
لما استوى نادى مؤرخه لقد * قامت قواعده بامر السيد
وقال يهنيه بتزويج ولده السيد رضا:
حق المودة ان تكون جهارا * وترى لها بين الورى آثارا
وأشد نقص في الهوى كتمانه * فيما يكون مقامه الاظهارا
وأقل ما يقضي به حسن الوفا * ابلاغ تهنئة السرور بدارا
للسيد المهدي ان سروره * سر النبي وآله الأطهارا
مولى له في الخلق أعظم منة * لا يستطيع لها الورى انكارا
ان يسجد القمر المنير له ومن * اثر السجود ترى عليه غبارا
فلشكره الاحسان منه لأنه * منه استفاد النور حيث أنارا
وبنور طلعته استضانا في الدجى * حتى حبسنا الليل كان نهارا
سمع الورى صفة الامام فشاقهم * مرآه حين عن العيون توارى
فخلقت مرآة له كي يبصروا * ما لله عنه حجب الأبصارا
فانظر اليه كي ترى خلفا حكي * سلفا وآثارا قفت آثارا
وكان ناديه إذا ازدحم الملا * فيه مع الأملاك كان مزارا
وجدوا به بحرا فلم يستبدلوا * بالبحر بعد وروده الأنهارا
بحرا يفيض ندى يقيه بالغنى * وهدى يفك من الضلال أسارى
تنقاد أرباب المقال لقوله * الا الذي لزم العناد ومارى
ما اختار شيئا فيه يختلف الورى * الا وكان الحق فيما اختارا
مولى كساه الفضل فضل مهابة * من يلقه كانت خطاه قصارا
تلقى جبابرة الملوك إذا اتوا * ناديه خاضعة الرقاب صغارا
بلغت به التقوى إلى حال غدت * منها عقول العارفين حيارا
ما تلك الا عصمة أو دونها * ان تنأ لم تتجاوز الأشبارا
هنئت يا مولاي بالولد الذي * فاق الكهول سكينة ووقارا
وسما على اقرانه بفخاره * في الفهم والتحصيل زيد فخارا
وبعقد تزويج لبدر كامل * ودت تكون له النجوم نثارا
عقد حوى حسبين يلتقيان في * جد زكا أصلا وطاب نجارا
حضرت به الأملاك يوم زفافه * سرا وودت ان يكون جهارا
بوركت من فرح به قد شاركت * اهل السماوات العلي الأخيارا
يا ماجدا هدي الأنام بجده * لولاه كان جميعهم كفارا
متعت بالبر الرضا وبقائه * حتى ترى أحفاده الأبرارا
وبقيت ما بقي الزمان وأهله * كهفا لأهليه إذا هو جارا
بهواك احلف وهي حلفة صادق * والكذب أعظم كل شئ عارا
ما ان دعوت انا لنفسي مرة * الا دعوت لمن أحب مرارا
يوم به نالوا السرور مبارك * بركاته قد عمت الأقطارا
ولقد أتى التاريخ يوم سرورهم * سر النبي وآله الأطهارا
وقال راثيا السيد مرتضى والد السيد مهدي الطباطبائي المتوفى سنة
١٢٠٤ ومؤرخا عام وفاته ومعزيا ولده المذكور عنه:
خطب ألم فضاق بي رحب الفضا * وعرا فاضرم في الحشا نار الغضا
وودت لو غمضت جفوني ساعة * ومتى تجف من الدموع فتغمضا
أمفارقي طوعا وفارقني العزا * كرها وإذ قوضت عني قوضا
أسفي على أني غداة البين لم * احضر ولم أسهر عليك ممرضا
كي أفتديك من المنون لعلها * ترضى بذاك إذا رأت مني الرضا
رزء به المهدي يجلس للعزا * بادي الشجون على أبيه المرتضى
اهل لأن تجري العيون سواقيا * ما بين احمر قانيا أو أبيضا
بأبي الذين دعوا إلى دار البقا * فمضوا وقد كانوا بقية من مضى
بأبي الألى كانوا مصابيح الدجى * من تلق منهم خلت برقا أو مضا
ما كان أطيب عيشنا بزمانهم * وأمر ذلك إذ تصرم وانقضى
والمرء قد يهوي الحياة لأجلهم * فإذا مضوا شنا الحياة وأبغضا
يهوى الفداء أو اللحاق بهم ولم * يك منهما شئ اليه مفوضا
أسفا على عضب قد اتخذ الثرى * غمدا وكان على الأعادي منتضى
وعلى بحور العلم غاضت في ثرى * كشاف غامضة إلى أن غمضا
شنا الحياة وفارق الدنيا التي * عرضت عليه وكان عنها معرضا
ولرب ذي جزع بكاه ولم يكن * جزع الفتى يجدي إذا حان القضا
متلعثم في الرد لو سألوه عن * سبب البكا ما أن يقول لهم قضا
واتى بتاريخ بغير تلعثم * أشجى جميع الناس فقد المرتضى
ونعى وما قصرت في تاريخه * قد أوهن الاسلام فقد المرتضى
واتى بتاريخ بلا ترك له * بكى السماء دما لفقد المرتضى
وقد حفظ غير بيت من أبيات منظومة الطعام والشراب جرت مجرى
الأمثال والشواهد كقوله:
فأكرم الخبز ومن اكرامه * ترك انتظار الغير من أدامه
والاتكاء حالة الأكل اترك * ما اكل النبي وهو متكئ
وابن يسار وهو بعض العمد * روى جواز الاتكا على اليد
وقد أتانا في علاج العلل * ما استشفت الناس بمثل العسل
وسيد الفواكه الرمان * يأكله الجائع والشبعان
فكله كيما ان تصح بعده * بشحم فهو دباغ المعدة
وتؤكل الأعناب مثنى مثنى * وقد أتى الأفراد فيه أهنى
وينفع التفاح في الرعاف * مبرد حرارة الأجواف
نعم الادام الخل ما فيه ضرر * وكل بيت فيه خل ما افتقر
ومن يكن في جمعة أو قد دخل * في مسجد فليجتنب اكل البصل
كذاك اكل الثوم والكراث * دعه ونحو هذه الثلاث
والأكل للخس مصف للدم * ويذهب الجذام اكل الشلغم
سيد كل المائعات الماء * ما عنه في جميعها غناء
أ ما ترى الوحي إلى النبي * منه جعلنا كل شئ حي
ويكره الاكثار منه للنص * وعبه اي شربه بلا مص
من شرف الانسان في الاسفار * تطييبه الزاد مع الاكثار
وليحسن الانسان في حال السفر * أخلاقه زيادة على الحضر
وليدع عند الوضع للخوان * من حضر الزاد من الاخوان
والضيف يأتي معه برزقه * فلا يقصر أحد في حقه
يلقاه بالبشر وبالطلاقة * ويحسن القرى بما أطاقه
يدني اليه كل شئ يجده * ولا يرم ما لا تناله يده
وأكرم الضيف ولا تستخدم * وما اشتهاه من طعام قدم

(١) يمكن ان تكون هذه لفظة مهملة يسقط عدد حروفها من التاريخ.
