أعيان الشيعة
الجزء: ١٠
السيد محسن الأمين

الكتاب: أعيان الشيعة
المؤلف: السيد محسن الأمين
الجزء: ١٠
الوفاة: ١٣٧١
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق: تحقيق وتخريج : حسن الأمين
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة:
الناشر: دار التعارف للمطبوعات - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

الفهرست
العنوان الصفحة
محمد بن علي بن أعثم الكوفي محمد ابن الإمام الهادي (ع) محمد علي قراجة داغي محمد حسين الزنجاني محمد الموسوي العاملي ٥
محمد علي الحزين محمد صالح إبراهيم محمد علي صاحب المدارك ٦
محمد بن علي القزويني محمد الكاظمي العاملي محمد علي كمونة محمد نور الدين النباطي ٨
محمد علي الفديشي محمد علي السوداني محمد الطباطبائي محمد النجار التستري محمد الجزائري محمد كاشف الغطاء ٩
محمد خاتون العاملي ١٠
محمد حسن الهمذاني محمد المقابي البحراني محمد علي البحراني محمد عبد الرحمن الحسيني محمد العاملي المكي محمد الحصري النجفي ١١
محمد علي شرف الدين محمد موحي الخيقاني ١٢
محمد الطباطبائي الزوارئي محمد علي الرضوي محمد علي المرتضى محمد هاشم القمي محمد عبد الله العقيقي ١٦
محمد أسد الله التستري محمد علي المحلاتي محمد الجيلاني محمد السروي المازندراني محمد الرضوي المشهدي محمد علي نبي محمد فخر الدين محمد علي الشجاعي ١٧
محمد علي المرعشي محمد الحسيني المرعشي محمد علي الأدرع محمد الآملي الكحي محمد علي الوكيل محمد علي معمر الكوفي محمد الضحاك الشامي محمد علي الحسيني محمد حسن مروة محمد يوسف خاتون ١٨
محمد علي المقشاعي محمد المظاهري الصائم محمد ابن ثعلبية محمد علي الطريحي محمد ابن منير ١٩
محمد البروجردي محمد الاسترآبادي محمد المشطوب (نعمة) ٢٠
محمد علي العطار محمد علي الشهرستاني محمد الحشري ٢١
محمد النحوي الأصفهاني محمد الحرفوشي الكركي ٢٢
محمد آل مغنية العاملي ٢٣
محمد علي بن بابويه ٢٤
محمد الطبسي محمد باقر البهبهاني ٢٥
محمد علي الهزاز محمد علي الخوانساري محد علي الكاشاني محمد قلي التبريزي محمد الحسيني المرعشي محمد صالح الخلخاني ٢٦
محمد علي الطالقاني محمد النوري المازندراني محمد البلاغي النجفي محمد علي الكنتوري محمد علي المؤذن محمد علي مقصود محمد عمر الحسين محمد عمر الراوندي محمد عمر الكشي ٢٧
محمد بن عمر الزبيري محمد عمر الجعابي ٢٨
محمد بن عمر الواقدي ٣٠
محمد بن عمر المرزباني محمد بن عناية الكشميري محمد ابن الحجام محمد المالكي ٣٣
محمد بن عيسى التميمي محمد عيسى كبه محمد القيسي التستري محمد الغضائري محمد حمدون التغلبي محمد جلال الدين محمد الخراساني المشهدي محمد الفتوني العاملي ٣٥
محمد فخر الدين الرستمداري محمد فرج الحميري محمد فرج الجيلاني محمد فرج الدزفولي محمد الشرابياني محمد فضل الله الحسيني ٣٦
محمد فضيل الضبي ٣٧
محمد فلاح المشعشعي ٣٨
محمد البغدادي الفقيه محمد قاسم جريبي محمد قاسم السبزواري محمد الفشاركي محمد الحلي ابن معية ٣٩
محمد قاسم المختاري محمد قاسم التنكابني محمد قاسم الاربادي محمد قاسم العاملي الجامعي محمد قاسم البرزهي ٤٠
محمد بن القاسم محمد العاملي الشحوري محمد قاسم المشهدي محمد قاسم الكاشاني محمد البهبهاني محمد قاسم الاسترآبادي ٤١
محمد قاسم الميسي محمد القبيسي العاملي محمد الأمير الخطيب محمد القصير محمد القطب الذهبي محمد قطب شاه محمد قعيق العاملي محمد قلي قطب شاه ٤١
محمد الشريف القمي محمد قنبر المدني ميرزا محمد القمي محمد القزويني محمد القيم الحلي محمد الواثقي محمد الكاشي محمد الرضوي المشهدي محمد الدربندي محمد جريبي الحائري ٤٢
محمد كاظم اليزدي محمد كاظم البهبهاني محمد حاجي كاظم محمد الرضوي الناظر محمد كاظم القاري محمد الكامل الكشميري ٤٣
محمد كرم الله الحويزي محمد البارفروشي محمد الكرمنشاهي محمد كريم الكرماني محمد كريم الخراساني محمد الكيستاني محمد الصبايجي محمد مولى شما محمد اللايذ محمد الجوادي العلوي محمد الماحوزي محمد القطيفي ٤٤
محمد المامقاني الشيخي محمد المؤمن نقي محمد مؤمن الشيرازي محمد الحسيني الاسترآبادي محمد مؤمن التنكابني محمد مؤمن الطباطبائي ٤٥
محمد مؤمن الحسيني محمد المؤذن محمد بن مبجل الأموي الجزء السادس و الأربعون محمد بن المتريض البغدادي محمد محسن الكاشي محمد الوفا سيتابوري محمد عبد العلي العاملي ٤٦
محمد محسن الناظر محمد محسن سميع محمد باقا برزك محمد بن محفوظ محمد التستري محمد سعد الدين الحسيني ٤٧
محمد بهاء الدين محمد هادي النائيني محمد محمود الأمين ٤٨
محمد محمود المشغري ٥٢
محمد محمود اللواساني محمد محمود الدهدار محمد الصدر المرعشي محمد الحسيني الشهرستاني محمد النجار البغدادي محمد محمود الطبسي ٥٥
محمد محمود الرضوي محمد محمود الآملي محمد نور الدين محمد مراد الكشميري محمد مرازم الأزدي محمد العياشي محمد مسلم العلوي محمد الفسوي محمد الكاشاني محمد المشهدي محمد بن جعفر المشهدي ٥٦
محمد مطر العراقي محمد المطلب الشيباني محمد المطهر الديباجي محمد بن المعافى محمد معصوم اليزدي محمد معصوم الشيرازي محمد الهيدجي محمد معصوم الرضوي ٥٧
محمد معصوم القطيفي محمد معصوم الحسيني محمد بن مفيد محمد مقصود الغروي محمد مقيم الاسترآبادي محمد مقيم النواب محمد عبد عظيمي محمد مقيم الغروي محمد صاحب لسان العرب (ابن منظور) ٥٨
محمد مكي العاملي محمد مكي الشهيد الأول ٥٩
محمد ضياء الدين محمد محمد ملا الحلي محمد عز الدين محمد الكلباسي محمد حمادي الكواز ٦٤
محمد الرب آبادي محمد الفتوني العاملي محمد التبريزي ٦٧
محمد مهدي الكجوري محمد مهدي الكنتوري محمد مهدي الحميدي محمد كلستانة محمد مهدي القزويني محمد مهدي الحسيني محمد مهدي الموسوي محمد مهدي مغنية ٦٨
محمد مهدي السبزواري ٧٠
محمد مهدي الرضوي محمد مهدي الشهيد محمد مهدي القزويني ٧١
محمد مهدي الحسني محمد مهدي الرضوي محمد مهدي القصير محمد مهدي المشهدي محمد مهدي الموسوي محمد مهدي باشي محمد مهدي القاجاري محمد مهدي الأمين ٧٤
محمد مهدي هادي محمد مهدي قزويني محمد مهدي الخوانساري محمد مهدي الشهيد ٧٥
محمد مهدي الكرمنشاهي محمد مهدي الاسترآبادي محمد كركيا محمد موسى طاوس محمد أبي القاسم حمزة ٧٧
محمد الموسوي محمد ميمون محمد الكمالي محمد كاركيا الحسيني ٧٨
محمد آل عيسى الطائي محمد ناصيف الصغير محمد التويسركاني محمد نجف الكرماني محمد النجم آبادي ٧٩
محمد نصار الجزائري محمد بن نصار محمد بن نصر الكاتب محمد نصر التغلبي محمد الصلايا الحسيني محمد نصير الحسيني محمد نصير محمد نصير مولى المجلسي محمد نصير الأصفهاني ٨٠
محمد نصير كاظم محمد نصير الاسترآبادي محمد نظام الدين الاسترآبادي محمد القزاز المطيري محمد مؤمن الطاق محمد بن نعمة الله محمد عرفي الطالقاني محمد نقيب المشهدين ٨١
محمد بن نما الحلي محمد هادي البهبهاني محمد هادي الطهراني محمد هادي الشيرازي محمد هادي النقوي محمد هادي النحوي محمد هارون النيشابوري محمد هارون التلعكبري ٨٢
محمد هارون الوراق محمد هارون الكلبي محمد هاشم الجهار سوقي محمد هاشم البهبهاني محمد هاشم الخالدي ٨٣
محمد هاشم الأصبهاني محمد هاشم الشرموطي محمد هاشم الطبيب محمد هاشم التنكابني محمد سيد علوي محمد هاشم مير شجاعت ٨٤
محمد بن هانئ الأندلسي ٨٥
محمد بن هبة الله الوراق محمد بن هداية حسين محمد هزار جريبي محمد بن همام الإسكافي ٩١
محمد همام البغدادي محمد أكبر خان ٩٢
محمد بن شاجعة محمد هيثم العجلي محمد واجد علي محمد الواعظ القزويني محمد ورقاء الشيباني محمد بن وشاح محمد وهيب الحميري ٩٦
المفتي محمد ياسين محمد بن يحيى الصولي محمد يحيى المعادي محمد يحيى الخمايسي ٩٧
محمد بن يحيى الأقساسي محمد مبارك الحمصي محمد يحيى القزويني محمد اليزدي حيحون محمد اليزدي محمد الأزدي المبرد ٩٨
محمد بن يعقوب الكليني محمد يوسف الحصري محمد يوسف سواد كوهي محمد محي الدين ٩٩
محمد الشيخ يوسف محمد يوسف الاسترآبادي محمد يوسف الخطي محمد يوسف العسكري محمد يوسف الطهراني محمد يوسف المهلبي ١٠٠
محمد الأثري الغرناطي محمد يوسف إبراهيم محمد يوسف الدهخوارخاني محمد يوسف الإيلاقي محمد يونس الحميدي محمود إبراهيم النجفي محمود إبراهيم الشيرازي محمود أبي القاسم الطهراني محمود أحمد الحويزي الشيخ محمود الحويزي ١٠١
محمود الدمياطي المصري محمود أمير الحاج العاملي محمود الجبستري ١٠٢
محمود الميثمي العراقي محمود الجزائري محمود الحكيم محمود كشاجم ١٠٣
محمود اللاهوري محمد درويش الحلي مستدركات الجزء السابع و الأربعون محمود سميسم محمد شمس الدين المختار محمود الشيرازي محمود الحمصي ١٠٥
محمود اليزدي النجفي ١٠٦
محمود الطباطبائي التبريزي محمود الكرمنشاهي محمود الخوئي محمود الحكيم باشي محمود محمد الأمين ١٠٧
محمود نقي الطباطبائي محمود الحسيني الموسوي محمود العقيلي الحلبي محمود غلام الطبسي محمود الفارسي ١٠٨
محمود فتح الله الحسيني محمود حبيب الله الرضوي محمود الرضوي الشاهي محمود النيشابوري مير محمود الحسيني محمد الدزفولي محمود الدنبلي محمود محمد باقر ١٠٩
محمود كلي الكاشاني محمود البهبهاني محمود الغول الميسي محمود الذهب محمود آل مغنية ١١٠
محمود الطبيب محمود بن نبهان محمود الميمندي محمود الخطي البحراني ١١١
محمود الشيباني الحلي محي الدين الشيرازي محيي الدين أبي جامع ١١٣
محيي الدين الطريحي محيي الدين فضل الله ١١٤
محيي الدين النجفي محيي الدين العاملي محيي الدين الرماحي ١١٥
مختار الملك الأول مختار الأعمى القاري مخلد بن جعفر مخنف بن سليم مراد التفريشي المراغي بن خالد مرتضى الحسني ١١٦
مرتضى الزواري مرتضى الأمين مرتضى الحسيني العاملي مرتضى الحسني مرتضى الشريفي مرتضى علم الدين مرتضى فخار الموسوي مرتضى الطباطبائي مرتضى شرف الدين مرتضى مؤمن مرتضى الدزفولي ١١٧
مرتضى النقوي مرتضى المرعشي مرتضى النواب الحسيني مرتضى الرشتي مرتضى الحسني ١١٩
تاج الدين المرتضى مرجى الطباطبائي مرتضى قلي خان ١٢٠
مرتضى الكشميري مرتضى الرضوي مرتضى النوبهري المرزبان بن فناخسرو الديلمي المرزبان بن محمد ١٢١
المرزباني المرقال مروان السروجي مرغل الكعبي الشيخ مساعد مستان شاه مستعد التبريزي المستهل بن الكميت مسعود بن مالك المسعودي ١٢٢
مسكويه مسلم الجساني الوائلي المسعودي الأصغر ١٢٣
مسلم المجاشعي المسمعي بن عبد الله المسيب الفزاري مسيحا الشيرازي مشرف آل الصغير ١٢٥
مشرف بن بويه مشكور الحولاوي المصري معين الدين المشيع المدني مصطفى الدمشقي مصطفى الغري مصطفى القاري مصطفى التبريزي ١٢٦
مصطفى المهتر كلاهي مصطفى الكاشاني ١٢٧
مصطفى الحرفوشي مصطفى آل خليل العاملي مصطفى نور الدين مصطفى الكاشي مصطفى النقوي ١٢٨
مصطفى النخجواني مطر الخفاجي الغروي المطرق العبدي مطلب خازن مظفر القاني الشيرازي مظفر الكاشاني المظفر بن حسين المظفر البلخي الخراساني المظفر العلوي ١٢٩
مظفر الجنابذي المعادي إبراهيم معاذ الهراء معاوية بن صعصعة معاوية الدهني معتوق مير علي معتوق الحسيني ١٣٠
معد فخار العلوي معز الدولة البويهي ميرزا الرضوي معصوم الشهيد معقل الرياحي معلى أبو شهاب معمر بن يحيى معمر الحسيني الكوفي معين الشهيد ١٣١
معين الدين المصري مغامن داغر الحلي المفجع البصري المفضل بن عمر ١٣٢
مفلح الصيمري البحراني الشيخ المفيد مقبل بن جماز ١٣٣
مقبل آل صغير المقداد السيوري المقداد بن الأسود المقطع العامري معتمد الدولة العقيلي المكتب بن هشام محمد مكي الجزيني ملك النحاة ابن صافي المناري ابن يوسف منتجب الدين ابن بابويه ١٣٤
المنتهى كيابكي المنجمون من الشيعة مندل العنزي ١٣٥
المنذر بن أبي حميضة المنذر بن سعيد القاضي منصور الأنصاري منصور الحسيني ١٣٧
منصور الحسين الآبي منصور الحسيني الحسني منصور النمري ١٣٨
منصور الدشتكي منصور الغروي منصور الكازراني منصور براست كواي منصور السلمي منصور الشنبكي منصور أبو القاسم ١٤١
منصور المشعشعي المنصوري المنكري ابن علي المنقري ابن داود منير الدين البروجردي المهاجر بن خالد بن الوليد ١٤٢
مهدي الحسيني القزويني مهدي المرعشي مهدي النراقي مهدي الحسني مهدي الرازي مهدي الهروي ١٤٣
مهدي إسماعيل المرعشي مهدي النقوي مهدي الغريفي مهدي البلدي مهدي الكردي ١٤٤
مهدي القزويني الحلي ١٤٥
مهدي الحائري ١٤٦
مهدي الدجيلي مهدي الشيخ خضر مهدي الصفوي مهدي الحجار ١٤٧
مهدي سلمان الحلي ١٤٨
مهدي آبادي النقوي مهدي الطالقاني مهدي التوتنجي مهدي شيخ الاسلام مهدي المراياتي ١٥٢
مهدي صالح القزويني مهدي البلادي مهدي الغياثي مهدي نور الدين مهدي بائين شهري ١٥٣
مهدي كاشف الغطاء مهدي الأمين مهدي خاتون العاملي ١٥٤
مهدي الطباطبائي مهدي شمس الدين ١٥٥
مهدي الرشتي مهدي الفلوجي مهدي بحر العلوم مهدي الرضوي مهدي الكرادي ١٥٦
مهدي المازندراني مهدي اللاهجي مهدي الكجوري مهدي الخالصي ١٥٧
مهدي ملا كتاب مهدي بحر العلوم الجزء الثامن و الأربعون ١٥٨
مهدي الشهرستاني ١٦٣
مهدي التفريشي مهدي الحسني النقيب مهدي الطريحي مهدي الطباطبائي مهدي آل مغنية مهدي الخوئي مهدي العقيلي ١٦٦
مهدي الهرندي النراقي مهلهل الحمداني ١٦٧
مهنأ العلوي النسابة ١٦٨
مهيار الديلمي ١٧٠
ميرك الحسيني التوني موسى المبرقع العلوي موسى شرارة العاملي ١٧٢
موسى كاشف الغطاء ١٧٨
موسى الطالقاني ١٧٩
موسى الربعي موسى بن إسماعيل موسى جواد سبيتي ١٨٠
موسى بن حيدر ١٨٢
موسى الحفاظي ١٨٥
موسى الخمايسي موسى بن جعفر محيي الدين ١٨٦
موسى الصراف النجفي موسى سباهي السوداني السيد موسى عباس ١٩٠
موسى الحسني العلوي موسى الأصفهاني الكاتب ١٩٢
موسى بن أبي الفتح موسى الفتوني النباطي موسى العاملي الجبعي موسى الحرفوشي موسى آل جعدة المخزومي موسى الكلانتري هادي ١٩٣
موسى كشكول النجفي موسى الكرمانشاهي الحائري موسى المبرقع العلوي ١٩٤
موسى المالكي الجناحي موسى الأعرابي الموضح الصوفي الموسوي المشهدي موهوب الجواليقي ١٩٥
مياس الصقيل ميثم الطوسي ١٩٧
ميثم التمار الميثمي ابن الحسن مير الرشتي المير الداماد باقر مير حكيم الحسيني ميرزا حاج التبريزي ميرزا الأصفهاني النجفي ١٩٨
ميزان ثابت النغيري ميمون البصري ميمون أبو بردة ميمونة بنت الحارث حرف النون النابغة الجعدي ناجية النجفية نادر شاه الأفشاري ١٩٩
نادر ميرزا القاجاري الناشي الأصغر الناشي الأكبر شرشر الناصر الكبير العلوي ناصر الصغير العلوي ناصر الدولة حمدان ناصر الموسوي ٢٠٠
ناصر الجونقوري ناصر البحراني الموسوي ٢٠١
ناصر البويهي ناصر الدين كوثراني ناصر متوج البحراني ناصر الجارودي ناصر القبادياني البلخي ٢٠٢
ناصر الدين القاجاري ناصر القاروني ناصر النجفي الخطيب الناصر الأطروش ناصر كيا الحسيني ٢٠٤
ناصيف النصار العاملي النامي الدارمي النجاشي صاحب الرجال النجاشي ابن كعب نجف القرباني نجم الامروهوي اللكهنوئي ٢٠٥
نجم الدين الاطراوي العاملي نجيب الدين الأصفهاني نجيب الدين الحلي الحلبي نجيب الدين فضل الله ٢٠٦
نجيب الدين الجبيلي نافع الأسود التميمي النجفي ابن عمران نصار الحكيمي النسائي ابن بحر ٢٠٨
نصر الخبزارزي نصر النحوي الحلي نصر منصور نصر المدائني نصر الحلواني نصر بن مزاحم نصر التغلبي الحمداني ٢٠٩
نصر الفهري قرقارة نصر الهمذاني الوزير نصر يحيى العاملي الطيبي ٢١٠
نصر الله الحائري الجزء التاسع والأربعون ٢١٣
نصر الله الفارسي ٢١٩
نصر الله حدرج العاملي نصر الله المشهدي نصر الله التربتي ٢٢٠
نصر الصباح البلخي نصر نصير البحراني نصير الدين الهمداني نصير الحمامي نصير الدين الطوسي نصوح الحرفوشي النصر بن شعيب النضر بن عجلان الأنصاري ٢٢١
نضر الفهري نضلة أبرزة الأسلمي النظامشاهية نظام الدين القرشي نظام الملك نظر الطالقاني نظر النجفي نظر التستري ٢٢٢
نظر علي العجمي نظر الكرماني نظير المشهدي نعمان أحمد التميمي ٢٢٣
النعمان بن الأشتر النعمان الأنصاري ٢٢٤
نعمان بن زيد الأنصاري نعمان الأعرجي الحسيني نعمة الله الحلي نعمة الله الخطاط المشهدي نعمة الله الدشتكي نعمة الله الطريحي ٢٢٥
نعمة الله الجزائري ٢٢٦
نعمة البلاغي العاملي نعمة الله القاضي التستري نعمة الله أغاتي نفطويه النحوي نفيس الكرماني نفيسة العلوية النقاش الأنصاري النهاوندي ابن إسحاق النهدي بن أبي مسروق نوح الجعفري ٢٢٧
نور الدين الجزائري نوروز القزويني نور الله المرعشي ٢٢٨
نور الدين الكركي العاملي نور علي شاه الطبسي نور الله محمد تقي نور الدين الهندي نور حسين نور الدين الحسيني نون البكالي حرف الهاء هادي النحوي الحلي ٢٣٠
هادي الأصفهاني هادي القزويني هادي كاشف الغطاء ٢٣١
هادي الطهراني هادي الشهرستاني ٢٣٣
هادي صالح المازندراني هادي اللكهنوئي هادي نور الدين العاملي هادي السبزواري ٢٣٤
هادي دلدار النقوي هادي نجم آبادي الطهراني ٢٣٥
هادي بن مقبل آل نصار هادي العلوي هادي الجويني هارون الهمذاني هارون بن مسلم هارون بن محمد هارون التلعكبري ٢٣٦
هاشم الأحسائي هاشم القاري هاشم الكعبي الجزء الخمسون ٢٣٧
هاشم الأعرجي هاشم الحسيني العلوي هاشم الحسيني الكاظمي هاشم التبريزي هاشم الخونساري ٢٤٨
هاشم الكتكناني ٢٤٩
هاشم الرضوي الهندي هاشم بن عتبة ٢٥٠
هاشم القزويني الحائري هاشم الكرماني النجاري هاشم عباس ٢٥٢
هاشم حسين الأصفهاني هاشم الموسوي العاملي هاشم القزويني الحائري هاشم الرضوي المشهدي ٢٥٩
ميرزا هاشم الهمذاني هانئ الهمذاني هاني ء الحضرمي هانئ الأزدي ٢٦٠
هبة الدين الشهرستاني هبة الله الموسوي ٢٦١
هبة الله عميد الرؤساء هبة الله الراوندي الفقيه هبة الله نور الدين هبة الله ابن الشجري هبة الله صدر المخزن هبة الله طباطبا العلوي هبة الله الحمداني ٢٦٢
هبة الله التغلبي الهجري المشهدي هداية الله المرعشي هداية الله الخراساني هداية الله الأورشيجي ٢٦٣
هداية الله الآشتياني الهروي أبو الصلت هشام الحائري هشام بن الحكم ٢٦٤
هشام الكلبي النسابة ٢٦٥
هشام بن سالم هشام بن عمار هشيم بن بشير هلال أبو الحمراء هشيم العامري هلال بن محمد ٢٦٦
الهلال الجغتائي همام بن الأغفل الثقفي همام بن صعصعة ٢٦٧
همام بن عبادة همام بن جعفر العلوي الهمذاني ابن جعفر الهمذاني والد البهائي ٢٧١
أم المؤمنين هند زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هند بنت زيد الأنصارية هند المرادي هيبة المشعشعي ٢٧٢
الهيثم بن خليل الهيثم عبد الله النهدي الهيثم الشيباني حرف الواو وائل الكندي الحضرمي وائل الحسيني الجبلي وائل الحضرمي الصحابي واجد علي الهندي الواقدي محمد بن عمر الوادعي المظفر الواسطي الشاعر وحيدة النجفية ٢٧٣
ودي بن جماز شيحة وداعة الأنصاري وكيع وقار الشيرازي الوزير المهلبي ولاية الغازبيوري الورد الأسدي الوليد الطائي البحتري الجزء الحادي و الخمسون ٢٧٤
ولي الله الرضوي ٢٨٠
وزير الهندي الرضوي الوراق ابن عبد الله الوزير المغربي ابن يوسف الوشنوي الوشا الحسين بن علي وهب بن زمعة الجمحي حرف الياء يا روخ عبد الله الموصلي ٢٨١
ياسين البلادي البحراني ٢٨٢
يحيى أبو القاسم يحيى القمي النقيب ٢٨٤
يحيى أبو الفضل النسابة يحيى النسابة العلوي يحيى الأعرجي الحلي ٢٨٥
يحيى الكلبي الحلبي ٢٨٦
يحيى أحمد علي الأعرج يحيى أحمد الحلي يحيى أحمد الكاشاني ٢٨٧
يحيى طباطبا العلوي يحيى البحراني يحيى المفتي البحراني يحيى الحر الجبعي يحيى أبو زكريا الحلي ٢٨٨
يحيى البطريق الحلي يحيى العالم المدني يحيى الحسين الحسني يحيى حسين البحراني يحيى بن زيد يحيى ناصر البحراني يحيى البطحاني يحيى الحسين الحسيني يحيى بن حمزة ٢٨٩
يحيى بن حميدة الحلبي يحيى ابن الفراء النحوي ٢٩٠
يحيى بن زيد العلوي ٢٩٣
يحيى بن سالم الكوفي يحيى الشيباني الكاتب يحيى بن سعيد القطان يحيى بن سعيد أبو حيان ٢٩٥
يحيى الحصكفي الأديب ٢٩٦
يحيى الطوسي يحيى المؤدب يحيى الآملي الطبرسي يحيى الجزار المصري ٢٩٩
يحيى القزويني يحيى الحسيني الحلبي يحيى بن الإمام علي (ع) يحيى الحمداني يحيى الحسني البصري يحيى الساجوساني المراغي يحيى القزويني ٣٠٢
يحيى بن الخباز الشاعر يحيى محمد العوامي يحيى المطهر العلوي يحيى السوراوي يحيى الرضوي بديع يحيى طباطبا العلوي يحيى العاملي الطيبي يحيى العمري المدني ٣٠٣
يحيى خان النيسابوري يحيى الأسلمي القطواني يحيى العدواني الوشقي ٣٠٤
يزيد الغنوي يزيد العبدي البصري يزيد بن قيس الآجي يزيد بن نويرة الأنصاري يعقوب اللغوي ابن السكيت ٣٠٥
يعقوب بن نوبخت ٣٠٦
يعقوب البختياري يعقوب الكندي ٣٠٧
يعقوب جعفر التبريزي ٣١٤
يعقوب العلوي الفقيه ٣١٥
يعقوب بن سفيان السري اليعقوبي بن أبي يعقوب اليقطيني ابن عبيد يموت بن المزرع العبسقي يعقوب البغدادي المصري ٣١٦
يوسف الدرازي البحراني ٣١٧
يوسف محمد البغدادي يوسف خاتون العيناثي يوسف الحائري الشواء يوسف خواجة بهادر يوسف الطباطبائي يوسف أبي جامع العاملي ٣١٨
يوسف البلادي البحراني يوسف الخاتوني العاملي يوسف الحصري يوسف المشغري ابن حاتم ٣١٩
يوسف الحسيني المشهدي يوسف بن حماد يوسف خازن المشهدي العلوي يوسف الدهخواراقي يوسف عادل يوسف آل شرف الدين العاملي ٣٢١
يوسف هبيل الموصلي يوسف العجمي الامامي يوسف العريضي يوسف العسكري البحراني يوسف الربعي البحراني يوسف بن عمار يوسف التفريشي يوسف التركماني ٣٢٢
يوسف محمد البحراني يوسف بن أبي ذيب ٣٢٣
يوسف الحسيني العاملي يوسف الجبلي الشامي يوسف الآزري البغدادي يوسف بن محي الدين يوسف نصر الله ٣٢٤
يوسف الأصبهاني يوسف الصنعاني اليماني اليوسفي الآوي يوسف الطبيب يونس بن عبد الرحمن يونس الجزائري يونس الحرفوشي يونس بن خباب ٣٢٥
يونس الديلمي يونس العاملي يونس بن عبد الرحمن ٣٢٦
يونس بن أعين الشيباني يونس بن عمار الصيرفي يونس الأسدي يونس المظفر يونس مفتي أصبهان يونس ياسين النجفي ٣٣١
يونس الجلاب كتب المؤلف المجهولة ٣٣٢
الجزء الثاني و الخمسون السيد محسن الأمين العاملي نسب المؤلف ٣٣٣
مولد المؤلف نسبته والده - والدته ٣٣٤
جد المؤلف لامه جد المؤلف لأبيه خال المؤلف تعلمه القرآن الكريم ٣٣٥
سيرة المؤلف السيد محسن الأمين تعلمه علمي النحو والصرف ٣٣٦
زيارة المؤلف للسيد محمد الأمين ٣٣٧
وجود المؤلف في عيثا الزط ٣٣٨
وجود المؤلف في بنت جبيل ٣٤١
علاقة المؤلف بالشيخ موسى شرارة ٣٤٢
استدعاء المؤلف للعسكرية في الجولان ٣٤٤
في دار الحاج حسن عسيران ٣٤٦
سفر المؤلف إلى العراق سنة ١٣٠٨ ه‍ ٣٤٨
توجهه إلى إسكندرية حلب - العراق ٣٤٩
وصوله إلى بغداد ٣٥٠
انتقاله إلى سامراء كربلاء - النجف ٣٥١
تعلمه في النجف كيفية التدريس ٣٥٢
علاقة المؤلف بالشيخ حسن المامقاني علاقة المؤلف بالحج أحمد خباز ٣٥٣
علاقة المؤلف بالسيد حسين الصائغ ٣٥٤
علاقة المؤلف بالشيخ محمد الحكاك علاقة المؤلف بالشيخ جواد البلاغي حديثه عن الزكرت والشمرت ٣٥٥
علاقة المؤلف بالسيد محمد علي علاقة المؤلف بالشيخ هادي الطهراني ٣٥٦
سفر والد المؤلف إلى العراق حديث المؤلف عن الغلاء في العراق ٣٥٧
المؤلف في الكوفة ٣٥٨
كيفية تدبير أمر معاشه علاقة المؤلف بالشيخ إبراهيم الكاشي تطرق المؤلف إلى عادات أهل النجف ٣٥٩
خروج المؤلف إلى الشام سفره إلى الرمادي - القائم - دير الزور ٣٦٠
وصوله: تدمر - السخنة دمشق ٣٦١
سفر المؤلف للحج سفره إلى مصر زيارة الأزهر الحجاز - عودته ٣٦٣
تكرار زيارته المدينة المنورة ٣٦٤
زيارة بيت المقدس ٣٦٥
المؤلف والحرب العالمية الأولى سفر المؤلف إلى جبل عامل ٣٦٦
المؤلف في الهرمل ٣٦٧
ذهاب المؤلف بعد الحرب العامة لزيارة الأمير فيصل ابن حسين ٣٦٨
عودة المؤلف إلى جبل عامل وفد جبل عامل لتهنئة المللك فيصل سفر المؤلف من جبل عامل إلى العراق فايران ٣٦٩
بعض ما جرى للمؤلف مع الفرنسيين علاقة المؤلف بالحكومة السورية ٣٧٠
مشايخ المؤلف في التدريس بعض تلاميذ المؤلف مؤلفاته ٣٧١
تأليفة رسالة حول ما كان يجري من بدع في يوم عاشوراء ٣٧٣
مقالة الأستاذ جعفر الخليلي حول معركة السيد الأمين الاصلاحية ٣٧٨
تردد اسم السيد الأمين في أنحاء العالم الاسلامي ٣٨٠
الدكتور علي الوردي كتب حول الشيخ محمد عبده و السيد محسن الأمين. التقدمي المتجدد بقلم الشيخ محمد رضا الشبيبي ٣٨٢
تاريخ وفاة المؤلف إمام في الوطنية بقلم الأستاذ لطفي الحفار ٣٨٣
المؤلف بقلم الدكتور حكمت هاشم ٣٨٤
من مراثيه مقالة الأستاذ حسين مروة المصلح: بقلم الدكتور أسعد الحكيم ٣٨٧
الكبير المتواضع بقلم الشيخ أحمد رضا ٣٨٨
ما كتبه عن المؤلف الأستاذ وجيه بيضون ٣٨٩
الزاهد بقلم الشيخ محمد جواد مغنية ٣٩٠
عدو الاستعمار بقلم الأستاذ علي بزي ٣٩٢
عدو التعصب بقلم رئيس تحرير جريدة الجيل رثاء امين الحسيني ٣٩٣
الزعيم بقلم الأستاذ أديب الصفدي ٣٩٤
قدوة المصلحين الشيخ عبد الكريم الزنجاني مربي الأجيال بقلم الشيخ علي الجمال ٣٩٥
في مجمل خصائصه بقلم وجيه بيضون ٣٩٦
عالم في فرد بقلم الشيخ محمد حسن المظفر المرتفع فوق الفوارق بقلم الأستاذ صلاح الأسير اجماع العلماء بقلم الأستاذ يوسف داغر في صورته الماثلة بقلم الأستاذ وجيه بيضون ٣٩٨
في خط المؤلف وتأليفه بقلم الأستاذ وجيه بيضون ٣٩٩
المعلم الأول بقلم الأستاذ جان جبور ٤٠٠
المؤلف الخالد بقلم الشيخ علي الخاقاني ٤٠٢
المؤلف الموجه بقلم الشيخ عارف الزين لم يكن متعصبا بقلم الأستاذ رئيف الخوري ثار على المؤلف الجامدون بقلم الشيخ موسى سبيتي ٤٠٣
فقيد العلم والدين بقلم الشيخ عبد الله بري الثابت ثبوت الطود بقلم الأستاذ أحمد إسماعيل المؤلف رجل كبير بقلم الدكتور محمد جواد رضا ٤٠٤
مرثاة السيد حسين الكاشاني صاحب أعيان الشيعة بقلم الشيخ عبد الله الخنيزي ٤٠٥
موسوعة في رجل بقلم الأستاذ امين خضر ٤٠٦
عبقرية فذة بقلم الأستاذ يوسف صارمي العالم النبي بقلم الشيخ موسى شرارة ٤٠٧
من مراثيه الشيخ علي مغنية المؤلف ذو الأمجاد بقلم السيد محمد رضا شرف الدين من مراثيه الأستاذ إبراهيم بري ٤٠٨
مؤلف حارب البدع - مجلة - العرفان - ٤٠٩
من مراثيه الأستاذ كامل سليمان جوانب انسانية بقلم السيد فخر الدين هاشم ٤١٠
فوق الطائفيات بقلم الأستاذ عبد اللطيف الخشن المجتهد الكامل بقلم الشيخ يوسف كمال رجل في إيران بقلم الشيخ سليمان ظاهر ٤١١
من مراثيه الأستاذ سعيد فياض علماء دمشق يؤنبون المؤلف ٤١٣
شعر المؤلف ٤١٤
في لحظات الاحتضار بقلم الأستاذ حسين مروة ٤٢١
نعي السيد محسن الأمين ٤٢٢
جريدة اليوم تنعي السيد محسن الأمين المفتني الأكبر ينعي السيد محسن الأمين ٤٢٣
التعازي بوفاة السيد محسن الأمين مأتم الفقيد ٤٢٤
في دمشق الصحف السورية تنعى الفقيد ٤٢٥
استقبال النعش على الحدود اللبنانية - السورية ٤٢٦
الطواف بالنعش في دمشق ٤٢٨
النعش في اللحد الأخير امام ساحة الباب الكبير في مدفن السيدة زينب (ع) خطاب المربي أحمد صندوق ٤٢٩
التعازي بالفقيد الكبير: جريدة القبس الملوك والرؤساء المسلمون العالم الاسلامي و العربي ٤٣٠
نعي جريدة الأمة البغدادية صحف ومجلات المهاجر تنعي السيد الأمين - جريدة العلم العربي - مجلة الرفيق - جريدة نهضة العرب ٤٣٤
الجالية العربية في ميتشغن تقيم حفلة تأبينية للسيد الأمين ٤٣٦
في وداعه بقلم الأستاذ سعيد تلاوي في موكبه الأخير بقلم الأستاذ جوزف شلهوب ٤٣٧
بعض مراثيه قصيدة لولده عبد المطلب الأمين ٤٣٨
رثاء الشيخ سليمان ظاهر قصيدة رثاء الأستاذ أحمد صندوق ٤٣٩
قصيدة من مراثيه للأستاذ أحمد سليمان أحمد قصيدة الشيخ محمد علي اليعقوبي ٤٤٠
قصيدة رثاء للشيخ خليل مغنية قصيدة الشيخ محمد علي ناصر ٤٤١
قصيدة الحاج عبد الحسين الآزري ٤٤٢
قصيدة السيد محمد حسين فضل الله قصيدة الأستاذ عبد العزيز سيد أهل قصيدة الأستاذ محمد كامل شعيب ٤٤٣
قصيدة السيد محمد نجيب فضل الله ٤٤٤
قصيدة الأستاذ إبراهيم شرارة قصيدة الأستاذ نجيب صعب قصيدة الأستاذ يونس يونس قصيدة الأستاذ إبراهيم حاوي ٤٤٥
قصيدة للشيخ سليمان ظاهر قصيدة الأستاذ حليم دموس ٤٤٦

الامام السيد محسن الأمين
أعيان الشيعة
المجلد الثالث
حققه وأخرجه
حسن الأمين دار التعارف للمطبوعات بيروت
(٣)

بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الطبع محفوظة ١٤٠٣ ه‍ - ١٩٨٣ م
(٤)

محمد بن علي
المعروف بابن أعثم الكوفي.
توفي في حدود سنة ٣١٤.
في دائرة المعارف الاسلامية انه كتب تاريخا قصصيا عن الخلفاء الأول
متأثرا بمذهب الشيعة ونقل هذا الكتاب إلى الفارسية محمد بن محمد المستوفي
الهروي وطبع طبعة حجرية في بمبي سنة ١٣٠٠.
السيد أبو جعفر محمد بن الإمام علي أبي الحسن الهادي.
توفي في حدود سنة ٢٥٢.
جليل القدر عظيم الشأن كانت الشيعة تظن انه الامام بعد أبيه ع
فلما توفي نص أبوه على أخيه أبي محمد الحسن الزكي ع
وكان أبوه خلفه بالمدينة طفلا لما اتي به إلى العراق ثم قدم عليه في سامراء ثم
أراد الرجوع إلى الحجاز فلما بلغ القرية التي يقال لها بلد على تسعة
فراسخ من سامراء مرض وتوفي ودفن قريبا منها ومشهده هناك معروف
مزور. ولما توفي شق اخوه أبو محمد ثوبه وقال في جواب من لامه على ذلك
قد شق موسى على أخيه هارون. وسعى المحدث العلامة الشيخ ميرزا
حسين النوري في تشييد مشهده وتعميره وكان له فيه اعتقاد عظيم.
الحاج ميرزا محمد علي القراجة داغي.
كان حيا سنة ١٣٠٦.
خرج إلى العراق واخذ في النجف عن الشيخ مرتضى الأنصاري
أصولا وعن الشيخ سهدي الجعفري فقها ويروي عنه بالإجازة ثم رجع إلى
إيران وأقام في تبريز منصرفا إلى التدريس والتآليف وله تعاليق مشهورة على
القوانين واللمعة طبعت على طرة الكتابين في تبريز لكنها قليلة الفائدة غير
مرغوب فيها.
مؤلفاته
١ كتاب اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء مطبوع فرع منه
سنة ١٢٨٦ ٢ حواش على الروضة مطبوعة ٣ صيغ العقود والايقاعات
مطبوعة ٤ رسالة عملية مطبوعة ٥ التنقيحات الأصولية ٦ الفتوحات
الرضوية في الاحكام الفقهية ٧ الفصول المهمة في أصول الدين ٨
الرسالة التمرينية في علم الميزان ٩ رسالة في البداء ١٠ رسالة في الامر
بين الأمرين ١١ رسالة في مناسك الحج ١٢ في اسرار الحج ١٣ في
العلل الأربعة ١٤ شرح اخبار الطينة ١٥ فضائل قم ١٦ تفسير سورة
يسن ١٧ التفسير الكبير ١٨ حواش على الرياض ١٩ حواشي
الفصول ٢٠ رسالة في العروض ٢١ التحفة المحمدية في علم العربية
٢٢ الأربعين في المدائح والنصائح.
المولى محمد بن علي بن محمد حسين الزنجاني.
كان من أفاضل عصره عالما بالأصولين ماهرا في الفقه والرجال
والكلام تلمذ على أساتذة قزوين وكانت إذ ذاك مجمعا للأفاضل من أهل العلم
ورجع إلى بلده ثم سافر إلى العتبات المقدسات بالعراق وحج إلى بيت
الله الحرام ثلاث مرات آخرها سنة ١٢٢٠ لقب في أثنائها السيد محمد
مهدي بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف الغطاء وابنه الشيخ موسى وغيرهم
ورجع إلى زنجان وتوفي بها في حدود تلك السنة وله مصنفات منها منظومة
في علم الكلام تقرب من خمسمائة بيت ثم شرحها بشرح سماه تحفة الأنام
في شرح منظومة الكلام وله أيضا رسالة في الإمامة سماها بالدلائل وقد
وجد على ظهر نسخة الأصل بخط السيد بحر العلوم ما لفظه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلامه على عباده الذين اصطفى، وبعد أحلت فيما
املاه من هو قوة نظري نظري ورددت فيما أسداه من هو نور بصري بصري
فوجدته أنضد من لبوس وأزين من عروس وأعذب من الماء وأرق من المساء
وأدق من السحر واصلب من الصخر نفع الله به المؤمنين ومتع بوجود
مصنفه الطالبين وهذا دعاء للبرية شامل فيرحم الله عبدا قال آمينا وحرر
فقير ربه الغني محمد بن مرتضى المدعو بمهدي الحسني الحسيني.
السيد محمد بن علي بن محيي الدين الموسوي العاملي
في أمل الآمل: كان عالما فاضلا أديبا ماهرا شاعرا محققا عارفا بفنون
العربية والفقه وغيرهما. من المعاصرين تولى قضاء المشهد الشريف
بطوس. قرأ عند السيد بدر الدين الحسيني العاملي المدرس وعند السيد
حسين بن محمد بن علي بن أبي الحسن الموسوي شيخ الاسلام وغيرهما له
كتاب شرح شواهد شرح ابن الناظم على ألفية والده كبير حسن التحقيق
ويرد فيه أقوال العيني كثيرا وله شعر قليل لا يحضرني منه شئ اه.
أقول: واشتهر نسبة شرح الشواهد هذا إلى صاحب المدارك وقد
طبع في النجف سنة ١٣٤٤ على أنه لصاحب المدارك وهو خطا كما بيناه في
ترجمته قال في خطبته: وبعد فيقول الفقير إلى الله تعالى محمد بن علي
الموسوي العاملي كما أن الخلاصة الألفية للفهامة نادرة عصره وفريد دهره
جمال الأدباء وزينة الفضلاء الامام العالم الكامل النحرير العزيز الشيخ جمال
الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الجبائي الطائي المعتزلي قدس
روحه وأفاض علينا من فتوحه كتاب لم تظفر بمثله الأيام ولم تر نظيره عين
الأنام كذلك شرحه للامام الهمام المحقق المدقق الفرد الوحيد الشيخ بدر
الدين أبي عبد الله محمد ابن الشيخ جمال الدين المشار إليه كتاب اشتهر في
الأرباع والأقطار اشتهار الشمس في رابعة النهار غير أنه قد توعر على بعض
المبتدئين لما فيه من الاستشهادات الشعرية إذ لم يصل إليهم من الشرح غير
(٥)

نسخ من كتاب فرائد القلائد في شرح الشواهد للعلامة الأعلم والفهامة
الافهم زبدة الفضلاء في أوانه وعمدة العقلاء في زمانه الشيخ أبي محمد بن أحمد
العيني أفيضت عليه المراحم الربانية لكنه قدس سره على ما يظهر منه
قد وقع منه ما لا ينبغي أن يصدر من مثله في شرح أكثرها من الزلة في بيان
الاعراب أو الغفلة عن بيان المراد وكثيرا ما كان يختلج بخاطري الفاتر أن
اجعل لأبياته شرحا يذلل صعابها ويكشف عن وجوه شواهده نقابها وانبه
على زلل وقع في تفسير بعضها لصاحب الفرائد وغيره وأضيف إلى ذلك بيان
اللغة الغربية والامثال السائرة التي خلا عنها الفرائد حتى صدرت إشارة
بامضاء تلك العزيمة من عالي حضرة السيد السند المحقق المدقق إلى أن
قال: وهو سيدنا وملاذنا ومخدومنا السيد بدر الدين الحسيني العاملي
الأنصاري فتلقيتها بالقبول. وقال في خاتمته وقد اتفق الفراع منه على يد
مؤلفه الفقير إلى الله الغني محمد بن علي الموسوي العاملي ليلة الأربعاء ١١
من ربيع الأول سنة ١٠٥٧ في المشهد المقدس الرضوي ولله الحمد.
الشيخ محمد علي ابن الشيخ أبي طالب الزاهدي الجيلاني الأصفهاني المولد
المعروف بالحزين
توفي ببنارس الهند سنة ١١٨١
له كتاب التخلية والمتخلية فارسي وله تذكرة العاشقين شعر مثنوي
مطبوع له السوانح العمرية مطبوع
السيد محمد علي ابن السيد صدر الدين محمد بن صالح بن محمد بن
إبراهيم
شرف الدين بن زين العابدين بن علي نور الدين أخي صاحب
المدارك ابن نور الدين علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي
الأصفهاني المعروف باقا مجتهد
ولد سنة ١٢٣٩ بأصفهان وتوفي بها مسموما ليلة الثامن عشر من ذي
الحجة سنة ١٢٧٤ كذا في بغية الراغبين: وفي تكملة أمل الآمل أنه
توفي سنة ١٢٨٠ ليلة الجمعة عن ثلاثين سنة الا شهرا وحمل إلى النجف
الأشرف فدفن في بعض حجرات الصحن الشريف بجنب أبيه. وامه بنت
الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وهو أكبر أولاد أبيه ولما توفي أبوه قام
مقامه في العلم والرياسة وكان متبحرا في العلوم العقلية والنقلية وزاد على
أبيه في صعود المنبر بعد صلاة الجماعة واجتماع الخلق الكثير للصلاة معه
واستماع ما يلقيه حتى ضاق مسجد أبيه فأضيف إليه الدور التي اشتريت
لتوسعته. له من المؤلفات كتاب احياء التقوى في شرح الدروس لم
يكمل. العلائم في شرح المراسم غير تام. فرائد الفوائد في أصول الفقه.
نفائس الفرائد مختصر منه. منظومة في الوقف. منظومة في المواريث
ناقصة. ألفية في النحو لم تكمل. ديوان شعر فارسي. رسالة البلاع المبين
في احكام الصبيان والبالغين صنفها قبل البلوغ
السيد شمس الدين محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي
الجبعي صاحب المدارك
ولد سنة ٩٤٦ وتوفي ليلة السبت ١٨ ربيع الأول كما عن الدر المنثور
للشيخ علي بن الشيخ محمد بن صاحب المعالم أو في العاشر منه كما عن خط
ولده السيد حسين على ظهر كتاب المدارك، أنه قال توفي والدي المحقق
مؤلف هذا الكتاب في شهر ربيع الأول ليلة العاشر منه سنة ١٠٠٩ في قرية
جبيع
أقوال العلماء في حقه
في أمل الآمل كان فاضلا متبحرا ماهرا محققا مدققا زاهدا عابدا ورعا
فقيها محدثا كاملا جامعة للفنون والعلوم جليل القدر عظيم المنزلة
وقال السيد مصطفى التفريشي في نقد الرجال سيد من ساداتنا وشيخ
من مشائخنا وفقيه من فقهائنا
وعن صاحب كتاب المقامع في أول شرحه على المدارك أنه قال في حقه
السيد السند الحسيب النسيب أسوة المحققين وقدوة المدققين ولسان المتأخرين
وقال صاحب اللؤلؤة إما السيد السند السيد محمد وخاله المحقق
المدقق الشيخ حسن ففضلهما أشهر من أن ينكر
أحواله
كان والده السيد علي تزوج ابنة الشهيد الثاني في حياته فأولدها السيد
محمد المذكور ثم تزوج زوجة الشهيد الأخرى بعد قتله أم الشيخ حسن
صاحب المعالم فأولدها السيد نور الدين عليا، فالسيد نور الدين أخو
صاحب المدارك لأبيه وأخو صاحب المعالم لأمه، وصاحب المدارك ابن أخت
صاحب المعالم وصاحب المعالم وأخو أخيه. وما عن صاحب المقامع من أن
الشهيد الثاني كان متزوجا أم السيد علي والد صاحب المدارك فأولدها
الشيخ حسن ثم زوج والد صاحب المدارك ابنته أخت الشيخ حسن فأولدها
صاحب المدارك فصار صاحب المعالم خال صاحب المدارك وعمه اشتباه
وقال الشيخ علي الصغير بن محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد
الثاني في كتابه الدر المنثور: كان الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني هو والسيد
الجليل السيد محمد ابن أخته قدس الله روحيهما في التحصيل كفرسي رهان
ورضيعي لبنان وكانا متقاربين في السن وبقي الشيخ حسن بعد السيد محمد
بقدر تفاوت ما بينهما في السن تقريبا، وكتب على قبر السيد محمد: رجال
صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بلدوا
تبديلا ورثاه بأبيات كتبها على قبره وهي:
لهفي لرهن ضريح كان كالعلم * للجود والمجد والمعروف والكرم
قد كان للدين شمسا يستضاء به * محمد ذو المزايا طاهر الشيم
سقى ثراه وهناه الكرامة والريحان * والروح طرا بارئ النسم
قال وتولى السيد علي الصائغ تعليم الشيخ حسن والسيد محمد العلوم
التي استفادها من الشهيد الثاني من معقول ومنقول وفروع وأصول وعربية
ورياضي ولما انتقل السيد علي إلى رحمة الله ورد الفاضل الكامل مولانا
عبد الله اليزدي تلك البلاد فقرأ عليه في المنطق والمطول وحاشية الخطائي
وحاشيته عليهما وقرأ عنده تهذيب المنطق وكان الشيخ ملا عبد الله يكتب
عليه حاشية في تلك الأوقات (١) قال وهي عندي بخط الشيخ وبلغني أن
ملا عبد الله كان يقرأ عليهما في الفقه والحديث ثم سافر الشيخ حسن
والسيد محمد إلى العراق إلى عند مولانا احمد الأردبيلي قدس الله روحه فقالا
له: نحن ما يمكننا الإقامة مدة طويلة ونريد أن نقرأ عليك على وجه نذكره

(١) هي حاشية ملا عبد الله المشهورة.
(٦)

إن رأيت ذلك صلاحا قال ما هو؟ قالا نحن نطالع وكل ما نفهمه ما نحتاج
معه إلى تقرير بل نقرأ العبارة ولا نقف وما يحتاج إلى البحث والتقرير تتكلم
فيه فأعجبه ذلك وقرأ عنده عدة كتب في الأصول والمنطق والكلام وغيرها
مثل شرح المختصر العضدي وشرح الشمسية وشرح المطالع وغيرها وكان
قدس الله روحه يكتب شرحا على الارشاد ويعطيهما اجزاء منه ويقول انظروا
في عبارته واصلحوا منها ما شئتم فاني اعلم أن بعض عبارته غير فصيح.
فانظر إلى هذه النفس الشريفة، وكان جماعة من تلامذة ملا احمد يقرأون
عليه في شرح المختصر العضدي وقد مضى لهم مدة طويلة وبقي منه ما
يقتضي صرف مدة طويلة أخرى حتى يتم وهما إذا قرءا يتصفحان أوراقا
حال القراءة من غير سؤال وبحث وكان يظهر من تلامذته تبسم على وجه
الاستهزاء بهما على هذا النحو من القراءة فلما عرف ذلك منهم تألم كثيرا وقال
لهم عن قريب يتوجهون إلى بلادهم وتاتيكم مصنفاتهم وأنتم تقرؤن في
شرح المختصر. وكانت إقامتهما مدة قليلة لا يحضرني قدرها ولما رجعا
صنف الشيخ حسن المعالم والمنتقى والسيد محمد المدارك ووصل بعض ذلك
إلى العراق قبل وفاة ملا احمد فكان الشيخ حسن والسيد محمد شريكين في
القراءة على المشائخ والرواية عنهم، منهم السيد علي بن أبي الحسن والد
السيد محمد والسيد علي الصائغ والشيخ حسين بن عبد الصمد وهؤلاء
كلهم من تلامذة الشهيد الثاني ويروون عنه ومنهم الملا احمد الأردبيلي.
وعن صاحب الأنوار النعمانية قال: حدثني أوثق مشائخي أن السيد
الجليل محمدا صاحب المدارك والشيخ المحقق الشيخ حسن صاحب المعالم
رحمهما الله قد تركا زيارة المشهد الرضوي على ساكنه أفضل الصلاة خوفا من
أن يكلفهما الشاة عباس الأول بالدخول عليه مع أنه كان من اعدل سلاطين
الشيعة فبقيا في النجف الأشرف ولم يأتيا إلى إيران احترازا من ذلك اه
وفي اللؤلؤة بعد ما ذكر صاحب المعالم وابن أخته صاحب المدارك واثنى
عليهما ثناء بليغا قال: إلا أنه مع السيد محمد قد سلكا في الاخبار مسلكا
وعرا ونهجا منهجا عسرا إما السيد محمد صاحب المدارك فإنه رد أكثر
الأحاديث من الموثقات والضعاف باصطلاحه وله فيها اضطراب كما لا يخفى
على من راجع كتابه فيما بين أن يردها تارة وما بين أن يستدل بها أخرى وله
أيضا في جملة من الرجال مثل إبراهيم بن هاشم ومسمع بن عبد الملك
ونحوهما اضطراب عظيم فيما بين أن يصف اخبارهم بالصحة تارة وبالحسن
أخرى وبين أن يطعن فيها ويردها يدور في ذلك مدار غرضه في المقام مع
جملة من المواضيع التي سلك فيها سبيل المجازفة كما أوضحنا جميع ذلك بما
لا يرتاب فيه المتأمل في شرحنا على كتاب المدارك الموسوم بتدارك المدارك
وكتاب الحدائق الناضرة إلا أن الشرح الذي على الكتاب انما برز مشتمل
على جميع ما ذكره في كتب العبادات اه وذكر في خاله الشيخ حسن ما
مر في ترجمته
مؤلفاته
١ مدارك الأحكام في شرح شرائع الاسلام مطبوع مرتين برز منه
العبادات وكانه جعله بمنزلة التتمة للمسالك لأنها مختصرة في العبادات
مطولة في المعاملات ٢ نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الاسلام وجد
منه كتاب النكاح إلى آخر النذر وفي تكملة أمل الآمل عندي منه نسخة من
أول النكاح إلى آخر النذر بخط تلميذه والمخرج له من السود إلى البياض
وفي آخره تم المجلد الثالث من كتاب نهاية المرام في شرح مختصر شرائع
الاسلام ضحى نهار الخميس ١٩ من رجب من
شهور سنة ١٠٠٧ من الهجرة على مشرفها السلام وقد وقع الفراع من كتابته يوم الجمعة العشرين
من شهر رجب سنة ١٠٠٧ فكان قدس سره يكتب الكراسة فيقرؤها
تلميذه عليه ويبيضها فتم التصنيف والتبييض في شهر واحد. قال في
المقامع ووجه تخصيص ذلك الموضوع بالشرح على ما سمعناه من بعض
مشايخنا أنه لما كتب المحقق الأردبيلي شرحه المشهور على الارشاد وفرق
اجزاءه على التلامذة ليخرجوه من السواد إلى البياض وكان بعضهم ردئ
الخط جدا فاتفق وقوع النكاح إلى آخر النذر في سهمه فلم ينتفع به من سوء
خطه وكان الشارح قد توفي فالتمس بعضهم تجديد المواضع التالفة من
السيد ليكمل شرح أستاذه فقبل لكنه عدل عن الارشاد إلى المختصر النافع
تأدبا من أن يعد شرحه متمما لشرح أستاذه اه.
وإذا صح هذا فيلزم أن يكون تصنيفه للشرح المذكور في جبل عامل
لا في العراق لما مر من أنه حضر إلى جبل عامل ووصلت مؤلفاته إلى العراق
قبل وفاة الأردبيلي والله أعلم.
رأيت منه نسخة مخطوطة في النجف الأشرف بخط جيد ٣ حاشية
الاستبصار ٤ حاشية التهذيب ٥ حاشية على ألفية الشهيد
الاشتباه في نسبة شرح الشواهد وشرح العلويات إليه
وقد اشتهر أن له شرح الشواهد شرح الألفية لابن الناظم حتى أن
الكتاب طبع في النجف سنة ١٣٤٤ على أنه لصاحب المدارك وهو خطا
فاحش لأن الكتاب تاليف السيد محمد بن علي بن محيي الدين الموسوي
العاملي قاضي المشهد المقدس الرضوي وقد صرح في أمل الآمل في ترجمته
بنسبة الكتاب إليه وأنه من تلامذة السيد بدر الدين الحسيني العاملي
الأنصاري المدرس بطوس ومن تلامذة السيد حسين ابن صاحب المدارك.
والذي أوقع في الاشتباه قول المؤلف في خطبة الكتاب: وبعد فيقول العبد
الفقير إلى الله تعالى محمد بن علي الموسوي مقتصرا على ذلك فلاشتراكه مع
صاحب المدارك في الاسم واسم الأب والنسب والبلاد وشهرة صاحب
المدارك ظن أنه هو ونسب الكتاب إليه مع أنه قد صرح في مقدمته بأنه
صنفه بأمر شيخه المذكور وفي آخر بأنه فرع منه في المشهد المقدس الرشوي
سنة ١٠٥٧ اه وصاحب المدارك لم يدخل المشهد الرضوي ولا في
مشائخه من اسمه السيد بدر الدين وكانت وفاته قبل تاليف الكتاب بثمانية
وأربعين سنة ومؤلف الكتاب من تلامذة ابنه.
كما أنه وقد الاشتباه في نسبة شرح القصائد السبع العلويات لابن أبي
الحديد إليه وقد طبع هذا الشرح في إيران وطبع في صيدا على أنه لصاحب
المدارك وهو اشتباه وانما هو للسيد محمد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي
البغدادي ولم يذكر أحد هذين الشرحين أعني شرح الشواهد وشرح
العلويات في مؤلفات صاحب المدارك لا صاحب أمل الآمل ولا غيره.
أولاده
كان له من الأولاد السيد نجم الدين الذي كتب له صاحب المعالم الإجازة
الكبيرة له ولولديه أبي عبد الله محمد وأبي الصلاح علي وله أيضا السيد
حسين شيخ الاسلام بالمشهد المقدس الرضوي على مشرفه السلام ومن
احفاده السيد مرتضى المعاصر للمجلسي صاحب البحار وقد ذكرنا الجميع
كلا في بابه
(٧)

أبو عبد الله محمد بن علي بن شاذان القزويني
في رجال بحر العلوم: هو من شيوخ اجازة النجاشي يروي عنه
كثيرا وهو يروي غالبا عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار وعلي بن حاتم
وقال في ترجمة الحسين بن علوان أخبرنا اجازة محمد بن علي القزويني قدم
علينا سنة ٤٠٠. وفي الحارث بن المغيرة النصري أخبرنا أبو عبد الله
محمد بن علي بن شاذان. وفي ليث المرادي أبو عبد الله محمد بن علي
القزويني وفي سهل بن زياد الواسطي وسلمة بن الخطاب وداود بن علي
اليعقوبي ومحمد بن جبرائيل الأهوازي ومحمد بن علي بن شاذان وفي
سعيد بن جناح وعبد الله بن سليمان ومحمد بن مروان ومحمد بن مسعود
العياشي أبو عبد الله بن شاذان القزويني وقد تكرر أبو عبد الله بن شاذان
وأبو عبد الله القزويني وابن شاذان والكل واحد ولا ينافي ذلك قوله في
العمركي وله كتاب الملاحم أخبرنا أبو عبد الله القزويني حدثنا أحمد بن
محمد بن يحيى حدثنا أحمد بن إدريس حدثنا محمد بن أحمد بن إسماعيل
العلوي عن العمركي وله كتاب نوادر أخبرنا محمد بن علي بن شاذان عن أحمد
بن محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عنه فان ذلك تفنن منه في
التعبير ومثله في كتابه كثيرا اه وفي التعليقة مر في الحسين بن عبيد الله
السعدي ما يشير إلى كونه شيخ اجازة وأنه مكنى بأبي عبد الله والظاهر أن
الشاذاني الذي قد أكثر النجاشي من الأخذ والرواية عنه وأنه من مشائخه
وشيخ اجازته اه والذي ذكره النجاشي في الحسين بن عبيد الله
السعدي أنه قال له كتب صحيحة الحديث ثم روى بعضها فقال أخبرنا أبو
عبد الله بن شاذان وبعضا آخر فقال أخبرنا محمد بن علي بن شاذان
الشيخ محمد علي بن الشيخ عبد النبي الكاظمي العاملي
كان أبوه من العلماء من أهل الكاظمية سكن قرية جويا من جبل
عامل وذكر في بابه وكان ولده الشيخ محمد علي عالما فاضلا أديبا شاعرا
وجدنا بخطه تكملة الرجال لوالده ثم أصيب في عقله وصعد يوما على
سطح وأراد أن يطير فالقى نفسه في الهواء فسقط فمات.
ومن شعره قوله:
الهجر شانك والتبريح لي شأن * والحسن منك ولكن ليس احسان
ما سر قلبي بوصل منك آونة * الا وأعقبه ناي وهجران
أن نار قلبي حكت نار الخليل فقد * غدا لنوح بطرفي منك طوفان
أو تمس عني بعيد الدار مغتربا * فأنت في العين لي نور وانسان
وفي الحشي لك بيت أنت ساكنه * فأنت للقلب روح وهو جثمان
ومذ وقفت وأحبابي نووا ظعنا * فاضت دموعي لهم والقلب ولهان
أنشدت ربعك لما أن مررت به * وهاج لي منه أشواق واشجان
سقاك سار من الوسمي هتان * ولا رقت للغوادي فيك أجفان
قد كنت مالف آرام بها علقت * أيدي الغرام فقل لي أين هم بانوا
ولم يخامر فؤادي غير حبهم * ولم أخن بعهودي إن هم خانوا
ما مر ذكر النوى يوما على خلدي * الا ودمعي منهل وهتان
لله أيام جرعاء الحمى فلنا * لذيد عيش مضى فيها وأزمان
أيام اسحب أذيال الصبا مرحا * وللشبيبة أغصان وأفنان
مرآي طلعة أقمار علقتهم * ومسمعي بينهم رجع والحان
أهل بحزوى وجيران بكاظمة * وبالأبيرق لي صحب وخلان
وليلة بت والصهباء طاف بها * على الندامى مريض الجفن وسنان
صلت الجبين هضيم الكشح ذو مرح * والصدر والنهد كافور ورمان
لو لم يكن لحظة سيفا يحيط به * جفن لما قيل للأغماد أجفان
عن العذيب روى لي ريقه وروى * عن بارق منه لي ثغر وأسنان
البدر غرته والليل طرته * والغصن قامته والردف كثبان
وكان قد خطب امرأة فلم يزوجه أهلها بها فقال وكان أبوها إسكافا:
بني... ما لكم وما لي * تركتم نار قلبي في اشتعال
نصبت لظبيكم أشراك صيد * فأفلتها ولم يردد حبالي
وإن جهل السفيه فليس عتب * عليه فهو مغاط النعال
ولما لم يكن من صلب فذ * دعوه لأمه يا للرجال
سأتعب في ابتناء المجد نفسا * تصيركم لها بعض الموالي
وله في رجلين أحدهما من بني فواز والآخر من آل هزيمة ضمنا
الأعشار:
الله أكبر اي خطب هائل * أوهى القلوب وقد أناخ بعامل
الفوز راموا والنجاة فجاءهم * فواز ما فازوا لديه بطائل
راموا الهزيمة فالتقوا بهزيمة * فتقابل الضدان أعظم نازل
الحاج محمد علي كمونة بن محمد بن عيسى النجفي الحائري
الشهير بابن كمونة.
توفي في كربلاء سنة ١٢٨٢ ودفن داخل المشهد الحائري خلف رأس
الحسين ع مع أخويه الحاج مهدي والميرزا حسن. كان شاعرا أديبا.
وفي الطليعة: كان فاضلا مشاركا في العلوم تقيا محبا لآل بيت محمد ص له
ديوان شعر جله في الأئمة ع حكي عنه أنه رأى في منامه الحسين ع
وهو يردد: فمنا المنادي ومنا السميع فانتبه وأكملها بقوله:
سبقنا فلا أحد قبلنا * سوى من برانا ومنا الصنيع
فذا الخلق منا إلينا لنا * فمنا المنادي ومنا السميع
وقوله في أمير المؤمنين ع من قصيدة:
تقاصرت دون أدنى شاوك الشهب * وشامخات العلى والمجد والرتب
تقدست ذاتك العلياء واحتجبت * عن العقول فلا يرقى لها الطلب
تروم أوصافك الآراء قاطبة * انى ومن دونها الأستار والحجب
فكم تعرضها قوم وما بلغوا * منها المنى وقصارى نعتهم تعب
جاءوا بكل بضاعات العقول فما * فازت بضايعهم بالربح وانقلبوا
يا من تجلى لموسى في الدجى فدعا * آنست نارا بجنب الطور تلتهب
وأنتجت مريم عيسى المسيح به * كأنما هو للروح المسيح أب
مولاي حسبي من الدنيا هواك وفي * الأخرى لعفوك بعد الله ارتقب
هواك ليلاي لا ابغي به بدلا * به نجبت وآبائي به نجبوا
السيد محمد ابن السيد علي ابن السيد حسين آل نور الدين الموسوي العاملي
النباطي
كان عالما فاضلا معاصرا دينا كريم الأخلاق حسن السجايا قرأ في
جبل عامل ثم سافر إلى العراق فقرأ على علماء النجف الأشرف ثم عاد إلى
جبل عامل وأحيا مدرسة النبطية وكثرت عنده الطلاب. كان على جانب
(٨)

من العقل وحسن الاخلاف كان يقول من زارني شكرته ومن لم يزرني عذرته
ولم أعاتبه. توفي بعد رجوعنا من العراق وحضرنا جنازته في النبطية الفوقا
مولانا محمد علي الفديشي نسبة إلى فديشة بوزن خديجة قرية من قرى
نيشابور كان مولده بها
قرأ بالمشهد المقدس العلوم العقلية والنقلية حتى نال مرتبة تدريس
مدرسة عباس قلي خان التي هي من المدارس المعتبرة هناك وبقي مدرسا بها
حتى توفي (١)
الشيخ محمد علي السوداني النجفي الشهير بالشيخ محمد علي هلال اللغوي
الشاعر الراوية. السوداني نسبة إلى عشيرة من عرب العراق تسمى
السودان من كندة مقرهم شرقي العمارة في العراق.
توفي في النجف سنة ١٣٢٠ وقد نيف على الثمانين كان عالما بالأيام
والاخبار والآثار استظهر أكثر متن القاموس والصحاح وحفظ طائفة كبيرة
من أشعار العرب وكان ينشد الشعر ويلحنه بصوت مطرب رخيم وله
مشاركة في الفقه وكان غريب الأطوار يكره تكلف ما ليس فيه.
ومن شعره قصيدة سبب نظمه لها أنه سمع في الكوفة رجلا يقول
استغفر الله فقال هو: ألا من هوى الغيد ثم أتمها قصيدة فقال:
استغفر الله إلا من هوى الغيد * الآنسات الرعابيب الرعاديد
يبسمن عن واضحات ملؤها خصر * أشهى وأعذب من ماء العناقيد
من لم تمل للهوى العذري خليقته * وليس يصبو إلى غر المناشيد
ولم يبت بالغواني قلبه طربا * فذاك أمسى من الصم الجلاميد
نفسي الفداء لبيض زرننا سحرا * هيف القدود معاطيف أماليد
عواطيا كالظباء المطفلات إلى * أطلائهن ثوان حالي الجيد
يحفظن عهد الصبا والدهر ذو غير * ما غير الدهر من تلك المواعيد
لم أنس ليلة وافينا الكثيب بها * على خلاء فكانت ليلة العيد
ألهو بنجلاء وحش ملؤها خبل * فعل المدام بالباب المناجيد
طوع العناق رخيم الصوت إن نطقت * انستك حسن تراجيع الأغاريد
فليت شعري أ كل الناس قد وجدوا * وجدي بأسماء دون الخرد
الخود أم ليس يشبهني في حبها أحد * ويح الغرام أ ما يبقي على الصيد
لله در الهوى بل در حامله * أن يفقد الحب حبي غير مفقود
السيد ميرزا محمد ابن ميرزا علي أصغر الحسني الحسيني الطباطبائي
التبريزي
قرأ على الشيخ مرتضى الأنصاري والملا محمد الإيرواني
مؤلفاته
١ دقة القضاء في الشهادة والقضاء ٢ محصل القوانين ٣ تمييز
الصحيح من الجريح في التعادل والترجيح ٤ الوفية في الفقه ٥ عجب
العاجب في آخذ الأجرة على الواجب ٦ المنهل الصافي تعليق على مقدمات
تفسير الصافي ٧ كاشفة الكشاف تعليق على الكشاف ٨ منتهى المقاصد
في النحو ٩ مفتاح البسملة ١٠ إبداء البداء في البداء طبعت في طهران
سنة ١٣٣٠ ١١ كتاب على طرز مجمع البحرين بين فيه الأحاديث المشكلة
١٢ حاشية على مجمع البحرين.
المولى محمد بن علي النجار التستري.
توفي سنة ١١٤٠
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
كان عالما محدثا مفسرا امام الجمعة والجماعة واعظا خطيبا متقيا مركونا إليه
يروي عن جدي كثيرا ثم سافر إلى أصبهان ومشهد الرضا ع
وقرأ على المولى عبد الرحيم الجامي وغيره. له تفسير كبير ورسالة فارسية
في سير الملوك وهو الذي دون حواشي القرآن وجمع بين متن الحديث وشرحه
وكان شديد الاقتفاء لآثار أستاذه حيا وميتا استفدت من بركاته كثيرا.
الشيخ محمد بن الحاج علي ابن الأمير محمود الجزائري التستري
توفي في النجف وهو متوجه إلى الحج سنة ١١٣٠
في ذيل إجازة السيد عبد الله نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
كان عالما محدثا ورعا يروي عن جده جميع مصنفاته في الحديث قراءة عليه
وكان كثير الكد والاشتغال كتبها وسائر مؤلفاته كلها بخطه وكتب كتبا كثيرة
غيرها استفدت منه كثيرا وسافر أخيرا إلى أصفهان وانقطع بالفاضل
الهندي
أبو المحسن الشيخ محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب
كشف الغطاء النجفي
توفي في ٢١ ذي الحجة سنة ١٢٦٨ من بثرة خرجت من انفه ودفن في
مقبرتهم بالنجف
في الطبقات: كان عالما فاضلا كاملا فقيها أديبا شهما رئيسا مطاعا جليلا مهيبا ذا همة عالية
وأخلاق في الحسن غير متناهية انتهت إليه رئاسة
الطائفة الجعفرية بعد عمه الشيخ حسن وصار مقبولا مسموع الكلمة عند
الحكام مطاعا لدى الخاص والعام وكان سخيا كريما جوادا أخذ عن أبيه
وعم عميه موسى والحسن وكان في غاية الذكاء وسرعة الانتقال رأس
وتصدر على العادة للتدريس في مجلس درس أهله. أخذ عنه وتخرج به
جماعة مثل ابن عمته الشيخ راضي ابن الشيخ محمد الفقيه النجفي المشهور
وأخواه الشيخ مهدي والشيخ جعفر والملا علي نقي القزويني والشيخ محمد
علي عز الدين العاملي. ذكره في ضوء المشكاة الكاشف عن وجوه الرواية
والرواة وأثنى عليه وصرح بالأخذ عنه وكذا الملا عبد الرحيم البادكوبي في
رجاله. وقد تقلد الاشراف على خزانة المشهد العلوي من نجيب باشا والي
بغداد بعد الملا يوسف ثم استقال وأشار إلى نصب السيد رضا الرفيعي
مكانه فالسدانة في بيتهم إلى الآن. ولحقه عناء كثير في النزاع القائم بين
فرقتي النجف المتجادلتين الشمرت والزقرت. ولشعراء عصره فيه أشياء
كثيرة مدحا ورثاء مثل الشيخ إبراهيم قفطان والشيخ عبد الحسين محيي
الدين والسيد محمد علي ابن السيد أبي الحسن العاملي والشيخ جابر
الكاظمي والشيخ إبراهيم صادق العاملي والشيخ صالح الكواز والسيد
صالح القزويني والسيد مهدي ابن السيد داود عم السيد حيدر الحلي.
وعبد الباقي العمري رثاه بقصيدة مضمنا فيها إعجاز لامية امرئ القيس

(١) مطلع الشمس.
(٩)

أرسلها لأخيه الشيخ مهدي وكذلك الشيخ حمادي نوح والسيد حيدر
الحلي. ومن قول الشيخ عبد الحسين محيي الدين فيه من قصيدة:
إن الرياسة أنتم أهلها ولها * همتم بها مثلما هامت بكم ولها
بني علي وما للأمر غيركم * ملكتم من أمور الناس أولها
أخبارها صرحت فيكم وغيركم * تكلف النص لما أن تأولها
وما تناضل أهل العلم في شرف * إلا وكان أبو العباس أفضلها
أعقب ثلاثة بنين الشيخ محسن والشيخ حسن والشيخ عبد الحسين
الشيخ محمد بن علي بن خاتون العاملي الطوسي
نزيل حيدرآباد الدكن الشهير بابن خاتون. من أهل القرن الحادي
عشر وكان من العامليين الذين هاجروا إلى بلاد إيران ونالوا بها مقامات
سامية وهو ابن أخت الشيخ البهائي ولا نعلم هل هاجر أبوه أو أحد أجداده
إلى المشهد الرضوي فتزوج هناك أخت الشيخ البهائي فولد له منها المترجم
أو أن أباه تزوجها في جبل عامل فولد له منها المترجم ثم هاجر المترجم إلى
طوس في عصر خاله الشيخ البهائي، وأحد هذين الأمرين قد حصل.
وقد ذكره السيد علي البلكرامي الهندي المعاصر الموظف في إدارة
الآثار القديمة في الهند في كتابه ماثر دكن الذي هو بلسان أردو
واستحصل صورته النادرة من المتحف البريطاني في لندن وهي هذه التي
تراها.
كان المترجم من العلماء الأجلاء، رحل من المشهد الرضوي المقدس
بطوس إلى بلاد الهند وتولى وزارة السلاطين القطبشاهية في حيدرآباد الدكن
وكان هؤلاء السلاطين من الشيعة وكانت طريقة الملوك في ذلك العصر في
الهند وإيران أن يولوا الوزارة والصدارة العظمى إجلاء العلماء. ومات
المترجم في بلاد الهند في حيدرآباد ودفن فيها وقبره هناك معروف مشهور
مزور وقد أخبرنا بعض المترددين إلى تلك الناحية أن في حيدرآباد قبورا
كثيرة للعلماء لا يعرف أسماء أصحابها غير قبر المترجم، وهكذا كان
العامليون يهاجرون من مضيعة العلماء جبل عامل إلى إيران والهند وغيرها
وينالون بها مشيخة الاسلام والقضاء والوزارة وغيرها.
قال في ماثر دكن في حق المترجم ما تعريبه:
هو ابن أخت الشيخ البهائي وكان في أيام ملوك القطبشاهية ملوك حيدر
آباد الدكن وقبره الآن في حيدرآباد معروف في جنب القصر الملكي القديم
أمام قصر قدير جنك بهادر وكذلك قبر زوجته، ويقصد قبره الزائرون
كل وقت من قريب وبعيد وقد كان في أيام السلطان محمد قطب شاة
السادس من المقربين في الدولة ويرجع إليه في أمور الملك والملة وله وظيفة
منشئ الملك وهي تشبه سكرتارية البلاط وكذلك قد بعثه ملك
حيدرآباد ومعه هدابا وتحف إلى ملك إيران الشاة عباس الصفوي وبعث
معه السفير حسين بيك قبجاجي ولما رجع من إيران كان السلطان محمد
قطب شاة قد توفي وتولى الملك بعده السلطان عبد الله قطب شاة الملك
السابع من سلسلة القطب شاهية فعظمه الملك الجديد غاية التعظيم واسند
إليه منصب الصدارة العظمى وإمارة المملكة بأسرها سنة ١٠٣٨ ه
١٦٢٨ م وأعطاه لقب بيشوا ولقب مير جملة وهذان اللقبان من
أعظم ما في الدولة في تلك الأيام وصار المترجم عندئذ ملازما للبلاط في
الأوقات الرسمية.
وكان دأبه أنه في كل يوم يأتي إلى المدرسة ويحضر عنده القضاة
والعلماء والشعراء ويلقي عليهم دروسا في التفسير والمعقول والرياضيات
وكان يوم الثلاثاء في كل أسبوع خاصا للمذكرات الشعرية حيث يجتمع كثير
من شعراء العرب والفرس فيتناشدون الشعر أما تاريخ وفاته فغير معلوم على
التحقيق لكن الظاهر أنه توفي في زمان الملك عبد الله قطب شاة.
ومن الكتابة الموجودة في تولي مسجد يظهر أن هذا المسجد من
مؤسسات الشيخ ابن خاتون وفي المتحف البريطاني في لندن توجد صورة
الشيخ بلباسه الخاص ورأيناها في كتاب تاريخ حديقة السلطان القطب
شاهية مأخوذا عنها اه.
وهو تلميذ الشيخ البهائي ومترجم كتاب أربعينه ترجمه في بلاد الهند
ولما عاد إلى بلاد إيران سفيرا من ملك حيدرآباد إلى الشاة عباس عرض على
أستاذه ترجمته المذكورة فكتب أستاذه التقريض المشهور عليه سنة ١٠٢٩ ثم
عاد هو في تلك السنة إلى الهند إلى القطب شاهية.
مؤلفاته
١ تكميل الجامع العباسي ٢ شرح الارشاد ٣ ترجمة كتاب
الأربعين ٤ حاشية على الجامع العباسي.
وكتاب الأربعين هو شرح كتاب الأربعين حديثا لخاله البهائي ترجمه
من العربية إلى الفارسية رأيته في النجف الأشرف.
وقد صنفه باسم السلطان محمد قطب شاة ابن الملك قطب شاة
المتقدم ذكره قال في أوله أما بعد فيقول داعي الدولة القاهرة محمد بن علي
المشتهر بابن خاتون العاملي عامله الله بلطفه الأزلي لما كان السلطان العادل
البازل العارف الغازي في سبيل الله المخلص في حب أهل بيت رسول الله
الخاقان الأكرم والهمايون الأعظم أبو النصر السلطان محمد قطب شاة من
أول جلوسه على سرير السلطنة مائلا إلى أن يكون موكبه الهمايوني مشحونا
بالعلماء والفضلاء وتمام رويته منصرفة إلى إحياء المآثر النبوية وترويج الدين
المبين المصطفوي وإنارة مقاصد التفسير والكلام وإفادة معاني أحاديث خير
الأنام وأمالي الأئمة ذوي المقام العالي عليه وعليهم صلوات الله الملك
العلام، إلى آخر ما ذكره، وذكر أنه أمره بترجمة أربعين الشيخ البهائي إلى
الفارسية فترجمه وسماه بترجمة قطب شاهي ثم ذكر في سند رواية الشيخ
البهائي عن الشهيد الثاني عن الشيخ جمال الدين أحمد بن خاتون ان أحمد
ابن خاتون هذا هو جد المترجم بواسطة واحدة وأنه كان في نهاية التبحر في
علوم الدين. والترجمة المذكورة وجدت منها نسخة مخطوطة وفي آخرها بلغ
العراض بقدر الوسع في اليوم العاشر من جمادى الثانية سنة ١٠٧٠ في بلدة
كشمير كتبه ملك يوسف بن ملك غفر الله ذنوبه. وعلى النسخة تفويض
للشيخ البهائي هذه صورته:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الفاضل العالم الألمعي زبدة الفضلاء العظام وخلاصة الاجلاء
(١٠)

الكرام وسلالة الأصفياء الفخام ونتيجة العلماء الأعلام أحسنت أحسنت في
توضيح المباني وتنقيح المعاني بعبارات أصفى من الزلال وألطف من السحر
الحلال كاشفة للثام عن حور مقصورات في الخيام ورافعة للنقاب عن وجوه
الكواعب الأتراب ألفاظها تزري بالدرر الغوالي وتكسر قيمة الجواهر الغوالي
قد جمعت من المزايا ما سلم برهان السلم عدم حصرها وإحصائها ونطق
برهان التطبيق بالعجز عن إثبات انقطاعها وانتهائها حتى صار أكثر الكتب
المتداولة والزبر المتناولة تتمنى أن تعرى عن الملابس العربية وتتحلى في الحلل
الفارسية فشكر الله مساعيك وأدام معاليك فقد كشفت الأستار عن ابكار
الأفكار على نهج قريب تهش إليه الطباع ونمط غريب يكاد يدخل القلوب
قبل الاسماع وليس هذا عجيبا من فطنتك الوقادة وفطرتك النقادة وطبيعتك
الألمعية وسجيتك اللوذعية لأنك عنصر دوحة العلم والكمال وثمرة شجرة
الفضل والافضال. كتب هذه الأحرف مؤلف الكتاب أقل العباد محمد
المشهور ببهاء الدين العاملي تجاوز الله عن سيئاته في شهر شوال ختم
بالسعادة والاقبال سنة ١٠٢٢ حامدا مصليا مستغفرا.
الشيخ ميرزا محمد علي بن ميرزا حسن الهمذاني
المعروف بناظم الشريعة.
توفي حدود سنة ١٣٣١ في همذان
له كتاب الحديدة المحماة في رد البهائية فارسي وله كتاب في الجفر
رأينا منه نسخة مخطوطة في همذان
الشيخ محمد بن علي بن عبد النبي بن محمد بن سليمان المقابي
البحراني
في التكملة: عالم عامل فاضل كامل امام في الجمعة والجماعة انتهت
إليه رياسة البلاد في الحسبة الشرعية له شرح الوسائل للحر العاملي ونخبة
الأصول على ترتيب تمهيد القواعد حكي أنه هو والشيخ يوسف صاحب
الحدائق وأخاه الشيخ عبد علي والشيخ محمد ابن الشيخ علي المقابي كانوا
حضروا درس الشيخ عبد الله بن علي البلادي وقرأوا بالاتفاق الروضة
البهية وأصول الكافي عليه اه.
وله كتاب مجمع الأحكام في معرفة مسائل الحلال والحرام رأينا المجلد
الثاني والثالث منه في بهار من قرى همذان بخط المؤلف على الظاهر فرع من
المجلد الثاني في ٢٠ ربيع الأول سنة ١١٦٧ قال تم على يد مؤلفه تراب
أقدام اخوانه المؤمنين وخادم خدام مشايخه العلماء الاخباريين. يذكر المسألة
ودليلها من الأخبار ثم يذكر أقوال العلماء.
محمد بن علي بن إبراهيم بن علي البحراني
كان والده تلميذ الشيخ سليمان الماحوزي المتوفي سنة ١١٢١ له
تتمة أمل الآمل وكتاب الكشكول ذكر فيه كثيرا من أشعاره.
السيد محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن الحسيني
له ١ كتاب التعازي ذكر فيه ما يتعلق بالتعزية والتسلية وصدره
بوفاة النبي ص ثم بما ناله عند وفاة أولاده وما عرى به غيره. يروي عن
ابن شهريار الخازن بواسطة واحدة ٢ كتاب الكرامات الظاهرة من قبر
أمير المؤمنين ع ذكره ابن طاوس في آخر عمل ذي الحجة من
الاقبال ٣ كتاب فضل الكوفة ذكره في فرحة الغري
السيد محمد بن علي بن حيدر بن نور الدين الحسيني الموسوي
العاملي المكي أخي صاحب المدارك
توفي بمكة المكرمة يوم الاثنين ثاني ذي الحجة الحرام عام ١١٣٩ كما في
نزهة الجليس. ذكره السيد عبد الله ابن السيد نعمة الله الجزائري في
اجازته الكبيرة فقال: سمعت والدي يصف السيد محمد بغاية الفضل
والتحقيق وجودة الذهن واستقامة السليقة وكثرة التتبع للكتب الخاصة
والعامة والتبحر في أحاديث الفريقين ويطري في الثناء عليه لما اجتمع به في
مكة والذي وقفت عليه من مصنفاته في الكلام والفقه يدل على فضل غزير
وعلم كثير اه.
وقال في ترجمته: قاموس العلم الزاخر يلفظ إلى ساحله الجوهر
الثمين الفاخر وشهامة أهل الحجاز حقيقة لا مجاز فاضل بأحاديث فضله
تضرب الأمثال ومجتهد رحلة إلى بابه تشد الرحال وبليغ تفرد بالبلاغة
وأديب ألمعي صاع النظم والنثر أحسن صياغة حاز العلوم والشرف الباهر
وورث الفخار كابرا عن كابر وكان بمكة المشرفة كالبيت العتيق يقصده
الطلاب من كل فج عميق وما زال مقيما بها في اسمي ذروة الشرف والفضل
والجاه إلى أن دعاه إلى قربه ملك الملوك فاجابه ولياه. له التصانيف العديدة
المشهورة المفيدة منها ١ برهان الحق المبين في مجلدين ٢ الحسام المطبوع
في المعقول والمسموع في علم الكلام وهو مجلد ضخم ٣ تنبيه وسن العين
في المفاخرة بين السبطين ٤ رجل الطاووس إذا تبختر القاموس حاشية عليه
مفيدة ٥ كنز فوائد الأبيات للتمثل والمحاضرات مجلد ضخم جليل المقدار
خدم به الشريف ناصر الحارث ٦ نسج أسباب الأدب المبارك في فتح
قرب المولى شبير بن مبارك خدمه به ٧ العبائر المزجية في تركيب الخزرجية
٨ مذاكرة ذي الراحة والعنا في المفاخرة بين الفقر والغنى ٩ ديوان
شعر.
الشيخ محمد علي بن إبراهيم الحصري النجفي.
ذكره في نشوة السلافة فقال: كان أذكى من اياس وعبد الحميد
وأبلغ من الصاحب وابن العميد شم من نجد عراره وروى عن اللوى
اخباره فاق أهل الفضل بعلمه وأوضح المشكلات بفهمه. جواده في ميدان
البلاغة سابق له النثر العجيب والشعر الفائق عنه والدي رحمه الله خذ أدبه
واقتفى طريقه ومشعبه وكان بينه وبين جدي المرحوم محبة عظيمة واخوة
صالحة اقديمة ولما عزم الجد على السفر ارسل إليه:
يا راحلا لم يسلنيه تعللي * بكؤوس واصطكاك مزاهر
افنى رحيلك قوتي وتصبري * وسطا على ضعفي بسيف باتر
فبضوء ليلات مضين حميدة * ونعيم أيام سلفن زواهر
ان لاح شخص من معنى الحب في * مرآة خاطرك الصقيل الزاهر
لا تنس مدمعه غداة رحيلكم * يذريه إذراء الغمام الماطر
واذكر عهودا قد رقمناها على * صفحات ذياك الزمان السافر
واصفح له بكتابة يطفي بها * نار التشوق أو خيال زائر
(١١)

وله: يا ليلة جاد الزمان بها علي * فنلت ما املته من مطلب
بات الحبيب معانقي ومسامري * فيها يحيني بخد معجب
وجلت لنا كأس الطلا يد أغيد * كالبدر معسول الثنايا أشنب
يرنو إلينا باللحاظ فنثني * صرعى فيحيينا بصوت مطرب
حتى إذا ما الليل ولى مدبرا * والصبح اقبل في وشاح مذهب
ورأيت ضوء الشمس لاح لناظري * متبديا فظننتها لم تغرب
السيد محمد علي بن صالح بن محمد بن إبراهيم شرف الدين بن زين
العابدين بن نور الدين الحسيني الموسوي العاملي الأصفهاني. ولد سنة ١١٩١ في قرية شدغيث بشين معجمة مفتوحة ودال مهملة
ساكنة وعين معجمة مكسورة ومثناة تحتية ساكنة وثاء مثلثة آخر الحروف قرية
من قرى جبل عامل في ساحل صور هي اليوم خراب وتوفي بأصفهان سنة
١٢٣٧ واوصى ان ينقل نعشه إلى النجف فنقل ودفن في الحجرة التي عند
أول باب الطوسي.
هو أخو السيد صدر الدين العاملي الأصفهاني وشقيقه والجد الأدنى
للسيد حسن الصدر الكاظمي وهو جد العائلة الشهيرة بال صدر الدين
المعروفة في أصفهان والكاظمية نسبت إلى أخيه صدر الدين واما فرعها
الذي في جبل عامل فنسب إلى جدهم السيد إبراهيم شرف الدين وكان
حق الذين عرفوا بال صدر الدين وهم من نسل السيد محمد علي أخي
السيد صدر الدين ان يسموا بال شرف الدين لا بال صدر الدين هاجر مع
أبيه إلى العراق في فتنة الجزار وعمره ست سنين واشتغل على أبيه ثم على
السيد علي صاحب الرياض ثم على السيد مهدي بحر العلوم ثم على
المحقق السيد محسن الأعرجي صاحب المحصول وكان شريك أخيه السيد
صدر الدين في كل مشائخه وجميع دروسه. وقال حفيده في تكملة أمل الآمل
: حدثني ابن عمي السيد محمد علي ابن السيد أبي الحسن انه رأى
عند عمه العلامة السيد صدر الدين مجموعة بخط السيد صدر الدين فيها
مسائل من علوم شتى كان السيد صدر الدين سال كذا فأجاب بكذا أكثرها
من غوامض المسائل وكان على جانب من التقوى والورع وله كرامات وأورد
فيها بعض المنامات وقال حدثني والدي عن الثقة العدل الحاج محمد صالح
كبه البغدادي ان أهل بغداد على عهد الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء
التمسوا السيد محمد علي ان يقيم عندهم ليكون لهم مرجعا في الأحكام الشرعية
فأجابهم إلى ذلك وأقام عندهم سنتين ولما استقر السيد صدر الدين
بأصفهان واستوطنها ارسل إلى أخيه السيد محمد علي وطلب منه ان يزور
الرضا ع وان يجئ إلى أصفهان لملاقاته ويجئ معه بالعيال
والأولاد جميعا فرحل بهم سنة ١٢٣٥ حتى ورد أصفهان فأقام بها حسب
التماس أخيه فلم تطل أيامه حتى مرض ومات بالتاريخ المتقدم قال وما أشبه
هذين الأخوين بالمرتضى والرضي في الاشتراك في الشيوخ وقصر عمر
الأصغر فان الجد عاش ٤٦ سنة على قدر عمر الرضي وتوفي عن ثلاثة أولاد
ذكور السيد عيسى والسيد موسى والوالد السيد هادي وكان عمر الوالد
حين وفاة أبيه سنتين لا غير فكلفه عمه العلامة السيد صدر الدين ورباه
واما عماي السيد عيسى والسيد موسى فسكنا طهران وكانوا فيها من أجل
العلماء خصوصا السيد عيسى فإنه كان ربانيا ذا علوم عزيزة لا ينالها الا
الربانيون اه.
الشيخ أبو الرضا محمد علي ابن الشيخ بشارة ابن الشيخ خلف من آل
موحي الخيقاني النجفي.
ذكره جامع ديوان السيد نصر الله الحائري فقال: بديع التصريح
والإشارة الشيخ الجليل الشيخ محمد علي ابن الشيخ بشارة ووصفه في مقام
آخر بالفاضل المحقق اه وهو من علماء وأدباء وشعراء عصر السيد
نصر الله الحائري. له شرح نهج البلاغة وريحانة النحو كما يظهر من قصيدة
الشيخ احمد النحوي فيه وله كتاب نتائج الأفكار وله نشوة السلافة ومحل
الإضافة رأينا منه نسخة في النجف سنة ١٣٥٢ عند الشيخ محمد السماوي
ذكر في خطبته ما حاصله انه لما اطلع على السلافة رآه قد ذكر رجالا تعرضوا
للنظم وليسوا من أهله وانه غالى في تقريض من ذكره وتوصيفه فاختصره ثم
أضاف إليه بعض أسماء الأدباء وله ديوان شعر. وللسيد نصر الله فيه
مدائح مذكورة في ديوانه فمنها قوله يمدحه ويهنئه بعيد النحر:
نشر الربيع مطارف الأزهار * في طيها نفحات مسك داري
والظل ظل محاكيا بدبيبه * خط العذار بوجنة الأنهار
فبدار نجل خمرة تجلو العنا * عنا ولا تركن إلى الاعذار
بكر إذا ما قلدت بحبابها * حل الشعاع مديرها بسوار
شمس يطوف بأفق مجلسنا بها * قمر تقلد نحره بدراري
سلب السلاف مذاقها وفعالها * برضابه وبطرفه السحار
ساق تخال الثغر منه لآلئا * أو أقحوانا لاح غب قطار
أو أحرفا رقمت بكف المجتبي * أعني سليل بشارة المغوار
مولى بأفق سما المناقب قد بدا * قمرا ولكن لم يرع بسرار
ماء الطلاقة في أسرة وجهه * يجري ونار سطاه ذات شرار
وشمائل كالروض لولا أنه * يذوي لفقد العارض المدرار
ودواته أدوت وداوت كاشحا * ومؤملا جدواه ذا اعسار
من آل خاقان الذين وجوههم * عند اسوداد النقع كالأقمار
قوم إذا شاموا الصوارم أغمدت * في جيد كل مملك كرار
وإذا هم اعتقلوا الذوابل في الوغى * آبت نواضر بالنجيع الجاري
اخبارهم بسواد كل دجنة * حررن فوق بياض كل نهار
يا من له باس يحاكي الصخر في * خلق ارق من النسيم الساري
وعلا تناسق كابرا عن كابر * يحكي أنابيب القنا الخطار
وافاك عيد النحر طلقا وجهه * يحكي رقيق نسيمة أشعاري
عيد يعود عليكم بمسرة * محمولة الايراد والإصدار
وبقيت ترفل من علاك بحلة * فضفاضة قد طرزت بفخار
وله في تقريض كتاب للمترجم اسمه نتائج الأفكار:
حير عقلي ذا الكتاب الأنيق * فليس للوصف إليه طريق
رقيق لفظ جزل معنى له * كل مجاميع البرايا رقيق
ما هو الا روضة غضة * شقيقها ليس له من شقيق
صاداتها الغدران همزاتها * حمائم تشدو بلحن أنيق
كم نشق العشاق من نفحها * نسيم اخبار اللوى والعقيق
كم قد جلت أكؤس ألفاظها * معانيا يخجل منها الرحيق
طرزها صوب يراع الذي * أصبح دوح الفضل فيه وريق
مولى جليل القدر لكنه * قد اغتدى صاحب فكر دقيق
لا زال نصر الله طول المدى * له رفيقا فهو نعم الرفيق
(١٢)

وله مقرضا ديوان المترجم:
ديوان نجل المقتدي بشارة * لسائر الشعر غدا إكليلا
ما هو الا جنة قد ازدهرت * وذللت قطوفها تذليلا
وأرسل إلى المترجم بهذه الأبيات:
سلام يفعم الآفاق طيبا * وينجم في سماء الود نجما
أخص به رضيع المجد جدا * وترب المكرمات أبا واما
سليل بشارة المولي الذي قد * علاء طرف العلى حلما وعلما
فتى اضحى لمن والاه شهدا * وراح لضده صابا وسما
لبيب قد حكى خلقا وسببا * فتيت المسك والبحر الخضما
مواهبه بأفق الجود لاحت * نجوما ترجم الافلاس رجما
وقد آضت جباه الدهر غرا * به من بعد ما قد كن بهما
وأرسل السيد نصر الله إلى المترجم أيضا بهذه الأبيات:
سلام كزهر الروض إذ جاده القطر * وكالعنبر الداري إذ مسه الجمر
أخص به المولى سليل بشارة * أخا الفضل في مدحه يزدهي الشعر
سحاب الندى الشهم الذي ناصت السهى * عزائمه وانقاد قنا له الدهر
فتى فاز بالقدح المعلى من العلى * وجاز علوما لا يحيط بها الحصر
مناقبه غر مواهبه حيا * منازله خضر مناصله حمر
وبعد فان الحال من بعد بعدكم * كحال رياض الحزن فارقها القطر
فلا تقطعوا يوما عن الصب كتبكم * ففي نشرها للميت من بعدكم نشر
وأرسل إلى المترجم أيضا بهذه الأبيات:
إلى ابن بشارة المولى الذي قد * تجاوز في المعالي كل غاية
فتى برق البشاشة في المحيا * على طيب الأرومة منه آية
جليل القدر محمود السجايا * على كل القلوب له الولاية
روى الاحسان عن جد فجد * وقد صحت له تكل الرواية
إذا ما جن للاشكال ليلى * ترى مثل الصباح الطلق راية
وان حسرت لثاما حرب بحث * فليس لها بكف سواه رأيه
فسدد رأيه يا رب لطفا * وجنبه الضلالة والغواية
والبسه من الإنعام بردا * موشى بالكلاءة والحماية
وأرسل السيد نصر الله إلى المترجم أيضا:
سلام يسحب الأذيال تيها * على هام الدراري الثاقبات
فتى أضحت بغيث نداه تزهو * أزاهير الأماني للعفاة
وراحت في صباح الرأي منه * مجابات دياجي المشكلات
له بيت على عنق الثريا * وعزم في مناط النيرات
ونظم يشبه الأزهار لو لم * تعد بعد النضارة ذابلات
وأرسل إليه السيد نصر الله هذه القصيدة والتزم فيها الجناس المذيل
وهي:
لعمرك ان دمع العين جار * لاني حنظل التفريق جارع
وما لي غير شهد الوصل شاف * فهل لي في اجتناء منه شافع
وقلبي للوصول إليك صاد * ونظمي بالثناء عليك صادع
وهمي ليثه الفتاك ضار * ولولاه لما أمسيت ضارع
ولوني أصفر والدمع قان * وطرفي منكم بالطيف قانع
ومذ غبتم فصبحي شبه قار * لدي وإصبعي للسن قارع
واني للتواصل منك راج * فهل ذاك الزمان إلي راجع
واني بالذي تهواه راض * أيا مولى الفضل راضع
فيا لك من كريم الأصل سام * لهمس المجتدين نداه سامع
هزبر عنه سيف الضد ناب * وينبوع الفضائل منه نابع
وطرف الخائف المذعور ساج * بمغناه وطير المدح ساجع
وبحر علومه للناس طام * وكل منهم بالري طامع
وغيث نداه طول الدهر هام * وغيث الأفق بعض العام هامع
ومعشره أولو سلم وضال * لديهم سابق الكرماء ضالع
له سيف غداة الحرب دام * وطرف خشية الجبار دامع
ونسك من رياء الخدع خال * وطبع للخلاعة راح خالع
وشعر رائق كشراب جام * لحسن نفائس الاشعار جامع
وقلب قلب في الحرب ساط * ووجه في ظلام الخطب ساطع
واحسان لحر المدح شار * ورمخ عزيمة ما زال شارع
حليم للعدي بالصفح جاز * ومن هول الحوادث غير جازع
وزاك علمه للجهل ناف * وطب ان يضرك فهو نافع
وشهم ما له في الخلق زار * لحب هواه في الأحشاء زارع
لما لا يرتضيه الله قال * ألم تره لضرس هواه قالع
وقاه الله نظرة كل راء * فان جماله للعقل رائع
وقال الحاج محمد جواد آل عواد البغدادي مقرضا على نشوة
السلافة:
إما بعد فان مولانا الشيخ العالم العلامة والنحرير الفاضل الفهامة
عرابة راية الأدب والفضل وعباس سقاية الندى والبذل مشيد أركان العلم
وعامر مغانيه مرصع تيجان النظم والنثر بدر معانيه رضيع لبان الفصاحة
والبلاغة والمبرز على أدباء عصره بحسن السبك والصياغة الذي صلت خلفه
بلغاء زمانه وأقرت له بالتقديم فضلاء أوانه ذا النفس العصامية صاحب
القدر العلي مولانا وملاذنا الشيخ محمد علي. ثم قال من نظمه شعرا:
قم نزه الطرف بهذا الكتاب * فحسنه قد جاز حد النصاب
هذا كتاب أم رضاب حلا * أم نفث سحر أم نضار مذاب
أم خمرة صهباء عادية * قلدها المزج بدر الحباب
أم روضة بكرها عارض * فازدهرت بطحاؤها والهضاب
ما شاهدت مرآة شمس لا ضحى * الا توارت خجلا في الحجاب
ولا رأته عذبات النقا * الا اغتدت من حسد في عذاب
والبدر لو عاينه لاختفى * من الحيا تحت سجوف السحاب
والغيد لو تبصره لاستحت * وأصبحت في كمد واكتئاب
فاستغن عن كل كتاب به * فغيره القشر وهذا اللباب
واقطف من الروض أزاهيره * واملأ من الدر النظيم الحقاب
ورد شراب الأنس من حوضه * ودع طماح العين نحو السراب
وأحس الحميا منه صرفا ولا * تكن كمن يمزج شهدا بصاب
فطلعة البدر باشراقها * تغني الورى عن لمعان الشهاب
والفدم ان أنكر آياته * فاتل عليه ان شر الدواب
فايد الله بتوفيقه * مؤلفا أوضح نهج الصواب
فهو الذي أشعاره تخجل الدر * بألفاظ رشاق عذاب
كنغمة العود إذا أنشدت * وما سواها كطنين الذباب
مولى علاء هام العلى رفعة * فهو علي الاسم عالي الجناب
(١٣)

مدحته نظما ونثرا عسى * يمنحني فضلا برد الجواب
لا زال رحب الصدر رحب الذرى * منوه القدر خصيب الرحاب
يخصه من مدحي المنتقى * حسن ثناء ودعاء مجاب
ما هطلت بارقة في الربى * وزمزم الحادي لسوق الركاب
فاجابه المترجم بهذه الأبيات:
يا فارس النظم ومغواره * وصاحب النثر الذي لا يعاب
أنت الجواد المرتجى نيله * وكم ملأنا من عطاك العياب
كم أمل الراجعون في سيرهم * حتى أناخوا في حماك الركاب
فأصبح القوم بروض المنى * وكيف لا وهو خصيب الرحاب
اثنى عليك الوفد مع أنهم * لو سكتوا أثنت عليك الحقاب
ومن غدا في العلم برهانه * والعلم الهادي لطرق الصواب
تقريضكم من ذهب صغته * بل فاق للدر وتبر مذاب
كأنما النثرة من طرزه * وللثريا شبه وانتساب
أسكرتني من خمر ألفاظكم * ما لم ينله عازف من شراب
حتى عرتني نشوة نلتها * وباسمها سميت هذا الكتاب
سألتني رد جواب لكم * وفي الذي قلت اتاك الجواب
لو رمت ان أحصي أوصافكم * في مدحي يوما لطال الخطاب
لا زلت يا بحر الندى وافرا * ما طلع النجم بليل وغاب
وله معارضا قصيدة الشيخ محمد بن المتريض المذكورة في ترجمته
فقال:
لقد شمت برقا بليل أنارا * فاذكى من الوجد في القلب نارا
سرى سحرا عن يمين الحمى * وشارف نجدا وتلك الديارا
رعى الله نجدا واكنافه * وحيا الحيا رنده والعرارا
تطلع أقمار انسي به * وملعب سرب الظبا والعذاري
رعابيب يخجلن شمس الضحى * لوجدي لهن خلعت العذارا
لهوت بهن زمان الصبا * ومذ لاح شببي لبست الوقارا
ولذت بعقد ولا حيدر * ومن لاذ فيه أقيل العثارا
إذا الحرب قامت على ساقها * وجري الخيول يثير الغبارا
يصول كما صال ليث العرين * وتنفر عنه الأعادي فرارا
فسل عنه بدرا وسل خبيرا * وسل أحدا ان أردت اختبارا
أباد قريشا وافنى الكماة * وهد الحصون وقاد الأسارى
وفي الجود غيث يغيث الورى * وفي العلم يفوق البحارا
علي علي له رتبة * تبوأت الشهب والنجم دارا
ونهج البلاغة ألفاظه * لأهل الفصاحة أضحت منارا
فيا نور عرش السماء العلى * وسر الاله الذي لا يمارى
إليك حثثنا ركاب الرجا * وما خاب ركب لمغناك سارا
فمن لي سواك ومن أرتجي * ويمناك بحر تفيض النضارا
وأرجوك لي شافعا في غد * فاني جنيت ذنوبا كبارا
فصلى عليك العظيم الجليل * وآلك ما لاح نجم وغارا
وله يمدح أمير المؤمنين ع:
تلك الديار تغيرت آثارها * وتغيبت تحت الثرى أقمارها
دار لقد اخفى البلا أصواتها * ومن السحائب جادها مدرارها
نشر الربيع بها مطارف روضة * فزهت على هام الربى أزهارها
ولكم وقفت بها الركائب ناعيا * وغدت تحن لأنتي أكوارها
وبكيت حتى من بكاي لأهلها * كادت تكلمني بها احجارها
دار لبرقة ما تبسم بارق * الا وهيج لوعتي تذكارها
كانت تضئ بها الديار إنارة * وتلوح في سجف الدياجر نارها
كم زرتها والليل ضاف برده * وبه النجوم سواطع أنوارها
وطرقتها والشوس حول كناسها * إذ لم ترعني دونها اخطارها
فانا الذي فل الجلامد عزمه * وإذا دعيت فإنني مغوارها
فلكم نحرت الخيل في يوم الوغى * بجراز عضب حين ثار غبارها
وتركت أعناق الفوارس خضعا * وغدا يفر لهيعتي تيارها
ولي الجدود السابقون إلى العلى * بين الرواة تواترت اخبارها
والصيد ان كانوا كواكب مفخر * فهم هم من بينهم سيارها
وهم صناديد الحروب شوامس * زرد الحديد شعارها ودثارها
من آل موح ليس ينكر فضلهم * بين العباد لأنهم ارارها
فيهم سما بدر المواهب والندى * وبشارة من بشرة ايسارها
وقفا هما خلف وحيدر بعده * فهما لعمري في العلوم بحارها
فانا الجموح وليس قلبي ينثني * الا لبرقة لو أميط خمارها
ولقد علوت على هجان جسرة * هوجاء يؤمن في المير عثارها
خواضة موج السراب كأنها * فلك بلج بحيرة يعتارها
وتغيب عن ماء المواهب برهة * مهما تطاول ظمؤها وأوارها
ولها دلوف في المسير كأنها * قدح رمته بسرعة أوتارها
أوطاتها حر الهجير من الحصى * مذ حل عنها قيدها وهجارها
وأنتها من حول برقة من غدا * يجلو حنادس طخية اسفارها
ولها الثريا والهلال كلاهما * دون الكواكب قرطها وسوارها
وإذا تبسم ثغرها عن أشنب * ظهر الاقاح ولاح لي نوارها
انا سيد الشعراء غير مدافع * وإذا نثرت فإنني نثارها
وأقودهم نحو الجنان ورايتي * بيضاء تلمع فوقهم أنوارها
إذ كنت مادح حيدر رب التقي * فخر البرية حصنها كرارها
ليث إذا حمي الوطيس وزمجرت * فرسانها والحرب طار شرارها
صهر النبي أبو الأئمة خيرهم * وبه الخلافة قد سما مقدارها
بغدير خم للولاية حازها * حقا وليس بممكن انكارها
وبراحتيه تفجرت عين الندا * فالواردون جميعهم يمتارها
نهج البلاغة من جواهر لفظه * فيه العلوم تبينت اسرارها
فرع نماه هاشم من دوحة * طابت وطاب فروعها وثمارها
خذها إليك أبا الأئمة غادة * عذراء تخضع دونها ابكارها
ليس ابن حجر قادر في مثلها * يأتي ولا من بعده بشارها
صلى الاله عليك ما روى الحيا * زهر الرياض وما جرت أنهارها
وقال يمدح الملا عبد الله الكليدار للحضرة الشريفة الغروية والملا
يومئذ ببغداد وقد أطال فيها المكث من أبيات:
وما يزدهيني في الدجى لمع بارق * ولا همت في حسناء مياسة القد
ولكن قلبي شاقه ذكر من رقى * جواد المعالي واعتلى ربوة المجد
هو العالم المفضال والفرقد الذي * لأهل الحجى ما زال في نوره يهدي
فلم أر شخصا في الورى كابن طاهر * يساميه في الأحساب أو كرم الجد
أ مولاي عبد الله جد لي تفضلا * بطرس الولاء أطفي به جمرة الوقد
(١٤)

فلا زلت ركن المجد ما لاح كوكب * وما نسمت ريح الصبا من ربى نجد
وقال يمدح السيد علي خان صاحب السلافة وهو يومئذ في مكة
المشرفة:
زار الخيال وطرف النجم وسنان * وقلصت من قميص الليل اردان
وقد ألم وشخص الصبح معترض * فراعه فكان الصبح غيران
خيال سعدى سرى وهنا فايقظني * حتى تكنفني حزن واشجان
تنفس الريح بالارجاء مذ خطرت * كما تنفس غب الطل ريحان
وغصن قامتها إن مال منعطفا * ورق الحلي لها سجع وألحان
لم أنس يوم غداة البين إذ رحلت * سعدى وسالت بوادي الجزع اظعان
ولي فؤاد بساري الركب تجنبه * مصفد غاله لحظ واجفان
يا ساعد الله أهل الحب قد سلبت * أرواحهم وهم للحب خلسان
كم خضت بحر الدجى في سابح عرم * وجبت أرضا بها للجن غبطان
حتى طرقت كناس الخود مزدهيا * ولم ترعني بطعن ثم خرصان
ومن يكن طالبا للدر يخرجه * فليس تمنعه في البحر حيتان
إن لم ازر مكنس الحوراء ملتحفا * جناح ليل به للنسر طيران
فلا سمت بي المغالي أو سمت لي * في مدح ابن احمد أوتاد وأوزان
العالم العلوي المنتمي شرفا * دانت لمفخره في العرب عدنان
من دوحة برسول الله مغرسها * منها يناصي السها فرع وأفنان
قد نال في المجد عزا عز جانبه * ما ليس يبلغه كسرى وخاقان
هو ابن احمد في علم العروض له * بمشكل الشعر ايضاح وتبيان
وفي العلوم له فقه ومعرفة * وفي النجوم له حدس واتقان
نتيجة الفكر منه ما بها خطا * وحسن منطقه للعلم ميزان
يا أيها العالم النحرير دم علما * عزت لمثلك أنداد واقران
إن كان للدهر عين في تبصره * فأنت في عين هذا العصر انسان
صنفت شرحا به شرح الصدوق بدا * على الصحيفة منه لاح عنوان
أفحمت كل بليغ في فصاحته * حتى كأنك بالاعجاز قرآن
فلست أحصي صفاتا أنت حائزها * وما لخيل الثنا في الطرس ميدان
فخذ إليك كزهر الروض غانية * بكرا يديخ لها قس وسحبان
ألفاظها فصلت في حسن مدحكم * كما يفصل ياقوت ومرجان
لا زال سعدك ميمونا بغرته * ما رنحت بنسيم الصبح أغصان
قال في النشوة: ولما ورد السيد في المشهد الغروي طلب مني مجموعا
وفيه أبيات قلتها في أول النظم فاعترض على بعض منها ولم يكن في اعتراضه
مصيبا إلا على بيت واحد مع اني لم أثبتها في ديواني فنظمت هذه القصيدة
معاتبا له على ذلك ومادحا له ولكتابه أنوار الربيع في أنواع البديع وللسلافة
فطرب منها إلى الغاية لما أنشدتها بين يديه وكتبها بخطه على نسخة السلافة
وهي:
زناد المجد في كفي واري * ولي شرف على السبع السواري
وعزم كالحسام له فرند * تراع بحده الأسد الضواري
إذا ليل الزمان دجا بخطب * أضاء بجنح ظلمته نهاري
واني فارس الشعراء حقا * وأفخرهم بنظمي واقتداري
فكم لي في القريض بنات فكر * مقلدة قلائد من دراري
يدين الزبرقان لها مديحا * ويخضع جرول وأبو الصواري
لهذا قد صرفت عنان طرفي * بمدحك حيث لا اخشى عثاري
ولكني أراك جعلت شعري * مناط الاعتراض بلا اغتفار
فلا تحقر لصغر السن نظمي * فكم لي فيه من همم كبار
واني إذ مدحت أروم عزا * وما طلب الجوائز من شعاري
فاعظم قدر قنك واتخذه * جليسا للنظام وللنثار
وأقسم في جلالك وهو حق * بأنك قطب دائرة الفخار
وأن العلم معصمه تحلى * لأنك له بمنزلة السوار
بأنوار الربيع كشفت عنا * ظلام الفكر يا غيث الأوار
ابنت به البيان مع المعاني * وأوضحت البديع بلا تواري
ونظمت النجوم به عقودا * ولم ترض الحجان مع الدراري
وفي حسن السلافة همت وجدا * لأني قد خلعت بها عذاري
بغرتها الهلال بدا مضيئا * ففيها يهتدي إن ضل ساري
فما بنت الكروم لها تضاهي * ولو جلبت بكأس من نضار
الا يا صاح قم واشرب سلافا * فقد جاءتك من غير اعتصار
وله يرثي العلامة محمد كاظم والد الآقا عبد الله ويعزي ولده
المذكور من قصيدة:
الوفد قد حلوا نسوع ركابهم * إذ مات شخص الجود والالطاف
قد كان بحرا في العلوم وفي الندى * مفتي الأنام ومكرم الأضياف
أحيا لنا علم الحديث وأهله * وأمت كل مخالف ومنافي
يا قبره لا زلت روضة جنة * تسقى بغيث هامع وكاف
فاصبر ولا تجزع لقارعة الردى * فالصبر خير مراكب الاشراف
ولأنت نعم المقتفي آثاره * والحر يتبع ماضي الأسلاف
واجلوا بعمك ليل غمك أنه * بدر العلوم وشمس فضل وافي
علامة العصر المفيد بعلمه * والمرتضى قولا بغير خلاف
يجري خيول السبق في حلباتها * يوم الفخار نواشر الأعراف
ديباجة الشرع المنيف وصدره * ورئيس كل محدث هتاف
وصفاته مثل الكواكب كثرة * احصاؤها أعيا على الوصاف
وقال يرثي أباه وجماعة من أصحابه ماتوا بالطاعون:
غابت مصابيح انسي بعد أقماري * وقد خبت بعد وقد في الدجى ناري
وروض عيشي ذوت منه خمائله * وراح ما كان من عنف ونوار
إذ أهل ودي خنت منهم ديارهم * فليل حزني بلا صبح واسفار
حداهم البين مذ سارت ظعائنهم * على مطايا المنايا فوق أكوار
أفناهم عسكر الطاعون مذ برزوا * من كل ليث بيوم الروع كرار
لو كان حرب لما ذلوا وما قتلوا * لكن ذلك أمر الخالق الباري
قد جاوروا المرتضى المولى أبا حسن * كهف الطريد وحامي حوزة الجار
طوبى لهم جنة الفردوس منزلهم * وحالهم حال سلمان وعمار
لكنهم اورثونا بعدهم حزنا * واججوا في ضميري لأهب النار
لا سيما والدي ركني ومعتمدي * فليس أنساه في ورد وإصدار
يا شمس مجد هوت من أفق مطلعها * وبدر فضل توارى تحت أحجار
يا غرة لم تزل للسعد جامعة * خبا ضياها وكانت ذات أنوار
يا فارس العلم لو كانت جهابذة * يصول بالقول مثل الضيغم الضاري
يا غائبا لم يزل قلبي يشاهده * ونازحا أوحشته غربة الدار
يا ثاويا في الثرى واللحد منزله * وساكتا وهو ذو علم واخبار
هلا عطفت على المضني تكلمه * فقد عهدتك ذا عطف وابرار
(١٥)

من بعدك العيش مر ماحلا ابدا * والدمع كالسحب في سح وادرار
بشارة الخير لا زالت بشائره * وناصح في المساعي غير غدار
خلعت ثوب التصابي بعد فرقته * فلست أصبو إلى نجد وذي قار
فلست أنساهم ذكرا وإن درجوا * ما لاح نجم بلبل أو سرى ساري
يا نفس قري وكوني غير جازعة * فان ربي سيجزي كل صبار
وله:
ورب مهفهف يزهو بخد * كان الأرجوان عليه ذابا
وثغر كالأقاح له نقي * ألفت به العذوبة والعذابا
أقول له وقد وافى سحيرا * وفود الليل عارضه فشابا
الا زك الجمال لنا بوصل * فان الحسن قد بلغ النصابا
وله:
وشادن فاق بدر التم وجها * حوى كل المحاسين والمزايا
وأضحى برق مبسمه ينادي * انا ابن جلا وطلاع الثنايا
وقال يمدح الشيخ محيي الدين بن كمال الدين الطريحي:
غنت الورقاء بالروض ابتهاجا * مذ رأت للصبح في الليل ابتهاجا
وسعى بالكاس ظبي أهيف * صير البدر على أعلاه تاجا
يا رعى الله زمانا بالحمى * قد قضيناه وصالا وامتزاجا
ورعى عربا نأوا عن ربعه * واستحثوا بالسرى عيسا رتاجا
ليتهم عاجوا عليه مرة * ما على حاديهم لو كان عاجا
كان ورد الماء عذبا عندهم * فغدا من بعدهم ملحا أجاجا
لست اسلوه وإن طال المدى * ما سرى برق الحمى ليلا وهاجا
لا يزيل الوجد الا مدح من * فاق أهل العلم فضلا واحتجاجا
ذاك محيي الدين من أحيى الندى * لأولي الحاجات لم يبق احتياجا
طاهر الأصل نماه فتية * سايروا الشهب ففاتوها إدلاجا
ثابت النقل امين صادق * فهو عدل لا ترى منه إعوجاجا
هو في الود نصوح دائما * ذاك من وده ورى وداجا
وإذا ما قال شعرا نظمه * يفصح الأزهار حسنا وابتهاجا
كم بنى للمجد بيتا ساميا * لا ترى فيه انصداعا وانفراجا
يا أبا الفخر ويا غوث الورى * أنت لي كهف إذا ما الخطب فاجا
السيد محمد علي الطباطبائي الزوارئي
نسبة إلى بلدة من بلاد إيران له رسالة في أصول الفقه فرع منها ١٦
محرم سنة ١٢٣٢ رأينا منها نسخة خطية في طهران في مكتبة شريعتمدار
الرشتي
٢٩: السيد ميرزا محمد علي الرضوي نسبا المشهدي بلدا ابن السيد صادق
الرضوي.
ولد في ٢١ رجب سنة ١٢٣٩ في المشهد المقدس وتوفي في رمضان
سنة ١٣١١ ودفن في دار الضيافة ولم يعقب
ذكره ابن أخيه الميرزا محمد باقر ابن الميرزا إسماعيل ابن السيد
صادق في الشجرة الطيبة فقال: السيد الجيل والسند النهيل فرع الشجرة
الأحمدية وغصن الدوحة العلوية العالم الفاضل العلامة والفقيه الكامل
الفهامة قصر همته في عنفوان شبابه على تحصيل المراتب العلمية وفي غرة
رمضان سنة ١٢٦٣ تشرف بالنجف الأشرف وصرف نظره عن كل لذة
وراحة وجد في طلب العلم ليلا ونهارا فقرأ مدة مديدة على الشيخ مرتضى
الأنصاري وعلى الشيخ مشكور الحولاوي النجفي والشيخ محمد والشيخ
راضي وبقي هناك مدة عشرين سنة حتى ارتقى في درجات العلم إلى رتبة
عليا ودرجة قصوى واجازه الشيخ مرتضى وفي هذه المدة حصل كتبا نفيسة
أكثرها محشي بخطه بفرائده ومن كثرة المطالعة أصيب بضعف البصر ونزل
الماء على عينيه وسعى الشيخ مرتضى الأنصاري سعيا بليغا في مداواته وبذل
لذلك الأموال وأخيرا ذهب إلى تبريز للمعالجة فأكرموا مقدمه وبعد تعب
كلي صار يبصر الشيخ فعاد إلى المشهد المقدس فاعطي منصب التدريس
الذي كان لأبيه وبعد مدة كف بصره بالكلية. له مؤلفات كثيرة فقد
بعضها في حياته وبعد وفاته ولكن الموجود الذي اوصى بوقفه على أولاده هو
١ رسالة في الهيئة ٢ رسالة في الرجال ٣ حاشية مبسوطة على القوانين
٤ حاشية على شرح اللمعة ٥ نتائج الأفكار في الأصول من مباحث
الألفاظ والأدلة العقلية ٦ رسالة في مقدمة الواجب واقتضاء الامر بالشئ
النهي عن ضده ٧ رسالة في أقسام الولايات ٨ رسالة في احكام الغصب
٩ رسالة في صلاة المسافر ١٠ رسالة في منجزات المريض ١١ رسالة
في شك الإمام والمأموم ١٢ رسالة في العصير العنبي ١٣ رسالة في قاعدة
من ملك شيئا ملك الاقرار به ١٤ رسالة في القواعد الكلية للفقه ١٥
أساس الفقه في العبادات والمعاملات ١٦ رسالة في مطالب الحكمة
النقيب شرف الدين أبو الفضل محمد بن علي المرتضى
ملك النقباء بقزوين وبامره ألف الشيخ العلامة المتبحر الشيخ عبد
الجليل بن أبي الحسين محمد بن أبي الفضل القزويني الساوي نزيل الري
كتابه الذي كتبه في جواب الناصبي وتاريخ الكتاب بعد سنة ٦٥٦
محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي
له كتاب العلل كان عند المجلسي وينقل عنه في البحار قال في أول
البحار: وكتاب العلل وإن لم يكن مؤلفه مذكورا في كتب الرجال لكن
اخباره مضبوطة موافقة لما رواه والده علي بن إبراهيم الصدوق وغيرهما
ومؤلفه مذكور في أسانيد بعض الروايات. روى الكليني في باب من رأى
القائم عن محمد والحسن ابني علي بن إبراهيم بتوسط علي بن محمد وكذا
في موضع آخر في الباب المذكور عن محمد فقط بتوسطه فهذا ما يؤيد
الاعتماد وإن كان لا يخلو عن غرابة لرواية الكليني عن علي بن إبراهيم
كثيرا بلا واسطة بل ظهر كما سنح لي أخيرا أنه محمد بن علي بن إبراهيم بن
محمد الهمداني وكان وكيل الناحية كما أوضحته في تعليقاتي على الكافي
اه قيل والهمداني هو المتعين وكان والده علي وجده إبراهيم بن محمد
أيضا وكلاء ويروي إبراهيم بن هاشم القمي عن إبراهيم بن محمد الهمداني
وكيل الناحية جد محمد صاحب كتاب العلل ولم يذكر ولد لعلي بن إبراهيم
القمي الا إبراهيم بن علي بن إبراهيم وأحمد بن علي بن إبراهيم وقد نسب
كتاب العلل إلى محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد الهمداني وكيل الناحية
نسبه في البحار إلى القمي أولا ثم عدل واستظهر أنه الهمداني
ويوجد كتاب عجائب قضايا أمير المؤمنين ع برواية عن أبيه
علي بن إبراهيم.
محمد بن علي بن القاسم أبي محمد بن أبي القاسم عبد الله العقيقي
ابن الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين ع. قال
(١٦)

ضامن بن شدقم في كتابه: كان عالما فاضلا كاملا خيرا ذا جاه ورفعة
ومنزلة وحشمة ورياسة استحضره عمه ابن الفرج إلى العسكر في أيام
المعتصم العباسي فامتنع عن لبس السواد فبالغوا في طلب ذلك منه وبعد
اللتيا والتي والخوف لبس قلنسوة
آقا محمد علي بن فتح علي آقا بن آقا محمد بن أسد الله التستري
توفي سنة ١١٦٣
في ذيل اجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان فاضلا مدرسا حديد الذهن متين الفكر جامعا للفنون اشتغل
أوائل امره على والدي ثم سافر إلى أصبهان وأقام بالمدرسة السلطانية سنين
متمحضا للتحصيل ورجع وقد بلغ غاية المرام وأذعن له الخاص والعام
استفدنا منه فوائد عظيمة
الشيخ محمد بن علي بن زين العابدين المحلاتي
توفي بالمشهد المقدس الرضوي في شعبان سنة ١٣٠٦
قرأ عليه الميرزا حسين النوري في أوائل امره في طهران. كان زاهدا
ورعا نبيلا متبحرا في الأصول والفقه مجانبا لأهل الدنيا ولذاتها. له
مصنفات في الفقه والأصول، وكان أكثر تلمذه على السيد محمد شفيع
والمولى أسد الله البروجردي وهاجر إلى طهران وعكف على الشيخ عبد
الرحيم البروجردي
الشيخ محمد علي الشهير بعلي بن أبي طالب بن عبد الله بن جمال الدين علي
أبي المعالي الزاهدي الجيلاني الأصفهاني
ولد سنة ١١١٣ في أصفهان وتوفي ببنارس الهند سنة ١١٨١
له كتاب بشارة النبوة فارسي وكتاب التأليف بين الناس وكتاب
تجدد الأمثال وتجريد النفس فارسي وترجمة دعاء الجوشن الصغير وترجمة
دعاء الصباح وترجمة دعاء العلوي المصري وترجمة دعاء المشلول وترجمة
منطق التجريد والتعريف في حصر أنواع القسمة فارسي وأصول علم
التفسير وتحقيق الرؤيا فارسي وأصول المنطق والإغاثة في الإمامة
فارسي وأقسام المصدقين بالسعادة الأخروية. وله تذكرة المعاصرين من
الشعراء ذكر فيه بعض أحواله وأحوال بعض أساتيذه وجملة من معاصريه
من العلماء والشعراء إلى سنة ١١٦٥ فارسي مطبوع وله تفسيره سورة
هل اتى وتفسير الصمد مختصر وكتاب جر الأثقال.
رشيد الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن شهرآشوب بن أبي نصر بن أبي
الجيش السروي المازندراني
توفي في شعبان سنة ٥٨٨
قال الصفدي في الوافي بالوفيات: رشيد الدين الشيعي أحد شيوخ
الشيعة حفظ القرآن وله ثمان سنين وبلغ النهاية في أصول الشيعة كان
يرحل إليه من البلاد ثم تقدم في علم القرآن والغريب والنحو ووعظ على
المنبر أيام المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه وأثنى عليه كثيرا وذكره ابن أبي
طي في تاريخه وأثنى عليه ثناء بليغا وكذلك الفيروزآبادي في البلغة والسيوطي
في طبقات النحاة. وقال شمس الدين محمد بن علي المالكي في طبقات
المفسرين: أحد شيوخ الشيعة اشتغل بالحديث ولقي الرجال ثم تفقه وبلغ
النهاية في فقه أهل مذهبه ونبغ في الأصول حتى صار رحلة ثم تقدم في علم
القرآن والقراءة والتفسير والنحو كان امام عصره وغلب عليه علم القرآن
والحديث اه
ورأينا له كتابا مخطوطا في المكتبة الحسينية في النجف الأشرف في
أوله: قال الشيخ الأجل شمس الاسلام محمد بن علي بن شهرآشوب
المازندراني رضي الله عنه سألتم وفقكم الله للخيرات إملاء كتاب بيان
المشكلات من الآيات المتشابهات وما اختلف العلماء فيه من حكم الآيات
فأجبتكم إلى ذلك الخ... إلى أن قال: وأسال الله أن يوفقني لاتمام ما
شرعت فيه من بكتاب أسباب نزول القرآن فان بانضمامها يحصل جل علوم
التفاسير ثم قال: باب ما يتعلق أبواب التوحيد ثم ذكر باقي الأبواب
السيد الميرزا محمد علي الرضوي المشهدي ابن السيد محمد الرضوي من
ذرية السيد محسن
ولد في ذي القعدة سنة ١٢٧٣ في المشهد المقدس
في الشجرة الطيبة للسيد محمد باقر المدرس: اشتغل في عنفوان شبابه
في تحصيل الكمال وتكميل الخصال والرياضيات. أسندت إليه وزارة
الآستانة المقدسة وصدارة ممالك خراسان ونقابة السلسلة العلية الرضوية
وتولية أوقاف أجداده وتنقيح المعاملات وتفريغ المحاسبات وتشخيص
الحوالات الذي هو شغل منصب الوزارة وأسندت إليه رياسة الدفتر وصدر
له الامر بذلك في ٢٠ ربيع الثاني سنة ١٣١٤
الشيخ محمد علي بن محمد نبي
من تلامذة الآغا محمد باقر البهبهاني والسيد علي صاحب الرياض
ومعاصر للشيخ يوسف صاحب الحدائق. له رسالة في المتنجس لا ينجس
تدل على فضله وينقل الرسالة عن شيخه واستاذه شارح المفاتيح والظاهر أن
المراد به الآغا باقر البهبهاني وصرح في موضع آخر بان شيخه صاحب
الرياض وقال أيضا إما ما استدل به الفاضلان المعاصران أعني الشيخ
يوسف وشارح المفاتيح الخ.
أبو الفوارس محمد مجد الدين بن أبي الحسن علي فخر الدين ابن محمد
كان سيدا جليل القدر رفيع المنزلة عظيم الشأن حسن الشمائل جم
الفضائل كريم الأخلاق زكي الأعراق ذا همة عالية ومروءة وشهامة وكرم
وسخاء عالما عاملا فاضلا كاملا ورعا زاهدا صالحا عابدا تقيا نقيا ميمونا،
مرقوم اسمه بالحائر الحسيني ومساجد الحلة ويقال لولده بنو الفوارس خلف
ستة بنين عبد الحميد نظام الدين وعبد المطلب عميد الدين وعبد الكريم
غباث الدين وناصر الدين ومحمد جلال الدين أمهم بنت الشيخ يوسف بن
علي بن المطهر الحلي فيكون خالهم العلامة أبو منصور جمال الدين الحسن
قدس سرهما (١)
أبو الحسين محمد بن علي الشجاعي
قال النجاشي صاحب الرجال في ترجمة محمد بن إبراهيم بن جعفر
الكاتب النعماني: رأيت أبا الحسين محمد بن علي الشجاعي الكاتب يقرأ

(١) لم يمكن تبين مصدر هذه الترجمة في المسودات (الناشر).
(١٧)

عليه كتاب الغيبة تصنيف محمد بن إبراهيم بن النعماني بمشهد العتيقة لأنه
كان قرأه عليه ووصى لي ابنه أبو عبد الله الحسين بن محمد الشجاعي بهذا
الكتاب وبسائر كتبه والنسخة المقروءة عندي.
السيد ميرزا محمد علي ابن الميرزا السيد محمد ابن الميرزا عبد الحميد بن
الميرزا محمد شريف بن الميرزا هداية الله بن النواب الجليل الميرزا السيد
علي بن العلامة السيد علاء الدين الحسين سلطان العلماء صاحب الحواشي
على شرح اللمعة وغيرها الحسيني الموسوي المرعشي
كان عالما ربانيا ورعا صالحا ذاكرا من أعيان المائة الثالثة عشرة توفي
خارج أصفهان وقبره بمقبرة شاة رضا وهي مقبرة بها مزار لأحد أولاد يزار
بين أصفهان وشيراز على يمين المتوجه إلى شيراز ذكر ذلك المولى عبد الكريم
الجزي الأصبهاني في رسالة تذكرة القبور
الميرزا السيد رضي الدين محمد بن النواب الميرزا السيد علي بن السيد
حسين السلطان الحسيني المرعشي
ولد سنة ١٠٦٣ وتوفي سنة ١١٢٦
هو أخو الميرزا هداية الآتي في بابه، اخذ عن والده في الفقه والحديث.
والأصول. خلف الميرزا محمد رضا والميرزا لطف الله والميرزا علاء الدين
الحسين الذي نال الصدارة العظمى في عصر الصفوية
أبو هاشم محمد بن علي بن عبيد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي
طالب ع الملقب بالأدرع. في تاريخ قم عند ذكر الطالبيين
الذين نزلوا قم ما تعريبه: الأدرع لقب أبيه علي وبعض الخلفاء لقبه هو
أيضا بذلك والأدرع من أسماء السبع ولقب به لأنه كان في الكوفة في
طريق قبر أمير المؤمنين ع أسد خبيث افترس جماعة وكان الناس
منه في شدة فمر علي بن عبيد الله يوما بذلك الطريق وقتل ذلك الأسد
فلقبه أهل الكوفة باسم ذلك الأسد لأنه كان كثير الشعر، والأدرع عند
العرب الأسد الكثير الشعر. وكان لأبي هاشم ثلاثة أولاد: أبو عبد الله
احمد وأبو علي الحسين وأبو محمد الحسن وكان محمد ابن الأدرع المترجم
أول من نزل بقم من أولاد الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وأقام
بها اه
الشيخ عماد الدين أبو جعفر محمد بن أبي القاسم علي بن محمد ابن
علي بن رستم بن نروبان الطبري الآملي الكحي
من أهل المائة الخامسة وما بعدها
آل رستم بيت جليل في الشيعة والمترجم هو تلميذ الشيخ أبي علي ابن
شيخ الطائفة وعليه قرأ قطب الدين الراوندي. له كتاب بشارة المصطفى
لشيعة المرتضى في سبعة عشر جزء روى فيه عن شيخه أبي طالب يحيى بن
الحسن الجواني الحسيني، ويروي عن أبي علي ابن الشيخ الطوسي وعن
المعروف بحسكا وعن ابن شهريار الخازن وعن الشيخ أبي البقاء قرأ عليه
سنة ٥١٦ بمشهد أمير المؤمنين ع وعن غيرهم المذكورين في أول
أسانيد بشارته.
السيد ميرزا محمد علي الوكيل ابن ميرزا محمد رضا الناظر ابن ميرزا
محمد ابن ميرزا محمد مهدي الشهيد ابن محمد إبراهيم ابن ميرزا بديع
الرضوي المشهدي وباقي النسب في محمد بديع.
في الشجرة الطيبة: كان من أجلة العلماء الأعلام والفقهاء الكرام
ومن مدرسي الآستانة مع الورع والاحتياط والقبول عند العامة والوجاهة بن
الناس وأعطاه السلطان محمد خان القاجاري فرمانا بوكالة الآستانة المقدسة
بتاريخ ١٢١١ وأعطي لولده السيد ميرزا حسن فرمان من فتح علي شاة
بانتقال منصب التدريس إليه بتاريخ سنة ١٢٢٨ وفرمان آخر بهذا المضمون
بتاريخ سنة ١٢٣٠ ويفهم من فرمان الشاهزاده قهرمان ميرزا المؤرخ سنة
١٢٥١ في تخفيف ماليات أملاك ميرزا حسن أنه كان له منصب وكالة
الآستانة ومن آثار ميرزا محمد علي الخيرية وقف مائتي مجلد من الفقه
والتفسير والأخبار على الطلاب وتاريخ الوقفية سنة ١٢١١.
محمد بن علي بن معمر الكوفي يكنى أبا الحسن صاحب الصبيحي
ذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم ع بهذا العنوان،
وقال: سمع منه التلعكبري سنة ٣٢٩ وله منه اجازة اه وفي التعليقة
مر في حمدان بن المعافى ما يظهر من الخلاصة والشهيد الثاني بل والنجاشي
اعتمادهم عليه وقبول قوله. وفي فهرست ابن النديم عند ذكر اخبار فقهاء
الشيعة وما صنفوه من الكتب قال: ومن القميين ابن معمر أبو الحسين ابن
معمر الكوفي وله من الكتب كتاب قرب الإسناد اه وهذا هو الذي
ذكره الشيخ ولكن ابن النديم نسبه إلى جده وهو متعارف وعده في الوجيزة
مجهولا وهو في غير محله.
الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن موسى بن الضحاك الشامي
توفي سنة ٧٩١
ذكره الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن الحسن الجباعي والد جد
الشيخ البهائي في مجموعته كما في الجزء الخامس والعشرين من البحار
ووصفه بالامام العالم الفقيه الأديب وقال إنه أحد تلامذة الشيخ الفاضل
العالم شمس الدين بن مكي توفي سنة ٧٩١ ثامن عشر رمضان رحمه الله
وحشره مع أئمته. قال وكان هذا الشيخ من العلماء العقلاء وأولاد المشائخ
الاجلاء ورفيق شيخه ابن مكي أول اشتغاله بالحلة وكان للشيخ الامام فخر
الدين المطهر به خصوصية وكان استغاله على شيخه ابن مكي إلى حين مقتله
وكان يعظمه جدا ويشير إليه وله مباحثات حسنة وأبيات وأشعار رائقة رقيقة
مشهورة اه.
الشاة محمد بن الشاة علي الحسيني كان وزير السلطان عبد الله قطب
شاة السابع الشيخ محمد علي ابن الشيخ محمد امين ابن الشيخ محمد حسن مروة
العاملي
كان فاضلا كاملا قرأ في مدرسة حنويه على الفقيه الشيخ محمد علي
آل عز الدين وكان له يد وحذق في الصناعات حتى أنه كان يتعاطى ضرب
النقود توفي في زهرة شبابه.
الشيخ محمد علي ابن الشيخ يوسف خاتون العاملي
توفي سنة ١٢٨٦
كان عالما فاضلا طبيبا ماهرا مهابا جليل القدر عابدا زاهدا ورعا
قوي الجسم يضرب به المثل معتدل القامة ضخم الجسم قوي الساعدين
بهي المنظر جامعا لصفات الكمال كثير المال كثير العبادة ويقال أن أكثر قنوته
(١٨)

في الصلاة ليلة الجمعة بدعاء كميل بتمامه وأكثر قراءته في تلك الليلة
بسورة الاسراء أو الكهف في صلاة المغرب حتى في ليالي شهر رمضان وربما
قرأ من السبع الطوال حتى أن تلامذته كان يمكنهم الافطار في بيوتهم
والرجوع إلى المسجد فيدركون صلاة الجماعة في ليالي شهر رمضان وكان
ينفق من ماله على تلامذته وكان لهم مرتب دائم من ماكل وملبس لأنه كان
مثريا له عدة قرى منها عيديب ومطاحن في وادي الحجير وغير ذلك وكانت
له اليد الطولى في علم الطب على الطريقة القديمة ويطيب المرضى مجانا
ويذهب لمعاينتهم وللناس فيه اعتقاد عظيم. قرأ عليه الشيخ محمد حسين
سليمان والشيخ علي شومان والشيخ حسين شومان والشيخ احمد سليمان.
له من الأولاد الشيخ يوسف وولد للشيخ يوسف الشيخ محمد علي توفي سنة
١٣٥٧ وأبوه الشيخ يوسف توفي في عصرنا.
شعره
من شعره قوله في وادي الحجير وتروي لابن عمه الشيخ مهدي:
هذا الحجير فرو منه غليلا * وأحبس ركابك في رباه طويلا
نهر يزول صدى القلوب بمائه * فاق الفرات محاسنا والنيلا
واد غدت فوق الغصون بدوحه * تشدو البلابل بكرة وأصيلا
إن ضل قاصده الغداة طريقه * كان الأريج به عليه دليلا
واد سقته المعصرات وأمطرت * فيه الهتان المرزمات سيولا
فلكم أقمنا للشباب بظله * أودا وكم فيه اتخذت مقيلا
والروض باسمة هناك ثغوره * جر الندا من فوقهن ذيولا
وقال راثيا بعض امراء البلاد:
هلمي إلى التوديع والركب نازح * وزند الأسى من لوعة البين قادح
رواحله بالمكرمات رواحل * وحاديه في نشر المآثر صادح
اسائله والدمع سائله دم * وبدر معاليه من الركب لائح
لقد طار بالمجد الأثيل نوائب * وطاحت بأركان الفخار الطوائح
لفقد فتى غابت كواكب مجده * فغاب عن الآفاق زهر سوابح
لفقد فتى كم شيد العز سيفه * ودان لما تلقاه منه الجحاجح
فبعك من يقري الوفود رغائبا * ويحظى بجدواه صديق وكاشح
وبعدك من يولي الأنام فضائلا * وتجلى له في كل قطر مدائح
وما كنت أدري قبل فقدك انه * نسيل باحشائي دموع سوافح
الشيخ محمد بن علي بن يوسف بن سعيد المقشاعي أصلا الأصبغي
مسكنا
المقشاعي نسبة إلى مقشاع من بلاد البحرين والأصبغي نسبة
إلى أصبغ بالفتح وآخره غين معجمة واد في البحرين.
في لؤلؤة البحرين أنه كان من تلامذة السيد ماجد البحراني قال:
وكان هذا الشيخ فاضلا جليلا له شرح على الباب الحادي عشر غير تام،
قال بعض مشائخنا المعاصرين هو أحسن شروحه وذكره الشيخ سليمان
الماحوزي فقال: الشيخ العلامة المتكلم الفقيه الشيخ محمد بن علي
البحراني والد شيخنا الفقيه العلامة الشيخ أحمد الأصبغي البحراني وهو
شيخ مشائخنا قدس الله أرواحهم. له مصنفات مليحة منها شرح الباب
الحادي عشر لم يعمل مثله وله حواش مليحة على الفقيه.
الشيخ محمد بن علي بن هارون بن يحيى الصائم المظاهري الأسدي
الجزائري
توفي بعد قتل الشهيد الثاني بسنة
فاضل فقيه معاصر للشهيد الثاني قرأ على الشهيد الثاني وعلى تلامذته
السيد محمد بن علي بن محمد الشهير بابن ثعلبية وهي أمه ابن جبل
ابن ذبيان بن عصفور بن شداد ابن الأمير عيسى ابن الأمير شيحة
قال السيد ضامن بن شدقم الحسيني المذني في كتابه: كان سيدا
جليل القدر رفيع المنزلة عظيم الشأن حسن الأخلاق ذا مروءة وشهامة
وحشمة ووجاهة وقد ابتكر القرية المعروفة بالسوارقية بفتح السين المهملة
وضمها ثم واو بعدها راء مهملة ثم قاف وياء مثناة تحتية مشددة بعدها هاء
ويقال لها السويرقية مصغرة ثلاث مراحل عن المدينة حالة بين القبلة
والمشرق قرية غناء كبيرة ذات منبر عليه حصن بسفله نخيل وفواكه تسقى
بآبار عذبة ولكل بني سليم فيها شئ وقد وفق الله تعالى الاشراف العباسية
الحسينيين زادهم الله تعالى توفيقا لعمارتها فعمروها أحسن عمارة ففيها ما
يقارب أربعمائة بئر كلها تزرع حنطة وشعيرا ولم يعانوا بها غرس النخيل
والأشجار ولهم فيها حصن حصين لهم به منازل وكذا لمن أوى إليهم
وللمدينة من غلاتها امداد وكانت في عصرنا معمورة بأوائلهم فيما أظن
وحكي أنها كانت لفلان الزبيدي وكان بينه وبين محمد صداقة فقال له ذات
يوم بعني إياها قال إن أحضرت لي مد ذهب بعتك إياها فقال نعم ثم أمر
غلامه فاحضر المال فكال حتى تناثرت الدنانير من المد فقال الزبيدي لو
علمت بقدرتك على ذلك لما بعتك ثم أن محمدا اتخذها مسكنا وموطنا.
وخلف محمد أربعة بنين قناعا وحسنا توأمين ولادتهم والمؤلف سنة
٩٤٠ وعليا وحسينا.
الشيخ محمد علي الطريحي والد فخر الدين الطريحي والشيخ جمال
الدين
ابن طريح بن خفاجي بن فياض بن حسيمة بن خميس بن جمعة
المسلمي الأصل النجفي المسكن وصرح بنسبه كذلك في آخر مشيخة الفقيه
الذي كتبه لنفسه فرع منه آخر نهار الأحد ٢١ ربيع الآخر سنة ١٠٣٦ وفي
آخر الجزء الأول اجازة الشيخ فخر الدين لولده صنيع الدين تاريخها سنة
١٠٧٢ وفي آخر الجزء الثالث اجازة أخرى بخط فخر الدين لولده صفي
الدين تاريخها سنة ١٠٧٦ وخط المترجم وولده فخر الدين وحفيده صفي
الدين في مواضع عديدة ينافي ما في الأمل في ترجمة فخر الدين بن محمد علي
ن أحمد بن طريح ووصف المترجم حفيده حسام الدين بن جمال الدين بن
محمد علي المترجم في اجازته لتلميذه الشيخ محمد جواد بن كلب علي
الكاظمي بقوله: الشيخ الورع التقي الشيخ محمد علي الطريحي المسلمي
النجفي.
الشيخ محمد علي ابن الشيخ نجم الدين الملقب بابن منير
شاعر أديب امتدح السيد نصر الله الحائري بقصيدة فاجابه عنها بهذه
القصيدة:
أ هذي رياض قد سقاهن مغدق * فأصبح نشر المسك منهن يعبق
أم البرق من أفق الأحبة قد بدا * فكدت بغيث من دموعي أغرق
(١٩)

وكلا ولكن ذي رسالة ماجد * بطلعته بدر السعادة يشرق
عنيت ابن نجم الدين من نال رفعة * لها هامة الجوزاء والنجم تطرق
له خلق كالمسك قد ضاع نشره * ولكن لديه قط ما ضاع موثق
ويا حبذا روضات وصل زهت به * ونحن نسيمات المسرة ننشق
وأطيار انسي فوق أغصان صبوتي * تغرد إذ كف التهاني تصفق
متى يجمع الرحمن شملي بماجد * به فيلق الاقبال ما زال يحدق
فمن بعده قلبي على غصن لوعتي * ينوح كما ناح الحمام المطوق
ودمعي على الخدين جار كأنه * نوال ابن نجم الدين إذ يتدفق
فيا ابن منير إن عيشي مظلم * فقل لي متى شمع التواصل يعلق
عليك سلام الله ما هبت الصبا * فمال قضيب يانع الزهر مورق
آقا محمد علي ابن المولى إسماعيل البروجردي
توفي في عشر الستين بعد المائة وألف
ذكره السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري في ذيل
اجازته الكبيرة في آخر ترجمة أبيه فقال: كان عالما ذكيا شيخ الاسلام في
بروجرد ومدرسا في مدرستها توفي بعد أبيه بفاصلة قليلة.
الشيخ محمد علي بن أحمد بن كمال الدين حسين الاسترآبادي
ولد في رجب سنة ١٠١٥ وتوفي في رجب سنة ١٠٩٤ ذكره في جامع
الرواة فقال: شيخنا واستاذنا الامام العلامة المحقق المدقق الترحير جليل
القدر رفيع المنزلة عظيم الشأن ذكي الخاطر حديد الذهن ثقة ثبت عين
وحيد عصره فريد دهره أروع أهل زمانه وأتقاهم وأعبدهم.
الشيخ محمد علي نعمة بن يحيى بن عطوي بن يحيى بن حسين بن علي بن
عبد الله بن علي بن نعمة المشطوب. (١)
ولد في ٢٨ رمضان سنة ١٢٩٩ في جبع من جبل عامل وتوفي ليلة
الأربعاء ٢٨ ذي القعدة سنة ١٣٨١ في حبوش ودفن فيها.
نشأ يتيما في حجر والدته ولما نما تعلم القراءة والكتابة على بعض
شيوخ القرية جبع وحين شب قدم النبطية حيث درس في مدرسة السيد
حسن يوسف علوم اللغة والمنطق ثم رحل إلى النجف حوالي سنة ١٣٢١
فأقام فيها دارسا إحدى وعشرين سنة فكان من أساتذته الشيخ محمد حسين
كاشف الغطاء والميرزا بدر الدين والسيد كاظم اليزدي والشيخ كاظم
الخراساني والميرزا حسين النائيني والسيد أبو الحسن الأصفهاني والشيخ أحمد
كاشف الغطاء.
وحوالي سنة ١٣٤١ رجع إلى جبل عامل فسكن قرية حبوش بطلب
من أهلها حيث استمر فيها أربعين سنة قضاها في الهداية والارشاد وفض
الخصومات بعفة واستقامة وورع.
شعره
قال:
معاهد للهوى بدلن حكما * وما أبقت لذي الآراء وهما
ولما أن وقفت بها لأقفو * رسوم معاهد لم ألف رسما
وفيها قد أقمت مدى طويلا * أناشد رسمها نثرا ونظما
وقد نقضوا العهود وما رعوها * وقد جحدوا الولاء جورا وظلما
أرادوا بالتقاطع حرب صب * على طول الزمان أراد سلما
فها صرف الزمان علي اخنى * وسدد من سهام البغي سهما
وأخفيت الهوى جلدا ولكن * أرى حفظ الوداد علي حتما
فما برق تلألأ أو نسيم * من الشامات إلا زدت غما
وما أنسى معاهدهم وأني * أرى نسيانها والخلف لؤما
وقال في أهل البيت ع:
لم أدخر للحشر إلا أنني * واليت آل المصطفى خير البشر
أرجو النجاة بحبهم وولائهم * من حر نار وهي ترمي بالشرر
وقال في مدح أبي الأئمة أمير المؤمنين ع والأصل والتخميس له:
أبا حسن يا خير ماش وراكب * ويا ابن أبي شيخ الأباطح طالب
ويا من له بالفضل اسما المراتب * بشمس سما علياك ليل الغياهب
تجلى فضاء الكون من كل جانب
إذا ما الدهر أبدى عن نواجذ نابه * وخفت الردى يسقيك أكؤس صابه
فآوي إلى حامي الجوار وغابه * ألا فاعقل الآمال عند رحابه
ففي بابه الاسما محط الركائب
إذا رمت فوزا في الجنان فواله * وقف عنده يا سعد وقفة واله
فذاك علي لم تخب في سؤاله * فمن جاء يوما طالبا لنواله
وجدوى يديه نال أسنى الرغائب
له منزل فوق السماكين سؤددا * غداة علاء مجدا وفضلا ومحتدا
وما مثله في الناس بالجود والندى * فيا طالب المعروف والفضل والهدى
فذاك علي الطهر من آل غالب
عداك الردى والبؤس في حبه لد * فان ولا الكراك أعظم منقذ
وليس تصيب النار من حبه أغتذي * أخو أحمد المختار بل صهره الذي
به تدفع الجلي وسوء العواقب
هو العروة الوثقى هو الآية التي * تنال به أقصى المنى والمطالب
هو الأسد الكرار في حومة الوغى * له شهدت بيض السيوف القواضب
وقال مراسلا بعض أصدقائه:
ألا يا ريح إن جزت الخياما * فبلغها التحية والسلاما
وفي ربع الأحبة بث وجدي * إلى من في العلا ضرب الخياما
هو الفذ الأديب أبو المعالي * على هام السها قدما أقاما
أروم وصالكم يا آل ودي * فهل دهري يبلغني المراما
حفظت العهد مع طول التنائي * وهم نقضوا على القرب الذماما
حنين النيب يشجيني ولكن * حنيني في النوى يشجي الحماما
أما وولاك يا حسن السجايا * لغير الحب لم اثن الزماما
ولي نفس أبت إلا المعالي * وفوق المجد قد بنت المقاما
على أني بنيت لمجد قومي * أساسا في العلا حتى استقاما
وقوله من قصيدة:
أطلقت في سرح الغرام غناني * وأبنت عن سر الهوى ببياني
وطفقت أنشد عن معاهد آنسها * يوم النوى وأرود كل مكان

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح).
(٢٠)

حتى نزلت بحاجر فوجدته * ربع الهوى ومراتع الغزلان
فيه من الآرام كل مهفهف * ثمل يميل يعطفه الريان
ألحاظه فتاكة مثل الظبي * وخدوده تسقيك بنت ألحان
إن مر لم تحسبه إلا صورة * قد مثلت بمعابد الصلبان
وله أيضا:
أ أروم وصلا يا بثينة بعد ما * صرمت حبال الوصل يا أم مالك
لقد راقني منك الجمال عشية * ولكنه قد كان أقوى المهالك
لقد قمت في الدعوى إلى شرعة الهوى * فكان فؤادي مؤمنا بجمالك
ومذ أعلن التوحيد فيك رميته * بسهام لحظك لا سهام نبالك
وقوله من قصيدة:
أني شربت حميا الحب من قدم * من عالم الذر بل من عالم الأزل
هيهات أصحو وجام الحب اسكرني * سكرا غدوت به كالشارب الثمل
كيف السلو ونار الوجد مغرمة * ولاعج الشوق لا ينفك ذا علل
طال التنائي وقلبي مغرم دنف * يا جيرة الحي ليت البعيد لم يطل
تلك الربوع ربوع المجد من قدم * كانت بهم معقل العافين والأمل
تلك الربوع سقاها المزن قد دثرت * بعد البعاد عداها داثر الطلل
وله من قصيدة:
خطرت كغصن البانة الأسلود * ورنت فما لحظ الظباء الغيد
وبدت فما شمس الضحى كجبينها * هيفاء، تهزأ بالغصون الميد
غيداء ناعمة الجفون كأنها * سكرى تمايل من جنى العنقود
ألحاظها فتاكة فتانة * وخدودها شعل من التوريد
كم بت مطوي الضلوع على جوى * وسعير وجد بالحشا موقود
لا تنكري وجدي المبرح بالجفا * فدموع عيني في هواك شهودي
أنسيت أياما تقضت بالحمى * وربي الغوير وحاجر وزرود
أيام أنس بالمسرة والهنا * مرت وقد غفلت عيون حسودي
وأرسل إلى ولده الشيخ عبد الله وهو في النجف الأشرف:
بعد الأحبة أورى القلب نيرانا * ونظم الدمع من عيني عقيانا
إني ابل ظما قلبي بذكركم * حتى يعود فؤادي منه ريانا
وما بد لي من نحو الغري سنا * إلا وهيج أشواقا وأشجانا
فاجابه ولده بقوله:
إن كان أورى زناد الشوق ذكركم الأحباب * واستمطر الأجفان عقيانا
فان بعدكم لم يبق لي كبدا * ولا فؤادا ولا دمعا وأجفانا
السيد محمد ابن السيد علي العطار
وصفه جامع ديوان السيد نصر الله الحائري بصاحب الفضل الحلي
السيد محمد ابن السيد علي ووصفه في مكان آخر بالسيد الأمجد الأوحد
اه.
كان شاعرا أديبا وهو غير السيد محمد العطار المعاصر لصاحبي
المحصول ومفتاح الكرامة لبعد الطبقة كما لا يخفى. أرسل إلى السيد نصر
الله الحائري أبياتا فاجابه عنها السيد نصر الله بقوله
: أ زهر قد بدا غب الغمام * أم الدور النفيسة في النظام
أم النسمات إذ هبت سحيرا * بروض دبجته يد الغمام
أم العسل المصفى أم رضاب * به استغنيت عن صافي المدام
غلطنا بل مديح مستنير * به قد جاد لي نجل الكرام
محمد الزكي أخو المعالي * سليل علي العالي المقام
فلا زالت نجوم السعد تزهو * بحبك ما انجلى جنح الظلام
وأرسل إلى السيد نصر الله أبياتا فاجابه عنها بقوله:
العيش من بعد التكدر قد صفا * لما أتانا طرس نجل المصطفى
وغدت نجوم السعد في أفق إلهنا * تزهو ومقباس الجوى فيه انطفى
لو لم يكن دار السلام لما شفى * قلبا بوقد الوجد راح على شفا
كالمسك نشرا والنجوم تلألؤ * الماء لطفا والرياض تزخرفا
لا زال ناظم دره ما ذرت الشمس * المنيرة للموالي مسعفا
السيد ميرزا محمد علي الشهرستاني بن محمد حسين بن محمد علي ابن
محمد حسين بن محمد علي بن محمد إسماعيل
ولد سنة ١٢٨٠ وتوفي في كربلاء سنة ١٣٤٤
في كتاب الشجرة الطيبة في آثار العلماء المنتخبة أنه قال: ولدت ليلة
الاثنين ٣ رجب في كربلاء سنة ١٢٨٠ فلما بلغت أربع سنين قرأت القرآن
فختمته في أقل من ستة أشهر ثم شرعت في قراءة الكتب الفارسية والعربية
الأربع حتى فرغت منها وأنا دون اثنتي عشرة سنة ثم شرعت في قراءة
الكتب الأصولية والفقهية كالمعالم والقوانين والروضة والرياض وكنت في
خلال ذلك اقرأ على والدي في علوم الحكمة والكلام والهيئة والحساب ولما
بلغت ثماني عشرة سنة سافرت إلى النجف الأشرف فقرأت على الفاضل ملا
محمد الإيرواني والميرزا حبيب الله الرشتي وفي سنة ١٣٠٠ سافرت إلى
سامراء فحضرت درس الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي ثم رجعت بأمر
الوالد إلى كربلاء وصنفت في مدة تحصيلي عدة مصنفات ١ ذخائر الأحكام
في الفقه من الطهارة إلى آخر الزكاة ٢ التحفة الرضوية في الإمامة ٣
نتيجة الفكر في الولاية على البكر ٤ رسالة في مسالة الاعراض عن المال
٥ رسالة في اللباس المشكوك ٦ الدر الفريد في العزاء على السبط
الشهيد ٧ رسالة محاسبة النفس ٨ منتخب الدلائل في الفقه ٩ منتخب
الأصول في الأصول ١٠ كنز الفوائد على طريقة الكشكول ١١ رسالة
في قبلة البلدان ١٢ رسالة في الألغاز ١٣ نزهة الطلاب ١٤ التبيان في
تفسير غرائب القرآن ١٥ الجامع في شرح النافع ١٦ رسالة في الأرض
المفتوحة عنوة ١٧ الصحيفة النبوية ١٨ كشف الحجاب في شرح
خلاصة الحساب ١٩ شرح مفتاح الحساب ٢٠ التذكرة في شرح
التبصرة ٢١ سوانح سفر إيران ٢٢ حكم جوائز السلطان ٢٣ رسالة
في الشركة والمضاربة ٢٤ رسالة في حكم المساجد المبنية في الأرض الموقوفة
٢٥ رسالة في الحبوة وميراث الزوجة ٢٦ كنز الحساب ٢٧ الهداية في
الفقه ٢٨ هدية الزائرين ٢٩ هداية المسترشدين في فروع الدين ٣٠
وسيلة النجاة في الفروع أيضا وغير ذلك إلى تمام خمسين مؤلفا قال وكتبت
هذا سابع جمادى الثانية سنة ١٣٣٦.
الشيخ محمد بن علي بن محمود بن يوسف بن محمد بن إبراهيم العاملي
الشامي الشهير بالحشري.
في أمل الآمل: من المعاصرين كان فاضلا ماهرا محققا أديبا شاعرا
(٢١)

فائقا على أكثر معاصريه في العربية وغيرها له شعر جيد ومعان غريبة
اه ومن تلاميذه السيد علي خان صاحب السلافة وذكره المحبي في
خلاصته الأثر ووصفه بالأديب الشاعر البليغ الوحيد في مقاصده البعيد
الغاية في ميدانه وذكره تلميذه صاحب السلافة فقال البحر الغطمطم الزخار
والبدر المشرق في سماء المجد بسناء الفخار الهمام البعيد الهمة المجلوة بأنوار
علومه ظلم الجهل المدلهمة اللابس من مطارف الكمال اطرف حلة والحال
من منازل الجلال في أشرف حلة فضل تغلغل في شعاب العلم زلاله
وتسلسل حديث قديمه فطاب لراويه عذبه وسلساله ومحل رقى من أوج
الشرف ابعد مراقيه وحل من شخص المعالي بين جوانحه وتراقيه شاد
مدارس العلوم بعد دروسها وسقى بصيب فضله حدائق غروسها واما
الأدب فعليه مداره واليه ايراده وإصداره ما الدر النظيم الا ما انتظم من
جواهر كلامه وما السحر العظيم الا ما تنفث به سواحر أقلامه وأقسم اني لم
اسمع بعد شعر مهيار والرضي أحسن من شعره المشرق الوضي ان ذكرت
الرقة فهو سوق رقيقها أو الجزالة فهو سفح عقيقها أو الانسجام فهو غيثه
الصيب أو السهولة فهو نهجها الذي تنكبه أبو الطيب واما خبر ظهوره من
الشام وخروجه وتنقله في البلاد تنقل القمر في بروحه فإنه هاجر إلى الديار
العجمية فأقام بها برهة من الدهر محمود السيرة والسريرة في السر والجهر
عاكفا على بث العلم ونشره مؤرجا الارجاء بطيه ونشره ولما نقلت الألسن
سور أوصافه واجتلت الاسماع صور اتسامه بالفضل واتصافه استدعاه
أعظم وزراء مولانا السلطان في حضرته وأحله من كنفه في بهجة العيش
ونظرته ثم رغب الوالد في انحيازه إلى جنابه فاتصل به اتصال المحبوب بعد
اجتنابه فاقبل عليه اقبال الوامق الودود وأظله بسرادق جاهه الممدود فانتظم
في سلك ندمائه واطلع عطاردا في نجوم سمائه حتى قصد الحج فحج
وقضى من مناسك الحج وأقام بمكة سنتين ثم عاد فاستقبله ثانيا بالاسعاف
والاسعاد وكنت قد رأيته حال عوده ببندر المخا ثم رأيته بحضرة الوالد
وبينهما من المودة ما يربى على الأخا فامرني بالاشتغال عليه فقرأت عليه الفقه
والنحو والبيان والحساب وتخرجت عليه في النظم والنثر وفنون الآداب وما
زال يشنف آذاني بفرائده ويملأ أرداني بفوائده حتى حسدنا عليه الدهر
الحسود فقضى الله علينا بفراقه لأمور أوجبت نكس الأمل بعد إفراقه وهو
اليوم يتحلى بفضل تشد إليه الرحال ويتجلى بأدب يروي به الأمحال وينيف
برتبة يقصر عنها كل متطاول وترجع أيدي الناس دون منالها وأين الثريا من
يد المتناول ثم ذكر له شعرا كثيرا من جملته:
لا يتهمني العاذلون على البكا * كم عبرة موهتها ببناني
آليت لأفتق العذول مسامعي * يوما ولا خاط الكرى اجفاني
سلبت أساليب الصبابة من يدي * صبري وأغرت ناجذي ببناني
وقوله:
يا أخا البدر رونقا وسناء * وشقيق المهي وترب الغزالة
ساعد الحظ يوم بعتك روحي * لا وعينيك لست ابغي اقاله
وقوله:
يا خليلي دعاني والهوى * انني عبد الهوى لو تعلمان
وقصارى الخل وجد وبكا * فابكياني قبل ان لا تبكياني
وقوله:
أين من أودعوا هواهم بقلبي * وصلوا نارهم على كل هضب
كلما فوقوا إلى الركب سهما * طاش عن صاحبي وحل بجنبي
يشتكي ما اشتكيت من ألم البين * كلانا دامي الحشي والقلب
وقوله:
أرقت وصحبي بالفلاة هجود * وقد مد فرع للظلام وجيد
وأبعدت في المرمى فقال لي الهوى * رويدك يا شامي أين تريد
أ هذا ولما يبعد العهد بيننا * بلى كل شئ لا ينال بعيد
وقوله:
غادرتموني للخطوب دريئة * تغدو علي صروفها وتروح
ما حركت قلبي الرياح إليكم * الا كما يتحرك المذبوح
أبو مسلم محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن مهراديز النحوي
الأصفهاني.
توفي سنة ٤٥٩.
صاحب التفسير. ذكر السيوطي انه كان عارفا بالنحو غاليا في
الاعتزال وهو آخر من حدث عن ابن المقري اه وهو شيعي ورميه
بالاعتزال والغلو فيه من جهة موافقة المعتزلة للشيعة في بعض الأصول كما
وقع بالنسبة إلى جملة من علماء الشيعة نسبوهم إلى الاعتزال.
الشيخ محمد بن علي بن محمد الحرفوشي الحريري العاملي الكركي
الشامي.
توفي سنة ١٠٥٩.
نسبته
الحرفوشي نسبة إلى آل حرفوش امراء بعلبك ومر ذكر أصلهم في
ترجمة ولده إبراهيم والحريري نسبة إلى الحرير لأنه كان يصنع القماش
الغبانات المتخذة من الحرير كما في خلاصة الأثر والكركي نسبة إلى كرك
نوح.
أقوال العلماء في حقه
في أمل الآمل: كان عالما فاضلا أديبا ماهرا محققا مدققا شاعرا أديبا
منشئا حافظا اعرف أهل عصره بعلوم العربية له مؤلفات كثيرة الفوائد.
وقال صاحب السلافة في حقه: منار العلم السامي وملتزم كعبة الفضل
وركنها الشامي ومكشاة الفضل مصباحها المنير به مساؤها وصباحها خاتمة
أئمة العربية شرقا وغربا والمرهف من كمام الكلام شبا وغربا أماط عن
المشكلات نقابها وذلل صعابها وملك رقابها وألف بتواليفه شتات الفنون
وصنف بتصانيفه الدر المكنون.
وذكره المحبي في خلاصة الأثر فقال: اللغوي النحوي الأديب
البارع الشاعر المشهور كان في الفضل نخبة أهل جلدته وكان في الشعر
مكثرا محسنا في جميع مقاصده جمعت من شعره أشياء لطيفة.
أحواله
في أمل الآمل: قرأ على السيد نور الدين علي بن علي بن الحسين
الموسوي العاملي في مكة جملة من كتب الخاصة والعامة رأيته في بلادنا مدة
ثم سافر إلى أصفهان. وفي خلاصة الأثر: قرأ بدمشق وحصل وسما
(٢٢)

وحضر دروس العمادي المفتي وكان العمادي يجله ويشهد بفضله وطلبه
المولى يوسف بن أبي الفتح لإعادة درسه فحضره أياما ثم انقطع فسال
الفتحي عن سبب انقطاعه فقيل إنه لا يتنزل لحضور درسك فكان ذلك
الباعث على اخراجه من دمشق وسعى الفتحي عند الحكام على قتله بنسبة
الرفض إليه وتحقق هو الأمر فخرج من دمشق إلى حلب هاربا ثم دخل
إيران فعظمه سلطانها الشاة عباس وصيره رئيس العلماء في بلاده وكان وهو
بدمشق خامل الذكر وكان يصنع القماش الغبانات المتخذة من الحرير
ولذلك قيل له الحريري وكان كثير من الطلبة يقصدونه وهو في حانوته
يشتغل فيقرأون عليه ولا يشغله شاغل عن العلم اه.
وهذه حال علماء السوء يسعون في قتل من يترفع عن حضور دروسهم
ولا شك انه لم يكن درسا مفيدا والا لما ترفع عن حضوره.
وعن السيد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية انه أسند عنه
وحدث عنه بواسطة الحرفوشي المذكور قال في الروضات وذكر ابن الآقا في
كتاب المقامع انه له الرواية عن الشيخ محمد الحرفوشي بخمس وسائط وانه
يروي بتسع وسائط عن مولانا أمير المؤمنين ع قال وهذا من
غريب الاسناد ولا يداني هذه الرواية شئ في علو السند غير حديث قاضي
الجن الذي نقله السيد حسين ابن السيد حسين ابن السيد حيدر الكركي
العاملي باسناده عن المولى جلال الدواني عن وسائط ثلاث أخر ومر حديث
قاضي الجن في ترجمة ولده إبراهيم.
مؤلفاته
١ اللئالي السنية في شرح الأجرومية مجلدان ٢ نهج النجاة فيما
اختلف فيه النجاة لم يتم ٣ شرح الزبدة في الأصول ٤ شرح التهذيب
في النحو ٥ شرح الصمدية في النحو ٦ شرح القطر للفاكهي ٧ شرح
الكافيجي على قواعد الاعراب لابن هشام ٨ طرائف النظام ولطائف
الانسجام في محاسن الاشعار ٩ شرح قواعد الشهيد كذا في الأمل وفي
خلاصة الأثر حاشية على شرح القواعد للشهيد ١٠ رسالة الخال ١١
ديوان شعره ١٢ رسائل متعددة.
أشعاره
منها قوله في الشيخ محمد الجواد الكاظمي:
جرى في حلبة العلياء شوطا * بسعي ما عدا سنن السداد
ففاق السابقين إلى المعالي * وما هذا ببدع من جواد
وقوله:
خليلي عرجا على رامة * لا نظر سلعا وتلك الديارا
وعج بي على ربع من قد نأى * لا سكب فيه الدموع الغزارا
فهل ناشد لي بوادي العقيق * عن القلب اني عدمت القرارا
وقوله وكتب به إلى صديق له تمرض بالحمى:
انا مذ قيل لي بأنك تشكو * ضر حمى قد زاد بي التبريح
أنت روحي وكيف يبقى سليما * جسد لم تصح فيه الروح
وقوله:
حباني الوجد والحرقا * وأودع مقلتي الارقا
وروع بالجفا قلبا * بغير هواه ما علقا
ونا بصوارم خذم * تسمت بيننا حدقا
حمى أوراد وجنته * بأسود خاله ووقى
ولاح بواضح اضحى * له شمس الضحى شفقا
له حصر بالحاظ الري * ما زال منتطقا
وقوله:
تروم ولاة الجور نصرا على العدى * وهيهات يلقى النصر غير مصيب
وكيف يروم النصر من كان خلفه * سهام دعاء من قسي قلوب
وقوله:
يقولون في الغليون أفرطت رغبة * وليس بشئ تقتنيه وتختار
فقلت لهم ما ذاك الا لأنه * مضاهي لا تنفك في قلبه النار
وقوله:
يا ليتها إذ لم تجد بوصال * سمحت بوعد أو بطيف خيال
جنحت لما رقش الوشاة ونمقوا * من انني سال ولست بسالي
كيف السلو ولي فؤاد لم يزل * لجحيم نيران الصبابة صالي
ومدامع لولا زفيري لم يكد * ينجو الورى من سحها المتوالي
ونحول جسم واحتمال مكاره * وسهاد جفن وادكار ليالي
فالأم أظما في الهوى ومواردي * فيه سراب أو لموع الآل
ولم اختباري عن فؤادي كل من * القى وقلبي عند ذات الخال
هيفاء رنحها الدلال فأخجلت * هيف الغصون بفدها الميال
في خدها الورد الجني وثغرها * يحوي لذيذ الشهد والجريال
حجبت محياها الجميل ببرقع * كرقيق غيم فوق بدر كمال
ونضت من الأجفان بيض صوارم * ففرت بهن ولم تناد نزال
فلكم عزيز يختشى من بأسه * اضحى لديها في أشد وبال
وأخو الهوى يلقى المذلة غرة * ومذال أهل الحب غير مذال
لله ليلة أقبلت بدجنة * فرقا من الواشين والعذال
ووفت كما شاء الغرام وأنعمت * بالقرب بعد تبرهم ودلال
وحبت فؤادي بعد نار صدودها * برد الوصال ومنتهى الآمال
رثاؤه
في أمل الآمل: لما توفي رثيته بقصيدة طويلة منها:
أقم مأتما للمجد قد ذهب المجد * وحل بقلبي بعده الحزن والوجد
وبانت عن الدنيا المحاسن كلها * وحال بها لون الضحى فهو مسود
وقائلة ما الخطب راعك وقعة * وكادت له الشم الشوامخ تنهد
وما للبحار الزاخرات تلاطمت * وأمواجها أيد وساحلها خد
فقلت نعى الناعي إلينا محمدا * فذاب أسىء من نعيه الحجر الصلد
مضى فائق الأوصاف مكتمل العلى * ومن هو في طرق السرى العلم الفرد
الشيخ محمد بن علي بن حسن بن حسين بن محمود بن محمد آل مغنية
العاملي.
ولد في حدود ١١٧٨ وتوفي سنة ١٢٤٩ بقرية طير دبا.
(٢٣)

ذكره حفيد الشيخ محمد بن مهدي بن محمد المذكور في كتابه جواهر
الحكم ونفائس الكلم فقال: كان برا تقيا عابدا زاهدا صواما قواما يقوم من
الليل أكثره ومن النهار أوفره يأتيه أيام الجمعات جماعات من الناس للصلاة
خلفه ومع أنه كان نحيف البدن كان يقرأ في صلاة العشاء السور الطوال
ويقنت بالأدعية الطويلة كريما سخيا أرسله والده إلى العراق لطلب العلم
فأقام مدة قليلة ولم يوافقه هواء العراق فعاد إلى جبل عامل إلى وطنه قرية
طير دبا وكان على جانب عظيم في العبادة والورع قضى أيام حياته ولا
يعرف غير الجامع والمدرسة وكان لمواعظه تأثير عظيم فبمجرد خروج الكلام
من فمه ينطبع في قلوب السامعين ويحصل له التأثير وكان في القرية رجل
يسمى الحاج محمد زيدان كان من خواص الشيخ محمد فجرت منافرة بينهما
في طريق الحج ففارقه بعد النفر من منى وادعى ان ذلك بسبب ولده الشيخ
علي ثم ازدادت عداوته له حتى آل به الامر إلى أن رشا بعض الجند الأكراد
واسمه قرا مسلم بخمسمائة قرش وغرارة شعير لإهانة الشيخ فدخل
الكردي المسجد قاصدا ذلك فلما وقعت عينه على الشيخ أسرع إلى تقبيل
يده وذهب إلى الرجل واهانه وقال له أرسلتني لإهانة ولي من أولياء الله ثم
وشى به إلى حسين آغا المملوك حاكم تبنين وذلك أن رجلا يسمى السيد
جواد البغدادي كان قد التزم القرية من الحاكم فقال الحاج محمد زيدان وهو
مختار القرية للحاكم ان القرية لا تفي بالراتب وهذا بغدادي عند نهاية
السنة يهرب إلى بلاده فالأحسن ان تقدر البلد ليعلم الحال فأرسل كاتبا
ومقدرا فرشاهما فقدروها بالقليل فحبس البغدادي وصودرت أمواله ثم قال
للحاكم ان البغدادي له كفيل اسمه الشيخ محمد مغنية من أهل الثروة
فأرسل الحاكم في طلبه فعمد الحاج محمد زيدان إلى أحسن أبقاره ففزرها
وادعى ان الشيخ محمد واتباعه فعلوا بها ذلك فحضرت الخيل في طلبه
فهرب ماشيا إلى قناريت من عمل التفاح وعمره قد بلغ السبعين ومعه رجل
اسمه هزيمة فضلا عن الطريق ولاقيا مشاقا عظيمة وضاق الامر بعائلة
الشيخ محمد ولعبت الأيدي بحاصلاته فبقي مختفيا في قناريت نحو ستين
يوما فحضر الحاج محمد عسيران إلى شحور وأرسل إلى الحاج يحيى الزين
والحاج جابر بزي والحاج محمد شيث واجتمعوا في قلعة تبنين عند حسين
آغا المملوك وبينوا له واقعة الحال وان الشيخ محمد من العلماء الأتقياء العباد
الزهاد وان الواشي دعاه إلى ما فعل العداوة فتعجب الحاكم وقال إنه رجل
فلاح كفيل البغدادي فلما ظهر له الامر حرر كتابا تأمينا للشيخ فعاد إلى
وطنه وأرسل بطلب الواشي فاحضر مكتوفا ولما وصلت به الخيل إلى نصف
الطريق عند الغدير إذا بالحاكم ومعه خيل متوجه من مديريته وهو معزول
فامر باطلاق الواشي وصار في أسوأ حال وفي سنة ١٢٦٧ استفحل امره
فوشى ثانيا بموسى وعلي أولاد احمد مغنية فهرب موسى وحبس علي في تبنين
وحاكمها علي بك الأسعد ووزيره ابن عمه محمد بك، قال صاحب جواهر
الحكم فتوجهت إلى تبنين وعمري يومئذ أربع عشرة أو خمس عشرة سنة
فذكرت للأميرين حال الواشي فامرا باطلاق علي وأمان موسى وصار
الواشي في أسوأ حال وتعرفت جيدا بالأميرين وصار لي عندهما المكانة
والحظوة. وتخلف بولدين مهدي وعلي إما علي فلم يطلب العلم وتوفي بعد
أبيه بمدة قليلة عن ثلاثة أولاد محمد علي وجعفر وطالب ومات محمد علي في
شبابه ولم يعقب وطالب سكن قرية دير قانون وكان متفقها، وجعفر ذكرت
ترجمته في هذا الكتاب.
الشيخ أبو جعفر محمد بن أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه
القمي الملقب بالصدوق
من مشايخ الشيعة واعلامهم. ولد في قم وتوفي بالري سنة ٣٨١
بعد أن نيف على السبعين وهو مدفون بالقرب من مرقد عبد العظيم
الحسيني في ضواحي طهران، نشأ في قم وفي معاهدها درس وعلى شيوخها
تخرج ثم انتقل منها إلى الري وأقام فيها. وزار خلال ذلك مشهد الرضا
سنة ٣٥٢ ومر في نيسابور واستمع إلى علمائها كما زار مرو الروز.
وفي سنة ٣٥٢ نفسها انتقل إلى بغداد ثم زار الكوفة سنة ٣٥٤، ثم
حج إلى مكة، ثم جاء همذان كما زار مشهد الرضا ع مرتين
أخريين وذلك سنة ٣٦٧ وسنة ٣٦٨. ورحل إلى ما وراء النهر (١) وورد
سمرقند وفرغانة كما جاء بلخ وايلاق وفي كل هذه البلاد يستمع إلى الشيوخ
فيها. وفي ايلاق نفسها كانت فكرة تصنيفه كتابه من لا يحضره الفقيه
وذلك بطلب من محمد بن الحسن العلوي المعروف بنعمة الذي اقترح عليه
تضيف هذا الكتاب على نسق كتاب من لا يحضره الطبيب للرازي.
أقوال العلماء في حقه
قال الشيخ الطوسي في الفهرست: كان جليلا حافظا للأحاديث
بصيرا بالرجال ناقدا للاخبار لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه.
وقال النجاشي: شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان وكان ورد
بغداد سنة ٣٥٥ وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن.
وقال الخطيب البغدادي: نزل بغداد وحدث عن أبيه وكان من
شيوخ الشيعة ومشهوري الرافضة حدثنا عنه محمد بن طلحة النعالي.
مؤلفاته
أشهر مؤلفاته كتاب من لا يحضره الفقيه، ومؤلفاته هي:
١ دعائم الاسلام في معرفة الحلال والحرام ٢ كتاب التوحيد
مطبوع ٣ كتاب النبوة ٤ إثبات الوصية لعلي ع ٥ اثبات
خلافته ع ٦ إثبات النص عليه ٧ إثبات النص على الأئمة ع
٨ معرفة فضل النبي ص وأمير المؤمنين والحسن والحسين ع
٩ مدينة العلم ١٠ المقنع في الفقه مطبوع ١١ العرض على المجالس
١٢ علل الشرائع مطبوع ١٣ ثواب الأعمال مطبوع ١٤ عقاب
الأعمال مطبوع ١٥ الأوائل ١٦ الأواخر ١٧ المناهي ١٨ الفرق
١٩ خلق الإنسان ٢٠ الرسالة الأولى في الغيبة ٢١ الرسالة الثانية
٢٢ الرسالة الثالثة ٢٣ رسالة في أركان الاسلام ٢٤ المياه ٢٥
السؤال ٢٦ الوضوء والتيمم ٢٧ الأغسال ٢٨ الحيض والنفاس
٢٩ نوادر الوضوء ٣٠ فضائل الصلاة ٣١ فرائض الصلاة ٣٢
فضل المساجد ٣٣ مواقيت الصلاة ٣٤ الجمعة والجماعة ٣٥ السهو
٣٦ الصلاة سوى الخمس ٣٧ نوادر الصلاة ٣٨ الزكاة ٣٩ الخمس
٤٠ حق الحداد ٤١ الجزية ٤٢ فضل المعروف ٤٣ فضل الصدق
٤٤ فضل الصوم ٤٥ الفطر ٤٦ الاعتكاف ٤٧ جامع الحج ٤٨
جامع علل الحج ٤٩ جامع تفسير المنزل في الحج ٥٠ جامع حجيج

(١) أي نهر جيجون، وما وراء النهر اصطلاح استعمله العرب والمسلمون للبلاد التي تقع على
مشرقي هذا النهر ومن أشهرها: الصفد وأشروسة وفرغانة والشاش وبخاري وسمرقند
وغيرها. وما يقع غربي نهر جيحون هو خراسان وولاية خوارزم.
(٢٤)

الأنبياء ع ٥١ جامع حجيج الأئمة ع ٥٢
جامع فضل الكعبة والحرم ٥٣ جامع آداب المسافر للحج ٥٤ جامع
فرض الحج والعمرة ٥٥ جامع فقه الحج ٥٦ الموقف ٥٧ القربان
٥٨ المدينة وزيارة قبر النبي ص والأئمة ع ٥٩ جامع نوادر
الحج ٦٠ زيارة قبور الأئمة ع ٦١ النكاح ٦٢ الوصايا
٦٣ الوقف والصدقة والنحل والهبة ٦٤ السكنى والعمري ٦٥ الحدود
٦٦ الديات ٦٧ المعايش والمكاسب ٦٨ التجارات ٦٩ العتق
والتدبير والمكاتبة ٧٠ القضاء والأحكام ٧١ اللقاء والسلام ٧٢
صفات الشيعة ٧٣ اللعان ٧٤ الاستسقاء ٧٥ زيارة موسى ومحمد
ع ٧٦ جامع زيارات الرضا ع ٧٧ تحريم الفقاع
٧٨ المتعة ٧٩ الرجعة ٨٠ الشعر ٨١ معاني الأخبار مطبوع ٨٢
السلطان ٨٣ مصادقة الإخوان ٨٤ فضائل جعفر الطيار ٨٥ فضائل
العلوم ٨٦ الملاهي ٨٧ السنة ٨٨ عبد المطلب وعبد الله وأبي طالب
٨٩ زيد بن علي ٩٠ الفوائد ٩١ الإبانة ٩٢ الهداية ٩٣ الصيانة
٩٤ التاريخ ٩٥ علامات آخر الزمان ٩٦ فضل الحسن والحسين
ع ٩٧ رسالة في شهر رمضان ٩٨ جواب رسالة وردت في
شهر رمضان ٩٩ المصابيح: المصباح الأول في ذكر من روى عن النبي
ص من الرجال المصباح الثاني: في ذكر من روى عنه ص من النساء
المصباح الثالث: فيمن روى عن أمير المؤمنين ع المصباح
الرابع: فيمن روى عن فاطمة ع الخامس: فيمن روى عن أبي محمد الحسن المصباح
السادس: فيمن روى عن أبي عبد الله الحسين ع. المصباح السابع: فيمن روى عن علي بن الحسين ع
المصباح الثامن: فيمن روى عن أبي جعفر محمد بن علي ع المصباح التاسع:
فغيمن روى عن أبي عبد الله الصادق ع المصباح العاشر: فيمن روى
عن موسى بن جعفر ع المصباح ١١: فيمن روى عن أبي الحسن
الرضا ع المصباح ١٢: فيمن روى عن أبي جعفر الثاني ع
المصباح ١٣: فيمن روى عن أبي الحسن علي بن محمد المصباح ١٤
فيمن روى عن أبي محمد الحسن بن علي المصباح ١٥: في الرجال الذين
خرجت إليهم التوقيعات ١٠٠ كتاب المواعظ ١٠١ الرجال المختارين
من أصحاب النبي ص ١٠٢ زهد أمير المؤمنين ١٠٣ زهد الحسن ١٠٤ زهد الحسين
١٠٥ زهد أبي جعفر ١٠٦ زهد الصادق ١٠٧
زهد أبي إبراهيم ١٠٨ زهد الرضا ١٠٩ زهد أبي جعفر الثاني ١١٠
زهد أبي الحسن علي بن محمد ١١١ زهد أبي محمد الحسن بن علي ١١٢
أوصاف النبي ١١٣ دلائل الأئمة ومعجزاتهم ١١٤ الروضة ١١٥
نوادر الفضائل ١١٦ المحافل ١١٧ امتحان المجالس ١١٨ غريب
حديث النبي وأمير المؤمنين ١١٩ الخصال مطبوع ١٢٠ مختصر تفسير
القرآن جامع كبير ١٢١ اخبار سلمان وزهده وفضائله ١٢٢ أخبار أبي
ذر وفضائله ١٢٣ التقية ١٢٤ حذوا النعل بالنعل ١٢٥ نوادر الطب
١٢٦ جوابات المسائل الواردة عليه من واسط ١٢٧ الطرائف ١٢٨
جوابات المسائل الواردة عليه من قزوين ١٢٩ جوابات المسائل الواردة من
البصرة ١٣٠ جوابات المسائل الواردة من الكوفة ١٣١ جوابات
المسائل الواردة من المدائن في الطلاق ١٣٢ العلل ١٣٣ من لقيه من
أصحاب الحديث ١٣٤ المجلس الذي جرى له بين يدي ركن الدولة
١٣٥ المجلس الثاني ١٣٦ الذي جرى له بين يديه ١٣٧ المجلس
الثالث اللذي جرى له بين يديه ١٣٨ المجلس الرابع الذي جرى له بين
يديه ١٣٩ المجلس الخامس الذي جرى له بين يديه ١٤٠ الحذاء
والخف ١٤١ الخاتم ١٤٢ مسائل الصلاة ١٤٣ مسائل التركات
١٤٤ مسائل الخمس ١٤٥ مسائل الوصايا ١٤٦ مسائل المواريث
١٤٧ مسائل الوقف ١٤٨ مسائل النكاح ثلاثة عشر كتاب ١٤٩
مسائل الحج ١٥٠ مسائل العقبة ١٥١ مسائل الرضاع ١٥٢ مسائل
الطلاق ١٥٣ مسائل الديات ١٥٤ مسائل الحدود ١٥٥ إبطال الغلو
والتقصير ١٥٦ السر المكتوم إلى الوقت المعلوم ١٥٧ المختار ابن أبي
عبيدة ١٥٨ الناسخ والمنسوخ ١٥٩ مسالة نيسابور ١٦٠ رسالة إلى
أبي محمد الفارسي في شهر رمضان ١٦١ الرسالة الثانية إلى أهل بغداد في
معنى شهر رمضان ١٦٢ ابطال الاختيار وإثبات النص ١٦٣ المعروف
برجال البرقي ١٦٤ مولد أمير المؤمنين ١٦٥ مصباح المصلي ١٦٦
مولد فاطمة ١٦٧ الجمل ١٦٨ تفسير القرآن الجامع الكبير ١٦٩
اخبار عبد العظيم بن عبد الله الحسين ١٧٠ تفسير قصيدة في أهل البيت
ع ١٧١ من لا يحضره الفقيه مطبوع ١٧٢ عيون أخبار
الرضا مطبوع ١٧٣ حقوق الاخوان ١٧٤ معاني الأخبار مطبوع ١٧٥
اكمال الدين واتمام النعمة مطبوع ١٧٦ فضل الشيعة ١٧٧ الاعتقادات
مطبوع ١٧٨ فضائل رجب ١٧٩ فضائل شعبان ١٨٠ فضائل شهر
رمضان ١٨١ المجموع الرائق ١٨٢ جامع الأخبار مطبوع ونسبته إليه
غير معلومة ١٨٣ الهداية في الأصول والفقه مطبوع ١٨٤ المرشد ١٨٥
الفضائل ١٨٦ المواعظ والحكم.
الشيخ محمد علي الخراساني الطبسي الحيدرآبادي
له كتاب أنوار الأبصار في بيان مراتب النبي المختار والأئمة الأطهار
فرع منه سنة ١٣٠٢ فارسي مطبوع.
الآقا محمد علي ابن الآقا محمد باقر البهبهاني
ولد سنة ١١٤٤ وتوفي سنة ١٢١٦ في كرمانشاه.
هو ولد الوحيد البهبهاني المشهور أصلهم من أصفهان ثم بهبهان
وسكن والده كربلاء وولد هو بها وهو أفضل ولدي الوحيد البهبهاني قرأ على
أبيه مدة إقامته في بهيهان ثم بكربلا ثم انتقل إلى بلد الكاظمية ثم إلى
إيران.
في تكملة أمل الآمل: كان من جبال العلم وأركان الدين واعلام
علماء المذهب لم يكن في عصره أفضل منه ولا أطول باعا كان أعلم الناس
بأصول المذاهب الأربعة وفروعها فضلا عن علوم مذهب الإمامية.
خلف أربعة أولاد علماء أفاضل الآقا محمد جعفر والآقا احمد والآقا
محمد إسماعيل والد الآقا محمد صالح والآقا محمود وذكرت تراجم بعضهم
في محلها ولكل هؤلاء أولاد وذرية باقية فيهم الفضل والعلم إلى اليوم.
مؤلفاته
له من المؤلفات ١ رسالة في حلية الجمع بين فاطميتين كرسالة أبيه
ردا على المحدث البحراني ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦ خمس رسائل في مناسك
(٢٥)

الحج فارسية ٧ مقامع الفضل كبير جمع فيه مسائل عديدة فقهية كل منها
يليق أن يكون كتابا مستقلا كلها بالفارسية إلا قليلا منها ٨ حاشية على
المدارك ناقصة ٩ شرح المفاتيح ناقص ١٠ رسالة اثبات امامة الأئمة الاثني
عشر تعرض فيها للرد على الغزالي وابن حجر في منعهما عن ذكر أحاديث
مقتل الحسين ع ١١ رسالة قطع المقال في رد أهل الضلال رد بها
على الصوفية ١٢ معترك الأقوال في أحوال الرجال ١٣ مظهر المختار في
حكم النكاح مع الاعسار اختار فيها جواز فسخ النكاح مع حضور الزوج
وامتناعه من الإنفاق والطلاق ولو مع الإملاق ١٤ الظرائف ١٥ رسالة
فارسية في تاريخ الحرمين ١٦ خوان الاخوان أربع مجلدات إلى غير ذلك
الآقا محمد علي بن الآقا محمد باقر بن محمد باقر الهزارجريبي المازندراني
النجفي المولد القمشي الموطن والمدفن
ولد في النجف سنة ١١٨٨ وتوفي سنة ١٢٤٥ في قمشة من عمل
أصفهان ليلة السبت ١٨ ربيع الثاني ودفن بمشهد الشاة السيد علي أكبر من
أولاد الأئمة ع واوصى إلى الكرباسي صاحب الإشارات. اخذ في
النجف عن السيد مهدي بحر العلوم وعن الشيخ جعفر ثم رحل إلى قم
ولازم صاحب القوانين وكان له كالأب الرؤوف وهو الذي نوه باسمه في
إيران وأسكنه أصفهان فخرج إليها وأقام بها ثم أقام في قمشة من اعمال
أصفهان
وفي تتمة أمل الآمل: كان في النجف من أفضل علمائها وكان
متبحرا في كل العلوم معقولها ومنقولها وإن اشتهر بالفقيه. وأبوه وجده من
أجل العلماء ذكروا في محلهم وولده الشيخ محمد حسن عالم فقيه ذكر في محله
فهم سلسلة علم وفضل يروي المترجم اجازة عن صاحب القوانين تاريخها
١٠ شوال سنة ١٢٢٨ وملا احمد النيراقي تاريخها ٢٠ شوال سنة ١٢٢٧
وعن صاحب مفتاح الكرامة وأثنى عليه صاحب روضات الجنات وقال أنه
هاجر بعد وفاة أبيه إلى إيران وقرأ على صاحب القوانين وصار مقربا عنده
واجازه اجازة تفوق سائر اجازاته وأعطاه نسخة أصل القوانين ثم ارتحل إلى
أصفهان واشتغل بالتدريس حتى اشتهر بالفقيه المطلق وتزوج ابنة ميرزا
محمد اللاهيجي المعروف بميرزا باقر النواب شارح نهج البلاغة للسلطان
فتح علي شاة ومفسر القرآن الشريف
والمترجم كف بصره قبل وفاته بخمس عشرة سنة فاخرج تصانيفه إلى
البياض ولده الأكبر الشيخ محمد حسين وكتب رسالة في ترجمة والده واخوه
الشيخ محمد حسن ابن الآقا محمد علي المعروف بالنجفي كان قاطنا
بأصفهان
مؤلفاته
١ كتاب القضاء تقرير بحث أستاذه بحر العلوم ٢ مخزن الاسرار
الفقهية على شرح اللمعة الدمشقية بتمامها في ثلاث مجلدات جيدة قيل لم ير
أحسن منها في كتب الفقه لأصحابنا ٣ تكملة القواعد وهي تعليقات على
قواعد العلامة ٤ الكواكب الباهرة حاشية على قواعد الشهيد ٥ كنز
الكنوز حاشية على طهارة المدارك ٦ رمز الرموز حاشية على نكاج الشرائع
٧ اللآلئ في أصول الفقه ٨ مجمع العرائس حاشية على المعالم ٩
حلال الغوامض حاشية على القوانين ١٠ مفتاح الكنوز تعليقة على
الشوارق والتجريد ١١ البدر الباهر في تفسير آيات القصص وبعض
الأحاديث المشكلة ومسائل الهيئة ١٢ السراج المنير في الفوائد الرجالية
١٣ كتاب الصلاة فارسي كثير الفروع ١٤ حاشية على باب الهمزة من
مغني اللبيب ١٥ أنيس المشتغلين في المحاضرات ١٦ تبصرة المستبصرين
في اثبات الإمامة بالأدلة الحكمية ١٧ محيي الرفاة في شرح بعض القصائد
وحكاياتها ١٨ كتاب المجموع في المتفرقات من المسائل وغير ذلك.
المولى محمد علي ابن الحاج محمد حسن الخوانساري النجفي
توفي أواخر جمادي الثانية سنة ١٣٣٢
له الفوائد الجفرية وله خزانة كتب جليلة
المولى محمد علي بن محمد حسن الكاشاني
عبر عن نفسه بمحمد علي بن حسن الشهير بعلي الأراني الكاشاني
يروي بالإجازة عن ملا احمد النراقي سنة ١٢١٧
له مطلع الأنوار في عدة مجلدات في التاريخ فارسي وجد منه ثلاث
مجلدات وله الدرة البهية وشرحه الموسوم بالغرة الجلية في ثلاث مجلدات.
الميرزا محمد علي بن الميرزا محمد صادق ابن المولى امام قلي التبريزي
كان عالما فاضلا جليلا نابغة في الفقه والأصول تلمذ لدى السيد
محمد حسن الحسيني الشيرازي ومعاصره السيد حسين الكوه كمري وغيرهما
ويروي عنهما كان زميل الشيخ محمد حسن المامقاني في زيارة الرضا ع
فلما وصل إلى بلدة شاهرود أدركه الاجل وتوفي بها وله تاليف منها
كتاب وسيلة الغفران في اعمال شهر رمضان وقد طبع بتبريز وغيره. وجده
المولى امام قلي كان من أهل بلدة مرند وهاجر من مرند إلى تبريز وبها اعقب
وحفيده المترجم ولد بتبريز ويروي عنه جماعة منهم السيد شمس الدين
محمود النسابة المرعشي التبريزي
السيد الميرزا محمد علي بن السيد محمد بن السيد عبد الحميد بن السيد
محمد بن السيد محمد شريف بن السيد هداية الله بن النواب السيد علي بن
السيد حسين سلطان العلماء وخليفة سلطان الحسيني المرعشي صاحب
حواشي اللمعة والمعالم
توفي ببلدة قمشة وقبره في صحن الشاة رضا وهو مزار منسوب إلى
أحد أولاد الأئمة ع واقع في خارج قمشة وقبره مزور لأهل تلك
الديار
قال السيد شهاب الدين النجفي الحسيني فيما كتبه إلينا:
كان فقيها جليلا زاهدا عابدا منعزلا عن الناس مشتغلا بنفسه ذكره
المولى عبد الكريم الجزي في كتاب تذكرة القبور وأثنى عليه
المولى محمد علي بن محمد حسين بن محمد سعيد ابن المولى محمد صالح
الخلخالي
له عيون الاسرار المكنونة في بيان الوحي والالهام والكشف والنبوة
والولاية كتبه بأمر الميرزا محمد علي خان حاكم لاهيجان وفرع منه سنة ١٢٦٢
(٢٦)

المولى محمد بن علي أشرف الطالقاني
توفي سنة ١٣٢٩ بالنجف
له الفيض العام والنعيم التام في فوائد زيارة بيت الله الحرام وأداء
حجة الاسلام رتبه على مقدمة وخمسة مجالس في التوحيد والنبوة في مجلد
سماه حياة الإنسان والإمامة والمعاد وتهذيب الأخلاق في مجلد سماه شرف
الأبد وله فوائد المشاهد
السيد محمد بن علي بن محمود الموسوي النوري المازندراني
توفي في طهران سنة ١٣٢٥
له رسالة في التعادل والترجيح
لشيخ محمد علي بن محمد البلاغي النجفي
توفي في كربلاء سنة ١٠٠٠ ودفن في المشهد المقدس الحسيني كما عن
تنقيح المقال لسبطه الشيخ حسن بن عباس البلاغي وفي بعض القيود وصفه
بالعاملي ولا نراه صحيحا فان رحلة بعض البلاغيين إلى جبل عامل حادثة
واصلهم النجف والمترجم من وجوه علمائنا المتأخرين وفضلائنا المجتهدين
ثقة عين صحيح نقي الكلام جيد التصنيف له تلامذة فضلاء أجلاء علماء
وكتب حسنة جيدة منها ١ شرح أصول الكافي للكليني ٢ شرح ارشاد
العلامة ٣ حواشي التهذيب ٤ حواشي الفقيه ٥ حواشي أصول
المعالم. وكان هذا الشيخ من تلامذة الأردبيلي.
المفتي السيد محمد علي قلي بن السيد محمد حسين بن حامد حسين بن زين
العابدين الموسوي النيشابوري الكنتوري الهندي
توفي ٤ محرم سنة ١٢٦٠ وأرخه المفتي السيد محمد عباس التستري
بقوله:
لموته هو اقبال يوم عاشوراء
كان متكلما بارعا في علم المعقول حسن المناظرة جيد التحرير واسع
التتبع تلمذ على السيد دلدار علي واشتغل في الرد على المخالفين فقام به
أحسن قيام له من المصنفات:
١ تطهير المؤمنين ٢ تكميل الميزان في علم الصرف ٣ أبنية
الافعال في علم الصرف ٤ السيف الناصري في الرد على الباب الأول من
التحفة ٥ الأجوبة الفاخرة في رد ما كتبه الفاضل الرشيد الدهلوي جوابا
عن السيف الناصري ٦ تقليب المكائد في رد الباب الثاني من التحفة ٧
برهان السعادة في رد السابع منها في الإمامة ٨ تشييد المطاعن لكشف
الضغائن في الرد على الباب العاشر منها ٩ مصارع الافهام لقطع الأوهام
رد الباب الحادي عشر منها ١٠ الفتوحات الحيدرية في الرد على الصراط
المستقيم للشيخ عبد الحي ١١ الشعلة الطفرية ١٢ حكم أحاديث
الصحيحين ١٣ احكام العدالة العلوية ١٤ تقريب الافهام في تفسير
آيات الاحكام ١٥ رسالة في التقية فارسية ١٦ رسالة في الكبائر فارسية
وهو والد المير السيد حامد حسين الشهير وأخويه
محمد علي الشهير بالمؤذن
له تحفة عباسي في التصوف ألفه للشاه عباس الثاني الصفوي سنة ١٠٧٧
الشيخ محمد علي بن مقصود علي المازندراني أصلا الكاظمي موطنا
توفي سنة ١٢٦٦ بالكاظمية ودفن في الرواق الشريف الكاظمي. من
أجلة فقهاء عصره واعلام علماء زمانه أحد شيوخ الشيعة وكان الرئيس
المطاع في الكاظمية ومعاصرا لصاحب الجواهر وتلميذ شريف العلماء في
أصول الفقه.
له كشف الابهام عن وجه مسائل شرائع الاسلام وشرح مزجي
للشرائع كبير في عشرين مجلدا فرع من بعض اجزائه في جمادي الأولى سنة ١٢٥٧
وله كتاب في أصول الفقه في مجلدين
أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين
وجدنا مجموعة في مكتبة الشيخ فضل الله النوري في طهران رسالة في
أربعة فصول تاليف أبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسين، قال: هذه
رسالة عملتها في التنبيه على بعض الاسرار المودعة في بعض سور القرآن
تنبيها على أن أكثر المفسرين كانوا محرومين عن الفوز بالمقصد القويم الخ.
الشريف أبو الحسن محمد بن عمر الراوندي الحسيني
كان معاصرا للشاعرين الخالديين وفي كشكول البحراني عن التذكرة
وكان المراد بها تذكرة الشعراء لابن المعتز أن الخالديين كانا قد مدحا بعض
العلويين وهو المترجم فأبطأ عليهما بالجائزة وأراد الخروج إلى بعض
الجهات فدخلا عليه وانشداه:
قل للشريف المستجار * به إذا عدم المطر
وابن الأئمة من قريش * و الميامين الغرر
أقسمت بالريحان والنغم * المضاعف والوتر
لئن الشريف مضى ولم * ينعم لعبديه النظر
لنشاركن بني أمية * في الضلال المشتهر
ونرى معاوية إماما * من يخالفه كفر
ونقول أن يزيد ما * قتل الحسين ولا أمر
ونعد طلحة والزبير * من الميامين الغرر
ويكون في عنق الشريف * دخول عبديه سقر
ومنهما اخذ ابن منير في قصيدته التترية وزاد عليها وابدع كما مر في
ترجمته
أبو عمر محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي
له كتاب معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين ويقال أنه كان حاويا
(٢٧)

لجميع الرجال من الشيعة وغيرهم واختصره الشيخ الطوسي وسماه اختيار
رجال الكشي وهو الموجود بأيدي الناس واما رجال الكشي الأصلي فغير
موجود والاختيار هو المطبوع وهو غير مرتب وعمل في ترتيبه جماعة منهم
السيد يوسف بن محمد بن زين العابدين العاملي فرتبه على ترتيب رجال
الشيخ ومنهم المولى عناية الله بن شرف الدين فرتبه على حروف المعجم
ومنهم الشيخ داود بن حسن الجزائري
محمد بن عمر بن عبد الله بن عمر بن مصعب بن الزبير بن العوام الزبيري
متكلم حاذق من أصحابنا له الصورة في الإمامة
أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن سالم بن يسار
التميمي الكوفي البغدادي المعروف بابن الجعابي قاضي الموصل
ولد في صفر سنة ٢٨٤ وقيل سنة ٢٨٥ وقيل سنة ٢٨٦ وتوفي ببغداد
سنة ٣٥٥ وصلي عليه في جامع المنصور وحمل إلى مقابر قريش فدفن بها.
في تاريخ بغداد للخطيب: بال الأزهري كانت سكينة نائحة الرافضة تنوح
على جنازته
الخلاف في اسم جديه
في الخلاصة ابن سلم بغير ميم قبل السين ابن البراء بن سبرة بن
سيار بالراء. وعن الشهيد الثاني قال ابن داود أنه ابن سالم بن سبرة بن
سالم بن يسار قال: وبعض أصحابنا يعني العلامة توهمه سلما حيث رآه
بغير الألف حتى أوقعه هذا الوهم في أن قال سلم بغير ميم قبل السين كأنه
احترز أن يتوهم مسلما بالميم وأثبت جده وانما هو يسار بتقديم الياء المثناة
تحت اه وفي نضد الايضاح: كان العلامة لما رأى في كتاب النجاشي
سالما مكتوبا بغير ألف كما قد يكتب على رسم الخط زعمه سلما فاحتاط
واحترز من أن يتوهم متوهم فيجعله مسلما بالميم فقال ذلك ومنهم من أثبته
ابن سلام بتقديم اللام على الألف اه وفي التعليقة في أمالي الصدوق
محمد بن عمر بن محمد بن سلمة البراء الحافظ. وفي الخصال ابن سالم
البراء ومضى عمر بن محمد سليم بالياء ومر في ثابت بن دينار مسلم بالميم
وبالجملة تختلف النسخ في ذلك اه أقول: في الفهرست وكتاب
النجاشي وأنساب السمعاني وتاريخ بغداد للخطيب ابن سالم بالألف وفي
تذكرة الحفاظ بن سلم وعن رجال الشيخ في موضع ابن سلم وفي موضع
ابن مسلم والظاهر أنه سالم وغيره تصحيف أو أن الألف حذفت في الرسم
كما في إسحاق والحارث وهارون وغير ذلك. وفي اسناب السمعاني وموضع
من رجال الشيخ يسار بالياء قبل السين وفي رجال النجاشي وتاريخ بغداد
سيار كما في الخلاصة فتوهم العلامة في ذلك غير ثابت. وفي رجال
النجاشي وعن الأمالي والخصال سالم البراء بدون لفظ ابن والظاهر أنه سقط
من قلم النساخ
نسبته
الجعابي بالجيم المكسورة والعين المهملة والألف والباء الموحدة وياء
النسبة كأنه نسبة إلى عمل الجعاب أو بيعها. في انساب السمعاني اشتهر
بهذه النسبة أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن
يسار التميمي المعروف بابن الجعابي قاضي الموصل
أقوال علماء الشيعة فيه
ذكره الشيخ الطوسي في كتاب الرجال فيمن لم يرو عنهم ع
وقال في موضع مرة أخبرنا عنه محمد بن محمد بن النعمان وفي موضع
آخر الحافظ بغدادي روى عنه التلعكبري وأخبرنا محمد بن محمد بن النعمان
عنه وقال في الفهرست: محمد بن عمر بن سالم الجعابي يكنى أبا بكر أحد
الحفاظ والناقدين للحديث. وقال النجاشي: محمد بن عمر بن محمد بن
سالم بن البراء بن سبرة بن سيار التميمي أبو بكر المعروف بالجعابي الحافظ
القاضي كان من حفاظ الحديث واجلاء أهل العلم. وفي الخلاصة:
الحافظ الكوفي القاضي كان من حفاظ الحديث واجلاء أهل العلم الناقدين
للحديث فجمع بين عبارتي النجاشي والشيخ وروى عنه الصدوق مترجما
وفي نضد الايضاح: بغدادي كان من حفاظ الحديث الناقدين له العالمين به
اه
أقول لا ينبغي التوقف في حسن حاله وجلالته مع وصفه بما
سمعت وكونه من مشائخ المفيد والتلعكبري وابن عبدون وكونه من تلامذة
الحافظ ابن عقدة كما ستعرف وترحم عليه الصدوق كما عرفت وسيأتي قدح
علماء أهل السنة فيه وأن ذلك انما هو للتشيع
أقول علماء أهل السنة في حقه
ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ فقال: الحافظ البارع فريد زمانه
قاضي الموصل أبو بكر محمد بن عمر بن سلم التميمي البغدادي ابن
الجعابي تخرج بأبي العباس بن عقدة وصنف الأبواب والشيوخ والتاريخ قدم
أصبهان وسمعوا منه قال أبو علي النيسابوري ما رأيت في أصحابنا احفظ
من ابن الجعابي قلت له يوما أبا بكر أيش أسند الثوري عن منصور وذكر ما
يأتي عن الخطيب إلى قوله فحيرني حفظه ثم قال أحمد بن عبدان الحافظ وقع
إلي جزء من حديث ابن الجعابي فحفظت منه خمسة أحاديث فأجابني فيها ثم
قال لي من أين لك هذا قلت من جزئك قال إن شئت الق علي المتن
وأجيبك في اسناده أو الق علي الاسناد وأجيبك في متنه وذكره الذهبي أيضا
في ميزان الاعتدال فقال محمد بن عمر أبو بكر الجعابي الحافظ من أئمة هذا
الشأن ببغداد على رأس الخمسين وثلثمائة الا انه فاسق رقيق الدين ولي
القضاء بالموصل وكان أحد الحفاظ المجودين تخرج بابن عقدة وله مصنفات
كثيرة وله غرائب وهو شيعي. وقال الدارقطني شيعي وذكر أنه خلط
وقال السمعاني في الأنساب كان أحد الحفاظ المجودين المشهورين بالحفظ
والذكاء والفهم صحب أبا العباس بن عقدة الكوفي الحافظ وعنه اخذ الحفظ
وكان كثير الغرائب ومذهبه في التشيع معروف وهو غال في ذلك رحلته كثيرة
قال أبو علي التنوخي ما شهدنا احفظ من أبي بكر الجعابي وسمعت من يقول
أنه يحفظ مائتي ألف حديث ويجيب في مثلها الا أنه كان يفضل الحفاظ وذكر
ما يأتي عن الخطيب إلى قوله من يتقدمه فيه في الدنيا ثم قال وقال عمر ابن
القاسم بن جعفر الهاشمي سمعت الجعابي يقول احفظ أربعمائة ألف
حديث وأذاكر بستمائة ألف حديث اه وذكر الخطيب في تاريخ بغداد
وهو أقدم من السمعاني وابن حجر وعنه اخذا أكثر ما ذكراه فيه قال:
محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن سيار أبو بكر التميمي
قاضي الموصل يعرف بابن الجعابي كان أحد الحفاظ المجودين صحب أبا
العباس بن عقدة وعنه اخذ الحفظ وكان كثيرة الغرائب ومذهبه في التشيع
معروف وكان يسكن بعض سكك باب البصرة ثم روى مسندا عن أبي علي
الحافظ وما رأيت في المشائخ احفظ من عبدان ولا رأيت احفظ لحديث أهل
(٢٨)

الكوفة من أبي العباس بن عقدة ولا رأيت في أصحابنا اي البغداديين
احفظ من أبي بكر ابن الجعابي وذاك اني حسبته من البغداديين الذين
يحفظون شيخا واحدا أو ترجمة واحدة أو بابا واحدا فقال لي أبو إسحاق بن
حمزة يوما يا أبا علي لا تغلط في أبي بكر ابن الجعابي فإنه يحفظ حديثا كثيرا
فخرجنا يوما من عند أبي محمد بن صاعد وهو يسايرني وقد توجهنا إلى طريق
بعيد فقلنا له يا أبا بكر أيش أسند الثوري عن منصور فمر في الترجمة فقلت
له أيش عند أيوب السختياني عن الحسن فمر فيه فما زلت اجره من حديث
مصر إلى الشام إلى العراق إلى أفراد الخراسانيين وهو يجيب فقلت له أيش
روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد بالشركة فاخذ يسرد
هذه الترجمة حتى ذكر بضعة عشر حديثا فحيرني حفظه
قال محمد بن عبد الله فسمعت أبا بكر ابن الجعابي عند منصرفه من
حلب وانا ببغداد يذكر فضل أبي علي وحفظه فحكيت له هذه الحكاية فقال
يقول هذا القول وهو أستاذي على الحقيقة وروى الخطيب عن أبي علي أيضا
وروى عنه أيضا ما رأيت من أصحابنا احرص على العلم منه ثم ذكر ما
حاصله أنه ذاكره بأحاديث لعبد الله بن محمد الدينوري فغاب أياما وعاد
فسئل فقال لم أصبر عنها فخرجت إلى الدينور فسمعتها وانصرفت ثم قال
أبو علي الذي كان انتخبه ابن الجعابي لنفسه على الدينوري كان أحسن من
الذي اخذه مني وأن أبا علي قال لابن الجعابي لو دخلت خراسان بعد أن
دخلت الدينور فقال لقد هممت بهذا فقلت اذهب إلى العجم فلا يفهمون
عني ولا افهم عنهم فهذا الذي ردني ثم حكي عنه مسندا أنه قال دخلت
الرقة فكان لي ثم قمطرين كتبا فأنفذت غلامي إلى الذي عنده كتبي فرجع
الغلام مغموما فقال ضاعت الكتب فقلت يا بني لا تغتم فان فيها مائتي ألف
حديث لا يشكل علي منها حديث لا اسنادا ولا متنا. حدثنا علي بن أبي علي
المعدل عن أبيه قال ما شاهدنا احفظ من أبي بكر بن الجعابي وسمعت من
يقول أنه يحفظ مائتي ألف حديث ويجيب في مثلها الا أنه كان يفضل الحافظ
فإنه كان يسوق المتون بألفاظها وأكثر الحفاظ يتسامحون في ذلك وأن أثبتوا
المتن وإلا ذكروا لفظة منه أو طرفا وقالوا وذكر الحديث وكان يزيد عليهم
بحفظه المقطوع والمرسل والحكايات والاخبار ولعله كان يحفظ من هذا قريبا
مما يحفظ من الحديث المسند الذي يتفاخر الحفاظ بحفظه وكان إماما في
المعرفة بعلل الحديث وثقات الرجال من معتليهم وضعفائهم وأسمائهم
وانسابهم وكناهم ومواليدهم وأوقات وفاتهم ومذاهبهم وما يطعن به على كل
واحد وما يوصف به من السداد وكان في آخر عمره قد انتهى هذا العلم إليه
حتى لم يبق في زمانه من يتقدمه فيه في الدنيا حدثني رفيقي علي بن عبد
الغالب الضراب قال سمعت أبا الحسن بن رزقويه يقول كان ابن الجعابي
يملي مجلسه فتمتلئ السكة التي يملي فيها والطريق ويحضره ابن مظفر
والدارقطني ولم يكن الجعابي يملي الأحاديث كلها بطرقها إلا من حفظه.
حدثني الحسن بن محمد الأشقر البخلي قال سمعت القاضي أبا عمرو
القاسم بن جعفر الهاشمي غير مرة يقول سمعت الجعابي يقول احفظ
أربعمائة ألف حديث وأذاكر بستمائة ألف حديث ثم روى عن بعض
أصحاب الحديث أنه قال وعد ابن الجعابي أصحاب الحديث يوما يملي فيه
فتعمد ابن المظفر الإملاء في ذلك اليوم والزمني الحضور عنده ففعلت ثم
انصرفت من المجلس فلقيني ابن الجعابي وقال لي ذهبت إلى ابن المظفر
وتنكبت الطريق التي تؤديك إلى الاستحياء مني فقلت قد كان ذاك فقال كم
عدد الأحاديث التي املاها فقلت كذا فقال أيما أحب إليك تذكر اسناد كل
حديث وأذكر لك متنه أو تذكر لي متنه وأذكر لك اسناده فقلت بل أذكر
المتون فجعلت أقول له روى حديثا متنه كذا فيقول هو عنده عن فلان عن
فلان وأقول املى حديثا متنه كذا فيقول حدثكم به عن فلان عن فلان حتى
ذكرت له متون جميع الأحاديث وأخبرني بأسانيدها كلها فلم يخطئ في
شئ منها
قدح علماء أهل السنة فيه
في تاريخ بغداد للخطيب: سمعت القاضي أبا القاسم التنوخي
يقول: تقلد ابن الجعابي قضاء الموصل فلم يحمد في ولايته ثم حكى عن
إبراهيم بن إسماعيل المصري أنه قال كنا بأرجان مع الأستاذ الرئيس أبي
الفضل بن العميد في مجلس شرابه ومعنا أبو بكر ابن الجعابي الحافظ
البغدادي يشرب فاتي بكأس بعد ما ثمل قليلا فقال لا أطيق شربه فقال
الأستاذ الرئيس ولم ذلك فقال لما أقوله:
يا خليلي جنباني الرحيقا * انني لست للرحيق مطيقا
فقال الأستاذ ولم وهي تجلب الفرح وتنفي الترح فقال:
غير اني وجدت للكأس نارا * تلهب الجسم والمزاج الرقيقا
فإذا ما جمعتها ومزاجي * حرقته بنارها تحريقا
سألت أبا بكر البرقاني عن ابن الجعابي فقال حدثنا عنه الدارقطني
وكان صاحب غرائب ومذهبه معروف في التشيع قلت قد طعن عليه في
حديثه وسماعه فقال ما سمعت فيه الا خيرا سال أبو عبد الرحمن السلمي
أبا الحسن الدارقطني عن ابن الجعابي هل تكلم فيه الا بسبب المذهب فقال
خلط، وعن أبي الحسن قال لي ثقة من أصحابنا ممن كان يعاشره أنه كان
نائما فكتبت على رجله كتابة فكنت أراه إلى ثمانية أيام لم يمسه الماء أقول
في تذكرة الحفاظ ثلاثة أيام. وفي تذكرة الحفاظ أيضا:
قال الحاكم للدارقطني يبلغني عن ابن الجعابي أنه تغير عما عهدنا قال
وأي تغير قلت بالله هل اتهمته قال اي والله ثم ذكر أشياء قلت وصح لك
أنه خلط الحديث وقال اي والله قلت حتى خفت أنه ترك المذهب قال ترك
الصلاة والدين قال المسبحي صحب قوما من المتكلمين فسقط عند أهل
الحديث. وصل إلى مصر ودخل إلى الاخشيد ثم مضى إلى دمشق فوقفوا
على مذهبه فشردوه فخرج هاربا ومر قوله في ميزان الاعتدال أنه فاسق رقيق
الدين وله غرائب قال الخطيب أنشدني أبو القاسم عبد الواحد بن علي
الأسدي لأبي الحسن محمد بن عبد الله بن سكرة الهاشمي في ابن الجعابي:
ابن الجعابي ذو سجايا * محمودة منه مستطابه
رأى الريا والنفاق حظا * في ذي العصابة وذي العصابة
يعطي الامامي ما اشتهاه * ويثبت الامر في القرابه
حتى إذا غاب عنه انحى * يثبت الامر في الصحابة
وإن خلا الشيخ بالنصارى * رايب سمعان أو مرابه
قد فطن الشيخ للمعاني * فالغر من لامه وعابه
قال المؤلف: الرجل من الجلالة بمكان وذم القوم له مع اعتراف
الفريقين بسعة حفظه وكونه من أهل العلم ونقدة الحديث ورواية أجلاء
الفريقين عنه واعتراف الطاعن فيه بأنه لم ير في عصره احفظ منه وأنه امام
العلل والثقات والضعاف ليس الا لتشيعه لا سيما مع قول البرقاني ما
(٢٩)

سمعت فيه الا خيرا وذلك هو السبب في هجاء ابن سكرة له الذي يرجع
إلى اتقائه من خصومه فعد ذلك رياء ونفاقا مع ما هو المعلوم من حال ابن
سكرة وتعصبه على العلويين واتباعهم وقصيدته في ذلك التي ردها أبو فراس
الحمداني بالقصيدة الميمية معروفة كتشريد أهل دمشق إياه وكذلك نسبة
التخليط والتغير وترك المذهب والدين والصلاة إليه هو من هذا القبيل وقول
البرقاني أنه لم يسمع فيه الا خيرا ينفي عنه التخليط إما الكتابة على رجله
ورؤيتها بعد ثلاثة أيام أو ثمانية إن صحت فالظاهر أنه يمسح على رجليه
ولا يغسلهما يرى ذلك فظنوا تركه للصلاة والظاهر أن نسبة ترك الصلاة إليه
مستند إلى هذا وأشباهه إما نسبة الشرب إليه في مجلس ابن العميد فيتطرق
الشك إليها مما ذكرناه من معاداة القوم له بعد ظهور تشيعه وتعصبهم عليه
وكيف يقبل قول من روى ذلك فيه وهو يخبر عن نفسه أنه كان مع ابن
العميد في مجلس شرابه وهل كان حضر ذلك المجلس للذكر والعبادة فهو
يخبر عن نفسه بالفسق والله تعالى يقول إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا مع
أن شعره الذي أنشده وجواب ابن العميد له يدل على أنه لم يشرب وأنه
اعتذر عن عدم الشرب والله تعالى ولي أمور عباده.
من روى عنهم ابن الجعابي
في تاريخ بغداد للخطيب: حدث عن عبد الله بن محمد بن البختري
الحنائي (١) ومحمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي ومحمد بن يحيى المروزي
ويوسف بن يعقوب القاضي وأبي خليفة الفضل بن الحباب ومحمد بن جعفر
القتات ومحمد بن إبراهيم بن زياد الرازي ومحمد بن إسماعيل العطار
وجعفر الغريابي وإبراهيم بن علي المعمري والهيثم بن خلف الدوري
ومحمد بن سهل العطار ومحمود بن محمد الواسطي وعبد الله بن محمد بن
وهب الدينوري وأحمد بن الحسن الصوفي وخلق كثير من أمثالهم. وفي
تذكرة الحفاظ ذكر فيمن سمعهم يحيى بن محمد الحنائي وعبد الله بن محمد
البلخي ومحمد بن حبان. وفي ميزان الاعتدال حدث عن أبي حنيفة
ومحمد بن الحسن وابن سماعة وأبي يوسف القاضي.
من رووا عن ابن الجعابي
في تاريخ بغداد: روى عنه الدارقطني وابن شاهين وحدثنا عنه أبو
الحسن ابن رزقويه وابن الفضل القطان وعلي بن أحمد بن عمر المقري
وعلي بن أحمد الرزاز ومحمد بن طلحة الثعالبي وأبو نعيم الحافظ وأبو
سعيد بن حسنويه الأصفهاني وغيرهم وعد في تذكرة الحفاظ في جملة من
روى عنه أبا عبد الله الحاكم والقاضي أبا عمرو الهاشمي وقال في أبي نعيم
الحافظ وهو خاتمة أصحابه.
مؤلفاته
في الفهرست: له كتب منها كتاب الموالي وتسمية من روى الحديث
وغيره من العلوم ومن كانت له صناعة ومذهب ونحلة، رواه الدوري عنه
وأخبرنا عنه بلا واسطة الشيخ أبو عبد الله وأحمد بن عبدون. وقال
النجاشي: له كتاب الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم وهو كتاب كبير
سمعناه عن أبي الحسين محمد بن عثمان وكتاب طرق من روى عن أمير
المؤمنين ع أنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبني الا مؤمن ولا
يبغضني الا منافق وكتاب ذكر من روى مؤاخاة النبي ص لأمير المؤمنين
ع وكتاب الموالي الاشراف وطبقاتهم وكتاب من روى الحديث
من بني هاشم ومواليهم وكتاب من روى حديث غدير خم وكتاب اختلاف
أبي وابن مسعود في ليلة القدر وطرق ذلك وكتاب اخبار آل أبي طالب
وكتاب اخبار بغداد وطبقات أصحاب الحديث بها وكتاب مسند عمر بن
علي بن أبي طالب ع وكتاب اخبار علي بن الحسين ع.
أخبرنا بسائر كتبه شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان
رضي الله عنه
امره باحراق كتبه عند موته
في تاريخ بغداد للخطيب: كان اوصى بان تحرق كتبه فأحرقت
جميعها وأحرق معها كتب للناس كانت عنده قال الأزهري فحدثني أبو
الحسين ابن البواب قال كان لي عند ابن الجعابي مائة وخمسون جزءا فذهبت
في جملة ما أحرق وفي تذكرة الحفاظ عن الدارقطني قال أخبرت بعلة الجعابي
فقمت إليه فرأيته يحرق كتبه فأقمت عنده حتى ما بقي منها شئ وقال
المسبحي أمر عند موته أن تحرق دفاتره بالنار فاستقبح ذلك منه. وقال ابن
شاهين دخلت انا وابن المظفر والدارقطني على ابن الجعابي وهو مريض
فقلت له من انا فقال سبحان الله أنت فلان وهذا فلان وسمانا فدعونا
وخرجنا ومشينا خطوات وسمعنا الصائح بموته ورجعنا لعنده فرأينا كتبه تل
رماد
قال المؤلف: لم يكن الداعي له إلى احراق كتبه عند موته الا أمر
عقلائي ويغلب على الظن أن الداعي له إلى ذلك وجود روايات فيها عمن
لا يرتضي طريقتهم وأن المحرق بعضها لا كلها والله أعلم
أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي المدني البغدادي مولى بني
هاشم وقيل مولى بني سهم بن أسلم المؤرخ المشهور
وروى الخطيب في تاريخ بغداد بسنده عن محمد بن سعد كاتب
الواقدي أنه قال محمد بن عمر بن واقد مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي
وروى بسنده عنه أيضا أنه مولى لبني سهم بطن من أسلم.
مولده ووفاته
ولد سنة ١٣٠ كما حكاه ابن النديم عن كاتب الواقدي محمد بن
سعد.
وتوفي ببغداد عشية يوم الاثنين لاحدى عشرة ليلة خلت من ذي
الحجة سنة ٢٠٧ وقيل ٢٠٩ قال الخطيب البغدادي والأول أصح اه
وله ثمان وسبعون سنة ودفن في مقابر الخيزران وصلى عليه محمد بن سماعة
التميمي.
نسبته
في انساب السمعاني: الواقدي بفتح الواو وكسر القاف وفي آخر
الدال المهملة هذه النسبة إلى واقد وهو اسم لجد المنتسب إليه وهو أبو
عبد الله محمد بن واقد الواقدي المدني مولى أسلم اه.
تشيعه
قال ابن النديم في الفهرست: كان يتشيع حسن المذهب يلزم التقية

(١) يظهري مما في تذكرة الحفاظ أنه وقع سقط وأن الصواب عن عبد الله بن محمد البلخي
ويحيى أين محمد بن البختري الحنائي.
(٣٠)

وهو الذي روى أن عليا ع كان من معجزات النبي ص كالعصى
لموسى واحياء الموتى لعيسى بن مريم وغير ذلك من الاخبار.
أقوال العلماء فيه
قال ابن النديم: كان عالما بالمغازي والسير والفتوح واختلاف الناس
في الحديث والفقه والاحكام والاخبار اه.
وقال الخطيب في تاريخ بغداد: محمد بن عمر بن واقد أبو عبد الله
الواقدي المدني هو ممن طبق شرق الأرض وغربها ذكره ولم يخف على أحد
عرف اخبار الناس امره وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم من المغازي
والسير والطبقات واخبار النبي ص والاحداث التي كانت في وقته وبعد وفاته
وكتب الفقه واختلاف الناس في الحديث وغير ذلك وكان جوادا كريما
مشهورا بالسخاء ثم قال كان عالما بالمغازي واختلاف الناس وأحاديثهم
اه واقتصر السمعاني في الأنساب في وصفه على هذه العبارة التي ذكرها
الخطيب من غير أن يسندها إليه فقال: وهو ممن طبق إلى قوله بالسخاء.
وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان: أبو عبد الله محمد بن عمر بن
واقد الواقدي المدني مولى بني هاشم وقيل مولى بني سهم بن أسلم كان
إماما عالما له التصانيف في المغازي وغيرها اه واسند الخطيب عن
محمد بن سلام الجمحي: محمد بن عمر الواقدي عالم دهره. وعن إبراهيم
الحربي: الواقدي آمن الناس على أهل الاسلام، كان الواقدي اعلم
الناس بأمر الاسلام فاما الجاهلية فلم يعمل فيها شيئا وسال رجل إبراهيم
الحربي فقال أريد أن اكتب مسائل مالك فأي مسائل ترى أن اكتب قال
مسائل الواقدي قلت له وابن وهب قال لا الا الواقدي، في الدنيا انسان
يقول سالت مالكا والثوري وابن أبي ذئب ويعقوب غيره أراد أن مسائله
أكثرها سؤال. وسئل مالك بن انس عن المرأة التي سمت النبي ص بخيبر
ما فعل بها فقال ليس عندي بها علم وسأسأل أهل العلم فلقي الواقدي
فسأله فقال الذي عندنا أنه قتلها فقال مالك قد سالت أهل العلم فاخبروني
أنه قتلها. قال أبو بكر الصغاني لقد كان الواقدي وكان، وذكر من فضله
من يحضر مجلسه من الناس من أصحاب الحديث مثل الشاذكوني وغيره
وحسن أحاديثه. وقال محمد بن أحمد الذهلي وذكر الواقدي فقال والله لولا
أنه عندي ثقة ما حدثت عنه أربعة أئمة أبو بكر ابن أبي شيبة وأبو عبيد
واحسبه ذكر أبا خيثمة ورجال اخر. وقيل للداراوردي ما تقول في الواقدي
قال تسألني عن الواقدي سل الواقدي عني وقال الداراوردي وذكر الواقدي
ذاك أمير المؤمنين في الحديث. وقال أبو عامر العقدي وسئل عن الواقدي:
انما يسال الواقد عنا ما كان يفيدنا الشيوخ والأحاديث بالمدينة الا الواقدي
وقال الواقدي لقد كانت ألواحي تضيع فاوتى بها من شهرتها بالمدينة فيقال
هذه ألواح ابن واقد وقال مصعب الزبيري والله ما رأينا مثل الواقدي قط
وسئل صعب الزبيري عن الواقدي فقال ثقة مأمون قوال يزيد بن هارون:
محمد بن عمر الواقدي ثقة وقال أبو عبيد القاسم بن سلام الواقدي ثقة وقال
إبراهيم لحربي واما فقه أبي عبيد فمن كتب محمد بن عمر الواقدي وقال من
قال أن مسائل مالك وأبي ذئب توجد عند من هو أوثق من الواقدي فلا
يصدق لأنه يقول سالت مالكا وسالت ابن أبي ذئب وقال عبد الله بن المبارك
كنت أقدم المدينة فما يفيدني ولا يدلني على الشيوخ الا الواقدي وسئل
مجاهد بن موسى عن الواقدي فقال ما كتبت عن أحد احفظ منه.
القدح في الواقدي
حكى الخطيب في تاريخ بغداد عن علي بن المديني عن أحمد بن حنبل
أنه قال رأيت عنه الواقدي أحاديث قد رواها عن قوم قلبها عليهم وما كان
عند علي شئ يحتج به في الواقدي غير هذا وعن أحمد: الواقدي يركب
الأسانيد وعنه: هو كذاب وحكي عن عبد الله ابن علي المدني قال سمعت
أبي يقول عند الواقدي عشرون ألف حديث لم يسمع بها وسمعت أبي يقول
محمد بن عمر الواقدي ليس بموضع للرواية ولا يروى عنه وضعفه. وقال
يحيى ابن معين: أغرب الواقدي على رسول الله ص عشرين ألف
حديث، وقال: الواقدي ليس بشئ وقال: كان يقلب أحاديث يونس
فيصيرها عن معمر ليس بثقة. وقال معاوية بن صالح: أبو عبد الله
الواقدي ضعيف. وعن الشافعي أنه قال كتب الواقدي كذب. وعن
بندار بن بشار ما رأيت اكذب شفتين من الواقدي وعن محمد بن إسماعيل
البخاري:
الواقدي متروك الحديث. وسئل أبو زرعة الرازي عن الواقدي فقال ترك الناس
حديثه. وعن أحمد ابن شعيب النسائي: الواقدي متروك الحديث وعن إسحاق بن
راهويه كان عندي ممن يصنع أقول: لا يبعد أن يكون قدح من قدح
فيه من جهة التشيع فقد جرت العادة بمثل ذلك مع أن ما نقل عن أحمد بن
حنبل معارض بما نقله الخطيب في تاريخ بغداد أيضا عن عبد الله بن أحمد
بن حنبل قال كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد ثلاثة قماطر فقلت له
كان ينظر فيها قال كان ربما نظر فيها وكان أكثر نظره في كتب الواقدي.
وأنه سئل إبراهيم الحربي عما أنكره أحمد بن حنبل على الواقدي فذكر أن مما
أنكره عليه جمعه الأسانيد ومجيئه بالمتن واحدا قال إبراهيم الحربي وليس هذا
عيبا قد فعل هذا الزهري وابن إسحاق. وأنه قال إبراهيم الحربي سمعت
احمد وذكر الواقدي فقال: ليس أنكر عليه شيئا الا جمعه الأسانيد ومجيئه
بمتن واحد على سياقة واحدة عن جماعة وربما اختلفوا قال إبراهيم ولم وقد
افعل هذا ابن إسحاق والزهري وفي خبر كان يفعله حماد بن سلمة أيضا
انتهى وقد مر أنهم طلبوا منه إفراد كل حديث بسنده على حده فطالت
فطلبوا منه العودة إلى ما كان عليه وبذلك بان عذره فيما فعل. ومما عابه به
أحمد بن حنبل أنه روى عن معمر عن الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عن
أم سلمة قالت كنت عند النبي ص وعنده ميمونة فاقبل ابن أم مكتوم وذلك
بعد أن أمر بالحجاب فقال رسول الله ص احتجبا منه فقلنا يا رسول الله
أ ليس هو أعمى ولا يبصرنا ولا يعرفنا قال أ فعمياوان أنتما أ لستما تبصرانه
فعاب عليه بان الحديث حديث يونس عن الزهري عن نبهان لم يروه غير
يونس. أقول: ليس من لم يطلع حجة على من اطلع فإذا كان الإمام أحمد
لم يطلع على أحد رواه الا يونس لم يناف ذلك أن يكون الواقدي اطلع
على من رواه غير يونس ويدل على ذلك ما ذكره الخطيب في سياقة ما تقدم
أن الرمادي قدم مصر فحدثه ابن أبي مريم بهذا الحديث عن ابن شهاب
عن نبهان عن أم سلمة من غير طريق يونس قال الرمادي وهذا مما ظلم فيه
الواقدي اه
أحواله
قال ابن النديم في الفهرست: أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي
مولى الأسلميين من سهم بن أسلم كان من أهل المدينة انتقل إلى بغداد
وولي القضاء بها للمأمون بعسكر المهدي (١) وقال الخطيب: قدم الواقدي

(١) قال ابن خلكان: عسكر المهدي هي المحلة المعروفة اليوم بالرصافة بالجانب الشرقي من
بغداد عمرها المنصور لولده المهدي فنسبت إليه وهذا يؤيد أن الواقدي كان قاضي الجانب
الشرقي لا الغربي - المؤلف -
(٣١)

بغداد وولي قضاء الجانب الشرقي فيها اه. وقال ابن قتيبة توفي وهو
قاض ببغداد في الجانب الغربي اه وروى الخطيب بسنده عن محمد بن
سعد كاتب الواقدي أن الواقدي كان من أهل المدينة وقدم بغداد سنة ١٨٠
في دين لحقه فلم يزل بها وخرج إلى الشام والرقة ثم رجع إلى بغداد فلم
يزل بها إلى أن قدم المأمون من خراسان فولاه القضاء بعسكر المهدي فلم
يزل قاضيا حتى مات ببغداد
وروى أيضا بسنده قال الواقدي كنت حناطا بالمدينة في يدي مائة
ألف درهم للناس أضارب بها فتلفت الدراهم فشخصت إلى العراق
فقصدت يحيى بن خالد فجلست في دهليزه وآنست الخدم والحجاب
وسألتهم أن يوصلوني إليه فقالوا إذا قدم الطعام إليه لم يحجب عنه أحد فلما
حضر طعامه ادخلوني فاجلسوني معه على المائدة فسألني من أنت وما قصتك
فأخبرته فلما رفع الطعام وغسلنا أيدينا دنوت منه لأقبل رأسه فاشمأز من
ذلك فلما صرت إلى الموضع الذي يركب منه لحقني خادم معه كيس فيه ألف
دينار فقال الوزير يقرأ عليك السلام ويقول لك استعن بها على امرك وعد
إلينا في غد فعدت في اليوم الثاني فجرى لي كما جرى في اليوم الأول وكذلك
في اليوم الثالث والرابع بعينه وتركني بعد ذلك اقبل رأسه وقال انما منعتك
ذلك لأنه لم يكن وصل إليك من معروفي ما يوجب هذا فالآن قد لحقك
بعض النفع مني، يا غلام اعطه الدار الفلانية يا غلام افرشها الفرش
الفلاني يا غلام اعطه مائتي ألف درهم يقضي دينه بمائة ألف ويصلح شانه
بمائة ألف ثم قال لي الزمني وكن في داري فقلت أعز الله الوزير لو أذنت لي
بالشخوص إلى المدينة لأقضي الناس أموالهم ثم أعود إلى حضرتك كان
ذلك أرفق بي فقال قد فعلت وامر بتجهيزي فشخصت إلى المدينة فقضيت
ديني ثم رجعت إليه فلم أزل في ناحيته. وروى بسنده أن الواقدي كان
يقول: ما أدركت رجلا من أبناء الصحابة وأبناء الشهداء ولا مولى لهم الا
وسألته هل سمعت أحدا من أهلك يخبرك عن مشهده وأين قتل فإذا اعلمني
مضيت إلى الموضع فأعاينه ولقد مضيت إلى المريسيع فنظرت إليها وما
علمت غزاة الا مضيت إلى الموضع حتى أعاينه ورآه بعضهم بمكة ومعه ركوة
فقال أين تريد قال أريد أن امضي إلى حنين حتى ارى الموضع والموقعة.
وقيل للواقدي: الذي يجمع الرجال فيقول حدثنا فلان وفلان ولا يميز
حديث واحد من واحد فحدثنا أنت بحديث كل واحد على حدة، قال
يطول، قلنا قد رضينا، فغاب عنا جمعة ثم جاءنا بغزوة أحد عشرين جلدا
وفي رواية مائة جلد فقلنا له ردنا إلى الأمر الأول. قال الخطيب: وكان
الواقدي مع ما ذكر من سعة علمه وكثرة حفظه لا يحفظ القرآن روي أن
المأمون قال له أريد أن تصلي الجمعة غدا بالناس فامتنع فقال له لا بد من
ذلك فقال لا والله يا أمير المؤمنين ما احفظ سورة الجمعة قال انا أحفظك
فجعل المأمون يلقنه إياها حتى يبلغ النصف فإذا حفظه ابتدأ بالنصف الثاني
فإذا حفظ الثاني نسي الأول فأتعب المأمون ونعس فقال لعلي بن صالح
حفظه أنت ونام المأمون فجعل يحفظه النصف الأول فإذا حفظ النصف
الثاني نسي الأول وهكذا فاستيقظ المأمون فقال ما فعلت فأخبرته فقال هذا
رجل يحفظ التأويل ولا يحفظ التنزيل اذهب فصل بهم واقرأ اي سورة
شئت. واختلف أصحاب الحديث في خبر يروى عن عمر في العمة والخالة
فبعضهم رواه عن قيس بن حبة وبعضهم قال انما هو قيس بن جبير فاتوا
الواقدي وقالوا نسأله عنه فإنه حافظ فقالوا سلوه ولا تلقنوه فقالوا له حديث
روي عن رجل عن عمر في العمة والخالة أ تعرف الرجل من هو فقال قد
سمعته من الثوري وهو رجل ليس بمشهور فدعوني أتذكره فاستلقى على
قفاه ثم قال هو عن قيس، قالوا ابن من ففكر طويلا وقال قيس بن حبتر لا
شك فيه قال ابن خلكان كان المأمون يكرم جانبه ويبالغ في رعايته ونقل هو
والخطيب أنه كتب إليه مرة يشكو ضائقة لحقته وركبه بسببها دين وعين
مقداره فوقع المأمون منها بخطه: فيك خلتان السخاء والحياء فالسخاء
اطلق يدك بتبذير ما ملكت والحياء حملك على أن ذكرت لنا بعض دينك وقد
امرنا لك بضعف ما سالت فان كنا قصرنا عن بلوع حاجتك فبجنايتك على
نفسك وإن كنا بلغنا بغيتك فزد في بسطة يدك فان خزائن الله مفتوحة ويده
بالخير مبسوطة وأنت كنت حدثتني وأنت على قضاء الرشيد أن رسول الله
ص قال للزبير يا زبير أن باب الرزق مفتوح بإزاء العرش ينزل الله على
العباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم فمن قلل قلل له ومن كثر كثر له، قال
الواقدي وكنت قد أنسيت هذا الحديث فكان بمذاكرته إياي أحب إلي من
جائزته. وعن الواقدي قال أضقت مرة وانا مع يحيى بن خالد البرمكي
وحضر عيد فجاءتني جارية فقالت قد حضر العيد وليس عندنا من النفقة
شئ فمضيت إلى صديق لي من التجار فعرفته حاجتي إلى القرض فاخرج
إلي كيسا مختوما فيه ألف ومائتا درهم فأخذته وانصرفت فما استقررت حتى
جاءني صديق لي هاشمي فشكا إلي تأخر غلته وحاجته إلى القرض فدخلت
إلى زوجتي فأخبرتها فقالت على اي شئ عزت قلت على أن أقاسمه الكيس
قالت ما صنعت شيئا أتيت رجلا سوقة فأعطاك ألفا ومائتي درهم وجاءك
رجل له من رسول الله ص رحم ماسة تعطيه نصف ما أعطاك السوقة ما هذا
شيئا اعطه الكيس كله فأعطيته إياه ومضى صديقي التاجر إلى الهاشمي
وكان له صديقا وسأله القرض فأعطاه الكيس فلما رأى خاتمه عرفه وانصرف
إلي فخبرني بالأمر، وجاءني رسول يحيى بن خالد يقول انما تأخر رسولي
عنك لشغلي بحاجة أمير المؤمنين فركبت إليه فأخبرته بخبر الكيس فقال يا
غلام هات تلك الدنانير فجاءه بعشرة آلاف دينار فقال خذ ألفي دينار لك
وألفين لصديقك وألفين للهاشمي وأربعة آلاف لزوجتك فإنها أكرمكم
وحكى ابن خلكان هذه القصة نقلا عن المسعودي في مروج الذهب بما
يقرب من هذا مع بعض التفاوت. وعن الواقدي أنه قال: صار إلي من
السلطان ستمائة ألف درهم ما وجب علي فيها الزكاة اي لم يحل عليها
الحول ومات الواقدي وهو على القضاء وليس له كفن فبعث المأمون
باكفانه
ما يستفاد من مجموع أحواله
يستفاد من مجموع ما تقدم أن الواقدي كان من أكابر العلماء وأعاظم
الحفاظ والرواة وكان مع هذا العلم والفضل العظيم يضارب بالحنطة في
المدينة المنورة اي كان يأخذ من الناس أموالا يتجر بها في الحنطة والربح
بينهم وبينه وذلك يدلنا على أن العلماء كانوا لا يأنفون من الكسب وأنه كان
سخيا متلافا للمال بدليل أن الستمائة ألف درهم كانت لا تزيد عن نفقة
سنة وأنه كانت تحصل له ضائقة مع كثرة ما يصله من المال وأن الأموال
كانت تدر من الملوك والوزراء على العلماء في ذلك العصر بما لا مزيد وأن
المتعارف في ذلك العصر في التعظيم تقبيل الرأس لا تقبيل اليد وأن الذين
كانوا يلون القضاء أعاظم العلماء وأن الواقدي كان ذا همة عالية في التنقيب
عن الآثار حتى أنه كان يذهب نفسه إلى محل الوقائع والغزوات التي كان
يؤرخها ويشاهدها ويكتب خصوصياتها عن مشاهدة إلى غير ذلك
(٣٢)

مشائخه
قال الخطيب في تاريخ بغداد سمع ابن أبي ذئب ومعمر بن راشد
ومالك بن أنس ومحمد بن عبد الله ابن أخي الزهري ومحمد بن عجلان
وربيعة بن عثمان وابن جريح وأسامة بن زيد وعبد الحميد بن جعفر
وسفيان الثوري وأبا معشر وجماعة سوى هؤلاء.
تلاميذه
قال الخطيب في تاريخ بغداد: روى عنه كاتبه محمد بن سعد وأبو
حسان الزيادي ومحمد بن إسحاق الصغاني وأحمد بن الخليل البرجلاني
وعبد الله بن الحسن الهاشمي وأحمد بن عبيد بن ناصح ومحمد بن شجاع
والحارث بن أبي أسامة وغيرهم.
مؤلفاته
قال ابن النديم: قال محمد بن إسحاق قرأت بخط عتيق قال خلف
الواقدي بعد وفاته ستمائة قمطر كتبا كل قمطر منها حمل رجلين وكان له
غلامان مملوكان يكتبان الليل والنهار وقبل ذلك بيع له كتب بألفي دينار
اه وروى الخطيب في تاريخ بغداد بسنده: لما انتقل الواقدي من
الجانب الغربي يقال أنه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر. وبسند آخر:
كان للواقدي ستمائة قمطر كتب. وبسنده عن محمد بن جرير الطبري عن
محمد بن سعد كاتب الواقدي كان الواقدي يقول ما من أحد إلا وكتبه أكثر
من حفظه وحفظي أكثر من كتبي. وعن المأمون ما قدمت بغداد إلا لأكتب
كتب الواقدي اه.
قال ابن النديم له من الكتب: التاريخ والمغازي والمبعث، أخبار
مكة، الطبقات، فتوح الشام، فتوح العراق، الجمل، مقتل الحسين
ع، السيرة، أزواج النبي ص أمر الحبشة والفيل، المناكح،
السقيفة وبيعة أبي بكر، ذكر القرآن، سيرة أبي بكر ووفاته، مداعي
قريش والأنصار في القطائع ووضع عمر الدواوين وتصنيف القبائل ومراتبها
وأنسابها، الرغيب في علم القرآن وغلط الرجال، مولد الحسن والحسين
ومقتل الحسين ع، ضرب الدنانير والدراهم، تاريخ الفقهاء،
الآداب، التاريخ الكبير، غلط الحديث، السنة والجماعة وذم الهوى وترك
الخوارج في الفتن، الاختلاف ويحتوي على اختلاف أهل المدينة والكوفة في
الشفعة والصدقة والعمري والرقبي والوديعة والعارية والبضاعة والمضاربة
والغصب والسرقة والحدود والشهادات، وعلى نسق كتب الفقه ما يبقى
اه.
أبو عبد الله الكاتب محمد بن عمران المرزباني الخراساني البغدادي
ولد في جمادى الأولى سنة ٢٩٧ وتوفي سنة ٣٨٤ وقيل سنة ٣٧١ وقيل
سنة ٣٧٨
ذكره في معالم العلماء وأمل الآمل. والمرتضى في الغرر والدرر يكثر
النقل عنه وابن نما في أخذ الثار، ونسب إليه كتاب الشعراء وذكر أنه من
مشائخ المفيد ذكر مراثيه ابن النديم وهو أول من صنف في علم البيان كتابه
المفصل وله كتاب الأوائل وما نزل في القرآن في علي ع
الميرزا محمد بن عناية احمد خان الكشميري الدهلوي المتخلص
بالكامل
توفي سنة ١٢٣٥
كان عالما فاضلا مدققا محققا متكلما مناظرا أخذ الطب عن شريف
خان والشرعيات عن المولوي السيد رحم علي صاحب بدر الدجى وكان
معاصرا للسيد دلدار علي.
من مصنفاته: تاريخ العلماء مبسوط في الرجال، تنبيه أهل الكمال
والإنصاف على اختلاف رجال أهل الخلاف جمع فيه أسماء الكذابين
والوضاعين والمجهولين والخوارج والضعفاء وغيرهم ممن روى عنهم بعض
جامعي الحديث واستخرجهم من تقريب ابن حجر العسقلاني، نهاية
الدراية شرح وجيزة البهائي في الدراية، إيضاح المقال في توجيه أقوال
الرجال، رسالة في البداء، رسالة في البديع، رسالة في الحكمة، رسالة
في إبطال الرؤية، رسالة في الفلسفة فارسية، منتخب انساب السمعاني،
منتخب فيض القدير في شرح الجامع الصغير للمناوي، منتخب كنز
العمال، النزهة الاثنا عشرية في الرد على التحفة في تسعة مجلدات وقد طبع
منه عدة مجلدات، تتمة النزهة في الفقهيات أفردها في مجلد واحد.
أبو عبد الله محمد بن العياش بن مروان المعروف بابن الحجام
له كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت ع، ذكره
الكفعمي في حواشي كتابه المعروف بالمصباح وقال: وهذا الكتاب ألف
ورقة لم يصنف مثله.
الشيخ محمد بن عيد المالكي النجفي
من ذرية مالك الأشتر. ذكره السيد علي خان في ملحقات السلافة
الذي رأينا نسخة منه في قم سنة ١٣٥٣ ووصفه باسجاع كثيرة لا فائدة في
نقلها وقال عاشرته سفرا وحضرا فألفيته على العسر واليسر كما قال
الشنفري:
فلا جزع من خلة متكشف * ولا مرح تحت الغنى متخيل
قال وهو ممن دخل الهند وخدم سلطانها وبوأته الجلالة في غربته
أوطانها. وكان معاصرا لصاحب السلافة وبينهما مراسلات نثرية وشعرية.
من شعره قوله:
وقالوا بع فؤادك حيث تهوى * لعلك تشتري قلبا جليدا
إذا كان القديم هو الموافى * فخان فكيف اتمن الجديد
وله:
لقد قيل من ماء تكون خده * وقد قيل من نار فيا بعد ما قالوا
فلو كان من نار لما أخضر نبته * ولو كان من ماء لما احترق الخال
وله يصف كتابا كتبه إليه السيد علي خان سنة ١٠٩٣
: يا طالب العلم العجاب * لا تعد عن هذا الكتاب
وانظر به يم الفضائل * وهو ملتطم العباب
في سجعه سجع الحمام * وفصله فصل الخطاب
والسمط سمط الدر * متسقا على نحر الكعاب
والحرف كالقنديل والمعنى * به مثل الشهاب
(٣٣)

يغنيك عن كأس المدامة * والنقاط عن الحباب
مثل الرياض وينتهي * لأنامل مثل السحاب
أكرم بمنتسب ومنتسب * إليه وانتساب
ومن شعره ما كتبه من أصبهان إلى أصحابه بالغري:
أيا ريح هل باكرت حي بني بكر * فقد هاج شوقي ما بطيك من نشر
هززت قدودا ثم رنحها الصبا * خلال الرماح الصفر والأغصن الخضر
وجزت رياضا خلتهن لياليا * تفتح فيها النور كالأنجم الزهر
لقد راعني فعل السحاب بدارها * ورب مريب فعله وهو لا يدري
أسائلكم عن بارق تأنسونه * أمتقد الأحشاء أم بارق الثغر
سقي الله من أرض الغري معاهدا * بها يتقي ليث الوغى ظبية الخدر
فيا لك من أرض تتيه حصاتها * على الدرة الزهراء والكوكب الدري
بها قاتل القرنين عمرو ومرحب * مروي المواضي في حنين وفي بدر
على ولي الله صنو نبيه * أبو ولديه زوج فاطمة الطهر
مراكز سمر تخطر السمر بينها * كفاها جلاد البيض عن بيضها الغر
تذكرني هذي الكواكب معشرا * أثاروا حراب السمر في العثير الكدر
أنادم من حاسي المدامة منهم * شهابا يصب الشمس من راحة البدر
إذا ما انتضى الصمصام هزته نشوة * فتحسبه غصنا تلوى على نهر
وتثني على تلك البحار قصائدي * ثناء أزاهير الرياض على القطر
إذا ما نجوم الشعر باتت لوامعا * طلعن على أفرادها طلعة الفجر
وما كان لفظي في القوافي نفاسة * أخا الدر حتى كان قلبي أخا البحر
وله يمدح صاحب السلافة:
أتاك بها الهوى تختار كبرا * فتاة من سلاف الدل سكرى
فمن نظم النجوم الزهر عقدا * وقد لها أديم البدر نحرا
ومن جعل السحاب لها جفونا * وصاع لها وميض البرق ثغرا
إذا خطرت سقاك الدل كأسا * وإن نظرت سقاك الغنج أخرى
تخيل ثغرها حببا إذا ما * رشفت من الرضاب العذب خمرا
أرتني الدر من ثغر وطرف * غداة وداعنا نظما ونثرا
سلي غيدا لهوت بهن دهرا * وخضت الحب صخصاحا وغمرا
عدلن فهل شكرت لهن وصلا * وجزن فهل شكوت لهن هجرا
شربت الصبر شهدا في مساع * يرى فيها الوقور الشهد صبرا
أعد فتوتي في المجد فرعا * وأذكر مالكا في الفخر نجرا
نجيب لم يلد إلا نجيبا * أغر لم يلد إلا أغرا
ويغشى عثير الهيجاء ليلا * فيفلق فيه للصمصام فجرا
هم سبكوا السجايا الغر تبرا * وأبقوهن للأبناء ذخرا
سرى لي نحو روض العز عزم * يريني الشهب بين يدي زهرا
إذا ما لحت في أفق هلالا * فسر عنه عساك تصير بدرا
وجز كالسيل ساحة كل واد * عساك تموج حيث أقمت بحرا
فمن ذم النوى فلها برحلي * أياد لا أقوم بهن شكرا
أريني يا ابن احمد خلق حر * رأينا كل خلق فيك حرا
رأيت علي أهل الفضل طرا * يدا واسما ومرتبة وقدرا
فتى أروى من الدأماء قلبا * وأوسع من فضاء البيد صدرا
وأمضى من ذباب السيف عزما * وأسرى من خيال الطيف مجرى
عزائم سلهن فكن بيضا * وهز متونهن فكن سمرا
ترى غيث المكارم مستهلا * بساحته وروض المجد نضرا
تشاهد حربه الأولى عوانا * وتلقى جوده المأثور بكرا
فدم وأقصر هداك على المعالي * وطل بدوامها باعا وعمرا
وقال يمدح السيد حسين بن علي شدقم الحسيني المدني:
زفت إلى ابن المزنة الخمر * والشرط أن عقولنا مهر
حمراء يلقاك الحباب بها * متبسما فكانه ثغر
وكأنها شمس يطوف بها * زاهي الجبين كأنه بدر
وكانه ما بيننا قمر * دارت عليه الأنجم الزهر
ما زال يسقيني ويشربها * حتى تسهل خلقه الوعر
في بقعة تزهو جوانبها * فكانهن مطارف خضر
يجري بها نهر تدفقه * ويد الحسين كلاهما غمر
ما ضر ناحية يمر بها * أن لا يصوب بحيها القطر
تنظيم وصفك فوق مقدرتي * والشهب لا يصطادها الصقر
وصف يظلى به الحجى حصرا * ويضل بين شعابه الفكر
وله:
ما لي لا أخلع فيك العذار * يا قمر الليل وشمس النهار
قد لاح في خديك ما راعني * تاليفه ما بين ماء ونار
إلا م أجفانك تجفو وما * ترعى لقلبي حرمة الانكسار
يا حامل الشيخ على هتكه * لا يحسن الهتك باهل الوقار
وله:
ولي والورى من عنفوني بحبه * وما علموا مني ولكنهم راموا
أداجي بابهام الغرام وإنما * لتوكيده في ورد وجنته لام
واستدعاه السيد علي خان ليلة إلى مجلس فكتب إليه معتذرا
: يا بارعا في حيازة الحسب * وبارزا في شرافة النسب
وجانبا نور كل مكرمة * قضيبها بين نرجس الشهب
عز على عبدك المتيم ان * دعوته مكرما فلم يجب
عارضه من زكامه خصر * أصبح منه الفؤاد في لهب
فخاف أن زاركم بعارضه * يمنعه من رعاية الأدب
فاجابه السيد علي يقول وكانت أبياته مكتوبة في ورقة صفراء:
يا بالغا من بلاغة العرب * أقصى الأماني ومنتهى الإرب
ويا بليغا حوت بلاغته * در المعاني وجوهر الأدب
ويا إماما سمت بلاغته * قيسا وقسا في الشعر والخطب
ما الراح في صفوها ورقتها * مفترة عن مباسم الحبب
ولا العروس الكعاب ضاحكة * تبسم عن لؤلؤ من الشتب
أشهى وأبهى من نظم قافية * أهديتها للمحب عن كثب
أفادت النفس من مسرتها * ما لم تفده سلافة العنب
ألبسها نظمك البديع وقد * وافت بليل عقدا من الشهب
فبت منها في نشوة عجب * مغتبقا للسرور والطرب
وفزت منها بوصل غانية * ترفل في حلة من الذهب
فأي قلب لم توله طربا * وأي عقل دعته لم يجب
ضمنتها العذر فاستلبت بها * فنون هم من قلب مكتئب
إن لم تجب دعوتي فأنت فتى * يملأ دلو الرضا إلى الكرب
(٣٤)

سبحان موليك فطرة لعبت * بالنظم والنثر أيما لعب
دمت من العيش في بلهنية * تجر أذيالها مدى الحقب
وله يرثي والد صاحب السلافة من قصيدة:
من يعتفيه المجتدي بعزيمة * ثقة بنائله الكفيل الكافي
من لم نجد من غيره منا بلا * من ولا وعدا بغير خلاف
كم ماجد نسل الزمان جناحه * قد رشته بقوادم وخوافي
صدروا يجرون الذيول غنى وقد * وردوا عليك عواري الأكتاف
أغفوا هنالك في ظلال بشاشة * عنها عيون الحادثات غوافي
مزقت أسداف الشدائد عنهم * بعزائم ككواكب الأسداف
أنت الذي قد أرهفت آراءه * أيدي التجارب أيما ارهاف
محمد بن عيسى البطائن التميمي
في معجم الشعراء للمرزباني: يتشيع له قصيدة مخمسة طويلة يمدح
فيها أهل البيت ع أولها:
لمن منزل أقوت معالم رسمه فصار كدرس الخط في متن عنوان
الشيخ محمد ابن الشيخ عيسى كبه
في اليتيمة: من أواسط العلماء سمع من علماء أيامه ثم انقطع عن
التحصيل حي في أيام مؤلف اليتيمة اه. له كتاب الدرر المنثورة.
محمد بن عيسى بن علي بن محمد بن زياد القيسي التستري
هو خال أبي غالب الزراري، قال أبو غالب في رسالته في آل أعين:
كان محمد بن عيسى أحد مشائخ الشيعة ومن كان يكاتب، إلى أن قال:
وكان أحد رواة الحديث حدثني عنه خال أبي محمد بن جعفر الرزار
وهو جده أبو أمه عن الحسن بن علي بن فضال بحديث منه كتاب البشارات
لابن فضال وحدثني عنه بكتاب عيسى بن عبد الله العلوي وهو كتاب
معروف وابنه علي بن محمد بن عيسى جد أمي وحال أبي العباس الرزاز وقد
روي أيضا صدرا من الحديث وكانت دورهم في موضع يعرف بنجام
البكريين وهو في ظهر خطة بني أسعد بن همام وقد خرب واتصل بخرابات
بني عجل إلى حدود حمير ولم أدرك أنا الناحية إلا خرابا قد ذرع في بعض
منها اثينان فكان في دورنا منه شئ فكنا نأخذ في كل سنة أثينانا قفزانا
ودراهم أجرة الأقرحة ومضيت إليها مرة وأنا صبي مع من كان يمضي فجئنا
بالدراهم والاثنيان فرأيتها ورأيت فيما بينهما قبر محمد بن عيسى وقبور بعض
ولده.
أبو يزيد محمد الغضائري الرازي
عده في مجالس المؤمنين من شعراء الفرس الشيعة قال وكانت له قوة
كاملة في فن الشعر خصوصا في صنعتي الاغراق والاشفاق وفضلاء الشعراء
يسلمون له ذلك في هاتين الصفتين وقال أنه نشأ ونما في ظل دولة آل بويه
وله قصائد كثيرة في مدح السلطان بهاء الدولة وحيث أن السلطان محمود
الغزنوي قبض على مجد الدولة بالحيلة والغدر واستولى على ملك الري
اضطر الغضائري إلى مماشاته ولم تكن مضت مدة طويلة على ابتلاء
الفردوسي مع محمود. ومن جملة أشعار الغضائري:
مرا شفاعت أين پنجتن بسند بود * كمه روز محشر بدين پنجتن وهايم تن
بهين خلق وبرادرش ودختر ودوا پسر * محمد وعلي وفاطمة حسين وحسن
أيا كسي شدي معتصم بال رسول * زهي سعادت تو لا تخف ولا تحزن
وله قصائد في مدح السلطان محمود الغزنوي وقصيدة لامية في مدح
السلطان مسعود. قال دولتشاه السمرقندي في تذكرة الشعراء أغرق
الغضائري في مدح السلطان محمود فأغرق السلطان في صلته فأعطاه على
بعض القصائد سبع بدر من الذهب تعادل أربعة عشر ألف درهم.
أبو جعفر محمد بن الغمر بن حمدان بن حمدون عم الحسين بن حمدان
ابن حمدون التغلبي.
كان فارسا شجاعا كسائر بني حمدان حضر مع عمه الحسين بن حمدان
ابن حمدون التغلبي حربه مع بدر المعتضدي لبكر بن عبد العزيز بن أبي
دلف العجلي وكان أبو جعفر طليعة للحسين فاسر فظن الحسين أنه قتل
فخرج ينادي يا لثارات أبي جعفر محمد بن الغمر حتى وقع على سواد بكر
فاحتوى عليه ووجد أبا جعفر مقيدا فاستنقذه ولما سار الحسين بن حمدان
وبنو عمه إلى مصر لحرب الطولونية كان معهم أبو جعفر المترجم فاحسن
الأمر وضرب وسط الرجالة حتى سقط فرسه فقال بعض الشعراء عن لسان
الفرس في ذلك:
ما زال يحفزني بباطن فخذه * حتى لعمرك بينهم أرادني
وقلد أبو جعفر أمر الصعيد الأعلى بمصر وانصرف عنه ومعه ألف بغل
وجمل تحمل اثقاله وفي ذلك يقول أبو فراس الحمد في قصيدته التي يفتخر
فيها بقومه ويذكر الحسين بن حمدان:
وصدق في بكر مواعيد ضيفه * وثور بابن الغمر من هو ثائر
السيد جلال الدين محمد بن غياث الدين بن محمد المشهور بجلال الدين
أمير.
له تلخيص حديقة الشيعة الأردبيلية نقل عنه صاحب الرياض وله
كتاب الإمامة.
الشيخ محمد فاضل الخادم الخراساني المشهدي.
من علماء دولة الشاة سليمان الصفوي. كان مدرسا بمدرسة دودر
ذات البابين بالمشهد الشريف الرضوي وهذه المدرسة بنيت في عهد
الشاهرخ بن تيمورلنك سنة ٨٤٣ وجددت في أيام الشاة سليمان الصفوي
من قبل والدته بسعي أمير الأمراء قلي علي خان قورجي باشي وتصويب
قدوة مشائخ الشريعة وخلاصة سلسلة الفضل والكمال والنحرير الكامل
الشيخ محمد فاضل الخادم المدرس في المدرسة المذكورة سنة ١٠٨٨ هكذا
كتب عليها.
وقد اجازه العلامة المجلسي لما ورد لزيارة الرضا ع وأثنى عليه
وعلى أبيه ثناء جزيلا وذكر انه أدرك أكثر مشائخه واستفاد من بركات
أنفاسهم. ووجدت نسخة من المختلف كان قد صححها بخطه ونقل في
حواشيها أحاديث كثيرة مفيدة وكان اتمام تصحيحها ١٦ محرم سنة ١٠٨١
وكتب في ظهر الكتاب فوائد كثيرة.
الشيخ محمد الفتوني العاملي.
كان حيا سنة ١١٤٥.
(٣٥)

من الشعراء له تقريض القصيدة الكرارية الشريفة الكاظمية كما
وجدناه بخط بعض الفضلاء ولم نعلم من هو ناظم هذه القصيدة ولا ما هي
كما ذكرناه في ترجمة السيد احمد العطار والسيد محسن ابن السيد حسن
الحسيني البغدادي والتقريض هو هذا:
يا ناظما عقودا * بنانه البيان البيان
بمثلها ابتكارا * لم يسمح الزمان
رقيتها بشعري * خوفا فلا تعان
أرختها بقولي * نظامكم جمان ١١٤٥
وله أيضا في تقريضها:
أبدعت إذ نظمت عقد لؤلؤ * شعرا فأبدى حسنه المكتوما
فقلت مذ نظمته مؤرخا * طاب وحاز لؤلؤا منظوما
محمد بن فخر الدين علي الرستمداري.
فاضل جليل كان له منصب خدمة الروضة المنورة الرضوية وتدريس
بعض مدارس الآستانة المقدسة وعند ما حاصر عبد الله خان الأوزبكي
الرضوي وكان في ركابه علماء ما وراء النهر وأفتوا بإباحة قتل أهل المشهد
ونهب أموالهم وكتبوا في ذلك كتابا مشتملا على وجوه فاسدة ودلائل كاسدة
كتب المترجم في ردهم كتابا لطيفا اورده القاضي نور الله في مجالس المؤمنين
عند الكلام على رستمدار وكان ذلك سنة ٩٩٨ أيام سلطنة الشاة عباس
الأول. ومجمل الواقعة ان عبد المؤمن خان بن عبد الله الأوزبكي حاكم
بلخ جاء معسكر لا يعد لفتح المشهد فحاصر أولا نيشابور فلم يقدر عليها
فجاء إلى المشهد فأرسل أمت خان حاكم المشهد إلى الشاة عباس يعلمه
ذلك فتحرك الشاة عباس من قزوين فلما ورد طهران مرض مرضا شديدا
فتأخر عن السفر إلى خراسان وحاصر عبد المؤمن المشهد أربعة أشهر ثم
فتحها وامر بقتل أهلها قتلا عاما واستجار جماعة من السادات والصلحاء
والعلماء بالآستانة المقدسة فقتلوا وقتل أمت خان حاكم البلد أثناء الحرب.
وذكر صاحب تاريخ عالم آراي ان خان الأزبك جلس على صفة أمير عليشير
وامر جنوده بدخول الروضة المطهرة فاخرجوا من كان في دار السيادة ودار
الحفاظ والمسجد الجامع وهذه الثلاثة من بناء كوهرشاد واحدا واحدا
وقتلوهم واخذوا المصاحف من أيدي الحفاظ وقتلوهم ونهبوا الروضة
المقدسة واخذوا كل ما فيها من القناديل المرصعة والذهب والفضة
والشمعدانات التي لا تدخل في الحصر والفرش وأواني الصيني والكتب التي
كانت مجتمعة من اقصى بلاد الاسلام من المصاحف التي عليها خطوط
الأئمة ع والخطاطين السابقين كياقوت المستعصمي وغيره وكتب
العلم العربية والفارسية وبقوا ينهبون البلد ثلاثة أيام ولم يسلم من أهل البلد
الا قليل وبعد ما فرع عبد المؤمن من القتل العام الذي أشبه به
مسرف بن عقبة عين حاكما على المشهد وذهب واخذ معه ميل الذهب الذي
للقبة الذي كان وقفه الشاة طهماسب.
الشيخ محمد بن فرج الحميري أصلا ومحتدا النجفي الغروي مسكنا
ومولدا.
له كتاب أبواب الجنان والرسائل الثمان الأولى دستور السالكين
في آداب العلم والعلماء والمتعلمين الثانية علم اليقين الباعث على تحصيل
علوم الدين الثالثة طرق الهداية والرشاد إلى معرفة الاجتهاد فرع من
تاليف هذه الرسائل سنة ١٠٥٢ رأينا نسخة من هذا الكتاب في كربلاء سنة
١٣٥٢ في مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني والظاهر أن الثمان بكسر الثاء
جمع ثمينة لا بفتحها لان الرسائل ثلاث لا ثمان كما عرفت.
وله زبر الأولين والآخرين في أدلة عبادات الشرع المبين في خمس
مجلدات وله أبواب الجنان ووجد بخطه مسائل للسيد المرتضى كتبها بنفسه
لنفسه سنة البلاء العظيم سنة ١٠٥١ في النجف ووجد بخطه أيضا رسالة
للمفيد في ذبائح أهل الكتاب كتبها بنفسه لنفسه.
المولى رفيع الدين محمد بن فرج الجيلاني المجاور بالمشهد الرضوي.
توفي في عشر الستين بعد المائة وألف وقد تجاوز الثمانين.
ذكره السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري في ذيل
اجازته الكبيرة فقال: كان علامة محققا متكلما فصيحا متقنا لم أر قوة فضله
وايمانه فيمن رأيت من فضلاء العرب والعجم متواضعا منصفا كريم
الأخلاق حضرت درسه أوقات إقامتي بالمشهد في المسجد وفي المدرسة
الصغيرة المجاورة للقبة المقدسة وكان مجتهدا صرفا ينكر طريقة الاخباريين
ويرجح ظواهر الكتاب على السنة ولا يجيز تخصيصها باخبار الآحاد وكان
حسن العشرة مع طوائف الاسلام جدا وله أصحاب من تجار خوارزم يأتونه
كل سنة بالهدايا والنذور واتهم عند عوام المشهد بالتسنن لذلك ولأنه كان
يؤخر العصر والعشاء اشتغالا بالنوافل إلى دخول وقتيهما ولأمور اخر لا
حاجة إلى ذكرها هنا وسرت هذه التهمة من العوام إلى الخواص وكوشف
بذلك في المسجد يوم الجمعة وهو على المنبر يخطب وحصلت في الناس ضجة
ولم تسكن الا بعد جهد طويل، عاشرته ومارسته باطنا وظاهرا وما علمت
منه الا خيرا وله رسالة في وجوب الجمعة عينا والرد على من أنكر ذلك
خصوصا بعض معاصريه ورسالة في الاجتهاد والتقليد وغير ذلك.
السيد محمد ابن السيد فرج الله الدزفولي.
نسبة إلى دزفول من بلاد تستر.
له فاروق الحق في الفرق بين المجتهدين والاخباريين استوفى فيه
مواضع الخلاف بين الطرفين طبع في هامش الحق المبين في تصويب رأي
المجتهدين ورد الاخباريين.
ملا محمد بن فضل علي بن عبد الرحمن بن فضل علي الشرابياني المعروف
بالفاضل الشرابياني وبملا محمد المقرر.
ولد في شرابيان قرية من قرى أذربيجان سنة ١٢٤٨ وتوفي في صباح
الجمعة ١٨ رمضان سنة ١٣٢٣ تلمذ على السيد حسين الترك الكوه كمري
مدة حياته وكان معيدا لدروسه وله الإجازة منه وأدرك الشيخ مرتضى
الأنصاري. له كتب في الفقه والأصول وقلد في أذربيجان وقفقاسية بعد
الميرزا الشيرازي وكان حسن الأخلاق ودرسه من لفيف الناس رأيناه
بالنجف وسمعنا درسه أياما قليلة.
السيد محمد بن فضل الله الحسني.
وجد في بعض المجامع ما لفظه: قال الفقير الجاني محمد بن نصر الله
الحسني الحسيني هذه القصيدة في طوس صانها الله بعد منصرفه من حضرة
(٣٦)

سيده ومولاه علي بن موسى الرضا ع وجل مدارها على ثلاثة أقسام قسم
في ركوب الاخطار وخوض البحار وقطع الفيافي والقفار وقسم في التأسف
والتلهف على اندراس العلم في تلك الأمصار وقسم في مدح الأئمة الاطهار
والسادة الأبرار عليهم صلوات الملك الجبار ونسأله أن يدخلنا جنته وان
يعفينا من عذاب النار انه الكريم الغفار.
وصاحب هذه القصيدة من علماء جبل عامل وهو السيد محمد بن
علي بن يوسف بن محمد بن فضل الله من سادات آل فضل الله الكرام
الشهيرين القاطنين بعيناثا:
إلى كم مقاسات الخطوب الصعائب * وقطع الفيافي وارتكاب المتاعب
وخوضني عباب البحر والبحر زاخر * له زفرة تنسي فراق الحبائب
وجوبي شرق الأرض والغرب طالبا * لأعلى مقام من جليل المناصب
فتيا لدنيا طبعها الغدر لم تزل * تصيب بني العليا بسهم النوائب
فشا الجهل في الدنيا فتعسا لأهله * وسحقا لهم حازوا جميع المعائب
فوا أسفا للعلم شتت شمله * وعطل حتى ما له من مطالب
عسى يسعف الرحمن فيما أريده * وتقضي لباناتي وكل ماربي
ألفت فراق الأهل واعتضت عنهم * متون الجياد والصافنات السلاهب
تحقر عندي همتي كل مطلب * ويقصر في عيني طويل المطالب
وقائلة ما نلت فيما قطعته * من الأرض في شرقيها والمغارب
فقلت لها والله أعظم مطلب * وفوق الذي أملت يا بنت غالب
زيارة من يهدي الأنام بهديه * وتمحي به الآثام يوم التحاسب
علي بن موسى حجة الله في الورى * كريم السجايا طيب من أطائب
فهل بعد هذا يا ابنة القوم مطلب * تزج له بزل النياق النجائب
ومنها:
امامي أمير المؤمنين الذي له * مناقب لا تحصى وأي مناقب
تفر الأعادي حين يهتف باسمه * على صهوات الخيل يا ليث غالب
فقدني إلى مغناك يا خيرة الورى * ومغني الالى هم خير ماش وراكب
مهابط وحي الله عيبة علمه * سلالتك الغر الكرام الأطائب
يقول الناشر: وجدنا في المسودات بعد هذه القصيدة على نفس
الصفحة القصيدة الآتية ولكن سمي صاحبها فخر الدين مع نسبته إلى
نفس النسب المتقدم فاحتملنا ان يكون فخر الدين هو لقب المترجم
وهذا ما جاء في المسودات: للسيد فخر الدين بن علي بن يوسف بن
محمد بن فضل الله الحسني يمدح بها الأمير الشيخ علي الفارس الصعبي من
امراء جبل عامل:
هي البيض يروي كل صاد شرابها * هي السمر يردي كل عاد شهابها
وهل أزهرت بالمجد أيام ماجد * وما كان من برق المواضي سحابها
حلا لليالي ان تكدر ما صفا * فما العتب والأيام مر عتابها
أبت همتي ان تقبل الضيم صاحبا * كان نعيم الخفض فيه عذابها
إلى السيف أشكو عصبة لا يثيرها * من النوم الا اكلها وشرابها
مطيتها في السبق غير مجدع * وصاحبها عند الرحيل جرابها
شياة أقامت في الذئاب كأنها * بعدل علي سالمتها ذئابها
مجيب الندا بحر الندى كاشف الردى * بعيد المدى حتف العدى وخرابها
ضروب بحد السيف في كل مشهد * إذا ما حماة الحرب أكدى ضرابها
له الهبوات السود والجرد شزب * بكل طويل الباع تردى عرابها
له حيدر درع وناصيف ناصر * سباع قراع غابة السمر غابها
جبال يقيل العالمون بظلهم * إذا جمرة الأيام عم التهابها
تحف بهم من آل صعب عصابة * كثير على جرح النصال اعتصابها
مصاليث طعانون من خوف بأسهم * تميد من الشم الرعان صلابها
كرام وهل يعدو السماح قبيلة * لمثل علي في الزمان انتسابها
لعمري لقد ارضى عليا سميه * بعزمات صدق نصرة الحق دابها
لياليه بيض بحسد الصبح نورها * وأيامه عند الحسيب احتسابها
تسربل أثواب المعالي وذيلها * طويل فما يغني الحسود اجتذابها
علي العلى يا من مقامات فضله * على كاغد الأيام خط كتابها
قصدتك بالظن الجميل لحاجة * على الله في الدارين يرجى ثوابها
ممنعة الا عليك لأنها * لدى عصبة مر المذلق خطابها
سللت حسام النصر لما رأيتها * يريق دم الألفاظ هدرا جوابها
فقم غير مأمور بها ان جاهكم * تذل له هام الورى ورقابها
وان زكاة الجاه يا سيد الورى * على الحر فرض لا يراعي نصابها
عهدتك عضبا قاطعا لا يفله * قراع وسهما ليس يخطي صوابها
أبى الله يا حامي الحمى ان يصدني * بمرآك عن نيل الأماني حجابها
تراض بك الحاجات بعد شماسها * كما ريض من قب البطون صعابها
فدونكها كالراح معنى ورقة * لها اللفظ كأس والبديع حبابها
ومسكرة أبياتها فكانها * ثغور حسان والمعاني رضابها
فتاة لها من در بحر صفاتكم * حلي ومن نسج الفؤاد ثيابها
بقيت بقاء الشمس يا نور عينها * وكفك مفتاح العطايا وبابها
أبو عبد الرحمن محمد بن فضيل بن غزوان بن جريرا أو حرب الضبي
مولاهم الحافظ الكوفي.
وفاته
توفي بالكوفة سنة ١٩٥ عن البخاري وفي انساب السمعاني وطبقات
ابن سعد الكبرى أو ٩٤ في أولها عن أبي داود أو ٩٧ في ميزان الاعتدال
وشهد جنازته وكيع بن الجراح.
نسبته
وغزوان بغين معجمة مفتوحة وزاي ساكنة وواو وألف ونون
والضبي نسبة إلى بني ضبة ذكر في محمد بن حبيب وفي انساب السمعاني
والمنتسب إليهم ولاء أبو عبد الرحمن محمد بن فضيل بن غزوان بن حرب
الضبي من أهل الكوفة وكان مولى بني ضبة. وفي طبقات ابن سعد عنه أنه قال
شهد جدي غزوان القادسية مع مولاه رجل من بني ضبة قيل وما كان
غزوان؟ قال روميا وفي تهذيب التهذيب كان أبوه ثقة وكان عثمانيا.
أقوال العلماء فيه
قال الشيخ الطوسي في رجاله: محمد بن فضيل بن غزوان الضبي
مولاهم أبو عبد الرحمن من أصحاب الصادق ع ثقة وفي الطبقات
الكبير محمد بن الفضيل بن غزوان الضبي مولى لهم ويكنى أبا عبد الرحمن
وكان ثقة صدوقا كثير الحديث متشيعا وبعضهم لا يحتج به. وفي تذكرة
الحفاظ: محمد بن فضيل بن غزوان المحدث الحافظ أبو عبد الرحمن الضبي
(٣٧)

مولاهم الكوفي كان من علماء هذا الشأن وثقه يحيى بن معين وقال احمد:
حسن الحديث شيعي قلت كان متواليا فقط قرأ القرآن على حمزة وقد دخل
على المنصور ليسمع منه فوجده مريضا وقال أبو داود كان شيعيا محترقا
اه وفي تهذيب التهذيب محمد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبي
مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي قال أبو زرعة: صدوق من أهل العلم وقال
أبو حاتم: شيخ وقال النسائي ليس به باس، وذكره ابن حبان في الثقات
وقال كان يغلو في التشيع وقرأ القرآن على حمزة الزيات وقال العجلي: كوفي
ثقة شيعي قال علي بن المديني: كان ثقة ثبتا في الحديث الا انه كان منحرفا
عن عثمان وقال يعقوب بن سفيان: ثقة شيعي ثم ذكر عن أبي هشام
الرفاعي ترحمه على عثمان وما ينفي تشيعه من رؤيته على خفة اثر المسح
وصلاته خلفه ما لا يحصى فلم يسمعه يجهر يعني بالبسملة وفي انساب
السمعاني: كان يغلو في التشيع وفي ميزان الاعتدال: محمد بن فضيل بن
غزوان كوفي صدوق مشهور يكنى أبا عبد الرحمن الضبي مولاهم وكان
صاحب حديث ومعرفة. وفي خلاصة تذهيب الكمال: محمد بن فضيل بن
غزوان الضبي أبو عبد الرحمن الكوفي الحافظ شيعي غال باطنه لا يسب
وعن تقريب ابن حجر صدوق عارفة رمي بالتشيع من التاسعة وعن مختصر
الذهبي ثقة شيعي.
مشائخه
في تذكرة الحفاظ: حدث عن أبيه وبيان بن بشر وإبراهيم الهجري
وحبيب بن أبي عمرة وحصين بن عبد الرحيم وعاصم الأحول وزاد في
تهذيب التهذيب: روى عن إسماعيل بن أبي خالد والمختار بن فلفل وأبي
إسحاق الشيباني وأبي مالك الأشجعي وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد
الأنصاري وبشير أبي إسحاق ورقبة بن مصقلة والأعمش وأبي سنان
ضرار بن مرة وعمارة بن القعقاع والعلاء بن المسيب وأبي حيان التميمي
وخلق كثير.
تلاميذه
في تهذيب التهذيب: روى عنه الثوري وهو أكبر منه وأحمد بن حنبل
وإسحاق بن راهويه وأحمد بن إشكاب الصفار وأحمد بن عمر الوكيعي وأبو
خيثمة وقتيبة وعبد الله بن عمر بن ابان وعبد الله بن وزرارة وأبو بكر
وعثمان ابنا أبي شيبة وعمرو بن علي الفلاس وأبو سعيد الأشج وعمران بن
ميسرة وعياش بن الوليد الرقام ومحمد بن جعفر الفيدي ومحمد بن سلام
البيكندي وأبو موسى وأبو كريب وأبو هاشم (١) الرفاعي وواصل بن عبد
الاعلى ومحمد بن عبد الله بن نمير وأحمد بن سنان القطان ومحمد بن زنبور
المكي وعلي ابن حرب الطائي وعلي بن المنذر الطريقي وأحمد بن عبد الجبار
العطاردي وآخرون. وفي تذكرة الحفاظ: حدث عنه أحمد بن بديل
والحسن بن عرفة وأبو سعيد الأشج وعلي بن حرب.
مؤلفاته
في تهذيب التهذيب: صنف مصنفات في العلم. وفي تذكرة الحفاظ
انه مؤلف كتاب الزهد وكتاب الدعاء وغير ذلك.
السيد محمد الملقب بالمهدي بن فلاح الموسوي المشعشعي بن هبة الله بن
حسن بن علي المرتضى ابن السيد عبد الحميد النسابة ابن أبو علي الفخار
ابن احمد ابن أبو الغنائم بن أبي عبد الله الحسين بن محمد بن إبراهيم
المجاب بن محمد صالح ابن الإمام موسى الكاظم ع.
توفي في شعبان سنة ٨٦٦.
ذكره حفيده السيد علي خان ابن السيد عبد الله خان ابن السيد علي
خان في رحلته المسماة صفة الصفوية فقال: ابتدأت أولا بسيرة من مضى
من الأجداد، وأول من حكم منهم السيد الحسيب النجيب ذو الرأي
السديد والعالم المفيد الشجاع المعروف علامة عصره السيد محمد الخ. ولد
بواسط وقرأ على أحمد بن فهد الحلي من أكابر الصوفية ومن أعاظم مجتهدي
الشيعة الاثني عشرية وكان الداعي لتوصل المترجم إليه هو انه لما بلغ ١٧
سنة وقرأ القرآن وتعلم الكتابة وقرأ مقدمة من العلم طلب إلى والده ان يقرأ
على الشيخ في مدرسته بالحلة وكان والده ضنك المعيشة فاذن له فذهب إلى
الحلة وقرأ على الشيخ وصرف ليله ونهاره في المطالعة والدرس فبلغ المراقي
الجليلة في المدة القليلة حتى رضي عنه أستاذه خير الرضي وصار يدرس بدله
عند غيابه بإجازة منه.
ثم يذكر له بعض الأساطير إلى أن يقول:
وذهب إلى خوزستان فعمل عندهم ما عمله عند أولئك فعلا امره
واشتهر ولقب نفسه بالمهدي وذلك سنة ٨٢٨ واستولى على جميع
خوزستان.
وذكره في المجلد الثاني من ايجاز المقال في علم الرجال للشيخ فرج
الله بن محمد الحويزي فقال: محمد بن فلاح بالفاء واللام والألف والحاء
المهملة السيد الموسوي لكنه مخلط وهو جد بيت المهدي اه. وفي كتاب
مخطوط يظن أن اسمه كتاب الأنوار بعد نقل ما تقدم عن ايجاز المقال ما
لفظه: أقول وذلك أن السيد محمد يلقب بالمهدي ولا يخفى انه بعد ان ذكر
صاحب ايجاز المقال السيد محمد قال: ومحمد هذا هو المهدي المشهور
بالحويزة قد طلب العلم في مدرسة الحلة وتلمذ على الشيخ الجليل أحمد بن
فهد. وفي تاريخ الغياثي: كان عالما بجميع العلوم، المعقول والمنقول
وكان عارفا بالتصوف وصاحب رياضات وقيل اعتكف بمسجد الكوفة سنة
كاملة وقوته شئ قليل من دقيق الشعير وقد ظهر منه تخليط في ابتداء ظهوره
سنة ٨٤٠ حتى أمر أستاذه بقتله وله كتاب رأيته يميل به إلى الحلولية معدن
تخليط وزخارف غلب على عقول بعض الناس في التاريخ المذكور. وقد
نقل القهباني ان ولده المولى علي حكم في زمانه وقتل بسهم في حصاره قلعة
بهبهان سنة ٨٦١ وبقي السيد محمد أبوه بعده يتولى الامر ومات في التاريخ
السابق وتولى بعده ولده الحسن. وعن رياض العلماء أنه قال: ومن تلامذة
أحمد بن فهد الحلي السيد محمد بن فلاح الموسوي الواسطي أول سلاطين
المشعشعية.
الدولة المشعشعية
عن كتاب تنبيه وسن العين لتنزيه الحسن والحسين في مفاخرة بني
السبطين للسيد محمد بن علي بن حيدر بن محمد بن نجم الحسيني الحسني
الموسوي أنه قال في أواسط هذا الكتاب عند تعداد ملوك بني الحسين
هكذا: ومن الممالك الحسينية مملكة المشعشعية قال صاحب النفحة العنبرية

(١) مرانه أبو هشام.
(٣٨)

بضم الميم وفتح الشينين المعجمتين قال والذي في زماننا وما قبله إلى قبل
التسعمائة استقرار ملكهم في خوزستان، والحويزة في هذا الزمان مقر ملك
هؤلاء السادة مع تملكهم سابق على ملك أولهم الشاة إسماعيل كذا اخبرني
بمكة المشرفة ملكهم الآن السيد الجليل علي بن عبد الله وهم عرب كرام
أمجاد ابطال انجاد وتحت ملكهم وطاعتهم من عرب جهتهم ألوف كثيرة
فوارس شجعان وقد أخذوا البصرة في حدود ١١١٠ لملك العجم الذي هم
في طاعته ثم ردها على السلطان الأعظم ملك الروم والحرمين الشريفين
للمعاهدة والمهادنة التي بينهما اه وفي مجالس المؤمنين ان سلاطين بني
المشعشع إلى الآن أكثر ولاية خوزستان بأيديهم اه.
عفيف الدين أبو عبد الله محمد بن فيروز بن عبد الله بن هبة الله بن كامل
البغدادي الفقيه.
كان حسن السيرة ذكره الدبيثي وقال ولد بحصن كيفا وتفقه ببغداد
على فخر الدين النوقاني ودخل واسط لأجل القراءة ثم استوطن الموصل
وحج فلما رجع مات في النجف سنة ٦٢٨ ودفن بمشهد الإمام علي ع. (١)
الشيخ محمد قاسم بن محمد رضا الهزارجريبي.
من مشاهير فضلاء عصر المجلسي ومن اصهاره ومن العلماء
المصنفين. ذكره تلميذه الآقا محمد باقر الهزارجريبي في اجازته لبحر
العلوم.
السيد محمد ابن ميرزا شاة قاسم السبزواري.
توفي سنة ١١٩٨ بالمشهد المقدس الرضوي ودفن في أحد حجرات
الصحن الجديد الشمالية وعمره ثمانون سنة تقريبا ذكره في فردوس التواريخ
فقال: الفقيه المؤيد والسيد المسدد فاضل نحرير وفقيه بصير كانت له
في عصره مرجعية عامة وشهرة تامة مولده في سبزوار ثم سافر إلى المشهد
المقدس الرضوي بعد تكميل علومه فاشتغل هناك بترويج الفنون ونشر
أحكام الشريعة فحصل له هناك كل الاعتبار والاقتدار حتى أن نصر الله
ميرزا ابن شاة رخ ابن نادر شاة فوض إليه امامة الجمعة في المشهد المقدس
فبقي في هذا المنصب الجليل إلى أن توفي فاعطي هذا المنصب لميرزا مهدي
الشهيد ويقال ان للمترجم مصنفات كثيرة لكنها لم تشتهر حج وزار الأئمة
ع مرارا ولم يعقب.
السيد محمد ابن السيد مير قاسم الطباطبائي الفشاركي الأصفهاني.
توفي في ١٣ ذي القعدة سنة ١٣١٦ ودفن في بعض حجر الصحن
الشريف الشرقية
في تتمة أمل الآمل: كان شريكنا في الدرس عشرين سنة عند سيدنا
الأستاذ الميرزا الشيرازي في سامراء كان أفضل تلامذة السيد، عالم محقق
مدقق نابغ متبحر ذو غور وفكر يغوص في المطالب الغامضة ويصل إلى
حقائقها وخفي دقائقها وكان يدرس في سامراء في حياة سيدنا الأستاذ وتربى
عليه جماعة من الأفاضل جاء من بلده مع امه إلى كربلاء واخذ في الاشتغال
حتى صار يحضر درس الأردكاني وفي حدود سنة ١٢٨٦ هاجر إلى النجف
للحضور على سيدنا الأستاذ ولازم عالي مجلس درسه ولما كانت سنة ١٢٩١
وهاجر السيد إلى سامراء هاجر هو أيضا بعده وبقي ملازما له مجدا مكدا في
تحصيل مطالبه ويدرس في الفقه والأصول وكان من خواص أصحاب السيد
ومن أهل مشورته إلى أن توفي السيد في شعبان سنة ١٣١٢ فجاءه جماعة
وأرادوه على التصدي للأمور فابى وقال: أن الرياسة تحتاج إلى أمور غير
العلم وانا رجل وسواسي لا يسوع لي غير التدريس وأشار عليهم بالرجوع
إلى الميرزا محمد تقي الشيرازي وخرج من سامراء إلى النجف وجعل يدرس
فيها وحضر درسه الأفاضل وطار ذكره واشتهر صيته فلم تطل أيامه وتوفي
وكان شديد الاحتياط كثير الوسواس في الطهارة والنجاسة وسائر المعاملات
وكان يعتقد نجاسة أكثر الأشياء ولا يكتب أسماء الله على القرطاس
انتهى وهذا إذا صح عنه فيه شذوذ في الطبيعة. خلف أربعة أولاد
السيد محمد باقر والسيد عباس والسيد علي أكبر والسيد أبو طالب.
رأيته في النجف بعد رجوعه من سامراء ودرسه عامر وقد أخبرت أنه
في ضائقة كثير العيال ورأيته مرارا يحمل الخبز الكثير في طرف عباءته لعياله
ومن تلاميذه الشيخ عبد الكريم اليزدي نزيل قم الشهير.
السيد أبو عبد الله تاج الدين محمد بن القاسم بن الحسين الحسني الديباجي
الحلي النسابة المعروف بابن معية.
توفي ٨ ربيع الآخر سنة ٧٧٦ في الحلة وحملت جنازته إلى مشهد أمير
المؤمنين ع كما عن مجموعة الشهيد.
فاضل عالم جليل القدر وشاعر أديب نسابة يعرف بابن معية بضم
الميم وفتح العين وتشديد المثناة التحتية ينتهي نسبه بخمس عشرة واسطة إلى
أبي القاسم المشهور بابن معية بن الحسن بن الحسن بن إسماعيل الديباج بن
إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى ابن الإمام السبط الحسن المجتبى ع
يروي عنه الشهيد وذكره في بعض اجازاته وقال أنه أعجوبة الزمان
في جميع الفضائل والمآثر. وذكر الشهيد في مجموعته قال: أجازني وأجاز
ولدي أبا طالب محمدا وأبا القاسم عليا في سنة ٧٧٦ قبل وفاته وخطه
عندي شاهد. وقال في حقه تلميذه النسابة جمال الملة والدين السيد أحمد بن
علي بن الحسين الحسني صاحب عمدة الطالب: شيخي المولى السيد العالم
الفاضل الفقيه الحاسب النسابة المصنف إليه انتهى علم النسب في زمانه وله
الأسانيد العالية والسماعات الشريفة أدركته قدس الله روحه شيجا وخدمته
قريبا من اثنتي عشرة سنة قرأت عليه ما أمكن حديثا ونسبا وفقها وحسابا
وأدبا وتاريخا وشعرا إلى غير ذلك فأجاز لي أن الأزمة ليلا فكنت ألازمه ليالي
من الأسبوع اقرأ فيها ما لا يمنعني منه القوم فمن تصانيفه كتاب في معرفة
الرجال خرج في مجلدين ضخمين ونهاية الطالب في نسب آل أبي طالب ثم
ذكر مصنفاته وبعض فضائله. وقال الشهيد الثاني في اجازته للشيخ
حسين بن عبد الصمد: رأيت خط هذا السيد المعظم بالإجازة لشيخنا
الشهيد السعيد شمس الدين محمد بن مكي ولولديه محمد وعلي ولأختهما أم
الحسن فاطمة المدعوة بست المشائخ اه ومن شعره قوله لما وقف على
بعض انساب العلويين ورأى قبح أفعالهم فكتب عليه:
يعز على اسلافكم يا بني العلى * إذا نال من اعراضكم شتم شاتم
بنو لكم مجد الحياة فما لكم * أسأتم إلى تلك العظام الرمائم
ترى ألف بان لا يقوم بهادم * فكيف ببان خلفه ألف هادم

(١) مجمع الآداب.
(٣٩)

وله:
أحسن الفعل لا تمتت بأصل * أن بالفعل خسة الأصل توسى
نسب المرء وحده ليس يجدي * أن قارون كان من قوم موسى
وقوله:
ملكت عنان الفضل حتى أطاعني * وذللت منه الجامح المتعصبا
وصاربت عن نيل المعالي وحوزها * بسيفي ابطال الرجال فما نبا
وأجريت في مضمار كل بلاغة * جوادي فحاز السبق فيهم وما كبا
ولكن دهري حامح عن مراتبي * ونجمي في برج السعادة قد خبا
ومن غالب الأيام فيما يرومه * تيقن أن الدهر يضحي مغلبا
وهو واسع الرواية كثير المشائخ يروي عن جم غفير من علمائنا
المعاصرين له واسماؤهم مسطورة بخطه في اجازته للشهيد الأول وهم
ثلاثون من أعاظم العلماء اه.
السيد مير محمد قاسم الحسيني المختاري السبزواري النسابة المختاري
نسبة إلى بني المختار طائفة معروفة من العلويين
نقل القاضي نور الله في مجالس المؤمنين عن المترجم في بعض
مؤلفاته ووصفه بالسيد الفاضل
وقال السيد شهاب الدين الحسيني النجفي نزيل قم فيما كتبه إلينا:
هو من أجلة بني المختار صاحب التأليف النسبية والموظف من قبل الصفوية
لجمع انساب العلويين وضبطها اه
المولى محمد قاسم ابن المولى محمد صادق ابن المولى سراب بن عبد الفتاح
التنكابني
في ذيل اجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان عالما ورعا صالحا اجتمعت به في طريق أذربيجان ثم في
المعسكر وقد ولي قضاء مازندران وقد رأيت عنده اجازة له من بعض علماء
أصفهان ثم انقطع به العهد رحمة الله عليه حيا أو ميتا
الميرزا محمد قاسم بن محمد تقي بن محمد قاسم الأربادي
توفي سنة ١٣٣٣
له مؤلف في الفقه الاستدلالي المبسوط خرج منه أكثر كتب الفقه في
عدة مجلدات وله رسالة في التعادل والترجيح
الشيخ محمد قاسم ابن الشيخ محمد علي النجفي من بيت المشهدي
توفي سنة ١٢٩٠
من أهل أواسط القرن الثالث عشر له كتاب كنز الاحكام شرح
شرائع الاسلام وجد منه نسخة بخطه قال في اجازته الميرزا احمد الفيضي
أنه خرج منه تسع مجلدات ونرجو الله توفيق التمام. ووجدنا له اجازة من
السيد محمد باقر ابن السيد محمد تقي الرشتي الموسوي على أحد مجلدات
الكتاب جاء فيها في حق المترجم: شيخنا الجليل والفاضل النبيل والعادم
العديل والفاقد البديل غرة ناصية الفقاهة والاجتهاد صاحب الفضائل
والفواضل والمحامد والمكارم ابن الشيخ محمد النجفي الشيخ قاسم ووجدته
نجما زاهرا وبحرا زاخرا وحبرا ماهرا وفقيها كاملا ووجدت كتابه هذا
الشرح النافع الضائع على متن كتاب الشرائع من أحسن ما كتب في هذا
الشأن ثم استجزنا منه في الرواية فبادر بالإجابة واستجاز منا مع فقد القابلية
فلم أجد بدا من اجابته فاستخرت الله تعالى وأجزت له أن يروي عني كل
ما صحت روايته من كتب أصحابنا الأبرار لا سيما الكافي والفقيه والتهذيب
والاستبصار والوافي والوسائل والعوالم والبحار عن مشائخي الفضلاء الأخيار
مثل السيد السند والركن المعتمد أفقه فقهاء الأقطار وصاحب مطالع الأنوار
العلامة مولانا السيد محمد باقر ابن السيد محمد تقي الرشتي الموسوي عن
مشائخ وعن شيخي الأستاذ ووالدي العماد البدل العالم النبيل السيد زين
العابدين ابن السيد أبي القاسم جعفر ابن السيد المحقق العلامة السيد
حسين ابن السيد أبي القاسم شيخ رواية مولانا الميرزا أبي القاسم القمي
عن والده السيد أبي القاسم المذكور عن جده السيد حسين المذكور عن
المولى محمد صادق ابن مولانا محمد الشهيد المازندراني عن أبيه العلامة عن
العلامة السبزواري مولانا محمد باقر بن محمد مؤمن صاحب الكفاية
والذخيرة بحق روايته عن مشائخه وكتب هذا في غرة شهر ربيع الثاني أحد
شهور سنة ثمان وستين بعد الألف ومائتين. ويروي عنه بالإجازة الميرزا
احمد الفيضي
الشيخ محمد ابن الشيخ قاسم محيي الدين العاملي الجامعي
توفي بالطاعون سنة ١٢٤٧ ودفن في الصحن الشريف في مقبرتهم
المعروفة
قال ابن أخيه الشيخ جواد محيي الدين في ملحق أمل الآمل: ومن
علماء آل أبي جامع عمنا الشيخ محمد ابن العلامة الشيخ قاسم محيي الدين
كان عالما فاضلا تقيا صالحا عابدا ورعا تولى البحث والتدريس بعد أبيه
زين الدين محمد بن القاسم المعروف بالبرزهي
البرزهي بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الزاي وكسر الهاء
بعدها ياء النسبة نسبة إلى برزه بهاء صحيحة بلدة ببيهق واما برزة البلدة
التي بظاهر دمشق فهاؤها للتأنيث فالنسبة إليها برزي ككل ما آخره هاء
التأنيث وفي انساب السمعاني أن النسبة إلى برزة التي بظاهر دمشق برزي
وقد وقع هنا عدة اشتباهات الأول ما في القاموس في فصل الباء باب
الزاي من أن البرزة العقبة من الجبل وفرس العباس بن مرداس وقرية
بدمشق وقرية ببيهق والنسبة برزهي اه اي النسبة إلى التي ببيهق وعليه
فتكون برزه بالهاء الصحيحة عن ياقوت في معجم البلدان برزه بالهاء
الصحيحة اه وعلى هذا فمحل ذكرها في باب الهاء لا في باب الزاي كما
لا يخفى فتكون الهاء في النسب من نفس الكلمة لا زائدة كما هو مقتضى
صنيعه الثاني ما في الرياض من أن البرزهي نسبة إلى بزرة التي بظاهر
دمشق وأنها من قرى جبل عاملة أو التي ببيهق اه إما أنه نسبة إلى التي
ببيهق فصواب وأما أنه نسبة إلى التي بظاهر دمشق وأنها
من قرى جبل عاملة فخطأ لأن النسبة إلى التي بظاهر
دمشق برزي لا برزهي ولأن دمشق بعيدة عن جبل عاملة وأين هي
من جبل عاملة الثالث أن صاحب الرياض جعله زين الدين بن
محمد بن القاسم وذكره في حرف الزاي فيمن اسمه زين الدين وهو اشتباه
نشأ من زيادة لفظة ابن قبل محمد من بعض النساخ والصواب أنه زين
الدين محمد فقد ذكره صاحب أمل الآمل في حرف الميم
فيمن اسمه محمد فقال: زين الدين محمد بن القاسم البرزهي كان فقيها
(٤٠)

فاضلا له أقوال في كتب الاستدلال. وفي الرياض كان من أجلة فقهائنا
وقد نقل بعض فتاواه الشهيد في ميراث المسالك ولم أعثر له على ترجمة سوى
ذلك وكتب السيد شهاب التبريزي نزيل قم على هامش الرياض رأيت له
كتابا بخطه ولم يسمه وفي المسالك في ميراث الأجداد الثمانية نقل قولين
وبعد ذكر القول الأول قالا ما لفظه والثاني للشيخ زين الدين محمد بن
القاسم البرزهي
أبو بكر البغدادي محمد بن القاسم
من مشاهير متكلمي الشيعة معاصر لابن همام الذي توفي سنة ٣٣٢
له كتاب الغيبة
الشيخ محمد قاسم العاملي الشحوري
توفي سنة ١٢٠٣ في قرية شحور.
ذكره بعض مؤرخي جبل عامل ويدل كلامه على أنه كان من أهل العلم
والفضل
محمد قاسم المشهدي
كان من شعراء الفرس في عصر الشاة عباس الصفوي الثاني في
أصفهان ثم ذهب إلى الهند وتوفي في حيدرآباد وأشعاره لها مشابهة تامة
بسبك شعر شعراء الهند.
الشيخ محمد قاسم ابن الحاج محمد الكاشاني المتخلص بسروري
له مجمع الفرس فارسي في اللغات الفارسية ويقال له فرهنگ
سروري
الشيخ محمد قاسم ابن الحاج محمد المشهدي
له رسالة اسمها هداية الطريق فارسية وجدت منها نسخة في كرمانشاه
في مكتبة آقا فخر الدين من أحفاد الوحيد البهبهاني.
المولى محمد قاسم بن صادق الاسترآبادي
يروي عنه الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري النجفي ويروي هو
عن المجلسي الأول
الشيخ محمد قاسم الميسي العاملي البغدادي
كان عالما فاضلا معاصرا للسيد نصر الله الحائري ذكره جامع ديوانه
فقال: نجل الأماجد الكرام مولانا الشيخ محمد قاسم الميسي. وذكر فيه
أبياتا يسليه بها عن وقعة ذهب فيها ماله وكلم وجهه وساءت أحواله وهي:
تاس ببدر التم يا شمس ذا العصر * ولا تاس من كلم بوجهك لا يزري
فما زين الدينار الا بنقشه * ولو لم يثقب ما غلا لؤلؤ البحر
وما السهم قبل البري يرسل في الوغى * ولا السيف من قبل الصقال بذي اثر
وإن ثلم الأعداء مالك واجتروا * فعرضك موفور مصان عن الكسر
وأنت خبير انها سجن مؤمن * وجنة زنديق تسربل بالكفر
فثق بالنبي المصطفى وبآله * مهابط وحي الله مستودع السر
فإنهم صلى الإله عليهم * ملاذ لنا في ذي الحياة وفي الحشر
الشيخ محمد القبيسي العاملي
القبيسي مر في الشيخ حسن.
ذكره صاحب جواهر الحكم وقال رأيت له تعليقات على تصريح
الشيخ خالد الأزهري في النحو.
قطب الدين أبو المظفر محمد بن الملك جمال الدين قشتمر بن عبد الله
الناصري البغدادي الأمير الخطيب.
كان أعز الأولاد عند أبيه وأدبه وخرج مع والده إلى دقوقا وأحبه أهل
تلك النواحي ومات بدقوقا في جمادى الأولى سنة ٦٢١ وحمل إلى بغداد
ودفن في تربة أنشأها له بمشهد موسى الجواد ع (١)
السيد محمد المعروف بالقصير
توفي في قم سنة ١٢٥٥ ونقل إلى المشهد الرضوي ودفن فيه.
كان من أعاظم مجتهدي سلسلة السادة الرضوية في المشهد المقدس
اشتهر بالرياسة العامة والفقاهة التامة وجاهد في دفع فتنة خان خيوق
الواقعة بين سلطنة فتح علي شاة ومحمد شاة الأول. من مصنفاته ١
المصابيح في تمام الفقه ٢ إعلام الورى من مبحث الطهارة إلى التيمم ٣
شرح مبسوط على كتاب الخمس والإجازة والقضاء والشهادات ولباس المصلي
من اللمعة الدمشقية ٤ كتاب في الرجال. (٢)
السيد العارف محمد القطب الذهبي الحسيني التبريزي الشيرازي جد الميرزا
أبي القاسم صاحب آيات الولاية وغيره. له فصل الخطاب في العرفان نظما
فيه يسير من النثر وله رسالة في الحكمة.
السلطان محمد قطب شاة السادس ابن الميرزا محمد امين ابن السلطان
إبراهيم قلي قطب شاة الرابع ملك حيدرآباد الدكن في الهند
ولد سنة ١٠٠١ وتولى الملك سنة ١٠٢٠ وتوفي سنة ١٠٣٥
هو ابن أخي السلطان محمد قلي قطبشاه وكان متدينا محبا للعلم
والعلماء وكان يقضي أغلب أوقاته في مذاكرة العلم ومجالسة العلماء وبنى
مسجدا كبيرا في حيدرآباد يعرف باسم مكة مسجد توفي بعد خمسة عشر
سنة من ملكه ودفن في قبة فخمة في مقابر أسلافه وكان أيضا كعمه يحب
الشعر وكان تخلصه الشعري عروجي وعن كتاب كنز اللغة أن السلطان
محمد قطبشاه المذكور كتب سلسلة نسبه بخطه على هذا النحو: محمد
قطبشاه بن ميرزا محمد امين بن إبراهيم قطبشاه بن سلطان قلي قطب
الملك بن أويس قلي بن بير قلي بن الوند بيك بن ميرزا إسكندر بن قر
يوسف بن قر محمد تركمان (٣)
الشيخ محمد آل قعيق العاملي
توفي سنة ١١٤٧
وقعيق بلفظ تصغير قعق.
كان عالما فاضلا ذكره الشيخ محمد بن مجير
العنقاني في كتيبه
السلطان محمد قلي قطب شاة الخامس
ولد سنة ٩٧٤ وتوفي ١٠٢٠ وعمره ٤٦ سنة
هو الولد الثالث للسلطان إبراهيم قطبشاه الرابع تولى الملك بعد وفاة
أبيه سنة ٩٨٨ وعمره ١٥ سنة وكانت السلطنة القطب شاهية في عهده في أوج
العروج ونهاية الترقي والعظمة وكانت له رغبة زائدة في التعميرات وهو

(١) مجمع الآداب.
(٢) مطلع الشمس.
(٣) مآثر دكن.
(٤١)

الذي بنى مدينة حيدرآباد الدكن إلى غير ذلك من مساجد ومستشفيات
وعمارات اثرية لا تزال موجودة واليه أوفد الشاة عباس الصفوي من إيران
سفيرا من قبله وكان ملكا خيرا ذا رحمة وشفقة وكان يعفو عن أكثر
المحصولات والجبايات التي تجبى من الرعايا. حكم زهاء إحدى وثلاثين
سنة وكان ينظم الشعر باللغتين الفارسية والأردو الهندية وكان تخلصه في
شعره قطبشاه ودفن في قبة كبيرة في مقابر أسلافه (١)
المولى محمد الشهير بعبد الشريف القمي
له الفوائد الرضوية في شرح حديث رأس الجالوت ومسائله للرضا
ع فرع منه ١٤ ربيع الأول سنة ١٠٩٩ وذكر أن له يومئذ ٧٠ سنة
ووفق للشرح في أقل من ٤٠ يوما
الشيخ محمد بن الحاج قنبر المدني الكاظمي
توفي بالكاظمية سنة ١٣١٤
له الكشكول في ثلاث مجلدات ضخام وهي مجموعة فوائد وخرائد
وله كتاب النخب ٨ مجلدات وله كتاب التقاط الدرر منتخبات من شرح ابن
أبي الحديد على نهج البلاغة
ميرزا محمد القمي
له كتاب الأربعين الحسينية فارسي مطبوع فرع من تاليفه سنة ١٣٢٨
السيد قوام الدين محمد القزويني
وصفه جامع ديوان السيد نصر الله الحائري بالفاضل العلامة وأرسل
إليه السيد نصر الله هذه الأبيات:
يا قوام الدين يا سيدنا * يا من العصر به قد زينا
لا تظن العشق للعين فقط * أن عشق الاذن كم أولي ضني
ولقد رمنا مديحا لكم * فرأينا العجز قد اقعدنا
وقبيح قولنا شمس الضحى * لم يزل يبصرنا منها ألسنا
فعد لنا عنه يا بحر الندى * لدعاء خالص غض الجنا
فاسمحوا لي بكتاب نائب * عنكم يجلو عن القلب العنا
إن من لم يك ماء عنده * كان في الترب له عنه غنى
فسقاك الله روح الأمن في * قدح السعد لدى روض إلها
ملا محمد القيم الحلي
كتب إلى الشيخ حمادي بن نوح الحلي بهذين البيتين:
أبا قاسم شوقي إليك أقله * أذاب فؤادي لوعة وتوقدا
وبعدي عن تلك الربوع فإنه * وعينيك ما أبقى لقبي تجلدا
فاجابه الشيخ حمادي بقوله:
أ شوقك يا شوقي إلي أقله * أذابك قلبا لوعة وتوقدا
وبعدك عن اكناف حلة بابل * لقلبك ما أبقى وعيني تجلدا
فلا جادت الفيحاء غادية الحيا * إذا كنت منها قيد رمحين ابعدا
فخذ يا رسولي من سواد نواظري * سطورا بها تلقى كئيبا محمدا
وقل ما لك استوفت رسائلك الشجى * لمن بات قدما في هواك مسهدا
أ أعلمك السلوان عنه عصائب * له أصبحت إذ راح يهواك حسدا
فصرت على بعد له تبعث الشجى * يخامره فرط الضنا متعمدا
لئن طرق السلوان فكرك فالهوى * أغار دواما في حشاه وانجدا
الشاة محمد الكاتب المشهدي المتخلص بالواثقي تلميذ سليم الكاتب
كان يكتب خطا جيدا في الغاية وله سليقة نظم الشعر الفارسي (٢)
الشيخ محمد الكاشي الأصفهاني
أخبرنا من لفظه السيد أبو الحسن الأصبهاني النجفي المجتهد المشهور
أن المترجم كان عالما في علوم عديدة منها علم الحكمة والرياضي وكان من
مشائخه قرأ عليه في أصفهان.
الميرزا محمد كاظم الناظر ابن الميرزا محمد صادق بن محمد كاظم بن
إبراهيم بن محمد رضا بن محمد بن محمد مهدي الشهيد ابن محمد إبراهيم
ابن ميرزا محمد بديع الرضوي المشهدي
توفي في شوال سنة ١٣٢٠ ودفن في الرواق المطهر قرب قبر أبيه
في الشجرة الطيبة: السيد السند الجليل والركن الوثيق الأصيل
شمس فلك السيادة والنجابة وبدر سماء الرفعة والمناعة عهدة الأعيان
والأعاظم سمي جده محمد كاظم نال منصب النظارة بعد أبيه الذي هو أعلى
المناصب فتقلده بالصدق والكفاية وسعى سعيا بليغا في مصالح الآستانة
الخيرية لا يتكلم بغير الخير للعباد ولا يترك من جهده جهدا حج مع أبيه
بيت الله الحرام وزار النبي وآله الكرام عليهم آلاف التحية والسلام وبقي
في منصب النظارة عشرين سنة وأوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقام
بالنظارة بعده ولده الميرزا محمد مهدي
ميرزا محمد علي ابن الحاج محمد كاظم الدربندي الشهير بكاظم بك
كان مدرسا في مدرسة دار الفنون في قنتاسيا على عهد القياصرة.
له كتاب مفتاح كنوز القرآن ألفه باسم ناصر الدين شاة مطبوع مرتب
على حروف المعجم لمعرفة الآيات والكلمات مطبوع في روسيا.
ملا محمد كاظم بن محمد شفيع الهزارجريبي الحائري
ذكره النوري في دار السلام فقال: العالم الفاضل الجليل المولي محمد
كاظم الهزارجريبي رحمة الله عليه وهو تلميذ الآقا محمد باقر البهبهاني وله
من المؤلفات تحفة المجاورين يروي فيه عن شيخه البهبهاني وعن الميرزا
محمد مهدي الشهرستاني وعن صاحب الرياض وله تذكرة الفتن وله رسائل
ومصنفات كثيرة وله فصل الخطاب في الاحتجاج يشبه احتجاج الطبرسي.
الميرزا محمد كاظم ابن الميرزا محمد تقي ابن ميرزا على رضا ابن
ميرزا حسن المجتهد الرضوي المشهدي الملقب بالفخر.
توفي سنة ١٣٣٥
قرأ مدة في العتبات العاليات في الفقه والأصول على العلماء الأعلام
ثم اشتغل بترويج الأحكام الشرعية في بلدة ترشيز.

(١) مآثر دكن.
(٢) مطلع الشمس.
(٤٢)

السيد محمد كاظم اليزدي ابن السيد عبد العظيم الكسنوي النجفي
الطباطبائي الحسني الشهير باليزدي.
ولد في كسنو قرية من قرى يزد على مسافة ثلاثين ميلا منها سنة
١٢٤٧ وكسنو اسم بنت يزدجرد آخر سلاطين الفرس الذي فر هاربا فقتل
في طاحونة وكانت القرية لها فسميت باسمها وتوفي في النجف بذات الرئة
وداء الجنب بين الطلوعين من يوم الثلاثاء ٢٨ رجب سنة ١٣٣٧ ودفن في
مقبرته المعروفة خلف جامع عمران في المشهد العلوي. ينتهي نسبه إلى
إبراهيم الغمر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع.
كان فقيها أصوليا محققا مدققا انتهت إليه الرياسة العلمية وكان معول
التقليد في المسائل الشرعية عليه وقبض على زعامة عامة الامامية وسوادهم
وحببت إليه الأموال الكثيرة مما يقل أن يتفق نظيره ولكن كثيرين من الناس
كانوا ناقمين على وجوه صرفها. نشأ على العمل في الزراعة مع أبيه ثم عزم
على طلب العلم على الكبر فقرأ في يزد المبادئ العربية وسطوح الفقه
والأصول ثم خرج إلى أصفهان فاخذ عن الشيخ محمد باقر الأصبهاني ابن
الشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم والحاح محمد جعفر الابادئي وفي
سنة ١٢٨١ هاجر إلى النجف مع الشيخ محمد تقي الشهير باقا نجفي
والشيخ محمد حسين والشيخ محمد علي الأصبهانيين أبناء أستاذه المتقدم
الشيخ محمد باقر وفي هذه السنة توفي الشيخ مرتضى الأنصاري فلم يتسن
له الأخذ عنه وأخذ عن الفقيهين الشيخ مهدي الجعفري والشيخ راضي
النجفي الشهير وعن الميرزا الشيرازي قبل خروجه إلى سامراء وانصرف إلى
التدريس والتآليف وكان لغويا متقنا فصيحا قيما بالعربية والفارسية ينظم
وينثر فيهما جيد النقد قوي التمييز. وكان يصلي جماعة في الصحن الشريف
ويأتم به الخلق الكثير ويحضر درسه نحو ٢٠٠ تلميذ. صنف العروة
الوثقى رسالة في العبادات للمقلدين فيها فروع كثيرة جيدة الترتيب أفرز
فيها كل فرع على حدة بعنوان مسالة وجعل لاعداد مسائلها أرقاما فسهل
التناول منها وأقبل الناس عليها ونسخت نجاة العباد طبعت مرتين بالعربية
وطبع معها بعض أبواب المعاملات وزيد في الطبعة الثانية كتاب الحج لم يتم
وترجمت إلى الفارسية وطبعت باسم الغاية القصوى وعلق عليها بعد
وفاتها كل من نصب نفسه للتقليد وجملة منها طبعت مع التعليق وبذلك
تكون قد طبعت ما يزيد عن خمس مرات ولها تتمة في جملة من أبواب
المعاملات مع الاستدلال طبعت بعد وفاته في جزئين صغيرين فيهما
القضاء والرياء والوقف والعدد والهبة ٢ حاشية المكاسب مطبوعة ٣
كتاب التعادل والتراجيح مطبوع ٤ رسالة في اجتماع الأمر والنهي مطبوعة
٥ رسالة في الظن المتعلق باعداد الصلاة وكيفية الاحتياط مطبوعة ٦
رسالة في منجزات المريض ٧ أجوبة المسائل مجلد ضخم طبع بعضه. وفي
أيامه ظهر أمر المشروطة في إيران وأعقبها خلع السلطان عبد الحميد في
تركيا وكان هو ضد المشروطية وبعض العلماء يؤيدونها كالشيخ ملا كاظم
الخراساني وغيره وتعصب لكل منهما فريق من الفرس وكان عامة أهل
العراق وسوادهم مع اليزدي خصوصا من لهم فوائد من بلاد إيران لظنهم
أن المشروطية تقطعها وجرت بسبب ذلك فتن وأمور يطول شرحها وليس لنا
إلا أن نحمل كلا منهما على المحمل الحسن والاختلاف في اجتهاد الرأي.
أعقب عدة أولاد ذكور مات أكثرهم في حياته ولم يخلفه منهم إلا ولده السيد
محمد وعدة إناث ثم توفي السيد محمد بعده. وقد اضطرب لموت المترجم
جمهور العراقيين وسوادهم في أنحاء العراق وأقيمت ماتم لا تكاد تحصر
لكثرتها في العراق وإيران وحضر مأتمه في إيران أحمد شاة واشترك في مأتمه
الفريقان ببغداد. وكان ظهور أمره بعد وفاة الميرزا الشيرازي كغيره من
رؤساء عصره فإنهم لم يرأسوا إلا بعد وفاته وكثيرون أقاموا مجلس الفاتحة
للميرزا أما هو فذهب إلى مسجد السهلة ولم يصنع فاتحة فقلده كثير من
العوام لذلك. وكان يحضر مجلس درسه في أول الأمر جماعة لا يبلغون
العشرة كنا نراهم ونحن ذاهبون إلى درس الخراساني وجمهور الطلبة منحاز
إلى درس الشيخ ملا كاظم ثم تمادت به الأمور وكثر حضار مجلس درسه.
وهو أول من عين الخبز يوميا للطلبة وعيالاتهم.
آقا محمد كاظم ابن آقا محمد جعفر ابن آقا محمد علي ابن آقا باقر
الوحيد البهبهاني
كان عالما فقيها وله من المؤلفات شرح منطق التهذيب ولم يخلف
ولدا.
الشيخ محمد آل الشيخ كاظم المعروف بالشيخ حاجي كاظم
ولد سنة ١٢٥٤ وتوفي سنة ١٣١٤
كان من صلحاء الكاظمية وفضلائها، له من المؤلفات حاشية على
المعالم وحاشية على القوانين وحاشية استصحاب الشيخ مرتضى وبعض
الكراريس في الفقه.
الميرزا محمد كاظم الناظر ابن الميرزا محمد إبراهيم ابن الميرزا محمد
رضا ابن الميرزا محمد الناظر ابن ميرزا محمد مهدي الشهيد حفيد ميرزا محمد
بديع الرضوي المشهدي
كان معاصرا لأوائل سلطنة فتح علي شاة وحكومة الشاهزاده محمد
ولي ميرزا وبعد وفاة أبيه ميرزا إبراهيم أعطي له منصب النظارة على
الآستانة المقدسة وجاءه الفرمان بذلك في سنة ١٢١٩ من فتح علي شاة ومن
محمد ولي ميرزا في رمضان سنة ١٢٢٠ وأسندت إليه نقابة السادات وتولية
موقوفات أجداده زيادة على مناصبه.
المولى محمد كاظم بن محمد القاري
له قواعد القرآن في التجويد فارسي مبسوط كتبه باسم النواب نجف
قلي خان وفرع منه سنة ١١٠٣ في بلدة قندهار.
محمد الكامل بن غياث أحمد خان الكشميري الأصل الدهلوي مولدا
ومنشأ ومسكنا ومدفنا
توفي مسموما سنة ١٢٣٥
من أجلاء العلماء وفضلاء المحدثين كان معاصرا لعبد العزيز
الدهلوي صاحب التحفة الاثني عشرية ولما ظهرت صار لها دوي في كل
بلادهم لأنها في رد الامامية أصولا وفروعا فشمر المذكور لردها ونقضها بابا
بابا وسمى الرد ١ نزهة الاثني عشرية وهو الذي أثبت أن هذه التحفة
مسروقة من صواعق الخواجة نصر الله الكابلي. وله كتب كثيرة غير النزهة
٢ كتاب تاريخ العلماء ٣ نهاية الدراية شرح وجيزة البهائي ٤ انتخاب
الصحاح الستة وغير ذلك.
(٤٣)

الشيخ محمد بن كرم الله الحويزي
يروي عن السيد عبد الله ابن السيد نور الدين ابن السيد نعمة الله
الجزائري قال في اجازته له المؤرخة في ٢ جمادى الثانية سنة ١١٦٨ ولابن
أخيه الشيخ إبراهيم ابن الخواجة عبد الله كرم الحويزي: كان من أجزل
فضل الله علي أن شرفني بصحبة المولى المقدس الامام المخدوم الجليل
والحبر العظيم النبيل مستجمع المكارم الفاضلة والملكات المرضية العادلة
صاحب المآثر المتضاعفة بالبكرة والأصيل وحائز صنوف المفاخر بالاجمال
والتفصيل الفاضل الفاصل والمرشد الكامل شهاب المجد الثاقب ودري فلك
المناقب العالم التحرير البارع في التقرير والتحرير الفالج بالسهم الأوفى
قداحه الفائض برحيق التحقيق اقدامه ذو النظر السديد والباع المديد
والذهن الوقاد والطبع النقاد والقلب السليم والحظ الجسيم علم الاعلام
وشيخ الاسلام المؤيد المسدد الشيخ محمد بن كرم الله الحويزي لا زالت
مرابع العلم بوجوده الشريف معمورة ورياض الفضل بسحائب فيوضه
ممطورة.
الشيخ محمد بن كرم علي رزكر محله البارفروشي المازندراني الحائري
توفي بالحائر سنة ١٣١٥
له مؤلف في الفقه الاستدلالي في ست مجلدات من تقرير بحث
أستاذه الأردكاني
الميرزا محمد الكرمانشاهي الطبيب نزيل طهران
توفي في حدود سنة ١٣٣٠
له كتاب أمراض الأطفال طبع في إيران وترجم إلى الافرنسية وطبع في
فرنسا وفيه ذكر سائر تصانيفه.
الحاج محمد كريم خان بن إبراهيم الكرماني
له كتاب فصل الخطاب في الاخبار أصولا وفروعا مطبوع في ١٥٠٧
صحائف بالقطع الكبير بمجلد واحد يكون بمنزلة خمسة مجلدات.
المولى محمد كريم بن محمد علي الخراساني النجفي المسكن
من تلاميذ الشيخ آغا ضياء العراقي والشيخ محمد حسين النائيني.
وقد أقام في مدينة نيسابور عالما من أبرز علمائها.
له التنبيهات الجلية في كشف اسرار الباطنية مطبوع فارسي.
علاء الدين محمد الكيستاني
له كتاب نهج اليقين منه نسخة في المكتبة الحسينية بالنجف الأشرف.
الشيخ محمد الكوفي القاري ابن الحاج عبود العبايجي الحائري
المعاصر
له الكشكول في مجلدين وله كنز الحفاظ في مناقب السبعين وغيرها.
شمس الدين محمد الكيلاني المعروف بمولى شمسا
توفي سنة ١٠٩٨
له تفسير سورة: هل اتى.
الشيخ محمد اللايذ النجفي
اسمه محمد بن ناصر بن حسين
السيد محمد بن لطف الله الرضوي ابن تاج الدين بن حسين ابن
تاج الدين بن حسين بن علاء الدين بن محمد بن أبي طالب بن ناصر
الدين بن أحمد بن نظام الدين بن حسين بن أحمد بن موسى بن محمد
الأعرج ابن الإمام محمد الجواد ع.
وموسى الأخير هذا هو المعروف بموسى المبرقع ولم يذكر أحمد بن
موسى ومحمد الأعرج وكذلك لم يذكر أحمد بين محمد الأعرج وموسى المبرقع
وقد ذكرا في موضع آخر كما مر في ترجمة عبيد الله بن موسى بن أحمد فكأنهما
سقطا من المؤلف أو من الناسخ. والمترجم له كتاب انساب منه نسخة في المكتبة الرضوية في
المشهد المقدس الرضوي ألفه لمرشد الدين الشاة عبد الله
المشهور بالسيد ميرزا.
السيد محمد بن ماجد بن مسعود البحراني الماحوزي
من مشائخ الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني صاحب المعراج في
الرجال وغيره من المؤلفات وصفه في روضات الجنات بالفقيه المحقق وليس
أبوه بالسيد ماجد البحراني المشهور بل غيره.
السيد محمد بن مال الله بن معصوم الموسوي القطيفي الحائري
توفي في كربلاء سنة ١٢٦٩ كما أرخه بعضهم بقوله: غاب الحبيب
محمد عنا. في الطليعة: كان فاضلا أديبا مشاركا في الفنون محققا في
عقليتها فضلا عن نقليتها متنسكا محبا لآل البيت ع لا سيما الحسين
ع محبة شديدة ولم يكد يسمع من شعره في غير المراثي فمنه قوله من
قصيدة يذكر فيها غرضا له:
إلى عينها فلينظر العاذل الذي * يظن بان الأمر في حبها سهل
وإن بحي العامرية جؤذرا * تذيب قلوب الأسد أحداقه النجل
لحاجبه قوس رهين إصابة * يحال عليها أن يرد لها نبل
وقوله:
كفاني كعكتان ووجه شمس * أشرح منه في الأزهار عيني
ووقفة مستهام أصل غنمي * على باب الأمير أبي الحسين
وصي المصطفى سلطان حق * إمامي المرتضى في الخافقين
قد انبسطت يداه فصيرتني * عن الأجواد مقبوض اليدين
فلست محملا تسأل قوم * يهد سؤالهم جيلي حنين
وقوله من قصيدة:
شلت يد ابن الزواني انها طعنت * بالرمح في جيم من أمره الروح
لا در درك يا أفلاك في * هذا الحراك وقطب الكون مذبوح
وقوله أيضا من قصيدة:
بكتك الصفوف وبيض السيوف * وسود الحتوف أسىء والقطار
وخاب المسلمون والوافدون * وضاع المشيرون والمستشار
وقوله من قصيدة:
قلب المعنى دائم الحسارت * والعين منه سريعة العبرات
دع لا تلمه فما به متحكم لم * يصغ من وله للحي لحاة
لم يشجه ذكر العقيق ورامة * كلا ولا لخيامها ومهاة
(٤٤)

لكن شجاه مصاب سبط محمد * قطب الإمامة مركز الآيات
لهفي له صرعته أمة جده * ظمآن منفردا بشط فرات
خطب يقل لو السما انقطرت له * والأرض شقت منه بالرجفات
المولى محمد المامقاني الشيخي
توفي سنة ١٣١١ ودفن في وادي السلام
له كتاب آتش كده منظوم فارسي في المراثي وله اللئالي المنظومة
مطبوعات
الشيخ محمد المؤمن بن علي نقي المتخلص بمضئ
له شرح الصحيفة السجادية شرحها شرحا متوسطا بين الايجاز
والأطناب فرع منه ببلدة أصفهان ١٥ رجب سنة ١١٣٢
الحاج محمد مؤمن ابن الحاج محمد قاسم ابن الحاج محمد ناصر ابن
الحاج محمد الشيرازي المولد والمنشأ الجزائري الأصل
والجزائري نسبة إلى جزائر خوزستان
كان من العلماء العرفاء قرأ على المولى شاة محمد الشيرازي ووصفه في
روضات الجنات بمولانا العالم العارف الجامع المؤيد البارع وقال أنه كان من
أعاظم نبلاء عصر العلامة محمد باقر المجلسي الثاني له كتب مبسوطة في
شرح منازل السائرين وذكر مقامات العارفين والسالكين منها كتابه الموسوم
بخزانة الخيال ذكر فيه جماعة من أقطاب العرفاء منهم الشيخ البهائي
اه وله منية اللبيب في مناظرة المنجم والطبيب أوردها بتمامها صاحب
كنز الأديب في ضمن كتابه وله جامع المسائل النحوية في شرح الصمدية
ومجالس الاخبار سبع مجلدات وبيان الآداب شرح على آداب المتعلمين
النصيرية وتحفة الأحباء نظير الكشكول وتحفة الإخوان في تحقيق الأديان
ومطلع السعدين. وذكره في حديقة الأفراح فقال: الحكيم محمد مؤمن بن
محمد قاسم الجزائري الشيرازي أديب ماهر سيف ذهنه باتر حكيم حاذق
ثاقب فهمه كاشف عن دقائق الحكمة والحقائق حاز حظا وافرا من
الكمالات وحير الأفكار بما أبدع في صناعة السرقات مجاميعه كنوز الفوائد
ومضامين رسائله فرائد. قال فمن جيد شعره قوله مادحا أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب س:
دع الأوطان يندبها الغريب * وخل الدمع يسكبه الكئيب
ولا تحزن لاطلال ورسم * يهب بها شمال أو جنوب
ولا تطرب إذا ناحت حمام * ولاحت ظبية وبدا كئيب
ولا تصبو لرنات المثاني * وألحان فقد حان المشيب
ولا تعشق عذارى غانيات * يزين بنانها كف خضيب
ولا تلهو بحب صبيح وجه * شبيه قوامه غصن رطيب
ولا تشرب من الصهباء كأسا * يكون مديرها ساق أريب
ولا تصحب حميما أو قريبا * فكل أخ يعادي أو يعيب
ولا تأنس بخل أو صديق * وذرهم أنهم ضبع وذيب
ولا تفرح ولا تحزن بشئ * فلا فرح يدوم ولا خطوب
ولا تجزع إذا ما ناب هم * فكم يتلو الأسى فرج قريب
وسكن لوعة القلب المعنى * وأنشد حين يعروه الوجيب
عسى الهم الذي أمسيت فيه * يكون وراءه فرج قريب
ولا تيأس فان الليل حبلى * يكون ليومها شأن عجيب
وحسبك في النوائب والبلايا * مغيث مفزع مولى وهوب
جواد قبل أن يرجى يواسي * غياث قبل أن يدعى يجيب
أمير المؤمنين أبو تراب * له يوم الوغى باع رحيب
عليه تحيتي ما جن ليل * وحن من النوى دنف غريب
قال وله في رثاء الحسين س قصيدة مخمسة أذكر شرذمة
منها وهي:
جاء شهر البكاء فلتبك عيني * بدماء على مصاب الحسين
وامام الأنام من غير مين * وابن بنت الرسول قرة عيني
آه وا حسرتا لرزء الحسين
كم دماء في كربلاء أراقوا * وبدور قد اعتراها محاق
وسقوا طعم علقم لا يذاق * خير رهط على البرية فاقوا
آه وا حسرتا لرزء الحسين
غاب فتيان أهله والكهول * فغدا السبط يشتكي ويقول
وله مدمع عليه مهمول * هل بقي من يعين يا قوم قولوا
آه وا حسرتا لرزء الحسين
لست أنسى الحسين فردا وحيدا * طالبا للرضيع منهم ورودا
قطعوا بالسهام منه الوريدا * وسقوه الردي فاضحى شهيدا
آه وا حسرتا لرزء الحسين
وله:
معاشر اخواني سلام عليكم * لقد بكيت عيناي شوقا إليكم
لئن كان جسمي ثاويادار غربة * فروحي وقلبي ثاويان لديكم
وقوله:
علاء هلالي على تلال * فضاء منه فضاء مهمه
فقيل نور فقلت نور * وقيل نجم فقلت مه مه
السيد محمد مؤمن الحسيني الاسترآبادي الشهيد المجاور بمكة
المكرمة.
ذكره في روضات الجنات في ترجمة صاحب المدارك ووصفه بالجليل
النبيل صاحب كتاب الرجعة.
وفي إجازة الشيخ أحمد الجزائري لولده محمد بن أحمد أنه يروي عنه
المولى محمد باقر المجلسي والمولى عبد الله الشوشتري ويروي هو عن شيخه
الأفضل السيد نور الدين علي ابن أبي الحسن أخي صاحب المدارك.
محمد مؤمن بن محمد زمان التنكابني الديلمي
له كتاب التحفة في الطب فارسي كتبه في عهد الشاة سليمان
الصفوي مطبوع
السيد مير محمد مؤمن ابن المير محمد يوسف الطباطبائي البهبهاني.
هو من السادة الطباطبائيين النازلين ببلدة بهبهان وكازرون كان من
تلامذة صاحب الرياض وبحر العلوم انتقل إلى الهند وسكن بلدة عظيم آباد
واجتمع به صاحب مرآة الأحوال سنة ١٢٢١ وذكره في المرآة ووصفه بالعلم
والزهد والجلالة.
(٤٥)

السيد محمد مؤمن بن علي الحسيني
له ميزان المقادير فارسي كتبه في عهد السلطان محمد قطبشاه نسخ منه
في مجموعته السيد محمد الخطيب التي فيها فوائد بخط السيد محمد مؤمن
مصنف الرسالة وقد كتبها تذكارا للدعاء للسيد محمد الخطيب المشهور
قطبشاه سنة ١٠٣١
الشيخ حسام الدين محمد المؤذن
ذكره رياض العلماء مصرحا بتشيعه. له شرح مفتاح السكاكي تاما
استظهر بعضهم أنه أول الشروح عليه لأنه فرع منه بجرجانية خوارزم سنة
٧٤٢ كما في النسخة الموجودة بالقسطنطينية بمكتبة كوبريلي زاده وغيرها
وتاريخ كتابة النسخة باثنتي عشرة سنة بعد تاريخ الفراع المذكور وليس هذا
هو المذكور في الجواهر الفقهية في طبقات الحنفية المسمى بإبراهيم بن محمد
حيدر بن علي المكني بأبي إسحاق الملقب بالمؤذن الخوارزمي المتولد سنة
٥٥٥ لبعد التاريخين واختلاف الاسمين والألقاب وعدم ذكر الكتاب في
فهرست المصنفات الثاني كما ذكر للأول وعدة من تصانيفه.
القاضي محمد بن مبجل الأموي الدمشقي قاضي دمشق
ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال وذكره في نسمة السحر في ذيل نصر
بن نصير الحلواني
الشيخ محمد بن المتريض البغدادي
ذكره في نشوة السلافة محل الإضافة فقال: الشيخ العلامة كان أديبا
بارعا وفي العلوم على أنواعها كان فردا جامعا وهو ممن قارب عصر السيد
يعني صاحب السلافة وله النظم البديع الجيد ومن غرر نظمه هذه
القصيدة يمدح بها أمير المؤمنين عليا ع:
أماطت ذوات الخمار الخمارا * فصيرت منا نهارا
وجاءت تشمر عن أبلج * كما طلع البدر حين استدارا
وتبسم عن أشنب واضح * كزهر الاقاح إذا ما استنارا
وقد عزم الليل عنا انطوا * ونور الصباح لدينا انتشارا
تناول صهباء عانيه * كانا نقابل منها شرار
مشعشة ارجوانية * تدب إليها النفوس افتقارا
كان النديم إذا عبها * يقبل في ظلمة الليل نارا
فلم انس مجلسنا عندها * جلسنا صحاوى وقمنا سكارى
وقامت وقد عاث فينا الهوى * تستر بالعنم الجلنارا
إذا البدر ابصرها والقضيب * تبيس هذا وهذا توارى
سقتنا إلى حين بان الصباح * وفر الدجى عن ضياء فرارا
كما فر جيش العدا في النزال * عن المرتضى حيدر حين غارا
وصي النبي وزوج البتول * حوى في الزمان الندا والفخارا
أيا راكبا تمتطي جسرة * تبيد السهول وتفري القفارا
إذا أنت قابلت ذاك الحمى * وجئت من البعد ذاك المنارا
وواجهت بعد سراك الغري * فلا تذق النوم إلا غرارا
وقف وقفة البائس المستذل * وسف الرغام وشم الغبارا
وعفر لخديك في ارضه * وقل يا رعى الله مغناك دارا
فثم ترى النور ملء السماء * يعم البقاع ويغشى الديارا
وقل سائلا كيف يا قبره * حويت العلوم وحزت الفخارا
وبلغه يا صاح من عبده * سلام محب تناءى مزارا
وقل لك مستأسر بالبلا * وغيرك من لا يفك الأسارى
دعاه الردى وجفاه الزمان * وفيك من الحادثات استجارا
فذاك وان عظم النازلات * فتى لا يضيم له الدهر جارا
أبى ان يباح حماه كما * أبى إذ يلاقي الحروب الفرارا
خلاصة أهل التقى والوفا * وركن الهدى ودليل الحيارى
علي الذي شهد الله في * فضيلته وارتضاه جهارا
يحل الندى معه حيث حل * ويرحل في اثره حيث سارا
فدى أحمدا بمبيت الفراش * وصاحبه حين جاء المغارا
أجل الورى وأعز الملا * محلا وأزكى قريش نجارا
عليك سلام أخي مهجة * تموت وتحيى عليك أدكارا
وأبنائك المصطفين الألى * سعوا في الصلاح فحازوا الفخارا
وخذ من محب على بعده * يودك في الطبع سرا جهارا
خدلجة لبست للبها * مديحك دملجها والسوارا
نفارا تصدد عمن سواك * وعند ثراك تحط الازارا
ولا غرو ان خف فيها هواك * فان الصبابة تنفي الوقارا
فصير جزائي بها شربة * تبل ظمائي وتنفي المرارا
محمد الملقب علم الهدى ابن محسن بن مرتضى المعروف بملا محسن
الكاشي.
عالم فاضل قرأ على أبيه وجده لامه صدر المتألهين وكان حسن الخط
جيد السليفة بيض كثيرا من مسودات كتب أبيه وجده. له من المؤلفات
كتاب في الأصول والفروع والأخلاق وكتاب نضد الايضاح وهو ترتيب
ايضاح الاشتباه من أسماء الرواة طبع مع فهرست الشيخ الطوسي بليدن
وكتاب زبور إلهي في الأدعية وله كتاب معادن الحكمة فرع منه سنة ١١٠٠
ذكر فيه مكاتيب الأئمة ع وتوقيعاتهم رأينا منه سنة ١٣٥٢
نسخة مخطوطة في كربلاء بمكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني وهي بخط
إبراهيم بن صدر الدين الشيرازي المعاصر للمؤلف وعليها خط المؤلف بيده
وكتب في آخرها انه قد وفق الله لاتمام مقابلة هذا الكتاب أدام الله بركات
مؤلفه ميرزا محمد إبراهيم ابن المولى الفاضل صدر الدين محمد المكنى بأبي
تراب سلخ رجب الأحب سنة ١١٠٩ وكتب العبد الفقير محمد شفيع بن
محمد مقيم وله كتاب مرقاة الجنان إلى روضات الخيان في اعمال السنة
رأينا منه نسخة مخطوطة في طهران عند الشيخ محمد جواد الواعظ العراقي.
وله كتاب عروة الاخبات فيما يقال عند الأحوال والأوقات ذكر في مقدمة
الكتاب المذكور.
الشيخ محمد محسن الهندي الوفاسيتابوري
له كتاب أم الأئمة في فضائل الزهراء ع وهو جواب أمهات الأمة
الذي ألفه شمس العلماء نذير احمد الدهلوي.
الشيخ محمد محسن ابن الشيخ عبد علي العاملي
عالم فاضل محدث رجالي فقيه له كتاب مجمع الإجازات وجد بخطه،
وخطه في غاية الجودة جمع فيه ١٣ اجازة من الإجازات الكبار النافعة
المشهورة منها اجازة العلامة لبني زهرة وإجازة الشهيد لابن الخازن وإجازة
(٤٦)

الشهيد الثاني لوالد البهائي وغير ذلك فرع من جمعها في شوال سنة ١١٢٥
في النجف.
الميرزا محمد محسن ابن ميرزا إبراهيم الناظر بن محمد رضا بن محمد
ابن محمد مهدي الشهيد بن محمد إبراهيم بن محمد بديع
ولد ليلة الخميس ١١ ذي القعدة سنة ١٢١٥ في المشهد المقدس في
أوائل الدولة القاجارية وتوفي ٢ ذي القعدة سنة ١٣٠٠ ودفن تحت
الرجلين.
في الشجرة الطيبة: له في الفتنة السالارية أيام ناصر الدين شاة
خدمات في حفظ الروضة الرضوية وإرادة الخير للدولة وكم لاقي شدة في
خلال هذه الأحوال وذاق مرارة واحضر إلى طهران مع جماعة من الأعيان
والوجوه مثل ميرزا هاشم وميرزا محمد صادق الناظر والسيد صادق المدرس
وصار طارف ماله وتليده عرضة للتلف فلما ظهرت براءته عاد إلى المشهد
وقرا محترما وصار له مكانة عظيمة عند أرباب الدولة وكان مع ميرزا محمد
صادق الناظر كفرسي رهان ورضيعي لبان وكان في عصره ناظم الضريح
المطهر والحرم المنور الرضوي وكان أغلب أوقاته معتكفا في ذلك المقام
العلوي.
الشيخ محمد محسن بن الشيخ محمد سميع
له رسالة قرة العين لزائر الحرمين مكة والمدينة فارسية وجدت منها
نسخة مخطوطة في كرمانشاه كتبت في سنة ١٢٤٦ ولم يعلم أن ذلك تاريخ
الأصل أو الكتابة.
الشيخ محمد محسن الشهير باقا برزك الطهراني
قال ولدت كما كتبه والدي بخطه ليلة الخميس ١١ ربيع الأول
١٢٩٣ وهاجر إلى العراق سنة ١٣١٣ وتوفي بالنجف سنة ١٣٨٩ ودفن في
مكتبته العامة التي اوقفها في حياته وكان شريكنا في الدرس عند شيخنا
الشيخ آقا رضا الهمداني في النجف ثم سكن سامراء ثم عاد إلى النجف
أنفق عمره في التأليف فاخرج كتبا فريدة في بابها لم يسبق إلى مثلها وقد
عددها فقال إما ما كتبته قمنها ١ جملة من تقريرات أساتيذي في الفقه
والأصول وغيرهما في مجلد غير مهذبة ٢ الذريعة إلى تصانيف الشيعة
ست مجلدات بترتيب الحروف ٣ وفيات اعلام الشيعة بعد الألف من
هجرة صاحب الشريعة أربع مجلدات لكل من المئات الأربع مجلد أولها
البدور الباهرة بعد مرور العاشرة ثانيها الكواكب المنتشرة في القرن الثاني
بعد العشرة ثالثها سعداء النفوس في القرن المنحوس رابعها نقباء
البشر في القرن الرابع عشر وخمستها باحياء الداثر من ماثر القرن العاشر
٤ تعريف الأنام بترجمة المدينة والاسلام ٥ هدية الرازي إلى المجدد
الشيرازي ٦ مصفى المقال في مصنفي الرجال قريب خمسمائة من
المصنفين فيه ٧ ضياء المغازات في طرق مشائخ الإجازات مرتبا على
الطبقات ٨ محصول مطلع البدور تلخيص لجزئه الثاني من حرف الثاني
من حرف العين إلى الياء ٩ ظلال الخصب في عوالي النسب تشجير
لأنساب بعض السادات والعلماء مع ذراريهم وظلالهم في الوجود ١٠
ياقوت اليواقيت الملقوط من اليواقيت منتخب من يواقيت الفكر ١١ الدر
النفيس في ترتيب رجال التأسيس اي كتاب تأسيس الشيعة الكرام لفنون
الاسلام للسيد حسن الصدر ١٢ نزهة البصر في فهرست نسمة السحر
١٣ لامع المقالات في فهرست جامع السعادات
القاضي تاج الدين أبو علي محمد بن محفوظ بن وشاح بن محمد الحلي
قاضي الحلة.
في أمل الآمل: كان من الفضلاء الصلحاء الأدباء المشهورين يروي
عن محمد بن القاسم بن معية اه وفي روضات الجنات يروي عن والده
محفوظ بن وشاح قلت ولما مات رناه الصفي الحلي بقصيدة مذكورة في
ديوانه.
الأمير السيد محمد بن عيسى بن صدر الدين الحسيني المرعشي التستري
توفي سنة ١١٣٨.
في ذيل اجازوة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
كان من أعيان علماء بلادنا مرجوعا إليه في القضايا والأحكام الشرعية،
أكثر القراءة على جدي واجازه اجازة عامة وقرأ على المولى محمد علي بن
جاكير ابن الحاج خضر التستري وهو من تلامذة آقا حسين الخوانساري وقرأ
في أصبهان على الشيخ جعفر وحدثني انه قرأ عنده شرح اللمعة من أوله إلى
كتاب الظهار.
محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن بشير بن سعد الدين الحسيني
ابن هبة الله بن محمد بن علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم
المجاب بن محمد الصالح بن موسى الكاظم ع.
في مجموعة الجباعي: قال في آخر كلام له: وجدير ان اختم العدد
بدعاء أرجو من رحمته قبوله:
اللهم إني أسألك ان تقفنا من اليقين على أوضح محجة وتوفقنا من
البراهين بأرجح حجة وان تكشف عن ابصارنا غواشي المثول الشهوانية وان
تصرف عن ابصارنا ملاحظة الأمور الجسمانية وتجعلها وقفا على ملاحظة
جلالك مبتهجة باشراق ألوان جمالك حتى لا تعرج على من سواك بنظر ولا
تقف له على عين ولا اثر وان تجمع بيننا وبين اخوان الصفا في دار كرامتك
وتجعلنا من الفائزين بالقرب منك برحمتك.
وكتب في أوائل ذي القعدة ٦٦٦.
محمد خان بن محمد علي خان بن عبد الله خان أمير الدولة بن محمد حسن
خان الصدر الأصفهاني النجفي الطهراني المعروف ببهاء الدين
توفي في طهران سنة ١٣١٦ وكان ارتحل إليها فسكنها إلى أن توفي.
له كتاب الفوائد كلبهائية ذكر فيه ترجمته وترجمة أخيه المرتضى قلي خان وأبيه
وجده وجملة من نظمه ونظم أخيه ومطارحات أدباء عصره. وفي الطليعة:
كان فاضلا أديبا شاعرا مصنفا مجازا من أجلة علماء النجف محاضرا لأدباء
العراق في وقته ممدحا لهم بأحس المدائح فمن ذلك قول الشيخ جابر
الكاظمي من أبيات مدحه بها وخمسها:
لقد حزت العلى فرعا واصلا * وقد سدت الملا علما ونبلا
(٤٧)

وأنت من الملا بالفضل أولي * بهاء الدين أنت علاء وفضلا
وله شعر كثير في مدائح الأئمة باللسانين العرب والفارسي فمنه
قوله:
أنخت ببابك العالي ركابي * لأنك للحوائج خير باب
بعلياك استعذت بصدق عزم * لتكشف لي من شيواء ما بي
وآمل ان أفوز بكل خير * وآمن في غد سوء العذاب
وما لي في فتائك من شفيع * سوى حب الوصي أبي تراب
وصي المصطفى حقا وصدقا * وباب علومه في كل باب
علي المرتضى أولي البرايا * بأنفسهم على نص الكتاب
ونص محمد المختار يوم الغدير * بغير شك وارتياب
بكم اعطى المهيمن كل خير * وعرفنا من الصواب
أجرني يا امامي من ذنوب * لقد كثرت وزادت في كتابي
ومن علي يا مولاي طولا * بعدي من عبيدك في الحساب
طلبت إليك ما أرجو وحق * بان تقضي بأفضال طلابي
وحاشا الأكرمين الغر من أن * يردوا طالبا صفر الوطاب
الشيخ محمد بن محمد هادي النائيني المتخلص بالفائض
له فوائد ملتقطة من كتاب الرواشح للمير الداماد وله رسالة في تحقيق
حال أبي بصير ورسالة في تحقيق حال محمد بن إسماعيل الراوي عنه الكليني
عن الفضل بن شاذان وله رسالة في أبان بن عثمان وأصحاب الاجماع
ورسالة في حال إبراهيم بن هاشم ورسالة في بيان العدة المذكورة في الكافي
مما أفاده سيدنا الفقيه الأفقه محمد باقر أعلى الله مقامه. هكذا ذكر في أول
الرسالة. وله رسالة في سهل بن زياد الآدمي وأبى سعيد الرازي قال من
إفادات سيدنا محمد باقر حجة الاسلام رفع مقامه. وله رسالة في حال
محمد بن خالد البرقي تلخيصا من أفادت المذكور. ورسالة أخرى في حال
إبراهيم بن هاشم ملخصة من أفادت المذكور ورسالة في حال إسماعيل بن
عمار ملخصة من أفادت المذكور ورسالة في أحمد بن عيسى ملخصة من
إفادات المذكور ورسالة في حال عمر بن يزيد. وجدناها كلها في طهران في
مجموعة مخطوطة وقع الفراع منها ٢٥ جمادى الأولى سنة ١٢٦٥ في أصفهان
حفت بالأمن والأمان.
السيد محمد ابن عمنا السيد محمود
كان عالما فاضلا فقيها أديبا شاعرا فطنا ذكيا زاهدا. ولد في قرية
بتحون في حدود سنة ١٢٧٤ وكان والده نزح إليها من شقرا لبعض
الأسباب ثم عاد إلى شقرا وتوفي في محرم الحرام سنة ١٣٤٤ بقرية شقرا
ودفن قريبا من قبر أخيه السيد علي. قرأ في شقرا ثم في حنويه في مدرسة
الشيخ محمد علي عز الدين ثم توجه إلى العراق مع أخيه السيد علي في
حدود سنة ١٢٩٠ فقرأ على علماء النجف الأشرف كالشيخ ملا كاظم
الخراساني والشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف وابن عمه
الشيخ حسين نجف وغيرهم وبقي في النجف نحوا من إحدى وعشرين
سنة ثم رجع إلى جبل عامل في أوائل سنة ١٣١١ وجرت بينه وبين أخيه
السيد علي وتلامذة أخيه مطارحات شعرية كثيرة منها انه كان اخوه السيد
علي ذهب مع جماعة في أيام الربيع إلى قلعة دوبيه للنزهة وذهب السيد
محمد إلى بركة في ارض شقرا تسمى بركة النقية وجرت بينهما مراسلات
شعرية ومحادثات أدبية فقال السيد محمد في بركة النقية:
أربوع بركتنا النقية * حيتك وطفاء رويه
تغشى رياضك بكرة * ولدى الأصائل والعشية
ترخي العزالي رحمة * بفناء تربتك الندية
وتجر فيك ذيولها * الأرواح نافحة زكية
متارجات لم تزل * عبقات نفحتها شهية
بأريج نوار بدا * يزهو بروضتك البهية
جم الصنوف فناصع * كالورد حمرته نقية
متلفع بمطارف * تحكي الثياب السندسية
وكمثل لون الورس أصفر * والكؤوس العسجدية
وشبيه لون الأرجوا * كسي البرود زبرجدية
كم فيك من ريم رمى * قلبي فما أخطأ الرمية
يشتاقه قلبي وان * قاد الفؤاد إلى البلية
وبديعة عن حليها * بالحسن قد أسمت غنية
انسية آنست من * تلقاء غرتها السنية
نورا تالق مشرقا * أغنى عن الشمس المضيه
لو لم تمن برشفة * من عذب ربقتها هنيه
وجدا قضيت كما قضى * قيس بليلى العامرية
أو مثل توبة كنت إذ * يقضي بليلى الأخيلية
يا منية النفس التي * شقيت بها النفس الأبيه
رفقا بنفس لم تزل * ما دمت نافرة شقيه
من لي بوصل نوافر * امسى النفار لها سجيه
كم من مشوق ظنها * جهلا بموعدها الوفيه
امسى لكاذب وعدها * نهبا لاظفار المنيه
ورأى لمرهف لحظها * فعل المواضي المشرفيه
واراه هز قوامها * وخز العوالي السمهرية
فمضى كما شاء الهوى * مضنى ومهجته شجية
أقسمت بالجرد السوابق * من بنات الأعوجية
يحملن كل مهذب * الأخلاق محمود السجية
والناظرين لناظر * من روض بركتنا النقية
وعذيب مرشفها الشهي * ودمعة الصب السخية
وبلاعج الأشواق في * كبدي واحناء الحنيه
ما انفك دنبي في الهوى * حب الظباء الحاجريه
فاجابه بعض تلامذة أخيه من قلعة دوبيه يقول:
يا بركة المرج النقية * حيتك ساكبة رويه
و سقتك وطفاء السحاثب * في البكور وفي العشية
فلأنت آجن مورد * في هذه الدنيا
الدنية ولأنت فيما قاله * بالأمس سيدنا مليه
وصفات قبحك عن مقال * الواصفين لها غنية
لولا نزول محمد * المحمود ذي الهمم العلية
بفناء ساحتك التي * عن كل مكرمة خلية
ما كنت استقي السحاب * لأرض بقعتك الردية
فالآن فقت على مرابع * زوطر والمالكيه
(٤٨)

واخذت أطراف الفخار * على ربوع البابلية
وسموت فخرا شامخا * عذلون ثم الكوثرية
وبصوت قعقة الضفادع * فيك صرت القاقعيه
فأجابهم السيد محمد يقول:
يا راكبا يقطع الموماة تغليسا * شملة قوست بالسير تقويسا
بزلاء ترقل ارقال الظليم إذا * ذعرته فترد الطرف منكوسا
تنصاع كالبرق أو كالسهم منبعثا * ودونها الريم اجفيلا إذا قيسا
أشيعثا خلق الطمرين عودها * دؤوب قطع الفلا لم يبغ تعريسا
عرج على القلعة الشماء ان بها * من فاق فخرا رئيسا ثم مروسا
ذاك العلي الذي أبدت هدايته * من نير الحق ما قد كان مطموسا
بلغه عني وبلغ من بخدمته * من التحية والتسلم قاموسا
وقل نزيل قرى قد جاء يسألكم * عن قلعة أحكمت صنعا وتأسيسا
لمن يحاصر أو يأتي بحادثة * ينفى إليها مدى الأيام محبوسا
ما بالها أصبحت والأرض واسعة * مناخ من أصبحوا للدين ناموسا
من غير خوف عدى أو هفوة عرضت * حاشا البدور التي تجلو الحناديسا
فقال اخوه السيد علي مجيبا له عن هذه الأبيات وواصفا قلعة دوبيه
ومبينا ان ليس من الإنصاف اللوم على من تنزه فيها:
قفا نسأل عن الحصن المشيد * وعمن حل فيه من الجنود
لقد طال السهى شاوا وفخرا * بمن علاه ذي البطش الشديد
وكم أضحت بلا نكد زمانا * مغانيه مرابض للأسود
وكم برحابه ربطت جياد * بها الأيام حلت اي جيد
وكم شربوا لدى مغناه كأسا * معتقة على نغمات عود
قضى حق الحفاظ به رجال * قد انطبعوا على حفظ العهود
وحلت في مرابعه اسود * ضراغم كم تحلت بالبنود
وكم حسدتم قدما ملوك * عليه فكان غيظا للحسود
لهم شهد القواضب والعوالي * بما اردوه من جمع عديد
سمت أبراجه بهم صعودا * فطالت هام أبراج السعود
هم حشدوا الجنود به وجروا الصعاد * به على وجه الصعيد
وهم دعموا القباب به فأضحت * مناخ المجتدين من الوفود
بدت لقصوره شرفات عز * تحدثنا عن الشرف التليد
قصور أحكمت صنعا فقامت * على بنيان عاد أو ثمود
وكم فيه مراصد للأعادي * تصدهم من المرمى البعيد
إذا ما سددوا منها سهاما * أصابوا القوم عن رأي سديد
تأسس فوق رابية كؤود * يصد بها العدو عن الصعود
وأحكم صنعه بانوه حتى * يخال بأنه دار الخلود
فما زالت صدور النيب تثنى * له حشد العطاش على الورود
إما والبيت ذي الأستار يطوي * الحجيج إليه بيدا بعد بيد
لظلم ان يعاب على كرام * قضوا بفناه حتى على وجود
أعادوا انسه الماضي وابدوا * فهم ما بين مبد أو معيد
وعرس ركبهم فيه زمانا * عتيق الوجه بالروض الجديد
وقد وشى الربيع به ربوعا * لدى غلوائه وشي البرود
قضوا للعلم حقا فيه طورا * وطورا للنظام وللنشيد
أجادوا النظم فيه فكل بيت * سمعت تخاله بيت القصيد
يؤم نوالهم من كل فج * بنو الآمال من بيض وسود
وكم خلسوا به لذات انس * على سنة من الدهر العنيد
وأياما قضوا للأنس حقا * به فكانها أيام عيد
به درسوا الفنون فمن مفيد * لأشتات العلوم ومستفيد
فرائد للأصول بها تحلوا * تحلي الغيد بالعقد الفريد
ومذ لمعت لهم مشكاة نور * جنوا من نور روضات الشهيد
وقادهم الرشاد إلى عاوم * تزين جيد ارشاد المفيد
فاضحى همهم نيل المعالي * بجد لا الشواء ولا الثريد
وأرسل هذه الأبيات إلى أخيه السيد علي وأصحابه الذين في دوبيه
يحثهم على المجئ إلى بركة النقية ويذكرهم ان جدهم السيد علي الأمين
كان يذهب إليهم أياما الربيع ويضرب فسطاطا هناك:
أ عن بركة حفت بزهر الكواكب * تأخرتم من غير عذر مناسب
أحاشيكم ان لا تميلوا إلى التي * تخيرها الحجى والمناقب
أبوكم علي وهو خير مهذب * يرى نزهة الأرواح ضربة لازب
وكان إذا ما السحب جفت ضروعها * واخصب بعد الجدب وجه السباسب
يقيم بمغناها وينجو ظلالها * ومن حوله أصحابه كالكواكب
ويضرب فسطاطا رفيعا عماده * موتقة أطنابه بالثواقب
سرى نحوها شوقا إليها مخاطرا * ونيل الأماني باحتمال المصاعب
فهبوا إليها بالضوامر واركزوا * رماحكم من حول تلك المضارب
وقودوا إليها خمسة ذات أربع * لعشر ويقفوها كمال المصاحب
فاجابه بعض تلامذة أخيه:
سأصرف وجه القصد للغاية التي * تقاعس عن ادراكها كل طالب
واقتادها بالغالبيين ضمرا * عرايا عليها كل اصيد غالب
بجرأة مقدام وسطوة باسل * له شهدت بيض الظبا في المواكب
واركز رمحي في صدور معاشر * جنت ما جنت قدما بقومي الأطائب
وما الروضة الغناء قصدي وبغيتي * وان أشرقت أزهارها كالكواكب
فقم واحتلب اخلاف كل كريهة * ودع بركة شيبت ببول الثعالب
وكان سلمان ابن الحاج حسن ياسين من مجدل سلم دعاهم إلى وادي
السلوقي ليذبح لهم كبشا هناك فحضر السيد محمد ولم يحضروا وكانوا
مقيمين على بركة المرج في دوبيه فأرسل إليهم السيد محمد هذه الأبيات:
أهدي السلام لمن ساروا بلا زاد * من بعد ما زودونا غلة الصادي
من ذات أجنحة أو ذات أربعة * يعد مشويها من أفضل الزاد
تلذ للنفس في حل ومرتحل * لا سيما لنزول بين أوراد
ما ضرهم وفعال الخير شيمتهم * لو وافقوا آخذا منهم بميعاد
في ذبح كبش سمين قد أعد لهم * من آل ياسين لو عاجوا على الوادي
عجبت من رغبة في بركة أجنت * ماء وحفت باحجار واسماد
بول الدواب بها والروث مجتمع * فليس تصلح مصطافا لامجاد
وغير ذلك مما لست أذكره * مما يكدر في وصف وتعداد
المتصلات
ولما اطلع عليها ابن أخيه السيد عبد الحسين والشيخ علي ابن الشيخ
حسين شمس الدين ووجدا البيت الذي أوله: في ذبح كبش سمين
متصلا بما قبله ارسلا للسيد علي هذه الأبيات وسموها المتصلات:
(٤٩)

قل للعماد أدام الله انعمه * وزاده غبطة ما دامت الحقب
على البرية هل أذن لخدمتنا * إياه في مجلس تجلى به الكرب
عنا فقد ضاقت الدنيا بأوجهنا * واسود وجه الليالي البيض والنصب
أصابنا ولديه للقلوب شفا * وللشفاه لنا أ ما دنت ضرب
من كفه فهي تحيي من يقبلها * والميت من بعد ما قد شمه الترب
تعيده وهي اكسير القلوب إذا * ما الغير قد راح بين الناس يرتقب
وجوده بين سمار ذوي أدب * في منصب أنت فيه الأنجم الشهب
من دونه يا وحيدا في الزمان على * فائذن لنا بدخول فيه ننقلب
بغبطة وهنا أو بالجواب فهذا * النشيد متصل المصراع منتخب
من بين كل نشيد قد حلا وبه * يحالوا لنا بعد ذاك النظم والأدب
انا اختلسنا طريق النظم من ورع * زاكي الأرومة ندب فهو منتجب
إذ قال ما ضرهم والخير شيمتهم * لو وافقوا سيدا تعلو به الرتب
في ذبح كبش سمين قد أعد لهم * من آل يسين ان لم يعرف السبب
فأجاب وخصص الجواب بالشيخ علي المذكور فقال:
يا ابن الحسين ومن فاضت قريحته * كالسيل جادت به الأنواء والسحب
على الهضاب الأزر شيقا ولها * إلى لقاك ولا ينفك يحتجب
عمن سواك واما أنت يا خلف الكرام * ممن لشمس الدين ينتسب
فالدار دارك لا تمنعك هيبتها * عن الدخول ولا الأستار والحجب
عن الزيارة ليلا أو ضحى وإذا * ما شئت كن قاطنا فيها ولا عجب
من أن تكون لها ربا وصاحبها * ضيفا يقيك إذا ما نابت النوب
بالمال والنفس لا راعتك رائعة * ولم تزل حليتاك العلم والأدب
في الناس طرا فخذ نظما قد اتصلت * أبياته بعضها بالبعض والسبب
لديك غير خفي ان سيدنا * محمدا من غدت من دونه الشهب
قد قال قافية في النظم فائقة * غراء يحدو بها الركبان ان ركبوا
على النياق وجنح الليل منسدل * فيستخف بأحلام لهم طرب
من حسن وصل قوافيها فتحسبها * لآلئا نظمتها الخرد العرب
في الجيد دمت لنا ألفا ودام لنا * كهفا نلوذ به ما دامت الحقب
ثم إن السيد محمد انتقل من بركة النقية إلى عين الحمراء مع أصحابه
وذبحوا ديكا وطبخوه لغذائهم وبينما هم على العين مر بهم جماعة من تبنين
وتغدوا معهم وكان السيد علي قد انتقل من القلعة إلى بركة مرج دوبيه
وأضافهم رجل اسمه محمد وذبح لهم عنزا فبلغهم ما جرى على عين
الحمراء فارسلوا للسيد محمد وأصحابه هذه الأبيات وهي من نظم السيد
هاشم عباس:
قد روضت أيدي السحاب الجون * أرضا يجنب المرج لا جيرون
رقت حواشيه التي تزهر سنا * يزداد ما سرحت فيه عيوني
ولقد زها دون البقاع لطافة * في أحسن التكييف والتلوين
ما خلته والنور إلا جنة * حفت بولدان وحور عين
من باع منظره الأنيق بغيره * خسر الثمين وباعه بالدون
لم يستفد غير الأماني ذاهبا * وتراه آب بصفقة المغبون
أم أين من ذا المرج عين أصبحت * حمراء ذات قذى لها يجفون
فكانما القوم الألى حجوا لها * لم يأنفوا من موضع التعفين
وعهدتهم شم الأنوف وما أبوا * نتنا اتى من مائها المحقون
ان الذي عنه لساني صنته * من قبحها باد وغير مصون
فاعجب لهم حلوا بسفح مضيقها * يتقاسمون الديك بالسكين
لولا الاله وصلح خير جماعة * من أسرة تنمى إلى تبنين
لرأيت بعضهم أراش لآخر * عند النزاع عليهم سهم منون
ولقام بعضهم لبعض فاعلا * فعل الكليم بصنوه هارون
ما كان ديككم كعنز محمد * يكفي مئين تتابعت بمئين
لو كنتم معنا إذا لأكلتم * لحما طريا من فراخ النون
ومن العصافير التي صيدت لنا * في القلعة الشماء كل سمين
يا ليت ديككم المفرق بيننا * حظ ابن آوى كان والبزون
وقال السيد هاشم عباس الموسوي يصف قلعة دوبيه وإقامتهم بها في
تلك الأيام:
يا قلعة شمخت حسنا وبنيانا * على القلاع سقاك المزن هتانا
أصبحت الطف مصطاف ومرتبع * وخير ملهى يرد الطوف حيرانا
هذي ربوعك قد حاك الربيع لها * مطارفا طرزتها السحت ألوانا
زهت رياضا غدت بالزهرة ناضرة * ومنظرا رائقا للعين فتانا
كأنها جنة الفردوس مونقة * لو كان خازنها يا سعد رضوانا
تنسيك ألحان اسحق إذا سجعت * بها البلابل فوق الدوح الحانا
وتستخف بحور العين ان نظرت * عيناك في ربعها حورا وولدانا
كان روضتها الغناء قد نسجت * من خلق من شمخت في مجده شانا
من شيد الله دين المسلمين به * حتى توطد بين الخلق اركانا
هو العلي علي القدر من سطعت * آيات فضل له في الناس برهانا
مولى كسا الدهر حسنا نور طلعته * وقلدت كفه الأجياد احسانا
من صاغه الله من لطف وابرزه * للعالمين بشكل الناس انسانا
روح الهدى والندى فيه قد اتحدا * وقد غدا لهما في الكون جثمانا
قد أصبحت في الورى تتلى مناقبه * على المنابر تنزيلا وقرآنا
آياته الغر لو في الجن قد نزلت * لما تركن بهذا الكون شيطانا
زهت به القلعة الشماء وابتهجت * وطاولت بسنا علياه كيوانا
علت بأبراجها فوق البروج كما * عزت بعلياه أمثالا واقرانا
ورب يوم اتيناها بخدمته * وفود انس زرافات ووحدانا
حيث الربيع على غلوا شبيبته * زاه وإذا كان طرف الزهر يقظانا
والرياض أريج بيننا عبق * به النسيم عليلا كان يغشانا
حتى قضينا حقوقا للسرور قضت * بها الليالي وعين الله تراعانا
ومجلس قد زها بالأنس رونقه * حتى تبدى لعين الأنس انسانا
كساه حسنا وألطافا وزينه * عقيدة من لجيد الدهر قد زانا
أضحت به رقة الصهباء رائقة * كأنما خلقها من خلقه كانا
يديرها شادن من سحر مقلته * وخمر ريقته قد رحت نشوانا
يكاد يجرح خديه مقبله * وان رنا خلته للدل وسنانا
يسعى بها مسفرا كالبدر بان على * غصن من البان فاق البدر والبانا
كسا الكؤوس احمرار اورد وجنته * ومن شذاه أعاد الراح ريحانا
فلم نزل نتعاطاها على نغم * القريض والطير أشياخا وشبانا
فرائد كالدراري نظمت فزهت * بجيد مجانسا درا وعقيانا
سوق من الأنس قد قام السرور على * ساق بها ناشرا للبشر اعلانا
نشري به من غوالي بشره دررا * ثمينة أرخصت بالأنس أثمانا
يا فرصة سمحت أيدي الزمان بها * وقد يجود بخيل الكف أحيانا
(٥٠)

ترى تعود بها الأيام ثانية * والدهر يخدم بالاقبال مولانا
عسى تعود لنا يوما بخدمته * نجر بين رياض الأثل اردانا
فليبق في جذل عمر الزمان ولا * زال الزمان به يفتر جذلانا
وكان مرة جماعة من العلماء على نهر السلوقي وهم السيد علي وخاله
الشيخ مهدي شمس الدين والشيخ علي ابن الشيخ محمد مروة ومعهم
جماعة من الفضلاء فصنعت لهم خيمة من شجر الرند فجلسوا فيها ولم يكن
المترجم معهم فعمل الشيخ علي ابن الشيخ مهدي شمس الدين هذه
الأبيات وأرسلها إليه وذلك في صيف سنة ١٣٢٤:
لذ النزول على غدير السكر * في خيمة جمعت ثلاثة أبحر
شات السهى فخرا غذاة تزينت * اكناف منزلها بأكرم معشر
لا غرو ان صعدت بهم فلربما * صعدوا بمجدهم لهام المشتري
وترى الروابي قد تزين سفحها * بالأقحوان كمثل ليل مقمر
وارى محمدا الهمام أضافها * هجرا يميت ومثلها لم يهجر
هلا أقمت بها فزين حيها * ندب يفوق على الصباح المسفر
وكانه وكأننا من حوله * ملك تحصن في أشد معسكر
فكتب السيد محمد في جوابها:
يا لائمي خل الملا وأقصر * عن ترك خلاني وأكرم معشري
نزلوا من الوادي المضيق وقد بدا * عذر التأخر عنهم فلتعذر
هم أبحر والبحر منهم مده * فاعجب لواد أفعمت في أبحر
ما عاقني عنهم سوى أمر أتى * لا ما ادعيت فمثلهم لم يهجر
فاقبل هديت العذر من منتصل * شهدت له العليا بحسن المخبر
وانهج سبيلي واعتصم بمجرب * عرك الأمور بمورد وبمصدر
وارع الذمام لمن رعى لك ذمة * كمحمد فذمامه لم يخفر
ودع التلون في الأمور وكن كمن * بصر الطريق بعين قلب مبصر
واترك خلافي والشقاق موافقا * لمهذب الأخلاق زاكي العنصر
واقبل نصيحة ناصح لك مشفق * لم يأل جهدا في صلاح مقصر
وتجنب المرعى الوبيل مجانبا * أهل الغواية شيمة الندب السري
وانهض إلى كسب العلوم بهمة * شات السهى وانحط عنها المشتري
فتكون أسبق سالك نهج الهدى * من أسرة سلكوا طريقة جعفر
هذا الشهيد وفضله بين الورى * متبلج مثل الصباح المسفر
فاتبع هذاه فأنت من أشباله * والشبل في الوثبات مثل غضنفر
وجاء المترجم مرة إلى دار أخيه السيد حسن في شقراء فوجده نائما
ووجد ابن أخيه السيد عبد الحسين وآخر اسمه عبد الحسين واخا السيدين السيد
موسى فجلس معهم ثم ذهب وأرسل إلى أخيه السيد حسن بهذه الأبيات:
سعينا كي نزوركم جميعا * فلم نلف سوى عبد الحسين
وعبد حسين ثانيه وموسى * حليف المجد كالرمح الرديني
وكان القصد أنتم لا سواكم * فحال النوم بينكم وبيني
ومن رام النمير فلم يجده * كفاه الترب ضربا باليدين
فان جئتم فيا أهلا وسهلا * والا فاستنيبوا غير ذين
فكتب إليه اخوه السيد حسن بهذه الأبيات:
مثال علاك في قلبي وعيني * على الحالين من قرب وبين
ارى سنة الكرى تدني إليكم * فكيف تحول بينكم وبيني
وأنت القصد دون الناس طرا * فلا موسى ولا عبد الحسين
مراثيه
قال الشيخ سليمان ظاهر يرثيه من قصيدة:
آليت لا آسي لفوت مسرة * ابدا ولا ارثي لفقد حبيب
ومحمد اودى بعلم محمد * وكتابه وطريقه الملحوب
وأمينه وابن الأمين على شريعته * وكاشف سرها المحجوب
أسفا على الحلم الرزين وما طوي * برداه من فضل ومن تهذيب
أسفا على الخلق الذي من نشره * حمل النسيم الغض نفح الطيب
أسفا على الكف التي من نبضها * ينهل صيب سمحة الشؤبوب
أسفا على الرأي الذي خطراته * مشتقة من نبعة التجريب
فطن كان الله وكل ظنه * في كشف غامضة وهتك غيوب
للعلم بعد محمد بن محمد * أنات مكلوم الفؤاد كئيب
ترك الزفير ليومه المملوء من * آثاره ولليله الغربيب
فليومه منه خطيب منابر * ولليله محراب خير منيب
اشجى داجاه شجوه وحنينه * اهدى الهجود لنجمه المشبوب
بالرائعين جمال طلعته * ورقته شفاء نواظر وقلوب
حسب الشريعة ناشري أنوارها * قمرا هدى لم يجنحا لغروب
حسن الثنا والمحسن الحبر الذي * ما فاته ابدا مدى مطلوب
ابني الأمين كفى حديث قديمكم * سكنا لروعة أنفس وقلوب
حاشاكم ان تغمز الاحداث من * عود لكم في الحادثات صليب
وأساكم كحلومكم وكلاهما * يروي حديث الصبر عن أيوب
لا زال ربعكم منارة حائر * وسكينة للخائف المرعوب
وقال السيد علي طالب بدر الدين من قصيدة:
يا راحلا لك في القلوب مقام * لم تمحه الأيام والأعوام
من كان مثلك في الفضائل والتقى * والزهد تحيي ذكره الأيام
والله لولا المحسن العلم الذي * فيه استقام الدين والاسلام
علامة الدنيا وأشرف من مشى * تحت السماء وسيد وهمام
بعلومه أيحا جميع بني الورى * هذي العراق ومصرها والشام
لقضى جميع العالمين بأسرهم * حزنا وخيم في البلاد ظلام
هو حجة الاسلام بل نور الهدى * من حل ساحته فليس يضام
وإذا تتابعت الوفود رأيته * متهللا كالبدر وهو تمام
وقال الحاج علي عبد الله من قصيدة:
على غير ما يهوى الهدى وهداته * سهام الردى عمدا أصابت رماته
فادى فؤاد الدين وأفتل صارما * لقد أرهفت في الدين رشدا شباته
وحبر صلاح ما تردى سوى التقى * ولا طبعت الا على الزهد ذاته
ولا قبضت الا على النسك كفه * ولا صرفت الا لرشد حياته
فيا مهجة الدين المبين تفطري * وذوبي أسى فالدين ماتت دعاته
ويا مقل العلم اسكبي ماء أدمع * تغص به من كل فج جهاته
ويا راحلا سير الأئمة سيره * هدى وسمات الأنبياء سماته
لك الله هل أبقيت إذ غالك الردى * فؤادا ولم تذهب به حسراته
فلا وأبيك الخير لم يبق ذو نهى * بعامل لم تجر دما عبراته
فقدناك يا محيي العبادة عابدا * تخبر عنه في الدجى صلواته
(٥١)

سلبناك يا منشي الحديث محدثا * كان جبلت من طبعه كلماته
عدمناك مصداق الصلاح أخا تقى * روت عنه آيات الصلاح رواته
بني العلم أرباب النهى آله الأولى * هم للهدى اعلامه وهداته
لئن غاب منكم بدر علم وحكمة * فكم فيكم بدر تجلت صفاته
كفاكم بان العلم القى قياده * إليكم وأنتم أهله وسراته
وفيكم تحلى جيده وبكم غدت * ترف على علياكم عذباته
فصبرا أباة الضيم للفادح الذي * سقت عاملا مر المصاب سقاته
وقال السيد حسين نور الدين من قصيدة:
من بعده يهدي الأنام لرشدها * من بعد ما فقدته بدر تمام
هذي الشريعة بعد فقد محمد * المحمود قد أضحت بغير امام
والله لولا العالم العلم الذي * هو للبرية حجة الاسلام
ما انجاب ليل الجهل عن أحد ولا * بزغت شموس في ربى واكام
المحسن المولى الكريم ومن مشى * عزا على الجوزاء بالاقدام
وبصنوه علامة العصر الذي * امسى منارا في دجى الابهام
السيد الحسن الزكي ومن له * قدر رفيع في الفضائل سامي
وقال الشيخ علي مهدي شمس الدين من قصيدة:
يا راحلا ترك القلوب لبينه * رهن الأسى ومنازل الأحزان
ومقوضا والصبر قوض بعده * بالأفضلين الدين والايمان
ومزملا اودى الزمان لبينه * بالأكرمين البر والاحسان
بل احمد الدهر الخئون سنا الهدى * وبنا اثار كوامن الأحزان
فمن المؤمل للخطوب إذا وهت * والمرتجى لطوارق الحدثان
والموضح الاحكام مبهمة على * أهل العقول بواضح البرهان
قد كنت للدين القويم دعامة * ولشرعة المختار كهف أمان
ما هدمت أيدي الضلال مشيدها * الا وكنت لها المقيم الباني
لو كان ثان بعد جدك في الورى * بالزهد في الدنيا لكنت الثاني
وقال اخوه السيد موسى:
فت في ساعد الشريعة خطب * همت الأرض منه بالانقلاب
وتغشى وجه الهدى بقتام * ليس بالمنجلي ولا المنجاب
يوم اودى محمد وهو رزء * عرف الخلق في عظيم المصاب
بعلاه كان الحمى سجسج الظل * رفيع الذرى منيع الجناب
تترامى إليه هوج المطايا * كترامي الصلال بين الهضاب
جاريات في الدو كالسفن لكن * لم تخض منه غير بحر السراب
علمت أنها إذا بلغته * بلغت من نداه اقصى الطلاب
فهو بحر العلوم بحر العطايا * بهجة الدست زينة المحراب
وهو الكاشمس في سنا وسناء * وابتعاد عن الورى واقتراب
وهو ارسى من الجبال الرواسي * قدما في مواقف الاضطراب
الشيخ محمد محمود العاملي المشغري
توفي سنة ١٠٩٠
ذكر المؤلفون في التراجم كصاحبي السلافة وأمل الآمل انه انقطع
آخر أمره إلى شرفاء مكة وهاجر إليهم وسكن هناك وصار له عندهم حظوة
ومنزلة ولم يكن في الديار الشامية أشعر منه بل ولا مدانيا له في زمانه وكان
عالما فاضلا محققا خصوصا في العلوم العربية وعليه تخرج السيد علي ابن
ميرزا احمد صاحب السلافة وهو أحد تلامذته في مكة ومدحه في السلافة بما
هو فأطال وذكر انه قرأ عنده النحو والفقه والبيان والهندسة والحساب وله
ذرية في جبع باقية إلى عصرنا هذا والناس ينسبونهم لآل الحر وليسوا منهم
الا انهم نسبوا إليهم لما بين العائلتين من الخؤلة
شعره
من شعره قوله: أرقت وصحبي بالفلاة هجود * وقد مد جنح للظلام وجيد
وأبعدت في المرمى فقال لي الهوى * رويدك يا شامي أين تريد
أ هذا ولما يبعد العهد بيننا * بلى كل شئ لا ينال بعيد
أراقوا دمي وما دمي بمحلل * إذا لم ترقه أعين وخدود
أ صبرا على ليلى وليلى بذي الغضا * وصحبي بحزوي انني لجليد
هي الظبية الادماء والبانة التي * تميد مع الأغصان حيث تميد
فتاة كقرن الشمس إما ضياؤها * فدان واما نأيها فبعيد
وقفنا ومنا ممسك بفؤاده * وآخر محلول العزاء عميد
أقول وامر البين قد جد جده * وحالت هضاب بيننا ووهود
أ ما تتقين الله في متهالك * على الحب حتى ما يقال وعيد
طوى كشحه طي السجل على الجوى * ويأبى وشيطان الهموم مريد
إلى كم يدور الدهر بيني وبينه * وتبدي الليالي كيدها وتعيد
فقد جعل الواشي وأنت تبعته * من البين يسعى بيننا ويزيد
يقول لقد أخلقت من جدة الصبا * على رسله ان الغرام جديد
ومن شعره قوله:
قف بالمنازل حيث أوقفك الهوى * وكل البكاء إلى الحمام العيف
اني غسلت منه الدموع أناملي * ونفضت منه اثر البكاء كفوفي
وقفت بي الوجناء بين طلولهم * لولا مكان الريب طال وقوفي
ارتاد في عرصاتها فكأنني * طيف ألم بناظر مطروف
فصمتين حتى ما يجبن مسائلي * وعمين حتى لا يرى عكوفي
وله:
ساعد الجد يوم بعتك روحي * لا وعينيك لست ابغي اقاله
يا عليل الجفون عللت قلبي * فتداعت جفوني الهطاله
كنت قبل النوى ضنينا بقلب * خدعته لحاظك الختاله
كلما صد عن سواي دلالا * صد عني تبرما وملاله
لست انسى يوم الفراق وقد * أدركت شمل النوى فاماله
لم تدع لوعة النوى في حشاه * من حصاة الفؤاد غير ذباله
لك قد القنا وثغر الأقاحي * ونفور ألمها وجيد الغزاله
من تناسى بالرقمتين ودادي * فبعيني غصونه المياله
رب ليل قصرته بغرير * حل من عقد زلفه فأطاله
من عذيري منه حب ظبي لعوب * عودوه سفك الدما فحلاله
وله:
أ رأيت ما صنعت يد التفريق * أعلمت من قتلت بسعي النوق
رحل الخليط وما قضيت حقوقهم * بمنى النفوس وما قضين حقوقي
(٥٢)

ومنها:
لعب الفراق بنا فشرد من يدي * ريحانتي صديقتي وصديقي
لله ليلتنا وقد علقت يدي * منه بعطف كالقناة رشيق
ومنها:
أيقظته والليل ينفض صبغه * والسكر يخلط شائقا بمشوق
والنوم يعبث بالجفون وكلما * رق النسيم قست قلوب النوق
وله من أبيات:
واستضحك الدهر قد طال العبوس به * لا يضحك الدهر حتى يضحك القدح
فقام والسكر يعطو في مفاصله * يكاد يقطر في اعطافه المرح
ومنها:
وذي دلال كان الله صوره * من جوهر الحسن الا انه شبح
بتنا على غرة الواشي وغرته * اغتاظ منه بلا غيظ ونصطلح
جعلت عتبي إلى تقبيله سببا * والسكر أغلق بابا ليس ينفتح
ومنها:
ولا يطيب الهوى يوما لمغتبق * حتى يكون له في اليوم مصطبح
وله:
ولم أر مثل الغيد اعصى على الهوى * ولا مثل قلبي للصبابة أطوعا
ومن شيمي والصبر مني شيمة * متى ارم أطلالا بعيني تدمعا
وقور على ياس الهوى ورجائه * فما أتحسى الهم إلا تجرعا
خليلي ما لي كلما هب بارق * تكاد حصاة القلب ان تتصدعا
طوى الهجر أسباب المودة بيننا * فلم يبق في قوس التصبر منزعا
إلى الله كم أغضي الجفون على القتدى * واطوي على القلب الضلوع توجعا
الا حبذا الطيف الذي قصر الدجى * وإن كان لا يلقاك الا مودعا
أ لم كسرب الطير صادف منهلا * فازعجه داع الصباح فاسرعا
وناضلته باللحظ حتى إذا رمى * بسطت له حبل الهوى فتورعا
قسمت صفايا الود بيني وبينه * سواء ولكني حفظت وضيعا
وقوله:
كل شمل وان تجمع حينا * سوف يمني بفرقة وشتات
لا ألوم النوى فرب اجتماع * كان أدنى إلى نوى وبتات
مثلما زيدت السهام غلوا * في صدور العدى بقرب الرماة
غادرتموني للخطوب رمية * تغدو علي صروفها وتروح
ما حركت قلبي الرياح إليكم * الا كما يتحرك المذبوح
وله:
الا ما انتظاري بالوصال ولا وصل * وحتام لا تدنو إلي ولا اسلو
وبين ضلوعي زفرة لو تبوأت * فؤادك ما أيقنت ان الهوى سهل
ومنها:
إذا ظفرت منك العيون بنظرة * فأيسر شئ عند عاشقك القتل
أ منعمة بالزورة الظبية التي * بخلخالها حلم وفي قرطها جهل
ومنها:
سقى المزن أقواما بوعساء رامة * لقد قطعت بيني وبينهم السيل
وحيا زمانا كلما جئت طارقا * سليمى أجابتني إلى وصلها حمل
تود ولا أصبو وتوفي ولا أفي * وانأى ولا تنأى واسلو ولا تسلو
إذ الغصن غض والشباب بمائه * وجيد الرضا من كل نائبة عطل
ومنها:
وجدب كان العيس فيه إذا خطوا * يسابق ظلا أو يسابقه الظل
إذا عرضت لي من بلادي بلية * فأيسر شئ عندي الوخد والأمل
وليس اعتساف البيد عن مربع الأذى * بذل ولكن المقام هو الذل
وما انا ممن ان جهلت خلاله * أقامت به القامات والأعين النجل
وكل رياض جئتها لي مرتع * وكل أناس اكرموني هم الأهل
ولي باعتمادي أبيض الوجه راشدا * عفن الشغل في آثار هذا الورى شغل
ومنها:
طبيب هياج ما عيين جفونه * من الكحل الا والعجاج له كحل
إذا لم يكن فعل الكريم كأصله * كريما فما تغني المناسب والأصل
من النفر البيض الذين تأنفوا * مدى الدهر ان يأتي ديارهم البخل
ليوث إذا راموا غيوث إذا هموا * بحور إذا جادوا سيوف إذا سلوا
وان خطبوا مجدا فان * سيوفهم مهور واطراف القنا لهم رسل
محمد محمود المشغري توفي سنة ١٠٩٠:
أنت يا شغل المحب الواجد * قبلة الداعي ووجه القاصد
فت آرام الفلا حسنا فما * قابلت الا بطرف جامد
شأن قلبينا إذا صحج الهوى * يا حياتي شأن قلب واحد
أكثر الواشون فينا قولهم * ما علينا من مقال الحاسد
لست اصغي لأراجيف العدى * من يغالي في المتاع الكاسد
وقال:
رب ساق غمزته فتغابى * ثم اومى بناظر لا يطاق
قال لي والخمر يرعد كفيه * وروحي على يديه تراق
أنت لا شك هالك بجفوني * قلت زدني فإنها درياق
فانتصى الكاس من يدي واهوى * نحو فيه بالكاس وهي دهاق
قال لي هاكها شرابا طهورا * خلصتها من خبثها الأرياق
وقال:
دارياها لعلها ان تداري * واحملاها على طباع العذارى
واجلواها وفي الكؤوس بقايا * قبل ان ترشف الصبا الاسرارا
عللاتي ولو بكأس هتار * ما أقلت يداي كأسا هتارا (١)
ان قدحي من الهموم المعلى * فاملئي لي من الكؤوس الكبارا
هاتها والزمان طلق المحيا * وأديم الصبا يروق نجارا
فكأني به وقد جرد الشيب * على مفرق الشباب غرارا
لا تسمني عن السلاف اصطبارا * لا وعينيك لا أطيق اصطبارا
لان ليل الضرير يوم نواها * وحياة الملوك عيش السكارى
اجلساني على يمين نديم * ألبسته على الشمال سوارا
زراني والدجى ينم عليه * والدياجي لا تكتم الأقمارا
فوفى لي ولات حين وفاء * في خفوت الكرى وصد جهارا
في ليال كأنهن رياض * اطلعت من كمائم أزهارا

(١) اهتارا ترهب بالعقل.
(٥٣)

فكان الظلام نقع مثار * وكان النجوم ركب حيارى
يا ليالي السرور طولي فانا * قد شربنا الشموس والأقمارا
وارتشفنا من الكؤوس رضابا * واحتسينا من الثغور عقارا
خندريسا لولا حياء أبيها * خطفت من عيوننا الابصارا
من بنات المجوس تطلع في * جنبي نارا وخده جلنارا
يا لقوم أسيرهم لا يفادى * لعيون قتيلها لا يوارى
فاترات لو لم يكن نشاوى * ما تشكت جفونهن الخمارا
ووجوه تخالهن بدورا * في خدود تخالهن سرارا
كل قد من الغصون معار * هز ردفا من النقا مستعارا
وقال:
أ رأيت ما صنعت يد التفريق * أعلمت من قتلت بسعي النوق
رحل الخليط وما قضيت حقوقهم * بمنى النفوس ولا قضين حقوقي
علقوا بأذيال الرياح ووكلوا * للبين كل معرج بفريق
وغدوت اصرع ناجذي على النوى * وأغص من غيظ الوشاة بريقي
لعب الفراق بنا فشرد من يدي * ريحانتي صديقتي وصديقي
لارق بعدهم الخيال لناظري * ان حن قلبي بعدهم لرحيق
لله ليلتنا وقد عهلقت يدي * منه بعطف كالقناة رشيق
أيقظته والليل ينفض صبغه * والسكر يخلط شائقا بمشوق
عاطيته حلب العصير وصدنا * عن وجه حاجتنا يد التفريق
والنوم يعبث بالجفون وكلما * رق النسيم قست قلوب النوق
والبرق يعثر بالرحال وللصبا * وقفات مصغ للحديث رفيق
وقال:
شرق على حكم النوى أو غرب * ما أنت أول ناسب في مخلب
في كل يوم أنت نهب محاسن * أو ذاهب في اثر برق خلب
متالق في الجو بين مشرق * غص الفضاء به وبين مغرب
يبكي ويضحك والرياض بواسم * ضحك المشيب على عذار الأشيب
أ زعمت أن الذل شربة لازب * فنشبت في مخلاب باز أشهب
لعبت بلبك كيف شاء لها الهوى * مقل متى جد النواظر تلعب
زعمت عتيمة ان قلبك قد صبا * من لي بقلب مثل قلبك قلب
قد كنت آمل ان تموت صبابتي * حتى نظرت إليك يا ابنة يعرب
فطربت ما لم تطربي ورغبت * ما لم ترغبي وذهبت ما لم تذهبي
ولقد دلفت إليهم في فتية * ركبوا من الأخطار أصعب مركب
جعلوا العيون على القلوب طليعة * ورموا القفار بكل حرف دعلب (١)
ترمي الفجاج وقلبها متصوب * في البيد اثر البارق المتصوب
هو جاء ما نفضت يدا عن سبسب * الا وقد غمست يدا في سبسب
تسري وقلب البرق يخفق غيرة * منها وعين الشمس لم تنتقب
تطفو وترسب في السراب كأنها * فلك يشق عباب بحر زعرب
تفلي بنا في البيد ناصية الفلا * حتى دفعت إلى عقلية ربرب
واتتك تخلط نفسها بلداتها * وزا لحسن يظهرها ظهور الكوكب
تمشي فتعثر في فضول ردائها * بحياة بكر لا بنشطة ثيب
وقال:
باجتلاء المدام في الاقداح * وبمرآة وجهك جلوضاح
لا تذرني على مرارة عيشي * أكل واش ولا فريسة لاح
صاح كلني إلى المدام ودعني * والليالي تجول جول القداح
لا تخف جور حادثات الليالي * نجن في ذمة الظبي والرماح
صاح ان الزمان اقصر عمرا * من بكاء بدمنة ونواح
رق عنا ملاحف الجو فاسمح * برقيق من طبعك المرتاج
يا مليك الملاح ان زمانا * أنت فيه زمان روح وراح
طاب وقت المدام فاشرب عساه * يا صاحبي يطيب وقت الصباح
واسقنيها سقيت في فلق * الفجر على نغمة الطيور الفصاح
سامح الله من دمي وجنتيه * وعفا الله عن بنانه الوضاح
لا تؤاخذ جفونه بفؤادي * يا إلهي كلاهما غير صاح
وقال:
ما بالتصابي على من شاب من باس * أما ترى جلوة الصهباء في الكاس
الناس بالناس والدنيا بأجمعها * في درة تعطف الساقي على الحاسي
يئست والياس إحدى الراحتين وكم * جلوت عني صدى الأطماع بالياس
في كل غانية من أختها بدل * ان لم تكن بنت رأس فابنة الراسي
أودعت عقلي إلى الساقي فبدده * في كسر جفنيه أو في ميلة الكاس
لا أوحش الله من غضبان أوحشني * ما كان أبطأ عن بري وايناسي
سلمت يوم النوى منه واسلمني * إلى عدوين نمام ووسواس
ذكرته وهو لاه في محاسنه * عهود لا ذاكر عهدي ولا ناسي
وددت إذ بعته روحي بلا ثمن * لو كنت اضرب اخماما بأسداس
يا ويح من أنت يا لمياء بغيته * ما كان أغناه عن فكر ووسواس
قامت تغني بشعري وهي حالية * به الا حبدا المكسو والكاسي
تقول والسكر يطويها وينشرها * اي الشرابين أحلى في فم الكاس
يا حبذا أنت يا لمياء من سكن * وحبذا ساكن البطحاء من ناس
ما ان ذكرتك الا طاربي طربي * وطاب ريح الصبا من طيب أنفاسي
ولا ذكرت الصبات الا واذكرني * لياليا أرضعتني درة الكاس
وجيرة لعبت أيدي الزمان بهم * أنكرت من بعدهم نفسي وجلاسي
أيام اختال في ثوبي بلهينة * وميعة من شباب ناعم آس (٢)
عار من العار حال بالصبا كاسي * كأنني والصبا في برد أخماس
أنضيت فيه مطايا الجهل والياس * عريت منه وما عريت أفراسي
في صبية كنجوم الليل أكياس * كان أيامهم أيام أعراس
اسمو إليهم سمو النوم للرأس * أدب فيهم دبيب السكر في الحاسي
باتوا بميشاء صرعى لا حراك بهم * وانما صرعتهم صدمة الكاس
يا عاذلي أنت أولي بي فخذ بيدي * فأنت أوقعتني فيهم على رأسي
ويا حمام الهوى هلا بكيت معي * على زمان تقضي أو على ناس
وقال:
وقد جعلت نفسي تحن إلى الهوى * حلا فيه عيش من بثينة أو مرا
وأرسلت قلبي نحو تيماء رائدا * لي الخفرات البيض والشدن العفرا
تعرف منها كل ليماء خاذل * هي الريم لولا أن في طرفها فترا
من الطيبات الرود لو أن حسنها * يكلمها أبدت على حسنها كبرا
وآخران عرفته الشوق راعني * بصد كأني قد ابنت له وترا
أناشد فيه البدر غاير * واسال عنه الريم وهو به معزى
فما ركب البيداء لو لم يكن رشا * ولا صدع الديجور لو لم يكن بدرا
لحاظ كان السحر فيها علامة * تعلم هاروت الكهانة والسحرا

(١) البلهينة: سعة العيش ورخاؤه.
(٢) دعلب: الناقة الفتية.
(٥٤)