(٤٤٠)

وينبغي تشييعه للباب * وفي الركوب الاخذ بالركاب
وقال في مدح علي أمير المؤمنين ع:
اني لمدح بني النبي لعاشق * والنظم يشهد لي باني صادق
تأتي قوافيه إلي كأنما * قد ساقهن إلى لساني سائق
هذا ومدحي قاصر عن فضلهم * ولو اجتهدت وكان تحتي سابق
ساووا كتاب الله الا انه * هو صامت وهم الكتاب الناطق
من جاء بالقول البليغ فناقل * عنهم والا فهو منهم سارق
ضلت خلائق في علي مثلما * ضلت بعيسى قبل ذاك خلائق
جعلوا الذي قد كان نفس نبيهم * هو نفس خالقهم تعالى الخالق
لا عذر للنصاب والغالي له * عذر لبعض ذووي العقول موافق
ضلت به الفئتان لكن ليستا * شرعا فان النصب كفر خارق
لا ينسب الاسلام للقالي له * وإن ادعى الاسلام فهو منافق
وهو الذي نطق الكتاب بمدحه * وبفضله صدع النبي الصادق
إن كان في الاسلام خرق خاطه * أو كان فتق فهو فيه الراتق
يا سادة وعدوا بانقاذ الذي * والاهم وبوعدهم انا واثق
ترضون أن أصلي غدا بجهنم * مع من أعادي دونكم وأشاقق
وأذوق من خجلي لدى خصمائكم * اضعاف ما انا من جهنم ذائق
هم بي يخف عذابهم وانا بهم * يشتد هل هذا لديكم لائق
تالله لو دخل الجنان عدوكم * ما راق لي منها شراب رائق
يا من اليه الحكم يرجع في غد * ولأمره امر الإله موافق
ولكأنني بك والخلائق كلهم * خرس وما في الخلق غيرك ناطق
قد قام رضوان لديك وما لك * ولهم إلى شفتيك طرف رامق
مولاي عبدك قد أحبك دهره * وبدا بنشر المدح وهو مراهق
لولاك ما طابت ولادته ولم * تخبث فحبكم المحك الفارق
وقلاك من حملته أم أيم * أو ذات بعل وهي منه طالق
أو في زمان لا تصح صلاتها * كلا ولا هي للقبيح تفارق
لا اختشي هول المعاد وأنت لي * مولى ولا قلبي هنالك خافق
وعليكم صلى المهيمن ما سرى * نجم وذر على البرية شارق
وقال يرثي الآقا محمد باقر البهبهاني المتوفى سنة ١٢٠٥ ويعزي عنه
السيد مهدي الطباطبائي:
ما للردى قد راش كل سهام * وسطا على علمائها الاعلام
يوم به انطمست مصابيح الهدى * يوم به انفصمت عرى الاسلام
يوم به الايمان هدم سوره * وانهد ركن قواعد الاحكام
يوم به العلياء شقت جيبها * تذري المدامع كالسحاب الهامي
وأغبرت الدنيا باعين أهلها * فكأنها راد الضحى بظلام
اليوم زلزلت البلاد وأعولت * اليوم أودى ذو الفخار السامي
الباقر العلم الذي لو يفتدى * سبقت لفديته ذوو الأحلام أودى وقد
أودى الهدى فعلى الهدى * وعليه خير تحية وسلام
بأبي التقي الناسك الورع الذي * يحيي الدجى بتهجد وقيام
بأبي وغير أبي الحميم وغيره * من لست أسلوه ليوم حمامي
من بعده شبه الضلال يردها * ويذود عن دين الهدى ويحامي
فبمثله الاسلام يعلو صوته * ويدق انف الشرك بالارغام
فهو الذي حسم الضلال وأهله * ولسانه عن ألف ألف حسام
مولى له فضل على كل الورى * وله مقام فوق كل مرام
مولى يحكم في الحجاج مقاله * واليه يرجع عند كل خصام
هو علم العلماء حسن طريقة * في الفقه عند النقض والابرام
مولاي كم أوضحت من سبل الهدى * وأبنت ما يخفى على الاعلام
وفتحت منها كل باب مقفل * قد كان سد على ذوي الافهام
تبكي عليك محافل الفضل التي * كنت النظام لها وأي نظام
ومدارس فقدتك كنت قوامها * كيف استقامتها بغير قوام
ومساجد كنت الامام لأهلها * تبكيك إذ بقيت بغير امام
رحل الذي اشتاق اللقاء لربه * فرأى لديه أعظم الاكرام
وله مآثر لا تزال خوالدا * تبقى بقاء الدهر والأعوام
يا أيها المهدي والمولى الذي * شمل الورى بالبر والإنعام
بك أطفئت نار بقلبي أضرمت * لولاك ما خمدت من الاضرام
وبذي العلوم علي الباني لها * أسا بناه بغاية الاحكام
وبنجله الزاكي سمي محمد * ووصيه بحر العلوم الطامي
وبنجله عبد الحسين أخي العلي * وبسبطه الحاكي لبدر تمام
وبماجد مد المهيمن ظله * ووقاه شر طوارق الأيام
السيد المهدي من من جوده * تحيا الورى كالروح للأجسام
فبهم سلو المرء من حر الجوى * وشفاء ما في القلب من آلام
ورثوا العلى منه وهم أولى الورى * بمقامه وهم أولو الأرحام
إن فاق بالأحساب سائر قومه * فبتلك فاقوا سائر الأقوام
مذ ذاب قلب المجد قلت لصاحبي * ارخ قد انفصمت عرى الاسلام
وفيه زيادة ثلاثة أشار اليه بقوله: مذ ذاب قلب المجد وهو الجيم
وقال يرثي سليمان مملوك السيد مهدي الطباطبائي:
النفس طال من الدنيا تشكيها * ما ذا يقول المعزي إذ يعزيها
وان سلمان قد زادت رزيته * على الرزايا التي كنا نقاسيها
يا قدس الله تلك الذات ما قعدت * عن طاعة الله حتى أقام ناعيها
قد أعجلتها المنايا للرحيل ولم * تمهل لتطلب إذنا من مواليها
لا زال يجهد في ارضاء سيده * بطاعة كان يرضي ربه فيها
قضى من العمر أحوالا بخدمته * واختار موتا ليفديه بباقيها
قد كان لله عبدا خالصا فرقت * تقوى الإله به أعلى مراقيها
أدى عبودية أخرى لمالكه * فزاده الله اخلاصا وتنزيها
قضى اثنتين وأن الله كلفنا * إحداهما قل منا من يؤديها
لله درك مملوكا بطاعته * سما المماليك قاصيها ودانيها
إن لم تكن أنت معنى قول سادتنا * سلمان منا فمعنى من معانيها
وسيدا تهت في الدنيا بخدمته * فازدد وقد صرت للأخرى به تيها
لا تأس يا سيد الأحرار إن بنا * إن مات عبد عبيدا لست تحصيها
فليتك اليوم ترضانا له خلفا * لكنها رتبة لسنا بأهليها
تغمد الله سلمانا برحمته * قد فاز في جنة المأوى وما فيها
وله يرثي الحسين ع:
ذكر الطفوف ويوم عاشوراء * منعا جفوني لذة الاغفاء
لم انسه لما سرى من يثرب * بعصابة من رهطه النجباء
لله كم قطعوا هنالك مهما * نكبوا الرياح به من الاعياء
(٤٤١)

حتى اتوا ارض الطفوف بنينوى * ارض الكروب وارض كل بلاء
حطوا الرحال فذا محط خيامنا * وهنا تكون مصارع الشهداء
وبهذه يغدو جوادي صاهلا * مرخى العنان يجول في البيداء
وبهذه أغدو لطفلي حاملا * في الكف اطلب جرعة من ماء
أ مجدل الابطال في يوم الوغى * ومنكس الرايات في الهيجاء
هذا حبيبك بالطفوف مجدل * عار تكفنه يد النكباء
وله في رثاء الحسين ع:
ديار تذكرت نزالها * فرويت بالدمع أطلالها
وكانت رجاء لمن أمها * بها تبلغ الوفد آمالها
وكم منزل قد سما بالنزيل * ولو طاولته السما طالها
بنفسي كراما سخت بالنفوس * بيوم سمت فيه أمثالها
وصالوا كصولة أسد العرين * رأت في يد القوم أشبالها
ترى أن في الموت طول الحياة * فكادت تسابق آجالها
إلى أن أبيدوا بسيف العدى * ونال السعادة من نالها
ولم يبق للسبط من ناصر * يلاقي من الحرب أهوالها
بنفسي فريدا أحاطت به * عداه فجاهد ابطالها
ويرعى الوغى وخيام النسأ * فعين لهن وأخرى لها
إلى أن هوى فوق وجه الثرى * وزلزلت الأرض زلزالها
رأى الناس أوتادها قد هوت * فمادت فلم يسألوا ما لها
تراهم على الأرض مثل النجوم * مع البدر والخسف قد غالها
فهم كالأضاحي تمر الرياح * عليهم وتسحب أذيالها
وشيلت رؤوسهم في الرماح * فشلت يدا كل من شالها
وما أنسى لا أنسى زين العباد * عليلا يكابد أغلالها
وما للنساء ولي سواه * يليها ويكفل أطفالها
ونادى منادي اللئام الرحيل * يريدون للشام إرسالها
بكين وأعولن كل العويل * فلم يرحم القوم إعوالها
قد استأصلوا عترة المصطفى * ولم يخلق الكون الا لها
وكم آية أنزلت في الولاء * لهم شاهد القوم انزالها
ولو أهمل الأمة المصطفى * لكان قد اختار اضلالها
إليكم بني احمد غادة * اتت من ولي الحكم قالها
رجا في القيامة أن تؤمنوه * إذا خافت النفس أهوالها ١٠٥٤:
أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد الحلي المعروف بابن حميدة توفي سنة ٥٥٥
له شرح مقامات الحريري ذكره في كشف الظنون ١٠٥٥:
الحاج محمد بن علي الأردبيلي
كان عالما متبحرا في علم الرجال والحديث معاصرا للمجلسي وقرأ
عليه وعلى الشيخ محمد علي بن أحمد بن كمال الدين حسين الاسترآبادي له
كتاب جامع الرواة ورافع الاشتباهات في مجلدين كبيرين يكونان أزيد من
خمس مجلدات، بقي في تأليفه مدة خمس وعشرين سنة وهو يشتمل على
خمسين ألف بيت والبيت خمسون حرفا وقد لخصه السيد حسين ابن
ميرزا إبراهيم القزويني. لم يصنف مثله ذكر فيه جميع من روى عن
الشخص ومن روى ذلك الشخص عنه بحيث يتميز بذلك المشترك
والمجهول في أكثر الموارد وهذا المعنى موجود في كتاب تهذيب التهذيب لابن
حجر العسقلاني من حفاظ اهل السنة وكنت اتمنى أن يكون للشيعة كتاب
بهذا النحو حتى اطلعت على هذا الكتاب فوجدته قد سد فراغا عظيما بين
مؤلفات علماء الشيعة. قال في خطبته ما حاصله أنه كان الزم نفسه بمعرفة
صحيح الأخبار من سقيمها وأنه وقف وقفة المتحير لما كان يرى اطلاق اسم
الراوي أو اختلاف النسخ فيه وأنه صار كثير من الاخبار في ذلك مجهولا في
نظر العلماء فسنح بخاطره أنه يمكن استعلام حال الراوي المطلق من الراوي
والمروي عنه. وعلماء، الرجال لم يذكروا ولم يضبطوا جميع الرواة وانما
ذكروا في بعض المواضع أنه روى عنه فلان وفلان وليس هذا كافيا في
المطلوب فجمع الرواة من أسانيد الكتب الأربعة من الرواة رووا عن
المعصوم ولم يذكر علماء الرجال روايتهم عنهم وبعضهم عدوه ممن روى عن
امام واحد وهو رآه قد روى عن امامين ومن فوائد ذلك أن بعض من ذكروا
أنه لم يرو عنهم ع ورأى أنه قد روى عنهم ضبطه لتظهر فائدته
في الحديث المضمر ومن فوائده أنه بمعرفته كثرة الرواة عن رجل يعلم حسن
حاله وأنه كان من مشائخ الإجازة وأنه رجح في بعض الاختلافات الواقعة
بين علماء الرجال بالبرهان. وأنه حين أراد نقلها من السواد إلى البياض دعا
جمعا من العلماء فقرأوا الفاتحة وكتب كل واحد منهم شيئا من مفتتح الكتاب
تيمنا فابتدأ المجلسي محمد باقر وكتب بسم الله الرحمن الرحيم وكتب
بعده آقا جمال الدين محمد بن آقا حسين الحمد لله وكتب بعده ميرزا
محمد رحيم العقيلي الذي زين قلوبنا وكتب كوثر الدراية وجعفر الرواية
بمعرفة الثقات وكتب رضي الدين محمد ابن آقا حسين والعدول
وكتب مولانا محمد سراب والأثبات والأعيان وكتب باقي الفضلاء
والعلماء كلمة كلمة إلى تمام ثلاثة أسطر آه
وله كتاب آخر سماه تصحيح الأسانيد على ترتيب حروف الهجاء
وقال المجلسي رحمه الله في اجازته للمترجم التي ذكرها في آخر جامع
الرواة: اما بعد فقد قرأ علي وسمع مني المولى الفاضل الكامل الصالح
الفالح التقلي النقي المتوقد الذكي الألمعي مولانا حاجي محمد الأردبيلي كثيرا
من العلوم الدينية والمعارف اليقينية لا سيما كتب الاخبار الخ... ١٠٥٦:
السيد محمد علي ابن السيد ميرزا محمد ابن ميرزا هداية الله الحسيني الشاه
عبد العظيمي النجفي
ولد سنة ١٢٥٨ وتوفي في شهر رمضان سنة ١٣٣٤ بعد انصرافه من
زيارة نصف شعبان في طويريج بين النجف وكربلا ونقل إلى النجف ودفن
في إيوان الذهب وقد ناهز التسعين.
كان عالما فاضلا تقيا نقيا ورعا زاهدا عابدا آية في حسن الاخلاق
وسعة الصدر محدثا بدأ دراسته في بلدة الشاه عبد العظيم ثم هاجر إلى
النجف الأشرف وعمره ١٤ سنة تلمذ في الفقه والحديث والرجال على الحاج
ملا علي بن ميرزا خليل الطهراني النجفي وكان متزوجا بأخته بنت الميرزا
خليل وقرأ أيضا على الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي في النجف وسامرا
عدة سنين ثم عاد إلى النجف واشتغل بالتأليف والتصنيف. ويروي
بالإجازة عن الشيخ محمد حسين الكاظمي. له من المؤلفات ١ كتاب
الجوهرة المنتخب من الكافي والوسائل والوافي والبحار في الفروع خاصة ٢
الايقاظ في المواضع والنصائح مطبوع ٣ الايقاد في مقتل المعصومين ع
السلام ٦ منتخب من مواعظ نهج البلاغة ٧ منتجب التفسير في غريب
القرآن مأخوذ من تفسير الجلالين مطبوع وغير ذلك. خلف من الأولاد
(٤٤٢)

السيد محمد حسين والسيد محمد تقي والسيد محمد باقر والسيد رضا
والسيد كاظم وغيرهم ١٠٥٧:
أبو غالب فخر الملك محمد بن علي بن خلف الواسطي
قتله سلطان الدولة في الأهواز سنة ٤٠٧ وعمره خمسون سنة وأشهر
وضبط من أمواله ستمائة ألف دينارا عدا الأملاك والأثاث والمتاع. وفي
تاريخ أبي الفداء أنه لما مات عميد الجيوش أحد امراء بهاء الدولة استعمل
بهاء الدولة موضعه على بغداد فخر الملك أبا غالب سنة ٤٠١.
وفي مجالس المؤمنين عن ابن كثير الشامي في تاريخه أنه قال: كان
أبوه صرافا وصار آخر امره وزيرا لبهاء الدولة بن عضد الدولة ووصل اليه
أموال كثيرة وبنى بناية عظيمة في بغداد سماها الفخرية وكان في غاية الكرم
والجود كثير الصلات والصدقات وكان يطعم في كل يوم ألف فقير وهو أول
من أطعم الفقراء الحلوى في ليلة نصف شعبان وكان من الشيعة. ثم نقل
في المجالس عن كتاب تاريخ الوزراء أن أبا غالب وزير مشرف الدولة
خطب باسم نفسه في بغداد فطلب جماعة من الديلم من أصحاب سلطان
الدولة ومحبيه رخصة من مشرف الدولة ليذهبوا إلى الأهواز فيحضروا
عيالاتهم فاذن لهم مشرف الدولة بذلك وبعث معهم وزيره أبا غالب لئلا
يخلفوا بوعدهم فلما وصلوا الأهواز أظهروا الخلاف على مشرف الدولة وقتلوا
أبا غالب آه. ١٠٥٨:
السيد محمد المجاهد ابن السيد علي صاحب الرياض الطباطبائي الحائري
ولد في كربلاء في حدود سنة ١١٨٠ وتوفي في قزوين عائدا من جهاد
الروس سنة ١٢٤٢ وحمل نعشه إلى كربلا فدفن فيها وقبره مزور مشهور
عليه قبة عظيمة
في تكملة أمل الآمل: علامة العلماء الاعلام وسيد الفقهاء العظام
واعلم اهل العلم بالأصول والكلام تخرج على بحر العلوم وهو صهره على
ابنته الوحيدة أم أولاده الأفاضل وعلى والده صاحب الرياض وكد وجد في
علمي الفقه والأصول حتى جزم والده بأنه اعلم منه فصار لا يفتي وابنه في
كربلا فعلم ابنه بذلك فرحل إلى أصفهان وسكنها ثلاث عشرة سنة وهو
المدرس فيها والمرجع في علمي الأصول والفقه لكل علمائنا وصنف فيها
مفاتيح الأصول وغيره حتى توفي والده فرجع إلى كربلا فكان المرجع العام
لكل الامامية في أطراف الدنيا وقام سوق العلم في كربلا وصارت الرحلة
اليه في طلب العلم من كل البلاد وسكن الكاظمية لما كثرت مهاجمة الوهابية
لكربلا وكانت البلدة بوجوده مرجعا للشيعة آه ونرجو أن لا يكون في
هذه الترجمة بعض المبالغة لا سيما كونه اعلم من أبيه صاحب الرياض ولسنا
نعلم من حقيقة حاله شيئا لنبدي رأينا فيها.