أ عاذلتي واللوم لؤم أ لم ترى * كان بها عن كل لأئمة وقرا
بفيك الثرى ما أنت والنصح انما * رأيت بعينيك الخيانة والغدرا
وما للصبايا ويح نفسي من الصبا * تبيت تناجي طول ليلتها البدرا
تطارحه والقول حق وباطل * أحاديث لا تبقي لمستودع سرا
وتلقي على النمام فضل ردائها * فيعرف للأشواق في طيها نشرا
يعانقها خوف النوى ثم تنثني * تمزق من غيظ على قدك الأزرا
أ لما ترى بان النقا كيف هذه * تميل بعطفيها حنوا إلى الأخرى
وكيف وشى غصن إلى غصن هوى * وابدى فنونا من خيانته تترى
فمن غصن يدني إلى غصن هوى * ومن رشا يوحي إلى رشا ذكرا
هما عذلاني في الهوى غير انني * عذرت الصبا لو تقبلين لها عذرا
هبيها فدتك النفس راحت تسره * إليه فقد أبدته وهي به سكرى
على انها لو شايعت كثب النقا * وشيح الخزامي انما حملت عطرا
وقال:
اعفياني من وقفة في الديار * نمترى درة الجفون الغزار
ما انتفاعي بنظرة تطرف * العين بتلك الطلول والآثار
ما ترى البارق الذي صدع * لجؤو سناه على رسوم الديار
خطفات كأنهن خيول * تجرح العين بالسيوف الهواري (١)
طال عمر الدجى علي وعهدي * بالليالي قصيرة الأعمار
ما احتسيت المدام الا وغصت * لهوات الدجى بضوء النهار
حبذا طلعة الربيع أهلا * بمجالي عرائس الأزهار
وقال:
هاتها هاتها سبية حول * قد توانت ولات حين تواني
كسقيط الندى على وجنات الورد * أو كالدموع في الأجفان
في يدي شادن رقيق الحواشي * فوق خديه وردة كالدهان
في ربوع كأنهن سماء * اطلعت أنجما من الأقحوان
وغصون كأنهن نشاوى * يترقصن عن خدود الغواني
واقاح كأنهن ثغور * يبتسمن في وجه الحسان
ونسيم الصبا يصح ويعتل * على برده وحر جناني
كلما غنت البلابل فيها * رقص الدمع بالبكا اجفاني
اطرد النوم عن جفون نشاوى * بحديث ارق من جثماني
وقواف لو ساعد الجد نيطت * موضع الدر من رقاب الغواني
سائرات بيوتهن على الألسن * مسير الأمثال في البلدان
قصد كالفرند في صفحات * الدهر أو كالشنوف في الاذدان
عاصيات على الطباع ذلول * يتغنى بهن في الركبان
ساقطت والنوى يطل علينا * من عيون ألمها حصا المرجان
السيد محمد بن محمود الحسيني اللواساني نزيل مشهد الرضا ع المعروف
بالسيد محمد العصار
توفي سنة ١٣٥٦ بالمشهد المقدس الرضوي: كان عالما فاضلا يتكلم
العربية بطلاقة رايته بالمشهد المقدس الرضوي عام ١٣٥٢ وحاور مدة
بالمدينة المنصورة. له التحفة المدنية في العروض الجامع بين العربي
والفارسي والقافية العربية والقافية الفارسية ألفه بالمدينة المنورة سنة ١٢٩٠
محمد بن محمود الدهدار
ذكره المعاصر في الذريعة: وقال بعض الفضلاء انه من غير موضوع
الكتاب. له العشرة الكاملة فارسي في بيان عشر صفات هي أكمل
الأوصاف استخرجها من الأخبار والآثار وله رسائل في الجفر والرمل، وله
سبع رسائل في العرفان إحداها إشراق النيرين في تطابق الآفاق والأنفس
ومنها ألف الإنسانية في بيان حقيقة الإنسان وله رسائل المعارف إحدى عشرة
رسالة
السيد رفيع الدين محمد الصدر ابن السيد شجاع الدين محمود الحسيني
المرعشي الخليفة سلطاني
توفي سنة ١٣٠٤ ونقل نعشه إلى كربلاء ودفن فيها
هو والد سلطان العلماء صاحب الحواشي على الروضة والمعالم صهر
الشاة عباس وكان عالم عصره في المعقول والمنقول نال الصدارة من الشاة
طهماسب ومن الشاة عباس أيضا ذكره جماعة من المؤرخين كصاحب عالم
آراء ونجوم السماء والرياض في خلال ترجمة ابنه السلطان في باب الحاء
وتكملة الأمل وآثار الشيعة. وكان المترجم مع السيد الداماد والشيخ
البهائي شريك البحث والدرس وجرت بينه وبين السيد الداماد رسائل
ومكاتبات في المسائل العلمية ومن آثار المترجم كتاب في الرد على شرعية
التسمية اي تسمية القائم وكتاب في التجويد يشتمل على القرآت العشر
والمرضية منها عند أهل البيت وفي ترجمته في شجرته انه هو الذي بنيت
مدرسة مريم بيگم بأصبهان لتدريسه وله أوقاف وآثار خيرية وكان من
مشاهير المدرسين في ذلك العصر وخلف السيد حسين علاء الدين سلطان
العلماء الحسيني المرعشي والميرزا قوام خان الدين نزيل الهند والمقرب عند
ملكها وقيل إنه خلف السيد محمد وانتقل إلى بلاد الهند وبها أسس البيت
الشيخ ظهير الدين أوب جعفر محمد بن محمود النيسابوري
له كتاب البصائر في التفسير فارسي فرع منه سنة ٥٧٧ كبير في
مجلدات موجود في الخزانة الرضوية
السيد جمال الدين محمد بن محمود الحسيني المرعشي الشهرستاني
كان من علماء الدولة الصفوية له تاليف منها شرح فارسي على تهذيب
المنطق للتفتازاني يظهر منه تبحره في العلوم العقلية.
محمد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي.
له تاريخ المدينة وذيل تاريخ بغداد للخطيب.
الشيخ محمد بن محمود بن علي الطبسي
من مؤلفاته ١ كتاب زبدة البيان في تفسير آيات قصص القرآن
وكتاب تكملة زبدة البيان في أحوال النبي ص والأئمة ع فرع
من تصنيفه ذي الحجة سنة ١٠٨٣ رتبه على أربعة عشر بابا ذكر في كل باب
واحدا من المعصومين وفي كل باب عدة فصول وهو في الحقيقة مختصر كتاب
ارشاد المفيد توجد نسخة منه في مكتبة الحاج ميرزا حسين الشيرازي في سامراء وفي
آخره حاشية بخط ولد المصنف محمد علي بن محمد بن محمود
فيها شهادة بمقابلة تلك النسخة على نسخة الأصل التي بخط والده محمد
وذلك سنة ١٠٩٣ ويفهم منه ان والد جده محمود كان من العلماء لأنه يعبر
عنه بمحمود ابن مولانا علي الطبسي وعلى النسخة تعاليق وحواش كثيرة (٢)
٢ كتاب ثمرة الجنان في شرح إرشاد الأذهان للعلامة الحلي (٣) كتاب نبذ

(١) الهواري: القواطع.
(٥٥)

التاريخ فرع من تاليفه منتصف المحرم سنة ١٠٨٤. وهو غير الشيخ
محمد بن الحسن الطبسي المتقدم على الأردبيلي الذي له آيات الاحكام وينقل
عنه الأردبيلي في آيات احكامه.
ميرزا شمس الدين النقيب محمد بن مير محمود بن مير محمد بن مير يار
المنتهي نسبه إلى الإمام الرضا
ذكره في مجالس المؤمنين وقال إنه في زمان سلطنة الشاة رخ ميرزا جاء
من قم إلى المشهد الرضوي، وولده الميرزا أبو طالب فوضت إليه ولاية
تبريز مدة من قبل السلطان. له كتاب وسيلة الرضوان في أحوال ومعجزات
الإمام علي بن موسى الرضا ع ألفه سنة ١١٣٥ وله ولد اسمه مير
غياث الدين عزيز بن مير شمس الدين محمد. وللمترجم أيضا كتاب حبل
المتين في معجزات أمير المؤمنين س للسيد الفاضل شمس الدين
محمد الرضوي من علماء الدولة الصفوية في عصر الشاة طهماسب المتأخر
ثم قال ونقل أكثر هذه المعجزات المولى الفاضل عبد الله بن عناية الله
الهندي في كتاب فرحة القلوب عن كتاب تزيين المجالس لشمس الدين
محمد بن الرضوي والظاهر أنه بعينه صاحب حبل المتين الذي نقلت عنه
انتهى قال المؤلف: بل الظاهر أنه غيره. وفي الشجرة الطيبة: هذا
السيد الجليل يعني المترجم ينقل كثيرا من المعجزات مشافهة عن السيد نصر
الله ابن السيد حسين الموسوي الحائري الشهيد وذكره في فردوس التواريخ
فقال: السيد الأمجد والفاضل الأورع الأزهد مولانا شمس الدين محمد
سيد جليل كبير نبيل عالم خبير من أرباب القلوب وصدق السريرة وصفاء
الضمير صاحب مقام ومرتبة وسركشيك في الحضرة الشريفة الرضوية ومن
أجلة الفضلاء العظام والسادات الصحيحي النسب، له وسيلة الرضوان
ألف سنة ١١٢٥ وذكر نسبه في أوله. وألف في أحوال كل واحد من الأئمة
ع كتابا ومن التأمل في كتبه يظهر فضله وعلمه وقال العالم
الرباني ميرزا محمد حسين النوري يوجد عندي مجلدان من كتب هذا السيد
وذكر كلاما في تعريفهما وتوصيفهما اه
شمس الدين محمد بن محمود الآملي
ذكره صاحب رياض العلماء وصاحب كشف الظنون. له كتاب
نفائس الفنون استمل على كثير من علوم الأوائل من الفلسفة العالية
والنجوم والهيئة والفلكيات وله شرح كليات القانون
محمد بن مرتضى المدعو بهادي المعروف بنور الدين ابن أخي ملا محسن
الكاشي
انتخب بحار الأنوار في حياة المجلسي وأسقط المكررات والأسانيد
واقتصر من الكتب والروايات على أصحها طبع بعض مجلداته. وله تفسير
وجيز وشرح على مفاتيح عمه وله تنوير القلوب في شرف الحكمة الموروثة
من الابياء وكيفية تحصيلها وفضل الحكماء والعرفاء فارسي رأيت منه نسخة
بكرمانشاه وله روح الأرواح وحياة الأشباح وله كتاب التفكر ومصفاة
الأشباح ومجلاة الأرواح وله كتاب المبدأ والمعاد ولقبه بالحقائق القدسية
والرقائق وله الكلمات النورية والآيات السرية وله منتخب الأشعار في
٦٥٠٠ بيت
المولى محمد مراد بن محمد صادق بن محمد علي بن حيدر الكشميري
له كتاب الرجال مختصر فرع من مقابلته وتصحيحه سنة ١١٠١ وهو
من تلاميذ صاحب الوسائل وله شرح على بدايته.
محمد بن مرازم بن حكيم الساباطي الأزدي
له كتاب يرويه عنه جماعة منهم محمد بن خالد البرقي ومنهم علي بن
حديد بن حكيم، وقد ضعفه الشيخ في كتابي الاخبار، وقال في باب الربا
من كتاب التهذيب: علي بن حديد ضعيف جدا لا يعول على ما ينفرد به
وقال الكشي: قال نصر بن الصباح: علي بن حديد بن حكيم فطحي من
أهل الكوفة وذكره العلامة وابن داود في قسم الضعفاء ونقلا عن الشيخ
ونصر بن الصباح ما تقدم وقال المحقق في المعتبر علي بن حديد ضعيف جدا
وهي عبارة الشيخ، وفي التحرير عن السيد ابن طاوس ان نصرا لا يثبت
قوله، وقال النجاشي ثقة
محمد بن مسعود السلمي المعروف بالعياشي
الشيخ الثقة الراوية للاخبار روى عنه الطبرسي وغيره وبعض
الناسخين حذف أسانيده للاختصار وذكر في أوله عذره وهو أشنع من
جرمه، قال في البحار
محمد بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب
في عمدة الطالب كان أمير المدينة ويعرف بابن المزنية قتله ابن أبي
السفاح
محمد مسيح بن إسماعيل الفسوي
له الحواشي الفسوية على الحواشي الخضرية على شرح التجريد الجديد.
أولها نحمدك يا من هو لسلوك مقاصد التجريد نصير وبمصالح
اتقان الأمور بصير ونصلي علي نبيك البشير النذير وعترته الظاهرة سيما وصيه
المنصوص عليه يوم الغدير الخ: وجدنا منها نسخة في كرمانشاه فرع منها
ناسخها سنة ١١٥٤
محمد مسيح الكاشاني
له التحفة السليمانية ترجمة لارشاد المفيد بالفراسية ترجمه للشاه
سليمان الصفوي وسماه باسمه مطبوع
الشيخ محمد المشهدي
اسمه محمد بن جعفر
مولانا الحاج محمد المشهدي
توفي سنة ١٢٥٧ ودفن في دار السيادة المباركة مولده وموطنه في المشهد
المقدس الرضوي قرأ على صاحب الرياض وشريف العلماء والشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء
له ١ شرح على منظومة بحر العلوم ٢ كتاب في شرح
مشكلات الأحاديث والآيات ٣ كتاب في أصول الفقه ٤ رسالة في
(٥٦)

الحديث الثامن عشر من الخصال ٥ رسالة شرق وبرق (١)
الشيخ محمد بن مطر العراقي
قال راثيا الحسين ع:
آها لوقعة عاشوراء ان لها * نيران حزن بها الأحشاء تشتعل
أ يقتل السبط مظلوما على ظما * والماء للوحش منه العل والنهل
ورأس سيد خاق الله يقرعه * بالخيزرانة رجس كافر رذل
والسيد العابد السجاد يجده * ثقل الحديد وقد أودت به العلل
وتستحث بنات المصطفى ذللا * بالاسر تسري بهن الأينق الذلل
إلى الشام سرت تهدى على عجل * يحدو بها العيس عنفا سائق عجل
نوادبا فقدت في السير كافلها * وفارقت خدرها الأستار والكلل
عقائل البضعة الزهراء حاسرة * وآل هند عليها الحلي والحلل
ديار صخر بن حرب أزهرت فرحا * لها سرور بقتل السبط مكتمل
ودار آل رسول الله موحشة * خلو تغير منها الرسم والطلل
لهفي لزينب تدعو وهي صارخة * والقلب منها مروع خائف وجل
ترنو كريم أخيها وهو مرتفع * كالبدر تحمله العسالة الذبل
يا جد نال بنو الزرقاء وترهم * يوم الطفوف ونالوا فوق ما أملوا
رزية بكت السبع الشداد لها * والأرض زلزل منها السهل والجبل
وليس يشفي غليلا في الفؤاد سوى * يوم به الدين غض والهدى جذل
صلى عليكم إله العرش ما ذكرت * ارزاؤكم وأسالت دمعها المقل
وله:
هي كربلاء لا تنقضي حسراتها * حتى تبين من النفوس حياتها
يا كربلاء ما أنت الا كربة * عظمت على أهل الهدى كرباتها
أضرمت نار مصائب في مهجتي * لم يطفها من مقلتي عبراتها
يوم به للكفر أعظم صولة * وقواعد الاسلام عز حماتها
يوم به سبط النبي مشمرا * وبنو الطغاة تتابعت راياتها
في فتية شم الأنوف فوارس * ان أحجمت يوم النزال كماتها
ترتاح للحرب الزبون نفوسهم * وقراع فرسان الوغى لذاتها
لهم من البيض الرقاق صوارم * أغمادهم من العدى هاماتها
خاضوا بحار الحرب غلبا كلما * طفحت بأمواج الردى غمراتها
أبو الفضل محمد بن المطلب الشيباني
له كتاب الأمالي ينقل عنه الكفعمي في حواشي كتابه المعروف
بالمصباح من الجزء الثالث
المرتضى أبو الحسن محمد المطهر بن أبي القاسم علي بن أبي الفضل
محمد النقيب الحسيني الديباجي: كان من كبار سادات العراق
وصدور الاشراف انتهى منصب النقابة والرياسة في عصره إليه وكان عالما
بالنحو واللغة والأدب والشعر والتاريخ ذكره الباخرزي في دمية والسيد في
الدرجات الرفيعة
أبو جعفر محمد بن المعافى مولى جعفر بن محمد
من أصحاب الكاظم والرضا ع له كتاب شرايع الايمان
من الكتب الكبيرة الجامعة
مولانا محمد معصوم اليزدي
كان معاصرا للميرزا شمس الدين محمد وفي سنة ١٣٥ كان مجاورا في
المشهد المقدس الرضوي متصفا بالفضل والتقوى والتقدس والقبول عنه
العامة (٢)
ميرزا محمد معصوم علي الشاة نعمة اللاهي الشيرازي
كان من العرفاء والمتصوفة من أهل العصر له كتاب طرائق الحقائق
طبع في طهران ١٣١٩ وترجم نفسه في الكتاب المذكور فقال ما تعريبه:
مولده بشيراز كما وجده بخط والده قد ولد المولود العزيز المسمى بمحمد
معصوم سحر ليلة السبت ١٤ ربيع الأول سنة ١٢٧٠ وسلمه أبوه إلى
المعلم وعمره أربع سنين ولما بلغ سبعة فرع من تعلم الفارسي وشرع بتعلم
العربي فلما بلغ ثماني ابتلي بهجران أبيه كان المراد موت أبيه ونعم ما قال
أبو الطيب:
فصرت إذا أصابتني سهام * تكسرت النصال على النصال
حتى بلغ اثنتي عشرة سنة وهو يشتغل بتحصيل العلم في هذه البلاد بقدر
الوسع والطاقة وقرأ على السيد حسين الموسوي الجهرمي شرح العوامل
وصرف سير وشرح تصريف التفتازاني وشرح القطر وقرأ أيضا في علم
العربية على السيد حسن الجهرمي من بني عم المذكور وعلى الميرزا محمد
علي بن ميرزا مهدي الشيرازي في النحو وفي البيان على ميرزا محمد علي
المعلم وفي الفقه على ميرزا أحمد بن ميرزا فضل الله الفيروزآبادي الشيرازي
ثم عزم المذكور على السفر للعراق فرغبني في السفر معه فسافرت في المحرم
سنة ١٢٨٨ عن طريق بوشهر حتى وصل كربلاء فأقام فيها أربع سنوات
ووصل في هذه المدة إلى خدمة جماعة منهم الميرزا محمد حسن الشيرازي
والمولى محمد حسين الأردكاني
الملا محمد ابن الملا معصوم علي الهيدجي الازربايجاني المعروف بحاجي
آخوند توفي في حدود سنة ١٣٤٩
الهيدجي نسبة إلى هيدج حيث ولد، وهيدج بلد من اعمال
قمشه الواقعة بين زنجان وقزوين
كانت دراسته الأولى في هيدج ثم قرأ في قزوين علوم اللغة والمنطق
وفي طهران قرأ العلوم الكلامية والرياضية على الميرزا حسين السبزواري،
كما قرأ الحكمة على الميرزا أبو الحسن المتخلص بجلوة، وقرأ الفقه
والأصول على غيرهما. ولقد بقي زهاء سنة في المدرسة المنيرية في طهران
مشغولا بالبحث والتدريس وناظرا على مكتبتها
له تعليقة على منظومة السبزواري ومجموعة في النظم والنتشر
السيد الميرزا محمد معصوم ابن السيد محمد الرضوي
توفي سنة ١٢٣٢ ودفن في كيشوانيه الصحن العتيق. كان من العلماء
والسادات الجليلي القدر في المشهد المقدس قرين الزهد والعفاف والتقوى
متقدما علماء زمانه وفضلاء أوانه قرأ على العلماء والمشائخ الكرام وبعد
تكميل العلوم العقلية وتحصيل القوة القدسية عاد إلى وطنه واختار طريقة

(١) مطلع الشمس.
(٢) مطلع الشمس.
(٥٧)

الانزواء والاعتزال ولم يقصد للحكومات والمرافعات وكان في غاية الزهد
تجنبا عن الدنيا (١)
السيد محمد معصوم القطيفي النجفي
توفي في عشر الستين بعد الألف ومائتين
هو صاحب القصائد المعروفة في الرثاء وله قصيدة مجونية ضمنها أكثر
الألسن الشرقية وله رسالة في ترجمة السيد عبد الله شبر ذكر في خاتمها ما
يدل على تلمذه على صاحب الجواهر وله رسالة سماها نوافح المسك في
التوحيد
وذكره الفاضل النوري في كتابه دار السلام في ما يتعلق بالرؤيا والمنام
فقال:
السيد العالم المؤيد الرباني التقي الصفي كان جليل القدر عظيم
الشأن وكان شيخنا الأستاذ العلامة الشيخ عبد الحسين الطهراني على الله
مقامه كثيرا ما يذكره بخير ويثني عليه ثناء بليغا قال كان تقيا صالحا وشاعرا
مجيدا وأديبا وقارئا غريقا في بحار محبة أهل البيت ع وأكثر ذكره وفكره
فيهم اه ومن شعره في رثاء الحسين ع قوله:
أسفي لربات الجحال * برزن لا يأوين كنا
تبكي أخا كرم شمر * دل طالما أغنى وأقنى
شيخ العشيرة ذا حمى * ما مس منه الضيم ركنا
والمستغاث إذا الخطوب * تراكمت كالليل دجنا
أ ولم تكن أنت الذي * بأمورنا في الدهر تعنى
أ وما ترانا بعد حفظك * في يد الأسواء ضعنا
وتعج تهتف والشجى * يبدي خفايا ما استكنا
أمجثما فج الفلا * ما لا يعد الحزن حزنا
عرج بطيبة مبلغا * بعض الذي بالطف نلنا
مأوى الشجاعة والسماح * وكل معروف وحسنى
قوم إذا حمي الطعان * فهم أحر القوم طعنا
الأمير محمد معصوم بن إبراهيم بن سلام الله بن عماد الدين مسعود بن
صدر الدين محمد بن غياث الدين منصور الحسيني
هو جد السيد علي خان ذكره في سلافة العصر وقال: كان يلقب
سلطان الحكماء وسيد العلماء توفي رحمه الله عام ١٠١٥ وله مصنفات جليلة
منها اثبات الواجب وهو ثلاث نسخ كبير وصغير ووسط وغير ذلك وتوهم
صاحب أمل الآمل فظن أنه احمد فذكره في حرف الهمزة
محمد بن مفيد الملقب بسعدي الشريف القاضي القمي
له شرح توحيد الصدوق في مجلدين فرع من المجلد الثاني عصر يوم
الأربعاء لخمس مضين من المحرم مبتدأ سنة ١٠٩٩ منه نسخة محفوظة في
مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني في كربلاء
محمد بن مقصود علي المازندراني الغروي الكاظمي
توفي سنة ١٢٦٤
عالم فاضل من مؤلفاته كشف الابهام في شرح شرائع الاسلام
السيد محمد مقيم بن جمال الدين حسين الحسيني الاسترآبادي
له رسالة في المعاد فارسية استوفى فيها مباحث المعاد كتبها للسلطان
قطبشاه.
السيد الميرزا محمد مقيم النواب بن محمد نصير ابن السيد حسن النواب
ابن السيد حسين سلطان العلماء الحسيني المرعشي
كان عالما فقيها مدرسا نال الصدارة العظمى للشاه حسين الصفوي
وتزوج بنت السلطان المذكور وخلف منها الميرزا محمد
تقي والميرزا محمد كاظم والميرزا على تقي والميرزا
محمد باقر صدر الخاصة
الثاني والنواب الميرزا محمد صدر الخاصة
المولى محمد مقيم الخطيب الرازي العبد عظيمي
له مجلس آراء في التواريخ والحكايات والأخلاق والمواعظ فارسي كبير
كتبه سنة ١٢٤٢
الشيخ محمد ابن الشيخ محمد مقيم ابن الشيخ درويش محمد الأصبهاني
الغروي
ذكره السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري في ذيل
اجازته الكبرى ووصفه بالعالم الفاضل اللوذعي سلاسة الفضلاء الأمجاد بقية
أهل بيت التقوى والسداد خريت طرق العلم والرواية مصباح مسالك
الرشاد والهداية الموفق المسدد المؤيد الشيخ محمد الخ.
ابن منظور جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي ابن احمد
الأنصاري صاحب كتاب لسان العرب
ولد سنة ٦٣٠ ومات في شعبان سنة ٧١١.
في الدرر الكامنة: كان ينتسب إلى رويفع بن ثابت الأنصاري سمع
من ابن المقير ومرتضى بن حاتم وعبد الرحمن بن الطفيل ويوسف بن المخيلي
وغيرهم وعمر وكبر وحدث فأكثروا عنه وكان مغرى باختصار كتب الأدب
المطولة اختصر الأغاني والعقد والذخيرة ونشوار المحاضرة ومفردات ابن
البيطار والتواريخ الكبار وكان لا يمل من ذلك قال الصفدي: لا اعرف في
الأدب وغيره كتابا مطولا الا وقد اختصره قال وأخبرني ولده قطب الدين انه
ترك بخطه خمسمائة مجلدة قلت وجمع في اللغة كتابا سماه لسان العرب جمع
فيه بين التهذيب والمحكم والصحاح والجمهرة جوده ما شاء ورتبه ترتيب
الصحاح وهو كبير وخدم في ديوان الإنشاء طول عمره وولي قضاء
طرابلس، قال الذهبي كان عنده تشيع بلا رفض قال أبو حيان أنشدني
لنفسه:
ضع كتابي إذا اتاك إلى الأرض * وقلبه في يديك لماما
فعلى ختمه وفي جانبيه * قبل قد وضعتهن تؤما
كان قصدي بها مباشرة الأرض * وكفيك بالتثامي إذا ما
قال وأنشدني لنفسه:
الناس قد اثموا فينا بظنهم * وصدقوا بالذي أدري وتدرينا
ما ذا يضرك في تصديق قولهم * بان يحقق ما فينا يظنونا
حملي وحملك ذنبا واحدا ثقة * بالعفو أجمل من اثم الورى فينا

(١) الشجرة الطيبة.
(٥٨)

وذكر ابن فضل الله انه عمي في آخر عمره وكان صاحب نكت ونوادر
وهو القائل:
بالله ان جزت بوادي الأراك * وقبلت عيدانه الخضر فاك
ابعثق إلى عبدك من بعضها * فإنني والله ما لي سواك
الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي
توفي سنة ٩٣٨
له غاية القصد في معرفة القصد قرأه عليه الشهيد الثاني بالشام كما
حكاه في الأمل عن ابن العودي في رسالته بغية المريد لكن قيل إن الموجود
في البغية ان الشهيد قرأ في الشام عند الشيخ شمس الدين محمد بن مكي
من كتب الطب شرح الموجز النفيسي وغاية القصد من تصنيف الشيخ
المذكور وليس فيه ان عاملي بل ولا شيعي الا ان يكون صاحب الأمل
استفاد ذلك من مقام آخر.
الشيخ أبو عبد الله شمس الدين محمد ابن الشيخ جمال الدين مكي ابن
الشيخ شمس الدين محمد بن حامد بن أحمد المطلبي العاملي النباطي الجزيني
المعروف بالشهيد الأول وبالشهيد على الاطلاق.
والمطلبي نسبة إلى المطلب أخي هاشم لأنه من ذريته والى المطلب
ينسب عبد المطلب بن هاشم واسمه شيبة الحمد وكان لما توفي أبوه هاشم
عند أخواله بالمدينة فابت امه ان تسلمه إلى عمه المطلب فواعده مكانا واخذه
خفية واركبه خلفه فكان إذا سئل من هذا معك قال عبدي فسمي عبد
المطلب.
ولد المترجم سنة ٧٣٤ واستشهد بدمشق ضحى يوم الخميس التاسع
من جمادى الأولى سنة ٧٨٦ قتلا بالسيف على التشيع وعمره اثنان
وخمسون. وبعضهم قال في التاسع عشر من جمادى الأولى والصحيح
الأول.
أقوال العلماء فيه
في أمل الآمل: كان عالما فقيها محدثا مدققا ثقة متبحرا
كاملا جامعا لفنون العقليات والنقليات زاهدا عابدا ورعا شاعرا أديبا منشئا
فريد دهره عديم النظير في زمانه اه وقال في حقه المحقق الكركي في
اجازته لصفي الدين الوزير: شيخنا الشيخ الامام شيخ الاسلام علامة
المتقدمين ورئيس المتأخرين حلال المشكلات وكشاف المعضلات صاحب
التحقيقات الفائقة والتدقيقات الرائقة حبر العلماء وعلم الفقهاء شمس الملة
والحق والدين أبي عبد الله محمد بن مكي الملقب بالشهيد رفع الله درجته في
عليين وحشره في زمرة الأئمة الطاهرين ع.
وقال في حقه الشهيد الثاني في اجازته للشيخ حسين بن عبد الصمد:
شيخنا الامام الأعظم محيي ما درس من سنن المرسلين ومحقق الأولين
والآخرين الامام السعيد أبي عبد الله الشهيد.
وقال فخر الدين محمد بن العلامة الحلي في اجازته التي كتبها على ظهر
القواعد عند قراءته عليه: قرأ علي مولانا الامام العلامة الأعظم أفضل
علماء العالم سيد فضلاء بني آدم مولانا شمس الحق والدين محمد بن
مكي بن محمد بن حامد أدام الله أيامه من هذا الكتاب مشكلاته وأجزت له
رواية جميع كتب والدي قدس سره وجميع ما صنفه أصحابنا المتقدمون رضي
الله عنهم عني عن والدي عنهم بالطرق المذكورة لها اه وقال السيد
مصطفى التفريشي في كتابه نقد الرجال: شيخ الطائفة وثقتها نقي الكلام
جيد التصانيف. وفي مستدركات الوسائل: أفقه الفقهاء عند جماعة من
الأساتيذ جامع فنون الفضائل وحاوي صنوف المعالي وصاحب النفس الزكية
القدسية القوية اه وهو امام من أئمة علماء الشيعة وعلم من اعلامهم
وركن من أركانهم وفقيه عظيم من أعاظم فقهائهم يضرب المثل بفقاهته
ومفخرة من مفاخر جبل عامل بل من مفاخر الشيعة عظيم المنزلة في العلم
جليل القدر عظيم الشأن عديم النظير محقق ماهر متفنن أديب شاعر تشهد
بجلالة قدره وعظم شانه تواليفه المشهورة الجليلة العظيمة الفوائد المتنوعة
المقاصد في الفقه والأصول وغيرهما كما ستقف عليه كالقواعد التي لم يؤلف
مثلها في موضوعها وكالألفية والنقلية الوحيدتين في موضوعهما والدروس التي
جمعت على صغر حجمها ما لم يوجد في المطولات والذكرى التي امتازت على
أشباهها واللمعة التي صنفها في سبعة أيام وجمعت على اختصارها فأوعت
وكفى في الاهتمام بها انها نسخت وهي في يد الرسول، وشرح الأربعين
حديثا ولا يبعد انه أولي من صنف في ذلك من أصحابنا.
أحواله
قرأ أولا على علماء جبل عامل ثم هاجر إلى العراق سنة ٧٥٠ وعمره
ست عشرة سنة فقرأ على فخر المحققين ولد العلامة ويحكى عن فخر
المحققين أنه قال استفدت منه أكثر مما استفاد مني وحينئذ فيما يقال إنه قصد
العراق ليقرأ على العلامة فوجده قد توفي فقرأ على ولده تيمنا من غير حاجة
منه إلى القراءة عليه غير صحيح لان العلامة توفي سنة ٧٢٣ قبل ولادة
الشهيد بثمان سنين وقد اجازه فخر الدين في داره بالحلة سنة ٧٥١ كما في
أربعينه واجازه ابن نما بعد هذا التاريخ بستة واجازه ابن معية بعد هذا
التاريخ بسنتين واجازه المطارباذي بعد هذا التاريخ بثلاث سنين وبقي في
العراق خمس سنين ثم رجع إلى البلاد وهو ابن إحدى وعشرين سنة. وقال
في اجازته لابن خاتون: واما مصنفات العامة ومروياتهم فاني ارويها عن
نحو من أربعين شيخا من علمائهم بمكة والمدينة ودار السلام بغداد ودمشق
وبيت المقدس ومقام الخليل إبراهيم ع. ويعلم من ذلك أنه دخل كل
هذه البلاد وقرأ على علمائها واستجازهم وهو يدل على علو همة عظيم وإذا
كان عمره اثنين وخمسين سنة كما عرفت وله من الآثار العلمية الباقية إلى
اليوم التي يعجز عنها الفحول المعمرون فذلك من كراماته وفضائله التي لم
يشارك فيها.
ويظهر انه كان له تردد كثير إلى دمشق ولعله كان فيها في ذلك العصر
عدد كثير من الشيعة كان يذهب لتعليمهم وارشادهم وإقامة مدة بين
ظهرانيهم ويدل على ذلك أمور منها تسمية بعض كتبه باللمعة الدمشقية
لتصنيفه لها في دمشق والقول بأنه صنفها في الحبس غير صحيح كما ستعرف
ومنها ما حكاه الشهيد نفسه عن القطب الشيرازي شارح الشمسية حيث
قال رأيته بدمشق وهو من أصحابنا بلا ريب ويقال انه قرأ على الشهيد
قواعد العلامة وقرأ عليه الشهيد في علم المعقول ومنها قوله في اجازة الشيخ
زين الدين علي بن الخازن انه كتبها بدمشق المحروسة ومنها ما نقله
السيد علي خان في الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة عن الشهيد في حق
(٥٩)

حجر بن عدي وأصحابه الذين قتلهم معاوية
خير اليالوشي
ومما عرف عن الشهيد رحمه الله ان رجلا مشعوذا ظهر في جبل عامل
وادعى النبوة واسمه محمد اليالوشي من قرية تسمى برج يالوش فحاربه
الشهيد وقضى عليه في سلطنة برقوق ويقال انه كان من تلامذة الشهيد
فوقع بيد الشهيد كتاب شعوذة فسلمه إليه ليتلفه فاخذه وغاب ثم رجع
وأخبره باتلافه كاذبا وأخفاه عنده وتعلم منه الشعوذة وعمل به حتى ادعى
النبوة.
المكاتبة بين الشهيد وسلطان خراسان
كان بين الشهيد والسلطان علي بن المؤيد ملك خراسان وما والاها
مودة ومكاتبة على البعد إلى العراق ثم إلى الشام وطلب منه أخيرا التوجه إلى
بلاده في مكاتبة شريفة أكثر فيها من التلطف والتعظيم والحث للشهيد على
ذلك فأبي واعتذر إليه وصنف له اللمعة في سبعة أيام لا غير على ما نقله ولد
الشهيد أبو طالب محمد ذكر ذلك الشهيد الثاني في شرح اللمعة عند قول
المصنف إجابة لالتماس بعض الديانين وقال إن هذا البعض هو شمس
الدين محمد الآوي من أصحاب السلطان علي بن مؤيد ملك خراسان وما
والاها في ذلك الوقت إلى أن استولى على بلاده تيمورلنك فصار معه قسرا
إلى أن توفي في حدود سنة ٧٩٥ بعد ان استشهد المصنف بتسع سنين واخذ
شمس الدين الآوي نسخة الأصل ولم يتمكن أحد من نسخها منه لضنه بها
وانما نسخها بعض الطلبة وهي في يد الرسول تعظيما لها وذلك في سنة ٧٨٢
والظاهر أن شمس الدين الآوي كان هو الملتمس للشهيد على تصنيف
اللمعة لسلطان خراسان فصنفها له الشهيد وأرسلها إلى الآوي ليوصلها إلى
السلطان ولم يمكن من نسخها ضنا بها.
سبب قتل الشهيد وكيفيته وتاريخه
في أمل الآمل: كانت وفاته سنة ٧٨٦ التاسع من جمادى الأولى قتل
بالسيف ثم صلب ثم رجم بدمشق في دولة بيدمر وسلطنة برقوق بفتوى
القاضي برهان الدين المالكي وعباد بن جماعة الشافعي بعد ما حبس سنة
كاملة في قلعة دمشق وفي مدة الحبس ألف اللمعة الدمشقية في سبعة أيام
وما كان يحضره من كتب الفقيه غير المختصر النافع وكان سبب حبسه وقتله
انه وشى به رجل من أعدائه وكتب محضرا يشتمل على مقالات شنيعة وشهد
بذلك جماعة كثيرة وكتبوا عليه شهاداتهم وثبت ذلك عند قاضي صيدا ثم
اتوا به إلى قاضي الشام فحبس سنة ثم أفتى الشافعي بتوبته والمالكي بقتله
فتوقف في التوبة خوفا من أن يثبت عليه الذنب وأنكر ما نسبوه إليه فقالوا
قد ثبت ذلك عليك وحكم القاضي لا ينقض والإنكار لا يفيد فغلب رأي
المالكي لكثرة المتعصبين عليه فقتل ثم صلب ورجم ثم أحرق قدس الله
روحه سمعنا ذلك من بعض المشائخ وذكره انه وجده بخط المقداد تلميذ
الشهيد اه وكان ذلك في عهد برقوق إذ كان هو السلطان بمصر ونائبه
بالشام بيدمر وذلك في عصر السلطان بايزيد العثماني ولم تكن الشام داخلة
في حكمه. ورأيت في آخر نسخة مخطوطة من كتاب البيان للشهيد ما
صورته: قتل المصنف بدمشق في رحبة القلعة مما يلي سوق الخيل ضحى
يوم الخميس تاسع شهر جمادى الأولى سنة ٧٨٦ وصلب وبقي معلقا هناك
إلى قرب العصر ثم انزل وأحرق اه وعن خط ولده أبي طالب محمد
على ظهر اجازته أبيه لابن الخازن ما صورته: استشهد والدي الامام
العلامة كاتب الخط الشريف شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مكي بن
محمد بن حامد شهيدا حريقا بعده بالنار يوم الخميس تاسع جمادى الأولى
سنة ٧٨٦ وكل ذلك فعل برحبة قلعة دمشق اه.
وفي اللؤلؤة: رأيت بخط شيخنا العلامة أبي الحسن الشيخ
سليمان بن عبد الله البحراني ما صورته: وجدت في بعض المجموعات
بخط من أثق به مقولا من خط الشيخ العلامة جعفر بن كمال الدين
البحراني ما هذه صورته: وجدت بخط شيخنا المبرور العالم العامل أبي عبد
الله المقداد السيوري ما هذه صورته: كانت وفاة شيخنا الأعظم شمس
الدين محمد بن مكي قدس سره بحضيرة القدس في تاسع عشر جمادى
الأولى سنة ٧٨٦ وقتل بالسيف ثم صلب ثم رجم ثم أحرق بالنار ببلدة
دمشق لعن الله الفاعلين لذلك والراضين به في دولة بيدمر وسلطنة برقوق
بفتوى المالكي برهان الدين وعباد بن جماعة الشافعي وتعصب جماعة كثيرة
في ذلك بعد ان حبس في القلعة الدمشقية سنة كاملة وكان سبب حبسه ان
وشى به تقي الدين الجبلي الخيامي بعد ظهور امارة الارتداد منه وانه كان
عامليا (١) ثم بعد وفاة هذا الفاخر قام على طريقته شخص آخر اسمه
يوسف بن يحيى وارتد عن مذهب الإمامية وكتب محضرا يشنع فيه على
الشيخ محمد بن مكي وكتب في ذلك المحضر سبعون نفسا من أهل الجبل
ممن يقول بالامامية والتشيع وارتدوا عن ذلك وكتبوا خطوطهم تعصبا من
ابن يحيى في هذا الشأن وكتب في ذلك ما ينيف على الألف من أهل
السواحل من المتسنين واثبتوا ذلك عند قاضي بيروت وقيل قاضي صيدا
واتوا بالمحضر إلى القاضي عباد بن جماعة بدمشق فانفذه إلى القاضي المالكي
وقال له تحكم فيه بمذهبك والا عزلتك فجمع الملك بيدمر الامراء والقضاة
والشيوخ واحضروا الشيخ محمد بن مكي قدس سره بحضيرة القدس وقرأ
عليه المحضر فأنكر ذلك وذكر انه غير معتقد له فلم يقبل منه وقيل له قد
ثبت ذلك عليك شرعا ولا ينتقض حكم القاضي، فقال الغائب على حجته
فان اتى بما يناقض الحكم جز نقضه والا فلا، وها انا أبطل شهادات من
شهد بالجرح ولي على كل واحد حجة بينة، فلم يسمع ذلك منه ولم يقبل،
فقال الشيخ للقاضي عباد بن جماعة: أين شافعي المذهب وأنت الآن امام
المذهب وقاضيه فاحكم بمذهبك، وانما قال الشيخ ذلك لأن الشافعي يجيز
توبة المرتد، فقال ابن جماعة على مذهبي يجب حبسك سنة ثم استتابتك،
أم الحبس فقد حبست ولكن تب إلى الله واستغفر حتى احكم باسلامك،
فقال الشيخ ما فعلت ما يوجب الاستغفار حتى استغفر، قال ذلك خوفا من أن
يستغفر فيثبت عليه الذنب فاستغلطه ابن جماعة واكد عليه فابى
الاستغفار، فساره ثم قال: قد استغفرت فثبت عليك الحق. ثم قال
للمالكي قد استغفر والآن ما عاد الحكم إلي، غدرا وعنادا لأهل البيت
ع ثم قال: الحكم عاد إلى المالكي، فقام المالكي وتوضأ
وصلى ركعتين ثم قال قد حكمت باهراق دمه فالبسوه اللباس وفعل
به ما قلناه من القتل والصلب والرجم والاحراق، لعن الله الفاعل
والراضي والآمر. وممن تعصب وساعد في احراقه رجل يقال له محمد ابن
الترمذي مع أنه ليس من أهل العلم وانما كان تاجرا فاجرا، فهذه صورة
هؤلاء في تعصبهم على أهل البيت ع وشيعتهم وليس هذا

(١) الموجود في النسخة عاملا والظاهر أنه " عامليا ".
(٦٠)

بأفظع مما فعل بابن رسول الله ص الحسين بن علي ع وأهل بيته عنادا.
والحمد لله رب العالمين على السراء والضراء والشدة والرخاء وذلك
من باب وليمحص الذين آمنوا وما كتب البلاء الا على المؤمنين انتهى.
وما ذكره المقداد من أن شهادته كانت يوم التاسع عشر من جمادى
الأولى قد انفرد به كما سمعت وكانه سهو من النساخ لمخالفته لما ذكره ولده
وغيره من أنها كانت يوم التاسع منه وقول صاحب الأمل ان الشافعي قبل
توبته كأنه مبني على ما هو المعروف من مذهب الشافعي الذي تشبث به
الشهيد قدس سره ولا فكلام المقداد صريح في أن عباد بن جماعة الشافعي
تحيل لاستغفاره بان ساره ساعة وكانه لما امتنع من الاستغفار علنا لئلا يثبت
عليه الذنب تحيل ابن جماعة لاستغفاره سرا فقال له في سراره استغفر وانا
احكم بقبول توبتك فاستغفر أمامه سرا لما لم يجد من ذلك بدا فاعلن ابن
جماعة استغفاره واحاله إلى القاضي المالكي الذي لا تقبل توبته عنده فحكم
بقتله. ومنه يعلم أن الجميع كانوا في غاية التعصب عليه، وحكي عن
صاحب مقامع الفضل في سبب حقد ابن جماعة عليه انه جرى بينهما يوما
مناظرة وكانا متقابلين وامام الشهيد دواة يكتب بها وكان الشهيد صغير الجثة
وابن جماعة كبيرها فقال له ابن جماعة تحقيرا له: اني اسمع حسا من وراء
الداوة ولا ارى شخصا فقال له الشهيد: ان ابن الواحد لا تكون جثته
أعظم من هذا. وهو أول من لقب بالشهيد من علمائنا ولما استشهد الشيخ
زين الدين لقب بالشهيد وصار يقال لمحمد بن مكي الشهيد على الاطلاق
أو الشهيد الأول للتمييز بينهما ثم استشهد بعد ذلك جماعة من العلماء لأجل
التشيع فلم يشتهر أحد منهم بلقب الشهيد ولقب بعضهم بالشهيد الثالث
لكنه لم يشتهر بذلك كما أن لقب المحقق صار لجعفر بن سعيد الحلي صاحب
الشرائع ثم صار للشيخ علي الكركي فلقب بالمحقق الثاني وحاول كثيرون
ان يجعلوه لثالث فلم يكن ولقب العلامة اختص بالحسن بن المطهر الحلي،
ولقب الشيخ أو شيخ الطائفة بأبي جعفر الطوسي. وفي روضات الجنات:
رأيت بخط الشهيد الثاني على ظهر مجموعة من الرسائل النفيسة كلها بخطه
أبياتا للشهيد الأول أرسلها إلى بيدمر لما حبسه في قلعة دمشق وهي:
يا أيها الملك المنصور بيدمر * بكم خوارزم والأقطار تفتخر
اني أراع بكم في كل آونة * وما جنيت لعمري كيف اعتذر
لا تسمعن في أقوال الوشاة فقد * باؤوا بوزر وأقل ليس ينحصر
والله والله ايمانا مؤكدة * اني برئ من الإفك الذي ذكروا
عقيدتي مخلصا حب النبي ومن * أحبه وصحاب كلهم غرر
يكفيك في فضل صديق وصاحبه * فاروقة الحق في أقواله عمر
جوار احمد في دنيا وآخرة * وآية الغار للألباب معتبر
والخير عثمان والمنعوت حيدرة * طلحة وزبير فضلهم شهروا
سعداهم وابن عوف ثم عاشرهم * أبو عبيدة قوم بالتقى فخروا
الفقه والنحو والتفسير يعرفني * ثم الأصولان والقرآن والأثر
فكن كمنجك بل الله أعظمه * وزادك الله عزا ليس ينحصر
اتى إليه رواة السوء إذ افكوا * فحين حقق أرداهم بما ذكروا
أمير حاجب نجل العسكري له * من ذاك خبر فسله يعرف الخبر
والله ما مسني منه مقابلة * بالسوء كلا ولا خسرت ما خسروا
لأنني وإله العرش مفتقر * إلى نقير وقطمير له خطر
لا استغيث من الضراء يعلم ذا * ربي وأستاذ دار ظل يذكر
فامنن أميري ومخدومي على رجل * واغنم دعاي سرارا بعد إذ جهروا
في كل عام لنا حج وكان لنا * في خدمة النجل في ذا العام محتضر
محمد شاة سلطان الملوك بقي * ممتعا بحماكم عمره عمر
ثم الصلاة على المختار سيدنا * والآل والصحب طرا بعده زمر
خدمة المملوك المظلوم والله محمد بن مكي الشامي
ويعلم من هذه القصيدة عدة أمور تاريخية وهي: انه كان قد وشي
بالشهيد قدس سره إلى الأمير منجك قبل هذا فلم يقبل الوشاية وان الأمير
حاجب وأستاذ الدار كانا يعلمان ذلك وانه كان يحج في كل سنة وانه كان في
السنة التي استشهد فيها قد حج وكان أمير الحج محمد بن بيدمر وانه كان له
خلطة مع أرباب السلطنة وأركان الدولة. وفي الروضات: رأيت في كتاب
التبر المذاب في مناقب الآل والأصحاب للسيد أحمد بن محمد الحافي الحسيني
الشافعي بعد ذكر الصحابة وقد حسن ان أقول:
عقيدتي مخلصا حب النبي ومن * أحبه وصحاب كلهم غرر
إلى قوله: أبو عبيدة ومن بالتقى افتخروا مع زيادة قوله:
رضوان ربي عليهم كلما طلعت * شمس النهار وضاء الشمس والقمر
فيكون الشهيد رحمه الله قد ضمن الأبيات الخمسة في شعره وهي
لغيره.
وفي ذيل تذكر الحفاظ وصفه بالرافضي وسماه الشمس
محمد بن مكي العراقي المقيم بحويزة وقال عنه انه مات بدمشق مقتولا على
الرفض سنة ٧٨٦ اه وفي الهامش بل على انحلال العقيدة واعتقاد
مذهب النصيرية واستحلال الخمر الصرف وغير ذلك من القبائح على ما
ذكره ابن العماد في الشذرات اه.
وهذا تحريف من النساخ فصحف العاملي بالعراقي والمقيم بجزين بحويزة
وانظر إلى ما تفعله أر عداوة والنصب فينسب رجل من أجلاء علماء
المسلمين إلى انحلال العقيدة واعتقاد مذهب النصيرية واستحلال الخمر
الصرف وغير ذلك من الفضائح لأجل ستر القبائح ممن لقي الله بدمه ولا
عجب فقد قال شامي لأصحاب علي ع في صفين: نقاتلكم لأنكم لا
تصلون وصاحبكم لا يصلي.
مشايخه في التدريس والإجازة
كان معظم قراءته عند ١ فخر الدين ابن العلامة ٢ السيد
عميد الدين عبد المطلب الحسيني الحلي شارح تهذيب خاله العلامة في
الأصول المعروف بالعميدي ٣ اخوه السيد ضياء الدين عبد الله الحسيني
الحلي شارح تهذيب خاله العلامة في الأصول أيضا وكتب الشهيد كتابا جمع
فيه بين ما في الشرحين سماته الجمع بين الشرحين ٤ قطب الدين
محمد بن محمد البويهي الرازي شارح الشمسية عن السيد حسين ابن السيد
حيدر الموسوي العاملي الكركي انه سمع شيخه السيد حسين ابن الحسن
الحسيني الموسوي ابن بنت المحقق الكركي يقول إن شيخنا الشهيد قدس
الله سره ذكر في بعض كلماته ان طرقه إلى الأئمة المعصومين ع
تزيد على ألف طريق وذكر فخر الدين ابن العلامة في بعض اجازاته ان
طرقه إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق ع تزيد على المائة ثم قال
والحمد لله ان جميع هذه الطرق داخلة في طرقي ولو حاولنا ذكر طرق كل
(٦١)

من بلغنا من المصنفين لطال الخطب والله ولي التوفيق.
مشايخه في الرواية
٥ السيد تاج الدين بن معية الحسني وهذا ومن بعده مشائخ اجازة
٦ السيد علاء الدين بن زهرة الحسيني أحد المجازين الثلاثة من العلامة
بإجازته الكبيرة ٧ السيد مهنا بن سنان المدني صاحب المسائل للعلامة
ولولده فخر الدين ٨ الشيخ علي رضي الدين ابن طراز المطار آبادي
٩ الشيخ علي رضي الدين علي بن أحمد المشتهر بالمزيدي ١٠ الشيخ
جلال الدين محمد ابن الشيخ شمس الدين الحارثي أحد تلامذة المحقق
الحلي ١١ الشيخ محمد بن جعفر المشهدي ١٢ أحمد بن الحسين
الكوفي. ومن المحتمل قويا ان يكون قرأ على عدة مشايخ في جبل عامل
وأجازوه لم تصل إلينا أسماؤهم منهم والده الذي كان من أفاضل العلماء
واجلاء مشايخ الإجازة
. مشايخه من علماء أهل السنة
قد عرفت أنه قال في بعض اجازاته انه يروي عن نحو أربعين شيخا
منهم ومن جملة من يروي عنه منهم الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف
القرشي الشافعي الكرماني الراوي عن القاضي عضد الدين الإيجي
الأصولي وولده زين الدين أحمد بن عبد الرحمن العضدي.
تلاميذه في القراءة أو الإجازة
١ ولده رضي الدين أبو طالب محمد بن محمد بن مكي ٢
ولده ضياء الدين أبو القاسم أو أبو الحسن علي بن مكي ٣ ولده جمال أبو
منصور الحسن بن محمد بن مكي ٤ ابنته أم الحسن ست المشائخ فاطمة
بنت محمد بن مكي ٥ زوجته أم علي ولم نعرف اسمها ٦ المقداد
السيوري ٧ الشيخ حسن بن سليمان الحلي صاحب مختصر البصائر
٨ السيد بدر الدين حسن بن أيوب الشهير بابن نجم الدين الأعرجي
الحسيني جد السيد بدر الدين حسن بن جعفر الأعرجي شيخ الشهيد الثاني
٩ الشيخ شمس الدين محمد بن نجدة الشهير بابن عبد العالي شيخ
رواية الحسن بن العشرة ١٠ الشيخ شمس الدين محمد بن عبد العلي
الكركي العاملي ١١ الشيخ زين الدين علي بن الخازن الحائري.
مؤلفاته
١ القواعد والفوائد في الفقه مختصر يشتمل على ضوابط كلية أصولية
وفرعية يستنبط منها احكام شرعية لم يعمل الأصحاب مثله ٢ الدروس
الشرعية في فقه الامامية خرج من تصنيفه مجلد واحد كذا قال المؤلف في
اجازته لابن الخازن ولكنه كتب فيه بعد ذلك أكثر الفقه ولم يتمه ٣ غاية
المراد في شرح الارشاد في الفقه كلها مطبوعة ٤ شرح التهذيب الجمالي
في أصول الفقه اي تهذيب العلامة جمال الدين الحلي ٥ اللمعة الدمشقية
مختصر لطيف في الفقه مطبوعة مع الشرح الفها بدمشق في سبعة أيام وما
كان يحضره من كتب الفقه غير المختصر النافع ونقل تاليفها في سبعة أيام
ولده أبو طالب محمد وكان ذلك بالتماس شمس الدين الآوي واخذ شمس
الدين نسخة الأصل ولم يتمكن أحد من نسخها لضنه بها وانما نسخها
بعض الطلبة وهي في يد الرسول تعظيما لها وسافر بها قبل المقابلة فوقع فيها
بسبب ذلك خلل ما أصلحه المصنف بعد ذلك بما يناسب المقام وربما كان
مغايرا للأصل بحسب اللفظ وذلك في سنة ٧٨٢ ونقل عن المصنف ان
مجلسه بدمشق في ذلك الوقت ما كان يخلو غالبا من علماء الجمهور لخلطته
بهم وصحبته لهم قال فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب كنت أخاف ان
يدخل علي أحد منهم فيراه لأنه كان يتقي منهم ولا يظهر نفسه فما دخل
علي أحد منذ شرعت في تصنيفه إلى أن فرغت منه وكان ذلك من خفي
الألطاف وهو من جملة كراماته قدس الله روحه وضريحه. قال الشهيد الثاني
في الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: وما جاء في أمل الآمل من أنه
صنف اللمعة في الحبس غير صحيح لما سمعت من أنه صنفها بالتماس
الآوي وكان تصنيفها لسلطان خراسان سنة ٧٨٢ قبل قتل الشهيد بأربع
سنوات ٦ الرسالة الألفية في الصلاة ٧ الرسالة النفلية في الصلاة
تشتملان على حصر فرضها ونفلها في أربعة الآف مسالة مجاراة لقولهم ع
للصلاة أربعة آلاف باب ٨ رسالة في التكليف وفروعه ٩ رسالة
تشتمل على مناسك الحج مختصرة جامعة ذكرناها في الجزء الأول من معادن
الجواهر سماها خلاصة الاعتبار في الحج والاعتمار مختصرة جدا وجمعت
فروعا وفذلكات كثيرة وهذه ذكرها في اجازته لعلي ابن الخازن ١٠ كتاب
الذكرى خرج منه الطهارة والصلاة ١١ جامع البين في فوائد الشرحين
جمع فيه بين شرحي تهذيب الأصول للسيد عميد الدين والسيد ضياء
الدين. في أمل الآمل رأيته بخط الشهيد الثاني قلت ولعله شرح التهذيب
الجمالي المتقدم ويحتمل عيره ١٢ البيان في الفقه لم يتم ١٣ رسالة
الباقيات الصالحات ١٤ شرح أربعين حديثا ١٥ رسالة في قصر من
سافر بقصد الإفطار والتقصير ١٦ اجازة مبسوطة حسنة وعدة إجازات
١٧ كتاب المزار ١٨ كتاب الاستدراك ذكره المجلسي في مقدمات
البحار فقال ومؤلفات الشهيد مشهورة كمؤلفات العلامة الا كتاب
الاستدراك فاني لم أظفر بأصل لكتاب ووجدته اخبارا مأخوذة منه بخط
الشيخ الفاضل محمد بن علي الجبعي رحمه الله وذكر انه نقلها من خط
الشهيد وقال في مقام آخر انه تاليف بعض قدماء الأصحاب فهذا يدل على أنه
لم يتحقق عنده انه من تاليف الشهيد ١٩ الدرة الباهرة من الأصداف
الطاهرة ذكره في البحار وقال إنه تاليف الشيخ السعيد شمس الدين
محمد بن مكي كما أظنه وهو عندي منقولا من خطه قدس الله روحه وفي
روضات الجنات هو الذي ينقل عنه في البحار مرسلا عن النبي ص والأئمة
الطاهرين ع فعن النبي ص مرسلا حديث ارحموا عزيز قوم افتقر وعالما
يتلاعب به الجهال. وعن الجواد ع مرسلا: التفقه ثمن لكل غال
وسلم إلى كل عال. وعن الصادق ع أنه قال من أخلاق الجاهل الإجابة
قبل ان يسمع والمعارضة قبل ان يفهم والحكم بما لا يعلم. وعن الهادي
ع الجهل والبخل أذم الأخلاق. وعن العسكري ع حسن الصورة
جمال ظاهر وحسن الفعل جمال باطن ٢٠ المسائل المقداديات ينقل عنه في
كتب الفقه وكأنها منسوبة إلى تلميذه المقداد السيوري ٢١ شرح قصيدة
أبي الحسن علي ابن الحسين الشهير بالشهفيني الحلي في مدح أمير المؤمنين
ع وهي من حملة ديوانه الكبير مجنسة وتوهم صاحب روضات الجنات ان
الشهفيني عاملي فقال والعجب من صاحب أمل الآمل مع حرصه على جميع
فضلاء جبل عامل كيف غفل عن ذكر مثل هذا الرجل الجليل الفاضل
الكامل ثم جهل حال هذا الشرح حيث لم يذكره في مؤلفات الشهيد
اه وأقوا الرجل حلي لا عاملي والعجيب من صاحب الروضات كيف
توهم انه عاملي واما هذا الشرح فلم نجد من نسبه إلى الشهيد غيره ولم
(٦٢)

يذكر سنده فيوشك ان يكون اشتبه فيه كما اشتبه في الشهفيني.
أشعاره
حكى في البحار عن خط محمد بن علي الجباعي ما صورته: قال
الشيخ الامام العلامة محمد بن مكي أنشدني السيد أبو محمد عبد الله بن
محمد الحسيني أدام الله إفضاله وفوائده لابن الجوزي:
أقسمت بالله وآلائه * إليه القي بها ربي
ان علي بن أبي طالب * امام أهل الشرق والغرب
قال الشيخ محمد بن مكي فعارضته تماما له:
لأنه صنو نبي الهدى * من سيفه القاطع في الحرب
وقد وقاه من جميع الردى * بنفسه في الخصب والجدب
والنص في الذكر وفي انما * وليكم كاف لذي لب
وأورد له السيد محمد الحسيني العاملي العيناثي في كتاب الاثني عشرية
في المواعظ العددية قصيدة في العرفان والأخلاق والتقوى وذم طريقة
المتصوفة المشهورة وهي هذه:
بالشوق والذوق نالوا عزة الشرف * لا بالدلوف ولا بالعجب والصلف
ومذهب القوم أخلاق مطهرة * بها تخلقت الأجساد في النطف
صبر وشكر وايثار ومخمصة * وأ نفس تقطع الأنفاس باللهف
والزهد في كل فان لا بقاء له * كما مضت سنة الأخيار والسلف
قوم لتصفية الأرواح قد عملوا * واسلموا عرض الأشباح للتلف
ما ضرهم رث اطمار ولا خلق * كالدر حاضره مخلولق الصلف
لا بالتخلق بالمعروف تعرفهم * ولا التكلف في شئ من الكلف
يا شقوتي قد تولت أمة سلفت * حتى تخلفت في خلف من الخلف
ينمقون تزاوير الغرور لنا * بالزور والبهت والبهتان والسرف
ليس التصوف عكازا ومسبحة * كلا ولا الفقر رؤيا ذلك الشرف
وان تروح وتغدو في مرقعة * وتحتها موبقات الكبر والسرف
وتظهر الزهد في الدنيا وأنت على * عكوفها كعكوف الكلب في الجيف
الفقر سر وعنك النفس تحجبه * فارفع حجابك تجل ظلمة التلف
وفارق الجنس وأقر النفس في نفس * وغب عن الحسن واجلب دمعة الأسف
وأقل المثاني ووحد ان عزمت على * ذكر الحبيب وصف ما شئت واتصف
واخضع له وتذلل إذ دعيت له * واعرف محلك من آباك واعترف
وقف على عرفات الذل مكسرا * وحول كعبة عرفان الصفا فطف
وادخل إلى خلوة الأفكار مبتكرا * وعد إلى حالة الاذكار بالصحف
وان سقاك مدير الراح من يده * كأس التجلي فخذ بالطاس واغترف
واشرب وسق ولا تبخل على ظما * فان رجعت بلا دين فوا أسفي
وحكى له السيد نعمة الله الجزائري هذا البيت ويقرأ على وجوه
كثيرة:
لقلبي حبيب مليح ظريف * بديع جميل رشيق لطيف
ومثله قول بعضهم في أمير المؤمنين ع:
علي امام جليل عظيم * فريد شجاع كريم حليم
فإنه كما قيل يقرأ محب تغيير ألفاظه على أربعين ألف وجه وثلثمائة
وعشرين وجها وتوجيه ذلك ان اللفظتين الأوليتين لهما صورتان فإذا ضربتا
في مخرج الثالث صارت ستا فإذا ضربت في مخرج الرابع صارت أربعا
وعشرين فإذا ضربت في مخرج الخامس صارت مائة وعشرين فإذا ضربت في
مخرج السادس فسبعمائة وعشرون فإذا ضربت في مخرج السابع فخمسة
آلاف وأربعون ثم في مخرج الثامن تبلغ ما قلناه. وعن خزائن النراقي انه
اورد فيه من هذا القبيل هذه الأبيات:
زكي سري سني وفي * وقي بهي علي خبير
سفيع سنيع سميع مطيع * ربيع منيع رفيع وقور
شهيد سديد سعيد شديد * رشيد حميد فريد هصور
حبيب لبيب حسيب نسيب * أديب أريب نجيب ذكور
عظيم عليم حكيم حليم * كريم حميم رحيم شكور
جليل جميل كفيل نبيل * أثيل أصيل دليل صبور
خليف شريف لطيف ظريف * حصيف منيف عفيف غيور
ثم قال اعلم أنه يتفق في كل بيت من هذه الأبيات السبعة بحسب
التقديم والتأخير أربعون ألف بيت وثلثمائة وعشرون بيتا وهكذا إلى الآخر
وقد أوضحه الوالد المحقق العلامة في مشكلات العلوم وبحسب التقديم
والتأخير في جميع الأبيات السبعة ينتهي إلى ما يفسر حصره كما لا يخفى قال
ومن هنا يعلم أن صور النكس في الوضوء مائة وعشرون وان اعتبرنا
الرجلين فسبعمائة وعشرون اه.
ومن شعره قوله:
كنت قبل الهوى حليف المعالي * ولأعلامها علي خفوق
نقصتني زيادة الحب حتى * أدركتاني المريخ والعيوق
ومما ينسب إليه قوله:
شغلنا بكسب العلم عن طلب الغنى * كما شغلوا عن مطلب العلم بالوفر
فصار لهم حظ من الجهل والغنى * وصار لنا حظ من العلم والفقر
وقوله:
بلينا بقوم أهل مكر وعندهم * دهاء فهم أمثال حمر فواره
إذا شئت ان تحظى بجاهك عندهم * تجاهل وان أوتيت علما فواره
وقوله:
إذا العلوي تابع ناصيبا * لمذهبه فما هو من أبيه
فان الكلب خير منه طبعا * لأن الكلب طبع أبيه فيه
ومما ينسب له:
غنينا بنا عن كل من لا يريدنا * وان كثرت أوصافه ونعوته
ومن صد عنا حسبه الصد والجفا * ومن فاتنا يكفيه انا نفوته
ومن خط الشهيد نقله الجبعي في مجموعته:
طوبى لمن سهرت في الليل عيناه * ومات ذا قلق في حب مولاه
يشكو إلى ربه ما قد يحل به * ولا تحس من الشكوى سويداه
ومن خطه:
اني بحب محمد ووصيه * وبينهما يا رب قد علقت يدي
وقصدت بابك طالبا بولائهم * حسن الكرامة يوم ابعث في غد
فبحث احمد والبتول وبعلها * وبني علي لا تخيب مقصدي
(٦٣)

وأمنن علي برحمة انجو بها * يوم الحساب بحق آل محمد
وفي مجموعة الجبعي التي تكرر ذكرها انه كتب حسين بن أحمد المدني
من مدينة الرسول ص إلى الشيخ شمس الدين محمد بن مكي في حاجة
رسالة صورتها من صدرها:
إلى الشيخ شمس الدين أهدي تحية * تضارع ضوع المسك والمسك عاطر
إلى معدن التقوى إلى معدن النهي * إلى الروض طابت من جناه الأزهار
أسبغ الله لديه العوارف وصرف عن جنابه الصوارف وأبقاه شمسا
للدين كما يدعى وكمالا للمؤمنين يشيد أصلا ويستنتج فرعا.
العبد الداعي حسين بن أحمد
الشيخ شرف الدين محمد مكي أو محمد علي ابن ضياء الدين محمد
ابن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين الشهيدي العاملي الجزيني
من ذرية الشهيد الأول واشتهر بلقبه ذكره في تكملة أمل الآمل في
حرف الشين باعتبار لقبه ثم ذكره في حرف الميم بترجمة أخرى مغايرة وكان
غفل عما ذكره أولا قال في حرف الشين: كان من اعلام العلماء في النجف
الأشرف وشيخ الإجازة في عصره يروي عن شيوخ كثيرة من جبل عامل
والبحرين والعراق واليمن وبلاد العجم والقدس والخليل وفي مكة شرفها
الله تعالى كما رأيته بقلمه وخطه الشريف وهو في طبقة الشيخ يوسف
صاحب الحدائق لأنه يروي عن الشيخ حسين بن محمد بن جعفر الماحوزي
البحراني شيخ اجازة صاحب الحدائق ويروي عن السيد نصر الله الحائري
وكتب في آخر اجازته للفاضل التبريزي شرف الدين محمد مكي بن ضياء
الدين محمد بن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين من ذرية أبي عبد الله
الشهيد شمس الدين محمد بن شرف الدين مكي المطلبي الحارثي الهمداني
الخزرجي العاملي الجزيني في دار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في
النجف يوم الثامن من ذي الحجة الحرام سنة ١١٧٨ ثم قال شرف الشهيد
من طرف والدته له نسبة إلى كل قبيلة من هذه القبائل لكن إلى المطلب
أخي هاشم من شرف الآباء وما سواه من الأمهات اه وقال في حرف
الميم: محمد مكي بن ضياء الدين محمد بن شمس الدين بن زين الدين
العاملي من ذرية الشهيد الأول:
عالم فاضل محدث فقيه لغوي شاعر من مشايخ الإجازة طرقه كثيرة نقية
جيدة يظهر من بعض اجازته انه جول في البلاد وتحمل من علماء البحرين
والعراق واليمن وإيران والقدس والخليل ومكة المشرفة. له مصنفات منها
سفينة نوح ذات الأعاجيب جمع فيها من كل شئ أحسنه والروضة العلية
والدرة المضية في الرعوات كان حيا في سنة ١١٧٨.
الشيخ محمد الملا الحلي
مضى بعنوان محمد بن حمزة بن الحسين نور علي التستري الحلي
فخر الدين أبو الفرج محمد بن جمال الدين منصور بن عز الدين
الحسن بن محمد بن شيخة النبسي الحلي من أولاد الفقهاء والعلماء
قدم بغداد سنة ٧١٠ واجتمعت بخدمته وسألته عن مولده فذكر انه ولد في
صفر سنة ٦٩٢ وجده لامه شيخنا نجم الدين جعفر بن محمد بن نما. (١)
الشيخ آقا محمد مهدي بن الحاج محمد إبراهيم الكلباسي الاصفهالني
توفي سنة ١٢٩٢
له كتاب عيون الأصول ومشارق الأصول ومصابيح الأصول والوسائل في الأصول
وشرح طهارة اللمعة ومنهج السداد في شرح
الارشاد.
الشيخ محمد بن مهدي بن حمزة الشمري الحلي المعروف بالشيخ حمادي
الكواز. (٢)
ولد سنة ١٢٤٥ وتوفي سنة ١٢٧٩ بالحة ونقل إلى النجف وهو أخو
الشيخ صالح الكواز المشهور أخبرنا الحاجي مهدي بن حاجي عمران
العلمي الفلوجي الحلي انه كان أميا. وفي الطليعة: كان أديبا شاعرا ناسكا
تقيا مكثرا من مدائح الأئمة الطاهرين فمن شعره قوله:
أسهر جفني جفنك الناعس * وقد قلبي قدك المائس
وأضحك الواشين يوم النوى * انك عني معرض عابس
يا رشا بستانه خده * والخال في بستانه حارس
لم يمس مخضرا بهج روضة * الا وقلبي الذابل الدارس
لقد أرانا في وغى حسنه * ما لا يرينا البطل القابس
فاسهم ترمى ولا نابل * وذبل تدمي ولا فارس
وله:
خلني والهوى وما يشتهيه * القلب فالعمر مؤذن بنفاد
واعص لاحيك في الهوى واجب * داعيك فيه ولو دعا لفساد
انما الدهر ضلة بين اهليه * فماذا يريد منك الهادي
كم ليال بالوصل تزهر * كالأيام أيامهن كالأعياد
بات فيها منادمي كوكب * بالحسن يزري بالكوكب الوقاد
رشا من بني مراد رخيم * مازج صفو حبه بنكاد
لم يسؤني الا وقلت غراما * يا مريدي بالسوء أنت مرادي
وله يرثي العباس:
أ رأيت يوم دعوا رحيلا * من حملوا العب ء الثقيلا
ومن استقادته النوى * بيد الخطوب ضحى ذليلا
صبا يحاول وصلهم * والبين يمنعه الوصولا
دنفا يناشد عنهم * ربعا أهاج له الغليلا
طلل أخف عذابه * ان تصبحن به قتيلا
خاف تخاف الوحش * وحشة انسه خوفا طويلا
إذ لم أجد عونا سوى * ان أذرف الدمع الهمولا
يا صاحبي هلا تسشاعفني * على الجلي قليلا
ان الخليل إذا أحب * وقى على الخطب الخليلا
فلقد وقى العباس * سبط محمد يوما مهولا
وسطا وصال بموقف * منع المنية ان تصولا
لم يرض عونا فيه إلا * السيف والرمح الطويلا
وأغر سباق الجياد به * وأعلاها صهيلا
حسم القضا منه أكفا * تخصب العام المحيلا

(١) مجمع الآداب.
(٢) كان يبيع الكيزان في حانوت له ينتابه الأدباء والفضلاء لاستماع شعره.
(٦٤)

وله:
أدهاك ما بي عندما رحلوا * فأزال رسمك أيها الطلل
أم أنت يوم عواذلي جهلوا * شوقي علمت فراعك العذل
لا بل أراك دهتك عاصفة * أبلت قشيبك بعد ما احتملوا
لو كنت تنطق أيها الطلل * ربما اشتفى بك واله يسل
وأكنما ورباك ناحلة * مني نحول الجسم تنتحل
فتعير قلبي منك نار جوى * انبته كيف النار تشتعل
ومن العجائب ان لي ديما * تروي صداك وعندي الغلل
علمت اجفاني البكاء فعلمن * السحائب كيف تنهمل
ساق الهوى وحنيني الزجل * مطرا إليك سحابه المقل
ومن الأحبة ان تكن عطلا * مكا أنت من عشاقهم عطل
ومؤنب ظن الغرام به * لعبا فجدد جده هزل
وأتى يروم بي العزاء وقد * رحل العزا عني مذ ارتحلوا
ومن الجوى لم تبق باقية * في الخطوب لمعشر عذلوا
مهلا هذيم فليس لي ابدا * صبر يصاحبني ولا مهل
وله:
إما الأحبة ما لهم رجع * ألفوا النوى فتأبد الربع
جمع تشت شملهم فإذا * للشوق بين ضلوعك الجمع
وعليهم صدق الفراق ضحي * فإذا لقلبك ذلك الصدع
أ تطيع داعية المسرة أو * تعصي الكابة عندما تدعو
وعلى الكثيب من الغضا ربع * بخل الغمام فجاده الدمع
دمن لعين بها الرياح فان * درست ملاعيها فلا بدع
وتنكرت حججا فعرفها * نؤي عفا وثلاثة سفع
ومولع باللوم يحسبني * جزعا أهاج غليلي الجزع
ضل العذول فما انحنى ابدا * منه على حمر الجوى ضلع
أ أطلت من لومي لتنفعني * أقصر فما بملامتي نفع
لو كنت تعلم ما أصبت به * لعلمت ان صبابتي طبع
وله:
حسبتك من بعد الجماح * أمسيت طوع يد اللواحي
فاتت وقد امضى بقلبك * عتبها غرب الصفاح
وعليك هز مع الهموم * كلامها اسل الرماح
فسقتك في كأس الجفا * الحتف لا بكؤوس راح
هيهات قد وهمت بما * زعمت فتاة بني رياح
أين الكئيب من المسرة * والمجد من المزاح
كفني فما أضحى يهيج * لي الصبابة جو ضاحي
ودعي معاتبتي فقد * وقع الجراح على الجراح
قد كان قبل اليوم قلبي * من غرامك غير صاحي
أيام كان من الهوى * كأس اغتباقي واصطباحي
أ تروق من في عينه * اسود الضحى بيض الملاح
أ ويستقاد من استقادته * الهموم بلوم لاح
برح الخفا بي ان رأيت * عن الكابة من يراح
لأواصلن من البكاء * غدو يومي بالرواح
وله:
لعب الدلال بقده الريان * لعب النسيم بمائس الأغصان
وتضمنت رشفاته وخدوده * ماء الحيا وشقائق النعمان
ورأيت من لفتاته ولحاظه * فتك الأسود ولفتة الغزلان
وسكرت لا أصحو وان طال المدى * من خمر كؤوس طرفه السكران
وافى فقلت لمقلة العين اجتلى * في الخد منه عجائب الألوان
والنار فوق الماء سبحان الذي * فيما يشاء تالف الضدان
ودنا فما بلغ الفؤاد بقربه * قصدا فقلت الوصل كالهجران
من منصفي ممن إذا غودته * قربا ليسمح بالوصال جفاني
وإذا طلبت رضاءه وأريته * بشرا بغير السخط ليس يراني
وإذا جنحت بحجتي من نحوه * ردت علي بشاهد وبيان
ان قلت يزري بالمحب البعد * قال البعد قرب للمحب العاني
أمكلفني طول البقاء بمقلة * ترعى النجوم لطرفك الوسنان
خذ بي سبيل الجائرين فإنني * أنال لا أزول ولا أغير شاني
فوحق من خلق الصبابة والهوى * وبلا بها أهل الهوى وبلاني
ما حدثتني النفس ان أسلو ولا * حدثت نفسي عنك بالسلوان
وله:
أهلا بطيفك مجتازا ومختلسا * لولاه ما زال عن قلبي الكئيب أسى
أهوى على كل حال قربه شغفا * سبان أحسن بي أو بالفعال اسا
ومن محاسنه وبدائعه قوله وقد مات له ولد دفن بمشهد الشمس في
الحلة:
ليهن مغاني مشهد الشمس انها * ثوي بدر انسي عندها بثرى القبر
وكانت قديما مشهد الشمس وحدها * فأضحت حديثا مشهد الشمس والبدر
وله:
يا مالكي وبمهجتي * من نور وجهك نار مالك
عطفا على دنف أضر * بحاله تصحيف حالك
وله:
رأيتك حول مياه الفرات * فبادرت بالأدمع الهمع
كأنك كنت لماء الفرات * تروم الزيادة من أدمعي
وله:
الناس ناس صغار * لهم جسوم كبار
القلب منهم معنى * والعقل فيهم يحار
رمت الهزيمة عنهم * فردني الاضطرار
وقال لي العقل مهلا * ما للمطي مثار
قد امتلا الدهر جهلا * فأين أين الفرار
بمن تفاخر يا دهر * ان غرك الافتخار
وما رجالك الا * عليك خزي وعار
وله:
الدهر يعلم انني * ممن أحاط بكنه وصفه
الخطب جربني فلم * يرني أحاذر وقع صرفه
سيان عندي ان اتى * بالفتك منه أو بكفه
ولرب أحمق رابه بي * خسفا أتيت له بخسفه
يزور من حمق فيغدو * الوجه منه بلون خفه
(٦٥)

وتراه يحمل عيبه * بين البرية فوق كتفه
وافيته ارثي أباه * كان أتيت له بقذفه
بنظام شعر ليس عرف * المسك من دون عرفه
ومدافع عن ماله * كالثور يدفع دون علفه
أسمعته أذنيه عن * كرد عليه برغم انفه
ومداحته * جرعته كاسات حتفه
وحيتم بالبخل مثل * هوى الأليف بحب ألفه
لو قيل كفك بالعطا * همت لهم بقطع كفه
وله:
أمسي وأصبح الأيام جالبة * إلي احداثها بالشر والشرر
تأتي فتمضي إلى غيري منفاعها * فليس اعرف غير الضر والضرر
وفي الشبيبة قد قاسيت كل عنا * هو لا فما ذا ارى في رذل العمر
إن كان آخر أيامي كأولها * أعوذ بالله من أيامي الاخر
وله:
كلما مر بي غزال غرير * هام فيه فؤادي المغرور
وتعالت نار بقلبي وسالت * أدمع تستمد منها البحور
وإذا شام ناظري برق ثغر * كاد قلبي شوقا إليه يطير
لي قلب ما بين أجرع بغداد * وفيحاء بابل مشطور
نهبته ألمها بسود لحاظ * وتقاسمنه الظباء الحور
قلت لما بغى العدو علينا * حسبه بغيه وبئس المصير
ما لحاني العذول في ساكني الزوراء * الا وقلت قولك زور
كيف اسلو بها زمانا قضيناه * على ما يشاء منا السرور
في ليال مثل اللآلي اضاءتها * وجوه تضئ منها البدور
وبنفسي ما بين بابل والكرخ * غزالا قد جد في المسير
فوق خديه آية النور يتلوها * علينا من مقلتيه نذير
وبعينيه أكؤس هل رأت * عيناك عينا فيها الكؤوس تدور
كنت سايرته زمانا وقلبي * معه أينما يسير يسير
لم تكن غير ساعة من نهار * مدة الوصل والفراق دهور
وله:
قالوا تصد عن الحبيب وما بدا * منه بطرق الحب عنك صدود
فأجبتهم اني رأيت مشاركا * لي في هواه وديني التوحيد
وله:
شاب رأسي والحب فيكم وليد * وبلى الجسم والغرام جديد
قتل الصبر كالحسين شهيدا * لا لذنب والهجر منكم يزيد
وله:
كفي فما لان للعذال جانبه * ولا الذي فيه من وجد مجانبه
هاني سوى اللوم والتعنيف تعزية * يطفى بها كبد شبت لواهبه
أصبت باللوم قلبا مكلما كمدا * سهم الحوادث قبل اليوم صائبه
من أين يوجد لي فيما بقي عوض * أسلوبه طيب عيش سر ذاهبه
عهد تأبد أم وجد تجدد أم * ظعن تبعد أم حزن أقاربه
أم الديار التي كانت * أوانسها أوانسا ليس فيها من أخاطبه
لا مال لي فيسليني ولا ولد * ولا نديم ولا إلف ألاعبه
ولم يدع زمني شيئا يصيب به * الا أصابت به قلبي مصائبه
كان الشباب تضئ العيش طلعته * فاسود بالشيب من لاحت كواكبه
وله:
أ يصحو فؤاد الصب من طول سكره * وأعين ذاك الضب كاسات خمره
ويطرق سمعي لوم لاح وملؤه * حديث له فاق العبير بنشره
وتنظر عيني فائقا فيروقها * وقد راقها من ثغره نظم دره
ويذكر في الدنيا لساني غيره * وما لذ لي بين الورى غير ذكره
وكم ليلى وصل غاب عنه عواذلي * وأشرق بدر فوق إشراق بدره
ويوم به ولى الطبيب معبسا * علي ووافاني الحبيب ببشره
فتحت له باعي وناديت مرحبا * بمحيي قتيل الشوق من بعد هجره
فاتحفني من ريقه وخدوده * بماء الحيا والروض حف بزهره
سقاني الحميا من لماه وقال لا * يفيق صريع الحب مدة عمره
فوالله لا أدري شربت سلافة * أم الشهد ممزوج بريقة ثغره
لمى ذاق برد الطل من طعمها فمي * فما بال قلبي يشتكي حر جمره
ووجه يقر الناظرين بهاؤه * فما لفؤادي زل عن مستقره
وعفة نفس زادها الحب قوة * فما بال جسمي ناحل مثل خصره
ونشر حديث قد طويت أضالعي * عليه به حرص إلى يوم نشره
ومودع عهد في الفؤاد كتمته * فما بال اجفاني تبوح بسره
ولاح رأى عذل المتيم واجبا * على أنه قد شام واضح عذره
مواطن الزمن المشوق حفاظها * فقام بأعباء الهوى طول عصره
وله:
جدا كما جد الهوى بفؤاده * كي تسعفاه على بلوع مراده
ناداكما كي تسعداه فلمتما * أيكون هذا اللوم من اسعاده
لم ترفقا بمتيم لعب الهوى * بفؤاده وأبان طيب رقاده
يهذو برامة والعقيق مراده * ويبين حزوى والغضا بفؤاده
وافى فارشدني إلى سبل الهوى * ثم انثنى فاضلني برشاده
أمعودي حال الضنا حتى لقد * اخفى الضنا جسدي على عواده
عطفا فقد ذهبت بمهجتي النوى * وشكا إليك الجفن طول سهاده
خذ جسمي البالي إليك ترحه من * بلواه أو فاسمح برد فؤاده
وله:
يا صاحب العين الكحيلة تحتها * الخد الاسيل وقاتلي في ذا وذي
أ معذبي بجحيم نيران الهوى * لم لم تكن من نار حبك منقذي
وتقول لي أهلكت نفسك في الهوى * شوقا ولو أنصفتني أنت الذي
وله:
تناولني وردا أنيقا أشمه * وتزعم ان قد هاجني ناضر الورد
وتذكر لي ما ساع وردا شرابه * وما فاح من نشر العبير أو الند
فلا شمت ورد الخد بل لا شممته * ولا بل من اهوى بريقته وجدي
إذا شاقني ورد سوى ورد خده * وان ساع الا من لمى فمه وردي
السيد محمد مهدي بن السيد محمد باقر بن مرتضى بن أحمد بن الحسين بن
أكبر سامع بن غياث الدين من سادات زوارة الطباطبائي اليزدي الحائري
له أم الكتاب فارسي في أربعة اجزاء صنفه باسم مظفر الدين شاة
(٦٦)

القاجاري فرع منه سنة ١٣٠٧ وله ودائع الكلام في وقائع الأيام وله أنفاس
قدسية
الشيخ محمد مهدي ابن الحاج آخوند العبد الرب آبادي
له تراجم الفقهاء الأربعة ورؤوس المسائل في المذاهب الخمسة وعليه
تقريظ السيد أبو الحسن الكشميري
الشيخ أبو صالح محمد مهدي بن بهاء الدين محمد صالح بن الفتوني العاملي
النجفي
في تكملة أمل الآمل: الفقيه المحدث النسابة شيخ المشائخ في عصره
وواحد المحدثين في مصره تخرج على أستاذه الشريف أبي الحسن العاملي
المتقدم ذكره يروي عنه بحر العلوم الطباطبائي. ألف الكتاب الجليل الذي
سماه نتائج الاخبار في جميع أبواب الفقه في هذا العصر الا الشيخ أبا
صالح المهدي الفتوني ووصفه في بعض اجازاته العالم المحدث الفقيه واستاذنا
الكامل المتتبع النبيه نخبة الفقهاء والمحدثين وزبدة
العلماء العاملين صاحب الأخلاق الكريمة الرضية والخصال الحميدة المرضية
واحد عصره في كل خلق رضي علي شيخنا الامام البهي السني ابن صالح
محمد مهدي الفتوني أفاض الله على نفسه الشريفة القدسية مراحمه الفاضلة
الإنسية اه
أقول: قال بحر العلوم في اجازته للشيخ محمد حسن ابن الحاج
معصوم القزويني الحائري وما اخبرني به بجميع الطرق المعتبرة المقررة قراءة
وسماعا وإجازة شيخنا العالم العامل المحدث الفقيه واستاذنا الفاضل
الفاصل الوجيه النبيه شيخ مشائخ عصره وواحد علماء دهره الشيخ البهي
الرضي المرضي أبو صالح محمد المهدي العاملي الفتوني قدس الله لطيفه
واجزل تشريفه عن شيخه الاجل الأعظم رئيس المحدثين في زمانه وقدوة
الفقهاء في أوانه المولى أبي الحسن الفتوني عن شيخه العلامة المجلسي عن
والده التقي عن شيخه البهائي اه وفي اللآلئ الثمينة والدراري
الرزينة: عالم فاضل كامل محدث خليق من المعاصرين المجيزين قرأ على
ابن عمه الفاضل الكامل مولانا أبي الحسن الشريف الفتوني العاملي وعلى
جماعة من فضلاء أصبهان وله مؤلف ذكر فيه خلاصة مختار الأقوال مع
مستنده على سبيل الاختصار ليكون العمل بلفظ الامام المعصوم مع التنزه
عن التعليلات الواقعة في الاستدلالات والاستحسانات الواردة في بعض
الكلمات وان جرت لبعض الضرورات مماشاة مع من خالفهم في
الاعتبارات الشائعات اه
وفي ذيل اجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
عالم فاضل محدث من أجل الأتقياء يروي عن الشريف الحسن الفتوني
العاملي وغيره اجتمعت به في المشهد وتبركت بلقائه سلمه الله تعالى.
وأرسل السيد نصر الله الحائري للمترجم هذه الأبيات:
لله يا نفح الصبا * ان جزت في ارض النجف
فاقر على الأولى * أنوارهم تجلو السدف
وقل المتيم بعدكم * اودى به فرط الأسف
متذكرا عصرا مضى * معكم بهاتيك الغرف
أحسن بها غرفا غدت * مأوى المعالي والشرف
غرفا زهى ورد العلا * فيها ولذ لمن قطف
ولكم بها مهدينا * اهدى إلينا من تحف
لا زال يرفل في رداء * العز ما برق خطف
السيد الميرزا محمد مهدي الطباطبائي التبريزي
توفي سنة ١٢٤١
العالم الرباني القاضي صاحب المساعي المشكورة في بث المعالم الدينية
والخدمات الجليلة في الدين والدنيا ولم يكن في تبريز العصر قاض غيره
وتصدى لهذا المنصب بعده ابنه الميرزا عبد الجبار القاضي المتوفي سنة ١٢٥٧
وكان المترجم من تلاميذ الشيخ جعفر كاشف الغطاء كأخيه الميرزا
رحيم وتلمذ على سميه السيد محمد مهدي بحر العلوم والميرزا محمد مهدي
الشهرستاني ويروي اجازة عن أستاذه الأخير. قال الشيخ آقا بزرگ
الطهراني في كتابه الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة ما لفظه:
الميرزا مهدي ابن الميرزا محمد تقي ابن الميرزا محمد القاضي الطباطبائي
التبريزي المتوفى ١٢٤١ ودفن بتبريز في مقبرته المعروفة في أواسط السوق
قرب المسجد المعروف بالمقبرة جده الميرزا محمد القاضي ذكرته في محله ومر
اخوه الميرزا على أصغر شيخ الاسلام مع نسبه الشريف كان من العلماء
الأخيار والفقهاء الأبرار مربيا للعلماء في عصره ينسب إليه الكرامات وله
صدقات جارية إلى اليوم وأحفاد علماء أجلاء ومن تصانيفه رسالة في التوحيد
مبسوطة وكان من أساطين الدين ورؤساء المسلمين حتى أن الروس كانوا
يقولون ما نتمكن من دخول آذربيجان وفيها الميرزا مهدى وصار الامر
كذلك حيث تمكن الروس من دخول تبريز بعد وفاته وله اجازة عن الميرزا
مهدي الشهرستاني بخطه في سنة ١١٩٨ وتاريخ وفاته في مجمع الفصحاء
مسكن ببهشت كرده سيد مهدي انتهى ملخصا.
وقال الحاج ميرزا آقاسي الصدر الأعظم لدولة إيران في عصر محمد
شاة القاجاري في الورقة التي كتبها للسلطان ناصر الدين شاة أيام ولاية
عهده بتبريز وذكر فيها من حالات الحاج ميرزا ما ترجمته: كان الميرزا
محمد مهدي طاب ثراه من أعاظم علماء الاسلام وكان مصدرا للآثار الكلية
في سبيل الدين والدنيا الخ
واما الميرزا محمد تقي القاضي المتوفى سنة ١٢٢٠ فقد كان من
تلاميذ الوحيد البهبهاني والشيخ مهدي الفتوني العاملي ويروي عن أستاذه
الأخير اجازة كما كتب أستاذه المذكور في ظهر الوسائل اجازة مفصلة بخطه
في حقه وصرح أستاذه فيها بكونه جامعا للعلوم العقلية والنقلية وكتب
معاصره كاشف الغطاء بخطه الشريف في حقه ما لفظه: المتولي لمنصب
القضاء بأمر الله ورسوله ص ذي الأخلاق السليمة والطبايع المستقيمة العالم
العلامة الخ.
وكان للميرزا محمد تقي أولاد أكبرهم الميرزا محمد مهدي المذكور علي
أصغر شيخ الاسلام المتصدي لمنصب مشيخة الاسلام بعد وفاة أخيه
المذكور ثم الميرزا باقر ثم الميرزا عبد الرحيم المذكور ولم يكن الميرزا رحيم
قاضيا في تبريز أصلا كما ذكرنا بل تصدى مدة لنقابة الاشراف
(٦٧)

وكان والد الميرزا محمد تقي القاضي وهو السيد الميرزا محمد القاضي
وكذا جده الميرزا محمد علي القاضي الشهيد من أجلة الفقهاء ومن المتصدين
للقضاء في آذربيجان والميرزا محمد المذكور صاحب تاليف في الفقه وغيره
والميرزا محمد علي الشهيد المذكور قتله الأتراك العثمانيون في زمان
استيلائهم على آذربيجان وغيرها من بلاد إيران حين هجوم الأفغان أيضا
على أصفهان وتراجم هؤلاء وغيرهم من رجال هذا البيت العلوي مذكورة
في الكتب المؤلفة في انساب هذه الأسرة وتواريخها الشهيرة المعروفة بال
عبد الوهاب المنسوبين إلى جدهم الاعلى وهو العالم الرباني الأمير سراج
شيخ الاسلام ابن الأمير عبد الغفار شيخ الاسلام المنتهي نسبه الشريف إلى
الامام المجتبى ع بثماني عشر واسطة وكلهم من العلماء والمشاهير في
عصورهم. وذكر ترجمته صاحب رياض العلماء حيث قال: السيد الأمير
عبد الوهاب الحسني التبريزي الفاضل العالم الفقيه الكامل جد السادات
العبد الوهابية في تبريز وصاحب الكرامات والمقامات وقد استشهد في حبس
ملك الروم في بلاد قسطنطينية وقصته طويلة الخ
وقد بقي في بيته الجليل منصب القضاء الشرعي ومشيخة الاسلام
ونقابة الاشراف وسائر المناصب الجليلة منذ عصره إلى زمن اعلان الحكومة
الدستورية في إيران.
الشيخ محمد مهدي الكجوري المازندرابي نزيل شيراز
توفي سنة ١٢٩٣ وقبره في صحن بقعة حافظ الشاعر الشهير.
كان عالما فقيها أصوليا من أجلة تلاميذ صاحب الضوابط انتقلت إليه
رياسة بلاد فارس في عصره ونصب له كرسي درس الخارج بشيراز. له
مؤلفات منها الحاشية المعروفة المطبوعة على رسائل الشيخ الأنصاري في
الأصول وذريته بيت علم وشرافة منهم الشيخ مهدي الكجوري ابن محمد
رضا ابن المترجم وهو من أفاضل شيراز وأئمة الجماعة
المولى محمد مهدي بن محمد شفيع الاسترآبادي الكنتوري
توفي سنة ١٢٥٩
له كتاب الاستيقان في بيان أركان الايمان في أصول الدين وله فصل
الخطاب لبيان ما هو التحقيق والصواب في حجية صاحب الكتاب
الشيخ محمد ابن الحاج مهدي الحميدي النجفي
توفي في ١٦ محرم سنة ١٢٥٤
تلمذ على الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وعلى
الشيخ محسن خنفر
له كتاب وقاية الافهام فرع من بعض مجلداته سنة ١٢٥٤ وله تحرير
المقالة في أحكام الغسالة
السيد الحاج ميرزا محمد مهدي الشهير بكلستانة الأصفهاني
توفي في طهران سنة ١٣٢٢
تفقه في النجف على كثير من علمائها منهم الميرزا حبيب الله الرشتي
والسيد الميرزا محمد حسن الشيرازي وتلميرزا عبد الرحيم النهاوندي وعاد
بعد مدة إلى أصفهان ثم خرج منها إلى طهران وبقي فيها إلى أن مات وله
فيها وجاهة
المولى محمد مهدي ابن مولى علي أصغر بن محمد بن يوسف القزويني
معاصر الحر العاملي. له عين الحياة في الأدعية المشهورة التي لا
تختض بوقت معين وله ذخر العالمين فرع منه سنة ١١١٩ وله شرح آي
الحياة في كتاب سماه دليل الدعاة في شرح عين الحياة
السيد محمد مهدي بن محمد إبراهيم الحسيني
ذكره في اللآلي الثمينة والدراري الرزينة فقال: العالم العارف ذو
الفضائل والفواضل كان ماهرا في فنون العلوم العقلية والنقلية والرجال
واخبار الأئمة الاطهار قرأت عليه ما تيسر من الأصول والفروع والمعقول
والمنقول وله إفادات رائقة وتحقيقات فائقة ولم يكن مائلا إلى التأليف
لاشتغاله بالتدريس وله على العبد الحقير حقوق كثيرة اه
السيد محمد مهدي بن محمد جعفر الموسوي
له التحرير في شرح ديوان الأمير وخلاصة الاخبار ألفه سنة ١٢٥٠
وتذكرة الصيغ في الصرف
الشيخ محمد ابن الشيخ مهدي بن محمد بن علي بن حسن بن حسين بن
محمود بن محمد آل مغنية العاملي
ولد سنة ١٢٥٣ في شهر صفر وتوفي في قرية طيردبا من عمل صور.
ومغنية مرت في حسن بن مهدي: وجده من طرف الأم الحاج موسى
فريدي الظريف المشهور وكان له خال اسمه الشيخ رضي فريدي كان برا
تقيا ورعا وتزوج بابنة خاله المذكور وولد له منها ولده الشيخ سلمان طلب
العلم في طيردبا وحنويه وينتجبيل وعاشرناه وعاصرناه وكان فاضلا ذكيا توفي
في حياة والده. وكان المترجم ذكيا أديبا ظريفا مؤرخا له كتاب جواهر
الحكم ونفائس الكلم وهو كتاب أدب وتاريخ وحكميات، وترجم فيه عددا
من علماء جبل عامل الذين عاصرهم وحوى جملة من التواريخ المتعلقة
بجبل عامل وهذا الكتاب مع أنه أهمل فيه تاريخ الولادة والوفاة لجملة ممن
ذكرهم ولجملة من الحوادث التي ذكرها واختصر في أحوال من ترجمهم لو
قيض له من يهذبه وينقحه ويرتبه لكان من جملة كتب الأدب والتاريخ
مستحقا للطبع والنشر لا يقصر عن جملة مما نشر وطبع من أمثاله. وكتاب
العقد المفصل للسيد حيدر الحلي الذي طبع ونشر ليس بأحسن منه ولا أجمع
وقد ترجم نفسه في كتاب المذكور فقال: كان لي عند وفاة والدي من العمر
اثنتا عشرة سنة وفي سنة ١٢٦٧ حضر مصطفى باشا مأمور القرعة إلى تبنين
وكان وقتئذ سيد العشائر وأمير الامراء الأكابر رئيس عاملة حمد البك المحمد
فكنت تحت الأسنان العسكرية وطلبت لمعاينة القرعة فحينما جاء اسمي
اجابه البك ان هذا عالم ابن عالم من سلالة علماء أفاضل فامر الباشا المميز
ان يقيد اسمى بسلك العلماء والطلبة وانا حاضر في المجلس ما فهت ببنت شفة
وعدت إلى وطني حامدا شاكرا داعيا للبك على ما اولاني من هذا الجميل
وهذه صنائعه مع أهل العلم فكم وكم له من معروف أسداه على الفضل
وذويه ولما علمت أن العلم هو الذي أنقذني من هذه الشدة عزمت على قراءة
(٦٨)

الدرس وبعد ثلاث سنين من وفاة والدي توفي أخي الأكبر حسن وبقيت انا
وأخي وابن أخي علي بن حسن إلى سنة ١٢٦٩ ونحن نتعاطى أمر المعاش
والقيام باود العيال ثم توجهت إلى قرية كفرة وكان حضر إليها من العراق
الفقيه العلامة الشهير الشيخ محمد علي عز الدين فابتدأت بقراءة النحو
بشرح الألفية واختصصت من بين تلامذته بالحسيب
النسيب السيد محمود نجل المقدس المرحوم السيد علي الأمين وكان بيني
وبينه مراسلات شعرية ونثرية فبقيت في كفرة نحو أربعة أشهر انا وأخي
حسين وابن أخي علي ثم رجعنا إلى البلد وإذ بوارداتنا اضاعتها يد الخيانة
مع كثرة العائلة فاخذتنا الحيرة ان تركنا الدرس فهذا خلاف عزمنا وان
تعاطيناه ضاعت حاصلاتنا فعولنا على الجمع بين الأمرين بان نفتح مدرسة
آبائنا على عوائدنا وكذلك فعلنا وكان من التوفيق انه بعد ما فتحتا المدرسة
وحضر جملة من الطلبة حضر من العراق الشيخ سلمان العسيلي سنة ١٢٧٠
فتوجهنا لزيارته وجدناه شيخا صالحا تقيا عابدا زاهدا فاظهر لنا الضجر من
سكنى قرية ارشاف وأظهر الرغبة في سكنى طيردبا فواقف ذلك ما في نفوسنا
من محبة التدريس وبعد عودنا ابيام قلائل توجه أحدنا واحضره فوجد
المدرسة مفتوحة وتلاميذها فيها ثم ازدادوا سنة ١٢٧٢ وبعد توجههما جاء
أهل بلاد الشقيف واخذوا الشيخ سلمان عسيلي إلى قرية أنصار فاستوحشت
لذلك كثيرا ثم اتاني كتاب دعوة من أمير عاملة علي بك الأسعد يدعوني إلى
الحضور لتبنين فحضرت فاكرمني وحباني ومن مزيد ألطافه حباني فلما كان
الليل قال إن الدولة العلية التزمت ان يكون في مركز كل حاكم نائب
للشريعة موكلا من القاضي الأعلى في بيروت وينبغي ان يكون النائب في
بلادنا من أهلها ولا يكون تركيا لا يعرف اللغة ولا عوائد البلاد ولا سيما
الشيعة التي لا تفصل دعاواها الا عند العالم المسلم فضله ونزاهته وعدالته
وأحب أن تكون المراسلة باسمك فاعتذرت بوحدتي وعدم معرفتي بإدارتها
فتعهد ان لا يكلفني بشئ واخرج المراسلة من جيبه وقرأها على الجميع ولم
يكن لي مناص من القبول ووفى بوعده فلم يكلفني شيئا من أثقالها كان يعقد
لديه المجلس وتعرض القضايا والشرعية وبرأيه يفصل الجميع بدون ان
يحضرني سوى العيدين كنت أحضر ليلة إلى تبنين مقر علي بك وثانية إلى
الطيبة مقر محمد بك نعم في الأمور العظام وفي جمعية علماء أحضر معهم
ودرج الأمر على هذا الحال إلى سنة ١٢٨٠ فجاءت الطامة واغتالت الحكومة
بدور وائل
وقال في كتابه جواهر الحكم: قد من الله على هذا العاجز باعتبار
وجاه واسع عريض وقد كنت تعرفت بالأميرين علي بن ومحمد بك الأسعد
وفدت أولا على محمد بك الأسعد إذ كان وزير وخدبن وسمير الأمير الأول
أمير امراء عاملة علي بك الأسعد وكنت في حداثة سني عندي معرفة بالأدب
وباشعار العرب وتقدمت على الرجال الشيوخ وكنت كلما حدث أمر مهم أو
رأي تشخص لجهتي ابصار الصحب وتوقف بعونه تعالى
بكلما أفوه به فتحادثا ليلا وكان جملة من أولاد العلماء هناك فتفوقت عليهم
جميعا وفي الصباح طلع من الدار الأمير الحطير وجلس في دسته فعرض عليه
وزيره كلما كان في الليل من مسائل أدبية وتاريخية ونكت وأشعار فاستحسن
الأمير ذلك وكبرت في عينيه ولحظني بعين الاخلاص والاعتبار وقضى لي
جميع أشغالي وقدمني على أقرأني وأمثالي اه
صفة سفرة له إلى الطيبة وحاصبيا
وفي أواخر شهر رمضان سنة ١٢٨٨ توجهت لعامرة الطيبة لتعزية
العشائر كفيل الفخار والقائم بأعباء الرياسة صاحب السعادة خليل بك
الأسعد أسعد الله جده بوفاة والدته فأكرم وفادتي ولما قرب العيد طلبت
الرخصة بالذهاب فلم يسمح لي بالانصراف وقال بعد العيد بثلاث توجه
حيث شئت فلم أشعر الا والمخابرة جارية بينه وبين امراء حاصبيا إذ قدموا
له الدعوة بان يتكرم بالوفود إليهم وبعد العيد طلبت الرخصة حسب الوعد
فقال جد لنا سفرة انس وسرور فلم يكن بد من اجابته فرفدنا على الشرف
الأعبل وإذا جماعات الأعيان وأعيان الجماعات وبينهم انسان عين الزمان
الأمير سليم الشهابي يقدمنا أمير البكوات كالبدر ما بين النجوم وجلسنا على
جانب غدير ماؤه رضراض وحوله حدائق وغياض واتى بفاكهة ورمان
وطعام سبعة ألوان فأكلنا شهيا وشربنا مريا وتجاذبنا أطراف الحديث وقضينا
وقتا أعز من نفس الجبان واحلى من وصال الحسان ثم قدمت الخيول فركبنا
وسرنا فرسخا أو ميلا فرأيت أمرا مهولا ورجالا وخيولا ورأيت البيك والامراء
يتهافتون زمرا زمرا عدوا وركضا فقلت ما الخبر فقالوا تلك لذات الصيد
فتركتهم وهم ينثالون بالأباطح والوهاد كأنهم ثلة من الأولاد واعتراني
انحراف في صحتي فدخلت حاصبيا والمنزل لنا بها مهيا حتى وصلت إلى
قاعة وإيوان وبركة وشاذروان فنمت إلى نصف الليل ثم جاءني عرق كالسيل
فانتبهت وإذا البيك والأمير عند رأسي يشتوران لا يناسي وقالا حيا الله أبا
سليمان وهذا عرض وكان ما كان واعتمدا على المداعبة وأكثرا في المحاورة
والمشاغبة ثم سرنا وقد ضرب الدجى مضاربه وأسبل ذوائبه واستمر بنا
السير ونحن نقاسي الضير من الأرض ووحلها والسماء ووبلها حتى وصلنا
الطيبة العامرة وفي الليل تحرك الوجع وأصبحت وانا في حال ضنك وقضيت
يوما كليلة النابغة وظننت ان الوجع من أضراسي فقلت من يحسن القلع أيها
الجمع فجئ بأبي طوبية في الليل ومال إلى قلع ضرسي كل الميل فعاوده
مرارا وجذبه بالكلبة تكرارا وما فتئ ولا انفك حتى قلع مع الضرس شيئا
من الفك وتزايد الوجع وبقيت ستين يوما والباب مغلق علي والبيك يخدمني
بنفسه وجاء الأمير سليم رادا السلام على البيك ومعه جماعة من بني عمه
وحضر حسن بك الفضل الصعبي من النباطية فاجتمعوا ليلا عندي وأكثروا
من ذكر الصيد تعريضا بما أصابني بسبب الصيد فاندفعت أصول على بني
شهاب بكلام أحد من الحراب وعلى آل الصغير بأمضى من المباتير وعلى بني
صعب بما هو أشد من الضرب وانهم من لطفهم يحتملون ثم عزمت على
الخروج من الطيبة إلى الوطن وكان البيك توجه لصيدا لشغل ضروري
فامرت الست عبلة بخادمين من خدمهم الخاصة فكانا في صحبتي فبقيت في
الوطن عشرة أيام ثم توجهت لصور وراجعت الأطباء فوصف لي طبيب
مسهلا وكنت لا آخذ من طبيب دواء خوف الاغتيال بل هو يصفه وانا اركبه
ولكن هذه المرة غفلت فتناولت المسهل منه في السوق فتغيرت حالي
وأسرعت إلى الدار فأصابني إغماء وامتلأت الدار والسطوح ويئسوا مني
وحقنوني أربع عشرة مرة فما أجدى شيئا فجاء الطبيب القبرصي وقال علي
بالحليب فاتي به فسقاني وحصل القئ والحاج علي أبو خليل والحاج علي
عرب يفتشان على الطبيب الذي سقاني المسهل فوجداه قد هرب فاحضروا
جماعة من الأطباء فنظروا القئ وهو يجمد على الأرض فحكموا انه مسموم
وما ملكت رشدي إلى ثلاث وكان ذلك من بعض أكابر أهالي صور الذي
(٦٩)

دفع ست ليرات إلى الطبيب أرادوا أمرا وأراد الله خلافه
وقال في موضع آخر: كنت بقلعة تبنين بعد عيد الأضحى والمرحوم
علي بك في دسته كالمعتمد في قرطبة أو سبتة وهناك جماعة من أهل الفضل
وطلاب العلم هذا لعطاياه وهذا لسجاياه واحدهم السيد مهدي بن يوسف
البغدادي مولدا وموطنا إلى جانبي وهو ذكي فطن حاذق عارف بسائر الفنون
والأحوال فساقني الحديث معه إلى ذكر الفضل بن يحيى البرمكي والحسن بن
سهل فجرى على لساني ذكر البيتين المشهورين:
تقول بنيتي لما رأيتن * أشد مطيتي وأقيم رحلي
أ بعد الفضل ترتكب المطايا * فقلت نعم إلى الحسن بن سهل
فقال السيد أ نقدر ان تحولها في البيك فقلت نعم:
تقول بنيتي لما رأتني * أشد مطيتي وأردت أسعد
أ بعد الفضل ترتكب المطايا * فقلت نعم إلى البيك ابن سعد
هذه المحادثة والبيك مشغول بفصل القضايا وتصريف الأمور فأجابنا
ان الأديب الذكي لا يستعير محاسن غيره فوافقه الحاضرون على قاعدة
الرئيس فأنشأت قصيدة طويلة مدحت بها الأمير بما هو فيه وعرضت بقضية
إسماعيل خير بك الذي خرج عن طاعة الدولة فاستعانت عليه بعلي بك
الأسعد فأرسل عسكرا جرارا مع ابن عمه خليل بك فأطاع إسماعيل
وحضر لباب الحكومة خوفا من سطوة الأمير وجيوشه مع قائد الحرب
المذكور فأرجفت سوريا من زحف العساكر وبلغ لمعان السيوف جميع جنباتها
وتقطعت قلوب أهل الحضارة والبداوة ثم أنشأت بعض فقرات الجاتني إليها
الضرورة قدمتها لمقامه الشريف حينما بلغني ان القصيدة تليت بحضرة الأمير
بمحضر جماعة من العلماء والأدباء فكلهم مدحوا وأطنبوا في استحسان
القصيدة سوى فاضل منهم فإنه نقد وقدح وعرض ولمح وتصدى حسدا
وعلى عوائده لم يجب ان يذكر أحدا بخير ابدا فشفعت القصيدة بهذه
الفقرات وقلت:
بسم الله والحمد لله وصلى الله على حبيبه وخليله الذي تلخص الدين
بهديه وارشاده وتخلص العالم من الجحيم باقتفاء اثر جواده وعلى آله
وأصحابه بدور النوادي ونجوم الدآدي ما ناح الحمام الشادي وصاح
بالأنغام الحادي وبعد فإنه وان يكن برد الشبيبة قشيب وغصن الصبا
رطيب ومربع الأماني خصيب لكنها السعادة لم تلحظني عيونها ولم تتوارد علي
ابكارها وعونها مع اني قد علقت بأفنان وفنون من الأدب وامتصصت
رضاب لسان العرب وكم طرت إلى أفق سماء البلاغة بجناح وكرعت من
دن خندريس الفصاحة راحة الأرواح فيما أيها الأمير ومن أذعن لشرفه كل
وزير وانقاد لعلاه كل رجل خطير يا ذا المنبر والسرير لا برحت مشرق
السعادة على أفق السيادة ولا برح ناديك موسم الأدباء ومجمع الفضلاء
ومحمط الرجال ومنهى الآمال موئل العلماء الأعلام وناشر لواء الاحسان على
الخاص والعام بهمة مقصورة على مجد يشيده وانعام يجدده وفاضل يصطنعه
وخامل وضع الدهر منه فيرفعه. أ يذكر في مجلسك مناضلة القريض
وتفاضل القول فيه بالتصريح والتعريض ويفتخر من شمخ بأنفه وتزويقه
ويتباهى بما اخذ عن الغير بتلفيقه ويا بخس متاعي مع طول باعي ما
للمفضول وللفاضل وما للصعاليك والأفاضل والسراة الأماثل ما لعمر
والتمييز وليس كل كيل بقفيز أ يذكر القريض والعروض وهو فيهما أضعف
من بعوض فكانه رؤية أو العجاج أو أبو تمام أو البحتري أو أبو الطيب أو
ابن المعتز أو الجاحظ أو عبد الحميد أو الصاحب أو الهمذاني أو الخليل أو
ابن سينا هيهات وان تصدر وزعم أنه في وجه الفضلاء غير شتان ما بين
سابق وظليع
لك الخير يا من صفت مشارعه مهلا مهلا فعند الصباح يحمد القوم
السرى رفقا رفقا فما كل قيس كغيره له العرى والحسود رأى خلوة السرب
فعمل وذكر الفضول في محفلك ولم يحتفل ومن نظر بعين الإنصاف جحد
قول ذلك المدعي هذا وان طلب الاستزادة قابلناه على حسب العادة أو
اعتذر وقال ما بعذه المرة من باس جئنا بخلق الكاظمين الغيظ والعافين عن
الناس واولى لكم ثم أولي ان تقدموا لنا عذرا مقبولا وأوفوا بالعهد
ان العهد كان مسؤولا.
ثم جاءتني تحارير من الأميرين علي بك ومحمد بالاعتذار فهجرت
ديوانهما مدة من الزمان وهما يرسلان ويعزمان إلى أن ارسلا الشيخ عبد الله
البلاغي السفير الأعظم عند الأميرين فتوجهنا سوية إلى قلعة تبنين فلما
وصلناها تلقونا بالبشرى وقالا تلك سقطة من الرجال
وفي ١٧ ذي الحجة سنة ١٢٧٧ طلبني الأمير الأكبر علي بك الأسعد
إلى تبنين فحضرت فوجدته على اهبة السفر فقال حيث قد جلس على سرير
السلطنة السلطان عبد العزيز خان فأحب ان تنشئ خطبة عن لساني تهنئة
بمنصب الخلافة لأقدمها إليه وكنا كلفنا شيخنا الشيخ علي السبيتي فعمل
خطبه بليغة لغوية منافية لمشرب الزمن على عوائده كما اجراه بشرح قصيدتنا
العينية بكتابه الذي اسماه الجهور المجرد فأكثر في الشرح وملأه من
أسباب رافع المبتدأ والخبر والفعل المضارع فجاء كتاب نحو مع أن القصد
فيه التاريخ في ترجمة صاحب القصيدة ونسبه ووقائعه ووقائع أسلافه إلى
انتهاء شجرتهم ومن أين هم مع التعرض لتاريخ البلاد وأحوالها وعوائدها
وترجمة علمائها، فاعتذرت لم يقبلا وركبا وتركاني في القلعة وذهبا إلى
النباطية لملاقاة أحد الوزراء ذاهبا من بيروت لصيدا للشام فعملت خطبة
جاءت حسبما أريد وكان الشيخ احمد عز الدين وهو ممن ينتصر للشيخ علي
السبيتي لما فهم تكليف الأميرين لي بذلك كر راجعا إلى الشيخ علي السبيتي
وكلفه خطبة ثانية فلما عاد الأميران محفوفين بالعز والاقبال وما شاهداه من
السرور من ذلك الوزير كان محفل عظيم جامع للعلماء والكاتب والأدباء
والأمراء فحضر الشيخ احمد عز الدين واحضر خطبة ثانية من الشيخ السبيتي
فتليت على الجمهور ففرحت بذلك لتخلصي من هذا المأزق فطلبا مني
الخطبة فامتنعت فلم يقبلا وتليت خطبتي مرارا واستحسنها الجميع
السيد محمد مهدي ابن السيد إبراهيم ابن السيد معصوم العلوي
السبزواري
ولد في مدينة سبزوار يوم ١٨ شعبان ١٣٢٦ ورحل مع والده سنة
١٣٢٧ إلى الكاظمية حيث قضى طفولته فيها ثم هاجر إلى كربلاء وتلقى
فيها الفقه والأصول على الشيخ على الشاهرودي والشيخ القفقازي اللنكراني
النجفي. وبامر من والده ترك كربلاء والكاظمية في محرم ١٣٤٤ عائدا إلى
سبزوار حيث أسرته. وبقي هناك مشتغلا في تحصيل الفقه والأصول
والعلوم العربية إلى أن توفي فيها سنة ١٣٥٠ ورغم حداثة سنه ألف بعض
الكتب والرسائل منها:
(٧٠)

أ تاريخ طوس أو المشهد الرضوي طبعته مجلة المرشد البغدادية سنة
١٣٤٦.
ب مؤلفو علماء العصر: ترجم فيه المؤلفين من علماء إيران والعراق
المتأخرين: مخطوط
ج هبة الدين الشهرستاني طبع ببغداد وهو ترجمة السيد هبة الدين
الحسيني الشهرستاني.
د أنيس العلماء وجليس الأدباء مخطوط أشبه بالكشكول
ينتهي نسب المترجم إلى علي العريضي ابن الإمام الصادق ع.
ميرزا محمد مهدي الناظر بن محمد كاظم بن محمد صادق بن محمد كاظم بن
إبراهيم بن محمد رضا بن محمد بن محمد مهدي الشهيد بن محمد إبراهيم
ابن محمد بديع الرضوي المشهدي
توفي سنة ١٣٢٠ بالمشهد المقدس ودفن قريب آبائه الكرام قال في
الشجرة الطيبة: السيد السند الجليل العالي الراقي بحسبه ونسبه إلى أوج
المعالي راوي حديث الجلالة عن أسلافه الكرام حادي قديم المجد عن
أجداده العظام جامع شيم العز المنيع حائز سجايا الجلالة والشرف الرفيع
ميرزا محمد مهدي اشتغل من بداية عمره في تحصيل الكمال وتكميل
الخصال كان فائقا على اقرانه في العلوم العربية والأدبية خصوصا علم اللغة
حسن الخط مليح الإنشاء في الغاية حاز درجة النظارة في الآستانة بعد أبيه
وقام في ذلك بكل أمانة وديانة وحسن كفاية وفي سنة ١٣٢٠ حج بيت الله
الحرام وزار النبي صلى الله عليه وآله الكرام وعاد إلى طهران فأكرم امناء الدولة مقدمه
ونال من عواطف سلطان العصر مظفر الدين شاة ومنها جاء إلى المشهد
المقدس وبعد مدة قليلة ضعف مزاجه وتوفي بمرض السكتة وقام مقامه ولده
الميرزا عبد الله
السيد محمد الناظر ابن ميرزا محمد مهدي الشهيد حفيد ميرزا محمد بديع
الرضوي المسهدي
كان عند قتل والده هو وأخوه لم يبلغا درجة الرشد وكان أحد أولاد
الميرزا محسن الرضوي قد كفلهما واخذ قيمومة شرعية عليها ونيابة تولية
الآستانة المقدسة ولعل صغر سنه ومداخلة الغير كان سبب انتقال التولية عن
هذا البيت إلى غيرهم وكان المترجم في أواخر سلطنة الشاة سليمان ومدة
سلطنة الشاة حسين الصفوي.
السيد محمد ابن السيد مهدي القزويني ابن السيد حسن ابن السيد احمد
ولد في محلة الطاق من محال الحلة السيفية أيام سكن أبيه فيها سنة ١٢٦٢
وتوفي في ٥ المحرم سنة ١٣٣٥ فجر الخميس بالحلة وحمل إلى النجف فدفن
فيه.
العالم الصدر الوجيه الأديب، نشأ في الحلة وتعلم بها القرآن الكريم
والكتابة وقرأ العربية على فضلائها ثم خرج إلى النجف حين راهق مع
أخويه الميرزا جعفر والميرزا صالح عدة مرات للتحصيل فقرأ أول امره عند
الشيخ على حيدر والشيخ محمد والشيخ حسن الكاظميين في المنطق والبيان
وشطر من الأصول ثم عاد إلى الحلة وجعل يدرس فيها بما نخرج به في
النجف ثم هاجر ثانيا إلى النجف مع أخويه المذكورين فقرأ ما شاء وعاد إلى
الحلة إلى أن كانت سنة ١٢٩٣ فهاجر مع والده إلى النجف فقرأ على والده
وعلى الملا محمد الإيرواني والميرزا لطف الله المازندراني وقرأ جملة من العلوم
كالهثية والحساب وغيرهما واجازه أبوه واستاذه الإيرواني وحج بيت الله الحرام
سنة ١٢٩٤ وزار المدينة المنورة ولما رجع من الحج عقد له والده في النجف
مجلسا عاما للتهاني الشعرية حضرته علماء العراق وشعراؤه وأدباؤه وقصدته
الشعراء وفي مقدمتهم السيد حيدر الحلي فانشد قصيدته التي أولها:
نفحات السرور أحيت حبيبا * فجنينا من النسيب نصيبا
ولما كانت سنة ١٢٩٨ توفي أخوه السيد ميرزا جعفر وبعده بسنتين
توفي والده وبعدهم بأربع سنين توفي أخوه السيد ميرزا صالح فاستقل
المترجم بمقام أبيه وأخويه في النجف إلى سنة ١٣١٣ فطلب أهل الحلة ان
يهاجر إليهم فأجابهم فاستقبلوه إلى سبعة فراسخ وكان يوم دخوله إلى الحلة
يوما مشهودا فجلس مجلسا عاما وقصدته العشراء منهم السيد عبد المطلب
ابن أخي السيد حيدر ومدحه بقصيدة أولها:
رآك امام العصر خير بني العصر * صلاحا وعلما فاستنابك للامر
وله شعر كثير وهو يجيد في البيت والبيتين ودون ذلك في المطولات
وأغلب نظمه دو بيتات ومقطعات تشتمل على نكت وملح كثيرة وله
محاضرات ونوادر مأثورة. وكان لطيف الحديث ممتع المجالسة ومجلسه في
الحلة مجلس القضاء والمخاصمات ويقيم الجماعة في مسجدها ودرس فيها في
الفقه والأصول عدة سنين. رأيته في النجف وعليه الأبهة والجلالة وملامح
الشرف والسيادة وكان لا يولد له ثم ولد له على الكبر.
مؤلفاته
له من المصنفات ١ منظومة في المواريث مطبوعة تناهز الأربعمائة
بيت ٢ رسالة في التجويد قرضها الشيخ قاسم ابن الشيخ محمد الملا
الحلي فقال:
ذي بغية للمستفيد اتى بها * في علم تجويد الكتاب محمد
صلوا عليه إذا قرأتم آيها * وإذا اقتربتم من معانيها اسجدوا
٣ طروس الإنشاء جمع فيه مراجعاته ومطارحاته مع العلماء والأدباء
والأكابر نظما ونثرا ٤ مناسك الحاج.
آثاره
واما آثاره فمنها تشييد قبور علماء الحلة المتقدمين كالمحقق وآل طاوس
وابن إدريس والشيخ ورام وغيرهم ومنها المقام المنسوب إلى المهدي ع
والمقام المنسوب إلى القاسم بن الإمام الكاظم ع بين الحلة والديوانية فإنه
كتب إلى الشيخ خزعل خان أمير المحمرة بعمل صندوق مشبك فعمله
وكتب عليه هذين البيتين:
للامام القاسم الطر * الذي قدس روحا
خزعل خير أمير * ارخوا شاد ضريحا ١٣٢٤
(٧١)

وامر بتعمير خان كبير هناك ورباط تجاه الصحن وحفر بئر في الخان
لأجل الزوار ولما بلغ الشيخ خزعل ذلك ارسل إليه هذين البيتين:
سقيتم بني الدنيا بماء نوالكم * وحدكم في الحشر من حوضه ساقي
فلا زلتم وردا إلى كل منهل * ولا زال هذا العز في بيتكم باقي
ولما انقطع الفرات عن الحلة بالكلية سنة ١٣٢٢ وبقي لا يجري في
السنة الا شهرا أو شهرين واستمر ذلك بضع سنين كتب المترجم إلى ناظم
باشا والي بغداد هذين البيتين وارسلهما على لسان البرق وهما:
قل لوالي الامر قد مات الفرات * ومضت عنه أهاليه شتات
أ فترضى ان يموتوا عطشا * وبكفيك جرى ماء الحياة
فامر الوالي بسدة الموجودة عليه الآن وكان الفراع منها سنة ١٣٣٢
شعره
كتب إلى ابن أخيه السيد هادي حين رمي ببندقيته فأخطأته وأصابت
خادمه محصولا فقتلته:
فديت بالمحصول كي يغتدى * أصلك لآل الرسول
والمثل السائر بين الورى * خير من المحصول حفظ الأصول
كان في النجف قاض بالوكالة اسمه نجم الدين فطلب من المترجم
ان يكتب في حقه ليجعلوه أصيلا فكتب إلى علي أفندي العمري مدعي
عموم كربلاء بهذه الأبيات:
أبلغ عليا ذا العلا * وأبا المزايا العالية
من فاق أعيان البرية * بالصفات الزاكية
بمناقب عمرية * هي كالكواكب سارية
سارت مسير الشمس * الآفاق واسال ساريه
وروى حديث الفضل عن * ذي الصالحات الباقية
يا أيها القرم الذي * أحيى الرسوم الفانية
ولنا أعاد ماثر * الفاروق فينا ثانية
وبه نرد لدى الردى * قسرا حديث الغاشية
انا لنجم الدين نسأل * ان تؤمل داعيه
فتعيده بعد الوكالة * ذا مراتب ساميه
فتراه فينا قاضيا * احكامه بك ماضيه
فإذا مننت فليتها * كانت هناك القاضيه
وكتب إلى السيد محمد حسين ابن السيد ربيع الحلي طبيب العيون
شاكرا له على مباشرته لعيون ابن حمد مؤذن النجف:
جاء ابن حمد ناقلا * بين الأنام حديث برك
فلذا غدا فوق المنار * مؤذنا بجميل نشرك
ووقع الطاعون في النجف سنة ١٢٩٨ ففر أغلب سكانها فكتب إليهم
السيد محمد كتبا وصدرها بهذه الأبيات:
لا يبعد القوم الذين عن الحمى * تخذوا لدى الجلي سواه بديلا
من فر يوم الزحف عنه فإننا * فيه اتخذنا منزلا ومقيلا
حتى إذا حمي الوطيس ولم نجد * الا طعينا في الحمى وجديلا
لذنا بمرقد من تطوف بجنبه * زمر الملائك بكرة وأصيلا
مستصرخين بقبر ذي الباس الذي * عند الصريخ يرد عزرائيلا
أ تراه يندبه القصي فيكشف الكرب * العظيم ولا يجير نزيلا
فيؤمن المتخلفين وينجد * المترحلين مخافة وذهولا
ويكون اعلانا لديه رتبة * من لم يفارق ربعه المأهولا
فاجابه الشيخ محسن ابن الشيخ محمد:
سقيا لأكناف الغري فإنها * نعم المقيل لمن أراد مقيلا
وانا الفدا لحضيرة القدس التي * عكف الوصي بها فعادت غيلا
حامي النزيل ولست اعرف منزلا * أحمى وامنع من حماه نزيلا
وبنفسي الحي المقيم ببابه * إذ كان ظلا للآله ظليلا
ثبتوا كما ثبت الأولى من قومهم * كرما فساجلت الفروع أصولا
وأرسل المترجم برقية عن لسان الحاج مصطفى كبه إلى أخيه الحاج
محمد حسن:
ببابل طاب عيشي * ما بين روض أنيق
فصرت نعمان دهري * لو كان عندي شقيقي
فاجابه الحاج محمد حسن ببرقية:
رصافة رصفتها * مدامعي بالعقيق
بها صبغت الأقاحي * لكي يعود شقيقي
فكتب السيد محمد برقية إلى الحاج محمد حسن عن لسان أخيه الحاج
مصطفى:
لقد سحرتني بابل فاستمالني * هواها عن الزوراء من حيث لا أدري
فلو لم تكن فيها هجرت لأجلها * عيون المهى بين الرصافة والجسر
فاجابه الحاج محمد حسن ببرقية:
أ نسحر مثل المصطفى ارض بابل * وان حل فيها ثالث الشمس والبدر
وهذي عصا موسى أخيه بفهمه * تراءت فلم تترك لبابل من سحر
وزار المترجم الكاظمين ع فأخبر أخاه ببرقية:
بمرقد خير الخلق موسى بن جعفر * ذكرناك لا بين الرصافة والجسر
فان به من منبع الوحي أعينا * جلبن الهوى من حيث ندري ولا ندري
ومنع السيد سليمان النقيب ماء أهل كربلاء من الجريان حيث إن
مجرى الماء في ارضه فكتب إليه السيد محمد برقية إلى بغداد:
في كربلاء لك عصبة تشكو الظما * من فيض كفك تستمد رواءها
وأراك يا ساقي عطاشى كربلاء * وأبوك ساقي الحوض تمنع ماءها
والتمس قائم مقام الهندية توفيق بك المترجم عمل بيتين ليكتبا على
عصا يهديها إلى السلطان عبد الحميد وأراد ذكر اسمه وذكر العصا والسلطان
فيها فقال:
إلى خليفة الزمان من غدت * ملوك أهل الأرض من حجابه
ألقيت هذه العصا وسيلة * ان ساعد التوفيق في اعتابه
وله حين أشرف على كربلاء:
(٧٢)

عرجت بطور كربلاء منشقا * من طيب ربى تلك المغاني عبقا
آنست منها نار الجوى مستعرا * مذخر بها كليم قلبي صعقا
وكتب المترجم إلى السيد حيدر الحلي وأرسل إليه منظرة من در
النجف:
لو انني صغت عين الشمس منظرة * نالت بعينيك اقصى غاية الشرف
لكنها وهي في أعلى مطالعها * أنى تقاس بدر من حصا النجف
وكتب إلى السلطان عبد الحميد حين اجرائه الماء لأهل النجف
وكانت الكتابة بواسطة والي بغداد:
شكرا امام المسلمين على * صنائعك السنية
أجريت نهرا بالغري * به مننت على الرعية
وسقيتها العذب الفرات * على الظما سقيا هنيه
فإليك بالدعوات قد * عجت بأكباد رويه
وكان في مجلس مع جماعة من الأدباء فيهم السيد جعفر زوين النجفي
فدفع السيد جعفر إليه سبحة فاخرة من اليسر ثم افتقدها حالا فقيل له
اخذها ابن عمه السيد هادي زوين فكتب إلى السيد جعفر يعلمه بالحال:
لقد كنت أتحفت المحب بسبحة * بها اليسر أضحى فوق رأسي يخفق
أغار الفتى الهادي عليها بفطنة * فاودعها الكف التي ليس تنفق
فحسبكم هذا التفاوت بينكم * فإنك تعطي وابن عمك يسرق
فاجابه السيد جعفر يقول:
ما كنت احسب قبل قولك انه * نظم امرؤ منا بسلك السرق
حتى أنت لي منك ما لو قالها * أحد سواك حسبته لم يصدق
فلعلها صاع العزيز ولم يكن * علم ابن إسرائيل حيلة مشفق
وكتب إلى أخيه الميرزا صالح حين انقطع ماء النجف وقد كان وعده
ان يرسل إليه رواية مع غلام له اسمه منصور لنقل الماء من الكوفة إلى
النجف فقال:
فديناك ان البركة اليوم ماؤها * لقد غاض حتى مس من اجله الضر
وليس سوى البحر الذي تعهدونه * على أنه والله لا يشرب البحر
فإن لم تغثنا من نداك عجالة * برادية ملأى ويحملها المهر
بحيث بها منصور نحوي يستقي * من الجسر ماء ليت لا بعد الجسر
والا فاني قد هلكت من الظما * وان مت عطشانا فلا نزل القطر
واجتمع يوما مع حكيم بك ومحمود بك أولاد المفتي محمد أفندي
الزهاوي وقد كتبا كتابا إلى أخيهما رشيد باشا فكتب على كتابهما إليه يقول:
إلى الشهم الرشيد سلام صب * يؤديه له القلب السليم
وأشكر عنده الأخوين فيما * بنا فعلا فخيرهما عميم
حكيم صار محمودا لدينا * ومحمود لمرضانا حكيم
وله في وصف المركبة التي كانت تسير بين بغداد والكاظمية على
الحديد وتجرها الجياد:
وزاخرة تسنمنا ذراها * جرت فوق الصعيد بغير ماء
على سكك الحديد لها رنين * على سمعي ألذ من الغناء
يجاذبها السرى فرسا رهان * فكل حمى عليها غير نائي
يظللنا بها منها شراع * يطير بها إلى أفق السماء
تواصل أختها حتى إذا ما * رأتها ودعت عند اللقاء
ترى مقصورة في الجو تسري * مزخرفة مشيدة البناء
تصد الشمس اني واجهتنا * فتحجبها وتاذن للهواء
فكم حملت من الفتيان شتى * وهم فيها كإخوان الصفاء
ينادم بعضهم بعضا سرورا * وما انتسبوا إلى بلد سواء
إذا ما قبة العلمين لاحت * لديها وهي لامعة السناء
بنا أرست على جودي موسى * على باب الحوائج والرجاء
أنخت به مع العافين ركبي * فبلغني به اقصى منائي
وكتب إلى الميرزا مهدي ابن الميرزا صالح الشهرستاني الكربلائي:
لي مقلة ترنو إلى إيران * وحشاشة تصبو إلى طهران
ومدامع تهمي دماء كلما * حنت مطوقة على الأغصان
شوقا إلى الندب الكريم أخي العلا * المنتمي للشم من عدنان
ذاك الذي زادت به شرفا على * شرف قبيلة آل شهرستان
وكتب إليه أيضا لما رجع:
حييت من قادم كريم * قدمت بالمجد والبهاء
جئت بجمع السرور حتى * أذهبت مستجمع العناء
وجرت مخاصمة للمترجم مع بعض اليهود في أراضي الهندية فكتب
إلى المدعي العام علي العمري:
ان الذين بخيبر أفناهم * تحت السنابك في سريته أبي
هذي بقيتهم تحاول ثارها * وتقول لي أنت ابن قاتل مرحب
وكان للسيد جعفر الحلي الشاعر المشهور زوجة لها خال يزرع الأرز
ويرسل إليها كل سنة ما يكفيها فمضت زوجته سنة إلى خالها فوجدت بيدره
قد احترق فرجعت خائبة فكتب السيد جعفر إلى المترجم:
لي زوجة كان أخو أمها * يحسن في حالي وفي حالها
يهدي لها العنبر من أرزه * والجوع لا يخطر في بالها
والعام نالت زرعه جمرة * فاحترق العنبر من خالها
إذا درت انك واصلتني * زارت على رقبة عذالها
فكتب المترجم في جوابه:
اكتب لها تأتيك في سرعة * واقتبل العمر باقبالها
والكل منا لك يحبو غنى * فاستغن من مالي ومن مالها
وأرسل المترجم إلى نعمان أفندي الآلوسي حين قدم من استانبول
في العيد برقية فيها هذان البيتان:
حباك مولاك سرورا كما * حباك في عز تأييد
ونلت من دهرك اقصى المنى * بالفرحتين العود والعيد
وأرسل إلى النقيب وقد قدم من استانبول في العيد برقية فيها هذان
البيتان:
عيدان في الزوراء زالت منهما * عنا النحوس وآذنت بسعود
(٧٣)

عود النقيب متوجا تاج العلى * بقدومه الأسنى وعود العيد
وكتب إليه السيد احمد ابن أخيه السيد صالح القزويني برقية من
الكاظمية فيها هذان البيتان:
باعتات موسى والجواد تطالعت * علي هوادي العفو من كل مطلع
وألبست بعد السقم أبراد صحة * فلا أتمنى غير انكم معي
فاجابه عمه ببرقية فيها هذان البيتان:
احمد من بصحة * من عفوه قد وسعك
لذت بال المصطفى * يا ليتني كنت معك
وقال الشيخ قاسم الملا الحلي في مدح المترجم:
بين السديرة فالمخيف * كم من فؤاد راح يخطف
نهته الحاظ المهى * وبسجع ذات الطوق رفرف
وبمهجتي قلق الوشاح * معشق الحركات أهيف
اخشى إذا لعب الدلال * بقده الميال بقصف
لا أرعوي عن حبه * أن أنب اللاحي وعنف
قسما بأيدي الراميات * تجوب جمعا والمعرف
وبمن به هتف الحجيج * وخبر من لبى وعرف
لأحبرن مدايحا * كالروض منها الورد يقطف
بمحمد من فضل * الباري ماثره وشرف
ما الروضة الغناء أبهى * من خلائقه والطف
والديمة الوطفاء أجود * من أنامله وأوكف
نسجت له العلياء من * حبراتها بردا مفوف
نقاد ابكار المعاني * ما سواه لهن صيرف
أحيا الاحياء الآملين * وغيره أكدى وسوف
يجلو محيا للوفود * لضوئه الأقمار تكسف
متسنما متن العلى * وسواه يزلق ثم يردف
يا ابن المعز ومن به * وعد الهداية ليس يخلف
خذها إليك خريدة * ليست لغير علاك تالف
وأرسل بعضهم إلى السيد محمد القزويني يعاتبه على ترك عيادته وقد
مرض بهذين البيتين:
لقد كنت تدني مقامي إليك * لترفع بي رتبة ساميه
لما ذا مرضت وما عدتني * وعندي عيادتك العافية
فاجابه السيد على الفور:
فيا ليته قد قضى نحبه * ويا ليتها كانت القاضية
وقال في الحرب الأهلية العالمية الأولى عندما سار مع غيره من العلماء
للدفاع عن البلاد ضد الإنكليز:
نحن بنو العرب ليوث الوغى * دين الهدى فينا قوي عزيز
لا بد ان نزحف في جحفل * نبيد فيه جحفل الإنكليز
وعند ما حل الطاعون في النجف سنة ١٢٩٨ وفر الناس منها وبقي هو
فيها فيمن بقي للمعاونة في تخفيف البلاء كتب إلى الشيخ محسن الخضري:
لوتر اني يوم فر الالى * عن حمى المولى قبيلا فقبيل
منفرد أسلمه أصحابه * أرأيت القوم يوم ابن عقيل
فإذا أنكرتني أبصرتني * معلما أرفل قدام الرعيل
فعلى هذا أصلي وعلى * ذاك من أصحابك الترب أهيل
ولذا أدعو هلموا كفنا * ولذا أهتف يا هل من غسيل
دونكم فاتخذوا مرضعة * لرضيع وطعاما لعليل
الآميرزا قوام الدين السيد محمد بن محمد مهدي الحسيني القزويني
فاضل أديب شاعر مجيد قرأ على الشيخ جعفر بن عبد الله الكمرئي
وكان خصيصا به وله في رثائه قصيدة اوردها صاحب الروضات في ترجمة
شيخه له. ١ أرجوزة في التجويد ٢ نظم كتاب التجويد ٣ نظم
اللمعة سماه التحفة القومية في نظم اللمعة الدمشقية ٤ نظم
الكافية ٥ نظم الشافية ٦ نظم مختصر الحاجي ٧ نظم زبدة
شيخنا البهائي ٨ نظم خلاصة الحساب ٩ رسالة أسطرلابية
الميرزا محمد مهدي ابن الميرزا محمد الفقيه ابن الميرزا حبيب الله الرضوي
توفي سنة ١٢٦٧ كان من تلامذة صاحب الجواهر واصله من باشنين قرية من اعمال
سبزوار وانتقل أبوه إلى المشهد الرضوي فتوفي فيه سنة ١٢٦٦ وكان أبوه من
العلماء الاجلاء فقام ابنه مقامه
الميرزا محمد مهدي الرضوي ابن السيد محمد القصير
توفي سنة ١٢٦٧ ودفن في جنب أبيه في الحجرة التي فوق الرأس
الشريف. عالم فاضل عابد زاهد قرأ على صاحب الجواهر عدة سنين ثم
رجع إلى المشهد المقدس فأطاعه الناس وصارت له مرجعية.
الميرزا محمد مهدي بن ميرزا محمد باقر الحسيني المشهدي
من أفاضل المحققين بالمشهد المقدس الرضوي كان حيا في أواخر
المائة الحادية عشرة للهجرة له كتاب في الأصول اسمه نجاة المسلمين (١)
السيد محمد مهدي بن محمد جعفر الموسوي
له كتاب اسرار البسملة وكتاب خلاصة الاخبار ألفه سنة ١٢٥٠
وكتاب اسرار الحج وكتاب البرهان في اثبات الصانع
المولى محمد مهدي ابن المنجم باشي في خراسان الحاج غلام حسين
كان معدودا في الرياضيات واحكام التنجيم من أساتيذه عصره
ووارثا منصب أبيه عن استحقاق. (١)
السيد محمد بن مهدي من علماء عصر السلطان محمد شاة القاجاري
له كتاب كشف الآيات وكتاب تحفة الأمير في القراءة فارسي
السيد محمد ابن عمنا السيد مهدي
توفي بالنجف أيام وجودنا فيها

(١) مطلع الشمس.
(٧٤)

من شعره:
لك الحمد هل أوفي أياديك ذرة * من الشكر أو اني أطبق لها وصفا
وعقد ولا آل النبي وسيلتي * إليك رجائي ان يقربني زلفى
وله مجموعة قال فيها في وصف رحلته إلى الحج:
سمعت في وادي الليمون بين مكة والمدينة صبيا ينادي العلف يا
شاري يكررها ثم جعل ينادي يا شاري العلف مراعيا في الأولى سكون
الياء وفي الثانية فتحها. وقال فيها سنة ١٢٧٥ سافر أخي السيد علي وأولاد
عمي إلى العراق وفي سنة ١٣٠٥ توفي السيد احمد ابن عمي السيد عبد الله
آتيا من العراق قبل وصوله لحلب
قال وبعد رجوعي من النجف سنة ١٣٠٩ أرسلت إلى السيد جواد
ابن السيد حسن آل صاحب مفتاح الكرامة:
أ تذكر يا جواد زمان صفو * وعيشا بالغري مضى رغيدا
أ تذكر يا رعاك الله خلا * يقاسي للنوى ألما شديد
وقال في دمشق وهو في طريقه إلى العراق:
ولما أنخنا في دمشق ركابنا * وفاح من الزوراء أريج النسائم
غدونا نشاوى ذاهلين كأننا * شربنا حميا الكاس من كف غارم
فقلت أمسك فاح في البيد نشره * وضوع في تلك الربى والمعالم
أم الروض في الدهناء باكره الحيا * أم الورد في أغصانه والكمائم
أم الخود في أعلا القصور تزينت * وفي حليها تزهو بحلة ناعم
توهمت لا هذا وذاك وانما * تضوع طيب العلم يا أم سالم
المولى محمد مهدي بن محمد هادي
له كتاب بشارة الشيعة في مسائل الشريعة من العبادات والمعاملات
فرع منه في صفر سنة ١١١٤ ذكر فيه أحاديث أصحاب العصمة التي اخذها
من الكتب المعتبرة وعد هذه الكتب في آخره
الشيخ محمد مهدي بن علي أصغر القزويني
له ذخر العالمين ينقل فيه عن المولى خليل والآقا رضا القزوينيين ويعبر
عن كل واحد منهما بالأستاذ فرع منه في ذي القعدة سنة ١١١٩.
السيد محمد مهدي بن الحسيني الموسوي الخوانساري
توفي حدود سنة ١٢٤٦
عالم فقيه صاحب القوانين له رسالة في أحوال أبي بصير مطبوعة.
السيد ميرزا محمد مهدي الشهيد المعروف بالشهيد الثالث ابن هداية الله
ابن طاهر
ولد سنة ١١٥٢ وقتل سنة ١٢١٧ أو سنة ١٢١٨
أقوال العلماء في حقه
قال في نجوم السماء في ترجمة السيد عبد الكريم بن جواد بن
عبد الله بن نور الدين الجزائري انه لما سافر إلى المشهد المقدس الرضوي قرأ
في الحكميات بقدر الفرصة على أستاذ الحكماء ميرزا محمد مهدي الخراساني
وفي مطلع الشمس: من أكابر مجتهدي خراسان واجلة رجال
إيران. وقال في حاشية كتاب اللؤلؤ والمرجان كما نقل ما تعريبه: ان خمسة
من العلماء الجلاء كانوا في عصر واحد واسم كل منهم مهدي ١ بحر
العلوم الطباطبائي ٢ السيد الجليل ميرزا مهدي الشهرستاني ٣ العالم
النبيل ميرزا مهدي الخراساني الشهيد جد السادات العظام في المشهد
المقدس ٤ الفقه النبيه ملا مهدي التبريزي ٥ ملا مهدي النراقي.
وقال الفاضل البسطامي في حق المترجم: السيد الفاضل الهادي
والعالم العالم الكامل المهتدي الشهيد السعيد الأوحد مولانا ميرزا مهدي
المعروف بالشهيد الثالث من مشاهير علماء خراسان بل من معاريف فضلاء
إيران له مهارة تامة في المعقول والمنقول والفقه والأصول في أعلى درجات
العلم والعمل قرأ الآقا البهبهاني العلوم الشرعية وقرأ العلوم العقلية عند
الحكيم الرباني آقا محمد البيد ابادي وقرأ العلوم الرياضية على الشيخ حسين
المشهدي امام الجمعة في المشهد الرضوي المذكور في محله وبالجملة كان
ماهرا في غالب الفنون ومشغولا دائما بإفاضة أنواع العلوم والآداب وتربية
المحصلين والطلاب وتشويقهم، ويقال انه كان يحمل الزاد ليلا لأجل
الأيتام والأرامل وكان ميرزا حسن الزنوزي الخوئي صاحب رياض الجنة
من تلاميذه وألف تاريخه المذكور في عصر فتح علي شاة قال فيه في أحواله:
ميرزا مهدي ابن ميرزا مداية الله الموسوي الأصفهاني القاطن بمشهد الرضا
ع فاضل كامل عادل ثقة تقي مدقق محقق حكيم متكلم فقيه جليل
المرتبة والشأن عظيم المنزلة والمكان الأستاذ العارف ذو المفاخر والمعارف
مجمع البحرين للعلوم العقلية والنقلية ومشرق الشمسين للحكمة العلمية
والعملية علامة دهره ووحيد عصره المولى الهمام والبحر القمقام صاحب
الجاه والمقام المنيع الذي طار صيت فضيلته كالأمطار في الأقطار وأشرق على
المحصلين أنوار إفاضته كالشمس في رابعة النهار وحاز من خصال الكمال
ماثرها ومن أنواع الفضائل مفاخرها كامل في أكثر الفنون سيما العقلية
والرياضية وله خط في نهاية الحسن والجودة قرأنا عليه فيهما في مشهد طوس
واقتبسنا من أنوار إفاضاته ما لا يمكن ضبطه بالتحرير في الطروس وله
مؤلفات أنيقة ومصنفات رشيقة مشتملة على التدقيقات الجديدة والتحقيقات
السديدة منها ١ شرحه لكفاية المولى محمد باقر الخراساني جيد جدا خرج
منه شرح كتاب الطهارة مبسوط ٢ رسالة في تحقيق النيروز ٣ رسالة
في رد الرسالة المحاباتية للأستاذ محمد باقر البهبهاني وغير ذلك. وقد
استشهد قتلا بالسيف بيد بعض الفسقة والظلمة من الامراء في المشهد
الرضوي في أوائل العشر الأول من شهر رمضان المبارك سنة ١٢١٨ اه
وفي أواخر سؤال وجواب الميرزا القمي في ضمن المسائل التي سألها الحكيم
الإلهي ملا علي النوري المحقق القمي هذه المسألة التي أجاز الشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء وميرزا محمد مهدي هبة الولي المدة المنقطعة عن
الصغير ولم يجعلوه كالطلاق فما هو رأيكم المبارك في هذه المسألة. وفي كتاب
ذكرى المحسنين في أحوال السيد محسن الكاظمي: أقوال يا سبحان الله ما
كان أحسنه من عصره في الشيعة الطبيب فيه الميرزا خليل والشاعر في الآزري
والأتقياء فيه الحسينيون الثلاثة الشيخ حسين نجف والشيخ حسين الخالصي
والد الشيخ عزيز والشيخ حسين محفوظ العاملي الكاظمي والعلماء الرؤساء
فيه المهديون الأربعة بحر العلوم والميرزا الشهرستاني بكربلاء ولملا المهدي
النراقي والميرزا مهدي الخراساني الذي لقب السيد مهدي ببحر العلوم.
والمصنفون من العلماء فيه مثل السيد محسن والسيد مير علي صاحب الرياض
(٧٥)

والميرزا القمي والشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء والشيخ أسد الله
صاحب المقابيس اه وفي الشجرة الطيبة: لا يخفى ان مؤلفات المترجم
شرح على كفاية المحقق السبزواري على كتاب الطهارة والصلاة والحج في
غاية المتانة والرشاقة وفي هذه الأوقات سيد العلماء الأعلام الحاج ميرزا
محمد جعفر الذي هو من أحفاد المترجم بصدد طبعه ونشره ولعله اشتبه
الامر على صاحب نجوم السماء والميرزا حسين النوري فحسبوه شرح
الدروس وعدوه من مصنفاته
مقتله
إما كيفية شهادته على ما ذكره الفاضل البسطامي في فردوس التواريخ
على ما سمع من الشيوخ الكبار بهذه الديار: ان محمد حسين خان السردار
أمر من فتح علي شاة بفتح خراسان فتحصن نادر ميرزوا سبط نادر شاة وطال
زمان المحاصرة ووقع الناس في ضيق فتعاقد المترجم مع رؤساء البلد انه في
وقت معين متى هجم عسكر السردار على البلد ينهزمون ويلتجؤون إلى
الحرم واعلموا السرداد بذلك فلما جاء الوقت اظهروا آثار ذلك واطلع نادر
ميرزا على حقيقة الامر وان هذا كان بإشارة المترجم فتوجه نادر مع
الاستعداد التام بقصد الانتقام من المترجم نحو البست وكان المترجم مع
علماء البلد وأشرافه ملتجئين إلى الحرم الشريف فخاف المترجم ان تهتك
حرمة الحرم بسببه ويقتل جماعة أيضا فتوجه بنفسه خارج البست إلى جهة
نادر سلطان لعله يرجع عن رأيه بالمواعظ والنصائح فلما وصلوا إلى محاذاة
دار الضيافة تلاقى مع نادر فامر نادر بعض اتباعه المسمى تيمور بضربه
والقبض عليه فرفسه برجله مرارا على صدره وخاصرته فتوفي بعد يومين
متأثرا من ذلك ولكن في تلك الليلة وهي ١١ رمضان سنة ١٢١٨ فتح
مستحفظوا البروج والأبواب الأبواب للعسكر ففر نادر ومن التقادير انه لم
يهتد إلى الطريق من الليل إلى الصبح فرئي خلف باب المشهد فقبض عليه
وأرسل إلى طهران وقتل انتهى فردوس التواريخ
ونقل صاحب مطلع الشمس ان نادر ميرزا اخذ بعض زينة الحرم
والذهب الذي على الضريح ليصرفه في المحاربة وأغار اخوه نصر الله ميرزا
واخذ باقي الذهب الذي في الروضة وسكه ليصرفه على العسكر ولكن
العسكر أعطوا ذلك الذهب خفية إلى ميرزا مهدي المجتهد وانحرف المجتهد
المذكور عن نادر وأخيه فكان في بعض الأيام ذاك المجتهد خارجا من
الصحن فالتقى بنصر الله ميرزا وبعد المناقشة بعدة كلمات ضربه بشيفه
فقطعه نصفين. قال صاحب الشجرة الطيبة: نسبة القتل إلى نصر الله
ميرزا اشتباه والصواب ما تقدم. وقال الميرزا صادق وقائع نكار في تاريخ
جهان آرا في عنوان تسخير قلعة المشهد المقدس وتدمير نادر ميرزا: ان
خوانين خراسان امضوا العهود السابقة مع حسين خان السردار وأهل
الحصار من ضيق المحاصرة مدة أربعة أشهر لم يقر لهم قرار وفي هذه المدة
وقع القحط والغلاء في البلد وافل نجم نادر ميرزا وظهرت امارات النصر
للمحاصرين وفي جوف الليل سمع نادر ميرزا في البلد ضجيجا كأنه
ضجيج الحشر فتوجه نحو الحرم الشريف فالتقى بالنحرير الكامل والفاضل
العامل علامة العلماء مولانا محمد سهدي فضربه بسيفه فقتله لاعتقاده ان
هيجان الياس بتحريكه ودخلت العساكر البلد وفر نادر ميرزا فقبض عليه
في بعض الرساتيق التي حول البلد واركب على حمار مقلوبا وخلفه النقارة
وقبض على سلسلة نادر ميرزا ذكورا وإناثا وكان محمد ولي ميرزا يومئذ مقيما
بنيشابور فجاء إلى المشهد وامن الناس واحضر نادر ومن معه إلى طهران ثم
قتل ورميت جثته للكلاب انتهى
تلاميذه
من تلاميذه الراوين عنه بالإجازة السيد دلدار علي الهندي قال
المترجم في اجازته له: وبعد فقد استجاز مني السيد الماجد الأمجد العالم
العامل والفاضل الكامل صاحب الفطنة الوقادة والقريحة النقادة منبع الفضل
والإفادة صاحب النسب العلي سيدنا ومولانا السيد علي الهندي فأجزت له
ان يروي عني جميع ما صنف في الاسلام من الخاص والعام بحق إجازتي
عن شيخنا المحدث الفقيه والنحرير النبيه الشيخ محمد مهدي الفتوني
العاملي بحق اجازته عن العلامة المجلسي ثقتين وبحق إجازتي عن الأفضل
الأكمل مولانا محمد باقر بن محمد أكمل وبحق إجازتي عن سبط العلامة
المجلسي عن والده عن جده وكتب بيمناه الوزارة الداثرة الجانية الفانية ابن
هداية الله الموسوي محمد مهدي الحسيني الموسوي الأصفهاني مولدا
والمشهدي الرضوي مسكنا مصليا مسلما أه وعن كتاب الإجازات للسيد
دلدار على المذكور أنه قال: وصلت إلى المشهد المقدس سنة ١١٩٤ فزرت
الإمام الرضا ع وكان العلامة فخر الخاصة والعامة جامع المعقول
والمنقول حاوي الفروع والأصول المتكلم العديم البديل والمجتهد الذي
ليس له نظير ولا عديل مولانا محمد مهدي بن هداية الله دام ظله العالي
يومئذ مقيما بذلك المشهد فتشرفت بملاقاته وادخرت كنوز الفوائد بزياراته
وكان ذلك في أول فصل الشتاء الذي يتعذر فيه السفر فجاورت هناك وكنت
كل يوم بعد زيارة الامام ع أحضر في خدمته حينما كان يشتغل
بإفادة العلوم لخواص تلاميذه فكم من درر التحقيقات تلقيت منه وكم من
أزهار الفوائد اقتطفتها من حدائق مجالسه وبعد انقضاء فصل الشتاء كتب لي
على ظهر كتاب اجازة وجيزة فاستاذنته وسافرت وقال في موضع آخر من
كتاب الإجازات: وما اخبرني به العلامة المتكلم الفقيه الجامع بين علمي
المعقول والمنقول حاوي الفروع والأصول سيدنا مهدي بن هداية الله
الموسوي الأصفهاني عن الشيخ المحدث الفقيه والنحرير النبيه محمد مهدي
الفتوني العاملي الذي يروي بواسطة الثقتين عن العلامة التقي المجلسي،
وفي الشجرة الطيبة والظاهر أنهما أبو الحسن الشريف العاملي ومولانا محمد
باقر كما يظهر من سند السيد السند كما عرفت وأيضا يروي عن استاذنا
وشيخنا العلامة الأفضل الأكمل محمد باقر بن محمد أكمل رفع الله درجته
ويروي أيضا عن سبط العلامة التقي مولانا محمد تقي عن أبيه عن جده
مولانا المذكور وأيضا في اجازة السيد حسين ولد السيد دلدار علي للسيد
محمد هادي قال في مقام تعداد مشائخ أبيه المعظم ويروي الوالد العلامة عن
جماعة ممن أدركه وعاصره من المشائخ الفخام والسادة العظام الخمسة الأجلة
من الفقهاء القادة النجباء منهم الشيخ الأجل مولانا محمد باقر البهبهاني
والسيد الجليل ملانا السيد علي الطباطبائي والسيد الاجل مولانا محمد
مهدي النجفي الطباطبائي والسيد السناد علم الهداية والارشاد قطب سماء
المجد والعلى والبالغ في العلم والعمل المرتبة القصوى جامع المعقول
والمنقول حاوي الفروع والأصول المقيد المجيد ميرزا مهدي الشهيد في
الروضة المقدسة الرضوية على راقدها ألف ألف تسليم وتحية والسيد الجليل
الشأن العالي المكان عين الأعيان ميرزا المهدي الشهرستاني اه وفي
(٧٦)

اجازة السيد محمد الهندي للسيد محمد هادي عند تعداد مشائخ السيد دلدار
علي ما لفظه: السديد المتكلم الفقيه والمحدث الوجيه الجامع في معارج
السعادة بين درجتي العلم والشهادة سيد السادات ومنبع الفضل والإفادة
حاوي المعقول والمنقول نقاد نقود الفروع والأصول الودع التحرير اللوذعي
سيدنا ومولانا محمد مهدي بن هداية الله الموسوي المشهدي عن عدة من
مشائخه الاجلاء منهم أستاذ الكل في الكل العلامة البهبهاني والشيخ
المحدث العلامة محمد مهدي الفتوني بحق اجازته عن العلامة المجلسي
بواسطتين ثقتين عن سبط العلامة المجلسي عن والده عن جده كما صرح به
في اجازته الوجيزة التي كتبها بخطه الشريف لوالدي العلامة حين تشرفه
بزيارة الروضة الرضية الرضوية على مشرفها آلاف الصلاة والتحية واستفادته
منه وفي اجازة السيد السند الأوحد السيد محمد للسيد الجليل السيد محمد
تقي في مقام تعداد مشائخ والده السيد دلدار علي ما هذا لفظه: محمد
المحقق العلامة والمدقق الفهامة مرجع الخاصة والعامة والمتكلم العديم
العديل والفقيه الذي ليس له نظير ولا بديل الجامع في معارج السعادة بين
رتبة العلم ودرجة الشهادة مجاور الروضة الرضية الرضوية على ساكنها آلاف
صلاة وتحية الورع البارع والشهيد الرابع الثقة الثبت الرباني سيدنا ومولانا
محمد مهدي بن هداية الله الموسوي المشهدي الأصفهاني اه
الآقا محمد مهدي ابن المولى محسن ابن المولى سميع الكرامنشاهي
توفي حدود ١٢٨٠
عالم فاضل من تلاميذ الشيخ محمد تقي الأصفهاني محشي المعالم له
شرح شرايع الاسلام في مجلدين وكتب له أستاذه المذكور اجازة على ظهره
وتقريضا عليه
ميرزا محمد مهدي بن محمد الاسترآبادي المعروف بميرزا مهدي خان المؤرخ
منشئ الممالك
كان من اعلام الكتاب والمؤرخين في دولة نادر شاة الأنشاري وكان
مقربا عند الشاة ومن ملازمي ركابه. من آثاره الباقية ١ كتاب درة
نادري الدرة النادرية ذكر فيه وقائع دولة نادر شاة بعبارة مغلقة وأكثر
ألفاظه غريبة طبع في إيران ٢ كتاب تاريخ جهان كشا هو أيضا في وقائع
أيام دولة نادر ٣ كتاب سكلاج في اللغة التركية مرغوب كثيرا ٤ جملة
كتب وخطب ومنشآت بالعربية والفارسية اوردها الزنوزي في رياض الجنة
٥ صورة كتاب عربي عن لسان نادر شاة إلى محمد بن مانع وباقي
رؤساء أهل البصرة
السلطان السيد محمد كاركيا المعروف بأمير سيد بن مهدي الحسيني أحد
سلاطين كيلان
توفي في قلعة ألمرت يوم الجمعة ٣ جمادى الأول سنة ٨٣٧ ونقل إلى
ملاطة فدفن فيها
تولي السلطنة بعد وفاة ابن عمه السيد رضا بن علي بن أمير بن
حسن بن علي واستولى على بشت كوه وكيلان ثم إن ابنه الأمير احمد
وحفيده الأمير اتفقا معا وقبضا عليه وسجناه في قلعة الموت إلى أن توفي
بالتاريخ المتقدم وتولى السلطنة بعده ولده ناصر
محمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
قال المفيد في الارشاد: كان محمد بن موسى من أهل الفضل
والصلاح اخبرني أبو محمد الحسن بن محمد يحيى حدثني جدي حدثتني
هاشمية مولاة رقية بنت موسى قالت كان محمد بن موسى صاحب وضوء
وصلاة وكان ليله كله يتوضأ ويصلي فيسمع سكب الماء ثم يصلي ليلا ثم
يهدأ ساعة فيرقد ويقوم فيسمع سكب الماء والضوء ثم يصلي ليلا فلا يزال
كذلك حتى يصبح وما رأيته قط الا ذكرت قول الله تعالى: كانوا قليلا من
الليل ما يهجعون اه
السيد شرف الدين محمد بن موسى بن جعفر بن طاوس
قتل ببغداد في غلبة التتر سنة ٦٥٦
أبو جعفر محمد بن موسى بن أبي القاسم حمزة
ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب ع.
ذكره صاحب تاريخ اليميني وهو تاريخ مخطوط رأينا منه مجلدا ببغداد
أوله الحمد لله الظاهر بآياته الباطن بذاته يبتدئ من أواخر القرن الثالث
وينتهي في أوائل القرن الخامس ولم يعرف مؤلفه وظهر لنا ان تسميته
باليميني باعتبار انه ألف باسم يمين الدولة ثم علمنا أن التاريخ اليمني هو
سيرة يمين الدولة محمود صاحب غزنة تاليف محمد بن عبد الجبار المشهور
بأبي النصر العتبي وقد كتب على ظهر المجلد الذي رأيناه ما صورته:
يمين المدعي في مدعاه * بان الغيث مثل لليميني
كتاب لو حلفت وقلت بحر * فلم تخنث لعمرك في اليمين
فنسبة ما سواه إليه أضحت * كنسبتك الشمال إلى اليمين
وذكر مؤلفه ان له كتاب لطائف الكتاب وانه كان في جملة الأمير ناصر
الدين سبكتكين قال صاحب التاريخ بعد ان عنون صاحب الترجمة كما
ذكرناه:
نسب كان عليه من شمس الضحى نورا ومن فلق الصباح عمودا
وقد خدم ملوك آل سامان وعاشر وزراءهم وكتابهم والتقط محاسنهم
وآدابهم وألفاظه منابع العلوم وأقواله مراتع العقول ومجالسه حدائق الجد
والهزل وجوامع الكلم الفصل فلم تبق يتيمة خطاب ولا كريمة صواب ولا
غرة حكمة ولا درة نكتة ولا طرفة حكاية ولا فقرة رواية الا وهي عرضة
خاطره ونهزة هاجسه ونصب تذكره ومثال تدبره لا تصدأ صفيحة حفظه ولا
تدرس صحيفة ذكره ولا يكسف بدر معارفه ولا ينزف بحر لطائفه ثم هو
واحد خراسان من بين الاشراف العلوية في قوة الحال وسعة المجال واتساع
رقعة الضياع وارتقاع قدر الارتقاع (١) واشتداد باب العز وامتداد شعاع الجاه
والقدر وقد كتبت عنه من نوادر الاخبار والاشعار ما حكيت بعضه في كتابي
الموسوم بلطائف الكتاب وسأورد الآن نكتا عما قاله وقيل فيه إبانة عن غرس
معاليه فمن شعر قوله:
وشادن وجهه بالحسن مخطوط * وخده بمداد الخال منقوط
تراه قد جمع الضدين في قرن * فالخصر مختصر والردف مبسوط
وقوله:

(١) الارتفاع الدخل والغلة.
(٧٧)

فديت غزالي فهو ملكي حقيقة * يلذ به عيشي إذا نابني هم
جميل محياه وكالدعص ردفه * لطيف سجاياه وليس له خصم
وقد أكثر الشعراء والأدباء فيه فمن ذلك قول البستي:
انا للسيد الشريف غلام * حيثما كان فليبلغ سلامي
وإذا كنت للشريف غلاما * فانا الحر والزمان غلامي
ولأبي الفضل بديع الزمان الهمذاني:
انا في اعتقادي للتسنن * رافضي في ولائك
وان اشتغلت بهؤلاء * فلست أغفل عن أولئك
يا عقد منتظم النبوة * بيت مختلف الملائك
يا بن الفواطم (١) والعواتك (٢) * والترائك (٣) والأرائك
انا حائك ان لم أكن * عبدا لعبدك وابن حائك
ولبعض أهل العصر فيه:
عيد البرية عيد المهرجان أتى * أهلا بعيد اتي عيدا يحييه
العيد لألاؤه يبقى إلى أمد * وعيدنا دائم اللألا باقيه
لا زال سيدنا في ظل دولته * وظله دانيا ممن يواليه
محكما في رقاب الناس قدرته * يجني له ثمر الاقبال جانيه
أعشاره المجد واليسرى حلائيه * خراجه الدهر والدنيا جواليه
وبني بنيسابور دارا فتنافس أهل الفضل في وصفها فمن ذلك قول
البديع الهمذاني:
دار قسمت عراصها * تحكي الأباطح والرصافة
بين المروة والنبوة * والخلافة والضيافة
فيها المصاحف والمعازف * والسوالف والسلافه
لا زلت يا دار الكرام * مصونة عن كل آفة
وفيها لأبي عبد الله الغواص:
يا دار سعد قد علت شرفانها * بنيت شبيهة قبلة للناس
لورود وفد أو لكشف ملمة * أو بذل مال أو إدارة كأس
محمد الموسوي
ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المقتصدين
وأورد دله في المناقب هذين البيتين:
آمنت بالله وبالمصطفى * والمرتضى والعترة الطاهرة
هم خمسة يتلوهم سبعة * حجتهم باطنة ظاهره
أبو الحارث محمد بن ميمون بن يحيى بن هبة الله بن أبي القاسم ميمون
الحسيني المدني بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد أبي جعفر بن
علي بن محمد الرئيس جمكة بن مسلم بن عبيد الله بن أبي جعفر مسلم بن
عبيد الله.
قال ضامن بن شدقم في كتابه: كان أبو الحارث محمد بواسط ولقب
بكمال الدين كان عالما فاضلا كاملا حاذقا فطنا لبيبا له معرفة بعلم
الأنساب وغيره وجمع في النسب كتبا وأشجارا وله تعليقات في غيره من
العلوم.
السيد محمد الهمذاني المعروف بالكمالي ابن الميرزا موسى المشهور
بكلانتري.
ولد سنة ١٢٩٦ بهمذان وتوفي بطوس يوم الأربعاء خامس ذي
القعدة الحرام سنة ١٣٤٩ كان عالما عاملا زاهدا عابدا متقشفا في معيشته
مع كونه من ذوي الثروة فقد ترك له أبوه ثروة واسعة عزيز النفس غيورا
على الفقراء حج في شبابه ثم حج ثانية وهو كهل وكان يأنس بالفقراء
والمساكن ويبتعد عن ذوي الثروة والجاه ويأنس بالوحدة مع الله تعلم مبادئ
العلوم في بلدته همذان ثم هاجر في طلب العلم إلى طهران ثم إلى أصفهان
ثم إلى النجف الأشرف فقرأ على الشيخ ملا كاظم الخراساني وغيره وجاء في
عصرنا هذا إلى بلاد الشام فورد دمشق ثم جاء منها إلى جبل عامل بزي
الدراويش فزار غالب علمائه وطاف كثيرا من قراه مشيا على قدميه وبقي
عندنا في شقراء أياما كثيرة وكان يقضي ليله بالتهجد والعبادة وإذا جالسه
أحد من أهل العلم يلقي بعض المسائل المشكلة في الأصول والفقه ويذاكر
بها لكنها كانت مسائل خاصة يلقيها أينما حل ذاكرنا بها حال اقامته عندنا
وبلغنا انه كان يذاكر بها غيرنا وهي التي ذاكرنا بها بأعيانها ثم رأيناه في مدينة
صيدا وأخبرنا انه عازم على السفر إلى بيت المقدس فمصر وطلب إلينا ان
نكتب إلى بعض التجار الإيرانيين في مصر ليقدم له كفالة فيرخص له في
الذهاب إليها حسب العادة فأجبنا طلبه وحضر لنا منه كتاب من القدس
بمجئ الرخصة فسافر إلى مصر ومنها إلى الهند ومنها إلى خراسان فزار مشهد
الرضا ع ثم عاد إلى وطنه همذان واهتم بترميم جامعها المشهور بجامع
النبي ص الذي أسسه والده ودفن عنده ثم عاد إلى النجف فبقي فيها سنتين
ثم عاد إلى همذان فمر في طريقه على قم فمكث فيها سنة ونصفا وتوجه إلى
همذان فلم يدخلها بل وصل إلى محل ملكه وقريته الخارجة عن المدينة
المسماة بالحصار فبنى بها دارا ومسجدا فلم ينشرح قلبه لسكناها فتوجه إلى
مشهد الرضا ع قبل ان ينتقل إلى داره معرضا عن الدنيا وزينتها فبقي
فيها ثلاثة أشهر ثم انتقل إلى جوار ربه وشيع جنازته الجماهير من أهل
خراسان وعلمائها ودفن في طارمة الحضرة الرضوية وقد سبق نعيه إلى
معارفه وأهله والى عاصمة إيران فجاءت برقية تعزية من الشاة وان يحتفل
بجنازته كافة الموظفين ويدفن في الطارمة مجانا.
له من المؤلفات ١ رسالة في معرفة النفس ٢ رسالة في الجبر
والتفويض كتبهما في سفره إلى سوريا ٣ تفسير القرآن ٤ حاشية على الجواهر
كلها ٥ حاشية على نجاة العباد ٦ حاشية على مكاسب الشيخ مرتضى ٧ شرح الكفاية في الأصول ٨ وحاشية عليها ٩ شرح منظومة السبزواري في
الكلام ١٠ رسالة في العصير العنبي ١١ كتاب في الفقه ١٢ شرح على
خلاصة الحساب للشيخ البهائي ١٣ شرح على قانون ابن سينا ١٤ رسالة في
قصد القرية ١٥ حاشية على العروة الوثقى.
السلطان محمد كاركيا بن ناصر كاركيا بن محمد المعروف بأمير سيد بن
مهدي كيا بن اميركيا الحسيني العلوي سلطان كيلان.
ولد في قلعة رودبا سنة ٨٢٥ وتوفي سلخ ربيع الأول سنة ٨٨٣.

(١) وهن فاطمة أم خديجة الكبرى وفاطمة بنت رسول (ص) وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين
(ع).
(٢) وهن عاتكة بنت هلال بن فالج وعاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج وعاتكة بنت الأوقص بن
مرة بن هلال بن فالج أم وهب أبي آمنة أم رسول الله " ص " وهذه العواتك من سليم. قال
النبي " ص " وهذه العواتك من سليم قال النبي " ص " انا ابن العواتك من سليم
(٣) التريكة بيض النعام ويشبه بها النساء.
(٧٨)

تولى السلطنة في كيلان بعد أبيه ناصر أربع سنين وتولى السلطنة بعده
ولده ميرزا علي ابن السلطان محمد. وله ألف الدين السيفي القزويني كنز
اللغة، كذا في مجالس المؤمنين وكاركيا كلمة فارسية كان أهل كيلان يلقبون
بها هؤلاء السادة تعظيما لهم ملك منهم في كيلان جماعة ترجموا في مواضعهم
من هذا الكتاب وذكروا في ترجمة أحمد بن حسين بن مهدي.
الشيخ محمد ابن الشيخ ناصر ابن الشيخ حسين المعروف باللايذ النجفي
المنتهي نسبه لآل عيسى الطائي.
ولد سنة ١٢٤٥ وتوفي النجف سنة ١٣٢٦ عن إحدى وثمانين.
قرأ على السيد حسين ابن السيد رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم
وعلى الشيخ راضي ابن الشيخ محمد النجفي والشيخ محمد حسين الكاظمي
والشيخ مهدي ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر له كتاب بمنزلة الكشكول
جمع فيه طرائف الاخبار والاشعار وأنواع الفوائد رأيت منه نسخة عند أهله
بالنجف الأشرف سنة ١٣٥٢.
ومما ذكره فيه انه كان هجوم سعود على النجف الأشرف سنة ١٢١٦
وابتداء عمل سور النجف الجديد الذي بذل مصارفه صدر الدولة الإيراني
في السنة الثانية وهي سنة ١٢١٧ وله كتاب ذكرى الأمة في أحوال الأئمة.
وكان المترجم عالما فاضلا شاعرا أديبا نديما مجموعة اخبار وتاريخ، كان
يقضي أكثر أوقاته في المطالعة لكتب التواريخ والاخبار والحديث عند بائعي
الكتب في النجف وكان لا يمر ذكر قصة تاريخية أو خبر الا فصل ذلك،
وذكر ما ورد فيه وكان يحفظ أحبار علماء العراق المتأخرين وأمراء العرب فيها
وحكاياتهم ونوادرهم فمجالسه ابدا في فائدة ومنادمة ممتعة وكان مرجعا في
اللغة رأيته في النجف أيام اقامتنا واجتمعت معه صدفة في عدة مجالس
يكون هو محدثها وسأله مرة بمحضري بعض أهل العلم من النجفيين لما ذا
سميتم بال الصيقل فغضب غضبا شديدا وتكلم على ذلك الشخص ولم
اعلم السبب في ذلك وفي اليوم الثاني أساء إليه بعض اتباع ذلك العالم وهو
مار في الطريق ولما مررت ببيروت في طريقي إلى العراق سنة ١٣٠٨ عن
معنى بيت في ديوان الشريف أرضي من قبل طابعيه وهو قوله: قسيم النار
جدي يوم نلقى فقلت هذا إشارة إلى قول النبي ص يا علي أنت قسيم
النار تقول هذا لي وهذا لك وكان الشيخ أبو الحسن الكستي الشاعر البيروتي
المشهور حاضرا فأنكر هذا التفسير فقال صاحب المجلس هاتوا تاج العروس
فاحضر فكان كما قلت وسألوني أيضا عن معنى قول الشريف الرضي في أمير
المؤمنين ع:
أ ما في يوم خيبر معجزات * تخبر أو مناجاة الحباب
أرادت كيده والله يأبى * فجاء النصر من قبل الغراب
فقلت هذا إشارة إلى واقعة لم اطلع عليهما فلما وردت النجف سالت
المترجم عنها فقص علي القصة.
وجرى مرة ذكر الأنساب فاورد خبر الكلبي النسابة مع الصادق
ع بطوله وأورد مرة خبر زرافة مع المتوكل والعسكري ع واخبار
وادي شيخ زبيد وشاعره ملا حسين وذرب شيخ الخزاعل وشاعره وما دار
بين الشاعرين من المحاورات وكثيرا من اخبار علماء النجف المتأخرين
وندمت غاية الندم على عدم تقييد جملة من تلك الأخبار.
ومن شعره قوله يرد على بيتين قالهما بعضهم في الخانة نصير الدين
الطوسي وكتابه التجريد وهما:
فاق النصير بحسن تجريد له * لكنه فيه أساء الخاتمة
يا خاتما بالقبح حسن كتابه * أو ما خشيت عليك سوء الخاتمة
فقال في جوابه:
يا من تمادى في الهجاء وقد غدا * يهجو فتى رفع الاله دعائمه
هذا الكتاب هو الرحيق ختامه * مسك وبالفردوس بشر خاتمه
ولحسنه قد أذعنت فضلاؤكم * والمسلمون لفضله متسالمه
وتنافست أشياخكم في فهمه * فصدفت عنه وما أظنك فاهمه
جزمت عوامله الرفيعة نصبكم * واجتر عاملكم فكسر جازمه
قاد الكتائب غازيا أعداءه * بالمرهفات الحاكيات عزائمه
أ زعمت أن أبا الحسين وجاحظا * وأبا الهذيل وواصلا ومكالمه
قد ميزوا أجناسه وفصوله * أو احرزوا منطوقه ومفاهمه
هيهات لا تغشي النعمامة بازيا * أو تستعير من البزاة القادمة
خذها إليك فما اتاك بمثلها * ركب الحجاز غدت لانفك راغمه
وشرح بعض العلماء واسمه أبو الفضل الزيارة الجامعة فقال فيه:
أبو الفضل المفضل كان بدرا * تجلى في سما شرح الزيارة
فأوضح ما أدلهم لكل حر * وان الحر تكفيه الإشارة
وكافح عصبة الالحاد فيه * فافحمهم والقمهم حجاره
وتاجر احمد المختار فيه * فاربحه الجنان بذي التجارة
الأمير محمد بن ناصيف نصار بن علي الصغير
هو والد الشيخ ناصيف النصار الشهير ويوجد شاعر من آل علي
الصغير اسمه محمد ناصيف كان شاعر عبد الله باشا والي عكا
الشيخ محمد نبي بن أحمد التويسركاني
نزيل طهران توفي بها حدود سنة ١٣١٩ له جامع المسائل في الفقه
عدة مجلدات.
الشيخ محمد نجف الكرماني أصلا والمشهدي موطنا
أصله من كرمان وجاور في المشهد الرضوي وتوفي فيه سنة ١٢٩٢
عالم عارف أديب فاضل محدث على مشرب أهل العرفان وطريقة
الاخباريين
له من المؤلفات خلاصة الأنساب وغناء الأديب في شرح مغني
اللبيب وشرح خطبة الزهراء وشروح دعاء كمل والجوشن والصباح وجامع
الأحاديث وشرح شرائع الاسلام وخلاصة العروض وغير ذلك
الشيخ محمد النجم آبادي الطهراني
عالم فقيه تقي ورع من أفاضل تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري وله
خلف فاضل هو الآقا حسين
(٧٩)

الشيخ محمد بن نصار الجزائري النجفي
كان من أكبر فقهاء عصره وهو والد الشيخ حسن أحد تلاميذ السيد
مهدي الطباطبائي المذكور في بابه
الشيخ محمد بن نصار
من تلاميذ البهائي له كتاب في الإمامة
محمد بن نصر بن بسام الكاتب
اورد له عبيد الله بن عبد الله السدآبادي قوله في أمير المؤمنين ع:
ان عليا لم يزل محنة * لرابح الدين ومغبون
أنزله من نفسه المصطفى * منزلة لم تكن بالدون
صيره هارون في قومه * لعاجل الدنيا وللدين
فارجع إلى الأعراق حتى ترى * ما فعل القوم بهارون
أبو عدنان محمد بن نصر بن حمدان بن حمدون التغلبي العدوي
من امراء بني حمدان وساداتهم ذكره أبو فراس في قصيدته التي يفتخر
فيها بقومه فقال:
ومنا أبو عدنان سيد قومه * ومنا قريعا الغر جبر وجابر
السيد تاج الدين محمد بن نصر بن الصلايا العلوي الحسيني
قال علي بن عيسى الأربلي في كشف: حكى لي السيد تاج الدين
محمد بن نصر ابن الصلايا العلوي الحسيني سقى الله ثراه وأحسن عن
أفعاله الكريمة جزاه ان بعض الوعاظ ذكر فاطمة ع ومزاياها
وكون الله تعالى وهبها من كل فضيلة مرباعها وصفاياها وذكر بعلها وأباها
واستخفه الطرب فانشد:
خجلا من نور بهجتها * تتوارى الشمس بالشفق
وحياء من شمائلها * يتغطى الغصن بالورق
فشق كثير من الناس ثيابهم وأوجب وصفها بكاءهم وانتحابهم
الميرزا محمد نصير الحسيني الشيرازي المتخلص بفرصت ابن الميرزا جعفر
بهجت
توفي سنة ١٣٣٩
له كتاب أشكال الميزان في الاشكال الأربعة المنطقية فارسي مطبوع
المولى محمد نصير
من مشائخ الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري النجفي ذكره السيد
عبد الله بن نور الدين ابن نعمة الله الجزائري في اجازته الكبيرة فقال عند
ذكر الشيخ احمد الجزائري انه يروي عن الفاضل التحرير مولانا محمد نصير
المولى محمد نصير ابن المولى عبد الله ابن المولى محمد تقي المجلسي
كان عالما فاضلا له ترجمة كتاب الفتن لعمه المجلسي الثاني وحواشي
على شرح اللمعة
الطبيب ميرزا محمد نصير الأصفهاني
توفي في شيراز سنة ١١٩١ ودفن فيها
في تجربة الأحرار: الكاتب البارع الشاعر الطبيب النطاسي الفاضل
اللبيب الأديب والكامل الخطيب الأريب كان في الحقيقة خواجة نصير الدين
الثاني وكان مشارا إليه في أقسام الحكمة من الهيئة والرياضيات والطب
الجسماني والروحاني من الإلهي والمشائي والاشراقي فيلسوف حاذق سيد أيد
صديق شفيق تضرب إليه أكباد الإبل وله إفادة وإفاضة في تقرير العلوم ماهر
في علم الطب. وبسبب مهارته في الطب وغيره طلب من دار السلطنة
أصفهان إلى شيراز، ولعلة عدم تميز سلطان العصر وعدم مساعدة الدهر
وعدم وصول البناء الزمان بدقائق الكمالات النفسانية كان يتأسف على
حرمانه من أوطانه واخوانه
وله أشعار بالعربية والفارسية لطيفة فمن شعره العربي قوله:
أشكو إلى الله من طول الفراق ومن * دهر حريص على تفريق اخوان
وما سجاياه الا ألف مظلمة * وما عطاياه الا ألف حرمان
اي البدائع اتلو من صحائفه * وأي عادية أشكو وعدوان
قرب الأباعد أم بعد الأقارب أم * غور الفتوة أم فقدان فتيان
حتى السهى بعد ما استخفى سنا قمر * يقول ضوئي وضوء الشمس مثلان
والليل يجهر في شوهاء ظلمته * بان لوني ولون الصبح سيان
يا لهف نفسي على سعيي مضى عبثا * ويا جنيني على أهلي وأوطاني
وله قصيدة في مدح أمير المؤمنين علي ع:
هذي منازل جيراني وخلاني * يا صاحبي بذكراهم أجيراني
وكم سهادي في ليل بلا سحر * من كوكب فاتر الأجفان وسنان
والله ما ذكرت يوما ماثرهم * الا استهلت بصوب الدمع اجفاني
ويا بريد الحمى ان تأت في سفر * أرضا بها حل جيراني وخلاني
انشدهم من لساني عند صحبتهم * مقالة من أخي وهي بيتان
لولا تذكر أوطاني بذي سلم * وعند رامة أوطاري وأوطاني
لما قدحت بنار الوجد من كبدي * ولا بللت بماء الدمع اجفاني
آنست في العقل نارا فالتجأت به * لكشف ما بي من هم وهيمان
وقلت جئتك في أمر لترشدني * فقال ما بك من سهو ونسيان
فهل يزيل من الحيران حيرته * الا إلى الرشد داعي كل حيران
هادي الورى وأمير المؤمنين ومن * يدعو العباد إلى علم وعرفان
ومن علاء في العلى أدنى فضائله * فضائل الخلق من جن وانسان
ومن تقاصر عن مدح يليق به * من طول المدح في أعيان حيان
وان أعان زهير فيه نابغة * ولو تظاهر حسان بسحبان
جميعهم منه أوصاف العلى أخذوا * كقطرة أخذت من بحر عمان
صهر الرسول يد الله الكريمة في * تخريب كفر وفي تعمير ايمان
يا من علاء وبه ازداد العلى شرفا * ومن به افتخرت أشراف عدنان
آثار سيفك في الاسلام مسندة * طوت روايتها اخبار شجعان
آثار نطقك كالقرآن معجزة * أعيت شقائق عدنان وقحطان
وله في مدح الرسول ص:
يا مرضعا بلبان الشيب والهرم * حتى م تذكر جيرانا بذي سلم
(٨٠)

فلا طلول كباقي الوشم بالية * ولا خيام خلت عن ساكن الخيم
ما هاج دمعي لا رسم ولا طلل * ولا وميض سرى في الليل من أضم
إذا سالت ضياء الصبح في فلق * والشمس راد الضحى والبدر في عتم
من أحسن الخلق في خلق وفي خلق * وأكرم الناس في ذات وفي شيم
يقول متفقا في الصدق كلهم * محمد أفضل الأخيار كلهم
وآله العظماء الأولياء بهم * يرجى النجاة غداة الحشر من نقم
يا خير من يرتجي العاصي شفاعتهم * عند الكريم غدا في زلة القدم
عليه من صلوات الله اكملها * ما حدث الركب عن جيران ذي سلم
وله تعاليق كثيرة على حواشي الكتب وله مختصر في علم الطب
يسمى شفاء الأسقام وكان حسن الخط.
المولى محمد نصير المنتهى نسبا إلى الحاج محمد كاظم الشهيد
له كتاب أنيس المتهجدين وزين المصلين فارسي ألف سنة ١٣١٣ وطبع
سنة ١٢١٦
محمد نصير الاسترآبادي
له تاريخ نادري وهو تاريخ نادر شاة الأفشاري فارسي مطبوع
مرارا
محمد بن نظام الدين الاسترآبادي
فاضل فقيه له شرح الفقيه الشهيد وغيره وجد بخطه على ظهر كتاب
الأمالي: طالعه مستفيدا العبد الفقير إلى الله الباري محمد بن بن نظام بن
علي الاسترآبادي أحسن الله عقباه في ربيع الأول سنة ٨١٣
الخطيب محمد بن النعمان القزاز المطيري
لعله منسوب إلى المطيرة بوزن سفينة قرية بنواحي سر من رأى.
ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المجاهرين وأورد
له في المناقب شعرا يذكر فيه الأئمة الاثني عشر منه:
بدين المصطفى أرجو نجاتي * وحب المرتضى من يوم شين
بفاطمة البتول اتاك رشد * وبالحسن الزكي وبالحسين
محمد بن النعمان الأحول مؤمن الطاق. (١)
في القاموس: الطاق حصن بطبرستان وبه سكن محمد بن النعمان
شيطان الطاق. وفي تاج العروس واليه نسبت الطائفة الشيطانية من غلاة
الشيعة اه أقول الذي ذكره أصحابنا انه كان يسكن بطاق المحامل
بالكوفة وكان صيرفيا يرجع إليه في النقد فرجع إليه في درهم فقال بعضهم
انما هذا شيطان لزيادة حذقه وقوله إليه نسبت الطائفة الشيطانية تبع فيه
بعض شياطين الإنس الذين اختلقوا اسم هذه الطائفة التي لا وجود لها في
الدنيا كذبا وافتراء وعداوة للشيعة. من ثقات الشيعة الإمامية وروايتهم
وليس له طائفة تنسب إليه ولكنها العداوة ورقة الدين تدعو إلى أمثال هذه
الافتراءات
وروى الكليني في الكافي بسنده عن يونس بن يعقوب في حديث ذكر
سيرة الصادق ع في خبر الشامي الذي قال له جئت لمناظرة
أصحابك وانه قال ليونس انظر من ترى من المتكلمين فادخله قال فخرجت
فوجدت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام ومحمد بن النعمان الأحول
وكان متكلما وعد غيرهما قال فأدخلتهم عليه إلى أن قال يا طاقتي كلمه
فكلمه فظهر عليه محمد بن النعمان إلى أن قال: ثم التفت إلى الأحول
فقال قياس رواع تكسر باطلا بباطل الا ان باطلك ثم قال لقيس الماصر
وكان معهم أنت والأحول قفزان حاذقان. وروى الكليني في الكافي قال
سال أبو حنيفة أبا جعفر محمد بن النعمان صاحب الطاقة فقال له يا أبا
جعفر ما تقول في المتعة أ تزعم أنها حلال قال نعم قال فما منعك ان تأمر
نساءك ان يستمتعن ويكتسبن عليك فقال له أبو جعفر ليس كل الأمور
يرغب فيه وإن كان حلالا وللناس أقدار ومراتب يرفعون اقدارهم ولكن ما
تقول يا أبا حنيفة في النبيذ أ تزعم أنه حلال قال نعم قال فما يمنعك ان تقعد
نساءك في الحوانيت نباذات فيكسبن عليك فقال أبو حنيفة واحدة بواحدة
وسهمك انفذ ثم قال له يا أبا جعفر ان الآية التي في سال سائل تنطق
بتحريم المتعة والرواية عن النبي ص قد جاءت بنسخها فقال له أبو جعفر يا
أبا حنيفة ان سورة سال سائل مكية وآية المتعة مدنية وروايتك شاذة ردية
فقال أبو حنيفة وآية الميراث أيضا تنطق بنسخ المتعة فقال أبو جعفر قد ثبت
النكاح بغير ميراث فقال أبو حنيفة من أين قلت ذاك فقال أبو جعفر لو أن
رجلا من المسلمين تزوج امرأة من أهل الكتاب ثم توفي عنها ما تقول فيها
قال لا ترث منه قال فقد ثبت النكاح بغير ميراث ثم افترقا.
السيد أبو المعالي محمد بن نعمة الله بن عبيد الله بن علي بن الحسن ابن
الحسين بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن السجاد ع
له كتاب بيان الأديان وعن كتاب حدائق الشيعة ان فيه ذكر جميع
فرق المسلمين
الشيخ محمد نعيم بن محمد تقي المشهور بعرفي الطالقاني
له حاشية على الحاشية الجليلة الجلالية على الحاشية الشريفة على
شرح المطالع وجدت منها نسخة مخطوطة في كرمانشاه فرع منه يوم الاثنين
الخامس والعشرين من صفر السنة الثالثة والعشرون من المائة الثانية من
الألف الثاني من الهجرة.
السيد محمد نقيب المشهدين العلوي والحسيني في أوائل القرن الحادي عشر
قال السيد نصر الله الحائري يهنئه بزفافه وفيه فذلكة بإضافة لفظ
يمنا إلى التاريخ:
عرسك يا من أحبه للروح مني قد ملك
يمنا حوى تاريخه أشرق بدر السعد لك ١١٢٣
وقال السيد نصر الله يهنئه بعرس ولده السيد حسين:
اقترنت شمس الضحى مع القمر * في ليلة ذات حجول وغرر
أحسن بها من ليلة موشية * طاب لنا فيها إلى الصبح السهر
شبه السما فيها النخيلات والشمع * عليها كالنجوم قد زهر
كالشهب صعاداتها قد اغتدت * ترجم شيطان الهموم ان خطر
سرت بها الدنيا وقرت عينها * وقد صفا العيش بها بعد الكدر

(١) مرت له ترجمة مجزة في محمد بن علي النعمان في الجزء السادس والأربعين.
(٨١)

أبا نقيب العصر والبحر الذي * يقذف للراجين كفه درر
ويا من الدهر لديه خاضع * يعطيه فيما نهى وما أمر
تهن في عرس حسين الذي * يجلى بنور وجهه قذى النظر
الشيخ نجيب الدين أبو إبراهيم محمد بن نما الحلي
كان من فضلاء عصره يروي عن ابن إدريس ويروي المحقق عن
جعفر بن الحسن الحلي عنه، وله مؤلفات
آقا محمد بن هادي بن محمد صالح بن محمد إسماعيل بن محمد علي ابن آقا
محمد باقر المعروف بالوحيد البهبهاني
توفي في ربيع الثاني ١٣٢٤
له رسالة في الصلح على حق الرجوع في الطلاق في العدة وجدنا
نسختها عند ولده آقا شمس الدين في كرمانشاه وله رسالة في جواز اجتماع
الأمر والنهي في شئ واحد ورسالة في الاجماع ورسالة في التقليد في مجلد
واحد عند ولده المذكور وحاشية على رسائل الشيخ مرتضى موجودة بخطه
عند ولده المذكور.
الشيخ محمد هادي ابن المولى محمد أمين الطهراني النجفي
توفي بالنجف سنة ١٣٢١، له ذخائر النبوة في الخيارات مطبوع
الشيخ محمد هادي ابن الشيخ محمد صالح المازندراني
له كتاب أنوار البلاغة في علم البيان فارسي صنفه باسم حسين علي
خان من رجال الدولة الصفوية وجدت منه نسخ مخطوطة في كرمانشاه
الميرزا محمد هادي بن محمد صالح الشيرازي
له التحفة العلية في الاسرار الهادية في الطب ألفه للشاه حسين
الصفوي
السيد محمد هادي ابن السيد مهدي ابن السيد دلدار علي النقوي الهندي
ولد سنة ١٢٢٨ وتوفي في سن الكهولة. توفي أبوه وهو ابن ثلاث
سنين فتربى في حجر جده ثم عمه. كان من اعلام العلماء ورعا تقيا
زاهدا. قرأ علي عمه السيد حسين ابن دلدار علي ويروي عنه اجازة وعن
عمه الأكبر السيد محمد بإجازة مطبوعة. له مؤلفات ١ كشف الأستار
عهن وجوه الاسرار في الرد على مفتاح الاسرار ٢ رسالة في تحقيق حكم
أرض ذات عرض تسعين فارسية وعليها تقريض عمه السيد حسين
طبعت سنة ١٢٦٥ ٣ السيف القاطع لشبهات المشككين فارسي
٤ ارشاد الموسوسين في تنبيه من ابتلي من الناس بالشك والوسواس
٥ جواب شبهات بعض أهل الكتاب ٦ رسالة في دفع شبهات
مكنائن القسيس.
الشيخ محمد هادي ابن الشيخ احمد النحوي الحلي
توفي سنة ١٢٠٧
كان شاعرا أديبا من شعراء عصر السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي
ومن شعره قوله يرثي السيد مرتضى والد السيد المذكور المتوفي سنة ١٢٠٤
مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه ولده المذكور:
تبت يد الدهر الخئون * كمثل ما تبت يدا
قد هدم الدين الحنيف * وهد أركان الهدى
قد صال في السادات فاخترم * الشريف السيدا
الباذخ النسب الذي * حاز الثريا مصعدا
وعلا على البدر المنير * سنا وفاق الفرقدا
والشامخ الحسب الذي احتقر * المجرة مقعدا
القائم المتنقل * المتبتل المتهجدا
المقتدى ابن المقتدى * ابن المقتدى ابن المقتدى
وهلم حتى تبلغ * الهادي النبي محمدا
قوم قديم فخارهم * يعزى لأحمد مسندا
وحديث مجدهم به * قد جاء مسند أحمدا
راح الذي قد كان ينهى * الضيم ان يتعودا
ويرد كيد الحادثات * إذا تنمر واعتدى
وبه نلوذ من الزومان * إذا تحامل أو عدا
ونخوض تيار الخطوب * إذا طغى أو ازبدا
لله اي مهند * في الترب أصبح مغمدا
من ذا لمعضلة لوجه * منارها لا يهتدى
من ذا لمشكلة بها الفطن * الليب تلددا
يا نازحا عنا على * رغم المكارم والندى
قد غادرت ارزاءه * فينا المقيم المقعدا
مولى تدع بالعلى * وبها تسربل وارتدى
وبها استطال على البرية * سيدا ومسودا
خلق كمثل الروض ألبسه * الحيا تاج الندا
وشمائل لطفت فحاكت * لؤلؤا وزبرجدا
ومكارم انتشرت ففيها * الركب غار وانجدا
ومناقب كثرت فكثرت * العندي والحسدا
ومهابة عظمت فخر * لها الأماثل سجدا
مصداق ذاك سليلة * فله اقتفى وبه اقتدى
بخصاله وفعاله * فالمقتدي كالمقتدى
المرتضى اودى فارخ * قد قضى علم الهدى ١٢٠٤
السيد محمد بن هارون الموسوي النيشابوري
من أجلة علماء الإمامية له كتاب لباب الأنساب في تحقيق الألقاب
والأعقاب ألفه سنة ٥٥٨ باسم نقيب النقباء أبي الحسن علي بن محمد بن
يحيى العلوي مرتضى أمير المؤمنين الخليفة العباسي توجد منه نسخة في
الخزانة الرضوية في المشهد المقدس الرضوي (١)
أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري
يروي النجاشي صاحب الرجال عنه عن أبيه كما صرح به النجاشي
في ترجمة أحمد بن محمد بن الربيع وذكرنا في الكنى في أبو جعفر التلعكبري
احتمال تكنيته بأبي جعفر ويروي عنه أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم

(١) الشجرة الطيبة.
(٨٢)

الطبري الامامي كما في رياض العلماء
أبو عيسى محمد بن هارون الوراق البغدادي
توفي سنة ٢٤٧ بالرملة ذكره المسعودي في مروج الذهب
أقوال العلماء فيه
قال النجاشي: محمد بن هارون أبو عيسى الوراق له: وذكر
مؤلفاته كما يأتي مقتصرا على ذلك وفي معالم العلماء أبو عيسى الوراق
مطعون فيه وقال المسعودي في مروج الذهب انه كان وراقا ببغداد ونقل
المرتضى في كتاب الشافي عن القاضي عبد الجبار من شيوخ المعتزلة أنه قال
في كتاب المغني الذي صنف المرتضى الشافي للرد عليه: واما أبو
عيسى فتمسكه بمذهب الثنوية ظاهر وانه كان عند الحلوة ربما قال بليت
بنصرة أبغض الناس إلي وأعظمهم اقداما على القتال اه قال المرتضى
وكان لا يجوز ذبح الحيوانات واتلاف كل شئ حي كما تقوله الثنوية وصنف
في ذلك كتاب المشرقي وكتاب النوح على البهائم اه قال المرتضى فاما
أبو عيسى الوراق فان التثنيبة مما رماه بها المعتزلة وتقدمهم في قذفه بها ابن
الرواندي لعداوة كانت بينهما وكانت شبهته في ذلك وشبهة غيره تأكيد أبي
عيسى لمقالة الثنوية في كتابه المعروف بالمقالات واطنابه في ذكر شبهتهم وهذا
القدر إن كان عندهم دالا على الاعتقاد فليستعملوه في الجاحظ وغيره ممن
اكد لقدمات المبطلين ومحصها وهذبها فاما الكتاب المعروف بالمشرقي وكتاب
النوح على البهائم فهما مدفوعان عنه وما يبعد ان يكون بعض الثنوية عملهما
على لسانه لان من شانه من يعرف ببعض المذاهب ان يضاف إليه ما يدخل
في نصرتها الكثير وليس لنا ان نضيف مثل هذه المذاهب القبيحة إلى من لم
يكن متظاهرا بها ولا مجاهرا باعتقادها وان لم يكن يتبرأ منه أهلها لان الدين
يحجز عن ذلك ويمنع منه ولا نعمل الا على الظاهر اه. وذكر
المسعودي قي مروج الذهب خبر عمرو بن عبيد مع هشام بن الحكم في
الإمامة وقول هشام له لم خلق الله لك عينين؟ قالا لأنظر بهما إلى ما خلق
الله من السماوات والأرض وغيرها فيكون ذلك لي دليلا عليه، قال فلم
خلق لك سمعا؟ قال لاسمع به التحليل والتحريم والامر والنهي
قال فلم خلق لك قلبا؟ قال لتكون هذه الحواس مؤدية إليه فيكون مميزا
بين منافعها ومضارها. قال فكان يجوز ان يخلق لله سائر حواسك ولا يخلق
لك قلبا تؤدي هذه الحواس إليه قال لا قال ولم؟ قال لان القلب باعث
لهذه الحواس على ما يصلح لها فلم لم يخلق الله فيها انبعاثا من نفسها
استحال ان لا يخلق لها باعثا يبعثها على ما خلقت له قال فإذا كانت الحواس
لا تنبعث على ما خلقت له الا يخلق القلب فيكون هو الباعث لها على ما
تفعله والمميز لها بين مضارها ومنافعها فكذلك الخلق لا ينبعثون على ما
خلقوا له من الطاعة وترك المعصية الا بامام منصوب من الله يبعثهم
على ذلك فوجب اتن ينصب لهم إماما كما وجب ان يخلق لسائر الحواس قلبا
ويكون الامام من الخلق بمنزلة القلب من سائر الحواس إذ كانت الحواس
راجعة إلى القلب لا إلى غيره ويكون سائر الخلق راجعة إلى الامام لا إلى
غيره، فلم يأت عمرو بفرق يعرف. قال المسعودي وهذا الذي حكيناه
ذكره أبو عيسى محمد بن هارون الوراق ببغداد في كتابه المعروف بكتاب
المجالس اه وفي فهرست ابن النديم عد جماعة من رؤساء المتكلمين
الذين يظهرون الاسلام ويبطنون الزندقة ثم قال وممن تشهر أخيرا أبو عيسى
الوراق اه وقال بعض الفضلاء ان الوراق في كتاب الإمامة والسقيفة
موافق لعقيدة الاكامية وأثبت النص الجلي على امامة أمير المؤمنين علي ع
وأثبت امامة أمير المؤمنين بالدلائل العقلية فلهذا عاداه المعتزلة
وغيرهم وقال المفيد في الافصاح ان الوراق في كتاب السقيفة لم يدع نكتة الا
أظهرها وبين فساد أقوال المخالفين وأوضحها ايضاحا شافيا.
مؤلفاته
قال النجاشي له: ١ كتاب الإمامة ٢ كتاب السقيفة ٣
كتاب الحكم على سورة لم يكن ٤ كاختلاف الشيعة والمقالات اه
٥ المجالس نسبه إليه في مروج الذهب ثم قال: له مصنفات كثيرة منها
كتابه في المقالات في الإمامة وغيرها من النظر اه ٦ المشرقي ٧
النوح على البهائم وقد مر عن المرتضى انه لم يثبت كونهما من تاليفه ولم
يستبعد ان بعض الثنوية ألفهما ونسبهما إليه، وذكر ابن النديم في الفهرست
والشيخ الطوسي في فهرسته من مؤلفات الحسن بن موسى النوبختي كتاب
نقض كتاب أبي عيسى في الغريب المشرقي والمراد به هذا الكتاب، وفي
رجال النجاشي نسب إلى أبي محمد الحسن بن موسى كتاب الرد على أهل
التعجيز، قال: وهو نقض كتاب أبي عيسى الوراق والظاهر أنه هذا
الكتاب ٨ كتاب في الرد على الفرق الثلاث من النصارى ذكره الأستاذ
ماسينيون في كتابه خلاصة النصوص صفحة ١٨٢ و ١٨٣ وقال إن يحيى بن
عدي الفيلسوف العيسوي المعروف رد عليه ورده باق ويحيى اورد تمام
كتاب أبو عيسى في تاليفه جزأ جزأ، ذكر ذلك الميرزا عباس اقبال
الآشتياني في كتابه خاندان نوبختي. وكتاب السقيفة كان عند الشيخ
المفيد ووصفه مرارا وهو قريب مائتي ورقة وكتاب المقالات هو أشهر كتب
الوراق يذكر فيه تاريخ الملل والنحل وشرح آراء وعقائد الفرق المختلفة وهو
من أشهر الكتب القديمة وأكثرها اعتبارا في هذا الموضوع ينقل عنه
المسعودي وأبو الحسن الأشعري وأبو الريحان البيروني والسيد المرتضى
والشهرستاني وعبد القاهر البغدادي وابن أبي الحديد
أبو جعفر محمد بن هارون الكلبي
في لسان الميزان في ترجمة الحسن بن علي بن صالح بن سعيد الجوهري
انه أحد علماء الشيعة الإمامية.
السيد الأمير محمد هاشم الجهارسوقي الأصفهاني ابن الأمير زين العابدين
الخونساري.
توفي بالنجف سنة ١٣١٨
كان من أجلاء العلماء له حاشية على رياض المسائل وله الفوائد
الرجالية يروي عنه بالإجازة الشيخ ملا فتح الله المعروف بشريعتمدار
الأصفهاني.
السيد محمد هاشم البهباني النجفي
له زبدة الاسرار وخلاصة الاذكار في علم الحروف والطلسمات
والدعوات وله البصائر الناصرية وغيره.
أبو بكر محمد بن هاشم بن وعلة الخالدي الكبير أحد الخالدين والآخر
اخوه أبو عثمان سعيد
توفي حدود ٣٨٦ في حلب
(٨٣)

والخالدي نسبة إلى الخالدية قرية من قرى الموصل له ديوان
المراثي وشارك أخاه الخالدي الصغير أبا عثمان سعيد في ديوانه وقيل إنه
شاركه في كتاب الحماسة، ومدح الخالديان الشريف أبا الحسن محمد بن
عمر العلوي الزبدي فأبطأت عنهما جائزته فارسلا إليه قصيدة مضمون
أولها انه ان لم يأتنا عطاؤنا:
لنشاركن بني أميته * في الضلال المشتهر
ونرى معاوية إماما * من يخالفه كفر
ونقول ان يزيد ما * قتل الحسين ولا أمر
ونعد طلحة والزبير * من الميامين الغرر
ويكون في عنق العشريف * دخول عبديه سفر
ومن شعر المترجم ورواه الثعالبي للسري الرفا:
وأخ رخصت عليه حتى ملني * والشئ مملول إذا ما يرخص
يا ليته إذ باع ودي باعه * فيمن يزيد عليه لا من ينقص
ما في زمانك ما يعز وجوده * ان رمته الا صديق مخلص
وقال أيضا:
وأخ جفا ظلما ومل وطالما * فقت الأنام مودة وذماما
فسلوت عنه وقلت ليس بمنكر * للدهر ان جعل الكرام لئاما
فالخمر روح الروح ربتما غدت * خلال وكانت قبل ذاك مداما
ومن شعره:
ان خانك الدهر فكن عائذا * بالبيض والظلماء والعيس
ولا تكن رب المكنى فالمنى * رؤوس أموال المفاليس
وقال:
لو أشرقت لم شمس ذاك الهودج * لأرتك سالفتي غزال أدعج
ارعى النجوم كأنها في أفقها * زهر الأقاحي في رياض بنفسج
والمشتري وسط السماء تخاله * وسناه مثل الزئبق المترجرج
مسمار تبر أصفر ركبته * في فص خاتم فضة فيروزج
وتمايل الجوزاء يحكي في الدجى * ميلان شارب قهوة لم تمزج
وتنقبت بتخفيف غيم أبيض * هي فيه بين تحفز وتبرج
كتفرس الحسناء في المرآة إذ * كمحاسنها ولم تتزوج
وله:
حور رحلن وقد جعلن وداعنا * بمدامع نطقت ونحن سكوت
فعيونها سبج ونثر دموعها * درر وحمر خدودها ياقوت
وقال في رثاء الحسين:
يا بؤس للدهر غال آل رسول الله * تجتاحهم جوائحه
إذا تفكرت في مصابهم * أثقب زند الهموم قادحه
بعضهم قربت مصارعه * وبعضهم بعدت مطارحه
أظلم في كربلاء يومهم * ثم تجلى وهم روائحه
لا برح الغيث كل شارقة * تهمي غواديه أو روائحه
على ثرى حله غريب رسول * الله مجروحة جوارحه
ذل حماه وقل ناصره * ونال اقصى مناه كماشحه
يا شيع الغي والضلال ومن * كلهم جمة فضائحه
عفرتم بالثرى جبين فتى * جبريل بعد الرسول ماسحه
يطل ما بينكم دم ابن رسول * الله وابن السفاح سافحه
سيان عند الاله كلكم * خاذله منكم وذابحه
وللخالدين كتاب التحف والهدايا يظهر انهما ألفاه بالاشتراك ذكره
الكفعمي في مجموع الغرائب ونقل عنه كتاب ملك الهند إلى المأمون وهديته
العظيمة له وجواب المأمون له وهديته العظمى أيضا.
السيد محمد هاشم بن زين العابدين الأصبهاني
توفي سنة ١٣١٨ بالنجف
كان عالما فاضلا محققا متبحرا يري عنه بالإجازة السيد حسن آل
صدر الدين العاملي الكاظمي.
السيد محمد ابن السيد هاشم ابن السيد محيسن بن علي بن الحسين العلوي
الشرموطي النجفي
توفي في حدود سنة ١٣٠٧
كان من الأفاضل الأجلاء طويل الباع في غالب الفنون لا سيما في
الرياضيات وكان في غاية الفقر. له تبصرة المنجمين لانتفاع المؤمنين شرح
عربي على الزيج الجديد للميرزا الشهيد ألغ بك محمد بن شاة رخ وهو من
أحين الزيجات ذكر في كشف الظنون تعريبه والشرح عليه.
محمد هاشم بن محمد طاهر الطبيب الطهراني
له التحفة السليمانية في خواص بعض الأشياء كتبه باسم الشاة
سليمان الصفوي
السيد محمد هاشم بن المير محمد حسين التنكابني
توفي بقزوين سنة ١٢٦٢
له مؤلف في الفقه الاستدلالي
السيد محمد هاشم المعروف بسيد علوي خان والمخاطب بحكيم معتمد
الملوك ابن الحكيم محمد هادي
له قرابادين في الطب
السيد محمد الهندي ابن السيد هاشم ابن مير شجاعت علي الموسوي
الرضوي الشهير بالهندي النجفي وعرف بالهندي لان جده قدم من الهند من
لكهنوء فسكن النجف
ولد سنة ١٢٤٢ وتوفي آخر شعبان سنة ١٣٢٣ ودفن في داره بالنجف
وقد تجاوز الثمانين وأضر في آخر عمره. وامه بنت السيد حسين ابن
السيد أبي الحسن موسى الحسيني العاملي والسيد حسين هذا أخو جد والد
المؤلف لأبيه وكان المترجم صهر صاحب الجواهر على ابنته. قرأ على
الشيخ محسن خنفر وغيره وعمدة تلمذه في الفقه على الشيخ محسن ثم بعد
وفاته على الشيخ مرتضى الأنصاري وله منه اجازة وكان شريك الشيخ محمد
طه ابن نجف الفقيه الشهير في القراءة على الشيخ محسن. وكان علامة
فقيها أصوليا رجاليا جامعا لشوارد العلوم رأيته في النجف وكان إماما
للجماعة فيه مدة ثم هاجر إلى سامراء وتوطنها مدة ثم رجع إلى النجف. له
(٨٤)

من المؤلفات ١ اللئالئ الناظمة للأحكام اللازمة لم يستقص فيه
المستحبات بخلاف الواجبات وهو متن في الفقه كله ٢ شوارع الاعلام
إلى شرائع الاسلام بوجه بين الايجاز والاطناب خرج منه العبادات وأكثر
المعاملات في اثني عشر مجلدا ٣ نظم اللآل في علم الرجال في مجلدين
رأيته بخطه ونقلت منه أشياء وقد ترجم فيه نفسه ونقلنا جملة من هذه
الترجمة منه ٤ الصراط المستقيم شرح المنهج القويم والأصل له أيضا
٥ حقائق الأصول في أصول الفقه مجلدان ٦ الدرر المنثورة والكنوز
المستورة فيه عمدة أصول الفقه غير مرتب وفيه من الرجال وغيره بعض
المسائل ٦ مختصر العيون الغامزة على خبايا الرامزة في العروض والعيون
للدماميني والرامزة للخزرجي ٧ السبيكة الذهبية في الأعاريض
العربية ٨ حاشية على رسائل الشيخ مرتضى وعليها حواش بخط
الشيخ مرتضى ٩ الأضواء المزيلة للشبه الجليلة ١٠ تقريرات بحث
أستاذه الشيخ محسن ١١ تقريرات بحث أستاذه الشيخ مرتضى وتعليق
عليها وعليه حواش بخط الشيخ مرتضى ١٢ مختصر مرايم سلار ١٣
فوائد متفرقة مجلد ١٤ تقرير بحقه لجماعة من تلاميذه في الوكالة ١٥
تقرير بحث الميرزا الشيرازي في الجبائر ١٦ مباحث أصولية ١٧
تقرير بحثه في طهارة الجواهر ١٨ تقرير بحث الميرزا الشيرازي في الخلل
الواقع في الصلاة ١٩ رسالة في الدماء ٢٠ فوائد مفترقة فقهية
٢١ رسالة في المقادير الشرعية ٢٢ تقرير بحث السيد حسين الترك في
جملة من أبواب الفقه ٢٣ رسالة عملية ٢٤ كتاب
القضاء ٢٥ تقرير بحث الميرزا الشيرازي ٢٦ متفرقات ملتقطة
من عدة كتب في العقائد وعلم القراءة وغيرها ٢٧ تقرير بحث الميرزا
الشيرازي في جملة من أبواب الفقه غير ما تقدم ٢٨ فوائد متفرقة في
الفقه والأصول ٢٩ مختصر شرح الأسباب في الطب ٣٠ تقرير
بحث السيد حسين الترك في الصلاة من الأذان إلى جملة من مسائل الفقه
غير ما تقدم ٣١ مطالب رجالية منتخبة من رجال بحر العلوم ٣٢
غاية الايجاز في الفقه ٣٣ الكشكول ١٩ مجلدا.
محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأندلسي أبو القاسم أو أبو الحسن من
ولد يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي أو من ولد
أخيه روح بن حاتم
ولد بقرية سكون من قرى مدينة إشبيلية سنة ٣٢٠ أو ٣٢٦ وقتل في
رجب سنة ٣٦٢ وقيل ٣٦١ والأول أصح وعمره ٣٦ سنة وقيل ٤٢
كان أبوه هانئ من قرية المهدي بإفريقية وكان أيضا شاعرا أديبا
فانتقل إلى الأندلس فولد له محمد المذكور بمدينة إشبيلية ونشأ بها واشتغل
وحصل له حظ وافر من الأدب وعمل الشعر ومهر فيه وكان حافظا لاشعار
العرب واخبارهم وكان أكثر تأدبه بدرا العلم في قرطبة ثم استوطن أبوه
البيرة ولذلك يقال له الإلبيري أيضا وكان مع مهارته في الشعر عارفا بعلوم
اخر لا سيما علم الهيئة كما يظهر من قصيدته الفائية، وكان له حذق ثاقب
في فك المعمى قاله لسان الدين ابن الخطيب. وأول من اتصل به من أهل
الدولة صاحب إشبيلية فأعزه الملك وأكرمه وصار عنده ذا مكان ومنزلة وأقام
معه زمانا وسبب مفارقته إياه ان أهل إشبيلية نقموا على الملك وأساؤوا
القول فيه لاقامته عنده لأنه كان معتقدا بامامة الخلفاء الفاطميين بالمغرب
واتهمه الناس بمذهب الفلاسفة حتى هموا بقتله فأشار عليه الملك بالغيبة عن
البلدة مدة ينسى فيها خبره فانفصل عنها وعمره يومئذ نحو ٢٧ عاما ولا
توجد في ديوانه قصيدة في مدح صاحب إشبيلية مع أنه أقام عنده زمانا
والسبب في ذلك ان شعره اشتهر في الغربة في بلاد المغرب ولم يشتهر في
وطنه بل بعد خروجه من الأندلس كما هو حال أكثر الفضلاء وقديما قالوا:
ليس لنبي كرامة في وطنه. فخرج إلى عدوة المغرب ولقي القائد جوهرا مولى
المنصور بالله العبيدي فامتدحه فأعطاه مائتي درهم فاستقلها وسال عن كريم
يمدحه فقيل له عليك بأحد الجعفرين جعفر بن فلاح أو جعفر بن علي بن
حمدون المعروف بابن الأندلسية وكان جعفر بن علي بالمسيلة وهي مدينة
الزاب واليا عليها مع أخيه يحيى الذي كان معاونا له حتى قيل إنهما كانا
والييها قاله لسان الدين بن الخطيب فقصدهما ومدحهما بقصائد في ديوانه
فبالغا في اكرامه والاحسان إليه وسارت أشعاره فيهما فلم يزل عندهما في
ارغد عيش وأعز جانب إلى أن نمي خبره إلى المعز لدين الله فطلبه منهما
فوجهاه إلى القيروان في جملة طرف وتحف بعثا بها إليه كان أبو القاسم
أفضلها عنده * فأقام عند المعز
إلى أن قتل واما جعفر بن فلاح فلا يوجد في مدحه في الديوان الا
بيتان. ويظهر من بعض قصائده انه تحمل المشاق واقتحم الأهوال في
ارتحاله إلى المعز لان بني أمية منعوه من الوصول إليه ولم يرضوا ان يزوره
ويمدحه فاضطر إلى مدافعتهم ومحاربتهم كما يشير إليه بقوله:
دعاني لكم ود فلبث عزائمي * وعنسي وليلى والنجوم الشوابك
ولو علقته من أمية أحبل * لجب سنام من بني الشعر تامك
ولما التقت أسيافها ورماحها * شراعا وقد سدت علي المسالك
أجزت عليها عابرا وتكرتها * كان المنايا تحت جنبي ارائك
وما نقموا الا قديم تشيعي * فنجى هزبرا شده المتدارك
ولما انتهى إلى المعز امتدحه بغرر المدايح وعيون الشعر فبالغ المعز في
الإنعام عليه فأقام عنده وهو منعم مكرم إلى أن ارتحل المعز إلى مصر والحظ
الذي حصل له عند المعز أجل من أن يوصف ولم يكن هناك ممدوح أعز
شاعره كما أعز المعز ابن هانئ وكان يفضله على سائر الشعراء الذين كانوا
عنده كما قال:
فما تكامل من قبلي لمرتقب * إذنا ولا لخطيب ما تكامل لي
ولما أنشده بالقيروان قصيدته التي أولها:
هل من اعقة عالج يبرين * أم منهما بقر الظباء العين
أمد له بدست قيمته ستة آلاف دينار فقال له يا أمير المؤمنين ما لي
موضع يسع الدست إذا بسط فامر له ببناء قصر فغرم عليه ستة آلاف دينار
وحمل إليه آلة تشاكل القصر والدست قيمتها ثلاثة آلاف دينار ولما بلغه خبر
وفاته وهو بمصر تأسف عليه كثيرا وقال هذا الرجل كنا نرجو ان نفاخر به
شعراء المشرق فلم يقدر لنا ذلك.
أقوال العلماء فيه
قال الوزير محمد لسان الدين بن الخطيب: كان ابن هانئ من فحول
الشعراء وأمثال النظم وبرهان البلاغة لا يدرك شاوه ولا يشق غباره مع
المشاركة في العلوم والنفوذ في فك المعمى وجرى ذكره في تلخيص الذهب
من تاليفنا بما نصه: العقاب الكاسرة والصمصامة الباترة والشوارد التي
تهادتها الآفاق والغايات التي عجز عنها السباق وقال ابن خلكان: انه لم
(٨٥)

يكن في شعراء المغرب من هو في طبقة ابن هانئ لا من متقدميهم ولا
متأخريهم بل هو أشعرهم على الاطلاق وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة.
ويقول الذهبي صاحب تاريخ الاسلام: ليس يلحقه أحد في الشعر من
أهل الأندلس وهو نظير المتنبي.
وقد ترجم المستشرق فان كريمر بعض أشعاره إلى الألمانية وقال عنه:
قوة البيان وكثرة التمثيلات وجودة الألفاظ التي لا يكاد يقدر عليها من
الشعراء الا القليل هي الأوصاف التي نشرت صيته ورفعت ذكره فلذلك
سمته المغاربة متنبي الغرب فلا شبهة في كونه مستحقا لذلك اللقب، وقال
أبو الوليد الشقندي: هل منكم الذي طار في مشارق الأرض ومغاربها قوله
وهو أبو القاسم محمد بن هانئ الإلبيري. وقال الحميدي: محمد بن هانئ
شاعر أندلسي كثير الشعر محسن مجود الا ان قعقعة الألفاظ أغلب على
شعره. وقال محمد بن عبد الله ابن أبي بكر القضاعي البلسي المعروف بابن
الأبار: هو وأبو عمرو بن دراج القسطلي نظيران لحبيب والمتنبي فشبهه بأبي
تمام. وقال الفتح بن خاقان في قلائد العقيان. هو علق خطير وروض أدب
مطير غاص في طلب الغريب حتى اخرج دره المكنون وبهرج بافتتانه فيه كل
الفنون وله نظم تتمنى الثريا ان تتوج به وتقلد ويود البدر ان يكتب فيه ما
اخترع وولد.
قتله والسبب فيه
قال ابن الأثير: بينما كان يسير متوجها إلى مصر وهو صحبة المعز إذ
وجد مقتولا بجانب البحر. وقال ابن خلكان: لما توجه المعز إلى الديار
المصرية شيعه ابن هانئ ورجع إلى المغرب لاخذ عياله والالتحاق به فتجهز
وتبعه ولما وصل إلى برقة أضافه شخص من أهلها فأقام عنده في مجلس
الأنس فيقال انهم عربدوا عليه فقتلوه وقيل خرج من تلك الدار وهو
سكران فنام في الطريق وأصبح ميتا ولم يعرف سبب موته وقيل إنه وجد في
سانية من سواني برقة مخنوقا بتكة سراويله وكان ذلك بكرة الأربعاء لسبع
ليال بقيت من رجب سنة ٣٦٢ كما وجدته في كتاب لطيف لأبي علي
الحسن بن رشيق القيرواني. وقال لسان الدين ابن الخطيب انه لما توجه إلى
مصر شرب ببرقة وسكر ونام عريانا وكان البرد شديدا ففلج وقال شارح
ديوانه الدكتور زاهد علي الهندي المعاصر: الأغلب ان قول ابن خلكان من
قتله مخنوقا بتكة سراويله في سانية من سواني برقة هو الصواب وهو الذي
اتفق عليه ابن الأثير وأبو الفداء وابن خلدون ويؤيده ان بني أمية كانوا من
أعدائه وانهم بذلوا ما في وسعهم واستفرغوا مجهودهم في منعهم إياه عن
الوصول إلى المعز فلا يبعد ان يكون بعضهم قد استعمل الحيلة في قتله
بانزاله معه ضيفا وفتكه به قال ابن الأثير في الكامل ان المعز سار من إفريقية
يريد الديار المصرية وكان أول مسيره أواخر شوال سنة ٣٦١ وكان أول
رحيله من المنصورية فأقام بسردانية قرية قريبة من القيروان ولحقه بها رجاله
وعماله وأهل بيته واستعمل العمال على بلاد إفريقية فأقام بسردانية أربعة
أشهر حتى فرع من جميع ما يريد ثم رحل عنها فلما وصل إلى برقة ومعه
محمد بن هانئ قتل غيلة فرئي ملقى على جانب البحر قتيلا لا يدري من
قتله وكان قتله أواخر رجب سنة ٣٦٢ اه ومن ذلك رجحنا ان قتله
سنة ٦٢ لا سنة ٦١ إما قتله في صحبة المعز أو في أثناء رجوعه عنه لاخذ
عياله ففيه خلاف والذي صوبه شارح ديوانه انه ودع المعز ورجع إلى المغرب
لاخذ عياله والالتحاق به فتجهز وتبعه فقتل ببرقة في مسيره إلى المعز يدل
على ذلك عنفوان بعض قصائده وهو هكذا في جميع النسخ: وقال يمدح
المعز وبعث بها إليه بالقاهرة والناظم بالمغرب:
أصاخت فقالت وقع اجرد شيظم * وشامت فقالت لمع أبيض مخذم
وهي تشتمل على أشد التهديد وأكبر الوعيد لبني أمية بالأندلس ولبني
العباس ببغداد وقد وصف ضعف خلفائهم وغفلتهم عن تدبير بلادهم
واهمالهم لضبط أمورها وغضبهم لحقوق بني فاطمة كما ابن قوة الخلافة
الفاطمية واستفحال امرها وتوسع دائرتها يوما فيوما بفتح البلاد العظيمة
كمصر والشام فيظن ان هذه القصيدة لما شاعت شقت على اضداد الخلافة
الفاطمية وساءتهم فأغرتهم بقتله وحرضتهم على الفتك به
تصريحه بالتشيع في شعره
وما نقموا الا قديم تشيعي * فنجى هزيرا شده المتدارك
نصحت الإمام الحق لما عرفته * وما النصح الا ان يكون التشيع
لي صارم وهو شيعي كحامله * يكاد يسبق كراتي إلى البطل
إذا العز معز الدين سلطه * لم يرتقب بالمنايا مدة الاجل
وله في القصيدة التي أولها:
تقول بنو العباس فتحت مصر * فقل لبني العباس قد قضي الامر
وقد جاوز الإسكندرية جوهر * تطالعه البشرى ويقدمه النصر
يقول فيها:
فكل امامي يجئ كأنما * على خده الشعري وفي وجهه البدر
وهو القائل في إحدى قصائده: وهل رأيت أديبا غير شيعي
شعره
من قصائد ابن هانئ الجامعة بين الطول وغاية الجودة والدلالة على
التشيع قصيدته الميمية التي يمدح فيها المعز لدين الله الفاطمي وهي آخر
قصائده بعث بها إليه بالقاهرة والناظم بالمغرب وهي مائتا بيت كاملة كلها
غرر وننتخب منها أبياتا نثبتها هنا فمنها:
يعز على الحسناء ان أطأ القنا * واعثر في ذيل الخميس العرموم
وبين حصى الياقوت لبات خائف * حبيب إليه لو توسد معصمي
ومما شجاني في العلاقة انني * شربت زعافا قاتلا لذ في فمي
رميت بسهم لم يصب وأصابني * فألقيت قوسي عن يدي وأسهمي
فلو انني أستطيع أثقلت خدرها * بما فوق رايات المعز من الدم
لها العذبات الحمر تهفو كأنها * حواشي بروق أو ذوائب أنجم
يقدمها للطعن كل شمردل * على كل خوار العنان مطهم
ومتصل بين الاله وبينه * ممر من الأسباب لم يتصرم
مقلد مضاء من الحق صارم * ووارث مسطور من الآي محكم
امام هدى ما التف ثوب نبوة * على ابن نبي منه بالله اعلم
ولا بسطت أيدي العفاة بنانها * إلى أريحي منه اندى وأكرم
وأنت بدأت الصفح عن كل مذنب * وأنت سننت العفو عن كل مجرم
قصاراك ملك الأرض لا ما يرونه * من الحظ فيها والنصيب المعشم
(٨٦)

ولا بد من تلك التي تجمع الورى * على لا حب يهدي إلى الحق أقوم
فقد سئمت بيض الظبا من جفونها * وكانت متى تالف سوى الهام تسام
وقد غضبت للدين باسط كفه * إليهن في الآفاق كالمتظلم
وللعرب العرباء ذلت خدودها * وللفترة العمياء في الزمن العمي
وللعز في مصر يرد سريره * إلى ناعب بالبين ينعق أسحم (١)
وللملك في بغداد ان رد حكمه * إلى عضد في غير كف ومعصم
سوام رتاع بين جهل وحيرة * وملك مضاع بين ترك وديلم
كان قد كشف الامر عن شبهاته * فلم يضطهد حق ولم يتهضم
وفاض وما مد الفرات ولم يجز * لوارده طهر بغير تيمم
فلا حملت فرسان حرب جيادها * إذا لم تزرهم من كميت وأدهم
ولا عذب الماء القراح لشارب * وفي الأرض مروانية غير أيم
الا ان يوما هاشميا أضلهم * يطير فراش الهام عن كل مجثم
كيوم يزيد والسبايا طريدة * على كل موار الملاط عثمثم
وقد غصت البداء بالعيس فوقها * كرائم أبناء النبي المكرم
فما في حريم بعدها من تحرج * ولا هتك ستر بعدها بمحرم
فان يتخرم خير سبطي محمد * فان ولي الثار لم يتخرم
أ لا سائلوا عنه البتول فتخبروا * أكانت له إما وكان لها ابنم
واولى بوم من أمية كلها * وان جل أمر عن سلام ولرم
أناس هم الداء الدفين الذي سر * إلى رمم بالطف منكم وأعظم
هم قدحوا تلك الزناد التي ورت * ولو لم تشب النار لم تتضرم
وهم رشحوا تيما لارث نبيهم * وما كان تيمي إليه بمنتمي
على اي حكم الله إذ يأفكونه * أحل هلم تقديم غير المقدم
وفي اي دين الوحي والمصطفى له * سقوا آله ممزوج صاب بعلقم
ولكن أمرا كان ابرم بينهم * وان قال قوم فتلة غير مبرم
بأسياف ذاك البغي أول سلها * أصيب علي لا بسيف ابن ملجم
وبالحقد حقد الجاهلية انه * إلى الآن لم يظعن ولم يتصرم
وبالثار في بدر أريقت دماؤكم * وقيد إليكم كل اجرد صلدم
ويأبى لكم من أن يطل نجيعها * فتو غضاب من كمي ومعلم
قليل لقاء البيض الا من الظبا * قليل شراب الكاس الا من الدم
سبقتم إلى المجد القديم باسره * ويؤتم بعادي على الدهر أقدم
إذا ما بنا شاده الله وحده * تهدمت الدنيا ولم يتهدم
بكم عز ما بين البقيع ويثرب * ونسك ما بين الحطيم وزمزم
فلا برحت تترى عليكم من الورى * صلاة مصل أو سلام مسلم
وأقسم اني فيك وحدي لشيعة * وكنت أبر القائلين بمقسم
وعندي على ناي المزار وبعده * قصائد تشرى كالجمان المنظم
إذا أشامت كانت لبانة معرق * وان أعرقت كانت لبانة مشئم
وكان ابن هانئ معاصرا للمتنبي وفي الديوان انه كتب إلى رجل زعم أنه
لقي أبا الطيب المتنبي وقرأ عليه شعره فسأله أبو القاسم عارية الكتاب
فاعاره إياه ثم أساء المعاملة في تقاضيه اه وفي هذه القصيدة مدح وثناء
على المتنبي مما دل على انصاف ابن هانئ وذم لهم بأنهم لم يفهموا شعره
وهذا منتخبها:
تنبأ المتنبي فيكم أعصرا * ولو رأى رأيكم في شعره كفرا
مهلا فلا المتنبي بالنبي ولا * أعد أمثاله في مثله السورا
تهتم علينا بمرآه وعلكم * لم تدركوا منه لا عينا ولا اثرا
هذا على انكم لم تنصفوه ولا * أورثتموه حميد الذكر ان ذكرا
ويلمه شاعرا أخملتموه ولم * نعلم له عندنا قدرا ولا خطرا
فقد حملتم عليه في قصائده * ما يضحك الثقلين الجن والبشرا
صحفتم اللفظ والمعنى عليه معا * في حاله وزعمتم انه حصرا
فلو يصيخ إليكم سمع قائله * ما بات يعمل في تحبيره الفكرا
أريتموني مثالا من روايتكم * كالأعجمي اتى لا يفصح الخبرا
أصم وأعمى ولكني سهرت له * حتى رددت إليه السمع والبصرا
كانت معانيه ليلا فامتعضت له * حتى إذا ما بهرن الشمس والقمرا
ضجرتم واتانا من ملامكم * ومن معاريضكم ما يشبه الضجرا
فلو رأى ما دهاني من كتابكم * وما دهى شعره منكم لما شهرا
أعرتموني نفيسا منه في أدم * فمن لكم ان تعاروا البحث والنظر
ويقال ان المتنبي كان يريد الذهاب إلى المغرب فلما سمع قول ابن
هانئ:
تقدم خطى أو تأخر خطى * فان الشباب مشى القهقرى
رجع وقال سد علينا ابن هانئ طريق المغرب وليست هذه القصيدة
في ديوانه
وقال يمدح المعر ويصف انتصاراته على الروم في البر والبحر:
ما أنس لا أنس اجفال الحجيج بنا * والراقصات من المهرية القود
ذا موقف الصبر من مرمى الجمار ومن * مشاخب البدن قفرا غير معهود
وموقف الفتيات الناسكات ضحى * يعثرن في صبرات الفتية الصيد
يحرمن في الربط من مثنى وواحدة * وليس يحرمن الا في المواعيد
ذوات نبل ضعاف وهي قاتلة * وقد يصيب كميا سهم رعديد
قد كنت قناصلها أيام أذعرها * غيد السوالف في أيامي الغيد
لا مثل وجدي بريعان الشباب وقد * رأيت املود غصني غير املود
ورابني لون رأسي انه اختلفت * فيه الغمائم من بيض ومن سود
في الله تصديق ما في النفس من أمل * وفي المعز الباس والجود
وكان منقذ نفسي من عمايتها * فقلت فيه بعلم لا بتقليد
هادي رشاد وبرهان وموعظة * وبينات وتوفيق وتسديد
قد حاكمته ملوك الروم في لجب * وكان الله حكم غير مردود
إذ لا ترى هبرزيا غير منعفر * منهم ولا جاثليقا غير مصفود
هذموا قناك وقد ثارت أسنتها * فما تركن وريدا غير مررود
حويت اسلابهم من كل ذي شطب * ماض ومطرد الكعبين املود
وكل درع دلاص المتن سابغة * تطرى على كل ضافي النسج مسرود
سود الغدائر في بيض الأسنة في * حمر الأنابيب من ردع وتجسيد
لو كان للروم علم بالذي لقيت * ما هنئت أم بطريق بمولود
كأنما بادرت منها سلوكهم * مصارع القتل أو جاءوا لموعود
القى الدمستق بالصلبان حين رأى * ما انزل الله من نصر وتأييد
فقل له حال من دون الخليج قنا * سمر وأذرع ابطال مناجيد
أعيا عليه أ يرجو أم يخاف وقد * رآك تنجز من وعد وتوعيد

(١) كأنه يشير إلى كافور الأخشيدي.
(٨٧)

حميته البر والبحر الفضاء معا * فما يمر بباب غير مسدود
قد كانت الروم محذروا كتائبها * تدني البلاد على شحط وتبعيد
حل الذي احكموه في العزائم من * عقد وما جربوه في المكائيد
وشاغبوا اليم ألفي حجة كملا * وهم فوارس قارياته السود
فاليوم قد طمست فيه مسالكهم * من كل لأحب نهج الفلك مقصود
هيهات راعهم في كل معترك * ملك الملوك وصنديد الصناديد
ذو هيبة تتقى من غير بائقة * وحكمه تجتنى من غير تعقيد
من معشر تسع الدنيا نفوسهم * والناس ما بين تضييق وتنكيد
أولئك الناس ان عدوا بأجمعهم * ومن سواهم فلغوا غير معدود
والفرق بين الورى جمعا وبينهم * كالفرق ما بين معدوم وموجود
كان حلمك ارسى الأرض أو عقدت * به نواصي ذرى اعلامها القود
وأنت سيرت ما في الجود من مثل * باق ومن اثر في الناس محمود
وقال يصف أوضاع البلاد الاسلامية قبل نهضة الفاطميين:
أسفي على الأحرار قل حفاظهم * لو كان يجدي الحر ان يتأسفا
يا ويلكم أ فما لكم من صارخ * الا بثغر ضاع أو دين عفا
فمدينة من بعد أخرى تستبى * وطريقة من بعد أخرى تقتفى
حتى لقد رجفت ديار ربيعة * وتزلزلت ارض العراق تخوفا
والشام قد اودى وأودى أهله * الا قليلا والحجاز على شفا
فتربصوا فالله منجز وعده * قد آن للظلماء ان تتكشفا
وقال يمدح المعز وهي أول ما أنشده بالقيروان:
هل من أعقة عالج يبرين * أم منهما بقر الحدوج العين
المشرقات كأنهن كواكب * والناعمات كأنهن غصون
أدمي لها المرجان صفحة خده * وبكى عليها اللؤلؤ المكنون
بانوا سراعا للهوادج زفرة * مما رأين وللمطي حنين
ما ذا على حلل الشقيق لو أنها * عن لابسيها في الخدود تبين
لا يبعدن إذ العبير لو ثرى * والبان أيك والشموس قطين
أيام فيه العقري منوف * والسابري مضاعف موضون
والزاعبية شرع والمشرفية * لمع والمقربات صفون
والعهد من لمياء إذ لا قومها * خزر ولا الحرب الزبون زبون
عهدي بذاك الجو وهو اسنة * وكناس ذاك الخشف وهو عرين
هل يدنيني منه اجرد سابح * مرح وجائلة النسوع امون
منها في المعز:
تالله لا ظلل الغمام معاقل * تأبى عليه ولا النجوم حصون
الطالبان المشرفية والقنا * والمدركان النصر والتمكين
وصواهل لا الهضب يوم مغارها * هضب ولا البيد الحزون حزون
عرفت بساعة سبقها لا انها * علقت بها يوم الرهان عيون
وأجل علم البرق فيها انها * مرت بجانحتيه وهي طنون
في الغيث شبه من نداك كأنما * مسحت على الأنواء منك يمين
لو يستطيع البحر لاستعدى على * جدوى يديك وانه لقمين
وائذن له يغرق المية معلنا * ما كل مأذون له مأذون
واعذر أمية ان تغص بريقها * فالمهل ما سقيته والغسلين
ألقت بأيدي الذل ملقى عمرها * بالثوب إذ فغرت له صفين
أو لم تشن بها وقائعك التي * جفلت وراء الهند منها الصين
لو لم تكن حزما أناتك لم يكن * للنار في حجر الزناد كمون
أ بني لؤي أين فضل قديمكم * بل أين حلم كالجبال رصين
نازعتم حق الوصي ودونه * حرم وحخجر مانع وحجون
ناضلتموه عن الخلافة بالتي * ردت وفيكم حدها المسنون
حجرفتموها عن أبي السبطين عن * زمع (١) وليس من الهجان هجين
لو تتقون الله لم يطمح لها * طرف ولم يشمخ لها عرين
لكنكم كنتم كاهل العجل لم * يحفظ لموسى فيهم هارون
لو تسألون القبر يوم فرحتم * لأجاب ان محمدا محزون
ما ذا تريد من الكتاب نواصب * وله ظهور دونها وبطون
هي بغية أضللتموها فارجعوا * في آل ياسين ثوت يسين
ردوا عليهم حكمهم فعليهم * نزل البيان وفيهم التبيين
ومن مشهور شعره قصيدته التي يمدح بها المعز لدين الله وانشده إياها
بالقيروان ويذكر فتح مصر على يد القائد جوهر:
تقول بنو العباس هل فتحت مصر * فقل لبني العباس قد قضي الامر
وقد جاوز الإسكندرية جوهر * تطالعه البشرى ويقدمه النصر
وقد أوفدت مصر إليه وفودها * وزيد إلى المعقود من جسرها جسر
فما جاء هذا اليوم الا وقد غدت * وأيديكم منها ومن غيرها صفر
فلا تكثروا ذكر الزمان الذي خلا * فذلك عصر قد تقضى وذا عصر
أ في الجيش كنتم تمتروزن رلاويدكم * فهذا القنا العراض والجحفل المجر
وقد أشرفت خيل الاله طوالعا * على الدين والدنيا كما طلع الفجر
في الشمس شك انها الشمس بعد ما * تجلت عيانا ليس من دونها ستر
في ابن أبي السبطين أم في طليقكم * تنزلت الآيات والسور الغر
ومقتبل أيامه متهلل * إليه الشباب الغض والزمن النضر
أدار كما شاء الورى وتحيزت * على السبعة الأفلاك أنمله العشر
فقد دالت الدنيا لآل محمد * وقد جررت أذيالها الدولة البكر
ورد حقوق الطالبيين من زكت * صنائعه في آله وزكا الذخر
من انتشاهم في كل شرق ومغرب * فبدل أمنا ذلك الخوف والذعر
فكل امامي يجئ كأنما * على خذه الشعري وفي وجهه البدر
ولما تولت دولة النصب عنهم * تولى العمي والجهل واللؤم والغدر
وما ضر مصرا حين ألقت قيادها * إليك أمد النيل أم غاله جزر
وله يمدح أبا الفرج محمد بن عمر الشيباني من قصيدة:
لعل غيرك يرجو ان يكون له * علو ذكرك في ذا الجحفل اللجب
هيهات تأبى عليهم ذاك واحدة * ان لا تدور رحى الا على قطب
وأين عنك بأرض سستها زمنا * وازدان باسمك فيها منبر الخطب
وتخضب الحلق الماذي من علق * كأنما صاغها داود من ذهب
وقال من قصيدة بعد ان هزم المعز الروم:
هل للدمستق بعد ذلك رجعة * قضيت بسيفك منهم الأوطار
اضحوا حصيدا خامدين واقفرت * عرصاتهم وتعطلت آثار
وقال أيضا مخاطبا المعز من قصيدة بعد هزائم الروم امام جيوش
الفاطميين وأسطولهم:

(١) مقدم في الأمور.
(٨٨)

تلك الجزيرة من ثغورك برزة * نور النبوة فوقها يتهلل
ارض تفجر كل شئ فوقها * بدم العدى حتى الصفا والجندل
لم يبق فيها للأعاجم ملجأ * يلجا إليه ولا جناب يؤهل
منع المعاقل أن تكون معاقلا * موج الأسنة فوقها يتصلصل
فكتائب أعجلتها لم تنجفل * وكتائب في اليم خاضت تجفل
والموج من أنصار باسك خلفها * فالموج يغرقها وسيفك يقتل
وقال يمدح المعز من قصيدة:
نوى أبعدت طائية ومزارها * الا كل طائي إلى القلب محبوب
سلو طئ الاجبال أين خيامها * وما اجأ الاحصان ويعبوب
إذا لم أذد عن ذلك الماء وردهم * وان حن وراد كما حنت النيب
فلا حملت بيض السيوف قوائم * ولا صحبت سمر الرماح أنابيب
وما تفتأ الحسناء تهدي خيالها * ومن دونها اسآد خمس وتأويب
وما راعني الا ابن ورقاء هاتف * بعينيه جمر من ضلوعي مشبوب
الا أيها الباكي على غير ألفه * كلانا فريد بالسماوة مغلوب
فلا شدو الا من رنينك شائق * ولا دمع الا من جفوني مسكوب
ولا مدح الا للمعز حقيقة * يفصل درا والمديح أساليب
نجار على البيت الامامي معتل * وحكم إلى العدل الربوني منسوب
وما هو الا ان يشير بلحظة * فتمخر فلك أو تغذ مقانيب
ولم أر زوارا كسيفك للعدي * فهل عند هام الروم أهل وترحيب
إذا ذكروا آثار سيفك فيهم * فلا القطر معدود ولا الرمل محسوب
وفيما اصطلوا من حر باسك واعظ * وفيما أذيقوا من عذابك تأديب
ولكن لعل الجاثليق يغره * على حلب نهب هنالك منهوب
وثغر بأطراف الشام مضيع * وتفريق أهواء مراض وتخريب
ومن دون شعب أنت حاميه معرك * وبئ وتصعيد كريه وتصويب
وجرد عناجيج وبيض صوارم * وصيابة (١) مرد وكرامة (٢) شيب
وسفن إذا ما خاضت اليم زاخرا * جلت عن بياض النصر وهي غرابيب
تشب لها حمراء قان أوارها * سبوح لها ذيل على الماء مسحوب
لقيت بني مروان جانب ثغرهم * وحظهم من ذاك خسر وتتبيب
وعار بقوم اعدوا سوابحا * صفونا بها عن نصرة الدين تنكيب
وقد عجزوا في ثغرهم عن عدوهم * بحيث تجول المقربات اليعابيب
وجيشك يعتاد الهرقل بسيفه * ومن دونه السيم الغطامط واللوب
يخضض هذا الموج حتى عبابه * إذا التج من هام البطاريق مخضوب
ومن عجب ان نشجر الروم بالقنا * فتوطأ أغمار وهضب شناخيب
ونوم بني العباس فوق جنوبهم * ولا نصر الأقينة وأكاويب
سيجلو دجى الدين الحنيف سرداق * من الشمس فوق البر والبحر مضروب
وعزم يظل الخافقين كأنه * على أفق الدنيا بناء وتطنيب
وحسبي مما كان أو هو كائن * دليلان علم بالإله وتجريب
ولم تخترق سجف الغيوب هواجسي * ولكنه من حارب الله محروب
أراني إذا ما قلت بيتا تنكرت * وجوه كما غشى الصحائف تتريب
أ في كل عصر قلت فيه قصيدة * علي لأهل الجهل لوم وتثريب
ارى أعينا خزرا إلي وانما * دليلا نفوس الناس بشر وتقطيب
ومن أشهر وقائع المعز مع الروم وقعة المجاز التي هزموا فيها
هزيمة شنعاء أصبحت بعدها البلاد العربية والاسلامية في مامن من غوائلهم
وتهديدهم وفي هذه الوقعة يقول ابن هاني منن قصيدة طويلة:
يوم عريض في الفخار طويل * لا تنقضي غرر له وحجول
مسحت ثغور الشام أدمعها به * ولقد تبل الترب وهي همول
قل للدمستق مورد الجمع الذي * ما أصدرته له قنا ونصول
سل رهط منويل وأنت غررته * في اي معركة ثوى منويل
منع الجنود من القفول رواجعا * تبا له بالمنديات قفول
وبعثت بالأسطول يحمل أعدة * فأثابنا بالعدة الايطول
أدى إلينا ما جمعت موفرا * ثم انثنى في اليم وهو جفول
ومضى يخف على الجنائب حمله * ولقد يرى بالجيش وهعو ثقيل
جاءوا وحشو الأرض منهم جحفل * لجب وحشو الخافقين صهيل
ثم انثنوا لا بالرماح تقصد * باد ولا بالمرهفات فلول
قد تسضاف الأسد في آجامها * جهلا بهن وقد يزار الغيل
لم يتركوا فيها بعجاج الردى * الا النجيع على النجيع يسيل
نحرت بها العرب الأعاجم انها * رمح امق ولهذم مصقول
وبها يخاطب المعز:
لا تعدمنك أمة أغنيتها * هديتها تجلو العمى وتنيل
وله قصيدة يمدح بها يحيى بن علي الأندلسي على وزن قصيدة
المتنبي ورويها التي يقول فيها:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم
وقصيدة ابن هانئ تضاهيها ولا تقصر عنها بقول فيها:
وتغدو على يحيى الوفود ببابه * كما ابتدرت أم الحطيم المواسم
فتى الملك يغنيه عن السيف رأيه * ويكفيه من قود الجيش العزائم
أخو الحرب وابن الحرب جر نجاده * إليها وما قدت عليه التمائم
وليس كما قالوا المنية كاسمها * ولكنها في كفه اليوم صارم
ويعدل في شرق البلاد وغربها * على أنه للبيض والسمر ظالم
تشكين ان لأفين منه تقصدا * فأين الذي يلقي الليوث الضراغم
ولو أن هذا الأخرس الحي ناطق * لصلت عليك المقربات الصلادم
تمشت شموس طلقة في جلودها * وضمت على هوج الرياح الشكائم
تعرضها للطعن حتى كأنها * لها من عداها اضلع وحيازم
وتطعنهم لم تعد نحرا ولبة * كأنك في عقد من الدر ناظم
وكم جحفل مجر قرعت صفاته * بقارعة يصلي بها وهي جاحم
أتتك به الآساد زئيرها * فصارت عن جانبيك القشاعم
اتوك فما خروا إلى البيض سجدا * ولكنما كانت تخر الجماجم
ولو حاربتك الشمس دون لقائهم * لأعجلها جند من الله هازم
سبقت المنايا واقعا بنفوسهم * كما وقعت قبل الخوافي القوادم
تقود الكماة المعلمين إلى الوغى * لهم فوق أصوات الحديد هماهم
غدوا في الدروع السابغات كأنما * تدير عيونا فوقهن الأراقم
فليس لهم الا الدماء مشارب * وليس لهم الا النفوس مطاعم
يودون لو صيغت لهم من حفاظهم * وإقدامهم تلك السيوف الصوارم
ولو طعنت قبل الرماح أكفهم * ولو سبقت قبل الأكف المعاصم

(١) الصيابة الخيار من كل شئ.
(٢) الكرامة جمع كرام وهو المفرط في الكرم.
(٨٩)

سنفخر ان الدهر ممن اجرته * وان حياة الخلق مما تسالم
وانك عن حق الخلافة زائد * وانك عن ثغر الخلافة باسم
وأمنت من سبيل العفاة فجدعت * إليك أنوف البيد وهي زواغم
فلا تخذل البدر المنير الذي به * سروا فله حق عن الجود لازم
أ يأخذ منه الفجر والفجر ساطع * ويثبت فيه الليل والليل فاحم
لك البيت بيت الفخر أنت عماده * وليس له الا الرماح دعائم
فتم زمان كالشبيبة مذهب * وثم ليال كالقدود نواعم
مددت يدا تهمي على المزن من على * فهل لك بحر فوقها متلاطم
فإن كان هذا فعل كفيك باللهى * لقد أصبحت كلا عليك المكارم
وقال يمدح المعز من قصيدة:
ما للمهارى الناجيات كأنها * حتم عليها البين والعدواء
ليس العجيب بان يبارين الصبا * والعذل في أسماعهن حداء
تدنو منال يد المحب وفوقها * شمس الظهيرة خدرها الجوزاء
بانت مودعة فخد معرض * يوم الوداع ونظرة شزراء
حجبت ويحجب طيفها فكانما * منهم على لحظاتها رقباء
كل يهيج هواك إما أيكة * خضراء أو أيكية ورقاء
فانظر أ نار باللوى أم بارق * متالق أم راية حمراء
بالغور تخبو تارة ويشبها * تحت الدجنة مندل وكباء
وطفقت أسال عن أغر محجل * فإذا الأنام جبلة دهماء
حتى دفعت إلى المعز خليفة * فعلمت ان المطلب الخلفاء
هذا الأغر الأزهر المتالق المتدفق * المتبلج الوضاء
فعليه من سيما النبي دلالة * وعليه من نور الاله بهاء
ورث المقيم بيثرب فالمنبر * الأعلى له فالترعة العلياء
والخطبة الزهراء فيها الحكمة * الغراء فيها الحجة البيضاء
جهل البطارق انه الملك الذي * اوصى البنين بسلمه الآباء
حتى رأى جهالهم من عزمه * غب الذي شهدت به العلماء
فتقاصروا من بعد منا حكم الردى * ومضى الوعيد وشبت الهيجاء
والسيل ليس يحيد عن مستنه * والهم لا يدلى به علواء
لم يشركوا في أنه خير الورى * ولذي البرية عندهم شركاء
نزلت ملائكة السماء بنصره * وأطاعه الاصباح والإمساء
والفلك والفلك المدار وسعده * والغزو في الدأماء والدأماء
والدهر والأيام في تصريفها * والناس والخضراء والغبراء
أين المفر ولا مفر لهارب * ولك البسيطان الثرى والماء
ولك الجواري المنشأت مواخر * تجري بامرك والرياح رخاء
والحاملات وكلها محمولة * والناتجات وكلها عذراء (١)
والأعرجيات التي ان سوبقت * سبقت وجري المذكيات خلاء
الطائرات السابحات السابقات * الناجيات إذا استحث نجاء
فالباس في حمس الوغى لكماتها * والكبرياء لهن والخيلاء
لا يصدرون نحورها يوم الوغى * الا كما صبغ الحدود حياء
لبسوا الحديد على الحديد مظاهرا * حتى اليلامق والدروع سواء
وتقنعوا الفولاذ حتى المقلة * النجلاء فغيها المقلة الخوصاء
أعززت دين الله يا ابن نبيه * فاليوم فيه تخمط وإباء
فأقل حظ العرب منك سعادة * وأقل حظ الروم منك شقاء
فإذا بعثت الجيش فهو منية * وإذا رأيتا الرأي فهو قضاء
وقال يمدح المعز من قصيدة ويذكر ورود رسل الروم إليه بالكتب
يتضرعون إليه في الصلح ويصف الأسطول الفاطمي الذي كان سيد البحر
المتوسط يومذاك:
أ لا طرقتنا والنجوم ركود * وفي الحي ايقاظ ونحن هجود
وقد أعجل الفجر الملمع خطوها * وفي أخريات الليل منه عمود
سرت عاطلا غضبي على الدر وحده * فلم يدر نحر ما دهاه وجيد
فما برحت الا ومن سلك أدمعي * قلائد في لباتها وعقود
ولم أر مثلي ما له من تجلد * ولا كجفوني ما لهن جمود
ولا كالليالي ما لهن مواثق * ولا كالغواني ما لهن عهود
ولا كالمعز ابن النبي خليفة * له الله بالفضل المبين شهيد
فأسيافه تلك العواري غمودها * إلى اليوم لم تعرف لهن غمود
ومن خيله تلك الجوافل انها * إلى الآن لم تحطط لهن لبود
امام له مما جهلت حقيقة * وليس له مما علمت نديد
لك البر والبحر العظيم عبابه * فسيان أغمار تخاض وبيد
إما والجواري المنشأت التي سرت * لقد ظاهرتها عدة وعديد
قباب كما تزجى القباب على المهى * ولكن من ضمت عليه اسود
ولله فيما لا يرون كتائب * مسومة تحدو بها وجنود
وما راع ملك الروم الا اطلاعها * تنشر اعلام لها وبنود
عليها غمام مكفهر صبيره * له بارقات جمة ورعود
مواخر في طامي العباب كأنه * لعزمك باس أو لكفك جود
أنافت بها اعلامها وسما لها * بناء على غير العراء مشيد
من الراسيات الشم لولا انتقالها * فمنها قنان شمخ وربود (٢)
من الطير الا انهن جوارح * فليس لها الا النفوس مصيد
من القادحات النار تضرم للطلى * فليس لها اللقاء خمود
إذا زفرت غيظا ترامت بمارج * كما شب من نار الجحيم وقود
فأنفاسهن الحاميات صواعق * وأفواههن الزافرات حديد
تشب لآل الجاثليق سعيرها * وما هي من آل الطريد بعيد
لهل شعل فوق الغمار كأنها * دماء تلقتها ملاحف سود
تعانق موج البحر حتى كأنه * سليط لها في الذبال عتيد
ترى الماء منها وهو قان عبابه * كما باشرت ردع الخلوق جلود
وغير المذاكي نجرها غير أنها * مسومة تحت الفوارس قود
فليس لها الا الرياح أعنة * وليس لها الا الحباب كديد
ترى كل قوداء التليل (٣) كما انثنت * سوالف غيد للمها وقدود
رحيبة من الباع وهي نتيجة * بغير شوى (٤) عذراء (٥) وهي ولود
تكبرن عن نقع يثار كأنها * موال وجرد الصافنات عبيد
لها من شفوف العبقري ملابس * مفوفة فيها النضار جسيد
كما اشتملت فوق الأرائك خرد * أو التفعت فوق المنابر صيد
لبوس تكف الموج وهو غطامط * وتدرأ باس اليم وهو شديد
فمنها دروع فوقها وجواشن * ومنها خفاتين لها وبرود

(١) لم يعمل مقلها.
(٢) جمع ريد وهو حرف ناتئ في عرض الجليل.
(٣) التليل العنق وقوداء التليل طويلة العنق.
(٤) الشوي اليدان والرجلان.
(٥) لم يصنع مثلها.
(٩٠)

فلا غرو ان أعززت دين محمد * فأنت له دون الأنام عقيد
غضبت له ان ثل بالشام عرشه * وعادك من ذكر العواصم عيد
فبت له دون الأنام مسهدا * ونام طليق خائن وطريد
وما سرهم ما ساء أبناء قيصر * وتلك ترات لم تزل وحقود
هم بعدوا عنهم على قرب دارهم * وجحفلك الداني وأنت بعيد
وقلت أناس ذا الدمستق شكره * إذا جاءه بالعفو منك بريد
تناجيك عنه الكتب وهي ضراعة * ويأتيك عنه القول وهو سجود (١)
إذا أنكرت فيها التراجم لفظه * فأدمعه بين السطور شهود
ليالي تقفو الرسل رسل خواضع * ويأتيك من بعد الوفود وفود
فان هز أسياف الهرقل فإنها * إذا شئت أغلال له وقيود
فإن لم تكن الا الغوابة وحدها * فان غرار المشرفي رشيد
الأهل اتاهم ان ثغرك موصد * وليس له الا الرماح وصيد
فليت أبا السبطين والترب دونه * يرى كيف تبدي حكمه وتعيد
إذا لرأى يمناك تخضب سيفه * وأنت عن الدين الحنيف تذود
وقال يمدح يحيى بن علي الأندلسي:
فتكأت طرفك أم سيوف أبيك * وكؤوس خمر أم مراشف فيك
اجلاد مرهفة وفتك محاجر * ما أنت راحمة ولا اهلوك
يا بنت ذي السيف طويل نجاده * أكذا يجور الحكم في ناديك
قد كان يدعوني خيالك طارقا * حتى دعاني بالقنا داعيك
عيناك أم مغناك موعدنا وفي * وادي الكرى نلقاك أم واديك
منعوك من سنة الكرى وسروا فلو * ظفروا بطيف طارق ظنوك
ودعوك نشوى ما سقوك مدامة * فإذا انثنى عطفك اتهموك
حسبوا التكحل في جفونك حلية * تالله ما بأكفهم كحلوك
وجلوك لي إذ نحن غصنا بانة * حتى إذا احتفل الهوى حجبوك
ولوى مقبلك اللثام وما دروا * ان قد لثمت به وقبل فوك
فضعي اللثام فقيل خدك ضرجت * رايات يحيى بالدم المسفوك
تلقاه فوق رحاله وأقب لا * تلقاه فوق حشية وأريك
الشعر ما زرت عليك جيوبه * من كل موشي عليك محوك
كذبت نفوس الحاسدين ظنونها * من آفك منهم ومن مأفوك
ان السماء لدون ما ترقى له * والنجم أقرب نهجك المسلوك
وارى الملوك إذا رأيتك سوقة * وارى عفاتك سوقة كملوك
لا يعدمنك أعوجي صعرت * عادات نصرك منه خد مليك
وله:
عجبت لقوم أضلوا السبيل * وقد بين الله أين الهدى
فما عرفوا الحق لما استنار * ولا ابصروا الرشد لما بدا
وما خفي الرشد لكنما * أضل الحلوم اتباع الهوى
أبو عبد الله محمد بن هبة الله بن جعفر الوراق الطرابلسي
في فهرست منتجب الدين: فقيه ثقة قرأ على الشيخ أبي جعفر
الطوسي كتبه وتصانيفه وله تصانيف منها ١ كتاب الزهد ٢ كتاب
النيات ٣ كتاب الفرج أخبرنا بها الفقيه أحمد بن محمد بن محمد الشاهد
العدل عنه اه. وفي معالم العلماء أبو عبد الله محمد بن هبة الله
الطرابلسي له ٤ الوساطة بين النفي والاثبات ٥ ما لا يسع المكلف
اهماله ٦ عمل يوم وليلة ٧ الزهرة في احكام الحج والعمرة ٨
الأنوار ٩ الأصول والفصول ١٠ المسائل الصيداوية اه.
المولوي محمد هداية حسين بن شمس العلماء ولاية حسين الهندي المعاصر
له كتاب تحفة الأعيان في ذكر فضلاء هندستان.
الملا محمد الهزار جريبي
نزيل طرهان المشهور بسيبويه.
توفي في حدود سنة ١٢٩٨
في تتمة أمل الآمل: عالم فاضل يدرس في سائر العلوم النقلية وكافة
كتب السطوح لا سيما كتب العربية من علماء عصر الشاة ناصر الدين
القاجاري.
أبو علي محمد بن أبي بكر همام بن سهيل بن بيزان البغدادي الكاتب
الإسكافي
. ولد يوم الاثنين لست خلون من ذي الحجة سنة ٢٥٨ وتوفي يوم
الخميس لاحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة ٣٣٦ كما ذكره
النجاشي أو سنة ٣٣٢ كما في تاريخ بغداد عن خط محمد بن أحمد بن مهدي
الإسكافي وكما في رجال الشيخ ودفن في مقابر قريش ذكره الشيخ في
الفهرست فقال: محمد بن همام الإسكافي يكنى أبا جليل القدر ثقة له
روايات كثيرة أخبرنا بها عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عنه وذكره في
رجاله فيمن لم يرو عنهم ع فقال: محمد بن همام البغدادي
يكنى أبا علي وهمام يكنى أبا بكر جليل القدر ثقة روى عنه التلعكيري
وسمع منه أولا سنة ٣٢٣ وله منه اجازة. وقال النجاشي: محمد بن أبي
بكر همام بن سهيل الكاتب الإسكافي شيخ أصحابنا ومتقدمهم له منزلة
عظيمة كثير الحديث قال أبو محمد هارون بن موسى رحمه الله حدثنا محمد بن
همام حدثنا احمد ابن مابندرا قال أسلم أبي أول من أسلم من أهله وخرج
عن دين المجوسية وهداه الله إلى الحق وكان يدعوه أخاه سهيلا إلى مذهبه
فيقول له يا أخي انك لا تألوني نصحا ولكن الناس مختلفون ولك يدعي ان
الحق فيه ولست اختار ان ادخل في شئ الا على يقين فمضت لذلك مدة
وحج سهيل فلما صدر من الحج قال لأخيه الذي كنت تدعوني إليه هو الحق
قال وكيف علمت ذاك قال لقيت في حجى عبد الرزاق بن همام الصنعاني
وما رأيت أحدا مثله فقلت له على خلوة نحن قوم من أولاد الأعاجم وعهدنا
بالدخول في الاسلام قريب وارى أهله مختلفين في مذاهبهم وقد جعلك الله
من العلم بما لا نظير لك في عصرك وأريد ان أجعلك حجة فيما بيني وبين
الله عز وجل فان رأيت أن تبين لي ما ترضاه لنفسك من الدين لأتبعك فيه
وأقلدك فاظهر لي محبة آل الرسول ص وتعظيمهم والبراءة من عدوهم
والقول بإمامتهم. قال أبو علي اخذ أبي هذا المذهب عن أبيه عن عمه
واخذته عن أبي. قال أبو محمد هارون بن موسى قال أبو علي محمد بن همام
كتب أبي إلى أبي محمد الحسن ابن علي العسكري يعرفه انه ما صح له حمل
بولد ويعرفه ان له حملا ويسأله ان يدعو الله في تصحيحه وسلامته وان يجعله
ذكرا نجيبا من مواليهم فوقع على رأس الرقعة بخط يده: قد فعل الله ذلك
فصح الحمل ذكرا قال هارون بن موسى أراني أبو علي بن همام القرعة
والخط وكان محققا. له من الكتب كتاب الأنوار في تواريخ الأئمة ع
أخبرنا أبو الحسن احمد ابن محمد بن موسى بن الجراح الجندي حدثنا
أبو علي بن همام به اه ومر في جعفر ابن محمد بن مالك وصفه بشيخنا

(١) أنظره مع قول المتنبي: " دروع لملك الروم هذي الرسائل ".
(٩١)

النبيل الثقة أبو علي بن همام رحمه الله والظاهر أنه من كلام النجاشي
وذكره الخطيب في تاريخ بغداد فقال: محمد بن سهيل بن بيزان أبو علي
الكاتب أحد شيوخ الشيعة حدث عن محمد بن موسى بن حماد البربري
وأحمد بن محمد ابن رستم النحوي روى عنه المعافى بن زكريا الجريري وأبو
بكر أحمد بن عبد الله الوراق الدوري وكان يسكن في سوق العطش اه
وينقل عن كتابه كتاب الأنوار الشيخ حسين لبن عبد الوهاب المعاصر للسيد
المرتضى في عيون المعجزات والسيد عبد الكريم بن أحمد ابن طاوس في
فرحة الغري ويذكر سنده إلى مؤلفه واستظهر المجلسي في أول البحار ان
كتاب التمحيص للمترجم وقال عندنا منتخب من كتاب الأنوار له.
وفي البحار أيضا: كتاب التمحيص متانته تدل على فضل مؤلفه وإن كان
مؤلفه أبا علي كما هو الظاهر ففضله وثقته مشهوران اه وبعضهم
نسب كتاب التمحيص للحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني كما مر
في ترجمته.
أبو الأغر محمد بن همام البغدادي
قال الشيخ أبو الحسن علي بن أبي القاسم زيد بن محمد بن الحسين
البيهقي في أول شرحه على نهج البلاغة انه تلميذ السيد الرضي ويروي أبو
الحسن البيهقي نهج البلاغة عنه عن الرضي قال والرواية الصحيحة في هذا
الكتاب رواية أبي الأغر محمد بن همام البغدادي تلميذ الرضي وكان عالما
باخبار أمير المؤمنين ع
أكبر خان أبو الفتح جلال الدين محمد ملك فرغانة والهند ابن همايون بن
بابر ظهير الدين محمد بن عمر الشيخ ملك فرغانة ابن مير ميرانشاه ثالث
أولاد تيمورلنك الكوركاني الشهير
ولد في السند ١٥ تشرين الأول أكتوبر سنة ١٥٤٢ م وتوفي سنة
١٦٠٥ م
ويناسب ان نذكر أولاد ملك آبائه بوجه الاجمال وكيف كان انتقاله
إلى الهند ثم ترجمته معتمدين في ذلك على ما اورده الأمير شكيب ارسلان
في الجزء الرابع من كتاب حاضر العالم الاسلامي الذي قال إن أكثره منقول
من تاريخ آسية للمؤرخ رينيه غروسه المستخلص من مئات التواريخ:
جده بابر
امه الأميرة قوتلق نيغار آخر من بقي من سلالة جفتاي الجنكيزية كما أنه
ينتسب إلى جنكيز من جهة الأب أيضا وبعد وفاة والده في ٥ رمضان
سنة ٨٩٩ ه ١٤٩٤ م انتقل إليه ملك فرغانة وعمره ١٢ سنة وتوفي سنة
١٥٣٠ م وفي سنة ١٤٩٧ م ملك ما وراء النهر ولكن غلب عليه محمد خان
الشيباني مؤسس الدولة الشيبانية في بخارى فهرب إلى أفغانستان واستولى
على امارة كابل سنة ١٥٠٤ م وعلى قندهار سنة ١٥٠٧ م وكان السلطان
إبراهيم الثاني صاحب دهلي من السلاطين اللوديين الأفغانيين قد اختلف
مع عمه فالتجا العم إلى كابل فقوي عز بابر على غزو الهند فغزا بنجاب
بجيش لا يتجاوز ١٣ ألفا من ذوي النجدة ومعه مدافع ولم تكن المدافع
معروفة في الهند والتقى معه السلطان إبراهيم في سهل بانيبات بمائة ألف
مقاتل وألف فيل في يوم الجمعة ٨ رجب سنة ٩٣٢ فأقام بابر في وجه الفيلة
حواجز من العجلات المسلسة بينها المدافع فأبطل عمل الأفيال ورمى
بالمدافع فقتل إبراهيم وقتل من عسكره ٢٥ ألفا وهرب الباقون ونودي ببابر
ملك ملوك الهند في جامع دهلي الأعظم وحاربه الهنود ثانيا مع محمود
اللودي أخي السلطان المقتول بمائة ألف مقاتل فكسرهم بالمدافع وبقي
يحارب في الهند خمسة أعوام حتى دوخها وأسس فيها السلطنة المغولية التي
استمرت قرنين وكان لها تاريخ كبير وابقى بابر ذكرا خالدا وكان شجاعا
مقداما جامعا بين شدة الباس ورقة الأدب وحرر خاطراته المسماة بابر نتمه
فكان لها شهرة عظيمة وترجمت إلى الفارسية ومنها إلى اللغات الأوروبية
وكان شاعرا ويحفظ شعر عمر الخيام وحافظ الشيرازي
أبوه همايون
ولما مات بابر قام بعده بملك الهند ولده همايون فقهر محمد اللودي
الذي كان مستوليا على مملكة أوض وجرت حروب بينه وبين شير خان الذي
كان استولى على عدة ولايات من الهند تارة له واخرى عليه إلى أن فر من
الهند إلى جبال أفغانستان فابى اخوته ان يملكوه شيئا فالتجا إلى شاة إيران
فسير معه الشاة جيشا فتح به قندهار سنة ١٥٤٥ م وكابل سنة ١٥٥٠ م
ومات شير خان الأفغاني سنة ١٥٤٥ م فوقع النزاع بين أولاده فرأى همايون
الفرصة سانحة فغزا بنجاب بخمسة عشر ألف فارس فجاءه إسكندر شاة
خليفة شير خان في دهلي بثمانين ألف مقاتل ومئات من الفيلة والتقوا في
سهل سير هند بين دهلي ولاهور سنة ١٥٥٥ م فانتصر همايون دهلي مسترجعا
ملكه ولم يلبث ان مات فدفن بالقبة التي كان بناها لنفسه في دهلي والتي تعد
من أعاجيب الدنيا.
أكبر خان أبو الفتح جلال الدين محمد صاحب الترجمة
كان من أعاظم السلاطين في حزمه وسداد رأيه وقوة ارادته ووفور
محبته للرعية وحسن سياسته وهو الذي دوخ بلاد الهند واستولى على ممالكها
وأنشأ فيها دولة عظيمة فارسية وجعل الفارسية لسانها الرسمي ومن عهده
انتشرت اللغة الفارسية في الهند إلى اليوم. في كتاب حاضر العالم
الاسلامي: لما مات همايون قام مقامه في السلطنة ولده أكبر أبو الفتح جمال
الدين محمد وهو لما يتجاوز الرابعة عشرة من عمره ولكنه كان قد نبغ قبل
بلوع أشده وكان تتويجه في البنجاب سنة ١٦٥٦ م ووفقه الله بوزير مجرب
اسمه بيرم وكان قد بقي في أيدي الأفغان أوض وبهار وبنغالة وغيرها وكان
لدى ملكهم محمد عادل قائد اسمه هيمو ففي سنة ١٥٥٦ م تمكن هيمو من
استرداد دهلي ومطاردة أكبر إلى البنجاب ثم التقى هيمو ومعه مائة ألف
فارس وخمسمائة فيل ولم يكن بقي مع أبكر ووزيره بيرم الا ٢٠ ألفا في
سهل بانيبات فوقع هيمو صريعا وانهزم أصحابه ودخل أكبر دهلي وانتزع
من الأفغان أوض وبهار وأطاعه ملك بنغالة الأفغاني وبقي عليه تدويخ
راجاوات الهندوس الأباة وكان الفاتحون المسلمون طالما هزموا ملوك الهند
وفرضوا عليهم الجزية لكنهم لم يقدروا على ملاشاتهم ولا على كسب قلوبهم
ففكر أكبر في اتقاء خطرهم باستطلاح قلوبهم ونيل مودتهم وحمل من يعاند
منهم على السيف فجرت بينه وبينهم وقائع استولى بعدها على جفاليور سنة
١٥٥٨ م وعلى اجمير ١٥٦٠ وهاجم سنة ١٥٦٧ رآنا ميغار والرنا
أكبر من لقب راجا وهو واسطة عقد الراجاوات فانهزم الرانا إلى جبال
آرافالي وترك أحد قواده الأبطال جاي مال يدافع عن عاصمته تشيتور
فجاء أكبر بنفسه وحاصر المدينة ورمى أكبر جاي مال بسهم فقتله فذبح
المحصورون نساءهم وأولادهم بيديهم وجعلوا منهم ركاما أشعلوا فيه النار
ثم اصطفوا حول تلك النار وفتحوا أبواب المدينة ينتظرون دخول العدو
(٩٢)

ليبلوا فيه إلى آخر نفس من أنفاسهم فتذهب أرواحهم غالية فأدرك أكبر
بحكمته مرادهم فلم يرسل إليهم رجاله وأرسل عليهم الفيلة فمزقتهم وفتح
المدينة سنة ١٥٦٨ م وفي سنة ١٥٦٩ م فتح رانتابور ثم كالنجار وفي سنة
١٥٧٠ م قدم له الطاعة راجا مارفار ثم راجا بيكانير وبعد ذلك ببضع سنين
انتقض راجا مارفار فزحفت إليه جيوش دهلي وفتحت قلعة بلاده سيفانا سنة
١٥٧٦ فانضم كثير من الراجاوات إلى رآنا نشيتور وناشبوا سلطان دهلي
الحرب ولم تبرح نارها متقدة إلى سنة ١٦١٤ إذ قدم آمراسينغ بن
يرتاب سينغ رآنا تشيتور الطاعة لسلطان الاسلام فأعيد إليه ملكه وظل
اعقابه مالكين هناك
ما وصفه به الإفرنج
ويقول مؤرخو الهند من الإفرنجة ان سلطان دهلي عرف كيف
يستولي على راجاوات الهند ويستأسر قلوبهم لأنه كان شهما وفيا عالي الجناب
تام المروءة حفيظا للعهود ملاكا للأفئدة بشرف خصاله ونبل فعاله وكانت
هذه البيوتات المالكة في آمبر ومارفار وبيكانير الأمثلة العليا في النبالة
والأصالة وحب المجد ووفاء الذمة فلما شاهدوا من السلطان أكبر ما شاهدوه
من المكارم والمعالي محضوه خالص الود وبايعوه من صميم القلب وبذلوا من
دونه أرواحهم ووقفوا على مناصحته غدوهم ورواحهم فاستخلصهم هو
لنفسه وعول عليهم في مهماته وانتدب منهم للمناصب العلية وعمر بهم
وبأبنائهم الأبواب السلطانية ورجحهم على رهطه المغول وجعلهم رداء له
في المواقف لا سيما راجا آمير المسمى بيهارى مال وولده باخفان داس
وحفيده مان سينغ الذي كان أخا لأكبر في الرضاع وكان راجا آخر اسمه
نوادر مال لأكبر اليد اليمنى في أعماله فقلده نظارة المالية ثم ولاية
بنغالة. ولما مات بكاه بكاء الأخ لأخيه.
سياسته في الزواج بين المغول والهنود
ولأجل زيادة التأليف بين الهنود والمغول أشار أكبر بتزويج بعضهم
من بعض وبدأ في ذلك بنفسه فعقد لنفسه نكاح أخت الراجا باخفان
داس، ولولده جهانكير على حفيدة راجا مارفار وزوج كثيرين من امراء
المغول أميرات من الأسر المالكة في بيكانير واجمير ووشج علائق النسب بين
الدولة التيمورية والدول البرهمية فتوطدت دولته وامن شر العواقب
فتحه سائر ممالك الاسلام في الهند
وبسبب راحة فكره من جهة الهنود امكنه ان يستصفي ما كان بقي في
الهند من ممالك الاسلام فاسر شاة كوجرات سنة ١٥٧٣ م وضم مملكته إلى
سلطنة دهلي واستلحق أيضا بنغالة سنة ١٥٨٠ م وكشمير سنة ١٥٨٦
والسند سنة ١٥٩٢ وكان الدكان لا تزال مقسمة إلى خمس ممالك كما ذكرناه
في ترجمة إسماعيل بن يوسف عادل شاة الا ان الملك احمد ناغار فتح مملكة
بيدار سنة ١٥٧٢ وضمها إلى ملكه فنزل عدد تلك الممالك إلى أربع
وصارت مملكة احمد ناغار قوة خطيرة فاعتزم أكبر فتحها سنة ١٥٩٥ وكان
على رأس هذه المملكة ملكة من خوارق الدهر في العزم والحزم والاقدام
اسمها شانده الملقبة ببيضاء الدكان فردته عن مملكتها مكفوحا ولم يقدر
على احمد ناغار الا بعد موت هذه الملكة القهرمانة فاستلحق مملكة احمد
ناغار سنة ١٦٠٠ م واضطرب سائر ملوك الدكان خوفا فهرعوا إلى دهلي
مقدمين الطاعة.
حسن ادارته للسلطنة وسياسته
ومات أكبر سنة ١٦٠٥ م بعد ان ملأ الهند ماثر ومفاخر وأدار
السلطنة إدارة قل من سدد لمثلها في الأوائل والأواخر لأنه إلى زمانه كانت
سلطنة الهند غير مبنية على قواعد ثابتة ولا سائرة بأنظمة مقررة بل كان
السيف وحده حكما وكانت الثورات متصلة وأهواء الاشخاص هي الغالبة
فسير أكبر دولته هذه على أصول إدارة جديدة فارسية مغولية غاية في الضبط
والدقة ورفع استبداد الامراء وأزال الفوضى من البلاد وجذب إلى الأبواب
السلطانية أولئك الامراء والملوك الذين كانوا يستبدون بالرعايا فأرضاهم
وأراح الرعايا من ضررهم وشكل الدولة على النسق الحالي المتبع بهذا القوت
في المعالم فهناك الوكيل اي رئيس النظار ثم الوزير وهو ناظر المالية وخان
قانان اي ناظر الحربية وكان عنده ناظر البلاط السلطاني وناظر العدلية وكان
اسمه الصدر. وغير ذلك من المناصب واما البلاد فكانت ١٨ ولاية كبرى
كل منها تنقسم إلى ما يشبه اليوم الألوية وكانت الإدارة الملكية في أيدي
الفرس والجيش بأيدي المغول والهنود وعدد الجيش الدائم ١٤٠ ألفا وهذا
شئ غير معهود في ذلك الوقت واما دخل الخزانة السلطانية فكان نحو
١٠٠ مليون جنيه وهذا أيضا شئ هائل بالنسبة إلى ذلك الزمن
جهله القراءة والكتابة
في كتاب حاضر العالم الاسلامي: ومن غرائب ما روت دائرة
المعارف الاسلامية الفرنساوية عن هذا السلطان الذي كانت كل حياته
غرائب انه كان يجهل القراءة والكتابة وقالت إن ذلك عجيب في بيت مثل
بيتهم موروئة فيه الكتاب وآداب اللغات خلفا عن خلف ويظهر انه لما كان
أبوه معروفا بضعف العزيمة ثم مات وهو يافع لم يحسنوا تعليمه الكتابة وانه
لما بلغ سن الرشد ثم شب واكتهل أهمل عمدا تعلم الكتابة إذ ليس يمكن
تعليل ذلك بصورة أخرى ولعل أكبر آثر التعلم بالمشافهة والكلمة الحية
حسن معاملته للهنود
وعامل أكبر الهنود برفق عظيم ورفع عنهم ضروب الإهانات ويقول
مؤرخو الإفرنجة ان أكبر لم يبال بما يفرضه الاسلام من إهانة الكافر وإذلاله
وامتهانه وانه نسخ تلك العادات ولم يعامل الهنود معاملة الغالب للمغلوب
رد الأمير شكيب من غمزوا الاسلام
وهنا رد الأمير شكيب هذا الغمز للاسلام فقال: ومن جملة من
غمزوا الاسلام هذه الجهة رينيه غروسه صاحب تاريخ آسية. ونحن نقول إن
أكبر أحسن صنعا لأنه ما يخدم ملك الاسلام ملته بمثل العدل والله تعالى
يقول ولا يجرمنكم شنان قوم على أن لا تعدلوا وبقول وإذا حكمتم بين
الناس ان تحكموا بالعدل وظاهر انه ينهى عن ظلم العدو لكونه عدوا ولا
يخصص العدل بالحكم بين المسلمين فإن كان من امراء المسلمين من لم
يعمل بهذه المبادئ فهو إما عن جهل بروح الاسلام أو عن هوى
واستخفاف بأوامر الله ونواهيه كما يوجد في كل الملل وانما نحن نود لو كان
رينيه غروسه وأمثاله ينصحون حكوماتهم الأوربية ومن جملتها فرنسا بان لا
يعاملوا أهل المستعمرات معاملة الغالب للمغلوب ولا يرهقوا الجزائريين
وغيرهم بضروب الإهانة ويحرموهم المساواة في الحقوق مع الأوربيين فان
فاتحي الهند من المسلمين كان عذرهم ممهدا نوعا من الازدراء بالهنود بعد ما
رأوا من عبادتهم للأصنام واحراق النساء أنفسهن لموت بعولتهن وغير ذلك
(٩٣)

مما تقشعر له أبدان الذين أشربوا حب التوحيد ولم تتسع لهضمه عقولهم
استاع عقل السلطان أكبر ولكن يا ليت شعري ما هو عذر الأمم الأوروبية
في تحقير أهل المستعمرات وسن قوانين خاصة بهم. وأورد شواهد لذلك في
القرن العشرين تقتدي بأكبر الذي كان سلطان الهند في القرن السابع عشر
وهو ذلك السلطان الآسيوي المغولي فتعامل مغلوبيها كما كان ذلك العاهل
يعامل مغلوبيه ثم ذكر أمثلة كثيرة لظلم المستعمرين من كلام الفيلسوف
الفرنساوي غوستاف لوبون الشهير في كتابه علم النفس في السياسة لا نطيل
بذكرها ومن أرادها فليراجعها في الكتاب المذكور ثم قال وما أوردت الذي
أوردته هنا الا من قبيل التمثيل مذكرا أولئك الذين يطرون السلطان أكبر
من مؤلفي الإنكليز والفرنسيس على تسويته بين المسلمين والهنود في كل
الحقوق ألماذا لا ينصحون حكوماتهم باتباع تلك السنن
رفقه بالرعية
وصدرت الأوامر إلى جباة الخراج بان يصبروا على الفلاحين في جباية
الأموال الأميرية بل يقووهم من بيت المال في سني القحط كذلك توسل أكبر
بوسائل ناجعة في قتل المجاعات التي تكثر في الهند في الأعوام التي يحتبس
فيها الغيث وكان يعاقب الامراء الذين يظلمون الأكرة القائمين بخدمة
أراضيهم ومع مراعاته للبراهمة عارضهم في احراق النساء اللاتي مات
بعولتهن وفي عادة ابقاء النسوة اللاتي تموت أزواجهن وهن في سن العاشرة
أرامل طول الحياة لا يحق لهن ان يتزوجن وكان لا يسمح بزواج الشاب قبل
سن ١٦ والفتاة قبل سن ١٣
لغات الهند ولغة أوردو
وكانت اللغات المعروفة في الهند عدا لغات الهنود الأصليين ثلاثا
العربية لغة الدين الاسلامي والتركية لغة الأسرة التيمورية والفارسية لغة
البلاط والدولة فوضع أكبر لغة أوردو التي تشتمل على كثير من العربي
والفارسي والتركي مع الهندي فسهل التفاهم بين الشعوب الهندية واتسعت
هذه اللغة تدريجا حتى أنه ليتكلم بها اليوم مائة مليون نسمة اه وأوردو
هو الجيش بالفارسية وذلك أن جيشه كان لافراده عدة لغات من لغات الهند
فضلا عن غيرها فجمعه على لغة واحدة مأخوذة من العربي والفارسي
والتركي والهندي وبذلك سميت لغة أوردو
فلسفته وشعوره بالإنسانية
وقالوا اي الإفرنج ان أكبر فيلسوفا كان أعظم منه سلطانا مع أن أكبر
كان من أكبر سلاطين العالم وأحقهم بمكانة عليا في التاريخ. وقال الكونت
بوير مؤلف تاريخ أكبر: ان أكبر لم يخلق أكبر منه في الشعور الحقيقي
بالإنسانية
تشيعه
ذكر مؤرخو الفرنجة تحوله عن مذهب السنة إلى مذهب الشيعة
وجعله اللغة الفارسية لغة البلاط وفي كتاب حاضر العالم الاسلامي: ان
مؤرخو الفرنجة ذكروا انه كان ميالا إلى التصوف وان التصوف هو ارقى
طريقة اسلامية وذكروا انه قرب إليه فتح الله الشيرازي من أكابر علماء
الشيعة جاء من فارس واوطن في بيجابور فاستدعاه أكبر إليه وصار مستشاره
الشرعي وكذلك حظي عنده العالم الشيعي المسمى مبارك وولداه أبو الفائز
وكان شاعرا متصوفا وأبو الفضل وكان فيلسوفا على طريقة الصوفية عظيما ثم
حكى عنه كلاما في التصوف يخاطب به الباري تعالى ثم قال ويظهر ان أكبر
كان على هذه الطريقة اي طريقة التصوف اه
أقول مر في ترجمة الشيخ أبو الفضل بن مبارك بن خضر انه كان
معاصرا للسلطان جلال الدين محمد أكبر شاة ابن همايون شاة وانه ألف له
تاريخا فارسيا سماه الأكبري منسوبا إلى اسمه وان أباه مباركا كان له أحدهما
أبو الفيض كان مشهورا بحسن النظم والنثر والثاني أبو الفضل وقد ابدل في
الكلام السابق أبو الفيض بابو الفائز ويغلب على الظن ان الصواب أبو
الفيض وان أبو الفائز تصحيف لقلب غير العرب الضاد زايا والأمير
شكيب اخذ ذلك من الترجمة الإفرنجية فالتبس عليه أبو الفيض بابو الفائز
وكيف كان فلا ينبغي التوقف في تشيع أكبر شاة لما مر تيمور الكوركاني جده
كان شيعيا بلا ريب والسلسلة التيمورية الظاهر أنها كلها شيعة وما مر في
ترجمة أبو الفضل بن مبارك أيضا يدل على تشيع أكبر شاة نعم لا يبعد ان
يكون له ميل إلى طريقة التصوف
نسبة العقائد المعلوم بطلان بعضها إليه
بعد ما ذكر الأمير شكيب نقلا عن مؤرخي الإفرنجة اشتهار كون
أكبر على طريقة التصوف قال نقلا عنهم: وكانت له عقائد أخرى منها عدم
خلود الأنفس بالنار إذ كان يرى ذلك مخالفا للعدل الآلهي. ومنها تناسخ
الأرواح الذي اخذه عن البراهمة وقيل إنه كان يبيح الخمر واكل الخنزير وانه
أنكر قدم القرآن ومعجزات الرسول ص وأبطل كون الاسلام هو الدين
الرسمي للدولة في سنة ١٥٩٣ م أصدر أمرا بان كل من أجبر على الاسلام
من الهنود في مدة أسلافه يمكنه الرجوع إلى دينه. وانه تبحر كثيرا في مذهب
بوذا وكان يجله ويعظمه قال: والمظنون ان ما كان عليه أكبر من عقيدة
المساواة بين جميع الناس وبره بالمخلوقات كلها وتحربه من اكل لحوم
الحيوانات نظير أبي العلاء المعري انما كان مما رشح إلى دماغه من التعاليم
البوذية، ثم حكى عن دائرة المعارف الاسلامية الفرنساوية انه يمكن أن تكون
محبة أكبر للبحث عن الحق أكثر من عبقريته السياسة قد جعلت له
كل هذه الشهرة فإنه مما لا مشاحة فيه كونه ترك الاسلام ووضع عقيدة
سماها التوحيد الإلهي وهي اعتقاد مجرد بالإله مما اتفقت عليه كل
المذاهب ولكن لما كان الناس يريدون رمزا فهو يوصيهم بان يجعلوا الشمس
رمزا للآلهة وعلى الأرض النار التي هي من طبيعة الشمس فاما مبلغ نجاح
هذه الدعوة خارجا عن البلاط السلطاني فلا نعرفه وانما نعرف من باطنة
أكبر ثمانية عشر شخصا قيدوا أسماءهم في سجل المؤمنين أكثرهم أدباء
وشعراء ومنهم أمير اسمه عزيز كوكا كان سبب خروجه من الاسلام ما رآه
وهو في موسم الحج من الأحوال المؤسفة كتبليص الحاج من أموالهم.
وذهب بعضهم إلى أن مبارك الناقوري وأولاده ممن كانوا على فلسفة الصوفية
هم الذين ابعدوا أكبر من مذهب السنة والجماعة وقيل إن ما رآه من شدة
تعنت أهل السنة نفره منهم. وقيل إن حرية مذهب التصوف اثرت فيه
كثيرا وفي بطانته التي كان فيها كثير من الفرس فكان لهم ميل خاص إلى
عقيدته الشمس الفارسية ثم قال في الدائرة الا انه لم توجد ديانة شرقية
جذبته بمثل ما جذبته النصرانية الكاثوليكية اه.
أقول في هذه الأنقال من الخبط والخلط والتمويه ما لا يخفى.
إما انه كان يرى عدم خلود أحد بالنار لمنافاته العدل فلا يمكن تصديقه
(٩٤)

لاعتراف هذا الناقل ان مستشاره الشرعي كان من أكابر علماء الشيعة فلا
يمكن ان يخالفه ولا يمكن ان يشير عليه بما يخالف نص القرآن الكريم من
خلود بعض العصاة في النار واما الاعتقاد بتناسخ الأرواح اخذا عن البراهمة
فكذب وافتراء مناقض لما صح عنه وأقره هذا الناقل من اتباعه مذهب
الشيعة وجعله أحد أكابر علمائهم مستشاره الشرعي كاباحته الخمر والخنزير
والظاهر أن الذي ساق الناقل إلى نسبة ذلك إليه موافقته لعقيدته وفعله.
واما انكار قدم القرآن فهي مسالة خلافية بين المسلمين وذلك يؤيد كونه
على مذهب الإمامية إما انكار المعجزات فيناقض ما صح عنه من التشيع كما
مر إما ابطاله كون الاسلام هو الدين الرسمي للدولة فان صح فيجوز ان
يراد به بعض المذاهب التي عليها أكثر المسلمين أو يكون ذلك استصلاحا
للرعية التي أكثرها غير مسلمين إما عدم منعه من أجبر على الاسلام من
الرجوع إلى دينه فاعتذر عنه الأمير شكيب بقوله ان رينيه غروسه الفرنساوي
ذكر في هذا الباب جملة فيها شئ من الإنصاف فقال لا يمكن مقايسة هذا
الامر بالامر المعروف بأمر نانت، يشير إلى الامر الذي أصدره لويس الرابع
عشر مانعا اي دين كان في فرنسا غير دين الكثلكة. الا ان رينيه غروسه
لا يعلم أن أكبر خان بهذا الامر لم يخرج عن الاسلام لان الشعر يمنع دخول
الناس في الاسلام قسرا لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي وان
الاسلام ليس فيه ديوان تفتيش كما كان في إسبانية.
واما تبحره في مذهب بوذا فللإطلاع عليه اطلاعا كاملا لمعرفة فساده
إما انه كان يجله ويعظمه فلعله استفاده من تبحره في مذهبه أو انه كان
يصفه بالاقتدار حيث اخترع دينا اتبعه عليه أمة كبيرة مع كونه باطلا. إما
ظنه بان مساواته بين جميع الناس وبره بالمخلوقات كلها مما ترشح إلى ذهنه
من التعاليم البوذية فظن فاسد بل ذلك روح العقيدة الاسلامية الصحيحة
من أن الخلق كلهم عباد الله ومساواتهم في الحقوق والعدل بينهم وعدم ظلم
أحد من اي ملة أو دين كان والبر بجميع المخلوقات حتى الحيوانات
الصامتة والرفق بها وعدم تحميلها ما لا تطيق أمر واجب. إما التحرج من
اكل لحوم الحيوانات فلا نراه الا مكذوبا عليه وهو مناف لما صح عنه من
اتباع دين الاسلام، ولا شئ أعجب من قول دائرة المعارف: مما لا
مشاحة فيه كونه ترك الاسلام ووضع عقيدة سماها التوحيد الإلهي فإنه
كذب واختلاق مناقض لما ثبت عنه من تمسكه بالاسلام طول حياته ولعله
كان يرمي إلى جذب سائر المذاهب إليه بدعوتها إلى الاعتقاد بإله واحد
ويريد استصلاح المجوس بدعوتهم إلى ذلك والى ان الشمس والنار رمز
للآلهة اي مظهر من مظاهر عظمة الخالق لكونهما من أعظم المخلوقات. إما
الثمانية عشر شخصا الذين قيدوا أنفسهم في سجل المؤمنين فيمكن كونهم
اتبعوه على التشيع لا على الخروج من دين الاسلام لفساده من أصله فإذا
فسد الأصل فسد الفرع، ومما يدل على فساد هذه الدعوى التعليل العليل
الذي ذكرته الدائرة سببا لخروج عزيز كوكا من الاسلام وهو ما رآه في
موسم الحج فأي أحوال مؤسفة يمكن ان يراها عزيز كوكا في موسم الحج
وهل تبليص الحاج من أموالهم ان وقع هو من العقائد الاسلامية حتى
يوجب وقوعه خروج كوكا من الاسلام وهو من الأدباء الشعراء العقلاء وما
ندري ما تريد بتبليص الحاج من أموالهم ولعلها تريد ما تأخذه حكومة
الحجاز من ضرائب على الحجاج أو ما ينهبه الاعراب من أموالهم في بعض
الأحايين فان أرادت الأول فلتلك الحكومة أسوة بجميع حكومات العالم
من كل ملة وان أرادت الثاني فله أيضا أسوة بما يقع في أكثر أقطار الدنيا مع أنه
ان وقع شئ قبيح من المسلمين يقع مثله من غيرهم ولا يحله دينهم لا
يكون ذلك قدحا في دينهم ولا دين غيرهم ولكن صاحب الدائرة أراد القدح
في عقائد الاسلام وتهجينها ومنها الحج فتوصل إلى ذلك بهذا الذي زعم أنه
كان سببا لخروج بعض المسلمين عن الاسلام فلم يتم له ما أراد وعاد عليه
بالفساد. إما قوله مبارك الناقوري فصوابه الناكوري وهو الشيخ مبارك ابن
الشيخ خضر اليماني الأصل الهندي المسكن فان أباه الشيخ خضر جاء إلى
ناكور من بلاد الهند كما مر في ترجمة حفيده أبو الفضل بن مبارك بن خضر،
وأولاده هم أبو الفضل وأبو الفيض ابنا الشيخ مبارك ولئن كانوا ابعدوه من
مذهب السنة فقد قربوه من مذهب الشيعة ولم يخرجوه عن الاسلام كما مر
في ترجمة ابنه أبو الفضل، وهل هذا من الدائرة الا تناقض ظاهر. ومثل ما
مر في الفساد والبطلان قوله فكان لهم ميل خاص إلى عقيدة الشمس
الفارسية. إما قوله لم توجد ديانة شرقية الخ فهو كسابقه في تعليل خروج
عزيز كوكا عن الاسلام يراد به تحسين مذهبه وتهجين مذهب غيره فلا يمكننا
تصديقه فيه لصدوره عن هوى وغرض، وكل هذا تهافت وتناقض فهو تارة
يجعله تاركا لدين الاسلام مائلا إلى المجوسية واخرى مائلا إلى النصرانية
أكثر من ميله إلى كل الأديان واخرى تابعا مباركا وأولاده الذين هم
مسلمون شيعيون.
زعم من زعم تهافته على كل دين
فيما نقل في حاضر العالم الاسلامي عن مؤرخي الإفرنجة: يقال إن
تهافت أكبر على كل دين واخذه بكل عقيدة ونزوعه إلى كل فلسفة كانت فيه
حالة نفسية فطرية ناشئة عن شفوف صفحة طبيعته وسرعة انفعاله وكون
روحه إلى النفس الأخير نظير روح غوته شاعر الألمان بقيت تتطلب زيادة
الأنوار وتتلمس اكتناه الاسرار. وانه كان يعتقد باشراق الألوهية على كامل
الوجود وبان كل دين من الأديان هو عبارة عن بارقة من هذا الحق المنبث في
الكون ولم يبعد عن عقله امكان التأليف بين المذاهب قاطبة وتصور عقد
مجمع ديني لهذه الغاية وأمل ان يوحد بين جميع العقائد الدينية في نقطة عامة
وهذه النقطة العامة عنده على ما يقال مجوسية فارس. هكذا روى رينيه
غروسه في الفصل الثالث من تاريخ آسية الذي لخصه من ٣٦ تاريخا عن
الهند أكثر بالانكليزية وبعضها بالفرنساوية ومن هذا البعض كتاب مدنية
الهند لغستاف لوبون وآثار الهند اه وربما يستدل على ذلك بما مر من
امره بترجمة كتب البراهمة وتبحره في مذهب بوذا.
ونقول ان صح تهافته على معرفة الأديان فذلك لأنه يريد زيادة
التوثق من معرفة الصحيح منها ولأنه يعتقد ان الأديان السماوية كلها حق
إما انه يعمل بجميع الشرائع والأديان ويعتقدها حقا مع أن بعضها باطل
من أصله وبعضها منسوخ فلا يمكننا التصديق به لا سيما مع ما سبق من أنه كان يدين بالاسلام إما انه
كان يريد التأليف بين المذاهب فليس بممتنع إما
انه يربد توحيدها في نقطة عامة هي مجوسية فارس فكذب وافتراء بعد ما
علم من صحة اسلامه ولعل مثل هذه الإشاعات كانت تصدر عن أعدائه
في المذهب من المسلمين لا سيما ان صح ما قيل من شدة وطأته عليهم كما
يؤيد ذلك ما مر في ترجمة أبو الفضل ابن مبارك. وترجمته لكتب البراهمة
وتبحره في مذهب بوذا قد عرفت انه لا يدل على اعتقاد الصحة فيهما.
حاله مع النصرانية
في حاضر العالم الاسلامي عن مؤرخي الإفرنجة ان أكبر لم يغفل عن
(٩٥)

النصرانية ففي سنة ١٥٨٠ م ارسل إلى رهبان البرتغال الذين كانوا في
غوا يستقدم منهم من يفقه في عقيدتهم فلبوا دعوته وأرسلوا إليه بإنجيل
أمر بنقله إلى الفارسية ليفهمه ثم عهد إلى الرهبان اليسوعيين بتثقيف ابنه
مراد ثم أذن للجزويت بفتح مدارس في آغرا ولاهور وكامباي وكان يذهب
إلى كنائسهم ويقول مؤرخوهم انه كان يجثو فيها على ركبه وكذلك وفق
الجوزيت إلى تنصير أناس كثيرين في كامباي في أيامه اه أقول
ارساله بطلب من يفهمه عقيدة الرهبان وأمره بترجمة الإنجيل إلى الفارسية لم
يكن الا لمحبة الاطلاع على الأديان والتوثق من معرفة صحيحها وفاسدها
وله غايات كثيرة منها الرد واما انه عهد إلى اليسوعيين بتثقيف ابنه فان صح
فسبيله سبيل من يرسلون اليوم من امراء المسلمين وغيرهم أبناءهم إلى
مدارس اليسوعيين. كما يقول المثل العامي: الجمل في نية والجمال في نية
واما إذنه للجزويت بفتح المدارس فهو من باب طيبة القلب التي طبع
عليها المسلمون حينما يقول الجزويت اننا نريد خدمة الإنسانية وتعليم
الفقراء كما يقوله المثل السابق واما انه كان يجلس على ركبه في كنائسهم فهي
عادة للعجم في البيوت والكنائس والمساجد وكل مكان وما انهم وفقوا إلى
تنصير كثيرين فيصعب علينا تصديقه لأننا لا نجدهم وفقوا إلى تنصير أحد
عن عقيدة في هذه الأعوام والقرون مع كثرة ما يبذل من الأموال والجهود
محبته الاطلاع على جميع النحل والمذاهب
قال وامر بترجمة كتب البراهمة. الفيدا، والراماتية، والماهبارانة، إلى
الفارسية وسائر أصول الفلسفة الهندية وكان يقضي ساعات طوالا من الليل
يستفسر البراهمي العظيم (دابى) أحد اعلام الحكمة الهندية عن عقائد
تريمورتى كذلك تبحر كثيرا في مذهب بوذا وفي سنة ١٥٨٠ م ارسل إلى
رهبان البرتغال الذين كانوا في غوا يستقدم منهم من يفهمه عقيدتهم
فارسلوا إليه بإنجيل أمر بنقله إلى الفارسية ليفهمه. وقال رينيه غروسه انه
استقدم إليه من كوجرات الموذبان اردجير ليعلمه كتاب آفستا
السيد محمد الهندي
هو محمد بن هاشم بن شاجعة علي
محمد بن الهيثم العجلي
وثقه النجاشي في ترجمة ابن ابنه الحسن بن أحمد بن محمد ووثقه
العلامة في الخلاصة.
السلطان محمد واجد علي شاة ابن السلطان محمد علي شاة
هو آخر سلاطين الشيعة المستقلين بالهند ملك بعد وفاة أبيه في ٢٦
صفر سنة ١٢٨٣ له الموازنة بين العقل والنفس وله حزن اختر مثنوي ذكر
فيه ما جرى عليه من المصائب بيد الإنكلبيز.
ميرزا رفيع الدين محمد الواعظ القزويني
له كتاب أبواب الجنان منه نسخة في مكتبة الحسينية في النجف
الأشرف
محمد بن ورقاء الشيباني
كان أبو فراس الحارث بن حمدان قد شفع إلى سيف الدولة في بني
كلاب واستوهبهم منه فوهبهم له فاجتمع بهم محمد بن ورقاء فحدثوه بما
فعل معهم أبو فراس وشكروه عنده فكتب ابن ورقاء إلى أبي فراس يعرفه
شكر من لقيه من بني كلاب ويقول:
وأحسن ما يهدي إلى المرء ذكره * بكل فعال صالح وجميل
وان تنشر الاخبار عنه مضيئة * يسير بها الركبان كل سبيل
أبو علي محمد بن وشاح مولى أبي تمام الزينبي
توفي سنة ٤٦٣
ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة ابن عبد البر ووصفه بالمسند
وقال رافضي معتزلي عنده عوالي.
أبو القاسم محمد بن وهيب الحميري
ولد بالبصرة وتوفي سنة مائتين ونيف وعشرين ببغداد
في الأغاني: حدثني علي بن الحسين الوراق حدثنا أبو هفان قال كان
محمد بن وهيب يتردد إلى مجلس يزيد بن هارون فلزمه عدة مجالس يملي فيها
فضائل الخلفاء الثلاثة ولم يذكر شيئا من فضائل علي ع فقال فيه
ابن وهيب:
آتي يزيد بن هارون أدالجه * في كل يوم وما لي وابن هارون
فليت لي بيزيد حين أشهده * راحا وقصفا وندمانا يسلبني
أغدو إلى عصبة صمت مسامعهم * عن الهدى بين زنديق ومأفون
لا يذكرون عليا في مشاهدهم * ولا بنيه بني البيض الميامين
اني لاعلم اني لا أحبهم * كما هم بيقين لا يحبوني
لو يستطيعون من ذكري أبا حسن * وفضله قطعوني بالسكاكين
وفيه اخبرني محمد بن خلف بن المرزبان حدثني إسحاق بن محمد بن
القاسم بن يوسف قال كان محمد بن وهيب يأتي أبي فقال له أبي يوما انك
تأتينا وقد عرفت مذاهبنا فنحب ان تعرفنا مذهبك فنوافقك أو نخالفك فقال
له في غد أبين لك أمري فلما كان من غد كتب إليه:
أيها السائل قد بينت * ان كنت ذكيا
احمد الله كثيرا * بأياديه عليا
شاهدا ان لا إلها * غيره ما دمت حيا
وعلى احمد بالصدق * رسولا ونبيا
ومنحت الود قرباه * وواليت الرصيا
واتاني خبر مطرح * لم يك شيا
ان على غير اجتماع * عقدوا الامر بديا
فوقفت القوم تيما * وعديا واميا
غير شتام ولكني * توليت عليا
وجاء عنه في الجزء الثالث من البيان والتبيين: محمد بن وهيب
الحميري شاعر من متوسطي الشعراء في الدولة العباسية وكان أديبا بارعا
من أدباء الشيعة، نشأ بالبصرة وسكن بغداد وكان مختصا بالحسن بن
سهل، وهو من مؤدبي الفتح بن خاقان وزير المتوكل اه ومدح المأمون
والمعتصم وهو القائل:
(٩٦)

نراع لذكر الموت ساعة ذكره * وتعترض الدنيا فنلهو ونلعب
يقين كان الشك أغلب امره * عليه وعرفان إلى الجهل ينسب
وقد ذمت الدنيا إلى نعيمها * وخاطبني اعجامها وهو معرب
ولكنني منها خلقت لغيرها * وما كنت منه فهو شئ محبب
ويروي:
ونحن بنو الدنيا خلقنا لغيرها * وما كنت منه فهو شئ محبب
وله:
الا ربما كان التصبر ذلة * وأدنى إلى الحال التي هي اسمج
أيا ربما ضاق الفضاء باهله * وأمكن من بين الأسنة مخرج
وله في المأمون:
وبدا الصباح كان غرته * وجه الخليفة حين يمتدح
نشرت بك الدنيا محاسنها * وتزينت بصفائك المدح
وقال ابن وهيب أنا ابن قولي:
ما لمن محاسنه * أن يعادي طرف من رمقا
لك ان تبدي لنا حسنا * ولنا ان نعمل الحدقا
المولوي المفتي محمد ياسين صاحب البدايوني
له كتاب فلاح الدارين في مناقب آل العبا وحالات الشهداء بكربلا
بلسان أردو مطبوع
أبو بكر محمد بن يحيى بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول
تكين المعروف بالصولي الشطرنجي والصولي نسبة إلى جده صول تكين
ولد حدود ٢٥٥ بالبصرة في شهر رمضان ذكر ذلك القاضي التنوخي
أبو علي محسن ابن القاسم في كتاب الفرج بعد الشدة فقال كنت بالبصرة في
المكتب سنة ٣٣٥ وانا مترعرع افهم واحفظ ما اسمع واضبط ما يجري وكان
أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قد مات بها في شهر رمضان من هذه السنة
واوصى إلى أبي في تركته وذكر في وصيته انه لا وارث له اه
كان نديم الراضي بالله العباسي روى عن أبي داود السجستاني وأبي
العباس ثعلب وأبي العباس المبرد وقبل الراضي كان نديم المكتفي وبعد
الراضي نديم المقتدر
ومن مصنفاته كتاب الوزراء وكتاب أدب الكاتب وكتاب الأنوار
وكتاب اخبار أبي تمام وكتاب اخبار القرامطة وكتاب اخبار أبي عمرو بن
العلاء وكتاب العبادلة واخبار ابن هرمة واخبار السيد الحميري واخبار
إسحاق بن إبراهيم واخبار جماعة من الشعراء وغير ذلك كان ماهرا يلعب
الشطرنج حتى قال العوام انه واضعه لكن واضع الشطرنج بهرام الهندي
عمله لأردشير وبعض قال إن واضع النرد بزرجمهر. وكان عالما محدثا شاعرا
أديبا كاتبا منشئا وكان إبراهيم بن العباس الصولي عم أبيه وكان إبراهيم من
أصحاب الرضا ع روى أبو بكر كثيرا من اخبار الرضا ع بواسطة
إبراهيم وكان أبو بكر شيعيا وعده ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء
أهل البيت المتقين وذكر مؤلفاته ابن النديم في الفهرست وقال إنه روى
خبرا في علي فطلب ليقتل اه وروى الصدوق في العيون عن الثولي وهو
المترجم عن إبراهيم ابن العباس الصولي عن القاسم بن إسماعيل عن
إبراهيم بن العباس عن الرضا ع. وعن البيهقي عن الثولي عن أحمد
بن محمد بن اتلفرات والحسين بن علي الباقطاني عن إبراهيم بن
العباس. وعن الصولي عن أحمد بن فلحان عن إبراهيم بن العباس إلى
غير ذلك مما يجده المتتبع لكتاب العيون ومنه يعلم سعة رواية أبي بكر وذكره
المسعودي في مقدمة مروج الذهب في عداد المؤرخين وقال إنه سلك في
كتابه المترجم بالأوراق في اخبار الخلفاء بني العباس وبني أمية وشعرائهم
مسلك إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي النحوي الملقب نفطويه فذكر
غرائب لم تقع لغيره وأشياء تفرد بها لأنه شاهدها بنفسه وكان محظوظا من
العلم ممدوا من المعرفة مرزوقا من التصنيف وحسن التأليف اه.
وفي معجم الشعراء للمرزباني: أبو بكر شيخنا رحمه الله تعالى نادم
المكتفي بالله فكان واسع الرواية حسن الحفظ للآداب والافتنان فيها حاذقا
بتصنيف الكتب يوضع الأشياء منها مواضعها وله أبوة حسنة كان جده
صول وأهله ملوك جرجان ثم رأس أولاده بعده في الكتابة وتقلد الأعمال
الجليلة السلطانية وشعره كثير فمنه:
كان وعدي أول الشهر * بما هان مولد
فمضى غير ليال * عاد فيها البدر أرمد
ناحل الجسم له نور * على الأفق مقيد
مشبها نصف سوار * من نضار يتوقد
قد جلاه الفجر للناظر * في ثوب مورد
وكان الزهر من * أنجمه در مبدد
طالما مزق يوما * من ثياب الليل اسود
وأنشد لنفسه:
وإذا دنت سبعون من متأمل * أغضى فلم ير في اللذاذة مركضا
وجفاه نوم كان يألف جفنه * قدما وأضحى للحتوف معرضا
وأنشدني لنفسه أيضا:
يا بابنا والدهر في نقضه * واقفا يسرع في ركضه
يلهو وأيدي الموت أخاذة * من طوله طورا ومن عرضه
أ ما ترى الرأس ومسودة * طوع على الكر لمبيضه
محمد بن يحيى المعادي الكوفي
في رسالة أبي غالب الزراري انه تزوج فاطمة ابنة سليمان بن
الحسن بن الجهم بن بكير ابن أعين عند عود سليمان من خراسان إلى
الكوفة فأولدها محمد بن محمد بن يحيى وأخته فاطمة بنت محمد وقد روى
محمد بن يحيى طرفا من الحديث وروى محمد بن محمد بن يحيى ابن عمة
أبي أيضا صدرا صالحا من الحديث ولم تطل اعمارهما فيكثر النقل عنهما
العارف الشيخ محمد يحيى ابن الشيخ حسين الخمايسي
في نشوة السلافة: برع في العلم فبلغ ما أراد ونبغ في الشعر فنال منه
المراد فمن شعره قوله:
أ تدري الليالي اي خصم تشاغبه * وأي همام بالبلايا تواثبه
تجاهل هذا الدهر بي فتميلت * علي بأنواع الرزايا مناكبه
وظن محالا اتن أدين لحكمه * إذا لا عللا قدري ولا عز جانبه
(٩٧)

وما الدهر خصم أتقيه فشانه * وحربي فلا عاش امرؤ لا يحاربه
ويستقبل الخطب الجليل بثاقب * من العزم يعلو لأهب النار لاهبه
الشريف محمد الأصغر الأقساسي بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع
الأقساسي نسبة إلى اقساس مالك بفتح الهمزة وسكون القاف
وسينين مهملتين بينهما ألف، في عمدة الطالب قرية من قرى الكوفة، وفي
معجم البلدان قرية بالكوفة أو كورة يقال لها اقساس مالك منسوبة إلى
مالك بن عبد هند بن نجم بالجيم بوزن زفر بن منعة بن برجان بن
الدوس بن الديل بن أمية بن حذافة بن زهر بن اياد بن نزار. والقس تتبع
الشئ وطلبه وجمعه اقساس وينسب إلى هذا الموضع أبو محمد يحيى بن
محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الأقساسي توفي سنة نيف وسبعين
وأربعمائة بالكوفة وجماعة من العلويين ينسبون كذلك إليها اه وفي
عمدة الطالب ان محمدا الأصغر معقب مكثر وولده سادة معظمون
جمال الدين محمد بن يحيى بن مبارك الحمصي
كان حيا سنة ٦٧٩
كان فاضلا من أكابر الشيعة وكان أديبا شاعرا ذكره أبو ذر في كنوز
الذهب في تاريخ حلب عند كلامه على مدرسة ابن النقيب فقال فيما حكي
عنه انه لما توفي أبو القاسم بن حسين ابن عود الحلي بجزين وكان فقيها
متكلما من رؤساء الشيعة وشيخهم رثاه الجمال إبراهيم العاملي بقصيدة
أولها:
عرج بجزين يا مستبعد النجف * ففضل من حلها يا صاح غير خفي
في أبيات ذكرناها في ترجمة إبراهيم المذكور التي تأخرت عن موضعها
في الجزء الخامس فذكرت في غيره، قال لما بلغت هذه الأبيات جمال
الدين محمد بن يحيى بن مبارك الحمصي وهو من أكابر أهل مذهبهم قال ردا
على ناظمها:
ارى تجاوز حد الفكر والسخف * من قاس ابن العود بالنجف
ما راقب الله ان يرمى بصاعقة * من السماوات أو يهوى بمنخسف
واعجب لجزين ما ساخت بساكنها * بجاهل لعظيم الزور مقترف
وقد تحيرت فيما فاه من سفه * ومن ضلال والحاد ومن سرف
ومنها:
ما أنت الا كمن قد قاس منطقة البيت * المحرم ذا الأستار بالكنف
أو من يقيس النجوم الزاهرات إذا * سمت إلى أوجها والسعد بالخزف
ولم أوفك ما استوجبت من قذع * ولست أجمع سوء الكيل والحشف
وما أردت بهذا الغض من رجل * يمثله خلف من غابر السلف
ما كان هجوي له الا ليقلع عن * تكفير أهل الهدى والدين والصلف
وان عتبت عليه وهو يسمعني * لقد بكيت عليه وهو في الجذف
ومنها:
فان حملتم على ما قلته غرضي * لقد لجأتم من الحسنى إلى كنف
وان ظننتم بي السوء فلست إذا * أرضيت حيدرة الهادي بذي اسف
ثم قال: قلت اختلفوا في مكان قبر علي رضي الله عنه، قال مؤلف
هذا الكتاب: لم يختلف في قبر علي ع أحد ممن يعتد بقوله وعامة
أهل العلم وجميع العلويين والشيعة على أن قبره بالنجف إما تحامل صاحب
الترجمة على جمال الدين إبراهيم بن الحسام العاملي في قوله: عرج بجزين
يا مستبعد النجف البيت ونسبته إلى الكفر والالحاد لأجل هذا البيت
الذي ليس في قصيدته ما يمكن ان ينتقد سواه فافراط منه وغلو لا بد ان
يسأله الله عنه وليس في هذا البيت ما يوجب انتقادا فضلا عن التكفير
والالحاد فالناظم لم يساو قبر هذا العالم علي ع بل قال إن من
صعب عليه الوصول للنجف فليعرج على جزين وهذا مذهب شعري
تتوخاه الشعراء فلا يعظم ان يقال مثله في قبر فقيه متكلم متعبد يقوم الليل
امضى نيفا وتسعين من عمره في خدمة الدين على أنه قد ورد ما مضمونه ان
خادم القوم منهم وتابعهم لاحق بهم وقد قال ص
سلمان منا أهل البيت. وما فعل مع ابن العود بحلب ونسب إليه لم يكن
الا بأسباب العدواة والعصبية الذميمة.
المولى محمد يحيى بن محمد شفيع القزويني
له ترجمان اللغة شرح للقاموس بالفارسية كتبه بأمر الشاة حسين
الصفوي بمدة واحد وثلاثين شهرا وعشرة أيامك فرع منه في ربيع الأول
سنة ١١١٧
تاج الشعراء آقا محمد اليزدي
الملقب جيحون توفي حدود سنة ١٣١٨
من شعراء الفرس له ديوان شعر بالفارسية.
القاضي ابن كاشف الدين محمد اليزدي
كان من تلاميذ البهائي له التحفة المحمودية في بيان الصبح والشفق
واختلاف أزمتهما الفها باسم اعتماد الدولة محمد بيك الوزير الأعظم للشاه
عباس الأول منها نسخة في المكتبة الرضوية مخطوطة وقد ذكر اسمه فيها في
مكانين انه قاضي ابن كاشف الدين محمد اليزدي فيحتمل ان اسمه قاضي
ويحتمل انه كان قاضيا واسمه غير ذلك.
أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير الثمالي الأزدي البصري
المعروف بالمبرد.
توفي سنة ٢٨٤ ببغداد.
روى عن الرضا ع قال سئل علي بين موسى الرضا أ يكلف الله
العباد ما لا يطيقون فقال هو اعدل من ذلك قيل له فيستطيعون ان يفعلوا
ما يريدون قال هم أعجز من ذلك. عن رياض العلماء في باب الألقاب:
الامام النحوي اللغوي الفاضل الامامي المقبول القول عند الفريقين وانما
سمي المبرد لأنه لما سأله المازني عن دقيق أصول الدين وعويص أمر الإمامة
وأجاب بأحسن جواب قال له قم فأنت المبرد اي المثبت أمر الإمامة
والعقائد الحقة.
ومن شعره قوله:
(٩٨)

واني للباس على المقت والأذى * بني العم منهم كاشح وحسود
أذب وارمي بالحصى من ورائهم * وابدأ بالحسنى لهم وأعود
محمد بن يعقوب الكليني.
توفي في بغداد سنة ٣٢٨ ودفن بباب الكوفة.
هو أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي البغدادي
ويعرف أيضا بالسلسلي لنزوله درب السلسلة ببغداد.
والكليني نسبة إلى كلين كزبير قرية في دهستان فشابويه من ناحية الري.
ويظهر ان نشأته الأولى كانت في كلين ثم توجه إلى بغداد لطلب
العلم حتى توفي فيها فان والده يعقوب كان من علماء الري ساكنا في كلين
ودفن فيها وصار قبره معروفا مشهورا يزار وذكر الشيخ عباس القمي في
كنا به تحفة الأحباب الفارسي ان قبره صار الآن في أحد دور طهران
بالقرب من حسن آباد واقعا على الطريق المنتهي إلى هذه القرية.
أقوال العلماء في حقه ثقة الاسلام شيخ المحدثين الاعلام. قال النجاشي: شيخ أصحابنا
في وقته بالري ووجههم وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم صنف
الكافي الكبير في عشرين سنة. وقال الطوسي: جليل القدر عالم
بالاخبار. وقال ابن طاووس: الشيخ المتفق على ثقته وأمانته وقال
الحافظ ابن حجر العسقلاني: هو من رؤوس فضلاء الشيعة في أيام
المقتدر. وعن ابن الأثير في جامع الأصول: هو الفقيه الامام على مذهب
أهل البيت عالم في مذهبهم كبير فاضل عندهم مشهور، وعده في حرف
النون من كتاب النبوة من المجددين لمذهب الامامية على رأس المئة الثالثة.
وكذلك الطيبلي في شرح المشكاة. وقال المحقق الكركي: لم يعلم في
الأصحاب مثله. وقال والد البهائي: هو شيخ عصره ووجه العلماء كان
أوثق الناس في الحديث وانقدهم له واعرفهم به. وقال النجاشي: كنت
أتردد إلى مسجد اللؤلؤي اقرأ القرآن على صاحب المسجد وجماعة من
أصحابنا يقرأون الكافي على أبي الحسن احمد ابن الكوفي الكاتب. وقال
بحر العلوم الطباطبائي: ثقة لاسلام شيخ المشائخ الأعلام ذكره أصحابنا
وغيرهم واتفقوا على فضله وعظيم منزلته وقبره الآن مزار معروف بباب
الجسر ببغداد وهو باب الكوفة. وقال الطوسي توفي ببغداد: ودفن بباب
الكوفة في مقبرتها قال ابن عبدون رأيت قبره في صراة الطائي وعليه لوح
مكتوب عليه اسمه.
مؤلفاته
١ الكافي ٢ تفسير الرؤيا ٣ الرد على القرامطة ٤
رسائل الأئمة ٥ كتاب الرجال ٦ ما قيل في الأئمة من الشعر.
الشيخ محمد بن يوسف الحصري النجفي
وجدنا بخطه خلاصة البهائي في الحساب وفي آخر النسخة كتبها بيده
لنفسه العبد الفقير إلى الله الغني محمد بن يوسف الحصري في النجف
الأشرف في شهر رجب سنة ١١٠٣ ووجدنا بخطه كتاب تشريح الأفلاك
للبهائي وباخر النسخة: تمت الرسالة بعون الله وحسن توفيقه على يد
الفقير إلى الله الغني محمد ابن الشيخ يوسف الحصري في شهر رجب
المرجب سنة ١١٠٣ في المشهد الغروي، ووجدنا بخطه رسالة في معرفة
أقبلة بالدائرة الهندية للشيخ أبو الخير محمد بن محمد الفارسي. ووجدنا
بخطه كتاب المواريث من الحبل المتين للشيخ البهائي ووجدنا شرحا لقواعد
ابن هشام الأنصاري اسمه أقرب المقاصد لشرح القواعد أوله قال سيدنا
وشيخنا الامام العلامة وآخره كتبه الفقير الحقير تراب اقدام المؤمنين
معتوق بن حمزة بن مير علي الكاظمي تذكرة للأخ الصالح الناصح الشيخ
محمد ابن المرحوم الشيخ يوسف الحصري وذلك في مدة اجتماعه معنا في
الكاظمية على مشرفها أفضل الصلاة والسلام وفرع كتابه يوم الاثنين ١٧
جمادى الأولى سنة ١٠٩١ والحمد لله رب العالمين.
الملا محمد يوسف السوادكوهي الآشتي المازندراني الطبرسي
كان هو واخوه الملا محمد امين من مشاهير علماء عصرهما تلمذا على
صاحب الجواهر وماتا في أواسط سلطنة ناصر الدين شاة القاجاري.
الشيخ محمد ابن الشيخ يوسف ابن الشيخ جعفر بن علي بن حسين بن محيي
الدين بن عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن محمد بن أبي الجامع الحارثي
الهمداني العاملي النجفي.
توفي سنة ١٢١٩ ورثاه السيد حسين ابن السيد داود مؤرخا عام
وفاته بقصيدة يقول فيها:
وبموته غشى الضلال فارخوا * طمست لموت محمد سبل الهدى
ذكره الشيخ جواد في ملحق أمل الآمل فقال: كان عالما فاضلا فقيها
جليلا معظما شاعرا أديبا كاتبا حسن الخط قرأ هو والسيد مهدي الطبطائي
والشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء عند الآقا باقر البهبهاني في كربلاء
هاجروا إليها جميعا وقرأوا عنده إلى أن توفي فرجعوا إلى النجف وكان يتولى
القضاء والفتيا بالنجف والسيد مهدي والشيخ جعفر شريكاه في الدرس عند
البهبهاني يأمران بالرجوع إليه في الفتيا والقضاء وكان معروفا بقوة الحدس
والتفرس. وكتب الفاضل الشبيبي في مجلة الحضارة انه من علماء العصر
الماضي وكبار أدبائه معاصر لبحر العلوم والشيخ جعفر الكبير وكان
علاوة على تبحره في الفقه من أعيان أدباء النجف وله مراسلات ومشاعرات
كثيرة مع علماء عصره وأدبائه وله موال كثير. ومن شعره قوله في رحلة
بطريق مكة المكرمة:
ولما نزلنا مصلى الغري * ونادى منادي الرحيل البدارا
ترامت جفون وأودت نفوس * وريعت قلوب فظلت حيارى
كأني بصحبي وقوفا هناك * تراهم سكارى وما هم سكارى
وراموا الرداع قبيل الرحيل * ترى هل يبل الوداع الأوارا
لقد أكثر الناس ذم الفراق * وعندي لذاك يد لا تبارى
ولست أبالي بوقع الخطوب * إذا ما شفيع الذنوب أجارا
حبيب الاله وداعي الأنام * وراعي العباد وغوث الأسارى
حباه الاله المقام الكريم * واوصى إليه العلوم الغزارا
دنا قاب قوسين من ربه * فحاز بذاك الدنو افتخارا
له من جنود الاله جنود * وتخفق منه القلوب انذعارا
تحدى بأي الحكيم * فأعجز من رام جريا وبارى
له المعجزات ملأن البلاد * فمن ذا يروم لهن انحصارا
تخيرك الله ممن هداك * فكانوا الخيار وكنت الخيارا
وقال وأرسلها إلى الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء من النجف إلى
بغداد:
سلام على دار السلام ومن بها * وبالرغم مني ان أسلم من بعد
(٩٩)

نأيتم فافراحي نأت ومسرتي * واني وحق الود باق على الود
أود بان ألقاكم لمح ناظر * لعل لقاكم ان يخفف من وجدي
خليلي قولا للمؤيد جعفر * مقالة ذي نصح يهدى إلى الرشد
تبغددت حتى قيل انك قاطن * وجانبت أهل العلم والنسك والزهد
فجد إلى الوجه الذي ألنت قاصد * فليس لنيل المكرمات سوى الجد
ومن شعره قوله وقد مر على دار صديقه الحميم السيد محمد زيني
وكان غائبا:
بما بيننا من خالص الود لا نسلو * وغير أحاديث الصبابة لا نتلو
مررت على مغناك لا زال آهلا * فهاج غرامي والغرام بكم يحلو
وعيشك اني ما توهمت آنفا * بعادك عني أو رباع الهوى تخلو
وما جعفر في وده الدهر صادقا * وما صادق من لم يكن في الهوى يغلو
وقد شطر هذه الأبيات الشيخ محمد رضا النحوي ثم شطر الأصل
والتشطير السيد محمد زيني اعرضا عن ذكرها خوف الإطالة
وله:
ان تر الفقر جاء بالمكروه * وطلبت الغنى بوجه وجيه
عد عن شر كل وجه قبيح * واطلب الخير من حسان الوجوه
وله معنى فارسي:
الفقير النجيب يشبه غصنا * طبعه يثمر الورود اللطيفة
والغني اللئيم ما هو الا * كالخلا كلما امتلا زاد جيفه
وكتب إلى السيد حسين ابن السيد سليمان ابن السيد داود يطلب منه
سعفا للوقود:
قل للحسين أخي الاحسان والشرف * لا تنس ما بي من الاخلاص والشغف
حاشا علاك من الاحجام عن صلتي * بعد التعاهد والاتحاف بالتحف
لا زلت تنجز ما وظفت من عدة * هلا تفضلت بالاسعاف بالسعف
فعجل البر قبل البرد مبتدرا * فالشيخ يشفي بلا نار على التلف
كم للأكارم من أهليك من هبة * جادوا بها سلفا ناهيك من سلف
نسجت مجدا على طرز الذي نسجوا * فأنت تخلفهم بوركت من خلف
طربت حجتي يراعي ظل ممتدحا * لا تحسبن كان إلحاحي من الصلف
قد صنت عرضك عن شح يدنسه * حتى جنحت إلى التبذير والسرف
فاجابه السيد حسين يقول:
محمد يا زكي الوسط والطرف * لا تجعلن ودنا وقفا على طرف
من سره ان يرى كل الورى جمعت * في واحد فلير ما فيك وليقف
من همه في اكتساب المجد مرتقيا * وهم بعضهم في النوم والعلف
وللمترجم كتاب السحابة الروية في شرح اللمعة البهية
الشيخ محمد بن الشيخ يوسف
كان من أفاضل علماء عصر الطباطبائي وشعرائه وهو أبو أسرة تعرف
اليوم في النجف بال الخادم
الملا محمد يوسف الاسترآبادي النجفي الحائري
توفي بعد سنة ١٢٨٦ بقليل وقد ناهز الثمانين كان عالما فاضلا
مؤلفا صنف في جملة من أبواب الفقه بطريق البسط واستقصاء الأقوال
والأدلة وتحقيق الحقائق. وجد من مصنفاته كتاب القضاء والشهادات من
أحسن ما صنف في هذا الباب. كان من تلامذة صاحب الجواهر ثم لازم
الشيخ مرتضى الأنصاري فصار من خواص أصحابه وهو الذي أرسله إلى
كربلاء.
له رسالة في المواريث بالفارسية سؤال وجواب مخطوطة وله رسالة
صيغ العقود بالفارسية وله القضاء والشهادات في مجلد كبير
محمد بن يوسف الخطي البحراني
توفي سنة ١١٣٠ كان عالما رياضيا وفقيها محدثا ذكره صاحب اللؤلؤة
وخاتمة المستدركات وتتمة أمل الآمل قال في لؤلؤة البحرين: كان ماهرا
في العلوم العقلية والرياضية والهندسية والحساب والعلماء تقرأ عليه ولكنه
لم يؤلف
الشيخ أبو الحسن محمد بن يوسف البحراني العسكري
نسبة إلى عسكر من قرى البحرين يروي بالإجازة عن الشيخ البهائي
اجازه بثلاث إجازات سنة ٩٩٨ وسنة ٩٩٩ وسنة ١٠٠٠ له زبدة الدعوات
محمد يوسف بن الحسين الطهراني
له كتاب موسوم بنقد الأصول في علم المنطق قال في أوله انه صنف
كتاب الفصول في المنطق بوجه التفصيل ثم اختصره في هذا الكتاب وسماه بنقد
الأصول في تلخيص الفصول فرع من الجزء الثالث منه يوم الاثنين ٢٢
جمادى الثانية سنة ١١٠٤ ذكره السيد حسن الصدر وقال إن كتابه هذا في
جملة من العلوم العقلية والنقلية وهو يدل على فضل مؤلفه ولعل له تأليفات
أخرى
أبو بكر محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن مسدى الأزدي المهلبي
الأندلسي الغرناطي مسدى بالفتح وباسكانه ومنهم من يضمه وينونه
ولد في حدود سنة ٥٩٣ وقتل سنة ٦٦٣ عن نحو من سبعين سنة.
ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ ووصفه بالحافظ العلامة الرحال أحد من
عني بهذا الشأن قال كتب عن خلق بالأندلس سنة نيف وعشرة بعد
الستمائة وارتحل بعد العشرين ولحق جماعة بحلب ودمشق ومصر والثغر
وتونس وتلمسان وعمل معجمنا في ثلاث مجلدات كبار وله تصانيف كثيرة
وتوسع في العلوم وتفنن وله اليد البيضاء في النظم والنثر ومعرفة بالفقه
وغيره وفيه تشيع وبدعة. روى عنه جماعة كان يدخل إلى الزيدية فولوه
خطابة الحرم فكان ينشئ الخطبة في الحال أراني عفيف الدين له قصيدة
نحوا من ستمائة بيت ينال فيها من معاوية وذويه ورأيت بعض الجماعة
يضعفونه في الحديث وانا فرأيت له اوهاما قليلة في معجمه. قتل غيلة وطل
دمه ومن شعره:
يا ذا الذي لم يزل في ملكه أزلا * ما ذا أقول ولا أحصي الثناء ولا
علوت قدرا فما قدر العقول وقد * عقلتها فيك عن مفهوم قول علاء
لا الوهم فينا دليل كان يرشدنا * إليك في المعتالي عن حرف من والى
حمى منيع فلا يرقى لمعقله * من كان سلم تسليما لمن عقلا
سبحانك الكل دل الكل منك على الخصوص * منك فحسب العلم ما جهلا
ظهرت في كل شئ تجتليه كما * بطنت في كل معنى دق محتملا
(١٠٠)

يا أولا كان في التنزيه أوله * وآخرا فيه لا من حيث قد عقلا
عرفتني بك إذ عرفتني بي في * ضرب المثال فكم اضرب لك المثلا
حصلت منك على كنز اليقين فما * بقي على الدهر بالانفاق ما حصلا
من ضل يحسب اعراضا يعددها * فحسبي الله لا ابغي به بدلا
أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان المقري
الأثري الغرناطي
في الجزء الأول من كتاب نفح الطيب: قال الفاضل كمال الدين
الأدفوي: وجرى على مذهب كثير من النحويين في تعصبه للإمام علي
التعصب المتين قال: حكي لي أنه قال لقاضي القضاة ابن جماعة ان عليا
عهد إليه النبي ص ان لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق، أ تراه ما
صدق في هذا فقال صدق قال فقلت له فالذين سلوا السيوف في وجهه
يبغضونه أو يحبونه
محمد يوسف بن محمد إبراهيم
له كتاب أنوار النجاة في أصول الدين فارسي رأينا منه نسخة في
طهران في مكتبة الحاج ميرزا أبو الحسن الرشتي المعروف بشريعة مدار فرع
من تاليفها سنة ١١٨٨ في بلدة شاة جهان آباد وفرع منها كاتبها سنة
١٢٥٨.
المولى محمد يوسف ابن آغا محمد بيك الدهخوارخاني
له كشف الغموض وبيان الرموز في الأصوليين والفقه كبير في مجلدين
مشتمل على رسالته الفارسية فلي الرد على النصارى التي هي ترجمة للرسالة
العربية التي كتبها بأمر الشاة سليمان الصفوي.
السيد شرف الدين محمد بن يوسف الإيلاقي تلميذ ابن سينا
توفي سنة ٤٢٧ له الفصول الايلاقية في كليات الطب ولها شروح
منها شرح الحمصي الرازي المرسوم بالأمالي العراقية في شرح الفصول
الايلاقية وشرح ابن العتائقي الموجود في الخزانة الغروية.
الشيخ محمد يونس الحميدي
له حجة العصام في أصول الاحكام في الفقه في ثلاث مجلدات وشرح
تهذيب المنطق المسمى بميزان العقلو وشرح التهذيب المسمى ببراهين
العقفول
الشيخ محمود ابن الشيخ إبراهيم النجفي
توفي سنة ١١٢٢ ذكره جامع ديوان السيد نصر الله الحائري فقال:
الكامل الفاضل رب الندى والجود اه ولما توفي قال السيد نصر الله
الحائري مؤرخا وفاته:
لا غرو أن أضحت دموعي ذرفا * فقد قضى الحائز كل فخر
محمود المحمود والحبر الذي * يمينه تزري بكل بحر
كأنه الخنساء في محرابه * وقلبه يوم الوغى كصخر
زبدة أهل الزهد فيه اتضحت * معالم الدين عقيب ستر
لفقده قال التقى مؤرخا * شمس علاء حجبت ببدر ١١٢٢
محمود بن إبراهيم بن محمد الشيرازي
قتل على التشيع بدمشق في جمادى الآخرة سنة ٧٦٦ ذكر ذلك ابن
حجر في الدرر الكامنة وقال كان منقطعا في مدرسة أبي عمر اه ويظهر
من جملة من التراجم ان أهل دمشق قد ثار ثائرهم على الشيعة في المائة
الثامنة فقتلوا الجم الغفير من علمائهم على التشيع منهم المترجم ومنهم
الشهيد الأول ومنهم حسن بن محمد بن أبي بكر السكاكيني وكثيرون تطلع
عليهم في تضاعيف هذا الكتاب كل ذلك بفتاوى علماء السوء واحكام قضاة
الجور وتعصب العامة العمياء.
الميرزا محمود بن أبي القاسم الطهراني المعاصر
له كتاب كشف الارتياب عن تحريف كتاب رب الأرباب يرد به على
كتاب فصل الخطاب لميرزا حسين النوري منه نسخة مخطوطة عند الشيخ
عبد المولى الطريحي فرع منه مؤلفه ١٧ جمادى الآخرة من السنة الثانية من
المائة الرابعة بعد الألف هجرية وعليه تقريظ للسيد أبو طالب الموسوي
الزنجاني.
العارف الشيخ محمود بن أحمد الحويزي
ذكره في نشوة السلافة فقال: نبغ في الأدب وتتبع كلام العرب له
نظم يعجب ونثر يطرب فمن شعره هذه الأبيات مدح بها صاحب النشوة
وكتابه نتائج الأفكار في محاسن النظم والاشعار:
تبدت فتاة الحي في الحلل الخضر * والحاظها والقد بيض على سمر
غزالة انس قد تبدت لناظري * تلا لفؤادي طرفها آية السحر
وبي نشوة يا صاح من خمر ريقها * معي ابدا تبقى إلى آخر الدهر
واني لعذري الهوى غير منثن * إذا حنت ميثاق فما عذري
فما انثني الا إذا كنت مبصرا * خرائد فكر ضمها أحسن الخدر
كتاب جليل ما علمنا نظيره * حوى أحسن المنظوم مع أحسن النثر
دقيق المعاني رائق اللفظ كيف لا * وصاحبه قدما غدا حائز الفخر
جليل نبيل ماجد ركب اسمه * من اسم رسول الله مع صنوه الطهر
على المعالي من تبدى محله * على هامة الجوزاء والأنجم الزهر
ترى شعره قد فاق أشعار غيره * وهل لغدير الغيث قرب من البحر
وهل للسهى ضوء يضاهي سنا ذكا * وهل لنجوم الليل نور مع الفجر
فكتبت إليه على الفور:
أ محمود قد سهلت للشعر مسلكا * وقد كان للنظام ذا مسلك وعر
وقد حكت في وصفي برودا من الثنا * تحاكي رياضها جادها صيب القطر
فكم غصت في بحر المعاني ولجه * فأخرجت در النظم من لجة الفكر
ويكفيك ما قد قلته في مديحكم * لاني فريد العصر في النظم النثر
الشيخ محمود الحويزي
ذكره جامع ديوان السيد نصر الله الحائري فقال: صاحب المهابة
والفصاحة والجود المولى الأمجد الأسعد الشيخ محمود اه
كان شاعرا أديبا ارسل إلى السيد نصر الله الحائري قصيدة فاجابه
السيد نصر الله بهذه الأبيات:
أ روض من قريضك قد زها لي * أم الراح الأنيقة من خطابك
أم الدر المنضد أم نجوم * ثواقب قد بدت بسما كتابك
(١٠١)

كتاب فيه سحر بابلي * لهذا قد عجزنا عن جوابك
ولكن صار زادي الهم لما * ذكرت بأنه زاد الجوى بك
ولا عجب فأنت الروح مني * وفي ليل العنا لاح السنابك
وأنت إذا بعدت فخيل همي * تصير مهجتي تحت السنابك
فيا لك من فتى قد طلت باعا * فكف النجم تقصر عن جنابك
وأنت ربيع إفضال وفضل * لكل الناس قد لذ الجنى بك
وأنت أبو الثنا المحمود عندي * فماء الغيث دون مدى سرابك
وأنت البحر لكن برق يمن * وايمان تبدى من سحابك
وأنت سماء محمد فالدراري * فراش طائف بسنا شهابك
وأنت الليث لكن قد عجبنا * بغزلان غدت ترعى بغابك
وأنت الشهد للأحباب لكن * تجرع من يعادي مرصابك
وانك فقت أهل النظم حتى * رأينا الخمر تسكر من شرابك
نظمت فدانت الشعراء طرا * لديك فابن بابك ابن بابك
وقد ألجمت من ناواك حتى * مشى من جل منهم في ركابك
فلا زالت خيول المدح يثني * أعنتها القريض إلى جنابك
وقال السيد نصر الله مخاطبا المترجم:
محمود يا مرخصا نفسي بجفوته * وهي التي في ثناه بالغت وغلت
عجل لنا بسلام على نار جوى * قلبي تعود سلاما بعد ما اشتعلت
محمود بن إسماعيل بن قادوس الدمياطي المصري
توفي سنة ٥٥٣ بمصر.
في الطليعة: كان عالما فاضلا كاتبا شاعرا ولي الكتابة للفاطميين
بمصر وكان أستاذ القاضي الفاضل فمن شعره قوله:
وليلة كاغتماض الجفن قصرها * وصل الحبيب ولم تقصر عن الأمل
فكلما رام نطقا في معاتبتي * سددت فاه بنظم اللثم والقبل
وبات بدر تمام الحسن معتنقي * والشمس في فلك الكأسات لم تفل
فبت منها ارى النار التي سجدت * لها المجوس من الأشواق تسجد لي
ونسب إليه في الطليعة الأبيات الأربعة اللامية المتقدمة في الجزء
السادس الا انه اورد البيت الأخير هكذا:
وعلى الملائك ان تؤدي وحيه * وعليكم التبيين والتأويل
ونسب إليه في الطليعة أيضا الأبيات الثلاثة الميمية التي
تأتي وهي التي اوردها صاحب المناقب لابن قادوس في سيرة الحسين ع.
ونسب إليه في الطليعة أيضا هذه الأبيات والثلاثة الأولى منها مرت في
الجزء السادس:
يا سيد الخلفاء طرا * بدوهم والحضر
ان عظموا ساقي الحجيج (١) * فأنت ساقي الكوثر
أنت الامام المرتضى * وشفيعنا في المحشر
وولي خيرة احمد * وأبو شبير وشبر
والحائز القصبات في * يوم الغدير الأزهر
والمطفئ الغوغا ببدر * والنضير وخيبر
واعلم أن ابن شهرآشوب في المناقب ذكر ابن قادوس في أربعة
مواضع في موضعين بعنوان القاضي ابن قادوس المصري وفي موضعين
بعنوان القاضي ولكن المراد هو المذكور في الموضعين الآخرين ونسب إليه في
أحدها الأبيات الرائية الثلاثة المارة في الجزء السادس ونسب إليه في ثانيها
الأبيات اللامية الأربعة هناك ونسب إليه في أحوال الحسين ع
قوله:
هي بيعة الرضوان ابرمها التقى * وأنارها النص الجلي فالجما
ما اضطر جدك في أبيك وصيه * وهو ابن عم أن تكون له ابنما (٢)
وكذا الحسين وعن أخيه حازها * وله البنون بغير خلف منهما
وأورد له في أحوال الصادق ع هذه الأبيات:
لمثل علاكم ينتهي المجد والفخر * وعند نداكم يخجل الغيث والبحر
وعمر سواكم في العلا مثل يومكم * إذا ما علاء قدر يومكم عمر
ملكتم ولا عدوى حكمتم ولا هوى * علمتم ولا دعوى عملتم ولا كبر
أياديكم بيض إذا اسود حادث * وأسيافكم حمر وأكنافكم خضر
وذكركم في كل شرق ومغرب * على الخلق يتلى مثلما تلي الذكر
ودينكم شكر الاله وحمده * إذا غيركم ألهاه عن شكره أمر
وحينئذ فابن قادوس المذكور في المناقب يمكن انه محتمل لكل من
محمود واسعد المار ذكرهما ويمكن ان يرجح الثاني بوصفه بالقاضي. في كلام
ابن شهرآشوب المتقدم وكون محمود لم يوصف بالقاضي وانما ذكر في
الطليعة انه كان كاتبا للفاطميين المصريين لكن يبعد ذلك ان أسعد توفي سنة
٦٣٩ كما سمعت وابن شهرآشوب توفي سنة ٥٨٨ قبل وفاة أسعد بإحدى
وخمسين سنة ويمكن دفعه بان يكون ابن شهرآشوب نقل عن ابن قادوس
قبل وفاة ابن قادوس ثم توفي قبل ابن قادوس وكلاهما معمر فاسعد عمر ٩٦
سنة وبان شهرآشوب مائه الا عشرة أشهر ويمكن كون أسعد من ذرية
محمود والله أعلم.
محمود المشهور بابن أمير الحاج العاملي
في اللؤلؤة وصفه بالشيخ العالم التقي الأورع اه وهو من مشايخ
الإجازة يروي عن الشيخ حسن بن العشرة وعن الشهيد الأول محمد بن
مكي ويروي عنه فخر الدين احمد الشهير بالسبعي البحراني ولم يذكره
صاحب أمل الآمل.
محمود الجبستري
والجبستر بلدة بنواحي تبريز. له رسالة منظومة فارسية اسمها
گلشن داز روضة الاسرار وهي جواب مسائل في العرفان من أمير حسين
هروي من أكابر العرفاء، والمترجم أيضا كان من العرفاء، نظمها سنة
٧١٧ في شوال ومع أنه نظمها على البديهة فشعرها عند الفرس شعر عال
مشتمل على مضامين عالية وقد شرحها عدة من العرفاء منهم السيد محمد
نودبخش وقد طبع شرحه في طهران إما المتن فرأينا منه نسخة مطبوعة في

(١) المراد به العباس بن عبد المطلب.
(٢) كأنه يشير بهذا البيت والذي بعده إلى قوله " ص " جعل الله ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي
في صلب علي بن أبي طالب يقول ما الذي دعا جدك إلى أن يجعل أولاد على أولاده مع أنه
ابن عمه فكنت بذلك ابنا له وكذلك أخوك الحسين لولا أن أمكما فاطمة بنته فكنتما أولاده.
(١٠٢)

فيينا عاصمة النمسة سنة ١٢٥٢ هجرية وطبع معه ترجمة ألمانيا.
الشيخ محمود بن جعفر الميثمي العراقي
نزيل طهران ولد سنة ١٢٤٠ وتوفي سنة ١٣١٠ في ظهران ونقل إلى
النجف فدفن فيها في داره
ينتهي نسبه إلى ميثم التمار صاحب أمير المؤمنين ع على ما ذكره
هو
هاجر إلى بروجرد لطلب العلم سنة ١٢٥٥ فاخذ عن السيد شفيع
البروجردي حتى سنة ١٢٦٥ فرجع إلى وطنه لمرض أبيه وموته ثم عاد إلى
أستاذه فكمل علومه وانتقل لأخذ الفقه عن الملا أسد الله البروجردي فاجازه
سنة ١٢٦٥ وهاجر إلى النجف فقرأ على الشيخ مرتضى الأنصاري إلى أن
توفي الشيخ مرتضى سنة ١٢٨١ وخرج من النجف سنة ١٢٩٣ فأقام في
همذان فطهران وبقي فيها عالما رئيسا إلى أن مات. له من المؤلفات ١
اللوامع في الفقه جمع فيه تقريرات شيخه الأنصاري في الفقه ٢ الجوامع
في أصول الفقه جمع فيه تقريرات شيخه المذكور ٣ قوامع الفضول عن
وجوه حقائق الأصول اختصر فيه الجوامع وأضاف للمختصر ما فاته طبع في
طهران في مجلد كبير ٤ مشكاة النيرين في مصائب الحسين ٥ كفاية
الراشدين في الرد على المبدعين ٦ دار السلام في أحوال صاحب الزمان
٧ خزائن الكلام في شرح قواعد الأحكام خرج منه الطهارة كبير جيدا
الشيخ محمود بن حسام الدين الجزائري
من تلامذة البهائي يروي عنه الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي
صاحب مجمع البحرين
محمود الحكيم
من أطباء الدولة الصفوية. له رسالة فارسية في الطب تشتمل على
قانون حفظ الصحة الفها باسم شاة قلي سلطان من كبار امراء الدولة
الصفوية وبين فيها الأسباب الستة الضرورية لحفظ الصحة منها نسخة
مخطوطة في المكتبة الرضوية.
أبو الفتح محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك الرملي المعروف بكشاجم
توفي سنة ٣٥٠ وكان مؤلفا صنف في أفانين العلوم ونادم الملوك
ولقب بكشاجم آخذا من الكتابة والشعر والأدب والتنجيم والمعارف. وفي
معجم الأدباء عن كتاب أبي سهل أحمد بن عبيد الله بن أحمد:
كان أبوه سجزيا اي من أهل سجستان يعلم الصبيان وولد هو
ببلخ في قرية قراها قال هذا ما ذكره أبو محمد الوزيري وله كتاب في اخبار
أبي زيد البلخي وسمعت ان أباه كان يعلم بهذه القرية المدعوة شامستيان
وكان أبو زيد يميل إليها ويحبها لأجل مولده بها ونزعه إليها حب المولد
ومسقط الرأس والحنين إلى الوطن الأول ولذلك لما حسنت حاله ودعته نفسه
إلى اعتقاد الضياع والأسباب والنظر للأولاد والأعقاب اختارها من قرى
بلخ فاعتقد بها ضيعته ووكل بها همته وصرف إلى اتخاذ العقد بها عنايته وقد
كانت تلك الضياع بعد باقية إلى قريب من هذا الزمان في أيدي احفاده
وأقاربه بها وبالقصبة ثم إنهم كما أقدر قد فنوا وانقرضوا. وذكره ابن شهرآشوب
في معالم العلماء وقال كان شاعرا منجما وجمع ديوانه أبو بكر محمد بن
عبد الله الحمدوني مرتبا على الحروف وألحق به بعد ما تم جمعه زيادات
اخذها عن أبي الفرج كشاجم سماه الثغر الباسم من شعر كشاجم
مطبوع وله من الكتب: أدب النديم والرسائل وكتاب المصايد
والمطارد، وكان السري الرفا مولعا بكتابته.
وفي معجم البلدان عند ذكر دير القصير وانه في ديار مصر قال وقد
ذكره الخالدي في أديرة العراق فغلط لكون كشاجم ذكره ونسبه إلى حلوان
فظن أنه ليس في الدنيا موضع يقال له حلوان الا التي في العراق ومما يحقق
كونه بمصر بعد ان ذكره الشابشتي في أديرة مصر قول كشاجم:
سلام على دير القصير وسفحه * فجنات حلوان إلى النخلات
منازل كانت لي بهن مارب * وكن مواخيري ومنتزهاتي
إذا جئتها قال الجيال مراكبي * ومنصرفي في السفن منحدرات
ولحمان مما امسكته كلابنا * علينا ومما صيد بالشبكات
قال وأين الصيد بالشبك والانحدار في السفن من حلوان إلى العراق
وقال كشاجم فيه أيضا:
ويوم على دير القصير تجاوبت * نواقيسه لما تداعت أساقفة
جعلت ضحاه للطراد وظهره * بمجلس لهو معلنات معازفه
وأجيد مغتم العذار بجمة * أخالسه اثمارها وأخاطفه
أ ما تريان الروض كيف بكى الحيا * عليه فأضحت ضاحكات زخارفه
تسربل موضي البرود وأعلمت * حواشيه من نواره ومطارفه
وناسب محمر الخدود بورده * وللصب منه منظر هو شاغفه
وقد نشر الوسمي بالطل فوقه * لآلي كالدمع الذي انا ذارفه
واعرس فيه بالشقيق نهاره * فاشبع من صبغ العذارى ملاحفه
ولاحظه بالنرجس الغض أعين * فواتر ايماض الجفون ضعائفه
يغار على الصفر التي هي شكله * وللحمرة الفضل الذي هو عارفه
وله:
ما جواد من جاد بالمال لكن * المواسي هو الجواد الكريم
وكثير ما قل عندك عندي * إذ حباني به رئيس عظيم
وله:
من اتاني في حاجة فله الفضل * باتيانه إلي عليا
وله الشكر والمزيد واضعاف * الذي جاء يرتجيه لديا
وله:
قلت وقالوا بان احبابه * مبدلوه البعد بالقرب
والله ما شطت نوى ظاعن * سار من العين إلى القلب
وله:
لا تغضبن على فتى يرضى بما * أوليته ولو انتعلت بناظره
ويكاتم الاسرار حتى أنه * ليصونها من أن تمر بخاطره
وله: منعمة يقربها هواها * وان نزحت بمنزلها البلاد
يعاد حديثها فيزيد حسنا * وقد يستقبح الشئ المعاد
وله:
يقولون تب والكاس في كف شادن * وصوت المثاني والمثالث عالي
(١٠٣)

فقلت لهم لو كنت أضمرت توبة * وأبصرت هذا المنام بدا لي
وله في الأترج:
كان أترجها تميل به * أغصانها حاملا ومحمولا
سلاسل من زبرجد حملت * من ذهب أصفر قناديلا
وله:
وعذبني قضيب في كثيب * تشارك فيه لين واندماج
أغار إذا دنت من فيه كأس * على در يقبله زجاج
وله:
يا شادنا صيغ من الفضة * للورد في وجنته غضه
كأنما النضرة في خده * من فرط تأثير به عضه
يكاد ان يعشق من حسنه * في كل جزء بعضه بعضه
وله:
جاءت بعود مثلها نافر * كأنه نقنقة الضفدع
مضطرب الأوتار منكوسها * مستقبح المبدأ والمقطع
يود من يسمع أصواته * لو فقد السمع ولم يسمع
وله ضده:
صحت مقادر ضربها وحسابها * وغنائها وتوازنت بالأنفس
فكان أشكال المثلث انما * يؤخذن عنها ليس عن أقليدس
وله في صفة الصقر:
جري على قتل الظباء وانه * ليعجبني ان يقتل الوحش طائر
قصير الذنابى والقدامى كأنها * قوادم نسر أو سيوف بواتر
ورقش منه جؤجؤ فكانما * اعارته اعجام الحروف الدفاتر
وتحمله منا اكف كريمة * كما زينت بالخاطبين المنابر
فعن لنا من جانب السفح ربرب * على سنن تستن منه الجاذر
فجلي وحلت عقدة السيف فانتحى * لأولها إذ أمكنته الأواخر
يحث جناحيه على حر وجهه * كما فصلت فوق الخدود المغافر
فما تم رجع الطيف حتى رأيتها * مصرعة تهوي إليها الخناجر
كذلك لذاتي وما نال لذة * كطالب صيد ينتفي وهو ظافر
وله:
آل النبي فضلتم * فضل النجوم الزاهرة
وبهرتم أعداءكم * بالماثرات السائره
ولكم مع الشرف البلاغة * والعلوم الوافره
وإذا تفوخر بالعلى * فبكم علاكم فاخره
هذا وكم أطفأتم * عن أحمد من نائره
بالسمر تخضب بالنجيع * وبالسيوف الباترة
تشفى بها اكبادكم * من كل نفس كافره
وله:
له شغل عن سؤال الطلل * أقام الخليط به أم رحل
فما تطيبه لحاظ الظبي * تطلعه من سجوف الكلل
ولا تستفز حجاه الخدود * عصفرهن احمرار الخجل
كفاه كفاه فلا تعذله * كر الجديدين كر العذل
طوى الغي منتشرا في ذره * تطفى الصبابة لما اشتعل
له في البكاء على الطاهرين * مندوحة عن بكاء الغزل
فكم فيهم من هلال هوى * قبيل التمام وبدر أفل
هم حجج الله في خلقه * ويوم المعاد على من خذل
ومن انزل الله تفضيلهم * فرد على الله ما قد نزل
فجدهم خاتم الأنبياء * يعرف ذاك جميع الملل
ووالدهم سيد الأوصياء * معطي الفقير ومردي البطل
ومن علم السمر طعن الكلأ * لدى الروع والبيض ضرب القلل
ولو زادت الأرض يوم الهياج * فمن تحت اخمصه لم تزل
ومن صد عن وجه دنياهم * وقد لبست حليها والحلل
وكانوا إذا ما أضافوا إليه * ارفعهم رتبة في مثل
سماء أضفت إليها الحضيض * وبحر قرنت إليه الوشل
وجود تعلم منه السحاب * وحلم تولد منه الجبل
وكم شبهة بهداه جلى * وكم خطة بحجاه فصل
وكم أطفأ الله نار الضلال * به وهي ترمي الهدى بالشعل
وكم رد خالقنا شمسه * عليه وقد جنحت للطفل
ولو لم تعد كان في رأيه * وفي وجهه من سناها بدل
ومن ضرب الناس بالمرهفات * على الدين ضرب غراب الإبل
وقد علموا ان يوم الغدير * بغدرتهم جر يوم الجمل
إلى أن يقول:
أ تردي الحسين سيوف الطغاة * ظمآن لم يطف حر الغلل
ثوى عطشا وتنال الرماح * من دمه علها والنهل
ولم يخسف الله بالظالمين * ولكنه لا يخاف العجل
لقد نشطت لعناد الرسول * أناس بها عن هداها كسل
فلا بوعدت أعين من عمى * ولا عوفيت أذرع من شلل
ويا رب وفق لي خير المقال * إذا لم أوفق لخير العمل
ولا تقطعن املي والرجاء * فأنت الرجاء وأنت الأمل
وقال في آل الرسول:
إذا تفكرت في مصابهم * أثقب زند الهموم قادحه
فبعضهم قربت مصارعه * وبعضهم بعدت مطارحه
أظلم في كربلاء يومهم * ثم تجلى وهم ذبائحه
ذل حماه وقل ناصره * ونال أقوى مناه كاشحه
وله فيهم:
بكاء وقل غناء البكاء * على رزء ذرية الأنبياء
لئن ذل فيه عزيز الدموع * لقد عز فيه ذليل العزاء
أعاذلني ان بر التقي * كسانيه حبي لأهل الكساء
سفينة نوح فمن يعتلق * بحبهم معلق بالنجاء
لعمري لقد ضل رأي الهوى * بأفئدة من هواها هواء
واوصى النبي ولكن غدت * وصاياه منبذة بالعراء
ومن قبلها أمر الميتون * برد الأمور إلى الأوصياء
ولم ينشر القوم غل الصدور * حتى طواه الردى في رداء
ولو سلموا لامام الهدى * لقوبل معوجهم باستواء
هلال إلى الرشد عالي الضياء * وسيف على الكفر ماضي المضاء
وبحر تدفق بالمعجزات * كما يتدفق ينبوع ماء
(١٠٤)

علوم سماوية لا تنال * ومن ذا ينال نجوم السماء
وكم موقف كان شخص الحمام * من الخوف فيه قليل الخفاء
جلاه فان أنكروا فضله * فقد عرفت ذاك شمس الضحاء
أراه العجاج قبيل الصباح * وردت عليه بعيد المساء
وان وتر القوم في بدرهم * لقد نقض القوم في كربلاء
مطايا الخطايا خذي في الظلام * فما هم إبليس غير الحداء
لقد هتكت حرم المصطفى * وحل بهن عظيم البلاء
وساقوا رجالهم كالعبيد * وحازروا نساءهم كالاماء
فلو كان جدهم شاهدا * لتبع ظعنهم بالبكاء
حقود تضرم بدرية * وداء الحقود عزيز الدواء
تراه مع الموت تحت اللواء * والله والنصر فوق اللواء
غداة خميس امام الهدى * وقد عاث فيهم هزبر اللقاء
وكم أنفس في سعير هوت * وهام مطيرة في الهواء
بضرب كما انقد جيب القميص * وطعن كما انحل عقد السقاء
أخيرة ربي من الخيرين * وصفوة ربي من الأصفياء
طهرتم فكنتم مديح المديح * وكان سواكم هجاء الهجاء
قضيت بحبكم ما علي * إذا ما دعيت لفصل القضاء
وأيقنت ان ذنوبي به * تساقط علي سقوط الهباء
فصلى عليكم إله الورى * صلاة توازي نجوم السماء
السيد عماد الدين محمود الحسيني المرعشي اللاهوري
ولد ببلدة لاهور وتوفي سنة ١٢٩٧ بمشهد الرضا ع.
كان محدثا فقيها زاهدا، وكان أبوه من التجار، وانتقل هو من
لاهور إلى مشهد الرضا فاشتغل بتحصيل العلم، ثم خرج إلى إصفهان
وحضر درس السيد أسد الله ابن السيد محمد باقر، ثم انتقل إلى كربلاء
المشرفة وحضر درس السيد إبراهيم الموسوي القزويني، ويروي عنه
أيضا، وخلف ولده السيد عبد الله. ويتصل نسبه بنسب السيد حسين
الحسيني المرعشي المعروف بسلطان العلماء وخليفة سلطان الشاة عباس
الصفوي المنتهي نسبه إلى أبي الحسن علي المرعشي. وللمترجم كتاب المنهل
الرائع في شرح الشرائع في مجلدات، وشرح النتائج لإستاذه القزويني
وغيرها.
الشيخ حسام الدين محمد ابن الشيخ درويش علي الحلي أصلا النجفي
مسكنا ووطنا
سمع من الشيخ البهائي وأقام في النجف وسمع من الشيخ جعفر
البحراني مدرس شيراز وشيخ الاسلام فيها واخذ عنه المجلسي الأول وفخر
الدين الطريحي. له رسالة ميزان المقادير مطبوعة في الهند فرع من تاليفها
آخر نهار الخميس ١٥ صفر سنة ١٠٥٦ في النجف الأشرف وعندنا منها
نسخة مخطوطة كتبها حسين بن ناصر الكربلائي الخادم في ١٩ ربيع الأول
سنة ١١١٠ وذكره في الرياض وذكر انه كان من أكابر علمائنا المتأخرين
ووصفه السيد علي خان في أول شرحه على الصحيفة بالفاضل الكامل زبدة
المجتهدين يروي عن الشيخ البهائي
مستدركات
محمود بن الحسين كشاجم، مرت ترجمته من موضعها وفاتنا منها
هناك هذه الأبيات له:
قال:
وما زلت ابغي العلم من حيث يبتغي * وأفتن في أطرافه أتطرفه
فقد صرت لا القى الذي أستزيده * ولا يذكر الشئ الذي لست اعرفه
وله:
ومستهجن مدحي له ان تاكدت * لنا عقد الاخلاص والحر يمدح
ويأبى الذي في القلب الا تبينا * وكل اناء بالذي فيه ينضح
السيد الميرزا محمد ابن الميرزا شمس الدين علي من بني المختار نقباء
العراق وإيران
في تاريخ عالم آراي عباسي ما تعريبه: سادات سبزوار العظام
ميرزا محمود ابن شمس الدين علي سلطان من جملة سادات بني المختار
المنيعي القدر جاء أبوه من بلاد العرب من زمان السلاطين الكوركانية وأقام
في سبزوار وملك قرى وضياعا وفي زمان ظهور الدولة الصفوية تقدم أولاده
عندهم نالوا درجة رفيعة والآن ميرزا محمود بين هذه السلسلة له درجة عالية
اه.
الشيخ محمود سميسم النجفي
من اقران مؤلف اليتيمة قرأ على الشيخ محمد ابن الشيخ جعفر
وصار مبرزا في قومه. قال يهنئ الشيخ محمد جواد ابن الشيخ رضا ابن
الشيخ زين العابدين العاملي بعرسه سنة ١٢٥٤:
تبشرني ورق إلهنا وتعيد * بان معاشي بالغري رغيد
فعوجا صدور اليعملات على الحمى * نهني إماما للأنام رشيد
وان حدتم عن منهج الصدق والوفا * فلست عن النهج القويم أحيد
فحبل وفائي لا تحل عقوده * إذا حل من حبل الوفاء عقود
وان نقضوا عهد الوداد فإنني * مراع لأسباب الوداد ودود
لقد غردت يا صاح ورقاء بالهنا * ترجع من شوق بها وتعيد
لقد سر كل الخلق في عرس ماجد * على السن خيرا لا يزال يزيد
سليل فتى أحيى العلوم ومن سمت * إلى المجد آباء له وجدود
عليهم سلام الله حيث ثناؤهم * حكى نشره ند يضوع وعود
المولى جمال الدين محمود الشيرازي تلميذ المحقق الدواني
قال الشيخ عبد النبي القزويني في تتمة أمل الآمل: من مشاهير
الفضلاء له الحواشي على الكتب الدقيقة المتداولة كالحاشية القديمة وشرح
المطالع وشرح التجريد واثبات الواجب القديم للمحقق لمذكور وغيرها
درس بأصبهان أربعين سنة وله نفس مبارك وأكثر الفضلاء المشاهير
كالعلامة الأردبيلي وملا ميرزا جان الشيرازي وميرزا أبو الفتاح قرأوا عنده
فبرعوا وانتشر صيت فضلهم في العالم وبالجملة امره بين.
سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي
له كتاب المنقذ من التقليد والمرشد إلى التوحيد وهو التعليق العراقي
منه نسخة في النجف عند الشيخ محمد السماوي منقولة عن نسخة كانت في
الخزانمة الغروبة كتب على ظهرها انها من املاء مولانا الشيخ الكبير العالم
(١٠٥)

سديد الدين حجة الاسلام والمسلمين لسان الطائفة والمتكلمين أسد
المناظرين محمود بن علي بن الحسن الحمصي أدام الله في العز بقاه وكبت في
الذل حسدته واعداه بمحمد وآله اه وكتب عليه أيضا: صورة ما
على ظهر الكتاب اتفق الفراع للمصنف من تصنيف هذا المتاب التاسع من
جمادى الأولى سنة ٥٨١. ومما وجد على ظهره بخط المصنف رحمه الله: قرأ
علي السيد الإمام العالم العابد علاء الدين نور الاسلام فخر السادة زين
العترة قرة عين آل الرسول أبو المظفر محمد بن علي بن محمد الحسني
الجحدي مد الله في عمره ومتعه بفضله وشبابه هذا الكتاب من مفتتحه إلى
مختتمه قراءة دراية واتقان وتفهم لدقائقه وغوامضه وما لم يقرأه فقد سمعه
علي بقراءة من كان يقرأه عندي سماع ضابط واع لما يسمعه وقد أحاط
علما بجميع ما اشتمل عليه مضمونه نفعه الله به في الدنيا والآخرة وهذا
خط الفقير إلى رحمة الله تعالى محمود بن علي بن الحسن الحمصي كتبه حامدا
لربه مصليا على محمد وآله الطاهرين في التاسع من شعبان المعظم من شهور
سنة ٥٨٣ انتهى.
والكتاب هو في علم الكلام واثبات العقائد الخمس مبسوط مشتمل
على جزئين وفيه تحقيقات ودلائل تدل على فضل مؤلفه وطول باعه وسعة
اطلاعه قال في أوله اني لما وصلت إلى العراق في منصرفي عن الحرمين
والحجاز حماها الله مجتازا موليا وجهي شطر بيتي لقيني جماعة من اخواننا
علماء أهل الحلة ذكر ابن طاوس في فرج المهموم في تحليل علم النجوم ان
الذي دعاه إلى المقام بالحلة هو الشيخ ورام وانزله في داره وصنف هذا
الكتاب هناك قال وكنت صغيرا فامرني جدي الشيخ ورام بقراءة هذا
الكتاب وفقهائهم كثر الله عددهم وقلل عدوهم مكرمين مقدمي مستبشرين
بوصولي إليهم استبشار الخليل بالحبيب والعليل بالطبيب وادخلوني الحلة
عمرها الله ببقائهم باعزاز واكرام واجلال وانعام وانزلوني أشرف منازلهم
وأطيبها وأفسحها وأرحبها وأكرموا مثواي ولقوني بكل جميل واستأنست بهم
واستأنسوا بي وتجلى معنى قوله ع فما تعارف منها ائتلف ثم بعد
الاستئناس اظهروا ما اضمروه من الالتماس المشتمل على إقامتي عندهم
أشهرا فشق علي واستعفيت واعتذرت بالتحنن إلى الأهل والوطن وتعطل
أموري هناك بتأخري ومقامي في السفر فما زادهم استعفائي الا استدعاء
واعتذاري الا اصرارا على الالحاح والمبالغة فيما التمسوه فاستحييت ولزمتني
اجابتهم وآثرت مرادهم على متمناي وعزمت على الإقامة وفي القلب
النزوع إلى الأهل والولد وفي الخاطر الالتفات إلى المولد والبلد واشتغلنا
بالمذاكرة والمدارسة إذ كانتا هما المبتغى والمقصود للقوم في إقامتي ثم بعد
مضي أيام استدعوا ثانيا ان املي عليهم جملا من الأصول في مسائل
التوحيد والعدل تكون تذكرة لي عندهم بعد ارتحالي وغيبتي عنهم فأسعفتهم
فيما استدعوه ثانيا كما امتثلت ما رسموه أولا وابتدأت باملاء هذا التعليق
والعزم فيه الايجاز والاختصار غير اني لما وصلت إلى أمهات المسائل
ومهماتها وافقني الخاطر والطبع في امثرها على مخالفة ما كان في العزم من
الايجاز فبسطت فيها بعض البسط فوقع لذلك التفاوت من مسائل هذا
التعليق في المقادر من التطويل والاختصار وشئ آخر به وقع التفاوت وهو
اني كنت املي مسائله املاء فما سبق منها لم يكن نصب عيني وخاطري ولم
يكن لها سواد عندي فاحفظ التقارب بين المسائل وأتجنب التفاوت وهذا
أيضا عذر ظاهر فيما ذكرته. وسميته بالتعليق العراقي وبالمنقذ من التقليد
والمرشد إلى التوحيد فليذكروا بما شاؤوا وأحبوا من الاسمين والله الموفق
والمستعان وقد ابتدأت بالقول في حدوث الجسم تقيلا لما علم سيدنا علم
الهدى رحمه الله في حمل العلم والعمل اه ثم شرع في المقصود.
الملا محمود بن عبد المطلب اليزدي النجفي خازن الحضرة الشريفة العلوية
هو من ذرية الملا عبد الله اليزدي صاحب الحاشية في المنطق وهو جد
الملالي الذين استمرت فيهم الخازنية مدة طويلة. كان أديبا شاعرا وجد له
ذكر في مجموعة عند آل كبة في بغداد تاريخ كتابتها سنة ١٢٠٤ كن شعره
قصيدة نبوية طويلة نحو مائة بيت وجدت في المجموعة المذكورة وفي أولها ما
فظه: قال الأديب الكامل عرابة راية البسالة والجود الملا محمود بن عبد
المطلب الكليتدار في مدح حبيب إله العاملين الصادق الأمين ص اه
وهذا ما وجدناه منها:
ما على الكرب الحجازي إذا ما * حملت عني نواجيه السلاما
ما الحليون كأبناء الهوى * ملكوا بل هلكوا فقيه غراما
لا يزالون مع الأحباب في * سكرة العيش وما أذقوا مداما
ان جيران الغضا شبوه في * قلب صب حيث ما ساروا أقاما
آه وأشواقي ومن لي ان ترى * ذلك الحي عيوني والخياما
هذه الدار فسلها منشدا * بيت من قد مات قبلي مستنهاما
أين سكانك لا أين لهم * أحجارا يمموها أم شاما
وذكره في نشوة السلافة بهذه الترجمة فقال حل من مراتب الآداب
أعلاها فهو بدر سمائها وذكاها حسنت صفاته واخلاقه وزكت نروعه
وأعراقه نظمه يفوق نظم النظام يخجل زهر الأكمام فمنه ما أرسله إلى جده
دام ظله يومئذ في بغداد:
لعمر أبيك اني ذبت وجدا * لما لاقيت في ذا الدهر بعدا
رعى الله العلي زمان قرب * لأحباب غدوا للمجد عقدا
فليت الدهر يسمح بالتداني * ولو كان التداني منه وعدا
هيهات الدنو وذا زمان * قديما راح للكرماء ضدا
فدع حظا لاهليه ودعني * باني فقتهم جدا وحدا
أصول به إذا ما ناب خطب * بعزم مرهف من الوظفاء أندى
وطود راسخ علما وحلما * فليس ترى له في العصر ندا
فلا زالت سيوف النصر منه * سوى هام العدى لم تلف غمدا
ودام يصفو عيش مستظلا * أبا حسن ومنه مستمدا
مدى الأيام ما غنت حداث * لك البشرى فذي اطلال سعدى
ومن شعره مقرضا نشوة السلافة ومحل الإضافة للشيخ محمد علي بن
بشارة من آل موحي الخيقاني النجفي الغروي:
أبا الرضا أنت الرئيس الذي * بمدحه غنت حداة النياق
وأنت من حلبات العلى * حاز قديما قصبات السباق
من ذا يساميك ومن ذا له * مؤلف رق الدر انسجاما وراق
نضدته نضد اللآلي وقد * أزرى بعقد الدر حينا وفاق
أو روضة غناء ممطورة * تهزأ بالمسك شذى وانتشاق
ابكار أفكار رجال جروا * في حلبات الشعر جرى العتاق
نقدتها نقد الدنانير إذا * جاء بها للسير في المساق
سميته النشوة حيث انتشت * به ابتهاجا شعراء العراق
فيا بني السعر ومن رام من * رحيقه يرشف كأسا دهاق
(١٠٦)

خذ نشوة الشعر المصفى ودع * سلافة العصر الردى المذاق
فهل سوى نشوتها رام من * راق له منهال ارتشاق وشاق
لا زال منشيها رئيسا له * يضرب فوق النيرات الرواق
الميرزا محمود ابن شيخ الاسلام ميرزا علي أصغر الطباطبائي التبريزي
توفي بمكة المعظمة سنة ١٣١٠
العالم الأديب الشاعر الفقيه المحدث له كتب كثيرة منها كتاب دكة
القضاء في الشهادة والقضاء وكتاب تمييز الصحيح من الجريح في التعادل
والترجيح وكاشفة الكشاف تعليق على الكشاف والوقية في احكام التقية
وعجب العاجب اخذ الأجرة على الواجب ومفتاح البسملة وابداء البداء في
البداء.
الآقا محمود ابن الآقا محمد علي الكرمنشاهي
توفي بنواحي طهران سنة ١٢٦٩
له كتاب في الرجال جعله ثالث أبواب كتابه في الأصول الموسوم
بمهمات الاحكام وله كتاب في الفقه استدلالي اسمه عكوس الشمس.
الميرزا محمود ابن الملا محمود الخوئي أصلا والتبريزي مسكنا
كان من أعيان تلاميذ الشيخ مرتضى الأنصاري ومعاصريه، وله
كتب نفيسة منها كتاب مشارق الأصول وهو حاشية طويلة على القوانين
وكتاب المقالات التوحيدية في العقائد فارسية منطوقة رتبها على عشرين مقالة
، والمقالة الأخيرة في النصائح والمواعظ. فرع من نظمها سابع شوال سنة
١٣٠٦ وقد طبع هذان الكتابان في تبريز وله كتاب في الفقه وحاشية في
الرياض على الفقه وكتاب في الأخلاق.
السيد شمس الدين محمود ابن السيد علي الحكيم باشي الحسيني الطباطبائي
التبريزي
توفي في العراق سنة ١٣٣٨
كان نسابة محدثا رجاليا قرأ على عدة من علماء النجف لكنه عرض له
النسيان أخيرا ويروي بالإجازة عن السيد حامد حسين الهندي صاحب
العبقات والميرزا حسين النوري صاحب مستدركات الوسائل والسيد محمد
الطباطبائي صاحب بلغة الفقيه والسيد محمد الهندي النجفي وغيرهم له:
١ المشجرات في النسب ٢ ذيل عمدة الطالب ٣ مستدرك أمل الآمل
٤ حواش على منتهى المقال ٥ ومزار البحار ٦ وشرح
اللمعة ٧ والقوانين ٨ وشرح المطالع ٩ والمعالم ١٠ وحاشية
ملا عبد الله في المنطق ١١ رسالة في تراجم بني طاوس مطبوعة مع
مهج الدعوات ١٢ رسالة في وجوب صلاة الجمعة عينا في زمن الغيبة
١٣ رسالة في فضائل السادة الاطهار ١٤ رسالة هادم اللذات في
المواعظ والأخلاق ١٥ مجموعة فيها عدة تراجم ١٦ رسالة في تراجم
أعيان أسرته خلف السيد أبا المعالي شهاب الدين المشتهر بالنجفي النسابة
نزيل قم المولود بالنجف سنة ١٣١٩ وأخاه السيد مرتضى الملقب ضياء
الدين.
السيد محمود ابن السيد علي ابن السيد محمد الأمين عم المؤلف
كان من أهل العلم والفضل ومن خيار الصالحين وكبار المتعبدين
والمتهجدين يتبرك به ويرجى الخير بدعواته وكان مع ذلك كيسا عاقلا ثاقب
الرأي على جانب عظيم من حسن الخلق وصفاء النفس شاعرا أديبا
ظريفا.
توفي سنة ١٣٢٧ بقرية عثرون وكان قد انتقل إليها من شقراء بعد
سفر ولديه السيد محمد والسيد علي قرأ في شقراء في مدرسة والده على
الشيخ علي زيدان ثم انتقل مع أخويه السيد علي والسيد امين إلى مدرسة
كفرة فقرأ على الفقيه الشيخ محمد علي عز الدين ولما انتقل المذكور إلى حنويه
انتقل هو إلى مدرسة جبع فقرأ فيها إلى أوان اضمحلالها.
ارسل إليه الشيخ علي زيدان هذه الأبيات:
محمود يا من على اقرانه طالا * وعن قديم الولاء والود ما حالا
حبي وحبك موروثان من زمن * عن خير من فعل المعروف أو قالا
ارث ذخرناه للدنيا وضرتها * إذا الورى ادخروا للحادث المالا
اسقى الربيع ديارا أنت ساكنها * ولا نوى عن حماها الغيث ترحالا
أقسمت بالشدقميات العتاق سرت * تهوي كسرب القطا في البيد ارسالا
شوقي إليك كسوق الهيم إذ صدرت * ولم تنل من زلال الورد آمالا
فاجابه بهذه الأبيات:
يا أصدق الناس أقوالا وأفعالا * وأكرم الخلق احسانا وإفضالا
ومن إليه العلى ألقت أزمتها * ولم ترم حولا عنه وترحالا
أنت العلي على الاقران ما برحت * في الدهر توليك تعظيما واجلالا
ان ضن بالعلم أو بالمال غيرك ما * برحت للعلم والأموال بذالا
اتحفتني دررا ما ان يقوم ثنا * شكري بواجبها يوما وان طالا
فلا عدمتك من ركن ومن سند * ما زال يوسعني منا وإفضالا
وله:
أرجو من الله العلي الذي * يحول ما بين امرئ وقلبه
ان يرحم العبد الذي لم تزل * عظائم الزلات من دأبه
فليس العبد سوى ربه * فإنه لا شك أولى به
وله:
يا رب بالهادي النبي وصهره المولى * العلي وفاطم الزهراء
وبنجلها الحسن الزكي وصنوه السبط * سيد الشهداء
وبتسعة من صلبه هم * عدتي في شدتي ومعولي ورجائي
اغفر بهم يا رب ذنبي واسقني * من حوضهم واجعلهم شفعاتي
وجاءته هذه الأبيات من ابن أخيه السيد أبي الحسن ابن السيد محمد
الأمين:
أ سكان حزوى من بني الجد بنتم * وخلفتم جمر الغضى بجناني
هجرتم على عمد أخا الحب من غدا * يقاسي الجوى في حبكم ويعاني
وما عودت نفسي مدى الدهر أن ارى * خليلي في هجرانه ويراني
أيا عم تفديك النفوس فهل ارى * لداركم بعد البعاد تداني
لنشرب كأس الأنس صافية لنا * على رغم حساد هناك وشأني
فاجابه يقول:
(١٠٧)

لعمرك ما داعي الغرام دعاني * ولا حب لبني شفني فبراني
ولا ساعدت سعدى ولا جمل أجملت * ولا أم أمسكت بعناني
أبا حسن لي في ولاك علائق * وثائقها معقودة بجناني
بعثت كما اهوى بديع بيان * فكان كدر أو عقود جمان
ودمت أخا العلياء للمجد راقيا * سليما من البغضاء والشنان
وقال:
أبا حسن لي في حماك وديعة * وجاهك مرجو لحفظ الودائع
حماك حمى من يستجر بظلاله * تجره من البلوى وشر الفظائع
أجب واستمع مولاي مولاك انه * يرجى نوالا منك يا خير سامع
وقال مراسلا الشيخ محمد حسين مروة المعروف بالحافظ وهي جواب
عن أبيات وردت منه لم تحضرنا:
أبا حسن ما مال قلبي ولا هفا * لغيركم لا والمشاعر والصفا
لئن كنتم أزمعتم الصد بعدنا * فأين أخي تلك المودة والصفا
أ لم تعلموا ما في فؤادي فإنني * أبثكم شوقا يلين له الصفا
بعثت نظاما تشتكي لاعج الجوى * وتظهر لي العتبي ولا زلت منصفا
على أن هذا الخل ما صد عنكم * ولم يظهر الهجران كلا ولا الجفا
فعودا أنيس النفس يوما إلى اللقا * واخذا بأهداب المودة والوفا
ودمت بتوفيق الاله مؤيدا * وتتحفنا درا نضيدا مؤلفا
وقال مجيبا بعض اخوته عن أبيات لم يرضها:
أسرفت في عذلي وفي تفنيدي * ما أنت من عددي ولا بعديدي
لو كنت تعرف قدر أرباب النهى * ما كنت تجهل مصدري وورودي
حتا م تلهج بالقريض وانه * لم يخل من لحن ومن تعقيد
ترمي أخاك بكل قول طالما * فيه خلعت مطارف التأييد
فارفق بنفسك واسترح من ذا العنا * هيهات ما من راحة لحسود
السيد ميرزا محمود ابن السيد علي نقي ابن السيد جواد ابن السيد مرتضى
ابن السيد محمد الحسني الطباطبائي البروجردي
توفي يوم الأربعاء ٢١ ذي الحجة سنة ١٣٠٠
وجده السيد جواد هو أخو السيد مهدي بحر العلوم.
في تتمة أمل الآمل: كان من أعلام علماء إيران وكبار رؤساء الزمان
قل نظيره في علو القدر وعظم الشأن تهابه الحكام والوزراء يقيم حدود الله
ويحيي احكامه لم أجد أقوى قلبا منه في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لم
يكن في عصرنا ابسط يدا منه في العلماء جاء في زماننا إلى سامراء للزيارة
ومعه جماعة من خاصته فرأيته رجلا وسيما بهي المنظر يعلو وجهه نور وبهاء
وعليه آثار السيادة وأنوار العبادة ونموذج السلف مع كمال الجلالة والحشمة
وقد ناهز الثمانين وكان عالما متبحرا في أكثر الفنون الاسلامية ماهرا في
الفقه والحديث والرجال خبيرا بالأصولين له إلمام بالحكمة الإلهية والطبيعية
كاملا في العلوم العربية طويل الباع في كلمات الفقهاء كثير الاطلاع على
الأقوال النادرة له كتاب المواهب السنية في شرح الدرة الغروية وهي منظومة
السيد مهدي بحر العلوم وهو يصدق ما قلناه وقد طبع منه ما يتعلق
بالطهارة في مجلدين بالقطع الكبير سنة ١٢٨٨ وكان قد فرع منه سنة ١٢٨٥
وبقي ما يتعلق بالصلاة بعد لم يطبع وله غير المواهب رسائل وتعليقات
وأجوبة المسائل وغير ذلك اه وله مسلي المصابين مطبوع خلف
المترجم من الأولاد الذكور خمسة الآقا هبة الله توفي سنة ١٣١٣ والآقا طاهر
توفي في حدود سنة ١٣٣٦ والآقا محمد توفي سنة ١٣٣٢ والآقا عبد الحسين
وهو الآن كبير الأسرة الطباطبائية في بروجرد ورئيسها والآقا أبو المجد.
السيد شجاع الدين محمود ابن المير السيد علي الحسيني الموسوي
هو جد السيد حسين المدعو بخليفة سلطان المعروف بسلطان العلماء
صاحب حواشي الروضة والمعالم وغيرهما اي والد والده. ذكره أصحاب
تاريخ عالم آرا وروضة الصفا وتذكرة العارفين وقالوا انه من عيون علماء
عصر السلطان الشاة طهماسب الصفوي معاصر للسيد الداماد والبهائي.
ينتهي نسبه من طرف الأب إلى السيد المير بزرگ المرعشي المدفون ببلدة آمل
من بلاد مازندران الذي صار سلطانا ببلاد طبرستان شطرا من عمره ونسب
المير بزرگ إلى سيد الساجدين مذكور في رياض العلماء في ترجمة حفيد
المترجم السيد حسين سلطان العلماء. وأول من انتقل من هذه الأسرة من
مازندران إلى أصفهان واتخذها دار هجرته الأمير نظام الدين علي ابن المير
قوام الدين محمد بن علاء الدين الحسين بن علي ابن المرتضى بن كمال
الدين المستولي على بلاد طبرستان ابن قوام الدين المير بزرگ الحسيني
المرعشي إلى آخر النسب وهو مذكور في الرياض في ترجمة سلطان العلماء.
قال في تاريخ عالم آرا ان السيد المترجم كان من مشاهير المدرسين بأصفهان
يجتمع إليه المحصلون من كل فج عميق في المعقول والمنقول وقف عدة
املاك لمصارف خيرية وأوراق الوقف لا تزال موشحة بخطوط الاعلام
كالبهائي ومعاصره الداماد وغيرهم. ويروي عن المترجم جماعة منهم السيد
حسين العاملي المفتي بأصبهان والمولى كريم الدين الشيرازي كما يظهر من
مجلد الإجازات من البحار.
أبو الثناء نور الدين محمود بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن محمد ابن أبي
جرادة العقيلي الحلبي
ولد سنة ٧٠٤
في الدرر الكامنة: سمع جزء البانياسي من بيبرس العديمي وحدث
ذكره ابن سعد في مشايخ حلب سنة ٧٤٨ وتأخر بعد ذلك وذكره أبو جعفر
في مشايخ العز بن جماعة وسمع منه أبو المعالي بن عشائر بعد الستين وغيره
اه وبنو العديم كلهم شيعة.
السلطان محمود بن غلام علي الطبسي أصلا ثم المشهدي
كان قاضيا في المشهد المقدس الرضوي وكان أستاذا كبيرا في الفقه
والعربية له ١ مختصر شرح ابن أبي الحديد على نهج البلاغة ٢ رسالة
في اثبات الرجعة ٣ رسالة في العروض عده الفاضل الزنوزي من
معاصريه فينبغي ان يكون من علماء عصر فتح علي شاة القاجاري. (١)
آقا محمود الفارسي
له كتاب التحفة الناصرية في بيان الحقيقة والطريقة والشريعة فرع منه
سنة ١٢٦٦

(١) مطلع الشمس.
(١٠٨)

السيد محمود بن فتح الله الحسيني نسبا الكاظمي مولدا النجفي مسكنا
له كتاب تفريج الكربة ألفه في النجف باسم اعتماد الدولة الشيخ
علي خان في دولة الشاة سليمان الصفوي الذي تولى الملك سنة ١٠٧٨ ومعه
رسالة أخرى له ألفها سنة ١٠٧٩ ورسالة في تقسيم الخمس ذكر آخرها
مشايخه الثلاثة الشيخ جواد بن سعد الكاظمي المعروف بالفاضل الجواد
والشيخ حسام الدين الحلي كلاهما عن الشيخ البهائي والثالث الشيخ فخر
الدين الطريحي.
الميرزا محمود ابن الميرزا محمد ابن الميرزا حسين الملقب بقدس ابن الميرزا
حبيب الله الرضوي
ولد في ٢٧ رمضان سنة ١٢٤٢ وتوفي في طريق مكة بعد الحج سنة ١٢٨٢
كان للميرزا محمد أبيه ثلاثة أولاد أكبرهم الميرزا احمد ثم الميرزا
محمود ثم الميرزا أبو الحسن كما ذكر في ترجمة الأب وكان الأكبر عند وفاة أبيه
مريضا مرضا مزمنا والأصغر حدث السن فأقيم الأوسط وهو المترجم مقام
أبيه في المحراب والمنبر وكان وحيد عصره في العلم والعمل له كتاب في
الإمامة اسمه ذخيرة المعاد فقام بترويج الشرع المطهر وامامة الناس
والتدريس في الآستانة المقدسة وذهب في سنة ١٢٨٢ بصحبة ميرزا علي
رضا ابن ميرزا حسن المجتهد بواسطة علقة المصاهرة بينهما لأنه كان متزوجا
أخت ميرزا علي رضا لحج بيت الله الحرام وبعد قضاء الحج توفي. (١)
المير تقي الدين محمود المشهور بالشاهي ابن محمد باقر الرضوي ابن معز
الدين محمد الرضوي النجفي أصلا والطوسي مولدا ومسكنا
توفي في المشهد المقدس ليلة الأضحى سنة ١١٥٠ ودفن في الحضيرة
المعروفة بقتل كاه.
في الشجرة الطيبة: كان في مراتب العرفان والعلم والكمال ودرجات
الاعتبار والجلال فوق حدا الاحصاء وقد تشرف بتولية الآستانة المقدسة.
ذكره المير شمس الدين محمد معاصرا للمترجم في الكتاب المزبور. وقال
صاحب تكملة أمل الآمل: رأيته وتشرفت بخدمته وهو من أعاظم
السالكين وأكابر العارفين وأفاخم المتألهين ارتاض في أول امره حتى وصل
إلى مرتبة عليا وشرب من عين العرفان واليقين الصافية ومع كونه موقرا
ومحترما عند السلاطين كان يعد نفسه كأقل آحاد الناس ويطعم في
الضيافات الأطعمة اللذيذة ويقنع بالخشن من المأكل وابدا لا يتكلم على
طبق مذاق الصوفية ومصطلحاتهم ومواظب في جميع أوقاته على المستحبات
والسنن النبوية. وعن تكملة أمل الآمل: ان مير محمد تقي له ولد فاضل
كامل يسمى مير محمد مهدي. وعن صاحب رياض الجنة ميرزا
حسن الحسيني الزنوزي ان مير محمد تقي المشهور بشاهي كان في العبادة
والرياضة والورع والزهد أوحدي عصره يعد مثل مير خدائي الا ان مير
خذائي مقيد بظاهر الشريعة أكثر منه ومير شاهي يقول بجادة الطريقة ولما
عزم مير قلي رضا بحكم أبيه نادر شاة على فتح ما وراء النهر اتى عند إرادة
الحركة إلى مير شاهي واستمد منه فقال إذا كان ذهابك لله فالله معك والا
فلا تصل إلى مطلبك. وعن كتاب أحوال العرفاء تاليف السيد محمد شفيع
الحسيني بن بهاء الدين محم شيخ الاسلام بقزوين أنه قال: السيد الجليل
القدر مير محمد تقي المشهدي من أعاظم السادات العالي الدرجات في
المشهد المقدس وصل إلى أعلى مراتب العرفان وأقصى مدارج الايقان تابع
للشريعة الغراء وقد كتب على اللوح الذي على قبره: السيد الاجل الأورع
قطب الأوتاد والموحدين وسيد الزهاد المتبعدين المعاهد للقرابات في الغداة
والعشي المترقب بالصلاة فان الصلاة قربان كل تقي العبد الصادق في ولاء
الصادقين الواصل إلى دار فضل ربه وليزداد المتقين خادم الفقراء ومخدوم
العظماء المتمسك بحبل الثقلين المشرف بزيارة الحرمين أمير محمد تقي
الرضوي رزقه الله تعالى شفاعة المصطفين.
محمود النيشابوري
توفي سنة ٩٧٢ في المشهد المقدس الرضوي ودفن هناك بجنب قبر
مولانا سلطان علي
من الخطاطين يعد ثالث مير علي وسلطان علي له اليد البيضاء في
الكتابة وكتابة القطع بالخفي والجلي وكان في شبابه ملازما لركاب الشاة
طهماسب ولما كان عارفا بالخط والنقش فوض إليه ذلك في المملكة ثم
استأذنه في سكنى المشهد الرضوي فسكنه وأقام في مدرسة قدمگاه بجنب
جهار باع أربعة بساتين وعاش نحو ثمانين سنة ولم يقبل وظيفة ولا
اقطاعا وعاش من كسب يده بالكتابة حتى مات. (٢)
السيد عماد الدين الحسيني المعروف بمير محمود
رحل من النجف إلى حيدرآباد دكن في زمن السلطان عبد الله
قطبشاه السابع ملك حيدرآباد وسكن في قمة أحد الجبال في ضواحي حيدر
آباد وكان يعيش ويصرف ويبني العمارات والمحلات بلا سبب ظاهري ولهذا
كان يعتقد الناس انه ولي من الأولياء وان وسعة رزقه من عالم الغيب ولم
نعلم سنة وفاته ولكنه كان حيا إلى انقراض الدولة القطب شاهية اي إلى سنة
١٠٩٨ ودفن في مكانه الذي كان يسكنه على قمة الجبل.
الشيخ محمد ابن المولى محمد الدزفولي الحويزي
توفي في عشر الخمسين ومائة وألف.
في ذيل اجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان عالما صالحا اشتغل في أصبهان على آقا جمال قدم إلينا مرارا
وأقام عندنا كثيرا واستفدت منه وكان كثير التعطيل بسبب انتقالاته من بلد
إلى بلد وعدم استقراره في مكان واحد.
محمود خان ملك الشعراء ابن محمد حسين خان المتخلص بعندليب ابن فتح
علي خان المتخلص بصبا الدنبلي
له كتاب تاريخ عصر أعيان ناصر الدين شاة القاجاري ألفه بأمره.
محمود بن محمد علي بن محمد باقر
من أهل بيت علم له كتاب تنبيه الغافلين في الرد على الصوفية.