وانما لقب المجاهد لأن الروس في سلطنة فتح علي شاه القاجاري
تعدوا على بعض حدود إيران فطلب المترجم من الشاه اعلان الحرب على
روسيا ولما كان الشاه يعلم عدم قدرة الدولة الإيرانية على ذلك لم يجب إلى
هذا فأصر عليه السيد وكتب اليه إن لم تقم أنت بالجهاد قمت انا به فلم يجد
الشاه بدا من اجابته وتوجه السيد مع جماعة من العلماء والطلاب وأهل
الصلاح إلى بلاد إيران فلما دخلها عظمه أهلها غاية التعظيم واجتمع عليه
خلق كثير حتى أنه توضأ يوما على حوض كبير فاخذ الناس ماءه للتبرك به
حتى فرع ولما اقترب من طهران استقبله الشاه وجميع اهل طهران وأجلسه
الشاه معه على السرير ونهض للجهاد ورأس الشاه ابنه وولي عهده عباس
ميرزا على الجيش والتقى الإيرانيون بالروس في تفليس وكان من نتيجة ذلك
انكسار الإيرانيين وضياع عدة ولايات من إيران استولى عليها الروس ودفع
غرامة حربية أثقلت كاهل دولة إيران. ويعلل بعض الناس انكسار العسكر
الإيراني بأنه لما ظهر للروس آثار غلبة جيش إيران أرسلوا إلى عباس ميرزا
ليرجع عن الحرب ويتعهدوا له بان تكون ولاية عهد السلطنة الإيرانية له
ولعقبه وأن بعض الوزراء قال للسلطان إذا حصل الفتح للسيد تكون
السلطنة له لا لك فالرأي أن تقطع الحرب فأجابهم وأوعز إلى القائد بذلك
فحصل ما حصل. وهذا عذر لا يقبله العقل السليم وطالما كنا نسمع مثله
من الاعذار عند انكسار العثمانيين في حربهم ما روسيا وغيره بان القواد قد
رشوا وأمثال ذلك والحقيقة أن أسباب الغلبة تفوق جيش العدو على جيش
إيران في العدة والعدد ومعرفته بالفنون الحربية الجديدة وجهل عسكر إيران
وكيف يمكن أن يكون الجيش الذي قائده عباس ميرزا الجاهل بفنون الحرب
الذي قضى عمره في نعيم السلطنة وترفها ومدبره عالم لا يعلم من شؤون
الدنيا سوى البحث في مسائل الأصول والفقه وصلاة الجماعة والزيارة
والتهجد والمحاربون فيه عساكر لا تعلم من الفنون الحربية شيئا وطلاب
وصلحاء لا يعرفون سوى المدرسة الدينية والمسجد كيف يمكن أن يغلب
هذا الجيش جيشا مدربا يفوقه اضعافا مضاعفة في العدة والعدد والعلم
والفنون الحربية، والسيد المجاهد مأجور على كل حال على نيته. ولما جرى
على العسكر الإيراني ما جرى رجع السيد وقد اسودت الدنيا في وجهه حتى
أنه لما وصل إلى أردبيل قيل أنه لم يتكلم سبعة أيام ولما وصل إلى قزوين توفي
كمدا وغيظا
له من المصنفات ١ مفاتيح الأصول مطبوع ٢ الوسائل في
الأصول ٣ رسالة حجية الظن ٤ مناهل الاحكام في الفقه مطبوع ٥
المصابيح في شرح المفاتيح للكاشاني ٦ جامع العبائر في الفقه ٧ كتاب
في الأغلاط المشهورة ٨ المصباح الباهر في رد اليادري واثبات نبوة نبينا
الطاهر ٩ عمدة المقال في تحقيق أحوال الرجال فيه نيف وتسعون ترجمة
ولصاحب الترجمة اخ اسمه السيد محمد مهدي أصغر منه كان أيضا
عالما جليلا أمهما بنت الآقا البهبهاني كانت عالمة فقيهة ١٠٥٩:
ميرزا محمد علي بن نصير الجهاردهي الرشتي النجفي
ولد سنة ١٢٥٢ في قرية جهارده من قرى جيلان وتوفي في النجف
سنة ١٣٣٤ ودفن في الصحن العلوي
توفي أبوه وهو ابن احدى عشرة سنة فهاجر إلى قزوين لطلب العلم
وكان ضيق الحال حتى أنه كثيرا ما كان يقرأ دروسه على نور سراج الشارع
ثم رحل إلى كربلاء فالنجف في عصر الشيخ مرتضى الأنصاري فتلمذ على
علمائها لا سيما السيد حسين الكوه كمري ولم يحضر على أحد بعده
كان همه التدريس في سطوح الفقه والأصول يمتلئ مجلسه من
الطلاب لدرس وبعد فراغهم يمتلئ من غيرهم لدرس آخر، يشتغل
بالدرس قبل طلوع الشمس إلى غروبها الا عدة ساعات في وسط النهار في
حر الهجير وبالجملة فالذين لم يحضروا درسه في عصره من الطلاب قليلون.
(٤٤٣)

يروي عن الحاج ميرزا علي ابن الميرزا خليل الطهراني وعن شيخه بطرقهم
المشهورة وهو من مشايخ السيد شهاب الدين الحسيني النجفي رواية
ودراية. من تصانيفه ١ حاشية مبسوطة على القوانين ٢ وسيلة النجاة في
المبدأ والمعاد وأصول الاعتقاد فارسية ٣ شرح مبحث الوقت والقبلة من
شرح اللمعة ٤ شرح دعاء كميل ودعاء الصباح ٥ ترجمة الصحيفة
الكاملة ٦ مقتل الحسين ع عربي ٧ مقتل الحسين ع فارسي ٨
شرح قواعد العلامة ٩ رسالة في التوحيد فارسية وغير ذلك ١٠٦٠:
الشيخ محمد علي ابن الشيخ مهدي آل عبد الغفار الكشيري القزويني
الكاظمي نزيل سامراء
الخطيب الذاكر. له تفصيل وقائع الأيام فيما يتعلق من الأحزان
والمسار بالمعصومين ع وأحوال الأمويين والعباسيين فرع منه سنة
١٣٢٠ ١٠٦١:
المولوي الميرزا محمد علي بن المولوي صادق بن مهدي الكشميري
ولد ١٣ رجب سنة ١٢٦٠ وتوفي غرة ذي القعدة سنة ١٣٠٩ قرأ على
المفتي المير عباس التستري اللكهنوئي وعلى السيد المير حامد حسين صاحب
العبقات النيسابوري اللكهنوئي
له نجوم السماء في تراجم العلماء كتبه بامر أستاذه صاحب العبقات
سنة ١٢٨٦ وهو فارسي مشتمل على تراجم العلماء من اهل القرون
الثلاثة بعد الألف ولذا رتبه على نجوم ثلاثة لأهل كل مائة نجم. خرج
منه مجلد في النجم الأول والثاني وبعض النجم الثالث مطبوع بالهند. وكان
في عزمه تتميم النجم الثالث وتذييله بخاتمة في المجلد الثاني لكن حالت
منيته دون ذلك. وله روضة الأزهار وزعفران زار ومجمع الفوائد ١٠٦٢:
السيد محمد ابن السيد علي آل إبراهيم الحسيني العاملي
كان أبوهم من مشاهير علماء جبل عامل وهم اهل بيت علم وشرف
وسيادة خلفا عن سلف وكان المترجم عالما أديبا شاعرا منشئا. بليغا تقيا
ورعا زاهدا عابدا حسن الاخلاق لطيف العشرة كريم الطباع معاصرا قرأ
في مدرسة حنويه على الشيخ محمد علي آل عز الدين واستفاد منه وتخرج
عليه، وسكن مدة في النبطية ١٠٦٣:
الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن النيشابوري
في معالم العلماء: له كتاب البداية في الهداية. وفي الرياض كان من
مشائخ القطب الراوندي كما يظهر من دعوات الراوندي المذكور كما حكاه
الاسناد المجلسي أيده الله في عدة مواضع هكذا: أخبرنا الشيخ أبو جعفر
عن الشيخ أبي علي عن أبيه الطوسي وسيجئ في الألقاب أن النيسابوري
له كتاب المجالس نقلا عن مناقب ابن شهرآشوب والظاهر اتحادهما والحق
عندي اتحاده مع الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن النيسابوري الذي
كان من مشايخ القطب الراوندي وكان يروي عن أبي الحسن بن عبد
الصمد التميمي آه ١٠٦٤:
الشريف بدر الدين محمد بن علي بن حمزة بن علي بن الحسن بن زهره
الحسيني نقيب الاشراف بحلب
توفي سنة ٧٦٢
في الدرر الكامنة: ولد بالقاهرة وقدم حلب بعد موت أبيه فباشر
الوظيفة إلى أن مات ١٠٦٥:
أبو العلاء محمد بن علي بن الحسن بن حسول الهمداني الرازي
الوزير
توفي بالري حدود سنة ٤٥٠
هكذا في مسودة الكتاب ولا أعلم الآن من أين نقلته ولعله من
الطليعة وكان حيا في عصر الثعالبي صاحب اليتيمة المتوفى سنة ٤٣٠ وقد
رآه ونقل عنه.
اختلاف النسخ في أسماء آبائه
الموجود في معجم البلدان وغيره اسم جده الحسن مكبرا وفي تتمة
اليتيمة الحسين مصغرا كما أن الموجود في أكثر الكتب حسول بدون هاء
ولكن في آخر الجزء الرابع من اليتيمة حسولة بالهاء ولكنه في اليتيمة قال
حسول بدون الهاء فدل على أن ذكر الهاء تحريف من النساخ كما أن ما في
معجم البلدان في همذان من رسمه حستول بزيادة تاء بعد السين تحريف
أيضا وفي معالم العلماء محمد بن حسول فنسبه إلى الجد.
نسبته
والهمذاني منسوب إلى همذان بفتح الهاء والميم والذال المعجمة
المدينة المشهورة من بلاد إيران والرازي نسبة إلى الري على خلاف
القياس وذلك لأنه همذاني الأصل وسكن الري ومات بها ولذلك وصفه
ياقوت بالهمذاني فقط وصاحب المعالم بالرازي فقط وقال الثعالبي في تتمة
اليتيمة أصله من همذان ومنشؤه الري آه ويأتي تصريح الثعالبي في
آخر اليتيمة بأنه نيسابوري مع أنه لم يصفه أحد بالنيسابوري، وكان أبوه
كاتبا بليغا ومر في بابه.
وصفه بالوزير
وصفه بذلك شيرويه كما يأتي: ووجدت في مسودة الكتاب أنه كان
وزيرا والظاهر أني نقلته من الطليعة ولم يذكر هو من أين نقله ولم يصرح
شيرويه وغيره بمن وزر له ويدل كلام تتمة اليتيمة الآتي على أنه كان يتولى
ديوان الرسائل بالري في دولة آل بويه ثم في دولة آل سبكتكين في دولة
محمود بن سبكتكين وابنه مسعود فاما أن يراد بالوزارة ذلك لأن متولي ديوان
الرسائل بمنزلة الوزير أو أنه تولى الوزارة في إحداهما.
تلقيبه بصفي الحضرتين
سيأتي عن تتمة اليتيمة تلقيبه بصفي الحضرتين وكذلك لقبه بصفي
الحضرتين أبو منصور الآبي في قصيدته الآتية التي أرسلها إليه بقوله:
واكتب لسيدنا صفي الحضرتين أبي العلاء
وكذلك أبو الفضل يوسف بن محمد بن أحمد الجلودي الرازي بقوله
في قصيدته الآتية التي أرسلها إليه صفي الحضرتين أبا العلاء. وصفي
الحضرتين لعله يراد به حضرة السلطان وحضرة الخليفة أو حضرة البويهيين
وحضرة آل سبكتكين والله أعلم.