(١) الشجرة الطيبة.
(٢) مطلع الشمس.
(١٠٩)

الملا محمود بن محمد رضا البيدكلي الكاشاني
توفي سنة ١٣٥٠
كان عالما فقيها زاهدا عابدا تقيا مرجعا في الشرعيات ببلدة بيدگل
من نواحي كاشان يروي بالإجازة عن الميرزا حسين النوري ويروي عنه
السيد شهاب الدين النجفي الحسيني.
الآقا محمود ابن الآقا محمد علي ابن الآقا محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني
نزيل طهران
ولد سنة ١٢٠٠ وتوفي سنة ١٢٧٠ ودفن في رواق الحضرة الحسينية مما
يلي الرجلين.
في تتمة أمل الآمل: عالم فاضل جليل عارف إلهي فقيه روحاني قرأ
على أبيه ثم هاجر إلى العراق وقرأ على الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء
والسيد علي صاحب الرياض ثم سافر إلى أصفهان لتحصيل علم المعقول
فمكث مدة هناك يقرأ على آقا محمد البيدآبادي وغيره وتزوج هناك ببعض
بنات الملوك ثم رحل إلى طهران وله مصنفات جليلة مثل ١ تنبيه
الغافلين في رد الصوفية المبدعين ٢ كتاب المعجون الإلهي ٣ شرح
دعاء السمات ٤ سبيل النجاة في الإمامة ٥ سبيل الرشاد ٦
التحفة الناصرية فارسي مرتب على اثني عشر بابا ستة في الأصول الدينية
وستة في الفروع في النبوة الخاصة فارسيان وغير ذلك وأولاده العلماء
الاجلاء أكبرهم الحاج آقا محمد والد الحاج الشيخ مهدي ثم الآقا علي والد
الآقا كاظم نزيل نهاوند ثم الحاج آقا محمد مهدي والحاج آقا يحيى والحاج آقا
محمد هادي كلهم في طهران.
الشيخ محمود ابن الشيخ محمد جواد الغول العاملي الميسي
كان أبوه من الصلحاء العباد الزهاد الأتقياء سكن دبين من قرى
مرجعيون وكانت داره مأوى كل غريب وكان معروفا بكتابة الحرز لمعيشة
الأولاد يقصده لذلك الجم الغفير من المسلمين والنصارى رأيته شيخا تلوح
عليه سيماء التقوى والزهد والورع قرأ ولده المترجم في جبل عامل ثم توجه
إلى العراق هو والشيخ موسى شرارة والسيد حيدر واخوه السيد جواد
المرتضى والشيخ علي بن عبد الله الكفراوي وجماعة من هذه الطبقة وكان
المترجم من مقدميهم ثم أدركه حمامه في ريعان شبابه.
الشيخ محمود ابن الشيخ محمد بن ذهب الظالمي المحتد النجفي المولد والمنشأ
والمسكن والمدفن المعروف بالشيخ محمود الذهب
توفي بالحمى المحرقة يوم الاثنين غرة جمادى الأولى سنة ١٣٢٤
بالنجف ودفن في ايوان الحجرة الثالثة من جهة الشرق من الصحن الشريف
وصار له تشييع عظيم.
والظالمي نسبة إلى قبيلة الظوالم إحدى قبائل العراق العربية
المعروفة في الرميثة وهو من آل بو حسين فرقة من الظوالم بين السماوة
والديوانية كان عالما فاضلا فقيها أصوليا مجتهدا ثقة ورعا معتمدا بالعلم
والعمل عند علماء عصره اخذ عن الشيخ محمد حسين الكاظمي فقها وعن
الشيخ ملا كاظم الخراساني والشيخ هادي الطهراني وهو أكبر شيوخه أصولا
اشتهر أخيرا وتصدى للتدريس والقضاء والإمامة ولو عاش قليلا لقلده
الجمهور في العراق رأيناه في النجف وكان مشهورا بالفضل وجميل الصفات
والأخلاق ودرس خارجا في الأصول وصارت له حلقة لكنه ابتلي بمرض
العيون المزمن فعاقه عن الاستمرار في التدريس ومن مؤلفاته ١ رسالة في
التقليد ٢ رسالة في مسالة المنتجس لا ينجس ٣ حاشية على رسائل
الشيخ مرتضى لم تتم. وكان يصلي جماعة في الصحن الشرف تخلف بولد
اسمه الشيخ محمد رضا يشتغل بطلب العلم وفقه الله.
الشيخ محمود ابن الشيخ محمد ابن الشيخ مهدي آل مغنية
ولد سنة ١٢٨٩ وتوفي حدود سنة ١٣٣٤
كان عالما فاضلا أديبا شاعرا كريم الأخلاق حسن السجايا قرأ القرآن
لست من عمره ثم دخل مدرسة حنويه مع أخيه الشيخ سليمان وابن عمه
الشيخ حسين ثم دخل مدرسة بنت جبيل ثم مدرسة شقراء ثم ارتحل إلى
النجف الأشرف فبقي فيها مدة ثم عاد منها ثم رجع إليها لاكمال علومه ثم
عاد منها وسكن قرية العباسية وابتنى بها دارا وتوفي في أثناء الحرب العامة
ودفن بطيردبا وحضرت جنازته ومن شعره قوله يهنئ السيد محمد ابن السيد
حسن آل إبراهيم بعرس في النجف الأشرف. قال المترجم واني وان كنت
عن الشعر يومئذ في شغل الا ان العلائق الرحمية المشفوعة بعلاقة الاخوة
والصداقة والمرافقة في الدرس جعلت دلك حقا لازما علي قال:
حي برامة آراما وغزلانا * سوانحا يرتعين الرند والبانا
النافرات من العمران عن أنف * والآخذات بروابي البر أوطانا
قد رحن يجنين من نبت الأنعيم ما * عن فائح العنبر الداري أغنانا
فما لها وجني الزهر تقطفه * وهن أعطر انفاسا وأردانا
نظرتها بين تربيها وقد برزت * إلى الفلا تتخطى الرمل كثبانا
حتى إذا أمنت عين الرقيب نضت * من الشفوف ومرط الريط مالانا
مذ أصبحت تتجلى في محاسنها * ناديت سبحانك اللهم سبحانا
ورحت انفض كف الياس لست ارى * سوى الدموع على الاشجان أعوانا
يا نازلي الرمل والاحشاء منزلهم * ما اعتدت منكم قبيل اليوم هجرانا
ان تهجرونا بلا جرم ولا سبب * فمن يطيق لكم هجرا وسلوانا
القلب قد بان عني يوم بينكم * والدمع قد فاض من عيني غدرانا
أعلنت في حب من أهواهم شجني * وكنت اكتم لو أستطيع كتمانا
تلك الظباء اللواتي قد برزن لنا * يوم الأنيعم أقمارا وأغصانا
ان التي قتلتنا في لواحظها * بكفها لو تشاء احياء قتلانا
حمامة البان غني واسجعي طربا * ورددي بلسان البشر ألحانا
وحدثي بحديث اللهو وابتدعي * لحنا فان أوان اللهو قد آنا
هذا محمد أمسى اليوم مبتهجا * تفوح اردانه ندا وريحانا
أهدت إليه الليالي بشرها وغدت * تفتر ضاحكة عن ثغر جذلانا
يريك في علمه الشيخ الرئيس وفي * فصيح منطقه قسا وسحبانا
لا غرو ان عاد كل الفضل مجتمعا * فيه فأمسي لعين الدهر انسانا
فإنه خلف القوم الذين هم * بنوا على هامة العيوق بنيانا
وقال:
الله والمصطفى خير الخليقة لي * وصنوه المرتضى مولى الأنام علي
من استغاث بهم في كل نائبة * يمسك بحبل ولاء غير منفصل
لولاهم ما بدا شمس ولا قمر * ولا صفا منهل يوما لمنتهل
يا ليت شعري هل تخفى ماثرهم * وهن أشهر من نار على جبل
(١١٠)

هم الصراط هم سفن النجاة هم الولاة * والأنجم الهادون للسبل
وقال يرثي الشيخ عبد الكريم شرارة:
ذهب الزمان بعدتي وعديدي * فلويت عن نبل المسرة جيدي
وتعطلت أقداح إفراحي وان * دارت ففي هم وفي تنكيد
أ ترى يلذ العيش بعد بعادهم * ويرق من ماء الزلال ورودي
أيامهم عودي وليس بنافع * أيام لهوي بالأحبة عودي
هيهات لا الندمان ندماني ولا * عودي بمنعرج الأبيرق عودي
حقا لقلبي ان يذوب تحسرا * ولو أنه قد شق من جلمود
لعبت بشمل أحبتي أيدي الردى * فرمته بعد الجمع بالتبديد
ان الليالي لا تواصل ساعة * الا وتعقبها بعام صدود
عمد المنون إلى عميد بني الورى * والموت وقاع بكل عميد
فتضعضع البيت الرفيع مناره * والبيت لا يبقى بغير عمود
والغيث أمسك والوفود تقطعت * آمالها وأغبر وجه البيد
دفنوك والمجد المؤثل والعلي * والمكرمات جميعها بصعيد
فالعلم لا ينفك بعدك باكيا * كبكاء والدة على مولود
وإذا أقول بأنك خير بني الورى * كانت جميع العالمين شهودي
بهرت ماثرك الجحود وقوله * فعلوت قدرا عن مقال جحود
واستعذبت فيك الأنام مديحها * فلها بمدحك غاية المقصود
من لي بعد جليل فضلك للورى * وحقير فضلك ليس بالمعدود
ندب تحاماه العيون وتنبري * فرقا ليهبته قلوب الصيد
فكانه ملك بهيكل باسل * أو انه ملك بغير جنود
قل ما تشأ وانظم بجوهر ذاته * غررا ولكن لا على التحديد
متهللا عند العطاء جبينه * كالبدر يطلع في الليالي السود
سبق الرجاء بسيبه فعطاؤه * يفد المؤمل يوم وفود
في كل أنملة بكفك ديمة * لكنها ليست بذات رعود
فات الأنام بهمة صعدت به * في حيث لا يبقي محل صعود
تجد العظيم من الأمور محقرا * وترى بعيد القصد غير بعيد
في زهد عيسى في شجاعة احمد * في عزم موسى في قضا داود
قد حاز سبق السابقين وراثة * من خير آباء وخير جدود
لم أقض حق أخاك مجتهدا ولو * أفنيت فيك قصائدي ونشيدي
عماد الدين محمود بن مسعود الطبيب
من أطباء عصر الشاة عباس الأول الصفوي له الرسالة الافيونية
بالفارسية منها نسخة مخطوطة في الخزانة الرضوية.
الشيخ محمود بن نبهان
من شعره قوله:
آل طه وآل حم والحشر * عليهم وفيهم التنزيل
هم أولو الامر والمودة في القربى * ولك عن ودهم مسؤول
طالبيون فاطميون علويون * لا علة ولا معلول
نسب طاهر المغارس للشمس * بمعناه غرة وحجول
كل فرع إذا رسا الأصل بالفرع * سمت بالغصون منه الأصول
كلهم للورى أئمة عدل * تتساوى شبانهم والكهول
الهداة المعربون إذا استعجم * عند التلاوة التأويل
انا مولى لسادة كل أمر * لجميع الورى إليهم يؤول
وإذا ما الكتاب أفصح بالمدح * فما ذا عسى فصيح يقول
الحاج محمود الميمندي
ذكره السيد عبد الله سبط السيد نعمة الله الجزائري في اجازته الكبيرة
ووصفه بالواعظ الزاهد العابد الصالح التقي الورع الذكي وقال إنه يروي
عن الحر العاملي.
ركن الدين محمود بن نور الدين بن شرف الدين وزير البحرين في أول
القرن الحادي عشر وممدوح الشيخ جعفر الخطي البحراني
كانت البحرين في ذلك العصر تحت حكم دولة إيران وكان يعين لها
حاكم من قبل ملوك إيران الصفوية مستقل بالإدارة بطريق الاقطاع كما هو
الحال في كثير من البلاد وكان الحاكم يومئذ يسمى الوزير وللخطي فيه
عدة مدائح منها ما مدحه به سنة ١٠٠١ وهي أول قصيدة قالها في المديح:
ما ذا يفيدك من سؤال الأربع * وهي التي ان خوطبت لم تسمع
سفه وقوفك في دوارس أربع * عجماء لا تدري الكلام ولا تعي
فدر الوقوف على محاني منزل * عاف لمختلف الرياح الأربع
واستبق قلبا لا تعيش بغيره * وشعاع نفس ان يغب لم يطلع
واصرف بصرف الراح همك انها * مهما تفرق من سرور تجمع
كرمية تذر البخيل كأنما * نزل ابن مامة في يديه باصبع
فهي التي آلت إليه صادق * ان لا تجاورها الهموم بموضع
مع كل ساحرة اللحاظ كأنما * ترنو بناظرتي مهاة مرضع
وكأنما تثني على شمس الضحى * أما هي انتقبت حواشي البرقع
ومنها في المديح:
ملك رقى درج الفخار فلم يدع * فيها لراق بعده من مطمع
وتناولت كفاه أشرف رتبة * لو قام يلمسها السهى لم يسطع
اندى من الغيث الملث إذا اجتدى * احمى من الليث الهزبر إذا دعي
التارك الأبطال صرعى في الوغى * فكانهم اعجاز نخل منقع
حييت يا كسرى الملوك تحية * تربى على كسرى القديم وتبع
يا ابن الأولى جعلوا مراكز سمرهم * حب القلوب بكل يوم مفظع
واستبدلوا للبيض من أغمادها * في الحرب هامة كل ليث أروع
النازلين من العلى في رتبة * هام السهى منها باني موضع
ما حدثت نفس امرئ ببلوغها * الا ومات بغلة لم تقع
جاءتك من عرب الكلام خريدة (١)
عذراء أول ما جلاه لناظر * نظمي وأول ما تلاه لمسمعي
من شاعر ذرب اللسان مفوه * طب بتركيب المعاني مصقع
فأضمم عليه يديك تحظ باخر * أذكى من المتقدمين وأبرع
فليسمعنك ان بقي لم بعدها * ما تستبين لديه ذل الأشجع
وقال فيه أيضا وانشده إياها بعيد الفطر سنة ١٠٠٢ واملاها على
روايته الغنوي:
لعبت بعطفيه الشمول فمادا * وثنى النسيم قوامه فآنادا

(١) بياض في الأصل.
(١١١)

ريم أعار مهى الصرائم أعينا * نجلا وآرام الحمى أجيادا
نازعته راحا كبرد رضابه * طعما وجذوة خده ايقاد
والليل زنجي الملاءة ناشر * لمعا كأحداق الحسان جعادا
فنضا دجاه بغعرة أربى بها * حسنا على البدر المنير وزادا
قسما بخوص كالحني ضوامر * وصلت بتدآب السرى الآسادا
يحملن شعثا من ذؤابة وائل * شم المعاطس سادة انجادا
لأفارقن الخط غير معول * فيها على من ضن أو من جادا
بلد تهين الأكرمين للؤمها * شروى الزمان وتكرم الأوغادا
ولأخبطن حشي الظلام ميمما * ملكا بما ملكت يداه جوادا
لا يقتني غير السوابغ والقنا * والبيض والخيل العتاق عتادا
من معشر سن المكارم يافث * لهم وأسس مجدهم وأشادا
ما سيرت راياته في موكب * الا رجعن وقد ملكن بلادا
يقتاد م الأملاك مهما شاءه * قسرا ولا يعطي الملوك مقادا
تثني معاطفها المنابر باسمه * وتهز من طرب بن الأعوادا
وله كما اطردت لآلئ تاجه * كلم تروقك مبدأ ومعادا
وله كما حل الربيع نطاقه * سيب يبخل صوبه الأجوادا
وله يد فيها المنية والمنى * تشقي السوام وتسعد الوافادا
ومرابع خضر المحاني لم تزل * عرصاتها للمعتفين مرادا
وعزائم تذكو وآراء كما * أورت اكف القادحين زنادا
فليفد ركن الدين كل مبخل * لا يستلين له الثناء قيادا
جعد اليدين يعد خزن تراثه * رشدا وإسداء الجميل فسادا
وله إذا سمع الثناء أو اجتدى * وجه ينيل شبا البراع مداد
يا ابن الأولى بدوا جيادهم إلى * أمد العلى يوم السباق طرادا
شادوا مناقبهم بسيب غامر * وظبا الفن طلا العدى أغمادا
فالناس بين اثنين إما مادح * لهم وإما مضمر أحقادا
نالت بهم هام السهى يد يافث * طولا لكونهم له أولادا
قوم إذا استنهضتهم لملمة * واليوم كالليل الأرحم سوادا ركبوا
منيفات الهواري وانتضوا * بيضا كالسنة الصباح حداد
واستلأموا قمص الحديد وجرروا * سمرا كارشية الركي صعادا
وتفيؤوا ظل المعالي واحتسوا * علق النجيع وعانقوا الآسادا
في ماقط وصلت جماجم صيده * بيض الصفاح وعافت الأجسادا
وزافاك عيد الفطر طلق المجتلى * فاستجل عيدا بالسعادة عادا
ومضى الصيام وقد حشوت عباءه * ورعا ونسكا أبهر العبادا
فاستجل من كلمي عروسا قلدت * درر المعاني توأما وفرادي
واسلم ودم وانعم وعش في دولة * ترضي الولي وتكمد الحسادا
وقال أيضا يمدحه ويهنيه بعيد الأضحى سنة ١٠٠٤ ويشير إلى أن
هذا الوزير وقع يده بيتان فارسيان في كل مصراع منهما ذكر خمسة أشياء
وطلب مجاراتهما فجاراهما أبو البحر بما لا محل لذكره:
أهبت بالدمع إذ بانوا فلباني * من أبيض يقق أو احمر قاني
ساروا وما اوقروا أحداج عيسهم * الا كراي على رغمي وسلواني
نبت بي الدار حتى ضاق أرحبها * يوم النوى ونبا بالروح جثماني
ما لي بهجرهم والدار جامعة * يد فكيف بنأدى بعد هجران
يا صاحبي ألما بي على دمن * أقوت معالمها من أم عثمان
على الوقوف ولو لوث الازار بها * يزيل بعض صياباني واشجاني
واوقفاني فيها ثم لا تسلا * لها السحاب الغوادي بعد اجفاني
فوقفني في محاني كل منزلة * خير لها من ملث الودق هتان
خلقت لم أدر ما وادي العقيق ولا * دار تأبد مأواها بماوان
ولا الوقوف على الدارات من أربي * ولا مخاطبة الأطلال من شاني
ولا زجرت غرابا في تعرضه * ولا أهبت بحاد خلف اظعان
ولا وقفت لغادي المزن أسأله * سقي المنازل أقوت بعد سكان
حتى علقتا باعرابية ألفت * رمل الحمى حيث تهفو الريح بالبان
فاعتضت بالأهل وحشا والديار فلا * فالوحش والبيد اخواني وأوطاني
هيفاء تثني وشاحيها على غصن * تهفو به نسمات الدل ريان
حقف ينوء بغصن فوقه قمر * يضئ في جنح جثل النبت فينان
تمج ألحاظها حتفا تولد عن * سحر يشق عصى موسى بن عمران
نواظر نالنا من فتكهن بنا * اضعاف ما نال في الدار ابن عفان
أورثنا سقما ما للمسيح يد * ببرئه لا ولا للشيخ لقمان
تفتر عن مورد عذب النطاف على * ارجائه من نفيس الدر سمطان
تلك التي أورثتني بعد عافيتي * سقما ألح على جسمي فأخفاني
وحاربت بين جفني والرقاد فما * القى الدجى بسوى أجفان سهران
وطالما بت أحيي الليل مرتشفا * ريق المدام على ترجيح ألحان
يسعى بها ثمل الاعطاف وجنته * كراحة إذ كلا لونيهما قاني
إذا علاها نمير الماء أولدها * درا تخلص عن احشاء عقيان
انا الذي ضاق بي دهري وضقت به * فنحن عند اتحاد الوصف مثلان
ان شاء لم اعطه والجود من شيمي * والحزم ذاك ولا ان شئت أعطاني
ما سرني فرآني ضاحكا ابدا * كلا ولا ساءني يوما فأبكاني
بلوت هذا الورى طرا فما حصلت * يدي على غير بادي الغدر خوان
ان الوزير أدام الله دولته * لواحد ما له في الناس من ثاني
تثني العفاة على عيسى وقفن بهم * على ندى أريحي غير منان
فلا مزيد على ما أتحفته به * أيدي مساعيه من عز وسلطان
ما أقرب الشبه منه في جلالته * وملكه بابن داود سليمان
ما سار في موكب الا وحف به * من الوحوش وطير الأفق جيشان
أنام سرب الرعايا في ذراه فما * تنفك نائمة في ظل يقظان
لم يرض ان غمر الاحياء نائله * حتى كسا بالصنيع الهالك الفاني
أحيى ماثر من أودى الزمان به * فظل ينشر ما يطوي الجديدان
اني لأحسد بيتي شاعر لبسا * بذكره لهما أثواب احسان
كساهما بهجة اعجابه بهما * فاكملا بعد ان هما بنقصان
لله ما وئعا مع ضيق وزنهما * من جملة لم يسعها قط بيتان
في كل مصراع بيت منهما جمعت * أشياء يعجز عنها كنه تبيان
عناصر ومن الأيام أربعة * وجوهر وسلاح واسم ريحان
وألزم الناس ان يأتوا بمثلهما * معني ووزنا من القاضي إلى الداني
فظل يرسل كل طرف فطنته * فمن عثور عن الغايات أو واني
حتى تمطي على العلات ذو مرح * من فكرتي سابق في كل ميدان
لا ينثني دون ان يسمو لغايته * كأنه وقضاء الله سيان
بعثته فاتى بالنجح من كثب * ان الجنا لقريب من يد الجاني
انا الذي هز لي دهري معاطفه * عجبا فلم أبتسم من ثغر جذلان
ما افتر عن مثل ما أرسلت من حكم * فم ولا ضم قلبي صدر انسان
ولا تناول شاوي كف ملتمس * اني وقد قصرت عنه السماكان
(١١٢)

ان قلت شعرا فلي في كل جارحة * نظم ينيف على احسان حسان
ما زال يكحل لما راح يعنق بي * طرفي ثرا طرف من في الشعر جاراني
اولاني الله ما أولي ففهت به * فالحمد لله لا لي حيث اولاني
وقال يهنيه بمولود لم يكن له غير وانشده إياها بعيد الفطر سنة ١٠٠٩:
عاطنيها قبل ابتسام الصباح * فهي تغنيك عن سنا المصباح
أنت تدري ان المدامة نار * فاقتدحها بالصب في الاقداح
فهي تمحو بضوئها صبغة الليل * فيغدو وجه الدجى وهو ضاحي
فأسلها وردية كدم الكبش * اسالته مدية الذباح
فهي تقصي إما دنت وارد الهم * وتدني شوارد الأفراح
مزجوها فقيدوها فلو تترك * صرفا طارت بغير جناح
يا خليلي ولا ارى لي من الناس * خليلا الا فتى غير صاحي
يتلقى عذل العذول بهيهات * ويحثو في أوجه النصاح
ألف الراح فهي بين اغتباق * لا ينادي وليده واصطباح
رح على الراح بين فليس على الأجسام * عار في السعي للأرواح
وأسقينها صرفا فللنار أنأى * جانبا عن وصال ماء قراح
خي ما تشرب المدام عليه * وجه خود من الحسان رداح
فهي من نور وجهها وظلام الشعر * في حالتي مسا وصباح
وثغور يخلن في بارد الظلم * حبايا يطفو على وجه راح
ما ترى الدهر كيف راقت لياليه * فشفت عن أوجه الأفراح
حبذا الليل ما أطل فللامساء * حظ ما كان للاصباح
ما رأينا النهار اطلع شمسين * على أنه المنير الصاحي
ورأينا الليل استقل ببدرين * تمامين وهو وحف الجناح
فثنت رتبة الوزارة عطفيها * ابتهاجا بالأبلج الوضاح
شد أزر الملك العقيم كما يكنف * نور الهلال ضوء براح (١)
جاءها بعد ما استمرت على العقم * وضاقت أم المنى باللقاح
فاجتلى الناس غرة بيضت وجه * زمان غفلا من الأوضاح
لا أغب الوزير سعد يناجيه * به كر غدوة ورواح
فاغتنم اجحر ما تحمل عنك الصوم * من نسك عابد سياح
واجتل العيد سافرا لك عن غرة * يمن وعن محيا فلاح
وتهن الثناء من معرق بالنظم * يدلي بالسائرات الفصاح
وابق تستخدم الزمان كما شئت * وتعدي على القضاء المتاح
الشيخ مهذب الدين محمود بن يحيى بن محمد بن سالم الشيباني الحلي
في أمل الآمل: كان فقيها عالما صالحا شاعرا أديبا منشئا بليغا يروي
عنه ابن معية ومن شعره قوله من قصيدة يرثي بها الشيخ محفوظ بن وشاح:
عز العزاء فلات حين عزاء * من بعد فرقة سيد الشعراء
العالم الحر الامام المرتضى * علم الشريعة قدوة العلماء
أ كذا المنون تهد أطواد الحجى * ويفيض منها بحر كل عطاء
ما للفتاوى لا يرد جوابها ما * للدعاوى غطيت بغطاء
ما ذاك الا حين مات فقيهنا * شمس المعالي أوحد الفضلاء
ذهب الذي كنا نصول بعزه * ولسانه الماضي على الأعداء
من للفتاوى المشكلات يحلها * ويبينها بالكشف والإمضاء
من للكلام يبين من اسراره الخافي * ومن للشعر والشعراء
ما خلت قبل يحط في قعر الثرى * ان البدور تغيب في الغبراء
أ يموت محفوظ وابقى بعده * غدر لعمرك موته وبقائي
مولاي شمس الدين يا فخر العلى * ما لي أنادي لا تجيب نادئي
الشيخ محيي الدين أحمد بن تاج الدين الميسي العاملي.
من أجلة علماء عصره روى عن الشهيد الثاني وعن الشيخ زين الدين
الفقعاني ويروي عنه غير واحد منهم المولى محمود بن محمد بن علي
اللاهجاني تلميذ الشهيد الثاني اجازة سنة ٩٥٤ في شهر ربيع في الحائر
ويروي المترجم بالإجازة في الشهيد الثاني وعن شيخه الشيخ علي بن عبد
العالي الميسي. وفي أمل الآمل: كان عالما فاضلا زاهدا عابدا استجاز منه
فضلاء عصره.
ملا محيي الدين الأنصاري الشيرازي من * ذرية سعد بن عبادة الأنصاري
له كتاب شرح الطوالع قرأ عليه جلال الدين الدواني.
الشيخ محيي الدين ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محيي الدين ابن عبد
اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني العاملي النجفي
ذكره الشيخ جواد في ملحث أمل الآمل ووصفه بالشيخ الجليل العالم
العامل المحقق الكامل ثم قال سكن مدة في الحويزة وكان شاعرا كاتبا وجدت له كتابا
أرسله إلى السيد الجليل السيد معتوق ابن السيد شهاب
الحويزي وقد صدره بهذين البيتين وهو يومئذ بأصفهان وذلك في أواخر صفر
سنة ١١١٦:
ما لي سوى عفو يغطي على * عبد عصى مولاه محقوق
فهاك رقا لم يكن لائقا * كم سامح بالرق معتوق
وضمنه أيضا هذه الأبيات:
ليس في الأقوام أبخل من * ذي هوى أو هي الهوى عنقه
حين يهدي شاحطا ومقا * لم يطأ سلوانه طرقه
نائبا عن صرف مهجته * رق قول الذي عتقه
وختمه بهذه الأبيات:
قسما بالوداد اني لممن * لا تساويكم في المودة نفسه
فعزيز على أخي البعد مثلي * ان يرى قبله جنابك طرسه
ليتني في اللقاء قاسمت طرسي * وله يومه وحظي أمسه
وذكره في نشوة السلافة فقال: ديباجة العلم وعنوانه ولسان الأدب
وبيانه حلو الفكاهة وامام البلاغة له نظم يعذب ويروق فمنه قوله:
صبرا أخا الحظ القصير وصاحب الباع الطويل على بلاء لازم
ان الزمان لمن دنائة فعله * رفع الجهول وخفض قدر العالم
يكفي دليلا للخلايق ان حبي * دون الأصابع خنصرا بالخاتم
وله في مدح صاحب نشوة السلافة:
قد كنت احسب انما * قصر الذكاء على أياس
حتى وقفت بجانب * النجف الشريف على أناس
تزهو على الاصباح * أوجههم وتجلو الالتباس
وحلومم رجحت بميزان * على الشم الرواس

(١) براح بفتح الباء وضم الحاء وكسرها اسم للشمس معرفة كقطام.
(١١٣)

فرأيت فيما بينهم * حدثا من المعروف كأس
ذا فطنة كالنار لم تخل * العفاة من اقتباس
ونظام ذي نظم يشيد * كل معنى ذي انداراس
تهدي معاتيه إلى ذي * اللب نشوة رب كأس
قسما لذلك من جوار * أخي الندى صعب المراس
أعني أمير المؤمنين * ومن ولايته لباس
وله في كتاب السلافة:
سلافة ذي العصر تلك التي * أ لها تلبس
حكت جنة الخلد حيث انطوت * على كل ما تشتهي الأنفس
كفى بعلي لها موئل * مؤلفها العالم النقرس
الشيخ محيي الدين الطريحي ابن الشيخ كمال الدين بن محيي الدين بن
محمود بن أحمد بن طريح
توفي سنة ١١٤٨
كان عالما فاضلا أديبا شاعرا ورثاه الشيخ احمد النحوي الحلي النجفي
ووجدنا هذه الأبيات في رثائه ولا نعلم أ هي للنحوي أو لغيره قال:
قد كان كهف اللائذين ومأمنا * للخائفين وملجا المسكين
وله المعارف والعلوم وراثة * وله رقيق الشعر ملك يمين
من نسل آل طريح القوم الأولى * تتلى ماثرهم ليوم الدين
محيي جمال كمال عز جلال مجد * علاء شمس ضياء فخر الدين
قد كان فيما بينهم كفريدة * تزهو بعقد للفخار ثمين
فجعت ببحر للفضائل زاخر * وبناء مجد للعلاء رزين
ان يمس مدفونا ببوغاء الثرى * فله ثناء ليس بالمدفون
والدهر أعلن بالنداء مؤرخا * المجد مات لموت محيي الدين
سنة ١١٤٨
وقوله محيي جمال الخ تعداد لأبيه وأجداده بالإضافة إلى لفظ الدين:
وأرسل السيد نصر الله الحائري إلى المترجم هذين البيتين:
تركتني مذ غبت عن * عيني يا ليث الشري
حتى الصباح منشدا * أطرق كرى أطرق كرى
وأرسل إليه هذه الأبيات غب عتاب:
عتبتم لكن بلا جرم * على مشوق ناحل الجسم
هذا وما لي غيركم ملجأ * فالويل من قاض غدا خصمي
فان ظلمتم بالجفا صبكم * فظلمكم أحلى من الظلم
شحذتم لي حق سيف النوى * فلم يدع لي قط من رسم
فان يدر في خلد ذكركم * تسلسل الدمع على رغمي
فيا كرام بخل الدهر باللقيا * لهم وهو أخو الظلم
وحقكم ان أبا الفتح قد * شوق للتقبيل والضم
وخفض ذاك العيش عنه نأى * وقلبه عومل بالجزم
فسامحوه وارفعوا قدره * بزورة تحييه في الحلم
لا زلتم تسمون هام السهى * ما طرز الديجور بالنجم
وذكر له في نشوة السلافة هذه القصيدة يمدح بها صاحب النشوة:
نغمات العود أورثن الهياجا * في فؤاد الصب أم غيد تناجى
أم تراءى لأبي عبد الرضا * غرة أضحت لمن أعيا علاجا
وبيان مفحم عند المرا * كان للشيخ الطبرسي احتجاجا
وعلوم زاخرات بالهدى * لو رآها البحر يوم الجزر ماجا
السيد محيي الدين بن فضل الله الحسني العاملي العيناثي
كان من مشاهير العلماء في عصره ذكره الشيخ محمد آل مغنية في كتابه
جواهر الحكم فقال: قرأ أولا على والدي الشيخ مهدي بن محمد وقضى
خمسا وعشرين سنة بقرية طيردبا يفيد ويستفيد وبعدها توجه إلى العراق في
عصر شيخ الطائفة الشيخ مرتضى الأنصاري ثم عاد إلى جبل عامل ونقل
ان الشيخ مرتضى كان يرجع الناس إليه وما عثر على زلة ولا نقم أحد عليه
في كلية أو جزئية وكان شيخا حفاظا فاضلا عفيفا متواضعا ما خرج من بيته
منذ جاء من العراق الا قليلا اه.
وأرسل له الشيخ مرتضى الأنصاري كتابا على يد الشيخ كاظم ابن
الشيخ حسين محفوظ نورد جملا منه نموذجا لما كان يكتب عن لسان علماء
العراق في ذلك العصر فقد جاء فيه:
سلام كانفاس الخزامي إذا جاءها الغيث تحدوه النعامى وثناء أوسع الدهر
العبوس ابتساما إلى من بنى في ذروة الفضائل مقاما وأصبح لجميع الأفاضل
مرجعا واماما كيف لا وهو علامة الأمة وعلم الاعلام الأئمة وبدر العلوم
المجلي بنور علومه ظلم الجهالة المدلهمة جامع المعقول والمنقول وخاتمة أكابر
الفقهاء الفحول السيد محيي الدين فضل الله أدام الله تعالى علاه وأولاه
مزيد اللطف في أخراه وأولاه ونفع بعلومه كافة المؤمنين ورفع به راية الدين
في العالمين. حامل الفقرات ولدنا الورع التقي النقي كاظم نجل سلمان
زمانه وأبي ذر أوانه المرحوم المبرور الشيخ حسين محفوظ العاملي توجه إلى
جهتكم وفسيح ساحتكم لينال الحظ الأوفى من سماح راحتكم الخ.
٦ شوال سنة ١٢٣٤
التوقيع
الخاتم
الراجي لطف ربه لا إله إلا الله الملك
خادم الشريعة الغراء الحق المبين
مرتضى الأنصاري عبده مرتضى الأنصاري
وكتب له الشيخ رضا بن زين العابدين العاملي اجازة هذه صورة
أكثرها:
الحمد لله الذي هدانا لدين الاسلام وسن لنا شرائع الاحكام على
لسان نبيه محمد ص خاتم الرسل وسيد الأنام ثم استودعها من بعده أمناءه
في ارضه وحجته على بريته وخلفاءه في أمته عليا والغر الميامين من أبنائه
وذريته الأئمة الأمناء الاعلام والهداة المهديين الكرام وسادات الناس من بني
حام وسام ولما ان جرت حكمته في غيبة امام العصر عن عباده مع افتقارهم
في جميع أمورهم إلى هدايته وارشاده جعل من بعده نوابا عنه حافظين
لشريعته علماء الفرقة المحقة المجاهدين في حفظ الشريعة حق الجهاد
المتوجين بتاج الرياسة والنيابة عن خليفة رب العالمين والمتحلين بحلية
وجوب الطاعة على الخلق أجمعين وقد ظهر والحمد لله في زماننا الصادق
الأفكار والصائب الأنظار والغواص في بحار محكمات الآيات والاخبار
(١١٤)

المستخرج من دقائق احكامها ومشكلاتها الفرائد الابكار العالم العلامة
والفاضل الفهامة المرجع فيما يجهل من احكام الشرع المبين السيد النبيل
السيد محيي الدين فضل الله فلعمري قد أخبرته مرارا في حال التدريس
والبحث بما يشكل حله على العلماء فوجدته ذا ملكة قدسية وقوة يقتدر بها
على رد الفروع إلى الأصول فلقد ارتقى من مراتب الفضل والاجتهاد
أقصاها وقد استجازني فاجرت له ان يروي عني ما أجازني مشائخي عن
مشائخهم إلى أن يتصل ذلك بالرواة عن الأئمة الهداة ص من مقرؤاتي عليهم
ومسموعاتي منهم من كتب الحديث الأربعة وغيرها من
كتب الاخبار كغوالي اللآلي وما يرويه من غيرها في الوسائل ومستطرفات
السرائر والبحار وكتب الفقه لأصحابنا وفقهائنا رضوان الله عليهم أجمعين
والصحيفة السجادية على صاحبها ألف صلاة وتحية لأجل اليمن والتبرك
والدخول في هذه السلسلة الشريفة وأوصيه بالجد والسهر واتعاب الفكر
والنظر في آثار سادات البشر والتروي في الفتوى والتأمل والتدبر في كلمات
الفقهاء والفحص عن اجماعاتهم كي لا يقع في مخالفتها وان يقف عند
شهرتهم ويتحرز عن مخالفتها مهما أمكن بتكرير النظر بتقوى الله ومراقبته في السر والعلن والاهتمام في
أمور الآخرة والاعراض عن الدنيا وارجو منه الدعاء لي بالعفو والمغفرة في
ادبار صلواته وأوقات تهجداته سيما بعد صلاة الليل فان الدعاء لا يرد فيها
والحمد لله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ورضي الله عن علمائنا
ومشائخنا أجمعين وعن رواتنا المحسنين وسلك بنا سبيلهم كتبه بيده الفانية
الأقل خادم الشريعة.
محمد رضا زين العابدين العاملي
الشيخ محيي الدين بن طريح الطريحي النجفي
ذكره في أمل الآمل ومر ان جمال الدين والد حسام الدين كان أخا
فخر الدين بتصريح نفسه وتصريح ولده حسام الدين ويحتمل بعض
الفضلاء ان المترجم ثالث الأخوين وقد ترجم الثلاثة صاحب الأمل لكن
نسب جمال الدين ومحيي الدين إلى جدهما طريح وفخر الدين إلى أبيه
ويحتمل ان محيي الدين المترجم في الأمل هو ابن الشيخ محمود بن أحمد بن
محمد بن طريح كما وجد نسبه بخطه ويحتمل أيضا انه ابن جمال الدين بن
طريح وأخو حسام الدين كما يظهر من الرياض لأنه قال في ترجمة فخر
الدين انه وولده صفي الدين وأولاده أخيه حسام الدين ومحيي الدين
وأقرباءه كلهم صلحاء أتقياء زهاد أبرار فمن عطف محيي الدين على حسام
الدين يظهر انهما ولدا أخيه جمال الدين.
الشيخ محيي الدين العاملي ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ
حسن ابن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني
في تكملة أمل الآمل: كان من أفاضل علماء وقنه في الفقه والأصول
والحديث وفنون الأدب وهو والد الشيخ علي جد جدي السيد محمد علي من
قبل امه فان جدنا السيد صالح كان تزوج ابنة الشيخ علي بن محيي الدين
وأولدها السيدين الجليلين السيد صدر الدين والسيد الجد والعلوية رحمة
زوجة الشيخ حسين محفوظ العاملي اه
الشيخ محيي الدين بن عبد اللطيف بن أبي جامع العاملي
توفي سنة ١١٥٢
تقدم ذكر آل أبي جامع وسبب التكنية بذلك والمترجم هو جد آل
محيي الدين القاطنين بالنجف الذين ينسبون إليه وفي أمل الآمل كان فاضلا
عالما عابدا ورعا يروي عن أبيه عن شيخنا البهائي اه وذكر البهائي في
الكشكول أبياتا للسيد المرتضى وتذييلا لها للشيخ محيي الدين الجامعي
والظاهر أنه هذا لما سمعت من معاصرته للبهائي إما الشيخ محيي الدين ابن
الشيخ حسين المتقدم فهو متأخر عن البهائي لما عرفت من أن له مراسلة سنة
١١١٦ والبهائي توفي سنة ١٠٠٣ فبينهما أكثر من مائة سنة قال في
الكشكول: قال الشريف المرتضى ذو المجدين علم الهدى طاب ثراه:
ذاكرني بعض الأصحاب قول أبي دهبل:
فاوى بها بطحاء مكة بعد ما * أصات المنادي بالصلاة فاعتما
وسألني اجازة هذا البيت تنضم إليه وان اجعل ذلك كناية عن امرأة
لا عن ناقة فقلت في الحال:
فطيب رياها المقام وضوأت * باشراقها بين الحطيم وزمزما
فيا رب ان لقيت وجها تحية * فحيى وجوها بالمدينة سهما
تجافين عن مس الدهان وطالما * عصمن من الحناء كفا ومعصما
وكم من جليد لا يخامره الهوى * شنن عليه الوجد حتى تتيما
أهان لهن النفس وهي كريمة * وألقى إليهن الحديث المكتما
تسفهت لما ان مررت بدارها * وعوجلت دون الحلم ان أتحلما
فعجت أعزي دارسا متنكرا * واسال معروفا عن النطق أعجما
ويوم وقفنا للوداع ولكنا * يعد مطيع الشوق من كان أحزما
نظرت لقلب لا يعنف في الهوى * وعين متى استمطرتها مطرت دما
قال وتتبع الشيخ محيي الدين الجامعي السيد فقال:
فضاء فضاء المأزمين وطاب من * شذاها ثرى أم القرى فتنسما
ولاح لحادي الركب ضوء جبينها * فيمم بالركب الحمى وترنما
رآها على بعد أخو الزهد فانثنى * وصلى عليها بالفؤاد وسلما
رنت فصبا ركن الحطيم وزمزم * إليها وباحا بالغرام وزمزما
من اللاء يسلبن الحليم وقاره * ويقتلن باللحظ الكمي المعمما
ويورين نار الوجد في قلب ذي النهى * فيضحى وان نأوى ذوي الغشق مغرما
قضت مقلتا سلمى على القلب حبها * فها هو منقاد إليها مسلما
أعان عليه الهجر ذا الليل والهوى * وطال وأعني وأدلهم واظلما
دعاه لميقات الغرام جمالها * فهام بها شوقا ولبى واحرما
الشيخ محيي الدين بن محمود بن أحمد بن طريح الطريحي المسلمي الرماحي
من أبناء عم فخر الدين الطريحي صاحب مجمع البحرين
توفي في النجف سنة ١٠٣٠
كان فاضلا تقيا مصنفا أديبا شاعرا له شعر كثير في الحسين ع وله
ديوان شعر مجموع، ذكره في أمل الآمل فمن شعره قوله يمدح والي البصرة
حسين باشا ابن أفراسياب السلجوقي:
هي الشمس أم نار على علم تبدو * أم البدر أم عن وجهها أسفرت هند
وذلك برق لامع أم مباسم * تبدت لنا أم لاح في نحرها العقد
وتلك رماح الخط تلوي متونها * يد الريح أم تيها يميس بها القد
وذا عطرها قد فاح أم نشر عنبر * أم اهتاج من حذوي العرار أو الرند
(١١٥)

أجل هذه سعدى بدت من حجالها * فأشفت عليلا داؤه الناي والصد
هو الدهر لم يبلغ به السؤال ماجد * وكم نال منه فوق بغيته الوغد
سيفري أديم الأرض بي خطو شيظم * هو الماء إذ يمشي أو النار إذ يعدو
إلى حلة فيها حسين أخو الندى * أبو المجد خدن الفضل والعلم الفرد
نتيجة أقيال سرات أماجد * غيوث إذا استندوا ليوث إذا استعدوا
وجارى السحاب الجون كفيه فانثنى * مقرا بفضل لا يطاق له جحد
بمدحك عاد الشعر غضا كأنما * غذته بمضغ ابشيح عرفاء أو نهد
وله في وصف فانوس:
كأنما الفانوس في حلة * حمراء من نسج رفيع رقيق
والشمعة البيضاء في وسطه * ذات اعتدال مثل سهم رشيق
صعدة بلور لها حربة * من ذهب في خيمة من عقيق
أو كاعب بيضاء عريانة * قائمة في كلة من شقيق
وله في رثاء الحسين ع:
جاد ما جاد من دموعي السجام * لمصاب الكريم نجل الكرام
قل صبري حتى انتشيت بوجدي * فهمومي كاسي ودمعي مدامي
انما حسرتي وهمي وحزني * ونحيبي وزفرتي واضطرامي
لسليل البتول سبط رسول الله * نور الاله خير الأنام
حلأوه عن المباح وحاموا * دونه بالمهند الصمصام
يا بني احمد عصام البرايا * أنتم النور في دياجي الظلام
أنتم عدتي ليوم معادي * لست اخشى من الذنوب العظام
أنتم العارفون مقدار حبي * فهو كاف عن منطقي وكلامي
قلت في مدحكم وأخلصت ودي * يا رجائي وملجأي واعتصامي
فخذوها من مسلمي وفي * نجفي مهذب بالنظام
نواب مختار الملك الأول
أحد وزراء مملكة حيدرآباد الدكن في القرن الماضي وكان من أعاظم
امراء الشيعة في الهند.
نواب مختار الملك الثاني
هو ابن مختار الملك الأول انتهت إليه الوزارة في مملكة حيدرآباد
الدكن بعد أبيه وقد بعد صيته وانتشر ذكره في تلك المملكة وكان من أعظم
امراء الشيعة في تلك الديار.
المولى مختار الأعمى القاري الأصفهاني
له درج المضامين منظومة في التجويد فارسية فرع منها سنة ٩٤٩
وشرحه الموسوم ببستان وشرح الشرح المسمى بدر نثار في شرح تجويد المولى
مختار.
مخلد بن جعفر
يروي عن محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ والتفسير ويروي
عنه ولده القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر كما في ترجمة
محمد بن جرير الطبري من رجال النجاشي.
مخنف بن سليم
روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين ان مخنف بن سليم دخل على
أمير المؤمنين ع بعد مجيئه من حرب الجمل إلى الكوفة وبين يديه
رجال يؤنبهم فنظر إلى مخنف فقال لكن مخنف ابن سليم وقومه لم يتخلفوا
ولم يكن مثلهم مثل القوم الذين قال الله تعالى وان منكم لمن ليبطئن،
الآية... واستعمله أمير المؤمنين ع على أصبهان فهمذان فلما أراد
المسير إلى حرب صفين كتب إليه إذا أتيت بكتابي هذا فاستخلف على عملك
أوثق أصحابك في نفسك واقبل إلينا فاستعمل مخنف على أصبهان وهمذان
رجلين من قومه واقبل حتى شهد مع علي صفين.
ملا مراد بن علي خان التفريشي
ولد سنة ٩٦٥ وتوفي في شوال سنة ١٠٥١
في جامع الرواة: العلامة المحقق المدقق جليل القدر عظيم المنزلة
دقيق الفطنة فاضل كامل عالم متبحر في جميع العلوم وأمره في علو قدره
وعظم شانه وسمو رتبته وتبحره في العلوم العقلية والنقلية ودقة نظره وإصابة
رأيه أشهر من أن يذكر وفوق ما تحوم حوله العبارة قرأ المعقولات على جماعة
كان أكثرهم اخذا عند سيد الحكماء المتاهلين ميرزا إبراهيم الهمذاني
والمنقولات على شيخ الطائفة بهاء الملة والدين محمد العاملي. له تصانيف
جيدة منها ١ التعليقة السجادية علقها على من لا يحضر الفقيه منه
نسخة مخطوطة في مكتبة الحسينية في النجف كتبت سنة ١١٣٥ وعندنا منها
قطعة من أول كتاب القضاء إلى آخر الكتاب. قال في أولها: هذه الحاشية
المسماة بالتعليقة السجادية التي علقها أحقر العباد مراد التفريشي على من لا
يحضره الفقيه وقد خرج نصفها الأول من السواد إلى البياض وارجو من الله
سبحانه وتعالى ان يوفقني لاخراج هذا النصف. وقال في آخرها: قدر
بعون الله تبارك وتعالى وتقدس وتعظم الفراع من هذه التعليقة في السحر
من ليلة الاثنين السابع عشر من شهر ربيع الأول مولد النبي ص من شهور
سنة ١٠٤٤ على يد مؤلفها أحقر العباد مراد بن عليخان التفريشي وفرع
منها الناسخ في شهر ربيع الثاني سنة ١٠٦٠ اي بعد التأليف بست عشرة
سنة ورأينا منها نسخة مخطوطة في طهران في مكتبة الحاج ميرزا أبو الحسن
الرشتي المعروف بشريعتمدار ٢ العريضة المهدوية في الكلام ٣
الرضية الحسنية شرح العريضة المهدوية في حجم الشرح الجديد للتجريد
٤ لب الفرائد في أصول الفقه ٥ الوسيلة الرضوية شرح لب الفرائد
يقارب شرح العضدي لمختصر ابن الحاجب ٦ حاشية المختلف إلى ما بعد
صلاة الجمعة ٧ الذريعة الحسنية متن في علم البلاغة ٨ الأنموذج
الموسوي اورد في أوله عدة من الشبهات العويصات وختمها بالكلام على
الإمامة ٩ رسالة فيما جرى بينه وبين صدر المحققين الشيرازي في نجاسة
القليل بالملاقاة وختمها شبهة الجذر الأصم وغيرها.
المراغي
هو علي بن خالد أستاذ المفيد
السيد مرتضى بن أحمد بن حيدر بن إبراهيم الحسني الكاظمي
توفي فجاة في الكاظمية في ٨ رجب سنة ١٣١٣ ودفن في حسينيتهم
في الكاظمية وهو أول من دفن بها.
عالم فاضل فقيه قرأ في النجف على الشيخ محمد حسين الكاظمي
(١١٦)

وميرزا حبيب الله الرشتي والميرزا السيد محمد حسن الشيرازي وفي الكاظمية
على الشيخ محمد حسن آل ياسين له حاشية على نجاة العباد.
السيد مرتضى ابن السيد احمد الطباطبائي الزواري
له أم الكتاب مشتمل على أربعة اجزاء فرع منه سنة ١٣٠٧.
السيد مرتضى ابن السيد حسين ابن السيد حسن ابن السيد محمد الأمين
ابن سيد أبي الحسن موسى بن حيدر بن أحمد ابن ابن عم والد المؤلف
ولد بقم في حدود سنة ١٢٨٠ وتوفي في النجف في حدود سنة ١٣٠٠
كان عالما فاضلا ذكيا تقيا ورعا مهذبا جاء من قم إلى النجف بعد
وفاة والده ومعه عمته وشقيقته واشتغل بطلب العلم ثم فاجأته المنية في
ريعان شبابه ومات عقيما فانقطع بموته نسل السيد حسن.
السيد مرتضى ابن السيد حيدر بن علي نور الدين أخي صاحب المدارك
ابن علي بن أبي الحسن الحسيني الموسوي العاملي الأصفهاني
ذكره ابن عمه السيد عباس بن علي بن نور الدين في الجزء الأول من
كتابه نزهة الجليس فقال في رجب سنة ١١٣١ دخلنا أصفهان واجتمعت
بابن عمي العلامة السيد مرتضى اه وفي بغية الراغبين هو أستاذ
المولى أبي الحسن علي بن أبي طالب الشيرازي المعروف بالشيخ حزين
صاحب كتاب تذكرة العلماء وقد ذكره فيه فقال كان من أفاضل الزمن عالما
بالفقه والحديث وسائر علوم الأدب والعربية شاعرا منشئا كان أستاذي رباني
وعليه تخرجت وذكر انه من أحفاد صاحب المدرك ولد بأصفهان هو وأبوه
والصواب انه من أحفاد أخيه السيد علي نور الدين وان أباه ولد في جبل
عامل اه.
السيد الشريف المرتضى بن الداعي بن القايم الحسني
شيخ الشيخ منتجب الدين القمي صاحب الفهرست ويروي عن جعفر بن
محمد بن أحمد بن العباس بن محمد العبسي الدوريستي قال منتجب الدين
في الفهرست السيد الأصيل مقدم السادة محدث عالم صالح شاهدته وقرأت
عليه وروى لي جميع مرويات المفيد عبد الرحمن النيسابوري.
السيد مير مرتضى الشريفي الشيرازي حفيد السيد شريف الجرجاني
توفي سنة ٩٧٤ في الهند ونقل نعشه إلى مشهد الرضا ع.
قال السيد شهاب الدين الحسيني فيما كتبه إلينا: كان نابغة عصره
في العلم والأدب. نص على تشيعه صاحب تذكرة علماء الهند في التذكرة
وهي مطبوعة معروفة تسشمى تحفة الفضلاء فقال في صفحة ٢٢٣: انه
خرج من شيراز إلى مكة وجعل يحضر درس ابن حجر المكي حتى أجيز
منه، ثم انتقل إلى الهند واتصل بالسلطان أكبر شاة، وتقدم على من كان
عنده من العلماء إلى أن توفي في التاريخ المذكور.
السيد المرتضى علم الهدى
اسمه علي بن الحسين.
علم الدين أبو الحسن المرتضى بن عبد الحميد بن فخار الموسوي النسابة
رأيت بخطه: النسابون يقولون قحطان بن هود واسم هود عابر بن
شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح وهذه أسماء أعجمية وذكروا ان هودا كان
من العرب فإن كان كذلك فهو مأخوذ من الهوادة وهي بغية الصلح وهي
من هاد يهود إذا رجع ويقال هود الرجل إذا مشى مشيا ضعيفا ويدعى ان
أول من تكلم بالعربية يعرب بن قحطان بن هود (١)
الميرزا السيد مرتضى ابن الميرزا علي رضا الطباطبائي اليزدي المعروف
بالشيخ لكثرة زهده وورعه
توفي سنة ١٣٣٣ في يزد ودفن بمقبرة جوي هرهر
هو أخو الميرزا السيد علي المتقدم من مشاهير علماء يزد ومدرسيها قرأ
على الشيخ مرتضى الأنصاري لا غير في النجف له كتب أشهرها ١
جامع العلوم يحذو فيه حذو مشكلات العلوم ٢ كتاب في النحو مختصر
مطبوع ٣ كتاب في الأصول ٤ كتاب في الفقه ٥ كتاب في الكلام
٦ كتاب في الحكمة.
النقيب جلال الاسلام أبو الفضل مرتضى بن علي بن شرف الدين المرتضى
العلوي الحسيني الآوي
صنف المقداد السيوري باسمه واسم أبيه الأنوار الجلالية في شرح
الفصول النصيرية فقال في حقه في خطبة الكتاب زيادة على ما قاله في حق
أبيه مما مر في ترجمته: من هو على حداثة سنه وغضاضة غصنه قد فاز
بالسعادات الأبدية والكمالات السرمدية وصار أنموذجا لمزايا خواص
آبائه الطاهرين وعنوانا على صحائف أجداده الأكرمين ذلك جلال
الاسلام وتاج المسلمين السيد النقيب الطاهر شرف الملة والحق والدنيا
والدين أبو الفضل مرتضى بن علي لا زال مرتضى الأقوال والافعال عاليا
إلى أعلى مراتب الكمال مخدوما بالعز والتأييد محفوظا بالنصر والتأييد ليكون
لهما الجر الانتفاع به على توالي الأحقاب ويستمر لهما دعاء المتشاغلين بسننه
على تعاقب الأعقاب وجعلته حسنة مهداة إليهما وتذكرة لعبده لديهما
اه.
ويظهر من ألقاب أبيه المتقدمة في ترجمته انه كان واليا ونقيبا
بالحلة ومر في ترجمة أبيه من أوصافه ما ينبغي ان يلاحظ.
الشيخ مرتضى ابن الشيخ محمد مؤمن
له شرح زبدة الأصول للبهائي كتب في أوله إما بعد فيقول أحوج
عباد الله إلى غفران ربه مرتضى بن محمد مؤمن. وكتب في آخره فرع من
نقله إلى البياض كاتبه أضعف عباد الله ضياء الدين محمد بن شاة مرتضى
وجدت منه نسخة مخطوطة في طهران في مكتبة حاج شريعتمدار الرشتي.
الشيخ مرتضى بن محمد امين الدزفولي الأنصاري النجفي
ينتهي نسبه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري.
ولد في دزفول سنة ١٢١٤ وتوفي في ١٨ جمادى الآخرة سنة ١٢٨١
ودفن في المشهد الغروي على يمين الخارج من الباب.

(١) مجمع الآداب.
(١١٧)

الأستاذ الامام المؤسس شيخ مشايخ الامامية قرأ أوائل امره على عمه
الشيخ حسين من وجوه علماء تلك البلدة ثم خرج مع والده إلى زيارة
مشاهد العراق وهو في العشرين من عمره فورد كربلاء وكانت الأستاذية
والرياسة العلمية فيها لكل من السيد محمد المجاهد وشريف العلماء فرغب
الأول إلى والده ان يتركه في كربلاء للتحصيل على اثر مذكراته وظهور
قابليته فبقي آخذا عن الأستاذين المشار إليهما أربع سنوات إلى أن حوصرت
كربلاء بجنود داود باشا فتركها العلماء والطلاب وبعض المجاورين وهو في
الجملة إلى مشهد الكاظميين ع وعاد منها إلى وطنه حيث امضى
زهاء سنتين لا يكاد يقر له قرار حرصا على نيل حاجته وارواء غليله من
العلم فإنه كان عازما على الطواف في البلاد للقاء العلماء والأئمة لعل
أحدهم يحقق قصده إذ قلما أعجبه من اختاره أو ملأ عينيه أحد فعاد وأقام
فيها سنة يختلف إلى شريف العلماء ثم خرج إلى النجف فاخذ عن الشيخ
موسى الجعفري سنتين إلى أن خرج عنه عازما على زيادة مشهد خراسان
مارا في طريقه على كاشان حيث فاز بلقاء أستاذه النراقي صاحب المناهج مما
دعاه إلى الإقامة فيها نحو ثلاث سنين مضطلعا بالدرس والتآليف حتى كان
النراقي لا يمل من مذكراته ومباحثته وحكى عنه أنه قال لقيت خمسين مجتهدا
لم يكن أحدهم مثل الشيخ مرتضى ثم خرج إلى خراسان حيث أقام عدة
شهور ثم عاد إلى بلاده مارا بأصفهان أيام رياسة صاحبي المطالع
والإشارات وأصر الأول عليه بالإقامة فامتنع وخرج إلى وطنه دزفول فوردها
سنة ١٢٤٤ فأقام خمس سنوات ثم خرج إلى العراق وورد النجف سنة
١٢٤٩ أيام رياسة الشيخ علي ابن الشيخ جعفر وصاحب الجواهر والأول
أوجههما فاختلف إلى مدرسته عدة أشهر ثم انفرد واستقل بالتدريس
والتآليف واختلف إليه الطلاب ووضع أساس علم الأصول الحديث عند
الشيعة وطريقته الشهيرة المعروفة إلى أن انتهت إليه رياسة الإمامية العامة في
شرق الأرض وغربها بعد وفاة الشيخين السابقين وصار على كتبه ودراستها
معول أهل العلم لم يبق أحد لم يستفد منها واليها يعود الفضل في تكوين
النهضة العلمية الأخيرة في النجف الأشرف وكان يملي دروسه في الفقه
والأصول صباح كل يوم وأصيله في الجامع الهندي حيث يغص فضاؤه بما
ينيف على الأربعمائة من العلماء الطلاب وقد تخرج به أكثر الفحول من
بعده مثل الميرزا الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي والسيد حسين الترك
والشرابياني والمامقاني والميرزا أبو القاسم الكلانتري صاحب الهداية
وانتشرت تلاميذه وذاعت آثاره في الآفاق وكان من الحفاظ جمع بين قوة
الذاكرة وقوة الفكر والذهن وجودة الرأي حاضر الجواب لا يعيبه حل
مشكلة ولا جواب مسالة وعاش مع ذلك عيشة الفقراء المعدمين متهالكا في
انفاق كل ما يجلب إليه على المحاويج من الامامية في السر خصوصا غير
مريد للظهور والمباهاة بجميع ذلك حتى لم يبق لوارثه ما له ذكر قط. وكان
طويلا صبيح الوجه على ما فيه من اثر الجدري يخضب بالحناء ضعيف
البصر لم يعقب بنتين توفيتا بعده بيسير وأقيمت له المآتم في ديار الامامية كلها
ورثي بالعربية والفارسية. وفي نظم اللآل: انتهت إليه رئاسة الإمامية
بعد مشائخنا الماضين وهو بها حقيق إذ لا يباريه أحد في التقى وكثرة الصلاة
والصلات والعلم أصولا وفروعا والعمل وحسن الأخلاق له كتب في
الأصول والفقه لا يسع الواقف عليها وعلى ما فيها من الدقائق العجيبة
والتحقيقات الغربية مع لزوم الجادة المستقيمة والسليقة المعتدلة لا
الالتزام لما يرى بالموافقة والتسليم حتى يرى المجتهد الناظر في ذلك
نفسه كالمقلد وذلك أقل شئ يقال في حقه فقد اشتهر امره في الآفاق وذكره على
المنابر على وضع لم يتفق قبله لغيره وكان مرجعا للشيعة قاطبة في دينهم ودنياهم جزاه
الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء وادام ظله عليهم اه.
كان إذا سافر للزيارة يعادله في المحمل خادمه الشيخ رحمة الله
وتحت كل منهما لحاف بطانته من الكرباس الأخضر بلا ظهاره ومعهما قدر
صغير موضوع في وسط المحمل لطبخ غذائهما وعرضت عليه فلوس الهند
المعروفة فابى ان يقبلها وهي أموال عظيمة موضوعة في بنك الإنكليز أصلها
من مال امرأة هندية يصرف ربعها في كربلاء والنجف برأي المجتهدين ويقال ان
قنصل الإنكليز طلب منه ان يقتطع من ريعها شيئا ويعطيه وصولا بالتمام
فابى فسلمت لغيره ممن قبل بذلك.
إما مؤلفاته فمحتاجة إلى التهذيب والتنقيح كثيرا خصوصا رسائله التي
عليها مدار تدريس الأصول ففيها من الايجاز في مكان مع لزوم التطويل
ومن التطويل في آخر كمثل دليل الانسداد مع لزوم الايجاز، وما قيل إنه
كان لا يحب اخراج شئ الا بعد إعادة النظر والتنقيح فهو كذلك ولكن متى
يتسع الوقت لهذا المحبوب مع أن مطالبه أكثرها مبتكرات وهذا أمر لا يستغنى
فيه عن المساعدة أو تهذيب المتأخر لما صنفه المتقدم والمساعدة لم يتعود علماء الإمامية
عليها فمن فيه القابلية لا يشتغل بمساعدة غيره بل يريد ان يعمل
لنفسه وغير القابل لا يمكنه المساعدة والفرد يقصر عمره عن الابتكار
والتهذيب وكذلك تهذيب المتأخر عمل المتقدم ليس مألوفا في علمائنا للعلة
السابقة ولان الكتاب يأخذ حظا من شهرة مؤلفة ورجوع الناس عنه إلى
تهذيبه أمر صعب.
ولقد اكتسبت مصنفاته حظا عظيما فرسائله ومكاسبه مضافا إلى أن
عليها مدار التدريس شذ من لم يعلق عليها من مشاهير العلماء بعده فممن
علق على الرسائل ميرزا موسى التبريزي والميرزا حسن الآشتياني والشيخ
حسن المامقاني والشيخ ملا كاظم الخراساني والشيخ آغا رضا الهمداني وكل
حواشيهم مشهورة مطبوعة وممن علق على المكاسب السيد كاظم اليزدي
والشيخ آغا رضا.
يروي عن أستاذه النراقي وأبيه ملا مهدي عن الشيخ يوسف
البحراني عن المولى محمد رفيع الجيلاني عن المجلسي عن مشائخه.
تصانيفه
كان لا يحب اخراج شئ الا بعد التنقيح وإعادة النظر مرارا هذا
مضافا إلى ضعف بصره مما جعل كثيرا من آثاره في الفقه غير مرتبة. صنف
المكاسب وهو عند بعض تلاميذه أحسن ما صنف راجع غاية الآمال
للمامقاني، كتاب الطهارة ويعرف بطهارة الشيخ من كتب القراءة كاكثر
كتبه، كتاب الصوم والزكاة والخمس على جهة البسط والتحقيق، رسائله
الخمس المشهورة التي عليها معول الأصوليين من الامامية في كل مكان
١ رسالة حجية الظن ٢ أصل البراءة ٣ الاستصحاب ٤
التعادل والتراجيح ٥ رسالة الاجماع وقد طبعت مرارا في مجموع سمي
الفرائد وله أيضا رسالة في الرضاع، رسالة في التقية، رسالة في العدالة،
(١١٨)

رسالة في الفضاء عن الميت، رسالة في المواسعة والمضايقة، رسالة في قاعدة
من ملك شيئا ملك الاقرار به، رسالة في نفي الضرر والضرار طبعت كلها
وله كتاب الغصب وكتاب في الرجال تام منه نسخة مخطوطة في المكتبة
الرضوية كتبت عن نسخة الأصل سنة ١٢٨١ وهي سنة وفاته.
السيد مرتضى ابن السيد محمد ابن السيد دلدار علي ابن السيد محمد معين
الدين النقوي النصيرآبادي اللكهنوئي.
توفي شابا في حياة والده ١٨ شهر رمضان سنة ١٢٧٦
قال السيد علي نقي النقوي الهندي: المحقق المدقق الحكيم المنطقي
لم يكن يشق غباره في العلوم العقلية وقد تلمذ عليه المتكلم المحدث السيد
حامد حسين الشهير صاحب العقبات.
السيد مرتضى ابن السيد علي النواب الحسيني المرعشي الخليفة سلطاني
كان عالما فاضلا من عيون علماء دولة الشاة عباس الثاني مقربا إليه
وصار صهرا له على ابنته ورزق منها ولده السيد علي.
توفي المترجم في أصبهان ونقل نعشه إلى النجف ودفن في مقبرة
العلامة الحلي.
السيد مرتضى النواب الثاني ابن السيد علي ابن السيد مرتضى الأول
الحسيني المرعشي
كان فقيها ورعيا تقيا محدثا مدرسا، صار صدرا للشاه حسين
الصفوي آخر الملوك الصفويين وصهرا له وكان زوجته سيدة جليلة لها
آثار خيرية بأصبهان ونواحيها منها عدة قرى موقوفة قريبة من ملك آباد وشاه
دان.
خلف الميرزا أبا تراب والميرزا السيد محمد.
الشيخ مرتضى نظام الدين الرشتي ابن الشيخ محمد حسن شيخ الاسلام
نزيل مشهد الرضا ابن الشيخ مرتضى نظام الدين العاملي نزيل مشهد
الكاظمين ابن الشيخ جواد ابن الحاج ملا هادي العاملي شيخ الاسلام
ولد سنة ١٢٢٧ وتوفي ببلدة رشت سنة ١٣٣٦ ودفن في قم في صحن
علي بن جعفر خارج البلد على طريق جمكران.
من نوابغ جيلان فقها وأصولا بحاثة في الكلام والحكمة
والرياضيات. تلمذ على الإيرواني والشرابياني والمامقاني والحاج ميرزا حبيب
الله والشيخ محمد هادي الطهراني وغيرهم ويروي عنهم.
له تاليف منها كتاب تشريح الحساب في شرح خلاصة الحساب
للشيخ البهائي بالفارسية ففرع من تاليفه سنة ١٣١٢ في النجف وكتاب
حياة الايمان أفرد على الشيخة وغير ذلك. ويروي عن جماعة منهم السيد
محمود شمس الدين الحسيني المرعشي المتوفي سنة ١٣٣٨
خلف المترجم الشيخ قوام الدين والشيخ شمس الدين.
السيد مرتضى ابن السيد محمد الطباطبائي الحسني والد السيد مهدي بحر
العلوم
وتوفي سنة ١٢٠٤ ودفن عند مزار الشهداء بكربلا
كان عالما جليلا فاضلا نبيلا له مجلد في شرح بعض مباحث صلاة
الكفاية. قال ولده بحر العلوم في بعض المجاميع التي رأيناها بخطه:
تاريخ مجئ الوالد من إيران سنة ١١٩٩ وتاريخ وفاته سنة ١٢٠٤
اه. خلف ولدين أحدهما السيد جواد والد السيد علي تقي وهو
والد الميرزا محمود صاحب المواهب والثاني السيد مهدي بحر العلوم ولما
توفي رثاه شعراء عصره ولده السيد مهدي كالشيخ محمد رضا النحوي
والسيد احمد العطار والسيد إبراهيم العطار والشيخ محمد هادي النحوي
والشيخ مسلم بن عقيل الجساني والحاج محمد رضا الآزري والشيخ محمد
علي الأعسم وغيره بقصائد يذكر بعضها في تراجمهم ومما أرخت به وفاته من
قصيدة للشيخ هادي النحوي:
واها لدهر سددا * سهما أصاب به الهدى
جددت تاريخا لرزئك * لا يزال مجددا
وطفقت أندب إذ فقدت * به الرضي السيدا
المرتضى أودى فارخ * قد قضى علم الهدى
السيد مرتضى ابن السيد محمد ابن السيد حيدر العاملي ثم المكي
ذكره جامع ديوان السيد نصر الله الحائري فقال: صاحب الفضل
الجلي الأديب السيد مرتضى سليل الفاضل السيد محمد بن حيدر العاملي
اه كان فاضلا أديبا شاعرا ارسل إلى السيد نصر الله الحائري قصيدة
يمدحه بها فشطرها السيد نصر الله وجعل التشطير جوابا ونحن نقتصر على
الأصل وهو:
لعلوي ربوع في اللوا وخدور * فهل لك يا حادي الظعون نزور
نجدد عهدا باللوا جاده الحيا * فلي في رباه روضة وغدير
ونندب أياما تقضت بسفحه * وعصرا به غصن الشباب نضير
سقى الله عهد العامرية باللوا * حياء تعم الأرض منه بحور
فلم أنس سرا قد إذاعته عندما * تدانى فراق بيننا ومسير
عشية قالت بالحمى سوف نلتقي * وقال لها الواشي أبوك غيور
فدتها الغواني كيف أفشت حديثها * أما علمت أن الوشاة حضور
أطعت الهوى في حبها مع أنه * يؤجج نارا في الحشا ويثير
طرقت حماها حين طال بي النوى * ففي كبدي منه لظى وسعير
وقلت محب قد أتى يطلب الثوى * فقالت يقيم اليوم ثم يسير
فقلت لها يا علو في غير أرضكم * أسير واما عندكم فأسير
أهاجرني لا فرق الله بيننا * إلى كم صدود في الهوى ونفور
أ في كل يوم لي إليك وسيلة * اقدمها اني إذا لصبور
على انني لم أفش سرا ولم * أخن عهودا ولم تسند إلي أمور
فقالت حماك الله من كل شيمة * تشين ولكن الوشاة كثير
إذا ظفروا يوما بحر تبادروا * إلى ذمه ان اللسان عثور
يظنون أن المجد يقنص باللهى * وذلك مرقى لا يرام عسير
فقلت دعيهم لا أبا لأبيهم * لاني مليك في الهوى والمير
فقالت نعم قد أيدتك شواهد * لدينا واخبار بذاك تسير
ولكن إذا فاض الحديث بمحفل * وأرجنا منه شذا وعبير
رأيتك للآداب تصغي وللعلا * تميل وذا ود لديك تمير
وتنظم من حر الكلام قلائدا * يحلى بها للغانيات نحور
أ لست الذي يطوي القفار لماجد * له بين أرباب الكمال ظهور
فقلت بلى لله درك هذه * مطامح مثلي لا طلا ونحور
(١١٩)

فقالت إذا فاقصدا أخا المجد والعلا * ومن بالخصال الصالحات شهير
فقلت رضي الدين تعنين من له * بغاتة المعالي بالأكف تشير
امام همام ماجد متواضع * عليم باعقاب الأمور خبير
أديب أريب مصقع ذو بلاغة * يقصر عنها دعبل وجرير
حسيب نسيب فاطمي مهذب * علاء اورثاه شبر وشبير أ لم تدر
أني لم أزل منذ أشرقت * علي شموس من علاك تنير
رجوت باني ارتقي كل رتبة * ذراها يرد الطرف وهو حسير
فكان رجائي ضد ما قد رأيته * على انني بالفضل منه جدير
وهاك لئال في سموط نظمتها * عقودا وفي اثنهائهن شذور
هدية رق مخلص قد هفا به * زمان لأرباب الكمال كفور
فان قبلت تلك الهدية أثبتت * بان مقامي في الأنام خطير
واتفق ان المترجم دعا بعض اخوانه لضيافة ولم يدع السيد نصر الله
فكتب إليه السيد نصر الله:
يا من يظن بنا قصورا * عن أن يزين بنا القصورا
أ وما علمت بأننا * نولي مجلسنا سرورا
وقت الصباح شموسه * نغدو وفي الليل البدورا
يا ليت باني داركم * قد كان وسعها يسيرا
كيما نفوز بجلسة * في جنة نفحت عبيرا
وللسيد نصر الله مقرضا رسالة للمترجم من أبيات:
خبرها المهذب الصفي * سيدنا المنتجب الرضي
سيد قطب المجد والسيادة * وشمس الفق اليمن والسعادة
محرر المنقول والمعقول * ومتقن الفروع والأصول
محمد بن حيدر بحر الندى * من قد غدا في ذا الزمان مفردا
السيد الأمير تاج الدين المرتضى
هو والد السيد الأمير جلال الدين أو جمال الدين تلميذ الشيخ
البهائي المار ترجمته في مستدركات الجزء ١٧ وصفه الشيخ البهائي كما مر في
اجازته لولده المذكور المتقدمة هناك بقوله: المرتضى الأعظم والمجتبى
الأكرم الأعلم الأفخم الأمجد الأقدم مهبط الأنوار القدسية ومجمع الصفات
الملكية والإنسية ذي المكرمات والمفاخر والسجايا العلية والمآثر سلطان
المفسرين والمذكرين ناصح أعاظم الملوك والسلاطين كهف الضعفاء
والمساكين راحة البرية أجمعين:
هو البحر من اي النواحي أتيته * فلجته المعروف والجود ساحله
تعود بسط الكف حتى لو أنه * أراد انقباضا لم تطعه أنامله
تاج الملة والحق والدين نقاوة أولاد خاتم النبيين وذرية الأئمة
المعصومين أدام الله تعالى ظلاله وأيد اجلاله.
السيد مرتضى صاحب بحر العلوم الطباطبائي
كان من خواص أصحاب بحر العلوم مصاحبا له في السفر والحضر مواظبا
على خدمته في السر والعلانية مخلصا له وكان متزوجا بنت أخت بحر العلوم
وصفه ميرزا حسين النوري بالورع التقي النقي الوفي الصفي.
مرتضى قلي خان بن محمد علي خان نظام الدولة ابن امين الدولة عبد الله
خان ابن الصدر محمد حسن خان الأصبهاني النجفي الطهراني
توفي في طهران ١٦ ذي القعدة ١٣٠٦ ودفن في مقبرة شاة عبد
العظيم.
فاضل أديب شاعر نجفي المنشأ والمسكن. كان جده صدرا أعظم
عند فتح علي شاة وكانت له اياد في بناء المدارس وترويج الدين وتنشيط
العلماء، فلما بلغ ابنه نظام الدولة مبلغ الرجال انهى إليه السلطان محمد شاة
ما يناسبه من المناصب فابى فاجبره على قبولها فتولاها أياما ثم فر منها إلى
النجف فاشتغل بالعلم وصنف وألف وربى ولده المترجم تربية أدبية علمية.
وفي الطليعة: كان فاضلا مشاركا في الفنون وسيم الشكل وقور المجلس
تلمذ على الشيخ محسن خنفر المتوفى سنة ١٢٧١ وكان أديبا شاعرا حسن
القريحة جيد النظم له مطارحات في ديوان عبد الباقي العمري سكن أخيرا
طهران إلى أن توفي فمن شعره قوله:
جدد التذكار للقلب المعنى * لمح برق لاح بالإبرق وهنا
فمتى شاهد شملا جامعا * ذكر الأحباب والوصل فحنا
يطرب القلب دنوا منهم * وهم مني إلى قلبي أدنى
يا ليالي الوصل حياك الحيا * كم بها نال فؤادي ما تمنى
جاد فيها بوصال أهيف * يخجل الميال مهما يتثنى
رشا يحيى الحشا مهما سقى * من لماه بعد ما باللحظ افنى
سل من حاجبه السيف ومن * لحظة مهما رنا الأسهم سنا
وله هذه الموشحة:
يا رعى الله زمانا بالنقى * وسقى الخيم وهاتيك الخيام
كم وقفن العيس في كثبانه * ونعمنا في حمى نعمانه
غازلتني الغيد من غزلانه * راق فيها العيش والدمع رقى
بحمى أغيد ممشوق القوام
ربرب من قده هز القنا * كلما كلمني خفت الضنا
سدد السهم لحتفي مذ رنا * يا لقلبي من سهام رشقا
فغدا قلبي سهاما للسهام
افتدي حيا بقلبي نزلوا * عن ربى الجرعاء لما رحلوا
فيهم رق وراق الغزل * نهبوا الروح وابقوا رمقا
كيف افنى وبهم محيي الرمام
يا أخا البدر ضياءا وسنا * هل لأيام مضت بالمنحنى
رجعة نقضي بها بعض المنى * ويولي جند همي مزقا
فعسى يبرأ قلبي المستهام
دع ملامي في هوى الغيد وذر * لست اصغي لك كلا لا وزر
قد قضى الله بهذا وقدر * اقلل اللوم كفاه ما لقى
في ظبي الحي من طول الغرام
حبذا ليلة تيه ومرح * كم وكم ما بيننا دار القدح
قدح من نورها الليل قدح * فأحال الليل صبحا مشرقا
وسرى بالظلم عنا والظلام
(١٢٠)

وله في أمير المؤمنين ع:
يا إمام الورى وخير البرايا * بك اضحى دون الأنام اعتصامي
كيف لا ألتجي لخير إمام * صاغه الله رحمة للأنام
وله:
يا كثير الصد قد أسرفت * في هجري وصدي
ابق من هجرك شيئا * للذي يهواك بعدي
ووجد بخطه في صدر كتاب كتبه إلى الحاج محمد جعفر كبه في المحرم
سنة ١٢٦٨ هذه الأبيات:
وافى الكتاب من الحبيب معاتبا * اقصر كفاه من الهوى هجرانه
شطت دياري عنهم وهفا بي * الشوق المبرح فالتظت نيرانه
كاتمت واشيهم هواي وقد باد * من بعد صدهم له كتمانه
وأبان بينهم هواي فما عسى * بي فاعل هذا الهوى وبيانه
ضمن الهوى ان لا أزال مقرحا * بعد النوى فوفى بذاك ضمانه
وإذا تميز ما أقول لعاذلي * خلى العتاب ولم يعطه لسانه
كما وجدت هذه الأبيات:
هذا كتاب فتى تجود بوابل * من دمعه بعد النوى اجفانه
وأخو الهوى مثل الكتاب دليل ذاك * عيانه ودليل ذا عنوانه
يحكي البروق فؤاده فضرامها * أشواقه وخفوقها خفقانه
نمت على حسراته زفراته * وكذا ينم على الضرام دخانه
لو يعلمون مكانهم ما اضرموا * قلبي بحبهم وهم سكانه
السيد مرتضى الكشميري ابن السيد مهدي ابن السيد كرم الله القمي
النجفي
توفي في ١٣ شوال سنة ١٣٢٣ بالكاظمية وحمل إلى كربلاء فدفن في
الحجرة الثالثة على يمين الخارج من الباب المعروف بالزينبية.
مشائخه في الإجازة
يروي اجازة عن الشيخ نوح ابن الشيخ قاسم الجعفري النجفي
والشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد حسن ياسين والسيد حسين
ابن السيد محمد رضا بن بحر العلوم وكلهم تلامذة صاحب الجواهر
ويروون عنه ويروي أيضا عن السيد أسد الله الأصفهاني المتوفى سنة ١٢٩٠
عن والده السيد محمد باقر الأصفهاني المتوفي سنة ١٢٦٠ وعن السيد مهدي
القزويني الحلي المتوفى سنة ١٣٠٠ والميرزا محمد هاشم ابن الميرزا زين
العابدين الموسوي الخونساري الأصفهاني المتوفي سنة ١٣١٨ والشيخ زين
العابدين بن مسلم البارفروشي المازندراني الحائري المتوفى سنة ١٣٠٩، له
كتاب اعلام الاعلام في الرجال أكبر من وجيزة المجلسي.
الميرزا مرتضى ابن ميرزا مهدي ابن حسين خان ابن ميرزا محمد رضا
الناظر ابن ميرزا مهدي الشهيد ابن محمد بن إبراهيم ابن ميرزا بديع
الرضوي المشهدي
قرأ مدة في العتبات العاليات على علمائها في العلوم الدينية حتى حاز
مرتبة الفقاهية والاجتهاد والآن هو في المشهد المقدس مدرس صاحب
منبر. (١)
السيد مرتضى النوبهري الغاري فوري الهندي
توفي حدود ١٣٤٠
عالم فاضل فيلسوف له كتاب آب زرد ماء الذهب فارسي في
بعض مباحث الحكماء والكلام وله اللوائح الليلية وله معراج العقول كلها
مطبوعة.
مرضعة الإمام محمد الجواد
في مناقب ابن شهرآشوب: قالت المرضعة له من سعد بكر:
اني أشبهك يا مولاي ذا لبد * شثن البراثن أو صماء حياة
ولست تشبه ورد اللون ذا لبد * ولا ضئيلا من الرقش الضئيلات
ولو خسأت سباع الأرض اسكتها * اشجاء صوتك حتفا اي اسكات
ولو عزمت على الحيات تامرها * بالكف ما جاوزت تلك العزيمات
عز الملوك أبو كاليجار المرزبان بن فناخسرو سلطان الدولة ابن أبي نصر
بهاء الدولة خرة فيروز بن عضد الدولة الديلمي الملك
لما توفي والده بشيراز في شوال سنة ٤١٥ أشار وزيره الأوحد ابن
مكرم بإقامة ولده أبي كاليجار وانحاز أكثر العساكر إلى عمه أبي الفوارس
وجرت بينه وبين عمه حروب شديدة واستقر الامر أن تكون فارس وكرمان
لأبي الفوارس وخروستان لأبي كاليجار وكانت مملكة عز الملوك ببغداد أربع سنين
ونصف وجلس له القائم بأمر الله ولقبه شاهنشاه عز الملوك عماد دين
الله وغياث عباد الله ويمين خليفة الله مؤيد أمير المؤمنين.
وهذا فصل من منشوره وتقليده الذي كتب له من دار الخلافة: هذا
كتاب أمير المؤمنين إليك جعله حجة لله جل اسمه عليك فأرشدك وهدى
ونهاك عن الهوى وذكرك كيلا تنسى منه فاعتمد شاهنشاه عز الملوك عماد
دين الله وغياث عباد الله ويمين خليفة الله كاليجار مؤيد أمير المؤمنين أدام
الله تأييدك ما مثله لك أمير المؤمنين تسلم وتمسك بأوامره تظفر وتغنم واسبغ
نعمه عليك وحدث باحسانه إليك وفي آخره: وكتب محمد بن أيوب في
المحرم سنة ٤٣٠.
وذكره أبو الحسين بن الصابي في تاريخه وقال: وفي سنة ٤٣٦ ورد
الكتاب من واسط ونسخته: هذا كتاب من شاهنشاه المعظم ملك الملوك عماد
دين الله وغياث عباد الله ويمين خليفة الله أبي كاليجار مؤيد أمير المؤمنين
يشتمل على ترفيه الرعايا ومن فصل فيه واعتمدنا بذلك عمارة البلاد وتثمير
أموال الرعايا وإفاضة العدل فقابلوا هذه النعمة بإدامة الشكر عليها وقوموا
بواجب حقها وليبلغ الشاهد الغائب والحاضر المتباعد إن شاء الله تعالى وكتب
سنة ٤٣٦.
الشيخ امين الدين المرزبان بن الحسين بن محمد
يروي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس بن محمد
العبسي الدرويستي.

(١) الشجرة الطيبة.
(١٢١)

المرزباني
هو محمد بن عمران بن عبد الله بن موسى بن سعد بن عبد الله
الكاتب المرزباني الخراساني أستاذ المفيد.
المرقال
هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص
مروان بن محمد السروجي
من كتاب مخطوط اسمه نزهة الناظر وتحفة المسامر للامام عز الدين
عبد العزيز بن أبي القاسم البغدادي: مروان بن محمد السروجي من ولد
مروان بن محمد بن مروان بن الحكم شاعرا رافضي مغال ومن العجب انه
كان ساكنا بمصر ولم يكن في ديار مصر ذلك الوقت رافضي مغال غيره
اه وذكره المرزباني في النبذة المختارة من مختصر اخبار شعراء الشيعة له
المشار إليها في أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الكاتب وهو السابع والعشرون
من المترجمين فيها وهو خاتمتهم فقال: كان من بني أمية من كبار مصر وكان
حسن التشيع ومن شعره رحمه الله:
يا بني هاشم بن عبد مناف * انني منكم بكل مكان
أنتم صفوة الاله ومنكم * جعفر ذو الجناح والطيران
وعلي وحمزة أسد الله * وبنت النبي والحسنان
والملوك الأولى بهم قطع الله * طويل الأزمان والحدثان
فلئن كنت من أمية اني * لبرئ منها إلى الرحمن
وفي مجالس المؤمنين: مروان بن محمد السروجي: قال الزمخشري في
ربيع الأبرار كان أمويا شيعيا ومن أشعاره في مدح أهل البيت ع
قوله وأورد الأبيات السابقة سوى البيت الذي قبل الأخير، وفي الطليعة:
كان فاضلا أديبا بارعا كتب في حلب وبغداد ودخل فارس وتقلد بعض
الأعمال وكان شاعرا متجاهرا بمدائح أهل البيت ع حتى عجب
الزمخشري من أموي مفرط في المحبة لعلي ع فمن شعره قوله وأورد
الأبيات السابقة سوى الرابع وقوله كما في المناقب:
يا آل احمد يا خير الورى نسبا * مفرعا أصله من احمد وعلي
الله صفاكم من خلقه حججا * على البرية يوم الجمع للرسل
خير البرية آباء وأشرفها * قدرا وأسمحها كفا لمبتذل
صدوركم لبحور العلم واعية * ظهوركم قبلة من أفضل القبل
من دوحة من جنان الخلد نابتة * وفرعها ثابت للواحد الأزل
محمد أصلها والطهر حيدرة * وفاطم وبنوها أطيب الاكل
وحسن أوراقها قوم بها علقوا * فيا لها دوحة جلت عن المثل
وأورد له في المناقب:
عليك بتقوى الله ما عشت انه * لك الفوز من نار تقاد بأغلال
وحب علي والبتول ونسلها * طريق إلى الجنات والمنزل العالي
إلى الله أبرأ من موالاة ظالم * لآل رسول الله في الأهل والمال
الشيخ مزعل خان الكعبي أمير المحمرة ابن الحاج جابر خان
قد ذكرنا في ترجمة أبيه كيفية استيلائه على المحمرة وتولى مزعل امارة
المحمرة بعد موت أبيه من الدولة الإيرانية بطريق الاقطاع كما كان أبوه ومن
قبله من شيوخ كعب فمن تغلب ارسل إليه الشاة خلعة الامارة واخذ منه
المال المرتب عليه في كل عام وله الحكم المطلق في البلاد وتعين الدولة عنده
رجلا ايراينا ليس له من الامر شئ والقبائل العربية القاطنة بتلك البلاد
يعين الأمير عددا وافرا منها بصفة جنود وعند الحرب جميع تلك القبائل جند
للأمير وفي عهد مزعل انقسم أهل الفلاحية فرقتين فرقة مع الشيخ رحمة الله
الذي ذكرناه في الحاج جابر انه كان أمير المحمرة والحاح جابر من بعض
خوله ومع خلفه وفرقة مع مزعل ثم إن خزعلا أخا مزعل ارسل إلى أخيه
مزعل من قتله رميا بالرصاص وارس جثته إلى النجف الأشرف فدفنت
بجنب والده وكنا يومئذ بالنجف نشتغل بطلب العلم واستولى على الامارة
فأرسلت إليه حكومة طهران الخلعة والتقليد.
الشيخ مساعد
له كتاب بيدر الفلاح ينقل عنه الكفعمي في حاشية المصباح كثيرا
وينقل عنه غيره أيضا.
الخواجة مستان شاة صاحب الكابلي
له كتاب آتش كده وحدت مطبوع.
مستعد خان الميرزا محمد علي التبريزي
توفي بأصبهان سنة ١٠٨٧
له ديوان شعر فارسي يسمى ديوان صائب مرتب على الحروف.
المستهل بن الكميت بن زيد الشاعر الأسدي الكوفي
قال ابن النديم في الفهرست عند تعداد الشعراء: له شعر خمسون
ورقة وذكر قبل؟ لك ان كل صفحة من الورقة عشرون سطرا اه وهو
شاعر فصيح عاصر عبد الصمد العباسي أمير البصرة.
وفي معجم الشعراء للمرزباني انه وفد على أبي العباس السفاح
بالأنبار فاخذه الطائف بها فحبسه فكتب إلى أبي العباس:
إذا نحن خفنا في زمان عدوكم * وخفناكم ان البلاء لراكد
فامر بتخليته وأحسن جائزته. ووفد بعد ذلك على المنصور وله معه
حديث، وهو القائل:
يعدون لي مالا فهم يحسدونني * وذو المال قد يغرى به كل معدم
ولو حسبوا مالي طريفي وتالدي * وقرضي وفرضي لم يكن نصف درهم
مسعود بن مالك أبو رزين الأسدي
قال الشيخ في رجاله: أبو رزين الأسدي من أصحاب علي ع
اه وعن جامع الرواة رواية أبي حمزة الثمالي عنه في روضة الكافي بعد
حديث نوح ع يوم القيامة.
المسعودي
اسمه علي بن الحسن بن علي المسعودي الهذلي وفي منهج المقال هو
المعروف بالمسعودي عندنا اه ولنا أبو محمد حامد بن محمد المسعودي.
وفي رياض العلماء: المسعودي العامي صاحب شرح المقامات للحريري هو
الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي الحسن المسعودي وكان هو
(١٢٢)

ووالده وجده من مشاهير علماء العامة اه وفي منهج المقال عن مختصر
الذهبي: المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله قال وكانه يريد به ابن
عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي أخو أبي العمليس
من كبار العلماء ولهم أيضا عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي
الكوفي.
مسكويه
لقبه أحمد بن يعقوب الخازن الرازي الأصبهاني الحكيم الفيلسوف
المشهور وذكرنا فيما بدئ بابن انه ابن مسكويه وهو سهو والصواب ان
مسكويه لقبه لا جده كما بيناه في ترجمته.
المسعودي الأصغر
عده ابن رستة في الاعلاق النفيسة من الشيعة.
الشيخ مسلم بن عقيل الجساني بن يحيى بن عبدان بن سليمان الوائلي
الكناني
توفي سنة ١٢٣٠
الجساني نسبة إلى جسان بجيم مفتوحة وسين أو صاد مهملة
مشددة وألف ونون وقد وجدناها في بعض المجاميع بالسين والمشهور على
السنة الناس بالصاد بلد في شرق العراق.
كان شاعرا أديبا من شعراء عصر السيد مهدي بحر العلوم
الطباطبائي. وفي الطليعة: كان فاضلا مشاركا وأديبا شاعرا مطارحا وتقيا
ناسكا وقفت له على مطارحات بينه وبين جماعة من أدباء ذلك الزمان
كعلي بن محمد الحسين بن زين العابدين التميمي الكاظمي وغيره من شعره
يمدح السيد مهدي بحر العلوم:
يا راكبا حملته اي علكوم * فتلاء عنس من العيس الأناعيم
حرف عذافرة عيرانة أجد * حذاء تجفل حفزا جفلة الريم
تشق بيدا بأيديها مصردة * شق السفينة أمواجا بحيزوم
ترمي الفلاة به سهلا إلى جبل * فما مؤخرها غير المقاديم
وتهشم الأرض أيديها إذا وخدت * ففي يديها موامي الأرض كالموم
تخفى وتبدو بتيك الأرض آونة * فشخصها بين موجود ومعدوم
تطوي بساط الملاطي الملاءة أو * كتاب شوق إلى الأحباب مرقوم
تفري الحزون به في السير جادعة * من الأهاضيب فيها كل خرشوم
تهيم في كل واد لم يقف نصب * بها ولا يعتريها وهم تهويم
تخال تلك الفيافي وهي تقطعها * شروى خزام لذات الخدر مفصوم
يحدو بها شوقها بل شوق راكبها * والشوق خير حداة الأينق الكوم
يسوقها شوقها والشدو يطربها * فلم تعرج على آء وتنوم
وتشرب الخمس أوقات يطربها * بحمد من النيب في جري سوى الهيم
تؤم اكناف كوفان وان بها * كشف لكرب وتنفيسا لمهموم
وقصدها النجف القدسي حيث شذا * ثراه أطيب منشوق ومشموم
كان نايك قد أغرى الغري بها * ممن هناك فسارت سير مهزوم
أو أنها علمت أن الغري لها * مأوى فجدت لكي تحظى بتنعيم
وكيف لا وبه من آل حيدرة * صنو النبي امام العرب والروم
اعلام علم مصاليت خضارمة * صيد ذوو شرف عال وتفخيم
لا سيما خير كل العالم العلم * العلامة الحبر عالي النجر والخيم
امامنا المقتدى المهدي أفضل من * يأتم فيه اقتداء كل مأموم
علامة العصر فرد الدهر مجتهد الزمان * فهام منطوق ومفهوم
مفتي الشريعة شيخ المسلمين ومن * هو المطاع بها في كل مرسوم
حلال مشكلة جلاء معضلة * مفرق بين تحليل وتحريم
نجم الهداية بدر يستضاء به * شمس عن الوهم تجلو كل موهوم
كمال نقصان ذي الدنيا وبهجتها * وسن به الدين الفي اي تتميم
سباق مضمار وغايات الفخار ومن * على الورى خصه الباري بتقديم
هو البصير بما لا يبصرون به * هو العليم بعلم غير معلوم
فرد به اجتمعت من كل محمدة * فلم يكن هو في حال بمذموم
عد الإمامة وأنسب ما تشاء له * فقد تخلق في أخلاق معصوم
الله آتاه علما من لدنه فلم * يحتج لتأديب أستاذ وتعليم
ومثل ما شاء انشاه وقومه * في الناس أحسن انشاء وتقويم
وانما هو ذاتي الصفات فما * الاحسان بالناس فيه غير محتوم
نال العلى يافعا من دون تربية * وحاز ما حاز طفلا غير مفطوم
وكان في المهد مهدي الصفات وقد * ساوى المسيح بها الا بتكليم
وقد ترعرع في نسك وفي ورع * حتى غدا في البرايا اي قيدوم
لله من ملك كم قام من ملك * لديه في زي خدام لمخدوم
انى يحل بحل الخير معه فقل * في لازم غير منفك وملزوم
احكامه في جميع الخلق نافذة * نفوذ أقلامه بين الأقاليم
القى الاله مقاليد العلوم له * ومنه حكم فينا اي تحكيم
فقام يفتح أبوابا مقفلة * لها وقد فض منها كل مختوم
لقد بنى بيد الجود ابن فاطمة * بين الورى بيت مجد غير مهدوم
فما أصاخ للوم في سماحته * واللوم في الخير من عادات ذي اللوم
يقري الضيوف إذا حلوا بساحته * فليس خادمه فيهم بمشتوم
يعطي الجميع فمرحوم بحضرته * من العباد ببر كل محروم
لكل راج نصيب من عوائده * يروح كل برزق منه مقسوم
عز الذليل حماه لا يهان به * جار وما فيه ذو حق بمظلوم
وبابه حطة للذنب لم يك من * ينتابه وهو مأثوم بمأثوم
وجوده رحمة للناس واسعة * وجوده نعمة خصت بتعميم
مولى فواضله ضاهت فضائله * فأصبحت بين منثور ومنظوم
من يستلم يده حقا أحق بان يخص فضلا بتمجيد وتكريم
من الأباة أباة الضيم من مضر * من السراة المطاعين المطاعيم
نتيجة المرتضى من ولد فاطمة * ممن أتى مدحهم في آل حاميم
فضل ابن احمد لا يخفى على أحد * والصبح أبلج باد غير مكتوم
فاخضع وقف عنده وألثم ثرى قدم * له فان ثراه خير ملثوم
واحمل بمقدار مقدوري الثناء له * وخصه بتحياتي وتسليمي
وله مؤرخا عام بناء الخان الذي أمر ببنائه السيد المذكور في طريق
زوار الحسين ع:
لله في الخانات خان السيد * بهر العقول فمثله لم يوجد
خان يفرق على الخورنق بالبنا * مذ فاق صاحبه الورى بالسؤدد
سواه سيدنا الذي هو في الورى * بعد الأئمة خير ولد محمد
(١٢٣)

شمس الفضيلة قطب أفلاك العلى * قمر بنور هداه كل يهتدي
هو بحر علم زاخر لكنه * بحر شهي الطعم عذب المورد
الحاكم العدل الذي أقواله * حكم تجئ على الصحيح المسند
يمضي القضا فصلا بكل قضية * امضاء مقدام صقيل مهند
كل الذي منه تأتى معجز * ومعاجز المهدي ما لم تجحد
فالصرح فاق وراق وهو ممرد * والخان راق وفاق غير ممرد
حجراته الغرفات الا ان من * قد حل فيه كان غير مخلد
للزائرين أعده ابن المرتضى * المهدي أبقاه القديم السرمدي
مولى تعاهده ملائكة السما * فتقوم بين يديه مثل الأعبد
وليسعدن به الزمان وأهله * إذ كان في اهليه أسعد مسعد
ولتسمون الأرض فيه على السما * متبوء منها بأصدق مقعد
ولتفخرن به العلوم فإنها * قد شيدت منه بخير مشيد
أ محمد المهدي انك أسوة * للعاملين وقدوة للمقتدي
قلدت بالأحكام من رب السما * فغدوت في العلماء خير مقلد
كيف الوصول إلى مداك وقد نأى * هيهات قد أعيا منال الفرقد
ما أنت الا رحمة بعثت لنا * من ذي الجلال ونعمة لم تجحد
أحسن بخان كله الحسنات ما * عملت رئاء في بناه من يد
هذا هو القصر المشيد ظلاله * مدت برأي موفق ومسدد
فلذاك اعرب عن بناه مؤرخ * كنف حمى الزوار خان السيد
وقال يرثي السيد مرتضى والد السيد مهدي المتوفى سنة ١٢٠٤
مؤرخا عام وفاته ومعزيا ولده المذكور:
ميت بكى الاسلام من حزن له * والمسلمون بمدمع مهراق
تبكي الحجاز له ولم نر قبل ذا * يبكي الحجاز على فقيد عراق
ومن ابنه المهدي طال بقاؤه * باق على طول الزمان الباقي
حي وان هو مات بالخلف ابنه * محيي العلوم مميت كل نفاق
سباق غايات المكارم محرز * قصب العلى والسبق يوم سباق
اضحى التقى خلقا له وسجية * أعطاه منه الله وفر خلاق
ورث المآثر من أبيه وجده * ولقد تملكهن باستحقاق
مولاي تعزية فأنت أحق من * أبدى قبول أوامر الخلاق
لا أستزيدك سيدي بمقالتي * صبرا فإنك أحذق الحذاق
أ فهل يكون البحر محتاجا على * ما فيه من سيب لماء سواقي
مد الاله خير سرادق * من عزه كرما وخير رواق
لتنال عند الله ارفع رتبة * وتفوت من فازوا بها بمراقي
وأبوك عاش ومات طال لك البقا * حسن الفعال وطيب الأخلاق
ولقد دعاه الله جل جلاله * فأجاب مشتاقا إلى مشتاق
فأسلم فإنك ذكره وحياته * ففراقه لم يحتسب بفراق
يا مرتضى فقدوه من تاريخه * أحسن بذكر مرتضى لك باقي
سنة ١٢٠٤
وهو يبلغ ذلك إذا فقدت منه لفظة مرتضى
وقال يرثي السيد صادق الأعرجي الحسيني الشهير بالفحام المتوفى
سنة ١٢٠٤. مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه السيد مهدي:
لي الله من تذكار خل مفارق * أساي له حتى الممات مرافقي
الا ان فقد العالم الحبر صادق * حديث الأسى في غيره غير صادق
فقيد عليه العلم ناح كآبة * نواح مشوق واجد القلب وامق
فاظلمت الدنيا وزال بهاؤها * فنحن بليل حالك اللون غاسق
وأفجع من في الخافقين افتقاده * فلا قلب من وجد به غير خافق
على جبل المجد الأشم الذي علاء * علاه على شم الجبال الشواهق
من القوم هم يوما غيوث سماحة * ويوما ليوث الحرب في كل مازق
أماجد قد مد الاله عليهم * سرادق مجد يا لها من سرادق
تذكرت ما بين الغريين ميتا * ينعم لا بين العذيب وبارق
فيا قبره بالله كيف وسعته * ولم تك بالبحر الخضم بضائق
أضاء ظلام اللحد أبيض ماجد * من السادة الأمجاد غر المفارق
رمته يد الاقدار عن قوس قسوة * بسهم لأكباد المكارم راشق
فعنه تعزوا بالأعز ابن عمه * بسابق فخر باذخ النجر باسق
بقطب عليه الحق لا زال دائرا * ببدر الهدى البادي بشمس المشارق
ببحر العلوم الحر بالجوهر الذي * هو الفرد في المعنى بكنز الحقائق
بأبيض وضاح الجبين مهذب * بزين السجايا بالحميد الطرائق
بمن ساد ما بين الورى كل سيد * بمن فاق في آفاقها كل فائق
بسيدنا المهدي من آل احمد * سماء سماح من سما الخير وادق
الا وتعزوا أحسن الله ربكم * عزاءكم عن صادق بابن صادق
بخير سليل يرتجى خيره وقد * يدل على غيث السحاب ببارق
عليه نرى آثار آبائه الأولى * رضا مؤمن كانوا وغيظ منافق
سيخلفه في الفضل غير مخالف * وكم لأب فينا من ابن موافق
فخلوا إقامات المآتم عنكم * على راحل منكم إلى الله تائق
فكم منكم بالدمع تغرق أعين * على ميت في رحمة الله غارق
يلقى سرورا حيث طاب سريرة * على سرر مصفوفة ونمارق
تسلوا وخلوا العلم يبكي له أسىء * بكاء مشوق ذاكر عهد شائق
فذا حادث فيه يقول مؤرخ * أسئ الحديث اليوم من رزء صادق
سنة ١٢٠٥
وقال يرثي الآقا محمد باقر البهبهاني الشهير المعروف بالوحيد البهبهاني
المتوفى سنة ١٢٠٥ مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه السيد مهدي الطباطبائي:
لا يأمنن من المنية خاطر * ان الأمين من المنون مخاطر
لا بد للانسان ان يرد الردى * لم يحمه جند له عساكر
أين المفر من القضاء لنا وهل * ينجو من القدر المتاح محاذر
ويح المنية إذ أصابت باقرا * ذا الفضل من هو للعلوم الباقر
من للمدارس بعده درست فلا * رسم لها لو بان الا داثر
تبكي الجوامع والجماعة بعده * كم كان فيها للمهيمن ذاكر
والكتب تندبه وتبكي بعده * حزنا عليه فدمعها متناثر
أمعاشر الاسلام ان امامكم * فيه أصيب مناسك ومشاعر
اليوم طود العلم هدم ركنه * فينا وجف اليوم بحر زاخر
ولنا العزا عنه بمن بوجوده * للدين والاسلام عز فاخر
بامامنا المهدي إذ هو حاضر * وينوب عمن غاب من هو حاضر
بالفاضل العلامة العلم الذي * تثني عليه مدارس ومنابر
وبذي التقي الزاكي الأمير على * الشهم العلي القدر يسلو الخاطر
مولى له بين البرية رتبة * عن نيلها أيدي الورى تتقاصر
وأحاط بالعلم الذي عن بحره * من حيث يورد كل صاد صادر
(١٢٤)

علماء اعلام هداة سادة * بهم الثناء حديثه متواتر
جار الحسين غدا وخير مجاور * لله من هو للحسين مجاور
لما مضى قد جاء في تاريخه * العلم ينعى من مماتك باقر
سنة ١٢٠٥
مسلم المجاشعي
أول قتيل مع علي أمير المؤمنين ع يوم الجمل
المسمعي
هو محمد بن عبد الله.
المسيب بن نجبة الفزاري بن ربيعة بن رباح بن عوف بن هلال بن
شمخ بن فزارة: من قدماء التابعين وكبارهم وكان من وجوه أصحاب علي
ع
قال المدائني: خطب معاوية أهل الكوفة بعد ما صالح الحسن ع
فقال أ تراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج وقد علمت أنكم تفعلون
ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم وألي رقابكم وقد آتاني الله ذلك وأنتم
كارهون الا ان كل مال أو دم أصيب في الفتنة فمطلول وكل شرط شرطته
فتحت قدمي هاتين فقال المسيب بن نجبة للحسن ع ما ينقضي
عجبي منك بايعت معاوية ومعك أربعون ألفا ولم تأخذ لنفسك وثيقة وعقدا
ظاهرا أعطاك أمرا فيما بينك وبينه ثم قال ما قد سمعت والله ما أراد بها
غيرك قال فما ترى قال ارى ان ترجع إلى ما كنت عليه فقد نقض ما كان
بينه وبينك فقال يا مسيب اني لو أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر
عند اللقاء ولا أثبت عند الحرب متي ولكني أردت صلاحكم وكف بعضكم
عن بعض فارضوا بقدر الله وقضائه حتى يستريح بر ويستراح من فاجر وقال
المدائني لما أراد الحسن ع الشخوص إلى المدينة وتجهز لذلك دخل
عليه المسيب بن نجبة الفزاري وظبيان بن عمارة التميمي ليودعاه فقال
الحسن الحمد لله الغالب على امره لو أجمع الخلق جميعا على أن يكون ما هو
كائن ما استطاعوا فقال اخوه الحسين ع لقد كنت كارها لما كان
طيب النفس على سبيل أبي حتى عزم علي أخي فأطعته وكأنما يجذ انفي
بالمواسي فقال المسيب انه والله ما يكبر علينا هذا الأمر الا ان تضاموا
وتنتقصوا فاما نحن فإنهم سيطلبون مودتنا بكل ما قدروا عليه فقال الحسين
ع يا مسيب نحن نعلم أنك تحبنا فقال الحسن ع سمعت أبي يقول
سمعت رسول الله ص يقول من أحب قوما كان معهم فعرض له المسيب
وظبيان بالرجوع فقال ليس إلى ذلك سبيل.
ولما خرج التوابون للطلب بثار الحسين بقيادة سليمان بن صرد
الخزاعي قال سليمان لأصحابه حين التقوا بجنود عبيد الله بن زياد في عين
الوردة ان انا قتلت فأميركم المسيب ابن نجبة. ولما قتل سليمان اخذ الراية
المسيب وترحم على سليمان ثم تقدم إلى القتال وكر على القوم وهو يرتجز
ويقول:
قد علمت ميالة الذوائب * واضحة الخدين والترائب
اني غداة الروع والتغالب * أشجع من ذي لبدة مواثب
قصاع اقران مخوف الجانب
فلم يزل يقاتل حتى قتل.
الشيخ مسيحا الشيرازي
في نشوة السلافة: برع في العلوم المعقولات والمنقولات وله في
النظم اليد الطولى حتى أعجز غيره في المناضلة والمباراة فمن شعره قوله يمدح
أمير المؤمنين عليا ع:
يا حادي العيس بلغت المنى جمعا * إذا تدانيت من حي بعسفان
عج بالركاب قليلا من مخيمه * وحدثنه بأشواقي واشجاني
فيا عجيبا من الدنيا وعادتها * ان لا تساعد غير الوغد والداني
لا اضحك الله سن الدهر ان له * قواعدا عدلت عن كل ميزان
لا عيب لي غير اني غير ذي فشل * ولا منوع عن الخيرات منان
احكي خصارم أجداد لهم رتب * من العلى لا يدانيها السماكان
لو قلب الدهر أوراقي لصادفها * آيات لقمن في أشعار سحبان
فيم ارتقابي سحبا غير ماطرة * إلا م ارضى بقوم ليس ترعاني
من لي بعاصف شملال يبلغني * إلى الغري فيلقيني وينساني
إلى الذي فرض الرحمن طاعته * على البرية من جن وانسان
علي المرتضى الحاوي مدائحه * أسفار كتب وآيات بقرآن
كان رحمته في طي سطوته * أرام وجرة في آساد خفان
قد اقتدى برسول الله في ظلم * والناس طرا عكوف حول أوثان
تعسا لهم كيف ضلوا بعد ما ظهرت * لهم بوارق آيات وبرهان
هو الذي من رسول الله كان له * مقام هارون من موسى بن عمران
صلى الاله عليه ما بدت شهب * بجنح ليل وما كر الجديدان
الشيخ مشرف الوائلي العاملي من آل علي الصغير
توفي في صيدا سنة ١١١٢ في صفر واليه تنسب مزرعة مشرف التي
فوق وادي عاشور بساحل صور وداره فيها باقية للآن وبنى فيها مسجدا
كبيرا إلى جهة الغرب هو الآن خراب حدثني بعض آل سليمان وهم بيت
علم قديم ان أحد أجداده من العلماء الصلحاء كان في المزرعة أيام الشيخ
مشرف فلما بنى المسجد المذكور لم يصل فيه ذلك العالم لان بانيه ظالم وبنى
مسجدا بيده يساعده بعض فقراء القرية وهو المسجد المشرف على وادي
عاشور ويرى من الوادي. قال العنقاني في تاريخه المختصر: في سنة
١١٠٩ صارت وقعة القاسمية مع الشيخ مشرف في شوال وذلك انهم
حاصروه في المزرعة ثم قبضوا عليه وتوفي في صيدا بعد ثلاث سنين اه
وفي تاريخ الأمير حيدر انه في سنة ١١١٠ تولى ايالة طرابلس ارسلان باشا
وايالة صيدا اخوه قبلان باشا وكان الشيخ مشرف بن علي الصغير حاكم بلاد
بشارة قد قتل أناسا من رجال الدولة وقصد العصيان فاستنجد قبلان باشا
بالأمير بشير الشهابي الأول وهو غير الأمير بشير الشهير فجمع ثمانية
آلاف وكبسوه في المزرعة فقبض بشير عليه وعلى أخيه الحاج محمد وعلى
حسين المرجي وسلمهم إلى الباشا فامر الباشا بشنق حسين المرجي ووضع
الشيخ مشرفا وأخاه في السجن وآجر بلادهما وقام عليها متسلما من قبله
الشيخ محمودا أبا هرموش اه ومن جميع ما مر يظهر ان الشيخ مشرفا
جرت له وقعة مع عسكر الدولة عند جسر القاسمية قتل فيها بعض رجالها
وان ذلك هو السبب لحصره في المزرعة من قبل الأمير بشير والقبض عليه
وان في عبارة العنقاني المنقولة نقصا وان صوابها صارت وقعة القاسمية مع
الشيخ مشرف وذلك انهم تحاربوا معه هناك وقتل منهم وحاصروه في المزرعة
(١٢٥)

الخ أو نحو ذلك والله أعلم.
مشرف الدولة بن بويه
اسمه أبو علي الحسن ابن السلطان أبي نصر فيروز بهاء الدولة ابن
السلطان عضد الدولة فناخسرو اوبويه ابن السلطان ركن الدولة الحسين بن
بويه الديلمي.
الشيخ مشكور بن محمد بن صقر الحولاوي الجزائري النجفي
ولد في حدود سنة ١٢٠٩ وتوفي في سنة ١٢٧١ ودفن في المشهد
المقدس العلوي في بعض حجر الصحن الشريف.
والحولاوي نسبة إلى آل حول بوزن بطل قبيلة تسكن الحمار بين
سوق الشيوخ والقرنة.
كان من أجلاء فقهاء عصره خرج إلى النجف صغيرا وأدرك حصار
الوهابيين لها سنة ١٢١٦. تفقه بالشيخ محسن الأعسم صاحب كشف
الظلام ثم بالشيخ علي ابن الشيخ جعفر وكان فقيها أستاذا اخذ عنه جماعة
من الفحول مثل الميرزا الشيرازي والحاج ملا علي الكني الطهراني والحاج
ميرزا إبراهيم السبزواري والحاج ميرزا حسين ابن الميرزا خليل والسيد
محمد الهندي وكان في طبقة الشيخ محسن خنفر وصاحب الجواهر قلده جماعة
من أهل العراق وخرج إلى زيارة المشهد بخراسان سنة ١٢٧٠ فأكرم
الإيرانيون حتى ناصر الدين وفادته ولما اجتمع به اخذ في وعظه حتى بكى
وألف مناسك الحج ورسالة في منجزات المريض ورسالة لعمل المقلدين
وحدثني ولده الشيخ محمد جواد ابن الشيخ مشكور وكان بصحبته لما زار
المشهد الرضوي انه لما ورد طهران زاره السفير العثماني فيها فلم يرد الزيارة
للسفير فاستاء السفير من ذلك وكتب إلى وزارة الخارجية في الآستانة بذلك
فجاء الامر إلى والي بغداد بأخذه إلى بغداد إذا وصل إلى الحدود العثمانية
فأرسلت إلى الحدود من احضره إلى بغداد محفوظا وعاتبه الوالي على ما جرى
منه في حق السفير وأراد ابقاءه في بغداد تحت النظارة فتوسط وجوه بغداد من
الشيعة عند الوالي فخلى سبيله.
المصري
هو معين الدين سالم بن بدران بن علي المصري المازني.
المشيع المدني
ذكره ابن شهرآشوب في معالم في شعراء أهل البيت المتقين وذلك أنه
قسم شعراء أهل البيت إلى أربع طبقات: المجاهرون والمقتصدون والمتقون
والمتكلفون وذكره في المناقب ونسب إليه الأبيات التي نسبها الصدوق إلى ابن
المشيع كما يأتي وذكر الصدوق في عيون أخبار الرضا ع ابن المشيع المدني
وفي نسخة المزني والظاهر أنه سهو وسقطت لفظة من نسخة المعالم أو زادت
في نسخة العيون من قلم النساخ والله أعلم لكن تكرر ذكره في المعالم
والمناقب بدون لفظ ابن يقوي الظن بان اسمه المشيع وأورد الصدوق في
العيون أبياتا لابن المشيع المدني ذكرناها في باب ما بدئ بابن.
الشيخ مصطفى بن أحمد بن الحسين بن برهان الدين الدمشقي
وجدنا بخطه نسخة من ديوان الشريف المرتضى في جزءين فرع من
نسخها مستهل ذي الحجة الحرام سنة ١١٣٩ وقال إنه زبر في آخر المقروء
عليه من شعره قدس الله روحه ما صورته: هذا آخر ديوان الشريف الأجل
سيدنا المرتضى ذي المجدين أبي القاسم علي ابن الطاهر الأوحد ذي المناقب
أبي احمد الحسين أدام الله أيامه. ونجز هنا كتابة على يد راقمه العبد الفقير
إلى الله سبحانه وتعالى مصطفى بن أحمد بن الحسين بن إسماعيل ابن الأمير
برهان الدين الدمشقي سكنا ونسخت هذه النسخة من نسخة سيدنا العالم
الزاهد الشيخ زين العبادين ابن الشيخ محمد قاسم العاملي وذلك في مدة
إقامتي في النباطية الفوقانية وحرر في مستهل ذي الحجة الحرام سنة ١١٣٩
والحمد لله وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وآله وصحبه الأبرار المتقين
اه وعلى ظهر النسخة بخطه ما صورته: لمحرره ولصاحبه:
اقلب طرفي لا ارى غير موجع * يزيد سقامي كلما شمته سقما
وآمل من سم الأفاعي دواءه * وهيهات ان يبرى الذي طعم السما
وكم فادح أملت خلي لكشفه * فكان لما املته العلة العظمى
ارى مائقا في ارغد العيش راتعا * واتعب خلق الله من رزق الحزما
فما لاجتهاد المرء والجد عاثر * سوى الرد والمجدود يقتعد النجما
مصطفى بن أحمد الغزي
في الجزء الأول من سلك الدرر في ترجمة احمد البقاعي: ومما يحكى
ان الأديب مصطفى ابن احمد الغزي كتب إليه هذين البيتين موبخا له
ومتعرضا بهما لذم بني القاري وهما:
ورب عطوف في نهار ضرامه * يذيب دماع الضب والأسد الضاري
سقاني به ثلجا كان جليده * قريض البقاعي في مديح بني القاري
فاجابه بقوله وتعرض إليه لما اشتهر عنه من التشيع:
ليس القريض يروق حسنا نظمه * ما لم يكن بمديح آل القاري
كيف اللئيم الرافضي يعيبني * في مدحهم ويسب من في الغار
المولى مصطفى بن إبراهيم القاري التبريزي المشهدي
كان تلميذ المحقق السبزواري ومعاصرا للشاه عباس الثاني. له
كتاب ارشاد القاري وكتاب تحفة القاري ومختصره تحفة الأبرار في التجويد
لقراءة عاصم فارسي وله تحفة المقربين في التجويد فارسي وجدت منه نسخة
مخطوطة في كرمانشاه في مكتبة آقا فخر الدين من أحفاد الوحيد البهبهاني.
الشيخ آغا مصطفى ابن الآغا حسن ابن الميرزا جواد ابن الميرزا احمد
التبريزي من أسرة مجتهد الشهيرة بتبريز
ولد في تبريز سنة ١٢٩٥ وتوفي فيها أواسط شهر رمضان سنة ١٣٣٧
وجاءت جنازته إلى النجف سنة ١٣٣٨
هاجر إلى النجف لطلب العلم ثم حج فعرض له الفالج فسافر إلى
أوربا للتداوي ثم عاد إلى تبريز إلى أن توفي، ومن شعره قوله على الوزن
المخلع معارضا قصيدة الشيخ محمد السماوي التي أولها:
وجهك في حسنه تفنن * انبت حول الشقيق سوسن
قال:
سبحان من صاغه وكون * في غصن وردة وسوسن
(١٢٦)

وجل من صنع كل شئ * من أوجه الحسن فيه اتقن
فيا له من طيب غصن * فينان في حسنه تفنن
أحن من ثغره ومن ذا * رأيته لليتيم ما حن
شط بالوجد بيت قلبي * وفيه كل الغرام ضمن
بدري وجه غزال طرف * فكم على القلب غارة شن من سن
لدن القوام منه * قلبي بشرع الهوى له سن
الله كم من دقيق معنى * للحسن ذاك الوشاح بين
ضمن قلبي الأسى وعهدي * بمتلف الحب لا يضمن
لولا ثناياه ما حسبنا * ان صغار الجمان أثمن
وقال مسمطا الأبيات الشهيرة:
تجرد عن الذل مثل الحسام * وآثر لنفسك عيش الكرام
ولا تشك من سغب أو أوام * إذا أظمأتك أكف اللثام
كفتك القناعة شعبا وريا
فضن بعرضك دون الورى * ولا ترض بالوقر ان يشترى
ولا تشعر النفس ان تصغرا * وكن رجلا رجله في الثرى
وهام همته في الثريا
إذا كان فاتك ان تثريا * فكن ماء وجهك مستبقيا
ولا ترض نفسك مستجديا * فان إراقة ماء الحياة
دون إراقة ماء المحيا
وكانت بينه وبين الشيخ آغا رضا الأصبهاني والشيخ جواد الشبيبي
مراسلات ومكاتبات شعرية ونثرية ومما ارسل إليهما مشتركا يوما قوله:
شهدت ليس الشهد غير ريقه * ما ذاقها سواك يا سواكها
وغير أخلاق الرضا فهي التي * ما أدرك أولو النهي ادراكها
المرتدي ببردة العلم التي * سدى التقى لحمتها وحاكها
ما أغلقت مشكلة على الورى * الا وكان ذهنه فكاكها
تبصر منه للمعاني عيلما * علامها نظامها سباكها
مأمونها على الهدى أمينها * سفاحها يوم الوغى سفاكها
تعودت أنمله البسط فلو * هم ببخل لم يطق امساكها
يا ابن الأولى قد وطئت اقدامهم * هام السما فشرفوا املاكها
أحطت بالافلاك علما فارتمى * عن شأوها منتعلا سماكها
يا راكبا عيدية اعدى السرى * بالدم من أخفافها ادراكها
خذ سالكا من الحمى طريقة * تهدي إلى نهج الهدى سلاكها
إلى جواد بن شبيب انه المحيي * بكل أزمة هلاكها
قطب رحى الجود إذا ما قطب * العام غدا يبذله ضحاكها
وصيرفي ينقد الناس فلو * أبصرته حسبته سكاكها
يا ابن شبيب ما ابان الله من * فضيلة الا وقد دلاكها
فيا أحباي خذوا لآلئا * قد زينت بمدحكم سلاكها
قد جنيت كل رقيق لفظه * بقوة وجانبت ركاكها
وله يرثي الحسين ع:
يا راكب القود تجوب الفلا * وتقطع الأغوار والأنجدا
عرج على الطف وعرس بها * عني وقف في أرضها مكمدا
وانشد بها من كل ترب العلا * من هاشم من شئت ان تنشدا
فكم ثوب فيها بدور الدجى * وكم هوت فيها نجوم الهدى
وكم بها للمجد من صارم * عضب على رغم العلى أغمدا
كل فتى يعطي الردى نفسه * ولم يكن يعطي لضيم يدا
يخوض ليل النقع يوم الوغى * تحسبه في جنحه فرقدا
يصدع قلب الجيش إما سطا * ويصدع الظلماء إما باد
تلقاه مثل الليث يوم الوغى * بأسا ومثل الغيث يوم الندى
ان ركع الصارم في كفه * خرت له هام العدى سجدا
لم يعترض يوم الوغى جحفلا * الا وثنى جمعه مفردا
سامهم الذل بها معشر * والموت أحلى لهم موردا
ومذ رأوا عيشهم ذلة * والموت بالعز غدا ارغدا
خاضوا لظى مشبوبة * واقتحموا بحر الردى مزبدا
وقبلوا خد الظبا احمرا * وعانقوا قد القنا أغيدا
وجردوا من عزمهم مرهفا * امضى من السيف إذا جردا
يفدون سبط المصطفى أنفسا * قل باهل الأرض ان تفتدا
عجبت من قوم دعوه إلى * جند عليه بذله جندا
وواعده النصر حتى إذا * وافى إليهم أخلفوا المواعدا
وأوقدوا النار على خيمة * وندها بالشهب من وتدا
يا بأبي بظمان مستسقيا * وما سقوه غير كأس الردى
ويا بروحي جسمه ما الذي * جرى عليه من خيول العدا
وذات خدر برزت بعده * في زفرات تصدع الاكبدا
وقومها منها بمرأى فما * اقربهم منها وما ابعدا
فلتبك عين الدين من وقعة * أبكت دما في وقعها الجلمدا
السيد مصطفى بن الحسين بن عبد الله المهتركلاهي الاسترآبادي نزيل
كربلاء
توفي قبل سنة ١٢٨٠
الفقيه الأصولي من تلامذة صاحب الفصول وهو جد السادة
الأسترآباديين في كربلاء.
السيد مصطفى ابن السيد حسين الكاشاني الطهراني النجفي
ولد حدود سنة ١٢٦٨ في كاشان وتوفي في الكاظمية سنة ١٣٣٦
ودفن بها في المقبرة التي كان أعدها لنفسه بين الايوان القبلي وصحن قريش
وأقيمت له مجالس الفاتحة في العراق وإيران ورثاه الشعراء.
العالم الشاعر الأديب أحد مشاهير علماء النجف أخيرا رباه والده حتى
برع فذهب إلى أصفهان وقرأ سنين عند الشيخ محمد تقي صاحب حاشية
المعالم حتى شهد باجتهاده ثم رجع إلى طهران لنزول والده بها في سنة
١٢٩٢ وهو ماهر في جميع العلوم فقها وأصولا إلهيا ورياضيا حديثا ورجالا
وتفسيرا ولما توفي والده سنة ١٢٩٦ قام مقامه في الوظائف الشرعية وكان
معظما مبجلا عند العلماء والأعيان مقبولا عند السلطان وفي سنة ١٣١٣
سافر إلى العتبات المشرفة في طريقه إلى الحج فحج ثم عاد إلى العتبات
وجاور في النجف الأشرف ودرس وباحث وفي سنة ١٣٣٣ خرج إلى الجهاد
في البصرة مع من خرج ثم رجع فمرض في الكاظمية وتوفي فيها.
(١٢٧)

وفي الطليعة: فاضل العصر وبحره علما وفضلا وطوده حلما
وأديب باللسانين نثرا ونظما رأيته شيخا قد حل الدهر سبكه وترك له تقاه
ونسكه ولكن لم يستطع مقاومة همته العالية ومكارمه السامية واخلاقه الرضية
فهو اليوم واقف نفسه لقضاء حوائج الاخوان عند السلطان دافع بنفسه في
مضائق لا يصلها كل انسان له ديوانا شعر بالفارسية والعربية فمنه قوله:
شمت برق الحمي وآنست نارا * فاحبسا العيس كي نحيي الديارا
يا نسيم الحمى أفضت دموعي * وفؤادي رميت فيه شرارا
فذكرت الحمى ومعهد انس * وشذا من نسيمة اسحارا
وزمانا بالرقمتين تقضى * فجرت أدمعي له مدرارا
يا غزالا يردي الأسود بطرف * فاتر فاتك بعدو جهارا
حارت الشمس في ضياء المحيى * منك كالناظرين فيها حيارى
كم قلوب بليل جعدك ظلت * وهي فيه مكبلات أسارى
خل عنك النسيب يا صاح كم ذا * تذكر الحي والحمى والديارا
وحز الفخر والعلى بعلي
واقضين في مدحه الأوطارا
هو صهر الرسول بل نفسه من * طاب نفسا ومحتدا وفخارا
أنت شرفت زمزما والمصلى * بل وركن الحطيم والمستجارا
حازت الكعبة التي خارها الله * بميلادك السعيد فخارا
لو على الأرض منك قطرة علم * نزلت عادت القفار بحارا
أنت مولى الورى لما نص خير * الرسل يوم الغدير فيك جهارا
ملأ الخافقين فضلك حتى * لم يجد منكر له انكارا
ومن شعره قوله من قصيدة:
أم الغري وقبل ترب ما فيه * ودع خمائل نجد في فيافيه
ونعليك فاخلع دون ساحته * فطور سينين قدرا لا يضاهيه
قبل فناء الذي جبريل خادمه * وموئل الرسل والأملاك ناديه
زوج البتول ابنة الطهر الرسول * أبو الأئمة الغر لا تخفى معاليه
عمت نوائله جلت فضائله * راقت خلائقه فاضت أياديه
الدين من سيفه قامت دعائمه * والكفر من بأسه دكت رواسيه
وقوله من قصيدة:
أ شمس أفق تبدت أم محياك * والمسك قد ضاع لي أم نشر رياك
سريت والليل داج جنح ظلمته * ثم اهتديت ببرق من ثناياك
ان غبت عن ناظري بالهجر نائية * فلم تغب عن حشا مضناك ذكراك
رميت قلبي بسهم اللحظ فاتكة * أما علمت بان القلب مثواك
فتكت بالصب من هذا الصدود فمن * بالصد أوصاك أو بالفتك أفتاك
سللت سيفا على العشاق منصلتا * من جفن طرف سقيم منك فتاك
كذي فقار علي يوم سل على * أصحاب بغي والحاد وإشراك
مولى الأنام الذي طافت بحضرته * كرام رسل اولي عزم واملاك
صهر النبي اخوه والوصي له * ومن بكل علاء للمصطفى حاكي
معارج المصطفى الأفلاك يصعدها * ومنكب المصطفى معراجه الزاكي
مؤلفاته
١ منجزات المريض ٢ الإجارة من كتب الفقه ٣ رسالة في الاستصحاب ٤ رسالة في
قاعدة لا ضرر ولا حرج ٥ رسالة في عدم
حجية الظن ٦ رسالة انفعال الماء
القليل بالملاقاة مع النجاسة ٧ ديوان أشعاره العربي وأكثره في مدائح
ومراثي النبي ص والأئمة آل البيت ع يقرب من ألف بيت
٨ تفسير مختصر مكتوب على حواشي القرآن الكريم ٩ حواشي
مختلفة على كل من كتاب شرائع الاسلام ودروس الشهيد وارشاد العلامة
وشرح اللمعة ١٠ ديوانه الكبير في العربية والفارسية الذي فقد زمن
الحرب العظمى الأولى إلى غيرها من الرسائل الصغيرة في الرياضيات والهيئة
وغيرها من العلوم والفنون العربية والأدبيات الفارسية.
الأمير مصطفى الحرفوشي الخزاعي البعلبكي أمير بعلبك وتوابعها
في تاريخ الأمير حيدر: في هذه السنة يعني سنة ١١٩٧ حضر الأمير
محمد الحرفوش إلى دير القمر مطرودا من أخيه الأمير
مصطفى فجهز الأمير يوسف الشهابي معه عسكرا عدده خمسة آلاف رجل ولما وصلوا إلى بلاد
بعلبك هرب الأمير مصطفى وأولاده إلى حمص وتولى الأمير محمد بلاد
بعلبك والتقى الأمير مصطفى في طريقه بعبد الله باشا والي طرابلس وهو
متوجه إلى الحج ووعده بخمسة وعشرين ألف قرش إذا جعل طريقه على
بعلبك فابى وسار معه الأمير مصطفى إلى دمشق ومكث هناك ورجع عسكر
الأمير يوسف إلى البلاد وأقام الأمير مصطفى في دمشق حتى رجع عبد الله
باشا من الحج فرجع إلى بعلبك بعسكر من رجال الدولة وهرب الأمير محمد
إلى المجدل التي في جرد المتن وأصلح الأمير مصطفى امره مع الأمير يوسف
ونقده المعتاد المرتب عليه وأقام حاكما في بلاد بعلبك اه
الشيخ مصطفى آل خليل العاملي الصوري
كان على جانب عظيم من حسن الفهم واعتدال السليقة والاستقامة
والتقوى والجد في تحصيل العلم والبصيرة في الأمور هاجر إلى النجف
الأشرف أيام اقامتنا وقرأ على هذا الفقير وعلى عدة أساتيذ واختاره شيخنا
الشيخ آقا رضا الهمذاني أستاذا لولده الشيخ محمد كما اختاره الشيخ حسن
نجل صاحب الجواهر أستاذا لأولاده لما رأوا فيه من حسن الخلق والتقوى
والتحصيل توفي في النجف الأشرف بالحمى في غضارة شبابه وكنت ممن
تولى تمريضه.
السيد مصطفى ابن السيد عبد المطلب آل نور الدين الموسوي العاملي
قرأ هو واخوه السيد محمد في جويا على الشيخ مهدي الخاتوني ثم
توجها إلى النجف فقرءا فيها مدة وكان المترجم عالما فاضلا توفي في أثناء
الحرب العامة الأولى.
مصطفى خان بن محمد سعيد الكاشي
له كتاب امارات الكلم الرحماني في كشف الكلام القرآني رتب
الكلمات على حروف الهجاء وجعل فوق كل كلمة عددين أحدهما احمر
علامة الجزء والآخر علامة السورة فرع منه سنة ١١٠٤ وله محامد حسن
واثنية أسنى وكتب أخرى بالفارسية.
السيد مصطفى ابن السيد محمد هادي ابن السيد مهدي ابن السيد دلدار
علي النقوي
ولد سنة ١٢٥٢ وتوفي سنة ١٣٢٣
(١٢٨)

كان عالما فقيها وصار مرجعا بعد وفاة السيد محمد إبراهيم ابن السيد
محمد تقي ابن السيد حسين ابن السيد دلدار علي واقامه مقامه في الإفتاء
والإمامة عند رحلته الأولى إلى مشاهد العراق. يروي عن الفاضل
الأردكاني والسيد علي الطباطبائي آل بحر العلوم له نيف وعشرون مؤلفا
منها ١ الفرائد البهية استدلالي في الفقه ٢ حاشية على الروضة
للشهيد الثاني ٣ حاشية على زبدة الأصول للبهائي ٤ حاشية على
نتائج الأفكار للسيد إبراهيم الحائري ٥ حاشية على مبادي الأصول
للعلامة ٦ تعليقة على تشريح الأفلاك للبهائي في الهيئة.
السيد مصطفى النخجواني النجفي
ولد سنة ١٢٧٥ وتوفي ١٣ جمادى الثانية سنة ١٣٣٧ في النجف
الأشرف ودفن في ايوان العلماء الذي خلف الحضرة الشريفة.
كان عالما فاضلا تقيا قرأ على الشيخ ميرزا حسين ابن ميرزا خليل
الطهراني وعلى الشيخ حسن المامقاني وعلى الشيخ ملا كاظم الخراساني
وأدرك ملا محمد الإيرواني مدة والمولى محمد تقي الهروي الأصفهاني ويروي
عنه بالإجازة عن الشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم.
الشيخ مطر بن محمود الخفاجي الغروي
ذكره في نشوة السلافة فقال: كان نزهة الجليس وروض الأدب
الأنيس فمن مليح نظمه قوله في مدح موسى بن جعفر ع:
إذا ما دهاك الدهر يوما بمعضل * وأنزلت في واد من الهول مخطر
وحاطت بك الأهوال من كل جانب * عليك بباب الله موسى بن جعفر
ومن جيد شعره قوله من قصيدة:
فعسى الاله يزيل ما في وجه مرآة * المسرة من غبار حائل
وتحيط دائرة الحضور بجمعنا * ويدب دباب إلهنا بمفاضلي
ومما انشدنيه:
ورب ليلة سعد قد حظيت بها * باهل ودي واحبابي ولذاتي
جنيت فيها ثمار الوصل من رشا * تبدو بغرته شمس المسرات
والناي فيها مع الطنبور في صدح * أغني نداماي عن شرب المدامات
وجامع الشمل قد غنى بدائرة * فشنف السمع في در المقامات
وراقص تفضح الأقمار طلعته * مرقرق الوجنات العندميات
يسطو على قلب جيش الهم يمزقه * بصارم من عيون بابليات
فيا لها ليلة نلت المرام بها * وما ان دهاني سواها من لييلات
المطرق العبدي
في مجالس المؤمنين: فاضل شاعر من الشيعة الإمامية نقل عنه
الراغب في كتاب المحاضرات في باب التختم هذه الأبيات:
قالوا تختم في اليمين وانما * مارست ذاك تشبها بالصادق
وتقربا مني لآل محمد * وتباعدا مني لكل منافق
الملا مطلب بن عبد الله خازن الروضة الغروية
ذكره جامع ديوان السيد نصر الله الحائري فقال: الجدير بالتبجيل
والتعظيم اه ومطلب بفتح الميم وسكون الطاء وفتح اللام.
كان في عصر السيد نصر الله الحائري وأرسل إليه السيد نصر الله
هذه الأبيات ملتزما في كل كلمة منها حرف الميم:
سلام من محب مستهام * حمول للجسيم من الغرام
عليكم من موال اسلموني * بهجرهم لمشبوب الضرام
فما علم لمن أنسيتموه * يجرم موجب فصم الذمام
أ مطلب مطلبي منك امتنان * بمكتوب مميط للأوام
فدمع المقلقين هما مديدا * لكامل ما منحت من السقام
سما بسما المعالي الحكم لما * تمايلت المعاطف من وسام
عز الدين أبو إسحاق مظفر بن أبو محمد الحسن بن العميد أسعد ابن نصر
القاني الشيرازي المترشح للوزارة
من فضلاء العصر وعلماء وأدباء الدهر وشعرائه رأيت ديوانه بخزانة
كتب الرصد وكان يتشيع وله في مدح أهل البيت ع قصائد
كثيرة ومن قوله في الغزل:
لائمي في حب عتب * جرت في لومي وعتبي
كيف لي بالصبر عمن * ملكت عيناه قلبي
غادة ذل لها بالدل * منها كل صعب
راح دمعي سربا * إذ سنحت ما بين سرب
لهواها مخلب * أنشبه الحب بقلبي (١)
المير مظفر بن محمد الحسيني الكاشاني الطبيب الشهير بالشفائي
له كتاب القراباذين الشفائي في الطب فارسي منه نسخة مخطوطة في
الخزانة الرضوية.
المظفر بن جعفر بن الحسين
له الرسالة الموضحة يروي فيها عن ابن عقدة المتوفى سنة ٣٣٣ وعن
أبي علي محمد ابن همام المتوفى سنة ٣٣٦.
الشيخ أبو حبيش المظفر بن محمد بن أحمد البلخي المتكلم وقد يعبر عنه
المظفر بن محمد الخراساني
وحبيش مصغرا بحاء مهملة وباء موحدة وشين معجمة.
في الرياض: هو أستاذ المفيد ومن غلمان أبي سهل النوبختي وقد
يطلق أبو حبيش على تميم بن عامر من عمال علي ع ذكره في نقد
الرجال.
المظفر العلوي
هو أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي.

(١) مجمع الآداب.
(١٢٩)

المولى مظفر بن محمد قاسم المنجم الجنابذي
له التنبيهات في النجوم كتبه باسم الشاة عباس وفرع منه عاشر صفر
سنة ١٠٢٤.
المعادي
هو محمد بن أحمد بن إبراهيم
أبو مسلم معاذ بن مسلم بن أبي سارة الهراء الكوفي مولى الأنصار
توفي سنة ١٨٧ وقبل ١٩٠ وعاش مائة وخمسين سنة.
والهراء سمي به لأنه كان يبيع الثياب الهروية.
قال السيوطي في المزهر: هو نحوي مشهور وهو أول من وضع علم
التصريف. وفي بغية الوعاة كان أبو مسلم مؤدب عبد الملك بن مروان وقد
نظر في النحو فلما أحدث التصريف أنكره قال وكان معاذ شيعيا. وفي كتاب
الوسائل أول من وضع التصريف معاذ الهراء وقال الشيخ سليمان الماحوزي
البحراني في البلغة: معاذ الهراء هو المخترع لعلم التصريف كما نص عليه
جماعة من علماء الأدب. وقال صاحب تذكرة اليعموري. روى عن جعفر
الصادق وله كتب في النحو وقال ابن النجار في تاريخ بغداد: كان من
أعيان النحاة وصنف كتبا في النحو وروى الحديث عن جعفر الصادق
اه.
وهو أستاذ الكسائي وله مصنفات في علم القراءة وكان رفيق الكميت
بن زيد الشاعر وقال في حقه سهل بن أبي غالب الشاعر:
ان معاذ بن مسلم رجل * ليس لميقات عمره أمد
قل لمعاذ إذا مررت به * قد ضج من طول عمرك الأبد
ومدح الطرماح الشاعر خالد بن عبد الله القسري أمير العراقين
فاجازه جائزة سنية وأراد الكميت الذهاب إلى خالد فمنعه معاذ فلم يقبل
فقبض عليه خالد وحبسه فكتب إليه معاذ:
نصحتك والنصيحة ان تعدت * هوى المنصوح عز لها القبول
فخالفت الذي لك فيه حظ * فغالت دون ما أملت غول
وعاد خلاف ما تهوى خلاف * له عرض من البلوى وطول
وله قصيدة يقول فيها:
وما زلت في طمع راجيا * أؤمل كبشهم ان يحيينا
وأرقب من هاشم قائما * تقر به أعين المؤمنينا
أبوه رسول مليك السما * نذير من النذر الأولينا
معاوية بن صعصعة بن قيس ابن أخي الأحنف بن قيس
قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين: انه لما قدم الأحنف على أمير
المؤمنين علي ع حين أراد المسير لصفين وكتب الأحنف إلى قومه
يدعوهم لنصرة علي ع كتب إليهم معاوية بن صعصعة وهو ابن أخي
الأحنف يقول:
تميم بن مر ان أحنف نعمة * من الله لم يخصص بها دونكم سعدا
وعم بها من بعدكم أهل مصركم * ليالي ذم الناس كلهم الوفدا
سواه لقطع الحبل عن أهل مصره * فامسوا جميعا آكلين به رغدا
وكان لسعد رأيه أمس عصمة * فلم يحظ لا الاصدار فيهم ولا الوردا
وفي هذه الأخرى له مخض زبدة * سيخرجها عفوا فلا تعجلوا الزبدا
ولا تبطئوا عنه وعيشوا برأيه * ولا تجعلوا مما يقول لكم بدا
أ ليس خطيب القوم في كل وفدة وأقربهم قربا وأبعدهم بعدا
وان عليا خير خاف وناعل * فلا تمنعوه اليوم جهدا ولا جدا
ومن نزلت فيه ثلاثون آية * تسميه فيها مؤمنا مخلصا فردا
سوى موجبات جئن فيه وغيرها * بها أوجب الله الولاية والودا
معاوية بن عمار بن أبي معاوية جناب بن عبد الله الدهني مولاهم
قال النجاشي: توفي سنة ١٧٥
وقال: كوفي ودهن من بجيلة كان وجها في أصحابنا ومقدما كبير
الشأن عظيم المحل ثقة وكان أبوه عمار ثقة العامة وجها يكنى أبا
معاوية وأبا القاسم وأبا حكيم وكان له من الولد القاسم وحكيم ومحمد روى معاوية عن
أبي عبد الله وأبي الحسن موسى ع اه قوله يكنى راجع إلى
أبيه عمار لا إليه نفسه إذ ان اسمه فكيف يكنى بأبي معاوية فلم تجر بذلك
عادة وأيضا قوله روى معاوية دليل على أن الكلام كان في غيره فأعاده مظهرا
ليبين انه غير السابق وكذا قوله له من الولد راجع إلى عمار لكن يغلب على
الظن انه وقع تحريف في عبارة النجاشي فإنه ذكر له ثلاث كنى وثلاثة أولاد
وظاهر الحال أن تكون الكنى بهذه الأولاد مع أنه ذكر في الكنى أبا معوية ولم
يذكر في الأولاد معاوية وذكر في الأولاد محمدا ولم يذكر في الكنى أبا
محمد فالظاهر أنه ابدل معاوية بمحمد ويؤيده ان عمارا له ولد اسمه معاوية
يقينا كما يفهم من ترجمة معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار.
الشيخ معتوق بن حمزة بن مير علي الكاظمي
وجدنا بخطه شرح قواعد الاعراب لابن هشام الأنصاري المسمى
بأقرب المقاصد لشرح القواعد مجهول المؤلف الا انه ذكر في أوله: قال
سيدنا وشيخنا الامام العلامة الخ وفي آخره كتبه الفقير الحقير تراب اقدام
المؤمنين معتوق بن حمزة بن مير علي الكاظمي تذكرة للأخ الصالح الناصح
الشيخ محمد ابن المرحوم الشيخ يوسف الحصري وذلك في مدة اجتماعه
معنا في الكاظمية على مشرفها أفضل الصلاة والسلام وفرع كتابة يوم الاثنين
١٧ جمادى الأولى سنة ١٠٩١ والحمد لله رب العالمين.
السيد معتوق بن شهاب الحسيني
ذكره في نشوة السلافة ومحل الإضافة فقال: العلامة في العلوم
والآداب نظمه يزري بعقد الحسناء ويجري على طريقة العرب العرباء لا
يسيغ للتصنع مشرعا ولا يرد من حياضه مشرعا ومن غرر نظمه هذه
القصيدة يمدح بها الشيخ العلامة محيي الدين بن حسين الجامعي الحارثي:
سعد قفها ما بين عذب وريف * واقتصد في ذميلها والوجيف
ما علينا من سبة لو أرحنا * ها ولو عمر ساعة بالوقوف
ما تراها يا سعد لم يبق منها * غير عظم واه وجسم نحيف
لا تسمها هجر الديار ودعها * ضعفت عن فوادح التكليف
(١٣٠)

هذه حالها وحالي يا سعد * وراء التعبير والتعريف
إلى أن يقول في المدح:
من سراة هم الأقلون اكفاء * كفاة وحدانهم كالألوف
درجوا كلهم وعادوا بهذا * الخلف الصالح التقي العفيف
اورثوه احسابهم وعليها * استخلفوه أكرم به من خليف
لا تسل كيف فضله فهو أمر * خارج من ضوابط التكليف
فاجابه الشيخ محيي الدين الجامعي الحارثي فقال:
كان حظي والشكر لله اني * كل من قد هويت جعد الكفوف
ما عدا ما جدا تملك رقي * جل ان يبينه توصيفي
مظهر الخافيات ضوء شهاب * لا ترى فيه وصمة للكسوف
لم أطق وصفه ولا نقص من أن * لا ترى الشمس مقلة المكفوف
ذو لسان كسيف عمرو ولكن * فاق ذاك الحديد حد السيوف
لا ترى عالما ولا العلم الا * وهما وصفه مع الموصوف
لا يجاري السحاب منه جوادا * ليس جرى الجواد خط القطوف
ليتني قد وردت من قبل طرسي * من جناب الشريف مغنى العكوف
منشدا كي أزيد عيشي سرورا * سعد قفها ما بين عذب وريف
فخر الشرف أبو جعفر معد بن فخار بن أحمد العلوي النسابة
من السادات الاشراف المعروفين بمعرفة الأنساب وتشجيرها والآداب
وتحبيرها روى لنا عنه شيخنا ولده جلال الدين عبد الحميد بالحلة السيفية
سنة ٦٨١ (١)
معز الدولة ابن بويه الديلمي
اسمه أبو الحسن أحمد بن بويه.
ميرزا معصوم الرضوي
توفي سنة ١٢٣٢ ودفن في الصحن العتيق.
من مشاهير علماء المشهد الرضوي ومع أنه كان من المجتهدين لم
يتصد للحكومة الشرعية (٢)
السيد معصوم بك الشهيد
ذكره صاحب رياض العلماء في أثناء ترجمة ولده خان ميرزا فقال:
كان وزير الشاة إسماعيل الصفوي وأمير ديوانه جمع بين السيف والقلم
والوزارة والإيالة وكان مستقلا في الامارة والوزارة مبجلا في الغاية وكان
يخاطبه الشاة إسماعيل بابن العم، ولما وقع الصلح بين الشاة إسماعيل
والسلطان سليم بن مراد العثماني وصار حجاج إيران يترددون إلى الحجاز
استأذن الوزير معصوم بك ملك إيران والملك العثماني في الحج وحج مع
ولده خان ميرزا فغدر به العثمانيون وأغاروا عليه وقت الاحرام بزي عرب
البادية فقتلوه مع ولده وجماعة أخرى من رفقائهم. كذا نقله صاحب تاريخ
عالم آرا بالفارسية انتهى.
معقل بن قيس الرياحي التميمي
كان مع أمير المؤمنين في صفين وقال اورده نصر:
يا أيها السائل عن أصحابي * ان كنت تبغي خبر الصواب
أخبرك عنهم غير ما تكذاب * بأنهم أوعية الكتاب
صبر لدى الهيجاء والضراب * وسل جموع الأزد والرباب
وسل بذاك معشر الأحزاب
وقال الطبري في تاريخه: انه لما عزم أمير المؤمنين ع على العودة
إلى صفين جميع رؤساء الكوفة فخطبهم وطلب إليهم ان يكتب له كل
رئيس عشيرته من المقاتلة فقام سعيد ابن قيس الهمداني فقال سمعا وطاعة
وودا ونصيحة انا أول الناس جاء بما سالت وبما طلبت وقام معقل بن قيس
الرياحي فقال له نحوا من ذلك وقام عدي بن حاتم وزياد بن خصفة
وحجر بن عدي وأشراف الناس فقالوا مثل ذلك فكانوا ثمانية وستين ألفا
ومائتين. ولما جمع الحسن ع الناس بالكوفة وخطبهم وحثهم على الجهاد
معه لما بلغه مسير معوية إليه فتثاقلوا قام معقل بن قيس في جماعة فأنبوا
الناس ولاموهم وحرضوهم وكلموا الحسن ع بمثل كلام عدي بن حاتم
المذكور في ترجمته فقال لهم الحسن صدقتم رحمكم الله ما زلت أعرفكم
بصدق النية والوفاء والقول والمودة الصحيحة فجزاكم الله خيرا.
معلى أبو شهاب
روى الكليني في الكافي في باب زيارة النبي ص عن عثمان بن عيسى
معلي أبي شهاب عن الحسين ع وعن جامع الرواة احتمال ارسال
الرواية لبعد زمان الرجل عن زمان الحسين ع لان عثمان بن عيسى
الراوي عنه كان في عصر الكاظم والرضا ع والشيخ في التهذيب
اورد الرواية الا أنه قال عن معلى بن شهاب ولا شك انه صحف ابن باب
أو بالعكس في إحدى الروايتين.
معمر
هو معمر بن يحيى.
عز الشرف أبو الغنائم معمر بن عدنان بن عبد الله ابن المختار الحسيني
الكوفي النقيب
كان قد سافر الكثير رأيت بخطه أبياتا كتبها لبعض الأصحاب في
شرح حاله:
ولست إذا ما سرني الدهر ضاحكا * ولا خاشعا ما عشت من حادث الدهر
ولا عاجلا ما لي لعرضي وقاية * لكن أقي عرضي فيحرز وفري
أعف لدى عسري وابدي تجملا * ولا خير فيمن لا يعف لدى العسر
واني لأستحيي إذا كنت معسرا * صديقي وإخواني بان يعلموا فقري
واقطع اخواني وما حال عهدهم * حياء واعراضا وما بي من كبر
فمن يفتقر يعلم مكان صديقه * ومن يحي لا يعدم بلاء من الدهر (٣)
معين المشهدي
كان من شعراء المشهد الرضوي وظرفائه. ذهب سنة ٩٧٦ مع
معصوم بك ايلجي الشاة طهماسب إلى اسلامبول في عصر السلطان سليم

(١) مجمع الآداب.
(٢) مجمع الآداب.
(٣) مجمع الآداب.
(١٣١)

خان ومن هناك سافر إلى مكة المعظمة وفي رجوعه من جدة ركب البحر
وغرق به المركب.
معين الدين المصري
اسمه سالم بن بدران.
الشيخ مغامس بن داغر الحلي
توفي في أواخر المائة التاسعة بالحلة.
كان أديبا شاعرا من اعراب الحلة ثم سكن الحلة ونظم بها الشعر
فأجاده واستفاد من العلوم الآلية فمن شعره قوله:
أ تطلب دنيا بعد شيب قذال * وتذكر أياما مضت وليال
وتظهر عن باب الغوير تجلدا * وتصبو إلى نور له وظلال
إذا كنت تستحيي من العار خاليا * فما لك تهوي قد كل غزال
ولم تركب الاخطار في طلب الهوى * ولم تخطر الذكرى لديك ببال
أ ما كان في شيب القذال هداية * فيهديك نور الشيب بعد ضلال
أ تأمل في دار الغرور إقامة * لأنت حريص في طلاب محال
تيقظ فاني قد رأيتك مقبلا * عليها وللأخرى رأيتك قال
تمسكت فيها بالغرور كمثل ما * تمسك في نوم بطيف خيال
فيا أسفي ان حان حيني وهذه * سبيلي ولم احذر قبيح فعال
وكان جديرا ان يموت ندامة * فتى حاله في المذنبين كحالي
وقوله:
لغيرك يا دنيا ثنيت عناني * وذاك لأمر من غناك عناني
ومن كان بالأيام مثلي عارفا * لواه الذي عن جبهن لواني
نعيت إلى نفسي زمان شبيبتي * وشيبي إلى هذا الزمان نعاني
وأنفذت في اللذات أيام صحتي * فلما لحا عظمي السقام لحاني
أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف
توفي سنة ٢٠ وصلى عليه عمر بن الخطاب.
في معجم الشعراء للمرزباني: امه سمية وأم أبيه سمراء وكانتا
سبيتين وهاجاه حسان ابن ثابت قبل ان يسلم أبو سفيان واسلم يوم الفتح
وحسن اسلامه وأتى النبي ص فانشده:
لعمرك اني يوم احمل راية * لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكالمدلج الحيران أظلم ليله * فهذا أواني حين أهدي واهتدي
هداني هاد غير نفسي وقادني * إلى الله من طردت كل مطرد
فقال له النبي: أنت طردتني فقال استغفر الله يا رسول الله.
المفجع
اسمه محمد بن أحمد بن عبد الله المفجع الكاتب البصري.
المفضل بن عمر
قال النجاشي: فاسد المذهب مضطرب الرواية لا يعبأ به وقيل إنه
كان خطابيا وقد ذكرت له مصنفات لا يعول عليها ونحوه قال العلامة وبدل
وقد ذكرت له الخ وقد زيد عليه شئ كثير وحمل الغلاة في حديثه حملا
عظيما ولا يجوز ان يكتب حديثه انتهى.
وروى الكشي أحاديث في ذمه والبراءة منه وانه كان خطابيا ورجع
وفي بعضها لم يذكر الرجوع وفي بعضها انه ترك صلاة الصبح عمدا وعن
شريك قال كان جعفر بن محمد رجلا صالحا مسلما ورعا اكتنفه قوم جهال
يستأكلون الناس بذلك وكانوا يأتون بكل منكر مثل المفضل بن عمر إلى أن
قال جهال ضلال الحديث وروى أيضا أحاديث في مدحه وان أبا الحسن
ع قال لما اتاه موته رحمه الله كان الوالد بعد الوالد إما انه قد
استراح وفي بعضها ان الصادق ع قال لأصحابه حين طلبوا منه
رجلا يفزعون إليه في أمر دينهم وما يحتاجون من الاحكام قد أقمت عليكم
المفضل اسمعوا منه واقبلوا منه فإنه لا يقول على الله وعلي الا الحق وانه لم
يأت عليه كثير حتى شنعوا عليه وعلى أصحابه لا يصلون ويشربون النبيذ
وهم أصحاب الحمام ويقطعون الطريق والمفضل يقربهم ويدنيهم وقال المفيد
في الارشاد ممن روى صريح النص بالإمامة من أبي عبد الله ع
على ابنه ابن الحسن موسى ع من شيوخ أصحاب أبي عبد الله ع
وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين رحمة الله عليهم المفضل بن
عمر الجعفي وعد معه جماعة، وعن غيبة الشيخ انه من قوامهم وكان
محمودا عندهم، وروى الكليني في باب الصبر من الكافي في الصحيح عن
يونس بن يعقوب قال امرني أبو عبد الله ع ان آتي المفضل وأعزيه
بإسماعيل وقال اقرأ المفضل السلام وقل له انا قد أصبنا بإسماعيل فصبرنا
فاصبر كما صبرنا الحديث وقد رجح كثير من العلماء وثاقته بل جلالة قدره
لعدم ثبوت ما رمي به من الغلو وظهور أحواله في خلافه وروايته ما يظهر
منه ذم الغلاة واحتمال ان يكون رميهم له بالغلو كرمي من نفى السهو
والنسيان عن الأنبياء ونحو ذلك أو لرواية الغلاة عنه أو غير ذلك مع أن له
كتاب التوحيد ولكثرة رواياته المتلقاة بالقبول وكونه خطابيا قد عرفت دلالة
بعض الأخبار على رجوعه عنه قال البهبهاني ومن العجب الاتيان برواية
شريك الملعون قدحا فيه واما حكاية ترك الصلاة فلا يبعد انها موضوعة
لتضمنها تركه لها مجاهرة ومخالفة لرفقائه وانهم سألوه عن السبب وكانت
صلاة الصبح فقال صليت قبل ان اخرج وقد خرج ليلا وكل ذلك بعيد وان
صح أمكن كونه في وقت خطابيته كسائر ما ورد في ذمه في كون خطابيا في
وقت ما. ويظهر من اخباره انه كان في الغالب على حسن العقيدة.
وقال السيد صدر الدين العاملي في حواشي رجال أبي علي في توجيه
حديث قوله اني صليت قبل ان اخرج: الذي يخطر بالبال ان المفضل كان
قد صلى وهم مشتغلون بالصلاة فلم يشعلوا به إما لانهم أطالوا وخفف
واشتغلوا بالمقدمات وكان على وضوء أو لانهم اشتغلوا بالتعقيب ورأى أن
يأتي به وهو راكب على حماره أو لنحو ذلك ولما كان قول الرجلين له أ لا
تصلي يتضمن الاعتراض عليه في تغافله عن الصلاة وتكاسله عنها
لاعتقادهما انه لم ينزل بعد أجابهما جواب الظريف المداعب باني صليت قبل
ان اخرج وقصد صلاة الليل أو العشائين والا فمن لا يستحي بترك الصلاة
اي شئ يصنع بزيارة الحسين ع وبالجملة من نظر إلى حديث
المفضل المشهور عن الصادق ع علم أن ذلك الخطاب البليغ
والمعاني العجيبة والألفاظ الغريبة لا يخاطب الامام بها الا رجلا عظيما جليلا
(١٣٢)

كثير العلم ذكي الحس أهلا لتحمل الاسرار الرفيعة والدقائق البديعة
والرجل عندي من عظم الشأن وجلالة القدر بمكان اه.
الشيخ مفلح بن الحسن بن راشد أو رشيد بن صلاح الصيمري البحراني
توفي في حدود سنة ٩٠٠ وقبره في قرية سنماباد من قرى البحرين وقبر
ابنه الشيخ حسين بجنبه.
نسبته
الصيمري نسبة إلى صيمرة بصاد مهملة مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة وميم
مفتوحة وراء مهملة وهاء. في معجم البلدان كلمة أعجمية وهي في
موضعين أحدهما بالبصرة على فم نهر معقل وفيها عدة قرى تسمى بهذا
الاسم وبلد بين ديار الجبل وديار خوزستان هي مدينة بمهرجان قذف وهي
للقاصد من همذان إلى بغداد عن يساره. قال الإصطخري واما صيمرة
والسيروان فمدينتان صغيرتان. وفي انساب السمعاني: الصيمري هذه
النسبة إلى موضعين أحدهما منسوب إلى نهر من انهار البصرة يقال له
الصيمري عليه عدة قرى واما الصيمرة فبلدة بين ديار الجبل وخوزستان
وسالت بعضهم عن هذا النسب فقال صيمرة وكودشت قريتان بخوزستان
اه. وقال الشيخ سليمان البحراني: ان المترجم أصله من صيمر
البصرة وانتقل إلى البحرين وسكن قرية سنماباد. قال الآقا بزرگ الطهراني
العسكري فيما كتبه إلينا: الذي وجدناه في جميع النسخ ابن الحسن مكبرا
حتى في اجازته التي بخطه لناصر بن إبراهيم البويهي فما في نسخة الأمل
المطبوعة من أنه ابن الحسين غلط وفي رسالة الشيخ سليمان الماحوزي
البحراني التي كتبها في ذكر بعض علماء البحرين في نسخة ابن الحسن بن
رشيد وفي أخرى ابن راشد وفي اجازة الشيخ مفلح لناصر بن إبراهيم
البويهي التي بخطه سنة ٨٧٣ هكذا: مفلح بن حسن رشيد بن صلاح
الصيمري إما والده فلعله لم يكن من العلماء لان الشيخ سليمان في الرسالة
المذكورة ذكر الشيخ مفلح وابنه الحسين بن مفلح ولم يذكر والده ولو كان من
العلماء لذكره ويحتمل سقوطه من قلمه أو تركه له ككثير من مشاهير
البحرانيين ويحتمل اتحاده مع الحسن بن محمد بن راشد البحراني صاحب
نظم ألفية الشهيد أو الحسن بن محمد بن راشد صاحب كتاب مصباح
المهتدين.
أقوال العلماء فيه
في أمل الآمل: فاضل علامة فقيه معاصر للشيخ علي بن عبد العالي
الكركي وفي رسالة الشيخ سليمان البحراني وصفه بالفقيه العلامة. قال
المؤلف: وأقواله وفتاواه مشهورة مذكورة في كتب الفقهاء المبسوطة.
مؤلفاته
في الرسالة المتقدمة: له التصانيف المليحة الفائقة ١ غاية المرام في
شرح شرائع الاسلام، في أنوار البدرين ولعله أول شروح الشرائع. وفي
الرسالة المتقدمة: وقد أجاد فيه وطبق المفصل وفرق فيه بين الرطلين في
الزكاتين وفاقا لابن فهد الحلي في المهذب والعلامة في التحرير ٢ شرح
الموجز لابن فهد الحلي وهو المسمى كشف الالتباس في شرح موجز أبي
العباس. في الرسالة المتقدمة انه أظهر فيه اليد البيضاء ٣ مختار الصحاح
٤ منتخب الخلاف أو تلخيص الخلاف منه نسخة في مكتبة الحسينية
بالنجف الأشرف ٥ رسالة جواهر الكلمات في العقود والايقاعات في
الأمل وهي دالة على علمه وفضله واحتياطه وفي الرسالة المتقدمة: مليح
كثير المباحث غزير العلم.
أشعاره
له شعر كثير في مناقب أهل البيت وفي المثالب ومن شعره قوله:
أ عدلك يا هذا الزمان محرم * أم الجور مفروض عليك محتم
أيا سادتي يا آل بيت محمد * بكم مفلح مستعصم متلزم
فأنتم له حصن منيع وجنة * وعرونة الوثقى بداريه أنتم
ألا فاقبلوا من عبدكم ما استطاعه * فعبدكم عبد مقل ومعدم
وله:
إلى كم مصابيح الدجى ليس تطلع * وحتام غيم الجور لا يتقشع
يقولون في ارض العراق مشعشع * وهل بقعة الا وفيها مشعشع
فلا فرق الا عجزهم واقتداره * وظلمهم فيما يطيقون أفظع
وأعظم من كل الرزايا رزية * مصارع آل المصطفى حيث صرعوا
بها لبس الدين الحنيفي حلة * من الذل لا تبلى ولا تتقطع
أيا سادتي يا آل بيت محمد * بكم مفلح مستعصم متمنع
لكم أتقي هول المهمات في الدنا * وأهوال روعات القيامة أدفع
وله لما خرج من البحرين:
وما أسفي على البحرين لكن * لاخوان بها لي مؤمنينا
دخلنا كارهين لها فلما * ألفناها خرجنا كارهينا
ثم رجع إليها.
الشيخ المفيد
المشهور بهذا اللقب محمد بن محمد بن النعمان البغدادي فقيه الشيعة
شيخ المرتضى والرضي ويقال الشيخ المفيد لمحمد بن محمد البصروي تلميذ
الشريف المرتضى وله فيه مرثية ذكرت في ترجمته ويقال المفيد لولد الشيخ
الطوسي ويقال مفيد الدين لمحمد بن جهيم تلميذ المحقق الحلي ويطلق
المفيد على عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري تلميذ الشيخ الطوسي ولكن
المفيد عند الاطلاق ينصرف إلى محمد بن محمد بن النعمان.
الشريف مقبل بن جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن
مهنا الحسيني
قتل سنة ٧٠٩
في الدرر الكامنة: طرق المدينة في شعبان سنة ٧٠٩ فتغيظ منه
كبيش بن منصور بن جماز وهو ابن أخيه وكان إذ ذاك يخلف أباه على الإمرة
فدهمهم مقبلا ليلا ونصب سلما خشبيا كان معه مقطعا وصعد منه إلى السور
فاستيقظ له كبيش وتقاتلا إلى أن قتل مقبل وقتل معه من أقاربه قاسم بن
قاسم بن حماز واستمروا حزبين اه وقال القلقشندي في صبح الأعشى ج
٤ لما توفي جماز سنة ٧٥٤ ولي بعده ابنه منصور بن جماز ثم وفد اخوه ابن
حماز على الظاهر بيبرس بمصر فأشرك بينهما في الإمرة والاقطاع ثم غاب
منصور عن المدينة واستخلف ابنه كبيشة فهجم عليه مقبل وملكها من يديه
(١٣٣)

ولحق كبيشة باحياء من العرب فاستجاشهم وهجم المدينة على عمه مقبل
فقتله سنة ٧٠٩ ورجع منصور إلي امارته اه وهذا يخالف بعض ما ذكره
ابن حجر فإنه يقول إن مقبلا كان الذي هجم المدينة على كبيشة.
الشيخ مقبل من آل علي الصغير امراء جبل عامل
ذكره الشيخ محمد آل مغنية في كتابه جواهر الحكم ونفائس الكلم
وقال إنه كان يسكن قرية الحلوسية وحينما حضر الشيخ حسين بن حسن بن
محمود بن محمد آل مغنية من العراق اخذه الشيخ مقبل إلى قرية الحلوسية
فلما كانت فتنة الجزار سنة ١٢٠٧ هرب الشيخ مقبل إلى العراق وانكب على
طلب العلم حتى صار من العلماء الفضلاء مصائب قوم عند قوم فوائد.
المقداد بن عبد الله السيوري الحلي
له الأنوار الجلالية في شرح الفصول الصيرية للخاجه نصير الدين
الطوسي عندنا منه نسخة كتبت سنة ١١٤٦ والفصول النصيرية كتاب في
الكلام فارسي مختصر عربه ركن الدين محمد بن علي الجرجاني محتدا
الاسترآبادي منشأ ومولدا الحلي الغروي مسكنا وشرحه المقداد المعرب وسماه
الأنوار الجلالية لأنه صنفه باسم الملك جلال الدين علي بن شرف الدين
المرتضى العلوي الحسيني الآوي وولده شرف الدين المرتضى علي كما ذكره
في خطبته فرع منه ٨ رمضان سنة ٨٠٨، وله شرح نهج المسترشدين ألفه
سنة ٧٩٢.
المقداد بن عمرو المعروف بالمقداد بن الأسود
توفي سنة ٣٣ عذب في الاسلام وهاجر إلى الحبشة في الدفعة الثانية
وفي يوم بدر عندما استشار رسول الله ص أصحابه بشأن الحرب قال
المقداد: لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك
فقائلا انا ههنا قاعدون، ولكن والذي بعثك بالحق، انا تقول لك:
اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون.
وقد شهد المقداد بدرا واحدا والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله وكان من الرفاة المشهورين
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج من رواية عوانة عن إسماعيل بن
أبي خالد عن الشعبي في كتاب الشورى: قال عوانة فحدثنا إسماعيل قال
حدثني الشعبي وذكر خبر الشورى إلى أن قال فاقبل المقداد بن عمرو
والناس مجتمعون فقال أيها الناس اسمعوا ما أقول انا المقداد بن عمرو
وانكم ان بايعتم عليا سمعنا وأطعنا وابن بايعتم عثمان سمعنا وعاصينا فقام
عبد الله بن ربيعة بن المغيرة المخزومي أيها الناس انكم ان بايعتم عثمان
سمعنا وأطعنا وان بايعتم عليا سمعنا وعصينا فقال له المقداد يا عدو الله
وعدو رسوله وعدو كتابه ومتى كان مثلك يسمع له الصالحون فقال له
عبد الله يا ابن الحليف العسيف ومتى كان مثلك يجترئ على الدخول في
أمر قريش قال الشعبي وخرج المقداد من الغد فلقي عبد الرحمن بن عوف
فأخذ بيده وقال إن كنت انما أردت بما صنعت الدنيا فأكثر الله مالك فقال
عبد الرحمن اسمع رحمك الله اسمع فقال لا اسمع والله وجذب يده من يده
ومضى حتى دخل على علي فقال قم فقاتل حتى نقاتل معك قال علي فبمن
أقاتل رحمك الله قال عوانة قال إسماعيل قال الشعبي فحدثني عبد
الرحمن بن جندب عن أبيه جندب بن عبد الله الأزدي قال كنت جالسا
بالمدينة حيث بويع عثمان فجئت فجلست إلى المقداد بن عمرو فسمعته
يقول والله ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت وكان عبد الرحمن بن
عوف جالسا فقال وما أنت وذاك يا مقداد قال المقداد اني والله أحبهم لحب
رسول الله ص واني لأعجب من قريش وتطاولهم على الناس بفضل رسول
الله ص ثم انتزاعهم سلطانه من أهله قال عبد الرحمن إما والله لقد أجهدت
نفسي لكم قال المقداد واما والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق
وبه يعدلون إما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم ببدر
وأحد فقال عبد الرحمن ثكلتك أمك لا يسمعن هذا الناس فاني أخاف أن تكون
صاحب فتنة وفرقة قال المقداد ان من دعا إلى الحق وأهله وولاة الامر
لا يكون صاحب فتنة ولكن من أقحم الناس في الباطل وآثر الهوى على
الحق فذلك صاحب الفتنة والفرقة قال فتربد وجه عبد الرحمن ثم قام لو
اعلم انك إياي تعني لكان لي ولك شأن قال المقداد إياي تهدد يا ابن أم عبد
الرحمن ثم قام عن عبد الرحمن فانصرف اه.
المقطع العامري
اسمه هشيم والمقطع لقب غلب عليه.
معتمد الدولة المقلد بن المسيب بن رافع العقيلي صاحب الموصل أحد امراء
بني عقيل العظماء.
كان شاعرا وله في قصر العباس بن عمرو الغنوي في قصة ذكرت في
ترجمة ولده قرواش قال:
يا قصر ما فعل الأولى * ضرب قبابهم بعقرك
أخنى الزمان عليهم * وطواهم تطويل نشرك
واها لقاصر عمر من * يختال فيك وصول عمرك
المكتب
هو الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام.
الشيخ جمال الدين أبو محمد مكي بن محمد بن حامد العاملي الجزيني والد
الشهيد الأول
في أمل الآمل: كان من فضلاء المشائخ في زمانه ومن أجلاء مشائخ
الإجازة وذكر في ترجمة الشيخ طومان بن أحمد العاملي المناري ان الشهيد ذكر
في بعض اجازته ان والده الشيخ جمال الدين أبو محمد مكي من تلامذة
الشيخ العلامة الفاضل نجم الدين طومان والمترددين إليه إلى سفر طومان
إلى الحجاز الشريف ووفاته بطيبه في حدود سنة ٧٢٨ أو ما قاربها.
ملك النحاة
اسمه الحسن بن صافي.
المنازي
اسمه أحمد بن يوسف.
منتجب الدين صاحب الفهرست
اسمه علي بن عبيد الله بن الحسن بن بابويه.
(١٣٤)

الشريف أبو الفضل المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الجرجاني
في البحار ما يدل على أنه من تلاميذ الشيخ أبي جعفر محمد بن علي
الطوسي حيث قال وجدت في كتاب مزار لبعض قدماء أصحابنا وفي كتاب
مقتل البعض متأخريهم خبرا أحببت ايراده واللفظ للأول قال حدثنا جماعة
عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن ابن علي الطوسي وعن الشريف أبي
الفضل المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني وعن فلان وفلان وذكر غيره
ثم قال وكلهم يروون عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي الطوسي قال
حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي بالمشهد بالغري على
صاحبه السلام في شهر رمضان من سنة ٤٥٨ وساق السند والحديث.
أقول وكان هذا الشريف معاصرا لابن شهرآشوب ومن مشايخه فقد قال
في المناقب أجازني المنتهى الحسيني الجرجاني في بصائر الدرجات بثلاثة طرق
الخ وقال في موضع آخر من المناقب. اخبرني جدي شهرآشوب والمنتهى
بن كيابكي الحسيني بطرق كثيرة الخ. وفي مهج الدعوات عند ذكره
لطريق دعاء الجوشن ان المترجم يروي عن الشيخ الطوسي فقال عند ذكره
لطرق الحديث ما لفظه: نقلناه من نسخة هذا لفظها: بسم الله الرحمن
الرحيم حدثنا الشيخ السعيد المفيد أبو علي الحسن بن محمد بن علي الطوسي
رضي الله عنه في الطرز الكبير الذي عند رأس مولانا أمير المؤمنين ص
قراءة عليه في شهر رمضان من سنة ٥٠٧ وحدثنا أيضا الشيخ
المفيد شيخ الاسلام عز العلماء أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد الله بن علي
الرازي في مدرسته بالري في شعبان سنة ٥٠٣ وحدثنا أيضا السعيد العالم
التقي نجم الدين كمال الشرف ذو الحسبين أبو الفضل المنتهى بن أبي
زيد بن كاكا الحسيني في داره بجرجان في ذي الحجة من سنة ٥٠٣ إلى آخر
السند والحديث.
المنجمون من الشيعة
في رياض العلماء: قال السيد ابن طاوس في كتاب فرج الهموم في
الحلال والحرام من علوم النجوم بعد ذكر صحة علم النجوم كلاما طويلا في
ذكر أسامي جماعة من علماء علم النجوم ولا سيما من الامامية فقال إن جماعة
من بني نوبخت وبنو نوبخت معروفون بالتشيع كانوا علماء بالنجوم
وقدوة في هذا الباب ووقفت على عدة مصنفات لهم في النجوم وانها دلالات
على الحادثات منهم الحسن بن موسى النوبختي. ومن علماء
المنجمين من الشيعة أحمد بن محمد بن خالد البرقي. وذكر النجاشي في
كتبه كتاب النجوم. ومنهم أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة
فقد عد الشيخ والنجاشي من كتبه كتاب النجوم والشيخ
النجاشي كان له تصنيف في النجوم. ومن المذكورين بعلم
النجوم الجلودي البصري ومنهم علي بن محمد العدوي
الشمشاطي فإنه ذكر النجاشي ان له رسالة في ابطال احكام النجوم
ومنهم علي بن محمد بن العباس فان النجاشي ذكر في بعض كتبه كتاب
الرد على المنجمين وكتاب الرد على الفلاسفة. ومنهم محمد بن أبي عمير
لكن قد استند إلى الخبر السابق قال في الرياض أقول وقد عرفت ما فيه
قال: ومنهم محمد بن مسعود العياشي فإنه ذكر في تصانيفه كتاب
النجوم ومنهم موسى بن الحسن بن عباس بن إسماعيل بن أبي سهل بن
نوبخت قال النجاشي كان حسن المعرفة بالنجوم وله مصنفات فيه وكان مع
ذلك حسن العبادة والدين ومنهم الفضل بن أبي سهل نوبخت وصل
إلينا من تصانيفه ما يدل على قوة معرفته بالنجوم وذكر من العيون ما اورده
الأستاذ في البحار في أبواب تاريخ الرضا ع من أنه أخيرا المأمون
بخطأ المنجمين في الساعة التي اختارها لولاية العهد فزجره ونهاه ان يخبر به
أحدا فعلم أنه تعمد ذلك ومنهم السيد الفاضل علي بن أبي الحسن
العلوي المعروف بابن الأعلم وكان صاحب الزيج ومنهم أبو الحسن
النقيب الملقب بأبي قيراط ومنهم إبراهيم الغراري أو الفزاري صاحب
القصيدة في النجوم وكان منجما للمنصور ومنهم الشيخ الفاضل أحمد بن
يوسف بن إبراهيم المصري كاتب آل طولون ومنهم الشيخ الفاضل
محمد بن عبد الله بن عمر البازيار القمي تلميذ أبي معشر ومنهم الشيخ
الفاضل أبو الحسين بن أبي الخصيب القمي ومنهم أبو جعفر السقاء
المنجم ذكره الشيخ في الرجال ومنهم محمد بن أحمد بن سليم الجعفي
مصنف كتاب الفاخر ومنهم محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك
المعروف بكشاجم ذهب ابن شهرآشوب إلى أنه كان شاعرا منجما متكلما
ومنهم العفيف بن قيس أخو الأشعث ذكره المبرد وقد مر انه قيل هو
الذي أشار على أمير المؤمنين ع بترك قتال الخوارج في الساعة التي
أراد ثم قال رضي الله عنه وممن أدركته من علماء الشيعة العارفين بعلم
النجوم وعرفت بعض إصاباته الفقيه العالم الزاهد الملقب خطير الدين
محمود بن محمد وممن رأيته الشيخ الفاضل الحسن بن علي القمي ثم عد
من اشتهر بعلم النجوم وقيل إنه من الشيعة فقال منهم أحمد بن محمد
السنجري. والشيخ الفاضل علي بن أحمد العمراني والفاضل إسحاق بن
يعقوب الكندي قال وممن اشتهر بالنجوم من بني العباس محمد بن عبد
العزيز الهاشمي. وعلي بن القاسم القصري وقال وجدت فيما وقفت
عليه ان علي بن الحسين بن بابويه القمي كان ممن اخذ طالعه في النجوم وان
ميلاده بالسنبلة. ثم قال وممن اشتهر بعلمه من بني نوبخت عبد الله بن
أبي سهل ومن العلماء بالنجوم محمد بن إسحاق النديم كان منجما للعلوي
المصري ومن المذكورين بالتصنيف في علم النجوم حسن بن أحمد بن
محمد بن عاصم المعروف بالعاصمي المحدث الكوفي ثقة سكن بغداد
فمن كتبه الكتب النجومية ذكر ذلك ابن شهرآشوب في كتاب معالم
العلماء وممن اشتهر بعلم النجوم من المنسوبين إلى مذهب الإمامية
الفضل بن سهل وزير المأمون. ثم قال وممن كان عالما بالنجوم من
المنسوبين إلى الشيعة الحسن بن سهل ثم ذكر ما أخرجناه من العيون في
أبواب تاريخ الرضا ع من حديث الحمام وقتل الفضل فيه.
مندل بن علي العنزي أبو عبد الله الكوفي أخو حبان
في تاريخ بغداد عن يحيى بن معين انه ولد سنة ١٠٣ ومات سنة
١٦٧ وفيه عن ابن شيبة انه توفي بالكوفة سنة ١٦٧ أو ١٦٨ قبل أخيه
حبان. وكان موته في شهر رمضان.
مندل عن تقريب ابن حجر مثلث الميم ساكن الثاني وفي الخلاصة
مندل بفتح الميم واسكان النون وفتح الدال المهملة وبعدها اللام
والعنزي قد عرفت في أخيه حبان انه بفتح العين والنون بعدها زاي
وكذلك ضبطه ابن حجر في التقريب هنا والعلامة في الخلاصة ضبطه هنا
بالعين المهملة المفتوحة والتاء المنقطة فوقها نقطتين المفتوحة والراء بعدها وفي
أخيه حبان رسمه العبري بالباء وابن داود تارة رسمه العنزي واخرى
العتري بالمثناة الفوقية الساكنة والراء كما ستعرف ومر في أخيه حبان ان ذلك
تصحيف والصواب العنزي بالنون والزاي.
(١٣٥)

أقوال العلماء فيه
قال النجاشي: مندل بن علي العنزي واسمه عمرو واخوه حبان
ثقتان رويا عن أبي عبد الله ع له كتاب أخبرنا محمد حدثنا
أحمد بن سعيد حدثنا المنذر بن محمد حدثنا الحسنين محمد بن علي الأزدي
حدثنا مندل بكتابه اه وقال العلامة في الخلاصة عربي عامي قال البرقي ثم
نقل عن النجاشي توثيقه وروايته عن الصادق ع. وذكر له ابن
داود ترجمتين فقال في القسم الأول من كتابه مندل بن علي العنزي واسمه
عمر اخوه حيان ثقتام ق كش كلاهما اي قال الكشي كلاهما رويا عن
الصادق ع والحال ان الذي قال ذلك هو النجاشي لا الكشي
وهذا من أغلاط كتاب ابن داود وقال في القسم الثاني منه مندل بفتح الميم
ابن علي العتري بالعين المهملة والتاء المثناة فوق الساكنة وقال بعض
أصحابنا المفتوحة والأقوى عندي السكون منسوب إلى عتر بن خيثم بن
وذم بن ذبيان بن هميم بن وهل بن بهي بن بلى بطن من بلى قال النجاشي
روى عن الصادق ع ثقة وقال البرقي عامي اه فكيف جعل له
ترجمتين وهو واحد وكيف وصفه تارة بالعنزي واخرى بالعتري. وإن كان
منشأ توهم التعدد اختلاف الصفتين فيرده ان الذي وثقه النجاشي هو أخو
حبان وهو رجل واحد وكذا إن كان منشؤه وصف البرقي له بالعامية مع
ذكر النجاشي له في كتابه وتوثيقه مع عدم الإشارة إلى عاميته الدال على أنه
امامي فإنه رجل واحد إما عامي واما امامي فكلام النجاشي والبرقي
متنافيان والجمع بينهما بأنه كان يستر فظن عاميا وقد عرفت ان وصفه
بالعتري بالمثناة الفوقية تصحيف والصواب العنزي بالنون والزاي.
من مدحه من غيرنا
في طبقات ابن سعد بعد ذكر حبان بن علي العنزي قال: واخوه
مندل بن علي العنزي من أنفسهم ويكنى أبا عبد الله وكان أصغر منه وتوفي
مندل بالكوفة سنة سبع أو ثمان وستين ومائة في خلافة المهدي قبل أخيه
حبان ومنهم من يشتهي حديثه ويوثقه وكان خيرا فاضلا من أهل السنة اه
وفي ميزان الاعتدال وضع عليه علامة د للإشارة إلى أنه اخرج له ابن
ماجة القزويني وقال مندل بن علي العنزي الكوفي أخو حبان.
وفي تاريخ بغداد: مندل بن علي أبو عبد الله العنزي أخو حبان بن
علي الكوفي وكان الأصغر قدم مندل بغداد في أيام المهدي وحدث بها ويقال
ان اسمه عمرو ولقبه مندل الا انه غلب عليه وسئل يحيى بن معين وحبان
ابني علي فقال هما صالحان وليسا بذلك وسئل يحيى بن معين عن مندل بن
علي فقال لا باس به وسئل أيضا عنه فقال لا باس به يكتب حديثه وقال أبو
زكريا حبان ومندل ليس عندهما حديث وليس بهما باس وقال أحمد بن
عبد الله العجلي مندل بن علي العنزي جائز الحديث وكان يتشيع وقال
معاذ بن معاذ دخلت الكوفة فلم أر أحدا أورع من مندل بن علي العنزي
وقال ابن شيبة مندل بن علي عنزي من أنفسهم يكنى أبا عبد الله وكان أشهر
من أخيه حبان بن علي وهو أصغر سنا من حبان. وأصحابنا يحيى بن معين
وعلي بن المديني وغيرهما من نظرائهم يضعفونه في الحديث وكان خيرا
فاضلا صدوقا وهو ضعيف الحديث وهو أقوى من أخيه في الحديث وفي
تهذيب التهذيب وضع عليه علامة د ق إشارة إلى أنه اخرج حديثه أبو
داود وابن ماجد القزويني: مندل بن علي العنزي أبو عبد الله الكوفي يقال
اسمه عمرو ومندل لقبه قال ابن أبي حاتم سالت يحيى بن معين عن مندل
وحبان قال ما بهما باس قال أبي كذلك أقول وكان البخاري ادخل مندلا
في الضعفاء فقال أبي يحول وسئل أبي عن مندل فقال شيخ.
من ذمه من غيرنا
قال ابن سعد في الطبقات فيه ضعف وفي تاريخ بغداد عن أحمد بن
حنبل انه ضعيف الحديث فقيل له حبان اخوه فقال لا هو أصلح منه يعني
مندلا أصلح من حبان وقال مرة ما أقربهما وعنه مندل وحبان فيهما ضعف
وقال يحيى بن معين مندل وحبان فيهما ضعف وهما أحب إلي من قيس بن
الربيع وعنه مندل بن علي ليس حديثه بشئ وقال الجوزجاني مندل وحبان
ذاهبا الحديث وقال النسائي مندل بن علي ضعيف وفي تهذيب التهذيب عن
أبي زرعة انه لين الحديث وعن محمد بن عبد الله بن نمير في أحاديثهما بعض
الغلط وقال ابن عدي له غرائب وأفراد ممن يكتب حديثه وعن ابن معين
ليس بذلك القوي قيل وابن فضيل مثله قال لو كان ابن فضيل مثله لهلك
وقال الحاكم أبو أحمد ليس بالقوي عندهم وقال الشاجي ليس بثقة روى
مناكير.
وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث عنه وقال ابن قانع والدارقطني
ضعيف وقال ابن حبان كان ممن يرفع المراسيل ويسند الموقوفات من سوء
حفظه فاستحق الترك وقال الطحاوي ليس من أهل التثبت في الرواية بشئ
ولا يحتج به اه
والمحصل انه ثقة امامي بشهادة النجاشي وكفى بها ونسبة البرقي
العامية إليه توهم نشأ من الاختلاط كقول ابن سعد انه من أهل السنة
مضافا إلى شهادة غيرنا بأنه كان خيرا فاضلا وشهادة ابن معين له بالصلاح
وانه لا باس به وشهادة العجلي له بأنه جائز الحديث مع اعترافه بأنه كان
يتشيع وشهادة معاذ بأنه أورع من رآه بالكوفة وشهادة ابن شيبة بأنه كان
خيرا فاضلا صدوقا وقول أبي حاتم انه لا باس به وتحويله له عن الضعفاء
خلافا للبخاري وعده له من مشايخ الرواية ولا يلتفت بعد ذلك إلى قدح من قدح
فيه لأنه إما راجع إلى زعم ضعف الرواية الذي ليس هو قدحا في
وثاقته بل يراد به معنى آخر من قلة الرواية أو عدم الضبط أو نحو ذلك ما
يرشد إليه وصف ابن سعد له بأنه خير فاضل من أهل السنة مع قوله إنه فيه
ضعفا وقول يحيى بن معين لا باس به يكتب حديثه مع قوله ليس بذاك
وأوضح منه قول أبي زكريا ليس عنده حديث وليس به وقول معاذ انه
ضعيف الحديث مع قوله إنه خير فاضل صدوق وقول ابن نمير ان في أحاديثه
بعض الغلط ونسبتهم له إلى سوء الحفظ وعدم التثبت. واما راجع إلى
العقيدة والمذهب بسبب تشيعه وروايته ما لم تالفه نفوسهم وألفوا خلافه كما
يرشد إليه قول ابن عدي له غرائب وأفراد وقول الساجي روى مناكير.
اخباره
روى الخطيب في تاريخ بغداد بسنده عن أبي هشام قال مرت جارية
معها سلة فيها رطب بمندل بن علي العنزي وأصحاب الحديث حوله فوقفت
تنظر وتسمع فنظر إليها مندل فظن أن السلة قد أهديت له فقال قدميها
وقال لمن حوله كلوا فأكلوا ما فيها وانصرفت الجارية إلى سيدها وقد
احتسبت فقال لها ما أسرع ما جئت فقالت وقفت اسمع من هذا الشيخ
فقال قدمي السلة ففعلت فاكل الذين حوله ما فيها وكان سيدها رجلا من
العرب فقال لها أنت حرة لوجه الله عز وجل. وروى الخطيب في تاريخ
(١٣٦)

بغداد بسنده ان حبان رثى أخاه مندلا وكان يقال لمندل عمرو فقال:
عجبا يا عمرو غفلتنا * والمنايا مقبلات عنقا
قاصدات نحونا مسرعة * يتخللن إلينا الطرقا
وأخي اي أخ مثل أخي * قد جري في كل خير سبقا
وفي ميزان الاعتدال مات مندل سنة ١٦٨ فرثاه اخوه حبان.
مشايخه
في تاريخ بغداد: حدث عن أبي إسحاق الشيباني وعاصم الأحول
وسليمان الأعمش وليث بن أبي سليم وهشام بن عروة وحميد الطويل
والسري بن إسماعيل وفي مزيان الاعتدال روى عن عبد الملك بن عمير وفي
تهذيب التهذيب روى عن الحسن بن الحكم النخعي ومطرف بن طريف
ومغيرة بن مقسم وابن أبي ليلى وعمر بن صهبان ومحمد بن عبيد الله بن أبي
رافع وغيرهم.
تلاميذه
في تاريخ بغداد: روى عنه المنذر بن عماد وأبو نعيم الفضل بن
دكين ومحمد بن الصلت الأسدي وجندل بن وألق وعبد الله بن صالح
العجلي وعون بن سلام، وفي ميزان الاعتدال عنه يحيى بن آدم وجبارة بن
المغلس وجماعة، وفي تهذيب التهذيب عنه زيد بن الحباب وعبد العزيز بن
الخطاب والهيثم بن حميد وموسى بن داود الضبي وأبو الوليد الطيالسي وأحمد ابن
عبد الله بن يونس وأبو غسان النهدي ويحيى الحماني وآخرون.
المنذر بن أبي حميضة الأوزاعي الهمداني
كان مع علي ع يوم صفين قال نصر بن مزاحم: كان
فارس همدان وشاعرهم ولما اشترطت عك والأشعرون على معوية ان يجعل
لهم فريضة ألفي رجل في ألفين ألفين فجعل لهم ذلك وطمع من في قلبه
مرض من أهل العراق في معوية بلغ ذلك عليا ع فساءه فجاء المنذر إلى
علي ع فقال يا أمير المؤمنين ان عكا والأشعريين طلبوا إلى معاوية
الفرائض والعقار فأعطاهم فباعوا الدين بالدنيا وانا رضينا بالآخرة من الدنيا
وبالعراق من الشام وبك من معاوية والله لآخرتنا خير من دنياهم ولعراقنا
خير من شهامهم ولإمامنا اهدى من إمامهم فامتحنا بالصبر واحملنا على
الموت ثم قال في ذلك:
ان عكا سألوا الفرائض والأشعر * سألوا جوائز بثنيه
تركوا الدين للعطاء وللفرض * فكانوا بذاك شر البرية
وسألنا حسن الثواب من الله * وصبرا على الجهاد ونيه
فلكل ما سأله ونواه * كلنا يحسب الخلاف خطيه
ولأهل العراق أحسن في الحرب * إذا ما تدانت السمهريه
ولأهل العراق احمل للثقل * إذا عمت العباد بليه
ليس منا من لم يكن لك في الله * وليا يا ذا الولاء والوصية
فقال علي حسبك رحمك الله واثني عليه خيرا ولعى قومه. وانتهى
شعره إلى معاوية فقال والله لأستملين بالأموال ثقات علي حتى تغلب دنياي
آخرته.
المنذر بن سعيد القاضي
في الجزء الأول من كتاب نفح الطيب للمقري في ترجمة أبي القاسم
خلف بن فتح الله ابن عبد الله بن جبير: نزل عليه القاضي المنذر بن سعيد
بطرطوشة في ولايته قضاء الشغور الشرقية قبل ان يلي قضاء الجماعة بقرطبة
فكان إذا تفرع نظر في كتبه فمر على يديه كتاب فيه أرجوزة ابن عبد ربه
يذكر فيها الخفاء ويجعل معوية رابعهم ولم يذكر عليا فيهم ثم وصل ذلك
بذكر الخلفاء من بني مروان إلى عبد الرحمن بن محمد فلما رأى ذلك منذر
غضب وسب ابن عبد ربه وكتب في حاشية الكتاب:
أ وما علي ما برحت ملعنا * يا ابن الخبيثة عندكم بامام
رب الكساء وخير آل محمد * داني الولاء مقدم الاسلام
الشيخ منصور أخو الشيخ مرتضى الأنصاري
كان فاضلا زاهدا ورعا تقيا له تقريرات درس أخيه تدل على فضله
وهي كل ما باحثه اخوه.
الأمير منصور بن جماز الحسيني أمير المدينة المنورة.
في الدرر الكامنة في ترجمة عمر بن أحمد المصري انه ولي الخطابة
بالمدينة الشريفة نحو أربعين عاما فقدمها سنة ٦٨٢ فانتزعها من أيدي
الشيعة وبقي إلى سنة ٧٢٦ وتوفي وكانت الخطابة والقضاء مع آل سنان بن
عبد الوهاب بن نميلة الحسيني فلما استقر في الخطابة استمروا في الحكم وكان
السبب في ولايته ان الشيعة كانوا يؤذون أهل السنة كثيرا لغلبة التشيع على
امراء البلد وإقامتهم الحكام من قبلهم ثم جاءه تقليد من الناصر بولاية
القضاء فاخذ الخلعة وتوجه بها إلى الأمير منصور بن جماز وقال له جاءني
مرسوم السلطان بكذا وانا لا اقبل حتى تأذن فقال رضيت وآذن بشرط ان لا
تتعرض لحكامنا ولا لأحكامنا فاستمر على ذلك وبقي آل سنان على حالهم
وغالب الأمور الاحكامية مناطة بهم حتى الحبس والأعوان والاستجلاب
اه قوله الشيعة كانوا يؤذون أهل السنة غير صحيح فالشيعة لم
يكونوا في وقت من الأوقات يستحلون أذية أهل السنة ولكن هؤلاء
المتعصبة ممن ينسب إلى أهل السنة كان يسؤهم وجود الحكام والقضاة من
الشيعة ويودون محوهم عن جديد الأرض فهذا الذي كان يؤذيهم
إما ان أحدا من الشيعة كان يستحل أذاهم فحاشا ولكن العكس كان يقع
كثيرا فابن حجر نفسه صرح في الدرر الكامنة في عدة مواضع بذلك يجدها
المتتبع ويكفيك ما ذكره محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم اللخمي حيث
قال: ولي القضاء والخطابة والإمامة بالمدينة الشريفة إلى أن مات ٧٥٤
واشتد على الشيعة فسطا على فقهائهم الامامية وسبهم على المنبر ووبخهم في
المحافل وأبطل صلاة نصف شعبان بعد ان اعتادوها دهرا ونزل من المنبر
مرة وضرب رجلا من الامامية تنقل أربعة كذا كهيئة الظهر ومع ذلك لم
يقدر على رفع حكام الامامية اه بهذه الأعمال الوحشية والغلظة
والفظاظة كان يتوسل من ينتسب إلى العلم والدين مخالفا قوله تعالى وادع
إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة رجالهم بالتي هي أحسن وقد كان
في الحجة والبرهان لو قدر عليهما غنى عن هذه الفضائح والمخازي التي
شوهت محاسن الاسلام وسودت وجهه بين الأنام ومع ذلك ينقلونها
ويودعونها مؤلفاتهم التي تطبع وتنشر.
(١٣٧)

الوزير السعيد ذو المعالي زين الكفاة أبو سعيد منصور بن الحسين الآبي
توفي سنة ٤٢٢
فاضل عالم فقيه شاعر نحوي لغوي جامع لأنواع الفضل قرأ على
الشيخ الطوسي وذكره منتجب الدين وصاحب أمل الآمل له ١ نزهة
الأدب ٢ مختصره اسمه نثر الدرر في سبع مجلدات وكان المجلد الأول من
نثر الدرر عند آل كاشف الغطاء اخذه منهم محمد امين الخانجي المصري
والله أعلم أين صار مقره ويكثر النقل في الكتب عن نثر الدرر مما يدل على أنه
من نفائس الكتب وهو المشهور بزبدة الاخبار في المواعظ والحكم
واللطائف والنوادر والاخبار فيه أربعة عشر بابا الجزء الخامس منه وهو آخر
الأجزاء موجود في المكتبة المباركة الرضوية من وقف الشيخ أسد الله بن
محمد مؤمن الخاتوني العاملي الذي وقف أربعمائة كتاب على الآستانة
المقدسة وفي آخره تم الجزء الخامس وهو آخر كتاب نثر الدرر والحمد لله
رب العالمين وصلواته على رسوله سيدنا محمد النبي وعلى آله أجمعين كتبه
العبد أحمد بن علي الكاتب البغدادي في شهور سنة ٥٦٥ وهو كتاب بمنزلة
الكشكول لكنه مرتب على أبواب أربعة وعشرين.
ينقل عنه في البحار وينقل عنه في الجواهر في مسالة استحباب
التحنك في الصلاة والواقع انه كتاب لم يجمع مثله مرتب على أربعة فصول
والفصل الأول فيه خمسة أبواب الأول في الآيات المتشاكلة صورة الباب
الثاني في موجزات من كلام الرسول ص الباب الثالث في نكت من كلام
أمير المؤمنين ع وفيه الخطبة الشقشقية وغيرها الباب الرابع في نكت من
كلام بقية الأئمة الاثني عشر الباب الخامس في نكت من كلام سادة بني
هاشم والفصل الثاني فيه عشرة أبواب من الجد والهزل والفصل الثالث فيه
عشرون بابا والفصل الرابع فيه أحد عشر بابا أوله بحمد الله نستفتح أقوالنا
وأعمالنا. وفي فهرست المكتبة الخديوية بعد ترجمته انه من علماء القرن
الرابع وكان وزيرا لمجد الدولة رستم بن فخر الدولة بن ركن الدولة بن بويه
والموجود منه في المكتبة الخديوية جزءان ينتهي الجزء الأول إلى آخر الفصل
الثاني والجزء الثاني إلى آخر الفصل الرابع اه ويوجد أيضا في مكتبة
محمد باشا بإسلامبول وقد نقلنا عنه بالواسطة في الجزء الخامس من المجالس
السنية.
والمترجم منسوب إلى آبة بالباء الموحدة ويقال آوة بالواو قال ياقوت في
معجم البلدان: آبة بليدة تقابل ساوة تعرف بين العامة باوبة وأهلها شيعة
وأهل ساوة سنية لا تزال الحروب بين البلدين قائمة على المذهب قال أبو
طاهر بن سلفة أنشدني القاضي أبو نصر أحمد بن العلاء المبمندي باهر من
مدن آذربيجان لنفسه:
وقائلة أ تبغض أهل آبه * وهم اعلام نظم والكتابة
فقلت إليك عني ان مثلي * يعادي كل من عادى الصحابة
واليهما فيما احسب ينسب الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي
ولي أعمالا جليلة وصحب الصاحب بن عباد ثم وزر لمجد الدولة رستم بن
فخر الدولة بن ركن الدولة بن بويه وكان أديبا شاعرا مصنفا وهو مؤلف
كتاب نثر الدرر وتاريخ الري وغير ذلك واخوه أبو منصور محمد كان من
عظماء الكتاب وجلة الوزراء وزر لملك طبرستان اه.
وأورد للمترجم في كتاب محاسن أصفهان:
قالوا تبدى شعره فأجبتهم * لا بد من علم على ديباج
والشمس أبهر ما يكون ضياؤها * إذ كان متلحفا بليل داجي
السيد الشريف منصور الحسيني الحسني
من أهل القرن الثالث عشر له غاية الغرض في معالجة المرض ترجمة
لكتاب المنهج في الطب تصنيف نجيب الدين أبي حامد محمد بن علي بن
عمر السمرقندي الشهيد بهراة لما دخلها التتار سنة ٦١٩.
منصور بن سلمة بن الزبرقان بن شريك بن مطعم الكبش الرخم ابن
مالك النمري من النمر بن قاسط من نزار.
هكذا نسبه المرزباني في تلخيص اخبار شعراء الشيعة وفي انساب
السمعاني هكذا:
أبو الفضل منصور بن سلمة بن الزبرقان بن شريك بن
مطعم الكبش الرخم بن مالك بن سعد بن عامر الضحيان بن سعد بن
الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط بن وهب بن اقصى بن دعمي بن
جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار الشاعر.
قال السمعاني وقيل: هو منصور بن الزبرقان بن سلمة النمري ثم
قال وانما سمي جده الاعلى عامر الضحيان لأنه كان سيد قومه وحاكمهم
فكان يجلس لهم إذا اضحى النهار فسمي الضحيان وسمي جد منصور
مطعم الكبش الرخم لأنه أطعم ناسا نزلوا به ونحر لهم ثم رفع رأسه فإذا
هو برخم تحوم حول أضيافه فامر بان يذبح لهن كبش ويرمى به لهن ففعل
ذلك ونزلت عليه فمزقته فسمي مطعم الكبش الرخم وفي ذلك يقول أبو
نعجة النمري يمدح رجلا منهم:
أبوك زعيم بني قاسط * ومالك ذو الكبش يقري الرخم
والنمري في انساب السمعاني بفتح النون والميم وفي آخره راء هذه
النسبة إلى النمر وهو النمر بن قاسط اه ذكره ابن شهرآشوب في معالم
العلماء في شعراء الشيعة المتقين لأنه قال هم أربع طبقات المجاهرون
والمقتصدون والمتقون والمتكلفون فقال منصور بن الزبرقان النمري وقد نبشوا
قبره انتهى والآمر بنبش قبره الظاهر أنه الرشيد العباسي لما سيأتي.
قال ابن النديم في الفهرست عند تعداد الشعراء منصور بن سلمة
شعره مائة ورقة وقال قبل ذلك ان الورقة في كل صفحة منها عشرون
سطرا.
وهو أحد شعراء الشيعة السبعة والعشرين الذين وجدنا تراجمهم في
النبذة المختارة من تلخيص اخبار شعراء الشيعة للمرزباني المشار إليها في
ترجمة أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الكاتب وهذا هو التاسع عشر منهم قال
المرزباني كما في تلك النبذة في حقه: كان عربي الألفاظ جيد الشعر وقيل ما
كسب أحد بالشعر كسبه مدح الخلفاء مع أنه كان يسر التشيع فإذا ظهر عليه
اسهب بمدح بني العباس الا انه ظهرت أشعاره بعد موته قال ولما أوقع أبو
عصمة الشيعي باهل ديار ربيعة وكان الرشيد امره بذلك فأوفدت ربيعة إلى
الرشيد وفدا مائة رجل فيهم النمري فلما صاروا إلى بابه قال تخيروا من هذه
(١٣٨)

العدة النصف ففعلوا فقال يكثرون فاختاروا منهم الربع فاستكثرهم
فاختاروا عشرة النمري منهم ثم من العشرة اثنان النمري أحدهما فلما دخلا
قال ما تريدان فاندفع النمري ينشد ولم يكن منه شعر قبل ذلك بل كان
مؤدبا: ما تنقضي لوعة مني ولا جزع فقال له الرشيد عد عن هذا
وسل حاجتك فقال: أ لا ذكرت شبابا ليس يرتجع وانشد القصيدة إلى
قوله:
ركب من النمر عادوا بابن عمتهم * من هاشم إذ ألح الأزلم الجرع
متوا إليك بقربى منك تعرفها * لهم بها في سنام المجد مطلع
قوم هم ولد العباس والدهم (١) * وأنت بر وعند النمر مصطنع
ان المكارم والمعروف أودية * أحلك الله منها حيث تجتمع
فقال ويحك حاجتك فقال يا أمير المؤمنين أخربت الديار واخذت
الأموال وقتل الرجال وهتك الحرم فقال اكتبوا له بكل ما يريد وامر له بعشرة
آلاف درهم ولجميع أصحابه بمثلها واحتبسه وشخص أصحابه فقضيت
حوائجهم قال ولم يأخذ أحد من الرشيد ولا تقدم عنده مثله واعجب به
عجبا شديدا ولقبه خال العباس بن عبد المطلب ولم يزل عنده يقول الشعر
فيه وفي عيسى بن جعفر حتى استأذن له في أن يرى أهله برأس عين فاذن له
انتهى.
وفي انساب السمعاني انه من أهل الجزيرة قدم بغداد ومدح هارون
الرشيد يقال إنه لم يمدح من الخلفاء غيره وقد مدح غير واحد من الشرفاء
وكان تلميذ كلثوم بن عمرو العتابي وراويته وعنه اخذ العتابي وصفه
للفضل بن يحيى بن خالد حتى استقدمه من الجزيرة واستصحبه ثم اوصله
بالرشيد وجرت بينه وبين العتابي بعد ذلك وحشة حتى تهاجيا وتناقضا
وسعى كل واحد منهما في هلاك صاحبه وسال منصور بن جهور كلثوم
العتابي عن سبب غضب الرشيد عليه فقال اني استقبلت منصور النمري
يوما من الأيام فرأيته واجما كئيبا فقلت له ما خبرك فقال تركت امرأتي تطلق
وقد عسر ولادها وهي يدي ورجلي والقيمة بامري فقتل لم لا تكتب على
فرجها هارون الرشيد قال ليكون ما ذا قلت لتلد على المكان قال وكيف ذلك
قلت لقولك:
ان اخلف الغيث لم تخلف مخايله * أو ضاق أمر ذكرناه فيتسع
فقال يا كشخان والله لئن تخلصت امرأتي لأذكرن قولك هذا للرشيد
فلما ولدت امرأته خبر الرشيد بما كان بيني وبينه فغضب الرشيد لذلك وامر
بطلبي فاستترت عند الفضل بن الربيع فلم يزل يسل ما في قلبه علي حتى
أذن لي في الظهور فلما دخلت عليه قال قد بلغني ما قلت للنمري فاعتذرت
إليه حتى قبل ثم قلت له والله ما حمله على التكذيب الا ميله إلى العلوية فان
أراد أمير المؤمنين ان أنشد شعره في مديحهم فقال أنشدني فأنشدته:
الا مساعير يغضبون لهم * بسلة البيض والقنا الذابل
فغضب الرشيد من ذلك غضبا شديدا وقال للفضل بن الربيع
احضره الساعة فبعث الفضل في ذلك فوجده قد توفي فامر بنبشه ليحرق فلم
يزل الفضل يلطف له حتى كف عنه اه قال المرزباني في تتمة كلامه
السابق ومن شعره رحمه الله يرثي الحسين ع:
متى يشفيك دمعك من همول * ويبرد ما بقلبك من غليل
الا يا رب ذي حزن تعايا * بصبر فاستراح إلى العويل
قتيل ما قتيل بني زياد * الا بأبي وأمي من قتيل
رويد ابن الدعي وما أدعاه * سيلقى ما تسلف عن قليل
غدت بيض الصفائح والعوالي * بأيدي كل مؤتشب دخيل
معاشر أودعت أيام بدر * صدورهم وديعات الغليل
فلما أمكن الاسلام شدوا * عليه شدة الحنق الصؤول
فوافوا كربلاء مع المنايا * بمرداة مسومة الخيول
وأبناء السعادة قد تواصوا * على الحدثان بالصبر الجميل
فما بخلت أكفهم بضرب * كأمثال المصاعبة البزول
ولا وجدت على الأصلاب منهم * ولا الأكتاف آثار النصول
ولكن الوجوه بها كلوم * وفوق نحورهم مجرى السيول
أ يخلو قلب ذي ورع ودين * من الأحزان والهم الطويل
وقد شرقت رماح بني زياد * بري من دماء بني الرسول
أ لم يحزنك سرب من نساء * لآل محمد خمش الذيول
يشققن الجيوب على حسين * أيامي قد خلون من البعول
فقدن محمدا فلقين ضيما * وكن به مصونات الحجول
أ لم يبلغك والأنباء تنمى * مصال الدهر في ولد البتول
بتربة كربلاء لهم ديار * ينام الأهل دارسة الطلول
تحيات ومغفرة وروح * على تلك المحلة والحلول
ولا زالت معادن كل غيث * من الوسمي مرتجس هطول
برئنا يا رسول الله ممن * أصابك بالأذاة وبالذحول
ألا يا ليتني وصلت يميني * هناك بقائم السيف الصقيل
فجدت على السيوف بحر وجهي * ولم اخذل بنيك مع الخذول
ثم قال المرزباني وقيل إن الرشيد أنشد هذه القصيدة فامتعض وامر
من يقتل النمري فوجده الرسول قد مات فقال خلصه الموت انتهى وفي
الأغاني في ترجمة السيد الحميري ان منصور النمري لما أبلغته أبيات
محارب بن دثار الذهلي التي يقول فيها:
يعيب علي أقوام سفاها بان ارجي حسن عليا
ومرت في ترجمة السيد قال يجيبه:
يود محارب لو قد رآها * وابصرهم حواليها جيثا
وان لسانه من ناب أفعى * وما أرجى أبا حسن عليا
وان عجوزه مصعت بكلب * وكان دماء ساقيها جريا
متى ترجي أبا حسن عليا * فقد أرجيت يا لكع نبيا
وذكر ياقوت في معجم الأدباء في مؤلفات أحمد بن أبي طاهر كتاب
اختيار شعر منصور النمري وفي مجالس المؤمنين عن تذكرة ابن المعتز أنه قال
: منصور بن سلمة بن الزبرقان النمري من أهل رأس العين كنيته أبو
الفضل وهو وإن كان في الظاهر من أصحاب هارون الرشيد الا انه في

(١) الذي في النسخة (قوم هم والد العباس والدكم) وليس له معنى ظاهر بل الظاهر أنه كما
ذكرنا اي ان هؤلاء القوم والدم ولد العباس بن عبد المطلب لان أم العباس منهم فلذلك
لقبه المنصور خان العباس وإذا كانت أم العباس منهم يكون أبوهم قد ولد العباس لأنه ابن
بنته. المؤلف
(١٣٩)

الباطن كان محبي أهل البيت الاطهار ذكر ابن المعتز انه كان بين النمري
والعتابي أحد شعراء ذلك العصر نزاع أدى إلى العداوة وكان النمري يوما
غائبا عن مجلس هارون الرشيد في جهة الرقة فاغتنم العتابي فرصة غيابه
فجرى في أثناء حديثه مع الرشيد ذكر الشيعة فقرأ العتابي قصيدة للنمري في
مدح أهل البيت وذم أعدائهم يقول فيها ومن جملتها البيت السابق:
شاء من الناس راقع هامل * يعللون النفوس بالباطل
تقتل ذرية النبي ويرجون * خلود الجنان للقاتل
ويلك يا قاتل الحسين لقد * جئت بعب ء بالحامل
اي حبا قد حبوت احمد في * حفرته من حرارة الثاكل
بأي وجه تلقى النبي وقد * دخلت في قتله مع الداخل
هلم فاطلب غدا شفاعته * أولا فرد حوضه مع الناهل
ما الشك عندي في كفر حال قاتله * لكنني قد أشك في الخاذل
نفسي فداء الحسين يوم غدا * إلى المنايا غدو لا قافل
ذلك يوم انحى بشفرته * على سنام الاسلام والكاهل
أ عاذلي انني أحب بني احمد * والترب في فم العاذل
قد دنت ما دينكم عليه فما * رجعت من دينكم إلى طائل
جفوتم عترة النبي وما الجافي * لآل النبي كالواصل
فلما وصل إلى قوله:
الا مساعير يغضبون لها * بسلة البيض والقنا الذابل
سأله الرشيد لمن هذا الشعر فقال له العتابي هذا شعر عدوك منصور
النمري الذي تحسب انه وليك ثم قرأ تتمة القصيدة حتى وصل إلى الأبيات
المتضمنة تغلب العباسية على الملك وحث الناس على دفعهم فاستوى الرشيد
جالسا وقال ويل لابن الزانية يرغب الناس في الخروج علينا ويظهر موالاتنا
ويبطن عداوتنا وقد وصلت إليه أموال كثيرة من جهتنا ونال منزلة عندنا لم
يصل إليها أحد من اقرانه. قال ابن المعتز وفي الحقيقة ان النمري كان
يتدين في السر بدين الامامية ويمدح أهل البيت ويتعرض في شعره للسلف
ولم يكن الرشيد يعلم ذلك حتى قرأ له العتابي هذه القصيدة ثم قرأ له
قصائد في حق آل أبي طالب فغضب هارون غضبا شديدا وامر أبا عصمة
أحد قواده ان يذهب من فوره إلى الرقة ويأخذ منصور النمري ويقطع لسانه
ويقتله ويبعث إليه برأسه فلما وصل أبو عصمة إلى باب الرقة رأى جنازة
النمري خارجة منه فعاد إلى الرشيد وأخبره بوفاة النمري ونجى الله النمري
من عذاب الرشيد انتهى وفي كلام ابن شهرآشوب للسابق انهم نبشوا
قبره. وروى السيد المرتضى في أماليه المعروف بالغرر والدرر بسنده عن
الحافظ أنه قال كان منصور النمري يأتي باسم هارون في شعره ومراده به
صاحب منزلة هارون ع يعني أمير المؤمنين ع حتى وجد العتابي
الشاعر من أعداء النمري فرصة فاظهر حاله للرشيد وقرأ له القصائد التي
كان قالها في مدح آل علي ومثالب آل عباس فعزم الرشيد على قتله فمات
بأجله قبل ذلك بيومين أو ثلاثة ولم يصل إليه الرشيد بمضرة ببركة محبته
لأهل بيت النبوة ومن جملة الأبيات التي يذكر فيها هارون ومراده به صاحب
منزلته قوله:
آل الرسول خيار الناس كلهم * وخير آل رسول الله هارون
رضيت حكمك لا ابغي به بدلا * لان حكمك بالتوفيق مقرون
ومن شعره في شأن آل الرسول ص قوله:
آل النبي ومن بحبهم * يتطامنون مخافة القتل
أ من النصارى واليهود وهم * من أمة التوحيد في أزل
قال ابن المعتز: أشعاره في مدح آل الرسول ص كثيرة وهي من جملة
المدائح الجيدة التي قيلت فيهم
ومن شعره الذي قاله للخوف والتقية في بني العباس قوله:
يا ابن الأئمة من بعد النبي ويا ابن * الأوصياء أقر الناس أو دفعوا
ان الخلافة كانت ارث والدكم * من دون تيم وعفو الله متسع
لولا عدي وتيم لم تكن وصلت * إلى أمية تمريها وترتضع
وما لآل علي في ولايتكم * حق ولا لهم في ارثكم طمع
قال القاضي نور الله في مجالس المؤمنين قوله وما لآل على في
ولايتكم حق هو حق لأن ولاية بني العباس الباطلة هي حقهم لا حق أهل البيت
ع وقوله ولا لهم في ارثكم طمع سالبة بانتفاء الموضوع اه.
وله في مدح الرشيد العباسي من تتمة الأبيات السابقة:
ان المكارم والمعروف أودية * أحلك الله منها حيث تجتمع
إذا رفعت امرءا فالله رافعه * ومن وضعت من الأقوام متضع
من لم يكن بأمين الله معتصما * فليس بالصلوات الخمس ينتفع
ان اخلف الغيث لم تخلف أنامله * أو ضاق أمر ذكرناه فيتسع
قال الحصري في زهر الآداب قال الجاحظ كان المنصور دخل الكوفة
وجلس إلى هشام بن الحكم الرافضي وسمع كلامه وانتقل إلى الرفض.
ومن شعره في هذا المذهب ما أنشده الشريف المرتضى من قوله:
لو كنت اخشى حق خشيته * لم تسم عيني إلى الدنيا ولم تنم
يحاولون دخولي في سوادهم * لقد أطافوا بصدع غير ملتثم
لكنني عن طلاق الدين محتبل * والعلم مثل الغنى والجهل كالعدم
ما يغلبون النصارى واليهود على * حب القلوب ولا العباد للصنم
ومن مدحه لهارون قوله:
يا زائرين من الخيام * حياكم الله بالسلام
لم تأتياني وبي نهوض * إلى حلال ولا حرام
يحزنني ان أطفت ما بي * وليس عندي سوى الكلام
بورك هارون من إمام * بطاعة الله ذي اعتصام
له إلى ذي الجلال قربى * ليست لوال ولا إمام
وفي المحاسن والمساوي: دخل منصور النمري على الرشيد فانشده:
ما كنت أوفي شبابي كنه عزته * حتى مضى فإذا الدنيا له تبع
فبكى الرشيد وقال يا نمري لا خير في دنيا لا يخطر فيها بحلاوة
الشباب ويستمتع بأيامه.
وأورد له صاحب المجموع الرايق هبة الله بن أبي محمد الحسن
الموسوي هذه الأبيات وأوردها الشيخ عبيد الله بن عبد الله السدآبادي في
كتابه المقنع في الإمامة:
ما كان ولي احمد واليا * على علي فتولوا عليه
بل كان ان وجه في عسكر * فالامر والتدبير فيه إلليه
قل لأبي القاسم ان الذي * وليت لم يترك وما في يديه
(١٤٠)

قال وله أيضا من أبيات:
هل في رسول الله من أسوة * لو يقتدي القوم بما سن فيه
أخوك قد خولفت فيه كما * خالف موسى قومه في أخيه
وله:
ممر القوى مستحكم الامر مطرق * لاه الدهر لا وان ولا متخاذل
إذا ما رأى والرأي مغلق بابه * على القوم لم تسدد عليه المداخل
وله:
وليس نصير الحق من صد دونه * وند ولا من شك فيه وألحدا
وله يمدح يزيد بن مزيد الشيباني:
لو لم يكن لبي شيبان من حسب * سوى يزيد لفات الناس بالحسب
لا يحسب الناس قد حابوا بني مطر * ان أسلموا الجود فيهم عاقد الطنب
الجود أخشن مسا يا بني مطر * من أن تبزكموه كف مستلب
ما اعلم الناس ان الجود مسكبة * للحمد لكنه يأتي على النشب
ويقال ان أعطاه عشرة آلاف درهم على هذه القصيدة:
وله:
ارى شيب الرجال من الغواني * بموضع شيبهن من الرجال
وله:
ان المنية والفرق لواحد * أو توأمان تراضعا بلبان
٥١٩: الأمير غياث الدين منصور ابن صدر المحققين الأمير صدر الدين الكبير
الدشتكي الشيرازي
توفي سنة ٩٤٨
من أجداد السيد علي خان الشيرازي وتلاميذ ملا صدر الدين
الشيرازي وصاحب المدرسة المنصورية بشيراز أدرك المحقق الدواني وعاصر
المحقق الكركي وكان من العلماء الحكماء له كتاب إشراق هياكل النور عن
ظلمات شواكل الغرور شرح لهياكل النور في حكمة الاشراق تصنيف
شهاب الدين يحيى الشهرزوري تعرض في هذا الشرح لدفع ما اورده
المحقق الدواني علي الهياكل في شرحه الموسوم بالشواكل وله تفسير سورة هل
أتى وشرح الصحيفة الكاملة وضوابط الحساب ووجدت له اجازة بخطه
لبعض الأفاضل لكتاب الفقه الرضوي في جملة كتب السيد علي خان عند
املائه بشيراز.
السيد منصور الطالقاني الغروي
في ذيل اجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري:
كان عالما فقيها محدثا قدم إلينا سنة ١١٣٥ وهو متوجه إلى بلاد العجم
وقرأت عليه من فروع الكافي حديثا من أوله وحديثا من وسطه وحديثا من
آخره وأجازني اجازة عامة.
السيد منصور ابن السيد محمد أبي المعالي ابن السيد احمد الكازراني مولدا
الحائري مسكنا ومدفنا
هو أبو السيد مير علي الكبير المتقدمة ترجمته هاجر مع أخيه السيد
شريف الدين بعد وفاة أبيه من كازران إلى الحلة السيفية ثم إلى النجف
لطلب العلم ثم عاد إلى إيران ثم اتى كربلاء في عهد الوحيد البهبهاني
واستأجر دارا في محلة قبيس من محال كربلاء وكان يقيم الجماعة في مسجد
هناك بجوار داره وكان في قبال مسجده حمام فدخله يوما الآقا البهبهاني فلما
خرج رأى الجماعة فسال عن الامام فأخبر به فدعاه فسأله عن نسبه فأخبره
ففرح به وطلب منه ان يحضر درسه فحضره ومدحه الآقا امام الناس وزوجه
أخته وسكن كربلاء إلى أن توفي ودفن في الصحن الشريف.
الشيخ منصور عبد الله الشيرازي الشهير براستگو اي قائل الصدق
معاصر للأمير غياث الدين منصور شارح هياكل النور يروي عنه
الشيخ تاج الدين حسين ابن شمس الدين الصاعدي ويروي هو عن المولى
عبد الله بن محمود الشوشتري الملقب بالشهيد الثالث ويروي عنه السيد
حسين بن حيدر الكركي يتوسط شيخه تاج الدين الحسين بن شمس الدين
الصاعدي الذي هو من كبار تلاميذ الشهيد الثالث المولى عبد الله بن محمود
الشوشتري المشهدي كذا عن الرياض له الفصول في شرح تهذيب الأصول
وهو شرح مزجي حتى خطبته.
أبو عتاب منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي
قال ابن حجر توفي سنة ١٣٢
في التقريب. ثقة طبقة الأعمش وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ
فقال الامام الحافظ الحجة أحد الاعلام حدث عن أبي وائل وربعي بن
حراش وإبراهيم وسعيد بن جبير ومخلد والشعبي وأبي حازم الأشجعي
وطبقتهم وعنه شعبة وشيبان والسفيان وشريك وفصيل ابن عياض وخلق
كثير حكى عنه شعبة قال ما كتبت حديثا قط لشدة حفظه وقال ابن
مهدي لم يكن بالكوفة أحد احفظ منه وقال زائدة صام منصورا أربعين سنة
وقام ليلها وكان يبكي الليل كله فإذا أصبح كحل عينيه وبرق شفتيه ودهن
رأسه فتقول له أمه أ قتلت قتيلا فيقول انا اعلم بما صنعت نفسي اخذه
يوسف بن عمر أمير العراق ليوليه القضاء فامتنع فدخلت عليه وقد جئ
بالقيد ليقيده ثم خلى عنه. قال احمد العجلي كان منصور أثبت أهل الكوفة
لا يختلف فيه أحد صالح متعبد أكره على القضاء فقضى شهرين، قال وفيه
تشيع قليل كان وقد عمش من البكاء قال فتاة يا أبت الأسطوانة التي كانت
في دار منصور ما فعلت قال يا بنية ذاك منصور كان يصلي الليل وقد مات.
قال الثوري لو رأيت منصورا يصلي لقلت يموت الساعة قال ابن عيينة رأيت
منصورا اي في المنام فقلت ما فعل الله بك قال كدت ان القى الله بعمل
نبي انتهى تذكرة الحفاظ.
الشيخ زين الدين منصور بن محمد بن عبد الله الشنبكي
توفي سنة ٧٧٦ ودفن في الغري.
يروي عن السيد تاج الدين محمد بن القاسم بن معية الحسني الحلي
اجازه إجازة حسنة طويلة جدا سنة ٧٧٠ وتوفي في السنة التي توفي فيها
شيخه المذكور قبله.
الفردوسي أبو القاسم منصور.
مترجم في أبو القاسم.
(١٤١)

السيد منصور المشعشي
بعد ما استولى على الملك وقلع عيني ابن أخيه السيد محمد بن مبارك
كما مر ذهب إلى الشاة صفي فلما ورد أصفهان منع من الخروج منها وحبس
حبس نظر مع الاكرام ولما سافر الشاة إلى مازندران وقزوين اخذه معه ولما
رجع امره بالبقاء في مازندران فبقي أربع سنوات من أول وروده لأصفهان
واجرى له معاشا فقويت شوكة العرب وضعفت حال المشعشعيين وبعد
أربع سنين قال للشاه ان يعمر قلعة في بيت حاكم الحويزة في المحسنية
لوقوعه بين الشطين ويكون فيه عسكر من قبلكم وتعهد من معاش العسكر
بسبعمائة تومان فاعطوه حكم الحويزة وبعثوه إليها بعد تمام بناء القلعة
ووصل مستحفظها وصار من ذلك التاريخ يعطي للمستحفظين كل سنة
سبعمائة تومان نصفها نقد ونصفها جنس وتسعة رؤوس من الخيل فملك
ثمانيا وعشرين سنة بغاية الاستقلال والتمكن والرفاهية لكن الرعية في ضيق
وهو الذي ابتدع كثيرا من الضرائب واخذ بثار راشد بن سالم من آل غزي
حتى أفناهم وكان مدبرا ذا سياسة وهيبة مع بخل فيه كما قيل. وقدم
عليه نصيري وقومه الفضول لما ساقهم القحط فأعطاهم ألف تومان طعاما
سوى الخلع والخيول وقدم إليه مهنا الخزعلي مع عشيرته لما نهبهم العثمانيون
وأجلوهم عن الديار المعروفة بدقة الهيس فانزلهم مقابل القلعة على شاطئ
كمال آباد وبنى لهم من الخيام والبيوت ما زاد على الكفاية وأعطاهم ألف
تومان نقدا ومثلها جنسا سوى مصروف اليومية وأقام الجميع بدار الضيافة
عنده سنة كاملة بعد ان زود مهنا بما يحتاج إليه إلى الشاة وهذا مما ينفي
البخل عنه. وحصل له غرور بنفسه ففي آخر أيامه قدمه الدورق ميرزا
مهدي قبل وزارته يريد الحاج فلما ركب السفينة من شاطئ كارون أوقف
السيد منصور مسيره واخذ منه مائتي تومان وبعدها رخصه فبقيت البغضاء
ولما تحرك الشاة على بغداد وطلب منه النجدة لم ينجده وبعدها خرجت عليه
الاعراب باتفاق ولده السيد بركة فساروا عليه ونزلوا الرملة من كمال آباد
وليس معه الا ثمان فوارس فعزم على الهرب فمنعه الذين معه وقالوا لا عذر
لنا ان تخرج ونحن احياء فابى فقيدوه وحبسوه وجعلوا يقاتلون إلى أن قدمت
إليهم خيل الفضول بسبب احسان منصور إليهم أولا واتفق رأي الجميع
على عرض الامر على الشاة فطلب حضور منصور وبركة وأصحابهما فلما
وصلوا أصفهان ارسل إلى خراسان محبوسا فتوفي فيها وأعيد بركة حاكما على
الحويزة وقدم (الجي) إلى مجلس الشاة وفيه منصور بهدية منها فيل فجعل
الالجي يحدث عن الفيل وانه معدود بثلاثة آلاف فارس فقال الشاة لمنصور
ما تقول فقال ربما يكون من دجال تلكم النواحي فغضب الالجي وقال
لمنصور: من رجال العرب خمسة آلاف فقال منصور جئ بفيلك وانا أقل
العرب أنازله بنفسي فقال الشاة لا تتورط فقال وحق رأسك انه في غاية
السهولة فاتى بالفيل فأشار إليه الفيال فعدا على السيد منصور فاصابه بندقه
بجبهته وضربه السيد بالسيف على خرطومه فقطعه ووقع الفيل. وهو أول
حاكم توطن المحسنية وبنى فيها البنايات منها الدار التي تتوطنها الحكام وبني
الجامع والحمام والأسواق وغيرها وكان السيد راشد عزم على نقل الناس إلى المحسنية فلم يطيعوه فانتقل من الحويزة وبنى قلعة العباسية المنسوبة إلى
الشاة عباس الأول لأنهم رأوه بصفة السياح جالسا تحت شجرة بذلك
المكان.
المنصوري
هو محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري السرمرائي وإذا قيل بعده عن
عن أبيه فهو أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور.
المنكري
هو الحسن بن علي.
المنقري
هو سليمان بن داود.
الشيخ آقا منير الدين البروجردي أصلا الأصفهاني مسكنا
ولد سنة ١٢٦٩ في بروجرد وتوفي سنة ١٣٤٢
كان من نوابغ العصر الأخير في الفقه والحديث انتقل إلى أصفهان
وجعل يحضر درس الشيخ محمد باقر ابن الملا الشيخ محمد تقي الأصفهاني
صاحب حاشية المعالم ثم بعد مدة خرج إلى العراق وبقي بسامراء مدة يحضر
على الميرزا الشيرازي وغيره ثم رجع إلى أصفهان وله تاليف كثيرة منها رسالة
في الفرق بين النافلة والفريضة والمنظومة في أصحاب الاجماع وأخرى في
تتميم منظومة بحر العلوم في الفقه وأخرى في الأصول ورسائل مستقلة في
تراجم بعض الرواة وأجوبة المسائل استدلالية على نمط جامع الشتات
وغيرها. يروي عن جماعة منهم شيخه الشيخ محمد باقر الأصفهاني
المذكور وعن خاله الشيخ حسن كاشف الغطاء صاحب أنوار الفقاهة بطرقه
المعلومة وعن الشيخ زين العابدين المازندراني وغيرهم ويروي عنه جماعة
منهم الشيخ أبو القاسم ابن محمد تقي القمي الرئيس المعروف ببلدة قم
والسيد ميرزا فخر الدين شيخ الاسلام القمي الحسني سبط صاحب
القوانين ويعرف المترجم بالشيخ آقا منير الأصفهاني تارة والبروجردي أخرى
وكان مرجعا لرئاسة أصفهان خلف الشيخ محمد إسماعيل نزيل أصفهان.
الشريف أبو الحسين عز الدين منيف أمير المدينة المنورة
في عصره احترق الحرم الشريف النبوي فأرسل الأمير منيف وكبار
أعيان السادة الاشراف بني حسين إلى الخليفة المعتصم بالله أبي احمد عبد
الله بن المنتصر بالله العباسي كتبا يعرفونه بذلك فبادر بارسال الآلات صحبة
الصناع مع الركب العراقي وكذا من صاحب مصر الملك المنصور بن
علي بن المعز الصالحي مملوك أبيه الملك المظفر فشرعوا بالعمارة سنة
٦٥٥. ذكر ذلك السيد ضامن بن شدقم الحسيني المدني في كتابه نقلا عن
جده حسن المؤلف ثم قال قال جدي حسن طاب ثراه كانت وفاة الأمير أبا
والحسن منيف عز الدين في شهر صفر سنة ٦٥٧ وخلف خمسة بنين الأمير
أبا هاشم مالك وحديثة وحسينا ومنيفا وقاسما.
المهاجر بن خالد بن الوليد
قال ابن أبي الجديد: كان المهاجر بن خالد بن الوليد علوي الرأي
جدا، وكان اخوه عبد الرحمن بخلافه. شهد المهاجر صفين مع علي
وشهدها عبد الرحمن مع معاوية، وكان المهاجر، مع علي يوم الجمل
وفقئت ذلك اليوم عينه.
(١٤٢)

وفي خزانة الأدب عن الأغاني: كان المهاجر مع علي ع بصفين
وكان هاشمي المذهب
الأمير مهدي ويقال محمد مهدي ابن الأمير إبراهيم بن محمد معصوم
الحسيني القزويني
وصف في بعض الإجازات بآية الله في الفضل والعلم وحجة الله على
أرباب النهى والحلم يروي عنه الشيخ عبد النبي القزويني وهو عن العلامة
المجلسي والعلامة الخوانساري والعلامة الخراساني.
السيد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي
عالم عابد يروي عنه الطبرسي صاحب الاحتجاج بحق روايته عن
أبيه عن الصدوق محمد بن علي بن بايوه ويروي هو عن جعفر بين محمد بن أحمد
بن العباس بن محمد العبسي الدوريستي. وقال الطبرسي في أول
كتاب الاحتجاج ولا نأتي في أكثر ما نورده من الاخبار باسناده إما الوجود
الاجماع عليه أو موافقته لما دلت العقول عليه أو لاشتهاره في السير والكتنب
بين المخالف والمؤالف الا ما اوردته عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري
ع فإنه ليس في الاشتهار على حد ما سواه وإن كان مشتملا على
مثل الذي قدمناه فلأجل ذلك ذكرت اسناده في أول جزء من ذلك دون
غيره لان جميع ما رويت عنه ع انما رويته
باسناد واحد من جملة الاخبار التي ذكرها ع في تفسيره ثم قال:
واما الاخبار في فضل العلماء فهي أكثر منهم ان تعد وتحصى لكنا نذكر طرفا
منها فمن ذلك ما حدثني به العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي
حرب الحسيني المرعشي رضي الله عنه قال حدثني الشيخ الصدوق أبو عبد
الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي رحمه الله الخ اه ومن ذلك يعلم أنه
من مشايخ الطبرسي وتلامذة الدوريستي.
الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي
توفي سنة ١٢٠٩
النراقي نسبة إلى نراق بوزن عراق بلدة من اعمال كاشان هكذا
في بعض مسودات الكتاب ومضى في ج ١ في ترجمة ولده الشيخ احمد ان
نراق بفتح النون وهو الدائر على الألسنة فليحرر.
قال في الروضات: كان من أركان علمائنا المتأخرين وأعيان فضلائنا
المتبحرين مصنفا في أكثر فنون العلم مسلما له في الفقه والحكمة والأصول
وقال ولده الشيخ احمد في بعض اجازته فمنها ما اخبرني به قراءة وسماعا
وإجازة والدي وأستاذي ومن إليه في جميع العلوم العقلية والنقلية استنادي
كشاف قواعد الاسلام ترجمان الحكماء والمتالهين لسان الفقهاء والمتكلمين
الامام الهمام والبحر القمقام اليم الزاخر والسحاب الماطر الراقي في نقاش
الفنون إلى أعلى مراقي مولانا محمد موهدي بن أبي ذر النراقي مولدا
الاكاشاني مسكنا النجفي التجاء ومدفنا. وفي الروضة البهية في الطرق
الشفيعية: سمعت من بعض الأوقات لا قدرة له على الضياء فسيضئ
للمطالعة بسراج بيت الخلاء وبعد فراغه من التحصيل توطن كاشان
وكانت خالية من العلماء وببركة أنفاسه صارت مملوءة من العلماء الفضلاء
وصار مرجعا وبرز من مجلس درسه جمع من العلماء الأعلام اه.
مؤلفاته
١ معتمد الشيعة في أحكام الشريعة ٢ لوامع الاحكام في فقه
شريعة الاسلام ينقل عنه ولده الشيخ احمد في المستند والعوائد كثيرا. وفي
مستدركات الوسائل ان اللوامع ينبئ عن فضله وتبحره في أنواع العلوم
٣ التحفة الرضوية في المسائل الدينية ٤ التجريد في أصول الفقه
٥ كتاب فارسي في أصول الدين ٦ أنيس التاجرين في مسائل
التجارة ٧ مشكلات العلوم بمنزلة الكشكول ٨ جامع السعادات في
الأخلاق مطبوع ٩ رسالة في العبادات ١٠ مناسك الحج ١١
رسالة الحساب.
السيد مهدي ابن السيد احمد ابن السيد حيدر بن إبراهيم الحسني
الكاظمي
توفي في الكاظمية سنة ١٣٣٦ ودفن في الحسينية الحيدرية.
عالم فقيه من بيت علم وسيادة ذو أخلاق حسنة جميلة فاضلة له
رياسة علمية في عصره رأيته مرارا وحادثته فأعجبت به.
أساتذته ومؤلفاته
درس أولا في الكاظمية ثم انتقل إلى النجف وأدرك هناك أواخر عهد
الشيخ مرتضى الأنصاري وقرأ على الشيخ محمد حسين الكاظمي والميرزا
محمد حسن الشيرازي والشيخ محمد حسن آل ياسين في الكاظمية ولما
هاجر السيد الشيرازي إلى سامراء هاجر معه ثم عاد إلى الكاظمية مشتغلا
بالبحث والتآليف والتدريس. فمن مؤلفاته كتاب في الطهارة وآخر في
الصلاة وثالث في الثوم، وله تقريرات في الأصول وتعليقة على فرائد
الأصول وكتابة في الرجال ورسالتان عمليتان مطبوعتان عربيتان واخرى
فارسية.
موقفه في الحرب العامة الأولى
لما هاجم الإنكليز العراق رأى مع غيره من العلماء وجوب الجهاد
ومدافعتهم فخرج مع من خرج من العلماء وحرضوا القبائل وقادوها وشهد
المترجم معارك القرنة والشعيبة والكوت
السيد مهدي بن إسماعيل الموسوي الرازي مولدا الحائري مسكنا
توفي في طهران وحمل إلى المشهد المقدس الرضوي ودفن هناك حدود
١٢٨٧ قرأ على صاحب الجواهر وله من المؤلفات ١ سبيل الرشاد في
شرح نجاة العباد ٢ فوائد متفرقة في الأصول في مجلد كبير رأيناهما بخطه
في همدان عند سبطه السيد أبو القاسم اللواساني.
السيد مهدي بن إسماعيل الموسوي الهروي
توفي سنة ١٢٧٠
الفقيه المتكلم تلميذ صاحب الجواهر له تاليف كثيرة منها شرح كبير
على نجاة العباد لإستاذه المذكور وقد ذكره وأثنى عليه المعاصر الحاج الشيخ
محمد باقر البيرجندي صاحب الكبريت الأحمر في اجازته الكبيرة للسيد
شهاب الدين النجفي الحسيني النسابة التبريزي نزيل قم وقد سماها
الإجازة الوجيزة للدرة الفاخرة العزيزة.
(١٤٣)

ناصر الدين أبو جعفر المهدي بن إسماعيل بن إبراهيم المرعشي.
ولد في صفر سنة ٤٦٢ بدهستان وتوفي في رمضان سنة ٥٢٩ كذا في
اسناب السمعاني.
نسبته
قال السمعاني: بعد ما ذكر النسبة إلى مرعش البلد المعروف ما
لفظه: ومرعش اسم علوي انتسب إليه المترجم وهو صريح في أنه منسوب
إلى مرعش اسم رجل لا إلى البلد والذي يعرف بالمرعش هو علي بن عبيد
الله وقد مكر في الحسن بن حمزة بن علي المرعش ما له دخل في المقام
فراجع.
ما قيل في حقه
قال السمعاني: فاضل متميز شافر إلى الحجاز والعراق وخراسان وما
وراء النهر والبصرة وخوزستان ورأى الأئمة وصحبهم وكان بينه وبين والدي
صداقة متأكدة ولد بدهستان ونشأ بجرجان وسكن في آخر عمره سارية
مازندران. ذكر لب انه سمع ببغداد أبا يوسف عبد السلام بن محمد بن
يوسف القزويني وبالكوفة أبا الحسين أحمد بن محمد بن جعفر الثقفي
وبجرجان أبا القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي وبأصبهان أبا علي
الحسن بن علي بن إسحاق الوزير وبنهاوند أبا عبد الله الحسين بن نصر بن
نصر مرهق القاضي وبالبصرة أبا عمر محمد بن أحمد بن عمر بن النهاوندي
وطبقتهم وزكان يرجع إلى فضل وتميز وكان غاليا في التشيع معروفا به لقيته
بمرو أولا وانا صغير ثم لقيته بشارية وكتبت عنه شيئا يسيرا اه ولا
أخفي انا ذكرنا كلام السمعاني هذا فيما استدركناه على ترجمة أحمد بن علي
العلوي الحسيني المرعشي ج ١٥ من هذا الكتاب وكان ذلك في غير محله
فلذلك ذكرناه هنا.
السيد مهدي ابن السيد باقر ابن السيد حسين النقوي الهندي النصيرآبادي
الحائري
ولد في نصيرآباد من الهند ٥ محرم سنة ١٢٨٧ وتوفي ٢ رجب سنة
١٣٤٩ ونقل إلى كربلاء ودفن بها.
في الطليعة: فاضل متفنن في العلوم النقلية والعقلية بارع فيها
خصوصا الأصولية والفقهية حفظة ولد في الهند واتى مع أبيه لطلب العلم
إلى العراق فسكن الحائر ونال من الفضل حظا وافرا وله شعر كثير أكثره في
الأئمة ع جمعه في ديوان سماه المختار في مديح بني المختار ومن
شعره قوله:
قلب يقلب غربه عزمات * للدهر دون مضائها وثبات
قد ضقت ذرعا بالزمان وأهله * والموت فيه للأبي حياة
والدهر يعلم انني حرب له * للدهر عادت ولي عادات
طهر ثياب النفس فالآمال في * ه! ذا الزمان بلؤمه قذرات
سألوذ بالصبر الجميل تكرما * وأغض حجتي تخضع الحاجات
حسب الفتى من دهره مال وقى * عرضا وان لم تبلغ الشهوات
فالنخل قد حمدت بما نفعت وما * انتفعت وقد حفت بها الثمرات
وقوله: يا آل احمد انني مولاكم * ويدي قد علقت بحبل ولاكم
من ذا الذي لم يأتكم فنجا ومن * ضل السبيل وتاه حين اتاكم
أنتم رام لا يداني فضلكم * فضل وعند الله ما أسماكم
ما استغنت الدنيا بشئ عنكم * كلا ولا ضراتها بسواكم
أنتم صنائع ربكم والخلق بعد * صنائع لكم فيما أغناكم
ما الواصفون لمجدكم وعقولهم * كلت ولم تنبلغ حضيض علاكم
الا كأكمة ناعت شمس الضحى * حرصا ومن ذا يستطيع ثناكم
شرفا بني خير الأنام محمد * الله فضلكم بما آتاكم
ولقد عرفنا ربنا بكم وما * كنا لنعرف ربنا لولاكم
سعد الذي والاكم وأطاعكم * والى الشقاء يعود من عاداكم
السيد مهدي الغريفي البحراني النسابة
توفي يوم الاثنين ٨ ذي الحجة سنة ١٣٤٣ وكان نزيل البصلة.
يروي السيد شهاب الدين الحسيني النجفي عنه بالإجازة كتب
الأنساب والأحاديث عن الشيخ غلام علي البهباني عن الميرزا محمد حسين
الشهرستاني عن الأردكاني، وللمترجم رسالة في تراجم أسرته.
الشيخ مهدي البلدي أو البلداوي
أستاذ صاحب اليتيمة قال أقام في النجف حتى اجتهد ثم غادرها إلى
بلده وتقدم.
السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي.
اسمه السيد مهدي ابن السيد رضا.
الشيخ مهدي ابن الشيخ جواد ابن الشيخ محمد تقي ابن ملا كتاب الكردي
النجفي
توفي بنجد في طريق العراق آتيا من الحج ودفن حيث مات ولم ينقل
خوفا من النجديين الوهابيين.
كان يضرب بتقواه المثل يقال إن الشيخ حسين نجف قطرة في بحره
اخذ عن السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة والشيخ محمد رضا
نجف وكان والد الشيخ ملا كتاب من جبال حلوان التي تسمى اليوم جبال
الفيلية بشت كوه وهي بلاد الأكراد وانتقل ولده ملا كتاب إلى النجف
وتوطنها فولد له الشيخ مهدي والشيخ تقي. ووصفه الشيخ جواد ابن
الشيخ حسين نجف النجفي الشهير: بالشيخ الكامل التحرير البلد الزاهد
الخبير. وقال الفاضل النوري في كتابه دار السلام: هذا الشيخ جليل
القدر عظيم الشأن كان من وجوه الطائفة الحقة الذين ينبغي ان تفتخر بهم
وله في الزهد والتوكل مقام لا يصل إليه الا الأوحدي من العلماء وقد كان
أسوة للسالكين بفعله وحجة على من لا يشتغل باصلاح حاله. قال ومن
فضائله الخاصة انه لم يترك في الشريعة الا اتى بها حتى أنه التفت يوما إلى
صيام أمير المؤمنين والزهراء والحسنين ع ثلاثة أيام واطعامهم
فطورهم اليتيم والأسير والمسكين وقناعتهم بالماء فنزل فيهم سورة هل اتى
فصام ثلاثة أيام وأطعم فطوره الفقراء واخفى حاله عن أهله فلما كان بعد
الظهر من اليوم الثالث غلب عليه الضعف حتى غشي عليه فظنوا أنه مات
واتوا بالطبيب فأخبر بحياته وانه ليس فيه مرض الا الضعف فطبخوا له من
(١٤٤)

اللوز والسكر والنشا ولم يكن يومئذ في النجف سكر في سوق ولا في غيره
عنده فما فرغوا منه وجاءوا به إليه حتى صار المغرب اه
ويقال ان الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر كان يعرض عليه كتابته
في الجواهر فيثبت ما يريد ويمحو ما يريد ولما ضعف بصره جعل يحضر درس
الشيخ محمد رضا نجف وهو اعلم من الشيخ محمد رضا بمراتب فقيل له في
ذلك فقال اني لا أقدر على المطالعة فأحببت الحضور لأتذكر بدرسه.
السيد مهدي ابن السيد حسن ابن السيد احمد القزويني النجفي الحلي
توفي في ١٨ ربيع الأول سنة ١٣٠٠ بعد رجوعه من الحج قبل
الوصول إلى السماوة بخمسة فراسخ.
قرأ في النجف على جماعة من علماء العرب والفرس منهم الشيخ
موسى ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء واخوه الشيخ علي والشيخ
حسن والسيد باقر القزويني والسيد علي القزويني والسيد محمد تقي القزويني
ويروي عنهما بالإجازة وكان كثير الحفظ لا يكاد ينسى ما سمعه أو رآه من
منثور أو منظوم وكان لا يفتر عن التصنيف. وفي تتمة أمل الآمل: اجازه
السيد محمد تقي القزويني تلميذ السيد محمد المجاهد مبسوطة تاريخها ثامن
المحرم سنة ١٢٣١ وأثنى عليه فيها ثناء حسنا وكان قدس الله روحه طويل
الباع كثير الاطلاع جيدا الحافظ رأيت يوما بيده كتاب قرب الإسناد
للحميري فقتل له ما هذا الكتاب فقال قرب الإسناد فقلت له جئت به إلى
كربلاء قال نعم ان من عادتي إذا عثرت على كتاب لم أكن رأيته قبل ان لا
أضعه من يدي حتى أفرع من تمام ما فيه. سكن النجف في آخره امره
وجرى يوما ذكر الشعراء الأقدمين فاخذ يتكلم ويقرأ لهم من الشعر ما يهرني
وكان من جوامع العلم به في كل علم خبرة واطلاع اه وقال الميرزا
حسين النوري عند ذكر طرقه في الرواية ومنها ما اخبرني به اجازة.
وجمع ولده السيد حسين رسالة في أحواله وبعد ما ذكر مصنفاته الكثيرة
قال وهو مع ذلك في جميع حالاته محافظ على اوراده وعباداته في لياليه
وخلواته مدئبا نفسه في طلب مرضاة ربه وما يقربه إلى الفوز بجواره وقربه لا
يفتر عن إجابة المؤمنين في دعواتهم وقضاء حقوقهم وحاجاتهم وفصل
خصوماتهم في منازعاتهم حتى أنه في حال اشتغاله بالتأليف ليوفي الجليس
حقه والسائل مسألته والطالب دعوته ويسمع من المتخاصمين ويقضي بينهم
فما أولاه بما قيل فيه
: يحدث أصحابا ويقضي خصومة * ويرسم منثور العلوم الغرائب
مؤلفاته
له مؤلفات ذكر أكثرها ولده السيد حسين في الرسالة التي عملها في
أحواله فقال له تصانيف في الفقه والأصول والرياضي والطبيعي وغيرها ما
بين كتب ورسائل.
في الفقه
١ بصائر المجتهدين في شرح تبصرة المتعلمين للعلامة الحلي عدا
الحج ١٥ مجلدا ٢ مختصره ثلاث مجلدات ٣ مواهب الافهام في شرح
شرائع الاسلام خرج منه إلى آخر الوضوء سبع مجلدات ٤ نفائس
الاحكام على نهج كشف الغطاء مقدماته في أصول الدين وأصول الفقه
خرج منه أكثر العبادات وبعض المعاملات واليه يشير بعض الشعراء
بقوله:
له نفائس علم كلها درر * والبحر يبرز عنه أنفس الدرر
لو أصبحت علماء الأرض واردة * منه لما رغبت عنه إلى الصدر
٥ القواعد الكلية الفقهية تزيد على خمس وسبعين قاعدة ٦
فلك النجاة في احكام الهداة فيه تمام العبادات يقرب من الشرائع مطبوع
٧ وسيلة المقلدين إلى احكام الدين فيها الطهارة والصلاة والصوم
والاعتكاف ٨ رسالة في المواريث ٩ اللمعات البغدادية في الاحكام
الرضاعية رسالة في أحوال الإنسان وحاله من التكليف في عوالمه وهي آخر
مصنفاته ١٠ مناسج الحج كبير ١١ مناسك الحج متوسط ١٢
مناسك الحج صغير ١٣ منظومة في تمام العبادات تزيد على خمسة عشر
ألف بيت ١٤ شرح اللمعتين برز منه أكثر العبادات ١٥ شرح معالم
ابن القطان لم يخرج إلى البياض.
في الأصول
١٦ الفوائد إلى آخر النواهي خمس مجلدات ١٧ الودائع يقرب
من القوانين ١٨ المهدب في تمام الأصول مما اختاره من أصول البهبهاني
مع زيادات ١٩ الموارد متن في الأصول صنفه باسم ولده ميرزا جعفر
٢٠ شرح قوانين الميرزا القمي من أول التعريف وجملة من الأدلة العقلية
٢١ السبائك المذهبة منظومة تامة في الأصول ٢٢ آيات الأصول
استدل فيه على كل مطلب أصولي بآية من القرآن حتى أنه استدل على عدم
جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى بقوله تعالى ما جعل الله لرجل من
قلبين في جوفه ٢٣ شرح هذا البيت من منظومة بحر العلوم:
وفي خير الخلق بابن طاب يفتح منه أكثر الأبواب
استخرج منه ثمانين بابا أربعين في الأصول وأربعين في الفقه ٢٤
الفوائد الغروية في المسائل الأصولية ٢٥ أساس الايجاد لتحصيل ملكة
الاجتهاد ٢٦ شرح منظومته في الأصول.
الحكمة والمنطق والكلام والرياضي
٢٧ مضامير الامتحان في علم الكلام والميزان أكبر من الشمسية ٢٨
آيات المتوسمين في أصول الدين ٢٩ قلائد الخرائد في أصول العقائد
٣٠ القلائد الحلية في العقائد الدينية ٣١ رسالة في ابطال الكلام
النفسي ٣٢ مسائل الأرواح في علم الحكمة ٣٣ مختصر في الأمور
العامة والجواهر والاعراض ٣٤ شرح منظومة تجريد العقائد ٣٥
قوانين الحساب.
التفسير
٣٦ تفسير سورة الفاتحة ٣٧ تفسير سورة القدر ٣٨ تفسير
سورة الاخلاص.
شرح الأحاديث
٣٩ شرح حديث حب علي حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة
(١٤٥)

لا تنفع معها حسنة سماه سفينة الراكب في بحر محبة علي بن أبي طالب
٤٠ شرح قول أمير المؤمنين ع لم تحط به الأوهام بل تجلى لها ٤١
مشارق الأنوار في حل مشكلات الاخبار برز منه شرح أربعة عشر حديثا.
المتفرقات
٤٢ الصوارم الماضية لرد الفرقة الهاوية وتحقيق الفرقة الناحية كبير
واليه يشير السيد حيدر بقوله من قصيدة:
حامى عن الدين فسد ثغره * ما ضمنوا عنه له انسدادها
فاستلها صوارما فواعلا * فعل السيوف ثكلت أغمادها
٤٣ أجوبة المسائل البحرانية ٤٤ أسماء قبائل العرب مرتبة على
الحروف ٤٥ المزار فيه تعيين قبور الأئمة الطاهرين وأولادهم والعلماء ممن
وقف على قبورهم.
في الأخلاق
٤٦ معارج النفس إلى محل القدس ٤٧ معارج الصعود في
علم الطريقة والسلوك.
النحو والصرف والبيان
الاقفال في النحو ٤٩ مفاتيح الاقفال في النحو ٥٠ حاشية على
المطول ٥١ حاشية على شرح التفتازاني في الصرف وذكروا في ترجمة
أحواله ان له في كل علم تصنيفا وان بعض مصنفاته تلف في الطاعون في
أيدي الطلبة استعاروه وماتوا فتلف.
أولاده
خلف أربعة أولاد كلهم علماء فضلاء أجلاء وهم الميرزا جعفر
والميرزا صالح والسيد محمد والسيد حسين وكلهم من كريمة الشيخ علي ابن
الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وذكرت تراجمهم في محالها.
شعره
حدث ولده السيد محمد قال لما وقع الطاعون في النجف أواخر سنة
١٢٩٩ وهرب منها خوفا أغلب الاهلين والمحاورين كتب أخي الميرزا جعفر
إلى والدنا السيد مهدي وهو إذ ذاك في الحلة يستأذنه في الرحلة من النجف
إليه فلم يأذن لنا الوالد بالخروج من النجف وصدر كتابه بهذه الأبيات:
لحيدر قبر بالغري إذا التجى * إليه جميع العالمين أجيروا
بناه له باريه عرشا به على * رحى قطبه عرش الجليل بدور
ومن عجبي ان الوباء يحل في * بلاد حمى منه الوباء يحور
ولكنه إذ كان للأمن موردا * فعنه لكل الحادثات صدور
وله:
إلى موسى بن جعفر والجواد * حثثنا الركب من اقصى البلاد
وسالت من بنات العيش فينا * من الشم الشناخب للوهاد
نجائب ترتمي صبحا بوادي * وتمسي في مراتعها بوادي
هجان تلتوي فوق الروابي * كصل الرمل نضنض بارتعاد
وحرف كلما خبت علاها * سرادق في الكثيب بلا عماد
وتخفى في السراب ضحى وتبدو * لدى الادلاج ليلا باتقاد
كان مناسم الاخفاف منها * صيارف قد أعدت لانتقاد
باخفاف لها في الرمل نقش * وفي صلد الحصى شرر الزناد
وتكتب في صحائف للصحارى * سطورا للهداية والرشاد
كان حروف أسطرها نجوم * بجنح الليل للساري هوادي
فتهوي للقرى قبل التداني * وتبرك للحبى قبل التنادي
وتحمل كالجبال سراة قوم * بقصد مثل أوتاد المهاد
فما زالت ترى والليل داج * توقد نار موسى والجواد
تجلى نورها في الطور ليلا * فدكدكت الرعان على الوهاد
فيا لك كعبة من كل فج * تحج ومقصدا من كل ناد
وعزت ان تطاول بارتفاع * وقد فاقت على ذات العماد
قباب بالسهى نيطت وضمت * ضريحا كالضراح لدى العباد
فيا لله من علمين فاقا * علاء أربى على السبع الشداد
هما غيثا المؤمل في نوال * وغوثا المستجير من الأعادي
هما باب الرجاء لمستقيل * هما كهف النجاة من العوادي
قصدت إليهما أطوي ألفياني * تهاوى بي من النجب الهوادي
وألقيت العصا في باب مولى * بلغت ببابه اقصى مرادي
السيد مهدي الحسيني الشيرازي الحائري ابن السيد حبيب الله
ولد في كربلاء سنة ١٣٠٤ وتوفي فيها في ٢٨ شعبان ١٣٨٠ (١)
توفي والد المترجم وهو صغير فربي برعاية امه وأخيه الأكبر السيد
عبد الله ولقد تلقى دراسته الأولى في كربلاء حيث درس العلوم الأولية من
النحو والصرف والحساب وما إليها ثم انتقل إلى سامراء واشتغل بالبحث
والدرس والتدريس هناك مدة طويلة من الزمن. ثم سافر إلى الكاظمية
وبقي هناك مشتغلا بالبحث والدرس ما يقرب من سنتين، ثم سافر إلى
كربلاء وبقي مدة قصيرة. وانتقل بعدها إلى النجف وبقي هناك ما يقرب
من عشرين سنة. ثم انتقل إلى كربلاء وبقي فيها إلى حين وفاته
أساتذته
تلمذ على الشيخ محمد تقي الشيرازي وآغا رضا الهنداني صاحب
مصباح الفقيه والسيد محمد كاظم الطبطبائي اليزدي صاحب العروة الوثقى
والشيخ محمد حسين النائيني والسيد حسين القمي وغيرهم.
ولقد حضر البحث الكمباني للسيد حسين القمي في كربلاء،
وكان البحث يضم جمعا من العلماء كالسيد محمد هادي الميلاني والحاج
الشيخ محمد رضا الأصفهاني، والسيد زين العابدين الكاشاني والشيخ
يوسف الخراساني وغيرهم. وبعد وفاة السيد القمي استقل بالبحث
والتدريس.
مؤلفاته
له من المؤلفات ١ شرح لم يتم على العورة الوثقى ٢ رسالات
في مباحث أصولية ٣ رسالة في التجويد ٤ رسالة حول فقه الرضا

(١) مما استدركناه على مسودات الكتاب (ح).
(١٤٦)

٥ كشكول في مختلف العلوم ٦ الدعوات المجريات ٧ هدية
المستعين في أقسام الصلوات المندوبة ٨ رسالة في الجفر ٩ أجوبة
المسائل الاستدلالية. إما ما برز من آثاره إلى الطيع فهو: ١٠ ذخيرة
العباد ١١ ذخيرة الصلحاء ١٢ الوجيزة ١٣ تعليقة على العروة
الوثقى ١٤ تعليقة على وسيلة السيد أبو الحسن الأصفهاني ١٥ بداية
الأحكام.
الشيخ مهدي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي ابن الشيخ نجم السعدي
من آل رباح الدجيلي القفطاني
ولد سنة ١٢٣٥ وتوفي سنة ١٢٨٠ في النجف ودفن في الصحن
الشريف من الجهة الجنوبية الغربية ومر سبب نسبتهم إلى قفطان في
الحسن بن علي.
اخذ عن ميرزا محمد الاخباري والشيخ مرتضى الأنصاري والحاج
ملا علي بن الميرزا خليل وأخيه ميرزا حسين وكان شاعرا مات في سن
الكهولة ولم يعقب.
الشيخ مهدي ابن الشيخ حسن آل الشيخ خضر
ولد في سنة ١٣١٩ ومات في سنة ١٣٤٧
كان أديبا ظريفا له يد في نظم القريض وكان خطيبا ذاكرا فألف كتابا
للمجالس الحسينية وهو مخطوط موجود عند أسرته وله ديوان مطبوع كله في
رثاء الأئمة ووقعة الطف منظوم باللغة الدارجة الحسجة عنوانه الروضة
الخضرية فمن شعره قوله:
امني النفس انني لك أشكو * ما أضر الهوى بقلب كئيب
فترفق بمغرم مستهام * شاب منه القذال قبل المشيب
قلت لما أذاب هجرك نفسي * أيها النفس عن هوى الغيد توبي
ان أكن في الهوى جنيث ذنوبا * فانا اليوم تائب عن ذنوبي
ومنها وصف الروض:
صفق النهر والغصون تهادت * لغناء الهزاز والعندليب
أظهر الشوق كل ألف لألف * وحبيب أبدى الهوى لحبيب
وله في رثاء الشيخ نصر الله ابن الشيخ حسين الحويزي وكان أحد
العلماء الابدال في عصره وتعزية ولده الشيخ محمد طه عالم الحويزة من
قصيدة:
فأين الديار وأين الملوك * ومن ألف عام بها عمرا
أ لم ترها قد محتها الدهور * فهلا مررت بتلك القرى
وبالأمس ناع نعى باسم من * به يستغيث جميع الورى
ومن قبل تكبيرهم للصلاة * عليه مليك السما كبيرا
فيا حافر القبر كيف استطعت * تشق ضريحا لليث الشري
ضريحك لما به أنزلوك * بنور محياك قد ازهرا
ويوم أهالوا عليك التراب * أهيلت عليك قلوب الورى
هجرت لفقدك طيب المنام * وما مر ليلا بجفني كرى
فخطبك خطب يذيب القلوب * ولو حل في يذبل اثرا
السيد مهدي بن حيدر الموسوي الصفوي الكشميري
توفي سنة ١٣١٠ في كشمير وقبره في قرية يقال لها بدكام من قرى
كشمير مزار مشهور.
كان عالما جليلا رئيسا ببلاد كشمير له تاليف كثيرة منها كتاب
التمرينات الغروية في تنقيح غوامض المسائل الأصولية والفقهية ورسالة
مطفئة الحر ورسالة منقذة الغرقى وينتهي نسبه إلى السيد شمس الدين
دانيال الشهيد.
الشيخ مهدي الحجار (١)
ولد سنة ١٣٢٢ وتوفي ١٣٥٨ في النجف. هو ابن داود بن
سلمان بن إسماعيل، وكان جده سلمان وهابيا ينتمي إلى فخذ الشيخان
من عشيرة الجبور العشيرة العراقية الساكنة في ناحية القاسم من قضاء
الهاشمية وفي الإسكندرية، وكان أجداده ممن سكن الإسكندرية (٢) ثم
انتقل سلمان إلى الكوفة سنة ١٣١٩ وعمل هناك في الحقول فلاحا مع
الفلاحين وفي هذه الفترة انتقل إلى المذهب الشيعي
ثم توفي سلمان في الكوفة تاركا ولده داود والد المترجم فولد لداود
عدة أولاد منهم عبد الرضا وكان يجيد نظم الشعر الشعبي وهادى وكان ناديا
للحسين ع وكاظم ثم المترجم.
وكان داود أميا يشتغل باستخراج الاحجار من أنقاض الحيرة القديمة
وبيعها في الكوفة ومن هنا لقب بالحجار.
نبوغه
رأينا ان المترجم نشأ فقيرا في بيئة جاهلة ولكنه كان عصاميا طموحا
فسمت همته إلى الدرس والمطالعة فقرأ أول الأمر في الكوفة ثم انتقل
إلى النجف حيث تابع دراسته في المقدمات ثم في الفقه والأصول، وكان
من أساتذته الشيخ آغا ضياء العراقي والشيخ احمد كاشف الغطاء والشيخ
حسين النائيني والشيخ جواد البلاغي. كما درس عليه نخبة من الطلاب
برزوا بعد ذلك وتوفقوا.
أطوار حياته
لقد عاش فقيرا معوزا ولكن عفيفا مجدا، وكان كل ما حوله يثبط
الهمم ولكنه صمد للزمن صمودا كريما فلم تثبط همته حتى غدا من اعلام
النجف فضلا وعلما وأدبا وشعرا، ولكن ظلت حياته ضيقة إلى أن احتضنه
مرجع عصره السيد أبو الحسن الأصفهاني فأرسله معتمدا من قبله إلى ناحية
المعقل في البصرة.
ويصفه بعض الباحثين في هذه الفترة من حياته بقوله: لقد تجلى
كرمه حين تفتحت عليه الدنيا في البصرة بما كان يغدقه على الضيوف ويصل
به ذوي الحاجات من الطلاب والفقراء الذين يقصدونه هناك.

(١) الإسكندرية هذه بلدة في العراق.
(٢) مما استدركناه على مسودات الكتاب " ح ".
(١٤٧)

كما وصفه في موضع آخر بقوله: بدأت قريحته تتفتح عن أشعاره
الأولى ولما يبلغ الحلم واستهوته النوادي الأدبية والحفلات العلمية والشعرية
في النجف الأشرف، ويمكننا ان نعتبر تلك النوادي مدرسته الأولى.
وشاعت جوانب ثقافته فاخذ يشترك في مطارحات الشعراء وأحاديث الأدباء
وقد لمع نجمه وأخصبت شاعريته.
وقال يصف اقامته في البصرة: حين انتقل إلى البصرة أصبح
مطمح الأنظار ومثار اعجاب مختلف الطبقات، فكان ديوانه دكة القضاء
وندوة الأدب ومدرسة التوجيه الاسلامي الصحيح ومعهد الخير ومأوى
البؤساء والفقراء.
وقد ظل في البصرة خمس عشرة سنة داعية صلاح ونصير اصلاح
وفيها توفي ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف حيث دفن في وادي السلام
بعد ان صلى عليه السيد أبو الحسن الأصفهاني.
ووصفه في كتاب شعراء الغري قائلا: عالم فقيه أديب شاعر
أصولي ضليع، وهو بحق مكون جيل خاص.
شعره
من شعره قوله من قصيدة:
يا حر رأيك لا تحفل بمنتقد * ان الحقيقة لا تخفى على أحد
ان تلق ذما على رأى تجد مدحا * وأنت في البين لم تنقص ولم تزد
وهل على الشمس باس حين لم ترها * عين أصيبت بداء الجهل لا الرمد
يا أيها الوطن المحبوب رحلتنا * وقفا عليك غدا أو لا فبعد غد
آسي على ضيعة الأخلاق منك وذا * قلبي لأجلك مطوي على الكمد
هذى بنوك صواد عن معارفها * وكيف يمكث ذوري بجنب صدى
ليس المقام على الارغام من شيمي * اقصى البلاد أدنى الإبا بلدي
اني أقول ونظم الشهب من كلمي * كما أصول ونصر الله من مددي
عن كل شائنة في معطسي شمم * لكن على بيعة الرضوان هاك يدي
عندي من المتنبي خير عاطفة * روح الحماسة حلت منه في جسدي
ومصلح فاه بالتنزيه ليس له * غير الحقيقة اي والله من صدد
تاس يا محسن فيما لقيت بما * لاقاه جدك من بغي ومن حسد
انا على عامل تأسى لان بها * من لا يفرق بين الزبد والزبد
سيروا شبيبتنا لكن على خطط * قد سنها الدين في منهاجه الجدد
لا تجعلوا لسقيم الذوق منتقدا * عليكم واحذروا من أعين الرصد
انا لنأمل فيكم ان شعبكم * يعود ملتئما في شمله البدد
وقال من قصيدة:
أ مقلدا حكم الشريعة فالورى * تبع لرأيك إذ رأيك مقلدا
رأت الشريعة منك أكبر قائد * فرمت إليك زمامها والمقودا
والعلم مثل البحر هذا غائص * فيه وهذا منه ما بل الصدا
وله من قصيدة مخاطبا مؤلف هذا الكتاب:
حيتك طالعة بحسن المطلع * ومن اللطافة خلتها لم تطلع
هبطت تمثل في بدائع صنعها * في عالم الأكوان صنع المبدع
ان لم تشاهدها بعينك فهي في * عين البصيرة بالمحل الارفع
ما العالم الموجود غير صحيفة * رقمت بأتقن صورة وبأبدع
أبدى بها قلم القدير يراعه * رتع البيان بها بأخصب مرتع
آياتها تتلى وكم من سامع * مستكبرا ولى كان لم يسمع
ومن نوادره ما بعث به إلى الشيخ احمد كاشف الغطاء عندما طبع
كتابه سفينة النجاة:
يا احمد الفضل الذي أخلصته * ودى فاسعدني على حاجاتي
انا قد غرقت ببحر علمك والندى * فابعث إلي سفينة لنجاتي
وكتب إلى السيد مير صهر السيد أبو الحسن:
يا أيها المولى الذي لم تزل * أخلاقه تزرى بنشر العبير
اني أخلصت لكم بالولا * مذ كنت شيعيا بحب الأمير
لكن من ودكم مخلصا * فاكله الملح وخبز الشعير
السيد مهدي ابن السيد داود بن سلمان الحلي
توفي في حدود سنة ١٢٨٧ ونقل إلى النجف فدفن بها.
شيخ متأخري شعراء الحلة ومؤدبهم الا انه بعلمه في الأدب أقوم منه
بعلمه كان مصباح الطبع وجها في بلده وهو عم السيد حيدر الشاعر المشهور
وكافله بعد أبيه صنف ١ مصباح الأدب الزاهي وهو كتاب في الأدب
في فوائد تاريخية وأحوال بعض العلماء المعاصرين ٢ مختارات شعرية
٣ ديوان شعره. ولما توفي اوصى ابن أخيه السيد حيدر ان يدفن معه
في كفنه مدائحه ومراثيه وأهل بيته ع.
شعره
قال في أهل البيت:
سلب الردى من رأس فهر تاجها * قسرا واطفا في الطفوف سراجها
وذكرا علاها في الصعيد تكورت * والله صير عرشه أبراجها
بأبي كراما من قريش للعلى * سلكت بقارعة الردى منهاجها
ومن الهوادي للوهاد سراتها * بخفاف أينقها فرت أوداجها
شخصت إلى المرمى البعيد من العلى * ومن المنايا فاجأت أفواجها
فهناك عاجت للطفوف وصيرت * لصميم قارعة الحمام معاجها
وبهم أحاطت للطغاة عصائب * سدت بمرتك الجموع فجاجها
واستقبلت هبواتها في أوجه * شمس الضحى منها اكتست أبهاجا
هاجت إلى هيجائها كضراغك * جوع الشبول من الآجام أهاجها
قوم أذال نار الكريهة أخمدت * شبوا بملتهب الظبي أجاجها
وإذا المنون تلاطمت أمواجها * خاضت سوابح خيلهم اموالجها
هي كعبة الحرب التي لحمامها * تدعو بسعي طوافها حجاجها
وإذا العدا قد ارتجوا أبوابها * فتحوا ببيض المرهفات رتاجهخا
وصفاحهم كانت لسقم رقابهم * لما برتها برأها وعلاجها
ولكم لها من غارة شعواء قد * رفعت إلى أم السماء عجاجها
سئمت نفوسهم البقا فاستحسنت * للموت في ليل الوغى أدلاجها
بالقضب زوجت النفوس وطلقت * في الله دون امامها أزواجها
ورقابها أبت الخضوع فعرضت * بالقطع في بيض الطبي أوداجها
(١٤٨)

وغدا ابن نجدة هاشم لعرينة الأيد * الغطاب بعضبة ولاجها
وتكاثروا حنقا عليه وانما * أفواج عزمته علت أفواجها
ما انفك يرقى المرهفات كما من الوفاد * يلقى باسما محتاجها
وبقى على الغبرا ثلاثا جسمه * عار تقمصه الرياح عجاجها
فتراه عار في الصعيد وانه * في جنة الخلد اكتسى ديباجها
وعلى النياق كواكب الوحي اغتدت * في أسرها أبراجها احداجها
فتعج تدعو حيدرا أو لم تكن * كشاف كل ملمة فراجها
وله يرثي الحسين ع:
بأبي من بكت عليه السماء * ونعته الأملاك والأنبياء
واستثارت في الكون حينما هوى * في الترب ريح لأجله سوداء
يا لحي الله عصبة قد أريقت * بظباها من آل طه دماء
ما وفت عهد خاتم الرسل فيهم * كيف يرجى من اللئام الوفاء
هي من يوم حرب بدر واحد * زرعت في قلوبها الشحناء
فقضي ظاميا لدى الماء حتى * ود من أجله يغور الماء
حوله من بنتي أبيه ومن أصحابه * الغر معشر نجباء
بذلوا دونه نفوسا عزيزات * بيوم قد عز فيه الفداء
بأبي أنفسا على السمر سالت * حذرا ان يسؤهن قماء
ووجوها تعفرت بثرى الغبرا * وكانت تجلى بها الغماء
واكفا تقطعت وهي يوم المحل * للخلق ديمة وطفاء
وصدورا عدت عليها العوادي * وهي للعلم عيبة ووعاء
يا لها وقعة لها رجت الغبرا * ومالت من عظمها الخضراء
ايس تسلى مدى الزمان كان * في كل يوم يمر عاشوراء
يا بن بنت النبي أنتم رجائي * يوم نشر الورى ونعم الرجاء
فاشفعوا لبي اني مسيب ء وأنتم * لمواليكم غدا شفعاء
وعليكم من الإله صلاة * وسلام مات حنت الورقاء
وله:
أحادي طلاح النازحين إلى متى * يجوب الفيافي حلف ظعنكم للقلب
وبت على تلك الربوع بلوعة * تذوب لها شم الاخاشيب والهقب
وقد ضاق رحب للبسيطة مثلما * سليل رسول الله ضاق به الرحب
غداة اتى ارض الطفوف بفتية * ليوث هياج غابها السمر والقضب
غطارفة نجب وعرق نجارهم * به عرقت قوم غطارفة نجب
وأقبلت الأعداء تترى لحربهم * وقد غص من أجنادها الشرق والغرب
فثار عليهم كل ليث غضنفر * بشفرة ماضيه لهيب الوغى يخبو
إذا سل يوم الروع عضبا مهندا * لجزر العدى لم يدر أيهم العضب
أولئك ان قاموا لحرب عداهم * يبيضهم قامت على ساقها الحرب
وتلقى الأسود الغلب فيها بواسما * فتعبس من لقياهم الأسد الغلب
يخوضون أمواج المنايا * وقضبهم في الهام ساع لها الشراب
وما وهنوا عن نصر سيدهم وما * استكانوا ولا في الحرب راعهم الرعب
ولكن قضاء الله قد حان حينه * فخروا وهم للماضيات الظبي نهب
هنا فريد الدهر غودر مفردا * يصول فينثال الجناحان والقلب
ويستقبل الخطب المهول بوجهه * المنير فيجلى من سنا وجهه الخطب
ويفترس الفرسان والسمر شرع * بمنصله الماضي الغرارين لا ينبو
إلى أن هوى للأرض عن ظهر طظرفه * جديلا وبلت من دما نحره الترب
وغارت على نهب الخيام خيولهم * فما وردت الا ونحن لها نهب
فلله يوم الطف احداثه رزئه * على حادثات الدهر في عظمها تربو
وله:
أفلت لهاشم في الطفوف كواكب * وتحطمت منها قنا وقواضب
وهوى لآل نزار طود شامخ * وخبا لهم فيها شهاب ثاقب
وتنكست اعلام فخر لويهم * فيها وجب سنامها والغارب
فلذاك صال بعصبية أسيافها * للظالمين هي العذاب الواصب
من آل عدنان الذين سما بهم * عدنان مخرا لا يرام وغالب
آساد معركة لها سمر القنا * غاب وبيض المرهفات مخالب
نزلت إلى الهيجا ومن أسيافها * فوق العدى نزل القضاء الغالب
ما بارحوا عن حربهم حتى هووا * صرعى تناهبهم قنا وقواضب
وبقي ابن أم الموات فردا ما له * بين العدا غير المهند صاحب
فهوى صريعا في الصعيد فمارت * السبع الطباق وهب ريح حاصب
وا لهفتا لعقائل التنزيل قد * صبت عليها في الطفوف مصائب
بيننا تراه على أغر سابح * وبكفه اليمني حساما قاضب
ماضي المضارب في القراع ولم يكن * أمضي لعمرك منه الا الضارب
يا بن النبي المصطفى من كنهه الساميب * عنم العقل المنجرد عازب
حملت اتمرا لم يقم بشربه * في موقف عنه الغضنفر ناكب
وله:
بين البين لوعتي وسهادي * وجرت مقلتي كصوب العهاد
أيها المدلجون بالله ريضوا * عن سراكم سويعة لفؤادي
أ نقضتم عهود ودي كما قد * نقضوا للحسين حق الوداد
مفردا لم يجد له من نصير * غير صحب يسيرة الاعداد
هم اسود العرين في الحرب لكن * بابهم في الهياج سمر الصعاد
قد ثنوا خيلهم شوازب تعدو * تسبق الريح في مجاري الطراف
وعلا في هياجهم ليل نقع * لا يرى فيه غير ومض الحداد
فدنا منهم القضا فتهاووا * جثما عن متون تلك الجياد
وبقي ثابت الجلاد وحيدا * بين أهل الضلال والالحاد
مستغيثا وألم يجد من مغيث * غير رمح وصارم وجواد
جزر الكفر حطم السمر فل * البيض لف الأجناد بالأجناد
يا لقومي لفادح ألبس الدين * ثياب الأسى ليوم المعاد
كم نفوس أبية رأت الموت * لديها كموسم الأعياد
هي عزت عن أن تسام بضيم * فأسيلت على الظبا والصعاد
وصدور حوت علوم رسول * الله أضحت مغارة للجياد
وله:
قف بين أجراع الطفوف * وانحب أسىء بدم ذروف
في عرصة فيها ابن فاطمة * غدا نهب الحتوف
في ثلة من آل عدنان * ذوي الشرف المنيف
الضاربين على الطريق * قبابهم لقرى الضيوف
والمانعين ذمارهم * بالقضب في اليوم المخوف
وبدور مجد نور فخرهم * على القمرين موفى
بيض الوجوه وفي الوغى * حمر الأسنة والسيوف
من دأبهم يوم اللقا * جزر الكتائب والصفوف
(١٤٩)

بأبي كراما من ذؤابة * هاشم شم الأنوف
عكفوا بقضبهم على * قوم على العزى عكوف
وحموا ببيض ظبا المواضي * بيضة الدين الحنيف
شربوا على ظما دوين * السبط كاسات الحتوف
وبقي حليف المجد غير * العضب لم ير من حليف
يلقي الصفوف كملتقاه * باسما زمر الضيوف
فترى السيوف به تطير * مع السواعد والكفوف
حتى إذا حم القضا * فهوى وغودر بالخسوف
وغدت هنالك زينب * تدعوه عن كبد لهيف
وله يمدح الحاج محمد صالح ابن الحاج مصطفى كبة البغدادي
معارضا بها قصيدة السيد صالح القزويني في مدحه:
نسيم الصبا استنشقت منك شذا الند * فهل يرت على دمنتي هند
فذكرتني نجدا وما كمنت ناسيا * ليال سرقناها من الدهر في نجد
ليال قصيرات ويا ليت عمرها * يمد بعمري فهو غاية ما عندي
بها طلعت شمس النهار فلفها * ظلامان من ليل ومن فاحم جعد
ولو لم تغط خدها ظلمتاهما * لشق عمود الصبح في وجنة الخد
وفي وجنتيها حخمرة شك ناظري * أمن دم قلبي لونها أم من الورد
وفي نحرها عقد توهمت ثغرها * لالئه نظمن من ذلك العقد
وما كنت أدري ما المدام وانما * عرفت مذاق الراح من ريقها الشهدي
وقبل اهتزاز القد ما هزة القنا * وقبل حسام اللحظ ما الصارم الهندي
وليس الفتى ذو الحزم من راح سره * تناقله الأفواه للحر والعبد
فيسري إلى القاضي كما بمحمد * سرت بنت فكري بالثناء وبالحمد
وما للثنا الا محمد صالح * لقد ضل مهديه لغير أبي المهدي
همام إلى علياه حدة فكرتي * بعثت فلم تبصر لعلياه من حد
ومعتصم مما يشان به الفتى * بعفة نفس تربه وهو في المهد
فذا واحد الدنيا انطوى برده على * جميع بني الدنيا فبورك من برد
على شرفات المجد مغناه والورى * بحصبائه لا بالكواكب تستهدي
تنراه ولو قد كان يخفض نفسه * لآمله عطفا ويبسم للوفد
كبيرا على جنب الوثير قد اتكى * ودون لقاه هيبة الأسد الورد
لقد ضاق صدر الدهر في بعض بثه العلوم * وما يخفيه اضعاف ما يبدي
إذا انعقدت عوصاء أشكل حلها * فليس لها الاه للحل والعقد
فيوضحها بعد الغموض ولم يدع * لمعترض بابا بها غير مسند
وعنها ارم الناطقون لعجزهم * وحذوده في القول منشحذ الحد
رشيد بعين الحزم أول نظرة * يرى ما به ضلت عقول ذوي الرشد
يسدد سهم الرأي في كل مشكل * إذا طاشت الآراء فيه عن القصد
ترى نفسه من حبها الله لم تزل * بطاعته لله في غاية الجهد
بيقوم إلى ما كان ندبا مبادرا * مبادرة الهيم العطاش إلى الورد
وما هم بالعصيان للواحد الفرد * وفي عين عاص نادم يسهر الدجى
فيما سابقا لا يدرك العقل شاوه * ولا تهتدي الأوهام منه إلى قصد
فشمس سما العلياء أنت وبدرها * أخوك ربيع الخلق في الزمن الصلد
وغيث عطاء أنتما يفضح الحيا * فيعول اعلانا من الغيظ بالرعد
بقية جود في الورى ذخر وكمال * الكرام لمن من بعدهم جاء يستجدي
لقد زاد في معنى طريف محمد * عليهم فذا مرع لمجدهم التلد
وان درجوا موتى بعلياه عمروا * بعمر لأقصي غاية الدهر ممتد
هم شرعوا للجود في الناس نجده * ولولاهم ما كان للجود من نجد
أناس يرى في الكرخ من فيه طرحت * إليهم بنات الشدقميات من بعد
جديا على دار السلام بيوتهم * لكعبة جدواهم لمن أمها تهدي
ولو وزنت فيهم شيوخ ذوي العلى * لما عدلت طفلا لهم كان في المهد
وكلا إذا أبصرت منهم تقول ذا * محمد فيه شارة الأب والجد
إذا انعقد النادي تراه وولده * لناديه عقد وهو واسطة العقد
على أنهم فيه نجوم مكارم * تحف ببدر المجد في مطلع السعد
واخلاقهم من حسنم أخلاقه صفت * ومنها اكتسى لطفا نسيم الصبا نجد
سلالة مجد هم مصابيح والورى * بكل أذال استهدت فذاك هو المهدي
فتى قد رقى العليا بمهمة ماجد * له أحرزت شاو العلى وهو في المهد
إذا ما بدا في حبوة شك في الحبا * على رجل معقودة أو على أحد
لعمرك ما ماء السماء وان صفا * بأطيب مما منه قد ضم في البرد
فريدة هذا الدهر لو لم نجد بني * أبيه تعالى عن شبيه ونحن ند
فروع على منها محمد الرضا * مزايا ليس تحصر بالعد
فلا أحنف يحكيه بالحلم لا وبالفصاحة * قس لا ولا معن بالرفد
سعى طالبا أوج المعالي فأمه * اخوه كمان كانا جميعا على وعد
بني المجد من ابكار فكري خطبتم * فتاة عن الخطاب تجنح للصد
ولكن رأتكم كفوها فتزينت * لكم واتت تختال في حلل الحمد
لها من بديع القول نظم إذا جرى * النوابغ في مضمار اعجازه تكدي
ولي أذعنت آياته وانا الذي * بقيت له من بعد أربابه وحدي
إذا ما تلوه في العراق بمحفل * سرت فيه أفواه الرواة إلى نجد
وقد زاد من تضميخه بثنائه * عليكم شذا قد طبق الأرض بالند
ولست باطراثي به مزده وان * غذا طرفة بن العبد من حسنه عبدي
وما في نظام الشعر حمد لمن له * سنام على ينمى إلى شيبة الحمد
وبين النبي المصطفى ووصيه * له النسب الوضاح في جبهة المجد
فدونكموه فهو من زبري التي * طوت ذكر من قبلي كذاك الذي بعدي
ولا برحت علياكم تسخط العدى * فتكثر عض الكف من شدة الحقد
وكان المترجم قد جاء لزيارة الامامين الكاظمين ع فبينا
هو سائر إذا ارتفعت قبل العصر غمامة ومطرت مطرا غزيرا فعدل إلى الخان
الذي بين كربلاء والنجف المسمى بخان الحماد الذي بناه الحاج محمد
صالح كبة وقال:
وبيت على ظهر الفلاة بناه من * له همة من ساحة الكون أوسع
نزلنا به والغيث يسكب ماؤه * كان قطره من سيب كفيه يهمع
وما برقه الا تبسم ثغره * لوفاده من جانب الكرخ يلمع
ومنه وقتنا ان تبل ثيابنا * مقاصر من شاو الكواكب ارفع
ولم ير في الدنيا مقاصير جنة * يشمل بني الدنيا سواهن تجمع
كانا حلول في منازلنا بها * ولم تتضمنا مهامه بلقع
وبتنا بها حتى تمنت نفوسنا * نقيم بها ما دامت الشمس تطلع
ومنها وان عزت علينا بيوتنا * وددنات إلى اكنافها ليس نرجع
ففيها أبو المهدي أسبغ نعمة * على الناس فيها طوق الناتس أجمع
له الله كم اسدى سواها صنائعا * بامثالها سمع الورى ليس بقرع
وقد عجزت عنها الملوك وأصبحت * لعزته بين البرية تخضع
فلا برحت في الكون شمس علائه * بأفق سماء المجد بالفخر تسطع
(١٥٠)

وقال المترجم يمدح الحاج محمد صالح كبة وقد دعاه إلى داره في ذلك
السفر الذي زار به الامامين الكاظمين ع:
قد حملتك النجائب الرسم * لمن على الكرخ بيتهم علم
قد كنت تهوي لقاء من سكنوا * فيه ويهوون ملتفاك هم
فقر عينا فيه برؤيتهم * ففيك قرت فيه عيونهم
بيت جميع الدنيا بساحته * وتحت أبراد ربه الأمم
على التقى أسست قواعده * وكل أيام دهره حرم
فيه أناس تخال انهم * الأملاك من كل ماثم عصموا
شعارها الصمت وهي ان نطقت * تفجرت من كلامها الحكم
تبيت تبكي من خشية الواحد الفرد * وتضحي للوفد تبتسم
تحنو على الأبعدين مشفقة * حنو من فيه أطت الرحم
في الله تمسي خمص الحشا وعلى * بذل قراها الأنام تزدحم
لو قيل للمجد من هم سمكوا * سماك المكرمات قال هم
من حلم أطفالها الجبال رست * وانبعثت من أكفها الديم
أول ما ينطقن رضيعهم حي * على الجود أيها الأمم
قوم على الأرض غيث نائلهم * قبل نزول السحاب منسجم
دل على طيب أصلهم شرف * تورثته منهم فروعهم
غر مساعيهم الكرام وما * منها اصطفته النفوس والشيم
بين ذراريهم وان قسمت * فقد حواها را رئيسهم
لقد تحاماه ان يناضله * من هو في العلم عيلم علم
محمدا صالحا إذا انشعبت * يجمع منها ما ليس يلتئم
وفي أخيه عبد الكريم وان * كان سواء منها سرى الكرم
فما رأى المجد مثله رجلا * همته فوق رأسه علم
ولا مجيدا تعنو الكرام له * كابن أخيه وان هم رغموا
بني المعالي إليكم مدحا * يسمعها من باذنه صمم
تلبس عرض الكريم سابغة * في الطعن منها الرماح تنحطم
كأنها سرمد الومان على * أفواه حساد مجدكم لجم
ما قرع السمع كاشح لكم * الا ومنه الفؤاد محتدم
سيارة تقطع البسيطة لا * غور عداها منها ولا أكم
يحملها مسمع الرواة * ويهديها إلى ابعد البلاد فم
وفي قلوب الورى لآخرهم * جيلا فجيلا بالحفظ ترتسم
قد غودرت عندهم كفاتحة * الكتاب لم تنسها قلوبهم
ونسبه بعض الناس إلى المغالاة في مدح الحاج صالح كبة. فقال
يمدحه بهذه القصيدة أيضا:
حللت من الكرخ في معهد * تسامي علاء على الفرقد
فواجهت فيه من الماجدين * وجوها بها يستضئ الندي
وشاهدت شبلهم بينهم * له هيبة الأسد الملبد
فقرت عيونك في ربعهم * بكل فتى منهم اصيد
حمى زهرت من بني المصطفى * به أنجم المجد والسؤود
على الفخر قد رفعوا سقفه * من الشرف المحض في اعمد
يقوم مقام ذكا في الضحى * أو البدر في الدامس الأسود
فلو غيب القمران اغتدت * به الناس في سيرها تهتدي
له الوفد من كل فج يسير * على كل زيافة جلعد
يسابق متهمهم في السرى * لقطع الهضاب خطا المنجد
فيزدحمون على بابه * ازدحام الجمال على المورد
وأوسع منه ببذل الجدي * أكف محمد للمجتدي
فتى أقسم الغيث ان لا تقوم * عزالاه منه مقام اليد
ومن يمطر الماء أنى يكون * كمن هو يمطر بالعسجد
يد لا تمل العطاء الخطير * إذا مله كف مسترفد
يمينا بأنعمها السابغات * وما في الأنام لها من يد
إذا لامست جلمدا فجرت * ينابيع ماء من الجلمد
على انها في زمان به * سوى البخل والشح لم يحمد
ولم يبق للجود غير اسمه * ومعناه في الناس لم يوجد
وكادت عفاة الورى قبل ان * تموت تحل ثرى الملحد
ولكن تداركها ربها * بزاخر رحمته المزبد
يرى الوعد نقصا ومن شانه * يجيد العطاء بلا موعد
وقبل السؤال لوفاده * بأسنى مواهبه بيتدي
وكحل ماقيه مرأى الغريب * إذا اكتحل الناس بالأثمد
وآيات عليائه الباهرات * تتلى بالسنة الحسد
له الله من جامع للعلوم * شمل عوازبها الشرد
إذا ورد الرأي في مشكل * به اعلم الناس لا يهتدي
فقبل الصدور له فكره * يريه الغوامض في المورد
وفي صدر أمس يرى ما انطوى * عليه مغيب ظهر الغد
وفي الاحتجاج بليل الخصام * له منهج واضح المقصد
فيا عجبا من جهول جرى * بحلبة ذا الماجد الأوحد
فهل قد رأى تولبا في الرهان * شأى عدوة الصافن الأجرد
ومن فضله جود عبد الكريم * أتى بمعاجز لم تحجد
وزان الرصافة حتى اغتدى * لها كالحلي على الخرد
نمته التي خنصر المكرمات * على غيرها قبل لم يعقد
وفي غير أيديهم شوكة * المحول عن الناس لم تخضد
وهم للقرى أول الماجدين * قالوا ارفع النار للموقد
وقد ولدوا كل بحر خضم * متى وردته الورى يزبد
وهذا الرضا من أوان الرضاع * تقمط بالفخر والسؤدد
يرد سنا نوره الحاسدين * حواسر عن ناطر أرمد
حسين الندى بين أعدائه * عوارف نعماه لم تحجد
وفي مجده المصطفى يافعا * بدا في رداء فتى اصيد
بني المجد من بحر فكري لآلي * الثناء تساقطن من مذود
وأبصرت الناس شبه النجوم * نظام بدائعي الخرد
فظن الحواسد فيكم غلوت * ومن لي بما ظنه حسدي
ولو في الحقيقة زهر النجوم * لعلياكم نظمتها يدي
لأمست عن الشهب في غنية * بنور سنا حسنها المفرد
وله:
عن الوجه قد كشفت برقعا * فعلمت الشمس ان تسطعا
ومن جفن مقلتها جردت * حساما فؤادي به قطعا
وذا دمه نصب عيني على * يديها ووجنتها وزعا
وله:
(١٥١)

سقتك من ريق الثنايا سلسلا * فبت من خمر لماها ثملا
ودب بالأعضاء منك مثلما * تدب بالأعضاء صهباء الطلا
وله في الجوادين ع:
موسى بن جعفر والجواد * ومن هما سر الوجود
هذا غياث الخائفين * وذاك غيث للوفود
ملكا الوجود فطوقا * بالجود عاطل كل جيد
وذيلهما فقال:
موسى بن جعفر والجواد ومن هما * سر الوجود وعلة الايجاد
هذا غياث الخائفين وذاك * غيث للوفود وروضة المرتاد
ملكا الوجود فطوقا بالجود * عاطل كل جيد للأنام وهادي
السيد مهدي ابن السيد دلدار علي ابن السيد محمد معين الدين النصير
آبادي النقوي الكهنوئي
ولد سنة ١٢٠٨ وتوفي آخر ذي الحجة سنة ١٢٣١ عن ٢٣ سنة.
قرأ عند أبيه العلوم العقلية والنقلية وله حواش وتحقيق مسائل متفرقة
تشهد بعلو كعبه ولما توفي اغتم والده وشقت عليه وفاته فصنف كتابه مسكن
القلوب عند فقد المحبوب.
السيد مهدي ابن السيد رضا ابن السيد احمد الطالقاني النجفي
ولد سنة ١٢٦٥ وتوفي سنة ١٣٤٣ بالنجف ودفن بها.
شاعر أديب فمن شعره قوله:
يمينا قدك الرمح الرديني * ولحضك حد ماضي الشفرتين
وهما جرحا حشائي بغير ذنب * وكان كلاهما لي قاتلين
نأيت فلم تنم عيناي ليلا * كأنك كنت نوم المقلتين
فرفقا بي والا صحت اني * قتلت وأنت مخضوب اليدين
وهبتك مهجتي حتى إذا ما * ملكت مطلتني وعدي وديني
فحسبك أدمعي ونحول جسمي * فقد كان بذلك شاهدين
فصلني قبل بينك أو فعدني * فقد حان السلام عليك حيني
وله في رثاء الحسين ع من قصيدة:
يا سعد قد حدثتني * عن ذلك الحسن البديع
فصغى بما حدثته * لك مسمعي لا بل جميعي
ومن البلية بالحمى * داري وفي نجد ولوعي
أمسي وأصبح لم أجد * وردا سوى فيض الدموع
لهفي وما لهفي لغير السبط * ما بين الجميع
أمسى مروعا بالطفوف * وكان أمنا للمروع
يسطو بأبيض صارم * كالشمس والبرق اللموع
وبأسمر كالصل يلوى * نافث السم النقيع
فيخيط أسمره وأبيضه * يفصل في الدروع
خاض الحمام بفتية * كالأسد في سغب وجوع
ان يدعهم لملمة * لبسوا القلوب على الدروع
طلعوا ثنيات الحتوف * وهم بدور في الطلوع
خير الأصول أصولهم * وفروعهم خير الفروع
حتى إذا ما صرعوا * أرخى المدامع بالدموع
ومشى إلى الموت الزؤام * مشمرا مشي السريع
السيد مهدي ابن السيد صالح ابن السيد احمد ابن السيد محمود الحكيم
الحسني الطباطبائي النجفي
الأصل المعروف بالتوتنجي نزيل جبل عامل.
من آل الحكيم سدنة الروضة المقدسة الحيدرية توفي في جبل عامل
سنة ١٣١٢ ودفن في بنت جبيل عند مسجدها الجامع.
تفقه بالميرزا الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي والسيد حسين الترك
وأخيرا بالملا كاظم الخراساني والملا حسين قلي الهمداني وأجيز بالاجتهاد
من الشيخ محمد طه نجف. لما أراد المجئ إلى جبل عامل وكان جماعة من
جبل عامل بعد وفاة الشيخ موسى شرارة كاتبوا الشيخ محمد حسين
الكاظمي بطلب عالم ثم اقترحوا عليه إما السيد إسماعيل الصدر أو السيد
مهدي الحكيم لان الشيخ موسى كان يذكر لهم ان السيد مهدي رفيقه عند
المنلا حسين قلي في دروس الأخلاق وأرسلوا برقية بذلك فأجابهم: الحكيم
موقوف صدر الدين محال ثم جرت أمور كثيرة ومخابرات طويلة حضر بعدها
السيد مهدي إلى جبل عامل وكانوا يأملون بمجيئه عمران الدروس وانتشار
العلم فلم يكن ما املوه وانصرف إلى الوعظ والاسفار ثم عاد إلى النجف
ونحن هناك سنة ١٣٠٩ ثم عاد إلى جبل عامل سنة ١٣١٠ وحج ومات
بعد رجوعه. صنف ١ مدارك الأحكام في شرح شرائع الاسلام ٢
شرح جملة من العبادات ٣ تحفة العابدين جزء صغير في المواعظ مع
اقتباسات من نهج البلاغة مطبوع ٤ شرح حجية القطع من أرجوزة
الشيخ موسى شرارة في الأصول. ٥ رسالة في التعادل والتراجيح.
تخلف بالسيد محمود والسيد محسن والسيد هاشم.
السيد مهدي شيخ الاسلام ببلدة شيراز
العالم الفقيه المتكلم الحكيم ذكره السيد عباس الموسوي المكي في
نزهة الجليس في الجزء الأول ص ٢٩٨ وانه اجتمع به ورآه سنة ١١٣٣
ونقل نسبه النسابة شهاب الدين الحسيني النجفي في كتابه المشجر.
الشيخ مهدي بن صالح المراياتي الكاظمي
ولد حدود سنة ١٢٨٧ وتوفي سنة ١٣٤٣
قال في الطليعة: فاضل مشارك بالعلوم حسن المنثور والمنظوم جيد
الفكرة دقيق النظر شاعر أديب قال من قصيدة:
رام العواذل في كل مرام * وأبيت الا لوعتي وغرامي
اثر الصبابة في حشاي ومهجتي * اثر المواعظ في حشا همام
لولا عيون العين من غزلانه * ما نافرت عيناي طيب منام
هي رامة مأوى الظباء ومألف * الخود الحسان ومسقط الآرام
من كل ظامية الوشاح خريدة * وأغن مخطوف الحشاشة ظامي
انا للهوى ما دام غصن شبيبتي * غض وأيام الصبا أيامي
فالآن إذ علق المشيب بمفرقي * وأقام في فودي اي مقام
أبقيت أعباء الهوى عن عاتقي * وجذبت من كف الغرام زمامي
كم من فتى صعب المقاود مبلغ * ألجمته من مقولي بلجام
(١٥٢)

أمسى يعيرني بنظم قصائدي * ويلح في عذلي وفرط ملامي
أ تراه ازرى بالشريف نظامه * أم عيب في نظم أبو تمام
وله:
لا تخل يجديه لو رام اعتذارا * ألف الشيب وملته العذارى
وتقضت صبوة كان بها * يتخطى للهوى دارا فدارا
لا تذمي غررا من شعره * انها كانت لذي الرشد شعارا
كان ليلا داجيا في مفرقي * فتجلى بين فودي نهارا
ما اعتذاري للعذارى بعد ما * طرزت ناصية الشيب العذارا
وبشيرا بالنهى قد زارني * ونهارا بين فودي أنارا
لا أذم الأرض ما كانت دما * وسما العلياء ما كانت غبارا
فأغيري يا جيادي للعلى * فلقد خلى لك الهدر مغارا
وقلي للغوى كل فتى * كيف ما دارت رحى الهيجاء دارا رقبوا
الداعي متى يدعو بهم * نهض القائم بالثار وثأرا
يملأ الآفاق قسطا بعد ما * عسعس الجور عليهن وجارا
سل بهم ربع العلا كم سيدوا * للعلى بيتا وللمجد منارا ملأوا
الدنيا سماحا وندى * وسناء وعلاءا وفخارا
كم حسود رام يطوي فضله * فأبي الله له الا انتشارا
له نظم كفاية الأصول وحواش عليها.
السيد مهدي ابن السيد صالح القزويني
ولد سنة ١٢٨٢ وتوفي بالبصرة ليلة الثلاثاء ٧ ذي القعدة سنة ١٣٥٨
وضجت البصرة بالبكاء والحزن وأقفلت الأسواق وعطلت الاشغال وسير
نعشه إلى النجف الأشرف في حشد من السيارات ودفن في بعض حجر
الصحن الشريف وأقيمت له الفواتح بالبصرة وغيرها وقدم ولده الميرزا محمد
لصلاة الجماعة بالبصرة وكان يشتغل بطلب العلم بالنجف.
دراسته ورحلاته
هاجر إلى سامراء للدرس سنة ١٢٩٩ ثم قصد إلى النجف الأشرف
وبعد فترة قضاها في الدرس عاد إلى سامراء وبقي فيها إلى سنة ١٣١٥
تفرع فيها للتحصيل على كل من السيد محمد حسن الشيرازي والسيد محمد
الهندي والشيخ محمد تقي الشيرازي والشيخ محمد طه نجف ثم قام
برحلات إلى البلدان الآتية: الري وقم وطوس ومصر والشام ومكة والمدينة
ثم استقر بكربلا مدة سافر بعدها إلى النجف حيث طلب إليه هناك السفر
إلى الكويت فسافر إليها حتى سنة ١٣٤٣ حيث قصد زيارة العتبات وقد
انتهز أهل البصرة وجوده هناك فرغبوا إليه السفر إليهم فلبى الرغبة وجاء
البصرة وبقي فيها حتى وفاته صارفا وقته بالعمل المثمر.
مؤلفاته
ألف كتبا عديدة منها ١ بوار الغالين ٢ هدى المتصفين ٣
ظهور الخفية ٤ خصائص الشيعة ٥ كشف الحق ٦ دولة الشجرة
الملعونة ٧ منهاج الشريعة ٨ ذكرى للجمهور ٩ حلية النجيب
١٠ حي على الحق ١١ لسان الحق ١٢ الاسلام ١٣ بشائر
السلام ١٤ زينة العباد ١٥ صولة الحق على جولة الباطل ١٦
ورود الرعة بإباحة المتعة ١٧ ضربات المحدثين على الحق المبين ١٨
القاضي العدل ١٩ صدق الخطاب ٢٠ غرر الجمان ٢١ غش
الركنية ٢٢ سعادة المسلمين في نصرة الدين ٢٣ غلبة البرهان على
غارة البهتان ٢٤ الغرر الحسينية. هذه هي الكتب التي طبعت إما التي
لم تطبع فيبلغ عددها ٤٥ مجلدا.
السيد مهدي ابن السيد عبد الله البلادي البحراني الأبوشهري الملقب بعلم
الهدى
ولد في أبوشهر سنة ١٢٦٠ وتوفي في مجلس زفاف ولده بداء السكتة
بين العشائين في رجب سنة ١٣١٧ في أبوشهر ونقل إلى النجف ودفن في
الحصن الشريف مع أبيه.
كان من الامذة الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي.
السيد مهدي الغياثي البحراني ابن السيد علي المنتهي نسبه إلى إبراهيم
المجاب إلى الإمام موسى بن جعفر ع
ولد في النجف سنة ١٣٠١ وتوفي فيها سنة ١٣٤٢ ودفن في الحجرة
المحاذية لباب الفرج من الصحن الشريف.
تلمذ على مشاهير العلماء في النجف كالشيخ محمد طه نجف والسيد
محمد بحر العلوم والسيد كاظم اليزدي والشيخ كاظم الخراساني وغيرهم
وقد عاش مدة حياته في النجف وفي أواخر عمره انتقل إلى البصرة بدعوة
من أهلها. له في الفقه والأصول مسائل متشتتة لم تجمع فمن جملة رسائله
كتاب هداية المضل في الإمامة وكتاب الإنصاف في علم الحديث وكتاب عين
الفطرة في الرد على من غالى في العترة ورسالة في أحوال الصحابة وكتاب
مجموع فوائد شبه الكشكول وكتاب الأشهر الحرم فيما وقع على سادات
الحرم ورسالة في التراجم ورسالة في الإجازات وكتاب الرشحات في
التوحيد والنبوة والإمامة فرع منه سنة ١٣٢٩ وكتاب التحفة في المبدأ والمعاد
مطبوع وله ديوان يشتمل على رسائل ومديح أهل البيت ورثائهم وعدة
أراجيز في بعض العلوم.
السيد مهدي ابن السيد علي ابن السيد حسين آل نور الدين العاملي النباطي
كان عالما فاضلا معاصرا معدودا في الطبقة العالية من أفاضل العلماء
قرأ في جبل عامل ثم هاجر إلى العراق لطلب العلم فقرأ في النجف
الأشرف على علمائها حتى برع وحصل وفاق اقرانه وتزوج وهو في النجف
بابنة عم والد المؤلف السيد كاظم وتخلف منها بابن وبنتين ووافاه حمامه في
النجف الأشرف في غضارة شبابه.
الشيخ مهدي ابن الميرزا علي أكبر القمي المعروف ببائين شهري نسبة إلى
بائين شهر إحدى محلات قم
ولد سنة ١٢٨١
تلمذ لدى السيد محمد الأصفهاني الفشاركي والميرزا محمد تقي
الشيرازي صاحب الكفاية وغيرهم في الفقه والأصول وعند الحاج ميرزا
حسين النوري في الحديث والرجال ويروي عنه فقط وله تاليف منها كتاب
خواص الأعمال ألفه بأمر شيخه النوري ويروي عنه السيد شهاب الدين
المشهور بالنجفي الحسيني المرعشي النسابة.
(١٥٣)

الشيخ مهدي ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب كشف العطاء.
توفي في ١٤ صفر سنة ١٢٨٩
العالم الأديب أحد أعيان فقهاء عصره ورؤسائه من فقهاء العرب
المعدودين في عصره. قال في طبقات الشيعة: كان عالما فاضلا فقهيا
أصوليا مجتهدا شاعرا أديبا انتهت إليه رئاسة الطائفة الجعفرية وقام مقام آبائه
أحسن قيام وكان قوي الحافظة فيما يطالعه ليلا يقرؤه نهارا في الدرس عن
ظهر القلب ويهده هذا اخذ أوائل امره عن الشيخ احمد الدجيلي ثم عن
والده الشيخ علي وعمه الشيخ حسن وأخيه الشيخ محمد وتصدى بعده
للتدريس والتقليد وكان أوجه نظرائه واقرانه عند أئمة عصره وأعيانه مثل
الشيخ مرتضى الأنصاري لمكانة أسلافه وفوض إليه تقسيم قسم من الأموال
الهندية المعروفة بفلوس الهند. ومن معاصريه الشيخ راضي النجفي
والشيخ محمد حسين الترك الحاج ملا علي ابن ميرزا خليل والشيخ جواد
نجف وقد اشتهر امره ونشر تلاميذه الدعوة إلى تقليده في إيران والقوقاس
فقلد فيها وفي أطراف العراق وحملت إليه الأموال ومن آثاره مدرستان
كبيرتان إحداهما في النجف والأخرى في كربلاء تعرفان بمدرستي الشيخ
مهدي بناهما من أموال حملت إليه من قره طاع. اخذ عنه جماعة من
المشاهير بعده مثل الشيخ حسن المامقاني والشيخ عبد الله المازندراني والسيد
إسماعيل الصدر والشيخ فضل الله النوري والشيخ جواد الرشتي والسيد
محمد كاظم اليزدي وأمثالهم. له كتاب في الخيارات وآخر في البيع ورسالة
لعمل المقلدين. ومن شعره ما كتبه إلى الشيخ احمد قفطان وكان وعده
بشئ فتأخر:
ابشر ببر وافر * يأتيك مني عجلا
ان من غيري بالعطاء * فإنه مني بلا
وله لما ورد عبد الباقي العمري البغدادي إلى النجف ونزل على أخيه
الشيخ محمد:
قل لمن ينظم القريض مجيدا * أنت عبد لعبد عبد الباقي
انه أشعر الامام جميعا * في نواحي الشئام أو في العراق
وكان عمه الشيخ حسن قد استجد قباء وكان رجل يسمى الشيخ
عبد الحميد من خواص المترجم أراد قباء الشيخ حسن العتيق فكتب المترجم
إلى عمه هذين البيتين عن لسان الشيخ عبد الحميد:
عبد الحميد اتاك يرجو كسوة * ولكم كسوت سواه مولى عاريا
والفرد أحوط في امتثال أوامري * فانزع قميصك لا تكن متوانيا
خلف من الأولاد الشيخ صالح والشيخ امين والشيخ مولى لام
والشيخ موسى من أم أخرى ورثته الشعراء بعدة مرات فمن قصيدة
الشيخ جواد محيي الدين:
علاء م بنو العليا تطأطئ هامها * أهل فقدت بالرغم منها امامها
نعم غالها صرف المنون بفادح * عراها فأشجى شيخها وغلامها
لقد هدمت كف الردى كهف عزها * وأوهت مبانيها وهدت دعامها
وجذت لها الويلات عرنين مجدها * برغم معاليها وجبت سنامها
ومن قصيدة الشيخ احمد قفطان:
سهم رمى كبد الهدى فأصابا * مذ قيل مهدي الخليقة غابا
نبا به صك النعي مسامعي * غاصمها حيث النعي اهابا
مذ غيبوه به عيانا قلت في * تاريخه المهدي صدقا غابا
السيد مهدي ابن السيد علي ابن السيد محمد الأمين عم المؤلف
كان فاضلا كاملا بارا تقيا زاهدا عابدا قرأ في كفرة على الفقيه الشيخ
محمد علي عز الدين. ومن شعره قوله مراسلا الشيخ حسن السبيتي:
قد زاد شوقي وتذكاري واشجاني * لبلدة لم يطلها قصر غمدان
فقد حوت معشرا قد فاق فضلهم * كل البرية من انس ومن جان
هم هم لست ابغي عنهم بدلا * ولا أميل إلى صحب وخلان
لا سيما حسن الأخلاق ذا الشيم الغراء * مولى سما في الفضل والشأن
شهم تعلق قلبي في مودته * حتى هجرت له أهلي وأوطاني
واسلم ودم يا أخا العلياء في نعم * من بارئ الخلق ماكر الجديدان
فاجابه الشيخ حسن السبيتي قائلا:
هي الدار ما شوقي إليها ببارح * ولا ارتضي في غيرها جر أرادني
ففيها أناس طهر الله قدرهم * وبيعتهم عمت على الإنس والجان
ولا سشيما المهدي ذو الفضل والحجى * ومن عجزت عن فضله الشفتان
وله:
يا صاحب المجد الأثيل * وخير أرباب المفاخر
يا كنز أهل الفضل * والعليا ويا بدر العشائر
يا من غدا ونواله * في الناس مثل البحر زاخر
وغدوت مأوى للضعيف * وأنت للمظلوم ناصر
الشيخ مهدي ابن الشيخ علي خاتون الصغير العاملي
كان شاعرا أديبا طبيبا ذكره صاحب جواهر الحكم وقال: كان
عارفا أديبا من الأتقياء الأخيار يحسن الشعر ويتعاطى الطب هو وابن عمه
الشيخ محمد علي مشهوران بذلك وقد اختبرت المترجم مرارا وتكرارا
فوجدت له اليد الطولى في الطب رأيته قبض على نبض امرأة في دارنا فقاتل
لها أنت حامل بذكر وكانت لسبعة أيام من طهرها فكان كذلك والآن قد
قارب الثمانين وفيه بقية قوة ومن شعره قوله:
بميمات خمس ثم عينات أربع * وحاء ثلاث ثم فاء وجيمها
أذود صروف النائبات واتقي * شواظ إذ يصطلي بجحيمها
وكيف تمس النار من كان قلبه * وأحشاؤه فيها ولاء قسيمها
فيا عين قري بالولاء وابشري * مواليك في الأخرى ملوك نعيمها
وحق على المولى كفاية عبده * إذا كلفت عبدانه بمضيمها
أ يرضيكم يا سادتي نفس عبدكم * تغلغل في اطباقها مع لئيمها
ولمن يكن له حظ في الدنيا اه.
ومن شعره قوله مخمسا هذين البيتين حين انشدهما ابن عمه الشيخ
محمد علي بن يوسف خاتون بحضرة محمد رشدي باشا الذي قبض على
علي بك ومحمد بك الأسعد فخمسهما المترجم على البديهة فقال:
طوت وهاد الفلا بالوخد ضمرنا * للحكمدار الذي فيه تفاخرنا
(١٥٤)

فقلت لما به قد فاز ناظرنا * كانت مسامرة الركبان تخبرنا
عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر
فمذ محمد رشدي شمسه لمعت * وجدت كل الورى في واحد جمعت
وكان يحسد طرفي الاذن حيث وعت * حتى التقينا فلا والله ما سمعت
أذني بأحسن مما قد رأى بصري
السيد مهدي ابن السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض
شقيق السيد محمد المجاهد أمهما بنت الآقا محمد باقر البهبهاني.
في تتمة أمل الآمل: عالم متبحر رباني محقق مدقق بلا ثاني طويل
الباع كثير الاطلاع وكثير التشقيق في المسائل الجزئية بما لا يحوم حوله فكر
مفكر لا يجارى ولا يباري في عويصات المسائل وغوامض العلوم كان أعبد
أهل زمانه وأزهدهم كان لا يأخذ من الحقوق المنطبقة عليه مطلقا ولا يقبل
من أحد هدية مطلقا ويقال ان أحد أعيان تبريز زوجه ابنته وبذل صداقها
وجهازها من ماله فلما كانت ليلة الزفاف خرج مسرعا وطلقها فزجره أبوه
فقال يا أبت هذه العروس دنيا صرف ومهدي لا يريد عروسا هكذا وخرج
من الدار وذهب إلى المدرسة ورجعت البنت إلى دار أبيها وكان لحدة ذهنه لا
يقر رأيه على شئ ولم يفت قط وسأله ابن أخيه السيد حسين والد الميرزا
زين العابدين عمل رسالة للفتوى فاعتذر منه فاصر عليه فلما كثر اصراره
كتب ما سأله وأعطاه إياه في المسودة وقال لا تبيضها حتى ارجع من النجف
فلما رجع اخذها منه ومزقها وقال هذا ليس مما يجوز لأحد العمل به وكان
ربما اجتمع عليه الطلبة للتدريس فيمتنع فإذا رأى اصرارهم احابهم واخذ
يباحث في مسجد أبيه فيمتلئ من أكابر العلماء فيعينون المسألة ويأخذ في
ذكر الأقوال والأدلة والنقض والابرام ثم يكثر فيها الوجوه والاحتمالات
ويطول الكلام في المسألة الواحدة أياما وأشهر ثم ينقطع عن الدرس
ويذهب إلى النجف وكان كثير الذهاب إلى النجف بحيث يمكن ان يقال إن
نصف أيامه كانت في النجف وإذا كان فيه لا يراه أحد الا في الحضرة
الشريفة ولا يأذن لاحد في الدخول عليه وينقطع للعبادة وكان كثير البكاء
من خشية الله حتى أشرفت عيناه على التلف فقال له الطبيب ان البكاء يضر
عينيك فقال ما اصنع بالعين إذا لم تبك واخذ في البكاء وكان فراشه الحصير
على ما حدثني به بعض الثقات انتهى وقال بعض المعاصرين انه قرأ على
والده واشتغل بالتدريس في زمانه بأمره وقرأ عليه كل تلامذته وانحصر
التدريس في كربلاء بمجلسه كان يحضر مجلس درسه نحو المائتين وله اليد
الطولى في الجدل ولم ير مثله في دقة النظر ولشدة احتياطه لم يتصد للفتوى
والمحاكمة بين الناس ومباشرة الأمور العامة وكانت تأتي إليه الحقوق من
بلاد الهند ليفرقها على الفقراء من سكان الحائر قلا يقبلها وكان من الآمرين
بالمعروف الناهين عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم وتتبع كتب الشيخ
احمد زين الدين الأحسائي رئيس الكشفية وأورد عليه ايرادات لما وقف
على كتبه وصار الناس في عصره فرقتين شيخية وأصولية اه.
قال المؤلف: في كثير من الحالات التي مر نقلها عنه ان صحت
شذوذ ظاهر لا ينبغي نظمه في سلك المدح كعدم اخذه من الحقوق المنطبقة
عليه وأي رجحان في ترك المرء حقه مع حاجته إليه بغير مانع وعدم قبوله
الهدية وقد قبلها النبي ص وتطليقه العروس ليلة زفافها بغير ذنب يوجب لها
ذلك وعدم مراعاة كسر قلبها وقلوب أهلها الذين أحسنوا إليه هذا الاحسان
العظيم، وعدم استقرار رأيه على شئ مع ما وصف به من الفضل دليل
على نوع من الوسواس وكذلك تطويل الكلام في المسألة الواحدة أيام
وأشهر ليس في شئ من المدح ورد الحقوق الآتية من الهند وحرمان الفقراء
منها فيه ما فيه والله أعلم بحقائق الأحوال.
الشيخ مهدي ابن الشيخ علي شمس الدين
كان من فضلاء جبل عامل مقيما في مجدل سلم وفيها توفي.
قال الأستاذ محمد جابر في كتاب تاريخ جبل عامل:
الشيخ مهدي شمس الدين معروف بسعة الاطلاع والأدب الرفيع.
رأيته لأول مرة وانا شاب حدث وقد قدم النبطية فرأيت شيخا جليلا ملء
برده المهابة والوقار، بهي الطلعة حاضر الجواب. وكان يصحب في أسفاره
كيسا صغيرا من نسيج أبيض يضم كتبه وأوراقه وما يحتاج إلى مراجعته
وتدوينه في حله وترحاله. وقد كتب على ظهر الكيس الأبيات الآتية:
خمس وستون من عمري مضت حججا * أفنيت أيامها بحثا وتدريسا
ما ان أقمت نهارا نضو بلقعة * ولا رأيت بدار الجهل تعريسا
أطوف بالكيس أبواب الالى ملكوا! * روض العلى فلعلي املأ الكيسا
شعره
قال يعزي ابن أخته السيد علي ابن عمنا السيد محمود بابنة عم له
توفيت:
تبين أبا عبد الحسين أ هالك * أعيد وهل للناس دار سوى القبر
نشدتك لا تحزن لفقد التي مضت * لروح وريحان وعينيك لا تمر
وكيف وأنت المجتبي من فواطم * ومن طيب طهر يؤدي إلى طهر
فما قرضت أم الشبول وان مضت * بلى ذهبت من رحب قصر إلى قصر
تأمل تجدها في ظلال أرائك * تقيل ومن خدر تروح إلى خدر
منعمة ما راعها غير أنها * مضت لرضا الرحمن موفورة الاجر
عزاء وتاساء وصبرا وحسبة * ومثلك لا يدعى إلى خطة الصبر
وعش وتهن فالمعالي بأسرها * لباب علاء مغناك تسري على قسر
وقال يمدحه:
ترى الناس حول الفاطمي خواضعا * إذا ما احتبى يوما صدور المجالس
مرمين لا يدنون منه مهابة * ويغضون رهبا في رؤوس نواكس
كأنهم الكروان صادق أجدلا * يمد جناحا في صدور البسابس
كساه إله الخلق منه جلالة * وتلك وبيت الله أزهى الملابس
وقال مجيبا له عن كتاب:
لقد تنشقت عرف النور من حكم * قد خطها بيديه مقتدى الأمم
وبت اسحب ذيل البشر مبتهجا * بها ابتهاج امرئ عوفي من السقم
لا الفرخ مثلي إذا تم الجناح له * ولا الطليق الذي أشفى على العدم
يا خيرة الله ما بالعصر من رجل * أأرباب منطبع بر بذي رحم
كاتبت قلبا براه الرق فابتدرت * توحي التهاني إلى قلبي بنات فمي
فحمد صنعك لا توفي به هممي * وشكر فضلك لا يوفي به قلمي
وأرسل إليه هذه الأبيات إلى دمشق:
(١٥٥)

يقر بعيني ان ارى العيش في السرى * تفوق طيور الجو في البسط والقبض
تخب بمن لو سل عنه رداؤه لسل * وباري اتلخلق عن ماجد محض
علي ابن أختي من أمات ابعاده * فؤادي وبعض الوجد أهون من بعض
فيا خير مذخور لدفع ملمة * ويا روح نفسي ما مشيت على الأرض
لعمري لقد كلفت عزمك نهضة * ولم أدر ما عاق العفرني عن النهض
وقال فيه أيضا:
يا غرة في جبهة الأدهم * ونيرا اخفى ضيا الأنجم
ودرة تلمع فوق الربى * ويا غياث البائس المعدم
وقال فيه أيضا وأرسلها إليه إلى نهر السلوقي:
أضاف نهر السلوقي بعد ما انبجست * مياه غدرانه سيحون والنيلا
دعى عليا فلبى صوت دعوته * معجل السير يبغي النهر تعجيلا
بحر أناخ على نهر وأنمله * حازت على البحر تقديما وتفضيلا
والنهر فاق بمن قد حل جانبه * نهر المجرة اعظاما وتبجيلا
والريح تنسم في الوادي مرتلة * آي البشائر والافراح ترتيلا
أجل وأغصان ما بالسفح من شجر * تهدلت تبتغي للندب تفضيلا
فليهنا النهر والوادي ودام لنا * سيفا على عنق الأيام مسلولا
وقال أيضا مراسلا له:
ملكت أبا عبد الحسين مفاخرا * تعدد جهرا فوق أعواد منبر
أبا المجد طلاع الثنايا وحق من * براك باخلاق النبي المطهر
لو اسطاع هذا العاجر السير نحوكم * لأسرع اسراع الظليم المنفر
الشيخ مهدي بن علي الرشتي
كان امام الجمعة في رشت كما كان أبوه كذلك. له كتاب سراج
الطالبين في شرح معالم الدين وله كتاب حديقة العارفين إلى روضة الحق
واليقين فارسي رأينا منه نسخة مخطوطة في مكتبة شريعتمدار الرشتي في
طهران.
الحاج مهدي ابن الحاج عمران الفلوجي الحلي
كان أديبا شاعرا له عدة مرات في أهل البيت ع ذكر ذلك
الشيخ حمادي ابن نوح الحلي في ديوانه وفيه وفي اخوته يقول الشيخ حمادي:
وآل عمران أشرقوا شهبا * يجلو الدجى نسكهم تقاديسا
ويهتدي بالمهدي كل فتى * دام هداه ان ساس أو سيسا
وللمترجم قوله:
ظبي تهادى بين عشاقه * فأشرق النادي باشراقه
يهتز هز الغصن يوم الربيع * ازدلف الطل بأوراقه
فعقرب الصدع على خده * حارسه عن لثم مشتاقه
السيد مهدي ابن السيد محسن ابن السيد حسين ابن السيد محمد رضا ابن
السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي.
كان ذا فهم وقاد وفكرة قوية قرأ على السيد محمد آل بحر العلوم
صاحب البلغة وعلى الشيخ عبد الهادي الهمذاني النجفي وعلى الشيخ ملا
كاظم الخراساني صاحب الكفاية وله حاشية على المعالم في الأصول ومنظومة
مع شرحها في الأصول توفي في العشر الأول من شهر محرم سنة ١٣٣٥ عن
نيف وثلاثين سنة.
الميرزا السيد مهدي ابن الميرزا محمد ابن الميرزا حبيب الله الرضوي
المشهدي
توفي سنة ١٢٦٧
من أكابر علماء الشهداء في خراسان والمرجع في الدين هناك من
تلامذة صاحب الجواهر وهو من بيت علم وشرف ورياسة.
السيد مهدي بن محمد بن الحسن المنتهي نسبه إلى إبراهيم المجاب الموسوي
البغدادي النجفي المعروف بالسيد مهدي الكرادي
توفي في النجف في رجب سنة ١٣٢٩
قال في الطليعة: كان فاضلا جامعا أديبا بارعا شاعرا حسن البديهة
خفيف الطبع ورقيق الحاشية ظريفا فمن شعره قوله:
طاب النسيم فشعشع ذائب الراح * في جام ثغرك لا في جام أقداح
راح تجاذبني منه على شغف * كأنما هي مغناطيس أرواح
كأنما الكاس والساقي يشعشعها * مصباح نور مقل نار مصباح
وكتب إلى السيد جعفر الحلي ملغزا في اسم فرج:
يا سائلا من فتية كلهم * قد وردوا من بحره الوافر
بين لنا ما اسم على طرده * تكون له لهجة الذاكر
وثلثه الأول مع ثلثه * الثاني صنيع الرجل القاصر
وثلثه الأول مع آخر * منه طريق البادة الحاضر
وبين ثلثيه متى آخر * حل فوقت راحت الساهر
وعكسه عيب لدى الروع أو * شنشة للأسد الخادر
وعكسه وهو على طرده * ملازم للعيلم الزاخر
وان يواصل أولا آخر * سنه فعلم للفتى الماهر
فاجابه السيد جعفر على البديهة وليست في ديوانه المطبوع:
يا سيدا ما زلن أنفاسه * ينفحن بالارج العاطر
يا من له العلياء موروثة * من كابر عال إلى كابر
فرد بني العصر الذي لم يقع * على أخيه نظر الناظر
الغزت لي باسم مضامينه * ما غربت عن فكري القاصر
وكم سالت الله تكميله * من الامام الطيب الطاهر
تسكينه منه ممر الورى * من أول الحلق إلى الآخر
وأسقط الاعجام من جيمه * فهو بمعنى بهجة الخاطر
أو زدت بالاعجام من فائه * وقيته يا قوة الناظر
وله:
لله ليلتنا برملة عالج * ومواقف سلفت برمل زرود
ذهبت بطائشة الحلوم وليتها * عادت ولو لبثت كحل بنود
أ معيرة الأغصان لين قوامها * ومعيرة الغزلان لفتة جيد
تفتر عن مثل الاقاح مفلج * وفريد عقد لآلئ منضود
هتكت بطلعتها الظلام وحجبت * شمس الضحى بالمرسلات السود
نار يؤججها الغرام لبينهم * في القلب لا تنفك ذات وقود
(١٥٦)

ولكم سالت ولا مجيب ومن جوى * ناديت ليلتنا بسلع عودي
فلقد قضيت بها أعز ماربي * وبها المليحة انجزت موعودي
بتنا وقد غفل الرقيب فنلت من * مي برغم عواذلي مقصودي
الشيخ مهدي المازندراني
توفي يوم الجمعة ٣ رمضان سنة ١٣٤٢ بالنجف ودفن في الصحن
الشريف.
كان عالما فاضلا فقهيا أصوليا مدرسا تلمذ على الشيخ ملا كاظم
الخرساني وله رسالة في التصور والتصديق.
الميرزا مهدي اللاهجي النجفي
توفي سنة ١٢٩٨ بالطاعون في النجف.
كان من أفراد العلماء في الفقه والأصول والحكمة والكلام والرياضي
وعلوم الأدب مع ورع وتقوى من تلامذة الميرزا السيد محمد حسن
الشيرازي وله عدة مصنفات في الفقه والأصول والهيئة والحساب والكلام
والنحو وغير ذلك.
الشيخ مهدي الكجوري المولد الشيرازي المسكن والمدفن
توفي سنة ١٢٩٢ بشيراز ودفن في مقبرة الحاجة حافظ الشيرازي
المسماة بالحافظية.
والكجوري نسبة إلى كجور قرية من توابع نور من بلاد مازندران.
كان عالما فاضلا فقيها أصوليا متكلما حسابيا رياضيا له اليد الطولى في
العلوم الرياضية ومنها الهندسة قرأ في إيران ثم هاجر إلى النجف وقرأ على
الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وعلى الشيخ مرتضى الأنصاري وغيرهما
وبعد ان بلغ درجة الاجتهاد خرج من النجف فاجتاز بشيراز فاستطابها
وأقام بها وحصل له القبول التام من الخاص والعام وتصدى للقضاء ونفذت
احكامه ودرس وأفاد وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وألف وصنف له ١
حاشية كبيرة على رسائل شيخه الشيخ مرتضى مطبوعة مبسوطة مرغوبة كان
يعرضها عليه فيستحسنها ٢ رسالة في الرد على رسالة دليل المتحيرين
للسيد كاظم الرشتي.
خلف أربعة أولاد الشيخ جعفر من تلامذة الميرزا الشيرازي والشيخ
أبو القاسم والشيخ عبد المجيد والشيخ عبد الحميد.
الشيخ مهدي ابن الشيخ محمد حسين الخالصي
ولد في الكاظمية سنة ١٢٧٦ وتوفي في المشهد الرضوي سنة ١٣٤٣
ودفن في دار السيادة في غرفة قريبة من مرقد الإمام الرضا وأقيمت له المآتم
الحافلة في إيران والعراق وغيرهما.
أسرته
تسكن أسرته الكاظمية والخالص وهي أسرة علمية دينية أخرجت
عددا من العلماء وكان والده وجده عالمين.
أساتذته
تلقى علومه في بلدة الكاظمية والنجف الأشرف وسامراء على علماء
مشهورين منهم والده الشيخ عباس الجصاني والشيخ محمد حسين الكاظمي
والميرزا حبيب الله الرشتي والميرزا محمد حسن الشيرازي.
مؤلفاته
له منظومات في العلوم العربية المختلفة تبلغ ألف بيت، وله ما يقرب
من العشر الرسائل مختصرة وله كتاب تلخيص الرسائل للشيخ مرتضى
الأنصاري لخصها في أربع كراسات، وحاشية على كتاب الكفاية للخراساني
، وتعليقة على كتاب الطهارة وكتاب المنحة الآلهية في رد مختصر ترجمة
التحفة الاثني عشرية في ثماني اجزاء. وكتاب العناوين في الأصول،
وكتاب الشريعة السمحاء، ومختصر الرسائل فارسية، وكتاب القواعد
الفقهية.
جهاده في الحرب العامة وبعدها
لما هاجم الإنكليز العراق اعتقد مع غيره من العلماء وجوب الجهاد
فافتي بذلك وسار مع جماعة من العلماء إلى ميدان الحرب لتثبيت اقدام
الجيش وحثهم على المقاومة ثم رافق الجيش بنفسه في جبهة الحويزة وقد
شارك بعد الاحتلال في الثورة العراقية على الإنكليز وبعد خمود الثورة
واعلام الملكية والدعوة إلى انتخاب المجلس التأسيسي كان من رأيه مقاطعة
الانتخابات فدعا إلى ذلك علنا فقررت الحكومة القائمة آنذاك ابعاده إلى
خارج العراق ولما وصل إلى عدن كانت جهات كثيرة قد تدخلت لاطلاق
سراحه فاطلق سراحه في عدن غير أنه قصد مكة المكرمة وبعد ان أدى
فريضة الحج قفل راجعا إلى إيران واختار المشهد مقاما له حتى وفاته.
مراثيه
رثي بشعر كثير فما رثي به من قصيدة لجميل الزهاوي:
فجعتنا حوادث الأيام * بأبي الشعب حجة الاسلام بمحب الاسلام
بالمصلح الأكبر * بالحبر بالعميد الهمام
بعد ان فاض يملأ الأرض خصبا * غاض بحر يا للرزية طامي
وهوى من علوه في دوي * علم شامخ من الاعلام
كان فردا ورب فرد عظيم * هو قوم وليس كالاقوام
وحد الشعب في العراق جميعا * بعد خلف فيه وبعد انقسام
قد وجدنا شهر الصيام كئيبا * لنعي أتى بشهر الصيام
وقال الحاج عبد الحسين الآزري من قصيدة:
نعيك هز ارجاء البلاد * وفقدك فت في عضد الرشاد
ولم نر مثل يومك بات يومك * يمثل بيننا هول المعاد
أقام لك المأثم كل صقع * وغص برزء فقدك كل ناد
واعلام خفقن عليك سودا * تذكرنا نفورك للجهاد
وراع الناس نعيك فاستجاروا * بآتية المدامع والسهاد
فمن باك عليك وكان يرجو * ايابك للحمى بعد البعاد
ومن متردد بنواك راحت * تهيم به الظنون بكل واد
ومن متطلع بالأفق ليلا * يحاول ومض برق منك هاد
عهدتك غير مكترث لخطب * ولو هوت السماء على الوهاد
(١٥٧)

تمر بك الخطوب فتزدريها * كأنك قد أمنت من العوادي
ويعروك الأسى فتزيد بشرا * كأنك منه ترغب بازدياد
خدمت الدين لا طلبا لجاه * ولا طمعا بمال أو عتاد
أ لم تكس العفاة وأنت عار * وترو الظامئين وأنت صاد
بذلت النفس في اصلاح قوم * طباعهم تميل إلى الفساد
متى عطفت على الأزهار دار * نبات حقولها شجر القتاد
لقد عادتك مذ عرفتك حرا * وحد السيف يعرف بالجلاد
فدعها وليطب لسواك فيها * رغيد العيش من باع وعاد
على الزوراء كم لك من جميل * بنهضتها وكم لم من اياد
فلا تأسف فما حي بباق * وهل تنجو الزروع من الحصاد
وقال معروف الرصافي من قصيدة:
نعي الخالصي فارتجت الأنفس * حزنا مضرجا بحماسه
هو ذاك المهدي أحرز سبقا * حين اجرى إلى الهدى أفراسه
هو ذاك الحبر كان للشرع * مقيما دليله وقياسه
كان في الدين آية الله افنى العمر * فيه رعاية وحرسه
ان بكاه الدين الحنيفي شجوا * فلان كان ركنه وأساسه
كان ردأ للحق مرتدي التقوى * فكانت طول الحياة لباسه
ولقد كان في العلوم إماما * حيث فيها انتهت إليه الرياسه
الشيخ مهدي ملا كتاب
مضى بعنوان الشيخ مهدي ابن الشيخ جواد.
السيد مهدي ويقال مهدي ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسني
البروجردي المعروف ببحر العلوم الطبطائي من نسل إبراهيم الملقب
طباطبا من ذرية الحسن المثنى
ولد بكربلا ليلة الجمعة في شوال سنة ١١٥٥ وتوفي بالنجف الغروي
سنة ١٢١٢ ودفن قريبا من قبر الشيخ الطوسي وقبره مشهور.
أقوال العلماء فيه
هو الامام العلامة الرحلة رئيس الامامية وشيخ مشايخهم في عصره
نادرة الدهر وإمام العصر الفقيه الأصولي الكلامي المفسر المحدث الرجالي
الماهر في المعقول والمنقول المتضلع بالاخبار والحديث والرجال التقي الورع
الأديب الشاعر الجامع لجميع الفنون والكمالات الملقب ببحر العلوم عن
جدارة واستحقاق ذو همة عالية وصفات سامية ونفس عصامية واخلاق
كريمة وسخاء هاشمي ورياسة عامة. قال أبو علي محمد بن إسماعيل في
رجاله منتقي المقال: السيد السند والركن المعتمد مولانا السيد مهدي
ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسني الحسيني الطباطبائي النجفي
أطال الله بقاءه وادام علوه ونعماءه الامام الذي لم تسمح بمثله الأيام وعقمت
عن انتاج شكله الأعوام سيد العلماء الأعلام ومولى فضلاء الاسلام
وعلامة دهره وزمانه ووحيد عصره وأوانه، ان تكلم في المعقول قلت هذا
الشيخ الرئيس أو في المنقول قلت هذا المحقق العلامة في الفروع والأصول
أو ناظر في الكلام قلت: هذا علم الهدى أو فسر القرآن المجيد قلت إنه
الذي انزل عليه اه.
وقال بعض أهل العصر: أما وفور تبحره وتوسع علمه وإحاطته
بالفنون وحقائقها وتوغله في تنقير أعماق المطالب وكشف دقائقها فشئ
يبهر العقول كما هو ظاهر لمن راجع مصابيحه في الفقه حتى قال تلميذه
السيد صدر الدين العاملي عند ذكره: وهو عند أهل النجف أفضل من
الأستاذ الأكبر الشيخ جعفر قفال: وهو ليس عندي ببعيد. وقال
تلميذه الآخر الشيخ أسد الله في المقاييس عند ذكر مشايخه: ومنهم
الأستاذ الشريف ثمرة الدهر وناموس العصر.
أحواله
قرأ مدة على والده في كربلاء وعلى الشيخ يوسف البحراني ثم انتقل
إلى النجف سنة ١٦٦٩ وعمره ١٥ سنة تمام سن البلوغ كما ذكره في بعض
مجاميعه وتلمذ على جماعة من فضلائها منهم الشيخ مهدي بن بهاء الدين
محمد الفتوني العاملي والشيخ محمد تقي الدروقي وغيرهما ثم عاد إلى
كربلاء واشتغل على الآقا محمد باقر البهباني ثم رجع إلى النجف وأقام بها
قال أبو علي: وداره الميمونة الآن محط رحال العلماء ومفزع الجهابذة
والفضلاء وهو بعد الآغا البهبهاني إمام أئمة العراق وسيد الفضلاء على
الاطلاق إليه يفزع علماؤها ومنه يأخذ عظماؤها وهو كعبثها التي تطوي
إليها المراحل وبحرها الذي لا يوجد له ساحل مع كرامات باهرة وماثر آيات
ظاهرة اه.
ولما عاد إلى النجف كان قد اجتهد في الفروع والأصول وبرع في
المعقول والمنقول مع مشاركة جيدة في الأدب وسائر الفنون فرأس فيها
وأذعن له جميع معاصريه في ذلك وصارت الرحلة إليه من سائر الأقطار
وجدد دولتي العلوم والآداب وأحيا ماثر الأسلاف والأصحاب وخرج جماعة
من مشاهير العلماء والأدباء وأثمرت سائر الفنون على عهده مما يقل نظيره الا
في الأدوار مضافا إلى ما اتفق على عهده من سخاء هذا العصر بكثير من
الأفاضل والأماثل من معاصريه أعانوا في هذه النهضة فكان والي العراق إذ
ذاك سليمان باشا الشهير وأمير العرب حمد آل حمود شيخ خزاعة المشهور
بدهائه ومواهبه العظيمة ومن علمائه الفتوني العاملي والدورقي والبهبهاني
والشيخ يوسف البحراني والشيخ جعفر والسيد جواد العاملي والشيخ
حسين نجف. ومن شعرائه وأدبائه الفحام وآل الآزري وآل النحوي
والشيخ علي زيني والسيد محمد زيني وآل الأعسم والشيخ مسلم بن عقيل وغيرهم
كثير وقد لاحظ هو مزايا عصره هذا فكان يفتخر بذلك ويرى انه غرة شاذة
في جبين العصور، وقد كان على جانب عظيم من مكارم الأخلاق تقيا كبير
النفس علي الهمة سخيا مجتهدا مخلصا يكره التزلف والرياء ويؤثر الحقائق
على الظواهر واللباب على القشور. ويعتقد السواد الأعظم إلى الآن انه من
ذوي الاسرار الإلهية الخاصة ومن اولي الكرامات والعنايات والمكاشفات
ومما لا ريب فيه انه كان ذا نزعة من نزعات العرفاء والصوفية يظهر ذلك من
زهده وميله إلى العبادة والسياحة.
سيرته
كان يحب الشعر وانشاده فيستنشد الشعراء ويرتاح إلى محاضراتهم
ومطارحاتهم ويحكمونه بينهم ويمدحونه فيجيزهم الجوائز الجليلة
وهو نفسه شاعر مطبوع ينظم الشعر كثيرا ويجاري الشعراء في محاضراتهم
(١٥٨)

ومطارحاتهم، خمس الشيخ محمد رضا النحوي أحد شعراء ذلك العصر
مقصورة ابن دريد وجعلها في مدحه فسال بكم أجاز الشاة ابن ميكال ابن
دريد على هذه القصيدة فقيل بألف دينار فاجازه بألف تومان ذهبا ولاة يمنعه
ما هو فيه من الزعامة والإمامة والاشتغال بالأمور العامة عن صرف شئ
من غالي وقته في مثل ذلك وكانت داره مجمع العلماء والأدباء يجري فيها من
المحاضرات والمسامرات والنوادر والملح الشئ الكثير مثل معركة الخميس
ومسالة التحكيم.
وقلده في الميل إلى ذلك غير واحد من معاصريه فكان أكثر شعراء
ذلك العصر علماء وأكثر علمائه شعراء كل ذلك ببركة أنفاسه وقد تخرج
عليه كثير من الفريقين فمن العلماء الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء
والشيخ حسين نجف والسيد جواد العاملي وابن عمه السيد حسين العاملي
والسيد مرتضى الطباطبائي والسيد محسن الأعرجي والشيخ محمد علي
الأعسم والشيخ حسن نصار كل هؤلاء فصحاء بلغاء أدباء ومن تصفح
آثارهم مثل المحصول وكشف الغطاء ومفتاح الكرامة علم من بلاغة
عباراتهم صحة ما نقول واما الأدباء فمثل من ذكرنا من آل الفحام والنحوي
والأعسم والأزري وغيرهم.
وبعد رحلته للنجف بسبع عشرة سنة زار المشهد الرضوي في ذي
القعدة سنة ١١٨٦ وهي سنة الطاعون كما ذكره في بعض مجاميعه وفي هذه
الزيارة لقبه الميرزا مهدي الشهيد الخراساني ببحر العلوم وبقي هذا اللقب
لازما له إلى اليوم ورجع إلى النجف أواخر شعبان سنة ١١٩٣ فكانت مدة
هذه السفرة سبع سنين وفي تلك السنة حج بيت الله الحرام الحجة الأولى
ولما ورد مكة المشرفة جعل يدرس بالمذاهب الأربعة وكان لا يكاد يفارق
مكانا الا ترك اثرا فيه وآثاره من هذا القبيل كثيرة. وقد وضع في حجته
هذه أو في التي بعدها العلامات الكافية لأداء الحجاج المناسك على وفق أهل البيت
ع التي بقيت بعده يستفيد بها الخلق وعين المواقيت في حدود
الاحرام للحج والعمرة والمزدلفة والمشاعر وأظهر منها ما كان مخيفا وحسبك
بذلك علو همة وثبات جاش في ذلك العصر الذي ساد فيه التعصب
والنصب. ثم حج في السنة التي بعدها سنة ١١٩٤ ورجع من مكة المشرفة
إلى النجف سنة ١١٩٥ وقيل في تاريخ ذلك ظهر المهدي ومدة السفرين
اي سفر الزيارة وسفر الحج تسع سنين هكذا وجد بخطه الشريف الذي
كتبه سنة ١٢٠٥ في بعض مجاميعه قال: ومدة ما مضى من العمر إلى هذا
خمسون سنة وتسعة أشهر ومدة الإقامة الثانية في النجف عشر سنين وفقنا
الله لتدارك الماضي والسعي للباقي اه
والتواريخ السابقة تبطل ما اشتهر من أنه بقي في الحجاز سنة كاملة
الا ان يكون بقي في كل سفرة قبل الحج وبعده نحو ستة أشهر وهو غير
بعيد، ودفن ارض مسجد الكوفة وكانت ارضه الأصلية مساوية لأرض السفينة
وارض السرداب المعروف ببيت الطشت وعين المقامات في المسجد وبنى فيها
العلامات والمحاريب كما هي اليوم ووضع المحاريب الحاضرة فوق المحاريب
الأصلية ووضع صخرة في محراب النبي ص وهي بمنزلة الشاخص لمعرفة
الأوقات وهي عامود من الرخام وبني في هذا المسجد أيضا الحجر للقاصدي
ن وبنى القبة التي في مسجد السهلة وعين انها مقام الحجة وعين قبر هود
وصالح في وادي السلام وكان بالقرب من المكان الموجود اليوم. وبلغ من
شدة تقواه وورعه وسمو أخلاقه وحبه للاصلاح تقسيم الوظائف الدينية على
علماء بلده فكان يرشد إلى تقليد الشيخ جعفر ويأمر بالصلاة خلف الشيخ
حسين نجف وبالمرافعة إلى الشيخ شريف محيي الدين ويأمر صاحب مفتاح
الكرامة بالتأليف وكان يدرس الوافي من كتب الاخبار فيأتي بفوائد جمة لم
تصل إلى أكثرها الأنظار ودون تلميذ السيد جواد العاملي صاحب مفتاح
الكرامة بأمره أبحاث درسه تلك فكانت من أنفس ما كتب في هذا
الموضوع.
واستخرج في علم الرجال فوائد متبركة ذهل عنها القدماء وابتعه فيها
المتأخرون وذكر في أحوال الرجال الذين جمعهم في كتابه فوائد وتنقيبات
ليست لغيره. فمما ابتكره ما حققه ان إسحاق بن عمار ليس هو ابن
الساباطي وليس فطحيا كما كان عليه الفقهاء والمحدثون إلى ذلك الوقت
فأبان في كتاب رجاله بأدلة جلية كثيرة ان عمار الساباطي الفطحي ليس هو
والد إسحاق بن عمار وليس إسحاق فطحيا وان سبب توهم العلماء سهو
صدر من قلم الشيخ في فهرسته عند ذكر ترجمة إسحاق بن عمار، فزاد
الساباطي لما هو متكرر في ذهنه من ذكر عمار الساباطي الفطحي فسبق
قلمه إلى ذكر الساباطي والفطحي بعد عمار فتبعه الناس في ذلك ولم يتنبه
لذلك غيره من عصر الشيخ إلى عصره الذي كان بفحول العلماء، وبالجملة:
فمناقب هذا الامام العظيم جمة وفضائله كثيرة تعسر الإحاطة
بها.
مشايخه
قد عرفت انه قرأ على أبيه وعلى الشيخ يوسف البحراني وعلى الوحيد
البهبهاني الآغا محمد باقر وهو أكبر أساتيذه وعلى الشيخ مهدي الفتوني
العاملي والشيخ محمد تقي الدورقي، ويروي بالإجازة عن البهبهاني
والبحراني وعن محمد باقر الهزارجريبي والشولستاني والسيد حسين
الخوانساري المتوفي سنة ١١٩١ والسيد عبد الباقي الأصبهاني سنة ١١٩٣
والسيد حسين ابن السيد محمد إبراهيم الحسيني القزويني ١١٩٤
تلاميذه
تلمذ عليه جماعة منهم الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء والسيد
جواد صاحب مفتاح الكرامة وابن عمه السيد حسين ابن السيد أبي الحسن
موسى الحسيني العاملي والشيخ عبد النبي القزويني صاحب ذيل أمل الآمل
ويروي عنه إجازة ويروي عنه بالإجازة أيضا السيد عبد الكريم بن محمد
جواد بن عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري والسيد حيدر بن
الحسين بن علي الموسوي اليزدي والآقا محمد بن محمد صالح اللاهجي
والسيد دلدار علي بن محمد معين النقوي الهندي النصيرآبادي والشيخ
محمد حسن ابن الحاج معصوم القزويني الحائري صاحب رياض الشهادة
وغيرهم، ولا يبعد ان يكون هؤلاء أيضا أو أكثرهم من تلاميذه في
القراءة.
الراوون عنه بالإجازة
الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء والسيد جواد صاحب مفتاح
الكرامة وملا احمد النراقي والسيد محسن صاحب المحصول والسيد محمد
المجاهد المتوفى سنة ١٢٤٢ والسيد محمد رضا شبر والد السيد عبد الله شبر
المتوفي سنة ١٢٣٠ والسيد أبو القاسم الخوانساري جد صاحب روضات
الجنات والشيخ أسد الله التستري صاحب المقابيس والشيخ تقي محمد
(١٥٩)

الشهير بملا كتاب الأحمدي البياتي والميرزا داود والشيخ محمد تقي الأصفهاني
صاحب حاشية المعالم والميرزا شفيع التبريزي الطباطبائي والميرزا محمد
النيسابوري الأخباري والسيد صدر الدين العاملي والسيد باقر ابن السيد
احمد القزويني النجفي المتوفي سنة ١١٩٩ والشيخ عبد علي بن أسد علي
الرشتي النجفي شارح الشرائع والمولى محمد حسن ابن الحاج معصوم
القزويني الحائري المتوفى سنة ١٢٤٠ والشيخ محمد سعيد ابن الشيخ يوسف
الدينوري والشيخ عبد النبي القزويني اليزدي صاحب تتمة أمل الآمل
المتوفى سنة ١٢٠٠ والميرزا عبد الوهاب والسيد عبد الكريم حفيد السيد
نعمة الله الجزائري المتوفي سنة ١٢١٥ والسيد حيدر ابن السيد حسين
اليزدي النيسابوري المتوفي في حدود سنة ١٢٦٠ والآقا محمد بن محمد
صالح اللاهجي والسيد دلدار علي ابن السيد محمد صالح اللاهجي والسيد
دلدار علي ابن السيد محمد معين الهندي النصيرآبادي المتوفى سنة ١٢٣٥
والشيخ عبد علي بن محمد بن عبد الله البحراني الخطي تاريخ الإجازة سنة
١١٩٩ والسيد محمد باقر حجة الاسلام الرشتي والحاج ملا أسد الله
البروجردي والشيخ عبد الرحيم البروجردي نزيل طهران والشيخ عبد
الرحيم ساكن المشهد الرضوي والسيد محمد باقر العراقي السلطان آبادي
والشيخ ملا علي البروجردي والأخوند ملا حسن والآقا باقر الشيخ محمود
السلطان آبادي الطهراني وميرزا ضياء الدين ساكن قلعة من اعمال بروجرد
وملا احمد الخوانساري ساكن ملاير والملا محمد علي المحلاتي ساكن شيراز
والملا محمد تقي الكلبايكاني المتوفي في النجف والسيد علي البروجردي.
مؤلفاته
١ المصابيح في الفقه ثلاثة مجلدات ٢ الفوائد في الأصول
٣ مشكاة الهداية لم يخرج منه الا الطهارة عليه شرح لتلميذه الشيخ
جعفر باقتراح منه ٤ كتاب الرجال متداول وبين نسخه اختلاف فكانه
بعد ان استنسخه الناس غير منه وزاد فيه ونقص منه مرتب على حروف
المعجم لكنه لا يذكر فيه جميع الرجال بل من له في أحوالهم شئ لم يذكره
غيره عندنا منه نسخة وجدناها في جبل عامل وقد خرم أولها فعرفنا من
نفسها انها رجال السيد ولم نكن رأيناها قبل ٥ الدرة النجفية أرجوزته
المشهورة سيدة الأراجيز في الفقه لم يسبق إلى مثلها عني بها كثير من الفقهاء
من بعده وطبعت غير مرة وعليها شرح للميرزا محمود الطباطبائي البروجردي
مطبوع في مجلدين وعليها شرح لجدنا السيد علي لم يتم ٦ رسال في العصير العنبي
مدرجة في كتاب المصابيح ٧ رسالة في العصير الزبيبي ٨ رسالة في
معرفة الباري تعالى فارسية وفي تتمة أمل الآمل انها ليست به على التحقيق
اه والظاهر أنها في الرسالة التي في السير والسلوك وهي مشتملة على
أمور تناسب التصوف ولا توافق الشرع فلذلك جزم بعدم صحة نسبتها إليه
وقد أخبرنا السيد أبو القاسم الموسوي الرياضي انه رأى نسخة منها كتب
عليها انها للسيد ابن طاووس مع فساد هذه النسبة قطعا ومما يوجد فيها انه
عند قول إياك نعبد وإياك نستعين يلزم ان يستحضر صورة المرشد وان فيه
الاستعانة بروحانية عطارد وانه استشهد بهذه الأبيات:
عطارد أيم الله طال ترقبي * صباحا مساء كي أراك فاغنما
فها انا فامنحني قوى أدرك المنى * بها والعلوم الغامضات تكرما
في أبيات أخر ٩ شرح الوافية خرج منه بحث الحقيقة والمجاز
١٠ رسالة مناظرته ليهود في ذي الكفل ١١ تحفة الكرام في تاريخ
مكة وبيت الله الحرام ١٢ مناسك الحج ١٣ مبلغ النظر في حكم
قاصد الأربعة في السفر اوردها بتمامها السيد جواد العاملي في صلاة مفتاح
الكرامة ١٤ حاشية على طهارة الشرائع ١٥ قواعد الشكوك ١٦
الدرة البهية في نظم رؤوس المسائل الأصولية على سبيل الاختصار ١٧
أجوبة عن مسائل في الحج ١٨ حاشية على ذخيرة السبزواري ١٩
رسالة في انفعال الماء القليل ٢٠ ديوان شعره بخطه ٢١ تقرير بحثه
في الوافي للسيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة ٢٢ كتاب القضاء
تقرير بحثه للآغا محمد علي ابن الآغا محمد باقر الهزارجريبي وذكر في
مؤلفاته شرح جملة من أحاديث التهذيب للشيخ الطوسي باملائه وتقريره.
أولاده
أعقب السيد رضا والسيد حسين والسيد محمد تقي.
مراثيه
رثاه جل العلماء وأكثر الشعراء فمن مرثية السيد احمد العطار:
أف لدهر ما رعى * حرمة آل المصطفى
ينفث سهم غدره * بقصد آساد الشري
إلى أن قال في التاريخ:
قد صدعت لما نأى * المهدي أركان الهدى
ومن مرثية الشيخ هادي ابن الشيخ احمد النحوي:
مضى السيد المهدي فليبك من بكى * من الدين والاسلام والمجد والفخر
وأي فتى ساء الهدى يوم أرخوا * لفقد المهدي دمع الهدى يجري
ومن مرثية تلميذه السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة:
سلام على الاسلام من بعد أهله * فقد غل فيه كل عات ومعتدي
وراح فؤاد الدين ينعى مؤرخا * عليك سلام الله يا خير سيد
ومن مرثية السيد محمد زيني:
اليوم جدد رزء آل محمد * وقضى بحزن للأنام مجدد
حاولت أعلى القول في تاريخه * بمصيبة المهدي ناح المهتدي
وقصدت ثاني ما نظمت مؤرخا * ودعت يا مهدي شرع محمد
أشعاره
قال:
مهما نسيت فلا أنس الحسين وقد * كرت على قتله الأفواج والزمر
كم قام فيهم خطيبا منذرا وتلا * آيا فما أغنت الآيات والنذر
هل من نصير محام أو أخي حسيب * يرعى النبي فلا حاموا ولا نصروا
تلك الرزايا لو أن القلب من حجر * أصم كان لأدناهن ينفطر
وقال:
ودائع المصطفى اوصى بحفظهم * فضيعوها فلم تحفظ ودائعه
صنائع الله بدءا والأنام لهم * صنائع شد ما لاقت صنائعه
أزال أول أهل البغي أولهم * عن موضع فيه رب العرش واضعه
كل الرزايا وان جلت وقائعها * تنسى سوى الطف لا تنسى وقائعه
وله في رثاء مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة رضوان الله عليهما:
عين جودي لمسلم بن عقيل * لرسول الحسين سبط الرسول
(١٦٠)

شهيد بين الأعادي وحيد * وقتيل لنصر خير قتيل
وقليل من مسلم طلع دمع * لدم بعد مسلم مطلول
كان يوما على الحسين عظيما * وعلى الآل اي يوم مهول
كم فدى بالنفوس آل علي * آل خير الأنام آل عقيل
آل من كان للحبيب حبيبا * كابي طالب أبيه النبيل
خصه المصطفى بحبين حب * من أبيه له وحب أصيل
قال فيه الحسين اي مقال * كشف الستر عن مقام جليل
ابن عمي أخي ومن أهل بيتي * ثقتي قد أتاكم ورسولي
فاتاهم وقد أتى أهل غدر * بايعوه وأسرعوا في النكول
تركوه لدى الهياج وحيدا * لعدو مطالب بذحول
أسلموا مسلما إليه وطاروا * لا ترى غير مسلم وخذول
صال كالليث ضاربا كل جمع * بشبا حد سيفه المسلول
فرأى القوم منه كر علي * عمه في النزال عند النزول
أسد الملتقى وليث عرين * وهزبر الوغى وضرغام غيل
كان يرمي الرجال من فضل أيد * فوق عالي البناء كالسجيل
حفروا في السبيل زبية ليث * إذ رأوا منه ضيغما في السبيل
فتردى بها فاضحى أسيرا * لم ير الليث في الزبى من مقيل
لست أنساه وهو يوصي ابن سعد * ان يرد الحسين قبل الوصول
لم يجد للوفاء فيهم وصولا * فترجى به وفاء وصول
وهوى الجسم للصعيد نزولا * وعلا الروح صاعدا للجليل
فهو النجم قد هوى من سماء * بل هو الشمس قد هوت للأفول
إلى أن يقول في هانئ:
أدرك المصطفى ووالى عليا * وبنيه الهداة ولد البتول
وحمى مسلما بأمنع جبل * وجوار ومنزل ومقيل
كان في ذاك حافظا لذمار * وذمام وحرمة للنزيل
ولقربى الرسول إذ كان فرضا * حبهم في كرائم التنزيل
فعلى مسلم وهان سلام * يتتالى من السلام الجليل
رضي الله عنهما برضاه * لرضاء الرسول وابن الرسول
وبنصر الحسين وهو بعيد * وبجهد على الوفا مبذول
وبما حل من جميل بلاء * وبصبر على البلاء جميل
سعد الفائزون بالنصر يوما * عز فيه النصير لابن البتول
أحسنوا صحبة الحسين وفازوا * أحسن الفوز بالحباء الجزيل
صبروا للنزال ضحوة يوم * ثم باتوا بمنزل مأهول
وأصيبوا بقرب ورد ظماء * فأصابوا الورود من سلسبيل
أبدلوا عن حرور يوم تقضى * جنة الخلد تحت ظل ظليل
سبقوا في المجال سبقا بعيدا * وبقينا نجول في التاميل
ما لنا غير اننا نتمنى * ونمني النفوس بالتعليل
ليتنا وهل ليت فيها * بلغة النفس أو شفاء الغليل
ضيعوا عترة النبي وامسوا * وهم بين قاتل وخذول
اي خطب عراهم ودهاهم * راح بالدين منهم والعقول
وله قصيدة طويلة في رد مروان بن أبي حفصة ثم إنه اختصر ذلك
واقتصر على أصل الجواب بزيادة يسيرة وتغيير قليل فقال:
ألا قل لمروان الحمار أخي الجهل * ومن باع رشد النفس بالرفد والبذل
هجوت عليا ذا الفضائل والعلى * لحتك اللواحي ما اعتذارك للفضل
وبعت الهدى والعقل من أجهل الورى * فيا صفقة المغبون من ضيعة العقل
فأصغ إلى قولي وهل انا مسمع * غداة أنادى الهائمين مع الوعل
علي أبونا كان كالطهر جدنا * له ما له الا النبوة من فضل
وبلغ فيه المصطفى أمر ربه * على منبر بالمنطق الصادق الفصل
وانزله منه بمنزلة مضت * لهارون من موسى بن عمران من قبل
وكان الأخ البر المواسي لنفسه * ومن لم يخالفه بقول ولا فعل
وأول من صلى وآمن واتقى * واعلم خلق الله بالفرض والنفل
وأشجعهم قلبا وأبسطهم يدا * وأرعاهم عهدا وأحفظ للأل
أباه أباة الفضل وانطلقوا إلى * هواهم وضلوا عاكفين على العجل
أبوا حيدرا إذ ليس فيهم مشاكل * له في العلى والشكل أميل للشكل
أبوه ويأبى الله الا الذي أبوا * وهل بعد حكم الله حكم لذي عدل
له في العقود العاقدات له الولاء * من الله عقد مبرم غير منحل
وفي بعض المجاميع انه لما توجه السلطان سليمان إلى العراق أتى إلى
زيارة أمير المؤمنين ع فلما بدت له القبة الشريفة أراد ان يترجل
هيبة واجلالا فقال له الوزير ان الترجل لا يليق بك لأنه سلطان وأنت
سلطان فاتفق رأيهما على التفؤل بكتاب الله ففتحه السلطان فوقع نظره على
قوله تعالى فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى فترجل وامر بضرب
عنق الوزير ومشى حافيا فانشد مؤدب السلطان حينئذ بيتي التهامي:
تزاحم تيجان الملوك فبابه فصار البيتان مطرحا بين العلماء والشعراء
فخمسهما جمع من الفضلاء فقال المترجم:
تطوف ملوك الأرض حول جنابه * وتسعى لكي تحظى بلثم ترابه
فكان كبيت الله بيت علاء به * تزاحم تيجان الملوك ببابه
ويكثر عند الاستلام ازدحامها
أتته ملوك الأرض طوعا وأملت * مليكا سحاب الفضل منه تهللت
ومهما دنت زادت خضوعا به علت * إذا ما رأته من بعيد ترجلت
وان هي لم تفعل ترجل هامها
وقال مشطرا بيتي الشافعي:
يا أهل بيت رسول الله حبكم * حب الرسول ومن بالحق أرسله
اجر الرسالة عند الله ودكم * فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر انكم * قد أكمل الدين فيكم يوم اكمله
وانكم بشهادات الصلاة لكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له
وله قصيدة في نعت طريق الحماد وتعرف بالحمادية:
قم علل النفس حادي * واحمد طريق الحماد
نهج إلى الحق يهدي * ما بين هاد وهادي
نهج كلا طرفيه * يهدي سبيل الرشاد
حيث اتجهت ففيه * بلوع اقصى المراد
في وجهته جميعا * كعبة قصد العباد
يحكي السرى باجتهاد * تهجيره باقتصاد
تطوي به البيد وخدا * لشوقهن الهوادي
تخالهن نسورا * حلقن للاصطياد
أو خلتهن بروقا * يلمعن في بطن واد
ثماده الغمر يربو * على السحاب الغوادي
كأنما الغيث فيض * من بعض ذاك الثماد
(١٦١)

ما الرافدان بأحلى * منه على قلب صادي
صل المسير أو أفصل * وجئ لذاك بزاد
زاد لخير طريق * من خير زاد المعاد
ولا تمر بدار * في قرية أو بلاد
فان دهاك عدو * فلذ بجنب الحماد
ولا تصوب فتخطي * الرشاد بالاجتهاد
واها لخير طريق * تطرقته الأعادي
عاثت به كل حين * وأمعنت في الفساد
ابعدها الله عنه * بعد ثمود وعاد
خير بهم أهل * القرى خير البلاد
أهل الحفائظ منهم * طلاع كل نجاد
شاكي السلاح هزبر * طويل حبل النجاد
قد امتطى ظهر مجد * على ظهور الجياد
يقدمهم يوم بؤسي * شمردل ذو اجتلاد
دون انتكاس لواه * في الروع خرط القتاد
واستصرخ الحي أ يا * تراه في اي ناد
وقل لهم قد رقدتم * والقوم خلف السهاد
عاد حماكم طريقا * لكل باع وعاد
ذؤبان كل قبيل * جمعن من كل واد
شنوا الاغارة فيه * برائح بعد غاد
أ ما تقيموا بذل * أو تصبروا للجلاد
فان توانوا وذلوا * فقل لهم قول هاد
ذلت وهانت أناس * غزوا بعقر البلاد
ما أفلح الدهر قوم * تصاغروا للأعادي
فاستنصحوني فاني * نصيح أهل الرشاد
إياكم من خلافي * فقد بذلت اجتهادي
وله وهي الفرقدية:
خليلي خلتكما تحسدان * على القرب بينكما والتدان
وحسن ائتلاف بناد حكي * بلطفكما فيه لطف الجنان
وتطريز ما رق من نكتة * وما راق منها بسحر البيان
ونثر كنثر نجوم السما * ونظم كنظم عقود الجمان
بلفظ الرضي ومعنى الصفي * وطور البديع الزمان
فليس كمثلكما في الوفا * شقيقا الولادة والتوأمان
ولا في الطباع وقرب المذاق * قرينان كانا رضيعي لبان
ولا في التقارب عند السباق * إذا جالت الخيل خيل الرهان
وكم جلت بالطرف كما ارى * نظيرا فعز النظير المدان
ولم أر في الأرض من مشبه * فأطلقت نحو السماء العنان
وقلت لئن كان فيها ولا * يكون فذلكما الفرقدان
فلم أر للشبه مثيلهما * واني يضاهيكما الكوكبان
فليس المسخر في قربه * كمن قد دعاه الهوى للتدان
ولو كان قربهما عن هوى * لزادا اقترابا ولا يقربان
وقد حرم الوصل مذ كونا * على الفصل بينهما في المكان
ولم ير قط أخ منهما * أخاه ولا حان منه الحنان
يواريهما النيران ولا * يواري ضياءكما النيران
ويخفى ويظهر نوارهما * ونوركما ظاهر مستبان
قصير مداراهما في السما * وان مداريكما الأطولان
يدوران في التيه أو منتهى * مسيرهما فيه ما يبدئان
وحاشاكما ان تتيها وان * تضلا السبيل كما يفعلان
وانهما في صعود وفي * هبوط وما زلتما تصعدان
ولا زال يهفو حناناهما * كما لا تزالان ثبتي جنان
وما عدلا في ضياء ولا * وفاء وما زلتما تعدلان
وما زال كل يجور على * أخيه وما زلتما تنصفان
ومهما استطال على قرنه * أديل كما قد يدين يدان
إذا كان شأنهما هكذا * فذان ضدان لا صاحبان
ولو نطقا لأقرا بذا * ومن أين للنجم نطق اللسان
فإذ عز في الدهر مثلاكما * فدوما فريدية مر الزمان
ولا زال ودكما دائما * حليفكما حيث كنتم وكان
وله القصيدة السفرية:
وصحب رقوا للمعالي رقيا * فنالوا من المجد مجدا عليا
رجال لهم أرجل في الثرى * وهامة همتهم في الثريا
تحاكيهم الشمس لو أنطقت * كذا الغيث لو كان طلق المحيا
حديثهم المسك في طيبه * وفي لطفه صفو صافي الحميا
خبرتهم في الصفا والوفا * فلم أر الا صفيا وفيا
هم أخلصوا الدين حتى الهوى * هدى منهم ليس حاشاه غيا
إذا عسعس الليل قاموا إلى * محاريبهم ثم خروا بكيا
ينادون ربا سميعا لمن * يناجيه سرا نداء خفيا
فطورا ركوعا وطورا سجودا * وطورا نهوضا وطورا هويا
صحبتهم سفرا فانطوى * بحسن اصطحابهم فيه طيا
فما كان الا كلمح العيون * وأقرب لو كان من ذاك شيا
وقد أشبه الليل فيه النهار * وشاكل منه الصباح العشيا
نهار مضى مثل ليل الوصال * وليل مضى كالنهار مضيا
حمدناه في كل أوقاته * وعند الضحى ما حمدنا الضحيا
ولا عند إدلاجنا للسرى * حمدنا إذ الكل أصحى سويا
وكنا وقد دار كأس الهوى * نعاطي بها سلسبيلا رويا
كفتنا الأحاديث ما بيننا * عن الأكل والشرب شبعا
وريا ولم نعرف الغمض حتى الصباح * وعند الصباح حثثنا المطيا
ولم يصب السفر في سيرهم * اذى السير إذ كان سيرا وحيا
وكانوا حضورا إذا استوطنوا * القلوب وما كان قلب قصيا
لذا اعتاص إذ ذاك حكم الصلاة * أقصروا ترى أم تماما وفيا
تشاجر في ذاك أصحابنا * وكان الترخص قولا قويا
وقد عاد من كان يهوى التمام * إلى القصر بعد التي واللتيا
ولولا اتفاق الجميع على * سقوط السقوط لكان الحريا
فانا مع الصحب في جنة * أعدت نعيما وعيشا هنيا
نفى الله في الذكر عنا اللغوب * وما كان ربك ربا نسيا
وله:
من عذيري من عليل * داؤه أعيا الأطبا
ليس يشفيه دواء * غير تفريق الأحبا
(١٦٢)

لا ينام الليل حتى * ينهب الأحباب نهبا
يسرق الود من * القلب ومن ذي القلب قلبا
وله في الشيخ جعفر وقد رأى في المنام انه يدله على المناسك:
بشراك ذا الطيف دليل على * انك بالبيت غدا طائف
ساع إلى ذاك المقام * الذي بالخيف منه يا من الخائف
وبالغ بالمشعرين المنى * وفي داني الجنى قاطف
ملتقط الجوهر من أيمن الوادي * سناه للسنا خاطف
وزائر في طيبة طيبا * طاب به الطائف والعاكف
وفي البقيع سادة علمهم * لكل سر غامض كاشف
وناسك في كل ذا سالك * طريق من أنت به عارف
مستحضرا بالبال لي سائرا * ووافقا حيث الهوى واقف
وقافل من بعد ذا راجع * عاط إلينا بالوفا عاطف
فامض على اسم الله في وجهة * مقصودها مستصحب خالف
وكتب إليه ملا مهدي النراقي:
الا قل لسكان دار الحبيب * هنيئا لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضا * فنحن عطاشى وأنتم ورود
فاجابه يقول:
الا قل لمولى يرى من بعيد * ديار الحبيب بعين الشهود
لك الفضل من غائب شاهد * على شاهد غائب بالصدود
فنحن على الماء نشكو الظما * وفزتم على بعدكم بالورود
وقال في تذييل بيت صار تذييله مطرحا للأدباء وهو:
طاف الهوى في عباد الله كلهم * حتى إذا مر بي من بينهم وقفا
قال:
وقال اني ملكت الناس كلهم * وطاب ما طاب لي من ودهم وصفا
لكن هذا الفتى أبدى مخالفتي * فلست اعرف منه الود مذ عرفا
فقلت هيهات انا معشر تركوا * مذ عاينوا الحق ميل النفس والجنفا
فمت بغيظك لسنا نبتغي بدلا * عنه ولا للهدى نرضى الهوى خلفا
وله يرثي طفله محمدا وكان في غاية الذكاء والفطنة وأرخ عام وفاته:
قدمت من قد كنت ترجو انه * خلف عن الأجداد والآباء
ذاك الذي شغف القلوب بحبه * اودى وابقى الحزن في الأحشاء
ولقد أصبت وما أصبت بمثله * اشجى المصاب مصيبة الأبناء
يا كوكبا ما كان أسنى نوره * بين الكواكب زينة للرائي
متعلق بالساهرات كأنما * قد نيط منه العقد بالجوزاء
بدر تكامل قبل حين كماله * فاصابه خسف لغير جلاء
كادت تشابهه ذكاء لو أنها * شبه له في منطق وذكاء
كهل بدا للناس طفلا فاحتوى * لطف الصغير وفهم ذي الآراء
ينبي عن الامر الخفي كأنما * يلقى إليه الامر بالايحاء
لا ينقضي عجبي له إذ قد نعى * لي نفسه في لوعة وبكاء
إذ جاء يعدو من ورائي صارخا * متعلقا من شجوه بردائي
قال اصطحبني حيث تذهب انني * من بعد ناي منك عني نائي
أشفقت من عنف المسير ومن أذى * حر الهجير وشدة الرمضاء
فتركته والنفس موقنة بما * حكم القضاء به من الإمضاء
اودى عقيب فطامه حولين لم * يكملهما إذ مر في الأثناء
در تناثر عندما ارخته * اني ادخرت محمدا لرجائي
الميرزا السيد مهدي ويقال محمد مهدي الشهرستاني الموسوي ابن
الميرزا أبو القاسم المنتهي نسبه إلى الإمام موسى الكاظم ع (١)
مولده ووفاته
ولد حوالي سنة ١١٣٠ في أصفهان وتوفي بكربلا في ١٢ صفر سنة
١٢١٦ ودفن بمقبرته التي كان قد أعدها لنفسه في حياته في الرواق الجنوبي
الشرقي من الحضرة الحسينية بجوار قبور الشهداء والتي أصبحت فيما بعد
مقبرة الأسرة الشهرستانية من أولاد المترجم واحفاده. وأرخ وفاته الشيخ
محمد السماوي في مؤلفه مجالي اللطف بأرض الطف بما يلي:
والسيد المهدي ذو الايمان * والمنتمي لأرض شهرستان
قد غاب بدر وجهه فما غرب * وأظلموا فارخوا وجه غرب
وأرخ وفاته سبطه الميرزا محمد علي الحسيني الشهرستاني المرعشي بما
يلي:
فراح هدى التاريخ ينعاه قائلا عزيز على المهدي قد فات نائبه
وكذا قوله: ادخل في الفردوس مهدينا
أجداده
هو من سلالة علوية عريقة أسندت إلى كثير من أفرادها الصدارة في
الدولة الصفوية منهم الميرزا السيد فضل الله الشهرستاني الوزير الأعظم
للشاه طهماسب الأول الصفوي، والواقف للأوقاف العظيمة في كثير من
مدن إيران التي خصص ريعها على مراقد الأئمة الاطهار ع سواء في
الحجار أو في العراق أو في إيران وذلك حسب وثيقة الوقفية التاريخية
المؤرخة في ٧ رمضان سنة ٩٦٣ التي يبلغ طولها أكثر من عشرة أمتار
والموجودة لدى حفيد المترجم السيد صالح الشهرستاني نزيل طهران.
انتقاله إلى كربلاء
انتقل المترجم في عنفوان شبابه إلى مدينة كربلاء لتلقي العلم فيها
وذلك في أواسط القرن الثاني عشر اي بعد استيلاء الأفاغنة على أصفهان
وانقراض الدولة الصفوية وكان معه أهله واخوانه وأقاربه. واستوطن هذه
المدينة واستملك فيها منذ أوائل عام ١١٨٨ دورا وعقارات وفيرة يقع أكثرها
في حي باب السدرة من صحن الإمام الحسين ع الذي كان يسمى
وقتئذ بمحلة آل عيسى إحدى محلات كربلاء الأربع حينذاك.
المهادي الأربعة
ولدى وصوله كربلاء اخذ يتلقى العلم لدى فحول علماء ذلك العصر
وعلى رأسهم المولى آقا محمد باقر بن محمد أكمل المعروف بالوحيد
البهبهاني: والمترجم هو أحد المهادي الأربعة الذين كانوا الأوائل في تلامذة
الوحيد البهبهاني وهم ١ المترجم السيد محمد مهدي الشهرستاني ٢
السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ٣ الميرزا المولى محمد مهدي
النراقي بن أبي ذر ٤ الميرزا محمد مهدي الطوسي الخراساني المعروف

(١) من الترجمات التي لم يكتبها المؤلف بل ترك مكانها بياضا إلى حين الوصول إليها وهذه بقلم
السيد صالح الشهرستان (الناشر).
(١٦٣)

بالشهيد الثالث وقد استوطن الأول مدينة كربلاء وانتقل الثاني إلى مدينة
النجف وأقام بها ورجع الثالث إلى تبريز وعاد الرابع إلى مشهد الرضا ع.
الأسرة الشهرستانية
كان المترجم رأس الأسرة الشهرستانية الشهيرة في العراق وإيران التي
نبغ منها خلال المائتي سنة الأخيرة رجال انتقلت إلى كثير منهم الرئاسة
الدينية والزعامة الدنيوية في العراق وإيران وخاصة مدينة كربلاء، والذين
انتقل بعضهم أثناء الخمسين السنة الأخيرة إلى إيران واستوطنوها.
ويناهز عدد أفراد هذه الأسرة في إيران والعراق في الوقت الحاضر
الألفي نسمة. ويؤلف معظمهم نخبة صالحة من العلماء والأعيان
والمؤلفين، وهم منتشرون في أكثر مدن العراق ككربلا والنجف وبغداد
والبصرة والكاظمية وسامراء والحلة، كما هم منتشرون في كثير من أمهات
مدن إيران كطهران ومشهد الرضا ع والمحمرة خرمشهر وأصفهان
وتبريز وقم ورشت.
وهم على اتصال دائم فيما بينهم سواء كانوا في العراق أو في إيران.
كما يسكن أفراد من هذه الأسرة بعض مدن الهند والباكستان.
أقوال العلماء فيه
جاء في كتاب رياض الجنة لمؤلفه السيد محمد حسن بن عبد
الرسول الحسيني الزنوزي المتوفى سنة ١٢٢٣ وهو مخطوط لا توجد منه سوى
نسختين إحداهما في مكتبة بلاط كلستان الإمبراطوري بطهران والثانية في
مكتبة الحاج حسين آقا ملك بطهران، جاء ما نصه:
السيد الجليل والأستاذ النبيل الميرزا محمد مهدي بن أبي القاسم
الموسوي الشهرستاني الأصفهاني الساكن بالحائر، شيخنا الأمجد عالم فاضل
كامل باذل محقق مدقق متبحر جامع ثقة ثبت ضبط متكلم فقيه وجيه شريف
الأخلاق كريم الأعراق ذو الحسب الجليل والنسب الجميل علم الأئمة
الاعلام وسيد علماء الاسلام أوقاته الشريفة معروفة بقضاء حوائج المسلمين
وأيامه المنيفة مستغرقة بترويج الشريعة الحنيفة والدين وهو باسط يد الجود
والكرم لكل من قصد وأم وكان أجداده من أعاظم بلدة أصفهان وانتقل هو
في صغره إلى الحائر الحسينية مع الأهل والأقارب والاخوان وقطن بها حتى
الآن وهو من أرشد تلامذة الشيخ يوسف البحراني والمولى محمد باقر
البهبهاني الا ان له في الفقه ميل إلى طريقة الفاضل البحراني قرأنا عليه
شرح اللمعة وقواعد العلامة من البداية إلى النهاية ومن الحديث وغيره وهو
مع تبحره غير مائل إلى التأليف والتصنيف توفي في ثاني عشر شهر صفر سنة
ست عشرة ومائتين وألف.
وهناك كثيرون من المؤرخين والمؤلفين الذين تطرقوا باطناب أو بإيجاز
إلى ترجمة حال المترجم سواء كان باللغة العربية أو الفارسية. ككتب
تذكرة العلماء ومجموعة الشيخ علي كاشف الغطاء ومجموعة
الشبيبي وقصص العلماء والذريعة ومنتخب التواريخ
والحجب والأستار إلى غيرها من المصنفات.
مؤلفاته
له تصانيف عدة منها الفذالك في شرح المدارك والمصابيح في
الفقه وبعض الحواشي والرسائل كحاشية على المفاتيح وتفسير بعض سور
القرآن، وكلها مخطوطة.
أساتذته
تلمذ على الوحيد البهبهاني كما مر والشيخ يوسف البحراني صاحب
الحدائق ومحمد المهدي الفتوني العاملي. وروى عنه واستجازهم فأجازوه.
وفيما يلي صورة اجازة الوحيد البهبهاني له:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين المعصومين
إلى يوم الدين. وبعد قد استجاز مني السيد السند الماجد الأمجد الموفق
المؤيد المسدد الفاضل العالم الباذل الكامل المحقق المدقق الزكي الذكي
اللوذعي الألمعي ذو الحسب الفائق العالي والنسب الرفيع المتعالي صاحب
الذهن السليم والطبع المستقيم والفهم الجيد والفطانة التامة والحذاقة
الكاملة والأخلاق الحسنة البالغة والكمالات الزائدة والمتكاملة مستجمع
العلوم العقلية والنقلية العالم الرباني ولدي الروحاني الآميرزا محمد مهدي
الملقب بالشهرستاني وفقه الله لمراضيه وجعل له كل يوم خيرا من ماضيه
فأجزت له ان يروي عني جميع مصنفاتي المعروفة ومسموعاتي ومروياتي عن
مشايخي الأماجد الأفاضل العظام وأساتيذي الذين هم أساتيذ الأنام في
دهورهم والأعوام المشهورين عند الخاص والعام تغمدهم الله بغفرانه
واسكنهم فسيح جنانه واساله وفقه الله للتأييدات الربانية والتوفيقات
السبحانية ان لا ينساني أوقات دعواته كي يزيد الله تعالى بذلك تأييداته
وتوفيقاته وكمالاته وانا الأقل الأذل محمد باقر بن محمد أكمل عفى عنهما
بمنه ولطفه وكرمه وعطفه آمين آمين رب العالمين.
إما إجازات بقية أساتذته ممن مر ذكرهم أعلاه فهي أطول من هذه
الإجازة. وقد ورد ذكرها في بطون المجاميع والكتب الخاصة بالرواية
والحديث.
تلامذته والمجازون منه
يعد المترجم من كبار شيوخ اجازة الحديث وكان مشتهرا في درس
التفسير والحديث والفقه واللغة وقد تخرج عليه كثير من العلماء كالشيخ احمد
ابن زين الدين الأحسائي والسيد عبد الله الشبر والسيد صدر الدين العاملي
والسيد عبد المطلب بن أبي طالب بن نور الدين ابن المحدث السيد نعمة
الله الجزائري صاحب كتاب تحفة العالم والسيد دلدار علي النقوي
الهندي النصير آبادي والشيخ الملا أسد الله التستري الكاظمي والمولى
شمس الدين بن جمال الدين البهبهاني والسيد محمد حسن الزنوزي
التبريزي مؤلف كتاب رياض الجنة والمولى أحمد بن محمد مهدي النراقي
والمولى علي بن آقا كاظم التبريزي والسيد أبو القاسم جعفر الموسوي
الخونساري والمولى محمد علي بن آقا محمد باقر الهزار جريبي النجفي والشيخ
الملا محمد فاضل السمناني والميرزا مهدي ابن ميرزا محمد تقي القاضي
التبريزي وغيرهم.
وقد صدرت الإجازات منه لكثير من تلامذته كالشيخ احمد الأحسائي
والشيخ الملا أسد الله التستري الكاظمي والسيد أبي القاسم الخونساري
والمولى علي ابن آقا كاظم التبريزي والمولى أحمد بن محمد مهدي النراقي
والسيد دلدار علي النقوي الهندي والشيخ الملا محمد فاضل السمناني والميرزا
مهدي ابن ميرزا محمد القاضي التبريزي والسيد جواد العاملي والسيد حجة
الاسلام الرشتي وغيرهم ممن رووا عنه.
(١٦٤)

نموذج من اجازته
وننقل فيما يلي اجازته لتلميذه الشيخ الملا محمد فاضل السمناني
وهي:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
خاتم الأنبياء وأفضل المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على
أعدائهم ومبغضيهم إلى يوم الدين. وبعد فقد استجاز مني العالم العامل
والفاضل الكامل التقي النقي الورع الصالح الألمعي ذو الذهن الثاقب
والفهم الصائب ملا فاضل أدام الله علاه وأراد الانسلاك في سلك رواة
الاخبار والاتصال بالأئمة ولما كان ممن رتع في رياض العلماء الدينية وكرع
من حياض زلال سبيل الأحاديث اليقينية وقد لازمني برهة من الزمان في
سالف الأيام وقد تجدد العهد في هذه الأيام لما تشرف بتقبيل اعتاب الأئمة
الكرام ع وزيارتهم بعد زيارة النبي ص وادراك حج بيت الله الحرام
فتسارعت إلى انجاح رغبته واسعاف طلبته وإجابة دعوته لكونه أهلا لذلك
فأجزت له أدام الله وجوده وأفاض عليه بره وجوده ان يروي عني ما صحت
روايته من مقروء ومسموع وما جازت لي اجازته من معقول ومشروع ولا
سيما كتب الاخبار وخصوصا الأربعة السائرة في الاشتهار كمسير الشمس في
دائرة نصف النهار وهي الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار وجملة ما صنفه
علماؤنا الاعلام أعلى الله درجاتهم في دار السلام في جميع العلوم من الفقه
والأصولين والتفسير والحكمة واللغة وغيرها مما هو معلوم ولما كانت طرقنا
إليها كثيرة متعددة اكتفينا بالميسور لقولهم الميسور لا يسقط بالمعسور وهو ما
أخبرنا به شيخنا العلامة واستاذنا الفهامة جامع المعقول والمنقول ومستنبط
الفروع من الأصول فريد دهره ووحيد عصره الشيخ يوسف ابن المرحوم
الشيخ احمد البحراني طاب ثراه عن شيخه واستاذه خاتم المجتهدين وأفضل
المتأخرين الشيخ حسين ابن الشيخ محمد الماحوزي نور الله مرقده عن شيخه
علامة الزمان وأعجوبة الأوان الشيخ سليمان ابن المرحوم الشيخ عبد الله
الماحوزي عن شيخه عمدة المحققين وزبدة المدققين الشيخ سليمان بن علي
الماحوزي البحراني عن شيخه المحدث الرباني الشيخ الأجل الشيخ علي بن
سليمان العلامة البحراني عن شيخه بل شيخ الكل في الكل خاتمة المحدثين
زبدة المدققين ورئيس المحققين الشيخ بهاء الدين طاب ثراه ثم ذكر طريق
الشيخ البهائي ولا حاجة إلى نقله لأنه مذكور في الأربعين إلى أن قال
واشترط عليه أدام الله توفيقه ما اشترط علي مشايخي طاب ثراهم بالتمسك
بذيل الاحتياط والتقوى في العلم والعمل فإنه أهل لذلك وان لا يجعل رقبته
للناس جسرا ولا يجتري على الفتوى الا فيما وضح ماخذه فان الوقوف عند
الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات، ملتمسا منه ان لا ينساني في الحياة
وبعد الممات خصوصا في اعقاب الصلاة ومظان استجابة الدعوات والسلام
وكتبه أحوج المربوبين إلى رحمة ربه الغني محمد مهدي بن أبي القاسم
الموسوي الشهرستاني أصلا والأصفهاني مولدا والكربلائي مسكنا بل
مدفنا.
اصلاحاته
قام باصلاحات كثيرة في الحضرة الحسينية والصحن الحسيني مستفيدا
من المال الذي كان يرد عليه من موقوفات جده الاعلى الميرزا فضل الله
الشهرستاني الموقوفة على تعمير العتبات المقدسة في العراق وإيران وادارتها.
لا سيما وانه كان المتولي عليها لأنه كان أرشد أولاد الواقف واعلمهم
حينذاك.
ومن جملة الاصلاحات هذه الحاقه الجامع الكبير الذي كان يقع خلف
الروضة الحسينية بشمالها بالروضة وبناء جامع آخر بدلا عنه خارج
الروضة في الصحن الشريف في جهته الشرقية قرب مدخل باب الصافي
وبذلك وسع الروضة. ولالحاق ذلك الجامع الكبير بالروضة قصة مفصلة
ذكرها السيد الميرزا هادي الخراساني الحسيني الحائري المتوفى سنة ١٣٦٨ في
مؤلفه دعوة دار السلام المخطوط باللغة الفارسية.
كما كان للمترجم يد في مد الماء من نهر الفرات إلى مدينة النجف وذكر
ذلك باسهاب السيد حسن الزنوزي في مؤلفه رياض الجنة وهو تلميذ
المترجم حيث قال ما ترجمته موجزا عن اللغة الفارسية:
وفي هذه السنين ارسل آصف الدولة بن شجاع الدولة بن منصور
علي خان الهندي المسكن والنيسابوري الأصل سلطان لكهنو مبلغ سبعة
لكوك روبية إلى قدوة العلماء الأعلام سيد السادات الكرام آية الله السيد
الميرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني المجاور بالحاير أطال الله بقاءه
وباقتراح من السيد المذكور وترغيب منه، وذلك لحفر نهر عريض جدا
وعميق ابتداء من الشاطئ الواقع جنب جسر المسيب إلى ارض النجف
المقدسة: وقد تم ذلك في مسافة من الأرض تناهز ٢٥ فرسخا وجرت فيه
المياه. وقد انجزت هذه الصدقة الجارية السارية في سنة ١٢١٣ انتهى
بإيجاز.
نقول وهذا النهر هو المعروف بنهر الهندية حتى الآن.
عقبه
توفي عن ولدين وبنت واحدة أما الولدان فهما:
١ الميرزا أبو القاسم الذي توفي بعد والده بمدة وجيزة.
٢ الميرزا السيد محمد حسين الموسوي الشهرستاني المتوفي سنة
١٢٤٧ بكربلا. وكان كوالده من فحول العلماء ومراجع التقليد وسافر عدة
مرات إلى الهند والحجاز وإيران. وقد تزوج سنة ١٢٠٠ بنت آقا محمد علي
الكرمانشاهي نجل الوحيد البهبهاني المسماة بلقيس خانم وقد وقعت
وثيقة عقدها من قبل جدها الوحيد البهبهاني ووالدها ومن السيد مهدي
بحر العلوم والميرزا محمد مهدي الشهرستاني والد الزوج وفحول العلماء
آنذاك وقد كانت في مكتبة الشهرستانية بكربلا وهي وثيقة تاريخية طريفة
وتوجد الآن لدى أحد أحفاد المترجم السيد صالح الشهرستاني نزيل
طهران.
وكان الميرزا محمد حسين الشهرستاني يعرف بآغا بزرگ، وكان من
الخطاطين المشار إليهم بالبنان، وقد كتب عدة نسخ من القرآن الكريم
اوقفها على بعض المشاريع الخيرية في كربلاء ومنها نسخة في مكتبة السيد
كاظم الرشتي. ويوجد بخطه الجيد دعاء اللهم ان هذا مشهد لا يرجو من
فاتته فيه رحمتك ان ينالها في غيره... الخ على لوحة كبيرة كانت منصوبة
على جدار بحرم الإمام الحسين ع في طرف الرأس قبال المستقبل للقبلة.
وعلى أثر اجراء الاصلاحات المعمارية في الحرم المطهر مؤخرا نقل هذا
الدعاء إلى مقبرة حفيده المرحوم السيد إبراهيم الشهرستاني في الصحن
الحسيني جنب باب السدة حيث علقت على أحد جدرانها بعد اجراء
اصلاحات فيها.
واما بنت المترجم فقد تزوجها السيد الميرزا محمد حسن المرعشي
الحسيني بن محمد علي بن محمد علي إسماعيل المرعشي الحسيني، الذي
اشتهر بعد اقترانه بها بالشهرستاني عن طريق المصاهرة مع الشهرستانية.
(١٦٥)

وكان الميرزا محمد حسن المرعشي الحسني من كبار مجتهدي عصره
وفحول علماء زمانه.
وهكذا تألفت الأسرة الشهرستانية من سادات موسويين يمتون إلى
جدهم الاعلى الميرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني المترجم وسادات
حسينيين ينتسبون بالمصاهرة إلى جدهم الاعلى المذكور من ناحية الأم.
الميرزا مهدي بن مصطفى الحسيني التفريشي الملقب ببدايع نكار.
ولد سنة ١٢٧٩.
له كتاب بدايع الاحكام في فقه الاسلام فارسي مع نقل أقوال الأئمة
الأربعة فرع منه سنة ١٣١٨ وهو معرب من بدايع المهدوية له أيضا وله
بدايع الاسرار وبدايع الأنوار في أحوال سابع الاطهار يعني الكاظم ع
وله بدايع الحساب فارسي مختصر الخلاصة البهائية وله بدايع الوصول في
علم الأصول وله بديعية في شرح ألفية ابن مالك وله كتاب رياض المنجمين
في الهيئة.
عماد الدين أبو الحسين مهدي ابن الوزير نصير الدين ناصر بن
مهدي العلوي الحسني النقيب
كان من البيت المعروف بالنقابة وكان ممن اعتقل مع والده فلما توفي
والده عفي عنه وسكن الحلة وتوفي بالحلة يوم الأحد الخامس والعشرين من
شهر رمضان سنة ٦٦٠ ودفن بمشهد الإمام علي ع. (١)
الشيخ مهدي ابن الشيخ نعمة الطريحي النجفي مولدا ومنشأ ومسكنا
توفي شابا سنة ١٢٨٩.
كان فاضلا ذكيا حاد الفكر أديبا مفتونا بالأدب شديد الرغبة فيه.
ولما توفي رثاه السيد صالح القزويني البغدادي بقصيدة يقول فيها:
سام الزمان هلاله بأفول * عند الكمال وورده بذبول
سيف عليه بسيفه كر الردى * خوف الفلول فسامه بفلول
السيد مهدي ابن السيد محمد ابن السيد محمد تقي ابن السيد محمد
رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي النجفي المولد والمنشأ
توفي سنة ١٣١٣ في الكاظمية ودفن فيها في بعض حجر الصحن
الشريف وهو أكبر أولاد أبيه.
كان عالما فاضلا ذا همة عالية قرأ في النجف الأشرف ثم انتقل إلى
سامراء أيام وجود الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي فيها فقرأ عليه ولما
عزم والده على التشرف بزيارة الرضا ع استدعاه إلى النجف ليقوم
مقامه فرجع إليها ثم ابتلى بمرض عجز عنه الأطباء فذهب إلى بغداد
للمداواة فتوفي في الكاظمية في حياة أبيه.
الشيخ مهدي بن محمد بن علي بن حسن بن حسين بن محمود بن محمد
آل مغنية العاملي.
توفي سنة ١٢٦٥ ومغنية مرت في حسن بن مهدي.
ذكره والده الشيخ محمد في كتابه جواهر الحكم ودرر الكلم فقال:
كان عالما عاملا فاضلا ورعا تقيا هاجر إلى العراق في حياة والده وقرأ في
الكاظمية عند الشيخ محمد علي ملا مقصود علي وبعد وفاته انتقل إلى
النجف الأشرف فقرأ عند امام الفقهاء الشيخ محمد حسن ابن الشيخ باقر
صاحب الجواهر ثم عاد إلى موطنه في جبل عامل طيردبا فباحث ودرس
واجتمعت إليه طلاب العلم واستفادوا منه منهم زوج ابنته العالم الفاضل
السيد محيي الدين آل فضل الحسني العاملي العيناثي الشهير وابن عمه السيد
هادي والشيخ علي والشيخ محمد أولاد الشيخ احمد شومان وابن عمهما
الشيخ محمد علي شومان والشيخ محمد بن حسن العسيلي والشيخ سلمان
ابن علي قعيق والشيخ حسن ابن الشيخ إبراهيم البلاغي والشيخ جواد
والشيخ خليل آل شكر البعلبكيان من قرية تمنين وغيرهم وبقي على ذلك
نحو خمس و عشرين سنة ما أعوزه مولاه إلى سؤال أحد من أهل الثروة
والجاه خصوصا الحكام ما رفع أمرا إلى حاكم سياسي لكنما حوائجه مقضية
عند حاكم الحكام واتفق ان أحد بني عمه ويسمى خليل بن حسن دخل في
عسكر إبراهيم باشا المصري النظامي فقدم شكاية على المترجم باملاك
وعقار تذهب بجميع موجوداته فطلبه إبراهيم باشا إلى عكا فتوجه إليها
متوكلا على الله ونزل عند القاضي الشيخ أبي الهدى وهو من العلماء فأكرمه
واحترمه لما رأى من علمه وفضله وسأله عما جاء به فأخبره فقال لا تهتم فان
هذه الدعوى لو ذهبت بجميع ما أملك لا أدع ان يصيبك منها مضرة فاخذ
القاضي في تدبير الامر إلى أن تمكن من اخراج فتوى وامر من الباشا
ببطلان تلك الدعوى واطلاق سراحه مبجلا مكرما ثم ارسل ولده الشيخ
حسن إلى العراق مع صهره السيد محيي الدين آل فضل الله الحسني لطلب
العلم وقبل وصولهما انتقل إلى رحمته تعالى فبلغهما الخبر وهما في بلد الموصل.
وذلك في عهد أمير البلاد حمد البك المحمد فحضر وحمل جنازته ودفن بمشهد
حافل من عموم أهل البلاد وبعد دفنه اخذ حمد البك بيد ولديه الشيخ محمد
والشيخ حسين وابن المتوفى تأبينا بليغا وخطب ونوه بفضل أهل هذا البيت.
وذكر في موضع آخر من الكتاب المذكور ان العالم الفاضل المنشئ البارع
الشيخ علي بن محمد السبيتي صاحب كتاب العقد المنضد صوابه الجوهر
المجرد شرح قصيدة علي بك الأسعد قال فيه عند ذكر قرية طيردبا ما
لفظه: نبغ بها الشيخ مهدي مغنية وله ثلاثة أولاد اثنان توجها لطلب العلم
في العراق والثالث من طراز الأدباء لكن عاقه الدهر عن الاشتغال. ثم
قال: انظر إلى ذكره بعض الطلبة كيف جعلهم من الابدال مع أن هذه
العائلة مما يزيد عن أربعمائة ونيف وثلاثين سنة خدمت رجالها العلوم ليس
لهم غير العلم بضاعة والشيخ من بلاد المغرب من سبتة جاءوا مجددا إلى
بلاد صفد ثم إلى خرائب ارزيه ثم إلى كفرة لم يعلم ما عليه جبل عاملة من
قبل وبعد اه.
السيد مهدي الحسني الخوئي.
كان عالما فقيها انتقل من بلدة خوي إلى تبريز وبها أسس السادة
الخوئية وكان من تلاميذ صاحب الجواهر في أواخر امره والشيخ محسن خنفر
والشيخ الأنصاري في أوائل امره. له حاشية على القوانين وعلى قواعد
العلامة وقد دارت بينه وبين أدباء عصره من مشاهير النجف مراسلات
ومطارحات طويلة. توفي في تبريز وحمل نعشه إلى النجف ودفن بوادي
السلام. خلف السيد رضا والسيد أبا القاسم والسيد موسى والسيد علي
والسيد احمد والميرزا يوسف والميرزا محمود.
الميرزا مهدي ابن الميرزا نعيم العقيلي الاسترآبادي
توفي في عشر الستين بعد المائة والألف.
في ذيل اجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة، كان فاضلا متكلما جامعا للمعقول والمنقول رأيته في المعسكر

(١) مجمع الآداب.
(١٦٦)

بآذربيجان وتراودنا في كثير من المسائل المهمة وهو الذي ترجم الكتب
الأربعة الإلهية من لغاتها إلى الفارسية بأمر من سلطان الوقت يروي عن أبيه
وعمه الميرزا رحيم وكان والدي يصفهما بالفضل ويثني عليهما ثناء بليغا لما
اجتمع بهما في أصبهان.
مولانا مهدي الهرندي ومولانا مهدي النراقي
. ذكرهما صاحب تجربة الأحرار وقال: البحران الزاخران والدران
الفاخران والنجمان المتوقدان في دار المؤمنين كاشان هذا الفاضلان العارفان
مشهوران في الآفاق بانتشار العلوم والتصنيفات اللائقة واظهار السنن
الشرعية في الآفاق.
أبو زهير مهلهل بن نصر بن حمدان التغلبي
استشهد سنة ٣٣٩ وهو غاز ببلاد الروم.
قال ابن خالويه: أبو زهير مهلهل بن حمدان أفرس العرب وأشعرها
قتل الشاري وقد استفحل امره بديار ربيعة. وقال: وله شعر مليح أكثره في
مكاتبات إلى أبي فراس واجتمع على أبي فراس قوم من العرب ببالس وعلى
بالس جيهان بن عرفجة العميري وكثير بن عوسجة القريطي فلقيهما فاظفره
الله بهم وقتل وجه بني قريط فكتب إليه أبو زهير مهلهل بن نصر بن
حمدان:
يا خير منتجب ينميه خير أب * مخيلتي فيك لم تكذب ولم تخب
إن كان وجهك لم تخطط عوارضه * فأنت كهل الحجى والفضل والأدب
وقفت يا ابن سعيد وقفة شهرت * ما زلت أدعوك فيها فارس العرب
قال المؤلف: وفي ذلك يقول أبو فراس:
سلي عني سرات بني كلاب * ببالس عند مشتجر العوالي
لقيناهم بأسياف قصار * كفين مؤونة الأسل الطوال
وولى بابن عوسجة كثير * وساع الخطو في ضنك المجال
تدور به إماء بني قريط * وتسأله النساء عن الرجال
يقلن له السلامة خير غنم * وان الذل في ذاك المقال
وجيهان تولت عنه بيض * عدلن إلى الصريح من الموالي
وعادوا سامعين لنا فعدنا * إلى المعهود من كرم الفعال
ونحن متى رضينا بعد سخط * أسونا ما جرحنا بالنوال
وكان المترجم شاعرا مجيدا. قال أبو فراس: غزونا مع سيف الدولة
وفتحنا حصن العيون في سنة ٣٣٩ وسني إذ ذاك تسع عشرة سنة وأوغلنا في
بلد الروم وفتحنا حصن الصفصاف فقال ابن عمي أبو زهير مهلهل بن
نصر بن حمدان في هذه الغزاة وفيها استشهد رضي الله عنه:
لقد سخنت عيون الروم لما * فتحنا عنوة حصن العيون
وبالصفصاف جرعنا علوجا * شدادا منهم كأس المنون
ودوخنا بلادهم بجرد * سواهم شزب قب البطون
عليها من ربيعة كل قرم * فقيد المثل منقطع القرين
وأحرقت في هذه الغزاة مدينة خرشنة وصارخة وهزم الدمستق واخذ
من بطارقته عدة عديدة اه وفي معجم البلدان: حصن العيون في بلاد
الثغور الرومية غزاها سيف الدولة وفتحه فقال أبو زهير المهلهل بن نصر بن
حمدان لقد سخنت عيون الروم الأبيات وفيه أيضا: الصفصاف كورة
من ثغور المصيصة غزاها سيف الدولة بن حمدان في سنة ٣٣٩ فقال أبو زهير
المهلهل بن نصر بن حمدان: وبالصفصاف جرعنا علوجا البيت اه.
وفي ذلك يقول أبو فراس في قصيدته الرائية التي يفتخر فيها بقومه
ويذكر وقائعهم:
وأوردها بطن اللقان وظهره * يطان بها القتلى خفاف حواذر
اخذن بأنفاس الدمستق وابنه * وعثرن بالسجام من هو عاثر
وجبن بلاد الروم ستين ليلة * نغاور ملك الروم فيمن نغاور
تخر لنا تلك المعاقل سجدا * وترمي لنا بالأمر تلك المطامر
وما زال منا جار خرشنة امرؤ * يراوحها في غارة ويباكر
وفيه يقول أبو فراس من قصيدة:
ومنا الأغر بن الأغر مهلهل * خليلي إذا ذم الخليل المعاشر
فان أدع لللأواء فهو محارب * وان اسع للعلياء فهو مظافر
ولما أظل الخوف دار ربيعة * ولم يبق الا ما حمته الحفائر
شفى داءها يوم الشراة بوقعة * جدود بني شيبان فيها العواثر
وكتب أبو زهير إلى أبي فراس قصيدة أولها: كتابي عن شوق إليك
ووحشة فاجابه أبو فراس بقوله:
أيا ظالما امسى يعاتب منصفا * أتلزمني ذنب المسئ تعجرفا
بدأت بتنميق العتاب مخافة * العتاب وذكرى بالجفا
خشية الجفا فوافى على علات عتبك صابرا * وألفي على حالات ظلمك منصفا
وكنت إذا صافيت خلا منحته * بهجرانه وصلا ومن غدره وفا
فهيج لي هذا الكتاب صبابة * وجدد لي هذا العتاب تأسفا
فان أدنت الأيام دارا بعيدة * شفا القلب مظلوم من القلب واشتفى
فان كنته أقررت بالذنب ثانيا * وان كنته أمسكت عنك تالفا
وكتب المترجم إلى أبي فراس قصيدة أولها: أيا ابن الكرام الصيد
والسادة الغر فاجابه أبو فراس يقول:
الاما لمن امسى يراك وللبدر * وما لمكان أنت فيه وللقطر
تحليت بالتقوى وأفردت بالعلى * واهلت للجلى وحليت بالفخر
لقد سمتني لما ابتدأت بمدحتي * يدا لا أؤدي شكرها آخر الدهر
فان انا لم أمنحك صدق مودتي * فمالي إلى المجد المؤثل من عذر
أيا بن الكرام الغر جاءت كريمة * أيا بن الكرام الصيد والسادة الغر
فضلت بها أهل القريض فأصبحت * تحية أهل البدو مؤنسة الحضر
وانك في عذب الكلام وجزله * لتغرف من بحر وتنحت من صخر
ومثلك معدوم الشبيه من الورى * وشعرك معدوم الشبيه من الشعر
كان على ألفاظه ونظامه * بدائع ما حاز الربيع من الزهر
إلى الله أشكو من فراقك لوعة * طويت لها سر الضلوع على جمر
وحسرة مشتاق إذا اشتاق قلبه * تعلل بالشكوى وعاد إلى الصبر
فعد يا زمان القرب في خير عيشة * وانعم بال ما بدا كوكب دري
وعش يا ابن نصر ما استهلت غمامة * تروح على عز وتغدو على نصر
وكتب أبو فراس إلى المترجم:
هو الطلل العافي وهاتا معالمه * فبح بهوى من أنت في القلب كاتمه
وقد كنت ذا علم بما يصنع الهوى * وما جاهل شيئا كمن هو عالمه
ومن ذاق طعم الحب مثلي فإنه * عليم بان الحب مر مطاعمه
وما الغادة الحسناء صينت وانما * أذيلت من الدمع المصون كرائمه
وما العيس سارت بالجاذر غدوة * الا انما صبري استقلت عزائمه
وليس بذي وجد فتى كتم الهوى * وليس بصب من ثنته لوائمه
(١٦٧)

وقفنا فسقينا المنازل أدمعا * هي الوبل والأجفان منها غمائمه
لقد جارت الأيام فينا بحكمها * ومن ينصف المظلوم والخصم حاكمه
وكيف يرجى للكليم إفاقة * إذا ما غدا يوما وآسيه كالمه
واني رأيت الدهر أجور حاكم * سواء معاديه معا ومسالمه
سل الدهر عني هل خنعت لحكمه * وهل راعني اصلاله وأراقمه
وهل موضع في البر ما جبت ارضه * ولا وطأته من بعيري مناسمه
ولا صحبتني قط الا مطيتي * وعضب حسام مخذم الحد صارمه
وان انفراد المرء في كل مشهد * لخير من استصحاب من لا يلائمه
ونحن أناس يعلم الله اننا * إذا جمح الدهر الغشوم شكائمه
إذا نزل الخطب الجليل فإننا * نصابره حتى تضيق حيازمه
ونسمح حتى يسام الاخذ أهله * ونصفح حتى يسام الجرم جارمه
وان جاءنا عاف فانا معاشر * نشاطره أموالنا ونقاسمه
بنينا من العلياء مجدا مشيدا * وما شائد مجدا كمن هو هادمه
سل المجد عنا يعلم المجد اننا * بنا وطدت أركانه ودعائمه
أخي وابن عمي يا ابن نصر نداء من * أقيمت لطول الهجر منك مأتمه
فودك ود لا الزمان يبيده * ولا الناي يفنيه ولا الهجر ثالمه
ولو رمت يوما ان تريم صبابتي * إليك أزال الشوق ما انا رائمه
فوا عجبا بالسيف لما انتضيته * من الجفن لم يورق بكفك قائمه
ووا عجبا للطرف لما ركبته * غداة الوغى كيف استقلت قوائمه
بليث إذا ما الليث حاد عن الوغى * وغيث إذا ما للغيث أكدت سواجمه
تعلم وقيت السوء ان مدامعي * لبعدك مثل العقد أوهاه ناظمه
واني مذ زمت ركابك للنوى * شديد اشتياق عازب القلب هائمه
وقد علم الأقوام انك يا أبا * زهير بدئ الشعر فينا وخاتمه
فلا تحسبن عني الجواب موشحا * بعقد من الدر الذي أنت ناظمه
فاجابه أبو زهير عن هذه القصيدة بقصيدة مطلعها: اللبين افنى دمع
عينك ساجمه.
وشهد أبو الطيب المتنبي للمترجم بالشاعرية فقد جاء في اليتيمة:
اخبرني جماعة من أهل الأدب ان المتنبي لما عوتب في آخر أيامه على تراجع
شعره قال: قد تجوزت في قولي وأعفيت طبعي واغتنمت الراحة مذ فارقت
آل حمدان وفيهم من يقول:
وقد علمت بما لاقته منا * قبائل يعرب وابنا نزار
لقيناهم بارماح طوال * تبشرهم باعمار قصار
يعني أبا زهير مهلهل بن نصر بن حمدان.
ومنهم من يقول يعني أبا العشائر الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان:
أ أبا الفوارس لو رأيت مواقفي * والخيل من تحت الفوارس تنحط
لقرأت منها ما تخط يد الوغى * والبيض تشكل والأسنة تنقط
السيد نجم الدين مهنا بن سنان بن عبد الوهاب ابن الأمير أبي عمارة
حمزة المعروف بالمهنا بن طاهر بن يحيى النسابة ابن جعفر الحجة ابن عبيد
الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
ع.
من أهل عصر العلامة الحلي كان حيا سنة ٧٢٠.
كان قاضي المدينة المنورة وكان جملة من أجداده قضاتها. وفي أمل الآمل
: السيد نجم الدين مهنا بن سنان بن عبد الوهاب الحسيني المدني
فاضل فقيه محقق له مسائل إلى العلامة وللعلامة جواباتها اه أقول
وتعرف هذه المسائل بالمسائل المدنيات سال عنها العلامة الحلي لما زار أئمة
العراق ع واجابه عنها العلامة وهي تدل على فضله وقد مدحه
العلامة في جوابها مدحا بليغا رأيت منها نسختها في مكتبة الشيخ فضل الله
النوري في طهران كان قد تملكها ابن عم والدي السيد كاظم ابن السيد
احمد سنة ١٢٩٤ وعليها اجازة بخط فخر المحققين للسيد حيدر بن علي
الآملي وذكرت تلك الإجازة في ترجمة السيد حيدر المذكور. قال في أولها:
هذه مسائل ورسائل من العبد الفقير إلى رحمة ربه مهنا بن سنان بن عبد
الوهاب الحسيني غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين إلى الشيخ العلامة
جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي:
المملوك مهنا بن سنان بن عبد الوهاب الحسيني يقبل أبواب الحضرة
العالية المولوية العالمية العاملية العابدية الزاهدية الورعية الناسكية الجمالية
لا زالت تقبل وتخدم ويذكرها هذا الذكر الجميل والوفاق كذا ولما كانت
الحضرة الجمالية قد كملت فضائلها وحسنت شمائلها وظهرت دلائلها
اشتهر فضلها عند القاطن والمجتاز وعم ذلك أهل الحجاز وكان المملوك ممن
سمع فطرب وانتشى وما شرب فكان كما قال الشاعر:
ولما بدا لي ذكركم في مسامعي * تعشقكم قلبي ولم يركم طرفي
فكان المملوك يود انه يقضي في الحضرة الجمالية عمره ويفوز بخدمتها
دهره لكن حالت حوادث الأيام دون هذا المرام فلما أذن الله سبحانه
للمملوك بالاسعاد سهل طريقه إلى هذه البلاد وأوصله بفضله إلى بغداد فلما
قرب من الحضرة الجمالية زاد شوقه إليها وتمنى ان لا يكون حط رحله الا
عليها لكن للمملوك ببغداد علاقة وهو ملتزم بمن معه من الرفاقة وقد كان
في خاطر المملوك مسائل يود لو وصلت إلى الحضرة العالية وكان يحول دون
ذلك بعد البلاد القاصية فلما تصدق الحق سبحانه على المملوك بقرب الديار
ولم يجل ظلام الليل بضوء النهار كتب المملوك إلى سيده بعض ما كان يحتاج
إليه ويعرضه بين يديه ونسي المملوك كثيرا وما سطره وما انسانيه الا
الشيطان ان أذكره فسير المملوك هذه الكراريس وهو يسال من صدقات
مولانا النظر إلى ما فيها بعين الاغضاء والمسامحة فان المملوك ليس هو من
أهل المكافحة ولكنه سائل متعلم وبأذيال أهل العلم ملتزم وفي ضمن
الكراريس عدة مسائل يشرفها مولانا بالجواب فنفوز بالعلم ويفوز مولانا
بالثواب وليكن ذلك بخط يده العالية وعبارته الشافية ليعد ذلك المملوك
أفضل ما ظفر به بعد زيارة المشاهد المشرفة في سفرته ويفتخر بذلك بين
أهل رتبته وقد أكثر المملوك وجاء في سؤاله بالغث والسمين ليستخرج
بذلك نفائس الجوهر الثمين وما مثل المملوك في هذه المسائل الا كما قال
بعض الأوائل:
ظفرت بالكنز فاحمل من نفائسه * وقد وقفت ببحر العلم فاغترف
مع أن المملوك لا بد له إن شاء الله تعالى من المثول بين يدي مولانا
مشيا على الاقدام فان السعي إليه من واجبات الاسلام وهو المقصود بقول
الشاعر فيما مضى من الأيام:
تمام الحج ان تقف المطايا * على ليلى ويبلغها السلام
لكن سير المملوك المسائل إلى الحضرة العالية لأجل ثلاثة أشياء أحدها
(١٦٨)