أقوال العلماء فيه
في مسودة الكتاب والظاهر أني نقلته من الطليعة: كان وزيرا فاضلا
وأديبا شاعرا ولم يترجم له الثعالبي في اليتيمة وإنما أشار إليه في الجزء الرابع
منها حيث قال بقي علي ذكر قوم من أهل نيسابور لم تحضرني أشعارهم وعد
(٤٤٤)

جماعة إلى أن قال وأبو العلاء بن حسولة الصواب حسول أيده الله
وسيتفق لي أو لمن بعدي الحاق ما يحصل من أشعارهم بهذا الباب انش
أي الباب العاشر الذي هو في ذكر النيسابوريين. وهو صريح في أنه
نيسابوري مع أن المذكور في نسبته أنه همذاني رازي ولكن الثعالبي ترجم له
في تتمة اليتيمة وذكره فيها في عدة مواضع فقال: الأستاذ أبو العلاء محمد
بن علي بن الحسين صفي الحضرتين أصله من همذان منشؤه الري إلى أن
قال: وأبو العلاء اليوم من أفراد الدهر في النظم والنثر وطالما تقلد ديوان
الرسائل وتصرف في الأعمال الجلائل وحين طلعت الراية المحمودية بالري
أراد بها راية محمود بن سبكتكين أجل وبجل وشرف وصرف وانهض في
صحبتها إلى الحضرة بغزته حرسها الله رغبة في اصطناعه وتكثرا بمكانه. ولما
ألقت الدولة المسعودية شعاع سعادتها على مقر الملك ومركز العز زيد
في إكرام أبي العلاء والإنعام عليه وأوجب الرأي أن يرد إلى الري على ديوان
الرسائل بها فخلع عليه وسرح أحسن سراح ولقيته بنيسابور فاقتبست من
نوره واغترفت من بحره وهو الآن بالري في أجل حال وأنعم بال آه
تشيعه
وجدت في مسودة الكتاب له هذه الأبيات والظاهر أني نقلتها عن
الطليعة عن القزويني في الروضة وهي:
علي امامي بعد الرسول * سيشفع في عرصة الحق لي
ولا أدعي لعلي سوى * فضائل في العقل لم تشكل
ولا أدعي انه مرسل * ولكن امام بنص جلي
وقول الرسول له إذا أتى * له شبه الفاضل المفضل
إلا إن من كنت مولى له * فمولاه من غير شك علي
وكفى ذلك دليلا على تشيعه. وعده ابن شهرآشوب في المعالم من
شعراء أهل البيت المجاهرين.
اخباره
في مسودة الكتاب والظاهر أني نقلته من الطليعة: قال القزويني في
الروضة: حضرت معه عند الوزير اللنكير فاخرج أترجة وأخذ دواة ودرجا
وكتب حتى عرق جبينه ولطخ الدرج بكثرة ما سود فإذا هو يعمل في صفة
الأترجة بيتا وهو:
كأنها لون فتى عاشق * من برده قد لبس المخملا
فالتفت إلي أبو العلاء وقال لا بد من الإجازة ولو عزلني عن عملي
وأنشد:
أو لون حاج من خراسان من * إسهاله قد ركب المحملا
فحرك رأسه الوزير مستحسنا فلم نتمالك من الضحك حتى علم
السخرية فاستشعرنا العربدة وخرجنا.
وفي تتمة اليتيمة في ترجمة طاهر بن الحسين بن يحيى المخزومي
البصري أنه قال لأبي العلاء بن حسول أيده الله:
قالوا وداد أبي العلاء يحول * كالظل يقصر مرة ويطول
فسأستشف لقاءه فأميل في * وصل وهجر منه حيث يميل
فإذا دعاني بشرة قاربته * وإذا تجعد فالعزاء جميل
وفي تتمة اليتيمة في ترجمة أبي علي مسكويه الخازن قال وكتب إلى أبي
العلاء ابن حسول قصيدة منها:
ولقد نفضت بهذه الدنيا * يدي وحسمت دائي
ما ذا يغرني الزمان * وقد قضيت به قضائي
أ فبعد ما أفنيت عمري * وأطلعت على فنائي
أصاد بالدنيا وينصب * لي بها شرك الرجاء
هيهات قد أفضيت من * صبح الحياة إلى المساء
وبلغت من سفري إلى * أقصاه مزموم العناء
وفيها في ترجمة أبي سعد منصور بن الحسين الآبي أنه كتب إلى الاستاد
أبي العلاء هذه القصيدة الكتابية من فيروزكوه يصف البرد الشديد ويذكر
أصدقاءه بالري وتجري القصيدة مجرى الكتاب:
يا كاتبي ألق الدواة * وقط حافية الآباء
واكتب لسيدنا صفي * الحضرتين أبي العلاء
من عبده الآبي معطيه * القياد بلا آباء
أنعم صباحا أيها الأستاذ * وأنعم بالمساء
وتمل عزا دائما * مرخى له طول الرخاء
وأبلغ نهايات المنى * وتعد ارجاء الرجاء
إني كتبت وقد لوت * عضد السرور يد الثناء
فكتبت من فيروزكوه * مقر عزي وارتقائي
لثلاث عشرة جزن من * شعبان يوم الأربعاء
عن نعمة وسعادة * ومزيد عز واعتلاء
وسلامة لو لم يكدرها * تراخي الالتقاء
ما لي كتبت وما * أجبت تنكبا سن السواء
أأنفت من رد الجواب * وما أنفت من ابتدائي
إني انتميت إلى ولائك * فارع لي حق الولاء
وهي طويلة ستأتي في ترجمة ناظمها انش بعد حذف سخفها
ومجونها الذي كان شائعا في ذلك العصر وهو من أقبح معائبه. وفيها من
ترجمة يوسف بن محمد بن أحمد الجلودي الرازي أنه قال من قصيدة إلى
الأستاذ أبي العلاء بن حسول أيده الله تعالى:
ما ماء مزنكم الغمام مجلجل * تزجيه أنفاس الرياح لبسطه
أشفى لحامي غلة من رقعة * من عند سيدنا تكون بخطه
ويظهر من قصيدة أخرى أرسلها إليه الجلودي المذكور أنه كان قد لزم
أو الزم منزله ولعله بعزل أو ذنب أوجب ذلك وكذلك الدهر لا يصفو مرة
حتى يكدر أخرى ففي تتمة اليتيمة في ترجمة الجلودي المذكور بعد ذكر
البيتين السابقين: وقوله من أخرى فيه وقد كان لزم منزله لحال أوجبت
ذلك:
صفي الحضرتين أبا العلاء * يدال المرء في ضمن البلاء
وليث الغاب يلبد لامتياح * وغرب السيف يغمد لانتضاء
لساموك الخفاء وكيف تخفى * وأنت الشمس في رأد الضحاء

(١) أراد بها دولة مسعود بن محمود بن سبكتكين.
(٢) وهذا من الثعالبي جار على ما اعتاده المؤلفون وغيرهم من التزلف إلى السلطان بألفاظ المدح
والثناء صدقا وكذبا وليس الثعالبي متفردا بذلك (المؤلف)
(٤٤٥)

أبى الاصباح أن يخفى ساه * ضباب أو يغشى في غطاء
ومن يثني الجدالة عن ركون * ويحترك الغزالة عن ضياء
وحد الزاعبية عن نفاذ * وغرب المشرفية عن مضاء
ومن سلب السماك علا سماك * ومن حجر الذكاء على ذكاء
وأن السيل مستن طريقا * إذا امتلأت به شعب الآخاء
وكيف تسوم دنياك استواء * وهذا الدهر اعضل ذو التواء
فلا ترع العذول السمع واعتض * ثناء المعتفين عن الثراء
وعش ما مال بالورقاء غصن * وما كر الصباح عن المساء
وفيها في ترجمة أبي محمد النظام الخزجي أنه أمر له الأستاذ أبو العلاء
بجائزة فأطلق نصفها فكتب إليه:
سألتك أيها الأستاذ حاجة * ولا شططا طلبت ولا لجاجه
فقمت ببعضها وتركت بعضا * ومن حق المقصر أن يواجه
جزاك الله عني نصف خير * فإنك قد نهضت بنصف حاجة
أشعاره
في تتمة اليتيمة: وقد كتبت هاهنا غررا من شعره الكتابي البعيد
المرام المستمر النظام فمنها قوله لأبي منصور الآبي من قصيدة في آخرها:
خذها إليك بلا لفظ تكدره * على الرواة ولا معنى تجعده
كالماء تسكبه والمسك تفتقه * والوشي تنشره والتبر تنفذه
قال: وأنشدني له أبو الفتح الدباوندي في الغزل:
أتاني ممسيا من غير وعد * كذاك البدر موعده الأصيل
كحيل الطرف ذو خط خفي * كان عذاره أيضا كحيل
قال وله في الاعتذار من الاخلال بالخدمة لعارض رمد من قصيدة:
قد صدني رمد الم بناظري * عن قصد خدمه بابه ولقائه
أ ويستطيع الرمد أن يستقبلوا * لمعان ضوء الشمس في لألائه
قال وله في الحكمة:
قد قلبت البلاد غورا ونجدا * وقلبت الأمور ظهرا لبطن
فرأيت المعروف خير سلاح * ورأيت الاحسان خير مجن
قال وله في الهجاء:
يا ابن بدر إن أغفلتك الليالي * فللؤم ودقة وهوان
إنما استقذرتك مسافحتي * جزت لؤما على صروف الليالي
قال وله:
وأزهر من بني الزهراء يرنو * إلي كما رنا الظبي الكحيل
نهاني الدين والإسلام عنه * فليس إلى مقبله سبيل
إذا أرسلت ألحاظي اليه * نهاني الله عنه والرسول
قال وله في رئيس معزول قعد فوقه في مجلس الوزير:
تقعد فوقي لأي معنى * للفضل للهمة النفيسة
إن غلط الدهر فيك يوما * فليس قب الشرط أن تقيسه
كنت لنا مسجدا ولكن * قد صرت من بعده كنيسة
كم فارس أفضت الليالي * به إلى أن غدا فريسه
فلا تفاخر بما تقضى كان الكذا مرة هريسة
وقال: وله وقد دخل إلى رئيس فلم يقم له وتركنا بعضه لما فيه من
فحش:
دخلت على الشيخ مستأذنا * به وهو في دسته الأرفع
وقد دخل الناس مثل الجراد * فمن ساجدين ومن ركع
ورام الخضوع الذي رامه * أبي من أبيه فلم أخضع
وكيف أقبل كف امرئ * إذا صنع الخير لم يصنع
فيقبضها عند بذل اللهي * ويبسطها في الجدا الرضع
قال وله من قصيدة مداعبة إلى أبي سعد الزنجاني وأسقطنا بعضها
لفحش فيها:
يا أبا سعد الموالي المعادي * والمصافي لخله والمصادي
والذي بعمش الندامى من الصفع * ويسقي الأضياف من غير زاد
والذي قد يرى التطفل دينا * فهو دين الآباء والأجداد
لا تراه في داره قط يوما * في النواريز لا ولا الأعياد
فهو وقف على الطريق متى يسمع * وطء الداعي وصوت المنادي
أنت نار في مرتقى نفس الحاسد * ماء جار لأهل الوداد
قد كذبنا فالضد أنت أبا سعد * فخذ ما يقال في الأضداد
أنت ماء لكنه في سواد العينين * نار لكنها في الفؤاد
وإذا ما أردت أن يسكن الخطب * وتنجو من حية بالسواد
ويعود العتاب عندي عتبي * وتعاد السيوف في الأغماد
فاستزرني أو زرني اليوم أو كن * للتلاقي غدا على ميعاد
قال وله من قصيدة عيدية:
تبلج الأفق الغربي وابتسما * وأظهر الفلك السر الذي كتما
ولاح ذو هيف حلو شمائله * متحف نجم اللذات إذ نجما
مرت ثلاثون يوما كلها حقب * ألقى بهن الصدا والبارد الشبما
ألقى المعازف خرسا والقيان سدى * والكاس مهجورة والرطل مهتضما
قال وله من قصيدة تهنئة بمولود:
افتر ربعك عن هلال بادي * فأضاء مطلعه وفاح النادي
وأفاك ترب على وخدن مكارم * وسرور أحباب وغيظ أعادي
متقيد لك مذهبا في الفضل والافضال * والاسعاف والاسعاد
قد أفصحت أخلاقه عن همة * بعدت على قرب من الميلاد
فبقيت منصورا به مستسعدا * بمكانه نارا على الحساد
حتى تبدل مهده بمسوم * طرف وطوق سخا به بنجاد
فيشيد لاحق فضله بسوابق * قدمت وطارف مجده بقلاد
قال وله في المداعبة باقتضاء رسم:
يا من له في الجود تبريز * وفيت بي أين الشوانيز
صنفان ذا يعجبه بقله * وينقط الآخر شونيز
والسمن لم يشرط ولكن لكي * يكون بالثالث تعزيز
فأنت عند المحل مزن لنا * يهمي وعند النقد إبريز
ومطلب المأكول مستطرف * وهو إلى الكدية دهليز

(١) يعنى آدم وإبليس (كذا في الهامش).
(٤٤٦)

قال وله من قصيدة ذكر فيها همذان:
يا أيها الملك الذي وصل العلا * بالجود والإنعام والاحسان
قد خفت من سفر أطل علي في * كانون في رمضان من همذان
بلد إليه أنتمي بمناسبي * لكنه من أقذر البلدان
صبيانه في القبح مثل شيوخه * وشيوخه في العقل كالصبيان
وفي معجم البلدان عند الكلام على همذان قال الهمذاني فيها
همذان لي بلد أقول بفضله * لكنه من أقبح البلدان
صبيانه في القبح مثل شيوخه * وشيوخه في العقل كالشبان
وقال شيرويه: قال الأستاذ أبو العلاء محمد بن علي بن الحسين بن
حسول الهمذاني للوزير من قصيدة وذكر الأبيات الأربعة السالفة والمعروف
في البيت الأخير هكذا:
شبانه في الجهل مثل شيوخه * وشيوخه في العقل كالشبان
ولعله الصوب لمقابلة الجهل بالعقل وعدم مناسبة مقابلة القبح
بالعقل. وكان المترجم له استعار البيت الأخير من بيتي البديع. وفي تتمة
اليتيمة في ترجمة القاضي أبي بكر عبد الله بن محمد بن جعفر الأسكي:
أنشدني الأستاذ أبو العلاء بن حسول أيده الله لنفسه:
جذبت كفي الغدائر منه * فشممنا منها نسيم العرار
الثم الصدع والسوالف منه * احتجاجا بأننا في سرار ١٠٦٦:
الشيخ محمد علي عز الدين بن علي بن يوسف بن محمد بن إسماعيل
بن إبراهيم آل عز الدين العاملي.
ولد في كفرة بوزن تمرة من جبل عامل وتوفي في ٢٣ رمضان سنة
١٣٠١ عن عمر ناهز السبعين في قرية حنويه ودفن فيها وحنويه بحاء
مهملة ونون وواو مفتوحات ومثناة تحتية ساكنة وهاء قرية في ساحل صور
وقد حضر جنازته خلق كثير من جبل عامل وكان يوما مشهودا جرت فيه
العيون وتفطرت الأكباد.
أقوال العلماء في حقه
كان علامة فقيها زاهدا عابدا ورعا ثقة مؤلفا مصنفا أديبا شاعرا
ظريفا حسن الاخلاق كريم الطباع لم يوجد له نظير في عصره في جبل عامل
في المواظبة على المطالعة والتدريس والتأليف والتصنيف والدعاء والعبادة
وتلاوة القرآن. وبالجملة فقد كان هذا الشيخ مظهر الصلاح والتقى والجد
والاجتهاد والعلم والعمل. وفي تكملة أمل الآمل من علماء عصرنا في جبل
عامل كان عالما فاضلا مكبا على التاليف والتصنيف لا تشغله الرياسة عن
ذلك ولا اعرف هكذا في جبل عامل سواه آه.
وقال الحاج ملا علي بن الميرزا خليل الطهراني النجفي في اجازته له
بخط يده الشريف: فان الأخ الأعز الأغر الأمجد الأكرم الأرشد الأشم
الأوتد الأقوم الأوحد الأفخم الأعظم فخر المحققين وزبدة المدققين صاحب
القوة القدسية والملكات النفسية التقي النقي الصفي الورع اللوذعي
مولانا الشيخ محمد علي عز الدين العاملي قد وثق ركوني اليه وكنت استمد
منه مع شدة اعتمادي عليه وأذب الخطأ عنه لما وجدت من موائد العلم لديه
ولعمري أحسست فيه كمال النفس وبهجة الأنس وعثرت على مزايا له لم
يسمح الزمان بمثلها لغيره ورأيت عنده ما يعز به الدين وفيه ما يغني عن
البراهين وقد قرأ علي برهة من الزمان رسالتي الموسومة بسبيل الهداية في علم
الدراية فوجدته بحمد الله تعالى نيقدا بصيرا ولى في غوامض المسائل نصيرا
وعلى دفع ما يورد على ظهيرا وأسأل الله له التوفيق انه خير رفيق وقد
استجازني حفظه الله ومع اني وجدته اهلا لذلك استخرت الله تعالى فرأيت
كل الخير في اجازته فأجزت له جميع مقروءاتي ومسموعاتي
ومصنفاتي الخ. وهذه الإجازة مع ظهور العجمة على جملة من ألفاظها
كقوله الأوتد وقوله وثق ركوني اليه وغير ذلك أعدل شاهد على علو مقام
المترجم، ففي تكملة أمل الآمل ان الحاج ملا علي كان سلمان زمانه
ووحيد اوانه في الزهد والورع وفضله كعلم على راية وناهيك بمدحه وثنائه
فإنه لا يجازف في القول وهو الثقة العدل فيعلم ان الشيخ محمد علي في أعلى
مقامات المهذبين والعلماء الروحانيين آه وفي جواهر الحكم عند ذكر
وفاته: فادح جليل البس عاملة السواد وقامت النوائح سديد الهدى والتقى
وكفيل العلوم غاب تحت الثرى والشريعة فقدت حارسها وطويت اعلام
الفضل وتعطلت مدارس العلم ولبست رواد العلوم وطلابها أثواب البطالة
أين الخمس التي كانت تعمل باليراع فتبيض وجوه الفضائل فلتنعه أم العلا
قائلة:
عالم العلم قد راح وقد * كان للعالم روحا في جسد
يا فقيدا فقد الناس به * بحر علم ونوال لا يحد
وقد رثاه علماء عامل وفضلاؤها لأنه لم يكن فاضل الا وله عليه
فضل. أقول وممن رثاه الشيخ موسى شرارة بقصيدة ذكرت في ترجمته وعمل
له حفلة تأبين ومجلس فاتحة تليت فيه مراثيه وكان أول مجلس فاتحة أقيم في
جبل عامل من نوعه تليت فيه المراثي ورتب على نحو مجالس العراق.