ان المملوك عند النظر إلى سيدي يحصل له من الفرح والسرور ما يمنعه عن
طلب الزيادة لأن النظر إلى وجه العالم عبادة الثاني انه يخشى ان يعرض له
النسيان لما هو ذاكره الآن الثالث انه لا يدري هل يطول في جوار الحضرة
العالية المقام أم تمنعه من ذلك الأيام فوجبت المبادرة إلى هذا لأنه من أهم
الواجبات ومن أعظم القربات انهى المملوك ذلك والحمد لله وحده وصلى
الله على سيدنا محمد وآله وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فكتب العلامة في جوابه ما صورته:
يقول العبد الضعيف الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف بن علي بن
المطهر الحلي بعد حمد الله على آلائه والشكر له على جزيل نعمائه وحسن
بلائه والصلاة على أشرف أنبيائه محمد المصطفى وعلى آله المعصومين من
امنائه فان الله سبحانه ميز نوع الإنسان عن غيره من أنواع الحيوان على
تفاوت بين اشخاصه في الكمال والنقصان وخصص بطرق الكمال أجل
البرية محمد النبي وعترته المرضية صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية إلى
يوم الدين ولما كان من سلالة تلك الذرية العلوية وأولاده العترة الهاشمية
من كملت نفسه في قوتها العلمية والعملية وهو السيد الكبير النقيب الحسيب
النسيب المرتضى مفخر السادة زين السيادة معدن المجد والفخار والحكم
والآثار الجامع للحظ الأوفى من فضائل الأخلاق الفائز بالسهم المعلى من
طيب الأعراق مزين ديوان القضاء باظهار الحق على المحجة البيضاء عند
ترافع الخصماء نجم الحق والملة والدين مهنا بن سنان الحسيني القاطن بمدينة
جده رسول الله الساكن مهبط وحي الله سيد القضاة والحكام زين الخاص
والعام شرف أصغر خدمه وأقل خدامه برسائل في ضمنها مسائل دالة على
جودة قريحته وكمال فطنته وكاشفة عن حدسه الصائب وفكره الثاقب طالبا
لجوابها المشتمل على دخول الدار من غير بابها واقتضت حكمين متنافيين
وأثرين متضادين حسن الأدب وإساءته باعتبار طاعة السائل ومخالفته وقد
غلب ذكر الجواب تحصيلا للذة الخطاب فان وافق نظره الشريف فهو
المطلوب والا فهو بستر العوار أولي. ثم ذكر الأسئلة وأجوبتها وهي مائة
وأربع وسبعون مسالة أولها ما يقول سيدنا الامام العلامة أحسن الله إليه
وأسبغ نعمه عليه في المؤمن هل يجوز ان يكفر والعياذ بالله، من بعد ايمانه
أم لا يجوز وما حجة من يقول إنه لا يكفر مع قوله سبحانه ان الذين آمنوا
ثم كفروا الآية وقوله يا أيها الذين آمنوا ان تطيعوا فريقا من الذين أوتوا
الكتاب يردوكم الآية الخ.
وقال العلامة في آخر أجوبة جملة من المسائل لما كان امتثال أمر من
تجب طاعته وتحرم مخالفته من الأمور الواجبة والتكاليف اللازمة سارع العبد
الضعيف حسن بن يوسف بن المطهر الحلي إلى إجابة التماس مولانا السيد
الكبير الحسيب النسيب المرتضى الأعظم الكامل المعظم مفخر العترة
العلوية سيد الأسرة الهاشمية أوحد الدهر وأفضل أهل العصر الجامع
لكمالات النفس والمولي بنظره الثاقب إلى حظيرة القدس نجم الملة والحق
والدين أعاد الله على المسلمين بركة أنفاسه الشريفة وادام عليهم نتائج
مباحثه الدقيقة الخ ويعبر عنه في كثير من الأسئلة بقوله قال سيدنا الامام
العلامة، فانظر إلى شدة تواضع العلامة لهذا السيد حتى بلغ به الحال إلى أن
قال شرف أصغر خدمه وأقل خدامه برسائل في ضمنها مسائل وما كان ذلك
منه الا لكون هذا السيد من الذرية الطاهرة ومن أهل العلم والفضل
والتقوى والصلاح. وكان العلامة يعظم الذرية الطاهرة كثيرا واوصى ولده
بذلك مؤكدا في وصيته التي في آخر القواعد
وعليها حواش بخط فخر المحققين ولد العلامة بيده فالحق يقال إنها
من نفائس الكنوز وكان في النية استنساخ هذه المسائل وأجوبتها لكن عاق
عن ذلك ضيق الوقت والاشتغال بما هو أهم.
يروي السيد مهنا عن العلامة الحلي وعن ولده فخر المحققين ويروي
الشهيد الأول عنه عن العلامة الحلي ووصفه الشيخ نعمة الله بن خاتون
العاملي في اجازته لجده السيد بدر الدين حسن بن علي بن شدقم الحسيني
المدني بالسيد العالم نجم الدين مهنا بن سنان الحسيني المدني حليف ديوان
القضاء بالمدينة المنورة. ومثله في اجازة أخرى له الا أنه قال حليف دار
الحكم والقضاء بمدينة سيد الشفعاء.
صورة اجازة العلامة له وجدناها بخط السيد حيدر المذكور في
المجموعة المتقدمة الذكر:
بسم الله الرحمن الرحيم
انا العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف المطهر الحلي قد أجزت
للمولى السيد الكبير الحسيب النسيب المعظم المرتضى سيد الاشراف مفخر
آل عبد مناف نجم الحق والملة والدين مهنا بن سنان العلوي الحسيني أدام
الله إفضاله وأعز اقباله وبلغه في الدارين آماله وختم بالصالحات أعماله ان
يروي عني جميع ما صنفته من الكتب في العلوم العقلية والنقلية وجميع ما
أصنفه وأمليه في مستقبل الزمان وفق الله تعالى ذلك. ثم عد كتبه في الفقه
والأصول والنحو والحكمة وغيرها وهي ثلاثة وخمسون كتابا ثم قال وأجزت
له أدام الله أيامه أن يروي عني جميع ما رويته وأجيز لي روايته في جميع
العلوم العقلية والنقلية وكذا أجزته أن يروي عني جميع ما صنفته ورويته
وأجيز لي روايته وثبت عنده روايتي له من جميع المصنفات والروايات وكتب
العبد الفقير إلى الله تعالى الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي أعانه
الله تعالى على طاعته ووفقه للخير وملازمته في شهر المحرم سنة عشرين
وسبعمائة بالحلة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الطاهرين وفرع من تحريره العبد الفقير الواثق إلى رحمة ربه القدير حيدر بن
علي بن حيدر العلوي الحسيني الآملي أصلح الله حاله في غرة ذي القعدة
سنة ٧٦٢ هجرية اه.
وعن السيد الجليل السيد ضامن بن شدقم بن علي الحسيني المدني في
كتابه تحفة الأزهار وزلال الأنهار أنه قال في حقه كان سيدا جليل القدر
عظيم الشأن رفيع المنزلة حسن الشمائل جم الفضائل كريم الأخلاق زكي
الأعراق عالي الهمة وافر الحرمة تقيا نقيا ميمونا عالما عاملا فاضلا كاملا
فصيحا بليغا أديبا جامعا هاديا محققا مدققا يعرف بصاحب المسائل المدنيات
وعن السيد علي بن داود بن الحسين الحسيني السهودي في جواهر العقدين
بسنده المتصل إلى الشيخ شهاب الدين أحمد بن يونس العسطني المغربي عن
بعض مشايخه وذكر ما ملخصه ان رجلا من المغاربة ارسل مائة دينار لتدفع
إلى أحد السادة الحسينية بالمدينة فسال عنهم الرسول فقيل له انهم شيعة
والقاضي والخطيب والامام منهم وامر البلاد بيدهم فكره دفع المال إليهم
وانه رأى في نومه كان القيامة قامت والناس تجوز على الصراط فأراد الجواز
فامرت الزهراء ع بمنعه فاستغاث بالنبي ص فقال لها لم منعته
قالت لأنه منع ابني رزقه فسأله فقال لأنه شيعي فقال له وما أدخلك بين
(١٦٩)

ولدي وأصحابي فلما انتبه اخذ المال إلى مهنا بن سنان وأضاف عليه من ماله
مائة دينار وحكى له القصة اه.
مؤلفاته
١ المسائل المدنيات ومر شرح حالها ٢ كتاب حسن الخلال ذكره
الكفعمي في حواشي كتابه المعروف بالمصباح.
مهيار الديلمي (١)
مهيار فارسي الأصل ولكنه لم يعش في بلاد فارس، بل اتخذ بغداد
مقاما، وبغداد يومئذ خاضعة للنفوذ البويهي الذي امتد من سنة ٣٣٤ ه
إلى سنة ٤٤٧ ه أي إلى أن استأثر السلجوقيون بالسلطة. ولقد سلخ
مهيار عهد شبابه في نهاية القرن الرابع الهجري، وأمضى عهد كهولته في
مطلع القرن الخامس ولد الشاعر على الأرجح عام ٣٦٧ ه وتوفي عام
٤٢٨ ه. وقد عايش ثلاثة من الخلفاء هم: الطائع لله أبو بكر عبد
الكريم بن المطيع، وقد تولى الخلافة من ٣٦٣ إلى ٣٨١. والقادر بالله أبو
العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر وقد بويع له بالخلافة بعد خلع الطائع
سنة ٣٨١ وامتدت خلافته إلى السنة ٤٢٢، وقد توفي فيها. وخلف القادر
القائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر، وامتدت خلافته من سنة
٤٢٢ إلى سنة ٤٦٧ وفي عهده توفي مهيار عام ٤٢٨. (٢) هؤلاء الخلفاء
الثلاثة هم الذين عاصرهم مهيار، ولكن السلطة الفعلية لم تكن في أيديهم
كما يتضح من أكثر كتب التاريخ كالكامل لابن الأثير، وتاريخ الخلفاء
للسيوطي وانما كانت في يد البويهيين، وكانوا قد تولوا إمرة الأمراء، ثم
أصبحوا يتلقبون فيما بعد بالملوك والسلاطين. وقد عاصر مهيار ستة سلاطين
منهم هم: عضد الدولة وقد ولي السلطة في السنة التي ولد فيها مهيار اي
عام ٣٦٧ ه (٣) وظل قائما في الحكم إلى أن توفي عام ٣٧٢. ه (٤) فخلفه
ابنه شرف الدولة الذي حكم إلى السنة ٣٧٩. وبعد وفاة شرف الدولة
تولى الاحكام أخوه بهاء الدولة الذي ظل في الحكم من السنة ٣٧٩ ه إلى
السنة ٤٠٣ ه. وبعد وفاة بهاء الدولة تولى الاحكام أبناؤه سلطان الدولة
٤٠٣ ٤١١ ومشرف الدولة ٤١١ ٤١٦ ثم جلال الدولة ٤١٨
٤٣٥ وهو الملك البويهي الوحيد الذي حظي بمدائح مهيار (٥)، وفي عهده
توفي مهيار سنة ٤٢٨ ه.
في هذا العصر الذي ضعفت فيه سلطة الخلفاء حتى أنهم أصبحوا
تحت رحمة الملك البويهي، عاش مهيار. وكل ما كتبه المؤرخون أنه: أبو
الحسن (٦) مهيار بن مرزويه الكاتب الفارسي الديلمي المشهور، كان مجوسيا
فأسلم. على يد الشريف الرضي أبي الحسن محمد الموسوي، وهو شيخه
وعليه تخرج في نظم الشعر، وقد وازن مهيار كثيرا من قصائده، وكان
شاعرا جزل القول، مقدما على أهل وقته وله ديوان شعر كبير وهو رقيق
الحاشية، طويل النفس في قصائده (٧). ويضيف ابن خلكان أن مهيار
ومرزويه اسمان فارسيان لا أعرف معناهما، والله تعالى اعلم. وينقل
ابن خلكان أقوال بعض المؤرخين في مهيار فيقول: وقد ذكره أبو الحسن
الباخرزي (٨) في كتابه المسمى دمية القصر فقال في حقه: هو شاعر، له
في مناسك الفضل مشاعر، وكاتب تحت كل كلمة من كلماته كاعب، وما
في قصائده بيت، يتحكم عليه بلو وليت، وهي مصبوبة في قوالب
القلوب، وبمثلها يعتذر الدهر المذنب عن الذنوب (٩). وذكره أبو الحسن
علي بن بسام في كتابه المسمى الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة وبالغ في
الثناء عليه وذكر شيئا من شعره. وتوفي مهيار ليلة الأحد لخمس خلون من
جمادى الأخيرة سنة ثماني وعشرين وأربعمائة هجرية. وفي تلك السنة توفي
الرئيس أبو علي بن سينا الحكيم المشهور.
وجاء في المنتظم في تواريخ الملوك والأمم للإمام أبي الفرج
الجوزي ما نصه: مهيار بن مرزويه أبو الحسن الكاتب الفارسي كان
مجوسيا فأسلم سنة أربع وتسعين وثلثمائة وصار رافضيا غاليا وفي شعره
لطف، إلا أنه يذكر الصحابة بما لا يصلح. قال له أبو القاسم بن
برهان: يا مهيار انتقلت باسلامك من النار من زاوية إلى زاوية، قال
وكيف ذلك؟ قال كنت مجوسيا فأسلمت فصرت تسب الصحابة (١٠)...
وهكذا نتبين ان المؤرخين لم يهتموا كثيرا بشخصية مهيار، فأقوالهم لا
تسمن ولا تغني من جوع، ولا تجلو لنا شخصية الرجل على حقيقتها،
فلذلك علينا ان نلجأ إلى الاستنتاج والتقريب ما أمكن لنصل إلى جل
الحقيقة لأن الوصول إليها كلها متعذر في مثل هذه الحال.
لقد أهمل المؤرخون كما رأينا ذكر السنة التي ولد فيها مهيار، واكتفوا
بذكر سنة موته ٤٢٨ ه ابن خلكان وسنة اسلامه ٣٩٤ المنتظم
وإذا رجعنا إلى شعره رجحنا انه ولد في العقد السابع من القرن الرابع، أي
حوالي السنة ٣٦٧ ه كما يستفاد من قوله في مدح عميد الدولة أبي سعد بن
عبد الرحيم سنة ٤٢٣:
يا قلب من أين على فترة * رد عليك الوله العازب
أ بعد أن مات شباب الهوى * شاورك المحتنك الشائب
وبعد خمسين قضت ما قضت * وفضلة أنكرها الحاسب
هبت بأشواقك نجدية * مطعمة أنت لها واجب
فهو يقرر أنه جاوز الخمسين بفضلة قد تكون سنة وقد تكون تسعا،
فإذا توسطنا وفرضناها خمسا كان عمره في سنة
٤٢٣ ه خمسا وخمسين سنة، يضاف إليها خمس سنوات عاشها الشاعر بعد تلك القصيدة، فيكون قد
مات في الستين من عمره تقريبا، أو جاوزها قليلا. ويؤيد هذا التقدير
الذي ذهبنا إليه قوله في موضع آخر سنة ٤١٧ ه في الشيب:
قالت على البيضاء أخت عامر
أسفر في فوديك ذاك الغيهب

(١) من التراجم التي توفي المؤلف قبل ان يكتبها (ح).
(٢) السيوطي: تاريخ الخلفاء، ص ٢٧٦.
(٣) السيوطي: تاريخ الخلفاء، ص ٢٧٩.
(٤) حسن إبراهيم حسن: النظم الاسلامية، ص ٨٤.
(٥) ابن الأثير: الكامل، ج ٩، ص ٨٤.
ابن الأثير: الكامل، ج ٩ ص ٨.
(٦) الفلال: ص ١٤.
* مهيار الديلمي
(٧) وفيات الأعيان: ج ٤، ص ٤٤١.
(٨) هو أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي الشاعر المشهور، صنف كتاب " دمية القصر " وهو
ذيل " يتيمة الدهر " للثعالبي وقد قتل بباخرز في ذي القعدة سنة سبع وستين وأربعمائة.
" باخرز هذه ناحية من نواحي نيسابور تشتمل على قرى ومزارع ".
(٩) دمية القصر: ص ٧٦ - الديوان ج ١، ص: ه‍.
(١٠) الديوان، ج ١ ص: و.
(١٧٠)

ومن بلاياك وإن عبت به * شباب حبي وعذاري الأشهب
غدرك والخمسون أي روضة * قشيبة بينهما لا تجدب
وقد عاش مهيار بعد ذلك أحد عشر عاما، فيكون مجموع عمره
إحدى وستين سنة. (١)
أما نسبته الديلمي فإنها ترجع إلى الأرض التي عاش فيها والتي
يسكنها بنو جلدته، وقد قال ياقوت: ان الديلم ينسبون إلى أرضهم
بهذا الاسم لا إلى أب لهم. وجاء في تحفة العجائب لابن الأثير: جبال
الديلم منيعة يتحصنون بها وهي كثيرة الغياض والشجر والمطر وهي جبال
في نهاية الخصب. وذكر ابن خلدون، ان بلاد الديلم كانت الجبال وما
يليها مثل طبرستان وجرجان وآمد ولعل أهم حادث أثر في شخصيته
وشاعريته على حد سواء، هو اتصاله بالشريف الرضي. والشريف يومذاك
حجة الأدباء والاشراف. تولى والده نقابة الأشراف مدة من الزمن، وكان
له الفضل الأكبر في إخماد الكثير من الثورات الشعبية بما له من هيبة في
النفوس تتضاءل عندها هيبة الخلفاء يومئذ والأمراء الحاكمين. ولعب دورا
كبيرا أيضا في فصم الخلاف بين امراء الأسرة البويهية. وبكلمة موجزة،
لقد كانت له مهابة عظمي في النفوس، وكان يكتنفه الشرف من سائر
جنباته.
ونشأ ولده الشريف الرضي على سيرته فخلفه في نقابة الطالبيين وامارة
الحج.
وكان الشريف كريما محبوبا، فاثر في نفس مهيار، وكان لا يزال بعد
في العقد الثاني من عمره فتاثره في مذاهبه الشعرية والفكرية والدينية أيضا.
نتبين ذلك جليا في بعض أبياته. قال الشريف في مدح والده:
طلوع هداه! إلينا المغيب * ويوم تمزق عنه الخطوب
لقيتك في صدره شاحبا * ومن حلية العربي الشحوب
وقال مهيار يمدح شبيبا بن حماد بن مزيد:
وعلامة العربي دهمة وجهه * ومن الوجوه البيض غير حسيب
والبدر أشرف طالع في أفقه * وبياضه المرموق فوق شحوب
ولم يقتصر هذا التأثر على الألفاظ وحسب، بل تعداه إلى الموضوعات
أيضا. وإن قصر التلميذ عن مجاراة أستاذه في ميدان الصناعة الشعرية،
فقد فاقه في أكثر الأحيان في طول النفس الشعري.
وبقي مهيار عائشا في كنف أستاذه الشريف إلى أن لاقي الشريف ربه
عام ٤٠٦ ه. وكان طوال حياته الحامي الأمين لمهيار. ولقد أحس شاعرنا
بالفجيعة، فمضى يرثي أستاذه بشعر رقيق، لا بل من أرق ما قال. وقد
رثاه في مناسبات عديدة. قال في إحدى مرثياته:
أقريش، لا لفم أراك ولا يد * فتواكلي غاض الندى وخلا الندي
بكر النعي فقال: أردي خيرها * إن كان يصدق فالشريف هو الردى
وبقي بعد ذلك التاريخ يمدح الملوك والامراء أكثر من عشرين عاما.
ولعل بني عبد الرحيم كانوا أكثر حظوة من مدائحه. فقد خصهم بقسم
كبير من قصائده. وكانت أجود مدائحه فيهم. وكان الصاحب أبو القاسم
ابن عبد الرحيم نقيب النقباء على جيوش الأتراك في جميع انحاء الدولة،
وهو مركز له خطره وكان بنوه فرسا متشيعين يعطفون على مهيار فأجاد
في مدحهم.
والممدوح الآخر الذي نال من الحظوة نصيبا كبيرا في مدائح مهيار هو
أبو طالب محمد بن أيوب. وكان قد استوزره الخليفة القادر بالله سنة
٣٨١ ٤٢٢ ه ومن بعده وزر لابنه الخليفة القائم بأمر الله فاظهر في
خدمة الخليفتين كفاية واخلاصا إما سائر الممدوحين فهم كثر منهم: أبو
نصر سابور وأبو الحسين الهماني، وفخر الملك أبو غالب، وأبو منصور بن
المزرع. وعميد الدولة أبو طالب ومحمد علي بن الطيب، وكثيرون غيرهم.
وهناك ظاهرة لا بد من الإشارة إليها، وهي ان مهيار لم يمدح أحدا
من الخلفاء العباسيين، وهذا ما نستغربه لأن أكثر الشعراء الذين مدحوا،
كانوا يقفون مدائحهم على الخلفاء. وهناك ظاهرة أخرى عجيبة أيضا هي
ان ديوان مهيار على ضخامته لا يحوي مدحا لملك بويهي الا ما كان من مدح
ركن الدين شاهنشاه جلال الدولة بن بهاء الدولة الذي ولي الاحكام عام
٤١٨ ه فكان هذا الملك هو الوحيد من بني بويه الذي ظفر بمدائح
مهيار.
وهكذا بعد فترة تبلغ عشرين عاما بعد وفاة الشريف عاش مهيار كأنه
رجل الأدب دون منازع، إلى أن قبض سنة ٤٢٨ ه
ديوانه
مهيار شاعر غزير المادة قل من جاراه من شعراء العربية في كثرة
النظم وفي الاسهاب في منظوماته. لا أستطيع ان أتمثل له ندا سوى ابن
الرومي، وإن كان ابن الرومي يقصر عنه في بعض الأحيان، ولا يجاريه في
الاسهاب والتطويل. وقد كان له من قوة الطبع فيه خير رافد على الاكثار
من النظم والتطويل ما أمكن. وعلى هذا فقد كانت بعض قصائده تقارب
الثلاثمائة من الأبيات. وهكذا تجمع لدينا ديوان ضخم من شعره ظهر
مطبوعا في أربعة اجزاء من القطع الكبير ٢٨. ١٨ سم. وقد جمع هذا
الديوان بين دفتيه ما يقرب من واحد وعشرين ألفا من الأبيات ٢٠٩٦٩
موزعة في أربعمائة قصيدة تقريبا ٤٠٩. وقد وزعت هذه الأبيات
والقصائد في سائر اجزاء الديوان على الشكل التالي:
الجزء الأول يحتوي على ماية وقصيدتين تحوي خمسة آلاف وتسع ماية
وخمسة أبيات. ويتكون من أربعمائة وست وعشرين صفحة.
الجزء الثاني: يحتوي على ماية وخمس وخمسين قصيدة تحوي ستة
آلاف ومائة وبيتين. ويقع في ثلاثمائة وثلاث وسبعين صفحة.
الجزء الثالث: يحتوي على خمس وتسعين قصيدة تحوي خمسة آلاف
وسبعماية وستة وتسعين بيتا. ويقع في ثلاثمائة وسبعين صفحة.
(١٧١)

الجزء الرابع: يحتوي على سبع وخمسين قصيدة تحوي ثلاثة آلاف
ومائة وستة وستين بيتا ويقع في مائتين وسبع صفحات. بقي هذا الديوان
الضخم نسيا منسيا حتى فتقت الفكرة لأحمد نسيم أحد الذين اشتغلوا
بالأدب في مصر، فاستعان بدار الكتب المصرية، وأخرج الديوان في طبعته
الحالية، وهي الوحيدة التي نتداولها. وهي على مأخذها لا باس بها من
حيث الاخراج، وابتغاء الصحة، الا انها اعتمدت الترتيب الأبجدي
للقصائد أي الترتيب الذي وجدت فيه نسخ الديوان. وفي ذلك بعض
المشقة على المطالع.
ظهرت هذه الطبعة الأولى من الديوان سنة ١٣٤٤ ه الموافقة
١٩٢٥ م. وقد طبعت على مطبعة دار الكتب المصرية. وقد عرض الناشر في
بدء الجزء الأول حياة الشاعر مهيار الديلمي مستندا إلى وفيات الأعيان
ودمية القصر والمنتظم والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة.
ميرك موسى بن إبراهيم الحسيني التوني
توفي سنة ١٠٩٨.
في جامع الرواة: سيد جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة دقيق
الفطنة عالم فاضل كامل دين متصلب في الدين ثقة ثبت وجه من وجوه هذه
الطائفة وعين من أعيانها كلف بالقضاء في المشهد المقدس الرضوي على
ساكنه السلام فلم يقبله لكمال تدينه وزهده وتقواه. له تعليقات على عيون أخبار
الرضا ع وعلى الاحتجاج وغيرها.
أبو الحسن موسى بن أحمد النقيب بقم ابن محمد الأعرج ابن احمد ابن
موسى المبرقع ابن الإمام محمد الجواد ع.
إليه ينتهي نسب السادة الرضوية في المشهد المقدس الرضوي كما في
تاريخ قم. كان فاضلا متواضعا حسن الخلق سهل الجانب فوضت إليه
النقابة في قم ونواحيها وكان في يده وظائف ورسوم السادات في آبه وقم
وكاشان وخورزن وكان عدد السادات ذكورا وإناثا ثلثمائة وواحد وثلاثين
ووظيفة كل واحد في كل شهر ٣٠ منا من الخبز و ١٠ دراهم فضة وكلما توفي
واحد رفع اسمه ومشاهرته من الديوان وأثبت أولاده. ولما ذهب أخواه إلى
خراسان وبقي هو في قم قام بأمر أخيه أبي محمد الحسن وأخواته ورجعت
إليه الضياع التي كانت لأبيه وما كان مرهونا منها فكه من الرهن وكانت
سيرته محمودة وعاش مع أهل قم أحسن معيشة وراعى حقوقهم حتى صار
كأنه أحدهم ومال إليه أهل قم وصار رئيسهم وعرف قدره مؤيد الدولة
والأمير فخر الدولة واكرموه ووهبوا له بعض الخراج وحج في سنة ٣٧٠ وعرف
قدره الملك عضد الدولة وتاج الدولة ولما أتم الحج وجاء إلى المدينة المنورة
أظهر الشفقة والرحمة على أولاد عمه وأعطاهم وخلع عليهم فشكروه كثيرا
ثم عاد إلى قم ووصلها في ربيع الآخر سنة ٣٧١ فاستبشر بقدومه أهل قم
ووضعوا المرايا في الأزقة والمحال وكتب إليه الصاحب الجليل كما في الكفاة أبو
القاسم إسماعيل بن عباد رسالة يهنئه فيها بعوده سالما من الحج وفي سنة
٣٧٥ ذهب إلى زيارة جده الرضا ع وكان أبو علي الحسين بن محمد بن
نصر بن سالم مصاحبا لأبي الحسن موسى ونائبا عنه ومدبرا لأموره وكان
جده نصر من خدام الجواد ع وجده سالم من جملة عتقاء أبي جعفر محمد
ابن علي الرضا فعرف حق هذا البيت وقام به حق القيام وانتظمت أمور أبي
الحسن بمصاحبته.
الشيخ موسى ابن الشيخ امين شرارة العاملي.
ولد سنة ١٢٦٧ في قرية بنت جبيل بلفظ مؤنث ابن مضافا إلى
مصغر جبل وتوفي ليلة الخميس قريب الفجر ١١ شعبان سنة ١٣٠٤ في
بنت جبيل ودفن فيها.
وآل شرارة بيت علم في جبل عامل ومر منهم الشيخ محمد حسين
شرارة ويحتمل كونهم من القبيلة العربية البدوية المعروفة بالشرارات والظاهر أن
أصلهم من جزين ونزحوا عنها مع من نزح منها من الشيعة بدليل وجود
مكان فيها يدعى عريض بيت شرارة إلى اليوم.
صفاته
كان عالما فاضلا معاصرا محققا مدققا فقيها أصوليا شاعرا أديبا واعظا
خطيبا فصيحا حسن الأخلاق عالي الهمة كثير الحفظ حسن الخط جميل
الصفات جامعا لأنواع الكمالات.
وذكره في تكلمة أمل الآمل فقال: كان من حسنات العصر فاضلا في
كل العلوم الاسلامية خصوصا في علوم الأدب والفقه وأصوله وله إلمام
بعلمي الكلام والحكمة قوي الحافظة جدا لا ينسى ما حفظ كثير
الاستحضار لكل ما قرأه من العلوم وللشعر والخطب وتواريخ العلماء وأيام
العرب حسن الأخلاق كثير التواضع حسن المحاضرة جدا كثير المحبة لأهل
العلم كثير الترويج لهم أبي الطبع للغاية عالي الهمة لم يقبل من أحد من علماء
عصره شيئا ويكتفي بما يرسله إليه أبوه اه.
أحواله
بعد ما حفظ القرآن في خمسة أشهر اشتغل بعلوم العربية في جبل
عامل فقرأ النحو والصرف والمنطق والبيان وقرأ عليه الطلاب في هذه العلوم
وقرأ المعالم في الأصول واقرأ شرح ألفية ابن مالك لولده بدر الدين وشرح
الرضي على الكافية عدة مرار في جبل عامل والنجف وكانت مدة قراءته في
جبل عامل اثنتي عشرة سنة ثم رحل إلى النجف الأشرف سنة ١٢٨٨ فقرأ
القوانين في الأصول وشرح اللمعة في الفقه ثم قرأ الرسائل في الأصول وهو
في تلك المدة يباحث في علوم العربية والبيان والمنطق والأصول والفقه ثم
صار يقرأ في الأصول والفقه خارجا عند علماء العرب والفرس واختلط
بالعراقيين اختلاطا تاما أمثال السيد محمد سعيد حبوبي والشيخ احمد ابن
صاحب الجواهر والسيد مهدي الحكيم والسيد حسن الصدر وغيرهم وأقام
في العراق نحوا من تسع سنين ثم رجع إلى جبل عامل سنة ١٢٩٧ وقد
أصابه مرض السل واستمكن منه وظهرت اماراته بملازمة السعال وبحة
الصوت لكنه بقي ملازما لشرب الشاي صبحا وعصرا سفرا وحضرا الذي
ربما كان أحد أسباب عروض السل له أو هو السبب كما عرض ذلك لجماعة
من العامليين الذين اعتادوه في العراق وهي من البلاد الحارة وقد نشأوا في
بلاد باردة فكانوا شهداءه، وكان أول رجل شربه في جبل عامل وسماوره
أول سماور دخلها. وصادف في جبل عامل حظا وافرا وأقبل الخاصة
والعامة عليه اقبالا تاما فنشر بها العلم وأحيا معالم الدين ورفع اعلام الشرع
المبين وجدد معاهد الشعر والأدب وأشاع فيها إقامة العزاء لسيد الشهداء
صلوات الله عليه بترتيب المجالس الأسبوعية في بنت جبيل والنباطية وغيرهما
(١٧٢)

وأنشأ في بنت جبيل مدرسة اجتمع إليها جل طلاب العلم الذين كانوا في جبل
عامل وكان يجمعهم كل ليلة جمعة ويسال كل واحد منهم عن دروسه ومن لم
يحضر يرسل وراءه وكان يتعاهد أمور الطلبة والمدرسين وينحي باللائمة على
المقصر وينوه بالمجتهد وبالغ في احترام السادة والاشراف وأهل العلم
واكرامهم وتعظيم العلماء وحث الناس على ذلك واستعمل الوعظ في
المجالس العامة وتلاوة خطب نهج البلاغة وبرع في ذلك وسن مجالس
الفاتحة في وفيات العلماء والعظماء ونظم القصائد في رثاء العلماء وحث الأدباء
على ذلك ونشطهم فاتبعوه وتليت تلك القصائد في مجالس الفاتحة والمجالس
العامة وراج سوق الأدب وحث الناس على اطعام الطعام في الثلاثة الأيام
بعد الوفيات وكان شديد الوطأة على المتقعرين والمتكبرين. وفي عهده زار
الأمير عبد القادر الجزائري قرية ديشوب التي يقطنها المغربة وهي مجاورة
لجبل عامل فدعاه الحاج محمد البزي أحد وجهاء جبل عامل إلى ضيافته في
بنت جبيل فامتنع أولا فقال له ان جدك كان يكرم ذا شيبة شابت في الاسلام
وعليك ان تقتدي بطريقته فقال له قد أجبتك فلما حضر إلى بنت جبيل وزاره
المترجم ورأى فضله ومعرفته وحسن محاضرته احترمه كثيرا وجعل لا يفارقه
وكان كلما اجتمع بأحد من أهل السنة من حاكم أو عالم أو غيرهما يكون
حديثه في الغالب مقصورا على التأليف بين الطائفتين وسعى في بناء المسجد
الكبير في بنت جبيل على ما هو عليه اليوم من أموال المرحومين الحاج محمد
وأخيه الحاج سليمان البزي وكان بانيه المعمار الشهير الحاج حميدي الصفدي
ومعاونه صالح الصفدي وادخل تحسينا كثيرا على طريقة التدريس بالالتزام
بتفسير العبارة والاقتصار على ذلك الا قليلا مما يتعلق بها وكانت عادة كثير
من المدرسين الاكثار من ذكر المطالب الخارجة عن العبارة وإطالة المدة في
تدريس العلوم العربية وربما كان أول من درس القوانين بعد المعالم في جبل
عامل وكانت العادة فيها تدريس شرح العميدي على تهذيب العلامة بعد
المعالم كما كانت العادة كذلك في العراق قبل ظهور القوانين وادخل تحسينا
كثيرا على إقامة العزاء بترتيب المجالس الأسبوعية والوعظ فيها بقراءة بعض
خطب نهج البلاغة وما يقتضيه الحال بشكل مؤثر في النفوس وقراءة
الأحاديث على النحو الذي يتلى في مجالس العزاء في العراق وكانت
العادة القراءة في عشر المحرم خاصة من الكتب المسماة بالمجالس من
ترتيب بعض البحارنة المشتملة على الغث الا ما ندر وهي عشر مجالس مطولة
في مجلد ضخم لكل ليلة من ليالي عشر المحرم مجلس يبتدئ بذكر خطبة من
انشاء مؤلف الكتاب أولها: أيها المؤمنون المجتمعون وقصيدة من شعر
الخليعي غالبا وحديث طويل ملفق مما دب ودرج ولا تكون القراءة غالبا الا
في عشر المحرم وربما تكون في غيره لكن لا على وجه منظم بل كيفما اتفق
وصادف فإذا كان يوم العاشر قرئ مقتل أبي مخنف أو غيره ولكنه كان لا
يخلو من زيادات الناسخين والمرتبين. وبعد حضوره لجبل عامل صار يقرأ
يوم العاشر مقتل ابن طاووس واتبعه أكثر الناس في ذلك ولما الفنا لواعج
الاشجان واشتهر وطبع مرارا صار الناس يقرؤون فيه واحضر معه من
العراق مجموعة جمعها له بعض قراء التعزية مما يتعار ف قراءته هناك ونسخ
الناس منها نسخا كثيرة وتداولوها وكان ينسخها الشيخ حسين شمس الدين
بأجرة لكنه كان فيها الصحيح والسقيم ولم يكن هو ولا غيره يعلم بسقيمها
ولا يلتفت أحد لذلك لقلة الاطلاع على التاريخ وقلة الاعتناء به عموما
وبذلك خصوصا حتى أنه كان يعجب ببعض ما يذكر في مقتل أمير المؤمنين
من الكلام المشتمل على هذه العبارات: ان البرد لا يزلزل الجبل الأشم
ولفحة الهجير لا تجفف البحر الخضم والليث يضرى إذا خدش والصل
يقوى إذا ارتعش وأمثال ذلك مع أنه من تنميق بعض القراء لا أصل له ولما
ألفنا المجالس السنية جهدنا ان نجد لذلك ذكرا ولو في بعض الكتب الغير
المعتبرة فلم نجد وأمثال ذلك كثير يطول الكلام باستقصائه وكانت هذه
الأحاديث تقرأ في العراق على مسامع العلماء وبمحضر منهم فلا ينكرها أحد
الا النادر ولما الفنا المجالس السنية هذبناها والحمد لله من جميع ذلك وميزنا
القشر من اللباب والخطأ من الصواب وقد طبعت مرارا وانتشرت. وادخل
تحسينا كثيرا على الشعر والأدب بتغيير أسلوبه عما كان عليه فقد كان أكثر
الشعراء العامليين يقتصرون في الغزل على أسلوب خاص وفي المديح على
ألفاظ مخصوصة كالمكارم والمعالي والماجد والبحر والحبر وأمثال ذلك وكذلك
في الرثاء فنبه الأفكار إلى التفنن في أساليب الشعر والتجنب عما ينتقد منه
وعقد لذلك المجالس وانتقد فيها الاشعار وفتح باب الانتقاد لغيره وسن
للأدباء طريقة جديدة مما دعا الشعراء إلى تغيير أساليبه وتحسينه وتهذيبه وظهر
في الأدب العاملي فرق واضح. وكان له على هذا الفقير مؤلف الكتاب
فضل كبير باظهاره العناية بي والتنويه باسمي في صغر السن وكان والدي رحمه
الله لما زار العتبات الشريفة طلب إليه بنو عمي ان يرسلني إلى العراق فلما
حضر إلى جبل عامل وزاره المترجم نهاه عن ذلك وأشار عليه ببقائي في جبل
عامل وقال له ان الذين في النجف لا يفضلونه في التحصيل ولا يصلون إليه
وكانت إشارته هي الصواب وقرأت في مدرسته حاشية ملا عبد الله وشرح
الشمسية للقطب في المنطق والمطول في علم البلاغة والمعالم وشيئا من
الشرائع قراءة تحقيق واتقان وكتبت في حال القراءة حواشي على المطول
والمعالم وغيرهما وأذكر اني رأيته في قرية عيتا وكنت في مدرستها وسني في نحو
الثالثة عشرة فسال عني وسألني فيما اقرأ فأخبرته فالقى علي بعض الأسئلة في
النحو فأجبته واسدى إلي بعض النصائح فعملت بها ثم دعاني إلى العشاء
معه ثم القى علي أسئلة أخرى فأجبته وسررت بذلك ولما تحولت إلى مدرسته
في بنت جبيل كان يطلب مني القاء الأسئلة على بعض الطلبة الذين كان
يجمعهم كل ليلة جمعة وطلب مني القراءة في نهج البلاغة في المجالس العامة
وتمرنت في أيامه على نظم الشعر وكان يثني على قصائدي إذا تليت في
المجالس العامة وينشطني كثيرا جزاه الله عني خيرا. وفي تكملة أمل الآمل
: انه ترقى في الاشتغال في العراق وتقدم على جميع طبقته حتى صار
يشار إليه بالأكف وصارت له محبة في قلوب عموم أهل العراق حتى بغداد
والحلة وشاع ذكره بالفضل والجامعية وترتب على وجوده بعض المطالب
الخيرية وكان إذا جلس في مجلس أو ركب في سفينة لزيارة الحسين ع
لا يخرج من ذلك المجلس أو من تلك السفينة الا وهو مالك لقلوب
الكل حتى اتفق انه تكلم في فضل تعلم العلم في بعض أسفاره إلى كربلاء
وهو في الطرادة السفينة الصغيرة فلما رجعنا إلى النجف ترك جماعة
الكسب والتجارة وصاروا يطلبون العلم ويراجعونه المشورة فيمن يقرؤون
عنده وصار بعض هؤلاء علماء كالشيخ قاسم قسام والشيخ علي الخياط
وغيرهما وبالجملة كانت فيه جاذبية ربانية لربانيته وصفائه وبينما هو كذلك إذ
عرض له سعال وبحة في صوته فأوجب عليه الأطباء إما المعالجة أو تغيير
الهواء بالذهاب إلى وطنه جبل عامل فجاء إلى بلاده ولما اطلع أهل البلاد
على فضله وعلمه وكماله في قوتيه العلمية والعملية اكبوا عليه وعرفوا قدره
فتصدى لاحياء السنن الشرعية وترتب على وجوده ترويج الدين وأعلاه
كلمة المؤمنين واعزاز الشرع المبين وصارت البلاد تزهو بنور علمه وتتضوع
(١٧٣)

بنفحات قدسه فاجتمع عنده جماعة يطلبون العلم فرباهم وهداهم إلى
الطريقة المستقيمة في طلب العلم اه.
مشايخه
قرأ في جبل عامل على الشيخ جعفر بن علي آل مغنية ولازمه ملازمة
تامة وكان هذا الشيخ ماهرا في العلوم العربية مشهرا بحسن التدريس وعلى
الشيخ مهدي آل شمس الدين وقرأ القوانين في النجف وبعض الرسائل على
الشيخ مرتضى الأنصاري وكان المدرس الأول في النجف في الأصول وقرأ
شرح اللمعة عند الفقيه الشيخ عبد الحسين الطريحي وكان وحيدا في
تدريسها في النجف وكانت قراءته لهذين الكتابين عندهما قراءة تحقيق
وتدقيق ونقل كلام المحشين وأتم قراءة الرسائل على الشيخ ملا كاظم
الخراساني مع حاشيته على الكتاب المذكور وقرأ في الفقه على الشيخ محمد
حسين الكاظمي وعلى الشيخ محمد طه نجف وكان تلاميذه يومئذ لا يزيدون
على الخمسة منهم الشيخ حسين محيي والشيخ جعفر الشروقي سبط صاحب
الجواهر.
مؤلفاته
له منظومة في الأصول كبيرة جيدة شرع في نظمها حال قراءته على
الشيخ ملا كاظم واخرى في المواريث.
أشعاره
له أشعار جيدة منها ما قاله على ما حدثني به حين طلب منه بعض
أصدقائه في النجف نظم قصيدة عن لسانه تهنئة في زفاف صديق له فقال
إئتني من الغد فلما جاءه ناوله رقعة فيها:
تكلفني شعرا وبيني وبينه * على بعد ما بين السماء إلى الأرض
وما أحد يهواه الا هوى به * من المنصب الاعلى إلى موضع الخفض
وقوله مراسلا بعض اخوانه:
خليلي ما للدهر أقذى نواظري * واضرم نارا في الحشي والضمائر
عشية قد اودى بي البعد والسري * وضعضع اعضاد المطي الضوامر
وقوله مراسلا صديقه الحميم السيد محمد سعيد حبوبي الحسني
النجفي:
سلام على حي ببطن زرود * سقت رمله غراء ذات رعود
وصبحه غادي النسيم مرقرقا * ودبجه روض زها بورود
فللقلب فيه منية ولبانة * أذابته وجدا في لظى ووقود
وما تلك الا ترب أروع ماجد * تفرع من عليا مقاول صيد
به ضربت أعراق مجد فروعها * تسامت ولما تنته بصعود
له ماثرات كالنجوم لوامع * قد انتظمت في الدهر نظم عقود
فيا أيها الغادي على متن ضامر * يجوب قفار البيد غير وئيد
فتاكل منه اللحم طامسة الصوى * بادلاج ليل في مهامه بيد
فلم يبق الا جلده وعظامه * من الجهد والجد الحثيث فاودي
بجدك عج واستوقف العيس في حمى * به من بني العلياء خير عميد
وقل واجد يرعى النجوم مسهد * وما ذاق بعد البعد طعم هجود
سعدت وقد أشقيته أنت بالنوى * وكم من شقي في الهوى وسعيد
فسقيا لأيام كأحلام نائم * وسالف عيش بالغري رغيد
ولست ارى بعد الجسوم بضائر * فان الذي في القلب غير بعيد
وقوله وقد بلغه تغير بعض أصدقائه ممن قرأ عليه وكان يظهر
الاخلاص له في المودة في أبيات هذا ما وجد منها:
كم ذا يقاطعني من لا أقاطعه * وتشرب اللوم جهلا بي مسامعه
ان مال عني لأوهام ووادعني * فإنني وذمامي لا أوادعه
ليس التلون من خيمي ومن شيمي * إذا تلون من ساءت صنائعه
ولا أصانع اخوانا صحبتهم * فما خليلك يوما من تصانعه
وشمت برق التجافي من أخ ذهبت * به الظنون بواد ضاق واسعه
سرى يؤم بها غربا ومسلكها * شرق فسدت بداجية مطالعه
فمل بها للفضاء الرحب وأسر بها * مع الصباح فلا تخفي شوارعه
جرى الهوى منه مجرى النفس فانصبغت * به على يد هماز وشائعه
شربت رنقا أجاجا من موارده * وماء حبي له راقت مشارعه
وله:
أ في كل يوم لي خليل مفارق * ودمع به انسان عيني غارق
وفي كل يوم لوعة ترقص الحشا * وقلب إذا ما أومض البرق خافق
أبى الدهر الا ان يرنق مشرعي * فلا مورد لي منه صاف ورائق
وله:
أ من ذكر دار بالحمى أنت شائق * ومع دمعك الجاري شهيد وسائق
تحن حنين النيب شوقا وتنثني * إذا لاح منه تلقاء مدين بارق
أجل ان قلبي قد أصابته أسهم * من البين فهو الدهر صديان خافق
واخفي جوى بين الأضالع كامنا * ويبديه شجوي كلما جن غاسق
أراعي السهى والطرف لا يألف الكرى * وكيف ينام الليل صب مفارق
وله:
لي عزم كمرهف الحد ماض * ومقام على السماك تسامى
كم مزايا ورثتها من أصول * زاكيات تضوعت كالخزامى
أيها الدهر سوف تنظر باسي * وترى أينا أشد خصاما
لا ترمني وخذ حذارك مني * فسأسقيك من يدي حماما
أ ترى جانبي يلين وحصني * غاية الخلق من أقام النظاما
وله راثيا السيد كاظم الأمين:
بكر النعي بعامل فأمادها * ونعى معالم دينها ورشادها
هدمت به الأيام هضبة عزها * والدهر قوض ركنها وعمادها
ونعى بفيه رغامها من هاشم * فردا به اختلس الردى أفرادها
طود تداعى بالعراق فزلزلت * ارض الشئام وزايلت أطوادها
وبها هوى العلم الرفيع فنكست * اعلامها ولت له أجيادها
وتناثرت زهر النجوم وأعلنت * للعالمين بفقدها وقادها
ثلمت يد الاقدار سيفا قاطعا * من هاشم فلتثملن حدادها
وقناة عز لا تلين لغامز * حطم الردى فلتحطمن ضعادها
كان اللسان لها وكان سنانها * ان أظهرت لد الخصوم لدادها
ما للمنية لا تزال سهامها * ترمي حشاشة هاشم وفؤادها
(١٧٤)

ولكم لها من لوعة ورزية * قدحت فأورت بالقلوب زنادها
وله:
ما لنفسي ذابت وطارت شعاعا * ولقلبي اثر الظعائن ضاعا
ذهب الصبر والاسى يوم بانوا * وتنادوا فيه الوداع الوداعا
غادروني مثل الخيال صريعا * وألفت الآلام والأوجاعا
أخذوا مهجتي ولبي وابقوا * نفسا خافتا جوى والتياعا
وهجرت الرقاد الا لزور * في خيال أذوقه تهجاعا
وأخبرني بعض اخوته انه لما سمع أبيات الشيخ أحمد بن صاحب
الجواهر مخاطبا بعض أصحابه:
العاملي تقر فيك عيونه * وأرد منك بصفقة المغبون
فلأجلبن على العوامل غارة * من كل حائلة النسوع صفون
يحملن فوق متونهن أجادلا * ولجوا عرينة ليث كل عرين
سلبوا سويداء الفؤاد وظنهم * سلبي عليا ليس بالمظنون
اجابه بقوله:
ألا أيها القلب الذي قاده الحب * أفق ان أمر الحب أيسره صعب
إذا كان لا يسليك طول تجنب * وصد ولا يشفيك من غلة قرب
فما أنت الا هالك ومعذب * رهين بأيدي الشوق ملتهب صب
تكلفني ما لا أطيق من الهوى * وترحل عني حين حل بي الخطب
كمن شن نحوي غارة البين والجفا * وليس سوى ودي عليا له ذنب
ولي عزمة قد ارهف الحزم حدها * تقاصر عن ادراكها الأنجم الشهب
سألقي عصا تسعى إليه كحية * تكاد له الأحشاء تذهب واللب
وعندي من السمر الرماح عوامل * وبيض صقال شأنها الطعن والضرب
تراهم إذا ما أبدت الحرب نابها * ينالون شاوا ليس تبلغه النجب
كماة إذا دارت رحى الحرب تحتهم * نجائب في يوم الهزاهز لا تكبو
وان بهم من لا يهاب بموقف * ولي عزمة من دونها الصارم العضب
عليكم سلام بالحريق ختمته * تساقط من منثوره اللؤلؤ الرطب
وله راثيا الشيخ محمد علي عز الدين ومعزيا ولديه الشيخ علي والشيخ
حسن والشيخ علي سبيتي:
أ كذا تكون جناية الاقدار * أذكت بقلب الدين حر أوار
هدمت من الاسلام أية قبة * ورمت منار هدى وأي منار
فجمعت قلبي باليدين وهاجني * خبر أتى من أفظع الاخبار
علم هوى فلوت له أعناقها * غلب الرجال خواشع الابصار
ومهند شحذ الاله غراره * للدين فلله القضاء الجاري
غيث العباد إذا السنون تتابعت * هطلت يداه بعارض مدرار
ذهبت به أيدي القضاء فصوحت * كل الربوع بسائر الأقطار
والري جف وأقلعت ديم الحيا * والأرض ترضع بلة الأشجار
من للأرامل واليتامى بعده * ومن المقيل لزلة وعثار
أين المؤمل للخطوب إذا دجت * يوما فكان لها الشهاب الواري
أين الذي كانت به أيامنا * عيد السرور وليلنا كنهار
فغدا نهار الناس ليلا بعده * والعيد رزء جل في الاعصار
أين الذي بلسانه فصل القضا * في المشكلات ومعضل الاخطار
ذهبت به أيدي المنون وانما * ذهبت ببحر معارف زخار
فلقد قضى هو والمكارم والعلى * ومضى ونور العلم والأنظار
أدعوك يا من كان شمسا للهدى * يجلو الظلام بساطع الأنوار
يا غيث منتجع ومزنة آمل * ان عم عام المحل بالاعسار
عشيت بلاد الشام بعدك ظلمة * عشواء نقبت الورى بسرار
كانوا يعون بك الهدى ويرونه * فذهبت بالاسماع والابصار
ورمتهم شهب السنين بازمة * تدع العزيز بذلة وصغار
فارقت دهرك ساخطا لفعاله * وجواره فسكنت ارفع دار
وتركت في الأحشاء بعدك لوعة * لم تبق في الآماق طعم غرار
لما نأيت نأى التصبر والاسى * فغدت عليك صوارخا أشعاري
من ذا نرجيه لدفع ملمة * وزوال معضلة وفك اسار
أم من يلوذ العالمون بظله * بعد العمار وأين امن الجار
رفعته اسرار القضا لروضة * في جنة المأوى مع الأبرار
حملوا سريرا ضم آيات الهدى * وحوى الكمال ومعدن الاسرار
هو ذلك التابوت فيه سكنية * وبقية من حكمة الجبار
يمشون والاقدام طائشة الخطا * جزعا ووجدا والعيون جواري
حثوا التراب على الرؤوس فجللوا * وجه السماء بعثير وغبار
وطووه والتقوى بقبر ضمه * وشريعة الهادي وسر الباري
جدث إذا تاه الوفود له اهتدوا * بنسيمه الذاكي بعرف عرار
دفنوا محمد عز دين محمد * من كان يحيي الليل بالاذكار
من كان يزهر ليله بتخشع * وترهب لله في الأسحار
وتراجعوا والأرض ترجف فيهم * من بعده وقلوبهم في نار
فتجاوبت آفاقها بماتم * تستفرع العبرات باستعبار
يا دهر ان غيبت شمس محمد * فله خلائف كالنجوم سواري
فعلي خير خليفة لمحمد * يهدي لاهدى سنة وشعار
متجليا كالبدر يشرق وجهه * يوم النوال لاعين النظار
وإذا تسابقت الكرام لغاية * حاز الرهان بحلبة المضمار
وجرى بمستن المآثر سابقا * دون الورى حسن بغير عثار
فرعان من دوح المكارم والعلى * بسقا بارسى ضئضئي ونجار
قمران في وجه الزمان تلألئا * نورا وأين مطالع الأقمار
املان للراجي وغيظا حاسد * وهما شجا في حلق كل مماري
وهما له وعلي ابن محمد * خلفاء خير خلائف اخيار
هم أنجم للسائرين وانما * بسنا النجوم الزهر يهدى الساري
و هضاب حلم لا تخف بنكبة * والحلم حيث العلم بالاسرار
والأكبر الزاكي علي انه * امن المروع ومنعة للجار
صبرا بني التقوى فان محمدا * حي بما أحيا من الآثار
فالصبر أجمل في الأمور مغبة * وبه رضاء القادر المختار
وقوله يرثي الشيخ عبد الله نعمة:
نعى الدين والدنيا فغم ظلامها * وجلل وجه النيرات قتامها
وطبقها شرقا وغربا مأتما * وحار بظلماء الموامي أنامها
وشاعت بأفاق البلاد رزية * وذر عليها من شواظ سمامها
ومادت رواسي الأرض والأرض زلزلت * بأطرافها مذ زال عنها شمامها
وأوترت الاقدار قوسا فاقصدت * حياة قلوب العالمين سهامها
وجال الردى فابتز من قبة الهدى * عمودا فلما زال زال نظامها
وتلك الخطوب السود جرت على الورى * مصائب في الأحشاء اضحى مقامها
(١٧٥)

مضت بغياث العالمين وغوثهم * وغاب على رغم البرايا امامها
فمن بعده للمجتدين ينيلهم * إذا ما السنون الشهب امحل عامها
لقد كان من كفيه عشر غمائم * تسح إذا الأيام جف غمامها
ومن بعده للمجتلين يريهم * سنا الشمس في عشواء داج ظلامها
ومن للقضايا المشكلات يحلها * بفصل القضا ان ثار يوما خصامها
به سلك الناس السبيل إلى الهدى * فغاب فعجت بالمراثي كرامها
وطارت شعاعا من جسوم نفوسها * وذابت قلوب شب فيها ضرامها
دهاها نعى ناع بفيه رغامها * فقرح أكباد الأنام أوامها
وصاح جنا المصباح والنعمة انطوت * عن الأرض فارتجت وضجت شئامها
وفلت يد الأيام سيفا بعامل * فأضحت يدا شلاء بان حسامها
وعط الجوى مني الحوايا وأرسلت * عيوني دما من ذوب قلبي انسجامها
وبت كأني بين أنياب ارقش * مسهد عين بان عنها منامها
خليلي هبا وانشدا أين مهجتي * فقد ظعنت عيني وشط مرامها
وانحلني رزء جليل فلو على * ثمام أراني لا يميل ثمامها
واني لفي شغل بنفسي عن الورى * وشغلي بها عمن سواها جمامها
ولم يبق لي في خلة الناس مطمع * فقد قل من يرعى لديه ذمامها
أ أرجو صفاء من قلوب كأنها * صفا الصم ان تصدع عناك التئامها
وما كل ارض تنبت الزرع يانعا * وان أنبتت كان النتاج حطامها
ارى واحدا كالالف لكن كواحد * ألوف وان لم تحص عدا فئامها
وكم فيهم من يعجب الناس منظرا * ويعجب بين السحب مرآى جهامها
وما الناس الا خابط اثر خابط * بليل على عمياء مرخى زمامها
فدعني ونفسي والجوى لرزية * يسيل لها من سحب دمعي ركامها
بها ثلم الاسلام والعلم ثلمة * وتلك لعمري لا يسد انثلامها
مصاب دهى الدنيا بفقد عميدها * وغيب شمس الكون عنها حمامها
وحامت قلوب الناس حول سريره * لتروى كما للورد حام حمامها
وحفوا اعتصاما من حوادث دهرهم * به وبه الأيام كان اعتصامها
وساروا به والأرض مادت كأنما * هي الساعة العظمى دهاهم قيامها
واموا به من جنة الخلد روضة * فحل بها طود البلاد همامها
طووا في الثرى من كان آمنا لخائف * وصمصامة ما كان يخشى انحطامها
طووا مزنة التاميل بحر معارف * ونجما به في الأرض يهدي انامها
هو الحبر عبد الله نعمة ربه * مضى وعرى العلياء بان انفصامها
مضى علم الاعلام عنها فنكست * وأعناقها مالت وطأطأ هامها
وقال في رحلة له من العراق إلى الشام من أرجوزة طويلة:
والصبح جئنا قرية الرمادي * ميلا من الادلاج والسهاد
ومذ دنا وقت الأصيل اوجفوا * مثل سهام أو كريح تعصف
وقد أتينا بقعة وعرسوا * بها إلى الصبح وقلبي يوجس
وفي الصباح هجهجوا وساروا * وللنوى في مهجتي أوار
وجاءت النوى بنا لهيت * قد أحرقت بالقير والكبريت
مغبرة الارجاء والجوانب * فلا سقاها صيب السحائب
نلت بها من الأذى ما لم يطق * من الغبار وتواتر العرق
ثم ارتحلنا ساعة تكاد * من حرها تلتهب الأكباد
وقد أتى الليل بوجه عابس * مرتديا بحلة الحنادس
ونحن نطوي البيد حزنا سهلا * ومهجتي في حر نار تصلى
وقد أتى السير بنا راد الضحى * إلى مكان بالرياض اتشحا
وفيه جبة بوسط الماء * مبنية محكمة البناء
قد غرست حدائق النخيل * بها فطابت منزل النزيل
يخفق في ارجائها النسيم * فطاف في كؤوسه النديم
وهاجني سواجع الأطيار * بها على منابر الأشجار
بها أقمنا ليلة ويوما * والركب نالوا راحة ونوما
وثور الحادي بنا صباحا * وجد جدا يسبق الرياحا
ولم نزل نسري وقلبي هائم * على حمى الغري شوقا حائم
والتزموا من السرى حثيثه * حتى أتينا قرية الحديثة
وهذه كجبة مبنيه * لكن سجايا أهلها رديه
قد سرقوا منا اناء السمن * فبت فيها فاقدا للأمن
ارعى ثيابي تارة وصحبي * مسهدا طرفي حذار النهب
ومذ أضاء الصبح صرنا نبتغي * عناء عانة ولما نبلغ
حتى اعتلا نهارنا فخيموا * في جنب خان ليته يهدم
والعصر قد صرنا نجوب البيدا * سير ظليم جدلا وئيدا
وما بلغنا عانة حتى ذهب * صبري وأوهى جلدي أذى التعب
فصرت ساعتين في الأشجار * جدا على قناطر الأنهار
وكم بها غرس من الحدائق * عن حصره يحصر فكر الحاذق
وما بلغنا منزل النزال * في وسطها الا بقلب بال
فبت والعظام مني واهيه * ومهجتي في حر نار صاليه
ونمت فيها وصبا محموما * موزع القلب جوى مغموما
ومذ أضاء الصبح والنهار * تفرق القوم لكي يمتاروا
فاشتروا الأدنى باغلى ثمن * فقبحت من بلد ومسكن
وجاءنا النائب فيها عصرا * مبتغي الأنس فقلنا بشرا
وجئته بالكؤوس كالدرر * ثم استحالت كعقيق احمر
وجاءنا الحاكم وهو القيم * مقام والي الامر فيما يحكم
وصاح قبل الصبح حادي السفر * فهجهجوا ثم غدونا نسري
نطوي بأرض عانة الحزونا * وأعيني قد هملت شجونا
وبينما نسري إذا بالنائب * اضحى سميري وغدا في جانبي
ثم تسامرنا باخبار السلف * وذكر أرباب المعالي والشرف
والظهر جئنا لمكان خالي * ما فيه غير النؤي والاطلال
هواؤه نار تلظى فاستقل * قلبي وجسمي قد أذابته العلل
حتى إذا ما الليل وافى وهجم * ببرده و الحر ولى وانهزم
وانتصف الليل فصرنا نقطع * احشاءه ودمع عيني يهمع
مولع القلب بسكان الحمى * وبعدهم نارا بقلبي اضرما
ألهج في ليت أعود ولعل * مشتكيا لله فيما بي نزل
ولم نزل نشق جلباب الدجى * حتى مضى بجنده مهجهجا
والصبح كالسيف بهام المجرم * عمدا بدا أو غرة في أدهم
والشمس لاحت مثل خد لطما * فاحمر أو مبيض خد لثما
وقد أضر الجد والمسير * بنا وجاء الحر والهجير
ومالت الشمس إلى الزوال * فخيم الركب بلا امهال
وارتفع النهار والغبار * وفر عني الصبر والقرار
في منزل به لئام الناس * فقبحوا من فئة انكاس
وعرس الركب وعند الفجر * سروا وآماقي دموعا تجري
(١٧٦)

وفي الضحى جئنا أبا كمال * ضد المسمى بل أبا الأهوال
وفيه قوم من صخور خلقوا * وهم عن الوحوش لم يفترقوا
وفيه مأمور يرد الساري * عن قصده لسائر الأمصار
وما به شئ من الأشياء * يلزم للانسان غير الماء
فلا سقاه صيب الغمام * ولا الذي فيه من الأنام
فكم غليظ الوجه والطباع * منبته في أخبث البقاع
فشكله قذى على النواظر * غم على القلوب والضمائر
وفيه ظلما قد بقينا مده * ستة أيام بأي شده
ثم ارتحلنا ثامن الليالي * على مصاعيب من البغال
نطوي قفار البيد والموامي * ومهجتي تلهب في اوام
وفي الضحى حط الرحال الركب * بمربع فيه فريق عرب
والعصر صرنا نقطع القفارا * حتى اتى الليل وقد أنارا
ومنذ غاب القمر المنير * عنا نزلنا وانتهى المسير
وريثما كانوا نياما رحلوا * وفي الميادين ضحى قد نزلوا
وهي على ماء الفرات عالية * في هضبة حوت كلابا عاويه
والعصر صرنا وزناد البعد * يقدح في الأحشاء نار الوجد
والليل بالبدر أتانا مقبلا * فطاب مسرانا إلى أن أفلا
والركب قد مالوا على الركائب * تشق فيهم ظلمة الغياهب
ثم نزلنا بمكان لم نجد * به سوى المانع للذي يفد
فقال مهلا فانزلوا فخيموا * هنا بأمر جاء ممن يحكم
فلم نجد من النزول بدا * وازداد قلبي لوعة ووقدا
وقد أقمنا فيه سبعة على * بؤس من الكرب الذي قد نزلا
في موضع قفر من السكان * ما فيه ما يلزم للانسان
الا غبار دائم وريح * عاصفة زاد بها التبريح
بين أناس شأنهم شرب العرق * لا سيما القاضي عليه ما استحق
ثم ارتحلنا ودخلنا الديرا * ولم ننل شرا به وخيرا
هواؤه معتدل رقيق * وربعه مرتبع أنيق
وقد خرجنا منه نبتغي حلب * عصرا وقد زال عن الركب التعب
واقبل الغروب والبدر ظهر * كوجه رود احمر من النظر
وعلقت اهدابي الأعالي * بالنجم أبكي سالف الليالي
وطارت الشهب إلى السماء * من نفسي في ليلة الاحياء
ذكرت أوقاتي بها في كربلاء * رب العلى ما بين أرباب العلى
ثم نزلنا منزلا قد اقفرا * به توجهت لسيد الورى
وبعد ما ناموا قليلا رحلوا * ومن الضحى عند الفرات نزلوا
فخيموا بها وعصرا قوضوا * عنه وللركاب كلا نهضوا
وجشموها قطع طامس الصوى * من الفيافي فأذابها الطوى
تخدي بهم في الهضب والسهوب * ضمر وقد ضجت من اللغوب
ولم نزل نسري بضوء القمر * ليلا وقد رق نسيم السحر
يحمل من ارض الحمى أرواحا * يحيي بها النفوس والارواحا
ومذ أتينا الماء قبل الفجر * ألقوا عصا السير بجنب النهر
وقد هووا صرعى من الأنضاء * من شدة الادلاج والاسراء
وعند ما أشرقت الشمس علوا * على المطايا وحثيثا قد سروا
وهم يجوبون من البقاع * أحزنها من سهل أو تلاع
والظهر قد عجنا على فريق * في جانب الفرات بالطريق
وما سقونا غير مذق من لبن * لكن باغلى قيمة من الثمن
وعرسوا ثم سروا صباحا * جابوا هضاب الأرض والبطاحا
وقد أراحوا العيس عند العصر * بمنزل على الفرات قفر
به بقينا ليلة في وجل * من سطوة الليث بذاك المنزل
وحين عمر الليل اضحى يذهب * نادى منادي الركب هاؤم اركبوا
ثم سروا ينتهبون التربا * ويقطعون البيد حزنا سهبا
وحينما جاء الزوال ضربوا * خيامهم وفي المكان عرب
وما أتونا بسوى المخيض * فليتهم في النار بالحضيض
وقربهم أبو هريرة دفن * والامر في مدفنه لم يستبن
وقد بقينا ليلة ومذ دنا * ان يطلع الفجر قصدنا مسكنا
وما برحنا في الفيافي نسري * حتى أتيناها قبيل الظهر
وهي لعمري اسم بلا مسمى * بها الفرات قد طمى خضما
منها فقدنا سائغ الفرات * وماؤه كان من الحياة
وأوجفوا ليلا على الرحال * والخيل والحمير والبغال
وغرد الحادي ومذ طال السرى * مالوا نشاوى قد سقاهم الكرى
ومذ مضى النهار والليل انقضى * عارضنا فريق عرب قوضا
يحدون خمصا ضمرا وقودا * أشاعثا خمصا تشق البيدا
يحملن أقمارا على الحدائج * أنجما تزهر في الهوادج
وفي الضحى جئنا إلى نهر الذهب * وهو مكان ناضر لدى العرب
كسته أيدي السحب روضا أخضر * من سندس ومطرفا محبرا
وقد بقينا فيه للعشاء * ثم ارتحلنا في دجى الظلماء
ومن كلامه في المواعظ قوله:
اعلم أن ترقي المؤمن في الدرجات العالية والقرب من الله تعالى يدور
مدار الايمان بالله جل جلاله وبالنبي ص وبالأئمة ع مصحوبا ذلك
بحسن الأخلاق وصفاء الباطن وطيب السريرة فلا تتوهم ان العمل الصالح
يصلح بدون حسن الخلق وتهذيبه وتصفية القلب بل لا يزال الإنسان يعمل
العمل الصالح فيأتي الخلق السئ فيفسده كما يفسد الخل العسل والمراد
بالخلق الحسن هو التخلق بالأخلاق التي أدب الله بها عباده على لسان
نبيه ص وهي الصفات التي أمر بها القرآن الشريف واخبار الأئمة الطاهرين
س فمن اخذ بها فقد اخذ بحظ وافر ومن غرته نفسه الامارة
فاعرض عنها فسعيه خاسر وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو
حظ عظيم و ربما تخيل الإنسان انه صالح كامل مهذب عاقل فتلقيه أخلاقه
في الدرك الأسفل من النار وذلك هو الخسران المبين ومن أراد معرفة ذلك
وانه مؤمن كامل فليفتش نفسه أ هي سلمة من أدناس العيوب واعراض
الخطايا والذنوب وليطبق أعماله على الأوامر الآلهية والسنة الشريفة النبوية
فهل يجدها مطابقة لها أولا فان وجدها مطابقة فليدع الله ربه بدوامها
والتوفيق لبقائها والا كان من الخاسرين ونفسه تموه عليه انه من الصالحين
فيجب حينئذ ان يبكي على نفسه قبل ان يسكن في رمسه ويصرف نفسه
بكمال التوجه والاقبال إلى حضرة ذي الجلال فلعله تدركه الرحمة وتشمله
النعمة. وفي الخبر من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي
ذراعا تقربت إليه باعا فتأمل في كمال رحمته وشدة عنايته بعبده فإنه جل
جلاله يتقرب إلى العبد بأزيد مما تقرب إليه وأنه يقول قل يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا فإذا
الغني المطلق تعالى شانه يدعوك إلى نفسه بان تتوجه إليه وتقبل عليه فكيف
(١٧٧)

يجوز ان تعرض عنه بكلك ولا منزلة له عندك كواحد من عبيده فإنك تتوجه
بجميع جوارحك إلى من يخاطبك من الناس لا سيما إذا كان ذا رفعة ومنزلة
وتدعي انك تعظم ربك وتمجده فهل إذا تلوت كتابه الشريف أو دعوته بما
تدعوه تتوجه بقلبك إليه وتقبل بنفسك عليه كما تقبل وتتوجه إلى عبد من
عبيده ولا تستحي منه وهو الذي يراك وقد أحاط بك علمه وشملك فضله
وحلمه وأنت غافل عنه لا تدري ما يراد بك ولا تعلم إلى اي حال
يكون مصيرك أ لا تنظر إلى أمير المؤمنين كيف يناجي ربه ويقول: كيف لا
أبكي ولا أدري إلى ما يكون مصيري وما ذا يهجم عليه عند البلاع مصيري
كذا وارى نفسي تخادعني وأيامي تخاتلني وقد خفقت فوق رأسي أجنحة
الموت ورمقتني من قريب أعين الفوت فما عذري وقد حشا مسامعي رافع
الصوت فإذا كان هذا حال أمير المؤمنين ع وهو لم يعص الله طرفة عين
وهو مشفق على نفسه متصاغر لعظمة ربه فما حالك أنت وكيف لا تشفق
على نفسك ولا تستعد لحلولك في رمسك وحالك حال الآمن المطمئن حتى
إذا أدركك الموت أفقت من غفلتك وصحوت من سكرتك وندمت على ما
فعلت حيث لا ينفعك الندم فهلا نادمت والخناق مهمل وخنع قلبك قبل ان
يدركك الاجل وهل تفكرت فيما أنت صائر إليه وقدمت لما أنت قادم عليه
ودخلت باب التوبة قبل إغلاقه ومهدت ليومك قبل ارهاقه أم أدركت الأمن
والأمان وأحرزت انك من أهل الأمان والايمان دون السالفين من عباد الله
الصالحين الذين جرت مدامعهم من خشية الله وضجوا إلى ربهم في حندس
الليل طلبا لرضاه بل لم تزل غافلا عن نفسك ومتغافلا عن حقيقة امرك ولم
تلتفت إلى ربك الذي يراك في أحوالك وأطوارك ولنعم ما قيل:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة * ولا ان ما يخفى عليه يغيب
الميرزا موسى بن الميرزا جعفر بن الميرزا احمد آقا التبريزي
كان من أفاضل تلامذة السيد حسين الترك الكوهكمري من بيت
جليل في تبريز له كتاب أوثق الوسائل في شرح الرسائل يعرف بحاشية ميرزا
موسى معرف مشهور مطبوع في مجلد كبير فرع منه سنة ١٢٩٥. وله كتاب
في أصول الفقه يشتمل على ما حضره على أستاذه المذكور من المباحث كبير
حسن.
الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء النجفي
توفي سنة ١٢٤٤ في النجف ودفن إلى جنب أبيه في مقبرتهم المعروفة.
تخرج بوالده واجازه وأقر باجتهاده وخلفه في الرياسة والدرس والإفتاء
ورجوع الناس إليه وكان شيخا كبيرا معروفا عند الملوك معظما عند وزرائهم
مشى في الصلح بين محمد علي ميرزا ابن فتح علي شاة القاجاري وبين داود
باشا والي بغداد الشهير سنة ١٢١٢ وخرج إلى إيران فعظموه واحتفوا به وفي
نظم اللآل كان بمنزلة السلطان في العراق في مسموعية الكلمة عند الحكام
مع عظم شانه في العلم والفضل اه تخرج به كثيرون من المشاهير منهم
اخوه الشيخ حسن وصاحب الجواهر والشيخ محسن خنفر والمير فتاح المراغي
صاحب العناوين. ألف منية الراغب في شرح بغية الطالب لوالده في الفقه
لم يخرج منها سوى الطهارة. رسالة في الدماء الثلاثة وقد عاقه عن التأليف
مرضه وانصرافه إلى الاهتمام بالشئون العامة. ولشعراء عصره فيه أشياء
كثيرة ومن جملة شعرائه السيد حسن الأصم البغدادي، والشيخ صالح
التميمي له فيه قصائد ومنهم الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي. وكان
المترجم مقيما في الحلة سنة ١٢٤١ وفيها ثار الحليون ثورة كبرى على داود
باشا والي العراق المشهور وقتلوا جنوده ونصبوا عليهم عميدا حليا منهم
فجهز داود باشا عليهم جيشا كثيفا وتطوع معه بعض العرب لأخذ الحلة
ومنهم أمير ربيعة درويش ففارق المترجم بلدة الحلة إلى مشهد الكاظمين
فقال الشيخ صالح التميمي الشاعر العراقي المشهور في ذلك:
بمن تفخر الفيحاء والفخر دأبها * قديما وعنها سار موسى باهله
وخلفها من بعد عز ومنعة * تكابده كيد السامري وعجله
وتغلب جيش داود باشا على الحلة والتجا الحليون إلى آل جشعم
فغدروا بهم غدرة تاريخية مشهورة على أن داود باشا عفا بعد ذلك عن أهل
الحلة ونصب عليهم من قبله سليمان الأربلي فلما وصل إلى الحلة
استدعى الشيخ صالح التميمي واستنشده البيتين السابقين فتخلص وارتجل
لوقته هذين البيتين:
زهت بأبي داود حلة بابل * والبسها بالأمن حلة عدله
وكانت قديما قبل موسى وقبله * تكابد كيد السامري وعجله
ومن قول الشيخ صالح التميمي في المترجم بعد وفاته:
وهل يخضر عيش فتى ترامت * به أيدي النوى عن آل خضر
وددت لو انني من بعد موسى * أبيت موسدا بفناء قبر
ولم أك بعده حيا ولكن * برغمي زادت الاقدار عمري
قال سبطه في طبقات الشيعة: قرأ على أبيه وكان ينوب عنه
بالتدريس إذا غاب وكان له درس مستقل في حياة أبيه يحضره جمع من
الفضلاء ويؤثر عن أبيه أنه قال لا فقيه الا انا وولدي موسى والشهيد الأول
وكان جماعة من المتأخرين كالشيخ محمد حسن آل ياسين والسيد علي
الطباطبائي وغيرهما يفضلونه في المتانة والدقة على أبيه ولما زحف محمد علي
ميرزا ابن فتح علي شاة بعسكره على العراق وقارب بغداد سفر المترجم بينه
وبين والي بغداد يومئذ داود باشا وطلب من علي ميرزا الرجوع إلى قرميسين
وكان واليا عليها وترك محاصرة بغداد فأطاع امره ورجع ومن ذلك اليوم
ازدادت عظمته بانظار ولاة بغداد فكانوا لا يتعدون رأيه فيما يشير به فاخرج
بنفسه جميع ما في خزانة مولانا أمير المؤمنين ع من الجواهر
والذهب والفضة وقيدها وضبطها في دفتر ومهره برسمه وحملها إلى بغداد
وأبقاها هناك محفوظة مخافة نهب سعود الوهابي لها كما فعل في مكة المشرفة
والمدينة المنورة وكربلا وبعد حصول الأمن وارتفاع المحذور ارجعها بنفسه
وأودعها في محلها الأول ولما فتحت الخزانة من قبل الدولة العثمانية لناصر
الدين القاجاري لما زار المشاهد بالعراق سنة ١٢٨٨ رآها وشاهد رسم
المترجم عليها. وكان كريما سخيا ذا همة عالية وعطاياه تغني الفقراء أقل
عطاياه ألف شامي أو ألفا شامي حتى أنه لما سافر إلى إيران ووصل إلى
عاصمة السلطنة طهران أعطاه فتح علي شاة اثني عشر ألف تومان ففرقها في
يوم واحد على فقراء تلك البلاد ولم يعط أصحابه منها شيئا فلما بلغ ذلك
الشاة عظم في عينه وأعطاه مصحفا مع بعض العروض الثمينة فلما رجع إلى
بغداد طالبه الوالي داود باشا بهدية فأعطاه ما أهداه إليه الشاة.
وورد إلى كربلاء لبعض الفتن التي وقعت بالنجف وشرع في الدرس
وكذلك اخوه الشيخ علي فأكب عليهما الفضلاء من أهل العلم وكانت
كربلاء يومئذ محط رجال أهل العلم فيها ألف فاضل من علماء إيران
(١٧٨)

يحضرون درس شريف العلماء فحضر جماعة منهم درس الشيخين، وكانا
يدرسان الفقه لا غير ولم يمكث الشيخ موسى الا ستة أشهر في كربلاء ورجع
مع أخيه إلى النجف فلما انقضى محرم الحرام من تلك السنة توفي شريف
العلماء فورد من كربلاء إلى النجف ألف طالب من طلبة كربلاء وسكنوا
النجف حبا بدرس الشيخ موسى والشيخ علي ثم توفي الشيخ موسى
واستقل الشيخ علي بالتدريس ومنها صار النجف مرجعا لأهل العلم من
إيران وقبلها كانت كربلاء ولم يكن في النجف طلبة من إيران.
السيد موسى ابن السيد جعفر الطالقاني
ولد في النجف سنة ١٢٥٠، وتوفي في بدرة سنة ١٢٩٦ ونقل إلى
النجف ودفن فيها.
أسرته
نزح جد هذه الأسرة من طالقان بلدة في إيران معروفة وتوطن
النجف، وذلك في القرن الثاني عشر الهجري، ولهذا السبب لقبت الأسرة
بالطالقانية كما لقبت بالحسينية نسبة إلى جدها الإمام الحسين بن علي ع
حيث ينتهي نسبها إليه. وتنتشر فروع هذه الأسرة في النجف
وبدرة وجصان والكوفة.
أساتذته
كان أكثر تلمذه على الشيخ نوح الجعفري القرشي والشيخ عبد
الحسين الطريحي ولما توفيا رثاهما اعترافا بحقهما عليه.
وقال في الطليعة: كان فاضلا أديبا ظريفا شاعرا وكان يكثر التردد إلى
بدرة المسماة قديما بادوريا.
شعره
له ديوان شعر كبير طبع أخيرا ومن شعره قوله:
حمت ورد خديها الجفون الفواتر * وما هي الا المرهفات البواتر
وأرخت على صبح المحيا براقعا * من الليل الا انهن غدائر
لئن نفرت عني وألوت بجى دها * فما هي الا الريم والريم نافر
بدت وظلام الليل ارخى سدوله * فردت علينا الشمس والليل عاكر
ألا يا ابنة الأتراك جودي بنظرة * تقر بها من عاشقيك النواظر
وله:
أحباي قد ضاق رحب الفضا * علي واظلم غرب وشرق
ومذ راعني هول ليل النوى * تيقنت ان القيامة حق
فكم ليلة بتها ساهرا * وللريح حولي رفيف وخفق
وقد جال في الجو جيش الغمام * وطبل الرعيد بعنف يدق
فيخفق قلبي لخفق الرياح * ويسكب جفني إذا لاح برق
سهرت وقد نام جفن الخليل * ونحت وغنت على الدوح ورق
وحق لها دون قلبي الغناء * واني بالنوح منها أحق
فما غاب عن عينها إلفها * ولا هاجهن إلى الكرخ شوق
وله:
أقمنا صدور العيس والليل عاكر * نلف بطاحا في السرى ببطاح
تزج بنا خوص الركاب بعابس * من القفر لم يبسم بضوء صباح
تحن المطايا إذ تحن وكلما * براه السهى والوجد بري قداح
تاوه مشتاق وهاج متيم * وناحت حمامات وعنف لاحي
وقفنا فلم يملك حشاه مروع * من البين في احشاه اي جراح
وسالت على تلك المنازل أنفس * عصتنا فلم نطمع برد جماح
ومال إلى الأطلال ينشد قلبه * مشوق فردته بصفقة راح
وله:
تجلى وجنح الليل في الجو خافق * محيا الحميا فانجلى كل غيهب
وقام أخو البدر المنير يديرها * فكم كوكب ينقض من كف كوكب
ضعيف جفون دونها فاتك الظبا * وما فتكت الا بقلب مهذب
وبتنا نشاوي لا بكأس من الطلى * ولكن بثغر بارد الظلم أشنب
وله:
جاء بالقرطاس كي املي له * من حديث الشوق ما يكتبه
قلت فاكتب عرض حال من فتى * عنك قد كاد الضنا يحجبه
هو ميت ينهض الشوق به * ومن الاحياء قد تحسبه
وله:
كفته عن الحراس ليلا ذوائبه * وأغنته عن حمل السلاح حواجبه
نبي إلى العشاق ارسل هاديا * إلى الحب يدعو والقلوب تجاوبه
فسفك الدما والتيه والصد والجفا * ونقض عهود العاشقين مذاهبه
ألا فاسقني من سلسبيل رضابه * فيا ربما يطفى من القلب لاهبه
فلست بهياب عقارب صدغه * ان لسعتني قبل ذاك عقاربه
وله:
رحلت فما جفت سحائب مدمعي * ولم تخب نار سعرت بين اضلعي
حبست المطايا في مرابعهم ضحى * وأوقفت صحبي إذ وقفت بها معي
أسائلها والدمع يسبق منطقي * فتمنعني ان أسال الدار أدمعي
وله:
لقلبي وعيني يوم زمت بك النجب * لهيب وسحب في الخدود لها سكب
ولي بعد وشك البين بين دياركم * حنين وهل يجدي الحنين أو الندب
وشوق كما شاء الفراق يهزني * إليكم وصبر بين أيدي النوى نهب
وله:
أجرعي كأس المنية * دون ذياك الرضاب
ومعللي بالوصل حتى * ان مضى عسر الشباب
كم بت حين وعدتني * ريان من لمع السراب
فلأنزعن هوى سواك * عن الحشي نزع الثياب
ولاشكون عذاب قلبي * من ثناياك العذاب
واليك أشكو لا لغيرك * ما جنت أيدي التصابي
وأبيت انشر ما طواه * الهجر من صحف العتاب
وله:
أحباي أن شواهد * على الحب أبديتم بعض
ولو همتم وجدا كما همت فيكم * غراما لواصلتم وزرتم بلا وعد
بلى همتم وجدا بقتلي صبابة * وآليتم ان لا أنال سوى الصد
(١٧٩)

وله: بلغت الحجون وكثبانها * فحي الحجون وسكانها
وقف ناشدا بين تلك الربى * عن الجيرة الغر جيرانها
كرام تؤجج ليل النوى * بقلب المحبين نيرانها
اسلي فؤادي عن حبها * وتأبى الصبابة سلوانها
فهل ثائر لي من أسرتي * يطالب بالروح أجفانها
وله:
يا قاسي القلب رق لي الحجر * وعذرتني العذال واعتذروا
وليلة العيد عسعست فمتى * تشرق بالوصل أيها القمر
أوصلهم فاطلبه * ولا أطيق النوى فاصطبر
سيان عندي بلا بلوع منى * ان واصلوني وان هم هجروا
اني على الحالتين ذو كمد * ونار وجدي في القلب تستعر
وله:
بقية نفس براها الأسى * تردد في جسد ناحل
ولولا رجاء وصال الحبيب * لسالت بمدمعي السائل
ومحتجب من قنا قده * وجفنيه بالسيف والذابل
على خده من دمي شاهد * وحسبك من شاهد عادل
ولولا فتورة اجفانه * لما عرف السحر في بابل
بخيل علي برد السلام * بروحي أفديه من باخل
ولما غرقت بيم الدموع * ولم يلقني اليم بالساحل
علمت بان الهوى متلفي * وأيقنت ان الهوى قاتلي
وقال في مطلع قصيدة:
هل تبلغ النفس من أزمانها الاربا * وهل ينال عقيد المجد ما طلبا
هم يقلقل أحشائي ويزجرها * عن منهل العيش في ذل وان عذبا
وهمة طنبت حيث الفخار بنى * لها رواقا ترى أوتاره الشهبا
وعزمه ضاق فيها الدهر لو عقلت * عين القضاء للورى عجبا
وقال في مطلع أخرى:
دعها لسمر عوال أو لييض ظبا * حتى تنال المعالي أو ترى العطبا
فبين جنبيك نفس أنت تعرفها * عظيمة القدر حازت عزة وأبا
تأبى القباب فلا تاوي لهن ولا * ترى لها غير ما يبني الغبار خبا
تشب نار القرى والليل معتكر * فيظفر الضيف منها بالذي رغبا
ومن طرائفه قوله في تركي وهو ببدرة:
بدر بدا ببدرة * يزري ببدر الفلك
للقلب كم نصبت * اجفانه من شرك
قلت: افندم كيل بري * فقال: كيت قلت: بك
الشيخ موسى بن الحسن الربعي الفلاحي.
ولد عصر الخميس ١٣ المحرم سنة ١٢٣٩ وتوفي في كربلاء ٣ المحرم
سنة ١٢٨٩.
كان فقيها أصوليا شاعرا أديبا من تلاميذ صاحب الجواهر وكانت له
اليد الطولى في العلوم العربية ومن مصنفاته رسالة في وجوب الاخفات في
الركعتين الأخيرتين ومنظومة في علم المنطق سماها الباكورة وله ديوان شعر.
أبو الحسن موسى بن الحسن بن محمد بن العباس بن إسماعيل
ابن أبي سهل بن نوبخت المعروف بابن كبرياء ويعرف بأبي الحسن
بن كبرياء النوبختي أيضا.
نوبخت: مر في إبراهيم بن إسحاق بن أبي سهل وكبرياء في
الخلاصة: بالياء المثناة التحتية بعد الكاف وبعد الراء وفي رجال الميرزا عن
الخلاصة أيضا وعن ايضاح الاشتباه للعلامة كبرياء بالموحدة الساكنة وفي
رجال أبي علي ان في الخلاصة أيضا انه بفتح الكاف وتشديد الياء أخيرا وعن
رجال ابن داود انه ابن زكريا وهو تصحيف.
قال النجاشي: كان حسن المعرفة بالنجوم وله فيها كلام كثير وكان
مفوها عالما وكان مع هذا يتدين حسن الاعتقاد وله مصنفات في النجوم
وكان أبو الحسن بن كبرياء هذا مع حسن معرفته بعلم النجوم حسن العبادة
والدين وله كتاب الكافي في احداث الأزمنة يقال إن اسم أبي سهل بن
نوبخت طيمارث اه وطيمارث بالراء المهملة كما في رجال النجاشي
وغيره ويوجد في بعض الكتب بالواو.
الشيخ موسى ابن الشيخ جواد سبيتي
ولد في قرية كفرا من قرى جبل عامل سنة ١٩٠٦ م وتوفي فيها غير
بالغ الستين من سنيه
كانت دراسته الأولى على والده فتلقى عليه النحو وعلوم البلاغة ثم
سافر إلى العراق عام ١٩١٩ م ومكث هناك حتى سنة ١٩٣٧ م وكان من
أشهر أساتذته هناك السيد أبو الحسن الأصفهاني والميرزا حسين النائني
وحين عاد من العراق مكث في بلده كفرا عاكفا على البحث والمطالعة
فكتب الكثير من المقالات الأدبية والتاريخية كما ألف العديد من الكتب.
وقد وصفه بعد وفاته الشيخ محمد جواد مغنية فقال:
إما سره فهو روحه العلمية التي تنبض بالحركة والحياة، وتتطلع إلى
النور أينما كان ويكون، وتنطلق على سجيتها متحررة من كل قيد لا يفرضه
الدين ولا العقل، وان فرضته العادات والتقاليد.
السر هو جده الذي لا ينتهي إلى حد، وصبره الذي لا ينفذ على
القراءة والاطلاع، السر هو وعيه وتقديره للعلم، وحرصه على أن يبقى مدة
حياته متصلا بأسباب هو عداؤه للجهل، كاشد ما يكون العداء،
واصدقه وأعمقه، هو ايمانه بان المرء كلما ازداد معرفة ازداد قوة وحياة
في وجوده.
هو انكاره لذاته، وزهده في المظاهر والمناصب وفي الألقاب، وفي
كل شئ الا في المعرفة، لم يحاول الفقيد في يوم من الأيام ان يطور ويجدد
مظهره وملبسه. ولكنه ناضل وجاهد، ليطور عقله، ويجدد نفسه،
ويوسع من آفاقه... كان يسكن غرفة أشبه بكوخ، أما محتوياتها فمن
مخلفات الماضي البعيد، وفيها كان يقرأ ويطالع، ويفكر ويكتب، ثم
ينطلق منها مزودا بطاقته وخياله يجوب الماضي والحاضر والمستقبل... انه
شيخ بملبسه ومسكنه وماكله ولكنه بعقله وروحه أكثر شبابا من الشباب.
وتقدما من أولئك التقدميين.
وبعد، فلو ان فنانا، ناقدا، ومحللا صدر تفكير الشيخ موسى،
(١٨٠)

وأسلوبه في الحياة لرأى أهل الاختصاص في شخصيته نموذجا يستقل به
عن حياة زملائه وأنداده الذين عاشوا في وعاش في عصرهم، تماما كديجون
صاحب المصباح الذي لم يشبه أحدا، ولم يشبه أحد من فلاسفة اليونان.
وليس من غرض هذه الكلمة ان تترجم، أو تؤرخ للفقيد، وانما
القصد ان تشير إلى ناحية واحدة من مناحي حياته وشخصيته، وهذه الناحية
هي التي أبرزته وميزته، وزودته بآلة يستقي بها من الأعمال، ويحلق بها في
الأجواء، ويسير بها عبر البحار والقفار... وهي حبه للقراءة، وبذله الجهد
الجهيد لها. لقد كانت القراءة في مفهومه ضربا من الحاجة، لا للتسلية
وقتل الوقت، وفرضا يحتمه التفهم للحياة والمشكلات.
وقد كانت الكلمة المكتوبة عنده أغلى من الذهب الأبريز، وأهم
همومه، حتى في أيامه الثقال الشداد هنا وفي النجف، بل لم يكن له هم
سواها، وكأني به إذا تراكمت عليه المشكلات، وانسدت طرق الحل لجا إلى
الكتاب، فإذا اخذه بيده ذهل عن كل شئ حتى عن نفسه
مؤلفاته
من مؤلفاته المطبوعة: كيف تفهم الاسلام، المدينة الفاضلة عند
العرب، أخلاق آل محمد، على فوق الفلاسفة، الأديان في الميزان، تاريخ
الأنبياء.
شعره
من شعره قوله: صور تروعك للجمال الشيق * يا قلب خفف من جماحك واتق
بسمت لك الأزهار في ضحواتها * عن كل فاتنة بوجه مشرق
قالوا تصابى قلت اي نقيصة * ما أسمج الدنيا لمن لم يعشق
اهوى الجمال ولا أشين بهاءه * ما كل ظمآن الفؤاد بمستق
يهوى الجمال ولا يخاف ملامة * قلب يخف إلى الجمال المطلق
كن كيف شئت معذبا أو منعما * بك لا سواك صبابتي وتعلق
جمحت بي النزوات حتى خلتها * قذفت بقلبي بالظلام المطبق
وافقت لا كأس لدي قريبة * كلا ولا ذاك الطلا بمعتق
أتت الكذوب حقيقة ان لم تكن * ببديع ذاك الحسن لم تستغرق
ما ان شكوت ولا بكيت صبابة * فانا السعيد من الغرام بما شقي
سهدي ودمعي والصبابة كلها * كانت أداة نباهتي وتألقي
وقال:
ذكريات الصبا وروح النسيم * هيجا بعض وجدي المكتوم
ليت شعري بليت بالحب وحدي * أم فؤادي مكون من هموم
اشرب الراح في غرامك صرفا * بين زهر الدين وزهر النجوم
وكؤوس الغرام أعظم فتكا * بأولي الحلم من كؤوس النديم
فمزاج الخمور ماء وكرم... * ومزاج الرضاب من تسنيم
سلب القلب خلسة واقتدارا * بمحيا زاه وصوت رخيم
وقال:
يا واهبا للروض منك بشاشة * هب للعباد بشاشة الأوراد
لأرى الوجوه منيرة وقلوبهم * فرغى من الأوغاد والاحقاد
ان تنتج الأزهار من... الهوى * كان النسيم لهن بالمرصاد
حتى الازاهر قد يلين بحسد * اقذى الاله نواظر الحساد
وتالف الأحباب أجمل موضعا * من كل غنم طارف وقلاد
وقال:
أيها الهاجرون رفقا بصب * دهره بين عبرة وزفير
ان مللتم لقاءنا فاذكرونا * لا يعاف الميسور للمعسور
أيها الآسرون قلبي مهلا * يجمل العطف بالموتى الأسير
وكان الرياض حولي سماء * زينت في كواكب من زهور
وكان السماء حولي رياض * زاهيات بإقحوان نضير
صفوة العيش قد تجلت عيانا * بين صدق الهوى وصفو الضمير
وقال:
وناظرة لنا بخفي طرف * تسوتى بلحضها الاجل المتاحا
خفضت لعز حسنكم جناحي * ولولا الحب لم اخفض جناحا
أبيت الذل الا في هواكم * اراوحه اغتباقا واصطباحا
من الآلام لي كأس دهاق * إذا ما عاقر اللاهون راحا
على مضض الخطوب بنا ابتسام * يجلل أوجها منا صياحا
فلا الأحباب تشجى إذ ترانا * ولا حسادنا تجد ارتياحا
وقال:
وأعذب ما قد ذقت من ثمر الهوى * حديث عتاب من مشوق وشائق
يقولون عشقا يهلك المرء نفسه * وهل خلدت نفس امرئ غير عاشق
وقال:
إذا ما صحى اللاهون من سكرة الهوى * فقلبك من خمر الصبابة نشوان
فلا تبتئس من نبوة لخل ان جفا * فان حياة الحب وصل وهجران
وقال:
واقتل الدمع ما تبكي النفوس به * لا ما ترقرقه الأجفان والحدق
ان النفوس لتطغى في عواطفها * مالم يقف دونها الوجدان والخلق
وقال حين انتقد مرارا لبس العباءة المعروفة بالخاشية التي اعتاد
رجال الدين لباسها فوق الجبة، معرضا بقوله ببعض المتزيين بزي الدين
المستغلين له وهم ابعد الناس عن الدين:
وهل الخواشي من أصول الدين * لتسوق خالقها إلى سجين
حسبي من التقليد اني مقتد * بضعيف عقل أو قوي جنون
يهذي بأقوال ويحسب انها * آراء سقراط وأفلاطون
تخذوا العمامة حرفة وحلت بها * لذات عيش هانئ مضمون
وقال:
بسمة الفجر وائتلاف الغدير * بعثتها ضمامة من زهور
حبست زينب وليلى وسعدي * وسليمى في هالة من نور
مظهر للجلال مهبط وحي * صورة للملاك لطف شعور
سكنت والجمال يعلن عنها * فتنة العقل سكرة المخمور
(١٨١)

أرسلت من حديثها نغمات * أسمعتنا بهن سجع الطيور
بعثت في الصدور لوعة وجد * عرفتها من نفثة المصدور
هن حورا يمشين في الأرض زهوا * أو خيال من ناظر مسحور
جاء شعري بهن يعبق طيبا * فضلة من أريجها والعبير
منظر يسلب العقول وموسى * خر للحسن صاعقا في الطور
سار شعري بهن لحنا بديعا * رجعته الأيام عبر الدهور
وقال:
عزف الحب على قيثاره * فهفا قلبي لجس الوتر
أتصفوني في هواكم فلقد * خانني في الحب حتى معشري
يا أحبائي أعيدوا نظرة * ما عيان المرء مثل الخبر
فلكم كفن من أكذوبة * كاشح يسعى وواشي يفتري
يا أحبائي وعندي صبوة * أرعشت كفي وأعشت بصري
ليت شعري كل... الهوى * خصني من دون هذا البشر
شاعر لكن بما أوتيتم * ما حياة المرء ان لم يشعر
وهبوني كنت أجرمت فقد * تقبل الاعذار من معتذر
السيد أبو الحسن موسى بن حيدر بن أحمد أحد أجداد المؤلف لأبيه
نسبه الشريف
ينتهي نسبه إلى الامام السبط الحسين الشهيد ولكنه يعبر عن نفسه في
بعض مؤلفاته بالحسيني الحسني فالظاهر أن انتسابه إلى الإمام الحسن السبط
ع من طرف الأمهات كما وقع لصاحب مفتاح الكرامة وصف نفسه بالحسيني الحسني الموسوي.
مولده ووفاته
ولد بقرية شقرا سنة ١١٣٨ وتوفي بها ليلة الأحد ١٦ المحرم سنة
١١٩٤ فيكون عمره نحوا من ست وخمسين سنة.
وأرخ بعضهم عام وفاته بقوله بكت الخلائق وبعضهم بقوله:
أبو الحسن المفضال موسى ترحلا * وفي جنة المأوى تبوأ منزلا
لقد عاش في الدنيا سعيدا مؤيدا * وراح إلى الأخرى عظيما مبجلا
ولما دعاه الله قلت مؤرخا * وموسى به الرب الكريم تكفلا
ورثاه السيد صادق الفحام العراقي العالم الأديب المشهور بقصيدة
أولها:
أقوت ربوع العلم بعد أبي الحسن * وتعطلت سبل الفرائض والسنن
وفي الشطر الأول تاريخ وفاته وختم السيد صادق به القصيدة وجعله
تاريخا وجميع هذه التواريخ متوافقة لان الهمزة في الخلائق تكتب بياء والمدار
في التاريخ على رسم الكتابة لا على النطق. ولما توفي حزن عليه ناصيف
النصار حزنا شديدا وامر ببناء قبة مشيدة على قبره ثم قتل ناصيف سنة
١١٩٥ في أثناء بنائها قبل ان تكمل فقطع العملة البناء وكانت قد قاربت
التمام فلما بلغ ذلك الجزار أمر بنقل بعض ما أعد للبناء من رخام ونحوه إلى
عكا وبقيت على حالها إلى هذا العصر فلما دفن فيها ابن عمنا السيد علي ابن
السيد محمود بني ما بقي منها بقصد اكمالها ثم حالت الحواجز دون اكمالها.
صفاته وجملة من أحواله
كان عالما فاضلا جيد الخط جدا محققا مدققا فقيها محدثا متقنا رئيسا
جليلا مطاعا عالي الشأن بعيد الهمة انتهت إليه الرياسة في البلاد العاملية
دينا ودنيا وآثاره تدل على اتقانه في كل شئ بنى المساجد والمدارس ونشر
العلم وتوافدت عليه الطلاب من كل حدب وصوب وكان يقيم صلاة
الجمعة ويجتمع للصلاة خلفه كل يوم جمعة جميع أهل القرى المجاورة له
وفيهم أمير البلاد الشيخ ناصيف بن نصار الشهير وكان في محل إقامته شقراء
جامع صغير فبنى فيها جامعا كبيرا ليسع المجتمعين لصلاة الجمعة بناه في
أحسن بقعة وله صحن محيط به من جوانبه وقد دفن ارضه بالتراب حتى
صار عاليا عما يجاوره مشرفا وبنى له ماذنة لا تزيد عن حائطه حسب
الاستحباب الشرعي ووقف له ما يقوم باسراجه وعمارته وهو باق إلى اليوم
وقال تلميذه الشيخ إبراهيم بن يحيى الطيبي مؤرخا عام بنائه:
يا عصبة الدين ألا فانظروا * ما شاده مولى الموالي لكم
أبو الأمين العلوي الذي * صير من كسب العلا كسبكم
أضحى خطيب الدين في جامع * قد جمع الله به شملكم
يقول في تاريخه آمرا * يا أيها الناس اتقوا ربكم
سنة ١١٨٢
ولآخر في تاريخ بنائه أيضا:
ان بيت الله هذا * لا تلجه غير خاشع
تغفر الزلة فيه * ولمن ناجاه سامع
صل فيه وادع وابك * فاز طرف فيه دامع
جمع الفضل فارخ * انه أعظم جامع
سنة ١١٨١
وهو ينقص سنة عن التاريخ الأول كما ترى ولعل ناظم الأول لم
يحسب ألف اتقوا والمعروف انها محسوبة وان العبرة بما يكتب لا بما يلفظ.
مدرسته وطلابها
بنى في قرية شقرا في أنزه بقعة منها قريبا من داره الجميلة الباقية آثارها
لليوم مدرسة فسيحة تحتوي على نحو من ثلاثين حجرة باقية لليوم تحيط بها
الحجر من جميع جوانبها عدا الجهة الشمالية التي تطل على البرية وحفر في
وسطها بئرا يكفي ماؤه الطلاب مهما بلغوا ووقف لها وقفا في وادي الحجير
باق لليوم ونقل انه كان يوجد في مدرسته نحو من ثلثمائة طالب ويحضر
حلقة درسه منهم نحو من مائتين.
بعض تلامذته المعروفين
من تلامذته السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة ومنهم ولده السيد
حسين ابن السيد أبي الحسن موسى ومنهم الشيخ إبراهيم بن يحيى الطيبي
وهؤلاء سافروا بعد وفاته إلى العراق ومنهم السيد نصر الله الحسني العيناثي
من آل فضل الله ومنهم الشيخ نصر الله حدرج وغيرهم.
مؤلفاته
له ١ تعليقات بخطه الجميل على هامش نسخة من شرح ألفية ابن
مالك لابن الناظم أفردتها في جزء لطيف ٢ كتاب في النحو ويظهر من
قصيدة الشيخ نصر الله حدرج الآتية انه يسمى الوسيلة ٣ رسالة في
(١٨٢)

المنطق رأيتها ويظهر من القصيدة المشار إليها انها تسمى الوافي ويمكن كونه
اسما لمؤلف في الصرف فتأمل في بيت القصيدة ٤ مؤلفه في التوحيد وهو
الذي رد عليه الشيخ عبد الحليم الشويكي ففي سلك الدرر ان الشويكي
ألف رسالة في الكلام رد بها على معاصره الشيخ أبي الحسن العاملي
الرافضي في تاليف له أودعه بعض الدسائس الرافضية اه.
ما ذكره السبيتي
قال الشيخ علي السبيتي فيما يحكى عن كتابه الجوهر المجرد في شرح
قصيدة علي بك الأسعد: من قرى جبل عاملة شقراء نبغ فيها آل قشاقش
أولهم السيد أبو الحسن ابن السيد حيدر أتى أبوه من العراق وسكن مجدل
سلم ثم هاجر ولده إلى شقراء وسكن بها وانقطع إلى الدرس والتدريس ولازم
العلم مدة عمره فوفد عليه الطالبون للعلم من سائر الأقطار وكثرت تلامذته حتى
بلغت ثلاثمائة رجل وتخرج على يده عالم كثير لكن لم يمهر منهم سوى ابن
أخيه السيد جواد الحافظ صاحب مفتاح الكرامة في الفقه والسيد حسين ابن
أخيه الثاني والشيخ إبراهيم بن يحيى الشاعر فهؤلاء الثلاثة تصدروا في
العلم حتى فضلهم من رآهم على أستاذهم والثلاثة هاجروا إلى العراق بعد
وفاة السيد أبي الحسن وقرأوا على بحر العلوم السيد مهدي الطباطبائي ومهر
كل منهم في فن إما السيد جواد فمهر في الاخبار والأحاديث والفقه واما
السيد حسين فكان أصوليا محققا واما الشيخ إبراهيم فامره في الشعر
وكثرة النظم أشهر من أن يذكر وصنف السيد أبو الحسن في النحو والمنطق
وكان ناصيف النصار له ميل عظيم والتفات كبير
إليه وعمر له المسجد الكبير في شقراء وكان السيد يميل إلى طريقة الاخبارية اه يقول المؤلف
ان أول من هاجر إلى شقراء وهو والد السيد أبي الحسن السيد حيدر المتوفى
سنة ١١٥٨ والمدفون بشقراء أو جده السيد احمد، والسيد حسين الذي كان
أصوليا محققا هو ابن السيد أبي الحسن لصلبه لا ابن أخيه.
مدائحه ومراثيه
قال تلميذه الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي الطيبي الشاعر المشهور
يمدحه:
أ تهجر سلمى والمزار قريب * وتطمع فيها والحسام خضيب
وتقنع منها بالخيال وربما * تزور حماها والسنان رقيب
وتعرض عن رشف الثنايا تعففا * وصبر الفتى عن مثلهن عجيب
وتحلم حتى لا يقال أخو هوى * وتجهل حتى لا يقال لبيب
خليلي قوما واسقياني سلافة * لها في عظام الشاربين دبيب
وخمرا تجلى في الكؤوس كأنها * دموع محب شط عنه حبيب
وما هي الا فلذة عن عقيقة * إذا مسها حر الغرام تذوب
يميل إليها كل من مسه الهوى * وما كل عود في الرياض رطيب
ولا تطلبا مني مع الشيب سلوة * فان الكرى عند الصباح يطيب
ولا تسالا من راحة الدهر راحة * فليس لحر في الزمان نصيب
نوائبه تصدي اللئيم وربما * تكون صقال الحر حين تنوب
لعمرك ليس الجد بالجد والفتى * يحاول صدق الحال وهو كذوب
على أنه قد يعقب البؤس نعمة * وللريح من بعد السكون هبوب
رعى الله من لا يعتريه سفاهة * ولا قلق والصائبات تصيب
ورب كريم تنكفي عن جبينه * مياه الندى والقلب فيه لهيب
وقد تدمع العينان من ذي مسرة * ويضحك بعض الناس وهو كئيب
ألا ليت شعري هل تروق مواردي * وألمح روض العيش وهو قشيب
واضرب يا فوخ الزمان بصارم * أغض عليه الجفن وهو رسوب
وليس يزول الخطب الا برحلة * إلى بلد فيه الشريف خطيب
أبو الحسن الحبر الذي بعلومه * أغاث ربوع الدين فهو خضيب
حسيب نسيب من ذؤابة هاشم * وخير نجيب من أبوه نجيب
خليفة قوم أخلص الله سهمهم * فليس لهم الا الكمال ذنوب
تخطاهم شر الخطا غير أنهم * لهم حسنات المخلصين ذنوب
إذا نزل القرآن فيهم فما عسى * يقول أديب أو يفوه أريب
ترعرع في روض الهدى واماله * إليهم نسيم الفضل وهو قضيب
خلائقه مثل النجوم ومجده * حكى الشمس الا ان تلك تغيب
له الهمة القعساء والفطنة التي * تقاعس عنها جاهل وأديب
إذا ضربت بكر المعالي خباءها * فليس لها في رفع ذاك ضريب
له الرتبة العلياء والراحة التي * تصيب فؤاد المحل حين تصوب
له قلم كالسهم ما زال وافدا * على مهج الأغراض وهو مصيب
يراع يرى آثاره كل معرب * كما نثرت حب الجمان غروب
إذا ماس في القرطاس كالغصن رفرفت * عيون على افنانه وقلوب
يرى أرغد الأيام يوم مواهب * ويوم القرى عند البخيل عصيب
أعادت أياديه النعيم على الورى * وقد كان في جسم الأنام شحوب
إذا مرضت بالمحل أغصان روضة * فليس لها غير السحاب طبيب
أبا حسن يا واحد الدهر والذي * له منزل فوق السماك رحيب
ويا خير من يرجى إذا ما تزاحمت * خطوب زمان لا تزال تنوب
أعد نظرا في ذلك الامر انني * دعوتك للجلى وأنت مجيب
وأعجب شئ انه قد تباعدت * موارده مني وأنت قريب
فقم غير مأمور به ان صعبه * عليك لسهل والاله مثيب
وما ذاك الا انني قد وكلته * إليك وظني فيك ليس يخيب
ودونكها غراء كالنجم تنتمي * إليكم وترنو الناس وهي غضوب
ولا زلت مخضر الجناب ولا عدا * ربوعك غيث السعد وهو سكوب
وقال يمدحه أيضا وذكر في مقدمتها ما مثاله نقلا عن خط يده:
الحمد لله الذي شعرت بعظمته قلوب العارفين وغرقت في بحار
نعمته أفئدة العالمين وصلى الله على محمد وعترته الطاهرين ما نظم عقود
الشعر ناظم أو رقم برود الشكر والمدح راقم وبعد فلما ثبت عند اولي
الألباب الواردين حياض السنة والكتاب ان شكر المنعم واجب لا جرم
رأيت مدح مولانا الشريف ضربة لازب فاني غرس نعمته وربيب جود
راحته وهو الذي طوقني الفضل وقد كنت عاطلا وقلدني قلائد العلم وقد
كنت جاهلا وهو الأستاذ الجليل الأعظم محيي الفرائض والسنن سيدنا
ومولانا السيد أبو الحسن رضي الله عنه، فبادرت على اسم الله مناظرا في
ذلك الفذ اللبيب الماهر الشيخ احمد الشاعر المعروف بالنحوي في لاميته
التي امتدح بها السيد السند المؤيد بالطاف الله المرحوم المبرور السيد نصر
الله المعروف بالحائري طيب الله ثراه ورضي عنه وأرضاه فقلت:
إلا م يعاني خطة الخسف باسل * وحتى متى يغضي عن النقص كامل
لقد ظلم النفس النفيسة من يرى * خمائل أغصان العلا وهو خامل
(١٨٣)

فما سئمت نفس السري من السرى * ولا صرمت حبل الرحيل الرواحل
أ تظفر من لبنى بخير لبانة * وقد نزلت حيث المنون نوازل
وتطمع من ريا بري ودونها * مهامه لا تدري بها ومجاهل
سباسب لم تحسب بها السحب ذيلها * ولا وضعت فيها الغيوم الحوامل
ولا سار فيها الريح والريح راكب * ولا مر فيها البرق والبرق راجل
ولا رشفت ريق الغوادي ثغورها * ولا رضعت ثدي الحيا وهو حافل
طلول كان الطل يخشى أكامها * فليس له ذيل هنالك رافل
وصادية الأحشاء عطشى وفوقها * بحور سراب ما لهن سواحل
ومظلمة الارجاء ليس يجوزها * دجى الليل الا والنجوم مشاعل
لي الله كم أدلجت فيها تقلني * أمون ويعدو بي على الهول صاهل
أحاول من سلمى سلاما ودونها * صدور رماح أشرعت وسلاسل
وقد نفحت من جانب الجو نفحة * وفي طيها للعاشقين رسائل
وعيشك لا أنسى هناك غزالة * تغازلني احداقها وأغازل
عقيلة حي من عقيل وطفلة * أوائلها في سالف الدهر وائل
وخود كغصن البان لو زايل الردى * لواحظها غنت عليها البلابل
منعمة الاعطاف كاد قوامها * يسيل من الساقين لولا الخلاخل
تقنصتها حيث الشبيبة غضة * وروق الصبا أشراكها والحبائل
على روضة فيحاء إما هزارها * فقس واما زهرها فهو بأقل
معطرة ضاع الشذا من نباتها * فلا غرو ان دارت عليه السلاسل
كان غصون البان فيها كواعب * ترف على اعطافهن الغلائل
كان نضير الورد بين أقاحها * خدود غوان رابهن عواذل
كان عيون الزهر فيها تمثلت * مصاب بين الزهراء فهي هوامل
كان غدير الروض تحت نسيمة * أخو جنة قد اوثقته السلاسل
فيا لك من روض أريض ونعمة * نعمنا بها والدهر إذ ذاك غافل
إلى أن جرى نهر النهار على الدجى * فنواره من ذلك النور ذابل
فديتك من ليل كان صباحه * وغيهبه حق مبين وباطل
هناك نهضنا للوداع وقلما * يدوم على صرف الزمان التواصل
كأني بها ترنو إلي ودمعها * فويق شقيق الخد هام وهامل
تجاذبني فضل العنان ومن لها * بلوثة سرحان الغضا وهي حامل
وتسال عن شاني ولؤلؤ دمعها * ومرجان شاني للتفرق سائل
أقول لها حيث استرابت من النوى * مقيم على ياس عن الحزم راحل
ليهنك مني أوبة بعد رحلة * إلى بحر جود ما له قط ساحل
أبي الحسن النور الإلهي والذي * تبلج في برج الهدى وهو كامل
هو البحر علما والسحاب مواهبا * فما الناس الا سائل
أو مسائل كريم المحيا والبنان كأنما * له البدر وجه والغوادي أنامل
فتى ترد الاعلام أبحر علمه * فتصدر عنها وهي منها نواهل
وينخزل الغيث الركام عن الورى * وراحته في الشرق والغرب وابل
توجه تلقاء العلوم فضمها * إليه كما ضم الأنابيب عامل
إشاراته فيها الشفاء من العمى * وتلويحه فيه الفصول الفواصل
خبير بتحرير القواعد سالك * مسالك مأثور الشرائع فاصل
بصير بتهذيب الأصول موكل * بايضاح ما قد أضمرته الأوائل
حري بتسهيل الفوائد مظهر * لباب المعاني حيث تخفى المسائل
ينادي باسرار البلاغة لفظه * فيظهر للاعجاز فيه دلائل
جواد جرى والغيث في حلبة الندى * فغبر في وجه الحيا وهو هاطل
وما هو الا كعبة الدين والهدى * فلا غرو ان حجت إليه القبائل
فان أنكر الحساد باهر فضله * فكم أنكر الصبح المبين غافل
وما ضر من كانت أسافل مجده * رؤوس المعالي ما تقول الاسافل
حسيب نسيب أصبح الكون مشرقا * باسلافه وهي البدور الكوامل
هم النفر البيض الذين بنورهم * تزين ساق العرش إذ هو عاطل
وهم خير هذا الخلق غير مدافع * وأفضل من تعزى إليه الفضائل
رواحبهم للوافدين موائد * وراحاتهم للوافدين مناهل
وراجيهم في ذروة الفوز صاعد * وضيفهم من جانب الأفق نازل
وآثارهم للسائرين معالم * واسماؤهم للسائلين وسائل
حماة كماة ينزلون إلى الوغى * فرادى ومثنى والمنون نوازل
إذا خفقت اعلامهم فوق فيلق * رأيت جنود الله فيه تقاتل
ملوك لهم في غامض العلم صارم * صقيل له الامر الإلهي حامل
كأني به من ذلك الغمد مصلتا * يصول به رب السما وهو فاصل
الا يا ربيع المجدبين ومن به * تلوذ اليتامى حسرا والأرامل
ويا علم العلم الإلهي والذي * أقام قناة الدين والدين مائل
ليهنك يا غصن النبوة حلة * من المجد فيها للنبي شمائل
نثرت من العلم النفيس جواهرا * على الناس حتى ليس في الأرض جاهل
وقلدت أعناق الأنام قلائدا * من الفضل حتى ليس في الناس عاطل
ودونكها غراء كالبدر قابلت * علاك فأمسي وجهها وهو كامل
وردتك يا بحر المكارم صاديا * فلا غرو ان أهدي لك الحمد ناهل
ووجدت في بعض المجاميع ما مثاله مع بعض اختصار واصلاح:
حكى عبد الله بن مسلم قال إني منذ أميطت عني التمائم وطلع
نوري من أوعية الكمائم. طفقت أجول في مهامه الغبرا وانتقل من بلد
لأخرى:
يوما بحزوى ويوما بالعقيق وبالعذيب * يوما ويوما بالخليصاء
الا انني لم أشهد ناديا ولم اقطع واديا الا في اكتساب الفضل والأدب
ومعي أصحاب ونحن ننقب عن الفضل وأهله. فقال لنا قائل أين أنتم من
بدر سماء الفضل والمعارف من امتد في البلاغة باعه وشق على من رام ان
يشق غباره اتباعه. ذو الصفات التي ما تحدثت بها نفس إلا صدها العجز
وثناها وقال لها لسان الحال من المحال حصر ما لا يتناهى. من تحج إليه
قلوب الأفاضل على نجائب الأشواق وتطوف به أرواح الأماثل من سائر
الآفاق الذي رقى من المكارم ذراها وتمسك من المحامد بأوثق عراها. ابن
الفضل وأبوه المذعن بفضله أعداؤه ومحبوه. الذي شاد مدارس العلم بعد
دروسها وأقام اعلام الدين بعد طموسها. فخر العلماء الراسخين واعلم
العلماء المتبحرين الحاوي فضائل المتقدمين والمتأخرين علامة الزمن المطوق
أعناق الأنام بالمنن الأمين المؤتمن سيدنا ومولانا السيد أبو الحسن. فقلنا
وأين هو قال ببلدة شقرا التي تتلو عليك السنة مكارمها انك لا تجوع فيها
ولا تعرى. فارقنا كاسات الكرى وحثثنا نجائب السرى يساورنا الوجوم وتسامرنا النجوم
. فلما قربنا منها أرسلت رائدي فقال ابشر لقد نزلتم على
بحر زاخر وعريف ماهر. فأقمنا مدة نتفيأ ظلال افيائه وعن لي ان آتي
باثقالي إليه واقرأ مدة عمري عليه فثنيت عنان السفر ثانيا وجئت باهلي وثقلي
فلما وصلت سالت أحد تلامذته عنه فتنفس الصعداء مرارا وأرسل من
(١٨٤)

الدمع صوبا مدرارا وقال قد فارق الأحبة ولقي ربه فعرتني الأحزان والهموم
وقمت إلى المدارس مغموما وانشدت قول الشاعر:
معالمها تبكي على علمائها * وزوارها تبكي لفقد مزورها
فقال لي طب نفسا فان نجله الأمين قد تادب بآدابه الصالحة حتى قيل
ما أشبه الليلة بالبارحة فقلت وان اقتدى بفعله فهيهات ان يأتي الزمان بمثله
ثم قمت إليه وعولت في أموري بعد الله عليه ورثيت أباه بهذه القصيدة:
إلى الله أشكو من صروف النوائب * فقد ثلمت حدي بأدهى المصائب
فتعسا لدنيا لا تزال صروفها * تصول بأسياف علينا قواضب
وحتام نهواها على البعد واقلا * وفي كل يوم رنة اثر ذاهب
وفي اي حال آمن الدهر بعد ما * قضى خلف الأبرار بدر الغياهب
وأصبح بحر العلم في الترب ثاويا * فيا ليت ذاك القبر وسط الترائب
فتى كان غيثا للعفاة وموئلا * وغوثا لملهوف وملجا لهارب
فتى كان بحرا للعلوم وللندى * وعقدا ثمينا في نحور المراتب
فمن بعده يرجى إذا عن مشكل * ومن بعده يرجى لبذل الرغائب
ومن بعده يحيي الدجى وهو قائم * بمحرابه أم من لغر المناقب
ومن بعده يسقي رياض مدارس * بوافر علم فيضه غير ناضب
سل الأرض هل جفت وفيها قد انطوى * غطمطم زخار هنئ المشارب
فلا سلمت عين من الحزن لم تجد * عليه بمنهل الدموع السواكب
قضى فقضى المعروف والجود والتقى * وغودر في الغبراء بحر المواهب
فيا فجعة الدنيا وفجعة أهلها * بمولاهما الهادي كريم المناصب
طليق المحيا منبع الفضل والهدى * ربيع اليتامى حتف كل محارب
فيا خير خلق الله أكرم من مشى * على الأرض من عجم بها وأعارب
تصدع قلب العلم بعدك والهدى * وإذا المجد اضحى نادبا اي نادب
واقفرت الغبراء وأغبر وجهها * واظلمت الخضراء ذات الكواكب
فبعدا لصفو العيش بعد فراقكم * وتبا لقلب قد غدا غير واجب
سأبكيك يا حصني المنيع وموئلي * وابكي لأيام السرور الذواهب
لحا الله دهرا قد رمانا بسهمه * فجب سنام المجد بعد الغوارب
أيا جدثا قد حل فيه ابن حيدر * سقاك من الوسمي جون السحائب
حويت المعالي الفخار جميعها * وغيبت بحر العلم منك بجانب
وحزت على ما حازت الأرض مثله * بحوزك فرد الدهر نجل النجائب
هو ابن رسول الله والكوكب الذي * أضاء فاخفي نوره كل ثاقب
هو النبأ المكنون والأروع الذي * يرى نجدة اللاجين ضربة لازب
فيا نجله الزاكي الأمين تصبرا * ففيك الغنى عن كل غاد وذاهب
ماثر فضل حزتها منه لم تطق * بعد وان الفضل أسنى المكاسب
فها أنت بدر في سما الفضل مشرق * وصبح منير فجره غير كاذب
ولا زلت بحرا بالمكارم مزبدا * وغوثا لملهوف وفوزا لطالب
وقال تلميذه الشاعر المشهور الشيخ إبراهيم بن يحيي العاملي الطيبي
يرثيه بهذه القصيدة ويعزي ولديه السيد محمد الأمين والسيد حسين:
أ تعجب من دمعي السخي إذا جرى * لانت خلي ما سمعت بما جرى
أ لم تر ان المجد جب سنامه * وان فؤاد المكرمات تقطرا
وان رياض الفضل صوح نبتها * وكان لعمري بالفضائل مزهرا
وان بحار الجود خضخضها الردى * وأصبح صافيها لدينا مكدرا
وان عقود العلم من بعد جيدها * أبي الحسن الماضي محللة العرى
فقدنا به بدر السماء ونوره * يشق الدياجي والربيع منورا
فدمعي ياقوت وقد كان لؤلؤا * وفودي كافور وقد كان عنبرا
فيا قبره وأريت منه مهندا * صقيلا باسرار العلوم مجوهرا
ويا قبره وأريت والله موردا * لكل جميل في الوجود ومصدرا
ويا قبره وأريت أفضل عالم * تستر نور العلم لما تسترا
ويا قبره وأريت أعظم ماجد * بعيد مناط الفخر ان عد مفخرا
ويا قبره وأريت شمسا منيرة * بها كان ينجاب الظلام عن الورى
فديت الذي امسى رهين جنادل * سلبن من الغافين منتجع القرا
وما كنت أدري قبل ما غاب بينها * محياه ان البدر يغرب في الثرى
فمن لأصول الدين يفصح روحها * بتحقيقه حتى ثرى الحق مزهرا
ومن لمعاني الذكر يبدي بديعها * باورى زناد في البيان وأسورا
ومن لأحاديث النبي وآله * يميط غطاها موضحا ومقررا
ومن لفنون النحو يبدي عويصها * ويظهر من معناه ما كان مضمرا
ومن للمعاني والبيان مبين * بأفصح ما قال البليغ وأحصرا
لقد أصبح الدين الحنيفي بعده * ذليلا فيا لله من حادث عرا
مصاب جليل لو أصاب شراره * فؤاد الصفا من شامخ لتفطرا
ورزء إذا حاولت اطفاء ناره * بدمع يحاكي الغيث زاد تسعرا
فجعنا بابناء المعالي وقد مضى * فتاها وان كانوا من العد اكثرا
فما كل روض في البسيطة جنة * وما كل ماء في الحقيقة كوثرا
تحول عن دار الشقاء مكرما * وصار إلى دار النعيم مطهرا
قضى جده ان المسرة جده * فعاف القرى يبغي لدى ربه القرا
وما زال ذاك النور حتى أفادنا * هلالين بل بدرين لن يتسترا
ولا جف ذاك البحر حتى أفادنا * بوبلين بل بحرين لن يتكدرا
رضيعي لبان العلم والحلم والندى * وأفضل من فوق البسيطة عنصرا
لقد زال عنا بالأمين وصنوه * حسين فولى الحزن عنا وأدبرا
لقد لبس الاسلام بعد أبيهما * قميصا بياقوت الدموع مزررا
فقد البساه ثوب عز لمثله * تواضع كسرى وانحنى عرش قيصرا
سرور أتانا بعد حزن كما دجا * ظلام فلاح الصبح يضحك مسفرا
حسودهما خفض عليك فقلما * ترى الأفق الاعلى من النور مقفرا
خليلي صبرا ان واردة الردى * تشين حليم القوم أو يتصبرا
وكيف يغيظ الحر أمر عصبصب * يكون له العدل الحكيم معذرا
فصبرا جميلا انما الصبر جنة * إذا كان بالغفران والعفو مثمرا
أعزيكما عن خير حي وميت * وان كنتما بالصبر أحرى واجدرا
ولا زلتما كالشمس في رونق الضحى * وكالبدر في برج السعادة مبدرا
ودونكماها يا خليلي ثاكلا * تحن حنين العود اجهضه السرى
مدامعها حمر تخبر انني * نحرت على أجفانها وارد الكرى
تغرد كالخنساء حزنا فلو وعى * مقاصدها صخر لراج مكسرا
وما عذر مثلي ان يضن بقطرة * على خير مرموس وردت به القرا
سقى الله مثواه سحائب رحمة * واردفها من ريق العفو أبحرا
ولا زالت الأرياح تنشر فوقه * لطائف مسك طيب النشر أذفرا
الشيخ موسى الحفاظي النجفي
في اليتيمة: حصل وأقام في النجف مدة ثم سكن في السير.
(١٨٥)

الشيخ موسى ابن الشيخ إسماعيل الخمايسي
توفي بجوبان مزرعة بنواحي الكوفة في حدود سنة ١٢٧٠.
أصلهم من الحميدات قبيلة تقطن فرات الحلة وهي من قبائل
الفرات المعروفة إلى الآن ولا يخفى ان جماعة من الخمايسيين من مشايخ
الإجازت. اخذ المترجم عن صاحب الجواهر وهو يروي عنه بالإجازة وكان
بصيرا بالعربية.
الشيخ موسى ابن الشيخ شريف بن محمد بن يوسف بن جعفر
ابن علي بن حسن بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن علي بن أحمد
ابن أبي جامع الحارثي الهمداني العاملي النجفي.
من أهل القرن الثالث عشر الهجري.
ذكره الشيخ جواد آل محيي الدين العاملي النجفي في ملحق أمل الآمل
فقال: كان فاضلا كاملا أديبا شاعرا كاتبا ماهرا له ديوان شعر وقد
خمس القصيدة المشهورة المقصورة لابن دريد اه ومن شعره قوله:
أسبط المصطفى المختار يا من * به في كل ما أرجو نجاحي
وحقك لم يكن بحماك مثلي * فتى والاك مقصوص الجناح
ومن شعره قوله مادحا السيد حسين آل بحر العلوم الطباطبائي
ويصف فيها السماور:
أحيت فؤادك ذات الخال والشنب * غداة حيتك جهرا بابنة العنب
وروحت منك قلبا قد أضر به * طول السقام وفرط الوجد والوصب
يا حبذا طيب انس قد نعمت به * في مجلس هو لولا الراح لم يطب
لا عيب فيه سوى ان السرور به * يفتر عن ظلم ثغر بارد الشنب
انس تطلبته حتى ظفرت به * حيث السماور فيه منتهى طلبي
كأنه الشمس إذ تبدو أشعتها * للعين من بين شباك من الذهب
وان نضا لك نار القلب تحسبها * طرف السنان يدا في كف مختضب
أودى به الوجد حتى أنه أسفا * أسال احشاءه من مدمع صبب
بكى وما كل باك ان بكى انبجست * منه العيون بمثل اللؤلؤ الرطب
ولا هبت بزلال طعم راحته * أحلى من العسل الماذي ومن ضرب
متيم ما بكت عيناه من وصب * الا وروج قلب الصب من نصب
حفت به أنجم تحكي أشعتها * زهر النجوم إذا بانت من الحجب
فلو تراها وقد لاحت نضارتها * وفوقها اللؤلؤ الطافي من الحبب
رأيت شمسا تجلت في يدي قمر * في كوكب قط لم يافل ولم يغب
في مجلس أرجت ارجاؤه وزهت * اكنافه بأريج المندل الرطب
يجلو به الشمس بدر التم حين بدا * يسعى بها في قوارير من الشهب
ساق غدا قلبه قاس ولا حرج * إذا أحل دمي قاس بلا سبب
حلو الشمائل قاني الخد ذو هيف * طلق المحيا رخيم بالجمال حبي
بديع حسن إذا ما هز قامته * يكاد ينقد من لين ومن طرب
فلا تلمني إذا ما ملت من طرب * وارتاح جسمي من تيه ومن عجب
فقد أنست بقوم لا نظير لهم * بين البرية من عجم ومن عرب
قوم لهم شرف يعزى إلى مضر * وهم ولا فخر أهل العز والرتب
آل النبي وخير الناس سابقة * من كان جدهم في الناس خير نبي
آل الرضا والرضا من شأن مفخرهم * والحلم يكسر منهم سورة الغضب
وله مرثية في عم والد المؤلف السيد أحمد بن محمد الأمين ذكرت في
ترجمته.
واما تخميسه لمقصورة ابن دريد فقد حولها به إلى مدح الحسنين وأبيهما
أمير المؤمنين ع وقد عثرنا على نسخة منها بخطه أو كتبت له
لكنه سقط منها تخميس بعض أبيات تلفت من النسخة ونحن نثبت تخميس
بعض ما وجدناه وغير خفي ان هذا البيت:
يا ظبية أشبه شئ بالمهى * ترعى الخزامي بين اجراع النقي
ليس منها كما بيناه في ترجمة الشيخ محمد رضا الآزري:
أوهى القوى كتم الهوى وصونه * وخانه يامي فيك عونه
يا من بها رأسي شع جونه * أما ترى رأسي يحاكي لونه
طرة صبح تحت أذيال الدجى
ولى الصبا وما وفى بعهده * وخامر القلب جوى لفقده
وحان وخط الشيب بعد بعده * واشتعل المبيض في مسوده
مثل اشتعال النار في جزل الغضى
صاح بارجاء شباب مغدف * صبح مشيب شبه در الصدف
وقبل قد كان كليل مسدف * فكان كالليل البهيم حل في
ارجائه ضوء صباح فانجلى
لما ذكى حبي بقلبي ونما * وذاع من مكنون سري ما اكتمى
أفاض ماء عبرتي هم طما * وغاض ماء شرتي دهر رمى
خواطر القلب بتبريح الجوى
وأصبح الدهر الخئون طاويا * مجاسنا وناشرا مساويا
وقد غدا ربع السرور خاويا * وآض روض اللهو يبسا ذاويا
من بعد ما قد كان مجاج الثرى
أتاح لي فرط التنائي صبوة * ما تركت قط لقلبي سلوة
وأوهن الاعراض مني قوة * وضرم الناي المشيب جذوة
ما تأتلي تسفع أثناء الحشا
فكيف لا يذوب قلبي كلفا * ولا يسيل دمع عيني أسفا
والوجد قد صير قلبي كنفا * واتخذ التسهيد عيني مالفا
لما جفا أجفانها طيف الكرى
هم وحزن وعنا وكدر * متصل ومدمع منهمر
اني وان لم تحص ما بي فكر * فكلما لاقيته مغتفر
في جنب ما أساده شخط النوى
لا تلحني ان ذاب قلبي سقما * أو ان قضيت أسفا وألما
ولا تسل ان سال دمعي عندما * لو لابس الصخر الأصم بعض ما
يلقاه قلبي فض أفلاذ الصفا
مم البكا بعد التجافي ولمن * والدهر قد ضن بما اعطى ومن
وقد لحا عودك صرف ذا الزمن * إذا ذوي الغصن الرطيب فاعلمن
ان قصاراه نفاد وتوى
وفيها يقول:
وان غدا الحادي بهن مدلجا * لم تر رحب الأرض الا رهجا
وان طوين نفنفا وسجسجا * اخفافهن من حفا ومن وجى
مرثومة تخضب مبيض الحصي
(١٨٦)

من كل وجناء نفور خضرف * يجبن كل جفجف وصفصف
يفللن كل ناحف ذي كلف * يحملن كل شاحب محقوقف
من طول تدآب الغدو والسري
قد ارتضى رب العلى ايمانه * من بعد ما اناله امانه
حر قضى يطوي الفلا ازمانه * بر برى طول السرى جثمانه
حتى غدا كالنبع محني القرى
قد خاض تيار الفيافي وفلا * ناصية البيد وما تململا
وكم من الشوق المح ارملا * ينوي التي فضلها رب العلى
لما دجى تربتها على البنا
وخف فيه شوقه وأرقلا * إلى التي فضلها رب العلى
وحن لما ان دنا وأعولا * حتى إذا قابلها استعبر لا
يملك دمع العين من حيث جرى
وفيها يقول:
كم حلبة يوم الوغى مرهوبة * رددتها بعزمة مشبوبة
وكم لها سعيت في مثوبة * فان سمعت برحى منصوبة
للحرب فاعلم انني قطب الرحى
ولم أزل أسعى بقلب يقظ * لحفظ ما لولاي لما يحفظ
انا الذي تخشى العدى تيقظي * وان رأيت نار حرب تلتظي
فاعلم باني مسعر ذاك اللظى
دع نفس حر لا تزال تغرة * تخوض للموت الزؤام غمرة
وخلها جهرا تسيل حسرة * خير النفوس السائلات جهرة
على ظبات المشرفي والقنا
جبت العراق وعره وسهله * وقد وردت عله ونهله
فقلت مذ لم تر عيني مثله * ان العراق لم أفارق أهله
عن شنا أصدني ولا قلى
كلا ولا شاهدت مذ صادقتهم * سواهم ناسا ومذ رافقتهم
أصفيتهم ودي وما نافقتهم * ولا اطبا عيني مذ فارقتهم
شئ يروق العين من هذا الورى
رافقت منهم من إذا خطب عرا * كانوا شآبيب الندى لمن عرا
هم المحاريب الوثيقات العرى * هم الشناخيب المنيفات الذرى
والناس ادحال سواهم وهوى
بنو الأولى أولهم عليها * دان لهم من الورى عليها
هم الغيوث ساكب ماذيها * هم البحور زاخر آذيها
والناس ضحضاح ثغاب واضا
قوم سموا هام السهى بجدهم * وقد علوا هام العلى بجدهم
لا والذي اتحفني بودهم * ان كنت أبصرت لهم من بعدهم
مثلا فأغضيت على وخز السفا
ولم تكن تبصر عيني ابدا * من الورى أكرم منهم محتدا
ولم أجد أعظم منهم سؤددا * حاشا الأميرين اللذين اوفدا
علي ظلا من نعيم وغنى
هما سليلا احمد خير الملا * الحسنين الأحسنين عملا
هما اللذان انقعا لي غللا * هما اللذان أثبتا لي أملا
قد وقف الياس به على شفا
فقدت من شرخ الصبا ريقه * أيام يرعى ناظري رونقه
ومذ أحال الدهر ما رقرقه * تلافيا العيش الذي رنقه
صرف الزمان فاستساع وحلا
هما اللذان اورداني موردا * عاد به روض المنى موردا
وانعشاني بعد ما كنت سدى * واجريا ماء الحيا لي رغدا
فاهتز غصني بعد ما كان ذوي
هما اللذان رفعا نواظري * وأعليا قدري على نظائري
وعند ما قد نفدت ذخائري * هما اللذان سموا بناظري
من بعد إغضائي على لذع القذى
كم ردني بعد الرجاء خائبا * من خلته ان لا يرد طالبا
وحين أصبحت له مجانبا * هما اللذان عمرا لي جانبا
من الرجاء كان قدما قد عفا
وأولياني ما به النفس اقتنت * عزا به عن درن الدنيا اغتنت
وعوداني عادة ما امتهنت * وقلداني منة لو قرنت
بشكر أهل الأرض طرا ما وفى
بل كل من فوق الثرى عنها نكل * وحاد بل أعيا عن البعض وكل
بل لم يف لسان كل من شكل * بالعشر من معشارها وكان كال
حسوة في آذي بحر قد طما
احمد ربي الله ما أعاشني * إذ في ولاء المرتضى قد راشني
فلم أقل وهو بخير ناشني * ان ابن ميكال الأمير انتاشني
من بعد ما قد كنت كالشئ اللقى
ومذ وفى لي بالذي له ضمن * وخصني بما به قلبي امن
قلت أبو السبطين بالوفا قمن * ومد ضبعي أبو العباس من
بعد انقباض الذرع والباع الوزى
ذاك علي المرتضى عقد الولاء * وصنو طه المصطفى خير الملا
ذاك الذي رام المعالي فعلا * ذاك الذي لا زال يسمو للعلى
بفعله حتى علاء فوق العلى
ومذ علاء بالرغم من حسوده * بجوده الضافي على وفوده
قلت وحق القول من ودوده * لو كان يرقى أحد بجوده
ومجده إلى السماء لارتقى
ان كنت تشكو من أوار متلف * فرد نداه بفؤاد شغف
وثق إذا ما كنت ذا تلهف * ما ان اتى عبر نداه معتفي
يشكو أوار عيم الا ارتوى
فعد إلى مدح الحسين والحسن * تأمن في مدحهما من الزمن
وقل إذا ما فزت منهما بمن * نفسي الفداء لأميري ومن
تحت السماء لأميري الفدا
كم قلت من حسن الثناء آملا * عد سجايا لهما ونائلا
وحين أعييت غدوت قائلا * لا زال شكري لهما مواصلا
لفظي أو يعتاقني صرف المنى
فارقت من بنيهما ذوي علاء * لم أر منهم قط الا موئلا
فارقتهم لا قاليا بعد ولا * ان الأولى فارقت من غير قلى
ما زاع قلبي بعدهم ولا هفا
ولم أزع عن صاحب أصفيته * خالص ودي بعد ما اصطفيته
(١٨٧)

كلا ولا في البعد قد قليته * لكن لي عزما إذا انتضيته
في مبهم الخطب فاه فانفاى
وقال قصيدة قافيتها الخال وهي:
سقى الخال من نجد وسكانه الخال السحاب
وازهر في اكنافه الرند والخال نبت له بهار
فلي بين هاتيك الربوع خريدة
هواها لأحشائي وحق الهوى خال ملازم
مهفهفة الاعطاف مهضومة الحشا يحن
لها شوقا أخو العشق والخال الرجل الفارع من علاقة الحب
لها حسن وجه يخجل البدر طلعة
ومرهف جفن دونه المرهف الخال القاطع
تميل كما مال القضيب وتنثني
كما ينثني النشوان والمعجب الخال المتكبر
ويهتز من سكر الشباب قوامها
ويسحب من تيه باعطافه الخال الثوب الناعم
على حبها أفنيت شرخ شبيبتي
ومن اجلها طاف البلاد بي الخال البعير الضخم
أظن بها الا تظن بوصلها
دخلت بها الحسنى فلم يكذب الخال النظر
ولما بدت تختال من فرط تيهها
إلي ولا عم يلوم ولا خال أخو الأم
تخليت في مرآة صفحة خدها فخلت سواد العين فيها هو الخال الشامة
لئن زعم الواشون اني سلوتها
فاني مما لفقوه الفتى الخال البرئ من التهمة
أ أسلو هواها لا ومن خلق الهوى
هواها باحشائي وان ضمني الخال الكفن
حنانيك يا معطي الصبابة حقها
ومن هو في بذل الحياة الفتى الخال الرجل السمح
تكلفت أسباب المودة والهوى وقمت
بأمر لا يقوم به الخال الجبل
وأصبحت في أسر التصابي مقيدا
خو كمد مما تجن الحشا الخال الرجل الضعيف الكبد والجسم
إذا هانت النفس النفيسة في الهوى
فليس يعز الملك بعد ولا الخال الخلاف
وكل جماح يحسن الخال عنده
وما لجماح الحب يستحسن الخال اللجام
وقال يهنئ الشيخ محمد جواد ابن الشيخ رضا ابن الشيخ زين
العابدين العاملي بعرسه:
وصلتك لما ان رأتك ودودا * فغدا بها عصر الشباب جديدا
اصفتك ودا صادقا من بعد ما * كانت تريك تباعد وصدودا
أحيت بزورتها حشاشة مغرم * وشفت فتى في حبها معمودا
وارى بها ناديك أصبح مسفرا * فكان به شق الصباح عمودا
أمعنفي مهلا بأسباب الهوى * اقصر أطلت لعمرك التفنيدا
دعني بها اقضي لبانات الهوى * ما دام غصن شبيبتي أملودا
جهلا بدين الحب ما دام الصبا * ان كنت تسلو الكاعبات الرودا
فإذا قضى عصر الشبيبة فاعتزل * ذكرى الحسان المائسات قدودا
يا سعد قد سمح الزمان بليلة * زارت سعاد بها فكانت عيدا
فأدر علينا خمرة تبرية * تبري السقيم وتنعش المجهودا
هي راحة الأرواح الا انها * تكسو اللبيب من السفاه برودا
صرفا معتقة تذكرنا الأولى * سلفوا وعادا بعدهم وثمودا
في كف ممشوق القوام فان بدا * ترك الفؤاد بحبه مفئودا
حلو الشمائل فاتر الالحاظ كم * اردى بلحظيه المراض اسودا
رشا أعار الغصن قدا مائسا * وأعار آرام المهامة جيدا
أ وما ترى يا سعد أغصان المنى * في لينها تحكي الغصون الميدا
ورياض أيام المسرة البست * ورد الشقيق غلائلا وبرودا
في عرس من فيه نؤمل وثبة * يقتاد فيها الماجدين الصيدا
غض المحامد من سما اقرانه * وعلا عليهم يافعا ووليدا
ينمى لأكرم ماجد في مجده * أضحى لأهل المكرمات عميدا
الماجد القرم الهمام ومن غدا * في العلم ما بين الأنام وحيدا
رب المفاخر من تسامى رفعة * تسمو به هام السماك صعودا
يا أيها المولى الهمام ومن به * اضحى عمود المكرمات مشيدا
ان رمت عد مفاخر لك في الورى * لم أستطع ابدا لها تعديدا
وله يمدح الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر:
هب الصبا ان هب أو تنفسا * أبدى من الصب المعنى نفسا
أ ليس ان هب يهب حاملا * ريا التي أورت بقلبي قبسا
كفى بتلك منة لو أنها * تحنو علي ما شكوت أبؤسا
منحتها صفو الهوى ولم تزل * تمنحني عمدا تباريح الأسى
يا سائلي والصب لم ياس على * حياته ما دام مفقود الأسى
تسأل عن صنع الهوى بوامق * لم يبق منه الشوق الا نفسا
نفسي الفدا لشادن ان جئته * مبتسما أبغي رضاه عبسا
فهب أسأت في الهوى فما على * طلق المحيا لو عفا عمن اسا
وقائل لي كم تعاني أبؤسا * وكم تقاسي للزمان مرسا
فقلت اني قد وجدت ملجأ * ارغم فيه للزمان معطسا
ذاك منار الدين والدنيا ومن * به أزال الله عنا أبؤسا
محمد والحسن الافعال من * سما محلا دونه النجم رسا
حتى إذا أبدى لنا جواهرا * أنفاسها كالصبح ان تنفسا
أحيا بها دين النبي احمد * من بعد ما اوشك ان ينطمسا
وكم بها حل لنا من مشكل * قد كان لولا رأيه ملتبسا
وحين قد أودعها نفائسا * أحيت نفوسا واماتت أنفسا
يا حجة الله على عباده * من بعد آل المصطفى أهل الكسا
ونائب الامام في أيامنا * وخير من شاد التقى وأسسا
شققت في ظهر الغريين لنا * نهرا به تلقى الأنام مأنسا
وذاك أمر لم يقم بمثله * قرم وإن كان الأشم الأحوسا
يا أيها المولى الذي شاد لنا * ربع العلى من بعد ما قد درسا
(١٨٨)

سمعا رعاك الله نظم مخلص * فيك اتى سهل القياد سلسا
لا زالت الأفراح تترى ابدا * عليك في كل صباح ومسا
وله يهنئ الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر بعرس ابن ابنه الشيخ
حسين:
زارت على رغم الأعادي * هيفاء صادقة الوداد
وترنمت ورق إلهنا * طربا بعرس أخي السداد
الواضح الحسب الحسين * شفاء ملهوف الفؤاد
انسان عين المكرمات * وغرة الشرق التلاد
ندب سما شرفا بجد * سابق وأب جواد
وحوى مكارم لم تزل * في كل يوم بازدياد
فنعمت في ظل الامام * محمد غيث العباد
لولا جواهر علمه * لم يلف للعلماء هادي
بوجوده وبجوده * يحيي ويروي كل صادي
يا حجة الاسلام والهادي * إلى سبل الرشاد
ما في الأنام سوى علاك * لحاضر يرجى وبادي
بك قد رسا ركن الهداية * واغتدى سامي العماد
سمعا مدايح مخلص * ما حاد عن سنن الوداد
واسلم ودم في نعمة * أبد الزمان بلا نفاد
ولما حج الشيخ طالب البلاغي النجفي هنأه السيد صالح القزويني
البغدادي بموشحة ومدح فيها أصحابه بنحو عشرين دورا فقرض أدباء
العراق هذا التخميس ومنهم المترجم وقال:
أ شمس تجلى ضوءها أم فرايد * وأقمار تم أسفرت أم خرايد
أم ابتسمت زهر الرياض فاطلعت * ثنايا بها تزهو الربى والمعاهد
أجل سطعت في جبهة الدهر غرة * لمولى به للفضل مدت سواعد
موشحة جادت بها منه فكرة * سبوح لها منها عليها شواهد
همام له الأيام ألقت مقالدا * وقل بان تلقى إليه المقالد
أقام رباع الجود وهي دوارس * وشاد رسوم المجد وهي هوامد
وقال يرثي الميرزا محمد حسين صاحب الفصول:
تلكم معاهدهم من بعدهم دثر * لم يبق منهن لا عين ولا أثر
سرعان ما عبثت أيدي الزمان بها * وغيرتها كما شاءت بها الغير
أخنى عليها وقد محى جوانبها * مر الجنائب فيها حين تعتور
وقفت فيها كأني بعض ارسمها * أكاد عن لمحة الأنظار استتر
احفي السؤال رسوما عندها درست * وهل نجيب سؤالي الارسم الدثر
ورب مغرية باللوم ما وجدت * وجدي ولا خاض جفني طرفها السهر
إلى م تبكي الرسوم الدارسات أسى * وتطبيك جفون زانها حرر
دعها ودع ان تبكيها وجيرتها * إما بناهي النهي عنهن مزدجر
فقلت والناظر المنهل يبدرني * بمدمع من سحاب الجفن ينهمر
لم أبك الا لأعلام نووا ظعنا * والعلم خلفهم يقفو ويبتدر
ألووا لبين فلا بحر الندى عذب * غداة ألووا ولا عود العلى نضر
أ كل يوم لنا منهم هلال دجى * تطوى عليه على رغم العلى الحفر
لم تنس ارزاؤه الأولى وما ذهبت * أشجانها إذ دهت ارزاؤه الاخر
قضى علي وقد اودى الرضا وكفى * ثم انطوى بالحسين الماجد القدر
العالم العلم الحبر الذي اشتهرت * أيامه فاقر البدو والحضر
والمتقي الله في سر وفي علن * يأتي الجميل وفي احشائه ذعر
لم يخش في الله لوما في هدايته * فمنتهى منه عن نهي ومؤتمر
فلتبكه أعين العلم التي قذيت * لأجله واعتراها بعده الحسر
ولتبكه بيضة الاسلام ثاكلة * عليه ولتبكه الآيات والسور
ولتبكه علماء الدين قاطبة * فقد مضى ناصر للدين منتصر
من مبلغ شانئينا غير ضائرنا * إذا ذوي الغصن ما لم يخضد الشجر
فان فينا الذي من رشح نائله * كان الذي كان ما سارت به السير
محمد الحسن الافعال أكرم من * عليه ألوية العلياء تنتشر
بقية السلف الماضين والخف الذي * به فضل أهل الفضل منحصر
وله في مدح الامامين الكاظم والجواد ع:
يا كاظم الغيظ يا جد الجواد ومن * عمت جميع بني الدنيا مكارمه
ومن غدا شرع خير المرسلين به * سامي الذرى وبه شيدت دعائمه
الحق لولاك ما بانت حقائقه * والشرع لولاك ما قامت قوائمه
وفيك ينكشف الكرب العظيم إذا * جاشت علينا بلا جرم قشاعمه
إمام حق أبان الحق وانتشرت * أفعاله الغر مذ نيطت تمائمه
فعالم الدين خير الناس عالمه * وكاظم الغيظ خير الناس كاظمه
مولى غدا من رسول الله عنصره * أكرم به عنصرا طابت جراثمه
به وآبائه زان الوجود وفي * أبنائه الغر قد شيدت معالمه
من أم مغناك يا أزكى الورى نسبا * للازم كيف لا تقضى لوازمه
فيا خليلي والخل الخليل إذا * حبا الخليل بأسنى ما يلايمه
لا تحسبا كل شوق يدعى عبثا * فالشوق ان هاج لا تخفى علائمه
ولا تلوما إذا ما رحت ذا كلف * والدمع من مقلتي فاضت سواجمه
انا المشوق المعنى بازديار حمى * موسى بن جعفر صب القلب هائمه
فعللا قلبي العاني الضعيف به * فان في ذكره تقوى عزائمه
وله يرثي السيد عبد الرشيد سليل السيد محمد باقر:
هي الدار إما القلب عنها فسائل * واما عليها دمع عيني فسائل
تعرفت بعد النكر منها منازلا * لهن فؤاد المستهام منازل
جدائد ابلاها الجديدان فانثنت * أعالي مبانيها وهن أسافل
أوانس بالعين الأوانس أصبحت * وهن من العين العواطي عواطل
وقفت بها والعيس تسقي عراصها * هواطل تهمي اثرهن هواطل
إلى أن يقول:
فقل للردى ان غال بدرا لهاشم * رويدا فما ذا بعد هذا تحاول
فقل ما تشأ بعد الذي نلت منهم * فليس يبالي بعد ما أنت فاعل
قضى وهو ذو عمر قصير يزينه * طويل على سام الدعام وطائل
وحامل فخر لم يقم فيه غيره * كما لم تقم عن مثله الدهر حامل
تحمل والارزاء فينا مقيمة * وسلواننا والمكرمات رواحل
واودى فاودى مفخر فخرت به * على من سواها من لوي قبائل
فيا حاملا نعش التقى كيف نلته * ونعش السما من دون ما أنت حامل
ويا قبره كيف استطعت تضم من * فضائله ملء الفضا والفواضل
ويا غاسليه جنبوا الماء من له * بأدمعه من خشية الله غاسل
وحنطه نشر الثنا وهو عاطر * أريجا وحلاه العلى وهو عاطل
وضمنه أحناء الضلوع وأطبقت * عليه جفون هاميات هوامل
فما ذا على الأيام لو عدن بعده * ليالي تكسوها لهن غلائل
(١٨٩)

فيا ابن رسول الله كم فيك شاهد * بأنك من أبنائه ودلائل
عليك ولم يحتج دليل على ذكا * مخائل من سيمائهم وشمائل
بهاء وإغضاء وعز وعفة * وعلم وامضاء وحزم ونائل
أ عبد الرشيد المودع القلب حسرة * تشب لها عمر الزمان مشاعل
فسمعا وان أصمى الردى منك مسمعا * لآلئ لم تظفر بهن العقائل
حداني لها حق الاخاء أو الوفا * وليس كمأجور على النوح ثاكل
سقى الله قبرا ضم جسمك صيبا * من العقو يهمي غيثه المتواصل
سلوا وان هان الأسا وتصبرا * فاحمد صبر المرء والخطب هائل
فحسب بني حوا وحسبك سلوة * بمن هو كاف للبرايا وكافل
أبوك الذي ود الأنام بأسرهم * بأنهم ايتامه والأرامل
هو الباقر العلم الحنيفي فكره * وبحر علوم ما له قط ساحل
منار هدى يهدي شبابا وكاهلا * وقد قام في ثقل الهدى منه كاهل
فيا حجة الله المقيم حدوده * على الخلق لا يعدوه حاف وناعل
سماعا بأقصى أصفهان وانني * على ذروة الجودي ما انا فاعل
السيد موسى الصراف النجفي.
من أهل بيت يعرفون ببيت الصراف وهو من تلامذة الشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء وكان عالما مدرسا من الأبرار الزهاد وله في النجف
مجلس حكم وقضاء وامامة في جماعة وكانت له مرجعية في عصره.
الشيخ موسى ابن الشيخ طاهر ابن الشيخ حسن بن سباهي بن
بندر السوداني النجفي.
توفي سنة ١٣٤٦.
والسوداني نسبة إلى السودان قبيلة عربية في العراق من كندة.
كان فاضلا أديبا تلمذ على أبيه فمن شعره قوله من قصيدة في تهنئة
بعض أصحابه بقدوم من سفر:
حياك مياس المعاطف * صلت اللواحظ والسوالف
نشوان من سكر الصبا * فيميل مرتج الروادف
من لي بلثم وروده * والصدع بالمرصاد واقف
اي المحاسن جمعت * فيه فنتلوها صحائف
رشا قسا قلبا فلا * يحنو علي بعطف عاطف
يا سعد اسعدني فما * لي غير عطفك من مساعف
واعد لسمعي ذكر حزوى * والعقيق ودير ناطف
حيث الصفا تربي بها * والألف من كثب مكانف
لا زلت يا قطب المحامد * والثناء عليك عاكف
رب المكارم والمآثر * والمفاخر والمعارف
وحمى الصريخ وكهفه * من ريب طارقة المخاوف
كم وقفة لك في العلا * أربت على كل المواقف
السيد موسى بن عبد السلام بن زين العابدين بن عباس صاحب نزهة
الجليس الموسوي العاملي المعروف بالسيد موسى عباس.
توفي في النجف سنة ١٢٥٣.
في بغية الراغبين: كان من العلماء المتبحرين في الفقه والأصول
وعلوم العربية وهو من شعراء عصره وشعره محفوظ سائر وقد بلغني ان له
ديوانا يبلغ أربعة آلاف بيت أكثره في مدح أهل البيت ع
وله رسالة فيما انفردت به الإمامية من المسائل الفقهية ورسالة في
صلاة المسافر واخرى في مناسك الحج. وفي جواهر الحكم: كان من العلماء
المتبحرين نشأ بالعراق وقرأ الدرس ولكن تغلب عليه الشعر زار امراء جبل
عامل مرارا ورجع إلى العراق ومدحهم باشعار كثيرة وما قصروا عن نصرته
ومن شعره قوله من قصيدة في مدح جده أمير المؤمنين ع:
هي مهجة ملك الغرام قيادها * والى الهوى داعي الهوى قد قادها
واستحكمت فيها الصبابة والجوى * واعتادها من وجدها ما اعتادها
تحكي لواعجها لظى مسجورة * فكان من ايقاده ايقادها
ونواظرا لف السهاد جفونها * حتى تعودت الجفون سهادها
ولنار وجد في الفؤاد تسعرت * كاد الفؤاد بان يكون رمادها
ما باخ يوما حرها وضرامها * الا وعاودها الهوى فأعادها
بالله ما برح الجوى من مهجتي * كلا ولا عيني تلذ رقادها
حتى يعود العيش غضا مونقا * في أربع جاد الربيع عهادها
ما بين اكناف الغري لدى حمى * مولى تنال به النفوس مرادها
عم الأنام فضائلا وفواضلا * لن يستطيع ذوو النهى تعدادها
ساد الورى بعد النبي محمد * وسواه بعد محمد ما سادها
لولاه ما عرف الاله موحد * كلا ولم تخش النفوس معادها
لكنما بهداه قد ظهر الهدى * حتى تبصرت النفوس رشادها
كم ظل يفترس الفوارس خائضا * في كل ملحمة يشن طرادها
يغشى الوغى بعزائم لو أنها * تغشى الجبال لزلزلت أطوادها
لم يلق في يوم الهياج كتائبا * الا وفرق جمعها وأبادها
حتى أتت منقادة لنبيها * لولاه لم تعط النبي قيادها
لكن رأت في الغاب ليثا قانصا * كم راح يقتنص الليوث فصادها
يسطو فتنفر خيفة من بأسه * فكانها حمر رأت آسادها
ما عذر من جحدت علاه وفضله * حتى أرته بغضها وعنادها
من حيث تم له الكمال فأصبحت * من نقصها تبدي له احقادها
وله في المناجاة قصيدة ارتجلها يوم وفاته واوصى ان تكتب على كفنه
أولها:
إلا م إلهي في معاصيك أدأب * أشرق فيها دائما وأغرب
أبا حسن حر المصيف يضرني * فكيف لظى لو لوحتني وهبهب
أ تعلو على متن الصراط وتحته * وليك باك يستغيث ويندب
أ في هذه الدنيا أقاسي بك العدى * وعند مماتي في الجحيم أكبكب
فما الفرق بيني يوم حشري وبين من * غدا لك في نصب العداوة يدأب
أبا حسن أنت الأمان إذا اتى النداء * خذوه والموازين تنصب
ويا ملكي قبري ابعدا وتنحيا * فحب علي المرتضى لي مذهب
حنانيكما لا تذعراني فإنني * إليه بابائي أمت وأنسب
فلله أم أرضعتني ولاءه * وقد كان في صدق الولاء مثلها الأب
يسلب أثواب الحياة مغسلي * وثوب ولاه ثابت لا يسلب
أ من منكر أم من نكير أراع لا * إذا انا في نص الغدير مكذب
فمن مبلغ عني المسيتين انني * وهبت خطايا جمة ليس توهب
قال المؤلف ومن شعر موسى صاحب الترجمة قوله يمدح حمد البك
أمير جبل عامل:
(١٩٠)

أ لمع بروق أم بريق الصوارم * أم ابتسمت عن ثغرها أم سالم
أجل تلك سلمى سلمت فتبسمت * دجى فأضاءتنا بروق المباسم
سلام وتسليم على أم سالم * وان كنت من وجدي بها غير سالم
شكوت لها ما بي من الوجد والجوى * وهل تنفع الشكوى إلى غير راحم
أ مالكتي والملك لله فارفقي * بصب كئيب موجع القلب هائم
ولا تحرميني من جمالك نظرة * ولا تجعلي الاعراض ضربة لازم
سقى عصرنا بالرقمتين فطالما * نعمنا بدعد في رباه وفاطم
بديعة حسن لو تراءت لراهب * لناح عليها نوح ورق الحمائم
وأصبح عن دين المسيح بمعزل * ولم يثنه عن حبها لوم لائم
تميس كغصن البان رنحه الصبا * بفرع كمسود الدجنة فاحم
ووجه يحاكي الشمس في رونق الضحى * كما انجلت المرآة أبيض ناعم
بدت روضة للحسن فيه أنيقة * حمتها بالحاظ كبيض الصوارم
فمن نرجس غض تريه لحاظها * ومن اقحوان يجتلى في المباسم
ومن جلنار أظهرته شفاهها * وورد جني في الخدود النواعم
مليكة حسن والأنام عبيدها * لها الحكم فلتحكم على كل حاكم
كما تلك الأعناق بالجود والندى * يدا احمد المحمود عند العظائم
أخو الحمد مشتق من الحمد اسمه * ووالده المحمود فرد الأكارم
كذاك اخوه أسعد الناس أسعد * فتى جاور الرحمن ارحم راحم
وابقى لنا من بعده خلفا له * عليا علي القدر سامي الدعائم
أولئك قوم ما لهم من مماثل * قد اقتسموا الحمد اقتسام الغنائم
لهم شرف من جدهم وأبيهم * وفارسهم ليث الوغى والملاحم
لئن أصبحت آباؤهم وجدودهم * رمائم فالآثار غير رمائم
فذكرهم في الناس ما زال باقيا * وآثارهم مثل النجوم النواجم
يجددها من بعدهم خير مالك * تملك أسباب العلى والمكارم
هو ابن أبي الهيجاء مردي كماتها * وفارسها المعروف عند التصادم
وغوث الورى في كل خطب إذا عرا * ومفزعهم في الحادث المتفاقم
هو الغيث قد عم الأنام مواهبا * هو البحر من جدواه فيض الغمائم
وهيهات أين الغيث من جود كفه * وهل غير باق زائل مثل دائم
على أنه يعطي نضارا وعسجدا * وذاك بغير الماء ليس بساجم
ولا يتبع المعروف بالمن والأذى * وان وهب الدنيا فليس بنادم
تراه إذا ما جاءه الضيف باسما * وحين يراه راحلا غير باسم
تكاد مغانيه تهش عراصها * فتقدم من شوق إلى كل قادم
ويرتاح للجدوى ويطرب للندى * كاطرابه عند اقتحام الملاحم
طويل نجاد السيف سام إلى العلى * بهمته من قبل عقد التمائم
كريم دعاه الحمد يا حمد الندى * ويا ابن النجيبات العفاف الكرائم
ويا مولى العافين فضلا ونائلا * ويا حاملا للغرم عن كل غارم
ويا حاكما بين الأنام بعدله * ويا منصف المظلوم من كل ظالم
ويا ناظما شمل المكارم والعلى * ويا خاصما بالسيف كل مخاصم
ويا مورد الأبطال في هوة الردى * ويا تارك الأموال غنما لغانم
ويا ناهب الأرواح في حومة الوغى * ويا تارك الأجساد طعم القشاعم
وكم وقعة مشهورة لك في العدى * سرى ذكرها في عربها والأعاجم
تركت بها الأبطال صرعى على الثرى * خواشع أشلاء بغير جماجم
وكم مادح اهدى إليك مديحه * وليس بما تقضي الحقوق بقائم
فكان كمن اهدى إلى البحر جرعة * على انها من لجه المتلاطم
همام إذا ما جئته في مهمة * قضاها ولو كانت بحز الغلاصم
كريم إذا استمطرته فاض نائلا * وجودا لفيض العارض المتراكم
سريع إلى الجلي فان تدعه تجد * أخا نجدة كالسيف ماضي العزائم
غيور إذا ما هجته هجت ضيغما * من الغاب يسطو بالأسود الضياغم
هو الليث ان سالمته كنت سالما * وان لم تسالمه فلست بسالم
صبور إذا ما أعجز الصبر ذا حجى * حليم وان يظلم فليس بحالم
وقور ولكن المديح يهزه * طروب ولكن عند وقع الصوارم
خبير بصير بالأمور وناقد * لها نقد صراف لزيف الدراهم
يرى ما تراه العين بالرأي والحجى * ينام ولكن قلبه غير نائم
به عامل أضحت تفاخر غيرها * يدبرها تدبير أروع حازم
فلا غرو ان اضحى عليها مؤمرا * من الملك المنصور صدر الأعاظم
فيا حمد المحمود في الناس فعله * ونائله يا ابن الكرام الأكارم
سموت على هام السماكين رفعة * وفقت على الفضل بن يحيى وحاتم
إليك أتت تطوي الفيافي ركائبي * من النجف الاعلى إلى دير قاسم
براها السرى لم يبق غير اهابها * يقوم على اضلاعها والقوائم
وها هي في مثواك ألقت رحالها * وأنت لها دون الورى خير راحم
فخذها ابن أم المجد كالشمس بهجة * شريفة قدر من شريف وهاشمي
إليك الشريف الموسوي يزفها * منظمة كالدر في سلك ناظم
ودم سالما ما دامت الأرض والسما * وضدك منكوس اللوا غير سالم
ولولا علاكم ما نظمت قصيدة * ولا شاقني سلمى ولا أم سالم
وقال يمدحه أيضا ويمدح ابن أخيه علي بك وأرسلها إليه من النجف
الأشرف:
إلى عامل شوقي وفي القلب عامل * فيا ويح قلبي ما به الشوق عامل
يحملني ما لا أطيق وانه * ليثقل رضوي بعض ما انا حامل
فراق ووجد واشتياق ولوعة * وحزن وان طال المدى متطاول
وذكر حبيب نازح ومنازل * بعدن وفي قلبي لهن منازل
واجفان عين لا تجف دموعها * ونار لها بين الضلوع مشاعل
تشاغل كل الناس فيما يهمهم * وعن كل شغل لي من الوجد شاغل
وقائلة والنار تسعر في الحشي * واجفان عيني بالدموع هوامل
أراك أطلت الحزن والنوح والبكا * وما تحت هذا الطول للمرء طائل
وعهدي بذاك الطود لا تستفزه * صروف الليالي والخطوب النوازل
فقلت لها كفي الملام فربما * جهلت وقد يستصغر الامر جاهل
عذلت امرأ لا يخرق العذل سمعه * الا فليطل ما شاء في العذل عاذل
أ مثلي من يلحى على طول حزنه * وتطمع مني في السلو العواذل
فما انسى لا انسى الزمان الذي مضى * بعاملة والدهر عني غافل
ويا حبذا لبنان من سفح عامل * وريا حبذا أجباله والسواحل
ولا سيما منها الزريرية التي * أقام بها بحر له البحر ساحل
يفيض على العافين فضلا ونائلا * فلا برحت تنهل منه الفواضل
لقد خاب من امسى يؤمل غيره * فما كل برق بعده الغيث هاطل
وكم قد رأينا من سراب بقيعة * إذا جاءه الظامي فما الري حاصل
إلى كل ملك في الأنام وسائل * وان أياديه إليه وسائل
كان نداه الغيث والغيث سائل * إذا امه مسترفد منه سائل
تعود بسط الكف حتى لو أنه * ثناها لقبض لم تطعه الأنامل
(١٩١)

فكل حديث في الندى عنه مسند * كما كل فضل عنه يرويه فاضل
لقد طال حتى لم يجد من مطاول * وساجل حتى لم يجد من يساجل
وقال فلم يترك مقالا لقائل * وان الصواب الحق ما هو قائل
لئن فخرت يوما بسحبان وائل * ففي حمد فلتفخر الدهر عامل
على أنه ان يعز مجد لوائل * نمته إلى جرثومة المجد وائل
بديع زمان والبديع ابتداعه * وقس اياد والأيادي هواطل
بليغ فلا عبد الحميد ببالغ * مداه وما ان واصل
إذا ما جرى في الطرس يوما يراعه * رأيت القضا يجري على ما يحاول
فمن أجل يقضى لمن جار واعتدى * ومن أمل يقضى لمن هو آمل
يطول على السمر الطوال يراعه * ولا يفعل الخطي ما هو فاعل
فيا حبذا ذاك اليراع وحبذا * بنان غدت تجري به وتساجل
فهن لعمري الغيث والغوث للورى * وهن بحور والبحور جداول
وهن على الأعداء يمطرن أبؤسا * ومن يسرهن اليسر للعسر قاتل
فلله كم أحيت نفوسا وقتلت * بؤوسا فهن المحييات القواتل
عداك الردى والبؤس يا ابن محمد * وغالت عداك الحادثات الغوائل
ولا زلت منصور الكتائب في الوغى * تمدك من جند الاله قبائل
حميت بلاد المسلمين وصنتها * وأنت لدين الله كاف وكافل
وجمعت شمل العدل وهو مبدد * وفرقت شمل الجور والجور شامل
وكم لك في يوم الحروب مواقف * ثبت لها والجو بالنقع حائل
إذا صلت في الأعداء فروا كأنهم * سوام عليها الليث عاد وصائل
وما زلت تروي من دمائهم الثرى * وتصدر ظمانا وسيفك ناهل
تبددهم في البيد شرقا ومغربا * كما بددت شمل البغاة الاجادل
طلعت على الأعداء طلعة عارض * اطل المنايا منه طل ووابل
وتقري الوغى يا ابن الوغى كل باسل * كمي تحاماه الكمات البواسل
فتثني عليك الوحش والطير في السما * إذ الكل منها ناله منك نائل
وتثني عليك البيض والسمر في الوغى * كما لم تزل تثني الجياد الصواهل
فما البيض الا في يديك صوارم * ولا السمر الا في يديك عوامل
وما الخيل الا حيث تعلو متونها * جياد إذا ما قابلتك القبائل
فلولاك ما ثارت جياد إلى الوغى * ولولاك لم تعقد لسيف حمائل
ولا ثقف السمر العوالي مثقف * ولا صقلت بيض المواضي صياقل
ولولاك زند المجد ما كان قادحا * وجيد العلى من حلية الفضل عاطل
أعدت الندى حيا وقد كان ميتا * فماتت ملمات وعاشت أرامل
فما خاب من جاب الموامي قاصدا * إليك ولم تكذبه فيك المخايل
وما أمك العافون الا وانجعوا * وقد رحلوا تثني عليك الرواحل
فما جاد فيما جدت فيه ابن حرة * ولا بذل المعروف مثلك باذل
وأغرب من عنقاء ما قد رأيته * جهول بذي في الجهالة واغل
غدا يدعي ما أنت فيه من العلى * ويا رب دعوى ما عليها دلائل
فويل امه أين القصبا من القنا * وأين من البيض الرقاق المناجل
فما كل ذي طول يطول على الورى * فرب طويل ما لديه طوائل
جريت فما جاراك الا ابن أسعد * على أنه من سعدك السعد نائل
علي سما في ذروة المجد والعلى * مقاما عليا دونه النجم نازل
فلا غرو ان اضحى يماثل عمه * فشبل العفرنا للعفرنا مماثل
حنانيك قد أغرقت في طلب العلى * رويدا فما فوق النجوم منازل
خطبت العلى حتى ملكت زمامها * وطلت علاء ما طالها قط طائل
سموت سمر الفرقدين على السهى * وقمت مقام البدر والبدر كامل
إذا عامل في عامل جار واعتدى * سقته زعافا من يديك العوامل
فكم من شديد الباس عبل شمردل * أتيح له منك الحمام المعاجل
وكم لك من يوم أغر محجل * لك الخطب فيه ذل والخطب هائل
رمى الله إبراهيم منك وجيشه * بغائلة فاغتالهم منك غائل
ثبت لهم والحرب فاغرة اللهى * فما حلتهم فيها وأنت المماحل
وفرقتهم أيدي سبأ فكانهم * قطاريع من أوكاره وهو قائل
وما ملت الا نحو مجد مؤثل * وغيرك نحو المال والسلب مائل
فابت وقد زملتهم بدمائهم * ونسوتهم ثكلى حيارى أرامل
تروح وتغدو السافيات عليهم * وتندبهم في النادبات الثواكل
تزورهم العقبان صبحا ومغربا * وتصدر عنهم وهي منهم نواهل
وما برحت تعوي الذئاب عليهم * وقد ملئت منها البطون الهوازل
تنوح عليهم في البراري وحوشها * وما كل من تبدي النياحة ثاكل
وعدت فعادت بعدك الحرب أيما * وأنت الذي ألقحتها وهي حائل
فلا زلت للهيجاء يا ابن زعيمها * زعيما تحييك القنا والقنابل
وكم لك من أمثالها يا ابن قطبها * كفاك بيوم الجسر ما أنت فاعل
عدوت عليهم عدوة الليث إذ رأى * فرائسه تدنو إليها الفراعل
فمزقتهم بالبيض كل ممزق * وألبستهم ثوب الردى وهو شامل
أبو الحسن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب
في معجم الشعراء للمرزباني: أمه وأم اخوته محمد وإبراهيم وإدريس
الأكبر هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن
أسد بن عبد العزى بن قصي وولدت هند موسى ولها ستون سنة، وكان
آدم واخذه المنصور بعد اختفائه بالبصرة فضربه يقال ألف سوط ويقال دونها
ثم اطلقه. وله وهو في حبس المنصور:
إذا انا لم اقبل من الدهر كل ما * تكرهت منه طال عتبي على الدهر
وهي أبيات تخلط بأبيات لأبي العتاهية. ولموسى:
تولت بهجة الدنيا * فكل جديدها خلق
وخان الناس كلهم * فما أدري بمن أثق
رأيت معالم الخيرات * سدت دونها الطرق
فلا حسب ولا نسب * ولا دين ولا خلق
وله وقد رويت لأخيه محمد:
منخرق الخفين يشكو الوجا * تنكبه أطراف مرو حداد
شرده الخوف وأزرى به * كذاك من يكره حر الجلاد
قد كان في الموت له راحة * والموت حتم في رقاب العباد
أبو عمران موسى بن عبد الملك الأصفهاني الكاتب نزيل بغداد
توفي سنة ٢٤٦.
صاحب ديوان الخراج أيام المتوكل كان إماما في اللغة شاعرا ذكره
صاحب نسمة السحر وابن خلكان وذكر الصدوق في العيون انه كان
شيعيا. وأشهر شعره ما ذكره في نسمة السحر في ترجمة تميم بن معز بن
باديس.
(١٩٢)

السيد الرئيس النقيب ذو المجدين أبو الحسن موسى بن أبي الفتح
سيد الاشراف ذي المناقب عبيد الله بن موسى بن أحمد بن محمد بن أحمد
بن موسى المبرقع ابن الإمام محمد بن علي الجواد ع.
ذكره بهذه الصفة أبو جعفر محمد بن هارون الموسوي النيشابوري في
كتابه لباب الأنساب في تحقيق الألقاب والأعقاب المؤلف سنة ٥٥٨ كما
حكى عنه ويدل كلامه على أن نقابة قم انتقلت إليه.
الشيخ موسى بن علي بن محمد معتوق بن عبد الحميد الفتوني العاملي
النباطي
هو جد والد المولى أبو الحسن الشريف ابن محمد طاهر بن عبد
الحميد ابن الشيخ موسى المذكور وصف المترجم تلميذ حفيده المولى أبو
الحسن الشريف في كتاب يظن أن اسمه كتاب الأنوار بالشيخ الجليل العالم
العلامة الشيخ موسى. ووجدنا بخط الشيخ موسى نهاية التقريب للشيخ
عبد النبي الجزائري في شرح التهذيب للعلامة الحلي فرع من نسخها ضحوة
نهار الأربعاء ٢٣ شوال سنة ١٠٢٣.
الشيخ موسى بن علي بن محمد العاملي الجبعي
يوجد بخطه نسخة التحرير الطاووسي في الرجال للشيخ حسن
صاحب المعالم فرع من نسخه سنة ١٠١١ وهي سنة وفاة المؤلف لذلك يظن أنه
من تلاميذه
٦١٢: الأمير موسى بن علي بن موسى الحرفوشي البعلبكي
ذكره في أمل الآمل ووصفه بالعاملي توسعا وقال: كان فاضلا شاعرا
أديبا. وفي تكملة أمل الآمل: الأمير ابن الأمير أمير بعلبك وليها بعد قتل
أبيه وذلك بعد إن كان قبض على أبيه وأرسل هو والأمير منصور بن فريخ
والأمير قانصوه إلى الروم ثم خلص هو وابن فريخ ثم قبض عليه مراد باشا
كما قبض على ابن فريخ وخنقه في قلعة دمشق في سنة إحدى أو اثنين بعد
الألف قال وهؤلاء الامراء الحرافشة ينتهون في نسبهم إلى خزاعة جمع الله
فيهم السيف والقلم وكان صاحب الترجمة بطلا شجاعا جوادا بليغا مصقعا
وبقي في امارة بعلبك حتى دخل الأمير علي بن جانبولاذ جنبلاط بعلبك
قاصدا دمشق فنهض الأمير موسى إلى حمص لاستقباله مداراة ومحاماة عن
عرض ووقع بينهما ما قد ذكره أهل التواريخ اه وأورد له في أمل الآمل
هذه الأبيات:
كان رأس جنود الضد ليس له * علم بان بلادي موطن الأسد
ومن مهابة سيفي في القلوب غدت * أم العدو لغير الموت لم تلد
فليرقبوا صدمة مني معودة * ان لا تقر لها الأعداء في البلد
أ لست نجل علي وهو من عرفوا * منه المخافة في الأحشاء والكبد
وانني انا موسى منه قد ورثت * منه سيوفا تذيب الأمن في الخلد
أبو المكفوف موسى بن عمير أو ابن أبي عمير الكوفي مولى آل جعدة
بن هبيرة بن المخزومي.
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق ع تارة بعنوان
موسى بن عمير أبو هارون المكفوف مولى آل جعدة بن هبيرة كوفي. وتارة
بعنوان موسى بن أبي عمير أبو هارون المكفوف الكوفي. وذكره في فهرسته
فقال: أبو هارون المكفوف له كتاب رواه عنه عبيس بن هشام وقال الكشي
حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي حدثني سعد بن عبد الله بن أبي
خلف حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى
بن عبيد عن محمد بن أبي عمير قال حدثني بعض أصحابنا قال قلت لأبي
عبد الله ع زعم أبو هارون المكفوف انك قلت له ان كنت تريد
القديم فذاك لا يدركه أحد وان كنت تريد الذي خلق ورزق فذاك محمد
ابن علي فقال كذب علي لعنه الله والله ما من خالق الا الله وحده لا شريك له
حق على الله ان يذيقنا الموت والذي لا يهلك هو الله الذي هو خالق الخلق
بارئ البرية اه وقال العلامة في الخلاصة ان في السند ابن أبي عمير
عن بعض أصحابنا وقال الميرزا فيه أيضا ابن بندر وهو مهمل اه
وفيه أيضا أبي قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن بن أبي
الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي هارون
المكفوف قال قال لي أبو عبد الله ع يا أبا هارون أنشدني في
الحسين ع فأنشدته فقال لي أنشدني كما ينشدون يعني بالرقة فأنشدته:
امرر على جدث الحسين * فقل لأعظمه الزكية
فبكى ثم قال زدني فأنشدته القصيدة الأخرى فبكى وسمعت البكاء
من خلف الستر. أقول: هذا البيت الذي أنشده ليس له بل هو للسيد
الحميري من أبيات يقول فيها:
امرر على جدث الحسين * وقل لأعظمه الزكية
يا أعظما لا زلت من * وطفاء ساكبة رويه
وإذا مررت بقبره * فاطل به وقف المطية
وابك المطهر للمطهر * والمطهرة النقية
كبكاء معولة أتت * يوما لواحدها المنية
وكل ما تقدم يدل على حسن حال أبي هارون وان ما نسب إليه من
الغلو باطل.
الميرزا موسى الحسيني الهمذاني الكلانتري ابن ميرزا فضل الله ابن ميرزا
هادي
ولد في همذان سنة ١٢٣٦ وتوفي فيها سنة ١٣٠٤ ودفن في المسجد
الذي انشاه والمعروف بمسجد بيغمبر.
نشأ في حجر عمه ميرزا أبو الحسن الكلانتري وفي همذان درس
المقدمات ثم انتقل إلى أصفهان وبقي فيها أربع سنين يدرس على علمائها
ثم عاد إلى همذان ومنها إلى النجف الأشرف حيث تابع دراسته عشر سنين
عاد بعدها إلى همذان وبعد خمس سنين قصد إلى سبزوار فدرس على الميرزا
هادي السبزواري العلوم العقلية والحكمة خلال سنتين كتب فيها تعليقة
على الاسفار ثم رحل إلى هرات دارسا لمدة سنة ونصف السنة كتب فيها
تعليقة على التلخيص ثم عاد إلى همذان مشغولا بالتصنيف والتآليف وبنى
فيها مسجد بيغمبر ثم سافر إلى الحج فزار سورية وبيت المقدس ومصر
ورجع عن طريق الهند.
مؤلفاته
١ حاشية على الاسفار ٢ رسالة في المعقول ٣ رسالة في الحكمة
(١٩٣)

الاشراقية ٤ شرح على الفرائد ٥ رسالة في العموم والخصوص ٦
رسالة في الاستصحاب ٧ رسالة في المفهوم والمنطوق ٨ رسالة في التعادل
والتراجيح ٩ رسالة في الاجتهاد والتقليد ١٠ رسالة في الأدلة العقلية
١١ رسالة في المشتق ١٢ رسالة في الخلل الواقع في الصلاة ١٣ رسالة
في الوضوء ١٤ رسالة في الوقف والصدقات ١٥ كتاب المكاسب المحرمة
١٦ رسالة في البيع ١٧ كتاب الاقرار والطلاق ١٨ رسالة في النفقات
١٩ رسالة في الحدود والتعزيرات ٢٠ كتاب في الصلاة ٢١ رسالة في
الحج والزكاة والخمس ٢٢ كتاب الجهاد. وغير ذلك.
الشيخ موسى كشكول النجفي.
ذكره صاحب اليتيمة في علماء النجف المعاصرين له سنة ١٢٨٥
وقال: من العلماء الفحول كان شديد الحدادة كثير الجد في العلم عدل
السليقة من الفقهاء الأفاضل.
الشيخ موسى ابن الحاج محمد جعفر الكرمانشاهي الحائري
توفي سنة ١٣٤٠.
كان والده يحترف بيع الكتب في الحائر الشريف ونشأ المترجم بكربلا
واخذ عن علمائها واختص بالميرزا محمد حسين الشهرستاني المتوفى سنة
١٣١٥ من تلامذة المولى حسين الأردكاني المتوفى بالحائر سنة ١٣٠٢ فتلمذ
على الشهرستاني وعلى ولده الحاج ميرزا علي مدة سنتين ويروي بالإجازة عن
الشهرستاني المذكور عن الأردكاني عن عمه المولى محمد تقي الأردكاني نزيل
طهران والمتوفى بها سنة ١٢٦٧ عن السيد محمد باقر الشفتي الأصفهاني
المتوفى سنة ١٢٦٠ عن مشايخه الشيخ جعفر صاحب كشف الغطا والسيد
محسن الأعرجي وصاحبي الرياض والقوانين وغيرهم بطرقهم المعروفة.
ومن تصانيف المترجم تحقيق الاحكام في الفقه غير تام ومسالة في
المنطق وتقريظ على اخبار الأوائل المطبوع.
أبو جعفر موسى المبرقع بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ع
توفي في ربيع الاخر سنة ٢٩٦.
في تاريخ قم ما تعريبه: قال أبو علي الحسين بن محمد بن نصر بن
سالم انه أول من ورد قما من السادات الرضوية وذلك سنة ٢٥٦ جاء إليها
من الكوفة ثم أخرجه العرب من قم لأمور صدرت منه فذهب إلى كاشان
فأكرمه أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي وخلع عليه وقرر له في كل
سنة ألف دينار فلما ورد الحسين بن علي بن آدم وشخص آخر من رؤساء
العرب على الصادق ع وبخهم على اخراجه من قم فارسلوا وراءه
وارجعوه إلى قم مكرما ثم قصد عبد العزيز بن أبي دلف فأكرمه وعين له
وظيفة سنوية ثم طلب أخواته زينب وأم محمد وميمونة بنات محمد بن علي
من الكوفة إلى قم فتوفين بها ودفن بقرب قبر فاطمة بنت موسى بن جعفر
وأقام موسى بن محمد بقم حتى توفي بها وصلى عليه أمير قم عباس بن عمرو
الغنوي.
وفي الكافي والبحار ومرآة العقول وأربعين المجلسي هكذا: محمد بن
جعفر الكوفي عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن حسين الواسطي
سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر ان أبا جعفر محمد بن علي بن موسى
بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع أشهده
انه اوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته وجعل أمر موسى إذا بلغ إليه وجعل
عبد الله بن مساور قائما على تركته من الضياع والأموال والنفقات والرقيق
وغير ذلك إلى أن يبلغ علي بن محمد صير عبد الله بن مساور ذلك اليوم إليه
يقوم بأمر نفسه وأخواته فيصير أمر موسى إليه يقوم لنفسه بعدهما على شرط
أبيهما في صدقاته التي تصدق بها وذلك اليوم الاحد لثلاث ليال خلون من
ذي الحجة سنة ٢٢٠ وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه وشهد الحسن
بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
ع وهو الجواني على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا
الكتاب وكتب شهادته بيده وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده انتهى
ولما كان في هذا الحديث بعض الغموض أوضحه المجلسي في البحار
وصاحب مرآة العقول وبعض شراح الكافي وفي هذا الخبر تصريح بان
موسى ولي من قبل أبيه على جملة موقوفاته بعد علي الهادي وعبد الله بن
مساور بدون مشاركة أحد بعد بلوغه في حياة الهادي وعبد الله وفي ذلك
شهادة على عدالته وأمانته وديانته وكياسته ومن جملة الموقوفات عشر قرى
كانت موقوفة على البنات اللاتي لا أزواج لهن من ذرية الرضا ع كما ذكر
صاحب التاريخ انه وصل إليه ان محمدا بن علي الرضا وقف هذه العشر
القرى على النساء الرضوية التي لا أزواج لها وكان يرسل نصيب الرضائية
الساكنات في قم من انتفاعات هذه القرى إليهن من المدينة
ولكن المفيد في الارشاد روى عن الحسين بن الحسن الحسيني عن
يعقوب بن ياسر خبرا يتضمن عيوبا له ولكن هذين الراويين مجهولين ولم
يذكرا في كتب الرجال بل إن يعقوب راوي متن الخبر، الظاهر أنه من
المتصلين بالمتوكل والواقفين على مطالبه القبيحة وكان حاضرا في ذلك
المجلس ولعله ابن ياسر خادم المأمون ولا يثبت قدح بقول أحد اتباع المتوكل
في حق أعدائه مع أن هذا الخبر معارض بالاخبار الكثيرة الدالة على حسن
حاله خصوصا خبر جعل أبيه له متوليا على صدقاته ومعاملة الأشعريين
وغيرهم له وهذا الخبر وان نقله المفيد لكن لا يدل على اعتماده عليه كما أنه
قد نقل في الارشاد ان أمير المؤمنين ع لم يصب بجرح ثم نقل في مواضع
اخر من الكتاب خلافه.
وتعرف ذرية موسى بن القديم بالرضائية كما ذكره صاحب تاريخ قم
في أحوال الجواد ع وأولاد موسى هم علي العسكري وموسى جد
الرضائية الذين بقم وخديجة وحكيمة وأم كلثوم أمهم أم ولد.
والمراد برؤساء العرب الذين تقدم انهم اكرموا موسى واعزوه وكذلك
ابن ابنه أبو علي محمد بن أحمد بن موسى قد اعزوه واكرموه هم الطائفة
الجليلة الأشعرية وهم أولاد عبد الله والأحوص ولدي سعد بن مالك بن
عامر الأشعري قبيلة في اليمن جاءوا إلى قم سنة ٩٤ من الهجرة وبنوا هناك
بلدا وعمرت قم بسببهم وكان فيهم من عصر الصادق ع إلى قريب
عصر الشيخ الطوسي في كل طبقة كثير من العلماء والأعيان والرواة
والمحدثين والمؤلفين والمصنفين وأصحاب المقامات العالية وقل ما يكون
كتاب حديث لا يكون في صفحة منه من رواة الأشعريين. وقال صاحب
تاريخ قم: من مفاخرهم ان أول من أظهر التشيع بقم موسى بن عبد الله
بن سعد الأشعري ومنها أنه قال الرضا لزكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد
(١٩٤)

الأشعري ان الله يدفع البلاء بك عن أهل قم كما يدفع البلاء عن أهل
بغداد بقبر موسى بن جعفر ومنها انهم وقفوا المزارع والعقارات الكثيرة على
الأئمة ع ومنها انهم أول من بعث الخمس إليهم ومنها انهم اكرموا جماعة
منهم بالهدايا والتحف والأكفان كابي جرير زكريا بن إدريس وزكريا بن آدم
وعيسى بن عبد الله بن سعد وغيرهم ممن يطول الكلام بذكرهم وشرفوا
بعضهم بالخواتيم والخلع وانهم اشتروا من دعبل الخزاعي ثوب الرضا
ع بألف دينار من الذهب ومنها ان الصادق ع قال لعمران بن عبد
الله أظلك الله يوم لا ظل الا ظله. انتهى ما أخرجه المجلسي من
تاريخ قم.
ولموسى المبرقع ولدان محمد واحمد وعن كتاب زبر الأنساب انه
اختلف النسابون في بقاء عقب لمحمد فاختار الدينوري ان بني الخشاب من
أولاد محمد وأكثر النسابين على خلافه اي انه لا عقب له واما بقية ذرية
الإمام محمد التقي فهم جميعا باجماع النسابين من أحمد بن موسى
انتهى.
وفي الشجرة الطيبة: لا يخفى انه في المشهد المشهور بچهل دختران
أربعين بنتا الواقع في المحلة المشهورة بموسويان الموسويين يوجد
مشهدان صغير وكبير بينهما نحو خمس عشرة خطوة وفي المشهد الصغير صورة
قبرين أحدهما قبر موسى والآخر قبر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى
المبرقع المعروف بأحمد نقيب قم إما المشهد الكبير فأول من دفن فيه محمد
ابن موسى المبرقع الذي اختلف في أن له عقبا أو لا ودفنت بعده بريهة زوجة
محمد بن موسى بنت جعفر الكذاب فجاء يحيى الصوفي وإبراهيم أولاد جعفر
إلى قم واخذا ارث أختهما بريهة وخرج إبراهيم من قم وبقي يحيي فيها ثم
دفن في هذه المقبرة أبو علي محمد الأعرج ابن أحمد بن موسى المبرقع ثم
دفنت فيها زينب بنت موسى ثم فاطمة بنت محمد بن أحمد بن موسى بن
بريهة بنت محمد بن أحمد بن موسى ثم أبو عبد الله احمد النقيب بن محمد بن أحمد
بن موسى المبرقع ثم أم سلمة بنت محمد بن أحمد ثم أم كلثوم بنت
محمد بن أحمد ويوجد قبور جماعة آخرين من ذرية موسى المبرقع في تلك
البقعة.
الشيخ موسى ابن الشيخ محمد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر
ابن الشيخ خضر بن يحيى المالكي الجناحي أصلا والنجفي مولدا ومسكنا ومدفنا.
توفي سنة ١٣٠٦ فجاة في طهران وبعد سنتين من وفاته نقل إلى
النجف فدفن في مقبرتهم وقد تجاوز عمره الأربعين سنة.
قال اخوه في طبقات الشيعة: كان عالما فاضلا، فقيها، أصوليا،
أديبا، شاعرا، ورعا، تقيا، وبعد ما قرأ النحو والصرف والمنطق والبيان
قرأ بعض السطوح على الملا علي الرشتي ثم حضر الفقه الخارج على
الشيخ محمد حسين الكاظمي في النجف ثم هاجر في حياة أبيه إلى سر من
رأى وسكن فيها وقرأ على الميرزا الشيرازي فقها وأصولا إلى أن توفي أبوه
وفي سنة ١٣٠٦ زار الرضا ع ورجع إلى طهران فحصل له الاقبال
التام من علمائها ووزرائها ومن الشاة والأعيان وأدركه اجله فيها فجاة
وخلف ولدا واحدا اسمه الشيخ كاظم.
الشيخ موسى بن محمد علي بن مراد الخراساني الحائري
توفي في حدود سنة ١٣٣٣.
له الرسالة البرغوثية في الكيمياء الحمراء ظاهرها الشكوى من
البرغوث وباطنها بيان أحوال الفرار اي الزئبق. وله قصيدة البتول العذراء
في الكيمياء الحمراء فارسية وشرحها أيضا شرحا فارسيا وله ديوان شعر
فارسي.
موسى بن محمد بن يوسف بن جعفر السيد ابن إبراهيم الأعرابي
ابن محمد بن علي الزينبي ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أمير
المدينة
قتل سنة ٢٦٦
في تاريخ الطبري في حوادث سنة ٢٦٦. كان اخوه إسحاق بن محمد
أمير المدينة ووادي القرى ونواحيها فلما مات سنة ٢٦٦ قام بأمر المدينة اخوه
موسى بن محمد فخرج عليه الحسن بن موسى بن جعفر فارضا بثمانمائة
دينار ثم خرج عليه أبو القاسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن
زيد ابن عم الحسن بن زيد صاحب طبرستان فقتل موسى وغلب على
المدينة اه.
الموضح
لقب الشريف النسابة المحدث أبو علي عمر بن الحسين بن عبد الله بن
محمد الصوفي بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن أمير المؤمنين ع
العمري العلوي الكوفي المعروف بالموضح ويقال له ابن اللبن وابن
الصوفي.
الموسوي المشهدي
من السادات الموسوية كان في عصر أكبر شاة الهندي وهو من شعراء
الفرس.
أبو منصور موهوب بن أبي طاهر أحمد بن محمد بن الخضر بن
الحسين الجواليقي البغدادي.
ولد سنة ٤٦٦ وتوفي يوم الأحد منتصف المحرم سنة ٥٣٩ ببغداد
ودفن بباب حرب وصلى عليه قاضي القضاة الزينبي بجامع القصر.
والجواليقي نسبة إلى عمل الجوالق أو بيعها والجواليق جمع جوالق
وهو وعاء معروف. وهو معرب جوال بالجيم الفارسية لان الجيم والقاف لا
يجتمعان في كلمة واحد عربية البتة قال ابن خلكان وهي نسبة شاذة لان
الجموع لا ينسب إليها بل إلى آحادها الا في كلمات شاذة محفوظة كانصاري
في النسبة إلى الأنصار والجواليق في جمع جوالق شاذ أيضا لأن الياء لم تكن في
المفرد والمسموع فيه جوالق بضم الجيم وجمعه جوالق بفتحها وهو باب مطرد
كرجل حلاحل بضم الحاء اي وقور جمعه حلاحل بفتح الحاء وشجر
عدامل اي قديم جمعه عدامل ورجل عراعر اي سيد جمعه عراعر ورجل
علاكد اي شديد جمعه علاكد وله نظائر كثيرة اه.
أقوال العلماء فيه
ذكره ابن الأنباري في نزهة الألباء في طبقات الأدباء فقال: واما أبو
(١٩٥)

منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي اللغوي فإنه كان
من كبار أهل اللغة وكان ثقة صدوقا واخذ عن الشيخ أبي زكريا يحيى
الخطيب التبريزي وكان يصلي إماما بالامام المقتفي لأمر الله وصنف له كتابا
لطيفا في علم العروض وألف كتبا حسنة وقرأت عليه وكان منتفعا به لديانته
وحسن سيرته اه وذكره ابن خلكان فقال: أبو منصور موهوب بن أبي
طاهر أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي البغدادي الأديب اللغوي كان
إماما في فنون الأدب وهو من مفاخر بغداد قرأ الأدب على الخطيب أبي
زكريا التبريزي يحيى بن علي ولازمه وتلمذ له حتى برع في فنه وهو متدين
ثقة غزير الفضل وافر العقل مليح الخط كثير الضبط صنف التصانيف
المفيدة وانتشرت منه مثل شرح أدب الكاتب والمعرب ولم يعمل في جنسه
أكثر منه وتتمة درة الغواص للحريري سماه التكملة فيما يلحن فيه العامة
إلى غير ذلك وكان يختار في مسائل النحو مذاهب غريبة وكان في اللغة أمثل
منه في النحو وخطه مرغوب فيه يتنافس الناس في تحصيله والمغالاة فيه
وسمع ابن الجواليقي من شيوخ زمانه وأكثر واخذ الناس عنه علما جما
وينسب إليه من الشعر شئ قليل اه.
وذكره وأباه احمد السمعاني في الأنساب فقال: الجواليقي أبو طاهر
أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسين الجواليقي والد شيخنا أبي منصور كان
شيخا صالحا سديدا وابنه الإمام أبو منصور موهوب بن أبي طاهر الجواليقي
من أهل بغداد كان من مفاخر بغداد بل العراق وكان متدنيا ثقة غزير
الفضل وافر العقل مليح الخط كثير الضبط قرأ الأدب على أبي زكريا
التبريزي والقاضي أبي الفرج البصري وتلمذ لهما وبرع في الفقه وصنف
التصانيف وانتشر ذكره وشاع في الآفاق وقرأ عليه أكثر فضلاء بغداد وسمع
أبا القاسم علي بن أحمد بن التستري وأبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر
الأنباري وأبا الفوارس طراد بن محمد الزينبي ومن بعدهم سمعت منه
الكثير وقرأت عليه الكتب مثل غريب الحديث لأبي عبد وأمالي الصولي
وغيرها من الاخبار المشهور اه.
وذكره السيوطي في بغية الوعاة فقال: موهوب بن أحمد بن محمد بن
الحسن بن الخضر أبو منصور الجواليقي النحوي اللغوي كان إماما في فنون
الأدب صحب الخطيب التبريزي وسمع الحديث من أبي القاسم ابن
التستري البسري وأبي طاهر بن أبي الصقر وروى عنه الكندي وابن
الجوزي وكان ثقة دينا غزير الفضل وافر العقل مليح الخط والضبط درس
الأدب في النظامية بعد التبريزي واختص بامامة المقتفي وكان في اللغة أمثل
منه في النحو وكان متواضعا طويل الصمت من أهل السنة لا يقول الشئ
الا بعد التحقيق يكثر من قول لا أدري اه.
اخباره
قال ابن خلكان: جرت له مع الطبيب هبة الله بن صاعد المعروف
بابن التلميذ واقعة عنده وهي انه لما حضر إليه للصلاة به ودخل عليه أول
دخلة فما زاده على أن قال السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى فقال له
ابن التلميذ وكان حاضرا قائما بين يدي المقتفي وله إدلال الخاصة والصحبة
ما هكذا يسلم على أمير المؤمنين يا سيخ فلم يلتفت ابن الجواليقي إليه وقال
للمقتفي يا أمير المؤمنين سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية وروى له
خبرا في صورة السلام ثم قال يا أمير المؤمنين لو حلف حالف ان كافرا لم
يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه المرضي لما حنث لان الله
تعالى ختم على قلوبهم ولن يفك ختم الله الا بالايمان فقال له صدقت
وأحسنت فيما فعلت وكأنما ألجم ابن التلميذ بحجر مع فضله وغزارة أدبه
وحكى ولده أبو محمد إسماعيل وكان انجب أولاده قال كنت في حلقة
والدي يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع القصر والناس يقرؤون عليه فوقف
عليه شاب وقال يا سيدي قد سمعت بيتين من الشعر ولم افهم معناهما
وأريد ان تعرفني معناهما فقال قل فانشده:
وصل الحبيب جنان الخلد اسكنها * وهجره النار يصليني به النارا
فالشمس بالقوس أمست وهي نازلة * ان لم يزرني وبالجوزاء ان زارا
فقال له والدي يا بني هذا شئ من علم النجوم وسيرها لا من صنعة
أهل الأدب فانصرف الشاب من غير حصول فائدة واستحيا والدي من أن
يسال ما ليس عنده منه علم وقام وآلى على نفسه ان لا يجلس في حلقته حتى
ينظر في علم النجوم ويعرف تسيير الشمس والقمر فنظر في ذلك وحصل
معرفته ثم جلس. ومعنى البيت المسؤول عنه ان الشمس إذا كانت في آخر
القوس كان الليل في غاية الطول لأنه يكون آخر فصل الخريف وإذا كانت
في آخر الجوزاء كان الليل في غاية القصر لأنه آخر فصل الربيع. ولبعض
شعراء عصره وهو الحيص بيص كما في مختصر الخريدة للحافظ:
كل الذنوب ببلدتي مغفورة * الا اللذين تعاظما ان يغفرا
كون الجواليقي فيها ملقيا * أدبا وكون المغربي معبرا
فأسير لكنته تمل فصاحة * وغفول فطنته تعبر عن كرى
وقال ابن الأنباري في النزهة: كان يختار في بعض مسائل النحو
مذاهب غريبة وكان يذهب إلى أن الاسم بعد لولا يرتفع بها على ما يذهب
إليه الكوفيون وكان يذهب إلى أن الألف واللام في نعم الرجل للعهد على
خلاف ما ذهب إليه الجماعة من أنها للجنس لا للعهد وحضرت حلقته يوما
وهو يقرأ عليه كتاب الجمهرة لابن دريد وقد حكى عن بعض النحويين أنه قال
أصل ليس لا ايس فقلت هذا الكلام كأنه من كلام الصوفية فكان
الشيخ أنكر علي ذلك ولم يقل في تلك الحال شيئا فلما كان بعد ذلك بأيام
وقد حضرنا على العادة قال أين ذلك الذي أنكر ان يكون أصل ليس لا
ايس أ ليس لا تكون بمعنى ليس فقلت للشيخ ولم إذا كان لا بمعنى ليس
يكون أصل ليس لا آيس فلم يذكر شيئا وكان الشيخ رحمه الله في اللغة
أمثل منه في النحو وقال ابن الأنباري في ترجمة الحريري القاسم بن علي:
يحكى انه لما قدم بغداد شيخنا أبو منصور موهوب بن أحمد الجواليقي
والحريري يقرأ عليه كتاب المقامات فلما بلغ في المقامة ٢١ إلى قوله:
وليحشرن أذل من فقع الفلا * ويحاسبن على النقيصة والشغا
قال له الشيخ أبو منصور ما الشغا قال الزيادة فقال له الشيخ أبو
منصور انما الشغا اختلاف منابت الأسنان ولا معنى له هاهنا وقال ابن
الأنباري أيضا حكى شيخنا أبو منصور عن الشيخ أبي زكريا يحيى بن علي
التبريزي عن أبي الجوائز الحسين بن علي الكاتب الواسطي قال رأيت سنة
٤١٤ وانا جالس في مسجد قبا من نواحي المدينة امرأة عربية حسنة الشارة
رائقة الإشارة ساحبة من أذيالها رامية القلوب بسهام جمالها فصلت هناك
ركعتين أحسنتهما ثم رفعت يديها ودعت بدعاء جمعت فيه بين الفصاحة
(١٩٦)

والخشوع وسمحت عيناها بدمع غير مستدعى ولا ممنوع وأنشأت تقول وهي
متمثلة:
يا منزل القطر بعد ما قنطوا * ويا ولي النعماء والمنن
يكون ما شئت ان يكون وما * قدرت ان لا يكون لم يكن
وسألتني عن البئر التي حفرها النبي ص، بيده وكان أمير المؤمنين
يتناول ترابها منه بيده فأريتها إياها وذكرت لها شيئا من فضلها ثم قلت لها
لمن هذا الشعر الذي أنشدتيه منذ الساعة فقالت بصوت شج ولسان منكسر
انشدناه حضري لاحق لبدوي سابق وصلت له منا علايق ثم رحلته
الخطوب وقد رقت عليه القلوب وان الزمان ليشح بما يشح ويسلس ثم
يشرس ولولا أن المعدوم لا يحسن لقلت ما أسعد من لم يخلق فتركت
مفاوضتها وقد صبت إلى الحديث نفسها خوفا ان يغلبني النظر في ذلك المكان
وان يظهر من صبوتي ما لا يخفى على من كان في صحبتي ومضت والنوازع
وهواجس النفس تشيعها اه.
تشيعه
عن صاحب رياض العلماء أنه قال فيه: ابن الجواليقي من الامامية
واليه أسند الشهيد الثاني رحمه الله في اجازته للحسين بن عبد الصمد والد
البهائي واليه ينسب بعض نسخ دعاء السمات وقد يطلق على بعض العامة
وهو اي ابن الجواليقي الامامي الشيخ موهوب بن أحمد بن محمد بن
الخضر الجواليقي اه ونسب ابن شهرآشوب في المناقب إلى الجواليقي
هذين البيتين في ذم يزيد حين ضرب ثنايا الحسين ع بقضيب
الخيزران وهما:
اختال بالكبر على ربه * يقرع بالعود ثناياه
بحيث قد كان نبي الهدى * يلثم في قبلته فاه
ولعل المراد بالجواليقي هو هذا فيستأنس به لكونه من شرط كتابنا.
واما ما قاله صاحب الرياض من أن الشهيد الثاني أسند إليه في اجازته
للشيخ حسين بن عبد الصمد. فهو إشارة إلى قوله في الإجازة المذكورة:
واروي كتاب الجمهرة مع باقي مصنفات محمد بن دريد ورواياته وإجازاته
بالاسناد المقدم إلى السيد فخار الموسوي عن أبي الفتح محمد بن الميداني عن
ابن الجواليقي عن الخطيب أبي زكريا التبريزي عن أبي محمد الحسن بن علي
الجوهري عن أبي بكر بن الجراح عن ابن ديد المصنف إلى أن قال وعن
السيد فخار جميع مصنفات الهروي صاحب كتاب الغريين عن أبي الفرج بن
الجوزي عن ابن الجواليقي عن أبي زكريا الخطيب التبريزي عن الوزير أبي
القاسم المغربي عن الهروي المصنف. وعن ابن الجواليقي عن أبي الصقر
الواسطي عن الحبشي عن التنيسي عن الأنطاكي عن أبي تمام حبيب بن
أوس الطائي صاحب الحماسة لها ولجميع تصانيفه ورواياته وبالاسناد إلى
السيد فخار عن أبي الفتح الميداني عن ابن الجواليقي جميع كتبه اه
وينبغي ان يكون مستند صاحب الرياض في كونه اماميا غير اسناد الشهيد
الثاني في اجازته له كرواية بعض نسخ دعاء السمات أو غير ذلك فان
أسانيده إلى كتب اللغة والأدب قد اشتملت على غير الامامية وروايته في
تلك الإجازة عن الخطيب التبريزي تعين ان مراد صاحب الرياض به هو
المترجم لا غيره من العامة ممن يطلق عليه ابن الجواليقي فان الخطيب
التبريزي شيخه وقد مر عن السيوطي انه من أهل السنة ولعله لم يطلع على
حاله وصاحب الرياض لا يشك في سعة اطلاعه والله أعلم.
مشايخه
قد علم مما مر انه اخذ عن جماعة كثيرين دراسة ورواية ١ الخطيب
التبريزي يحيى بن علي ٢ القاضي أبو الفرج البصري ٣ علي بن أحمد
ابن التستري ٤ محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري ٥ طراد بن محمد
الزينبي ٦ أبو الصقر الواسطي.
تلاميذه
١ ابن الأنباري عبد الرحمن بن محمد ٢ السمعاني عبد الكريم
بن محمد صاحب الأنسا ب ٣ الكندي ٤ أبو الفرج ابن الجوزي ٥
ولده إسماعيل ٦ أبو الفتح محمد بن الميداني.
مؤلفاته
١ شرح أدب الكاتب ٢ ما تلحن فيه العامة ٣ المقرب وهو ما
عرب من كلام العجم ومر عن ابن خلكان انه لم يعمل في جنسه أكثر منه
٤ تتمة درة الغواص سماه التكملة فيما يلحن فيه العامة وذلك أن درة
الغواص في اوهام الخواص فهو قد جعل لها تتمة في اوهام العوام فيكون ما
تلحن فيه العامة وتتمة درة الغواص واحدا وقد عد السيوطي في مؤلفاته ما
تلحن فيه العامة وتتمة درة الغواص فجعلهما اثنين فيكون تتمة درة الغواص
في اوهام الخواص وما تلحن فيه العامة في اوهام العوام ٥ كتاب في علم
العروض.
غرس الدولة أبو رافع مياس بن مهد بن الصقيل القشيري الأمير
ذكره الحافظ غيث بن علي في تاريخ صور وقال دخل الأمير غرس
الدولة مدينة صور سنة ٤٦٢ حدث بها عن أبي نصر محمد بن محمد الزينبي
وطبقته سمع منه بها أبو إسحاق القباني والشريف أبو الحسن علي بن محمد
الهاشمي وذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا وقال صديقنا الأمير أبو رافع مياس
سمع بدمشق ومصر وبغداد روى عنه ابنه إبراهيم بن مياس توفي بالرحبة
سنة ٤٧٢.
الشيخ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني المعاصر للخاجة
نصير الدين الطوسي.
توفي سنة ٦٧٩ بالبحرين في قرية هلتا من الماحوز.
في الرياض: هو صاحب شروح نهج البلاغة المعروفة الكبير والصغير
والوسيط وغيرها، وليس هو من أولاد ميثم التمار وان ظن ذلك.
وفي أنوار البدرين: أثنى عليه المحقق الطوسي ثناء عظيما، وعبر عنه
المحقق الشريف في شرح المفتاح في أوائل علم البيان ببعض مشايخنا، وأثنى
عليه صدر المحققين مير صدر الدين الشيرازي في حواشي التجريد في
مباحث الجواهر وأعجب بما أورده في المعراج السماوي.
رأيت في بعض الرسائل انه تلمذ على المحقق الطوسي في الحكمة
وتلمذ عليه المحقق في العلوم الشرعية ولم استثبته: روى عنه العلامة جمال
الدين الحسن بن يوسف بن المطهر، وقبره متردد بين بقعتين ثنتاهما مشهورة
بأنها مشهده إحداهما في جبانة الدوبخ واخرى في هلتا من الماحوز، ورأيت
في رسالة للكفعمي في وفيات العلماء انه مات في دار السلام بغداد وانه
اعلم بحقيقة الحال انتهى كلام الشيخ سلمان الماحوزي البحراني.
وذكره الشيخ فخر الدين الطريحي في مجمع البحرين وأثنى عليه ثناء جميلا
(١٩٧)

وذكر انه ورد إلى الحلة السيفية وكانت له مع علمائها قصة عجيبة،
واستجاز منه كثير من علمائها كالعلامة الحلي والسيد عبد الكريم بن
طاووس، وألف الشيخ سليمان البحراني في أحواله رسالة سماها السلافة
البهية في الترجمة الميثمية، وذكر القصة المذكورة صاحب مجالس المؤمنين،
وقال عنه سليمان بن عبد الله البحراني في السلافة البهية في الترجمة
الميثمية: هو الفيلسوف المحقق والحكيم المدقق قدوة المتكلمين وزبدة
الفقهاء والمحدثين العالم الرباني غواص بحر المعارف ومقتنص شوارد الحقائق
واللطائف ضم إلى الإحاطة بالعلوم الشرعية واحراز قصبات السبق في
العلوم الحكمية والفنون العقلية ذوقا جيدا في العلوم الحقيقية والاسرار
العرفانية وأكثر النقل عنه في حاشية شرح التجريد السيد الفيلسوف مير
صدر الدين الشيرازي.
له مصنفات كثيرة منها شروح نهج البلاغة الثلاثة أحسنها الشرح
الكبير مطبوع، قواعد العقائد في علم الكلام شرح كلمات أستاذه علي بن
سليمان البحراني، شرح المائة كلمة المرتضوية، كتاب المعراج السماوي،
كتاب البحر الخضم، شرح رسالة العلم لأحمد بن سعادة البحراني،
رسالة في شرح حديث المنزلة، رسالة في الوحي والالهام، النجاة في القيامة
في أمر الإمامة، استقصاء النظر في امامة الأئمة الاثني عشر، رسالة آداب
البحث، كتاب ذكره الشيخ علي سبط الشهيد الثاني ونقل عنه. واما كتاب
الاستغاثة فليس له وان نسبه إليه كثير من الأصحاب كالمجلسي والشيخ
سليمان الماحوزي وغيرهما وكل ميثم بكسر الميم الا ميثم البحراني وجده
ميثم بن المعلى، ومن شعره قوله:
طلبت فنون العلم أبغي بها العلا تقصر بي عما سموت له القل
تبين لي ان العلوم بأسرها فروع وان المال فيها هو الأصل
وقوله وقيل إنها لبعض الحكماء:
قد قال قوم بغير علم * ما المرء الا بأصغريه
فقلت قول امرء حكيم * ما المرء الا بدرهميه
من لم يكن درهم لديه * لم تلتفت عرسه إليه
ومات في بيته وحيدا * يبول سنوره عليه
: ميثم بن يحيى التمار
خطيب الشيعة بالكوفة ومتكلمها، قال لابن عباس سلني ما شئت
من تفسير القرآن فاني قرأت تنزيله على أمير المؤمنين ع وعلمني تأويله
وكان محبوسا عند قتل مسلم بن عقيل ذكره ابن نما.
وكان ميثم عبدا لامرأة من بني أسد فاشتراه علي ع منها وأعتقه،
وحج في السنة التي قتل فيها فدخل على أم سلمة رضوان الله عليها فقالت
له من أنت قال عراقي فاستنسبته فذكر لها انه مولى علي بن أبي طالب
فقالت أنت هيثم قال بل أنا ميثم فقالت سبحان الله والله لربما سمعت
رسول الله ص يوصي بك عليا في جوف الليل فسألها عن الحسين بن
علي ع فقالت هو في حائط له، قال: أخبريه اني قد أحببت
السلام عليه ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله ولا أقدر اليوم على
لقائه وأريد الرجوع، فدعت بطيب فطيبت لحيته فقال لها إما انها ستخضب
بدم فقالت من أنباك هذا قال أنبأني سيدي، فبكت أم سلمة وقالت له انه
ليس بسيدك وحدك وهو سيدي وسيد المسلمين، ثم ودعته فقدم الكوفة،
فاخذ وأدخل على عبيد الله بن زياد وقيل له هذا كان من آثر الناس عند أبي
تراب قال ويحكم هذا الأعجمي فحبسه ابن زياد وحبس معه المختار بن أبي
عبيدة الثقفي، فلما دعا عبيد الله بن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب
يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد يأمره بتخلية سبيله، وذاك ان أخته
كانت تحت عبد الله بن عمر بن الخطاب فسالت بعلها ان يشفع فيه إلى
يزيد فشفع فامضى شفاعته وكتب بتخلية سبيل المختار على البريد فوافى
البريد وقد اخرج ليضرب عنقه فاطلق، واما ميثم فاخرج بعده ليصلب،
فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم ومخازي بني أمية وهو مصلوب على
الخشبة فقيل لابن زياد قد فضحكم هذا العبد فقال ألجموه فكان أول خلق
الله ألجم في الاسلام، فلما كان في اليوم الثاني فاضت منخراه وفمه دما،
فلما كان في اليوم الثالث طعن بحربة فمات، وكان قتل ميثم قبل قدوم
الحسين ع العراق بعشرة أيام.
الميثمي
هو أحمد بن الحسن.
الآقا السيد مير ابن السيد مير عبد الباقي الرشتي
قتل هو وابنه السيد جواد في إيران في حركة المشروطة سنة ١٣٢٧.
كان من أجلاء تلاميذ الميرزا حبيب الله الرشتي جمع كثيرا من
تقريرات بحث أستاذه المذكور وكان من أعيان علماء رشت تزوج بكريمة
السيد حسين آل بحر العلوم.
المير الداماد
اسمه محمد باقر.
السيد ميرزا ابن السيد عبد الله بن أحمد بن حسين بن حسن مير
حكيم الحسيني الطالقاني النجفي
توفي في حدود سنة ١٣١٧ ودفن في الصحف الشريف في الايوان
الثالث على يسار الداخل إلى الصحن من الباب الشرقي.
كان عالما فاضلا من أجلاء علماء النجف قرأ على الشيخ محمد حسين
الكاظمي والميرزا حبيب الله الرشتي وملا محمد الإيرواني والشيخ محمد طه
نجف النجفي وغيرهم وكان يقيم الجماعة في الرواق الشريف من جهة
الرأس الشريف.
ميرزا ابن حاج تبريزي
توفي في تبريز غرة المحرم سنة ١١٩٤ على اثر زلزلة حصلت.
ذكره الزنوزي في رياض الجنة وكان عالما جامعا في الفقه والحديث
والكلام والرياضي والهندسة، وله أشعار بالفارسية وكان واعظا بليغا اخذ
عن الآقا البهبهاني والشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق ولما رجع إلى
تبريز اشتغل بالتدريس.
السيد آقا ميرزا الأصفهاني النجفي
توفي في سامراء سنة ١٣١١.
وآقا بالمد كلمة فارسية معناها السيد. عالم ثقة صالح عابد زاهد
تارك للدنيا لا تعلق له بها الا بجمع الكتب وترويجها وتكثير نسخها، لم
(١٩٨)

تكن في النجف خزانة مثل خزانته تجمع كتب التفسير والرجال والحديث
وسائر أنواع العلوم، وكل علماء عصره عيال عليه في مسالة الكتب، وكان له
شغف بترويج كتب السلف حتى أنه كان ينسخ الكتب التي عنده منها
النسخة والنسختان بيده حتى تكثر نسخ الكتاب وهذا نوع من الرغبات
التي تتفاوت وتختلف في بني البشر وقد يدل على قلة البضاعة في العلم فان
من كثرت بضاعته فيه يشتغل بتحصيل العلم ونشره ولا يشتغل بالنسخ
وكان عنده من الكتب ما لا يوجد عند غيره وكان له الفضل في اعارتها
للطلاب وكان عنده نسخة الأصل من رياض العلماء وايضاح مخالفة السنة
وجامع الرواة وتأويل الآيات الباهرة وكنز جامع الفوائد وكتب الزوائد
وكتاب الغضائري والتحرير الطاووسي وتفسير العياشي وتفسير فرات بن
إبراهيم وغير ذلك من الكتب النادرة تعد بالمئات ولم يكن لهذه الكتب قبله
عين ولا اثر، وبيعت كتبه بعد موته.
الأمير الشريف ميزان بن علي بن محمد ابن الأمير حسن بن ثابت
النغيري.
كان أميرا على المدينة سنة ٩٨٧ وفي سنة ٩٩٢ ظفر قوم من الجلاس
إحدى طوائف عنزة بسيدين شريفين أحدهما من الحسا والآخر من اليمن
فضربوهما وسلبوهما حتى ثيابهما فركب احمد النقيب ومعه الأمير ميزان بن
علي النغيري وعلي بن أحمد الدويدار حاكم المدينة يومئذ فادركوهم بالصهباء
فاستعادوا ما اخذوه. هكذا في كتاب السيد ضامن بن شدقم الحسيني المدني
في الأنساب، ويظهر منه ان حكم المدينة المنورة في ذلك الوقت كان قد
خرج عن يد الاشراف.
ميمون البصري يكنى أبا عبد الله
تابعي وهو والد عبد الرحمن بن أبي عبد الله ميمون البصري،
ذكره العلامة في الخلاصة في ترجمة ولده عبد الرحمن وذكره الشيخ في رجاله في
ترجمة ولده عبد الرحمن أيضا. قال في الخلاصة: عبد الرحمن بن أبي عبد الله
واسم أبي عبد الله ميمون البصري ثم نقل عن العقيقي ان عبد الرحمن
بصري واصله من الكوفة. وقال الشيخ في رجال الصادق ع:
عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري مولى بني شيبان واصله كوفي واسم أبي
عبد الله ميمون حدث عنه سلمة بن كهيل وحدث عنه أيضا خالد الحذاء
وشعبة وعوف بن أبي جميلة فسموه كلهم ميمون. روى عن عبد الله بن
عباس وعبد الله بن عمر والبراء بن عازب وعبد الله بن بريدة اه.
وقال الشيخ في رجال الصادق ع أيضا: عبد الرحمن بن أبي
عبد الله من أهل البصرة عربي من كندة اه. وقال الكشي: سالت
محمد بن مسعود عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله فذكر عن علي بن
الحسن بن فضال انه عبد الرحمن بن ميمون الذي في الحديث وأبو عبد الله
رجل من أهل البصرة واسمه ميمون اه. وقال النجاشي أيضا:
إسماعيل بن همام بن عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري مولى كندة
اه، فالشيخ جعله تارة مولى بني شيبان واخرى جعله عربيا من كندة
، والنجاشي جعله مولى كندة. ولذلك قال بحر العلوم في رجاله: بنو
ميمون مولى بني شيبان وقيل مولى كندة وقيل عربي منها اه.
الميسي
هو نور الدين أبو القاسم علي بن عبد العالي العاملي الميسي.
أبو بردة ميمون مولى بني فزارة
مضى في ترجمة أبان بن تغلب عن الفهرست انه كان فصيحا، لازم
أبان بن تغلب واخذ عن ابان.
ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين
يظهر موالاتها لأمير المؤمنين ع مما رواه الحاكم في المستدرك
وقال صحيح على شرط الشيخين بسنده عن جري بن كليب العامري قال:
لما سار علي ع إلى صفين كرهت القتال فاتيت المدينة فدخلت على ميمونة
بنت الحارث فقالت: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قالت: من
أيهم؟ قلت: من بني عامر، قالت: رحبا على رحب وقربا على قرب
تجئ، ما جاء بك؟ قال: قلت سار علي ع إلى صفين وكرهت القتال
فجئنا إلى هاهنا، قالت: أ كنت بايعته؟ قال: قلت نعم، قالت: فارجع
إليه فكن معه فوالله ما ضل ولا ضل به. هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه.
انتهى حرف الميم
حرف النون
النابغة الجعدي
في أسد الغابة: اختلف في اسمه فقيل قيس بن عبد الله وقيل عبد
الله بن قيس وقيل حبان بن قيس بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة
بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري الجعدي. نسبه هكذا أبو
عمر. وقال الكلبي: هو قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة اه.
وفي الإصابة: قيس بن عبد الله بن عدس الجعدي قيل هو اسم النابغة،
وقال أيضا: قيس بن سعد بن عدس الجعدي هو النابغة سماه هكذا ابن
أبي حاتم، وقال في باب الحاء والياء المثناة التحتانية: حيان بن قيس قيل
هو اسم النابغة الجعدي. وفي الاستيعاب: حيان أو حبان بن قيس هو
النابغة الجعدي الشاعر. وفي الأغاني في النسخة المطبوعة: هو على ما ذكره
أبو عمرو الشيباني والقحذمي وهو الصحيح حسان بن قيس هكذا بالسين
المهملة، ولما كانت نسخة الأغاني المطبوعة غير مضمونة الصحة كان من
المظنون انه حبان لا حسان فإنه لم يذكر أحد غيره ان اسمه حسان وانما قالوا
حبان أو حيان، ثم قال: وهذا وهم ممن قال إن اسمه قيس وليس يشك
في أنه كان له أخ يقال له وحوح بن قيس وهو الذي قتله بنو أسد، وأجاب
صاحب الإصابة بأنه يمكن ان يكون أخاه من الرضاعة.
ناجية النجفية المتخلصة بالرازية
العارفة الكاملة الشاعرة، لها قصائد الأعياد فارسية من نظمها في
ثلاثمائة بيت أنشأتها أيام تشرفها بالمشهد الرضوي في عهد ولاية الميرزا سعيد
خان. أول قصائدها في مديح ثامن الأئمة والثانية في التهنئة بعيد الغدير
والثالثة في التهنئة بعيد الأضحى والرابعة في النوروز.
السلطان نادر شاة الافشاري ملك إيران
لما غزا الأفغانيون إيران وقتلوا الشاة حسين الصفوي واستولوا على
العاصمة أصفهان أو فسدوا كثيرا واستولى العثمانيون على بعض بلاد إيران
قام طهماسب ابن الشاة حسين واجتمع عليه خلق كثير، منهم نادر شاة
وكان اسمه ندر قلي بك فولاه الوزارة فاخذ نادر أصفهان من الأفغانيين
(١٩٩)

وفرق جمعهم وحارب العثمانيين ثم بايعه الإيرانيون بالسلطنة بتدبير منه سنة
١١٣٧ ثم فتح الهند وبلخ وبخاري وأفغانستان وجميع بلاد تركستان وإيران
وقتل طهماسب واستقل بالملك وغزا العراق مرتين فحاصر بغداد في المرة
الأولى سنة ١١٤٥ وهي بيد العثمانيين ثمانية أشهر وكاد يفتحها فجهز عليه
العثمانيون جيشا فعاد عنها وذلك قبل ان يبايع بالسلطنة ثم غزاها ثانيا سنة
١١٥٦ وحاصر البصرة بنحو تسعين ألف مقاتل وبغداد بنحو من سبعين ألفا
مدة سنة أشهر وتوجه بباقي عسكره إلى شهرزور السليمانية ففتحها
وفتح كركوك وإربل وحاصر الموصل ثم عاد عنها إلى بغداد وترددت الرسل
بينه وبين احمد باشا والي بغداد في الصلح وكان من شروط الصلح
الاعتراف بمذهب الشيعة وأن يكون لهم محراب خامس في مكة المكرمة وامام
في الحرم الشريف وأن يكون من قبله أمير لطريق الحج من طريق العراق
وهو يتولى اصلاح البرك والآبار من طريق زبيدة فتقرر ارسال عالم من بغداد
وهو عبد الله أفندي السويدي فحضر مع رسل نادر شاة فأكرمه واحترمه
وكان خائفا من الشاة خوفا شديدا حتى أنه وهو في الطريق بال دما كما
حكى عن نفسه وكان مع الشاة تسعة عشر عالما من الشيعة وخمسة عشر
من علماء أهل السنة من الأفغان وبخارى وغيرهما فجمعهم الشاة للمناظرة
وكتب محضر بان الشيعة فرقة من المسلمين ومذهبهم مذهب الإمام جعفر
الصادق بعد ما احتج الملا باشي لذلك بما في جامع الأصول: مدار
الاسلام على خمسة مذاهب وعد الخامس مذهب الإمامية وبعد صاحب
المواقف الامامية من الفرق الاسلامية وبقول الامام أبي حنيفة في فقهه الأكبر
لا نكفر أهل القبلة وبقول شارح هداية الفقه الحنفي والصحيح ان الامامية
من الفرق الاسلامية وحضر هذه المناظرة جملة من علماء العراق منهم
صاحب الترجمة والشيخ جواد النجفي الكوفي ووضع علماء الفريقين
شهادتهم في المحضر ثم أمر الشاة ان تصلى الجمعة في مسجد الكوفة وان
يدعى للسلطان محمود أولا ثم لنادر شاة ويحضر السويدي الصلاة فاجتمع
نحو خمسة آلاف وصليت الجمعة وكان الخطيب عربيا من أهل كربلاء وبعد
ذلك رخصت الدولة للسلطان نادر شاة بارسال خطيب وامام جماعة إلى مكة
المكرمة فأرسل السيد نصر الله الحائري وأرسل معه هدايا إلى شريف مكة
الشريف مسعود بن سعيد سنة ١١٥٥ وأرسل معه كتابا إلى الشريف يقول
فيه انه حصل الاتفاق بيننا وبين الدولة العثمانية على اظهار المذهب
الجعفري وانه يصلي امام خامس الصلوات الخمس في جميع الأوقات بلا
معارضة وانه يدعى لنا على المنابر والمقام كما يدعى للدولة العلية فواصلكم
امام مذهبنا السيد نصر الله فدعوه يصلي بالناس صلاة خامسة بالمسجد
الحرام.
ولما علم بذلك أهل مكة هاجوا ومنعوا منه وطلبوا من الشريف
تسليم السيد نصر الله فسافر مع الحاج الشامي حتى كان من مره ما يأتي في
ترجمته. ويوجد في بعض الكتب ان غزو نادر شاة العراق ثانيا الذي تبعه
ارسال السيد نصر الله إلى مكة فإسلامبول كان سنة ١١٥٦ والظاهر أنه
اشتباه صوابه ٥٣ أو ٥٢ لان ارساله وشهادته كانت سنة ٥٣ أو ٥٥ فكيف
يكون ما تقدمه سنة ٥٦.
تذهيبه القبة العلوية
في سنة ١١٥٥ ذهب نادر شاة القبة الشريفة قبة مولانا أمير المؤمنين
ع وقيل في تاريخ ذلك آنست من جانب الطور نارا.
وفي سنة ١١٥٠ بنى المنارتين في مشهد أمير المؤمنين ع،
وأرخ ذلك بعضهم بقوله:
فقام مؤذن التاريخ فيها يكرر أربعا الله أكبر
سنة ١١٥٠
ما كتبه على السكة
وكتب على أحد وجهي السكة نادر إيران زمين وخسرو كيتي ستان
وتعريبه نادر ارض إيران سلطان آخذ للأرض.
نادر ميرزا القاجاري نزيل تبريز
من العائلة المالكة القاجارية مؤرخ أديب شاعر قرأ على شمس العلماء
الميرزا يوسف ابن الملا جواد ابن الملا يوسف الدهخوارقاني المترجم في
رياض الجنة. له تواليف نفيسة في الأدب والتاريخ منها تاريخ تبريز سماه
الثريا وألفه باسم ميرزا كاظم الطباطبائي من الأسرة الوكيلية ببلدة تبريز
وصرح فيه بتلمذه على الميرزا يوسف المذكور، شرع في تاليفه سنة ١٣٠٣
وفرع منه ٢٢ المحرم سنة ١٣١٤ ببلدة تبريز وتصدى فيه لذكر هواء تبريز
وبنائها وفضلائها.
الناشي الأصغر
اسمه علي بن عبد الله بن وصيف.
الناشي الأكبر
اسمه عبيد الله بن محمد بن شرشر ولا دليل على تشيعه.
الناصر الصغير
اسمه الحسن بن أحمد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر
بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع.
الناصر الكبير
اسمه الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر إلى آخر ما مر وهو
جد الناصر الصغير المتقدم.
ناصر الدولة
لقب اثنين من آل حمدان أحدهما الحسن بن عبد الله بن حمدان وهو
المتبادر من اطلاق هذا اللقب وثانيهما الحسن بن الحسن بن الحسين بن
الحسن بن عبد الله بن حمدان وهو من أحفاد ناصر الدولة المشهور.
شمس العلماء السيد ناصر حسين ابن السيد حامد حسين الموسوي
ولد ١٩ جمادى الثانية سنة ١٢٨٤ وتوفي سنة ١٣٦١ في لكهنو بالهند.
درس في النجف ثم انتقل إلى مدينة لكهنو وفيها أقام حتى وفاته.
(٢٠٠)

امام في الرجال والحديث واسع التتبع كثير الاطلاع قوي الحافظة لا يكاد
يسأله أحد عن مطلب الا ويحيله إلى مظانه من الكتب مع الإشارة إلى عدد
الصفحات وكان أحد الأساطين والمراجع في الهند وله وقار وهيبة في قلوب
العامة واستبداد في الرأي ومواظبة على العادات وهو معروف بالأدب
والعربية معدود من أساتذتهما واليه يرجع في مشكلاتهما. وخطبه مشتملة على
عبارات جزلة وألفاظ مستطرفة وله شعر جيد. ومن تلاميذه الزعيم الهندي
الشهير أبو الكلام آزاد، قرأ عليه نهج البلاغة في سنتين ومن هنا تشيع آزاد
بالروح الشيعية قرأ على والده وعلى المفتي السيد محمد عباس ويروي عن
الأخير ويروي عنه جماعة. من مصنفاته: ١ نفحات الأزهار في فضائل
الأئمة الاطهار في ١٦ مجلدا ٢ كتاب ما ظهر من الفضائل لأمير المؤمنين
ع يوم خيبر ٣ مسند فاطمة بنت الحسين ع
٤ نفحات الأنس في وجوب السورة ٥ أسباع النائل بتحقيق المسائل في
تسع مجلدات، ٦ ديوان الخطب ٧ ديوان شعر ٨ كتاب المواعظ ٩
كتاب الإنشاء. إلى غير ذلك مع كونه ظل مشتغلا دائما باتمام كتاب والده
عبقات الأنوار وقد برز من تصنيفه له عدة مجلدات.
وله:
ان كنت من شيعة الهادي أبي حسن * حقا فاعدد لريب الدهر تجنافا
ان البلاء نصيب كل شيعته * فاصبر ولا تك عند الهم منصافا
وقد تخلف المترجم بكل من السيد محمد نصير وهو أكبر أولاده وقد درس في
النجف والسيد محمد سعيد وقد درس هو أيضا في النجف وكان هو القائم
مقام والده في كل شؤونه لا سيما في الاشراف على مكتبته الكبرى.
وكان المترجم في أول من فكروا بتأسيس معهد شيعة كالج في
لكهنو ليجمع شباب الشيعة بين الدراسات الحديثة والروح الاسلامية
متعاونا في ذلك مع زميله السيد نجم الحسن.
السيد ناصر حسين الجونقوري الهندي
توفي سنة ١٣١٣.
كان أديبا بارعا من تلاميذ السيد محمد تقي ابن السيد حسين ابن
السيد دلدار علي النقوي الهندي له ١ ناصر الأدب في علم الأدب ٢
نظر النذر في العهد والنذر ٣ عبرات العيون والنبال على أصحاب النبال.
السيد ناصر بن أحمد بن عبد الصمد البحراني الموسوي نزيل البصرة
توفي يوم الجمعة ٢٢ رجب سنة ١٣٣١ في البصرة ونقل إلى
النجف في الفرات وأرخ وفاته السيد حسن ابن السيد إبراهيم الطباطبائي
بقوله:
اليوم سيف ذوي الضلال مجرد * إذ صارم الاسلام فيه مغمد
اليوم ناصر آل بيت محمد * ارخ بجنات النعيم مخلد
عالم البصرة والرئيس المطاع فيها وفي نواحيها وهو من آل أبي شبانة
بيت كبير من بيوت الشرف والعلم والرياسة قديم في البحرين ذكر في
السلافة جماعة منهم كما ذكر في أنوار البدرين منهم كثيرين، وحكي عن
المترجم ان كل آبائه إلى الإمام موسى بن جعفر ع علماء فضلاء أدباء.
انتقل المترجم مع أبيه من البحرين إلى مسقط ثم إلى إيران ثم إلى
العراق وقد تخرج في النجف على الشيخ مهدي الجعفري والشيخ راضي
النجفي ثم انتقل إلى البصرة وأقام فيها علما ومرجعا ولم يزل فيها زعيمها
الأعظم وامامها المقدم، وكان آية في الذكاء وقوة الحافظة والملح النوادر
والظرائف والطرائف مع الجلالة والعظمة والوقار والهيبة وحسن المعاشرة لا
يمل جليسه. وكان والي البصرة ورؤساؤها يزورونه ويعظمونه ويزورهم.
وكان محمود السيرة محسنا إلى الفقراء والغرباء والمترددين شاعرا أديبا
لم يعقب.
وكانت له خزانة كتب عظيمة بيعت بعد موته.
حدثنا بعض النجفيين من قراء التعزية قال: كنت مع رفيق لي
بالبصرة وكان فيها عرس لبعض اجلائها نظمت فيه قصائد التهاني وهي
تنشد في الأيام الثلاثة المعقود فيها المجالس لذلك على عادة العراقيين
فعمدت انا وصاحبي إلى قصيدتين من ديوان ابن معتوق وغيرنا فيهما اسم
الممدوح وجعلناهما تهنئة لصاحب العرس وبكرنا إلى المجلس وأقنعت
صاحبي بان اقرأ قصيدتي أولا فرضي وكان قصدي بذلك ان اقرأها قبل
حضور السيد ناصر لئلا يعلم أنها مسروقة ففرغت من قراءتها قبل مجيئه فلما
جاء شرع صاحبي في قراءة قصيدته فاظهر السيد ناصر استحسانها مع علمه
بسرقتها فقال له الحاضرون ان لرفيقه هذا قصيدة قرئت قبلها لا تقصر عنها
في الجودة فضحك وقال قد فهمت وسعى لنا مع صاحب العرس بصلة
وافرة. ومن شعره قوله في رثاء الحسين ع:
لم لا نجيب وقد وافى لنا الطلب * وكم نولي ومنا الامر مقترب
ما ذا الذي عن طلاب العز يقعدنا * والخيل فينا وفينا السمر واليلب
تأبى عن الذل أعراق لنا ظهرت * فلا تلم على ساحاتها الريب
هي المعالي فمن لم يرق غاربها * لم يجده النسب الوضاح والحسب
أكرم ببطن الثرى عن وجهه بدلا * ان لم تنل رتبة من دونها الرتب
كفاك في ترك عيش الذل موعظة * يوم الطفوف ففي أبنائه العجب
قطب الحروب اتى يطوي السباسب من * فوق النجائب أدنى سيرها الخيب
يحمى حمى الدين لا يلوي عزيمته * فقد النصير ولا تعتاقه النوب
وكيف تثني صروف الدهر عزمته * وهي التي من سناها تكثف الكرب
أ خلق بمن تشرق الدنيا بطلعته * ومن لعلياه دان العجم والعرب
ان يدرك الدين ما قد كان يامله * منه ويبلغ ما قد كان يرتقب
ركن العبادة فيها قام يبعثه * داعي المحبة لا خوف ولا رغب
قد ذاق كأس حميا الحب مترعة * وعنه زال الغطا وانزاحت الحجب
لم انسه لمحاني الطف مرتحلا * تسري به القود والمهرية النجب
حتى أناخ عليها في جحاجحه * تهون عندهم الجلي إذا غضبوا
اسود غاب يروع الموت بأسهم * ولا تقوم لهم أسد الوغى الغلب
الضارب الهام لا يأدي قتيلهم * والسالب الشوس لا يرتد ما سلبوا
ايمانهم في الوغى ترمي بصاعقة * وفي الندى من حياها تخجل السحب
واسوا حسينا وباعوا فيه أنفسهم * ووازروه وأدوا فيه ما يجب
حتى تولوا وولى الدهر خلفهم * وما بقي للعلى حبل ولا سبب
وظل سبط رسول الله منفردا * لا معشر دونه تحمي ولا صحب
(٢٠١)

ليث تظل له الآساد مطرقة * وعن مراعيه أسد الغاب تنتكب
إذا تخلى عن الاعماد صارمه * تولت الشوس أعلى قصدها الهرب
ما زال في غمرات الموت منغمسا * وزاخر الحتف بالآجال يضطرب
يا سيدا سمت الأرض السماء به * وأصبحت تغبط الحصبا بها الشهب
ان تبق ملقى على البوغاء منجدلا * مبضع الجسم تسفي فوقك الترب
فرب جلاء قد جليت كربتها * ورب هيجا خبا منها بك اللهب
يروي المترجم بالإجازة عن الشيخ مهدي ابن الشيخ جعفر. له من
المصنفات ١ كتاب في التوحيد على مسلك الحكماء متوسط حسن الوضع
٢ رسالة في مقدمة الواجب ٣ منظومة في الإمامة.
الشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي نزيل عيناثا
توفي بقرية عيناثا بالطاعون سنة ٨٥٢.
والبويهي نسبة إلى آل بويه ملوك العراقين وإيران المشهورين لأنه
كان من نسلهم. في أمل الآمل انه هاجر إلى جبل عامل في زمان شبابه
وسكن عيناثا حتى مات بها واشتغل بطلب العلم وكان من تلامذة الشيخ
ظهير الدين العاملي وكان فاضلا محققا مدققا أديبا شاعرا فقيها له رسالة
جيدة في الحساب رأيتها بخطه وله حواش كثيرة على كتب الفقه والأصول
وغيرها. أقول ومنها حاشية على الذكرى. ومن شعره قوله:
إذا رمقت عيناك ما قد كتبته * وقد غيبتني عند ذاك المقابر
فخذ عظة مما رأيت فإنه * إلى منزل صرنا به أنت صائر
وقوله:
أقيما فما في الظاعنين سواكما * لقلبي حبيب ليت قلبي فداكما
ولا تمنعاني من تعلل ساعة * فيوشك اني بعدها لا أراكما
فما حسن ان ابتغي الوصل منكما * وان تقطعا حبل الوصال كلاكما
وان تابيا الا جفاي فإنني * إلى الله أشكو رقتي وجفاكما
وقال: وعندنا عدة كتب بخطه تاريخ بعضها سنة ٨٥٢ وقد وجدت
بخط بعض علمائنا نقلا من خط الشهيد الثاني ان البويهي هو الشيخ الامام
المحقق ناصر بن إبراهيم البويهي الأصل الأحسائي المنشأ العاملي الخاتمة،
كان رحمه الله من أجلاء العلماء والمحققين الفضلاء خرج من بلاده إلى بلاد
الشام المذكورة فطلب بها العلوم ثم أدركه الاجل المحتوم في سنة الطاعون
سنة ٨٥٢ وهو من اعقاب ملوك بني بويه ملوك العراقين وإيران وهم
مشهورون وكان الصاحب بن عباد من وزرائهم وهم الذين بنو الحضرة
الشريفة الغروية على مشرفها السلام بعد احتراقها وعمروا لأنفسهم تربة في
مقابلة أمير المؤمنين ع تعرف الآن بقبور السلاطين وهذا معنى
قوله في كتبه البويهي اه. ورأيت في بعض الكتب انه كان من أجلاء
العلماء المحققين وله حواش وقيود على كتاب التحرير والقواعد وهو جيد
النظم والنثر وقرأ في عيناثا على الشيخ الأجل ظهير الدين بن الحسام، ومن
شعره قوله معاتبا لشيخه المذكور حين اخره عن درسه:
أشاقك ربع بالمشقر عاطل * فظلت تهاداك الهموم النوازل
فأصبحت تستمري من العين ماءها * وهيهات قد عزت عليك الوسائل
تذكرت من تهوى فأبكاك ذكره * وأنت بعيناثا على الكره نازل
كأنك لم تعهد بقطع نفانف * ولا نقلت يوما لرحلك بازل
لعمر أبي من سامني غير منصبي * فموجبه نسيانه والتغافل
لقد رام يسقيني من الماء سؤره * وما خلقت الا لمثلي المناهل
فما كل من أدلى إلى البئر دلوه * بساق ولا من صفح الكتب فاضل
كفيتك لو أنصفتني عن جماعة * وما أحد منهم لحملي حامل
فاجابه منتصرا له الشيخ الأجل بدر الدين حسن أخو الشيخ ظهير
الدين:
لعمرك ما عزت عليك الوسائل * ولا أجدبت منا لديك المناهل
ولا زلت منظورا بعين جميلة * ولو نظرت شزرا إليك القبائل
لئن كنت في عين الأنام مهدأ كذا * فأنت لدى قوم على النسر نازل
فنحن أناس لا يضام نزيلنا * عزيز علينا ان تطأنا الجحافل
ندافع عن أحسابنا ومضيفنا * ولو نهلت منا الظبا و الذوابل
لنا منهل جم الفضائل ورده * تقل لديه في الزمان المناهل
تخوض إليه الناس في كل مجلس * إذا أشكلت بين الرجال المسائل
لئن ضنت الدنيا علينا بثروة * تفاضلها أشرارها والفواضل
ناصر الدين المنكري الكوثراني
من امراء جبل عامل له ذكر في ترجمة أخيه الحاج علي المنكري وخبر
مع الأمير فخر الدين المعني سنة ١٠٢٢ مذكور هناك.
الشيخ ناصر بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن متوج
البحراني
وصفه الشيخ سليمان الماحوزي البحراني بالشهاب الثاقب والسهم
الصائب وقال كان نادرة عصره في الذكاء وتوقد الذهن ونسيج وحده في
الصلاح وقبره بجنب قبر أبيه في جزيرة اكل في مشهد النبي صالح وقد
زرتهما مرارا ومشهدهما من المشاهد المتبرك بها.
الشيخ ناصر الجارودي القطيفي
له كتاب بشرى المذنبين وانذار الصديقين.
السيد ناصر بن الحسين الحسني الحسيني النجفي
له الجداول النورانية في استخراج الآيات القرآنية ألفه باسم السلطان
محمد اورنك زيب عالم أكبر شاة الذي فتح حيدرآباد دكن سنة ١٠٩٨.
الرحالة الحكيم ناصر خسرو القبادياني العلوي البلخي المروزي. (١)
ولد في ذي القعدة سنة ٣٩٤ في قصبة قباديان وتوفي سنة ٤٨١ في
غار يمكان هو أبو معين الدين السيد ناصر بن خسرو بن الحارث بن
عيسى بن حسن بن محمد الأعرج بن أحمد بن موسى المبرقع ابن
الإمام محمد الجواد ابن الإمام علي الرضا ع الرحالة والشاعر
الفارسي المعروف والحكيم الشهير وبلده قباديان من توابع مدينة
مرو شاة جهان الواقعة بشمال إقليم خراسان من نواحي مدينة بلخ
وتقع قباديان شمالي شرقي بلخ وهي الآن من إقليم تركستان
(٢٠٢)

الروسية. وقد كانت مرو شاة جهان عاصمة السلاطين السلاجقة ردحا
من الزمن. وذكر المترجم تاريخ ميلاده في البيت التالي من شعره الفارسي:
بگذشت ز هجرت بس سيصد نود وچار * بنهاد مرا مادر بر مركز اغبر
فهو خراساني الأصل بلخي المنشأ، وكانت أسرته من الأسر الغنية
ذات الترف والشرف والأملاك الواسعة والعقارات الوفيرة في قباديان
وبلخ وقد سكن كثير من أفرادها بلخ وكانوا من كبار الملاكين
وأصحاب الثراء والمزارع والضياع والبساتين فيها، وكانوا على اتصال مستمر
بالملوك والامراء. وقد اهتم والد المترجم بتربية ابنه وتعليمه منذ نعومة
أظفاره. فحفظ القرآن وهو لم يبلغ بعد التاسعة من العمر ودرس اللغة
العربية وآدابها والعلوم الاسلامية وفنونها وعلوم النجوم والفلك والحساب
والهندسة والجبر وتضلع في الفلسفة وبخاصة الفلسفتين اليونانية والاسلامية
بحيث اطلق عليه اسم الحكيم وتفقه في الدين وبالأخص في المذهب
الإسماعيلي الفاطمي وتفوق في العلوم العقلية والنقلية والحكمة الإلهية
والمنطق وكانت له اليد الطولى في الطب والموسيقي. وكان شاعرا فحلا في
الفارسية. كما كان يتقن فن التصوير ويتبع آثار السلف ويبحث في أصول
الملل والنحل والأديان والمذاهب وله دراسات في أديان الهند والصابئة
والمانوية و اليهودية والنصرانية والمجوسية.
وقبيل بلوغه السادسة والعشرين من عمره التحق ببعض الوظائف
الديوانية العالية في بلاطي كل من السلطان محمود الغزنوي وابنه السلطان
مسعود الغزنوي ثم في ديوان أبو سليمان جفري بك داود بن ميكائيل بن
سلجوق من امراء السلاجقة الذين استولوا على بلخ سنة ٤٣٢ وكانت
تعهد إليه في الغالب الشؤون المالية في البلاد. وانتقل المترجم من بلخ إلى
مرو التي كان يحكمها أبو سليمان المذكور وكان من المقربين للسلاطين
والامراء فيجالسهم ويحضر محافل انسهم وطربهم. وكان السلطان يسميه
عادة خواجة خطير، وكان يعد من أثرياء زمانه، وقضى عهد شبابه كله
متنقلا من وظائف دواوين وبلاطات الملوك والسلاطين والامراء حتى بلغ
الثالثة والأربعين من عمره حيث اعتزل الوظائف اثر رؤيا حلم بها: وهي
انه رأى فيما يرى النائم من يدعوه إلى ترك شرب الخمر التي كان يدمنها،
والبحث عن الحقيقة والتزهد في الحياة والقيام برحلة إلى مكة لأداء فريضة
الحج.
لذلك ترك الإقامة في موطنه واعتزم القيام برحلات في بعض الأمصار
قاصدا فيها مكة يرافقه اخوه أبو سعيد خسرو العلوي وغلام هندي.
ففي الثالث من شهر شعبان ٤٣٧ ترك مرو وسافر إلى إقليم
أذربيجان مارا بنيسابور ودامغان وسمنان والري وقزوين
ثم تبريز حاضرة إقليم أذربيجان حيث وصلها في ٢٠ صفر سنة ٤٣٨
وكان أميرها سيف الدولة أبو منصور وهودان بن محمد مولى أمير المؤمنين
وبعد ان مكث فيها مدة من الزمن بارحها إلى مرند وخوى وانتقل
منها إلى بعض مدن أرمينية مثل وان واخلاط وبطليس وآمد
ومنها سافر إلى آسية الصغرى ثم حران والبلاد السورية ومر بمعرة
النعمان حيث كان أبو العلاء المعري حيا فيها ولكنه لم يجتمع به. وزار
حلب وطرابلس الشام وصيدا وصور وبيروت
ودمشق ومنها سافر إلى القدس التي وصلها في الخامس من شهر
رمضان ٤٣٨ ومكث فيها مدة تنوف على الشهرين وفي حوالي منتصف شهر
ذي القعدة من السنة نفسها رحل منها إلى مكة لأداء فريضة الحج. وبعد
الانتهاء منها عاد إلى القدس فوصلها في الخامس من المحرم سنة ٤٣٩ ومنها
سافر إلى طينه برا ثم إلى القيروان في تونس بحرا ومنها سافر إلى
القاهرة فوصلها في السابع من شهر صفر ٤٣٩ فمكث فيها مدة تناهز ثلاثة
سنوات حج خلالها مرتين اخريين إلى بيت الله الحرام وزار في إحداها المدينة
المنورة.
وفي يوم الثلاثاء ١٤ ذي الحجة سنة ٤٤١ خرج من القاهرة متجها
نحو الحجاز بالسفينة بطريق نهر النيل مارا بأسيوط التي مكث بها مدة
عشرين يوما ومنها سافر إلى أسوان التي تركها في الخامس من شهر ربيع
الأول سنة ٤٤٢ نحو عيذاب الميناء السوداني على البحر الأحمر التي
وصلها في الثامن من ربيع الأول سنة ٤٤٢ ومكث فيها مدة ثلاثة أشهر
ومنها رحل إلى مكة حيث أقام بها إلى أن حان موسم الحج مؤديا فيه
فريضته للمرة الرابعة في ذي الحجة من سنة ٤٤٢ وبارح مكة في ١٩ ذي
الحجة من السنة ذاتها إلى الطائف ومنها رحل إلى تهامة واليمن والاحساء
التي شاهد فيها تشكيلات القرامطة وسافر منها إلى البصرة التي وصلها في
العشرين من شهر شعبان ٤٤٣ وكان يحكمها ابن أبا كاليجار الديلمي.
وقد أقام بها حتى منتصف شهر شوال سنة ٤٤٣ حيث بارحها إلى عبادان
ثم ميناء مهروبان على ساحل الخليج الفارسي ومنها إلى مدينة أرجان
في إقليم فارس بجنوب إيران. وفي أول المحرم من سنة ٤٤٤ رحل منها إلى
أصفهان فوصلها في الثامن من شهر صفر من هذه السنة وغادرها في ٢٨
من الشهر نفسه واتجه نحو نائين وطبس وتون بشمالي شرقي إيران
ووصل محلا يدعى الرقة ومنها سافر إلى تون ومنها إلى قاين التي
وصلها في ٢٣ ربيع الثاني عام ٤٤٤ ومكث فيها مدة شهر واحد ثم رحل
منها إلى سرخس وبارحها نحو مرو الرود ثم رحل منها إلى بلخ
التي وصلها بصحبة أخيه أبو سعيد في السادس والعشرين من جمادى
الأخرى سنة ٤٤٤ واجتمع فيها بأخيه الآخر أبو الفتح عبد الجليل الذي
كان من كبار موظفي بلاط السلاجقة، وقد بلغ المترجم عندئذ من العمر
خمسين عاما، وقطع في رحلته هذه التي طالت سبع سنوات مسافة ٢٢٢٠
فرسخا.
وقد لقي ناصر خسرو في هذه الرحلة أهوالا جساما ومشاق كثيرة
ومتاعب وفيرة خاصة أثناء اجتيازه جزيرة العرب، وقد ذكرها كلها في
رحلته المعروفة باسم سفر نامه ناصر خسرو التي ضمنها وصفا ضافيا لما
شاهده في هذه الرحلة من مدن وقرى وأديرة ومعابد وقصور وبلاطات ولمن
اجتمع بهم من العلماء والفقهاء والشعراء والامراء والملوك والحكام والزهاد
وغيرهم.
وأثناء إقامة ناصر خسرو في مصر وخاصة القاهرة حوالي ثلاث
سنوات توطدت الصلات بينه وبين الخليفة الفاطمي بمصر المستنصر بالله أبو
تميم معد بن علي الذي حكم مصر من سنة ٤٢٧ إلى سنة ٤٧٨، كما
تعززت العلاقات بينه وبين علماء المذهب الإسماعيلي الفاطمي وقادته.
،
(٢٠٣)

وقد اثرت فيه دعوتهم له لاعتناق مذهبهم فاعتنقه على يد أحد حجاب
الدعوة في القاهرة الذي لم يذكر المترجم اسمه وكان يسميه الباب وكان
أحد النقباء في هذا المذهب. واجتاز المترجم المقامات والدرجات الخاصة
بكبار قادة هذا المذهب حتى بلغ درجة الحجة واعتبر أحد الحجج الاثني
عشر الذي أنيط به أمر نشر الدعوة للخلفاء الفاطميين في إحدى الجزر الاثني
عشر حسب تقسيمات الفاطميين عهدئذ وعين من قبل المستنصر بالله
الفاطمي حجة على جزيرة خراسان وأصبح من الداعين له ومن
المتحمسين في هذا المذهب وتعهد بالدعوة له في إيران وخاصة خراسان
وما وراء النهر ولذلك نجده يطلق على نفسه في بعض مؤلفاته اسم
الحجة أو حجة خراسان أو حجة ابن النبي أو الحجة
المستنصرية أو حجة نائب النبي أو سفير أو مأمور أو أمين
امام الزمان أو مختار امام العصر أو المستعين بمحمد أو المنتخب
من علي المرتضى.
وحين عودة المترجم إلى بلخ اخذ يدعو علنا للمذهب الإسماعيلي
الفاطمي ويناقش العلماء والفقهاء وخاصة علماء المذهب السني فيه، مما دعا
هؤلاء إلى معارضته ومحاجته ورفع راية الخلاف ضده. الامر الذي حدا
بسلاطين السلاجقة وأمراء خراسان لمطاردته أينما وجد. فهرب من بلخ
قبيل سنة ٤٥٣ وأصبح من جراء ذلك مشردا متنقلا سرا من مدينة إلى
أخرى ومن قصبة إلى قرية في أقاليم خراسان ومازندران إلى أن انتهى به
المطاف سنة ٤٥٦ إلى غاريمكان الواقع قرب مدينة بدخشان وهي
اليوم من مدن أفغانستان. وأقام فيه مختفيا بعيدا عن الأنظار إلى أن توفاه
الله في غاريمكان حيث دفن فيه. ومزاره الآن معروف هناك يزار لا سيما
من قبل الإسماعيليين.
وقد قضى المترجم الشطر الأخير من عمره في التأليف والتصنيف
ونظم الشعر بلغته الفارسية وبأسلوبه الخاص به، كما أنه زهد في الحياة
واتخذ جانب العزلة ولكنه لم يترك دعوته للفاطميين حيث واصل جهاده في
الدعوة لهم بحرارة وفي ارسال دعاته إلى الأطراف لبث دعوته. وكان قوي
الحجة بارعا في الجدل العلمي والنقاش الديني، وأوقف معظم وقته في
عزلته للمناقشات الدينية والمذهبية وتعتبر المدة التي قضاها في هذا الغار من
أنشط أيام حياته الذهنية.
مؤلفاته
مؤلفاته كثيرة وقد كتبها كلها إلا ما ندر باللغة الفارسية. وعرف منها
حتى الآن ١ رحلته التي ألفها بعد عودته من مصر إلى بلخ مباشرة. وقد
طبعت عدة مرات. ٢ زاد المسافرين الذي انتهى منه في سنة ٤٥٣ وهو
من أضخم مؤلفاته، مطبوع ٣ وجه دين، مطبوع ٤ خوان اخوان
مطبوع ٥ روشنائي نامه مطبوع ٦ سعادت نامه مطبوع ٧ دليل
المتحيرين الذي أراد ان يثبت فيه أحقية المذهب الفاطمي مخطوط ونادر ٨
ديوان شعره الذي قيل إنه كان يضم بين دفتيه ٣٠ ألف بيت من الشعر
الفارسي ولكن المطبوع منه لا يحتوي الا على ما يربو على ا ١١ ألف بيت
بقليل ٩ دبستان العقول مخطوط نادر، وقد نسبت إليه كتب أخرى ورد
ذكرها في بعض المخطوطات القديمة ولم يعثر عليها، منها ١٠ اكسير أعظم
في المنطق أو الفلسفة ١١ قانون أعظم في السحر وعلوم ما وراء الطبيعة
١٢ رسالة المستوفي في الفقه ١٣ رسالة في علم اليونان ١٤ رسالة
دستور أعظم ١٥ رسالة كنز الحقائق ١٦ تفسير القرآن.
ورغم انه جاء ذكر في بعض أبياته الفارسية انه نظم الشعر باللغة
العربية أيضا ولكنه لم يعثر حتى الآن على نظم له بالعربية ولا على ديوان له
بهذه اللغة في حين أنه قال إن له ديوان شعر بهذه اللغة.
هذا وقد ذكرت بعض المصادر ان ناصر خسرو جاب الهند ورحل
إلى الأفغان في شرخ شبابه على زمن السلطانين محمود ومسعود الغزنوي.
ولكنه نفسه لم يشر إلى هذا الامر في انشاءاته.
ناصر الدين شاة القاجاري
اسمه احمد.
السيد ناصر بن سليمان الحسيني القاروني البحراني
كان عالما فاضلا كما يفهم من قول صاحب السلافة الآتي: وقضى
وشرع ففرع وفنن. ووصفه جامع ديوان الخطي بالشريف العلامة وقال في
حقه صاحب السلافة وهو من قوم لن يجنح المجد عن خطتهم إلى التحظي
فيهم يقول شاعر البحرين جعفر بن محمد الخطي:
آل قارون لأكبا بكم الدهر * ولا زلتم رؤوس الرؤوس
وهذا السيد ناصر عزهم وناشر بزهم وصفوة مجدهم وربوة نجدهم
وفرقد سمائهم واوحد عظمائهم ورأس رؤوسهم وباسق غروسهم الخطيب
الشاعر الرحيب المشاعر نثر فأكثر ونظم فاعظم وصاب فأصاب وجاد فأجاد
وقضى وشرع ففرع وفنن وبرع وتفنن. اخبرني شيخنا العلامة جعفر بن
كمال الدين البحراني قال كنت ذات يوم جالسا في مسجد السدرة أحد
مساجد قرية جد حفص إحدى قرى البحرين وهي مدرسة العلم ومجمع
اولي الفضل والحلم وكان عميد البلاد وقاضيها القائم بتدبيرها السيد حسين
ابن السيد عبد الرؤوف جالسا في ذلك المجلس والى جنبه السيد ناصر واحد
المدرسين يقرأ كتاب القواعد فجاء ابن أخ للسيد حسين نافخا بكمه فزحزح
السيد ناصر من مكانه وجلس بجنب عمه فتناول السيد القلم وكتب:
لا تعجبن من تقدم ذي البنان الخاضب على ذي البيان الخاطب وله:
ألا رب ليل بت غير مدثر * على حصر فيه وغير موسد
تسامرني فيه البعوض وكأسها * معتق جسمي لا معتق صرخد
الشيخ ناصر بن الحسين النجفي الخطيب
له اجازة أجازها نظام الدين شاة محمود بن محمد الحسيني
الشولستاني.
الناصر العلوي الأطروش
اسمه الحسن بن علي بن الحسن بن علي.
السيد ناصر كيا ابن محمد المعروف بأمير سيد بن مهدي الحسيني أحد
ملوك كيلان
توفي عصر الجمعة ١٢ ذي القعدة سنة ٨٥١.
(٢٠٤)

تولى السلطنة في كيلان بعد وفاة أبيه وملك ١٤ سنة وتولى السلطنة
بعده ولده السلطان محمد بن ناصر.
الشيخ ناصيف بن نصار العاملي شيخ مشايخ جبل عامل المعروف بالشيخ
ناصيف النصار
قتل سنة ١١٩٥ في الحرب التي جرت بينه وبين عسكر الجزار قرب
قرية يارون ودفن فيها.
يقال له الشيخ ناصيف النصار جريا على العادة في ادخال الألف
واللام على اسم الأب حين إرادة نسبة الابن إليه. ولفظ الشيخ أحد ألقاب
الامراء في بلاد الشام. فامراء جبل عامل والامراء الحماديون وغيرهم كانوا
يلقبون بالمشايخ والحرافشة والشهابيون كانوا يوصفون بالأمراء وكانت امرة
جبل عامل لثلاث طوائف فامرة بلاد بشارة لآل علي الصغير وامرة بلاد
الشقيف للصعبية وامرة إقليم الشومر لآل منكر وكان يطلق على ناصيف
شيخ المشايخ اي أمير الامراء وكان الشيخ ظاهر العمر الصفدي قد تغلب
على امارة بلاد فلسطين وخلع طاعة الدولة العثمانية وامتدت امارته أكثر من
سبعين سنة كما أن الشيخ ناصيف وباقي امراء جبل عامل استقلوا بها وكانوا
قبل ذلك تابعين لحاكم صيدا مع استقلالهم الداخلي وباعتبار ان بلاد ظاهر
مجاورة لمحل امارة ناصيف كانت تجري بينهما حروب ومنازعات ثم تحالفا.
ولما بعث علي بك الطنطاوي المتغلب على مصر جيشا لفتح سوريا مع محمد
بك أبو الذهب ووصل الجيش إلى فلسطين انضم إليه جيش الظاهر وجيش
حليفه ناصيف، قال إدوار لوكروى الفرنسوي في كتابه تاريخ احمد الجزار
الذي عربه جورج مسرة وطبع في البرازيل والظاهر أن محتوياته مأخوذة من
تقريرات القناصل في سوريا ما لفظه: وزاد جيش المماليك بجيش ظهر
المؤلف من ١٥٠٠ عربي من وطنه صفد وخيالة من المتأولة بقيادة ناصيف
ومركزه اي ناصيف على بعد بضعة فراسخ من شرقي صور. ثم ذكر ان
جيش أبي الذهب دخل دمشق منتصرا ثم انسحبوا منها لغير سبب ظاهر
وذهبوا إلى مصر ولما علم بذلك الشيخ ظاهر العمر انسحب إلى جهة جسر
بنات يعقوب مع المتأولة والصفديين. ثم قال: فهذا الشعب اي المتأولة
كان منقسما إلى قسمين ويمتاز الواحد عن الآخر امتيازا كبيرا فالأول يسكن
شمال سهل البقاع في ضواحي بعلبك فيميلون تارة إلى الأمير يوسف حاكم
الشوف وطورا إلى عثمان باشا والي دمشق من قبل الدولة العثمانية
والثاني أكثر عددا من الأول وأكثر أهمية ويسكن القمم من الجبال الواقعة
شرقي صور ويسير مع الشيخ ظاهر ومنذ زمن بعيد رفض المتأولة دفع الميرة
وتشاجروا هم وباشا صيدا مع أنهم كانوا من ضمن حكومته واقترح الظاهر
على السلطان في زمان كان معه على وفاق ان يعهد إليه في تحصيل الضريبة
من المتأولة تحت شرط واحد وهو ان تفصل أرضهم عن إيالة صيدا وتلحق
بإيالة عكا فقبل السلطان ونال الظاهر ولاية وجيشا مجانا دون ان يدفع رسما
على الاطلاق وكان المتأولة امناء للشيخ ظاهر مع بقائهم على استقلالهم
وإذعانهم لشيوخ الاقطاعات كعلي درويش، وعلي فارس. وحسين منصور، وعلي منصور،
وعباس علي وعباس محمد الذي كان حاكما على صور،
وناصيف الذي كان له لقب شيخ كبير. ووضع المعرب بعد اسم ناصيف بين قوسين ما صورته الشيخ ناصيف
الظاهر عميد آل صعب الشيعيين
حكام بلاد بشارة والشقيف والصواب ابدال الظاهر بالنصار وابدال صعب
بعلي الصغير إما علي درويش فالظاهر أنه من الصعبية واما علي فارس فهو
الشيخ علي الفارس الشهير حاكم ناحية الشقيف في عهد ناصيف وممدوح
الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي والسيد فخر الدين العيناثي وغيرهما واما
حسين منصور وعلي منصور فلعلهما من المناكرة واما عباس علي وعباس محمد
فهما من آل علي الصغير ومن عشيرة ناصيف والثاني منهما هو الشيخ عباس
المحمد المشهور حاكم صور في عهد ناصيف وهو المدفون في القبة التي عند
المعشوق بصور.
النامي
اسمه أحمد بن محمد الدارمي
النجاشي صاحب الرجال
اسمه أحمد بن علي بن أحمد بن العباس
النجاشي شاعر أهل العراق بصفين
اسمه قيس بن عمرو بن مالك بن الحارث بن كعب
الشيخ نجف بن يوسف النجفي المولد الحلي الموطن
في الرياض: كان عالما عاملا كاملا وهو من المتأخرين له ترجمة عربية
لكتاب تحفة الأبرار الفارسي للحسن الطبرسي وقد رأيت تلك الترجمة
العربية بهراة.
المولى نجف علي بن فضل علي القربانجي
له بهجة العقائد في أصول الدين فرع منه سنة ١٢٦٣.
نجم الأئمة الشيخ الرضي
اسمه محمد بن الحسن الاسترآبادي
السيد نجم الحسن ابن السيد علي أكبر حسين الأمروهوي اللكهنوي
ولد سنة ١٢٧٩ في امروهة وتوفي سنة ١٣٦٠ في لكهنو
من أكابر علماء الهند ومراجع التقليد واليه الرحلة في الاستفادة
والتحصيل وكان له مهارة في الهيئة والأدب وإلمام بالشعر والعربية وله قصيدة
أولها:
ما كنت اهوى اراكا قط أو بانا * الا لما لهما شبه بليلانا
هاجر في صباه إلى لكهنو للتحصيل فقرأ في الأدب على المفتي السيد
محمد عباس والفقه على السيد أبي الحسن ابن السيد علي شاة والمعقول على
السيد أبي الحسن ابن السيد بنده حسين حسين ثم استقل بالبحث والتدريس في
مدرسة مشارع الشرايع بلكهنو وهو الذي أسس في ذلك البلد مدرسة
الواعظين.
يروي المترجم عن الحاج ميرزا حسين ابن ميرزا خليل الطبيب
الطهراني وعن السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي وعن السيد إسماعيل
الصدر وعن الشيخ عبد الله المازندراني وغيرهم وقد تخرج عليه
جملة من العلماء والأفاضل. له من المؤلفات ١ سرادق العفة ٢ المحاسن
٣ النبوة والخلافة ٤ التوحيد.
(٢٠٥)

السيد نجم الدين بن الأعرج الحسيني الأطراوي العاملي الكركي
اسمه أيوب بن الأعرج.
الشيخ نجيب الدين الأصفهاني
له كتاب أصول الملحمة مرتبا على اثني عشر بابا مطبوع.
الشيخ نجيب الدين أبو القاسم بن حسين بن العود الأسدي الحلي الحلبي
الجزيني
توفي ليلة النصف من شعبان سنة ٦٧٩ في جزين من بلاد جبل عامل
عن نيف وتسعين سنة وقيل سنة ٦٧٧ والظاهر أنه تصحيف.
أقوال العلماء فيه
ذكره الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام على ما حكي عنه فقال:
الفقيه المتكلم رئيس الرافضة وشيخ الشيعة كان عالما متقنا مشاركا في أنواع
من الفضائل ثم ذكر ما فعله معه الحلبيون مما يأتي ثم قال وبلغني انه كان في
الأخير متدينا متعبدا يقوم الليل، وقد رثاه إبراهيم بن أبي الغيث بأبيات
أولها:
عرج بجزين يا مستبعد النجف * ففضل من حلها يا صاح غير خفي
وذكره أبو ذر في كنوز الذهب في تاريخ حلب على ما حكي عنه
فقال: ابن العود كان من الحلة وهو عندهم امام يقتدى به في مذهبهم وفيه
مشاركة في علوم شتى وحسن عشرة ومحاضرة بالاشعار والتواريخ والحكايات
والنوادر اه. قال: ولما توفي رثاه الجمال إبراهيم العاملي فقال: عرج
بجزين يا مستبعد النجف إلى آخر الأبيات التي ذكرناها في ترجمة الشيخ
جمال الدين إبراهيم بن الحسام أبي الغيث العاملي في الجزء السابع.
وفي شذرات الذهب في حواد سنة ٦٧٩ فيها توفي النجيب ابن العود أبو
القاسم بن الحسين الحلي الرافضي المتكلم شيخ الشيعة وعالمهم سكن حلب
مدة فصفع بها لكونه نال من الصحابة ثم سكن جزين إلى أن مات بها في
نصف شعبان وله نيف وتسعون سنة وكان قد وقع في الهرم اه وذكره
الذهبي في تذكرة الحفاظ بعين عبارة الشذرات وكان صاحب الشذرات اخذ
منه. ومن الغريب انه ليس له ذكر في كتب أصحابنا لا في أمل الآمل ولا
غيره مع جلالة قدره وزيادة فضله باعتراف خصومه الذين عرفناه من
جهتهم، ولا عجب فكتب أصحابنا العامليين جملة منها قد ذهبت بها
الحوادث والفتن وأمل الآمل اقتصر فيه على ما ذكره منتجب الدين في
فهرسته وهو لا يسمن ولا يغني من جوع وعلى أحوال معاصريه الذين اطلع
على أحوالهم وعلى من ذكر في سلسلة الإجازات ويسير من غيرهم وخفي
عنه كثير من سواهم.
ما فعله معه الحلبيون
وهو أمر نهاية في الفظاعة وغاية في تمثيل التعصب والشناعة مع العلماء الأعلام
لأجل التشيع والانتساب إلى أهل البيت الكرام عليهم أفضل
الصلاة والسلام وكان الأولى بنا ان لا نذكره لفظاعته وشناعته لكننا رجحنا
ذكره لأمانة التاريخ ولبيان ما كان عليه أهل ذلك الزمان من الجلافة
والتعصب والعداوة لشيعة أهل البيت الطاهر وعلمائهم حتى تناولوهم
بعظيم الأذى وبالقتل وليعلم من يعيب الشيعة بالتقية انهم معذورون فيها
وانه يضطر إليها بطبعه لو ابتلي بما ابتلوا به. وحاصل هذه الواقعة هو ما
ذكره الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام بعد ما ذكر في حق المترجم ما تقدم
من المدائح فقال:
قدم حلب وتردد إلى الشريف عز الدين مرتضى نقيب الاشراف
فاسترسل معه يوما ونال من الصحابة فزبره النقيب وامر بجره من بين يديه
واركب حمارا مقلوبا وصفع في الأسواق فحدثني أبو الفضل بن النحاس
الأسدي ان قاميا نزل من حانوته إلى مزبلة فاغترف غائطا ولطخ به ابن
العود وعظم النقيب عند الناس وتسحب ابن العود من حلب ثم إنه أقام
بقرية جزين مأوى الرافضة فاقبلوا عليه وملكوه كذا بالاحسان.
وعن أبي ذر في كتابه كنوز الذهب في تاريخ حلب انه ذكر فيه قصة
الفقيه ابن العود في كلامه على مدرسة ابن النقيب وقال بعد ذلك قال
العلامة قطب الدين وعمل في هذه الواقعة أشعار كثيرة وقال القاضي
شهاب الدين محمود انا أذكر هذه الواقعة وانا بحلب في الكتاب بعد ٦٥٠ وكان استؤذن
فيها يوسف الظاهري فتوقف خوف الفتنة وأمضاها المرتضى وفعلها بيده
فلم يجسر أحد من الشيعة ان يعارضه في ذلك اه.
أقول: إن فعل الحلبيون هذا مع ابن العود العالم الجليل الفقيه
المتكلم لأنه من اتباع أهل البيت الطاهر بتهمة النيل من السلف فقد فعلت
قريش مع رسول الله ص ما يشبهه من وضع السلا وما
يستقذر على ثيابه لأنه عاب آلهتهم وأصنامهم وقد انتقم الله تعالى لنبيه ص
منهم بأبي طالب فامر السلام على سبالهم ولحاهم ولئن لم ينتقم
الله لابن العود من الحلبيين في الدنيا ولعله فعل فسينتقم له منهم يوم
تجتمع لديه الخصوم: والحقيقة ان ابن العود لم ينل من أحد أمام النقيب
ولا غيره وانما عرفه الحلبيون بالتشيع ففعلوا معه ذلك ولم يجسر النقيب على
منعهم لئلا يجري معه ما جرى مع ابن العود فسكت فنسب إليه الرضا أو
مباشرة ذلك بيده. والعجب ممن يفعلون ذلك مع من يتهمونه بالنيل من
السلف ويتولون من سب سيد السلف على المنابر في الأعياد والجمعات
وقنت بسبه في الصلوات وأضاف معه الحسنين سبطي رسول الله ص بن
عباس حبر الأمة واحد سادات الصحابة.
السيد نجيب الدين ابن السيد محيي الدين فضل الله الحسني
ولد سنة ١٢٨٠ وتوفي سنة ١٣٣٦ في عيناثا.
قرأ أولا على الشيخ محمد علي عز الدين في حنويه ثم على الشيخ
موسى شرارة في بنت جبيل وبعد وفاته توجه إلى النجف الأشرف.
وهو من أساتذة المؤلف قرأ عليه مطول التفتازاني وشرح الشمسية
وحاشية ملا عبد الله وشيئا من المعالم وذلك في بنت جبيل حال وجود الشيخ
موسى شرارة فيها. وقد وصف المؤلف تلمذه عليه وكتب هذا الوصف وهما
لا يزالان طالبين في النجف:
لقد رأيت من ذكائه وتوقد ذهنه وجم فؤاده وسرعة انتقاله إلى غامض
(٢٠٦)

المطالب وخفي المقاصد وتمييز الصحيح من الفاسد ما لم أزل أذكره وعلى
طول الدهر أشكره مع انصاف لا يحيف فيه ومسلك مستقيم لا يحيد عنه
وتواضع لا يخرج به عن محله ولا يبذله لغير أهله.
شعره
قال:
طيف تأوبني لظبي ألعس * ما بين وجرة والكثيب الأوعس
والنوم قد غلب العيون فلا ترى * في الركب غير مهوم ومنكس
حيا فألطف في النحية وانبرى * ينحو الكناس مع الظباء الكنس
وكانه ذكر الرقيب فراعه * فلوى بفاضل شملة من سندس
اتبعته نظر المنى حتى إذا * شرد الرقاد نفضت كف المؤيس
أخيال قاتلة الغرانق في الهوى * ما كان ضرك لو أطلت تانسي
جددت وجدي وانصرفت مع الكرى * وخلست قلبي والهوى لم يخلس
آية على اكناف رامة انها * شغفي ومسقط هامتي ومعرسي
ومقيل فتيان إذا حثوا الطلا * لا يحتسون الكاس ما لم احتس
داويت بعدهم تباريح الجوى * واسيت من جرض هفا بتنفسي
بوجيف جائلة النسوع شملة * ووخيد موار الملاط مخيس
أصل السرى متناوبا أكوارها * اقتص اثر مبكر ومغلس
وإذا أقمت رقابها لم احتفل * بضيا الصباح أو اعتكار الحندس
ومهامه حكمت علي قفارها * ان لا ارى بخلالها من مؤنس
الا رجيع زقاء طير صادح * وعواء عسال الفلاة عملس
رعت المطي بها كزائغة القطا * أو كالسهام إذا انحدرن عن القسي
يحدو بها الشوق المبرح لا إلى * البلد الحرام ولا لبيت المقدس
بل حثها فرط الحنين إلى حمى * واد كما وصف الاله مقدس
وادي الغري وحبذا افياؤه * فإذا أجزت به الركائب فاحبس
تلقى لتسبيح الملائك عنده * زجل الرعود من الغمام المرجس
تنثال تهتف بالوصي وتنتحي * لله في جنح الظلام المدمس
وتروح لاثمة ثراه وريحها * ينشق عبر عبق العبير الأنفس
وله في سفره للحج يمدح الشريف عون شريف مكة:
عين مسهدة وقلب يخفق * ومدامع بجوى أميمة تنطق
فارقتها وتود نفسي انني * فارقت أيامي ولا نتفرق
أ أميم قد كلفت بحبك مهجتي * ومن الشباب علي روض مونق
واخذت عندك في الصبا لي موثقا * أتراك عندك يا أميمة موثق
هلا أميمة تستجيب لنا إذا * لهز القتير بنا وشاب المفرق
لم آنسها قبل الوداع وقد رنت * شزرا إلي بعبرة تترقرق
قالت أ أزمعت السرى فأجبتها * مهلا يحدثك الدجى والأينق
الدائسات بنا عرانين الفلا * والسابقات لغاية لا تلحق
من كل جائلة النسوع عملس * وجناء تصبح بالمسير وتغبق
صليت على وهج الظلما اكبادها * ولحومها لقرى الفيافي تنفق
لما تشوفت الفلاة ولم تجد * الا السراب لعينها يترقرق
تخذت لعاب الشمس نغبة وردها * وجرت على غلوائها تتدفق
ترمي بنا البلد الحرام كأنها * شهب تناثر أو سهام ترشق
تحدى بتلبية الاله فكلما * عج العجيج بها تخب وتعنق
حتى بلغن بنا على بعد السرى * حرما لهيبته الملائك تفرق
طفنا به راجين عتق رقابنا * يوم القيمة في رقاب تعتق
واتيت ذروة هاشم وسنامها * وابر من تحدى إليه الأينق
فرأيت وضاحا كان جبينه * برق بغاسقة الدجى يتألق
ملك تخر له الجبابر سجدا * قسرا ويهزم حين يدعي الفيلق
حلته من حلل الجلال مهابة * تعلوه لا الديباج والاستبرق
قد حل في سطة الذؤابة صاعدا * وسواه يقتحم الصعود فيزلق
فرع على جرثومة تبوية * ان الفروع على الجراثم تبسق
تلقى عليه من النبي وحيدر * وابنيه والزهراء نورا يشرق
اني وجدتك يا بن بنت محمد * ارج الخلافة من ثيابك يعبق
لو قمت فينا ملهبا نار الوغى * خفت إليك بنا الجياد النسبق
يحملن منا كل أشوس اقعس * بحسامه هام الكماة تفلق
عطفا عميد المسلمين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت * ابدا كلانا في المفاخر معرق
الا الامارة ميزتك فإنني * انا عاطل منها وأنت مطوق
فهي التي لك بالهدى معقودة * وعلى سواك لواؤها لا يخفق
وله يخاطب بعض أصدقائه و يحثه على المضي إلى العراق:
جادت ربوعكم وطفاء مغدقة * تدر اخلافها سحا وتوكافا
قد رافدتها النعامى حيث أثلها * نوء توطد اعجازا واردافا
إذا أحكت بزند البرق جانبها * لا يرعوي رعدها الرجاس ارجافا
تثني عليها الربى شكرا بما جعلت * صلع المنابت بالأزهار أريافا
تلاعب الريح منها روضة انفا * حلى بها الودق اجراعا وأخيافا
ارض تقل الخزامي ان مررت بها * وان تقم أمتعك الطرف ألطافا
وان شممت شذا القيصوم رحت وقد * أصبحت للعنبر الداري مستافا
لقد حملت بها وجدا يذكرني * بالأمس مرتبعا فيها ومصطافا
هل وثبة في ظهور العيس جامعة * من بالعراق ومن بالشام آلآفا
هوجا خوارق في عرض الفلا انفا * من أن تخشى البرى منهن انافا
قم فانتشطها فقد ازرى العقال بها * كوما تلاطم وجه البيد اخفافا
مثل السهام رماها اصيد شرس * يصيب فيها من العلياء اهدافا
معكومة بسياط لا تني معها * حتى تجوب الفلا وخدا وايجافا
إذا حللن بساحات الغري فقد * نزلن عند أبي السبطين أضيافا
يقري السواغب في الدنيا ويمنحها * جنات عدن بيوم الحشر الفافا
فانهد إليه ودع من يرتضي وطنا * مدافع البحر من بيروت أو يافا
واتفق انه في تلك السنة انقطع المطر وحصل القحط فحين وصلت
هذه القصيدة إلى جبل عامل أمطرت السماء فقال ابن عمه السيد محمد بن
رضا آل فضل الله يذكر ذلك:
وافى الكتاب وصوب المزن قد وافى * وجاد بالغيث دلاحا ووكافا
من كل مفعمة الأطراف مثقلة * يسف هيدبها بالقاع اسفافا
حتى ترأد منها النبت وازدوجت * أزهارها وبدت للعين أصنافا
تهتز في حلة من سندس وغدت * تثني لها الريح أجيادا واعطافا
تلك الفجاج ومغبر الوهاد لقد * أثنت عليك بما أوليت اسعافا
من دعوة لك للرحمن نافذة * حبا بها الله أنعاما وألطافا
فليت لي مثلها في الدهر واحدة * تنالني أو يربني الدهر انصافا
(٢٠٧)

كيما أشق بها غلباء مؤجدة * عرض المهامة ارقالا وايجافا
تبدي الحنين إذا وافت مباركها * أو أسدل الليل للظلماء اسجافا
يهوي بها نفنف لفت جوانبه * من افيح البر اجزاعا واضيافا
تلف حزنا على سهل وما شعرت * حتى رمت بمحاني الكرخ اخفافا
ثم انبرت تترامى في منادحها * تصيب من تلعات البر اهدافا
إلى مليك ترى أدنى مواهبه * جنات عدن لمن يرجوه الفافا
وله مادحا:
بصادق الجد بيت المجد يرتفع * وفي شبا العضب هول الخطب يندفع
خض الدياجي واركبها مضمرة * تطوي الموامي أدنى سيرها سرع
بكل أشوس خواض عجاجتها * ان قام بالامر لم يقعد به جزع
هذا ابن أسعد مذ قاد الزمان غدت * قوائم الملك في عينيه ترتفع
من وائل العز في أعلا ذؤابتها * قوم إذا قارعوا عن غاية قرعوا
أغر أبيض وضاح الجبين على * جبينه غرر للمجد تلتمع
ما لف بردته الا على كرم * وهمة في ثنايا العز تطلع
وعزمة لو رمى يوما بثاقبها * شهب الكواكب من أفلاكها تقع
تضيق عن نفسه الدنيا وما وسعت * ونفسه تسع الدنيا وما تسع
لا يملك النوم عينيه وليس له * الا على صهوات الخيل مضطجع
لا ينزل الصعب الا ريث يركبه * وليس يركب من صعب فيمتنع
كم رمت جيشا فولى منك منهزما * يخب والدم في اعقابه دفع
ظنوا بان قلاع الأرض تمنعهم * ودون باسك ما لا تمنع القلع
تركتهم لضباع القاع مائدة * وللطيور على هاماتهم تقع
لا زلت محرز غايات سبقت لها * وكل من جد في احرازها تبع
ودام عزك والرحمن يكلأه * وطائر السعد في اكنافه يقع
وقال يرثي شيخه واستاذه الشيخ موسى شرارة:
هل يعلم الدهر من أردت فوادحه * أو يعلم الرمس من وارت صفائحه
أو تعلم الأرض لم مادت جوانبها * أو يعلم الكون لم ضاقت مسارحه
بلى تفطر من ارجائها علم * من فوقه الطير ما رفت جوانحه
وغيض بحر لو أن البحر قطرته * إذا لعب أديم الأرض طافحه
وكورت من سماء الدين شمس هدى * فأصبح الكون مرساة سوابحه
يا صاحبي قفا واستوضحا خبرا * ان صح فالعيش مر طاب نازحه
أغالط النفس فيه وهي تثبته * قسرا ويستر وجه الشك واضحه
قالوا أبو المجد اودى اليوم قلت لهم * هل يستطيع الردى يوما يكافحه
أ ليس تملأ قلب الموت هيبته * رعبا ويقصر عنه الطرف طامحه
قد جئت ربك يا موسى على قدر * والدين بعدك قد قامت نوائحه
وأعين المجد لا تنفك باكية * بمدمع راح يحكي الغيث سافحه
أضرمت قلب العلى نارا وقد بقيت * فيه تباريح حزن لا تبارحه
واعتاض بعدك نبت الروض عن مطر * حرا يذيب دماع الضب لافحه
لله رزؤك كم قد فت في عضد * كأنه الحشر قد لاحت لوائحه
ليبك يومك ملهوف ومصطرخ * عان ومختبط طاحت طوائحه
وسادر في ظلام الجهل قد فقدت * عيناه زند علوم أنت قادحه
فتحت باب الهدى للناس قاطبة * وليس يغلق باب أنت فاتحه
وقد أقمت لنا بالقسط عن رشد * ميزان معدلة ما خف راجحه
وقال يرثي الشيخ عبد الله نعمة ويعزي عنه الشيخ موسى شرارة:
فالله أثقب نار موسى بعده * للمهتدي والمجتلي والمصطلي
لم يخل أفق منك اطلع شمسه * حتى كأنك عنه لم تتحول
علم من الرحمن احكم نصبه * يهدي العباد إلى الطريق الأمثل
لاذت بواديه الشريعة واحتمت * فاظلها منه بظل مسبل
وقد ارتقى من طور سيناها ذرى * من دونها هام السماك الأعزل
ألقت عصاها في يديه فلو بغى * منها الرحيل لغيرها لم ترحل
ما سحلت أيدي الرجال حيالها * الا وأبرم كل حبل مسحل
قد شد منها منكبيها فاستوت * وأقام رايتها بزند اعبل
ولقد تحمل يافعا أعباءها * فأقل منها كل عب ء أثقل
وإذا تحللت المآزر للكرى * يلفى وعقد ازاره لم يحلل
ويرى إذا ما العام قطب وجهه * متهللا كالعارض المتهلل
ضرب القباب على السماء وشد في * أطرافها أطراف تلك الأرجل
وله المناقب كالنجوم لوامعا * هيهات أحصرها بلهجة مقول
حسب الشريعة بعد عبد الله أن * يبقى لها موسى حديد المفصل
وعليه قد أثنت ماثره كما * أثنى الربيع على الغمام المهطل
تعس الذي يشتارها من غيره * أين الحلاوة من نقيع الحنظل
وبحسب غايات المكارم شبله * حسن التأمل غيث كل مؤمل
يجري بطرف لا يشق غباره * بفتى معم في العشيرة مخول
ما التف في نادي المكارم محفل * الا احتبى في دست ذاك المحفل
طابت مشارعه فراق لوارد * يأتي فينهل من رحيق سلسل
ما غاض من جدواه يوما جدول * الا تدفع من نداه بجدول
لا زال للراجين غيثا هامعا * يهمي وللاجين أحرز معقل
واليكها بدوية تحدو بها الركبان * في جنح الظلام المسدل
ما ان تحل مع العشي بمنزل * الا وترحل بالغداة لمنزل
الشيخ نجيب الدين بن محمد بن مكي الجبيلي العاملي
اسمه علي بن محمد بن مكي بن عيسى بن حسن
أبو نحيد نافع بن الأسود التميمي
كان مع علي ع بصفين وكتب إلى علي ع يقول:
الا ابلغا عني عليا تحية * فقد قبل الصماء لما استقلت
بنى قبة الاسلام بعد انهدامها * فقامت عليه قصرة فاستقرت
كان نبيا جاءنا حين هدمها * بما سن فيها بعد ما قد أبرت
النخعي
هو موسى بن عمران
النسائي صاحب السنن
اسمه أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر
الشيخ نصار بن سعيد الحكيمي النجفي
توفي حدود سنة ١٢٤٠.
من تلامذة الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي ومعاصر الشيخ جعفر
صاحب كشف الغطاء، له رسالة في النبة وله معتمد الأنوار في أصول الفقه
(٢٠٨)

في مباحث الألفاظ وهو والد الشيخ راضي بن نصار المعروف المعاصر
لصاحب مفتاح الكرامة.
نصر بن أحمد بن نصر بن مأمون البصري أبو القاسم
الخبزارزي.
نصر بن علي الأزدي. (٢)
الأمير عز الدين أبو المرهف نصر بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ
الكناني الشيزري. (٣)
نصر بن علي الحلي النحوي (٤)
نصر بن علي بن منصور. (٥)
نصر بن ناصر المدائني. (٦)
أبو المقاتل نصر بن نصر الحلواني (٧)
نصر بن مزاحم. (٨)
هذه التراجم كتب المؤلف أسماء أصحابها وترك مكان كل ترجمة
بياضا على أن يكتبها بعد ذلك وأشار إلى المصادر وسنخصص لهذه التراجم
ولغيرها مستدركا نفصلها فيه ونكتفي هنا بالإشارة في الحاشية إلى المصادر
التي ذكرها المؤلف لكل ترجمة.
الناشر
أبو السرايا نصر بن حمدان بن حمدون التغلبي العدوي
قال ابن خالويه: كان أبو السرايا أصغر اخوته وأحسن الناس وجها
وأسمحهم وأشجعهم وأشعرهم ولم يخرج من كنف أخيه أبي الهيجاء عبد
الله بن حمدان. وقال في موضع آخر: كان أبو العلى سعيد بن حمدان واخوه
أبو السرايا نصر شاعري بني حمدان وأفرسهم. وقال ابن الأثير: في سنة
٣٠٨ خلع المقتدر على أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان وعلى اخويه وأبي
السرايا اه. وقال ابن خالويه: كان أبو السرايا نصر بن حمدان وابن
أخيه أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان يتقلدان المحاصل وديار ربيعة
شراكة وعظم أمر الشاري محمد بن صالح فاجمع مشايخ أهل الموصل على
دفعه بالمال فغضب أبو عبد الله وحرض عمه على الخروج فخرجا ونازلا
الشاري وهو مستظهر بكثرة العدد فكلما اتى بأسير قال:
دعني من البهم وهات الجله * أبا السرايا وأبا عبد الله
ثم ناجزاه وقتلاه وقتلا أصحابه واحتووا على ما كان جمعه وكان أبو
السرايا يضبط الجيش وأبو عبد الله يمارس الحرب وفي نسخة بالعكس،
فقال بعض أصحاب أبي عبد الله ممن لم يكن يقول الشعر:
ما زلت تهذي بأبي عبد الله * حتى اتاك فأزاح العلة
وفي ذلك يقول أبو فراس:
وعمي الذي افنى الشراة بوقعة * شهيدان فيها الزابيان وخازر
كفاه أخي والخيل فوضى كأنها * وقد عضت الحرب النعام النوافر
أصبن وراء السن صالح وابنه * ومنهن نوء بالبواريج ماطر
غداة وأحزاب الشراة بمنزل * يعاشر فيه المرء من لا يعاشر
وقال ابن خالويه هي وقعة أبي يوسف الشاري.
تفسير بعض ما في هذه الترجمة
الشراة ائفة من الخوارج واحدها شاري سموا بذلك لانهم قالوا إنهم
شروا أنفسهم لله والزابيان نهران ببلاد الموصل الزاب الاعلى بين
الموصل وإربل والزاب الأسفل بين دقوقا وإربل والسن بكسر السين
(٢٠٩)

مدينة على دجلة فوق تكريت وعندها مصب الزاب الأسفل والبواريج
بلد قرب تكريت.
ومر في ترجمة سعيد بن حمدان انه لما كشف سعيد بني سليم عن الحاج
وخلصه منهم كتب إليه اخوه أبو السرايا نصر أبياتا مرت هناك أولها:
جاءني المخبر الخبير بان قد زأرت نحوك الأسود زئيرا
أبو نعيم نصر بن عصام بن المغيرة الفهري المعروف بقرقارة
يروي عنه أبو المفضل الشيباني ويظهر من بعض المواضع تشيعه كما
صرح به الميرزا في رجاله الكبير في باب الكنى وقال الشيخ فرج الله
الحويزي في باب الكنى من رجاله أبو نعيم مصغرا جاء لربعي بن عبد الله
جارود بن أبي سبرة وجاء مكبرا لنصر بن عصام قيل
مجهول وجاء لأحمد بن عبد الله ومحمد بن أحمد بن محمد بن سعيد وهو في
احمد أشهر اه أقول نعيم تصغير نعمان وأبو نعيم الأصفهاني عامي.
فلك الملك أبو المعالي نصر بن منصور الهمذاني الوزير
وزر بهمذان للملك مجد الدولة بن فخر الدولة بن ركن الدولة
ومدحه عبد الصمد بن بابك سنة ٤٠٦
الشيخ نصر الله بن إبراهيم بن يحيى العاملي الطيبي
ولد في جمادى الثانية سنة ١١٨٣ وقد ارخ والده الشيخ إبراهيم
ولادته بقوله:
الحمد لله رب العالمين بدا * نجم السرور وليل الحزن معتكر
فعند ذلك ناداني مؤرخه * جيش الهموم بنصر الله منكسر
وتوفي في قرية عثرون في حدود سنة ١٢٣٠، كان عالما فاضلا أديبا
شاعرا جيد الخط وهو من تلامذة جدنا السيد علي ابن السيد محمد الأمين.
له مجموعة أدبية رأيتها بخطه ويظهر من أشعاره انه كان في صحبة
أبيه عند سفره لزيارة الرضا ع.
شعره
من شعره قوله مذيلا قول القائل:
فكم لله من لطف خفي * يدق خفاه عن فهم الذكي
وكم يسر اتى من بعد عسر * ففرج كربة القلب الشجي
وكم أمر تساء به صباحا * فتاتيك المسرة بالعشي
إذا ضاقت بك الأحوال يوما * فثق بالواحد الفرد العلي
توسل بالنبي فكل خطب * يهون إذا توسل بالنبي
والتذييل هو هذا:
وبالنبأ العظيم أبي تراب * وبالنور الزكي الفاطمي
وبالحسنين خير الخلق طرا * وبالسجاد مولانا علي
وباقر علم طه خير مولى * وجعفر صادق القول الوفي
وكاظم غيظه في الله موسى * وضامن دار خلد للولي
وبالشهم الجواد أخي العطايا * وبالهادي إلى النهج السوي
وبالحسن الزكي العسكري * وبالمهدي والبدر المضي
بحبهم تنال الفوز حقا * إذا امتاز السعيد من الشقي
ولا تجزع إذا ما ناب خطب * فكم لله من لطف خفي
وله:
جفاني خليل بعد ما كنت أرتجي * يكون نصيري عند كل ملمة
وقد كذبت مني الظنون به وما * ظفرت بما ابغيه من كشف غمة
فلا خير في خل يكون وداده * مشوبا بتمليق لأهل المودة
ولا خير فيمن باع ود خليله * إذا ضافت الدنيا عليه بلقمة
وله:
يا من رأى حب النبي وصنوه * وبنيهما رفضا فأصبح رافضي
إن كان حب محمد وصيه * وبنيهما رفضا فربك رافضي
قال في سنة ١٢٠٥:
قلبي من الوجد والأشواق متبول * وجفن طرفي بميل السهد مكحول
يا ساكني بابل رفقا بقلبي إذ * امسى لديكم أسيرا وهو مكبول
عطفا على ذي فؤاد مغرم وله * حبل بحبل هوى الأحباب موصول
اني على العهد باق ما سلوتكم * وليس في مذهبي للنقض تحليل
ما بال كل غريم قد قضى وطرا * من دينه وغريم الحب ممطول
وما لكل قتيل قام ناصره * بنصره وقتيل العشق مخذول
يا سادة تلفت روحي لبعدهم * فبت ارعاهم والليل مسدول
لا تقتلوني عمدا انني رجل * على ولاء أمير النحل مجبول
زوج البتول وصي المصطفى * وأبو الأئمة الغر سادات بهاليل
ليث الحروب وجلاء الكروب ومن * له من الله تعظيم وتبجيل
يا من به سلم الاسلام وانتظم المنثور * منه وعضب الكفر مفلول
يا قاتل الشرك في بدر فليس يرى * الا أسير ومجروح ومقتول
حذفت بالعامل الماضي رؤوسهم * فالخفض والجزم في الاشراك مفعول
وقال:
آه يا ريم الفلا ما أجملك * جل من ثوب البها قد جللك
كنت لا تشغل عني ساعة * ليت شعري ما الذي قد شغلك
ليس لي جرم به حل دمي * كيف في شرع الهوى قد حل لك
هام قلبي بعد سكان الحمى * هل دروا أية واد قد سلك
فقدت عيني كراها مذ نأوا * ليت لي علم أ حي أم هلك
يا زمان الوصل هل من عودة * مثل ما كنا بها يجري الفلك
جرت يا دهر علينا بالنوى * آه يا دهر النوى ما أطولك
ووجد بخطه تقريض له على كنز العرفان للمقداد السيوري كتبه سنة
١٢٢١ وهو:
كتاب لعمري قد حوى الدين والهدى * لمن كان يرجو الله في الأمن من غده
ومن يختشي في الحشر فقرأ وفاقة * وقد أصبح الكنز المعظم في يده
ومن شعره ما وجدناه بخطه وهي قصيدة اثنا عشرية:
أرجو من الله الرضا * بالمصطفى والمرتضى
(٢١٠)

وفاطم والمجتبى * ومن بكربلا قضى
والعابد الذي غدا * ولاؤه مفترضا
وباقر وصادق * وكاظم ثم الرضا
وبالتقي والنقي * والعسكري ذي الرضا
والحجة القائم مولى * من بقي ومن مضى
أقسمت بالله الذي * قدر ما شاء وقضى
ان ولاكم على * كل البرايا فرضا
وان اعمال الورى * بغيره لا ترتضى
إن كان عظم الذنب * مني حمله قد بهضا
فان حبي لكم * غيري به ما نهضا
ولست ابتغي به * دون الجنان عوضا
صلى عليكم ربكم * ما لاح برق واضا
وما بدت شمس الضحى * والليل ولى وانقضى
وله:
حب الوصي على الصراط * لدى المعاد هو المجاز
وهو النعيم حقيقة * وسواه والله المجاز
وله مشطرا:
دنياك لا تحفل بها * كي لا تحل بك الندامة
فانظر لنفسك مخلصا * واطلب من الله السلامة
ان الحياة جميعها * دار ارتحال لا اقامه
والعمر ان بلغ المدى * طيف يعبر في القيامة
وله:
بني احمد أنتم رجائي وعدتي * إذا خاب ممن ارتجيه رجائي
وحبكم يوم المعاد وسيلتي * لادراك آمالي ونيل منائي
وله:
كتبت إلى بعض الأخلاء اشتكي * صروف زمان غادر بالأكارم
فحول عني وجهه من كراهة * كان فمي فيه سموم الأراقم
وله:
شاهت وجوه المثبتين لربهم * حاشا علاه قبائح الافعال
أ جناية من خالد وعقوبة * لخويلد تبت يد الجهال
وله:
مدينة العلم نبي الهدى * محمد والمرتضى بابها
والله لا ينتابها داخلا * من غير ذاك الباب منتابها
وله:
يا عترة المختار حبي لكم * والحمد لله عظيم
عظيم احمد من قدر لي حبكم * ذلك تقدير العزيز العليم
وله أيضا وفيه الجناس المركب:
تربت اكف جدلت ساداتها * فوق التراب وقطعت اوصالها
حتى كان نبيها لما مضى * عنها بقطع فروعها اوصى لها
وله في أمير المؤمنين ع:
يا ساكن النجف المغبوط ساكنه * طوبى لمن زرته في النوم أو زارا
أشكو إليك هموما قصرت هممي * حتى حملت من التقصير أوزارا
وله فيه ع وفيه الاكتفاء:
يا حجة الله على خلقه * وصاحب القدر الرفيع العلي
أنت عليم بالذي أرتجي * منك فكن لي ناصرا يا علي م
وله:
خير الورى بعد النبي محمد * خير الورى أبناؤه الاثنا عشر
فهم النجوم المشرقات وجدهم * وأبوهم الشمس المنيرة والقمر
وله:
إلهي بحق المصطفى ووصيه * علي وبالزهراء والحسنين
وبالتسعة الغر الذين ولاهم * وطاعتهم فرض على الثقلين
أنلني بهم قبل الممات وعنده * ومن بعده يا رب قرة عين
وله في المناجاة:
إلهي كما أكرمت وجهي وصنته * بفضلك عن تعفيره لسواكا
فصن ماء وجهي عن سواك وغطه * بجودك وانعشني بفيض نداكا
وله:
عليك بشكر الله في كل ساعة * فشكر أياديه عليه حقيق
وكن مخلصا لله سرا وجهرة * فأنت عبيد للإله رقيق
وله يمدح أمير المؤمنين ع:
أبا حسن يا خير ماش وراكب * وأفضل من سارت إليه قفول
أرجيك للامر الجليل وانما * يرجى لدى الأمر الجليل جليل
فلا ترجعني خائبا منك سيدي * فأنت الذي تولي المنى وتنيل
أ تتركني للنائبات وليس لي * سوى حبكم في النائبات مقيل
وله مخمسا بيتي التهامي الذين تمثل بهما السلطان سليمان العثماني لما
قدم النجف لزيارة أمير المؤمنين ع وكان أشار عليه بعض وزرائه
بالركوب ففتح القرآن الكريم فخرج: فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس
طوى، فامر بضرب عنق الوزير وانشد البيتين وهذا تخميسهما:
علي ولي الله نور شهابه * وعيبة علم الله سر كتابه
إذا ما بدا يوما فسيح رحابه * تزاحم تيجان الملوك ببابه
ويكثر في وقت السلام ازدحامها
به الملة الغراء أركانها علت * وهمته العلياء للدين كملت
مليك له صيد الملوك تذللت * إذا ما رأته من بعيد ترجلت
وان هي لم تفعل ترجل هامها
وله مخمسا بيتين ينسبان للشهيد الأول محمد بن مكي:
بلغنا على رغم العدى غاية المنى * وحزنا المعالي وهي أفضل مقتنى
وسدنا بني الدنيا فخارا لأننا * شغلنا بكسب العلم عن طلب الغنى
كما شغلوا عن مطلب العلم بالوفر
لقد رغبوا فيما يؤول إلى الغناء * ويفضي قريبا للمتاعب والعنا
(٢١١)

ونحن رضينا بالعلى وهي ارثنا * فصار لهم حظ من الجهل والغنى
وصار لنا حظ من العلم والفقر
وله مخمسا بيتين ينسبان للشاه عباس الصفوي:
يا من غدا خير فكاك من الحرج * ومن لديه شفاء الروح والمهج
اني مقيم بباب النصر والفرج * لا ادخل الباب حتى تصلحوا عوجي
وتقبلوني على عيبي ونقصاني
يكاد يقضي على نفسي من الأسف * إذا تذكرت ما قدمت من سرف
لكن قبولكم يا سادتي كنفي * فان قبلتم فيا عزي ويا شرفي
وان أبيتم فيا ذلي وخسراني
وله متغزلا بهذه الأبيات وفيها لزوم ما لا يلزم:
وبدر حسن تبدى * فاخجل الشمس ظهرا
ومد طرفا خفيا * فاستل لبي جهرا
فقلت جد لي بوصل * يكن لكسري جبرا
فإنني مستهام * ولست أحسن صبرا
رفقا بقلب محب * فان في الرفق اجرا
فما يطيق صدودا * وليس يحمل هجرا
وله في السيدة زينب ع:
يا زائرا خير قبر * حلت به بنت احمد
عد ما استطعت معادا * إليه فالعود احمد
وقال يجيب بعض من اعترض عليه في أشياء من أمور المذهب:
الحمد لله حمدا عالي الرتب * حمدا يفوق هوامي المزن والسحب
إذ خصنا بالحجى والدين والأدب * وحب احمد طه المصطفى العربي
وآله أفضل الأقوام والصحب
الله ذو العرش لا ضد يعادله * حاشا علاه ولا ند يشاكله
عظيم شأن فلا شئ يماثله * تبا لمن راح يوما وهو جاهله
فسوق يحشر حقا مع أبي لهب
هو الاله الذي فاضت مواهبه * وهو الكريم الذي عمت رغائبه
وهو الرحيم الذي قد فاز طالبه * وهو المهيمن مغلوب مغالبه
يرمي محاربه بالويل والحرب
منزه عن حلول أو حلول فنا * ورؤية واتحاد أو محل فنا
ذات منزهة عن فهم من فطنا * جلت مقاما تعالت ان يحيط ثنا
بها فما للورى في ذاك من أرب
برا البرايا وانشاهم وصورهم * بلطف صنعته فيهم ودبرهم
ثم اجتبى منهم قوما وبصرهم * طرق الهدى ولنهج الرشد يسرهم
بلا وزير له في سالف الحقب
مولى بآياته قد ارسل الرسلا * وخصهم بكرام اوصيا نبلا
حتى أبانوا لنا المنهاج والسبلا * وأظهروا الدين بين العالمين فلا
يزال منهم امام قامع الريب
وهذه سنة الله التي سلفت * أكرم بها عادة للحق قد ألفت
حتى أتت نوبة الهادي التي شرفت * فيها الأنام وبين الخلق قد عرفت
بخير أصل وفرع طاهر النسب
محمد ذو يالايادي خاتم الرسل * وسيد الخلق من حاف ومنتعل
علاء على الخلق في علم وفي عمل * مبرء الذات من عيب ومن زلل
وصادق القول مأمون من الكذب
حباه رب البرايا اوصيا حججا * من ولده وذويه للورى سرجا
أكرم بهم من كرام كم علوا درجا * من العلى وأقاموا الأمت والعوجا
بأمر رب البرايا ممطر السحب
أعني عليا ولي الله حجته * وفاطم البضعة الزهراء زوجته
ونجله الحسن الزاكي خليفته * ثم الحسين شهيد الطف خيرته
على الخلائق من عجم ومن عرب
وعابدا تعرف البطحاء وطأته * وباقرا وصف المختار نهضته
وصادقا أظهر الجبار دعوته * وكاظم الغيظ موسى زان طلعته
نور الاله على ناي ومقترب
ثم الرضا حجة الباري على البشر * ثم الجواد سليل السادة الغرر
وهاديا وارث المبعوث من مضر * والعسكري خير أهل البدو والحضر
أعني أبا الحجة المنعوت في الكتب
هم الأئمة أهل المجد والكرم * وأفضل الخلق في حل وفي حرم
وصفوة الله بارينا من الأمم * ومنقذوا شيعة الهادي من الضرم
وعصمة الخلق يوم الحشر والنصب
فلا توال عداهم دائما ابدا * ولا ترم غيرهم عونا ولا عضدا
ولا تقم لسواهم في العلى عمدا * واقطع بكفر جحود فضلهم جحدا
مقره النار ذات الوقد واللهب
وكلما صح من حكم ومن خبر * عنهم فذاك صحيح جد معتبر
وكن لهم تابعا يمشي على الأثر * وارج النجاة بهم من مبدع الصور
والنار تسطو على الأشرار من كثب
قل فيهم ما تشأ من فضل بارئهم * وفيض خالقهم حقا وذارئهم
عباد مولاهم ذي العرش منشئهم * مكرمون فيا ويل لدارئهم
عن ارث جدهم بالجد واللعب
ولا تكن غاليا فيهم وكن وسطا * ولا تكن راكبا في امرهم شططا
واحذر هداك الاله الزيغ والسقطا * فليس يرضون من في حبهم غلطا
فالمرتضى أحرق الغالين بالحطب
هذا هو الدين دين الله في القدم * ودين احمد خير العرب والعجم
ودين حيدر رب السيف والقلم * ودين أهل التقى والجود في الازم
ودين شيعتهم من كل منتسب
فمن رأى دين أهل الحق معتقدا * له ودان به في القلب معتمدا
عليه فهو حبيب دائم ابدا * وهو القريب وإن كان البعيد مدى
ووده عندنا من أفضل القرب
وهاكم من عقود الدر قافية * لداء ذي الداء بين الناس شافية
قد صاغها عالم بالشعر كافية * وجملة الاسم ست قد تلت مائة
في أربع فاستمع يا ذا العلى خطبي
إشارة إلى اسم نصر الله فإنه يبلغ بحساب الجمل ٤٠٦.
وله يرثي الحسين ع:
قف بالديار مسائلا عن فتية * كانوا بدورا في ظلام دؤادها
لم انس وقفتنا وقد أذكى الجوى * نارا يذوب القلب من ايقادها
(٢١٢)

لله أية مقلة جفت الكرى * واستبدلت عن نومها بسهادها
ورميت من دهري بسهم ما له * من مهجتي الاسواد فؤادها
هيهات لا كرب كوقعة كربلاء * كلا ولا جهد كيوم جهادها
إذ طاف يوم الطف آل أمية * بالسبط في الأرجاس من أوغادها
دفعته عن دفع الفرات بمهجة * حرى ووحش البر من ورادها
بكت السماء دما واملاك السما * تبكي له من فوق سبع شدادها
وأغبرت الآفاق من حزن له * والأرض قد لبست ثياب حدادها
رزء يقل من العيون له البكا * بدمائها وبياضها وسوادها
من مبلغ المختار ان سليله * امسى لقى بين الربى ووهادها
ومنابر الهادي تظل أمية * تنزو كلابهم على أعوادها
أ بني النبي مصابكم لا تنقضي * حسراته ابدا مدى آبادها
وعليكم يا سادتي قد عولت * نفسي إذا حضرت إلى ميعادها
القن نصر الله يرجو نصركم * في حشره والفوز في إشهادها
لا اختشي نار الجحيم وحبكم * لي عدة أعددت في اخمادها
صلى الاله عليكم يا خير من * ترجوهم نفسي لنيل مرادها
وله يرثيه ع أيضا:
ذرني وشأني فلا اصغي إلى شاني * أذري الدموع على الخدين من شاني
القاني الوجد في نار الأسى فلذا * حاولت اطفاءها بالمدمع القافي
هيهات ان تنطفي نار الضلوع ولو * فاضت عليها دموعي فيض طوفان
لا عذر لي في الورى ان لم أمت كمدا * لفرط وجدي واحزاني واشجاني
تالله ما سفحت عيني سواكبها * على تفرق اخدان واخوان
ولا جفا جفن عيني النوم حين خلت * مرابع الأهل من أهل وخلان
لكنه طاف بي ذكر الطفوف وما * جرى هنالك من بغي وعدوان
أفدي الحسين شهيد الطف حين سرى * من الحجاز إلى اكناف كوفان
فصادفوا في جنان الخلد أفضل ما * يرجو الخلائق من روح وريحان
وأصبح السبط فردا لا نصير له * لهفي له مفردا من غير أعوان
أفديه من مستميت لا ينهنهه * خوف وهل يختشي ليث من الضأن
أفديه لما هوى كالبدر منعفرا * في فتية كنجوم الأفق غران
عريان جسم كسته السافيات ردا * لهفي لكأس من الأثواب عريان
لله ميت غدا قاني الدماء له * غسلا ورمل السوافي نسج أكفان
والعابد السيد السجاد من مرض * يشكو السقام ثقيل قيده عاني
يا سادتي يا بني المختار رزؤكم * أوهى قواي وهد الحزن اركاني
مولاكم القن نصر الله مادحكم * يرجو الأمان بكم من حر نيران
صلى الاله عليكم ما همى مطر * وما ترنم طير فوق أغصان
وله:
إلهي كما عودتني الفضل أولا * فلا تقطعن عني عوائدك الحسنى
رجوتك في الدارين يا غاية الرجا * لأنزل من جدواك في المنزل الأسنى
وقوله يرثي السيد محمد الأمين ابن السيد أبي الحسن موسى والد جد
المؤلف من قصيدة:
دعني فجرح فؤادي ليس يندمل * والنار في الصدر والاحشاء تشتعل
والجفن مني جفا طيب الهجوع وذا * صوب الدموع على الخدين ينهمل
والهم مقترب والأمن مضطرب * والصبر مغترب والأنس مرتحل
قد كنت أرجو انصرافي قبل منصرف * الصحب الكرام فخاب الظن والأمل
لم يدعهم ربهم الا ليجزيهم * خير الجزاء على الخير الذي عملوا
وقال يرثي والده الشيخ إبراهيم من قصيدة تبلغ ٥٩ بيتا:
هي الدنيا فلا تبقى بحال * وليس مالها غير الزوال
فقد فجع الزمان بني المعالي * بذي المعروف معروف الخصال
خليل الفضل إبراهيم رب الندى * والبذل مرضي الخلال
فتى شاعت فضائله وذاعت * فواضله لنا قبل السؤال
له في المجد بيت اي سام * وقدر في المكارم جد غالي
فصبرا يا شقيق الروح صبرا * فان الصبر أجدر بالرجال
وتسليما لأمر الله انا * رضينا حكمه في كل حال
إذا كان الاله لنا ظهيرا * على نوب الزمان فلا نبالي
فكم قد عمنا فضلا وبذلا * فلم نحتج إلى عم وخال
وكف اكف هذا الدهر عنا * بأيد من أياديه غوالي
وقال مؤرخا وفاة والده الشيخ إبراهيم:
مضى للخلد إبراهيم لما * دعاه الواحد الفرد المجيد
قضى فالعين بالعبرات عين * ونيران الفؤاد لها وقود
وان البال بالأحزان بال * ولكن ثوب احزاني جديد
مضى من بعد ما أبقى لدينا * وأورثنا مكارم لا تبيد
فمن مجد أثيل لا يضاهى * وعلم زانه عمل وجود
وفضل شاع في الدنيا وفخر * به الأبناء تفخر والجدود
أقول لحاملي طود المعالي * رويدا حمله صعب شديد
أ تحمل راسيات الأرض يوما * وأركان البسيطة لا تميد
سلوا كهف المكارم أين يمضي * وبدر سمائها انى يريد
فقال لي البشير اصبر وابشر * فإبراهيم في الأخرى سعيد
له في جنة المأوى مقام * وعيش ان نؤرخه رغيد
سنة ١٢١٤
السيد أبو الفتح عز الدين نصر الله بن الحسين بن علي الحائري
الموسوي الفائزي المدرس في الروضة الشريفة الحسينية المعروف
بالمدرس وفي كلام عبد الله السويدي البغدادي انه يعرف بابن قطة وكذا في
نشوة السلافة.
وفاته
استشهد بقسطنطينية على التشيع سنة ١١٥٥ أو ٥٣ عن عمر يقارب
الخمسين.
نسبته
الفائزي نسبة إلى عشيرته ويسمون آل فائز أو آل أبي فائز وفيهم
يقول المترجم من قصيدة يرثي بها والدته:
كيف لا وهي لب آل فائز * من هديهم به الاقتداء
معشر شاد مجدهم وعلاهم * سيد المرسلين والأوصياء
سادة قادة كرام عظام * علماء أئمة أتقياء
لهم أوجه تنير الدياجي * ما أظلت نظيرها الخضراء
(٢١٣)

لست تلقى سواهم قط قطبا * ان أدارت ارجاءها الهيجاء
والحائري نسبة إلى الحائر الحسيني وهو كربلاء فإنها تسمى بالحائر
أقوال العلماء في حقه
عالم جليل محدث أديب شاعر خطيب كان من أفاضل أهل العلم
بالحديث متبحرا في الأدب والتاريخ حسن المحاضرة جيد البيان طلق
اللسان ماهرا في العربية خطيبا مصقعا شارعا مفلقا.
وقال في حقه السيد عبد الله ابن السيد نور الدين ابن السيد نعمة الله
الجزائري في اجازته الكبيرة وبعض نقل ترجمته عن رسالة حفيده المذكور
المطبوعة في الهند ولعلها هي الإجازة المذكورة قال: كان آية في الفهم
والذكاء وحسن التقرير وفصاحة التعبير شاعرا أديبا له ديوان حسن وله اليد
الطولى في التاريخ والمقطعات وكان مرضيا مقبولا عند المخالف والمؤالف
اه.
وممن ذكره عصام الدين العمري الموصلي في كتابه الروض النضر في
ترجمة أدباء العصر فاورد فيه اسجاعا كثيرة من جملتها: العلامة السيد نصر
الله المشهدي الحسيني:
وحيد أريب في الفضائل واحد * شذا مثل بسم الله فهو مقدم
إذا كان نور الشمس لازم جرمها * فطلعته الزهراء نور مجسم
واسطة عقد بيت السيادة وإكليل هام النجابة والسعادة تجسم من
شرف باهر وكرم سعى إليه الظلف والحافر قد جمع اشتات الكمال وملك
أصناف المعال فهو مزن الفضل الهاطل وعقد جيد الأدب العاطل سما بعلمه
وكماله فلم تر العيون مثل طلعته ولا رقى أهل الأدب إلى أكرم من تلعنه
فادبه مما يبهر العقول ويحير افهام الفحول قد عاشرته فرأيت منه في معرفة
أبيات العربية ما يعيي الفصحاء ويبهر البلغاء فمما اتفق انه في مجلس السيد
عبد الله كاتب ديوان بغداد قرأت أبياتا من ديوان أبي تمام فكشف عن خرد
تلك الابكار كثيف اللثام فرأيت منه كل غريب ومعرفة ما نالها في هذا
العصر أديب بفصاحة بيان وطلاقة لسان فلم أر فيمن رأيته مثل هؤلاء
الثلاثة العلامة صبغة الله والسيد عبد الله وهذا الفاضل بحور أدب لا
يحتاجون في السؤال والجواب إلى مراجعة رسالة أو كتاب له شعر رائق ونثر
فايق مع أنه لم يعتن بذلك حصده كف الدهر ولم يواع صفوة شبابه ولا كثرة
علمه وآدابه.
مشايخه
منهم المحدث السيد باقر المكي ويروي عنه بالإجازة عن السيد علي
خان المدني ومنهم الشيخ احمد الجزائري والمولى محمد حسين الطوسي
البغجمي والمولى محمد صالح الهروي والشيخ علي بن جعفر بن علي بن
سليمان البحراني والشريف أبو الحسن بن محمد طاهر الفتوني العاملي
الغروي ويروي عنه عن المجلسي والشيخ علي ابن الشيخ محمد قنديل
والميرزا عبد الرحيم وللمترجم طرق كثيرة اوردها في كتابه سلاسل الذهب.
تلاميذه ومن يروي عنهم
تلمذ عليه جماعة منهم أبو الرضا أحمد بن الحسن النحوي الشهير
بالشيخ احمد النحوي والسيد حسين ابن المير رشيد التقوي الحائري
وغيرهما، ويروي عن جماعة من العلماء منهم المحدث الجليل محمد باقر
المكي تاريخها سنة ١١٣٠ عن السيد علي خان المدني شارح الصحيفة ومنهم
الشيخ احمد الجزائري تاريخها سنة ١١٢٦ عن المولى محمد نصير عن المولى
محمد تقي المجلسي ومنهم المولى محمد حسين الطوسي البغجمي تاريخها سنة
١١٢٥ عن الحر العاملي والمولى محمد باقر المجلسي والمولى الفاضل محمد
أمين الكاظمي صاحب المشتركات ومنهم الشيخ علي بن جعفر بن علي بن
سليمان البحراني عن أبيه عن أبيه عن الشيخ البهائي ومنهم المولى أبو
الحسن الشريف العاملي الغروي تاريخها سنة ١١٢٧ عن العلامة المجلسي
والسيد محمد صالح الخاتون آبادي ومنهم الشريف أحمد بن محمد مهدي
الخاتون آبادي تاريخها سنة ١١٢٤ ذي القعدة ومنهم المولى محمد صالح
الهروي ومنهم الشيخ ياسين بن صلاح الدين بن علي بن ناصر بن علي
البلادي البحراني واما من يروي عن السيد نصر الله فأكثر من أن يحصوا
كما يظهر من الإجازات.
سيرته
كان يدرس في الروضة الشريفة الحسينية وكان زوارا للأمراء كثير
السفارة فيما بينهم خرج إلى إيران وطاف فيها وأقام مدة، من جماعي الكتب
والآثار. وفي اجازة السيد عبد الله الجزائري المتقدمة انه سافر إلى إيران
مرارا ورزق من أهلها الحظ العظيم وقدم إلى بلادنا سنة ١١٤٢ وفيها
عساكر خراسان واتصل بفهرمان العسكر فبجله وعظم امره وصعد معهم
إلى بلاد العراق وخراسان ثم رأيته ببلدة قم أوان انصرافي إلى زيارة الرضا
ع وكان يدرس بالاستبصار ويجتمع في مدرسته جمع كثير من الطلبة
وغيرهم اعجابا منهم بحسن منطقه وكان حريصا على جمع الكتب موفقا
في تحصيلها حدثني انه اشترى في أصفهان زيادة على ألف كتاب صفقة
واحدة بثمن بخس ورأيت عنده من الكتب الغريبة ما لم أره عند غيره منها
تمام مجلدات البحار وكان بعضها لم يخرج إلى البياض فيقال ان الميرزا
عبد الله بن عيسى الأفندي كان له اختصاص ببعض ورثة المجلسي وهو
الذي صارت هذا الأجزاء في سهمه عند تقسيم الكتب فاستعارها منه
ونقلها إلى البياض بنفسه ثم لما قسمت كتب الميرزا عبد الله بين ورثته
وحصل لي اختصاص بالذي وقعت في سهمه استعرتها واستكتبتها ولم يكن
عندي درهم واحد فسخر الله من بذل المئونة حتى كملت ثم إن هذه
الكتب بقيت مخزونة عند ورثة السيد نصر الله وأظنها تلفت ولما سار إلى
مشهد الرضا حصلت بينه وبين المولى رفيع الدين الجيلاني المقيم بالمشهد
منافرة انتهت إلى الهجرة والقطيعة لأسباب لا حاجة إلى ذكرها فرجع السيد
إلى موطنه. ولما دخل سلطان الفرس المشاهد المشرفة في النوبة الثانية
وتقرب إليه السيد أرسله بهدايا وتحف إلى الكعبة المعظمة فاتى البصرة وسافر
إلى الحجاز من طريق نجد وأوصل الهدايا وأتى إليه الامر بالشخوص سفيرا
إلى سلطان الترك لمصالح تتعلق بأمور الملك والملة فلما وصل إلى
قسطنطينية وشي به إلى السلطان بفساد المذهب وأمور أخر فاحضر وقتل
شهيدا وقد تجاوز عمره الخمسين رحمة الله عليه وكان كثير التعويل على
المنامات يتطلب لها وجوه التفاسير والتعابير اه.
قال المؤلف: المراد بسلطان الفرس نادر شاة وبسلطان الترك السلطان
(٢١٤)

محمود الأول وكان المتولي لامارة مكة الشريف مسعود بن سعيد.
مؤلفاته
له: ١ الروضات الزاهرات في المعجزات بعد الوفاة ٢ سلاسل
الذهب المربوطة بقناديل العصمة الشامخة الرتب ٣ رسالة في تحريم
الدخان ٤ ديوان شعر جمعه الشيخ حسين بن عبد الرشيد نزيل النجف
الأشرف رأيت منه نسخة في العراق سنة ١٣٥٢ وغير ذلك.
شعره
لما ذهب نادر شاة قبة أمير المؤمنين ع سنة ١١٥٥ قال المترجم
قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين ع ويؤرخ التذهيب وقد خمسها تلميذه
الشيخ احمد النحوي وهي:
إذا ضامك الدهر يوما وجارا * فلذ بحمى امنع الخلق جارا
علي العلي وصنو النبي * وغيث الورى وغوث الحيارى
هزبر النزال وبحر النوال * وشمس الكمال التي لا توارى
إلى أن يقول في وصف القبة:
هي الشمس لكنها مرقد * لظل المهيمن جل اقتدارا
هي الشمس لكنها لا تغيب * ولا يحسد الليل فيها النهارا
هي الشمس والشهب في ضمنها * قناديلها ليس تخشى استتارا
عروس تجلت بوردية * ولم ترض غير الدراري نثارا
فها هي في تربها والشعاع * جلاها لعينيك درا صغارا
بدت تحت احمر فأنوسها * لنا شمعة نورها لا يوارى
هو الشمع ما احتاج للقط قط * ولا النفخ اطفاه مذ أنارا
ملائكة العرش حفت به * فراشا ولم تبغ عنه مطارا
هي الترس ذهب ثم استظل * به فارس ليس يخفي افتقارا
وياقوتة خرطت خيمة * على ملك فاق كسرى ودارا
وحق عقيق حوى جوهرا * تخطى الجبال وعام البحارا
ولم يتخذ غير عرش الاله * له معدنا وكفاه فخارا
حميا الجنان له نشوة * تسر النفوس وتنفي الخمارا
إذا رشقتها عيون الوفود * تراهم سكارى وما هم سكارى
عجبت لها إذ حوت يذبلا * وبحرا بيوم الندى لا يجارى
وكنت أفكر في التبر لم * غلا قيمة وتسامى فخارا
إلى أن بدا فوقها يخطف النواظر * مهما بدا واستنارا
وما يبلغ التبر من قبة * بها عالم الملك زاد افتخارا
ومذ كان صاحبها للإله * يدا ابدا نعمة واقتدارا
يد الله من فوق أيديهم * بدت فوق سر طوقها لا توارى
وقد رفعت فوق سر طوقها * تشير إلى وافديها جهارا
هلموا إلى من يفيض اللهى * ويردي العدى ويفك الأسارى
وتدعو اله السما بالهنا * لمن زار اعتابها واستجارا
قد اتصلت بذراع النجوم * وقد صافحتها الثريا جهارا
وكف الخضيب لها قد عنا * غداة اختفى وهي تبدو نهارا
قلائدها الشهب والنجم قد * غدا شنفها والهلال السوارا
وبالاي خوف عيون الأنام * ممنطقة قد بدت كالعذارى
غلت في السمو فظن الجهول * بان لها عند كيوان ثارا
وكيف وكيوان والنيرات * بها من صروف الزمان استجارا
ترى الوفود الندى حولها * طوافا باركانها واعتمارا
وفي قصر غمدان بان القصور * غداة تجلت وان عز دارا
ومهما بدا طاق ايوانها * أرانا الإله هلالا أنارا
لعين ذكاء غدا حاجبا * بنور أحال الليالي نهارا
هلال السماء له حاسد * لذلك دق وابدى اصفرارا
هلال لصوم وفطر غدا * لهذا يسر ويسمو فخارا
له طاق كسرى غدا خاضعا * وقد شق من غيظه حين غارا
ولما بدا لي المناران في * حماها الذي في العلى لا يبارى
هما الهرمان بمصر الفخار * أبانا عجائب ليست تمارى
عمودا صباح ولكن هما * معا صادقان لنا ان أنارا
أحاطت بها حجرات بها * نقوش بزينتها لا توارى
لأطلس أفلاكها فاخرت * بموشي برد به الطرف حارا
أزاهر روض ولكنها * أبت منة السجب الا اضطرارا
فثغر الأقاحي بها ضاحك * وان لم يرق جفن مزن قطارا
ونرجسها طرفه لا يزال * يلاحظ للحب ذاك المزارا
كوشي الحباب وكالوشم في * معاصم بيض جلتها العذارى
وقد أخجلت ارما فاغتدت * محجبة لا تميط الخمارا
بها الآي تتلى وتحيي العلوم * فيشفى غليل القلوب الحيارى
هي النار نار الكليم التي * عليها الهدى قد تبدت جهارا
تبدى سناها عينا فأرخت * آنست من جانب الطور نارا ١١٥٥
ومن شعره ما أرسله إلى صاحب نشوة السلافة:
سلام كنشر الروض إذ جاده القطر * وكالدر في اللألاء إذ حازه البحر
أخص به المولى سليل بشارة * أخا الفضل من في مدحه يزدهي الشعر
فتى فاز بالقدح المعلى من العلى * وحاز علوما لا يحيط بها الحصر
طوى سبل العلياء في متن سابق * لهمته القعساء عثيره الفخر
وبعد فان الحال من بعد بعدكم * كحال رياض الحزن فارقها القطر
فلله ليلات تقضت بقربكم * ولم يذو من روضات وصلكم الزهر
وإذ مورد اللذات صاف وناظري * يزيل قذاه منكم منظر نضر
فلا تقطعوا يوما عن الصب كتبكم * ففي نشرها للميت من بعدكم نشر
ولا برحت تبدو بأفق جبينكم * نجوم السعود الزهر ما نجم الزهر
وله يرثي الحسين ع:
يا شموسا في الترب غارت وكانت * تبهر الخلق بالسنا والسناء
يا جبالا شواهقا للمعالي * كيف و ارتك تربة الغبراء
يا بحارا في عرصة الطف جفت * بعد ما أروت الورى بالعطاء
يا غصونا ذوت وكان جناها * داينا للعفات في اللأواء
آه لا يطفئ البكاء غليلي * ولو اني اغترفت من دأماء
كيف يطفى والسبط نصب لعيني * وهو في كربة وفرط عناء
لست أنساه في الطفوف فريدا * بعد قتل الأصحاب والأقرباء
فإذا كر فر جيش الأعادي * وهم كثرة كقطر السماء
فرموه بأسهم الغدر بغيا * عن قسي الشحناء والبغضاء
(٢١٥)

ومن الجد قد دنا قاب قوسين * من الله ليلة الاسراء
فاتاه سهم رماه عن السرج * صريعا مخضبا بالدماء
فبكته السما دما وعليه الجن * ناحت في صبحها والمساء
أبا بني احمد سلام عليكم * من حزين مقلقل الأحشاء
يشتكي من حواسد في * هواكم ومدحكم والرثاء
فلئن كان ما يقولون عيبا * فهو تاجي وطوق جيد سنائي
طينتي خمرت بماء ولاكم * وأبونا ما بين طين وماء
وانا العبد ذو الجرائم نصر الله * نجل الحسين حلف البكاء
ارتجى منكم شرابا طهورا * يثلج الصدر يوم فصل القضاء
فاسمحوا لي به وكونوا ملاذي * من خطوب الزمان ذي الاعتداء
وعليكم من ربكم صلوات * تتهادى ما فاح نشر الكباء
وله في رثاء الحسين ع:
يا بقاع الطفوف طاب ثراك * وسقى الوابل الملث حماك
وحماك الاله من كل خطب * فلقد اخجل النجوم حصاك
ووجوه الملوك تحسد فرشا * تحت اقدام زائر وافاك
حيث قد صرت مرقدا لامام * واطئ نعله لفرق السماك
الحسين الشهيد روحي فداه * نجل مخدوم سائر الأفلاك
شنف عرش الاله مولى نداه * طوق جيد الأقيال والأملاك
أفتك الناس يوم طعن وضرب * وهو مع ذاك انسك النساك
وقال يرثي الحسين ع من قصيدة:
هل المحرم فاستهل دموعي * واثار نار الوجد بين ضلوعي
وأمات سلواني وأحيا لوعتي * وأطال احزاني وروع روعي
هذا هلال لاح أم هو خنجر * طعن الفؤاد فبأن طيب هجوعي
يا ليته طول المدى لم يبد من * حجب السرار ولم يفز بطلوع
ما هل الا جددت حلل الأسى * وتداعت الأحشاء للتقطيع
إذ كان يذكرني مصيبة ذي على * فوق السماوات العلى مرفوع
سبط النبي المصطفى خير الورى * أكرم به من منعم وشفيع
فهوى صريعا بالدماء مرملا * أفديه من دامي الجبين صريع
فاسودت الآفاق والدنيا غدت * مقلية المنظور والمسموع
أ تموت عطشانا وكفك سحبها * كم أنبتت للناس زهر ربيع
قد قلت للورقاء لما ان غدت * تبدي الأسى بالنوح والترجيع
ما من تباكى مثل من يبكي دما * فضح التطبع شيمة المطبوع
وله وقد كتبه على باب من أبواب الطارمة المقدسة الحسينية:
أيها الزوار نلتم * ههنا اقصى المرام
هذه جنات عدن * فادخلوها بسلام
وله وقد كتبه على باب آخر من أبوابها الشريفة:
زائري سبط أحمد * منبع الرشد والهدى
هذه باب حطة * فأدخلوا الباب سجدا
وله وقد كتبت على باب من أبواب المشهد الحائري:
هذه باب لجنات النعيم * سقفها رضوان رب العالمين
حيث قد شرفها الله بمن * جده مخدوم جبرئيل الأمين
الحسين المجتبى بحر الندى * در تاج الشهداء الأكرمين
فحماها الله من باب غدت * تطرد الاعدا وتاوي الخائفين
وله:
ولست أعد الشعر فخرا وانني * لأنظم منه ما يفوت الدراريا
ولكنني احمي حماي واتقي * عداي وارمي قاصدا من رمانيا
وان رمت لي فخرا عددت من العلى * مزايا عظاما لا عظاما بواليا
على انني من هاشم في صميمها * وحسبك بيتا في ذرى المجد ساميا
وقال يعتذر إلى بعض أجلاء السادات واسمه السيد مرتضى من هفوة
صدرت منه وكان مسافرا:
يا أيها المولى الذي هو مرتضى * بين الأنام وفضله مشهور
لا تنكروا تقصيرنا في حقكم * ان المسافر شانه التقصير
وله مشطرا بيتي دعبل الخزاعي:
لا اضحك الله سن الدهر ان ضحكت * ولا تبسم في افنانه الزهر
ولا مشي في الورى حاف ومنتعل * وآل احمد مظلومون قد قهروا
مشردون نفوا من عقر دارهم * فليس يأويهم بدو ولا حضر
جنوا ثمار المنايا وهي يانعة * كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر
وله مشطرا بيتي أبي نواس في الرضا ع:
إذا عاينتك العين من بعد غاية * ونورك يسمو البدر والشمس لا يخبو
وأدهشت الابصار من عظم ما رأت * وعارض فيك الشك أثبتك القلب
ولو أن قوما يمموك لقادهم * سنا وجهك الوضاح والسائق الحب
وان خسئت ابصارهم بالسنا يقد * نسميك حتى يستدل بك الركب
وله مشطرا أبيات أبي نواس في أهل البيت ع:
مطهرون نقيات ثيابهم * والذكر يشهد والقرآن والسير
تجري مجاري نداهم للأنام كما * تجري الصلاة عليهم كلما ذكروا
من لم يكن علويا حين تنسبه * فليس يعلو له قدر ولا خطر
وكيف يسحب ذيل الفخر يوم علاء * وما له من قديم الدهر مفتخر
الله لما برى خلقا فاتقنه * ولاكم امره فالكل مفتقر
وحيث كنتم لسر الله أوعية * صفاكم واصطفاكم أيها الغرر
فأنتم الملأ الاعلى وعندكم * توراة موسى وما قد أودع الخضر
والصحف أجمع والإنجيل يتبعها * علم الكتاب وما جاءت به السور
وله تشطير بيتي مجنون ليلى:
أمر على الديار ديار ليلى * فالقى العاشقين بها حيارى
واطلب غفلة الرقباء عني * فالثم ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي * وان حازت محاسن لا تبارى
وكانت كالجنان مزخرفات * ولكن حب من سكن الديارا
قال عصام الدين: اتفق ان حضرنا معه في مجلس وانا شاب إذ ذاك
فجرى ذكر القريض فقال رأيت على باب مرقد أحد الصحابة مكتوبا بيتان
(٢١٦)

من الشعر وقد خمستهما وشطرتهما وطلب مني ان اخمسهما قبل ان ارى
تخميسه فقلت:
قد ضاقت السبل والأرواح في وهج * والضر في القلب والاحشاء والمهج
بالله أقسم لا بالبيت والحجج * لن أبرح الباب حتى تصلحوا عوجي
وتقبلوني على عيبي ونقصاني
قد أسعر القلب والعينان في ذرف * والصدر في قلق والروح في تلف
وقد أتيت لدفع الحزن واللهف * فان رضيتم فيا عزي ويا شرفي
وان أبيتم فمن أرجو لغفراني
فاعترض على قوله بالله أقسم لا بالبيت والحجج حيث وقع القسم
بالله لا بالحجج فأجبته بقول الشيخ عبد الغني النابلسي:
بالله أقسم لا بالذاريات ولا * بالعاديات ولا بالنجم والفلق
فاستحسن الجواب ثم أنشدني تخميسه وهو:
يا سادة نورهم في الصبح كالبلج * وفيض نائلهم للوفد كاللجج
وترب اعتابهم كالمسك في الأرج * لن أبرح الباب حتى تصلحوا عواجي
وتقبلوني على عيبي ونقصاني
سودت وجهي بما أودعت في صحف * وقد مددت إليكم كف معترف
بالذنب من أبحر الغفران مغترفي * فان رضيتم فيا عزي ويا شرفي
وان أبيتم فمن أرجو لغفراني
وله في أمير المؤمنين ع:
يا عين هذا المرتضى حيدر * هذا البطين الأنزع الأطهر
هذا الذي رايات أوصافه * في راحة الذكر غدت تنشر
واليوم أكملت لكم دينكم * عن سر ما قد قلته تخبر
هذا الذي للناس في سيفه * وسيبه النيران والابحر
هذا الذي ارغم صمصامه * أنف قريش بعد ما استكبروا
وجدل الأبطال في بدرهم * ووجهه كالشمس إذ تسفر
هذا الذي لو كانت الجن والإنس * واملاك السما تسطر
وكانت الأشجار أقلامهم * وحبرهم ما حوت الأبحر
لم يحرزوا معشار عشر الذي * له من الفضل ولم يحصروا
أحسن بها من روضة غضة * أريجها كالمسك بل اعطر
ودت دراري الشهب لو أنها * على ثراها كالحصى تنثر
وكيف لا وهي جناب لمن * دان له الأسود والأحمر
من شرف البيت بميلاده * وحجره والحجر الأنور
وقد صفا عيش الصفا فيه والمروة * أضحت بالهنا تخطر
وكم به نالت منى من منى * قبل بها بشرت الأعصر
وزال خوف الخيف فيه وقد * تنعم التنعيم والمشعر
فاسمع أمير النحل نظما غدا * كالشهد ألباب الورى يسحر
وكن كفيلا بخلاص امرئ * ما زال في بحر الخطا يغمر
وقال في التشوق إلى كربلاء المشرفة ومدحها ومدح ريحانة رسول الله
ص أبي عبد الله الحسين ع:
يا تربة شرفت بالسيد الزاكي * سقاك دمع الحيا الهامي وحياك
زرناك شوقا ولو أن النوى فرشت * عرض الفلاة لنا جمرا لزرناك
وكيف لا وقد فقت السماء علاء * وفاق شهب الدراري الغر حصباك
وفاق ماؤك أمواه الحياة وقد * ازرى بنشر الكبا والمسك رياك
رام الهلال وان جلت مطالعه * ان يغتدي نعل من يسعى لمغناك
وودت الكعبة الغراء لو قدرت * على المسير لكي تحظى بمرآك
اقدام من زار مثواك الشريف غدت * تفاخر الرأس منه طاب مثواك
ولا تخاف العمى عين قد اكتحلت * أجفانها بغبار من صحاراك
فأنت جنتنا دنيا وآخرة * لو كان خلد فيك المغرم الباكي
وليس غير الفرات العذب فيك لنا * من كوثر طاب حتى الحشر مرعاك
وسدرة المنتهى في الصحف منك زهت * طوبى لصب تملى من محياك
كم خضت بحر سراب زادني ظما * سفينة العيس من شوقي للقياك
كم قد ركبت إليك السفن من شغف * فقلت يا سفن بسم الله مجراك
لله أيام انس فيك قد سلفت * حيث السعادة من أدنى عطاياك
فكم سقيت بها العاني كؤوس منى * ممزوجة بالهنا سقيا لسقياك
وكم قطفنا بها زهر المسرة من * وصال قوم كرام الأصل نساك
كأنهم أبحر جودا ولفظهم * كأنه درر من غير أسلاك
فالآن تنهل سحب الدمع من كمد * مهما تبدت بروق من ثناياك
وها انا اليوم بكاء تساورني * من الأسى جية تعزى لضحاك
حياك ربي وحيا سادة نزلوا * في القلب منى وان لاحوا بمغناك
ولا برحت ملاذا للأنام ومصباح * الظلام وبرء المدنف الشاكي
وأرسل إلى الحاج محمد جواد عواد البغدادي بهذه الأبيات:
ما عليكم لوجدتم بالتلاقي * وشفعتم تقبيلكم بالعناق
فلو انا على اللقاء قدرنا * لسعينا ولو على الأحداق
لكن الدهر خاننا فسقانا * بعد شهد الوصال صاب الفراق
فإلى الله لا إلى العبد نشكو * ألم البعد فهو مر المذاق
فاعد لي يا دهر تلك الليالي * مع رفاق أكرم بهم من رفاق
أسد في الحروب تثني عليهم * ألسن السمر والصفاح والرقاق
نشرت راية الثناء عليهم * بيمين السخاء في الآفاق
قيدوا أنفس الورى في هواهم * فهو طوع لهم على الاطلاق
وبهم زين الزمان فهم في * عنق الفخر منه كالأطواق
سيما الماجد الجواد الذي قد * ملك المكرمات باستحقاق
فإذا ما جرى بمضمار نظم * يغتدي محرزا يراع السباق
ولكن قال غيره الشعر لكن * صهيل الجواد غير النهاق
فسوى النصر ما له من قرين * في المعالي وفي المعاني الدقاق
فهما قرقدا سما الفخر قرطا * سمعي المجد بين أهل العراق
إذ هما قد تشطرا ضرعي الجود * وحفظ الاخاء والميثاق
فسلام عليهما ما تثنت * قضب الوجد من نسيم اشتياق
وقال وأرسلها إلى مكة إلى الحاج محمد جواد المتقدم الذكر:
يا من غدا جارا لزمزم والصفا * عيشي وحق الله بعدك ما صفا
ولقد عجبت لعاذل ما انصفا * أيظن قلبي من حديد أو صفا
ما للعذول وما لي * روحي فداك ومالي
مولاي ملك الوجد بعدك ما عفا * عن مغرم منه التجلد قد عفا
عمن له شحط النوى قد اضعفا * فعلى حياتي بعد بعدكم العفا
يا من بهم انا غالي * وبحبهم انا غالي
يا أيها المولى العزيز المصطفى * دمعي غدا يحكي السحاب الأوطفا
(٢١٧)

لكن لهيب الشوق فيه ما انطفى * والقلب في ابحار همي ما طفا
لمدحكم انا تالي وسمتكم انا تالي * يا من لآثار المكارم قد قفا
يا من محيا من يعاديه قفا * يا من لعسال المعالي ثقفا
يا من بمركز حبه لي اوقفا * ثوب اصطباري بالي إذ قد توزع بالي
يا من لنا راح إلهنا قد ارشفا * يا من برقية وصله لي قد شفى
لهب الجوى لمدامعي ما نشفا * والقلب من نار الغرام على شفا
حيث السرور ملا لي * مذ غبت كأس ملال
يا ماجدا للنوم عن عيني نفى * يا من لجسمي بالنوى قد أدنفا
يا من لسمعي نظمه قد شنفا * يا من عصيت لأجله من عنفا
بقيت والحال حالي * وبالمسرة حالي
فاجابه الحاج محمد جواد يقول:
يا من غدا جارا لسبط المصطفى * يا من حكى بالجود خالا اوطفا
يا سيدا اهدى لنا وتعطفا * نظما ارق من النسيم والطفا
غدا كسحر حلال * وشهده قد حلا لي
أحيا فؤادا صبره منه عفا * وأذابه فرط الغرام واضعفا
وبقرب لقياكم له مذ اسعفا * شكر الزمان وعن خطاياه عفا
لله بدر النوال * جلا ظلام النوى لي
يا ماجدا لذرى المعالي أشرفا * يا غيث جود بالتكرم اسرفا
يا من لاثواب التأدب قد رفا * يا من له الافضال أصبح مطرفا
يا من نداه حلالي * بأنه ذو جلال
يا كنز فضل بالندا لي قد قفا * ببديع نظم راح يحكي القرقفا
يا من لجاري مدمعي مذ اوقفا * في حبه عن سحه ما اوقفا
يا صادقا في الخلال * جسمي قد غدا كالخلال
يا من لقلبي بالجوى قد اتحفا * يا من لجسمي بالنوى قد انحفا
يا من أطعت بحبه من ألحفا * وعصيت ما قال العذول وصحفا
يا سبط أشرف آل * اني بمدحك آل
يا بحر علم قد طما ان صنفا * يا طود حلم فيه فاق الأحنفا
لي فيك قلب للقلا ما جنفا * كلا ولا مولى سواك استأنفا
لا زلت للمجد عال * وللمفاضل عال
وأرسل المترجم إلى الحاج محمد جواد هدية من الباذنجان وكتب معها
هذين البيتين:
أيا ماجدا ان رمت يوما مديحه * فاحسانه يملي علي واكتب
دجنة باذنجاننا في سعودها * تخبر ان المانوية تكذب
واهدى المترجم إلى الحاج محمد جواد المذكور بسرا احمر واصفر وكتب
معها هذين البيتين:
خلالي ذا الأصفر المنتقى * يحاكي أياما لذا الدهر زانا
أصابع أعدائك الخائفين * تضرع تطلب منك الأمانا
واهدى المترجم إلى الحاج محمد المذكور هدية من الرطب الجني وكتب
معها هذين البيتين:
جواد يا من قلبه ونشره * قد راح كل منهما ذكيا
لما هززتم جذع نخلة الثنا * ألقت عليكم رطبا جنيا
وأرسل المترجم إلى الحاج محمد جواد المذكور هدية من التمر المسمى
بالمكتوم وكتب معها هذين البيتين:
أهديت مكتوما إلى ماجد * احسانه بين الورى ظاهر
فليتقبل دام اقباله * جهد مقل قلبه حائر
واهدى الحاج محمد جواد المذكور إلى المترجم خوخا فأرسل إليه
المترجم هذين البيتين:
جواد يا من غدا من بعد فرقتنا * مصفر وجه مشوبا دمعه بدم
ذو صفرة خوخكم ما حمرة نصعت * شبه البهار على خديك والعنم
وأرسل إلى الحاج محمد جواد المذكور بهذه الأبيات:
ما الروض وشته يمين الندى * بالنور حتى ظن جدوى يديك
ولا حميا الكاس إذ روقت * حتى غدت تحكي ثنائي عليك
يوما بأبهى من سلام غدا * يحمله طرف اشتياقي إليك
وقال مجيبا الحاج محمد جواد عن رسالة:
من رحيق الوصال كأسا ملاله * بعد ما عله أجاج الملالة
وحباه بزورة بعد مطل * ولكم ليلة حماه خياله
فجنى ورد وجنة ليس يذوي * وحنى غصن قامة مختاله
ذو محيا يزهو عليه عذار * شبه بدر يلوح في وسط هاله
خط ريحانه بياقوت خديه * كتابا يملي علينا جماله
ضاحك عن لئالئي أو أقاح * جاده دمع ديمة هطاله
لا ولكنه تبسم عما * حبرته يمين رب النباله
نور عين العلى الجواد جواد * نجل عبد الرضا حليف الجلاله
شمس صحو حبا المشوق بطرس * اسكر السمع مذ حسا جرياله
وأرسل المترجم إلى الحاج محمد جواد المذكور:
عج يا نسيم معطر الأنفاس * سحرا ببغداد حمى الأكياس
وألثم ثرى مسته نعل المجتبى * أعني جوادا ذا الندى والباس
وقل السلام عليك من صب غدا * كأس العنا من بعدك حاسي
متذكرا ليلات وصل قد مضت * أغنى سناك بها عن النبراس
ذاك الزمان هو الزمان فداؤه * هذا الزمان المستراب القاسي
وبقيت تحسو من رحيق الأمن ما * خطت يد سطرا على قرطاس
وأرسل المترجم إلى الحاج محمد جواد أيضا:
أ جواد قلبي بعدكم * قد هام في وادي الوله
وإذا بدا برق غدت * سحب المدامع مرسله
ويلي على بغداد لو * كانت تفيد الولوله
مرت لييلات بها * غر الجباه محجله
حليت بها راح السرور * براح دنيا مقبله
فالآن ليلي بعدكم * ليل السليم أخي الوله
ثم السلام عليكم * ما حث حاد يعمله
وأرسل المترجم إلى الحاج محمد جواد هذه الأرجوزة وكان قد ارسل
إليه أبياتا واهدى إليه عصابة وخفافا:
(٢١٨)

أهدي السلام للامام الكاظم * وللجواد غر الأكارم
أذكى سلام عطر النسيم * يهدي إلى المهذب الكريم
أعني به جواد ميدان العلى * من في نداه مر عيشي قد حلا
بيت قصيد ناظمي القريض * وغيث روض الأدب الأريض
من قد غدا واسطة القلاده * وشمس أفق الفضل والإفادة
سليل فياض الندى عبد الرضا * لا زال سيف العزم منه منتضى
اهدى لنا صحيفة مهذبه * ألفاظها حالية مذهبه
بلقيس حسن همت فيها ولها * قد أوتيت من كل شئ ولها
لا تعجبوا ان نظم الجواد * لئالئا سلوكها الوداد
فالله قد ملكه الرقيقا * من كل نظم يخجل الرحيقا
فلو رأى أشعاره العذابا في * سالف الدهر الوليد شابا
ولو رآها الفاضل الوداعي * لفارق النظم بلا وداع
ولو رآها الألمعي الذهبي * حقق ان نظمه من خشب
ولو رآها ابن منير اظلمت * عليه سبل نظمه واستبهمت
ثم السلام الناضر الازاهر * على أبيكم حائز المفاخر
ثم على احمد النبيه * ثم على الخلاصة الوجيه
ثم على حسين الجواد * ثم على المحسن ذي السداد
ثم على سلالة الأطائب * قاسم الميسي ذي المناقب
ثم على المهذب المبجل * محمد نجل علي الأكمل
ثم على محمد الطلاع * مهذب الاشعار والأسجاع
ثم على محمد الدوار * من عن ثناه قصرت أشعاري
ثم على حبيبنا النظامي * رب القريض السلس الغرامي
ووالدي ذو المنن الجسام * ينهي إليكم وافر السلام
كذا علي واخوه الأمجد * ومحسن ابن عمنا واحمد
وبعد فالعصابة الجميلة * قد بلغت مع صاحب الفضيلة
كأنها غمامة حمراء * طرازها برق له لألاء
لو نسجت في سالف العصور * لحار في الوصف لها الحريري
عوذت من قد حاكها من الحسد * لحسنها بقل هو الله أحد
وقد أتت تلك الخفاف الرائقه * مع ذي المعالي والسجايا الفائقه
لا زال من يشناكم يرجع في * خفي حنين ذا دموع ذرف
بخاصف النعل علي المرتضى * عليه صلى الله ما برق اضا
ومر في ترجمة الحاج محمد جواد ابن الحاج عبد الرضا البغدادي جملة
من مراسلته مع المترجم.
وله مكتفيا في الدخان:
ان جاءك الأضياف فاحفل بهم * لا سيما ان اقبلوا في الشتاء
وبعد ما تتلو كلوا واشربوا * قاتل عليهم يوم تأتي السماء
وله في النارجيلة القليان:
لله قليان من البلور قد * حارت بحسن صفاته أوصافي
ما جاءه الأضياف يوم سرورهم * الا تلقاهم بقلب صافي
وله فيه مضمنا:
مذ بدت النار على رأس * غليون يجلي للهنا صبحا
أدبر جيش الهم خوفا لان * جاء شقيق عارضا رمحا
وله فيه مضمنا:
قد جاء والغليون بين شفاهه * يا ليتني نعمت في رشفاتها
يبدو الدخان عليه ثمة ينجلي * كتنفس العذراء في مرآتها
وله فيه مقتبسا:
أنكرت تتنا نتنا * دخانه فيه العطب
يقول من يمتص من أنبوبة * شواظها قد التهب
يقول من ينكره * تبت يدا أبي لهب
وله فيه وفي القهوة مقتبسا أيضا:
أحضر التتن مع * القهوة في ليل بهيم
فانا من ذا وهذي * في سموم وحميم
وله فيه مضمنا:
يا رب سلط على قضب الدخان لظى * فقد توله فيه السادة الصيد
فما نرى أحدا ممن نصاحبه * الا وفي يده من نتنها عود
وله في القهوة مقتبسا:
اقبل الأسود بالسوداء في * قدح مثلهما بالنحس يفضي
فدجا يومي إذ قد جمعت * ظلمات بعضها من فوق بعض
وله فيها مضمنا:
قد جاءني الأسود في قهوة * سوداء تحكي ليلة الصد
وقال لي اشرب غير مستنكف * ريقي من كفي على خدي
وله فيها مضمنا:
لله سوداء تجلت لنا * في قدح أبيض يحكي الهلال
كأنها لما تجلت به * ساعة هجر في زمان الوصال
وله فيها:
سليلة البن للينا أتت * ونشرها ينعش من ودها
فقال لي العنبر لما انجلت * لا تدعني الا بيا عبدها
وله:
اخفض جناحك للأنام تصل إلى * أعلى العلى وتكن بذاك معظما
أ وما تشاهد قطر نيسان اغتدى * درا نضيدا في الهبوط من السما
وله في سفرجل:
أ مهدي يا شمس أفق العلى * ويا ماجدا أصله قد كرم
بحل الأحاجي شأوت الورى * فما مثل هذا مغيب عظم
ميرزا نصر الله الفارسي الشيرازي أصلا السنابادي منشأ.
توفي سنة ١٢٩٠ في جمادى الآخرة في المشهد الرضوي ودفن في
الصحن الجديد. في فردوس التواريخ انه جاء من مسقط رأسه شيراز
إلى المشهد المقدس للزيارة فصار مدرسا وفي مطلع الشمس عند ذكر علماء
خراسان: كان المدرس الأول في الآستانة المقدسة الرضوية من أعاظم
العصر بل من فحول رجال الدهر له نهاية الحذاقة وكمال المهارة في جميع
(٢١٩)

الفنون العقلية والنقلية وله مصنفات بديعة في غالب العلوم منها ١
تعليقات على قوانين الأصول أربع مجلدات ٢ حواشي على الروضة في
الفقه أربع مجلدات أيضا ٣ تعاليق على أوائل تفسير البيضاوي ٤ رسالة
مبسوطة في العروض ٥ كتاب في خلل الصلاة ٦ رسالة في النسبة
الثنائية بين الدوائر العظام ٧ حواشي على الشرح الكبير ٨ تعليقات على
فرائد الشيخ مرتضى الأنصاري ٩ رسالة في حل بعض معضلات مسائل
علم الحساب وغير ذلك يروي بالإجازة عن الشيخ مرتضى التستري
الأنصاري وعن مولانا الفاضل الدربندي كان ورعا تقيا زاهدا مقدسا وولده
ميرزا عبد الرحمن من مفاخر خراسان.
الشيخ نصر الله حدرج العاملي.
عالم فاضل أديب شاعر من تلاميذ جدنا الاعلى السيد أبي الحسن
موسى قال يرثيه بهذه القصيدة ويعزي عنه ولديه السيد محمد الأمين والسيد
حسين:
لما لا تجود العين بالمدمع الغمر * وتجري دما ان لم يكن دمعها يجري
وكيف يقل الصدر من نفثاته * ويعلم انا قد أصبنا بذي الصدر
بخير بني حواء أصلا ومحتدا * وأعلا بني العلياء والعز والفخر
أبي الحسن الزاكي سليل محمد * وفاطمة والمرتضى حيدر الطهر
فتبا لقلب لم يذب يوم فقده * وسحقا لطرف يألف الغمض في الدهر
وكيف يلذ العيش من بعد ما مضى * على فجاة واستقبلت حيرة الامر
وما تبلغ الأقوال من وصف سيد * بعيد المدى في العلم أغزر من بحر
واسمح من غيث السماء إذا همى * وأفصح من قس واجرأ من عمرو
على فقده فليبك للعلم طالب * حفي به وليبك ذو العدم والفقر
فكم جاهل أحيا بفيض علومه * وكم معدم أغنى بنائله الغمر
هو الفاضل النحرير والمصقع الذي * له دان أهل الفضل من غير ما نكر
هو الماجد المجدي الذي عم مجده * واحسانه أهل البسيطة كالقطر
تهاوت نجوم الأفق يوم وفاته * وحق عليه الكسف للشمس والبدر
وما غسله الا امتثال لسنة * وهل طاهر يحتاج يوما إلى طهر
سنبكيك يا من كان شمسا لعصرنا * ومذ غاب عاينا الظلام بذا العصر
ستبكيك يا فرد الزمان مدارس * بدرسك كانت تستطيل على الزهر
سيبكيك تهذيب الأصول وزبدة * وعلم المعاني والتفاسير للذكر
سيبكيك علم الصرف والمنطق الذي * وضعت به الوافي بقصد اولي الفكر
سيبكيك في النحو الجليل وسيلة * سمحت بها مما حويت من الدر
ستبكي لك الاخبار والفقه حسرة * فلولاك داما في غطاء وفي ستر
ولولاك لم تدر الدراية في الورى * ولا شاع علم في الشام ولا مصر
سيبكيك من علم الحساب خلاصة * إلى أن ينادى بالحساب وبالحشر
سيبكي عليك المسجد الجامع الذي * به طالما بالغت في الوعظ والزجر
سيبكيك طلاب العلوم فإنهم * بك افتقدوا احنى من الوالد البر
وليس بأحرى بالكابة والبكا * عليك من التوحيد يا واحد العصر
فلو ان صدرا كان قبرا لميت * لما كان قبر يحتويك سوى صدري
ولم تبلغ الخنسا رثائي ولم تكن * بأفجع مني في البكاء على صخر
فقد كنت لي شيخا مفيدا ومحسنا * إلي ومن دون الورى كنت لي ذخري
سقى جدثا فيه حللت سحائب * غدا ودقها يهمي على ذلك القبر
فيا آله صبرا وان جل خطبه * فربك يجزي الصابرين على الصبر
وما مات من كان الأمين محمد * له خلفا يحيا به طيب الذكر
وكان حسين صنوه خلفا له * سبوقا إلى نيل المكارم والفخر
سري جرى مجرى أبيه مجليا * وما زال سباقا لغاياته يجري
حري بحل المشكلات مبدل * إذا امه الوفاد للعسر باليسر
فواضله تحكي غزارة فضله * وضوء محياه يفوق سنا البدر
تفجر من فيه الفصاحة والندى * يسيل ويهمي من أنامله العشر
فوائده للمستفيد معدة * فما لامرئ لم يستفدهن من عذر
فلا زال كشاف الغوامض مبرزا * دقائقها بعد الخفاء إلى الجهر
ولما توفي ولده السيد محمد الأمين رثاه أيضا بقصيدة ومما وجدناه
بخطه في أولها: ومما قلته وانا الفقير إلى رحمة ربه ومولاه نصر الله حدرج
راثيا ذا الفضل المبين والشرف المتين السيد محمد امين نجل شيخي وأستاذي
ومعولي واعتمادي صاحب الجود والمنن والفصاحة واللسن السيد أبو الحسن
تغمدهما الله برحمته واسكنهما أعلى جنته بمنه ويمنه ومادحا ولده ذا القدر العلي
والفضل الجلي والخلق الرضي الشهم اللوذعي والفذ الألمعي سيدنا السيد
علي أعلى الله شانه وخفض من شانه وادام الله وجوده وكبت حسوده ووفقه
لما يرضيه وجعل مستقبله خيرا من ماضيه ونفع بعلومه العباد وأحيا ببقائه
البلاد انه أكبر مسؤول وأعظم مأمول:
دعيني فجرح فؤادي ليس يندمل * والنار في الصدر والاحشاء تشتعل
والجفن مني جفا طيب الهجوع وها * صوب الدموع كوكف السحب منهمل
والهم مقترب والامر مضطرب * والصبر مغترب عني ومرتحل
وكيف يفرح من اودى بمهجته * صرف الزمان وغالت جسمه العلل
وما السرور بذي الدنيا وقد ظعن * الاخوان منها إلى الأجداث وارتحلوا
ناداهم المقاه الله فابتدروا * لما دعاهم وفي دار إلهنا نزلوا
ومدح فيها جدنا الأدنى السيد علي فقال:
بسط الرغائب مرغوب لديه كبسط * العلم لم يلهه مال ولا ملل
معتادة كفه ان لا تكف عن * الافضال ان يكفف السؤال أو يسلوا
الشيخ ميرزا نصر الله المشهدي.
في مطلع الشمس: ان له رئاسة كلية في العلوم الشرعية والحكمية
والأدبية والذوقية مشارا إليه.
قرأ على الفيلسوف المولى هادي السبزواري وعلى السيد محمد الحائري
والميرزا مسيح الطهراني. له من المؤلفات ١ كتاب الطهارة ٢ كتاب
البيع ٣ حواش متفرقة على القوانين ٤ الفصول في الأصول ٥ أجوبة
مسائل.
الميرزا نصر الله التربتي.
توفي سنة ١٢٩٨ بالمشهد المقدس ودفن في طرف المسجد الذي فوق
الرأس في الصفة المتصلة بذلك المسجد.
في فردوس التواريخ: كان من أتقياء واجلة علماء المشهد المقدس قرأ
الفنون الشرعية والعلوم الأصلية والفرعية عند السيد محمد علم الهدى
وأخيه وكان في المراتب العلمية محل اعتماد ووثوق الميرزا حسن المذكور في
(٢٢٠)

بابه وبإجازته اشتغل بنشر الفتاوى الشرعية وتدريس الكتب العلمية إلى أن
وصل إلى المقبولية العامة والمرجعية التامة.
أبو القاسم نصر بن الصباح البلخي.
من كبار شيوخ الشيعة متبحر في علم الرجال والتاريخ يروي عنه
الكشي في رجاله كثيرا له ١ كتاب معرفة الناقلين ٢ فرق الشيعة.
نصر بن نصير البحراني.
من الرواة الأقدمين يروي عن أبيه عن جابر بن عبد الله الأنصاري
عن النبي ص.
نصير الدين بن أحمد بن مهدي النراقي.
في الفوائد الرضوية: عالم جليل فاضل نبيل له مصنفات منها شرحه
على الكافي رأيته في المشهد الرضوي.
المولى نصير الدين الهمذاني.
من علماء عصر الشاة عباس الأول الصفوي ذكره بعض تلاميذ
المجلسي في كتابه الذي ذكر بعضه البحراني في كشكوله في أثناء ترجمة ميرزا
إبراهيم ابن ميرزا حسين الهمداني فقال: المولى نصير الدين الهمداني الذي
كان من علماء العصر وفريد الدهر ماهرا في الشعر والإنشاء ثم ذكر له تاريخا
بالفارسية لوفاة الميرزا إبراهيم المذكور.
نصير بن أحمد بن علي المناوي المصري الحمامي المعروف بالنصير الحمامي.
ولد سنة ٦٦٩ ومات في المحرم ٧٠٨.
في الدرر الكامنة: تعانى نظم الشعر ففاق فيه مع عاميته وكان يرتزق
بضمان الحمامات قال أبو حيان: كان أديبا كيس الأخلاق أنشدني لنفسه:
ان الغزال الذي هام الفؤاد به * استأنس اليوم عندي بعد ما نفرا
أظهرتها ظاهريات وقد ربضت * بها الأسود رآها الظبي فانكسرا
قال وأنشدني لنفسه:
لي منزل معروفه * ينهل غيثا كالسحب
اقبل ذا القدر به * وأكرم الجار الجنب
قال وأنشدني لنفسه:
ومذ لزمت الحمام صرت به * خلا يداري من لا يداريه
اعرف حر الأسى وبارده * وآخذ الماء من مجاريه
وكانت بينه وبين السراج الوراق وابن النقيب وابن دانيال وغيرهم
من المصريين مداعبات ومكاتبات يطول ذكرها ومنها ما كتب إلى الوراق:
رب راو عن النبي حديثا * مسندا ثابتا كلاما فصيحا
قال قال النبي قولا صحيحا * قلت قال النبي قولا صحيحا
ففهمت الذي أشار إليه * وسمعت الذي رواه صريحا
قال لي يا أديب أنت فقيه * قلت لا قال حزت ذهنا مليحا
فاجابه الوراق:
ان فعلا جعلته أنت قولا * ليس فيه يحتاج منك وضوحا
فابن منه مضارعا يظهر الخافي * ويبدو الذي كتبت صريحا
وتراه يبدو لعينيك معتلا * وقد قلت فيه قولا صحيحا
وهو فعل لم تأته أنت يا شيطان * فافهم مقالتي تلويحا
وكتب إلى السراج الوراق:
من الرأي عندي ان تواصل خلة * لها كبد حرى وفيض عيون
تراعي نجوما فيك من حر قلبها * وتبكي بدمعي فارح وحزين
غدا قلبها صبا عليك وأنت ان * تأخرت أضحت في حياض منون
واجتمع في عصر واحد السراج الوراق وكان يكتب الدرج لوالي
مصر وأبو الحسين الجزار وكانت صناعته الجزارة والمترجم النصير الحمامي
وكانوا شعراء أدباء ظرفاء وتطارحوا كثيرا وساعدتهم صنائعهم وألقابهم في
نظم التورية حتى قيل للسراج لولا لقبك وصناعتك لذهب نصف شعرك.
ومن شعر المترجم قوله:
رأيت شخصا آكلا كرشة * وهو أخو ذوق وفيه فطن
وقال ما زلت محبا لها * قلت من الايمان حب الوطن
نصير الدين الطوسي.
اسمه محمد بن محمد بن الحسن.
الأمير نصوح الحرفوشي الخزاعي البعلبكي.
ولي امارة بعلبك وتوابعها التي كانت لآل الحرفوش وجاء ذكره في
تاريخ الأمير حيدر الشهابي قال في حوادث سنة ١٢٣٦: كان قد تظاهر
بالخيانة ضد الأمير بشير الشهابي عندما ترك الولاية الأمير سلطان
الحرفوشي واخوه الأمير امين والشيخ حمود حمادة تعصبا منهم للمشائخ
الحمادية فانعطف عسكر الأمير بشير بقيادة الأمير ملحم الشهابي إلى الهرمل
لأجل طردهم من هناك وكان على ولاية بعلبك الأمير نصوح الحرفوشي
وكان بينه وبين الأمير سلطان تنازع على الولاية فلما وصل الأمير بأصحابه
إلى بعلبك تلقاه الأمير نصوح وسار معه إلى الهرمل وقبل وصولهم هرب
الأمير سلطان والأمير امين إلى بلاد عكار واما الشيخ حمود حمادة فحضر
لمواجهة الأمير ملحم فقبله وضمن له رضي الأمير بشير عنه وانصرف من
هناك راجعا والأمير نصوح الحرفوشي معه فرحب به الأمير بشير وأكرمه
انتهى.
النضر بن شعيب.
في طريق الصدوق إلى خالد القلانسي مجهول يروي عنه جماعة من
الاجلاء مثل محمد بن عبد الجبار ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب.
النضر بن عجلان الأنصاري.
كان مع أمير المؤمنين علي ع بصفين فقال من أبيات كما في كتاب
صفين لنصر بن مزاحم:
قد كنت عن صفين فيما قد خلا * وجنود صفين لعمري غافلا
كيف التفرق والوصي امامنا * لا كيف الا حيرة وتخاذلا
لا تعتبن عقولكم لا خير في * من لم يكن عند البلابل عاقلا
وذروا معوية الغوي وتابعوا * دين الوصي تصادفوه عاجلا
(٢٢١)

أبو نعيم نضر بن عصام بن المغيرة الفهري المعروف بقرقارة.
قال الميرزا في رجاله الكبير: روى عنه أبو الفضل الشيباني عن أبي
سعيد المراغي عن أحمد بن إسحاق ما يؤنس بتشيعه.
نضلة بن عبيد أو عبد الله بن الحارث بن حيال بن دعبل بن ربيعة بن
انس بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن
عمرو بن عامر أبو برزة الأسلمي.
هكذا في الاستيعاب وفي الإصابة: نضلة بن عبيد الأسلمي أبو برزة
مشهور بكنيته. وقال ابن دريد: نضلة بن عبد الله هو الذي قتل هلال بن
خطل فلعله كان اسم أبيه عبد الله ويقال له عبيد. ثم روى بالاسناد عن
محمد بن مالك بن يزيد بن أبي برزة الأسلمي قال كان اسم أبي برزة
الأسلمي نضلة بن نيار فسماه النبي ص عبد الله وقال نيار شيطان اي
سمى الأب عبد الله بدل نيار.
مات بالبصرة أو بمفازة سجستان وهراة أو بخراسان بمرو ودفن في
مقبرة كلاباذ سنة ٦٠ أو ٦٤ أو ٦٥.
في الاستيعاب: أسلم أبو برزة قديما وشهد فتح مكة ثم تحول إلى
البصرة وولده بها ثم غزا خراسان ومات بها في أيام يزيد بن معاوية أو في
آخر خلافة معاوية، قال الأزرق بن قيس: رأيت أبا برزة الأسلمي رجلا
مربوعا آدم، وروي عن أبي برزة أنه قال انا قتلت ابن خطل وهو متعلق
بأستار الكعبة انتهى.
عن الهيثم بن عدي انه خالد بن نضلة وعن الواقدي ان ولده يقولون
اسمه عبد الله بن نضلة وهو مشهور بكنيته وقال ابن سعد: كان من
ساكني المدينة ثم نزل البصرة وغزا خراسان وقال غيره شهد مع علي قتال
الخوارج بالنهروان وغزا خراسان بعد ذلك ويقال انه شهد صفين والنهروان
مع علي ع روي ذلك من طريق ثعلبة بن أبي برزة عن أبيه وقال ابن
الكلبي: نزل البصرة وله بها دار ثم سار إلى خراسان فنزل مرو ثم عاد
البصرة وقال خليفة مات بخراسان.
وقد اخرج البخاري في صحيحه انه عاب على مروان وابن الزبير
والقراء بالبصرة لما وقع الاختلاف بعد موت يزيد بن معاوية فقال في قصة
ذكرها حاصلها ان الجميع انما يقاتلون على الدنيا.
وعن تقريب ابن حجر: نضلة بن عبيد أبو برزة الأسلمي صحابي
مشهور بكنيته أسلم قبل الفتح وغزا سبع غزوات ثم نزل البصرة وغزا
خراسان فمات بها سنة خمس وستين على الصحيح.
من روى عنه أبو برزة
في الإصابة: روى عن النبي ص وعن أبي بكر.
من روى عن أبي برزة
في الاستيعاب: روى عنه أبو العالية وأبو المنهال وأبو الوضئ
والحسن البصري وجماعة غيرهم وفي الإصابة: روى عنه ابنه المغيرة وابنة
ابنه منية بنت عبيد بن أبي برزة وأبو عثمان النهدي وأبو العالية وأبو الوازع
وأبو الوضئ وأبو المنهال سيار بن سلامة والأزرق بن
قيس وأبو طاعون بن عبد السلام بن أبي حازم وآخرون.
نظام الملك الطوسي وزير ألب ارسلان اسمه حسن بن علي بن
إسحاق.
النظامشاهية
كانوا ملوكا في احمد نكر من بلاد الهند وهم عشرة ملوك أولهم ملك
حسن نظام الملك بن برهمنان ثم برهان نظامشاه بن أحمد شاة وهو أول من
اختار مذهب التشيع من أسرة النظامشاهية وآخرهم مرتضى نظامشاه بن
شاة علي. كان حيا ١٠١٦ وبعده أخذت سلطنتهم في الانحطاط والزوال.
وقد ذكروا في إبراهيم شاة ابن برهان نظام شاة وفي بهادر شاة ابن
نظام شاة.
نظام الدين القرشي الساوجي
توفي حدود ألف وأربعين.
كان تلميذ البهائي وصار مدرسا في مشهد عبد العظيم له الصحيح
العباسي قال في الرياض أنه كتاب طويل الذيل أورد فيه صحاح الأخبار من
الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتبرة مع الشرح خرج منه كتاب
الطهارة والصلاة ثم لما طال الكلام فيه عدل عنه إلى كتاب آخر بهذا الاسم
وكمله إلى آخر أبواب الفقه فاقتصر فيه على مجرد ذكر الاخبار وشرح
مشكلاتها ونقل بعض الأقوال.
الوزير نظام الملك
كان يسكن الري وهو أحد من أخذ الحديث عن البيت الدرويستي في
دوريست. قال الشيخ عبد الجليل الرازي في كتابه نقض الفضائح في
الإمامة في ترجمة الشيخ المسمى بخواجه جعفر بن محمد بن موسى بن
جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس بن الفاخر العبسي الدرويستي: كان
معظما في الغاية عند نظام الملك الوزير وكان يذهب في كل أسبوعين مرة من
الري إلى قرية دوريست لسماع ما كان يريده من الأحاديث ثم يرجع.
الشيخ نظر علي الطالقاني
توفي في المشهد الرضوي سنة ١٣٠٦.
عالم عارف حكيم فقيه متبحر حافظ للقرآن كان مقيما في طهران، له
كتاب كاشف الاسرار فارسي مطبوع في مجلد كبير يشتمل على أصول الدين
وعلى فن الأخلاق والمواعظ فرع من بعض أقسامه سنة ١٢٧٩ ومن بعضها
سنة ١٢٨٠ ومن بعضها سنة ١٢٨١ ومن بعضها سنة ١٢٨٣ ومن بعضها
سنة ١٢٨٤ ومن بعضها سنة ١٢٨٦ قرأ على الشيخ مرتضى الأنصاري.
الدرويش نظر علي النجفي
من عرفاء عصر السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي.
المولى نظر علي بن محمد امين الزجاج التستري
توفي في عشر الخمسين بعد المائة والألف.
في ذيل اجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان عالما ذكيا أديبا مهذبا ورعا متعففا قرأ على جدي وعلى المولى
(٢٢٢)

فخر الدين بن عبد بشران التستري من تلامذة المولى محسن الكاشاني وقرأت
عليه أكثر المفاتيح.
المولى نظر علي العجمي القادم إلى اليمن المعروف لدى العامة بالسيد علي
العجمي.
كان محدثا مفسرا أديبا شاعرا فاضلا طبيبا حاذقا وكان في جيش
السلطان نادر شاة في وجهه إلى بلاد الروم ثم انتقل إلى بلاد اليمن وسكن
صنعاء واشتغل بمعالجة المرضى وتنقل عنه الغرائب في المعالجة. ذكره في
نيل الوطر لكن مع عصبية عليه وتحامل. وكان إمام الزيدية زمن إقامة
المترجم بصنعاء المنصور بالله علي الحسني.
الشيخ نظر علي ابن الحاج إسماعيل الكرماني الحائري
توفي بكربلا سنة ١٣٤٨.
له جامع الشتات شبه الكشكول وله جليس الواعظين وأنيس
الذاكرين في قصص الأنبياء والمرسلين فارسي وله جمال الأمة في فضل
الصلاة على النبي والأئمة فارسي.
نظير المشهدي
ذهب إلى الهند سنة ١١٠٣ وانتظم في سلك كتاب عادل شاة وكان
من شعراء الفرس.
القاضي أبو حنيفة نعمان بن محمد بن منصور بن أحمد التميمي
توفي سنة ٣٦٣ واختلف في تاريخ ولادته فقال بعضهم أنها سنة
٢٥٩ وقال آخرون أنه ولد في العشر الأخير من القرن الثالث. (٢)
اتصل في أول عهده بمؤسس الدولة الفاطمية عبد الله المهدي ورافق
الدولة الجديدة خطوة فخطوة فبعد وفاة المهدي ولاه القائم بأمر الله قضاء
طرابلس الغرب وفي عهد المنصور تولى قضاء المنصورية وكان قضاؤه يشمل
سائر المدن الإفريقية مرجعا لجميع القضاة حتى عهد المعز لدين الله الذي
قربه إليه وأدناه من مجلسه، فوضع فيه كتاب المجالس والمسامرات.
ولما دخل المعز مصر كان معه النعمان وكان قاضيا للجيش فأصبح
في مصر قاضيا للقضاة وقال ابن خلكان: أنه كان مالكيا ثم عاد إلى مذهب الإمامية
. وهو اثنا عشري لا إسماعيلي.
أقوال العلماء في حقه
روى ابن خلكان عن المسبحي أن النعمان كان من أهل العلم والفقه
والدين والنبل ما لا مزيد عليه ونقل ابن خلكان عن ابن زولاق أن النعمان
القاضي كان في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه وعالما بوجوه
الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر الفحل والمعرفة بأيام الناس مع
عقل وانصاف.
ويقول عنه الدكتور محمد كامل حسين أنه من أكبر العلماء الذين
عرفتهم مصر في القرن الرابع الهجري.
مؤلفاته
بلغت مؤلفاته نحوا من سبعة وأربعين كتابا جمعت ألوانا شتى من
العلوم من فقه وتأويل وتفسير وأخبار وفيما نقل ابن خلكان عن ابن زولاق
أنه ألف لأهل البيت من الكتب آلاف أوراق بأحسن تاليف.
وهذه المؤلفات بعضها محفوظ وبعضها لا يوجد إلا بعض أجزائه
وبعضها فقد فلا يعرف إلا اسمه، وفي مكتبات أوروبا ستة من كتبه عددها
الدكتور محمد كامل حسين في مؤلفه في أدب مصر الفاطمية وهي: ١
جزء من كتاب شرح الأخبار في مكتبة برلين ٢ دعائم الاسلام وهذا
الكتاب من أهم كتبه ٣ تأويل دعائم الاسلام ٤ أساس التأويل ٥
جزء من كتاب المجالس والمسامرات. وهذه الكتب الأربعة موجودة بمكتبة
مدرسة اللغات الشرقية بلندن ٦ كتاب الهمة في اتباع الأئمة بمكتبة مكتب
الهند بلندن.
وتوجد نسخة من كتابه مناقب بني هاشم في مكتبة الميرزا محمد
الطهراني بسامراء. ومن كتبه المحفوظة ١ افتتاح الدعوة ٢ الايضاح
٣ الينبوع ٤ مختصر الآثار ٥ الطهارة ٦ القصيدة المختارة ٧
القصيدة المنتخبة ٨ منهج الفرائض ٩ رسالة في الرد على ابن قتيبة ١٠
اختلاف أصول المذاهب ١١ التوحيد والإمامة ١٢ تأويل الرؤيا ١٣
مفاتيح النعمة.
أما كتبه الأخرى فقد مضت بها احداث الدهر وهي كتب كثيرة.
ومن محاسن مؤلفاته كتاب المجالس والمسامرات المخطوط المحفوظ
في القاهرة وهذا الكتاب كما قال عنه الدكتور محمد كامل حسين مجموعة
ثمينة من أحاديث نقلها عن المعز لدين الله ووصف حوادث أتاها المعز
جمعها النعمان عنه أثناء جلوسه أو سيره معه، فهو لذلك يعد من أوثق
المصادر التاريخية والأدبية لناحية من حياة المعز السياسية والتعليمية.
ومن أطرف ما وجد في هذا الكتاب نصه على أن أول من اخترع قلم
الحبر كان هو المعز لدين الله فقد جاء في صفحة ١٣٥ من المخطوط على
ما روى الأستاذ حسين: قال القاضي النعمان بن محمد رضي الله عنه:
ذكر الامام المعز لدين الله القلم فوصف فضله، ورمز فيه بباطن العلم، ثم
قال: نريد أن نعمل قلما يكتب به بلا استمداد من دواة، يكون مداده من
داخله، فمتى شاء الإنسان كتب به فأمده وكتب بذلك ما شاء، ومتى شاء
تركه فارتفع المداد وكان القلم ناشفا منه، يجعله الكاتب في كمه أو حيث
شاء فلا يؤثر فيه، ولا يرشح شئ من المداد عنه، ولا يكون ذلك إلا
عندما يبتغي منه ويراد الكتابة به، فيكون آلة عجيبة لم نعلم انا سبقنا
إليها، ودليلا على حكمة بالغة لمن تأملها وعرف وجه المعنى فيها. فقلت:
ويكون هذا يا مولانا عليك سلام الله؟ قال يكون إن شاء الله. فما مر بعد
ذلك إلا أيام قلائل حتى جاء الصانع الذي وصف له الصنعة به معمولا من
ذهب، فأودعه المداد وكتب به فكتب وزاد شيئا من المداد على مقدار
الحاجة، فامر باصلاح شئ منه فاصلحه وجاء به، فإذا هو قلم يقلب في
اليد، ويميل إلى كل ناحية، فلا يبدو منه شئ من المداد، فإذا أخذه
الكاتب وكتب به كتب أحسن كتاب ما شاء أن يكتب به، ثم إذا رفعه عن
(٢٢٣)

الكتاب أمسك المداد. فرأيت صنعة عجيبة لم أكن أظن أني أرى مثلها،
وتبين فيه مثل حسن في أنه لا يسمح بما عنده إلا لمن طلب ذلك منه، ولا
يجود لغير مبتغ، ولا يخرج منه ما يضر فيلطخ يد من يمسكه أو ثوبه أو ما
لصق به فهو نفع لا ضرر، وجواد لمن سال، وممسك عمن لم يسال.
فأنت ترى أن المعز لدين الله وضع وصفا دقيقا لأقلام الحبر التي نستعملها
اليوم، وأمر بصنعها على النحو الذي رسمه، ونفهم من كلام المعز
والنعمان أن هذا النوع من الأقلام لم يكن معروفا قبل المعز، وإذا فالمعز
لدين الله الفاطمي الذي أنشأ القاهرة، هو أول رجل بلغنا أنه فكر في صنع
قلم الحبر على هذا النحو. وأنه نفذ فكرته وأخرجها إلى حيز الوجود بان
صنع قلم الحبر من الذهب.
النعمان بن إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي
قتل سنة ١٠٢.
كان فارسا شجاعا كأبيه وجده وله رياسة. قتل مع يزيد بن المهلب
ابن أبي صفرة حين خرج على يزيد بن عبد الملك بن مروان في خلافته
وخلعه وحاربه مسلمة بن عبد الملك بن مروان بالعقر على شاطئ الفرات
وكان قد اتى ابن المهلب ناس من أهل الكوفة كثير فجعل وعلى مذحج ربع
أسد النعمان بن إبراهيم بن الأشتر فلما قتل يزيد بن المهلب وانهزم أصحابه
واجتمع آل المهلب بالبصرة ثم ركبوا البحر حتى إذا كانوا بحيال كرمان
خرجوا من سفنهم وحملوا عيالاتهم وأموالهم على الدواب والمقدم عليهم
المفضل بن المهلب وبكرمان فلول كثيرة فاجتمعوا إليه وبعث مسلمة مدرك
ابن ضب الكلبي في طلبهم فأدرك المفضل في عقبة ومعه الفلول فعطفوا عليه
فقاتلوه واشتد قتالهم فقتل من أصحاب المفضل النعمان بن إبراهيم بن
الأشتر النخعي. ذكره ابن الأثير في الكامل.
النعمان بن العجلان بن النعمان الأنصاري
كان مع علي ع بصفين فقال:
وسائل بصفين عنا عند وقعتنا * وكيف كنا غداة المحك نبتدر
واسال غداة لقينا الأزد قاطبة * يوم البصيرة لما استجمعت مضر
لولا الإله وقوم قد عرفتهم * فيهم عفاف وما يأتي به القدر
لولا الإله وعفو من أبي حسن * عنهم وما زال منه العفو ينتظر
لما تداعت لهم بالمصر داعية * إلا الكلاب والا الشاء والحمر
كم مقعص قد تركناه بمقفرة * تعوي السباع لديه وهو منعفر
ما أن يؤوب ولا ترجوه أسرته * إلى القيامة حتى ينفخ الصور
وقال النعمان عجلان أيضا:
كيف التفرق والوصي امامنا * لا كيف إلا حيرة وتخاذلا
لا تعتبن كذا عقولكم لا خير في * من لم يكن عند البلابل عاقلا
وذروا معاوية الغوي وتابعوا * دين الوصي لتحمدوه آجلا
وقال الزبير بن بكار في الموفقيات: أنها اجتمعت جماعة من قريش
بعد بيعة أبي بكر وفيهم ناس من الأنصار واخلاط من المهاجرين وذلك بعد
أن انصرفت الأنصار عن رأيها وسكون الفتنة وجاء إليهم عمرو بن العاص
فأفاضوا في ذكر يوم السقيفة فقال عمرو والله لقد دفع الله عنا من الأنصار
عظيمة ولما دفع الله عنهم أعظم كادوا والله أن يحلوا حبل الاسلام كما قاتلوا
عليه ويخرجوا منه من أدخلوا فيه والله لئن كانوا سمعوا قول رسول الله ص
الأئمة من قريش ثم ادعوها لقد هلكوا وأهلكوا وإن كانوا لم يسمعوها فما
هم كالمهاجرين ولا سعد كابي بكر ولا المدينة كمكة ولقد قاتلونا أمس
فغلبونا على البدء ولو قاتلناهم اليوم لغلبناهم على العاقبة فلم يجبه أحد
وانصرف فقال:
ألا قل لأوس إذا جئتها * وقل إذا جئت للخزرج
تمنيتم الملك في يثرب * فأنزلت القدر لم تنضج
وأخدجتم الأمر قبل التمام * واعجب بذا المعجل المخدج
تريدون نتج الحيال العشار * ولم تنتجوه فلم ينتج
عجبت لسعد وأصحابه * ولو لم يهيجوه لم يهتج
رجا الخزرجي رجاء السراب * وقد يخلف المرء ما يرتجي
وكان كمسخ على كفه * بكف يقطعها أهوج
فلما بلغ الأنصار مقالته وشعره بعثوا إليه لسانهم وشاعرهم النعمان
ابن العجلان وكان رجلا أحمر قصيرا تزدريه العيون وكان سيدا فخما فاتى
عمرا وهو في جماعة من قريش فقال والله يا عمرو ما كرهتم من حربنا إلا ما
كرهنا من حربكم وما كان الله ليخرجكم من الاسلام بمن أدخلكم فيه إن
كان النبي ص قال الأئمة من قريش فقد قال لو سلك الناس شعبا وسلكت
الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار والله ما أخرجناكم من الأمر إذ قلنا
منا أمير ومنكم أمير وأما ما ذكرت فأبو بكر خير من سعد لكن سعدا في
الأنصار أطوع من أبي بكر في قريش فاما المهاجرون والأنصار فلا فرق بينهم
ولكنك يا ابن العاص وترت بني عبد مناف بمسيرك إلى الحبشة لقتل جعفر
وأصحابه ووترت بني مخزوم باهلاك عمارة بن الوليد ثم انصرف فقال:
فقل لقريش نحن أصحاب مكة * ويوم حنين والفوارس في بدر
وأصحاب أحد والنضير وخيبر * ونحن رجعنا من قريظة بالذكر
ويوم بأرض الشام إذ حل جعفر * وزيد وعبد الله في طلق نجري
وفي كل يوم ينكر الكلب أهله * نطاعن فيه بالمثقفة السمر
ونضرب في نقع العجاجة أرؤسا * ببيض كأمثال البروق إذا تسري
نصرنا وآوينا النبي ولم نخف * صروف الليالي والعظيم من الأمر
وقلنا لقوم هاجروا قبل مرحبا * وأهلا وسهلا قد امنتم من الفقر
نقاسمكم أموالنا وبيوتنا * كقسمة ايسار الجزور على الشطر
ونكفيكم الأمر الذي تكرهونه * وكنا أناسا نذهب العسر باليسر
وقلتم حرام نصب سعد ونصبكم * عتيق بن عثمان حلال أبا بكر
وأهل أبو بكر لها خير قائم * وإن عليا كان أخلق بالأمر
وكان هوانا في علي وأنه * لأهل لها يا عمرو من حيث لا تدري
فذاك بعون الله يدعو إلى الهدى * وينهي عن الفحشاء والبغي والنكر
وصي النبي المصطفى وابن عمه * وقاتل فرسان الضلالة والكفر
وهذا بحمد الله يهدي من العمى * ويفتح آذانا ثقلن من الوقر
نجي رسول الله في الغار وحده * وصاحبه الصديق في سالف الدهر
فلولا نبي الله لم يذهبوا بها * ولكن هذا الخير أجمع في الصبر
ولم نرض إلا بالرضا ولربما * ضربنا بأيدينا إلى أسفل القدر
فلما انتهى شعر النعمان إلى قريش غضب كثير منها وألفى ذلك
قدوم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن فجرى منه ما ذكر في ترجمته.
(٢٢٤)

وفي أسد الغابة: كان شاعرا فصيحا سيدا في قومه أتاه النبي ص
يعوده فقال كيف تجدك يا نعمان فقال أجدني أوعك فقال الله شفاء عاجلا
إن كان عرض مرض أو صبرا على بلية إن أطلت أو خروجا من الدنيا إلى
رحمتك إن قضيت أجله. وفي الإصابة ذكر المبرد أن علي بن أبي طالب
استعمل النعمان هذا على البحرين فجعل يعطي كل من جاء من بني زريق
فقال فيه الشاعل وهو أبو الأسود الدئلي:
ارى فتنة قد ألهت الناس عنكم * فندلا زريق المال من كل جانب
فان ابن عجلان الذي قد علمتم * يبدد مال الله فعل المناهب
وكانه يشير إلى قول الشاعر يصف لصا اسمه زريق:
يمرون بالدهنا خفافا عيابهم * ويرجعن من دارين بجر الحقائب
على حين إلهي الناس جلهم أمورهم * فندلا زريق المال ندل الثعالب
ويمكن أن يستفاد تشيعه من استعمال علي ع إياه على البحرين
فيدل على أنه رجع إليه كما رجع إليه كثير من الصحابة ومن قوله: وأن عليا
كان أخلق للامر وكان هوانا في علي البيت وإن كان في شعره ما قد
يستشم منه خلاف التشيع.
نعمان بن زيد الأنصاري صاحب راية الأنصار
في كتاب المقنع في الإمامة تاليف عبيد الله بن عبد الله السدآبادي:
وفي يوم السقيفة قال نعمان بن زيد صاحب زعامة الأنصاري:
يا ناعي الاسلام قم وأنعه * قد مات عرف واتى منكر
ما لقريش لا علاء كعبها * من قدموا اليوم ومن أخروا
مثل علي من خفى امره * عليهم والشمس لا تستر
وليس يطوى علم باهر * سام يد الله له تنشر
حتى يزيلوا صدع ملمومة * والصدع في الصخرة لا يجبر
كبش قريش في وغى حربها * فاروقها صديقها الأكبر
وكاشف الكرب إذا خطة * أعيا على واردها المصدر
كبر لله وصلى وما * صلى ذوو العيث ولا كبروا
تدبيرهم أدى إلى ما اتوا * تبا لهم يا بئس ما دبروا
السيد نعمان الأعرجي الحسيني الحلي
ذكره في نشوة السلافة فقال ومن رقيق شعره قوله:
حبيب فيه قد خلع العذار * وفي خديه قد نعم العذار
هلال دجى له عيناي أفق * غزال نقى له قلبي قفار
ولست ألومه إن صد عني * فان الظبي عادته النفار
أحب لوجهه الأقمار جمعا * ومنه عليه من شوق أغار
وأشفق إن دنا من فيه كأس * على در يقبله النضار
قال:
وله نظم رائق ذكرناه في كتابنا نتايج الأفكار فليطلب من
هناك.
نعمة الله بن أحمد بن خاتون العاملي
اسمه علي واشتهر بلقبه نعمة الله.
الأمير نعمة الله الحلي السيد الصدر الكبير
توفي في ٢٨ ذي الحجة سنة ٩٤٠.
في حبيب السير: من جملة السادات والعلماء بالحلة جاء سنة ٩٢٩
إلى هرات وكان يصحب الشيخ زين الدين علي فيها مدة ثم سافرا معا إلى
بلاد الغري. وقال في الرياض: صار في زمن الشاة طهماسب شريكا في
الصدارة مع السيد الصدر الأمير قوام الدين حسين ثم شاركه غياث الدين
منصور ثم عزل لمنازعة بينه وبين الكركي وافق فيها الشيخ إبراهيم القطيفي
عدو الشيخ علي الكركي وفي أحسن التواريخ لحسن بك روملو أنه من جملة
السادات الأعاظم بالحلة وله فضائل وكمالات ومهارة بالعلوم المتعلقة
بالاجتهاد حتى ظن أنه من المجتهدين وادعى هو ذلك لكن لم يذعن له
العلماء وله حدة ذهن وفهم وذكاء وفطرة عالية بحيث تغلب بذلك على كل
من ناظره وباحثه من العلماء حتى في بعض العلوم التي لا شأن له فيها وقد
انبرى لمخاصمة الكركي ومعاندته وحاول عقد مجلس لمناظرته في مسالة
صلاة الجمعة التي يرى الكركي صحتها في زمن الغيبة مع وجود المجتهد
الجامع لشرائط الفتوى وحمل السيد نعمة الله جماعة من العلماء والصدور
خصوم الكركي على موافقته مثل القاضي مسافر والمولى حسين الأردبيلي
ومحمود بك ابدار وملك أمل الخوئي وغيرهم ولكن لم يتهيأ له
ذلك ووقع له في شأن الكركي غير ذلك حتى نفاه الشاة طهماسب إلى بغداد.
نعمة الله الخطاط المشهدي
تعلم الخط في أول امره على السيد احمد المشهدي ثم جاء من المشهد
إلى قزوين وتعلم الخط على مولانا علي رضا التبريزي ولما اخذ الشاة عباس
الأول المشهد رجع المترجم إلى وطنه الأصلي في المشهد.
مير قطب الدين نعمة الله الدشتكي الشيرازي
كان من وزراء السلطان محمد قطبشاه السادس وكان هو المربي
والمؤدب لولده السلطان عبد الله قطبشاه السابع وقد اختلف في تاريخ وفاته
فالمنقول من كتاب گلزار آصفية أنه توفي بعد خمس سنين من ولادة
عبد الله قطبشاه الذي كان تحت تربيته وكان تولد عبد الله قطبشاه سنة
١٠٢٣ فيكون وفاة المترجم سنة ١٠٢٨ ولكن الذي يظهر من الكتابة
الموجودة على قبره أنه توفي سنة ١٠٢٤ والله العالم ومما يدل على تشيعه
الكتابة الموجودة على قبره اللهم صل على النبي والوصي والبتول والسبطين
والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والتقي والنقي والعسكري
والمهدي ع. (٢)
الشيخ نعمة ابن الشيخ علاء الدين الطريحي النجفي
توفي سنة ١٢٩٣.
ومر ذكر أبيه في حرف العين. عالم عامل فقيه من أولاد الشيخ فخر
الدين الطريحي صاحب مجمع البحرين. في تتمة أمل الآمل: أدركته في
النجف وهو شيخ كبير قد ناهز التسعين كان له التقدم على جل علماء
النجف وله مرجعية ومجلس درس. اخذ عن صاحب الجواهر وكان معتمدا
ثقة له الإمامة في صلاة الجماعة وله في الفقه مصنفات لم تخرج إلى المبيضة
وكان كثير الصمت والذكر لا يتكلم الا في مسالة. له مؤلف في احكام
الأرضين عند احفاده في النجف الأشرف وعلى ظهره ما صورته: أيد الله
تعالى محررها بتأييده وسدده بتسديده ونفع بها الطالبين وجعلها ذخيرة ليوم
(٢٢٥)

الدين وانها وحق الله لقد جمعت دقائق المعاني واحتوت على لطائف المباني
فاق بتحريرها وابراز معانيها الأوائل والأواخر يحق لها أن تكتب بالنور على
صفحات الحور حيث إنها انبات عن تمام الاستعداد وأن مصنفها له الملكة
القدسية الاجتهادية في استنباط الأحكام الشرعية الفرعية. حرره الأحقر
حسن ابن الشيخ جعفر. وعليها بخط صاحب الجواهر: سرحت نظري
في هذا الكتاب الذي ألفه ولدنا وقرة أعيننا العالم العامل والفاضل الكامل
الشيخ نعمة الطريحي سلمه الله تعالى وأبقاه فوجدته روضة من رياض الجنة
حريا بان يكتب بالنور على جبهات الحور لاشتماله على تحقيق فائق وتدقيق
رائق لم يسبق إليه سابق ولا يحوم حائم مع السلامة من الحشو واللغو فحق
لمؤلفها أن تثنى له الوسادة وأن يفضل مداده دم الشهادة وأن تفرش له
الملائكة أجنحتها وتلقي إليه الخلائق أزمتها والحمد لله الذي لم يضيع تعبنا
في تربيته الخ.
وكتب بيده الوالد الفاتر محمد حسن ابن المرحوم الشيخ باقر.
السيد نعمة الله بن عبد الله الجزائري الموسوي التستري
ولد في الصباغية قرية من قرى الجزائر من اعمال البصرة سنة ١٠٥٠
وتوفي سنة ١١١٢ وكان قد توجه من تستر إلى زيارة الرضا ع ثم رجع
حتى وصل إلى جايدر من اعمال الفيلية فتوفي بها ودفن هناك وبنيت عليه
قبة فوقفوا له أوقاف وقبره إلى الآن مزور معمور.
ذكره حفيده السيد عبد الله ابن السيد نور الدين ابن السيد نعمة الله
فقال: كان من مبدأ نشوه إلى آخر عمره مولعا بطلب العلم ونشره وترويجه
كدودا لا يفتر عنه ولا يمل وكان في أسفاره يستصحب ما يقدر عليه من
الكتب فإذا نزلت القافلة وضعها واشتغل بها إلى وقت الرحيل وربما كان
يطالع في الكتاب وهو راكب قرأ أولا في الجزائر على جماعة من علمائها منهم
الشيخ العالم الفاضل الفقيه الأصولي المنطقي صاحب المصنفات في أصول
الفقه قاضي المسلمين يوسف بن محمد بن سليمان الجزائري والعالم الفاضل
الفقيه المحدث النحوي العابد الزاهد الورع الثقة محمد بن سليمان
الجزائري والعالم الفاضل الفقيه المحدث الثقة العابد الزاهد الورع الكريم
المعظم المطاع فرج الله بن سليمان بن محمد بن الحارث الجزائري ثم انتقل
إلى الحويزة واشتغل على علمائهم منهم العالم الفاضل الثقة الأديب الشاعر
الماهر المبارك الشيخ حسين بن سبتي الحويزي ثم سافر في أوائل الترعرع
إلى شيراز وهي يومئذ دار العلم ومجمع فضلاء الأمصار ومقصد الطلبة من
جميع الأقطار ومعه اخوه السيد نجم الدين وابن عمه السيد عزيز الله ابن
السيد عبد المطلب الموسوي وغيرهما من أقاربه واشتغلوا جميعا على علماء
فارس، اخذ المعقول عن الأستاذ العالم الفاضل المحقق المدقق المتكلم
الحكيم العابد الصالح المطاع بين الناس الشاة أبو الولي ابن الشاة تقي
الدين محمد الشيرازي والفاضل الفيلسوف الجليل الثقة الصدوق
إبراهيم بن صدر الدين إبراهيم الشيرازي طيب الله ثراهما وغيرهما من
الفلاسفة والمنطقيين واخذ المنقول عن المولى المحدث التقي الشيخ صالح بن
عبد الكريم البحريني رحمه الله وغيره ثم انتقل إلى أصبهان دار الملك
واتصل بمن فيها من العلماء الربانيين كالمولى المتكلم المحدث الجليل الشأن
ميرزا رفيع الدين محمد النائيني وقرأ عليه حاشيته على أصول الكافي والفقيه
المحدث الرياضي الإلهي المولى محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري وقرأ
عليه رسالته في الجمعة ثم اختص بالمولى الثقة الأوحد العديم النظير البارع
في التحرير والتقرير أفضل المتأخرين وأكمل المتبحرين محيي آثار الأئمة
الطاهرين محمد باقر بن محمد تقي المجلسي وأحله منه محل الولد البار من
الوالد المشفق الرؤوف والتزمه بضع سنين لا يفارقه ليلا ولا نهارا وكان ممن
يستعين بهم في تاليفه جامعه المسمى ببحار الأنوار وشرحه على الكافي
الموسوم بمرآة العقول ويخصه من سائر الأصحاب بمزيد اللطف والاكرام
ويثني عليه في المحافل ويوقره ويرفع منزلته ويحسن الظن به ويصوب تحقيقاته
ويميل إلى ترجيحاته ثم عاد إلى الجزائر وقد عب من كل بحر ونهر وقلب كل
فن بطنا لظهر. وفي تتمة أمل الآمل: أحسن من ترجمه حفيده في تحفة
العالم وهو كتاب في التاريخ فارسي قال بعد سرد نسبه: كل آباء هذا
الفاضل علماء إمامية أجلاء أتقياء وبنو أعمامه إلى الآن في الجزائر محترمون
معظمون عند العشائر العامة والخاصة إلى أن قال:
وجمع في خلال ذلك اي خلال اقامته في أصفهان عدة كتب تبلغ
أربعة آلاف كتاب وكتب بيده القاموس والكتب الأربعة وتفسير البيضاوي
وغير ذلك وقل كتاب من كتبه ليس عليه تعليقه أو تصحيحه وكتب له
هؤلاء إجازات عامة وعاد إلى الجزائر واخذ في الارشاد والإفادة حتى دخلت
سنة ١٠٧٩ وعصى حسين باشا ابن علي باشا والي البصرة على الوزير والي
بغداد العثماني فوقعت بينهما الحرب فانكسر حسين باشا وفر إلى الهند
وانتشرت العساكر العثمانية في البصرة ونواحيها واخذوا بالنهب والقتل وتتبع
الناس حتى فر أكثرهم ومنهم السيد نعمة الله رحل من الجزائر إلى الحويزة
وكانت للصفوية والولاة فيها السادات الأماجد المشعشية من قديم الزمان
ويومئذ كان الوالي السيد الاجل السيد علي ابن السيد خلف فأكرم السيد
نعمة الله غاية الاكرام ورحب به والتمسه على السكنى بالحويزة وكاتبه أهل
تستر وطلبوا قدومه فاستخار الله فخار له فورد تستر وأقام بها ولما سمع
الشاة السلطان سليمان الصفوي بذلك سر بقدومه وكتب إليه وفوض إليه
القضاء ومنصب شيخ الاسلام والتدريس ونيابة الصدر وامامة الجمعة
والجماعة وتولية المسجد الجامع والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر
المناصب الشرعية فاخذ السيد في ترويج الدين وتربية الناس ولم يكن في
تستر من يعرف شيئا من الاحكام حتى تذكية الحيوان ولم تمض مدة الا
وصار منهم أهل المعرفة والدين فامر السيد ببناء المساجد في كل محلة وعين
لكل مسجد إماما يصلي باهل تلك المحلة وصارت تستر من البلاد التي
تقصد لتحصيل العلم والسيد مداوم على التدريس والتعليم حتى تكمل من
تلامذته جماعة ووصلوا إلى أعلى مقام من الفضل والعلم مثل مولانا محمد بن
علي النجار ومولانا محمد باقر بن محمد حسين والسيد محمد شاهي والحاج
عبد الحسين الكركي والقاضي نعمة الله ابن القاضي معصوم.
مؤلفاته
له ١ شرحه الكبير على تهذيب الأحكام اثنا عشر مجلدا ٢ شرحه
الصغير ثمان مجلدات ٣ شرح الاستبصار ثلاث مجلدات ٤ شرح غوالي
اللآلي مجلدان ٥ الأنوار العثمانية مجلدان مطبوع ٦ نوادر الاخبار
مجلدان ٧ رياض الأبرار في مناقب الأئمة الاطهار ثلاث مجلدات ٨ زهر
الربيع مجلدان الأول منه مطبوع قال حفيده الا أن فيهما أشياء كثيرة ركيكة
قابلة للحذف والاسقاط ٩ قصص الأنبياء ١٠ شرح توحيد الصدوق
١١ قاطع اللجاج في شرح الاحتجاج ١٢ شرح عيون أخبار الرضا
١٣ شرح روضة الكافي كبير ١٤ شرحها صغير ١٥ شرح تهذيب
(٢٢٦)

النحو ١٦ شرح مغني اللبيب ١٧ حاشية على شرح الجامي إلى آخر
مبحث الاسم ١٨ رسالة منتهى المطلب في النحو ١٩ هداية المؤمنين في
الفقه الطهارة والصلاة طبع في بغداد ٢٠ منبع الحياة في فتاوى الأموات
٢١ مسكن الشجون في حكم الفرار من الطاعون ٢٢ مقامات النجاة
في الوعظ والتذكير ٢٣ الحواشي على كلام الله ثلاث مجلدات ٢٤
حواشي نهج البلاغة ٢٥ حواشي الصحيفة ٢٦ حواشي شرح ابن أبي
الحديد على النهج وله على أكثر كتب الحديث والفقه والعربية حواش
وتعليقات
. من يروي عنهم
يروي عن تسعة من الاجلاء وهم العلامة المجلسي والمحقق
الخوانساري والشيخ حسين بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن علي بن أحمد
بن أبي جامع العاملي ويروي مسلسلا بالآباء عن المحقق الكركي ومنهم
الفاضل بالأصولين هاشم بن الحسين بن عبد الرؤوف الأحسائي عن السيد
نور الدين أخي صاحب المدارك، ومنهم السيد ميرزا محمد بن شرف الدين
علي بن نعمة الله الجزائري عن صاحب الحاوي ومنهم الشيخ جعفر بن
كمال الدين البحراني عن علي بن نصر الله الجزائري ومنهم الشيخ المحدث
علي بن جمعة العروسي الحويزي صاحب تفسير نور الثقلين، ومنهم السيد
الجليل الأمير شرف الدين علي بن حجة الله الحسني الشوستاني الغروي
وتاسعهم الأمير فيض الله بن غياث الدين محمد الطباطبائي الراوي عن
السيد حسين بن حيدر الكركي واما من يروي عنه فكثيرون اجلهم ولده
السيد نور الدين صاحب فروق اللغة.
الشيخ رشيد الدين نعمة ابن الشيخ طالب البلاغي العاملي
في تكملة أمل الآمل: رأيته لما جاء من جبل عامل إلى العراق وكان
أديبا شاعرا ناثرا حسن الخط جيد الأدب حسن المعرفة بالعلوم العربية الآلية
وكان ظاهر الصلاح كثير التواضع حسن المعاشرة خفيف المئونة رجع إلى
بلاده وتوفي فيها انتهى وكان يسكن قرية راميا.
القاضي نعمة الله ابن القاضي معصوم التستري
من علماء عصر الشاة سليمان الصفوي. في تتمة أمل الآمل: قرأ
على السيد نعمة الله الجزائري واجازه وصدق على فضله وتولى القضاء
والأحكام الشرعية في بلاد خوزستان وكان في أعلا درجة الفضيلة في العلم
والعمل وقد ذكره السيد في تحفة العلماء في طي ترجمة السيد نعمة الله
الجزائري عند عده لتلاميذه.
السيد نعمة الله ابن السيد نور الدين بن السيد نعمة الله الجزائري
الموسوي الشهير بالسيد أغاتي
توفي في بيشاور سنة ١١٥١.
ذكره في تحفة العالم فقال: السيد العالم نعمة الله ابن السيد نور
الدين الشهير بالسيد أغاتي سيد عالي القدر في العلوم الهندسية والرياضية
منشرح الصدر شاعر ماهر له ديوان شعر يبلغ ٣ آلاف بيت. هاجر في
عنفوان الشباب إلى العراق وخراسان لتكميل العلوم ورغب في الفنون
الرياضية وأكملها ورحل إلى الهند فعظمه السلطان شاة محمد وأكرمه وحظي
عنده وهو الوحيد في رصد زيج محمد شاة الجديد.
نفطويه النحوي
اسمه إبراهيم بن محمد بن عرفة.
الشيخ برهان الدين نفيس بن عوض بن حكيم الكرماني
له شرح الأسباب والعلامات في الطب كتبه في سمرقند وفرع منه في
أواخر صفر سنة ٨٢٧ وأهداه إلى السلطان ألغ بك بن شاهرخ ابن الأمير
تيمور الكوركاني والمتن للشيخ نجيب الدين محمد بن علي بن عمر
السمرقندي. وبعده كتب شرح موجز القانون المشهور بشرح النفيسي
مطبوع.
السيدة نفيسة المدفونة بمصر
في عمدة الطالب: هي ابنة زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب
خرجت إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان فولدت منه وماتت بمصر ولها
هناك قبر يزار وهي التي يسميها أهل مصر الست نفيسة ويعظمون شأنها
ويقسمون بها وقد قيل إنها خرجت إلى عبد الملك بن مروان وأنها ماتت
حاملا منه والأصح الأول وقد قيل أن صاحبة القبر بمصر نفيسة بنت
الحسن بن زيد وأنها كانت تحت إسحاق بن جعفر الصادق والأول هو الثبت
المروي عن ثقات النسابين انتهى وممن ذكر انها بنت الحسن بن زيد، ابن
حجر في تهذيب التهذيب فقال في ترجمة الحسن وهو والد السيدة نفيسة
انتهى.
النقاش
اسمه أبو بكر محمد بن الحسن بن منصور الأنصاري النقاش
الموصلي.
النهاوندي
هو إبراهيم بن إسحاق.
النهدي
هو الهيثم بن أبي مسروق.
الشيخ نوح ابن الشيخ قاسم ابن الشيخ محمد الجعفري النجفي
توفي آيبا من الحج في جبل شمر سنة ١٣٠٠ ونقل إلى النجف ودفن
في داره.
والجعفري نسبة إلى الجعافرة قبيلة في الأهواز.
الفقيه الزاهد المشهور الحال من علماء النجف الأشرف وأئمة الجماعة
المعروفين بالفقاهة والصلاح. وهو من بيت قديم في النجف لا أقدم منه
فيهم علماء أجلاء تفقه بالشيخ علي والشيخ حسن ابني الشيخ جعفر
وبصاحب الجواهر واجازه الشيخ حسن اجازة عامة واخذ عنه جماعة من
العلماء مثل السيد أسد الله الأصفهاني والشيخ عبد الحسين الطهراني والميرزا
إبراهيم السبزواري والسيد جعفر المازندراني وكان ضليعا بالعربية وعلومها
اخذ عنه في ذلك الشيخ مهدي ابن الشيخ علي وسافر إلى أصفهان سنة
١٢٦٠ على عهد السيد محمد باقر حجة الاسلام بكتاب إليه من أستاذه
الشيخ علي فأكرمه وأعطاه وفاء ديونه. صنف شرح الشرائع مطولا من أول
الصلاة إلى آخر المواريث.
وفي تتمة أمل الآمل: رأيت اجازة من صاحب الجواهر للشيخ نوح
(٢٢٧)

اثنى عليه بها ثناء عظيما بالغ في علمه وفضله وصرح باجتهاده وعدالته ونفوذ
حكمه وجواز تقليده ولما مات رثاه شاعر العصر السيد محمد سعيد الحبوبي
النجفي بقصيدة طويلة موجودة في ديوانه.
السيد نور الدين ابن السيد نعمة الله الجزائري
توفي في ٦ ذي الحجة سنة ١١٥٨ ودفن عند المسجد الجامع بوصية
منه وقبته معروفة يتبرك بها.
كان عالما فاضلا تقيا نقيا حضر على أبيه وعلى غيره من علماء عصره
ذكره ولده السيد عبد الله في اجازته الكبيرة فقال: كان رضي الله عنه
حافظا ذكيا دقيق الفهم متوقد الذهن مستقيم السليقة حسن اللهجة فصيح
الكلام حلو المنطق جيد التعبير فطنا للنكات والدقائق عارفا بأساليب الكلام
شاعرا منشئا أديبا خطيبا مجيدا مهذب الأخلاق محمود السيرة كثير المروءة
متواضعا هينا لينا سهل العريكة مع ما هو عليه من الوقار وكانت أوقاته
مضبوطة موزعة على مشاغله الدينية و الدنيوية لا يدخل شغلا على شغل
ومن ثم كان فائزا ببركة الأوقات وكان إذا توجه لمطالعة درس أو التأمل في
عبارة مشكلة يقبل عليه بجميع حواسه وهمته لا يقطعه عنه قاطع حتى ينهيه
على وجهه وربما كان يدرس دروسا متعدده فكان يراجع شروحها وحواشيها
ومتعلقاتها أجمع ويلقي جميع ذلك وقت التدريس مع الرد والقبول لا يغرب
عنه حرف واحد وكان مع غاية حدة ذهنه وقوة ملكته كثير التثبت لا ينطق الا
بعد التروي وملاحظة الأطراف وكان موفقا سعيدا من أول عمره إلى آخره
عاش في سعة رزق ونعمة موفورة مستمرة وسافر إلى إيران مرارا وكان
مقبولا معظما عند أرباب الدنيا والدين واجتمع في حجته وزياراته بفضلاء
الحجاز والعراق وخراسان فعرفوا فضله وأذعنوا له. وذكره في ذيل السلافة
فمن جملة ما قال فيه: قد ذرف على السبعين ويعين ولا يستعين ويقوم
بفصل الخصومات وتنفيذ الاحكام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة
الجماعات وامامة الجمعات وقضاء الحقوق والتدريس والخطابة والنقابة
والنظر في مصالح الخلق ومراقبة الوفود وصلتهم. يروي بالإجازة عن
الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين الحر العاملي وهو أول
من اجازه سنة ١٠٩٨ وهو صبي لم يبلغ العشر سنين وذلك لما سافر به خاله
السيد صالح ابن السيد عطاء الله الجزائري إلى زيارة المشهد الرضوي لنذر
من والديه. ويروي بالقراءة الإجازة العامة عن والده السيد نعمة الله
الجزائري.
وقال في المستدركات: العالم الجليل السيد نور الدين صاحب
الرسائل المتعددة التي منها فرق اللغات في الفرق بين المتقاربات واستطرد
فيها فوائد كثيرة لغوية وأدبية وهي رسالة حسنة وادعى في أولها أنه لم يجد
من تصدى لجمع ذلك في كتاب أو نظمه في فصل أو إفراده في باب وإنما
يوجد منها في بعض الكتب تفاريق أو نزر متشتت في بعض التعاليق الخ.
وقد أفرده بالتأليف قبله الشيخ إبراهيم الكفعمي وسماه لمع البرق في معرفة
الفرق وينقل عنه في حواشي الجنة فراجع انتهى ما في المستدركات وقد
نسب الرسالة المذكورة صاحب الروضات إلى والده السيد نعمة الله ولعله
لذلك خصها صاحب المستدركات بالذكر واحتمال التعدد منتف لنصه على
أنه لم يسبق إلى ذلك وما كانت لتخفى عليه رسالة والده.
تلمذ عليه جماعة منهم المولى علي بن علي النجار التستري وهو الذي
كتب ابن المترجم شرح النخبة لأجله والآقا محمد بن فتح علي آقا ابن آقا محمد
ابن أسد التستري المتوفى سنة ١١٦٣.
مؤلفاته
له مصنفات ١ كتاب السيفية في اللغز كتبه في مقابل القوسية
للبهائي وهو كتبه في مقابل القلمية للدواني وكلها ألغاز ٢ شرح طهارة
النخبة للفيض وهو شرح المقصد الأول منه في طهارة الباطن والطهورية
كتبها بأمر السلطان شاة حسين الصفوي ٣ فروق اللغة ٤ كتاب في
النحو مبسوط إلى التمييز ٥ رسالة في حل بعض الأحاديث المشكلة ٦
رسالة في إحكام الطهارات ألفها بأمر سلطان العصر ٧ رسالة في شكوك
الصلاة ٨ ترجمة قصص الأنبياء لوالده ٩ ترجمة وصية هشام إلى غير
ذلك.
المولى نوروز علي ابن الحاج محمد باقر المعروف بالفاضل البسطامي التبريزي
الأصل القزويني المولد والمسكن.
توفي سنة ١٣٠٩ بمشهد الرضا ع ودفن في مقبرة قتل كاه.
فاضل محدث عالم مؤرخ قال في مطلع الشمس: أدركت صحبته
وتشرف بجوار المشهد الرضوي من عهد الصبا وله تبحر عجيب في الأخبار
والأحاديث قرأ أنواع العلوم على مولانا شمسي ومولانا ميرزا عسكري وله
مؤلفات ١ التحفة الحسينية ٢ التحفة الرضوية ٣ سرور العارفين في
أحوال المختار بن أبي عبيد وغير ذلك وعمره في هذه السنة وهي سنة ١٣٠٢
خمس وسبعون سنة.
وفي تتمة أمل الآمل: عالم فاضل بر تقي صالح خبير بالحديث
والرجال يعد من أهل العلم بالحديث عارف بأكثر العلوم الاسلامية تخرج
على علماء المشهد المقدس ثم ذكر له من المؤلفات زيادة عما في مطلع
الشمس: ٤ سراج المتهجدين في آداب صلاة الليل والتهجد فرع منه
سنة ١٢٦٥ وهو كتاب حسن نافع فارسي ٥ خلاصة النجاة مختصر رسالة
نجاة المتقين فارسي.
وله أيضا ٦ فردوس التواريخ في تاريخ مشهد الرضا ع
مطبوع ٧ الاكسير في أصول الدين والأخلاق ترجمة فارسية لكتابه
الموسوم بزاد السالكين في تهذيب الأربعين، يعني الأربعين الغزالية وضم
إليه فوائد من أخبار أهل البيت.
القاضي نور الله بن شريف الدين بن نور الله المرعشي الحسيني التستري
الشهير بالأمير السيد المعروف بالشهيد الثالث.
ولد سنة ٩٥٦ في بلدة تستر وتوفي شهيدا سنة ١٠١٩.
في تتمة أمل الآمل: أحد أركان الدهر وأفراد الزمان العالم
العلم العلامة المتكلم الفريد والمناظر الوحيد والمجاهد السعيد بحر العلوم ومخرس
الخصوم متبحر في كل العلوم ومصنف في سائر الفنون حسن التقرير جيد
التحرير نقي الكلام محقق مدقق طويل الباع واسع الاطلاع من بيت شرف
وعلم ورياسة وفضل وسياسة له آباء علماء حكماء رؤساء قدوة.
هاجر من وطنه أيام شبابه إلى المشهد المقدس الرضوي لتحصيل
العلوم وكانت الهجرة يومئذ للعلم إلى هناك ولما بلغ ما أراد رحل إلى بلاد
(٢٢٨)

الهند فاشتهر فضله وطار وصيته وهو متستر بالشافعية، ولما رأى السلطان
أكبر شاة علمه وفضله سأله تولية القضاء فقيل بشرط أن يقضي بما يوافق
اجتهاده من فتوى المذاهب الأربعة وكان ماهرا في فقهها فقبل السلطان
بشرط أن لا يخرج عن المذاهب الأربعة واستمر على ذلك سنين حتى مات
أكبر شاة وجلس مكانه ابنه جهان كبير شاة فوشي عنده بالقاضي أنه شيعي
لا يقضي إلا على المذهب الجعفري ويطبقه على واحد من المذاهب الأربعة
فلم يقبل منهم وقال هذا لا يدل على تشيعه وقد شرط على أبي أن يقضي بما
يوافق اجتهاده ولا يخرج عن المذاهب الأربعة فارسلوا من أظهر له التشيع
وأطال صحبته حتى اطمأن إليه فاخذ كتاب مجالس المؤمنين وذهب به إليهم
فذهبوا به إلى السلطان فقال ما جزاؤه؟ قالوا: يضرب بالدرة العدد
الفلاني فقال الأمر إليكم فقاموا مسرعين حتى دخلوا عليه وضربوه حتى
قتلوه في أكبرآباد وقبره فيها مزور معروف إلى اليوم وعن رياض العلماء:
فاضل عالم دين صالح فقيه محدث بصير بالسير والتواريخ جامع للفضائل
ناقد في كل العلوم شاعر منشئ مجيد في نثره مجيد في شعره له يد في النظم
بالفارسية والعربية وله قصائد في مدح الأئمة ع وبالبال أن له ديوان شعر
وكان من عظماء علماء دولة السلاطين الصفوية وكان في أول امره في مقره
مولده تستر من بلاد خوزستان قرأ فيها على المولى عبد الرحيم
التستري ثم رحل منها إلى بلاد الهند وجعل فيها قاضيا وكان متصلبا في
التشيع وله في جميع العلوم لا سيما في مسالة الإمامة تصانيف جيدة وقد
صدع بالحق الصريح والصدق الفصيح تقريرا أو تحريرا نظما ونثرا وجاهد في
اعلاء كلمات الله وجاهر بامامة عترة رسول الله ص حتى استشهد جورا في
بلدة لاهور من بلاد الهند وقتل ظلما فيها لأجل تشيعه ولتاليفه إحقاق الحق
وقصة قتله مشهورة وكان في عصر الشيخ البهائي وله أيضا ميل إلى
التصوف واعتناء بشأنه وهو أول من أظهر التشيع في بلاد الهند من
العلماء علانية وكان أبوه أيضا من أكابر العلماء وينقل عن مؤلفاته ولده هذا
في بعض تصانيفه وكان الأب معاصرا للأميرزا مخدوم النراقي صاحب
نواقض الروافض.
مؤلفاته
له ١ إحقاق الحق مطبوع ٢ مجالس المؤمنين فارسي طبع
مرتين ٣ معائب النواصب في رد نواقض الروافض ألفه باسم الشاة
عباس الصفوي ٤ الصوارم المهرقة في رد الصواعق المحرقة ٥ حاشية
على تفسير البيضاوي ٦ حاشيته على شرح الشمسية ٧ حاشيته على
تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٨ حاشية على شرح الهداية ٩ حاشية
على شرح الجامي ١٠ حاشية على الحاشية القديمة للدواني على شرح
التجريد ١١ حاشية أخرى على تفسير البيضاوي ١٢ حاشية على تهذيب
الأصول للعلامة ١٣ حاشية على حاشية شرح التجريد ١٤ حاشية على
قواعد العلامة ١٥ حاشية على إلاهيات شرح التجريد ١٦ حاشية على
شرح الجغميني ١٧ حاشية المختلف للعلامة ١٨ شرح الرسالة القديمة
في إثبات الواجب ١٩ حاشية رسالة إثبات الواجب الثانية وهما للدواني
٢٠ حاشية في تزييف حاشية الجلبي على شرح التجريد ٢١ حاشية على
مبحث عذاب القبر من شرح عقائد النسفي ٢٢ شرح بديع الميزان ٢٣
شرح حاشية التشكيك من الحواشي القديمة للدواني ٢٤ نور العين ٢٥
كشف الأسرار ٢٦ واقعة النفاق ٢٧ نهاية الاقدام ٢٨ نهاية رسالة
انس الوحيد ٢٩ رسالة رفع القدر ٣٠ حل العقال ٣١ رسالة بحر
الغدير ٣٢ اللمعة في صلاة الجمعة ٣٣ رسالة ذكر العنقاء ٣٤ رسالة
عدة الأبرار ٣٥ تحفة العقول ٣٦ موائد الإنعام ٣٧ الحواشي على
الأجوبة الفاخرة ٣٨ رسالة العشرة الكاملة في عشرة أبواب من المسائل
المشكلة أولها تفسير آية الخيط الأبيض والخيط الأسود الثاني حديث
ستفترق أمتي الثالث في أن الكلم بكسر اللام جنس لا جمع الرابع
في أن اللام في الحمد للجنس لا للاستغراق الخامس في معنى أصول
الفقه مضافا وعلما السادس في حكم صلاة الجمعة في عصر الغيبة
السابع في المنطق الثامن في الإلهي التاسع في الطبيعي العاشر
في الرياضي على عبارة التحرير ٣٩ حاشية على حاشية الدواني على تهذيب
المنطق ٤٠ رسالة السبعة السيارة ٤١ تفسير إنما المشركون نجس ٤٢
رسالة مبحث التحذير التجديد خ ل ٤٣ رسالة الأدعية ٤٤ الرسالة
الجلالية ٤٥ رسالة لطيفة ٤٦ رسالة في بيان العرض وأنواع الكم ٤٧
رسالة في حقيقة العصمة ٤٨ رسالة في أن الوجود لا مثل له ٤٩ كتاب
أجوبة مسائل السيد حسن حسين خ ل ٥٠ رسالة إثبات تشيع سيد
محمد نوربخش ٥١ ديوان قصائده ٥٢ رسالة في رد شبهات الشيطان
٥٣ حاشية على تحرير أقليدس ٥٤ حاشية على خلاصة الأقوال في علم
الرجال ٥٥ رسالة الأنموذج ٥٦ رسالة في رد مقدمات الصواعق
المحرقة لابن حجر ٥٧ رسالة السحاب المطير ٥٨ شرح خطبة حاشية
العضدي القزويني ٥٩ حاشية على مبحث الأعراض من شرح التجريد
٦٠ حاشية على المطول ٦١ شرح حدوث العالم على أنموذج الدواني
٦٢ حاشية على شرح المختصر للعضدي ٦٣ حاشية على حاشية
الخطائي ٦٤ رسالة النظر السليم ٦٥ رسالة تفسير الرؤيا ٦٦ رسالة
كوهر شاة وار بالفارسية ٦٧ رسالة الخيرات الحسان ٦٨ رسالة في
نجاسة الخمر ٦٩ رسالة في مسالة الكفارة ٧٠ رسالة في غسل الجمعة
٧١ رسالة في رد تصحيح ايمان فرعون ٧٢ رسالة في رد رسالة الكاشي
٧٣ رسالة في ركنية السجدتين ٧٤ رسالة في تعريف الماضي ٧٥
حاشية على رسالة تحقيق كلام البدخشي ٧٦ حاشية على شرح خطبة
المواقف للسيد شريف ٧٧ رسالة الورد والسنبلة بالفارسية كل وسنبل
٧٨ رسالة في حكم لبس الحرير ٧٩ شرح رباعي الشيخ أبي سعيد بن
أبي الخير ٨٠ كتاب منشاته ٨١ حاشية على مبحث الجواهر من شرح
التجريد ٨٢ رسالة في رد شبهة في تحقيق العلم الإلهي ٨٣ رسالة في رد
ما كتب بعضهم في نفي عصمة الأنبياء ٨٤ شرح مبحث الجواهر من
الحاشية القديمة للدواني ٨٥ رسالة في رد ما ألفه تلميذ ابن همام ٨٦
منتخب كتاب المحلى لابن حزم الأندلسي ٨٧ التعليقات على شرح قاضي
يحيى الشافعي ٨٨ أجوبة سؤالات مير يوسف علي الحسيني الاخباري في
مسالة اطلاع النبي على ضمائر جميع الناس في جميع الأحوال والأزمان ٨٩
حاشية على شرح الهداية للميبدي ٩٠ ديوان شعره ٩١ رسالة متعلقة
بقول العلامة الحلي في آخر كتاب الشهادات من القواعد ٩٢ ترجمة
مقدمات الصواعق ٩٣ مجموعة كالكشكول ٩٤ تفسير آية من يرد الله
أن يهديه الخ ٩٥ النور الأنور الأزهر في تنوير خفايا رسالة القضاء والقدر
ردا على رسالة ألفها بعض العامة في رد رسالة استقصاء النظر في مسالة
(٢٢٩)

القضاء والقدر للعلامة الحلي ٩٦ شرح دعاء لعلي ع الصباح بالفارسية
٩٧ الرسالة المسحية في مسالة المسح أو الغسل في الوضوء ٩٨ رسالة في
وضاعي الحديث.
السيد نور الدين ابن السيد فخر الدين بن عبد الحميد العاملي
الكركي
. في أمل الآمل: كان من فضلاء عصره ذكر ابن العودي أنه من
تلامذة الشهيد الثاني وأثنى عليه انتهى وفي تكملة أمل الآمل: هو من
أجلاء علمائنا يروي عنه صاحبا المدارك والمعالم، قال صاحب المعالم في
اجازته الكبيرة عند تعداد مشائخه والسيد الاجل الناسك نور الدين علي
ابن السيد فخر الدين الهاشمي عن والدي السعيد الشهيد رفع الله درجته.
نور علي شاة ابن الميرزا عبد الحسين فضل علي شاة الطبسي
الأصبهاني
توفي سنة ١٢١٢ بالموصل ودفن في جوار مشهد النبي يونس.
من أعيان طبس آباؤه علماؤها خرج منها هو ووالده إلى أصفهان
وشيراز في طلب العرفاء والصوفية والأقطاب والأخذ عنهم والانخراط في
سلكهم إلى أن انتهيا إلى السيد معصوم علي شاة الهندي فأخذا الطريقة عنه
وصارا في عداد المنجذبين إليه مريدين وأقام نور علي شاة في المشاهد
بالعراق يرنزق من حمل الماء وسقايته حتى أخرج منها إلى بغداد في عهد ولاية
أحمد باشا فأكرم مثواه ثم خرج إلى الموصل وفيها توفي وقد انحاز إليه وإلى
طريقته جماعة من العلماء و الفلاسفة منهم فخر الدين عبد الصمد الهمداني
والحاج محمد حسين الأصبهاني و الميرزا محمد رونق الكراماني والسيد إبراهيم
التوني وغيرهم وله عدة آثار منظومة ومنثورة منها جنات الوصال مثلثات
نظمها إبان إقامته في بغداد وجامع الأسرار ورسالة في الأصول والفروع
وتفسير سورة البقرة تفسير خطبة البيان نظما وديوان شعر.
الآقا نور الله ابن الشيخ محمد باقر ابن الشيخ محمد تقي صاحب حاشية
المعالم.
توفي سنة ١٣٥٠ في قم.
كان عالما جليلا رئيسا مطاعا اجتمع مع جميع علماء إيران في سنة
وفاته بقم للمذاكرة فيما عرضه عليهم الشاة من الأمور التي يريد إجراءها
ومنها التجنيد الاجباري فبقوا شهورا في قم والمترجم يقوم بجميع ما يلزمهم
من النفقات والشاة لا ينفذ ما يريده بدون موافقته فوافقوه على البعض
وتوقفوا في التجنيد الاجباري فبينا هم كذلك إذ توفي المترجم فجاة وانفرط
عقد الباقين فاعلن الشاة التجنيد الاجباري حالا ونفذ جميع ما يريده.
يروي عنه السيد شهاب الدين النجفي الحسيني وهو عن والده عن
السيد محمد باقر الرشتي بطرقه.
المولوي السيد نور الدين الهندي المتخلص بزيدي
له كتاب تجلي نور في مشاهير جونفور مطبوع
الدكتور نور حسين صاحب صابر جهنك الهندي
له كتاب أنوار القرآن بلسان أوردو وخاتم النبوة وثبوت خلافت
وبرهان الشيعة في رد كتاب بهتان الشيعة وغيرها.
السيد نور الدين بن زين العابدين بن حسين بن نور الدين بن إسماعيل
بن محمد الحسيني الموسوي
وجد بخطه منتهى المقال فرع منه ليلة السبت ٨ شعبان سنة ١١٠٨
كتبه برسم الشيخ حسين بن جمال الدين بن يوسف بن خاتون.
نوف بن فضالة البكالي الحميري أبو يزيد أو أبو رشيد
توفي بعد التسعين
تابعي صاحب أمير المؤمنين ع ومن خواصه وله معه كلام معروف
يخاطبه به.
نوف بفتح النون وسكون الواو وفضالة بضم الفاء والبكالي نسبة
إلى بكال ككتاب ابن دعمي بن غوث بن سعد وبنو بكال هذا بطن من حمير
وفي تاج العروس بكال هكذا ضبطه المحدثون بالكسر ومنهم من ضبطه
كشداد.
كنيته
في تاج العروس: هو أبو يزيد أو أبو رشيد وفي تاج العروس أيضا:
أمه كانت امرأة كعب يروي القصص روى عنه أبو عمران الجوني والناس.
النوفلي
هو الحسين بن زيد.
انتهى حرف النون
حرف الهاء
الشيخ هادي النحوي الحلي النجفي ابن الشيخ احمد أخو الشيخ محمد
رضا توفي سنة ١٢٣٥.
من شعره يرثي الحسين ع:
هذي الطفوف فسلها عن أهاليها * وسح دمعك في أعلى روابيها
ومدها بدم الأجفان إن نفدت * دموع عينك أو جفت ماقيها
وقف على جدث السبط الشهيد وقل * سقاك رائحها من بعد غاديها
فديت بالروح مني أعظما سكنت * ذيالك الرمس في نائي مواميها
لهفي لناء عن الأوطان منتزح * عليه سدت من الدنيا نواحيها
لهفي لثاو رمت أيدي الخطوب به * بأرض كرب البلا اقصى مراميها
ثوى قتيلا بشط الغاضرية ظمآن * الفؤاد فلا ساغت مجاريها
طوبى لها بذلت للقتل أنفسها * وعندها إن ذاك القتل يحييها
تسابقت للفنا في ذات سيدها * واستبدلت بقصور عند باريها
ما ضرها بز أثواب وأردية * والله من حلل الرضوان كاسيها
هاتيك أبدانهم صرعى مطرحة * تضئ من نورها السامي دياجيها
فيا لها وقعة بالطف ما ذكرت * الا وقد بلغت روحي تراقيها
لله أطواد حلم هد شامخها * لله أبحر علم غاض طاميها
يا أمة قد بغت في فعلها وطغت * ودام في الغي والشقوى تماديها
أوسعتم كبد المختار جرح أسىء * وقرحة بحشاه عز آسيها
أجريتم دمع عين المكرمات دما * فليس يرقى على الأيام جاريها
(٢٣٠)

تبا لرأي بني حرب لقد تعست * منها الجدود وقد ضلت مساعيها
ان المنابر لولا سيف والده * لم ترق يوما ولا شيدت مراقيها
ما عذر أرجاس حرب يوم موقفها * والمصطفى خصمها والله قاضيها
يا آل احمد يا من محض ودهم * فرض على الخلق دانيها وقاصيها
يا سادتي أنتم سفن النجا وبكم * قد انزل الله بسم الله مجريها
هادي بن أحمد قد اهدى لكم مدحا * ان الهدايا على مقدار مهديها
وله يرثي السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي من قصيدة طويلة:
إلى الله أشكوما أجن من الجوى * وبرح أسىء بين الجوانح والصدر
فلو تشهد الخنساء وجدي ولوعتي * لعلمتها كيف البكاء على صخر
فما لي وما للدهر فوق سهمه * فاصمى فؤادي من نصيري على الدهر
سطا بغتة إذ عز نصري واعتدى * على حين لم آخذ لسطوته حذري
تكلفت هذا الشعر اني لفاقد * وجود حياة ان يكلف بالشعر
يقولون لي صبرا جميلا ولم أخل * عليه جميل الصبر يجمل بالحر
إذا لم أرح والشجو دأبي وديدني * فلا در فيما بين أهل الوفا دري
وان انا لم اندب زمانا فضيته * بظل علاه ظلت اندب واخسري
نعمت به إذ كان دهري مسالمي * وعيشي طلق والحوادث في أسر
أيا قبر ما والله أنصفت ماجدا * وما ذا الذي أعددت للمجد من عذر
لقد راح لا يلوي وودع من رأى * وداع اياس من رجوع ومن كر
غشتنا دياج حالكات من الردى * ويا طالما كنا بطلعته نسري
أصيب لعمري زهد عيسى بن مريم * وعفة سلمان وصدق أبي ذر
الشيخ هادي الأصفهاني.
عالم فاضل أصولي فقيه من تلاميذ ميرزا حبيب الله الرشتي. جاء إلى
سامراء وحضر درس الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي ثم جاور في كربلاء
وكان أحد علمائها واحد المقسمين للأموال الهندية وجمع كتبا حسنة وفي أول
سني الحرب العامة سنة ١٣٣١ رحل إلى أصفهان وبقي بها له مصنفات
وتقريرات أستاذه المذكور.
المولى هادي القزويني الشهير بالنحوي.
توفي في حدود سنة ١٣١٠.
من علماء قزوين، عالم فاضل لا سيما في العلوم العربية، وكان
المدرس المرغوب في النحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق وغيرها كثير
التوغل في العربية ولذلك اشتهر بالنحوي.
الشيخ هادي ابن الشيخ عباس ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب
كشف الغطاء.
ولد في النجف سنة ١٢٩٠ وتوفي فيها في المحرم سنة ١٣٦١ ودفن
إلى جانب والده في مقبرة جده كاشف الغطاء.
رثته مجلة الهاتف قائلة: لم يكن عالما كبيرا فحسب وانما كان إلى
جانب علمه وتقواه رجلا موهوبا إلى أن قالت: وهو ازاء ذلك كله شيخ
من شيوخ الأدب واحد أركان النهضة الأدبية في العراق تلك النهضة التي
أحكمت أساسها النجف في القرن التاسع عشر فكانت سببا من أسباب
النهضة الحديثة.
أساتذته
درس في النجف على والده وعلى كل من شيخ الشريعة الأصفهاني
والشيخ محمد طه نجف والشيخ آغا رضا الهمذاني والميرزا حسين الخليلي.
كما حضر دروس الشيخ محمد كاظم الخراساني ودروس السيد محمد كاظم
اليزدي الطباطبائي ثم اقتصر على دروس الأخير حتى وفاته وبعد وفاته
استقل بالتدريس وانصرف إلى التأليف.
مؤلفاته
له عدة مؤلفات منها شرحه على التبصرة على شرائع المحقق وحاشية
على طهارة الأنصاري وشرح على الدرة وكتاب قاموس المحرمات مرتب على
الحروف الهجائية وقاموس الواجبات لم يتم وأجوبة مسائل موسى جار الله
ورسالة في الروحانيات ورسالة عملية والمقبولة الحسينية في نظم واقعة الطف
ومعها أوجز الأنباء في مقتل سيد الشهداء ومجموعة على طريقة الكشكول.
على أن أعظم مؤلفاته هو كتاب مستدرك نهج البلاغة ومداركه
ومصادره. وكان له ولع بشعر المتنبي فانتخب منه مجموعا سماه المحمود من
شعر احمد أو الطيب من شعر أبي الطيب.
تلاميذه
تخرج عليه جملة من الفضلاء منهم الشيخ مهدي الحجار والسيد علي
العلاف والسيد سعيد الحكيم والسيد باقر الحكيم والشيخ محمد صالح
الجزائري والسيد محمد حسن فضل الله والشيخ محمد رضا الغراوي والشيخ
محمد العسيلي وغيرهم.
شعره
من شعره ما أرسله إلى جماعة من أصحابه كانوا يتنزهون في جسر
الكوفة:
يا راكب الجسرة للجسر * تغري أديم المهمة القفر
وقاطع الدو بزيافة * كالصقر قد حط على الوكر
ان ساقك الدهر إلى جيرة * قالوا بظل الورق الخضر
قد أصبح الجسر لهم جنة * أنهارها من تحتهم تجري
لقد وفى لي يا أهيل الوفا * وجدي ولكن خانني صبري
غبتم فطالت ليلتي بعدكم * هل غبتم عني مع الفجر
أمسيت كالخنساء أبكي فهل * قلبكم قد قد من صخر
لو كنت ارضى غيرهم منظرا * قنعت بالشمس أو البدر
وقوله:
خان الوفاء وان اجرى الدموع دما * متيم لم يمت من بعدكم سقما
يبكي وثغر لموع البرق مبتسم * ولو درى البرق طعم الوجد ما ابتسما
ليت الهوى لم يكن أو كان ذا نصف * فلا يجور على العاني بما حكما
تقاسمت كبدي الأسقام بعدكم * كم تقاسم مال المفلس الغرما
قد كنت أملك كتمان الهوى جلدا * والبين أظهر ما قد كان مكتتما
ألفت جور زمان ان يجد بمنى * أيقنت من غير شك انه وهما
وقوله يرثي الحسين ع:
ربع محا الحدثان رسمه * اجرى عليه الدهر حكمه
كم رمت كتمان الغرام * به ويأبى الوجد كتمه
(٢٣١)

أوحشت يا ربع الهدى * ولبست بعد النور ظلمه
ولقد أشابت لمتي * نوب تشيب كل لمه
بملمة طرقت فانست * كل طارقة ملمه
يوم أبي الضيم فيه * أبى المذلة والمذمه
وسقى الثرى بدم العدو * وأطعم العقبان لحمه
وافى لعرصة كربلاء * من هاشم في خير غلمه
أقمار تم أسفرت * بدجى الخطوب المدلهمه
وليوث حرب صيرت * سمر العوالي اللدن اجمه
من كل فارس بهمة * ما همه الا المهمة
حتى إذا نزل القضاء * وانفذ المقدور حتمه
نهبتهم بيض الظبا * وتقاسمتهم اي قسمه
يا صدمة الدين التي * ما مثلها للدين صدمه
هدمت أركان الهدى * وثلمت في الاسلام ثلمه
قتل الإمام ابن الإمام * أخو الإمام أبو الأئمة
ما ذاق طعم الماء حتى * صار للأسياف طعمه
ملقى على وجه الصعيد * تدوس جرد الخيل جسمه
لا يرحم الله الالى * قطعوا من المختار رحمه
لم يرقبوا لنبيهم * في آله الا وذمه
خسرت تجارة من يكون * شفيعة في الحشر خصمه
أ بني أمية أنتم * في الناس كنتم شر أمة
وقوله:
قول ان الذي يموت يراني * حار همدان عن علي رواه
فتمنيت ان أموت مرارا * كل يوم وليلة لأراه
وقوله:
وجه الحقيقة دونه أستار * فلذاك لم تتوحد الأفكار
ولقلما أبصرت أمرا حادثا * لم تختلف في شانه الأنظار
كل يرى ما لا يراه غيره * ولكل رأي منهما أنصار
وقوله:
من التراب خلقنا * وللتراب نصير
وكلنا ليس يدري * متى يكون النشور
بذا وذاك علينا * قضى اللطيف الخبير
والكل منا مقيم * به الزمان يسير
وكيف نغفل حينا * ويعترينا الغرور
ونحن في كل يوم * يأتي إلينا نذير
ولا تدوم شرور * ولا يدوم سرور
وقال مخاطبا حفيده في إحدى المناسبات:
يا ناسيا بري وتربيتي وما * عانيت فيه والزمان عسير
أين الوفاء فللوفاء دلائل * ولها وان شط المزار ظهور
بيني وبينك بعض يوم كيف لا * صارت ليال بيننا وشهور
ألهتك بغداد وما هي جنة * كلا ولا الفتيات فيها حور
ما ذا أؤمل لو حللت بلندن * وقصور لهو ما بهن قصور
أو ارض باريس التي بجمالها * وكمالها فكر اللبيب يحير
ورأيت في تلك البلاد مناظرا * ما في العراق لهن قط نظير
وغوانيا تشجيك في نغماتها * طربا فما الورقاء والشحرور
بيض فهن إذا انتقبن أهلة * وإذا سفرن فإنهن بدور
ارض بها شرب السلاف محلل * وجسوم ربات الحجال سفور
والكذب فيها والخداع سياسة * والفسق فيها ما عليه نكير
والاعتداء على الضعيف سجية * فيهم وامر ظاهر مشهور
انظر لظلم ملوكهم ولفتكهم * بالأبرياء وما لهم تقصير
سل أمة الأحباش عن أفعالهم * فالكل فيها عالم وخبير
واسال فلسطينا وما صنعوا بها * مما يضيق بوصفه التعبير
لا تركنن لهم ولا يك منهم * لك في حياتك صاحب وعشير
والعصر عصر النور الا انه * في النفس منهم ظلمة ديجور
واحذر من البعثات لا تطمح لها * فبها مفاسد جمة وشرور
واعص المشير بها عليك فربما * قد ضل عن نهج الصواب مشير
لا تتبع قوما إليها سارعوا * ان الذباب إلى الطعام يطير
كم من فتى أعمى بصيرته الهوى * لم يجد فيه النصح والتحذير
غرته دنيا لا يدوم نعيمها * ويغر فيها الجاهل المغرور
لا خير في عيش يعيش به الفتى * كالعبد وهو مقيد مأسور
والعيش ان تغدو وأنت مخير * فيما تروم وما عليك أمير
نال الغنى والاستراحة قانع * وسواه معدوم القرار
فقير وإذا الأمور كما تروم تعسرت * فاقنع بما هو حاضر ميسور
يا حبذا الأموال لو في جمعها * يحوى البقاء ويدفع المقدور
أ تطيب أيام الحياة وانها * للنائبات قناطر وجسور
ما عشت في دنياك فاعمل صالحا * فالمرء في أعماله مقبور
هون عليك فكل شئ هالك * لا آمر يبقى ولا مأمور
السيد هادي ابن السيد علي ابن السيد محمد الخراساني الحائري بن
علي محمد بن أبي طالب الحسني المير كلاس الهروي
البجستاني. والهروي منسوب إلى هرات مدينة في الأفغان. وقد نقل عن المترجم أنه قال إن
جده السيد محمد كان قد انتقل من هرات إلى مشهد الرضا ع
بخراسان.
ولد المترجم في كربلاء أول ذي الحجة سنة ١٢٩٧ ثم انتقل مع والده
إلى مشهد الرضا ع حيث أتم دراسته الأولى فيها. وقد ختم القرآن ولم
يبلغ العاشرة من عمره ثم عاد إلى كربلاء ومنها ذهب إلى النجف حيث يتردد
على الحلقات الدراسية العليا مستفيدا فدرس على الشيخ كاظم الخراساني
والسيد كاظم اليزدي والشيخ محمد تقي الشيرازي الذي تخرج عليه. ثم
استقل بالتدريس في كربلاء. وبعد ان أتم دراسته في النجف عاد إلى
كربلاء، وشرع منذ صباه في تصنيف الكتب وتاليفها في مختلف الفنون
والعلوم. وقد جمع بين المنقول والمعقول والأدب والعلم والحكمة والكلام
كما كانت له اليد الطولى في الرياضيات والطبيعيات.
وكان متصفا بالزهد والتقوى والتهجد كما أن داره كانت محفلا لأهل
العلم وطلاب الحقيقة. وقد أصبح في السنوات الأخيرة من عمره مرجعا
من مراجع التقليد في كربلاء وكانت الثقة بفتاويه والاعتماد عليها كبيرة لأنه
كان لا يحررها الا بعد ترو وتحقيق دقيقين.
(٢٣٢)

وقد توفي في كربلاء في ١٢ ربيع الأول سنة ١٣٦٨ ودفن في إحدى
حجرات صحن الإمام الحسين ع.
وقد جمع المترجم في داره بكربلا مكتبة ثمينة من حيث النسخ النادرة
من الكتب الخطية خاصة بعض المصاحف التاريخية وانتقلت بعده إلى ابنه
السيد مهدي.
مؤلفاته
١ دعوة الحق طبعت في بغداد ٢ أصول الشيعة وفروع الشرعية
طبعت في بغداد ٣ حاشية على مكاسب المحقق الأنصاري ٤ حاشية
على رسائله ٥ حاشية على طهارته ٦ هداية الفحول في شرح كفاية
الأصول ٧ حاشيته الوجيزة على الكفاية ٨ أجوبة المسائل في الفقه
أغلبها استدلالية ٩ تقريرات بحث أستاذه الخراساني ١٠ تقريرات
بحث أستاذه الشيرازي ١١ رسالة في استصحاب الكلي ١٢ رسالة في
العلم الاجمالي ١٣ رسالة في اللباس المشكوك ١٤ رسالة في تحديد الكر
بالمساحة والوزن ١٥ كتاب دعوة دار السلام في معجزات الأئمة الاطهار
١٦ حاشية على منظومة السبزواري ١٧ نطق الحق في الإمامة ١٨
لسان الصدق إلى غير ذلك.
مشايخه في الرواية
يروي عن جماعة كالميرزا محمد تقي الشيرازي والحاج محمد حسن كبة
والشيخ عبد الله المازندراني وغيره.
الشيخ هادي ابن الحاج ملا محمد امين الواعظ الطهراني النجفي المعروف
بالشيخ هادي الطهراني.
ولد في ٢٠ رمضان سنة ١٢٥٣ وتوفي بالنجف ودفن في حجرة
صاحب مفتاح الكرامة من جهة القبلة وأرخ بعضهم عام وفاته بقوله:
جاور في الخلد امام الهدى * وهادي الأمة للحسنيين
واستوطن الخلد فارخته * طابت جنان الخلد للهاديين
الأستاذ المحقق صاحب الآثار المشهورة والمطالب المأثورة أحد
المؤسسين في الفنون الشرعية خصوصا الأصول خرج إلى أصفهان فاخذ
فيها عن السيد حسن المدرس والسيد محمد الشاهشهاني في الشرعيات وفي
العقليات عن تلامذة الفيلسوف الملا علي النوري ثم هاجر إلى العراق فاخذ
عن الشيخ عبد الحسين الطهراني في كربلاء وعن الشيخ مرتضى الأنصاري
ثم من بعده عن تلميذه الميرزا الشيرازي في النجف وتصدى للتدريس
فتهافتت عليه الطلاب واعجبوا بحسن أسلوبه في الالقاء والإملاء وبجودة
تحقيقه في ذلك وحسن بيانه وطار ذكره وكثرت تلاميذه وانتشروا في الأقطار
وكانوا مغالين به يفضلونه على معظم العلماء من المعاصرين والقدماء وكان
لهذه المزايا ولما طبع عليه من علو الفطرة لا يعجبه كثير من العلماء وربما أوقع
في بعضهم وجهلهم وفند آراءهم وصرح بمؤاخذتهم فاغتنم هذا فيه بعض
معاصريه أو مفاخريه فحمل باغراء اتباعه على اعلان تكفيره فكان لهذه
الواقعة دوي في المحافل الدينية وغيرها في العراق وغيره وتحزب الناس
حزبين وانبري لنصرته وبراءته فريق من العلماء منهم الشيخ محمد حسين
الكاظمي والملا محمد الإيرواني وغيرهما فهان امره ولولا ذلك لأنتظر الايقاع
به. رأيناه في النجف والطلاب والعلماء تتحامى مخالطته خوفا على أنفسهم
من ألسنة الناس ولا يحضر درسه الا نفر قليل متناهون في الاخلاص له لا
يبلغون الخمسة عشر، وكان يحضر درسه أولا فضلاء العرب والفرس فلما
جرى عليه ما جرى تحامى الناس حضور درسه خوفا من الناس مع رغبتهم
في حضوره وكانت حادثته هذه في عصر الميرزا الشيرازي والميرزا في سامرا ء
فلم ينبس فيها ببنت شفة الا انه قطع السؤال عنه. وكانت هذه الحادثة
قبل مجيئنا إلى النجف ودخلناها وحالته كما ذكرنا من تحامي الناس درسه
سوى خاصته وكان يدرس نهارا في بيته وليلا على سطح الكيشوانية القبلية
الشرقية ثم جدد أمر الهياج عليه ونحن بالنجف من أكثر العلماء الا شيخنا
الآغا رضا الهمداني فلم يدخل في ذلك ولم يرض ان يجري ذكر هذا الامر في
مجلسه بحرف واحد والا شيخنا الشيخ محمد طه نجف. وكان كثير من
الناس يغالي في علمه وفضله لكن الذي سمعته من السيد علي ابن عمنا
السيد محمود وكان ممن حضر مجلس درسه انه ليس بتلك المنزلة من المغالاة
وإن كان في مرتبة سامية من الفضل وان الناس في حقه بين الافراط
والتفريط ولكن من المحقق انه كان يطيل لسانه على العلماء، ويقال انه
صنف حاشية على رسائل الأنصاري سماها الحسام المنتضي على الشيخ
مرتضى وكان يقول للشيخ حسن ابن صاحب الجواهر وهو في مجلس درسه
ان أباك ليلة كتب هذا المطلب كان عشاؤه طبيخ الماش ونحو ذلك. ومثل
هذا يقع كثيرا من العلماء خصوصا من ذوي الأفهام الحادة والأفكار
الواسعة. وله مسائل في الفقه انفرد بها مثل مسالة اللباس في الصلاة
ومسالة تقديم ابن العم للأبوين على العم للأب في الإرث وغير ذلك
تغمدنا الله وإياه بعفوه وغفرانه.
وفي تتمة أمل الآمل: كان قد اشتغل بأصفهان واشتهر بها في العلوم
العربية ثم جاء إلى العراق ولازم الشيخ عبد الحسين الطهراني وحضر بعده
على الميرزا الشيرازي في النجف الأشرف وكان ذا فكرة ونابغية وغور غير أنه
شديد الحب لأفكاره وكان كثيرا ما يسئ الأدب مع العلماء المتقدمين
والمتأخرين انتهى.
مؤلفاته
١ الحق اليقين في علم الكلام ٢ كتاب التوحيد بالفارسية في الرد
على وحدة الوجود ٣ رسالة في علم الرجال ٤ رسالة في ابطال التنجيم
٥ رسالة في الفرق بين الوجود والماهية ٦ رسالة في الاجتهاد والتقليد
٧ رسالة في تفسير آية النور ٧ ودائع النبوة في الطهارة جزءان ٨ رسالة
في الفرق بين البيع والصلح ٩ كتاب البيع شرح على الشرائع مطبوع
١٠ ذخائر النبوة في الخيارات ١١ مناسك الحج ١٢ رسالة في الرضاع
١٣ رسالة في علم الصوت ١٤ محجة العلماء في الأدلة العقلية طبعت
١٥ الاتقان في مباحث الألفاظ ١٦ أرجوزة في النحو ٥٠٠ بيت ١٧
أرجوزة في الصلح ١٨ رسالة في الرضاع ١٩ الرضوان في الصلح ٢٠
كتب الصوم والصلاة والزكاة والإرث والوصية ٢١ رسالة في الفرق بين
الحق والحكم ٢٢ رسالة في الإمامة ٢٣ رسالة في الرد على من زعم أن
الله لا يتعلق بالمعدومات
السيد هادي ابن السيد محمد تقي الحسيني الشهرستاني المرعشي
ولد في كربلاء سنة ١٢٧٦ وتوفي فيها سنة ١٣٥١ ودفن في الرواق
الغربي لروضة الإمام الحسين ع. من فضلاء كربلاء وأدبائها المنتسب
للأسرة الشهرستانية المعروفة.
(٢٣٣)

كان فقيها لبقا وخاصة في المواريث حيث اختص في علمي الهندسة
والحساب وتطبيقهما على قواعد الإرث ومعضلاته.
ولقد ساهم في نهضة الدستور الإيراني حيث لعب فيها دورا فعالا
وكان ممن ناصب الاستبداد العداء على عهد الأسرة القاجارية وناضل مع
الأحرار والمجاهدين في سبيل اعلان الدستور على زمن مظفر الدين شاة
القاجاري. وله في هذا الحقل أشعار وقصائد فارسية كثيرة يستنهض بها
الأحرار من الإيرانيين سواء في إيران أو ممن استوطنوا العراق.
مؤلفاته
١ مجموعة شعرية من نظمه ٢ مجموعة لخص فيها ديوان المثنوي
للملا الرومي ٣ مجموعة لخص فيها ديوان ابن عمه السيد حسن المرعشي
الحسيني الشهرستاني المعروف بطوبى وكلها مخطوطة توجد لدى ابنه
الخطيب السيد احمد الشهرستاني ٤ رسالة في علمي الحساب والهندسة
طبعت قبل ٥٠ سنة.
الآقا هادي ابن المولى محمد صالح المازندراني
عالم فاضل جليل كان ظريفا حسن الجواب. امه آمنة بيگم بنت
محمد تقي المجلسي كانت عالمة فاضلة، الظاهر أنه ابن المولى محمد صالح
محشي المعالم وشارح أصول الكافي المشهور كان عالما فاضلا وقد وصف في
بعض مجاميعه واقعة الأفغان في بلاد إيران وقال أنه لو قيل ما وقعت شدة
من يوم خلق الله الأرض مثل هذه لم يكن فيه مبالغة وقد أشرنا إلى هذه
الواقعة في ترجمة إسماعيل بن محمد حسين الخواجوئي المازندراني فاغنى عن
الإعادة.
له ١ ترجمة القرآن الكريم ٢ شرح الكافي ٣ شرح الكافية.
الميرزا هادي عزيز صاحب اللكهنوئي ابن المولوي الميرزا محمد علي
توفي سنة ١٣٠٩
كان من تلاميذ المفتي مير عباس التستري له كتاب التجليات في ترجمة
شيخه المذكور.
السيد هادي ابن السيد محمد علي ابن السيد صالح ابن السيد
محمد ابن السيد إبراهيم شرف الدين بن زين العابدين بن نور الدين الحسيني الموسوي
العاملي الأصفهاني الكاظمي
ولد في النجف الأشرف سنة ١٢٣٥ وتوفي في الثاني والعشرين من
جمادى الأولى سنة ١٣١٦ ودفن في الحجرة الثانية من حجر الصحن
الشريف على يمين الداخل من الباب الشرقي المعروف بباب المراد.
ذكره ولده في تتمة أمل الآمل وبالغ في مدحه والثناء عليه فمما قاله في
حقه: المقتدى باثاره المهتدى بأنواره عمدة المحققين وملاذ المدققين بحر
الفضائل الذي ساع لكل وارد وكعبة المجد التي يطوي إليها كل قاصد
الجامع بين الرواية والدراية لم يسمح الزمان بمثل أخلاقه وتواضعه ورأفته
وفتوته وسخائه وإبائه لا يرجع منه المحتاج الا بحاجة مقضية وربما كان لا
يجد الدراهم فيعطي السائل خاتمه أو بعض ثيابه أو أواني داره. قال: وفي
أيام رضاعه سافر به أبوه مع الأهل والعيال إلى زيارة الرضا ع ثم زار
أخاه وشقيقه السيد صدر الدين الساكن بأصفهان فسأله المقام عنده فتوفي
فيها سنة ١٢٣٧ فكفل المترجم عمه السيد صدر الدين ورباه كأعز ولده
وصار يزيد في تشويقه للعلم حتى أنه كتب له ألفية ابن مالك بخط فاخر
على ورق الترمة المذهب وقرر له في حفظ كل عشرة أبيات منها أشرفيا حتى
فرع من العلوم العربية وسائر المقدمات وهو ابن اثنتي عشرة سنة وصار
يحضر درس عمه في الفقه بأمره قبل أوان حلمه وكان له أستاذ يقرأ عليه في
المنطق والكلام يعرف بالميرزا عبد الكريم جمع العلوم خصوصا علم الأوائل
وبعض العلوم الغريبة كعلم الحروف والاعداد وعلم الرمل والجفر وكان
أستاذه المذكور يرغبه في تعلم تلك العلوم فاجابه وتعلمها حتى صار عارفا
بها ماهرا فيها لكنه لم يتظاهر بها واخفى معرفتها إلى آخر عمره حتى اني
سألته يوما تعليمي إياها فقال يا بني ما في تعلمها مزيد فائدة.
يقول المؤلف: وذلك لأن هذه العلوم المزعومة هي إلى أن
تكون وهمية أقرب منها إلى أن تكون حقيقة.
قال: ثم هاجر إلى النجف ولازم درس الشيخ حسن ابن الشيخ
جعفر صاحب أنوار الفقاهة خمس سنين فكتب عمه السيد صدر الدين إلى
الشيخ حسن أن يأمره بالرجوع إلى أصفهان ليزوجه بنت عمه السيد قاسم
فرجع وتزوجها وبعد سنة عاد إلى النجف وترك عياله عند عمه وحضر
درس الشيخ حسن ثم لازم درس الشيخ مرتضى الأنصاري وفي سنة
١٢٦٣ جاء عمه السيد صدر الدين إلى النجف فامره بالتوجه إلى أصفهان
لاحضار عياله فلما ورد بلد الكاظمين وجد عمته الشريفة رحمة زوجة الشيخ
حسين محفوظ قد سقطت من السطح وتكسرت فأقام عندها يمرضها فبينا هو
كذلك إذ جاءه موت زوجته في أصفهان ووفاة عمه في النجف فأراد الرجوع
إلى النجف فطلب إليه جماعة منهم الشيخ الفقيه الشيخ محمد حسن
ياسين الإقامة عندهم فأقام واشتغل بالتدريس وحضور درس الشيخ
وتزوج ابنة بعض التجار واستدام على تدريس العلوم الدينية فكان يجلس
من أول الصبح إلى الظهر يدرس في الفقه والأصول والعربية والمنطق
والكلام لا مدرس في ذلك غيره ويحضر درس الشيخ محمد حسن آل ياسين
ويقوم مع ذلك بحوائج المحتاجين وكان خبيرا بعلم الطب نظم فيه أرجوزة
ضمنها نفائس مطالب الطب والأخلاق أولها:
علم طب ميزان أحوال بدن * نيست مشكل طب را عالم شدن
انما الاشكال في رد الطبيب * صحة زالت بترحال الحبيب
وكان حسن التقرير جيد التحرير لكنه كان لا يرضى تحريراته وكلما
كتب كتابة عاد إليها وغيرها وكلما يكتبه يرمي به في دجلة واتفق أنه بقي
أكثر من سنتين تاركا للتدريس وصلاة الجماعة لا يخرج من داره الا أواخر
الليل لزيارة مشهد الامامين ع لا يدخل على أحد ولا يراود
أحدا ثم عاد إلى حاله الأولى وكان قليل النوم وإذا نام لا يمد رجليه بل
يجمعهما ويتكي في زاوية من البيت ولا يأكل في الليل والنهار الا مرة
واحدة.
الشيخ هادي بن المهدي السبزواري المتخلص باسرار
ولد سنة ١٢١٢ وتوفي ٢٨ جمادى الأولى سنة ١٢٨٩ ودفن خارج
سبزوار جنب الطريق الذاهب إلى مشهد الرضا وبني على قبره قبة بناها
الميرزا يوسف ابن الميرزا حسن مستوفي الممالك الذي صار صدرا أعظم
لناصر الدين شاة القاجاري.
(٢٣٤)

الحكيم الفيلسوف العارف الورع الفقيه الزاهد الشاعر بالعربية
والفارسية كان أبوه تاجرا وملاكا في سبزوار ولما بلغ المترجم الحادية
والعشرين من عمره رغب في طلب العلم وكان متميزا في العلوم الغريبة
والسطوح الفقهية فعزم على الحج وجاء إلى أصفهان وكانت دار العلم فبقي
فيها شهرا يحضر درس الكلباسي والشيخ محمد تقي صاحب الحاشية
فاستهوته حلقات الدروس وعدل عن الذهاب إلى الحج فحضر على
الآخوند ملا إسماعيل وعلى المولى علي النوري وظل على ذلك نحوا من ثماني
سنين إلى سنة ١٢٤٠ حيث جاء الشيخ احمد الأحسائي إلى أصفهان فحضر
درسه. ولما توجه ملا إسماعيل إلى طهران سنة ١٢٤٢ ذهب المترجم إلى
خراسان وأقام في المشهد في مدرسة حاجي حسن وجعل يباحث في العلوم
العقلية والنقلية وفي أواخر سلطنة فتح علي سافر إلى الحج وفي رجوعه ذهب
إلى كرمان فبقي فيها نحو سنة وبعد الرجوع من مكة بقي عشر سنوات في
المشهد في زمان سلطنة محمد شاة يباحث في المعقول والمنقول، وله تلامذة
مجتهدون أصحاب فتوى وقضاء في المشهد وسبزوار. وكان له يد في علم
الطب وينقل أنه أيام اقامته في كرمان كان مشغولا بالرياضة. (١)
وقال السيد صالح الشهرساني نزيل طهران:
في الحقيقة أن المترجم قد أنشأ في سبزوار وبمدرسة الفصيحية التي
كان يدرس فيها والتي يعود تاريخ بنائها إلى سنة ١١٢٦ أكبر كلية للفلسفة
والحكمة والمنطق في ذلك القرن حيث تخرج منها وعلى يد المترجم عدد لا
يستهان به في المتضلعين في هذه العلوم. كما أن داره البسيطة المتواضعة
كانت تعج دوما بالوافدين عليه من مختلف الجهات لارتشاف العلم منه.
وقد زاره فيها الشاة ناصر الدين شاة القاجاري يوم أول صفر ١٢٨٤ عند
مروره بسبزوار في طريقه لزيارة مرقد الإمام الرضا ع في المشهد وتناول
معه طعام الغداء المؤلف من الثريد في غرفته المبنية من اللبن الطوب.
وقال في تتمة أمل الآمل: أستاذ العصر وفيلسوف الزمان حكيم إلهي
متاله إشراقي انتهت إليه حكمة الاشراق في عصرنا وكان الرحلة فيها واليه
تشد الرحال أفاضل الرجال. كان معروفا بالزهد والورع لا يترك
القيام بالثلث الأخير من الليل للتهجد والتنفل وله المواظبة على السنن وإقامة
عزاء الحسين ع والدقة التامة في اخراج زكاة غلته وأداء خمس فاضل
مؤونته وبالجملة كان في الطريقة المستقيمة لم يعز إليه شئ ابدا بل كان
للناس الوثوق والاعتقاد التام فيه يعدونه من العلماء الربانيين والصالحين
الزاهدين كان له مزرعة يتعيش بها هو وعياله بالاقتصاد وكان قد رتب أوقاته
بالليل والنهار ترتيبا صحيحا وكان له مجلس درس عال يحضره جمع من
الأفاضل غير أن بعض تلامذته لم يخرج على منهاجه في التشرع وكان هو على
منهاج أستاذه العالم الرباني المتأله المولى علي النوي بأصفهان.
مؤلفاته
١ حاشية على كتاب المثنوي المعروف بشرح المثنوي ٢ منظومة في
الحكمة مشهورة مطبوعة مع شرحها ومنفردة ٣ اللآلي منظومة عربية في
المنطق وشرحها ٤ شرح دعاء الجوشن الكبير ٥ شرح دعاء الصباح ٦
اسرار الحكم ٧ حواشي الاسفار ٨ حواشي شواهد الربوبية ٩
حواشي مفتاح الغيب ١٠ ديوان شعره الفارسي المعروف بديوان اسرار.
هذه مؤلفاته المطبوعة والتي لم تطبع هي ١١ منظومة في الفقه وشرحها
عليها ١٢ اسرار العبادة في الفقه ١٣ الرحيق في علم البديع ١٤
حاشية على المبدأ والمعاد لملا صدرا ١٥ المقباس في المسائل الفقهية منظومة
١٦ أجوبة المسائل المشكلة ١٧ كتاب في الحكمة ١٨ حاشية على
شرح ألفية ابن مالك في النحو للسيوطي ١٩ المحاكمات في الرد على
الشيخية ٢٠ راح الأفراح في علم البديع ٢١ مطلع الشمس في معرفة النفس ومعرفة
الحق وفيه شرح العينية لابن سينا.
وقال السيد صالح الشهرستاني متحدثا عن مؤلفيه اللآلئ وغرر
الفوائد:
للمترجم بعض الشروح والحواشي التي تفسر الغاز وغوامض هاتين
المنظومتين وقد قام كثير من العلماء والحكماء في عصر المترجم وبعد وفاته
بشرح المنظومتين والتعليق عليهما ورفع الغموض عن كثير من خفاياهما في
كتب ورسائل أكثرها مطبوعة أ فيض الباري في اصلاح منظومة
السبزواري للسيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني المعاصر وهي مجموعة
شعرية طبعت في بغداد قبل ٣٠ سنة أراد بها الناظم اصلاح بعض ما اخذه
على السبزواري من الناحية الأدبية ورفع الغموض عن كثير من معانيها
ب منظومة للحاج الشيخ محمد حسين الأصفهاني النجفي في نفس
الموضوع خطية توجد نسختها في النجف ولم يوفق الناظم إلى اتمامها حيث
وافته المنية ج حاشية على منظومة السبزواري للشيخ محمد بن معصوم
على الهيدجي الزنجاني المتوفى بطهران سنة ١٣٤٦ وقد طبعت في ٤٣٢
صفحة منها ٧٩ صفحة في شرح منظومة اللآلي والباقي في شرح
غرر الفرائد د درر الفرائد في شرح غرر الفرائد للعلامة السيد ميرزا
محمد حسين الشهرستاني المرعشي المتوفى سنة ١٣١٥ ه حاشية المنظومة
للشيخ الحاج محمد تقي الآملي طبعت في طهران وحاشية الميرزا مهدي
الآشتياني طبع قسم منها بطهران ز شرح السيد حق اليقين الخراساني.
إلى غيرها من الشروح والتعاليق.
السيد هادي ابن السيد دلدار علي النقوي
ولد بلكهنؤ سابع رجب سنة ١٢٢٨ وتوفي في السادس من ذي
القعدة سنة ١٢٧٥ ودفن في حسينية جده غفران مآب بلكهنؤ وتخلف
بالسيد مصطفى الشهير بمير آغا.
عن تذكرة العلماء: كان فاضلا محققا تلمذ على السيد مرتضى ابن
السيد مرتضى ابن السيد محمد ابن السيد دلدار علي ولقب من قبل
السلطان محمد أمجد علي شاة سلطان أوده بصدر الصدور ويروي عن السيد
محمد والسيد حسين ابني السيد دلدار علي. له ١ بشارة الأنبياء ٢
رسالة في حال تكليف من كان في حال التسعين ٣ كشف الأستار في رد
فأندرك اليادري ٤ البرهان القويم في ما يتعلق بالعكس المستقيم كتبه فيما
يتعلق بانعكاس السالبتين الجزئيتين في المشروطة والعرفيتين الخاصتين ٥
رسالة في الفرق بين المحال العقلي والمحال العادي ٦ حاشية على الحبل
المتين للبهائي ٧ وجيزة في الأدعية المأثورة ٨ كتاب في أصول الفقه وغير
ذلك.
الشيخ هادي النجم آبادي الطهراني
توفي في طهران.
(٢٣٥)

في تتمة أمل الآمل: عالم عامل فقيه متكلم ماهر طويل الباع في
كلمات الفقهاء كثير الاطلاع في الحديث زاهد حسن السيرة متواضع يجالس
كل أحد ليس له نظير في قلة الاعتناء بالدنيا وأهلها كان المرجع في القضاء
في طهران وكان لا يفرق بين الوزير والفقير ولشدة زهده وعدم تعلقه
بالرياسة كانت الصوفية وأرباب الفرق الباطلة تنزع إليه وتحب مجالسته وهو
لا يأبى ذلك فيجالسهم ويحادثهم ويلقي الشبه في أذهانهم وغمز عليه
بعضهم بسوء العقيدة وهو برئ من كل سوء تخرج في الفقه على فقيه
عصره الشيخ راضي ابن الشيخ محمد النجفي المشهور رأيته قبل ذهابه إلى
طهران ثم جاء للزيارة فرأيته وهو لم يتغير وهو عندي رجل صحيح كامل
مجاهد من علماء آل محمد ص والغمز عليه ليس بصحيح له مصنفات لا
يحضرني تفصيلها.
هادي بن مقبل بن حسن بن نصار المنتهي نسبه إلى علي الصغير
كان حيا سنة ١٢٤٥ وكان مقيما في قرية طيرفلسيه من اعمال صور
وجدت قطعة من ديوانه في مكتبة عيسى إسكندر المعلوف مكتوبة بخط
الناظم والديوان مشحون بالأغلاط النحوية واللغوية قال من قصيدة أرسلها
إلى صديق له في قرية هونين:
خليلي هل بان العذيب على علم * وهل ظبي هونين مقيم على السلم
وهل أثلاث القلعتين أنيقة * تقيل بها الارام غب الحيا الوسمي
وهل ريم وادي الغار في الحب ثابت * على العهد أم حال الوداد عن الاسم
معاهد انس كلما عن ذكرها * لقلبي ترى عيني مدامعها تهمي
وقال من قصيدة أرسلها جوابا عن قصيدة أرسلها له بعض أبناء قرية
عين فيت:
عرج قلوصك وانزل أيها الحادي * في ربع عنفيت وارو غلة الصادي
وانشر عليهم تحيات معطرة * يضوع من نشرها الداري في النادي
وبثهم شوق حب واله دنف * تشجيه صادحة من فوق أعواد
لمعشر قد رقوا أوج العلا وسموا * بحبهم لابن عم المصطفى الهادي
سيف الاله الذي ما سل يوم وغى * الا وأطعمه أفلاذ أكباد
سل عنه يا بدر بدرا يوم ملحمة * ويوم خيبر والنهرين والوادي
يا من يرى أنه يحصى فضائله * أهل نجوم السما تحصى باعداد
وقال من قصيدة يرثي بها شقيقه له:
ذابت حشاي صبابة * فيهم وما بلغت مناها
والجسم انحله الضنا * واها لما ألقاه واها
أفلت بدور أحبتي * ومحا الأفول ضياها
يا عاذلي دع عنك عذلي * ليس لي أحد سواها
وقال هاجيا قوما من قصيدة:
إذا ما عاينوا ضيفا اتاهم * تغشى وجههم قطع الظلام
إذا ما قيل ضيف صحفوه * وقالوا الضيف يا كافي الأنام
هارون بن جعفر بن إبراهيم بن جعفر بن محمد بن علي بن عبد الله بن
جعفر بن أبي طالب ع
يلقب عضرفط لبيت قيل فيه. وهو شاعر متوكلي مكثر الرد على
الزبير بن بكار هجاؤه لآل أبي طالب وهو القائل:
بوعدت همتي وقرب مالي * ففعالي مقصر عن مقالي
لو أعاد السماح مني وفير * لزكت لي مروءتي وفعالي
ما اكتسى الناس مثل ثوب اقتناع * وهو بين ما اكتسوا سربالي
ولقد تعلم الحوادث اني * ذو اصطبار على صروف الليالي
هارون بن شمس الدين محمد بن محمد الجويني (١)
هو الذي ألف العلامة الحلي باسمه كتاب الاسرار الحنفية في العلوم
العقلية من الحكمة والكلام والمنطق.
أبو عبد الله هارون بن عمران الهمذاني
قال النجاشي في ترجمة محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد الهمذاني أنه
كان هو وأبوه وجده وكلاء الناحية قال وكان لمحمد ولد يسمى القاسم كان
وكيل الناحية وكان في وقت القاسم بهمذان معه بسطام بن علي والعزيز بن
زهير ثلاثتهم وكلاء في موضع واحد بهمذان وكانوا يرجعون في هذا إلى أبي
محمد الحسن بن هارون بن عمران الهمذاني وعن رأيه يصدرون ومن قبله
عن رأي أبيه أبي عبد الله هارون وكان أبو عبد الله وابنه أبو محمد وكيلين
انتهى ولكن في بعض النسخ عن رأي أبيه أبي عبد الله بن هارون
والظاهر زيادة لفظة ابن أبي عبد الله وهارون سهوا من النساخ لأنه إذا كان
أبو عبد الله أبا الحسن بن هارون كما صرح به النجاشي فلا بد أن يكون
اسم أبي عبد الله هارون الا أن يكون الحسن بن هارون نسب إلى جده لا
إلى أبيه.
هارون
هو هارون بن مسلم.
هارون بن موسى ويقال هارون بن محمد
في معجم الشعراء: هو القائل يرثي الحسن بن زيد من قصيدة:
وسالت عنه فقيل بات لما به * قلت الندى لا شك بات لما به
وكأنما ضن الزمان على الورى * ببقائه أو هابه فبدا به
وله يعذر من هربه عن جيش انفذه الحسن للقاء بعض أعدائه:
هانت علي سبال العار والعذل * فلست آنف من حيني ومن فشلي
اني بخلت بنفس لا يجاد بها * ولست بالمال يفديها أخا بخل
متى رأيت شجاعا مات بالأجل * أو نال من لذة الدنيا مدى الأمل
كان آجال شجعان الورى جعلت * في أنفس البيض والخطية الذبل
هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد بن سعيد أبو محمد التلعكبري
من بني شيبان
توفي سنة ٣٨٥ قاله الشيخ في كتاب الرجال.
(٢٣٦)

نسبته
التلعكبري نسبة إلى تل عكبرا. في أنساب السمعاني: بفتح
المثناة الفوقية وسكون اللام وقيل بتشديدها وهو الأصح وضم العين المهملة
وسكون الكاف وفتح الباء الموحدة وفي آخرها الراء هذه النسبة إلى موضع
عند عكبرا يقال له التل والنسبة إليه التلعكبري. وفي معجم البلدان:
عكبرا بضم أوله وسكون ثانيه وفتح الباء الموحدة يمد ويقصر والظاهر أنه
ليس بعربي وقيل أنه سرياني وهي اسم بليدة من نواحي دجيل بينها وبين
بغداد عشرة فراسخ وقال تل عكبرا موضع عند عكبرا يقال له التل
انتهى وفي التعليقة عن حاشية الوسيط: عكبر بضم العين المهملة
وسكون الكاف وضم الباء الموحدة قبل الراء رجل من الأكابر وقيل من
الأكراد وأضيف إليه التل فقيل تل عكبر ويسمى به ذلك المكان فالتلعكبري
منسوب إليه انتهى وهذا يقتضي أن يكون اسم المكان تل عكبر لا
عكبرا بالمد أو القصر كما هو المشهور وقاله ياقوت وغيره ولعل أصله تلعكبر
وزيد عليه الألف لكثرة الاستعمال وعن الشهيد الثاني وجدت بخط الشيخ
الشهيد ره تخفيف لام التلعكبري في النسب وقال عكبر رجل من
الأكراد نسب التل إليه ورأيت ضبطه بخطه في الخلاصة بالتشديد انتهى
أقول الصواب التخفيف لاقتضاء النسب ذلك خلاف ما صوبه
السمعاني. ويحكى عن الخليل أنه ضبط التل بفتح التاء وتشديد اللام
وعكبر بضم العين والباء جميعا، وعن العلامة في إيضاح الاشتباه أنه قال:
التلعكبري بالمثناة الفوقية واللام المشددة والعين المهملة المضمومة والكاف
الساكنة والباء الموحدة المضمومة والراء وجدت بخط السعيد صفي الدين
ابن معد الموسوي حدثني برهان الدين القزويني وفقه الله تعالى سمعت السيد
فضل الله الراوندي يقول ورد أمير يقال له عكبر فقال أحدنا هذا عكبر
بفتح العين فقال فضل الله لا تقولوا هكذا بل قولوا عكبر بضم العين والباء
وكذلك شيخ الأصحاب هارون بن موسى التلعكبري بضم العين والباء
وقال بقرية من قرى همدان يقال لها ورشند أولاد عكبر هذا ومنهم إسكندر
ابن دربيس بن عكبر هذا وكان من الأمراء الصالحين وممن رأى القائم ع
كرات ثم قال فضل الله عكبر ومارى ودربيس وعد جماعة هؤلاء امراء
الشيعة بالعراق ووجههم ومتقدمهم ومن يعقد عليه الخناصر إسكندر المقدم
ذكره انتهى.
أقوال العلماء فيه
قال النجاشي: كان وجها في أصحابنا ثقة معتمدا لا يطعن عليه له
كتب منها كتاب الجوامع في علوم الدين كنت أحضر في داره مع ابنه أبي
جعفر والناس يقرؤون عليه انتهى وذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو
عنهم ع فقال: هارون بن موسى التلعكبري يكنى أبا محمد
جليل القدر عظيم المنزلة واسع الرواية عديم النظير ثقة روى جميع الأصول
في المصنفات أخبرنا عنه جماعة من أصحابنا انتهى وعد: بحر العلوم في
رجاله من مشايخ النجاشي صاحب الرجال واستشهد بقول النجاشي
السابق: كنت أحضر في داره الخ. وفي ترجمة محمد بن أبي بكر همام قال
أبو محمد هارون بن موسى رحمه الله حدثنا محمد بن همام الخ وفي ترجمة
محمد بن عبيد الله بن أبي رافع قال أبو محمد هارون حدثنا أبو معمر الخ.
مشايخه
قد عرفت مما مر أنه يروي عن محمد بن أبي بكر همام وعن ابن
معمر. وعن جامع الرواة روايته عن الكليني وأبي القاسم علي بن حبشي
ابن قوني وأبي علي بن همام وأبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد.
تلاميذه
قد عرفت أن منهم النجاشي صاحب الرجال وعن جامع الرواة أنه
يروي عنه الحسين بن عبيد الله والشيخ المفيد.
السيد هاشم بن أحمد بن الحسين بن سلمان الموسوي الأحسائي
المبرزي
ولد بقرية مبرز سنة ١٢٤٧ أو ٤٦. وتوفي بها سنة ١٣٠٩ ودفن في
مقبرتها.
المبرزي نسبة إلى مبرز وهي قرية متصلة بالأحساء. في طبقات
الشيعة للشيخ علي الجعفري: كان عالما فاضلا محدثا أخباريا شيخيا شاعرا
هاجر من مسقط رأسه إلى العتبات فأقام في كربلاء لتحصيل العلم وحضر
على علمائها وتخرج عليه المولى محمد باقر الأسكوتي يروي عن الشيخ عبد
علي آل عصفور الساكن ببندر بوشهر والشيخ طاهر الاخباري الساكن بشيراز
له مؤلفات ١ منظومة في الطهارة ٢ إيضاح السبيل في الفقه إلى آخر
العبادات استدلال مختصر وله مقدمتان إحداهما في أصول العقائد والأخرى
في أصول الفقه ٣ الأنموذج في أصول الفقه ٤ كشف الغطاء رسائل في
الحكمة ٥ رسالة في تفسير بعض الأحاديث ٦ أجوبة جملة من المسائل
٧ شرح طهارة التبصرة ٨ رسالة عملية.
السيد هاشم الموسوي البحراني الملقب بالقاري
ذكره في أنوار البدرين وفي تتمة أمل الآمل: عندنا كتاب المقنعة
للمفيد بنسخة قديمة جدا عليها تملكه وأنهى نسبه فيها إلى الإمام الكاظم
ع.
الحاج هاشم ابن الحاج حردان الكعبي الدورقي
توفي سنة ١٢٢١.
الكعبي نسبة إلى قبيلة كعب العربية التي تسكن الأهواز
ونواحيها. وكتب إلينا بعض أدباء القطيف أن كعبا التي ينسب إليها الحاج
هاشم هي بلدة من بلاد القطيف يقال لها الآن كعيب بضم الكاف وتشديد
الياء وتنطق الكاف شينا فارسية وتكتب بصورة الجيم تحتها ثلاث نقط.
شاعر مفلق متفنن حسن الأسلوب طويل النفس يعد في طليعة
الشعراء نظم في مدح أهل البيت ع ورثائهم فأكثر وأطال وأبدع
وأجاد واحتج وبرهن وأحسن وأتقن وجميع شعره من الطبقة العالية اشتهر
شعره في أهل البيت ع في عصره وبعده إلى اليوم في العراق وجبل عامل
والبحرين وغيرها وحفظته الناس وتلي في مجالس العزاء ولا بد أن يكون له
شعر في فنون أخرى لكن لم يتصل إلينا شئ منه. وفي الطليعة كان أديبا
شاعرا بارعا شديد العارضة جزل اللفظ والمعنى منسجم التركيب سهله
مقتدرا في فنون الأغراض متصرفا في المطالب مشبع الشعر من الحكم
والأمثال مقربا عند حكام البصرة محترم الجانب له ديوان أكثره في الأئمة
ع.
(٢٣٧)

شعره
قال:
بنفسي البارع الحسن * المقيم لصبوتي الحجة
ثوى قلبي ولكن قد * أثار به الهوى عجه
رماه بسهم ناظره * فأشجاه كما شجه
ضرورة حسنه أغنت * عن البرهان والحجة
وما للمدعي دعوى * لها وجه وإن وجه
جفون للحمى ترنو * وبين يديه لي مهجه
فهذي حرها نار * وتلك ميلها ثجة
وله:
وددت بزعمي أن في الود راحة * ولم أدر أن الود غايته الهلك
عشقت فلم أعلم فلما استرقني * علمت ولكن حيث لم يمكن الفك
وله:
ما ذقت لذة ساعة من قربه * إلا ونغصها بروعة بينه
عين الغزال بصده ونفاره * وابن الغزال بجيده وبعينه
لم يلو غيري في معاملة له * أبدا ويلوى ذا الغرام بدينه
ومن شعره المقصورة وكانه عارض بها مقصورة ابن دريد التي تنيف
على مائتين وخمسين بيتا يذكر في أولها حكما وأمثالا وفي
وسطها حماسة وفي آخرها مديح أهل البيت ع واحدا بعد واحد وأولها:
يا بارقا لاح على أعلى الحمى * أأنت أم أنفاس محروق الحشا
وله في أمير المؤمنين ع:
أ لم يعلم الجاني على الليث انه * أتى الليث في محرابه وهو ساجد
ولو جاءه من حيث ما الليث مبصر * لخانته عن حمل الحسام السواعد
لقد فل في ذاك الحسام مهندا * تفل بماضي شفرتيه الشدائد
وقال من قصيدة بدأها بالنسيب ثم انتقل إلى مدح أمير المؤمنين ثم
إلى رثاء الحسين ع وقد آثرنا نشر مديحها مع القصائد التي
نشرناها في الجزء الثالث المخصوص بحياة أمير المؤمنين ع. قال في
نسيبها:
أ رأيت يوم تحملتك القودا * من كان منا المثقل المجهودا
حملتها الغصن الرطيب وورده * وحملت فيك الهم والتسهيدا
وجعلت حظي من وصالك أن أرى * يوما به ألقى خيالك عيدا
لو شئت أن تعطي حشاي صبابة * فوق الذي بي ما وجدت مزيدا
أهوى رباك وكيف لي بمنازل * حشدت علي ضغائنا وحقودا
أ معرس الحيين ما لك لم تجب * مضنى ولم تسمع له منشودا
أ أصمك الأظعان يوم تحملوا * أم صرت بعد الظاعنين بليدا
قد كنت توضح بالأسنة والظبي * معنى وتفصح موعدا ووعيدا
حيث الشموس على الغصون ولم تكن * عاينت الا أوجها وقدودا
من سام عزك فاستباح من الشري * آساده ومن الخدور الغيدا
انى انتفى ذاك الجلال وأصبحت * أيامك البيض الليالي سودا
فاسمع أبثك انني أنا ذلك الكمد * الذي بك لا يزال عميدا
ما بعدت منك القريب حوادث * عرضت ولا قربن منك بعيدا
لا تحسبنه هوى يخال وإن غدا * حظي الشقي تفرقا وصدودا
فلأنت أنت وإن عدت بك نية * عن ناظري وتركن دونك بيدا
ولئن أبحت تجلدي فطالما * ألفيتني عند الخطوب جليدا
وقال في رثائها:
تالله لا أنسى ابن فاطم والعدي * تهدي إليه بوارقا ورعودا
غدروا به إذ جاءهم من بعد ما * أسدوا إليه مواثقا وعهودا
قتلوا به بدرا فاظلم ليلهم * فغدوا قياما في الضلال قعودا
وحموه أن يرد المباح وصيروا * ظلما له ظامي الرماح ورودا
فسمت إليه أماجد عرفوا به * قصد الطريق فادركوا المقصودا
نفر حوت جمل الثنا وتسنمت * قلل المعالي والدا ووليدا
من تلق منهم تلق كهلا أو فتى * علم الهدى بحر الندى المورودا
وتبادرت طلق الأعنة لا ترى الغمرات * إلا المائسات الغيدا
وكأنما قصد القنا بنحورهم * درر يفصلها الفناء الطعان عقودا
واستنزلوا حلل العلا فأحلهم * غرفاته فغدا النزول صعودا
فتظن عينك أنهم صرعى وهم * في خير دار فارهين رقودا
وأقام معدوم النظير فريد بيت * المجد معدوم النصير فريدا
يلقى القفار صواهلا ومناصلا * ويرى النهار قساطلا وبنودا
ساموه أن يرد الهوان أو المنة * والمسود لا يكون مسودا
فانصاع لا يعبأ بهم عن عدة * كثرت عليه ولا يخاف عديدا
يلقى الكماة بوجه أبلج ساطع * فكأنما أموا نداه وفودا
يسطو فتلقى البيض تغرس في الطلى * فتعود قائمة الرؤوس حصيدا
أسد تظل له الأسود خواضعا * فترى الفتى يحكي الفتاة الرودا
البرق صارمه ولكن لم يسق * للوبل إلا هامة ووريدا
والصقر لهذمه ولكن لم يصد * إلا قلوبا أوغرت وكبودا
باس يسر محمدا ووصيه * ويغيظ نسل سمية ويزيدا
حتى إذا حم الحمام وآن لا * تلقى عمادا للعلى وعميدا
عمدت له كف العناد فسددت * سهما عدا التوفيق والتسديدا
فثوى بمستن النزال مقطع * الأوصال مشكور الفعال حميدا
لله مطروح حوت منه الثرى * نفس العلى والسؤدد المعقودا
ومبدد الأوصال الزم حزنه * شمل الكمال فلازم التبديدا
ومجرح ما غيرت منه القنا * حسنا ولا اخلقن منه جديدا
قد كان بدرا فاغتدى شمس الضحى * مذ ألبسته يد الدماء لبودا
يحمي أشعته العيون فكلما * حاولن نهجا خلته مسدودا
وتظله شجر القنا حتى أبت * إرسال هاجرة إليه بريدا
وثواكل في النوح تسعد مثلها * أ رأيت ذا ثكل يكون سعيدا
ناحت فلم تر مثلهن نوائحا * إذ ليس مثل فقيدهن فقيدا
لا العيس تحكيها إذا حنت ولا * الورقاء تحسن عندها الترديدا
إن تنع أعطت كل قلب حسرة * أو تدع صدعت الجبال الميدا
عبراتها تحيي الثرى لو لم تكن * زفراتها تدع الرياض همودا
وغدت أسيرة خدرها ابنة فاطم * لم تلق غير أسيرها مصفودا
تدعو بلهفة ثاكل لعب الأسى * بفؤاده حتى انطوى مفئودا
تخفي الشجا جلدا فان غلب الأسى * ضعفت فأبدت شجوها المكمودا
نادت فقطعت القلوب بشجوها * لكنما انتظم البيان فريدا
(٢٣٨)

انسان عيني يا حسين أخي يا * أملي وعقد جماني المنضودا
ما لي دعوت فلا تجيب ولم تكن * عودتني من قبل ذاك صدودا
المحنة شغلتك عني أم قلى * حاشاك أنك ما برحت ودودا
أ فهل سواك مؤمل يدعى به * فيجيب داعية ويورق عودا
إن استعن قامت إلي ثواكل * لم تدر إلا النوح والتعديدا
وكفيلها فوق المطي معالج * من ضره ومن الحديد قيودا
أ وحيد أهل الفضل يعجب جاهل * أن تمس ما بين الطغام وحيدا
ويلام غيث ما سقاك وانه * من بحر جودك يستمد الجودا
قد كان يعتب عند تركك ظاميا * لو كان غيرك بحره المورودا
يا ابن النبي ألية من مدنف * بعلاك لا كذبا ولا تفنيدا
ما زال سهدي مثل حزني ثابتا * والغمض مثل الصبر عنك طريدا
تأبى الجمود دموع عيني مثلما * يأبى حريق القلب فيك خمودا
والقلب حلف الطرف فكلما * أسبلت هذا زاد ذاك وقودا
طال الزمان على لقاك فهل قضى * للحزن والمحزون فيك خلودا
أ فلم يحن حين المسرة أن ترى * عيناي ذاك الصارم المغمودا
وفصيحة عربية مانوسة * لم تالف الوحشي والتعقيدا
ما سامها الطائي الضعار ولا الذي * قد كان يدعى خالد بن يزيدا
أنزلتها بجناب أبلج لم يخب * قصد لديه ولا يذل قصيدا
كانت به جهد المقل وإنما * عذر الفتى أن يبلغ المجهودا
لو شاء يمدح بالذي هو أهله * حصر الأنام فما سمعت نشيدا
وله في رثاء الحسين:
أ هلال شهر العشر ما لك كاسفا * حتى كأنك قد لبست حدادا
أ فهل علمت بقتل سبط محمد * فلبست من حزن عليه سوادا
وأنا الغريب ببلدة قد أحرزت * أيام حزن المصطفى أعيادا
أ ألم شمل الصبر بعد عصابة * راحوا فرحن المكرمات بدادا
لم تكفف العبرات من أجفانها * سحا ولو كان البحور مدادا
سبقوا الأنام فضائلا وفواضلا * ومأثرا ومفاخرا وسدادا
ومراتبا ومناقبا ومساعيا * ومعاليا وجلادة وجلادا
من كل وتر أن يسل حسامه * راحت جموع عداته آحادا
وأخي ندى أن سال فيض بنانه * غمر الزمان مغاورا ونجادا
رجب إذا شعبان بالغ في الندى * وهو الربيع إذا الشهور جمادى
وبمهجتي الرشد الذي للقائه * حشد الضلال وجند الاجنادا
يلقى القنا ثلج الفؤاد وحاله * اورى القلوب وفتت الاكبادا
وله في رثائه ع:
باتت علي مع العوادي * لوامة خلو الفؤاد
وغدت تطيل ملامتي * أيامي كم هذا التمادي
ظنت صلاحي في السلو * وكان لي عين الفساد
ما للخواطر والسلو * وللنواظر والرقاد
جهلا تطالب سلوة * من ظاهر الأحزان باد
لفؤاده جمر الغضى * ولجنبه شوك القتاد
ولجفنه ماء الدموع * ورائح منها وغاد
ما بعد يوم ابن النبي * سوى المدامع والسهاد
والثكل والويل الطويل * ولبس أثواب السواد
قتل ابن بنت محمد * لرضى يزيد عن زياد
قتلوه فردا وهو يا * جداه بينهم ينادي
وسقوه من ورد الفرات * العذب أطراف الحداد
حتى قضى والماء يجري * وهو ملهوف الفؤاد
قل للنبي المصطفى * يا خير مبعوث وهاد
هذا الحبيب معفر الخدين * في عفر المهاد
شلوا ترض ضلوعه * بحوافر الخيل الصلاد قل للجياد
عسى درت * لا أم للخيل الجياد
أشلاء من قد وزعت * بالركض في تلك الوهاد
هدت قوى المجد الأثيل * وغارب الشرف التلاد
واستأصلت ركن المعالي * بعد تشييد العماد
كبد الهدى اصمت وفوق * سهمها قلب الرشاد
قل للمطهرة البتول * وأمها ذات السداد
تأتي الحسين بكربلا * ملقى تكفنه البوادي
أشلاؤه فوق الصعيد * ورأسه فوق الصعاد
تأتي مشال الرأس فوق * الرمح مقطوع الابادي
تأتي البدور التم كيف * عدابها للركب عاد
تأتي البحور الفعم كيف * تزايلت ظمأى صواد
تأتي شريعة جده * البيضاء لابسة السواد
من بعدكم آل النبي * لحاضر ينحو وباد
قد صوح الوادي واظلم * حين غبتم كل ناد
فمن المرجى بعدكم * في الناس للكرب الشداد
ومن المؤمل للمناقب * والنوائب والأيادي
من للفضائل والفواضل * والنوازل والعوادي
لكفالة الأيتام أحوط * من أب وأخ جواد
للملة الغراء لا تنفك * في سوق الكساد
يا آل طس وياسين * وحم وصاد
أصفيتكم ودي وأخلص * في الولاء لكم اعتقادي
ثقتي بكم يوم الجزا * وعلى نوالكم اعتمادي
واليكم وجهت آمالي * وأعطيت انقيادي
قلدت آل محمد * وعلى مقالهم استنادي
قلدتهم أصلي وفرعي * وهو يوم العرض زادي
يا رب هذا ما اعتقدت * وأنت رحمان العباد
صلى المليك عليهم * ما رائح سار وغادي
وله في رثائه ع:
كم يتبع الاظعان لحظا * جفنك المستعبر
أنسيت مشهور الطفوف * وما هنالك يذكر
يوم على الطرف الأغر * علاء أغر مشهر
حامي الحقيقة معلم * طلق الذراع غضنفر
ذو نجدة عن رأيها * ترد المنون وتصدر
الجد احمد حين يعزى * والمضاهي شبر
والأم فاطمة التقى * والفحل فيه حيدر
ومضمخ بدم الوريد * وبالتراب معفر
الجو من صادي دماه * ممسك ومعنبر
والليل من انواره * ضاحي العشية مقمر
لبست أشعته الليالي * فهي بيض تزهر
(٢٣٩)

لله ما منه يقل * السمهري الأسمر
المجد أدنى ما تحمل * والجلال الأكبر
والمكرمات الغر طرا * والندي الأزهر
وماتم فيها البتولة * والنبي الأفخر
من اجلها دمع الوجود * على السوالف يقطر
والعالم العلوي مفتقد * السرور مكدر
والبيت باك والمقام * وزمزم والمشعر
ومنى وجمع والمعرف * قد بكى ومحسر
والرسل تبكي والملائك * بالعزاء تبكر
أهدي يزيد لها ملابس * بالدماء تعصفر
وقضى لها حزنا يمر * على الدهور ويعبر
ابدا لها الليل الطويل * فليلها لا يفجر
وبنى على ما أسس * المتقدم المتأخر
لله أية محنة * لقي النبي الأطهر
من أمة عدت الهدى * فطريقها متحير
وحبيبه كالشاة ظلما * بالمهند ينحر
ورجاله مثل الأضاحي * بالسيوف تجزر
وبناته وبنوه تسبى * للطغام وتؤسر
ورؤوس سادتها بأطراف * الرماح تشهر
حال تكاد له الشداد * بسبعها تتفطر
ويروح منها البدر منخسف * ألسنا لا يبدر
واليوم مفتقد الضياء * وشمسه تتكور
خطب تصاغر عنده * كل الخطوب ويكبر
لو كان احمد حاضرا * لشجاه ذاك المحضر
أ ترون لو نظر السبايا * في السبا تتضور
ويزيد يهتف بالنشيد * وبالشماتة يجهر
مستدعيا أشياخ بدر * يستطيل ويثار
ويزيد لا متهود * فيهم ولا متنصر
يدعى أمير المؤمنين * يطاع فيما يأمر
تالله يا ابن الأكرمين * قضية لا تنكر
سيف أصابك حائد * عن قصده متحير
وسنان رمح نال منك * لرشده لا يبصر
قد عطل الحرب العوان * فيومها لا يذكر
وقضى الفناء على الشجاعة * فهي ميت يقبر
وطوى باعلام الوغى * فلواؤها لا ينشر
لا الأبيض الماضي يعد * ولا الأصم الأسمر
ذهب المقوم درها كذا * فلأي شئ تذخر
وله في رثائه ع:
سفه وقوفك في عراص الدار * من بعد رحلة زينب ونوار
ما أنت واللفتات في اكنافها * ظن الفريق وخف عنك الساري
أخلت فؤادك من عزائك نية * أخلت سماءك من سنا الأقمار
يا دار أمك زور شوق ما لهم * غير اللقى من مقصد الزوار
وصلوك إذ هجروا على علل السرى * لك جانب الأوطان والأوطار
لا عيب من محن الزمان فإنما * خلق الزمان عداوة الأحرار
أ وما كفاك من الزمان فعاله * ببني النبي وآله الاطهار
ولعت بفارع قدرهم اخطاره * ما اولع الاخطار بالاقدار
بيض يريك جمالهم وجلالهم * تم البدور عشية الاسرار
يكسو ظلام الليل نور وجوههم * لون الشموس وزينة الأقمار
شرعوا بصافية الفخار وخلفوا * للواردين تكفف الأسئار
يلقى العفاة بغير من منهم * كالصبح مبتسما بوجه الساري
خطباء ان شهدوا الندي ترى لهم * فيه شقاشق فحله الهدار
فإذا هم شهدوا الكريهة ابرزوا * غلبا تجعجع بالفريق ضواري
فان احتبى بهم الظلام رأيت في * المحراب سجع نوائح الأسحار
هادون في طول القيام كأنهم * بين السواري الجامدات سواري
ويبيت ضيفهم بأنعم ليلة * لم يحص عدتها من الأعمار
للكون من أنفاسهم طيب الشذى * أرجا كجيب الغادة المعطار
ما شئت من نسب وعظم جلاله * فانسب وقل تصدق بغير عثار
وحياة نفس فضلهم لو لم تكن * تدلي مصائبهم لها ببوار
وكفاك لو لم تدر الا كربلاء * يوم ابن حيدر والسيوف عوارى
أيام قاد الخيل توسع شأوها * من تحت كل شمردل مغوار
يمشون في ظلل السيوف تبخترا * مشي النزيف معاقرا لعقار
وتناهبت أجسادهم بيض الظبي * فمسربل بدم الوتين وعاري
وانصاع نحو الجيش شبل الضيغم * الكرار شبه الضيغم الكرار
يوفي على الغمرات لا يلوي به * فقد الظهير وقلة الأنصار
لليوم من انواره وقد انكفت * بنهاره الهبوات خير نهار
يلقى الألوف بمثلها من نفسه * فكلاهما في فيلق جرار
غيران يبتدر الصفوف كأنه * يجري وإياها إلى مضمار
امضى من الليث الهزبر وقد نبا * رمح الكمي وصارم المغوار
متمكن في السرج غرب لسانه * في الجمع مثل حسامه البتار
حتى أتته من العناد مراشة * شلت يد الرامي لها والباري
وهوى فقل في الطود خر فأصبح * الرجفان عم قواعد الأقطار
بأبي وأمي عافرون على الثرى * أكفانهم نسج الرياح الذاري
تصدى نحورهم فينبعث الشذى * فكانما تصدى بمسك داري
ومطرحون يكاد من أنوارهم * يبدو لعينك باطن الاسرار
نفست بهم ارض الطفوف فأصبحت * تدعى بهم بمشارق الأنوار
بالبيت أقسم والركاب تحجه * قصدا لأدكن قالص الأستار
لولا الأولى من قبل ذاك تبرموا * نقضا لحكم الواحد القهار
لم يلف سبط محمد في كربلاء * يوما بهاجرة الظهيرة عار
تطأ الخيول جبينه وضلوعه * بسنابك الايراد والإصدار
كلا ولا راحت بنات محمد * يشهرن في الفلوات والأمصار
حسرى تقاذفها السهول إلى الربى * وتلفها الأنجاد بالاغوار
ما بعد هتكك يا بنات محمد * في الدهر هتك مصونة من عار
قدر أصارك للخطوب درية * هو في البرية واحد الاقدار
يا طالبا بالثار وقيت الردى * طال المقام على طلاب الثار
يا مدرك الأوتار قد طال المدى * طال المدى يا مدرك الأوتار
يا ابن النبي وخير من علقت به * كف الولي ووالد الأبرار
انا عبدكم ولكم ولأي وفيكم * املي ونحو نداكم استنظاري
واليك أهديت القريض فرائدا * منظومة بغرائب الاشعار
(٢٤٠)

الدهر قرن لست من اكفائه * ان لم تكونوا عنده أنصاري
وله في رثائه ع:
وركب سرى والليل جم خطوبه * وما اليوم بالمأمون ان سائر سارا
حدت بهم نحو العلى محض عزمة * تفيض الضياء نورا وتوري الحصى نارا
يريد بها المجد المؤثل أبلج * قليل غرار الجفن أبيض مغوارا
له سبق العلياء في كل مشهد * وان ابعد السارون فيهن مضمارا
تحف به الأعداء من كل وجهة * فما قل من عزم وان قل أنصارا
يلاقي المنايا كالحات وجوهها * طيلق المحيا باسم الثغر مسعارا
على مقبل لم تلفه الحرب مدبرا * قما انفك كرارا وما فك كرارا
كان من الحرب العوان لعينه * مخضبة الأطراف هيفاء معطارا
تراه ولا من ناصر غير سيفه * عرمرم جيش يرهب الجيش جرارا
تخال إذا جال المجال جواده * به البحر زخارا أو الليث هدارا
حليف ندى سلما وحربا فيومه * لدى السلم مثل الحرب منا وايثارا
ترى الطير من حيث استقل ركابه * ووحش الفلا من حيث ما سار قد سارا
وأقصر شئ عنده عمر سيفه * ولكنه ما زال يسقيه أعمارا
وخر على وجه الصعيد كأنه * رعان هوى من فارع الطود فانهارا
لقى حيث لا يلقى من الناس مشفقا * سوى مقتض دينا ومستأثر ثارا
تحاماه صدر الجيش وهو لما به * فيدبر إصدارا ويقبل ادبارا
فيا شقوة البيض البواتر إذ برت * به مرهفا ماضي العزيمة بتارا
فقل لأباة الضيم خلوا عن السرى * فلا دافع جورا ولا مانع جارا
وللخيل خلي عن مداك فلن ترى * ليومك مقداما على الهول كرارا
ولله حسرى من بنات محمد * ترى أوجه البلوى عشيا وابكارا
ينازعها فرط الحيا عظم وجدها * فتغلبه طورا ويغلب أطوارا
تدافعها أيدي السهول إلى الربى * وترمي بها الأقطار في البيد اقطارا
تعن لها فوق الرماح كواكب * تفيد الدجى للسفر منهن أسفارا
فيا آخذ الثار المرجى لأجله * على فترة أفديك من آخذ ثارا
أ منتظري طال انتظاري لطلعة * ملأت لها عيني قذى والحشى نارا
فقم سيدي فالسيل قد بلغ الزبى * وقد عمت البلوى سهولا واوعارا
فمن للهدى يا ابن الميامين والندى * فهذا المدى قد طال والعقل قد حارا
لك الخير ان جئت الطفوف فبلغن * جزيل الثنا منها ديارا وديارا
وقف حيث مبتل الثرى من نحورها * وحيث ترى دمع الفواطم قد مارا
وحيث القبور المشرقات بأهلها * يفاوح آصالا شذاها واسحارا
فيا جنتي بل جنتي يوم فاقتي * ويا وزري ان خفت في الحشر أوزارا
وله في رثائه ع:
ما انتظار الدمع ان لا يستهلا * أ وما تنظر عاشوراء هل
كيف ما تلبس ثوب الحزن في * ماتم أحزن املاكا ورسلا
كيف ما تحزن في شهر به * أصبحت فاطمة الزهراء ثكلى
كيف ما تحزن في شهر به * أصبحت آل رسول الله قتلى
كيف ما تحزن في شهر به * البس الاسلام ذلا ليس يبلى
كيف ما تحزن في شهر به * رأس خير الخلق في رمح معلى
يوم لا سؤدد الا وانقضى * وحسام للعلى الا وفلا
يا قتيلا أصبحت دار العلى * بعده قفرا وربع الجود محلا
لا خطت بعدك فرسان ولا * جرد الشجعان يوم الروع نصلا
بأبي المقتول عطشانا وفي * كفه بحر يروي الخلق جملا
بأبي العاري ثلاثا بالعرا * ولقد كان لأهل الأرض ظلا
بأبي الخائف اهلوه وقد * كان للخائف أمنا أين حلا
وإذا عاينت اهليه ترى * نوبا فيها رزايا الخلق تسلى
من أسير وسدته البزل حلسا * وقتيل وسدته البيد رملا
ومصونات عفاف أصبحت * باديات للعدي حلا ورحلا
وبنفسي من غدت نادبة * جدها والدمع في الخد استهلا
جد لو تنظرنا إذ قربوا * نحونا للسير انقاضا وهزلا
لرأت عيناك خطبا فادحا * جل ان يلقى له الناظر مثلا
يا مصابا هد أركان الهدى * وغدت فيه يد الآمال شلا
وله في رثائه ع:
لو كان في الربع المحيل * برء العليل من الغليل
ربع الشباب ومنزل * الأحباب والظل الظليل
لعب الشمال به كما * لعبت شمول بالعقول
طلل يضيف النازلين * شجاؤه قبل النزول
مستأنسا بالوحش بعد * اوانس الحي الحلول
مستبدلا ريما بريم * آخذا غيلا بغيل
لا يقتضي عذرا ولا * يرتاع من عذل العذول
ومريعة باللوم * تلحوني وما تدري ذهولي
خلي أميمة عن ملامك * ما المعزي كالثكول
ما الراقد الوسنان مثل * معذب القلب العليل
سهران من ألم وهذا * نائم الليل الطويل
ذوقي أميمة ما أذوق * وبعده ما شئت قولي
أ وما علمت الماجدين * غداة جدوا بالرحيل
عشقوا العلى فقضوا بها * والغصن يرمى بالذبول
آل الرسول ونعم اكفاء * العلى آل الرسول
خير الفروع فروعهم * وأصولهم خير الأصول
ومهابط الأملاك تترى * بالبكور وبالأصيل
ذللا على الأبواب لا * يعدون إذنا للدخول
ابدا بسر الوحي تهتف * بالصعود وبالنزول
عرف الذبيح بهم وما * عرفت قريش بالفضول
من مالك خير البطون * وصنوه خير القبيل
من هاشم البطحاء لا * سلفي نمير أو سلول
من راكبي ظهر البراق * وممتطي قب الخيول
من خارقي السبع الطباق * ومخرسي العشر العقول
من آل احمد رحمه الأدنى * ومغرسه الأصيل
ركبوا إلى العز المنون * وجانبوا عيش الذليل
وردوا الوغى فقضوا وليس * تعاب شمس بالأفول
هيهات ما الصبر الجميل * هناك بالصبر الجميل
أ وما سمعت ابن البتولة * لو دريت ابن البتول
إذ قادها شعث النواصي * عاقدات للذيول
طلق الأعنة عاطفات بالرسيم * على الذميل
يطوي بها متن الوعور * معارضا طي السهول
متنكب الورد الذميم * مجانب المرعى الوبيل
(٢٤١)

طلاب مجد بالحسام * العضب والرمح الطويل
متطلبا اقصى المطالب * خاطب الخطب الجليل
يحدو ماثر قاصرا * عن منتهاها كل طول
شرف تورث عن وصي * أو أخي وحي رسول
ضلت أمية ما تريد * غداة مقترع النصول
رامت تسوق المصعب الهدار * مستاق الذلول
ويروح طوع يمينها * قود الجنيب أبو الشبول
رامت لعمر ابن النبي * الطهر ممتنع الحصول
وتيممت قصد المحال * فما رعت غير المحول
ورنت على السغب السراب * باعين في المجد حول
حتى إذا عبرت نفاقا * تبتغي عوج السبيل
وغوى بها جهل بها * والغي من خلق الجهول
لف الرجال بمثلها * وثنى الخيول على الخيول
وأباحها عضب الشبا * لا بالكهام ولا الكليل
خلط البراعة بالشجاعة * فالصليل عن الدليل
للسانه وسنانه * صدقان من طعن وقيل
قل الصحابة غير أن * قليلهم غير القليل
من كل أبيض واضح الحسبين * معدوم المثيل
من معشر ضربوا الخبا في * مفرق المجد الأثيل
وعصابة عقدت عصابة * عزهم كف الجليل
كبني علي والحسين * وجعفر وبني عقيل
وحبيب الليث الهزبر * ومسلم الأسد المديل
آحاد قوم يحطمون * الجمع في اليوم المهول
ومعارضي اسل الرماح * بعارض الخد الاسيل
يمشون في ظلل القنا * ميل المعاطف غير ميل
وردوا على الظما الردى * ورد الزلال السلسبيل
وثووا على الرمضاء من * كأب ومنعفر جديل
وسطا العفرني حين أفرد * شيمة الليث الصؤول
ذات الفقار بكفه * وبكتفه ذات الفضول
وأبو المنية سيفه * وكذا السحاب أبو السيول
غرثان أورث حده * ضرب الطلى فرط النحول
صاح نحيل المضربين * فديت للصاحي النحيل
غير أن ينتقد الكمي * فليس يقنع بالبديل
يا ابن الذين توارثوا العليا * قبيلا عن قبيل
والسابقين بمجدهم * في كل جيل كل جيل
والطاعني ثغر العدى * والمانعي ضيم النزيل
أن تمس منكسر اللوى * ملقى على وجه الرمول
فلقد قتلت مهذبا * من كل عيب في القتيل
جم المناقب لم تكن * تعطي العدى كف الذليل
كلا ولا أقررت اقرار * العبيد على الخمول
يهدى لك الذكر الجميل * على الزمان المستطيل
ما كنت الا السيف ابلته * الضرائب بالفلول
والليث اقلع بعد ما دق * الرعيل على الرعيل
والطود قد جاز العلو * فلم يكن غير النزول
والطرف كفكف بعد ما * غلب الجياد على الوصول
والشمس غابت بعد ما * هدت الأنام إلى السبيل
والماجد الكشاف للكربات * في الخطب الثقيل
حاوي الثناء المستطاب * وكاسب الحمد الجزيل
بأبي وأمي أنتم * من بعدكم للمستنيل
لا در بعدكم الغمام * ولا سقى ربع المحيل
يا ظلة العاني المخوف * وكعبة العافي المعيل
من للهدى من للندى * من للمسائل والسؤول
رجعت بها آمالها * عن لا نوال ولا منيل
فغدت وعبرتها تسح * وقلبها حلف الغليل
ثكلي لها الويل الطويل * شجى وإفراط العويل
يا طف طاف على مقامك * كل هتان هطول
وأناخ فيك من السحاب * الغر مثقلة الحمول
وحباك من مر النسيم * بكل خفاق عليل
ارج يضوع كأنه * قد بل بالمسك البليل
حتى ترى خضر المرابع * والمراتع والفصول
كاسي الروابي والبطاح * مطارفا هدل الذيول
قسما بتربة ساكنيك * وما بضمنك من قتيل
انا ذلك الظامي وصاحب * ذلك الدمع الهطول
لا بعد ينسني ولا * قرب يبرد لي غليلي
يا خير من لاذ القريض * بظل فخرهم الظليل
وأجل مسؤول اتاه * فنال عاف خير سول
لكم الماعي الغر والعلياء * لامعة الحجول
والمكرمات وما أشاد * الدهر من ذكر جميل
وجميع ما قال الأنام * وما تسامى من مقول
والمدح في أم الكتاب * وما اتى عن جبرئيل
وثناي اقصر قاصر * وأقل شئ من قليلي
والعجز ذنبي لا عدو * لي عن أخ البر الوصول
وانا المقصر كيف كنت * فهل لعذر من قبول
وارى الكمال بكم فمدح * الفاضلين من الفضول
صلى الاله عليكم * ما جد ركب في رحيل
وله من قصيدة:
هنا الربع لا بين الدخول فحومل * فعطفا علينا يا ابنة القوم وانزلي
دعيني واشجاني أكابد حملها * فان الذي بي فوق رضوي ويذبل
تلومين دمعي يا ابنة القوم أن جرى * على طلل عاف ورسم معطل
سلي يا ابنة الأقوام ثم تبيني * فان ساع حكم العدل عندك فاعدلي
وكيف ادخار الدمع عن خير منزل * تضمن من خير الورى خير نزل
بنو الوحي يتلى والمناقب تجتلى * وغر المساعي أولا بعد أول
لهم كل مجد شامل كل رفعة * لها كل حمد شاغل كل محفل
بنو المصطفى الهادي وحسبك نسبة * تفرع عن اسمى نبي ومرسل
سحائب إفضال بدور فضائل * كواكب اجلال بحور تفضل
غيوث ليوث يومي السلم والوغى * ممات حياة للمعادي وللولي
فاكنافهم خضر الربى يوم فاقة * وأسيافهم حمر الظبي يوم معضل
إذا سوبقوا يوم الفخار انتهت بهم * سوابق للمجد القديم المؤثل
(٢٤٢)

فسل بهم كرب البلا ساعة البلا * أناخ وألقى الخطب فيها بكلكل
سروا يقطعون الخيل والليل والفلا * بعزم متى يستسهل الصعب يسهل
يؤم بهم طلاب مجد مؤثل * تورثه عن أمثل بعد أمثل
طلابا بصدر الرمح يرعف انفه * دما لا بكف السائل المتوسل
غداة رمته آل حرب بحربها * وقادت إليه القود في كل جحفل
غداة التقى الجمعان في طف كربلاء * وما كربلاء عن يوم بدر بمعزل
وقد سدت الآفاق بالنقع والوغى * فلم تر إلا جحفلا تحت قسطل
وقامت رجال الله من دون آله * تشب لظى الحرب العوان وتصطلي
بكل خفيف الحاذ من فوق سابق * تخل به الفتخاء من تحت أجدل
تهاووا على الرمضا بين معفر * بها الوجه أو دامي الجبين مرمل
وظل أخو الهيجاء يحمل شكة * على سابح موج المنية هيكل
اخوهم يأتي بكل عجيبة * تروق لعين الناظر المتأمل
تراه كان الطعن يهدي له المنى * فيبدو بوجه الباسم المتهلل
كان المنايا السود بيض خرائد * تعاطيه بعد الهجر عذب المقبل
وأوتر رجس نحوه بمراشة * كثيرة وبل الشر عيطاء عيطل
وثنى سنان نحوه بسنانه * فجدله لهفي له من مجدل واقبل
شمر حين أدبر حظه * فشمر عن ماضي الغرارين منصل
وادبر ينحو الفاطميات مهره * بعولة عان ناعيا للمعول
فابصرن رب الجود خلوا جواده * وطود العلى قد حطه الحتف من على
يقلن الا يا واحد نسجت له الصبا * والظبي بردي نجيع وجندل
ويا واحدا ما للمساكين غيره * إذا ما أثارت قسطلا أم قسطل
ويا ماجدا أن هجر الخطب واغتدت * تريد اليتامى عنده ظل موئل
ويا منية السارين حين يلفهم * بليلان من ظلي سقيط وشمال
لتبك المعالي بعد يومك شجوها * بكاء العطايا والتوال المعجل
فقل لبني الحاجات خلوا عن السرى * وقطع الفيافي مجهلا بعد مجهل
وقل للمذاكي الجرد لا تصحبي الوغى * ولا تركضي في جحفل تحت قسطل
وقل لمطايا السير ما أنت والفلا * فلا ظل منهال ولا ظل منهل
وقل للوغى صبرا فلا رفع قسطل * ولا ركض فرسان ولا ركز ذبل
وقل لليتامى والأيامى قضى الذي * عليه عيال كل عاف ومرمل
وقل لعلوم الحق ويحك بعده * من المعتدي والجاهل المتعقل
فلا دفع ايراد ولا رفع مبهم * ولا كشف اجمال ولا حل مشكل
مضى الماجد الضرغام والواجد الذي * تحمل من كل العلى كل مثقل
ربيع اليتامى المعتفين وكافل * الأيامى وامن الخائف المتوجل
أقول لركب كالقسي تفوقوا * ذرى مثلها من كل وجناء عبهل
قفوا بي إذا بان الطفوف وأعرضت * مخايل ذاك العارض المتجلجل
وحلوا من الأكوار وابتدروا الثرى * فما بعد صدي للصدى ري منهل
وقوموا بنا يا قوم نبكي بربعها * لاشرف مقتول بأشرف منزل
لثاو على الرمضاء لم يلق مشفقا * على الترب عار بالنجيع مسربل
مخلى بقفر البيد مستلب الردا * تريب المحيا ميت لم يغسل
عليك ابن خير المرسلين تاسفي * وإفراط احزاني ووجد يلذ لي
فليت سهاما خص نحرك وقعها * أصيب بها دون البرية مقتلي
وإن ارج فيك الفوز يا ابن محمد * فإنك بالامر الذي يرتجى ملي
وما قدر شعري في علاك وذو العلى * حباك بخير المدح في خير منزل
ليهن القوافي أن حوت فيك مدحة * ويهنيك مدح المحكم المتنزل
وله أيضا:
أ ما طلل يا سعد هذا فتسال * نزال فهذي الدار أن كنت تنزل
هي الدار لا شوقي إليها وأن خلت * يحال ولا عن ساكنيها يحول
قفوا بي على اطلالها علنا نرى * سميعا فنشكو أو مجيبا فنسأل
لي الله كم تلحو اللواحي وتعذل * وكم ابتدي عذرا وكم اتنصل
يريدون بي مستبدلا عن أحبتي * أحالوا لعمري في الهوى وتمحلوا
أ بعد نوى الهادين من آل هاشم * يروقك غزلان وتصبيك غزل
بهاليل أمثال البدور زواهر * وليل الوغى مستحلك اللون الليل
ولا يومهم وابن النبي بكربلا * وللنقع في جو السماكين قسطل
يكر فتنحو نحوه هاشمية * فوارس أمثال الضراعم ترقل
فوارس من عليا قريش وهاشم * لهم سالف في المجد يروي وينقل
فوارس إذ نادى الصريخ ترى لهم * مكانا بمستن الوغى ليس يجهل
يؤمهم للمطلب الصعب أصعب * مقبل أطراف البنان مبجل
إلى أن ثووا تحت العجاج تلفهم * ثياب علاء منها قني وانصل
فظل وحيدا واحد العصر في الوغى * نصيراه فيها سمهري ومنصل
وشد على قلب الكتيبة مهره * فراحت ثبا مثل المهى تتجفل
فديتك كم من مشكل لك في الوغى * ألا كل مغنى من معاليك مشكل
فتلك منايا أم أمان تنالها * وذاك حريق أم رحيق معسل
إلى أن اتاه في الحشي سهم مارق * فخر فقل في يذبل قل يذبل
وزلزلت الأرضون وارتجت السما * وكادت له أفلاكها تتعطل
وراحت له الأيام سودا كأنما * تجلبها قطع من الليل
الليل واضحى كتاب الله من أجل فقده * يحن له فرقانه والمفصل
ولم انس لا والله زينب إذ دعت * بواحدها والدمع كالمزن مسبل
وراحت تنادي جدها حين لم تجد * كفيلا فيحمي أو حميا فيكفل
أيا جدنا هذا الحبيب على الثرى * طريحا يخلى عاريا لا يغسل
يخلى بأرض الطف شلوا ورأسه * إلى الشام فوق الرمح يهدى ويحمل
لتبك المعالي يومها بعد يومه * إذا ما بغى باع واعضل معضل
وبيض الظبي والسمر تدمى صدورها * وخيل الوغى تحفى وبالهام تنعل
ومنقبة تقلى وذكر يرتل * ومكرمة تبنى ومجد يؤثل
وليلة مسكين تحمل قوته * إليه سرارا والظلام مجلل
بكاء العذارى الفاقدات كفيلها * عشية جد الخطب والخطب مهول
متى نبصر النصر الإلهي مشرقا * بأنواره تكسى الربى وتجلل
يروم سلوي فارع القلب مثله * وذلك خطب دونه الصعب يسهل
حرام على قلبي العزا بعد فقدكم * وفرط الجوى فيه المباح المحلل
ولولا الذي ارجوه من اخذ ثاركم * فاعلق آمالي به واعلل
لمت على ما كان من فوت نصركم * أسىء وجوى والموت في ذاك أمثل
ولي سيئات قد عرفت مكانها * فظهري منها أحدب الظهر مثقل
وما لي فيها من يد غير انني * عليكم بها بعد الاله أعول
وسمعا بني المختار نظم بديعة * يذل لها بشر ويخضع جرول
تجاري كميتا كالكميت ولم يكن * بها أخطل إذ ليس في الشعر أخطل
فان تمنحوا حسن القبول فإنكم * وما عنكم أن تطردوا متحول
عليكم سلام الله ما لا بارق * وما ناح قمري وما هب شمال
(٢٤٣)

وله من قصيدة في رثائه:
أ ولم يرعك الأكرمون * وما قضت لهم الكرامة
وقيامة بالطف قامت * دون أدناها القيامة
زلزالة أهدت قوارعها * إلى الكون اصطلامه
طارت فأكست الوجود * غياهبا أوهت نظامه
فياضة الكربات مثل * البحر يلتطم إلتطامه
يزجي رحاها ساهر * أن عب بحر الحتف عامه
تلقى الجبال تمر من * سطواته مر الغمامة
من معشر ضرب الجلال * بهم على العليا خيامه
وموطئي الاقدام منها * النسر كاهله وهامه
من احمد المختار منصبه * وحيدرة الشهامه
بجبينه نور النبوة * بين عينيه الإمامة
يعلوه عنوان الجلال * به وسيماء الفخامه
غضبان يحتقر الوجود * وما قلت يده حسامه
موف على الدفعات عز * الله أشجع من أسامة
متبسما يلقى العدى * كالليث إذ يلقى سوامه
غيران إما أن يحوز * المجد أو يلقى حمامه
عشق الفناء فليس دون * الحتف ما يشفي غرامه
طرب إذا اضطرب الفريق * كأنما الخطر السلامة
حتى إذا حم الحمام * وصوبت يده سهامه
وتصدعت سبل الهدى * صدعا أبى الدهر التئامه
قرعت أساس المجد * نافذة فأسرعت انهدامه
هدت ذرى رضوي وأردت * يد بلا ورمت شمامه
وأشمت المجد الأشم * برغم ماجده رغامه
يا أمة ولع الشقاء * بها فاركبها سنامه
ورأى الضلال محله * منها فملكها زمامه
ما راقبت لنبيها * عهدا وما راعت ذمامه
قتلت أحبته وما * قنعت أن اغتصبت مقامه
وجرت كذاك فلم تزل * ابدا لها فيهم ظلامه
جعلت حشاه غذا السهام * وماء مهجته ادامه
هاتي كرائمه تساق * ومثلها تركوا كرامة
اسرى يعز عليه ما * يلقين من بعد الكرامة
هذا ومهجته بأيدي * الخيل قد رضوا عظامه
وكريمه البدري فوق * قناته لاقي تمامه
تروي الرماح اوامها * منه وما روت اوامه
والماء نصب لحاظه * يلتاح ناظره جماحه
يا للرجال لحادث * قد طبق الدنيا ركامه
أ رأيت مبعوثا لقوم * هكذا جعلوا ختامه
قطعوا عنادا رحمه * الأدنى وما خافوا اثامه
وتخلفوا عمدا مع الحث * المؤكد عن أسامة
قنعوا من الباقي بما * نالوا من الفاني حطامه
فليعلمن معاشر * أن تأت فاطمة القيامة
وليندمن هناك قوم * حيث لا تغني الندامة
قد قلت للساري المغب * المجلس الوجناء عامه
علق بقطع البيد وصال * السرى سئم السامه
يزجي لها زيافة * في سيرها مثل النعامه
لبس الدجى بردا وصير * جنح غيهبه لثامه
بالله إن جئت الطفوف * مبلغا عني سلامه
من بعد أن قبلت تربته * وأكثرت التثامه
وشفيت داءك أن مسحت * بوجهك العالي رغامه
ومعارج الأملاك حيث * قيامها يتلو قيامه
فاذكر له الشوق الملح * وكيف هيمه هيامه
يشتاق برقا كلما استعلى * عراقيا فشامه
أنفاسه قيد الزفير * وسجعه سجع الحمامة
وله في رثاء العباس بن علي ع:
لا والهوى ليس بعد الظاعنين كرى * فيستريح أخو شوق إلى الحلم
وكيف يأوي بأرض الري منزلنا * من كان منزله الروحاء من أضم
يا ساكن القلب هل من رحمة لشج * مغض على سقم مفض إلى عدم
ما عند ناظره والقلب من أرب * بعد الحمى غير منهل ومضطرم
أسوان ليس له عند النوى جلد * يقوى به غير قرع السن من ندم
مناه عود المطايا لو تعود له * بما تحملن من ورد ومن عنم
لا رأي للركب أن يخشى الضلال * دجى والصبح فوق المطايا غير منكتم
في البيت من هاشم العلياء نسبتهم * والنعت من احمد المبعوث للأمم
قوم إذا ذخر الأقوام كان لهم * أنف الصفا وأعالي البيت والحرم
شم المراعف ولا جون زدحم * الهيجاء بالنفس فراجون للغمم
أهل الحفيظة لا يلفى جوارهم * يشقى به الجار حفاظون للذمم
عف المآزر لا عاب يدنسهم * ولا يخاف عليهم زلة القدم
تلقى جفونهم تغضي حيا وترى * اسماعهم عن هجين القول في صمم
وموقف لهم تنسي مواقعه * وقائع الحرب في أيامها القدم
أيام قاد ابن خير الخلق معلمة * لم ترد فرسانها الا أخا علم
حمرا لظبا سود يوم النقع خضر ربى * لرائد الجود بيض الأوجه الوسم
من كل أبيض في كفيه مشبهة * في الجزم والحزم والإمضاء والقسم
قريع قوم قراع البيض مطربة * لسمعه دون قرع الناس والنغم
يوم أبو الفضل تدعو الظاميات به * والماء تحت شبا الهندية الخذم
الضارب القمم ابن الضارب القمم * ابن الضارب القمم ابن الضارب
يوم له والمنايا السود شاهدة * بأنه بدرها في حالك الظلم
يسطو فقل في السبنتى خلفت بشرى * أشبالها جوعا في غاية الألم
والجمع والنقع والظلماء مرتكم * في ظل مرتكم في ظل مرتكم
والخيل تصطك والزغف الدلاص على * فرسانها قد غدت نارا على علم
والضرب يخلق أفواها مفوهة * تحكي الدما فكان الكلم للكلم
وأقبل الليث لا يلويه خوف ردئ * بادي البشاشة كالمدعو للنعم
فياض مكرمة خواض ملحمة * فضاض معضلة عار من الوصم
أخو ندى ينحر الآساد ضارية * حسامه مطعما للسيد والرخم
ثيابه نسج داود وعمته * عادية أصبحت تعزى إلى ارم
يشد كالصقر في الأبطال فانكشفت * عن ضيغم كظباء الضال والسلم
يبدو فيغدو صميم الجمع منصدعا * نصفين ما بين مطروح ومنهزم
(٢٤٤)

فعال منتدب لله محتسب * في الله معتصم بالله ملتزم
حتى حوى بحرها الطامي فراتهم * الجاري ببحر من الهندي ملتطم
فكف كفا عن الورد المباح وفي * أحشائه ضرم ناهيك من ضرم
وحرمت أن تنال الري مهجته * كأنما الري فيها أشهر الحرم
ولم تهم بشرب الماء همته * وسلب ذا الهم نفسا أكبر الهمم
وهل ترى صادقا دعوى اخوته * روى حشي وأخوه في الهجير ظمي
وما كفاه الردى دون ابن والده * حتى قضى مثله وأرى الفؤاد ظمي
حتى ملا مطمئن الجاش قربته * ثم انثنى مستهلا قاصد الحرم
فكاثروه فألفوا غير ما نكس * ماضي الشبا غير هياب ولا ارم
فردها وسيوف الهند تحسبها * برق الحيا ورماح الخط كالأجم
أكمى كمي ومن كان الوصي له * أبا فذاك كمي فوق كل كمي
يستوعب الجمع لا مستفهما بهل * عنه ولا سائلا عن عده بكم
غير أن تأبى يسير الطعن همته * فلا يؤم زحاما غير مزدحم
حتى ابتنى قلل العلياء من شرف * ورم ساحتها الجرباء بالرمم
عموه بالنبل والسمر العواسل والبيض * الفواصل من فرع إلى قدم
فخر للأرض مقطوع اليدين له * من كل مجد يمين غير منجذم
وله من قصيدة:
إن تكن كربلاء فحيوا رباها * واطمئنوا بنا نشم ثراها
الثموا جوها الأنيق على ما * كان في القلب من حريق جواها
واغمروها بأحمر الدمع سقيا * فكرام الورى سقتها دماها
وبنفسي مودعون وفي العين * بكاها وفي القلوب لظاها
من بحور تضمنتها قبور * وبدور قد غيبتها رباها
ركبهم والقضا باظعانهم يسري * وهادي الورى امام سراها
والمساعي من خلفهم نادبات * والمعالي مشغولة بشجاها
ساكبات الدموع لا يتلاقى * بين أجفانها وبين كراها
وتبدت شوارع الخيل والسمر * وفرسانها يرف لواها
فدعا صحبه هلموا فقد اسمع * داعي المنون نفسي رداها
فأجاب الجميع عن صدق نفس * أجمعت أمرها وحازت هداها
لا ومعنى به تقدست ذاتا * وجلال به تعاليت جاها
لا نخليك أو نخلي الأعادي * تتخلى رؤوسها عن طلاها
واستبانت على الوفا وتواصته * وأضحى كما تواصت وفاها
تتهادى إلى الطعان اشتياقا * ليت شعري هل في فناها بقاها
ذاك حتى ثوت موزعة الأشلاء * صرعى سافي الرمال كساها
وامتطى الندب مهره لا يبالي * أشاته منونه أم شاها
يتلقى القنا بباسم ثغر * متلقى العفاة حين يراها
مقريا وافديه نسرا وذئبا * لحم أسد لحم الأسود قراها
وأنبرت نبلة فشلت يدا رجس * رماها وكف علج براها
وهوى الأخشب الأشم فماجت * نقطة الكون أرضها وسماها
وانثنى المهر بالظليمة عاري * السرج ناع للمكرمات فتاها
يا لقومي لعصبة عصت الله * واضحى لها هواها
آلاها أسخطت أحمدا ليرضى يزيد * ويلها ما أضلها عن هداها
يا ابن من شرف البراق وفاق * الكل والسبعة الطباق طواها
أن تمنى العدى لك النقص بالقتل * فقد كان فيه عكس مناها
أين من مجدك المنيع الأعادي * وبك الله في العناية باهى
وعليك اعتماد نفسي فيما * أملته وما جنته يداها
وذنوبي وإن عظمن فاني * بك يا ابن الكرام لا أخشاها
وبميسور ما استطعت ثنائي * والهدايا بقدر من أهداها
وله من قصيدة:
أهاب به الداعي فلباه إذ دعا * وكان عصي الدمع فانصاع طيعا
عصى دمعه حادي المطايا فمذ رأى * بعينيه ظعن الحي أسرع أسرعا
فبادر لا يلوي به عذل عاذل * إذا قيل مهلا بعض هذا تدفعا
ظعائن تسري والقلوب بأسرها * على أثرها يجرين حسري وظلعا
وبالنفس أفدي ظاعنين تجلدي * لبينهم قبل التودع ودعا
مضوا والمعالي الغر حول قبابهم * تطوف الجهات أ لست مثنى ومربعا
سروا وسواد الليل داج وشعشعت * على لونه أنوارهم فتشعشعا
يحل الهدى أنى يحلون والندى * فان أقلعوا لا قدر الله اقلعا
مصاليت يوم الحرب رهبان ليلهم * بوارع في هذا وفي ذاك خشعا
ترى الفرد منهم يجمع الكل وصفه * كمالا كان الكل فيه تجمعا
وتهوى الأيامى لو تحل ربوعهم * وقد تركت من حولها الروض سرعا
رمت بهم نحو العلا المحض عزمة * لو الطود وافاها وهي وتصدعا
عشية أمسى الدين دين أمية * وأمسى يزيد للبرية مرجعا
وهل خبرت فيما تروم أمية * بان العلا لم تلف للضيم مدفعا
وقد علمت أن المعالي زعيمها * حسين إذا ما عن ضيم فافزعا
رأى الدين مغلوبا فمد لنصره * يمين هدى من عرصة الدين أوسعا
فاوغل يطوي الكون ليس بشاغل * على ما به من كف علياه إصبعا
يقود إلى الحرب العوان ضراغما * حواسرها أمضى من الغير درعا
تجر من الرمح الطويل مزعزعا * ويمضي من السيف الصقيل مشعشعا
مطلا على الأقدار لو شاء كفها * فجاءته تترى حسبما شاء طيعا
فالقى ببيداء الطفوف مشمرا * إلى الموت لن يخشى ولن يتروعا
وقامت رجال للمنايا فارخصوا * نفوسا زكت في المجد غرسا ومنبعا
تفرع من عليا قريش فان سطت * رأيت أخا ابن الغاب عنها تفرعا
بدور زهت أفعالهم كوجوههم * فسرتك مرأى إذ تراها ومسمعا
أبوا جانب الورد الذميم وأشرعوا * مناهل اضحى الموت فيهن مشرعا
فاكسبها المجد المؤثل أبلج * غشى نوره جنح الدجى فتقشعا
فتنثر أوصال الكمي سيوفها * وتنظم بالرمح الطويل المدرعا
إلى أن ثووا صرعى الغداة كأنهم * ندامى سقوا كأسا من الراح مترعا
وأقبل ليث الغاب يحمي عرينه * ببأس من العضب اليماني اقطعا
يكر فتلقى الخيل حين يروعها * مضامين سرب خلفها الصقر زعزعا
يصرف آحاد الكتيبة رأيه * فلا ينتقي إلا الكمي المقنعا
بطعن يعيد الزوج بالضم واحدا * وضرب يعيد الفرد بالقطع أربعا
ولما رمت كف المقادير رميها * وحان لشمل الدين أن يتصدعا
بدى عن سراة السرج يهوي كأنما * جبال شروري من علاها هوت معا
وراح بأعلى الرمح يزهو كريمه * كبدر الدجى إذ تم عشرا وأربعا
وعاثت خيول الظالمين فأبرزت * كرائم أعلى أن تهان وارفعا
ثواكل لم يبق الزمان لها حمى * يكن ولم يترك لها الدهر مفزعا
تكاد إذا ما أسبلت عبراتها * تعيد الثرى من وابل الدمع مربعا
وكادت إذا ما أشعلت زفراتها * بأنفاسها يغدو لها الروض بلقعا
فما الفاقدات الألف شتت جمعها * غداة النوى أيدي العداة ووزعا
(٢٤٥)

بأوهى قوى منها واشجى مناحة * وأضرم احشاء وأضيع أدمعا
نوائح من فوق الركاب كأنها * حمام نأى عنه الأليف فرجعا
سبايا يلاحظن الكفيل مصفدا * وأطفالها في الأسر غرثى وجوعا
وأسرتها الحامون للبيض مطعما * وأموالها في النهب للقوم مطمعا
إلى الله أشكو معشرا ضل سعيها * فجاءوا بها شنعاء تحمل أشنعا
جزى الله قوما قبلها مهدوا لهم * عن المصطفى شر الجزاء وأفظعا
فاقسم لولا السابقون وما اتوا * به قبل هذا ما ادعاها من ادعى
ولا راح يدعى في الأنام خليفة * يزيد فيعطي من يشاء ويمنعا
ولا راح يوم الطف سبط محمد * لدى القوم مطلول الدماء مضيعا
وكانت بنو حرب أذل وجمعها * أقل وما شمت به العز أجدعا
فقامت على رغم المعالي أمية * بنقض الذي قد ابرم الدين ولعا
خليلي قولا وانصفا وأسالا الذي * تبرعها عن أي وجه تبرعا
بأي بلاء كان منه أغصه * بمر المنايا مقدما فتجرعا
فباتت له ترعى الغوائل لا ترى * له مضجعا الا تمنته مصرعا
وما ضربت في الفضل أيام شركها * بسهم ولا قامت مع القوم مجمعا
بني المصطفى يا خير من وطئ الحصى * وأكرم من لبى وطاف ومن سعى
ويا خير من أم المروعات ركنه * فامنها منا وراع المروعا
ويا خير من أمته غرثى سواغبا * فاطعمها عذب النوال فاشبعا
ويا خير من جاءته ظمئى نواهلا * فاصدرها ريا القلوب فانقعا
ويا خير من يرجو المسيئون عفوه * فأولى به الصفح الجميل واوسعا
سما رزؤكم كل الرزايا كما سما * على كل مجد مجدكم وترفعا
فأحرزتم الغايات في كل حلبة * فقصر عن مسعاكم كل من سعى
سوابق في الهيجا سوابق في الندى * سوابق إن صد الخصام المشيعا
مصابكم أضنى الفؤاد من الأسى * وازعج عيني أن تنام فتهجعا
إذا ذكرت نفسي عظيم مصابكم * تقسمها الشجو العظيم ووزعا
أروح بأنفاس السليم توجعا * وأغدو بتذكار السقيم تفجعا
وله في رثائه ع:
عدتك نجد فما ذا أنت مرتقب * يدنو إليك الحمى أم تنقل الهضب
أ بعد أن بنت عنها بت ترقبها * فاذهب فليس لك العتبي ولا العتب
لو كنت صادق دعوى الحب ما برحت * بك المطي ولا زمت بك النجب
اعراب بادية تبني بيوتهم * حيث العوامل والهندية القضب
لم يعد ملكهم باس ولا كرم * فلا عدو لهم يلفى ولا نشب
تجري على العكس من قولي ظعونهم * ولو جرت مطلقا ما فاتك الإرب
فكلما قلت رفقا بالحشى عنفوا * فليت لو قلت بعدا بالسرى قربوا
يستعذب القلب من تعذيبهم أبدا * كأنما كلما قد عذبوا عذبوا
يا منزلا بمحاني الطف لا برحت * سقيا السحائب منك البان والكثب
كم قلت نجدا وما أعني سواك به * وعرب نجد ومن في ضمنك العرب
إني وإن عنك عاقتني يدا قدر * ببين جسم فقلبي منك مقترب
لا تحسبن كل دان منك ذا كلف * فالدار بالجنب لكن الهوى جنب
أ قائل أهل ودي إن هم عزبوا * عن ناظري أنهم عن خاطري عزبوا
لا والهوى ليس بعد الدار يشغلني * عنهم ولا محنة كلا ولا وصب
يا سائق الحرة الوجناء انحلها * طي السرى وطواها الأين والنصب
وجناء ما ألفت يوما مباركها * ولا انثنت عند تعريس لها ركب
علامة بضروب السير أقر بها * منها إلى رأيها التقريب والخبب
تأبى جوانبها تأتي مباركها * حب السرى فكان الراحة التعب
عج بي إذا جئت غربي الحمى وبدت * منه لمقلتك الاعلام والقبب
وحي عني الأولى أقمارهم طلعت * من طيبة ولدى كرب البلا غربوا
فاعجب لهم كيف حلوا كربلاء وقد * كانت بهم تفرج الغماء والكرب
فأين تلك البدور التم لا غربوا * وأين تلك البحور الفعم لا نضبوا
قوم كأولهم في الفضل آخرهم * والفضل أن يتساوى البدء والعقب
فمنذر مصطفى بالوحي منتجب * ومرتضى مجتبى بالهدي منتخب
الواهبون لدى البأساء ما وجدوا * والطالبون بصدر الرمح ما طلبوا
والمدركون إذا ما أزمة بخلت * بصرفها وتخلت عندها الصحب
وكم لهم حيث جل الخطب من قدم * رست علاء والجبال القود تضطرب
ولا كيومهم في كربلاء وقد * جد البلا وارجحنت عندها الكرب
وفتية وردوا ماء المنون بها * ورد المفاضة ظمآن الحشي سغب
من كل أبيض وضاح الجبين له * نوارن من جانبيه الفضل والنسب
تجلو العفاة لهم تحت القنا غررا * تلاعب البيض فيها والقنا السلب
أمت أمية ان تعلو لها شرفا * فيصبح الرأس محدوما له الذنب
ودون ما يممت هند وجارتها * هند السيوف وحرب دونها الحرب
جاءت ليستعبد الحر اللئيم وفي * عود العلى عند غمز الضيم مضطرب
فشمرت للوغى فرسانها طربا * وامتاز بالسبك عما دونه الذهب
فوارس اتخذوا سمر القنا سمرا * فكلما سجعت ورق القنا طربوا
يستنجعون الردى شوقا لغايته * كأنما الضرب في أفواهها الضرب
واستأثروا بالردى من دون سيدهم * قصدا وما كل ايثار به الإرب
حتى إذا سئموا دار البلاد وبدت * لهم عيانا هناك الخرد العرب
فغودروا بالعرى صرعى تلفهم * مطارف من أنابيب القنا قشب
وأقبلت زمر الأعداء ترقل * والأضغان تسعر والأحشاء تلتهب
جلالها ابن جلا عضب الشبا ذكرا * لا يعرف الصفح إذ يستله الغضب
تأتي على حلق الماذي ضربته * ولا يقيم عليها البيض واليلب
وكلما اسود ليل من كتائبهم * احاله من سناه الضوء لا اللهب
وما استطال سحاب من جموعهم * إلا استطار به من لمعه الرهب
وباسم الثغر والابطال عابسة * كان جد المنايا عنده لعب
لا يسلب القرن إذ يرديه بزته * والليث همته المسلوب لا السلب
ماض بماض إذا استقبلت امرهما * بدا لعينيك من فعليهما العجب
تلقى الردى في الندى طلق العنان كما * ترى حياة الورى محمولها العطب
حتى إذا ضربت يمنى القضا وارى * إحدى العجائب دهر شانه العجب
هوى إلى الترب قطب الحرب وابتدرت * من مهجة الندب أيدي البيض تختضب
وأقبلت خفرات المصطفى ولها ندب على * الندب لكن الحشي يجب كواكب
فقدت شمس الضحى فبدت * والمرء يعجب لو لم يعرف السبب
كم حرة مثل قرن الشمس قد نفست * على العيون بها الأستار والحجب
أبدت أمية منها أوجها كرمت * بالصون يسال عنها الكور والقتب
من كل باكية اسرى وشاكية * حسرى وزاكية عبرى وتنتحب
وكم كمي بقاني البرد مشتمل * وكم أبي بماضي الحد يعتصب
وجسم بحر ندى في الترب منعفر * ورأس بدر هدى في الرمح ينتصب
وحرة بعد فقد الصون يحملها * بين المضلين مهزول المطا نقب
فخدرها وجليل القدر مبتذل * ورحلها وجميل الصبر منتهب
فكلما عاينت ظلت مدامعها * تجري دموعا وظل القلب ينشعب
(٢٤٦)

يا غيث كل الورى أن عم عامهم * جدب ويا غوثهم إن نابت النوب
والثابت العزم والأهوال مقبلة * والراسخ الحلم والأحلام تضطرب
والماجد الحسب المقري الظبا كرما * حوباءه وكذاك الماجد الحسب
ما غالبت صبرك الدنيا ومحنتها * ألا انثنت وله من دونها الغلب
ولا تروع لك الأيام سرب حجى * بلى إذا ريعت الاعلام والهضب
أن يصبح الكون داجي اللون بعدك * والأيام سودا وحسن الدهر مستلب
فأنت كالشمس ما للعالمين غنى * عنها ولم تجزهم من دونها الشهب
تالله ما سيف شمر نال منك ولا * يدا سنان وإن جل الذي ارتكبوا
لولا الأولى أغضبوا رب العلى وأبوا * نص الولاء وحق المرتضى غصبوا
أصابك النفر الماضي بما ابتدعوا * وما المسبب لو لم ينجح السبب
ولا تزال خيول الحقد كامنة * حتى إذا ابصروها فرصة وثبوا
فأدرك الكل ما قد كان يطلبه * والقصد يدرك لما يمكن الطلب
يفنى الزمان وفيك الحزن متصل * باق إلى سرمد الأيام ينتسب
كان حزنك في الأحشاء مجدك في * الأحياء لم تبله الأعوام والحقب
تقول نفسي ونار الوجد تضرم في * قلبي وماء البكا من مقلتي سرب
ترضى من العين أن تجري مدامعها * ومن فؤادك أن يعتاده اللهب
هيهات رمت محالا وادعيت به * دعوى يلوح عليها الخلف والكذب
ما أنت والقوم ترجو نيل سعيهم * وما شربت من الكاس الذي شربوا
هب أنه فاتك يوم البين صحبتهم * فكيف لم تركب النهج الذي ركبوا
وله في رثائه من قصيدة:
جزى الله قوما أحسنوا الصبر والبلا * مقيم وداعي الموت يدعو ويخطب
بحيث حسين والرماح شواجر * إليه والحاظ المنية ترقب
وفرسان صدق من لؤي بن غالب * يؤم بها أسنى المطالب أغلب
ذوو الفضل لا اللاجي إلى طود عزهم * يضام ولا الراجي لديهم يخيب
سروا خابطي الظلماء في طلب العلى * إلى أن بدا منها الخفي المحجب
مضى ابن علي حيث لا نفس ماجد * تهم ولا قلب من الحزم يقرب
إذ الصارم الهندي خلى سبيله * وحاد عن القصد السنان المذرب
وخوفه بالموت قوم متى دروا * بان حسينا من لقا الموت يرهب
وقامت تحامي دونه هاشمية * تحن إلى وصل المنايا وتطرب
أ توافي العلا ما ليس يدري فأغربت * معاني الثنا في مجدهم حيث أغربوا
فوارس من عليا قريش تسنموا * من المجد صعبا ظهره ليس يركب
أسود لها الأسد الضراغم مطعم * وما تسفك البيض الصوارم مشرب
ترى الطير في آثارهم طالب القرى * متى ضمهم في حومة الحرب موكب
عشية أضحى الشرك مرتفع الذرى * وولت بشمس الدين عنقاء مغرب
تراع الوغى منهم بكل شمردل * نديماه فيها سمهري ومقضب
بكل فتى للطعن في حر وجهه * مراح وللضرب المرعبل ملعب
بكل نقي الخد لولا خطا القنا * ترى الشمس من معناه تبدو وتغرب
ومروا على مر الطعان كأنه * لديهم جني النحل أو هو أطيب
إلى أن ثووا تحت العجاج تلفهم * ثياب علاء منهن ما حاك قعضب
وأقبل ليث الغاب يهتف مطرقا * على الجمع يطفو بالألوف ويرسب
إلى أن أتاه السهم من كف كافر * ألا خاب باريها وضل المصوب
فخر على وجه التراب لوجهه * كما خر من رأس الشنا خيب أخشب
ولم انس مهما انس إذ ذاك زينبا * عشية جاءت والفواطم زينب
تحن فيجري دمعها فتجيبها * ثواكل في أحشائها النار تلهب
نوائح يعجمن الشجى غير أنها * تبين عن الشجو الخفي وتعرب
نوائح ينسين الحمام هديلها * إذا ما حدا الحادي وثاب المثوب
وما أم عشر أهلك البين جمعها * عدادا يقفى البعض بعضا ويعقب
بأوهى قوى منهن ساعة فارقت * حسينا ونادى سائق الركب ركبوا
ورحن كما شاء العدو بعولة * يذوب الصفا منها ويشجي المحصب
إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم * تسح لها العينان والخد يشرب
أ ما فيكم يا أمة السوء غيرة * إذا لم يكن دين ولم يك مذهب
بنات رسول الله تسبى حواسرا * ونسوتكم بالصون تخبى وتحجب
إذا لم يكن ود القرابة قربة * فيا ليت شعري ما يكون التقرب
أبادوهم قتلا وأسرا ومثلة * كان رسول الله ليس لهم أب
كان رسول الله من حكم شرعه * على أهله أن يقتلوا أو يصلبوا
يذادون أمثال الغرائب خالط * الصحيحة منها صاحب العر أجرب
ففي كل نجد في البلاد وحاجر * لهم قمر يهوي وشمس تغيب
بني الوحي يا كهف الطريد ومن بهم * يلوذ فينجو الخائف المترقب
منازلكم للنازلين مرابع * يريف بها عاف ويخصب مجدب
وأيديكم للسائلين سحائب * يهل بها عذب النوال ويسكب
وأسيافكم حمر الظبي يوم معرك * لها الهام ملهى والترائب
ملعب وله من قصيدة في رثائه ع:
أهاج حشاك للشادي الطروب * قرير العين في الغصن الرطيب
فكم للقلب من وجد وحزن * ولم للطرف من دمع سكوب
ونفس حشو أحشاها هموم * يشيب لها الفتى قبل المشيب
تريد من الليالي طيب عيش * وهل بعد الطفوف رجاء طبيب
سقى الله الطفوف وإن تناءت * سجال السحب مترعة الذنوب
فكم لي عندها فرط ووجد * وحر جوى لاحشائي مذيب
أسلوان لقلبي وابن طه * على الرمضاء ذو خد تريب
عديم النصر إلا من قليل * من الأنصار والرحم القريب
تفانوا دونه والرمح عاط * لناظره إلى ثمر القلوب
يرون الموت أحلى من حبيب * أباح الوصل خلوا من رقيب
فتلك جسومهم في الترب صرعى * عليها الطير تهتف بالنعيب
تكفنها الرماح السمر حتى * كان سليبها غير السليب
تخوفه المنون جنود حرب * وهل يخشى المنون ابن الحروب
أبي الضيم حامل كل ثقل * عن العلياء كشاف الكروب
أبو الأشبال في يوم التعادي * أبو الأيتام في يوم السغوب
يكر على الكتيبة وهو فرد ر * الليث في السرب السروب
يدافع عن مكارمه ويحمي * بصارمه عن الحسب الحسيب
خطيب بالأسنة والمواضي * وقرت ثم شقشقة الخطيب
فاحمد حين تلقاه خطيبا * وحيدرة تراه لدى الخطوب
وظل مجاهدا بالنفس حتى * أتى فعل ابن منجية النجيب
وولى مهره ينعاه حزنا * بمقلة ثاكل وحشا كئيب
ونادت زينب منها بصوت * يصدع جانب الطود الصليب
أخي يا ساحبا فوق الثريا * ذيول علاء نقيات الجيوب
ويا متجمعا لنعوت فضل * سليم النقص معدوم العيوب
ويا سر المهيمن في البرايا * وشاهده على غيب الغيوب
(٢٤٧)

ويا شمسا بها تجلى الدياجي * رماها الدهر عنا بالمغيب
ويا قمرا أحال على غروب * وعاقبة البدور إلى الغروب
السيد هاشم أبو السبلان الأعرجي.
هو السيد هاشم ابن السيد حسين ابن السيد علي ابن السيد احمد ابن
السيد صادق الفحام الأعرجي.
من شعره قوله: يا فريد الحسن ما هذا الوجل * فاسقني كأس الحميا في عجل
واسقنيها خمرة صافية * تبرئ الأكباد من كل العلل
انما لحظك سيف قاطع * وكذا ريقك خمر وعسل
ان في خديك نارا تصطلى * وبقلبي مثل خديك شعل
قوسه حاجبه يرمي بها * كل سهم أينما حل قتل
وله:
تركت الشعر لا عن سوء فهم * ولكن لا ارى للشعر قدرا
واني لو وجدت له حليفا * نظمت الكون والأملاك درا
وله:
واني سيد الشعراء طرا * ولكن ما وجدت لهم شعورا
لقد ساومت في شعري شعيرا * وما حصلت من شعري الشعيرا
وله في غرق بغداد سنة ١٣٣٠:
حل في بغداد خطب * أورث القلب حرق
فجهاد ووباء * ارخوه بالغرق
وله:
سل الزوراء ان أنكرت حالي * وسل عني البوارق والعوالي
واني سيد الشعراء طرا * فريد الناس في سبك اللآلي
إذا افتخرت كرام الناس يوما * ففينا تفخر الرتب العوالي
السيد هاشم آل كمال الدين الحلي أخو السيد جعفر الحلي الشاعر المشهور
ابن السيد حمد بن محمد حسن المنتهي نسبه إلى زيد الشهيد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب.
توفي سنة ١٣٤٠.
كان عالما فاضلا أديبا شاعرا له منظومات في الفقه والكلام رأيناها
بخطه عند ولده الفاضل السيد محمد في الكوفة سنة ١٣٥٢ منها المنظومة
المسماة بمخلاة الزاد وذخيرة المعاد ومختصرها المسمى ببغية المرتاد في رياض
ذخيرة المعاد أولها:
قال الفقير للاله هاشم * من قد نمته السادة الأعاظم
ذاك الكمالي علاء والحلي * ومن لدى السبق هو المجلي
لما أجلت الفكر في العلوم * والطرف في المنثور والمنظوم
عرفت ان الفقه ذو مزيه * ورتبة فايقة سنيه
أحببت ان ابدي بالنظم الحكم * وكل حكم للأنام كان عم
ومنها:
الماء عند العلماء طاهر * وليس فيما ههنا تناكر
مطهر الناس من كل خبث * ورافع عنهم لآثار الحدث
إن كان يستحق اسم المطلق * وكان من كل نجاسة نقي
ومنها المنظومة المسماة بالشهاب الثاقب والشواظ اللاهب في تشطير
منظومة السيد محمد باقر الطباطبائي الحايري المعروف بالحجة التي أولها:
قال الشريف الفاطمي محمد * ابدأ باسم الله ثم احمد
ومنها منظومة في احكام الدماء الثلاث واحكام الطهارة أولها:
الحمد لله الذي تفردا * بأنه ليس له من مبتدأ
ولم يكن له انتهاء يعرف * ومن بأوصاف الكمال يوصف
المنشئ الأشياء من سنخ العدم * ومخرج الألبان من فرث ودم
وفرع من هذه المنظومة سنة ١٣٢٧ ومنها منظومة في احكام الأموات
أولها:
حمدا لمحيي كل ذي حياة * وقاهر العباد بالممات
وله رسالة في الفقه في أحكام الطهارة. وله في رثاء أخيه السيد جعفر
من قصيدة:
يثق علي البعد وهو ابن ليلة * فكيف ببعد لم يجز بالركائب
أصات بك الناعي الظلوم فأعولت * لصرخته الأقطار من كل جانب
فقال قضى بالرغم من هاشم فتى * حليف المعالي من لؤي بن غالب
قضى والرماح السمر لم تثن دونه * ولم تفلق الهامات بيض القواضب
ولا صرعت فتيان شيبة عنده * ولم يملأ الآفاق نقع السلاهب
ولم ترهق الدهر الخئون مواكب * لنصرته مشفوعة بمواكب
السيد هاشم ابن السيد راضي ابن السيد حسن الأعرجي الحسيني
الكاظمي.
من علماء مشهد الكاظمين ع في صدر المائة الثالثة بعد الألف
تلمذ على عمه السيد محسن صاحب المحصول وذكره السيد محمد بن
معصوم في تلامذة السيد عبد الله شبر صاحب ينابيع الاحكام فقال:
ومنهم العالم الفقيه والفاضل النبيه صاحب المناقب والمكارم السيد هاشم ابن
السيد راضي له ١ حواشي على الشرائع ٢ رسالة في التقليد ٣
مناسك الحج ٤ رسالة في حجية الكتاب ٥ رسالة في الرد على من قال
بمطلق الظن وغير ذلك.
المولى هاشم بن زين العابدين التبريزي.
توفي بالنجف سنة ١٣٢٣.
له في الفقه ثلاث مجلدات من تقرير بحث أساتيذه الأردكاني
والإيرواني والسيد حسين الترك.
السيد ميرزا هاشم ابن السيد ميرزا زين العابدين الخونساري الأصفهاني.
ولد سنة ١٢٣٥ في بلدة خونسار وتوفي في النجف في شهر رمضان
سنة ١٣١٨ ودفن في وادي السلام وكان قد جاء من أصفهان للزيارة
والحج.
ترجم نفسه في آخر كتابه معدن الفوائد ومخزن الفرائد فقال إنه ولد في
خونسار وقرأ بها علم العربية ثم انتقل إلى أصفهان واشتغل بتحصيل علمي
الأصول والفقه وغيرهما من العوم العقلية والنقلية عند جمع من العلماء قال
وكان من أجلاء من تلمذت عليه عدة سنين واستفدت منه السيد الجليل
العلامة السيد صدر الدين محمد الموسوي العاملي وهو أول من أجازني
وصدقني في استنباطي واجتهادي في أوائل بلوغي وأمرني بتصنيف رسالة في
حكم ذبائح أهل الكتاب وحل حديث ورد فيها عن أبي بصير مروي في
(٢٤٨)

التهذيب فامتثلت امره وكتبت الرسالة فتقبلها بقبول حسن وكتب لي بعض
الفوائد في ظهرها ومجدني فيها بما لم أكن أهله. وممن أخذت منه وتلمذت
عليه الأمير السيد حسن بن علي الحسيني الأصفهاني فاني قد واظبت على
مجلة الشريف قريبا من عشر سنين واخذت من تحقيقاته فوائد كثيرة في
الأصول والفقه ومن مشايخي والدي والشيخ مرتضى الأنصاري حضرت
دروسه واستفدت منه كثيرا وكان رؤوفا بي وأجازني ووصاني باتمام كتاب
أصول آل الرسول وكان يقول هذا مما لم يسبقك إليه أحد وانا محتاج إليه
وكان لي معه مجالس خاصة غير مجالسه العامة يترشح إلي منها من فيوضاته
وكان لا يفارقني وممن استفدت منهم سيدنا الأكمل الأفقه صاحب مطالع
الأنوار ومنهم السيد السديد صاحب الإشارات فقد استفدت من مجلسهما
كثيرا من الفوائد المهمة وقد أدركت زمان صاحب الجواهر وصاحب
الضوابط وصاحب التعليقات على المعالم وصاحب الفصول لكن لم يتيسر لي
حضور مجلسهم وان حصلت المكاتبة بيني وبين بعضهم انتهى وفي
تكملة أمل الآمل: أحد مشايخ إجازتي عالم تبحر فاضل كامل فقيه جليل
محدث أطول من أدركته باعا في الفقه والحديث والرجال كثير الاستحضار
ماهر في أصول الفقه مجتهد علامة في علم الرجال وتراجم العلماء له
مصنفات جيدة أحسنها ١ كتابة المترجم بأصول آل الرسول استخرج من
كتب الحديث جميع مباحث أصول الفقه نحو عشرين ألف بيت مرتب على
ترتيب كتب الأصول الموجودة اليوم ومثله صنف السيد عبد الله شير كتاب
الأصول الأصلية نحو خمسة عشر ألف بيت ومثله صاحب الوسائل صنف
الفصول المهمة في أصول الأئمة ٢ معدن الفوائد ومخزن الفرائد يشتمل
على عدة كتب ورسائل أصولية وفقهية ورجالية وحديثية مطبوع وهو يدل
على تصديق ما قلناه في وصفه وفضله. وكان أعجوبة في الحفظ كان لا
ينسى شيئا حفظه يروي عن أبيه وعن السيد صدر الدين العاملي وكان صهر
المذكور والشيخ مرتضى الأنصاري والشيخ مهدي ابن الشيخ علي ابن
الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء انتهى وله ٣ شرح منظومة بحر
العلوم ٤ تعليقات على رياض المسائل.
السيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد بن علي بن سليمان بن
ناصر الموسوي الكتكتاني التوبلي البحراني.
وعن رياض العلماء رأيت نسبه على ظهر بعض كتبه ينتهي إلى السيد
المرتضى علم الهدى المنتهي إلى الإمام موسى بن جعفر ع.
وفاته
في اللؤلؤة توفي سنة ١١٠٧ في قرية نعيم في بيت الشيخ عبد الله
ابن الشيخ حسين بن علي بن كنبار لأنه كان متزوجا بمخلفة الشيخ علي ابن
الشيخ عبد الله المذكور ونقل نعشه إلى قرية توبلي وقبره مزور وذكر بعض
مشايخنا المعاصرين ان وفاته كانت بعد موت الشيخ محمد بن ماجد بأربع
سنين وعلى هذا تكون وفاته سنة ١١٠٩.
نسبته
والكتكتاني نسبة إلى كتكتان بفتح الكافين والتاء المثناة الفوقانية قرية من
قرى توبلي بالمثناة الفوقانية والواو الساكنة والباء الموحدة والياء أخيرا أحد
اعمال البحرين.
أقوال العلماء فيه
في اللؤلؤة: كان فاضلا محدثا جامعا متتبعا للاخبار ربما لم يسبق له
سابق سوى شيخنا المجلسي وانتهت رياسة البلد بعد الشيخ محمد بن ماجد
المتقدم إليه فقام بالقضاء في البلد وتولى الأمور الحسبية أحسن قيام وقمع أيدي
الظلمة والحكام ونشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالغ في ذلك وأكثر
ولم تأخذه لومة لائم في الدين وكان من الأتقياء المتورعين شديدا على الملوك
والسلاطين انتهى.
وفي تتمة أمل الآمل: كان من جبال العلم وبحوره لم يسبقه سابق
ولا لحقه لاحق في طول الباع وكثرة الاطلاع حتى العلامة المجلسي فإنه نقل
عن كتب ليس في البحار لها ذكر مثل كتاب ثاقب المناقب وبستان الواعظين
وارشاد المسترشدين وتفسير محمد بن العباس الماهيار وتحفة الاخوان وكتاب
الجنة والنار وكتاب السيد الرضي في مناقب أمير المؤمنين ع وأمالي
المفيد النيسابوري و كتاب مقتل الثاني للشيخ علي بن طاهر الحلي وكتاب
المعراج للصدوق وكتاب تولد أمير المؤمنين ع لأبي مخنف وتفسير السدي
وغير ذلك انتهى.
مشايخه
في اللؤلؤة كان يروي عن جملة من المشايخ منهم السيد عبد العظيم
ابن السيد عباس الاسترآبادي.
وفي أنوار البدرين: يروي عن الشيخ فخر الدين بن طريح النجفي
الرماحي.
تلاميذه
في أنوار البدرين يروي عنه جماعة من علماء البحرين انتهى وفي
تتمة أمل الآمل يروي عنه جماعة منهم الشيخ المعمر محمود بن عبد السلام
المعني الذي يروي عنه الشيخ عبد الله البلادي.
مؤلفاته
عن الرياض: صنف ما يزيد على ٧٥ مؤلفا ما بين كبير ومتوسط
وصغير كلها في العلوم الدينية وذكر انه رآها عند ولده بأصفهان وفي اللؤلؤة
صنف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه واطلاعه الا اني لم اقف له على كتاب
فتاوى في الأحكام الشرعية بالكلية ولو في مسالة جزئية وما كتبه مجرد جمع
وتأليف ولم يتكلم في شئ منها مما وقفت عليه على ترجيح في الأقوال أو
بحث أو اختيار مذهب ولا أدري ان ذلك لقصور درجته عن مرتبة النظر
والاستدلال أو تورعا كما نقل عن السيد رضي الدين بن طاوس انتهى
مع أنه قال كما سمعت انتهت رياسة البلد إليه فقام بالقضاء في البلاد
أحسن قيام وكيف يقوم بالقضاء أحسن قيام من كانت درجته قاصرة عن
مرتبة النظر وستعرف ان له كتاب التبيان في جميع الفقه الاستدلالي فكان
صاحب اللؤلؤة لم يطلع عليه وهذا فهرس مؤلفاته ١ البرهان في تفسير
القرآن ست مجلدات جمع فيه الأخبار الواردة في التفسير ٢ كتاب الهادي
وضياء النادي في التفسير في عدة مجلدات ٣ ترتيب التهذيب في عدة
مجلدات رتب الاخبار فيه كلا في الباب المناسب له. في اللؤلؤة: وكان
بعض معاصريه من علماء البحرين يسميه تخريب التهذيب حسدا كما هو
شأن المتعاصرين غالبا ٤ تنبيهات الأديب في رجال التهذيب. في
اللؤلؤة: وقد نبه فيه على أغلاط عديدة لا تكاد تحصى كثرة مما وقع للشيخ
رحمه الله في أسانيد اخبار الكتاب المذكور وقد بينا في كتابنا الحدائق الناضرة
جملة مما وقع له أيضا في السهو والتحريف في متون الاخبار وقلما يسلم خبر
من اخبار الكتاب المذكور من سهو أو تحريف في سنده ومتنه. وفي تتمة أمل
الآمل بعد ذكر ذلك تكلم على صاحب اللؤلؤة بسبب قوله هذا وقال إن
عنده نسخة تنبيهات الأديب المقروءة على المصنف وعلى صفحاتها الإبلاغات
(٢٤٩)

بخطه وليس فيه شئ مما ذكره اقصى ما فيه التنبيه على الراوي المذكور مخبرا
عن التمييز اتكالا على وضوحه في ذلك العصر انه ابن فلان مثلا لتصريح
الشيخ بذلك في الموضع الفلاني من التهذيب وأين هذا من الغلط الذي لا
يكاد يحصى والشيخ له مسلك خاص في ايراد الأحاديث واصطلاح بعرفه
الممارس وليس المقام مقام ذكره ذكرته في نهاية الدراية وأوضحت خطا
صاحب المنتقى ٥ مدينة المعجزات في النص على الأئمة الهداة مطبوع
٦ معالم الزلفى في النشأة الأخرى مجلد كبير مطبوع ٧ غاية المرام في
معرفة الامام يجمع أحاديث الخاصة والعامة يدل على فضله وتبحره غير أن
بعض أبوابه لم يتم عدد ما ذكره انه فيه ولكن الملا باشي التستري ترجمه
بالفارسية للشاه ناصر الدين القاجاري وأتم ما كان نقص في بعض الأبواب
من الأحاديث ٨ الإنصاف في النص على الأئمة الاشراف من بني عبد
مناف ويعرف بكتاب النصوص أيضا يشتمل على ٣٠٨ أحاديث فرع منه
سنة ١٠٧٠ ٩ ايضاح المسترشدين في الراجعين إلى ولاية أمير المؤمنين
ع اورد فيه ٢٥٣ رجلا ممن تبصر فرع منه سنة ١١٠٥ ١٠ ارشاد
المسترشدين ١١ اثبات الوصية لعلي ع ١٢ بستان الواعظين ١٣
بهجة النظر في اثبات الوصاية والإمامة للأئمة الاثني عشر وقد يسمى بعمدة
النظر ١٤ تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي فرع منه سنة ١٠٩٩
١٥ تحفة الاخوان ١٦ الدرة اليتيمة ١٧ وصية العارفين ونزهة
الراغبين في أسماء شيعة أمير المؤمنين ع ١٨ سلاسل الحديد في تقييد
أهل التقليد بما ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٩ شفاء الغليل من
تعليل العليل فرع منه سنة ١١٠٠ ٢٠ اللباب المستخرج من كتاب
الشهاب اورد فيه الاخبار المروية عنه ص في شأن علي والأئمة ع مختصر
مطبوع ٢١ اللوامع النورانية فرع منه سنة ١٠٩٦ ٢٢ مصابيح الأنوار
وأنوار الابصار في معجزات النبي المختار ٢٣ الدر النضيد في خصائص
الحسين الشهيد ٢٤ تفضيل الأئمة على الأنبياء قبل نبينا ص ٢٥ وفاة النبي ص ٢٦ وفاة
الزهراء ع ٢٧ غاية الآمال فيما تتم به الأعمال
منه نسخة مطبوعة في مكتبة الحسينية بالنجف لكن سماه نهاية الاكمال فيما
تقبل به الأعمال ٢٨ حلية الأبرار ٢٩ حلية النظر في فضل الأئمة الاثني
عشر ٣٠ مناقب الشيعة ٣١ الميثمية ٣٢ نسب رجل ٣٣ تعريف
رجال من لا يحضره الفقيه ٣٤ مولد القائم ع ٣٥ نزهة الأبرار ومنار
الأفكار في خلق الجنة والنار ٣٦ المحجة فيما نزل في الحجة.
السيد هاشم بن مير شجاعة علي الرضوي الموسوي الهندي النجفي.
ولد في النجف حدود ١٢١٠ وتوفي سنة ١٢٤٦ أو ٤٧ بالطاعون في
النجف.
والرضوي الموسوي نسبة إلى مولانا الرضا وأبيه موسى ع
لأنه من ذريتهما وهو والد السيد محمد الهندي العالم الشهير ذكره
ولده السيد محمد المذكور في كتابه نظم اللآل في علم الرجال فقال: كان
ثقة حسن الخلق تقيا عالما فاضلا كاملا مدرسا تلمذ على أستاذي الثقة
الضابط التقي الورع العالم العلامة الشيخ محسن بن خنفر ووفى له بطول
المكث عنده وعدم الانصراف عنه بحيل أعدائه الذين صرفوا أكثر تلامذته
عنه يومئذ ومات السيد هاشم في أوائل سن الكهولة بالطاعون الجارف
الكائن أوائله في سنة ١٢٤٦ الداخل في النجف في شهر رمضان من تلك
السنة مستمرا إلى المحرم من سنة ١٢٤٧ منقطعا فيها عن النجف ثلاثة
أشهر وان لم ينقطع عن بقية العراق عائدا بعد ذلك مستمرا ثانيا إلى آخر
السنة وكان سني يومئذ أربع سنين تقريبا ويحكى لهاشم ذا كرامتان في حياته
وبعد دفنه وثالثة في مرضه انتهى.
آل الهندي في النجف الأشرف
كان أبو الأسرة السيد مير شجاعة علي ممن فر من الاضطهاد
الانكليزي على أثر احتلال الهند واشتراكه في مقاومة المحتلين تاركا مزارعه
في مقاطعة أوده وعاصمتها لكهنؤ ووصل النجف الأشرف واتخذه
موطنا. وهناك صاهر آل الجزائري إذ تزوج كريمة الشيخ أبو الحسن ابن
الشيخ حسن ابن الشيخ أحمد الشهير صاحب آيات الأحكام. ثم توفي في
النجف سنة ١٢١٥ ودفن فيها وترك ولده المترجم السيد هاشم. وعرفت
أسرته بعده بال الهندي.
عكف المترجم السيد هاشم على التحصيل في النجف برعاية أخواله
آل الجزائري ثم تزوج بابنة السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى
الحسيني فاعقب منها بالسيد محمد والسيد علي توفي وهما طفلان
صغيران.
هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ابن أخي سعد بن أبي وقاص الزهري
الملقب بالمرقال
قتل في صفين
ويبدو أن هاشما كان صغيرا أيام الرسول، أو كان واقفا على عتبات
البلوغ، مما جعل اسمه لا يذكر في الغزوات مع الرسول، وبخاصة أنه
أسلم في عام الفتح، وحتى في حروب الردة لم يكن له شأن يذكر، ولكن
بتتبع مسيرة خالد بن الوليد في حروب الردة، ومنها السفر إلى العراق، ثم
إرسال أبي بكر إليه أن يتوجه بنصف الجيش إلى الشام. ثم عودة ذلك
الجيش إلى العراق مرة أخرى بأمر من عمر بن الخطاب. وأن يكون بقيادة
هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، نتبين أن هاشما كان من الفرسان المقاتلين
مع خالد في حروبه بالعراق، ورحلته إلى الشام.
ثم تولى رياسة فرقة من الفرسان في معركة اليرموك، التي تعد أكبر
الفتوح في حروب الشام، وكان وسامه في هذه المعركة أن فقئت عينه،
فصار أعور، واستمر بعد ذلك في جيش خالد حين فتح دمشق، ثم عاد
هاشم قائدا على من كان خالد بن الوليد قائدا عليهم، متوجها هاشم بهم
إلى معركة القادسية التي كان يقودها عمه سعد بن أبي وقاص.
وأدرك بجيشه جيوش المسلمين، فكان مددا عظيما له شانه في تقوية
نفوس المجاهدين، حتى لقد قال من ترجموا له أنه أبلى في القادسية بلاء
حسنا، وقام منه في ذلك ما لم يقم من أحد وكان سبب الفتح على
المسلمين.
ففي الحروب المشهورة التي دارت رحاها في الفتوحات الاسلامية:
موقعة اليرموك، وفتح دمشق بالشام، ومعركة القادسية،
والاستيلاء على مدائن كسرى بالعراق وفارس. ثم في موقعة
الجمل، ومعركة صفين، كل هذه اشترك فيها هاشم بن عتبة بن
أبي وقاص الملقب بالمرقال، وكلمة مرقال لقب بها لأنه كان يرقل في
الحرب، أي يسرع.
وكان اشتراكه في كل هذه الحروب رئيسا على فرقة من الخيالة، أو
قائدا لجماعات كثيرة. وانفرد هو بان كان قائدا أعلى لمعركة جلولاء.
وأقام سعد بن أبي وقاص بالمدائن، فجاءته الأخبار بان فلول الفرس
قد توقفت عند جلولاء وأنهم اجتمع إليهم خلق كثير، وجم غفير،
وسار يزدجرد إلى حلوان... ببلاد فارس، وهي غير حلوان التي
(٢٥٠)

تقرب من القاهرة.
وصار يزدجرد يجمع من أنحاء مختلفة جيوشا كثيرة، لتقف أمام
المسلمين، وتحمى بقية فارس من زحفهم.
فأرسل سعد بن أبي وقاص إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخبره
بذلك. فكتب إليه عمر يطلب منه أن يقيم هو بالمدائن، وأن يبعث ابن
أخيه هاشم بن عتبة أميرا على الجيش الذي يبعثه إلى جيوش كسرى في
جلولاء وعين له جماعة من فرسان المسلمين يكونون معه.
فبعث سعد مع ابن أخيه جيشا يقارب اثني عشر ألفا. فيهم بعض
من سادات المسلمين ووجوه المهاجرين والأنصار وأعلام العرب.
وكانت جيوش الفرس بجلولاء قد حفرت الخنادق حولها،
فحاصرهم هاشم بن عتبة، وكانوا يخرجون من البلد للقتال، فيقاتلون
قتالا شديدا لم يسمع مثله، وجعل كسرى يبعث إليهم الأمداد، وكذلك
كان سعد بن أبي وقاص يبعث مددا إلى ابن أخيه مرة بعد أخرى. والقتال
يشتد، وقام هاشم في الناس فخطبهم أكثر من مرة، فحرضهم على
القتال. والتوكل على الله ثم يقول: إن هذا المنزل منزل له ما بعده،
ويقول لهم: أبلوا الله بلاء حسنا يتم لكم عليه الأجر والمغنم واعملوا لله.
أما الفرس فقد تعاقدوا وتعاهدوا، وحلفوا بالنار التي يعبدونها أنهم
لن يفروا أبدا حتى يفنوا العرب، ولهذا شهدت جلولاء معارك لم يسبق لها
مثيل في الهجوم والدفاع والاستبسال، وأخيرا أذن الله بالنصر، فبعد حوالي
ثمانين معركة، في أيام مختلفة، انتصر المسلمون، واقتحموا الخندق، من
الطريق الذي كان يخرج منه جيش الفرس ليقاتل المسلمين، وأصاب الله
المشركين بالذعر، فاندفعوا متفرقين، يحاولون الهرب، فكانت خنادقهم
سببا في هلاك كثير منهم، إذ تساقطوا فيها أكداسا، وكانوا أيضا قد بذروا
في الأرض عند الخندق من جهتهم قطعا من حديد لها أسنان كالمسامير
لتصيب خيل المسلمين إذا هم استطاعوا أن يجتازوه بمعابر في ساعة غفلة،
فكانت هذه المسامير سببا في إصابة كثير من خيل الفرس، وهي تتجه هاربة
بعد الهزيمة بمن عليها، فيتساقطون تحت اقدامها صرعى، حينما تكبو بهم
وهي مندفعة في هربهم، وفتح الله جلولاء، وكانت هي الضربة القاضية
على آل الفرس في الوقوف أمام المسلمين، ولهذا سميت وقعة جلولاء فتح
الفتوح، قيل إنه قتل فيها من الفرس حوالي مائة ألف، وظفر المسلمون
بغنائم لا تحصى.
وكان بين فتح المدائن وفتح جلولاء حوالي تسعة أشهر.
وقال في ذلك هاشم بن عتبة:
يوم جلولاء ويوم رستم * ويوم زحف الكوفة المقدم
ويوم عرض النهر المحرم * من بين أيام خلون صرم
شيبن أصداغي فهن هرم * مثل ثغام البلد المحرم (١)
وذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفين أنه لما أراد علي ع
المسير إلى صفين دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار فخطبهم
واستشارهم فقام هاشم بن عتبة بن أبي وقاص فحمد الله وأثنى عليه بما هو
أهله ثم قال: أما بعد يا أمير المؤمنين فانا بالقوم جد خبير هم لك
ولأشياعك أعداء وهم لمن يطلب حرث الدنيا أولياء وهم مقاتلوك
ومجاهدوك لا يبقون جهدا مشاحة على الدنيا وضنا بما في أيديهم منها وليس
لهم أربة غيرها الا ما يخدعون به الجهال من الطلب بدم عثمان بن عفان
كذبوا ليس بدمه يثارون ولكن الدنيا يطلبون فسر بنا إليهم فان أجابوا إلى
الحق فليس بعد الحق الا الضلال وإن أبوا إلا الشقاق فذلك الظن بهم والله
ما أراهم يبايعون وفيهم أحد ممن يطاع إذا نهى ويسمع إذا أمر. وذكر نصر
أيضا أن زياد بن النضر الحارثي قال لعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي
لما عزم أمير المؤمنين ع على المسير إلى صفين أن يومنا ويومهم ليوم
عصيب ما يصبر عليه الا كل مشيع القلب صادق النية رابط الجاش وأيم
الله ما أظن ذلك اليوم يبقي منا ومنهم إلا الرذال قال عبد الله بن بديل وإنا
والله أظن ذلك فقال علي ليكن هذا الكلام مخزونا في صدوركما لا تظهراه ولا
يسمعه منكما سامع إن الله كتب القتل على قوم والموت على آخرين وكل آتيه
منيته كما كتب الله له فطوبى للمجاهدين في سبيل الله والمقتولين في طاعته
فلما سمع هاشم بن عتبة مقالتهم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال سر بنا يا
أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم الذين نبذوا كتاب الله وراء
ظهورهم وعملوا في عباد الله بغير رضا الله فأحلوا حرامه وحرموا حلاله
واستولاهم الشيطان ووعدهم الأباطيل ومناهم الأماني حتى ازاغهم عن
الهدى وقصد بهم قصد الردى وحبب إليهم الدنيا فهم يقاتلون على دنياهم
رغبة فيها كرغبتنا في الآخرة انجازنا موعود ربنا وأنت يا أمير المؤمنين أقرب
الناس من رسول الله ص رحما وأفضل الناس سابقة وقدما وهم يا أمير
المؤمنين يعلمون منك مثل الذي علمنا ولكن كتب عليهم الشقاء ومالت
بهم الأهواء وكانوا ظالمين فأيدينا مبسوطة لك بالسمع والطاعة وقلوبنا
منشرحة لك ببذل النصيحة وأنفسنا بنورك جذلة على من خالفك وتولى
الأمر دونك والله ما أحب أن لي ما في الأرض مما أقلت وما تحت السماء مما
أظلت وأني واليت عدوا لك أو عاديت وليا لك فقال علي اللهم ارزقه
الشهادة في سبيلك والمرافقة لنبيك ص. وقال نصر: دعا علي هاشم بن
عتبة ومعه لواؤه وكان أعور فقال له يا هاشم حتى متى تأكل الخبز وتشرب
الماء فقال هاشم لأجهدن أن لا أرجع إليك أبدا قال علي إن بإزائك ذا
الكلاع وعنده الموت الأحمر فتقدم هاشم فلما أقبل قال معاوية من هذا المقبل
فقيل هاشم المرقال فقال أعور بني زهرة قاتله الله وقال أن حماة اللواء ربيعة
فأجيلوا القداح فمن خرج سهمه عبيته لهم فخرج سهم ذي القلاع بكر بن
وائل فقال ترحك اللهم من سهم وكان جل أصحاب علي أهل اللواء من
ربيعة لأنه أمر حماة منهم أن يحاموا عن اللواء فاقبل هاشم وهو يقول:
أعور يبغي نفسه خلاصا * مثل الفنيق لا يساد لاصا
قد جرب الحرب ولا اناص * لا دية يخشى ولا قصاصا
كل امرئ وإن كبا وحاص * ليس يرى من موته مناصا
وحمل صاحب لواء ذي الكلاع وهو رجل من عذرة وهو يقول:
يا أعور العين وما بي من عور * أثبت فاني لست من فرعي مضر
نحن اليمانون وما فينا خور * كيف ترى وقع غلام من عذر
ينعي ابن عفان ويلحى من غدر * سيان عندي من سعى ومن أمر
فاختلفا طعنتين فطعنه هاشم فقتله. وقال نصر في كتاب صفين أن
معاوية لما تعاظمت عليه الأمور بصفين جمع خواص أصحابه فقال لهم أنه
قد غمني رجال من أصحاب علي وعد منهم المرقال وهم خمسة وعبا لكل واحد
رجلا من أصحابه فكان عمرو بن العاص بإزاء المرقال فخرج عمرو وهو يقول:
لا عيش إن لم ألق يوما هاشما * ذاك الذي أقام لي المأتما
ذاك الذي يشتم عرضي ظالما * ذاك الذي إن ينج مني سالما
يكن شجا حتى الممات لازما
فطعن في أعراض الخيل مزبدا فحمل هاشم وهو يقول:
لا عيش إن لم ألق يومي عمرا * ذاك الذي أحدث فينا الغدرا
(٢٥١)

أو يحدث الله لأمر أمرا * لا تجزعي يا نفس صبرا صبرا
ضربا مداريك وطعنا شزرا * يا ليت ما تحتي يكون قبرا
فطعن عمرا حتى رجع واشتد القتال وانصرف الفريقان ولم يسر
معاوية ذلك.
وفي كتاب لباب الآداب: أمد عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص
في حرب القادسية بجيش عليه هاشم بن عتبة المرقال فوصلهم والعسكران
متواقفان المسلمون ورستم فوقف هاشم مقابل موكب منهم ثم أخذ سهما
فوضعه في قوسه ورماهم فوقع سهمه في أذن فرسه فخلها فضحك وقال
وا سوأتاه من رمية رجل كل من ترى ينتظره أين ترون كان سهمي بالغا لو لم
يصب أذن الفرس قالوا العتيق وهو نهر خلف ذلك الموكب فنزل عن فرسه
ثم سار يضربهم بسيفه حتى أوصلهم العتيق ثم رجع إلى موقفه.
وأنشد الشيخ شرف الدين الدمياطي في أم الفضل زوجة العباس بن
عبد المطلب لعبد الله بن زيد الهلالي:
ما أنجبت نجيبة من فحل * بجبل نعلمه أو سهل
كسته من بطن أم الفضل * زوجة عم المصطفى ذي الفضل
خاتم الأنبياء وخير الرسل * أكرم بها من كهلة وكهل
وقالوا:
الفحل يحمي شوله معقولا: والشول تقدم في باب الشين
المعجمة انها النوق التي جف لبنها وارتع ضرعها وأتى عليها من نتاجها
سبعة أشهر أو ثمانية الواحدة شائلة والشول جمع على غير قياس ومعقولا لا
نصب على الحال أي أن الحر يحتمل الأمر الجليل في حفظ أهله وحريمه وإن
كانت به علة وقد تمثل بذلك هاشم بن عتبة بن أبي وقاص أخي سعد بن
أبي وقاص حين فقئت عينه باليرموك وهو الذي افتتح جلولاء وكانت جلولاء
تسمى فتح الفتوح وبلغت غنائمها ثمانية عشر ألف وشهد صفين مع علي
وكانت معه الراية وهو على الرجالة وقتل يومئذ وهو يقول:
أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملا
لا بد أن يفل أو يفلا
فقطعت رجله يومئذ وهو يقاتل من دنا منه وهو بارك يقول:
الفحل يحمي شوله معقولا
وفيه يقول أبو الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه:
يا هاشم الخير جزيت الجنة قاتلت في الله عدو السنة
السيد هاشم ابن السيد علي صاحب البرهان القاطع ابن السيد محمد
رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم
ولد سنة ١٢٥٥ وتوفي في حياة أبيه سنة ١٢٨٤ ورثته الشعراء بمراث
عديدة منهم الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن قفطان بقصيدة أولها:
حسام أيام المنايا حسوم * ولكم لها فيه علينا هجوم
إلى أن قال:
يومك يا هاشم تاريخه * أقرأك في الجنة بحر العلوم
سنة ١٢٨٤
فقيه محقق من أفاضل تلاميذ السيد محمد حسن الشيرازي وقد قرأ
على علماء عصره ولكن عمدة تلمذه على الميرزا الشيرازي في سامراء وله
تقريرات بحث أستاذه في جملة من مباحث الأصول كمباحث مقدمة الواجب
ومسالة الضد والاجزاء ودلالة النهي على الفساد ومفهوم الشرط وجواز
العمل بالعام والقطع وحجية ظواهر الألفاظ والاجماع المنقول والشهرة في
الفتوى ومخصصات العام وحجية خبر الواحد وتفصيل ما ذهب إليه البعض
من حجية ظواهر الألفاظ وله تقرير بحثه في قاعدة السلطنة والأحكام
الوضعية وقاعدة التسامح وكان أستاذه المذكور يستحسن هذه التقريرات
حتى أنه أمر المولى محمد تقي القمي أحد تلامذته بنسخها عنه.
وله رسالة في حجية الظن تدل على كمال فضله وغوره، وله كتابات
أخرى لم تخرج إلى البياض.
السيد هاشم ابن السيد ميرزا علي القزويني الحائري
توفي في عصرنا وقد ناهز الثمانين.
كان عالما ذا رياسة ووجاهة في كربلاء من تلامذة الشيخ مرتضى
الأنصاري والسيد محمد القزويني.
السيد ميرزا هاشم شاة الشهير بجهانشاه ابن المير محمد مؤمن الحسيني
المرعشي الكرماني البخاري
ولد سنة ١٠٧٣ واستشهد بالهند على التشيع سنة ١١٥٠.
كان من أجلة علماء عصره علما وعملا وزهدا شيخ الاسلام ببلدة
بخارى ثم انتقل إلى الهند وسكن بلدة دهلي وكان بحاثا مناظرا وله
مناظرات ومحاورات مشهورة بالهند وتواليف شريفة في الإمامة وديوان شعر
وتخلصه هاشمي وينتهي نسبه أبا إلى السيد شاة نعمة الله الكرماني العارف
المشهور وأما إلى السيد قاسم الأنوار التبريزي العارف المشهور والأول منهما
ينتهي نسبه إلى عبد الله بن محمد الباقر ع والثاني إلى هارون ابن الإمام
الكاظم ع.
السيد هاشم عباس ابن السيد محمد ابن السيد حسن بن هاشم بن
محمد بن عبد السلام بن زين العابدين بن عباس صاحب نزهة الجليس
الموسوي العاملي.
توفي سنة ١٣٣٥.
فاضل أديب شاعر جمع إلى شرف النسب كرم الحسب تلمذ على ابن
عمنا السيد علي وكان يسكن قرية دير سريان.
شعره
من شعره قوله مادحا السيد محمد وأخاه السيد علي ابني عمنا السيد
محمود ومهنئا لهما بعيد الأضحى سنة ١٣١٧:
لها من عيون ناعسات تديرها * نصول من الأجفان لولا فتورها
ومن وجنات ضرجتها يد الصبا * رياض ورود فاق حسنا نضيرها
الا حي اراما بحزوى اوانسا * ضربن على مثل المهاة خدورها
تعلقها قلبي فاخلصها الهوى * وإن بعدت عن منظر العين دورها
تراها درت ما بي لها من صبابة * على مهجة بات الجوى يستطيرها
هي الغيد لا يودى الغداة قتيلها * وليس يفادى من هوان أسيرها
تزر على مثل اللجين برودها * وتفتر عن مثل الأقاحي ثغورها
وتختال من دل التصابي فتلتوي * اهتزازا على لين القوام خصورها
الا حبذا نعمي وإن هي أعقبت * تباريح وجد ليس يطفى سعيرها
ويا حبذا من ريقها العذب نهلة * يروي صدى قلب المعنى نميرها
لها الله من محجوبة عز نيلها * كما عز بين العالمين نظيرها
(٢٥٢)

وكنت إذا ما جئت يوما أزورها * تباعد عني حجبها وستورها
فما ذا عليها اليوم أم ما يضرها * إذا هي زارتني دجى أو أزورها
وهب رغبت عن أن تزور مخافة * الوشاة وأن يفشو لديهم ظهورها
فما ضرها لو ساعدتنا على النوى * بطيف خيال في الكرى لا يضيرها
ترى نسيت أم قد تناست عهودنا * غداة النقا والعيس حان مسيرها
فلست ترى الا بنان مودع * تشير وعينا يستهل غزيرها
كذا الغيد لا ترعى ذماما لذي هوى * ولا عرفت حفظ المودة حورها
خليلي كفا عن ملامي فهذه * مطايا الهوى مني أريحت ظهورها
وأصبحت لا أرام رامة عن هوى * أريد ولا يصبى فؤادي غريرها
ومن همه العلياء لم يثن جيده * لكل مهاة طال عنه نفورها
إذا أنا لم أورد صوادي عزائمي * غدير معال عز نيلا غديرها
فلا نلت أقصاها مقاما ممنعا * ولا نال مني عرشها وسريرها
وإن أنا لم أخلص ولائي محمدا * ملاذ بني الأيام مما يضيرها
فلا طوقت نعماه جيدي ولا غدت * عرائس فكري فيه يبدو سفورها
هو الكامل البر الذي لم يزل علاء * له أول العليا ومنه أخيرها
أمام هدى يهدي إلى الرشد والتقى * قلوبا إذا غطى عليها غرورها
لقد صادفت منه الشريعة كوكبا * يضئ وبدرا في الدياجي ينيرها
فما كان الا من هداه ورودها * ولم يك إلا عن علاه صدورها
سما حيث لا يستطيع يدرك شاوه * إلى المجد عقبان الفلا ونسورها
ونال مقاما لم ينله سوى فتى * به شرعة المختار نيطت أمورها
غياث الورى في المعضلات وغيثها * ومولى الورى إن ما انتمى وكبيرها
أجل بني الدنيا علي وأفضل الأنام * وأزكاها فخارا وخيرها
معلم هذي السحب كيف انسجامها * إذا انهل من جدوى يديه غزيرها
مبيد دجى ليل الخطوب إذا سجا * وكشاف ظلماء الكروب منيرها
ومعجز فضل تلك آيات فضله * تبلج في وجه الزمان بدورها
وندا له العلياء زفت ولم يكن * سوى المأثرات الزاهرات مهورها
همام أقام الدين بعد إعوجاجه * وسكن من أحشاه ما يستطيرها
رأى منه مرأى العين شمس هداية * إذا طلعت يجلو دجى الريب نورها
فالقى له كل المقاليد عن يد * إلى من سواه ما أشاد مشيرها
فلا بدع أن ساد الأنام بفضله * وأصبح بين الخلق وهو أميرها
فمن قبله اباؤه الغر لم يزل * صغير الورى يعنو لهم وكبيرها
هم القوم ما انفكت شريعة جدهم * بهم طلقة غراء تحمى ثغورها
مضوا بعد ما أبقوا مناقب ودت الثواقب أن تزدان فيها نحورها
أ خيري بني الدنيا علاء ومحتدا * له ينتمي نزر العلى وكثيرها
ومن بهما يجلو دجى كل شبهة * ودوياء خطب مسبلات ستورها
أهنيكما بالعيد إذ جاء رافلا * بحلة اقبال يضوع عبيرها
أتى وافدا بالبشر ينشد قائلا * أدرها فقد راقت لدينا خمورها
فلا زالت الأعياد تشرق بهجة * بغره علياكم ويبدو سرورها
وقال مادحا ابن عمنا السيد علي عند خروجه للنزهة إلى قلعة دوبيه:
يا قلعة شمخت حسنا وبنيانا * على القلاع سقاك المزن هتانا
هذي ربوعك قد حاك الربيع لها * مطارفا طرزتها السحب ألوانا
زهت رياضا غدت بالزهر ناضرة * ومنظرا رائقا للعين فتانا
كأنها جنة الفردوس مونقة * لو كان خازنها يا سعد رضوانا
كان روضتها الغناء قد نسجت * من خلق من شمخت في مجده شانا
من شيد الله دين المسلمين به * حتى توطد بين الخلق اركانا
أعني عليا علي القدر من سطعت * آيات محتده في الناس برهانا
من صاغه من لطف وابرزه * للعالمين بشكل الناس انسانا
روح الهدى والندى فيه قد اتحدا * وقد غدا لهما في الكون جثمانا
مولى كسى الدهر حسنا نور طلعته * وقلدت كفه الأجياد احسانا
وأصبحت في الورى تتلى مناقبه * فوق المنابر تنزيلا وقرآنا
زهت به القلعة الشماء وابتهجت * وطاولت بسنا علياه كيوانا
علت بأبراجها فوق البروج كما * عزت بعلياه أمثالا واقرانا
ورب يوم اتيناها لخدمته * وفود انس زرافات ووحدانا
حيث الربيع على غلوا شبيبته * زاه وإذ كان طرف الزهر يقظانا
وللرياض أريج بيننا عبق * به النسيم عليلا كان يغشانا
حتى قضينا حقوقا للسرور قضت * لها الليالي وللذات أديانا
ومجلس قد زكا بالانس رونقه * حتى تبدى بعين الإنس انسانا
كساه حسنا وألطافا وزينه * عقيدة من لجيد الدهر قد زانا
أضحت به رقة الصهباء رائقة * كأنما خلقها من خلقه كانا
يديرها شادن من سحر مقلته * وخمر ريقته قد رحت نشوانا
يسعى لها مسفرا كالبدر لاح على * غصن من البان فاق البدر والبانا
كسى الكؤوس احمرارا من تورده * ومن شذاه أعاد الراح ريحانا
فلم نزل نتعاطاها على نغم القريض * والطير أشياخا وشبانا
فرائد كالدراري نظمت فزهت * بجيد مجلسنا درا وعقيانا
سوق من الأنس قد قام السرور على * ساق به ناشرا للبشر اعلانا
نشري به من غوالي بشره دررا * ثمينة أرخصت بالانس أثمانا
يا فرصة سمحت أيدي الزمان بها * وقد يجود بخيل الكف أحيانا
ترى تعود بها الأيام ثانية * والدهر يخدم بالاقبال مولانا
حتى نعود لها يوما لخدمته * نجر بين رياض الأنس اردانا
فليبق في جذل عمر الزمان ولا * زال الزمان به يفتر جذلانا
وقال يمدحه ويهنئه بقدومه من الحج سنة ١٣٢٠:
هنيئا لنعمى ما يعاني خليعها * بها من وشاة في الهوى لا يطيعها
إلى كم تروع القلب بالصد والجفا * ولا يشتفي بالوصل منها مروعها
تصد وما أدري لما ذا صدودها * أما علمت ما ذا يقاسي جزوعها
لها من عيوني أن تفيض دموعها * وللنفس فيها أن يطول ولوعها
أرجى على ناي الديار وصالها * وطير الأماني لا يرجى وقوعها
سقى ربعها ثدي الحيا در مزنة * يعيش على مر الليالي رضيعها
الاحي أوقاتا بها قد تصرمت * وطيب ليال طاب عندي صنيعها
وأيام لهو قد تولت سريعة * فاعقبني الوجد البطئ سريعها
عشية يدعوني الهوى فأجيبه * واخفي أحاديث الهوى وأذيعها
وتمحضني نعمى وامحضها الهوى * وعين رقيبي قد أعان هجوعها
تراها درت ما ذا تجن على النوى * ضلوعي وهل ضمت كوجدي ضلوعها
فتاة لها قلبي مصيف ومربع * وأن بعدت عني وشطت ربوعها
لقد قنعت نفسي بطيف خيالها * ويشفي غليل النفس يوما قنوعها
عفى للنوى أن التصبر قد عفا * وقطعا لها ما ذا يلاقي قطيعها
وبعدا ليوم البعد ما صدعت به * سوى مهجة أوهت قواها صدوعها
لقد خضعت للبين نفسي برغمها * وصعب على نفس الأبي خضوعها
(٢٥٣)

وقد كنت انهى النفس يوما عن الهوى * فأصبحت تعصيني هوى وأطيعها
وإن اشتغالي بالمعالي ونيلها * ليأبى لنفسي أن يطول هلوعها
ولولا اعتصامي في علي وحبه * لما كنت يوما سلوتي أستطيعها
غياث الورى في المعضلات وغيثها * مجيب نداها للندى وسميعها
محط رحاها مقتداها ملاذها * ومنقذها من كل خطب يروعها
لقد ظفرت منه شريعة جده * بمن عز فيه أن يرام منيعها
بقطب رحاها ذخرها شمسها التي * يجلي دياجي المشكلات طلوعها
بمن أحكمت فيه الغداة أصولها * ومن قد نمت فيه وطالت فروعها
همام له في المجد أعظم همة * لها انحط من أوج المعالي رفيعها
ومولى غدا يشري المحامد بالندى * إذا ما أناس فيه أضحت تبيعها
إذا ما انتمى يوم الفخار لدى الورى * تراها إلى علياه يبدو خشوعها
وإن عدا أهل الفضل يوما فإنه * ثمال البرايا مجتداها
ربيعها ترحل عنا للحجاز تقله * ركاب النوى والصبر راح تبيعها
سعى في رضي مولاه للنفس باذلا * يجد السرى بالعيس شدت نسوعها
فغادرنا حرى القلوب يقيمها * ويقعد فيها وجدها وولوعها
نقاسي الأسى حتى عد مناله الأسى * وحتى تجافى عن جفون هجوعها
ولولا رجانا عوده بسلامة * لفاضت نفوس فيه فاضت دموعها
فلله منا أفضل الحمد ما دجا * على الكون من سود الليالي هزيعها
فقد رد من شمس الهداية نورها * لنا فبدا بعد الظلام صديعها
وبرد اكبادا تلظى أوارها * وأحيا نفوسا طل وجدا نجيعها
أ مولى الورى علما وحلما وأنعما * له لم يزل في العالمين يشيعها
ومن فاقها حزما وفضلا ونائلا * يضيق به رحب الفلا ووسيعها
بعودك عاد الأنس واسترجع إلهنا * وردت نفوس كان صعبا رجوعها
وأنعشت الآمال من بعد يأسها * سرورا وبشرا واستفاق صريعها
قدمت قدوم المزن أرضا على الظما * علينا فبلت من قلوب نزوعها
ألفت النوى تبغى رضا الله والذي * غدا للورى يوم الحساب شفيعها
ففزت جزاك الله خير جزائه * بمقبول اعمال غدا لا يضيعها
فحجك مبرور واجرك وافر * بمسراك للأرض المعنى شسوعها
فبشراك بالاجر الجزيل ثوابه * غدا يوم يجزى في الأنام مطيعها
وهنئك إذ عدت السلامة سالما * إلى أسرة فيك اطمانت ضلوعها
وهناكم آل الأمين إيابه * فقد أب منه للمعالي قريعها
فلا زلت ملجأ للأنام ومرجعا * ولا زال من جدوى يديه شروعها
وهذي التهاني لا برحن على المدى * بباب علاه الدهر تترى جموعها
وقال مهنئا السيد رضا ابن عمنا السيد علي الأمين بعوده من الحج
تلك السنة:
ما للحبيب يجود لي بصد وده * ويرى حراما أن يفي بوعوده
هلا يرق لرقه العاني فقد * رق الغداة له فؤاد حسوده
رشا يتيه على القناة بقده * وعلى المهاة بمقلتيه وجيده
فضح الرياض تفتحت أنوارها * وبدت نضارتها بروض خدوده
وحكى ضني جسدي بناحل خصره * وسقام جفنيه ورث عهوده
كم رحت مشغوفا بكاذب وعده * وغدوت مشغولا بصدق وعيده
ولكم على شغفي بلام عذاره * لام العذول ولج في تفنيده
ظبى يريك إذا نظرت جبينه * صبحا تلألأ من ظلام جعوده
وتخال أن أبصرت حلة جيده * برقا تالق من بريق عقوده
في ثغره لظمأ المتيم مورد * عذب ولكن حال دون وروده
ومرنح الاعطاف لم يعطف ولو * يوما له قلب على معموده
اضحى يكذب في الهوى دعواه مع * أن الضنى والدمع بعض شهوده
يا عاذلي كن عاذرا لمتيم * لم يلتفت لرقيبه وعتيده
وتوق فتكة لحظة فجفونه * أضحت على العشاق بعض جنوده
كم أمرضت قلبا بصحتها وكم * طرف أطارت عنه طيب هجوده
ما رحت ارفع هجره بوصاله * الا وجر إلي مر صدوده
أ وجئت معتذرا له متقربا * بهواي الا زاد في تبعيده
أو في هيامى في هواه حججته * الا وقابل حجتي بجحوده
أمعنفي في الحب انك مطلق * منه واني موثق بقيوده
هل من مناص للخلاص من الهوى * الا بحبي للرضا وجدوده
هو ذلك الخل الذي استخلصته * للنفس من بين الورى وعديده
ندب عقدت الدهر عقد مودتي * منه على حلف الوفاء وعقيده
ومهذب قد هذبت أخلاقه * كرما ومجدا عز مثل وجوده
وذكا ثناه في الورى متارجا * حتى تناقله لسان حسوده
ألفت به بكر المعالي ضيغما * من غيل مجد ينتمي لأسوده
وتفرست فيه العلى متطلعا * ابدا لها بقيامه وقعوده
أ أخي بنت فبأن عنه جفني الكرى * والقلب قلب بالجوى ووقوده
حتى قضى المولى بعودك سالما * من منزع بعدت مرامي بيده
فشفيت قلبا بالجوى متقلبا * وأنمت طرفا بات في تسهيده
واعدت نائي الأنس بعد ذهابه * أكرم بمبدئه لنا ومعيده
عم السرور بني الأمين وخصني * فغدوت فيك اجر فضل بروده
شكر الاله مساعيا لك قد زكت * وجزاك منه غدا جنان خلوده
فاهنا أخي بحجة مبرورة * مع حجة الاسلام بل وعميده
أعني المنوه في الفضائل باسمه * مولى الورى من بيضه أو سوده
ذاك العلي أبو المعالي والندى * من اخجل الديم الغزار بجوده
ذخر الشريعة والمكارم والورى * هادي الأنام شقيه وسعيده
فلربما أذكى المحامد والثنا * ما فاهت الأفواه في تحميده
فلقد أعاد إلى البرية غوثها * في عوده واتى العلا بمشيده
فليبق ذخرا للشريعة والهدى * ومؤملا لبني الرجا ووفوده
وقال مادحا السيد محمد والسيد علي ومهنئا لهما بعيد الأضحى سنة
١٣١٨:
بدت فاجتلينا طلعة البدر كاملا * ومالت فخلن الغصن أصبح مائلا
وأبدت لنا روضا من الحسن مونقا * على وجنتيها يسترق الحمائلا
أقامت عليه خالها الدهر حارسا * يذود عن الزهر العيون الغوائلا
فتاة لها عين المهاة وجيدها * سوى أن جيد الظبي ما انفك عاطلا
إذا ما رنت اصمت حشاك بمقلة * بها صرعت غلب الرجال البواسلا
واما مشت هزت قواما تخاله * على لينه لدنا من الخط عاملا
كان الحميا خامرتها فأصبحت * تلاعب منها بالشمول الشمائلا
إما وفتور من فتور لحاظها * غدا للورى شغلا من الوجد شاغلا
ونفثة سحر ودعتها جفونها * تعلم كيف السحر هاروت بابلا
(٢٥٤)

لقد حملتني من جوى السقم ما به * يضيق الفتى ذرعا ويعجز كاهلا
فلا عجب ان الضنا * وأصبح جسمي من جوى السقم ناحلا
فان النوى لم تبق الا حشاشة * مسعرة لي أو عيونا هواملا
لقد أسرفت في هجرنا أم مالك * مذ البين أقصانا الغداة منازلا
فهل لي إليها من سبيل وهل لنا * بمجتمع لا نتقي فيه عاذلا
فانشر صحفا للغرام طويتها * زمانا وأشكو هجرها المتطاولا
أ ليلتنا بالوصل عودي ويا ترى * مقالك عودي اليوم يجديك طائلا
عشية جاءت تحت حاشية الدجى * على غفلة الواشي تجر الغلائلا
فأحيت أخا سقم أماتت فؤاده * صدودا وأفنته أسى وبلابلا
أ عاذلتي ما نافع عذل ذي هوى * يرى الحق في عذل المحبين باطلا
دعوني لسلوان الهوى غير سامع * ونبهت لو تدرين من ليس عاقلا
وانى وانى كلما رمت سلوة * وأوشكت يوما أن أطيع العواذلا
يذكرني العهد القديم من الهوى * خيال لنعمى لا يزال مواصلا
ولولا ولائي للأمين محمد * لما كنت عنها مدة الدهر ذاهلا
فتى المجد منه يزهو به المجد بهجة * ومن قد غدا للمجد بالحمد شاغلا
زعيم الهدى رب الندى مزنة الجدا * ومن بأسه يستدفع الخطب نازلا
محط رجاء الآملين مواهبا * واندى الورى للمرملين أناملا
به يهتدي لو يهتدي كل جاهل * إلى الرشد لا تدري مدى الدهر جاهلا
وفيه تقى يستمطر المزن ان عفا * واقلع حتى لا ترى الدهر ماحلا
له المأثرات الغر عطر نشرها * مجالس أبناء الورى والمحافلا
وآيات فضل لو تبدت أهلة * ولكن سناها لا يغيب آفلا
فما هو الا البدر في حالك الدجى * به يهتدي الساري ويصبح واصلا
وما رأيه في الخطب الا مهند * يرد الظبا مشحوذة والذوابلا
تسامى فلم يسبقه للمجد سابق * كما فات بالفضل الكرام الأفاضلا
ولم يحكه علما وفضلا مماثل * وانى له في الناس تلقى مماثلا
سوى صنوه باب الشريعة والهدى * ومن قد غدى للدين كهفا وكافلا
علي عميد الخلق كهلا ويافعا * ومولى الورى طرا عليا وسافلا
هو الحجة العظمى التي قد تبلجت * سنا أوسع الدنيا عراقا وعاملا
هو المحتبي دست الرياسة مذ غدى * لأعبائها بين البرية حاملا
همام سما كل الخلائق محتدا * شعوبا إذا عد الورى وقبائلا
وقد فاقها طرا فخارا وسؤددا * كما فاقها علما وحلما ونائلا
فقل للأولى يبغون شق غباره * لقد بعد المرمى وفات المناصلا
وراءكم عن صاعد ما يرومه * فتى صاعدا الا وينحط نازلا
لئن حسدوه منصبا وجلالة * وعلما وفضلا شامخا لن يحاولا
فلن يلحقوه ما استطاعوا ماثرا * كما قصروا عنه علاء وفضائلا
أبى الله الا أن يتم نوره * وأن كره الشانئ واخفى الغوائلا و
ما ذا يضر البدر من حسد السهى * إذ بات في جنح الدجنة كاملا
وما ضرهم منه سوى أنه غدى * على رغم شانيه العميد الحلاحلا
امام هدى ما انفك في الحكم عادلا * كما لم يكن في منهج الحق عادلا
وطود حجى كالطود لا يستخفه * من الخطب ما يوهي الجبال الأطاولا
وندب نمته للمعالي عصابة * أبى مجدهم بين الورى أن يطاولا
بحور ندى إما انتدوا يوم نائل * رأيت الندى كالمرسلات هواطلا
وأسد وغى تخشى الأسود لدى الوغى * سطاها ولا تخشى الحمام المخاتلا
هم القوم ما زالوا قديما وحادثا * هداة لأبناء الورى والمعاقلا
وهم قرطوا سمع الزمان فضائلا * كما قلدوا جيد الأنام فواضلا
فيا خير من ساد البرية كلها * أواخرها من ذا الورى والأوائلا
ليهنكما الأضحى فقد جاء وافدا * بأردية الاقبال والسعد رافلا
ووافكما والبشر يزجي ركابه * كما يعنف الحادي المطي الرواحلا
فما زال بالبشرى يعود عليكما * مدى الدهر ما هب النسيم أصائلا
ولا زلتما غيظ الحسود على المدى * تفيضان علما للأنام ونائلا
ودونكما غيداء ترجو قبولها * صداقا وإن كانت تفوق العقائلا
وقال راثيا السيد جواد نجل السيد حسن جواد ابن صاحب مفتاح
الكرامة ومعزيا عنه عمه السيد حسين جواد والسيد محمد والسيد علي
والمؤلف:
أ يعلم الدهر ما ذا صرفه اجترما * بما جناه ومن ذا بالردى اخترما
غداة جاء بها دهياء داهية * لم يبق في مثلها عادا ولا ارما
جلت فجللت الدنيا بداجية * سدت فضاء الفضا ظلماؤا ظلما
عمت بني الدهر حزنا حيث خص بها * من غالب أسرة أو في الورى ذمما
فكم طوت مهجة بالوجد قد نشرت * للحزن في الكون ما بين الورى علما
وأنطقت أعينا بالدمع منسكبا * وأخرست بالجوى من ذا الأنام فما
خطب أراش سهاما بالعراق فلم * يخطى حشا عامل مرماه حين رمى
أدمى عيون الورى حزنا وأعينها * بالوجد مضطرما والدمع منسجما
فلن ترى في الورى الا أخا شجن * يدمي الجوى قلبه أو مطرقا وجما
أو ممسكا مهجة طار الزفير بها * أو مرسلا مدمعا من مقلتيه هما
يوم الجواد ملأت الأرض من اسف * حزنا وأحشاء أبناء الورى ضرما
فتى أفاض له عين الأنام دما * كما أفاض لها سحب الندى ديما
إن واصلت سهدها فيه فلا عجب * أو قاطعت نومها فيه فلا جرما
فإنها فقدت منه قريع وغى * وصار ما للعدي ما انفك مضطرما
أ عصمة الخائف الملهوف بعدك من * يكون أمنا لذي خوف ومعتصما
ويا حمام العدى كيف الحمام رقى * لمجد علياك مرقى منه ما استنما
عهدي بعزمك يخشى الحتف سطوته * فكيف قدم يمشي نحوه العدما
لكنه جاء يستجديك مختدعا * فجدت بالنفس مرتاحا بها كرما
ولو أتاك ولم يأت بحليته * لكنت منه وحلم فيك منتقما
لقد رزيناك دفاع الخطوب إذا * ما أصبحت تلد الروعات والغمما
وقد فقدناك تردى في وغى وندى * عن الورى القاتلين الخوف والعدما
ومذ رحلت عن الدنيا أقمت بها * مأتما لك تشجي العرب والعجما
ملأت منك المعالي بالهموم جوى * وكنت تملاها من قبل ذا همما
فالجود يبسط غرب الدمع منهمرا * والمجد يقبض أحناء الحشا ألما
انا عرفناك يا ابن الأكرمين ثنا * وإن جهلناك مرأى في الورى عظما
وكيف يخفى بها والشمس طالعة * وإن بدى دونها يوما غمام سما
أو أضحكت فيك أقواما شماتتهم * فطالما عبسوا مذ كنت مبتسما
إن يغرسوا الحقد حينا في صدورهم * فعن قليل تراه أثمر الندما
هذا الحسين جلاه الله عضب علاء * عليهم ما نبا غربا ولا انثلما
اضحى به شمل من ناواه منفصما * وقد غدا فيه شعب الدين ملتئما
ذو سطوة لا يرد الدهر عزمتها * لو عارضت يذبلا لانهال وانهدما
ومقول ذرب ان قال أو حكما * فلن ترى منه الا العدل والحكما
آراؤه ما رمى ليل الخطوب بها * الا رأيت بها صبح الهدى ابتسما
(٢٥٥)

وصوب راحته ما راح منبجسا * الا واخجل صوب المزن منسجما
حسب المعالي به كهفا ومنتصرا * من الزمان إذا ما جار أو ظلما
وبالاغرين من فاقا علاء وتقى * بني الزمان وفاتا بالنهى الأمما
محمد وعلي من غدا جذلا * ثغر المعالي ارتياحا باسما بهما
من قرطا مسمع الدنيا علاء وثنا * وقلدا جيد أبناء الورى نعما
فمن تر منهما يوما تر علما * بما يكون وما قد كان قد علما
أو مترعا بالندى والفضل راحته * قد حازت الماضيين السيف والقلما
بني الأعاظم من عليا نزار ومن * تصاغرت لعلاهم في الورى العظما
لا زلتم للمعالي شمس دارتها * وللورى ساسة بل سادة حكما
لئن أساء الردى فيكم فان لكم * في محسن سلوة تستأصل الالما
فذبه شتى المفاخر عن * آبائه وبه شمل الهدى انتظما
وفيه قد شمخت انفا عشيرته * على الورى وبه أنف العدى رغما
اوفى على كل أبناء الورى وسما * مذ بالهدى بين أبناء الورى وسما
جاد الضريح الذي ضم الجواد من الرضوان مغدودق بالرحمة انسجما
ولست مستمطرا فيض الغمام لمن قد كان فيض يديه يخجل الديما
وقال مادحا ومهنئا السيد محمد والسيد علي بعيد الفطر سنة ١٣١٩:
عاطني منه كؤوس ريقك خمرا * علها من حشاي تخمد جمرا
قارب الفجر ان يرانا ولما * ترني من سنا جبينك فجرا
يا هلالا تحت اللثام فاما * عنه حط اللثام أصبح بدرا
طالما فيك همت وجدا فصلني * ان قلبي بالوجد قد ذاب هجرا
وتعطف علي لوث ازار * بوصال ففيك قد همت دهرا
حق مني لزورة منك شكرا * فإذا زدتني أزيدك شكرا
بك أنفقت في الهوى كنز صبري * فإذا عنك لست أستطيع صبرا
وبجسمي من لحظ عينيك سقم * ترك الجسم خافيا مستسرا
صح من جفنك المريض لحاظ * لم تزل للألباب تنفث سحرا
كم سقتني منها كؤوس غرام * رحت منهن ذاهل اللب سكرا
وبقلبي أذكت لواعج جمر * تركت مني المدامع حمرا
طال في حبك الغداة عذابي * فاجعل الوصل ساعة منك اجرا
وانقضى في هواك شرخ شبابي * أو ما قد بلغت عندك عذرا
ولئن رحت نائي الجيد عني * وتوليت نائي العطف كبرا
فسأشكوك للمنفذ أمرا * في البرايا وللمعظم قدرا
الفتى الماجد المسدد رأيا * وزعيم الهدى المنور فكرا
ذو الأيادي محمد وعلي * ذو المعالي التي تبلجن زهرا
الزكيان محتدا وثناء * والاريجان في البرية ذكرا
كل ندب فاق السحائب جودا * بل على المزن فيض كفيه ازرا
خلقت منه للمواهب كفا * لا تضاهى وللصوارم أخرى
وتجلت منه فضائل قد جلت * فلم يستطع لها الفكر حصرا
علم يهتدي إلى الرشد فيه * كل من ضل في الغواية عمرا
ووقور لدى العظائم إما * ملأت مسمع البرية وقرا
شانه الحلم والتقدس طبع * لم يزل فيه ثابتا مستقرا
طاهر الذات غير كسب المعالي * والثناء الجميل لم يتحرى
وهمام سمت به في البرايا * همم ردت النواظر حسرى
ساد علما وسؤددا وفخارا * ونوالا على البرية طرا
ألفته بكر العلى حين ألفته * لها لم يزل ملاذا وفخرا
وله انقادت الرياسة لما * وجدته بها أحق وأحرى
عيلم مترع الجوانب علما * وندى يخلف السحائب غمرا
وخضم أحاط بالخلق جودا * لا يبارى وبالمغيب خبرا
ذو أياد على البرية بيض * لم تزل للورى مدى الدهر تترى
وسجايا تطوي الليالي انقضاء * وهي تزداد في البرية نشرا
ودراري فضائل فاقت الدر * انتظاما واللؤلؤ الرطب نثرا
طود حلم سار وتيار علم * ان يفض فاض بالعوائد بحرا
وسري ينمى لأزكى سراة * كرموا في الأنام نجد أغرا
معشر وازنوا الرواسي حلوما * واستطالوا على السماك مقرا
لا ترى فيهم سوى الأروع الشهم * إذا ما الخطوب اقبلن عبرا
والعليم الذي إذا فاض علما * شمت بحرا وفي التقدس حبرا
والفتى الأريحي في موقف الجود * ترى وجهه تهلل بدرا
أ ذوي المحتدي الكريم ومن طابوا * ثناء يضوع في الكون عطرا
مر ذا العيد وهو يبسم ثغرا * بعلاكم يهز عطفيه بشرا
فهنيئا لكم به عيد سعد * دائم فيكم وبورك فطرا
وبقيتم عمر المدى لبني الدهر * ملاذا وللشريعة ذخرا
واليكم عذراء غير رضاكم * ودعاكم لم تبغ في الدهر مهرا
وقال راثيا ومعزيا:
حيا ثراك حيا السحاب الهامي * وحبا مقامك كل نوء غمام
وسقتك من ديم الرضا هتانة * تهمي بعفو في ثراك سجام
وافى نفوس المكرمات حمامها * مذ بالردى وافاك سهم حمام
والدين جب سنامه إذ جب من * علياك غرب الحتف خير سنام
والمجد قوض للرحيل خيامه * إذ كنت أنت له العماد السامي
سالت لفقدك أنفس من معشر * نفست نفوسهم على الأيام
وتفطرت لنواك أفئدة الورى * أسفا بنار جوى وحر ضرام
لم ينعك الناعي لنا فذا وان * هتف الغداة باسمك المتسامي
بك قد نعى نفس الهداية والتقى * ونعى بك الأرواح للأجسام
يا راحلا والصبر يتبع ركبه * ومزمما بحشاشة الاسلام
رفقا باجفان عليك قريحة * كمدا وأفئدة عليك دوامي
وقفن ولو لوث الازار لعلنا * نقضي من التوديع بعض مرام
ونبل منك رسيس وجد لم يزل * بقلوبنا ذاك وفرط اوام
عاد الندى من بعد فقدك غائضا * ولكان كوثره بجودك طامي
واسود وجه الدهر بعدك مظلما * إذ كنت فيه بدر كل ظلام
تبكيك أجفان المدارس حسرة * بمدامع تجري عليك هوامي
وتحن حنة ثاكل لك موجع * بك لا يزال الدهر حلف هيام
أ محمد يا ابن الأولى هم العلا * أقطاب أرحية ليوث آجام
ان تمض عنا مستقلا بالنوى * يحدو الورى بعلاك خير همام
فإلى الجنان وعيشة مرضية * ولقاء محبوب ودار سلام
ولقد مضيت وأنت غير مذمم * زاكي الثناء بالسن الأقلام
وتركت وجدا في قلوب معاشر * فقدوك فقدان الكفيل الحامي
ما انفك ينمو الدهر بين قلوبهم * حتى كان الوجد جسم نامي
ولئن عدمنا الصبر بعدك والاسى * أسفا ولم نحفل بطيب منام
وغدت بأضلعنا لفقدك حرقة * لا تنقضي بتطاول الأعوام
(٢٥٦)

فلنا وان جل المصاب لسلوة * عنك الغداة بخيرة الآنام
مولى الورى ومحط كل كريمة * من لم يزل للدين خير قوام
أعني محمد من ترفع في العلا * شاوا فحل بها أجل مقام
بحر الفضائل عيلم العلم الذي * ينمى لرهط في الفخار عظام
من يستهل على العفاة بنائل * يهمي بصوب من يديه ركام
وينير داجي المشكلات بثاقب * عنها يميط سناه فضل لثام
وبصنوه باب الشريعة والهدى * رب الفضائل حجة الاسلام
من فيه يستسقي الغمام تقى إذا * ما الجدب عم العالمين بعام
هو واحد الدنيا علي من غدا * للدين أفضل ناصر ومحام
من ليس تبلغ كنهه مهما عدت * بجيادهن خواطر الأوهام
عجز الورى عن أن يحيط بوصفه * ابدا فكيف بالسن الأقلام
قد جل شانا عن إحاطة مادح * وعلا مكانا فوق كل مسام
ندب تعظمه النفوس مهابة * وتراه بالاجلال والاعظام
أ ملاذي الدين القويم وشرعة الهادي * النبي وبحري الاحكام
ومعيري الشمس المنيرة بهجة * وسنا يبلج وجه كل ظلام
صبرا فما الدنيا بدار مسرة * ابدا ولا عرفت بدار دوام
وتعزيا عنه وان عز العزا * وغدت ربوع الصيد اي رمام
وتجلدا ما استعظما فوجدنا * طرا يئول بنا إلى الاعدام كل السهام
يكاد يدفعها الفتى * الا سهام منية وحمام
ولنا السلو بان تدوما في الورى * عن كل مفتقد من الآنام
متدفقين نهى وعلما زاخرا * وندى يفيض على بني الأيام
وسقى الاله ثرى يضم محمدا * نوء الرضا واللطف غير جهام
وقال مهنئا السيد علي والسيد محمد بعيد الأضحى:
سلاهل سلاها القلب بعد نواها * وهل ذاقت الأجفان طيب كراها
إما وهواها وهي حلفة صادق * مدى الدهر لا انفك حلف هواها
نأت فدنا منها خيال وليته * شفى غلة في النفس عز شفاها
الا هل اتاها انني بعد بعدها * أعاني الأسى والأنس عنى تاها
وان سقامي من سقام لحاظها * وان شفائي ان اقبل فاها
أ تهجرني بعد الوصال ومهجتي * يضيق ببعض الهجر وسع قواها
وتمنحني منها الصدود وعهدها * بان فؤادي لا يطيق جفاها
سواي تولت مذ تولت بها النوى * على أن قلبي لا يريد سواها
مهاة حكت جيد المهاة وطرفها * سوى انها لا ترتقي بفلاها
لها من نحولي خصرها وجفونها * وما لي منها غير برح جواها
صبوت بها كالغصن لاعبه الصبا * وكالبدر في الظلماء شق دجاها
وعلقتها طفلا وكهلا ويافعا * وفي كبدي بعد الممات جواها
أ لم يأن يوما ان يلين فؤادها * لصب يقاسي هجرها ونواها
سقى الله أياما على سفح رامة * وإن كان سفح الدمع قبل سقاها
ليالي أبراد الغرام تلفنا * وقد فاح من نشر العفاف شذاها
ليال حلت بالوصل اثمار غرسها * فلما جناها البين مر جناها
فيا لائمي أسرفت في اللوم فاتئد * أتنطق هجرا أم تقول سفاها
بفيك النقا اني سددت مسامعي * عن العذل حتى لا تعي أذناها
إذا انا حاولت التلهي عن الهوى * ارى النفس عن ذكراك لا تتلاها
ولا تالف السلوان الا إذا سمت * لانشاء مدح ابن الأمين يداها
أخو المجد فياض الأنامل بالندى * إذا ما السنون الشهب عم بلاها
محمد كساب المحامد والثنا العطير * فتى العليا مدير رحاها
همام سمت منه إلى المجد همة * تقاصرت الأوهام دون مداها
وجر ردائيه التزهد والتقى * إذا ما الورى في الجهل طال شقاها
قد التفت الابراد منه على العلى * ولم ينتشر الا عليه لواها
ومن فيضه مد العلوم وجزرها * وفي كفه ري الورى وصداها
الحلم الراسي الذي خف دونه * ثقال شناخيب الثرى ورباها
وان له الكف التي تخجل الحيا * إذا فاض من جدواه فيض حياها
ماثره الغراء ما حازها امرؤ * سوى صنوه كهف الورى وحماها
زعيم الهدى ري الصدى مزنة الندى * مبير العدى في الروع يوم وغاها
علي علي القدر مولى بني الرجا * ومن أبصرت عنه النفوس هداها
هو المقتدى للخلق والحجة التي * تبلج بين العالمين سناها
هو المورق الآمال ان جف عودها * وصوح منها نبتها وكلاها
منير دياجي المشكلات بفكرة * يبين خفيات الغيوب ذكاها
وكاشف ليل المعضلات بعزمة * يذيب قلوب الأسد خوف سطاها
لقد ألفت منه الرياسة أصيدا * كريما فألفت بدرها لسماها
وقد وجدت منه هماما معظما * لصون حماها أو لبذل نداها
فألقت مقادير الأمور لمجده * جميعا وألقت في قناه عصاها
فقل لمجاريه صعودا إلى العلا * ورأيك يا ذا لست تدرك ذاها
فما كل من يبغ المعالي ينالها * وما كل راق للسماء رقاها
ومن قبل جاراه رجال فقصرت * بها عن مدى أدنى علاه خطاها
هو البحر علما والغمائم نائلا * ويذبل حلما والمعظم جاها
له راحة ترتاح للجود لم يكن * ثناها لقبض بعد بسط ثناها
فيبدأ بالاعطاء قبل سؤاله * كذاك العطايا ما الكريم بداها
لقد جل قدرا في النفوس وهيبة * كما بلغت فيه النفوس مناها
فيا قمري أوج الهداية والتقى * ويا معقلي خوف الورى ورجاها
ليهنكما الأضحى الجديد وفيكما * غدت تنشر الأعياد صحف هناها
فلا برحت بالبشر تغدو عليكما * ويقبل بالاقبال وجه لقاها
ودوما ملاذا للأنام ومرجعا * لها ما تبدى في السما قمراها
ودنكما عذراء ترجو قبولها * ولا تبتغي غير القبول جزاها
وقال راثيا العلوية كريمة عمنا السيد محمد الأمين وزوجة السيد علي
ابن عمنا السيد محمود:
ذروة المجد يستطيع الحمام * مرتقاها وهي التي لا ترام
عجبا كيف قد خطت منه طوعا * نحوها للتقدم الاقدام
ولها اليوم كيف قد مد كفيه * ولم يثنه الغداة احتشام
أ ترى مذ أراش منه سهاما * هل درى من أصبن تلك السهام
مهجة المجد والعلا وقلوبا * من كرام بهم تلوذ الأنام
ان خطبا على الأنام عظيما * هو خطب به أصيب العظام
حادث ألهب القلوب زفيرا * ليس يطفى له الغداة ضرام
كلما فاضت الدموع عليه * زاد منه بين الضلوع احتدام
قوض اليوم بالجليلة قدرا * ربة المحتد الذي لا يضام
من نمتها آل الأمين وناهيك * بقوم على السماك تساموا
أم عبد الرؤوف من لم تك اليوم * ظننا بها التعازي تقام
يا لها من رزية ليس يرقى * الدمع فيها ولا العيون تنام
(٢٥٧)

سعرت في ضمائر المجد نيرانا * عليها قعوده والقيام
وأسالت من مقلتيه دموعا * ليس يرقى لها الغداة انسجام
محنة أدهشت لفادحها الألباب * حزنا وطاشت الأحلام
للظى الوجد في القلوب اصطكاك * ولحر الزفير فيها اصطدام
ويك يا دهر كم تجسم فينا * من رزايا خطوبهن جسام
كل يوم تريع منا قلوبا * بصروف وجوههن جهام
يا لحا الله في الزمان حياة * عن قليل بها سيردي الحمام
وعفا للوجود يأتي عليه * عن قريب يا صاحبي الاعدام
بينما المرء غافلا ليس يدري * ما له قد أجنت الأيام
يجمع المال باجتهاد ويبني الدور * مرفوعة لها الاعلام
إذ يوافيه حتفه فتراه * ضارعا للردى به استسلام
ليس يغنيه ماله وبناه * عن قضاء جرت به الأقلام
يولد المرء أكلة للمنايا * انما المرء للمنون طعام
قل لمولى الورى علي علي القدر * من للورى به الاعتصام
يا ثمال الأنام والمرتجى في * كل خطب منه الرزايا تشام
بمعاليك تقتدي الناس طرا * إذ لهم أنت قدوة وامام
خفضن عنك بعض ما أنت فيه * ما لحي في العالمين دوام
لست ممن يضيق بالخطب ذرعا * انما أنت في الخطوب حسام
فابق للدين والبرية كهفا * انما في بقاك يسلو الأنام
ان تكن قوضت وربع علاها * موحش منه منزل ومقام
فقد استبدلت عن الدار دارا * ليس يفنى نعيمها المستدام
فدجى الكون بعد فقد سناها * وعلا الخلد بهجة وابتسام
قد فقدنا بفقدها الصبر حتى * كاد يقضي على النفوس الهيام
لكن الكامل الجواد المرجى * للبرايا به السلو يرام
وبذي المجد والفخار علي * صنوه من هو الأغر الهمام
يا كراما هم كعبة للبرايا * يكثر الدهر حولها الازدحام
ان فيمن مضى جميل تاس * هو للمرء ان أصيب لزام لا رأيتم
من بعدها الدهر سوءا * وهي للحزن في الزمان الختام
وسقى تربة الفقيدة صبا * صوب عفو من الاله ركام
وقال يرثي ابن عمنا السيد علي المتوفى سنة ١٣٢٨ من قصيدة:
من فل مرهف هاشم وغرارها * وابتز غالب عزها وفخارها
من ثل عرش بني لؤي في العلى * وعدا على مضر فاخمد نارها
من سام أرحية المكارم والندى * فاجتث منها قطبها ومدارها
وأغاض بحر الجود بعد عبابه * فأفاض من عين الندى مدرارها
من ساء عدنانا بفقد عميدها * وبطودها السامي أساء نزارها
من غال ليث الغاب وهو بغيله * فأباح من غيل الأسود ذمارها
أ مصرف الغمرات كيف تصرفت * فيك المنون فأوردتك غمارها
ومروع الأيام راعك خطبها * ومقليها العثرات شئت عثارها
ومزعزع الاحداث كيف تزعزعت * منها حشاك فسالمت مقدارها
لا بل دعاك الله جل جلاله * للفوز في دار سمت فاختارها
اودى أبو العزمات والحزم الذي * لا ينثني الا ثنى خطارها
لكان يوم رحليه يوم به * للحشر لبى جمعها جبارها
حشد الأنام على استلام سريره * حشد العطاشى تشتكيه أوراها
حملوا سريرا فيه اسرار الهدى * وبه الشريعة أودعت اسرارها
فيه السكينة فيه علم محمد * فيه الإمامة شعشعت أنوارها
فيه التقى فيه الندى فيه الهدى * فيه الشجاعة أغمدت بتارها
يا خير من لف المكارم برده * وطوى بمنثور الثناء ازارها
ومجمعا شمل العلى في واحد * ألقت إليه مدارها فأدارها
أعزز علي بان تكون مغيبا * يا بدرها الزاهي علاء ومنارها
أعزز علي بان أراك موسدا * في حفرة كان الردى حفارها
شقوا ضريحك في الثرى لو انصفوا * شقوا القلوب ووسدوك قرارها
وأروك في ردم الصفيح ولو دروا * ردوا عليك من العيون شفارها
هذي النفوس على ضريحك قد هوت * مثل الفراش استشرفت أنوارها
نشرت مدامعها عليك فنظمت * شعراؤها من درها أشعارها
فهي التي فقدت بفقدك صعدة * سمراء ثقفها الهدى واختارها
فقدته سيد هاشم وعميدها * وسري أسرة غالب ونضارها
وزعيمها في الفضل وابن زعيمها * وعمادها السامي الذرى ومنارها
سلمانها مقدادها عمارها * صديقها فاروقها كرارها
مهلا أبا عبد الحسين لعلها * تقضي شريعة احمد أوطارها
خلفتها ثكلى بفقد وحيدها * تنعي إليك ذمامها وذمارها
تنعي إليك أصولها وفروعها * تنعى إليك شعارها ودثارها
تنعاك فيصل حكمها وقضائها * نهاءها بين الورى أمارها
كنت الذي ألقت إليك قيادها * حتى أخذت يمينها ويسارها
إن يلف مشحوذ الصفيحة للعلى * في عامل فعلاك سن غرارها
أو يلف مبيض الصحيفة في الهدى * فهداك كان مبيضا أسفارها
ان قال هذب لفظه ورمى به * غور المعاني كاشفا أغوارها
أو جال فكرته رمى بمجالها * في الغيب تكشف دونه اسرارها
وقر عليه مهابة من جده * كم صغرت في جنبه كبارها
رقت شمائله كرقة طبعه * حتى استرق بخلقه احرارها
خلق كما ابتسمت خلائق روضة * غناء فتقت الصبا أزهارها
حتى إذا عصي الإله رأيته * صلا يلوب محملقا أشفارها
يا راحلا والفضل ملء بروده * وثناه عبق نشره أقطارها
هذي الوفود بباب جودك حوم * لفت على سغب الحشا أطمارها
هذي المدارس أقفرت عرصاتها * واستوحش الطلاب بعدك دارها
فتصبرا آل الأمين وأسوة * بجدودكم فالصبر كان شعارها
ان غيبت شمس العلى عن أفقكم * فلقد مضت واستخلفت أقمارها
هذا محمد الأمين الصادق * البر التقي حمى العلى وأجارها
والمحسن الحبر الذي شهدت له * الأقلام حتى طبقت أقطاره
ملك الرياسة والسياسة والحجى * وعلى الكياسة راضها وأدارها
لم يلف شهدة مفخر الا انثنى * ماضي العزيمة في العلى فأشتارها
يدعى إذا ما الفضل صرح باسمه * علامها نظامها نثارها
وله في الحماسة:
عهدي بعزمك غير العز ما طلبا * وغير بكر المعاني الغر ما خطبا
أراك تعنو لسلطان الهوى ولكم * قد كنت ترغب عنه عزة وإبا
فما لك اليوم أسلست القياد له * ورحت تذهب طوعا أينما ذهبا
تصبو له والصبا قد كاد غيهبه * يجلى وصبح نهار الشيب قد قربا
أفق فقد رحت في خمر الهوى ثملا * كان لبك أضحى منك مستلبا
وجد في طلب العلياء مكتسبا * من قبل انك لا تسطيعها طلبا
(٢٥٨)

فلن ينال العلى من نام عن طلب * الا أماني في مصداقها كذبا
إن أقعدتني صروف الدهر عن طلب * العليا فعزمي إليها طالما وثبا
وإن ثوى بي اقلالي بعاملة * عنها فاني لها ما زلت مرتقبا
لألبسن لها الظلماء واليلبا * وأمتطي في الفيافي الجرد والنجبا
حتى تنال مناها النفس راضية * أو تقضين على وجد بها التهبا
ما لي أقيم على ذلك الإقامة في * قوم عليهم رواق الذل قد ضربا
يعنون للضيم أماحل ساحتهم * وما بهم من أبي للهوان أبى
قومي الأولى ضربوا أبيات مجدهم * على السماك ومدوا فوقه الطنبا
وأشرقوا في سما الاسلام منذ بدا * شموس فضل وسادوا العجم والعربا
وطوقوا جيد أبناء الورى مننا * قد ألبستها لهم رقا ولا عجبا
وقوله:
بني قومنا سمعا لما انا قائل * سأمنحكم نصحي وإن لام عاذل
بني قومنا هبوا لاحياء مجدكم * فقد طال منكم غفلة وتكاسل
بني قومنا أن الشعوب قد ارتقت * وشعبكم بين البرية خامل
بني قومنا أن المدارس أنشئت * وليس لكم ربع من العلم آهل
بني قومنا أن المعارف أشرقت * ودونكم ليل من الجهل حائل
بني قومنا قد زين العلم أهله و * جيدكم من حلية العلم عاطل
أ يحسن أن ترقى الشعوب بجدها * وجدكم في مهبط الجهل
نازل وتحرز شوطا في التقدم نائيا * وفي قطركم فعل التأخر عامل
إلا م فتور العزم عن طلب العلى * وفيكم لدى الباس الكماة البواسل
إلا م الرضا بالجهل والعلم زاهر * وأبنية العرفان ملأى حوافل
أ لم يك في التاريخ اسلافكم لكم * غنى عن ملام أكثرته العواذل
فهم خلدوا الذكر الجميل وأصبحت * بغر سجاياهم تزان المحافل
وقد آن أن تستعملوا الحزم والحجى * فعقل الفتى عن خطة الخسف عاقل
وإن تنبذوا سوء التخاذل والجفا * فما آفة الاخوان الا التخاذل
وتبدو اتحادا بينكم وتكافلا * فقد يضمن الفوز العظيم التكامل
وإن تعمروا دور العلوم وتنفقوا * عليها فما حاز المكارم باخل
وتربية الأطفال خير وسيلة * لنجح المساعي إذ تعد الوسائل
أ ليس من الخسران أن مدارس * العلوم خلت من ساكنيها المنازل
وإن دروس العلم عطل درسها * وغيضت عن الوراد منها المناهل
الا نهضة لا يقعد الجد بعدها * ترد لنا مجدا بنته الأوائل
الا هبة للعلم ترأب صدعه * ويرجع غضا منه ما هو ذابل
وقوله:
امامك أيها الشرقي جدا * لكي تبني علاء وتشيد مجدا
أطلت النوم عن طلب المعالي * واولى أن تطيل بهن سهدا
فقم ودع التكاسل والتواني * وشمر باذلا في العلم جهدا
وقوله:
واخوان إذا عدوا * فهم لي في الرخا جند
واما نابني خطب * فما لي منهم فرد
وقوله:
قبيح باخوان الصفاء التجنب * وغير جميل بالاخاء التقلب
ومن يبتل الاخوان يعلم بأنهم * قليل ولا ينبيك الا المجرب
فما جلهم بالود الا مماذق * يرائي وفي دعوى المودة يكذب
يريك رياء أنه لك مخلص * محب ومنه بارق الحب خلب
وقوله:
ارى شر أعدائي من الناس معشرا * لقد اوهموني انهم لي اخوان
تخذتهم ذخرا فلما بلوتهم * إذا جلهم لي بين برديه ثعبان
يماذقني وده بلسانه * رياء وفي طي الحشا منه أضغان
فلست بود واثقا من أخ غدا * يخالف منه السر في الود اعلان
الميرزا هاشم ابن المير السيد محمد ابن المير محمد حسين الأصفهاني
امام جمعة أصفهان بعد عمه وأبيه المتوفى سنة ١٢٩١ درس في
النجف وكان أبوه ذا ثروة عظيمة. وامامة الجمعة منصب علمي سلطاني في
بلاد إيران.
السيد هاشم بن محمد بن عبد السلام بن زين العابدين بن صاحب نزهة
الجليس عباس الموسوي العاملي
في بغية الراغبين: ولد في حدود سنة ١٢٠٠ بجبشيث من قرى جبل
عامل وتوفي بدير سريان سنة ١٢٨٠ وقبره فيها يزار ويتبرك به.
كان عالما عاملا صواما قواما مستجاب الدعوة وكان الشيخ عبد الله
نعمة الشهير يختلف إليه التماسا لدعواته ويعظمه ويقدمه انتهى.
السيد هاشم ابن السيد محمد علي القزويني الحائري
توفي في كربلاء يوم الجمعة ٢٩ شوال سنة ١٣٢٧ ودفن إلى جنب
ابن عمه صاحب الضوابط في بعض حجر الصحن الشريف.
تخرج بصاحب الجواهر فقها وبالشيخ مرتضى الأنصاري أصولا ثم
عاد إلى كربلاء وتصدر للدرس.
في تتمة أمل الآمل: هو عالم فاضل أصولي فقيه من تلامذة الشيخ
مرتضى الأنصاري والسيد محمد القزويني وصفه الميرزا حسين النوري بالعالم
الفاضل الورع التقي كانت له رياسة ووجاهة في كربلاء والإمامة
في الجماعة في صحن مشهد أبي الفضل العباس ع وكان معروفا
بالصلاح والتقوى والوثاقة في كربلاء وهو ابن عم السيد إبراهيم صاحب
الضوابط خلف ولدين السيد محمد رضا والسيد إبراهيم يعدان اليوم من
علماء كربلاء يصليان جماعة في صحن مشهد أبي الفضل العباس ع.
السيد الميرزا هاشم ابن الميرزا هداية الله ابن الميرزا محمد مهدي الشهيد
الرضوي المشهدي الخراساني
ولد في رجب سنة ١٢٠٩ في المشهد المقدس الرضوي وتوفي فيه سنة
١٢٦٩ ودفن في الحرم المطهر قريب قبر والده.
في فردوس التواريخ: السيد السند الماجد العالم أبي المفاخر والمآثر
والمعالي والمكارم مولانا الاجل ميرزا هاشم قرأ على والده الفقه والتفسير
والكلام واخذ منه شهادة الاجتهاد وكان دائما مشغولا بالمباحثات العلمية
وترويج الأحكام الشرعية وفي أكثر أيامه صائما وفي لياليه قائما مشتغلا
بالذكر والدعاء و لا يترك صيام رجب وشعبان ويذهب في جوف الليالي
(٢٥٩)

لمنازل الفقراء والمساكين يوصل إليهم الصدقات رأيت من مؤلفاته كتابا
بخطه المبارك نظير تسلية الفؤاد في فقد الأحبة والأولاد واهتم باتمام تفسير
القرآن الذي صنفه والده واتمام تفسير العشرة الأجزاء الباقية من الوسط كما
ذكر في ترجمة أبيه وبينما هو مشغول بتاليفه توفي وفي أيام فتنة سالار جاهد في
مساعدة الدولة فحبسه أتباع سالار هو وجماعة من اخوانه وأنصاره ولاقى
شدة، ولما افتتح البلد ذهب إلى طهران فنال من السلطان كل عطف وحنان
ورجع إلى المشهد مواظبا على آدابه الحسنة وسيرته المستحسنة.
وذكره في تتمة أمل الآمل فقال: عالم فاضل فقيه كامل من مراجع
الدين وحكام الشرع كان ذا همة عالية في انجاح المقاصد واصلاح المفاسد
في عامة خراسان ولا غرو فإنه ابن أبيه وسبط جده وهم اعلام الدين
والمراجع للمؤمنين في الدنيا والدين.
وفي مطلع الشمس عند ذكر علماء خراسان: له درجة الاجتهاد ولا
يفتر عن السعي في انجاح مقاصد المسلمين واصلاح مفاسدهم.
الميرزا هاشم الهمذاني
قتل في همذان آخر سنة ١١٣٦ حين استيلاء الروم عليها وقتلهم
أهلها.
في تتمة أمل الآمل عن تذكرة الشيخ علي حزين التي ألفها سنة
١١٦٥ ما لفظه: المؤيد بالفيض الرباني الميرزا هاشم الهمذاني عليه الرحمة
فاضل همذان الفصيح الحلو اللسان البليغ البيان كان بارعا في العلوم العقلية
والنقلية حاد الفكر كالسيف القاطع دقيق النظر سريع الانتقال كثير
الاستحضار ولد بهمذان وسكن أصفهان وجد في تحصيل العلوم حتى ارتقى
إلى أعلى درجات الكمال حتى في الطب وكانه بقراط ثان له علي الود
الخالص ولما فرع من التحصيل عاد إلى وطنه همذان واشتغل بالتدريس ونشر
العلوم حتى إذا كانت حادثة القتل العام التي استولت الروم فيها على همذان
وقتلت أهل البلاد استشهد الفاضل المذكور فيها.
هانئ بن هانئ الهمذاني
في طبقات ابن سعد: روى عن علي بن أبي طالب وكان يتشيع وكان
منكر الحديث انتهى.
هانئ بن نمر أو ابن نهد الحضرمي
روى نصر في كتاب صفين بسنده عن شيخ من حضرموت شهد مع
علي صفين قال: كان منا رجل يدعى بهاني بن نمر وفي نسخة ابن نهد وكان
شجاعا فخرج رجل من أهل الشام يدعو إلى المبارزة فلم يخرج إليه أحد
فقال سبحان الله ما يمنعكم أن يخرج إليه رجل منكم فلو لا اني موعوك
لخرجت إليه فما رد عليه رجل من أصحابه شيئا فوثب فقال له أصحابه
سبحان الله تخرج وأنت موعوك، قال والله لأخرجن إليه ولو قتلني فلما رآه
عرفه وإذا الرجل من قومه يقال له يعمر بن أسيد الحضرمي وبينهما قرابة من
قبل النساء، فقال له يا هاني ارجع فإنه أن يخرج إلي غيرك أحب إلي اني
لست أريد قتلك، قال له هاني ما خرجت الا وانا موطن نفسي على القتل
ما أبالي أنت قتلتني أو غيرك ثم مشى نحوه فقال اللهم في سبيلك وسبيل
رسولك ونصرا لابن عم نبيك ثم اختلفا ضربتين فقتله هاني وشد أصحابه نحو
وشد أصحاب هاني نحوه ثم اقتتلوا وانفرجوا عن اثنين وثلاثين قتيلا.
هانئ بن نيار أبو بردة الأزدي
توفي سنة ٤٥ أو ٤١ أو ٤٢
ونيار بكسر النون بعدها تحتانية خفيفة وأبو بردة بضم الباء وبالدا
المهملة بعد الراء.
نسبه
في الاستيعاب في باب الأسماء: هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن
كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هشيم بن كاهل بن هل بن بلى بن
عمرو بن إلحاف بن قضاعة حليف الأنصار أبو بردة بن نيار غلبت عليه
كنيته. وفي باب الكنى: أبو بردة بن نيار اسمه هانئ بن نيار هذا قول أهل
الحديث، وقيل هانئ بن عمرو هذا قول ابن إسحاق، وقيل بل اسمه
الحارث بن عمرو وذكره هشيم عن الأشعث عن عدي بن ثابت بن البراء
قال مر بي خالي وهو الحارث بن عمرو وهو أبو بردة بن نيار، وقيل مالك
هبيرة قاله إبراهيم بن عبد الله الخزاعي ولم يختلفوا أنه من بلى وينسبونه
هانئ بن عمرو بن نيار والأكثر يقولون هانئ بن نيار بن عبيد بن كلاب بن
غنم بن هبيرة بن ذهب بن هانئ بن بلى بن عمرو بن حلوان بن إلحاف بن
قضاعة البلوي حليف للأنصار لبني حارثة منهم. وفي الإصابة في باب
الكنى: أبو بردة بن نيار الأنصاري خال البراء بن عازب اسمه هانئ وقيل
اسمه مالك بن هبيرة وقيل الحارث بن عمرو كذا ذكر المزني عن ابن معين
وخطاه ابن عبد الهادي فقال انما قاله ابن معين في ابن أبي موسى قلت
قد وقع في حديث البراء لقيت خالي الحارث بن عمرو وقد وصف أبو
بردة بن نيار بأنه خال البراء فهذا شبهة من قال اسمه الحارث ولعله خال
آخر للبراء والله أعلم والأول أصح وقيل أنه عم البراء والأول أشهر
انتهى.
أقوال العلماء فيه
قال الشيخ في رجاله: أبو بردة الأزدي من أصحاب أمير المؤمنين
ع انتهى. وعده البرقي في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين ع
من اليمن وفي كلامه دلالة على أنه من خواصه المعتمدين فإنه بعد عد جماعة
من أصحابه هو أحدهم قال ومن المجهولين فلان وفلان فدل على أن
المذكورين أولا من المعتمدين مضافا إلى أن في انتخاب نفر قليل وتخصيصهم
بالذكر من بين الجمع الكثير والجم الغفير دلالة على مزيد اختصاص لهم.
وفي الخلاصة نقلا عن رجال البرقي أنه من خاصة أمير المؤمنين ع من
اليمن. وفي الاستيعاب شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد وهو خال
البراء بن عازب. وقال في باب الكنى: كان رضي الله عنه عقبيا بدريا
شهد أبو بردة بن نيار العقبة الثانية مع السبعين في قول موسى بن عقبة وابن
إسحاق والواقدي وأبو معشر شهد بدرا واحدا وسائر المشاهد وكانت معه
راية بني حارثة في غزوة الفتح. قال الواقدي توفي في أول خلافة معاوية
بعد شهوده مع علي حروبه كلها. وفي الإصابة: شهد أبو بردة بدرا وما
بعدها روى عن النبي ص وشهد مع علي حروبه كلها انتهى. وفي أسد
الغابة: شهد العقبة الثانية مع السبعين وشهد بدرا واحدا والمشاهد كلها مع
رسول الله ص وشهد الفتح وكانت معه راية بني حارثة بن الحارث يوم
الفتح وشهد مع علي بن أبي طالب حروبه. وقال أيضا: شهد العقبة وبدرا
وسائر المشاهد مع رسول الله ص روى عن النبي ص. ثم حكى عن
(٢٦٠)

الواقدي أنه قال: لم يكن مع المسلمين يوم أحد غير فرسين فرس لرسول
الله ص وفرس لأبي بردة بن نيار أخرجه الثلاثة انتهى.
من روى عن أبي بردة
في الاستيعاب: روى عنه البراء بن عازب جماعة من التابعين
انتهى وفي الإصابة: روى عنه البراء بن عازب وجابر بن عبد الله وابنه
عبد الرحمن بن جابر وكعب بن عمير بن عقبة بن نيار ونصر بن يسار.
السيد هبة الدين الشهرستاني
ولد في سامراء في ٢٤ رجب سنة ١٣٠١ وتوفي سنة ١٣٨٦ في بغداد
نشأ في كربلاء حيث قرأ فيها العلوم العربية وشطرا من الفقه
والأصولين، ثم هاجر إلى النجف فبقي فيها ست عشرة سنة، قرأ فيها
على الشيخ ملا كاظم الخراساني وشيخ الشريعة الشيخ فتح الله الأصفهاني
وخرج منها في ١٤ رمضان سنة ١٣٣٠ فساح في السواحل العربية وبلاد
الهند نحو سنتين وحج بيت الله الحرام وعاد إلى النجف في رجب سنة
١٣٣٢ ثم عاد إلى كربلاء.
وكان قبل رحلته قد أصدر مجلة العلم في النجف، وقد نحا فيها
منحى اصلاحيا لم يالفه الناس من قبل، وهاجم بعض التقاليد الطارئة على
أذهان المتدينين، وككل مصلح يتصدى لنشر آرائه فقد لاقي مقاومة وعنتا
شديدين.
واتصلت بعض أفكاره بالأقطار الاسلامية خارج العراق فكان لها
نفس الصدى. وثارت بينه وبين السيد عبد الحسين شرف الدين معركة
قلمية عنيفة على صفحات مجلة العرفان.
وكان من أقطاب الحركة الدستورية في العراق وإيران منذ عام
١٣٢٤ ١٣٣٠ وبعد عودته من رحلته كانت طلائع الحرب العالمية الأولى
قد أطلت، ولما هاجم الإنكليز العراق كان ممن خرج لقتالهم مع من خرج
من العلماء فكان في جبهة الشعيبة، وقد دون ذكرياته عن تلك الحوادث في
رسالة سماها الخيبة في الشعيبة. وبعد الاحتلال الانكليزي للعراق كان
من رجال الثورة التي اندلعت عليهم العام ١٩٢٠ م.
ولما قام الحكم الوطني في العراق اختير وزيرا للمعارف في أول وزارة
ألفت في عهد الملك فيصل الأول، ثم استقال منها فاستقالت الوزارة
كلها، وعاد إلى كربلاء. وبعد سنة اختير رئيسا لمحكمة التمييز الشيعية
عند تشكيل المحاكم الشرعية، وهي المحكمة التي عرفت باسم مجلس
التمييز الجعفري.
ثم فقد بصره فادى ذلك إلى تركه العمل الحكومي، وأقام مترددا بين
الكاظمية وبغداد. ومن ماثره في هذه الفترة انشاؤه مكتبة الجوادين العامة
التي جعل نواتها مكتبته الكبيرة واتخذ لها قاعة في غرفة من غرف المقام
الكاظمي.
ولقد كان نصير كل دعوة اصلاحية وداعية خير ومحبة وألفة. وله
العديد من المؤلفات منها نهضة الحسين والهيئة والاسلام ه‍.
من مراثيه
من قصيدة للشيخ محمد حسين الصغير، ألقيت في الحفلة التأبينية
الأربعينية التي أقيمت في مسجد براثا في ٢٧ ذي الحجة سنة ١٣٨٦ ٧
نيسان ١٩٦٧:
المثل مجدك يستطيل رثاء * وعلى يديك من الجهاد لواء
ورسالة بنت الخلود كريمة * وعقيدة رأد الضحى غراء
وصحائف سكر الزمان بخمرها * أرأيت كيف تجانس الندماء
ومواقف شعت بكل ملمة * لتنير داجية بها الأضواء
هي من تراثك شعلة وهاجة * لا الليل يحجبها ولا الظلماء
غمرت بها هدى الصباح وأشرقت * فيها الرباع وماجت الارجاء
وكذاك مجد الخالدين مواقف * خلاقة وصحائف بيضاء
تستلهم المثل الصحاح ويبتني * الشرف الصراح كيانها البناء
فإذا فقدت فمثلما طوت ألسنا * سحب لتهطل بعدها الأنواء
وإذا ثويت على الصعيد معفرا * فلرب ثاو دونه الجوزاء
شيخ على التسعين اربى عمره * عن متنه ما زلت الأعباء
تلك السنون الحافلات بوعيه * دوى لها صوت ورن نداء
طورا تتوج بالجهاد جبينه * القا، وطورا بالكتاب تضاء
وعلى كلا الحالين قد نهضت به * قيرم، وقامت همة شماء
لم ينحرف خطوا ولم تقصر به * سبل، ولم تعصف به نكباء
مترسما سنن الطريق وحوله * العقبات والصدمات والأقذاء
يا قائد الفكر الوهوب إلى العلى * بالعزم فكرك واهب معطاء
ما كان بالامر اليسير امامة * روحية وقيادة عصماء
ألقت على كفيك عبئا فادحا * فنهضت لا برم ولا إعياء
لله درك ألمعيا ثاقبا * قفزت به قدسية وإباء
وموجها خصب الشعور وناقدا * عف العواطف يرتئ ويشاء
ومجربا خبر الأمور دراسة * حتى تشعشع رأيه الوضاء
جمع القديم إلى الحديث بحكمة * قطفت ثمار نتاجها الحكماء
فكان رسطاليس خدن حديثه * وكان سقراطا به حداء
ويلوح للكندي مرهف فكره * ومن ابن سينا تشحذ الآراء
وترى إلى جنب الرضي المرتضى * وعن المبرد يصدر السفراء
هذا سبيل الواهبين وهكذا * تبني الخلود القادة الأمناء
السيد هبة الله بن أبي محمد الحسن الموسوي
عالم فاضل صالح عابد له كتاب المجموع الرائق من أزهار الحدائق:
والظاهر أنه ألفه سنة ٧٠٣. وعن الرياض: السيد هبة الله بن أبي محمد
الحسن الموسوي الفاضل العالم الكامل المحدث الجليل المعاصر للعلامة ومن
في طبقته صاحب المجموع الرائق المعروف وهو كتاب لطيف جامع لأكثر
المطالب وغلط من نسبه إلى الصدوق وهو مجلدان كبيران يشتمل على
الاخبار الغريبة والفوائد الكلامية والمسائل الفقهية والأدعية والأذكار وأمثال
ذلك يحتوي اثني عشر بابا كل مجلد ستة أبواب وهو كتاب معروف وإن لم
يورده الأستاذ في بحار الأنوار ومن مؤلفاته كتاب الشرف في معجزات النبي
ودلائل أمير المؤمنين والأئمة ع كما صرح به نفسه في المجموع
الرائق انتهى. وقد اورد في هذا الكتاب تمام كتاب الأربعين لجمال
الدين يوسف بن حاتم الشامي العاملي تلميذ المحقق وصاحب كتاب الدر
(٢٦١)

النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم. وكتاب المجموع مجموع من عدة
رسائل في فنون متعددة وهو كتاب جليل نفيس في مجلدين كبيرين كل مجلد
ستة أبواب يظهر من أثنائه أنه ألفه سنة ٧٠٣ رأيت نسخته بقم سنة ١٣٥٣
وقد صرح باسمه في آخر الباب الثالث.
رضي الدين أبو منصور هبة الله بن حامد الحلي اللغوي المعروف بعميد
الرؤساء
توفي سنة ٦٠٩ أو سنة ٦١٠
الامام الفقيه الفاضل الجامع الأديب الكامل. له كتاب الكعب،
المنقول قوله في بحث الوضوء والمعول عليه عندنا والمقبول عند العامة
وعن الرياض نقلا عن خط ابن العلقمي الوزير على بعض نسخ المصباح
هكذا: كاتبه رضي الدين عميد الرؤساء أبو منصور هبة الله بن حامد بن أحمد
بن أيوب بن علي بن أيوب اللغوي الحلي صاحب أبي محمد عبد الله بن أحمد
بن الخشاب وأبي الحسن عبد الرحيم الرقي السلمي رضي الله عنهم
أجمعين وكان رحمه الله من الأخيار الصلحاء المتعبدين ومن أبناء الكتاب
المعروفين وكان آخر قراءتي عليه سنة ٦٠٩ وفيها مات بعد أن تجاوز
الثمانين.
وقال المحقق الداماد في شرح الصحيفة: لفظ حدثنا في هذا
الطريق لعميد الدين وعمود المذهب عميد الرؤساء فهو الذي روى
الصحيفة الكريمة عن السيد الاجل بهاء الشرف الخ. وأنكر عليه البهائي
ذلك وزعم أن قائل حدثنا في أول الصحيفة هو الشيخ الجليل علي بن
السكون. وما اختاره الداماد هو الذي اختاره السيد علي خان المدني
الشيرازي شارح الصحيفة.
قطب الدين أبو الفضل هبة الله بن سعيد الراوندي الفقيه المتكلم
كان من العلماء الأفاضل وله تصانيف حسنة روى عن أبي القاسم
جعفر بن محمد بن قولويه.
السيد أبو البركات هبة الله ابن السيد صالح ابن السيد محمد ابن السيد
إبراهيم شرف الدين ابن السيد زين العابدين ابن السيد نور الدين
الموسوي العاملي.
في تكملة أمل الآمل: أنه كان عالما فاضلا مجتهدا مسلما قتله احمد
باشا الجزار في فتنة جبل عامل انتهى وقد ذكرنا في ترجمة أبيه السيد
صالح ما يلزم مراجعته.
السيد أبو السعادات هبة الله بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله حمزة بن
محمد بن عبد الله بن حسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع
المعروف بابن الشجري البغدادي
توفي يوم الخميس لعشر أو خمس بقين من شهر رمضان سنة ٥٤٢
ودفن في داره بكرخ بغداد.
والشجري نسبة إلى الشجرة قرية من اعمال المدينة، ووهم
السيوطي وياقوت في ذلك.
كان من أكابر علماء الإمامية ومشايخهم ومن أئمة النحو واللغة وأشعار
العرب وأيامها وكان نقيب الطالبيين ببغداد له كتاب الحماسة كحماسة أبي
تمام وكتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه وشرح لمع ابن جني والأمالي الذي
ألفه في أربعة وثمانين مجلسا. وأقواله منقولة في العلوم العربية والأدبية
كمغني اللبيب وغيره. وعن المنتخب: فاضل صالح مصنف الأمالي
شاهدت غير واحد قرأها عليه وله نوادر وقصص مذكورة في التراجم قال
تلميذه أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري: كان الشريف ابن
الشجري أنحا من رأينا من علماء العربية وآخر من شاهدناه من حذاقهم
وأكابرهم انتهى.
ولما حج الزمخشري جاء إلى ابن الشجري وسلم عليه ووقع بينهما
كلام في مدح كل منهما الآخر. واشتبه على صاحب الروضات فظن ابن
الشجري المذكور هو السيد هبة الله بن أبي محمد الحسن الموسوي صاحب
المجموع الرائق.
فخر الدين أبو المظفر هبة الله بن علي بن هبة الله الموسوي صدر المخزن
ذكره محب الدين محمد بن النجار في تاريخه وقال: ولي الوكالة للامام
الناصر ثم ولي الصدرية والنظر بالمخزن سنة ٦٢٠ فلما توفي الناصر وولي
الظاهر أقره على ولايته وبعد الظاهر أقره المستنصر ثم عزله وكان ظالما سئ
السيرة غير محمود الطريقة وكان ينشد:
ولا تأمنن الناس اني بلوتهم * فلم يبد لي منهم سوى الشر فاعلم
فان تلق ذئبا تلتق الخير عنده * وإن تلق انسانا فقل رب سلم
وأصابه الفالج فلزم منزله إلى أن توفي ليلة النصف من شعبان سنة
٦٣٢ وحمل إلى مشهد الحسين بن علي ع (٢)
غياث الدين أبو منصور هبة الله بن القاسم بن محمد بن طباطبا العلوي
النسابة
ذكره الحافظ محب الدين محمد بن النجار في تاريخه وقال: روى عن
أبيه وغيره وروى عنه أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري وأبو الفضل محمد بن
محمد بن عيشون المنجم وكان ثقة صدوقا (٣)
أبو القاسم هبة الله بن ناصر الدولة بن حمدان بن حمدون التغلبي
قال ابن خالويه: أنه لما التقى الحمدانيون بعسكر معز الدولة بن بويه
وفيه وجوه الديلم قتل ابن ملك الديلم ضربه أبو القاسم هبة الله بن ناصر
الدولة فقتله انتهى.
ولكن الظاهر من شعر أبي فراس الذي شرحه ابن خالويه أن القاتل
لابن ملك الديلم هو اخوه جابر بن ناصر الدولة حيث يقول:
ومنا أبو عدنان سيد قومه * ومنا قريعا العز جبر وجابر
فهذا لذي التاج المعصب قاتل * وهذا لذي البيت الممنع آسر
وذو التاج المعصب هو ابن ملك الديلم ومر ذلك في ترجمة جابر بن
ناصر الدولة. ويمكن الحمل على أن جابرا قتله بالتسبيب لأنه هو الذي قاد
(٢٦٢)

الجيش لقتاله كما ينسبوه القتل إلى الملوك والامراء وانما القاتل أحد أفراد
جيشهم وهذا هو الظاهر.
عمدة الحضرة أبو تغلب هبة الله بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن
حمدان التغلبي صاحب ديار بكر
قد تقدم ذكره في عمدة الدولة، ذكره يحيى بن أبي طي في كتاب
معادن الرتب في تاريخ حلب وقال: لما خرج عز الدولة بختيار من بغداد
إلى الموصل لتحصيل مال يتسع به سنة ٣٦٣ خرج أبو تغلب بجميع عسكره
ولم يترك بالموصل شيئا ينتفع به قاصدا بغداد ونزل بالفارسية ولم يأخذ من
أحد شيئا الا بثمنه وأظهر العدل وجاء سبكتكين وجرى بينهما مصاف ثم
تصالحا وعاد أبو تغلب إلى ديار بكر فاتبعه عسكر عضد الدولة فهرب منهم
واستولى عضد الدولة على خزائن أمواله التي في القلاع ورجع إلى بغداد في
سنة ٣٦٠ وقتل أبو تغلب سنة ٣٦٩ (١)
الهجري المشهدي
كان من شعراء الفرس وهو أخو مولانا المشرقي.
السيد هداية الله النواب ابن السيد علي ابن السيد حسين سلطان العلماء
المرعشي الخليفة سلطاني
ولد سنة ١٠٦٧
كان من تلاميذ والده فقها وأصولا محدثا ومتكلما له موقوفات وآثار
خيرية تخلف بالميرزا محمد أشرف والميرزا محمد شريف والميرزا
مؤمن والميرزا محمد مسعود.
السيد هداية الله ابن المير علاء الدين الحسين
كان من علماء دولة الشاة إسماعيل الصفوي وندمائه ومدرسي
أصفهان معقولا ومنقولا، وهو أول من تلقب من هذه الأسرة بخليفة
سلطان من الألقاب والمناصب الصفوية.
السيد ميرزا هداية الله ابن الشهيد ميرزا محمد مهدي الرضوي المشهدي
الخراساني ولد في رجب سنة ١١٧٨ وتوفي ٧ رمضان ١٢٤٨ يوم الثلاثاء ودفن
في المشهد المقدس في صفة طهماسب.
كان عالما فاضلا متبحرا في أكثر العلوم كما يدل عليه تفسيره الكبير
الذي يدل على فضل كامل وعلم غزير ودقة نظر وتحقيق وكان الرئيس
المطاع في جميع انحاء خراسان في الدين والدنيا فكم له من اياد على أهل
المشهد المقدس الرضوي في دفع الأشرار عنهم وهو من بيت علم ورياسة في
المشهد المقدس الرضوي إلى الآن.
في الشجرة الطيبة: السيد الماجد والعالم العابد المخصوص بعناية
الله، من العلماء العاملين والفقهاء الراشدين، قرأ في شبابه على والده إلى
أن ارتقى في درجات العلم وانتهت إليه الرياسة العامة في خراسان وما زال
مدة حياته باذلا جهده في ترويج الاحكام ودفع الخصومات لا يترك دقيقة في
سوى ذلك.
وفي فردوس التواريخ: له من المؤلفات تفسير القرآن المجيد عشرة
اجزاء من الأول وعشرة من الآخر ولما ذهب النواب شجاع السلطنة من
خراسان تطاول السيد محمد خان الكلاتي مع طوائف التركمان وبنوا على
ايقاع الفتنة وضاق الامر باهل خراسان كثيرا وانسد عليهم طريق الحيلة
فأرسل إليه المترجم أحد تلاميذه مولانا ملا قربان النيشابوري إلى كلات
وكتب معه كتابا فيه من الامر والزجر والوعد والوعيد والمواعظ والنصائح
على حسب مقتضى المقام، وأرسله إليه، فامتثل السيد محمد خان امره
ورجع عن تعدياته وأطاع وانقاد. وصدر من المترجم كثير من أمثال هذا في
خدمة الدين والدولة وحفظ صلاح الجمهور انتهى.
وفي الشجرة الطيبة: وامر بعمل باب مرصع مذهب للحضرة
الشريفة الرضوية صرف عليه ألف تومان ذهب عيار بيكري فجاء أمين
الدولة عبد الله خان الأصفهاني لأجل نصبه على الضريح المبارك وفي يوم
الأربعاء غرة ذي القعدة الحرام وصل إلى خارج المشهد الرضوي فخرج
شجاع السلطنة مع مجتهد العصر ميرزا هداية الله والمتولي والخدام
والاشراف والأعيان واستقبلوه ودخلوا الصحن المقدس بالتكبير والذكر
فوضع في مكانه وأقيمت التهاني وأنشئت الخطب وابتهل في الدعاء وكان
ذلك الاحد ١١ الشهر المذكور يوم مولد الرضا ع، وأقيمت دعوة
في دار السيادة ودار الحفاظ لعموم الخدام والعلماء والسادات وبعد تناول
الطعام نصبه مجتهد الزمان ميرزا هداية الله على الضريح المقدس.
وعن تاريخ رياض الجنة أنه قال فيه: وللأستاذ المذكور يعني الميرزا
مهدي الشهيد أبناء ثلاثة من ابنة العالم المتبحر الشيخ حسين العاملي أصلا
والمشهدي موطنا أولهم ميرزا هداية الله ابن ميرزا محمد مهدي عالم فاضل
كامل محقق حكيم متكلم مهندس ماهر في أكثر الفنون دقيق الذهن جيد
الادراك وهو أكبر أولاد الأستاذ المذكور قرأنا عليه في المشهد الرضوي كتاب
تحرير أقليدس أطال الله بقاءه. وثانيهم ميرزا عبد الجواد وثالثهم ميرزا داود
انتهى ثم ترجم الآخرين بما ذكرناه عنه في ترجمتهما.
الميرزا هداية الله الأورشيجي نزيل المشهد المقدس الرضوي
توفي سنة ١٢٨١ بمكة المكرمة بعد فراغه من اعمال الحج بالطاعون
العظيم الذي صار تلك السنة ودفن عند قبر أبي طالب ع.
والأورشيجي نسبة إلى أورشيج من قرى بسطام.
كان فقيها أصوليا حكيما عارفا تخرج في الفقه والأصول على الشيخ
محمد تقي الأصفهاني صاحب حاشية المعالم بأصفهان وفي الحكمة والكلام
على المولى إسماعيل صاحب الحاشية على الشوارق ولما كان في المشهد
الرضوي صار المدرس الكبير فيه والعالم الجليل عند أهله بل في خراسان له
١ شرحه المبسوط على المعالم في الأصول ٢ شرحه الجليل على شرائع
الاسلام في الفقه وغيرهما.
وقال في مطلع الشمس: جاور في المشهد المقدس الرضوي وكان
جامعا بين مسالك العرفان ومشرع الاجتهاد. ثم ذكر أن له مؤلفات كثيرة
(٢٦٣)

تزيد على ثلاثمائة ألف بيت.
المولى هداية الله بن محمد حسين الآشتياني
عالم متكلم عارف له رسالة كشف وإشراق قال في رسالته الثالثة
الموسومة بدر مخزون في النبوات: لما فرغت من الرسالة الثانية الموسومة
بكشف وإشراق شرعت في الرسالة الثالثة الموسومة بدر مخزون.
الهروي
هو عبد السلام بن صالح أبو الصلت.
هشام بن الياس الحائري
فاضل صالح وهو صاحب المسائل الحائرية يروي عن الشيخ أبو علي
الطوسي ابن الشيخ والظاهر أنه أبو الياس بن هشام الذي يروي أيضا عن
أبو علي ابن الشيخ الطوسي.
هشام بن الحكم
هو من أكبر أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ع
وكان فقيها وروى حديثا كثيرا وصحب أبا عبد الله ع
وبعده أبا الحسن موسى ع وكان يكنى أبا محمد وأبا الحكم وكان
مولى بني شيبان وكان مقيما بالكوفة وبلغ من مرتبته وعلوه عند أبي عبد الله
جعفر بن محمد ع أنه دخل عليه بمنى وهو غلام أول ما اختط
عارضاه وفي مجلسه شيوخ الشيعة كحمران بن أعين وقيس الماصر ويونس
ابن يعقوب وأبي جعفر الأحول وغيرهم فرفعه على جماعتهم وليس فيهم الا
من هو أكبر سنا منه فلما رأى أبو عبد الله ع أن ذلك الفعل قد
كبر على أصحابه قال هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده وقال له أبو عبد الله
ع وقد سأله عن أسماء الله عز وجل واشتقاقها فاجابه ثم قال له أ فهمت
يا هشام فهما تدفع به أعداءنا الملحدين مع الله عز وجل؟ قال هشام نعم،
قال أبو عبد الله ع نفعك الله به وثبتك عليه، قال هشام فوالله ما
قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا (١)
ورويت له مدائح جليلة عن الامامين ع وكان ممن فتق الكلام في
الإمامة وهذب المذهب بالنظر، وكان حاذقا بصناعة الكلام حاضر
الجواب، سئل يوما عن معاوية هل شهد بدرا؟ قال نعم من ذلك
الجانب.
وأحب الرشيد يوما أن يسمع كلام هشام بن الحكم مع الخوارج فامر
باحضار هشام واحضار عبد الله بن يزيد الأباضي وجلس بحيث يسمع
كلامهما ولا يرى القوم شخصه وكان حاضرا يحيى بن خالد فقال يحيى
لعبد الله بن يزيد سل أبا محمد يعني هشاما عن شئ فقال هشام أنه لا
مسالة للخوارج علينا، فقال عبد الله بن يزيد وكيف ذلك فقال هشام
لأنكم قوم قد اجتمعتم معنا على ولاية رجل وتعديله والاقرار بإمامته وفضله
ثم فارقتمونا في عداوته والبراءة منه فنحن على اجماعنا وشهادتكم لنا،
وخلافكم علينا غير قادح في مذهبنا ودعواكم غير مقبولة علينا إذ الاختلاف
لا يقابل الاتفاق وشهادة الخصم لخصمه مقبولة وشهادته عليه مردودة. قال
يحيى بن خالد لقد قربت قطعه يا أبا محمد ولكن جاره شيئا فان أمير
المؤمنين أطال الله بقاه يحب ذلك قال: فقال هشام انا افعل ذلك غير أن
الكلام ربما انتهى إلى حد يغمض ويدق على الافهام فيعاند أحد الخصمين
أو يشتبه عليه فان أحب الإنصاف فليجعل بيني وبينه واسطة عدلا أن
خرجت من الطريق ردني إليه وإن جار في حكمه شهد عليه، فقال
عبد الله بن يزيد لقد دعا أبو محمد إلى الإنصاف، فقال هشام: فمن
يكون هذا الواسطة وما يكون مذهبه، أ يكون من أصحابي أو من أصحابك
أو مخالفا للملة أو لنا جميعا؟ قال عبد الله بن يزيد: اختر من شئت فقد
رضيت به، قال هشام إما انا فارى أنه أن كان من أصحابي لم يؤمن عليه
العصبية لي، وإن كان من أصحابك لم آمنه في الحكم علي، وإن كان
مخالفا لنا جميعا لم يكن مأمونا علي ولا عليك، ولكن يكون رجلا من
أصحابي ورجلا من أصحابك فينظران فيما بيننا ويحكمان علينا بموجب الحق
ومحض الحكم بالعدل، فقال عبد الله بن يزيد فقد أنصفت يا أبا محمد
وكنت انتظر هذا منك. فاقبل هشام على يحيى بن خالد فقال قد قطعته أيها
الوزير ودمرت على مذاهبه كلها بأهون سعي ولم يبق معه شئ واستغنيت
عن مناظرته، قال فحرك الستر الرشيد وأصغى يحيى بن خالد فقال: هذا
متكلم الشيعة واقف الرجل مواقفة لم تتضمن مناظرة ثم ادعى عليه أنه قد
قطعه وأفسد عليه مذهبه فمره أن يبين عن صحة ما أدعاه على الرجل فقال
يحيى بن خالد لهشام: أن أمير المؤمنين يأمرك أن تكشف عن صحة ما
ادعيت على هذا الرجل، قال: فقال هشام أن هؤلاء القوم لم يزالوا معنا
على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع حتى كان من أمر الحكمين
ما كان فأكفروه بالتحكيم وضللوه بذلك وهم اضطروه إليه والآن فقد حكم
هذا الشيخ وهو عماد أصحابه مختارا غير مضطر رجلين مختلفين في مذهبهما
أحدهما يكفره والآخر يعدله فإن كان مصيبا في ذلك فأمير المؤمنين ع
أولي بالصواب، وإن كان مخطئا كافرا فقد أراحنا من نفسه بشهادته بالكفر
عليها، والنظر في كفره وايمانه أولي من النظر في اكفاره عليا ع، قال:
فاستحسن ذلك الرشيد وامر بصلته وجائزته.
وسال يحيى بن خالد هشام بن الحكم يوما بحضرة الرشيد فقال له:
خبرني يا هشام عن الحق هل يكون في جهتين مختلفتين، فقال هشام:
لا، قال: فخبرني عن نفسين اختصما في حكم في الدين وتنازعا واختلفا
هل يخلوان من أن يكونا محقين أو مبطلين أو يكون أحدهما مبطلا والآخر
محقا؟ فقال هشام: لا يخلوان من ذلك وليس يجوز أن يكونا محقين على ما
قدمت من الجواب، فقال له يحيى بن خالد فخبرني عن علي والعباس لما
اختصما إلى أبي بكر في الميراث أيهما كان المحق من المبطل إن كنت لا تقول
انهما كانا محقين ولا مبطلين؟ فقال هشام فنظرت إذا انني قلت أن عليا
ع كان مبطلا كفرت وخرجت عن مذهبي، وإن قلت أن العباس كان
مبطلا ضرب الرشيد عنقي ووردت علي مسالة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك
الوقت ولا أعددت لها جوابا فذكرت قول أبي عبد الله ع وهو
يقول لي يا هشام لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك فعلمت
اني لا اخذل، وعن لي الجواب في الحال، فقلت له لم يكن من أحدهما
خطا وكانا جميعا محقين، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود حيث
يقول الله جل اسمه: وهل أتاك نبا الخصم إذ تسوروا المحراب... إلى
قوله تعالى: خصمان بغى بعضنا على بعض. فأي الملكين كان مخطئا وأيهما
كان مصيبا؟ أم تقول انهما كانا مخطئين فجوابك في ذلك جوابي بعينه. فقال
(٢٦٤)

يحيى لست أقول أن الملكين أخطأ، بل أقول إنهما أصابا، وذلك انهما لم
يختصما في الحقيقة ولا اختلفا في الحكم وانما أظهرا ذلك لينبها داود على
الخطيئة ويعرفاه الحكم ويوقفاه عليه. قال: فقلت له كذلك علي والعباس
لم يختلفا في الحكم ولا اختصما في الحقيقة وانما كان ذلك منهما على ما كان
من الملكين. فلم يحر جوابا واستحسن ذلك الرشيد.
وروى الكليني في الكافي حديثا لمناظرة بين بعض أصحاب الصادق
ع وهم حمران بن أعين ومحمد بن النعمان الأحول وهشام بن سالم
وقيس الماصر وهشام بن الحكم، وبين رجل آخر بحضور الصادق، قال
الصادق بعد انتهاء المناظرة لحمران: تجري الكلام على الأثر فتصيب،
وقال لهشام بن سالم: تريد الأثر ولا تعرف، وقال للأحول: قياس رواغ
تكسر باطلا بباطل الا أن باطلك أظهر، وقال لقيس الماصر: تتكلم
وأقرب ما يكون الحق والخبر عن الرسول أبعد ما تكون منه تمزج الحق
بالباطل وقليل الحق يكفي من كثير الباطل، أنت والأحول قفازان
حاذقان.
قال يونس بن يعقوب الذي كان حاضرا: فظننت والله أنه يقول
لهشام بن الحكم قريبا مما قال لهما، فقال: يا هشام لا تكاد تقع حتى تلوي
رجليك، إذا هممت بالأرض طرت، مثلك فليكلم الناس.
وصنف هشام كتاب الألفاظ ومن ذلك يظهر أن قول الجلال
السيوطي أول من صنف في أصول الفقه الشافعي بالاجماع غير صحيح لأن
هشام بن الحكم كان قبل الشافعي بكثير مع أن الامامين أبو جعفر محمد بن
علي الباقر وابنه أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ع قد أمليا
على أصحابهما قواعد هذا العلم وضوابطه والقوانين الكلية التي تفيد في هذا
الباب من مباحث الألفاظ والأصول العقلية. وقد جمع جماعة من العلماء
كتبا في ذلك اخذوها مما روي عن الأئمة ع منهم السيد
هشام بن زين العابدين الموسوي الخونساري الأصفهاني صنف كتاب أصول
آل الرسول رتبه على ترتيب كتب الأصول الموجودة اليوم ومنهم السيد
عبد الله بن محمد رضا الشبري الحسيني النجفي صنف كتاب الأصول
الأصلية من هذا القبيل ومنهم الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن الحر
العاملي صاحب الوسائل صنف الفصول المهمة في أصول الأئمة إلى غير
ذلك.
وورد في بعض الأخبار ما يقتضي ذم هشام ولعله كخرق السفينة.
ورمي بالتجسيم والمنقول عنه في ذلك: جسم لا كالأجسام. وأجاب عنه
المرتضى في الشافي بوجوه منها أنه اورد ذلك على سبيل المعارضة للمعتزلة
بأنه إذا قلتم بأنه شئ لا كالأشياء فقولوا أنه جسم لا كالأجسام وعزاه إلى
أكثر أصحابنا ويؤيده ما عن الملل والنحل من أنه ذكر ذلك إلزاما على
الغلاة.
أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي الكوفي الحافظ النسابة المشهور
توفي سنة ٢٠٦ وقيل ٢٠٤ وقيل ٢٠٥.
في اكتفاء القنوع: هو من الحفاظ والنسابين والرواة الذين ذكرهم
المؤرخون في سياق كلامهم واسندوا إليهم رواياتهم. وذكره الشيخ
الطوسي في رجال الصادق ع وقال أنه مولى. وذكره النجاشي في رجاله
وقال: الناسب العالم بالأيام المشهور بالفضل والعلم وكان يختص بمذهبنا
وله الحديث المشهور، قال اعتللت علة عظيمة نسيت منها علمي فجئت
إلى جعفر بن محمد فسقاني العلم في كأس فعاد إلي علمي وكان أبو عبد الله
ع يقربه ويدنيه ويبسطه. له كتب كثيرة منها: الذيل الكبير في النسب
وهو ضعف كتابه الجمهرة، الجمهرة، حروب الأوس والخزرج،
المشاغبات بين الاشراف، القداح والميسر، أسواق العرب، اخبار ربيعة
والبسوس وحروب تغلب وبكر، انساب الأمم المعمرين، الأوائل، اخبار
قريش، اخبار جرهم، اخبار لقمان بن عاد، اخبار بني تغلب وأيامهم
وانسابهم، اخبار بني عجل وانسابهم، اخبار بني حنيفة، كتاب كلب،
اخبار تنوخ وانسابها، مثالب ثقيف، مثالب بني أمية، الطاعون في
العرب، الأصنام مطبوع بمصر، فتوح العراق، فتوح الشام، الردة،
فتوح خراسان، فتوح فارس، مقتل عثمان، الجمل، صفين،
النهروان، الغارات، مقتل أمير المؤمنين ع، مقتل حجر بن عدي،
مقتل رشيد وميثم وجويرية بن مسهر. عين الوردة. الحكمين. مقتل
الحسين ع. قيام الحسن. اخبار محمد بن الحنفية. التباشير بالأولاد.
الموؤودات. من نسب إلى امه من قبائل العرب. الطائف. رموز العرب.
غرائب قريش وبني هاشم في سائر العرب. اجراء الخيل. الرواد.
الجيران. الخطب. أخبرنا محمد بن عثمان حدثنا أحمد بن كامل حدثنا
محمد بن موسى بن حماد حدثنا هشام.
وذكره ابن النديم في الفهرست عند ذكر الكتب المصنفة في تفسير
القرآن فقال: كتاب تفسير الآي التي نزلت في أقوام بأعيانهم لهشام الكلبي
انتهى. وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ فقال: هشام بن الكلبي
الحافظ أحد المتروكين ليس بثقة فلهذا لم ادخله بين حفاظ الحديث وهو
هشام بن محمد بن السائب الكوفي الرافضي النسابة حدث عنه أبو الأشعث
وخليفة بن خياط ومحمد بن أبي السري ومحمد بن سعد يروى عنه أنه حفظ
القرآن في ثلاثة أيام وقلما يروي من المسند كان اخباريا علامة انتهى.
وذكره ابن قتيبة في المعارف في النسابين وأصحاب الاخبار فقال: وابن
الكلبي هشام بن محمد بن السائب كان اعلم الناس بالأنساب انتهى.
وذكره الخطيب في تاريخ بغداد فقال: هشام بن محمد بن السائب بن بشر
أبو المنذر الكلبي صاحب التفسير حدث عن أبيه. روى عنه ابنه العباس.
وخليفة بن خياط. وشباب العصفري. ومحمد بن سعد كاتب الواقدي.
ومحمد بن أبي السري. وأبو الأشعث أحمد بن المقدام وغيرهم وهو من أهل الكوفة
قدم بغداد وحدث بها. وروى الخطيب بسنده عن محمد بن أبي
السري البغدادي قال: قال لي هشام بن الكلبي حفظت ما لم يحفظه أحد ونسيت ما لم ينسه أحد
كان لي عم يعاتبني على حفظ القرآن فدخلت بيتا
وحلفت أن لا اخرج منه حتى احفظ القرآن فحفظته في ثلاثة أيام، ونظرت
يوما في المرآة فقبضت على لحيتي لآخذ ما دون القبضة فأخذت ما فوق
القبضة. وروى بسنده عن عبد الله بن أحمد هو ابن حنبل قال سمعت
أبي يقول: هشام بن محمد بن السائب الكلبي من يحدث عنه انما هو
صاحب نسب وسمر ما ظننت أن أحدا يحدث عنه انتهى. وفي انساب
السمعاني: أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبي من أهل الكوفة
صاحب النسب يروي عن أبيه ومعروف مولى سليمان الغرائب
والعجائب والاخبار التي لا أصول لها وروى عنه شباب العصفري وابنه
(٢٦٥)

العباس بن هشام ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وعلي بن حرب الموصلي
وعبد الله بن الضحاك الهدادي وأبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي وكان
غاليا في التشيع اخباره في الأغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الاغراق في
وضوحها وكان يقول حفظت ما لم يحفظ أحد إلى آخر ما مر قال عبد الله بن أحمد
بن حنبل سمعت أبي يقول إلى آخر ما مر انتهى.
قلت: كونه صاحب نسب وسمر لا ينافي كونه محدثا ولكن المانع هو
التشيع فاعتذر بذلك.
وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان: كان هشام من أعلم الناس
بعلم الأنساب وله كتاب الجمهرة في النسب وهو من محاسن الكتب في هذا
الفن وكان من الحفاظ المشاهير وله من التصانيف شئ كثير وذكر جملة مما مر
عن النجاشي وزاد: حلف عبد المطلب وخزاعة. حلف الفضول. حلف
تميم. المنافرات. بيوتات قريش ولعله كتاب اخبار قريش السابق. فضائل
قيس بن عيلان. الموردات. بيوتات ربيعة. الكنى. شرف قصي وولده
في الجاهلية والاسلام. ألقاب قريش. ألقاب اليمن. المثالب ولعله مثالب
ثقيف ومثالب أمية المتقدم. النوافل. ادعاء معاوية زيادا. اخبار زياد بن
أبيه. صنائع قريش. المشاجرات. المعاتبات. ملوك
الطوائف. ملوك كندة. افتراق ولد نزار. تفريق الأزد. طسم وجديس.
قال: وتصانيفه تزيد على ١٥٠ تصنيفا وأحسنها وأنفعها كتابه
المعروف بالجمهرة في معرفة الأنساب ولم يصنف في بابه مثله وكتابه الذي
سماه المذيل في النسب أيضا وهو أكبر من الجمهرة وكتاب الموجز في النسب
وكتاب الفريد صنفه للمأمون في الأنساب. والملوكي صنفه لجعفر بن يحيى
البرمكي في النسب أيضا وكان واسع الرواية لأيام الناس واخبارهم.
هشام بن سالم.
روى الكليني في الكافي بسنده عن يونس بن يعقوب في حديث في
خبر الشامي الذي قال للصادق ع جئت لمناظرة أصحابك وانه قال
ليونس: انظر من ترى من المتكلمين فادخله فوجد جماعة منهم هشام بن
سالم وقيس الماصر، قال وكانا متكلمين، إلى أن قال: ثم قال يا هشام بن
سالم كلمه، فتفارقا، إلى أن قال: يا حمران وكان معهم تجري الكلام
على الأثر فتصيب والتفت إلى هشام بن سالم فقال: تريد الأثر ولا تعرف.
هشام بن عمار
. عده ابن رستة في الأعلاق النفيسة من الشيعة.
: هشيم بن بشير.
عده ابن رستة في الاعلاق النفيسة من الشيعة.
هلال بن الحارث أبو الحمراء.
مولى رسول الله ص وخادمه وتوهم ابن عبد البر فجعل هلال بن
الحارث رجلين أحدهما يكنى أبو الحمراء والآخر أبو الجمل وقد ذكرنا ذلك
في باب الكنى وبينا ان أبا الجمل تحريف.
قال الشيخ في رجاله في أصحاب علي أمير المؤمنين ع: أبو
الحمراء خادم رسول الله ص وعن البرقي في رجاله أبو الحمراء فارسي خادم
رسول الله ص وعن تقريب ابن حجر أبو الحمراء مولى النبي ص وخادمه
اسمه هلال بن الحارث أو ابن ظفر نزل حمص. وفي تهذيب التهذيب: أبو
الحمراء مولى النبي ص وخادمه يقال اسمه هلال بن الحارث ويقال ابن ظفر
روى عن النبي ص وعنه أبو داود الأعمى وسعيد بن جبير من طريق
ضعيف قال البخاري: يقال له صحبة ولا يصح حديثه وقال الآجري:
قلت لأبي داود أبو الحمراء هلال بن الحارث من الصحابة من أهل حمص
قال بلغني عن ابن معين هذا ولا أراه هكذا وكذا قال الدوري عن ابن
معين وقال أحمد بن عيسى في تاريخ الحمصيين اسمه هلال بن ظفر نقل
ذلك عن بعض ولده انتهى.
وفي الاستيعاب في الأسماء: هلال أبو الحمراء حديثه عند أبي
إسحاق السبيعي عن أبي داود القاص عن أبي الحمراء قال: قمت بالمدينة
شهرا فكان رسول الله ص يأتي منزل فاطمة وعلي في كل غداة فيقول
الصلاة الصلاة انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا. وفي الكنى من الاستيعاب: أبو الحمراء مولى النبي ص قيل اسمه
هلال بن الحارث ويقال هلال بن ظفر حديثه عن النبي ص انه كان يمر
ببيت فاطمة وعلي ع فيقول السلام عليكم أهل البيت انما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا انتهى. وفي
الإصابة: أبو الحمراء مولى النبي ص اسمه هلال بن الحارث ويقال ابن
ظفر نقله ابن عيسى في تاريخ حمص قال البخاري يقال له صحبة ولا يصح
حديثه انتهى. وفي أسد الغابة: روى عنه أبو داود ان النبي ص كان
إذا طلع الفجر يمر ببيت علي وفاطمة ع فيقول السلام عليكم
أهل البيت الصلاة الصلاة انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا أخرجه الثلاثة انتهى.
وهناك أبو الحمراء آخر شهد أحدا وبدرا ذكره ابن سعد في الطبقات
وفي الإصابة انه غيره.
المقطع العامري اسمه هشيم والمقطع لقب غلب عليه.
كان مع علي ع يوم صفين روى نصر بن مزاحم في كتاب
صفين انه خرج ابن مقيدة الحمار الأسدي يوم صفين وهو مع أهل الشام
وكان في الناس ردف بشر بن عصمة وهو الثاني في الناس فنادى أ لا من
مبارز فأحجم الناس عنه فقام المقطع العامري وكان شيخا كبيرا فقال له
علي ع اقعد انك شيخ كبير وليس معه من رهطه أحد غيره ما كنت
لأقدمك فجلس ثم نادى ابن مقيدة الحمار الثانية أ لا من مبارز فقام المقطع
فأجلسه علي ع أيضا ثم نادى الثالثة أ لا من مبارز فقام المقطع فقال يا
أمير المؤمنين والله لا تردني إما ان يقتلني فأتعجل الجنة واستريح من الحياة
الدنيا في الكبر والهرم أو اقتله فأريحك منه فقال له علي ما اسمك قال انا
المقطع قد كنت ارعى هشيما فأصابني جراحة فسميت مقطعا منها فقال له
اخرج اللهم انصره فحمل عليه المقطع فأجهش ابن مقيدة الحمار وكان ذكيا
مجربا فلم يجد شيئا خيرا من الهرب فهرب حتى مر بمضارب معاوية على اثره
فجاز معاوية فناداه معاوية لقد شخص بك العراقي. قال لقد فعل ثم
رجع المقطع حتى وقف في موقفه.
هلال بن محمد.
توفي سنة ٣٦٨ ودفن في الغري.
معاصر لأبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري ويظهر مما ألحقه
(٢٦٦)

الغضائري برسالة أبي غالب الزراري أحمد بن محمد إلى ابن ابنه حسن حاله
حيث قال: توفي أحمد بن محمد الزراري الشيخ الصالح رضي الله عنه في
جمادى الأولى سنة ٣٦٨ وتوليت جهازه وكان جهازه وحمله إلى مقابر قريش
على صاحبها السلام ثم إلى الكوفة ونفذت ما اوصى بانفاذه وأعانني على
ذلك هلال بن محمد رضي الله عنه ثم توفي هلال بن محمد في هذه السنة
فتوليت امره وجهازه ووصيته وحملته إلى المشهدين بمقابر قريش ثم إلى الكوفة
وقبراهما رحمهما الله بالغري انتهى. ثم ذكر وفاة محمد بن أحمد بن داود
هذه السنة وانه دفن ببغداد قال وحيل بيني وبين انفاذ وصيته رضي الله عنه
وعن جميع شيوخنا وجمع بيننا في جنان النعيم انتهى.
وربما ظهر من ذلك أنه من شيوخ ابن الغضائري والظاهر أنه أبو
الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار أستاذ الشيخ الطوسي ويروي الحفار
عن إسماعيل بن علي بن علي بن رزين بن أخي دعبل الخزاعي كما مر في
ترجمته.
الهلالي الجغتائي.
شاعر فارسي مشهور له ديوان مطبوع، في أول ديوانه ما ترجمته:
أصله من الطائفة الجغتائية وولد ونشأ في استراباد وكان جميل الصورة
ورد يوما إلى مجلس الأمير عليشير النوائي وأظهر انه شاعر فطلب الأمير منه
بيتا من الشعر فقال:
جناني از أبا فكند امروزم آن رفتار وقامت هم
كمه فردا برنخيزم بلكه فرداي قيامت هم
وتعريبه:
لما نظرت قوامه واختياله اقعداني
بحيث لا أقدر على القيام غدا بل وفي يوم القيامة
فسأله الأمير بم تتخلص قال بالهلالي فقال لست بهلالي بل أنت
بدري بدري، وعلا قدره ومرتبته عنده وارتقى من صف النعال إلى الصدر
المعد لعظماء الرجال وكان مرة يسكن خراسان ومرة العراق ففي خراسان
يقال عنه رافضي وفي العراق سني. واستشهد أخيرا بيد عبيد الله خان
الأوزبكي بجرم التشيع، ومن مؤلفاته الشعرية المثنوية بالفارسية، كتاب
ليلى ومجنون، صفات العاشقين، شاة ودرويش.
همام بن الأغفل الثقفي.
قال يوم صفين:
قد قرت العين من المساق * ومن رؤوس الكفر والنفاق
إذ ظهرت كتائب العراق * نحن قتلنا صاحب المراقي
وقائد البغاة والشقاق *... يوم الدار والاحراق
لما لففنا ساقهم بساق * بالطعن والضرب مع العناق
وسل بصفين لدى التلاقي * بتنا بتبيان مع المصداق
ان قد لقوا بالمارق الممراق * ضربا يدمي عكر الأعناق
الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة ويكنى أبا فراس.
ولد سنة ٣٨ وتوفي بالبصرة سنة ١١٠.
وانما سمي الفرزدق لأنه شبه وجهه وكان مدورا جهما بالخبزة وهي
الفرزدقة.
بيته وأبوه
وبيته من أشرف بيوت بني تميم، كان غالب أبوه جوادا شريفا ووفد
جده صعصعة بن ناجية على رسول الله ص واسلم وهو الذي منع الوئيد في
الجاهلية فلم يترك أحدا من بني تميم يئد بنتا له الا فداها منه، وغالب أبو
الفرزدق يكنى أبا الأخطل وقبره بكاظمة ولم يطف بقبره خائف الا أمن ولا
مستجير الا أجير.
عند علي ع
ووفد غالب على علي بن أبي طالب ع ومعه ابنه الفرزدق
فقال له من أنت؟ قال: انا غالب بن صعصعة المجاشعي. قال: ذو
الإبل الكثيرة؟ قال: نعم. قال: فما فعلت ابلك؟ قال: أذهبتها
النوائب وزعزعتها الحقوق. قال: ذلك خير سبلها. ثم قال له: يا أبا
الأخطل من هذا الفتى؟ قال: ابني الفرزدق وهو شاعر. قال: علمه
القرآن فإنه خير له من الشعر. فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيد نفسه
وآلى ان لا يحل قيده حتى يحفظ القرآن.
امه واخوته
وأم الفرزدق لبنة بنت قرظة الضبية وأخوه الأخطل وأخته جعثن هما
أخواه لأبيه وامه والأخطل أسن من الفرزدق وكان من وجوه قومه وأم أبيه
ليلى بنت حابس أخت الأقرع بن حابس التميمي.
أحواله
وصح أنه قال الشعر أربعا وسبعين سنة لان أباه جاء به إلى علي
وقال: ان ابني هذا شاعر في سنة ست وثلاثين، وتوفي الفرزدق سنة عشر ومائة
في أول خلافة هشام بن عبد الملك هو وجرير والحسن وابن شبرمة في ستة
أشهر، وقد روي أنه وجريرا ماتا في سنة أربع عشرة ومائة وأن الفرزدق
قارب المائة، وروى الرياشي عن سعيد بن عامر أن الفرزدق بلغ ثلاثين
ومائة سنة، والأول أثبت. وكان الفرزدق سيدا جوادا فاضلا وجيها عند
الخلفاء والامراء هاشمي الرأي في أيام بني أمية يمدح احياءهم ويؤبن
موتاهم ويهجو بني أمية وأمراءهم، هجا معاوية بن أبي سفيان وزياد بن أبيه
وهشام بن عبد الملك والحجاج بن يوسف وابن هبيرة وخالد القسري
وغيرهم، واختلف فيه وفي جرير أيهما أشعر، وأكثر أهل العلم يقدمونه
على جرير وقد فضله جرير على نفسه في الشعر، وله في جرير:
ليس الكرام بناحليك أباهم * حتى ترد إلى عطية تعتل
وقال جرير: ما قال لي الفرزدق بيتا الا وقد أكبيته اي قلبته الا هذا
البيت فاني ما أدري كيف أقول فيه، ويروي ان بني كليب قالوا لم نهج
بشعر قط أشد علينا من قول الفرزدق:
أ لست كليبيا إذا سيم سوأة * أقر كاقرار الحليلة للبعل
وله فيه:
فهل ضربة الرومي جاعلة لكم * أبا من كليب أو أبا مثل دارم
وهو القائل:
ان الذي سمك السماء بنى لنا * بيتا دعائمه أعز وأطول
بيتا زرارة محتب بفنائه * ومجاشع وأبو الفوارس نهشل
(٢٦٧)

وله: ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا * وان نحن أومأنا إلى الناس وقفوا
وله:
والشيب ينهض في الشباب كأنه * ليل يصيح بجانبيه نهار
وله:
تصرم مني ود بكر بن وائل * وما خلت دهري ودهم يتصرم
قوارص تأتيني ويحتقرونها * وقد يملأ القطر الأنام فيفعم
وله:
ترجى ربيع ان تجئ صغارها * بخير وقد أعيا ربيعا كبارها (١)
وقيل دخل الفرزدق وهو غلام يافع على سعيد بن العاص وانشده
والحطيئة حاضر:
ترى الغر الجحاجح من قريش * إذا ما الامر في الحدثان آلا
قياما ينظرون إلى سعيد * كأنهم يرون به الهلالا
فقال الحطيئة:
هذا والله الشعر لا ما تعلل به نفسك منذ اليوم، يا
غلام أدركت من قبلك وسبقت من بعدك وان طال عمرك ليرزن. ثم قال
له: أ تحدث أمك يا غلام؟ قال لا بل أحدث أبي، فوجده لبقا حاضر
الجواب فاعجب به.
وجاء في كتاب الحيوان للجاحظ: ان أحببت ان تروي من قصار
القصائد شعرا لم يسمع بمثله فالتمس ذلك في قصار قصائد الفرزدق فإنك
لا ترى شاعرا قط يجمع التجويد في القصار والطوال غيره انتهى.
وروى ابن عبد البر في الاستيعاب بسنده عن أبي بكر بن عياش
قال: اجتمع في جنازة أبي رجاء العطاردي الحسن البصري والفرزدق
الشاعر فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد يقول الناس اجتمع في هذه
الجنازة خير الناس وشرهم فقال الحسن لست بخيرهم ولست بشرهم لكن
ما أعددت لهذا اليوم قال شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله
ثم انصرف الفرزدق فقال وكان أبو رجاء أدرك الجاهلية وعمر أزيد من
مائة وعشرين سنة:
أ لم تر ان الناس مات كبيرهم * وقد كان قبل البعث بعث محمد
ولم يغن عنه عيش سبعين حجة * وستين لما بات غير موسد
إلى حفرة غبراء يكره وردها * سوى انها مثوى وضيع وسيد
ولو كان طول العمر يخلد واحدا * ويدفع عنه عيب عمرو ممرد
لكان الذي راحوا به يحملونه * مقيما ولكن ليس حي بمخلد
نروح ونغدو والحتوف امامنا * يضعن لنا حتف الردى كل مرصد
وقد قال لي ما ذا تعد لما ترى * فقيه إذا ما قال غير مفند
فقلت له أعددت للبعث والذي * أراد به اني شهيد بأحمد
وان لا إله غير ربي هو الذي * يميت ويحيي يوم بعث وموعد
وهذا الذي أعددت لا شئ غيره * وان قلت لي أكثر من الخير وازدد
فقال لقد أعصمت بالخير كله * تمسك بهذا يا فرزدق ترشد
لقاؤه الحسين ع
وفي الأغاني بسنده انه لقي الفرزدق الحسين بن علي ع
متوجها إلى الكوفة خارجا من مكة في اليوم السادس من ذي الحجة فقال له
الحسين ما وراءك؟ قال يا ابن رسول الله أنفس الناس معك وأيديهم
عليك، قال ويحك معي وقر بعير من كتبهم يدعونني ويناشدوني الله. فلما
قتل الحسين ص قال الفرزدق فان غضبت العرب لابن سيدها وخيرها
فاعلموا انه سيدوم عزها وتبقى هيبتها وان صبرت عليه ولم تتغير لم
يزدها الله الا ذلا إلى آخر الدهر وانشد في ذلك:
فان أنتم لم تثاروا لابن خيركم فألقوا السلاح واغزلوا بالمغازل
قصيدته في علي بن الحسين ع
ذكر في تذكرة الخواص أبياتا من ميمية الفرزدق في زين العابدين
علي بن الحسين ع وقال إنه اخذ بعضها من حلية الأولياء
والباقي من ديوان الفرزدق.
وهذه القصيدة قلما يخلو منها ومن خبرها كتاب أدب أو تاريخ وذلك
لسببين:
أولا لأنها قضية تتعلق بفضل امام عظيم من أئمة أهل البيت
الطاهر له مكانته بين المسلمين مع تضمنها ما يدل على أن سلطان الدين
أقوى من سلطان الدنيا فهشام أحد فراعنة بني أمية في دولتهم وقوة سلطانهم
لم يستطع ان يستلم الحجر ولم يبال به أحد من الناس ولم يفرجوا له وزين
العابدين علي بن الحسين ع بمجرد ان اقبل لاستلام الحجر أفرج له
الناس.
ثانيا لدلالتها على جرأة عظيمة وقوة جنان وثبات واقدام من
الفرزدق فجابه هشام بما جابهه به وقال الحق مجاهرا به أمام سلطان جائر
يخاف ويرجى وهو شاعر يأمل الجوائز من بني أمية فقال ما قال وفعل ما فعل
لوجهه تعالى وصدعا بالحق ودحضا للباطل.
هذان الأمران في ظني هما السبب في انتشار هذه القصة في جميع الكتب
والله أعلم. ونسبة هذه القصيدة إلى الفرزدق مشهورة جدا بل لعلها متواترة وقد
رواها السيد المرتضى في موضعين من أماليه والمرزباني في معجم الشعراء
والقيرواني في زهر الآداب ورواها أبو الفرج في الأغاني بسنده عن ابن
عائشة، قال: حج هشام بن عبد الملك في خلافة الوليد أخيه ومعه رؤساء
أهل الشام فجهد ان يستلم الحجر فلم يقدر من ازدحام الناس فنصب له
منبر فجلس عليه ينظر إلى الناس، واقبل علي بن الحسين وهو أحسن الناس
وجها وانظفهم ثوبا وأطيبهم رائحة فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر الأسود
تنحى الناس كلهم وأخلوا له الحجر ليستلمه هيبة واجلالا له، فغاظ ذلك
هشاما وبلغ منه، فقال رجل لهشام من هذا أصلح الله الأمير؟ قال لا
اعرفه وكان به عارفا ولكنه خاف ان يرغب فيه أهل الشام ويسمعوا منه،
فقال الفرزدق وكان حاضرا: انا اعرفه فسلني يا شامي، قال ومن هو؟
قال وانشد القصيدة. ثم رواها في الأغاني في موضع آخر بما لا يخرج عن
هذا المعنى.
(٢٦٨)

وفي آخر الجزء الثاني من ديوان الفرزدق المطبوع بالتصوير الشمسي
في ألمانيا عن نسخة خطية معربة مشروحة في غاية الاتقان والضبط قديمة
جدا ما لفظه:
وقال الفرزدق يمدح علي بن الحسين صلوات الله عليه وعلى آبائه وذكر
الأبيات.
ولما كانت الروايات مختلفة اختلافا كثيرا في عدد الأبيات بالزيادة
والنقصان فنحن نذكر أولا أكثرها عددا للأبيات ثم نشير إلى باقي
الروايات.
وأكثر الروايات عددا للأبيات هي رواية المزرباني. فقد روى القصة
بما لا يختلف عن رواية أبي الفرج في الأغاني غير أنه قال إن حج هشام كان
في ولاية أبيه ثم ذكر القصيدة وهي هذه:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا
هذا علي رسول الله والده * أمست بنور هداه تهتدي الأمم
إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
الله شرفه قدما وعظمه * جرى بذاك له في لوحه القلم
اي الخلائق ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم
من يشكر الله يشكر أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الاسلام
والعجم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم الا حين يبتسم
في كفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم
من جده دان فضل الأنبياء له * وفضل أمته دانت له الأمم
مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم
ينشق ثوب الدجى عن نور غرته * كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم
ما قال لا قط الا في تشهده * لولا التشهد لم ينطق بذاك فم
حمال اثقال أقوام إذا فدحوا * حلو الشمائل تحلو عنده نعم عم
البرية بالاحسان فانقشعت * عنها العناية والإملاق والعدم
كلتا يديه غياث عم نفعهما * يستمطران ولا يعروهما العدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره * يزينه اثنان حسن الخلق والكرم
لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * رحب الفناء أريب حين يعتزم
من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم * ويستدب به الاحسان والنعم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل بدء ومختوم به الكلم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد جودهم * ولا يدانيهم قوم وإن كرموا هم
الغيوث إذا ما أزمة أزمت * والأسد أسد الشري والباس محتدم
يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم * خيم كريم وأيد بالندى هضم
لا ينقص العسر بسطا من أكفهم * سيان ذلك إن اثروا وإن عدموا
وليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم
فغضب هشام وامر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة وقال
والله لأحرمنه العطاء فقال الفرزدق يهجوه:
أ يحسبني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها
يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء باد عيوبها
فبعث إليه هشام فأخرجه. ووجه إليه علي بن الحسين ع عشرة
آلاف درهم وقال اعذر يا أبا فراس فلو كان عندنا في هذا الوقت أكثر من
هذا لوصلناك به، فردها وقال ما قلت ذلك الا لله، وما كنت لأرزأ عليه
شيئا، فقال له علي، قد رأى الله مكانك فشكرك ولكنا أهل بيت إذا انفذنا
شيئا ما نرجع فيه فاقسم عليه فقبلها.
ولا باس بالإشارة إلى اختلاف الروايات في عددها المشار إليه. ففي
رواية الأغاني الأولى اورد منها سبعة أبيات الأول والثاني والخامس والسادس
والأخير والثامن والتاسع ولكن بلفظ: من يعرف الله يعرف أولية ذا. وفي
ديوان الفرزدق ذكر منها خمسة، الأول والسادس والثاني والتاسع والثامن
بلفظ اي القبائل. وفي رواية الأغاني الثانية، الرابع والسادس عشر إلى
الحادي والعشرين والسابع والعشرين إلى التاسع والعشرين، وستعرف أن
الصحيح كون في كفه خيزران الخ... ويغضي حياء الخ... ليس
منها.
واعلم أنه وقع اختلاف أيضا في نسبة هذه الأبيات فبعضهم نسبها
إلى الحزين الليثي وبعضهم إلى الفرزدق، وسبب ذلك أن الحزين له أبيات
في بعض بني أمية على هذا الوزن وهذه القافية فوقع الاشتباه لذلك فنسيت
أبيات الفرزدق إلى الحزين وزيد فيها بعض أبيات الحزين، ومن الرواة من
زاد من أبيات الحزين في أبيات الفرزدق ناسبا لها إلى الفرزدق. وهذا كما
وقع في أبيات أبي الأسود الدئلي التي رثى بها أمير المؤمنين ع وأبيات أم
الهيثم النخعية التي على وزنها وقافيتها في رثائه ع فادخل من إحداهما في
الأخرى كما أشرنا إليه في المجالس السنية. قال
أبو تمام في الحماسة، قال الحزين الليثي في علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأورد الأول
والخامس والسادس والثامن وزاد فيها البيتين المتقدمين بكفه خيزران و
يغضي حياء.
وروى السيد المرتضى في الأمالي بسنده عن الحسين بن محمد بن
طالب عن غير واحد من أهل الأدب: أن علي بن الحسين ع
حج فاستجهر الناس جماله وتشوفوا له يقولون من هذا؟ فقال الفرزدق:
وأورد الأبيات التي اوردها أبو تمام في الحماسة باسقاط في كفه خيزران.
قال أبو الفرج في الأغاني في اخبار الحزين الديلمي الكناني بسنده أن
الحزين دخل على عبد الله بن عبد الملك بالمدينة لما حظ وفي يده قضيب
خيزران فقال:
في كفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضي من مهابته * فما يكلم الا حين يبتسم
قال والناس يروون هذين البيتين للفرزدق في أبياته التي يمدح بها
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع التي أولها: هذا
الذي تعرف البطحاء وطأته وهو غلط ممن رواه وليس هذان البيتان مما
يمدح به مثل علي بن الحسين ع وله من الفضل المتعالم ما ليس لأحد
. ثم قال: ومن الناس من يروي هذه الأبيات لذود بن مسلم أو
(٢٦٩)

أسلم في قثم بن العباس ومنهم من يرويها لخالد بن يزيد مولى قثم فيه،
فمن رواها لذود في قثم أو لخالد فيه فهي:
كم صارخ بك من راج وراجية * يرجوك يا قثم الخيرات يا قثم
اي الضمائر ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم
في كفه خيزران البيت، يغضي حياء البيت.
وحكى في الأغاني عن الصولي عن العلائي عن المهدي بن سابق أن
هذه الأبيات الأربعة سوى الأول في شعر ذود بن أسلم في علي بن الحسين
ع. قال: وذكر الرياشي عن الأصمعي أن رجلا من العرب
يقال له داود وقف لقثم فناداه فقال:
يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
كم صارخ بك من راج وراجية * في الناس يا قثم الخيرات يا قثم
قال والصحيح أنها للحزين في عبد الله بن عبد الملك وقد غلط ابن
عائشة في ادخاله البيتين في تلك الأبيات. وأبيات الحزين مؤتلفة منتظمة
المعاني متشابهة تنبئ عن نفسها وهي:
الله يعلم أن قد جئت ذا يمن * ثم العراقين لا يثنيني السام
ثم الجزيرة أعلاها وأسفلها * كذاك تسري على الأهوال بي القدم
ثم المواسم قد أوطاتها زمنا * وحيث تحلق أنت الحجرة اللمم
قالوا دمشق ينبيك الخبير بها * ثم ائت مصر فثم النائل العمم
لما وقفت عليه في الجموع ضحى * وقد تصرخت الحجاب والخدم
حييته بسلام وهو مرتفق * وضجة القوم عند الباب تزدحم
في كفه خيزران ريحها عبق * من كف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم الا حين يبتسم
ترى رؤوس بني مروان خاضعة * يمشون حول ركابيه وما ظلموا
إن هش هشوا له واستبشروا جذلا * وإن هم آنسوا اعراضه وجموا
كلتا يديه ربيع عند ذي خلف * بحر يفيض وهذي عارض هزم
قال: ومن الناس من يقول أن الحزين قالها في عبد العزيز بن مروان
لذكره دمشق ومصر وقد كان عبد الله بن عبد الملك أيضا في مصر والحزين
بها انتهى ما قاله أبو الفرج.
قال الخطيب التبريزي في شرح الحماسة: الحزين الكناني هو
عمرو بن عبد وساق نسبه إلى الديل ثم إلى كنانة بن خزيمة. أقول. فقوله
هذا مع قول أبي تمام الحزين الليثي دال على أن الحزين الليثي هو الحزين
الكناني، ثم قال الخطيب ويقال أنها للفرزدق ثم ذكر نحوا مما في الأغاني في
قصتها مع هشام. وفي تاج العروس: عمرو بن عبيد بن وهب الكناني
الشاعر يلقب بالحزين وهو القائل في عبد الله بن عبد الملك وقد وفد إليه
لمصر وهو واليها يمدحه بأبيات من جملتها في كفه خيزران البيت يغضي
حياء البيت.
وفي زهر الآداب للقيرواني بعد ذكر قصيدة الفرزدق بطولها وقصته مع
علي بن الحسين ع قال: وقد روي أن الحزين الكناني وفد على
عبد الله بن عبد الملك بن مروان وهو أمير على مصر فانشده قصيدة منها:
لما وقفت عليه في الجموع ضحى * وقد تعرضت الحجاب والخدم
حييته بسلام وهو مرتفق * وضجة القوم عند الباب تزدحم
في كفه خيزران البيت يغضي حياء البيت، قال، ويقال أنها
لذود بن أسلم في قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب
ويقال بل قالها الشنفري في علي بن الحسين ع انتهى.
أقول: فقد اتضح أن الأبيات الممدوح بها علي بن الحسين ع هي
للفرزدق لا للحزين وأن البيتين المتقدمين وهما بكفه خيزران ويغضي
حياء ليسا منها وانما هما للحزين في عبد الله بن عبد الملك بن مروان،
وادخالهما في أبيات الفرزدق اشتباه. ولقد أجاد أبو الفرج الأصبهاني في قوله
المتقدم: أن هذين البيتين ليسا مما يمدح به مثل علي بن الحسين ع
لا سيما البيت الأول.
من شعره
من قصيدة للفرزدق:
أ لم تر اني يوم جو سويقة * بكيت فنادتني هنيدة ما ليا
فقلت لها أن البكاء لراحة * به يشتفي من ظن أن لا تلاقيا
قفي ودعينا يا هنيدة انني * ارى الحي قد شاموا العقيق اليمانيا
حبيبا دعا والرمل بيني وبينه * فاسمعني سقيا لذلك داعيا
فكان جوابي أن بكيت صبابة * وفديت من لو يستطيع فدانيا
إذا اغرورقت عيناي اسبل منهما * إلى أن تغيب الشعريان بكائيا
لذكرى حبيب لم أزل مذ ذكرته * أعد له بعد الليالي لياليا
أراني إذا فارقت هذا كأنني * أخو سنة مما أجن فؤاديا
ومن شعر الفرزدق هاجيا الحجاج:
إن تنصفونا يأل مروان نقترب * إليكم والا فائذنوا ببعاد (١)
فان لنا عنكم مراحا ومذهبا * بعيس إلى ريح الفلاة صوادي
مخيسة بزل تخايل في البرى * سوار على طول الفلاة غوادي
وفي الأرض عن ذي الجور مناي ومذهب * وكل بلاد أوطنت كبلادي
وما ذا عسى الحجاج يبلغ جهده * إذا نحن خلفنا حفير زياد (٢)
ولولا بنو مروان كان ابن يوسف * كما كان عبدا من عبيد أياد
زمان هو العبد المقر بذلة * يراوح صبيان القرى ويغادي
فباست أبي الحجاج واست عجوزه * عتيد بهم ترتعي بوهاد (٣)
ودخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك فقال له، ما أحدثت
بعدنا يا أبا فراس؟ وهو يريد أن ينشده شعرا في مدحه، فانشده شعرا
يفخر فيه بأبيه فقال:
وركب كان الريح تطلب عندهم * لها ترة من جذبها بالعصائب
سروا يخبطون الليل وهي تلفهم * إلى شعب الأكوار من كل جانب
إذا ما رأوا نارا يقولون ليتها * وقد خطرت أيديهم نار غالب
(٢٧٠)

وكان نصيب الشاعر حاضرا وكان زنجيا اسود فقال:
أقول لركب رائحين لقيتهم * قفا ذات أوشال ومولاك غارب
قفوا خبروني عن سليمان انني * لأخباره من أهل ودان طالب
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله * ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب
فقال سليمان للفرزدق ما ترى؟ قال هو أشعر أهل جلدته، فقال
سليمان بل هو أشعر منك، فخرج الفرزدق وهو يقول:
وخير الشعر أكرمه رجالا وشر الشعر ما قال العبيد
وقال الفرزدق من قصيدة:
إذا نبهت حوراء من رقدة الضحى * دعت وعليها درع خز ومطرف
بأخضر من نعمان ثم جلت به * عذاب الثنايا طيبا حين يرشف
إذا هن ساقطن الحديث كأنه * جنى النحل أو ابكار كرم يقطف
يحدثن بعد الياس من غير ريبة * أحاديث تشفي المدنفين وتسعف
وإن نبهتهن الولائد بعد ما * تصعد يوم الصيف أو كاد ينصف
دعون بقضبان الأراك الذي جنى * لها الركب من نعمان أيام عرفوا
لبسن الفرند الخسرواني دونه * مشاعر من خز العراق المغوف
يبلغننا عنها بغير كلامها * إلينا من القطر البنان المطرف
فيا ليتنا كنا بعيرين لا نرى * على منهل الا نشل ونقدف
بأرض خلاء وحدنا وثيابنا * من الريط والديباج درع وملحف
ولا زاد الا فضلتان سلافة * وأبيض من ماء الغمامة قرقف
وأشلاء لحم من حبارى يصيدها * إذا نحن شئنا صاحب متالف
إليك أمير المؤمنين رمت بنا * هموم المنى والهوجل المتعسف
ومائرة الأعضاد صهب كأنما * عليها من الأين الجساد المدوف
بدأنا بها من سيف رمل كهيلة * وفيها نشاط من مراح وعجرف
فما برحت حتى تقارب خطوها * وبادت ذراها والمناسم رعف
إذا أغبر آفاق السماء وكشفت * كسور بيوت الحي حمراء حجرف
وجاء قريع الشول قبل أفالها * يزف وجاءت خلفه وهي زفف
وباشر راعيها الصلا بلبانه * وكفيه حر النار ما يتحرف
وأصبح موضوع الصقيع كأنه * على سردان النيب قطن مندف
وقاتل كلب الحي عن نار أهله * ليربض فيها والصلا متكنف
وجدت الثرا فينا إذا يبس الثرى * ومن هو يرجو فضله المتضيف
وقد علم الجيران أن قدورنا * ضوامن للارزاق والريح زفزف
ترى حولهن المعتفين كأنهم * على صنم في الجاهلية عكف
وما قام منا قائم في ندينا * فينطق الا بالتي هي اعرف
واني من قوم بهم يتقى العدى * ورأب الثأى والجانب المتخوف
وجدنا أعز الناس أكثرهم حصى * وأكرمهم من بالمكارم يعرف
وكلتاهما فينا إلى حيث نلتقي * عصائب لاقي بينهن المعرف
وجهل بحلم قد دفعنا جنونه * وما كاد لولا حلمنا يتزحلف
رجحنا بهم حتى استثابوا حلومهم * بنا بعد ما كاد القنا يتقصف
ومدت بأيديها النساء ولم يكن * لذي حسب عن قومه متخلف
ولا عز الا عزنا قاهر له * ويسألنا النصف الذليل فينصف
وبالله لولا أن تقولوا تكاثرت * علينا تميم ظالمين واسرفوا
لما تركت كف تشير باصبع * ولا تركت عين على الأرض تطرف
ومنا الذي لا ينطق الناس عنده * ولكن هو المستأذن المتنصف
تراهم قعودا عنده وعيونهم * مكسرة ابصارها ما تصرف
إذا هبط الناس المحصب من منى * عشية يوم النحر من حيث عرفوا
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا * وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا
فإنك أن تسعى لتدرك دارما * لانت المعنى يا جرير المكلف
وله:
وتقول كيف يميل مثلك للصبا وعليك من عظة المشيب عذار
والشيب ينهض في الشباب كأنه * ليل يصيح بجانبيه نهار
همام بن عبادة بن خثيم صاحب أمير المؤمنين ع
هو ابن أخ الربيع بن خثيم أحد الزهاد الثمانية.
قال الميرزا حسين النوري صاحب مستدركات الوسائل في حاشية
رجال أبي علي ومن خطه نقلت: في كنز الكراجكي مسندا عن يحيى ابن أم
الطويل قال عرضت لي حاجة إلى أمير المؤمنين ع فاستتبعت إليه
جندب بن زهير والربيع بن خثيم وابن أخيه همام بن عبادة بن خثيم وكان
من أصحاب البرانس قال فاقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين ع فألفيناه
حين خرج يؤم الناس فافضى ونحن معه إلى نفر إلى أن قال نوف: فاقبل
جندب والربيع فقالا ما سمة شيعتكم يا أمير المؤمنين؟ فتثاقل عن
جوابهما، فقام همام بن عبادة فقال وذكر الخبر المعروف بطوله وفي آخره
فصاح همام بن عبادة صيحة عظيمة ووقع مغشيا عليه فحركوه فإذا هو قد
فارق الدنيا رحمة الله عليه فاستعبر الربيع باكيا وقال ما أسرع ما أودت
موعظتك يا أمير المؤمنين بابن أخي ولوددت لو اني بمكانه، فقال أمير
المؤمنين ع هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها إما والله لقد كنت
أخافها عليه إلى أن قال: فصلى عليه أمير المؤمنين ع عشية ذلك اليوم
وشهد جنازته ونحن معه. قال الراوي عن نوف فصرت إلى الربيع بن
خثيم فذكرت له ما حدثني نوف فبكى الربيع حتى كادت نفسه تفيض وقال
صدق أخي الخبر. وقال المولى محمد صالح في شرح الكافي في ذيل خطبة
همام: همام ككشاف هو همام بن شريح بن يزيد بن مرة بن عمرو بن
جابر بن عوف الأصهب وكان من شيعة علي ع وأوليائه إلى آخر ما ذكره
وفيه ما لا يخفى والاشتباه انما هو لعدم ذكر الكليني اسم الأب وعدم
مراجعته رحمه الله إلى غير الكافي انتهى ما ذكره النوري.
الأمير همام بن جعفر بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله بن مسلم بن
عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب
وصفه في عمدة الطالب بالأمير ولم يذكر شيئا من أحواله ولا أين
كانت امارته وقال كان له بقية بنصيبين يقال لهم بنو همام انتهى.
الهمذاني
هو أحمد بن زياد بن جعفر أستاذ الصدوق.
الهمداني
هو الشيخ عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي
البحراني والد البهائي
(٢٧١)

أم المؤمنين أم سلمة هند زوجة النبي ص
كانت من أعقل النساء وكانت لها أساليب بديعة في استعطاف النبي
ص عند غضبه وأدب بارع في مخاطباته وطلب الحوائج منه فمن ذلك لما لقيه
ابن عمه واخوه من الرضاعة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابن
عمته عاتكة بنت عبد المطلب عبد الله بن أبي أمية المخزومي أخو أم
سلمة لأبيها، وهو في طريقه إلى فتح مكة، فاستاذنا عليه فاعرض عنهما.
فقالت أم سلمة: يا رسول الله، ابن عمك وابن عمتك وصهرك،
فقال: لا حاجة لي بهما، إما ابن عمي فهتك عرضي وكان يهجو رسول
الله واما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال: يعني قوله
له: والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلما إلى السماء فتعرج فيه وانا انظر ثم
تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله أرسلك.
فقالت أم سلمة: لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس
بك. فقال أبو سفيان والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن
في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا. فرق لهما النبي فدخلا عليه وأسلما.
وقالت له لما أراد علي ع أن يسال النبي ص في الاذن له في ادخال
فاطمة عليه فدخلت أم أيمن على أم سلمة فأخبرتها وأخبرت سائر نسائه
بذلك فاجتمعن عنده وقلن فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله انا قد
اجتمعنا لأمر لو كانت خديجة في الأحياء لقرت عينها، قالت أم سلمة فلما
ذكرنا خديجة بكى وقال خديجة وأين مثل خديجة؟ واخذ في الثناء عليها،
فقالت أم سلمة من بينهن فديناك بآبائنا وأمهاتنا انك لم تذكر من خديجة أمرا
الا وقد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها فهنأها الله بذلك وجمع بيننا
وبينها في جنته، يا رسول الله هذا أخوك وابن عمك في النسب علي بن أبي
طالب يحب أن تدخل عليه زوجته قال حبا وكرامة، ثم التفت إلى النساء
بعد ما دخلن البيت فقال من هاهنا؟ فقالت أم سلمة انا أم سلمة وهذه
فلانة وفلانة، فكانت هي المبادرة بالجواب فامرهن أن يصلحن من شأن
فاطمة في حجرة أم سلمة، وابتدأتهن أم سلمة بالرجز أمام فاطمة لما
زفت.
فانظر وقارن بين أم سلمة ما ذا قالت في حق خديجة لما أثنى عليها
النبي ص وما ذا قالته بعض أزواجه لما اثنى على خديجة فقالت وما كانت
خديجة، وقد أبدلك الله خيرا منها.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت:
لما سار علي إلى البصرة دخل على أم سلمة زوج النبي ص يودعها فقالت سر
في حفظ الله وفي كنفه فوالله انك لعلى الحق والحق معك ولولا أني أكره ان
اعصي الله ورسوله فإنه امرنا ان نقر في بيوتنا لسرت معك ولكن والله
لأرسلن معك من هو أفضل عندي وأعز علي من نفسي ابني عمر. وقال
صحيح على شرط الشيخين ولم يتعقبه الذهبي في التلخيص. وبسنده
عن أبي سعيد التيمي عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: كنت مع علي يوم
الجمل فلما رأيت عائشة واقفة دخلني بعض ما يدخل الناس فكشف الله
عني ذلك عند صلاة الظهر فقاتلت مع أمير المؤمنين فلما فرع ذهبت إلى
المدينة فاتيت أم سلمة فقلت اني والله ما جئت أسال طعاما ولا شرابا ولكني
مولى لأبي ذر فقالت مرحبا فقصصت عليها قصتي فقالت أين كنت حين
طارت القلوب مطائرها قلت إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال
الشمس قالت أحسنت سمعت رسول الله ص يقول علي مع القرآن والقرآن
مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. هذا حديث صحيح الاسناد وأبو
سعيد هو عقيصاء ثقة مأمون ولم يخرجاه يعني مسلما والبخاري.
وروى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي عبد الله الجدلي قال
دخلت على أم سلمة فقالت لي أ يسب رسول الله ص فيكم؟ قلت سبحان
الله أو معاذ الله، قالت سمعت رسول الله ص يقول من سب عليا فقد
سبني. وأبو عبد الله الجدلي واسمه عتبة بن عبد كان ساكنا في الشام فلهذا
قالت له أم سلمة ذلك. وكانت فقيهة عارفة بغوامض الأحكام الشرعية
حتى أن جابر بن عبد الله الأنصاري كان يستشيرها ويرجع إلى رأيها، فقد
ذكر ابن الأثير في حوادث سنة ٤٠ انه لما ارسل معاوية بسر بن أبي أرطاة في
ثلاثة آلاف حتى قدم المدينة ارسل إلى بني سلمة والله ما لكم عندي أمان
حتى تأتوني بجابر بن عبد الله فانطلق جابر إلى أم سلمة زوج النبي ص
فقال لها ما ذا ترين ان هذه بيعة ضلالة وقد خشيت ان اقتل، قالت ارى
ان تبايع. وفي رواية الكلبي ولوط بن يحيى التي حكاها ابن أبي الحديد في
شرح النهج ان أم سلمة قالت لجابر: اذهب فبايع، وقالت لابنها عمر
اذهب فبايع. وفي رواية إبراهيم بن هلال الثقفي التي نقلها ابن أبي الحديد
أيضا ان جابرا قال دخلت على أم سلمة فأخبرتها الخبر فقالت يا بني انطلق
فبايع، احقن دمك ودماء قومك، فاني قد امرت ابن أخي ان يذهب
فيبايع، واني لأعلم انها بيعة ضلالة.
هند بنت زيد بن مخربة الأنصارية الكوفية.
كانت شاعرة وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات الكبير
كانت شيعية وقالت حين سير بحجر بن عدي الكندي إلى معاوية:
ترفع أيها القمر المنير * ترفع هل ترى حجرا يسير
يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الخبير
تجبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير
وأصبحت البلاد له محولا * كان لم يحييها يوما مطير
الا يا حجر حجر بني عدي * تلقتك السلامة والسرور
أخاف عليك ما اردى عديا * وشيخا في دمشق له زئير
فان تهلك فكل عميد قوم * إلى هلك من الدنيا يصير
هند بن عمرو الجملي المرادي.
قتل مع علي ع يوم الجمل بالبصرة سنة ٣٦.
قال أمير المؤمنين ع من يحمل على الجمل؟ فانتدب له هند
فاعترضه عمارة بن يثري فاختلفا ضربتين فقتله ابن يثري وقتل بعده
علباء بن الحارث وابن صوحان العبدي وقال:
انا لمن ينكرني ابن يثري * قاتل علباء وهند الجملي
وابن لصوحان على دين علي
السيد هيبة بن خلف المشعشعي.
ولي الحويزة بعد عزل السيد فرج الله عنها فوصل بهبهان فاركب
السيد فرج الله خيلا على الدورق ونهب بلدها وربضها وكارون وجميع
نواحيه واتاه خبر هيبة فاركب عليه جميع العسكر إلى بهبهان فهرب هيبة
فنهب بهبهان وتسلطت الأباش من العسكر على اعراض الناس ووصل
السيد هيبة شوشتر خائفا يترقب وجاءت إليه آل كثير وتفرق الناس عن فرج
الله، واما السيد هيبة فحين وصل خرب امره لأنه كبير السن فخرج الامر
(٢٧٢)

من يده بالكلية وتسلمته الأوباش فركب عليه السيد فرج الله وهزمه إلى
القلعة ونهبت داره ووقعت حروب وفتن، ثم عين لولاية الحويزة السيد علي
خان مؤلف تاريخ الصفوية الذي ذكرناه في موضع آخر وجاءه الفرمان من
السلطان حسين الصفوي بتاريخ سنة ١١١٢ ثم حبس بالقلعة ثم صدر
الامر من الشاة حسين بنقله من القلعة إلى المشهد الرضوي في جمادى الثانية
سنة ١١٢٠ ورخص له بالحج سنة ١١٢٢ فحج ثم ورد العراق فجاءته
رسالة من ابن عمه المولى عبد الله والي الحويزة يطلب مجيئه فذهب ودخل
البلاد في رجب سنة ١١٢٤ وبقي واليا إلى سنة ١١٢٨.
الهيثم بن الخليل.
في المحاسن والمساوي للبيهقي: حدث الهيثم بن الخليل الشيعي
وكان موكلا بحبس البرامكة من قبل هرثمة بن أعين الخبر.
الهيثم بن عبد الله النهدي.
ويكنى عبد الله بأبي مسروق العلامة والنجاشي قريب الامر وزاد
النجاشي له كتاب النوادر وصحح العلامة طرقا هو فيها الكشي حمدويه
عن أصحابنا انه فاضل.
الهيثم بن عبد الله أو عبيد الله أو ابن عبيد الشيباني الكوفي العربي
النجاشي له كتاب ذكره سعد بن عبد الله في الطبقات الشيخ
في زجال الصادق ع أسند عنه وله كتاب وفي نوادر الشهادات من
الفقيه عن أبي كهمس أنه قال تقدمت إلى شريك في شهادة لزمتني فقال لي
كيف أجيز شهادتك وأنت تنسب إلى ما تنسب قلت فما هو قال الرفض قال
فبكيت ثم قلت نسبتني إلى أقوام أخاف ان لا أكون منهم فأجاز شهادتي.
ووقع مثل ذلك لابن أبي يعفور ولفضل بن سكرة ووقع نظيره لأبي كريبة
ومحمد بن مسلم فيما رواه الكشي بسند معتبر انهما شهدا عند شريك فنظر
في وجهيهما مليا ثم قال جعفريان فاطميان فبكيا فقال ما يبكيكما قالا نسبتنا
إلى أقوام لا يرضون بأمثالنا ان نكون من اخوانهم لما يرون من سخف ورعنا
ونسبتنا إلى رجل لا يرضى بأمثالنا ان يكونوا من شيعته فان تفضل وقبلنا فله
المن علينا والفضل، فتبسم شريك ثم قال إذا كانت الرجال فلتكن
بأمثالكم يا وليد اجزهما هذه المرة.
وروى الكشي أيضا بسند معتبر عن أبي كهمس ان الصادق ع
أرسله برسالة إلى ابن أبي ليلى حين رد شهادة محمد بن مسلم وأمره ان يسأله
عن ثلاث مسائل لا يفتي فيها بالقياس ولا بقول: قال أصحابنا فإذا لم يكن
عنده فيها شئ قال له يقول لك جعفر بن محمد ما حملك على أن رددت
شهادة رجل اعرف باحكام الله منك واعلم بسيرة رسول الله ص وانه وأتاه
وسأله عنها فلم يكن عنده فيها شئ. فقال له ما امره ع به فقال
والله ان جعفر بن محمد قال لك هذا فقلت والله ان جعفر قال هذا،
فأرسل إلى محمد بن مسلم فشهد عنده تلك الشهادة فأجاز شهادته.
انتهى حرف الهاء
حرف الواو
وائل بن حجر الكندي الحضرمي.
في شرح الشفا لملا علي القاري وائل يهمز كقائل وقول الحلبي بالمثناة
التحتية قبل اللام في غير محله لأنه بناء على ما قبل اعلاله انتهى
والكندي بكسر الكاف نسبة إلى كندة قبيلة باليمن والخضرمي نسبة إلى
حضرموت. وفي شرح الشفا للقاري رأيت الحلبي صرح بان وائل بن
حجر كان من ملوك حمير الكندي الصحابي شهد مع علي في صفين وكانت
معه راية حضرموت بشر النبي ص به قبل قدومه عليه ثم قدم فأسلم برحب
به وأدناه من نفسه وقرب محله وبسط له رداءه وأجلسه عليه ودعا له بالبركة
ولولده ولولد ولده وولاه على أقيال حضرموت وأرسل معه معاوية بن أبي
سفيان فخرج معه معاوية راجلا ووائل على ناقته راكب فشكا إليه معاوية
حر الرمضاء فقال انتعل ظل الناقة فقال وما يغني ذلك عني لو جعلتني ردفا
قال له اسكت فلست من ارداف الملوك. ثم عاش وائل بن حجر حتى ولي
معاوية فدخل عليه فعرفه معاوية وأذكره بذلك واجازه لوفوده عليه فابى من
قبول جائزته وقال يأخذه من هو أولي به مني فانا عنه في غنى انتهى.
القيل أبو هنيدة وائل بن حجر بن سعد بن مسروق الحضرمي الصحابي.
ذكر الخطيب في تاريخه انه نزل الكوفة واعقب بها وورد المدائن في
صحبة علي ع حين خرج إلى صفين وكان على راية حضرموت يومئذ.
السيد الواثق بالله بن أحمد بن الحسين الحسيني الجبلي.
فقيه مناظر صالح كان غير إمامي قرأ على الشيخ المحقق رشيد الدين
عبد الجليل فاستبصر قاله منتجب الدين بن بابويه في فهرسته وذكره في أمل الآمل
في القسم الثاني المعد لغير علماء جبل عامل بناء على أن الجبلي نسبة
إلى بلاد الجبل همذان وما والاها ولكن في تكملة أمل الآمل انه وهم في
ذلك وان الجبلي في لسان صاحب المنتخب وأمثاله هو العاملي لا المنسوب إلى
بلاد الجبل في علم الرجال والتاريخ، أعني بلدة همذان وأمثالها فتأمل
انتهى ونحن لم يظهر لنا ما يدل على أن الجبلي في لسانه هو العاملي والله أعلم.
الشيخ واجد علي الهندي.
له مطلع العلوم ومجمع الفنون في مجلدين مطبوع وهو كتاب نفيس
نظير نفس المهموم.
الواقدي
اسمه محمد بن عمر.
الوادعي
اسمه علي بن المظفر.
الواسطي شاعر أهل البيت ع.
هو أبو نصر بن طوطي الواسطي المتقدم فيما بدئ باب وهو من
القدماء، والواسطي المتأخر هو الشيخ علي بن حماد الواسطي وابنه الشيخ
حسين.
ملا وحيدة النائحة النجفية.
توفيت بالنجف سنة ١٣٥٦.
كانت تنوح على الحسين ع وعلى الأموات في مجالس النساء
وكانت ممتازة بين أبناء صنعتها بارعة في انشاء الرثاء الزجلي باللسان العامي
تقوله ارتجالا فيجئ في أعلى الطبقات وتصف الشخص بما فيه ولها مراث
كثيرة زجلية في الحسين ع باللسان العامي مطبوعة. وكانت لها عصابة
(٢٧٣)

يضرب بها المثل ومن قولها في بعض وجهاء النجف وقد قتل في وقعة بين
الزكرت والشمرت مما أنشأته في مجلس النوح:
منين أجتك هذه الطرقاعه * يا صخر مرمر صعب مشلاعه
يا صخر مرمر صعب ما ينشلع * ما حلا لي على التفك مثلك جرع
صواب ابن كيوان هلحدر الضلع * وأنت بو جاسم يسم الساعة
بدر الدين الشريف ودي بن جماز بن شيحة الحسيني أمير المدينة النبوية في
الدرر الكامنة: ذكره الشهاب بن فضل الله وانشد له شعرا مقبولا كتب به
إليه وهو في الحبس سنة ٧٢٩ أوله:
أيا ابن الكرام الطيبين بني عمر * ومن بهم في الجدب يستنزل المطر
ومن لهم في فضلهم ولجدهم * ضجيج النبي المصطفى حسن السير
وكان السلطان قبض عليه ثم اطلقه بعد مدة.
وداعة بن أبي زيد الأنصاري.
شهد صفين مع علي ع هو واخوه بشير حكاه في الاستيعاب
عن الكلبي في ترجمة بشير.
وكيع.
عده ابن رستة في الاعلاق النفيسة من الشيعة.
ميرزا وقار ابن ميرزا وصال الشيرازي.
من أدباء الفرس المشهورين له قصائد كثيرة بالفارسية في مدح النبي
ص ورثاء الحسين ع وغير ذلك، رأينا قطعة من شعره مخطوطة في
كرمانشاه.
الوزير المهبلي.
هو أبو محمد الحسن بن محمد المهبلي وزير معز الدولة بن بويه.
السيد ولاية علي صاحب الغازييوري.
توفي بالحائر ١٧ ربيع الثاني سنة ١٦٩٦.
وله كتاب آب ونمك مثنوي فارسي أخلاقي مطبوع.
الورد بن زيد الأسدي.
توفي في حدود سنة ١٤٠.
هو أخو الكميت الأسدي ورد على الباقر ع ومدحه، ففي كتاب
مقتضب الأثر لأحمد بن محمد بن عياش عن علي بن عبد الله النحوي عن
علي بن محمد بن سنان عن محمد بن زياد بن عقبة قال: انشدنا جماعة من
الأسديين منهم مشمعل بن سعد الناشري للورد بن زيد أخي الكميت
الأسدي وقد وفد على أبي جعفر الباقر ع يخاطبه ويذكر وفادته إليه
وهي:
يا خير من حملت أنثى ومن وضعت * به إليك غدا سيري وايضاعي
أ ما بلغتك فالآمال بالغة * بنا إلى غاية يسعى لها الساعي
من معشر شيعة لله ثم لكم * صور إليكم بابصار واسماع
دعاة نهي وامر عن أئمتهم * يوصي بها منهم واع إلى واعي
لا يسامون دعاء الخير ربهم * ان يدركوا فيلبوا دعوة الداعي
أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي البحتري.
ولد بمنبج سنة ٢٠٦ ومات سنة ٢٨٤.
قال الآمدي في الموازنة: كان يكنى أبا عبادة ولما دخل العراق تكنى
أبا الحسن ليزيل العنجهية والاعرابية ويساوي في مذاهبه أهل الحاضرة
ويقرب بهذه الكنية إلى أهل النباهة والكتاب من الشيعة، وقد ذكر بعضهم
انه كان يكنى أبا الحسن وانه لما اتصل بالمتوكل وعرف مذهبه عدل إلى أبي
عبادة والأول أثبت.
وقال اليافعي: كان البحتري أمير شعراء عصره ورئيس فصحاء
دهره وشعره يقال له سلسلة الذهب وهو في الطبقة العليا، ولد بمنبج ونشأ
بها ورحل إلى بغداد ومدح خلفاء وقته ووزراء عصره وأمراء زمانه كما هو
ظاهر في ديوانه وأقام بالعراق مدة طويلة ثم عرج إلى الشام واجتمع مع أبي
تمام بحمص في أول امره قبل شهرته ومعروفيته، واستفاد منه وكتب في
إكرامه إلى أهل معرة النعمان فأكرموه وأعطوه أربعة آلاف درهم وهي أول
إنعاشه.
تشيعه
قال عبد الجليل الرازي أستاذ ابن شهرآشوب المازندراني: البحتري
من شعراء الشيعة وكان خصيصا بدعبل الخزاعي ومن أصدقائه كما في كتاب
اكتفاء القنوع وغيره، ذكر ذلك في ترجمة البحتري. وخلوص دعبل في
التشيع مشهور واكرام أبي تمام للبحتري أيضا كذلك. ويظهر من الشيخ
أبي عبد الله أحمد بن عياش في كتابه مقتضب الأثر في امامة الأئمة الاثني
عشر ان البحتري وأبي الغوث الطهوي كانا في عصر واحد، وكانا من
الشيعة الاثني عشرية، لكن البحتري يمدح الملوك وأبي الغوث يمدح آل
الرسول، وذكر قصيدة لأبي الغوث في مدح الأئمة من آل محمد الاثني
عشر، قال كان البحتري أبو عبادة ينشدها وتلك القصيدة لا يمكن ان
ينشدها الا من كان من الامامية لان من جملتها قوله:
ينابيع علم الله أطواد دينه * فهل من نفاد ان علمت لأطواد
نجوم متى نجم خبا مثله بدا * فصلى على الخابي المهيمن والبادي
عباد لمولاهم موالي عباده * شهود عليهم يوم حشر وإشهاد
هم حجج الله اثنتي عشرة متى * عددت فثاني عشرهم خلف الهادي
بميلاده الأنباء جاءت شهيرة * فاعظم بمولود وأكرم بميلاد
وهي طويلة كتبنا منها موضع الحاجة إلى الشاهد:
وللبحتري في هجو علي بن الجهم نديم المتوكل أبيات يعنفه على نصبه
مذكورة في ديوانه المطبوع بالجوائب وغيره وما حركه على ذلك الا التشيع
منها قوله:
إذا ذكرت قريش للمعالي * فلا في العير أنت ولا النفير
وما رعثانك الجهم بن بدر * من الأقمار ثم ولا البدور
لأية حالة تهجو عليا * بما لفقت من كذب وزور
وله أيضا في هجاء ابن الجهم المذكور وهي أيضا في الديوان:
يا سوأة من رأيك العازب * وعقلك المستهتر الذاهب
ان وقفت سوقك أو أكسدت * بضاعة من شعرك الخائب
أنحيت كي تنفقها زاريا * على علي بن أبي طالب
قد آن ان يبرد معناكم * لولا لجاج القدر الغالب
(٢٧٤)

فتأمل هذا البيت الأخير:
ومما يمكن ان يستدل به على تشيعه قوله في المنتصر وقد أحسن إلى
العلويين ووصلهم على عكس أبيه من قصيدة:
رددت المظالم واسترجعت * يداك الحقوق لمن قد قهر
وآل أبي طالب بعد ما * أذيع بسربهم فابذعر
ونالت أدانيهم جفوة * تكاد السماء لها تنفطر
وصلت شوابك أرحامهم * وقد اوشك الحبل ان ينبتر
فقربت من حظهم ما نأى * وصفيت من شربهم ما كدر
وأين بكم عنهم واللقاء * لا عن ثناء ولا عن عفر
قرابتكم بل أشقاؤكم * واخوتكم دون هذا البشر
ومن هم وأنتم يدا نصرة * وحدا حسام قديم الأثر
يشاد بتقديمكم في الكتاب * وتتلى فضائلكم في السور
وان عليا لأولى بكم * وأزكى يدا عندكم من عمر
وكل له فضله والحجول * يوم التفاضل دون الغرر
وقوله من قصيدة:
كنا نكفر من أمية عصبة * طلبوا الخلافة فجرة وفسوقا
ونقول تيم قربت وعديها * أمرا بعيدا حيث كان سحيقا
ونلوم طلحة والزبير كليهما * ونعنف الصديق والفاروقا
وهم قريش الأبطحين إذا انتموا * طابوا أصولا فيهم وعروقا
حتى انبرت جشم بني بكر تبتغي * أرث النبي وتدعيه حقوقا
وهجاؤه علي بن الجهم الهجاء المقذع لهجوه عليا ع كما
مر فان ذلك إذا تأملت لا يصدر إلا من شيعي ولم نر من هجاه لذلك من
الشعراء غير البحتري. أما هجاؤه لأحمد بن صالح وولده بما لعله يرجع
إلى التشيع كما في ديوانه فلعله كان لبعض حالات الشعراء الذين لا يبالون
ما يقولون في هجو من يغيظهم أو يمنعهم، أما تألمه على المتوكل بعد موته
مع نصبه فلاحسانه العظيم إليه وعدم عراقة الشعراء في الدين إلا من قل.
شاعريته
قال الأستاذ رئيف خوري: إذا جاز فك العناصر التي لا بد منها
لتتميم قوام الشعر، فإننا نجد على الأقل أربعة من هذه العناصر:
الصورة والعاطفة والفكرة والجرس الموسيقي. وقد يغلب، بل كثيرا ما
يغلب أحد هذه العناصر على شعر شاعر فإذا جاءت الغلبة للصورة كان
الشاعر وصافا، وإذا جاءت للعاطفة كان شاعر حسن. وإذا جاءت
للفكرة كان شاعر تأمل وجهد عقلي. وإذا جاءت للجرس الموسيقي كان
شاعر نغم وإيقاع.
وليس ثمة جدال في أن عنصر الجرس الموسيقي هو عنصر جد
ضروري للشعر. بل لعله أهم عناصر الشعر الفارقة ولا سيما ما كان شعرا
غنائيا. وبرهان ذلك أننا قد نجد من النثر ما لا يقل حظه من الصورة
والعاطفة والفكر عن حظ الشعر. لكنه يبقى أدنى إلى النثر لأنه فاقد الوزن
والقافية وهما رأس الوسائل التي بها يتوسل الشعر إلى الموسيقي. ولولا ما
يجلبان للشعر من جرس موسيقى رقيق أو فخم رائع لما كان من سبب لأن
يقيد بهما الشاعر نفسه.
فإذا صح ما قدمناه وهو على الجملة صحيح لاجتماع أكثر الآراء
عليه. ثم إذا نظرنا في ضوء ما قدمناه إلى الحكم الذي أطلقه ابن الأثير على
البحتري. رأينا النقادة الشهير يحبس ميزة البحتري في خاصيتين قرن
إحداهما بالأخرى. أولا: أن أبا عبادة أحسن سبك اللفظ على المعنى،
أي: توافقت عباراته ومعانيه، وثانيا: أنه أراد أن يشعر فغنى، أي:
غلب عنصر الجرس الموسيقي في شعره على كل عنصر آخر في الشعر من
صورة وعاطفة وفكرة.
فهل أصاب ابن الأثير في حكمه هذا على شاعرنا البحتري؟.
أما ان البحتري أحسن سبك اللفظ على المعنى فامر لا سبيل إلى
الشك فيه. نستطيع أن نلمس ذلك ونتحراه في الألفاظ المفردة التي ينتقيها
أبو عبادة، وفي الجمل التي يصوغها من ألفاظه، ثم في صور التعبير التي
تدور في كلامه.
وأهم صفة تتحلى بها ألفاظ البحتري المفردة أنها فصيحة مانوسة في
الفهم، عذبة سائغة في السمع والنطق، منزهة عن الابتذال، مبرأة من
الغلظة والوحشية، وتلك صفة تشيع في ألفاظه حتى في الطور الأول من
حياته حين كان بمنبج وجوارها يعيش عيشة أقرب إلى البداوة وخشونة
الذوق البدوي. في هذا الطور من حياته وصف أبو عبادة الذئب وقتاله معه
فكان قمينا في مثل هذا الموقف أن يستعمل من الألفاظ أعوصها وأجفاها،
ولكنه لم يفعل.
قال مثلا يصور ضعف الذئب وهزاله:
له ذنب مثل الرشاء يجره ومتن كمتن القوس أعوج مناد
طواه الطوى ثم استمر مريره فما فيه إلا العظم والروح والجلد
فليس في هذا الشعر لفظ يجهله من أصاب من العربية قسطا حتى
قوله: الرشاء الحبل ومناد منحن والطوى الجوع واستمر مريره
تشدد بعد وهن.
ولقد قويت هذه الصفة في ألفاظ البحتري في الطور الثاني من حياته
حين انتقل إلى ضفاف دجلة، فاحتك بمتارف الحضارة ومباهج الطبيعة في
العاصمتين العباسيتين: بغداد وسامراء. فازدادت ألفاظه أنسا في الفهم
وانسياغا في السمع والنطق وتنزها عن الابتزال وتبرءا من الغلظة
والوحشية. بل طبعت ألفاظه بطابع جديد لم يكن لها من قبل، هو طابع
الأناقة والصقل والرونق.
وحسبنا هذه الأبيات له في وصف الربيع:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا * من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النوروز في غلس الدجى * أوائل ورد كن بالأمس نوما
يفتقها برد الندى فكانه * يبث حديثا كان أمس مكتما
ثم هذه الأبيات في وصف بركة المتوكل:
تنصب فيها وفود الماء معجلة * كالخيل خارجة من حبل مجريها
كأنما الفضة البيضاء سائلة * من السبائك تجري في مجاريها
فحاجب الشمس أحيانا يضاحكها * وريق الغيث أحيانا يباكيها
إذا النجوم تراءت في جوانبها * ليلا حسبت سماء ركبت فيها
(٢٧٥)

فاعجب لحسن الاختيار في قوله الربيع الطلق ويفتقها برد
الندى وتنصب فيها وفود الماء وريق الغيث، بل انظر في هذه
الأبيات كلها هل يمكن استبدال لفظ منها بلفظ أظهر اناقة وانعم صقلا
وأبهى رونقا.
على أن براعة البحتري في انتقاء مفرداته ما كانت لتغنيه لولا أنه برع
كذلك في صياغة جملة من هذه الألفاظ فعل الصانع الماهر الذي لا يكتفي
بان يجيد اختيار الجواهر للعقد بل يجيد كذلك نظمها وتركيبها في السلك،
فيراعي النسب بين جوهرة وأخرى ويتحاشى التنافر بينها ويصوع منها عقدا
منسجما، لكن عند هذا الحد يجب أن تنتهي المقايسة بين الشاعر الذي أداته
الألفاظ والصائغ الذي أداته الجواهر ذلك أن الشاعر لا يكفيه أن يراعي
النسب بين ألفاظه ولا أن يتحاشى التنافر بينها ولا أن يصوع منها نظما
بل عليه وهو يجمع اللفظ إلى اللفظ أن يديم الالتفات إلى المعنى، إذ لا
قيمة للكلام مهما حسنت مفرداته وائتلفت مخارجها في النطق وطابت مواقعها
في السمع إلا أن يستقيم لها معنى مقصود تناديه فيلبيها.
ومن هذا الوجه أيضا نلقى البحتري صائغا متقنا. فهو لا يقتصر
على مراعاة النسب بين ألفاظه لكي ينفي التنافر والثقل عن تركيب جمله،
بل يتعدى ذلك إلى مراعاة النسب بين تلك الجمل والمعاني التي يختصها
بالقصد.
وأبرز الصفات التي تتحلى بها جمل البحتري من حيث صلتها بالمعنى
أنها واضحة مشرقة قلما يكلفك فهمها كدا أو عناء. ومرد ذلك إلى أن أبا
عبادة يقصر جمله ولا يحشوها بالمعترضات ولا يسرف في حذف أو تقديم أو
تأخير، وإنما يذكر كل ما يرى ذكره يزيد في وضوح العبارة، ويجعل كل
قسم من أقسام الجملة في موقعه المألوف، فالفعل في حيث يجب أن يكون
الفعل، والفاعل بعد الفعل، وكذلك المبتدأ والخبر على ترتيبهما المعتاد
الخ... حتى جاء في كتاب يتيمة الدهر للثعالبي:
إن شعر البحتري كتابة معقودة بالقوافي والمراد بذلك أن البحتري
قد ملك ناصية النظم بقدر لو شئنا معه أن نحل شعره من قيد الوزن
والقافية فنجعله نثرا لما وجدنا سبيلا إلى تحويل الكلام عن صورته الأولى
بحذف قسم من أقسام الجملة أو تقديمه أو تأخيره. وإليك مثلا قوله في
وصف الخريف:
لاحت تباشير الخريف وأعرضت * قطع الغمام وشارفت أن تهطلا
وقوله في وصف موكب المتوكل يوم عيد الفطر:
فالخيل تصهل والفوارس تدعي * والبيض تلمع والأسنة تزهر
ثم قوله في مدح التواضع:
تواضع من مجد له وتكرم * وكل عظيم لا يحب التعظما
فتأمل، هل ترى الوزن والقافية قد كلفا الشاعر خروجا عما هو
المألوف في كتابة أسهل النثر وأسلسله، ثم تأمل هل ترى أنصع بيانا من
هذا الكلام الذي يوشك أن يهجم معناه على ذهنك قبل أن تصل أصداؤه
إلى أذنك.
وإن حرص البحتري على هذا الوضوح والصفاء والتأنق في سبكه
اللفظ على المعنى، لماثل أيضا في اجتنابه صور التعبير الغامضة أو البعيدة.
فتراه قريب التشابيه صريح الكنايات داني الاستعارات، ولا يعسف عسفا
في طلب المجاز أو البديع شأن أبي تمام مثلا في الكثير من مواقفه.
فاسمع أبا عبادة يصف لك منظر جبال لبنان من دمشق:
تلفت من عليا دمشق ودوننا * للبنان هضب كالغمام المعلق
شبه الجبال اللبنانية بالسحب البيضاء المعلقة بالفضاء وهو تشبيه
مستملح يدرك في غير مؤونة ولا ارهاق خاطر.
واسمعه في المقطع الذي وصف به قتاله مع الذئب يكنى عن قلب
الذئب هذه الكناية اللطيفة التي لا يحتاج في فهمها إلى مشقة ولا إعنات:
فاتبعتها أخرى فأضللت نصلها بحيث يكون اللب والرعب والحقد
يقول أنه سدد إلى الذئب نبلة أخرى فغاصت عميقا في موضع اللب
منه والرعب والحقد، أي: القلب. وكذلك أسمعه يستعير النوم واليقظة
للورود التي كانت أكماما فتفتحت في عيد النوروز:
وقد نبه النوروز في غلس الدجى * أوائل ورد كن بالأمس نوما
وهي استعارة تبلغ الغاية في الطبيعة والابداع، ثم أسمعه يأتيك بهذا
المجاز الرائق المحبب إذ يجعل الصبا توفي نذورا حين تهب صباح مساء على
القصر الجعفري بعد مصرع صاحبه المتوكل:
كان الصبا توفي نذورا إذا انبرت * تراوحه أذيالها وتباكره
وهكذا يتبين لك أن البحتري لا يلتمس إلا كل صورة شفافة رائعة
من صور التعبير. كما تبين لك من قبل أنه لا يقبل من مفردات اللفظ إلا
على المأنوس المنقح الأنيق، ولا يعول من الجمل إلا على الواضح المشرق.
ولهذا لقبه ابن رشيق صاحب كتاب العمدة بأنه شيخ الصناعة الشعرية،
ونعت النقاد شعره بسلاسل الذهب، وضربوا المثل بالديباجة البحترية
أي: جمال النسج في كلامه. ولهذا أيضا شهد له ابن الأثير بحق أنه أحسن
سبك اللفظ على المعنى.
ولكن ابن الأثير قرن هذه الخاصية في البحتري بخاصية أخرى هي
أنه أراد أن يشعر فغنى. بل الأصح أن نقول أن النقادة الشهير إنما أثبت
الخاصية الأولى عند البحتري كالتمهيد لخاصيته الثانية وهي أن أبا عبادة
شاعر أجمل ما في شعره عنصر الجرس الموسيقي. فهل نرى ابن الأثير
انصف أبا عبادة في حكمه هذا حين جعل بالنتيجة مدار الجمال في شعره
على النغم والإيقاع، فقال أنه أراد أن يشعر فغنى، ثم أعاد الكرة فقال:
هو على الحقيقة قبة الشعراء في الاطراب.
الواقع أننا حين نطلب الفكرة في شعر البحتري لا نلبث أن نجد
حظه منها عاديا مألوفا. فليس في معانيه غوصات تأمل وجهد عقلي كالتي
نجدها عند الشعراء المثقفين كابي نواس وأبي تمام وابن الرومي والمتنبي
وسبب ذلك أن البحتري وهو البدوي النشأة لم يتوفر له قسط كبير من
الثقافة إلا فيما يتصل بآلة اللغة. يضاف إلى ذلك أنه لم يكن واسع
المطامح، وقد وفق من طريق شعره إلى حياة خاصة أبعد ما تكون عن
(٢٧٦)

الحرمان حتى قال فيه ابن رشيق: فاض كسبه من شعره، وكان يركب في
موكب من عبيد. وهذا الضيق في مطامحه، وما صادف من التوفيق في
حياته الخاصة، ما كانا ليثيراه إلى غوص وإلى عمق تحليل. ثم لا شك في
أن الجو الذي أحدثه المتوكل باضطهاد المعتزلة، والدعوة إلى ترك المناقشة
والتفلسف، قد كان له أثره فيما نلمسه من سطحية البحتري في أكثر
معانيه. ودليلنا على ذلك أنه شاء في آخر حياته أن يتفلسف فقال في
رثائه لأحد أصدقائه:
ولم أر كالدنيا حليلة وامق * محب متى تحسن بعينيه تطلق
تراها عيانا وهي صنعة واحد * فتحسبها صنعي حكيم واخرق
شبه الدنيا بزوجة رجل تطلق حين يشتد كلفه بها وشغفه، أراد أن
الإنسان كلما تعلق بالدنيا أفلتت من يديه ودفعت به نحو القبر. ثم زعم أن
الدنيا وإن ظهرت من صنع خالق واحد فان فيها من التفاوت والاختلاف ما
يحمل على الاعتقاد بأنها من صنع خالقين اثنين أحدهما حكيم والآخر
أحمق. فما كان من خصوم البحتري إلا أن اتهموه بالقول بالهين: إله خير
وإله شر، على مذهب الزرادشتية الفارسية، ولاقت هذه التهمة رواجا في
العامة حتى اضطر الشاعر إلى الخروج من بغداد هاربا أو كالهارب إلى بلده
منبج حيث قضى نحبه.
وإذا لم يكن للبحتري استعداد يخوله إن يكون شاعر فكرة، ولا كان
المناخ العقلي في عصره وبيئته ليصرف رجلا مثله إلى سبر الأغوار والتفتيش
عن المعاني، فيتعرض لغضب السلطان أو سخط العوام.
فاما الصورة فقد كان نصيب أبي عبادة منها قيما نفيسا. فهو معدود في
الشعراء الواصفين وله أجادات مرموقة في وصف الآثار العمرانية والمشاهد
الطبيعية، من مثل السينية التي وقف بها على إطلال إيوان كسرى في
المدائن، واللامية في القصر الكامل الذي بناه الخليفة المعتز. واليائية
الهائية في بركة المتوكل. والميمية في الربيع. ومع هذا يجب الاعتراف بان
أوصافه جلها حسي يتعلق بظاهر الموصوفات، وجلها إجمال قليل الحظ من
الدقة في تصوير الملامح وتحريها.
غير إننا حين نلتفت شطر العاطفة عند البحتري توشك أن ترتد إلى
مثل ضؤولة نصيبه من الفكرة إلا في بعض قصائد كالتي رثى بها المتوكل
غب مصرعه بأيدي الجند الأتراك، فان فيها من صدق اللوعة والجسارة على
قتلة المتوكل وعلى ولي عهده ما يجعلها رائعة من روائع الرثاء، وحجة
للبحتري رغم تذبذبه على أنه كان قمينا بجمال الوفاء.
وهكذا ترانا إذا استثنينا حظ البحتري من إجادة الصورة، وعرفنا له
بعض لمحات دالة على قوة العاطفة، نجد أن حكم ابن الأثير كان صحيحا
حين جعل أجمل ما في شعر أبي عبادة عنصر الجرس الموسيقي. فهو العنصر
الذي يمتاز به البحتري حقا، وأكبر الظن أن البحتري كان مدركا لشعره
ميزته العليا هذه، فكان يباهي الناس مباهاة في إنشاده لعلمه أن الإنشاد
يسبغ على شعره عذوبة وطلاوة، ويجد له رونقا يضيع إذا قرئ قصيدة
قراءة صامتة.
ولنضرب لنا مثلا. قال البحتري يتغزل بعلوة القينة الحلبية التي
عرفها في صباه ثم اتخذها عروسا لشعره يذكرها في مطالع الغزل التقليدي
التي يمهد بها للمدح:
عذيري فيك من لاح إذا ما * شكوت الحب حرقني ملاما
فلا وأبيك ما ضيعت عهدا * ولا قارفت في حبيك ذاما
ألام على هواك وليس عدلا * إذا أحببت مثلك أن الاما
لقد حرمت من وصلي حلالا * وقد حللت من هجري حراما
أعيدي في نظرة مستثيب * توخى الاجر أو كره الاثاما
ترى كبدا محرقة وعينا * مؤرقة وقلبا مستهاما
فليس يستطيع متذوق للشعر ينشد هذه الأبيات إلا أن يجد لها وقعا
حلوا في نفسه. فإذا فتش عن مبعث هذه الحلاوة لم يمكنه أن يجده في معنى
نادر ولا وصف ساحر ولا شعور باهر. فالفكرة في الأبيات والصورة
والعاطفة كلها متاع مشترك بين قوالي الغزل.
فمن أين إذن، كان ذلك الوقع الحلو الذي نحسه في أنفسنا حين
نردد هذه الأبيات. أنه ناشئ ولا ريب من رشاقتها وحسن رنتها، أي:
الجرس الموسيقي العذب الذي احتواه نظم هذه الأبيات وجلاه لنا
انشادها.
وللبحتري صفة خاصة دقيقة، يعالج بها الجرس الموسيقي ويلينه
ويطوعه لشعره. فهو بالدرجة الأولى شديد الحرس على اللفظ المأنوس
الأنيق وعلى التركيب الشفاف المشرق وعلى صور التعبير القريبة المتناول، مما
أدخلناه في حسن سبكه للفظ على المعنى وظاهر أن أنس اللفظ وأناقته
ووضوح التركيب وإشراقه، وقرب متناول الصور التعبيرية، كل ذلك
خادم لحسن الجرس الموسيقي إذ لا يفسد هذا الجرس شئ كالتعقيد
والتقعير، فتشتغل النفس عندئذ بطلب المعنى عن التلذذ برخامة النغم
والإيقاع.
غير أن أبا عبادة لا يقتصر على هذا القدر من الصنعة في تطويع
الجرس الموسيقي لنظمه بل تراه بارعا مرهف الحس في اجتناب كل نشاز بين
حرف وآخر في اللفظة الواحدة، أو بين لفظة وأخرى في التركيب، فهو لا
يراعي نسب الألفاظ فيما بينها فقط ولا النسب فيما بين الألفاظ والمعنى
فقط، بل يراعي النسب أيضا بين مخارج الحروف وأصواتها ومقاطع
الكلمات وأصدائها:
إلا م على هواك وليس عدلا * إذا أحببت مثلك ان الاما
فهل ترى في هذا النظم حرفا يجاوز حرفا آخرا يتجافى صوتهما، أو
هل ترى كلمة تلاصق كلمة أخرى يتنافى صداهما.
وإلى ذلك يستعمل البحتري فنا من التسجيع في داخل البيت يكسب
نظمه موسيقى مطربة كما في قوله:
ترى كبدا محرقة وعينا * مؤرقة وقلبا مستهاما
وقوله:
اني وإن جانبت بعض بطالتي * وتوهم الواشون اني مقصر
ليشوقني سحر العيون المجتلى * ويشوقني ورد الخدود الأحمر
(٢٧٧)

وقوله في السينية يصف المتحاربين في صورة المعركة بين الفرس
والروم:
من مليح يهوي بعامل رمح * ومشيح من السنان بترس
فذلك التسجيع بين محرقة ومؤرقة ويروقني ويشوقني
ومليح ومشيح قد اعطى الشعر جمال وقع يضيع عند تبديل واحدة
من هذه الألفاظ.
ومع التسجيع يعتمد البحتري كثيرا على جودة التقطيع للكلام في
النظم. واليك مثلا قوله في البائية التي وصف فيها مصارعة الفتح بن
خاقان وزير المتوكل للأسد.
قال: هزبر مشى يبغي هزبرا وأغلب * من القوم يغشى باسل الوجه أغلبا
فأحجم لما لم يجد فيك مطمعا * وأقدم لما لم يجد عنك مهربا
فلم يغنه أن كر نحوك مقبلا * ولم ينجه إن حاد عنك منكبا
حملت عليه السيف لا عزمك انثنى * ولا يدك ارتدت ولا حده نبا
ولا أدل على جودة تقطيع الكلام في هذا النظم من أن نعيد كتابته
على الشكل الآتي:
هزبر مشى يبغي هزبرا،
وأغلب من القوم يغشى باسل الوجه غلبا
فأحجم،
لما لم يجد فيك مطمعا
وأقدم،
لما لم يجد عنك مهربا
. فلم يغنه.
إن كر نحوك مقبلا،
ولم ينجه
إن حاد عنك منكبا!
حملت عليه السيف
لا عزمك انثنى
ولا يدك ارتدت
ولا حده نبا.
وإن أدنى حظ من رهافة الحس الموسيقي ليشهد بما قد أسبغته جودة
تقطيع النظم على هذا الشعر من عذوبة ايقاع.
وخاتمة القول أن ابن الأثير لم يعد الصواب حين جعل ميزة البحتري
العليا أنه أراد أن يشعر فغنى. فلقد ظهر لنا في كل ما تقدم أن أجمل ما بني
عليه شعر البحتري هو الجرس الموسيقي وما يشيعه انشاده من طرب في
اجزاء النفس. وليس يقلل حكم ابن الأثير من علو منزلة البحتري بين
الشعراء العرب. فان ميزة الجرس الموسيقي ليست بالميزة اليسيرة ولا سيما
في الشعر الغنائي، بل لعلها هي الميزة العليا في هذا الضرب من الشعر.
ولكن لا بد من الاقرار بان الجرس الموسيقي الذي يتحلى به نظم
البحتري قليل النصيب من الفخامة والروعة، فهو جرس عذب رقيق
وكفى. أنه قد عدم ذلك العزف الصاخب القوي الذي نجده في شعر
زميله أبي الطيب المتنبي.
من شعره
قال:
طيف لعلوة ما ينفك يأتيني * يصبو إلي على بعد ويصبيني
تصرم الدهر لاجود فيطمعني * فيما لديك ولا ياس فيسليني
ولست أعجب من عصيان قلبك لي * عمدا إذا كان قلبي فيك يعصيني
إما وما احمر من ورد الخدود ضحى * وأحور في دعج من أعين العين
لقد حبوت صفاء الود صائنه * عني وأقرضته من لا يجازيني
هوى على الهون اعطيه وأعهدني * من قبل حبك لا أعطي على الهون
وقال:
شغلان من عذل ومن تفنيد * ورسيس حب طارف وتليد
واما وآرام الظباء لقد نأت * بهواك أرام الظباء الغيد
طالعن غورا من تهامة واعتلى * عنهن رملا عالج وزرود
لما مشين بذي الأراك تشابهت * اعطاف قضبان به وقدود
في حلتي حبر وروض فالتقى * وشيان وشي ربى ووشي برود
وسفرن فامتلأت عيون راقها * وردان ورد جنى وورد خدود
وضحكن فاغترف الأقاحي من ندى غض وسلسال الرضاب برود
نرجو مقابلة الحبيب ودونه * وخد يبرح بالمهارى القود
ومتى يساعدنا الوصال ودهرنا * يومان يوم نوى ويوم صدود
وقال:
هل دين علوة يستطاع فيقتضى * أو ظلم علوة يستفيق فيقصر
بيضاء يعطيك القضيب قوامها * ويريك عينيها الغزال الأحور
تمشي فتحكم في القلوب بدلها * وتميس في ظل الشباب وتخطر
وتميل من لين الصبا فيقيمها * قد يؤنث تارة ويذكر
اني وإن جانبت بعض بطالتي * وتوهم الواشون اني مقصر
ليشوقني سحر العيون المجتلى * ويروقني ورد الخدود الأحمر
وقال:
تناءت دار علوة بعد قرب * فهل ركب يبلغها السلاما
وجدد طيفها عتبا علينا * فما يعتادنا الا لماما
وربت ليلة قد بت اسقى * بعينيها وكفيها المداما
وقد علمت باني لم أضيع * لها عهدا ولم أخفر ذماما
لئن أضحت محلتنا عراقا * مشرقة وحلتها شاما
فلم أحدث لها الا ودادا * ولم أزدد بها الا غراما
وقال:
هذي المعاهد من سعاد فسلم * واسال وإن وجمت ولم تتكلم
لؤم بنار الشوق إن لم تحتدم * وضنانة بالدمع إن لم يسجم
وبمسقط العلمين ناعمة الصبا * حيرى الشباب تبين إن لم تصرم
بيضاء تكتمها الفجاج وخلفها * نفس يصعده هوى لم يكتم
هل ركب مكة حاملون تحية * تهدي إليها من معنى مغرم
رد الجفون على كرى متبدد * وحنى الضلوع على جوى متضرم
إن لا يبلغك الحجيج فلا رموا * في الجمرتين ولا سقوا من زمزم
وقال:
(٢٧٨)

قالت الشيب بدا قلت أجل * سبق الوقت ضرارا وعجل
ومع الشيب على علاته * مهلة للهو حينا والغزل
خيلت أن التصابي خرق * بعد خمسين ومن يسمع يخل
زمن تلعب بي احداثه * لعب النكباء بالرمح الخطل
أكبرت نفسي وكرها أكبرت * أن تلقى النبل من كف الأشل
نطلب الأكثر في الدنيا وقد * نبلغ الحاجة فيها بالأقل
وإذا الحر رأى اعراضة * من صديق صد عنه ورحل
ولقد يكثر من إعوازه * رجل ترضاه من ألف رجل
ومن الحسرة والخسران أن * يحبط الأجر على طول العمل
أصل النزر إلى النزر وقد * يبلغ الحبل إذا الحبل
وصل وقال:
لاحت تباشير الخريف وأعرضت * قطع الغمام وشارفت أن تهطلا
فتروا من شعبان أن وراءه * شهرا يمانعنا الرحيق السلسلا
أحسن بدجلة منظرا ومخيما * والغرد في اكناف دجلة منزلا
وقال:
أ رسوم دار أم سطور كتاب * درست بشاشتها مع الأحقاب
يجتاز زائرها بغير لبانة * ويرد سائلها بغير جواب
ولربما كان الزمان محببا * فينا بمن فيه من الأحباب
أيام روض العيش أخضر والهوى * ترب لآدم ظبائها الأتراب
ترنو فتنقلب القلوب للحظها * مرضى السلو صحائح الأوصاب
وقال في الفضل بن إسماعيل الهاشمي:
صب يخاطب مفحمات طلول * من سائل باك ومن مسؤول
حملت معالمهن أعباء البلى * حتى كان نحولهن نحولي
يا وهب هب لأخيك وقفة مسعد * يعطي الأسى من دمعه المبذول
أ وما ترى الدمن المحيلة تشتكي * غدرات عهد للزمان محيل
إن كنت تنكرها فقد عرف الهوى * قدما معارف رسمها المجهول
تلك التي لم يعدها قصد الهوى * مالت مع الواشين كل مميل
عجلت إلى فض الخمار فاثرت * عذباته بمواضع التقبيل
وتبسمت عند الوداع فأشرقت * إشراقة عن عارض مصقول
أ أخيب عندك والصبا لي شافع * وارد دونك والشباب رسولي
ولقد تأملت الفراق فلم أجد * يوم الفراق على امرئ بطويل
قصرت مسافته على متزود * منه الدهر صبابة وعويل
وإذا الكرام تنازعوا أكرومة * فالفضل للفضل بن إسماعيل
لا تطلبن له الشبيبة فإنه * قمر التأمل مزنة التاميل
قوم إذا عرض الجهول لمجدهم * عطفت عليه قوارع التنزيل
وقال:
بات نديما لي حتى الصباح * أغيد مجدول مكان الوشاح
كأنما يضحك عن لؤلؤ * منظم أو برد أو أقاح
تحسبه نشوان إما رنا * للفتر من اجفانه وهو صاح
بت أفديه ولا ارعوي * لنهي ناه عنه أو لحي لاح
امزج كاسي بجنى ريقه * وانما أمزج راحا براح
يساقط الورد علينا وقد * تبلج الصبح نسيم الرياح
أغضيت عن بعض الذي يتقى * من حرج في حبه أو جناح
سحر العيون النجل مستهلك * لبي وتوريد الخدود الملاح
وقال:
يا عارضا متلفعا ببروده * يختال بين بروقه ورعوده
لو شئت عدت بلاد نجد عودة * فنزلت بين عقيقه وزروده
لتجود في ربع بمنعرج اللوى * قفر تبدل وحشه من غيده
رفع الفراق قبابهم فتحملوا * بفؤاد مختبل الفؤاد عميده
وانا الفداء لمرهف غض الصبا * يوهيه حمل وشاحه وعقوده
قصرت تحتيه فجاد بخده * يوم الوداع لنا وضن بجيده
عبثت به عين الرقيب فلم يدع * من نيله المطلوب غير زهيده
ولو استطاع لكان يوم وصاله * للمستهام مكان يوم صدوده
وقال:
أ أفاق حب من هوى فأفيقا * أم خان عهدا أم أطاع شفيقا
إن السلو كما تقول لراحة * لو راح قلبي للسلو مطيقا
هنا العقيق وفيه مرأى مونق * للعين لو كان العقيق عقيقا
أ شقيقة العلمين هل من نظرة * فتبل قلبا للغليل شقيقا
وسمتك أردية السماء بديمة * تحيي رجاء أو ترد عشيقا
فلرب يوم قد غنينا نجتلي * مغناك بالرشا الأنيق أنيقا
كذب العواذل أنت اقتل لحظة * وأغض اطرافا وأعذب ريقا
وقال في الشيب:
يعيب الغانيات علي شيبي * ومن لي أن أمتع بالمعيب
ووجدي بالشباب وإن تقضى * حميدا دون وجدي بالمشيب
وقال أيضا من قصيدة:
في الشيب زجر له لو كان ينزجر * وبالغ منه لولا أنه حجر
وللفتى مهلة في الحب واسعة * مالم يمت في نواحي رأسه الشعر
قالت مشيب وعشق أنت بينهما * وذاك في ذاك ذنب ليس يغتفر
وعيرتني سجال العدم جاهلة * والنبع عريان ما في فرعه ثمر
وما الفقير الذي عيرت آونة * بل الزمان إلى الأحرار مفتقر
لم يبق من جل هذا الناس باقية * ينالها الفهم الا هذه الصور
إذا محاسني اللاتي أدل بها * كانت ذنوبي فقل لي كيف اعتذر
أهز بالشعر أقواما ذوي وسن * في الجهل لو ضربوا بالسيف ما شعروا
علي نحت القوافي من مقاطعها * وما علي لهم أن تفهم البقر
وقال من قصيدة في وصف الرياض:
أخذت ظهور الصالحية زينة * عجبا من الصفراء والحمراء
نسج الربيع لربعها ديباجة * من جوهر الأنوار بالأنواء
بكت السماء بها رذاذ دموعها * فغدت تبسم عن نجوم سماء
(٢٧٩)

في حلة خضراء نمنم وشيها * حوك الربيع وحلية صفراء
فاشرب على زهر الرياض يشوبه * زهر الخلود وزهرة الصهباء
وقال يصف ايوان كسرى:
صنت نفسي عما يدنس نفسي * وترفعت عن جدا كل جبس
وتماسكت حين زعرعني الدهر * التماسا لتعسي ونكسي
بلغ من صبابة العيش عندي * طففتها الأيام تطفيف بخس
وبعيد ما بين وارد رفد * علل شربه ووارد خمس
واشترائي العراق خطة غبن * بعد بيعي الشام بيعة وكس
وقديما عهدتني ذا هنات * آبيات على الدنيات شمس
وإذا ما جفيت كنت حريا * أن ارى غير مصبح حيث أمسي
حضرت رحلي الهموم فوجهت * إلى أبيض المدائن عنسي
أتسلى عن الحظوظ وآسي * لمحل من آل ساسان درس
ذكرتنيهم الخطوب التوالي * ولقد تذكر الخطوب وتنسي
وهم خافضون في ظل عال * مشرف يحسر العيون ويخسي
مغلق بابه على جبل القبق * إلى دارتي خلاط ومكس
حلل لم تكن كاطلال سعدى * في قفار من البسابس ملس
ومساع لولا المحاباة مني * لم تطقها مسعاة عنس وعبس
نقل الدهر عهدهن عن الجدة * حتى غدون انضاء لبس
فكان الجرماز من عدم الأنس * واخلاله بنية رمس
لو تراه علمت أن الليالي * جعلت فيه مأتما بعد عرس
وهو ينبيك عن عجائب قوم * لا يشاب البيان فيهم بلبس
فإذا ما رأيت صورة أنطاكية * ارتعت بين روم وفرس
والمنايا مواثل وانوشروان يزجي * الصفوف تحت الدرفس
في اخضرار من اللباس على * أصفر يختال في ضبيغة ورس
وعراك الرجال بين يديه * في خفوت منهم وإغماض جرس
من مشيح يهوى بعامل رمح * ومليح من السنان بترس
تصف العين انهم جد احياء * لهم بينهم إشارة خرس
يغتلي فيهم ارتيابي حتى * تتقراهم يداي بلمس
قد سقاني ولم يصرد أبو الغوث * على المعسكرين شربة خلس
من مدام تقولها هي نجم * أضوأ الليل أو مجاجة شمس
وتراها إذا أجدت سرورا * وارتياحا للشارب التحس
أفرغت في الزجاج من كل قلب * فهي محبوبة إلى كل نفس
وتوهمت أن كسرى ابرويز * معاطي والبلهبذ أنسي
حلم مطبق على الشك عيني * أم أمان غيرن ظني وحدسي
وكان الايوان من عظم الصنعة * جوب في جنب أرعن جلس
يتظنى من الكابة أن يبدو * لعيني مصبح أو ممسي
مزعجا بالفراق عن انس ألف * عز أو مرهقا بتطليق عرس
عكست حظه الليالي وبات * المشتري فيه وهو كوكب نحس
فهو بيدي تجلدا وعليه * كلكل من كلاكل الدهر مرسي
لم يعبه أنه بز من بسط الديباج * واستل من ستور الدمقس
مشمخر تعلو له شرفات * رفعت في رؤوس رضوي وقدس
لابسات من البياض فما تبصر * منها الا غلائل برس
ليس يدرى أ صنع أنس لجن * سكنوه أم صنع جن لأنس
غير اني أراه يشهد أن لم * يك بانيه في الملوك بنكس
فكأني ارى المراتب والقوم * إذا ما بلغت آخر حسي
وكان الوفود ضاحين حسرى * من وقوف خلف الزحام وجلس
وكان القيان وسط المقاصير * يرجعن بين حو ولعس
وكان اللقاء أول من أمس * ووشك الفراق أول أمس
وكان الذي يريد اتباعا * طامع في لحوقهم صبح خمس
عمرت للسرور دهرا فصارت * للتعزي رباعهم والتاسي
فلها أن أعينها بدموع * موقفات على الصبابة حبس
ذاك عندي وليست الدار داري * باقتراب منها ولا الجنس
جنسي غير نعمى لأهلها عند أهلي * غرسوا من رطابها خير غرس
أيدوا ملكنا وشدوا قواه * بكماة تحت السنور حمس
وأعانوا على كتائب ارباط * بطعن على النحور ودعس
وأراني من بعد أكلف بالاشراف * طرا من كل سنخ وأس
وله من قصيدة:
وقفنا والعيون مشغلات * يغالب دمعها نظر كليل
نهته رقبة الواشين حتى * تعلق لا يغيض ولا يسيل
شعره في الطيف والخيال
قال المرتضى في الأمالي: لأبي عبادة البحتري في وصف الخيال
الفضل على كل متقدم ومتاخر فإنه تغلغل في أوصافه واهتدى من معانيه إلى
ما لا يوجد لغيره وكان مشغوفا بتكرار القول فيه لهجا بابدائه واعادته وقوله
في هذا المعنى أكثر من أن يذكر.
السيد ولي الله بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري.
في أمل الآمل: كان عالما فاضلا صالحا محدثا له كتاب مجمع البحرين
في فضائل السبطين وكتاب كنز المطالب في فضائل علي بن أبي طالب وكتاب
منهاج الحق واليقين في فضائل أمير المؤمنين وغير ذلك. ووجدنا له في المكتبة الحسينية في
النجف الأشرف كتابا مطبوعا اسمه: درر المطالب وغرر
المناقب في فضائل علي بن أبي طالب ع وكانه هو الذي سماه صاحب
الأمل كنز المطالب. وهو من المعاصرين لصاحب الأمل الاخباريين. وذكر
له في تتمة أمل الآمل كتاب تحفة الملوك في المواعظ والأخلاق وقال هو كتاب
جليل في معناه أوله الحمد لله المتفضل المنان رتبه على مقدمة في كيفية
التفكر في صنع الصانع جل جلاله وثمانية أبواب الأول في صفة الدنيا
وحقيقة أحوالها وسرعة فنائها وعدم بقائها الباب الثاني في طريق محاسبة
النفس وكيفيتها الباب الثالث في ذكر الموت وفضائله الباب الرابع في المحشر
وأهل يوم القيمة الباب الخامس في التنبه على أحوال الماضين من الملوك
والسلاطين الباب السادس في مدح معرفة عاقبة الظلم الباب السابع في
صفة الحلم وحسن عاقبة الحليم. الخاتمة في التواضع واحتقار النفس وذم
التكبر. فرع منه كاتبه احمد الحسيني في ربيع الأول سنة ١١٦٦ انتهى
وعن الرياض وصفه بالفاضل المحدث الجليل المعروف صاحب الكتب
(٢٨٠)

العديدة في المناقب من متأخري الأصحاب انتهى وله أيضا أنوار السرائر
ومصباح الزائر بالفارسية ورسالة مختصرة في تفضيل علي ع الفها
للخواجه علي الآملي والعسل المصفى في فضل الصلاة على النبي المصطفى
رتبه على ثمانية أبواب.
السيد وزير حسين الهندي الرضوي.
له كتاب تاريخ الأئمة بلغة أوردو مرتب على أربعة عشر مجلسا مطبوع
وله كتاب ذائقة ماتم مقتل مرتب على أربعين مجلسا بلسان أوردو مطبوع
ويسمى جهل مجلس.
الوراق
هو علي بن عبد الله.
: الوزير المغربي
اسمه الحسين بن علي بن الحسين بن محمد بن يوسف.
الوزير المهلبي.
اسمه حسن بن محمد بن هارون.
الوشنوي
نسبة إلى وشنوة قرية من قرى قم.
الوشاء
هو الحسين بن علي ابن بنت الياس.
أبو دهبل وهب بن زمعة بن أسيد بن أميمة بن خلف بن وهب بن حذافة بن
جمح الجمحي المعروف بأبي دهبل الجمحي.
خرج مع التوابين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ولما وقف على قبر
الحسين ع في كربلاء قال والنسخة التي نقلت منها قصيدته هذه كثيرة
الغلط:
إليك أخا الصب الشجي صبابة * تذيب الصخور الجامدات همومها
عجبت وأيام الزمان عجائب * ويظهر بين المعجبات عظيمها
تبيت النشاوى من أمية نوما * وبالطف قتلى ما ينام حميمها
وتضحى كرام من ذؤابة هاشم * يحكم فيها كيف شاء لئيمها
وتغدو جسوم ما تغذت سوى العلى * غذاها على رغم المعالي سهومها
وربات صون ما تبدت لعينها * قبيل السبا الا لوقت نجومها
تزاولها أيدي الهوان كأنما * تقحم ما لا عفو فيه أثيمها
وما أفسد الاسلام الا عصابة * تأمر نوكاها ودام نعيمها
وصارت قناة الدين في كف ظالم * إذا مال منها جانب لا يقيمها
وخاض بها طخياء لا يهتدى لها * سبيل ولا يرضى الهدى من يعومها
ويخبط عشوا لا يراد مرادها * ويركب عميا لا يرد عزومها
يجشمها ما لا يجشمه الردى * لأودى وعادت للنفوس جسومها
إلى حيث ألقاها ببيداء مجهل * تضل لأهل الحلم فيها حلومها
رمتها لأهل الطف منها عصابة * حداها إلى هدم المكارم لومها
فشنت بها شعواء في خير فتية * تخلت لكسب المكرمات همومها
على أن فيها مفخرا لو سمت به * إلى الشمس لم تحجب سناها غيومها
فجردن من سحب الاباء بوارقا * يشيم الفنا قبل الفنا من يشيمها
فما صعرت خدا لاحراز عزة * إذا كان فيها ساعة ما يضيمها
أولئك آل الله آل محمد * كرام تحدت ما حداها كريمها
أكارم أولين المكارم رفعة * فحمد العلى لولا علاهم ذميمها
ضياغم أعطين الضياغم جرأة * فما كان الا من عطاهم قدومها
يخوضون تيار المنايا ظواميا * كما خاض في عذب الموارد هيمها
يقوم بهم للمجد أبيض ماجد * أخو عزمات أقعدت من يرومها
حمى بعد ما أدى الحفاظ حماية * واحمى الحماة الحافظين زعيمها
إلى أن قضى من بعد ما ان قضى على * ظماء يسلى بالسهام فطيمها
أصابته شنعاء فلو حل وقعها * على الأرض دكت قبل ذاك تخومها
فأيمها لم تلق بالطف كافلا * ولم ير من يحنو عليه فطيمها
أصات غراب البين فيهم فأصبحت * من الشجو لا تاوي العمارة بومها
فقصر فما طول الكلام ببالغ * مداها رمي بالعي عنها كليمها
فما حملت أم الرزايا بمثلها * وان ولدت في الدهر فهي عقيمها
أتت أولا فيها بأول معضل * فما ذا الذي شحت على من يسومها
فاقسم لا تنفك نفسي جزوعة * وعيني سفوحا لا يمل سجومها
حياتي أو تلقى أمية وقعة * يذل لها حتى الممات قرومها
لقد كان في أم الكتاب * وفي الهدى وفي الوحي لم ينسخ لقوم علومها
فرائض في القرآن قد تعلمونها * يلوح لذي اللب البصير أرومها
بها دان من قبل المسيح بن مريم * ومن بعده لما أمر بريمها
فاما لكل غير آل محمد * فيقضي بها حكامها وزعيمها
واما لميراث الرسول وأهله * فكل يراهم ذمها وجسيمها
فكيف وضلوا بعد خمسين حجة * يلام على هلك الشراة أديمها
وله:
يا ليت من يمنع المعروف يمنعه * حتى يذوق رجال غب ما صنعوا
وليت رزق رجال مثل نائلهم * قوت كقوت ووسع كالذي وسعوا
وليت للناس خطا في وجوههم * تبين أخلاقهم فيه إذا اجتمعوا
وليت ذا الفحش لاقي فاحشا ابدا * ووافق الحلم أهل الحلم فابتدعوا
وذكرنا في كتاب أصدق الاخبار في قصة الاخذ بالثار عند ذكر التوابين
لما جاءوا إلى قبر الحسين ع انه قام في تلك الحال وهب بن زمعة الجعفي
باكيا على القبر الشريف وانشد أبيات عبيد الله بن الحر الجعفي وذكرنا في
الحاشية ان المرتضى في أماليه نسبها لأبي دهبل الجمحي عدا البيتين
الأخيرين وهذا خطا فان أبا دهبل الجمحي اسمه وهب بن زمعة ويوشك
ان يكون صواب العبارة هكذا: فقام عبيد الله بن الحر الجعفي وانشد
أبيات وهب بن زمعة الجمحي وكان التحريف وقع في نسخة الكتاب الذي
نقلنا عنه وتبعنا نحن ذلك ولعل عبيد الله زاد البيتين فيها فإنه كان شاعرا.
حرف الياء
أبو الحسن ياروخ بن عبد الله الموصلي.
يظهر من مدائح السري الرفا فيه الموجودة في ديوانه انه كان أميرا
جليل القدر عظيم الشأن وانه من أبناء الأعاجم وربما كان ديلميا كما يدل
على ذلك اسمه وانه شيعي المذهب وانه من أصحاب ناصر الدولة بن
حمدان. إما انه أمير فيفهم من قوله فيه من قصيدة:
(٢٨١)

علاء ملكت لب الأمير وانما * تملك أرباب الكرام المناجب
وقوله فيه من قصيدة:
الآن قصرت النوائب فاغتدت * بندى الأمير كليلة الأنياب
ملك عقود الحمد ملك يمينه * ونداه ملء حقائب الطلاب
وقوله فيه من أخرى:
وأحلني عز الأمير محلة * لو رامني فيها الزمان تهيبا
واما جلالة قدره وعظم شانه فيفهم من قوله فيه في القصيدة
السابقة:
ارى همة تختال بين الكواكب * وطودا من العلياء صعب الجوانب
ومربض آساد ومعدن سؤدد * وموئل مطلوب وغاية طالب
إلى غير ذلك مما اشتملت عليه قصائده فيه. واما انه من أبناء
الأعاجم فيفهم من قوله من قصيدة:
تساهم فيه العرب والعجم فاحتوى * على المجد من أقيالها والمرازب
وقوله فيه من أخرى:
ومناسب جاز الفضيلة أعجما * فيها كما حاز الفضيلة معربا
ولكن قوله تساهم فيه العرب يدل على عروبته ولعله من جهة
الأمهات وكذلك قوله فيه:
ان شاء عد من الشعوب اجلها * أو شاء عد من القبائل تغلبا
واما تشيعه فيفهم من قوله من قصيدة:
فتى طالبي الدين أصبح جوده * يحسن للطلاب وجد المطالب
وقوله من أخرى:
والطالبيون انتحتك وفودهم * فرأوا نداك الغمر أقرب مطلبا
لاحظتم والغير يصرف عنهم * لحظ النواظر بغضة وتجنبا
فنظمتهم جمعا وقد نشرتهم * أيدي الزمان ففرقوا أيدي سبأ
أحببت ذا القربى وليس يحبه * الا امرؤ رفض الغريب الاجنبا
وقوله من قصيدة:
ونصبت نفسك للنبي وآله * حتى شفيتهم من النصاب
فأعز نصرك منهم باقي الهدى * وأذل عنه بقية الأحزاب
نزلوا فناءك مخصبين أعزة * ما بين رحب خلائق ورحاب
فكانما حلوا بيثرب منه أو * نزلوا بمكة في ربى وهضاب
وله في مدحه عدة قصائد موجودة في ديوانه منها قوله:
من لي برد سوالف الأحقاب * ومارب أعيت على الطرب
اتبعتها نفس المحب تضرمت * احشاؤه لتفرق الأحباب
ان الظباء حمت مراتعها الظبا * وحمت سوائمها اسود الغاب
من كل سكرى اللحظ أمثر غصنها * نوعين من ورد ومن عناب
ريا احاطتنا على ظما الهوى * من وعدها الممطول لمع سراب
لله أعرابية غدرت بنا * ان النفاق سجية الاعراب
حجبت محاسنها الخيام ولو بدت * كان العفاف لها أتم حجاب
وأحلها من قلب عاشقها الهوى * بيتا بلا عمد ولا اطناب
هيهات ما صدرت عقود نسيبه * عن لوعة كانت ولا أوصاب
لكنها فكر إذا ما سومرت * باتت تفتح زهرة الآداب
يهني العواذل انه هجر الصبا * أنف الشباب معذل الأصحاب
لحظ الكواعب شرة فوجدنه * عف السريرة طاهر الأثواب
كم قلن لما قام في محرابه * سيان أنت ودمية المحراب
يا حسن ما خلعت على اعطافه * أيدي الصبا لو زانه بتصابي
ان الوعيد ثناه عن آرائه * حتى تجنب مونق الآراب
الآن أذنبت النوائب فاغتدت * بندى الأمير كليلة الأنياب
سفرت لنا من رأيه وحسامه * عن ضوء صبح مسفر وشهاب
ملك عقود الحمد ملء يمينه * ونداه ملء حقائب
الطلاب شفع الندى لعفاته بندى كما * شفع الربيع سحابه بسحاب
وعفا فرد البيض في أغمادها * وسطا فعل متونها بخضاب
وجرى فبين مقصر عن شاوه * متخلف عنه وآخر كابي
شيدت مجدك فاعتلى بمهذب * بين القبائل والشعوب لباب
ونصبت نفسك للنبي وآله * حتى شفيتهم من النصاب
فأعز نصرك منهم باقي الهدى * وأذل عز بقية الأحزاب
نزلوا فناءك مخصبين أعزة * ما بين رحب خلائق ورحاب
فكانما حلوا بيثرب منه أو * نزلوا بمكة في ربى وهضاب
فأسلم أبا حسن ليوم مكارم * وطف سحائبها ويوم عقاب
لم تفض أيام الصيام مودعا * حتى كساك الفطر ثوب
ثواب فاسعد بعيد عاد كوكب سعده * طلق الضياء مؤيد الأسباب
تحلها نظم اللسان وانما * نظم اللسان فرائد الألباب
وصافحت سمع الوليد جفالها * أرسوم دار أم سطور كتاب
بل لو تأملها ابن أوس لم يقل * لو أن دهرا رد رجع جواب
الشيخ ياسين أبو الصلاح بن صلاح الدين بن علي بن ناصر بن علي
البلادي البحراني نزيل جويم أبي احمد من مدن شيراز.
كان حيا سنة ١١٤٧ جويم بالجيم المضمومة والواو المفتوحة
والمثناة التحتية الساكنة والميم آخر الحروف، عن الصنعاني: جويم أبي احمد
مدينة بفارس. وفي القاموس: جويم كزبير بلد بفارس والعامة تضم الياء
انتهى وقال المترجم في بعض تعليقاته وهذا هو المتعارف الآن في اسمها
اي بضم الجيم وسكون الواو وضم الياء إما أبو أحمد المضافة إليه فلست
اعرفه.
قال وهي بلاد حسنة معمورة بالمياه والأشجار والأنهار والنخيل
والاثمار والصلحاء والأخيار قد خرج منها رواة وأهل تصانيف منهم
عبد الله بن محمد أبو معاذ ذكر النجاشي ان له نسخة يرويها عن أبي محمد
العسكري ع انتهى وقال في آخر الروضة العلية ان جويم أبي احمد
من توابع فارس قريبة من لار تقريبا من ستة عشر فرسخا انتهى وفي
معجم البلدان: جويم بالضم ثم الفتح وياء ساكنة وميم مدينة بفارس
يقال لها جويم أبي احمد سعة رستاقها عشرة فراسخ تحوطه الجبال كله نخيل
وبساتين شربهم من القني ولهم نهر صغير في جانب السوق انتهى.
كان عالما فاضلا فقيها أديبا محدثا رجاليا ماهرا في العربية سال شيخه
الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي تسعين مسالة في فنون شتى قال من
(٢٨٢)