أحواله
قرأ في أول امره في حداثا على الشيخ علي ابن الحاج حسين مروة ثم
انتقل إلى النميرية فقرأ على السيد علي آل إبراهيم الحسيني ثم انتقل إلى
جبع فقرأ على الشيخ عبد الله آل نعمة ثم ارتحل إلى العراق فبقي فيها نحو
ست سنين قرأ فيها على عدة أساتذة منهم الشيخ محسن آل خنفر والحاج ملا
علي ابن الحاج ميرزا خليل الطهراني النجفي واجازه كما مر ثم حضر إلى
كفرة في أواسط المائة الثالثة بعد الألف وقرأ عليه فيها جماعة من أعمامنا آل
الأمين وآل مغنية وآل مروة وكانت مدرسته يدرس فيها النحو والصرف
والمنطق والمعاني والبيان والأصول والفقه ثم انتقل إلى حنويه وكثرت عنده
طلاب العلم وبقي فيها حتى توفي.
وكانت أوقاته مقسمة على أشغاله فبعد ان يصلي العشائين ونوافلهما
ويعشي ضيوفه ان كان عنده ضيف ويسايرهم يدخل داره ويشتغل بالمطالعة
إلى ما شاء الله ثم ينام ثم يقوم آخر الليل ويصلي صلاة الليل ويتهجد حتى
يطلع الفجر فيذهب إلى المسجد ويؤذن ويصلي نافلة الفجر ويصلي الصبح

(١) الذي في تتمة اليتيمة (لكنه قذر من البلدان) والذي في معجم البلدان وغيره كمتا ذكرناه -
المؤلف -
(٤٤٧)

ويعقب حتى تطلع الشمس ثم يحضر إلى البراني وتحضر الطلبة ويلقي
عليهم دروسهم على مراتبهم وبعد ان يفرع من التدريس يتغدى مع ضيفه
ان كان عنده ضيف ثم يدخل إلى داره فينام الظهر ثم يخرج إلى الصلاة
فيصلي الظهرين ونوافلهما ثم يشتغل بالمطالعة والتأليف إلى الغروب فإن كان
له شغل دنيوي يتعلق بامر معاشه زاوله متأبطا كتابه فيذهب إلى البيدر
وجزء من كتاب الجواهر أو غيره معه يطالع فيه وينظر فيما يحتاجه البيدر أو
يذهب إلى الحقل يلاحظ الحراثين والكتاب معه فان عرض له سفر إلى
احدى القرى أو المدن وضع في الخرج طائفة من الكتب والدواة والدفتر
الأبيض فحينما يصل وتحضر الناس للسلام عليه يخرج دواته ودفتره ويشتغل
بالكتابة والتأليف والناس من حوله يتحدثون وهو مشتغل بذلك لا يلتفت
إلى حديثهم الا ان كان لأحدهم استفتاء أو هناك مرافعة فيجيب السائل
والمستفتي ويقضي بين الخصمين ثم يعود إلى شغله هذا دأبه وديدنه. وكان
يشتغل ببعض التجارة بمثل التي ونحوه يرسله إلى مصر ليمون نفسه وعياله
ويكون في غنية عما في أيدي الناس كما أخبرني به بعض أحفاده.
رأيته مرة في حنويه وهو يباحث الطلبة دروسهم فلما فرع منها احضر
طعاما لم يتكلف فيه لضيف كان عنده وتغدى معه ورأيته مرة أخرى في
شقراء حضر لزيارة السيد محمد ابن عمنا السيد مهدي وكان قادما من الحج
فشهدته في حجرة في داره والناس حوله يتحدثون وهو يكتب ويؤلف ثم
يخرج إلى المسجد فصلى الظهرين ولما فرع دعا بالخرج واخرج منه
قلمدان من صنع إيران ودفترا كبيرا ابيض وجعل يكتب والناس حوله
يتحدثون. ويقال انه لما حضر من العراق لم يكن بالغا درجة الاجتهاد
ولكنه اجتهد في جبل عامل بجده وكده وشهد له بالاجتهاد شيخ جبل عامل
وفقيهها الشيخ عبد الله نعمة وارجع اليه وقلده كثيرون من اهل جبل عامل
وعمل رسالة تقليدية في العبادات.
مؤلفاته
١ رسالة في العبادات للتقليد ٢ تحية القاري لصحيح
البخاري كتاب عزيز النظير ألفه عند اطلاعه على صحيح البخاري ٣
سوق المعادن بمنزلة الكشكول ٤ منظومة في المواريث ٥ كتاب في الرجال
والتراجم ذهب في حوادث جبل عامل أوائل الاحتلال الفرنسي وليس له
نسخة ثانية ٦ رفع الوسواس عن أفئدة الناس ٧ تحفة الأحباب في
المفاخرة بين الشيب والشباب ٨ عدة رسائل في الفقه ٩ رسالة كشف
النصيف ورفع الأراجيف عن احكام الخالص وشبهات الزيف، وهي
رسالة طويلة أوردها بطريق السؤال والجواب قال في أولها: اما بعد فمن
غرائب هذا العصر ان السلطان محمود العثماني في ابتداء سلطنته سنة
١٢٢٣ امر بضرب سكة مغشوشة للمعاملة منها البشلك وزنه خمسة دراهم
والقرش وزنه درهم والقمري وزنه نصف درهم واخذ الناس يتعاملون بها
في المملكة مدة ملكه وملك ولديه عبد المجيد وعبد العزيز وأخيه عبد الحميد
إلى هذه السنة من ملك عبد الحميد وهي سنة ألف ومائتين وسبع وتسعين
بعد استقرار الحرب التي جرت بين المسلمين والروس فأظهر الباب العالي
احاما عديدة وتأسيسات جديدة منها تنقيص أثمان النقود لا سيما المغشوش
منها كالبشلك وجعل نقصته على النصف ولما خرج الامر بذلك عظم على
التجار وكافة الناس وأغلقت جملة من المخازن والدكاكين لا سيما وقد
صادف غلاء في الأقوات وصار كل ما وصل الامر إلى بلد يقع الاختلاف
بين أهلها في معاملاتهم وديونهم ويبادر جماعة من اهل الاطماع إلى بلد
أخرى لم يصل إليها الامر فيشترون بما عندهم من ذلك وكثر الاختلاف
والتداعي على وجه قل ما وقع هذه المدة مسالة أو مخاصمة الا في ذلك
فأحببت رسم هذه الجملة بصورة السؤال والجواب إل آخر ما ذكره ١٠
منظومة في التاريخ ولا بأس بايرادها هنا:
الحمد لله على ما أعطى * من علم اهل العلم قسطا قسطا
احمده حمدا يدوم للأبد * ما دام لم يلف له كفوا أحد
وابتغي منه صلاة دائمة * على النبي المصطفى وفاطمة
وبعلها ونسلها ومن مضى * على سبيل هديهم حتى قضى
وقد لوى عنانه عن الورق * يراعنا من بعد ما ابدى القلق
حيث الزمان قد جفى والخل * له من الوفا محل زل
وصاحب بهذا العصر * للعسر أدنى من مقام اليسر
شبهته بقابض للجمرة * أو راكب بنت لبون بكره
أو طالب من جبهة اللبث شفا * أو واقف من النجا على شفا
أو صاعد على سنان لزحل * يريد من طالعه نيل الأمل
لا سيما ذا العام إذ صرنا هبا * وقيل فيه بلغ السيل الزبا
وترى الناس سكارى لا ترى * غير حيران يقول ما جرى
قد قلب الله بنا الأفلاكا * لا سوقة أبقى ولا أملاكا
عبد العزيز بعد عز خلعا * وحز منه بعد ذاك الأخدعا
كذا مراد بعده لن يبلغا * مراده ودون شهرين التغى
عبد الحميد بعده قاسى الكمد * لم يبق ما لا للورى ولا ولد
وهو في حرب النصارى يدأب * لا أم تبكي ولدها ولا أب
ثلاث املاك تتالوا في سنة * لا نوم فيها آخذ ولا سنه
قد حاصر الروم حصون القرص * جاسوا خلال الدار بعد النكص
وهرسك تخالها هريسا * لا عيسها العيس ولا الأنيسا
ونهر باطوم عدوا وبوسنه * قد روضوا فمن هنا ومن هنه
وصح ما المأمون قبل قد وعد * ذات القرون الروم تلفى للأبد
بغداد فيها قد فشا الطاعون * فالناس اي منهم مجنون
والشام فيها انتشر الجراد * والأرض فيها ظهر الفساد
والهند فيها ارتفع الطوفان * على الربى فأرضها غيطان
فالموت يلفى اصفر واحمر * وابيض منه الديار تصفر
ونحن ما بين جمادي ورجب * كم عجب شمناه من بعد عجب
فيا له من زمان ما أفجعه * فيه الرزايا للبرايا مسرعه
والله نرجو ان يزيل الغمه * ويرسل النصر لهذي الأمة
ويجعل الصبر لنا شعارا * والعفو عن أوزارنا دثارا
فقد شقينا ولقينا نصبا * بل قد قضينا من عجاب عجبا