رآها انها تدل على كمال فضله فأجاب عنها شيخه المذكور وجمع الأسئلة
والأجوبة في كتاب سماه منية الممارسين في أجوبة الشيخ ياسين وأثنى عليه
شيخه المذكور في اجازته له فقال: ان مقترح ذلك علي اي الإجازة وإن كانت
أحق بسؤاله والأحرى بان أكون من جملة تلامذته ورجاله لا من
أشكاله وأمثاله. إلى آخر كلامه وثنائه. وكان معاصرا للشيخ سليمان بن
عبد الله البحراني المعروف بالمحقق البحراني المتوفى سنة ١١٢١ وللشيخ
عبد الله بن صالح السماهيجي المتوفى سنة ١١٣٥ انتقل من وطنه البحرين
إلى بلاد فارس وهي شيراز ونواحيها وتوطن مدينة جويم أبي احمد من توابع
فارس. قال المترجم في بعض تعليقاته: وهذه المدينة قد سكنتها بعد
خروجنا من الواقعة العظيمة التي حلت علينا في البحرين مدة من السنين
مع الأهل والبنين كأني في جنة نعيم مع الحور العين كان آخرها سنة ١١٤٧
وقد عزمت ان اتخذها لي دار مقام الا ان حوادث الدهور والأيام التي لا
تنيم ولا تنام منعتني من ذلك المرام والامر للملك العلام انتهى وهذه
الواقعة المشار إليها التي قد أصابت أهل البحرين أشار إليها كثيرون الا انني
لم أجد من ذكر تاريخها ليعلم وقت خروجه من البحرين ومدة اقامته
بجويم ولا من ذكر تفصيلها وقد أشار إليها هو أيضا في خطبة الروضة
العلية في شرح الألفية كما في نسخة عندنا فقال إن المسكين ياسين بن صلاح
الدين عفي عنه آمين يقول إن الله تعالى قد أخرجني بفضله من مصائب
وأهوال ونجاني من غمرات وزلزال وحيث اني ممن كان في قلب هذه الهلكة
والحين وتلك الطامة الواقعة على أهل البحرين التي لم يقع مثلها في الأزمان
ولم تقع كلا ولا ولم يكن لها نظير في جميع الأماكن والمساكن غير كربلاء فيا لها
من مصيبة ما امرها قد شربتها ومن بلية ما قد تجرعتها ثم اني لم أتحسر
على ما فات من المال ولا ما تلف من الدار والحال بل أتذكر ما تغصصته من
ضرب الرماح المريقة لدمي وملاطمة السيوف المبرية لأعضائي واعظمي فلم
أزل اسلي النفس عن ذكرها وأشغلها عن ذلك بغيرها وكيف اسلو وقد
تلاطمتني بعدها أمواج الغربات وتعاورتني عقيبها أيدي الكربات فصرت
متداولا في ساحل البلدان مترامى بي من مكان إلى مكان حتى ألقتني أيدي
الأقضية والاقدار وقذفتني نون الآونة تحت يقطين هذه الدار دار العلم
والكمال شيراز المصونة من الزلزال والأهوال جاف القلم من المداد خاليا من
الطارف والتلاد. إلى آخر كلامه. وأنت ترى ما في نثره من الضعف مع أنه
ممن ألف في علمي النحو والصرف. وقال في الهامش: ما وقع علي من
هذه البلية مع واقعتين اخريين عظيمتين لم يقع مثلها على أحد وقد ذكرتها في
المجلد الرابع من المجموع وقد سلمني الله تعالى منها والحمد الله
انتهى.
مؤلفاته
١ معين النبيه في رجال من لا يحضره الفقيه فرع منه سنة ١١٤٥
وجدنا منه نسخة في بهار من قرى همذان نقلت عن خط المصنف وجدناها
في مكتبة الشيخ رضا البهاري حين دعانا إلى منزله في تلك القرية في طريقنا
إلى المشهد المقدس سنة ١٣٥٣. ووجدنا في مسودة الكتاب ان له معين
النبيه في رجال من لا يحضره الفقيه ألفه سنة ١٠٥٠ في بلدة اوال وجد منه
نسخة في مكتبة البرلمان بطهران وصل فيها إلى أول حرف الشين.
والذي ذكرناه أولا وجدناه بخطنا في مسودة الكتاب والمذكور ثانيا
وجدناه بخط غيرنا ممن كان معنا حين كنا ندخل مكتبة البرلمان ونملي عليه ما
ننقله منها فالمذكور أولا في تاريخ الفراع منه انه سنة ١١٢٥ هو الصواب
لأنه منقول عن خطه ومعتضد بتاريخ اجازته للحائري كما مر والمذكور ثانيا
انه سنة ١٠٥٠ الظاهر أنه خطا وربما كان صوابه ١١٥٠ فيكون تاريخا
للنسخة لا للتأليف أو للفراغ من آخر جزء والأول للفراغ مما قبله والله أعلم. ٢ المحيط أو الوسيط في الرجال المعروف برجال الشيخ ياسين
البحراني ٣ حاشية على شرح الزبدة للفاضل الجواد ذكره في اجازته للسيد
نصر الله الحائري ٤ حاشية على شرح العقائد النسفية ٥ الروضة العلية
في شرح ألفية ابن مالك عندنا منه نسخة منقولة عن خط المؤلف وجدناها
في بعض مكتبات جبل عامل وأوله الحمد لله الذي تمت كلمته صدقا وعدلا
وظهرت آيات وجوده قولا وفعلا وفي آخره: فرع على يد مؤلفه العبد
المسكين ياسين بن صلاح الدين بن علي بن ناصر البحراني في بلدة جويم
أبي احمد من توابع فارس منتصف شهر جمادى الأولى سنة ١١٣٤ وفي هذا
الاسم ما ينبئ عن ضعف معرفة المؤلف فالروضة لا توصف بالعلو.
والنسخة منقولة عن خط المؤلف بخط رجل عاملي طمس اسمه فيها
فلم يعرف قال في آخرها وكان الفراع من مشقة مشقه نهار الاثنين قبيل الظهر
أول يوم من شهر شعبان المبارك من شهور سنة ١١٩٢ في قرية طيرفلسيه
على يد مالكه الفقير وهنا ذهب اسم الكاتب ثم قال وكانت غالب كتابته
في حال الحمى والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده وآله
وأصحابه المتأدبين بآدابه. ثم قال بلغ مقابلة على يد محرره في أوقات
متعددة آخرها قبيل الظهر من نهار الأربعاء رابع شهر صفر الخير سنة
١١٩٤ ونقل المترجم في الحاشية في أول الكتاب أول الكافية وألفية ابن
معطي فقال: قال ابن مالك في أول الكافية:
قال ابن مالك محمد وقد * نوى إفادة بما فيه اجتهد
وقال ابن معطي:
يقول راجي عفو ربه الغفور * يحيى بن معطي بن عبطي النور
٦ لآلئي التحرير في المنطق ذكره في هامش الروضة العلية فقال قد
جمع لقواعده أي المنطق وأشار إلى كثير من زوائده بأوجز عبارة وأبين
إشارة ولا يخفى أن قوله قد جمع لقواعده لحن فلام التقوية لا تدخل المفعول
المتأخر فأين معرفته بالعربية وتأليفه فيها ٧ اعتماد المنطقيين ذكره في
الروضة العلية وقال في الهامش هو شرح لكتابي المسمى لآلئي التحرير ٨
حواشي شرح الشافية للنظام النيسابوري ذكره في الروضة العلية أيضا ٩
كتاب الفوائد النحوية ١٠ حواشي كتاب الفوائد ذكرهما في الروضة العلية
أيضا وقال في اجازته للسيد نصر الله الحائري التي كتبها سنة ١١٤٥ أن فيه
مسائل لم تذكر في غيره مع اختصار قال وكتبت عليه حواشي كالشرح له
١١ كتاب العوامل قال في اجازته المذكورة للسيد نصر الله أنه على نهج
غريب ١٢ رسالة النور في علم الكلام ذكرها في هامش الروضة العلية
فقال قد أخرجت بتوفيق الله رسالة في علم الكلام بأوجز عبارة وأخصر
إشارة ذكرنا فيها ما نعتقده وقام لدي دليله سميناها بالنور عملناها في بلدة
بردستان حرسها الله من طوارق الحدثان ١٣ التحفة الواصلة في شرح
حديث الشقي من شقي في بطن أمه ذكرها في هامش الروضة العلية وقال
عملناها في بلدة شيراز بالتماس أحد السادة ولم يذكرها المعاصر في مؤلفات
الشيعة ١٤ رسالة في حديث الوصية نصف الايمان ذكرها في هامش
(٢٨٣)

الروضة العلية وقال ذكرنا فيها كلاما مع الشيخ إبراهيم بن الحسن بن
جمهور. وإبراهيم هذا مرت له ترجمة في ج ٥ ١٥ رسالة القول السديد في
تفسير كلمة التوحيد ذكرها في هامش الروضة فقال رسالة في تفسير لا إله إلا
الله سميناها القول السديد في تفسير كلمة التوحيد استقصينا فيها كلام
مطموس من العلوم المنقولة والمعقولة وبلغنا فيها الغاية والنهاية لم يعمل
مثلها.
ونحن نقول: كلمة التوحيد واضحة لا تحتاج إلى تفسير ولكننا حيث
لم نر الرسالة فليس لنا أن نحكم عليها بشئ ١٦ الحسام الصارم في الرد
على ابن الناظم ذكره في هامش الروضة أيضا وقال عجيب في انتظامه متناه
في انسجامه لم يسبق في فنه بنظير.
وأقول ابن الناظم متميز بين علماء النحو وشرحه على ألفية والده
أحسن شروحها فما ذا عسى أن يرد عليه فيه وإن رد فأصاب في رده إذ
العصمة لأهلها فلا يستحق رده أن يسمى الحسام الصارم ولا يليق بكتاب
يرد فيه على نحوي إنما يحسن هذا الاسم لو كان الكتاب ردا على دهري أو
ملحد أو نحو ذلك. على أن بعض المعاصرين قال رايته وليس بشئ
١٧ رسالة في عدم اعتبار قول علماء الرجال لكثرة أغلاطهم. وهذا
القول بظاهره من جملة الأغلاط فأقوال علماء الرجال لا مناص عن العمل
بها وكون بعضها قد اشتمل على غلط لا يوجب ترك ما لا غلط فيه وكون
جميعها كذلك واضح البطلان والأغلاط التي وقعت من علماء الرجال
محصورة معروفة وباقي أقوالهم ممحصة مهذبة من كل دنس. ١٨ أسئلته
التسعون التي سال عنها شيخه السماهيجي كما مر ١٩ الكتاب الذي
يظهر أن اسمه المجموع أو نحو ذلك وأنه أربع مجلدات أو أكثر الذي أشار
إليه في كلامه السابق بقوله وقد ذكرتها في المجلد الرابع من المجموع وقد
بقيت له مؤلفات آخر ذكرها في هامش الروضة العلية لم نتمكن من قراءة
أسمائها لأن خطها مطموس. وقال في آخر كلامه أن مؤلفاته نيف
وعشرون.
مشايخه
يروي عن الشيخ حسين الماحوزي وعن الشيخ عبد الله بن صالح
السماهيجي وقد كتب له الثاني اجازة مبسوطة في آخر منية الممارسين.
تلاميذه
منهم السيد نصر الله الحائري يروي السيد نصر الله عنه اجازة
وتاريخ الإجازة سنة ١١٤٥.
أبو القاسم يحيى
في معجم الآداب:
ذكره شيخنا جمال الدين أبو الفضل المهنا العبيدلي في المشجر وقال
هو النقيب بقم ومازندران وعراق العجم وكان كثير الجاه والمال والحشمة
ولأجله صنف علي بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمي
كتاب فهرست علماء الشيعة. (١)
يحيى بن محمد بن علي القمي النقيب.
استشهد سنة ٥٨٩. كتبها السيد صالح الشهرستاني
الامام الجليل عز الدين أبو القاسم يحيى بن شرف الدين أبي الفضل
محمد بن أبي القاسم علي بن عز الاسلام والمسلمين محمد بن أبي الحسن
المطهر نقيب النقباء بن ذي الحسبين علي الزكي ابن السلطان محمد شريف
المدفون بقم والمكنى بأبي الفضل ابن السيد الأجل أبو القاسم علي نقيب
قم ابن أبي جعفر محمد بن حمزة القمي ابن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن
محمد الأرقط بن عبد الله الباهر ابن الإمام زين العابدين علي بن الحسين
ع (٣)
قال الشيخ منتجب الدين بن بابويه المتوفى سنة ٥٨٥ في الفهرست:
فقد حضرت عالي مجلس سيدنا ومولانا الصدر الكبير الامام السيد
الاجل الرئيس الأنور الأطهر الأشرف المرتضى المعظم عز الدولة والدين
شرف الاسلام والمسلمين رضي الملوك والسلاطين ملك النقباء في العالمين
اختيار الأيام افتخار الأنام قطب الدولة ركن الملة عماد الأئمة عمدة الملك
سلطان العترة الطاهرة عمدة الشريعة رئيس رؤساء الشيعة، وصدر علماء
العراق قدوة الأكابر معين الحق وحجة الله على الخلق ذي الشرفين كريم
الطرفين نظام الحضرتين جلال الاشراف سيد أمراء السادات شرقا وغربا
قوام آل رسول الله أبي القاسم يحيى بن شرف الدين محمد... أدام
الله معاليه وأهلك أعاديه الذي هو ملك السادة ومنبع السعادة وكهف الأمة
وسراج الملة وطود العلم والدراية وعلم الفضل والافضال ومقتدى العترة
والآل وسلالة من نجل النبوة وفرع من أصل الفتوة وعضو من أعضاء
الرسول وجزء من أجزاء الوصي والبتول.
وقال أيضا في حرف الياء منه: السيد الأجل المرتضى عز الدين يحيى
ابن محمد بن علي بن المطهر أبو القاسم نقيب الطالبية بالعراق، عالم علم
فاضل كبير عليه تدور رحى الشيعة متع الله الاسلام والمسلمين بطول بقائه
وحراسة حرماته، له رواية الأحاديث عن والده المرتضى السيد شرف الدين
محمد وعن مشائخه قدس الله أرواحهم.
وأشار الشيخ منتجب الدين في الفهرست: أنه ألف هذا الكتاب
لأجل المترجم وورد ذكر المترجم أيضا في كل من أمل الآمل
والحصون المنيعة ومما قاله صاحب الحصون المنيعة: إن المترجم لم يزل
راقيا أوج السعد والاقبال ممتطيا صهوة العز والجلال حتى أصابته عين
الكمال وجرى الدهر على عادته في تبديل الأحوال فختم له بالشهادة ونال
من خير الدنيا والآخرة الحسنى وزيادة. وكان سبب شهادته أن الملك
خوارزمشاه تكش لما استولى على الري وتلك الأطراف وقتل من بها من
(٢٨٤)

الأعيان والاشراف كان الشريف المذكور ممن عرض على السيف وجرى عليه
ذلك الظلم والحيف وذلك في سنة ٥٨٩ وانتقل ولده إلى بغداد ومعه السيد
ناصر بن مهدي الحسني وكان وروده إليها في شعبان ٥٩٢ وتلقيا من الخليفة
الناصر لدين الله القبول ففوضت نقابة الطالبيين ببغداد إلى السيد ناصر
المذكور ثم فوضت إليه الوزارة فترك أمر النقابة إلى محمد ابن السيد عز
الدين فصار نقيب الطالبيين على رسم آبائه الطاهرين ثم حج ورجع إلى
بلده...
وجاء في التأسيس للسيد الصدر أن شرف الدين والد المترجم
كانت له عدة بنات وما كان له ابن فلما حملت زوجته بيحيى عز الدين
المترجم قال شرف الدين لها أنه رأى فيما يرى النائم رسول الله ص فقال له
يا رسول الله أنه سيجئ لك نافلة فما اسميه فقال ص سمه بيحيى. فقال
شرف الدين لما انتبهت علمت أن المولود سيكون ذكرا وسميته بيحيى.
قال ولما قتله خوارزمشاه تنبهت أن النبي ص إنما سماه يحيى تنبيها على
أنه يستشهد كما أن يحيى كان شهيدا.
انتهى ما نقلته من المصادر الموثوقة وأضيف بان المترجم قتل تأكيدا
في الري ودفن في إحدى مقابرها التي كانت تقع شمال المدينة عهدئذ أي
بموقع طهران حاليا. إذ أن قبر المترجم لا زال قائما في حي يقع جنوبي مدينة
طهران على بعد خمسة كيلومترات عن الري الحالية ويعرف بمحلة امام
زاده يحيى وعلى قبره قبة مخروطية وله ضريح وصحن وجامع ومصلى
ومكتبة فيها آلاف الكتب من خطية ومطبوعة وامام يؤم المسلمين في
صلواتهم الخمس.
وهذا الضريح يزار ويتبرك به من قبل مختلف الطبقات التي تطلب
عنده الحوائج من الله تعالى، وقد جدد بناء القبة والحرم والصحن من قبل
محمد رضا شاة بهلوي شاة إيران الحالي قبل ٢٠ سنة أي أوائل سلطنته
إذ أن العمارة القديمة كانت متداعية ومائلة للانهدام لأنها كانت مبنية من
الطوب ومن أبنية القرن الثامن الهجري. والبناء الجديد والقبة أقيمت على
نفس النمط الهندسي لذلك القرن المندثر. ويوجد على القبر داخل الضريح
صندوق صنعه عضد الدولة البويهي وأقامه على القبر كما يظهر من الكتابة
المنحوتة على الصندوق.
وقد نحتت على باب مدخل الضريح وهي من الرخام زيارة بدئت
بالبسملة ثم بالسلام على جدك المصطفى والسلام على أبيك المرتضى ثم
السلام على بقية الأئمة الهداة... إلى أن تنتقل الزيارة إلى السلام
عليك أيها الشخص الشريف السيد الكريم العالم الجليل الشهيد النبيل عز
الدين أبي القاسم يحيى من نسل الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن
علي ابن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليك... الخ.
ويظهر من بعض الكتابات الأخرى على جدران الضريح من الخارج
أن شخصا جليلا آخر قد دفن جنب قبر المترجم يدعى محمد من أحفاد
الأئمة الاطهار ولا يعلم بالتحقيق من هو محمد هذا إذ من المتيقن أنه
ليس ابن المترجم الذي انتقل إلى بغداد بعد استشهاد أبيه. وقد يكون والد
المترجم وكان يدعى محمدا والله أعلم.
كما يستدل من شجرتي الجنار الضخمتين الهرمتين الواقعتين في
الزقاق أمام باب صحن هذا المرقد بان قدم هذا الحي الذي يحتمل قويا أن
يكون في الأصل مقبرة للري، يوازي قدم مدينة الري نفسها لأن عمر
الشجرتين يقدر بحوالي ألف سنة.
فخر الدين أبو العلاء يحيى بن أبي طاهر أبي الفضل العلوي
النسابة
. في معجم الآداب: كان من السادات المعروفين بكتابة الأنساب
أنشد في المشورة:
شاور خليلك في الخفي المشكل * وأقبل نصيحة مشفق متفضل
فالله قد أوصى النبي محمدا * في قوله أشاورهم وتوكل
رأيت بخطه نسبا مبسوطا قد كتبه لبعض السادات وقد ضبطه وتكلم
على آبائه وأجداده بعبارة سديدة.
أبو الحسن يحيى النسابة ابن أبي محمد الحسن بن أبي الحسن جعفر
الحجة ابن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب ع.
توفي بمكة المكرمة سنة ٢٧٧ كان عالما فاضلا عارفا ورعا زاهدا
نسابة. في عمدة الطالب: يقال أنه أول من جمع كتابا في نسب آل أبي
طالب.
السيد يحيى بن أحمد الأعرجي الحلي.
ذكره في نشوة السلافة فقال: سيد لا يحتاج إلى البيان والكشف
حسبه ونسبه، وظهر ظهور الشمس كماله وأدبه فمن جيد نظمه قوله حين
تذكر الحلة وأهلها وهو يومئذ في المشهد الرضوي على مشرفة الصلاة
والسلام:
سقى الرميلة والسعداء أمطار * وجادها بالحيا الوسمي مدرار
وجررت للصبا فيه ذيول صبا * وصافحتها بليل الذيل معطار
وإن جفاها الحيا حيا مرابعها * من دمع عيني هماه وهمار
لا أنس ليلاتنا اللاتي بها سلفت * أيام تجمعنا والربرب الدار
ومربع الأنس زاه والشباب ند * غض المعاطف والأعصار اعصار
والشمل مشتمل والدار جامعة * والدهر يقضي بما نهوى ونختار
يا سعد إن خبرت بالسعدان واتضحت * من جانب الحي أعلام وأذكار
ولاح ظل النخيل الباسقات ضحى * وفاح من روضه المسكي أعطار
وراق عينيك لجي بعقوته * بالبعد والقرب جنات وأنهار
إن عسعس الليل واسودت جوانبه * واحلولكت إذ خبت للشمس أنوار
تخاله والدراري فوق لجته * روضا تفتح في حضنيه أزهار
ترى السفاين تجري في جوانبه * لها على الموج ورد ثم إصدار
كأنها وهبوب الريح يدفعها * والموج يزبد والتيار زخار
ملت مصادمة الأمواج فأدرعت * درعا حصينا تولى نسجه القار
فاحبس لها الركب وابدء بالسلام وقل * يا جيرة الحي هل يرعى لكم جار
ما بالكم قد نقضتم عهد ذي مقة * لم يثنه عنكم ضد وأضرار
أوريتم في حشاه نار هجركم * حتى غدت من حشاه تقبس النار
(٢٨٥)

وله: زارت سعاد ولات حين مزارها * من بعد طول مطالها ونفارها
وافت وقد أرخى الظلام سدوله * تخفي مواطئها فضول ازارها
تستكتم الخطو الثرى فيذيع ما * كتمته نشر الطيب من أطمارها
تسعى على وجل فيصمت حجلها * ويفوه بالأسرار نطق سوارها
وينم بالأضواء نور جبينها * حتى يصير ليلها كنهارها
فضممتها وفضضت عقد لثامها * ولثمتها وأمطت فضل خمارها
وشممتها ورشفت خمر رضابها * صرفا فعاقرني سلاف عقارها
حتى انتشيت فيا لها من خمرة * لولا سناها ما اهتديت لنارها
حتى إذا ما الليل رق أديمه * والشهب أهوت جنحا لمغارها
أومت مسلمة علي وودعت * فانهل دمع العين في آثارها
يا زورة أورت بقلبي جمرة * لا ينطفي ما عشت حر أوارها
ألهو بكل فريدة لو قابلت * شمس النهار لآذنت بسرارها
أبو الفضل يحيى بن أبي طي أحمد بن ظافر الطائي الكلبي الحلبي.
ولد في حلب ٥٧٥ كما يأتي عن والده وتوفي فيها سنة ٦٣٠ كما يأتي
عن كشف الظنون بناء على اتحاده مع يحيى بن حميدة كما ستعرف عنونه
الشيخ محمد بن علي بن حسن العاملي الجباعي في مجموعته بخطه التي
رأيناها في مدينة طهران عام ١٣٥٣ ويقال أنها منقولة عن مجموعة الشهيد
وقد صرح في مواضع كثيرة منها بالنقل عن الشهيد هكذا: يحيى بن أبي
طي أحمد بن ظافر الحلبي وعن رياض العلماء أنه قال: الشيخ أبو الفضل
يحيى بن أبي طي أحمد بن ظافر الطائي الكلبي الحلبي النحوي ولد سنة
٥٧٥ له ديوان المدائح حكاه في الرياض عن مجموعة الشهيد انتهى ولم
أجد ذلك في الرياض لا في الأسماء ولا فيما بدئ بابن. وفي كشف
الظنون: اخبار الشعراء السبعة لابن أبي طي يحيى بن حميدة الحلبي توفي
سنة ٦٣٠ وقال أيضا: تاريخ ابن أبي طي يحيى بن حميدة الحلبي رتب على
السنين انتهى وجزم بعض المعاصرين باتحاد يحيى بن حميدة ويحيى بن
أبي طي أحمد بن ظافر وهو قريب ولعل حميدة أمه فهو تارة
ينسب إليها وتارة إلى أبيه ووقع في الذريعة الحلي بدل الحلبي وهو تصحيف فالرجل حلبي لا
حلي ثم أنه لا منافاة بين جعل صاحب الرياض له طائيا وكلبيا إذ الظاهر أن
الطائي باعتبار أنه ابن أبي طي لا باعتبار انه من قبيلة طي ويمكن أن يكون
الكلبي تصحيف الحلبي وجمع بينهما سهوا والله أعلم بدليل أن الكلبي
يذكره الجباعي وينقل ابن حجر في لسان الميزان تراجم جماعة من علماء
الإمامية ليس لكثير منهم في كتب أصحابنا عين ولا اثر ونقلناها في مواضعها
من هذا الكتاب وكأنها منقولة من تاريخه المذكور في كشف الظنون كما مر أو
من طبقات العلماء وهذا الرجل قد عثرنا له على ترجمة نفيسة في مجموعة
الجباعي المار ذكرها قال فيها:
يحيى بن أبي طي أحمد بن ظافر الحلبي أحد من تادب وتفقه على
مذهب الإمامية وأصولهم وله تصنيف في أنواع العلوم. قال حدثني والدي
رحمه الله قال كان لا يعيش لي ولد وكنت أربيهم إلى سبع أو خمس ثم
يموتون ولقد بشرت بخمسة وعشرين ولدا فجعت بهم وكنت أكثر الابتهال
إلى الله في أن يرزقني ولدا ويمن علي بحياته ثم ماتت الزوجة فأريت في النوم
كأنني قد دخلت إلى مسجد عظيم فيه جماعة أعرفهم من الحلبيين فسلمت
عليهم فقام إلي رجل منهم فاخذ بيدي ثم أجلسني في زاوية من زوايا
المسجد وناولني ريحانة لم أر أذكى ريحا منها فلما حصلت الريحانة في يدي إذا
هي قد أظهرت وردا فجعلت أعجب من حسنه وذكاء رائحته فذبلت منه
وردة وسقطت فحزنت لها فقال لي الرجل ليهنك إن لن تفقد غيرها فقلت
للرجل من أنت أسعدك الله فقال سالم فاستيقظت وأنا فرح فعبرت المنام
فقلت الريحانة زوجة صالحة والورد الذي فيها أولاد والوردة التي ذبلت أنني
افقد أحدهم واسم الرجل سالم بشارة بسلامة الأولاد الذين يأتوني فيما بعد
وفي تلك الأيام تزوجت ابنة الفقيه المصري أبي منصور محمد بن أبي عبد الله
البحتري الطائي ورزقت منها ولدا سميته عليا فعمر سنة وأياما ثم مات
فعظم به مصابي ويئست من الولد ثم لم يبعد الزمان حتى تبين لي حمل
الزوجة فأشفقت من ذلك واغتممت ولازمت الدعاء في كل صلاة وكان قد
بلغني أنه إذا أراد الإنسان طلب الولد قال في جوف الليل في دعاء الوتر:
رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك
سميع الدعاء اللهم لا تذرني فردا وحيدا مستوحشا فيقصر شكري عند
تفكري بل هب لي من لدنك أنيسا وعقبا ذكورا وإناثا أسكن إليهم في
الوحشة وآنس بهم في الوحدة وأشكرك عند تمام النعمة يا وهاب يا عظيم
اعطني ما سألتك عاقبة منا منك وارزقني خيرا حتى أنال منتهى رضاك عني
في صدق الحديث وشكر النعمة والوفاء بالعهد أنك على كل شئ قدير
وكنت الازم ذلك فلما كان أوائل شوال رأيت بعد أن صليت وردي وكنت
يومئذ أنام تحت السماء لزمن القيظ كان انسانا خرج إلي من الحائط فجاء
حتى وقف من خلفي من جهة الشمال ثم استفتح فقرأ بسم الله الرحمن
الرحيم كهيعص إلى قوله اسمه يحيى ثم أمسك فاستيقظت وقلت هذه بشارة
بولد يكون اسمه يحيى قد سماه الله بذلك بشارة بحياته فشكرت الله
سبحانه فغلبني النوم فرأيته قد جاء حتى وقف أمامي ثم استفتح وقرأ سورة
مريم إلى قوله ويرث من آل يعقوب ثم أمسك فاستيقظت وقلت الحمد لله
هذه بشارة لي بحياته وأنه يرثني فشكرت الله سبحانه وأضاء الصبح فقضيت
صلاتي فلما كانت الليلة التي ولدت يا ولدي فيها أخذ عيني النوم فسمعت
كان قارئا يقرأ السورة بعينها حتى بلغ إلى قوله تعالى وآتيناه الحكم صبيا
فاستيقظت والنساء يصحن لك البشرى هذا ولد ذكر فشكرت الله تعالى قال
أبي واستدعيتك إلي وأذنت في أذنك اليمنى وأقمت في اليسرى وحنكتك
بشئ من تربة الحسين بن علي ع في ماء عذب وسميتك يحيى
وكنيتك أبا الفضل وكان مولدك أوائل شوال سنة ٥٧٥ في السنة التي ولد
فيها الامام الناصر رضي الله عنه. قال يحيى بن أحمد بن ظافر الحلبي
خرجت يوما إلى بستان عمله الملك الظاهر صاحب حلب حسن عمارته
وغرس فيه أنواع الغراس وكان اسم بوابه مالكا فأردت دخوله فمنعني
فكتبت على بابه:
قل لغياث الدين يا مالكا * اضحى لاملاك الورى مالكا
بنيت فردوسا فلم أنت قد * صيرت فيها خازنا مالكا
وله في البستان:
ان كنت ترغب في النعيم * وفي معاقرة السرور
فعليك بالقصر الغياثي * الأغر المستنير
قصر علاء عن أن يحيط * بوصفه فكر الخبير
فاق الخورنق حسنه * وعلا على حسن السدير
فكانه في الروج في الميدان * في الحسن البهير
(٢٨٦)

كسرى لدى الغلمان * في الايوان في السطر الحرير
وله مدائح كثيرة في أهل البيت عليهم الصلاة والسلام انتهى.
في مجموعة الجباعي وهو غير علي بن علي بن محمد بن طي العاملي الفقيه
الذي تذكر أقواله في كتب الفقه. وقال الدكتور مصطفى جواد:
كان أبوه نجارا شيعيا وكذلك كان جده واشتغل هو بصنعة النجارة
مع أبيه برهة من الزمان ثم تركها وحفظ القرآن الكريم وتعلم الكتابة ومال
إلى طلب العلم والأدب ولقي العلماء وجالس الفضلاء فقرأ فقه الامامية
على أبي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب وقرأ علم الخلاف على أبي الثناء
محمود بن طارق الحلبي الفقيه الحنفي ثم انتقل إلى تعليم الصبيان وأقراء
القرآن إلى سنة ٥٩٧ ثم اختص بتعليم ابن لأحد الوزراء إلى سنة ٦٠٠
ثم ترفع عن التعليم وأنف منه ولزم داره وطلب مشايخ الأدب فقرأ عليهم
ودرس ثم اقبل على نظم الشعر ومدح الملك الظاهر غازي بن صلاح
الدين الأيوبي وارتفعت منزلته عنده وولاه نقابة الفتيان في سنة ٦٠٩ فكان
نقيب حضرته في الفتوة ثم أحب التصنيف فصنف كتبا في التاريخ وتفسير
القرآن الكريم والآداب والفقه والأصول كثيرة، منها التاريخ الكبير
المسمى معادن الذهب في تاريخ حلب جمع فيه اخبار الملوك والعلماء
واخبار الشام التي لا توجد مجموعة في كتاب قديم ولا حديث في عصره،
وابتدأ به من أول الفتوح إلى سنة ٥٨٩ وواصل فيه الدول وأخبارها القديمة
في الاسلام والحديثة وهو كتاب نافع مفيد كما ذكر بعض المؤرخين وألف
كتاب التنبيه على محاسن التشبيه اتى فيه بجميع الفنون التشبيهية وما قال
العلماء في التشبيه وهو كتاب حسن، وشرح نهج البلاغة في ست مجلدات،
وفضائل الأئمة، وسلك النظام في اخبار الشام، وكتاب لمح البرهان في
تفسير القرآن، وكتاب البيان في أسباب نزول القرآن، وكتاب
غريب القرآن مختصر، وكتاب المجالس الأربعين في فضائل الأئمة
الطاهرين، وكتاب خلاصة الخلاص في آداب الخواص، وكتاب حوادث
الزمان، وكتاب تاريخ العلماء، وكتاب أسماء الشعراء، وكتاب شفاء
الغليل في ذم الصاحب والخليل، وكتاب الحاوي ذكر فيه رجال الشيعة
وعلماءهم وفقهاءهم وشعراءهم وأئمتهم المصنفين في مذاهبهم، وهو مرتب
على حروف الهجاء، وعابه بعض معاصريه. والفاضل لا يسلم من ألسنة
معاصريه، وتوفي بحلب سنة ٦٢٧، ومن شعره قصيدة في أهل البيت
ومنها:
أنا في اسار غدائر ونواظر * من كل أبيض ذي قوام ناضر
ريان من مرح الصبا فكانما * رويت معاطفه بغيث باكر
خمري ريق لؤلؤي ضواحك * مسكي صدع صارمي محاجر
لله ليلتنا بكاظمة وقد * سمحت به الأيام بعد تهاجر
والبدر سار في السماء كأنه * من وجهه باد بنور باهر
والشعريان كأنما احداقها * احداق عاذل حبه المتكاثر
وسهيل الوقاد يخفق دائبا * خفقان أحشائي عليه وخاطري
والليل يرفل في فضول غلائل * رقت كشوقي أو كدمعي القاطر
والريح تنشر عرفها بنسيمها * نشري مديح أخي النبي الطاهر
خير الأنام ومن يذل مهابة * من بأسه قلب الهزبر الخادر
صنو النبي وصهره ووزيره * وظهيره في كل يوم تشاجر
ومبير عتبة والوليد وشيبة * والعامري وذي الخمار الكافر
ومزعزع الباب المشيد وقالع * الحجر الشديد عن القليب الداقر
سل عنه ان أنكرت سورة مريم * والصف والشورى وسورة غافر
وحديث يوم الروح أعظم موقفا * عند اللبيب وكل طب خابر
إذ قام في يوم الغدير محمد * وبكفه كف الامام الطاهر
من كنت مولاه فذا مولى له * في كل أمر باطن أو ظاهر
يا رب وال من الأنام وليه * واخذل لخاذله الأذل الصاغر
مؤلفاته
له كتاب طبقات الامامية ذكره ابن حجر في الإصابة في ترجمة يغوث
وله معادن الذهب في تاريخ حلب وهو تاريخ كبير وله ذيله.
يحيى بن أحمد بن علي الأعرج.
في كتاب ضامن بن شدقم: يقول جامعه الفقير إلى الله الغني
ضامن بن شدقم بن علي الحسني المدني: في شهر شوال سنة ١٠٨٠
اجتمعت بالسيد يحيى ادامه الله تعالى في تخت السلطنة الصفوية أصفهان،
وهو يحيى بن أحمد بن علي الأعرج، رأيته سيدا جليل القدر رفيع المنزلة
عظيم الشأن فصيحا بليغا أديبا شاعرا له اطلاع على التواريخ وغيرها فمن
شعره:
يا قلب ما لك لم تزل تتقلب * وخط المشيب وعزما تتطلب
تهوى الرباب وتستهيم بزينب * هيهات انى ترعوي لك زينب
تود لبني ثم تعشق تارة * سعدي وتلهو عن سعاد وترغب
وتظل طورا والها متنورا * لنوار سالف وعدها تترقب
وتحن أحيانا لسكان الحمى * وجدا ويثني غرب عزمك غرب
تختار من نعمان غصن أراكة * غض الجنا يحلو جناه ويعذب
يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي ابن عم المحقق.
ولد سنة ٦٠١ وتوفي ٦٨٩ أو سنة ٦٩٠.
في لؤلؤتي البحرين: هو ابن عم المحقق نجم الدين واشتهر نسبه
إلى جده فيقال في عبارات الأصحاب يحيى بن سعيد وقد اخذ له الاسم من
جده نجيب الدين يحيى بن الحسن بن سعيد، وقد ذكر العلامة في اجازته
لبني زهرة انه كان زاهدا ورعا وقال الشيخ حسن بن داود: ويحيى بن أحمد
بن سعيد شيخنا الامام العلامة الورع القدوة كان جامعا لفنون العلوم
الأدبية والفقهية والأصولية وكان أورع الفضلاء وأزهدهم. له تصانيف
جامعة للفوائد منها كتاب الجامع للشرائع في الفقه وكتاب المدخل في
أصول الفقه وقضاء الفوائت نسبه إليه الشهيد في غاية المراد.
وعده النسابة السيد جعفر بن محمد الأعرجي في مؤلفه الطود
الشامخ في معرفة طبقات المشايخ الموجودة نسخته الخطية بخط المؤلف
لدي، من كبار مشايخ العلامة الحلي وأساتذته وبعبارة الشيخ نجيب
الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي وأثنى عليه واعتبره
من كبار المشايخ ورجال الإجازة والرواية.
الشيخ عماد الدين يحيى بن أحمد الكاشاني.
ذكره بعض تلامذة المحقق الكركي في رسالة مشايخ الشيعة وذكره
(٢٨٧)

الشيخ يحيى في تذكرة المجتهدين له شرح مفتاح السكاكي
يحيى بن محمد بن طباطبا العلوي.
هو الشريف أبو المعمر النحوي، توفي في رمضان سنة ٤٧٨.
كان نحويا أديبا فاضلا يتكلم مع ابن برهان في العلم، اخذ عن
علي بن عيسى الربعي وأبي القاسم الثمانيني وعنه أبو السعادات هبة الله بن
الشجري وكان يفتخر به، وله شعر كثير منه:
لي صاحب لا غاب عني شخصه * ابدا وظلت ممتعا بوجوده
فطن بما يوحي إليه كأنما * قد نيط هاجس فكرتي بفؤاده
وله أيضا:
حسود مريض القلب يخفي أنينه * ويضحي كئيب القلب عندي حزينة
يلوم على أن رحت في العلم راغبا * احصل من عند الرواة فنونه
فاعرف ابكار الكلام وعونه * واحفظ مما استفيد عيونه
ويزعم أن العلم لا يجلب الغنى * ويحسن بالجهل الذميم ظنونه
فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي * فقيمة كل الناس ما يحسنونه
الشيخ يحيى البحراني.
له كتاب الشهاب في الحكم والآداب مطبوع أوله الحمد لله جامع
الشتات ليوم النشور وباعث الأموات من الأجداث والقبور وصلى الله على
المصطفى المحبور وآله الطاهرين من الخنا والفجور وبعد فقد استخرت الله
وأزمعت على أن أجمع من كلام سيد البشر المصطفى الشافع في المحشر ألف
حديث مما اعتقد صحته ونقلته عن مشايخي رضوان الله عليهم فقد روينا
عنه ص أنه قال من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينه عني سماه الله
في السماء وليا وفي الأرض فقيها وكنت له شفيعا وقيل له ادخل الجنة من اي
باب شئت فهو الصادق إذا وعد والموفي إذا عاهد وسميته بكتاب الشهاب في
الحكم والآداب ورتبته على ثلاثين من الأبواب سالكا فيه أسلوب حروف
المعجم، الباب الأول والثاني في الألف الموصول والمقطوع الخ.
وللقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضائي المغربي كتاب
الشهاب في الكلمات النبوية عندنا نسخة منه ناقصة من آخرها أوله
الحمد الله القادر الفرد الحكيم الفاطر الصمد الكريم باعث نبيه محمد ص
بجوامع الكلم وبدائع الحكم وجاعله للناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله
باذنه وسراجا منيرا صلى الله عليه وعلى آله الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا إما
بعد فان الألفاظ النبوية والآداب الشرعية جلاء لقلوب العارفين وشفاء
لأدواء الخائفين لصدورها عن المؤيد بالعصمة والمخصوص بالبيان والحكمة
الذي يدعو إلى الهدى ويبصر من العمى ولا ينطق عن الهوى ص أفضل ما
صلى على أحد من عباده الذين اصطفى قال القاضي وقد جمعت في كتابي هذا ما
سمعته من حديث رسول الله ص وعلى ألف كلمة من الحكمة والوصايا
والآداب والمواعظ والامثال قد سلمت من التكلف مبانيها وبعدت عن
التعسف معانيها وبانت بالتأييد عن فصاحة الفصحاء وتميزت بهدى النبوة
عن بلاغة البلغاء وجعلتها مسرودة يتلو بعضها بعضا محذوقة الأسانيد مبوبة
أبوابا على حسب تقارب الألفاظ ليقرب تناولها ويسهل حفظها ثم زدت
مائتي كلمة فصارت ألف كلمة ومائتي كلمة وختمت الكتاب بأدعية مروية
عنه ع وأفردت الأسانيد جميعها كتابا يرجع في معرفتها إليه. ولم
يرتبه على حروف المعجم لكنه جعل الباب الأول في المعرف بال فقال:
باب الأعمال بالنيات، المجالس بالأمانة، المستشار مؤتمن الخ. والباب
الثاني في المبدوء بمن فقال: باب من صمت نجا من تواضع الله
رفعه الله الخ والباب الثالث فيما بدئ بفعل ماض فقال باب حفت الجنة بالمكاره، وجبت محبة
الله على من أغضب فحلم الخ. والباب الرابع فيما بدئ بفعل أمر فقال: باب
اشفعوا تؤجروا سافروا تغنموا يسروا ولا تعسروا الخ.
ومما يستلفت النظر في هذا الكتاب اقتصاره في الصلاة على النبي على
ذكر آله معه ووصفهم بالذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وله كتاب آخر في الحكم المروية عن أمير المؤمنين علي ع سماه
دستور معالم الحكم مطبوع.
الشيخ يحيى المفتي البحراني.
تلميذ المحقق الكركي، له تذكرة المجتهدين فيه تراجم جماعة من
العلماء المتقدمين والمتأخرين وجملة من الرواة الأقدمين ينقل عنه كثيرا في
الرياض واحتمل فيه اتحاده مع الشيخ الأحسائي ولد الشيخ إبراهيم من
علماء عصر الشاة طهماسب بل اتحاده مع الشيخ شرف الدين يحيى بن عز
الدين حسين بن عشيرة بن ناصر البحراني نزيل يزد.
الشيخ يحيى الحر العاملي الجبعي.
الظاهر أنه والد الشيخ حسن يحيى الحر الذي أدركناه ورأيناه والظاهر أنه
كان يتولى منصبا حكوميا شرعيا من إفتاء أو قضاء ففي كتاب مجمع
المسرات للدكتور شاكر الخوري صورة حجة من الأمير احمد المعني بهبة قرية
مشموشة من إقليم جزين للمعروف بأبي عتمة من الطائفة المسيحية لتكون
معاشا له ولأولاده وانه رفع عنها سائر الأقلام الميرية والخوابي عنه وعن ذريته
مع تحديدها وتاريخ الحجة غرة شهر رمضان المعظم سنة ١٠٨٧ وعلى هذه
الحجة تصديق مغلق من الشيخ يحيى الحر لم يذكر له تاريخ وهو متأخر عن
تاريخ الحجة لان العادة الجارية انه في كل مدة يصدق عليها من القضاة
والمفتين وعليها تصديق من مفتي صيدا محمود بن منصور ومن الشيخ يحيى
الحر والظاهر أنه كان قاضيا في جبع وهذه صورة تصديقه:
الحمد لله وحده. إذا قامت البنية الشرعية بتصرف بيت أبي عتمة في
هذه القرية كما حررت حدودها ورسومها تصرف ملك فليس لأحد من
الناس غيرهم التصرف بشئ منها بغير وجه شرعي لان الهبة عقد شرعي
يفيد الملك المؤبد والله أعلم.
كاتبه الحقير محل الختم: يحيى الحر
ولا يخفى انه لم يحكم لهم بالملكية وجعلها معلقة على شرط وتخلص
بذلك من الاشكال.
أبو زكريا نجيب الدين يحيى الأكبر بن الحسن بن سعيد الحلي.
عالم فاضل محدث ثقة صدوق من أكابر فقهاء عصره وهو الذي نقل
عنه الشهيد في شرح الارشاد في مبحث قضاء الصلاة الفائتة القول
بالتوسعة. وهو جد أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى المعروف بالمحقق
وجد الفقيه نجم الدين يحيى بن سعيد وقد يشتبه بهذا يروي المحقق عن
والده الشيخ حسن عنه.
(٢٨٨)

أبو الحسين شمس الدين يحيى بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمد بن
البطريق الحلي.
عالم فاضل محدث محقق ثقة صدوق له ١ كتاب العمدة ٢ المناقب
٣ اتفاق الأثر في امامة الاثني عشر ٤ الرد على أهل النظر في تصفح أدلة
القضاء والقدر ٥ النهج المعلوم إلى نفي المعدوم المعروف بسؤال أهل حلب
٦ تصفح الصحيحين في حل المتعتين ٧ خصائص الوحي المبين في
مناقب أمير المؤمنين وغير ذلك يروي عنه السيد فخار ويروي عنه الشهيد
بتوسط الشيخ محمد بن جعفر المشهدي ويروي عنه عماد الدين الطبري.
النسابة يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن
الحسين ع الشريف العالم المدني.
يروي عنه سبط الشريف أبو حمد الحسن بن محمد بن يحيى المذكور
ويعرف السبط هذا بالدنداني ويروي عن السبط السيد أبو الحسن علي بن
محمد بن الصوفي العلوي العمري النسابة.
أبو الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل العلوي عن أبي عبد الله محمد بن
علي بن الحسين الحسني.
حكى السيوطي في اللآلئي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة عن
الدارقطني انه ذكره في سند حديث وقال فيه انه موضوع اسناده كما ترى فيه
غير واحد من المجهولين وأبو الحسين العلوي رافضي غال انتهى.
الشيخ يحيى ابن الشيخ حسين البحراني.
له رسالة بهجة الخاطر ونزهة الناظر في الفرق بين الكلمتين المتماثلتين
في المعنى والمشبهتين فيه كالفرق بين التسمية والبسملة والحمد والشكر
والحمد والمدح والكرم والجود والواجب والفرض وغير ذلك. فرع منها
مؤلفها في ربيع الأول سنة ٩٦٧ منها نسخة مخطوطة في مدينة كرمانشاه.
أبو محمد يحيى بن الحسين العلوي النيسابوري.
متكلم زاهد له كتاب المسح على الرجلين، كتاب ابطال القياس،
كتاب التوحيد وكتب كثيرة في الإمامة ذكره ابن شهرآشوب والظاهر أنه هو
السيد أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون الحسيني الهروي الذي كان من
أكابر علمائنا يروي عن أبي الحسين النحوي سنة ٣٠٥ له كتاب الأمالي
الذي ينقل عنه السيد علي بن طاوس في مؤلفاته وصاحب تنبيه الغافلين عن
فضائل الطالبيين.
أبو الحسين يحيى بن الحسين بن زيد.
توفي ببغداد سنة ٢٠٩ أو ٢١٠ وصلى عليه المأمون وكان له نباهة وامه
خديجة بنت عمر الأشرف وكان محدثا راوية روى عن أبيه الحسين وعن عمه
عيسى ومحمد ابني زيد وعن الكاظم ع وعن الرضا ع وعن أحمد
وإسماعيل ابني الكاظم ع وروى عنه أبو الفرج الأصفهاني ومحمد بن
منصور المرادي وأحمد بن محمد بن سعيد وغيرهم وكان وجه آل أبي طالب،
وقال العبيدلي قبره ببغداد سيد جليل العلوية خرج المأمون في جنازته
ماشيا. وقال الشيخ انه واقفي ولكن الكليني روى في باب النص على أبي
الحسن الرضا ع ان الكاظم ع لما اوصى كان من جملة شهود وصيته
يحيى بن الحسين بن زيد وذلك مما يدل على اعتماده عليه.
الشيخ شرف الدين يحيى بن عز الدين حسين بن عثيرة بن ناصر البحراني
نزيل يزد.
كان تلميذ المحقق الكركي ونائبه في بلدة يزد له تاريخ مشايخ الشيعة
ينقل عنه كثيرا في الرياض بعنوان بعض تلامذة المحقق الكركي وله زبدة
الاخبار في فضائل المخلصين وله التحفة الرضوية في شرح الجعفرية لإستاذه
المذكور وله منه اجازة تاريخها سنة ٩٣٢ وله تلخيص ارشاد القلوب الديلمية
وله تلخيص علل الشرائع للصدوق وله تلخيص كشف الغمة مع زيادات
وله تلخيص مجمع البيان وله تلخيص معارف ابن قتيبة.
ووصفه السيد حسين بن حيدر الحسيني الكركي فبي اجازته بالشيخ
الفقيه شارح الرسالة الجعفرية يروي عن المحقق الكركي ويروي عنه السيد
حسين ابن السيد حسن الحسيني الموسوي الكركي والد ميرزا حبيب الله وفي
أنوار البدرين أنه أحد تلامذة الشيخ حسين ابن الشيخ مفلح الصيمري
ويروي عنه قال ولعله صاحب كتاب الشهاب في الحكم والآداب المتقدم
ذكره المتضمن ألف حديث نبوي مرتبة على حروف المعجم بعضها من طرق
الخاصة وبعضها من طرق العامة وهو مطبوع ذكره في روضات الجنات وذكر
أنه للشيخ يحيى البحراني وليس له ذكر في التراجم وليس هو كتاب الشهاب
المذكور فيه ألف حديث نبوي للقاضي القضائي العامي فإنه ليس جاريا
على أسلوبهم ولا مشربهم انتهى قال المؤلف: كتاب الشهاب المطبوع
المشار إليه ذكر فيه أنه كتاب الشهاب في الحكم والآداب للشيخ يحيى
البحراني مجموع من كلمات النبي ص القصيرة وقد جمع قبل ذلك أبو
عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المغربي المعروف بالقاضي القضاعي
كتاب الشهاب مما أثر عن النبي ص من الحكم والآداب القصيرة وهو كتاب
مشهور ومر ذكره والظاهر أن البحراني ذكر ما في كتاب القضاعي وزاد عليه
شيئا مما روته الشيعة.
أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون الأقطع بن الحسين بن محمد
البطحاني بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ولد سنة ٣٣٩ وتوفي سنة ٤٢٣ وله خمس وثمانون سنة. في عمدة الطالب:
هارون الاقطع له عقب بالري منهم الشريفان الجليلان أبو الحسين أحمد بن
الحسين بن هارون المذكور وأخوه أبو طالب يحيى بن الحسين كان عالما فاضلا له
مصنفات في الكلام بويع له بالديلم بعد وفاة أخيه ولقب السيد الناطق بالحق وملك
ثلاث سنين وتوفي ويعرفان بابني الهرواني ولهما أعقاب.
السيد يحيى بن الحسين بن هارون الحسيني.
له كتاب الأمالي ينقل عنه ابن طاوس في الاقبال ويظهر منه جلالته
والاعتماد عليه.
المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم بن يوسف بن علي بن
إبراهيم بن محمد بن إدريس بن أبي بكر بن جعفر الكذاب.
قال السيد ضامن بن شدقم في كتاب أنسابه، قال البسامي:
وكان يحيى هو الحبر الذي ظهرت * علومه كظهور الوشي والحبر
وما ابن حمزة الا عالم علم * مخايل اليمن لاحت فيه من صغر
كان عالما فاضلا كاملا محررا مدققا زاهدا ورعا عابدا صائما نهاره قائما
ليله قد شهد بفضله وكماله أعيان فضلاء عصره وقد اجتمع في أوائل صبوته
(٢٨٩)

بالواثق بالله المطهر ابن المهدي لدين الله محمد يوم قبضه وقد عرف بفضله
وفعاله الحسنة وادعيا القيام في عصر وقطر واحد وتوفي يحيى بحصن هراة ثم
نقل إلى ذمار ومشهده بها مشهور.
يحيى بن حميدة الحلبي.
هو يحيى بن أبي طي أحمد بن ظافر الحلبي.
يحيى بن زياد الاقطع بن عبد الله الديلمي الكوفي المعروف بالفراء
النحوي الامام المشهور.
توفي بطريق مكة سنة ٢٠٧ عن سبع وستين سنة نص على تشيعه
صاحب رياض العلماء. ذكره السيد الطباطبائي في رجاله وهو يدل على أنه
عنده من الشيعة ولم يذكر ماخذ ذلك.
له مصنفات كثيرة مشهورة في النحو واللغة وهو أول من صنف في
مجازات القرآن وكان جامعا لعلوم كثيرة. وقال الطباطبائي في رجاله وقد
يشتبه الفراء هذا فيظن أنه معاذ بن مسلم وليس بذاك فان هذا تلميذ
الكسائي ومعاذ أحد شيوخه المتقدمين في الطبقة على الكسائي والفراء إذا
اطلق فالمراد به يحيى المذكور دون معاذ انتهى.
قال اليافعي في تاريخه قال الخطيب محمد بن الحسن الفقيه ابن خالة
الفراء قال لي الفراء يوما قل رجل أمعن النظر في باب من العلم فأراد غيره
الا سهل عليه فقال له محمد يا أبا زكريا قد أمعنت النظر في العربية فنسالك
من باب من الفقه فقال هات على بركة الله، قال ما تقول في رجل سها في
سجود السهو؟ ففكر الفراء ساعة ثم قال لا شئ عليه، فقال له ولم؟
قال: لأن المصغر لا يصغر ثانيا، وإنما السجدتان تمام الصلاة فليس للتمام
تمام فقال محمد ما أظننت أديبا يلد مثلك وقيل أن هذه الحكاية للكسائي.
وإنما قيل له فراء ولم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها لأنه كان يفري
الكلام ذكر ذلك الحافظ السمعاني وقال اليافعي فيه أيضا: توفي الامام
البارع النحوي يحيى بن زياد الفراء الكوفي أحد أصحاب الكسائي كان
رأسا في النحو واللغة أبرع الكوفيين وأعلمهم بفنون الأدب وحكى عن يمامة
ابن الأثير النمري المعتزلي وكان خصيصا بالمأمون أنه صادف الفراء على باب
المأمون يروم الدخول عليه قال فرأيت أبهة أديب فجلست إليه فناقشته عن
اللغة فوجدته بحرا وقايسته عن النحو فشاهدته تسيح وحده وعن الفقه
فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم وبالنجوم ماهرا وبالطب خبيرا
وبأيام العرب وأشعارها حاذقا فقلت من تكون وما أظنك إلا الفراء قال أنا
هو فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون فامر باحضاره لوقته وكان ذلك
سبب اتصاله به. وقال مطرب دخل الفراء على الرشيد فتكلم بكلام لحن
فيه مرات فقال جعفر بن يحيى البرمكي أنه قد لحن يا أمير المؤمنين فقال
الرشيد أ تلحن؟ فقال الفراء يا أمير المؤمنين أن طباع أهل البدو الاعراب
وطباع أهل الحضر اللحن فإذا تحفظت لم الحن فإذا رجعت إلى الطبع لحنت
فاستحسن الرشيد قوله. وكان المأمون قد وكله بتلقين ابنيه النحو فأراد
النهوض يوما لبعض حوائجه فابتدرا أيهما يسبق بتقديم النعلين إليه فتنازعا
ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما نعل إحدى رجليه وكان للمأمون
على كل شئ صاحب الخبر يرفع الخبر إليه فاعلمه بذلك فاستدعى الفراء
فقال له من أعز الناس؟ قال ما أعز من أمير المؤمنين قال بلى من إذا نهض
يقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين فقال يا أمير المؤمنين لقد أردت
منعهما عن ذلك ولكن حسبت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها وقد روي
عن ابن عباس انه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حين خرجا من عنده
فقيل له في ذلك فقال لا يعرف الفضل إلا أهل الفضل فقال المأمون لو
منعتهما عن ذلك لوجعتك لوما وعيبا وألزمتك ذنبا وما وضع ما فعلا شيئا
من شرفهما بل رفع من قدرهما وبين عن جوهرهما فليس يكبر الرجل وإن
كان كبيرا عن ثلاث تواضعه لسلطانه ومعلمه ووالده وقد عوضتهما فيما
فعلاه عشرين ألف دينار ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما
انتهى اليافعي.
وقال السيوطي في طبقات النحاة انه امام العربية وكان اعلم الكوفيين
بالنحو بعد الكسائي وأخذ عنه وعليه اعتمد وأخذ عن يونس. وأهل
الكوفة يدعون أنه استكثر عنه وأهل البصرة يدفعون ذلك وكان يحب
الكلام ويميل إلى الاعتزال وكان متدينا متورعا على تيه وعجب وتعظم وكان
زائد العصبية على سيبويه وكتابه تحت رأسه وكان يتفلسف في تصانيفه
ويسلك ألفاظ الفلاسفة وكان أكثر مقامه ببغداد فإذا كان آخر السنة أتى
الكوفة فأقام بها أربعين يوما يفرق في أهله ما جمعه وكان شديد المعاش لا
يأكل حتى يمسه الجوع وجمع مالا خلفه لابن له. وأبوه زياد وهو الأقطع
قطعت يده في الحرب مع الحسين بن علي وكان مولى بني عيسى قال سلمة
ابن عاصم دخلت عليه في مرضه وقد زال عقله وهو يقول أن نصبا فنصبا.
وإن رفعا فرفعا. روي له هذا الشعر قيل ولم يقل غيره:
لن ترا اني لك العيون بباب * ليس مثلي يطيق ذل الحجاب
يا أميرا على جريب من الأرض * له تسعة من الحجاب
جالسا في الخراب يحجب فيه * ما رأينا امارة في خراب
انتهى ما في الطبقات وقال السيد المرتضى في الغرر والدرر في
طي تأويل آية ولا تقولن لشئ أني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله قلنا
تأويل هذه الآية بني على وجهين أحدهما أن يجعل حرف الشرط الذي هو أن
متعلقا بما يليه وبما هو متعلق به في الظاهر من غير تقدير محذوف ويكون
التقدير ولا تقولن انك تفعل إلا ما يريد الله تعالى وهذا الجواب ذكره الفراء
وما رأيته إلا له ومن العجب تغلغله إلى مثل هذا مع أنه لم يكن متظاهرا
بالقول بالعدل. وظاهر كلام المرتضى يقتضي أن الفراء لم يكن من الشيعة
بل ولا من المعتزلة العدلية الذي أدعاه السيوطي المذكور.
وما قاله السيوطي من ميل الفراء إلى الاعتزال لعله مبني على خلط
أكثر العلماء بين أصول الشيعة والمعتزلة وأما قوله قطعت يده في الحرب مع
الحسين بن علي فقد يقال إن كان مراده شهيد كربلاء فهو سهو ظاهر لأن
زمانه مقدم على زمان والد الفراء بكثير اللهم إلا أن يكون زياد جده الأعلى
والنسبة إليه من باب الاختصار. واعلم أن ابن طاوس ينقل في سعد
السعود من كتاب معاني القرآن كثيرا ويورد عليه الايرادات الكثيرة وكان
ينقل من نسخة عليها اجازة تاريخها سنة تسع وأربعمائة برواية سلمة بن
عاصم عن ثعلب عن الغراء وكلمات ابن طاوس في سعد السعود بل كلمات
الفراء نفسه أيضا من كتابه المذكور تشعر بأنه من غير الشيعة.
ثم قد وقع السند في بعض مواضعه هكذا: حدثنا أبو الجهم عن
الفراء عن أبي معدية عن هشام بن عروة بن الزبير عن ابن عائشة كما نقله
في رياض العلماء.
(٢٩٠)

قال أبو بريدة الوضاحي: أمر المأمون الفراء أن يؤلف ما يجمع به
أصول النحو وما سمع من العرب، فامر أن تفرد له حجرة من حجر الدار
ووكل بها جواري وخدما للقيام بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشوف
نفسه إلى شئ، حتى أنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة. وصير له
الوراقين فكان الوراقون يكتبون حتى صنف كتاب الحدود في مدة سنتين
وأمر المأمون بكتبه في الخزائن. وبعد أن فرع من ذلك خرج إلى الناس
وابتدأ كتاب المعاني وكان من وراقيه سلمة بن عاصم وأبو نصر بن الجهم.
قال أبو بريدة: فأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا لاملاء كتاب
المعاني فلم نضبط عددهم. ولما فرع من املائه خزنه الوراقون عن الناس
ليتكسبوا به وقالوا: لا نخرجه لأحد إلا لمن أراد أن ننسخه له على أن
يكون عن كل خمسة أوراق درهم. فشكا الناس إلى الفراء فدعا الوراقين
وكلمهم في ذلك وقال: قاربوا الناس تنفعوا وتنتفعوا فأبوا عليه فقال:
سأريكم وقال للناس: أني أريد أن املي كتاب معان أتم شرحا وابسط قولا
من الذي أمليت قبلا وجلس يملي، فاملى في الحمد مائة ورقة. فجاء
الوراقون إليه وقالوا: نحن نبلغ الناس ما يحبون فنسخوا كل عشرة أوراق
بدرهم.
وللفراء تصانيف كثيرة منها ما وعته الكتب وأشارت إلى أسمائها
وهي: ١ كتاب اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف
٢ كتاب معاني القرآن أربعة اجزاء ألفه لعمر بن بكير. ٣ كتاب البهي ألفه
للأمير عبد الله بن طاهر ٤ كتاب المصادر في القرآن ٥ كتاب اللغات ٦ كتاب
الوقف والابتداء ٧ كتاب الجمع والتثنية في القرآن
٨ كتاب آلة الكتاب ٩ كتاب الفاخر ١٠ كتاب النوادر ١١
كتاب فعل وافعل ١٢ كتاب المقصور والممدود ١٣ كتاب المذكر
والمؤنث ١٤ كتاب يافع ويافعة ١٥ كتاب ملازم ١٦ كتاب الحدود
ألفه بأمر المأمون ١٧ كتاب مشكل اللغة الكبير ١٨ كتاب المشكل
الصغير ١٩ كتاب الواو وغير ذلك.
وبالإضافة إلى اخذه العلم من الكسائي فإنه روى عن قيس بن
الربيع ومندل بن علي، كما أخذ عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم
النمري وغيرهما. وله روايات كثيرة عن يونس بن حبيب البصري.
وقال الفراء ان أستاذي يونس أنشدني هذا البيت وكرره علي:
رب حلم أضاعه عدم المال * وجهل غطى عليه النعيم
وقال إسماعيل العبايجي:
وبالرغم مما بلغه الفراء من مكانة رفيعة بين النحاة، ومنزلة عظيمة
بين أعلام اللغة، لم نجده يستأثر باهتمام الكتاب والمؤلفين. فالأقدمون
تعرضوا له بما ليس فيه الكفاية وكأنهم على عجل حين يصل دور هذا
الرجل، فلا يعرف عن مناظراته إلا النزر القليل، ولا عن حياته إلا النتف
البسيطة التي لا يؤبه لها. والأحدثون لم يكن بمقدورهم أن يكونوا للفراء
طابعا ينتقونه مما بين أيديهم من نصوص وأحداث، فكانوا أكثر تحفظا
وتحرزا، اللهم إلا صاحب كتاب مدرسة الكوفة الذي استطاع أن
يستشف طبيعة شخصية الفراء ويرسم لهذه الشخصية الصورة الناطقة التي
تجلت له بعد دراسة مستفيضة لأساتيذه وتلاميذه ثم راح يكتب عنه بكل ما
في الجرأة من معنى، وبكل ما في الجدة من مواصفات، فيقول:
ولا نعرف عن حياة الفراء الأولى كثيرا، لأنه لم يكن من ذوي
الأسر التي يحسب الكتاب والمؤرخون لها حسابا، ويملئون الصفحات بكل
تافه من ألوان حياته المترفة، فقد كان أبوه مولى لقبيلة عربية انتسب إليها
كثير من الصحابة وغيرهم وهي قبيلة بني منقر، ونشأ كما ينشأ أولاد
الفقراء، ينتهب حقه من الحياة انتهابا، ويفرض شخصيته على الزمن
فرضا، ولم يفتح التاريخ على يحيى بن زياد إلا وهو شاب عرفه زملاؤه
بنفاذ الذهن، ودقة الحس، وقدر له أستاذه أبو جعفر الرواسي مستقبلا
علميا جليلا.
أساتيذه ومن أخذ عنهم
يكاد يجمع النحاة الأقدمون والأحدثون، أن الفراء اعلم علماء
الكوفة بالنحو بعد الكسائي، وقد أخذ علمه هذا عن الكسائي وهو عمدته
ومن أساطين حضار بحثه، وأجل أصحابه، ثم أخذ عن اعراب وثق بهم،
مثل أبي الجراح وأبي ثروان وأبى فقعس وغيرهم، كما أخذ نبذا عن يونس،
وأهل الكوفة يدعون انه استكثر منه، وأهل البصرة يدفعون عنه هذا
الادعاء. ومهما تكثرت الادعاءات، فمن الثابت ان الفراء كان شديد
التعلق بأستاذه الكسائي، مأخوذا به، معجبا بأدائه، ملازما له، لا
يفارقه في سفر ولا حضر، وكان إذا سافر فهو عديله يحادثه ويسامره، وإذا
أقام فهو جليسه يذاكره العلم ويدارسه.
يقول ابن أبي سعد: حدثني ابن طهمان قال سمعت والله الفراء
يحيى يقول: مدحني رجل من النحويين فقال: ما اختلافك إلى الكسائي
وأنت مثله في النحو؟ فأعجبتني نفسي فاتيته فناظرته مناظرة الأكفاء،
فكأني كنت طائرا يغرف من البحر بمنقاره. (٢)
وبعد أن خرج الفراء من تحت كساء أستاذه... خرج وهو على تيه
وزهو واعتداد بالنفس، بعد أن نال من كل علم طرفا، فراح يخوض غمار
المناظرات مع أعلام اللغة دونما تهيب أو وجل ليخرج منها خروج الظافر
المنتصر.
يقول الخطيب في تاريخ بغداد: كان محمد بن الحسن الفقيه ابن خالة
الفراء، وكان الفراء يوما جالسا عنده، فقال الفراء: قل رجل أمعن النظر
في باب من العلم فأراد غيره الا سهل عليه، فقال له محمد: يا أبا زكريا
قد أمعنت النظر في العربية فأسألك عن باب في الفقه؟ فقال: هات على
بركة الله تعالى، قال: ما تقول في رجل صلى فسها فسجد سجدتين للسهو
فسها فيهما، ففكر الفراء ساعة ثم قال: لا شئ عليه، فقال له محمد:
ولم؟ قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان تمام
الصلاة، فليس للتمام تمام، فقال محمد: ما ظننت آدميا يلد مثلك.
اتصاله بالمأمون
لم يعد الخلفاء والأمراء والملوك في غنى عن الاتصال بمثل هذه العينات
البشرية النادرة، فقد كانت مجالسهم تحفل بالأديب والفقيه واللغوي
والقاضي والمؤنس والنديم، وغالبا ما كان الخلفاء يعهدون إلى هؤلاء مهمة
(٢٩١)

تعليم أولادهم وتأديبهم، وكثيرا ما وجد الملوك عند هؤلاء الرأي الحصيف
والمشورة الصائبة. فليس من باس إذن، أن يتردد الفراء على باب المأمون
ليتبوأ مكانه في مجلسه. بينما هو ذات يوم على الباب إذ جاء أبو بشر ثمامة
بن الأشرس وكان خصيصا بالمأمون، قال ثمامة: فرأيت أبهة أديب
فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وفاتشته عن النحو فشاهدته
نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم،
وبالنجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب واشعارها حاذقا، فقلت
له: من تكون؟ وما أظنك الا الفراء، فقال: أنا هو، فدخلت فأعلمت
أمير المؤمنين المأمون، فامر باحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به. (١)
وصار الفراء يختلف إلى مجلس المأمون، والمأمون يظاهر عليه من
يسائله في النحو ويناظره في اللغة، إلا أنه كان يهزمهم تباعا، ويفحمهم،
والمأمون عالم قبل أن يكون حاكما، خبير بأقدار العلماء ومراتبهم، فقد آنس
في يحيى بن زياد حذقا وسعة اطلاع. يقول الخطيب في تاريخ بغداد:
فامره بان يؤلف له ما يجمع به أصول النحو، وما سمع من العربية، وأمر
أن يفرد بحجرة من حجر الدار، ووكل به جواري وخدما يقمن بما يحتاج
إليه، حتى لا يتعلق قلبه، ولا تتشوق نفسه إلى شئ، حتى أنهم كانوا
يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصير له الوراقين وألزمه الأمناء والمنفقين، فكان
يملي والوراقون يكتبون، حتى صنف الحدود في سنتين.
وبعد أن فرع الفراء من تصنيف الحدود، قال لأصحابه يوما:
اجتمعوا حتى املي عليكم كتابا في القرآن الكريم، وجعل لهم يوما، فلما
حضروا خرج إليهم وكان في المسجد رجل يؤذن فيه، وكان من القراء
فقال له: اقرأ، مبتدئا بفاتحة الكتاب ففسرها، ثم مر في الكتاب كله على
ذلك، يقرأ الرجل ويفسر الفراء قال الراوي: وأردنا أن نعد الناس
الذين اجتمعوا لاملاء كتاب المعاني، فلم نضبطهم، فعددنا القضاة فكانوا
ثمانين قاضيا.
وشد ما يدهش المأمون هذا السفر العظيم الذي استهوله القراء
والمفسرون، ونال ثناءهم واعجابهم، حتى قال قائلهم: كتاب المعاني
كتاب لم يعمل مثله، ولا يمكن أحدا أن يزيد عليه. فكانت الرغبة
شديدة في نفس المأمون، والظرف محوجا في نظره، بان يدفع بولديه إلى
الفراء ليلقنهما النحو والصرف ويغرس في نفوسهما التأدب، فما كان من
الفراء الا أن يكون بمستوى المسؤولية التي أنيطت إليه، فلم يبخل على
هذين الحدثين بجهد، ولم يضن عليهما باهتمام، حتى صارا شديدي
التعلق بأستاذهما، لا يأنسان الا إلى قربه ومعسول أحاديثه، فضلا عما كانا
يكنان له من تجلة واحترام. فقد نهض يوما إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى
نعله يقدمانه له فتنازعا أيهما يقدمها، فاصطلحا أن يقدم كل واحد منهما
فردا، فقدماها، وكان المأمون له على كل شئ صاحب خبر، فرفع ذلك
الخبر إليه، فوجه إلى الفراء من استدعاه، فلما دخل عليه قال: من أعز
الناس؟ قال: ما أعرف أعز من أمير المؤمنين، قال: بلى من إذا نهض
يقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين حتى رضي كل واحد منهما أن
يقدم له فردا، قال: يا أمير المؤمنين لقد أردت منعهما عن ذلك، ولكن
خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها أو اكسر نفوسهما عن شريفة حرصا
عليها، وقد روى عن ابن عباس رض أنه أمسك للحسن والحسين
رضي الله عنهما ركابيهما، حين خرجا من عنده فقال له بعض من حضر:
أ تمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أسن منهما؟ فقال له اسكت يا
جاهل، لا يعرف الفضل لأهل الفضل الا ذوو الفضل، فقال له المأمون:
لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما وعتبا، وألزمتك ذنبا وما وضع ما فعلاه
من شرفهما، بل رفع قدرهما، وبين عن جوهرهما، ولقد ظهرت لي مخيلة
الفراسة بفعلهما، فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرا عن ثلاث: عن
تواضعه لسلطانه ووالده ومعلمه العلم وقد عوضتهما بما فعلاه عشرين ألف
دينار، ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك. (٢)
الفراء يتعهد مدرسة الكوفة بالنمو
يحدثنا التاريخ بان أهل الكوفة امتازوا بالفقه والحديث والقراءة، ثم
تعاطوا النحو بعد أن بات بينهم وبين البصريين شاو بعيد. ودراسة النحو
في الكوفة انما تبدأ حقا بعد الكسائي فهو امام مدرسة الكوفة. وفي رأي
الدكتور المخزومي أنه نهج بالنحو منهجا جديدا تولاه الفراء من بعده
بالرعاية، فهما الكسائي والفراء رئيسا المدرسة واليهما يعزى تأسيسها
وتنظيم منهجها وبهما يبدأ تاريخها.
وإذا كان الكسائي قد وضع أسس هذه المدرسة الجديدة، وجمع لها
مادة درسها، ورسم المنهج الذي يعتمد عليه انشاؤها، فان الفراء قد
تكفل باتمام البناء وتعهد المدرسة بالنمو، وأعاد النظر فيما جاء به
الكسائي، فاخذ منه ما يتفق مع طبيعة المدرسة وبنى منهجها على أساس
علمي جديد. (٣)
تفلسف في النحو، فأساء إلى هذا الدرس من حيث أراد الاحسان
ثم تابع الفراء مسيرته ناشطا دونما كلل أو ملل، وله في العربية
قصب السبق في أغلب التعاليل والتخاريج النحوية الجديدة، فتارة نراه
يحمل العربية على الألفاظ والمعاني فبرع واستحق التقدمة، وتارة يقلب
المسألة على وجوهها المختلفة وله في كل وجه منها أكثر من تعليل وتفسير.
وآراؤه النحوية هذه، وتفسيراته لوجوه الاعراب فلسفية إن صح مثل هذا
التعبير يطغى عليها الطابع الفلسفي، فمثلا حين يرى الخليل بن أحمد أن
كلا اسم، يراها الفراء بين الأسماء والأفعال فيقول: فلا أحكم عليها
بالاسم ولا بالفعل، فلا أقول أنها اسم، لأنها حشو في الكلام، ولا تنفرد
كما ينفرد الاسم، وأشبهت الفعل لتغيرها في المكنى والظاهر، لاني أقول في
الظاهر: رأيت كلا الزيدين، ومررت بكلا الزيدين، وكلمني كلا
الزيدين، فلا تتغير، وأقول في المكنى: رأيتهما كليهما، ومررت بهما
كليهما، وقام إلي كلاهما، فأشبهت الفعل، لأني أقول: قضى زيد ما
عليه، فتظهر الألف مع الظاهر، ثم أقول قضيت الحق، فتصير الألف ياء
مع المكنى.
إلي
ولم يخالف الفراء الخليل، وحسب، وانما خالف أستاذه الكسائي في
كثير من مذاهبه فرفع المعطوف على اسم ان أجازه فريق من النحاة في
جميع الأمثلة أو بعضها، ومنهم كسائي الذي كان يجيز ذلك مطلقا.
(٢٩٢)

أما الفراء فلم يمنع رفع المعطوف، ولم يجوزه مطلقا بل فصل
وقال: إن خفى اعراب الاسم يكون مبنيا أو معربا مقدر الاعراب، جاز
الحمل على المحل... وإلا فلا. (١)
ثم يعرض الفراء لهذا في تفسيره لقوله تعالى: إن الذين آمنوا
والذين هادوا والصابئون والنصارى، فاعرب والصابئون كما
يحدثنا الدكتور المخزومي على أنها معطوفة على الذين وعلل اعرابه هذا
بان الذين حرف على جهة واحدة في رفعه ونصبه وخفضه، فلما كان
اعرابه واحدا، وكان نصب ان ضعيفا، وضعفه انه يقع على الاسم ولا
يقع على الخبر، جاز رفع الصابئين.
وطابع الفلسفة واضح على هذه المسألة، كما أن سمة التمحل
والتهافت بينة فيها.
ووثق من قول أحد الاعراب، فذهب إلى اسمية نعم وبئس لأنه
سمع منه والله ما هي بنعم الولد وجوز اعراب العدد المركب قياسا إذا
أضيف استنادا إلى ما سمعه من أبي فقعس الأسدي، وابن هيثم العقيلي:
ما فعلت خمسة عشرك.
تعصبه على سيبويه
درس الفراء كتاب سيبويه عن كثب وروية، حتى وجد بعضه
تحت وسادته التي كان يجلس عليها، لكنه، وبالرغم من ذلك، كان زائد
العصبية على سيبويه، يتعمد مخالفة مذاهبه ومزاعمه في ألقاب الاعراب
وتسمية الحروف، وقيل: إنما كان لا يفارق الكتاب لأنه كان يتتبع
خطاه ولكنته فإذا صحت هذه القولة ففيها غلو وتعصب واضحان
فالكتاب أكبر من أن ينال منه الفراء أو غيره. وبحسبك أن تعلم أنه
كان يسمى قرآن النحو.
قالوا عن الفراء...
وهؤلاء الذين قالوا عنه هم اسناد اثبات، أمناء في أحاديثهم
ومقولاتهم، ولو رصدت تلك الآراء وتنقلت بينها بأناة وتريث، تجلت لك
شخصية الفراء بوضوح.
فهذا أبو بكر الأنباري يقول: لو لم يكن لأهل بغداد من علماء إلا
الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس وقالوا: النحو
للفراء والفراء أمير الأمراء في النحو ويقول أبو العباس أحمد بن يحيى:
لولا الفراء لما كانت عربية، لأنه حصنها وضبطها. وقال السيوطي:
كان متدينا متورعا، على تيه وعجب وتعظم. وابن خلكان يعرض له
فيقول: كان أبرع الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب.
وهذا صاحب كتاب مدرسة الكوفة يقول: أكثر ما كان
للكوفيين من آراء إنما هو للفراء.
وقد قضي أكثر سنيه في بغداد، يتطلب العلم جثوا على الركب،
بين أروقة الجوامع وأفنية المساجد.
يقول مسلمة بن عاصم: دخلت على الفراء في مرضه، وقد زال
عقله، فسمعته يقول: إن نصبا فنصبا، وان رفعا فرفعا.
النقيب أبو جعفر يحيى بن زيد أو ابن أبي زيد الحسني العلوي نقيب
البصرة
ذكره تلميذه الشيخ عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح
النهج فقال: كان النقيب أبو جعفر غزير العلم صحيح العقل منصفا
بالجدل غير متعصب فإنه كان علويا وكان يعترف بفضائل الصحابة وكان لا
يجحد الفاضل فضله.
وذكره تلميذه المذكور في عدة مواضع من شرح نهج البلاغة وذكر
أمورا كثيرة تدل على تشيعه ولم نعثر له على ترجمة في غير شرح النهج وفيما
ينقله عنه ابن أبي الحديد دلالة واضحة على غزارة علمه وسعة اطلاعه.
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج بعد أن تكلم على سياسة أمير المؤمنين علي
ع كان أبو جعفر بن أبي زيد الحسيني نقيب البصرة إذا حدثناه في
هذا يقول أنه لا فرق عند من قرأ السيرة بين سيرة النبي ص وسياسة
أصحابه أيام حياته وبين سيرة أمير المؤمنين ع وسياسة أصحابه أيام
حياته فكما أن عليا لم يزل امره مضطربا معهم بالمخالفة والعصيان والهرب
إلى أعدائه وكثرة الفتن والحروب كذلك كان النبي ص لم يزل ممنوا بنفاق
المنافقين وأذاهم وخلاف أصحابه عليه وهرب بعضهم إلى أعدائه وكثرة
الحروب والفتن. وكان يقول أ لست ترى القرآن العزيز مملوءا بذكر المنافقين
والشكوى منهم والتالم من أذاهم له كما أن كلام علي ع مملوء بالشكوى
من منافقي أصحابه والتالم من أذاهم له وإلتوائهم عليه نحو قوله تعالى: أ لم
تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم
والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في
أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير
وقوله انما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا الآية وقوله إذا
جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله
يشهد أن المنافقين لكاذبون اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله انهم
ساء ما كانوا يعملون السورة بأجمعها. وقوله: ومنهم يستمع إليك حتى
إذا اخرجوا من عندك قال الذين أوتوا العلم ما ذا قال آنفا أولئك الذين طبع
الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم. وقوله: رأيت الذين في قلوبهم مرض
ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا
عزم الامر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم. وقوله: أم حسب الذين في
قلوبهم مرض أن لن يخرج الله اضغانهم ولو نشاء لأرينا لهم فلعرفتهم
بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم وقوله: سيقول
المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم
ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا أن أراد بكم ضرا أو أراد
بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول
والمؤمنون إلى أهليهم ابدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم
قوما بورا. وقوله: سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم كثيرة لتأخذوها
(٢٩٣)

ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من
قبل فيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون الا قليلا. قال وأصحابه
الذين نازعوا في الأنفال وطلبوها لأنفسهم حتى انزل الله تعالى: قل الأنفال
لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم
مؤمنين وهم الذين إلتووا عليه في الحرب يوم بدر وكرهوا لقاء العدو حتى
خيف خذلانهم وذلك قبل أن تتراءى الفئتان وانزل فيهم: يجادلونك في
الحق بعد ما تبين لهم كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون. وهم الذين
كانوا يتمنون لقاء العير دون لقاء العدو حتى أنهم ظفروا برجلين في الطريق
فسالوهما عن العير فقالوا لا علم لنا منها وانما رأينا جيش قريش من وراء
ذلك الكثيب فضربوهما ورسول الله ص قائم يصلي فقالا بل العير امامكم
فاطلبوها فلما رفعوا الضرب عنهما قالا والله ما رأينا العير ولا رأينا الا الخيل
والسلاح والجيش فأعادوا الضرب عليهما فقالا العير امامكم فخلوا عنهما
فانصرف ص من الصلاة فقال إذا أصدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم
تركتموهما ونزل قوله تعالى: وإذ يعدكم الله إحدى الكائنتين انها لكم وتودون
غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر
الكافرين. وكان ص قد وعدهم بإحدى الكائنتين فكرهوا الحرب وأحبوا الغنيمة
وهم الذين فروا عنه يوم أحد واسلموه واصعدوا الجبل وتركوه حتى شج الأعداء
وجهه وكسروا ثنيته وضربوه على البيضة حتى وقع عن فرسه إلى الأرض وهو
يستصرخ بهم ويدعوهم فلا يجيبه أحد منهم الا من كان جاريا مجرى نفسه
وشديد الاختصاص به وذلك قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تلوون على أحد
والرسول يدعوكم في أخراكم. اي ينادي فيمنع نداءه آخر الهاربين لأن
أولهم اوغلوا في الفرار ومنهم الذين عصوا امره ذلك اليوم حيث أقامهم على
الشعب ورغبوا في الغنيمة ففارقوا مركزهم حتى دخل الوهن على الاسلام
بطريقهم وذلك قوله تعالى. حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الامر وعصيتم من
بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة. وهم
الذين عصوا امره في غزاة تبوك بعد أن اكد عليهم الأوامر فلم يشخصوا
معه فأنزل فيهم: يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل
الله اثاقلتم إلى الأرض أ رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في
الآخرة الا قليل الا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا
تضروه شيئا والله على كل شئ قدير. وهذه الآية خطاب مع المؤمنين لا
مع المنافقين ثم اكد عتابهم وتقريعهم بقوله تعالى: لو كان
عرضا قريبا أو سفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون
بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون.
ثم عاتب رسوله ص على إذنه لهم في التخلف وانما أذن لهم لعلمه انهم لا
يجيبونه فأراد أن تكون له المنة عليهم فقال: عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى
يتبين لك الذي صدقوا وتعلم الكاذبين. وكانوا وعدوه بالخروج معه كلهم
وكان بعضهم ينوي عدم الوفاء بالوعد ثم قال: لا يستأذنك الذين يؤمنون
بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين انما
يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم
يترددون وقال لهم يوم الحديبية احلقوا وانحروا مرارا فلم يفعلوا، وقال له
بعضهم وهو يقسم الغنائم: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. وقالت الأنصار
له مواجهة يوم حنين: أ تأخذ ما أفاء الله علينا بسيوفنا فتدفعه إلى أقاربك
من أهل مكة، وقال لهم في مرض موته: إئتوني بدواة وكتف اكتب لكم ما
لا تضلون بعده فلم يأتوه بذلك وقالوا ما قالوا وهو يسمع.
قال وكان أبو جعفر يقول: من هذا ما يطول شرحه وكان يقول من
تأمل حال الرجلين وجدهما متشابهين في جميع أمورهما أو في أكثرها لان حرب
رسول الله ص مع المشركين كانت سجالا انتصر يوم بدر وانتصر عليه
المشركون يوم أحد وكان يوم الخندق كفافا فقتلوا رئيس الأوس سعد بن
معاذ وقتل فارس قريش عمرو بن عبد ود وكان الظفر له يوم الفتح وهكذا
كانت حروب علي ع انتصر يوم الجمل وفي حرب صفين قتل من
أصحابه رؤساء ومن أصحاب معاوية رؤساء وكان الظفر له يوم النهروان
ومن العجب أن أول حروب رسول الله بدر وكان هو المنصور فيها وأول
حروب علي الجمل وكان هو المنصور فيها ثم كان من صحيفة الصلح
والحكومة يوم صفين نظير ما كان يوم الحديبية ثم دعا معاوية في آخر أيام
علي إلى نفسه وتسمى بالخلافة كما دعا مسيلمة والأسود العنسي إلى نفسيهما
في آخر أيام رسول الله وتسميا بالنبوة وأبطل الله امرهما بعد وفاة النبي ص
وبطل أمر معاوية وبني أمية بعد وفاة علي ع ولم يحارب الله ص أحد من
العرب الا قريش عدا يوم حنين ولم يحارب عليا أحد من العرب الا قريش
عدا يوم النهروان ومات علي شهيدا بالسيف ومات رسول الله ص شهيدا
بالسم، وهذا لم يتزوج على خديجة أم أولاده حتى ماتت وهذا لم يتزوج على
فاطمة أم أشرف أولاده حتى ماتت، ومات رسول الله ص عن ثلاث وستين
سنة ومات علي عن مثلها.
وكان يقول: انظروا إلى أخلاقهما وخصائصهما هذا شجاع وهذا
شجاع وهذا فصيح وهذا فصيح وهذا سخي وهذا سخي جواد وهذا عالم
بالشرائع والأمور الإلهية وهذا عالم بالفقه والشريعة والأمور الإلهية الدقيقة
الغامضة وهذا زاهد في الدنيا غير نهم عليها ولا مستكثر منها وهذا زاهد في
الدنيا تارك لها غير متمتع بلذاتها وهذا مدئب لنفسه في الصلاة والعبادة وهذا
مثله وهذا ابن عبد المطلب بن هاشم وهذا في قعدده وأبواهما اخوان لأب
وأم دون غيرهما وربي محمد في حجر أبي طالب فكان كأحد أولاده ولما كبر
وشب استخلصه من بني أبي طالب وهو غلام فرباه في حجره فامتزج
الخلقان وتماثلت السجيتان وإذا كان القرين مقتديا بالقرين فما ظنك بالتربية
والتثقيف الدهر الطويل فواجب كون أخلاق محمد ص كاخلاق أبي طالب
واخلاق علي كاخلاق أبي طالب أبيه ومحمد مربيه وأن يكون الكل شيمة
واحدة ونفسا غير منقسمة ولا متجزية وأن لا يكون بينهم فرق ولا فضل
لولا أن الله اختص محمدا برسالته واصطفاه لوحيه فامتاز بذلك على من
سواه وبقي ما عدا الرسالة على أمر الاتحاد وإلى هذا المعنى أشار ص بقوله
لعلي: أخصمك بالنبوة فلا نبو بعدي وتخصم الناس بسبع. وقال له أنت
مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي. فأبان نفسه منه بالنبوة
وأثبت له ما عداها من الفضائل والخصائص.
ثم حكى عنه أنه سأله عن رأي المعتزلة فاجابه أن الذي استقر عليه
رأيهم بعد اختلاف كثير أن عليا أفضل الجماعة وأنهم تركوا الأفضل
لمصلحة وأنه لم يكن هناك نص وإنما كانت إشارة وايماء وأن عليا نازع ثم
بايع.
فقال قد بقي بيني وبينكم قليل انا اذهب إلى النص وأنتم لا تذهبون
إليه فقلت له أنه لم يثبت النص عندنا بطريق يوجب العلم وما تذكرونه أنتم
صريحا فأنتم تنفردون بنقله وما عدا ذلك من الاخبار التي نشارككم فيها
(٢٩٤)

فلها تأويلات معلومة. فقال لي وهو ضجر لو فتحنا باب التأويلات لجاز أن
تتناول الشهادتين دعني من التأويلات الباردة التي تعلم القلوب والنفوس
أنها غير مرادة وأن المتكلمين تكلفوها وتعسفوها فإنما انا وأنت في الدار ولا
ثالث لنا فيستحي أحدنا من صاحبه أو يخافه. فلما بلغنا إلى هذا الموضع
دخل قوم ممن كان يخشاه فتركنا ذلك الأسلوب من الحديث وخضنا في غيره
انتهى.
ومر في الجزء الأول من هذا الكتاب عند الكلام على ما انفردت به
الشيعة في أصول الفقه أن المترجم اخرج رسالة زعم أنها لبعض الزيدية
واستظهرنا هناك أنها له وهي مشتملة على أمور نفيسة فيما يتعلق بعدالة جميع
الصحابة فلا نطيل بإعادة ذكرها.
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج سألته فقلت له أ تقول لو أن
حمزة وجعفرا كانا حيين يوم مات رسول الله ص أ كانا يبايعانه بالخلافة فقال
نعم كانا أسرع إلى بيعته من النار في يبس السفرفج فقلت له أظن أن جعفرا
كان يبايعه وما أظن حمزة كذلك لأنه كان قوي النفس شديد الشكيمة وهو
العم والأعلى سنا وأظنه كان يطلب الخلافة لنفسه فقال الامر في أخلاقه كما
ذكرت ولكنه كان صاحب دين متين ولو عاش لرأى من أحوال علي مع
الرسول ص ما يوجب أن يكسر له نخوته وأن يقدمه على نفسه ثم قال ابن
حمزة السبعي من خلق علي الروحاني اللطيف الذي جمع بينه وبين خلق حمزة
فاتصفت بهما نفس واحدة وأين هيولانية نفس حمزة وخلوها من العلوم من
نفس علي القدسية التي أدركت بالفطرة لا بالقوة التعليمية ما لم تدركه نفوس
مدققي الفلاسفة الإلهيين لو أن حمزة حي حتى رأى من علي ما رآه غيره
لكان اتبع له من ظله وأطوع له من أبي ذر والمقداد و إما قولك هو العم
والأعلى سنا فقد كان العباس العم الاعلى سنا وقد عرفت ما بذله له وندبه
إليه وما زالت الأعمام تخدم أبناء الاخوة وتكون اتباعا لهم أ لبست ترى داود
وعبد الله وصالح وسليمان وعيسى وإسماعيل وعبد الصمد أبناء علي بن
عبد الله بن العباس خدموا ابن أخيهم عبد الله السفاح بن محمد بن علي
وبايعوه وتابعوه وكانوا امراء جيوشه وأنصاره وأعوانه أ لست تعلم أن أبا
طالب كان رئيس بني هاشم وشيخهم والمطاع فيهم وكان النبي ع يتيمه
ومكفوله وجاريا مجرى أحد أولاده عنده ثم خضع له واعترف بصدقه حتى
مدحه بالشعر كما يمدح الأدنى الأعلى فقال:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يطيف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل
وإن سرا أقام أبا طالب وحاله معه حاله مقام المادح له سر عظيم وإن
في هذا لمعتبر عبرة أن يكون هذا الإنسان الفقير الذي لا أنصار له ولا
يستطيع الدفاع عن نفسه تعمل دعوته وأقواله في الأنفس ما تعمله الخمر في
الأبدان المعتدلة المزاج حتى تطيعه أعمامه ويعظمه مربيه وكافله ومن هو إلى
آخر عمره القيم بنفقته حتى يمدحه بالشعر كما يمدح الشعراء الملوك والرؤساء
وهذا في باب المعجزات عند المنصف أعظم من انشقاق القمر وانقلاب
العصا وانباء القوم بما يأكلون ويدخرون في بيوتهم ثم قال: كيف قلت أظن
أن جعفرا كان يبايعه ويتابعه ولا أظن ذلك في حمزة، إن كنت قلت ذلك
لأنه اخوه فإنه أعلى منه سنا لأنه أكبر من علي بعشر سنين وقد كانت له
خصائص ومناقب كثيرة ثم ذكر بعض مناقبه وذكرناه في ترجمته. ثم قال:
فقلت له قد وقفت لأبي حيان التوحيدي في كتاب البصائر على فصل عجيب
يمازج ما نحن فيه، قال في الجزء الخامس منه: سمعت قاضي القضاة أبا
بشر بن الحسين وما رأيت رجلا أقوى منه في الجدل في مناظرة جرت بينه
وبين أبي عبد الله الطبري وقد جرى حديث جعفر واسلامه والتفاضل بينه
وبين أخيه علي فقال القاضي أبو سعد، ثم ذكر ما حاصله أن اسلام جعفر
كان بعد بلوع واسلام البالغ لا يكون الا بعد استبصار واسلام علي مختلف
في حاله وذلك أنه قد ظن أنه كان عن تلقين وكلاهما قتلا وقتلة جعفر شهادة
بالاجماع وقتلة علي فيها أشد الاختلاف ولو انعقد الاجماع على أن القتلتين
شهادة فجعفر قتل مقبلا غير مدبر وعلي اغتيل اغتيالا وقاتل جعفر ظاهر
الشرك وقاتل علي من أهل القبلة. قال النقيب: اعلم فداك شيخك أن أبا
حيان رجل ملحد زنديق يحب التلاعب بالدين ويخرج ما في نفسه فيعزوه إلى
قوم لم يقولوه وأقسم بالله أن القاضي أبا سعد لم يقل من هذا الكلام لفظة
واحدة ولكنها من موضوعات أبي حيان وأكاذيبه وترهاته كما يسند إلى
القاضي أبي حامد المروروذي كل منكر، ثم قال يا أبا حيان مقصودك أن
تجعلها مسالة خلاف تثير بها فتنة بين الطالبيين لتجعل بأسهم بينهم، وكيف
تقلبت الأحوال فالفخر لهم لم يخرج عنهم، ثم ضحك حتى استلقى ومد
رجليه وقال: هذا كلام يستغنى عن الإطالة في ابطاله باجماع المسلمين فإنه
لا خلاف بينهم في أن عليا أفضل من جعفر وانما سرق أبو حيان ما ذكره من
رسالة المنصور إلى محمد بن عبد الله بن الحسن، قال له: وكانت بنو أمية
يلعنون أباك في ادبار الصلوات المكتوبات كما يلعن الكفرة فعنفناهم
وكفرناهم وبينا فضله وأشدنا بذكره فاتخذت ذلك علينا حجة وظننت أنه لما
ذكرناه من فضله انا قدمناه على حمزة والعباس وجعفر أولئك مضوا سالمين
مسلمين وابتلي أبوك بالدماء. فقلت له إذا لا اجماع في المسألة لأن المنصور
لم يقل بتفضيله عليهم، فقال أن الاجماع سبقه.
ثم ذكر ابن أبي الحديد بحثه في ذلك مع أحمد بن جعفر الواسطي
وذكرناه في ترجمته
يحيى بن سالم الكوفي.
نص على تشيعه العقيلي من أكابر علماء أهل السنة يروي عن أشعث
ابن عم الحسن بن صالح بن حي ويروي عنه زكريا بن يحيى الكسائي.
أبو طالب يحيى بن أبي الفرج سعيد بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن
قزأوغلي بن زيادة الشيباني البغدادي الكاتب المشهور.
توفي سنة ٥٩٤ ودفن في مشهد الإمام موسى بن جعفر ع
ببغداد. كان جامعا لكثير من العلوم المختلفة كالكتابة والإنشاء والحساب
والفقه والأصول وغير ذلك ذكره صاحب نسمة السحر والذهبي في النبلاء
ونص على تشيعه، وابن خلكان.
يحيى بن سعيد القطان
عده ابن رستة في الاعلاق النفيسة من الشيعة.
يحيى بن سعيد بن حيان
أبو حيان التيمي الكوفي العابد من تيم الرباب. عن مختصر الذهبي وابن حيان
مات سنة ١٤٥.
(٢٩٥)

أقوال العلماء فيه
في الخلاصة: أبو حيان وأبو الجحاف قال ابن عقدة انهما ثقتان وفي
رجال الميرزا بعد نقل ذلك عن الخلاصة عن مختصر الذهبي قوله وهو
يحيى بن سعيد بن حيان أبو حيان التيمي عنه يحيى القطان وأبو أسامة امام
ثبت انتهى قال وقال مسلم في سننه أبو حيان التيمي اسمه يحيى بن
سعيد من خيار أهل الكوفة. في تهذيب التهذيب قال الخريبي كان أبو
حيان عند سفيان الثوري يعني كان يعظمه ويوثقه وقال محمد بن عمران
الأخنسي عن محمد بن فضيل ثنا أبو حيان التيمي وكان صدوقا وقال ابن
معين ثقة وقال العجلي ثقة صالح مبرز صاحب سنة وقال أبو حاتم صالح
وذكره ابن حيان في الثقات قال وكان من المتهجدين وقال مسلم كوفي من
خيار الناس وقال النسائي ثقة ثبت وقال الفلاس ثقة وقال يعقوب بن سفيان
ثقة مأمون انتهى
أقول ظاهر الميرزا أنه هو الذي وثقه ابن عقدة ويؤيده ما مر في
أبي الجحاف داود بن أبي عوف سويد من أن سفيان كان يعظمه ويروي عنه
كما قالوا أنه كان يعظم هذا ويروي عنه وجمع ابن عقدة لهما في التوثيق ليس
الا لجامع بينهما وهو كونهما متعاصران ومشتركان في بعض من يروي عنهما
ونحو ذلك لكن توثيق الجماعة له ومبالغتهم في مدحه وقولهم صاحب سنة
مع عدم إشارة إلى قدح فيه يوجب الريب في أنه من شرط كتابنا وإن كان
مظنونا بذكر ابن عقدة له وتوثيقه إياه.
مشايخه
في تهذيب التهذيب: روى عن أبيه وعمه يزيد بن حيان وأبي
زرعة بن عمرو بن جرير والشعبي والضحاك بن المنذر وعباية بن رفاعة بن
رافع بن خديج وغيرهم.
تلاميذه
في تهذيب التهذيب: عنه أيوب السختياني ومات قبله والأعمش وهو
من اقرانه وشعبة والثوري ووهيب وابن عليه وهشيم وعيسى بن يونس وابن
المبارك ويحيى القطان وابن فضيل وأبو أسامة ومحمد بن عبيد الطنافسي
وآخرون.
أبو الفضل أو أبو الوفا معين الدين يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد
الخطيب الحصكفي الكاتب الأديب
ولد في حدود سنة ٤٦٠ وقيل سنة ٤٥٩ بطنزة وتوفي سنة ٥٥٣ وقيل
سنة ٥٥١ بميافراقين.
والحصكفي بحاء مهملة مفتوحة وصاد مهملة ساكنة وكاف
مفتوحة وفاء وياء نسبة إلى حصن كيفا قال ابن خلكان هي قلعة حصينة
شاهقة بين جزيرة ابن عمرو وميافارقين وقال السمعاني هي مدينة من
ديار بكر يقال لها بالعجمية حصن كيباء وفي معجم البلدان: حصن
كيفا ويقال كيبا وأظنها أرمنية بلدة وقلعة عظيمة مشرفة على دجلة بين آمد
وجزيرة ابن عمرو من ديار بكر وكانت ذات جانبين وعلى دجلتها قنطرة لم أر
في البلاد التي رأيتها أعظم منها وهي طاق واحد يكتنفه طاقان صغيران
انتهى وإذا أرادوا النسبة إلى المركب فالقياس أن ينسبوا إلى جزئه وقد
يركبون من الجزئين اسما واحدا وينسبون إليه قالوا رسعني وعبدلي وعبشمي
وعبدري في النسبة إلى رأس عين وعبد الله وعبد شمس وعبد الدار.
وطنزة بطاء مهملة مفتوحة ونون ساكنة وزاي وهاء بليدة صغيرة بديار
بكر فوق الجزيرة العربية. (١)
وفي انساب السمعاني: المشهور بالنسبة إليها اي حصن
كيفا: أبو الفضل يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد الحصكفي
الخطيب بميافارقين أحد أفاضل الدنيا وكان إماما بارعا فاضل الدنيا وكان
إماما في قول الشعر جواد الطبع رقيق القول اشتهر ذكره في الآفاق بالنظم
والنثر والخطب وعمر العمر الطويل وكان غاليا في التشيع ويظهر ذلك في
شعره وكتب إلي الإجازة بجميع مسموعاته بخطه في سنة ٥٥١ وروى عنه
أبو عبد الرحمن... بن أسامة النصيبي ببغداد وأبو الحسن علي بن مسعود
الأسعردي بالرقة وأبو الخير سلامة بن قيصر الضرير بقلعة جعبر والخضر بن
ثروان الضرير الأديب ببلخ ومساعد ابن فصايل المسحي بنيسابور وغيرهم
انتهى وذكره ابن الأثير في الكامل ووصفه بالأديب وقال: له
شعر حسن ورسائل جيدة مشهورة وكان يتشيع.
وفي معجم الأدباء لياقوت الحموي: يحيى بن سلامة بن الحسين
المعروف بالخطيب الحصكفي كان فقيها نحويا كاتبا شاعرا نشأ بحصن كيفا
وقدم بغداد فاخذ بها الأدب عن الخطيب أبي زكريا التبريزي وغيره وبرع في
النظم والنثر وانشاء الخطب ثم رحل إلى ميافارقين فسكنها وولي بها الخطابة
والإفتاء وله ديوان شعر وديوان رسائل.
وقال ابن خلكان. أبو الفضل يحيى بن سلامة بن الحسين بن
محمد الملقب معين الدين المعروف بالخطيب الحصكفي صاحب الديوان
الشعر والخطب والرسائل ولد بطنزة ونشأ بحصن كيفا وقدم بغداد واشتغل
بالأدب على الخطيب أبي زكريا التبريزي واتقنه حتى مهر فيه وقرأ الفقه على
مذهب الإمام الشافعي رض وأجاد فيه ثم رحل عن بغداد راجعا إلى
بلاده ونزل ميافارقين واستوطنها وتولى بها الخطابة وكان إليه أمر الفتوى
واشتغل عليه الناس وانتفعوا بصحبته وكان يتشيع وهو في شعره ظاهر وله
الخطب المليحة والرسائل المنتقاة ولم يزل على رياسته وجلالته وإفادته إلى أن
توفي.
وذكره العماد الأصبهاني في كتاب الخريدة فقال في حقه: كان علامة
الزمان في علمه ومعري العصر في نثره ونظمه له اللفظ الجزل الرقيق والمعنى
السهل العميق والفضل السائر المقيم، وأكثر العماد من الثناء عليه وتعداد
محاسنه بتلك الأسجاع المتعارفة في ذلك العصر.
ثم قال: وكنت أحب لقاءه واحدث نفسي عند وصولي إلى الموصل
وانا شغف بالاستفادة كلف بمجالسة الفضلاء والاستزادة أن أراه فعاق دون
لقائه بعد الشقة وضعفي عن تحمل المشقة.
(٢٩٦)

وفي كتاب التذكرة: لشرف الدين موسى ابن القاضي جمال
الدين يوسف ابن القاضي شهاب الدين احمد ابن القاضي جمال الدين
يوسف بن أيوب الأنصاري الشافعي التي رأينا منها نسختين في طهران
نسخة مخطوطة في مكتبة الحاج محتشم السلطة والظاهر أنها بخط المؤلف
وعليها آثار القدم ولم يذكر تاريخ كتابتها ولكن في أواخرها ما لفظه: وفي
يوم الثلاثاء ١٣ ربيع الثاني سنة ١٠٠٠ من الهجرة نقلت من الوافي
بالوفيات للصفدي من حرف العين المهملة... الخ قال في حق المترجم:
صاحب الديوان الشعر والخطب والرسائل ثم ذكر بعض ما مر من
الأقوال.
شعره
قال شمس الدين أبو البركات محمد الباغندي الشافعي في كتاب
جواهر المطالب في مناقب الامام أبي الحسن علي بن أبي طالب ع كما في
النسخة المخطوطة الموجودة في المكتبة الرضوية من أوقاف الشيخ أسد الله بن
محمد مؤمن بن خاتون العاملي سنة ١٠٦٧ وقفت على قصيدة طويلة نحو
مائة بيت في مدح أهل البيت للشيخ العلامة يحيى بن سلامة الحصفكي
ذكرها ابن الجوزي في تاريخه المعروف بالمنتظم فاخترت منها هذا القدر:
قال المؤلف وقد اورد منها سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ٣٤ بيتا
ومنها ومن مثلها عده السمعاني غاليا في التشيع بزعمه ونذكر منها هنا ما يزيد
على ما ذكره الباغندي:
أقوت مغانيهم فأقوى الجلد * ربعان بعد الساكنين فدفد
صاح الغراب فكما تحملوا * امسى بها كأنه مقيد
تقاسموا يوم الوداع كبدي * فليس لي منذ تولوا كبد
ليت المطايا للنوى ما خلعت * ولا حدا من الحداة أحد
على الجفون رحلوا وفي الحشي * تقيلوا وماء عيني وردوا
وأدمعي مسفوحة وكبدي * مقروحة وغلي ما تبرد
وصبوتي دائمة ومقلتي * دامية ونومها مشرد
تيمني منهم غزال أغيد * يا حبذا ذاك الغزال الأغيد
حسامه مجرد وصرحه * ممرد وخده مورد
كأنما نكهته وريقه * مسك وخمر والثنايا برد
يقعده عن القيام ردفه * وفي الحشي منه المقيم المقعد
أيقنت لما ان حدا الحادي بهم * ولم أمت ان فؤادي جلمد
كنت على القريب كئيبا مغرما * صبا فما ظنك بي إذ بعدوا
هم الحياة اعرقوا أم أشاموا * أم أيمنوا أم اتهموا أم انجدوا
ليهنهم طيب الكرى فإنه * من حظهم وحظ عيني السهد
هم تولوا بالفؤاد والكرى * فأين صبري بعدهم والجلد
لولا الضنا جحدت وجدي بهم * لكن نحولي بالغرام يشهد
لله ما أجور احكام الهوى * وما لمن يظلم فيه مسعد
ليس على المتلف غرم عندهم * ولا على القاتل عمدا قود
هل انصفوا إذ احكموا أم أسعفوا * من تيموا أم عطفوا فاقتصدوا
بل أسرفوا وظلموا واتلفوا * من هيموا واخلفوا ما وعدوا
وسائل عن حب أهل البيت هل * أقر اعلانا به أم اجحد
هيهات ممزوج بلحمي ودمي * حبهم وهو الهدى والرشد
حيدرة والحسنان بعده * ثم علي وابنه محمد
وجعفر الصادق وابن جعفر * موسى ويتلوه علي السيد
أعني الرضا ثم ابنه محمد * ثم علي وابنه المسدد
والحسن التالي ويتلو تلوه * محمد بن الحسن المفتقد
فإنهم أئمتي وسادتي * وان لحاني معشر وفندوا
أئمة أكرم بهم أئمة * أسماؤهم مسرودة تطرد
هم حجج الله على عباده * بهم إليه منهج ومقصد
هم النهار صوم لربهم * وفي الدياجي ركع وسجد
قوم اتى في هل اتى مدحهم * وهل يشك فيه الا ملحد
قوم لهم فضل ومجد باذخ * يعرفه المشرك والموحد
قوم لهم في كل ارض مشهد * لا بل لهم في كل قلب مشهد
قوم منى والمشعران لهم * والمروتان لهم والمسجد
قوم له مكة والأبطح والخيف * وجمع والبقيع الغرقد
ما صدق ألنا س ولا تصدقوا * ونسكوا وأفطروا وعيدوا
ولا غزوا وأوجبوا حجا ولا * صلوا ولا صاموا ولا تعبدوا
لولا رسول الله وهو جدهم * يا حبذا الوالد ثم الولد
ومصرع الطف فلا أذكره * ففي الحشي منه لهيب يقد
يرى الفرات ابن الرسول ظاميا * يلقى الردى وابن الدعي يرد
حسبك يا هذا وحسب من بغى * عليهم يوم المعاد الصمد
يا أهل بيت المصطفى وعدتي * ومن على حبهم اعتمد
أنتم إلى الله غدا وسيلتي * وكيف اخشى وبكم اعتضد
وليكم في الخلد حي خالد * والضد في نار لظى مخلد
ولست أهواكم لبغض غيركم * اني إذا أشقى بكم لا أسعد
فلا يظن رافضي انني * وافقته أو خارجي مفسد محمد
والخلفاء بعده * أفضل خلق الله فيما أجد
هم أسسوا قواعد الدين لنا * وهم بنوا أركانه وشيدوا
ومن يخن أحمد في أصحابه * فخصمه يوم المعاد احمد
هذا اعتقادي فالزموه تفلحوا * هذا طريقي فاسلكوه تهتدوا
والشافعي مذهبي مذهبه * لأنه في قوله مؤيد
وله:
أشكو إلى الله من نارين واحدة * في وجنتيه واخرى منه في كبدي
ومن سقامين سقم قد أحل دمى * من الجفون وسقم حل في جسدي
ومن نمو مين دمعي حين أذكره * يذيع سري وواش منه بالرصد
ومن ضعيفين صبري حين أذكره * ووده ويراه الناس طوع يدي
مهفهف رق حتى قلت من عجب * اخصره خنصري أم جلده جلدي
وله:
وهاتفة في الأيك إما خلية * فتشدو واما صبة فتنوح
فان يك لهوا فالحداد سفاهة * وان يك حزنا فالخضاب قبيح
هنيئا لها عرض الفضاء وليتني * إذا شئت أغدو مطلقا وأروح
وان عجيبا نطقها أعجمية * لدي وصمتي واللسان فصيح
إلى من أقاضيها فيظهر مينها * وصدقي وكل في الضلال يسيح
(٢٩٧)

وكان بمدينة آمد شابان بينهما مودة أكيدة ومعاشرة كثيرة فركب أحدهما
ظاهر البلد وطرد فرسه فتقنطر فمات وقعد الآخر يستعمل الشراب فشرق
فمات في ذلك النهار فعمل فيهما بعض الأدباء:
تقاسما العيش صفوا والردئ كدرا * وما عهدنا المنايا قط تقتسم
وحافظا الود حتى في حمامهما * وقلما في المنايا تحفظ الذمم
فقال المترجم:
بنفسي أخيان من آمد * أصيبا بيوم شديد الأذاة
وها ذا كميت من الصافنات * وها ذا كميت من الصافيات
ومما نسب إليه ويقال انها للمرزوقي قال ابن شهرآشوب في المناقب:
المرزوقي ويقال الحصكفي:
يا رب بالقدم التي أوطاتها * من قاب قوسين المحل الأعظما
وبحرمة القدم التي جعلت لها * كف المؤيد بالرسالة سلما
اجعلهما ربي إليك وسيلتي * في يوم حشر ان أزور جهنما
ومن شعره قوله:
وانسية زارت مع النوم مضجعي * فعانقت غصن البان منها إلى الفجر
اسائلها أين الوشاح وقد سرت * معطلة منه معطرة النشر
فقامت وأومت للسوار نقلته * إلى معصمي لما تقلقل في خصري
وقوله:
وخليع بت أعذله * ويرى عذلي من العبث
قلت إن الخمر مخبثة * قال حاشاها من الخبث
قلت فالأرفاث تتبعها * قال طيب العيش في الرفث
قلت ثم القئ قال أجل * شرفت عن مخرج الحدث
وسأجفوها فقلت متى * قال عند الكون في الجدث
وقوله:
لم يضحك الورد الا حين أعجبه * زهر الربيع وصمت الطائر الغرد
بدا فأبدى لنا البستان بهجته * وراحت الراح في اثوابها الجدد
وقوله يهجو مغنيا:
ومسمع غناؤه * يبدل بالفقر الغنى
أبصرته فلم تخب * فراستي لما دنا
وقلت من ذا وجهه * كيف يكون محسنا
وقلت من بينهم * هات أخي غن لنا
ويوم سلع لم يكن * يومي بسلع هينا
فانشال منه حاجب * وحاجب منه انحنى
وامتلأ المجلس من * فيه نسيما منتنا
أوقع إذ أوقع في * الأنفس أسباب العنا
وصاح صوتا نافرا * يخرج من حد البنا
وما درى محضره * ما ذا على القوم جنى
فذا يسد انفه * وذا يسد الأذنا
ومنهمو جماعة * تستر عنه الاعينا
فاغتظت حتى كدت من * غيظي أبث الشجنا
وقلت يا قوم اسمعوا * إما المغني أو انا
أقسمت لا اجلس أو * يخرج هذا من هنا
جروا برجل الكلب ان * السقم هذا والضنا
قالوا لقد رحمتنا * وزلت عنا المحنا
فحزت في اخراجه * راحة نفسي والثنا
وحين ولى شخصه * قرأت فيهم معلنا
الحمد لله الذي * اذهب عنا الحزنا
وقوله في مثل ذلك:
ومسمع قوله بالكره مسموع * محجب عن بيوت الناس ممنوع
غنى فبرق عينيه وحرك لحييه * فقلنا الفتى لا شك مصروع
وقطع الشعر حتى ود أكثرنا * ان اللسان الذي في فيه مقطوع
لم يأت دعوة أقوام بامرهم * ولا مضى قط الا وهو مصفوع
وقوله ملغزا في النعش:
أ تعرف شيئا في السماء نظيره * إذا سار صاح الناس حيث يسير
فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا * وكل أمير يعتليه أسير
يحض على التقوى ويكره قربه * وتنفر منه النفس وهو نذير
ولم يستزر عن رغبة في زيارة * ولكن على رغم المزور يزور
وله:
يا ابن ياسين وطاسين * وحاميم ونونا
يا ابن من انزل فيه * السابقون السابقونا
وله من قصيدة طويلة:
يا خائفا علي أسباب الردى * أما عرفت حصني الحصينا
اني جعلت في الخطوب موئلي * محمدا والأنزع البطينا
أحب ياسين وطاسين ومن * يلوم في ياسين أو طاسينا
يا ذاهبين في أضاليل الهوى * وعن سبل الحق ناكبينا
لجوا معي الباب وقولوا حطة * تغفر لنا الذنوب أجمعينا
ديني الولاء ولست ابغي غيره * دينا وحسبي بالولاء دينا
وله:
ما ضرني حبسي لأن * الحر حيث يحل حر
مر وحلو سائغ * وكلاهما حلم يمر
وله:
هو بالفعل عدو * وهو بالقول صديق
هو في القرب رحيق * وهو في البعد حريق
وله في لزوم ما لا يلزم:
أقول وربما نفع المقال ا
ليك سهيل إذ طلع الهلال القمر
تكاثرني بآلات المعاني
وكيف يكاثر البحر الهلال الماء في أسفل الإدارة
أ تطمع ان تنال المجد قبلي
وانى يسبق النجب الهلال صغار المنوق
(٢٩٨)

وتبسم حين تبصرني نفاقا
وشخصي في حوائجك الهلال حور عريضة
وتبطن شره في لين مس
كما لانت مع المس الهلال الحية
وتنتظر الدوائري ولكن
عليك تدور بالشر الهلال الرحى
كان وجوههم في ذل مثوى
وفرط صبابة فيها الهلال اثر الحافر في الأرض
واعراض أذيلت للأهاجي
كما يبدو على القدم الهلال القميص الرث
وما تغني الكثائف عن صدوع
بها ان يرأب الصدع الهلال حديد يشد به القعب
واعجب كيف يلزمهم كتاب
واعقل من لبيبهم الهلال أول ما يولد
وله:
تالله لو كانت الدنيا بأجمعها * تبقي علينا ونأتي رزقها رغدا
ما كان من حق حر ان يذل لها * فكيف وهي متاع يضمحل غدا
وله:
يا موحش الدار مذ بانوا كما انست * بقربهم لا خلت من صيب غدق
ان غبتم لم تغيبوا عن ضمائرنا * وان حصرتم حملناكم على الحدق
: الشيخ نور الدين أبو الفضل يحيى الطوسي أخو الخواجة نصير الدين.
توفي ٦٣٣ كان عالما فاضلا أديبا مؤرخا وكيلا عن أخيه في الوزارة.
الشيخ أبو سعد يحيى بن ظاهر بن الحسين المؤدب السمان الزاهد.
من مشايخ منتجب الدين صاحب الفهرس. قاله في الرياض.
فريد الدين أبو محمد يحيى بن عبد الرحمن بن عبد المحسن الآملي الطبري
. فقيه الشيعة.
كان من شعراء الشيعة المتكلمين له رسائل مشهورة ومسائل مذكورة
وكان فقيها عاملا بما في كتاب المصباح الكبير دائم القراءة له والاشتغال فيه
والاقتباس منه.
جمال الدين أبو الحسين يحيى بن عبد العظيم الجزار المصري.
ولد سنة ٦٠١ وتوفي سنة ٦٧٢ كذا في مسودة الكتاب وفي شذرات
الذهب توفي في شوال سنة ٦٧٩ وله ست وسبعون سنة أو نحوها ودفن
بالقرافة. في شذرات الذهب: الأديب الفاضل كان جزارا ثم استرزق
بالمدح وشاع شعره في البلاد وتناقلته الرواة وكان كثير التبذير لا تكاد خلته
تنسد وكان مسرفا على نفسه سامحه الله تعالى انتهى ولعل اسرافه على
نفسه ما فيه من تشيع.
شعره
له قصيدة وجدها صاحب الطليعة في مجموعة حلية:
حكم العيون على القلوب يجوز * ودواؤها من دائهن عزيز
كم نظرة نالت بطرف فاتر * ما لم ينله الذابل المهزوز
فحذار من تلك اللواحظ غرة * فالسحر بين جفونها مركوز
يا ليت شعري والأماني ضلة * والدهر يدرك طرفه ويحوز
هل لي إلى روض تصرم عمره * سبب فيرجع ما مضى فأفوز
وأزور من ألف البعاد وحبه * بين الجوانح والحشا مركوز
ظبي تناسب بالملاحة شخصه * فالوصف حين يطول به وجيز
والبدر والشمس المنيرة دونه * في الوصف حين يحرر التمييز
تجفو غلالته عليه لطافة * فيحسها من جسمه تطريز
من لي بدهر كان لي بوصاله * سمحا ووعدي عنده منجوز
والعيش مخضر الجناب أنيقه * ولأوجه اللذات فيه بروز
والماء يبدو في الخليج كأنه * ظل لسرعة سيره محفوز
والزهر يوهم ناظريه انما * ظهرت به فوق الرياض كنوز
فأقاحه ورق ومنثور الندى * ورد ونور بهاره أبريز
والغصن فيه تغازل وتمايل * وتشاغل وتراسل ورموز
وكأنما القمري ينشد مصرعا * من كل بيت والحمام يجيز
وكأنما الدولاب زمر كلما * غنت وأصوات الدوالب شيز
وكأنما الماء المصفق ضاحك * مستبشر مما اتى فيروز
يهنيك يا صهر النبي محمد * يوم به للطيبين هزيز
أنت المقدم في الخلافة ما لها * عن نحو بابك في الورى تبريز
لم يخش مولاك الجحيم فإنها * عنه إلى غير الولي تجوز
أ ترى تمر به وحبك دونه * عوذ ممانعة له وحروز
أنت القسيم غدا فهذا يلتظي * فيها وهذا في الجنان يفوز
وله في رثاء الحسين ع:
ويعود عاشوراء يذكرني * رزء الحسين فليست لم يعد
أو ان عينا فيه قد كحلت * بمسرة لم تخل عن رمد
ويدا به لشماتة خضبت * مقطوعة من زندها بيدي
يوم سبيلي حين أذكره * ان لا يدور الصبر في خلدي
إما وقد قتل الحسين به * فأبو الحسين أحق بالكمد
ومن شعره كما في شذرات الذهب:
عاقبتني بالصد من غير جرم * ومحا هجرها بقية رسمي
وشكوت الجوى إلى ريقها العذب * فجارت ظلما بمنع الظلم
انا حكمتها فجارت وشرع * الحب يقضي اني احكم خصمي
ومنها في المديح:
يا أميرا يرجى ويخشى لباس * ونوال في يوم حرب وسلم
أنت موسى وقد تفرغن ذا الخطب * فغرقه من نداك بيم
لي من حرفة الجزارة والآداب * فقر يكاد ينسيني اسمي
وله:
أكلف نفسي كل يوم وليلة * هموما على من لا أفوز بخيره
كما سود القصار في الشمس وجهه * حريصا على تبييض أثواب غيره
وكانت بينه وبين السراج الوراق مداعبة فحصل للسراج رمد فاهدى
الجزار له تفاحا وكمثري وكتب مع ذلك:
(٢٩٩)

أكافيك عن بعض الذي قد فعلته * لأن لمولانا علي حقوقا
بعثت خدودا مع نهود وأعينا * ولا غرو ان يجزي الصديق صديقا
وان حال منك البعض عما عهدته * فما حال يوم عن ولاك وثوقا
بنفسج تلك العين صار شقائقا * ولؤلؤ ذاك الدمع عاد عقيقا
وكم عاشق يشكو انقطاعك عندما * قطعت على اللذات منه طريقا
فلا عدمتك العاشقون فطالما * أقمت لأوقات المسرة سوقا
وله:
حسن التأني مما يعين على * رزق الفتى والحظوظ تختلف
والعبد مذ صار في جزارته * يعرف من أين تؤكل الكتف
وكان له حمار فمات فكتب إليه بعض أصحابه:
مات حمار الأديب قلت لهم * مضى وقد فات فيه ما فاتا
من مات في عزه استراح ومن * خلف مثل الأديب ما ماتا
فاجابه الجزار:
كم من جهول رآني * أمشي لأطلب رزقا
فقال لي صرت تمشي * وكنت تغشى وتلقى
فقلت مات حماري * تعيش أنت وتبقى
وللجزار مشيرا إلى حديث الإفك نقله شارح رسالة ابن زيدون من
خطه:
لا تقطعن عادة بر ولا * تجعل عقاب المرء في رزقه
واصفح عن الجاني فان الذي * ترجوه عفو الله من خلقه
وان بدت من صاحب زلة * فاستره بالاغضاء واستبقه
فان اثم الإفك من مسطح * يحط قدر النجم عن أفقه
وقد جرى منه الذي قد جرى * وعوتب الصديق في حقه
وله:
وحقك ما لي من قدرة * على كشف ضري إذ مسني
فكم أخذتني عيون الظباء * بعد الإنابة من مأمني
وله:
أطيل شكاياتي إلى غير راحم * وأهل الغنى لا يرحمون فقيرا
وأشكر عيشي للورى خوف شامت * كذا كل نحس لا يزال شكورا
وله:
الا قل لمن يسال عن * قومي وعن أهلي
لقد تسأل عن قوم * كرام الفرع والأصل
يريقون دم الأنعام * في حزن وفي سهل
على ما فيهم يعرف * من جود ومن نبل
ترحبهم بنو كلب * وتخشاهم بنو عجل
وله:
يمضي الزمان وأنت هاجر * أفما لهذا الهجر آخر
يا من تحكم في القلوب * بحاجب منه وناظر
مولاي لا تنس المحب * فإنه لهواك ذاكر
وإذا رقدت منعما * فاذكر شقيا فيك ساهر
شتان ما بيني وبينك في * الهوى إن كنت عاذر
النار في كبدي وظلمك * بارد والجفن فاتر
وفي شرح رسالة ابن زيدون: قال أبو الحسين الجزار من أبيات وقد
ذكر حريق الحرم النبوي:
لله في النار التي وقعت به * سر عن العقلاء لا يخفيه
أن ليس يبقى في فناه بقية * مما بنته بنو أمية فيه
وقال الأستاذ محمد رجب البيومي من مقال له:
نشأ الجزار في أواخر العصر الأيوبي، والملوك يومئذ يقربون
الشعراء، ويهتمون بالأدباء، فانتجع الشاعر ساحتهم، وأرسل امداحه في
الرؤساء والوجهاء من علية القوم، ثم عاد بالهبات الوافرة والعطاء
الكثير، وقد ذاع صيته في مصر فروى العامة شعره، وقرب الخاصة مجلسه
منهم، فمازحهم وفاكههم وآكلهم وشاربهم، وكانت الكنافة أحب الطعام
إليه، يتلهف عليها إذا احتجبت عنه، ويستائل عنها لدى ندمائه وخلانه،
فإذا لم يوفق إلى طلبته فرع إلى شعره يبثه شجونه:
وما لي أرى وجه الكنافة مغضبا * ولولا رضاها لم أرد رمضانها
عجبت لها في هجرها كيف أظهرت * علي جفاء صد عني جفانها
ترى اتهمتني بالقطائف فاغتدت * تصد اعتقادا أن قلبي خانها
ومذ قاطعتني ما سمعت كلامها * لأن لساني لم يخالط لسانها
بهذه الخفة المرحة طارت أبيات الشاعر كل مطار، فتناقلها السمار في
أنديتهم، وتدارسها الأدباء في مجالسهم، وأصبح الشاعر علما في قومه،
وأثيرا بين زملائه وعارفيه وقد سر به والده سرورا كبيرا فلم يكن يطمع هذا
الجزار المتواضع أن يكون ذا ولد يملأ العين والسمع، ويشغل المحافل
والأندية، ويسطر الصحائف والكتب، والغريب أن هذا الوالد الأمي هو
الذي شجع نجله على قرض الشعر، وهيا له الفرصة لمجالسة الأدباء
والعلماء، ومنحه الإجازات الطويلة من عمله بالجزارة ليفرع إلى موهبته،
عكس ما كنا ننتظره من قصاب عامي مثله!! وقد يكون من الطريف أن
نذكر أن الوالد قد اصطحب ولده في نشأته الأولى إلى شاعر مشهور يعرف
بابى الإصبع ليسمعه أبياته فلما وعاها الشاعر الكبير تبسم وقال للأديب
الناشئ: أنت عوام ماهر فسر الوالد سرورا كبيرا وقدم إليه هدية
ثمينة من لحومه، وحين سئل أبو الإصبع عن مراده بقوله: أنت عوام
ماهر قال: أنه ينتقل في الشعر من بحر إلى بحر!! فانظر إلى دقة
النقد وخفاء المأخذ، لتعرف ما طبع عليه الأدباء المصريون لعهد مضى
من حسن التاتي، ولطافة المدخل ولو واجه أبو الإصبع شاعرنا الناشئ
بنقده الصريع لأخمد من عزيمته واوهى من ثقته!! ولكن أحسن الرد
فكوفئ مكافاة طيبة من ناحية، واسدى لأبي الحسين من ناحية ثانية يدا
تذكر له في مجال الاستحسان.
على أن العهد الأيوبي لم يطل، وجاءت دولة المماليك، ورؤساؤها
أعاجم أميون، يهيمون بالفروسية والبسالة، ويفتنون في المؤامرات
السياسية والمكائد الطائفية، إما أن يسلفوا عارفة إلى أصحاب المواهب من
الشعراء والعلماء فهذا ما لم يدر لهم في ظن أو حسبان!! ونظر الشاعر في
سوقه الرائجة بالأمس فإذا هي خلاء قد كسدت بضاعتها، وخسرت
(٣٠٠)

تجارتها، فلا الحكام يغدقون البدر على الشعراء، ولا الأعيان يمدون الموائد
للأدباء، وحل رمضان الكريم كما يحل كل عام، فاشتاق الجزار إلى كنافته
وقطائفه! وانى له! والأبواب موصدة، والكف صفر! فليطرق الشاعر
أبواب معارفه وخلصائه، وليرسل إلى صديقه شرف الدين هذه الأبيات
الضارعات:
أيا شرف الدين الذي فيض جوده * براحته قد اخجل الغيث والبحرا
لئن أمحلت ارض الكنافة انني * لأرجو لها من سحب راحتك القطرا
فعجل بها جودا فما لي حاجة * سواها نباتا يثمر الحمد والشكرا
وكثيرا ما نهاه شرف الدين عن احتراف الجزارة لأنها في رأيه
تنقص من قيمته، وتخفض من أدبه، ولكن الجزار أجاب صديقه:
لا تلمني يا سيد شرف الدين إذا ما رأيتني قصابا
كيف لا أشكر الجزارة ما عشت حفاظا وارفض الآدابا
وبها أضحت الكلاب ترجيني وبالشعر كنت أرجو الكلابا (١)
يقول هذا وفي باطنه ثورة مشبوبة تجد تنفيسها في مثل قوله:
أصبحت لحاما وفي البيت لا * اعرف ما رائحة اللحم
واعتضت من فقري ومن فاقتي * عن التذاذ الطعم بالشحم
جهلته فقرأ فكنت الذي * أضله الله على علم
وحين يأتي رمضان المبارك يزداد التبرم بالرجل ازديادا مؤثرا فهو يتذكر
ماضيه على الموائد بين الكنافة والقطائف، ثم ينظر إلى يومه المقفر الجديب
فيتالم لحاضره مع المخللات والمحرقات، ويتشوق إلى عهوده الماضية كما
يتشوق الكهل الهرم إلى مراتع شبابه ومباهج صباه، ويدعو إلى الكنافة
بالسقيا من السكر كما يدعو المحب إلى الأطلال بالسقيا من الغيث، وأنه
ليبهجك بفكاهته الطريفة إذ يقول:
سقى الله اكناف الكنافة بالقطر * وجاد عليها سكرا دائم الدر
وتبا لأوقات المخلل أنها * تمر بلا نفع وتحسب من عمري
ولي زوجة أن تشتهي قاهريه * أقول لها ما القاهرية في مصر
والقاهرية هذه كما أظن، إحدى اللطائف الشهية، كالكنافة
والقطائف. إلى أن يذكر له الأستاذ البيومي قوله:
الا قل للذي يسال * عن قومي وعن أهلي
لقد تسأل عن قوم * كرام الفرع والأصل
ترجيهم بنو كلب * وتخشاهم بنو عجل
وقال مجاهد الخياط يهجوه:
إن تاه جزاركم عليكم * بفطنة عنده وكيس
فليس يرجوه غير كلب * وليس يخشاه غير تيس
ومن طرائفه أنه أراد الخروج لنزهة مع رفقة له فرغبوا بشراء لحم
فكلفوه بذلك لخبرته، فعاد إليهم بأردأ لحم. فلما تعجبوا من ذلك قال
لهم: لما رآني صاحب اللحم عرف بي زميلا قديما له فاقسم علي بان اقطع
اللحم بيدي فغلب علي لؤم الجزارين فجئت بهذا اللحم.
وقال ابن سعيد الأندلسي وقد اجتمع به وصحبه عندما مر
بالقسطاس ما خلاصته:
اختم بهذا الشاعر شعراء القسطاس ليكون الختام بمسك، وإن
كان بينهم في هذا العصر بمنزلة الواسطة من السلك. كان أبوه وأقاربه
جزارين بالقسطاس، ودكاكينهم بها إلى الآن قد عاينتها وأبصرته معهم بها
وكان في أول امره قصابا مثل أبيه وقومه، فحام على الأدب مدة وأكثر حوله
من حومه فرفعت له في القريض راية وطريقه من أسهل الطرق التي يميل
إليها العامة، ولا ينكرها الخاصة. يفيض خاطره كالعارض المتراكم. ولم
يزل ذلك دأبه في بلده حتى أخذ علو الطبقة بيده، وهو على كونه نشأ بين
ساطور ووضم. من أحسن الناس شكلا وأظرفهم وانظفهم وأحلاهم
طبعا، ذو بزة تصلح للرؤساء السراة، ولما قدمت إلى الديار المصرية لقيت
فيها ما يلقاه الغريب، ولم أجد من فيه للمروءة نصيب ولا للأدب حظ،
حتى لقيته فأنشدته:
ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد
وهو على ضد الشعراء في ترك الاستهتار بالمدامة وإن كان مكثرا
للمازجة تظرفا ورياضة للغزل وهو الآن شاعر القسطاس.
فمن قوله في قصيدة يمدح بها الملك الناصر ابن المعظم أنشده إياه في
يوم عيد النحر، وذكر فيها صنعته:
كيف يبقي الجزار في يوم عيد النحر رهن الافلاس والعيد عيده
يتمنى لحم الأضاحي، وعند الناس منه طريه وقديده
ولقد آن من لقائك أن تبيض أيامه ويخضر عوده
وفي معظم قصائده يشكو الزمان ويصف فقره وبؤسه في حين أن
مترجميه يذكرون أنه صارت له في الآفاق المصرية عدة رسوم يجتمع له فيها
ما لا يحصله في عصره أحد من أهل الأدب...
والمراد من الرسوم راتب معلوم على الرؤساء والأعيان يؤدونه إليه في
أوقات معلومة،
فمن شعره: ولا تغرنك منه جوخة فصلها وهو عليها نادم
وبيعها في البرد غير ممكن ورهنها لا يرتضيه الحازم
وقوله:
حسبي حرافا بحرفتي حسبي * أصبحت منها معذب القلب
موسخ الثوب والصحيفة من * طول اكتسابي ذنبا بلا كسب
أعمل في اللحم للعشاء ولا * أنال منه العشا فما ذنبي
خلا فؤادي ولي فم وسخ * كأنني في جزارتي كلبي
ومن شعره من قصيدة له كتب بها إلى جمال الدين بن يغمور في
العشر الأخير من رمضان:
(٣٠١)

ما رأت عيني الكنافة الا * عند بياعها على الدكان
ولكم ليلة شبعت من الجوع * عشاء إذ جزت بالحلواني
حسرات يسوقها الطرف * للقلب فويل للفكر عند البيان
كم صدور مصففات وكم من * شبك دونها وكم من صواني
وقال:
أصبحت في أمري ولا * أشكو لغير الله حائر
فاللحم يقبح ان أعود * لبيعه والشعر بائر
يا ليتني لا كنت جزارا * ولا أصبحت شاعر
ومن شعره في الغزل:
يقول إذ أشكو له زفرتي * لا بد للجزار من زفره
ومن قوله:
فيا لها ليلة ما كان أقصرها * لما تطاول فيها اللهو والطرب
بتنا وساقي الطلا بدر براحته * شمس تنقطها في وجهها الشهب
وحثها خندريسا كأسها فمه * وثغره كلما ضاحكته الحبب
وقوله:
طاب عيشي والحمد لله إذ كنت له حامدا على كل حال
ما لباس الحرير مما ارجيه فيرجى ولا ركوب البغال
راحة السر في التخلف عن كل محل اضحى بعيد المنال
إن عز الإنسان في تركه العز لذل في مبدأ الأحوال
ويقول:
دعني على خلقي فقد أكثرت في * عذل امرئ يحلو له الاقلال
حسب الفتى حسن الثناء فإنه * لا يعتريه مدى الزمان زوال
ويقول:
خلني من ملامة اللوام * وأدر في الدجى كؤوس المدام
وتيقظ للهو مذ نام طرف * الدهر وارتع في غفلة الأيام
انما العيش أن يوافيك * في الليل بشمس النهار بدر التمام
فاسقنيها صرفا ونزه حلال * الماء عن أن تشوبه بحرام
وقد ترك من المؤلفات أرجوزة ضمنها ذكر من تولى مصر من العمال
والملوك والخلفاء
الأمير يحيى بن عبد اللطيف القزويني
له كتاب لب التواريخ ألفه سنة ٩٤٨ موجود في مكتبة فيينا بالنمسا.
وذكره في كشف الظنون وصرح بتشيعه.
يحيى بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي
له كتاب نزهة الابصار في طرائف الاشعار نسبه إليه الكفعمي في
كتابه مجموع الغرائب ونقل فيه شيئا كثيرا في كتابه.
وله كتاب الغرر والاخبار والفتن والاشعار ذكره في الكتاب المذكور
ونقل منه ما جاء في واحد وما جاء في اثنين وما جاء في ثلاثة الخ من
الأحاديث والاشعار وغيرها. وله كتاب آداب النفس نسبه إليه في الكتاب
المذكور وقال وأبوابه سبعون وهو في مدح الشئ وذمه، وله كتاب جواهر
الألفاظ وذخائر الحفاظ.
يحيى بن علي بن أبي طالب ع.
امه أسماء بنت عميس الخثعمية وهو أخو عبد الله وعون ومحمد أبناء
جعفر بن أبي طالب وأخو محمد بن أبي بكر لامهم أسماء بنت عميس
الخثعمية رواه ابن سعد في الطبقات عن محمد بن عمر بن علي بن أبي
طالب.
أبو الغطريف يحيى بن حمدان ابن حمدون التغلبي عم سيف الدولة وأبي
فراس.
قال ابن خالويه: أبو الغطريف يحيى بن علي بن حمدان كان أبوه علي
أسن ولد حمدان ثم مات حدث السن وساد ابنه يحيى حتى كان له عمه
الحسين يعدله بنفسه وهو قاتل عبد الله بن المعمر سيد بني حبيب وفيه
يقول بعض الحبيبية:
فلو أن الذي رزئت حبيب * حوار أو فصيل أو قعود
رأيت المرهفات مخضبات * وهامات الرجال لها وقود
فكيف وخطبها جلل عظيم * تكاد الراسيات له تميد
انتهى وفيه يقول أبو فراس في قصيدته التي يفخر فيها بقومه:
إذا ذكرت يوما غطاريف وائل * فنحن أعاليها ونحن الجماهر
ومنا الفتى يحيى ومنا ابن عمه * هما ما هما للثغر سمع وناظر
له بالهمام ابن المعمر فتكة * وفي السيف فيها والرماح غوادر
عماد الدين أبو محمد يحيى بن علي بن كمال الدين العلوي الحسني البصري
النقيب: في مجمع الآداب: قدم علينا مدينة السلام في رجب سنة ٦٨٧
واجتمعت بخدمته في المشهد المقدس الكاظمي عند شيخنا غياث الدين أبي
المظفر بن طاوس وهو من أولاد النقباء السادة النجباء.
عز الدين أبو الفضل يحيى بن فضل الله بن عمر الساجوساني المراغي
الخطيب
. كان من أولاد الرؤساء بقهستان ولما توجه مولانا السعيد نصير الدين
أبو جعفر إلى قهستان سنة ٦٥ ورجع ٦٧ جاء عضد الدين منوجهر في
خدمته وكان مليح الشكل لطيف الحركات مليح الحظ والخط. (١)
الميرزا يحيى القزويني.
عالم فاضل فقيه مفسر امام في الفنون العربية أستاذ في السطوح
الفقهية كان يدرس بقزوين في التفسير والفقه والفنون العربية وكان شديد
المحبة لأهل البيت وله فيها مقام منيع وكان يعظ أحيانا على المنبر له مؤلفات
وتعليقات نافعة أشهرها في العربية تعليقاته على شرح السيوطي للألفية وهو
من علماء عصر الشاة ناصر الدين القاجاري.
(٣٠٢)

يحيى بن محمد بن زكريا بن محمد بن يحيى العامري المعروف بابن الخباز
الشاعر الزجال.
ولد سنة ٦٩٧ وتوفي في المحرم سنة ٧٧٣ بحماه. في الدرر
الكامنة: تلمذ للسراج المحار ونظر الفنون ومهر في البلاليق والازجال قال
الصفدي اجتمعت به غير مرة وأنشدني كثيرا من نظمه وكان له غوص على
المعاني وفيه تشيع وغلو انتهى.
الشيخ يحيى ابن الشيخ محمد العوامي.
من أهل أواسط المائة الثالثة عشرة يروي عنه الحاج محمد إبراهيم
الكرباسي عن الشيخ حسين بن محمد الماحوزي عن الشيخ سليمان بن
عبد الله البحراني صاحب بلغة الرجال والظاهر أنه من علماء البحرين.
عز الدين المرتضى يحيى بن شرف الدين محمد بن علي بن المطهر العلوي
نقيب الطالبية في العراق.
عالم علم فاضل كبير يروي أحاديث عن والده وهو الذي صنف له
منتجب الدين كتاب الفهرست ومدحه في أوله وأباه جده مدحا بليغا.
يحيى بن محمد بن يحيى بن فرج السوراوي.
فاضل صالح يروي عن ابن شهرآشوب ويروي عنه العلامة بواسطة
والده يوسف.
ميرزا يحيى ابن ميرزا محمد حسن الرضوي المشهدي ابن الميرزا محمد
محسن ابن ميرزا إبراهيم الناظر بن محمد رضا بن محمد بن محمد مهدي
الشهيد بن محمد إبراهيم بن محمد بديع.
ولد ليلة الجمعة ٥ رجب سنة ١٢٩٧. في الشجرة الطيبة: محور
دائرة الجود ومخزن اسرار الوجود شمس الكرم المستوي على عرش الجلال
وقمر الفخر السابح في فلك السؤدد والاقبال مركز السماحة والحماسة
ومعدن السخاوة والرياسة نخبة الاشراف وزبدة الأعيان صاحب الهمة
العليا الميرزا يحيى الرضوي من كفات العصر ودهاة الدهر وأباة الضيم
وذوي النفوس الأبية وكان مع نباهة شانه وعلو مكانه صاحب طبع سليم
وخلق كريم ولطف عميم يقضي نهاره بخدمة الآستانة الشريفة محافظ على
رعاية أقربائه وارحامه مفاخره مشهورة وماثره منشورة وصدر له فرمان من
احمد شاة القاجاري بوظيفته في الآستانة المقدسة مؤرخ في ٢٨ ربيع الأول
سنة ١٣٣٣.
أبو محمد وقيل أبو المعز يحيى بن محمد بن طباطبا العلوي النحوي
توفي في رمضان سنة ٤٧٨ نص على تشيعه السيوطي. له ١ كتاب
الأصول ٢ كتاب الفرائض ٣ الايضاح في المسح على الخفين ٤ كتاب
الإمامة.
الشيخ يحيى ابن الشيخ محمد العاملي الطيبي.
توفي سنة ١٢٠٢ بقرية الطيبة ودفن فيها هو والد الشيخ إبراهيم بن
يحيى الشاعر المشهور وكان عالما فاضلا أديبا شاعرا.
الشيخ أبو المظفر يحيى بن فخر الدين محمد بن الحسن بن يوسف بن علي بن
المطهر الحلي حفيد العلامة الحلي وابن ابنه فخر المحققين.
في الرياض: كان عالما كاملا انتهى.
يروي إجازة عن أبيه فخر الدين محمد ووجد بخطه نسخة الخلاصة
تاليف جده العلامة الحسن بن يوسف ونسخة إيضاح الاشتباه في أسماء
الرواة تاليف العلامة أيضا. ونقلت عنهما نسختان بخط الشيخ عبد الرضا
بن محمد بن عز الدين بن زين الدين العاملي الكفرحوني برسم الشيخ بهاء
الدين محمد بن علي العودي العاملي فرع منها ناسخها سنة ٧٩٠ وقابلها
الشيخ بهاء الدين العودي المذكور على نسخة ولد ولد المصنف يحيى بن
محمد بن الحسن بن يوسف الحلي وفرع من المقابلة سنة ٧٩٠ وقد اسعدني
الحظ باقتناء هاتين النسختين من الخلاصة وإيضاح الاشتباه اللتين كتبتا
برسم الشيخ بهاء الدين العودي المذكور وعليها خط يده بما صورته: انتهت
المقابلة بنسخة يحيى ولد ولد المصنف وبخطه وعليها بلاغات بخط أبيه
الشيخ فخر الدين رحمهم الله جميعا وكتب محمد بن علي العودي سنة ٧٩٠
انتهى وعلى نسخة الخلاصة بخط العودي المذكور ما نصه: صورة
إجازة الشيخ فخر الدين ولد المصنف لولده يحيى كاتب النسخة المنقولة منها
هذه النسخة: قرأ علي الولد العزيز أبو المظفر يحيى ولدي لصلبي طول الله
عمره كتاب خلاصة الأقوال في معرفة الرجال القسمين منه بتمامه وأجزت
له روايته عني عن والدي المصنف الحسن قدس الله روحه بقراءتي عليه
فليرو ذلك لمن شاء وأحب فهو أهل لذلك وكتبت محمد بن الحسن بن يوسف بن
علي بن المطهر في ٢٩ ذي الحجة سنة ٧٤٧ بالحلة والحمد لله وحده وصلى الله
على سيدنا محمد وآله وسلم انتهى.
ووجدنا في آخر نسخة من كتاب ايضاح الاشتباه في أسماء الرواة
للعلامة الحلي ما صورته: انتهت المقابلة بنسخة يحيى ولد ولد المصنف
وبخطه وعليها بلاغات أبيه الشيخ فخر الدين رحمهم الله جميعا وكتب
محمد بن علي العودي في سنة ٩٧٠ مما دل على أنه كان من أهل العلم
والفضل.
يحيى بن المتوكل العمري أبو عقيل المدني ويقال الكوفي الحذاء الضرير
صاحب بهية مولى العمريين توفي سنة ١٦٧
مر في ترجمة الحسن بن علي بن أبي عقيل أن بحر العلوم في رجاله قال
أن هذا الرجل مشهور بين الجمهور وقد ذكره ابن حجر وغيره وضعفوه
والظاهر أنه للتشيع كما هو المعروف من طريقتهم ويشبه أن يكون هذا هو
جد الحسن بن أبي عقيل بشهادة الطبقة وموافقة الكنية والصنعة ولا ينافيه
كونه مدنيا بالأصل لتصريحهم بانتقاله من المدينة إلى الكوفة واحتمال انتقاله
أو انتقال أولاده من الكوفة إلى عمان انتهى.
أقوالهم فيه
ذكره السمعاني في كتاب الأنساب في الحذاء فقال أن المشهور بالحذاء
جماعة منهم أبو عقيل يحيى بن المتوكل الحذاء المدني يروي عن بهية روى عنه
عراقيون منكر الحديث ينفرد بأشياء لا يسمعها متقن في الصناعة الا لم يرتب
أنها معمولة مات سنة ١٦٧ وكان مكفوفا نشأ بالمدينة ثم انتقل إلى الكوفة
انتهى.
فخر الدين أبو محمد يحيى بن ناصر بن يحيى العلوي البصري النقيب
كان من نقباء البصرة وساداتهم وهو من أرباب المروات وأفاضل
(٣٠٣)

السادات له الهمة العلية والنفس الشريفة الأبية والمحضر الحسن الجميل فإنه
أنعم متفضلا.
يحيى خان النيسابوري اللكهنوي الملقب آصف الدولة وزير السلطان محمد
الشاة ملك الهند
توفي سنة ١٢١٠.
هو الذي شق جدول الهندية من الفرات بقصد اجراء مائه إلى
النجف لري أهلها فصار ذلك الجدول نهرا كبيرا.
يحيي بن يعلى الأسلمي القطواني أبو زكريا الكوفي.
في تهذيب التهذيب: قال عبد الله بن الدورقي عن يحيى بن معين
ليس بشئ. وقال البخاري: مضطرب الحديث وقال أبو حاتم ضعيف
الحديث ليس بالقوي وقال ابن عدي كوفي من الشيعة قلت وأخرج ابن حبان
له في صحيحه حديثا طويلا في تزويج فاطمة فيه نكارة وقد قال ابن
حبان في الضعفاء يروي عن الثقات المقلوبات فلا أدري ممن وقع ذلك،
منه أو من الراوي عنه أبي ضرار ابن صرد فيجب التنكب عما رويا وقال
البزار يغلط في الأسانيد انتهى قال المؤلف الظاهر أن القدح فيه لتشيعه
وروايته ما لا يستطيعون قبوله من فضل أهل البيت.
مشايخه
في تهذيب التهذيب: روى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش
وعبد الملك بن أبي سليمان وعثمان بن الأسود وفطر بن خليفة ويونس بن
ضباب وأبي فروة الرهاوي وناصح بن عبد الله المحلمي وقيس بن الربيع
وخلق.
تلاميذه
في تهذيب التهذيب: عنه أبو بكر بن أبي شيبة وجندل بن وألق
وقتيبة بن سعيد وأبو هشام الرفاعي وإسماعيل بن ابان الوراق وجبارة بن
المغلس والوليد بن حماد وأبو نعيم الطحان وعباد بن يعقوب الرواجني
وآخرون.
يحيى بن يعمر العدواني الوشقي المضري البصري التابعي
توفي قبل المائة وقيل بعدها سنة ١٢٠ ويقول في معجم الأدباء أن
وفاته سنة ١٢٩ ويقول أنه لقي عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر
وروى عنه قتادة السدوسي وجماعة ولد بالبصرة ومنشؤه خراسان
والعدواني نسبة إلى عدوان قيس بن غيلان بن مضر وكان عداده في بني
ليث بن كنانة أحد قراء البصرة وعنه اخذ عبد الله بن إسحاق القراءة كان
امام القراء بالبصرة عالما بالقرآن فقيها نحويا لغويا له مناظرة لطيفة في
الحسنين ع مع الحجاج بن يوسف أمير الكوفة.
قال ابن خلكان: كان تابعيا عالما بالقرآن والنجوم وكان شيعيا من
الشيعة الأول يتشيع تشيعا حسنا يقول بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص
لاحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وقال الدميري: كان يحيى بن يعمر تابعيا عالما بالقرآن. ونص على
تشيعه وهو وابن خلكان وصاحب الروض الزاهر. اخذ النحو عن أبي
الأسود الدؤلي أحد قراء البصرة وعنه اخذ عبد الله بن إسحاق القراءة.
أقول اورد الكراجكي في كتابه كنز الفرائد خبر يحيى بن يعمر مع
الحجاج بوجه مبسوط فقال: قال الشعبي كنت بواسط وكان يوم اضحى
فحضرت صلاة العيد مع الحجاج فخطب خطبة بليغة فلما انصرفت جاءني
رسوله فاتيته فوجدته جالسا مستوفزا قال يا شعبي هذا يوم اضحى وقد
أردت أن اضحي فيه برجل من أهل العراق وأحببت أن تسمع قوله فتعلم
اني قد أصبت الرأي فيما افعل به، فقلت أيها الأمير أ وترى أن تستن بسنة
رسول الله ص وتضحي بما أمر أن يضحى به وتفعل مثل فعله وتدع ما
أردت أن تفعله في هذا اليوم العظيم إلى غيره، فقال يا شعبي انك إذا
سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه لكذبه على الله وعلى رسوله وادخال
الشبهة في الاسلام قلت أ فيرى الأمير أن يعفيني من ذلك قال لا بد منه.
ثم أمر بنطع فبسط وبالسياف فاحضر، وقال احضروا الشيخ فاتوا به،
فإذا هو يحيى بن يعمر، فاغتممت غما شديدا وقلت في نفسي وأي شئ
يقوله يحيى مما يوجب قتله. فقال له الحجاج: أنت تزعم انك زعيم
العراق، قال يحيى: انا فقيه من فقهاء العراق، قال فمن اي فقهك
زعمت أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله ص؟ قال ما انا زاعم ذلك
بل قائله بحق، قال وبأي حق قلته قال بكتاب الله عز وجل. فنظر إلي
الحجاج وقال: اسمع ما يقول فان هذا مما لم أكن سمعته عنه أ تعرف أنت
في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من ذرية محمد رسول الله ص؟!
فجعلت أفكر في ذلك فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك. وفكر
الحجاج مليا ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله عز وجل فمن حاجك
فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا
ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين وأن
رسول الله ص خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين. قال
الشعبي: فكانما اهدى إلى قلبي سرورا. وقلت في نفسي قد خلص يحيى
وكان الحجاج حافظا للقرآن فقال له يحيى والله أنها لحجة من ذلك بليغة
ولكن ليس منها احتج لما قلت، فاصفر وجه الحجاج وأطرق مليا ثم رفع
رأسه إلى يحيى وقال له ان أنت جئت من كتاب الله عز وجل بغيرها في ذلك
فلك عشرة آلاف درهم وإن لم تأت بها فانا في حل من دمك، قال نعم.
قال الشعبي فغمني قوله وقلت: أ ما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج
به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه ويتخلص منه حتى رد عليه
وأفحمه فان جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما
يبطل به حجته لئلا يقال أنه قد علم ما قد جهله هو. فقال يحيى
للحجاج: قول الله عز وجل ومن ذريته داود وسليمان من عنى بذلك؟
قال الحجاج إبراهيم ع قال فداود وسليمان من ذريته؟ قال نعم، قال
يحيى ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته؟ فقرأ الحجاج وأيوب
ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى
قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم ولا أب له؟ قال من قبل
امه مريم، قال يحيى فمن أقرب مريم من إبراهيم أم فاطمة من محمد ص
وعيسى من إبراهيم أم الحسن والحسين من رسول الله ص؟ قال الشعبي:
فكانما ألقمه حجرا، فقال اطلقوه قبحه الله وادفعوا إليه عشرة آلاف درهم
لا بارك الله له فيها ثم اقبل علي فقال قد كان رأيك صوابا ولكنا أبيناه ودعا
(٣٠٤)

بجزور فنحره وقام فدعا بالطعام فاكل وأكلنا معه وما تكلم بكلمة حتى
انصرفنا ولم يزل مما احتج به يحيى بن يعمر واجما انتهى.
وفي رواية الحاكم في المستدرك أنه نفاه بعدها إلى خراسان.
وقال الطبري في تاريخه: كتب يزيد بن الملهب إلى الحجاج ببعض
الفتوح وكانت كتب يزيد إلى الحجاج يكتبها يحيى بن يعمر العدواني وكان
حليفا لهذيل فكتب انا لقينا العدو فمنحنا الله أكتافهم فقتلنا طائفة وأسرنا
طائفة ولحقت طائفة برؤوس الجبال وعراعر الأودية واهضام الغيطان وأثناء
الأنهار. فقال الحجاج: من يكتب ليزيد فقيل يحيى بن يعمر فكتب إلى
يزيد فحمله على البريد فقدم عليه أفصح الناس فقال له أين ولدت قال
بالأهواز قال فهذه الفصاحة؟ قال حفظت كلام أبي وكان فصيحا قال من
هناك فأخبرني هل يلحن عنبسة بن سعيد؟ قال نعم كثيرا قال ففلان؟ قال
نعم قال فأخبرني عني ألحن؟ قال نعم تلحن لحنا خفيا تزيد حرفا وتنقص
حرفا وتجعل إن في موضع أن وإن في موضع أن قال قد أجلتك ثلاثا فان
أجدك بعد ثلاث بأرض العراق قتلتك فرجع إلى خراسان. وفي مسودات
الكتاب: اخذ من عبد الله بن عباس وكان من قراء البصرة ولما وضع أبو
الأسود باب الفاعل والمفعول زاد عليها يحيى عدة أبواب.
يزيد بن أبي إسحاق بن أبي السخف الغنوي.
يلقب شعر بالشين المعجمة والعين المهملة والراء قاله العلامة وعن
الايضاح بفتح الشين المعجمة والعين المعجمة قال النجاشي والشيخ له
كتاب وروى الكشي عن حمدويه الغنوي عن الحسن بن موسى عن يزيد بن إسحاق
أنه كان من أدفع الناس لهذا الامر وكان يقول بحياة الكاظم ع
فخاصمه اخوه محمد وكان مستويا فقال له يزيد إن كان صاحبك بالمنزلة التي
تقول فاساله أن يدعو الله لي حتى ارجع إلى قولكم فأخبر محمد الرضا ع
بذلك فالتفت نحو القبلة فذكر ما شاء الله أن يذكر ثم قال اللهم
خذ بسمعه وبصره ومجامع قلبه حتى ترده إلى الحق يقول هذا وهو رافع يده
اليمنى فرجع إلى الحق بدعائه ع. قوله أدفع الناس لهذا الامر
يوجد ارفع بالراء وهو مخالف للنسخ والظاهر أنه بالدال كناية عن الوقف
وحكم الشهيد الثاني بوثاقته وليس في كلام أحد ما يقتضيها.
يزيد بن ثبيط العبدي من عبد القيس البصري.
كان من الشيعة وقتل مع الحسين ع بكربلا. قال أبو
جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه قال أبو مخنف: ذكر أبو المخارق
الراسبي قال اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة أيام إرادة الحسين ع
الخروج إلى العراق في منزل امرأة من عبد القيس يقال لها مارية
ابنة سعد أو منقذ أياما وكانت تتشيع وكان منزلها لهم مالفا يتحدثون فيه وقد
بلغ ابن زياد اقبال الحسين فكتب إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر ويأخذ
بالطريق فاجمع يزيد بن ثبيط الخروج وهو من عبد القيس إلى الحسين وكان
له بنون عشرة فقال أيكم يخرج معي فانتدب معه ابنان له عبد الله وعبيد الله
فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة اني قد أزمعت على الخروج وانا
خارج فقالوا له انا نخاف عليك أصحاب ابن زياد فقال اني والله لو قد
استوت أخفافها بالحدد لهان علي طلب من طلبني ثم خرج فقوي في الطريق
حتى انتهى إلى حسين ع فدخل في رحله بالأبطح وبلغ الحسين
مجيئه فجعل يطلبه وجاء الرجل إلى رحل الحسين فقيل له قد خرج إلى
منزلك فاقبل في اثره ولما لم يجده الحسين جلس في رحله ينتظره وجاء
البصري فوجده في رحله جالسا فقال بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا
فسلم عليه وجلس إليه فخبره بالذي جاء له فدعا له بخير ثم اقبل معه حتى
اتى كربلاء فقاتل معه فقتل هو وابناه انتهى
يزيد بن قيس الاجي.
روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين أنه دخل يزيد بن قيس
الأرحبي على علي بن أبي طالب حين عزم على المسير إلى صفين فقال يا أمير
المؤمنين نحن على جهاز وعدة. وأكثر الناس أهل القوة ومن ليس بمضعف
وليس به علة فمر مناديك فليناد الناس يخرجوا إلى معسكرهم بالنخيلة فان
أخا الحرب ليس بالسؤوم ولا النؤوم ولا من إذا أمكنته الفرص اجلها
واستشار فيها ولا من يؤخر الحرب في اليوم إلى غد وبعد غد فقال زياد بن
النضر: لقد نصح لك يا أمير المؤمنين يزيد بن قيس وقال ما يعرف.
وروى نصر أيضا أنه لما وقعت الهدنة بصفين في المحرم وقرب انقضاؤها
ارسل أمير المؤمنين ع جماعة إلى معاوية فكان منهم يزيد بن قيس
الأرحبي فقال لمعاوية في جملة كلام: أن صاحبنا لمن عرفت وعرف
المسلمون فضله ولا أظنه يخفى عليك أن أهل الدين والفضل لن يعدلوك
بعلي ولن يمثلوا بينك وبينه فاتق الله يا معاوية ولا تخالف علينا فانا والله ما
رأينا رجلا قط أعمل بالتقوى ولا أزهد في الدنيا ولا أجمع لخصال الخير كلها
منه. وروى نصر أيضا أن يزيد بن قيس الأرحبي حرض الناس بصفين
فقال: أن المسلم السليم من سلم دينه ورأيه أن هؤلاء القوم والله ما ان
يقاتلوا على إقامة دين رأونا ضعيناه ولا احياء عدل رأونا أمتناه ولن
يقاتلونا الا على إقامة الدنيا ليكونوا جبابرة فيها ملوكا فلو ظهروا عليكم لا
أراهم الله ظهورا ولا سرورا إذا ألزموكم مثل سعيد والوليد وعبد الله بن
عامر السفيه الذي يحدث أحدهم في مجلسه بذيت وذيت ويأخذ مال الله
ويقول هذا لي ولا اثم علي فيه كأنما أعطي تراثه من أبيه وانما هو مال الله
علينا بأسيافنا ورماحنا قاتلوا عباد الله القوم الظالمين الحاكمين بغير ما انزل
الله ولا تأخذكم في جهادكم لومة لائم أنهم ان يظهروا عليكم يفسدوا
عليكم دينكم ودنياكم وهم من قد عرفتم وجربتم والله ما أرادوا إلى هذا الا
شرا. وصرع يزيد بن قيس يوم صفين فحمله أصحاب أمير المؤمنين ع
إلى المعسكر فمر به الأشتر محمولا إلى المعسكر فقال من هذا؟ قالوا يزيد
ابن قيس لما صرع زياد بن النضر رفع لأهل الميمنة رايته فقاتل حتى صرع
فقال الأشتر هذا والله الصبر الجميل والفعل الكريم أ لا يستحي الرجل أن
ينصرف لم يقتل ولم يقتل ولم يشف به على القتل.
يزيد بن نويرة الأنصاري
قال ابن الأثير في الكامل: كان من أصحاب علي قتل معه يوم النهر
وله صحبة وسابقة وشهد له رسول الله ص بالجنة وكان أول من قتل
أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت اللغوي النحوي
هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي الأهوازي المعروف
بابن الكسيت النحوي اللغوي الأديب. الذي قتله المتوكل العباسي يوم
الاثنين الخامس من شهر رجب سنة ٢٤٣ أو ٢٤٤ أو ٢٤٦.
كان علما من اعلام الشيعة وعظمائهم وثقاتهم ومن خواص الامامين
(٣٠٥)

محمد التقي وعلي النقي ع وكان حامل لواء الشعر والأدب
والنحو واللغة في عصره قال ابن خلكان أنه ذكر بعض الثقات أنه ما عبر على
جسر بغداد كتاب من اللغة مثل اصلاح المنطق لابن السكيت، وقد اهتم
بهذا الكتاب كثير من المحققين واختصره الوزير المغربي وهذبه الخطيب
التبريزي.
وروى عن المبرد أنه قال: ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن من كتاب
ابن السكيت في المنطق. وذكر ابن خلكان نقلا عن ثعلب أنه أجمع
أصحابنا على أنه لم يكن بعد ابن الأعرابي اعلم باللغة من ابن السكيت.
وقد اختلفت الروايات في سبب قتله من قبل المتوكل، فقيل أن
المتوكل كان قد ألزمه تأديب ولديه المعز بالله والمؤيد، فقال له يوما أيهما
أحب إليك ابناي هذان اي المعتز والمؤيد أم الحسن والحسين فاجابه ابن
السكيت والله أن قنبرا خادم علي بن أبي طالب ع خير منك
ومن ابنيك. فقال المتوكل لجلاوزته الأتراك سلوا لسانه من قفاه ففعلوا
فمات، وقيل أن ابن السكيت اثنى على الحسن والحسين ع ولم
يذكر ابنيه فامر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه فحمل إلى داره فمات بعد غد
ذلك اليوم. ومن أعجب الصدف أنه كان قد نظم البيتين التاليين قبل
حادث مقتله ببضعة أيام:
يصاب الفتى من عثرة بلسانه * وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته في القول تذهب رأسه * وعثرته في الرجل تبرأ عن مهل
وقد ذكره الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤتي البحرين بقوله:
وكان هذا الشيخ أي يعقوب بن إسحاق السكيت صاحب اصلاح
المنطق من أجلاء الشيعة وأصحاب الأئمة ع. قال في
الخلاصة وكتاب النجاشي: يعقوب بن إسحاق السكيت بالسين المهملة
والكاف والياء المنقطعة تحتها نقطتين والتاء المنقطعة فوقها نقطتين أبو يوسف
كان مقدما عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن التقي والنقي ع
ويختصان به وله عن أبي جعفر ع رواية ومسائل، قتله المتوكل
لأجل التشيع وأمره مشهور. وكان عالما بالعربية واللغة ثقة مصدق لا يطعن
عليه بشئ وكان وجيها في علم اللغة والعربية... وله كتب منها:
اصلاح المنطق والألفاظ وما اتفق لفظه واختلف معناه و
الأضداد والمؤنث والمذكر والمقصور والممدود وكتاب الطير
وكتاب النبات والشجر وكتاب الوحش أو الوحوش وكتاب الأرضين
والجبال والأودية وكتاب الأصوات وكتاب ما صنفه في شعر الشعراء
إما معجم الأدباء فقد ذكر المترجم بما يلي: وكان أبوه اي
السكيت من أصحاب الكسائي عالما بالعربية واللغة والشعر. وكان
يعقوب اي المترجم يؤدب الصبيان مع أبيه في درب القنطرة بمدينة
السلام حتى احتاج إلى الكسب، فاقبل على تعلم النحو من البصريين
والكوفيين، فاخذ عن أبي عمرو الشيباني والفراء وابن الأعرابي والأثرم.
وروى عن الأصمعي وأبي عبيدة، واخذ عنه أبو سعيد السكري وأبو
عكرمة الضبي ومحمد بن الفرج المقرئ ومحمد بن عجلان الاخباري
وميمون بن هارون الكاتب وغيرهم.
وكان عالما بالقرآن ونحو الكوفيين ومن اعلم الناس باللغة والشعر،
راوية ثقة ولم يكن بعد ابن الأعرابي مثله وكان قد خرج إلى سر من رأى
فصيره عبد الله بن يحيى بن الخاقان إلى المتوكل فضم إليه ولده يؤدبهم
واسنى له الرزق ثم دعاه إلى منادمته فنهاه عبد الله بن عبد العزيز عن ذلك
فظن أنه حسده وأجاب إلى ما دعي إليه. فبينما هو مع المتوكل يوما جاء
المعتز والمؤيد فقال له المتوكل: يا يعقوب أيها أحب إليك: ابناي هذان أم
الحسن والحسين، فذكر الحسن والحسين رضي الله عنهما بما هو أهله
وسكت عن ابنيه وقيل قاله له أن قنبرا خادم علي، أحب إلي من ابنيك
وكان يعقوب يتشيع فامر المتوكل الأتراك قسلوا لسانه وداسوا بطنه
وحمل إلى بيته فعاش يوما وبعض آخر.
ووجه المتوكل من الغد عشرة آلاف درهم ديته إلى أهله. ولما بلغ
عبد الله بن عبد العزيز الذي نهاه عن المنادمة خبر قتله أنشد:
نهيتك يا يعقوب عن قرب شادن * إذا ما سطا اربى على كل ضيغم
فذق وأحسن اني لا أقول الغداة إذ * عثرت لعا بل لليدين وللفم
ولقد أضاف المعجم على مصنفات المترجم التي ذكرها في لؤلؤتي
البحرين الكتب التالية:
كتاب القلب والابدال وكتاب النوادر وكتاب فعل وافعل
وكتاب الأجناس الكبير وكتاب الفرق وكتاب الأمثال وكتاب
البحث وكتاب الزبرج وكتاب الإبل وكتاب السرج واللجام
وكتاب الحشرات وكتاب الأيام والليالي وكتاب سرقات الشعراء وما
تواردوا عليه وكتاب معاني الشعر الكبير وكتاب معاني الشعر
الصغير وغير ذلك.
توفي في رجب سنة ٢٤٦
من شعره قوله:
نفسي تروم أمورا لست أدركها * ما دمت احذر ما يأتي به الحذر
كم مانع نفسه لذاتها حذرا * للفقر ليس له من ماله ذخر
إن كان امساكه للفقر يحذره * فقد تعجل فقرأ قبل يفتقر
ليس احتيال ولا عقل ولا أدب * يجدي عليك إذا لم يسعد القدر
ولا توان ولا عجز يضر إذا * جاء القضاء بما فيه لك الخير
ما قدر الله من أمر يسهله * ونيل ما لم يقدر نيله عسر
ليس ارتحالك ترتاد الغنى سفرا * بل المقام على خسف هو السفر
يعقوب بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت.
مر نوبخت في إبراهيم بن إسحاق وكان المترجم واخوه علي من رجال
آل نوبخت وجهابذة الكلام والنجوم. وكان المترجم مع المأمون ومن
أفاضل عصره في علم النجوم والحكمة والكلام وكان منقطعا إلى الرضا
ع ذكره ابن شهرآشوب في المناقب ومات في عصر الجواد ع. وروى
ابن شهرآشوب في المناقب عن يعقوب بن إسحاق النوبختي قال مر رجل
بأبي الحسن الرضا ع فقال له اعطني على قدر مروءتك قال ع لا
يسعني ذلك فقال على قدر مروءتي قال إما ذا فنعم ثم قال يا غلام اعطه
مائتي دينار انتهى.
(٣٠٦)

الشيخ يعقوب بن إبراهيم البختياري الحويزي.
توفي سنة ١١٥٠ عالم فاضل من أفاضل علماء عصره متبحر في الأدب
والفقه والحديث ثقة صالح من تلاميذ السيد نعمة الله الجزائري. في تكملة
أمل الآمل. رأيت له ١ شرحا على الصحيفة الكاملة السجادية بخطه وله
٢ كتاب الخرائد ٣ شرح الشرائع ٤ كتاب الفوائد في الاخبار وغير
ذلك وهو من علماء عصر الدولة الصفوية.
وفي ذيل اجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري
الكبيرة: كان فاضلا متبحرا في العلوم العربية والفقه والحديث قرأ على
جدي في شيراز ثم في تستر وكان أكثر اقامته عندنا استفدت منه من
المقدمات كثيرا قرأت عليه كتاب الصلاة من المدارك وحضرت درسه
بالكشاف بقراءة غيري. وكان عجولا في القضاء والإفتاء كثير التعويل على
الروايات الشاذة متوسعا في الاحكام ولذلك تركت مصنفاته الفقهية.
يعقوب بن إسحاق الكندي
قال الشيخ عبد الكريم الزنجاني:
نسبه
هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح الكندي، ينتهي نسبه
إلى يعرب بن قحطان ولد في واسط وعاش في القرن الثالث
الهجري، أي في القرن التاسع الميلادي، وقيل إن الكندي ولد في
البصرة، وقد يقال إنه ولد في الكوفة حيث كان أبوه واليا على الكوفة
زهاء عشرين عاما، وسنة ولادته غير معلومة، مثل سنة وفاته.
درج الكندي بين أحضان أسرة ماجدة كان لها السيادة والامارة منذ
زمن بعيد. فأبوه إسحاق بن الصباح كان أميرا على الكوفة في عهدي
المهدي والرشيد وجده أشعث بن قيس كان من أصحاب النبي
ص بعد الاسلام. وكان في الجاهلية ملكا على كندة كلها ورث المملكة
عن آبائه وأجداده.
دراسته
بدأ الكندي حياته العلمية في البصرة ثم ارتحل إلى بغداد
عاصمة العلم والثقافة العالمية إذ ذاك ففيها تهذب وتأدب ومن معارفها انتهل
حتى أصبح رأسه دائرة معارف كبرى حوت من الفلسفة والأدب والطب
والفلك وفن الألحان والعلوم الرياضية والطبيعيات والكيميائيات ما تعجز
عن إحتوائه عشرات الرؤوس.
ولقد دفعه تطلعه إلى أن يستقيها من مناهلها إلى أن تعلم اللغتين،
اليونانية والسريانية وكان ينقل منها إلى العربية، حتى أصبح من
حذاق الترجمة في الاسلام وهم، حنين بن إسحاق، ويعقوب بن
إسحاق الكندي وثابت بن قرة الحراني، وعمر بن الفرخان الطبري.
وكان الكندي معجبا بالفلسفة اليونانية والحكمة الهندية والمعارف
الفارسية اعجابا شديدا حتى أنه عكف على كل هذه المنتجات القيمة
يلتهمها في نهم لم يعرف العرب له نظيرا من قبل. ولهذا كان هو أول من
دعى بالفيلسوف العربي.
مؤلفاته
أوصل بعض المؤرخين مؤلفات الكندي إلى ثلاثمائة وخمسة عشر
كتابا ورسالة. والبعض الآخر إلى مائتين وواحد وثلاثين كتابا ورسالة ذكرها
ابن النديم في الفهرست وقد سرد الكثير منها ابن أبي أصيبعة في كتابه
عيون الأنباء سردا بلا ترتيب ولا نظام وقد قسمت في كتاب تاريخ
الحكماء تقسيما أفردت كل فصيلة منها على حدة.
ووضع بعض المؤرخين لهذه الفصائل الأرقام الآتية: الفلسفة ٢٢
كتابا نجوم ١٩ فلك ١٦ جدل ١٧ احداث ١٤ الكريات
٨ فن الألحان ٧ نفس ٥ تقدمة المعرفة ٥ حساب ١١
هندسة ٢٣ طب ٢٢ سياسة ١٢ طبيعيات ٣٣ منطق ٩
احكام ١٠ ابعاد ٨. ولكن من المؤسف ان هذه الكتب لم يبق منها
الا النزر اليسير الذي لا يستطيع ان يعطي للمؤرخ صورة واضحة عن
فلسفة الكندي، وان قال بعض الثقات من المؤرخين انها مزيج من
فلسفات أفلاطون وأرسطو وإفلوطين منسوبة كلها إلى أرسطو.
ولكن عندنا سند متصل إلى الكندي عن طريق معاصره
الفارابي وابن سينا يعطينا صورة حقيقية واضحة من فلسفة
الكندي وسنعطيكم صورة موجزة منها في هذه الكلمة.
أهم أسباب تفلسفه.
إن أهم أسباب تفلسف الكندي خاصة وتفلسف العرب
والمسلمين عامة وهو الاسلام الذي هو دين الفطرة والطبيعة،
والقرآن الكريم الذي هو أول كتاب سماوي فرض تعلم العلم
والفلسفة على اتباعه فرضا، وأوجب عليهم التفكير في اسرار الكون وخفايا
الوجود ليصلوا من هذا التفكير إلى معرفة المبدع الأول والايمان به والتيقن
بخلود الروح وبالعودة إلى حياة أخرى تتحقق فيها عدالة الخالق بمجازاة
الخير والشرير بما يستحقانه على عمليهما، وهل الفلسفة الحقة شئ غير
هذا؟ وهل هناك فرق بين دعوة الفلسفة معتنقيها إلى الفكر والتأمل في نشاة
العالم ومصيره وفي عظمة الكون ونظام تسييره، وبين قوله تعالى أ ولم
يتفكروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ؟ وقوله
تعالى: ان في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات
لأولي الألباب، وسائر الآيات القرآنية الصريحة في أن الاسلام حول العقل
الفطري السليم من شوائب الأوهام كامل سلطانه ولم يشترط للنظر العقلي
وجهة معينة ولم يحد له حدا مخصوصا مقررا، بل ترك العقول السليمة حرة
لبلوغ الحقيقة المجردة في العقائد وفي عالم الوجود والتكوين من مبدأ وجود
العالم إلى مصيره أي معرفة المبدأ والمعاد حسبما تتطلبه غريزة الشعور
الديني في الإنسان، وهذا التخويل ان شوهد في الفلسفة والعلم والحكمة
وكان من مقوماتها وهو الذي ضمن لها الاحترام العام والخلود ودوام الارتقاء
فلم يشاهد في دين من الأديان ما عدى الاسلام، واعتماد الاسلام على
العقل هو الذي حفز العرب والمسلمين إلى الجد في تحصيل العلوم والتنقيب
عن المعارف، والى وضع الفلسفة الاسلامية وكثير من العلوم وابداعها
وانشائها. والسر في ذلك هو انه لا شك في أن الحياة العقلية أساس طبيعي
تستند إليه أنواع الحياة العامة وفروع الشؤون الحيوية وهي أساس الرقي
والنهوض فكان من شأن الاسلام الذي هو دين الطبيعة والفطرة والاجتماع
ان يشيدها وان يجعل طلب العلم فريضة على معتنقيه.
(٣٠٧)

ولا ريب في أن كل من يلقي نظرة فاحصة على القرآن الكريم ويتأمل
في آياته الدافعة إلى التدبر والتفكير في شئ عظيم من الجد يتضح له ان
هذا الكتاب السماوي الكريم هو أول أسباب تغلغل الفلسفة في البيئات
العربية وهو العامل الأول الذي فتح للعرب باب البحوث الفلسفية
المؤسسة على المنطق والتأمل فظهر لهم شئ من هذه البحوث التي لم يكن
لهم بها عهد قبل نزول القرآن وكانت هذه البحوث تدور حول علوم الكون
وعلوم الدين من توحيد وتفسير وتشريع.
ولا شك ان هذا طليعة سافرة من طلائع الفلسفة ظهرت في صدر
الاسلام واخذت تنمو وتتزايد إلى أن بدئ في الترجمة عن اليونانية والفارسية
والهندية. وكان العربي المسلم يمتاز بذكاء طبيعي وبقوى عقلية دفينة،
وبرغبة في الاطلاع على الجديد فأصبح بعد وقت قصير وريث حضارة
الشعوب العريقة في القدم التي تغلب عليها أو احتك بها، وتبع دور
الترجمة الطويل بما كان فيه من انتاج دور الابتكار والابتداع المؤسس على
الثقافة الاسلامية.
صورة موجزة من فلسفة الكندي
تمهيد وقع بعض الباحثين في الحيرة والارتباك وخيل إليهم ان
الكندي لم يزد على علوم اليونان وفلسفتهم جديدا، وانه قد هوى في
حضيض الأسلوب الغامض الذي يحول بينه وبين الجدارة بالخلود، وان
النزر اليسير الباقي، من كتبه لا يعطي صورة واضحة عن فلسفته، ولكنا
عرفنا فلسفة الكندي من كتبه ومؤلفاته، ومن إلهاماته المسجلة في
مؤلفات معاصره ومستودع اسرار فلسفته وهو الفارابي المعلم الثاني،
واقتفى ابن سينا اثر الفارابي في ذلك، وتبعه كثيرون من أبرع المؤلفين
في الفلسفة وتاريخها العام من العرب والمسلمين، فلا نشك في أن
الكندي عاش في القرن الثالث الهجري، وأتم ترجمة الفلسفة اليونانية
والمعارف الفارسية والثقافة الهندية، وفرع من شرحها والتعليق عليها بما
يدل على أنه هضمها ونضج في فهمها، وبرز فيها تبريزا يستوجب الاحترام
والاجلال والخلود، فأصبح فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم
القديمة بأسرها، ثم استعان بثقافته الاسلامية والقرآنية على تعديلها وتقويمها
وتصحيح أخطائها فأبدع مذهبا مستقلا في الفلسفة ابتناه على أساس
استعمال البراهين المنطقية والحجج النظرية التي ينتهي أول قضاياها إلى
البديهيات المسلمة فظل مصدر إلهام اسمى الأفكار وأعلى النظريات إلى
معاصريه ومن جاء من بعده من فلاسفة العرب والاسلام، ولقب بحق
أول فلاسفة العرب والاسلام وهو أول فيلسوف عربي واسلامي حاول
التوفيق بين آراء أفلاطون وأرسطو، واقتفى اثره الفارابي في ذلك
ثم ابن سينا فألف كتاب الشفاء في الحكمة المشائية، ثم كتاب
الإشارات في الحكمة الاشرافية، والكندي حكيم إلهي وعقلي
وتأكيدي وخلقي وديني وقائل بوجود المجردات والموجودات الغير المحسوسة
ومعتقد بشرف الإنسانية واحترام النواميس الفطرية.
ثقافة قرآنية تاريخية.
قرأ الكندي في القرآن الكريم قوله تعالى: هو الذي انزل
عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات فاما الذين
في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ولا يعلم
تأويله الا الله والراسخون في العلم الخ، فتحير الكندي في المتشابهات
فقال له بعض تلامذته: إنما يعرف القرآن من خوطب به وهو رسول
الله ص، وأهل البيت أدرى بما في البيت
وعندنا في سامراء رجل من أهل بيت رسول الله ص وهو حفيده وسبطه
الإمام الحسن العسكري وقد أجبره الخليفة على الإقامة في سامراء، فاسئله
عن تفسير الآيات وتأويل المتشابهات، فاستحسن الكندي كلامه وهكذا
ساعده التوفيق الآلهي على تحصيل الثقافة القرآنية الكاملة من الإمام الحسن
بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين
الشهيد بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وابن فاطمة بنت رسول الله ص
وهذه منقبة تاريخية تفرد بها الكندي ولا يشاركه فيها أحد من فلاسفة العرب
والمسلمين.
فلسفة الكندي الإلهية
يرى الكندي ان العالم اي ما سوى الله كله حادث ومخلوق لله
الواحد الاحد وهو المبدع الأول وعلة العلل وان سلسلة الموجودات
الإمكانية التي أفاضها المبدأ الأول بقدرته الأزلية وبعلمه العنائي بالنظام
الأحسن تبتدئ من أكملها وأتمها وجودا وهو العقل المجرد من المادة ذاتا
وفعلا فهو ليس ماديا ولا زمانيا بل هو فوق المادة وفوق الزمان، خلق الله
العقل الأول مزودا بالقدرة على التأثير في ما يليه، وهو العقل الثاني وعلى
تصوير مادة المخترعات الفلكية كما أراده الله تعالى، وتنتهي سلسلة العقول
الطولية التي جعل الله كل سابق منها علة امكانية للاحق إلى العقل
العاشر المدبر في عالم التكوين المادي بأمر الله تعالى. والعقول العشرة
الطولية كلها جواهر مجردة عن المادة ومستغنية عنها في ذواتها وفي أفعالها
ولكن النفس جوهر مجرد عن المادة في ذاتها ومحتاج إليها في أفعالها، وعالم
العقول يسمى عالم الابداع المنزه عن المادة والزمان، والعقول العشرة
هي المرتبة الأولى في سلسلة الوجود الإمكاني المرتب على نظام الأشرف
فالأشرف، وتسمى العقول العشرة المبدعات كما تسمى المرتبة الثانية
المخترعات، وهي موجودات مادية لا تقترن بالزمان وهي الأفلاك
والفلكيات ونفوسها الكلية، والموجودات المثالية، وعالمها عالم الاختراع
والاختراع في مصطلح الفلاسفة، ايجاد شئ لا في زمان عن مادة
لطيفة غير مادة المكونات، تسمى ب‍ " الأثير.
وأما المرتبة الثالثة فهي المكونات وعللها عالم التكوين وهي
موجودات مقترنة بالمادة والزمان، وهي، العناصر، والطبع، والصورة
الجسمية، والهيولي، العنصر المادي التي هي خاتمة القوس النزولي
للوجود والعنصريات من الأجسام، والمواليد الثلاث، اي النبات،
والحيوان والإنسان.
وفي رأي الكندي للنبات نفس نباتية مع قواها، وللحيوان نفس
حيوانية مع قواها، والإنسان مخصوص بالنفس الناطقة التي هي مجردة عن
المادة في ذاتها وأما في أفعالها فهي محتاجة إلى البدن والجوارح، وللنفس
الناطقة الهابطة من عالم الملكوت إلى عالم الملك قوتان إحداهما قوة
نظرية بها تستكمل الفيض الذي تأخذه من عالم الملكوت، وللنفس بحسب
هذه القوة العلامة مراتب أربع وهما العقل الهيولاني فالعقل بالملكة
(٣٠٨)

والعقل المستفاد والعقل بالفعل ووجه الضبط ان مراتب النفس من
بداية الاستكمال إلى نهايته إما استعداد الكمال أو نفس الكمال،
والاستعداد، إما استعداد محض فهو العقل الهيولاني، تشبيها في
خلوه عن جميح الصور العقلية الكمالية بالهيولي الأولى الخالية في ذاتها عن
جميع الصور الجسمية، وإما استعداد الاكتساب، فهو العقل بالملكة
وهو عقل استعداد كسب النظريات المعقولة من أوليات معقولة، بالفكر أو
بالحدس، وإما استعداد الاستحضار، وهو العقل بالفعل وهو عقل
استعداد استحضار النظريات المكتسبة المخزونة متى شاء بمجرد الالتفات
إليها من دون حاجة إلى تجديد النظر، واما مرتبة نفس الكمال فهي بعد
انتهاء درجات الاستعداد إلى درجة الفعلية الكاملة فمتى صارت النظريات
حاصلة لدى النفس واستحضرت المعلومات مشاهدة إياها مستفادة من
العقل الفعال يقال لها العقل المستفاد.
والثانية قوة عملية، بها تستنبط النفس واجبها فيما يجب ان تفعل
وللنفس بحسب هذه القوة العمالة أيضا أربع مراتب وهي التجلية
فالتخلية فالتحلية، فالفناء. والتجلية، تهذيب الظاهر
باستعمال الشرائع النبوية والنواميس الآلهية، والتخلية تهذيب الباطن
عن الأخلاق السيئة والملكات الردية، والتحلية ان تتحلى النفس
الناطقة المهذبة بالفضائل النفسية ومكارم الأخلاق، والفناء هو الوصول
في العمل إلى ما ينطبق عليه الاعتقاد بمراتب التوحيد من توحيد الذات
وتوحيد الصفات وتوحيد الافعال وتوحيد الآثار.
هذه صورة مصغرة من بعض آراء الكندي في الفلسفة، ولكن بعض
مؤرخي الفلسفة وقع تحت تأثير دعايات أعداء الكندي فلا يميل إلى
الاخذ بالرأي القائل بان الكندي أبدع مذهبا مستقلا في الفلسفة.
أعداء الكندي.
كان للكندي أعداء كثيرون، شأن كل العباقرة المبرزين في العلوم
والفنون، وقد استطاعوا ان يضروه في سمعته العلمية والدينية وفي حياته
الخاصة، فمن هؤلاء الأعداء أبو معشر المنجم، جعفر بن محمد بن
عمر البلخي قال ابن النديم، كان أبو معشر أولا من أصحاب
الحديث، وكان يضاغن الكندي ويغري به العامة، ويشنع عليه بعلوم
الفلاسفة فدس عليه الكندي من حسن له النظر في علوم الحساب والهندسة
فدخل في ذلك فلم يكمل له فعدل إلى النجوم وانقطع شره عن الكندي
وقيل إنه أصبح أحد تلاميذه الممتازين ويقال: انه تعلم النجوم بعد سبع
وأربعين سنة من عمره وكان فاضلا حسن الإصابة وضربه المستعين العباسي
أسواطا لأنه أصاب في شئ خبره بكونه قبل وقوعه، فكان يقول:
أصبت وعوقبت.
ومن أعداء الكندي العالمان العلمان محمد واحمد ابنا موسى بن
شاكر، اللذان دسا للكندي عند المتوكل، وساعدهما أولا ما نسب إلى
الكندي من الآراء الاعتزالية، وثانيا حماقة المتوكل وتسرعه، فضربه
وأرسل إلى منزله من استولوا على كتبه، ثم ردت إليه كل هذه الكتب بعد
زمن كما ذكر ذلك ابن أبي أصيبعة في قصة طويلة ولكن فاته ان غضب
المتوكل على الكندي كان لأجل اتهامه بالتشيع حيث أخبر ان الكندي تعلم من
الإمام الحسن العسكري تفسير القرآن الكريم وأصول الاسلام.
ومن الذين تأثروا بكتابة أعدائه المعاصرين له أبو القاسم
صاعد بن أحمد الذي حمل على الكندي فيما بعد في كتاب طبقات الأمم
ووصف كتبه بأنها لا تفيد المطلعين عليها لكونها تشتمل على كليات غامضة
ليس فيها تحليل للجزئيات، ولكون تراكيبها غامضة معماة لا يستفيد منها
الا من مرن على دراسة المنطق حتى أصبح عنده مقدمات عتيدة تمكنه من
فهمها، ويضيف إلى هذه المعاني قوله: ولا أدري ما حمل يعقوب على
الاضراب عن هذه الصناعة الجليلة، هل جهل مقدارها أو ضن على الناس
بكشفه؟ وأي هذين كان فله نقص فيه، وله بعد هذا رسائل كثيرة في
علوم جمة ظهرت له فيها آراء فاسدة، ومذاهب بعيدة عن الحقيقة
. ويعلق ابن أبي أصيبعة على رأي هذا القاضي المغرض أو المقلد
في الجزء الأول من كتاب عيون الأنباء بقوله: أقول: هذا الذي قد
قاله القاضي صاعد عن الكندي فيه تحامل كثير عليه، وليس ذلك
مما يحط من علم، الكندي ولا مما يصد الناس عن النظر في كتبه والانتفاع
بها.
وعلى الرغم من هذه الدسائس التي حاكها أعداء الكندي، فان
اسمه ظل نجما ساطعا في تاريخ الفلسفة العربية، وبقي امام الفلاسفة
وأول المتبحرين في الحكمة.
وقال بعض المغرضين: كان الكندي يقول بوحدة واجب الوجود
وبساطة وجوده ومعنى هذا انكار الصفات بتاتا كما يقول المعتزلة لأنها تجر إلى
تعدد القدماء الذي هو لازم مذهب الأشاعرة، فتأثر الكندي بالمعتزلة
وصرح بان الله قادر بذاته عالم بذاته وهلم جرا. ولا شك ان أرسطو
قد سبق المعتزلة إلى نفي جميع الصفات عن الباري.
وزاد عليه بعض آخر بقوله: ان انكار الصفات بتاتا انكار
لنصوص القرآن العظيم، وخروج عن الاسلام واتجاه إلى الكفر
والالحاد.
أقول: إن المغرضين اعترفوا بان الكندي قائل بوحدة واجب الوجود
وبساطة وجوده، وان الله قادر بذاته وعالم بذاته ولم يتفطنوا ان الكندي
يقول أيضا: ان واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع
الجهات، فصفاته الحقيقية كالحياة والبقاء والعلم والقدرة وغيرها كلها
صفات واجبة وذاتية وليست من قبيل صفات الممكنات زائدة على الذات.
وهذا الرأي للكندي اتجاه إلى التوحيد الكامل وهو توحيد الذات
وتوحيد الصفات، وليس فيه اتجاه إلى الالحاد وانكار الخالق العظيم
فالمعترضون على الكندي لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها
فيحق عليهم قوله تعالى: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا
يعلمون.
وقال الدكتور قدري طوقان:
رأى الكندي بثاقب نظره ان الاشتغال في الكيمياء للحصول على
(٣٠٩)

الذهب مضيعة للوقت والمال في عصر كان يرى فيه الكثيرون غير ذلك.
وذهب إلى أكثر من ذلك فقال إن الاشتغال في الكيمياء بقصد
الحصول على الذهب يذهب العقل والجهد والمشتغل في ذلك يخدع الناس
كما يخدع نفسه، والكيمياء من هذه الناحية علم خادع وزائف. وقد وضع
رسالة سماها رسالة في بطلان دعوى المدعين صنعة الذهب والفضة
وخدعهم
. ومن الغريب ان بعضا من رجال الفكر في عصره والعصور التي تلته
قد هاجموه وطعنوا رأيه الذي ضمنه هذه الرسالة.
وكذلك كان الكندي لا يؤمن باثر الكواكب في أحوال الناس، ولا
يقول بما يقول به المنجمون من التنبؤات القائمة على حركة الكواكب.
ولكن هذا لا يعني انه لم يشتغل في الفلك، فقد وجه إليه اهتمامه من
ناحيته العلمية وقطع شوطا في علم النجوم وارصادها. وله في ذلك
مؤلفات ورسائل. وقد اعتبره بعض المؤرخين واحدا من ثمانية هم أئمة
العلوم الفلكية في القرون الوسطى. وقد يكون الرأي الذي قال به من
عدم تأثير الكواكب في الإنسان صورة من نظرياته التي توصل إليها بما يتعلق
بالنفس الإنسانية وعالم الأفلاك.
ومن دراسة لرسائله في العلة القريبة الفاعلة للكون والفساد،
يتجلى انه كان بعيدا عن التنجم لا يؤمن بان للكواكب صفات معينة من
النحس أو السعد أو العناية بأمم معينة. وهو حين يبحث في العوامل
الكونية وفي نظرية الفعل واوضاع الاجرام السماوية يبدع ويكون العالم
بمعنى الكلمة الدقيق. فلقد لاحظ أوضاع النجوم والكواكب وخاصة
الشمس والقمر بالنسبة للأرض، وما لها من تأثير طبيعي وما ينشأ عنها
من ظاهرات يمكن تقديرها من حيث الكم والكيف والزمان
والمكان....
وضع الكندي تفسيرا علميا بصفات الكائنات الحية من نبات وحيوان
وانسان، وقال إن اختلاف خصائصها يرجع إلى المناطق التي تعيش فيها
هذه الكائنات والى فعل الجو في التركيب البدني والوظائف البدنية وفي المزاج
النفسي والأخلاق والاستعداد العقلي. لان بدن كل كائن يجعل هذا
الكائن الأخلاق التي تلحقه، وذلك منذ تولد النطف واستقرارها في
الأرحام، لان مزاجات النفس متبعة مزاجات الأجسام بوجه عام
. وتبعا لذلك كله تكثر الكائنات الحية أو تقل وتزداد معالم العمران أو
تنقص ويعلق الدكتور أبو ريده على ذلك بقوله وكان الكندي يريد ان
يفسر التاريخ على ضوء هذه النظرية. فهو يقول إن العوامل الكونية التي
يتكلم عنها تؤدي في كل دهر بحسب المزاج العام للنوع والمزاج
الخاص للافراد، إلى ظهور استعدادات نفسية وخلقية فتحدث أنواع جديدة من
الإرادات والهمم تؤدي بدورها إلى أحوال وسنن جديدة والى تغير الدول
وما يشبه الدول.
وهنا لا بد من التعليق بان العلماء في هذا العصر قد توصلوا إلى أن
هناك صلة بين العوامل الجوية وبين مزاج الإنسان كما قال الكندي. فدرس
العلماء العلاقة بين إشعاع الشمس وكلفها والتقلب في أحوال الجو وبين
كهربة الجو والشحنات التي يحملها وظهر لهم ان علاقة وثيقة بين الهواء
الذي نتنفسه وبين المزاج. فالشعور بالنشاط أو الفتور يتصل بالجو وبما
يحويه من دقائق مكهربة، إذ لا يخفى ان الهواء يحتوي على دقائق مكهربة
بعضها يحمل شحنات موجبة وبعضها يحمل شحنات سالبة. وهذه
الشحنات تؤثر على الإنسان في مزاجه وفي نشاطه وفي فتوره وتعبه وإعيائه،
كما تؤثر على تفكيره ونتاجه واعماله واستعداداته النفسية والخلقية. وهذه
الشحنات تتأثر بالشمس وكلفها، اي ان الأساس في تقلبات الجو وكهربته
يعود إلى الشمس. وهذا ما يراه الكندي من أن الشمس هي التي تسبب
الظواهر الجوية وهي التي تؤثر في الكائنات الحية على ظهر الأرض من
نبات وحيوان وانسان وهو ما يسميه الكندي بالحرث والنسل وفي خصائصها.
واتى الكندي فوق ذلك باراء خطيرة وجريئة في نشاة الحياة على
الأرض مما دفع الكثيرين إلى الاعتراف بان الكندي مفكر عميق من الطراز
الحديث. وتتجلى آراؤه هذه في رسالته في العلة القريبة الفاعلة للكون
والفساد. فدلل بها على بصيرة نافذة وعمق في التفكير واعمال للعقل دون
التقيد باراء من سبقوه من علماء اليونان وفلاسفتهم، فكان في استنتاجاته
واستقصائه وبحثه وما توصل إليه مثال العالم المبتكر والمفكر الملهم.
ودرس الكندي الرسائل والمؤلفات التي وضعها علماء اليونان في
البصريات وانتقد بعضها وفي رأيه انه لا ينبغي للعالم ان يبدي رأيا لا
يستطيع اثباته بالأدلة.
وقال الدكتور فرانتز روزنتال: وكان الكندي على صواب
عندما أظهر استياءه من العالم اليوناني الذي اعتمده عندما كان يصنف رسالة
من رسائله في البصريات، وذلك لان هذا العالم اليوناني لم يراع الأساليب
العلمية المعترف بها... وقد اخرج الكندي رسائل قيمة في البصريات
والمرئيات وله فيها مؤلف لعله من أروع ما كتب. وهو يلي كتاب الحسن بن
الهيثم مادة وقيمة. وقد انتشر هذا الكتاب في الشرق والغرب وكان له تأثير
كبير على العقل الأوروبي كما تأثر به باكون وواتيلو.
وللكندي رسالة بسبب زرقة السماء. وتقول دائرة المعارف
الاسلامية: ان هذه الرسالة قد ترجمت إلى اللاتينية، وهي تبين ان اللون
الأزرق لا يختص بالسماء، بل هو مزيج من سواد السماء والأضواء الأخرى
الناتجة عن ذرات الغبار وبخار الماء الموجود في الجو. ويمتدح دي پور
رسائل أخرى صغيرة وضعها الكندي في المد والجزر ويقول بصددها
:... وعلى الرغم من الأخطاء التي تحويها هذه الرسالة الا ان نظرياتها قد
وضعت على أساس من التجربة والاختبار... فقد كان الكندي يلجا إلى
التجربة ويرى فيها سبيلا للوصول إلى الحقيقة والوقوف عليها.
والكندي يلجا في طريقة العرض إلى عرض رأي من تقدمه على
اقصر السبل وأسهلها سلوكا، وان يكمل بيان ما لم يستقصوا القول فيه...
اعتقادا منه ان الحق الكامل لم يصل إليه أحد، وانه يتكامل بالتدريج
بفضل تضامن الأجيال من المفكرين... ولا تخلو رسائل الكندي من أفكار
(٣١٠)

تشبه ما عند المعتزلة بحسب طريقتهم في التعبير غير أن الكندي كما
يقول الدكتور أبو ريدة يطبقها على نظام الكون في جملته وتفصيله. وان
تفكيره يتحرك في التيار المعتزلي الكبير في عصره، دون ان يفقد طابعه
الفلسفي القوي وشخصيته المميزة وروحه الخاصة...
ويتجلى تفكيره المعتزلي هذا عند بحثه في الاسلام وفيما جاء به النبي
الكريم وهو يرى أنه يمكن فهم هذا كله بالمقاييس العقلية التي لا يدفعها
الا من حرم صورة العقل واتحد بصورة الجهل على حد تعبيره. ويشترط
لفهم معاني القرآن ان يكون المفسر من ذوي الدين والالباب عارفا
بخصائص اللغة وتعبيراتها وأنواع دلالاتها عند العرب. فلقد طلب الأمير
أحمد بن المعتصم من أستاذه الكندي ان يشرح له معنى الآية والنجم
والشجر يسجدان فوضع تفسيره في رسالة سماها: رسالة في الإبانة عن
سجود الجرم الأقصى وطاعته لله عز وجل وشرح في هذه الرسالة معنى
السجود والطاعة في اللغة حقيقة ومجازا وينتهي إلى أن سجود النجوم أو
الشجر لله يعني طاعتها للأنظمة والقوانين التي وضعها الباري عز وجل
وألزم بها المخلوقات جميعها بما فيها الشجر والنجم مؤدية وظيفتها المعينة لها
في نظام العالم والكون، وبذلك تحقق إرادة بارئها وتنتهي إلى امره. وهذا
ما يمكن ان يعبر عنه مجازا بأنه سجود.
وللكندي اثر كبير في العقليات، تناولها الأوروبيون من بعض
مؤلفاته التي طبعت في أوروبا منذ عهد العالم بالطباعة. وقد وضع نظرية
في العقل، دمج فيها آراء الذين سبقوه من فلاسفة اليونان باراء له.
فجاءت نظرية جديدة ظلت تتبوأ مكانا عظيما عند فلاسفة الاسلام الذين
اتوا من بعده من غير أن ينالها تغيير يذكر. ويرى بها بعض الباحثين انها
من المميزات التي تتميز بها الفلسفة الاسلامية في كل عصورها. فهي تدل
على اهتمام العرب والمسلمين بالعقل إلى جانب رغبتهم في التوسع في
البحوث العلمية الواقعية.
وللكندي رسالة في أن الفلسفة لا تنال الا بالرياضيات. اي ان
الإنسان لا يكون فيلسوفا الا إذا درس الرياضيات. ويظهر ان فكرة
اللجوء إلى الرياضيات وجعلها جسرا للفلسفة، قد اثرت على بعض تاليفه
فوضع رسائل في الايقاع الموسيقي قبل ان تعرف أوروبا الايقاع بعدة
قرون...
وطبق الحروف والاعداد على الطب، ولا سيما في نظرياته المتعلقة
بالأدوية المركبة. ويقول دي پور:... والواقع ان الكندي بنى فعل
الأدوية كما بنى فعل الموسيقي على التناسب الهندسي. والامر في الأدوية أمر
تناسب في الكيفيات المحسوسة. وهي الحار والبارد والرطب واليابس...
إلى أن يقول: ويظهر ان الكندي عول على الحواس ولا سيما حاسة
الذوق في الحكم على هذا الامر حتى لقد نستطيع ان نرى في فلسفته شيئا
من فكرة التناسب بين الاحساسات.... وهذا الرأي من مبتكرات
الكندي لم يسبق إليه على الرغم من كونه خيالا رياضيا.
وكانت هذه النظرية محل تقدير عظيم عند كاردانو أحد فلاسفة
القرن السادس عشر فاعمال العقل وحده لا يكفي في كثير من الحالات بل
يجب ان يقترن ذلك بالتجربة والاختبار لتكون النتائج مستوفاة وصحيحة
وموصلة إلى الحقيقة الكاملة.
واشتغل الكندي في الفلسفة، وله فيها تصانيف ومؤلفات جعلته من
المقدمين ويعتبرها المؤرخون نقطة تحول في تاريخ الفكر العلمي عند
المسلمين.
وهو في واقع الامر عالم موسوعي جماع للعلوم. وكثير من كتبه يتصل بالعلوم والفلسفة اتصالا
مباشرا. وقد ترجم جيرارداوف كريمونا وغيره
قسما كبيرا منها فاثرت تأثيرا عميقا في الشعوب اللاتينية.
وتمتاز رسائله ومؤلفاته بشمولها العام لميادين المعرفة، وقد دللت على
اهتمامه بكل الاتجاهات والتيارات الفكرية في عصره معتمدا على العقل
والبحث والدرس فما خالف العقل اهمله ونأى عنه حتى لو قال به أرسطو أو
أفلاطون غير عابئ بقداسة الماضي وسلطانه، وما ساير العقل تمسك به
وأخذه ودافع عنه.
ويعترف الأقدمون باثره في الفلسفة وفضله عليها. فقال ابن أبي
أصيبعة:... وترجم الكندي من كتب الفلسفة الكثير، وأوضح منها
المشكل، ولخص المستعصب وبسط العويص... وهذا يدل على أنه قد
فهم الفلسفة، وعلى ان فهمه وصل درجة أخرجتها من اليونانية إلى
العربية. وكان يهدف من دراسته الفلسفية ان يجمع بينها وبين الشريعة،
وقد تجلى هذا في أكثر مصنفاته.
وقال البيهقي:... وقد جمع في بعض تصانيفه بين أصول
المعقولات... وقد وجه الفلسفة الاسلامية وجهة الجمع بين أفلاطون
وأرسطو.
ويتبين منها ان الكندي يقف في ارض ألين بقدم ثابتة كما يقول
الأستاذ أبو ريده، فقد دافع عن النبوة بالاجمال وعن النبوة المحمدية خاصة
وفهم الوحي الاسلامي فهما فلسفيا ولا تفتا تظهر في رسائله عبارات
واضحة تدل على روح الايمان العميق وقد اضطرته روح الايمان هذه إلى
مخالفة أرسطو في قدم العالم والى تأكيد العناية الإلهية وصفات الاله المبدع
الفعال المدير الحكيم ويخرج من نظره الفلسفي بوجهة نظر عامة تقوم على
فهم الدين بالعقل الفلسفي وتنتهي إلى مذهب ديني فلسفي معا....
ويمكن القول إن الكندي كما يقول ماسينيون امام مذهب فلسفي
اسلامي. وقد اثرت الفلسفة على اتجاهات تفكيره، فكان ينهج منهجا
فلسفيا يقوم على العناية بسلامة المعنى من الوجهة المنطقية واستقامته في نظر
العقل.
وله منهج خاص به... يقوم أولا على تحديد المفهومات بألفاظها
الدالة عليها تحديدا دقيقا بحيث يتحرر المعنى.... وهو لا يستعمل
(٣١١)

ألفاظا لا معنى لها لان... ما لا معنى له فلا مطلوب فيه. والفلسفة انما
تعتمد على ما كان فيه مطلوب. فليس من شأن الفلسفة استعمال ما لا
مطلوب فيه.... وكذلك يقوم منهج الكندي على ذكر المقدمات، ثم
يعمل على اثباتها على منهج رياضي استدلالي.... قطعا لمكابرة من ينكر
القضايا البينة بنفسها، وسد الباب اللجاج من جانب أهل العناد... ومن
يطلع على رسائله يجد ان الطريقة الاستنباطية تغلب عليها،... وان
منهجه منطقي رياضي يدهش الإنسان من اتقانه في ذلك العصر
البعيد... للميلاد مما جعله يقول:... ان الكندي من الاثني عشر
عبقريا الذين هم من الطراز الأول في الذكاء....
والكندي مخلص للحقيقة يقدس الحق، ويرى في معرفة الحق كمال
الإنسان وتمامه، ويتجلى ذلك في رسالة الكندي إلى المعتصم بالله في
الفلسفة الأولى. فقد جاء في هذه الرسالة:... ان أعلى الصناعات
الإنسانية وأشرفها مرتبة صناعة الفلسفة. ولما ذا...؟ لان حدها علم
الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان، ولان غرض الفيلسوف في عمله،
إصابة الحق، وفي عمله، العمل بالحق....
ويعرف الكندي للحق قدره، ويقول في هذا الشأن:... وينبغي
ان لا نستحي من الحق واقتناء الحق من أين اتى، وان اتى من الأجناس
القاصية عنا والأمم المباينة لنا، فإنه لا شئ أولي بطالب الحق من
الحق... وليس ينبغي بخس الحق ولا تصغير قائله والآتي به... ولا أحد
بخس بالحق بل كان يشرفه الحق....
وفي رأي الكندي ان الحياة قصيرة وانها لا تكفي لمعرفة الحقيقة
الكاملة. فمهما طالت حياة الفرد وعكف على البحث وحصر نفسه وجهوده
في الدرس والتفكير فلن يصل إلى الحقيقة الكاملة بل هو في بحثه ودراسته
وتفكيره انما يعمل لها ويسعى للوصول إليها، وحسبه في هذا شرفا
وسعادة.
ويرى الكندي ان معرفة الحق ثمرة لتضامن الأجيال الإنسانية، فكل
جيل يضيف إلى التراث الإنساني ثمار أفكاره، ويمهد السبيل لمن يجئ
بعده، ويدعو إلى مواصلة البحث عن الحق والمثابرة في طلبه، وشكر من
يشغل نفسه وفكره في ذلك. وهو يعتبر طالبي الحق شركاء وان بينهم نسبا
ورابطة قوية هي رابطة البحث عن الحق والاهتمام به. وقد دفعه اهتمامه
بالحق وطالبيه إلى لاشعور بمسؤوليته، وان عليه ان يساهم في بناء الحقيقة
ويدعو إلى الاخلاص لها، ويحدب على طالبها والتفاني في اسعافه. وبذلك
يدفع المجهود الفلسفي إلى الامام.
يقول الكندي في هذا الشأن في كتابه إلى المعتصم بالله في الفلسفة
الأولى ما يلي:...
ومن أوجب الحق الا نذم من كان أحد أسباب منافعنا
الصغار. فكيف بالذين هم من أكبر أسباب منافعنا العظام الحقيقية
الجدية، فإنهم وان قصروا عن بعض الحق، فقد كانوا لنا انسابا وشركاء
فيما أفادونا من ثمار فكرهم التي صارت لنا سبلا وآلات مؤدية إلى علم
كثير.
فينبغي ان يعظم شكرنا للآتين بيسير الحق، فضلا عمن اتى بكثير
من الحق، إذ أشركونا في ثمار فكرهم وسهلوا لنا المطالب الخفية الحقية،
بما أفادونا من المقدمات المسهلة لنا سبل الحق، فإنهم لو لم يكونوا، لم
تجتمع لنا مع شدة البحث في مددنا كلها هذه الأوائل الحقية، التي بها
تخرجنا إلى الأواخر من مطلوباتنا الخفية. فان ذلك انما اجتمع في الاعصار
السالفة المتقادمة عصرا بعد عصر إلى زماننا هذا، مع شدة البحث ولزوم
الدأب وايثار التعب في ذلك....
والكندي أدرك بحدة نظره وثاقب تفكيره بان الثبات والدوام في هذا
العالم غير موجودين وان قانون التغير يسيطر على عوامل الكون، ومن
يرفض هذا القانون فهو في واقع الامر يرفض الحياة نفسها ويدلل على فكر
سقيم وعقلية عقيمة.
ولم يقف الكندي عند هذه الحدود بل نفذ عقله إلى الخروج بالقول
ان مقتنيات الحياة مشتركة بين جميع الناس وانه لا يصح للانسان الاستئثار
بها أو ان يحسد غيره عليها....
والكندي في حياته كان منصرفا إلى جد الحياة، عاكفا على الحكمة
ينظر فيها التماسا لكمال نفسه.
وفوق ذلك فالكندي ذو روح علمي صحيح، ابعد عنه الغرور،
وجعله يرى الإنسان العاقل مهما يبلغ في العلم، فهو لا يزال مقصرا،
وعليه ان يبقى عاملا على مواصلة البحث والتحصيل. وقد قال في هذا
الشأن:...
العاقل من يظن أنه فوق عمله، فهو ابدا بتواضع لتلك
الزيادة، والجاهل يظن أنه تناهى فتمقته النفوس لذلك....
يرى الكندي ان على الإنسان ان يستعمل عقله في تدبير نفسه
وسياستها والاهتمام بمطالبتها الحقيقية دون ان يعطي هذه الحياة أكثر مما
تستحق. وانه بالعقل والفضيلة والحكمة يمكن للانسان ان يخلص من
الأحزان ويحرر نفسه من القلق.
وفي رأي الكندي ان مفهوم الفلسفة يجب ان يقوم على المعرفة
والسيرة العلمية. فلا يكفي ان يفهم الإنسان الفلسفة من حيث هي معرفة
فقط بل يجب ان تقترن هذه المعرفة بسيرة عملية، فيعرف الإنسان نفسه
ويخلصها من ادران الأنانية والطمع والحسد، ويجعل العقل رائده وقائده
وحكما في الفصل بين الحق والباطل. وبذلك يؤدي رسالة الحياة على أتم
ما يكون الأداء ويمهد للحياة الخالدة التي يرنو إليها الحكماء والفلاسفة في كل
زمان ومكان.
وقال محمد كاظم الطريحي:
عقيدته:
اختلف المؤرخون في ديانته، وعقيدته اختلافا كبيرا، فمنهم من
رفعه إلى مصاف علماء الدين، ومنهم من رماه بالكفر والالحاد، ومنهم من
قال إنه كان يهوديا ثم أسلم، والآخر قال: كان نصرانيا، وكل
(٣١٢)

واحد من هؤلاء ينسب له رواية أو قصة يؤيد فيها ما ذهب إليه في عقيدة
الكندي وملته، على أن عقيدته تستفاد من قراءة ما تبقى من مؤلفاته،
وترجمته، وتعرف بما مر عليه من الاحداث التي كان مشاركا فيها، ونكب
من أجلها، ثم دراسة اخبار تلاميذه، ومعتقداتهم، والخلفاء الذين
عاصرهم، وكان عندهم عظيم المنزلة، وينفرد البيهقي بذكر الخلاف في
ملة الكندي، ويتابعه الشهرزوري ثم يذكره السمرقندي في حكاية
أكثرها أوهام، منها قوله كان يعقوب بن إسحاق الكندي يهوديا، ولكنه
كان فيلسوف زمانه، وحكيم عصره، وكان مقربا عند المأمون، وقد دخل
عليه يوما فاتخذ لنفسه مجلسا أعلى من مجلس أحد أئمة الاسلام، فقال
هذا: انك رجل ذمي، فكيف تتخذ مكانا أعلى من مكان أئمة
الاسلام، فأجاب يعقوب: لأني اعلم ما تعلم، وأنت تجهل ما
اعلم، وتوهم مؤلف اكتفاء القنوع عند ذكره لمؤلفات الكندي
المطبوعة فقال: كان في أيام الخليفة العباسي المأمون بن الرشيد، عالم نبيل
من أقاربه، وهو عبد الله بن إسماعيل الهاشمي له الاطلاع الواسع،
والبحث المدقق في الأديان، وكان صديقا للكندي الذي اشتهر بحب
النصرانية، والتمسك بها يحاكى تمسك الهاشمي بالاسلام، وشدة إغراقه
فيه، فكتب الهاشمي للكندي رسالة بليغة في محاسن دينه، وكتابه دعاه
فيها إلى الاسلام، فرد عليه الكندي النصراني، رسالة أظهر له فيها وجوه
صحة النصرانية بالأدلة القوية، طبعت الرسالتان معا سنة ١٨٨٨ م في ١٨٠
صحيفة، وهما بليغتا العبارة، قويتا الحجة، عظيمتا الفائدة في هذا
الباب، وعند رجوعي إلى الرسالة وجدت انها تنسب إلى عبد المسيح بن
إسحاق الكندي، وتوهم أيضا الأب لويس شيخو فقال في كتابه مجاني
الأدب، يعقوب بن إسحاق النصراني، له رسالة مشتهرة فند فيها
اعتراضات ابن إسماعيل الهاشمي على النصرانية، ذكرها أبو الريحان
البيروني في تاريخه، فرد عليه الأب انستاس الكرملي في مجلة لغة العرب
بعد ان اورد نص عبارته، قال: يظهر من هذا الكلام انه نقل كلامه هذا
عن أبي الفرج، والحال ان أبا الفرج قال: ولم يكن في الاسلام من
اشتهر عند الناس بمعاناة علم الفلسفة حتى سموه فيلسوفا غير يعقوب
هذا، وقال الكرملي: يظهر هو زيادة الأب شيخو، فقوله له اليد الطولى
بعلوم اليونان، والهند، والعجم، لا ينطق به ابن العبري، ولا العربي
الفصيح، واما دسه لم يكن في العرب، فالذي في الأصل، لم يكن في
الاسلام، ثم لا نفهم كيف يكون أبو يعقوب أميرا على الكوفة لو كان
نصرانيا، وأهل الكوفة منذ صدر الاسلام كانوا متمسكين بدينهم الحنيف،
فكيف يقبلون عليهم أميرا نصرانيا، هذا من جهة هذه الترجمة، وأما من
جهة ابن العبري باسلامية الكندي فصريح من قوله لم يكن في العرب،
وبين الكلامين فرق لا يخفى على المطالع. (٩)
والظاهر أن الأب شيخو اقتبس كلامه من اكتفاء القنوع المار الذكر
بدون الإشارة إليه، فظن الأب الكرملي انه مقتبس من كلام ابن العبري
للتشابه بالعبارات، واتهم الكندي أيضا في التشكيك بالقرآن الكريم قال
كليموفيتش: وكان فيلسوف العرب الكندي الذي كان يتجه بارائه نحو
فلسفة أرسطو يشك بالقرآن لأنه كان يجد فيه متناقضات، وضعف
أسلوب، وعدم تناسق، وترتيب، ومن الممكن ان كليموفيتش اطلع على
ما ذكره الحافظ العسقلاني فظن العكس، قال في لسان الميزان عن ابن
النجار قال: وكان أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي متهما في
دينه، ثم ساق من طريق أبي بكر النقاش المفسر عن أبي بكر بن خزيمة
قال: قال أصحاب الكندي له اعمل لنا مثل القرآن؟ فقال: نعم، فغاب
عنهم طويلا، ثم خرج عليهم فقال: والله لا يقدر على ذلك أحد (١٣)
وقيل إنه كان يذهب في نسب يونان إلى أنه أخ لقحطان، فاتخذ من
رأيه هذا حجة في اتهامه بالالحاد، قال المسعودي: كان يذهب في
نسب يونان إلى أنه أخ لقحطان، ويحتج لذلك باخبار يذكرها، ويوردها
من حديث الآحاد، والافراد، لا من حديث الاستفاضة والكثرة، وقد رد
عليه أبو العباس الناشي في قصيدة طويلة قال:
أبا يوسف اني نظرت فلم أجد * على الفحص رأيا صح منك ولا عقدا
وصرت حكيما عند قوم إذا امرؤ * بلاهم جميعا لم يجد عندهم عندا
أ تقرن الحادا بدين محمد * لقد جئت شيئا يا أخا كندة إدا
وتخلط يونانا بقحطان فضلة * لعمري لقد باعدت بينهما جدا
والناظر في مؤلفات الكندي، يرى أنه لم يخرج عن حد العقليات،
وليس من مؤلفاته شئ في الدين، بل إنه اشتهر برأي خاص في واجب
الوجود خالفه فيه المتشددون من أهل عصره، واخذوا عليه رأيه المذكور
الذي أودعه رسالته في التوحيد، قال البيهقي انه قد جمع في بعض
تصانيفه بين أصول الشرع، وأصول المعقولات. (١٦)
وذكره السيد ابن طاووس فقال: وقيل إنه من علماء الشيعة
الشيخ الفاضل إسحاق بن يعقوب الكندي، وزاد عليه صاحب
الذريعة فقال: من علماء الشيعة العارفين والنص الوحيد الذي
عثرت عليه والذي يمكننا بواسطته التعرف إلى آراء الكندي الدينية، هو ما
ذكره أحمد بن النظيم السرخسي قال: قال الكندي: لا يفلح
الناس وعين تطرف رأت المتوكل، قال: وكان المتوكل أمر بضرب الكندي
(٣١٣)

سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وكانت خمسين سوطا، فضرب وكان منسوبا
إلى الزيدية.
والزيدية من أصول الشيعة، ينتسبون إلى زيد علي بن الحسين
ع، وهم ثلاث طوائف، يشترطون في الامام ان يكون
هاشميا، ورعا، تقيا، عالما سخيا، يخرج داعيا لنفسه، والامام بعد علي
ع يشترط ان يكون فاطميا، ذكرا، بالغا، عاقلا، سليم
الحواس والأطراف، شجاعا لم يمارس مهنة مرذولة، عادلا، ورعا كريما
، حسن الدراية بتصريف الأمور، مجتهدا، ويكون أفضل أهل زمانه، وإذا
تساهلوا في بعض الشروط، فإنهم لا يتساهلون في كونه علويا، فاطميا،
وان يبلغ مرتبة الاجتهاد، وأن يكون أفضل أهل زمانه، وهم يتفقون مع
المعتزلة في أصول الدين والمذهب الزيدي قائم باليمن.
الشيخ يعقوب بن جعفر النجفي الحلي المعروف بالتبريزي وليس
بتبريزي.
ولد سنة ١٢٧٠ وتوفي سنة ١٣٣٩ ١٤ ربيع الثاني في النجف ودفن
في وادي السلام كان فاضلا أديبا شاعرا تخرج في الأدبيات على السيد
إبراهيم الطباطبائي النجفي الشاعر المشهور وكان نادبا للحسين ع وهو
والد الشيخ محمد علي اليعقوبي الموجود الآن في النجف الشاعر النادب
للحسين ع أيضا.
قال في الحصون المنيعة: من خيار الوعاظ في العراق ومن شيوخ
قرائها وأدبائها نجفي المولد والنشأة والمدفن كان شاعرا بليغا وأديبا لبيبا،
تخرج في الوعظ على يد العلامة الشهير الشيخ جعفر الشوشتري وفي
الأخلاق على الملا حسين قلي الهمداني وكان من الملازمين له واخذ مبادئ
الآداب عن السيد الشريف السيد إبراهيم بحر العلوم الطباطبائي ثم غادر
النجف وهو ابن ثلاثين سنة فتوطن السماوة ومكث فيها خمس عشرة سنة
تقريبا وانتقل منها إلى الحلة وأقام فيها كذلك وقد تخرج على يده في هذه
المدة جملة من القراء المشاهير واخذوا عنه وله بعض الكتابات في أحوال أهل البيت
واخبارهم وآثارهم توجد عند أولاده وله ديوان شعر يحتوي على عشرة
آلاف بيت وقد خلف من الولد أربعة محمد الحسين والمهدي والحسن
والشيخ محمد علي.
وقال في الطليعة: كان أديبا حافظا نائحا على الحسين ع خرج
من النجف لضيق ذات يده فسكن الحلة ثم السماوة ثم عاد إلى الحلة وتوفي
بالنجف وكان مفوها في منبر الخطابة مكثرا للشعر جدا وكان لا ينظم الا في
أهل البيت ع ثم نظم في غيرهم وعمل في الحسين ع قصائد
مرتبة على الحروف الهجائية تزيد القصيدة على المائتين.
شعره
قال يرثي الحسين ع من قصيدة:
لقد ضربت فوق السماء قبابها * بنو من سما فخرا لقوسين قابها
فكانت لعلياها الثريا هي الثرى * غداة أناخت بالطفوف ركابها
وثارت لنيل العز والمجد وامتطت * من العاديات الضابحات عرابها
لقد أفرغت فوق الجسوم دلاصها * كان المنايا ألبستها أهابها
وقد جردت بيض الصفاح اكفها * وهزت من السمر الصعاد كعابها
أعدت صدور الشوس مركز سمرها * طعانا واجفان السيوف رقابها
سطت وبها ارتجت باطباقها الثرى * وكادت رواسي الأرض تبدي انقلابها
ولما طمت في الحرب للموت أبحر * غدت خيلها منها تخوض عبابها
وحين عدت منقضة في عداتها * تولت كطير حين لاقي عقابها
فكم أطعمت أرماحها مهج العدا * فما كان أقرى طعنها وضرابها
إلى أن بقرع الهام فلت شبا الظبا * ودقت من الأرماح طعنا حرابها
هوت وبرغم الدين راحت نحورها * تعد لأسياف الظلال قرابها
قضت عطشا ما بل حر غليلها * شراب وفيض النحر كان شرابها
وله:
رنا الجرعاء لي لحظ طموح * فلاح له بها برق لموح
فذكرني عهودا قد تقضت * فعاد الجفن وهو بها قريح
وطاب لمنشقي مذ شم عرنا * به طابت من الأحباب ريح
وذاك النشر أهدته الخزامي * ورند من مرابعهم وشيح
سقى تلك الديار وقاطنيها * همول العين والوبل السفوح
وله في رثاء الحسين:
أعظم بيوم بني الهادي وفادحه * في كربلاء به قلب الهدى انزعجا
ولو وعى عظمه الصخر الأصم إذا * دما تفجر منه الصلد وانفرجا
إن كان حكم لبيد بالبكا سنة * فذي الورى ناحت الأعوام والحججا
هم علة الكون هم سر الوجود وهم * كانوا على الخلق بعد المصطفى حججا
وكل غي بهم أبوابه غلقت * غداة قد فتحوا من رشدهم رتجا
ما ضاقت الرسل ذرعا والأنام معا * تلا وكانوا لهم في ضيقهم فرجا
بهم أمية كم من هاشم نسفت * بالطف كهف على سام وطود حجى
لا تنس واذكر بني صخر وصنعهم * في الطف إذ ملأوا الدنيا بذاك شجى
غداة قد ألبوا فيه جموعهم * صدر الفضا راح منها ضيقا حرجا
لكي تخيف أمان الخائفين ومن * قد كان للخلق طرا ملجأ
ورجا فثار للحرب شبل الليث حيدرة * بالعضب يفري طلى الأبطال والودجا
والصحب والغلب اهلوه غدت كرما * تعوم بين يديه للردى لججا
هبت بهم عاديات الخيل ضابحة * تثير نقعا به صبح الكفاح دجا
وقد جلته المواضي في أشعتها * وأوجه لهم كانت به سرجا
وراح وقع الظبا في الهام يطربهم * كأنما سمعت أذانهم هزجا
خالوا المنية مذ وافتهم فرحا * بها فتاة أتت تبدي لهم غنجا
فعانقوا البيض والسمر الطوال وقد * عافوا الحياة فما استبقوا لهم مهجا
ثووا فداؤهم نفسي بمنعرج * من كربلاء الا بوركت منعرجا
لم ينج في كربلاء شيخ ومكتهل * منهم ولا الطفل يا للمسلمين نجا
قد أشرقت كالنجوم الزهر أرؤوسهم * لكنها اتخذت سمر القنا برجا
فأزهر الأفق من أنوار أوجههم * ما بين شمس ضحى شعت وبدر دجى
امامهن سرى رأس ابن فاطمة * يتلو الكتاب بذكر الله قد لهجا
نهضا بني هاشم بالشوس من مضر * فما عليكم ارى لو متم حرجا
فتلك زينب بعد الخدر ملحفها * يا للحمية في أيدي العدى اختلجا
بحران فاضا بعينيها بدمع دم * والوجد بينهما في القلب قد مرجا
(٣١٤)

لم تطف أدمعها نار الفؤاد ولا * تجفف النار ما من دمعها خرجا
تحن مهما تر السجاد من سقم * بالرمح يقرع إما ناح أو نشجا
وله من قصيدة:
لحي الله دهرا لا تزال صروفه * لها كل يوم في الأنام صيال
له عثرات ليس يحصى عدادها * وهيهات منها المستقيل يقال
فتلك هداة الخلق من آل احمد * تحكم غي فيهم وضلال
برغم الهدى تمسي دماء بني الهدى * تطل لدى الأعداء وهي حلال
بها جب للاسلام غارب عزه * وجز من الدين الحنيف قذال
بنفسي آل المصطفى الطهر أصبحت * تغال وما عهدي الأسود تغال
أ أنساهم قتلى وشتى قبورهم * وهم حين تنميهم لأحمد آل
فيومهم ابكى ملائكة السما * وهدت به للراسيات جبال
ورزؤهم عم البرية شجوه * كما عمها منهم علاء ونوال
ولم انس سبط المصطفى حين أشرعت * صفاح وسمر نحوه ونبال
ولم ير من حام له غير نيف * وسبعين منهم عابس وهلال
وبينهم العباس في الروع باسم * سرورا إذا راع الكماة نزال
أبى ان يبل الماء منه حشاشة * وما بل احشاء الحسين زلال
فيا بأبي أجسامهم يوم غودرت * عليها سوافي الذاريات تهال
بنفسي أوصال النبوة أصبحت * تناهبها عسالة وصقال
بنفسي أشلاء الإمامة بالعرا * غدا فوقها للغاديات مجال
معفرة فوق الصعيد وما لها * عن الشمس غير المرهفات ظلال
وتلك بأطراف العوالي رؤوسهم * زواهر كل لاح وهو هلال
وتلك كريمات الهدى ينتدبنهم * وأدمعها فوق الخدود تذال
تناديهم يا اخوتي هلى علمتم * بانا ركبنا النيب وهي هزال
أ يرجى نوال بعد نيلكم الذي * تشد له للوافدين رحال
وهل يرتجى عود الليالي التي خلت * فما هي الا خطرة وخيال
وله من قصيدة يمدح فيها السيد محمد القزويني حين أبرق إلى
السلطان عبد الحميد بتنازله عن عرش الخلافة على اثر إلغائه الدستور
العثماني وصدور فتوى شيخ الاسلام السيد ضياء الدين بخلعه أيضا وذلك
سنة ١٣٢٨:
محياك في أفق الهداية أشرقا * فاذن ان يمحى الضلال ويمحقا
وقد كان جيد الدهر قبلك عاطلا * ومنك بعقد الفضل عاد مطوقا
ومنك المزايا الغر كانت خليقة * وطبعا وكانت في سواك تخلقا
إذا افتخرت قوم بتيجان ملكها * فإنك زدت التاج عزا ورونقا
وان لثمت منك الأنام أناملا * ندى انشقتها نائلا متعبقا
نداك مضاف من لجين وعسجد * وما زال ماء السحب ينهل مطلقا
تفرعت من غصن زكا منه أصله * ومن احمد في دوحة المجد عرقا
فيا بن معز الدين مهدي عصره * ومن بسناه منهج الرشد أشرقا
وقارع عن دين الهدى في صوارم * بايماضها شمل الضلال تفرقا
ويروى حديث الفضل عنه معنعنا * صحيحا ويروي عن سواه ملفقا
لأنك اندى الناس للناس راحة * وأحسنها خلقا وأعذب منطقا
وأرجحها حلما وأعظمها نهى * وأثبتها عند الهزاهز في اللقا
وتفصل بين الناس عند خصامها * بحد لسان كان عضبا مذلقا
فلو كنت طودا كنت فندا ولم يكن * ليرقاه راق بل أزل وازلقا
أ لست أبا للمسلمين وكالئا * لهم وعليهم حانيا متشفقا
وأنت لها مهما اتقت فيك جنة * إذا الدهر يوما راش سهما مفوقا
ملكت زمام الدهر فانقاد خاضعا * لأمرك فيه جيش عزك احدقا
رعيت مواثيق الهدى يوم أخلفت * رجال له لم ترع عهدا وموثقا
وغادرت رب القصر يرعد صاغرا * لأمرك مذ فاجأته فيه مبرقا
فما دفعت عنه الفيالق عندما * رأى كل حرف منك وافاه فيلقا
وبرق سواك اليوم ما فيه طائل * وما كان الا بارقا متالقا
وقد كنت للاسلام أول فاتح * من العدل بابا لم يزل قبل مغلقا
فنام قرير العين خائف دهره * وقد كان مرتاع الجنان مؤرقا
وكم من أسير للزمان مقيد * مننت بلا من عليه فاطلقا
بحد يراع كالمهند غربه * يفل الظبي ضربا ويفلق مفرقا
وما هو إلا اللدن عند اهتزازه * تراه العدا صلا بسم تمطقا
أرى الناس في الدنيا عليك مغربا * يعج بترجيع الثنا ومشرقا
فكم منجد قد جاء يتلوه منهم * وكم مشئم يقفو لمغناك معرقا
وقال من قصيدة طويلة يمدح السيد ميرزا حسن الشيرازي حين وفد
عليه بسامراء سنة ١٣١١ ويشير إلى فتواه التي أصدرها بتحريم شرب
التنباك حين اعطى ناصر الدين شاة امتياز انحصاره لشركة انكليزية
واضطرت الدولتان بعد ذلك إلى فسخ الالتزام:
رعى الله كفا منك ساكبة ندى * على البذل قد عودتها لا على الضن
فيسراك قد أغنى البرية يسرها * وقد ملأت يمناك ذا الكون باليمن
ملكت قلوب العالمين بأسرها * بما لك من طول عليها ومن من ومن
يجعل الأحرار بالفضل ملكه * فما كان أغناه عن العبد والقن
سمحت فلم نذكر حديث ابن مامة * ولم نر معنى للثناء على معن
كان بسامراء بيتك كعبة * به ليس يلقى الخائفون سوى الأمن
تطوف بنو الآمال فيه كأنهم * يطوفون بالبيت الحرام وبالركن
بنت للهدى آباؤك الصيد بيته * وفيك رسا إذ لم تزل فوقه تبني
وما غرسوه قبل من شجر العلى * نما فيك إذ صيرته مورق الغصن
لذا ثمر العلياء أنت جنيته * ولم يجن جان منه مثل الذي تجني
حويت فنون العلم والحلم والندى * ولم يقتصر منها علاك على فن
ولو أن أعباء نهضت بثقلها * تكلفها رضوي لناء من الوهن
أ يخشى الهدى مكر العدا بعد ما التجى * لركن منيع منك أقوى من الحصن
تراع ملوك الأرض منك مهابة * وصيرت كلا منهم ساهر الجفن
دفعت عن الاسلام كيد معاشر * قلوبهم تغلي عليه من الضغن
وأصبحت في ماضي يراعك في غنى * عن العضب والخطي في الضرب والطعن
تفلل فيه للعدا كل مرهف * وتحطم فيه أكعب اللهذم اللدن
ورب يراع كالحسام بمازق * به لم يكن يجدي الحسام ولا يغني
مر الدهر فيما شئت فالدهر سامع * لأمرك يدعو فيك مهما تشامرني
وحازت زمام الأمر والنهي سابقا * يد القرن منكم في الزمان عن القرن
إذا الله أطراكم واثنى عليكم * فما شأن من يطري وما قدر من يثني
علم الدين يعقوب بن موسى العلوي الحسيني الفقيه.
هو أحد الرفيقين اللذين كانا في صحبة السيد تاج الدين بن أبي عقيل
ابن أبي الغنائم لما وفد إلى الملك الصالح أبي الجيش ابن الملك العادل مع عز
الدين بن ديباج وهو الذي خلع عليه أحد الشريفين الذي شرفه الملك
الصالح بها وكان سيدا شجاعا. (١)
.
(٣١٥)

يعقوب بن سفيان بن حوان السري
توفي سنة ٢٧٧.
في كامل ابن الأثير في هذه السنة توفي يعقوب بن سفيان بن حوان
السري وكان يتشيع انتهى.
اليعقوبي.
اسمه أحمد بن أبي يعقوب بن واضح.
اليقطيني.
هو محمد بن عيسى بن عبيد.
يموت بن المزرع بن موسى بن سياد العبسقي أو العبدي أبو عبد الله و أبو
بكر البصري ابن أخت أبي عثمان الجاحظ.
مات بطبرية سنة ٣٠٣ وقيل توفي بدمشق سنة ٣٠٤.
أقوال العلماء فيه
في معجم الأدباء: يموت بن المزرع بن موسى بن سياد العبدي من
عبد قيس أبو عبد الله أبو بكر البصري ابن أخت أبي عثمان الجاحظ
نحوي أديب راوية ذكره الزبيدي في نحاة مصر وكان من مشايخ العلم
والشعر اخباريا حسن الآداب دخل بغداد ومات بطبرية وقيل بدمشق
انتهى.
وفي بغية الوعاة: يموت بن المزرع بفتح الراء والمحدثون يكسرونها
ابن موسى بن سياد العبقسي البصري أبو عبد الله وأبو بكر ابن أخت
الجاحظ قال ياقوت وذكر ما مر ثم قال ابن يونس قدم مصر سنة ٣٠٣
وخرج إلى دمشق سنة ٣٠٤ فمات بها انتهى.
وفي نزهة الألباء: واما يموت بن المزرع العبدي فإنه من عبد القيس
وكان صاحب آداب وملح واخبار وكان يسمى محمدا ويموت هو الغالب عليه
قال أبو محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي: سمعت
يموت بن المزرع يقول بليت بالاسم الذي سماني به أبي فاني إذا عدت
مريضا فاذنت عليه فقيل من ذا؟ قلت ابن المزرع فأسقطت اسمي.
مشايخه
قال ياقوت اخذ عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني وعبد
الرحمن ابن أخي الأصمعي ونصر بن علي الجهضمي وفي النزهة اخذ عن
جماعة من علماء العربية وذكر من مر.
تشيعه
في مقاتل الطالبيين بسنده ان عيسى بن زيد لما انصرف من وقعة
باخمرى وقد خرجت عليه لبوة معها أشبالها فعرضت للطريق وجعلت
تحمل على الناس فنزل عيسى فاخذ سيفه وترسه ثم نزل إليها فقتلها فقال
له مولى له أيتمت أشبالها يا سيدي فضحك فقال نعم انا مؤتم الأشبال
فكان بعد ذلك أصحابه إذا ذكروه كنوا عنه وقالوا: قال مؤتم الأشبال كذا
وفعل مؤتم الأشبال كذا، فيخفى امره وقد ذكر ذلك يموت بن المزرع في
قصيدة رثى بها أهل البيت ع انتهى.
شعره
قد سمعت قول ياقوت انه كان من مشايخ الشعر وقول أبي الفرج ان
له قصيدة يرثي بها أهل البيت ع وقال ياقوت كان له ولد يقال
له مهلهل بن يموت وكان شاعرا مجيدا وله يقول أبوه يموت بن المزرع:
مهلهل قد شربت شطور دهري * وكافحني به الزمن العنوت
وحاربت الرجال بكل ربع * فاذعن لي الحثالة والرتوت
فأوجع ما أجن عليه قلبي * كريم عضه زمن بغوت
كفى حزنا بضيعة ذي قديم * وأبناء الطريف لها التخوت
وقد أسهرت عيني بعد غمض * مخافة ان تضيع إذا فنيت
وفي لطف المهيمن لي عزاء * بمثلك ان فنيت وان بقيت
وان يشتد عظمك بعد موتي * فلا تقطعك جائحة سبوت
فجب في الأرض وابغ بها علوما * ولا تلفتك عن هذا الدسوت
وان بخل العليم عليك يوما * فذل له وديدنك السكوت
وقل بالعلم كان أبي جوادا * يقال فمن أبوك فقل يموت
تقر لك الأباعد والأداني * بعلم ليس يجحده البهوت
أبو الحسن أو أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الكاتب البغدادي المصري.
قال ياقوت في معجم الأدباء في ترجمة ولده أحمد بن يوسف: يعرف
بابن الداية كان أبوه ولد داية ابن المهدي وأظن أن المعروف بابن الداية هو
يوسف الراوي اخبار أبي يونس والله أعلم. وقال أيضا: كان أبوه أبو
يعقوب كاتب إبراهيم بن المهدي ورضيعه ألف كتابا في اخبار الطب
انتهى وقال أيضا: كان أبوه يوسف بن إبراهيم يكنى أبا الحسن فمرة
جعل كنيته أبا الحسن ومرة أبا يعقوب قال:
وكان من جلة الكتاب بمصر ولا أدري كيف كان انتقاله إليها عن
بغداد وكان له مروءة تامة وعصبية مشهورة قال أبو القاسم العساكري
الحافظ: يوسف بن إبراهيم أبو الحسن الكاتب وأظنه بغداديا كان في
خدمة إبراهيم بن المهدي قدم دمشق سنة ٢٢٥ وحكى عن عيسى بن
الحكم الدمشقي الطبيب النسطوري وشكلة أم إبراهيم بن المهدي
وإسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت وإبراهيم بن المهدي وأحمد بن رشيد
الكاتب وجبرايل ابن بختيشوع الطبيب وأيوب بن الحكم البصري المعروف
بالكسروي وأحمد بن هارون الشرابي. روى عنه ابنه أبو جعفر احمد
ورضوان بن أحمد بن جالينوس وكان من ذوي المروءات وصنف كتابا فيه
اخبار المتطببين انتهى أقول: إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت من
شيوخ الامامية وهو شيخ يوسف بن إبراهيم صاحب الترجمة كما سمعت
وممن تخرج عليه ومن هنا قد يظن تشيعه مضافا إلى أن ولديه القاسم بن
يوسف وأحمد بن يوسف شيعيان كما مر في ترجمتهما. وحكى ياقوت عن ابن
عساكر أيضا قال: بلغني عن أبي جعفر أحمد بن يوسف قال حبس أحمد بن
طولون والدي يوسف في داره وكان اعتقال الرجل في داره يؤيس من
خلاصه وكان له جماعة من أبناء الستر يتحمل مؤونتهم وكانوا ثلاثين رجلا
فركبوا إلى دار ابن طولون واستأذنوا عليه ودخلوا وعنده جماعة من اعلام
مستوري مصر فقالوا قد اتفق لنا أيد الله الأمير من حضور هذه الجماعة ما
رجونا ان يكون ذريعة إلى ما نأمله ونحن نرغب إلى الأمير في أن يسألهم
عنا فسألهم عنهم فقالوا عرضت العدالة على أكثرهم فامتنع منها فأمرهم
بالجلوس وسألهم عما جاءوا له فقالوا ليس لنا ان نسأل الأمير مخالفة ما يراه
(٣١٦)

في يوسف بن إبراهيم لأنه اهدى إلى الصواب فيه ونحن نسأله ان آثر قتله
ان يقتلنا قبله وان آثر عقابه ان يبلغه منا فهو في سعة وحل فقال ولم ذلك؟
فقالوا لنا ثلاثون سنة ما فكرنا في ابتياع شئ مما نحتاجه ولا وقفنا بباب
غيره وعجوا بالبكاء فقال ابن طولون بارك الله عليكم فقد كافأتم احسانه
ثم احضره وقال خذوا بيده وانصرفوا قال أبو جعفر أحمد بن يوسف بعث
أحمد بن طولون في الساعة التي توفي فيها والدي بخدم فهاجموا الدار وطالبوا
بكتبه مقدرين ان يجدوا فيها كتابا ممن ببغداد فحملوا صندوقين وقبضوا علي
وعلى أخي فأدخلنا عليه وبين يديه رجل من أشراف الطالبيين فامر بفتح
الصندوقين فوجدوا دفتر جراياته على الاشراف وغيرهم فإذا اسم ذلك
الطالبي في الجراية فقال له كانت عليك جراية ليوسف بن إبراهيم قال نعم
أيها الأمير دخلت هذه المدينة وانا مملق فاجرى علي في كل سنة مائتي دينار
زاد الصفدي ومائة أردب قمحا ثم امتلأت يداي بطول الأمير فاستعفيته
منها فقال لي نشدتك الله ان قطعت سببا لي برسول الله ص وتدمع الطالبي
فقال ابن طولون رحم الله يوسف بن إبراهيم ثم قال انصرفوا إلى منزلكم
فلا باس عليكم فانصرفنا فلحقنا جنازة والدنا وحضر ذلك العلوي وقد
أحسن مكافاة والدنا في مخلفيه انتهى.
الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور
الدرازي البحراني صاحب الحدائق.
توفي بكربلاء بعد ظهر يوم السبت ٤ ربيع الأول سنة ١١٨٦.
والدرازي منسوب إلى دراز بالدال المهملة المفتوحة والراء المخففة
بعدها ألف وزاي من أفاضل علمائنا المتأخرين جيد الذهن معتدل السليقة
بارع في الفقه والحديث وكان على طريقة الاخباريين. قال في حقه أبو علي
صاحب الرجال: عالم فاضل متبحر ماهر محدث ورع عابد صدوق دين من
أجلة مشايخنا المعاصرين وأفاضل علمائنا المتبحرين كان أبوه الشيخ احمد من
أجلة تلامذة شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي وكان عالما فاضلا محققا مدققا
مجتهدا صرفا كثير التشنيع على الاخباريين كما صرح به ولده شيخنا المذكور
في اجازته الكبيرة وكان هو قدس سره أولا اخباريا صرفا ثم رجع إلى
الطريقة الوسطى وكان يقول إنها طريقة العلامة المجلسي صاحب البحار
انتهى.
وكان مراده بالطريقة الوسطى ترك بعض ما يقوله الاخباريون من أنهم
لا يعملون الا بالقطع وان الاخبار قطعية وغير ذلك من الأمور والا فالرجل
اخباري صرف لا يدخل في شئ من طرق المجتهدين كما تشهد بذلك
مصنفاته. نعم ربما يكون قد ترك شيئا من مقالاتهم فقيل فيه انه على
الطريقة الوسطى. وكان العلامة البهبهاني المعاصر له ينكر عليه أشد
الإنكار وينافره أقوى المنافرة كما هو مشهور.
وقال في ترجمة نفسه في اجازته الكبيرة انه ولد في السنة السابعة بعد
المائة والألف في قرية الماحوز بالبحرين واشتغل وهو صبي على والده طاب
ثراه ثم على العالم العلامة الشيخ حسين الماحوزي قال أبو علي وكان عالما عاملا
فاضلا كاملا مجتهدا صرفا حكى الأستاذ والعلامة دام علاه يعني الآقا
البهبهاني انه كان كثير الطعن على الاخباريين ويقول هم الذين يقولون ما
لا يفعلون ويقلدون من حيث لا يشعرون واشتغل أيضا على الشيخ احمد
ابن عبد الله البلادي وغيرهما من علماء البحرين وبقي مدة مشتغلا
بالتحصيل ثم سافر إلى الحج وزار النبي ص وأهل بيته ثم
رجع إلى القطيف وبقي بها مدة مشتغلا بالتحصيل وبعد خراب البحرين
واستيلاء الاعراب وغيرهم عليها فر إلى ديار العجم وقطن في كرمان ثم في
شيراز وتوابعها من الاصطهبانات مشتغلا بالتدريس والتآليف ثم سافر إلى
العتبات العاليات وجاور في كربلاء شرفها الله إلى أن قبض بها بعد ظهر يوم
السبت الرابع من شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين بعد الألف ومائة
وتولى غسله كما في رجال أبي علي المقدس الشيخ محمد علي الشهير بابن
سلطان والحاج معصوم وهما من تلامذته وقال صلى عليه العلامة البهبهاني
واجتمع خلف جنازته جمع كثير وجم غفير مع خلو البلاد من أهلها لحادثة
نزلت بهم قيل وهي الطاعون العظيم الذي كان في تلك السنة في العراق
وهاجر فيها السيد بحر العلوم إلى مشهد الرضا ع ثم رجع إلى
أصفهان. ودفن في الرواق عند رجلي سيد الشهداء مما يقرب من الشباك
المبوب المقابل لقبور الشهداء وابتلي في آخر عمره بثقل السامعة كما عن
المحقق السيد محسن البغدادي في رسالته التي رد بها مقدمات الحدائق.
من يروي عنهم
يروي عن جماعة وأعلى طرقه رواية من المولى رفيع الدين بن فرج
الجيلاني الرشتي المجاور في المشهد الرضوي عن العلامة المجلسي. ويروي
عن جماعة من الأساطين منهم السيد مهدي بحر العلوم والشيخ محمد مهدي
الفتوني العاملي والشيخ مهدي النراقي.
مؤلفاته
له مؤلفات نافعة منها وهو أحسنها الحدائق الناضرة في احكام العترة
الطاهرة خرج منه جميع العبادات الا الجهاد وأكثر المعاملات إلى الطلاق،
والدرر النجفية، وسلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد ردا على شرحه
لنهج البلاغة، والشهاب الثاقب في معنى الناصب، والنفحات الملكوتية في
الرد على الصوفية ذكر فيه جملة من خرافاتهم وعد منهم ملا محسن الكاشاني
الاخباري ونقل عنه مقالات قبيحة وعقائد غير مليحة وردها، وتدارك
المدارك حاشية على المدارك في الطهارة والصلاة، واعلام القاصدين إلى
مناهج أصول الدين، ومعراج النبيه في شرح من لا يحضره الفقيه، وكتاب
الخطب للجمعات والأعياد، وجليس الحاضر وأنيس المسافر كالكشكول،
وأجوبة المسائل البحرانية، ومناسك الحج، ورسائل أفضلية التسبيح في
الركعتين الأخيرتين، ورسائل تحقيق معنى الايمان والاسلام، ورسالة
انفعال الماء القليل بالنجاسة ردا على الكاشي، ورسالة اتمام الصلاة في
الحرم الأربعة، ورسالة الرد على السيد الداماد في قوله بعموم المنزلة في
الرضاع، ورسالة المنع عن الجمع بين فاطميتين وهي عندي، ورسالة في
الصلاة متنا وشرحها واخرى منتخبة منها ورسالة في الميراث نسختها بيدي
بالنجف الأشرف سنة عشر وثلثمائة بعد الألف، وأجوبة المسائل الشيرازية،
وأجوبة المسائل البهبهانية، وأجوبة المسائل الكازرونية، وإجازة كبيرة لابني
اخويه سماها لؤلؤة البحرين تشتمل على ترجمة أحوال أكثر علمائنا إلى
زمان الصدوقين.
مراثيه
ممن رثاه السيد محمد الشهير بالزيني مؤرخا عام وفاته من قصيدة
مطلعها:
ما عذر عين بالدما لا تذرف * وحشاشة بلظى الأسى لا تتلف
(٣١٧)

واليوم قد اودى الامام العالم العلم * التقي أبو المفاخر يوسف
درست مدارس فضله ولكم بها * كانت معارف دين احمد تعرف
ما أنت الا بحر علم طافح * قد كانت العلماء منه تغرف
وفيها يقول:
يا قبر يوسف كيف أوعيت العلى * وكنفت في جنبيك ما لا يكنف
قامت عليه نوائح من كتبه * تشكو الظليمة بعده وتأسف
كحدائق العلم التي من زهرها * كانت أنامل ذي البصائر تقطف
قد غبت عن عين الأنام فكلنا * يعقوب حزن غاب عنه يوسف
فقضيت واحد ذا الزمان فارخوا * قد حن قلب الدين بعدك يوسف
الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن محمد البغدادي.
له مختصر الأربعين في مناقب أهل البيت الطاهر نقل عنه السيد
علي بن طاوس في كتابه اليقين الحديث الرابع منه في الباب ١٩٩.
الشيخ جمال الدين يوسف بن أحمد بن نعمة بن خاتون العاملي العيناثي
في أمل الآمل: كان عالما فاضلا عابدا محققا ورعا فقيها من
المعاصرين، له كتاب، قرأ على الشيخ بهاء الدين ووالده وجماعة من
الأفاضل وذكره في حرف الجيم باعتبار لقبه فقال: جمال الدين يوسف بن أحمد
بن نعمة الله بن خاتون العاملي كان فاضلا صالحا معاصرا انتهى
ولم يذكر هناك أن له كتابا ولم يشر إلى الاتحاد كما هي عادته مع أنهما واحد
والظاهر أنه هو الشيخ يوسف بن أحمد بن خاتون الذي وجدنا بخطه شرح
الشافية للجاربردي كتبه بمكة المكرمة سنة ١٠٥١ لأن الطبقة واحدة.
أبو المحاسن شهاب الدين يوسف بن إسماعيل بن علي بن أحمد بن
الحسين بن إبراهيم المعروف بالشواء الكوفي الحائري الحلبي
ولد سنة ٥٦٢ تقريبا وتوفي يوم الجمعة ١٩ محرم سنة ٦٣٥ في حلب
ودفن بظاهرها، كوفي الأصل، حلبي المولد والمنشأ والوفاة.
كان أديبا شاعرا فاضلا وديوان شعره في أربعة مجلدات كبيرة. وكان
ملازما للشيخ تاج الدين أبي القاسم أحمد بن هبة الله بن سعد بن سعيد بن
المقلد الشهير بابن الجيراني الحلبي الضليع في الأدب واللغة والمتوفى بحلب
سنة ٦٢٨ والمدفون في سفح جبل جوشن، وأفاد ابن خلكان ان المترجم
اخذ الأدب من الشيخ تاج الدين المذكور وانتفع من صحبته كثيرا وكانت
بينهما مودة ومؤانسة كثيرة، وذكر الشواء ابن خلكان أيضا بأنه كانت له
اجتماعات وفيرة في مجالس عديدة مع الشعراء نتذاكر فيها الأدب وأنه
أنشده كثيرا من شعره وما زال صاحبه منذ سنة ٦٣٣ إلى حين وفاته.
وأضاف ابن خلكان بقوله: وقبل ذلك كنت أراه جالسا عند ابن الجيراني
في موضع تصدره في جامع حلب.
وترجمه في نسمة السحر ومن مشهور شعره قوله:
هاتيك يا صاح ربى لعلع * ناشدتك الله فعرج معي
وانزل بنا بين بيوت النقا * فقد غدت آهلة المربع
حتى نطيل اليوم وقفا على * المساكن أو عطفا على الموضع
وقوله:
ارسل صدغا ولوى قاتلي * صدغا فأعيا بهما واصفه
فخلت ذا في خده حية * تسعى وهذي عقربا واقفه
ذا ألف ليست لوصل وذا * واو ولكن ليست العاطفة
وقوله:
هواك يا من له اختيال * مالي على مثله احتيال
قسمة أفعاله لحيني * ثلاثة ما لها انتقال
وعدك مستقبل وصبري * ماض وشوقي إليك حال
وقوله:
ضمنت لمن يخاف من العقاب * إذا والى الوصي أبا تراب
يرى في حشره ربا غفورا * ومولى شافعا يوم الحساب
فتى فاق الورى كرما وبأسا * عزيز الجار مخضر الجناب
جرى في السلم منه غيث جود * وفي يوم الكريهة ليث غاب
إذا ما سل صارمه لحرب * أراك البرق في مثل السحاب
وصي المصطفى وأبو بنيه * وزوج الطهر من بين الصحاب
أخو النص الجلي بيوم خم * وذو الفضل المرتل في الكتاب
يوسف خواجة بهادر
مدرسة دو در: المدرسة ذات البابين فوق الرأس في السوق كتب
عليها على الكاشي المعرق بخط في غاية الجودة أنها أسست في دولة الشاة
رخ بهادر سلطان باهتمام الأمير الأعظم غياث الدين يوسف خواجة بهادر
دامت معدلته تقبل الله منه في المحرم سنة ٨٤٣ وكتب عليها أيضا أنها
جددت في دولة الشاة سليمان الصفوي من قبل والدته بسعي أمير الامراء
قلى علي خان قورجي باشي وتصويب قدوة مشايخ الشريعة وخلاصة سلسلة
الفضل والكمال النحرير الكامل الشيخ محمد فاضل الخادم المدرس في
المدرسة المذكورة كتبه محمد خان عمل محمد شفيع سنة ١٠٨٨ وفي وسط
قبة المدرسة ذات البابين قبر كتب عليه أنه قبر غياث الدين والدنيا الأمير
يوسف خواجة بهادر ابن الأمير الكبير ناصر الحق والدين شيخ علي بهادر
وفاته في ٢٣ شعبان سنة ٨٤٦ عمل العبد عطاء الله بن عبد الله
اسلان.
السيد ميرزا يوسف التبريزي الطباطبائي
توفي سنة ١٣٤٢ وقبره في الصحن العلوي
عن كتاب اكسير العبادات للفاضل الدربندي أنه قال: من أجلة
علماء الدين وأكابر المجتهدين ومن أفاضل تلامذة المحقق الآقا البهبهاني
الشيخ يوسف بن جعفر بن علي بن حسين بن محيي الدين بن عبد
اللطيف بن أبي جامع العاملي
توفي في أواخر القرن الثاني عشر
ذكره الشيخ جواد محيي الدين المعاصر في كتبه في علماء آل أبي جامع
وقال: كان عالما فاضلا جليلا رأيت له بعض الحواشي على بعض الكتب
وأكثر ما عندنا من الكتب من موقوفاته.
(٣١٨)

الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي المشغري العاملي.
في أمل الآمل: كان فاضلا فقيها عابدا له كتب منها كتاب الأربعين
في فضائل أمير المؤمنين ع عندنا منه نسخة يروي عن المحقق
جعفر بن الحسن بن سعيد وعن ابن طاوس انتهى
وفيما كتبه إلينا الشيخ آغا بزرگ الطهراني ما صورته:
هو الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم بن فوز بن مهند الشامي
المشغري العاملي. ترجمه الشيخ الحر في العامليين مختصرا مع أنه من أعاظم
العلماء ويعبر عنه في الإجازات بالشيخ الفقيه يوسف. وله تصانيف منها
الأربعين الذي كان عند الشيخ الحر كما ذكره في الأمل ومنها الدر النظيم في
مناقب الأئمة اللهاميم الموجود نسخته العتيقة عند الميرزا محمد الطهراني
لكن فيه بعض النقص أولا ووسطا وآخرا وما وجد إلى اليوم مع شدة
فحصه نسخة تامة تكمل منها هذه النسخة. وقد سال الشيخ يوسف هذا
من شيخه المحقق الحلي مسائل كتب المحقق أجوبتها وتسمى بالمسائل
البغدادية وهي موجودة عند السيد حسن الصدر، قال المحقق في الجواب
أنها تدل على فضيلة موردها ومعرفة ممهدها فهو حقيقي أن نحقق أمله وأن
نجيب ما سأله... وله على ما يظهر من الإجازات وغيرها ثلاثة مشايخ
أحدهم المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن
سعيد المتوفى سنة ٦٧٦ كما صرح به الشيخ الحر في أمل الآمل
وثانيهم الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن
حسن بن سعيد الحلي صاحب الجامع في الفقه المولود سنة ٦٠١
والمتوفى سنة ٦٩٠ قرأ عليه كتابه الجامع ومعه جمع آخر هم الشيخ
شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح القسيني والسيد جلال الدين محمد ابن
السيد رضي الدين علي بن طاوس الحلي والوزير شرف الدين علي ابن الوزير
مؤيد الدين محمد بن أحمد بن العلقمي كما ذكرهم الشيخ شمس الدين
القسيني المذكور في اجازته للشيخ نجم الدين طومان بن أحمد العاملي المتوفى
بطيبة حدود ٧٣٨ وقد أدرج صاحب المعالي اجازة القسيني في اجازته الكبيرة
والسيد نجم المطبوعة في آخر مجلدات البحار. وثالث مشايخه السيد رضي
الدين علي بن طاوس الحلى المتوفى سنة ٦٦٤ صاحب التصانيف الكثيرة وقد
كتب السيد للشيخ جمال الدين يوسف إجازتين إحداهما مشتركة بينه وبين
جمع آخر هم الشيخ شمس الدين القسيني وأولاده الثلاثة جعفر وإبراهيم
وعلي والفقيه أحمد بن محمد العلوي النسابة والفقيه نجم الدين محمد بن
الموسوي والسيد صفي الدين محمد بن بشير العلوي الحسيني وصدرت
تلك الإجازة من السيد ابن طاوس المذكور في سنة وفاته بعد قراءة هؤلاء
عليه كتابه الاسرار المودعة في ساعات الليل والنهار وكتاب محاسبة الملائكة
باستدعاء الشيخ شمس الدين القسيني المذكور كما صرح هو في اجازته
لطومان المذكور والثانية اجازة مختصة للشيخ جمال الدين يوسف وهي كبيرة
ذات فصول كثيرة سماها السيد بكتاب الإجازات لكشف طرق المفازات.
وقطعة من أوائل كتاب الإجازات هذا موجودة ادرجها العلامة المجلسي في
إجازات البحار وليس في هذه القطعة اسم للمجاز لأنها ناقصة ولكن في
البحار بعد ذكر هذه القطعة حكى صورة استجازة الشيخ جمال الدين
يوسف المذكور عن السيد رضي الدين علي بن طاوس عن مجموعة شمس
الدين محمد الجبعي جد الشيخ البهائي وهو نقلها عن خط الشيخ محمد بن
مكي الشهيد. إلى أن قال الشهيد: ثم أن السيد اجازه الشيخ جمال الدين
يوسف بن حاتم اجازة عظيمة ذكر فيها مصنفاته ومشايخه وذكر في أثناء
الإجازة ما صورته فصل واعلم انني انما اقتصرت على تاليف كتاب...
إلى آخر الفصل الذي هو بعين ألفاظه موجود في تلك القطعة من كتاب
الإجازات فيظهر منه أن تمام كتاب الإجازات كان عند الشهيد ونقل عنه
خصوص هذا الفصل وأنه كان فيه التصريح بأنه اجازة للشيخ جمال الدين
يوسف الشامي.
وفي تتمة أمل الآمل: الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي
العاملي له كتاب الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم وهو كتاب جليل في
بابه رأيت منه نسخة مصححة على نسخة الأصل مكتوبة في عصر المصنف
وتصفحته فرأيته يروي عن كتاب مدينة العلم للشيخ الصدوق ابن بابويه
يقول فيه في مواضع عديدة: وفي كتاب مدينة العلم ولم أعثر على مؤلف
صرح فيه بذلك غيره وكان هذا الشيخ جمال الدين من أجلة العلماء في عصر
المحقق صاحب الشرائع يحكي الشهيد الأول في الذكرى فتاواه قال وقد
اورد على المحقق نجم الدين تلميذه جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي أن
النبي ص إن كان يجمع بين الصلاتين فلا حاجة إلى الآذان للثانية إذ هو
للاعلام وللخبر المتضمن أنه عند الجمع بين الصلاتين يسقط الآذان وإن
كان يفرق فلم ندبتم إلى الجمع وجعلتموه أفضل؟ فأجاب المحقق بان
النبي ص كان يجمع تارة ويفرق أخرى قال وانما استحببنا الجمع في الوقت
الواحد إذا اتى بالنوافل والفريضتين لأنه مبادرة إلى تفريغ الذمة من الفرض
حيث ثبت دخول وقت الصلاتين.
الشيخ يوسف ابن الشيخ حسن ابن علي البلادي البحراني
في أمل الآمل: فاضل متبحر شاعر أديب من المعاصرين انتهى
وقال حفيده في أنوار البدرين له كتاب في تعزية سيد الشهداء أبي عبد الله
ع رتبه مجالس كالمنتخب للشيخ فخر الدين الطريحي وكان معاصرا له
وهو مجلدان قال وعندنا كتاب المطول بخطه وله عليه حواش وهو أبو أسرة
جليلة كان له ولد فاضل اسمه الشيخ حسن له ولد فاضل علامة هو
الشيخ علي ابن الشيخ حسن المعاصر للعلامة الشيخ سليمان بن عبد الله
الماحوزي المنازع له في الفضيلة كان يروي عن الشيخ محمد بن ماجد.
الشيخ يوسف بن حسن الخاتوني العاملي
عالم فاضل وجدنا تملكه لكتاب الروضة العلية في شرح الألفية ألفية
ابن مالك في سنة ١٠٢٧ والكتاب المذكور من تاليف الشيخ ياسين بن
صلاح الدين البحراني وقد كتب على ظهر النسخة أيضا ما صورته:
استعرته من الأخ العزيز بل الأب الشفيق الشيخ الأجل والكهف الاظل
شيخنا الشيخ يوسف ابن الشيخ حسن العاملي وانا الأقل. وهنا جاء بعض
من لا أخلاق لهم فمحى اسم هذا الشخص فلم يعرف.
الشيخ يوسف الحصري
في نشوة السلافة: فاق على البدر كمالا وورد من حياض الأدب
عذبا زلالا مشهور بالعفاف والتقوى وهو من أرباب العلم والفتوى، مضى
(٣١٩)

شهيدا في مسجد الكوفة هجم عليه لصوص فجادلهم حتى قتلوه وانتهبوا من
كان معه معتكفا فدفن عند باب مقتل أمير المؤمنين المحاذي للمسجد وله
من النظم القصائد الحسان فمن شعره الأرجوزة التي نظم فيها قصة الامرأة
التقية الصالحة الزمناء المكناة بام محمد الأسود المشهدي التي ظهرت فيها
لكرامة لأمير المؤمنين ع وهي:
من بعد حمد الله والصلاة * على النبي سيد السادات
وآله لا سيما أهل العبا * التسعة الغر الكرام النجبا
إن الغري أشرف المساكن * لأنه من أشرف الأماكن
إذ فيه قبر حيدر الأمين * وشرف المكان بالمكين
طوبى لمن أنفق فيه عمره * محتسبا حتى يحل قبره
ومن يطالع فرحة الغري * شاهد سر المرتضى علي
ومفخر لأهل هذا العصر * يليق أن انظمه في شعري
عام ثلاث بعد سبعين تلت * ألفا من الهجرة في الحصر علت
قد كان فيه امرأة كبيره * صالحة بدينها بصيره
قد ابتلاها الله منه بالزمن * ولم تزل صابرة على المحن
حتى جفاها اعطف الأولاد * فضلا عن الجيران والعواد
وكلما من لحمها شئ سقط * قالت خذوه واجعلوه في سفط
حتى ملأت أسفطة وأوصت * أن جعلوا لحمي معي في حفرتي
وحين يعيا جنبها من نومها * يقلبها من عندها من قومها
ولم تعد سقمها مصابا * الا لما فارقت المحرابا
لأنها محبة العبادة * معروفة بالنسك والزهاده
تطلب عند الله أجبر الصبر * وتحسن الصبر بطول الشكر
تستصعب الخدمة من ذي الحنه * لا سيما إن كان منه منه
وتشتكي تضجر الجنوب * إلى الاله كاشف الكروب
فجاءها في شهر جمادى الأول * في النوم نسوان ثلاث تنجلي
ذوات هيبات وفعل سنه * كأنهن من نساء الجنة
فقلن كيف الحال قالت بين * فالموت دونه لدي هين
فقلن يا أختاه مهلا فاصبري * وبالثواب في المعاد فابشري
قالت نعم والله لولا حاجتي * لخدمة الخلق رضيت حالتي
قلن ففي التسع من المبارك * نأتي بما نرى به اختيارك
فأصبحت وأخبرت أولادها * وانتظرت في رجب ميعادها
وهكذا في التسع من شعبان * ولم يكن شئ من الأمان
حتى إذا ما رمضان أقبلا * وكان يوم ثامن منه خلا
قالت لمن تود هيؤوني * وأطهر الثياب ألبسوني
فهذه الليلة لي ميعاد * عسى يصح لي بها المراد
فانتظرتهن إلى أن هجعت * بعد قضاء الورد ثم انتهت
مظهرة لمن يراها البشرى * مكثرة لمن يراها الشكرا
قالت لقد جاء النساء ثانيه * فقلن يا أخت أبشري بالعافية
قالت ففي اي دواء دائي * يذهب حتى أرتجي شفائي
قلن شفاك عند من تزعزع * منه السماوات البطين الأنزع
فارسلي الصيح إلى فلأنه * وأختها قالت بذا أهانه
انهما قد جفتاني في المرض * قلن ولا باس لعل من غرض
انهما من عنصر الأطياب * والآن كنا لك في العتاب
ثم افترقنا الآن منهما على * أن يأتيا غدا إليك المنزلا
فالتمسي الرفقة منهما ومن * ثنتين كل منهما قد اؤتمن
والتمسي من خازن المفتاح * في الروضة المبيت للصباح
لوذي بذاك الجدث المطهر * فمن به بمسمع ومنظر
في الليلة الثاني عشر به اجعلي * مع النساء وعدا به لا تعدلي
فالأوليان يظهران العذرا * والأخريان ينفذان الامرا
ثم ادخلي للحضرة العلية * فعنك فيها تدفع البليه
واجتمعت من حولها نساها * يسمعن ما تقتص من رؤياها
وأرسلت ابنا لها من باكر * إلى الكليدار محمد طاهر
فقال حبا لك والكرامة * لا امنعن مؤمنا إمامة
فأي وقت شئتم بها ادخلوا * فإنني في برئها لا أبخل
فمذ اتتها ليلة الميعاد * جاءت مع النساء والأولاد
يحملها شخص من الأقارب * من فوق ظهره شبيه الحاطب
فاضجعوها عند باب المساله * وهي بأوراد لها مشتغله
فابتدرت تستلم الشباكا * وكل من شاهدها تباكى
حتى إذا ما خفت الزوار * ورام أن ينصرف النظار
أراد أن يغلق الابوابا * فلاحظ الحرمة والآدابا
فجاء للنساء ممن معها * مخاطبا بقوله مسمعها
هذا مقام خص بالاملاك * بالليل فاجلسن ورا الشباك
مما يحاذي الوجه في الرواق * قلن على الرأس مع الآماق
حملنها النساء بينهنه * وأغلق البابين بعدهنه
اضجعنها بالموضع الذي أمر * ثم مضى عنها جميع من حضر
لم يبق غير الاثنتين معها * وكفها تعجز أن ترفعها
والأولتان مضتا من قبلها * يحرسن ما قد تركت في رحلها
كما وعدن النسوة الكرائم * وأغلق الباب الأخير الخادم
ثم على العادة جاء الصبحا * رأى ثلاثا ينتظرن الفتحا
فقال للمعروفتين اخبرا * من هذه الثالثة التي ارى
اجابتاه هذه فلأنه * أبرأها الله من الزمانه
فقال كيف قالتا له نعم * انا تركناها بحال كالعدم
نائمة ثم انصرفنا نطلب * تتنا قبيل الفجر نبغي نشرب
وبعد شغلنا بذي الأحوال * جئنا إذا المكان منها خالي
فاضطربت قلوبنا وانزعجت * لظننا بأنها قد خطفت
وقد جرى في الفكر بعد الياس * فما نقول في غد للناس
ثم ندبنا باسمها أجيبي * فإننا في مشكل عجيب
فبينما نحن كذا نسترجع * إذا بصوت فتح باب نسمع
جئنا على الصوت نرى إذا بها * تمشي ولا شئ من الأذى بها
ولا لفتح الباب قط من خبر * ولا على الشباك قط من اثر
قائلة لبيكما أتيت * أن تصبرا اقص ما رأيت
لأنني مرعوبة لا أدري * في يقظة أم في المنام أمري
رقدت ساعة إذا بالنسوة * ينبهنني بالرفق لا بالقسوه
ثنتان يحملانني من عضدي * ومنهما الأخرى سعت بين يدي
ولم تحل من بيننا الاقفال * مع أن بالعادة ذا محال
حتى انتهين بي إلى الضريح * إذا النداء منه بالتصريح
طفن بها ثلاثة و انفضنها * تبرأ بعد برئها اخرجنها
فقمن بالامر كما أشارا * إذا الندا نسمعه جهارا
(٣٢٠)

وافتحن مصرعا لباب الفرج * فإنها قد برئت فلتخرج
والآن قد اجرجني منه أ لم * تسمعن صوت فتحه قلن نعم
فقال لما سمع الخدام * لا بعد فيما يصنع الامام
ثم مضت بينهما تمشي على * أحسن حال قد مضى عنها البلا
حتى أتت منزلها وأخبرت * بأمرها وفي الأنام اشتهرت
وكل من أحب منهما يسمع * تحكي له عن أحد لا يمنع
الا من الأجانب الرجال * لأنها عفيفة الفعال
فالحمد لله على ما أنعما * ومن محب حيدر نفى العمى
وليس هذا منه بالعجيب * لكن بهذا العصر كالغريب
فخذ إليك يا ابن عم المصطفى * من يوسف الحصري نظما قد صفا
نظمته مع اشتغال البال * بكثرة الحل مع الترحال
وما عراني عن فراقي للنجف * من اشتياق وغرام وأسف
السيد يوسف بن عماد الحسيني المشهدي
توفي سنة ٢٢٧ وقد نيف على الستين
في الدرر الكامنة: الشيعي مفتي الشيعة حج مرات وجاور وله نظم
انتهى والمشهدي الظاهر أنه نسبة إلى المشهد المقدس الرضوي كما هي
العادة.
الشيخ جلال الدين يوسف بن حماد.
فاضل صالح يروي الشهيد عن ابن معية عنه.
٩٤٠: الملا يوسف خازن المشهد الشريف العلوي في النجف
في كتاب السيد عبد الحسين آل كمونة أنه كان من ذرية الملا عبد الله
النجفي صاحب حاشية التهذيب في المنطق وللسيد محمد زيني فيه قصيدة
يهنيه بختان ولده يقول فيها وفي كل شطر تاريخ:
سعود قران جاء جهرا سروره * قران سعود لم يزل حاوي البشرا
تولى المترجم منصب سدانة الروضة الحيدرية في زمان الصفوية
بعنوان تربية أولاد السادة من بني كمونة الذين كانت إليهم النقابة والسدانة
ولم يبق منهم غير أطفال صغار. كذا ذكر السيد عبد الحسين ابن السيد علي
كمونة البروجردي في كتابه في آل كمونة ثم استقل بالسدانة وصار له
الحكم والامارة في البلد وكانت له سطوة وجلالة، فمن أعماله أنه منع من
خدمة الحضرة الشريفة وقراءة الزيارة للزوار من ليس ملتحيا وجعل وقتا
خاصا لزيارة النساء حتى لا يختلطن مع الرجال ومنع الأطفال من اللعب في
الصحن الشريف ورأى مرة امرأة تلبس ثوب إبريسم فأرسل وراءها من
عرف دارها فأرسل خلف زوجها فإذا هو رجل من أهل العلم فوبخه وحتم
عليه باحراق ذلك الثوب فاحرق وكان يشتط في طلب الدراهم لأجل دفن
الجنائز في الصحن الشريف فاتفق أنه اتي ببعض الجنائز فطلب الملا يوسف
دراهم كثيرة وتعطلت الجنائز لكن السيد ثابت في نوبته سد أبواب الصحن
ودفنها ووضع مكانها أحجارا فلما علم الملا يوسف بذلك وقعت منافرة بينه
وبين السيد ثابت أوجبت سفر السيد ثابت إلى إيران كما ذكر في ترجمته.
وبعد وفاة الملا يوسف انتقلت السدانة إلى أحد أولاده ثم إلى السيد رضا
الرفيعي ثم تسلسلت في ذريته إلى اليوم. ودار الملا يوسف هي مكان
مدرسة القوام التي في النجف.
وكان لملا يوسف ابنة اسمها ملا ظفيرة أدركناها في النجف وهي التي
بنت مسجدا في الكوفة يعرف بمسجد ملا ظفيرة.
الملا يوسف الدهخوارقاني.
توفي سنة ١٠٩٥ بدهخوارقان من أذربايجان ودفن بها. عالم فقيه
أديب محدث ترجم في رياض الجنة خلف الملا جواد وخلف جواد الميرزا
يوسف شمس العلماء الذي كان من مشاهير علماء زمانه وأستاذ نادر ميرزا
صاحب تاريخ الثريا.
السيد يوسف آل شرف الدين الموسوي الشحوري العاملي ابن السيد
جواد ابن السيد إسماعيل شرف الدين ابن السيد محمد الصغير ابن السيد
محمد بن محمد بن إبراهيم بن زين العابدين بن نور الدين علي بن علي نور
الدين أخي صاحب المدارك بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي
العاملي.
ولد سنة ١٢٦١ وتوفي ليلة الأحد ٢٤ ذي الحجة سنة ١٣٣٤ عن
ثلاث وسبعين عاما كان عالما فاضلا تقيا نقيا معاصرا شاعرا شهما كريم
الأخلاق سخي اليد تلوح عليه آثار النجابة والسيادة ويشهد طيب فعله
بشرف أصله. قرأ في جبل عامل ثم سافر إلى العراق وبقي فيها مدة تزوج
في أثنائها كريمة السيد هادي صدر الدين الكاظمي العالم الصالح الشهير ثم
حضر إلى جبل عامل وتوطنها مدة اجتمع عليه فيها طلاب العلم ولما حضر
الشيخ موسى شرارة إلى بنت جبيل رحل المترجم إليها وبقي بها إلى أن توفي
الشيخ موسى إلى رحمة الله فعاد إلى شحور وتوفي فيها أثناء الحرب العالمية
الأولى.
يوسف عادل.
هو مؤسس الدولة العادل شاهية في بيجابور بالهند ١٤٨٩
١٦٨٦ م ويقال أنه من أولاد السلطان مراد الثاني العثماني. وكان متعصبا
للشيعة بخلاف أهله آل عثمان فنشر الأدب الفارسي في مملكته وجعل
التشيع مذهب الدولة الرسمي وخلفه ولده إسماعيل فاحتذى على مثاله.
الشيخ يوسف بن عبد الحسين الصفار
من تلاميذ الشيخ عبد علي بن محمد الخمايسي النجفي وله منه اجازة
مكتوبة بخطه في آخر نسخة أصول الكافي اثنى عليه فيها فقال: الشيخ
التقي النقي الصالح الناصح العالم العامل المتبحر المختار الشيخ يوسف بن
عبد الحسين الصفار التمس من الفقير الإجازة بعد ما قرأ علي أصول الكافي
بتمامه والاستبصار فاديت واجب حقه وأجزت له أدام الله اعزازه جميع ما
رويته من كتبنا الأربعة وغيرها عن مشايخي منهم الشيخ الأجل الأعظم
الأفضل الرضي الزكي الشيخ فخر الملة والدين الطريحي عن الشيخ التقي
الزكي المرضي الشيخ محمد ابن الشيخ جابر المشعري وكنت له معاصرا عن
(٣٢١)

والده عن عبد النبي بن سعيد الجزائري عن السيد محمد بن علي بن
الحسن بن الحسين الحسيني عن الشهيد الثاني ومنهم الشيخ الأجل الشيخ
محمد بن جابر عن والده عن السيد المذكور ومنهم السيد السعيد شرف الملة
والدين عن السيد الجليل الأمير فيض الله عن الشيخ حسن صاحب المعالم
عن الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي عن الشهيد الثاني والسيد الأجل
عن شيخه الفاضل ميرزا محمد الاسترآبادي عن إبراهيم ابن الشيخ علي بن
عبد العالي الميسي عن والده ومنهم السيد الاجل ذو النفس الزكية وصاحب
الشيم المرضية والهمم العلوية السيد حسين بن كمال الدين الأنوري
الحسيني عن الشيخ البهائي عن والده عن شيخيه السيد حسين بن جعفر
الكركي والشهيد الثاني عن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي عن الشيخ
شمس الدين محمد بن المؤذن الجزيني عن الشيخ ضياء الدين ابن الشهيد
عن والده عن فخر المحققين عن والده عن شيخه المحقق صاحب الشرائع
عن السيد فخار بن معد الموسوي عن شاذان بن جبرائيل القمي عن عماد
الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري عن الشيخ أبي ابن الشيخ
الطوسي عن أبيه بطرقه. وكتبه الفقير في النجف الأشرف غرة ذي القعدة
سنة ١٠٦٩ عبد علي بن محمد النجفي المشتهر بالخمايسي للأخ الاجل
الشيخ يوسف آخذا عليه ما اخذه علي مشايخي من الاحتياط في القول
والفتوى وأن يجريني على خاطره في الخلوات وأوقات الصلوات ولا ينساني
من صالح الدعوات انتهى واجازه أيضا اجازة أخرى فقال: أن الأخ
الأعز الاجل الأكمل الأفضل الأرشد الأوحد المقتفي للآثار والمتبع لسنة
النبي والأئمة الاطهار الشيخ يوسف بن عبد الحسين الصفار قد انهى أصول
الكافي علي من أوله إلى آخره قراءة وبحثا وفهما وضبطا وتدقيقا وتصحيحا في
أوقات متعددة ومجالس متبددة آخرها يوم السبت ٢٨ من الفطر الأول سنة
١٠٦٩.
أبو المحاسن عز الدين يوسف بن عبد الكريم بن هبيل الموصلي نزيل اليمن
في الدرر الكامنة: ذكره الشهاب ابن فضل الله ونقل عن التاج عبد
الباقي اليماني أنه ذكره له في شعراء اليمن وقال قدم من الموصل في حدود
الثمانين أيام المظفر يوسف وأقام إلى سنة ٧٢٦ وركب البحر إلى الهند وهو
في قبضة التسعين وكان ذا ذهن وقاد وكان يتشيع وينسج الحرير الموشى ومن
شعره في ذلك:
يا امام الزمان في كل فن * وبديعا قد بذ شاو البديع
قد رفعنا إلى معاليك روضا * من حرير في غاية التوشيع
دوحة في أواخر الصيف فاختر * ها كما جاء في زمان الربيع
يوسف العجمي الامامي.
ذكره الفاضل السيد محمد بن زبارة الحسني اليماني الصنعاني في
ملحق البدر الطالع في أثناء ترجمة رزق بن سعد الله محمد الصنعاني فقال:
ولما نزل يوسف العجمي الإمامي بصنعاء اشتغل به ولازمه واخذ عنه
الفلسفة انتهى.
السيد جمال الدين يوسف العريضي.
عالم فقيه زاهد يروي عن المحقق الحلي
الشيخ يوسف العسكري البحراني.
من قرية العسكرية في البحرين وصفه الشيخ البهائي في اجازة كتبها
لابنه الشيخ محمد ابن الشيخ يوسف بالشيخ الاجل الورع العالم الأمجد غرة
سماء أصحاب الفضل والارجاني كذا الشيخ يوسف البحراني العسكري
أدام الله فضلهما وكثر في العلماء مثلهما.
الشيخ يوسف ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر الربعي البحراني
في تتمة أمل الآمل: عالم فاضل فقيه محدث رأيت المجلد الأول من
شرح أصول الكافي تاليف الفاضل المولى محمد صالح المازندراني بخط أخي
صاحب الترجمة على الظاهر قال في آخر نسخته في جمادى الأولى سنة ١١٣٣
لخزانة الفاضل الكامل العالم العامل شيخنا الشيخ يوسف ابن المرحوم
المقدس الشيخ علي ابن الشيخ جعفر الربعي البحراني متعنا الله بطول بقائه
نمقه العبد سليمان بن علي بن جعفر الربعي البحراني انتهى فهو من
علماء عصر الصفوية والعلامة المجلسي وما بعده.
يوسف بن عمار بن حيان التغلبي مولاهم أخو إسحاق بن عمار
قال العلامة في الخلاصة: ثقة انتهى ومر في أخيه إسحاق عن
جش أنه ثقة وأخواته يوسف ويونس وقيس وإسماعيل وهو في بيت كبير من
الشيعة وذكرنا في أخيه قيس أن هذا لا يقتضي الا توثيق إسحاق دون اخوته
بل ولا مدحهم نعم ربما يستفاد المدح من قوله وهو في بيت كبير من
الشيعة. وفي الوجيزة: وثقه العلامة ولم يثبت وفي نقد الرجال كأنه اخذه
من كلام جش في أخيه إسحاق وفي اخذ التوثيق من ذلك نظر انتهى
قال العلامة الطباطبائي في رجاله: يبعد مع انتفاء الدلالة أنه توقف في
رواية إسماعيل حتى يثبت توثيقه وقال في قيس أنه قريب الامر ولم يحكم
بتوثيقه واهمل يونس ولم يذكره في كتابه ولو كان المأخذ ذلك لوثق الجميع.
الشيخ جمال الدين أبو محمد يوسف بن المؤيد التفريشي القمي الكنجوي
توفي سنة ٥٩٦ بكنجة. له كتاب خمسة نظامي وهي خمسة كتب في
المثنويات ويقال لها پنج گنج هي إقبال نامه واسكندر نامه وخورد نامه وليلى
ومجنون وهفت بكير ومخزن الاسرار مطبوع.
الأمير قرا يوسف بن قرا محمد بن بيرام خواجة التركماني
توفي يوم الخميس ٧ ذي القعدة سنة ٨٢٣ في وجان وحمل إلى
ارجيش فدفن فيها في مدفن آبائه وأجداده. هكذا في التاريخ الفارسي،
وما في المجالس من أنه توفي سنة ٧٢٣ خطا. هو من طائفة قره قويونلو
التركمانية، كانت لها دولة استمرت ٦٣ سنة استولت فيها على
أذربيجان والعراق كما ذكرناه في جزء متقدم من هذا الكتاب، وذكرنا هناك
أدلة تشيعها من نقش خواتيم بعض أمرائها. وعن تذكرة السمرقندي أن
أصل قرا يوسف من جبال غازقرد في اقصى بلاد تركستان ورد قومه
آذربيجان وبدليس وسكنوا صحاريها فاتخذهم السلطان أويس الإيلخاني
رعاة لمواشيه ثم قوي أمر قرا يوسف وخرج على السلطان احمد ابن السلطان
أويس وتولى تبريز ثم فر منها وبنى السلطان احمد في خوي منارة من رؤوس
التراكمة وخربها بعد ذلك قرا يوسف ودفن رؤوس أقربائه وكان قتل
السلطان احمد آخر الامر على يد قرا يوسف انتهى وفي التاريخ الفارسي
المخطوط المشار إليه في غير موضع من هذا الكتاب أن قرا يوسف كان زمن
تيمورلنك يعيش مع تيمور عيشة الثوار المتمردين، فلما كان تيمور في بلاد
الروم استولى قرا يوسف على العراق فأرسل تيمور حفيده ميرزا عمر إلى
(٣٢٢)

بغداد لدفع قرا يوسف وامر حفيده الآخر ميرزا رستم ابن الأمير شيخ الذي
كان في حدود همذان بامداده مع ميرزا أبي بكر ابن ميرانشاه وزير الحلة
فالتقوا مع قرا يوسف ووقع الحرب بينهم فقتل يار علي أخو قرا يوسف
وانهزم قرا يوسف إلى مصر وكان قد وصل إليها السلطان احمد الإيلكاني
فطلب تيمور من ملك مصر تسليمهما فقبض عليهما ملك مصر ولما وصل
خبر وفاة تيمور إلى مصر اطلقهما فاجتمع مع قرا يوسف ألف فارس من
التركمان كانوا قد جاءوا معه إلى مصر فخرج بهم من مصر حتى انتهى إلى
شاطئ الفرات وحصلت له في الطريق مائة وثمانون محاربة مع المستحفظين
وأمراء الحدود كانت له الغلبة في جميعها حتى وصل ديار بكر وانضم إليه بنو
عمه مع الذين معه واستولى على قلعة اوينك وفي غرة جمادى الأولى سنة
٨٠٩ التقى قرب نخجوان مع ميرزا أبي بكر بن ميرانشاه بن تيمورلنك فهزمه
قرا يوسف وجاء إلى تبريز وفي ٢٤ ذي القعدة سنة ٨١٠ جاء ميرزا أبو بكر
ثانيا لحرب قرا يوسف والتقى معه في حدود تبريز فكسره قرا يوسف
واستولى على أذربايجان وبعد ذلك توجه إلى ديار بكر فانهزم حاكمها قرا
عثمان وفي سنة ٨١٣ جرى حرب بينه وبين السلطان احمد الإيلكاني في تبريز
فقبض على السلطان احمد وقتله في ٢٠ ربيع الثاني من السنة المذكورة
وتصرف في العراق وأعطاه لولده الشاة محمد ثم اتبع قرا عثمان وحاصره في
قلعة ارعني فطلب الصلح فقتله قرا يوسف وفي سنة ٨١٥ جرى حرب بينه
وبين الأمير الشيخ إبراهيم الشيرواني فقبض على الشيخ إبراهيم وجاء به إلى
تبريز وتوفي سنة ٨٢٠. وفي آثار الشيعة الإمامية أنه في هذه السنة قتل
كشنديد والي كرجستان وكان قد استولى على جميع العراق العربي
وأذربيجان. وفي التاريخ الفارسي: وفي سنة ٨١٨ توجه قرا يوسف إلى
العراق ثم رجع من همدان بسبب عارض عرض له واخذ قزوين وطارم
وساوة وفي سنة ٨٢٣ توجه شاهرخ بن تيمورلنك من خراسان لحرب قرا
يوسف فتلقاه قرا يوسف فاتفق أن قرا يوسف مات في اوجان موتا طبيعيا
وذلك يوم الخميس ٧ ذي القعدة سنة ٨٢٣ ولم يكن أحد من أولاده حاضرا
عنده فتفرق عسكره ونهبت خزائنه ومضاربه وسلبت ثياب بدنه وكان في أذنه
حلقة ذهب فقطعوها طمعا في الحلقة وترك عريانا على وجه الأرض يومين
وليلتين حتى حمل إلى ارجيش من بلاد أرمينية فدفن في مرقد آبائه وأجداده
فسبحان من لا يدوم الا ملكه وكانت مدة سلطنته ١٤ سنة وكسرا وخلف
ستة أولاد انتهى وفي مجالس المؤمنين: كان قرا يوسف بغاية الشجاعة
وقوة القلب وخالف الأمير تيمور مرارا ثم ذهب هو والسلطان احمد
الجلائري إلى الروم وجاءا من هناك إلى الشام فقبض عليهما ملكها الملك
الأشرف مراعاة للأمير تيمور ثم ذكر خلاصه بعد وفاة تيمور ومجيئه بألف
فارس ومحاربته مائة وثمانين مرة حتى وصل إلى الفرات ومحاربته قرب
نخجوان مع أبي بكر بن تيمور كما مر عن التاريخ الفارسي ثم قال أن
تيمورلنك تحارب مرة أخرى مع ميرانشاه وقتله واستولى على أذربيجان
وعراق العرب وبعض عراق العجم فتوجه شاهرخ بن تيمور بمائتي ألف
مقاتل لحرب قرا يوسف واستصحب شاهرخ معه حفاظ القرآن يقرأون
سورة انا فتحنا لك فتحا مبينا تفاؤلا باستئصال قرا يوسف حتى قرأوها
اثني عشر ألف مرة فمرض قرا يوسف ومع شدة مرضه جاء من تبريز إلى
اوجان غيرة منه أن يؤسر فتوفي في اوجان في التاريخ المتقدم انتهى وقوله
أن الذي قبض عليه ملك الشام ليس بصواب بل ملك مصر كما مر.
الشيخ يوسف بن محمد البحراني ثم الحويزي
في أمل الآمل: فاضل فقيه صالح زاهد معاصر. له كتاب شرح
كتابنا تفصيل وسائل الشيعة جمع فيه أقوال الفقهاء وغير ذلك من الفوائد لم
يتم وله رسائل اخر انتهى وفي تتمة أمل الآمل: رأيت مجلدات شرحه
المذكور بخط يده وفي مقدمة الشرح مقدمة في أصول الفقه وليس هو شرح
الأحاديث لا متنا ولا سندا وانما يذكر الباب ويذكر كلام الفقهاء في عنوان
الباب وينقل الأقوال وأدلتها المذكورة في كتب الأصحاب إما شرح فقه
الحديث وشرح ألفاظه وأحوال رواته وما يوصف به من أنواع الحديث فلا
اثر له في ذلك الشرح انتهى وكتابه المذكور سماه نهاية التحصيل في
شرح مسائل التفضيل رأينا منه مجلدين كبيرين بقدر قطع الوسائل المطبوع
وأكبر منه في مكتبة الشيخ ضياء الدين النوري في طهران.
الشيخ يوسف بن محمد بن أبي ذيب البحراني
توفي حدود سنة ١١٥٥ بالبحرين (١)
قال في الطليعة: كان فاضلا مشاركا تقيا ناسكا أديبا شاعرا جيد
الشعر ذا عارضة مفوها حسن الخط وكان ورد العراق وأقام بها طالبا للعلم
مع جماعة من آل أبي ذيب ثم عاد انتهى وقال السيد جعفر محبوبة في
كلمة له في مجلة الهاتف: هو من شعراء أهل البيت المجيدين والسابقين في
حلبات الرثاء وربما امتاز شعره عن شعر البحارنة بسبك اللفظ ورصانة
التركيب وهو من أسرة تعرف بال أبي ذيب من عهد قديم وللآن توجد لهم
باقية، وكان له حفيد يقيم في البصرة سنة ١٣٢٥ وربما وصف المترجم كما
في مجامع الرثاء بالبصري ولعله سكنها ردحا من عمره.
شعره
من شعره قوله من قصيدة طويلة يرثي بها الحسين ع:
نعم آل نعم بالغميم أقاموا * فيا حبذا ربع لهم ومقام
وقفت المطايا أسال الربع عنهم * ومن أين للربع الدريس كلام
على دمنتي سلمى بمنعرج اللوى * سلام وهل يجدي المحب سلام
بنفسي أبي الضيم اضحى نصيره * لدى الروع لدن ذابل وحسام
يصول كليث الغاب يسطو كأنما * تراءت له بين الشعاب نعام
حنانيك يا معطي البسالة حقها * ومرخص نفس لا تكاد تسام
فهل لك في وصل المنية مطلب * وهل لك في قطع الحياة مرام
فليت أكفا حاربتك تقطعت * وأرجل بغي حاولتك جذام
وله من أخرى ارتجلها في زيارته:
قف بالطفوف وقوف حائر * وابك الحسين بدمع حائر
قف نبكه بمدامع * مثل الخناجر في الحناجر
ضاق الفضاء به فلم * ير ملجأ ياويه ساتر
وتقاسمته يد السفار * سفار انضاء المقادر
يزجي القلائص سائرا * وله القضا ابدا يساير
يحدو به حادي الردى * واليه انى صار صائر
حتى دنا من كربلاء * بموارد ليست تصادر
(٣٢٣)

ابني الفرائض والنوافل * والمنازل والمشاعر
وبني الترائك والأرائك * والعواتك والحرائر
انا غادر أن لم أكن * لكم وليا وابن غادر
واجد في نظم المعاني * الغر فيكم نظم ماهر
أنتم محجتي التي * لا غيرها في الحشر ذاخر
وبصيرتي يوما تحار * بهوله كل البصائر
انا يوسف بمديحكم * أصبحت مفتخرا أجاهر
وأتيتكم أطوي البحار * ولجة البحرين زائر
ملقى على اعتابكم * متمرع الخدين صاغر
وله يرثي الحسين ع من قصيدة:
صب يبيت مسهدا فكانما * اجفانه ضمنت برعي الأنجم
برح الخفاء بحرقة لا تنطفي * ورسيس وجد في الصدور مخيم
يا يوم عاشوراء كم أورثتني * حزنا مدى الأيام لم يتصرم
ما عاد يومك وهو يوم انكد * الا وبت بليله المتألم
يا قلب ذب وجدا عليه بحرقة * يا عين من فرط البكا لا تسامي
يا سيد الشهداء اني والذي * رفع السماء وزانها بالأنجم
لو كنت شاهد يوم مصرعك الذي * فض الحشاشة بالمصاب الأعظم
لأسلت نفسي فوق أطراف الظبا * سيلان دمعي فيك يا بن الأكرم
وله يرثيه ع:
ما بعد رامة واللوا من منزل * عرج على تلك المعاهد وانزل
هذي المعالم بين اعلام اللوى * قف نبك لا بين الدحول فحومل
آية أخا شكواي يوم تهامة * والحي بين ترحل وتحمل
أسعد وما للمستهام أخي الجوى * من مسعد أين الشجي من الخلي
وأجل مرزأة لفاطم وقعة * تتبدل الدنيا ولم تتبدل
يوم به ضاق الفجاج ورحبه * ذرعا على ابن المرتضى المولى علي
يسطو على قلب الخميس كأنه * صبح يزيل ظلام ليل أليل
السيد يوسف بن محمد بن محمد بن زين العابدين الحسيني العاملي.
ذكره في تتمة أمل الآمل وقال: صاحب جامع الأقوال في علم
الرجال وهو كتاب كبير حسن الترتيب فيه تنبيهات ونكات تدل على مهارته
في فن الرجال والحديث ورأيت نسخة من خلاصة الأقوال للعلامة الحلي قد
قابلها السيد المذكور للتصحيح مع جدنا الاعلى السيد علي بن الحسين بن
أبي الحسن تلميذ الشهيد الثاني وصهره وأرخ السيد يوسف سنة المقابلة
للتصحيح وهي سنة ٩٦٨ وقد أغفله المصنف.
الشيخ يوسف الجبلي الشامي.
له كتاب في الرجال صغير الحجم لكنه في غاية الجودة ويحتمل ان
يكون للسيد يوسف بن محمد بن زين الدين الحسيني الشامي الذي رتب
اختيار الشيخ من كتاب الكشي سنة ٩٨١
الشيخ يوسف بن محمد بن مهدي بن مراد الآزري البغدادي.
توفي في بغداد سنة ١٢٢١ ودفن في الكاظمية في مقبرتهم عند مرقد
السيد المرتضى كان فاضلا جامعا أديبا بارعا مشاركا تقيا ناسكا معروف
الفضل معتمد القول محترم الجانب ظاهر الحال في العبادة وكان مقلا من
الشعر لم يكن يسمع له شعر في غير أهل البيت الا ما طارح فيه
أصحابه (١)
ويوجد في مكتبة السيد حسن صدر الدين مؤلف للشيخ المذكور في
علم النحو شبيه بكتاب قطر الندى لابن هشام، كتب على ظهره: هذا
ما ألفه الشيخ يوسف ابن الحاج محمد بن مراد الآزري البغدادي التميمي
ومن هذا الكتاب تأكدنا ان هذه الأسرة ترجع إلى قبيلة بني تميم في
العراق، ولقد اعقب الشيخ يوسف هذا ولدين هما الشيخ مسعود والشيخ
راضي. وكان الأول منهما أديبا وشاعرا وقفنا على بند له شبيه بالبند
المعروف للشاعر ابن الخلفة. والظاهر أن هذا الطراز من الأدب وهو
البند عراقي النشأة. ولم نقف الا على ثلاثة بنود لثلاثة شعراء في بغداد
هم السيد علي الأصم وابن الخلفة والشيخ مسعود هذا. ولعل هناك غيرها
لشعراء آخرين. وكانت للشيخ يوسف الآزري مؤلفات وحواشي في الفقه
اهملت من بعده وفقدت ولم تزل بقايا أوراق منها محفوظة كاثر تاريخي.
والمترجم أقام في النجف الأشرف في أول نشأته ودرس على علمائها
الاعلام ثم رجع إلى بغداد وتوفي بها ورثاه السيد محمد زين الدين الحسيني
النجفي المتوفى سنة ١٢٣١ المعروف بالسيد محمد زيني بقصيدة مطلعها:
بكيت لو أن الدمع من لوعة يجدي ونحت لو أن النوح يشفي أخا الوجد
وفي ختام هذه القصيدة تاريخ وفاته:
وقد سكن الجنات يوسف ارخوا * ليوسف مكنا المنازل في الخلد
وقد كان بين السيد محمد زين الدين والشيخ يوسف مراسلة ودية منها
ان الزيني كان مولعا بالتدخين فأرسل إليه يوما المترجم شطبا طابية
وكتب معه هذين البيتين:
زان بعيني إذ تأملته * شطبا حكى القد بلامين
فقلت اهديه إلى سيدي * لا يشرب الزين سوى الزيني
فرده إليه وكتب معه مجيبا:
لا أشرب الشطب لاني امرؤ * اتبع الشرع ولا اختلف
فكيف لا تعرف هذا به * وقد بدا باللام بعد الألف
ومن شعره قوله:
حبي لآل محمد حسبي * في كل ما القى به ربي
فودادهم قوتي وذكرهم * في كل يوم ينجلي شربي
وهم أماني ان خشيت لدى * يوم القيامة مثقل الذنب
الشيخ يوسف ابن الشيخ محمد ابن الشيخ يوسف بن جعفر بن علي بن
حسين بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن أبي جامع.
توفي في أواسط القرن الثالث عشر. عالم أديب يرجع إليه في اللغة
والرجال ومن أولاده الشيخ نعمة ومن أولاد الشيخ نعمة الشيخ علي.
الشيخ يوسف نصر الله حاكم دير الزهراني في بلاد الشقيف.
كان حيا سنة ١٢٧٧.
الظاهر أنه من الامراء الصعبية حكام بلاد الشقيف ويحتمل كونه من
اتباعهم ولا يعرف عنه شئ سوى ما ذكره الدكتور شاكر الخوري في كتابه
مجمع المسرات في حوادث عام ١٨٦٠ م الموافق عام ١٢٧٧ ه‍ المعروفة
(٣٢٤)

بحوادث سنة الستين وهي التي وقعت فيها الفتنة بين الدروز والنصارى في
لبنان ثم امتدت إلى سورية. قال إنه عندما بدأت الفتنة أركبتنا والدتنا على
بغل انا وأخوي ومعنا أختي ليا تمشي وأرسلتنا مع رجل من ابكاسين إلى
مزرعة الرهبان ثم جاء إلينا والدي وجم غفير من الرجال والنساء
والأولاد. إلى أن قال: فأخذنا والدنا مع باقي أقاربنا وجملة من الناس إلى
قرية دير الزهراني في بلاد الشقيف التي كان حاكمها يومئذ الشيخ يوسف
نصر الله المتوالي الشيعي فوصلنا عند غياب الشمس إلى دير الزهراني
فبتنا هناك تلك الليلة وفي اليوم التالي حضر في طلبنا حسين بك الأمين مدير
النبطية إلتحتا فتوجهنا مع هذا الجمع فانزلنا حسين بك في دار بحارة
النصارى وكان يرسل الطعام صباحا ومساء إلى جميع من معنا الذين كانوا
نحوا من ثلثمائة.
يوسف بن يحيى الأصبهاني.
في طريق الصدوق إلى أبي سعيد الخدري في وصية النبي ص لعلي
ع غير مذكور مع جماعة قال الميرزا كان بعضهم من العامة.
السيد يوسف بن يحيى بن المؤيد بالله محمد بن القاسم الصنعاني اليماني
. توفي في ربيع الأول سنة ١١٢١.
العالم المؤرخ النسابة المحدث. من مؤلفاته كتاب نسمة السحر
فيمن تشيع وشعر. ذكر فيه جماعة من الشعراء المتقدمين المشهورين ومن
أهل عصره ومن يقرب من أهل عصره.
قال الشوكاني في البدر الطالع ص ٣٧٣ ج ٢ انه من أحسن الكتب
المصنفة في الأدب وأنفسها.
اليوسفي
لقب الشيخ زين الدين أبو محمد الحسن بن ربيب الدين أبي طالب
ابن أبي المجد اليوسفي الآوي أو الآبي المعروف بابن أبي ربيب الآوي.
يوسف بن محمد بن يوسف الطبيب.
له جامع الفوائد في الطب فارسي فرع منه في رمضان سنة ٩١٧
مطبوع.
يونس.
هو يونس بن عبد الرحمن.
الشيخ يونس الجزائري.
فاضل عابد من تلاميذ الشيخ عبد العالي ابن الشيخ علي الكركي
يروي عنه عن أبيه المحقق الكركي.
الأمير يونس الحرفوش.
كان السلطان احمد العثماني غاضبا على الأمير يونس ومحاولا قتله ففي
تاريخ أحمد بن محمد الخالدي الصفدي المعروف بتاريخ الخالدي في حوادث
سنة ١٠٢٠ انه لما تولى نصوح باشا الوزارة العظمى بعد مراد باشا المتوفى
وكان إذ ذاك بديار بجميع عساكره وجه إليه الأمير فخر الدين بن قرقماش
بن معن الثاني أمير لواء صفد خدمة الاستقبال على حسب العادة وقدرها
خمسة وعشرون ألف قرش ما خلا الأقمشة والخيل مع كتخداه مصطفى فما
أراه الوزير البشاشة المعهودة بل كلمه بكلام فظ بسبب السكمانية الذين
هم عند الأمير وبسبب تسليم قلعة بانياس الصبيبة وقلعة شقيف أرنون
وأعطاه احكاما سلطانية ومكاتيب في هذا الخصوص وفي خصوص قتل
الأمير يونس ابن الحرفوش فأرسل الأمير فخر الدين ولده علي وعمره تسع
سنين إلى حلب غرة رمضان سنة ١٠١٦ ودفع الوزير في دفعتين ثلثمائة ألف
قرش ولما وصل نصوح باشا إلى حلب ارسل علي شاويش يطلب من فخر
الدين خدمة للسلطان احمد فأرسل إليه خمسين ألف قرش للسلطان وخمسة
وعشرون ألفا لنصوح باشا وخمسة آلاف قرش لعلي شاويش وكان سبب
كدورة نصوح من فخر الدين ان احمد باشا الحافظ لما كان في دمشق محافظا
ووزيرا وأراد الركوب على ابن الحرفوش أعان فخر الدين ابن الحرفوش
وكذلك لما أراد الركوب على الأمير احمد الشهابي أعان فخر الدين الأمير
الشهابي وفعل ذلك معهما لينفعاه في وقت الاحتياج فكان الامر منهما
بالعكس. وقال في حوادث سنة ١٠٢٢ ان فخر الدين المعني لما جهز
عسكرا لمحاربة عسكر الشام في بصرى كان معهم من رجال الأمير يونس
ابن الحرفوش ورجال الأمير احمد الشهابي. وقال: وفيها ورد من الشام
عروض ومحاضر إلى اسلامبول مضمونها ان فخر الدين تغلب على بلاد
حوران والجولان وانه محاصر لمدينة دمشق فعند ذلك عين نصوح باشا الصدر
الأعظم أربعة عشر بكلربكيا وخمسين سنجقا وجعل حافظ احمد باشا
والي الشام سرادارا عليهم للركوب على فخر الدين فلما وصلت العساكر
إلى الشام رحل حافظ احمد باشا إلى المفقر فتوجه الأمير يونس حاكم بعلبك
والبقاع والأميران احمد وعلي ابنا الشهاب حاكما وادي التيم وقابلوه وهو في
المعسكر ولما حاصر احمد باشا الحافظ قلعة الشقيف وفيها عسكر فخر الدين
المعني وطلب من في القلعة المدد من الأمير يونس المعني فأرسل إليه مددا من
دير القمر مع حسين جلب وحيدر الكردي وأرسل بعض من في الدير يخبر
الحافظ خبرهم وجه في الحال حسين باشا ابن سيفا والأمير يونس الحرفوش
ليعترضوا طريقهم فصادفوهم عند العقبة التي فوق جسر خردلة ليلا فاقتتلوا
هناك قتالا شديدا ودافع أصحاب حيدر وحسين عن أنفسهم وأسر من
أصحابهما اثنان ونجا الباقون حتى وصلوا إلى متاريس القلعة وحملوا على من
فيها فافرجوا لهم حتى دخلوها انتهى.
والمترجم هو الذي عمر مسجد النهر في بعلبك فقال بعضهم مؤرخا
كما وجد على عتبة المسجد:
مذ تممت أعماله تاريخه * اثابه الله على ما عمرا ١٠٢٨
وكان إذا خرجت حرمه إلى الحمام يقفل السوق في بعلبك
يونس بن خباب.
بخاء معجمة مفتوحة وباءين موحدتين بينهما ألف أولاهما مشددة،
وذكره الميرزا في رجاله قبل يونس بن خالد مما دل على أنه توهمه بالحاء أو
بالجيم إما في النقد فذكره بعد يونس بن خالد وذكره الشيخ في رجاله في
أصحاب الباقر ع وقال مجهول، وذكره في أصحاب الصادق ع
ولا يبعد وثاقته وسعة علمه لشهادة خصومه له بذلك كما ستعرف
والظاهر أن خلطته بغير الشيعة كانت أكثر من الشيعة. وفي القاموس:
(٣٢٥)

يونس بن خباب الرافضي، وفي تهذيب التهذيب يونس بن خباب
الأسيدي مولاهم أبو حمزة ويقال أبو الجهم الكوفي قال أبو داود: وقد رأيت
أحاديث شعبة عنه مستقيمة وليس الرافضة كذلك. وقال الساجي:
صدوق الحديث تكلموا فيه من جهة رأيه السوء وقال ابن معين: كان ثقة
وكان يتكلم في عثمان، وقال ابن شاهين: في الثقات قال عثمان بن أبي
شيبة يونس بن خباب ثقة صدوق، وعن أبي داود ليس في حديثه نكارة الا
انه زاد في حديث عذاب القبر وعلي وليي، وعن عباد بن عباد أتيت يونس
ابن خباب فسألته عن حديث عذاب القبر فحدثني به فقال: هنا كلمة
أخفاها الناصبية قلت ما هي قال إنه ليسال في قبره من وليك؟. فان قال
علي نجا، فقلت والله ما سمعنا بهذا قال من أين أنت؟ قلت من أهل البصرة
قال أنت عثماني خبيث. زاد الذهبي في ميزان الاعتدال: أنت
تحب عثمان وانه قتل بنتي رسول الله ص قلت قتل واحدة فلم زوجه
الأخرى فامسك ثم حكى عن جماعة القدح فيه بما لا يخرج عن
التشيع: فقال: قال العقيلي كان يغلو في الرفض وقال العجلي: شيعي
غال، وقال ابن معين: يونس بن خباب فوق الشيعي وقال الدارقطني
رجل سوء فيه شيعية مفرطة. وعن ابن معين رجل سوء كان يتكلم في
عثمان، وقال الجوزجاني: كذاب مفتر، وقال أبو حاتم مضطرب الحديث
ليس بالقوي وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي: ليس بالقوي
مختلف فيه، وقال الحاكم أبو أحمد تركه يحيى وعبد الرحمن واحسنا في ذلك
لأنه كان يتكلم في عثمان ومن تكلم في أحد من الصحابة فهو أهل ان لا
يروى عنه وعن يحيى القطان ما تعجبنا الرواية عنه. وفي ميزان الاعتدال:
يونس بن خباب الأسدي مولاهم الكوفي كان رافضيا قال يحيى بن سعيد
كان كذابا وقال ابن حبان لا تحل الرواية عنه. وعن تقريب ابن حجر:
الأسيدي مولاهم الكوفي صدوق يخطئ ورمي بالرفض.
إلى غير ذلك من أمثال هذه الكلمات التي يقولونها في حق كل شيعي
لأنه شيعي بعد وصفه بالصدق والوثاقة، ولا يقولونها في حق الناصبي
والخارجي بل يقبلون مثل رواية عمران بن حطان مادح عبد الرحمن بن
ملجم على قتله أمير المؤمنين عليا ع فقد قبل روايته امام الكل
البخاري. وهذا تناقض. واما عدم قبول رواية من يقول في حق الصحابي
فيناقضه قبول رواية من سب علينا وابنيه الحسنين ع وابن عباس
رضي الله عنه الأعوام الكثيرة وهم سادات الصحابة وسادات أهل البيت
النبوي وسادات المسلمين وما هذا الا تناقض. إما رميه بالكذب فيرده
شهادة من سمعت له بالصدق والوثاقة وليس رميه بالكذب الا تحامل وميل
إلى الهوى وقولهم مضطرب الحديث أو منكر الحديث يرده شهادة أبي داود
انه ليس في حديثه نكارة وكذلك كل شيعي خلافا لما زعمه أبو داود وما
ينكرون من الشيعة الا رواية فضائل أهل البيت ولا ينكرها منصف وكفى
في تورع الشيعة عد شيخهم لهذا الرجل مجهولا مع شهادة خصومه له
بالصدق والوثاقة لكون خلطته بهم كانت أكثر وأنت ترى انه قلما يكون لهم
كلام في حق شيعي غير متناقض فتتبع ما نقلناه عنهم في هذا الكتاب في كل
باب وذلك دليل على التحامل. إما قول عباد ما سمعنا بهذا فيشبه قول
من قال ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ان هذا الا اختلاق، فجعل الدليل
على كذبه عدم سماعه له مع شئ من العصبية والعناد وهذا لا يكون
دليلا، فرب صدق لم يسمعه ورب كذب قد سمعه. وأغرب من هذا كله
ما رواه الذهبي في ميزانه من حديث هو في سنده عن علي ع: خير هذه
الأمة بعد نبيها فلان ثم فلان فمن كان غاليا في التشيع أو فيه شيعية مفرطة
أو فوق الشيعي كيف يروي مثل هذا فالراوي عنه ذلك كاذب عليه والله
العالم باسرار عباده.
الذين اخذ عنهم
قد عرفت انه من أصحاب الإمامين الباقر والصادق ع،
وفي ميزان الاعتدال روى عن طاوس ومجاهد وفي تهذيب التهذيب روى عن
أبيه ونافع بن جبير بن مطعم ومجاهد بن جبر والمنهال بن عمرو الأسدي
وطلق بن حبيب وعبد الله بن بريدة وأبي البختري وجرير بن أبي الهياج
الأسدي وغيرهم وأرسل عن يحيى بن مرة.
الذين رووا عنه
في ميزان الاعتدال: عنه شعبة ومعتمر بن سليمان وعدة وزاد في
تهذيب التهذيب عنه ابنه محمد وأبو الزبير ومنصور بن المعتمر وهما من اقرانه
وعبد الله بن عثمان بن خثيم وعبادة بن مسلم الفزاري والثوري وثور بن
أبي أنيسة و حماد بن زيد وعباد بن عباد المهلبي ويحيى بن يعلى الأسلمي
وآخرون.
بعض رواياته
اورد الذهبي في ميزانه عدة روايات في سندها يونس بن خباب منها
يحيى بن يعلى عن يونس بن خباب عن انس قال خرجت وعلي مع رسول
الله ص في حيطان المدينة فمررنا بحديقة فقال علي ما أحسن هذه الحديقة
فقال النبي ص حديقتك في الجنة أحسن منها حتى مر بسبع حدائق مثلها
وجعل النبي ص يبكي فقال علي ما يبكيك قال ضغائن في صدور قوم لا
يبدونها لك حتى يفقدوني رواه عبد الرحمن بن صالح وأبو بكر بن أبي شيبة
عن يحيى ورواه مفضل بن صالح الأسدي عن يونس بن خباب فقال عن
عثمان بن حاضر عن انس الأشجعي عن سفيان عن منصور عن يونس بن
خباب انتهى.
يونس الديلمي.
عده ابن شهرآشوب في معالم العلماء من شعراء الشيعة المجاهرين.
الشيخ يونس العاملي.
قتل سنة ١١٢٠.
مذكور في بعض تواريخ جبل عامل المخطوطة قال المؤرخ الشيخ
علي السبيتي العاملي في بعض مخطوطاته: فيها قتل الشيخ يونس من العلماء
قتله الأمير حيدر انتهى وهذا هو الأمير حيدر بن موسى الشهابي تولى
امارة الشوف وتوابعها بعد الأمير بشير الأول وكان للأمير بشير حكم الشوف
وكسروان وبلاد بشارة فلما مات بشير تولى المشايخ بنو علي الصغير بلاد
بشارة من يد الأمير حيدر فغزاهم وتجمعت الشيعة أهل جبل عامل في
النباطية فأوقع بهم فيها وظفر بهم وقتل منهم مقتلة ورجع إلى بلاده وكان
الشيخ يونس هذا من جملة من قتل ولا نعلم من أحواله شيئا غير ذلك.
أبو محمد يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين.
ولد في آخر أيام هشام بن عبد الملك وهشام مات سنة ١٢٥ وتوفي
سنة ٢٠٨ بالمدينة. روى الكشي في كتاب رجاله عن علي بن محمد القتيبي
قال سالت الفضل بن شاذان عن الحديث الذي روي في يونس انه لقيط آل
يقطين قال كذب، ولد يونس في آخر زمان هشام بن عبد الملك ويقطين لم
(٣٢٦)

يكن في ذلك الزمان انما كان في زمن ولد العباس وفيه قال نصر بن
الصباح لم يرو يونس عن عبيد الله ومحمد ابني الحلبي قط ولا رآهما وماتا في
٢ حياة أبي عبد الله ع.
أقوال العلماء فيه
قال النجاشي: يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين بن موسى
مولى بني أسد أبو محمد كان وجها في أصحابنا عظيم المنزلة ولد في أيام
هشام بن عبد الملك ورأى جعفر بن محمد ع بين الصفا والمروة
ولم يرو عنه وروى عن أبي الحسن موسى والرضا ع وكان الرضا
يشير إليه في العلم والفتيا وكان ممن بذل له على الوقف مال جزيل وامتنع
من اخذه وثبت على الحق قال أبو عمرو الكشي فيما اخبرني به غير واحد من
أصحابنا عن جعفر بن محمد يعني ابن قولويه عنه قال حدثني علي بن
محمد بن قتيبة حدثني الفضل بن شاذان حدثني عبد العزيز بن المهتدي وكان
خير قمي رأيته وكان وكيل الرضا ع وخاصته فقال اني سألته فقلت اني
لا أقدر على لقائك في كل وقت فعمن آخذ معالم ديني؟ فقال خذ عن يونس
ابن عبد الرحمن. وهذه منزلة عظيمة ومثله روى الكشي عن الحسن بن علي
بن يقطين سواء، وقال شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في
كتابه مصابيح النور: اخبرني الشيخ الصدوق أبو القاسم جعفر بن محمد
بن قولويه رحمه الله حدثنا علي بن الحسين بن بابويه حدثنا عبد الله بن جعفر
الحميري قال لنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري رحمة الله عرضت على
أبي محمد صاحب العسكر ع كتاب يوم وليلة ليونس فقال لي تصنيف من
هذا؟ فقلت تصنيف يونس مولى آل يقطين فقال أعطاه الله بكل حرف نورا
يوم القيامة. ومدائح يونس كثيرة ليس هذا موضعها وانما ذكرنا هذا حتى لا
نخليه من بعض حقوقه رحمه الله انتهى.
وفي الخلاصة: يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين أبو محمد
كان وجها في أصحابنا متقدما عظيم المنزلة روى عن أبي الحسن موسى
والرضا ع وكان الرضا يشير إليه وذكر ما مر إلى قوله: على
الحق. ثم ذكر حديث المفيد السابق في عرض كتاب يوم وليلة على
العسكري ع ثم قال مات يونس سنة ٢٠٨ رحمه الله وقدس روحه ثم
قال روى الكشي حديثا صحيحا وذكر حديث خذ عن يونس بن عبد
الرحمن السابق ثم قال: وفي حديث صحيح ان الرضا ع ضمن ليونس
الجنة ثلاث مرات وذكر حديث الكشي الآتي بسنده ثم قال: وقد روى
الكشي ما ينافي ذلك ذكرناه في الكتاب الكبير واجبنا عنه انتهى وذكره
الشيخ في رجاله في أصحاب الكاظم ع فقال: يونس بن عبد الرحمن
مولى علي بن يقطين ضعفه القميون وهو ثقة وقال في أصحاب الرضا
ع: يونس بن عبد الرحمن من أصحاب أبي الحسن موسى ع مولى
علي بن يقطين طعن عليه القميون وهو عندي ثقة انتهى.
وقال الكشي: تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن
الرضا ع أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عن هؤلاء
وتصديقهم وأقروا لهم بالفقه والعلم وهم ستة نفر آخرون دون الستة نفر
الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله ع منهم يونس بن عبد الرحمن
إلى آخر ما مر في أحمد بن أبي نصر.
وقال الكشي: أصحاب الرضا ع في يونس بن عبد الرحمن أبي
محمد صاحب آل يقطين
رواياته في مدحه
١ حدثني علي بن محمد القتيبي حدثني الفضل بن شاذان حدثني
عبد العزيز بن المهتدي وكان خير قمي رأيته إلى آخر الحديث السابق ٢
جبرائيل بن أحمد سمعت محمد بن عيسى عن عبد العزيز بن المهتدي قال
قلت للرضا ع أن شقتي بعيدة فلست أصل إليك في كل وقت فاخذ
معالم ديني من يونس مولى آل يقطين قال نعم ٣ محمد بن مسعود حدثني
محمد بن نصير حدثنا محمد بن عيسى حدثني عبد العزيز بن المهتدي القمي
قال محمد بن نصير قال محمد بن عيسى وحدث الحسن بن علي بن يقطين
بذلك أيضا قال قلت لأبي الحسن الرضا ع جعلت فداك اني لا أكاد
أصل إليك أسألك عن كل ما احتاج إليه من معالم ديني أ فيونس بن عبد
الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج إليه من معالم ديني فقال نعم ٤ علي بن
محمد القتيبي حدثني الفضل بن شاذان حدثني محمد بن الحسن الواسطي
وجعفر بن عيسى ومحمد بن يونس أن الرضا ع ضمن ليونس الجنة
ثلاث مرات ٥ محمد بن مسعود حدثني محمد بن نصير حدثني محمد بن
عيسى اخبرني يونس أن أبا الحسن ع ضمن له الجنة من النار ٦
علي بن محمد القتيبي عن الفضل قال حدثني جعفر بن عيسى اليقطيني
ومحمد بن الحسن جميعا أن أبا جعفر ع ضمن ليونس بن عبد الرحمن
الجنة على نفسه وآبائه ع ٧ جعفر بن معروف حدثني سهل بن
الحر سمعت الفضل بن شاذان يقول حدثني أبي الجليل الملقب بشاذان
حدثني أحمد بن أبي خلف قال كنت مريضا فدخل علي أبو جعفر ع
يعودني في مرضي فإذا عند رأسي كتاب يوم وليلة فجعل يتصفحه ورقة ورقة
حتى اتى عليه من أوله إلى آخره وجعل يقول رحم الله يونس رحم الله يونس
رحم الله يونس ٨ وروى عن أبي بصير حماد بن عبيد الله بن أسيد
الهروي عن داود بن القاسم أن أبا جعفر الجعفري قال أدخلت كتاب يوم
وليلة الذي ألفه يونس بن عبد الرحمن على أبي الحسن العسكري ع فنظر
فيه وتصفحه كله ثم قال هذا ديني ودين آبائي وهو الحق كله ٩ وحدثني
إبراهيم بن المختار بن محمد بن العباس عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن
أبي جعفر ع مثله ١٠ جعفر بن معروف حدثني سهل بن الحر
سمعت الفضل بن شاذان يقول ما نشأ في الاسلام رجل من سائر الناس
كان أفقه من سلمان الفارسي ولا نشأ رجل بعده أفقه من يونس بن عبد
الرحمن ١١ وجدت بخط محمد بن شاذان بن نعيم في كتابه سمعت أبا
محمد القماص الحسن بن علوية الثقة يقول سمعت الفضل بن شاذان يقول
حج يونس بن عبد الرحمن أربعا وخمسين حجة واعتمر أربعا وخمسين عمرة
وألف ألف جلد ردا على المخالفين ويقال انتهى علم الأئمة ع
إلى أربعة نفر أولهم سلمان الفارسي والثاني جابر والثالث السيد والرابع
يونس بن عبد الرحمن أقول المراد بعلم الأئمة والله العالم اسرار
معجزاتهم الغريبة وبالسيد هو الحميري وبجابر الجعفي لا الأنصاري كما مر
في ترجمة السيد والله أعلم ١٢ وقال الفضل بن شاذان سمعت الثقة يقول
سمعت الرضا ع يقول أبو حمزة الثمالي في زمانه كسلمان في زمانه وذلك
أنه خدم منا أربعة علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وبرهة
من عصر موسى بن جعفر ع ويونس في زمانه كسلمان في زمانه
١٣ حدثني علي بن محمد القتيبي حدثني الفضل بن شاذان قال سمعت
(٣٢٧)

الثقة يقول سمعت الرضا ع يقول يونس بن عبد الرحمن في زمانه
كسلمان الفارسي في زمانه قال الفضل ولقد حج يونس إحدى وخمسين
حجة آخرها عن الرضا ع أقول مر عن الفصل أربعا وخمسين حجة
ولعله كان يراها أربعا وخمسين ثم ظهر له انها إحدى وخمسين أو بالعكس
١٤ وقال الثقة سمعت يونس بن عبد الرحمن يقول رأيت أبا عبد الله
ع يصلي في الروضة بين القبر والمنبر ولم يمكنني أن أسأله عن شئ قال
وكان ليونس بن عبد الرحمن أربعون أخا يدور عليهم في كل يوم مسلما ثم
يرجع إلى منزله فياكل ويتهيأ للصلاة ثم يجلس للتصنيف وتأليف الكتب
وقال يونس: صمت عشرين سنة وسالت عشرين سنة ثم أجبت أقول
كأنه يريد أنه بقي عشرين سنة لا يتعلم ثم تعلم خمسا وعشرين سنة يسال
فيها الأئمة ع ثم بث علمه ١٥ قال محمد بن يحيى الفارسي حدثني
عبد الله بن محمد عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري عن الحسن بن
علي بن فضال عن أبي الحسن الرضا ع قال انظر إلى ما ختم الله ليونس
قبضه بالمدينة مجاورا لرسول الله ص ١٦ حدثني محمد بن مسعود حدثني
جعفر بن أحمد حدثني العمركي حدثني الحسن بن أبي قتادة عن داود بن
القاسم قال قلت لأبي جعفر ع ما تقول في يونس قال من يونس؟ قلت
ابن عبد الرحمن قال لعلك تريد مولى بني يقطين قلت نعم قال رحمه الله كان
على ما نحب ١٧ محمد بن مسعود حدثني علي بن محمد حدثني أبو العباس
الحميري عن عبد الله بن جعفر عن أبي هاشم الجعفري قال سألت أبا
جعفر ع عن يونس قال رحمه الله ١٨ حدثني علي بن محمد القتيبي
حدثني الفضل بن شاذان عن أبي هاشم الجعفري قال سألت أبا جعفر
محمد بن علي الرضا ع عن يونس فقال من يونس قلت مولى علي بن
يقطين فقال لعلك تريد يونس بن عبد الرحمن فقلت لا والله لا أدري ابن
من هو قال بل هو ابن عبد الرحمن ثم قال رحم الله يونس رحم الله يونس
نعم العبد كان لله عز وجل ١٩ حمدويه بن نصير حدثنا محمد بن عيسى
قال روى أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر محمد بن الرضا
ع فقال سألته عن يونس فقال مولى آل يقطين؟ قلت نعم فقال لي رحمه
الله كان عبدا صالحا قال حمدويه قال محمد بن عيسى وكان يونس أدرك أبا
عبد الله ع ولم يسمع منه ٢٠ حدثني آدم بن محمد حدثني علي بن
محمد الدقاق النيشابوري حدثني محمد بن موسى السمان حدثنا محمد بن
عيسى بن عبيد عن أخيه جعفر بن عيسى قال كنت عند أبي الحسن الرضا
ع وعنده يونس بن عبد الرحمن إذ استأذن عليه قوم من أهل البصرة
فأومى أبو الحسن ع إلى يونس ادخل البيت فإذا بيت مسبل عليه ستر
وإياك أن تتحرك حتى يؤذن لك فدخل البصريون وأكثروا من الوقيعة
والقول في يونس وأبو الحسن ع مطرق حتى لما أكثروا قاموا فودعوا
وخرجوا فاذن ليونس بالخروج فخرج باكيا فقال جعلني الله فداك انا أحامي
عن هذه المقالة وهذه حالي عند أصحابي فقال له أبو الحسن ع يا يونس
فما عليك مما يقولون إذا كان امامك عنك راضيا يا يونس حدث الناس بما
يعرفون واتركهم مما لا يعرفون كأنك تريد أن يكذب على الله في عرشه يا
يونس وما عليك أن لو كان في يدك اليمنى درة ثم قال الناس بعرة أو بعرة
وقال الناس درة هل ينفعك ذلك شيئا فقلت لا فقال هكذا أنت يا يونس
إذا كنت على الصواب وكان امامك عنك راضيا لم يضرك ما قال الناس.
أقول يظهر أن يونس كان يحدثهم بما لا تتحمله عقولهم وإن كان
صوابا ولذلك نهاه عن التحديث بمثل ذلك وأمره أن يحدثهم بما يعرفون حتى
لا ينسبوا قائله إلى الكذب ويقدحوا فيه كما أن الامام ع لم يردعهم لما
أكثروا الوقيعة في يونس واكتفى بالاطراق لعلمه بأنهم لا يرتدعون وإن
ردعهم يجر مفسدة أخرى وهو تسرب القدح في الامام ع إلى أذهانهم
بسبب ذلك وإلى ذلك أشير بقوله كأنك تريد أن يكذب على الله في عرشه
اي يقال أن ما تحدث به كذب وأن الله لم يقله فيكون من يقول ذلك قد
كذب على الله في عرشه وأنت السبب في ذلك وهو معنى قوله في الحديث
الآتي: ارفق بهم فان كلامك يدق عليهم اي حدثهم بما تقبله عقولهم وقوله
في الذي بعده دارهم فان عقولهم لا تبلغ.
٢١ حمدويه بن نصير حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن
عبد الرحمن قال: قال العبد الصالح يا يونس ارفق بهم فان كلامك يدق
عليهم قلت أنهم يقولون لي زنديق قال لي وما يضرك أن يكون في يدك
لؤلؤة فيقول الناس هي حصاة وما ينفعك أن يكون في يدك حصاة فيقول
الناس لؤلؤة.
٢٢ علي بن محمد القتيبي حدثني أبو محمد الفضل بن شاذان حدثني
أبو جعفر البصري وكان ثقة فاضلا صالحا قال دخلت مع يونس بن عبد
الرحمن على الرضا ع فشكا إليه ما يلقى من أصحابه من الوقيعة فقال
الرضا ع دارهم فان عقولهم لا تبلغ.
٢٣ علي بن محمد حدثني الفضل حدثني عدة من أصحابنا أن
يونس بن عبد الرحمن قيل له أن كثيرا من هذه العصابة يقولون فيك
ويذكرونك بغير الجميل فقال أشهدكم أن كل من له في أمير المؤمنين ع
نصيب فهو في حل مما قال.
٢٤ حمدويه بن نصير حدثني محمد بن إسماعيل الرازي حدثني عبد
العزيز بن المهتدي قال كتبت إلى أبي جعفر ع ما تقول في يونس بن عبد
الرحمن فكتب إلي بخطه أحبه وأترحم عليه وإن كان يخالفك أهل بلدك.
٢٥ وجدت بخط جبرائيل بن أحمد في كتابه حدثني أبو سعيد
الآدمي حدثني أحمد بن محمد بن الربيع الأقرع عن محمد بن الحسن
البصري عن عثمان بن رشيد البصري قال أحمد بن محمد الأقرع ثم لقيت
محمد بن الحسن فحدثني بهذا الحديث قال كنا في مجلس عيسى فقال أردت
أن اكتب إلى أبي الحسن الأول ع في مسالة أسأله عنها جعلت فداك
عندنا قوم يقولون بمقالة يونس فأعطيهم من الزكاة شيئا فكتب إلي نعم
أعطهم فان يونس أول من يجيب عليا يعني الرضا إذا دعا قال كنا
جلوسا بعد ذلك فدخل علينا رجل فقال قد مات أبو الحسن موسى ع
وكان يونس في المجلس فقال يونس يا معشر أهل المجلس أنه ليس بيني
وبين الله امام الا علي بن موسى ع فهو امامي.
٢٦ حدثني علي بن محمد حدثني محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى
قال: قال ياسر الخادم أن أبا الحسن الثاني ع أصبح في بعض الأيام
فقال لي رأيت البارحة مولى لعلي بن يقطين وبين عينيه غرة بيضاء فتاولت
ذلك على الدين.
٢٧ علي بن محمد حدثني محمد بن أحمد عن أحمد بن الحسين عن
محمد بن جمهور عن أحمد بن الفضل عن يونس بن عبد الرحمن قال مات أبو
(٣٢٨)

الحسن ع وليس من قوامه أحد الا وعنده المال الكثير وذلك سبب
وقوفهم وجحودهم موته وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار وعند
علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار فلما رأيت ذلك وتبين علي الحق وعرفت
من أمر أبي الحسن الرضا ع ما علمت تكلمت ودعوت الناس إليه فبعثا
إلي وقالا لي لا تدع إلى هذا، إن كنت تريد المال فنحن نغنيك وضمنا لي
عشرة آلاف دينار وقالا لي كف قال يونس فقلت لهما انا روينا عن الصادقين
انهم قالوا إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب نور
الايمان وما كنت أدع الجهاد وامر الله على كل حال فناصباني واظهرا لي
العداوة.
٢٨ جعفر بن أحمد عن يونس قلت له ع قد عرفت انقطاعي
إليك وإلى أبيك وحلفته وحلفت له بحق الله وحق رسوله وحق أهل بيته
وسميتهم حتى انتهيت إليه أن لا يخرج ما يخبرني به إلى الناس واني أرجو أن
يقول أبي حي ثم سألته عن أبيه أ حي أو ميت فقال قد والله مات جعلت
فداك أن شيعتك أو قلت مواليك يرون أن فيه شبه أربعة أنبياء قال قد والله
الذي لا اله الا هو هلك قلت هلاك غيبة أو هلاك موت فقال هلاك موت
والله قلت جعلت فداك فلعلك مني في تقية فقال سبحان الله قلت والله مات
قلت حيث كان هو في المدينة ومات أبوه في بغداد فمن أين علمت موته قال
جاءني منه ما علمت به أنه قد مات قلت فاوصى إليك قال نعم قلت فما شرك
فيها أحدا معك قال لا قلت فعليك من اخوانك امام فقال لا قلت فأنت
امام قال نعم.
٢٩ حمدويه وإبراهيم قالا حدثنا محمد بن عيسى حدثني هشام
المشرقي أنه دخل على أبي الحسن الخراساني ع فقال أن أهل البصرة
سألوا عن الكلام فقالوا أن يونس يقول أن الكلام ليس بمخلوق فقلت لهم
صدق يونس أن الكلام ليس بمخلوق أ ما بلغكم قول أبي جعفر ع حين سئل
عن القرآن أ خالق هو أم مخلوق فقال لهم ليس بخالق ولا مخلوق انما هو
كلام الخالق فقويت أمر يونس فقالوا أن يونس يقول أن من السنة أن يصلي
الإنسان ركعتين وهو جالس بعد العتمة فقلت صدق يونس.
أقول المراد بأبي الحسن الخراساني هو الرضا ع. وفي بعض
النسخ دخل على أبي الحسن خراساني والظاهر أن الصواب هو الأول فيكون
البصريون سألوا الرضا ع وهو أجابهم وقوله ع أن الكلام ليس
بخالق ولا مخلوق لعله كان تقية من السائلين الذين كانوا يعتقدون أن كلام
الله ليس بمخلوق ويرشد إليه سؤالهم عن نافلة العشاء التي امرها مشهور
بين الامامية كالفريضة.
رواياته في قدحه
١ جعفر بن معروف سمعت يعقوب بن يزيد يقع في يونس ويقول
كان يروي الأحاديث من غير سماع أقول مر في يعقوب بن يزيد أن له
كتاب الطعن على يونس وفي التعليقة إذا كان مثله يقع فيه فما ظنك بغيره
ولا يخفى أن الرواية من غير سماع غير مضرة بل هو من المسائل
الاجتهادية.
٢ علي بن الحسن بن علي بن فضل حدثني مروك بن عبيد عن
محمد بن عيسى القمي قال توجهت إلى أبي الحسن الرضا ع فاستقبلني
يونس مولى آل يقطين فقال أين تذهب قلت أريد أبا الحسن قال أسأله عن
هذه المسألة قل له خلقت الجنة بعد فاني أزعم أنها لم تخلق قال فدخلت على
أبي الحسن ع فجلست عنده فقلت له أن يونس مولى آل يقطين اودعني
إليك رسالة قال وما هي قلت قال اخبرني عن الجنة خلقت بعد فاني أزعم
أنها لم تخلق فقال كذب فأين جنة آدم ع.
٣ علي بن محمد حدثني محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد عن
مروك بن عبيد عن يزيد بن داود عن ابن سنان قال قلت لأبي الحسن ع
أن يونس يقول أن الجنة والنار لم يخلقا فقال ما له لعنه الله وأين جنة آدم
أقول اعتقاد أن الجنة لم تخلق لا يوجب الذم واللعن ولا يصدر من
الامام ع ويجوز أن يعتقد أنها غير جنة آدم بل كان يقول أنه مخطئ
ويردعه بالتي هي أحسن.
٤ علي حدثني محمد بن أحمد بن يعقوب عن الحسن بن راشد عن
محمد بن باديه قال كتبت إلى أبي الحسن ع في يونس فكتب لعنه الله
ولعن أصحابه أو برئ الله منه ومن أصحابه.
٥ علي بن محمد حدثني محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد عن الحسين
بن بشار الواسطي عن يونس بن بهمن قال: قال لي يونس اكتب إلى أبي
الحسن ع فاساله عن آدم هل فيه من جوهرية الله شئ فكتبت إليه
فاجابه هذه المسألة مسالة رجل على غير السنة فقلت ليونس فقال لا يسمع
ذا أصحابنا فيبرؤون منك قلت ليونس يبرؤون مني أو منك.
٦ طاهر بن عيسى حدثني جعفر بن أحمد حدثني الشجاعي عن
يعقوب بن يزيد عن الحسن بن بشار عن الحسن ابن بنت الياس عن
يونس بن بهمن قال: قال يونس بن عبد الرحمن كتبت إلى أبي الحسن الرضا
ع سألته عن آدم ع هل فيه من جوهرية الرب شئ
فكتب إلي جواب كتابي ليس صاحب هذه المسألة على شئ من السنة زنديق
أقول في تعليقة البهبهاني لا يخفى على المتأمل ما فيه من امارة الوضع.
٧ علي حدثني محمد بن أحمد عن يعقوب عن الحسين بن راشد قال
لما ارتحل أبو الحسن ع إلى خراسان قلنا ليونس هذا أبو الحسن
حمل إلى خراسان فقال أن دخل في هذا الامر طائعا أو مكرها فهو طاغوت.
٨ علي حدثني محمد بن أحمد عن يعقوب عن علي بن مهزيار عن
الحضيني أنه قال إن دخل في هذا الامر طائعا أو مكرها انتقضت النبوة من
لدن آدم.
٩ آدم حدثني علي بن محمد بن يزيد القمي حدثني أحمد بن
محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن محمد بن إبراهيم الحضيني
الأهوازي قال لما حمل أبو الحسن إلى خراسان قال يونس بن عبد الرحمن أن
دخل في هذا الامر طائعا أو كارها انتقضت النبوة من لدن آدم أقول
كيف يمكن أن يقول يونس أن دخوله كارها يوجب انتقاض النبوة.
١٠ علي حدثنا محمد بن أحمد عن بعض أصحابنا عن محمد بن
الحسن بن صباح عن أبيه قال قلت ليونس اخبرني دلامة انك قلت لو
علمت أن أبا الحسن الرضا ع لا يقدم لا يقوم بالكتاب الذي
كتبته إليه لوجهت إليه بخمسمائة ماهر تقى مارد قال نعم قلت ويحك
فأي شئ أردت بذلك فقال أردت أن أغنيه عن دفائنكم فقلت أردت أن
تغير الله في عرشه.
(٣٢٩)

١١ علي بن محمد حدثني محمد بن أحمد عن بعض أصحابنا عن
علي بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال قال كنت عند الرضا
ع ومعه كتاب يقرؤه في بابه حتى ضرب به الأرض فقال كتاب
ولد الزنا للزانية فكان كتاب يونس.
١٢ آدم بن محمد حدثني علي بن محمد القمي حدثني أحمد بن
محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال قال كنت عند أبي الحسن
الرضا ع إذ ورد عليه كتاب يقرؤه فقرأه ثم ضرب به الأرض فقال هذا
كتاب ابن زان لزانية هذا كتاب زنديق لغير رشده فنظرت إليه فإذا كتاب
يونس.
١٣ آدم بن محمد القلانسي البلخي حدثني علي بن محمد القمي
حدثني أحمد بن محمد بن عيسى القمي عن يعقوب بن يزيد عن أبيه
يزيد بن حماد عن أبي الحسن ع قال قلت له أصلي خلف من لا
اعرفه فقال لا تصل الا خلف من تثق بدينه فقلت له أصلي خلف يونس
وأصحابه فقال يأبى ذلك عليكم علي بن حديد قلت آخذ بقوله قال نعم
فسالت علي بن حديد عن ذلك فقال لا تصل خلفه ولا خلف أصحابه
ومضى في عبد الله بن جندب أن الحسن بن علي بن يقطين كان سئ الرأي
في يونس وروى في الصحيح أنه قيل لأبي الحسن ع أن يونس
مولى آل يقطين يزعم أن مولاكم والمتمسك بطاعتكم عبد الله بن جندب
يعبد الله على سبعين حرفا ويقول أنه شاكره فقال هو والله أولي بان يعبد الله
على حرف ما له ولعبد الله بن جندب أن عبد الله بن جندب لمن المخبتين
أقول ومر هناك حديث رؤية يونس عبد الله بعرفة وشهادته باجتهاده في
العبادة ومدحه فلا يعقل أن يقول في حقه مثل هذا الكلام وإن روي في
الصحيح ويمكن أن يكون راويه سمعه من حاسد ليونس ولم يمكن الامام
ع تكذيبه لبعض المصالح أو درء بعض المفاسد وقال الكشي أيضا:
علي بن محمد القتيبي حدثنا الفضل بن شاذان قال كان أحمد بن محمد بن
عيسى تاب واستغفر من وقيعته في يونس لرؤيا رآها وقد كان علي بن حديد
يظهر في الباطن الميل إلى يونس وهشام. قال أبو عمرو فلينظر الناظر
فيتعجب من هذه الأخبار التي رواها القميون في يونس وليعلم أنها لا تصح
في العقل وذلك أن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن حديد قد ذكر الفضل
من رجوعهما عن الوقيعة في يونس ولعل هذه الروايات كانت من احمد قبل
رجوعه ومن علي مداراة لأصحابه فاما يونس بن بهمن كان اخذ من يونس بن
عبد الرحمن فلا يعقل أن يظهر له مثلبة فيحكيها عنه والعقل ينفي مثل هذا
إذ ليس في طباع الناس اظهار مساويهم بألسنتهم على نفوسهم واما
حديث الحجال الذي رواه أحمد بن محمد فان أبا الحسن ع أجل
خطرا وأعظم قدرا من أن ينسب أحدا إلى الزنا وكذلك آباؤه ع
من قبله وولده من بعده لأن الرواية عنهم بخلاف هذا إذ كانوا قد نهوا عن
مثله وحثوا على غيره مما فيه الزينة للدين والدنيا روى علي بن جعفر عن
أبيه عن جده عن علي بن الحسين ع أنه كان يقول لبنيه جالسوا
أهل الدين والمعرفة فإن لم تقدروا عليهم فالوحدة آنس واسلم فان أبيتم الا
مجالسة الناس فجالسوا أهل المروات فإنهم لا يرفثون في مجالسهم فما حكاه
هذا الرجل عن الامام في باب الكتاب ما لا يليق به إذ كانوا ع
منزهين عن البذاء والرفث والسفه وتكلم عن الأحاديث الأخرى بما يشاكل
هذا انتهى أقول: وجه الجمع بين هذه الأحاديث أولا صحة
سند أحاديث المدح وضعف سند أحاديث القدح فعن الشهيد الثاني: اورد
الكشي في ذمه نحو عشرة أحاديث وحاصل الجواب عنها يرجع إلى ضعف
سندها وجهالة بعض رجالها والله أعلم بحاله انتهى ثانيا يظهر من
نفس هذه الأحاديث أنه كان يروي ما لا تتحمله أكثر العقول مع أنه حق
فقدح فيه لذلك ثالثا يمكن كون بعض ما ورد فيه من الذم واللعن منهم
ع من باب خرق السفينة فقد ورد نظيره في أجلاء الرواة وبينوا
ع وجهه بذلك رابعا الخبر الذي فيه الارجاع إلى قول
علي بن حديد فيه أن علي بن حديد ورد فيه ذم فالارجاع إلى قوله إن صح
هو لحكمة أخرى لا لصحة قوله مع أن يونس فيه محتمل ليونس بن ظبيان.
وفي تعليقه البهبهاني على رجال الميرزا في أمالي الصدوق في الصحيح عن
علي بن مهزريار كتبت إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا جعلت
فداك أصلي خلف من يقول بالجسم وحلف من يقول بقول يونس يعني ابن
عبد الرحمن فكتب لا تصلوا خلفهم ولا تعطوهم من الزكاة وابرأ منهم
برئ الله منهم قال والسند في غاية الصحة الا حكاية المكاتبة ويمكن أن
يكون قول يونس قولا اشتهر في ذلك الزمان نسبته إليه ولم يكن قوله واقعا
أو يكون قوله يعني ابن عبد الرحمن اجتهادا من بعض الرواة وكان خطا أو
أن الغرض منه كان دفاعا عنه وتخليصا له من الحساد أو غير ذلك ومضى في
جعفر بن عيسى بن يقطين ما يدل على جلالته وهو أنه استؤذن لجماعة على
أبى الحسن الثاني الرضا ع فقال يدخل آل يقطين ويونس بن
عبد الرحمن ويدخل الباقون رجل رجل فلما دخلوا وخرجوا خرج مسافر
وهو آذنه ودعا هشام بن إبراهيم ودعا الختلي وهو المشرقي وجعفر بن
عيسى ويونس فقال له جعفر أشكو إلى الله واليك ما نحن فيه من أصحابنا
هم والله يا سيدي يزندقوننا أو يكفروننا ويبرأون منا فقال هكذا كان
أصحاب علي بن الحسين ومحمد بن علي وأصحاب جعفر وموسى صلوات
الله عليهم ولقد كان أصحاب زرارة يكفرون غيرهم وغيرهم كانوا
يكفرونهم فقلت له يا سيدي نستعين بك على هذين الشخصين يونس
وهشام وهما حاضران وهما أدبانا وعلمانا الكلام فان كنا يا سيدي على هدى
فقرنا وإن كنا على ضلال فهذان أضلانا فمرنا بتركه ونتوب إلى الله على
النصيحة القديمة والحديثة خيرا فتأولوا القديمة علي بن يقطين رحمه الله
والحديثة خدمتنا له وقال يونس جعلت فداك انهم يزعمون انا زنادقة فقال له
أ رأيتك لو كنت زنديقا فقال لك هو مؤمن ما كان ينفعك من ذلك ولو كنت
مؤمنا فقال هو زنديق ما كان يضرك منه الحديث قال البهبهاني وكذا في
هشام بن إبراهيم وسعد بن عبد الله وأيوب بن نوح وبالجملة يظهر من كثير
من التراجم كترجمة جعفر بن عيسى وزرارة وغيرهما أن كثيرا من الشيعة
يخالف بعضهم بعضا ويذمون ويقدحون ويكفرون وربما كان ذلك من
ديانتهم بأنهم كانوا يرون من آخر ما هو في اعتقادهم وباجتهادهم غلو أو
جبر أو تشبيه أو استخفاف به تعالى وربما كان منشؤه قصور فهمهم وعدم
قابليتهم لدرك حقيقة الامر وكثيرا ما كانوا يعرضون الامر على امامهم وهم
ع ربما كانوا يمنعونهم وربما كانوا يسكتون أو يوافقونهم بأنه
إذا كان كذلك فهو ملعون أو لا تصلوا خلفه أو نظائر ذلك وهم يفهمون
الطعن فيه واللعن عليه واقعا على حسب معتقدهم ومر في زرارة ما ينبه على
ذلك وهم ما كان عليهم تكذيبهم بالنسبة لمخالفته لمعلومهم ومحسوسهم
(٣٣٠)

ولا بيان حقيقة الامر لقصورهم عن دركها ولا يمكنهم مع ذلك مدحه والامر
بالصلاة خلفه ولخوفهم من أداء ذلك إلى فساد العقيدة والخلل في الشريعة
والصلاة مثلا خلف من ليس باهل ممن هو مثله في اعتقادهم إلى غير ذلك
من المصالح ومما ينبه على ما ذكرنا قوله يأبي ذلك عليكم علي بن حديد من
دون تصريح بالمنع من نفسه لا سيما مع ما ذكره الفضل من ميله في الباطن
إليه ثم أنهم ربما كانوا يعاقبونه ويؤدبونه بسبب السلوك الغير المناسب
وتحميله إياهم ما لا يتحملون إلى غير ذلك. وقال جدي يعني المجلسي
الأول واما طعن القميين فيه فالظاهر أنه للاجتهاد في الاخبار وكانوا لا
يجوزونه كما يظهر من مواضع من كتب الأصحاب انتهى وفي انساب
السمعاني: واما اليونسية فطائفة من غلاة الشيعة نسبوا إلى يونس بن عبد
الرحمن القمي مولى آل يقطين وهو الذي يزعم أن معبوده على عرشه تحمله
ملائكته وإن كان هو أقوى منهم كالكراكي تحمله رجلاه وهو أقوى منهما وقد
أكفرت الأمة من قال أن الله محمول حمله العرش انتهى أقول هذا افتراء
لا يقول به ولا غيره من الشيعة لما عرفت من جلاله قدر يونس وشهادة
الإمام الرضا ع بحسن حاله.
يونس بن عبد الملك بن أعين بن سنسن الشيباني ويونس بن قعنب بن
أعين بن سنسن الشيباني.
في رسالة أبي غالب الزراري: وجدت في كتاب الصابوني المصري
يونس بن عبد الملك بن أعين ويونس بن قعنب بن أعين ممن روى عن أبي
عبد الله ع وذكر في الكتاب ان ولد قعنب بالفيوم من أرض مصر فيها
قبر عثمان بن مالك بن أعين ويونس بن قعنب بن أعين.
يونس بن عمار بن حيان ويقال ابن عمار بن الصيرفي الفيض بن حيان
الكوفي التغلبي مولاهم أخو إسحاق بن عمار.
ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق ع بعنوان ابن عمار
الصيرفي التغلبي كوفي وكذا البرقي ذكره في رجال الصادق ع ووصفه
بالصيرفي التغلبي وقال إنه بجلي كوفي.
الشيخ يونس ابن الشيخ كاظم ابن الشيخ محمود الأسدي الكاظمي.
توفي سنة ١٢٥٢.
في تتمة أمل الآمل: عالم محدث طويل الباع كثير الاطلاع من بيت
جليل حسبا ونسبا ينتهي نسب هذه العائلة إلى حبيب بن ظاهر الأسدي
وهذا وآباؤه علماء فقهاء أجلاء خرج منهم جماعة من الأعيان الأعاظم
كالشيخ امين الكاظمي وأخيه الشيخ كاظم والد المترجم وابن عمهم
الأعظم الشيخ حسن ابن الشيخ الفقيه الشيخ هادي الكاظمي ومنهم جماعة
من أولاد هؤلاء واحفادهم أيضا علماء الشيخ طالب ابن الشيخ حسن ابن
الشيخ هادي وأولاده الشيخ حسن والشيخ باقر والشيخ محمد ابن الشيخ
امين ابن الشيخ محمود عالم محقق متبحر وبالجملة كانوا أجل بيت في بلد
الكاظميين من بيوت العلم وقد رأيت لهذا الشيخ يونس بعض الكتابات
وقد تلفت مصنفاتهم وخزانة كتبهم في الطاعون الكبير سنة ١١٨٦
انتهى.
الشيخ يونس مظفر.
كان من أهل الفضيلة والأدب والشعر، وله ولدان أكبرهما الشيخ
محمد حسين القاطن في القرنة، وهو من أهل الفضل والأدب، وله شعر
جزل رقيق، وله اليد الطولى في التاريخ.
الشيخ يونس المفتي بأصفهان.
ذكر صاحب الرياض في أثناء ترجمة الشيخ حسين بن مفلح الصيمري
وقال إنه كان من تلاميذ الشيخ حسين المذكور ومن تلاميذ الشيخ علي
الكركي ألف رسالة في ذكر طائفة من مشايخ الشيعة لا تخلو من فوائد
وأغلاط ونحن ننقل عنها في كتابنا هذا رياض العلماء انتهى.
الشيخ يونس ابن الشيخ ياسين النجفي.
كان عالما فاضلا من تلاميذ الشيخ حسام الدين الطريحي المتوفي سنة
١٠٩٥ وله منه اجازة وبين المترجم والسيد نصر الله الحائري مراسلات
شعرية مذكورة في ديوانه.
ذكره جامع ديوان السيد نصر الله الحائري فقال: صاحب الفضل
الجلي الشيخ يونس ابن الشيخ ياسين النجفي انتهى وذكره صاحب نشوة
السلافة فقال: ديباجة الشرع وعنوانه ولسان الأدب وبيانه فضله أشهر من
نار على علم وأظهر من النجم في داجي الظلم أغار ذكره في البلاد وأنجد
وتفرد بصفات الكمال ونوحد يحجم عن مبارزته في ميدان البلاغة فرسان
العلم والمقال ويقصر عن مناضلته أرباب البحث والجدال يفوق الدر نثره
ويخجل الزهر شعره انتهى.
ارسل أبياتا إلى السيد نصر الله الحائري فاجابه السيد نصر الله
بهذه الأبيات وكتب في العنوان:
يهدى إلى المهذب الصفي * يونس من فاق على الصفي
وكتب في الصدر:
أهدي سلاما يشبه الروض الحسن * إلى الامام المرتضى أبي الحسن
ثم كتب:
أبهى تحيات كانفاس الصبا * إذا شذاها كل صب قد صبا
يهدى إلى من زند فخره ورى * ومن غدا ينشر مدحه الورى
وهو الفتى رب المعالي يونس * من ذكره اضحى لقلبي يونس
مولى سما كعب الندى الأيادي * لأنه قد عم بالأيادي
وداده من الرياء سالم * وكيف لا وهو لدي سالم (١)
وقلبه لمن هواه قد صفا * لكنه لدى الخطوب كالصفا
ولفظه فيه من الداء الشفا * لا في إشارات ابن سينا والشفا
اهدى لنا منظومة كالدر * في حسنها بل كالشهاب الدري
قريضها لهجة الصب سحر * لأنه يحكي نسيمات السحر
فاقت على أرجوزة ابن الورد * لأنها تزري بنشر الورد
خريدة ترفل في الحرير * ما قال قط مثلها الحريري
قد تركت احزاننا أيدي سبأ * وحسنها للعقل مني قد سبأ
كروضة ناضرة الأنوار * بل هي مثل الصبح ذي الأنوار
وبعد فالأشواق ليست تنتهي * ومهجتي عن حبكم لا تنتهي
وخيل وجدي في الفؤاد تجري * وأدمعي على الدوام تجري
عشقتكم قبل بلوع حلمي * يا ليتني شاهدتكم في الحلم
(٣٣١)

انى واجفاني غدت دوامي * من ألم السهد على الدوام
فاسمح على التعجيل بالجواب * فإنه تزايد الجوابي
وقد قضينا لكم ذاك الغرض * وقد أصاب سهم امرك الغرض
ووالدي المهذب الذكي * ينهي سلاما نشره ذكي
كذلك المولى الذي فاق القمر * ومن هواه لفؤادي قد قمر
أعني به المولى لا شريف من سما * بفخره وعزه أوج السما
ثم سلام البارئ السلام * على فتى سما على السلامي
أعني به بشارة ذاك الأسد * من رأيه ان أعضل الامر الأسد
ثم على نجل الفتى بشاره * من لي في وصاله بشاره
ثم على ذي النسب العلي * نجل الفقيه المجتبى علي ثم على
رب المعالي مطلبي * سليل عبد الله اقصى مطلبي
ثم على المستخبرين حالي * لا برحوا بخفض عيش حالي
لا زلت تحسو خمرة الأماني * في ظل دوح الخفض والأماني
حرر في شهر ربيع الثاني * والشوق نحوكم عناني ثاني
داعيك نصر الله ذاك الصب * ودمعه على الخدود صب
وقال وأرسلها إلى الميرزا محسن:
سلام على من لم أزل ذاكرا له * بقلبي وان كلت من المدح ألسن
فما كان في ظني تباعد مثله * وامر الهوى بين المحبين متقن
فلو كان من اهوى مسيئا عذرته * ولكنه بين الخلائق محسن
وقال ارتجالا لما أنشده من تعرض للشعر نظما وهو ليس من أهله:
لله درك شاعرا * ما أنت إلا الأخطل
يونس بن يعقوب بن قيس أبو علي الجلاب البجلي الدهني.
روى الكليني في الكافي عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن
جماعة من رجاله عن يونس بن يعقوب: كنت عند أبي عبد الله ع فورد
عليه رجل من أهل الشام فقال اني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض وقد
جئت لمناظرة أصحابك، فقال له أبو عبد الله: كلامك هذا من كلام
رسول الله ص أو من عندك، فقال من كلام رسول الله ص بعضه ومن
عندي بعضه، فقال له فإذا أنت شريك رسول الله ص، قال لا، قال
فسمعت الوحي عن الله؟ قال لا، قال فتجب طاعتك كما تجب طاعة
رسول الله ص قال لا، فالتفت أبو عبد الله إلي فقال لي يا يونس بن
يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل ان يتكلم ثم قال يا يونس لو كنت تحسن
الكلام كلمته قال يونس فيا لها من حسرة فقلت جعلت فداك اني سمعتك
تنهى عن الكلام وتقول ويل لأصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا
ينقاد وهذا ينساق وهذا لا ينساق وهذا نعقله وهذا لا نعقله فقال أبو
عبد الله ع انما قلت ويل لقوم تركوا قولي وذهبوا إلى ما يريدون ثم قال
اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فادخله فخرجت فوجدت
حمران بن أعين وكان يحسن الكلام ومحمد بن النعمان الأحول وكان متكلما
وهشام بن سالم وقيس الماصر وكانا متكلمين فأدخلتهم عليه الحديث وهو
يدل على اختصاصه بالصادق ع.
من الكتب المجهولة المؤلف
١ كتاب مخطوط كبير الحجم ذهب أوله وآخره وهو في الأحاديث
الواردة في الطب عن النبي ص والأئمة مؤلفه من أصحابنا ورواياته من
كتبنا.
وفي أوله: ورتبته على مقدمة وثلاثة وعشرين ذكرا وخاتمة فالمقدمة
في الطب والطبيب والمريض، وفيها نكات: الذكر الأول في الحمى الذكر
الثاني فيما يؤمن من الأدواء الثلاثة وغيرها الذكر الثالث فيما يهيج عرق
الجذام والبرص والدبيلة والآكلة والجنون الذكر الرابع في الدماميل
والقروح الذكر الخامس في أوجاع الجنب وفيه أفكار الذكر السادس
في عسر الولادة الذكر السابع في الدم الذكر الثامن في الفزع في النوم
الذكر التاسع في طرد الشياطين وفيه أفكار الذكر العاشر في ابطال
السحر الذكر ١١ في النظرة والعين الذكر ١٢ في العوذ العامة
الذكر ١٣ في لدع العقرب والحية الذكر ١٤ في الدعاء على العدو
الذكر ١٥ في الصدقة الذكر ١٦ في الاستشفاء بالتربة الحسينية
الذكر ١٧ في مطر نيسان الذكر ١٨ في أشياء متفرقة الذكر ١٩ في
الحجامة الذكر ٢٠ في الحمام والنورة الذكر ٢١ في تسكين المرة
الذكر ٢٢ فيما يعين على الجماع الذكر ٢٣ في خلق الإنسان
الخاتمة في علاج الذنوب.
٢ كتاب التهاب نيران الأحزان ومثير اكتئاب الاشجان.
٣ كتاب عنوان الدين، فارسي على مذهب الإمامية.
٤ كتاب مرآة المحققين فارسي في التصوف ورسالة مختصرة من
كتب الشيعة.
٥ منهاج الصلاح في الفروع على مذهب الإمامية.
٦ نهاية التقريب في شرح التهذيب: شرح على تهذيب العلامة في
الأصول عندنا منه نسخة مخطوطة ذهب شئ يسير من أولها ويظهر من أثناء
الشرح انه من تاليف بعض تلامذة صاحب المدارك ومؤلفه معاصر للأردبيلي
ويعبر عن صاحب المعالم ببعض مشايخنا المعاصرين.
٧ رسالة ملخص الأدلة والبراهين في سبب تقاعد أمير المؤمنين عن
حرب المتقدمين مجهولة المؤلف لذهاب أولها وآخرها.
٨ كتاب مطالب الغواصب في مثالب النواصب.
٩ رسالة في الأراضي المفتوحة عنوة أولها الحمد لله ذي العزة
والسلطان في أربعة أوراق رأينا منها نسخة كتبت سنة ١١١٦.
١٠ مصابيح الأنوار في معرفة النبي والأئمة الاطهار فرع منه مؤلفه
صبيحة يوم الخميس عاشر شهر ذي القعدة الحرام سنة ٩٧٩ وتاريخ كتابة
النسخة سنة ١١٥٢.
١١ الجواهر في الفرائض رسالة في المواريث منها نسخة في الخزانة
الغروية وهي من مؤلفات الشيعة.
١٢ كتاب مطلع الأنوار في التاريخ بالفارسية لم نعلم مؤلفه وهو من
الشيعة رأينا المجلد الثاني منه في كربلاء في مكتبة الشيخ عبد الحسين
الطهراني ومؤلفه معاصر للسيد علي صاحب الرياض وللسيد محمد صاحب المناهل.
(٣٣٢)

١٣ كتاب عيون الحكم والمواعظ وذخيرة المتعظ والواعظ منه نسخة
في مدرسة سبهسالار في طهران مكتوب في آخرها بلغ مقابلة في أوائل عام
١٠٩٩ وهي مجموعة من حكم أمير المؤمنين ع القصيرة مرتبة على
حروف المعجم بحسب الأول نظير الغرر والدرر للآمدي قال جامعها انه
جمعها من نهج البلاغة وما جمعه الجاحظ من المائة كلمة ومن كتاب دستور
الحكم ومأثور مكارم الشيم جمع القاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن
جعفر بن علي القضاعي ومن غرر الحكم ودرر الكلم للقاضي أبي الفتح عبد الواحد بن محمد
ابن عبد الواحد الآمدي التميمي ومن مناقب الخطيب أحمد بن مكي الخوارزمي
خطيب خوارزم ومن كتاب منثور الحكم ومن كتاب الفرائد والقلائد تاليف القاضي
أبي يوسف يعقوب بن سليمان الأسفراييني ومن خصال الصدوق وغيرهم انتهى
وهو كتاب بقدر المعالم.
١٤ كتاب الآل والعذب الزلال ذكره في كشف الظنون عند ذكر
مناقب الأئمة.
١٥ الآيات البينات.
الخاتمة
بهذا ينتهي الجزء الواحد والخمسون من أعيان الشيعة وتنتهي معه آخر
الحروف.
الجزء الثاني والخمسون
مؤلف الكتاب السيد محسن الأمين (١)
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
وأصحابه المنتجبين ورضي الله عن التابعين لهم باحسان وتابعي التابعين
وعن العلماء والصلحاء والزهاد والعباد إلى يوم الدين وسلم تسليما.
وبعد فيقول العبد الفقير إلى عفو ربه الغني محسن ابن المرحوم
السيد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي الشقرائي نزيل دمشق عفا الله
عن جرائمه: هذا هو الجزء الأخير من كتابنا أعيان الشيعة وفق الله تعالى
لاكماله وهو خاص بترجمة المؤلف وحده وضعناه اتباعا لما صنعه المؤلفون في
الرجال كالعلامة في الخلاصة وغيره من ترجمة أنفسهم في كتبهم وذكرنا أكثر
ما اتفق لنا في هذه الحياة الدنيا وإن كان بعضه ليس بذي بال عسى ان
يكون فيه تذكرة وعبرة ان تذكر واعتبر، وامتاعا لمن قرأ ونظر، وان لا
يكون خاليا من بعض الفائدة فإن لم يجد القارئ في بعضه شيئا من ذلك
فالكريم من عفا وعذر، وحشرنا نفسنا بين أهل العلم عسى ان تنالنا
بركاتهم وان يكتبنا الله مع صالحيهم، نسأل الله تعالى من منه وكرمه ان
يؤخر اجلنا إلى اتمام هذا الكتاب وليس ذلك على فضله وكرمه بعسير كما
نسأله العصمة والتوفيق انه سميع مجيب وعليه نتوكل وبه نستعين.
نسب المؤلف
هو أبو محمد الباقر محسن ابن الصالح العابد الزاهد التقي النقي
الورع السيد عبد الكريم ابن العلامة الفقيه الرئيس الجليل السيد علي ابن
الرئيس السيد محمد الأمين ابن العالم العلامة الفقيه الرئيس الجليل السيد
أبي الحسن موسى ابن العالم الفاضل الرئيس السيد حيدر ابن العالم الفاضل
السيد احمد ابن الفاضل السيد إبراهيم المنتهي نسبه إلى الحسين ذي
الدمعة بن زيد الشهيد ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين
الشهيد ابن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع، العلوي
الفاطمي الهاشمي الحلي العاملي الشقرائي مؤلف هذا الكتاب غفر الله
ذنوبه وستر عيوبه.
ووجدنا نسبا لجدنا السيد أبي الحسن موسى مع بعض الفلسطينيين
بخط غاية في الجودة وعليه خطوط العلماء من الفريقين وشهاداتهم وفيه ذكر
أبناء السيد أبي الحسن المذكور وغيرهم من متفرعات العشيرة وقد أدعاه هذا
الفلسطيني وادعى انه من ذرية صاحب النسب ولا ندري كيف وصل إليه
ولعله مما نهب في حادثة الجزار من ذخائر جبل عامل ومنها الكتب التي
اوقدت في أفران عكا برهة من الزمن واختار علماء عكا منها جملة من نفائس
مخطوطاتها فاخذوها وكان هذا النسب منها والله أعلم ونحن ننقله هنا وهذه
صورته.
السيد موسى المعروف بأبي الحسن الحسيني ابن حيدر بن أحمد بن
إبراهيم بن أحمد بن قاسم بن علي بن علاء الدين بن علي الأعرج بن
إبراهيم بن محمد بن علي بن مظفر بن محمد بن علي
ابن حمزة بن الحسين بن محمد بن عبيد الله بن علي بن
عيسى ووصفه بالحسني من قبل امه فإنها حسنية ففي النسب المذكور ان
السيد أبا الحسن موسى امه فاطمة بنت خليل بن محمد بن الحسن بن أحمد
بن الحسن بن علي بن محمد بن جعفر بن يوسف بن محمد بن الحسن بن
عيسى بن فاضل بن يحيى بن جوبان بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن
عبد الله بن محمد بن يحيى بن داود بن إدريس بن داود بن أحمد
بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن
أبي طالب.
وعلى النسب شهادة جماعة من المفتين ونقباء الأشراف والقضاة
والخطباء وغيرهم من أهل السنة فعليه شهادة إسماعيل بن أحمد العاني المفتي
بدمشق وشهادة محمد أسعد الصديقي وشهادة عبد الرحمن البزري المفتي
بصيدا وشهادة احمد خطيب الجمعة باسكلة صور وشهادة السيد حمزة
العجلاني النقيب بدمشق وشهادة احمد الحسيني اليافي وفيها أبيات منها:
كموسى شريف الذات والوصف إذ غدا * له نسب قد زاد فخرا ومعتلى
أبو حسن يعزى لحيدر أصله * فلا زال محميا به ومكملا
وشهادة محمد النائب بمدينة صور وشهادة السيد حسين قائم مقام نقيب
الأشراف بمدينة صفد وشهادة إبراهيم المولى خلافة في دمشق والسيد محمد
العلمي نقيب الاشراف في مدينة صيدا. وعليه شهادة جماعة من علماء
الشيعة في ذلك العصر فعليه شهادة بخط الشيخ سليمان معتوق وعليه بخط
الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي ما صورته: ليس يخفى على أحد من
العقلاء أمر شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء فكيف يحتاج هذا الأمر إلى
شهادة الشاهدين وقد صرح بصحته بقية العارفين في الأمة المحمدية وطراز
العصابة العلوية الغني بذاته عن زكي أسمائه وصفاته سنام مجد العلماء
(٣٣٣)

وواسطة عقد الفضلاء طاهر السر والعلن سيدنا وشيخنا أبو الحسن لا زال
بدر سعده في بروج الكمال وشمس مجده في امن من الزوال وقد خدمت
جيد هذا النسب العالي بعقد من النظام الغالي كما هو شأن العبيد والموالي
فقلت:
لقد عظمت انساب آل محمد * فليس لهم في العالمين مناسب
ومن مثلهم والشمس بعض جدودهم * وبدر الدجى والنيرات الثواقب
إذا ما رياض الحزن طابت فروعها * فلا يمترى ان الأصول أطايب
إذا ما انتمى منهم حسيب تهللت * له الأرض وانثالت عليه المناقب
بني كل فياض اليدين تراثه * إذا ما قضى طرف رمح وقاضب
غطارفة شم الأنوف نصيبهم * من المجد مقسوم سنام وغارب
المولد
ولدت في قرية شقراء من بلاد جبل عامل سنة ١٢٨٤ هذا هو
الصواب في تاريخ مولدي وما ذكرته في غير هذا الموضع من أن ولادتي سنة
١٢٨٢ أو غير ذلك فهو خطا ولم يكن مولدي مؤرخا لكن والدي اخبرني ان
ولادتي كانت سنة بناء جسر القاقعية الجديد وقد قرأت تاريخ بنائه على
الصخرة التي كانت موضوعة عليه وسقطت فإذا هو سنة ١٢٨٤ وأخبرت
أيضا ان ولادتي سنة ولادة السيد يوسف ابن السيد حسن بن إبراهيم خلف
وقد ارخها عمنا السيد عبد الله بقوله حسن يوسف بازع وهو يبلغ
١٢٨٤ فتحققت من ذلك ومن امارات اخر ان مولدي في ذلك العام وقد
بلغت إلى حين تحرير هذه الكلمات وهو غرة شوال سنة ١٢٧٠ ستة وثمانين
عاما فقد وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا وضعفت القوى وتواردت
على الجسم العلل والأسقام وجاء نذير الأجل وعزفت النفس عن الدنيا وكل
ما فيها وماتت الشهوات وضاق من نفسنا ما كان متسعا حتى الرجاء وحتى
الخوف والأمل مع ما تراكم وتتابع من الهموم واعتور من نوائب الدهر لكن
الهمة والحمد لله والعزم والجد باقية كما كانت أيام الشباب وإن كانت القدرة
على العمل أضعف، والحواس بحمده تعالى صحيحة سالمة والمواظبة على
المطالعة والتصنيف والتآليف ليلي ونهاري وعشيي وابكاري باقية كما كانت لا
اشتغل بشئ سوى ذلك الا ما تدعو الضرورة القاهرة إليه ولست أدري
متى يوافيني الأجل المحتوم فقد أصبح مني قريبا أسأله تعالى ان يختم أعمالي
بالصالحات وأن يجعل ما بقي من عمري مصروفا في طاعته وان يوفقني
لاكمال هذا الكتاب تأليفا وطبعا وغيره مما شرعت به وان
يجعل مستقبل عمري خيرا من ماضيه وان يجعل ما ألفته من
حديث وقديم سترا بيني وبين نار الجحيم انه رؤوف رحيم وعجلت بهذه
الترجمة قبل الوصول إلى محلها من الكتاب خوفا من مفاجأة الأجل وبالله
التوفيق.
أصل العشيرة
الذي سمعناه متواترا من شيوخ العشيرة ان الأصل من الحلة جاء
أحد الأجداد منها إلى جبل عامل بطلب من أهلها ليكون مرجعا دينيا
ومرشدا. ولسنا نعلم من هو على التحقيق بل هو مردد بين السيد إبراهيم
وابنه السيد احمد وابنه السيد حيدر. والسيد حيدر سكن شقراء وتوفي بها
سنة ١١٧٥ كما هو مرسوم على لوح قبره في مقبرتها الشرقية القديمة وولد له
في شقرا عدة أولاد ذكور وإناث نبغ منهم السيد أبو الحسن موسى.
وصاحب مفتاح الكرامة هو ابن ابنه وابن أخي السيد أبي الحسن ويظهر من
آثاره انه كان واسع الحال عريض الجاه وأفراد العشيرة البارعون تجد تراجمهم
في مواضعها من هذا الكتاب.
النسبة
كانت العشيرة قبل هذا الوقت تعرف بقشاقش أو قشاقيش ولا يعرف
ان ذلك نسبة إلى اي شئ. واحتمل بعض العلماء ان يكون ذلك
تصحيف الأقساسي نسبة إلى اقساس مالك قرية قرب الكوفة والاقساسيون
طائفة كبيرة هم من ذرية جدنا الحسن ذي العبرة ينسبون إلى هذه القرية.
ثم عرفت العشيرة بال الأمين نسبة إلى السيد محمد الأمين ابن السيد أبي
الحسن موسى ووالد جدنا السيد علي الأمين فصار يقال لذريته آل الأمين.
والد المؤلف
واما السيد عبد الكريم ابن السيد علي والد المؤلف فكان تقيا نقيا
صالحا صواما قواما طيب السريرة بكاء من خشية الله تعالى حج بيت الله
الحرام وزار بيت المقدس وزار المشاهد المقدسة في العراق وكان عازما على
زيارة مشهد الرضا ع فأشار عليه ابن عمه السيد كاظم ان ينفق
ما يريد انفاقه في ذلك السفر على طلبة العلم من أبناء اخوته فقبل إشارته
وعاد من العراق وبعد هجرتنا إلى العراق لطلب العلم بمدة هاجر إليها مع
باقي العائلة ودفن في النجف الأشرف في الصحن الشريف سنة ١٣١٥
وكان عند وفاة أبيه يتيما فكفله بعد ما تزوجت امه اخوه السيد محمد الأمين
لكنه لم يلتفت إليه كما يجب وأساءت زوجته الحاجة خاتون بنت شيت
معاملته حتى أنها لما توفيت بسقوط البيت عليها واحتراق جبينها بالموقد طلب
إليه ان يسمح عنها فابى مع ما كان عليه من طهارة النفس ورقة القلب مما
دل على شدة اساءتها إليه إما باقي اخوته الصغار فكفلتهم أمهاتهم وكن من
العائلة ولم يتزوجن فلم يجر عليهم ما جرى على الوالد وأخيه السيد امين
الذي تزوجت امه أيضا ببعض أقاربها وكانت من حولا من آل الغنوي،
وربما كان للقرابة بين الزوجين تأثير في ذلك. ولما ترعرع الوالد تسلم هو
واخوه السيد امين ما خصهما من ميراث أبيهما بالشركة واستغلاه وانفردا
لأنفسهما في الدار التي كانت نصيبهما من ميراث أبيهما.
والدة المؤلف
وتزوج الوالد ابنة العالم الصالح الشيخ محمد حسين فلحة الميسي
وهي والدة المؤلف وكانت من فضليات النساء عاقلة صالحة ذكية مدبرة
عابدة مواظبة على الأوراد والأدعية توفيت في حدود سنة ١٣٠٠ وكان لها
وللوالد الفضل العظيم في تربية المؤلف وتفريغه لطلب العلم وحثه على ذلك
ومراقبته في سن الطفولة ولما توفيت قال في رثائها من أبيات:
حويت يا قبر لو تدري مطهرة * من العيوب اكتست ثوبا من الشرف
من معدن طاب أصلا في العلى فزكت * منه الفروع ونور الشمس غير خفي
يا ديمة من سحاب العفو مثقلة * إذا مررت بجنبي قبرها فقفي
روي جوانب قبر طاب ساكنه * ولا أقول إذا رويته انصرفي
ويا سحاب الغوادي رو تربتها * حتى تعود كمثل الروضة الأنف
يا خير والدة برا ومرحمة * بنجلها هو حلف الوجد والأسف
(٣٣٤)

لينعمنك عينا بالفعال فقد * علمت من ذا الذي أبقيت من خلف
والدهر يعلم من نابت نوائبه * فتى لغير اله العرش لم يخف
ان تصبحي من حلول الموت في تلف * فإنما خلق الإنسان للتلف
قد كان يمنعها بعدي القرار ولو * دنا المزار لفرط الحب والشغف
فكيف واليوم عاد الحشر موعدنا * والشمل منا شتيت غير مؤتلف
جد المؤلف لأبيه
إما جد المؤلف لأبيه السيد علي فكان فقيها رئيسا ذا شهرة واسعة
وتأتي ترجمته وترجمة باقي الأجداد في محالها وبعضها تقدم في محله.
جده لأمه
إما جده لأمه الشيخ محمد حسين فلحة العاملي الميسي من آل رزق
فكان عالما فاضلا صالحا ورعا تقيا شاعرا قرأ في مدرسة جبع ثم سافر إلى
النجف الأشرف لطلب العلم مع ولده خالنا الشيخ حسين فلحة فأقام في
النجف مدة ثم توفي.
خال المؤلف
وكان ولده خالنا المذكور غاية في الفهم والذكاء وحدة الخاطر شهما
كريما سخيا أبي النفس عالي الهمة بقي في النجف مدة بعد وفاة والده ثم عاد
إلى جبل عامل وتوفي في قرية ميس قبل عودتنا من العراق للمرة الأولى بمدة
يسيرة وكان له أخ يسمى الشيخ احمد مرت ترجمته.
جدة المؤلف لأبيه
هي بنت السيد إبراهيم خلف الحسيني من شقراء تزوجت بعد وفاة
زوجها جدنا السيد علي بالحاج ظاهر عجمي من أرنون الشقيف.
تعلم القرآن الكريم
بعد ما بلغت سن التمييز وأظن أن سني لم يتجاوز يومئذ السبع وذلك
بين سنة ١٢٩١ و ١٢٩٢ وكنت وحيد أبوي ذهبت بي الوالدة إلى معلم
القرآن في القرية فلما دخلت مكان التعليم ضاق صدري ضيقا شديدا
وجزعت جزعا مفرطا أولا لأن ذلك طبيعة الأطفال ثانيا لما كان في
التعليم من القساوة فالفلقة معلقة في الحائط فوق رأس المعلم وهي خشبة
بطول ثلاثة أشبار تقريبا مثقوب طرفاها وفيها حبل دقيق يوضع فيها الساقان
وتشد عليهما وعنده عصوان طويلة وقصيرة والأطفال جلوس إلى جانبه فإذا
غضب المعلم على واحد لذنب هو من الصغائر وهو قريب منه تناوله ضربا
على رجليه بالعصا القصيرة فإن كان بعيدا عنه ضربه عليها بالعصا الطويلة
وإذا غضب على الجميع تناولهم بالضرب على أرجلهم بالعصا الطويلة وهم
جلوس صابرون على هذا البلاء خوفا من الأشد منه وهو الفلقة. وإذا
غضب المعلم على واحد لذنب هو عنده من الكبائر كان يهرب فرارا مما
يلاقيه، ارسل المعلم الأطفال الكبار ليأتوا به كما يرسل رئيس الشرطة أو
الدرك جنوده لإحضار من يريد عقابه فان حضر معهم مشيا على الأقدام
والا حملوه مشهرا بين الناس وهو يبكي ويصيح ولا من مجيب وهم في أثناء
ذلك ينشدون الأناشيد في ذمه فيضعونه امام المعلم معتزين فرحين فيأمرهم
ان يلقوه على ظهره ويرفعوا رجليه ثم يتناول الفلقة ويضع رجليه بين الحبس
والخشبة ويفتل الخشبة حتى يقبض الحبل على رجليه قبضا شديدا ويمسك
بأحد طرفي الخشبة واحد قوي من التلاميذ وبالطرف الآخر مثله
ثم ينهال المعلم ضربا على رجليه بعصا دقيقة أو قضيب وهو يبكي ويصيح
ويستغيث فلا يغاث والمعلم يقول له تهرب بعد يا خبيث فيقول له والله يا
شيخي ما عدت أهرب أبدا إما عدد الجلدات فليس له حد في شرع
المعلمين وليس هو كحد الزنا وشرب الخمر له مقدار معين بل هو من نوع
التعزير الموكول أمره في الشرع إلى نظر الامام وهذا موكول أمره إلى نظر
المعلم فيختلف بحسب اختلاف ذنب الطفل وتكرره منه ومقدار درجة عقل
المعلم وتفاوت حاله في الغضب وحظ الطفل في السعادة والتعاسة ثم يأمر
الشيخ بفك الفلقة عن رجليه ويقوم الطفل يمسح دموعه ويجلس في مكانه
والأطفال ينظرون إليه شزرا متبسمين تبسما خفيا ولا يقل ألمه من ذلك عن
ألمه من الضرب ثم يعلق الشيخ الفلقة في الوتد المثبت في الحائط وهذه
الفلقة لا تزال معلقة هناك يراها الصبيان رمزا إلى أن من أتى بذنب فهذه
معدة له ولا يتكلم أهل الطفل في شانه بشئ بل يقولون للمعلم لك اللحم
ولنا الجلد والعظم اعتقادا منهم ان ذلك في مصلحته وانه محتاج إلى التأديب
لذلك لا يجسر الطفل إذا هرب ان يأتي إلى بيت أهله ولا يتوقف المعلم عن
تأديبه بأي نوع من أنواع التأديب.
فبقيت ذلك اليوم عند المعلم وما أظن اني أكملته وما تعلمت شيئا
وفي اليوم الثاني أبيت الذهاب إلى المعلم، ولم يشاؤوا ان يجبروني على ذلك
لكوني وحيد أبوي وشدة شفقتهما علي فتولت الوالدة تعليمي القرآن إما
الوالد فهو وإن كان لا يقصر عنها اهتماما بتعليمي لكنه لا يراقبني
كمراقبتها. إما الخط فكان شيوخ العائلة الجيدو الخط يكتبون لي قاعدة على
لوح من التنك بمداد من تراب أبيض ثم على الورق إلى أن ختمت القرآن
وتعلمت الخط في مدة يسيرة ثم لما أخذت في طلب العلم كنت اكتب في
وقت العطلة على بعض الخطاطين.
ولم يكن لي في حال الصغر رغبة فيما يعتاده الصبيان من اللعب وان
كنت أتعاطاه قليلا.
وقد تعلمت السباحة وركوب الخيل والمطاردة لتعارف ذلك في المحيط
الذي نحن فيه لكن ما تعلمت الصيد بالبندقية لأن ذلك يعاب على من
يطلب العلم ولا أطلقت يوما بندقية ولا مسدسا الا مرة واحدة كانت عندنا
بندقية صيد يأخذها فلاحنا معه إلى الحقل يصطاد بها فاستعصت مرة الدكة
التي فيها ولم تثر فتناولتها وانا صغير السن وحركت الزناد فثارت.
وكنت يوما مع جماعة في بعض متنزهات دمشق ومعهم مسدس
فصوبته إلى شجرة وغمضت عيني وأطلقته فأصاب المرمى.
ويظهر ان هذه الطريقة وهي الشدة في التأديب على الصبيان كانت
متبعة في القديم من المعلمين حتى مع أولاد الخلفاء والملوك والأمراء. فقد
رووا ان المأمون أبطأ على المعلم فلما حضر ضربه المعلم فبكى فبينا هو يبكي
إذ قيل جاء الوزير البرمكي فمسح المأمون دموعه وسوى عليه ثيابه وجلس
كما ينبغي لابن الخليفة ان يجلس مع الوزير ثم قال ليدخل فدخل وحادثه
ساعة ثم انصرف ونظر المأمون إلى المعلم وقد تغير فسأله عن سبب تغيره
فقال خفت ان تخبره بما جرى فينالني منه سوء فقال سامحك الله عن هذا
وخذ في وردك ولا تفكر في شئ مما جرى وكيف يمكن ان اخبره به وبعد
(٣٣٥)

فانا محتاج إلى التأديب وهذا يدل على رجاحة عقل المأمون.
وضرب يوما المعلم بعض أولاد الكبراء على غير ذنب وهو يعلمه
فسئل عن ذلك فقال أردت ان يعرف مرارة الظلم فلا يظلم أحدا. وكان
المعتصم بن الرشيد شبه أمي يقرأ ولا يكتب لأنه كان عبد صغير يتعلم معه
في الكتاب فمات العبد فقال له الرشيد مات غلامك قال نعم واستراح من
الكتاب فقال له بلغ بك الحال من كراهة الكتاب ان تغبط غلامك على
الموت لأنه استراح من الكتاب وأعفاه من الذهاب إلى العلم فخرج يقرأ ولا
يكتب فلهذا لما كتب بعض العمال إلى المعتصم كتابا فيه لفظ الكلأ لم يفهم
معناه فسال الوزير فلم يعرفه فقال المعتصم خليفة أمي ووزير عامي كيف
تصلح على هذا حال فسال بعض الكتاب عنه ففسره فعزل الوزير واستوزر
الكاتب وهذا يدلنا على مكانة العلم ومكانة الجهل فهذا بعلمه صار وزيرا
وهذا بجهله عزل عن الوزارة. وكان الخلفاء والملوك يعتنون كثيرا بتعليم
أبنائهم والأبناء يعظمون مشايخهم.
كان الأمين والمأمون يتعلمان النحو والأدب عند الكسائي وكان
للرشيد عين عليه فقام الكسائي يوما ليخرج فتسابقا إلى تقديم نعليه فاصلح
بينهما ان يقدم كل واحد فردا فأخبر العين الرشيد بذلك فأرسل إلى الكسائي
وقال له من أعز الناس قال أمير المؤمنين قال لا بل أعز الناس من
يتسابق أولاد أمير المؤمنين إلى تقديم نعليه فاعتذر إليه الكسائي فقال له
الرشيد هذا يدل على حسن تأديبك إياهما. وهذا يدلنا على أن شرف العلم
من شرف السلطان.
ومهما قلنا بقساوة التعليم في تلك الأعصار ولينها اليوم لا نستطيع ان
نقول إن نتائج التعليم اليوم الأخلاقية والدينية تعادل نتائجه في تلك
الأعصار.
نموذج من طريقة التعليم في العصر السابق
يبدأ الطفل بقراءة الحروف الهجائية حتى يحفظها ثم يأخذ في تعلم
المنقوط وغير المنقوط وعدد نقط الحروف فيقول أ لا شئ عليه ب نقطة
من تحت ت نقطتان من فوق ث ثلاث نقط من فوق وهكذا ثم في
معرفة الحركات والسكون فيقول ألف أ نصب ألف إ خفض ألف أ جزم
وهكذا إلى الآخر ثم الباء وباقي الحروف بهذا الترتيب ثم الفتحتان
والكسرتان والرفعتان بهذا الترتيب لكنهم لا ينطقون بما يدل على ذلك بلفظ
صحيح ويسمون الكسر خفضا والضم رفعا والسكون جزما.
ومن العادة التي كانت متبعة أحيانا انه إذا وصل الطفل إلى سورة
الضحى فعليه ان يأتي إلى الشيخ بشئ من بيض الدجاج أقله خمس أو
ست وأكثره عشر ليقلى بمناسبة قوله تعالى في هذه السورة ما ودعك ربك وما
قلى. وإذا وصل إلى عم عليه ان يأتي بغمة إن كان موسرا وهي عبارة عن
الكرش و الرأس والأكارع من الذبيحة بمناسبة قرب لفظة عم من غمة وكل
ذلك كقرب زياد من آل حرب. فإذا ختم القرآن زفه الأطفال إلى بيت أهله
فاطعموهم الحلوى وسقوهم الماء والسكر.
الحرب بين روسية والدولة العثمانية
وفي حوالي سنة ١٢٩٠ كانت الحرب بين روسية والدولة العثمانية وانا
في سن الطفولة ووقع الناس في شدة وضيق وأخيرا غلبت الدولة العثمانية
ودخل الروس بحر استانبول فردهم أسطول الإنكليز واخذ الإنكليز مقابل
ذلك جزيرة قبرص وأعلنت الدولة العثمانية افلاسها وطبعت ورقا للمعاملة
كان يسمى قوائم.
تعلم علمي النحو والصرف
بعد ما ختمت القرآن وتعلمت الكتابة شرعت في قراءة علم النحو
وتعلم إجادة الخط فابتدأت بحفظ متن الأجرومية واعراب أمثلتها غيبا كما
هو المألوف فأول ما يبدأ به اعراب البسملة ويقال عنه اعراب لفظ الجلالة
وعلامة جره كسر الهاء تأدبا وفي غيره يقال وعلامة جره كسر آخره ثم
باعراب الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع وعند تعداد حروف الجر
يذكر لكل واحدة مثال ويعرب وعند ذكر النواصب كذلك وعند ذكر الجوازم
كذلك والمثال قد يكون جملة مختصرة مثل سرت من البصرة وقد يكون آية
قرآنية مثل وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وقد يكون بيتا من الشعر أو
شطر بيت مثل: وإذا تصبك خصاصة فتجمل عند عد إذا من الجوازم في
الشعر خاصة وأول البيت: استغن ما أغناك ربك بالغنى ويعد صاحب
الأجرومية من النواصب كي ولام كي مع أن اللام إذا دخلت على كي فالناصب كي
واللام جارة ويعد من الجوازم لم ولما وأ لم وأ لما وفيه خطا
ظاهر.
وكان شيوخ العشيرة أمثال السيد عباس مرتضى والسيد محمد حسين
احمد والسيد محمد حسين عبد الله وغيرهم يكتبون لي الدروس واعراب
أمثلتها فاحفظ ما أمكنني حفظه درسا أو درسين غيبا وأتلوه على مستمع
واشتغل بعض الوقت بتعلم حسن الخط وعند العصر لا بد لي كل يوم من
قراءة الماضي من الدروس غيبا التبقي ثابتة في الذهن لكن بدون مستمع
وكنت اقرأ الماضي كل يوم في دارنا وفيه محلان للسكنى الوالدة مع الأخوات
في محل وانا في محل وحدي اتلو فيه الماضي من الدروس كما انزل حتى إذا
وصلت إلى النواصب وهي عشرة والجوازم وهي ثمانية عشر يأخذني الملل
من اعراب أمثلتها الكثيرة الطويلة وقد سبقها حروف الجر وحروف القسم
واعراب أمثلتها الطويلة فاقتصر من النواصب والجوازم على سرد أسمائها
دون ذكر أمثلتها واعرابها واجعل كل مضارع منها كأنه قد مضى قبل ان
تلقى عليه الجوازم على حد قول المتنبي. فينقص من المدة أكثر من نصفها
وكنت اعلم اني إذا خرجت من البيت قبل انتهاء المدة المعتادة لقراءة الماضي
تعلم والدتي اني لم أتم قراءته فابقى في البيت ساكتا فاسمع والدتي تقول
لأحدى أخواتي ان تنظرني أ أقرأ الماضي أم لا فإذا قاربت البيت رفعت
صوتي بالقراءة فإذا عادت سكت حتى ينقضي الوقت فاخرج.
وفي بعض الأيام ضاعت مني الأجرومية الوحيدة النسخة فكانت
المصيبة بها جلى ولا كمصيبة صاحب المغني بالمغني حين سقط منه في البحر في
سفره إلى الحج لكن صاحب المغني أعاد كتابته من حفظه إما انا فلم يكن
ذلك باستطاعتي ولا أتذكر الآن ما صنعته لتدارك ذلك أوجدتها بعد ضياعها
أم استغنيت عنها وكتب لي ما بقي منها وكيف كان فقد طويت مرحلتها
وانتقلت إلى مرحلة ثانية:
وهي الشروع في قراءة قطر الندا وبل الصدا لابن هشام الأنصاري
في النحو وفي قراءة شرح سعد الدين التفتازاني على متن عزي في التصريف
(٣٣٦)

وذلك بين سنة ١٢٩٥ و ١٢٩٦ فشرعت في قراءة ذينك الكتابين على السيد
محمد حسين ابن عمنا السيد عبد الله وكان فاضلا حسن الأخلاق فحضرت
عنده القراءة انا ورفيقان لي من بني عمنا هما أكبر مني سنا بكثير فجلسنا
أمامه في المسجد على ركبنا متأدبين كما هي العادة وشرع أحدنا يقرأ العبارة
كما هي العادة أيضا بان يقرأ أحد التلاميذ عبارة الكتاب والباقون يضبطون
عليه ثم يفسرها لهم الأستاذ ثم يقومون فيعيد الذي قرأ العبارة ما قاله
الأستاذ في تفسيرها والباقون يراقبونه هل أصاب أو أخطأ وفي اليوم الثاني
يقرأ العبارة تلميذ آخر ويعيد ما كرره الأستاذ حتى ينتهي الدور ويعود إلى
الذي قرأ أولا. فلما قرأ: أصل، الكلمة قول مفرد قال له الأستاذ قف
فوقف فقال الأستاذ كل ما مر في أول الدرس ص فمعناه أصل وكلما مر
ش فمعناه شرح فليكن ذلك على علم منكم فقلنا نعم ثم قال اعلم أنه لا
بد لكل طالب علم قبل الشروع فيه من معرفة ثلاثة أشياء حد العلم
وموضوعه وغايته إما حده فلئلا يدخل فيه ما ليس منه واما موضوعه فلأن
تمايز العلوم بتمايز الموضوع واما غايته فلئلا يكون طلبه عبثا ولئلا يكون
كمن ركب متن عميا وخبط عشوا ولكنه قال وخبط خبطة عشوا فلا يزيده
كثرة السير الا بعدا. إما حد علم النحو فهو علم بأصول يعرف به أحوال
أواخر الكلم من حيث الاعراب والبناء وموضوعه الكلمات العربية وغايته
صون اللسان عن خطا في المقال فلما سمعت هذا الكلام أظلمت الدنيا في
وجهي، وسني يومئذ نحو العشر سنين وقلت في نفسي هذا علم لا يمكن
ان أتعلم منه شيئا إن كان كله من هذا القبيل متن عميا خبطة عشوا ما هو
هذا الكلام. لكن هذا الدرس أفادني درسا في التعليم وكيف ينبغي ان
يكون. ثم قال الشيخ احفظوا هذا الذي ألقيته عليكم غيبا لتعيدوه علي
غدا ولست أتذكر ما جرى لنا في حل هذه المشكلة أ ضربنا صفحا عن
حفظه أم كتبه لنا وحفظناه ثم ابتدأ أحد رفيقي يقرأ درس التصريف وكانا
أكبر مني سنا كما مر لكنهما في منتهى البلادة. فقال اعلم أن التصريف
في اللغة التغيير وفي الاصطلاح تحويل الأصل إلى أمثلة متعددة لمعان مختلفة
لا تحصل تلك المعاني الا بها. وشدد اللام من تحصل فضربه الشيخ على
هذه الغلطة القبيحة وأدركت انا حينئذ تقدمه في البلادة لأن كلمة تحصل
مبذولة معروفة لا يمكن ان يقرأها عامي بتشديد اللام فقال له ذلك التلميذ
لما ضربه والله لو ضربتني بخشب البيت ما نزل من عيني دمعة.
أول ديوان شعر قرأته
كان لوالدي صديق اسمه الحاج محمود مروة من الزرارية ينزل عندنا
في طريقه إلى بنت جبيل فأوصيته ان يشتري لي ديوان شعر من بيروت
فاشترى لي ديوان أبي فراس الحمداني فجعلت أقرأ فيه وحفظت كثيرا منه لا
يزال في حفظي إلى اليوم وكنت افهم أكثر معانيه والبعض لا افهمه والبعض
افهمه على غير وجهه لأنني كنت صغير السن جدا وهو أول ديوان شعر
قرأته.
زيارتنا لعمنا السيد محمد الأمين ابن السيد علي الأمين
كان له منصب مفتي بلاد بشارة كما كان لأبيه من قبله مع أنه لم يكن
في عداد العلماء بل في عداد الرؤساء لذلك كان أهل النفوذ في البلاد تارة
يسالمونه وتارة يعادونه ويخاصمونه وكان يوسف آغا المملوك من أهل صور
من ألد أعدائه لأنه اعتاد ظلم الفلاحين من أهل جبل عامل فكان عمنا
المذكور يعارضه وقدر يوسف آغا بدهائه وأساليبه الشيطانية ان يستميل إليه
رؤساء البلاد فيكونوا معه على السيد محمد الأمين.
حدثني الحاج إبراهيم عبد الله قال اجتمع في منزلنا بالخيام جماعة
وكتبوا مضبطة في الشكاية من السيد محمد الأمين ختم فيها أبو سويد من
زبدين وختمت فيها انا وأخي الحاج محمد ومختار النصارى في الخيام
وأعطيناها للشيخ صادق من أهل الخيام من أقارب آل صادق فيها ليمضيها
من القرى إما مختار النصارى فتوفي فجاة تلك الليلة واما أبو سويد فكان في
حجرته التي نام فيها كانون فحم أشرف منه على الموت واما الشيخ صادق
فركب فرسا وذهب فلما تجاوز عقبة الخيام ووصل إلى السهل عثرت به
الفرس فسقط عنها فكسرت رجله فحمل في نعش إلى الخيام فجاء الحاج
حسن عبد الله إلى أولاده وقال لهم كفوا عن هذا الرجل قبل ان تصيبكم
المصائب بسببه فكفوا.
انتهى ما حدثني به الحاج إبراهيم وهذه الواقعة اشتهرت في جبل
عامل يومئذ حتى تحدث بها الخاص والعام وسمعتها وانا طفل صغير لا
أظنني أتجاوز السبع وزاد الناس فيها حواشي كعادتهم في أمثال هذا المقام
مثل ان السيد محمد الأمين أراد صلاة الصبح في ذلك اليوم وليس معه ماء
فنبعت له عين ماء فتوضأ والحقيقة التي لا شك فيها هي ما حدثني به الحاج
إبراهيم لأنه شاهد عيان وبعض أمورها قد جرت معه ومع أخيه. وكان
السيد محمد الأمين مرة في خصام مع خليل بك الأسعد ويوسف آغا المملوك
فهدده الوالي المكلف بالتحقيق في هذا النزاع في بيروت بأنه يحبسه فقال له
ان حبستني لم تقدر على حبس لساني وقلمي وكثر الكلام فيما بينهما فأرسل
الوالي إلى خصومه وألزمهم بصلحه فاستاؤوا لذلك كثيرا وقالوا بعد هذه
المشاق والنفقات الكثيرة والأموال الجزيلة نلزم بالصلح. حدثني بذلك
الحاج حسن ملحم خال أولاد الحاج حسن عبد الله وكان له ميل شديد
لعشيرتنا قال فجئت إلى السيد محمد الأمين أبشره بذلك فلم يهتم به وقال لي
هم يعتمدون على الحكام وعلى أموالهم وأعوانهم وانا اعتمادي على الله
وحده. وبعد ان رجع من بيروت إلى قرية الصوانة ظافرا على اخصامه
الذين أرادوا به الغوائل ذهبنا للسلام عليه مع شبان بني عمنا ولم أكن رأيته
قبل ذلك الا مرة واحدة جاء فيها مع ولده السيد حسن ليلا إلى دارنا بشقرا
وكنت يومئذ صغير السن جدا فلم تبق بذاكرتي صورته ولا صورة ولده
السيد حسن وكانت دارنا ضيقة وفيها بعير مناخ فلم يستطع المرور الا
بصعوبة فقال لوالدي يا أخي دارك ضيقة فقالت له والدتي ما ذا نصنع
لك، في جوارنا خيرات كثيرة ولا تعطينا منها شيئا ببيع أو هبة لنوسع دارنا
فسكت إما هذه المرة فكان عمري حوالي عشر سنين وذلك حوالي سنة
١٢٩٤ فرأيته رجلا صبيح الوجه أشم الأنف جهوري الصوت بطينا شجاع
القلب يلبس على رأسه شالا من الترم الأخضر ويلبس جبة وثيابا ليست
بالفاخرة ويبسط له سجادة صغيرة فيجلس عليها خارج داره فسال عني ولم
يك يعرفني وفي الليل اتى بخرج فيه كتب من دواوين شعرية وغيرها من
مطبوع ومخطوط واعطى كل واحد منا كتابا وكتب عليه انه وقف عليه وشرط
شروطا منها ان يعيره ولا يمنعه كأنه قد وقف عليه ضيعة أو خانا. ولما
ودعناه جعل يوصي ابن ابنه السيد حسين بطلب العلم ورأيته مرة ثالثة حين
وفاته فكان بطلعته البهية وهو ميت يبهج النفس كما كان في حياته ولا
يوحشها وكانت وفاته بعد رؤيته الثانية بمدة قصيرة لعلها تبلغ السنة أو
السنتين.
(٣٣٧)

وبقيت أقرأ مدة يسيرة عند شيخنا وابن عمنا المذكور لكن بفائدة
قليلة لأنني لم أبلغ سنا يمكنني فيه ان اعرف كيف ينبغي ان يكون التعلم
وليس من يرشدني إما هو فرجل فاضل.
في عيثا الزط
ثم حضر من العراق السيد جواد مرتضى إلى قريته المسماة عيثا الزط
قرب تبنين وذلك حوالي سنة ١٢٩٧ وتنسب إلى الزط وهم الذين ينزون
ذكور الخيل والحمير على إناثها وليس بها منهم اليوم أحد ولعلهم كانوا في
الأعصار السالفة كذلك تمييزا لها عن عيثا الشعب التي هي في منطقة تسمى
الشعب فأرسلت إليها حوالي سنة ١٢٩٧ وشرعت جماعة في قراءة القطر
عليه ولكوني في سن الطفولة كنت إذا فتحت الكتاب ليلا للمطالعة حسب
العادة، لا اهتدي إلى فهم شئ من العبارة وإذا حضرت الدرس نهارا لا
أفكر في الدرس بل فكري مشتت فمضى علي على هذه الحال مدة قليلة
واترابي جلهم مشتغلون باللعب ثم رأيتني أخاطب نفسي فأقول أنت
حضرت إلى هنا لتستفيد لا لتتعاطى ما يتعاطاه الصبيان من اللعب
فصممت على الجد والكد فلما كان الليل فتحت الكتاب وامامي السراج
والطلاب محيطون به كل في فراشه يطالعون وجعلت انظر في العبارة فكأنني
كنت في ظلام ثم لاج لي في أثناء ذلك الظلام ضياء يسير فرحت به وتنبهت
وجعلت اعرف جيدا كيف ينبغي أن تكون المطالعة وأن يكون تفهم الكلام
ولم أزل من ذلك الحين إلى اليوم اشتغل بطلب العلم قراءة وتدريسا
ومذاكرة وتأليفا بهمة لا تعرف الكلال في الصرف والنحو والمنطق والبيان
والفقه والأصول في مدارس جبل عامل بكل جد واتقان وفي النجف على
مشاهير علمائها تاركا معاشرة كل من لا استفيد منه علما مقبلا على خويصة
نفسي صابرا على محن الزمان.
ومن الله علي في جبل عامل برفيق يسمى الشيخ محمد دبوق وهو أكبر
مني سنا فهو ملتح وانا طفل وكان تقيا ورعا زاهدا فطنا مجدا في طلب العلم
متجنبا للغيبة وسماعها وإذا أراد أحد ان يستغيب في مجلسه صرف الكلام
عن جهته بدون ان ينهي المستغيب صريحا بل بأسلوب جميل على أن يقدر
عليه أحد ولا تمر به حادثة الا ويستشهد عليها بشعر أو ذكر حكاية فكنا نقرأ
معا عند السيد جواد المذكور فإذا قرر مسالة لا يمكن ان يتجاوزها حتى
يفهمها جيدا فإذا لم يفهمها يقول له هذه لم تدخل في فكري فيعيدها ثم
يقول له هل دخلت فيقول لا لم تدخل فيعيدها ثانيا حتى يقول فهمتها. أما
انا فكنت اضجر من ذلك ولكنني اسكت ثم نذهب للمباحثة فيجلس
امامي على ركبتيه لا يتكئ ولا يميل إلى يمين أو يسار ولا يلتفت فإذا رأيته
كذلك استحييت من نفسي وجلست جلوسه ثم تغلبني طبيعة الصبا فانسى
واجلس متربعا واعتمد على يميني أو شمالي ثم أتذكر فأعود فأتممت معه
قراءة شرح القطر بكل اتقان وقراءة علم الصرف وشرح ابن الناظم على
ألفية والده إلى نعم وبئس.
وحضر في سنة ١٢٩٨ من العراق الشيخ موسى شرارة إلى بلدة بنت
جبيل فذهب والدي لزيارته وعاد فأخبرني عنه وقال إن الناس تتوافد لزيارته
وذهب شيخنا أيضا لزيارته وكانت عادتي ان أحضر إلى شقراء في أغلب
الأسابيع يوم الخميس بعد الظهر إذ أكون قد أكملت دروسي فأبيت فيها
ليلة الجمعة وأرجع عصر يوم الجمعة.
رجعت مرة فوجدت الشيخ موسى قد جاء ليرد الزيارة لشيخنا
المذكور وهو جالس امام الدار على مصطبة فسلمت عليه وجلست وكنت
متلفعا بملفع من الصوف ولي وفرة كما يكون للشبان فسال عني فاخبروه
فقال لي لم تلفعت بهذا الملفع، وهذه الوفرة لا تليق بطالب العلم فقلت إما
الملفع فاتقي به البرد واما الوفرة فاحلقها فقال لي بأي كتاب تقرأ قلت في
شرح القطر وكان إلى جانبي رفيق لي هو أسن مني فسأله أيضا فقال في
شرح القطر فقال له ما تعريف الكلمة فلم يحر جوابا فسألني فقلت قول
مفرد فقال أيهما الجنس وأيهما الفصل قلت هذا لم أقرأه فسكت فلما كان الليل
واحضر العشاء افتقدني ولم يرض ان يتعشى حتى حضرت وتعشيت معه فلما
فرغنا قال أسألك أيضا قلت نعم قال كيف تعرب:
إذا قالت حذام فصدقوها * فان القول ما قالت حذام
قلت إذا ظرف متضمن معنى الشرط قال بما ذا يتعلق قلت خطا
بقالت فقال إذا مضافة إلى الجملة التي بعدها والمضاف إليه لا يعمل في
المضاف فلم يكن عندي جواب لأن ذلك لم يطرق سمعي من قبل لكنني
سررت بالتفاته إلي وبسؤاله لي ونشطت لطلب العلم ورغبت فيه.
وكان معنا في عيثا الشيخ احمد بري وكنا نستأجر امرأة لنقل الماء من
العين الفوقا التي تبعد نحوا من ربع ساعة عن القرية ونلاقي من ذلك
مشقة لعدم وجود من نستأجرها في كل وقت فاخترع الشيخ احمد بذلك ان
صنع لصفيحة من صفائح الكاز خشبتين وشدهما بها شدا وثيقا فيحملها
أربعة من التلاميذ وينشدون شعر ألفية ابن مالك ذهابا وإيابا فيكون في
ذلك عدة فوائد والماء يستخرج من هذه العين بالنادوف فيوضع عامودان
من خشب بجانبي العين التي يبلغ عمقها نحو أربعة أو خمسة أمتار وبينهما
خشبة معترضة من إحداهما إلى الأخرى ويدخل في الخشبة المعترضة خشبة
أخرى طويلة طرفها الدقيق من جهة العين وطرفها الآخر بحيث إذا ترك
يصل إلى الأرض وفي طرفها الذي يلي الأرض حجر ثقيل وفي الذي يلي الماء
الحبل والسطل فيجذبها المستقي حتى يصل السطل إلى الماء ويمتلئ ثم
يرسلها فترفع السطل إلى فم العين فيتناوله ويفرغه وهكذا.
ووقع في بعض السنين ثلج وليس عند الطلاب حطب وقريب من
القرية شجرة قديمة عادية يحترمها أهل القرية ويتحرجون من قطع غصن
منها خوفا من المجازاة في الدنيا، وأمثال ذلك في جبل عامل وغيرها كثير
فذهب التلاميذ وجعلوا يربطون فروع تلك الشجرة بالحبال فتنكسر وتسقط
فيجرونها إلى أماكنهم للوقود وأهل القرية يستنكرون ذلك ويخافون على
التلاميذ عاقبة ذلك وينهونهم فلا ينتهون وفي الصباح جاءوا ينظرون إليهم
هل ماتوا من عاقبة هذا العمل فوجدوهم احياء ولم يمت منهم أحد وبطل ما
كانوا يظنون.
وسرق لواحد من التلاميذ دراهم فقال الشيخ احمد بري انا
استخرجها فكتب على قطع من الخبز حروفا وقال هذه لقمة الزقوم من كان
سارقا وأراد بلعها يختنق فابتلعها جماعة ولما وصلت النوبة إلى السارق أصفر
لونه وخاف من بلعها وأقر ودفع الدراهم.
وكتب رفيقنا الشيخ محمد دبوق إلى الشيخ احمد بري يوما بهذه
الأبيات:
يا شيخنا مسالة مفيدة * لا برحت أوقاتكم سعيدة
(٣٣٨)

لم منع العطف على الضمير * وهل هنا مانع ضروري
ان لم يعد في العطف حرف الجر * أرجو الجواب عاجلا يا بري
وكان معنا رجل من الطلبة هو أكبرهم سنا يتعاطى كتابة الحجب
والهياكل وعنده كتاب مطبوع في مصر اسمه شمس المعارف الكبرى لرجل
مغربي وفيه الأعاجيب:
منها طاقية الاخفاء تذبح عددا من الضفادع الخضر وتسلخ جلودها
وتجففها في الظل ثم تصنع منها طاقية قلنسوة وتكتب عليها حروفا ذكرها
ثم تلبسها فلا يراك أحد وعلامة ذلك أنه لا يظهر لك ظل في الشمس.
ومنها لطي الأرض تصوم أياما وتقرأ وردا وتعمل وتخرج إلى
الصحراء في ليلة مظلمة فيأتيك عبد بيده عصا فاخطفها منه واذهب فإنه لا
يتبعك فإذا أردت ان تطوى لك الأرض فامسك تلك العصا بيدك وغمض
عينيك وامش وانو المكان الذي تريد فترى نفسك فيه عن قليل.
ومنها رياضة وعمل لأمر من الأمور أراد صاحبنا ان يعمله وهو ان
يصوم ثلاثة أيام ثم يختلي ليلا في مكان ليس فيه أحد ويعمل أعمالا تلك
الليلة ويقرأ اورادا فيحصل له مقصوده فصام ثلاثا ثم اختلى ليلا في مسجد
القرية لأنه لامكان اخلى منه وفي المسجد قبر ونعش للجنائز فلما ذهب
المصلون وانقطعت المارة استوحش فتجلد ثم زاد استيحاشه فتجلد ثم خيل
إليه ان الميت خرج من القبر وجاء إليه فولى هاربا وفسد العمل وفاته
المطلوب. وأراد مرة عمل ختم فصام ثلاثة أيام وبعدها شرع في قراءة
أوراد منها يا قدوس مئات مرات. وقراءة تلك الأوراد يجب أن تكون ليلا
فغلبه النعاس وهو يقول يا قدوس فجعل يقول يا قدوم يا قدوم ثم نام
وفسد العمل وبطل المرام وأمثال هذه المخرقات كثيرة رائجة بين الناس.
حكي ان اثنين من شطار بغداد ضاق بهما الحال فجلسا في مقهى
وخلفهما يهودي ظهره إليهما فقال أحدهما للآخر عندي عمل للاخفاء فقال
له الآخر اخفض صوتك لا يسمعك أحد فاصغى إليهما اليهودي فلما قاما
تبعهما وطلب منهما ان يعلماه ذلك العمل ويعطيهما ما يشاءان فأبيا وانكرا
ذلك فقال اني سمعت كلامكما فقال أحدهما للآخر حيث إنه سمع كلامنا
فلا باس ان نعلمه فذهبا إلى داره وكتبا له أسماء أشياء للتبخير وانجاز العمل
فأحضرها من السوق ونزلا إلى السرداب وعملا فيه دائرة وقالا لليهودي
إياك ان تقترب من هذه الدائرة فان في القرب منها خطر الموت ونزعا ثيابهما
واتزرا وجعلا يحرقان البخور ويقرآن ويعزمان وامراه ان يخرج عياله من
الدار إلى السطح خوفا عليهم من الخطر ثم صنعا له قلنسوة من الورق
ونقشاها بأنواع الألوان وامراه بلبسها وقال أحدهما للآخر هل تراه قال لا
فامراه بنزعها فنزعها فقالا ها هو ذا ثم أعادا هذا العمل مرارا فكلما لبسها
اختفى عن نظرهما وكلما نزعها نظراه فقالا له قد تم العمل فاذهب فإنه لا
يراك أحد فذهب إلى السوق ومد يده إلى بعض البضائع وأراد حمله فانتهره
صاحب الدكان فقال أ أنت تراني فسخر منه فعاد إلى البيت فرأى أن الرجلين
قد حملا كل ما يمكن حمله وذهبا آمنين.
وكان عد الشيخ احمد بري كتاب فيه عمل المندل فأراد يوما ان يعمله
فاحضر غلاما صبيح الوجه وبخورا وفنجانا فيه زيت ومداد اسود وكل لوازم
المندل وقال للغلام إذا جاء الخادم فقل له يكنس ويفرش وإذا جاء الملوك
فقل لهم كذا وجعل يقرأ ويعزم ويبخر ويقول للغلام هل رأيت شيئا فيقول
لا ثم يعيد التعزيم والتبخير ويسأله فيقول لا وفي أثناء ذلك انقلب الفنجان
وأريق الزيت والمداد.
وجاء مرة إلى عيثا رجل فارسي كان قد تعاطى طلب العلم ولم يتقنه
فكان ينشد قول الشاعر:
هي الشمس مسكنها في السماء * فعز الفؤاد عزاء جميلا
فلا تستطيع إليها الصعود * ولا تستطيع إليك النزولا
فيغلط فيه غلطا إذ يبدل عزاء بقوله غراء. فاتفق ان نزل مطر كثير
وأعقبه نزول ثلج منعنا من الذهاب إلى بلادنا ومنعه من الخروج فبقي عندنا
في المدرسة أياما فسألته يوما عن الحطب ما اسمه بالفارسية فقال هيزم
فقلت له والحطب الأخضر فقال هيمان وقال يوما قرأ أعجمي وعصبى آدم
ربه. وخر موسى صعقا فقال العصا كان للموسى وما كان للآدم والخر
كان للعيسى وما كان للموسى، وخر بالفارسية الحمار، وقال يوما
ان كلمات إذا تليت على الحديد لم يتألم به الجسم
وهي سين سين أول دان بحرور بسرور بكأس كال كاي
وتلاها على إبرة وادخلها في داخل شدقه وأبقاها مدة وأخرجها من خارجه
ولم يخرج منه دم وفعل ذلك مرارا وفعل ذلك بعض الطلبة فكان كذلك.
والحقيقة ان ذلك الموضع ليس فيه عروق فإذا شكت فيه إبرة لم يخرج منه دم
لا لخاصية في هذه الكلمات وفطن لذلك الطلبة ففعلوا بدون الورد.
وكان عند الشيخ احمد بري كتاب أدبي تاريخي طبع اوربة وهو كتاب
نفيس فيه ذكر حروب العرب وأشعارهم وقصائدهم المشهورة فقرأته كله
وعلق بذهني من أشعاره الشئ الكثير وجمعت منه الأشعار التي يستشهد بها
على مسائل من العربية عددا وافرا وفيه ذكر حرب البسوس التي دامت
أربعين سنة والبسوس الناقة التي كانت الحرب بسببها وضرب بها المثل فقيل
اشام من البسوس وقيل البسوس اسم صاحبة الناقة وكانت لامرأة نازلة على
جساس وكان لكليب حمى وبه يضرب المثل وكان يجعل فيه كلبا فمن سمع
صوته لم يقرب الحمى فيقال كليب وائل ثم غلب عليه اسم كليب بعد ما
كان اسمه وائل وكان هذا الحمى لا يقربه غير ابل كليب وجساس وكان
كليب متزوجا أخت جساس واسمها جليلة وكانت البسوس ترعى مع ابل
جساس فرآها كليب مع ابله فانتظم ضرعها فجاءت الناقة فبركت امام
البيت وضرعها يشخب دما فلما رأتها قالت:
ولو انني أصبحت في دار منعة * لما ضيم زيد وهو جار لابياتي
ولكنني أصبحت في دار غربة * متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي
فحمي جساس لذلك وحلف ليقتلن بها الفحل الأكبر فظن كليب انه
يريد فحلا له اسمه عليان ورأى جساس كليبا فطعنه بالرمح فقتله وطلب
ان يسقيه ماء فقال عداك شبيث والأحص وهما ماءان وجاء جساس فقال
لأبيه من أبيات:
واني قد جنيت عليك حربا * تغص الشيخ بالماء القراح
فلامه أبوه ثم خاف عليه الانكسار فقال:
لئن تك قد جنيت علي حربا * فلا وكل ولا رث السلاح
وفيه من شعر مهلهل قصائده كلها منها القصيدة التي يقال إن العرب
كانت تغتسل إذا أرادت قراءتها:
(٣٣٩)

ومنها القصيدة التي يقول فيها:
كليب لا خير في الدنيا ومن فيها * ان أنت خليتها فيمن يخليها
كليب اي فتى عز ومكرمة * تحت الصفاة التي يعلوك ساميها
والقصيدة التي يقول فيها:
نبئت ان النار بعدك أضرمت * واستب بعدك يا كليب المجلس
وتحدثوا في أمر كل عظيمة * لو كنت شاهدهم بها لم ينسبوا
وكان فيهم رجل يسمى همام بن مرة من عقلاء الرجال فاعتزل
الحرب وقال لا ناقة لي في هذا ولا جمل فارسلها مثلا وكان له ابن يسمى
بجيرا فخرج في طلب ابل له فقتله مهلهل وقال بؤ بشسع نعل كليب فبلغ
أباه قتله فقال نعم القتيل قتيل أصلح به بين عشيرتين إن كان مهلهل قتله
بأخيه كليب فلا اطلب بدمه فقيل له انما قتله بشسع نعل كليب فقال قد
يأتي الحديث عن غير أهله فلما علم ذلك قال:
قربا مربط النعامة مني * قرباه وقربا سربالي
قربا مربط النعامة مني * وأسالاني ولا تطيلا سؤالي
قربا مربط النعامة مني * طال ليلي على الليالي الطوال
قربا مربط النعامة مني * لبجير فداه عمي وخالي
قتلوه بشسع نعل كليب * ان قتل الكريم بالشسع غالي
ولما قتل همام قال فيه مهلهل:
وهمام بن مرة قد تركنا * عليه القشعمان من النسور
ومهلهل لقب بذلك لأنه أول من هلهل الشعر.
وكان من جملة الطلبة طالب يسكن في دار جماعة غير البيت الذي
يسكن فيه جمهور الطلبة وانا معهم فكان يأتي نهارا إلى البيت الذي نحن فيه
فيجلس ناحية يكتب ويقرأ ولا يلتفت إلى ما فيه الآخرون من لعب وبطالة
وهو حسن الخلق هادئ فكانت تعجبني حاله فاجلس إليه وأتحدث معه إلى أن
ذهبنا إلى العراق فرأيته قد تغير وانقلب عما كان عليه فعلمت ان لطلبة
جبل عامل ثلاثة أدوار الدور الأول في جبل عامل فقد يكون صالحا فإذا
ذهب الطالب للعراق فقد يزداد صلاحا وقد يتغير إلى غير ما كان عليه وإذا
كان فاسدا ازداد فسادا في الدور الثاني والثالث... الدور الثاني في العراق
وهذا يعلم حاله مما مر في الدول الأول. الدور الثالث بعد الرجوع من
العراق فصاحبه إما ان يزداد صلاحا أو فسادا.
وكان معنا في هذه الحجرة لفيف من الناس يجري بينهم أشكال من
اللعب واللطائف فكان للحجرة طاقة على السطح يدخل منها هر فياكل زاد
الطلاب فكان أحدهم يذهب إلى السطح ويصرخ بصوت كصوت الهررة
فيتبادر الجماعة من الطلبة إلى العصي والى الطاقة ليسدوها. ومطرت
السماء مرة فتساقط الدلف فبات بعضهم على المكان الخالي منه وبعضهم على
المحمل وبعضهم أسفل من المحمل وكان معنا في تلك الحجرة رجل هو
أكبر الطلبة سنا وأقلهم عقلا وأكثرهم جهلا وأفسدهم أخلاقا فكان يحكم
على الطلبة إذا أراد النوم ان يناموا ويطفئوا السراج ولا يدعهم يكملون
مطالعة دروسهم وإذا أراد أحدهم ان ينام وهو يطالع يحكم عليه ان يبقى
ساهرا ومن الذي يجسر على معارضته وهو إذا عارضه أحد تناوله بالسب
والشتم القبيح وإذا رأى أن أحدا منهم يمدحه الناس لحسن صفاته بادر إلى
ذمه وكان الطلبة يسبحون مرة في عين تسمى عين بطيطة في أيام الربيع
فحكم عليهم ان يخرجوا ومن لم يخرج القى ثيابه في العين فالقى بثياب
جماعة منهم فغرقت من جملتها عباءة لم يمكن اخراجها لأن العين بعيدة القعر
واقتضى نظره ان يهجم هو وجماعة من الطلبة على رجل من أهل القرية
ففعلوا واوسعوه وزوجته ضربا ثم اقتضى نظره ان يذهب مع الطلبة إلى
تبنين يشكون ذلك الرجل المضروب إلى المدير فقال لهم كاتب المدير كيف
يعقل ان يكون رجل واحد ينتصر على جماعة كثيري العدد فيضربهم ولا
يضربونه وكان السيد جواد غائبا مع الشيخ موسى شرارة في ساحل صور
فرأى أن يذهب إليهما فتلقاهما مع الطلبة إلى وادي عاشور فقال له الشيخ
موسى الظاهر انكم ما تركتم الرجل حتى أمتموه. ثم اني انتقلت من تلك
الحجرة إلى مكان آخر.
وبعد اكمال شرح القظر شرعنا في قراءة شرح ابن الناظم على الألفية
بكل اتقان وجعلنا نراجع بكل دقة في أثناء ذلك شرح الشيخ الرضي على
كافية ابن الحاجب الذي هو من أجل كتب النحو ويحوي فلسفة علم النحو
واللغة العربية بطرز عجيب لا يوجد في غيره ونراجع أيضا عدة من كتب
النحو المشهورة كشرح الخيامي. وأعوزنا كتاب التصريح تاليف خالد
الأزهري فلم نجده لا شراء ولا عارية حتى وجدنا نسخة مخطوطة عند
بعض أقربائنا ضخمة الحجم جدا قد افنى كثيرا من سطورها الزاج الذي
مزج بمدادها وهم يضنون بها وهي لا تساوي شيئا فاستعرناها بعد جهد
شديد وامتناع من أصحابها حتى كأنهم أعارونا جوهرة يتيمة وذكرنا هذا
ليعلم ما قاسيناه من المشاق في طلبنا العلم، ثم تهيا لنا عارية نسخة
مطبوعة فسررنا بها كثيرا وكنا نحضر غالبا يوم الخميس بعد الظهر من عيثا
إلى شقرا ونعود عصر الجمعة واتفق مرة ان مطرت السماء وتعذر علينا
الذهاب يوم الجمعة فذهبت الوالدة تفتش لنا ليلة السبت على شرح الألفية
لئلا تفوتنا مطالعة الدرس ليلة السبت فما زالت حتى وجدته وأحضرته إلينا
وقرأنا مع شرح الألفية شرح الجاربردي في التصريف على كافية ابن الحاجب
حتى وصلنا في شرح الألفية إلى بحث نعم وبئس وعندها سافر رفيقي الشيخ
محمد دبوق إلى العراق للزيارة مع رفيق له راجلين بزي الدراويش ثم عاد
فأكملت في غيابه شرح الألفية ولما عاد راجع معي قراءة ما فاته وكان قد
أودع كتبه حين سافر عند السيد جواد مرتضى شيخنا وصاحب مدرسة عيثا
وفيها شرح القطر مجلدا تجليدا متينا بجلد سختيان جديد وكان الرجل المشار
إليه آنفا انه أكبر الطلبة سنا وأقلهم عقلا وأكثرهم جهلا وأفسدهم أخلاقا
يدخل إلى دار السيد جواد وكان يتعاطى كتابة الحجب والهياكل فاتى يوما
بذلك الكتاب وقص الجلد منه وجعله جلودا للحجب والهياكل التي كان
يكتبها للنساء والأطفال وألصق مكانه كاغدا وابقى السختيان على أطراف
الجلد ومن ذا الذي يجسر من الطلبة على معارضته أو منعه ثم خاف ان
يظهر الأمر فأخفى الكتاب بالكلية والله أعلم ما ذا صنع به فلما حضر الشيخ
محمد من العراق افتقد شرح القطر فلم يجده فأخبرته بما صنع به فلم يزد
على انشاد هذا البيت:
وقد يهلك الإنسان كثرة ماله * كما يذبح الطاووس من أجل ريشه
وحصل ونحن في عيثا عرس في حاريص واتفق وجودنا هناك فرأينا
العريس راكبا على فرس يطاف به على البيوت لأخذ النقوط وهو من
العادات القديمة التي لم يبق لها اثر اليوم. ثم شرعنا بعد اكمال شرح
(٣٤٠)

الألفية في قراءة مغني اللبيب ولما وصلنا إلى كلمة أجل وقع لي تصحيف
غريب فصاحب المغني يقول إن أجل تكون تصديقا للمخبر واعلاما
للمستخبر ووعدا للطالب. ثم يقول: وقيد المالقي الخبر بالمثبت والطلب
بغير النهي والمالقي عالم منسوب إلى مالقة فتح اللام بلدة من بلاد
الأندلس واليها ينسب المالقي، نوع من الأواني الخزفية في لسان أهل دمشق
وأهل العراق يسمونه فرفوري وقرأت هذه الكلمة لما طالعتها وقيدا
لما لقي بنصب قيدا وتنوينها وكسر اللام من لما ولقي بصيغة الماضي وبقيت
أفتش عليها حتى عرفت صوابها. والتصحيف يقع كثيرا ويوقع في
الاشتباه.
قرأ بعض الشيوخ في كتاب الحج ويستحب الحج لأهل الجدة في
كل عام وظنها البلد الذي على الساحل الحجازي فتحير في تفسيرها وانما
الصواب لأهل الجدة اي الغنى وقرأ بعضهم في عبارة المعالم الحجية بفتح
الحاء والصواب ضمها فلما وصل إلى قوله وقال الشيخ عقيب ذلك قرأها
وقال الشيخ عقيب بضم العين وتشديد الياء وسال أستاذه من هو هذا
الشيخ عقيب فقال له هذا زوج الحجية التي مر ذكرها وقرأ بعض طلاب
العجم: في المسألة أقوال أسدها بضم الدال مخففة وسال رفيقه ما معنى
أسدها فقال معناه انه أصحها تشبيها بالأسد المفترس وصحف صاحب
المغني وهو من أئمة النجاة بيتا للفرزدق من جملة أبيات في وصف الذئب
يقول فيها:
تعش فان عاهدتني لا تخونني * نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فأنت امرؤ يا ذنب والغدر كنتما * اخيين كانا ارضعا بلبان
وكل رفيقي كل رحل وان هما * تعاطى القنا قوما هما اخوان
فقرأ قوما بالتنوين وانما الفها ألف التثنية فوقع من تأويل البيت في
حيص وبيص. وبقينا نقرأ في المغني إلى مبحث أم فلما وصلنا إلى قول
الشاعر:
انى جزوا عامرا سوءا بفعلهم * أم كيف يجزونني السوء من الحسن
أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به * رئمان أنف إذا ما ضن باللبن
استعصى علينا الأمر في هذين البيتين ثم نظرت بعد ذلك فلم أتذكر
ما وجه الاستشكال فيهما ورأيت أمرهما واضحا. وألفت حين قراءتي في
علم النحو كتابا في النحو نظمت أرجوزة في علم التصريف من جملتها:
وبعده الصرف في الكلام * كالنحو مثل الملح في الطعام
تراهما للعلم أما وأبا * فيا له من ولد قد نجبا
وما لحرف أو لشبه الحرف * عندهم من علقة بالصرف
ومن جملتها:
واحكم لأشياء بقلب تصب * لمنعها الصرف ولا من سبب
وابتدأت وانا في عيثا بقول الشعر فأجبت الشيخ محمد دبوق عن
أبيات عينية بأبيات على رويها وقافيتها موجودة في الرحيق المختوم.
ثم إن شيخنا السيد جواد عاد إلى العراق وخرجت مع رفيقي الشيخ
محمد إلى بلدة أخرى كنا نظن فيها علما فخاب الظن.
في بلدة أخرى
ويحق لها ان تسمى بلدة البراغيث كقريتنا شقرا، كنا نسكن في
حجرة فتركناها أياما ثم عدنا فدخل الشيخ صالح مزيد ليكنسها وألقى
ثيابه عدا القميص ثم خرج ورجلاه كعنقود السماق، وشرعنا في هذه
البلدة في قراءة علمي البيان والمنطق في المطول وحاشية ملا عبد الله الزنجاني
على تهذيب سعد الدين التفتازاني وكان ذلك حوالي سنة ١٣٠٠ وكان شيخنا
ذا حالة غريبة فهو لا ينظر في عبارة الكتاب ولا يفسرها ويشرع في البحث
ويذكر مطالب لا نفهم منها ساعة البحث الا خيالات فإذا أردنا المباحثة
نجد انه لم يعلق بذهننا منها شئ فنتباحث فيما فهمناه بالمطالعة ومراجعة
الحواشي وكان في الغالب لا يضيع عنا شئ من المطالب وكان حسن ظننا
بالأستاذ يحملنا على الاعتقاد بأنه يأتي بمطالب عالية ليس لنا قابلية فهمها،
فنقول له نحن لا نريد منك الا تفسير عبارة الكتاب ولا نريد فوق هذا،
فيقول قيدوني كتفوتي انا لا أستطيع الا هكذا وقد صدق، وحقا ان قدرته
على هذه الطريقة كانت من العجائب.
ولما ابتدأنا بقراءة المطول كان أول درس لنا في كلمة مقدمة فقط
فلما جئنا للمباحثة وجدنا انه لم يعلق بذهننا مما قرره شئ وبقينا على هذه
الحال مدة لا نستفيد مما يقرره شيئا وانما فائدتنا من المطالعة فنفهم أكثر ما
نطالعه فإذا استعصى على فهمنا شئ راجعناه في الحواشي وتأملنا فيه
فنهتدي إليه وإذا حضرنا الدرس نقوم كما جلسنا ثم نتباحث فيما فهمناه من
المطالعة وإذا بقي شئ لم نفهمه حال المطالعة فهمناه حال المباحثة ولم تزل
هذه حالنا حتى وصلنا في الحاشية إلى دليل الافتراض فطالعناه فلم نفهمه
فراجعنا الحواشي فلم نفهمه فاتينا للدرس فلم نفهمه فجئنا للمباحثة فلم
يتضح لنا فطالعناه في الليلة الثانية فكانت كالأولى فأعدنا الدرس عند
الشيخ والمباحثة بلا جدوى وكان قد سبق لنا الظن بأننا لسنا في هذا
التدريس على صواب وانه لو كان فاهما له لفهمناه منه، ودليل الافتراض
جعل هذا الظن قريبا من اليقين. وكان قد لوح لنا بذلك بعض الفضلاء
فقلت لرفيقي الشيخ محمد دبوق ارى اننا في هذا التدريس لسنا على صواب
ونريد الانتقال من هذا البلد فعزمنا على الاستخارة بالقرآن الكريم على
الانتقال لبنت جبيل وفيها الشيخ موسى شرارة المار ذكره وله مدرسة وعنده
طلاب فتفائلت بالقرآن فخرجت الآية قال رب اشرح لي صدري ويسر لي
أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون
أخي اشدد به ازري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا انك
كنت بنا بصيرا فذهبنا من فورنا إلى بنت جبيل واستأجرنا فيها مسكنا وكان
ذلك حوالي سنة ١٣٠١.
في بنت جبيل
وكان قد جاء إليها الشيخ موسى شرارة من العراق ولكن بدون أبهة
ولا فخفخة ولا دعاية إلى الاستقبال وتهيئة الأسباب لاظهار الجلالة والنبالة
كما يجري في هذا الزمان المنحوس، فقد جاءني وانا في جبل عامل في بعض
السنين كتاب كما جاء غيري مثله يدعوني مرسله إلى استقبال شخص مدرج
في أهل العلم يريد المجئ من مكان قد استوطنه إلى بلده الأصلي يقول فيه
يتحرك فلان من وطنه الثاني الساعة كذا والدقيقة كذا فيصل إلى موضع كذا
الساعة كذا والدقيقة كذا ويجري استقباله على الجسر الساعة كذا، والدقيقة
(٣٤١)

كذا وهكذا تحدد المنازل والساعات والدقائق للحل والترحال كما تحدد أسفار
الملوك. إما الشيخ موسى فجاء من العراق إلى دمشق راكبا على بغل
المكاري حتى نزل بباب الشيخ محمد حسين مروة في دمشق، لم تبث
الدعايات لاستقباله ولم يشعر به أحد ولم يحضر لاستقباله أحد من أهل
البلاد الا ان يكون بعض ذوي رحمه الأقربين فلما حضر وراءه الناس
وسمعوا أقواله ورأوا أفعاله كان له المقام الاسمي.
الشيخ موسى شرارة واصلاحاته
سعى الشيخ موسى رحمه الله سعيا حثيثا في الاصلاحات الدينية فانشا
مدرسة تدرس فيها علوم العربية من النحو والصرف والبيان وعلم المنطق
وعلمي الأصول والفقه واجتمع فيها عدة من الطلاب استفادوا وأفادوا
وأحيا إقامة العزاء لسيد الشهداء ورتب لذلك مجالس على طريقة العراق
وسن للشعر العاملي طريقة جديدة وعقد لقراءته المجالس على غرار مجالس
العراق وسن لأهل بنت جبيل عمل الطعام عن روح الميت ثلاثة أيام ولم يكن
ذلك معهودا ومنع النساء عن اتباع الجنازة. واتفق موت أحد الوجهاء
فعمل أهله طعاما ودعوا الشيخ ووجوه تلاميذه فاتفق ان سمع بعض
التلاميذ كلمة استخفاف بهم من أحد الجالسين في سوق البلدة الصغير تعود
إلى ذهابهم للولائم فامتنعوا من الحضور وغابوا عن الأبصار وافتقدهم
الشيخ وأبى تناول الطعام حتى يحضروا ففتش عليهم أصحاب الدعوة فلم
يجدوهم وما زالوا يفتشون عليهم حتى وجدوهم وتوسلوا إليهم في الحضور
واعتذروا فأبوا ان يحضروا فما زالوا بهم حتى حضروا. وجرى من الذاكرين
للعزاء بعض الأمور الموجبة لاعراضه عنهم فطلب إلى القراءة في ذلك
المجلس فقرأت، وكان يعظ في المجالس ويقرأ في نهج البلاغة فقال لي ان
اقرأ بدله في النهج ففعلت، وقال لي مرة كل صفاتك حسنة الا شدة
الحياء. وأنشأ مجالس الفاتحة وقراءة الشعر فيها على طرز العراق وعلم
الأدباء طريقة النقد في الشعر وشجعني على النظم، ولما توفي الشيخ عبد الله
نعمة عقد له مجلس الفاتحة ونظم الشعراء في رثائه وانا منهم ونظم هو
قصيدة قال من جملتها في حق ولده الشيخ حسن:
وذا حسن الأخلاق من خير دوحة * وخير بطون أنتجته عقامها
وقال إن وصف البطون بالعقام مستحسن أ لا ترى إلى قول الشريف
الرضي: وكانوا نتاجا للبطون العقائم وهو اشتباه لم يتفطن له أحد من
الأدباء الجالسين وتفطنت انا له فان الرضي رضي الله عنه يقول:
إذا نزلوا بالماحل استنبتوا الربى * وكانوا نتاجا للبطون العقائم
ومعناه ان البطون العقيمة بسبب المحل والقحط تعود منتجة ببذلهم
وجودهم لا انهم نتجوا من بطون عقائم.
ومن تلك المجالس التي أنشأها أربعة مجالس أحدها ليلة الجمعة عنده
واثنان يوم الجمعة صباحا واحد بعد الآخر وكان يعظ في الأول منهما ويجتمع
الطلبة ويتداكرون في المسائل العلمية ويقرأ في نهج البلاغة وواحد يوم
الجمعة عصرا وكان يسال الطلبة ليلة الجمعة مسائل في العلوم التي يقرأونها
عند غيره من النحو والصرف والبيان والمنطق فيثني على المصيب ويلوم
المقصر وكان يطلب مني ان أنوب عنه في السؤال في بعض الليالي فافعل،
وكان يقول للمقصر الحق في هذا على شيخك وشيخه حاضر واتفق ليلة
حضور الرجل الظريف الشيخ محمد مغنية فلما تكرر من الشيخ هذا القول
التفت إليه فقال وشيخه حقه على من؟ فقال عليكم لأنها على الأصول
تنبت الفروع، واتفق ان الشخص الذي كان عنده المجلس الثاني يوم
الجمعة غضب لأمر ما وأغلق بابه وقت المجلس وحضر في المجلس الذي
يقام عصر الجمعة فجعل الشيخ يسأله عن سبب إغلاقه بابه ويتسعطفه
فلمته في نفسي على ذلك على مقتضى نزق الشباب فما كان من الرجل الا
ان اعتذر وقال إنه يعود إلى فتح المجلس في الجمعة القادمة فعلمت حينئذ
خطاي وأصابته. وهذه المجالس التي أنشأها وان لم تكن كاملة من جميع
النواحي لأنها كانت على غرار مجالس العراق فكتب له بعض الذاكرين
سفينة ضمنها ما يقرأ في مجالس العراق وفيها جملة من الأكاذيب وتغييرات
للتاريخ الصحيح الا انها على ما فيها من عيوب أصلح مما كان قبلها فقد
كان يقرأ في جبل عامل في عشر المحرم ليلا فقط في كتاب يسمى المجالس
مخطوط من تاليف بعض أهل البحرين فيه عشرة مجالس مطولة جدا يجتمع
منها كتاب ضخم، والسعادة العظمى لمن يحظى بهذا الكتاب ويملكه وفي
أوله هكذا: المجلس الأول في الليلة الأولى من العشر المحرم أيها المؤمنون
المجتمعون، ثم يشرع في مقدمة طويلة ثم يبتدئ في ذكر حديث مكذوب
أشبه بالقصص المخترعة في هذا الزمان أو صحيح لكن زيد عليه اضعافه
من الأكاذيب في أثنائه وفي آخره، وهذا الكتاب قد رأيته وانا صغير السن
وعلق بذهني منه حديث عن فاطمة بنت الحسن ع انها رأت طيورا
بيضاء تمرغت بدم الحسن ع وجاءت حتى وقفت على حائط دارها
بالمدينة.
ثم يبتدئ بالمجلس الثاني فيقول المجلس الثاني في الليلة الثانية من
عشر المحرم أيها الإخوان المجتمعون ثم يشرع في مقدمة نظير مقدمة المجلس
الأول وحديث شبيه بحديثه. وهكذا حتى ينتهي إلى الليلة العاشرة، وهذه
المجالس ليس من شرطها ترك التدخين في أثنائها ولا ترك الكلام أحيانا بل
هي أشبه بالقصص التي تتلى في المقاهي في هذا العصر، وفي اليوم العاشر
تعطل الأعمال إلى ما بعد الظهر ويقرأ مقتل أبي مخنف ثم تزار زيارة
عاشوراء ثم يؤتى بالطعام إلى المساجد وفي الغالب يكون من الهريسة فيأتي
كل انسان بقدر استطاعته فياكل منه الفقراء ويأكل منه قليلا الأغنياء للبركة
ويفرق منه على البيوت كل ذلك تقربا إلى الله تعالى عن روح الشهيد أبي
عبد الله الحسين ع. إما القرى التي ليس فيها نسخة المجالس فيقتصر
على قراءة المقتل يوم العاشر ويقرأ منه في ليلتين أو ثلاث قبل ليلة العاشر
كل ليلة شيئا حتى يكون الباقي إلى يوم العاشر خاصا بالمقتل وحده،
وكانت المجالس التي أنشأها الشيخ موسى على ما فيها من عيوب كما قدمنا
أصلح بكثير مما تقدمها وكانت مبدأ الاصلاح لمجالس العزاء ولما الفنا لواعج
الأشجان والمجالس السنية وجدنا ان جملة مما يقرأه الذاكرون في العراق
مكذوب لا أصل له وبعضه قد زيد فيه أشياء لا أصل لها منها المنسوب إلى
حبيب بن عمرو أنه قال لأمير المؤمنين لما دخل عليه بعد ما ضربه ابن ملجم
ان البرد لا يزلزل الجبل الأصم ولفحة الهجير لا تجفف البحر الخضم
والليث يضرى إذا خدش والصل يقوى إذا ارتعش، فهذا الكلام المزوق لم
يذكره مؤرخ ولا محدث وانما هو من تزويق بعض الناس ويقرأه كل ذاكر في
العراق واشتملت عليه سفينة الشيخ موسى شرارة.
(٣٤٢)

وحضرت يوما في النجف مجلسا اقامه الشيخ ميرزا حسين النوري في
داره لذكرى مقتل أمير المؤمنين علي ع وهو محدث متتبع وحيد عصره في
ذلك فقرأ المقتل بنفسه ونبه على هذا الكلام المنسوب إلى حبيب بن عمرو
انه لا أصل له، وسمعت مرة وانا في سن الطفولة من يقرأ المقتل يوم
العاشر وفيه حديث عن درة الصدف وانها حضرت يوم العاشر إلى كربلاء
لتنصر الحسين ع في قصة طويلة لم تبق في ذاكرتي وكنت استنكر ذلك
واكذبه في نفسي ومما غيره الشيخ موسى شرارة ان جعل قراءة المقتل في
مقتل ابن طاووس. ولما ألفنا لواعج الأشجان صارت قراءة المقتل فيه
وصارت قراءة الذاكرين في المجالس السنية فخلصت الأحاديث وصفت من
تلك العيوب والأكاذيب وكان الشيخ موسى يميل إلى أهل العراق كثيرا
ويتأنق في العبارات فإذا ذكر بعض عادتهم قال هذا سبك العراق، وافتخر
عليه بعض أهل البيوتات يوما فقال له الشيخ موسى ما أكثر الدعوى وأقل
المعنى. وشرعنا في بنت جبيل في القراءة على السيد نجيب فضل الله الحسني
العيناثي فأتممنا عنده قراءة المطول وحاشية ملا عبد الله في المنطق وقرأنا عليه
شرح الشمسية في المنطق أيضا بكل دقة واتقان ونراجع مع ذلك شرح
المطالع في المنطق ثم ابتدأنا في قراءة المعالم في الأصول مع مراجعة حاشيتي
سلطان والشيرواني عليها وغيرهما بكل اتقان وكان الفضل في ذلك لمزيد
الجد والاجتهاد.
وحاولنا ان نقرأ في الفقه في الشرائع فقرأنا درسا أو درسين عند بعض
الناس فلم نجد فيه كفاءة فتركناه ولم نجد سواه، وكتبت على المطول
حاشية عند قراءتي إياه وحاشية على المعالم وكتابا في النحو، وكان السيد
نجيب ربما ذهب يوم الخميس إلى عيناثا ولم يعرج علينا فكنا نذهب إلى
عيناثا كي لا يفوتنا الدرس في مدة وجودي في بنت جبيل سافر والدي إلى
العراق بقصد زيارة قبور الأئمة ع في العراق وزيارة الرضا ع
في خراسان ولما وصل إلى العراق أشار عليه ابن عمه العلامة الحافظ السيد
كاظم ابن السيد احمد بدفع ما يريد صرفه في زيارة الرضا ع إلى أولاد
أخيه المشغولين بطلب العلم في النجف وقال له ان صرف ذلك عليهم مع
اشتغالهم بطلب العلم أفضل من صرفه في سبيل الزيارة ففعل وعاد من
العراق ولم يذهب إلى خراسان. وطلب وهو في العراق ارسال عشر ليرات
عثمانية ذهبا فذهبت مع عمي السيد امين يوم الخميس إلى سوق بنت جبيل
واخذنا من الدراهم ما قيمته عشر ليرات عثمانية واستبدلناه بها واتفق ان
غببنا بعض من وثقنا به فقال عمي: الثقة بكل أحد عجز، ولم أكن
سمعت هذا الحديث فحفظته وأعجبت بما فيه من حكمة ولأجله ذكرت هذه
الحكاية ولكنني مع ذلك قد أثق بمن لا يوثق به. ولما كان والدي في العراق
أوصاه أبناء عمي بارسالي إلى النجف فلما عاد إلى الوطن زاره الشيخ موسى
شرارة في جملة من زاره فأخبره والدي بوصية أبناء أخيه له بارسالي للنجف
فلم يشر عليه بذلك وقال إن له أبناء عمه ليسوا بأفضل منه.
ومن السوانح المستطرفة التي جرت معنا أيام وجودنا في بنت جبيل انه
جاءني يوما الشيخ طالب سليمان البياضي وقال أنذر لي إذا بلغك الله رتبة
الاجتهاد ان تكسوني عباءة فنذرت له ذلك فقال اكتب لي به صكا فكتبت له
ومضت الأيام والليالي وانست ذلك ولما عدت من العراق جاءني فأراني
الصك فسلمته العباءة.
ومنها انه لما كنا نسكن في بنت جبيل في وسط البلدة كان يسهل علينا
الاستقاء من الأبار القريبة منا فلما سكنا في دار حسن أيوب في آخر البلدة
من الشمال احتجنا إلى من يستقي لنا الماء من عيناثا لأن بها عينا ماؤها
غزير، إما عيون بنت جبيل فينضب ماؤها في الصيف حتى يقل جدا ولا
يكفي لحاجة أهلها فقيل لنا ان رجلا اسمه موسى قليط حلاق يسكن قريبا
منا عنده بنت يمكن ان تستقي لكم من عيناثا بمشاهرة فطلبنا من السيد
نجيب ان يتوسط لنا في هذا الأمر عند والد البنت باعتبار انه من عيناثا
القريبة من بنت جبيل ولأهلها معرفة به وهو سيد شريف فاضل من عائلة
علمية فوساطته قريبة من النجاح فذهبنا نمشي معه حتى ورد منزل المذكور
وهو شيخ قد وخطه الشيب فوجدناه متكئا على الأرض امام حجرته الضيقة
التي بابها على الطريق وليس لها دار وتسمى في عرف تلك البلاد خشة
فسلمنا عليه ولا بد ان يكون رد علينا السلام إما انه جلس بعد ما كان متكئا
أو قام قائما فلا أتذكره غالب ظني انه لم يفعل فوقف السيد ونحن وقوف إلى
جانبه وبدأ يخاطبه بلسانه الذلق وعبارته البليغة الفصيحة وافتتح الكلام
بالثناء على الرجل فقال يا شيخ موسى أنت والحمد لله من أهل الشهامة
والغيرة والمروءة ومن محبي الخير لا سيما معونة طلاب العلم واخذ يثني عليه
بمثل هذه العبارات حتى لم يبق في القوس منزع والسيد أديب شاعر إذا اخذ
في الخطابة أجاد، والمطلب وإن كان تافها وهو طلب بنت موسى قليط
الحلاق لتحضر كل يوم جرة من الماء بأجرتها، الا ان ذلك لما كان يتعلق
بطلاب العلم لا سيما انهم تلاميذ السيد لزم عليه ان يهتم به غاية الاهتمام
ولما فرع السيد من الثناء على الرجل قال له ونحن نريد منك البنت ان
تستقي كل يوم جرة من الماء بأجرتها لهؤلاء الجماعة طلبة العلم الذين من
أعانهم ولو بمدة قلم كان له على الله الجنة وأطال السيد في الترغيب حتى لم
يدع شاردة ولا واردة، فلما فرع من خطابه اجابه الرجل بجواب مختصر
فقال انظر ما انا بطبل حتى تنفخني ليس عندي بنات لجلب الماء، فلم
يستحسن السيد ان يقطع الكلام معه لعله يجيب إلى ما سئل منه فعاوده
الكلام مرغبا، فقال قد أخبرتك انه ليس عندي بنات فلا لزوم لإطالة
الكلام فعدنا نسحب أذيال الخيبة. رحمك الله يا موسى قليط لست انسى
وقوفنا بين يديك ولا كوقوف الأسرى بين يدي كسرى ابرويز ونحن
نستعطفك وأنت تقسو علينا سامحك الله وعفا عنك، ولما يئسنا من وجود
من يستقي لنا الماء ذهب الشيخ محمد دبوق يوم الخميس واشترى جرة
متوسطة وقال انا اذهب واملؤها من العين في عيناثا، فقلت ذلك إليك
وكانت له عباءة مؤلفة من عباءتين إحداهما تسمى بوزية لا تفترق عن
البساط شيئا والأخرى سوداء تسمى صدية قد اخنى عليها الذي اخنى على
لبد وقد خاط إحداهما فوق الأخرى فصارتا عباءة واحدة فكان يفترشها على
الأرض ويجلس عليها عند المباحثة وهي لحافه إذا نام ويلبسها إذا
خرج وإذا جلس امام الشيخ في الدرس وهي للجمعة والجماعة، وعنده مخدة زرقاء
ينام عليها وفيها يقول شعرا:
ورب مخدة زرقاء اضحى * لها حشو يفوق الشوك لينا
جعلت رباطها البابير كيما تزيد ملاحة وتقل شينا
وهذا منتهى الزهد والاستهانة بالدنيا يفعل ذلك بدون كلفة وبكل
سهولة وطيب نفس امام جميع الخلق، فوضع العباءة على كتفه والجرة فوقها
وامسكها بإحدى عروتيها وتوجه على اسم الله إلى عيناثا والمسافة نحو ربع
ساعة فوجد على العين ثلة من النساء مجتمعات للاستقاء، والنساء رقيقات
القلوب بالطبع لا سيما انهن رأين طالب علم ذا لحية سوداء وعمامة بيضاء
(٣٤٣)

جاء بجرته من بنت جبيل إلى عيناثا ليحمل بها الماء وما دعاه إلى ذلك الا
الضرورة. منظر يرق له الجلمود، فأخذتهن الرقة، ولم يكن عندهن قساوة
موسى قليط فملأت إحداهن له الجرة برفع الماء بالسطل من العين ووضعه
في الجرة وهو لا يخلو من مشقة فشكرها الشيخ على ذلك وتناول الجرة
بإحدى عروتيها ليضعها على كتفه فانفلقت فلقتين، والعادة ان تحمل الجرة
بكلتا عروتيها فحمل نصفها بيده وأتى، وحينئذ لم يبق من حيلة الا عرض
الأمر على المرجع الأعلى الشيخ موسى فأخبرناه بذلك فقال خذوا من بئر
الجامع فاشترينا جرة وحملها الشيخ محمد إلى الجامع عند العصر في وقت
اجتماع نساء آل البزي على البئر للاستقاء فطلب من إحداهن ان تملأها له
فأجابت وملأتها فطلب منها نقلها إلى المنزل فقالت له يا روحي انا تركت
عدسي على النار وأريد ان اطبخ لأولادي وحملت جرتها وانصرفت وطلب
إلى الثانية فقالت تركت ولدي يبكي وأريد ان اذهب والى الثالثة فاعتذرت
بما يشبه اعذار رفيقاتها وهكذا حتى بقيت واحدة فاعتذرت وحملت جرتها
لتنصرف فلما رأى ذلك الشيخ محمد وضع العباءة الجليلة المقدم ذكرها على
عاتقه وحمل الجرة ووضعها فوقها لكنه تناول الجرة هذه المرة بكلتا عروتيها
وعلمته الجرة المكسورة في عيناثا كيف يجب ان يتناول الجرة المملوءة وكان
الشيخ موسى والحاج سليمان البزي جالسين قريبا من ذلك الموضع فأشار
الشيخ موسى إلى جليسه ان يأمر من يحمل الجرة عن الشيخ وكانت المرأة
الأخيرة قد وصلت إلى باب دار المسجد فصاح فيها الحاج ويلك احملي الجرة
عن الشيخ فوضعت جرتها واخذت الجرة من الشيخ وحملتها إلى المنزل
راغمة وأمرها ان تحملها كل يوم فكانت تفعل كذلك ووقع البلاء عليها
وحدها، وفعل الشيخ محمد هذا الذي كان يفعله بدون مبالاة يدل على
زهد عظيم وخلق كريم وطبع مستقيم. وكانت عادته في بنت جبيل وغيرها
إذا التقى بامرأة في الطريق ان يقف ويدير وجهه إلى الحائط حتى تتجاوز
المرأة عنه مع أن النساء هناك وان كن سافرات الا انه لا يبين منهن الا
الوجه الوضوئي. وكنا نقرأ عند السيد نجيب في بيت رجل يسمى محمود
أيوب وعنده أم تشبه أم الحليس قد تجاوزت السبعين وكانت تخبز يوما في
زاوية البيت ونحن جلوس امام شيخنا وهي على يميننا فرأيت الشيخ محمد
يتلوى ويتضور لوجودها عن يمينه فاضطررنا لجعلها خلف ظهره حتى يسكن
والنظر إليها ان لم يوجب القئ فهو يوجب الاشراف عليه.
ثم إن الشيخ محمد المذكور طلب إلى الخدمة العسكرية في الرديف
واخذ إلى سالونيك وجرت بيني وبينه مراسلات شعرية مذكورة في الرحيق
المختوم وأسف الشيخ موسى لذلك كثيرا وكان يقول هذا الرجل ذهب
مهاونة.
ومن السوانح التي جرت معنا في بنت جبيل اننا كنا نسكن في دار غربي
الجامع الكبير وفيها بيوت كثيرة كل واحد منها ملك لشخص وتسمى تلك
الدار بيت إبليس وهذا الاسم كان لها قبل ان نسكنها وهب أن فينا إبليسا
أو أبالسة فلسنا نحن السبب في تسميتها بذلك وكان فيها جيران لنا لصقاء
ليس بيننا وبينهم الا كواير لوضع الحبوب والدقيق لا تصل إلى السقف ولا
تمنع سماع الصوت فاتفق ليلة من الليالي ان أرادوا جرش البرغل فجمعوا
بذلك البنات الشابات حسب العادة وشرعن في الجرش وفي الأغاني المعروفة
عندهن فمنعننا بذلك عن المطالعة فنهيناهن فلم ينتهين لأنهن انما ينشطن
للعمل بسبب تلك الأغاني فإذا تركنها فترن عن العمل ويبقين كذلك إلى
نحو من نصف الليل فتقدم لهن صاحبة البيت سليق الحنطة مع الدبس
فيأكلن ثم ينصرفن إلى بيوتهن مشكورات مدعو لهن بعافية الأبدان من
صاحبة البيت ومن يؤول إليها من بناتها وذوات قرابتها ولم يزل الجدال بيننا
وبينهن قائما مدة طويلة بدون جدوى فأشار جارنا الآخر وهو اسكاف وعنده
حمار قد خزن له تبنا ان نشعل النار في التبن ليصل الدخان إليهن فيضطرهن
إلى السكوت فاتى بكمية من التبن إلى محل سكنانا وأشعل فيه النار فتصاعد
الدخان وأصابنا منه اضعاف ما أصابهن قبل ان يصيبهن منه شئ ومع ذلك
تغلبن علينا ولم يتركن ما كن فيه وكان هذا من الأعمال الصبيانية التي كان
الأولى بنا تركها والصبر على ما حصل.
ومن السوانح انا كنا نسكن في مسكن قريب من الحوارة وهي مجمع
للمياه تجمع في الشتاء لينتفع بها في الصيف وبقربها الجبانة فخرجت يوما
والفصل شتاء لأتوضأ لصلاة الصبح فشاهدت رجلا موسوسا في الطهارة
يصب الماء على يديه ورجليه وينتقل من قبر إلى قبر ويعيد صب الماء وقد
صار جلد يديه ورجليه كأنما صبغ بالنيل لشدة البرد فتوضأت وذهبت إلى
المنزل وصليت ثم عدت لأنظر ما انتهى إليه امره فوجدته على حاله الأولى
يصب الماء وينتقل من قبر إلى قبر فعجبت من ذلك ولم يزل كذلك حتى
طلعت الشمس وفاتته الصلاة وهو رجل عاقل متدين ليس فيه ما يعاب الا
هذا الوسواس الذي اتبع فيه أمر الشيطان.
وفاة الشيخ موسى شرارة
وبقينا في بنت جبيل إلى سنة ١٣٠٤ وقد وصلنا في المعالم إلى مبحث
الاستصحاب وفي شعبان توفي الشيخ موسى بمرض السل الذي كان متمكنا
فيه من العراق. ورثيته بقصيدة مذكورة في الرحيق المختوم. وتفرقت
الطلبة أيدي سبأ وذهب كل منهم إلى بلده على العادة المتبعة في جبل عامل
ان عمر المدرسة ينتهي بعمر صاحبها وربما ماتت في حياته، وذهبت انا إلى
بعض العلماء الذين اتوا من العراق بغية ان أتم عنده ما بقي من المعالم
وأشرع في غيرها، فوجدت ان غاية ما يقدر عليه فهم ما تحت اللفظ من
العبارة الذي لا يصعب علي فهمه بل ربما كنت افهمه أجود مما يفهمه،
وطلبت منه ان يذكر لي ما تنطوي عليه حاشيتا سلطان والشيرواني فلم يكن
ذلك باستطاعته فوجدت ان بقائي عنده نوع من العبث فتركته ولم تكن
نفسي تميل إلى معاشرة العوام وكنت اقضي أوقاتي في التدريس والمطالعة
والعزلة عن الناس ونفسي تتوق إلى الهجرة للعراق فلا أستطيع ذلك.
الطلب للعسكرية أولا
وفي هذه الأثناء طلبت إلى العسكرية فاقتضى الحال السفر فسافرت
إلى بلاد بعلبك مجتازا بالبقاع ومنها إلى بلاد حمص حتى انتهينا إلى قرية
تسمى الغور بضم الغين تبعد عن حمص إلى جهة الغرب أربع ساعات ثم
عدنا إلى الوطن ثم توفيت الوالدة ثم أصيب الوالد بنزول الماء على عينيه
فكف بصره ولي شقيقتان لا كافل لهما غيري مع ضيق ذات اليد فيئست من
طلب العلم لانحصاره في الذهاب للعراق وهو غير ممكن واضطررت إلى
تعاطي بعض الأمور الدنيوية التي لم يسبق لي تعاطيها.
في الجولان
فذهبت إلى الجولان مرتين لأنه كان لنا شريك على فرس أصيلة فبعته
النصف الباقي لنا واخذت بثمنه بقرا إناثا وذكورا والعادة عندهم ان ثمن
البقرة الفتية خمسمائة قرش والثور الفتي ويسمى عالولا ألف قرش ثم عدت
(٣٤٤)

وتحتي فرس دهماء رفلاء هي لخالي وعليها خرج فيه خروف وعلبة سمن
فوصلت إلى نهر وأردت ان أعبر بها النهر وبأسرع من البرق وجدت نفسي
فوقها في الجانب الآخر بغير انزعاج والخيل الدهم الرفل معروفة بالقوة
والنشاط نذكر هذا وأشباهه مستميحين العذر ممن يقرأونه فان الحديث
شجون ولعله يكون من باب الاحماض.
ومن شجون الحديث انه في إحدى سفراتي إلى الجولان اضطررت إلى
المبيت في الحولة في بيت من الشعر ويسمونه ربعة ومعي رجل من أهل ميس
وبدوي من عرب الجولان ووجدنا في الربعة بدويا ضيفا يقولون إنه شاعر
وهو ينتاب الأماكن يطلب بر الناس ومعه فرس فاخذوا عليقة فرسي وعليقة
فرسه وأثوابهما مملوءتين فرفعت العليقة بيدي فوجدتها ثقيلة فمددت يدي
فوجدت فيها شعيرا وبعد مدة قليلة رأيت الفرس تركت الأكل منها فإذا فيها
شلب وهو قشور الأرز العليا فوقه قليل من الشعير فقلت لمن معي اشتر لها
شعيرا إما فرس البدوي فهي معتادة على اكل الشلب فأكلته كله وجئ
بالعشاء فإذا هو بربورة ويسير من اللبن فقلت لهم دعوا لي هذا اللبن اليسير
وأنتم في حل من البربورة وهي ذرة بيضاء تطبخ بالمخيض فجئ بها في
باطية كبيرة مملوءة وصاحب البيت لم يحضر لا أولا ولا آخرا مما دل على خسة
طبعه فأكلوا ما فيها كله من الخبز وصاحوا باهل البيت ليأتوا بغيرها
فجاءوهم بباطية مثلها مملوءة فأكلوا منها ما استطاعوا وجهدوا في اكمالها
فلم يستطيعوا فحفروا في جانب البيت وأفرغوا ما بقي في الحفرة حنقا على
صاحب البيت ونهيتهم فلم ينتهوا وضفت مرة شريكنا على الفرس فذبح لي
شاة وبت انا وإياه وصاحبة بيته في بيت واحد من الشعر وكان معي في
إحدى السفرات بدوي ومعنا عالول فهرب فلحقه ففاته فجعل يسب الذي
نبت فيه الشعر تصديقا لقوله تعالى الاعراب أشد كفرا ونفاقا.
في الخيط
وسرق لنا مرة ثور فاضطررت إلى التفتيش عليه فذهبت إلى مارون
الرأس فقال لي بعض أهلها انا رأيته اليوم على عين البيضاء فذهب معي
ثلاثة من أهل مارون اثنان ذهبا لأجلي خاصة وواحد كان له شغل جزاهم
الله خير الجزاء فمررنا في قرية ديشوم وأهلها مغاربة فلم نر امرأة قط الا
عجوزا ووجدنا الرجال تستقي الماء من العين وتحمله في الجرار على عواتقها
وهذه عادتهم في صون النساء ثم هبطنا وادي عوبا وهو واد فيه ماء جار
وعليه رحى ثم خرجنا منه إلى سهل في آخره عين البيضا ومعنا الفلاح
فذهب ورأى الثور بين البقر وعرف رفقائي عند من هو ثم صعدنا في عقبة
من ارض الخيط حتى انتهينا إلى بيت من الشعر فيه رجل كهل يقرأ القرآن
وذلك في شهر رمضان وقد جئ إليه ببدوي من عرب تلك الجهات فوبخه
وتناوله ضربا بعصا غليظة في يده فهرب فحذفه بالعصا فوقعت بين أكتافه
وولى هاربا وكان الذي عنده الثور هناك فقالوا له نحن ضيوفك فقام معنا
وركبنا مصعدين حتى انتهينا إلى الظهر فإذا سرب من بيوت الشعر ممتد من
الجنوب إلى الشمال ولم نر خارجه امرأة فانتهينا إلى آخر بيت من الجنوب
فنزلنا عن الخيل وابتدر أحد الرفاق فعقد طرف منديل المغربي الذي على
رأسه وهي عند العرب علامة ان له عنده حاجة يلزمه قضاؤها وغربت
الشمس فجاءوا بالفطور مغربية وخبز على الطابون وطلبت الماء لأتوضأ
فقال لي صاحب البيت تريد الوضوء فقط أم تريد معه
قضاء الحاجة فقلت بل أريد الوضوء فقط فقال توضأ هنا داخل
البيت فتوضأت وصليت وسالت رفيقي عن معنى ذلك فقال هذا
محافظة على ستر النساء فان كنت تريد الوضوء فقط فيمكنك ان تتوضأ
داخل البيت ولا مقتضى للخروج لئلا تكون امرأة خارج البيت فتراها إما
ان كنت تريد قضاء الحاجة فلا مناص من الخروج فيحتاطون ان لا تكون
امرأة خارج البيوت ثم طلبوا مني ريالا مجيديا ليدفعوه إلى الراعي لم يكلفوني
غيره وكنت احتاج لولاهم إلى عدد من الليرات الذهبية لو أمكن لي
الحصول على الثور فلا أزال أشكرهم وأسال منه تعالى حسن جزائهم، وفي
الصباح رجع معي أحدهم ومررنا على الراعي فأخذنا الثور وعدنا.
الطلب للعسكرية ثانيا
ثم طلبت إلى العسكرية بعد الطلب الأول ولم تكن طلبة العلم في
بلادنا معفاة فأشار بعض الناس بعمل مضبطة وتقديمها إلى الحكومة فلم تجد
شيئا ولعل من اخذها وهو من أهل بلادنا لم يقدمها لأنه غضب من كونه لم
يبق في الصدر مكان لامضائه وضاق الخناق باهل العلم من جراء ذلك
وانقطعوا إلى الله بعد ما كان انقطاعهم إلى الخلق فهيا الله لهم الشيخ أبا
الخير الخطيب الدمشقي قاضي صور فأشار بان تعين مدرسة في عيثا الزط
تسمى المدرسة الحيدرية باسم رئيسها السيد حيدر مرتضى ويعمل معروض
يقدم إلى المشيرية بدمشق بطلب اعتبارها مدرسة رسمية تقبل طلابها في
الامتحان فعمل المعروض بنفسه بأسماء الطلبة المطلوبين وكتبه بخطه وكنت
غائبا في شقراء فقال بعض الطلبة الحاضرين لا تكتبوا اسمه لأنه غائب
فقال له آخر ان لم تكتبوا اسمه لا يتم أمر هذا المعروض فكتبوا اسمي فاخذ
المعروض الشيخ جواد مروة والشيخ عبد المطلب مروة رجلان صالحان لا
حول لهما ولا طول وركب كل منهما اتانه واخذا معهما من النفقة ما لا
يتجاوز ثلاثة مجيديات لكل واحد وسارا على اسم الله وبركاته إلى دمشق
وقدما المعروض إلى المشير واسمه رجب باشا وهو رجل حازم منصف لا
تعصب عنده فقال لهما يحققون ويدققون فإن كان ذلك كذلك فنعم والا
فمحال فعادا إلى جبل عامل فاخبرا بذلك وطالت المدة فجعل الناس يهزأون
منهما فبعض يقول لم يصلا إلى دمشق وبعض يقول مثل هذين نريد ان
نقضي بهما المهمات والحاصل كل أحد يجئ بعبارة من عبارات الهزء وهما
يحلفان لقد جرى معنا ما قلناه بدون زيادة ولا نقصان وكانا صادقين في
قولهما فصدر الأمر من المشير إلى الملازم الأول في صيدا ان يحضر إلى عيثا
ويرى المدرسة الحيدرية أ لها حقيقة أم لا وكان من توفيقه تعالى وثمرة التوكل
عليه إن كان هذا الملازم من خيرة الرجال ولو كان من أقرب الناس إلينا
وكنا من أعزهم عليه لما فعل خيرا مما فعل فاكترى برذونا من صيدا وامتطاه
وجاء إلى عيثا فوصلها عند الغروب فوجد السيد حيدر يصلي جماعة في
حجرة خارج داره فنزل عن برذونه وأبى ان يدخل حتى يتم السيد حيدر
صلاته فجلس خارجا وانتظر حتى فرغوا من الصلاة فدخل وسال عن
المدرسة فقيل له هي هذه فقال أين الطلبة فقالوا متفرقون بسبب طلب
الحكومة لهم وتشديدها عليهم وأرسلوا فاحضروا من أمكن حضورهم
وحشروا معهم بعض المعممين من غيرهم تكثيرا للسواد فكتب إلى المشيرية
بأنني حضرت إلى المدرسة فوجدتها مدرسة معمورة ووجدت الطلبة المطلوبين
جميعا فيها ولم يقبل ان يأخذ من المال شيئا فحينئذ صدر أمر المشيرية باعتبار
المدرسة مدرسة رسمية وان الطلبة الذين فيها مقبولون في الامتحان
المطلوبون منهم وغير المطلوبين وكان ذلك فتحا جديدا في جبل عامل ان
تقبل طلبته في الامتحانات الرسمية ولم يكن ذلك سابقا وبقي هذا إلى زوال
(٣٤٥)

حكم الدولة العثمانية. وكان من ثمرات التوكل على الله تعالى وتسليم
الأمر إليه أمور خارقة للعادة.
الأول ما أشار به الشيخ أبو الخير الخطيب وهو رجل دمشقي لا
تربطنا به علاقة وانما عمل ما عمل لوجهه تعالى وكان وجوه أهل بلادنا إذا
جئناهم لأمر من هذه الأمور ينفرون ويجيبوننا بما تشمئز منه النفوس وهم لا
حول لهم ولا قوة ولا طول ولا معرفة وكلهم جهلاء وبعضهم قد يفسدون
الأمر لأن فلانا قدم اسمه في المعروض على فلان.
الثاني وجود المشير رجب باشا الذي كان من صفاته ما سمعت.
الثالث صدور الأمر إلى الملازم الأول في صيدا ان يتولى تحقيق هذه
القضية ولا يمكن ان يوجد في الدنيا من يعمل فيها باخلاص كما عمله
معنا.
ومن الغريب انه يوجد دائرتان للرديف في صيدا ليس فيهما مخلص
غير هذا الرجل فضلا عن انه يوجد أحسن منه أو مثله أو أقل بدرجات
وكان ذلك ثمرة الانقطاع إليه تعالى والتوكل عليه كما أن تعويلنا على الخلق
في أول الأمر كانت ثمرته ايكالنا إليهم فتجهمونا وعدنا بالخيبة وشددت
الحكومة علينا بالطلب قبل مجئ أمر المشيرية فطلبنا ان نحضر إلى الخيام
للنظر في امرنا ومعنا أحد أبناء عمنا والشيخ موسى مروة بدلا عن أخيه
الشيخ محمد حسن مروة فقال لهما الحاج إبراهيم عبد الله ارجعا من حيث
جئتما وحضر في اليوم الثاني الموكل بطلبنا فأنكر الحاج إبراهيم ان نكون جئنا
للخيام وفعل معنا ما استحق به جزيل الشكر جزاه الله عنا خيرا ولم تطل
المدة كثيرا حتى جاءتنا البشارة بصدور الأمر بقبولنا في الامتحان.
في دار الحاج حسن عسيران
فلما جاء وقت الامتحان حضرنا إلى صيدا ونزلنا في دار الحاج حسن
عسيران مدة اقامتنا هناك وكانت داره معدة لنزول كل غريب وفيها مكانان
أحدهما لنزول الفلاحين والاخر لنزول العلماء والوجهاء والاشراف وكان
يقريهم جميعا أيام كانت حالته المالية متسعة فلما ضاقت كان يقتصر في القرى
على بعض الطبقات العالية وكان يدعونا نحن الطلبة إلى تناول الطعام على
مائدته أحيانا، وكان من حديثه ان أهل جبل عامل يوصون على صلاة
وصيام فهلا أوصوا للطلبة في النجف فذلك أفضل واجدى.
وكان في صيدا بيكباشي تركي اسمه محيي الدين شديد التعصب على
طلبة العلم فكتب معنا إلى بيروت ان هؤلاء ليسوا بطلبة علم وانهم
زراعون صنعتهم الحرث والحصاد وأرسل معنا دركيا كالذين يساقون
للخدمة العسكرية فلما وصلنا بيروت أخذنا للقشلة العسكرية فارجعوه إلى
دائرة الرديف فدخلنا على ميرالاي يبدو من كلامه انه دمشقي ذو لحية
شقراء قد وخطها الشيب ذو انصاف ومعدلة فقال لي أنتم طلبة قلت نعم
قال ومن أين تعيشون قلت إن الله تعالى رازق جميع العباد متكفل برزقنا
ومع ذلك لنا أهل ينفقون علينا فقال لي ان لباسك لباس تجار وكنت لابسا
عباءة عراقية مخيطة حساوي وكان الفصل شتاء فقلت ان العلم ليس
باللباس وهذه العباءة لبستها في الطريق للوقاية من البرد وسيصير الامتحان
قريبا وتحضر فيه فتعلم اننا طلبة أم لا فقال أ تدري ما كتب في حقكم محيي
الدين انه كتب كذا وكذا ونحن قد كتبنا له تكديرا لأننا علمنا انكم طلبة
حقيقيون بموجب الأمر الوارد من المشيرية وأمر من يقرأ كتاب المشيرية
ففهمنا مضمونه وإن كان بالتركية وهو ان المدرسة الحيدرية مدرسة معترف
بها وطلابها مقبولون في الامتحان وهؤلاء من طلابها فاذهبوا في حفظ الله
واخبرونا عن منزلكم لندعوكم عند الامتحان فذهبنا إلى المنزل واشتغلنا
بالمذاكرة والمباحثة ليلا ونهارا سوى وقت الصلاة والأكل فكنا نصلي الصبح
ونشتغل بالمذاكرة والمباحثة إلى الظهر فنتغدى ونصلي الظهرين ثم نشتغل
بذلك إلى المغرب فنصلي العشاءين ونتعشى ونشتغل بذلك إلى أن يغلبنا
النعاس وذلك نحو الساعة الرابعة ثم ننام وهكذا وكان صدى أصواتنا يصل
إلى السوق حتى أن الشرطة جاءت يوما ظانة وقوع نزاع ومقاتلة بين فريقين
وكان أهل بيروت إذا رأونا في السوق يقولون هؤلاء اخواننا الشيعيون.
أخي متى الفحص؟
الاجتماع بالمميز
واجتمعنا بالمميز في دار محمد أفندي اللبابيدي مأمور الاجراء حيث
دعانا وإياه لتناول طعام العشاء عنده، والمميز اسمه سليم البخاري وهو
مميز قرعة ومفتي ألاي فقال المميز اني أقول بالاجتهاد وأقول بالتجزي
فاعترضت على القول بالتجزي بأنه ربما كان بالمسائل التي لم يجتهد فيها
المتجزي ما ينافي أدلة ما اجتهد فيه فلا يكون قد استفرع الوسع فلم يكن
عنده جواب. وسألنا المميز في اي كتاب تقرأون علم النحو قلنا في شرح
القطر وشرح ألفية ابن مالك لابن الناظم فكان ذلك سبب طبع شرح
الألفية في بيروت ولم يكونوا يعرفونه، وجمعنا للمميز أربعة آلاف قرش من
الطلبة وانا كواحد منهم وكان اللبابيدي واسطتنا في ايصالها للمميز فلم يقبل
ان يأخذها الا ان يكون معه أحدنا فلم يأتمن الرفقاء على ذلك غيري
فجئت انا واللبابيدي والدراهم معي إلى لوكندة طرابلس التي كان المميز
نازلا فيها فقال له اللبابيدي الجماعة مقدمون لكم أربعة آلاف قرش لا على
سبيل الرشوة بل معونة لما عليكم من المصاريف فقال له المميز أنت تعلم يا
محمد أفندي انني لست من أهل هذا فأشار إلي اللبابيدي بالقيام فقمت
وبقيا منفردين والله يعلم ما جرى بينهما.
الحضور للامتحان
كان الامتحان الرسمي في ست سنوات سنتان في النحو في شرح
الجامي على الكافية وشرح الاظهار وأربع سنوات في المنطق سنتان في شرح
ايساغوجي للفناري وسنتان في شرح الشمسية وكنت مقيدا في دفاتر الحكومة
من مواليد ١٢٨٠ مع أن تولدي سنة ١٢٨٤ كما مر وذلك لسوء نية من مختار
القرية فلما طلبت للقرعة أول سنة وجدوا اني صغير السن فجعلوا تاريخ
ولادتي سنة ١٢٨٢ فلما كان بعد ذلك طلبت للقرعة بمقتضى ان ولادتي سنة
١٢٨٢ وأصابتني القرعة وعند السحب كانت الورقة بيضاء فتخلصت تلك
السنة. وحصل هنا اشتباه في دفاتر الحكومة فبقي المولد سنة ١٢٨٠ وبقيت
المعاملة على مقتضى ١٢٨٢ فاسقط سنتان لصغر السن والورقة البيضاء
فيكون أول سنة الامتحان في النحو في شرح الاظهار إما إذا كان المولد
١٢٨٢ وسقط سنتان يكون أول سنة الامتحان في المنطق سنتان في شرح
ايساغوجي وسنتان في شرح الشمسية فيكون قد توفر علينا السنتان
الأخيرتان من شرح الشمسية ففتحت الدفتر الذي كان معنا ضمن غلاف
ملصق مختوم فوجدت ان التاريخ قد كتب ١٢٨٠ فوضعت بدل الصفر رقم
(٣٤٦)

اثنين ثم ألصقته وهكذا في باقي السنين وحضرت الامتحان أربع سنين
وتوفر علي سنتان وأعطيت شهادة بانتهاء الامتحان لكنهم تفطنوا بعد ذلك
لهذا الغلط فطلبت وأديت الامتحان عن سنتين في سنة واحد فتوفر علي سنة
واحدة فقط. وحضرنا للامتحان في السراي فاعطونا محل الامتحان في شرح
ايساغوجي وقالوا تذاكروا فيه فدخلنا المسجد الذي في السراي التي هدمت
أخيرا فجلس البيروتيون ناحية وجلسنا ناحية فدخل اللبابيدي وقال
للبيروتيين قوموا واجلسوا مع اخوانكم واستفيدوا منهم فقاموا وجلسوا إلينا
فكانوا يدخلون رجلا منا ورجلا منهم وكانوا أضعف منا بمراحل ودخل
واحد منهم حليق اللحية وخرج فقال له اخر ما سألوك عن هذه فقال
حذفناها حذفا قياسيا وكان المجلس مؤلفا من المميز والقاضي والمفتي
والنقيب وبعض العلماء وجماعة عسكريين لكن القاضي لم يحضر ولما دخلت
قال لي المميز اقرأ، فقرأت القضية قول يصح ان يقال لقائله انه صادق فيه
أو كاذب فيه فقال لي من اي القضايا هذه قلت موجبة كلية فقبل جوابي ثم
تأملت بعد ذلك فرأيت انها طبيعية وسألني أسئلة أخرى فأجبته ثم قمت
لأكتب حسب الطريقة المرسومة فكتبت ما أعجب به الحاضرون وجاء محرر
الجريدة فأخبر ان طلاب صيدا وصور ومرجعيون نجحوا جميعا وجاءت
الجريدة إلى البلاد فكانت بشرى عظيمة ولما وصلت الشهادات إلى المير ألاي
ليمضيها طلب حضورنا لديه من بين جميع الطلاب فقال لنا انما طلبتكم
لأوصيكم بأمرين:
الأول انكم إذا سئلتم في استانبول أو في الشام أو في بيروت أو في
اي مكان تجيبون لأني حضرت امتحانكم وسمعت أجوبتكم فاياكم ان
تدفعوا لأحد شيئا.
والثاني لا تقولوا قد سئلنا فأجبنا وتتركوا طلب العلم.
فقلت له نحن لا نطلب العلم لأجل التخلص من العسكرية بل إنه
ليس لنا مهنة ولا صنعة غير طلب العلم أبا عن جد وشكرناه على نصائحه
وامضى لنا الشهادات وخرجنا وعدنا إلى بلادنا سالمين غانمين ببركة التوكل
على الله تعالى والياس من الناس وصرنا نأتي إلى الامتحان كل سنة حتى
مضت سنوه.
جعفر المحمد
ابن الشيخ محمد حسين المحمد من نسل الشيخ محمد بن محمود
العاملي المشغري الشاعر المشهور وقد ينسبون إلى الحر للمصاهرة بينهم حتى
كأنهم عائلة واحدة والمتدينون منهم لا يرضون ان ينسبوا أو ينتسبوا إلى الحر
وكان جعفر هذا مجنونا في ثياب عاقل متعمدا للأذى وكان هو في العراق
يؤذي العامليين لا سيما ابن عمه العالم الفاضل البر الصالح الشيخ حسين
بأنواع الأذى ويشكوهم إلى الحكام وكانوا معه دائما في عناء وسافر مرة إلى
إيران فكلف من يكتب له كتابا إلى النجف بان جعفرا توفي فلما وصل
الكتاب إلى النجف جعل ابن عمه الشيخ حسين يبكي فقال له ابن عمنا
السيد علي محمود أ تبكي عليه ابعده الله أ نسيت ما كان يصنعه معك ومعنا
فقال انما أبكي عليه لقلة توفيقه وفي أثناء ذلك حضر جعفر للعراق فقيل له
ما الذي حملك على هذا الكتاب فقال أردت ان اعرف من يحبني ممن
يبغضني ويشمت بموتي. وكان معنا في بيروت جماعة من آل الحر الكرام
حضروا مع أولادهم المطلوبين للامتحان فيهم الشيخ عبد السلام الحر
ومعهم الشيخ محمد المعروف بالخجا من آل مروة حضر مع ولده أيضا وكان
قارئا للقرآن عارفا بالتجويد فقرأت عليه صلاتي فقال جيدة سوى ان الدال
من سورة التوحيد في أحد وغيرها تحتاج إلى قلقلة وهي الحاق شئ بالدال
شبه الهمزة، وحضر في هذه المدة إلى بيروت الحاج محمد ابن الحاج حسن
عبد الله لأجل رجل من الخيام اخذ للخدمة العسكرية ووضع بالقشلة
فهربه ليلا وصرف ما جاء به من الدراهم لتخليصه فامتزج معه جعفر
وجعل لا يفارقه وهو يكرمه وكنا جلوسا مرة فمد الحاج محمد يده إلى ربطة
رقبته ليصلحها فقال جعفر لرجل إلى جنبه أ لست ذكيا بأنه يقول لك اذبحه
أ ما تراه مد يده إلى رقبته مشيرا إلى ذلك وعزم آل الحر ليلة على قتل جعفر
ليتخلصوا من أذاياه الكثيرة وما ينشع به على الشيعة من الأكاذيب مع أنه
كان نازلا مع آل الحر يأكل زادهم ويؤذيهم ولا يجدون إلى التخلص منه
سبيلا فعزموا على قتله ودعونا للاشتراك معهم فأبينا مستنكرين ذلك وكنا
نازلين وهم في فندق واحد فلما مضى شطر من الليل بدأوا بتنفيذ خطتهم
فقال لهم اخنقوني خنقا لا تذبحوني ذبحا فمزقوا ثيابه وأكثروا الجراح في
وجهه ثم جبنوا عن اتمام خطتهم فقال لهم قد تبت إلى الله واليكم فاستأجروا
لي غدا دابة لأذهب عنكم إلى جبع فلما كان الصباح غسلوا وجهه واتوه
بثياب وأرسلوا معه من يستأجر له دابة فجعل الذي معه يمشي به إلى محل
استئجار الدواب وهو يجره نحو السراي فلما رأى منه ذلك عاد عنه وعلم أنه
يريد الشكوى فذهب إلى السراي وشكاهم وأخبر بما جرى له فألقي عليهم
القبض وما تخلصوا ذلك اليوم الا بجهد عظيم ومشقة شديدة وواسطة
قوية.
طلب عالم من العراق
بعد وفاة المرحوم الشيخ موسى شرارة وتفرق طلبة مدرسته اعتزم
الحاج سليمان البزي وجيه بنت جبيل ومثريها وجماعة من وجوه البلاد
بتشويق جماعة من أهل الفضل طلب عالم من العراق بتوسط الشيخ محمد
حسين الكاظمي أشهر علماء العرب في العراق، فارسلوا له برقية بطلب
أحد اثنين: السيد إسماعيل الصدر أو السيد مهدي الحكيم وكثر ارسال
البرقيات بهذا الصدد، وكانت البرقيات ترسل إلى بغداد بواسطة حسن
رضا الشامي ومنها إلى النجف لعدم وجود مركز برقي في النجف. فقبل
السيد الحكيم بالمجئ على أن يرسل له مائتا ليرة عثمانية ذهبا، فأرسل له
مائة مقدما وأرجئت مائة إلى حين حضوره، ولما حضر استقبله القوم إلى
دمشق فاخذ بالحزم ولم يبرح دمشق حتى امنت المائة الثانية، وكنا أشوق إلى
حضوره من الظمان إلى بارد الماء، فهرعنا مع من هرع للسلام عليه،
واستبشر الناس بحضوره، وكنت من أشدهم استبشارا
واجتمع طلاب مدرسة الشيخ موسى، وانا معهم للقراءة عليه سوى السيد
نجيب فضل الله، الذي كان قد هاجر إلى العراق، واكتريت دارا وذهبت
مع عيالي إلى بنت جبيل. وتوافد الطلاب إليها وكنت قد وصلت في المعالم
إلى الاستصحاب كما مر. وكان المتقدمون من بقية الجماعة قد فرغوا من
قراءة القوانين وشرح اللمعة وشئ من الرسائل. وتذاكرنا معه في أمر
ترتيب الدروس، فقال للجماعة: ان لي شرحا على منظومة الشيخ موسى
شرارة في الأصول، فاقرأوا فيه بدل الرسائل وهو شرح على شئ من أول
(٣٤٧)

المنظومة، فقبلوا لما لم يجدوا بدا من ذلك. وقال لي: الأولى ان تقرأ
معهم، فأبيت وقلت لا بد لي من اكمال المعالم فقال لي أنت ذو فهم
ويمكنك ان تقرأ معهم ولا يفوقونك فهما. فقلت: انا اعرف بنفسي، ولا
استعمل الطفرة. نعم يمكن ان اقرأ معهم ولا اترك درس المعالم، فقر
الرأي على هذا بعد اصرار مني. وحضرت في اليوم الثاني ومعي المعالم،
فقرأ الجماعة درسهم وسمعته معهم وفهمته كما فهموه، ثم قرأت عبارة
درسي في المعالم، فلما فرغت قال: أ ليست هذه العبارة مفهومة قلت بلى
وأطبقت الكتاب وانصرفت، وفي اليوم الثاني لم أحضر معي المعالم،
فسألني، فقلت: حيث إن الغرض من احضارها هو قراءة العبارة فقط،
فانا اقرأها لوحدي.
وكان همه مصروفا إلى الوعظ والارشاد واصلاح المجتمع، أكثر من
انصرافه إلى التدريس، وهذا أمر مرغوب فيه فلا غرو ان اتبعه، ولكل
مصلح في هذه الحياة رأي فيتبع ما يراه أصلح، وقد يكون غيره أصلح
منه. وبعد قليل طلب وجوه البلاد لأمر لو تم لكان فيه من الحزم وجودة
الرأي وبعد النظر في عواقب الأمور ما لا يخفى لكنه لم يتم، وهم خليل
بك الأسعد والحاج حسين فرحات واخوه الحاج حسن والحاج علي أبو خليل
والحاج سليمان البزي، فقال لهم قولا معقولا: وهو اني حضرت إلى هذه
البلاد لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. وهذا لا يتم الا بان أكون مستغنيا
عن الناس وذلك يتوقف على أن تجمعوا لي من البلاد ما اشتري به مزرعة
تقوم بكفايتي. وهذا الكلام لو قيل في مثل إيران أو العراق لكان له وجه.
إما في جبل عامل التي يغلب على أهلها الفقر ولم يسبق لأحد من علمائها ان
طلب مثل هذا الطلب، وكل علمائها قانع بالقليل من عهد الشهيد الثاني
الذي كان يحرس كرمه ليلا بنفسه وبنى داره بيده، فلم يكن من المحتمل ان
يجيبوا إلى مثل هذا الطلب لذلك اجابه الحاج حسين فرحات من بينهم،
بأنه لا لزوم للجمع من أهل البلاد، بل نحن الموجودين، نقوم بثمن
مزرعة لأن ثمنها لا يزيد عن ألفي ليرة ذهبية. فخليل بك يدفع خمسمائة
والحاج سليمان خمسمائة، والحاج علي أبو خليل خمسمائة وانا وأخي
خمسمائة ولكننا نجعلها وقفا على العالم القائم بوظيفة العلم في جبل عامل.
وبقي الناس ينتظرون ان يعلموا لما ذا كان هذا الاجتماع، وما ذا كانت
نتيجته، فسألوا الحاج حسين فأخبرهم، وقال نحن فقراء، وعالمنا يعيش
كما نعيش، وقد اعتدنا ان يجئ العالم، فواحد منا يقدم له فرسا، وواحد
شيئا من المال وهكذا... أما إذا كنا نريد ان نشتري لكل عالم مزرعة فلا
يمضي زمن قليل حتى يصبح جبل عامل كله ملكا للعلماء. فأين نذهب
نحن.
وانفض ذلك الاجتماع عن غير جدوى. وكان من فتواه ان الضدين
الواجبين واحدهما موسع والآخر مضيق إذا فعل الموسع دون المضيق اثم
وصح الموسع وهو الأصح وان من عنده عقار لا يكفيه نماؤه لا يجوز له
تناول الحق الذي للفقراء بل عليه ان يبيع العقار ويصرف ثمنه ثم يتناول
من الحق. ومن الطرائف اننا جلسنا مرة في ارض ومعنا خالي الشيخ حسين
فلحة وسيد فقير اسمه السيد إسماعيل دقة فقال السيد هذه الأرض لي فقال
له خالي اسكت الآن يسمع بك فلان فيمنعك من اخذ الخمس فضحك
الحاضرون. ولما لم نجد فائدة في البقاء رجعنا إلى وطننا وكذلك باقي
الطلاب تفرقوا وعادوا إلى أوطانهم وانصرف السيد إلى ما هو بنظره أهم من
الدرس من اصلاح المجتمع بالوعظ والارشاد والى الأسفار لا سيما في شهر
رمضان لتعميم المنفعة وتخليص الناس مما عليهم من الحقوق المالية.
ولما وجدت ان لا فائدة لي من البقاء في بنت جبيل خرجت منها
وعدت إلى وطني في شقرا وعظم الأمر على والدي فطلب إلى صديق له في
بنت جبيل يسمى السيد احمد بوصي ان يقنعني بالعودة إليها فقلت له انا لو
علمت بدرس في رأس جبل الثلج لذهبت إليه، ولكنني آيس من وجود
الدرس في بلدكم وبقيت مثابرا على المطالعة والتدريس المتيسر حسب عادتي
واجتمع عندي عدة من الطلاب في علم العربية من النحو والصرف والبيان
فيستفيدون مني ولا استفيد منهم، وقرأت في هذه المدة شرح نهج البلاغة
لابن أبي الحديد بكلا جزئيه وكان والدي احضره معه من العراق وبقيت
معطلا من الاستفادة لعدم وجود الشيوخ.
سفرنا إلى العراق سنة ١٣٠٨
وبقينا على هذه الحال نتشاغل بالتعليم والمطالعة أربع سنين من سنة
١٣٠٣ التي توفي فيها الشيخ موسى إلى سنة ١٣٠٨ فحضر إلينا الشيخ
حسين مغنية فقال لي قد صح عزمنا على السفر إلى العراق لطلب العلم
فلتكن معنا فقلت له ما أشوقني إلى ذلك ولكن قد ترى حالة والدي فكلمه
في ذلك، وكان الوالد راغبا في ذلك كرغبتي فيه لكن عجزه وذهاب بصره
وفقد المعين يمنعه عن ذلك، فقال لي الوالد استخر بذات الرقاع فان
خرجت جيدة فالله يتولى تدبير أموري والا فأكون قد أعذرت فتوضأت
وذهبت إلى المسجد بنية خالصة وتضرع واستخرت بذات الرقاع فخرجت
جيدة فأخبرت والدي وتهيات للسفر مع العيال ولم يكن معي من النفقة
درهم واحد فهيا الله تعالى في مدة قصيرة من بيع بعض الحبوب وغيره نحوا
من ٢٥ ليرة فرنسية ذهبا.
وسرنا على اسم الله تعالى من شقرا في آخر يوم من شهر رمضان
المبارك وبتنا في قرية دير قانون النهر وفي الصباح سرنا قاصدين صيدا فبتنا
فيها ثم رحلنا قاصدين بيروت فوصلناها مساء، ودعانا فيها صديقنا القديم
من أيام الامتحان محمد أفندي اللبابيدي مأمور الاجراء لتناول العشاء في
داره، وحضرنا يوما إلى مكتبة الشيخ احمد عباس بجانب الجامع العمري
الكبير وكان هو واللبابيدي يطبعون ديوان الشريف الرضي عن نسخة
المرحوم الشيخ عبد الله نعمة فجئ بملزمة إلى المكتبة فإذا فيها هذا البيت:
وموقف صافحت أيدي الرجال به طلى الرجال على الخرصان من كثب
فوجدتهم فسروا كلمة الخرصان بقولهم: الخرص شئ يوضع في
الأذن فقلت لهم هذا خطا فالخرص هنا ليس له محل والا لكان المعنى انهم
يطعنونهم في آذانهم، بل الخرصان هنا أطراف الرماح، فسألوني حينئذ عن
معنى قسيم النار في قول الشريف: قسيم النار جدي يوم تلقى فقلت لهم
هذا إشارة إلى ما يروى عن النبي ص من قوله: يا علي أنت قسيم النار
تقول هذا لي وهذا لك وكان الشيخ أبو الحسن الكستي شاعر ببيروت
حاضرا فلم يعجبه هذا التفسير فقال الشيخ احمد عباس هاتوا تاج العروس
ولم أكن رأيته قبل ذلك ولا سمعت باسمه لأنه طبع حديثا فجئ به فإذا فيه
في مادة قسم قال رسول الله ص يا علي أنت قسيم النار تقول هذا لي وهذا
لك. وسألوني عن معنى قول الشريف الرضي:
(٣٤٨)

إما في يوم خيبر معجزات تخبر أو مناجاة الحباب
أرادت كيده والله يأبى فجاء النصر من قبل الغراب
فقلت هذا إشارة إلى قصة لم اطلع عليها. وبقي ذلك يحوك في
نفسي حتى وردت النجف وكان هناك رجل يسمى:
الشيخ محمد اللايذ
له اطلاع واسع على تواريخ أهل البيت ع ومناقبهم وعلى
تواريخ العلماء واخبارهم لأنه يكثر المطالعة في الكتب المتضمنة لذلك فهو
دائما في حجر بائعي الكتب يطالع فيها لا شغل له سوى ذلك وقد تلقى
اخبار العلماء المتأخرين من أفواه الناس وإذا حضر مجلسا جعل يلقي من
ذلك على أهل المجلس فيكون هو لا سواه محدثهم وكان فقيرا وعند صديقنا
السيد حسين الصائغ مجلس ليلة الأربعاء تقام فيه ذكرى سيد الشهداء
ويدعو فيه جماعة لتنال العشاء هو أحدهم على الدوام قد أوعز إليه صاحب
المجلس بذلك فلا يحتاج إلى دعوة خاصة فسألته عن معنى البيتين فقال نعم
وقف السيد الحميري بالمربد بالبصرة وهو محل اجتماع الناس وهو راكب
على جواد ونادى من جاءني بمنقبة لعلي بن أبي طالب لم انظم فيها شعرا فله
جوادي هذا فقال له رجل ما ذا نظمت في خبر الحية والغراب وروى له
قصتهما فنزل السيد الحميري عن الجواد وأعطاه إياه وقد أشار الشريف
الرضي في شعره إلى ذلك.
الخروج من بيروت
ثم ركبنا البحر من بيروت في مركب تركي اسمه قيصري قاصدين
إسكندرونة فاجتزنا بطرابلس واللاذقية وبقينا في البحر يومين وليلة وهاجت
بنا المرة الصفراء هيجانا شديدا حتى اننا خرجنا من البحر ونحن كالأموات
وبسبب ذلك تأخرنا عن صلاة المغرب أول الوقت فتعصب علينا قبودان
المركب لظنه اننا شيعة وجاء يسألني عن سبب تأخير الصلاة عن أول وقتها
فأخبرته بالعذر فلم يقنع بذلك وجعل يتجسس علينا وكانت معي رسالة
للشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي بيروت وهي على مذهب الإمام الشافعي
وكنت اقرأ فيها مرة فوقف من خلفي ينظر فيها خلسة لعله يجد
فيها ما يوافق غرضه فلما رأى انها على مذهب الإمام الشافعي انصرف لكنه
بقي على تعصبه واشتط علينا في اخذ الأجرة حين انزال ما معنا إلى الزورق
ليوصله إلى إسكندرونة هذه حالة المسلمين في تعصبهم الأعمى الذي أدى
إلى ضعفهم وصيرورتهم غرباء في أوطانهم.
في إسكندرونة
وهي فرضة على البحر المتوسط ولها خليج جعل لها موقعا حربيا
جيدا، واصل اسمها الإسكندرية نسبة إلى بانيها الإسكندر باني إسكندرية
مصر فدخلناها بعد خروجنا من البحر ونزلنا في بعض خاناتها وأهلها سنيون
وعلوية واشترينا اللحم وكنا إليه جد قرمين لما أصابنا في البحر من القئ
المتواصل بسبب هيجان الصفراء فكنا كأننا لم نأكله من سنين. وفي اليوم
الثاني ذهبنا إلى منبع مائها وهو غزير يفور من ارض سهلة وكان قد بني عليه
بناء فتهدم وبقي بعض جدرانه واجتزنا في طريقنا إليه بحدائق وبساتين
كثيرة تسقى من ذلك الماء فاغتسلنا وغسل النساء ثيابنا ثم عدنا إلى المنزل
واخذنا في اليوم الثالث نسعى في تهيئة أسباب السفر.
إلى حلب
ومن حيث إن معنا عدة نساء لم يعتدن ركوب الدواب ولا سافرن قبل
هذا السفر صرنا نسأل عن كجاوات فلم نجد وطلبنا إلى النجارين عملها
فلم يهتدوا إلى معرفتها لأنهم لم يروها ولا سمعوا باسمها قبل ذلك وقالوا لنا
هل تريدون سمرا والسمر بالفتح قتب رحل البغل والبرذون وشبههما.
وانحصر الأمر في ركوب الدواب على السروج والجالات ولو كان ذلك شاقا
مشقة شديدة على النساء. فذهبنا لاستئجار الدواب فطلبوا منا أربع
مجيديات لكل دابة، وبينما نحن في غم من هذا الأمر إذ جاءنا رجل يعرض
علينا الركوب في العربات فكانما نشطنا من عقال وكان ذلك الرجل يهوديا
وهو مالك العربات ومعه سائق كردي فجعل اليهودي على عادتهم في
المكر نفسه واسطة وادعى ان مالك العربات هو الكردي فاستأجرنا منه
بنصف ما كنا نريد ان نستأجر به الدواب وسرنا على اسم الله أحسن مسير
وكان ذلك بتوفيق الله وتيسيره وبعد ما قطعنا سهل إسكندرونة سرنا صعودا
فاجتزنا ببلدة بيلان والماء يجري في جانبها ثم بتنا في خان يسمى قرق
خان اي الخان الأربعون ثم بتنا في مكان على ماء جار فوق تخوت والماء
يجري من تحتنا ومررنا بمكان فيه جاموس وأظنه سهل العمق.
في حلب ثم السفر إلى العراق
ثم دخلنا حلب من باب الفرج وسألنا رجل على عادتهم في فضول
الكلام من أين أقبلتم فقال له أحدنا من إسكندرونة فقال والى أين تذهبون
فقال إلى الخان وتلقانا في باب الفرج المكارية العراقيون الذين حملوا الحجاج
من العراق إلى حلب وكانوا يريدون العودة وليس لديهم ما يحملون على
دوابهم وعرضوا علينا السفر معهم فقلنا لهم ان يأتوا إلينا ليتفق معهم فكان
دخولنا من باب الفرج فالا طيبا وفرجا قريبا وذهبنا إلى خان يسمى خان
موسى وهو خان نظيف ذو طابقين مبني من الحجر لا يدخله الدواب
وسقوف طابقيه مقبية بالحجر أيضا فنزلنا في الطابق الثاني الأعلى. وذهبنا
إلى مسجد زكريا وصلينا فيه والى الثكنة العسكرية مع بعض الجنود من أهل
بلادنا وصعدنا إلى القلعة وهي على ربوة وفيها مسجد فيه ماذنة عالية
فصعدنا عليها ورأينا حلبا كلها وبساتينها من الفستق وفي القلعة بئر بعيدة
المدى يستقى منها على دابة وفيها أكوام من القنابل القديمة. وحضر إلينا
المكارية فاكترينا منهم دابة الكجاوة بخمسة عشر مجيديا مع تحميل أربعين
أقة بلا اجرة ودابة الركوب بعشر مجيديات مع تحميل ثمانين أقة بلا اجرة
ومعهم عكامون كانوا مغتبطين ان يعودوا معنا بمؤونة بطونهم بدون اجرة
والعكام هو من يقود الدابة التي عليها الكجاوة وأظنه مأخوذ من العكم
وهو القبض بشدة على زمام الدابة أو لجامها، ومع العكامين جل لوازم
السفر من خيام وقرب ومبارز وسوبيات ومناصب وفؤوس وغيرها فأخذناها
بدون اجرة ولم يعوزنا غير المطرات والكجاوات اشترينا المطرات وذهبنا إلى
الخانات نفتش عن الكجاوات فوجدنا في خان ثلاث كجاوات اثنتان
جديدتان وواحدة عتيقة قد غمرها الزبل وتكسر أعلاها فسبق بعض رفقائي
إلى الجديدتين فاشتروا إحداهما بليرة فرنسية ذهبا والأخرى بأربع مجيديات
وبقيت الثالثة لم يقبلها أحد فاشتريتها بمجيديين وأصلح النجار أعلاها
بزهراوي نحو ربع مجيدي فظهر انها خير الثلاثة لأنها عمل بلاد العجم
متينة واسعة والأخريان عمل الكاظمية ضيقتان غير قويتين وجاء دور
العكامين فاختار رفاقي منهم الشبان وبقي واحد يسمى الحاج فليح بتشديد
(٣٤٩)

الياء وهو شيخ كبير السن أعور اعرج لا يستطيع المشي لكن معه حمار صغير
يركبه فكان هو نصيبنا فقبلنا به إذ لم نجد سواه متوكلين على الله فظهر ان
الحاج فليح سلمه الله تعالى رجل صليب العود قوي البنية قد عركته الأسفار
وعلمته تجنب الأخطار والأمن من العثار وخرجنا من حلب على اسم الله
تعالى قاصدين العراق وركب الحاج فليح حماره الصغير وقاد بغلة الكجاوة
وفيها عيالنا واحدى بنات عمنا وجعل يقول تأخروا عن درب الخشابات
ويكرر ذلك حتى صار أمام الجميع ومشى على متن حماره الصغير وكانه قائد
جيش على متن جواد مطهم. ومررنا بمكان قد غمره الماء ولا مناص لنا عن
عبوره وفيه حفر كثيرة فجعلت البغال تعثر في تلك الحفر وتقع عنها الأحمال
والكجاوات الا من نجي الله إما الحاج فليح فعبر ببغلته من مكان بحيث لم
تبتل حوافرها وتخطى بها كما يتخطى العصفور ووقف في ذلك الجانب
مستقبلا ببغلته القوم ونزل عن حماره وجلس ينتظر عبورهم وهم يعجبون
منه كيف استطاع العبور ولم تبتل حوافر بغلته وسرنا حتى وردنا قرية تسمى
جبرين وهي على مسافة أربع ساعات من حلب فنزلنا خارجها وضربنا
خيامنا وذهبنا إلى القرية لنشتري خبزا وبيضا فقيل لنا ان ذلك يوجد عند
شيخ القرية فوجدناه جالسا في ديوانه وحوله أهل القرية فطلبنا منه ان يبيعنا
خبزا وبيضا فقال أنتم مسافرون للعراق قلنا نعم، وتزورون الشيخ عبد
القادر الجيلاني الباز الأشهب قلنا نعم قال هاهنا ابن أخته وقد اشتهى يوما
لبنية فقذف له خاله اناء فيه لبنية من بغداد وأشار إلى جبرين فوصله حارا
وكان هنا رجل أعمى فاستشفى بقبره فعاد مبصرا وهو هذا وأشار إلى شاب
جالس أ ليس كذلك يا فلان فقال له الشاب بلى فقلنا له قد طال علينا
المجال فقم وائتنا بالخبز والبيض فقام وأتى بهما واشتط في ثمنهما.
ومرض أحد رفقائنا وهو الشيخ نعمة الغول بالحمى التيفوئيد وكان
الوقت في حمارة القيظ وكنا نسير الليل كله وننزل النهار كله وما حال محموم
محصور في كجاوة لا تسع غير مقعده محبوس فيها طول الليل فبينما نحن نسير
في جوف الليل في فلاة ليس فيها انسان ولا حيوان ولا نسمع فيها غير
أصوات الأجراس المعلقة في أعناق البغال إذا بصائح يصيح يا زوار هذا
رفيقكم قد ألقى نفسه من الكجاوة، والقوم كما قال الشريف الرضي:
وقيذين قد مال النعاس بهامهم * كما أرعشت أيدي المعاطين قرقف
فناديت رفيقي الشيخ موسى قبلان أين أنت قال ها آنذا قلت انزل
فنزلنا ورجعنا إلى الوراء وإذا بالمحموم ملقى على الصعيد وزوجته إلى ناحيته
تبكي وعلى يدها ولدها الرضيع والعكام يمسك بزمام البغلة وهي تجاذبه
الزمام تريد اللحاق بالقافلة فقلنا للمريض قم واركب فابى فحملناه بيننا
وألقيناه في الكجاوة واركبنا المرأة وابنها وقاد العكام البغلة وسار غير بعيد
فالقى المريض نفسه من الكجاوة وهنا أسقط في أيدينا ولم ندر ما نصنع
فقلت للعكام هل عندك حبل دقيق قال نعم فأخذته منه وشبكت به باب
الكجاوة بعد ما أركبناه وزوجته فرام ان يلقي نفسه فلم يستطع. وسرنا
حتى وردنا دير الشعار بفتح الشين وتشديد العين وتسمى أيضا دير الزور
بفتح الزاي، والزور المكان الذي فيه شجر ملتف وبقربه زور يسمى زور
شمر فلعله منسوب إليه وهي بلدة على الفرات نزهة ذات خيرات يزرع فيها
البطيخ الأخضر فيكبر حتى تكون الواحدة كالجرة العظيمة وأكبر، يحكمها
متصرف كان يرجع في ذلك الوقت إلى استانبول رأسا كمتصرفية القدس
وهي الآن تتبع سورية فأقمنا بها يوما وأردنا الرحيل في اليوم الثاني فابى
صاحبنا المريض فتعهدنا للمكارية بعليق دوابهم فاقاموا ذلك اليوم حتى
أقنعناه بالسفر.
والتقينا في بعض المنازل وأظنه الحديثة بالشيخ محمد دبوق
شريكنا في الدرس وكان قد سافر إلى العراق
لطلب العلم فبقي مدة في النجف وعاد لانحراف مزاجه ومعه الحاج محمد
علي رضا الدمشقي فانسنا بهما وكانا قدما مع ركب الحاج الإيراني. والحديثة
مدينة قديمة وهي اليوم قرية حقيرة من جانب الفرات الشرقي ومنزل
القوافل في الجانب الغربي فيجئ النساء باللبن والزبد يبعنه على القوافل
ويعبرن الفرات على الظروف المنفوخة أو القرع الكبار كما يمشي أحدنا في
الطريق وسرنا حتى وردنا عانة أو عانات وهي ممتدة على الفرات مسافة
ثلاث ساعات ويوازيها جبل ممتد والمسافة بينه وبين الفرات قليلة لذلك
كانت بهذا الطول ويقابلها راوة في الجانب الآخر من الفرات، وطلبنا في
عانة باذنجان وغيره عند العصر فلم نجد فقال رجل انا آتيكم بذلك من
راوة فاخذ منا ربع مجيدي وعبر على الظرف المنفوخ أو القرعة وجاءنا بما
طلبنا. ولا أزال أتذكر نجمة الخبازة التي جئنا إلى منزلها وهي تخبز على
التنور ضاحكة مسرورة فاشترينا منها خبزا وشربنا الماء في آنية مصنوعة من
القش مطلية بالقار من حب مصنوع ومطلي به.
وكان معنا رجل يسمى الحاج عباس هو شيخ العكامين فكان إذا
سأله الأعراب عن القافلة يقول هؤلاء حرم المشير وكان المشير قد سافر من
الشام إلى العراق قبلنا بأيام وكان على أعطية الكجاوات مرسوما الشعار
العثماني الهلال والنجمة فجاءنا في بعض المنازل بدوي يشتكي على آخر
انه سلب منه نعجة ويطلب إلينا تخليص حقه فقال له الحاج عباس: الباشا
نائم فلا ترفع صوتك وكان معنا نصراني يلبس اللباس الفرنجي ومعنا رجل
معه بندقية مزدوجة فحملها وركب بغلا وذهب مع البدوي وارجع له نعجته
وعاد.
ونزلنا في منزل يسمى القائم وفيه مدير ودرك فقيل لنا ان عرب عنزة
تمر في طريقنا وهي راحلة ويخشى منها فلو طلبتم إلى المدير ان يرسل معكم
بعض الدرك لكان أوفق ورغب الدرك في ذلك وحثونا عليه طمعا في الجائزة
فطلبنا ذلك من المدير فابى لأنه ليس معنا أمر بذلك وفي اليوم الثاني التقينا
بالاعراب راحلين كأنهم الجراد المنتشر فلم يتعرضوا لنا بسوء وشاهدنا نساء
الشيوخ بالهوادج كل واحدة في هودج عليه غطاء من الصوف المنسوج
المصبوغ بالحمرة وفي ذلك أقول من أرجوزة في وصف هذه الرحلة:
يحملن فوق الضمر الهوادجا * من احمر الصوف اكتست نسائجا
كأنما الأظعان والحدوج * كواكب تضمها بروج
وكانت النساء البدويات يأتين فيرفعن غطاء الكجاوات وينظرن إلى
النساء الحضريات ويعجبن منهن. وكنا نبيت في ذلك البر الأقفر والصحراء
الخالية بكل أمان واطمئنان حتى نزلنا منزلا بينه وبين بغداد نحو ثلاث
ساعات فقال لنا المكارية هذا منزل مخوف فاحترسوا هذه الليلة من
اللصوص فقلنا يا سبحان الله لا نأمن قرب مدينة بغداد ونامن في الصحراء
المقفرة فبتنا في ذلك المكان ولم نر مكروها.
في الكاظمية وبغداد
وفي اليوم الثاني عند الأضحى لاحت لنا قباب مشهد الكاظمين يلمع
(٣٥٠)

فيها الذهب الأبريز وشملنا الفرح والسرور ثم دخلنا الكاظمية فجاءنا رجل
يسمى السيد حمادي يطلب تذاكر المرور فأعطيناه إياها فلما لم يجد فيها مغمزا
اخذ يتعنت فيقول صاحب هذه التذكرة عمره فيها ثلاثون ويلوح من رؤيته
انه ابن أكثر أو أقل فعلمنا مراده ودفعنا له شيئا من الدراهم وانصرف.
ودخلنا الحضرة الشريفة في الكاظمية فاجتمع علينا الخدمة وبعد
الفراع من الزيارة أكرمناهم بريال مجيدي فاحضروا شمعدانا ووضعوا
المجيدي عليه وقالوا لي ما اسمك ظنا منهم ان كل واحد منا سيعطيهم
مجيديا فقلت له هذا عن الجميع. وبعد ما ذهبنا إلى الحمام توجهت أنا
وبعض الرفاق إلى بغداد لنشتري بعض اللوازم وبين بغداد والكاظمية
عربات تجرها الخيل تذهب كل ساعة عربة من بغداد واخرى من الكاظمية
فيلتقيان في منتصف الطريق ويوجد دواب أيضا فوجدنا العربة قد ذهبت
فاكترينا دوابا وركبناها إلى بغداد وجاء أصحابها ليتسلموها على العادة فقال
لهم رفيقي هاتوا من يشهد انكم أصحابها فقالوا له وهل من الممكن ان
يتعرض لها غير أصحابها فقال اذهبوا معنا إلى احمد صندوق لنسلمكم إياها
عن يده فسبوه وسبوا احمد صندوق فنزل حينئذ فلما انصرفوا لمته على ما فعل
وقلت له هل من الممكن انه كلما ركب أحد دابة لهم يأتونه ببينة على أن
الدابة لهم فقال انا اعلم ذلك ولكن أردت ان يدلونا على احمد صندوق
وذهبنا إلى متجر احمد صندوق الشامي فرأينا في طريقنا قطعة على باب كتب
عليها بنك شاهنشاهي بنك إيران وأمامه اثنان من الهنود فسألنا عنه فقيل لنا
انه بنك إنكليزي باسم إيران ومررنا في يوم آخر صباحا فلم نجد القطعة
فقلت لرجل هل نقلوا البنك من هنا قال لا قلت وما فعلت القطعة قال
يرفعونها بالليل لئلا تسرق ويضعونها في النهار فتعجبت من وقوع ذلك في
بلد فيه وال ومشير وهو عاصمة البلاد وذهبنا إلى سوق الصفارين لنشتري
بعض الأواني النحاسية فرأينا سوقا طويلة فيها دكاكين من الجانبين وليس
فيها غير صفارين فجئنا إلى أول دكان وسمنا النحاس فقلت لصاحبي لنشتر
فقال لا حتى نسوم في دكان آخر فقلت في نفسي هذا معقول فسمنا في
الدكان الآخر فكان السعر واحدا فقلت له اشتر فلم يفعل وانتقل إلى الثالثة
فسكت وصبرت ولم أقل له اني لا أستطيع معك صبرا ولم يقل لي هو ان
فعلت مثل هذا فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا لكنني عزمت على
عدم مصاحبته بعد هذا واستمر على الانتقال من دكان إلى آخر حتى أتم
الصف الأول وانتقل منه إلى الصف الثاني فأتمه إلى آخره ثم إلى الصف
الثالث فأتمه إلى آخر دكان منه وكان السعر في الجميع واحدا ثم تقدمنا إلى
الدكان الذي جئناه أولا فاشترينا منه حاجتنا بالسعر الذي وجدناه في باقي
الدكاكين وكان لهذا الرجل آراء غريبة وأفعال عجيبة اعرضنا عن ذكرها وان
كنا لم نذكر اسمه لأننا لا نريد ان ينسب مثلها إلى رجل من جبل عامل.
وكان صاحب الدار التي نزلناها إيرانيا وزوجته كذلك فكنت اسألها
عن بعض الأسماء بالفارسية واكتبها وقبل ذلك كنت قد حفظت بعض
الألفاظ الفارسية في جبل عامل وكان في تمرية ميس رجل عراقي يتكلم
بالفارسية مع خالي فأردت ان أتعلم منه فقلت له هنا فقال اينجا فقلت
هناك فقال كذلك اينجا فقلت هذا لا يمكن ومزقت الورقة.
في سامراء
ثم ذهبنا لزيارة مشهد سامراء، وسامراء بناها المعتصم انتقل إليها
من بغداد وهي مخفف سر من رأى فركبنا الحمير البيضاء والكجاوات للنساء
فبينما نحن نسير إذ قال لي المكاري الزم فلم أدر ما يريد بذلك وما كان
بأسرع من أن وجدت نفسي على الأرض وعلمني ذلك معنى الزم اي
أمسك نفسك جيدا لأنه يريد ان يصيح بالحمير فتطير وقبل وصولنا إلى
سامراء مررنا بجانب جسر قديم يسمى جسر حربي بناه بعض ملوك
العباسيين وعليه تاريخ بالأجر وعبرنا دجلة من غربيها في القفف فكان
النوتية السامرائيون يوقفونها في وسط الشط وهي تدور فيأخذون من الأجرة
ما شاؤوا إلى أن بنى الميرزا الشيرازي جسرا للعبور فوجدناها تعج عجيجا
بالعلماء والطلاب والزائرين وأرباب الحوائج والميرزا الشيرازي متحجب في
داره لا يراه أحد الا بإذن ويحضر درسه فحول العلماء وخادمه الشيخ عبد
الكريم محيي الدين يمشي ذاهبا وجائيا والناس تناديه من كل مكان وأرباب
الحوائج يكلمونه من هنا ومن هنا وهو لا يغضب ولا ينتهر أحدا وجلس
الميرزا يوما في دهليز داره على كرسي وأذن للناس بالدخول عليه فيدخلون
ويسلمون ويسألونه عما يريدون ويخرجون ودخلنا عليه فيمن دخل فسألته
عن شئ لا أتذكر الآن ما هو فقال يستعمل فيه القرعة وعن نذر الأئمة
فقال فيما أظن نحن لا نجيزه الا للزائرين ثم عدنا من سامراء إلى كربلاء.
في كربلاء
فدخلناها في ذي الحجة وأدركنا بها زيارة عرفة ووجدنا فيها طائفة من
العامليين من بني عمنا وغيرهم وسمعت كلامنا بنت عمنا السيد محسن
النجفية فوجدته لا يفترق شيئا عن كلام أهل العراق فعجبت من ذلك ثم
ذهبنا إلى النجف بطريق الماء.
في النجف
ونزلنا في دار بعض بني عمنا وفي يوم وصولنا
قال لي ان لي صديقا كان في بلاد إيران وحضر فاذهب
معي للسلام عليه فذهبنا نحو الساعة التاسعة نهارا وسلمنا عليه وجاءوا لنا
بالسكاير والشاي والقهوة فشربنا وبقينا إلى نحو الساعة العاشرة فأشرت إليه
بالذهاب فلم يفعل وقام ناس وجاء آخرون فأشرت إليه بالقيام فلم يفعل
ولا يناسب ان اخرج وأدعه ومع ذلك فلست اهتدي الطريق إلى الدار إلى أن
بلغت الساعة نحو الحادية عشرة فأشرت إليه بالقيام فلم يقم وقرب وقت
المغرب فذهب الناس جميعا وأشرت إليه بالقيام فلم يفعل إلى أن صارت
الساعة نحو الواحدة فكان الحال كذلك والى الساعة الثانية ونحن
جلوس فلما صارت الساعة الثالثة جئ بالعشاء فتعشينا معهم وما قمنا حتى
قاربت الساعة الرابعة فقلت له هذا فراق بيني وبينك لن أصحبك بعدها
ابدا ثم اكترينا دارا في محلة الحويش وانتقلنا إليها وشرعنا في الدرس
والتدريس وكان جارنا الشيخ ملا حسين قلي الهمذاني الفقيه العارف
الأخلاقي المشهور فحضرت يومين في درسه الأخلاقي ثم تركت وعكفت
على دروس الأصول والفقه ثم ندمت على أن لا أكون حضرت درسه
الأخلاقي إلى آخر حياته وقد توفي ونحن في النجف الأشرف وكان جل
تلاميذه العرفاء الصالحون وفيهم بعكس ذلك لأن الحكمة كماء المطر إذا نزل
على ما ثمره مر ازداد مرارة وإذا نزل على ما ثمره حلو ازداد حلاوة.
وبعد الاستقرار في تلك الدار شرعنا في القراءة على المشايخ وشرع
الطلاب في القراءة علينا. وكانت صاحبة الدار تسكن فيها معنا لأنها كانت
متزوجة برجل من بيت الخرسان ولها ابن منه توفي فورثت الدار منهما وكانت
تسكن معها ملا نائحة على الحسين ع ذاكرة لمصيبته وهي طرشاء واسم
(٣٥١)

إحداهما عزيزية بالتصغير فلم نأتلف مع صاحبة البيت وخرجنا قبل اكمال
السنة فسكنا في محلة العمارة.
أقسام التدريس في النجف
التدريس هناك قسمان الأول تدريس السطوح وهو القراءة من
الكتاب ولكل علم من العلوم كتب مخصوصة يدرس فيها ذلك العلم فيقرأ
المدرس عبارة الكتاب ويفسرها للطلاب وإن كان له نظر خاص واعتراض
بينه ومن كان له من الطلاب قابلية الرد عليه ومباحثته رد عليه وباحثه
فيقرأون أولا النحو والصرف ثم البيان والمنطق ثم الأصول والفقه في كتب
مخصوصة لهذه ومنهم من يقرأ علم الكلام الإلهي وحده أو الطبيعي
والإلهي.
الثاني تدريس الخارج اي الخارج عن الكتاب وهو القاء الدرس
بدون كتاب وهذا يكون في علمي الأصول والفقه لنيل درجة الاجتهاد لمن
وفقه الله لذلك فيلقي الشيخ مسائل أصول الفقه واحدة بعد الأخرى ويذكر
أقوال العلماء فيها وحججهم ويفندها ويختار أحدها ويصحح دليله ويحتج
عليه ويناقشه الطلاب ويجيبهم ويردون عليه ويرد عليهم وكذلك الفقه يذكر
الفرع الفقهي وأقوال العلماء فيه وأدلتهم من الأخبار وغيرها واجماعهم
ويناقشه الطلاب على نحو ما مر في علم الأصول وهكذا حتى تنتهي مسائل
الباب الذي شرع فيه فينتقل إلى باب آخر وهذا القسم يكون التدريس فيه
بعد الفراع من القسم الأول وهو تدريس السطوح.
تنظيم الدروس
الدروس منظمة تنظيما طبيعيا بحسب الكتب وبحسب السطح
والخارج ففي النحو والصرف مثلا يبدأ بقراءة كتب مخصوصة وبعد اتمامها
ينتقل إلى غيرها وهكذا باقي العلوم ويبدأ بالنحو والصرف وبعد اكمالها
ينتقل إلى البيان والمنطق وبعد اكمالهما ينتقل إلى الأصول والفقه سطحا وبعد
الفراع منهما ينتقل إلى الأصول والفقه خارجا.
وهذا ترتيب جيد نافع الا ان تطبيقه راجع إلى الطلبة أنفسهم فمنهم
من يوفق إلى تطبيقه تطبيقا تاما فلا يقرأ في كتاب حتى يتم ما قبله ويتقنه ولا
في علم حتى يفرع من الذي قبله ويتقنه ولا يقرأ درس الخارج حتى يفرع
من السطوح وكثير منهم لا يطبق هذا البرنامج فيشرع في الكتاب المتأخر قبل
اكمال المتقدم وفي درس الخارج قبل اتقان السطوح فلا يستفيد شيئا أو
يستفيد فائدة قليلة في مدة طويلة.
وهناك خلل آخر يحصل من اختيار الشيوخ فلا يكون الشيخ صالحا
لتدريس هذا الفن أو لا يكون صالحا للتدريس أصلا ويغتر به الطلاب
لكن هذا قليل والخلل السابق أكثر منه.
وليس هناك من يجبر على تطبيق هذا البرنامج ولا على اختيار الشيوخ
الصالحين للتدريس ولا يمنع شيخ أحدا من درسه ان لم يكن من أهله هذا
ان لم يرغبه فيه حبا بتكثير السواد وليس هناك امتحان ترتب الدروس على
حسبه.
وهناك خلل ثالث في الدروس الخارجية وهو ان المتأخرين من أهل
عصرنا وما قاربه اشتغلوا في تحرير محل النزاع فصرفوا في تدريسه شهورا
وأياما وفي التعريفات فقالوا انها غير جامعة أو غير مانعة فزادوا عليها فجاء
الاعتراض من جهات أخرى وأول من انتبه لذلك شيخنا الشيخ ملا كاظم
الخراساني فقال في تحرير محل النزاع إن كان النزاع في كذا فالحق كذا وإن كان
في كذا فالحق كذا وقال في التعريفات انها لفظية كقول اللغويين سعدانة
نبت فلا يلزم كونها جامعة مانعة.
وخلل رابع وهو ادخال مسائل الكلام في علم أصول الفقه.
وخامس وهو التطويل في مسائل من علم الأصول فرضية لا فائدة
فيها كدليل الانسداد وتعارض الأحوال وغيرها بل في جميع مسائل
الأصول.
وسادس وهو اهمال علم الحديث وتصحيح الأسانيد والاكتفاء
بتصحيح من سبقهم.
وسابع وهو عدم اتقان اللغة العربية ومعرفة خصوصياتها ودقائقها
لا سيما من الأعاجم.
أيام التعطيل
تعطل الدروس في النجف في يومي الخميس والجمعة بل في الحقيقة
يوم الخميس فقط لأن يوم الجمعة يشتغل فيه بعد الظهر بمطالعة دروس يوم
السبت وتعطل الدروس في شهر رمضان وأكثر شهري رجب وشعبان ولا
تعطل في الصيف ومن الشائع ان التحصيل بين تعطيلين غير مستحب ولهذا
قال بعض الظرفاء لما سئل عن كيفية تحصيله: يوم انا في الحمام ويوم
شيخي في الحمام ويوم خلقي ضيق ويوم شيخي خلقه ضيق ويوم خميس
ويوم جمعة ويوم تحصيل بين تعطيلين وتم الأسبوع.
الإجازة
منها اجازة الرواية وهذه لا يشترط في المجاز بها الا يكون مجتهدا
ومنها اجازة الاجتهاد وهي شهادة بان المجاز صار له ملكة استنباط الفروع
من الأصول وانه ثقة عدل يصح اخذ الأحكام عنه ويعرف ذلك بالممارسة
لا سيما إن كان من تلاميذ المجيز.
مشاهير العلماء في العراق أيام كنا في النجف
فمن العجم الشيخ ملا كاظم الخراساني والشيخ آقا رضا الهمذاني
والشيخ عبد الله المازندراني والسيد كاظم اليزدي والميرزا حبيب الله الرشتي
والميرزا حسن ابن الميرزا خليل الطهراني ومن الترك الشيخ حسن المامقاني
والملا محمد الشرابياني وكلهم مدرسون وغيرهم كثيرون يعسر احصاؤهم
وقد يكون فيهم من لا يقصر عن بعض من ذكرناه أو يساويه. ومن العرب
الشيخ محمد طه نجف النجفي وهو وإن كان أصله من تبريز الا ان آل
نجف استعربوا وهو رئيس المدرسين من العرب والشيخ علي رفيش وهو
مدرس والسيد محمد ابن السيد محمد تقي الطباطبائي آل بحر العلوم وبيده
المال المعروف بفلوس الهند وهو مدرس والشيخ عباس الشيخ علي والشيخ
عباس الشيخ حسن كلاهما من أحفاد الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء
والسيد حسين القزويني والشيخ محمود الذهب وغيرهم كثيرون لا يتسع
المقام لاستقصائهم ولعل فيهم من يفوق بعض من ذكرناه أو يساويهم.
(٣٥٢)

هذا في النجف إما في غيرها ففي سامراء رئيس الكل الميرزا السيد
محمد حسن الشيرازي وفي كربلاء الشيخ زين العابدين المازندراني وفي
الكاظمية الشيخ محمد تقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ أسد الله التستري
والشيخ محمد ابن الحاج كاظم والسيد مهدي الحيدري والسيد إسماعيل
الصدر والسيد حسن الصدر والشيخ مهدي الخالصي وغيرهم كثيرون.
الشيخ حسن المامقاني
هذا الرجل من علماء الترك كان حسن الأخلاق جدا صاحب نكتة وظرافة لكنه
يظهر الغضب والشدة والعنف لمصلحة. اجتمعت به عدة
مرات منها في مسجد الشيخ جعفر وكان يدرس فيه فتكلم رجل من
ضعفاء العرب بعيد عن العلم فقال الشيخ خدا بيامرزد صاحب شمسية
را رحم الله صاحب الشمسية. وقال في ذلك المجلس خطيب أصوليين
وشاهزاده شيرين صاحب المعالم فرمود قال وأمر خطيب الأصوليين
والأسد بن الأسود وكان يدرس مرة وتكلم بعض الطلبة واتفق ان سقاء
ضاع له حمار فكان ينادي في الزقاق يا من شاف مطي أبيض فقال الشيخ
للطالب اسكت لئلا يظنك أنت فيأخذك ومنها انه كنا في مجلس فيه الشيخ
فقال انا كنت فقيرا وإذا حصل بيدي خبز وجبن أعدها نعمة كبرى فلما
تزوجت عربية وكان متزوجا بعلوية عربية درت علي الأرزاق فصرت آكل
شلة الماش ومنها انه جاء لوداع رجل تركي يريد السفر لنا به علاقة نسائية
يسمى الشيخ عبد النبي فجرى ذكر ابن أبي الحديد فقال يقولون إنه شيعي
وكان يتستر بالاعتزال فقلت هذا ما لا يصح لأنه صرح بالاعتزال في شعره
فقال:
ورأيت دين الاعتزال وانني * اهوى لأجلك كل من يتشيع
وفي مؤلفه شرح النهج. ولم يسمع ان أحدا من علماء الشيعة أظهر
خلاف معتقده في كتاب أو شعر قد يظهر ذلك في كلامه فقال نعم الأمر كما
قلت.
وكان يصل بعض العلويات الفقيرات من أرحامنا بواسطة الشيخ عبد
النبي المقدم ذكره فلما أراد الشيخ عبد النبي السفر قال له دلني على من
أوصل ذلك بواسطته فدله علي وكان لا يعرفني لأنني لا أتعرف إلى من لا
استفيد منه علما فقال أريد ان أراه فقال آتي انا وهو إلى داركم فقال هذا ما
لا يكون لأن فيه حزازة على السيد فقال نأتي بعد الصلاة قال وهذا أيضا فيه
حزازة عليه قال فما الحيلة في ذلك قال نذهب إليه نحن قال متى يكون ذلك
لأخبره فلا يخرج من الدار قال هذا فيه مشقة عليه ولكن متى كنت ذاهبا إلى
مكان وحاذيت داره فأخبرني لنأتي إليه بدون خبر فاتفق انه كان ذاهبا مرة
وحاذى دارنا فأخبره فمنعه ولده من المجئ إلينا لعذر خلقه ثم لما حضرنا
لوداعه اخبره عني بالتركية.
جملة مما اتفق لنا ونحن بالنجف من النوادر والحوادث
في أول يوم انتقلنا فيه إلى محلة الحويش ذهبت للسوق فاشتريت لحما
وجئت لاشتري باذنجان وكنت اعلم أنه رخيص فأعطيت بائعه أقل ما
يتمول وهو فلس نحاسي سكة إيران يسمى نصف بول يعادل خمس المتليك
العثماني تقريبا وكانت السكة الإيرانية شائعة في العراق فملأ الميزان من
الباذنجان فقلت له انا أريد بهذا الفلس فظن اني استقللته فقال لي انه لا
يساوي أكثر من هذا. وذكرتني هذه القصة بما جرى لرجل دمشقي كان
ذاهبا لزيارة الرضا ع ومعه فرسه فمر بكرمانشاه فرأى بائع بطيخ فأعطاه
نصف قران وظن انما يعطيه به بطيخة واحدة فأعطاه أربع عشرة بطيخة
فقال له انا أريد بنصف قران فقال لا يكون لك به أكثر من هذا فحمل
البطيخ على الفرس وذهب ماشيا.
وفي اليوم الثاني جاءني رجل عاملي عند الظهر من أرحامنا وكنت
اعرف من عادته انه يزور في غير وقت الزيارة ويطيل الجلوس بغير فائدة
فتناولت المدارك لأنه لم يكن عندي ساعتئذ غيرها وطلبت منه تفسير عبارة
فيها فقال ليس هذا وقت تفسير قلت له ليس للتفسير وقت وشرعت في
قراءة العبارة فلم يجد بدا من تفسيرها ففسرها فقرأت له عبارة ثانية وطلبت
تفسيرها وهكذا فضجر وقام وبعد يومين أو أكثر جاءني في مثل ذلك الوقت
فعرفت الدواء فقام ولم يعد.
الحاج احمد الخباز
وبعد ما دفعنا اجرة الدار واشترينا بعض الأثاث والمئونة نفد ما معنا
من الدراهم وكان الوالد قال لنا انه عند وصولنا للنجف ستلد الفرس
بمشيئته تعالى ويبيع فلوها ويرسله لنا فكان الأمر كذلك ولدت فلوا من
البغال باعه بست ليرات ذهبية أو أكثر وسلمها للخال ليرسلها إلينا لأنه لم
يجد أقرب منه ولا أشفق منه علينا والظاهر أن الخال احتاجها ونسي اننا في
غربة واننا في مسيس الحاجة إليها فصرفها ولم يرسل لنا منها شيئا وجاءنا
كتاب الوالد يخبرنا بارسالها وجاء البريد فلم نجد لها اثرا وانتظرنا مدة فلم
تحضر وطولب الخال بها فلم يجد ولم تحصل منه الا بعد سنين عديدة وضاق
بنا الأمر ولم نتعود ان نخبر أحدا بحاجتنا فضلا عن أن نطلب منه ولو قرضا
ولكن الله تعالى أبى ان يحوجنا لغير وجهه الكريم وجعل يفتح لنا أبواب
الرزق الكفاف من حيث لا نحتسب ومن حيث لا يكون لأحد علينا منة.
فقيل لنا ان هنا خبازا إيرانيا يسمى الحاج احمد دكانه في الزاوية التي هي في
الفسحة امام باب القبلة للصحن الشريف فجئنا إليه فوزن لنا خبزا وطلب
الثمن فقلنا اجعله دينا فتناول عودا من خشب الصفصاف من حزمة بجنبه
وبرى طرفها كبري القلم ورسم عليه علامة بالمداد لئلا يتبدل وكان يفرض
للوقية التي هي خمس أواق استانبول فرضا واحدا ولنصف الأوقية نصف
فرض فإذا جاء نصف أوقية آخر أكمل الفرض والخبز عنده قسمان عادي
وأعلى يسمى خبز مهدي والطلبة مزدحمون عليه ودفتره عيدان الصفصاف
بيد كل واحد عود كالذي أعطاني إياه وعليها علامات كمثل علامته كي لا
تبدل واستمر بنا الحال على هذا المنوال وكنت أضع ذلك العود في جيبي
فانخزق الجيب وسقط العود منها ولم أشعر به وعظم الخطب لأني لم اعلم ما
يكون موقف الحاج احمد مني إذا علم بضياع العود الذي هو الدفتر الوحيد
ولكن الحاج احمد كان حسن الأخلاق رضي الطبع قد سخره الله تعالى
لمعونة الطلاب المعوزين امثالي بآمهالهم بثمن الخبز الذي هو عمدة القوت
فتوجهت إليه متكلا على الله مفوضا إليه أمري مشجعا نفسي على الاقدام
حاسبا لغضب الحاج احمد ألف حساب فوزن الخبز وطلب مني العود فقلت
له والخوف اخذ مني ماخذه قد ضاع فلم يتأثر وقال لي كم فيه من
الخطوط قلت لا أدري قال كم تحدس ان فيه قلت كذا فاخذ عودا وخط فيه
كما قلت له وأعطاني إياه، وأوصاني ان لا أضيعه. فرحمك الله يا حاج احمد
وأسكنك جنته بما صنعته معي.
(٣٥٣)

هذا ما كان من أمر الخبز ولكن الخبز وحده غير كاف وما حال باقي
الأشياء. وجاءني يوما السيد مصطفى مرتضى ابن عمنا وقال يوجد عبادة
عن تاجر بغدادي اجرة السنة ست ليرات عثمانية مشروط فيها الاذان لكل
ورد والإقامة لكل فرض والقصر والتمام فهل تأخذ منها سنة قلت يكفيني
نصف سنة فاحضر لي اجرتها ثلاث ليرات عثمانية وطال المدى باكمالها
ولعله استغرق سنة.
واشتريت خاشية عباءة رقيقة باثني عشر قرانا إيرانيا وخيطتها بقران
واحد واشترى أحد رفقائنا خاشية رقيقة جدا بليرة إفرنسية ذهبا فكان إذا
أراد الجلوس في الصحن يضعها على ركبتيه ويجلس القرفصاء إما انا فاجلس
عليها واحمل بها ما أشاء وحالتي المالية أحسن منه وبعد ورودنا النجف بمدة
قليلة سافر السيد حسن يوسف العاملي الحبوشي إلى جبل عامل وسكن
النباطية التحتا وبعده بمدة يسيرة سافر السيد جواد مرتضى العاملي الجبعي
وكان هؤلاء مترجمون في كتابنا أعيان الشيعة.
ومن طريف ما اتفق لي بالنجف انني كنت امشي وأمامي اثنان من
العجم من طلبة العلم وبائع العنب ينادي صاير كباب العنب فقال
أحدهما للآخر صاير كباب العنب يعني چه يقول متعجبا كيف يصير
العنب كبابا والعنب ثمر الكرم والكباب شواء من اللحم. وانما أراد البائع
ان العنب ناضج فشبهه بالكباب.
وكان عاملي يدور على العامليين يوم مجئ البريد فيسألهم عن الأخبار
ويسألني فيمن يسال فأقول له ان كتبي كلها انشاء وليس فيها اخبار
وأتعجب من حماقته واتفق لهذا الرجل ان مرضت زوجته فذهب بها إلى مرزا
باقر الطبيب فكتب لها صفة دواء في ورقة وقال أغلها واسقها إياها فتوهم ان
مراده غلي الورقة فغلاها وسقاها ماءها فبقيت على حالها وأخبره ان دواءه لم
ينفع فقال مرادي ان تغلي الدواء المكتوب فيها لا الورقة. وذهب يوما إلى
الحمام ونسي الوزرة تحت ثيابه ولم يشعر بها حتى خرج وجعلت تعوقه عن
المشي فخجل من ارجاعها وأبقاها إلى مرة أخرى.
وجاءني في النجف عاملي يقول فلان من العجم يباحث ليلا في
الأصول ويرغبني في حضور درسه فحضرت فلم يعجبني بحثه إلى أن قال
مرة العلة متقدمة على المعلول قلت في الرتبة فقال بل في الزمان قلت العلة
المركبة فقال والبسيطة فتركت درسه.
وجاءني آخر فقال فلان من العرب يباحث في الفقه وهو جد فقيه
فوجدت انه لا يحضر درسه الا هو واثنان من العامليين من نوعه وبعض
الشروقيين. فقلت له ان أعمى تزوج بمبصرة فقالت له وددت انك كنت
بصيرا لترى جمالي وصباحة وجهي فقال لها لو كنت كما تقولين لما تركك
البصراء تصلين إلي ولو كان هذا الشيخ كما تقولون لما انحصر تلاميذه في
هؤلاء.
وجاءني نجفي يطلب إلي حضور درس بيد صاحبه الأموال المسماة
فلوس الهند فقلت لا احضره قال أ ليس صاحبه من أفاضل العلماء قلت بلى
ولكن بيده فلوس الهند ولا ارضى لنفسي حضور درس فيه طمع بالمال قال إن
فلانا وفلانا من العامليين يحضرونه قلت لهم شأنهم.
وعمل السيد حسن عبد العزيز وليمة لختان أولاده الذين هم من ابنة
السيد كاظم ابن عم والدي فدعانا إليها فجلست في ايوان ومقابلي بعض
علماء النجف من العرب من أبناء العلماء وفي الايوان الشيخ محمد اللايذ
فقال له ذلك العالم لما ذا سموكم بيت الصيقل فغضب وشتمه شتما قبيحا
وقال له يا رذيل.
وفي اليوم الثاني تعرض للشيخ محمد جماعة من اتباع العالم فأهانوه ولم
اعرف سبب غضبه من ذلك. وكان الشيخ محمد اللايذ هذا لا يزال في
حوانيت الكتيبة يطالع وإذا حضر في مجلس يذكر من اخبار الأئمة وكان
عنده اطلاع على اخبار العلماء العراقيين والامراء فسمعته يوما يقول كان لملا
حسين الحلي شاعر وادي شيخ زبيد صديق من عرب زبيد يسمى حمزة وكان
ملا حسين يزوره فيكرمه حمزة فجاء مرة فلم يجده ووجد زوجته واسمها
منصورة فأكرمته وقامت بضيافته فقال يمدحها بالزجل العامي المسمى في
العراق ميمر:
قلبي يحب زبيد انا من صوره * والهم جيوش عالعدى منصورة
وان غاب حمزة خلفته منصورة * تعيض عن كل الرجال وتستر
فقالت له منصورة يا ملا حسين الرجال ما يسد ثناياها غيرها ولكن
قل عن بعض الرجال.
السيد حسين الصائغ
كان السيد حسين من أهل العلم والتقوى والصلاح وكان صائغا لا يصوع الا
الذهب ولا يأتمن الناس سواه ومن يأتمنه هو وكان عنده من جميع
النقود القديمة لا سيما الاسلامية وكان اعرف الناس بقراءة الخط الكوفي.
وكان عنده الدينار الذي هو الذهب الصيني العتيق المسمى في العراق أبو
لعيبة الذي هو مثقال شرعي وأخبرني انه يوازن نصف ليرة عثمانية ذهبية.
وكان عنده مجلس ليلة الأربعاء يقرأ فيه خبر المأتم الحسيني ويدعى فيه جماعة
للعشاء ويكون اللحم كثيرا والطعام جيدا على عادة العراقيين في الكرم
وكان كثيرا ما يدعو ابن عمنا السيد جواد حفيد صاحب مفتاح الكرامة
وللسيد حسين ولد اسمه السيد هادي كان يومئذ صغير السن يشتغل بعلم
النحو وهو اليوم من أفاضل العلماء وكان السيد جواد كثيرا ما يقول للسيد
حسين من باب المطايبة ما بال اللحم قليلا كأنك اشتريت العظام من صانع
الكباب وأمثال هذا الكلام فحلف السيد انه ان تكلم بمثل هذا الكلام لا
يدعوه ابدا فدعاه ليلة على هذا الشرط وكان يطلب منه ان يسال ولده في
النحو فطلب منه ذلك تلك الليلة فقال له كيف تعرب لنا لحمنا قليل فوثب
السيد حسين وقال له ارفع يدك من الطعام فقد أخللت بالشرط.
وكنت يوما عنده في دكانه فجاء اخوه وهو كفيف البصر فقال لي هذا
أخي وله نادرة طريفة. كانت لنا أخت مزوجة بابن عم لنا وكان يؤذيها
ونحن في جواره فنسمع ذلك ونسكت لأن للنجفيين عادة جميلة في أمر
النساء لا يتدخلون بين المرأة من أقربائهم وزوجها بل لم اسمع مدة وجودي
في النجف ان امرأة لرجل هي من أهله طلقت قال واتفق انها ماتت
فجعلت أبكي فقال لي أخي هذا وهو أكبر مني حسين أ تبكي أ نسيت ما كان
يجري على أختنا والله ان عزرائيل ما له دقة مثل هذه الدقة اي ما صنع
جميلا مثل ما صنع هذه المرة قال وجاءني رجل بفص خاتم من الفيروزج
عليه كتابة كوفية وطلب مني قراءته فقرأته وقلت له مكتوب عليه سبحان
(٣٥٤)

خالق الثور بالثاء المثلثة فقال لي لا يمكن هذا فان الثور ليس من مخلوقات
الله العجيبة ويوجد أعجب منه فقلت هكذا مكتوب فاخذه إلى شخص هو
دوني في قراءة الخط الكوفي بمراتب فقال له مكتوب عليه سبحان خالق النور
بالنون فعاد إلي وأخبرني بذلك فقلت له انا أخبرتك باني اقرأ الخط الكوفي
ولم أخبرك باني حاد الفهم وهذا أمر يرجع إلى الفهم لا إلى المعرفة
بالخطوط. وطلبت منه وانا بالشام ان يرسل لي وزن الدينار الشرعي الذي
هو مثقال شرعي ويوازن الذهب الصيني المسمى في العراق أبو لعيبة،
فأرسل لي انه يوازن نصف ليرة عثمانية ذهبية وأرسل لي قطعة قال إنه وزنها
عليه فوجدتها كذلك.
ومن نوادره قال لقيني رجل في الصحن الشريف فقال لي سلام
عليكم فنسيت جوابها وقلت في نفسي جوابها صبحكم الله بالخير لا.
هناكم الله لا. فوضعت يدي على صدري وذهبت.
الشيخ محمد الحكاك
وكنا ندرس يوما في ايوان في الصحن الشريف وفي جانب الايوان
رجل يسمى الشيخ محمد الحكاك تمتام يفسر الأحلام ويحفر الأختام وتعبير
الحلم يكون بربع إستانبولية سكر نبات فجاءه معيدي وأعطاه متليكا ليحفر
له ختما فسأله عن اسمه فقال له حنتوش بن عنكوش والظاهر أنه نسي
الاسم فحفر له اسم منتوش بن منكوش وجاء المعيدي واخذ الختم وأعطاه
لمن طبعه له على الكاغد وقرأه له فإذا فيه غير اسمه واسم أبيه فرجع على
الشيخ محمد وقال لما ذا حفرت لي غير اسمي واسم أبي فقال أنت قلت لي
هكذا قال لا لم أقل. وبالطبع كان المعيدي اعرف باسم نفسه واسم أبيه
من الشيخ وطال الجدال بينهما إلى أن قال المعيدي أنت يا شيخنا ما أدري
كيف تتكلم لأنه تمتام فقال له الشيخ ويلك انا اسمع باذني لا بفمي وأخيرا
أذعن الشيخ للأمر الواقع ومسح الكتابة الأولى بالمبرد وحفر ثانيا حنتوش بن
عنكوش وكفى الله المؤمنين الجدال.
الشيخ جواد البلاغي
وكان الشيخ جواد البلاغي الفاضل المشهور يجلس إلي كثيرا فقال لي
يوما انا أريد ان أصحبكم وكنا جماعة من العامليين اخوان الصفا نجتمع
سفرا وحضرا ولا نخالط أحدا لا من بقية العامليين ولا من غيرهم فقلت
حتى اعرض ذلك على أصحابي فعرضته عليهم فأبوا وقالوا لا نريد ان
نخالط غيرنا فقلت لهم زهدكم في راغب فيكم كرغبتكم في زاهد فيكم
فقبلوا واردنا السفر لزيارة كربلاء فسافر معنا وكان الفصل شتاء فشربنا
الشاي مساء وقمنا أول الفجر فصلينا وتهيانا للسفر فقال لي ما تريدون
شرب الشاي قلت لا وكان معتادا على شرب الشاي صباحا ومساء وانا
حملت سؤاله على الاستفهام الحقيقي قياسا على نفسي فسكت وسرنا فلما
كان عند العصر دنا مني وقال أ تدري ما صنعت بي انني لم أعد انظر ببصري
فقلت أنت صنعت بنفسك هذا فلما كان اليوم الثاني سألني فقلت نعم.
وعجبت كيف يدع الإنسان العادة تملكه وتحكم عليه ولا يدع نفسه حرا
طليقا لا يحكم عليه أحد باختياره.
وكنت يوما في السفينة في طريق كربلاء مع جماعة من طلبة الإيرانيين
فقال أحدهم العامليون يأكلون اللحم الني فقلت اكله خير من اكل السمك
المقدد المتروك أياما حتى ينتن وذلك انهم يأتون بصغار السمك فيملحونه
حتى ينتن فإذا وضعت المائدة اتوا بيسير منه في اناء صغير ووضعوه على
المائدة وتناولوا منه أثناء الأكل والمائدة التي ليس عليها منه تعد ناقصة وفي
الحب خشبة إذا أرادوا الأخذ منه حركوا ما فيه بتلك الخشبة حتى يختلط ثم
أخذوا منه واتفق ان ضافهم رجل فقام ليلا لقضاء الحاجة فلم يهتد إلى بيت
الخلاء ودنا من حجرة صغيرة فشم منها رائحة نتنة فظنها بيت الخلاء فدخلها
فلم يجد محلا للتخلي ورأى حبا صغيرا والرائحة الكريهة تتصاعد منه فظنه
محل التخلي فتخلى فيه وفي الغد جئ بالسفرة وذهب رجل إلى ذلك الحب
وضرب فيه بتلك الخشبة حتى اختلط وجاء بشئ منه ووضعه إلى السفرة
كالعادة وتناول منه الحاضرون أثناء الأكل فلما قلت ذلك ضحك الجميع الا
واحدا أصفر وجهه فقالوا لي هذا جرى في رشت وهذا الشيخ رشتي.
الزكرت والشمرت
طائفتان في النجف بينهما عداوة قديمة سببها ان سيدا كان يسكن
الرحبة بضم الراء مكان خارج النجف فيه عيون وله أخت اسمها أم السعد
خطبها خاطب فلم يزوجها فشكا امره إلى الشيخ جعفر الفقيه النجفي
الشهير فأرسل جماعة لياتوه بالسيد فنهاه صاحب مفتاح الكرامة وقال إن
أرسلتهم لتقعن فتنة يطول أمدها فلم يقبل واتوا إلى السيد فامتنع عن
الحضور معهم وأرادوا أخذه قهرا فانتهى الأمر إلى قتله وبقيت هذه الفتنة
إلى دخول الإنكليز العراق وخربت الدار التي كانت تسكنها أم السعد
وبقيت خرابا إلى عصرنا وأهل النجف يسمونها خرابة أم السعد وبلغني انها
عمرت في هذه الأيام.
والنجف فيها أربع محلات محلتان يقطنهما الزكرت العمارة والحويش
ومحلتان يقطنهما الشمرت البراق والمشراق. ولا تزال تقع بينهما ثورات
وحروب ووقع بينهما حرب أوائل مجيئنا للنجف ولا أتذكر الآن في اي سنة
كان وسببها ان الشمرت أكثرهم يسكنون خارج النجف والزكرت جلهم
يسكن النجف فجاء الشمرت ليلة يدفنون ميتا لهم في وادي السلام مقبرة
النجف فعلم بهم الزكرت فخرجوا لمنعهم وكان شاب من الزكرت أراد
الخروج فتعلقت به أمه فأفلت منها وخرج مع القوم
فقتل وذلك قبيل الفجر وعاد الزكرت حينئذ ودفن
الشمرت ميتهم وعادوا وفي اليوم الثاني عاد الشمرت وهجموا على السوق
وكان السيد محمد علي الملقب بطبار الهوى رئيس زكرت العمارة جالسا في
المقهى فولى هاربا والتقيت به وهو يركض حافي القدمين نحو محلته وثارت
من الشمرت بعض الطلقات فخاف الناس وأغلقوا دكاكينهم وحوانيتهم
بسرعة واستولى عليهم الخوف والذعر وتجمع الفريقان وتحصنوا وأغلق
الكليتدار أبواب الصحن الشريف لئلا يدخله أحد الفريقين ويصعدوا إلى
المآذن ويطلقوا الرصاص منها فإنها أعلى مكان في البلد ومن صعد إليها
تكون له الغلبة وبقي الحال على ذلك أياما وبتنا في بعض الليالي والرصاص
يمر فوق رؤوسنا وكان الفصل صيفا وكنا أولا على السطح فلما سمعنا أزيز
الرصاص يمر فوق رؤوسنا نزلنا إلى صحن الدار وجعل الرصاص يمر فوق
رؤوسنا فانتقلنا إلى الايوان إما الحكومة فغاية عملها ان تغلق السراي
ويدخل العسكر القشلة وتغلق أبوابها وأرسل القائمقام تلغرافا إلى بغداد
بواقعة الحال فحضر ميرالاي اسمه شعبان باشا ومعه طابور عسكر وكان
الشمرت قد انسحبوا قبل حضوره لكن الصحن بقي مغلقا فلم يفتح الا
بعد حضوره وجعلت الدورية تدور في الصحن وكنا نجلس في جهة باب
(٣٥٥)

الطوسي مساء نتذاكر فجاء جندي وجلس إلينا لما رآنا نتكلم بالعربية وقال
رئي غراب وحمامة يطيران معا ويقعان معا فنظرا فإذا هما أعرجان وانا يجمع
بيني وبينكم رابطة انا طالب علم من أهل الموصل سقطت في الامتحان
فدخلت الجندية ولما سمعتكم تتكلمون العربية جلست إليكم وجعل في كل
عشية يجلس إلينا وجاء القائمقام ورئيس الزكرت طبار الهوى إلى الميرالاي
واعتذر القائمقام عن الزكرت بان الشمرت هم المعتدون وكان ميله إليهم
فسكت الميرالاي ولم يبد قبولا ولا ردا.
السيد محمد علي الملقب طبار الهوى
ثم طاف طبار الهوى مع بعض الجند على محال الشمرت يفتشون
عليهم مع أنه ليس في البلدة منهم أحد وجعل نساؤهم يشتمون طبار الهوى
ثم إن الأمير ألاي قال لطبار الهوى أريد منك جميع الشبان الأنجاد ليذهبوا
بقيادتك مسلحين بالمطبق الجفت فتفتشوا على الشمرت خارج النجف
وكان ذلك حيلة للقبض عليه وعلى شبابه بحيث لا يفلت منهم أحد فاختار
من شبانه كل ذي نجدة وسلحهم بالمطبق وركب فرسه وخرج أمامهم
ومعهم العسكر حتى توغلوا في أرض السواد بحجة التفتيش عن الشمرت وأين هم الشمرت
ولما توسطوا ارض السواد وذلك عند العصر على شاطئ
الفرات صدرت الإشارة إلى العسكر فامسك بكل واحد أربعة من الجند
فكتفوهم وكتفوا رئيسهم وعمدوا إلى بنادقهم فاطلقوها في الفضاء دفعة
واحدة فارتجت لها الأرض وسمع دويها جل أهل السواد وعرفوا الخبر وساقوا
طبار الهوى ومن معه إلى بغداد وعزل القائمقام واسمه خير الله أفندي وهو
من نواحي حلب وكان رجلا حازما شهما وكان يدعو بعض الطلبة من نبل
بنواحي حلب في شهر رمضان لضيافته وعمل لهم مضبطة لدخولهم في سلك
الطلبة والتخلص من الجندية ولم يكلفهم بفلس واحد وبقي الميرالاي وجنده
في النجف أياما ثم عادوا إلى بغداد ولم تمض مدة حتى جاء الخبر بتعيين طبار
الهوى وكيلا لمديرية الكوفة فجاء وتسلم المديرية فتعجب الناس من ذلك ثم
عين مأمورا لتعداد النخل في شفاثا بمعاش ثلاثة عشرة ليرة عثمانية ذهبا في
الشهر فذهب إليها وما عتم ان حم فمات وشفاثا هذه وبيئة رديئة الهواء
وأهل العراق يضربون بها المثل فيقولون لمن يحاول أمرا لا يكون هذا كطالب
العافية من شفاثا واوصى ان يدفن بباب الصحن الغربي المسمى بباب
الفرج ليكون تحت اقدام الزائرين لأمير المؤمنين ع واما رؤساء الشمرت
من أهل محلة الحويش فأبعدوا إلى الشام وبقوا مدة ثم أفرج عنهم فسئلوا
عن سبب الافراج عنهم فقالوا عز مالك عز مالك ذل مالك ذل مالك.
عطية أبو كلل
وتولى مشيخة الزكرت بعده عطية أبو كلل وهو شاب شجاع من أهل
محلة العمارة وأول ما ظهر من شجاعته ان قومه كانوا يهربون الملح والمملحة
العظيمة غربي النجف على نحو ست ساعات منها وهو في القانون للحكومة
ليس لأحد اخذه الا منها لكن أهل النجف يحملونه ويمرون من الثلمة التي
في السور من جهة الغرب ويبيعونه ولا تستطيع الحكومة منعهم فتذهب به
النساء إلى الدور وتبيعه وغاية ما في وسع الحكومة ان تفرض على البقالين
والخبازين شراء مقدار في كل شهر وبينما كان أصحاب عطية يحملونه على
دوابهم ويريدون ادخاله من الثلمة إذ قبض عليهم الجلاوزة وساقوهم إلى
السراي فبلغ الخبر الشيخ عطية فركب فرسه الحمراء وتوجه إلى السراي بين
السور والبيوت حتى دخل بفرسه السراي واخرج الدواب والملح بمرأى
ومسمع من القائمقام والدرك ولم ينبس واحد منهم ببنت شفة وأغلق
الجلاوزة الذين في باب البلد المقابل للسراي الباب خوفا من دخول أحد منه
من أصحاب الشيخ عطية ولم يفتحوه حتى غاب عنهم وله وقائع مع الحكومة
أظهر فيها بسالة وشجاعة فائقة يطول الكلام بشرحها وبنى دارا خارج
النجف سماها الدرعية وله ولد سماه تركي وابنته اسمها تركية فقال في ذلك
بعض الشمرت:
لا بد ما نصلي الدرعيه * وانصبغ بشماع ابن عطية
ونيتم تركي وتركية
فاجابه آخر من الزكرت:
هذي الدرعية المعروفة * واليصليها يلقى حتوفه
الشيخ هادي الطهراني
كان أيام اقامتنا في النجف رجل من العلماء له شهرة يسمى الشيخ
هادي الطهراني وقبل حضورنا للنجف كان له درس كبير يحضره فضلاء
العرب والعجم وله فضل وحذق ومهارة الا انه كان يطيل لسانه على العلماء
السالفين وكان يقول للشيخ حسن ابن صاحب الجواهر حينما يذكر بعض
انظاره في الدرس ان أباك حينما كتب هذا المطلب كان قد تعشى بطبيخ
الماش فتبخر دماغه وكانت له جرأة على مخالفة الاجماع وله مؤلفات في الفقه
وغيره طبعت بعد وفاته فقرأت فيها في المواريث انكاره ان يكون ابن العم
للأبوين مقدما في الإرث على العم للأب وهي المسألة المعروفة بالاجماعية
فنسب إليه قبل حضورنا أمور كفره جماعة من علماء عصره لأجلها الله اعلم
بصحتها حتى خيف عليه القتل وحماه الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي
وتفرق عنه الطلاب لا لثبوت ذلك عليه بل خوفا من الانتقاد حتى لم يبق
عنده في أيامنا الا نحو اثني عشر طالبا من الإيرانيين وسالت ابن عمي
السيد علي ابن السيد محمود النجف أثيرت مسألته أيضا من جملة عنه وكان
يحضر درسه قبل الذي نسب إليه فقال لي ليس هو في الفضيلة كما يبالغ
بعض الناس ولا في عدم الفضيلة كما يقول البعض الآخر في العصر الذي
كنا فيه في من مشاهير العلماء وصارت حديث الناس في النوادي والمجالس
بين العلماء والطلاب. أما شيخنا الشيخ آقا رضا الهمذاني فلم يكن يسمح
بذكرها في مجلسه وكان يقول التكفير أمر عظيم ولا يثبت عندي بمثل هذه
النسب.
سفر بني عمنا
وفي حوالي سنة ١٣١٠ سافر ابنا عمنا السيد محمود السيد محمد
والسيد علي إلى جبل عامل فخرجت معهم إلى كربلاء فالكاظمية فسامراء
وعدت إلى النجف. ولما خرجنا من كربلاء نريد بغداد كان الفرات قد طغى
فقطع الطريق فأخذنا دليلا وسار بنا من المحمودية مشرقا على غير الطريق
ثم ضل عن القصد فركض طويلا ثم عاد وقال رأيت طاق كسرى وسار بنا
حتى عبرنا دجلة في السفن يجرها بابور يسير بالنار وبتنا في مشهد سلمان
الفارسي رضي الله عنه وبات بجانبنا جنديان مقيمان هناك لحفظ الأمن
وبعد ما تعشيا معنا وضعا بندقيتهما تحت رأسيهما وناما قريبا منا وعند الساعة
الرابعة تقريبا سمعنا الصياح خارج الباب فقيل إن اللصوص سرقوا قونية
صفر من أحد المسافرين فنبهنا الجنديين فقاما يفركان عيونهما من اثر النوم
(٣٥٦)

ويمشيان رويدا بكل وقار حتى وصلا إلى قريب الباب ثم عادا يقولان
الحرامي راح.
مرض الحمى في النجف
ومن الحوادث التي وقعت في النجف أيام وجودنا فيها انتشار الحمى
حتى بلغت الوفيات بها إلى الأربعين وكانت تخرج في العليل أسفل معدته
حبة كبيرة صلبة وكل من خرجت فيه هذه الحبة مات الا الشيخ محمد حرز
فقد خرجت فيه وسلم ومرض بها جماعة من العامليين منهم من مات ومنهم
من سلم وكان بعضهم لا أهل لهم ولا عيال ولا أحد يمرضهم فاستعنت
بالشيخ موسى قبلان على الطواف عليهم كل يوم لتمريضهم فأجاب مسرعا
فبدأنا بالشيخ مصطفى البعلبكي فوجدناه في حجرة في دار ملقى على فراشه
كأنه خشبة ومعه في الدار رجل عاملي لا يدنو منه ويتباعد عنه ولا يدخل
الدار خوفا من العدوي فقلت للشيخ موسى انا اشتغل بالأمور الداخلية
وأنت بالأمور الخارجية فذهب ليحضر الطبيب ثم يأتي بالدواء وقمت انا
بدوري فغسلت الأواني وأشعلت النار وكنست الحجرة وهيأت كل ما يلزم
بكل سرور واقبال متمثلا في نفسي قول القائل:
ان الكريم وأبيك يعتمل * ان لم يجد يوما على من يتكل
وقول من قال الحر معوان وما عتم الشيخ موسى ان جاء بالطبيب
فوصف للمريض الحقنة وللغذاء ماء اللحم فذهب الشيخ للسوق واحضر
اللحم وهيأت انا لوازم الحقنة بعد طبخها وتصفيتها وتبريدها واحضر
الشيخ المحقان معه وهو أنبوب من الزجاج طويل يصب فيه الدواء فقلت
للشيخ هل تحقنه أنت قال إني أستطيع كل شئ عدا أمر هذه فليس في
استطاعتي ابدا وهنا حصلت المشكلة فانا وان كنت موطنا نفسي على كل
عمل لكن أمر هذه الحقنة صعب علي لأني لم أباشرها قبل هذا لا سيما بهذا
المحقان الطويل الذي يبلغ طوله نحو ذراع ولا سيما ان العليل يأبى ذلك
وهو رجل جسيم ولما كان لا مناص لي من ذلك أقدمت عليه وقاسيت فيه
كل صعوبة ثم انتقلنا إلى غيره ممن لا ممرض لهم وكان إذا توفي أحد
العامليين تولينا انا والشيخ موسى المذكور تجهيزه وتشييعه إلى مقره الأخير.
ابن عمنا السيد جواد
وبهذه الحمى توفي قريبنا السيد جواد حفيد صاحب مفتاح الكرامة
وكان شهما فاضلا فكانت المصيبة به عظيمة وأقيم مجلس فاتحة حضره علماء
النجف وأدباؤه ووجهاؤه ورثته الشعراء ومن رثاه هذا الفقير بقصيدة
مذكورة بالرحيق المختوم.
مجئ الوالد للعراق
بعد سفري للعراق بمدة ضاقت نفس والدي وهو في جبل عامل شيخ
كبير السن مكفوف البصر يسكن بين أهل الغلظة والجفاء مع ابنتين وكانت
له زوجة توفيت وليس له معين الا الله فكتب إلي انه لا يرخصني في البقاء
وانه لا يستطيع البقاء هكذا فاما ان تحضر إلى هنا وتترك النجف أو تحضر
وتحضرني إلى النجف. فاسودت الدنيا في وجهي وخيرت بين أمرين ليس
لي في أحدهما خيرة. تركي النجف يضيع علي كل ما عملته واحضاري له
إلى النجف يستدعي نفقات كثيرة فعزمت على الأمر الثاني مع ما فيه من
المشقات فدخلت الحضرة الشريفة وتضرعت إلى الله تعالى ودعوته في كشف
هذه الغمة عني وارضاء والدي عني فلما دارت الجمعة جاءني منه كتاب
يخبرني فيه ان ما كتب به أولا كان ناشئا عن ضيق صدره لقلة المعين وقد
سلم امره لله وصبر فلا عليك ان تبقى مواظبا على درسك ولا تهتم من
أمري بشئ فحمدت الله على ذلك ولكن نفسي بقيت مضطربة مغتمة
فسلمت أمري إلى الله تعالى وتوكلت عليه وصبرت فقرت نفسي بعض القرار
لكنني بقيت في غم واضطراب مشتغل البال في هذه الحال الذي عليها
والدي حتى مضى على ذلك سنوات فكان من فضل الله ونعمه المتتابعة علي
ان يسر لوالدي السفر إلى العراق مع ما هو عليه من الضعف والعجز
مخدوما مرفها مكرما مع جماعة من أهل جبل عامل من خيرة الناس حتى أنه قال
لي لو كنت معي مع عدة أولاد لي لما خدمت هذه الخدمة فجاءتني يوما
برقية ولكنها مغلوطة لكنه يفهم منها ان الوالد متوجه إلينا أو سيتوجه وكان
في غلطها رحمة ومصلحة لنا وذلك لأنه لولا غلطها لذهبنا إلى بغداد
لاستقباله والحال انه جاء لكربلاء و لم يمر ببغداد لكون فيضان الفرات قد
قطع الطريق إلى بغداد فجئنا إلى كربلاء في زيارة عرفة بين الشك واليقين
وفي اليوم الثاني ورد كربلاء ففرحنا بقدومه.
وجاءنا في كربلاء الشيخ محمد طه نجف زائرا لوالدي وهناني بقدومه
وقال لي ان قدومه صار يبشرنا بطول اقامتك عندنا. وأقام الوالد في العراق
عدة سنين كان مشغولا في خلالها بالعبادة والدعاء وزار كربلاء مرارا عديدة
وقال لي بعض الاخوان حينما أراك تأخذ والدك إلى الحضرة الشريفة أغبطك
على هذه النعمة.
الغلاء في العراق
وحصل غلاء في العراق ثلاث سنين وبلغت العائلة سبعة أنفس
وصادف حصول قحط في جبل عامل فكان يأتينا في كل سنة خمس ليرات
عثمانية وما ذا تصنع خمس ليرات مع سبعة أنفس وما كان مورد سواها. ولا
يصلني من أحد شئ ولا عودت نفسي على التوسل إلى أحد ففي السنة
الأولى بعنا بعض الأثاث الذي يمكن الاستغناء عنه لا المستغنى عنه
واقتصدنا في النفقة فاكتفينا بالأرز الحويزاوي عن الشنبة والنعيمة ومضت
تلك السنة والغلاء في العراق والقحط في جبل عامل مستمران حتى بلغت
وزنة الأرز وهي ثمانون اقة إستانبولية ليرة عثمانية وقرانين إيرانيين ومثلها
وزنة الحنطة وكذلك باقي الحاجيات ونحن كما كنا سابقا في ملازمة الدرس
والتعفف عن الناس وعدم المبالاة بالغلاء كأنه لم يكن فبعنا في السنة الثانية
بعض الكتب التي يمكن الاستغناء عنها لا المستغنى عنها ومضت تلك السنة
كالتي قبلها وجاءت السنة الثالثة كسابقتيها أو أشد فبعنا حلي العيال وجاءت
السنة الرابعة وليس عندنا ما يباع لا من أثاث ولا كتب ولا حلى والغلاء
والقحط مستمران ونحن على الحالة التي كنا عليها لم نغير شيئا ولم يتغير علينا
شئ وزادت العائلة ونحن لا نبالي بشئ من ذلك مواظبون على مطالعتنا
ودروسنا كان لم يكن من ذلك شئ وقد علم الله تعالى ما نحن فيه وما
انطوت عليه النفس فلم يدعنا وتفضل وانعم كجاري عادته معنا ومن لم
يغير عادته مع الله تعالى فحاش لله ان يغير عادته معه فبينا انا جالس
للمطالعة عند العصر فإذا برجل يطرق الباب فخرجت فإذا هو الشيخ
عبد اللطيف شبلي العاملي الحداثي رحمه الله فناولني كتابا فإذا هو من رجل
يسمى الشيخ محمد سلامة العاملي فيه انه أعطاه الحاج حسين مقداد عشر
ليرات عثمانية ذهبا أو أكثر ليرسلها لنا ولم أكن اعرف هذا الرجل ولا
(٣٥٧)

سمعت به ولا سبق للشيخ محمد سلامة شئ من هذا القبيل مع كثرة تردده
إلينا في النجف ونزوله عندنا فعلمت ان ذلك بتيسيره تعالى وبقيت مترقبا
لأن اعرف الحاج حسين مقداد من هو وتيقنت ان لله به عناية حيث اجرى
فرجنا على يده ولما حضرت إلى جبل عامل وكنت في النبطية جاء جماعة
فقالوا عن أحدهم انه الحاج حسين مقداد فأجلسته إلى جانبي وقلت له أ لا
تكلفني بحاجة اقضيها لك قال أريد ان تشتري لي صحيفة سجادية وكانت
معي صحيفة طبع تبريز وهي أحسن طبعة وأصحها فأعطيته إياها.
ثم توفي الوالد في النجف سنة ١٣١٥ كما مر واوصى ان يدفن في
الصحن الشريف فدفناه فيه في الجهة الشرقية الجنوبية وكان له في نفسي
حزن عميق.
في الكوفة
ذهبت مرة إلى الكوفة لترويح النفس أياما ومعي رجل من أفاضل
العامليين فلما وصلنا المسجد قلت له أنت اعط المكاري اجرته لأذهب انا
وأهئ حجرة نبيت فيها فذهبت وهيأت الحجرة فوجدت المكاري وصاحبي
واقفين فقلت لم لم تعطه اجرته ليذهب فقال المكاري يا أغاتي هذا السيد
يحشي اي يحكي بالنحوي وانا بالنحوي ما افهم. وانما الأجرة أربعة
متاليك.
في بساتين السهلة
وفي بعض السنين مرضت العيال مرضا عجز عن مداواته الأطباء
وكان ابنها الكبير رضيعا واستمر بها المرض وصار العزم ان نذهب بها إلى
خارج النجف لتغيير الهواء فذهبنا إلى بعض بساتين السهلة وهو لرجل اسمه
عبود وزوجته اسمها سكينة وهي صديقة عيالنا المخلصة فرحمك الله يا
سكينة ورضي عنك ورحمك الله يا عبود وجزاكما الله عنا خيرا وذلك في
فصل الصيف وانا لا يمكنني ترك الدرس ولا ترك العيال وكيف الجمع بينهما
فتركت عندها بعض بني عمنا في النهار ليأتي بلوازمها من الكوفة وعندها
أيضا سكينة ونساء صاحب البستان وكنت أصلي الفجر ثم اذهب راجلا إلى
النجف لأنه لا يوجد في ذلك الوقت دواب فاصل النجف عند طلوع
الشمس والمسافة تزيد عن ساعة ونصف فاحضر الدرس الذي هو في ذلك
الوقت عند الشيخ آقا رضا الهمذاني في صلاة الجماعة ثم يقرأ عندي
تلاميذي دروسهم وإذا كان لي حاجة في البيت أو السوق أتيت بها وعدت
عند العصر راكبا لأن الدواب في ذلك الوقت موجودة وبقيت على هذه الحال
أياما عديدة وجئت يوما إلى المسجد لحضور الدرس وعلي آثار التعب فسألني
الشيخ فأخبرته انني كل يوم أحضر صباحا من بساتين السهلة إلى هنا فقال
لكل شئ آفة ولطلب العلم آفات.
في مسجد السهلة
وذهبنا إلى مسجد السهلة ونحن جماعة في فصل الشتاء للترويح عن
النفس أياما فوصلنا عند المغرب ولم نجد حجرة خالية وعلمنا انه يوجد
حجرة اقفلها حادم أعجمي وهي خالية فسأله السيد علي ابن عمنا السيد
محمود عنها فأنكر فهدده وتناوله بالضرب ففتحها ودخلناها ودخل معنا فاكل
وشرب الشاي ومما قاله لي تلك الليلة ان العربي والعجمي لو طخا في قدر
واحدة لم يختلط دهن أحدهما بدهن الآخر فعجبت من تغلل العداوة إلى هذا
الحد.
وكنا نجلس ليلا نتسامر فاقرأ لهم بعض الأشعار التي اوردها صاحب
أمل الآمل في كتابه مثل قول بعضهم في رثاء عالم: وبالرغم مني قدس الله
روحه فيضحكون ويأنسون.
وجئنا يوما بسمن من الكوفة على ورقة مطبوعة باللاتيني فامتنع بعض
الرفاق من الأكل مما طبخ بذلك السمن فقلت له كيف تأكل السكر ولا
تأكل هذا فقال ذلك لم تره عيني وهذا رأيته ثم اخرج من القدر شيئا من
اللحم وغسله واكله وهكذا يكون الجمود.
الزاعم انه لا حاجة إلى علم الأصول
وكنا يوما في مسجد السهلة وفيه بعض العامليين ممن يدعي الفقاهة
وهو بعيد عنها فبال صبي في المسجد فاخذ ذلك الرجل ماء وصبه فوق
البول فقلت له زدت في نجاسة المسجد فقال في بعض الروايات ان النبي
فعل هكذا فقلت له هذه رواية شاذة لا عامل بها ودعوت من اخذ ذلك
فطهره في الحوض واعاده إلى المسجد.
وهذا الرجل كان يزعم أنه لا حاجة إلى علم الأصول ويكفي مراجعة
الأخبار لأن الأخبار عربية ونحن عرب. وأراني مرة تأليفا له في الفقه وقال
مثل هذا القول فقلت له إذا وصلت إلى خبر فيه صيغة افعل وقد اختلف
فيها الأصوليون على أقوال وأنت لم تحققها في الأصول فعلى اي شئ تحملها
فقال أحققها حين وصولي إليها فعلمت انه يهرف بما لا يعرف وانه لما فاته
تحقيق علم الأصول أراد ان يتملص من عيب ذلك فادعى عدم الحاجة إليه
وهكذا يفعل الجهل باهله.
ونظير هذا الرجل عاملي آخر هو رفيقه وعلى مشربه كان يقول أيضا
بعدم الحاجة إلى علم الأصول فرآني يوما أريد ان اشتري حاشية ميرزا
موسى على الرسائل فجعل يقلب يديه متعجبا ويعقد وجهه ويقول اي
حاجة لهذا فقلت له لكل امرئ رأيه ثم غبرت سنون فجاءني يوما يريد ان
يستعير مني حاشية ميرزا موسى فقلت له ما تصنع بها قال احتجتها فذكرته
ما جرى له معي يوم أردت شراءها فقال دعنا من هذا فقلت اخبرني ما هي
حاجتك منها فامتنع فقلت لا بد من اخباري فقال جاءني رجل شروقي يريد
ان يقرأ عندي في الرسائل. فقلت لا أعيرها لك بعد الذي صدر منك ثم
أعطيته إياها وكان صديقي.
الفرائض والمواريث
لما قرأت مبحث الفرائض والمواريث في شرح اللمعة وجدت ان
مسائله متشعبة ولا سيما حساب الفرائض فكتبت ثم عن لي ان اكتب فيه
كتابا مبسوطا مستوفيا للفروع والدلائل فكتبت فيه كتابا في مجلدين ضخمين
سميته كشف الغامض في احكام الفرائض ثم اختصرته في دمشق مقتصرا
على ذكر الفروع مجردة عن الدلائل في كتاب سميته سفينة الخائض في بحر
الفرائض ثم نظمت فيه أرجوزة سميتها جناح الناهض إلى تعلم الفرائض
مطبوعة وحينما شرعت في تاليف كشف الغامض كنت في دار ضيقة ليس
فيها الا حجرتان يسكن إحداهما ابن عمي السيد حسن مع عياله وانا
أسكن الأخرى مع عيالي وأولادي فاضطررت إلى سكنى حجرة في مدرسة
القطب كان يسكنها إيراني له صلة بالمتولي وكان لا يأتي إليها الا قليلا فنقلت
(٣٥٨)

كتبي إليها وكنت لا أنام فيها الا الغرار واصل في المطالعة والكتابة الليلة
بالنهار حتى أكملت المجلدين تسويدا ثم تبييضا وطلبت من ابن عمنا حفيد
صاحب مفتاح الكرامة جزء المواريث منه فأخبرني انه عند بعض بني عمنا
فجئت إليه وطلبت الجزء منه فقال لي انه في السرداب فقلت له إما ان تأتيني
به أو تأخذ لي طريقا إلى السرداب لآتي به ولا يمكن أن أذهب الا وهو معي
فنزل إلى السرداب واتاني به وقال لي انا احتاجه فمتى تفرع منه وانا اعلم أنه
لا يقرأ فيه ولا يستفيد منه حرفا وفي كل يوم يطالبني به ويشوش أفكاري
فأخذته وجعلت أفكر في نسخه فطورا أراه عسيرا وتارة أقول العزم يسهل
العسير إلى أن عزم رأيي على نسخه فدخل علي بعض الأصحاب فرآني
مفكرا فقال فيم تفكر قلت في نسخ هذا الكتاب فقال وما الذي استقر عليه
رأيك قلت قد نسخته قال ما معنى هذا قلت قد عزمت على نسخة ومتى
عزمت على ذلك فقد نسخته بمشيئته تعالى وذهبت فأحضرت الكاغد
الخمايسي وعملت مسطرا للكتابة وشرعت في النسخ وصرت كلما وجدت
فراغا نسخت منه شيئا حتى أكملته. ونسخت أيضا بخطي رسالة الشيخ
يوسف البحراني في الحوادث.
معاملات مفتاح الكرامة
دخلت يوما بالنجف على بائع الكتب في حجرته بالصحن الشريف
واسمه الحاج علي محمد فوجدت عنده معاملات مفتاح الكرامة في عدة
اجزاء بخط واحد وورق واحد وقطع واحد وتجليد واحد مصححة فقال إنها
لرجل بحراني يريد بيعها ويطلب بها خمس ليرات عثمانية وقد سامها
امام جمعة تبريز بأربع ليرات فقلت له انا قد اشتريتها بخمس ليرات فقال
اليوم اذهب إليه فان اشتراها بخمس ليرات والا دفعتها إليك فذهب إليه
فلم يزد على أربع طنا منه انه لا يمكن ان يبذل فيها طالب عالم هذه القيمة
وانه بما عنده من ثروة عظيمة لا يمكن ان يشتريها سواه فأخذتها ودفعت
للبائع شيئا من ثمنها وانظرني بالباقي ولما علم أمام الجمعة انني اشتريتها تأثر
كثيرا فأرسل إلي مع الشيخ كاظم الحكيم يسألني بيعها بمهما شئت من ربح
فأبيت وأرسل إلي أخاه فقال إن عندنا العبادات بمثل هذا الخط وهذا القطع
ونريد ان يكون عندنا نسخة كاملة بخط واحد وقطع واحد ومهما طلبت من
الثمن ندفع فقلت وأنا أريد مثل ذلك ومهما طلبتم من الثمن ادفع وتأثر
كثيرا فلما ايس قال إن المجلدات التي عندك مسروقة فقلت بل التي عندكم
مسروقة.
زيارة الحسين ع
لم تفتني زيارته والحمد لله مدة وجودي في النجف وهي نحو
عشرات سنوات ونصف السنة في الزيارات المخصوصة: عاشوراء والعيدين
وعرفة والأربعين الا نادرا وكنت قبل السفر اذهب إلى من لهم علي دين في
السوق فاستحل منهم وكنت أشتهي ان أزوره راجلا وأتهيب ذلك فجربته
فهان علي واتبعني على ذلك جماعة من العامليين والنجفيين وغيرهم فزرت
راجلا غير مرة.
تدبير المعاش
أقمنا في النجف نحوا من عشر سنين ونصف السنة نعيش عيش
الأغنياء وننفق نفقة الفقراء وذلك بفضل تدبير المعاش فلا نستدين من
السوق بل نشتري نقدا أحسن جنس وارخصه وإذا لم يكن معنا الثمن
نستدين نقودا ونشتري بها ونشتري كل صنف في موسمه فيكون ارخص
قيمة.
الشيخ إبراهيم الكاشي
كان هذا الرجل يحضر درس الشيخ ميرزا حسين خليل ويقرأ موعظة
مختصرة قبل شروع الشيخ في الدرس ثم تغيرت حاله وظهر فيه شبه الجنون
الذي هو فنون. كان السلطان عبد الحميد طلب اعانة اختيارية لاكمال
السكة الحديدية الحجازية ثم اعانة اجبارية فلجا فقراء النجف إلى العلماء
ليدفعوا ذلك عنهم من أموال الحقوق التي تصلهم فأنكر الكاشي ذلك.
وجعل يدور على مجالس الدروس ويصعد المنابر قبل مجئ المشايخ ويخطب
في هذا الموضوع ولا شك ان هذا نوع من الجنون أو من سوء النية فيجئ
الشيخ فيراه على المنبر فيعود ويتعطل الدرس ذلك اليوم. فأول ما جاء إلى
درس الشيخ ميرزا حسين الذي كان يعظ قبله فجاء الشيخ فرآه ورجع وفي
اليوم الثاني جاء وصعد المنبر فانزلوه ثم ذهب إلى مجلس درس الشيخ حسن
المامقاني وصعد المنبر واخذ يتكلم فجاء الشيخ فرآه فصاح بكشيد اي
جروه فجروه واخرجوه من المسجد وكان عمنا السيد علي قد توفي في جبل
عامل فعملنا له ترحيما عند العصر في الصحن الشريف وجاء الشيخ محمد
طه نجف فجلس وإذا بالكاشي قد جاء وتقدم نحو الشيخ وكنت أنظره إلى أن
وصل إلى امام الشيخ ثم لم أعد أره لكثرة ما اجتمع حوله من الناس ثم
احتمله الخدمة وادخلوه بعض الحجر خوفا عليه من القتل لأن الناس زعموا
انه تناول ثوب الشيخ ولما انصرف الناس حملوه إلى داره وجئنا للدرس
فأخبرنا بذلك فرجعنا وفي اليوم الثاني جاء وفعل كالأول وفعل الشيخ وفعلنا
كذلك وبقي الكاشي يتكلم ويصيح إلى قرب الظهر ولم يخرج من الدار
فاخرجوه محمولا وأرسلته الحكومة إلى إيران ففعل كافعاله في العراق. وبعد
مجيئنا إلى دمشق جاء إليها وفعل كذلك.
بعض عادات النجفيين
النجف بلدة حدثت بعد خراب الكوفة وزاد عمرانها في عهد
البويهيين. والنجفيون أهل شهامة وغيرة وسخاء وقناعة واقتصاد.
ونساؤهم يلبسن عباءتين إحداهما على الرأس والأخرى على الكتفين ويلبسن
الثوب الهاشمي أيام كنا في النجف والآن يلبسن عباءة واحدة طويلة على
الرأس تقوم مقام العباءتين. والنساء يشترين ملابسهن بأنفسهن على أنه قل
ان تكلم المرأة رجلا حتى قريبها وابن عمها ان لم يكن محرما ولهم في الزواج
عوائد جلها مستحسن فهم يزوجون القرابة ولا يتكبرون عليه وإن كان فقيرا
وهم أغنياء، وإذا خطب القرابة لا يعدلون عنه إلى غيره وإذا خطبت الفتاة
لا تحضر أمام أبيها أو أخيها وتجهد ان لا يرياها حتى تتزوج وإذا زفت إلى
غريب غاب الرجال من أهلها عن البلد ويحضر الوجوه والعلماء العظام
لنقلها إلى بيت زوجها فلا يستقبلهم أحد ويجلسون في الطريق حتى تخرج
العروس فتمشي مع النساء، والرجال وراءهن بعيدا عنهم ويولمون للعرس
والختان ويجب ان يجلس المدعوون دفعة واحدة ولا يجوز ان يقوم فريق ثم
يجلس فريق فمن عمل دعوة عليه ان يكون عنده أمكنة تسع جميع المدعوين
عند جلوسهم للطعام وأوان بعددهم فيوضع الطعام للجميع أمامهم في
مكان جلوسهم والنجفيون لا يتدخلون بين ابنتهم وزوجها في خلاف أو
نزاع مهما أمكن ويندر وقوع الطلاق عندهم أو لعله لا يقع ولا يذكرون
(٣٥٩)

النساء في مجالسهم الا قليلا وإذا اضطر الرجل إلى ذكر زوجته قال أهلنا لا
يقول زوجتي ولا يقولون صهري بل إذا ذكروا الصهر قالوا نسيبنا ولا
يذكرون الطعام في مجالسهم بان يقولوا اكلنا كذا وصنعنا الطعام الفلاني بل
قد يتحدثون عن كرم الكرماء فيقولون فلان عمل دعوة عظيمة أو شبه ذلك
وهم أهل وفاء وويل لمن أخطأ معهم.
وفي مجالس العزاء يجلسون ثلاثة أيام تقرأ فيها قصائد الرثاء وكذلك
في التهاني والأعراس ومن حضر من سفر يجلس ثلاثة أيام فتجئ الناس
وتسلم عليه صباحا ومساء والزيارة في كل الأيام انما تكون نهارا والنساء
أيضا يجلسون للعزاء منفردات عن الرجال ولهن نوائح صناعتهن النياحة على
الأموات وعلى الحسين ع في أيام عاشوراء وغيرها ومنهن من تنشد الشعر
الزجلي ارتجالا ومجالسهن منفردة عن مجالس الرجال وكانت رئيستهن نائحة
تسمى ملا وحيدة بتشديد الياء وكانت تنشد الشعر الزجلي للنياحة ارتجالا
ولها مجموعة كبيرة من انشائها في الحسين ع وفي غيره فمن شعرها الزجلي
في غير الحسين ع قولها في قتيل في معركة:
منين اجتك هذه الطرقاعة * يا صخر مرمر صعب مشلاعه
يا صخر مرمر صعب ما ينشلع * ما حلالي علتفك مثلك جرع
صواب ابن كيوان هلحدر الضلع * وأنت بو جاسم يسم الساعة
ومن شعر العراقيين الزجلي ما سمعته من ملاح في سفينة:
مدكدكة وحلوى ورفيعة * وشايلا الكيمر تبيعه
حيف بيها هالطبيعة * بالدرب تمشي وحدها
ومنه قول آخر:
يا ليتني صفصاف * وأنبت علجراف
وحبي بذاك الصوب * ومنين أنا خاف
الخروج من العراق إلى الشام
كتب إلينا شيعة دمشق يطلبون حضورنا إليهم والسكنى عندهم.
فخرجنا من النجف في أواخر جمادي الثانية سنة ١٣١٩ بعد ما أقمنا فيها
عشر سنين ونصف السنة.
في الكاظمية
ووصلنا الكاظمية فأصابني فيها رمد شديد حتى كنت لا أستطيع النوم
ليلا ولا نهارا فأشار علي بعضهم بتدخين الترياك الأفيون فجررت من
دخانه مرة واحدة بالآلة المسماة بالبابور فوجدت له رائحة خبيثة وسكن ما
بعيني من الوجع ونمت تلك الليلة.
وأودع رفقاؤنا أمتعتهم في بيت من بيوت أجلاء الكاظمية فلما عزمنا
على المسير افتقدوا دراهم اعتقدوا انها كانت في تلك الأمتعة فضاقوا بذلك
ذرعا. ثم تبين أنها لم تكن في الأمتعة وهذا أمر يجب التحرز منه فمن أراد
ان يودع شخصا أمانة فليعدها عند تسليمه إياها ويسلمها إياه ظاهرة حتى
لا يقع في مثل هذا.
ثم اكترينا بغالا وتهيانا للسفر وطلبنا تذاكر مرور فجاء السيد
حمادي صاحبنا قبل عشر سنوات ونصف الذي تعنتنا في أمر تذاكر المرور كما
سبق فأعطيناه تذاكر النفوس والرسم المعين لها وهو ثلاثة أرباع المجيدي
وربع مجيدي له عن كل تذكرة، ومعنا رجل عاملي من ناحية الشقيف عسكري
هرب من اليمن وجاء مشيا على اقدامه إلى العراق فقلنا له وهذا أيضا تذكرة
نفوسه ضائعة فجئ له بتذكرة مرور فقال له أنت اسمك الحاج محمد
الأصفهاني إيراني التبعة وذهب ليأتي بتذاكر المرور، وفي ليلة سفرنا عاد
ومعه الدراهم وتذاكر النفوس وقال إنه ما تمكن من اخذ تذاكر مرور لنا الا
للعسكري الفار فاحضر له تذكرة مرور باسم الحاج محمد الأصفهاني فعجبنا
من ذلك.
السفر إلى الشام
وفي الصباح سرنا على اسم الله تعالى وإذا بالسيد حمادي يقف امام
الكجاوات ويطلب تذاكر المرور فقلنا له على يدك دار الحديث ونقدناه روبية
فرجع.
في الرمادي
ولما وردنا الرمادي جاء مأمور النفوس يطلب تذاكر المرور فذكرنا له
القصة فقال نعطيكم تذاكر من هنا وكنا نسينا تذاكر النفوس في الكاظمية
فقال لا يضر ولكنا نريد كفيلا فقلنا وأنى لنا ذلك ونحن غرباء قال هذا
صاحب الخان يكفل فقال لا يا أفندي انا لا أقع تحت المسؤولية فقال اعطوه
ربع مجيدي فأعطيناه فارتفعت المسؤولية واخرج الختم المبارك وختم سند
الكفالة وانتهت المشكلة واتى مأمور النفوس بالتذاكر كاملة وقال لنا لا
تؤاخذوني فان دولتنا ترسل المأمور وتقول له ارتش وخذ أموال الناس وافعل
ما تشاء، أنا رجل بغدادي وان قلت لكم انني من أهل البيوتات المحترم
فربما لا تصدقونني ولكن أفرضوني كما تشاؤون فهل عيش بغداد كعيش
الرمادي ففي أكثر الأيام ارسل إلى السوق عند الضحى فلا أجد الخضر
ومعاشي في الشهر خمس مجيديات فهل تكفيني ثمن التتن فإن لم أتعلق بكم
وبسواكم ما اصنع قلنا له لا نؤاخذك.
في القائم
وسرنا حتى وردنا مكانا يسمى القائم وهناك قلعة فيها مدير ناحية
وعسكر فضربنا خيامنا بجنبها وقريب منها اعراب نازلون فجاءونا ليلا ونهبوا
بعض أمتعتنا متمثلين بقول القائل:
إذا هو ألهي الناس جل أمورهم * فندلا زريق المال ندل الثعالب
ولحقناهم فاستخلصنا البعض منهم وفروا بالباقي هذا وحضرة المدير
وعسكره الموظفون لحفظ الأمن إلى جانبنا قد أغلقوا عليهم باب القلعة
وناموا.
في دير الزور
ثم وردنا دير الزور ذات الخيرات والنعم ثم تزودنا منها وخرجنا
فوردنا قباقب.
في قباقب
وهناك قلعة فيها جند وبئر بعيدة المدى يستقى منها بالناضح وهناك
الاعراب يستقون بناضحهم فيجر البعير الدلو العظيمة ويذهب بعيدا حتى
(٣٦٠)

تصل إلى فم البئر ثم يعود، وماء البئر في نفسه مالح مر وقد جاء الجراد
فوقع فيه فاصفر وأنتن وانضاف إلى ذلك الزبل والأوساخ التي تقع فيه فاتينا
بماء منه فعملنا به شايا وطبخنا منه فلم نستطع ان نسيغ الشاي ولا الطعام
فأعطينا الطعام للدركي الذي كان يصحبنا.
البئر الجديدة
ووردنا البئر الجديدة وهي بئر حفرتها الحكومة بين منزلين متباعدين
لتنزلها القوافل وماؤها مر مالح فلم نستطع ان نشرب منه وبينما نحن نزول
في ذلك المكان إذ ورده فرمانفرما ومعناه أمير الأمراء وهو ابن الشاة ناصر
الدين القاجاري قادما من لبنان ومعه العسكر على البغال وجمال تحمل قرب
الماء العذب فذهب ونزل في القلعة وجاءت الجنود إلى البئر تستقي منه
فذهبت وجعلت انظر إلى البئر، وخرج من القلعة فاستدعاني وجلست
فسألني من أين فأجبته بالفارسية انني قادم من النجف إلى دمشق فقال ما
أعجب هذا في هذه البرية قادم من النجف يتكلم الفارسية وأمر فجاءوني
بالشاي وقال في أثناء حديثه تميدانيد أين ملاها جه يجه بازي ميكنند ما
تعلم هؤلاء العلماء في إيران كيف يعملون أعمالا صبيانية. وجاء عكامنا
معه المطرة فامر ان تملأ ماء عذبا فملئت ثم ودعته وانصرفت.
في تدمر
لما اقبلنا على تدمر رأينا قطارا في البر من بعيد فظنناه قطار جمال ولما
سألنا عنه أخبرنا بأنه صف من الأعمدة العظيمة نضدت فوقها الصخور
العظيمة في أطلال تدمر القديمة وكان فوقها البناء نظير الأعمدة التي في قلعة
بعلبك ورأينا نظيرها قريبا من بلدة تدمر الحالية وبعضها قطعة واحدة
وبعضها أكثر وقد نحتت بالآلة وكان العرب يعتقدون ان تدمر من بناء الجن
قال شاعرهم:
واستعمل الجن اني قد أذنت لهم * يبنون تدمر بالصفاح والعمد
وذهبنا إلى السراي فرأينا حجرا صور عليه انسان وبجانبه طفلان
وعلى رأسه شيد التاج وهو يلبس شبه التنورة التي لها كشكش كما هو
المتعارف الآن وفوق البلد قلعة على جبل لها خندق قد حفر في الصخر
وبناؤها ليس من بناء تدمر القديمة بل حادث بعد ذلك بحجر صغير
دخلناها فوجدنا حجرها متداخلة يتيه الإنسان فيها لأن باب كل حجرة من
ضمن الأخرى مكلسة كأنما فرع منها الصانع الآن.
في السخنة
وجئنا إلى قرية تسمى السخنة وبها ماء حار تفوح منه رائحة الكبريت
لكنه عذب فإذا وضع في الآنية برد وأرسلنا لنشتري الخبز من القرية فأبوا
ان يبيعونا لظنهم اننا حجاج عجم ولم نستطعمهم كما استطعم موسى
والخضر ع أهل تلك القرية فأبوا ان يضيفوهما ولو وجدنا جدارا
منقضا أو يريد ان ينقض لم نقمه وانما طلبنا منهم خبزا بثمن فأرسلنا معمما
بعمامة بيضاء وقال لهم نحن آتون من بغداد وكنا في زيارة الشيخ عبد القادر
ونحن عرب فسمحوا حينئذ بالبيع واعتذروا.
في دمشق
وردنا دمشق في أواخر شعبان من سنة ١٣١٩ في أواخر الخريف
فوجدنا امامنا أمورا هي علة العلل ولا بد في اصلاح المجتمع من النظر في
اصلاحها:
١ الأمية والجهل المطبق فقد وجدنا معظم الأطفال يبقون أميين
بدون تعليم وبعضهم يتعلمون القراءة والكتابة في بعض الكتاتيب على
الطراز القديم.
٢ وجدنا اخواننا في دمشق متشاكسين منقسمين إلى حزبين بل إلى
احزاب وقد أخذت منهم هذه الحزبية مأخذها.
٣ مجالس العزاء وما يتلى فيها من أحاديث غير صحيحة وما يصنع
في المشهد المنسوب إلى زينب الصغرى المكناة بام كلثوم في قرية راوية من
ضرب الرؤوس بالسيوف والقامات وبعض الأفعال المستنكرة وقد صار ذلك
كالعادة التي يعسر استئصالها لا سيما انها ملبسة بلباس الدين.
فوجهنا اهتمامنا إلى اصلاح هذه الأمور الثلاثة إما الأمر الأول وهو أمر
التعليم فبذلنا غاية الإمكان في تعليم العلوم العربية لمن يمكن تعليمهم
فصاروا بفضل ذلك أهلا لأن يتكلموا في مجالس العلماء ويناظروا الفضلاء،
وجاء مرة رجل عراقي من أهل العلم فرآني أدرسهم في علم النحو فقال من
هوان الدنيا على الله ان يدرس مثلك في علم النحو، واخذنا في القاء
المواعظ في المجتمعات والمجالس والتفقيه في الدين بقراءة درس فقهي في
التبصرة كل ليلة بعد صلاة العشاءين، واتجهنا لانشاء مدرسة لتعليم
الناشئة فأخذنا دارا عارية بدون اجرة ونقلنا إليها الكتاب الموجود في
المحلة وجعلناها مدرسة باسم المدرسة العلوية وابتدأنا بادخال العلوم
الحديثة إليها بشكل ضعيف كما هو الشأن في ابتداء كل عمل، وكذلك
استأجرنا دارا لتعليم البنات إلى جانب تعليم البنين.
وفي سنة ١٣٢٠ عزمنا إلى الذهاب إلى حج بيت الله الحرام، وقبل
السفر أرادني الحاج محمد حسن بيضون على أن أكلم تجار الحي في أن
يشتروا دار أخيه الحاج يوسف لتكون مدرسة وكانت لهم ليلة يجتمعون فيها
في الأسبوع يتذاكرون أمور تجارتهم ويدعونني فاجلس معهم وذهب معي
وحثني على الكلام معهم في ذلك فترددت لاعتقادي انه من الأطماع
الأشعبية وما زال يشير إلي ان أكلمهم وانا متوقف حتى قرب أوان انصرافهم
فقلت في نفسي ان لم ينفع الكلام فلا يضر فقلت لهم اننا نحتاج إلى دار
نجعلها مدرسة وهذه دار الحاج يوسف بيضون يريد بيعها وانا اشتريها لكم
مقسطا ثمنها إلى أربع سنين القسط الأول يدفع بعد سنة وهكذا، وأردت
بذلك ان يهون عليهم الأمر بعدم الدفع في الحاضر وقلت انني انا أتعهد
بدفع قسم من ثمنها كأحدهم فقال زعيم القوم: الآن عندكم مدرسة عارية
ولا داعي لشراء هذه فقال آخر دونه في المنزلة نعم الرأي شراؤها وكل منا
إذا حضر الموت لا بد ان يوصي فلنصرف وصيتنا في حياتنا فلم يشأ الزعيم
ان يرد ذلك وقد قبل به من هو دونه فقبل وقبل باقي الجماعة وسافرنا إلى
بيروت وكلمنا الحاج يوسف في ذلك وطلبنا منه ان يترك قسما من الثمن
بقدر ما على أحدهم واتفقنا معه على الثمن ان يكون ثمانمائة ليرة إفرنسية
ذهبا موزعة على خمسة أسهم ونصف على الوجه التالي على: الفقير كاتب
هذه السطور والحاج يوسف والحاج عباس رضا والحاج سليم العضل كل
واحد سهم والحاج مصطفى الصوان وابن أخته كل بنصف سهم والحاج عبد الله والحاج
حمزة الروماني كل بنصف سهم مقسطة على أربع سنين
(٣٦١)

وكتبنا بذلك سندات على هذا النحو.
ثم توجهنا إلى الحجاز عن طريق مصر وجاءنا كتابهم إلى الحجاز
باستلامهم الدار ونقل الأولاد إليها وكان بصحبتنا في الحج إيراني من أهل
أرومية فأعطاها عشرين ليرة عثمانية ذهبا للمدرسة وحج في تلك السنة
ميرزا علي أصغر خان اتابك الصدر الأعظم في إيران لكنه كان معزولا
بسبب قضية المشروطة وعاد مع الحاج الشامي إلى دمشق واجتمعنا به في
الطريق ولما وردنا الشام دعونا إلى المدرسة وأقمنا له حفلة فأرسل لنا في اليوم
الثاني كتابا مع ترجمان القنصل ومعه سبعون ليرة عثمانية ودعونا والي سورية
عارف بك المارديني فسر كثيرا وخطب خطبة اعرب فيها عن سروره بما رأى
وشكرنا وخاطبنا بأجمل خطاب ودفع لنا اعانة للمدرسة عشرين ليرة عثمانية
ذهبا فأصلحنا المدرسة من ذلك بنحو ثلاثين ليرة ودفعنا الباقي مما علينا من
الأقساط ثم وقفناها مدرسة واستثنينا دارا صغيرة منها لم ندخلها في الوقف
لقاء ما بذمتنا من الثمن ويسر الله تعالى دفع جميع الأقساط الا القسط الأخير
فطلبه منا الحاج يوسف فأرسلنا له ان شئت ان تمهلنا به وان شئت بعنا الدار
الصغيرة وأديناه فقال لا تبع الدار وسأحضر للشام ونعمل حفلة لتدارك
العجز فكان الأمر كذلك وتبرع الحاضرون في الحفلة وهو منهم بما دفعنا منه
الدين وزاد معنا ما صرفناه على المدرسة. وما زال أمر المدرسة ينتظم شيئا
فشيئا وقد بقيت مدة غير قليلة لم يتم انتظامها الا اننا نقابل ذلك بالصبر ولا
نمل والأعمال لا يضرها مرور زمن عليها ولم تنتظم فلا بد ان تصل إلى
المداومة والصبر إلى الانتظام وانما يضرها الملل وقلة الصبر فصبرنا وجاهدنا
فظفرنا.
ثم وفق الله لشراء دار ثانية هي أحسن من الأولى بمراحل ومن أفخم
دور دمشق شريت بقيمة ألف وخمسمائة ليرة عثمانية ذهبا وأصلحت
بخمسمائة وهي تساوي اضعاف ذلك بذل ثمنها كل من المحسنين الكرام
السيد علي والسيد كامل نظام والحاج رضا النحاس والحاج مهدي اللحام
والحاج حسن الحلباوي جازاهم الله خير الجزاء ونقلت إليها التلاميذ،
والدار الأولى تستغل ويصرف ريعها على المدرسة وقد أصبحت المدرسة
اليوم حين تحرير هذه الكلمات وهو السابع من شهر شوال سنة ١٣٧٠ على
أتم نظام وأحسن انتظام ذات صفوف ثانوية وقسم داخلي تفوق جميع
مدارس دمشق التي من نوعها بحسن تنظيمها والمحافظة فيها على التحلي
بالأخلاق الاسلامية الفاضلة ونجاح طلابها في الامتحانات مائة بالمائة
وأصبحت الطلاب تتهافت عليها من جميع الأحياء لما يرى أولياؤهم من
تهذيب أخلاق أولادهم ونجاحهم حتى صار يضطرنا الحال أحيانا إلى رد
طلبهم لضيق المكان فيلحون علينا ويصرون ووضعنا لكل صف فيها كتابا
للمحفوظات وكتبا تسعة للعقائد والأحكام الشرعية من العبادات
والمعاملات والمواريث والحدود والديات وتفسير عدة من الآيات القرآنية
وقسم من الأخلاقيات وطبعت هذه الكتب وانتشرت في باقي المدارس وعم
نفعها وترجمت إلى الفارسية.
وقد وفق الله تعالى لإيجاد أوقاف لها من جماعة من أهل الخير وفي سنة
١٣٦٧ اشتري لها دكان في سوق الحميدية بألف ليرة عثمانية ذهبية.
وستزيد اوقافها بعون الله تعالى عاما فعاما بفضل الاخلاص وحسن النية.
وكانت مدرسة البنات قد ضاقت بالطالبات فتبرع المرحوم الحاج
يوسف بيضون بشراء دار دفع ثمنها ثلاثة آلاف وثمانمائة ليرة عثمانية ذهبا
وعين لها من ماله ألف ليرة عثمانية ذهبا يصرف ريعها على نفقاتها فبقيت
مدة يتجر بها أحد أولاده ويقوم بنفقات المدرسة ثم اشترى بها عقارا في
بيروت ووقف عليها واعترافا بفضل الحاج يوسف بيضون اطلقنا اسمه على
المدرسة وسميناها المدرسة اليوسفية.
هذا ما وفق الله لعمله بشأن اصلاح الأمر الأول من الأمور الأربعة
المتقدم إليها الإشارة وأما الأمر الثاني وهو أمر الحزبية بين أبناء الطائفة
والتشاكس الواقع بينهم فرفعه أمر واحد لم نكن نعرفه ولا نعرف ان له هذا
الأثر وهو المساواة بين الناس وعدم التحيز لفريق دون آخر وهذا أمر طبعنا
عليه ولم نتكلفه تكلفا.
أما الأمر الثالث
وهو اصلاح إقامة العزاء لسيد الشهداء ع فكان فيه خلل من عدة
جهات منها ما يتلوه الذاكرون من الأخبار المكذوبة والأغلاط الشائنة
وبعض الأعمال التي تجري في المجالس. ذكر مرة رجل وقعة الجمل فقال
كان اسم الجمل عسكر بن مردية فقلت في نفسي الجمل كثيرا ما يعرف
باسم أما ان يقال ابن فلان أو ابن فلانة فلم يسمع به فسألته فقال هذا
موجود في البحار فراجعت البحار فإذا فيه وكان اسم الجمل عسكرا، ثم
ابتدأ بكلام جديد فقال: ابن مردويه. وقرأ قارئ يوما في الكاظمية فلم
يذكر في ذلك المجلس حرفا واحدا صادقا وكان إلى جانبي السيد مهدي آل
السيد حيدر فقلت له أقسمت عليك بالله هل فيما ذكره هذا الرجل حرف
صادق قال لا قلت فلما ذا لا تنهون قال لا نستطيع ولما حضر الشيخ موسى
شرارة إلى جبل عامل أحضر معه مجموعة كتبها له بعض الذاكرين فيها
الصحيح والسقيم مما يتلى في مجالس النجف وكان فيها خبر مقتل أمير
المؤمنين ع. وفيه كلام للأصبغ بن نباتة يخاطب به أمير المؤمنين ع
وقد زيد فيه كلام مسجع منمق منه ان البرد لا يزلزل الجبل الأصم ولفحة
الهجير لا تجفف البحر الخضم والليث يضرى إذا خدش والصل يقوى إذا
ارتعش ونحو ذلك وكان الشيخ موسى يتلوه ويعجب من بلاغته. ولما
كتبت مقتل أمير المؤمنين في المجالس السنية لم أجد له اثرا في كتاب
وسمعت الميرزا حسين النوري مرة في داره ينكره على المنبر ويقول إنه لا
أصل له وفي تلك المجموعة عدة أحاديث موضوعة وبعض الذاكرين يزيد
عبارات وجملا محزنة ليهيج بها السامعين. وهؤلاء القراء ليس لديهم ذرة
من علم ولا معرفة وأكثرهم من العوام ومن كان ذا معرفة لا يتحرى الا
الصحيح ومثل هذه الأمور تجري في كل فرقة وكل طائفة فجهدت في تنزيه
هذه الذكرى المباركة عن مثل ذلك ونهيت القراء عن قراءة مثلها وألفت
(٣٦٢)

كتاب لواعج الأشجان في مقتل الحسين ع وانتقيته من الكتب المعتمدة
ورتبته بأحسن ترتيب وأردفته بكتاب أصدق الاخبار في قصة الاخذ بالثار
وبكتاب الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد وبالنعي للشيخ محمد بن
نصار وطبعته فراج ذلك رواجا تاما.
ورأينا ان تدريب القراء على قراءة الصحيح لا يتم الا بوضع كتاب
فألفنا كتاب المجالس السنية في مناقب ومصائب النبي والعترة النبوية في
خمسة اجزاء الأربعة الأولى خاصة بالحسين ع وبعضها يزيد على مائة
مجلس وطبعناها مرارا والخامس خاص بالنبي والزهراء وباقي الأئمة الأحد
عشر وقد نفدت نسخه كلها.
ومن جهات الخلل في إقامة العزاء جرح الرؤوس بالمدى والسيوف
ولبس الأكفان وضرب الطبول والنفخ في البوقات وغير ذلك من الأعمال
وكان هذا محرم بنص الشرع وحكم العقل فجرح الرؤوس ايذاء للنفس
محرم عقلا وشرعا لا يترتب عليه فائدة دينية ولا دنيوية بل يترتب عليه زيادة
على أنه ايذاء للنفس الضرر الديني وهو ابراز شيعة أهل البيت بصورة
الوحشية والسخرية وكل ذلك كلبس الأكفان وباقي الأعمال مزر بفاعله
وبطائفته لا يرضاه الله ولا رسوله ولا أهل بيته فهو من عمل الشيطان
وتسويل النفس الامارة بالسوء سواء اسمي بالمواكب الحسينية أم بإقامة
العشائر أم بأي اسم كان فالأسماء لا تغير حقائق الأشياء وعادات الطغام من
العوام لا تكون دليلا للأحكام. وكانت هذه الأعمال تعمل في المشهد
المنسوب إلى السيدة زينب بقرب دمشق أحدثه بعض قناصل إيران ولم
احضره ابدا ونهيت عنه حتى بطل، وقد عملت في ذلك رسالة التنزيه
طبعت وترجمت إلى الفارسية وقام لها بعض الناس وقعدوا وأبرقوا وارعدوا
وجاشوا وأزبدوا وهيجوا طغام العوام والقشريين ممن ينسب للدين فذهب
زبدهم جفاء ومكث ما ينفع الناس في الأرض.
لقد أشاعوا في العوام ان فلانا حرم إقامة العزاء بل زادوا على ذلك
ان نسبونا إلى الخروج من الدين واستغلوا بذلك بعض الجامدين من
المعممين فقيل لهم ان فلانا هو الذي شيد المجالس في دمشق فقالوا قد كان
هذا في أول امره لكنه بعد ذلك خرج من دين الاسلام وعمدوا إلى شخص
من الذاكرين يسمى السيد صالح الحلي بذلوا له مالا على أن يقرأ في مجلس
انشؤوه كمسجد الضرار ليقرأ فيه السيد صالح ويقدح فينا ورهن بعضهم
لذلك داره وأنفق المال الذي رهنها به في ذلك السبيل. (١)
السفر للحج
في سنة ١٣٢١ عزمنا على الذهاب إلى حج بيت الله الحرام من دمشق
الشام ومعنا العيال وليس معنا من النفقة غير خمس ليرات ذهبية فاستدنا
لاكمالها ووفق الله بمنه وفضله لذلك وكان ذلك في امارة الشريف عون.
في مصر
فذهبنا من طريق مصر بحرا من بيروت إلى بورسعيد فالإسماعيلية
فالقاهرة وزرنا مشهد رأس الحسين ع فخلنا أنفسنا في كربلاء لأن ما
يفعله المصريون في ذلك المشهد لا ينقص عما يفعله العراقيون الشيعة في
كربلاء. وهو مشهد مبني بناء متقنا ورأينا فيها مدرسا معمما جالسا على منبر
صغير وحوله تلاميذ يستمعون إلى درسه وزرنا مشهد السيدة زينب وهو مشهد
معظم مبني بناء غاية في الاتقان وقد ذكر في حرف الزاي من أعيان الشيعة
من هي صاحبة هذا المشهد وزرنا قبر محمد بن أبي بكر والإمام الشافعي إما
مشهد السيدة نفيسة فلم نوفق لزيارته ومشهد مالك الأشتر هو خارج
القاهرة لذلك لم نوفق لزيارته وذهبنا إلى القناطر الخيرية وهي على النيل
وقضينا نهارا كاملا هناك بضيافة بعض الدمشقيين الأكارم وذهبنا إلى جنينة
الحيوانات وفيها من كل حيوان يمشي على أربع أو يطير بجناحيه منها الأسد
ولبوته وهو في مكان منفرد لا يدنو إليه أحد رابض على سرير من الخشب
كجلوس الملك على سرير الملك والزرافة والقنغر وحمار الوحش وبقر الوحش
والفيل وغيرها من الطيور وحيوانات البر والبحر والى الأهرام وأبو الهول
والكنيسة وغيرها وهذه الأسماء والأمور التي مرت مذكورة مفصلة في الرحلة
الحجازية الأولى في الجزء الثاني من معادن الجواهر المطبوع.
زيارة الأزهر
وكان ذلك أيام تعطيل الدروس الرسمية فذهبنا إلى الجامع فوجدنا
شيخا يلقي درسا على الحاضرين كان قد فرع منه فجلست انا ورفاقي
الشاميين فالتمس أحد التلاميذ من الشيخ ان يعيد لهم الدرس وهو في قصة
الحكمين وكان قصده تبكيتنا ونحن بزي أهل الشام بما كان يتلاعب به
معاوية وعمرو بن العاص باهل الشام فقال له الشيخ لعل بعض الجالسين
لا يروق لهم ما اشتمل عليه الدرس يعنينا فاصر عليه فأعاده وكلما وصل
الشيخ إلى شئ يعاب على الشاميين التفت ذلك التلميذ إلينا حتى وصل إلى
تلاعب عمرو بأبي موسى فقال التلميذ تشرفنا بأبي موسى.
إلى الحجاز
ثم ركبنا القطار إلى بورتوفيق ومنها ركبنا في سفينة مصرية ونذرنا
الإحرام قبل الركوب واحرمنا ولما حادينا الجحفة صفرت السفينة صفيرا
عاليا اعلاما بالمحاذاة لأنه وضعت في البحر علامات تدل على ذلك فجددنا
نية الاحرام والتلبية ولم نزل سائرين حتى وردنا جدة ومنها إلى مكة المكرمة
فأكملنا اعمال عمرة التمتع وذهبنا إلى منى وعرفات وأتممنا فروض الحج ثم
توجهنا إلى المدينة المنورة على ظهور الجمال.
العودة
فاستأجرنا من مكة المكرمة إلى الشام الخشب بأربعين ليرة عثمانية
وهو مركب طويل له شقتان يركب فيه اثنان على بعير واحد والجمال قطاران
تحيط بهما العساكر السلطانية يمينا وشمالا ففي أحد الجانبين عسكر شاهاني
على بغال وفي الجانب الآخر جندرمة على خيل ذكور وبين كل واحد واخر
مرمى حجر وأمام الكل قائد معه مدفع على جمل فإذا وصل الحاج إلى المنزل
أقام قسم من هذا العسكر بالتناوب حول الحاج ببنادقهم وبين الواحد
(٣٦٣)

والآخر مرمى حجر فيصيح الأول كركون فيجيبه الآخر حازرون
ويصيح للذي بجانبه كركون فيجيبه حازرون حتى ينتهي الدور ويبدأ غيره
فلا يزالون كذلك إلى الصبح ولما وصلنا إلى مكان يدعى المضيق وهو طريق
ضيق بين جبلين جاء الخبر إلى أمير الحاج عبد الرحمن باشا اليوسف الكردي
بان الاعراب وقفوا ببنادقهم على أعلى الجبلين فإذا مر الحاج تناولوه
بالرصاص فلا يفلت منهم أحد وكان لشيوخهم خاوة على السلطان فكان
يبعث بها من استانبول فكان يأكلها من يتولى امارة الحاج مع مشاركة غيره
فأرسل أمير الحاج تلك الليلة إلى شيوخهم فأرضاهم وجمع البيارق التي
توضع عادة فوق الحجاج ونصبها حوله ليوهم الاعراب ان معه عسكرا كثيرا
وسار الحاج في اليوم الثاني في ذلك المضيق بسلام ولم نزل نسير حتى وردنا
المدينة المنورة وبعد قضاء الزيارة وأداء المستحبات خرجنا منها قاصدين
الشام ولم نزل نطوي المنازل حتى وردنا القطرانة وكانت السكة الحديدية
الحجازية التي ابتدئ بمدها من دمشق وصلت إلى القطرانة فركبنا فيها حتى
وردنا دمشق وكان معنا في هذا الطريق ميرزا علي أصغر خان الصدر
الأعظم في إيران الذي نفي من إيران وذهب إلى الحج وجاء إلى دمشق ثم
إلى أوربة ثم عين صدرا أعظم في إيران فذهب إليها ثم قتل غيلة وكان
رجلا سخيا محبا للخير اجتمعنا به في طريق الحج ثم في دمشق ودعوناه إلى
المدرسة العلوية التي كنا اشتريناها من الحاج يوسف بيضون حين سفرنا لهذه
الحجة كما قدمنا ذكره فجلس فيها وطفنا به على حجراتها ثم ارسل في اليوم
الثاني مبلغا للمدرسة كما مر وبنى في دمشق باب المشهد المنسوب للسيدة
رقية وعملنا تاريخا هو منقوش على المرمر فوق الباب موجود للآن وأصلح
مشهد رأس الحسين ع بجانب جامع دمشق وكتب على جدران القبة
أسماء الأئمة الاثني عشر.
زيارة المدينة المنورة ثانيا وثالثا
تشرفنا بزيارة المدينة المنورة من دمشق ثلاث مرات المرة الأولى في
الحجة الأولى سنة ١٣٢١ وقد مر ذكرها والمرتان الأخريان في عهد امارة
الشريف حسين بن علي على مكة المكرمة فذهبنا من دمشق إلى المدينة المنورة
في السكة الحديدية الحجازية وذلك أيام الرخصة إذ كانت إدارة السكة تعطي رخصة في أثناء كل سنة لمن يريد زيارة المدينة
بنصف الأجرة المعتاد اخذها فكانت الأجرة أيام الرخصة ثلاث ليرات
عثمانية ذهبا ذهابا وإيابا في حين ان الأجرة في غير
أيام الرخصة ثلاث ذهابا وثلاثا إيابا وذلك قبل الحرب العامة الأولى
فوصلنا المدينة المنورة وكان الاعلام عن سير القطار فيها يحصل بالنفخ في
البوق بدلا عن قرع الجرس وذهبنا في إحدى المرتين إلى العوالي ولم يكن
أحد ممن ينسب إلى الدولة العثمانية يجسر على الدخول إلى تلك الأماكن
خوفا من أهلها وكان الزائرون يصلون إلى مسجد قبا ويرجعون وقد نصبوا
قرب مسجد قبا مدفعا فوق بناء عال ووجهوا فوهته إلى نحو طريق المدينة
حتى أن عم خديوي مصر لما زار المدينة استأذن حاكم المدينة أهل العوالي في أن
يسمحوا له في دخول العوالي للتبرك بالأماكن المشرفة والصلاة في مسجد
الفضيخ فقالوا ليدخل على الرحب والسعة لكن لا يدخل معه عسكر فقال
لهم الحاكم هذا عم الخديوي ولا يمكن ان يدخل بدون عسكر تعظيما له
واجلالا وأخيرا قر القرار على أن يدخل معه عسكر من عرب عقيل لأنهم
عرب مثلهم فقبلوا بذلك ولما وصلوا إلى باب المسجد منعوهم من دخوله
وقالوا لهم حدكم إلى هنا، وانما سمي هذا المسجد مسجد الفضيخ لأنه
كان في محله تمر فضيخ ليعمل خمرا فأراق النبي ص ذلك الفضيخ ورأينا في
جانب المسجد حجرة فيها أطفال يتعلمون القراءة والكتابة وتحتهم حصير
بال فاخذتنا الرقة الشديدة عليهم والذين في تلك البقعة كلهم من الشيعة
فلما دخلنا تلك الحجرة نفر الأطفال منا نفار الغنم من الذئب وابتعدوا عنا
وكلمناهم فلم يجيبونا بحرف واحد وطلبنا منهم ان يقرأ أحدهم شيئا من
القرآن مما تعلمه فأبوا فسألناهم عن معلمهم فقالوا غائب فأخرجنا القطع
الصغيرة من النقود المسماة بالمتاليك فلما رأوها تهافتوا علينا ففرقنا عليهم كل
واحد قطعة وأعطى رفيقنا كمال أفندي الحلباوي الدمشقي خليفة المعلم
ريالا مجيديا ليشتروا به حصيرا بدل حصيرهم البالي. وكان عندهم رجل
من أهل العلم كنا نعرفه من النجف حين كان يتعلم فيها العلم فقلنا لهم
نريد زيارته فقالوا هو يأتي لهنا فقلنا لا نحن نزوره في منزله فذهبنا فوجدناه
في بهو متسع قد بناه جديدا وقد عاد هو كأنه شيخ هرم من شيوخ العرب
فشربنا عنده القهوة وخرجنا إلى مشربة أم إبراهيم وهي علية كانت تسكنها
مارية القبطية أم إبراهيم ابن النبي ص ويبيت النبي ص فيها ولا تزال قائمة
حتى اليوم فاما انها كانت تصلح وترمم حتى بقيت إلى اليوم أو انها بني
مكانها علية مثلها ولا بد ان يكون الوهابة هدموها فيما هدموه من آثار
الأنبياء والصالحين وصلينا في دارها ودعونا الله بما شئنا وخرجنا فوجدنا
جماعة ينتظروننا لكي نصلي على جنازة عندهم فقالوا انا حفرنا أول قبر
فانهدم قبل مجيئكم ثم حفرنا الثاني فتفضل وصل لنا على الجنازة فان حظها
كبير حيث انهدم القبر الذي حفرناه لها أولا وتأخر دفنها لتصلوا عليها فقلنا
لو لم نحضر ما كنتم تصنعون قالوا كنا ندفنها بغير صلاة قلنا ولم تدعون فلانا
العالم ليصلي على جنائزكم قالوا هو يقول لنا جيئوا بالجنازة إلى هنا، فعجبنا
من ذلك ثم خرجنا إلى خارج المشربة وكان معي منظار فجعلت انظر به إلى
جهة المشرق فرأيت رجلا مقبلا فلما نحيت المنظار عن عيني لم أره وكانت
الأرض التي إلى جهة المشرق ذات حجارة سوداء وهم يسمون مثل تلك
الأرض الحرة وكذلك هي لغة ومنها حرة وأقم لمكان جرت فيه وقعة مشهورة
ثم وصل ذلك الرجل فإذا هو من شيوخ العوالي السنيين وعلى جنبه خنجر
معكوف الرأس قرابه فضة وذلك علامة ان شيخ فلما نظر إلينا وانا لابس
عمامة على طربوش ومعنا من يلبس طربوشا بدون عمامة ومن يلبسون
عمائم على طرابيش ومعنا المنظار اعتقد اننا من اجزاء العثمانيين فقال للذي
معنا من عرب العوالي ويش هذول قال زوار قال بل هذول دولة والله لو لم
يكونوا معك لكان لي معهم شأن، وأصحابي لم يفهموا كثيرا مما قاله وتهدد
به أما انا ففهمت ذلك كله ثم انصرف فلما عدنا أخبر رفيقنا أصحابه بما
جرى فارسلوا إليه يعاتبونه ويقولون أ تهدد ضيوفنا فاعتذر وقال ظننتهم
دولة.
وفي المرة الأخرى كان قد حضر من النجف عالم من أهل العوالي
اسمه الشيخ محمد علي الهاجوج فأردنا زيارته والصلاة في مسجدي قبا
والفضيخ ومشربة أم إبراهيم وخرج معنا من المدينة الشريف علي بن بديري
الحسيني وهو شاب يجيد اللغة الفارسية وكان حضر إلى دمشق وبقي في دارنا
مدة طويلة، وكان يحدثنا يوما بالمدينة فقال يمكنني ان أقول هذا زبن علي كما
زبن عليك اي استجار بي ولزم بيتي من قولهم زبن بالمكان اي أقام ومنه
المزابنة عند الفقهاء فاخذناه معنا دليلا فذهب واعتقل بندقيته ونزع نعليه
ووضعهما تحت حزامه وخرج يمشي معنا راجلا ونحن ورفقاؤنا الشاميون
(٣٦٤)

أيضا راجلون لأننا لم نجد دوابا نكتريها والفصل شتاء والأرض دهسة لا
يصعب المشي عليها والمسافة قريبة وصادف ان الشيخ محمد علي الهاجوج
الذي جئنا لزيارته جاء في ذلك اليوم لزيارتنا إلى المدينة واختلفنا في الطريق
فجئنا إلى محله وجلسنا في ظل شجرة على حصير فسألنا عنه فأخبرنا انه
ذهب للمدينة لزيارتنا وقد قرب وقت الظهر فجاءوا لنا بتمر ولبن حليب
وقد مسنا الجوع فأكلنا حتى شبعنا بعض الشبع ورفعنا أيدينا وسال هو عنا
في المدينة فأخبر بمجيئنا إليه فعاد ووصل إلينا ثم دعا أباه وناجاه فقام
وعلمت أنه قال له يصنع لنا طعاما فقلت له اننا مدعوون على العشاء الليلة
عند السيد عمران الحبوبي ولا يمكننا التأخر فقال كيف يمكن ان تزورونا ولا
تأكلوا زادنا فأقسمت عليه ان يرسل إلى أبيه ان لا يصنع
شيئا فأرسل إليه فعاد الرسول قائلا قد ذبح خروفا وحضر
أبوه فقال بعض رفقائنا الشاميين دعوا الذبيحة إلى غد واصنعوا لنا
منها غداء فصاح به أبو الشيخ محمد غاضبا اخمجها فقلت للشامي إعطنا شكوتك
ودعني انا أكلمه فهذا ليس من شغلك وقلت لهم ذبيحتكم مأكولة فاصنعوا
لنا منها غداء اليوم فقالوا هذا لا يمكن حتى نطبخ الأرز وتتعشوا عندنا الليلة
فقلت للشيخ محمد علي أنت عربي وقد سكنت النجف أ ليس من كان مدعوا
عند أحد ولم يحضر فعليه حسم اي ان يعمل دعوة لصاحب الدعوة
والمدعوين معه وقد أخبرتكم اننا مدعوون الليلة على العشاء عند السيد
عمران الحبوبي فرضوا بعد جهد ان يقتصروا على الغداء. وهم عندما
يرحبون بالضيف يقولون يا هلا ومرحبا زارنا الغيث زارنا الغيث.
ومما حدثنا به والد الشيخ محمد علي الهاجوج وهو شيخ كبير لكن
عينيه كالسراجين وكذلك جميع أولئك الأعراب انه في سنة من السنين
طلب المغاربة والبخارية المجاورين بالمدينة وأهل المدينة وغيرهم إلى حاكم
المدينة العثماني واسمه سعيد باشا ان يجرد حملة على أهل العوالي ويعطي
المغاربة والبخارية والمدنيين أسلحة ليكونوا مجاهدين مع الجيش فوافقهم على
ذلك وخرجوا لضرب العوالي وقتل أهلها واستئصالهم وأخرجوا معهم مدفعا
وأول ما فعلوه قبل الخروج للحرب ان قطعوا الميرة على أهل العوالي ووكلوا
بالأبواب جنودا كلما وجدوا شيئا مع أهل العوالي من ماكل وملبوس سلبوهم
إياه قال الهاجوج وكنت اشتريت من المدينة شيئا من الأرز لطبخه فاخذه مني
ضابط في بعض الأبواب فقلت له هذا شريته لغذائنا فقال كلوا برسيم وهو
الذي يسمى في العراق قت وفي سورية فصه يستعمل لعلف الدواب
حال كونه أخضر ثم توجهت الحملة إلى العوالي فجعلت تقطع النخيل الذي
في طريقها لأهل العوالي لئلا يعوقها عن الحرب ونصبوا المدفع على ربوة
وبلغ الخبر أهل العوالي ولم يكن لهم سابق علم بذلك وكانوا متفرقين في
أعمالهم فلم يجتمع منهم سوى ثلاثين رجلا منهم والد الشيخ محمد علي
الهاجوج وبينهم عبد فهجموا ببنادقهم على المدفع وهو يقذف وهو يقذف بقنابله
وصعدوا الربوة فقتل العبد وسلم الباقون فاسروا المدفعي وهو الذي اخذ
الأرز بباب المدينة وقال كلوا برسيم فخاف كثيرا لما كان سلف منه من
الإساءة فقالوا له كن مطمئنا فانا لا نقتل الأسير بل نكرمه وانهزم العدو
وجعل يلقي سلاحه في الأرض وهم وراءه يقتلون منه ولم يزالوا يتبعونهم
حتى دخلوا المدينة وأغلقوا أبوابها ولم يجسروا على الخروج لدفن قتلاهم
فكانوا يعطون النخاولة عن كل قتيل خمس ليرات عثمانية ذهبية لينقلوه لهم
إلى المدينة فيدفنوه. والنخاولة حلف مع حرب الممتدة من مكة إلى المدينة
وفي كل عشرين سنة يكتبون بينهم كتابا بهذا الحلف تبقى نسخة منه عند
النخاولة واخرى عند حرب ويتضمن هذا الكتاب المتضمن لهذا الحلف ان
على حرب ان ينصروا النخاولة إذا تعدى عليهم عدو وليس على النخاولة ان
يحاربوا مع حرب فكان الركب من النخاولة وفيه ستة اشخاص أو أقل
يأتي للحج ويعود آمنا مطمئنا لأنه حلف مع حرب في حين
لا يقدر الحاج الشامي ولا غيره ومعه عسكر الدولة ان
يسافر بين مكة والمدينة الا بخاوة يدفعها لرؤساء القبائل. وفي حجتنا
الثانية سافر ركب الحاج من مكة للمدينة فما زالوا يدفعون الخاوة حتى قاربوا
المدينة ورأوا القبة الشريفة وكان هناك رئيس يلقب بالأحمدي فطلب منهم
خاوة وكان قد نفد ما معهم فمنعهم من دخول المدينة وعادوا إلى مكة لذلك
لم نتمكن نحن في تلك السنة من زيارة المدينة المنورة. أما أهل العوالي
فبينهم وبين حرب محالفة الند للند وحرب يعدونهم فرقة منهم فلما وقعت
هذه الواقعة اركب أهل العوالي رجلا على قاعدة اعراب تلك البلاد ناقة
قد شحروها اي طلوها بالسواد ووجهه إلى مؤخرها وقد شق قميصه
وأرسلوه إلى احياء حرب والعادة انه متى رآه الأعراب بتلك الحالة علموا انه
مستنجد فهبت حرب حينئذ إلى سلاحها وذهبوا سراعا إلى الطريق التي بين
ينبع والمدينة التي تأتي منها البضائع بحرا وتنقل على ظهور الجمال إلى المدينة
فاستولوا على ما وجدوه منها في الطريق وكلما خرجت بضاعة من البحر
استولوا عليها فضاق الخناق بسعيد باشا وباهل المدينة فطلبوا الصلح
فاصطلحوا على أن يكون ما قتله أهل العوالي هدرا وما اخذوه من السلاح
وما أخذته حرب من البضائع لأخذيه لا يطالبون بشئ منه وانتهى الأمر
على ذلك وقال بعض أهل العوالي شعرا زجليا يذكر فيه هذه الوقعة علق
بذاكرتي هذان البيتان:
عينيك يا من صاح في قصور العوالي * حنا حمى رأسك الياجاك الدهوم
سعيد باشا ما فيه لا صلح وموالي * واللوم يغشى شارب المايتوم
ثم إن الشريف علي بن بديري عاد بنا من طريق من جهة الشرق غير
الطريق التي جئنا منها وكانت من جهة الغرب لأن هذه أقرب فكان يمر على
أهل العوالي وهم مضطجعون على السطوح فيسلم عليهم فيردون عليه
السلام ويقولون يا علي تفضلوا تقهووا فيقول لا بالله متقهوين حتى دخلنا
المدينة من شرقها فلما قربنا منها قال لنا أسرعوا فالطريق هنا غير مأمون
والسكان هنا ليسوا من أهل العوالي. ورأينا هناك الحنظل وفسيل النخل.
زيارة بيت المقدس
وفي هذه السنة أي سنة ١٣٢١ ذهبنا من دمشق لزيارة بيت المقدس
ومشاهد الأنبياء فيه على نبينا وآله وعليهم أفضل الصلاة والسلام ونزلنا في
تكية النبي داود ع وهذه التكية أنشأها السلطان سليم العثماني ووقف لها
أوقافا ينزلها الزائرون ويؤتى بالطعام وزارنا فيها الشيخ حسن متولي التكية
ومعه رجل مثر من أهل يافا قيل لنا ان عنده ١٤ بيارة لزرع البرتقال
والليمون والحمضيات وغيرها وفي يافا من عنده بيارة واحدة يعد غنيا ودعانا
اليافي إلى ضيافته عند الرجوع لكنا لم نتمكن من ذلك وقال لنا الشيخ حسن
في حديثه انني ذهبت مرة لدمشق فاستخرت الله ان انزل عند فلان أو فلان
وعدد اشخاصا فلم تكن الاستخارة جيدة فاستخرت الله ان انزل عند
الشيخ عطا الكسم فجاءت جيدة فنزلت عنده، وأمر الشيخ حسن ابن
أخته الشاب الشيخ احمد ان يصحبنا طيلة اقامتنا في القدس ونزلنا إلى
أسفلها رأينا عمودين صغيرين فوقهما قوس صغير مقرنص فسألنا الخادم عنه
(٣٦٥)

فقال انا نقول للعامة هذا لسان الصخرة الذي كلمت به النبي ص إما أنتم
من أهل المعرفة فلا نقول لكم هذا. ثم ذهبنا لزيارة المشهد المنسوب إلى
موسى ع وهذا المشهد المنسوب إليه غير محقق واليهود لا يزورونه بل
ينكرون ان يكون قبره هناك ويقولون انه توفي في التيه ومحل قبره غير معلوم
على التعيين انما المعلوم انه في التيه أقول وانما ظهر هذا القبر في عهد
صلاح الدين الأيوبي فجعل المسلمون يزورونه في يوم عيد الصليب فلا
يفتح في السنة الا مرة واحدة ويوم زرناه كان مقفلا وذهبنا إليه في العربة
وكانت الطريق معبدة من القدس إلى الشريعة في مكان ما يقولون إنه غسل
عيسى ع حين ولادته فشق فرع للطريق من محاذاة مشهد النبي موسى
ورأينا النصارى الروس يلثمون الصخور في الطريق الذي يقولون إنه مر
فيها بعيسى حين ولد وذلك قرب القدس وبعد الزيارة سألنا الشيخ احمد
هل بقي مزار غير هذا فقال نعم مزار الشيخ حسن الراعي فقلنا ومن هو
الشيخ حسن الراعي؟ فقال هو راعي سيدتنا عائشة فذهبنا وزرناه مع
علمنا بان السيدة عائشة لم تأت فلسطين ولم يكن لها راع يسمى الشيخ
حسن.
الزيارة الثانية
وتشرفنا أيضا بزيارة بيت المقدس بعد ذلك من جبل عامل بعد
الحرب العامة الأولى والاحتلال الانكليزي مرة ثانية فلما دخلنا مسجد
الصخرة جاء الخادم فنظر إلينا ونحن جماعة وقال لابنه هات الكبة اي
الجبة فجاء بها ووضع يده على الصخرة وطلب إلينا وضع أيدينا عليها
وابتدأ يقول عليك السلام عليك يا صخرة الله فقلت له لا يلزم هنا خلط هذا
مسجد ليس فيه الا الصلاة والدعاء فصلينا ودعونا وحضر وقت صلاة
العصر فجاء بنا إلى زاوية من المسجد واجلسنا هنا فقلت له لم أجلستنا هنا
نحن نريد ان نصلي جماعة فقال يا سيدي أنتم تصلون معنا فقلت ولم لا
نصلي معكم أ لسنا وأنتم مسلمين فقال تفضلوا فقمنا وصلينا العصر مع
الامام وبعد الفراع تصافحنا، وشاهدنا اليهود في المبكى وهو بجانب حائط
المسجد الغربي ما خارجه وجندي إنكليزي يمنع الناس من الدخول إلى محل
المبكى فنظرنا المبكى من خارج واليهود مجتمعون فيه، واجتمع المشايخ في
مكان تحت المسجد بقرب المبكى وأقاموا حلقة ذكر وبالغوا في الضرب على
الدفوف وعلو الأصوات ليشوشوا على من في المبكى. وذهبنا إلى كنيسة
القيامة فرأينا شيخا مسلما يلبس العمامة البيضاء جالسا على دكة في الدهليز
فسألنا عنه فقيل لنا حيث إن النصارى فرق عديدة فكل فرقة تطلب ان
يكون القيم منها جعلت الحكومة قيما مسلما ثم صعدنا إلى الأعلى فوجدنا
الزائرين منهم من كهيئة الراكع مدة طويلة ومنهم على هيئات أخرى تعبدا
لله تعالى ثم نزلنا إلى الأسفل فرأينا المكان الذي يزعمون أنه دفن فيه
عيسى ع وذهبنا إلى بلدة الخليل ع، ومشهده مبني بالصخور العظام
العادية فابتدأ الخادم يتلو علينا زيارة أول قبر فلما فرع أنشأنا زيارة فلما جئنا
إلى القبر الثاني قال يا سيدي زر أنت فانا لا أقدر على مثل زيارتك ويظهر
ان القبور هناك هي تحت الطابق الفوقاني من الأرض، وهناك بئر يسمونه
بئر الأرواح لم نعرج عليه لظننا انه من نوع المخرقة. وفي سنة ١٣٤١
تشرفنا بالحج مرة ثانية في عهد الملك حسين بن علي بعد انتهاء الحرب العامة
الأولى من طريق مصر وكنا يومئذ في جبل عامل فدعانا جماعة من أهل
دمشق للذهاب معهم إلى الحج وتعهدوا لنا بالزاد والراحلة وعملنا في ذلك
رحلة تذكر في الرحلات انش بعنوان الرحلة الحجازية الثانية.
في الحرب العامة الأولى
لما وقعت الحرب العامة الأولى التي ابتدأت سنة ١٣٣٢ وانتهت سنة
١٣٣٦ كنت في جبل عامل فخطر لي نقل العيال والأولاد إلى دمشق ومنهم
من هو في سن العسكرية ظنا مني ان ذلك أبعدهم عن الخطر فنقلتهم
وبعت جميع ما عندي من الحبوب المتنوعة في شقراء ومبلغه سبعمائة مد
بعتها جميعها بأبخس ثمن كل مد بسبعة قروش وبلغ ثمن المد بعد ذلك
١٤ ريالا مجيديا.
في جبل عامل
ثم رأيت وجودنا في شقرا ابعد عن الخطر فعدت إليها مع العيال
والأولاد. ولاقينا في ذلك شدة ورخاء وعسرا ويسرا ووصل الحال إلى أن لم
يبق عندنا من القوت شئ لأنا كنا قد بعناه جميعه بأبخس ثمن ثم وقع
الغلاء المفرط فيسر الله تعالى ما اقتنينا به بقرا وماعزا وغنما وفرسا واتانا
واستعملنا الفلاحة فدرت علينا ما نمون به العيال والأطفال.
ووقع الوباء في جبل عامل المسمى بالهواء الأصفر الكوليرا حتى أنه
مات في يوم واحد في قريتنا شقرا وهي قرية صغيرة اثنا عشر نفسا وكان
الوقت صيفا ودخل في أثناء ذلك شهر رمضان وامتنع الناس من تغسيل
أمواتهم ودفنهم حتى الأخ من تغسيل أخيه وحمله إلى قبره ودفنه خوفا من
العدوي وزاد في الطين بلة ان الجندرمة كانت تجول في القرى تطلب
الفارين من الخدمة العسكرية فاغلق الناس بيوتهم واقفلوها واختباوا فيها
فوظفنا لتغسيل الرجال رجلا فقيرا يسمى علي زين ولتغسيل النساء امرأة
تسمى عمشا بنت الذيب فكان كلما توفي واحد يغسله علي الزين أو عشما
ونذهب إلى البيوت ندق عليهم الأبواب ونقول لهم اخرجوا ولا تخافوا من
الجندرمة فانا معكم فيخرجون ويحملون الجنازة وانا خلفهم ومع ذلك إذا
وصلوا إلى منعطف يتسلل بعضهم فلا أزال معهم حتى نصلي على الجنازة
وندفنها ونعود إلى البيت فما نكاد نصل حتى يأتينا خبر جنازة أخرى فنذهب
إلى أن ندفنها وهكذا طول النهار. وتوفيت امرأة فقيرة فابى كل أحد ان
تغسل قرب بيته وكان هناك خربة فقلت غسلوها فيها فابى ذلك الجيران
فقلت غسلوها في المعصرة ففعلوا ولم نجد من يحملها فصادفنا رجلين وامرأة
فألزمتهم بحملها فحملوا جوانب النعش الثلاث وحمله انا الرابع إلى أن
صادفنا رجلا فحمل مكاني ثم صادفوا مني غفلة فانسلوا وتركوا الجنازة في
الزقاق إلى أن فاجأنا جماعة فألزمتهم بحملها فحملوها، وأما أقرباؤنا
فخرجوا من القرية الا قليلا منهم فبعضهم ذهب إلى الصوانة وبعضهم إلى
صديق مكان قرب تبنين وفي ذلك أقول:
قل للذين إلى الصوانة ارتحلوا * ومن أناخوا المطي في أرض صديق
لو تعلمون الذي قد حل بعدكم * بنا من الدهر من كرب ومن ضيق
ترى الأنام سكارى من جواه وما * ذاقوا السلافة من دن وراووق
ضيف جديد به الأرواح أضيع من * كتاب ربك في أبيات زنديق
ضيف جديد به القراء قد نفقت * أسواق من كان منهم كأسد السوق
لا مرحبا بك يا ضيف الهموم ولا * أهلا بوجهك فارحل غير موموق
وأم ملدم مع ما بالورى فعلت * أقل منك أذى يا شر مخلوق
(٣٦٦)

ولست تلقى لركعات الهدية من * شخص يصلي ولو صوت في البوق
عمشا كذاك علي الزين أنفق من * شاي ومن سكر في وسط إبريق
أما انا فخرجت من البيت وبنيت خيمة بالقرب منه تحت شجرة
زيتون فكان أهل القرية يأتي أحدهم فيقف وراء الحائط ويخبرني ان عنده
مريضا بهذا المرض فأقول له اسقه الشاي ولولا قيامي بدفن الأموات لدفنوا
بغير غسل ولا كفن وأهيل عليهم التراب أو اكلتهم الجرذان والكلاب. ثم
امرت أهل القرية ان يخرجوا من البيوت إلى الكروم ونحوها ويتفرقوا ففعلوا
فخفت وطأة المرض عنهم وكان لنا جار من أقربائنا فتوفي بهذا المرض فقال
أهل البيت نريد ان نذهب من هنا إلى بعض الأماكن التي ليس فيها وباء
قلت ذلك إليكم أما انا فباق هنا حتى يرتفع هذا الوباء قالوا انما نريد
الذهاب لأجلك فقلت انا غير ذاهب، وكان هذا المرض قد أصاب أهل
القرية قبل ذلك بمدة ومات به جماعة لكن أهل القرية لم يعرفوه ولم يعرفه
أحد غيري فكتمت ذلك عنهم حتى لا يدب فيهم الذعر إلى أن جاءني يوما
بعض بني عمنا يقول إن زوجتي أصابها شئ كأنه الهواء الأصفر فقلت بل
هو هو فاصفر وجهه وسمعني آخر من بني عمنا فاصفر وجهه وخرج صباحا
باهله من القرية. أما انا فسلمت من هذا المرض ولم يصبني وقال لي أهل
بيتنا لا شك انه سيدفع الله عنا لما نسمعه من أهل القرية من الدعاء لك،
وضاقت بنا أمور المعيشة فكنا نشتري الذرة البيضاء المد النباطي بثلاثين إلى
اثنين وثلاثين قرشا فنقتات به ونشتري لأخت لنا في مجدل سلم ما يكفيها
وبناتها الثلاث فكنا نطبخه مع اللحم كما نطبخ الأرز ونجرشه ونعمل منه
مع اللحم كبة بالصينية ونطبخه مع الحليب كالأرز بالحليب ودعينا مرة
لتشييع جنازة في بنت جبيل فوضعوا طعاما فاخرا كالذي كان يصنع قبل
الحرب لأن أهل بنت جبيل كانوا يبيعون ويشترون ابان الحرب فاثروا من
ذلك وكان معنا جماعة من العلماء فلما وضع الطعام تهاووا عليه بنهم زائد إما
انا فرفعت يدي من الطعام ولم أستطع ان أسيغه وان كنت مثلهم تألما من
حالتهم.
وفي هذه الأثناء طلب أهل العلم للخدمة العسكرية ولم يكن لهم من
مخلص منها الا امامة الجوامع وكان القانون العثماني لا يقبل لامامة الجامع
الا من كان عنده براءة سلطانية أو مراسلة شرعية والشيعة ليس عندهم
شئ من ذلك فبقوا حائرين وحضروا إلى صيدا يتداولون في الأمر وأرسلوا
إلى الوالي يسترحمون اعفاءهم من البراءة السلطانية والمراسلة الشرعية إذ لا
يوجد عند واحد منهم ذلك واتفق ان حضر إلى بيروت عدد كثير من شيعة
جبل عامل طلبوا للخدمة العسكرية وساروا بمظاهرة حماسية نحو سراي
الوالي وانضم إليهم اضعافهم من المتفرجين فلما رأى الوالي هذا الجمع سال
عنه فأخبر انهم أهل جبل عامل جاءوا متطوعين في الجيش فأبرق الوالي
حالا إلى استانبول يخبر بذلك ويطلب اعفاء أئمة الجماعة من البراءة
والمراسلة فجاءه الجواب بان أئمة الجوامع من الشيعة معفوون من الخدمة
العسكرية ولا يشترط ان يكون معهم براءة ولا مراسلة وجاءت البشارة
بذلك إلى صيدا وغيرها. واتفق ان بعض من ليس معه براءة ولا مراسلة
من اخواننا السنيين جاء يطلب امامة جامع مدعيا انه شيعي فرد طلبه لأنه
معروف بغير ذلك.
وكنت أخذت وثيقة بامامة جامع فاضطررت إلى الذهاب لصيدا
للتأشير عليها وكان رئيس الدائرة بكباشيا اسمه إسحاق أفندي وتحت يده
أحد المنتسبين إلى العلم من جبل عامل سمسارا لأخذ الرشوة فاخذ منا
أربعة مجيديات لقاء التأشير وذهبنا إلى اللوكندة لنبيت فيها فقال لنا
صاحبها اعطوني أسماءكم ووثائقكم لأريها لمن يحضر ليلا من العسكر فلا
يزعجوكم فابى صاحبي فلما كانت الساعة الرابعة تقريبا جاء اثنان من
العسكر ببنادقهما وطلبوا الوثيقة من صاحبي وجعلا يعتلان ويزعجانه وكان
معنا في الحجرة شيخ شائب فجعلا يزعجانه وهو يقول لهما في جملة كلامه
انا كنت اليوم عند البكباشي فيقول له أحدهما هب انك كنت عند المشير
فانا أريد منك وثيقة فما انصرفا الا بشق الأنفس وكان سبب ذلك حماقة
صاحبي إما انا فلم يتعرضا لي بشئ. وكنت هيات قبل الذهاب إلى صيدا
ثمن عدلين من الذرية وكان عندنا دابة واحدة فطلبنا من جيراننا عارية دابة
لنأتي بالذرة من برعشيد وعهدنا إلى من يأتي بذلك فصادف انه في اليوم
الثاني شغلت دابتهم وفي اليوم الثالث صار سعر المد ١٤ ريالا مجيديا فلما
عدنا من صيدا وجدنا ان ما معنا لا يكفي لشراء مد واحد ونحن نصرف في
كل يوم ما يقارب ثلاثة أمداد فصرنا نقتات من الحلبة بعد ان نحليها بالماء
ونطبخها ونشتريها بالمثاقيل أو نقتات من نبات الأرض بعد ان نطبخه ونضع
له شيئا من الملح والزيت ان وجد. وإن كان عندنا شئ من شعير أو حنطة
مخلوطة بالتراب وغيره جهد العيال في تنقيته وخبزوا منه أرغفة ووضعوها في
الصندوق واقفلوه واعطوا كل واحد من الأولاد كل يوم قطعة رغيف وكان
الناس يأكلون البلوط ويطبخون الباقية المعدة لعلف الدواب ويخبزونها
ويأكلونها فسمع باسمها أحد أولادنا الصغار فظنها خيرا من الشعير فقال
اصنعوا منها خبزا لا من الشعير فلما ذاقها عافها ورجع إلى الشعير، وكثر
الشحاذون فجعل أهل البيت يتبرمون بهم فقلت لا ترجعوا أحدا خائبا
واعطوا أحدهم ولو بقدر البشلك ثم حلينا الترمس وجعلنا نعطي السائل
حبات منه. وجاءني يوما الحاج محمد مبارك وكان من أهل النعمة عند
خليل بك الأسعد وأسلافه وأبوه مبارك كان عبدا اسود تزوج بامرأة بيضاء
فخرج أولاده مثلها فقال لي انا جوعان فقلت له من ساواك بنفسه ما ظلمك
ليس عندنا غير الحلبة وأحضرت اناءين أحدهما له والآخر لي فقال أ لا يوجد
لبن فقلت بلى وجئت باناء من اللبن وتغدينا من الحلبة واللبن بغير خبز وقال
معي كتب وأريد بيعها فهل تشتريها فوجدت جلها طبع إيران وعندي منها
ووجدت بينها شرح الحماسة للخطيب البغدادي فأعطيته أربع مجيديات
واخذته وهو لو أعطيته ربع مجيدي لقبل لكني لم أحب ان اشتريه الا بزيادة
عن قيمته. ثم جاء موسم الفول فكان فيه الفرج وجعل الناس يطبخونه أو
يضعون عليه الملح وياكلونه أو يضعون عليه المخيض وياكلونه والزيت كان
معدوما. ثم دخل موسم الحنطة والشعير والعدس وغيرها والثمار ففرج الله
عن الناس وانقضت تلك السنون العسرة كما قال الشاعر:
ثم انقضت تلك السنون وأهلها * فكانها وكأنهم أحلام
وانتهت الحرب العامة الأولى ونحن في جبل عامل كل مدة الحرب.
في الهرمل
حضر أثناء الحرب إلى شقراء اثنان من أهل الهرمل وطلبا إلينا ان
نذهب إلى الهرمل لتدارك أمر فيه اصلاح بين فئتين متنازعتين على ميراث
خطير ويخشى من بقاء النزاع وجود مفاسد كثيرة عظيمة ويتوقف تدارك ذلك
على حضورنا فسافرنا معهما ولما وردنا بيروت وجدنا السفر صعبا جدا فطلبنا
إلى بعض الأصحاب تسهيل أمر سفرنا فقال لا يمكن ذلك الا بحضوركم
(٣٦٧)

لدائرة البوليس واخذ رخصة للسفر فاصر علينا الرجلان والتمسا حضورنا
للدائرة ولو كان في ذلك حزازة ومشقة علينا رغبة في الاصلاح بين المؤمنين
فحضرنا ووجدنا الدائرة ملأى من الناس والجلاوزة تطردهم طرد الغنم
فهممنا بالرجوع، فرجا منا الرجلان اتمام السعي فلما وصلنا إلى باب
الدائرة ورآنا الرئيس وهو تركي أوعز إلى الحاجب ان لا يمنعنا من الدخول
فدخلنا إلى الشرطي المكلف بكتابة الجوازات وهو بيروتي فلم يلتفت كثيرا
وبقي مشتغلا بعمله فلما رأى ذلك الرئيس أشار إلينا بالحضور إليه واخذ في
كتابة الجواز لنا مع أن ذلك ليس من شغله واندس بيننا رجل ذو هيئة
وهندام وثياب فاخرة ووضع ورقته بين أوراقنا خلسة فنظر إليه الرئيس شزرا
ولما أتم كتابة جوازاتنا قال في أمان الله خجا أفندي ونفخ ورقة الذي
اندس بيننا فاطارها ووقعت على الأرض واخذها صاحبها وعاد من حيث
اتى.
وكانت المسألة التي طلبنا للهرمل لأجل فصلها ان رجلا مثريا يسمى
الحاج محمد علي المقهور تزوج امرأة من آل بليبل وتوفي وهي حامل فولدت
ذكرا وادعى أهل زوجها انها ولدته ميتا فلا ميراث له وادعت هي انها ولدته
حيا ثم مات فورث أباه ثم ورثته هي.
ولما دخلنا الهرمل وجدنا المسألة قد وصلت إلى الحاكم وقد سيق أخو
الزوجة مخفورا إلى بعبدا فقلنا لهم إذا كان مرادكم مراجعة الحاكم فلماذا
أزعجتمونا وأحضرتمونا لهنا وظننا ان الحالة عندهم كما هي الحالة في بلادنا
متى وصلت المسألة للحاكم لم يمكن حلها حتى يعجز الطرفان أو أحدهما
فقالوا الآن نرسل للمدير ويرجع أخا الزوجة ويفرج عنه ولا يكون الا ما
تأمر به وتحكم.
وفي الصباح حضر المدير وهو تركي ابن أخت علي رضا باشا قائد
عموم جبل لبنان واسمه نوري أفندي وقائد الدرك وهو درزي وحاكم
الصلح المكلف بفصل هذه الدعاوى وهو مسيحي. جاء الثلاثة لينظروا من هو
هذا الذي جاء لفصل هذه الدعوى المهمة وبعد ما تحدثنا معهم مدة خرجوا
وقال المدير انا ارسل إليك أوراق الدعوى لأجل فحصها لكنه جعل الحاء
المهملة خاء معجمة وقال لمن معه انا هذا السيد عجبتو اي أعجبني ثم
ارسل إلي أوراق الدعوى وفي اليوم الثاني صباحا حضر المتداعيان وكيل
الزوجة ووكيل آل المقهور وحضر المدير والقائد وحاكم الصلح ليروا كيف
تكون هذه المحاكمة التي لم يروا مثلها فطلب المدير افتتاح المحاكمة بقراءة
القرآن فجاء سيد يحفظ القرآن فلم يرض المدير ان يقرأ لأنه كان يستثقله
وبالحقيقة كان ثقيلا وكان معنا شيخ فقلنا له ان يقرأ حزبا من القرآن فلم
يكن يحفظ ولم يتيسر احضار قرآن.
وافتتحت المحاكمة فقال وكيل الزوجة ان الولد ولد حيا ثم مات
وقال وكيل آل المقهور انه ولد ميتا وكان الظاهر أن القول قول الزوجة
لموافقته استصحاب الحياة وان أولئك مدعون فطلبنا حضور القابلة والنساء
اللواتي حضرن الولادة فذهب من يحضر القابلة وعاد قائلا انه لم يجدها
وذهب من يحضر باقي النساء فكان جوابه كذلك فعلمت انه ما دام الحاكم
له يد في المحاكمة يصعب حضورهن ولاح لي ان الولد ولد حيا واستهل ثم
مات فصعب عليهم ان ترث امه سهمه البالغ على الأقل ألف ليرة عثمانية
ذهبا ثم تذهب وتتزوج وتعطي أموال زوجها الأول لزوجها الثاني، وان
الأوفق فصل الدعوى بوجه الصلح فقلت للمدير دع هذه القضية وانا انهيها
لك في وقت قريب فذهب ومن معه وقلت للجماعة اختاروا رجلا من آل
بليبل ذا عقل ودين يرضى به آل المقهور واختاروا آخر ذا عقل ودين يرضى
به آل بليبل ففعلوا وخلوت بهما ومعنا كاتب فقلت لهما قوما ما يملكه الزوج
بقيمة تقطعان انه لا يساوي أقل منها ففعلا فكان ما ترثه الزوجة من ولدها
لو كان حيا ثمانون ألفا من القروش أبي ما يعادل ثمانمائة ليرة عثمانية ذهبا
فقلت لهم قد حكمت بان تعطى الزوجة نصف هذه القيمة صلحا فقال
الفريقان قبلنا ورضينا واحضروا المبلغ أكثره نقود وبعضه من الذرة الصفراء
وأعطي للزوجة وكتبنا لهم وثيقة وأعطيناهم إياها وأحضرنا كاتب العدل
فسجل ذلك.
ومما قاله لنا المدير في حديثه نحن الأتراك ابتلينا بخازوقين خازوق
الامتيازات وخازوق الدين. فقلت له إما خازوق الامتيازات فنعم واما
خازوق الدين فالذي ابتليتم به خازوق ترك الدين لا خازوق الدين ولو
مشيتم على ما امركم الله به من قوله: واعدوا لهم ما استطعتم من قوة لما
وصلتم لما وصلتم إليه.
وكان في ذلك الوقت المشايخ آل حمادة الكرام منفيين من قبل الأتراك
إلى الأناضول وحضر منهم شخص ونحن في الهرمل يدعى أبو نزهة قد
أفرج عنه الأتراك فلم ينزل في داره ونزل في دار أخرى وقال ما دامت ديار
أهلي منهم خالية فلا انزل في داري فكان ذلك منه غاية الشهامة وعلو
النفس وكرم الطبع وحضر معنا بعض الدعوات فانشد في غضون الحديث
شيئا من ركبانية ابن الخلفة وكنت احفظ أكثرها فأنشدت له ما غاب عنه
منها.
ثم خرجنا من الهرمل وأرسل المدير كتابا إلى الضابط من بلده يوصيه
بتسهيل سفرنا وكان السفر في تلك الأوقات عسرا بسبب الحرب فقال
الضابط انا لا احتاج إلى توصية وإذا كان رجل مثلكم من العلماء ومن
الذرية الطاهرة لا يمكن ان اقصر في خدمته فاكرمنا وأجلسنا على فراشه
وجلس هو ناحية وصنع لنا طعاما وأنامنا في فراشه وبقي هو ساهرا ينتظر
القطار وكان الركوب فيه محظورا لغير العسكريين فاركبنا فيه واوصى المتولي
أمور القطار بنا وقال له هؤلاء من أقاربي فاوصلنا إلى رياق.
ومن السوانح التي اتفقت لنا في تلك المدة والحديث شجون اننا كنا
في تشييع جنازة في بعض القرى فشرع بعض من ينسب إلى العلم في قراءة
خطبة لأمير المؤمنين ع وقرأ منها والنفس بينهما متجاذبة بكسر الذال
فقال له رجل من صغار أهل العلم متجاذبة وفتح الذال فغضب المنسوب
إلى العلم من ذلك وبلغني ان بعض ذويه أرادوا ضرب من غلطه لكنهم
خافوا عاقبة ذلك لأن أهل قريته أشداء، فقلت يا سبحان الله ان من ردني
عن غلط يجب ان يكون له منة علي لا ان أغضب منه فهو كمن يرى ثوبي
ملطخا بالطين أو ببعض الأقذار وينبهني عليه فهو يستوجب مني المدح
والامتنان لا ان أغضب منه لكن هذا يصدق ما ورد ما تكبر امرؤ الا
لنقص يراه في نفسه.
ذهابنا لدمشق بعد الحرب العالمية الأولى للسلام على الأمير فيصل
لما انقضت الحرب العالمية الأولى ودخل الأمير فيصل بن الحسين
(٣٦٨)

دمشق وذلك حوالي سنة ١٣٣٩ بقي الجيش الانكليزي والأمير فيصل فيها
سنة كاملة ثم خرج الإنكليز منها وبقي الفرنسيون في الساحل فقال الإنكليز
لفيصل قد صارت المسألة عربية إفرنسية.
فذهبنا مع لفيف من العلماء والزعماء وبتنا في طريقنا مع اثنين من
العلماء ورجل من الوجهاء في جباثا الزيت عند الوجيه سعيد العاص وهو
رجل مضياف ذو كرم واكرام للضيف يندر وجود مثله. ثم دخلنا دمشق
وهنانا الأمير فيصل. واجتمع جماعة من شبان محلة الخراب وطلبوا مني ان
ادعوا فيصلا إلى وليمة يقيمونها له فذهبت إليه وقلت له ان أهل محلة
الخراب يرغبون في أن تتنازلوا وتشرفوا محلتهم لوليمة غداء أو عشاء فقال انا
عاتب على أهل الخراب قلت لما ذا قال لأنهم ما جاءوا للسلام علي فدهشت
لمفاجأته لي بهذا الجواب ولم أكن اعرف انهم لم يجيئوا إليه قلت له على الفور
قد جاءوا ولم يخبرك أحد بمجيئهم وقلت هؤلاء شيعة جدك فيلزم ان يكون
لهم التفات خاص منك فقال شيعة جدي ولكن ما جاءوا لعندي فقلت له
قد أخبرتك انهم جاءوا ولكن لم يخبرك أحد بمجيئهم. فأجاب إلى وليمة
عشاء مع علمه بأنهم لم يجيئوا وان ما قلته مجرد عذر ولما كان قريب الغروب
حضر بعربته وقد اصطف طلاب المدرسة له على الطريق صفين ورددوا
النشيد وارتفعت السواريخ إلى عنان السماء فلما وصل إلى قريب المدرسة
ترجل وقد زين الزقاق وفرش بأنواع الطنافس وخرجت لاستقباله وقد جئ
بكبش فذبح فقلت له ان يمر فوقه ففعل ودخل المدرسة وقد زينت بأنواع
الرياض والضياء فسر كثيرا وحضر وقت صلاة المغرب فطلب مكانا يصلي
فيه ودعاني وأئتم بي وأراد رضا باشا الركابي ان يؤم فيصلي معه فقال له
مكانك ونصبت المائدة وتعشى وتعشينا معه ولما أراد الانصراف قال لي من
هو القائم بشؤون المدرسة فأخبرته انني القائم بشؤونها، وقال حقا لقد
برهن أهل محلة الخراب على اخلاصهم في التشيع وأرسل في اليوم الثاني
سبعين ليرة مصرية اعانة للمدرسة.
العودة إلى جبل عامل
وبعد ما انقضت مراسم الملاقاة للأمير فيصل والسلام عليه التي
حضرنا لدمشق لأجلها عدنا إلى جبل عامل ومعنا الشيخ شحاذة الغساني
فبتنا في الليلة الأولى في خان ميسلون فوجدناه يعج عجيجا باللبنانيين
العائدة إلى أوطانهم رجالا ونساء وأطفالا وبعد الجهد تمكنا من اخذ لحاف
وفراش بالأجرة من صاحب الخان وبتنا بين تلك الجموع وفي الصباح
توجهنا قاصدين أرض البقاع وقبل الوصول إلى قلابات عين فجور وجدنا
الشمس قد مالت إلى الغروب وليس امامنا قرية يمكن الوصول إليها قبل
الغروب ورأينا عن يمين الطريق بناء بين كرم العنب فسألنا عنه فأخبرنا انه
خمارة يعصر فيها وأخبرنا ان عن يسار الطريق قرية تسمى الذنيبة تبعد عن
الطريق مسافة ساعة ونصف ساعة فعرجنا عليها لنبيت بها في الليلة الثانية
من خروجنا من دمشق وصلينا المغرب والعشاء على عين لها خارج البلدة ثم
دخلنا البلدة فأبوا ان يضيفونا مع اننا لم نستطعمهم لأن طعامنا كان معنا
فقصدنا أولا إلى دار شيخ البلد وهي أحسن دار فيها محكمة عالية الباب
فقلنا لهم نريد المبيت عندكم فقد ولا نكلفكم عليق الدابة فقالوا عندنا
مرضى فخرجنا إلى ساحة البلد وجل أهل القرية هناك فقلنا لهم كما قلنا
لأهل دار الشيخ فلم ينبسوا ببنت شفة واخذوا يتفرقون فأغلظنا لهم في
القول وقلنا لهم تذهبون إلى بلادنا بمواشيكم فنضيفكم ونحمل أثقالكم
وأنتم الآن تأبون ان تعطونا مكانا نبيت فيه فلم يؤثر فيهم ذلك وتفرقوا
وتركونا فجاءت امرأة ودعتنا إلى منزلها وقالت عندي مكان لمبيتكم ولمبيت
الدابة وهي أرملة ذات أيتام فعجبنا من كرم أخلاق هذه المرأة المسكينة ومن
لؤم أهل القرية فحضرنا إلى بيتها وأوقدت لنا نارا وجلسنا في ناحية من
البيت وتعشينا وأعطيناها شيئا من الخبز والادام الذي معنا وجاءت لنا بشئ
من الدبس الجامد الذي يصنع بتلك البلاد وأرسلنا إلى الحواط فاشترى
شعيرا لعلف الدابة واتفقنا معه ان يذهب معنا صباحا إلى عديسة وقال إنه
يعرف طريقا قريبا جدا يوصلنا إلى عديسة وكان لصاحبة المنزل جار كأنه
أنف مبيتنا عندها فجاء واخذنا إلى بيته وكان فيه قريبا منا بعض البقر، وفي
الصباح جاء الحواط فسار بنا على غير الجادة حتى أوصلنا عديسة في وقت
قريب ووفيناه كراه وعاد إلى بلده وذهبنا نحن إلى شقرا وبقينا هناك ولا هم
لنا ولا شغل في جميع أيامنا سوى المطالعة والتآليف والقضاء بين الخصوم
وجوابات المستفتين ثم عدنا إلى دمشق.
تتويج فيصل ملكا على سورية
في أثناء وجودي بدمشق توج الأمير فيصل ملكا على سورية فحضرت
وهناته بالملك.
وفد جبل عامل لدمشق
وبعد ما توج فيصل ملكا على سورية حضر اثنان من علماء جبل عامل
ومعهما توكيل لي ولهما عن أهل البلاد في القيام بما يلزم لدى الملك فيصل.
ودخلنا على الملك فيصل فقال لي كيف الحالة عندكم فقلت انا قاطن
هنا والجماعة عندهم الخبر وهم موفدون من قبل أهل جبل عامل لأخذ رأي
جلالتكم فيما يصنعونه لأن أهل المنطقة الشرقية يقولون لهم إما ان تكونوا
معنا أو علينا فقال بعد الغداء يأتيكم رأيي وكان قد دعانا إلى الغداء عنده
فلما تغدينا خرج ثم دعانا إليه فقال إنكم سالتموني عن رأيي فأقول: ان
أهل جبل عامل يعزون علي ولا أريد ان يصيبهم بسببي سوء فليلزموا
السكون.
سفرنا من جبل عامل إلى العراق فإيران
في سنة ١٣٥٢ عزمنا على السفر إلى العراق من جبل عامل لتجديد
العهد لزيارة مشاهد الأئمة الأطهار ع وزيارة مشهد الإمام الرضا
ع في خراسان ولم نكن زرناه من قبل فخرجنا من جبل عامل في
شهر شعبان المعظم من السنة المذكورة إلى دمشق وخرجنا منها أول يوم من
شهر رمضان المبارك عند الضحى وفي مثل ذلك الوقت من اليوم الثاني
وصلنا بغداد وصحبنا معنا مسودات أعيان الشيعة وهي ملء صندوق وكنا
نقدر أن تكون اجزاؤه عشرة ثم ظننا انها ستكون عشرين ثم اعتقدنا انها
ستبلغ الخمسين ثم ظهر لنا انها ربما تبلغ مائة مجلد وقد طبعنا منها ٢٧ جزءا
لا يقل الواحد منها عن ٥٠٠ صفحة إذا ضم بعضها إلى بعض نسأله تعالى
التوفيق لاكماله وطبعه. وكانت هذه الرحلة رحلة ميمونة مباركة استمرت
نحوا من أحد عشر شهرا نصفها في العراق ونصفها في إيران وكنا لا نفتر
فيها عن المطالعة والكتابة أينما حللنا واستفدنا فيها فوائد جليلة وجدناها في
المخطوطات النفيسة في المكتبات ولئن بخل عنا البعض بما لديه فقد جاد
علينا الكثيرون ومن بخل فإنما يبخل على نفسه والله مغن عنه ووفقنا في
هذا السفر لاقتناء نسخة من رياض العلماء بعضها بالاستنساخ وبعضها
(٣٦٩)

بالشراء ولشراء واستنساخ كتب أخرى خطية نفيسة. وجرى لنا في
العراق وإيران ما نشكر الله عليه.
بعض ما جرى لنا مع الفرنسيين
أصدر الفرنسيون قانون الطوائف بما لا يوافق مصلحة المسلمين
ويخالف نص الشرع الاسلامي فعارض في ذلك جملة من علماء دمشق
وبالغوا في المعارضة فاوقف القانون وأصدر الفرنسيون بلاغا بان وقفه يشمل
السنيين من المسلمين فقد فقدمت بذلك احتجاجا للمفوضية الفرنسية
باللغتين العربية والفرنسية قام الفرنسيون له وقعدوا ونشرته الصحف. (٢)
وعزم الفرنسيون على احداث منصب رئيس علماء للشيعة (٣) في
سورية ولبنان معا وقرروا تعييني لهذا المنصب واصدروا به مرسوما اعتقادا
منهم بأنني اقبله بكل امتنان فالناس تتوسط للحصول عليه فكيف بمن يأتيه
فقلت للرسول الذي جاء بالكتاب قل لصاحبه ان هذا الأمر لا أسير إليه
بقدم ولا أخط فيه بقلم ولا أنطق فيه بفم وقلت للوفاد:
أيها السائل عنهم وعني * لست من قيس ولا قيس مني
فعادوا ادراجهم، وبلغ ذلك الفرنسيين فأرسل لي من بيده شؤون
الأوقاف والأمور الدينية منهم سكرتيره يقنعني بالقبول ويرغبني بأنه سيكون لي
أمر الأوقاف وغيرها فأبيت وجاءني إلى دمشق اثنان من زعماء الطائفة في
لبنان يدعوانني إلى القبول ويقولان المسألة تحتاج إلى شئ من التضحية
فقلت لهما لا يصعب على المرء ان يضحي بدمه في سبيل المصلحة العامة
ولكنه لا يضحي بكرامته.
واختلفت شركة الجر والتنوير الأجنبية مع الأهالي في دمشق (٤) وكان
عندي ليلة فريق من زعماء الكتلة الوطنية فقلت فما بالنا لا نقاطع هذه
الشركة الأجنبية؟ لقد أماتت الدولة العثمانية عواطف الشهامة والشمم في
كبرائنا فكان الوالي إذا جاء إلى هذه البلدة ومر بأحد الأكابر وسلم عليه يأتي
إلى أصحابه فيقول لهم مفتخرا: الوالي اليوم ضرب لي تمني وأغنياؤنا
وكبراؤنا اليوم دخلهم الشهري مئات الليرات الذهبية فإذا دفعوا منها في
الشهر عشر ليرات سورية لا يرونها شيئا فيدخلون الدار ليلا ويجلسون على
الأسرة والأرائك ويفتلون زر الكهرباء فتضئ الدار كأنهم في النهار ويرون
ذلك هو اللذة والسعادة ولا يبالون بتحكم شركة الكهرباء الأجنبية بهم ذلك
لأنها قد ماتت منهم عاطفة الشمم والإباء ولو كان فيهم شمم وإباء لأثروا
النواصة على ضياء الكهرباء ولم يرضوا بان تتحكم بهم هذه الشركة
الأجنبية بل يجب ان نسير من هذا الأمر إلى ثورة على الفرنسيين فقال لي
بعض الجالسين لو ألقيت هذا الكلام في مجتمع من الناس قلت انا ما
تعودت ان ألقي كلاما في المجتمعات ولكن أنتم بلغوه عني وفي اليوم الثاني
قاطع الناس الشركة مقاطعة تامة واحرقوا بعض عرباتها ولم يعد يركب فيها
أحد. ثم تحول الأمر إلى قيام عام على الانتداب الفرنسي. (٥)
. مع الحكومة السورية
أصدرت الحكومة السورية في عهد الاستقلال قرارا في الانتخابات
النيابية بان للمسلمين السنيين كذا من المقاعد في المجلس النيابي ولسائر
الطوائف كذا وللأقليات كذا وبموجب ذلك دخلت الشيعة في الأقليات
فقدمت للحكومة كتابا بان الشيعة تعتبر المسلمين طائفة واحدة ولا تريد
الافتراق عن اخوانها السنيين فكان لذلك الوقع الحسن عند الوطنيين
وقررت الحكومة بان المسلمين طائفة واحدة لا فرق بين سنيهم وشيعيهم
وان هذه المقاعد المعينة للمسلمين في جميع انحاء الدولة السورية هي
للسنيين وللشيعيين على السواء.
وفي إحدى السنين امرت الحكومة السورية بتغيير اسم محلة الخراب
التي نقطنها وتسميتها محلة الأمين اكراما لنا فشكرناها على ذلك.
صلاة الاستسقاء
مما اتفق لنا من العناية الربانية والألطاف الإلهية انه بعد نزوحي من
دمشق وعودي إلى الوطن في جبل عامل قحط الناس وانقطع المطر، فدعونا
الناس إلى موافاتنا إلى سهل الخان قرب تبنين، وصمنا الأربعاء والخميس
(٣٧٠)

والجمعة وخرجنا يوم الجمعة من شقراء إلى السهل حافين مشمرين ثيابنا
بالخضوع والاستكانة وذكره تعالى فوجدنا الناس مجتمعة هناك من القرى
المجاورة فأخذنا في الدعاء والتضرع، ولما زالت الشمس صلينا الجمعة
والظهر احتياطا ثم العصر ثم صلاة الاستسقاء وخطبنا وأمرنا الناس بالتوبة
ودعونا وتضرعنا ومعنا المشائخ والأطفال، وبقينا مشتغلين بالدعاء والتضرع
والبكاء إلى آخر النهار طلبا لاستجابة الدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة
ثم أفطرنا وصلينا العشاءين، وكان ذلك اليوم صاحيا ليس في السماء شئ
من الغيم وقد أذانا الحر في النهار، فما عدنا الا وقد انتشر الغمام في السماء
ومطر الناس تلك الليلة مطرا أحيا الزرع والضرع، وبعده بأعوام انقطع
المطر وقحط الناس أيضا فاستسقينا في ذلك المكان وفعلنا كفعلنا أولا فسقي
الناس ومطروا مطرا كافيا والحمد لله. (١)
مشايخنا في التدريس
أما في جبل عامل ١ السيد محمد حسين ابن عمنا السيد عبد الله
قرأت عليه شيئا من شرح القطر في النحو وشيئا من شرح السعد على متن
عزي في التصريف وهو أول مشايخي ٢ السيد جواد مرتضى قرأنا عليه في
قرية عيثا شرح قطر الندى وشرح ألفية ابن مالك لابن الناظم وشيئا من
المغني ومرت ترجمته في بابها ٣ السيد نجيب الدين فضل الله العاملي
العيناثي قرأنا عليه في بنت جبيل المطول وحاشية ملا عبد الله وشرح الشمسية
كلاهما في المنطق والمعالم إلى الاستصحاب.
أما في النجف فهم ٤ السيد علي ابن عمنا السيد محمود قرأت عليه
شرح اللمعة ٥ السيد احمد الكربلائي ومرت ترجمته ٦ الشيخ محمد باقر
النجمابادي قرأت عليهما في القوانين وشرح اللمعة والرسائل ٧ الشيخ
ملا فتح الله الأصفهاني المعروف بالشيخ شريعة قرأت عليه أكثر الرسائل
هذا في السطوح ٨ الشيخ ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية في
الأصول وحاشية الرسائل وشرح التبصرة مختصر طريقة التدريس ومربي
العلماء قرأت عليه دورة الأصول خارجا ٩ الشيخ آقا رضا الهمذاني
صاحب مصباح الفقيه وحاشية الرسائل وغيرهما قرأت عليه في الفقه خارجا
في كتابه مصباح الفقيه إلى الزكاة ومرت ترجمته ١٠ الشيخ محمد طه نجف
قرأت عليه في الفقه خارجا.
بعض تلاميذنا
١ السيد حسن ابن عمنا السيد محمود ٢ السيد مهدي ابن السيد
حسن آل إبراهيم الحسيني العاملي ٣ الشيخ منير عسيران ٤ السيد امين
ابن السيد علي احمد الحسيني العاملي ٥ الشيخ علي ابن الشيخ محمد مروة العاملي الحداثي
٦ الشيخ عبد اللطيف شبلي ناصر العاملي الحذاثي ٧ الأستاذ أديب التقي الدمشقي ٨ الشيخ مصطفى
خليل الصوري توفي في ريعان شبابه ٩ الشيخ خليل الصوري ١٠ الشيخ علي الصوري
١١ الشيخ حسين سمرو الحمصي الغوري ١٢ الشيخ علي شميع
الحمصي الغوري ١٣ الشيخ علي الجمال الدمشقي وغيرهم.
مؤلفاته
له مؤلفات كثيرة وبعضها قد طبع مرتين أو مرارا وبعضها قد ترجم
إلى غير العربية وطبع وأكثرها يزيد عن ٥٠٠ صفحة إلى ٨٠٠ صفحة
وحسبك ان يكون أعيان الشيعة يبلغ مائة مجلد كبار تقريبا ولو قسم ما
كتبناه تسويدا وتبييضا ونسخا وغيرها على عمرنا لما نقص كل يوم عن كراس
مع عدم المساعد والمعين غير الله تعالى.
ولم نزل وقد بلغنا السادسة والثمانية من سني عمرنا ودق العظم
وخارت القوى وتوالت الهموم والأمراض مواظبين على التأليف والتصنيف
ليلا ونهارا وعشية وابكارا سفرا وحضرا وقد قيل إن المجلسي لو قسمت
مؤلفاته على عمره لكان نصيب كل يوم كراس وعد ذلك مبالغة مع أنه كان
له من المساعدين والثروة ما ليس لنا منه شئ وعند إرادة تصحيح ما يطبع
لا نجد غالبا من يقابله معنا فنتولى ذلك وحدنا فنحتاج إلى مدة طويلة لكننا
ألفنا العزلة والتباعد عن الناس مهما أمكن مع اشتغالنا بالمرافعات وفصل
النزاعات وتدبير أمر المعاش وغيرها وهذه أسماء مؤلفاتنا:
أعيان الشيعة وهو أهمها نجز منه عشرات المجلدات وطبعت
وستبلغ مجلداته مائة مجلد أو تزيد وجلها يبلغ خمسمائة صفحة أو قريبا منها
أو تزيد إلى ثمانمائة صفحة. ونحن جادون في اكمالها تأليفا وطبعا
مستمدين منه المعونة على ذلك. وقد أصبح جل مواده جاهزا إلى حرف
الياء لكن أكثرها يحتاج إلى بذل جهود عظيمة لاخراجه كاملا. وفقنا الله
لذلك قبل مفاجأة الأجل انه سميع مجيب.
نقض الوشيعة وهو في الرد على كتاب الوشيعة لموسى جار الله
مطبوع.
التاريخ
تاريخ جبل عامل، لواعج الاشجان مطبوع أصدق الأخبار في
قصة الأخذ بالثار مطبوع.
(٣٧١)

الحديث
البحر الزخار في شرح أحاديث الأئمة الأطهار. خرج منه ثلاثة
مجلدات وفق الله لاكماله.
المنطق
شرح ايساغوجي.
أصول الدين
ارشاد الجهال يتضمن أصول الدين بطريق الاستدلال بوجه سهل
قريب الافهام، الدر الثمين الأول مطبوع عدة مرات، التقليد آفة
العقول.
أصول الفقه
حذف الفضول عن علم الأصول، حواشي المعالم كتبها أيام قراءته
لها، حاشية القوانين، الدر المنظم في مسالة تقليد الأعلم.
الفقه
أساس الشريعة خرج منه مجلد واحد، أرجوزة في النكاح، تحفة
الأحباب في آداب الطعام والشراب مطبوع التنزيه لأعمال الشبيه
مطبوع جوابات المسائل الدمشقية جوابات المسائل الصافيتية، جوابات
المسائل العراقية جناح الناهض إلى تعلم الفرائض، أرجوزة أولها:
الحمد لله القديم الوارث * المنشئ الخلق المميت الباعث
مطبوعة كشف الغامض في احكام الفرائض في مجلدين كبيرين.
سفينة الخائض في بحر الفرائض مختصر منه بذكر الفروع مجردة عن
الدليل، حواشي العروة الوثقى لعمل المقلدين، الروض الأريض في
احكام تصرفات المريض مطبوع الدروس الدينية تسعة اجزاء مطبوع،
شرح التبصرة مطبوع درر العقود في حكم زوجة الغائب والمفقود،
دروس الحيض والاستحاضة والنفاس مطبوع، الدر الثمين في أهم ما
يجب معرفته على المسلمين في الطهارة والصلاة والزكاة والخمس والصوم
واحكام الأموات لعمل المقلدين مطبوع مرارا، الدرة البهية في تطبيق
الموازين الشرعية على العرفية مطبوع كاشفة القناع في احكام الرضاع
منظومة مطبوع.
النحو
صفوة الصفو في علم النحو، الأجرومية الجديدة مطبوعة مرارا.
الصرف
المنيف في علم التصريف مطبوع مرتين، أرجوزة في الصرف يقول
في أولها:
وبعده فالصرف في الكلام * كالنحو مثل الملح في الطعام
تراهما للعلم إما وأبا * فيا له من ولد قد نجبا
الصرف علم بأصول قد علم * بها سوى الاعراب أحوال الكلم
وما لحرف أو لشبه الحرف * عندهم من علقة بالصرف
البيان
حاشية المطول كتبها أيام اشتغاله به، أرجوزة في علاقات المجاز
وشرحها.
الردود والنقود
الرد الأول على صاحب المنار يأتي بعنوان الشيعة والمنار.
الرد الثاني على صاحب المنار مطبوع في مجلة العرفان.
الرد الثالث على صاحب المنار يأتي بعنوان الحصون المنيعة.
الرد الرابع على مجلة المنار جوابا على رده على كشف الارتياب يأتي
بعنوان دعاة التفريق وإثارة الفتن والفساد بين المسلمين من هو موقد نارها.
وهو رد مطول كثير الفوائد مطبوع في العرفان.
الرد على ما كتب في جريدة التقدم الحلبية من مراسلها في بغداد
ونقلته جريدة المقتبس الدمشقية والأحوال البيروتية والهدى الأميركية وغيرها
بشأن كربلاء والعجم والشيعيين مطبوع في مجلة العرفان بعنوان هل كربلاء
مدينة الأموات.
الرد على ما جاء في مجلة الشرطة الدمشقية في شأن المتعة نشر في
العرفان.
الرد على ما جاء في جريدة الاتحاد العثماني لأحد علماء حلب من
تسمية يوم عاشوراء عيدا. الرد على مجلة الحقائق الدمشقية لردها على الحصون المنيعة.
الرد على ما جاء في مجلة المقتبس بعنوان الدستور ومعاوية من تفسير
بعضهم بيت شوقي:
أودى معاوية به * وبعثته قبل النشور
ففسره ان معاوية هلك بسبب الدستور والحال ان مراده ان الدستور
أهلكه معاوية.
الرد على جولة في ربوع الشرق لمحمد ثابت المصري مطبوع في
ج ١ ق ٢ من الأعيان.
الرد على جاهل دمشقي في تفسيره الكر مطبوع في
العرفان بعنوان فضائح الجهل. الرد على من زعم أن بعض نهج البلاغة منحول مطبوع في العرفان
ورد آخر مطول مطبوع في ج ٣ من الأعيان،.
رفع الاشتباه عن أسئلة موسى جار الله.
الرد على الأستاذ الشيخ عبد القادر المغربي في مقاله المنشور في
العرفان ج ٣ م ١٠ ونشر الرد في العرفان أيضا.
الرد على ما جاء في العرفان في شأن الحصون المنيعة وتفسير بيت
الحبوبي.
الرد على المحاضرة التي ألقاها الأستاذ محمد كرد علي في المجمع
العلمي بدمشق نشر في العرفان.
(٣٧٢)

الرد على الأستاذ محمد كرد علي فيما كتبه في مجلة المجمع العلمي عن
كتاب عصر المأمون نشر أكثره في العرفان ج ١٠ م ١٥.
الرد على جميل الزهاوي في استهزائه بالشرع الشريف نشر بعضه في
جريدة أبابيل.
الرد على مروان بن أبي حفصة في تفضيله العباسيين على العلويين في
قصيدة أولها:
سلام على جمل وهيهات من جمل ويا حبذذا جمل وان صرمت حبلي
قصيدة مثلها وزنا وقافية مطبوعة في القسم الثاني من الرحيق
المختوم.
الرد على الوهابية بقصيدة تبلع ٤٠٦ بيتا تأتي باسم العقود الدرية
مطبوعة.
الرد على الأخرس البغدادي في أبيات له بأبيات على وزنها وقافيتها.
الرد على الحكيم بن العباس الكلبي في بيتين له بقصيدة على وزنها
وقافيتها مطبوعة في القسم الأول من الرحيق.
الرحلات
الرحلة الحمصية منظومة مطبوعة ضمن الرحيق المختوم.
الرحلة العراقية منظومة مطبوعة ضمن الرحيق المختوم.
الرحلة الحجازية الأولى مطبوعة ضمن الجزء الثاني من معادن
الجواهر. الرحلة الحجازية الثانية مطبوعة ضمن الثاني منه.
الرحلة العراقية الإيرانية.
مؤلفات شتى
كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب مطبوع، أبو تمام
الطائي مطبوع، أبو فراس الحمداني مطبوع، أبو نواس مطبوع، حق
اليقين في التأليف بين المسلمين رسالة مطبوعة، حاشية الغرر والدرر،
حاشية مفتاح الفلاح، حاشية الصحيفة الثانية السجادية مطبوعة، معادن
الجواهر ثلاثة اجزاء مطبوع، مفتاح الجنات ثلاثة اجزاء مطبوع، العلويات
العشرون مطبوع، عجائب احكام أمير المؤمنين في المفاخرة بين الراحة
والتعب، الأمالي، الصحيفة الخامسة السجادية مطبوعة، القول السديد
في الاجتهاد والتقليد، حواشي أمالي المرتضى، الحصون المنيعة في رد ما
أورده صاحب المنار في حق الشيعة مطبوع، الشيعة والمنار مطبوع، إقناع
اللائم على إقامة المآتم مطبوع، الدرر المنتقاة لأجل المحفوظات ستة اجزاء
مطبوع، دعبل الخزاعي مطبوع، الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد
مطبوع، شرح غريب الصحيفة الثانية السجادية، فوائد في مسائل
متفرقة، المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية خمسة اجزاء
مطبوع: ملحق الدر النضيد مطبوع، العقود الدرية قصيدة ٤٠٠ بيت
مطبوعة مع كشف الارتياب، مناسك الحج مطبوع، المسائل الدمشقية في
الفروع الفقهية، المولد النبوي الشريف مطبوع.
المفاخرات
المفاخرة بين الغني والفقر، المفاخرة بين السيف والقلم، المفاخرة
بين العلم والمال، المفاخرة بين الراحة والتعب مرت باسم أعجب
العجب.
القصص
ثلاث روايات تمثيلية مثلها طلاب المدرسة العلوية على مسرح
المدرسة.
من شعره
: ابعد الله أناسا * قولهم كذب ومين
ألصقوا بالدين مما * قد اتوه كل شين
اظهروا للدين حبا * وهو حب الدرهمين
قط ما سالت عليه * منهم دمعة عين
قد أعادوا عصر عمرو * يوم نصب الحكمين
ولكن سب علي المرتضى * في الخافقين
أسد الله ببدر * وباحد وحنين
بعلي لبنيه * شبه في الحالتين
ولعثمان قميص * لم يزل في الزمنين
انا لا اطلب فيهم * اثرا من بعد عين
كل عصر في الورى * فيه يزيد والحسين (٢)
الحركة الاصلاحية الكبرى
أشار رحمه الله خلال سرده لتاريخ حياته إلى منعه ما كان يجري يوم
عاشوراء من البدع والى تاليفه رسالة في هذا الموضوع أثارت ثائرة
الخرافيين والمتاجرين بالدين، ولقد كان لهذه الرسالة دوي بعيد واعتبرت
بحق ثورة اصلاحية كبرى تقرن بأعظم حركات الاصلاح العالمية، واننا
لنأخذ للتاريخ بعض ما جاء في تلك الرسالة التي سماها التنزيه ثم
ننشر بعدها كلمة عن صدى تلك الدعوة الاصلاحية العاصفة وما كان لها
من تجاوب واستنفار في العالم الاسلامي.
قال رحمه الله في مفتتح الرسالة:
ان الله سبحانه وتعالى أوجب انكار المنكر بقدر الإمكان بالقلب أو
اليد أو اللسان ومن أعظم المنكرات اتخاذ البدعة سنة والسنة بدعة والدعاية
إليها وترويجها.
ثم يشير بعد ذلك إلى ما ينكره من الأمور التي دخلت في مجالس
ذكرى الحسين فيقول:
فمنها الكذب بذكر الأمور المكذوبة المعلوم كذبها وعدم وجودها
في خبر ولا نقلها في كتاب وهي تتلى على المنابر وفي المحافل بكرة وعشيا ولا
من منكر ولا رادع وسنذكر طرفا من ذلك في كلماتنا الآتية إن شاء الله،
وهو من الكبائر بالاتفاق لا سيما إذا كان كذبا على الله أو رسوله أو أحد
الأئمة ع.
(٣٧٣)

ومنها ايذاء النفس وادخال الضرر عليها بضرب الرؤوس
وجرحها بالمدى والسيوف حتى يسيل دمها وبضرب الظهور بسلاسل الحديد
وغير ذلك. وتحريم ذلك ثابت بالعقل والنقل وما هو معلوم من سهولة
الشريعة وسماحتها الذي تمدح به رسول الله ص بقوله: جئتكم
بالشريعة السهلة السمحاء ومن رفع الحرج والمشقة في الدين بقوله تعالى:
ما جعل عليكم في الدين من حرج.
ومنها الصياح والزعيق بالأصوات المنكرة القبيحة.
ومنها كل ما يوجب الهتك والشنعة مما لا يدخل تحت الحصر
ويختلف الحال فيه بالنسبة إلى الأقطار والأصقاع إلى غير ذلك.
فادخال هذه الأشياء في إقامة شعائر الحزن على الحسين ع من
المنكرات التي تغضب الله ورسوله ص وتغضب الحسين ع فإنما قتل
في احياء دين جده ص ورفع المنكرات فكيف يرضى بفعلها لا سيما إذا
فعلت بعنوان انها طاعة وعبادة.
وقد رأينا في هذه الأيام أوراقا مطبوعة ذكر فيها صاحبها انه يرد على
ناشئة عصرية من صفتها كذا وكذا فطائفة منها ازدلفت إلى مشاهدهم
المقدسة ببقيع الغرقد فهدمتها وطائفة منهم قد تألبت لابطال إقامة العزاء
للنبي وآله وعترته أيام وفياتهم المعلومة لا سيما يوم عاشوراء.
وحسن فيها ما يفعله بعض الناس أيام عاشوراء من لبس الأكفان
وكشف الرؤوس وجرحها بالمدى والسيوف حتى تسيل منها الدماء وتلطخ بها
تلك الأكفان ودق الطبول وضرب الصنوج والنفخ في البوقات الدمام
وغير ذلك والسير في الأزقة والأسواق والشوارع بتلك الحالة.
وعرض بنا بسوء القول لنهينا عن قراءة الأحاديث المكذوبة وعن هذا
الفعل الشائن للمذهب وأهله والمنفر عنه والملحق به العار عند الأغيار
والذي يفتح باب القدح فيه وفي أهله ونسبتهم إلى الجهل والجنون وسخافة
العقول والبعد عن محاسن الشرع الاسلامي واستحلال ما حكم الشرع
والعقل بتحريمه من ايذاء النفس وادخال الضرر عليها حتى أدى الحال إلى أن
صارت صورهم الفوتغرافية تعرض في المسارح وعلى صفحات الجرائد.
وقد قال لنا أئمتنا ع كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا
وأمرونا بان نفعل ما يقال لأجله رحم الله جعفر بن محمد ما أحسن ما
أدب به أصحابه. ولم ينقل عنهم انهم رخصوا أحدا من شيعتهم في ذلك
ولا أمروهم به ولا فعل شئ من ذلك في عصرهم لا سرا ولا جهرا حتى في
أيام ارتفاع الخوف والتقية كأوائل دولة بنى العباس وعصر المأمون وغير
ذلك.
وقد كتب على ظهرها انها للمصلح الكبير أ فهذا هو الاصلاح الذي
يوصف صاحبه بالمصلح الكبير بالحث على أمر لو فرض محالا انه ليس محرما
فهو يلصق العار بالمذهب وأهله وينفر الناس منه ويفتح باب القدح فيه
أ ليس من الورع في الدين والاحتياط فيه التحاشي عنه أ ما يقتضي الاصلاح
لو كان القصد الاصلاح تركه والتجافي عنه صيانة للمذهب وأهله من
الصاق العيب بهم والتنفير عنهم فلو فرض إباحته فهو ليس من واجبات
الدين التي يضر تركها.
وقد أفاض صاحبها في ذكر خرافات العرب قبل الاسلام مما لا
مساس له بالموضوع وفي أمور أخرى كثيرة من هذا القبيل بعبارات مطولة
ولسنا بصدد استقصاء جميع ما فيها مما يوجب الانتقاد لأن ذلك يطول به
الكلام ولا يتعلق لنا به غرض بل نقتصر على شق الرؤوس واستعمال
الطبول والزمور ونحوها ونذكر نموذجا من كلامه في غيرها مما وقع نظرنا عليه
اتفاقا ليكون مثالا لغيره.
كقوله ومن فواجع الدهور وفظائع الأمور وقاصمات الظهور
وموغرات الصدور ما نقلته بعض جرائد بيروت في هذا العام عمن نحترم
اشخاصهم من المعاصرين الوطنيين من تحبيذ ترك المواكب الحسينية
والاجتماعات العزائية بصورها المجسمة في النبطية وغيرها فما أدري أ صدق
الناقل أم كذب فإن كان صادقا فالمصيبة على الدين جسيمة عظيمة لا ينوء
بها ولا ينهض بعبئها عاتق المدينين إلى آخر ما هنالك.
ونقول: هذا التهويل وتكثير الأسجاع لا يفيد شيئا ولو أضيف إليه
اضعافه من قاطعات النحور ومجففات البحور ومفطرات الصخور ومبعثرات
القبور ومهدمات القصور ومسقطات الطيور. بل إن من فجائع الدهور
وفظائع الأمور وقاصمات الظهور وموغرات الصدور اتخاذ الطبول والزمور
وشق الرؤوس على الوجه المشهور وابراز شيعة أهل البيت واتباعهم بمظهر
الوحشية والسخرية أمام الجمهور مما لا يرضى به عاقل غيور وعد ذلك
عبادة ونسبته إلى أهل البيت الطهور. والمواكب الحسينية والاجتماعات
العزائية لا تستحسن ولا تحل الا بتنزيهها عما حرمه الله تعالى وعما يشين
ويعيب وينسب فاعله إلى الجهل والهمجية وقد بينا ان الطبل والزمر وإيذاء
النفس والبروز بالهيئة المستبشعة مما حرمه الله ولم يرضه لأوليائه سواء وقع في
النبطية أو القرشية أو مكة المكرمة.
وجاء فيها قالوا انا نجد قراء التعزية كثيرا ما يسردون على مسامع
الجالسين أحاديثا كذا مكذوبة وأجاب بما لفظه: وكثير من أساطين
العلماء يعملون بضعاف الاخبار من السنن ومن المعلوم ان روايات التعزية
من سنخ الرخص لا العزائم والله يحب ان يأخذ برخصه كما يحب أن يأخذ
بعزائمه.
وانا نسأله ما ربط عمل العلماء بالخبر الضعيف في السنن باخبار
التعزية التي هي أمور تاريخية لا احكام شرعية وما ربط الخبر الضعيف
بالمقام والقائل الموهوم انما قال إنهم يوردون أحاديث مكذوبة ولم يقل ضعيفة
الاسناد وما معنى ان روايات التعزية من سنخ الرخص لا العزائم فالرخصة
خاصة بالمباح والمستحب والمكروه والعزيمة بالحرام والواجب فما معنى ان
روايات التعزية من الرخص فهل تلك الروايات نفسها مباحة أو مكروهة أو
مستحبة فإن كان المراد نفس الرواية فلا تتصف بشئ من ذلك وإن كان
المراد نقلها فأي معنى لقول نقلها رخصة لا عزيمة مع أنها إن كانت كذبا كان
نقلها محرما وإن كان المراد مضمونها فهو قصة تاريخية لا تتصف برخصة ولا
(٣٧٤)

عزيمة ولو فرض ان مضمونها حكم شرعي فلا بد ان يكون أحد الأحكام الخمسة
التكليفية فكيف جعل رخصة فقط وقوله إن الله يحب ان يؤخذ
برخصه الخ لا ربط له بالمقام إذ معناه ان الله يحب ان يخفف على عبده بترك
المستحب مثلا كما يحب ان يلتزم بفعل الواجب وترك المحرم فما ربط ذلك
بايراد الرواية المكذوبة في التعزية.
وجاء فيها قالوا وجلهم اي قراء التعزية يتلو الحديث ملحونا
وأجاب بما ملخصه على طوله ان المستمعين أمم عديدة ألسنتها شتى منهم
عربي وفارسي وتركي وهندي و. و. الخ. ومنهم عوام فينقل لهم معنى
الأحاديث بألفاظهم العامية إلى أن قال وأي حاجة ماسة للعربية
الفصحى في قراءة التعزية على أمة أمية كمعدان العراق وقروية الشام
وسكان بادية نجد والحجاز واليمن المصطلحين فيما بينهم على وضع ألفاظ
معلومة.
وأنت ترى ان الجواب غير منطبق على هذا المقال الموهوم فالقائل
يقول الأحسن رفع اللحن من قراءة التعزية وهو يقول في جوابه ان
المستمعين منهم عربي وفارسي وتركي وهندي فما ربط الفارسي والتركي
والهندي والجاوي بالمقام فلم يقل القائل انه لا ينبغي قراءة التعزية بالتركية
للأتراك وبالفارسية للفرس وبالهندية للهنود بل يقول ينبغي لقراء التعزية
بالعربية للعرب عدم اللحن ولم يقل انه لا ينبغي ان يقرأ الحديث بالمعنى
حتى يجيبه بان منهم عواما فينقل لهم الحديث بألفاظهم العامية على أن ذلك
أمر غير واقع فليس في قراءة التعزية من يقرأ بالألفاظ العامية بل كلهم
يقرأون الفصحى ولكن مع اللحن من البعض والقائل لم يأب عن قراءة
التعزية بالألفاظ العامية كالنعي المتعارف بل يقول إذا قرئ الشعر لا يحسن
ان يكون ملحونا وإذا نقل حديث أو خطبة ينبغي ان لا يكون فيه لحن.
والقائل يقول لا ينبغي اللحن في قراءة التعزية وهو يقول في جوابه لا يلزم
قراءتها بالعربية الفصحى ولو فرضنا انه أراد من العربية الفصحى عدم
اللحن فيقال له إذا اي حاجة إلى ترك اللحن في جميع الكلام ولما ذا وضع
النحو وكتب العربية وهل قراءة الفاعل مخفوضا والمفعول مرفوعا تزيد في
فهم المعاني لمعدان العراق وقروية الشام وسكان بادية نجد واليمن والنازلين
بأرياف مصر والحالين في نواحي حضرموت والمتبوئين صحراء إفريقية وبلاد
المغرب وما الذي يدعوه إلى كل هذه المدافعة عن اللحن في قراءة التعزية
وما القارئ الا خطيب. وما الذي يدعوه إلى كل هذه المدافعة عن اللحن
في القراءة أ هو حب الاصلاح أم أمر آخر وهل إذا تلونا الحديث والشعر
بدون لحن فاستجلبنا به قلب ذي المعرفة ولم ننفره بسماع الغلط وصنا
الحديث عن اللحن والغلط وعن الخطا في فهم المعنى بسبب اللحن ولم
نجعل تفاوتا على غير ذي المعرفة الذي لا يضره رفع الفاعل ولا يزيد في
فهمه خفضه يكون عملنا هذا مضرا وعكسه نافعا والمستمعون كما يوجد
فيهم المعدان يوجد فيهم أهل العلم والمعرفة.
قال: وممن طعن على القراء للتعزية بعض المعاصرين زعم أن
الكثيرين منهم بين مخلق كذا للاخبار وبين ماسخ لها وعنده هذا
الطعن عليه انتهى.
ومراده كاتب هذه السطور الذي ذكر في مقدمة المجالس السنية ما
لفظه: هذا ولكن كثيرا من الذاكرين لمصابهم ع قد اختلقوا أحاديث في
المصائب وغيرها لم يذكرها مؤرخ ولا مؤلف ومسخوا بعض الأحاديث
الصحيحة وزادوا ونقصوا فيها لما يرونه من تأثيرها في نفوس المستمعين
الجاهلين بصحة الاخبار وسقمها إلى آخر ما ذكرناه. والمجالس السنية انما
ألفناها لتهذيب قراءة التعزية واصلاحها من العيوب الشائنة والمحرمات
الموبقة من الكذب وغيره وانتقاء الأحاديث الصحيحة الجامعة لكل فائدة
فقام هذا الرجل يرمينا بان هذا الطعن علينا بأننا نختلق الأحاديث ونمسخها
وجاء بعبارته هذه التي جمجم فيها وبترها وأبت نفسه الا ان يذكرها والله
تعالى يعلم وعباده يعلمون وهو نفسه يعلم اننا لسنا كذلك واننا
نسعى جهدنا ونصرف نفيس أوقاتنا وعزيز أموالنا في تاليف
الكتب وطبعها ونشرها لا نستجدي أحدا ولا نطلب معونة مخلوق
قصدا لتهذيب الأحاديث التي تقرأ في إقامة العزاء من كل كذب وعيب
وشين ليكون الذاكرون من الخطباء الذين تستجلب قراءتهم الأنظار
وتستهوي إليها الأفئدة والاسماع وتستميل الطباع وليكون اثرها في النفوس
بقدر ميلها إليها ولتكون مفخرا للشيعة لا عارا عليهم ولتكون قراءتهم عبادة
خالصة من شوب الكذب الموجب لانقلابها معصية فان إقامة شعائر الحزن
بذكر صفات الحسين ع ومناقبه وماثره ووصف شجاعته وإبائه للضيم
وفظاعة ما جرى عليه وذكر المواعظ والخطب والآداب ومستحسن اخبار
السلف وغير ذلك والتخلص إلى فاجعة كربلاء على النهج المألوف مع تهذيبها
عن المنافيات والمنكرات من أنفع المدارس وأقوى أسباب التبشير بالدين
الاسلامي وطريقة أهل البيت ع وجلب القلوب إلى حبهم
والسير على طريقتهم والاتصاف بتكريم صفاتهم كما أن اقامتها على غير هذه
الطريقة من أقوى أسباب التنفير عن دين الاسلام وطريقة أهل البيت
ع يعرف ذلك كل منصف ونحن نذكر لك واقعة واحدة تكون
نموذجا لما نقوله وهي أنه اتفق وجودنا في مدينة بعلبك في وفاة بعض أجلاء
السادة من آل مرتضى فقرأ رجل من القراء الذين عودناهم على عدم اللحن
في القراءة خطبة من النهج في صفة الأموات وكان بعض عرفاء المسيحيين
حاضرا فقال لجلسائه انني لم أعجب من بلاغة هذا الكلام الذي هو غاية في
البلاغة ولا من جري القارئ في قراءته كالسيل ولا من مضامين هذا
الكلام الفائقة وإن كان ذلك كله موضع العجب وانما عجبت من عدم لحن
هذا القارئ فيما قرأه على طوله.
يقول هذا الرجل اننا نزعم ان الكثير منهم بين مختلق للاخبار ثم
يشتمنا بهذا القول وما ندري ما الذي يزعمه هو أ يزعم أنهم كلهم ليسوا
كذلك كيف وغالبهم عوام يخلطون الحابل بالنابل ولا ننكر ان فيهم
الفضلاء الكاملين الذين يفتخر بأمثالهم ولكن الكثير منهم ليسوا كذلك كما
هو مشاهد بالعيان ويجهل أو يتجاهل قراءتهم حديث أين ضلت راحلتك يا
حسان الذي اختلقه بعض الناس على سطح مسجد الكوفة كما هو مشهور
عند فضلاء النجف وغيرهم. أم حديث خرجت أتفقد هذه التلاع مخافة أن تكون
مظنا لهجوم الخيل على مخيمنا يوم يحملون وتحملون والا فليدلنا في اي
كتاب هذا الحديث وأي رواية جاءت به ضعيفة أو صحيحة. أم حديث ان
البرد لا يزلزل الجبل الأصم ولفحة الهجير لا تجفف البحر الخضم أم
حديث قول شمر للحسين ع بعدك حيا يا ابن الخارجي أم حديث
اي جرح تشده لك زينب. أم حديث مخاطبة زينب للعباس حين عرض
شمر عليه وعلى اخوته الأمان. أم حديث مجئ زين العابدين لدفن أبيه
(٣٧٥)

مع بني أسد. أم حديث درة الصدف التي حاربت مع الحسين ع أم
حديث مجئ الطيور التي تمرغت بدم الحسين ع إلى المدينة ومعرفة فاطمة
الصغرى بقتل أبيها من تلك الطيور: أم غير هذه الأحاديث الكثيرة التي
تقرأ على المنابر وهي من الكذب الصراح والتي يطول الكلام بالإشارة إليها
في هذه العجالة. أم يزعم أن قراءة الأحاديث المختلقة خير من قراءة
الأحاديث الصحيحة المروية قصدا للاصلاح.
وحاصل مقصود هذا المصلح الكبير ان لا ينبه أحد من قراءة التعزية
على ترك قراءة الأحاديث المكذوبة وعلى ترك اللحن ولا على قراءة بعض ما
ينفر السامعين بل يريد ان تبقى الأحاديث ممزوجا صحيحها بسقيمها وغثها
بسمينها وصدقها بكذبها وخطاها بصوابها وقشرها بلبابها ولحنها باعرابها
فحبذا هذا الاصلاح. وما ندري ما الذي يسوءه من حمل القراء على قراءة
الأحاديث الصحيحة وما الذي يعجبه من قراءة الأحاديث المكذوبة والملونة
وليس هو بقارئ تعزية ولا اقامه القراء محاميا ووكيلا عنهم.
ومما قاله في تحسين لبس الأكفان وكشف الرؤوس وشقها بالمدى
والسيوف يوم عاشورا: ما الذي نقموه على هذه الفئة وسفهوا لأجله
احلامها واخرجوها به عن دائرة الإنسانية أ لبسها لبس الموتى فهذا عمل غير
معيب عقلا وهو مشروع دينا في احرام الحج ومندوب في كل آن للآخرة
وتأهبا للموت وكفى واعظا ومن الغرور بالدنيا محذرا ومنذرا أ كشفها عن
رؤوسها وهذا أيضا مستحسن طبا مشروع بالاحرام دينا أم شقها أرؤسها
بآلة جارحة وهذا أيضا مسنون شرعا إذ هو ضرب من الحجامة تلحقها
الأحكام الخمسة التكليفية مباحة بالأصل والراجح منها مستحب والمرجوح
مكروه والمضر محرم والحافظ للصحة واجب فقد تمس الحاجة إلى عملية
جراحية تفضي إلى بتر عضو أو أعضاء رئيسية حفظا لبقية البدن وسدا لرمق
الحياة الدنيوية والحياة الدنيا بأسرها وشيكة الزوال والاضمحلال أ تباح هذه
الجراحة الخطرة لفائدة ما دنيوية ولا تباح جراحة ما في اهاب الرأس
لأعظمها فائدة وأجلها سعادة أخروية وحياة أبدية وفوز بمرافقة الأبرار في
جنة الخلد انتهى.
قوله الحجامة مباحة بالأصل بل هي محرمة بالأصل لأنها ضرر وإيذاء
للنفس ولا تحل الا مع الضرورة لدفع مرض أو ألم أعظم منها والا لكانت
كفعل حجام ساباط الذي ضرب به المثل فقيل: أفرع من حجام ساباط.
وكان إذا لم يجد من يحجمه حجم زوجته وأولاده قوله والمرجوح مستحب
فيه أنه يشمل الواجب والمستحب قوله والحافظ للصحة واجب فيه انه لا
يجب دائما فمع الخوف على النفس يجب وبدونه يستحب. وحيث جعل شق
الرؤوس نوعا من الحجامة فهو إما واجب وذلك حينما يخشى الضارب على
نفسه الهلاك لو لم يضرب نفسه بان يخبره الطبيب الحاذق ان في رأسه مرضا
مهلكا لا يشفيه الا جرح رأسه وشقه أو مستحب بان يكون الضارب محموما
حمى شديدة ويخبره الطبيب الحاذق ان دواءه في شق رأسه واخراج الدم منه
ويشترط في هذين عدم التعرض للشمس وشدة الحركة الذي قد يوجب
شدة مرضه أو هلاكه واما محرم وذلك حيث يكون ايذاء صرفا وضررا
بحتا. وحيث إن الذين يضربون رؤوسهم ليس في رؤوسهم داء ولا في
أبدانهم حمى فانحصر فعلهم في الحرام وإذا كان محرما لم يكن مقربا إلى الله
ولا موجبا لثوابه بل موجبا لعقابه ومغضبا لله ولرسوله ص
وللحسين ع الذي قتل لاحياء شرع جده ص قوله قد تمس
الحاجة إلى عملية جراحية الخ فيه ان العملية الجراحية المفضية إلى بتر
العضو أو الأعضاء تباح بل تجب لأنها مقدمة لحفظ النفس الواجب وتباح
لأجل الضرورة فان الضرورات تبيح المحظورات فيقدم الأهم وهو حفظ
النفس على المهم وهو عدم الايذاء والاضرار ويرتكب أخف الضررين ولكن
الحرام لا يباح لادراك المستحب فالاستحباب لا يعارض الحرمة ولا يطاع
الله من حيث يعصى ولا يتقبل الله الا من المتقين. ومن ذلك تعلم أن قوله
أ تباح هذه الجراحة الخطرة لفائدة ما دنيوية ولا تباح جراحة ما في اهاب
الرأس لأعظمها فائدة وأجلها سعادة أخروية كلام شعري فان الفائدة
الأخروية وهي الثواب لا تترتب على فعل المحرم فلا يكون في هذا الفعل
الا الضرر الدنيوي والأخروي.
وما أشبه هذا الكلام الشعري بما يحكى ان رجلا صوفيا سرق تفاحة
وتصدق بها فسأله الإمام الصادق ع عن سبب فعله ذلك فقال إنه لما
سرقها كتبت عليه سيئة فلما تصدق بها كتب له عشر حسنات لأن من جاء
بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها فإذا أسقطنا
سيئة من عشر حسنات بقي تسع حسنات فقال له الصادق ع ان هذا
جهل أ وما سمعت قوله تعالى انما يتقبل الله من المتقين انك لما سرقت
التفاحة كتبت عليك سيئة فلما تصدقت بها كتبت عليك سيئة أخرى لأنك
تصدقت بغير مالك أو ما هذا معناه.
ثم قال: لا يقال إن السعادة والفوز غدا لا يترتبان على عمل
ضرري غير مجعول في دين الله لأنا نقول أولا الغير مشروع كذا في
الاسلام من الأمور الضررية هو ما خرج عن وسع المكلف ونطاق طاقته
لقبح التكليف حينئذ بغير مقدور إما ما كان مقدورا فلم يقم برهان عقلي
ولا نقلي على منع جعله وكونه شاقا ومؤذيا لا ينهض دليلا على عدم جعله إذ
التكاليف كلها مشتقة من الكلفة وهي المشقة وبعضها أشد من بعض
وأفضلها أحمزها وعلى قدر نشاط المرء يكون تكليفه وبزنة رياضة المرء نفسه
وقوة صبره وعظمة معرفته يكلف بالأشق فالأشق زيادة للاجر وعلوا للرتبة
ومزيدا للكرامة ومن هاهنا كانت تكاليف الأنبياء أشق من غيرها ثم
الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل وفي الخبر ان عظيم البلاء يكافؤه عظيم الجزاء
وفي آخر ان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل من
المؤمنين وعباد الله الصالحين وهكذا إلى الطبقة السفلى وهي طبقة
المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون
سبيلا فهم أخف تكليفا من سائر الطبقات انتهى.
قوله لا يترتبان على عمل ضرري غير مجعول في دين الله فيه ان
الجعل للأحكام لا للأعمال فيقال هذا الحكم مجعول في دين الله أو غير مجعول
ولا معنى لقولنا هذا العمل مجعول في دين الله أو غير مجعول بل يقال جائز أو
غير جائز أو نحو ذلك قوله لأنا نقول أولا الغير مشروع كذا في
الاسلام الخ فيه أولا ان قوله الغير مشروع لحن غير مسموع تكرر
وقوعه منه كما نبهنا عليه إذ لا يجوز دخول آل على المضاف الا إذا دخلت
على المضاف إليه كالجعد الشعر ثانيا انه ذكر أولا ولم يذكر ثانيا قوله
أما ما كان مقدورا فلم يقم برهان عقلي ولا نقلي على منع جعله فيه أولا
ان الكلام في العمل الذي فيه ضرر كما صرح به في قوله لا يترتبان على
عمل ضرري والجعل للحكم لا للعمل كما مر فكانه اشتبه عليه ما سمعه
من أن الله لم يجعل حكما ضرريا بمقتضى قوله ص لا ضرر ولا ضرار وما
(٣٧٦)

يريد ان يثبته من أن الله يجوز ان يكلف بما فيه ضرر كشق الرؤوس فخلط
أحدهما بالآخر ثانيا قوله لم يقم برهان عقلي ولا نقلي على منع جعله ان
أراد به انه لم يقم برهان على جواز ان يكلف الله بما فيه ضرر فأين قول
الفقهاء دفع الضرر المظنون واجب وأين اكتفاؤهم باحتمال الضرر الموجب
لصدق خوف الضرر في اسقاط التكليف وأين قولهم بوجوب الافطار لخائف
الضرر من الصوم وببطلان غسل من يخاف الضرر لحرمة الغسل واقتضاء
النهي الفساد في العبادة ووجوب التيمم حينئذ وأين قولهم بوجوب الصيام
واتمام الصلاة على المسافر الذي يخاف الضرر على نفسه بالسفر لكون سفره
معصية وقولهم بسقوط الحج عمن يكون عليه عسر وحرج في الركوب
والسفر أو يخاف الضرر بسفره إلى غير ذلك من الاحكام المنتشرة في أبواب
الفقه قوله وكونه شاقا ومؤذيا لا ينهض دليلا على عدم جعله فيه انه
أعاد لفظ الجعل وقد عرفت انه ليس له هنا محل وجمع بين الشاق والمؤذي
وهما غيران حكما وموضوعا فالمؤذي وهو الضار يحرم فعله ولم يكلف الله به
والشاق الذي فيه عسر وحرج لم يكلف الله به لقوله تعالى ما جعل عليكم
في الدين من حرج الا في موارد مخصوصة لكن ربما يجوز فعله إذا لم يكن
مضرا.
ومن الطريف قوله التكاليف كلها مشتقة من الكلفة فان الكلفة إذا
بلغت حد العسر والحرج أسقطت التكليف كما عرفت وإذا بلغت إلى حد
الضرر أوجبت حرمة الفعل. وأفضل الأعمال أحمزها إذا لم تصل إلى حد
الضرر والا حرمت فضلا عن أن تكون أفضل أو غير أفضل قوله على
قدر نشاط المرء يكون تكليفه الخ فيه ان تكاليف الله لعباده واحدة لا
تتفاوت بالنشاط والكسل وقوة الصبر وعظمة المعرفة فالواجبات يكلف بها
الجميع لا يسقط واجب عن أحد بكسله وضعف صبره وحقارة معرفته ولا
يباح محرم لاحد بشئ من ذلك ولا يجب مباح ولا يحرم على أحد بقوة صبره
ونشاطه وعظمة معرفته وكذا المستحبات والمكروهات نعم الكسلان كثيرا ما
يترك المستحب وقليل الصبر كثيرا ما يفعل المكروه والتكليف في الكل واحد
وليس في الشريعة تكليف لشخص بغير الشاق ولآخر بالشاق ولشخص
بالشاق ولآخر بالأشق بحسب تفاوت درجاتهم ومراتبهم في النشاط
والرياضة والصبر والمعرفة ومن هنا تعلم فساد قوله: ومن هاهنا كانت
تكاليف الأنبياء أشق من غيرها ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل. نعم كلف
نبينا ص دون غيره بأشياء خاصة مثل صلاة الليل فكانت واجبة عليه كما
أبيح له أشياء خاصة دون غيره مثل الزيادة على أربع أزواج وباقي التكاليف
يتساوى فيها مع غيره وأين هذا مما نحن فيه.
قوله وفي الخبر ان عظيم البلاء يكافؤه عظيم الجزاء. هذا أجنبي
عن المقام إذ المراد بالبلاء هو المصائب الدنيوية من موت الأولاد وذهاب
الأموال والقتل وتسلط الظالم وأمثال ذلك وأي ربط لهذا بما نحن فيه من
التكليف بالشاق أو ما فيه ضرر. وهكذا خبر ان أشد الناس بلاء الأنبياء
ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل:
ليس معناه أشد الناس تكليفا بل المراد بذلك المصائب والبلايا
الدنيوية التي تصدر عليهم كما صدر على النبي ص وأهل بيته ع
وأوليائهم. وفي اي لغة يصح تفسير البلاء بالتكليف. وهل الذين
يشقون رؤوسهم من أمثل الطبقات حتى كلفوا بذلك والعلماء وخيار
المؤمنين ليسوا كذلك فلم يكلفوا به ولم يفعلوه.
وأما المستضعفون فهم القاصرون في الادراك الذين رفع الله عنهم
بعض التكاليف التي لا يمكنهم معرفتها لقصور ادراكهم كما رفع التكاليف
عن المجانين لحكم العقل بقبح تكليف الجميع فأين هذا مما نحن فيه.
قال: ولو كان الشاق وان دخل تحت القدرة والطوق غير مشروع
ما فعلته الأنبياء والأولياء أ لم يقم النبي ص للصلاة حتى تورمت قدماه أ لم
يضع حجر المجاعة على بطنه مع اقتداره على الشبع أ لم تحج الأئمة مشاة
حتى تورمت أقدامهم مع تمكنهم من الركوب أ لم يتخذ علي بن الحسين البكاء
على أبيه دأبا والامتناع من تناول الطعام والشراب حتى يمزجها بدموع عينيه
ويغمى عليه في كل يوم مرة أو مرتين أ يجوز للنبي وآله ص ادخال المشقة
على أنفسهم طمعا بمزيد الثواب ولا يجوز لغيرهم أ يباح لزين العابدين ان
ينزل بنفسه ما ينزله من الآلام تأثرا وانفعالا من مصيبة أبيه ولا يباح لوليه
ان يؤلم نفسه لمصيبة إمامة أ ينفض العباس الماء من يده وهو على ما هو عليه
من شدة الظما تأسيا بعطش أخيه ولا نقتص اثره أ يقرح الرضا جفون عينيه
من البكاء والعين أعظم جارحة نفيسة ولا نتأسى به فنقرح على الأقل
صدورنا ونجرح بعض رؤوسنا أ تبكي السماء والأرض تلك بالحمرة وتي
بالدم العبيط ولا يبكي الشيعي بالدم المهراق من جميع أعضائه وجوارحه
ولعل الاذن من الله لسمائه وأرضه ان ينزف كذا على الحسين ما تشعر
بترخيص الإنسان الشاعر لتلك المصيبة الراتبة ان ينزف من دمه ما استطاع
نزفه اجلالا واعظاما وهب أنه لا دليل على الندب فلا دليل على الحرمة مع أن
الشيعي الجارح نفسه لا يعتقد بذلك الضرر ومن كان بهذه المثابة لا يلزم
بالمنع من الجرح وان حصل له منه الضرر اتفاقا انتهى.
وقد عرفت ان المشقة إذا وصلت لحد العسر والحرج أوجبت رفع
التكليف بالاجماع لقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج ولم توجب
تحريم الفعل وإذا وصلت إلى حد الضرر أوجبت رفع التكليف وحرمة
الفعل إما استشهاده بقيام النبي ص للصلاة حتى تورمت قدماه فان
صح فلا بد ان يكون من باب الاتفاق اي ترتب الورم على القيام اتفاقا ولم
يكن النبي ص يعلم بترتبه والا لم يجز القيام المعلوم أو المظنون انه يؤدي
إلى ذلك لأنه ضرر يدفع التكليف ويوجب حرمة الفعل المؤدي إليه والا
فأين ما اتفق عليه الفقهاء من أنه إذا خاف المكلف حصول الخشونة في
الجلد وتشققه من استعمال الماء في الوضوء انتقل فرضه إلى التيمم ولم يجز له
الوضوء مع أنه أقل ضررا وإيذاء من شق الرؤوس بالمدى والسيوف إلى غير
ذلك، واما وضعه حجر المجاعة على بطنه مع اقتداره على الشبع فلو صح
لحمل على صورة عدم خوف الضرر الموجب لحرمة ذلك لكن من أين ثبت
انه كان يتحمل الجوع المفرط الموجب لخوف الضرر اختيارا مع القدرة على
الشبع وكذا استشهاده بحج الأئمة مشاة هو من هذا القبيل، أما بكاء
علي بن الحسين ع على أبيه المؤدي إلى الاغماء وامتناعه عن الطعام
والشراب فان صح فهو أجنبي عن المقام فان هذه أمور قهرية لا يتعلق بها
تكليف وما كان منها اختياريا فحاله حال ما مر، وأما نفض العباس الماء
من يده تأسيا بعطش أخيه فلو صح لم يكن حجة لعدم العصمة، واما
استشهاده بتقريح الرضا ع جفون عينيه من البكاء فان صح فلا بد ان
يكون حصل ذلك قهرا واضطرارا لا قصدا واختيارا والا لحرم ومن يعلم أو
يظن أن البكاء يقرح عينيه فلا يجوز له البكاء ان قدر على تركه لوجوب دفع
(٣٧٧)

الضرر بالاجماع وحكم العقل، أما قوله: أ تبكي السماء الخ...
فكلام شعري صرف لا يكون دليلا ولا مؤيدا لحكم شرعي وأما قوله:
وهب أنه لا دليل على الندب فلا دليل على الحرمة فطريف لان الأصل في
المؤذي والمضر الحرمة ودفع الضرر واجب عقلا ونقلا، ومثله قوله مع أن
الشيعي الجارح لا يعتقد بذلك الضرر، فان الجرح نفسه ضرر أولا وذلك
لا يتفاوت فيه الشيعي وغيره فالكل ذو لحم ودم لا دخل فيه للمذهب.
ثم نقول عطفا على قوله أ يقرح الرضا جفون عينيه ولا نتأسى به
فتقرح على الأقل صدورنا ونجرح بعض رؤوسنا: اننا لم نركم جرحتم مرة
بعض رؤوسكم ولا كلها ولا قرحتم صدوركم من اللطم ولا فعل ذلك
أحد من العلماء وانما يفعله العوام والجهلة. أ تأمرون الناس بالبر وتنسون
أنفسكم. يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان
تقولوا ما لا تفعلون.
ونقول عطفا على قوله: أ تبكي السماء والأرض بالحمرة والدم ولا
يبكي الشيعي بالدم المهراق من جميع أعضائه: اننا ما رأيناكم أهرقتم دما
طول عمركم للحزن من بعض أعضائكم ولا من جميعها فلما ذا تركتم هذا
المستحب المؤكد تركا أبديا وهجرتموه هجرا سرمديا ولم يفعله أحد من
العلماء في عمره ولو بجرح صغير كبضعة الحجام ولما ذا لم يلبسوا الأكفان
ويحملوا الطبول والأبواق وتركوا هذه المستحبات تفوز بها العوام والجهلة
دونهم. (١)
السيد محسن الأمين
يقود معركة الاصلاح بشجاعة وتضحية
بقلم الأستاذ جعفر الخليلي
صاحب جريدة الهاتف العراقية.
المفروض ان يكون العالم الروحاني رجلا جافا خشنا تدل على ذلك
ماكله وملابسه وأفكاره، وسواء أ كان هذا المفروض حقا أم باطلا فقد وجد أن
أكثر العلماء الروحانيين عاشوا على هذه الوتيرة يتهيبهم الناس لجفافهم
وعدم فهم أفكارهم وترفعهم عما يحوط الناس ويكتنفهم، أما الذين انطبق
عليهم تعريف المؤمن بان يكون هشا بشا فقد كانوا قليلين ومن هذا
القليل كان السيد محسن الأمين، فقد وعيت أول ما وعيت وانا اسمع
باسمه عالما متجددا ينزع إلى اللباب ويدعو للتبسط فمالت نفسي له وقرأت
بعض عظاته وأفكاره فدلني المقروء على روحانية من صنف آخر غير ما ألفت
ان ارى في النجف على الغالب فهفت نفسي إليه، وكلما ازددت قراءة
لأفكاره ازداد ايماني به كعالم افهم ما يقول واعرف ما ذا يريد، وكم كنت
وانا صبي أمر على المسجد الهندي والمسجد الطوسي وأخيرا الصحن
الشريف في النجف فاسمع العلماء يتدارسون ويتباحثون فكان ذلك عندي
كالرطينة، وإذا كان ذلك حقا باعتباره درسا من الفقه أو الأصول الذي هو
فوق مستوى الرجال فضلا عن الأطفال فأين الحق في هذا الكلام الذي
يتداولون به في مجالسهم ويرسلونه تعبيرا عن أغراضهم، انه لا يزال رطينة
من الرطائن لا يستطيع ان يتفهمها كثير من الكبار وجميع الصغار على
الاطلاق، ولكن بين هذه الرطائن التي ينطق بها العلماء قد ينطلق من أفواه
بعضهم كلام مفهوم لجميع الكبار وكثير من الصغار فترتاح إليه النفوس
وينفذ إلى القلوب ولم نعرف سبب هذا الاختلاف حتى قيل لنا ان هذه اللغة
المفهومة كلها أو بعضها والروحية التي تدفع بها انما هي روحية المتجددين
من العلماء، وكان السيد محسن الأمين في طليعة دعاة التجدد وعنوانا
لروحيتهم.
ومن الحق أيضا ان نقول إن هذا الذي سمي بالتجدد لم يكن جديدا
وانما كان هو القديم بل هو اللب والأساس من الدين ومن العلوم
الاجتماعية ولكن الذي اخرج العلماء على قواعد الايمان التي تتطلب ان
يكون العالم هشا بشا هو الذي أخرجهم على مغزى التشريع وقواعد الدين
وانتحى بهم ناحية هي وأصول الدين الصحيح على طرفي نقيض فإذا بنا لا
نعرف منطوقهم ولا محمولهم ولا ما يهدفون إليه.
وما لنا وهذا الآن وكلما أريد ان أقول بان أول ما جذبني من السيد
محسن كان هذا الذي يقوله السيد محسن فيفهمه الناس ويتحسسون بخطره
وقيمته، وازددت معرفة به من أبي فقد كان أبي زميله في الدرس مدة طويلة
وصديقه مدة إقامة السيد محسن في النجف طالبا للعلم ثم علمت أن للسيد
محسن أندادا من العلماء هم الآخرون كانوا ينفذون إلى النفوس بدعواتهم
الاصلاحية وأحاديثهم الشهية والفرق بين السيد محسن وغيره هو ان السيد
محسن لم يكتف بالكتابة والوعظ والارشاد بل راح يعمل على قدر الطاقة
لتنزيه الدين من الشوائب والقضاء على كل تعقيد يوسع الخرق والعمل على
تنشئة جيل صالح منذ ان ذهب إلى دمشق هاديا ومرشدا فتوجه إلى تاليف
كتب أدبية وأخلاقية مدرسية وتأليف كتب خاصة بتاريخ سيرة الحسين ع
وعرضها عرضا مجردا من الشوائب والأكاذيب لاتخاذها مصدرا لخطباء المنابر
الحسينية ثم عمل لقيام المدرسة المحسنية في دمشق وإلزام الخطباء بمراعاة
خطته في المآتم الحسينية وأول عمل قام به هو تحريم الضرب بالسيوف
والسلاسل في يوم عاشوراء ومقاومة الذين يستعملون الطبول والصنوج
والأبواق وغيرها في تسيير مواكب العزاء بيوم عاشوراء، فكان هذا أول
عمل اتخذ منه مخالفوه ذريعة لمهاجمته وقد أيدهم في نشاط الحملة كونها
جاءت متفقة ورغبة العوام والسواد كل الاتفاق واتسعت الحملة وكان
الشيخ عبد الحسين صادق في النبطية والسيد عبد الحسين شرف الدين في
صور ممن خالف السيد محسن الأمين فبعثت هذه المخالفة في نفس السيد
محسن روحا جديدة زادته حماسة وثورة في وجه القائلين بجواز الضرب
بالسيف على الرؤوس في يوم عاشوراء فأصدر رسالة التنزيه.
واتجه الجميع إلى كبار العلماء يستفتونهم في أمر الضرب بالسيف
كمظهر من مظاهر الحزن على أبي عبد الله الحسين فأفتى المرحوم السيد أبو
الحسن الأصفهاني بحرمة الضرب بالسيف، وقال ما مضمونه ان
استعمال السيوف والسلاسل والطبول والأبواق وما يجري اليوم أمثاله في
مواكب العزاء بيوم عاشوراء انما هو محرم وهو غير شرعي.
وكان المرحوم السيد أبو الحسن لم ينفرد بعد بالزعامة الروحية بل كان
في طريق انفراده بها وكان له منافسون من العلماء فكادت تجمع فتاوى
منافسيه على خلافه وتبعهم في ذلك كل الشيعة الا القليل، ودوت هذه
الفتاوى المخالفة للسيد أبو الحسن الذي أيد السيد محسن في جميع
الأندية والمجالس، وتبناها الخطيب الشهير السيد صالح الحلي وقد كان من
مشاهير الخطباء الذين قلما تجود الطبيعة بأمثالهم من حيث القدرة والخبرة
(٣٧٨)

والجرأة فصرخ بالناس وهاجهم ضد السيد محسن الأمين، وانقسم الناس
إلى طائفتين على ما اصطلح عليه العوام: علويين وأمويين وكان
الأمويون هم اتباع السيد محسن الأمين وقد كانوا أقلية لا يعتد بها وأكثرهم
كانوا متسترين خوفا من الأذى.
واتخذها البعض حجة لمهاجمة أعدائهم واتهامهم بالأموية وكثر
الاعتداء على الاشخاص وأهين عدد كبير من الناس، وضرب البعض منهم
ضربا مبرحا وبلغت جرأة السيد صالح ان تطاول على السيد أبو الحسن
وتناول السيد محسن.
وبدافع اعجابي بالسيد محسن وانطباعاتي عنه منذ الصغر وايماني
بصحة دعوته أصبحت أمويا وأمويا قحا في عرف الذين قسموا الناس
إلى أمويين وعلويين، وكنت شابا فائر الدم كثير الحرارة فصببت حرارتي
كلها في مقالات هاجمت بها العلماء الذين خالفوا فتوى السيد أبو الحسن
والذين هاجموا السيد محسن الأمين ولما كنت يومذاك موظفا فقد نشرت
مقالاتي في الجرائد بتواقيع مستعارة وتبعني في عملي هذا عدد من
الأمويين ثم ما لبثنا ان تعارفنا نحن الأمويين وكان المرحوم الشيخ
محسن شرارة في الطليعة، ولست أذكر مما مر الا انني أحسنت الدفاع عن
السيد محسن بقلمي ولساني حتى هددت بالقتل والاعتداء.
وكنت أجد في كثير من الأحيان رسالتين وأكثر قد القي بها تحت
الباب تتضمن إلى جانب التهديد بالقتل شتائم عجيبة غريبة فكنت أسعى
لالتقاطها قبل ان يعرف أحد عنها شيئا ذلك لأن لي أما ملتهبة العاطفة
اخشى ان يصل إليها خبر التهديد فتجن وتنغص علي حياتي، وكان لي من
حسن الحظ من يدفع عني الشر رغم كونه من العلويين، ومن الحق ان
أشير إلى المجتهد الكبير الشيخ عبد الكريم الجزائري فقد كان ممن ذب يوم
ذاك هو والزاهد التقي المرحوم الشيخ علي القمي والعالم المعروف الشيخ
جعفر البديري عن السيد محسن، ولكن التيار كان جارفا والقوة كلها في
جانب العلويين وكانوا يتفننون في التشهير بالذين سموهم
بالأمويين! ولا تسل عن عدد الذين شتموا وضربوا وأهينوا بسبب تلك
الضجة، وكان السبب الأكبر في كل ذلك هم العامليون الذين كانوا
يسكنون النجف طلبا للعلم وكان معظمهم من مخالفي السيد محسن.
وممن دافع عن السيد محسن خارج النجف كان المرحوم السيد مهدي
القزويني في البصرة وكان السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني في بغداد
الذي ساعدنا نحن الذين تولينا الكتابة والدفاع عن السيد كثيرا، على أن
دفاع هؤلاء لم يكن مستغربا يوم ذاك كما كان دفاع المرحوم الشيخ علي
القمي ودفاع المرحوم الشيخ جعفر البديري لبعدهما عن روح التجدد، وقد
اثار هذان الأخيران في ذبهما عن السيد محسن دهشة الأوساط.
وقد استطاع السيد محسن ان يوجه مساعيه توجيها عمليا فيحول بين
أرباب المآتم الحسينية والمواكب وبين القيام بآية حركة تتنافى والشريعة
الاسلامية حتى الخطباء فقد استطاع ان يسيطر عليهم ويحصر خطبهم ضمن
دوائر معينة من الموعظة والارشاد وقراءة سيرة الحسين وتاريخ شهادته بعد
إن كانت الفوضى عملت عملها حتى بلغ من تصرف الخطباء ان يرووا على
منابر الحسين اخبارا وروايات هي أقرب للكفر منها إلى الاسلام عند علماء
الشيعة.
إما النجف وسائر المدن الأخرى فقد قابلت دعوة السيد محسن برد
فعل قوي شديد ظهر اثره في أول شهر محرم جاء بعد الفتوى فقد ازداد عدد
الضاربين بالسيوف والسلاسل وازداد استعمال الطبول والصنوج والابواق
وكثرت الأهازيج والأناشيد التي تتضمن النقمة والتحدي لتلك الحركة
الاصلاحية وخاف الأمويون على حد تعبير الناس وانسحب الكثير منهم
من الميدان.
وبلغ السيد محسن خبر هذه الضجة كما بلغه خبر الذين ذبوا عن رأيه
ودافعوا عن حركته وظهر لي من شكره لي وثنائه علي في أول التقائي إياه انه
كان يعرف كل شئ عن الحركة.
وأصدرت جريدة الفجر الصادق وكنت فيها جريئا على قدر ما
تستدعيه حرارة الشباب واندفاعه وكانت لي مع السيد صالح الحلي مواقف
مشهودة استطعت ان انتقم منه للاصلاح ولم أبال بالتهديد والوعيد وكان
المرحوم الحاج عطية أبو كلل يؤيدني في موقفي لعدة أسباب أهمها كونه من
مقلدي السيد أبو الحسن ثم ارتباط أسرته بأسرتي ارتباطا قديما، هذا
إضافة إلى اتفاقي والحاج عطية ببث الدعوة لحمل اتجاه مواكب الأنصار
إلى النجف في يوم وفاة النبي ص تلك الحركة التي كان هو وحده بطلها
وقد نجحت ومنذ ذلك اليوم والمواكب تقصد النجف في يوم وفاة النبي من
كل سنة.
فكان كل هذا سببا لوقوف جريدة الفجر الصادق في وجه السيد
صالح الحلي وقوف من لا يخشى شيئا ولا يخاف أمرا ولكي تتم الحملة
بالنجاح ويتم الانتقام لدعوة السيد محسن الاصلاحية قامت جريدة الفجر
الصادق بالدعوة للخطيب الأستاذ الشيخ محمد علي اليعقوبي وكان يومذاك
يسكن في الجعارة الحيرة ولاقت الدعوة لليعقوبي اقبالا بالنظر لما كان
يتمتع به من مواهب أدبية وملكات ممتازة وكثر على مرور الزمن التلذذ بمنبر
اليعقوبي وبان اثر الانكسار على السيد صالح جليا وتشجع أنصار الحركة
الاصلاحية بالظهور ولم يعد يتردد اسم الأمويين كثيرا كما كان يتردد من
قبل.
وزرت دمشق مصطافا لأول مرة وكان أول عمل عملته هو زيارة
السيد محسن وكان يسكن بيتا إلى جوار المدرسة المحسنية وجاء ذكر الحركة
الاصلاحية فأفاض كثيرا في وصف العلل والفوضى التي تعم الناس وقال إن
الامر بحاجة إلى أيد فعالة تنشل هؤلاء الجهلاء من جهالتهم وأذكر فيما
أذكر أنه قال لي ما مضمونه: ان السيد صالح الحلي هو أحسن خطيب
عرفته المنابر الحسينية وانا أود ان نعد الخطباء على غراره إذا ما أردنا ان ننبه
الناس ونوجههم توجيها صحيحا إما موقفه ضد الحركة الاصلاحية وضدي
انا فله تفاسير أخرى لا يجوز ان تصدنا عن قول الحقيقة.
إلى أن قال الأستاذ الخليلي:
وجاءت الاخبار تنبئ ان السيد محسن قادم إلى العراق فاختلف
انصاره في امره فمنهم من رجح مجيئه ومنهم من لم يرجح ذلك لأن الفتنة لم
تكن قد خمدت بعد تماما وان رد الفعل وان بدا أخف من السابق ولكنه كان
لا يزال غير مستهان به وكتب البعض إلى السيد محسن بتأجيل قدومه ولكن
(٣٧٩)

السيد محسن كان جريئا وغير هياب فتحرك من دمشق وتحركت الجماهير
لاستقباله ودعا السيد أبو الحسن إلى تبجيله وتكريمه فتضاعف الغرض
وإذا به استقبال لم تشهد النجف نظيرا له اشترك فيه العلماء والفضلاء
والتجار ومختلف الأصناف ودنا منه الشيخ كلو الحبيب وهو من وجوه
الطبقات المسماة بالمشاهدة وهي الطبقات التي تمثل النجف بقوة
السلاح دنا منه الشيخ كلو الحبيب وترامى على قدميه ثم اخذ يقبل يديه
ويقول: لعن الله من غشني، ها هو ذا وجهك النوراني يشع بالايمان فاغفر
لي سوء ظني فإنما الذنب ذنب أولئك المارقين المغرضين الذين قالوا عنك ما
قالوا.
وكان وجه السيد محسن يشع بالايمان حقا فقد كانت له جاذبيته
وسحره وكان ينم عن نفس وادعة بعيدة عن التعقيد لا غموض فيها ولا
ابهام فلا يلبث ان يراه أحد حتى يحبه.
ونزل في النجف ضيفا على السيد أبو الحسن المرجع الديني الأكبر
في النجف ثم انتقل بعد ذلك إلى بيت الشيخ خليل مغنية وقد زرت
سماحته هناك وكان محله غاصا بطبقة كبيرة ممن كان قد تألب وألب الناس
عليه ولكنه ما كاد يراه حتى ذاب أمامه كما يذوب الثلج امام صيف الشمس
الحارة، وبالغ الحاضرون في استقبالي والعناية بي في مجلسه سترا لمواقفهم
النابية وخوفا من أن أشير وانا العارف بفعلتهم إلى ما بذلوا من جهود
ومساعي للنيل من السيد والحط من شانه وكان معظمهم من العامليين.
وبولغ في اكرام السيد محسن والحفاوة به وكثرت الولائم والدعوات
التي أقيمت له وفرضت شخصيته المحترمة نفسها حتى على خصومه فبالغوا
هم الآخرون في تكريمه وتبجيله ولم يخرج من النجف حتى سقط اسم
العلويين والأمويين من الأفواه فلم يعد أحد يقسم الناس إلى قسمين.
واستعرض الكاتب بعد ذلك مقدمات جمع المعلومات لكتاب أعيان
الشيعة وذكر شيئا عن تجوال السيد بين العراق وإيران وعدد النواحي
الاصلاحية الأخرى التي برز فيها السيد حتى قال:
ولقد بلغ من اتجاه السيد محسن العاملي انه حمل عددا ممن عثر بهن
الخط حتى أبحن عفتهن وتجردن من عصمتهن للرجوع إلى حظيرة العفة
والتزام التوبة ثم دفع بهن إلى من هيا لهن زواجا فعشن شريفات ورزقن
بأولاد صالحين ببركة مساعيه.
ثم استعرض الكاتب بعض مزاياه التي تعرف بها شخصيا إلى أن
قال: وكان آخر رؤيتي له سنة ١٩٣٩ حينما تفضل فشملني بالطافه برد
الزيارة ولم أدر انني القي عليه نظرة لن تتكرر وانني أفارق وجها لن أسعد
برؤيته ورؤية أمثاله مدى العمر.
في صميم معركة الاصلاح
تجاوبت بثورة التنزيه انحاء العالم الاسلامي، وعمت دعوتها
المسلمين في كل مكان، وترجمت إلى أكثر من لغة، ووجد فيها المخلصون
فرصة ثمينة للتخلص من الشوائب والأباطيل، فأرادوها نقطة انطلاق نحو
نهضة اصلاحية شاملة، كما وجد فيها الآخرون خطرا يهدد بعضهم بما هم
فيه من جمود ورجعية، وبعضهم بما لهم من مصالح ومارب، وأصبحت
البلاد الاسلامية تغلي غليانا بها، فكثرت الردود عليها وانهالت الهجمات
على صاحبها، وصاحبها صامد كالطود مؤمن بانتصاره في النهاية، ونذكر
ان فريقا من محبيه المخلصين هالهم أن يتعرض شخصه لمثل ما تعرض له
فكتبوا إليه يرجونه بسحب الرسالة من المكتبات، واخفائها عن العيون إلى أن
تهدأ الضجة، وتخمد العاصفة فكان جوابه ان ضاعف الكميات
المطروحة وزود المكتبات بأكثر ما يستطيع تزويدها من النسخ، وقال لمن
حوله: إذا كان لا بد من التضحية فاني لمغتبط ان يكون شخصي هو
الضحية.
واننا للتاريخ لنورد هنا مثالا مما كان يدلي به خصوم الدعوة
وأنصارها على السواء من حجج وبيانات مستشهدين بأقوال من حاولوا ان
يناقشوا الموضوع ويردوا على الرسالة دون ان يوغلوا في الشتائم والسباب،
ودون ان يعتمدوا على البذاءة وحدها...
فكان ممن أيد الدعوة بحماسة الكاتب الهندي محمد علي سالمين
صاحب جريدة ديوائن ميسج التي تصدر في بومباي باللغة الإنكليزية،
فكتب مقالا نشر باللغة العربية قال فيه:...
وكتب العلامة المجتهد الأكبر آية الله السيد محسن الأمين أيده
الله كتابا رد به على من يضربون الصدور. والكتاب بصورة رسالة جمع فيها
من الشارد والوارد إلى ما شاء الله على أن هذا العمل لم يأتنا من امام أو
وصي بل هو بدعاية الجهلة بدعة ابتدعوها وكما قال النبي الكريم: كل
بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فبأي حديث بعده يؤمنون؟
ظنوا حب آل محمد بهذه الأعمال فهذا لعمري ليس حبا لأن من
أحب شيئا اعزه واحترمه وهل اللطم والضرب والتشبيهات في الشوارع امام
المجوس والوثنيين يدل على حبكم يا محبي آل محمد اليوم؟ انتهى.
ولم ينم أعداء الدعوة فتناوله منهم السيد نور الدين شرف الدين فرد
عليه بمقال قال فيه:
لم يكن في الحسبان ان الشعائر الحسينية التي اتخذتها الشيعة سنة من
عهد آل بويه إلى يومنا هذا تجعل مسالة نظرية تتضارب فيها الأفكار وتختلف
الأنظار إذ لا شك في فوائدها التي تعود بالنفع العميم على هذه الطائفة
وليت من ناقش في ذلك أدلى بحجة واضحة وبرهان قاطع لنتبعه فان الحق أحق
ان يتبع.
وبعد ان يمضي الكاتب على هذا المنوال يعدد أسماء بعض المخاصمين
لدعوة الاصلاح ويعدد أسماء كتبهم التي تخالف الدعوة وهم: عمه السيد
عبد الحسين شرف الدين، وصهر عمه الشيخ عبد الله سبيتي، وابن عمه
السيد محمد علي شرف الدين وقريب عمه الشيخ مرتضى آل ياسين. ثم
الشيخ عبد الحسين الحلي والشيخ محمد حسين المظفر، يذكر هؤلاء ليدعم
قوله بهم ثم يستشهد ببعض الأقوال إلى أن يصل إلى الرد الصريح على
خصمه فيقول:
(٣٨٠)

ومما عجبت له جدا بل أسفت ان محمد علي سالمين اقتفى اثر
المهوسين فغدا يضرب على ذلك الوتر الذي تغلق المسامع دون الحانه
ونغماته.
ثم يقول: والأستاذ أنكر على الشيعة تمام الإنكار ما يقومون به من لطم الصدور
والتمثيل والنياحة على الحسين وزعم أن ذلك محرم بل بدعة وضلالة، انها
حملات شديدة ولهجات غريبة ظهرت بمظهر الاصلاح. ثم يقول مريدا ان
يبرهن ان لا ضرر جسديا من الضرب: نحن نلتمس من الأستاذ سالمين
ان يلدم صدره لزمن ساعة أو ساعتين فان حصل له شئ، من ذلك أي
الأذى فانا ضمين له كل ما يقترح!!.
ثم يختم كلامه بقوله. لم اقصد بكلمتي هذه الا الذود عن
الحقيقة...
كما أن أنصار الدعوة كانوا يقظين فتناول نور الدين منهم كاتبان
وقع أحدهما مقالة بتوقيع حبيب بن مظاهر ووقعه الثاني بتوقيع أبو
فراس وقد جاء في مقال الأول:
نكتب هذه الكلمة الموجزة ليعلم ان الطائفة الاسلامية الشيعية قد
ابتليت كغيرها من الطوائف بفئة خاصة من الخلق دأبها قلب الحقائق
والمكابرة لدى الدليل حينما يؤب إليها رشدها ان تلك الأعمال قد
اتخذها امراء الشيعة سنة من عهد القرن الرابع إلى يومنا هذا فإذا قيل لها ان
عمل الامراء واتباعهم من الرعاع لا يصلح ان يكون حجة شرعية: قامت
وأعادت تمثيل تلك الرواية وزادت عليها قول: وا سنة نبياه وإذا
اعترضت عليها بان الشئ لا يكون سنة نبوية الا إذا صحت روايته عن
النبي ص كما أن عمل غير واجب العصمة لمصلحة اقتضته لا تبرر
العمل المضر: جابهتك بالسباب والتفسيق والتكفير فيخيل إليك انها من
بقايا رؤساء الكنيسة في القرون الوسطى ولا تحسبن ان هذه الفئة اكتفت
بالقول السئ بل اجتهدت في اضرام نار الفتنة حتى بين الأخ وأخيه والولد
وأبيه فكانت العائلة وهي في مسكن واحد منقسمة إلى قسمين قسم يحبذ
تلك الأعمال البربرية وقسم ينكرها.
ثم بعد هذا كله إذا جاءها أحد المصلحين الغيورين وأثبت لها بالحجة
الراهنة الدامغة حرمة الكذب في المأتم الحسيني وحرمة اضرار النفس
بضرب الزنجير وشج الرأس واللطم الدامي وادخال الاقفال في الأبدان
وتشبه الرجال بالنساء إلى غير ذلك من الأعمال الهمجية قامت عليه
وأعادت تمثيل رواية القذف والسب.
إلى أن يقول: هذا مجمل ما أحدثته هذه الفئة وقد طبعت في ذلك
وريقات كلها سباب وشتائم شأن صبيان الأزقة. وجاء في مقال الثاني:
كنا نحسب ان كلمة الداعية الاسلامي المفضال الأستاذ محمد علي
سالمين ستكون الأخيرة من نوعها في موضوع المأتم الحسيني وانها سيكون
منها مقنع لجماعة التهويش فيفهمون ان الأمة قد اقتفت اثر مصلحيها
وأصبحت عالمة خيرها من شرها، وان هذا الذي يستندون إليه من
الضوضاء والضجيج لا يحسدون عليه.
ولكن كلمات جاءت بتوقيع نور الدين شرف الدين جعلتنا نعلم أنهم
لا يزالون يحسبون ان التهويل يوصلهم إلى ما يأملون!
انني لا أريد هنا ان آتي بأدلة جديدة اقدمها بين يدي القارئ
الكريم، ولكن الذي أريده هو ان افهم صاحب تلك الكلمات ومن لف
لفه ونفخ في بوقه ومن حرضه ودفعه اننا بعد اليوم لن نعير كل ما يصدر من
هذا القبيل أقل اهتمام واننا نضن بأوقاتنا وأوقات القراء ان تشغل بهذه
الأمور التي أصبح مفروغا منها، فلينضحوا كل ما في نفوسهم ويسودوا ما
يشاؤون من الصحف، وسيرون ان هذه البذور الاصلاحية التي تعهدها
أفاضل الأمة وساداتها بالرعاية ستنمو وتأتي اكلها في وقت قريب.
ولن يضير هؤلاء الكرام أن يقول عنهم نور الدين انهم
مهوسون.
وهاجم الدعوة وصاحبها الشيخ عبد المهدي المظفر في البصرة فأصدر
رسالة سماها ارشاد الأمة للتمسك بالأئمة قال فيها:...
وهذا السيد يعني مؤلف رسالة التنزيه قد كنا نسمع عنه انه
من أهل المآثر الحسان، وذوي المكانة السامية في العلم ولكن لما اطلعنا على
هذه الرسالة وقعنا في حيرة الشك لما اشتملت عليه من التهجمات على
الشيعة والتهويلات الفارغة على مظاهر الشريعة، والاستدلال على مقصوده
بما لا يليق ان ينسب إلى مثله، وليته اكتفى بذلك وكف عن قدس صاحب
الشريعة وأهل بيته المعصومين ع ولم ينسب إليهم عدم العصمة عن فعل
المحرمات جهلا بمواقعها، أو سلب الاختيار منهم عند وقوعها، وهذا مما
يخالف اجماع الاماميين لانهم عندنا معصومون عن المعاصي عمدا وخطا،
إذ لو وقعت منهم جهلا بها أو لغلبة الطباع البشرية عليهم لم تكن أفعالهم
حجة بل ولا أقوالهم ولم يثبت بهم اللطف الكامل علينا فان من لا يملك
نفسه عن فعل المعاصي لا يكون مقربا في كثير من الأحوال إلى الطاعات بل
مبعدا عنها واني لا أريد الرد عليه في مقاصده واثبات رجحان تلك المظاهر
الشريفة أو وجوبها الكفائي لكفاية ما كتبه للرد عليه جملة من اخواننا
الأفاضل ولكن أتعرض لبعض ما كتبه استغرابا له وإن كان كل ما فيها
غريبا فمن غرائبها:
نفي العصمة عن حجج الله وهداة دينه كما سلف ومنها نفي
العصمة عن شبل أمير المؤمنين العباس ع مريدا به اثبات المعصية له في
حال الوفود على ربه فالسيد يثبت له المعصية والالقاء بالنفس إلى التهلكة بلا
وجه شرعي والامام ع يصفه بصلابة الايمان، والسيد ينقم عليه رمي
الماء من يده والامام يمدحه بالمواساة ومنها استدلاله على حرمة تلك
الشعائر المحترمة بقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج فاني لا
اعرف كيف يكون الحكم الغير الالزامي حرجا وتكون الحرمة ليست بحرج
ومنها استدلاله على الحرمة بقوله لا يطاع الله من حيث يعصى فإنه
(٣٨١)

جعل محل النزاع مفروغا عن حرمته حتى صيره من مصاديق الحديث فيا
عجبا أ هذه المظاهر التي مضت عليها القرون الكثيرة وهي شعار للشيعة حتى أن
بعضها مضى عليه ألف سنة تكون بنظر السيد محرمات مفروغا عن
حرمتها والشيعة بأجمعهم في جميع الأزمنة بين مرتكب للمحرم وبين تارك
للنهي عن المنكر راض به فيحق لنا ان نستسعد بدعائه ودعاء جماعة
المصلحين بالغفران لاخواننا المؤمنين ونستشفع بهم إلى الله في خلاص
رقابهم من النار ومنها جعله التذكار الحسيني باطواره وشؤونه مجلبة
للنقص والعار ومحلا للاستهزاء عند الأغيار، بربك أيها المنصف البصير هل
تصلح أمثال هذه التلفيقات دليلا على حكم شرعي، ومنها انكاره مجئ
زين العابدين ع من الحبس لدفن أبيه ع فإنه ما أنكر الا أمرا
مسلما، وقد بلغني ان جماعة انتصروا للسيد محسن وأيدوه في انكار دفن زين
العابدين لأبيه بدعوى انه مخالف لمقدورات البشر، ولعمر الحق هذا هو
الامر الموجب للخروج عن الاسلام انتهى وتتابعت الرسائل في الهجوم
على رسالة التنزيه وقد عدد بعض أسماء أصحابها نور الدين فيما تقدم من
كلامه وكل الرسائل لا تخرج عن هذا المنطق ومنطق نور الدين المتقدم،
وإن كان بعض الرسائل تعمد البذاءة والايغال في الشتائم وسئ القول،
ومثل ذلك القصائد والمقاطيع وقد اكتفى أنصار الدعوة باخراج رسالة
واحدة للرد على الجميع هي رسالة كشف التمويه عن رسالة التنزيه
لمؤلفها الشيخ محمد الكنجي ولكنهم اتخذوا من الصحافة الحرة ميدانا رحيبا
لأقلامهم المتوثبة وكان ممن أبدع في ذلك الشيخ محسن شرارة والأستاذ
سلمان الصفواني وغيرهما.
الشيخ محمد عبده والسيد محسن الأمين
بقلم الدكتور علي الوردي
في كتابه مهزلة العقل البشري
يعجبني من المصلحين في هذا العصر رجلان هما: الشيخ محمد عبده
في مصر والسيد محسن الأمين في الشام. فالشيخ محمد عبده قد نال في بدء
دعوته الاصلاحية من الشتيمة قسطا كبيرا حتى اعتبروه الدجال الذي
يظهر في آخر الزمان. ولكنه الآن خالد لا يدانيه في مجده أرباب العمائم
مجتمعين.
واني لا أزال أذكر تلك الضجة التي أثيرت حول الدعوة الاصلاحية
التي قام بها السيد محسن قبل ربع قرن. ولكنه صمد لها وقاومها باسلا فلم
يلن ولم يتردد. وقد مات السيد أخيرا ولكن ذكراه لم تمت ولن تموت
وستبقى دهرا طويلا حتى تهدم هاتيك السخافات التي شوهت الدين
وجعلت منه أضحوكة الضاحكين!
الثائر
قال الأستاذ منح الصلح من مقال له في مجلة الديار البيروتية بعد ان
ذكر عبد الحميد بن باديس واثره في تحضير الجزائر للثورة:...
والنموذج الثاني بين رجال الدين، على العلاقة الخلاقة بين
العمل الوطني والاسلام: هو المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين الذي كان
في دمشق امام العمل الوطني السوري ومرجع المذهب الشيعي الاعلى، فهو
على الصعيد الديني لم يقل اثرا وسعة أفق عن محمد عبده. وعلى الصعيد
الوطني كان رأس الوطنيين السوريين، وفي بيته أعلنت الحركة الوطنية في
سوريا سنة ١٩٣٦ اضراب الستة أشهر الشهير.
التقدمي المجدد
بقلم: الشيخ محمد رضا الشبيبي رئيس مجلس الأعيان ورئيس
مجلس النواب ورئيس المجمع العلمي ووزير المعارف العراقية الأسبق.
يموت بين الحين والحين قوم لهم أزياء أهل العلم ومظاهرهم فلا يشعر
بموتهم أحد، ولا يتركون فراغا يعتد به. ثم يموت أحدهم فيروع موته أمة
بأسرها. ويترك بعده ثلمة من الصعب سدها ويفجع لفقده عالم باسره إلى
غير ذلك مما يعد دليلا بالغا على أن الفقيد من هذا الطراز كان معنيا بالعمل
قبل العلم، وبالحركة قبل السكون، وبالجد والاجتهاد، وبالغيرة على
مصالح الناس.
هكذا كان فقيد الشعب العربي السيد المحسن الأمين فما كان
اضطراب من اضطراب من العرب والمسلمين لفقده عبثا، وانما كان ذلك
لأنه ترك ثلمة في بناء المروءة والفضيلة والعلم والخلق الكريم.
لا نبالغ إذا قلنا إنه حفظ للعلم كرامته، ولم يجعل منه سلما
للأغراض والمطامع فكان على جانب عظيم من التصون وإباء الضيم وقد
مرت به شدائد، ولحقه ما لحقه في بعض أدوار حياته من العسر فصبر صبر
الكرام. وترفع عن الأسفاف ولم تنل منه السياسة الماكرة، ولم ينخدع بها،
ولا خدم رجالها، بل كانوا يخدمونه ويخطبون وده دائما كأنما عناه الأستاذ
العالم الشاعر عبد القادر الجرجاني بأبياته السائرة:
يقولون لي فيك انقباض وانما * رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
إذا قيل: هذا مورد قلت: قد ارى * ولكن نفس الحر تحتمل الظما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم * ولو عظموه في النفوس لعظما
ولم اقض حق العلم إن كان كلما * بدا طمع صيرته لي سلما
أجل!!... يخيل لك ان الجرجاني عني بأبياته هذه شخصا كالامام
الفقيد فقد كان مثالا للعالم المنزه عن الأطماع والدخول فيما لا يعنيه
والترخص أو المساومة في الاحكام.
كان السيد محسن الأمين رحمه الله مجددا في طريقته التعليمية أنشأ
مدارس عدة ناجحة للجنسين في دمشق وقد تخرج منها إلى الآن عدد غير
قليل من رجال سوريا ولبنان وشبابه المثقف. ولاحظ ما يكابد شداة العلم
من الغموض والتعقيد الملحوظ في كتب الدراسة القديمة المجردة في الفقه
والأصول وفي غير ذلك من العلوم فتركها وشأنها. ووضع بنفسه وبمفرده
كتبا حديثة سهلة التناول يعول عليها طلاب مدارسه في دمشق وغيرها إلى
اليوم.
ثار مرة امامي على أحد الأساتذة الجامدين الذين يقدسون طريقة
القدامى ويحرصون على أن لا تمس، وان تبقى كتبهم على ما هي قائلا:
لما ذا نحذو حذو الأقدمين هم رجال ونحن رجال. وكان ذلك في سنة
١٩٢٠ في مجلسنا بدمشق الشام، اي قبل أكثر من ثلاثين سنة.
شن حربا شعواء على الخرافات والأوهام الشائعة وعلى العادات التي
اعتبرت دينا عند بعض الطبقات، وما هي من الدين ولا من الشرع
(٣٨٢)

الشريف في شئ فهو في طليعة المنادين في الدعوة إلى الاصلاح الاجتماعي
في الشرق العربي وفي غيره من الأقطار. وكان جل معوله في رزقه خصوصا
في فترة حياته الأخيرة على شق قلمه، وما يدخل إليه من حاصل مبيع كتبه
وتأليفه ومطبوعاته وهي كتب ومطبوعات كتب لها الرواج كأنما كوفئ بذلك
على اخلاصه وطيب سريرته وحسن نيته في العلم والعمل.
ثابر على التأليف والكتابة إلى أواخر أيام حياته وقد ناهز التسعين،
ورحل عدة مرات في طلب العلم والكتب والآثار وزار العراق آخر مرة قبل
نحو من عشر سنوات وفتش في خزانة كتبي ببغداد عما يعنيه من هذا
القبيل. وأقام لهذا الغرض وقتا غير قصير وحمل ما راق له من المكتبة
المذكورة معه إلى الشام. ثم وجدته وقد عدها من مراجعه في بعض
مؤلفاته.
أصيب رحمه الله ببعض العلل الناشئة عن الاجهاد في هذه السنوات
الثلاث الأخيرة ولازمه الأطباء، وعولج قبل وفاته في مستشفيات بيروت
إلى أن وافاه الاجل في هذا الأسبوع فخسرت به محافل الاسلام خسارة
يصعب تعويضها طيب الله ثرى الفقيد وتغمده برحمته الواسعة.
تاريخ وفاته
قال الشيخ علي البازي مؤرخا وفاته:
نعي لنا بالبرق كهف الحجى * الحجة الجهبذ والمحسن
في رجب الفرد قضى الفرد قل * ارخ وغاب العالم المحسن
امام في الوطنية
بقلم: الأستاذ لطفي الحفار.
رئيس الوزارة السورية الأسبق.
كان الوطنيون منذ احتلال فرنسة للبلاد السورية يعملون في مختلف
الظروف والمناسبات وفي شتى الاجتماعات والمؤتمرات لمقاومة هذا الأجنبي
الغاصب الذي سلبهم حق الحرية والاستقلال وقضى على عرش فيصل
الأول في سورية بأساليب القوة والبطش والمخاتلة والخداع وضروب المصاولة
والمطاولة وترك الناس قلقين على مستقبل بلادهم خائفين وجلين ينشدون
حقهم في الحياة الحرة الكريمة.
وبدأت الجهود المتفرقة تتلاقى في مختلف الميادين السياسية
والاقتصادية لمقاومة هذا الأجنبي وأعوانه ومنذ ان جاءت لجنة كراين
الأميركية أيام الرئيس ولسن لاستفتاء البلاد السورية برأيها السياسي وفي
تقرير مصيرها بدأت الحركات الوطنية تظهر شيئا فشيئا وبدأت المقاومة
السلبية في شتى المناسبات ولجا الأجنبي للقضاء على هذه الروح الوطنية
الوثابة بالاعتقالات وسوق الوطنيين العاملين إلى المنافي والسجون ثم نشبت
الثورة السورية عام ١٩٢٥ إلى عام ١٩٢٨ حينما اضطرت فرنسة لدعوة
البلاد لانتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورها وتقرر أوضاعها السياسية
والإدارية والمالية بعد ان شعرت بشدة المعارضة الوطنية وقوة مراسها واجماع
كلمتها. ثم تألفت وقتئذ الكتلة الوطنية على اعقاب انتخابات الجمعية
التأسيسية التي فاز بمعظم مقاعدها الوطنيون العاملون رغم ما بذله
الأجنبي مع حكوماته وأعوانه من مقاومة واضطهاد وكانت البلاد السورية
كلها صفا واحدا وكلمة جامعة تعمل وتجاهد وراء قادتها العاملين
المخلصين، وكنا في هذه الظروف الحرجة التي نبذل فيها ما عز وهان من
جهد وتضحية وبذل ونضال نعاني الأمرين من بعض الذين اتخذوا الدين
مطية لأهوائهم ومطامعهم والوصول إلى غاياتهم في الحكم والسلطان
ومقاومة اجماع البلاد لعدم التعاون مع الأجنبي المحتل وكنا نلاقي الالافي
من هذه التيارات الخطرة على الناس والعامة. وفي هذه الحقبة من أيام
النضال والنزال على اختلاف ظروفه وأحواله كنا نستمد قوة روحية ورعاية
واسعة ودعوة صالحة من الامام المجتهد السيد محسن الأمين على عكس ما
نراه من بعض الأدعياء الجهلاء وما عدنا مرة من منفى أو سجن والمعارك
سجال بيننا وبين هؤلاء أذناب المستعمر الذين يخدعون الناس ويضللونهم
بالباطل الا وكان الامام السيد يدعو للثبات والتضحية والاخلاص في العمل
ويبارك جهود العاملين ويدعو لهم بالقوة والتأييد وكم كنا نأنس بزيارته
من حين إلى آخر لما نلاقي في أحاديثه الممتعة ودعاياته الوطنية المخلصة من
التشجيع والتنشيط والحث على متابعة الجهاد في سبيل الله والوطن وتحقيق
غايات البلاد في الحرية والاستقلال والدفاع عن كرامة الاسلام والمسلمين
والتضامن مع مختلف الطوائف والمذاهب والتسامح والاتحاد ونبذ الضغائن
(٣٨٣)

والاحقاد. كان لنا نبراسا يضئ في المدلهمات والملمات وقبسا يشع نوره في
مختلف الحادثات ولا أنكر اننا كنا نلاقي مثل هذا التأييد والتشجيع من
بعض رجال الدين الآخرين على اختلاف المذاهب والطوائف الذين
يستشعرون واجباتهم الدينية والدنيوية. غير أن ما كان يتمتع به الامام
العلامة السيد محسن من الزعامة والقوة والحب العميق من جميع من عرفه
واجتمع إليه من اخوانه ورجاله وأبناء عشيرته وغيرهم، كانت هذه الزعامة
والحب قوة لنا لمتابعة الجهاد والنضال دون تردد أو ضعف وكانت مجالسه
كلها التي نغشاها من حين إلى آخر مجالا للدعوة الصالحة في وجوب التضامن
والائتلاف ونبذ السخائم والخلافات والترفع عن الدنايا والاسفاف. وكان
بهذه القوة التي يعمرها الايمان يحارب الكثير من الصغائر والسخافات داعيا
لترك العادات التي ما انزل الله بها من سلطان وهي تصد المسلمين عن
اصلاح دينهم ودنياهم. هذه الأعمال والخرافات التي لا تتفق مع ما دعا
إليه الدين الحنيف من العمل الصالح والبذل والتضحية لخدمة المجتمع
بالنية الصالحة والقدوة الحسنة وكان يقول لنا أنتم المسؤولون أمام الله عن
هؤلاء الذين وثقوا بكم فكونوا عند حسن ظنهم في القول والعمل وما أتى
امرؤ عملا صالحا الا واثابه الله في دنياه وآخرته. وكان لدعوته هذه الأثر
البالغ في النفوس لأنها صادرة عن قلب ملؤه الايمان والاخلاص. كان
أسبع الله عليه رحمته ورضوانه زاهدا في مباهج الدنيا وزخارفها عزوفا عن
المظاهر الفارغة والدعايات الباطلة واني لاذكر ان الإفرنسيين حاولوا كثيرا
استمالته إليهم بشتى الوسائل المغرية وعرضوا عليه دارا فخمة يقيم بها
وراتبا ضخما يتقاضاه منهم فردهم ردا عنيفا واعرض عنهم ولم يبال بهم
وبقوتهم وكان لهذا كله أعظم تأثير لدى الذين يتصلون به ويعرفون مناقبه
وفضائله ويستمعون إلى أحاديثه النافعة ونصائحه الغالية مع ما يتخللها من
الأبحاث العلمية النافعة والمواضيع الدينية الثمينة فقد كنت كما يعلم الله
استشعر راحة ولذة لا تعدلها لذة حينما أرى هذا الوجه النير والتواضع الجم
والحديث الممتع والنصائح الغالية والابحاث الدينية والعلمية الواسعة في
داره المتواضعة بين الكتب والمحابر.
لقد ترك فقده رضوان الله عليه فراغا واسعا يصعب املاؤه لأنه كان
نادرة الدهر ومفخرة العصر اسكنه الله فسيح جناته واثابه عدد حسناته
وعوض المسلمين من أمثاله العاملين الصالحين خيرا وانا لله وانا إليه
راجعون.
المؤلف
بقلم: الدكتور حكمت هاشم (١)
اعتذر من الاعتراف لكم، سادتي، أن قد شاع في سري غرور
عذب، ولكن أمنية الطامع لم تبلغ بي وأنا من هذا على أتم الوثوق حد
التشوف إلى مقعد كان يتبوؤه قبلي امام جهبذ ومجتهد فحل مثل رصيفكم
الراحل السيد محسن الأمين رضي الله عنه وطيب ثراه. فلما شئتم،
باقتراعكم المفضل، ان تحلوا الخلف محل السلف على ما يبدو لديهما من
فارق النزعة وتباين القدر لم أتبين سائقا يحدو بكم على ما صنعتم غير
الاستمساك برمز أرجو الا أكون مخطئا في استخراج مغزاه: وهو تكريم
الأمانة للفكرة، وتمجيد الوفاء للعقيدة مذ تستهويان قلب من آمن بهما عن
اخلاص ووعي وبصيرة. فلا يصرفه عن التزامهما صارف ولا يجد عن
الصدع بهما محيدا. وأحسب، سادتي، من نافلة القول إن أقرر لكم ان
حب آل محمد ص هو فيما يتصل بتلك الحياة الغنية الخصبة الفياضة
الصالحة التي قضاها زميلكم العظيم نقطة البداية وغاية الغاية. فائذنوا لي
ما دام علي ان أستثير أمامكم ذكراها، أن اقف أمامكم أجيل الطرف في
بعض حناياها، واغفروا لي ان عشيت العين الكليلة عن ادراك السني
اللألاء الذي تشع به مزاياها.
يشاء القدر ان يولد زميلكم منذ نحو قرن بشقرا من اعمال
مرجعيون في جبل عامل ذلك الذي يقال إن المتشيع الأول أبا ذر الغفاري
اتخذه ملجأ بعد ان أخرجه معاوية إلى القرى. ويشاء البخت السعيد ان
يتصل نسبه بالحسين السبط الشهيد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله ص وبضعته فكيف، والعرق
دساس، لا يفعل الدم النبيل الذي تمور به شرايين نابغة كمثله في صوع
وجوده على النحو الذي صيغ فيه؟ ولم لا يهيب به هذا الدم إلى موالاة ما
اتصل ولم يتراخ من سلسلة الشرف والمعرفة والرياسة؟
لقد سمع من ذويه، وهو في غضارة السن، أن مما من الله به على
العشيرة عدم انقطاع العلماء والفضلاء منها في القديم والحديث. أ ليس فيما
رووا انه منحدر من صلب ذي الدمعة المدفون بالحلة السيفية الذي
لم تجف عبرته من خشية الله؟ أ وليس ذلك الزاهد التقي هو ابن زيد
الشهيد؟ أ وليس زيد هذا بولد الإمام زين العابدين الذي بلغ من جلالته
ان مسلم بن عقبة، بعد وقعة الحرة، نكص عن اخذ بيعته ليزيد الا على أنه
اخوه وابن عمه على حين بايع فيها أهل المدينة على أنهم عبيد رق
ليزيد؟ أ وليس هو الذي تهيبه خمسة من خلفاء بني أمية فلم يجسروا على
التعرض لمدرسته التي أقامها في داره لتكون خلال خمس وثلاثين سنة ينبوع
الحديث والعلم والرواية لأمثال الزهري وسفيان بن عيينة ونافع والأوزاعي
ومقاتل والواقدي ومحمد بن إسحاق وكثير من الصحابة والتابعين؟ ثم أ لم
يكن أجداد مترجمنا الأقربون بعد نزوحهم من العراق موضع التقديم
والتجلة في قومهم حتى لكانوا أصحاب المنزلة الرفيعة عند أمراء بلاد بشارة
الممتدة من الليطاني إلى تخم صفد والمترامية بين شاطئ البحر الشامي إلى
الأردن وطرف البقاع؟ هذا مسجد قريته الجامع يعيد عليه رسم بانيه جد
جده الوجيه الفقيه المتقن السيد موسى بن حيدر المكنى بأبي الحسن فيؤخذ
بمرآه وهو يؤم الأمير الجليل ناصيف بن نصار في صلاة الجمعة ووراءه خلق
لا يحصى من أهل الأصقاع المجاورة. وهذا أبو جده الأدنى عمدة الرؤساء
السيد محمد الأمين يروى له عنه ان والي عكا احمد الجزار لم يجد أحدا سواه
يفاوضه على عودة أهل البلاد الذين فروا في وجهه لما نهب مالهم واستصفى
عقارهم وأحرق خزائن كتبهم. لكأني بالصبي وهو يستمع إلى خبر الشيخ
الصافي النحيزة الذي وضع ابنه رهينة على وعد قطعه ومع ذلك لم يسلم
من اذى الطاغية بالذي ما نكث له بعهد، ولكنه لا يلبث ان تشرق
أساريره بشرا ويشمخ عرنينه فخرا مذ يعلم حسن تلطف الفتى الطليق
للوالي ونجاحه في فك اسار والده الذي جزي بنفيه إلى دمشق جزاء
سنمار... ان هذا الفتى النبيه الجرئ هو السيد علي جد السيد محسن.
ولعل الحفيد الصغير كان يداخله زهو بالغ من سيرة الشاب الهمام المقدام.
أ لم يتلمح من ثنايا تلك السيرة وجه صاحبها الرائع فيتعرف فيما يطالعه منه
(٣٨٤)

ما ورثه من مخايل النجابة وبعد النظر والحزم؟ أ ولا يراه في دامس
المحنة يضرب بحديد بصره في حاشية الجزار فيتخير لصداقته أميرا مصريا
يعقد به أواصر المودة ويتساقى معه في مكتبه رحيق المعرفة، حتى إذا دار
بالجزار وبخليفته سليمان الدهر ألفاه في شخص عبد الله باشا مقتعدا
سرير عكا فيفد عليه ويجد عنده الحظوة والرعاية؟ إما الحظوة فاعظم بها
بادرة يوم أعلى الصديق كعب صديقه في الفقهاء، إن كان له الفلج عليهم
في ايجاد مخرج ليمين كادت تحرم على الأمير زوجة حبيبة! وأما الرعاية
فناهيك بالصوانة ضيعة وافرة الغلة زهيدة الخراج يقطعها الصديق
صديقه، وليس من ذنبه بعد ذلك ان جاء الحساد على وغر في الصدر
مكنون يدسون السم للمنعم عليه في قهوة البن، وأكبادهم تتلظى موجدة
وكيدا!.
في ذلك الجو الملئ بالمآسي والمفاخر والمحامد دينا ودنيا، تتفتح مخيلة
السيد محسن ابن السيد عبد الكريم: أنى تلفت ذهن الغلام اليافع لم يبصر
الا مواكب الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا! فيم
إذن لا يجتذبه نداء مناديهم وقد قرع سمعه من أغوار التاريخ؟ وعلا م لا
يتخذ عدته فيغذ السير للحاق بركبهم والوقوف في صفهم؟ الا ليهرع إلى
مدارس ناحيته فلينكب على كتاب الله وحديث رسوله، وليجهز نفسه بعلوم
الآلة التي قيل له انها لهما بمثابة المفاتيح. هذا هو يتأبط ابن الناظم والرضي
والجاربردي والملا جامي والدسوقي والدماميني والشيرواني وأمثال تلك
المتون والشروح الصارمة فيمضي فيها نظرا وتعليقا واستخلاصا. وها
هو ذا يجود الذكر الحكيم فيرتل خاشعا قوله تعالى: قل لا أسألكم عليه
اجرا الا المودة في القربى ويقف طويلا عند قوله: انما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. ثم ها هو ذا يفتح تفسير
الطبري فينال من نفسه ما رواه من قول امام الهدى في علي كرم الله وجهه:
ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، وينظر في مستدرك الحاكم فتهتز
جوانحه لما خوطبت به فاطمة: أ لا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين
فداك أبي وأمي؟ فإذا قرأ في خطبة الوداع: اني قد تركت فيكم ما ان
أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، استبان له الدرب
ونذر حياته للسلوك فيه على هدى الكتاب العزيز وهوى العترة الطاهرة:
حبي لآل المصطفى * خالط لحمي ودمي
هذا لساني دائب * في نصرهم وقلمي
حتى توارى في ضريحي * بعد موتي اعظمي
ولكن آفاق شقرا وتبنين وهونين ومجدل سلم أضيق من أن تتسع
لمطامح الشاب النابة وهذه نسائم سر من رأى والكاظمية وكربلاء والنجف
الغروي تمر رخاء بقلبه فتهيج الشوق فيه وتبثه أمل ساكنيها الأبرار في حلوله
بين ظهرانيهم. ما بال الرجل الشخيص الأيد لا يهجم إذن على شد
الرحال إليهم، ولو فت في عضده أب هرم أضر بعينيه الزمان، ما دام قد
استخار الله بذات الرقاع، إليكم السيد ينحدر إلى صيدا فبيروت،
ويركب البحر منها إلى الإسكندرون ليلوي على حلب ويخرج عنها إلى البادية
فالفرات فبغداد، ويلقي العصا أخيرا في النجف الأشرف. لكأني به وقد
بلغ الحمى إذ ذاك يستخفه وجد شديد وهو يصغي إلى هاتف يحمل إليه
نشيد السيد الحميري:
امرر على جدث الحسين * فقل لأعظمه الزكية
آ أعظما لا زلت من * وطفاء ساكبة رويه
وإذا أنخت بقبره * فاطل به وقف المطية
وابك المطهر للمطهر * والمطهرة التقية
كبكاء ثاكلة أتت * يوما لواحدها المنيه
نعم انه ليستجيب فيبكي طويلا إذ يذكر فاجعة العطش، وينظم من
المراثي المشجية في الحسين وامه وأبيه وبنيه ما يملأ ديوانا كاملا. ثم إنه
ليطيل وقف مطيته عشر سنوات ونيفا كي يكرع ويعب وينهل ويعل من
سلاف المعرفة موجها إلى تحصيل العلم كما يقول همة أعلى من
الضراح وعزمة امضى من بيض الصفاح!...
في هذا الطور من حياة زميلكم تغنى بضاعته ما شاء الله ان تغنى،
وتطول باعه في الدراية والنظر. انه لا يكتفي ان يقرأ المنطق والفرائض
والأصول سطحا وخارجا... على أيدي مشيخة اعلام كالهمذاني
والخراساني والأصفهاني ومحمد طه نجف وغيرهم من أئمة العرب والعجم.
بل هو يشرع في التأليف على كثرة الهموم والعيال فيحبر مجلدات في الفقه
والتوحيد والأخلاق، ويجمع كتبا في التاريخ والحديث والجدل حتى يطبق
أساتذته على أنه ترقى من حضيض التقليد إلى أوج الاجتهاد.
بيد ان لواعج الشوق إلى الديار تبرح بزميلكم قبل ان يهدف إلى
الأربعين، فلا ضير عليه وقد نال بغيته من دار هجرته، ان يرجع إلى
الوطن حاملا معه مشعل دعوته. ولامر ما يعزم أن تكون عاصمة تلك
الدعوة دمشق. مذ ذاك يتخذها سكنا لا يبرحه اللهم الا لحج أو منسك أو
إقامة يسيرة في مسقط رأسه. ومذ ذاك تستعد هذه المدينة السمحة لشهود
نشاط شيعي منقطع النظير. فكان الزمان شاء لبني هاشم خلال خمسين
سنة كاملة ان يعيدوا مع بني عمهم من ولد مروان حساب التقاص في دار
أموية!...
لست أقوى، سادتي، على تناول هذا النشاط الهائل في تفصيله ولا
مجمله. وبحسبكم لتصور الحرج الذي داخلني من هذا الشأن ان تعلموا
ان مجمعكم زاده الله بسطة في العلم بعث إلي من أجل اعداد هذه
الكلمة بسبعة وخمسين مؤلفا من مؤلفات الشيخ، أذكر ان قد ورد يومئذ
على البال موقف جان بول سارتر الفيلسوف الفرنسي المعاصر إذ أحجم عن
تلخيص مذهبه الوجودي لمجلة لايف في مقال مقتضب طلبته إليه.
ولكن هل من سبيل للاحجام عن تلبية طلبتكم؟
تسمحون لي إذن، أيها السادة الا أخوض في جزء كبير من ذلك
التراث، وان اكتفي فأقول فيه ما قيل في كتب حجة الاسلام الغزالي من أنها
: لو وزعت على أيام عمره، لأصاب كل يوم منها عدة كراريس! بيد
اني ان اضطررت للمرور سريعا بتلك المجاميع اللطيفة التي ضم فيها
المؤلف طرفا إلى طرف بعض الأخبار المتصلة بعلم مذكور أو حادثة شهيرة
(٣٨٥)

مهما تحتمل تلك الأخبار من نقد فما يليق بي ان أتجاوز عن كتب ثلاثة
تعكس إلى حد كبير لمعة من طراز تفكيره.
وأحب ان أقدم الكلام على آخر هذه الكتب عهدا في تاريخ حياته
أعني كتاب نقض الوشيعة، لما خاض موسى جار الله التركستاني في
نقد عقائد الشيعة، برز له زميلكم رحمه الله يدرأ مطاعنه الجارحة.
وكان لا بد، لدفع ما ألصق بالمذهب من تهم ووصمات ان يجئ الكتاب
على الأسلوب الجدلي. وأنتم تعرفون ما ربما انطوى عليه هذا الأسلوب من
منطق العواطف الذي يجعله الميزانيون مرادفا لتمويهات الغرض والهوى
أرجو ان تعفوا عن هذه الإشارة، فالتعبير لمناطقة بوررويال.
والحق ان ذلك الكتاب على الرغم من هذا التحفظ ليروع قارئه بايمان
المجتهد الكبير وسعة احاطته وقوة حجته ودامغ برهانه. حتى أنه ربما قاده
لإعادة النظر في مواقف كان في نفسه منها شئ كأمر التلاعن والتطاعن
وعصمة الامام والتقية ونكاح المتعة وما إلى ذلك. وأشهد ان
المرء، في كثير من المواضع التي يبدو عليها ان ظاهر الحق في جانب
الخصم، لا يلبث ان يخرج ميالا إلى العكس بعد سماع الرد.
فاما الكتاب الثاني فهو كشف الارتياب في أشياع محمد بن عبد
الوهاب، وهو كما يتجلى من عنوانه مخصص لمناقشة المسائل التي يقوم
عليها مذهب السلفية الوهابية كتحريم البدعة، وهدم القبور، وانكار
الشفاعة والاستغاثة والتوسل والحلف بغير الله والنذر والتبرك والتدخين
والاجتهاد وغير ذلك من الأمور المشهورة. ولقد يعجب الناظر في هذا
الكتاب لكبرى البوائق يرمي بها السيد خصومه مذ ينقل له عن مصادر
موثوقة أو غير موثوقة مثل قول امام مذهبهم: الربابة في بيت الخاطئة
أقل اثما ممن ينادي بالصلاة على النبي في المنائر!. ولقد يداخله الدهش
لتشبيه الوهابيين بالخوارج من ثلاثة عشر وجها ولكنه لن يحتاج إلى
عناء كبير في كشف السر، ان هو التفت إلى المقدمة فطالعته بالمقطع التالي:
الحمد لله... وبعد، فلما ضعفت شوكة ملوك الاسلام، وكان من ذلك
استيلاء الوهابيين من اعراب نجد على... الحرمين الشريفين وهدم
مزارات المسلمين ومنها قبة أهل البيت ع. وقباب مواليد
النبي ص. وجعل قبور عظماء المسلمين. معرضة لدوس الاقدام
ووقوع القذارات وروث الدواب والكلاب فاحرقوا بذلك قلوب المؤمنين
جئت بهذه الرسالة.
واما الكتاب الذي يعد واسطة العقد في تاليفه والذي اعتقد انه من
الأوابد الخوالد الشوارد في تراثنا الاسلامي فهو أعيان الشيعة لقد كان في
مشيئة السيد ان يجعل من معلمته تلك مرجعا تاريخيا لفرق الشيعة في الدول
الاسلامية، و لعقائدها في الأصول والفروع، غير أنه آثر ان يجتزئ
باستقصاء اخبار الامامية الاثني عشرية: علمائها، ومتكلميها،
وأصولييها، وفقهائها، ومؤرخيها، ونسابيها، وجغرافييها،
ومنطقييها، ومنجميها، وأطبائها، ونحوييها، وصرفييها، وبيانيها،
وشعرائها، وعروضييها، وأدبائها، وكتابها، ومصنفيها في فنون الاسلام
في كل عصر. على أنه لم ير ان يحشد بين أولئك من لم يقل في حقه الا
عبارة مختصرة كقولهم: ثقة، أو عين، أو صدوق، أو له كتاب، أو لا
باس به، أو ضعيف، أو من رجال أحدهم ع، أو عالم فاضل
معاصر، أو عالم صالح، أو يروي عن فلان أو يروي فلان عنه، أو نحو
ذلك.
ليس من المبالغة هاهنا ان يقال عن السيد محسن رضوان الله عليه
انه ارتفع بهذا المؤلف إلى مصاف أكابر الرجاليين في تاريخنا كابن عبد البر،
وابن جحر العسقلاني، وابن سعد واضرابهم من أمثال الخطيب البغدادي
وابن عساكر وياقوت الحموي وابن خلكان والصفدي ومن إليهم. ولئن
كان فيه مستقصيا متتبعا محققا إلى الغاية التي تنوء بالوسع فان أصالته
وميزته على حسب ما أظن في انتصاره الوفي لفضلاء أهل البيت،
واشارته المنصفة إلى ما نالهم من ظلم ونسبة باطلة، ثم في حملته الجريئة على
من عرض لهم بالوقيعة أو التحامل.
تراه إذا ذكر قوم ان أبا العيناء ادعى خطبة الزهراء بعد ان منعها
الصديق فدكا، أو ان نهج البلاغة هو للشريف الرضي، لم يحجم ان
يحتج على النقيض ثم يقرر: هذا باطل لا يلتفت إليه بعد رواية الثقات له
وتصحيحهم إياه... ولذا جرى للرافعي في اعجاز القرآن لغو غير
مهذب في حق الرافضة، لامه السيد لوما عنيفا على اتقاد نار العداوة
والعصبية في قلبه الذي أنطق لسانه بالفحش وأخرجه إلى سوء القول،
وكذلك فعل بالدكتور احمد امين وبالأستاذ محمد ثابت المصري طوال مائة
وثلاثين صفحة مرصوصة من كتابه. ومن الطريف انه لما عتب على استاذنا
المغربي لأنه لم يقرظ كتبه غير المتصلة بالأدب والشعر، لم يجد بدا من أن
ينهي كلامه بالمنافحة الشديدة عن الشيعة والتعريض الساخر على طريقة
إياك أعني بمذهب الحشوية قال: ولم يدخلوا في معتقداتهم ان الله ينزل
كل ليلة جمعة إلى سطوح المساجد، ولا ان النبي رآه في ليلة المعراج بعيني
رأسه، ولا ان العبد مجبور على أفعاله ومثاب ومعاقب على ما أجبر عليه.
ولعلكم، سادتي، أغضبتم زميلكم ذات مرة إغضابا شديدا حتى دفعتموه
لأن يقول عن مجلتكم ما ليس من الأناقة في هذا المقام إعادة روايته بمسمع
منكم وحسبي في الاعتذار لسلفي ان أقول: لم يكن في حياته غفر الله
له من دم مسفوح ولكن في اهاب هذا الشيخ الجبار ذي الهامة الهرقلية
نفسا كنفوس أولئك التوابين بعين الوردة الذين استماتوا في صفوف
سليمان بن صرد والمسيب الفزاري ثارا لدم الحسين!
وبعد، أيها السادة، فان أسفي شديد لاني لم أسعد بلقاء زميلكم
والتعرف عليه عن قرب حتى أجلو لكم خصائص خلقه وشخصيته، ولكن
أصدقاءه وتلامذته يرسمون له صورة تستهوي الأفئدة في بساطتها وسموها
على السواء.
لقد أشادوا بما عرفوا فيه من تواضع وزهد بالجاه وعزوف عن المنزلة
واحتقار للمظاهر الباطلة الغرارة. ذكروا انه ما بالى قط متاع الحياة فاجتزأ
بما يسد البلغة ويقوم بالأود: كان يسعى لشأنه بنفسه، ويباشر بيده تهيئة
(٣٨٦)

طعامه غير حافل برفاهية ماكل أو مشرب، ولا ملتفت إلى زينة في شارة أو
كسوة... كذلك شأن العظماء ينكرون ما اسماه نيتشه فلسفة الخياطين
فلا يؤمنون ان الثوب يخلق الراهب، ولا ان الزنار المفضض خير من الذكر
الحسن!...
ولقد صوروا ما رأوا فيه من ورع وتقوى وعفة يد ولسان، وشهدوا
ان الآلاف ذهبا. كانت ترد عليه فما يمسها ويحولها للحال إلى وجوه الخير
بل ربما أنفق ماله على تأسيس المدارس ووقفها في عصر أذل فيه الحرص
أعناق الرجال... كذلك شأن الزاهدين الأصفياء أزكياء النفوس يحقرون
الاستكثار ويانفون من التكالب على الرزق، لانهم لا يقيسون الفضل
بذلك المقياس العجيب الذي حدثنا عنه يوما أحد عمداء العلم وأسماه
مقياس عدد الأصفار!
ثم هم أطبقوا على جودة رأيه وشجاعة قلبه وثبات جنانه وتحرره من
العصبية والجمود ونهوضه بما يعتقد انه حق... كذلك شأن الروحانيين
المخلصين لا يدارون في فكرتهم ولا يداجون ولا يصانعون ولا يتلمسون
مجدا رخيصا قائما على تملق العامة واسترضاء الدهماء، ذلك بأنهم أدركوا سر
تلك الحكمة العسجدية المنقوشة في صدر تريستان وايزولت والتي تصلح
شعارا للمثاليين جميعا من كل جلدة: ما لا يقدر عليه السحرة،
فباستطاعة القلب ان يأتي به بقوة الحب والبطولة!
سادتي،
رحم الله زميلكم ما أروع سحر الانسجام في علمه وعمله! أ لم يكن
ذا قلب كبير يفيض بالبطولة وبالمحبة؟
من مراثيه
للشيخ راغب العثماني في رثائه:
ترك الجفون تسح بالعبرات * عظم الأسى وتراكم الحسرات
رزء على الاسلام جل مصابه * وهوت سماء نجومه النضرات
يا خادم العلم الشريف وصاحب * العقل الحصيف وجامع الحسنات
من كان بعدك للشريعة واقفا * بالحزم بين زواجر وعظات
من كان بعدك في الاله مجاهدا * أهل الهوى والزيغ والشبهات
الزعيم الديني الأوحد
الذي يعرف دار المفوض السامي
بقلم: الأستاذ حسين مروه
ميزتان امتاز بهما الفقيد الكبير تغنيان الباحث عن كل ميزة له
سواهما، وتغنيان ذكراه نفسها عن كل مجد يذكره له الناس فيما سيذكرون
من أمجاد.
ميزتان هما: أولا، ان السيد محسن الأمين هو الزعيم الديني الأوحد
الذي لم يعرف، قط دار المفوض السامي الفرنسي في بيروت، ولا دار
المندوبية الفرنسية بدمشق طوال عهد الانتداب الدائر، وهو الزعيم
الديني الأوحد الذي لم يعرف، قط، وجه فرنسي واحد معرفة غيره لهاتيك
الوجوه التي كانت تعنو لها وجوه القوم هنا وهناك من كل لون...
وهل كان السيد محسن الأمين، غني اليد بكفيه ماله وغناه هو ان
الوقوف على اعتاب الحاكمين المسيطرين؟
لا، ولكن كان السيد محسن الأمين غني النفس من وطنية وعزة
وكرامة وإباء، وكان غني العقل من نور وسعة وشمول وانفتاح للحياة،
وكان غني القلب من تسامح وثقة بالله وحق الوطن بالاستقلال والسيادة
والانعتاق.
كان السيد محسن الأمين غنيا بهذا كله، فلم يعرف دارا ولا وجها
للحاكمين المسيطرين، ولكن عرف وجوه جميع الوطنيين الذين كانوا
يناهضون الانتداب ويجاهدونه ويثيرون بوجهه العواصف والأعاصير عرف
تلك الوجوه جميعا في سوريا ولبنان، وما يزال منهم ذاكرون يذكرون كيف
كانت تعقد الحلقات الوطنية في دمشق برعايته وتوجيهه كلما اشتدت أزمة أو
هاج أعصار.
وثانية الميزتين ان السيد محسن الأمين كان حربا دائمة على البدع
والأوهام والشعوذات والخرافات تدخل عقول الناس في الدين أو في العلم
أو في الوطنية جميعا.
وكانت حربه للبدع والأوهام والشعوذات والخرافات كلها، حربا
جريئة صريحة عنيفة، لا يعوزها عنصر البطولة والمغامرة، وهل نسي
الناس، بعد، قصة الحرب الشديدة التي أعلنها، منذ سنوات، على ما
أضيف من بدع وأضاليل إلى ذكرى الامام الشهيد الحسين بن علي؟ وهل
نسي الناس كيف وقف في المعركة هذه، جريئا صريحا عنيفا لا يبرح
مكانه، ولا يرهب صولة الصائلين وتهاويل المهولين، حتى أوتي النصر
المبين، فكانت حربه هذه خطوة اصلاحية هلل لها الأحرار الوطنيون
المخلصون، وانبروا يناصرونه فيها بالأقلام والألسنة بحرارة وايمان
واستبسال؟
ترى، هل تنبثق الاحداث عن زعيم ديني يسد فراع هذا الزعيم
الراحل، بميزتين كميزتيه العظيمتين: الوطنية المنيعة الرفيعة، والفكر
التقدمي المستنير.
المصلح
بقلم: الدكتور أسعد الحكيم
لقد اجتمعنا الآن في هذه الروضة العلمية الزاهرة، التي تؤتي اكلها
اسلاما صحيحا ووطنية صادقة، وعلما نافعا، واخلاقا فاضلة. وكل نبت
من نباتها وكل حجر من احجارها، شاهد حي على الدهر ينطق بفضل
مؤسسها، المحسن الأمين. ويشترك معنا في هذه الحفلة التذكارية التي
اجتمعنا فيها لنوفي نفسا عزيزة علينا اجر عملها، وهل جزاء الاحسان الا
الاحسان لا لعلم جم وعاه صدره فقط ففوق كل ذي علم عليم وكم
(٣٨٧)

يطوي الموت كل يوم من عالم علامة فلا يكاد يوارى التراب جسمه، حتى
يمحى من الأذهان اسمه ولا لمال وثروة طائلة هو صاحبها، فقد قدم
دمشق خلو اليدين، بعمته وعباءته، وخرج منها بعد ان أقام فيها نيفا
وخمسين سنة، خلو اليدين، بعمته وعباءته وهما أشد بلى واخلاقا قدم
دمشق يافعا يقطر ماء الشباب من وجهه، وخرج منها شيخا كبيرا أثقل
جلال الشيخوخة كاهليه، ليعود إليها بعد حين جسدا ساكنا محمولا على
الأكف والأعناق في موكب جحفل حافل، تلاقى فيه لبنان وسوريا ومشت
فيه بيروت ودمشق، حكومة وشعبا، مما لم يعرف له مثيل من قبل. فليت
شعري، ما هذه العظمة والأبهة. لمن كان يجفو العظمة والأبهة وهذا
الاجلال والتكريم وهذه الحفاوة الكبرى بعد الموت، بمن لم يكن ذا مال ولا
سلطان ولا باس ولا قوة في الحياة؟ والناس هم الناس كما نعلم. تلك
عقبى الذين اتقوا عقبى الخلق الحسن، والعمل الصالح.
قدم المحسن الأمين دمشق، في عهد حجبت فيه نور الاسلام
ظلمات المسلمين، فتقطعت فيما بينهم اواصر المودة، وتشعبت بهم
الطرق، فتفرقت بهم عن السبيل المستقيم، وباتوا وقد عمت الأمية
فيهم، يتخطبون في ليل أليل من الجهل والضلالة يحرمون العلوم الكونية
والعقلية، والاجتماعية ويرمون بالزندقة والكفر كل داعية للاصلاح،
ويجبهون بالقوة والعنف، كل حركة ترمي إلى التجدد والنهوض والتحرر،
فمشى، وهو الفقير المستضعف مع الركب حينا، يستمد من ضعفه قوة،
ومن ضلاله هدى، ومن جهله علما. يخاطب الناس على قدر عقولهم،
ويدعو إلى سبيل الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يجادل الا بالتي هي
أحسن. لا يسألهم اجرا على عمله، ولا يضن على ما فيه نفعهم بشئ من
كل ما تصل إليه يداه، حتى إذا وثق في قلوبهم من حبه. وفي نفوسهم من
احترامه والثقة بعلمه دعا إلى الاصلاح عن طريق العلم والتعليم، وان
العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، فانشا جيلا جديدا كان معه حربا
على ما أورثته الأجيال والسياسات المضللة الغاشمة من بدع وخرافات
وأساطير، شوهت محاسن الاسلام، وقوضت سلطان المسلمين، ولا
يسعني الا إذ أذكر في طليعة هذا الفوج المجهز بالعلم الصحيح، والخلق
السامي، فقيدنا الأديب الكبير المرحوم أديب التقي الذي كان له في معركة
الاصلاح الأولى قصب السبق والحظ الأوفر.
وما ان وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى بدأت مرحلة
جهاده الأكبر، التي أسفرت عن انتصاره الباهر، بعد حرب ضروس،
أبلى فيها بلاء حسنا، على تقويض دعائم كثير من البدع الدخيلة،
والمعتقدات الضالة الموروثة المتأصلة في النفوس. وعن فوزه الكبير، في
صراعه مع حكومات الانتداب الفرنسي التي كانت تدعوه إلى قبول مبدأ
الطائفية في سوريا وفيها شق عصا المسلمين إلى شطرين، مهددة تارة،
وملوحة بالمال والمناصب الرفيعة تارة أخرى، فلم تلن له قناة، وكانت
كلمته في جميع مواقفه انما المؤمنون اخوة.
إما الرحلة الثالثة من هذا النضال الجبار، فهي سعيه لانشاء هذه
الروضة العلمية التي يزينها اسمه، حيث تقوم تلك الشجرة المباركة التي
غرست حبتها يداه، فثبت أصلها في تربتها الصالحة، وسما فرعها إلى
السماء، فأخذت تؤتي اكلها كل حين يساقط هذا على من تفيأ ظلها، وهز
بجذعها وهو على الأرض، فتحيا به نفسه ومن أحيا نفسا فكانما أحيا
الناس جميعا ويصعد ذاك إلى السماء، واليه يصعد الكلم الطيب،
والعمل الصالح يرفعه فتنعم به روحه، حسنة في الدنيا وحسنة في الآخرة،
ذلك هو الخلود، ذلك الفوز المبين.
هذا ولا يسعني بالختام، الا ان أنوه بانتاجه العلمي والفكري
والأدبي، الذي لا يقل روعة وعظمة عن انتاجه الاصلاحي العملي والامر
الذي يدعو للاعجاب والاكبار في هذا الإنتاج ظهوره على غزارته وصعوبته
في سني الشيخوخة المتأخرة التي يندر في رجالات هذا الشرق العربي من
العلماء ان ينتجوا فيها.
ذلكم المحسن الأمين. الذي نحتفل الآن بذكراه: كما هو بصورته
الحقيقية. اسلام صحيح وايمان قوي، وخلق كريم، وعلم نافع وعمل
صالح، وتقوى وخشوع وتواضع وإباء، وجهاد في سبيل الحق لا تأخذ فيه
لومة لائم، وصبر اولي العزم: الذين لهم ان يكونوا في الدنيا قادة، وفي
الآخرة قدوة، وكذلك نجزي المحسنين.
الكبير المتواضع (١)
بقلم الشيخ احمد رضا
أربعون يوما مضت على الثلمة الكبرى والفاجعة العظمى التي حلت
بالدين وعم مصابها الاسلام والمسلمين بفقد مجتهدنا الأكبر المحسن
الأمين.
أربعون يوما مرت لا تخمد فيها لوعة ولا تسكن حسرة، ففي عاملة
مناحات وماتم وقلوب اخذ الأسى بمجامعها فهي واهية وفي دمشق
صراخات هاجها الحزن وانطلقت داوية وعيون قرحها البكاء فسالت
دامية، وفي العراق نفوس سلبها المصاب رشدها فهي حيرى وفي فارس
لواعج واشجان وفي الهند وباكستان نواح وارنان وفي الجأوا وسنغافورا
ذكريات وحسرات، بلاد عرفت قدر الفقيد فألقت إليه أزمة تقليدها
واسترشدت بفتاويه فهي عاملة عليها.
سادتي،
ان جبلنا العاملي المسمى سياسيا اليوم لبنان الجنوبي ما زال منذ
القرون الخالية يطلع على العالم الاسلامي بنوابغ العلماء ومجتهدي الفقهاء
الذين أشرقت في أفق الكيان الاسلامي آثارهم الساطعة بنور العلم وأشعة
الهدى فخلدت أسماءهم في هذه الدنيا ورفعت منزلتهم في الآخرة.
ففي أواسط القرن الثامن طلع نجم الشهيد الأول محمد بن مكي
(٣٨٨)