في سنة ضاع بها الحساب * فأرخوها تمت الكتاب
سنة ١٢٩٤
أشعاره
له أشعار كثيرة فمنها قوله على طريقة السالكين:
حبيب لا يحب له شريكا * دعاني فاستجبت إلى دعاه
جلا عيني إذا نظرت اليه * ويحجبها إذا لحظت سواه
وقوله:
(٤٤٨)

تعمم أو تنقب أو تلثم * فلن تزداد حسنا فوق ما تم
أرى شمسا بوجنتك استنارت * وبدرا في سماء الحسن قد تم
وغصنا فوق دعص في سحاب * على صبح الجبين ثوى وقتم
فهل للحسن معنى غير هذا * وهل تلفي لصب فيه مأثم
وقوله:
يا قلب ما لك عن هداك بغفلة * قد غال منك هواك ما قد غالا
ان الزمان لجوهر ترمي به * رمي القوي عن القسي نبالا
فاجهد لنفسك ان تفوتك ساعة * الا بها ترضي الاله تعالى
ولئن نسيت وصيتي قد بعتها * وهي الثمينة بالرخيص ضلالا
وقوله في وصف الناقة من أبيات:
مشت مشية الظلمان حتى إذا غدت * ببغداد أضحت تسلب المشية البطا
أرحها فقد أعطتك في سيرها المنى * يقينا وقبلا خالج الشك ان تعطى
ودعها نبات العز ترعى إذا رعى * سواها الغضى والشيح والأثل والخمطا
وقوله:
أرى العلماء تبحث في العطايا * وفي الصدقات تكتب والهبات
وفكري في كتاب الدين يجري * وفي حكم المفلس والديات
وارسل أبياتا إلى بعض إخوانه فتوهم المرسل اليه ان فيها تعريضا
وكان عنده جماعة فظنوا مثلما ظن وأجابوا جوابا خشنا خارجا عن حد
الآداب فأجابهم بهذه الأبيات:
ذهبتم بها يسرى ومركبها يمنى * وما عدت التوفيق قبل ولا اليمنا
دعاني الهوى بعد الثلاثين دعوة * أصاخ لها سمعي وقلبي لها حنا
لعمري لقد جارت علينا أعزة * ترى ان منع الجار من خير ما يقنى
وما كنت بالجاني ولم أدر قبلها * بان الجفاء جهر اجزاء ذوي الحسنى
هم غرسوا غرس الولا وتعاهدوا * على جذه من بعد ما أمرع المغنى
فيا اخوة لم تعرف النصف والوفا * ولا حفظت خلا ولا أكرمت خدنا
حلبتم خلاف الخلف ثم نسبتم * الينا الذي ما كان أبعده عنا
وخلتم فخارا ما صنعتم وقلتم * وما نلتم منه الأعز ولا الأدنى
بل نحن قد نلنا السماء جلالة * وانا لنرجو مرتقى فوق ما نلنا
ومن صد عنا صد عن خطة الهدى * ومن فاتنا يكفيه انا له فتنا
وقال مراسلا عمنا السيد محمد الأمين جوابا عن قصيدة:
خذا من صبا نجد حديث أخي وجد * حليف صبابات مقيم العهد
يحث المطايا مرقلات على الوجى * تثير الحصى ما بين غور إلى نجد
تؤم جنابا أوجب الله حقه * على الخلق من حر هناك ومن عبد
لقد سرت عنكم لا ملالا وانما * يد الدهر تبتز البزاة عن الورد
عسى ان يعود الدهر يوما بقربكم * فأشفي غليل القلب من ألم البعد
فما فاقد خطباء فرخين صادها * أبو غلمة ناؤون عن ساحة الرشد
ولا النيب تبغي من بعيد مراحها * فيمطلها جذب البرى عاجل الرفد
بأكثر من قلبي حنيفا لقربكم * وأكثر من جسمي اضطرابا من الوجد
على أن لي في ربع شقراء سيدا * دنا من فؤادي كالسواد من الزند
حباني على صد قريضا كأنه * جنى النحل أو در تنضد في عقد
حنانيك في تبنين غالطتني وما * شفيت غليلي من وداعك والجهد
كذاك علي نجل أسعد ملكنا * أردت وداعا منه حقا فلم يسد
أ لم تعلما ما في فؤادي من الجوى * ألم تعرفا شوقي أ لم تخبرا ودي
أ لم تعلما اني أبيت مسهدا * ينام الورى والوجد يوقظني وحدي
وقال مراسلا له أيضا:
قد كان حبك دالا فاغتدى ألفا * مذ شاهد الراء منه للخليط وفا
فان أقمتم على ميقات حبكم * لباكم القلب إذ في حيكم وقفا
وطاف في حرم الاخلاص منعطفا * شعر إليكم يظل الدهر مزدلفا
إذا اقتصرتم على بعث القريض لنا * فالشعر ليس به للواجدين شفا
فاعطف بزورة ذي عطف وذي كرم * تشفي الغليل وتنفي الهم والدنفا
فإنك الفذ من قوم جحاجحة * طالوا الجبال وشادوا في العلى غرفا
قوم كأولهم في المجد آخرهم * والفضل حيث يساوي الخالف السلفا
قوم إذا افتخروا جاءوا بحيدرة * والمصطفى وكفا ذا في الورى شرفا
فاعذر فاني في وصفي لكم لكن * وهل يحيط بكنه الشمس من وصفا
والشعر في حقكم نزر وقد شحنت * آي الكتاب بنعت زانكم وكفى
لكن أحاول من ذكري فضائلكم * جهد المقل لمن بالود قد عرفا
وان تقدم منكم نظم قافية * من بحرها كل ذي نظم قد اغترفا
قد خطها نجل عباس بأنمله * خطا يزين فيه الكتاب والصحفا
يجلو ببيروت إذ تتلى بها دررا * كانت لآذان من أصغوا لها شنفا
فذاك سابق منكم وقفت * عنه الخواطر وازدادت بكم شغفا
فأكثروا أو أقلوا ان مجلسكم * قلب المحب وما الأكم ألفا
وقال في مرضه الذي توفي فيه:
إذا مت فانعيني بما انا اهله * لدى كل غاد واقرعي سن نادم
وسحي دموعا يقصر الودق دونها * وشقي علي الجيب يا ابنة هاشم
وقولي فلان كان أول غارم * لدين العلى عفوا وآخر طاعم
وما كان وقافا ولا كان طائشا * وكان يرى المعروف ضربة لازم
ولا تجعليني كامرئ ليس همه * كهمي إذا نادى منادي المكارم
فهمي جود واقتناء مكارم * وفك أسيرات وحمل مغامر
ومن همه همي يبيت مسهدا * ويصبح مرتاحا بنيل الكرائم
وان عمرت سوق المعارف كان لي * جواهرها رغما على انف سائم
ولي قلم نفثاته في سوادها * تبيض وجه المشكلات الدواهم
فيولي لعاب النحل اهل ولائها * ويسقي الذي عاداه سم الأراقم
تراه وفكري كالجوادين حلقا * إلى غاية لا ترتقي بالسلالم
سلام على الدنيا سلام مودع * يحن إلى الأخرى حنين مسالم
ففي هذه كم مغنم قد غنمته * وفي تلك أرجو نيل خير المغانم
وقال:
من زرع الورد على وجنتك * من اطلع السوسن في طلعتك
من غرس الآس على عارض * عارضه النرجس من مقلتك
من صاع هذا الجيد من فضة * من أفرع الدر على لبتك
من شق هذا الصدر من عسجد * رماه بالرمان من جنتك
سبحانه من خالق بارئ * أعطاك ما لم يلف في حسبتك
أعطاك ما أعطاك كي يبتلي * مثلي في منحك أو محنتك
وكان عمنا السيد امين يقرأ في حنويه مع اخوته وبني عمه في مدرسة
المترجم فذبحت بقرة واشترى الشيخ القلب والسيد امين وأصحابه الكبد
(٤٤٩)

فاتفق ان سرقت الكبد وبقي القلب معلقا على الوتد وتخلف السيد امين
وأصحابه عن الدرس لانشغالهم بالكبد المسروقة فأرسل إليهم الشيخ بهذين
البيتين:
ان تكن الكبدة قد أخرت * حضوركم عن مجلس الدرس
فلنأتكم بالعير مرحولة * بالكور والأقتاب والقلب
فأجابه السيد امين بقوله:
تالله ما الكبدة قد أخرت * حضورنا عن مجلس الدرس
لكنما القلب على ودكم * معوذ في آية الكرسي ١٠٦٧:
أبو جعفر محمد بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت نوبخت مر
في إبراهيم بن إسحاق.
كان المترجم عالما جليلا من متكلمي الشيعة وأشار اليه ابن النديم في
ذيل ترجمة أخيه أبي سهل إسماعيل علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت
فقال: وكان لأبي سهل اخ يكنى أبا جعفر من المتكلمين على مذهبه وله من
الكتب... وسقط ذكر كتبه من النسخة المطبوعة.
(٤٥٠)