الجزيني وتلاه في القرن العاشر الشهيد الثاني الشيخ زين الدين العاملي
الجبعي وانتشرت في القرن الحادي عشر مؤلفات الشيخ الحر العاملي وأشرق
القرن الرابع عشر بآثار فقيدنا العظيم فكانت مصابيح يشع سناها بمختلف
العلوم في أقطار الاسلام والمسلمين.
صحبت كثيرا من الفقهاء وطالعت اخبار كثير من العلماء فما رأيت ولا
سمعت بأكثر جامعية لفضائل العلم واخلاق العالم وزهد العالم وتواضع
العالم وعفة العالم من فقيدنا العظيم تلك الصفات التي يجب ان يتحلى بها أو
ببعضها العلماء.
كان يأخذ بلب محدثه باخلاقه السهلة وحديثه العذب لا يعرف
عنجهية ولا يستمسك بكبر مع أصيل نسبه وسعة علمه وعلو منزلته.
كان فينا كأحدنا لا يفسح لنا المجال لخدمته حتى يكون السابق
إليها.
كان يتجنب مركب النقص فلا تسمع منه كلمة انا انا لأن ذلك قول
من يشعر بالنقص فيجبر بالتمدح لنفسه.
إما سيدنا العظيم فقد كان بعيدا عن هذا المركب لأن فضائله تحدث
عن نفسها:
كنا إذا تذاكرنا أمامه بالأدب أو باللغة أو بالعلوم العربية فجئنا بما
فات نظره من هذه المفردات لم يحجم عن أن يقول: هذه فائدة استفدناها
فتكبر بقوله هذا عظمته في أعيينا.
كان عف اللسان لم يسمع منه لاحد شتيمة ولو كان عدوا، صادق
اللهجة فلم ينقل عنه غير الصدق مهما تقلبت الأحوال، أبيا للضيم ولكن
حلمه يسبق ثورة إبائه فيكف عن ظالمه ما استطاع أو يصفح عنه إن كان
أهلا للصفح.
كان عف اليد لا يطمع فيما ليس له ولا يتصرف لنفسه في الأموال
العامة التي تقع في يده.
هذه جمعياته في دمشق ومدارسه فيها التي ازدهرت باحسان المحسنين
فهل سمع عنه انه دنس يده بقرش واحد من أموالها معاذ الله بل كان يمدها
بفضلة ماله جهد المستطاع على قلة ذات يده، كان ذا صبر وجلد على
البحث العلمي وكنت تراه وهو يطوف الفيافي بين الشام والعراق وبين
العراق وفارس وخراسان طالبا في زوايا خزائنها ما يزود به مؤلفاته العديدة
وبما يستريح إليه من الحقائق الراهنة يفعل ذلك وهو في العقد الثامن من
عمره وقد وهب شباب ناصيته إلى شباب همته فزادت ضعفين.
فما أعظم النائي
الأبيات التي ألقاها الشاعر الشيخ يوسف بري في الحفلة التي اقامتها
الجالية العربية في دوترويت ميشغن أميركا الشمالية:
فديتك من أبقيت للعلم والهدى * أبا الطلعة السمحاء والطهر والندى
حفيد رسول الله يا غوث أمة * إذا استنجدت من كان غيرك منجدا
لقد كنت للاسلام فخرا وعزة * كما كنت للأجيال مجدا وسؤددا
إذا سرت سار الحق خلفك شاهرا * حساما على هام الضلال مجردا
وتسعى لك الأقوام من كل بلدة * لتلمس منك الثوب أو تلثم اليدا
نشرت لواء العلم في ارض عامل * وأنشأت للتهذيب في الشام معهدا
نأيت وقد أبقيت للموت روعة * فما أعظم النائي وما أروع الردى
كان وقوع الخطب في كل مهجة * دوي من الأعماق يحمله الصدى
وتبكي بك الأوطان طهرا وعفة * وذكرا على مر الزمان مخلدا
أعزي بك الاسلام والعلم والحجى * فقد كنت للاسلام والعلم سيدا
تنوح على مثواك في الغرب أمة * وتفديك بالأرواح لو يقبل الفدا
من اخباره الخاصة
: قال لمندوب المفوض السامي:
انني موظف عند الله فلا يمكن ان أكون موظفا عند المفوض
السامي.
بقلم الأستاذ وجيه بيضون.
اخبار المرء في مآتيه وأحاديثه، وفي نوازعه وميوله، تحسر عن حقيقته
في شخصيته بما لا تكشف أحيانا طوال الفصول تبحث هذه الشخصية
وتحقق فيها، أو بما لا تستوفي حق جلائها على حقها.
ذلك بان هذه الأخبار المتنوعة من الواقع والصميم تترجم عن خلائق
صاحبها وطبائعه ترجمة صحيحة ما تفتا تنجلي بتعددها وتنوعها في أوقات
متباينة لا تكون النفسية فيها واحدة بحسب ملابساتها إلى أن تؤدي المعنى
الخفي المستبهم والغاية الخالصة الناصحة، وتنشر نافذة النور على الصورة
بألوانها المتداخلة المتشابكة.
هذا فضلا عن أن اخبار المرء تختصر الطريق على الباحث فتجعله
وجها لوجه تلقاء الحقيقة، وبخاصة حين يلم بهاتيك الاخبار من شتى
وجوهها ويعرضها على المقارنة ويربط ما بينها بأسبابها المغيبة.
وهذا هو الذي قصدنا إليه في هذا الحديث عن المغفور له العلامة
المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين.
قصدنا إلى سرد جملة من اخباره الخاصة المتفرقة كيما نوحي إلى
القارئ بلسان الواقع بامتياز قدره وقدر امتيازه.
وقصدنا كذلك إلى أن يكون في اخباره المختلفة في ألوانها ما يحيط
بالكلام عن حياته مجتمعة ليكون الحكم آخذا في منزلته من السداد
والصواب.
ان صلتي بسماحة المترجم قريبة متصلة، قوية:
جاورته في مسكنه مذ كنت حدثا صغيرا فوقفت على الكثير من
حياته. وكنت طالبا في المدرسة العلوية التي أنشأها فما كان يغيب عني
شخصه، وأذكر ان سماحته حضر أحد الفحوص السنوية، وكنت ما أزال
في العقد الأول، فاستكتبنا املاء، عن اللغة وقيمتها، فكان في جملة ما
أجبت ان للغة شأنها الخطير حتى أن الإنسان ليقوم بنسبة ما يتعلم من
(٣٨٩)

أنواعها، فكل لسان بانسان. فاستحسن سماحته ما أنشأت ومنحني يومئذ
العلامة الأولى.
وكثيرا ما كنت أجوز بعم زاهد كاسمه اتخذ العطارة معاشا، وهو من
المصطفين عند سماحة المترجم يقصد إلى حانوته عصارى كل يوم ليقضي
بعض الوقت إما استجماما من العناء أو ترقبا لحلول المساء كيما يقضي
الصلاة الجامعة في المسجد القريب. فكان رحمه الله يستوقفني ليسألني عن
حالي وأشغالي ولحظ مني ذات يوم اني أطالع بعض الأوراق، ولما علم أن
بين يدي بعض الشعر من نظمي أكبر هذا السخف الذي انتهي إليه، ثم
تظاهر بالشك في أن يكون لي كأنما أراد ان يشجعني بذلك. وختم يشحذ
همتي للاستمرار في الكتابة والمطالعة بلا انقطاع ومن غير أن يخامرني
الوجل، فكان لهذا الموقف اثره الذي لا أزال أذكره، وقد أعانني على
المضي في حياتي الأدبية ما يلويني عنها نقد أو تثبيط.
وترجع صلتي بسماحته عن طريق الطباعة إلى أوائل الحرب العالمية
الأولى، إذ كان قد أسس مع طائفة من المساهمين مطبعة اطلق عليها عنوان
المطبعة الوطنية واتخذ لها مكانا في شارع البزورية وخصها بتاليفه تعمل
في طبعها، وأذكر منها ديوانه الرحيق المختوم في المنثور والمنظوم وكنت
أسفر برواميز التصحيح متنقلا بين داره والمطبعة، وربما استعانني في مقابلة
التصحيح، فتجوز بسمعي كلماته فاضبط عليها ما يكون منها على لساني
ملتويا غير مستقيم.
ثم عملت في بعض المطابع اثنتي عشرة سنة، فكنت وسماحته
كالمتلازمين تجمعنا شؤون التأليف والطباعة. وحدث ان عهد إلينا بكتاب
مشكول، وكان تنضيده من نصيبي، فمرت بي كلمة الوحدة وقد
ضبطها بالكسر فجعلتها منصوبة فلما ان مر بها تصحيحا أولا وثانيا وهي
على حالها من النصب كتب ازاءها موبخا ومؤنبا بما يشير إلى اهمالنا وقلة
انتباهنا. ولكنه عاد يبارك في عملي حين لفت نظره إلى حقيقة ضبطها في
المعاجم.
ومن هناته التباس بعض الحروف المتشابهة عليه كالضاد والظاء،
فيخلط بينها في كتابته لجريها الطويل على لسانه خطا في العراق إذ كان
طالبا، وفي جبل عامل بلاده حيث ينزلون هاتيك الحروف بعضها منزلة
بعض على غير انتباه.
ولما ان عزمت على الاستقلال بالعمل، والانفراد بمطبعة خاصة
مضيت استنصحه على عادتي في معظم شؤوني، فلقيت منه غاية التشجيع
والتأييد.
وما كاد يبلغه بعد حين خبر توفري على طباعة الكتب حتى حول إلي
تاليفه التي لبثت من اخراج مطبعتي، مذيلة باسمها، إلى أواسط الحرب
العالمية الثانية.
وزورته الأولى لمطبعتي كشفت لي عما زادني به تعلقا واعجابا. دخل
علي وانا في مكتبي فسارعت إلى تحيته ولثم يده. ثم لم يرعني منه الا وبصره
يعلق بما عرض على الجدار من اعلانات للسينما ونمازج الرقص وهي تحمل
رسوم الغيد الحسان في أوضاع من التخلع والتهتك تمجها الكرامة، فاسقط
في يدي، ولم يخرجني من ذهولي الا سؤاله رحمه الله عما اطبع، فأشرت إلى
هاتيك المطبوعات معترفا انني احمل منها المأثمة ولكن على مرغمة. فنظر إلي
طويلا ثم قال: لا باس عليك يا بني فالعمل خير من البطالة. والعمل
يقصد فيه وجه الكفاف غير العمل يقصد فيه إلى الرذيلة. وللضرورة
احكامها.
وحكمك في عملك انك كالصيدلاني يؤلف وصفات الأطباء على ما
فيها من سم أو ترياق فما تقع عليه التبعة. ولو كان لك عن عملك معدى
ولم تفعل أو كنت تأخذ بغير مهنتك سبب عيشك وعيالك للحقتك التبعة.
ثم لو كانت التبعة تقاس بنوع كل طبعة لكان لك ان تنفض يدك من كل
عمل في مهنتك لأن في الصحف وفي الكتب مثل ما في هذه الاعلانات
وهذه الرسوم العريانة من معان كافرة وأضاليل منكرة ودعوات لا ترضي الا
الشيطان فخذ بعملك إلى أن يتهيأ لك غيره وهجره. ومن اضطر غير باع
ولا عاد فان الله غفور رحيم.
وكنت في معيته إلى بعض الوراقين فسألته رأيه في إحدى الآيات
القرآنية فذكر لي مثل ما عرفت من معناها. قلت: ولكنه المعنى الظاهر،
قال: وهل لنا ان نأخذ بغير الظاهر ونحن أضعف من أن نغوص في المعاني
العميقة التي انطوى عليها كتاب الله؟ الا فخذ عني هذه الحقيقة: ان أكبر
الأدمغة لأعجز عن الإحاطة بالمعاني القرآنية في مقاصدها البعيدة.
وجرى الحديث عن الذكاء العربي فسمعت سماحته يصنف هذا
الذكاء فيجعله في مختلف الأقطار العربية متفاوت الدرجات يعلو فيبلغ حد
الألمعية ويسفل فيتردى تفاهة وسخافة أما في بلاد الشام فيحتفظ بطابعه
الخاص من العدل حيث لا سمو ولا اسفاف وهذا في رأيه خير الأنواع
موافقة للحياة.
وسيادته معجب بالخلق الأوروبي العملي. قال لي ذات مرة: أ تدري
ما سر نجاح هؤلاء السكسونيين؟ انهم أخذوا عن الاسلام ثلاث فضائل
هي قوام ما بلغوا من قوة ومنعة: التفكير العميق والعزم المصمم والثبات
الدائب. فهم يفكرون مليا ثم يعزمون عزما أكيدا ومتى جنحوا إلى العمل
ثبتوا ثباتهم العجيب إلى أن يفوزوا بالغايات والمطاليب.
ومن اخبار وطنيته ونزاهته وسموه النفسي ان الفرنسيين عرضوا على
سماحته منصب رئاسة العلماء والإفتاء بمعاش كبير مشفوعا بدار للسكنى
وسيارة خاصة وأرسلوا أحد الضباط من بيروت إلى دمشق كي يعرض عليه
الرأي، فلما ان مثل بين يديه في صومعته الصغيرة، وكنت ترجمانه، قال
الضابط انه قدم لزيارته ثلاث مرات حتى أسعده الحظ بلقياه. فما كان من
سماحته الا ان امرني ان اكذبه لأنه لم يحاول الزيارة أكثر من مرتين،
فتلطفت بنقل تكذيبه إلى الضابط الذي اعتذر للحال عن خطئه، ثم أدلى
بالغاية التي قدم من اجلها، وكان يترقب كل جواب الا الجواب السلبي
الذي جابهه به سيدنا الأمين إذ قال: انني موظف عند الخالق العظيم
وسيد الأكوان، ومن كان كذلك لا يمكن ان يكون موظفا عند المفوض
السامي فاشكره بالنيابة عني على ثقته بي، واحمل إليه ان المعاش الكبير
والمركز الخطير والدار المنيفة والسيارة الرفيهة، كل أولئك قد أغناني الله عنه
(٣٩٠)

بالقناعة. فبهت الضابط الفرنسي وقام متحاملا على نفسه منصرفا بين
العجب والاعجاب.
واجمال القول عن سماحة الأمين انه علم من اعلام الثقافة في عصرنا
علما واصلاحا وصلاحا، بل أكبر مجتهد في زمنه بلا نزاع، ولكأنه في
فضائله الجمة، وفي رأسها العزوف عن أباطيل الحياة الدنيا أحد الأئمة في
القرن الأول الاسلامي لا القرن الرابع عشر الحالي.
حمل رسالة العلم وصنف، وأنشأ المعاهد وجمعيات التعليم قضاء على
الجهالة وتنويرا للأفكار وتغذيتها، وتربية للطباع وترقيتها.
وحمل رسالة الدين، فهذب وهدى وطهر وزكى
وحمل رسالة الاصلاح، فأسس جمعيات البر والاحسان، وحقق
العدالة الاجتماعية بما أطاح من الأوهام التي أكسبتها قرون الظلم صفة
القداسة.
ولو كان في الاسلام والعرب من مثله عدد الأنامل لكانت والله كلمتنا
هي العليا، ورايتنا هي الخفاقة ومجدنا فوق الأمجاد جميعا.
الزاهد
بقلم: الشيخ محمد جواد مغنية
ربما يتساءل الناس إذا كان لم يعد للدين وزن ولا اثر في النفوس في
هذا العصر فمن أين هذه العظمة للأمين المحسن، وهو رجل الدين
الأول، ورئيس العلماء الأكبر! وما هذا الدوي الهائل الذي كنا نسمعه
خلف جثمانه، وهذا السيل الجارف من الشعب والحكومة في سورية ولبنان
حول الجثمان وخلفه وأمامه! هذا الحشد الذي ضم جميع الهيئات الدينية
والسياسية والشعبية كبارها وصغارها من جميع الطوائف والأديان، ولماذا
ملأت الصحف! في الأقطار العربية أعمدتها على الصفحات الأولى تشيد
بعظمة الفقيد تعدد فضائله ومناقبه! وما سبب هذه الهزة العنيفة التي زلزلت
العالم العربي والإسلامي عندما سمع نبا وفاته!
أجل لقد غيرت التطورات الأخيرة كثيرا من الأفكار والاتجاهات،
وكشفت الغطاء عن كل مموه زائف، ولكنها عجزت عن مقاومة الحق الذي
يتمثل بشخصية الفقيد، فأرغمت على الاعتراف بسلطانه، والنزول على
حكمه.
اعتمد الفقيد على العمل والاخلاص لا على الرياء والتضليل، ولا
على الأنساب والألقاب وهل يفخر بأكفان الأموات وترابهم غير الحقير
الأعزل من سلاح الحياة، انتسب الفقيد إلى حقيقة الدين وجوهره لا إلى
اسمه ومظهره، فانتسب إليه العلم والدين، فهذي المدرسة المحسنية مضى
على خدمتها للعلم والإنسانية نصف قرن، وهذي المؤلفات تعد
بالعشرات، وهذا كتاب الأعيان من أعظم وأضخم ما تركت أمة من تراث
خالد وهذا الجهاد المستمر لتوحيد الكلمة، وجمع الصفوف، وهذا الكفاح
لكل مستعمر ومستثمر، خلال اصطفى لها الله أمينه المحسن.
ان الكثير منا يملك العلم والذكاء ولكن ما ذا يجدي العلم والذكاء إذا
أديا إلى لغو لا خير فيه! وما ذا يجدي الجاه والمال إذا كانا سببا للتحاسد
والتباغض! بل ما ذا تجدي الهجرة إلى النجف والأزهر وأكسفورد
والسوربون إذا لم تكن لغايات انسانية ولم تدفع بالحياة إلى التقدم وكيف
تتقدم بنا الحياة أو نتقدم بها، إذا كنا نجهل الحياة، وتستعبدنا الشهوات!
لقد انبعثت نفس الفقيد من صميم العصر الذي عاش فيه، وتجرد
عن ذاته وغاياته، فكان كفؤا لكل ما القي عليه من مسؤوليات، تسعين
عاما من حياته قضاها مجاهدا في سبيل العلم والخير مدافعا عن الحق دفاع
من لا يبغي حطاما، ولا يخشى سلطانا، فكان في جبل عامل والعراق
ودمشق لا وزن عنده الا للحق، ولا فضل الا لعامل على خير الوطن
والصالح العام كائنا من كان سنيا أم شيعيا. مسلما أم غير مسلم وهذه هي
السبيل الواضحة التي يصل منها الإنسان إلى العظمة المطلقة التي تتخطى
حدود الأمصار والأديان لأنها كالشمس فوق الحدود جميعا لقد كان الإنسان
انسانا قبل ان يكون شرقيا أو غربيا وقبل ان يكون مسلما أو نصرانيا وهكذا
العظمة وحب الخير لا يجنسان جغرافيا ولا تاريخيا ولا دينيا ولا هوية لهما غير
حقيقة الإنسان بمعناه الشامل، ان الزمان والمكان لا يغيران شيئا من حقيقة
الإنسان، وانما هما ظرفان لما يقوم به من اعمال، وان معنى الدين هو
الشعور بالمسؤولية تجاه أخيك الإنسان، ومعنى الايمان هو اخضاع حياتك
لهذا الشعور، ان المسيح لا يريد النصراني الماروني أو الرومي وانما يريد
النصراني الإنساني، ومحمد لا يريد المسلم السني أو الشيعي، وانما يريد
المسلم الإنساني، هكذا فهم الفقيد الاسلام والايمان فاخضع حياته لهذا
الشعور وبهذا كان عظيما عند المسيحيين كافة والمحمديين كافة.
وربما يتساءل المرء: كيف اجتمعت هذه العظمة مع تلك الحياة
المتواضعة التي كان يحياها الفقيد والبساطة في مظاهره كلها في ماكله وملبسه
ومسكنه، فلا بواب ولا حجاب، ولا سيارة فخمة، وبناية ضخمة، وقد
رأيته، وانا جار له في الشياح واقفا في دكان قصاب يشتري اللحم ويحمله
بيده إلى أهله، ورأيته يمشي منفردا متثاقلا يدفع بجسمه المريض المتهدم
يزور العمال البائسين في بيوتهم، فيجلس إليهم ويطايبهم، ويسمع
منهم، ويستمعون إليه، قد يتساءل المرء: أ هذا حقا هو الذي احتشدت
الأمة بقضها وقضيضها خلف جثمانه! أ هذا حقا هو الذي كان بالأمس
يحمل اللحم بيده! أ هذا حقا هو الذي كان يمشي وحيدا في الشارع ويجلس
على الحصير مع البائس والفقير! نعم هو هو!
وهذا الرسول الأعظم الذي قرن اسمه باسم الله في الصلاة، وعلى
المنابر والمآذن ودانت بأقواله ملايين الملايين في مشارق الأرض ومغاربها هو
الذي كان يخصف نعله، ويرقع ثوبه بيده ويعقل البعير، ويقطع اللحم،
ويحلب الشاة، ويطحن مع الخادم، ويجلس على الأرض مع الأسود
والأبيض، هكذا كان الرسول الأعظم وهكذا اقتدى به سليله المحسن
الكبير. وما هذا الاحتقار للمادة الا مظهر الكمال والاعتداد بسلامة
النفس، الاعتداد بالعلم والنزاهة والعمل والاخلاص وحيثما وجدت الترف
والزينة وجدت الاستغلال والخيانة وحيثما وجدت التواضع وجدت الحق
والصدق.
كان مسجد الرسول الأعظم في عهده وعهد الخلفاء الراشدين هو
البرلمان والسراي الكبير وقصر العدل ولم يكن هذا الجامع سوى قليل من
(٣٩١)

الطين وسعف النخل ولكن منه انبعثت القوة التي حطمت تاج كسرى
وقيصر ومنه شع النور الذي ملأ الآفاق والأكوان وبه سادت الفضيلة على
الرذيلة وتغلب الضعيف المحق على القوي المبطل. أما القصور الشامخة إما
ناطحات السحاب فأساسها البغي والاستثمار. وحيطانها التحاسد
والتباغض وسقفها الطمع والجشع. وأثاثها العجب والرياء، من سكنها
أغوته ومن اغتر بها أردته، والسلام على أمير المؤمنين حيث وصف
المخلصين عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم والعكس
بالعكس.
أنكر أهل الجاهلية رسالة الرسول الأعظم لأنه يأكل الطعام ويمشي
في الأسواق ولا يملك كنزا ولا بستانا أهذا الذي بعث الله رسولا ما لهذا
الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا انزل إليه ملك فيكون معه
نذيرا أو يلقي إليه كنزا أو تكون له جنة ولو كان محمد ص في هذا
العصر لقال له البعض: كيف تكون نبيا وأنت لا تملك سيارة!
وما تجلت هيبة الحق في شئ كما تجلت في حياة متواضعة وزهد في
زخرف الأرض وزينتها، كان للفقيد الذي لا يملك سيارة صور للهيبة
والجلال تتعدد بتعدد من ارتدى عمة مثل عمته ولبس جبة وقفطانا كما لبس
وقد أعار لكل واحد صورة أكسبته احتراما وتقديرا حتى إذا ذهبت تلك
الصورة عن الدخيل واسترد المستعار برز الجميع عراة الا من لبس ثوبه من
غزله وحاكه على نوله.
من مراثيه
للأستاذ حامد يوسف في رثائه:
نبا روع القلوب الخوالي * مذ تواريت يا قليل المثال
نبا راعنا وهد قوانا * ورمانا بحالكات الليالي
فيئسنا لولا العزاء بصنع * لك يا خالدا على الأجيال
يا أمينا بعهده لعلي * ووفيا بحبه للآل
هات حدث عما رأيت من الدهر * وحدث عن أعظم الأهوال
هات حدث فما عهدتك يوما * صامتا لا تجيد رد السؤال
آية لو صح يا جليل فداء * لفديناك بالنفوس الغوالي
عدو الاستعمار
بقلم: الأستاذ علي بزي.
ان الأخلاق التي صورها الخيال وعجز عن الاخذ بها الإنسان وحسب
الكثيرون تحقيقها اعجازا، قد عرفناها في الفقيد العظيم واقعا محسوسا،
فكانت لا تظهر عظمة شخصيته التي ملأت العالم الاسلامي بأجمعه الا
تواضعا ولطفا وايناسا أرانا بام العين ما قرأناه في بطون الكتب عن الأنبياء
والمرسلين.
وكانت الفكرة مهما بعدت والأماني مهما عظمت وعزت حققها
بكفاحه النادر وجهاده المتواصل عملا ناطقا واثرا مدويا.
لقد نشأ المغفور له يافعا وتتلمذ في المدارس الدينية على أيدي كبار
العلماء في عصره في جبل عامل وأتم دراساته في النجف الأشرف وكنا
نحسب ان هذه المدارس لا تنتج سوى المتفقهين في الدين فإذا بنا نرى في
الفقيد المتشرع الاسلامي الذي لا يبارى، والأديب والمؤرخ والمحدث
والمصلح الاجتماعي.
وتلك كتبه في جميع هذه العلوم حجة ناطقة وهذه مدارسه التي أنشأها
للبنين والبنات في دمشق تعلم إلى جانب الدين مختلف العلوم العصرية
واللغات الأجنبية تشعرنا بتفهمه لحاجات عصر، وفهمه العميق لكلمة
جده الإمام علي ع:
نشئوا أبناءكم على غير ما نشاتم، فإنهم مولودون لزمن غير
زمانكم.
وكان إلى ذلك كله يمتاز عن كافة رجال الدين والمصلحين بخلق ما
خص به سوى الأنبياء والأئمة من أجداده: صداعا في الحق جبارا في
مجابهة الناس سواء كانوا من علية القوم أم سواده لا يثنيه ثان عن الجهر
برأيه وعن نصرة الحق والحقيقة.
ولقد أسس مدرسة للبنات في وقت كان الكثيرون يتحرجون في تعليم
الصبيان ولم ينس العالم الاسلامي بعد حينما جهر برأيه في تحريم البدع
والطقوس التي أدخلت في صميم الدين فرجع بالناس إلى العقيدة الاسلامية
الصافية وارجع إلى الأذهان صور الأبطال الذين اقتفوا اثر محمد ص بان
الاسلام بمثل هذه الروح حيث قال:
والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن اترك هذا
الامر ما فعلت.
عرفنا الاستعمار أول ما يتملق رجال الدين فيستصنع من يستصنع
ويسكت من لم يقو على استصناعه بمختلف الطرق وشتى الأساليب. إما
فقيدنا الكبير فان المستعمر لم يجرؤ حتى على الدنو منه بأي إغراء ذلك أنه
كان يعرف ان المحسن الأمين لا يعتز الا بجاه العلم وثقة اخوانه المؤمنين
المسلمين فلو أعطي ملك الأرض لما عادله بجزء يسير من هذا العز الخالد
والجاه الصحيح.
وانى للمال ان يغري تلك النفس الكبيرة التي عرفت ان سر العظمة
في العطاء لا في الاخذ، وان من وقف نفسه وحياته وقلمه وفكره على
الناس هيهات ان ينفذ إلى الظفر بملاينته ومسايرته وقد كان سيفا مصلتا في
وجهه طيلة حياته.
ولم تزل دمشق تذكر مواقفه العديدة في ابان نضالها حيث لم يكن
يكتفي بالتأييد ولم يسلك السبيل التي سلكها اقرانه من الإفتاء بالجهاد
فحسب بل كان يجاهد كأي مواطن يجمع الصفوف وينظمها ويحضها ويقوي
من عزائمها حتى أصبح بيته في الشام محجة لقادة الوطنيين بها.
ولم يزل يذكر الوطنيون كلمته الخالدة لاحد القادة الإفرنسيين حين
زاره في منزله بدمشق وتعرض لجلالة المغفور له الملك فيصل فقال له:
انك ضيف في منزلي، وحرمة الضيافة وحدها تمسكني عن اهانتك
ولكن تأكدوا ان التاريخ لم يسجل ان القوة استطاعت الانتصار على الحق
(٣٩٢)

انتصارا أبديا، ولا بد للعرب في سوريا ان ينتصروا في النهاية بحقهم على
قوتكم.
يا سيدي:
لقد كنت في حياتك وستظل في مماتك منارة وهديا للعالم الاسلامي
وللعرب ومفخرة لنا في جبل عامل.
ان جبل عامل الذي يفاخر بأنك منه يموت عطشا والليطاني ينساب في
أراضيه، ويموت جوعا وفيه أخصب التربة، ويسام ذلا والسواعد سواعد
بنيه المفتولة.
ولكن يوما سيأتي ينقلب فيه كل شئ ويزدهر هذا الجبل جبلك،
ويسطع فيه نور اليقين وترتفع فيه الجباه بفضل البذور الصالحة التي بذرتها
والزرع الطيب الذي زرعته.
مثلك لا يذهب من بين الناس الا جسده، أما روحك فباقية.
وأبناؤك في جبل عامل متمسكون بعروتك يهتدون بهديك ويقتفون في
الجهاد والصبر اثرك إلى أن تعلو كلمة الحق التي أفنيت عمرك في اعلائها.
للأستاذ أمين شرارة في رثائه
: قضيت عمرك بالاصلاح تقطعه * بين العباد فما زلت بك القدم
ورب محتدم للشر في نفر * من الخصوم اتوك الأمس واحتكموا
مشوا إليك وصوت الحق ينهرهم * فلا جدال ولا بغضاء بينهم
هديتهم فتحدث كم صنعت لهم * من الجميل وكم شيدت ما هدموا
عدو التعصب
بقلم: رئيس تحرير جريدة الجيل
فقدت الأمة مجتهدها الأكبر السيد محسن الأمين ليخلف نعيه رنة
وجوم ولوعة اكتئاب في كل نفس وقلب.
وإذا كانت الأمة تبكي كما ينبغي لها ان تبكي في الراحل الكبير
الخلق الرفيع والمناقب السامية والعلم الغزير والرجولة الكاملة، فان جيل
الأمة الجديد لينحني بخشوع واجلال امام الفقيد الكبير وقد مثل في فيض
علمه ومعرفته ما تنطوي عليه الأمة من قوى التفوق والنبوع والابداع وعبر
في جليل حياته واعماله عما تزخر به نفسية الأمة من سمو ونبل ورفعة فإذا
السيد محسن الأمين وإذا معنى وجوده درس يمكن أبناء الجيل الجديد الصاعد
من ايمانهم بامتهم ودفين قواها وكامن ابداعها وسمو نفسيتها ويوطد فيهم
اليقين بطبيعة امتهم وبما تؤهلها الحياة من تفوق ورفعة وانتصار.
ان الأمم تجعل من حياة رجالها الأفذاذ ذكرى تلقن أبناء الجيل
الصاعد ما تستطيع نفوسهم إذا صفت كصفاء نفوس هؤلاء الرجال الأفذاذ
ان تحقق في حقول البناء والإنشاء والخير والجمال، وان لأمتنا ان تجعل من
حياة السيد محسن الأمين ذكرى تفتح في الجيل الجديد مكامن الخير والعز
ومطاوي الرجولة والنبالة.
فإذا لم تكن الذكرى حافزا للايمان بمعانيها وقيمها وفضائلها ومناقبها
ولتحقيق هذه المعاني والقيم والفضائل والمناقب خرجت عن مغزاها
وحقيقتها لتعبر فقط عن مظاهر ومراسم وأشكال.
لقد كان العلامة الجليل والمجتهد الأكبر رجل الدين الصحيح السليم
على أتم ما ينبغي ان يكون عليه رجل الدين الصحيح السليم في مجتمع
قومي متفوق.
فقد حمل رسالة التطور في أمور الدين يجتهد في وسائله وطرقه
وأساليبه ليحقق مراميه السامية ومغازيه الرفيعة واضعا حدا لكل ما هو
دخيل على الدين مما يقيد العقل ويفسح المجال لمصطلح الخرافات والبدع
فكان هذه القمة الشامخة في تفهم الدين على حقيقته وجوهره لرقي المجتمع
وارتقاء نفسيته وتحسين سعادته.
لقد أبى عليه ايمانه العميق بجوهر الدين وحقيقته ومعناه ان يحجر
المجتمع في قوالب جامدة تحت ستار الدين ومقتضياته ليجعل من الدين كما
هو على حقيقته واسطة في المجتمع إلى التطور والارتقاء والنمو.
ولقد حال وعيه القومي وايمانه الديني العميق ان تتغلب فيه العصبية
الدينية المذهبية فتخرب وحدة المجتمع وتعرض وحدة مصيره للدمار والفناء
فابى حين أراد الانتداب الإمعان في تمزيق وحدة الأمة بتقسيم المحاكم
الشرعية أبى ان يوافق الانتداب على ارادته المجرمة. وأعلن في قوة وجرأة
ووعي قومي نبيل رفضه ذلك فضرب مثلا وأي مثل على سمو الايمان
القومي وعلى ان الأحوال الشخصية ليست على جلالها مما ينبغي هدر
مصلحة المجتمع على مذبح شكلياتها وعلى ان الدين والمذهب لا يصح ان
يتخذا سبيلا لتدمير مصير المجتمع تحت ستار الغيرة على احكامهما
وقواعدهما.
وبلغ الوعي القومي بالسيد محسن الأمين القمة حين ترفع وهو رجل
الدين الخطير عن أن ينغمس في مزالق السياسة والأعمال السياسية معطيا
الدرس البليغ عن رجل الدين ومهمته الحقيقية الصحيحة فقصر عمله على
مضمار التوجيه النفسي الروحي وعلى بناء النفوس على سنن جوهر الدين
وجوهر قواعده وأبى ان ينحدر بالدين إلى اتخاذه واسطة التجارة والاستغلال
وبناء النفوذ السياسي ومزاحمة السياسيين على نفوذهم وسلطانهم.
ففصل في عمله وحياته وتصرفاته بين الدين، كظاهرة روحية في
المجتمع وبين الدولة كمظهر حقوقي سياسي شامل للمجتمع ترتقي بارتقاء
نفسية المجتمع التي تمثله.
هذا هو المجتهد الأكبر، والعلامة الجليل والرجل النبيل والوطني
الواعي والمؤمن الحق الذي فقدته الأمة اليوم. فترك وراءه ذكرى عاطرة
تفتح في الجيل الصاعد وفي رجال الدين الصحيح قيم الحياة ومعانيها
ومغازيها ومعاني الدين على حقيقته وجوهره.
من مراثيه
للسيد امين احمد الحسيني في رثائه:
طأطئ يا أمة العرب أسىء * واندبيه فعلى الدنيا العفا
(٣٩٣)

ذلك المحسن، والمولى الذي * مثله هيهات تلفي خلفا
بصفات ومزايا لم يكن * غيره في بعضها متصفا
الزعيم الوطني
بقلم: الأستاذ أديب الصفدي.
رئيس تحرير جريدة الشعب الدمشقية.
مربوع القامة يميل إلى الطول، صحيح البنية، متناسق الأعضاء
حتى يخيل إليك ان الله صاغه على ما يشاء.
وجه أسمر، بعينين سوداوين، يعلوهما حاجبان أبيض شعرهما،
بلحية بيضاء مرسلة، وشاربين أبيضين فيهما بعض السواد النادر، ركبا على
رأس متوسطة، تناسقت أعضاء الوجه، فلا تحس فيها تنافرا، مهيب
وقور، خلع الله عليه جلال العلم، وكرامة النسب، ووقار الشيخوخة،
يعتمر بعمامة خضراء كبيرة، هي طراز السادة الاشراف، وكبار مجتهدي
الشيعة.
هو بين مجتهدي الشيعة الفحول، في الرعيل الأول مكانة وزعامة،
محيط، وعقل نير ونفس كبيرة، واخلاق فاضلة.
كبير الشيعة ومجتهدهم الأعظم في البلاد الشامية غير منازع، وزعيمهم
في البلاد السورية غير مدافع. هذا هو السيد محسن الأمين.
جلست إليه مرتين جئته فيهما مسلما مرحبا، اثر وفوده إلى دمشق
وأصغيت إلى حديثه، فما والله تركت المجلس الا وانا معجب شديد
الاعجاب لا بانسجام الحديث وطلاوته وحبكته ولا بما يزين ذلك من ادراك
وفهم وألمعية، ولا بلغته الصحيحة المنتقاة الألفاظ، فسماحته قد بلغ من
ذلك كله المكانة التي يغبط عليها، وانما بالروح السامية العالية التي تحبك
بين مقاطع حديثه تحبك وتوفق بين معانيها وأغراضها والسمو الذي يتدفق
في ألفاظه فيشعرك انك في حضرة الرجل الذي اراده الله للهداية واختاره
للزعامة، وزانه لذلك بما شاء من نفس فاضلة، واخلاق سامية، وصفات
عالية.
وأرادنا فريق من الاخوان على زيارة السيد محسن الأمين، مسلمين
مرحبين، فأجبنا الدعوة، ورحبنا بها، جد فرحين، ذلك انا سنكون في
حضرة رجال، نفيد من اجتماعهم فوق قيامنا بواجب الترحب بسيد
الشيعة وكبيرها.
واخذنا طريقنا جماعة من رجال الكتلة الوطنية والشباب الوطني،
وبعض زعماء الاحياء، إلى أن بلغنا الدار التي نزل بها السيد الأمين،
فاستقبلنا رجاله، وقام السيد فرحب بنا من باب الغرفة إلى أن أخذنا
مقاعدنا.
ودارت أحاديث المجاملات والترحيب وتفضل سماحته فقال: موجها
كلامه إلى رجال الكتلة الوطنية:
لا شك انا معجبون بما تبذلون من جهد موفق لخدمة البلاد مقدرون
لمساعيكم وليس من شك في أن العمل الذي انقطعتم له عمل عظيم
جليل، ومن يعود إلى حالة البلاد العامة من وجهاتها الأخلاقية والاجتماعية
والوطنية يدرك اي عناء هذا الذي تنهضون تحت عبئه الكبير بأداء الرسالة
التي وقفتم عملكم وجهدكم وتفكيركم من اجلها وفي سبيلها.
وتناول في كلامه اثر الحكم التركي، في أخلاق البلاد وطبائعها
وفساد الإدارة التركية، وما رافقها من شؤون وشجون وغرسها عادات
وتقاليد في أخلاق العرب السوريين تنافي الأخلاق العربية القوية هذه التي لا
نزال نشهد آثارها وبقاياها في أحوال العشائر البدوية، كالكرم والشجاعة
والاباء وعزة النفس، واستقلال الرأي التي تكاد تنعدم، وحلول صفات
وسجايا ليست في الأخلاق العربية المذكورة في شئ كالجبن. والذل.
وصغار النفس، والتقليد الأعمى.
وعرض السيد الكريم، إلى ما تقوم به الكتلة الوطنية من مساع
محمودة واعمال مشكورة، ومضيها رغم كل ما تصادفه من عراقيل في
السبيل الذي تطوعت له، واختيرت من اجله، فأشاد بذلك وأثنى عليه
ثناء كبيرا.
وتكلم عن التضامن الوطني، واثره في تكوين مزاج الأمم
ونفسياتها، وفعله في نهضتها، وبلوغها حقوقها وأورد الأمثلة والشواهد على
ذلك، وروى لنا سماحته المثل التالي:
حصلت شركة إنكليزية أيام الشاة ناصر الدين على امتياز بحصر
الدخان بشروط مجحفة، وشاع بين الجمهور، ان أحد كبار مجتهدي الشيعة
الإيرانيين، تكلم في وجوب الامتناع عن التدخين، وان رجلا من كبار
المجرمين، سمع بفتوى المجتهد الإيراني الكبير وكان جالسا في مقهى عام
ليدخن نرجيلة، فما وسعه الا ان كسر النرجيلة وأقسم ان لا يشرب الدخان
ابدا، وان الشاة أمر أحد خدمه باحضار نرجيلة فذهب ولم يعد، فكرر
الطلب فلم يعد الخادم بها أيضا، وأعاد الكرة بطلب النرجيلة، ولكن
الخادم لم يستطع احضارها وسأله الشاة عن أسباب تأخره عن الصدوع
بأمره، فأخبره بان سيدات البلاط كسرن سائر النراجيل، ولم تبق واحدة
منها في القصر. وان اجماع الإيرانيين على ترك التدخين اضطر الشركة
الإنكليزية هي نفسها إلى إلغاء الامتياز.
وكان سماحة السيد الأمين، يحدثنا هذا الحديث فيفهمنا منه قيمة
التضامن الوطني، وان الأمة التي لا سلاح لها، ولا قوة تدفع بها عن نفسها
ومصالحها باستطاعتها بمثل هذه الوسائل الوصول إلى أغراضها الوطنية.
وكان درسا قيما جليلا، ترك في نفوس السامعين أجمل الأثر وأبلغ
العظة.
وامتد الحديث فتناول وجوها شتى كنا نحب ان يشاركنا قراؤنا في
الاطلاع عليها، ولقد غالبنا نزعتنا الصحفية في الافضاء للقراء بكل ما
سمعنا، وشهدنا، ورأينا. وواجبنا الأدبي في أن نحفظ سر المجلس،
الذي تشرفنا بجلوسه، إلى أن تغلب الواجب الأدبي على الواجب الصحفي
واكتفينا من الحديث بهذا الذي أجملناه في هذه السطور وانا لنرجو ان لا
(٣٩٤)

نكون خرجنا فيما كتبنا على أدب المجلس وان نكون وفقنا أيضا إلى أداء
واجبنا من قراء الشعب.
من مراثيه
قال معروف أبو خليل في رثائه:
عظم المصاب على البعيد * من الأعارب والقريب
لم يشهد الاسلام مثل اليوم * هو لا في الخطوب
العلم يبكي والقضاء السمح * بالدمع الصبيب
ومكارم الأخلاق تشكو فقد * ذي الصدر الرحيب
قدوة المصلحين
بقلم: الشيخ عبد الكريم الزنجاني.
الراحل العظيم فقيد الاسلام والمسلمين السيد محسن الأمين ملئ
الصفحة بالآثار الناطقة الناصعة، وبرئ الساحة عن التهاون بالقيام
بالنهضة الاصلاحية الصالحة، وفي الاهتمام بشؤون العب ء الديني الأقدس
الذي حمله على كتفه، لقد كانت السلطات الدينية والزمنية تعتبر كل محاولة
للاصلاح خروجا على الدين وجريمة لا تغتفر بل كفرا، وفي أوساط
المذاهب المتخالفة والأديان المتباينة والعقائد المتحجرة والتقاليد المترسخة،
وفي بلاد كان الأجنبي قد أوجد فيها باسم الدين حجبا كثيفة على الحق قد
احكم كثافتها ضيق الفكر والتعصب الذميم والجهل المطبق...
نهض الراحل العظيم الأمين بالاصلاح الديني والاجتماعي
والثقافي عن طريق التأليف والتصنيف والارشاد والدعوة إلى سبيل الرشد
بالحكمة والموعظة الحسنة وجادل المضلين بالتي هي أحسن وأسس المعاهد
والمدارس العصرية لتثقيف البنين والبنات ونشر الثقافتين الدينية والزمنية
محاولا إزالة الجهل الذي هو أس الأمراض الاجتماعية، حينما كانت هذه
الأعمال مسجلة في قائمة المنكرات عند مختلف الطبقات حتى طبقة رجال
الدين، ولم يترك الفقيد العظيم مجالا لاية سلطة ان تتخذ اي حجة عليه
للتدخل بشؤون اصلاحه والعمل على عرقلة مساعيه.
فنصره الله جلت قدرته وأيده برجال مخلصين وثبت الله تعالى
قدمه حتى سجل للاصلاح أرقاما عالية، واحدث انقلابا في الأفكار وانتباها
للعقول وضجة مدوية، وترك للمسلمين كنوزا ثمينة من مؤلفاته وعلومه
وآثارا جديرة بالبقاء ومستوجبة للخلود، وخلف من سيرته وتاريخ حياته ما
يهيب باعلام الدين للاقتداء به والتمشي على طريقته الواضحة الجريئة،
ويحفز المصلحين إلى الأخذ بخطته والنسج على منواله، فأصبح قدوة
للمصلحين في القرن العشرين.
مربي الأجيال
بقلم: الشيخ علي الجمال.
أيها المولى الجليل.
باسم الحي الذي يعتز باسمك ويفاخر بتراثك والذي آثلته بأبوتك
وحدبك مجاهدا حيا وشرفته برفاتك الطاهرة وقلمك المناضل ميتا خالدا
جئناك يا أبانا وسيدنا ومهتدانا وزعيمنا وراعينا لا لنفيك دينا لك علينا
وجميلا طوقت به أعناقنا فوالله ما نملك وفاء لهذا الدين بملك الدنيا كلها ولن
نقوى على أداء هذا الجميل بكل ما في النفس الإنسانية من وفاء وعرفان
للجميل.
ولكنا جئنا نبكيك بذوب قلوبنا ونعرب عن مدى فجيعتنا بك ومقدار
ما هد فقدك في كياننا وانه لكيان أنشأت أسسه وأقمت دعائمه وشيدت
صرحه بيدك حجرا حجرا ولبنة لبنة فأخرجتنا به من الظلمات إلى النور
ونقلتنا من الضلال إلى الهدى فكان اسمك الكريم يهيمن على حركاتنا
وسكناتنا وكانت روحك الطاهرة تسدد خطواتنا وتنير سبلنا وكان اخلاصك
الفريد الفذ يقيل من عثراتنا وينزع الغل من نفوسنا وكان قلبك الكبير يسع
عظائم أمورنا وتوافهنا ويتسع لصغائرنا وكبائرنا وكانت يدك السمحة الكريمة
تمسح جراحنا وتطهر نفوسنا من ادران الهوى وخبائث الأحقاد.
كنا اشتاتا فجمعتنا وكنا عدما فأوجدتنا وكنا نكرات فعرفتنا وكنا
كهلاء فثقفتنا وكنا في ضلال فهديتنا وكنا مغمورين فاعززتنا فأصبحنا بنعمة
الله وعطفك وحدبك وجهدك مضرب المثل بالتمسك بأهداب ديننا وصدق
وطنيتنا وجمع شملنا واتحاد كلمتنا وقدرتنا على العمل الصالح المنتج في سبيل
الخير العام وأصبحنا كما أراد أجدادك أئمتنا الاطهار زينا لهم لا شينا
عليهم.
أيها الأب البار!... باسم أبنائك الذين لا يحصون عدا والذين نشأوا
على تعاليمك السامية واهتدوا بهديك جيلا بعد جيل والذين ستظل ذكراك
نبراسا لأجيالهم الصاعدة يستلهمون منها الهدى ويقتبسون منها السداد جئنا
خاشعين مهطعين امام ذكرى رجل لا كالرجال وعالم لا كالعلماء وزعيم لا
كالزعماء ومصلح لا كالمصلحين جئنا نقولها كلمة لله والحق والتاريخ
والوفاء: ومن أحيا نفسا فكانما أحيا طائفة بأسرها واخذ بيد أمة بكاملها.
مولاي! لن يتسع هذا المقام ولا أي مقام للإحاطة بجانب من
جوانب عظمتك وسموك فكيف بشخصيتك الفذة النادرة التي عقمت أجيال
عن الإتيان بمثلها فهي من هذا المعدن النادر والجوهر الفرد الذي صيغت منه
شخصية جدك الامام الأعظم علي بن أبي طالب ع وانى لأمثالي من
الخوض في هذا الخضم المتلاطم والتصعيد لمثل هذا الطود الشامخ لولا قبس
من نورك وفيض من إلهامك ينعكس علينا فيهدينا إليك ولولا عاطفة جامحة
تدفعني باسم اخواني أصحابك وحوارييك لنقول كلمتنا في يوم سموت عن
دنيا الفناء إلى جنة الخلد.
أيها المحسن الأمين! أحسن الله إلى روحك بقدر ما أغدقت عليها
من فيض علمك وهدايتك واخلاصك وتجردك وجنبها السوء بقدر ما جانب
قلبك الضغينة والحقد وعففت عنها الأذى بقدر ما تعففت يدك ولسانك
وأفسح لها في جناته بقدر ما أفسحت في قلبك الكبير من رعاية للعدو
والصديق والقريب والبعيد وأفاض عليهما من نعمائه بقدر ما أفاضت علينا
(٣٩٥)

من تسامح وخير ونبل ومثالية وآلف بينها وبين أرواح الشهداء والصديقين
بقدر ما ألفت بين قلوب العرب والمسلمين.
في مجمل خصائصه وخلائقه
بقلم: الأستاذ وجيه بيضون.
إذا ما تحدثت انا عن المغفور له المجتهد الأكبر العلامة الأمين
فحديثي عن مخالطة وملازمة وعن تجرد وتنزه وعن خبرة واختبار.
ان أبرز خصائص المجتهد الأكبر جده الدائب وعفته النزيهة وتواضعه
الرصين ثم وطنيته الراقية.
وهي خصائص نادرة قلما توفرت إلى غيره توفرها إليه لأن إحداهن
بمفردها لهي من الأخلاق الخليقة بان تسلك صاحبها في مرتبة الأماثل فكيف
بها إذا هي توافرت مجتمعة لتؤلف شخصية جامعة لا تعثر على مثلها في
السمو العلمي والنفسي الا حين ترجع بها إلى الندرة المختارة ممن انتهوا إلى
ذروة العظمة والخلود.
والميزة درجات ولكن علامتنا الأمين بلغ منها الأوج السامق.
ففي دنيا الجد يكاد لا يضارع أو يبارى وله فيه من المجد ما يكلل
بالاعجاب إلى اقصى حد.
والا فما قولك به وقد قارب التسعين ولم يكن له في توفير العيش معين
ومع ذلك كان يصل الليل بالنهار دؤوبا على التأليف والتصنيف يجمع
وينقب ويستقصي أو ينقل باحثا مفكرا أو يصحح رواميز الطبع منورا
ومحورا ما يكاد يهدأ أو يقر بل لا يعطي جسده الا حقه الأقل من الراحة
والجمام!...
بل انى يستقيم لنا الحساب، ولكأنه المعجزة، حين نعلم أن تواليفه
نيفت على سني عمره وآخره الأعيان وهو وحده موسوعة في علم الرجال
مجزأة إلى عشرات المجلدات، وفي المجلدة الأربعمئة أو الخمسمئة
صفحة... أ تراه لو نقلها خاما لا أكثر ثم بوبها، ثم أعاد تلاوتها وتصحيح
رواميز طبعها، فلكم تستغرق من الوقت، هذا فضلا عن عناء التأليف في
المراجعة والمحاكمة والتقصي والتحقيق إلى آخر المتاعب في هذا الباب.
زد على ما تقدم انه كان يتفرع للقضاء بين الناس، ما يرد طالبا ولا
يخذل قاصدا.
وفي كل عام كان يقصد إلى مسقط رأسه شقراء من اعمال جبل
عامل ليتفقد ارضه ويراقب محصوله ويستصفي علاقاته بالناس وعلاقات
الناس به.
وهو إلى هذا كله لا يطعم في الغالب الا طبيخ يده، ولا يستكفي
حاجة يومه الا بنفسه.
ولقد نسيت ان أقدم لك انه يقيم الصلاة بالناس جامعة في أوقاتها ما
يخرمها، وقلما فاته مجلس من المجالس الليلية المستدعية القائمة على
الذكريات التاريخية المألوفة عند الشيعة الإمامية ولا يبلغه نعي أحد الا سار
مشيعا معزيا.
واخشى الإطالة فأسرع بالقول ان مترجمنا رئيس لجمعيات علمية
وخيرية عدة، لا تقطع إحداهن أمرا بغير رأيه ولا تبرم حكما من دون
حكمه، ولطالما نسق الاجتماعات وألقى فيها من آياته البينات ما يستدر
الأكف ويوجه التوجيه السديد.
وهذا الطراز من الجد النادر المتضاعف لما يعز منه المثال، وبخاصة
بين المسلمين والشرقيين وهم في ركودهم المعهود وقنوطهم المشهود وعجز
الخاصة منهم عن الجمع بين العلم والعمل.
ان علماءنا كثير، ولكن العاملين المنتجين منهم قليل، لانهم بين عالم
لا يحمل من العلم الا سمته الظاهرة، وآخر كالشجر يعقد ولا يثمر، وبين
عالم اتخذ العلم سببا إلى كل غاية الا غاية العلم، وآخر منتهى انتهاء فضله
انه نسخة متكررة من بعض الكتب الشاحبة.
إما الشذوذ عن هذا المفهوم فهو مظهر الفضل في أصحابه لانهم
يخرجون على أمثالهم مستكملين دورهم في حياتهم هداة بناة معا، ومثلا
صالحة للاقتداء والترسم. ولهم نمطهم الخاص في الحياة العازفة يصرفون
العناية كلها إلى الغاية العلمية والاصلاحية، متابعين السعي إلى أن يوفوا
عليها ويصيبوها.
وجماع الخير عندهم ان يجودوا بما كسبوا ولا يحيدوا عما صمموا.
والعلم للمكسبة في حدود الأنانية الضيقة غير العلم يتسع ليعم ويستفيض
كالنهر يروي ويحيي. ذاك استثمار التجارة السالبة وهذا استثمار التجارة
السابغة، وثمة العلم لشتى النوازع، وهنا العلم لغايته ولا يطيق الانتهاء
إلى مثل هذا المستوى الرفيع الا النفر المختار الذي تهيا له من شرف النفس
وسمو الفكر وصفاء الروح ما يمكنه من ايثار البساطة وارتضاء الحرمان في
سبيل المرامي المجردة.
قلت إن العلامة الراحل الكريم كان يمتاز بالنزاهة والتواضع إلى
جانب الجد.
وما الحديث عن نزاهته وتواضعه بأقل شانا وخطرا. فله في هاتين
المنقبتين ما يتوج والله بالفضل، ويضرب به المثل، ويؤلف خطة ناصعة في
الاصلاح والتوجيه.
والنزاهة لا تستكمل حقيقتها الا بالحقيقة تكون مدارها ومناطها،
فتجمع بين نزاهة القلب والوجدان، والروح والجنان، واليد واللسان،
اي حين تكون نزاهة اقتناع وايمان لا نزاهة عجز وحرمان.
وليست تفتقد الثقة وتنحل الأمانة ويستفحل خطر الشر، الا حين
تلتوي النزاهات إلتواءها منطوية على الزيف فتبدو كلاما معسولا، وعاطفة
مشبوبة وسعيا باهرا، ورأيا ساحرا، ثم لا يكون قوامها الا المقاصد
الخادعة الخاتلة.
فكمال النفس إذن شرط في النزاهة الكاملة.
(٣٩٦)

والعلماء في دنيا العروبة والسلام لبثوا محط الرحال، ومعقد الآمال
ومنار التوجيه ومصدر الحكم والقيادة بل كانوا الملوك على الملوك إلى أن
تحللت النزاهة من نفوسهم واستهانوا بالصدق والصراحة ومالوا إلى المظاهر
وأحالوا علمهم وسيلة إلى المنافع القريبة والمطامع الضئيلة.
والناجون من هذه العلة بين علمائنا المعاصرين أقل من القليل.
وفي طليعتهم الامام الأمين.
فلقد سلخ عمره على مثال العفة والكرامة لم تعلق به ماثمه ولا محرجة
ولم تختدعه المغريات عن نفسه على وفرتها من حوله لا ولم يتحول عن مهمته
في تبليغ رسالته الاصلاحية شابا وكهلا وشيخا.
كانت تغدق عليه الآلاف ذهبا فما يمسها ويحولها للحال إلى وجوه البر
مؤثرا منها العلم يشيد بنيانه ويدعم أركانه ليكفل حياة النور للنشء
الجديد.
وكانت تسعى إليه المراتب الحكومية العليا في الرئاسة والقضاء فيتأبى
عليها ما يرضى بدلا بالرئاسة الدينية العلمية التي انتدبه لها ربه لينهض بها
حرة خالصة لوجهه.
وكان يقضي بين الناس، وربما اجتمع إليه الغني والفقير والقوي
والضعيف والقريب والبعيد، فلا يصدر حكمه الا منزها عن الهوى.
وكانت تبلغه الصيحات من حوله أو عن بعد، مدوية بالسخط
واللوم والحقد وما إلى ذلك، ولا لسبب غير فتاواه في طلب الاصلاح ونبذ
الجمود ومسايرة الزمن، فلا يقابلها بغير الرضا والسكينة يتخذ منها قوة
جديدة لمضاعفة الجهاد وتوسيع مدى الاجتهاد.
وكان الأكثرون يعهدون إليه بالوصاة على أموالهم وعيالهم من بعدهم
فينهض بالواجب على أتمه، ويؤدي الأمانة على حقها، محتملا من المشقة
والكلفة ما لا طاقة لغيره بمثله.
ووالله لو كان ممن يطمعون بالمال وزينة الحياة الدنيا في ظل البحبوحة
والاقبال، لكان له من مواده الغاية التي لا غاية وراءها، ولأقتني الدور
وشاد القصور وامتلك الضياع ومشى بين يديه الخدم والحشم، ولكنه عف
واستقام، وترفع عن الحرام ورضي بالكفاف الحلال رضاء القناعة
والكمال.
وهو في هذا شانه في التواضع أيضا تواضع في المظهر على نحو
أصحاب المطالب البعيدة ينصرفون بجميعهم إليها، فتصرفهم عن
الاحتفال بغيرها، وتشغلهم عما عداها مما يقيم له الناس عادة أكبر وزن،
بعدئذ غدا للمظاهر شأنها في الحياة الاجتماعية ومعناها في رفع معنى
أصحابها على قدر العناية أو عدم العناية بها.
وتواضع في الأسلوب يقوم على البساطة في الحديث مع مختلف
الطبقات، وفي استجابة الدعوات لدى الأغنياء والفقراء على السواء وفي
الجلسات المطمئنة عند المصطفين من أرباب المتاجر، وفي الطعام يتناوله على
الأرض العراء أو شبه العراء، وهو لملء المعدة فوق ما هو للغذاء، وفي
تشييع الراحلين ما يتخلف الا لعذر، وفي العطف على اليتامى والأيامى
والمساكين.
لم ير يوما متأبها مزهوا على علمه وفضله وحسابته في أصله ونبله،
وعلى رفعته عند الكبراء والعظماء من الملوك والزعماء بل لبث حياته ابدا
كالشجرة الفينانة الوارفة المطمئنة بما اثقلها من رازح الحمل، يجوزها المارة
لينعموا بوارف ظلها وفيئها، ويجتنوا من زهرها أو يطعموا من يانع ثمرها
فهي الخير المشاع المباح.
وكثيرا ما بلغت به سهولة الخلق الحد الذي ينكر على مثله، كان يأبى
وهو بين جمع من مريديه يصحبونه إلى بستان أو يرافقونه في سفر، الا ان
يكون منهم مثل ما يكونون منه يشركهم في تهيئة الطعام ويضطلع بتبعته من
مجمل العناء، ويتنزل في المباسطة والمفاكهة إلى حيث يكفل لهم الصفو
والهناءة والتطلق حتى لا يكاد يلفت الغريب من امره ما يميزه عن غيره.
وللأمين، أحسن الله إليه، في باب الوطنية ما يسجل بمداد الاكبار
والاعظام، وكانت وطنيته من الطراز الراقي الناهض على التعقل
والحكمة.
قاوم الاستعمار أشد مقاومة بوقوفه سدا منيعا تلقاء مطامعه الخاتلة
ومراميه النادرة في تفريق الشمل وبذر الأحقاد والاستهواء بالمال والوظائف.
وأشهد بين يدي الله انني كنت ذات يوم ترجمانه إلى أحد الضباط الفرنسيين
وقد أوفد من قبل المفوض السامي لعرض أكبر منصب ديني على الامام
الفقيد مع ما إلى هذا المنصب من امتياز في الحياة اليومية، فكان جوابه
الرفض والاستنكار لأنه موظف عند ربه يؤدي رسالته كما أمر بها لوجهه فلا
قبل له ان يكون موظفا عند المفوض الفرنسي يأتمر بأمره ويتحرك بإشارته.
وأشهد كذلك انه أدى خير ما يؤديه مثله لوطنه في إصدار الفتاوى لصالح
العروبة في كل أزمة جازتها وخاصة في قضية فلسطين.
ولأضف إلى خلائقه وخصائصه ما اشتهر عنه من جودة الرأي
وشجاعة القلب والصبر على الشدائد والعفو مع المقدرة وحسن المعاملة
والتحرر من العصبية الذميمة والبر بالغريب والعطف على القريب وتنشيط
العاملين والرجوع عن الخطا حين يستبين، هذا فضلا عن اجادته السباحة
وركوب الخيل وغيرها من الرياضات النافعة.
ولتلك فضائل يحجبها المعنى الواحد حين تذكر انها ترسم للمثالية
العربية الاسلامية في أيقظ أوقاتها وأروع آياتها.
فمترجمنا سليل البيت الطاهر وصاحب المحتد الأثيل. وقد توفرت له
العوامل التي تجعل من شخصيته فرعا زكيا من هاتيك الدوحة التي استنبتها
صاحب الرسالة الكريمة.
انه في أخصر وصف صورة مشرقة لمثل علي واحفاده الميامين في
خلائقهم السليمة القويمة.
أجل وانه العالم العامل الذي عرف كيف ينفع الملايين بعلمه
وعمله. وهل ثمرة العلم غير العمل. وهل عمل فقيدنا الكريم الراحل
(٣٩٧)

الا عمل الشمعة تذوب لتنير، وعمل النحلة تشتار وتقضي كي تغذي،
وهو العمل الأكبر الذي تباركه الإنسانية والحياة ولا ينهض بمثله الا أصحاب
النفوس الكبيرة.
عالم في فرد
بقلم: الشيخ محمد حسن المظفر.
كان رجل العلم والفضيلة فقيدنا الغالي الحجة الأمين طاب ثراه
من أولئك المهاجرين الذين تفقهوا في حاضرة النجف، ورجع إلى سوريا
لانذار قومه، وارشادهم إلى ما يتطلبه الدين من تعاليم واخلاق شأن ما
أوحته الآية الشريفة، فما استقرت قدمه في عاصمة سورية الا وكان وحده
طائفة كبيرة في جهاد الإنذار إلى قومه الذين حل بين أظهرهم فحسب، بل
كانت دعوته تسير بين الحواضر و العواصم وتعم الحاضر والباد وما كان عالما
بين فرقة بل قام بما تقوم به عدة علماء بين فرق شتى تناءت بلادها واختلفت
مذاهبها تحسبه وقد حضر مجامع الناس وجوامع الصلاة لا شغل له الا
هداية الأمة بأقواله واعماله، وتراه وقد حمل اليراع بين أنامله فتخاله لا
فراع له لغير التأليف والبحث والتنقيب، فلله أنت كيف جمعت بين هذه
التكاليف الجمة التي لا يقوى عليها الا أمة، فلا بدع فقد وجدناك طائفة
بين فرق لا فردا بين فرقة فأنت ممن لا يأتي به الدهر الا صدفة ولا يسمح به
الزمن الا خلسة:
ليس على الله بمستنكر * ان يجمع العالم في واحد
فلا نكران إذا افتقدنا بفقدك عصبة اولي قوة وعلماء أولي خشية.
المرتفع فوق الفوارق
بقلم: الأستاذ صلاح الأسير.
كأني بك أيها الحاضر الغائب! وقد توارى وجهك النير عن هذه
الدنيا، ما زلت حيا معنا بعملك الصالح وعلمك الصحيح واجتهادك الذي
لا يعرف غير الحق وجهة وقبلة فمن أجل هذا تقاسم الفجيعة بك جناحا
الاسلام: الشيعة، والسنة فما كنت يشهد الله لواحدة دون أختها،
ذلك انك أدركت سر الينبوع الواحد، فارتفعت فوق الفوارق لتخدم
الاسلام كله في أهدافه ومراميه، لا فرق عندك بين مذهب ومذهب وشيعة
وسنة، فكنت من الأئمة الأخيار الذين يؤلفون ما تنافر من القلوب.
ويطفئون ما تعالى من لهيب الفتن فكان يومك في دمشق وأنت في الذروة من
أهل الرأي في الشيعة يوما ذكرت فيه دمشق البلد السني يوم صلاح
الدين بن أيوب فإذا بترابها الطيب يضمكما في حدب وحب وتكسب دمشق
إلى أمجادها الخوالد مجدا جديدا فكلاكما القائد الفذ هو في المعارك والذود عن
ارض العرب وأنت في بذر الحب والقضاء على الضغائن، وتتعادل في ميزان
التاريخ الكفتان ليزدهي تاج دمشق برصيعتين تساوتا في الألق والجوهر
واللمعان ولقد كنت عزوفا عن بهرج الدنيا فما استهوتك قط وكنت اسبر
الناس لاغوارها واعرف الناس بأنها متاع الغرور فلم تنهض لتكديس مال أو
للاتجار بجاه واتخذت من العمل الباقي والمعرفة الخيرة طريقا إلى مرضاة الله
فما همك التزلف لبشر مهما علاء قدره في موازين الناس الخاسرة فربحت
الدارين وأنت تبتغي الدار الواحدة الدار الأخرى فلقد أفاء الله عليك
بتقدير النخبة من عباده الذين رأوا فيك مشعلا من مشاعل الهدى والنور
ورأوا في أقوالك وآثارك أفاق اليقين الرحب وأجواء الاخلاص المنزه فكنت
انى حللت موضع تقدير الناس ومحط احترامهم هذا الاحترام الذي ارتفع
إلى مراتب الايمان والقداسة كنت وليا من أولياء الله في حب الله وحب الخير
لعباده فأكرمك الله حيا وأكرمك ميتا.
أجمع العلماء لفضائل العلم
بقلم: الأستاذ يوسف أسعد داغر.
هو المصلح المرشد والمجتهد الأكبر السيد محسن الأمين، عالم محقق
ومصلح ديني واجتماعي شهير ومرب له على بعض النش ء الحديث في
سوريا أكبر الأثر، وشاعر مفلق ومؤلف جليل من أكابر الرجاليين، ألف
في الفقه والأدب والنقد والتاريخ واللغة وفنونها والسير والطبقات. فقد كان
في النصف الأول من القرن العشرين بين علماء الإمامية مشعلا من مشاعل
الهدى والنور كما كان موضع تقدير الناس ومحط احترامهم.
عمل حياته مجاهدا في سبيل العلم والخير مدافعا عن الحق تغمره
روح انسانية، رائده الاخلاص في العمل والتنكب عن الرياء والتضليل،
وهو أحد نوابغ العلماء ومجتهدي الفقهاء ممن انجبهم جبل عامل ولعله بين
علماء القرن الرابع عشر اجمعهم قاطبة لفضائل العلم واخلاق العلماء
وزهدهم وتواضعهم وعفتهم.
قام بوصفه مصلحا اجتماعيا بثورة على شوائب الدين وعلى الجهل
والأمية فوضع في سبيل هدي أبناء ملته ما وضع من كتب ومؤلفات وأسس
لهم في دمشق مدارس علمية حديثة فتح أبوابها للجميع على السواء.
وهو وطني كافح في سبيل تحرير سورية وتامين استقلالها، فكان بيته
بدمشق في عهد الانتداب مدار الحركة الوطنية. كذلك جاهد في سبيل فلسطين كما كافح في سبيل
توحيد الأمة العربية وجمع الصفوف.
ولعل من أبرز صفاته دأبه المتواصل على العمل في خدمة العلم
والتاريخ. كان ذا صبر وجلد على البحث العلمي، فقد طاف زوايا خزائن
الكتب الخاصة والعامة في الشام والعراق وفارس وخراسان، يجمع مادة
التاريخ الأصيلة في ترجمة من ترجم في كتابه أعيان الشيعة الذي أنفق في
سبيل تحقيقه المال الكثير والوقت الوفير والعناء المرير فإذا بهذا الكتاب
موسوعة لا مثيل لها في رجال الامامية قديما وحديثا لا يشوبها سوى انها لم
تكتمل بعد وقد عدل به مشاهير الرجاليين كابن عبد البر وابن حجر
العسقلاني وابن سعد والخطيب البغدادي وابن عساكر وياقوت الحموي
وابن خلكان والصفدي فيما وضعوا من تراجم الرجال والسير.
في صورته الماثلة
بقلم: الأستاذ وجيه بيضون
لن تحتاج كيما تعرف صورة الامام المغفور له الذي افتقدناه أحوج ما
نكون إلى مثله، أجل لن تحتاج لترسم صورة هذا الامام الجليل والعلامة
الكبير الا ان تتمثل في الخاطر أحد الأئمة الأماثل في منبثق البعثة العربية في
صدر الاسلام.
(٣٩٨)

قامة ممشوقة انتظمت على جسم لا هو بالرهل البدين ولا الضاوي القضيف
ولا البائن الطويل أو القصير المتردد... تعلوه هامة معمرة
كهامات أمثاله العظماء بما ضمت من تلافيف وشعاب حتى كأنها هيئت
لدورها تهيئة الآلة التي يطلب منها الجد الدائب والعمل الواصب. فإذا
انحدرت قليلا قابلتك جبهة عريضة ناتئة المستهل، متضاعفة الأسارير،
كأنما اثرت فيها شدة الإطراق والإمعان أو هي قد ثقلت بما احتملت فأطلت
على عينين واسعتين سوداوين انقى من بريق الأمواج في التماع الذكاء،
وأقوى من تيار البحر في ايحاء الوداعة والمهابة معا... تحميها أهداب
مريشة من تحت حاجبين مزجج ما بينهما يدلان فيما يدلان على رجولة الإرادة
وأصالة السيادة.
ثم يوثق هذه الأوصاف ويثبتها أنف مرسل أشم حلو القنا، وفم
رقيق المبسم، وشارب جزل منطلق متصل بلحية هي الوقار عينه في بياضها
وانسيالها.
وهو إلى هذا عريض المنكبين، متسع الصدر، منسجم الأطراف،
شديد المتن، قوي البنية، يحمل من اللباس ما يفرضه زي العلماء، فإذا
سار خلته الطود متحركا، من غير تلفت أو التواء، وإذا جلس فليعتدل ما
يتحرك ولا يريم في غير حاجة، وإذا تحدث أجمل بين الخاصة، أو أطنب
على قدر بين العامة.
ولئن كانت تلك أوصافه في صورته الماثلة التي غيبها عنا الموت
القاسي، وهي هي في قرب الشبه بمن تقدموه من أسلافه وأجداده، فان
صفاته النفسية والخلقية لنبعة ثرة من ذياك السلسبيل البعيد الزكي
المستفيض.
أجل، وأيم الحق، ان لفي علامتنا الأمين لقبسا وهاجا من
الاسلامية النورانية، وروحا خالصة من التراث العربي العريق. وتحس
ذلك بل تلمسه في هيئته الظاهرة، وفي تميز شمائله الطاهرة ان لم نقل في
كافة عاداته وأحواله في حياته.
ونحن إذ نودع حجتنا وامامنا وعلامتنا العامل، وننفض الأيدي آخر
نفضة منه، لنودع صورة ليس أحب منها إلى الابصار والقلوب، وليس أبرع
منها في توفيق الدلالة بين المظهر والمخبر.
انها من الصور العزيزة على الزمن لأنه لا يجود بمثلها في عبقريتها الا
قليلا.
انها الصورة الحية ما بين الجوانح والخواطر بما غيبت وراءها من
امتيازات في المزايا الروحية والنفسية هي امتيازات العظمة في أوجها من
استحقاق الاجلال والإعظام.
في خطه وتأليفه
بقلم: الأستاذ وجيه بيضون
فقد الاسلام والعروبة بفقد المجتهد الأكبر الامام السيد محسن
الأمين. مصلحا فذا وفقيها جليلا وعالما عاملا ومؤلفا دؤوبا مثمرا نيفت
مؤلفاته على المئة عدا.
وليس يدري طريقته في الكتابة وفضله في مؤلفاته واتساع شخصيته
التي انطوت على العلم انطواءها على الأدب ليس يدري ذلك على حقه الا
الأقلون.
انك إذا أخذت خطه فأنت تلقاه حروف ممشوقة سهلة في القراءة لولا
ازدحام التعاريج والملاحق والحواشي. ومبعثها العجلة ثم الاستدراك في
الزيادة أو الحذف. ان بعض الصفحات من كتاباته أحسن الله إليه لتحكي
المصورات الجغرافية في خطوطها المتلوية صعودا وهبوطا أو المتسربة يمنة
ويسارا أو المعلمة برقم يرجع إلى مثله في ورقة مضافة ويختم الصفحة بكلمة
مذيلة كأنها التوقيع وهي أولي الكلمات في الصفحة التالية على نحو خطة
الأسلاف القدامى من المؤلفين كأنما يستغنون بذلك عن الأرقام استتباعا
للصفحات بعضها اثر بعض.
وفي رواميز التصحيح لا يجري قلمه حينا الا في الأخطاء وفي بعض
الأحيان يثور فيها ويثور حتى ليدك الصفحة دكا جاعلا عاليها سافلها. فإذا
ألم الطباعون وراجعوا سماحته متشكين من العناء الذي يصيبهم، والوقت
الذي يضيع عليهم وإذا رجوه إعادة النظر على المواد قبل دفعها للطبع كان
جوابه الذي لا يتغير: ان العصمة لله وحده وانه أعجز من أن يحيط بكل
شئ حين يكتب وان لا مناص من التبديل والتحوير. على أنه رحمه الله لم
يكن ينسى التعويض على المطابع في كثير من الأحوال.
وكان لا يهمه إذ يكتب ان يصطنع اي نوع من الورق يكون تحت
متناول يده. والغالب على مواده انها مزق من الأوراق لا تراعى فيها
الأحجام، منها ما هو بحجم الكف، ومنها ما يستطيل ويضيق، وبعضها
قد سود من ظهره كتابة أو طبعا، أو انجمع عليه بعض الحبر.
فإذا استنتجت من هذا كله شيئا فهو ميله إلى البساطة، وانحصار
وقته عن المراجعة وفقد المساعدين في أمور التبييض والتحسين والترقين.
ولطالما قصدت إلى سماحته في صومعته في مكتبته فرأيته مقتعدا
الأرض ومن حوله أكداس الأسفار بعضها فوق بعض وبيده قلمه الجليل
العريض من القصب الأشهب أو الأسود يستمد غذاءه من دواة متواضعة
ملاقة بالحبر الأسود، وهي لا يقنع بمثلها اليوم أطفالنا الصغار في المدارس
فضلا عن الكبار ممن يحمل أكثرهم القلم المحبر وقيمته ثلاثون أو أربعون
من الليرات.
وربما أدركه الجوع وهو في عمله، فتناول طعامه في مكانه ما يتحلحل
عنه ولا يريم. وقد يقصده بعضهم في حاجة فيقضي له ويصرفه ثم يعود
إلى عمله.
أما تواليفه فتؤلف مكتبة كاملة في شتى الفنون، في النحو والصرف
والفقه، وفي الأدب والشعر وفي التاريخ الاسلامي والاجتهاد الديني، وفي
الاجتماعات، وفي تراجم الرجال، وغير ذلك.
وأعظمها خطرا مؤلفه الفريد من نوعه والذي يعد موسوعة في علم
الرجال، ونقصد به أعيان الشيعة الذي ترجم فيه لآلاف من المشهورين
مبتدئا بالرسول الأعظم ص إلى يومنا هذا.
(٣٩٩)

وما تم من هذا المؤلف إلى وفاته خمس وثلاثون مجلدة،
وكل مجلدة تتراوح بين الأربعمئة والخمسمئة صفحة.
وكأني بامامنا الفقيد قد استهدف في هذا المؤلف ابراز ناحية من
التاريخ طمست عليها الأجيال المتعاقبة بسياساتها المغرضة، تلك هي ناحية
الفضل المغموط، فضل الشيعة في خدمة العروبة والاسلام عن طريق
الجهاد والاجتهاد والعلم والأدب والدين.
ومثل هذه الغاية لا يتوفر على مثلها الا مثل الامام الفقيد ولا يوفيها
حقها من التحقيق غيره، بما امتاز به من تجرد في البحث، وتبحر في علم
الرجال، وجلد ومصابرة على المطالعة والمراجعة.
على أن الصفة الغالبة على آثار السيد الأمين هي الاستقصاء والتحقيق
وليست هذه الصفة باليسيرة لأن في تراثنا الفكري كنوزا مغيبة وذخائر دفينة
لم تمتد يد الكشف الا إلى النزر القليل منها، والكشف عنها يتطلب الصبر
الطويل في التتبع المتواصل والرجوع إلى المظان والمصادر في شتى المكتبات في
مختلف الأقطار، ثم تنقيتها والحسر عن وجهها الحق.
وإذا نحن قابلنا هذه الطريقة بالطريقة التحليلية لاحت لنا وجوه
الاختلاف المتباعدة لأن الأولى تقوم على الجمع بينما الأخرى لا تقوم الا على
التفكير. ولكن الطريقتين تعودان للتقارب حين نذكر ان إحداهما معوان
للأخرى. والجامعون بين الطريقتين نوادر جدا. لأن من أوتوا موهبة
التعمق في البحث والتحليل والمقارنة لا طاقة لهم على جهد الاستقصاء وعنت
المراجعات المتفرقة. وكذلك من يجمعون الشتات ويؤلفون بينها ويصطادون
الشوارد ويحققون لمن يتخطوا هذه الحدود. وأنت غير واجد لعلامتنا المترجم
شبيها بين المؤلفين المعاصرين في طول باعه بعلم التراجم والجلد الدائب.
والتضحية بالوقت والمال. والتجرد في العقيدة العلمية. لقد سلخ في سبيل
مؤلفه أعيان الشيعة وحده فوق الثلاثين عاما في التقصي والمراجعة حتى أنه
رحل إلى العراق فإيران باحثا منقبا في مكتباتها وكان لا ينتهي إليه خبر كتاب
يفيده في بعض شانه الا بذل بذل السخاء في اقتنائه أو استنساخه، حتى
اجتمعت إليه مادة غنية لم تجتمع لسواه اعانته في الكشف الجديد كما وقع له
في ديوان أبي فراس الحمداني إذ محض العربية بطائفة تبلغ الثلث من شعره
لم تكن معروفة حتى من خاصة الخاصة.
هذا وله تصويبات في أمور التاريخ تدل على عبقرية الاطلاع ودقة
الملاحظة التي تنزل صاحبها من سواه منزلة الناقد المتمكن المستبحر ان لم
تكن منزلة الأستاذية القادرة.
وللمترجم من الشعر ما يسلكه بكهار الشعراء، وقد امتاز بالفخر
والنسيب، زد على ذلك وجدانياته التي تخيل للقارئ ان قائلها قد برح به
سقام الغرام، ووقف شعره على الهيام.
ان التاريخ العربي في عصرنا الأخير سيذكر الامام الأمين في الطليعة
المتقدمة إذ يذكر الشخصيات العلمية والفكرية والأدبية، وسيحيطه بهالة
من الاجلال والاكبار لامتيازاته المتعددة التي لا يهبها الله الا للمختارين
النادرين.
من مراثيه
للسيد عبد الحسين فضل الله في رثائه:
يا عظيما أطفأ الموت به * شعلة الكون ومصباح الأمم
منبر الارشاد لو يدري بمن * فجع اليوم لاجرى الدمع دم
والمصلى لو وعى مسمعه * صرخة اصمت الصخر الأصم
المعلم الأول
بقلم: الأستاذ جان جبور
في كل نهار من دغدغة الأرض بالأنوار الفاترة حتى غفوتها على شذا
الليل، وفي كل ليل، من غرة راحة الأرض حتى عودتها إلى معركة اللقمة.
تخمد ألوف من الأنفاس وتنطفئ ألوف من العيون، فيلتاع المصابون على
الجواهر التي تلاشت، فالربيع قد جف زهرا وطيبا، والبيت وقد اقلع عنه
شراع الآمال، صحراء فسيحة قاحلة.
وفي كل نهار من ظهور الشمس تتغطرس في اليم الأزرق السابح فوق
الرؤوس، حتى تذلها العتمة، وفي كل ليل، من انتشار الفرسان الشقر
يتهادون عجبا في السماء، حتى يطلع عليهم الصباح، فيهربون من
الميدان، يأتي إلى العالم ألوف من الخلائق فتتبلور شاهقات الأماني وتزغرد
الأرض في مطاوي سرها، هي لن تجوع غدا، وهي إن جادت اليوم
بسنبلة، وسمحت بجفنة، فسوف تهدم، قبالة هذا الاغداق في العطاء،
والغلو في الكرم، هيكلا تغذي في السنبلة وقلبا ارتوى من الجفنة.
وبين هذا الانطفاء وهذا الاتقاد الاعتياديين، تفقد البشرية في يوم
عصيب، عينا من أعيانها، ومعلما من معلميها، وجنديا من جنود الله.
ففي كل جفن عدو وراء الثروة التي فقدت، وفي كل أذن شوق إلى الكلمة
التي سكتت، وعلى كل شفة لما ذا وبقاؤه ضرورة والخيال هذه الطائرة
الضاربة اطنابها فوق اللامحدود وهو رفيق فراشة حول مصباح، وصمت
جناح وقد ركد. والبشرية في وحدة، وترتسم علامات الرجاء على الأفق
حتى كرم جديد من الخالق!
وعبر التاريخ في عب اثينا، تجمهر حول سقراط، تلامذته يضرعون
إليه، ان يفر من السجن وينجو بنفسه وهو يرفض. قد حكم عليه
باختصار حياته فابى الافلات من يد العدالة ومشى إلى اجتراع السم كأنه
يمشي إلى مادبة ويسير إلى وليمة.
ويقول عن سقراط تلامذته انه في ثباته أمام القضاء ورباطة جأشه
امام نكبته، جرد الموت من رعبه ونزع عنه صلافته، وعراه من عظمته
وأرسله مهيض الكرامة ذليل العنفوان يتماجن عليه الناس ويتلهون به
عندما يصبحون اخوة لأوراق الشجر في أيام البرد وقد تركت أمهاتها
علامات رجاء سمراء في الفضاء الرحب نحو مبدع الكائنات.
إما سقراط فكان وقد قرر ان الاذعان للعدل هو العدل يتعلم
العزف على الكمان بانتظار ساعة تنفيذ العقوبة به ليضيف إلى معرفته
معرفة جديدة.
وعبر المسافة بين يوم سقراط ويومنا، وقد تكون أقرب من المسافة بين العين
المبصرة وما تبصر، وقد تكون ابعد من المسافة بين المؤمن بالله وبالخير،
وبين الكافر بالله وبخيره يتوارى السيد محسن الأمين المجتهد الأكبر، وهو
(٤٠٠)

يكمل أعيان الشيعة ليزيد معرفة غيره معرفة.
أما الفيلسوف، وقد أسلم نفسه إلى عقله، فقد جعل الموت طعاما
شهيا ولقن الناس ان يستفيدوا من أيامهم ما دامت تحت سلطانهم شرط ان
يماثلوه في صفاء الضمير ونقاوة القلب.
وأما المجتهد الأكبر وقد أسلم امره إلى ربه، فقد جعل الموت شيئا
اعتياديا وعلم الناس، وهو على فراش الألم والألم هو الفارق بين الإله
والإنسان ان يبذلوا كل قواهم وكل طاقاتهم من مهدهم حتى لحدهم في
سبيل الناس لزيادة معرفتهم معرفة شرط ان يضارعوه في عفة السريرة
وطهارة الصدر.
ضدان التقيا على صعيد الترادف في صيرورة الإنسان ذاتا فعقلا
وايمانا فعملا لسعادة مخلوقات الله.
وإذ علامة الرجاء المرتسمة على الأفق في شواطئ الأجيال تنتصب
فوق شقرا الضيعة اللبنانية الذاهبة في الهدوء مثلا وعلى القناعة دليلا
فيشرق منها السيد محسن الأمين بينما كانت غاية القرن المنصرم في الغرب
اكتشافات تذيب مفاهيم المسافة والبعد والشوق والحنين وفي الشرق ثورات
استقلال وحرية وانعتاق.
وترعرع هذا الوجه النبيل في ضيعته يحقق ذاتيته، وما اشتد ساعده
حتى قصد العراق يصرف فيه شبابه ويدرس الآداب العربية والفلسفة
ويتعمق في الفقه والاجتهاد ويتعرف على إنسبائه النبلاء في مزاراتهم ويتزود
من وقائع أعمالهم عددا يجذب بها النفوس نحو الهدف الذي خلقت له.
هذا هو وقد ورث مالا وحطاما، وانتقل إليه مجد عال ومكانة رفيعة
يسير إلى مخاصمة تنازع البقاء فيعوم على سطح الأمواج بالقوة حين يهبط
اترابه إلى الأغوار، ويطوف على اغتلامها حين يغطس اقرانه إلى الأعماق.
وذاك وقد بزع من الطبقة المنقادة ومن الصفوف التابعة المراتب
يتقلب فيها حتى وصل إلى الطبقة القائدة فاحتل مركزا يضع كل شئ تحت
تصرفه ويحكمه في مئات من النفوس ويسلطه على ألوف من الأرواح.
وذلك نزل إلى ميدان الحياة همه الدرهم وشغله الدينار فطفق يغور
وراء الفضة ويركض اثر الأصفر الرنان حتى صار يعرف بكم يساوي
وكم يحوي كأنه سلعة تباع وتشترى أو كأنه متاع يعرض في واجهات
المتاجر أو يبسط في المتاحف تسلية للعيون وفتنة للانظار.
وأولئك رعيل من البشرية يسيرون وراء كراز لا هم يدركون أين
الغاية ولا هو يعرف أين المصير.
وهؤلاء قطيع من الآدميين شدوا إلى قاطرة تنتقل بهم على الخطوط
لا يرتاحون في محطة حتى تسير بهم قاطرة جديدة إلى محطة جديدة فهم دوما
على سفر لا يفهمون للراحة طعما ولا للسكون معنى.
وينظر السيد محسن الأمين إلى هذه الأشباح المتحركة فلا يجد مجدا
يعلو على مجد العلم ولا شرفا يسمو على شرف الاجتهاد ويعود من العراق
وقد عزم ان يعالج ذاتية الناس فيخلص القطيع من شروده والرعيل من
ضلاله وهذا وذاك من الصلافة وذلك وهؤلاء من العيوب.
رأيته وهو ابن القرية يحادث أبناء القرى.
رأيته يجلس إلى الأمي الضائعة ذاتيته في مجاهل نفسه والشاردة في
ذاتية التقليد والاحتذاء فيحادثه ويسامره ويجامله ويلاطفه حتى يفتح عينيه
إلى عظمة الخالق المنتشرة في الزهرة السائرة عطرا في سفح الجبل والمدوية في
الشمس وقد انطلقت منذ الأزل في الدرب الذي رسم لها كأنه سلك الهاتف
أو خط الكهرباء ويفتح له نفسه على حب الله وعبادته ويعلمه ان كل لحظة
من حياتنا ما كانت ولن تكون لولا حب الله لنا وان الله يحل ذاته في حبه
إيانا ويلقنه ان وجودنا على البسيطة وهو انتظار موعد انحلال تركيبنا المعقد
وعودتنا إلى من أحبنا وبه كنا ويبين له واجب محبة القريب وحسن معاملته
ويشرح له ان صانع الشر ومقترف الذنوب ومرتكب الآثام والمعاصي يطلب
دائما ان يعامل خلاف ما عامل لأن الإنسان ومصدره الخير يدرك عندما
يعود إلى قرارة نفسه، ان الخير وحده جدير ان يصنع وهنا الغرابة والظلم
من شيم النفوس وهنا الغرابة في أن يحتمل المظلوم الظلم دون شكوى كان
دروس الأخلاق هي دروس لتعلم احتمال الشر والصبر عليه.
وإذا بالأمي الذي حرم كبرياء لصق الحرف بالحرف لخلق الكلمة
وتوليد الفكر، يقبل على هذه الدنيا وقد عرف انها فيها وهو ذو خلق
كريم، ولسان عفيف ويد طاهرة أعظم قيمة من غني، في ثروته درهم
اكتسبه حراما، وارفع قدرا من ذي حول وطول اتى عملا ظالما أو ارتكب
معصية.
ورأيته وهو العالم يحادث العلماء.
هو لطيف وقد وسم بالهدوء والاتزان وطبع حديثه على اللين والرقة،
ناعم اللفظ حتى الخيال انه جهل كلمة خشونة وغفل عن لفظة جفاف،
مستمع حتى الظن ان وقته موقوف إلى محدثه، وان عمله هو الاصغاء إليه
والانتباه له، صبور حتى الاعتقاد انه جمع الصبر وضربه وهو في لطفه
ونعومته واستماعه واصغائه وصبره ولينه، متحفز ابدا. يبتدر الضعف في
مخاطبه حتى ينقض عليه: نسر علم وصقر ثقافة. ومتربص به الطريق
يوازن بين كلامه ومنطقه حتى يهاجمه: حجة قاطعة وحكما مبرما ويجادله
بالتي هي أحسن فيغادره وفي أركان نفسه انه قد فاز عليه، وفي عمد معرفته
انه قد ظفر به وما هي الا مدة وجيزة حتى تتصارع في تفكيره جيوش الوعي
واللا وعي وتتزاحم في حقل خياله اعلام خميسه العرموم ورايات كتيبته،
فيشعر بأنه قد غلب على امره، وهزم في سره ولكنه لم يقوض له كرامته ولم
يعدم له شخصيته، بل أرسله يعرف منزلته ويفهم مكانته، فيرجع إليه
ليغرف من ينبوعه المتدفق وليعب من بحره الزاخر.
هو الجادة الواسعة والصراط المستقيم. وذلك الشعب الضيق والمعبر
القصير. هو المنجم ينثر الجواهر والتحف، ويجود بالماس والتبر، وذاك
المحفظة تجري وراء كنوزه تلتقطها حبا بنفسها وتجمعها استزادة لثروة
معرفتها.
رأيته وهو المعلم يقود مدرسة.
رأيته معلما يحترم الناشئ للذاتية الكامنة فيه ولصيرورته المستقبلة
ويعتبر الطالب للدرب الذي قطع من ذاتيته وللدرب الذي عليه ان يقطع
(٤٠١)

من كونيته ورأيته يقوي مواهب كل شخص ويغذي خصائص كل مخلوق
وسمعته يقاوم كل تربية قالبية تخرج الناس على نمط واحد وتبدعهم على
طراز واحد ويساعد كل ثقافة تخلق الحرية وتنشئ الاستقلالية وقد زرع في
طلاب معهده الوطنية الصادقة ودفعهم إلى خدمة بلادهم دون السؤال متى
الوصول ودون الاستفهام متى الراحة فباتت مدرسته مصنع رجال ومعمل
ابطال.
أجل رأيته معلما يحلق طلابه فوق الأنا كلما دعت الموجبية إلى
تضحية ويذوبون في نحن كلما مست الحاجة إلى ذبيحة هو في كلتا الحالتين
في رأس الجبهة مثال عملي وفي طليعة الهجوم قدوة واقعية.
ورأيته وهو القائد جنديا من جنود الله.
في هذه الأيام المزدحمة بالأطماع والطافحة بالغيرة وقد أمست اللقمة
عزيزة وصار فتات الخبز ثمينا واتخذ الناس المادة ربا وأقاموا الذهب ألاها،
وفي هذا الزمن وقد سيطر الشح وتسلط الجشع حتى غدت التضحية لا
تبذل الا بثمن ولا تعطى المشورة الا ببدل قاوم السيد محسن الأمين أمراض
الأيام وأوبئة الزمن وحارب في سبل ربه وجاهد في سبيل المبادئ الإنسانية
القويمة.
قضى حياته مثاليا فما التفت إلى درهم ولا اهتم بمؤونة وهو لو أراد
اكتناز الأموال لبنى من الذهب قصورا، ومن النضار حصونا. قضى وهو
يأكل خبزه بعرق جبينه يغذي ساعده وأما ثمار علمه فإلى أبناء الناس.
وقضى حياته بسيطا يرتدي من الثياب ناصعها ومن الألبسة أبيضها
ويرفض ان تمر بها المكواة أو ان تظهر عليها الأناقة وقد عاتبه في عادته هذه
ذو سلطان كانت في كلمة منه الحياة أو الموت فأجاب نحن ننظف قلوبنا
وأنتم تنظفون ثيابكم فغاضت أمام بسالته حماسة بيدبا وأمام سطوته جسارة
دبشليم. وقضى حياته جريئا. الهيبة تطفح منه والوقار يفيض عنه والرزانة
تسير في ركابه والرصانة تسعى في اعتابه ولكنه ما تكبر يوما ولا تجبر. كان
كبيرا في رحاب نفسه وعظيما في شخصيته واني لاذكر يوم صادفته في
الكرك يرد الزيارة لأحد أصدقائي وهو من كبار رجال القانون، وكنت
عنده اتفاقا ولأذكر اني كنت انتقد صديقي عندما اخبرني انه قبل يدي السيد
محسن الأمين المجتهد الأكبر تبركا به فأنزل على صديقي باللوم الشديد
وهو المتحرر من هذه العادات القديمة التي لا تزيد قدرا ولا ترفع منزلة
ولاذكر دخول جندي الله علينا وانا في ثورتي تلك وما ان رأيت وقاره
ونظرت هيبته حتى انحنيت على يديه اقبلهما.
وصرت صديقا لأسرته النبيلة وانا أتباهى اليوم وأقول عرفت السيد
محسن الأمين المجتهد الأكبر.
ورأيته وهو جندي الله يدعو إلى السلام ويبشر بالوئام ويتمم واجباته
الدينية والفروض المرسومة عليه اتماما فيه أكبر من الكمال فلقد كان كالنحلة
وقد فطرت على صنع الخير وكالزنبقة وقد نشأت على العطر.
نحن نكرم الرجل
ان في التماثيل المرتفعة تمجيدا لفتح مدينة وتخليصا لشعب من
عبودية، وفي المدائح المسكوبة على كل ذي باس نحر ضعيفا واستاسد على
مسكين، وفي الصور توزع ذات اليمين وذات اليسار وتنقل ذكرى
المخترعين والفنانين والأدباء والموهوبين وغيرهم من أرباب القلم وحملة
السيوف، ان في هذه الوسائل لتكريم الأبطال وفي هذه الطرق لتعظيم
الكبار، ان في هذه وفي سواها من دلائل الاقرار بالجميل أشياء من
الصوابية وأشياء من الموجبية ولكن الرجل الذي ان أقيم له تمثال فلا يجوز
اعتراض وان وزعت له صورة فلا يسوع انتقاد، فهو تمثال جندي الله
وصورته راهبا كان أو إماما مجتهدا لأن جنود الله الذين يبتعدون عن ارزاق
الأرض ويستغنون عن كنوزها برضى الخالق جديرون أكثر من غيرهم بان
تنصب لهم التماثيل وبان تشيد لهم المزارات. نحن نكرم الرجل، فاجعلوا
حياته قصة يتداولها الناس واجعلوا ضريحه مزارا يتبارك به الناس. واجعلوا
أخلاقه مدرسة يتعلم منها الناس. فيعيش المجتهد الأكبر، أخلاقا في كل
من يقتدي بسيرته، وعلما في كل من يقتبس من نوره. ورجلا في كل من
يسلك طريقه وينهج نهجه.
الخالد
بقلم: الشيخ علي الخاقاني صاحب مجلة البيان
السيد محسن الأمين هو المصلح الكبير من أشهر مشاهير علماء
عصره.
في خلال مكثه الطويل في الشام استطاع ان ينقذ هذا البلد ويقلب
صفحة تفكيره ويفيض عليه بأدب وعلم فأسس مدرسته المعروفة باسمه
ونظم منهاجا يتلاءم وذوق العصر واخرى بجنبها لتثقيف البنات.
وحياة السيد الأمين صفحة مشرقة من الأعمال الصالحة، وسفر
خالد تقرأ فيه الصلابة في المبدأ والاستقامة في السير، والصبر على استقصاء
الأمور والظفر، وهو مخلوق عجيب فقد صحح لنا ما ينقل عن مشايخ
السلف في صبرهم وانصرافهم وقوة الإنتاج عندهم وقد انتج كتبا قيمة
بعضها يتعلق بالعقيدة والبعض الآخر بالآداب، والمجموع لتهذيب النفوس
وايصالها إلى ما يلطف جوها وينحو بها إلى السعادة وهو في مجموع ما كتب
ونظم انسان يفرض على العصور البقاء لذكره. وعلى المؤرخ الإشادة
بفضله، وعلى المؤلفين العناية بشخصه. والسيد الأمين شعلة وهاجة من
العمل المثمر، ومثال بارز للجهاد العلمي الصحيح وكتابه الأعيان لم
يعرف أهميته الا الباحثون وأهل الفن، فالموضوع السماعي والبحث
التاريخي يفرض على الباحث التتبع والتنقيب والمحاكمة للأقوال إلى ما يحتاج
معه إلى زمن طويل لتحقيق بغيته، كما يحتاج إلى وقوف وصبر وجلد
ليطمئن فيما يكتب ويؤتمن فيما يشاهد وليس بامكان كل أحد ان يحيط بهذا
الفن، والسيد الأمين في كتابه هذا وفي سائر كتبه الأخرى برهن انه فهم
الخلود، والعالم الذي وجب عليه ان يخدم أمته ومبدأه، والمرشد الذي
يهدي الناس إلى طريق الهدى والصواب فقد خدم خلال عمره الشريف
الدين والعروبة والاسلام وخدم لغة الضاد والمكتبة العربية باتحافه لها بين
حين وآخر بشتى الآثار وسائر النواحي الاجتماعية والدينية في بلاده.
ولم يقصر اصلاحه على بلده الذي أقام فيه بل صرخ في وجه الجهل
والعادات السقيمة والصور الشاذة والسير المعوجة في البلاد الاسلامية وهدف
إلى اصلاح المنبر الحسيني فلطف معظمه باصداره بعض الكتب التاريخية
(٤٠٢)

وانعطف بالاصلاح حول المواكب وبما يدعونه بالشعائر من ضرب القامة على
الهامة والسلاسل على الظهور مما ينفر من سماعها الشرع والعقل، وأصدر
رسالته التنزيه لأعمال الشبيه طالبا فيها الابتعاد عن هذه الألوان المزرية
بحقيقة الإمام الحسين والماحية لشرف دعوته ونهضته مثبتا أهم المصادر
الدينية والفتاوى المذهبية للسلف والخلف ولكن في النجف فريقا ممن يصطاد
في الماء العكر، وممن ضعف ادراكه، أبى عليه ان يسمع الصرخة
الاصلاحية فقام في وجه يعضدهم فريق من لبنان ممن خالف ضميره وابتعد
عن قول الحق ومال إلى نداء الأغراض الشخصية. ثم ذكر الكاتب شيئا
من رسالة التنزيه إلى أن يقول:
واستمر السيد يناقش شخصا كان قد نقده في رسالة طبعها، ويثبت
نص أقواله الواهنة ويفهمه بأسلوب مشفوع بالبرهان والدليل، ويذكره
بفتاوى المجتهدين والفقهاء وتحريمهم لذلك.
ان السيد الأمين قد مسك التاريخ بيده وفاز بالثناء والإكبار من قبل
كل فاهم للاصلاح فعني بذكره وتقصد بسط سيرته المثلى التي هي العنوان
الأول لرجال العقيدة والرأي الصحيح. رحم الله المصلحين الذين أذابوا
أنفسهم لسعادة غيرهم ورحم الله السيد الأمين فقد كان منهم.
الموجه
بقلم: الشيخ عارف الزين صاحب مجلة العرفان
لم يكن السيد المحسن أبا لخمسة فقط بل كان أبا لطائفة كبيرة من
الناس اهتدوا بهديه وارتشفوا من علمه وتتلمذوا عليه تارة وعلى كتبه طورا
فكان القدوة الصالحة لهم والمثل الأعلى لما فيه خيرهم وصلاحهم، تعلم
فكان المجتهد، وعلم فكان المفيد وألف فكان المجلي، كان أمة في رجل
وسيدا في قبيلة، واماما في جماعة، ومع علو مقامه فقد كان فينا كأحدنا.
ولو لم يكن له من الآثار والمآثر الا ذلك التوجيه الذي وجه به كثيرا من
القراء والأدباء نحو المثل العليا لكفى، وتلك الحملات المنكرات، على
البدع والخرافات، وهاتيك الكتب التي لم يفارقها ولم تفارقه طرفة عين
وحسبك انه طبع المجلد الرابع والثلاثين والخامس والثلاثين من أعيان
الشيعة وهو آخر ما طبعه من هذا المؤلف الذي لم يسبقه إليه أحد وهو
بين مخالب المرض لا يكل ولا يمل حتى في أشد آلامه واوجاعه وقد وصل به
لآخر حرف السين ولم يهم بطبع المجلد السادس والثلاثين وأوله حرف الشين حتى
كان هذا الحرف شؤما على الأمة العربية جمعاء التي قامت بما يجب عليها
نحوه حكومة وشعبا ولا نشك ان نجله الحسن أحسن الله إليه سيتم ما
بدأ به والده لأنه قدست نفسه الزكية يقول: ونسأله تعالى التوفيق لطبع ما
بقي من الكتاب الذي أصبحت مواده كلها جاهزة لا تحتاج الا إلى إعادة
النظر.
ان روح السيد الطاهرة لا ترتاح الا باتمامه، وكل حافظي جميل أبيه
لا يتوانون عن المساهمة في هذا الواجب:
لمحسننا الأمين كبير فضل * فلا يحصى بكتب أو بصحف
إذا عدت رجال الفضل يوما * فإنك واحد بمقام ألف
بفقدك قد فقدنا كل فضل * وفضلك جل عن نعت ووصف
لم يكن دينه جاها أو تعصبا
بقلم: الأستاذ رئيف الخوري
قل ان يقضي نحبه رجل دين فيفجع به الشعب كله فجيعته بالسيد
الأمين وتشعر الأمة ان المصاب مصابها لا مصاب طائفة من طوائفها. ذلك
ان الفقيد الذي رحل عنا بالأمس شخصه ولن يغيب عنا اثره ولا جوهره
كان رجل دين فلم يكن دينه جاها أو تعصبا أو تكسبا أو تمسحا باعتاب
الحاكمين، بل رياضة للنفس على الفضيلة ومسكنة للحق وزجرا للجهلة
والمتجبرين، كلا ولا كانت إمامته تشقيقا أو تفريقا بل ركنا وثيقا للاخاء بين
المواطنين.
فسلام عليك من كل من لم يجعل الدين مستغلا ومقتنى، ولا اتخذ
الطائفة أمة أو وطنا، سلام عليك من كل حارث حرث بصمت حقول
العقول ولم يأذن فيها لطفيليات التقليد ان تخنق بذور التجديد!:
أسى يقتضيني ان أطيل القوافيا * متى كان شعر من جوى الحزن شافيا
امام ثوى لم يسع الا مشيدا * ولا قال الا بالاخاء مناديا
ولم يرض هذا الدين سلعة تاجر * فما كان بياعا ولا كان شاريا
ولكنه كان الضمير مؤنبا * بهمس وحينا يبعث الزجر قاسيا
ثار عليه الجامدون
بقلم: الشيخ موسى سبيتي
ان فقيدنا عمره عمر فرد ولكن حياته حياة أمة فلو رجعنا في التاريخ
العاملي القهقرى إلى عهد خمسمائة سنة لم نجد لفقيدنا ضريبا في رحابه نفسه
وغزارة انتاجه ورصانة تفكيره فلقد كانت نفسه رحيبة الآفاق القى نظرة
بعيدة في الأقطار الاسلامية فوجد جهلا شائعا في كل نواحي الحياة فنشر كتبا
تتضمن كثيرا من التاريخ الحافل بالعبرة والأدب المفعم بالحكمة والخلق
الذي يهتف بالفضيلة والتضحية في سبيل الحق فاستقى من ينابيعه جميع
الطبقات حينما تتلى كتبه من أعلى المنابر في جبل عامل والعراق وفارس
والبحرين فاصلح خططا توجيهية كان مزاجها كثير من الأساطير
والخرافات.
ولم يكتف بذلك بل قاوم كثيرا من التقاليد والعادات الخاطئة يحسبها
أصحابها من الدين وليست من الدين في شئ فثار عليه الجامدون ثورة فيها
كثير من العنف والشدة فتلقاها برباطة جاش ورحابة صدر ولكن سرعان ما
ذهب الزبد واضمحل وبقي ما ينفع الناس.
كما أنه في الحقل العملي كان أول العلماء الذين شيدوا المدارس
وحرضوا على اقتباس ما عند الغرب وإذا شئت قلت غير هذا وان غضب
أناس: قد كانت عند رجال الدين والأدب عقلية صلبة قاسية تحيا في دائرة
ضيقة لا تحاول الخروج منها بل يعدون الخروج من تلك الدائرة شذوذا
وتمردا وكفرا ولكن السيد رحمه الله كانت عنده نفس مرنة طيعة فشيد
المدارس ودعا إلى العلم من اي وعاء خرج وكتب كتبا متنوعة بأساليب
متنوعة ويسر العلم والأدب بقلم كله توجيه كما أن له في الفقه آراء كلها
وسعة ويسر.
من مراثيه
للأستاذ سامي عازر في رثائه:
(٤٠٣)

أ محسن! من اضفى على الدين حلة * زهت بدراري العلم زهراء مطلع
وأثبت ان الدين ان حف ركبه * بدنيا إخاء خالص الود يمرع
هو الدين حب يبعث العز شامخا * فيقضي على حلم غريب ومطمع
أ محسن من أفتى بنزع فوارق * وألقى إلى النيران اوهام أربع
وحرر من قيد الأساطير أمة * وشق إلى العلياء ارحب مهيع!
يؤوب إلى غمد وما فل نصله، * ويثوي ثواء النور جد مشعشع
فتى عامل والشام ما أنت منهما * على الدهر الا رمز عز ممنع
سموت عن الإقليم كبرا فلم تكن * لقطر، ولكن كنت للعرب أجمع!
نناجيك، خلف اللانهاية منصتا * وان يهمس المفجوع للرمس يسمع!
ورب ضريح ينشر النور زاهيا * على صرح قيل بالظلام ملفع!
فأشرق على ليل العروبة لحظة، * وقلقل دياجير الخمول وزعزع
لعل بني أمي يهبون هبة * تعود على الدنيا بمجد مضيع!
فقيد العلم والدين
بقلم: الشيخ عبد الله بري
تساءل العلامة الأميركي المستر ونسن دايفز في بحثه بالعلوم الطبيعية
عن العامل الإنساني، تساؤلا موجزا إذ انه رغما عن الإنجازات التي
ظهرت في حقل الكيمياء والطب والهندسة وما إلى ذلك من الاكتشافات
الفنية الرائعة فان من أكبر القضايا في مدنيتنا الاجتماعية التي لا تحل
حلا طبيعيا هو العامل الإنساني اي ان هذا العامل لا تدركه الأبحاث ولا
تفهمه الافتراضات والتصورات التي تنبثق عن العقل والنفس، وحري بمن
كان لا يعرف الواقع الديني في نشوء الايمان، ولا يفهم سلسلة
الارتباط بين الإنسان والله التي تمتد على ضياء اعمال المصلحين في المجتمع
البشري العام امتدادا دائما متفاوتا، ان يظهر بالافلاس العقلي الحائر،
ويستمر بالتقصير العلمي المتناقض عن ادراك ما نسميه جوهر الوجود
الذي يتولد منه ما اطلق عليه علماء الغرب العامل الإنساني وأطلق عليه
من كان قريبا إلى الله بايمانه ودينه، بعيدا عن شهواته بعقله وهدايته عامل
الروح والروح إرادة إلهية تأتي كالنبل الطبيعي في الموجودات غير
العاقلة، وتأتي كالنفس الصالحة والعقل المنتج في الموجود العاقل وما كان
موجود يكون نبيلا، وما كل نفس أو عقل يكون موجودا صالحا!
ففقيد الشرق الحجة الامام السيد محسن الأمين قدس الله سره
كان إرادة إلهية من مثل السماء الأعلى في معنى روحي نبيل يعيش في جوهر
الوجود عيش الحياة في كل كائن وكان نفسا تتدفق بالاصلاح الهادي،
وتفيض بالفضائل المهذبة، وجسما يحمل أروع وأنبل واسمى ما يعرفه
الناس في ثقافة الواقع الإنساني أو الروحي، وعقلا جهزه الله بهدى الوحي
وعلمه فظهر على قلمه رسالة وشرعا، وعلى لسانه وضعا وتأليفا كدائرة
معارف، كما جهز جده محمد ص برسالة الاسلام التي جاءت إلى الوجود
نورا ومدنية وسلاما ورحمة!
فإن كان الموت سنة طبيعية، فرضتها إرادة خالق أعلى، فيختلف
موت الناس باختلاف قربهم وبعدهم من الله تعالى، فلقد كان الامام
الراحل نفسا تتغذى على الرحمة والرضي والاطمئنان الإلهي فلا يمكن ان
ينالها الموت وانما يتناولها الرجوع يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك
راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.
وإن كان كاتب مثلي جفت دمعة قلمه على عين أدبه في فقد هذا
المصلح العظيم أن يقول رثاء فيه فان الكلمات تقصر عن رثائه كما قال
حسان بن ثابت يوم توفي النبي ص: لم أر شيئا الا رأيته يقصر عنه، ومن
رثى النبي محمدا بهذه الأبيات فكانما رثى من وراء الزمن حفيده الأمين
الراحل:
ففدت ارضنا هناك نبيا * كان يغدو به النبات زكيا
خلقا عاليا ودينا كريما * وصراطا يهدي الأنام سويا
الثابت ثبوت الطود
بقلم: الأستاذ احمد إسماعيل
كان السيد الأمين رضي الله عنه علما من اعلام الفضيلة وشعلة من
نور الهداية ولا أغالي إذا قلت إنه كان خير أمة أخرجت للناس، ودنيا من
العبقرية لا يجاري ولا يبارى في علمه وطيب عنصره وشرف محتده،
وهيهات هيهات ان تخلفه العصور وتلد مثله الأجيال.
ومن الحق وقداسة العدالة ان يعد في طليعة رجالات العالم الإنساني
وفي الرعيل الأول بين أساطين العلماء المحققين والحكماء المدققين الذين
شقوا الطريق الواضح والمنهج اللاحب في وجه الجيل الحاضر ووجهوا الأمة
نحو الذروة العليا والكمال الأقدس توجيها صالحا وكيف لا؟ وهو الذي
أنفق طيلة حياته الشريفة من المهد إلى اللحد في البحث والتنقيب عن
مخبات العلوم المصونة والجواهر المكنونة وهي خدمة الدين والذود عن
حياضه والذب عن حرمه والمحاماة على تراث أمته الخالد. وثبت ثبوت
الطود المنيف الذي لا يتزعزع وصمد صمود البطل المغوار. والفارس
الكرار في وجه الأباطيل والبدع والأضاليل. يناضل وينافح ويدافع عن
حوزة الشريعة وأرومة العروبة بقلمه العضب ولسانه الذرب وعلمه الخصب
وأدبه الجم لم يه له عزم ولا فل له غرب ولم تأخذه في الله لومة لائم وقد
دحر جند الأباطيل ومزق شمل البدع ومسر شوكة الأضاليل وحظم أقلام
العابثين ونسف كل عقبة كؤود في وجه الحق وأنصاره وما زال يدأب ويجد
ويجتهد في سبيل المصلحة العامة ورفع مستوى الأمة العربية بلا ملل ولا
كلل حتى اصطفاه الله لجواره ونعم الجوار.
رجل كبير
بقلم: الدكتور محمد جواد رضا
رجل كبير...
كلمتان مجردتان هما كل ما استطعت النطق به حين فأجأني الناعي
بوفاة الامام السيد محسن الأمين.
ولقد تبدو هاتان الكلمتان غير موفيتين بقدره ولقد توحيان بأنهما ليستا
أهلا للنهوض بصفة رجل كان أكبر مما كان مأمولا ومرتقبا ان يكون، قد
تكون هاتان الكلمتان كذلك بالقياس إلى غيري، أما بالقياس لي فلا،
فهما عندي موفيتان بقدره وأهل للنهوض بصفته، إذ لكل واحدة منهما
معناها العميق ووزنها الثقيل ما دامت الكلمات كائنات اجتماعية حية لا
تستقيم على حال واحدة من القوة والضعف ولا من السمن والغثاثة ولا من
الخفة في الوزن أو الثقل فيه كما يقول اللغوي الفرنسي الكبير انطوان
(٤٠٤)

ماييه، بل هي تتبدل بعض هذا من بعضه لأنها حقيقة اجتماعية عابرة لا
تتحقق بذاتها مرتين كما انها عارية عن كل قيمة ثابتة. ومن ههنا يبدو ان
كلمة رجل هي اليوم في دنيانا العربية المترهلة بالتفكك والانحلال عميقة
جدا وثقيلة جدا لأن الرجال الذين تثقل بهم وتشيل باشباههم كفة الميزان
قليل وكلمة كبير هي اليوم في هذه الدنيا ثقيلة جدا وعميقة جدا أيضا لأن
الصغار فيها كثير. فإذا قلت رجل فإنما تعني شيئا نادرا في أمة ليس أشد
منها فقرأ إلى هذا الشئ النادر وإذا قلت كبير لقد أردت شيئا نادرا
كذلك. ولهذا وجدتني قد وفيت الامام الأمين حقه من الرثاء حين قلت فيه
انه رجل وحسبتني بالغا في وصفه ما أريد وأزيد حين قلت فيه انه
كبير.
ولا بدع في أن يكون لهذا الرجل الكبير جوانبه الكثار والمتعددات.
جانبه الديني وجانبه الإنساني وجانبه العلمي وجانبه الفني فقد كان رحمه الله
علما بين رجال الدين، نقاء ضمير وسمو نفس وصفاء سريرة وقوة في
التعالي عما يقع فيه صغار العاملين في الحقول الدينية من الوقوف عند الآفاق
الضيقة المحدودة كما كان قمة سامقة بين رجال الفقه والقانون والاجتماع
إلى جانب الرحمة التي استغرقت حياته فأشرق منها جانبه الإنساني، وذوقه
وحسه اللذين ولجا به دنيا الأدب من باب فسيح.
ولقد وددت ان أتناول بالدرس من حياته جوانبها كلها لولا هذا
الغموض واللبس اللذان يحيطان عواطفنا الاجتماعية فيدفعان بالواحد منا
لأن يحذر فيسرف في الحذر ويحتاط فيغلو في الاحتياط فلنطو إذن أكثر هذه
الجوانب لنقف عند واحد منها هو انسانيته فإننا اليوم أشد ما نكون حاجة
إلى نماذج بشرية حية توقظ منا ضمائر غفت على قسوة ونامت على اثرة
مفزعة لو عاد محمد إلى الوجود لكانت الوثنية الجديدة التي يقيم الأرض
ويقعدها حربا عليها وجهادا لها.
في مثل هذا الوقت من العام الماضي كنت في الشام. وحيثما كنت
أحل، وبمن كنت اختلط كان الامام الأمين يذكر بالخير ويشهد له باليد
البيضاء في رعاية الناس ونشر المحبة بينهم، في الجامعات وفي السوق وفي
المكتبات. وكان المتحدثون اخلاطا شتى طلابا ومثقفين وأساتذة وأصحاب
حرف، كلهم كان لسان حمد على هذه الإنسانية البارة الرحيمة. كان رحمه
الله أول من التفت في الشام ولعل بغي الفرنسيين هو الذي دفع به إلى هذا إلى أن
الحكومة لا يمكن ان تسأل عن كل شئ وان تعاون الناس
بينهم هو خير معين على سد الحاجة واسكات عوز ذي العازة فبدأ بالمؤتمين
بإمامته المباركة فدعاهم إلى انشاء ما يشبه صندوقا للضمان الاجتماعي يلقي
فيه غنيهم وفقيرهم شيئا من المال يوميا ولا عبرة بمقدار ما يلقى. الفلس
الواحد يكفي والمهم ان يلقى به في ذلك الصندوق. وكان المؤتمون بإمامته
وما يزالون خلقا كثيرا ولم يكونوا كلهم فقراء، فلم يلبث الصندوق ان اخذ
يمتلئ ويفرع ليعود إلى الامتلاء ثانية وثالثة وراحت الأموال تجمع في يد
نظيفة لها عليها منها حاسب ورقيب فإذا بها تمتد إلى جروح كثار من جراح
النفوس والأجسام فتمسح عليها فتأسوها وتبدلها من شرها خيرا ومن ضيقها
سعة وانطلاقا ثم لم يلبث معهد علمي كبير هو المدرسة المحسنية ان نهض
في الشام يتعهد بالرعاية والتوجيه نحو الخير والحق والجمال نفوسا طاهرة
نقية فيعصمها من الألم وما يعقبه من تفتحها على الشر.
وهكذا كانت حياة الامام برا موصول الحلقات ورحمة واسعة تطوي
بين جناحيها القريب والغريب دون مفارقة ولا تمييز حتى لكان الرحمة والحب
والتسامح صورت جميعا في رجل فكانه هو.
هذه وقفة قصيرة عند جانب من تلك الحياة الضخمة الواسعة العميقة
التي طواها التراب أمس في ظلال ضريح بطلة كربلاء في الشام فإذا
استطاعت أن تكون دمعة وادعة تنساب في حركة ساكنة أو سكون حارق
فهذا ما أريد والا فليس لي الا ان احمل الريح عزاء حزينا لأستاذي
وصديقي حسن الأمين... الرجل الذي يحمل من آلام الفاجعة اثقلها عبئا
لأنه الفرع الزكي من الدوحة التي حسر الزمان ظلالها عنه.
الشعر يؤرخ وفاته
قال السيد حسين الكاشاني:
عبس وجه الصبح في رزئه * عن ليلة جاءت به أدجنا
قلب الهدى عند رداءه انطوى * على المدى أو مثل وخز القنا
أسال زفرة الأسى عبرة * آلت بان لا تبرح الأجفنا
امين دين الله في ارضه * إذ خاره الله له مامنا
والآية العظمى التي بينت * سر النبي المصطفى بيننا
والعيلم الفرد الذي كل ذي * علم بفضل علمه أذعنا
لم يجر في نادي العلى ذكره * الا عليه فاح ريا الثنا
وما وعى شخص أحاديثه * الا بفضله اغتدى مؤمنا
فرائد الفضل به نضدت * عقدا أبى غلاه ان يثمنا
ان غاب شخصه فاثاره * سلوتنا ما استقصت الأزمنا
وانه ان غاب عنا اقتنى * حظيرة القدس له موطنا
ورحبت به وقد أرخت * رضوان حيا السيد المحسنا
وقال السيد نور الدين الأخوي:
فجع الدين بالذي * كان نبراسه المبين
وبكى الشرع أغلبا * طالما قد حمى العرين
حجة الله الذي * حالف الحق واليقين
والامام الذي به * كان يعتز خير دين
أمة العرب والهدى * فقدت حصنها الحصين
قال تاريخه لها * قد قضى المحسن الأمين
صاحب أعيان الشيعة
بقلم: الشيخ عبد الله الخنيزي
ليس الامام الأمين عالما، من العلماء الأفذاذ، الذين يشار إليهم
بالبنان فحسب... ولكنه يمتاز إلى جانب شخصيته العلمية الفذة بشخصية
أدبية مرموقة، وشخصية تاريخية قوية، وشخصية عاملة مخلصة وثابة...
فهو رجل جمع شخصيات نادرة، تمتاز كل منها بالأصالة والجودة والقوة
والخصب... فالحياة فيها دافقة ناضرة... وانه لمصداق لقولهم: أمة
في رجل، وعالم في واحد.
ان حياته حافلة بالماثر الخالدة، والأيادي البيضاء من جلائل الأعمال
التي تضعه في صف العظماء... من الخالدين، أو الخالدين من
العظماء... فإنه شق طريقه إلى الخلود بيده المباركة، وتبوأ من الخلود
(٤٠٥)

منزلة يغبط عليها، ولم يعط ذلك حبوة، أو جزافا.
ولعل من أبرز الظواهر التي تتجلى في هذه الشخصية المضاعفة وان
تكن كل ظاهرة فيها بارزة أقول: لعل أبرز ظاهرات هذه الشخصية:
ظاهرة انتزعت اعجاب الكثيرين انتزاعا... تلك هي هذا الصبر النادر،
والجهد الدائب... هي هذا النماء، والنتاج المبارك النافع. هي هذه
المؤلفات الكثيرة، التي هي النواة الصالحة... وهي بصورة أخص
هذه الدائرة الواسعة، التي وضعها، والتي بذل اقصى جهوده، في اتحاف
الأجيال القادمة بها، والتي أعطت من ثمارها الطيبة شيئا، ليس
بالقليل... وأعني بها: كتابه العظيم أعيان الشيعة... ذلك الكتاب
الذي اخرج منه ما يقارب الأربعين جزءا.
وليس ما يلفت النظر في هذا الكتاب القيم هو عدد اجزائه، في
التقدير للكيف... ولكن هنالك ما هو فوق هذا... بل إن مسالة الكم
لتتضاءل إذا قسناها إلى الكيف.
وشئ مهم في هذا الكتاب أيضا هو ما في هذا الموضوع، من
عمل شاق، يتطلبه من: صبر، وجلد، وتتبع... لأنه يبحث في كل
زاوية من الزوايا عن عين من أعيان هذه الطائفة الكبيرة، المتسعة
الأطراف والمنفسحة الأرجاء والواسعة الأجواء.
وأكبر دليل على ذلك: ما تجده في هذه الدائرة الواسعة من تراجم
أناس، لا تظن ان يعثر أحد على مثلهم نظرا لعدم شهرتهم، استغفر
الله! نظرا لعدم معرفتهم، حتى في بلادهم، التي عاشوا فيها، وتنسموا
هواءها، وتربتهم التي اخرجوا منها، وأعيدوا فيها، وهي لا تكاد تعرف
من أمرهم شيئا، ولم تخلد على أديمها أسماءهم، فضلا عن ذكر أو اثر
لهم...!
وهذا ما يدعو إلى اكبار هذا الرجل العظيم، لا من حيث علميته
ومعرفته واطلاعه فحسب... بل من حيث جهده، وتتبعه، وتقصيه
المنقطع النظير، ومن حيث اخلاصه لفنه، في زمن قل فيه المخلصون،
الذين يعملون لأجل واجبهم لا لشهرة يرجونها من وراء عملهم ولا لجزاء
يأملونه، ولا شهادة تصل بهم لأمانيهم الأشعبية،!
ان رجلا يمتاز بهذه الظاهرة وحدها بله ما يمتاز به من ظواهر لا
تقع تحت الحصر لرجل خار بعمله العظيم.!
موسوعة في رجل
بقلم: الأستاذ امين خضر
أجواء دنيا العرب تجاوبت اصداؤها عن النبأ العظيم، عن خسارة
المصلح الأكبر، والزعيم الروحاني الأعظم مزيل البدع والضلالات ومحيي
الدين، وهادي المجتمع إلى صراط مستقيم، السيد محسن الأمين.
قالوا فيه الكثير والأكثر وعدوا من مناقبه المحمدية ما ظهر منها وما
استتر. قالوا إنه البحر المتلاطم بشتى العلوم والفنون. وانه الشخصية
الفذة النادرة التي عقمت أجيال عن الاتيان بمثلها. وانه المخرج الناس من
الظلمات إلى النور. وانه امام أئمة الدين وانه المجاهد
التقدمي المجدد والمجتهد الأكبر صاحب التأليف التي تعد بالعشرات. وانه الرجل الذي لم
يخش سلطانا، وان لا وزن عنده الا للحق. وان المصاب فيه لمن الفواجع
التي لا عزاء عنها.
قالوا مثل هذا وأبلغ وابعد ولكني أحس في هذه الشخصية الخيرة
فوق ما قالوا وأعظم.
قلت اني أحس في هذا المصلح الأكبر فوق ما قاله الناس فيه
وأعظم. وحاولت ان اصور لكم هذا الفوق الذي أحس فرأيتني حيال
شعاع من مجد الروحية والرجولة يخطف بصري ويستلب لبي. وبياض من
وقار المشيب يملك قيادي، وعظمة من العلم الزاخر.
مثلته امامي حيا وميتا لعلي استلهم من تلك الشخصية وآثارها في
الحياة الروحية والعلمية والإنسانية ما يحل عقدة من لساني فأستطيع ان
أصف لكم الذي أحسست.
سمعت سقاط حديثه الهادئ الندي يعطر به الفضاء، ويكشف به
عن أغوار النفس واعماق الحياة وخفي اسرارها ومستلزماتها. فلمسته
يسكب نفسه بكلام دافق رصين موثق لا ينقطع مدده يسكبها في أنفس
سامعيه، وكنت ذات المرار منهم ثم لا نلبث ان نر أنا كلنا دون استثناء
وقد استحالت أنفسنا في نفسه ولا شئ الا العجز عن تصوير ما يستحيل
تصويره.
سمعته يرسل كلاما نضيحا مختمرا في جمل موجزة مشرقة دقيقة مرن
عليها لطول ما عانى من اختيار الصور الكلامية لما كان يقول ولما كان يكتب
ثم يقطع كلامه بفترة من صمت يخال سامعوه انه انقطع تياره فيحبسون
أنفاسهم ويمسكون قلوبهم وإذا به يفاجئهم بفقر منتظمة تتحاكى مع عينيه
الحاكيتين وعيناه عينا نسر كما تلحظون فتمر هذه الفقر من آذان مستمعيه
إلى أذهانهم ثم يروح يزجها بدعاب حلو تخفيفا من وقار الجد وثقله ودفعا
لسامة السامعين.
رجعت استلهمه ميتا لأنبئكم بما قلت اني أحسست ب‍ " فوق ما قال
الناس فيه. فألقيت جسدا منيرا طاهرا مسجى خشيت ان اهزه فتكون
معجزة بان يبعث حيا تلبية لنداءات تعودها طوال حياته كلما استنجد أو
استغيث. فتراجعت اطلب روحه لأناجيها فرأيتها في
برزخ الأبدية في حضرة قدسية علوية تقول لها: يا أيتها النفس المطمئنة تعالي، فقد رجعت
إلى ربك راضية مرضية فادخلي جنتي فألقيت رأسي بين يدي تهيبا وعجزا
وقلت ما ذا أنت صانع يا هذا. ان ما خيل إليك انك رأيته في الفقيد هو
فوق ما رآه الناس فيه كان فيضا من الحس الباطني وان بين ما يحسه المرء
وبين ما يعبر عنه من البعد ما بين البداية واللانهاية.
في سنة ١٩٢٩ رافقت بعثة أميركية عربية علمية دراسية طافت في
انحاء جبل عامل وخيام عرب الفضل وجبل الدروز وبعلبك. قوامها
الدكتور د د مدرس اللاهوت في الجامعة الأميركية والبروفسور ريتشرد أستاذ
العلوم السياسية والبروفسور سعيد حمادة أستاذ العلوم الاقتصادية واحد
أستاذتها السيد رجائي الحسيني. وكان من منهاج البعثة الاجتماع إلى قادة
التفكير في تلك البقاع. وفي حضرة الفقيد رضي الله عنه والعالمين الكبيرين
الصنوين الشيخين رضا وضاهر ومن لا يعرف هذا اللون الزاهي الوقور من
(٤٠٦)

قادة الفكر والتوجيه الصحيح الخيري الاصلاحي التجددي اقترحت على
أفراد البعثة ان يستحكوا هؤلاء القادة ففعلوا واخذ الفقيد ذاك الوعاء الرنان
الذي يحتوي كل شئ يفيض متواضعا من بحره الزاخر باللاهوت
والاجتماع والفلسفة وعلم الأخلاق والتاريخ حتى أدهشهم وصار يعييني ان
اسمع أنفاسهم تتردد ولا شئ مما ترجم إلى الأميركيين ترجمة صحيحة
واستوعباه يريد ان يخرج عن وعيهما. فشعروا انه غبر في وجوههم وأين
ثراهم من ثرياه؟ وفي عودتنا قال أحدهم ريتشرد ان العظمة تحكيها عينا
هذا الرجال قبل لسانه. وقال الآخر: سنحدث الرئيس دودج اننا رأينا
موسوعة في رجل.
ان الفضائل كلها كانت تمشي في ركاب هذا المصلح العظيم. وإذا
كانت عظمة العظيم يسليها الموت فهناك ما هو أعظم من الموت هو
التاريخ الكفيل بانتزاع هذه العظمة من يد الموت وحفظها لصاحبها العظيم
ثم ينفض عليها صبغة الخلود فإذا هي حياة العظيم الثانية التي لا تموت.
فيا روح الفقيد الغالي إطمئني حيث أنت فعبيرك في مشام الوجود
يعطر ارجاءه وصاحبك من العظمة الإنسانية بحيث كل ما ترامى التاريخ
على موته أحيطت ذكراه بهالة من المجد الخالد، وأحيط اسمه بكثير من
الأساطير.
عبقرية فذة
بقلم: الأستاذ يوسف صارمي
صاحب مجلة المواهب التي تصدر في الأرجنتين
عبقرية فذة مؤمنة عارفة مجاهدة ألفت وأصلحت بين قلوب العرب
أجمعين، المسلمين منهم وغير المسلمين ألفت بينهم وأصلحت على مختلف
مللهم ونحلهم، وعلى كثرة فرقهم وشيعهم ومنازعهم وأهوائهم، ما شاء
لها اخلاصها لربها، وايمانها بعروبتها ووطنها ان تؤلف وان تصلح.
وإذا كان بلغكم بان العالم العربي، ساهم من ألفه إلى يائه بماتم
الفقيد الجليل، مساهمة منقطعة النظير، وتمثل حكومة وشعبا بتشييع
جثمانه الطاهر، واحتفل بدفنه احتفالا مهيبا رهيبا لم يكن من قبل تسنى
مثل عظمته وجلاله، لأمير مدوج، ولا لمليك متوج علمتم إذن، عظيم
الخسران الذي منيت به الأمة بفقدها مربي الجليل ومهذب النش ء ومقدار
فضله عليها، وخدماته الجلي في سبيلها.
بل علمتم مبلغ جهوده في مناهضة الانتداب الظالم، منذ ان وطئت
قدماه بلادكم إلى أن أجلاه الله عنها خاسئا حسيرا.
رحم الله محسننا الأمين، فقيد العلم والأدب والعرب، رحمة واسعة
توازي خوالد أعماله، وتكافئ جلائل مبراته وحسناته، ولقاه الله نضرة
وسرورا، وجنة وحريرا في رياض خلده، بين الملائكة المقربين، والشهداء
والصالحين، وحسن أولئك رفيقا وأحسن الله عزاء الأمة والوطن وعزى آله
الكرام وبخاصة أنجاله الأدباء الأعلام وارثي علمه وفضله وتقواه ولا سيما
صديقنا الحميم الكريم نجله الأستاذ حسن الأمين الذي عرفناه ابان زيارته
هذه البلاد فعرفنا الجهاد الصحيح والأدب الرفيع والعروبة المثلى.
العالم النبي
بقلم الشيخ موسى شرارة
لقد كان من الأنبياء قديما صاحب رسالة للعالم وصاحب رسالة لأمته
أو لبلدته أو لقبيلته.
وكذلك العلماء عالم بلدته وعالم طائفته وعالم أمته وعالم يسترشد العالم
بهديه وهذا مصداق قول نبينا محمد ص علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل
كان السيد المحسن الأمين من النوع الذي يسترشد العالم والأمة بهديه وآثاره
فقد ربى في الشام جيلا من البشر كما ربى الأنبياء أجيالا من البشر
وسيسترشد باثاره أجيال من البشر في المستقبل.
ولما كانت الغاية من ارسال الرسل كشف الغطاء عن البصائر وتحرير
العقول من التحجر الذي لحقها بتقليد الآباء واتباع الكبراء والوثنية العمياء
كان على العلماء ان يتحملوا هذه الرسالة ويؤدوها إلى البشر بالشكل الذي
ينير البصائر ويرفع الحجب فاداها جلهم بالقاء العظات العامة والخاصة وهذه
الطريقة وإن كانت تؤثر أحيانا. ولكن التأثير محدود بنسبة الوعي وقلما
يوجد الوعي صحيحا في المجتمعات وقلما تنطبع العظات في العقول وتتأثر
بها النفوس بل هي غالبا تكون صورة عارضة تطرق الذاكرة وقتا ما ثم
تزول بالنسيان وخصوصا إذا كانت المجتمعات تغلب عليها الأمية فيندر
التأثير لضعف القابلية ومع هذا التأثير القليل لا يحسن اهمالها ولا يحسن
الاقتصار عليها هذا ما أدركه السيد محسن الأمين بثاقب بصره فألف كتبا
للوعي الديني اختار فيها ما يتلاءم مع العقول ويوافق واقع التاريخ وصواب
الأحاديث الشريفة ثم ربى عددا كبيرا من الشباب يقوم بالوعظ بهذه المواعظ
وأمثالها مما هو برئ من الكذب والمبالغات ومن لهم تتويج القائهم بكتاب
الله العزيز كي يكون أبلغ في الوعظ وازجر للنفوس فكان أولئك الشباب
أمثال رسل عيسى ابن مريم سلام الله عليه ينتقلون أحيانا في البلدان يلقون
في المجتمعات ما تلقوه عن المغفور له السيد محسن الأمين وما انشاؤه على
منواله بشكل جديد تشرئب إليه الاسماع وتتوجه له النفوس فحفظ بهذه
الطريقة الغذاء الروحي للمجتمعات وقدمه إليهم بأحسن توجيه وقد استن
بسنة السيد الأمين هذه عدد من الشباب الذين يصعدون المنبر في لبنان
وكونوا لأنفسهم طريقة جديدة تتلاءم مع ذوق الجمهور المتعلم في العصر
الحاضر بينما لا تزال الطريقة القديمة في البلدان الشيعية الأخرى مع عدم
خلوها أحيانا من الكذب والمبالغات التي تنفر النفوس من استماعها.
ونظر إلى حاجة المستقبل لمجتمع صالح يتربى على العلم والأخلاق
الفاضلة أسس مدرسة للبنين ومدرسة للبنات أنشأتا جيلا من الشباب
والشابات تربيا على الفضائل الأخلاقية والدينية وعلوم العصر الحاضر وبلغ
من شهرة التربية الفاضلة في مدرستي السيد الأمين ان ارسل أحد وزراء
سوريا المنظورين ابنته إلى مدرسة البنات قائلا: أفضل الكمال الخلقي بهذه
المدرسة على اي مدرسة أخرى.
هكذا أشرف السيد الأمين على التربية الفاضلة ورفع الروح الإنسانية
في عدد كبير من البشر ملتفتا تارة إلى الصغير واخرى إلى الكبير ومادا بصره
إلى الامام ينظر الأجيال المقبلة كأنما هو يخاطبها بقوله: هذا هداي وهذه
آثاري هي الينبوع الصافي والمنهل العذب قد أعددت لكم الغذاء الروحي
فلا تتعدوا طريقي المثلى وتردوا الموارد الكدرة!!
(٤٠٧)

كانت رحلاته في الدنيا للعلم ولاحياء ذكرى رجال العلم والآداب
والدين وبذل حياته الثمينة في سبيل العلم فكان يستوي في طلبه العلم
وكشفه العلم حالتا الصحة والمرض فما اقعده المرض عن البحث والتنقيب
الا الأيام الأخيرة التي كان فيها مشرفا على الرحيل إلى ربه.
وكانت قبلته الحق لا يتجه الا إلى جهتها ولا تأخذه في الحق لومة
لائم فهو حامل لوائه المحامي عنه وكم صدمت نفسه الزكية بحملات
مغرضة وصوبت إليه سهام الطعن والسباب من المنابر والمجتمعات والأقلام
فكان كأنما يرفع به إلى السماء.
أجل لقد أبت نفسه الكبيرة ان تعنى بغير ما ينفع الإنسانية وأبى الا
ان يكون خالدا بين ابطال التاريخ الذين كان حريصا على تخليد آثارهم
فنذر نفسه للقلم الذي علم به الإنسان ما لم يعلم فكان رفيق حياته مدة
ثمانين سنة منذ ابتداء الدرس حتى أدركته الوفاة وكأنما حرص ان لا يفارقه
حتى بعد الممات فاوصى ان يدفن في تربته الزكية إلى جانبه فكان ما أراد
وكان رفيقه حيا وميتا.
من مراثيه
للشيخ علي مغنية في رثائه:
مولاي ما ذا في رثائك أنشد * فلأنت عال ما لأفقك مصعد
أ يطير مقصوص الجناح إلى السهى * ويرى شعاع الشمس أعشى أرمد
فلأنت للاسلام حافظ سره * ولأنت سيف للصلاح مجرد
يا سيد العلماء أنت فخارهم * أنت العماد لهم وأنت المقصد
كنت الولي لهم فعز مقامهم * والمرء يشقى بالولي ويسعد
من منهم لم ترع كل أموره * من لم يكن لك في معونته يد
هذي أياديك الجليلة دونت * للمسلمين فضائلا لا تجحد
للدين والدنيا معا كنت الذي * يؤتي لكل المشكلات ويقصد
أجهدت نفسك في جهادك ناثرا * درر الفضيلة والفضيلة تجهد
ذو الأمجاد
بقلم: السيد محمد رضا شرف الدين
ان رجلا كبيرا كالسيد محسن الأمين في غنى عن الألقاب والعناوين
التي تقال في مثل هذه المناسبات لقد كبر الفقيد وكبر حتى أصبحت كلمة
السيد محسن الأمين وحدها عنوانا ضخما. فهي عندما تطلق ترسم امام
عينيك كل لقب رفيع من غير أن يخط بحرف.
قبل يومين فقط طويت صفحة من صفحات المجد العلمي بعد ان
تداولتها الأندية الاسلامية وقلبتها المكتبات العربية ما يقارب القرن،
أشبعت خلاله نهم رواد العلوم والآداب وأخذت بيد الباحثين المنقبين إلى
كنوز مجهولة منسية في زوايا مجهولة منسية أيضا. لو لم يتح لها هذه الصفحة
لبقيت كذلك منسية إلى ما شاء الله.
قبل يومين خمد فكر اسلامي عربي جال في ميادين مختلفة من البحوث
أدبا وفقها ورجالا ونقدا وجدلا... فكان مجليا فيها جميعا أو أكثرها.
لقد خمد هذا الفكر بعد ان أضاف إلى التراث العربي الاسلامي تراثا
غنيا جعل فيه لكل ذي ميل في البحث على اختلاف الميول نصيبا يغنيه
عن تفلية المكاتب وحزم الحقائب. هذا التراث كالمائدة حوت ما يشتهى وما
يلذ... يقبل عليها الجائع فيلتهم... والممتلئ فيتزيد... ثم يستسيغها
هذا وذاك في يسر، ويهضمها هذا وذاك من غير جهد.
فمن هي هذه الصفحة التي طويت؟
أو من هو هذا الفكر الذي خمد!
انه السيد محسن الأمين رضي الله تعالى عنه.
ومن لا يعرف السيد محسن الأمين في دنيانا العربية؟!.
ومن لا يعرف السيد محسن الأمين في دنيانا الاسلامية!!
هذه مؤلفاته الكثيرة تأخذ بيد كل قارئ عربي... فتعرفه إليه معرفة
لا تحتاج إلى ألف ولام!!
تلك مواقفه في الاصلاح الديني الاجتماعي تترفع به في المعرفة... عن
الإضافة... انه لواء يحتل قنة من قنن الشهرة عليا تزهى به القنة.! انه
علم شامخ راسخ ينبعث من أعماقه النور... فلا يحتاج إلى قول قائل...
علم في رأسه نار انه السيد محسن الأمين وكفى.
فقيدنا اليوم ألف... لم يقتصر على فن واحد ولا على علم واحد
فكان فكرا خصبا منتجا أوسع الأفكار العلمية انتاجا وانتشارا!.
فقيدنا اليوم جهر بالاصلاح الديني الاجتماعي... ونادى بمجاراة
العصر الحاضر بتأسيس المدارس الدينية ذات المناهج الحديثة فأسس في
دمشق مدرسة للذكور واتبعها بأخرى للإناث.
وفقيدنا اليوم إلى ذلك كله... إلى هذه الأمجاد ومن نوعها... لقد
كان له صوت من الأصوات الوطنية الرفيعة في القضية العربية في العهد
الفيصلي في الشام. الا انه كان للميدان السياسي قاليا وعنه عزوفا لذلك لم
يعرف في مجالاته.
هذا هو السيد محسن الأمين فقيدنا الذي لم نفقده باثاره الباقيات رغم
الموت... فهو حي فيها ما زال في هذه الدنيا قارئ يستفيد... وهو حي ما
زال في هذه الدنيا مصلح يعمل.
طيب الله ثراه ورضي عنه وارضاه.
من مراثيه
للأستاذ إبراهيم بري في رثائه:
يا ملبس الأيتام ثوب حنانه * الناس بعدك كلهم أيتام
يا حامل الآلام، رزؤك فادح * في كل جارحة له آلام
أفنيت عمرك للهداية داعيا * وسهرت ليلك والرفاق نيام
علم كشلال الضياء يصوغه * قلم تخط بوحيه الأقلام
هيهات بعدك ان تشع منارة * للهدي ان غشى الوجود ظلام
هيهات ان تهب السماء مخلصا * للأرض، بعثته هدى ووئام
(٤٠٨)

كم فهت بالفتوى فما اختلجت لهم * مهج، ولا انتفضت لهم أجسام
وامام فتواك الجريئة تنطوي * بدع الضلال، وترتمي الأصنام
يا مالئ الدنيا بوهج علومه * للشرق، بل للكون أنت امام
أنت الذي استسقى السماء لقومه * فدوى بها رعد وهل غمام
وكان قومك والصلاة تضمهم * عقد له سلك الخشوع نظام
يتساءلون، وفي انكسار جفونهم * هلع! ترى تتحقق الأحلام
وإذا المياه تسيل في رحباتهم * ويفيض منها الخير والإنعام
وإذا استغاثتك الحنون مبرة * وإذا صلاتك، رحمة وسلام
للسيد عباس قاسم شرف يرثيه:
تضعضع الكون واندكت رواسيه * وأعول الدين ينعى فقد حاميه
ساد الأنام بخلق من سجاحته * من ذا الذي كان في الدنيا يساويه؟
يا زينة الأرض والدنيا ومصلحها * وجامع الشمل والاخلاص بانيه
أدى رسالته للناس قاطبة * حتى إذا بلغت طابت أمانيه
يا صاحب العطف والاحسان رد على * صوت الشريد الذي قد كنت تأويه
لو كان يفدى بجمع الناس كلهم * لكنت أول من يمضي ويفديه
تاريخ وفاته شعرا
للشيخ محمد علي صندوق مؤرخا عام وفاته، وقد ضمن الشطر
الأول التاريخ الميلادي والشطر الثاني التاريخ الهجري:
ما على الركب لو أطالوا المقاما * ليؤدوا حقا ويرعوا ذماما
ويؤموا قبرا براوية ضمن * نجما على النجوم تسامى
رفعت راية الهدى بهداه * وحماها في الشام خمسين عاما
ما عليهم لو يلثمون ثرى القبر * اعترافا بفضله واحتراما
يا سليل الهدى ونخبة أهل البيت * والماجد الكريم الهماما
قد شأوت المفيد علما وهديا * وخصاما لمن أراد خصاما
لك نفس كريمة أبت المنصب * أو ان تداهن الحكاما
خلق من محمد وعلي * وحسين قد كان فيك لزاما
طبت نفسا ومغرسا وأروما * وبقرب ابنة الامام مقاما
فإليك التاريخ كالعقد يزهو * وبشطرين كاملين استقاما
فسلام عليه كالغيث يهمي * أو عليه السلام دام ختاما
للشيخ إسماعيل قبلان في رثائه:
مضى المحسن الحبر الجليل لربه * سعيدا فأشقانا وقد سعد القبر
امام التقى والدين والعلم والنهى * فقدناك فاستعصى على الأعين الصبر
تركت بسفر الدهر أنصع صفحة * هي الصفحة الغراء لو نطق الدهر
وشيدت للتعليم صرح معارف * فكان لمن فيه على الباطل النصر
محارب البدع والأضاليل
مجلة العرفان كانت الفجيعة بفقيدنا العظيم السيد محسن الأمين، من الفجائع
التي لا عزاء عنها، لأن الفقيد كان قليل النظائر في الأمم الاسلامية من
حيث كونه إماما من أئمة الدين الاسلامي، ومن حيث كونه زعيما من زعماء
الروحانية في هذا الشرق.
فائمة الدين كثيرون اليوم، وزعماء الروحانية ليسوا قلة في الشرق،
ولكن أين الامام الديني والزعيم الروحي الذي يكون في مزايا الفقيد
كلها.
ليس الامام الذي نريد اليوم هو الذي يجمع علوم الأولين والآخرين
في الفقه، ويضطلع بأعباء الفتيا للمسلمين، وليس الزعيم الروحي الذي
نرجوه فينا في هذا الزمن، هو الذي يحمل تقاليد الروحانية الشرقية القديمة
لكل ما فيها من صالح وطالح، ونافع وضار، وبكل ما فيها من اثقال
تعوق المسلمين عن السير في طريق التطور الإنساني، وتؤخر الأمم
الاسلامية عن اللحاق بالأمم الأخرى في مضمار الحياة والمنعة والقوة.
لا، ليس ذاك هو الامام الديني الذي نريد، وليس هذا هو الزعيم
الروحي الذي نرجو ولكن نريد الامام الذي يجعل الفقه الاسلامي شريعة
الله السمحة التي تراعي أحوال الناس في معايشهم وظروف حياتهم وطريقة
تفكيرهم ومدى قابلياتهم لفهم حقائق الشريعة، ومقياس قدرتهم على
تطبيق احكام الدين، حتى يستطيعوا ان يوفقوا بين حياتهم وقابلياتهم
وطرائق تفكيرهم ومقاييس قدرتهم، وبين مقتضيات الشريعة في سلوكهم
اليومي وفي تصرفاتهم في ميادين العيش والعمل، ومعنى هذا ان الشريعة
قادرة ان تساير الحياة وانها لم تخلق لزمن واحد من الأزمان بل خلقت لكل
زمن ولكل جيل، ولهذا كان محمد ع خاتم الأنبياء،
ولهذا كان حلال محمد حلالا إلى يوم القيامة وحرام محمد حراما إلى يوم
القيامة اي ان شريعة محمد قائمة في الناس إلى يوم الدين، وانها الشريعة
المتميزة بالسماحة والمرونة وقابلية التطور مع الحياة ما دامت الحياة، وما دام
عامل التطور يدفع الحياة في كل جيل دفعة.
وما نقصد من سماحة الشريعة ومرونتها وتطورها ان تتبدل أسس
احكامها وأصول قواعدها، بل نقصد عكس ذلك تماما، نقصد ان هذه
الأسس والقواعد التي تقوم عليها الشريعة الاسلامية هي بذاتها صالحة ان
تساير مقتضيات الحياة، وأن تكون على وفاق دائم مع أطوار الحياة مهما
اختلفت مظاهرها. وتلك هي عظمة الشريعة الاسلامية وميزتها الكبرى
ومصدر بقائها خالدة إلى يوم القيامة ولا يتبدل حلالها حراما ولا يتبدل
حرامها حلالا.
ونحن نريد الامام الديني الذي يجعل من الفقه الاسلامي شريعة
الحياة، ويجعل شرعة الاسلام هي الشرعة الباقية الخالدة الحية ابدا ما
بقيت الحياة.
وهذه أولي ميزات فقيدنا العظيم السيد محسن الأمين، فقد اضطلع
بالفقه الاسلامي وعلوم الشريعة كلها، اضطلاع البصير بما في هذا الفقه
وهذه الشريعة من عناصر الحياة والبقاء والخلود.
لقد أدرك رضوان الله عليه بثاقب فكره ونير عقله، ونافذ
بصيرته، ان الشرع الاسلامي هو شرع الحياة الدائم، واننا إذا اتخذناه
مادة جامدة راكدة لا تتحرك ولا تتطور فقد حكمنا عليه بأنه شرع فترة من
الزمن، وشرع أمة واحدة من الأمم، وشرع جيل سانح من الأجيال،
ومعاذ الله أن تكون شريعة خاتم الأنبياء كذلك، ومعاذ الله ان يرسله تعالى
خاتما للأنبياء ثم يجعل رسالته رسالة فترة زمنية لأمة واحدة وجيل واحد
فذلك نقيص العدل الإلهي.
من هنا كان الامام السيد محسن، إماما دينيا عظيما، وزعيما روحيا
صالحا، فعظمته إذن هي عظمة هذه الطريقة التي فهم بها الدين ويفهم
(٤٠٩)

بها الفقه، ويفهم بها الشرع الاسلامي العظيم.
وليس سهلا يسيرا ان يكون الامام الديني بهذا العقل وبهذه
الطريقة، ولكن من السهل اليسير ان يكون الامام الديني ضليعا بالفقه
وعلوم الشريعة، بل هم كثيرون الذين يضطلعون بعلوم الأولين والآخرين
من شؤون الشريعة والدين، ولكن أين فيهم البصير النير النافذ الفكر
الواسع الأفق الذي ينظر هذه النظرة العملية السمحة للشريعة؟ أين فيهم
المفكر بهذا اللون من التفكير الصالح المنتج الذي يجعل من دين محمد بن
عبد الله دين الأزمان والأجيال ومن فقه محمد بن عبد الله أسلوب الحياة
الدائم ومن شريعة محمد بن عبد الله شريعة الدنيا وشريعة الأمم كافة؟
أين فيهم هذا بعد اليوم، اي بعد ان فجعنا بهذا الفقيد الكبير
العظيم؟
لا نقول ذلك متشائمين قانطين يائسين، فإنه لا ييأس من روح الله
الا القوم الكافرون.
ولكن نقول ذلك ونحن نتطلع إلى الوجوه من هنا وهناك، ونتطلع
إلى انحاء العالم العربي والعالم الاسلامي معا، نبحث عمن يسد هذا الفراع
الهائل الذي أحدثه السيد محسن الأمين الراحل، في صفوف الأئمة الدينيين
والزعماء الروحيين، فلا نكاد نجد ضريبا له ولا مثيلا، وقد نجد ولكن في
النفر الأقلين من الشيوخ الذين وقف بهم العمر عند مرحلة لا يستطيعون
فيها النهوض بالعب ء الضخم الذي كان الفقيد الأمين ينهض به على
شيخوخته وأثقاله الجسيمة.
كان السيد محسن الأمين بعقله وبصيرته وأسلوب تفكيره، يجاهد
جهاد الأبطال من أجل ان يزيح هذا الركام الهائل من البدع والأوهام
والأضاليل، عن شريعة محمد ودينه الخالد ورسالته الحية الدائمة.
لقد عرفنا من طبعه ودينه وايمانه وصلابة عقيدته، ما يبعث في عقله
وفي نفسه معا الحماسة والنشاط والعزم والمضاء في محاربة تلك البدع
والأوهام والأضاليل، وعرفنا فيه إلى جانب ذلك، جرأة القلب وثبات
الجنان وقوة الصبر على العقاب التي تعترض سبيله، وعلى الأعاصير التي
تحاول ان تعوق سيره، وعرفنا فيه رحابة الصدر في احتمال ما يثور بوجهه
من غبار الخصومات.
ولقد يكون في أئمة الدين والزعماء الروحيين من تجتمع فيه هذه المزايا
أو بعضها، ولكن ليس فيهم من يجمع إلى هذه كلها، استمرار الدأب على
نشاط لا هدنة معه، ولا وناء ولا فتور حتى صار الدأب هذا طبيعة لازمة
من طبائع الفقيد العظيم، وحتى صار النشاط هذا خطا مستقيما يمتد طويلا
طويلا على مداه في السنين دون انحراف ولا انكسار ولا انحدار.
هذه آية رائعة كانت أظهر آيات العظيم الذي فقدناه، وهي التي
كانت عونه الأكبر في انتاج ما انتج، وكانت العامل الحي في اخصاب يده
وقلمه، حتى استطاع ان يتدفق في الأدب، والشعر، والفقه، والنقد،
والتاريخ، تدفق المستوعب الممتلئ قلبا وعقلا ونفسا بكل ما كتب وألف
وحدث.
من مراثيه
للأستاذ كامل سليمان في رثائه:
لمن الموكب بين البلدين * مائجا سد فضاء الخافقين
سار من بيروت لهفان الحشا * لدمشق... ودهى العاصمتين
أقلق الأهل، فاصمى قلبهم * وتعداهم فهز الدولتين
زحف الشعبان فيه، وهما * حسرة في القلب أو دمع بعين
قد مشى لبنان فيه مرسلا * أنة في الشام كذلك أنتين
جوانب انسانية
بقلم: السيد فخر الدين هاشم
الامام الأمين رضوان الله عليه، هو أحد أولئك الرجال القلائل
صانعي التاريخ، ولقد أمده الله بالعمر الطويل العريض كتعبير الرئيس
ابن سينا عندما قال: اللهم هبني عمرا قصيرا عريضا، ولا تجعله طويلا
ضيقا.
عمرا طويلا بالكم، عريضا بالكيف، فإذا حياته الشريفة سفر
حافل بالأعمال الجليلة الضخمة، وقد راح الدهر يكتبه على صفحة الزمن
بقلم الخلود.
وتعالوا معي ننتقل الآن عبر التاريخ إلى صدر الاسلام لنرى كيف
انه أعاد إلى أذهاننا سيرة الخلفاء الراشدين فكانت أعمالهم دستورا لحياته
الشريفة، وعودوا معي إلى أيام الحرب العالمية الأولى، بما جرته من
ويلات، لنرى كيف انه طبق تلك السيرة عمليا، واستعرضوا الماضي
بأذهان صافية.
هذا الامام المحسن، قائم في بيته، في هدأة الليلة والناس نيام، لا
تنظره عين سوى عين الإله الساهرة تحرسه وترعاه. وقد خيم البؤس على
منازل أبنائه الروحيين، ويدخل إلى سمعه ثغاء أطفال تطلب القوت،
ويطن في أذنيه كلام جده أمير البلغاء.
أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى، ويهتز في موضعه،
ويقوم إلى حواشي البيت يقتسم ما ادخره لعائلته من قوت، ويحمله على
ظهره إلى منازل الجياع.
ويعود إلى مقره قبل ان يتنفس الصبح راضيا مطمئنا وقد أشبع النداء
الداخلي الذي كان يدفعه للتضحية في سبيل المجتمع المنكوب.
انه بعمله هذا كان تجسيدا للعظمة الإنسانية الخالدة. وها هو ذا
وقد لبى نداء ربه، وطواه الموت بردائه، لا يزال منارة للجيل والأجيال
القادمة، باثاره وهي ملء السمع والبصر.
فهذا معهده في الشام، بسمة في جبين الدهر، يقذف بأشباله إلى
معترك الحياة الحرة يثقف العقول، ويصنع الرجال الأشداء الأقوياء،
يقودون الأمة إلى الخير، وكتبه المنتشرة، وهي مدارس سيارة تطوف الشرق
والغرب، وقد افنى زهرة عمره الشريف في اخراجها آيات محكمات هن أم
الكتاب.
(٤١٠)

هذه لمحة خاطفة عن حياة امامنا الأمين، أبرزها حية ناطقة
بعظمته، وهي حياة حافلة بالجليل من الأعمال يعجز عن ادراك مداها
العقل.
فوق الطائفيات
بقلم: الأستاذ عبد اللطيف الخشن
يحق لي، وانا واحد من مئات التلامذة الذين أشرب الراحل العظيم
السيد محسن الأمين في نفوسهم حب العلم، والفضيلة، وصقل عقولهم،
وأفكارهم، يحق لي ان أقول كلمة بمولاي الامام الفقيد. فأعود فيها
بالذكرى إلى نحو أربعين سنة تقريبا يوم نزحت من مسقط رأسي إلى دمشق
الشام إلى مدرسته حيث صرفت ربيع الحياة، ان في هذه الذكريات التي
تجذبني للكتابة عبرا وعظات تعود إلى أحلام الطفولة العذبة إلى حضن
الأمومة الجميل، إلى باكورة زهوي ومرحي إلى أول صف. في أول
مدرسة، جعلت مني بشرا سويا.
لم يكن السيد محسن الأمين في معاملاته لغير أبناء الطائفة الشيعية أقل
من معاملته الحسنة لأبناء طائفته، ولم أجد في حياتي كلها مؤسس مدرسة في
الدنيا لا يبالغ بحب أبناء طائفته أولا وايثارهم على غيرهم، وجعلهم
مقدمين في الوظائف على غيرهم باستثناء مولانا الراحل الذي كان يفتش
عن معلمين للمدرسة يحسنون التدريس، دون النظر إلى الطائفة التي
ينتمون إليها إذ كان يفتش عن الإنتاج الفكري، والنضوج العقلي،
والوعي في الأستاذ دون ان يسال عن طائفته، وعن نحلته وهذا بشهادة
جميع الذين لمسوا من الراحل الكريم هذا التسامح وهذه العدالة.
ثم انني لا أزال أتذكر الأساتذة الذين كانوا يدرسون في المدرسة
العلوية والمدرسة المحسنية اليوم وقد كان الفقيد طيب الله ثراه جاعلا
المدرسة من ارقى المدارس تعليما وتنظيما وأحدثها وأنماها بالعلوم الحديثة،
وتعليم اللغات الأجنبية. وما كنت تتوسع به وتدخله في برامجها عائد إلى
جهود الفقيد، وسهره على الأساتذة والتلامذة.
ولنعد إلى تساهل فقيدنا، الذي يجب ان يكون أمثولة حية لرجال
الدين والعلم كافة.
لقد كان أساتذة المدرسة من جميع رجال الطوائف، واني لأذكر على
سبيل الاستشهاد والمثال ان معلمي الدروس الصرفية، والنحوية كانوا من
السنة والشيعة، وكان المدرس للغة الافرنسية مسيحيا يسمى الأستاذ
شاكر، وكان مدرس اللغة التركية سنيا اسمه علي أفندي ومدرس
تحسين الخط الأستاذ ممدوح الخطاط المعروف.
ونظرا للشهرة التي نالتها المدرسة يومئذ أقدم الكثيرون على ارسال
أولادهم إلى المدرسة وهم من مختلف الطوائف، ولم يكن في برامج التعليم
أية صفة خاصة، أو ميزة لفريق دون آخر من التلامذة.
ولا أزال أتذكر المؤذن الذي كان منتخبا لوظيفة الآذان في كل
فرض من فروض الصلاة عندما كنا نقيم الصلاة جماعة، وقد كان الطلاب
يصلون جماعة من الصف الأول حتى الصف السادس ليتعود التلامذة منذ
الصغر على تقوى الله وحب الفضيلة!
كان المؤذن رخيم الصوت اسمه علي قضماني من أسرة القضماني
السنية المجاورة لمنطقة الخراب منطقة الأمين اليوم وكان مفضلا، ومقدما
للآذان على جميع رفقائنا، بالرغم من وجود تفاوت جزئي في الآذان بين
السنة والشيعة، وهو إضافة حي على خير العمل بعد حي على الفلاح.
المجتهد الكامل
بقلم: الشيخ يوسف كمال
صاحب مجلة الرفيق التي تصدر في بونس ايرس.
مما يسجل بأحرف من نور في صفحة الخلود لامامنا الحجة السيد
محسن رضي الله عنه وأسكنه فسيح جناته، انه كان المجتهد الكامل الذي
حمل في صدره العلم الصحيح من منابعه الصحيحة، ولم يبخل به ولم يختزنه
ولم يقف به امام البدع والتقاليد العقيمة موقف المداري، بل شهر سيف
الحق ومرقم الهداية وأقدم اقدام أجداده الأطهار الأئمة آل بيت الرسول
ص وأخفت صوت الضلالة وأزاح غمة الغواية ونقى
العادات والتقاليد من الشوائب ورسم الطريق المثلى للمخلصين ودعم القول
بالعمل فكانت سيرته سيرة المعلم الهادي، ولم يكتف بان فتح بيته محجة
للرواد والقصاد والمنتجعين ولم يكتف بما حبر وأذاع ونشر، بل أقام المدرسة
المحسنية الكبرى وانتخب لها خيرة المدرسين واقبل عليها الطلاب حتى من
العراق وإيران، وكانت نتيجة طلابها دوما متفوقة وكانت نسبة نجاحهم
مرتفعة جدا بالنسبة لبقية المدارس. وقد اطلق أخيرا بقرار من الهيئة
التأسيسية للمدرسة اسم المحسنية عليها عرفانا لجميل الإمام الحجة السيد
محسن الأمين الذي نجتمع الساعة على ذكراه الخالدة الحية في النفوس
والقلوب.
أيها الراحل العظيم.
ما ذا نقول فيك الا ان نعيد ما قاله العلماء والشعراء والأدباء في
أسلافك العظام منذ مئات السنين، لقد كنت واحدا من أولئك الذين
يرسلهم الله جلت حكمته في فترات من الزمن فيحيوا سنته، ويهدوا إلى
شريعته. ويضعوا لهذا العالم الحائر ميثاق الهدى والرحمة. فانعم في جنان
ربك، فلقد أديت يا مولاي رسالتك العظيمة، رسالة أهل البيت
المجتبين.
ولله در ابن الرومي الذي قال في أحد أسلافك العظام يحيى بن علي
ما نردده نحن في يوم ذكراك الخالدة:
سلام وريحان وروح ورحمة * عليك وممدود من الظل سجسج
ولا برح القاع الذي أنت جاره * يرف عليه الأقحوان المفلج
كما أن لنا يا مولاي في أنجالك أقمار هاشم العزاء والذخر. ولا يزال
ولن يزال ذكر نجلك السيد حسن عابقا في أنديتنا ما دام في هذا المهجر من
يعتز بمكارم الأخلاق ويهزه الأدب اللباب.
في إيران
بقلم: الشيخ سليمان ظاهر
صورة ماثلة من رحلات إفذاذ العلماء العاملين الذين كانوا يجوبون
(٤١١)

البلاد النائية إما لتلقي دروس علم عن متخصص فيه، حاذق له، معروف
به، مفقود في بلده، واما لسماع حديث أو أحاديث عن رجال ثقات عنوا
بأسانيدها وبتمييز صحيحها من فاسدها، وغثها من سمينها. وقد تنشط
همم بعضهم لقطع المراحل القصية لتصحيح حديث واحد عن محدث عرف
بالوثاقة والأمانة والتمحيص. واما لدراسة طبائع الأمم والشعوب وأديانهم
وعقائدهم. واما للوقوف على مصورات بلادهم وموقعها من الكرة وما فيها
من الخصائص، وما إلى غير ذلك مما يهدف إليه الطوافون في جوانبها،
والماشون في مناكبها وكل يأخذ من الرحلة ما هو ميسر له، وما يحفزه إليه
طبعه.
ومن هؤلاء من نعدهم ولا نعددهم ممن طوفوا في الأرض لأحد تلك
الأغراض من قدمائنا: اليعقوبي المؤرخ والمسعودي وابن النديم
والكراجكي والخطيب البغدادي ومنهم الفارابي الذي استقرت سفينته في
طوافه في بلاد الشام وانتهت حياته في دمشق. ومنهم ناصر خسرو الإيراني
وياقوت الرومي وابن جبير وابن بطوطة. إلى كثيرين يخرجنا عدهم عن
غرضنا. وفي العصر الأخير فيلسوف الشرق السيد جمال الدين الأفغاني
الممحضة رحلاته لاصلاح الشرق وايقاظ المسلمين من غفلتهم فالميرزا باقر
الإيراني فجم غفير غيرهم.
واما صاحب هذه الرحلة الجليلة إلى إيران امام عصره ومصلحه
العظيم فقيد الشرق الاسلامي ساكن الجنان الخالد السيد محسن الأمين
فكان حافز نفسه الكريمة التي لم تمل العمل للعلم ونشره في الآفاق لا في أفق
وطنه المحدود وفي طائفته فحسب طموحا لا مدى له ولا حدود فلم تقف به
سنه العالية عن ارتياد زيادة المادة لموسوعته أعيان الشيعة التي إن كان
رجالها المترجم لهم من أبناء ملته فهي في واقعها متجاوزة حدود هذا
الغرض. ومن خليقة هذا العالم العظيم النهم العلمي والإحاطة التي قد
ترى متجاوزة للطاقة والإمكان.
لقد أزمع على تلك الرحلة العراقية الإيرانية للاستزادة من المصادر
لكتابه فتحمل مشاقها حيث يضعف عن احتمالها أولو العصبة من الرجال
عالم بان وراء ما يتطلبه لتاليف كتابه الفذ في بابه من جهد وعناء وصبر
وسهر أداء لواجبات دينية واجتماعية ومبادلة زيارات وما إلى ذلك مما
سيكون عليه لزاما لا مفر منه ولا محيص عنه وله شهرته العلمية المطبقة
للآفاق فوطن نفسه على احتمال كل ما سيلاقيه من الأعباء الثقال.
ان هذه الرحلة استغرقت أحد عشر شهرا صرف منها في العراق أكثر
من النصف وفي إيران فصل الربيع ومعظم فصلي الصيف والخريف وكان
ذلك سنة ١٣٥٢ ه‍ وسنة ١٩٣٣ م وبعد سفره الميمون توفقت للاجتماع
بسيادته في الكاظمية مدة يومين أو ثلاثة وهو على اهبة السفر للبلاد الإيرانية
في أواسط نيسان وقد كنا في جملة مشيعي ركبه الميمون.
وفي أول حزيران سنة ١٩٣٤ و ١٧ صفر سنة ١٣٥٢ حيث تخف وطأة
البرد في إيران وهو ما حذرنا منه أصدقاؤنا ولم يعبأ به صاحب الرحلة الجليل
سافرت على اسم الله تعالى وهمنا اللحوق بركبه الميمون والتشرف بطلعته
والاقتباس من علمه والأخذ بحظنا من مؤانسته النادرة المثال. التي استمتعنا
واستمتع أهل النبطية بمعينها الفياض وقد شرفها صيف عام ١٣٤٩ ه
فمكث فيها ثلاثة أشهر حيث يتنسى له طبع الجزء الأول من معادن الجواهر
بمطبعة العرفان في صيدا والاشراف على الطبع والتصحيح فكانت تلك
الأشهر الثلاثة غرة في جبين الأيام ومظهرا من مظاهر فخرها سجلها رضوان
الله عليه في قصيدة رائعة نشرها ونشر جوابها لكاتب هذه الكلمة في الجزء
الثالث من معادنه الغالية. (١)
وبعد طينا صحيفة أيام صفر إلى التاسع من ربيع الأول واثنين
وعشرين يوما من حزيران صرفناها في كرمانشاه وهمذان وقم سافرنا إلى
طهران يوم الجمعة في ٩ ربيع الأول و ٢٢ حزيران مساء ولم يذر قرن غزالة
السبت في سماء هذه العاصمة وتنشر نورها في آفاقها الا على تحقيق أول
واجب مفترض علينا الا وهو القيام بزيارة ذلك المجاهد العظيم وقد عرفنا
انه نزيل العلامة الجليل الشيخ إسحاق الرشتي مدرس علمي الأصول
والفقه في مدرسة سبه سالار فهرعنا إليه وما كان أروع ما لقينا من كريم
عطفه وجميل خلقه وهو مع كثرة زائريه والمترددين عليه من رجال الدين
والدنيا على مختلف طبقاتهم صارف همه في مطالعة ما يعرض عليه من كتب
مخطوطة عربية وفارسية وهو يحسن هذه اللغة تكلما وكتابة سواء أ كان منها ما
يتعلق بموضوع موسوعته أم كان في سواها من العلوم.
وهكذا كان هجيراه في كل بلد حلها في رحلته.
واسعدنا الحظ بعد مكوثنا ستة عشر يوما في طهران ان تشرفنا
بصحبته الشريفة إلى مشهد الرضا ع في خراسان واستمرت اقامته مدة
أربعين يوما، ومع كثرة زائريه من رجالاتها على مختلف طبقاتهم لم يكن
ذلك بصارف له عن تأدية مهمته العلمية أكمل أداء، وقد فتحت له المكتبة
الرضوية أبوابها واختصته بما هو خارج عن نظامها من حيث اخراج كتبها
من مستودعها فكانت تسمح له بإعارة الكتاب الذي يبلغ به حاجته في
مكان نزوله، وهكذا طوى زهاء ستة أشهر ونيفا في إيران منقبا باحثا عن
كل ما له علاقة بكتابه إلى ما تفرضه عليه المجالات وحقوق الاخوان والى ما
يعرض في خلال الاجتماعات من مباحث علمية والى قيامه بامامة الجماعات
في كل بلد حله وقد تخلت عنها له أئمة مساجدها، والضيافات والقوم كل
يرى نفسه سعيدا ان يكون ضيفه وقد شاهدنا في المدة التي سعدنا فيها
بصحبته دع المدة التي لم نكن حاضرين بها ما نعجز عن تحريره وتسطيره.
وعدنا في ركابه من عاصمة خراسان إلى عاصمة المملكة الإيرانية
طهران وقد طوينا زهاء الشهر في الإياب في هذه العاصمة السعيدة أيام رضا
شاة الذي طلب الاجتماع بصاحب الرحلة الخالد وكان له معه حديث كله
صراحة شيمة العلماء العاملين.
وشاء القدر ان يفارقها إلى قم في إيابه على أن نتشرف باللحاق به
وانتظرنا فيها وفي همذان وأخيرا في كرمنشاه وهناك سعدنا بلقائه وكان بنا
مسرورا.
هذه هي الرحلة الميمونة التي ما كاد خبرها ينمى إلى إيران حتى تلقته
بالارتياح العظيم وما اطل ركبه على بلد من بلادها الا وقد أعد له
الاستقبال الحافل وسرعان ان أصبح شخصه المحبوب وخلقه الكريم وعلمه
(٤١٢)

الجم وحديثه العذب ملء الاسماع والأبصار تعمر به الأندية والمحافل
ويحتفي بمقدمه العلماء والعظماء وسائر الطبقات من كرمانشاه وهمذان ونيسابور
وملاير وقم فطهران فخاتمة المطاف مشهد الرضا عاصمة خراسان وما بين
هذه المدائن من قرى ألم بها إلماما.
لقد كانت عواطف الإيرانيين تتمثل في تلك الخطب الرنانة التي كان
يتدفق بها أعاظم خطبائهم على منابر المساجد بعد كل صلاة كان يؤم بها
الناس، فما هو ان ينتهي من الصلاة حتى يصعد الخطيب المنبر للوعظ على
عادتهم فيشيد بين التهليل والتكبير بضيف إيران العظيم ويعدد ماثره
وفضله، وفي مسجد طهران الأكبر صعد الخطيب المنبر مرة فكان مما قاله:
أيها الإيرانيون ما نعمتم بزيارة زائر لبلادكم بعد زيارة الإمام علي
الرضا كما نعمتم بزيارة هذا الزائر العظيم، اننا لنكاد نحس ان الامام عليا
الرضا يزورنا ثانية وانه الساعة ماثل بيننا بشخص آية الله السيد محسن
على هذا النحو كانت إيران تحوطه بالتبجيل وتستقبله بالاعظام.
من مراثيه
للأستاذ سعيد فياض في رثائه:
يا محسنا ضج الفخار لموته * والمجد صوح واليراع بكاه
كنت التقي بعالم عاف التقى * وتلمظت بشروره شفتاه
فنثرت في دنيا الشرور مشاعلا * ضاء الهدى فيها وذر سناه
خسرت بك الدنيا منار فضيلة * ملأ الربوع رواؤه وضياه
للسيد عادل الحاج يوسف في رثائه:
مداركك العميمة بحر علم * لآلئه مشعشة السناء
خدمت شريعة الهادي مكبا * على استكشاف ما خلف الغطاء
فقدت زمامها وحللت منها * جميع المعضلات بلا عناء
فكنت المرجع الأعلى إماما * تفرد بالفتاوى والقضاء
لقد أحدثت بالفصحى فراغا * ورزء لا يعوض بالعزاء
ولدت وعشت في الدنيا شريفا * رفيع الخلق خصم الكبرياء
وكاسمك كنت في الفيحاء سمحا * كريما لا يبارى بالسخاء
لديك الناس من قاص ودان * سواء في الشدائد والرخاء
جزاك الله عن دنيا معد * وعن عمل الهدى خير الجزاء
علماء دمشق يؤبنونه
قال السيد محمد سعيد حمزة نقيب أشراف دمشق في تأبينه:
كان في سيرته يذكرنا بسيرة السلف الصالح زهدا في الجاه وبعدا عن
المنصب وترفعا عن الصغائر وانصرافا إلى ما فيه من الخير والاصلاح ودفعا
للجماعة الاسلامية في طريق التقارب والالتقاء حتى لا تكون مشتتة الهوى
ممزقة الكلمة تنسى كلمة الله الجامعة ووحدة الدين الخالد ولقد عرفنا له في
هذه الناحية مواقف ممتازة كنا في أشد الحاجة إليها، ولم يكن يأخذ نفسه بها
فحسب ولكنه كان يهدي إليها كل من حوله حاثا عليها محببا بها.
واما في علمه فان الإنسان ليقف مبهوتا امام هذا الجهد الهائل الذي
بذله فقيدنا العظيم وهذا الإنتاج الوفير الذي من الله سبحانه وتعالى عليه
به، وهذه السلسلة الضخمة من الكتب التي كان يقضي بياض النهار
وسواد الليل في تسويد صفحاتها وجمع شواردها وتاليفها والاجتهاد فيها لا
يصرفه عن ذلك عائق من عوائق الدنيا ولا علائق من علائقها، ولا يغريه
مجد حققه فيقعد عن مجد لم يحققه وانما كان عمله غاية نظر إلى الغاية التي
تعلوها.
وهكذا أعاد الفقيد الكبير إلى علمائنا الذين كانوا يترهبون في الحياة
الاسلامية صورا من حياة سبيل في العلم والذين كانوا لا يرفعون أعينهم
عن كتاب الا لكتاب آخر ولا ينفضون يدهم من مؤلف الا ليبدأوا مؤلفا
آخر، أعاد إلى أذهاننا صورا من حياة السيوطي وابن قيم الجوزية والغزالي
وهذه الطائفة التي كانت منار الهدى ومنبع العرفان.
وقال الشيخ هاشم الخطيب:
لقد نهض بابناء طائفته الجعفرية في سوريا ولبنان وجبل عامل نهضة
مباركة وخطى بهم خطوة طيبة حببت إليهم جميع اخوانهم من المسلمين
والعرب كما حببتهم أيضا إلى الجميع فكانوا يدا واحدة اخوانا متحابين على
سرر متقابلين تجمعهم وحدة الاسلام وتنظم أهدافهم وغاياتهم المصلحة
العامة والقومية العربية التي ينصهر في وحدة كيانها كل خير.
لقد كان الأمين رحمه الله واقفا لدسائس المغرضين وحركات الأعداء
والمستعمرين بالمرصاد فكان يحذر في مؤلفاته المتعددة ومقالاته السامية
ونصائحه القويمة وارشاداته الحكيمة من تفريق الصفوف ويدعو إلى التعاون
وتمتين اواصر المحبة والآخاء بين جميع المسلمين والعرب.
وان مدرسته المحسنية بجميع فروعها التي أسسها على حب التسامح
والآخاء قد أثمرت ولله الحمد ثمرتها المنتظرة ونرجو لها دوام التقدم
والازدهار بهمة من يسيرون على نهج مؤسسها المخلص الوفي.
وقال الشيخ بهجة البيطار:
عرفت المجتهد الامام السيد محسن الأمين صديقا لعلامتي الشام
جدي الشيخ عبد الرزاق البيطار، وأستاذي الشيخ جمال الدين القاسمي،
تغمد المولى الجميع برحمته ورضوانه، فقد كان يجتمع بهما ويتبادل الزيارة
معهما، ودامت هذه الصلة بعد وفاة الشيخين إلى أن لقي السيد وجه ربه.
وقد تفضل باهدائي الجزء الأول من أعيان الشيعة، وكتب عبارة
الاهداء بخطه، ولما تصفحت هذا الكتاب، رأيت فيه جميع ما للشيعة
الكرام من اخبار وآثار، ومعتقدات ومصنفات، وقد دفع عنهم المطاعن
والمفتريات، ودعا إلى توحيد الكلمة بينهم وبين اخوانهم من أهل السنة،
ومن أجل اعمال الفقيد الكبير ان أبطل ما كان يجري كل عام في ضاحية
دمشق المسماة بقرية الست من لطم الخدود، وشق الجيوب،
واسالة الدماء، واستعاض عنه بقراءة سيرة أئمة آل البيت
ع في المدرسة المحسنية، وقد شهدت في إحدى السنين
ذلك الحفل العظيم، في الليلة العاشرة من المحرم، وسمعت سيرة الأئمة
ومآسيهم نظما ونثرا، بحضور الألوف المؤلفة من سنة وشيعة، ثم دعاني
الفقيد الكبير إلى الخطابة، فلم تسعني الا الإجابة.
وقال الشيخ سعيد العرفي مفتي دير الزور:
اني لا أريد ان أذكر ما تحمله الإمام الحجة من شدة ونكبات بصورة
(٤١٣)

مفصلة فإنها أمور اعتيادية ولا سيما اني لا اقصد الإضرار بأحد وقد سامحهم
في حياته وعنفوان قوته وعفا عنهم غير اني اورد بعض ما عرفته فيه بصورة
مجملة على طريق الذكرى:
عرفت الفقيد في أراضي مكة المكرمة عام ١٣٤٠ ه‍ في أثناء أدائي
حجة الاسلام فرأيت فيه ذلك الرجل الذي يمثل الخلق المحمدي بأتم
معانيه فلا تراه الا بما مدح الله عز وجل رسوله ص بقوله: وانك لعلى خلق
عظيم.
عرفت فيه العلم الغزير والحكمة البالغة فكان إذا تكلم تقول: بحر
طام فما ذكرت مسالة الا اورد لها أو عليها الدلائل الواضحة والبراهين
المقنعة وما تباسطوا في بيت من الشعر الا أوضح اسم قائله وربما أكمل
القصيدة كأنما ينقلها لك من كتاب مفتوح أمامه حتى أن الإنسان ليقف
مبهوتا من شدة حفظه ووقوفه على دقائق الأدب العربي ومعرفة تالده وطريفه
فلا يكاد يغيب عنه منه شئ.
أما القواعد النحوية والمسائل الصرفية فلقد كان فيها امام الأئمة فما
تغيب عنه شاردة ولا واردة بحيث لو شاء املى ذلك كله بما لا يحتاج بعد
ذلك إلى مزيد.
ولقد كان في الأصول والمنطق الامام الأوحد وحكيم الحكماء حتى
ليخيل لك عند سماعك له لدى المناظرة أو مقارعة حجته الواضحة بالحجج
المخالفة ان ذلك القول قد رضعه وشب عليه بما يقتنع به عند سماعه كل
معاند ويثبت به فؤاد كل مؤمن صادق.
عرفت في الفقيد الكرم الهاشمي بحيث كان يرجح غيره على نفسه
مع شدة الحاجة إليه حتى لكأنه ممن عناهم الله بقوله:
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
عرفت في الفقيد دماثة الأخلاق ورحابة الصدر فكان يتسع لكل
سائل ويعطيه جوابه ولو كان السؤال لا يحتاج إلى جواب غير أنه يفهم
السائل واجبه حتى يذهب عنه منشرحا صدره سرورا من ذلك اللطف الذي
شمله به.
ولقد كان الفقيد هو المثل الأعلى في قول الحق والصدق والجرأة على
مقاومة الباطل فمثل البطولة الهاشمية في العلم والشجاعة والكرم والصدق
والحلم والجود وسعة الخلق والاتساع للناس حتى كان يحتمل منهم ما تعجز
عن حمله الرواسي الشاهقات، وكان يكره خصال الكذب والإفك والافتراء
وقول الزور وعمله مهما يكن شأن القائم به.
شعره
له ديوان شعر كبير نقتطف منه ما يدل عليه: فمن ذلك قوله يصف
حياته ويرثي نفسه وقد نظمها سنة ١٣٤٤ ه:
لئن كان قد ولى الشباب وعصره * وناف على الستين لي سنتان
فما شاب لي عزم ولا فل ساعد * ولا حل لي ركب بدار هوان
ولا انا ممن يستهيج فوائده * رسوم ديار اقفرت ومغاني
فيوقف في الربع الركاب مسائلا * ويغري دموع العين بالهملان
ولا انا ممن يتبع الركب طرفه * إذا هو لج الركب بالوخدان
ولا انا ممن يملك الحب قلبه * لغانية تختال بين غواني
كفاني تسأل الرسوم التي انمحت * سؤالي لأسفار العلوم كفاني
وحسبي بحب الغانيات صبابتي * ببكر علاء غراء غير عوان
واني لنزاع إلى درك غاية * هي الغاية القصوى ونيل أماني
ولست إلى خفض من العيش نازعا * فما مستريح غير من هو عان
وذي شنان انضج الضغن قلبه * وشب به نارا من الشنان
يراني فيغضي الطرف عني جانبا * كأني قذى عينيه حين يراني
ويبسم لي عند اللقا متكلفا * ويدنو وليس القلب منه بدان
ويظهر لي مهما حضرت مودة * فان غبت عنه بالسهام رماني
رويدك لست اليوم أو أمس أو غدا * بهمي ولكن غير شانك شاني
وما انا معني بمثلك أو إلى * نظيرك يوما قد ثنيت عناني
وشرقت إذ غربت شتان بيننا * فنحن لعمر الله مختلفان
وجدتك في نفسي ضئيلا فلم أكن * أبالي بما تبدي من النزوان
الا يا أخا الشحناء كن كيفما تشأ * فلست بقال من يكون قلاني
ولي من يراعي ان خلوت ودفتري * نديمان عن كل الورى شغلاني
نديمان ما ملا حديثي وصحبتي * وان هي طالت لا ولا جفياني
وعندي نديم ثالث هو مفزعي * إذا ناب خطب من خطوب زماني
وما مل يوما صحبتي لا ولا جفا * إذا ما صديقي ملني وجفاني
مفرج همي ان حزنت وكاشف * لكربي إذا بعض الكروب عراني
نديم له علم بكل غريبة * خبير بما يجري بكل زمان
نديم مطيع لي متى ادعه يجب * إجابة لأوان ولا متران
الا يا نداماي الذين عهدتهم * ندامى صفاء عشتم بأمان
إذا هو حال الموت بيني وبينكم * ووافى نعيي نحوكم فنعاني
هناك اذكروا بالله ما كان بيننا * وقولوا الا لله در فلان
فمن لكم مثلي أليف موافق * خليل صفا باق على الحدثان
ومن لكم مثلي إذا ما تزاحمت * أمور على الألباب ذات معاني
ومن لكم مثلي لدى حل مشكل * يضيق به في الناس كل جنان
ولا تصحبوا بعدي أليف تكاسل * ولا تصحبوا بعدي حليف تواني
ويا أيها الجوال في الطرس لا تحل * عن العهد ان جاورت غير بناني
ولا تنس ذكري ان أصابتك كبوة * بكف سوى كفي لدى الجولان
وقل رحم الرحمن من كان كلما * عرت مشكلات في العلوم دعاني
براني باري الخلق طوع يمينه * فمهما انبرى للمعضلات براني
وقل رحم الرحمن من كان ان بدا * ضلال إلى نهج الصواب هداني
ولا تنس ذكري ان جريت بحلبة السباق * مع الأقلام يوم رهان
فبي أيها الجوال قد كنت سابقا * إذا ما جرى في حلبة فرسان
واني أخوك الصادق الود فاذكر * إذا ما افترقنا اننا اخوان
وأنت الذي ما خنتني عند مازق * بيوم ضراب أو بيوم طعان
فكنت لدى ضرب الصوارم صارمي * وكنت لدى طعن الرماح سناني
وكنت لدى نطق اللسان شقيقه * وكنت لدى صمت اللسان
لساني إذا ما شربت الصاب بعدي فقل الا * سلام لمن بالشهد كان سقاني
ويا أيها المشحون علما وحكمة * وبحثا وايضاحا وحسن بيان
إذا لم تجد بعدي خليلا موافقا * فقم وابكني فيمن يكون بكاني
(٤١٤)

أ تذكر لي يوما من الدهر غيرتي * عليك وإشفاقي وطول حناني
فقد كنت لي طول الحياة مصاحبا * أراك خليلا مخلصا وتراني
وقال:
قالوا بان الحر ليس مقيدا * أولى به التحطيم للأقياد
كذبوا فقد أمسوا عبيد هواهم * وغدوا من الشهوات في استعباد
ان الجواد إذا خلا عن رائض * عند السباق يكون غير جواد
عجبا لقوم نابذوا الاسلام عن * جهل وفرط تعصب وعناد
أسدى لكم من فضله مدنية * أمست لكم كالعقد في الأجياد
وأخوة ما بينكم تمحى بها * منكم سخائم هذه الأحقاد
قادتكم العربية الفصحى إلى * الحسنى لدى الإصدار والايراد
منها الغنى أمسى لفقر لغاتكم * وكاهلها كانت من الأجواد
بكمالها أتممتم نقص اللغى * وبها لكم كنز بغير نفاد
وبما لها من رقة ورشاقة * أبدلتم المستعصي المتمادي
وسددتم عوز اللغات ببحرها * الطامي فكان بذاك خير سداد
وقال:
ان الحياة تنازع وخصام * هيهات ما بسوى السيوف سلام
والعدل كالعنقاء فينا والذي * لم ينف عنه الضيم فهو يضام
قالوا السلام نريده بفعالنا * والأمن تدركه بنا الأقوام
إن كان هذا أمنكم وسلامكم * فعلى السلام تحية وسلام
قالوا الشعوب نفكها من رقها * كلا بل استعبادها قد راموا
هبوا بني قحطان طال رقادكم * فالأم أنتم غافلون نيام
باسم الحماية والوصاية يجتوى * حق لكم وتدوسكم اقدام
وقال: (٢)
مكتبة في غرفة مربعه * ضيقة ولم تكن متسعه
أقضي الشهور والفصول الأربعة * فيها وحولي كتبي مجتمعه
أواصل الليل والنهار معه * سيان عندي سبتها والجمعة
مهما اتاني عامل في المطبعة * بغير تصحيح الخطا لن ارجعه
جزت الثمانين ونفسي مشبعه * بالجد ليست أبدأ مزعزعه
فعل الكسالى لن أتبعه * فيا لها لذة عيش ممتعه
في بلغة العيش لنفسي مقنعه * دنياك للأخرى يقينا مزرعه
ومدة العمر بها منقطعه * جل الصداقات بها مصطنعة
تنبو لدى الضيق وتنمو بالسعه * علمت هذا فتركت الجعجعه
ولم أبال بعدها بالقعقعه * تواضع المرء علو لأضعه
وقال متهكما:
هنيئا لكم أهل الجنوب سعدتم * بلبنانكم فلتملأوا الجو تغريدا
ويوم تبعتم حكم لبنان فاحفلوا * به كل عام واجعلوا يومه عيدا
وعدتم بجر الماء نحو بلادكم * الا فاشربوا أهل الجنوب مواعيدا
مواعيد عرقوب التي عصرها مضى * يجددها لبناننا اليوم تجديدا
لئن كان عرقوب مضى فلديكم * عراقيب تعيي القول وصفا وتعديدا
وقالوا لنا لبنان من بعض أعصر * غدا مستقلا ليس يقبل تقييدا
فقلنا استقل العدل عن جنباته * جميعا وامسى ساكنوه عباديدا
رجالاتنا عند الفعال ثعالب * وتلقاهم عند المقال صناديدا
وقال وأرسلها إلى دمشق من جبل عامل:
هاجت جواك معاهد ورسوم * ما عهدها عند الملحب ذميم
كانت بها الآرام وهي سوارح * وشرابها السلسال والتسنيم
يسبي العقول لهن طرف احور * ساج وصوت بالبغام رخيم
ربع لمية بين أكثبة النقا * بالجزع حيث الشيخ والقيصوم
ملكت هواك بذي الآراك غزالة * جيداء نجلاء العيون بغوم
تصبيك منها قامة تحكي القنا * هيفا ووجه كالهلال وسيم
وإذا بدت فهي الغزالة في الضحى * وإذا رنت بالطرف فهي الريم
لم يفترق قمر السما عن وجهها * في الحسن فهو له أخ وقسيم
ظعنت بها قب البطون وحبها * بين الأضالع ثابت ومقيم
وغدوت بعدهم حليف صبابة * قلق الوساد ونومك التهويم
حيا دمشق وجادها صوب الحيا * وغدت عليها نضرة ونعيم يغري النسيم
الغض طرفك بالبكا * ان هب من نحو الحبيب نسيم
لي في دمشق أحبة ودي لهم * عمر الليالي خالص وصميم
هم عصبة غر الوجوه أكارم * ما منهم الا أغر كريم
بيض المساعي والوجوه أماجد * طابت نفوسهم وطاب الخيم
لله ليل الأربعاء فكم به * لذوي الصفاء مسامر ونديم
(٤١٥)

والأرض تحسدها السماء فكم بدا * من فوقها بدل النجوم نجوم
فاجابه الشيخ احمد صندوق عنها بقوله:
وجدي بهاتيك الديار قديم * ولها هوى بين الضلوع مقيم
دار الأحبة لا عدتك غمائم * وكست ربوعك نضرة ونعيم
أسرت فؤادي في ربوعك غادة * حوراء فاتنة اللحاظ هضيم
تعطو بجيد الريم فهي الريم * وتميس غصنا قد ثناه نسيم
كيف السلو وما البعاد بمخلق * ودي ولا عهد الوصال قديم
أمست تباعدني الرباب وطالما * كانت تحن لرؤيتي وتهيم
صدت ولما تشف داء صبابتي * أرأيت كيف يصد عنك الريم
فلأسقينك مدمعا حلب الأسى * عبراته ان لم تجدك غيوم
شقراء باكرك النسيم إذا سرى * وسقى ربوعك للغمام عميم
حصباؤك الدر اليتيم لناظر * وثراك للمستنشقين شميم
فيك الهداية والتقى فيك المكارم * والندى فيك الصلاح مقيم
تيهي على الدنيا بأروع ماجد * هو للفضائل والكمال زعيم
عقدت عليه بنو الزمان أمورها * طفلا ولم تعقد عليه تميم
فصل الخطاب ترى بحكم يراعه * ان قام معترك ولج خصوم
نجم الهدى طود الحجى ان اظلمت * نوب وطاشت للأنام حلوم
حاط الشريعة منه علم زانه * رأي يصرفه أغر حكيم
يا ابن البهاليل الغطارفة الالى * طابت ماثرهم وطاب الخيم
والواهبين اليسر إما أجدبت * سنة وضن بما لديه كريم
طال الفراق فكم قلوب قرحت * سهدا وقلب طاح وهو كليم
سقيت ليالي الأربعاء وليتها * كانت تعود بأنسها وتدوم
كانت بجيد الدهر طوق لآلئ * بعظيم فضلك عقدها منظوم
ما لذ للأحباب بعدك مشرب * ولو أنه السلسال والتسنيم
ان فرقت عنك الجسوم فلم تزل * منا النفوس على حماك تحوم
لا زال في أفق الفضائل منكم * أقمار هدي للورى ونجوم
وقال حين سكن بيروت قريبا من الحرش بعد ان أشار عليه الأطباء
قبل وفاته بسنتين بترك دمشق لعدم تحمل جسمه لبردها:
تبدلت في بيروت لا عن تخير * عن الربوة الغناء غاب الصنوبر
يطالعني منه مساء وغدوة * إذا ما بعثت الطرف أجمل منظر
به الشجرات الباسقات تكللت * بتاج له لون الزبرجد أخضر
إذا مسها مر النسيم تمايلت * بقد يحاكي مشية المتبختر
نسائمه مهما تهب تحملت * إلينا أريج المسك أو نفح عنبر
وعن بردى نهرا إلى الكلب ينتمي * حقيقا بان يسمى بنهر
الغضنفر وعن وقع برد في دمشق مساور * يخالطه مهما بدا ريح صرصر
بجو حكى فصل الربيع شتاؤه * وأرجاؤه بالثلج لم تتازر
أمامي طريق مستمر عبوره * نهارا وليلا في ورود ومصدر
فمن ذاهبات جائيات بسيرها * تفوت هبوب الريح أو لمح مبصر
زوافر يعلو في الفضاء زفيرها * تكاد تحاكي قلبي المتزفر
ومن طائرات في الفضاء تصاعدت * إلى أن علت هام السحاب المسخر
ولم أتبدل عن صحاب أكارم * بجلق من شهم ومن سيد سري
وما كان في بيروت لي من لبانة * ولا سكن فيها ولا ربح متجر
نديماي فيها ان أردت منادما * كتابي على مر الليالي ومحيري
على أن فيها عصبة قد تعاقدوا * على الخير والحسنى بسر ومجهر
سقى ربنا الرحمن اكناف عامل * بغاد من الغر السحائب ممطر
وما أنس مهما أنس طيب هوائها * وعيشا بها قد مر غير مكدر
ديار بها نيطت علي تمائمي * وأرض بها قد كان منبت عنصري
لمربعها الفياح طال تذكري * وعن روضها النفاح قل تصبري
نبت بي وكم من منزل بك قد نبا * وأي صفا في الدهر لم يتكدر
وكم طوحت بي مرة غربة النوى * وفارقت أهلي الأقربين ومعشري
وقد ذقت من حلو الزمان ومره * وعيش أخي عسر وعيشة موسر
فما كنت عند العسر يوما بضارع * وما كان يسري في الزمان بمبطري
ولا قادت الأطماع نفسي لذلة * وان عضني دهري بناب ومنسر
ثم انتقل إلى محلة الطيونة في الشياح من ضواحي بيروت وكان
أطباؤه قد نهوه عن القراءة والكتابة فقال:
أشاحت إلى الشياح بي غربة النوى * فها انا فيها يا أميم غريب
وأصبح في الطيونة اليوم منزلي * يعاودني هم بها وخطوب
وقد زعموا الطيون للجرح شافيا * فهل لجراح القلب منه طبيب
تعاورني فيها اغتراب وعلة * بها ذاب جسمي واعتراه شحوب
على أن جسمي ان تعاوره الضنا * فها هو عزمي يا أميم صليب
نهاني عن لحظ الكتاب ونظرة * بما يحتويه عائد وطبيب
ولكن لي في الكتب أعظم سلوة * فلست إلى ترك الكتاب أجيب
وما لي في غير اليراع وجريه * على الطرس يوما مارب ونصيب
وقال وقد بلغ الثمانين:
تلك الثمانون لو مرت على حجر * لصدع الحجر القاسي أو انشعبا
ليس الشباب الذي ولى بمرتجع * فلن يعود شباب بعد ما ذهبا
لكنما همتي بعد المشيب كما * كانت وابعد في شاو العلى طلبا
وهكذا الذهب الأبريز يصقله * مر السنين ويبقى دائما ذهبا
ما مالت النفس يوما للبطالة أو * قلبي إلى غير نيل المكرمات صبا
ما زلت يحلو لدي المر في طلب * العلى به وأعد الراحة التعبا
أواصل الليل دوما بالنهار على * كسب الفوائد استقرى لها الكتبا
(٤١٦)

بين الدفاتر فيها والمحابر والأقلام * استنفد الأعوام والحقبا
وثقت بالله في سر وفي علن * ففزت بالنجح واستسهلت ما صعبا
هذا وقد بقيت في النفس ما قضيت * لبانة لم تكن مالا ولا نشبا
لكنها بعض ما حاولت من خطط * اقضي بها من حقوق العلم ما وجبا
وانني واثق بالله يمنحني * قضاءها بدعاء يخرق الحجبا
إذا ظفرت بها والله يظفرني * فلا أبالي بموت بعدها كتبا
وقال في مرضه الذي توفي فيه حين عاده بعض أصحابه فانهملت
عيناه ثم طلب دواة وقلما وكتب هذه الأبيات بيد مرتعشة:
بكيت وما بكيت لفقد دنيا * أفارقها ولا خل أليف
ولكني بكيت على كتاب * تصنفه يداي إلى صنوف
سيمضي بعد فقداني ضياعا * كما يمضي شتاء بالخريف
أسفت له وكان لذاك حزني * ولست لغير ذلك بالأسيف
أخاف بان تفاجئني المنايا * ولم يكمل بتهذيب منيف
ولي أمل بفضل الله رب * الخلائق واسع الكرم اللطيف
بان يعطي الرغائب فهو لما * يزل لمجاي في الأمر المخوف
وقال وهو في جبل عامل يحن إلى دمشق ومتنزهاتها:
احبابنا بدمشق لا أغبكم * فيض السحائب هطالا وهتانا
ان ينا ربعكم عن ربعنا فلكم * في القلب ربع غدوتم فيه سكانا
ذاكركم في محاني القلب ثابتة * فهل نسيتم لبعد العهد ذكرانا
سقى ليالينا بالنيربين حيا * ودمر وسقى الصفصاف والبانا
حيث النسيم سرى غضا فرنح من * رياضها كقدود الغيد أغصانا
وبينها بردى تجري المياه به * عن الشمائل والايمان غدرانا
أ تذكرون إلى الخضراء رحلتنا * يوما وللفيجة الغناء ممشانا
والصالحية جاد الغيث اربعها * سحا وحيا بتلك الأرض مثوانا
لله في قبة السيار مرتبع * مراحنا لم يزل فيه ومغدانا
انا لنشتاق لقياكم أ انكم * بعد التفرق تشتاقون لقيانا
لكنما العجز والأقدار تقعدنا * عنكم وعقد من السبعين وافانا
لا تحسبونا من القوم الألى اتخذوا * بالدار دارا وبالجيران جيرانا
وقال في وصف وادي الحجير وذكر جبل عامل وعلمائه:
وادي الحجير سقاك وكاف الحيا * كم فيك للأبصار من مستمتع
مذ أظهرت فيك الطبيعة رونقا * يبدو فيفضح شيمة المتطبع
جمعت من الأشجار فيك بواسق * أمثالها بسواك لم تتجمع
والطير تشدو في ذرى أغصانه * باللحن بين مردد ومرجع
الروض زاه أيها الأطيار والا * غصان مائسة فغنى واسجعي
الماء صاف فاشربي والريح طلق * فانشقي والنبت غض فارتعي
ان رنق الوراد ماء فاشربي * ما شئت صافية زلالا واكرعي
من مر في واديك أصبح منشدا * بيتا تقدم للأديب المبدع
انا تقاسمنا الغضا فغصونه * في راحيتك وناره في اضلعي
واد حكت أزهاره ورياضه * وجها من الحسناء غير مقنع
من نرجس غض كان عيونه * يرقبن هجمة ناظر متطلع
والأقحوان إذا تبسم ضاحكا * لا يستبين من الثغور اللمع
وإذا النسيم سرى على نفل به * فبغير نشر المسك لم يتضوع
كم قد مررت بذلك الوادي فلم * أملك صباباتي وأصحابي معي
ما غوطة ما شعب بوان وما * صغد ونهر بالأبلة قد دعي
ان لم تكن ابهى والطف منظرا * منها فإنك لست دون الأربع
ولكم أقام جحاجح من عامل * بك يسمرون على رحيب المهيع
من كل بحر في العلوم غطمطم * أو كل قرم في الحروب سميدع
سباق غايات بمضمار العلى * طلاع كل ثنية لم تطلع
لم يخضعوا الا لخالقهم ولم * يك ذو علاء لعلاهم لم يخضع
العامليون الألى سبقوا الورى * في فضلهم وبسبقهم لم يطمع
الواردون من العلوم نميرها * ان زيد رائد حوضها عن مشرع
جلسوا بدست العلم ينتابونه * يوم الإفادة جلسة المتربع
شرعوا لدين الله نهجا واضحا * بادي المحجة قبلهم لم يشرع
في كل عصر لم تزل ذكراهم * تحيا ويعبق نشرها في الأربع
سل مشغرى عنهم وسل جبعا وسل * ميسا وعيناثا تجبك بما تعي
سل عنهم ظلم الدياجي كم بها * من قانت متوسل متضوع
لبس الخشوع وقد تأزر بالتقى * يمسي ويصبح خاشعا في خشع
أو قائم في ليلة متهجد * أو صائم بنهاره متطوع
يزهو به محرابه من ساجد * في ساجدين وراكع في ركع
أو شاعر أمست بنظوماته * تحدا الركاب بكل قفر بلقع
تغدو بأرض الشام ثم تبيت في * نجد ويصبح ذكرها في لعلع
أو كاتب ترفض من أقلامه * درر بكل منمق ومسجع
صبروا على جور الزمان وظلمه * صبر الكرام على العظيم المفظع
وحموا حقيقتهم على جهد البلا * والصبر للأحرار خير المفزع
ومشوا بنهج الحق لم يتاخروا * عن نهجه الملحوب قيد الإصبع
هجروا لادراك العلى أوطانهم * فرقوا بذاك إلي المحل الأرفع
في الهند أو ارض العراق وفارس * في اي قطر نجمهم لم يطلع
طبعت على كسب العلاء طباعهم * وعلى سوى كسب العلا لم تطبع
نالوا العلوم بجدهم وبكدهم * بين البلاء وبين فقر مدقع
ورقوا بهمتهم على درج العلا * تحت الصوارم والرماح الشرع
وقال وقد بلغ الثالثة بعد السبعين:
لئن أوهنت جسمي الليالي وأبدلت * سواد شباب لي بأبيض ناصع
فما أوهنت عزمي وما زال ماضيا * كحد حسام مرهف الحد قاطع
وان شاب فودي لم تشب لي همة * تمد إلى هام السهى بالأصابع
وكم قائل حتى متى أنت مجهد * لنفسك لا تاوي للين المضاجع
تبيت مدى الأيام ليلك ساهرا * ويومك يمضي بالعنا المتتابع
فقلت وهل من راحة في سوى العنا * وهل دعة الا بخوض المعامع
وما وادع يومه غير متعب * سوى متعب في أمسه غير وادع
قنعت من الدنيا ببلغة عيشة * وليس الفتى في الدهر الا لقانع
وما الحر الا من أبى ان تقوده * مطامعه فيها لرق المطامع
وقال من السوانح العاملية:
شجاك بذات الرمل رسم مغاني * عليهن اخنى طارق الحدثان
فأصبحت العينان من فرط ما عرا * دموعا كمنهل الحيا تكفان
ديار لسلمى والرباب وزينب * غدت دراسات الرسم منذ زمان
وأفنت صروف الدهر بهجة آنسها * الا كل شئ غير ربك فاني
بها كان تهيامي وفي حبها جفت * جفوني الكرى مما غدوت أعاني
(٤١٧)

فهل راجع فيها زماني الذي مضى * وهيهات فيها ان يعود زماني
غداة بها سلمى تميس يزينها * من الوشي بردا يمنة عطران
وترخي كصبغ الليل اسود فاحما * وتجلو كلون الورد احمر قان
لها طرف ظبي طيه حد صارم * وطلعة بدر فوق قامة بان
وريق كماء المزن أشنب بارد * وثغر يريك البرق في اللمعان
يخال عقيقا ما تضم لثاتها * ومن برد ما ضمت الشفتان
وان خفق القرطان لم يك سالما * فؤاد أخي حب من الخفقان
فيا دمنتي سلمى أجيبا مسائلا * رسومكما ان كنتما تعيان
ويا جبلي نعمان هل في ذراكما * تعود ليالينا أيا جبلان
نأى وسلاني من أحب وكيف لا * أنائي وأسلو من يكون سلاني
خليلي أيام الحياة قصيرة * تعاقب في افنائها الملوان
خليلي ان الدهر شتى صروفه * فهل أنتما من صرفه حذران
إذا أنتما لم تسعداني على الذي * أروم وأبغي فامضيا وذراني
ولا تعذلاني واتركا العذل انني * رأيت لنفسي غير ما ترياني
وقال وهو في جبل عامل:
حيا الحيا الهامي معاهد جلق * وسقى ربوع النيربين بمغدق
وهمت بأرض الغوطتين سحائب * تروي الرياض بمائها المتدفق
هل قاسيون كعهدنا أم هل جرى * بردى بماء بالرحيق مصفق
والربوة الغناء طاب لناشق * منها النسيم وماؤها للمستقي
كم من عشيات قضيناها بها * قد كن صفوة كل عيش مونق
فالماء والخضراء فيها زينا * للناظرين بكل وجه مشرق
يا نازلين بجلق أ علمتم * ما ذاق بعدكم المحب وما لقي
فإلى مرابعكم تشوف ناظري * واليكم ولهي وفرط تشوقي
وقال وهو في جبل عامل:
لله أيامي بجلق والصبا * غض وعودي للنوى ما لأنا
كم في رياض النيربين ودمر * مرأى يروق فيطرد الأحزانا
حيث الخمائل ناضرات بينها * بردى تسيل مياهه غدرانا
فيها اللجين جرى ومن حصبانها * أمست تريك الدر والمرجانا
أفنانها تفني الهموم إذا شدا * فيها الهزار فبوركت افنانا
ارض يريك الخلد شاذروانها * أرأيت مثل الخلد شاذروانا
وتشك فيها أنت في متنزه * أم أنت كسرى تسكن الايوانا
هل درب كيوان الأنيق كعهدنا * يسموا بما فيه على كيوانا
والهامة الغناء كم فيها ربى * لبست على هاماتها التيجانا
ويهيج اشجاني تذكر عهدها * ان التذكر يبعث الأشجانا
كم قد قضيت بربعها من ليلة * كانت لعين زماننا انسانا
في معشر لبسوا دوين برودهم * برد الكمال وأرسلوا الأردانا
وقال:
هجرت جبال عاملة وآلت * بي الأخرى إلى سكنى دمشق
وما أوطنتها لرغيد عيش * بها قد نلته ووسيع رزق
ولكن طاب لي فيها انزوائي * عن الدنيا ومن فيها وعتقي
وقال مشطرا بيتي المعري:
دع الأيام تفعل ما تريد * فليس على عجائبها مزيد
كفاني ما علمت فلا تزدني * فما انا في العجائب مستزيد
أ ليس قريشكم قتلت حسينا * وكلكم بحضرته شهود
وقد كان الوليد لكم إماما * وكان على خلافتكم يزيد
وقال:
عليل في دمشق تعاورته * ضروب الهم من قاص ودان
عن الأوطان ناء أفردته * عن الاخوان احداث الزمان
وقال:
هجرت مياه البركتين ولم أكن * لمائهما في الدهر الا مجافيا
وما شجرات الرند يوما تشوقني * وابصر مغناها من العز خاليا
ولا حومة الزيتون أصبو لذكرها * إذا زيتها لم يجل عني الدياجيا
سأهجر دحنونا بها وزكوكعا * وإن كان غضا يانع النبت زاهيا
فما ينفع الروض النضير ولا ترى * له من ذويه راعيا ومراعيا
وكان رحمه الله ذا نفس مرحة يتذوق النكتة ويجيدها، ومن أماليحه
هذه الأبيات التي قدم لها بقوله: كان بعض الأصدقاء بدمشق دعانا إلى
وليمة على جدي كان يظنه سمينا فجاء هزيلا فقلت:
لله جدي به جاد الزمان لنا * على يدي معدن الإفضال والجود
تكاد ان لا تراه العين من صغر * كأنه حين يبدو غير موجود
إذا بدا يقظة للطرف تحسبه * طيف الخيال وخلفا في المواعيد
لا لحم فيه ولا شحم وليس به * غير العظام الدقيقات الأماليد
من فوقها الجلد قد رقت جوانبه * كأنه قلب مضنى القلب معمود
وقال في طبيب اسمه عزرا:
وطبيب في الناس سمي عزرا * وهو عند التحقيق عزرائيل
حاز جزء اسمه ولكن له الفعل * جميعا وفي القبور دليل
وقال:
وعالم حيطته للدنا * وليس للأخرى بمحتاط يخلط
في أقواله دائما * فلا تراه غير خلاط
وقال:
زمان فيه عنفصت الجحوش * وامسى كل ذي جهل يطيش
تشبهت البراذن بالمذاكي * وطاب لها لدى المرعى الحشيش
وغابت عن عرائنها اسود * فصالت في جوانبها الوحوش
وظن الثور روقيه رماحا * فها هو فيهما ابدا يطوش
وخالت نفسها الورقاء صقرا * كلانا طائرا وعليه ريش
فقبح من زمان حيث صرنا * وهذي حالنا فيه نعيش
وقال في نفس الغرض:
زمان فيه عنفصت الجحاش * وغر الجهل أقواما فطاشوا
وسابقت البراذين المذاكي * سامي الصقر في الجو الفراش
وغابت عن عرائنها اسود * فأمسي للكلاب بها هراش
إذا ما ماتت الأحرار غيظا * فلا عجب ويعجب كيف عاشوا
زمان فيه للأندال بسط * كما شاؤوا وللحر انكماش
وقال:
رضيت من الدنيا جميعا بوحدتي * وكم وحدة جرت على المرء أنعما
نديمي كتاب صامت متكلم * وما ان رأينا صامتا متكلما
(٤١٨)

يحدثني عن كل ما انا سائل * ولم يعطه الباري لسانا ولا فما
ولي قلم في جريه قلما حدا * مرادي وامري حين أريه قلما
يفل الحسام الهندواني حده * وإن كان مصقول الغرارين مخذما
وقال:
إلهي أنت ذو من وطول * ففرج يا إله العرش كربي
دعوتك حين لا أحد يرجى * وحسبي أنت دون الناس حسبي
فان أك يا إلهي مستحقا * لحرمان الرضا بعظيم ذنبي
فاني العبد لا أرجو نوالا * إلى أحد سواك وأنت ربي
تكادني من الدنيا مصاب * وهي جلدي له وألان صعبي
هموم ليس تحملها الرواسي * فكيف يطيق محملهن قلبي
هموم أبكت العينين دمعا * يحاكي الغيث في وكف وسكب
فغيرك من ارجيه لعفو * ومن منه ارجي رأفة بي
إلهي انني بك مستجير * فامن يا إله الخلق سربي
ولولا أن لي املا كبيرا * بفضل منك لي لقضيت نحبي
وقال وقدم لها بما يلي:
هذه أبيات سمح بها الخاطر حينما وصلنا ما بعث به الأستاذ العلامة
الشيخ سليمان ظاهر بعض ما جمعه من الشعر العاملي المنسي:
آتنا من المولى سليمان نخبة * من الشعر من نظم السراة الأوائل
من السابقين الخلق في كل حلبة * بهم تزدهي فخرا صدور المحافل
ولا غرو ان سادوا فقد أنبتتهم * على قنن الأجبال أجبال عامل
هم العلماء العاملون مخلد * ثناهم وكم عالم غير عامل
فشكر له منا ومنهم ومنة * علينا توالت في الضحى والأصائل
فرائد من نظم ونثر كأنها * أزاهير لاحت في خلال الخمائل
ومنسي شعر سالف جاءنا به * لآحاد فضل فضلهم غير آفل
سقي عاملا صوب الغمام ولا عدا * مرابعه مر الصبا والشمائل
ديار شفى قلبي عليل نسيمها * وطابت إليها غدوتي وأصائلي
وما كان هجري عاملا عن قلى له * ولكن نبت بي في رباه منازلي
وقد يهجر العذب الزلال ويتقى * ويجفي على عمد شهي المآكل
وألقيت رحلي في دمشق وحبذا * بها عزلتي عن كل خل مواصل
أنست بها عن كل حي بوحدتي * وقطعت من غير الاله وسائلي
فاجابه عليها الشيخ سليمان ظاهر بقصيدة نأخذ منها ما يلي:
امام الهدى قطب النهى والفضائل * كفاني فخرا ان عطفك شاملي
ويا محسنا ما انفك احسان فضله * يسائل في الآفاق عن كل سائل
ويا واحد الأيام نبلا وسؤددا * وأفضل من ضمت صدور المحافل
ويا ملبسي ما لا يرث جديده * وصنعاء عنه قصرت من غلائل
اتتني فزادتني اغتباطا قصيدة * حوت ما حوى من رقة في الشمائل
ترد إلى الزهو الوقور كأنها * إلى رد زهو العيش إحدى الوسائل
وتتلى كآي الذكر حتى كأنما * فواصلها للذكر بعض الفواصل
ويبدو الوفاء المحض بين صدورها * واعجازها، كالزهر بين الخمائل
وان خيار الشعر ما الصدق نهجه * وتعزى قوافيه لا صدق قائل
ترحب بالمنسي من شعر عامل * ومن بحره الفياض فاضت جداولي
ترينا العلاء العاملي كأنما * تمثل من بين الثرى والجنادل
كفى عاملا فخرا بأنك لم تزل * بها يا امام العصر أفضل عامل
وانك لم تبرح ولوعا بتالد * لها وطريف في العلا والفضائل
رددت حياة العامليين فاغتدا * بهم عامرا وصف الربى والمنازل
يمينا ولم أحنث بها ان محسنا * لأفضل مأمول إلى كل آمل
وأكرم من ضم الندي ومن شدت * بغر مساعيه حداة القوافل
ومن لم تكن الا بثاقب علمه * تحاط الخفايا عن وجوه المشاكل
يذود الكرى عن مقلتيه وان يزر * كرى النوم جفنيه فزورة عاجل
وان زار جفنيه غرارا فلم يكن * بغاف ولا عن نشر علم بغافل
كأيامه البيض الليالي دواجيا * ومن سهر اسحاره كالأصائل
ومن بات يطوي في الفوائد ليله * كمثل الذي يطويه تحت القساطل
ومن راح في حد اليراع مجاهدا * كمن صال في الهيجا بحد المناصل
ومن بات ما بين المهارق والدوي * كمن بات ما بين الظبي والعواسل
جهادان كل للحياة عزيزة * طريق، وكل للعلى جد واصل
ومن صد عن هذين عاش بدهره * كما عاش في الأيام بعض الهوامل
وما عن قلى راح يؤثر جلقا * على عامل، أو عن ملال لعامل
ولكنه كالغيث ان جاد بقعة * فان لأخرى منه شؤبوب وابل
وما انفك يرعى فيهما العهد مثلما * رعى العهد في تحصيل فرض ونافل
رأى أن أقطار العروبة وحدة * كما اتسقت نظما أنابيب عامل
وكالكف قد شدت بخمس أنامل * وجلق فيها مثل وسطى الأنامل
غدا عامرا حي الخراب بفضله * بها آمنا من نبل غدر ونابل
وقال وقدم لها بما يلي:
ارسل إلينا بعض الفضلاء يعاتبنا على عدم اهداء بعض مؤلفاتنا إليه
فكتبنا له:
أتانا من أخي فضل عتاب * تضيق به الفدافد والرحاب
خطاب جاءنا يبغي جوابا * وليس له سوى نعم جواب
إذا خلصت مودة من توالي * فظنك قطعه العجب والعجاب
وحسن الظن قبل الخبر عجز * وسوء الظن بعد الخبر عاب
وقد يخفى الصواب على ذكي * ويحسب انه الخطا الصواب
فمهلا أيها الأستاذ مهلا * لقيت الخير ما هذا الخطاب
عداك السوء أنت اليوم * عندي اللباب المحض المحض اللباب
وقال وقدم لها بما يلي:
وقلت في قرية كيفون عام ١٣٦٨ ١٣٦٩ وانا مصطاف بها تسلية
للنفس من عناء الكتابة والتآليف:
ليست بنا نعم الاله تكافى * كيفون قد صارت لنا مصطافا
بلد بها اعتل النسيم فصح باستنشاقه * ذو علة وتعافى
والحر في تموز اقلع ركبه * عنها وولى راحلا وتجافى
شجر الصنوبر ماثل في أرضها * فوق الشوامخ يملأ الأكنافا
لا في مرابعها فتى متعجرف * ركب المتون واوطن الأكتافا
زعم البرية كلهم خولا له * جهلا فسخر جاهلين ضعافا
وأبو سعيد جار بيتينا غدا * يفري الحلوق ويبقر الأجوافا
يقري بها الأقوام طول نهاره * فكانهم كانوا له أضيافا
ثاو بسوق الغرب ليس ببارح * منه ليملأ للطهاة صحافا
أكرم بربة بيته من جارة * لجميع ما ينتابنا تتلافى
ما ان تزال ببكرة وعشية * تسقي الزروع وتغرس الأليافا
(٤١٩)

ولها ابنتان سميرة وسهيلة * حكتا سهيلا بل عليه انافا
لأبي امين خلة يعيا بها * وصف البليغ وتنفذ الأوصافا
ما زال يطربنا بصوت نشيده * والتين يتحفنا به اتحافا
كل الألى فيها كرام طبائع * فغدا إلى باقي الكرام مضافا
بيصور جارتنا وعيناب هما * قد أشرفا فوق الربى إشرافا
فيها بنو معروف كل هاجر * خلق البخيل وللندى قد صافي
ومعيسنون لا أغب ربوعها * فيض السحائب هاطلا وكافا
شتى وخرف جوهر في أرضها * وكذا ربع عندها واصطافا
إما أبو فوزي فإنك دائما * تلقى الأنام ببابه عكافا
من أهل بيروت وعاملة وكيففون * وحيفا والجليل ويافا
ان تحص عدتهم تجدها تبلغ العشرات * ان لم تبلغ الآلافا
دكانه جمعت من الحاجات أنواعا * ومن أنواعها أصنافا
قد أنجبته بنو خليفة لا ترى * في وصفة بين الأنام خلافا
فيها كما تهوى السليقة مسجد * أهل الصلاة إليه لا تتوافى
يشكو كشكوى عالم أو مصحف * هجروا فلا يلفى لهم آلافا
فيه يصلي خلفنا من ليس من * عدد الأصابع يبلغ الأنصافا
والأمن فيها ضارب أطنابه * ما في مرابع أرضها من خافا
بعدت عن المدن الكبار وأشبهت * في وصفها القصبات والأريافا
لبست من النسمات بردا زاهيا * امسى عليها ضافيا شفافا
صفت المسرة للمقيم بأرضها * زمن المصيف وضوعفت اضعافا
لا يستطيع المرء وصف جمالها * مهما أطال وان يكن وصافا
والغانيات بها سوافر منتهى * حد السفور وان ملئن عفافا
وقال أيضا في كيفون:
حيتك سارية السحاب الجون * يا ربع لذاتي على كيفون
فسقتك من دم الحيا وكافة * من كل حافلة الضروع هتون
تلك الربوع الفيح لا سقط اللوى * عند الدخول ولا ربى يبرين
طابت وطاب لي المقام بأرضها * الفيحاء بين التين والزيتون
فيها الجبال الشامخات إلى العلى * حكت مناط نجومها بمتون
من كل طود مشمخر شاهق * رحب الجوانب شامخ العرنين
جاث على وجه البسيطة جاثم * متمكن كالليث وسط عرين
وعلى الخضم جبالها قد أشرفت * ورست بجانبه رسول سفين
وأخالني لما حللت بأرضها * وسط الجنان وبين حور عين
شجر الصنوبر ماثل فيها على * متن الجبال بشكله الموضون
ورياضها الغناء عاد نسيمها * يهدي إليك المسك من دارين
فيها النسيم الطلق ما نفح الصبا * إذ هب من نجد له بقرين
فيها القصور تبوأت شرفاتها * مجرى النجوم على منيع حصون
والعين جارية بها ينبوعها * يجري بماء كاللجين معين
والكرم باسقة بها أغصانه * باد تدليها على العرجون
والحصن فوق الطود فيها قد غدا * اثرا وبدل عزه بالهون
ومعيسنون ما تمر بخاطري * الا وذكراها تهيج شجوني
لكنني أصبحت فيها مفردا * من كل من أحكيه أو يحكيني
ما لي إذا ما الهم أطبق مؤنس * الا يراع قد جرى بيميني
ونديم صدق لا أمل حديثه * يروي الذي قد كان قبل قرون
مهما دعوت أجابني ما حاد عن * أمري ولا هو مرة يعصيني
عاهدته ان لست اجفوه وعاهدني * مدى الأيام لا يجفوني
ذهبت لذاذات الشباب وقد وهت * مني القوى ودنت إلي منوني
قصرت خطاي وكنت امشي قبلها * رحب الخطا بالزهو والتمكين
وإذا تذكرت الشباب وعهده * امسى مصون الدمع غير مصون
وقال وأرسلها إلى النباطية بعد مقامه فيها صيف إحدى السنين:
سقى النباطية الفيحاء فيض حيا * والغيث باكرها منه بدفاق
جنات عدن ترى الأنهار جارية * من تحتها بنمير ثم رقراق حدائق
تتحاماني الهموم إذا * سرحت في روضها المخضل احداقي
غنى الهزاز بها والعندليب معا * على موائس أغصان وأوراق
وكم شربنا كؤوس الشاي أدهقها * لنا كريم السجايا أي إدهاق
ما بين صحب كماء المزن قد طهرت * منهم كرائم أفعال واخلاق
مهذبون فما فيهم سوى رجل * يسير نحو المعالي سير أعناق
قد قيد القول عن فحش وأطلق في * بذل الندى راحتيه أي اطلاق
لا عيب فيهم سوى ان النزيل بهم * يسلو عن الأهل من انس وارفاق
قوم لهم أدب فذ وفضلهم * غض جديد فلا يرمى باخلاق
وكم لهم من بنات النظم شاردة * تجوب قاصي أقطار وآفاق
يهتز من طرب الإنشاد سامعها * كأنما تليت في لحن إسحاق
وكم بها من تقي ناسك ورع * إلى التهجد بالأسحار تواق
وكم قضينا على ينبوع ميذنة * يوما أحق سروري اي احقاق
حيث الغدير غدا يجري بمطرد * مثل اللجين على العصباء دفاق
في عصبة قد رقوا أوج السما شرفا * فلا ترى بينهم الا الفتى الراقي
وللرويس صعدنا نمتطي همما * شماء من غير ما خوف وإشفاق
سيرا كسير المذاكي الشوس حيث غدا * سير الضليع يلف الساق بالساق
مني السلام عليهم دائم ولهم * في الدهر فرط صباباتي وأشواقي
فاجابه الشيخ سليمان ظاهر بقصيدة جاء فيها:
أ نشر عارفة أم عرف طباق * أم النسيم سرى من غض أوراق
أم عقد در بسمطيه جلته لنا * عمان منتظما في خير اعلاق
أم المحلل من سحر لنا سمحت * به قريحة سمح الطبع غيداق
أم الزبور علينا آية تليت * في لحن داود لا في لحن إسحاق
أم محسن من سنا أنوار غرته * حبا النباطية الفيحا باشراق
أحيا بزورته آمالها وبها * قد كان كالنور مجلوا باحداق
وحسبها من قوافيه محبرة * كأنها الدر منظوما بأطواق
يمشي البيان بها طلق العنان على * سجية الطبع في نص وأعناق
اطرى بها بلدا يطري فضائله * وراح يحكم فيها فتل ميثاق
كانت على يده البيضاء شاهدة * كالمسك دل عليه نشره الباقي
أبقى له ذكر فخر من معاجزه * كأنه الذكر لا يرقى له الراقي
كان ما في الشذا الداري من عبق * من محسن طيب أخلاق واعراق
اسدى الرويس جميلا من عوارفه * وحسبه شرفا وصف به باقي
سعى إليه على رجل معودة * وطأ الحواسد في أتلاع أعناق
سعى إليه ولو يستطيع كان سعى * إليه من قبل مسعاه بلا ساق
ما كان أرجح حلما منه حيث رسا * وحيث سار إليه سير مشتاق
كأنه طور سيناء إليه رقى * موسى وما خر من رعب وإشفاق
وبارع من قوافيه بميذنة * يجري كماء بها كالراح رقراق
(٤٢٠)

أعاد فيه لنا ذكرى شمائله * كأنها من نسيم رق خفاق
من خلقه وزلال بارد شبم * نحسو السلاف باصباح وإغباق
تدار فينا كؤوس الشاي مترعة * كان شمس الضحى يسعى بها الساقي
ان زوجت من نفوس العرب ان لها * في الصين منبت أعراق وأوراق
ما الشاي والبن والصهباء أروح * للأرواح من زاخر بالفضل دفاق
ما بين جانحتيه نفس مضطلع * بالأمر تزكو على بذل وانفاق
وفيه من جده مأثور سنته * ومن شريعته كشاف إغلاق
بنو الأمين وكم فينا لمحسنهم * يدا معودة تطويق أعناق
أسفاره كمسير الشمس سائرة * تلف بالنور آفاق بأفاق
ما ان ترى غير مغري في حدائقها * يسيم في روضها ألحاظ تواق
كم راح من حيرة فيها ومن عمه * أخو عمى راسفا في غل اقلاق
وعاد مستبصرا منها بنور هدى * من رق وهم وتضليل لاعتاق
يذود عن حرم الاسلام من نصبوا * له حبائل ضلال وفساق
كأنما القلم الجاري براحته * صل ينضنض لكن بين أوراق
إذا مشى مطرقا في رأسه فله * يمشي الزمان واهلوه باطراق
العلم والعمل المعلي بصاحبه * هما به مثل مفهوم ومصداق
قل للمحاول ان يجري بحلبته * لا تلق نفسك في غايات سباق
لمحسن غاية هيهات تدركها * ولم تنل من مداه غير اخفاق
فارجع وما لك من مجرى سوابقه * الا مثار غبار كحل احداق
سقيا لدهر حبانا فيه عارفة * كانت لنا كالغنى من بعد املاق
وفي بدائع آداب أعادلنا * ما كان للعرب من معمور أسواق
وفيه روضاتنا الغناء قد حفلت * بطيب العرف من رند وطباق
ليت الزمان به يسخو فينعمنا * منه بروضين من علم واخلاق
مقربا دارنا من داره وبه * يضم شمل اصيحاب وارفاق
فالعيش في محسن طلق ومورده * صاف ومن غيره مبق لارماق
لا زال والدين منشور اللواء به * كشاف معضلة غواص أعماق
وقال في مطلع قصيدة فقدت يحن إلى ولده عبد المطلب الذي كان
ممثلا لسورية في موسكو:
أقمت بأرض الروس والشام أصبحت * دياري وأين الشام من بلد الروس
في لحظات الاحتضار
بقلم: الأستاذ حسين مروه
مهدت مجلة المحيط التي نشرت هذه الكلمة لها بما يلي:
في الليالي الأخيرة لمرض الفقيد العظيم السيد محسن الأمين أعلن
الأطباء ان كل شئ فيه قد انتهى وانه لم يبق حيا الا قلبه وان هذا القلب
يصمد للموت صمودا عجيبا يدهش الأطباء، وبعد أربع وعشرين ساعة
من الاحتضار العنيف وقبيل منتصف الليل همد القلب الجبار، وكان يسهر
إلى جوار العظيم المحتضر نفر من أقرب المقربين إليه لم ينقطعوا عنه في لياليه
الأخيرة وكان فيهم الأستاذ حسين مروه. وقبيل النهاية الأليمة وفيما هم
واجمون كان أحد تلاميذ الفقيد يتناول دواة أستاذه ومجموعة أقلامه ويخرج بها
لتدفن معه كما أوصى، هذه الدواة التي رافقت صاحبها أكثر من نصف
قرن فكتب فيها تلك الروائع في الفقه والتاريخ والأدب والاصلاح والنقد،
فاوحى هذا الموقف إلى أديبنا الكبير بهذه الكلمة وقد ألقاها في حفلة
الأسبوع التي أقيمت في بيروت قلم التحرير.
كان قلبه الكبير يجالد الموت ويجاهده بعناد رائع عجيب، كان قلبه
الكبير يصارع الموت وحده في الميدان، وقد خذلته قوى الجسد جميعا،
خذلته تلك القوى الجبارة الصبور الدؤوب، وما خذلته قبيل هذا قطر،
فلطالما أنجدته في الليالي والأيام تعمل لا وناء ولا سام ولا فتور، ولطالما
جاهدت معه المغريات والمشتهيات تدفعها عن صاحب القلب الكبير دفعا
شديدا عنيفا، لأن صاحب القلب الكبير في شغل عن المغريات كلها سوى
الحروف والكلمات والسطور.
كان قلبه الكبير يصارع الموت وحده، كان الموت قد انتصر على قوى
الجسد كلها سوى هذا القلب البطل، كان قلبه الجبار ينتفض في الصدر
الرحيب العميق ويثب، يكافح الموت من هنا وهناك، ولكن الموت كان
يحمل على الجبار ويشتد، وكانت القلعة المنيعة الهائلة توشك ان تقبض
عليها يد الموت، وكان الحصن المتين الرفيع يوشك ان يصبح في ذمة
التاريخ.
كان ذلك كله في لحظات الاحتضار، تلك اللحظات الثقال
الطوال، وكنا جميعا نحس دبيب الموت يضج ضجيجا هائلا في أعصابنا،
كنا جميعا نحس أجنحة الموت تخفق كالأعصار في نبضات قلوبنا، كنا جميعا
نحس أنفاس الموت تكاد تمتزج في أنفاسنا.
ولكن، ما لي أشعر في غمرة هاتيك اللحظات بانقلاب مفاجئ في
ذاتي دون القوم؟ باللحظات الطوال الثقال تنقلب في نفسي فجاة إلى دنيا
رائعة من حياة العظيم المحتضر؟ ما لي أعود بالزمن إلى أيامه وهو في ذروة
العافية واكتمال النشاط؟ ما لانفاس الموت لا أحسها في صدري، وما
لأجنحة الموت لا اسمع خفقها في ذاتي، وما للعظيم المحتضر أراه بعيني
وهو يحدب على دواته وأقلامه، ويخدم قراطيسه وبروفاته؟.
اي شئ حدث في تلك اللحظات الثقال الطوال حتى انقلب عندي
حياة موفورة النشاط والحركة والعافية؟.
لقد حدث في لحظة مفاجئة ان رأيت دواة العظيم المحتضر وأقلامه،
تخرج بها من غرفة الاحتضار، يد برة حزينة تهئ لها السبيل إلى مكان
جديد، إلى جواره في المثوى المبارك الذي كان يهفو إليه حينذاك.
رأيت دواته وأقلامه فإذا بوجه الموت كله ينطوي عني في لحظة
واحدة، وإذا بلحظات الاحتضار تلك ليست هي اللحظات الثقال
الطوال، وإذا بالعظيم المسجى ذاك، ليس هو العظيم الذي يصارع قلبه
الكبير الموت صراع الأبطال، وانما كل ذلك غريب بعيد، وما في عيني
حينذاك الا شخصه العظيم والحياة ملء قلبه وعقله وجوارحه، والحركة
والنشاط والعافية ملء دواته وقلمه وقراطيسه.
القوم ينصتون حيارى ذاهلين إلى دبيب الموت يضج في أعصابهم،
وانا ارى العظيم بعيني في يقظة صاحية، أراه في قمم حياته كلها وهي
تعشب من هنا وهنا بالمعرفة، وتخصب من هنا وهنا بالخير، وتثمر من هنا
وهنا بالمحبة.
القوم ينصتون إلى دبيب الموت الرهيب في غرفة الاحتضار، وانا ارى
العظيم بعيني في صومعته الضيقة تنفتح على الحياة من كل جانب، أراه في
(٤٢١)

غرفته الصغيرة المتواضعة بدمشق تنفسح به وتتسع، على قدر ما ينفسح
صدره للحياة ويتسع.
هذه دواته المباركة وهذه أقلامه الخصبة هي ذي انظر إليها وهو في
لحظات الاحتضار وكأني أراه في صومعته تلك يبدد من تهاويل المغريات
والشهوات، ثم ينكفئ إلى دواته وأقلامه يتهلل لها بوجهه السمح فتتهلل
هي بالنور يتدفق سماحة ورقة، ويفيض خيرا وبركة ويتسلل تواضعا
وبساطة.
هذه دواته وأقلامه... هي ذي انظر إليها وكأني أراها تتحول بين
يديه، في صومعته تلك، سياطا من نار ينضج بها جلود المبتدعين
والمضللين والمشعوذين، لا هوادة ولا رحمة ولا إشفاق، أو تتحول بين
يديه، في صومعته تلك، مشاعل من نور تقف على المفترقات والمنعطفات،
لتقول لهؤلاء وهؤلاء: ليس الدين أيها الناس ما تبتدعون
وما تضللون ليس الدين أيها الناس ما تبذرون من الفرقة والبغضاء
والعصبيات والنعرات، وانما الدين هو هذا النور المشع يشمل الآفاق كلها
كما ترون، ويملأ النفوس كلها شوقا إلى العمل وتوقا إلى الحياة، وطموحا
إلى العدل ونشدانا للخير، وايمانا بان الناس سواسية عند الله لا فرق بين
أسودهم وأبيضهم ولا سيد بينهم أو مسود.
هي ذي دواته وأقلامه... أراها كأني ارى وجهه يطفح مرحا،
ويشرق ابتساما، وينطلق فتوة، ويتوهج نشاطا، ويترقرق وداعة وفكاهة
وحنانا.
آية أيتها الدواة المباركة، آية أيها القلم الدؤوب! لقد أجهدكما ربكما
حتى وقفت عنكما يده، ووقف عنكما قلبه، فلتستريحا إذن في ظلال
ذكراه، ولتؤنس وحشتكما، في الهدأة العميقة، هذه الدنيا العريضة التي
صنعتماها أنتما بيده وقلبه وعقله، هذه الدنيا العريضة المشرقة التي
صنعتماها علما واصلاحا وبناء وانشاء، وتنويرا وتعليما.
وفاته
توفي حوالي منتصف ليلة الأحد ٤ رجب سنة ١٣٧١ ه‍ الموافق
٣٠ أذار سنة ١٩٥٢ م فنعته الإذاعة اللبنانية ثم تجاوبت بنعيه سائر إذاعات
العالم العربي والعالم الاسلامي، وسرت موجة من الأسى لفقده في شعوب
العرب والمسلمين جميعا، وتداعت الصحف في أقطار هذه الشعوب ترثيه
وتعدد ماثره الاصلاحية ومكانته في عالم التأليف والتصنيف وتعرض شؤونا
كثيرة من سيرته العاملة لجمع الكلمة وتجديد الفكر الاسلامي، ونفي
الترهات والغشاوات عن نقاء الشريعة الاسلامية، وتصف مواقفه
الوطنية إلى جانب الشعوب العربية في كفاحها الاستقلالي.
وأقيمت المآتم ومجالس الفاتحة عن روحه في مختلف العواصم والمدن
العربية والاسلامية والمهاجر الأمريكية والأفريقية وحضرت تشيع جنازته
في بيروت ففي لبنان كتبت جريدة الحياة صباح يوم الوفاة على صفحتها
الأولى، إلى جانب صورة كبيرة للفقيد، كلمة النعي الآتية.
مات المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين
في الساعة الحادية عشرة مساء أمس فجعت البلاد، وفجع العالم
العربي والإسلامي، بوفاة المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين، ويبدو عظم
الخسارة بالفقيد الكبير حين نذكر انه كان طوال حياته طرازا جديدا نادرا في
علماء الدين، إذ عرف بنزعته الاصلاحية في طريقة تفكيره المتفتحة،
وأسلوب حياته العلمية الرفيعة، وفي عزوفه عن كثير من مظاهر الجاه
(٤٢٢)

الكاذب والمجد الزائف، فقد كان المجد عنده هو مجد الفكر والحق، ومجد
العلم والدين، ومجد الاصلاح والمحبة.
ولقد فعل الفقيد الكبير في سبيل ذلك كله ما استطاع ان يفعل سواه
في كتبه ومؤلفاته العديدة، أم في اصلاحاته واعماله، أم في المؤسسات
التي أنشأها في دمشق للخدمات الاجتماعية والعلمية والدينية.
ولقد ناصر الفقيد الكبير الحركات الوطنية في سوريا ولبنان أيام
الانتداب مما لا يزال يذكره الكثيرون من الذين شاركوا في تلك الحركات.
وقد نعته محطة الإذاعة اللبنانية بكلمة مسهبة وسيشيع الجثمان غدا
الاثنين من منزل الفقيد بالحرش إلى المسجد العمري الكبير حيث يصلى
عليه ثم يسير موكب التشييع إلى خارج العاصمة فينقل الجثمان مع أرتال
من السيارات إلى دمشق حيث يدفن في مقام السيدة زينب.
وستشترك الحكومة في ماتم الفقيد الكبير، عليه رضوان الله
ورحماته، وللأمة العزاء.
ونعته جريدة النهار أيضا بالكلمة الآتية:
أمس انطفا مصباح شع، في جميع الأقطار العربية تقى وعلما فخسر
العالم الاسلامي، والبلاد العربية فيه، رجل دين ودنيا.
المجتهد الأكبر الامام السيد محسن الأمين، صفحة مشرقة في تاريخ
الحركات الوطنية، وقد امتاز بعد الإمام محمد عبده بدعوته إلى التساهل
والتسامح في كثير من الحالات الدينية والمذهبية بالنسبة إلى علاقات الطوائف
بعضها ببعض من أبناء الدين الواحد، ومن أبناء مذاهب الأديان
الأخرى.
ولد الامام السيد محسن الأمين في بلدة شقرا الجنوب وتلقى علومه
في النجف الأشرف. وقد قضى سماحته سني حياته بين الكتب يدرس
ويطالع ويؤلف وينتج ما عرف العالم العربي عنه فكان خير من انتج واعطى
وعمل لصالح أمته، فكبر شانه وعظم قدره لدى قادة العلم والفكر
والوطنية وهو المصلح الإنساني الذي لا ينسى فضله.
وقد نعاه سماحة مفتي الجمهورية الشيخ محمد علايا، وتناقلت
محطات الإذاعة في بيروت ودمشق وبغداد والقاهرة وغيرها هذا النبأ
الصادع، وأشارت إلى ما عرف عن فقيد العروبة والاسلام الأمين في ماثر
ومحامد.
وغصت دار الفتوى الاسلامية أمس بوفود المعزين من كل حدب
وصوب وكان سماحة المفتي الشيخ محمد علايا وأصحاب السماحة والفضيلة
علماء الشريعة السمحاء من جميع الطوائف المحمدية ورئيس مجلس النواب
ووزير الأشغال العامة وانجال الفقيد يتقبلون تعازي الوفود بنفوس يملؤها
الأسى واللوعة.
وهبطت وفود جبل عامل نحمل الرايات مكبرة مهللة، في مناحة
مؤلمة، وراح الشعراء يرددون امام دار الفتوى الاسلامية مناقب الفقيد
بأصوات مؤثرة.
وفي الساعة العاشرة من صباح أمس خرج جثمان الفقيد من منزل
ولده السيد محمد باقر الأمين بحرج بيروت، وقد أغلقت بيروت متاجرها
وحوانيتها وخاصة في الطريق الذي سلكه الموكب. وكانت قوات الدرك
والبوليس قد انتشرت في كل مكان للمحافظة على الوضع والهدوء ولتنظيم
سير الجنازة. وتقدمت الموكب سيارة تحمل مكبرا للصوت يذيع آي الذكر
الحكيم ثم حملة الاعلام والرايات السوداء فطلبة المدارس الاسلامية وفرق
الكشاف يسيرون على جانبي الطريق ثم رجال الشرطة فرجال الدرك
ببنادقهم المنكسة فالجثمان محمولا على اكف رجال الإطفاء.
ووراء الجثمان انجال الفقيد وأصحاب السماحة والفضيلة المفتي
الأكبر والعلماء الذين وفدوا خصيصا من العراق وسوريا وإيران ورئيس
المجلس ورئيس الوزراء وأعضاء حكومته وممثل رئيس الجمهورية وقائد الدرك
ومدير الأمن العام وممثلو الجمعيات الاسلامية فالكشاف العاملي فحملة
الأكاليل فوفود الجبل وقرى الجنوب.
وفي الساعة الثانية عشرة الا ربعا وصل الموكب إلى الجامع العمري
الكبير فادخل الجثمان إلى بهو الجامع وسط التهليل والتكبير فضاق المسجد
على رحبه.
وبعد أداء فريضة الصلاة على الجثمان في المسجد العمري وضع في
سيارة خاصة وتبعته مئات السيارات بطريقها إلى دمشق حيث يحتفل اليوم
بتشييع الجثمان، ويجري دفنه في مقام السيدة زينب خارج مدينة دمشق،
وتقام بعدها مناحة كبرى. عزاؤنا الحار لآل الفقيد وانجاله.
ونعته جريدة اليوم ووصفت مأتمه قائلة تحت هذه العناوين:
لبنان يشيع الامام محسن الأمين الموكب يمتد من الحرج حتى الجامع
العمري
دار الفتوى الاسلامية كانت أمس محجة المعزين نفقد الأمين.
تخطى حضرة صاحب السماحة المجتهد الأكبر، العلامة المؤلف
الحجة الأشهر المغفور له السيد محسن الأمين العقد التاسع من سني حياته
وهو بين الكتب والمحابر والمطالعة والدرس. يؤلف وينتج ما ملأ العالمين
العربي والإسلامي فكان تغمده الله برحمته ورضوانه خير من عمل للصالح
العام في الدين والاجتماع والوطنية، فعظمت مكانته وجل شانه وارتفع
قدره في لبنان كما تخطاها إلى ربوع الشام فاطلق اسمه الكبير على الشوارع
والمدارس والساحة العامة، مشيرة إلى ما للفقيد العظيم الجليل من مكانة
سامية ومنزلة مرموقة.
المفتي الأكبر ينعي الفقيد.
ولقد فجع العالمان العربي والإسلامي صباح أمس الأحد الباكر
عندما نعى سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الأكبر الشيخ محمد علايا إلى
هذين العالمين وفاة العالم الضخم والقائد الوطني الشيخ، وتناقلت محطات
الإذاعة في بيروت ودمشق وبغداد والقاهرة وغيرها لهذا النبأ المريع وعلقت
عليه بما اشتهر به فقيد العروبة والاسلام محسن الأمين من آيات خالدات
في حقول الدين والوطنية والعلم، ولقد توفاه الله قبيل منتصف يوم
(٤٢٣)

السبت الأحد فعم المصاب الجميع وانا لله وانا إليه راجعون.
التعازي بدار الفتوى
وقد غصت دار الفتوى الاسلامية منذ صباح أمس الباكر بوفود
المعزين من كل حدب وصوب.
وفود الجنوب بمناحة
وهبطت وفود الجنوب من كل مكان تحمل اللوحات والشعارات
مكبرة مهللة في مناحة جد مؤلمة، واخذ الشعراء يرددون امام دار الفتوى
الاسلامية ماثر الفقيد الكبير بأصوات مشجية.
الموكب إلى الجامع العمري
وفي الساعة العاشرة من صباح اليوم خرج جثمان الفقيد من داره في
الحرج فمشى لبنان بمدنه وقراه وراء الجثمان الطاهر، وقد أغلقت بيروت
متاجرها وحوانيتها صباح اليوم ولا سيما في الشوارع التي سلكها الموكب
الكبير، وكانت قوات الدرك والشرطة قد انتشرت في كل مكان للمحافظة
على النظام ولتنظيم سير الجنازة وتقدم الموكب سيارة تحمل مكبرا للصوت
يذيع آي الذكر الحكيم وامتد طول الموكب من الحرج حتى الجامع
العمري.
وفي تمام الساعة الثانية عشرة وصل الجثمان إلى الجامع وسط التكبير
والتهليل فضاق المسجد على رحبه بالمشيعين مما اضطر رجال الشرطة والدرك
إلى منع دخول غير الداخلين وهجم الجمهور المكبر الباكي يريد اللحاق
بالجثمان ولم يبق موطئ قدم واحد، فاكتظت الشواريع وساحة النجمة
بأفواج الخلائق، وقد توقفت حركة المواصلات في المدينة تماما.
ثم وصفت اليوم في العدد التالي تشييع الجثمان في دمشق فكان مما
قاله مراسلها في دمشق:
شيع اليوم جثمان الامام محسن الأمين بموكب ما عرفت سوريا له
مثيلا فمشت في موكبه فصائل الدرك والشرطة منكسة السلاح، وأصحاب
الطرق الصوفية مع اعلامها، وجميع طلاب الكلية الشرعية والكليات
الأخرى، ثم الهيئات الرسمية والشعبية.
ماتم الفقيد الكبير
وفي ثالث أيام الوفاة نشرت الحياة أيضا هذه الكلمة تحت عنوان:
كان لفقد المجتهد الأكبر المغفور له السيد محسن الأمين صدى ألم
شامل في مختلف الطبقات والطوائف لما عرف الجميع في الفقيد الكبير من
مزايا التسامح والوطنية والدعوة للألفة والمحبة بين الجميع فضلا عن منزلته
العلمية الكبيرة.
وافته المنية في الساعة الحادية عشرة من مساء السبت الماضي، بعد
احتضار شديد دام أكثر من أربع وعشرين ساعة، وفي صباح يوم الأحد
نعاه سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية للبنان وللعالمين العربي والإسلامي.
وبدأت منذ الساعة الثامنة صباح الأحد تتوالى الهيئات الرسمية إلى دار
الفتوى حيث تقبل التعازي. وقد حضر رئيس المجلس النيابي ورئيس
الوزراء ورؤساء الوزارات السابقون والوزراء الحاضرون والسابقون
والنواب، ورجال السلك الديبلوماسي العربي ورجال الأحزاب والهيئات
والمنظمات وممثلو الصحافة والنقابات وأهل العلم والقضاء والمحاماة
والأدب.
وفي صباح الاثنين، كانت الوفود الشعبية تفد من مختلف انحاء
الجنوب والبقاع والعلويين وجبل لبنان ودمشق وبيروت، استعدادا
للاشتراك في موكب التشييع وقد أوفد فخامة رئيس الجمهورية السيد احمد
الحسيني وزير الاشغال العامة للنيابة عنه بتعزية آل الفقيد وانجاله كما
حضر للتعزية في منزل الفقيد أركان الحكومة.
وفي الساعة العاشرة بدأ موكب التشييع من الحرش إلى الجامع
العمري الكبير. وقد حملت النعش فرقة من رجال الاطفائية، واصطفت
على جانبي الموكب طوال الطريق فرق الكشافة وطلبة المدارس بينها وفد من
طلبة دار المعلمين العليا وكلية المقاصد في صيدا وعدد من طلاب المقاصد في
بيروت وكشافة مدرسة الاصلاح الخيرية.
وسار وراء النعش علماء الدين من مختلف الطوائف يتقدمهم سماحة
مفتي الجمهورية اللبنانية ثم ممثل فخامة رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس
النواب والنواب وأركان الحكومة وكبار رجال الدولة وأعيان البلاد، ثم
المواكب الشعبية بأهازيجها الحزبية واعلامها.
سارت هذه المواكب في مدى طويل لا يدرك الطرف نهايته يملأ
الشوارع من الحرش حتى المسجد العمري كما كانت الشرفات وسطوح
المنازل وأرصفة الشواريع تكتظ بالناس.
وفي الساعة الثانية عشرة وصل الجثمان إلى المسجد العمري الكبير
وكانت قاعة المسجد مكتظة بوفود المعزين من مختلف الهيئات الرسمية وغير
الرسمية.
وقد صلى سماحة مفتي الجمهورية على جثمان الفقيد تأتم به
الصفوف ملء المسجد.
وعند بدء التعزية أعلن السيد احمد الحسيني وزير الأشغال باسم
فخامة رئيس الجمهورية منح الفقيد وسام الأرز من رتبة ضابط أكبر.
ثم سار الموكب إلى شارع الشيخ بشارة حيث نقل الجثمان إلى سيارة
وتالف موكب ضخم من مئات السيارات إلى دمشق حيث يوارى الفقيد
مثواه الأخير.
وقالت مجلة العرفان من كلمة صافية في وصف مكانة الفقيد،
وتعداد ماثره:
توفي السيد الإمام، السيد محسن، حوالي منتصف ليلة الأحد
٤ رجب ١٣٧١ ه‍ ٣٠ آذار ١٩٥٢ م فأذيع نعيه في جميع الأقطار وكانت
التعازي يوم الأحد من الصباح إلى المساء في بهو دار الفتوى في بيروت الذي
غص على سعته بوفود المعزين وقد جلس لقبول التعزية أبناء الفقيد وذووه
وسماحة مفتي الجمهورية اللبنانية وعطوفة رئيس المجلس النيابي ومعالي وزير
(٤٢٤)

الأشغال العامة وغيرهم وفي اليوم الثاني امتلأت دار السيد جعفر فاضلي
ودار الفقيد والدور المجاورة والشوارع والساحات الرحبة بأفواج كانت تموج
كالبحر الهائج لكثرتها.
وعند الساعة الحادية عشرة حمل نعش الراحل الكريم على الأكتاف
من داره بالحرج إلى الجامع العمري الكبير بازدحام شديد وبعد الصلاة عليه
من سماحة المفتي وضع الجثمان الشريف في عربة صحية وتبعته مئات
السيارات من المشيعين وما وصل الحشد العظيم إلى شتورا حتى انضمت
إليه سيارات البعلبكيين والبقاعيين، وعلى الحدود السورية كانت بالانتظار
سيارات الدمشقيين إذ اشترك في لبنان وسورية الحكومة والشعب في التشييع
كما منح الفقيد بعد الموت وسامان رفيعان من الحكومة اللبنانية والحكومة
السورية:
ووضع النعش في قاعة المدرسة المحسنية التي امتلأت على رحبها
داخلا وخارجا بالجموع الزاخرة حتى الصباح. وما أزفت الساعة الحادية
عشرة حتى حمل النعش على الأكتاف للجامع الأموي حيث صلى عليه
سماحة الشيخ كامل القصاب عالم الشام ومنها نقل لتربة باب الصغير ثم
نقل في السيارة لمقام السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليها وعلى أبيها
السلام حيث أعد له غرفة كبيرة إذ ووري جدث الرحمة ووقف في الباب
رئيس المجلس وسماحة المفتي وآل الفقيد يتقبلون التعازي ويتبادلون الأسف
والعويل على هذا الراحل الجليل.
وكان يوم الأسبوع في بيروت يوما مشهودا ما رأت بيروت نظيره إذ
نصبت السرادقات أمام بيت نجله الكبير السيد محمد باقر الأمين وتعاقب
الخطباء والشعراء على المنبر ينثرون الدرر وينظمون اليواقيت التي التقطوها
من بحر ذاك البحر المتلاطم بشتى العلوم والفنون وقد نشرها ما اتسع المقام
لنشره هنا.
فإلى روح الله وريحانه، والسكن بأعلى جنانه أيها السيد السند ولئن
غبت عنا بجسدك فها هي ماثرك أمامنا، وهذه آثارك وكتبك نصب
أعيننا:
خرجوا به ولكل باك خلفه صعقات موسى حين دك الطور
وأصدرت مجلة المحيط عددا خاصا مهدت له بكلمة جاء فيها:
الامام الأكبر والعالم الحجة السيد محسن الأمين
لا بد لنا وقد أصدرنا هذا العدد الخاص من أن نقدم للملأ لمحة عن
حياة المغفور له امامنا الراحل السيد محسن الأمين، إلى أن قالت: وأنشأ
مدرسة أسماها المدرسة العلوية والى جانبها جمعية المدرسة التي أخذت
على عاتقها تمويلها. (١)
وأنشأ جمعية ثانية أسماها جمعية الاهتمام بتعليم الفقراء والأيتام
كانت مهمتها تدبير المال اللازم لينفق على الطلاب الفقراء في كسوتهم
ولوازمهم المدرسية وبعض ما يحتاجونه. إما الجمعية الثالثة التي أنشأها
المغفول له فهي جمعية الاحسان وكان هدفها تخفيف آلام الفقر عن الفقراء
لا سيما العائلات المستورة.
واما الجمعية الرابعة التي أنشئت إلى جانب الجمعيات الثلاث فهي
جمعية المؤاساة وكان هدف هذه الجمعية تامين تطبيب الفقراء بالمجان.
لقد مضى على تأسيس هذه الجمعيات ما ينوف عن الخمسين عاما
أدت خلالها للمجتمع خدمات لا تحصى.
ونستطيع ان ندرك مدى بعد نظر الفقيد وسعة آفاق تفكيره من
تأسيس مثل الجمعيات السالفة الذكر لا سيما وقد بدأت الفكرة عنده منذ أكثر من
نصف قرن.
ولقد رأى تلاميذ الفقيد الكثيرون منذ سنوات تقديرا لأستاذهم ان
يطلقوا اسمه الكريم على المدرسة فأسموها المدرسة المحسنية إلى أن
قالت:
ومن ناحية ثانية فلقد كان بيته ملتقى لكبار رجال الدين المسيحي
والإسلامي حتى بلغ مرتبة سامية في قلوب جميع السوريين وخاصة
الدمشقيين منهم وعند ما جاء غبطة البطريرك الأرثوذكسي ليعزي بالفقيد
قال: لقد كنا نأتي لزيارته رحمه الله فكانما نأتي إلى مدرسة نستفيد منها
ونتعلم.
في دمشق
إما في سورية، فقد شغلت صحف العاصمة دمشق وصحف
المحافظات معظم أعمدتها البارزة في التحدث عن الفقيد، وهذه مقتطفات
مما كتبته الصحف السورية في وصف التشييع والمآتم:
قالت جريدة الإنشاء الدمشقية تحت العناوين الآتية:
العاصمة تشيع عالمها الكبير، وفود العالم الاسلامي تتقاطر إلى دمشق
لتودع المجتهد الأكبر العلامة محسن الأمين، الحكومة والأركان العامة
تعزيان وتحتفلان بالدفن.
المجتهد الأكبر العلامة محسن الأمين، الذي طواه الموت صباح الأحد
الباكر في بيروت من النادر ان تنجب الأرحام في مثل علمه واحسانه وأمانته
ووطنيته انه صفحة مشرقة من صفحات الفضيلة والأخلاق، ونفحة عاطرة
من نفحات العلم والدين، وينبوع دافق للسماحة والوداعة، وقدوة تحتذى
في الوطنية والإنسانية ونكران الذات والدعوة إلى المعروف والنهي عن المنكر
وحث الناس على الخير والاحسان.
انه مثال في أخلاقه وأقواله واعماله وحياته، فقد كان رحمه الله دؤوبا
على المطالعة والدرس والتآليف، مشهودا له بالفهم العميق والرأي
الحصيف والعبارة الحلوة اللطيفة، وكان مرجعا في الشرع الاسلامي
الحنيف وحجة في الفقه لا يمارى ومحبا للاصلاح وعاملا لخير العرب
والمسلمين، ولهذا فان نعيه شق على عارفيه في طول دنيا المسلمين
وعرضها، وكانت لوفاته رنة اسف عميقة شاملة، نظرا لمكانته العالية ليس
(٤٢٥)

عند الطائفة الجعفرية المسلمة فحسب، ولا عند المسلمين فقط، بل عند
جميع الذين عرفوه وقرأوه وسمعوا بعلمه وفضله وتقواه.
والإنشاء تستمطر شآبيب الرحمة على روحه الطاهرة، وتسال الله
ان يجزل ثوابه بقدر ما أحسن إلى وطنه وأمته ومواطنيه، وتعزي بفقده
المسلمين جميعا في شتى ديارهم وأقطارهم، عوض الاسلام عن هذا الركن
المكين من أركانه والعالم الكبير من علمائه.
وقالت جريدة المنار تحت هذا العنوان:
يا فقيد الاسلام وعالمه البر
، لقد جل الرزء فيك عن إيفائك حقك من الرثاء.
غيب الثرى في يوم أمس عالما من أكبر علماء الاسلام، ورجلا من
أجل الرجال علما وتقى واخلاصا وورعا، هو سماحة المجتهد الأكبر
والفقيه الجليل، والمربي الحازم سماحة السيد محسن الأمين الذي خلف دنيا
من العلم، وجيلا من الثناء، وطودا شامخا من المثالية والحكمة والصلاح.
وإذا كان للقلم ان يتحدث عن كل انسان خلال حياته وبعد مماته،
وأن يفي كل عامل حقه من جهاده وعمله، فإنه كثيرا ما يقصر عن ايفاء
حق رجال إفذاذ، وعباقرة نابغين، وكثيرا ما يعترف بعجزه امامهم حين
تكون أعمالهم فوق الوصف واقدارهم فوق الثناء.
رحم الله الفقيد الأمين، فلقد كان من الرجال العظام القلائل،
الذين فهموا القيم الفكرية حق الفهم فنزهوها عن القيم المادية، وفهموا
واجب الإنسان حيال الإنسانية فعملوا لها عمل المؤمنين الصادقين الذي لا
يستهويهم مال أو نفوذ، ولا يغرر فهم مطمع أو جاه، لقد فهموا فهما
سليما، وعملوا عملا رفيعا، فارضوا ربهم، وارضوا ضميرهم، وقنعوا في
عيشهم من الفوز برضى الله وهو أقدس فوز، وبرضى الضمير وهو أثمن
وأعز انتصار.
وما دمنا بصدد الاعتراف بالعجز عن ايفاء الفقيد الأمين حقه بعد
مماته فلا أقل من القول بأنه كان عالما ضليعا كثيرا ما انحنت أمامه افهام
علماء أكابر، وانسانيا مثاليا لا يفرق بين أبيض واسود الا بمقدار صلاحه
وتقواه ووطنيا آمن بحق أمة الاسلام بالتمتع في الحرية والسيادة، فعمل
لكل هذه المبادئ بجرأة وهمة واستمرار حتى قضى على كثير من الخلافات
المذهبية، وسعى إلى توحيد شمل الطوائف الاسلامية ووقف في مكان
التوجيه والارشاد من صفوف جميع الحركات الوطنية الاستقلالية. ثم
وصفت المنار التشييع فكان مما قالته: وكان موكب الجنازة من الضخامة
بحيث سدت الطرقات وأغلقت الحوانيت وقد حضرت التشييع مئات الوفود
التي قدمت من العراق وإيران وسائر الأقطار العربية.
برنامج استقبال الجثمان
ونشرت جميع الصحف الدمشقية نص المنهاج الرسمي لاستقبال
موكب التشييع عند الحدود اللبنانية السورية، وسيره إلى دمشق حتى
المدرسة المحسنية في حي الأمين، على النحو التالي:
تألفت اللجنة الحكومية التي تستقبل الجثمان من محافظ لواء الشام
السيد سليمان الحسيني ممثلا لدولة رئيس الدولة، والعقيد جميل رمضان
ممثلا للعقيد رئيس الأركان العامة ووكيل قائد درك لواء دمشق، ومدير
أوقاف دمشق السيد عبد الرحمن الطباع وبعد ان تؤدي مفرزة من رجال
الدرك التحية للجثمان عند وصوله إلى الحدود يتجه الموكب إلى العاصمة
تتقدمه سيارة جيب يمتطيها عدد من رجال الدرك فسيارة ممثل رئيس الدولة
فسيارة ممثل رئاسة الأركان العامة وسيارة وكيل قائد الدرك للواء الشام
وسيارة مدير أوقاف دمشق وكوكبة من رجال الدرك راكبي الدراجات النارية
ثم السيارة المقلة لجثمان الفقيد وتتبعها السيارات المواكبة للجثمان وفي نهاية
الموكب تسير سيارة جيب يمتطيها عدد من رجال الدرك وفي الربوة مدخل
دمشق تبدل قوات الدرك بقوات الشرطة ويتابع الموكب سيره إلى المدرسة
المحسنية مخترقا شارع سعد الله الجابري فشارع النصر إلى شارع الدرويشية
فسوق مدحت باشا فالمدرسة المحسنية في حي الأمين وامام المدرسة المحسنية
تستقبل الجثمان اللجنة المؤلفة من السادة الأمين العام لرئاسة الجمهورية
والأمين العام لرئاسة الوزراء ومدير الشرطة العسكرية والمدير العام للأوقاف
الاسلامية وفي المدرسة المحسنية يودع الجثمان حيث يشيع صباحا إلى مقام
السيدة زينب وفق البرنامج الرسمي الآتي، على أن يتولى رجال الشرطة
الحراسة والسهر على النظام امام المدرسة المحسنية اعتبارا من ساعة وصول
جثمان الفقيد إلى المدرسة حتى ساعة تشييع الجنازة.
إما برنامج تشييع الجثمان فهو كما يلي:
١ تكون اللجنة الرسمية لتشييع الجثمان في المدرسة المحسنية في
الساعة العاشرة والدقيقة الثلاثين من قبل ظهر الثلاثاء السابع من رجب
١٣٧١ الموافق للأول من نيسان ١٩٥٢.
٢ يتحرك الموكب مشيا على الأقدام في تمام الساعة الحادية عشرة من
المدرسة المحسنية بحي الأمين إلى الجامع الأموي مارا بشارع مدحت باشا
فالبزورية فالجامع الأموي حيث يصلى على الجثمان ثم يتوجه الموكب من
المسكية إلى مقبرة الباب الصغير سالكا الطريق التالية: سوق الحميدية
الدرويشية السنانية مقبرة الباب الصغير.
٣ يكون ترتيب الموكب من المدرسة المحسنية بحي الأمين حتى
المقبرة كما يلي: مفرزة من رجال الشرطة راكبي الدراجات النارية قوة من
رجال الجيش منكسي السلاح على جانبي الموكب، طلاب الكلية
الشرعية، في الوسط المؤذنون نعش الفقيد طلاب المدارس على جانبي
النعش آل الفقيد ممثل دولة رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وأعضاء
لجنة التشييع الرسمية، وفود المشيعين من البلاد العربية والاسلامية ويحاط
الموكب من جهاته الثلاث بعدد كاف من رجال الشرطة.
يتقبل آل الفقيد وممثلو الطائفة الجعفرية التعازي في مقبرة الباب
الصغير.
٤ يتابع الموكب سيره بالسيارات إلى روضة السيدة زينب وفق
الترتيب الآتي: سيارة جيب يمتطيها عدد من رجال الدرك، كوكبة من
رجال الدرك راكبي الدراجات النارية، السيارة المقلة لجثمان الفقيد،
سيارات اللجنة الرسمية للتشييع، سيارات وفود البلاد العربية والاسلامية
ورجال السلك السياسي العربي والإسلامي والأجنبي، سيارات المشيعين،
(٤٢٦)

سيارة جيب يمتطيها عدد من رجال الدرك.
ولدى وصول الموكب إلى روضه السيدة زينب تؤدي قوة من رجال
الدرك التحية لجثمان الفقيد وبعد ان يوارى جثمانه التراب يتقبل آل الفقيد
وممثلو الطائفة الجعفرية التعازي ويتولى الدرك حفظ الأمن في روضة السيدة
زينب.
ومما قالته الصحف الدمشقية أيضا ان وزير إيران المفوض في دمشق
تلقى برقية من حكومته بتمثل الدولة الإيرانية في تشييع الجثمان كما تلقى
القائم باعمال المفوضية الباكستانية والقائم بالأعمال العراقي برقيات مماثلة
للاشتراك في التشييع باسم حكومتيهما كما أن رجال السلك السياسي
العربي والإسلامي والمطارنة ورجال الاكليروس المسيحي اشتركوا في
التشييع.
وقالت الصحف الدمشقية: ان رئيس الدولة السورية أصدر مرسوما
يمنح الامام المجتهد الأكبر المغفور له السيد محسن الأمين الحسيني وسام
الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة تخليدا لأعماله المجيدة ومواقفه
الوطنية وخدماته الجلي التي أداها للبلاد.
ثم قالت: إنه جرى احتفال رسمي بتقليد الوسام على نعش
الفقيد.
وفي صبيحة يوم التشييع من المدرسة المحسنية بدمشق إلى مقام
السيدة زينب، نشرت الصحف الدمشقية وصفا ضافيا للموكب العظيم
الذي استقبلت به العاصمة السورية جثمان الفقيد في اليوم السابق،
ونشرت إلى جانب ذلك صورا كثيرة من مشاهد الموكب أثناء مسيره من
الحدود اللبنانية السورية حتى المسجد الأموي. ومن ذلك ما نشرته جريدة
النصر تحت هذه العناوين:
عشرات الألوف من لبنان وسورية تواكب جثمان المجتهد الأكبر، دمشق
تزحف اليوم وراء نعش العالم الأكبر، رجال السلك الدبلوماسي العربي
والإسلامي والأكليروس يشتركون بالتشييع،
وبعد ان وصفت الموكب العظيم الذي رافق الجثمان ووصوله إلى
الحدود السورية وخروج موكب دمشق لملاقاته على الحدود قالت:
وكان موقف رهيب تناثرت فيه الدموع وثارت الأحزان عندما التقى
السوريون واللبنانيون على جثمان الراحل الكبير الذي كانت صوره المجللة
تملأ السيارات والجدران وقد قامت ثلة من الدرك بأداء التحية للجثمان،
وعلى الأثر جرى تنظيم الموكب فسارت في الطليعة قوات الدرك على
سيارات الجيب ثم سيارة الجثمان وتلتها سيارات ممثلي رئاسة الدولة ورئاسة
الأركان العامة وآل الفقيد وبعدها سيارات الشخصيات اللبنانية الكبيرة
فسيارات المشيعين، وقد سار الموكب العظيم الذي لم تشهد البلاد له مثيلا
بتؤدة على ألحان الذكر الحكيم ينطلق من مذياع سيارة خاصة.
وقالت الجريدة نفسها تحت هذه العناوين:
من المسجد الأموي إلى روضة السيدة زينب تكتظ الشوارع بمشيعي
المجتهد الأكبر، جثمان المجتهد الأكبر يحمل على اكف المشيعين ويطوف
بمقابر آل البيت ثم ضريح السيدة زينب الكبرى:
سارت دمشق يوم أمس في مواكب صامتة حزينة تكفكف دمعا
ينساب من محاجر مقرحة، وتكبح لهثات وانفاسا تطلقها قلوب وأكباد
موجعة مدماة... سارت وراء نعش المحسن الأمين تودعه الوداع الأخير،
وتتحسس مشاعرها الهائمة وراء جدثه الطاهر آخر اللمحات والأطياف
لتعود إلى ذواتها راضية مرضية بما قدره الله وليست لقدرته تعالى مرد. سنته
في خلقه وسطوره في كتابه ولن تجد لسنة الله تبديلا...
ولقد بعثت النصر بمندوبها الخاص يلتقط بقلمه كل مشهد ويسجل
بعدسته كل نامة أو حركة... فنحن مع الفقيد في دنياه المنصرمة وتأليفه
الخالدة وخاتمته الحميدة تاريخ صادق محبب وكتاب كله تقدير واحترام
للفضل والجهاد والنبل...
ويرى في الصورة العليا نعش الفقيد محمولا على الأكف وقد تجمهر
الأحباء أمامه والمؤذنون كما سار خلفه ممثلو الحكومة الرسميون.
وقد تلت ذلك صورة المواكب المشيعة تتقدمها الشخصيات الرسمية
الكبرى ثم في المقطع الأخير يرى طلبة الكلية الشرعية ورجال العلوم
الدينية.
وفي الصورة الثانية يرى النعش وهو ينقل من السيارة التي حملته من
الباب الصغير إلى روضة السيدة زينب الكبرى وفي الصورة الثالثة يرى
النعش وهو يطوف حول ضريح السيدة بنت الرسول كما يرى في الصورة
الرابعة كبار المشيعين من لبنان.
ونعته جريدة بردى تحت هذه العناوين:
وفاة المجتهد الأكبر رزء فادح للعروبة والاسلام، عرفناه أيام النضال
الوطني أشد حماسة من الشباب.
استأثرت رحمة الله بالعلامة الكبير، والزعيم التقي الوقور، المؤمن
بربه. والمجاهد في سبيل عزة قومه، ومجد بلاده، المجتهد الأكبر السيد
محسن الأمين العاملي، زعيم الطائفة الجعفرية في العاصمة السورية، فقد
فاضت روحه الكريمة صباح يوم الأحد في المستشفى في بيروت بعد ان
امضى فيه أمدا ليس بالقصير وأعيا نطس الأطباء التغلب على الداء،
وهكذا طوى الردى علما خافقا، وزعيما مطاعا، وتقيا مؤمنا، ومسلما
محمديا، ومجاهدا وطنيا وقوميا، وعالما جليلا، وأديبا فحلا، وخطيبا
بليغا، وواعظا هاويا.
عرفناه في أيام النضال الوطني، فكان أشد حماسة، وأكثر جرأة من
الشباب، وعرفناه في عهد الحرية والاستقلال فكان المرشد الحكيم، والباني
الحاذق وعرفناه داعيا قوميا، وزعيما دينيا، همه الاصلاح ووحدة الكلمة،
وتأليف القلوب، وعقد الخناصر في سبيل المصلحة الوطنية والقومية
والدينية، ونشر لواء العلم فأسس المدارس ووقف عليها الوقوف. وتخرج
على يديه عدد كبير ممن يضطلعون بأعباء اسمى المقامات، وقد طاف
العراق ولبنان وسورية يبث في النفوس روح الاخاء وكان يأسف أشد
(٤٢٧)

الأسف لأن بعض الجهال من رجال الدين يؤرثون النعرات، ويثيرون
الحزازات بدلا من أن يكونوا لبني ملتهم أنوار هداية، ونباريس فضيلة وكم
بذل وجهد في سبيل إزالة ما بين الطوائف الاسلامية المختلفة من فروق
طفيفة لا موجب لها ولا داعي. وقام باصلاحات اجتماعية، وقضى على
الخرافات واتصل بكبار رجالات العالم الاسلامي، وأقام معهم صداقات
وأخوات نبيلة، وكان لا يفتر عن الدرس والمطالعة والتآليف وقد طبع له
حتى الآن ٦٥ مجلدا لا يقل واحدها عن ٥٠٠ صحيفة وان نسخ هذه
المؤلفات وتصحيح رواميزها لمن المعجز ان ينهض بها رجل مثله كثير
المشاغل والأعمال.
ونشرت جريدة العصر الجديد تحت هذا العنوان:
الموكب الرهيب لجنازة المجتهد الأكبر يخترق شوارع دمشق... تشيعه
عشرات الألوف بالدموع والحسرات، كان على رأسهم الطير، ونشرت
مشاهد مختلفة من المواكب وقالت:
في الساعة العاشرة و ٤٥ دقيقة من قبل ظهر الثلاثاء الواقع في ١
نيسان عام ١٩٥٢ اجتمعت في المدرسة المحسنية في شارع الأمين في دمشق
جميع الوفود القادمة من بيروت ومن جبل عامل والعراق وإيران وجماهير لا
تحصى من مختلف الطوائف والهيئات السورية واللبنانية والعربية.
ممثلو الزعيم والعقيد ورئيس جمهورية لبنان وكبار الهيئات والطوائف.
وحضر أيضا ممثل دولة رئيس الدولة وممثل فخامة رئيس الجمهورية
اللبنانية. وممثل سعادة رئيس الأركان العامة، وممثلو هيئات السلك
السياسي العربي والإسلامي وسماحة مفتي دمشق وسماحة قاضي دمشق
وأصحاب السيادة رجال الاكليروس والبطاركة والمطارنة لجميع الطوائف
الكاثوليكية والأرثوذكسية والسريانية والأرمنية والبروتستانتية ورهط كبير من
علماء الشريعة الاسلامية وغيرهم مما لا يمكن لصحيفة يومية ان تأتي عليه
كله.
النعش المسجى في القاعة الأثرية
وكان النعش المسجى فيه فقيدنا الغالي سماحة المجتهد الأكبر العلامة
السيد محسن الأمين موضوعا في القاعة الأثرية الكبرى للمدرسة المحسنية في
شارع الأمين وكان يحرسه فريق من رجال الشرطة وكبار علماء الطائفة
الجعفرية ووجهائها في دمشق وبيروت وجبل عامل حيث لم يغمض جفن
أحد بل الجميع ساهرون يذرفون الدموع ويرسلون الحسرات على الفقيد
الغالي.
وكان الخشوع وجلال الموت الرهيب ووقار الفقيد الغالي يخيم فوق
هذه القاعة الأثرية وعلى المدرسة وما حولها من منازل وشوارع.
الوفود والجماهير
وقد هبطت دمشق أمس وأمس الأول جماهير لا يحصيها عد قادمة من
لبنان ومن بيروت ومن جبل عامل ومن كل الجهات التي تحب الفقيد.
رثاء الفقيد
وقبل ان يتحرك الموكب القي خطاب المربي الأستاذ احمد صندوق
ألقاه نيابة عنه الشيخ علي الجمال.
تحرك الموكب
وفي الساعة الحادية عشرة و ١٥ دقيقة تماما من قبل ظهر الثلاثاء تحرك
الموكب من المدرسة المحسنية يتقدمه الأوسمة الممنوحة محمولة على الأكف
ثم رجال الشرطة على الجانبين وعدد من رجال الجيش والشرطة والدرك على
الدراجات النارية لفتح الطريق امام سير الموكب فأساتذة الكلية الشرعية
الاسلامية يسيرون امام النعش.
المؤذنون يرددون اسم الله
ثم المؤذنون الذين كانوا يرددون اسم الله الأكبر بخشوع ورهبة أمام
النعش.
النعش يحمل على الأكف
ثم نعش الفقيد ملفوفا بالعلم السوري ومحمولا على الأكف من قبل
هيئة خصصتها المدرسة المحسنية وقد وضع كل واحد منهم شريطا اسود
إشارة الحداد والحزن.
رجال الدولة والعلماء والاكليروس
سار خلف الموكب كبار الرجالات الرسميين في سوريا ولبنان وممثلو
الدول العربية والاسلامية والشرقية فالعلماء فرجال الاكليروس ورجال
الطائفة الجعفرية فجماهير لا يحصيها عد.
الدرك ينكس أسلحته
وكان رجال الدرك ينكسون أسلحتهم ويسيرون بصفوف طويلة على
الجانبين.
الموكب يسير
لقد سار الموكب من المدرسة المحسنية إلى الجامع الأموي عن طريق
شارع مدحت باشا البزورية وكانت الأسطحة المطلة على الشوارع تحتشد
عليها خلائق لا تحصى كما أن الأرصفة كانت مشغولة على الجانبين ومكتظة
بالجماهير.
الأسواق التجارية تغلق
لقد أغلقت المحلات التجارية التي كان يمر بها الموكب وكانت الرهبة
والخشوع وجلال الموت الرهيب يسود هذا الموكب فلا تسمع الا حثيث
الاقدام ولا تسمع الا الزفرات في الصدور ولا ترى الا العبرات على الخدود
وفي وسط هذا الصمت كان الناس وكان على رؤوسهم الطير وكانت أصوات
المؤذنين تنادي الله أكبر: الله أكبر.
الصلاة في الجامع الأموي
وبعد ان صلت جموع ملأت المسجد الأموي على رحبه على جنازة
الفقيد حمل النعش على الأكف حسب البرنامج وخرج من باب سوق
الحميدية تتقدمه وتسير خلفه الهيئات التي ذكرناها.
الموكب يسير في سوق الحميدية
وتابع الموكب سيره فاغلق سوق الحميدية والأسواق الواقعة حوله
احتراما وحزنا على الفقيد الغالي.
(٤٢٨)

وسار الموكب الرهيب يخترق سوق الحميدية حتى الدرويشية فالسنانية
فإلى امام الباب الصغير.
تطويف النعش في مقابر آل البيت.
وفي الساعة الثانية والنصف تقريبا انزل النعش من السيارة البيضاء
محمولا على الأكف ووراءه كبار رجال الطائفة الجعفرية وجماهير من المشيعين
وطيف به على السادة الاطهار الأبرار الشهداء آل البيت رضوان الله عليهم
المدفونين في تربة الباب الصغير وبعد هذا الطواف وقراءة الفاتحة وما تيسر
من القرآن أعيد النعش إلى السيارة الواقفة امام مخفر الشيخ حسن فمشت
تخترق شارع الميدان وخلفها لا أقل من ألفي سيارة تحمل كبار المشيعين
وكبار وفود لبنان وجبل عامل.
الموكب يخترق حي الميدان
وكان سكان حي الميدان قد وقفوا امام محلاتهم وعلى الأرصفة
يشيعون الموكب ويلقون آخر نظرة على الفقيد الغالي.
إلى قرية قبر الست
ثم اخترق الميدان إلى قرية قبر الست الواقعة في ضواحي دمشق
الشرقية الجنوبية.
النعش أمام قبر السيدة زينب
وعند ما وصل الموكب إلى قبر السيدة زينب هبط كبار المشيعين من
سياراتهم وطيف بالنعش الكريم ثم وضع امام قبر السيدة زينب بنت علي
وفاطمة البتول وقرئت الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم.
النعش في اللحد الأخير
ثم حمل النعش إلى القبر المخصص للفقيد الواقع في الساحة عند
مدخل الباب الكبير ودفن بين الدموع والحسرات والزفرات.
وقد دفن معه الأقلام والمحبرة والعوينات كما اوصى.
ونشرت الجريدة نفسها، في صفحتها الأولى أيضا نص الخطاب
الذي ألقاه الشيخ علي الجمال نيابة عن الشيخ احمد صندوق أمام الجثمان
قبل ان يتحرك موكب التشييع من المدرسة المحسنية إلى مرقده الأخير في
مقام السيدة زينب، وقالت الجريدة عن هذا الخطاب انه أبكى العيون من
الحزن واللوعة على الفقيد الغالي.
خطاب المربي الكبير الأستاذ احمد صندوق
: سألونا ان كيف نحن فقلنا * من هوى نجمه فكيف يكون
نحن قوم أصابنا حدث الدهر * فظللنا لريبه نستكين
نتمنى من الأمين إيابا * لهف نفسي وأين منا الأمين
أجل هكذا فليكن غروب الشموس، بين سفر مسطور ورق
منشور، وكاغد ومداد وأقلام حداد فمن ذا الذي حيي حياة الأمين، ومن
ذا الذي مات ممات الأمين.
ولكن دعوني أتساءل:
أ لم يرع الاسلام موت نصيره * بل حق ان يرتاع من مات ناصره
أ في مثل هذه الظروف العصيبة والأفق يبرق ويرعد والعاصفة تثور
والفتن كقطع السحاب والأعداء محكمة أمورها تتواثب كالذئاب متحلبة
الأفواه بادية الأطماع كاشفة القناع يخلي الليث عرينه موطئا للطامعين ويترك
أشباله طعمة للآكلين.
الآن ونحن أحوج ما نكون إلى العلماء العاملين والعبقرية الجبارة
والمثالية المحضة والعقول المفكرة والربابنة الماهرة يقودون سفينة حياتنا إلى
شاطئ الأمن نصاب بالسابق المجلي آية الله في الأرض وحجته على
الخلق... سيد ربيعة ومضر، حفيد خاتم الأنبياء، وسليل سيد
الأوصياء، ويعسوب الأتقياء، وعميد من أنجبت البضعة الزهراء، الامام
المحسن الأورع، والشجاع المعلم الأروع، هذا الذي حمل لواء الشريعة
الغراء، فكان نعم الحامل، وسار به قدما سير آبائه الأئمة الطاهرين،
على السنن الواضح، والمحجة البيضاء، وشق طريقه بين أعاصير الكائدين
والعابثين، فأتم الله نوره على كره منهم وكشف عن مكنون ذخائرها،
ونفى عنها الأدران والأوشاب، وأبرزها للملأ ناصعة سهلة سمحاء، تدعو
إلى التالف والتعاون على البر والتقوى، والتنافس في فعل الخيرات ومكارم الأخلاق
، فتوحيد الله منبثق عنه توحيد الكلمة والصفوف... ثم العزة
والقوة، وكل ما فيه سعادة الدنيا والآخرة.
نعم هكذا فليكن غروب الشموس. لقد ماجد فمجد، وقارع
فقرع، وصاول حتى لم يجد من مصاول وناضل حتى لم يجد من يناضل،
كل ذلك بلسان هو العذب الزلال، وبيان هو السحر الحلال، تتفجر
الحكمة من جوانبه، ويشع نور الحق من اكنافه. لا لغاية الا رفاهية
الإنسانية، ووجه الله، وخدمة الحق.
فمن ذا الذي حيي حياة الأمين ومن ذا الذي مات ممات الأمين.
وأنت يا مولاي: ان لساني لا يطاوعني لاقول: أيها الراحل الكريم
فالراحل غيرك لا أنت. أنت الخالد المقيم في سويداء القلوب وحبات
الأحداق. أنت الخالد في النفوس والأفكار خلودك في ملكوت السماوات.
أنت الخالد في آثارك، في فتأواك في أسفارك وتصانيفك، في معاهدك
التي أنشأتها. في جمعياتك التي ألفتها، في هذا الحي الذي نفخت فيه روح
النهضة، في هذا الشباب الذي رفعته إلى قمة المجد، في هذا النش ء الذي
كفلته ورعيته وهذبته وثقفته. في كل ما قدمت من اعمال صالحة. في كل
ما قمت به من مشاريع نافعة.
أجل... ان خلودك ليتمرد على الزمن ولن يتطرق إليه الوهن. فإذا
استطاع الدهر يوما ان يعبث بهرم خوفو الأكبر وتمثال أبي الهول وما إلى ذلك
من آثار كل عظيم. فان ذكرك ليعجزه على حوله وطوله ان يعفي آثاره أو
يطفئ انواره.
سيدي: لقد فدح الخطب فاستطير اللب وارتج على البيان فكبا
القلم وعثر اللسان. ومثلك لا يبكى بالدموع ولا يرثى بالشفاه ولا توفيه
(٤٢٩)

حقه الألسن وان هذه القلوب التي عمرتها بفيض من الايمان الصادق
ورضتها على الصبر والتسليم تقف الآن واجفة تغمرها روعة المصاب
وتصدعها صدمة الأسى ثم تفيض مهجها بالنجيع ترسله الأعين معربة عن
شعورها بالألم العميق ولسان حالها يقول:
آه ما ذا نودع الأرض التي * رمق العالم فيها اودعا
صاحب النعش الذي قد رفعت * بركات الأرض لما رفعا
فأسلناها على انسانها * حدقا وهي تسمى أدمعا
وعقرناها حشي حول حشي * يتساقطن عليه قطعا
ونضحناها ولكن مهجا * صنع الوجد بها ما صنعا
فإلى يثرب بي ان بها * سيد الحي المعزى اجمعا
قف بها وانع قريشا كلها * فقريش اليوم قد ماتوا معا
وأخيرا نسأل المولى الذي فجعنا بفقدك ان يجعل لنا من أشبالك
الأفاضل وذويك الأماجد خير سلوة وعزاء رضي الله عنك وأرضاك فاذكرنا
عند ربك واجعلنا من همك.
وقالت جريدة القبس بعنوان:
الموكب الجليل لنقل جثمان المجتهد الأكبر يخترق شوارع العاصمة
إلى مقره الأخير امام ضريح السيدة زينب، موكب هائل يسير من
العاصمة حتى ضريح السيدة زينب في خشوع وجلال.
غصت باحة المدرسة المحسنية وابهاؤها صباح أمس بالوفود التي
زحفت إليها من مختلف انحاء العاصمة وشتى المدن السورية واللبنانية
للاشتراك في تشييع جثمان المغفور له العلامة المجتهد الأكبر السيد محسن
الأمين، وكان الجثمان الطاهر في إحدى غرف المدرسة، محروسا برجال
الشرطة طيلة الليلة السابقة وحتى موعد التشييع. وقد وصلت إلى العاصمة
أمس وفود كثيرة جديدة من العراق وسورية ولبنان، وكان قراء القرآن
الكريم يرتلون الآيات البينات، فتنقلها مكبرات الصوت إلى الشوارع
المحيطة بالمدرسة حيث ازدحمت الجماهير لوداع الراحل الكبير.
الوفد اللبناني يشكر
وفي تلك الأثناء كان رئيس الدولة يستقبل رئيس المجلس النيابي
اللبناني، ووزير الاشغال العامة وممثل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية،
ووزير الدعاية والأنباء ممثل دولة رئيس الوزارة اللبنانية ووفد من كرام
اللبنانيين الذين اعربوا لدولته عن الشكر الجزيل لما أبداه من اهتمام في
تشييع الفقيد الكبير وكان بين أعضاء الوفد اللبناني الرسمي فضيلة الأستاذ
الشيخ محمد علايا مفتي الجمهورية اللبنانية.
برقيات ملوك المسلمين وزعمائهم
وقد توافد على الدار بالإضافة إلى الوفود الكبيرة، الوزراء المفوضون
للدول العربية والاسلامية وقد تلقى وزير إيران المفوض برقية من حكومته
لتمثيلها في موكب التشييع.
وتلقت لجنة التشييع ألوف البرقيات بينها برقيات من ملوك المسلمين
ورؤسائهم وكبار رجالات الهند والباكستان والأفغان وإيران والعراق ومصر
ولبنان والأردن.
مغادرة المدرسة المحسنية
وفي الساعة الحادية عشرة، حمل نعش الفقيد الكريم على الأكف،
وكان رجال الشرطة قد اصطفوا على جانبي شارع الأمين، وتقدم طلاب
الكلية الشرعية في صفين من الجانبين وسار خلفهم طلاب المدارس،
وعند ما خرج النعش محمولا على الأكف، كانت اللوعة قد أسالت الدموع
فتحرك الموكب بخشوع بالغ وجلال عظيم في اتجاه المسجد الأموي.
وسار خلف النعش الذي لف بالعلم السوري وتقدمته علبة زجاجية
تحمل الوسامين اللذين منحتهما للراحل الكريم حكومتا سورية ولبنان،
وهما وسام الاستحقاق السوري الممتاز ووسام فارس من الدرجة الأولى
اللبناني سار خلف النعش مباشرة آل الفقيد يتقدمهم أبناؤه السادة: محمد
باقر وحسن وجعفر وهاشم وعبد المطلب يتلوهم ممثلو رجال الدولة الدكتور
خالد شاتيلا الأمين العام لرئاسة الدولة، والدكتور أنور حاتم الأمين العام
لرئاسة مجلس الوزراء والعقيد جميل رمضان ممثل الأركان، وتبعهم أعضاء
لجنة التشييع فرجال الدين من مختلف الطوائف، فوفود المدن السورية
واللبنانية فرجال المدينة وكان الموكب يموج بالكتل البشرية وكانت الجموع
تتزاحم بالمناكب وتسير في خشوع وجلال، وقد أغلقت الأسواق التي مر بها
الجثمان، وهي أسواق: الأمين، ماذنة الشحم، البزورية، السلاح،
الصاغة.
التعازي في الباب الصغير
وقد صلي على الجثمان في المسجد الأموي، ثم نقل محمولا على
الأكف، من طريق سوق الحميدية التي أغلقت متاجره، فشارع
الدرويشية، فمقبرة الباب الصغير، وهناك انزل النعش، ووقف آل
الفقيد يتقبلون التعازي من وفود المشيعين. وعلى الأثر نقل الجثمان إلى
سيارة صحية في طريقه إلى قرية السيدة زينب حيث ترقد حفيدة
رسول الله ص، وتبعتها مئات السيارات ناقلة الألوف لتوديع الفقيد
العظيم في مقره الأخير.
وتقدمت موكب السيارات سيارة جيب يمتطيها عدد من رجال
الدرك، فكوكبة من راكبي الدراجات النارية وسارت خلفه سيارات اللجنة
الرسمية للتشييع، فسيارات وفود الدول العربية والاسلامية ورجال السلك
السياسي العربي والإسلامي والأجنبي فسيارات المشيعين فسيارة جيب
يمتطيها بعض رجال الدرك.
في مقام حفيدة الرسول ص
وعند ما وصل الموكب إلى روضة السيدة زينب أدت قوة من رجال
الدرك التحية لجثمان الفقيد، ثم ادخل الجثمان إلى الروضة ريثما استراح
المشيعون قليلا، وهنا القى فضيلة الأستاذ الشيخ علي الجمال كلمة شكر
فيها رجال الدولة في سورية ولبنان والذين ساهموا في التشييع وعلى الأثر نقل
جثمان الفقيد العظيم إلى مقره الأخير بجوار ضريح السيدة زينب ووقف آل
الفقيد يتقبلون التعازي.
(٤٣٠)

وكان جثمان الفقيد الكبير قد وصل من بيروت إلى الحدود السورية
في الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر الاثنين تواكبه مئات السيارات،
وقد استقبله على الحدود رجال لجنة التشييع الرسمية والوفود الشعبية وأديت
للجثمان التحية الرسمية، ثم سار الموكب وكان مؤلفا من أكثر من ألف
سيارة فضلا عن عشرات سيارات النقل الكبيرة نحو العاصمة.
وعند وصول الموكب العظيم إلى مدخل المدينة اخترق شوارع
بيروت، جسر فكتوريا، الحجاز، النصر، الدرويشية، مدحت باشا،
الأمين ثم استقر في المدرسة المحسنية.
وفي مساء نفس اليوم زحفت وفود المدينة تعزي آل الفقيد الكبير
وطائفته وتليت آيات القرآن الكريم حتى الصباح.
الوفود تقدم التعازي
وفي المساء قصدت الوفود الغفيرة دار المدرسة المحسنية الكبيرة مقدمة
العزاء في الراحل الكبير الذي شعر المسلمون بالفراغ الهائل الذي خلفته
وفاته.
ونحن نكرر هنا تعازينا الحارة للطائفة الشيعية ولأسرة الفقيد الكبير
وللعالم الاسلامي بفقد هذا الركن الركين والآية العظمى في الدين.
ونشرت الصحف أبرز برقيات التعزية فقالت العصر الجديد تحت
هذا العنوان:
الملوك والرؤساء والعظماء والزعماء في العالم العربي يعزون بفقيد
العروبة والاسلام المجتهد الأكبر العلامة السيد محسن الأمين.
لا تزال المدرسة المحسنية في شارع الأمين تتلقى ألوف برقيات التعزية
يوميا من مختلف البلدان العربية والاسلامية وكلها تحمل الحزن واللوعة على
المجتهد الأكبر فقيد الاسلام والعروبة السيد محسن الأمين لما كان يتمتع به
رضوان الله عليه من المكانة والاحترام في جميع البلدان العربية والاسلامية
وقد رأينا من الواجب الصحفي نشر طائفة من هذه البرقيات.
وقالت جريدة دمشق المساء
رجل العرب والاسلام شيعته الدنيا بين الحسرات والزفرات.
شيعت دمشق اليوم، سماحة المجتهد الأكبر المغفور له السيد محسن
الأمين في مواكب كبرى وزحام كأنه الحشر من المدرسة المحسنية إلى الجامع
الأموي الكبير حيث صلي على روحه الطاهرة، ثم إلى مقبرة الباب الصغير
ثم إلى دوحة السيدة زينب رضي الله عنها.
وشهدت دمشق في أصيل أمس الباكي الموكب الزاخر وهو يدخل
دمشق قادما من لبنان في أكثر من ألف سيارة تحمل العرب والمسلمين
الباكين المفجوعين بانتقال الرجل العظيم من دار الفناء إلى دار البقاء وجنات
النعيم المقيم التي وعد الله بها عباده المتقين، واشتركت سورية ولبنان
والعراق وإيران وأكثر الدول العربية والاسلامية رسميا وشعبيا في تشييع
جثمان الرجل الذي انصرف إلى الله والعبادة والتقوى والزهد والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر طيلة سبعين عاما، كان خلالها المصلح الأكبر
والمجتهد الأمين، والمؤمن بالله جل شانه والمقتدي بسنة رسوله محمد بن
عبد الله ص، كتابه القرآن ودينه الاسلام وحياته ماثر وفضائل واخلاق
ومروءات، وتقشفه تقشف الأولياء الصالحين الذين لم يغرهم زخرف الدنيا
ولم يستملهم جاها ولم يلمع في عيونهم بريقها.
كان الفقيد العظيم للمسلمين والعرب جميعا، لا لطائفة دون طائفة
ولا لفريق من المسلمين والعرب دون فريق، وكان المسلمون يزدحمون في
مصلاه ومحرابه وزاويته الزاهدة التقية يصغون في رهبة الخشوع وفي احترام
الموقف وفي جلال المحدث إلى حديثه ومواعظه وارشاده والى نصائحه
ودروسه، ويرون إلى ما كان عليه الرجل العظيم من تواضع وتسامح ونبل
فيذكرون السلف الصالح والمؤمنين الصادقين والوطنيين المجاهدين في سبيل
نصرة الاسلام والذود عن حياضه وإعادة امجاده وبطولاته وأوامره ونواهيه
سيرتها العطرة المجيدة الأولى.
اليوم، بين مواكب البكاء والأنين، وفي موجات متدافعة من
الحسرات والزفرات، شيع العرب والمسلمون في الدنيا رجل الاسلام الحق
الصادق المغفور له السيد محسن الأمين.
وقالت يوم الأسبوع:
شيعوا الشمس ومالوا بضحاها * وانحنى الشرق عليها فبكاها
العالمان العربي والإسلامي في موكب تشييع المجتهد الأكبر.
بكى العالمان العربي والإسلامي، في الأسبوع الماضي، الفقيد
العظيم المغفور له السيد محسن الأمين الحسيني المجتهد الأكبر، وشيعته
سورية ولبنان ووفود الدول العربية والاسلامية إلى مقره الأخير في روضة
السيدة زينب رضي الله عنها في مواكب من دموع تزحم مواكب من حرقة
ولوعة وحسرة، وذكر المسلمون في سورية سيرة هذا الرجل المؤمن الذي
عاش في دمشق الخالدة عيشة السلف الصالح والأولياء الزاهدين والعلماء
المجتهدين والزعماء البررة المصلحين والتفت الدمشقيون على اختلاف
طوائفهم، إلى مدرسته وزاويته ومحرابه، والى داره المتواضعة المتقشفة التي
كانت محجة كل مواطن، ينعم في ظلها الهادئ وجوها المطمئن بحديث
رجل الله الذي عزف عن الدنيا ومباهجها وزخرفها ليهدي الناس السبيل
السوي ويبشر بكتاب الله القرآن وسنة رسوله النبي العربي القرشي،
وليدعو الناس إلى الخير والحق والصدق، لقد كانت زاوية الفقيد الأمين
والمجتهد العظيم ملتقى الذين أحبوا النور وخشعوا للوحي وانحنوا خاشعين
للايمان بوحدانية الخالق وللاخلاص في الدعوة إلى الرسالة المحمدية والحياة
الفاضلة النموذجية، والى الطهارة والعفة والصفاء من كل حقد وغل
وبغضاء.
رحم الله المجتهد الأكبر واجزل ثوابه، وأحسن إلى روحه الطاهرة
احسان المجتهد الأكبر إلى العرب والمسلمين كافة، وعوض الله العرب
والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الإمام الحق الصادق الذي يخلف
الإمام الحق الصادق الذي طواه الموت وخلده في الصدور والالباب الايمان
والعلم والخلق والأدب والاباء والجهاد المخلص في سبيل الله.
وقالت جريدة القبس:
(٤٣١)

الرجل الذي ودعه العالم الاسلامي كنز ثمين من العلم الصحيح
والوطنية المثالية.
شيعت دمشق أمس، وشاركتها في التشييع البلاد العربية والاسلامية
جثمان المغفور له آية الله السيد محسن الأمين المجتهد الأكبر، وقد عرفت
العاصمة السورية فقيد العالم الاسلامي كما عرفه المسلمون في جميع أقطار
الأرض، الحجة الدامغة في الفقه والعلامة الكبير، والمصلح الاجتماعي
الذي قضى عمره في العلم والأدب، لم يلجا إلى راحة أو هدنة بل كان
وقته كله مقتطعا للتأليف ونشر العلم وتنمية مدارك الأجيال التي عاصرها،
وتوجيه النصح والارشاد لقادة المجتمع، وتقوية الروح الوطنية في كل مكان
زاره أو حل به، أو اتصل بزعمائه وموجهيه. وكان إلى جانب ذلك الرجل
الزاهد الذي لم يعش لنفسه قط، بل عاش للمسلمين جميعا، وعمل على
توحيد كلمتهم ورفع شأنهم، وتعزيز مكانتهم، وايصال الدين الحنيف إلى
قلوبهم، كما كان الحجة المقنعة في النقاش، بل ولقد كان المنتصر في أية
مناقشة تجري حول شؤون الفقه وأصول الدين.
وكان الراحل العظيم يعتمد على موارد مؤلفاته وهو الذي يستطيع ان
يكون أغنى الأغنياء تحيطه قلوب الملايين وتنفذ رغباته لو أراد ولكنه فضل
ان يعيش لغيره وكان يجد لذة عندما تخرج له المطابع كتابا جديدا يفيد
الناس ويوضح لهم الغامض من أمورهم ويرشدهم إلى الطريق الصحيح
ولقد اوصى قبل موته بان تدفن معه دواته النحاسية وأقلام القصب التي
كان يكتب بها كأنما كان يخشى ان لا ترافقه المحبرة والأقلام التي لازمته
طيلة حياته في مماته أيضا.
وكان البند الثاني في وصيته ان يجمع ثمن الكتب التي تباع من
مؤلفاته المطبوعة وعددها ٦٥ كتابا معظمها من الحجم الكبير اوصى ان
يجمع لتطبع به مؤلفاته غير المطبوعة وهكذا عاش الرجل للعلم ومات وهو
يفكر في نشر العلم وزيادة الثقافة الدينية في العالمين الاسلامي والعربي.
لقد كان موكب تشييع جثمانه الطاهر أمس الدليل الساطع على
المكانة العليا التي كان سماحته يحتلها في قلوب العرب والمسلمين، المكانة
التي نالها بعلمه وفضله ووطنيته وجهاده: فإذا ساهمت البلاد العربية
والاسلامية في تشييعه ورثائه وعم الحزن والاسى جميع الأوساط عليه فان
هذه البلاد تفيه بعض حقه، وتقدم إليه جزءا يسير مما يستحق.
كان الفقيد العظيم إلى جانب احتلاله المكانة الأولى في الصفوف
الأولى لرجال التوجيه والارشاد والعلم الصحيح مناضلا وطنيا رفع صوته
ضد الاستعمار والمستعمرين وقاومهم ببسالة وشجاعة وظل على موقفه حتى
خروج آخر أجنبي عن سورية ولبنان وحتى غدا استقلال البلدين لا ريب
فيه ولا اثر لغير أبنائه في السهر عليه ورعايته.
ان الفقيد الكبير كنز ثمين من العلم والوطنية الصادقة التي لا زيف
فيها، وينبوع صاف من المعرفة الموجهة التي تحسن إلى الناس وتعلمهم
سبل الحق والخير والرشاد، ولقد انحنى الألوف أمس بخشوع وجلال امام
الضريح الذي ضم الرجل الخالد يرطبونه بالدموع ويبتهلون إلى العلي
القدير ان يسكنه فسيح جنانه وان يعوض المسلمين خيرا عن فقيدهم الذي
لا يعوض. بينما كانت ملايين المسلمين في شتى أقطار الأرض تبتهل إلى الله
ان يتغمده بالرضوان في دار الخلود الدائم.
ونعته جريدة الأيام قائلة:
فاجعة العالم الاسلامي بالمجتهد الأكبر، كان ملاذا يلوذ إليه
المجاهدون.
فجع العالم الاسلامي بفقد رجل من أعظم رجال العلم، ومن أكابر
المشرعين المجتهدين هو المغفور له السيد محسن الأمين فقد وافته المنية في
بيروت عن عمر ناهز التسعين.
وكان المجتهد الأكبر السيد الأمين من العلماء الأعلام بقية السلف
الصالح تلقى علومه الابتدائية في جبل عامل ثم سافر إلى بغداد فالنجف
الأشرف وانكب على العلم والمعرفة، فنال درجة المجتهد الأكبر، لكثرة ما
درس من علوم الدنيا والدين، واشتهر بعد ذلك ولمع نجمه في الخافقين،
وعاد إلى دمشق فبقي فيها فترة طويلة يعلم ويفتي المسلمين في أمور دينهم
وتخرج على يده أساطين العلماء الأعلام في الشرق العربي، ثم انتقل بعد
ذلك إلى جبل عامل حيث انكب على التأليف ونشر حوالي ستين مؤلفا من
أحسن المؤلفات، وكانت له غفر الله له، ميزة من أعظم المزايا الا وهي
عدم التعصب الذميم، وفضح الخرافات التي كانت شائعة في عهد
العثمانيين وتعريف الدين الاسلامي على حقيقته دون زيف أو دجل أو
اختلاف وهو إلى جانب هذا كله. وطني من أعاظم الوطنيين وله مواقف
مشهودة ضد الفرنسيين في سورية، عندما كان يجار بالحق امامهم ويندد
بأعمالهم ويدافع عن استقلال سورية وحريتها دفاع الأبطال وكم من مرة
احرج الفرنسيين فلم يستطيعوا ان ينالوه بسوء لعظم مقامه وكبير شانه، وله
الفضل الكبير في تأجيج الثورة ضد الاستعمار، وكان ملاذا يلوذ إليه
المجاهدون الأبرار وعمادا يعتمد عليه في جميع الملمات، وكانت الطائفة
الجعفرية المسلمة موضع عنايته وتوجيهه ورعايته، مما اكسبها الحب
والعطف، والمزيد من المعرفة.
وقد طيرت البرقيات من جميع انحاء العالم الاسلامي معزية بالفقيد
الأكبر ووصلت الوفود إلى دمشق من مختلف الأقطار للاشتراك بتشييع
جثمانه، ورافقت جثمانه الطاهر من لبنان وفود غفيرة وجماهير عديدة
للتشرف بالاشتراك في تشييع جثمانه وقد اشتركت الحكومة السورية رسميا
بالتشييع وأوفد دولة الرئيس امين الرئاسة لتمثيله وتوافده من سائر الأنحاء
إلى دمشق يوم الثلاثاء جماهير غفيرة حيث شيع الفقيد باحتفال مهيب مشى
فيه كبار الشخصيات السياسية والعلمية والهيئات الاقتصادية والتجارية
وصلي على الجثمان في جامع بني أمية ودفن في مقبرة السيدة زينب رضوان
الله عليها ووري التراب بين الأسى والحسرات والدموع. لقد افل نجم
العلم والعرفان بوفاة المجتهد الأكبر. رضي الله عنه وارضاه وأسكنه جنات
عدن تجري من تحتها الأنهار أعدت للمتقين.
وقالت جريدة العصر الجديد:
كان رسول الوطنية والتقريب، ثلاثة أجيال من العلم تدفن في
التراب.
اليوم تسير دمشق وتسير وراءها بيروت ويسير وراءها جبل عامل
(٤٣٢)

وتسير وراءها سوريا ولبنان والعراق وإيران والباكستان والهند بل يسير العالم
العربي والعالم الاسلامي ممثلا في علمائه وفي رجاله الرسميين الحكومات
والسفراء والبعثات وكبار رجال المال والأعمال والتجار والصناع والزراع
ومختلف الطوائف والمهن وتسير الجماهير والمواكب خلف نعش فقيد العروبة
والاسلام الغالي، رجل الدين والعلم والأخلاق والفضيلة والتقوى،
والصلاح والورع والزهد، المجتهد الأكبر العلامة السيد محسن الأمين،
لتودعه الوداع الأخير، ولتقوم نحوه بأقل الواجبات المفروضة نحو كبار
رجال الدين، وكبار رجال العلم الأتقياء الصلحاء الشرفاء.
لم يكن السيد محسن الأمين فقيها في الشريعة الاسلامية فقط، ولا
مجتهدا في المذهب الجعفري فحسب الذي هو أقرب مذاهب الشيعة إلى
مذهب أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه الذي اخذ عن جعفر الصادق
صاحب المذهب الاسلامي المشهور، نعم لم يكن السيد محسن عالما ومجتهدا
فقط وانما كان صاحب رسالة بشر بها وعمل لها طيلة حياته الطويلة الحافلة
بجلائل الأعمال وعظائمها، لقد قرب السيد محسن بين الجعفريين
والسنيين وبدد تلك الأوهام السائدة التي كانت تفرق بين المذهبين
الكريمين، وحمل البسطاء من الجعفريين ان يتركوا الخرافات التي جاءت بها
الوثنية وأدخلتها على مذاهب السنة ومذاهب الشيعة مجتمعة واتخاذ المذاهب
الاسلامية من قبل الطامعين من رجال السياسة، من أجل الخلافة ومن
أجل السلطان.
لقد عمل فقيدنا الغالي لهذه الغاية النبيلة طيلة حياته فكان موفقا في
دعوته موفقا في جهاده موفقا في رسالته.
وقد ساهم رضي الله عنه في الثورة الوطنية على فرنسا، وفي النهضة
الوطنية التي حمل دعوتها رجال الرعيل الأول فلقوا في كنفه كل عون وفي
جاهه كل تأييد فكان رسول الوطنية كما كان رسول الحرية يصرخ في وجه
الظلم ويعمل لهدم الاستعمار البغيض!
اننا إذ نلقي النظرة الأخيرة ننحني بخشوع واحترام على الجسد
الطاهر الذي لم تفسده أغراض الدنيا ولم تلوثه اعراض المادة.
اننا نشيع اليوم ثلاثة أجيال من العلم الصحيح، نشيع عالما مجتهدا
قل ان يجود الدهر بنظيره، وهو البقية الباقية من السلف الصالح رضي الله
عنه، لندفنه تحت أذرع من تراب في ضواحي دمشق الخالدة.
نشيع العالم والمجتهد الذي أحبته دمشق وأحبته بيروت وأحبه جبل
عامل وأحبه جميع العرب والمسلمين، إلى مرقده الأخير، إلى جوار السيدة
زينب أخت الحسين شهيد كربلاء ابن علي رضي الله عنه وابن فاطمة البتول
بنت رسول الله ص.
ففي ذمة الله مجتهدنا الأكبر، وفي ذمة الخلود سيدنا ومحسننا وأميننا،
والى جوار أهل البيت الشهداء والصالحين الأبرار، يا أيتها النفس
المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.
في بغداد
وكذلك فعلت جميع صحف العالم العربي فقد قالت جريدة النبأ
البغدادية تنعاه تحت هذا العنوان:
رزء اسلامي كبير، سماحة الامام محسن الأمين في ذمة الله.
استأثرت رحمة الله يوم أمس بعلم من اعلام الدين الاسلامي الحنيف
ورجل من رجال البر عاش محبوبا. وقطع طريق الحياة في تسعين عاما أو
تنقص قليلا ساعيا في الخير مخلصا حياته للعلم والدين والدعوة إلى الاصلاح
فلما دعاه الله إلى جواره استقبل وجه ربه راضيا مرضيا، ذلك هو سماحة
الامام الكبير السيد محسن الأمين العاملي مؤلف الموسوعة التاريخية العظيمة
أعيان الشيعة ووالد الشاعر العربي المعروف الأستاذ حسن الأمين
والأديب الموهوب السيد عبد المطلب الأمين.
وقد ولد سماحة الامام الفقيد في جبل عامل سنة ١٢٨٤ للهجرة
وبهذا يكون قد عمر سبعة وثمانين عاما أنفقها في تثبيت أسس الدين في
النفوس وايضاح الرسالة الإنسانية النبيلة التي جاء بها الاسلام لإقامة مجتمع
فاضل سعيد. وقد قضى سماحته صدر حياته طالبا للعلم في مدارس جبل
عامل فلما بلغ الشباب هاجر إلى النجف الأشرف ينتجع العلم في مواردها
العذاب على أيدي كبار مجتهديها ويستمد عمقا في الايمان وشغفا بالحرية من
النور المتوهج من قبر البطل أبي الأبطال الإمام علي ع، حتى إذا أتم
تحصيله وبلغ فيه مبلغ الاجتهاد الكامل وأجيز بالفصل بين الناس وتعليمهم
أصول دينهم عاد إلى لبنان ناهضا بأعباء رسالته الدينية ردحا من الزمن
استقر بعده في الشام يعلم ويرشد ويؤلف حتى تمخضت جهوده الكريمة في
المجال الاجتماعي عن توثيق روابط الحب والتعاون بين تابعيه وغيرهم وعن
مؤسسة علمية بعيدة الأثر هي المدرسة المحسنية للبنين والبنات.
وكما أخلص حياته للدين وهبها كذلك للعلم والتجرد للسعي وراء
الحقيقة فكان ثمرة جهده في هذا الباب كتابه الخالد أعيان الشيعة الذي
أتم منه للآن ٣٥ مجلدا ولم يصل إلى منتصفه وقد أعجله الموت عن
اكماله.
هذا وقد استأثرت بروحه رحمة الله وهو في بيروت ونقل جثمانه في
موكب مهيب إلى دمشق حيث يوارى التراب هذا اليوم في جوار ضريح
السيدة زينب وستخرج الشام كلها لتشييعه. وقد تناقلت الإذاعات العربية
نبا وفاته وأفاضت في الحديث عن أياديه البيضاء وماثره الجمة في خدمة
الاسلام والمسلمين.
ان الفراع الذي تركه الفقيد كبير لا نحسب ان من الممكن ملأه في
القريب العاجل على الأقل فقد كان سماحته مجاهدا في صمت عاملا في
هدوء مخلصا في عقيدته ثابتا عليها متفانيا في خدمتها لم يرعه ظلم ولا بغي،
فمضى في طريقه قدما حتى أدى رسالته على وجهها الأمثل فكانت آثاره
بارزة في كل شئ، ولهذا كله كانت الخسارة به عظيمة والمصاب به أليما.
لقد كانت حياته وجهاده مثالا نبيلا للرجل الكريم الذي يعرف كيف
يجاهد وكيف يتألم وكيف ينتصر بحكمة وهدوء وثبات وبعد نظر وتقدير
صحيح للنتائج والمقدمات فلم يهن يوما ولم يتراجع ولم ينكص يوما عن
عقيدة اعتقدها وايمان طوى جوانحه عليه.
ان النبأ إذ تعزي العالم الاسلامي بهذا المصاب الأليم لا يسعها الا ان
تتقدم بخالص العزاء إلى أسرة الفقيد الكبيرة ولا سيما الصديقين الكريمين
(٤٣٣)

حسن الأمين وعبد المطلب الأمين نجلي الامام الفقيد تغمده الله بواسع رحمته
وجعل في حياته نبراسا يهتدي به المسلمون في الظلمات الداجية التي
يدرجون تحتها الآن.
هذا وقد حمل إلينا البرق البرقية الآتية من دمشق:
جريدة النبأ بغداد:
ننعي إلى العالم الاسلامي والعربي آية الله العلامة السيد محسن الأمين
إنا لله وإنا إليه راجعون.
لجنة التشييع وقالت جريدة الأمة البغدادية:
آية الله العلامة السيد محسن الأمين في ذمة الخلود
روع العالم العربي والإسلامي يوم أمس بنعي ركن وطيد من أركان
العروبة والاسلام وعلم من اعلام الجهاد الحق ذلكم هو المغفور له المرحوم
آية الله العلامة الكبير السيد محسن الأمين العاملي، فقد دعاه الله إلى جواره
فاستجاب راضيا مرضيا ومضى إلى رضوانه تعالى نقي الصفحة طاهر الذيل
محمود الذكر، تاركا وراءه تاريخا حيا حفلت صفحاته المشرقة بأرفع الأمجاد
والمثل العليا.
ولئن تحسس العرب والمسلمون اليوم فداحة الخطب وعظم الخسارة
بانطواء صفحة السيد الأمين. ولئن بكوا بدم لا بدمع تعبيرا عما تحسسوا
به، فذلك جزء يسير مما يمكن ان يقابل به نعي رجل وهب نفسه وما يملك
في سبيل أمته وبلاده وافنى حياته في خدمة دينه وابتغاء مرضاة ربه وكان
الشهاب الذي شع بالهداية في آفاق العالم العربي والإسلامي فأنار للجيل
الذي عاصره مسالك العمل الصالح وفتح للأجيال المقبلة طرق الجهاد
والتضحية وظل كذلك نيرا حتى وافاه الأجل المحتوم.
والتاريخ اليوم إذ يحتضن صفحة السيد الأمين ويحلها الصدارة بين
صفحات اولي الفضل والعلم والتقوى من رجال الاسلام، فإنه سيظل دائما
وابدا يذكر أيادي السيد البيضاء وماثره الخالدة وتضحياته الغالية في سبيل
العروبة والاسلام، فقد كان عطر الله ثراه حركة متواصلة لا تهدأ ولا تستقر
وكان على رغم شيخوخته المضنية لا يفتا يواصل الجهد والمسعى لأداء رسالته
السامية، فكان يعقب ويؤلف ويؤرخ ويمد الجيل بالرأي الصائب والموعظة
الحسنة والتوجيه السليم، وكان إلى جانب كل ذلك شعلة وطنية تحدو
الركب العربي والإسلامي إلى حيث المستقبل الحافل بالرفعة والعظمة وحسن
المصير.
انها والله لنكبة كبرى ان يفتقد العرب والمسلمون السيد الأمين في
مثل هذه الظروف الحالكة، وانها لمصيبة تدمي النفوس وتحز في الأفئدة ان
ينهار من الاسلام هذا الركن الشامخ فيترك فراغا كبيرا يستحيل ان يملأ
وانها لكارثة ان يحم القضاء ويعز العزاء، فإلى جنات الله أيها الفقيد الغالي
وفي أعلى عليين في الخالدين إلى يوم الدين، وعزاء للعروبة والاسلام على
هذا الخطب الفادح والنازلة الأليمة، وانا لله وانا إليه راجعون.
صدى الوفاة في المهاجر
إما صحف المهاجر العربية، فلم تكن أقل اهتماما من صحف العالم
العربي ذاتها بوفاة الفقيد، فقد كتب الكثير في هذا الموضوع، ونذكر من
ذلك ما كتبته جريدته العلم العربي الصادرة في مدينة بونس ايرس
عاصمة الأرجنتين، في افتتاحية عددها يوم الخميس ٢٣ رجب ١٣٧١ ه
الموافق ١٧ نيسان ١٩٥٢ م تحت عنوان:
مات السيد محسن الأمين
بهذه الكلمات الأربع ننعي إلى قراء العلم المدرة الكبير، والمؤلف
الشهير، والحبر الشريف، والسيد الغطريف السيد محسن الأمين الحسيني
العاملي تغمده الله برضوانه بهذه الكلمات الوجيزة ننعي علما من اعلام هذه
الأمة لم يمد يدا، ولا راحة الا إلى الأقلام والمهارق.
مات امام جمع إلى فضيلة العلم شرف النسب والحسب، شرف
ناطح السحاب، ونسب كالشمس رأد الضحى، ينتمي إلى أشرف سلالة
وأزكى شجرة في الاسلام الشجرة الزكية العلوية، والدوحة المقدسة
الفاطمية.
مات من حرر الدين من آفاته وشوائبه، ومحا البدع في الاسلام،
وهاجم الرجعية والخزعبلات الدينية ونشر ألوية العلم في ربوع الوطن،
واخرج من كنوز العلم كل دفين.
مات من حارب دعاة السوء المتحذلقين وحرر العلم من الجهل
المطبق، وأطلق حرية الاجتهاد وسار في مواكب الحضارة والمدنية، تاركا
مجدا لا يزول وهو مجد العلماء العاملين.
جاهد السيد محسن الأمين من مهده إلى لحده، من عشه إلى نعشه
لاتحاد الطوائف الاسلامية وإزالة ما بينها من فوارق تاركا خلفه جيشا من
التلامذة، والأساتذة يبكون أستاذهم الفيلسوف والعالم والمؤلف والناظم
والناثر، والامام المرشد، المصلح والوالد الروحاني للجميع.
كان استاذنا الراحل الكريم قائدا من قادة الوطنية، قبل ان يكون
قائدا دينيا إذ في كل وثبة من وثباته الوطنية في الظروف الماضية ألف دليل
على أن الدعوة الوطنية كانت دعوته المثلى وانه كان فارسها المعلم اننا نقر
بالعجز عن التحدث عن شخصية من أبرز الشخصيات لها علينا وعلى
الآلاف مثلنا فضل التربية والعلم.
وبعد ان نشرت وصفا ضافيا للتشييع قالت:
وقد حدثنا صديقنا الأستاذ ناظم ضبيان الكيلاني الذي شاهد حفلة
تشييع الجثمان فقال:
لم تر عيني ولم تسمع أذني شعبا من شعوب العالم شيع رجلا كما شيع
الشعبان السوري واللبناني حكومة وشعبا جثمان الفقيد السيد محسن
الأمين.
وقالت مجلة الرفيق الصادرة في بونس ايرس:
الحفلة التذكارية الخالدة لأربعين فقيد العروبة والاسلام الإمام الحجة السيد
محسن الأمين
بجلال الروعة ورهبة الذكرى أقيمت الحفلة التذكارية الكبرى
(٤٣٤)

لأربعين فقيد العلم والدين المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين في
العاصمة، وذلك مساء الأحد ١١ آيار الماضي بنادي جمعية الحلف العربي
بهذه العاصمة وبرعاية الجمعيات الثلاث الحلف العربي والتعاضد العربي
الأرجنتيني التعاضد الاسلامي سابقا ونادي الشباب العربي الأرجنتيني،
والجمعيات المنضمة والتي تمثلت في الاحتفال هي: الجامعة العلوية
الخيرية. الجمعية الخيرة العلوية. الشباب العلوي. التضامن العربي
والاتحاد الاسلامي روساريو. الجامعة الاسلامية توكومان. الشبيبة
العاملية الاسلامية والبيت العربي الأرجنتيني والجامعة العلوية باريسو
وغيرها. وما أزفت الساعة الرابعة من عصارى يوم الأحد المذكور حتى
كانت قاعة الجمعية غاصة بالمحتفلين يتقدمهم سعادة المستشار اللبناني في
العاصمة وسعادة قنصل لبنان وسكرتير السفارة المصرية يرافقه المعاون
الأستاذ حسن مطر وغيرهم من رجالات الجالية وأدبائها وممثلو صحافتها.
وبعد ان أزاح الستار رئيس جمعية الحلف السيد محمد علي عطية عن
رسم الفقيد افتتحت الحفلة بعشر من آي الذكر الحكيم تلاه الشيخ عبد الله
حمادة ثم بدأ عريف الحفلة الأديب الشيخ محمود حمادة يقدم
الخطباء حسب البرنامج المعد لذلك فقدم أولا الأستاذ عبد اللطيف
الخشن تلميذ الفقيد الكبير فارتجل كلمة اعرب بها عن جهاد
السيد وغزارة علمه ووطنيته بعد ان طلب من الحضور الوقوف دقائق تقديرا
واحتراما. وعقبه مدير هذه المجلة بكلمة نشرناها بغير موضع من هذا
العدد. وتبعه الأستاذ سامي عازر بقصيدة رائعة ننشرها أيضا وقفاه الشاب
يوسف خليل سكرتير النادي بكلمة بالإسبانية جميلة وبعده الأستاذ يوسف
صارمي الذي القى خطابا بارعا كما القى الشاب عادل نجل الشيخ محمد
موسى آل الحاج يوسف قصيدة عامرة بلسان والده ننشرها بهذا العدد.
وعقبه الأستاذ خالد أديب الذي ارتجل كلمة موفقة عبر بها عن حياة الإنسان
وموته. وبعده تكلم الأديب علي كريم باسم الحلف الكريم فالأستاذ ميشال
قزما الخطيب المعروف كما القى عريف الحفلة الشيخ محمود حمادة أبياتا من
الشعر جميلة لشاعر الرفيق الشيخ إسماعيل قبلان وبعده تكلم الأديب
الشيخ محمد ضيا وختاما القصيدة البليغة لشاعر الشباب الأستاذ احمد
سليمان الأحمد ننشرها بختام هذه الكلمة وأخيرا كلمة الشكر للمحتفلين
للشاب الأديب محمد زين الدين بلسان الجمعيات. وقد أخذت عدة رسوم
أثناء الاحتفال ننشر بعضها وقد انفض الاجتماع وانصرف المحتفلون وكلهم
مترحم على الفقيد الكبير الراحل. حشره الله مع أجداده الأئمة الطاهرين
وعزى الأمة المكلومة بفقده العزاء الجميل خاصة خلفه الصالح والأسرة
الهاشمية الكريمة وانا لله وانا إليه راجعون.
وقالت المجلة المذكورة أيضا: بين روعة الذكرى وجلال التعظيم
أقيمت الحفلة الأربعينية لذكرى فقيد الأمة الإمام الحجة السيد محسن الأمين
بمدينة روساريو. وبرعاية الجمعيتين التضامن العربي والاتحاد الاسلامي
وذلك يوم الأحد ١١ أيار الماضي وبقاعة جمعية الاتحاد الاسلامي الرحبة،
حضرها جمهور المحتفلين يتقدمهم سعادة قنصل سورية الفخري السيد ثابت
عبد الملك الذي قدم باقة من الزهور جميلة كما أن حضرته أعلن افتتاح
الحفلة بإزاحة الستار عن رسم الفقيد الجليل بعد ان طلب من الحضور
الوقوف دقائق احتراما للذات الشريفة كما القى كلمات وجيزة عزى بها
الأمة على فقد هذه الشخصية العظيمة. وبعده تلا آي الذكر الحكيم السيد
رجب إسماعيل فأجاد القاء وأحسن ترتيلا. وحالا بدأ عريف الحفلة السيد
إبراهيم دايخ ناموس جمعية التضامن العربي يقدم الخطباء حسب البرنامج
فتكلم كل من السادة جميل حمادة رئيس جمعية الاتحاد الاسلامي. الآنسة
يمامة شريفة معلمة المدرسة في الاتحاد. حسين المير رئيس التضامن العربي.
الشيخ رجب إسماعيل. الأستاذ خليل النبوت. توفيق غشام ناموس
الاتحاد الاسلامي. وأخيرا كلمة عريف الحفلة السيد إبراهيم دايخ شكر بها
الحضور الذين لبوا الدعوة كما اطرى عمل الجمعيتين التضامن والاتحاد
المبرور.
وقالت أيضا:
أقامت الجمعية الخيرية الاسلامية للشبيبة العاملية في باريسو حفلة
الأربعين لذكرى وفاة المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين حضرها فضلا عن
رجالات الجمعية وجالية باريسو كثيرون من العاصمة منهم الأستاذ احمد
سليمان الأحمد وممثلو بعض الصحف وأدباء ووجهاء الجالية. وكانت عمدة
الجمعية أعدت للجماهير المحتشدة طعام الغذاء بقاعة الجمعية وبدار رئيسها
السيد احمد يوسف فنحرت عشرات الأكباش من الضأن ضحية عن نفس
الفقيد الجليل الذي كان رئيس الجمعية الشرفي أعواما من حياتها
الاجتماعية. وقد أظهر رجال الجمعية ومدير شؤونها كل نشاط لتجئ
الحفلة كما يرغبون فكانت رائعة جدا وبتمام التنظيم. وفقهم الله وأثابهم
جميعا ولهم جزاء المحسنين.
وأذاعت الصحف العربية في الولايات المتحدة الأمريكية النعي
التالي:
إنا لله وإنا إليه راجعون
ننعي إليكم وفاة علامة الشرق الأكبر وحجة الاسلام الامام السيد
محسن الأمين ونرجوكم حضور الحفلة التأبينية التي ستقام في النادي العربي
الواقع على زاويتي دكس وسلينا ديروبورن ميشغن تحت رقم ١٠٤٠١ يوم
الأحد الواقع ٢٠ نيسان ١٩٥٢ الساعة الثالثة بعد الظهر للاشتراك بهذا
المأتم ماتم الدين والعلم.
لجنة الاحتفال
وقالت جريدة نهضة العرب الصادرة في ديترويت ميشغن:
ماتم الامام الأكبر السيد محسن الأمين في نادي جمعية النهضة العربية
أقامت جمعية النهضة العربية ماتم الغائب لفقيد الشرق العلامة
الامام السيد محسن الأمين وذلك يوم الأحد الواقع في ٢٠ نيسان ١٩٥٢ إذ
اشترك بهذا المأتم جميع عناصر الجالية في ناديها الخاص الذي كان موشحا
بالسواد من الداخل وكانت باقات الزهور البيضاء المحاطة برموز الحزن
تنتشر على مدخل النادي، كما كانت شارات الحداد معلقة على صدور
الأعضاء كأنها تنطق بما يختلج في قلوبهم الحزينة من اسف وحسرة
ولوعة...
افتتح المأتم رئيس الجمعية السيد محمد فرج مقدما عريف الحفلة
الأستاذ عبد الله بري الذي رفع الستار عن صورة الفقيد العظيم بكلمات
كانت تتذلذل على لسانه كأنها انصات النفس في هدأة الحزن باعماق
(٤٣٥)

القلوب، وبعد ان وقف الجميع اجلالا وحدادا سكوتا اعرب الأستاذ
عبد الله بري عن أسف جمعية النهضة العربية بفقد هذا الكبير، وقال إنه
ليس بامكاننا تعيين الخسارة أو تحديدها بالكلمات، لأن معرفة الموت عند
الله قضاء، وعند عبده الصالح تلبية ودعاء ورضاء وخضوع، وبعد تلاوة
آي القرآن الكريم من الشيخ عبد الله الشيخ محمود قدم عريف الحفلة
الشيخ خليل بزي لالقاء كلمة عن الهيئة الدينية فاستهلها باسم الله
وبكلمات متقطعة من الحزن كانت تفيض بآيات القرآن الكريم وأقوال
النبي ص حتى استخلص من قوله الذي تناول نسب الفقيد وعلمه
واشتراعه، إلى أن الصلب الهاشمي الطاهر الذي انجب النبي واستمر مع
الأجيال حتى وصل بالوراثة إلى سليل النبي الامام السيد محسن الأمين هو
الذي انبثق منه الاسلام بمعنى التوحيد القائم على قول لا إله إلا الله محمد
رسول الله.
وتعاقب بعد ذلك الخطباء والشعراء الآتية أسماؤهم، وبعد الانتهاء
شكر عريف الحفلة باسم الجمعية جميع الذين اشتركوا بهذا المأتم حاضرين
أو غائبين وتلا بعد هذا الشيخ خليل بزي بالاشتراك مع الشيخ حسين
خروب دعاء الرحمة وأعلن ختام هذه الذكرى وهذه أسماء الخطباء:
الأستاذ عبد الله بري عريف الحفلة، الشيخ خليل بزي كلمة
الهيئة الدينية، الشيخ حسين خروب كلمة الهيئة الدينية، الشيخ عبد الله
الشيخ محمود قرآن كريم، الأستاذ الشيخ فريد أبي مصلح كلمة، الفتى
علي محمد فرج قصيدة، الأستاذ علي أبو حجيلي كلمة، الأستاذ شاكر
سليمان قصيدة زجل، الأستاذ الشيخ يوسف بري شعر، الشيخ محمد
علي بري شعر، الأستاذ عزت برنيه كلمة، الشيخ قاسم الصباغ
كلمة، الأستاذ بولس مكنا كلمة الإذاعة.
وقد تمثلت في المأتم الهيئات الآتية:
جمعية الباكورة الدرزية، الجمعية الاسلامية العربية، جريدة نهضة
العرب، جريدة البيان، جريدة الرسالة، وفد المسلمين الأميركيين
الزنوج.
وقالت الجريدة نفسها في عدد تال:
الجالية العربية في مشغن ستي تقيم حفلة تأبينية كبرى للفقيد العظيم السيد
محسن الأمين
كان فضيلة الشيخ محمد جواد الشري قد تلقى في الثلاثين من أذار
سنة ١٩٥٢، برقية من بيروت تعلن وفاة فقيد العالم الاسلامي المجتهد
الأكبر السيد محسن، فكان لهذا النبأ وقع الصاعقة في أوساط الجالية،
فأرسل الشيخ كما أرسلت الجالية برقيات التعزية لنجل الفقيد السيد محمد
باقر الأمين. وقد عمم النبأ في اليوم الثاني على الأميركيين في مشغن ستي
انديانا وجوارها بنشر كلمة باللغة الإنكليزية في صحيفة المدينة الأميركية
حول النبأ الفاجع وحول شخصية الفقيد العظيم الراحل.
وقد وجهت دعوة عامة، بواسطة الصحيفة المذكورة، لحضور الحفلة
التأبينية في نادي جمعية العصر الجديد، وحدد موعدها في مساء الجمعة
الموافق للرابع من شهر نيسان الجاري، وما ان أزفت الساعة السابعة مساء
حتى امتلأ النادي بالحضور.
وبعد ان أقيمت الصلاة جامعة كالعادة حيث تقام الصلاة جماعة في
مساء كل جمعة بدأ الاحتفال التأبيني، وقد افتتح الحفل بقراءة فاتحة
الكتاب، ثم بقراءة عشر من القرآن الكريم.
ثم وقف رئيس جمعية العصر الجديد، السيد نعيم الجزيني فالقى
كلمة اعتصرها من قلبه الطيب عزى بها نفسه والحضور بفقيد الشرق الكبير
مبديا كبير تأثره سائلا المولى ان يمن على العالم بمن يخلف الراحل الكبير.
ثم وقف الميجر الأستاذ حسن يعقوب فالقى كلمة باللغة الإنكليزية
قائلا: اننا إذ نشاطر الإخوان المقيمين في الشرق الأدنى بمصيبتهم، ونحن
هنا، في الولايات المتحدة، انما تعبر في ذلك عن معنى الإخاء الاسلامي
الذي نحمله في نفوسنا، فمصاب المسلمين هناك بفقد الفقيد هو مصابنا،
ونحن نحمل في نفوسنا من الحزن مثل ما يحملون.
وتلاه بعد ذلك الأستاذ امين السيد ذيب فتكلم بلغته الأدبية
الإنكليزية، معربا عما يشعر به، كشاب مسلم، تجاه فقد قائد كبير ديني،
هو السيد الراحل.
وبعد ذلك وقف فضيلة الشيخ محمد جواد، فالقى كلمته البليغة
شارحا الكثير من جوانب عظمة الفقيد الراحل وآثاره وما خلفه من آثار
وتراث للمجتمع. مستعرضا أيامه وجهوده في سبيل الله.
وبعد ان اختتم خطبته المستفيضة، دعا الحضور إلى إقامة صلاة
الغائب عن روح الفقيد العظيم، حيث جرت السنة النبوية بإقامة صلاة
الغائب إذا كان الفقيد من الأولياء والصالحين كفقيدنا الذي هو ركن من
أركان الدين الاسلامي، فأقيمت الصلاة في موقف مهيب. ثم انفض
الحفل بعد قراءة سورة الفاتحة. وبعد ذلك دعا السيد خليل دباجه، نائب
رئيس جمعية العصر الجديد الحضور إلى مادبة فاخرة قدمها عن روح الفقيد
الكبير.
اننا نعزي الجالية العربية في الولايات المتحدة وكل الجوالي المسلمة في
المهاجر، ونتوجه بأحر تعازينا إلى أبناء الفقيد الكبير، ونسأل الله ان يعلي
درجته في جناته.
واما في المهاجر الإفريقية فلعدم صدور صحف عربية هناك تعذر نشر
وصف للاحتفالات فيها ولكننا نشير بصورة خاصة إلى الحفلة الكبرى التي
اقامتها الجمعية اللبنانية السورية في دكار عاصمة السنغال التي تحدث عنها
مراسل جريدة الحياة في دكار فقال:
في العاشر من آيار أقامت الجمعية اللبنانية السورية حفلة تأبين كبرى
للعلامة المرحوم السيد محسن الأمين حضرها جمع غفير من أبناء جاليتنا في
دكار والداخل وحضرها قنصل لبنان العام وقنصل الأردن والعراق.
(٤٣٦)

وقد افتتحت الحفلة بالوقوف والصمت دقيقة، حدادا على الفقيد
الكبير، ثم تلا فضيلة الشيخ عبد الحليم بديري ما تيسر من آي الذكر
الحكيم، وألقى السيد محيي الدين بزري كلمة باسم الجمعية، وألقى
بالتتالي كل من السادة: سلمان امون كلمة نجيب صعب قصيدة
أدمون فلفلي قصيدة احمد سامي كلمة إبراهيم حاوي قصيدة محمد
مكي كلمة يونس محمد يونس قصيدة علي مرتضى سليمان كلمة فخر
الدين هاشم كلمة محمد نصر الله كلمة وألقى سلمان امون كلمة بعث
بها السيد نعمة عيسى من جامعة طب ليون بفرنسا كما ألقى الدكتور
الغندور كلمة.
واختتمت الحفلة بحديث ديني للشيخ عبد الحليم بديري، وكلمة
موجزة للسيد محمود برجي رئيس الجمعية، وكان الجميع يعددون صفات
المجتهد الأكبر وماثره ويشيدون بخدماته الدينية والعلمية والاجتماعية.
للشيخ محمد علي اليعقوبي النجفي وقد زار دمشق بعد سنتين من
وفاته:
قد كنت آمل ان أراك * إذا دخلت الشام حيا
ويقر طرفي ان رأى * لمعان ذياك المحيا
واليوم زرتك ثاويا * بثرى له تعنو الثريا
ما المسك أطيب من شذى * عبقاته نفحا وريا
لم يسل ذكرك غدوة * أبد الحياة ولا عشيا
فلئن طوتك يد الردى * فبنشر ذكرك سوف تحيا
في وداعه
بقلم: الأستاذ سعيد تلاوي صاحب جريدة الفيحاء
لا اعرف من هو صاحب الحكمة القائلة: ان هذه الأمة لا تعرف
قدر رجالها الا بعد الموت!
وانها لحكمة ذهبية بالغة... تصور حقيقة مرة من حقائق حياتنا
المرة... والتي نحياها من عراك دائم وصراع عنيف مع العظماء... حتى
إذا ماتوا قمنا نبكيهم ونرثيهم ونلطم الخدود حزنا عليهم... ونشق الجيوب
أسفا لفراقهم....
وقد سرت أمس في موكب وداع فقيد الاسلام السيد محسن الأمين
رضي الله عنه إلى الدار الآخرة... فأدركت تلك الحكمة... وقلت إذا
كانت هذه الأمة لا تعرف قدر رجالها الا بعد الموت... وإذا كان هذا
القول ينطبق على جميع من مات من الرجال العظام... فهو لا ينطبق على
الامام المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين رحمه الله.
فلقد كان فقيدنا العظيم بلل الله ثراه وجعل الجنة مأواه... في
مقدمة علماء الاسلام الذين عرفوا الاسلام حق معرفته ودعوا إلى سبيل الله
بالهدى والموعظة الحسنة... وكان في شخصيته السامية المقدسة مثلا يحتذى
في التسامح والتواضع وتقريب القلوب وتوحيد الصفوف وجمع الكلمة...
فاحتل بذلك المقام الأول بين علماء الاسلام الذين يشار إليهم بالبنان وتسير
بذكرهم الركبان... ولهذا كان رضي الله عنه عظيما في حياته وعظيما
مماته.
وأرى من واجبي ان أشير بهذه المناسبة الموجعة... إلى أن الفقيد
العظيم كان وطنيا كأي وطني مشهور من أقطاب السلف الصالح الذين
يحرضون على الجهاد... ويحضون على اعلاء كلمة الله... وقد أصدر
فتوى ممتازة بدعوة الناس إلى الجهاد المقدس في فلسطين... تلك الفتوى
التي هزت العالم الاسلامي هزا عنيفا... وألقت الرعب في عالم
الغرب...
ولئن أعطي الفقيد العظيم دروسا بالغة في الدين والأخلاق والوفاء
والمروءة والزهد... مما يذكر له بالاعجاب والثناء والإكبار... فكذلك
اعطى رضي الله عنه دروسا أكثر بلاغة لمن يريدون ان يكونوا رجال
دين... أعطاهم دروسا بان يخرجوا من الدنيا خروجا بينا صريحا ويخلصوا
لله تعالى الطاعة والعبادة... ويصفوا للناس الدعوة إلى الصراط المستقيم.
أحسن الله إلى الامام المجتهد الأكبر احسانا كريما ونفع المسلمين
ببركته وعلمه وآثاره وحشرنا معه جميعا في مقام الصديقين الأبرار...
في موكبه الأخير
بقلم: الأستاذ جوزيف شلهوب
كنت أمس في موكب الشيخ الأمين الأخير...
وخلال الخطوات الهائلة التي كانت تقرع وجه الأرض... تبدت لي
الحكاية السوداء كأوضح ما تبدو... بدت هزيلة عارية... ولم تكن
حكاية الموت هذه لتبدو على عري حقيقتها الا لأنها التحفت ظل هذا
العملاق الذي نسير في موكبه، وانطلقت عبر استمراره العظيم في حس
الزمن... وكانت عنده قبل وبعد ظلا باهتا لا حياة فيه ولا نمو...
لقد تجلى في موت الأمين معنى حياته...
وفي معنى الحياة ابعاد تستقل عن مدار الزمن ويصبح الوجود عندها
يقظة نورانية أبدية... شعلة تتساقط منها ملايين الشرارات فتوقد ملايين
الشموع...
وابعاد الحياة هذه، حركة موضوعية بناءة منطلقة، صلبها العمل
الواعي المنتج والمعرفة... وثمة حياة أخرى، ناس يمرون في الدوامة...
ناس وراء الجدار، ينخرون عرق الحياة ويقتلهم ما ينخرون... ينثرون
الغبار ثم يتيهون فيه إلى الأبد أحرفا هيروغليفية تافهة المدلول...
والمعاني في حياة الشيخ الأمين تتماسك في موضوعية مثلي، وتاريخها
عظة كبرى لجيلنا وأمتنا شراع في الشرق عبر الخرفات والترهات
والنفاق...
لقد وعى الشيخ الأمين منطلق الوجود الإنساني... وعى المعرفة
فطامح في سبيلها طفلا ووقف بشرف وبطولة في ساحتها... وخلال
كفاحه العنيد هذا استطاع ان يعي حقيقة المدلول الأساسي للمعرفة، وان
يلمس أيضا الطاقة الهائلة التي يملكها الحرف فخرج ليقف حياته عليها...
وظل طوال سبعين عاما وقلمه في يده... وكثيرون رفعوا في أيديهم
أقلامهم ولكنهم كانوا امتدادا طبيعيا لوعيهم وذاتيتهم... فغمسوها في
متاهات التضليل والكذب والتفاهة... وهنا ينتصب الشيخ الأمين عملاقا
ضخما... فلم تعرف بلادنا العربية رجل دين مثل الشيخ الأمين رفع قلمه
(٤٣٧)

ليسلخ به الغطاء القذر الذي ترسب عبر الأجيال على عشرات الحقائق
الإنسانية والتاريخية والدينية... ان قيمة ما أعطاه هذا القلم انما ترتسم في
معانقة صليبية وايمان عميق بما يخط ويكتب، لا مجرد غبار وضجيج وانما
دفاع انساني عن حقيقة يعيشها الكاتب ويحبها ويريد ان ينشرها هذا هو
محسن الأمين رجل الدين والكاتب...
ومعنى آخر في حياة الشيخ الأمين...
ان الذين يعيشون في تفاهة نفسية ونفاق والذين تتسرب حياتهم في
جوع يتمثل في تزييف قيم الحياة وفي الزخرف والطلاء اللماع... هؤلاء
ضلوا السبيل وأرادوا ان يضلوا عن سبيل النفس الإنسانية... إما الشيخ
الأمين فقد عاش حياته في غرفة صغيرة مليئة بالكتب عاش بعيدا عن
الأضواء... مكتفيا بالعمل ونشر العلم وبالتثقيف الجماهيري... وهنا
موطن آخر لعظمة هذه النفس الفذة ان غنى النفس بالمعرفة والحقيقة ونور
الله والايمان بالحياة لا يستطيع ان يترك مجالا لعملية تغطية تعقيدات نفسية،
لطلاء كاذب... طبول بلا لحم. ان انسانا مثل الشيخ الأمين يلتصق
بالقيم الخالدة قيم الدين والأخلاق والكلمة لا يمكن ابدا أن تكون عنده
الحياة مجرد ضوضاء وتكالب وعطش فظيع للأضواء.
من حي الأمين عندنا في دمشق ومن تلك الغرفة الصغيرة الرطبة
انطلق نهر عظيم على دمشق والبلاد العربية نهر المحبة والآخاء وخرجت
مقاييس جديدة للدين والوطنية... انطلق نهر الحياة التي وعاها وأرادها
الشيخ الأمين لبلادنا ولشعبنا...
يا عملاق كم من معنى في حياتك...
يا عملاق لم تمت... لم تمت ابدا انك في جيلنا في أبنائنا في
تاريخنا... تاريخ طويل ضخم يعيش ابدا... الا طبت حيا وميتا.
للشيخ محمد خاتون في رثائه
: من للصلاة وللصيام * وللكلام وللقلم
من للسهام يردها * في نحر وغد ان ظلم
من للخصام يفضه * فكان حيدرة حكم
وامام من تحنى الرقاب * وقد قضى هذا العلم
من أين نغترف المعارف * بعد ان جف الخضم
وبمن إذا نادى المؤذن * للصلاة غدا نؤم
بعض مراثيه
قصيدة ولده عبد المطلب
: أغيض بياني وجف الفم * وحمحم في طرسه الأرقم
وعض اللجام وجن الجواد * وقد يحرز السبق من يلجم
أ يقنع من حبره زينة * وقد كان أدنى حلاه الدم؟
ويرضى من الشعر نظم الكلام * وما يقطر القلب لا ينظم
ويسألني الناس أنت العيي * أما ينطق الخطب أو يلهم؟
لقد قبع الجرح في صمته * فلا الشعر يقوى ولا البلسم
وصمت الجراح كصمت القبور * رهيب الكابات لا يرحم
وقفت على القبر وا لوعتي * فقلبي جراح وجرحي فم
وقد حف بالخافق الصامتان * فهذا عيي وذا أعجم
وانجدني الدمع وا رحمتا * لسمح رحيم ولا يرحم
ولا عجب فهو سبط الجراح * تعالى الجراح وجل الدم
سأسأل عنك انتفاض الربيع * ربيع حياتك لا يهرم
وذكراك مثل انبعاث الأريج * يجدد أزهاره البرعم
اكذب فيك افتراء النعي * بما يدعيه أو يزعم
فطود من المثل الساميات * اشادته كفاك لا يهدم
وعقد من الدرر الغاليات * قلادته أنت لا يفصم
لقد خسئ الموت فيما ادعى * فحصن الرسالات لا يقحم
وأهل الرسالات فوق الخلود * فمعنى الخلود استقى منهم
فلم يطو سقراط سم الكؤوس * ولا نال من حيدر المجرم
ولا أطفأت من شعاع الحسين * سيوف من البغي تستلهم
أ مولاي حسبي انتسابا إليك * باني معانيك استلهم
وحسبي من الهدي هذا الشعاع * يوشح بالنور ما أرسم
لئن كنت منك امتداد الظلال * فما حجبت ظلها الأنجم
أبانا وكم من شقيق لنا * شريك الحنان ولا نعلم
فقد وسعت نفسك الخافقين * نفوس الورى حولها حوم
و موطنك الخير انى سرى * واهلوه اهلوك ان ينتموا
ولم يترك الخير في جانحيك * مكانا يراود أو يقحم
وكم راودت نفسك المغريات * فجن الإباء وثار الدم
و طافت تهاويل من حيدر * تهاويل من عصمة تعصم
وقهر النفوس سبيل الجهاد * ومن ينصر الله لا يهزم
وزان الاباء حياة الكفاف * فلا الجاه يغري ولا الدرهم
وجابهت بالصبر شح الحياة * فكافأك الأرحم الأكرم
فغبرت في موكب السابقين * وخلفت في الدرب صرعاهم
فارثك فينا كإرث النبي * يباهي به الجاحد المسلم
كتابك هذا الخدين الوفي * وبتارك الفاتك المعلم
معين الكرامة ميراثنا * فكل به مترف منعم
وانا بميراثك الأغنياء * إذا أملق الناس أو اعدموا
قصيدة الأستاذ احمد صندوق (١)
: نبا تطاير في البلاد فهزها * فالأرض مائلة على الأرجاء
(٤٣٨)

قالوا الأمين فقلت غابر أمة * سحب الزمان عليه ذيل عفاء
وربيع أيام ودنيا حكمة * ولى وآذن عيشه بقضاء
قدر أغار على الأمين وغاله * اصمى القلوب بأفدح الأرزاء
وطوى به طي السجل كتابه * علم الجهاد وفارس الهيجاء
مستأصل داء الجهالة في الورى * بجهاده امسى صريع الداء
حمال أعباء الإمامة والهدى * في الأرض أصبح مثقل الأعباء
محيي الفضائل في النفوس بقوله * وفعاله اضحى رهين فناء
هلا وقته الحتف عند نزوله * مهج تتبع داءها بدواء
هلا وقته من الردى بنفوسها * عصب تعاهدها بحسن رعاء
هلا حمته من النوائب ملة * كان الفداء لها بيوم فداء
وأرامل ومعاهد وملاجئ * كان الملاذ لها لدى الغماء
يا ناصر الاسلام كيف تركته * بيد النوازل بعد حسن بلاء
ان يبك يومك بالنجيع فطالما * كنت المعاذ له من الأسواء
ولقد رأيتك والمنية تدني * فتئن من سقم ومن إعياء
فعرفت كيف تدك أطواد العلا * ويغيب نور الكوكب الوضاء
وسوائر لك في القوافي شرد * أعيت صيغاتها على الشعراء
هن النسيم إذا رضيت سلاسة * فإذا غضبت فهبة النكباء
المرقصات بمدح آل محمد * والفالقات الصخر عند رثاء
النازلات على الموالي رحمة * والمرسلات لظى على الأعداء
لك في المدائح والمراثي فيهم * سحر الوليد ولوعة الخنساء
وإذا وعظت فأنت أبلغ واعظ * وإذا خطبت فسيد الخطباء
وإذا يراعك جال سال حقائقا * وقضى على الأوهام والأهواء
وإذا أجلت الرأي في متشابه * فالفجر شق دياجر الظلماء
طلبوا تراث موزع أمواله * ما بين كسب مثوبة وثناء
يهب الألوف نهاره متهللا * ويبيت ليلا طاوي الأحشاء
بناء أجيال تنازع همه * احكام أساس ودعم بناء
ومقصرين وما دروا ان العلا * ملك لكل مشمر بناء
قصرت خطاهم عن لحاقك فانثنوا * يبدون عيب ضرائر الحسناء
وتفننوا في ستر فضلك ضلة * والشمس لا تخفى على البصراء
ما زلت تولي النش ء فرط عناية * حتى سموت به على الجوزاء
وتهيب بألواني فتملأ صدره * عزما كصدر الصعدة السمراء
وخفضت للأيتام جانب رأفة * هي رأفة الآباء بالأبناء
فأست جراحهم بنان مؤمل * كلف بمسح مدامع البؤساء
وتركت للتاريخ سفرا خلدت * أعيانه في زمرة الأحياء
نار الأسى لك في فؤادي سعرت * فطغت بسورتها على الاطفاء
أبكي لأخمدها واعلم انني * مذك لواعجها بحر بكائي
قد كنت اخشى ان يفاجئني الردى * واليوم آنف ان يطول بقائي
زانوا وساميهم بنعش متوج * بالفضل سباق إلى العلياء
ومشى على هام الجموع مشيعا * بدم القلوب وزفرة الأحشاء
لم يحملوه على الرقاب وانما * هذا البراق يهم بالاسراء
قبر أقيم بروض بنت المرتضى * غنيت جوانبه عن الأنواء
تتنزل الأملاك حول ضريحه * زمرا مع الإصباح والإمساء
قصيدة الشيخ سليمان ظاهر
: عذرتك نهج الصبر غير مبين * فذب كمدا في حسرة وحنين
أ تملك سلوانا وهل لك مسكة * فتظفر منها باصطبار حزين
أجل المحزون عزاء وسلوة * وقد خف ركب المحسن
بن امين قضى هو والصبر الجميل فلم يدع * لذي جزع حلما ولا لرزين
أ للعين عذر وهي لم تذر سائلا * من الدم عن دمع يذال مهين
وهل بعده تستشعر العين هيبة * يخف لديها حلم كل ركين
ويخلد قلب قلبته يد الأسى * على لأهب من حره لسكون
وما كان للألباب الا سكينة * إذا غريت من دهرها بفتون
امام وعى علم الأئمة صدره * وليس عليه غيره بأمين
تفرع من زيتونة أحمدية * فمت باعراق زكت وغصون
ترى منه من غر النبيين طلعة * تجلى بوجه مشرق وجبين
وأخلاقه من خلقه وهو لم يكن * بقدوته في جده بظنين
له سيرة مأثورة عن جدوده * تعالت بان ترمى برجم ظنون
كان من الالهام والوحي علمه * لذاك سما عن مشبه وقرين
ويحمل نفسا بين جنبيه حرة * علية قدر بالجلال مصون
تريه إذا ما الشك زلزل معشرا * وما ان أصابوا الحق عين يقين
كذلك من صفى المهيمن نفسه * فكل شطون عنه غير شطون
ويبصر ان يبصر بعين إلاهه * وبالسر عنه لم يكن بضنين
وما فارقته عزة النفس وهو لم * يكن لسوى رب الورى بمدين
وما ان له الا العفاف سجية * إذا استهوت الأطماع كل رصين
وما زال من دنيا الورى وغرورها * مصونا بدرع من تقاه حصين
عن الدين حامى لم يبل بمعاند * ولا ناصب للدين كيد خؤون
تالي بان لا يألف الغمض جفنه * وللدين لم يقض
نسئ ديون وفي الحي من يجفو المضاجع جنبه * وما ألفت عيناه غمض
جفون فحمل هما ليله ونهاره * مصاحب عزم كالحسام متين
فملا وما ان مل طول جهاده * وبر بعهد موثق ويمين
وأدى إلى الدين الحنيفي حقه * وكان لأسرى الهم خير معين
كان الكرى في جفنه طيف حالم * بمدية كف المزعجات طعين
وكالطير مقصوص الجناح وما أوى * يطارده نسر السما لوكون
وكالبرق في الايماض متقد السني * بجنح ظلام من خلال دجون
يرى أن أيام الحياة قصيرة * فلم يطوها قد أغلقت برهون
وقال لمن لامته طاوي دهره * نهارا وليلا في الجهاد ذريني
فما انا للاسلام حامي ذماره * ولم تحف مطرور اليراع يميني
ولا انا بالعب ء الثقيل بناهض * ولم أقض من قبل الممات ديوني
ولا أنا أديت الشريعة حقها * ولم ينف شك الزائفين يقيني
وما قلق من أبؤس الدهر ان طغت * على أهله بالمزعجات وضيني
وما انا ترب للعلاء وما جفت * كراها لتحصيل العلوم جفوني
(٤٣٩)

وان لم أضع قدر الكريم فلم أكن * بمستسمن في الناس غير سمين
وأهون عندي ان أفارق طريقتي * ولم اقض حق الدين قطع وتيني
رأى العمر محدودا وما لعظائم * حدود تولى عبثها وشؤون
وما هو فيما قد شرى بنفيسه * وضحى به من راحة بغبين
فراض صعاب المشكلات بفطنة * لديها الحرون الصعب غير حرون
وأنفقه بين المهارق والدوي * بنشر علوم جمة وفنون
وأسفاره في الشرق والغرب للورى * شفاء قلوب أو جلاء عيون
وناهيك بالأعيان سفرا ولم تك * المعاجم طرا منه غير متون
تكشف عن كنز ويرخص دونه * إذا ما به قد قيس كل ثمين
ولولاه في الأحقاب غاصت رجاله * كسر باحناء الضلوع دفين
وكم من كتاب سطرته يمينه * ليسعد فيه آخذ بيمين
وليس سواه للوصول إلى الهدى * وللحق منصوب الصوى بضمين
طوى بدمشق نصف قرن وانه * ليطوى على آثار جم قرون
أقام بها للعلم ارسى قواعد * تطاول بالبنيان شم حصون
ومهد أسباب الرقي لحيها * برعي بنات منهم وبنين
فكانت معين الناشئين وانها * لأعذب من سلسال كل معين
تقاسم لبنان سورية الأسى * عليه وكل معلن لأنين يقلان
نعشا ودت الشهب نعشها * له بدلا من نعش نابت طين
ولم أنس في إيران سابغ ظله * ومن كل ما أشكو أذاه يقيني
ينوه باسمي تارة ويذيقني * بأخرى زلال الرفق وهو معيني
وطورا يريني منه رشد معلم * وآنا يريني منه ود خدين
وللقوم ناديه مطاف كأنه * مشاعر حج من صفا وحجون
ولم انس تلك الخالدات ذواهبا * ببكر من الشعر الرصين وعون
يثير بها مني جمود قريحة * باشباه حور كالكواكب عين
وانى وهل مثلي يساجل مثله * وهل كانت الجداء مثل لبون
يجاور حوراء النساء ببقعة * مثابة ناء ربعه وقطين
فسقيا لها من روضة هي كعبة * يحج إليها ذو جوى وشجون
ولا زال من لطف المهيمن واكفا * يحييه بالرضوان كل هتون
قصيدة الأستاذ احمد سليمان الأحمد
: من تناجينه جفاه البيان * يوم غابت عن عينه الأوطان
كلما أشرق الخيال عليها * عاتبته السفوح والشطان
أين مني الجنان يهبطها الوحي... * كما اعتاد... أين مني الجنان
والعهود الحسان في الشاطئ * الأبيض أين العهود تلك الحسان
هدمتها على سنى الأمس أشواق * ونجوى علوية وافتتان
كان لي ما يدغدع الطيب في الكم * وما ينتخي به الميدان
كان لي ما إذا حواه الزمان * حسدته لزهوه الأزمان
كان لي ما يشع من ريشة الخلد * فتشتف لونه الألحان
لم يعد للنعيم غير ظلال * شاردات تلمها الأجفان
خلع الحرف كل لون سوى ما * زوق الحزن أو أذاب الجنان
آية بيروت ما أذعت على الدنيا؟! * وما ذا تناقل الركبان
فأفاقت على النعي الأماني * مفزعات وما لهن أمان
وتمشى في الموكب الخاشع الإسلام * يبكي الامام والايمان
يا له مأتما تعرت به الشهب * فأضواؤها له أكفان
آل بيت الرسول من كوة الخلد * يطلون فالمدى تحنان
أين عين الامام ترعى شبابا * هو من روضة العلى الأقحوان
كان يحنو على منانا فلا يشحب * فجر من عطرنا ريان
كان يرضيه اننا نطلق الفكر * بدنيا آفاقها العرفان
كان يرضيه اننا نلطم الطغيان * حتى يستحذي الطغيان
كان يرضيه اننا ثورة الحق * وانا يد العلى واللسان
كان يرضيه اننا قد خلعنا * ربقة الوهم... وانطوى الاذعان
هرمت دولة التقاليد وانساق * إلينا الابداع والصولجان
قل لسلطانها لقد زحف التجديد *... هل بعد زحفه سلطان
هزمت تلكم العصابات وانهارت * لدى كعبة الهدى الأوثان
قام في أربعينه العلم والأخلاق * والفقه والنهى والبيان
أقسمت ان يهز منبر ذكراه * بديع الزمان أو سحبان
أقسمت ان يرى لأنجاله الصيد * كتاب الأمجاد والعنوان
يا أحباي كل عمري انطواء * بعد تلك العهود أو أشجان
شهد الحب انني لا أبالي * أوفى الصحب بعدها أم خانوا
هي مني التفاتة القلب ما لوح * من ظلها سنى لهفان
غربة في الهوى وفي الدار، أدى * عن همومي فابلغ الترجمان
يا أبا العلم ما دعوناك الا * وتهادى إلى النداء... الحنان
قم تأمل بنيك زين بني * هاشم... لا بدعة ولا نكران
جمعتني بهم اواصر قربى * هي من عين دهرنا الإنسان
هي ارث الآباء، دون علاها * تتهاوى الخطوب والحدثان
يا ربيب الخلود ضاق بي الرحب * وضاقت بثورتي الأوزان
ما التأبين؟! ما المأتم؟! * للخالد يجلى اليوبيل والمهرجان
قصيدة الشيخ محمد علي اليعقوبي
عميد جمعية الرابطة الأدبية في النجف الأشرف:
جلل بالشئام ابكى العيونا * فجع الشرق فيه دنيا ودينا
وأذاع الأثير في الشرق والغرب * حديثا ما كان الا شجونا
قابلته الاسماع بالشك لكن * سبق الدمع فاستحال يقينا
اي دهياء في البلاد ألمت * لم تدع للحلوم طودا ركينا
عصفت في هضاب لبنان لكن * هزت الحجر والصفا والحجونا
قيل في الأفق ضجة وعويل، * قلت: صوت الأمين ينعي الأمينا
ان ثغرا قد كان بالأمس يحمى * فيه، دك الحمام منه الحصونا
صوحت غوطة الشئام وجفت * بردى وهي نجعة الرائدينا
ليس ذاك الروض النضير نضيرا * ولا ولا ذلك المعين معينا
عاد فيها زهر الربيع هشيما * وأغاريد ورقهن حنينا
وحوالي أجيادها عاطلات * سلب الدهر عقدهن الثمينا
فاندبي يا معاهد العدم عهدا * فيه ما زال زاهيا ميمونا
وأقيمي الحداد وجدا عليه * وأطيلي الرثاء والتأبينا
وأعيدي ذكراه آنا فانا * رب ذكرى تلذ للسامعينا
شعيت سوريا ولبنان منه * علما ضم نعشه العالمينا
فكان الدموع طوفان نوح * وتخال النعش المشال سفينا
شيعت ذلك الهزبر الذي كان * من الدولتين يحمي العرينا
ما استغاثت به لدى الهول الا * كان غوثا لأهلها ومعينا
(٤٤٠)

شيعت كهف عزها وعلاها ان * يسمها العدو خسفا وهونا
لم يزل ساهرا يرد على الأوطان * كيد العدا وهم راقدونا
أنجبته شقراء خير وليد * لم تلد توأما له وقرينا
ونشأ راضعا لبان الغريين * فكانت عليه أما حنونا
واجتلته الفيحاء بدر رشاد * كم جلت فيه للضلال دجونا
لم تدنس سياسة الغرب منه * مبدأ طاهرا وعرضا مصونا
فتنته العليا هوى وسواه * بحطام الدنيا غدا مفتونا
يا بن خير الورى نجارا وأزكى * من على الأرض أظهرا وبطونا
قد براهم من جوهر القدس مولى * برأ الكائنات ماء وطينا
وختمت فيهم النبوة قبلا * واستقلوا بامرة المؤمنينا
قد خبرت الأيام حلوا ومرا * وعركت الخطوب صعبا ولينا
ووصلت الجهاد تسعين عاما * ليس تحصي أعمالها الأربعونا
لم تعمر قرنا وغر المساعي * خلدت ذكرك العظيم قرونا
قمت في عبئها امامة حق * قام فيها آباؤك السابقونا
صنت دين الاسلام فيها فحقا * ان بكاك الاسلام والمسلمونا
ضاع في الخافقين ذكرك عرفا * فظننا في جلق دارينا
يا أبا هاشم ثكلناك فذا * رزئت فيه هاشم أجمعينا
واحدا لا تنوب عنه ألوف * قد خبرنا آحادهم والمئينا
رام ما رمته من الفضل قوم * قد أضلوا طريقك المسنونا
ضيعت رشدها فما حدثتها * النفس الا أمانيا وظنونا
ان من حصت القوادم منه * كيف يرقى النجم يبغي الوكونا
كنت علامة الزمان مفيد * العصر أعيت صفاتك الواصفينا
لم تطاول مقامك الشهب الا * كنت فوقا وكانت الشهب دونا
يا سمير الكتاب أعزز علينا * أن نعزي فيك الكتاب المبينا
ضل نهج الاصلاح والرشد جيل * قل فيه من بعدك المصلحونا
فيك آباؤه اقتفت سنن الرشد * ورشحت للمعالي البنينا
فجنوا فضل ما غرست وقالوا * هكذا فليكن جنا الغارسينا
طبت حيا وطبت ميتا بمثوى * بات فيه سر الهدى مكنونا
قد تخذت اليراع فيه ضجيجا * واصطفيت المداد فيه خدينا
دفنت والمآثر الغر منها * كالدراري تضئ للناظرينا
كيف وارت منك الصفايح وجها * فاق بدر السما سنا وجبينا
فكان السماء قد أنذرتنا * فادحا هوله يشيب الجنينا
كسفت قبل فقدك الشمس فيها * ودجا الأفق مكفهرا حزينا
فتوارت شمس الهدى واختفى * بدر المعالي تحت الصعيد دفينا
يا رئيسا حوى فنون علوم * دونها يقصر الرئيس ابن سينا
كم أفدت الورى قوانين علم * ان يكن سن للشفا قانونا
جاء من علمه القديم بفن * ومن العلم كم نشرت فنونا
فأصول سننت منها فروعا * وشروح أوضحت فيها متونا
وبال الهدى صحائف تتلى * بلسان الزمان حينا فحينا
من ينابيع أعين الوحي كم فجرت * منها جداولا وعيونا
ولأعيان قومك الصيد أعليت * منارا يهدى به الخاطبونا
فدعاك الهدى له وعليه * محسنا تارة وطورا أمينا
فبما ذا يلقى العدا ويد الأقدار * جذت شماله واليمينا
فعزاء يا أهل جلق عما * قد لقيتم في فقده ولقينا
هون الخطب في أبي الحسن الندب * نزول الخطوب فيكم وفينا
تلك آثاره تدل عليه * فلنا سلوة بها ما بقينا
قصيدة الشيخ خليل مغنية
: تعاليت عن قولي وإن كان عاليا * فلا تبلغ الأقوال منك المعانيا
ظهرت ولم تبق مجالا لشاعر * ينظم في سلك البيان الدراريا
خلدت على رغم الدهور وهكذا * صحيح المباني ليس ينفك باقيا
وخلدت في وجه الطروس ماثرا * تشع بأفاق النبوع لآليا
وآليت الا أن تكون مفوقا * فكنت بهالات الفضيلة نائيا
إذا ما دنا منك الطموح بغاية * رأيناك عنه في ذرى الفضل ساميا
توغلت في أوج الكمال محلقا * تطلع لا تلفي هناك مجاريا
وما نلت هذا الفخر الا بعزمة * حكيت بها يوم الصعاب المواضيا
أبا العلم لا نستطيع قولا وانما * نكلف ما لا تستطيع القوافيا
تطلعت الأنظار في مجمع الهدى * فما وجدت فيه لشخصك ثانيا
لأنت كما قد شئت في الناس واحد * تضمخ في نفح الطيوب النواديا
إذا ما دجى ليل من الجهل حالك * تجليت لم تترك هنالك داجيا
أزلت ظلام الوهم عن طلعة النهى * ورحت إلى روح الحقيقة داعيا
تعالج هاتيك السموم بحكمة * ارتك الذي قد كان في الناس خافيا
رفيع فلا تدنو إليك مذمة * وتزداد عنها رفعة وتعاليا
صريح فلا تخشى من الناس غضبة * إذا كنت في نصر الحقيقة راضيا
وما ذا يفيد الصبح ان قيل وجهه * أفاض على الدنيا سنا منه صافيا
نعدد آثارا فنعيا وانها * نجوم تجلت زاهرات زواهيا
أيا حجة الاسلام والخطب فادح * أزال به تلك الجبال الرواسيا
سرى البرق مهتزا من الرعب سلكه * يبث بأنحاء الوجود المآسيا
عزيز علينا ان نرى مجلس القضا * علاه شحوب أو نرى الصدر خاليا
عزيز علينا ان نقول قصائدا * نروم بها مدحا فكانت مراثيا
قليل له انا نذوب كآبة * ونرسل هتان المدامع داميا
قصيدة الشيخ محمد علي ناصر
: ويح المنية لم تدع من مهجة * الا وفيها للجوى آثار
أودت بقطب رحى الشريعة فتكة * للموت تصغر عندها الأقدار
هتف النعاة بنعيه فتقطرت * منا القلوب وحارت الأبصار
عقدت له في المشرقين ماتم * وتجلبت بحدادها الأمصار
وتجاوبت رنات عامل بالأسى * وبدا عليها للمصاب شعار
فقدت به نورا بأفاق العلى * في الحالكات تمده أنوار
ومعلما يهب العقول غذاءها * صفو المعارف عنده يشتار
ومنار علم في المشاكل لم تكن * الا إليه تشخص الأبصار
رجل الفضيلة والجهاد ومن له * في سبق كل فضيلة مضمار
ان يطوه القدر المبيد فإنه * باق وأعمار الطغاة قصار
ولئن تغادره المنية ساكنا * فبعلمه هو كوكب سيار
ولئن كبا ذاك اليراع وجف من * ينبوعه ما تنتج الأفكار
فلطالما نشر الهدى برصانة * كشفت بها من غامض أستار
قلم توقف بعد ما جمعت به * للعلم من اشتاته أسفار
ما مل يوما من جهاد نافع * سيان فيه الورد والإصدار
أدى رسالته وقام بعبئها * بطل لكل ثنية نظار
(٤٤١)

طلاع آفاق المعالي رأيه * في المعضلات إذا دجت مسبار
يأتيك بالرأي السديد محققا * ويريك كيف تفند الأفكار
ويريك من وجه الحقيقة رونقا * ما حام حول رواقه النظار
فجعت به دنيا المعالي ناصرا * للحق إما عزت الأنصار
ومؤيدا للدين في عصر به * قد أيدوا ما شرع الدولار
ومؤلفا ثبتا تروق بكتبه * من كل أغراس العلوم ثمار
تلفى بها الغرر الغوالي تزدهي * بجمالها وبها العقول تنار
ما مات من يبقى له بماثر * ومعارف ومعاهد تذكار
ما الموت الا ان تعيش ولم تفد * ذكرا تخلده لك الآثار
كم من أناس في الحياة وما لهم * ذكر وقد نسيتهم الأخبار
ولرب ميت في التراب موسد * بالي الرفات وذكره سيار
يا راحلا خلفت شعبا كله * اسف عليك ووجده فوار
تهنيك جنات النعيم ورفقة * فيها هم السفراء والأبرار
وسقت ثراك سحابة هطالة * برضى الاله وغيثها مدرار
قصيدة الحاج عبد الحسين الأزري
أيها المصلح العظيم وداعا * مثلما ودع الربيع الغماما
شيعتك القلوب حرى وكادت * من شجاها ان تستحيل ضراما
ومشت خلفك الجموع كسيل * ضاق عرض الفضاء فيه ازدحاما
غلب الصمت والخشوع عليها * ومن الصمت ما يفوق الكلاما
كان يحوي الاباء نعشك والاخلاص * والزهد والتقى والذماما
رفعوه امامهم كلواء * أو كما في الصلاة كنت الاماما
طوقوه كأنه الحجر الأسعد * حف الحجيج فيه استلاما
بعيون من الفجيعة عبرى * ودموع كمزنة تتهامى
لو أعالي لبنان يشعرن فيه * ساعة اجتاز لأنحنين احتراما
يا أبا السادة الأماجد عذرا * ولو أن الوفا يراني ملاما
من نجوم السماء صغت رثائي * لك لو انني استطعت القياما
لست أنساك قابعا في ظلام * الليل والناس هاجعين نياما
بين صفين من تاليف شتى * قد تكدسن كالنضار ركاما
قد حرمت الرقاد عينيك حتى * لم تدعه يزور الا لماما
كنت لا تمسك اليراعة الا * ونسيت الأوصاب والآلاما
وإذا بارك الاله حياة * زادها الشيب قوة واعتزاما
لك سفر تركته كهلال * كان لولا القضاء بدرا تماما
صدع البرق في نعيك وجه الصبح * فأقتم عارضاه وغاما
وسواد العراق من جانبيه * أقعد الخطب أهله وأقاما
الأسى بالغ عليك ذراه * ومراثيك ما بلغن المراما
وأقيمت ماتم لك فيه * سوف تحيي ذكراك عاما فعاما
هاك خذها مرثية لك مني * كنسيم الصبا ونشر الخزامي وسلاما
من مخلص لك يهديه * ولو بت في التراب ركاما
قصيدة:
القوافي على ثراك حيارى * يتساءلن: أين ركبك سارا؟!
ويسائلن عن عذارى تسابيحك * هل هن باقيات عذارا
كنت كالطود في جهادك يأبى * لك عز الجهاد ان تنهارا
أنت علمتنا الصراحة لا نخشى * بها ناهيا ولا أمارا
كل دار للفضل بعدك قفر * لم نجد في فنائها ديارا
أين من يكلأ الشريعة من * بعدك لا خائنا ولا خوارا
أين من يمسك اليراع وينصب * على الطرس قائدا مغوار ا
أين من يستفز بعدك للحق * حماة الحقيقة الأحرارا
عصفت الهول يوم بينك بالاسماع * منهم ونكس الابصارا ورأوا
بعدك الحياة هوانا * يسترق النفوس والأفكارا
فتخلت جيادهم عن مجال * السبق فيها وعطلوا المضمارا
قبعوا في البيوت لأهين بالتحبير * عما يفطر الأحجارا
فئة هون المصاب عليها * انها تتقي به الأوزارا
أنكرت بعدك الرجال فما * بتصر الا المهوش الثرثارا
من تبنيت للفضيلة في قوم * تفادوا على يديك العارا؟
! هل تبنيت واحدا من أناس * شاطروك الهزال والأطمارا؟!
أم زعيما يطوي على الجوع * كشحا ليواسي الأجير والأكارا؟!
أم عزوفا يود لو يهب * العازف أشفار عينه أوتارا؟؟
أيها المحسن الأمين: ترفق * بنفوس قتلتها إستعبارا
أنت مذ كنت، عالم فاض * بالعلم على الخلق عيلما زخارا
يتملى فراع ذاتك تيار من * الحق يجرف التيارا
فاض من تحتك الأثير حجيجا * وانبرى النعش كوكبا سيارا
زحفت خلفه الكواكب والتفت * حواليه جحفلا جرارا
وتبارى على ضريحك سكان * السماوات يضفرون الغارا
فإذا جبرئيل للمرة الأخرى * يسجيك حيدرا كرارا
وأولو العزم في الرعيل * يزفونك للخلد سيدا مختارا
يا هوان الدنيا عليك أبا * الباقر جاورت قومك الأبرارا
نعم جارا أبوك طه وأكرم * بأبيك الأدنى أبي السبط جارا
من أعزي مهنيا أ أبا ذر أم * الفارسي أم عمارا؟؟
بل أهني الشهيد حمزة * والسبط حسينا وجعفر الطيارا
لكأني بهم على كل درب * ينثرون القلوب لا الأزهارا
يتبارون في التهاني بما * يضفي عليك الظلال والأنوارا
عصفت قلبك المنايا فما خمشن * وجها ولا هتكن خمارا
وكان الأحداث منذ توفرت * عليها تفتقت ابكارا
لا يطب بعدك النسيم فلم تبق * له من يعبق الأسحارا
وليته بعدك الربيع فلم تخلف * به من ينبه الأطيارا
ولتمت بعدك الظماء إلى * الحق فقد كنت ضرعها الممتارا
ولتهم بعدك اليعاسيب ظمأى * فلقد كنت شهدها المشتادا
وليته كل ناشد قبس النور * فقد غاب من يشب النارا
ودع البشر يوم ودعت ناديك * فأقوى وودع السمارا
لو أفقنا على الحياة لأهرقنا * المآقي على ثراك نضارا
وأحلنا هذا النضار حليا * مستديرا على الضريح سوارا
لو أفقنا على الحياة لأدركنا * بعينيك هذه الأسرارا
فرأينا وجه الحقيقة ليلا * تتجلى به الحياة نهارا
ما افقنا وأنت بين يدي * ربك فينا تزحزح الأستارا
أيها المحسن الأمين: قطعت * العمر، حران مبتلى صبارا
(٤٤٢)

هل لعينيك إذ قسرتهما دهرا * على ما كرهت، ان تختارا؟؟
هل حمدت العقبى؟ وهل أنت * في عالمك الأخروي أنعم دارا
نم أبا هاشم أمينا على ارث * ملأت الدنيا به أسفارا
طبت حيا وطبت ميتا * وطابت بك دنيا ملأتها آثارا
سوف تبكيك أعين، لو * وفا الشعر لحالت دموعها أشعارا
وسيبقى مثواك هذا الذي * وأراك عنا لكل حر مزارا
قصيدة السيد محمد حسين فضل الله
: في ذمة القدر المبيد * روح تسير مع الخلود
روح كما رف النسيم * أرق من لحن القصيد
وألذ من روح المنى * لطفا على طبع الوجود
وأشد من صم الصفاة * صلابة ومن الحديد
تهفو إلى الحق الصراح * ولا تميل إلى الجمود
تمشي على ضوء الحياة * مع القديم مع الجديد
وتشع في أفق العلى * نجما تالق بالسعود
وترف في ساح الوغى * بندا سما فوق البنود
وقفت أمام الهادمين * وقوف جبار عنيد
تبني من المجد الطريف * منارة المجد التليد
ومشت تكلل مجدها * الأجيال بالنصر المجيد
ما بين حشد من مفاخرها * وحشد من جنود
فمضت كما شاء الإبا * عذراء طاهرة البرود
روح لها مرح الشباب * وحكمة الشيخ الرشيد
جبارة تأبى الهوان * نقية كحشا الوليد
تهوى التحرر نفسها * وتعاف رائحة القيود
وتثور للداعي المقدس * ثورة الحر السديد
وتذوب في قلم يكاد * يسيل بالفكر السديد
قلم تفجر بالحياة * وبالصواعق والرعود
رضع الفؤاد فصاغه * كلما تأجج بالوقود
يرمي بها المستعمرين * وكل طاغية عنيد
ويصب من بركانه * نارا على أفق الركود
ويثير فيها أمة * ضلت عن الرأي الحميد
وغفت على نغم الوعود * ترف من ثغر العميد
وترنحت اعطافها * ما بين غانية وعود
ومضت تفاخر بالجدود * ولطف آثار الجدود
وتراقصت بين الأماني * الغر والحلم السعيد
ويد الغريب تبارك * الآسي برنات النقود
ورؤى غد تدعو لها * بالنصر والعمر المديد
مهلا أبا الحسن الزكي * فقد ظمئنا للورود
هذا المعين وكنت تنهلنا * به عذب النشيد
وتبث منه اليقظة الحمراء * في الجيل الجديد
وتثير منه عزائم * الأحرار في الوطن الشهيد
جفت ينابيع الحياة * به على ثغر الوجود
والدين وهو أشعة * شعت على أفق الوجود
وعقيدة تسمو بنا * صعدا إلى الأفق البعيد
ومناهج تجري بنا * قدما إلى اقصى الحدود
ومبادئ توحي لنا * روح التضامن والصمود
عرفتنا فيه الحياة * بما حواه من البنود
وأريتنا ان الاخاء * من الهدى بيت القصيد
فالمسلمون لبعضهم * في الدين كالصرح المشيد
لا طائفية بينهم * ترمي العقائد بالجحود
فالدين روح برة * تحنو على كل العبيد
رمي لتوحيد الصفوف * ودفع غائلة الحقود
عاش الموحد في ظلال * الحق والنصر الأبيد
يا منقذا همم الشباب * من الجهالة والرقود
هذا الشباب وهل يراد * سواه للأمر الشديد
ويحطم القيد الثقيل * ونير محكمة القيود
ضل الطريق فضاع ما * بين المسود والمسود
وتلاقفته يد البطالة * من يد العمل المفيد
يجري وراء اللقمة السوداء * كالطفل الوليد
ويحن للعمل الشريف * وصفوة العيش الرغيد
واللقمة السوداء والعمل * المقدس في يد الجور المبيد
ضاق الفضاء به فمل * العيش في ظل الركود
فتفرقت حلقاته * ما بين مغترب بعيد
ومضرج خابت مناه * فردها بدم الوريد
وفتى تعرى من حجاه * وثورة العزم الأكيد
طرق الشوارع باحثا * عن حان خمار وغيد
هذا الشباب فهبه روحا * منك من روح الخلود
فعسى يرد إلى الرشاد * ويستفيق من الهجود
قصيدة الأستاذ عبد العزيز سيد الأهل
: مصابك سد كل سبيل فكر * وطاح بكل آبدة شعاعا
ولا تخل الرزية رزء فرد * ولكن أصبحت قدرا مشاعا
أصابت منبرا وحمى حقوق * وعطلت الكتابة والدفاعا
واصمت مقتلا للفضل طهرا * وروعت القضا والاشتراعا
وغطت بالسواد ضحى وضوءا * ومزق كفها أدبا رواعا
رزيتنا به انقسمت رزايا * نئود بها احتمالا واضطلاعا
فلا تلم الحداد عليه يوما * ولو غمر المتالع والبقاعا
وقل لليل لا يخلع دجاه * ووجه الشمس لا تدع القناعا
بربك كم جلوت شكوك أمر * وكم أشعلت ذهنك واليراعا
وكم سقت الأدلة في سطوع * ترد بها الضلالة والطماعا
وكم أنصفت أهل البيت طوعا * وحققت الرواية والسماعا
عزاء آل محسن لا تراعوا * فمنكم أورث الأدب الطباعا
إذا نزلت بساحتكم شؤون * غلبتم كيدها فمضت سراعا
ولا مثل التصبر درع حرب * تروع بها الأسنة والسباعا
ورب شعاع ايمان ضئيل * يكون لكل داجية شعاعا
فكيف وفضلكم في الدين اضحى * على الآفاق مشهورا مذاعا
ولا زالت منازلكم رباعا * تطاول حائط المجد ارتفاعا
قصيدة الأستاذ محمد كامل شعيب العاملي
: أخنت على الشرف الرفيع عواد * وهوت بمحور أمة وبلاد
(٤٤٣)

هتف النعي وما حسبتك من نعى * لولا الأسى وتفطر الأكباد
أبحس بالبرحاء دوني من به * شط المزار وأنت طي فؤادي
ما ذا دهى الدنيا فلم أر هودجا * للركب غير مجلل بسواد
جبل من الاجبال طاح به الردى * في الشرق أم طود من الأطواد
أوصي احمد من أمالوا في الثرى * والسبط من حملوا على الأعواد
نزلت بادراج السماك نوازل * وحدا بسلسلة العظائم حاد
ما زلزلتك يد الخطوب وانما * أخنت على الصلوات والأوراد
دارت على العلم الرحى بكلاكل * أودت بخير ماثر وأياد
وقررت في غمد الثرى كمهند * وفي الضراب وقر في الأغماد
نزع الزمان قلادة من جيده * كانت أجل قلائد الأجياد
ونضت عن الاعطاف اي ملاءة * كف الردى ومطارف الابراد
أسرفت في ارق شطرت زمانه * شطرين شطر هدى وشطر جهاد
فإذا المسف إلى السحيق محلق * وإذا المعقب في الحياة البادي
وإذا الذي هو زائل هو خالد * وإذا الذي هو رائح هو غادي
وإذا حياتك ما انطوت الا على * نضاحتين بحكمة وسداد
وشيت أبراد البلاغة مثلما * وشى الربيع أديم كل مهاد
قد بز ذكرك كل فائح عنبر * ورواء فضلك كل حال باد
فكانما لك في القلوب منازل * مشدودة الاطناب بالأوتاد
وكأنما روق اليراعة عارض * للمزن هطال وصوب عهاد
حمل الأثير إلي نعيك في الكرى * فكانما كانا على ميعاد
حيث اضطجعت وقد دوى هول * الأسى فاقض نعيك مضجعي ووسادي
جليت في قصب البلاغة مثلما * في الحرب جلى طارق بن زياد
واخذت نفسك بالجهاد منافحا * عن سبل رشد أو حقوق عباد
من للفصول الممتعات وطالما * كانت منار هدى وقطب رشاد
قلم كساغية الظبي بشباته * ماضي العزائم والقنا المياد
ما خط موجدة وسن ضلالة * ودعا لتفرقة وزرع فساد
فلت يد الاقدار غرب عزيمة * اورى ذوي العزمات قدح زناد
ركن الشيوخ عدت عليه رزية * دهياء والصيابة الأنجاد
عف السريرة ما انطوت فلذاتها * يوما على غل ولا احقاد
ولى وفيه من السيوف مضاؤها * ومن الشباب فتوة الأعضاد
جمع الجوامع حولت لمأتم * ومراسم القداس في الآحاد
ونعت بك الفتوى امام زمانه * وأوابد الفصحى ملاذ الضاد
قصمت عرى أسبابها بملمة * وعدت من القدر المتاح عواد
ما ذا اعدد من ماثرك التي * لم تحص بالأرقام والتعداد
طلعت طلوع الشمس في رأد الضحى * وتالقت كالكوكب الوقاد
ان جلجلت زحفت بخرس كتائب * لم تعد طرق الوحي والاسناد
حسرت عن الحق المبين قناعه * بأدلة تحكي الصديع البادي
قفت على اثر النبي وما عدت * هدي الوصي وسيرة السجاد
وفيت للاصلاح قسطك في الدنا * ونزعت أيديه من الأصفاد
لم تقبل الدنيا عليك بسيطة * الا وكنت بها من الزهاد
ضجت بمأتمك الملائك مثلما * قد هللت لك ساعة الميلاد
كم قلت حي على الفلاح مناديا * قم فادع قومك للفلاح وناد
ما زلت رغم الخيزوانة تنتحي * سبل الرشادوانت نضو سهاد
غمرت يمينك كل يم زاخر * متلاطم الأمواج بالأزباد
حملت أعباء السنين ولم تنوء * ببواهظ الأعباء والآماد
وثبت كالاصلاد في وجه الفنا * بعزائم ارسى من الأصلاد
تسعون عاما ما ونيت وانما * جاوزت حد الجهد والاجهاد
وجريت في قصب البيان فما عدت * في الشوط عدوك صافنات جياد
فلم يفيض العلم من نفثاته * كالسيل يهدر في حنايا الوادي
ضدان كالحمل الوديع بصدره * وبحده كبراثن الآساد
لو لم تجب داعي المنية لم تدع * فيما تخط بقية لمداد
اي حجة الاسلام قطب رحى الهدى * ومنارة الاصلاح والارشاد
تلك الصحائف هن بعدك مشرع * للظامئين ومنهل الوراد
وهي العزاء بذا المصاب وانما * يروى على قدر الأوام الصادي
لولا ختام الأنبياء احمد * لحسبت انك مرسل أو هادي
قصيدة السيد محمد نجيب فضل الله
: يا لنفس كفم الصبح سناها * وعت الحق كما الحق وعاها
كلما التف بها ثوب الدجى * لم تنم في الله ليلا مقلتاها
نشأت كالنجم في ظل الهدى * عن بني الدنيا رفيع مستواها
كبرت شانا وجلت رتبة * لم تسعها الأرض فاحتلت سماها
في سبيل الله نفس حرة * طلبت خلف السماوات الاله
صانت العلم كما قد صانها * وعليه جمعت كل قواها
لم تكن معصومة كيف حوت * عصمة الرسل وما زلت خطاها
سائلوا الأمة عن آثارها * ما الذي فتش عنها فرآها
جل ما كان له من همه * خدمة العلم ولم يطلب سواها
لم يدع من فرصة سانحة * في سبيل الحق الا واتاها
ان دعا فتح أبواب السما * وله ألقت مفاتيح غطاها
هكذا من قام يدعو للهدى * في بيوت رفع الله بناها
فقد التاريخ في حجرته * قلما أروع من لدن قناها
كم به نقب عن مكنونة * كجبين الشمس عالي منتماها
لج في التنقيب حتى لم يدع * وصمة في الدين الا ومحاها
كم له من حكمة بالغة * كيد الرسل وقران نداها
تتجلى مثلا مرئية * كالنجوم الزهر لم تخطئ هداها
مال ركنا وتداعى أمة * شد بالاقدام والكر لواها
عم حتى لم يدع من مهجة * بلظى الأحزان الا وكواها
آية يا هاشم ما ابعدها * صرخة في أذن النجم صداها
آية يا جلق والنجم هوى * فوق ارض قدس الله ثراها
ومذ الركب تنادى وخطا * عبر سوريا توالت عبرتاها
ترمق التابوت في صحرائها * مشرفا كالركن عال كذراها
يتخطى البيد في موكبه * حوله الرايات كالليل دجاها
فمشت تعثر في أذيالها * وهوت تلطم بالراح الجباها
صرخة الشام دوت وانطلقت * من حنايا الأرز جياشا اساها
اطرقت مصر ولبنان انحنى * وله بغداد قد شقت رداها
نبا طاف به البرق على * صهوات الريح محموما هواها
يترامى سحبا مظلمة * من جلال الرزء مربد فضاها
وكان الناس لما ان دجت * لفها الليل فلم تبصر سراها
(٤٤٤)

وعليها طلعت شمس الضحى * من وراء البيد معصوبا ضحاها
كلما لاح لها النعش ارتمت * دونه الابصار مكفوفا ضياها
وعليه نكست اعلامها * وقريش حملته في رداها
ما رأى العرب ولا العجم رأت * علما فيه تولت أمتاها
قلدته دينها عن خبرة * واليه صرفت كل مناها
بلسم جف عن الداء العيا * بعد ما مس جراحا وبراها
طارد اللد خصاما في الهدى * وعن الغي إلى الله ثناها
القوافي التهبت ألفاظها * والمعاني جمرات من لظاها
تتنزى مهجا محمومة * تلفظ الآلام شجوا شفتاها
قصيدة الأستاذ إبراهيم شرارة
: اي رزء دهى وخطب داهم * حل في موطني فهد الدعائم
وتمادى فلا المآذن حشد * لصلاة ولا المصلى زاحم
فكان الاذان وهو ابتهال * ودعاء سمح، وسجع حمائم
عاد مثل الصدى تجاذبه واديه * ثم احتواه صمت ظالم
وكان الصلاة وهي مناجاة * ضمير وهينمات نسائم
هدها اليتم فانزوت تسأل * المحراب: ما ذا دهى أباها الراحم
؟ وكان الكتاب خشية ان تفلت * رؤياه من جفون الحالم
فطوى قلبه وأغمض جفنيه * وأغفى على رؤاه النواعم
وكان اليراع وهو جنان * راعف بالحياة في يد عالم
راعه الفقد فانثنى في فتور * وارتمى مجهدا ضعيف العزائم
يا فقيد الاسلام رحت عن الدين، * فهلا أعنته في المآتم
فبلاد الاعراب، كل ديار * رغبت لو تكون فيها جاثم
زاحمت بعضها عليك وأصغى الخلد * سمعا، إلى زحام
العواصم ودمشق في الدهر مثوى المروءات، * ومأوى الجلي، وأم المكارم
سبقت فيك كل دامعة العين، * وضمتك مغنما في المغانم
وقديما تحدت الشهب لو تحوي * عظاما، كما حوت وعظائم
يا كريما مضى وفي الخلد مأوى * وخلود للذاهبين الأكارم
حدث الغابرين كيف رضينا العيش * ظفرا فظا، وسم أراقم
قل لهم اننا على الحق اشتات، * فهذا بان، وهذا هادم
والهدى ضاع صوته في ضجيج * الغي، وانبح في دوي الزمازم
كنت أنت الهادي، فمن يشعل الزيت، * ومن ذا يشد فينا الدعائم
واماما يأتم فيه المصلون * ودرعا من كل أمر مداهم
ما خشينا الجمود فيك ولولا * أن يقولوا غالى محب هائم
لجعلناك في الزمان وليا * كعلي الرضا وموسى الكاظم
شاء فيك التاريخ أن يشرح الفضل * كتابا لكل جيل فاهم
وتهادى إليك يسترق السمع، * عساه ينير بعض المعالم
فإذا أنت قد سبقت إليه * وتحدثته فكنت التراجم
وإذا أنت بين كتبك أجيال، رواها * جيل من الكتب زاحم
لست أبكيك بالدموع ولكن * بالقوافي سخية والملاحم
ودموع القريض أصدق في القول، * وأوفى عهدا، ودمع دائم
قصيدة الأستاذ نجيب صعب
: ويح الرزايا أبت ان تنثني وبنا * بقيا من الأمل المرجو تحيينا
جنت أعاصيرها الحمراء فانطلقت * تدك كل عظيم من أمانينا
وأطفأت بعد مصباحا أضاء كما * بعين موسى تجلى النور في سينا
وآية الله في اقداسها جمعت * نور الهداية ايمانا
وتلقينا للمسلمين إماما، للتقى علما * آثاره تملأ الدنيا
عناوينا للبائسين جناحا خافضا وندى * وللطغاة عدوا قد أبى لينا
احسانه باسمه والصدق كنيته * والانتساب إلى خير النبيينا
أيامه ازدحمت بالمعليات كما * كانت مبراته بين الورى دينا
عز النظير وهل في الناس من رجل * ان اخلف الغيث من نجواه يسقينا
أو جاهد بين أوراق ينضدها * شرعا وعلما واخلاقا وتبيينا
حسب المفاخر أعيان بمحوره * دار الخلود مع الماضي يحيينا
والمحسنية للآتي وحاضرنا * من الحضارة والأخلاق تدنينا
والطائفية وأراها بحكمته * وطالما داؤها أعيا المداوينا
ان يحجب الموت عنا نور طلعته * فليس يحجب نورا ذره فينا
لا أذرف الدمع للبلوى وان عظمت * ولا أردد أقوال المعزينا
بل احبس الدمع اجلالا لهيبته * واجعل الصمت دون القول تأبينا
قصيدة الأستاذ يونس يونس
: قم ردد النبأ الخطير وجدد * وانحت رثاءك من قواف شرد
ودع الخيال يطوف أجواز الفضا * يجني الازاهر من رياض الفرقد
ودع النفوس على سجاياها فما * أبقى المصاب تجلدا للموجد
الله أكبر كل حي للردى * يمضي الوجود على نظام مسدد
ما مات من أحيا تراثا خالدا * مهما يطل عمر البرية يخلد
ان الأمين بفضله ووقاره * لهو الأمين بفكره المتوقد
ان الأمين بفضله وصلاحه * لهو الأمين بروحه المتجدد
قد عاش عيش الزاهدين تقشفا * لله، شأن الزاهد المتعبد
نبذ النعيم تواضعا وترفعا * وزمام دنياه منوط باليد
وجد الحياة قصيرة آمادها * فأبادها بين النهى والسؤدد
سبط النبي لانت أول من سرى * قدما على ضوء النبي محمد
أرخصت فيك مدامعي وسفحتها * طي الأسى لو كان دمعي مسعدي
يا صاحب القلم الذي رافقته * تسعين حولا ما كبا في مقصد
تجلو اليقين من الشكوك بثاقب * من رأيك الشافي لذي الروح الصدي
سيظل صاحبك الوفي أ لم تقل * قلمي ضعوه جانبي في مرقدي
هذي وصيتك الفريدة انها * أطروفة في بابها المتفرد
هي ان تدل فإنما دلت على * اخلاص سعيك يا نبيل المحتد
سيدوم ذكرك في البلاد مخلدا * مهما يطل عمر الزمان الابعد
وتظل رمزا للبلاد مجسما * في دهرها المتكرر المتجدد
فاذهب حميدا إذ ذهبت مكرما * وانعم هنالك بالنعيم السرمدي
قصيدة الأستاذ إبراهيم حاوي
: ذكرناك في الزمن المفزع * وفي خطبنا الجلل المفجع
أبا العلم والفضل والمكرمات * وسيدنا ذو الهدى الاصدع
وحقك في سر هذا الأسى * لما بحت لو كان صبري معي
وكنت تكتمت عن شامت * وصنت الدموع ولم اجزع
ولكنها فيضة من شعور * أقضت بأحلامها مضجعي
فحتام نومك عن واجب * وأنت المحب كما تدعي
(٤٤٥)

أ ما تستفزك نجوى الضمير * أما عز شعرك صوت النعي
رويدك عن علاك أجل الصفات * وجاءت من الوصف بالمبدع
فضائل يعيي الورى عدها * ويعجز عن حفظها الأصمعي
وأي المعالي بها لم يشر * إلى فضلك الجم بالإصبع
عشقت المعالي صغيرا كبيرا * لك الله من عاشق مولع
ووليت وجهك شطر الخلود * وما لك الاه من مطمع
سهرت الليالي لكسب المعالي * فلم تغض جفنا ولم تهجع
فكنت الهمام وكنت الامام * وكنت المقدم في المطلع
وكنا إذا ساورتنا الشكوك * رجعنا إلى الحجة المرجع
فتجلي العويص من المشكلات * وترجع بالحق من منبع
بكى الدين فيك الهدى والصلاح * بكى فيك مفضاله الألمعي
بكتك الفضيلة ملتاعة * نحن إلى عهدك الممرع
وضج الكتاب فما قارئ * يوفيه حقا إذا ما دعي
بكتك الدروس بكتك الفروض * بكتك المشاكل في المجمع
بكتك الصلاة بميقاتها * وجادت بأدمعها الهمع
أ سيدنا والخطوب الجسام * توكل بالسيد الارفع
لعهدك بالقلب باق مقيم * وبين الحنايا وبالأضلع
وحق الوفاء لو أن الدموع * تفيد لارخصت من أدمعي
ولكنه قدر حاكم * متى حم، فالحذر لم ينفع
وان المنايا لدوارة * علينا بكأس لها مترع
قصيدة الشيخ سليمان ظاهر الثانية
: ثلمة في الدين هيهات تسد * وجوى هيهات ان يخبو له للحشر زند
والردئ سدد سهما نافذا * لحشى الدين وما ألواه رد
حسبه أن كان من أهدافه * محسن من فخرت فيه معد
علم أرسى من الهضب حجى * يتفيأ ظله حر وعبد
وله في مشرق الدنيا وفي * غربها يخفق فوق النجم بند
جمعت فيه مزايا ما انتهت * بقبيل وحواها وهو فرد
ما على غير التقى ليث له * وعفاف النفس والعرفان برد
وكان من خلق طه جده * خلقه والعلم منه مستمد
أوحدي ما له في كل ما * قد وعاه صدره ترب وند
أبيض الصفحة فواح ألسنا * عنه يروي نشره مسك وند
وكان ما بين جفنيه وما * ألفا النوم وبين النجم عقد
ما لما قد سطرت أقلامه * من تصانيف كزهر الأفق عد
برز الأعيان شمسا بينها * ليس يخفي نورها ثان وضد
هو بكر في تصانيف الورى * ويجيد الفضل والأيام عقد
محسن من حسنات الدهر ما * انفك حادي الحمد في علياه يحدو
يتهادى عبقا من نشرها * مالئا أيامه غور ونجد
لكان الله قد صوره * جوهرا لكنما الجوهر فرد
كل فضل فهو محدود سوى * فضله ما ان له رسم وحد
كل ما حصل في أيامه * فهو في أيامه مجد وحمد
ذاد عن دين الهدى في مرقم * هو في يمناه كالطائر يشدو
ريقه صاب لمن ألحد في * دينه الحق وللمؤمن شهد
لم يصانع قط ذا دنيا ومن * طبعه في كل ما تحويه زهد
وهوى الرحلة للعلم ولم * ينته الا له نص ووخد
ولمن يشكو الظما من جهله * من طوامي علمه الزخار ورد
عجبا وهو خضم كيف قد * ضمه من ضيق الغبراء لحد
وبلبنان وسورية قد * نظم القطرين حزن لا يحد
موكب في صدره مثل الذي * يحمل الموكب أشجان ووجد
وكمثل العرب حزنا وأسى * شب في أضلاعهم فرس وهند
قصيدة الأستاذ حليم دموس
: يا محسنا!... أنت الأمين فناجنا * يا من بلغت إلى أعز مراتب
الروح خالدة كأرواح الالى * زانوا الورى بماثر ومناقب
غادرت دنيانيا وينبوع الهدى * من بحر علمك شرعة للطالب
حدث بني الدنيا فصوتك لم يزل * متجاوبا وصداك ليس بغائب!
ولقد سمعتك في الشام محدثا * والنش ء يرنو للشهاب
الثاقب يتسمعون إلى بلاغة قائد * وهم كجند حوله وكتائب!
لم أنس يوم وقفت تخطب قائلا: * لا فرق بين مذاهب ومذاهب
الدين للرحمن جل جلاله * فتوحدوا والله أعظم غالب
والمؤمنون من العروبة اخوتي * والخلق كلهم كبعض ربائبي
والمحسنية منهل لشبيبتي * واليوسفية منهل لكواعبي!
تلك الرسالة كم رحلت لأجلها * بعزيمة دكت جبال مصاعب
أديتها منذ الحداثة مرشدا * تلك النفوس إلى صحيح مطالب
لله معلمة جمعت شتاتها * لتذود عن وطن عزيز الجانب
رصعتها ببدائع وروائع * وملأتها بنفائس وأطايب!
أ ما يراعك فهو في آثاره * رمز لنجم القطب بين ثواقب
وسمعت عنك وصية رددتها * لبنيك بين أحبة ومواكب
ابني!... لا تتفرقوا بل سددوا * أقلامكم كيما تتم رغائبي
لي عندكم قلم إذا ناديته * يجري فتلمع في الطروس كواكبي
وجهته للخير في زمن الصبى * فأطاعني طوع الغلام التائب
كم غاضبتني الحادثات ومرقمي * ما كان يوما في الحياة مغاضبي
علمته كيف الوفاء فكان لي * يوم الصعاب مخففا لمصائبي
ورأيته نور الحقيقة فانبرى * كالسيل فوق صحائفي ومكاتبي
صاحبته حيا واهوى قربه * ميتا ليبقى في الضريح مصاحبي
فتذكروا قبل المنون وصيتي * وإذا قضيت ضعوا اليراع بجانبي
(٤٤٦)