فهرس الكتاب

مكتبة الإمام المهدي

 

الزيارات

زيارة الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)(1)

السلام على الشجرة النبوية والدوحة الهاشمية(2) المضيئة المثمرة بالنبوة الموفقة بالإمامة(3) وعلى ضجيعيك آدم ونوح عليهما السلام(4).

السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين.

السلام عليك وعلى الملائكة المحدقين بك والحافين بقبرك(5).

يا مولاي يا أمير المؤمنين هذا يوم الأحد، وهو يومك وباسمك(6).

وأنا ضيفك فيه وجارك فأضفني يا مولاي وأجرني فإنك كريم تحب الضيافة ومأمور بالإجارة(7) فافعل ما رغبت إليك فيه ورجوت منك بمنزلتك وآل بيتك عند الله ومنزلته عندكم وبحق ابن عمك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم [عليكم] أجمعين.

زيارة الشهداء(8)

بسم الله الرحمن الرحيم, إذا أردت زيارة الشهداء(9) رضوان الله(10) عليهم - فقف عند رجلي الحسين (عليه السلام), وهو قبر علي بن الحسين(11) (صلوات الله عليهما) فاستقبل القبلة بوجهك فإن هناك حومة الشهداء(12) وأدم وأشر إلي علي بن الحسين (عليه السلام) وقل:

1- السلام عليك يا أول قتيل من نسل خير سليل من سلالة(13) إبراهيم الخليل صلى الله عليك وعلى أبيك إذ قال فيك: (قتل الله قوماً قتلوك يا بني ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفا)(14) كأني بك بين يديه ماثلاً وللكافرين(15) قائلاً:

أنا علي بن الحــــسين بـــــن علي***نحن وبـــــيت الله أولــــــى بالنبي

أطعنـــــكم بالــــــرمح حـتى ينثني***أضربكم بالســــيف أحمي عن أبي

ضرب غــــلام هاشــــمي علــــوي***والله لا يحكم فينا ابن الدعي(16)

حتى قضيت نحبك ولقيت ربك(17).

أشهد أنك أولى بالله ورسوله وأنك ابن رسوله وحجته ودينه وابن حجته وأمينه(18) حكم الله لك على قاتلك مرة بن منقذ بن النعمان العبدي(19) لعنه الله وأخزاه ومن شركه في قتلك وكانوا عليك ظهيراً (و) أصلاهم الله جهنم وساءت مصيراً وجعلنا الله من ملاقيك(20) ومرافقيك ومرافقي جدك وأبيك وعمك وأخيك وأمك المظلومة وأبرأ إلى الله من أعدائك أولي الجحود وأبرأ إلى الله من قاتليك, وأسأل الله مرافقتك في دار الخلود, والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

2- السلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع المدمي المتشحط دماً المصعد دمه في السماء المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن الله راميه حرمله بن كاهل الأسدي وذويه(21).

3- السلام على عبد الله بن أمير المؤمنين مبلي البلاء والمنادي بالولاء في عرصة كربلاء المضروب مقبلاً ومدبراً لعن الله هاني بن ثبيت الحضرمي(22).

4- السلام على العباس بن أمير المؤمنين المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه الفادي له الواقي الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه لعن الله قاتله [قاتليه] يزيد بن الرقاد الجهني وحكيم بن الطفيل الطائي(23).

5- السلام على جعفر بن أمير المؤمنين الصابر بنفسه محتسباً والنائي عن الأوطان مغترباً المستسلم للقتال المستقدم للنزال المكثور(24) بالرجال لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي(25).

6- السلام على عثمان بن أمير المؤمنين سمي عثمان بن مظعون لعن الله راميه بالسهم خولي بن يزيد الأصبحي الأيادي [الأباني] الدارمي(26).

7- السلام على محمد ابن أمير المؤمنين قتيل الأيادي [الأباني] الدارمي لعنه الله وضاعف عليه العذاب الأليم وصلى الله عليك يا محمد وعلى أهل بيتك الصابرين(27).

8- السلام على أبي بكر بن الحسن الزكي الولي المرمي بالسهم الردي لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي(28).

9- السلام على عبد الله بن الحسين بن علي الزكي لعن الله قاتله ورامية حرملة بن كاهل الأسدي(29).

10- السلام على القاسم بن الحسن بن علي المضروب على هامته المسلوب لامته حين نادى الحسين عمه فجلا عليه عمه كالصقر وهو يفحص برجليه التراب والحسين يقول: (بعداً لقومك قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة جدك وأبوك. ثم قال: عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو أن يجيبك وأنت قتيل جديل فلا ينفعك هذا والله يوم كثر واتره وقل ناصره)(30). جعلني الله معكما يوم جمعكما وبوأني مبوأكما ولعن الله قاتلك عمر بن سعد بن عروة بن نفيل الأزدي وأصلاه جحيماً وأعد له عذاباً أليماً(31).

11- السلام على عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان(32) حليف الإيمان ومنازل الأقران الناصح للرحمن التالي للمثاني والقرآن, لعن الله قاتله عبد الله بن قطبه(33) النبهاني(34).

12- السلام على محمد بن عبد الله بن جعفر(35) الشاهد مكان أبيه(36) والتالي لأخيه وواقيه ببدنه لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.

13- السلام على جعفر بن عقيل(37) لعن الله قاتله وراميه بشر بن خوط(38) الهمداني.

14- السلام على عبد الرحمن بن عقيل(39) لعن الله قاتله وراميه عمر(40) بن خالد بن أسد الجهني.

15- السلام على القتيل بن القتيل عبد الله بن مسلم بن عقيل(41) ولعن الله قاتله عامر بن صعصعة(42).

16- السلام على عبيد(43) الله بن مسلم بن عقيل ولعن الله قاتله وراميه عمر(44) بن صبيح الصيداوي.

17- السلام على محمد بن أبي سعيد بن عقيل ولعن الله قاتله لقيط بن ياسر الجهني(45).

18- السلام على سليمان مولى الحسين بن أمير المؤمنين ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي(46).

19- السلام على قارب مولى الحسين بن علي(47).

20- السلام على منجح مولى الحسين بن علي(48).

21- السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي(49) القائل للحسين وقد أذن له في الانصراف(50): (أنحن نخلي عنك؟ وبم نعتذر عند الله من أداء حقك؟ لا والله حتى أكسر في صدورهم رمحي هذا, وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي, ولا أفارقك, ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة, ولم أفارقك حتى أموت معك, وكنت أول(51) من شرى(52) نفسه, وأول شهيد من شهداء الله). وقضى نحبه(53). ففزت برب الكعبة, شكر الله استقدامك ومواساتك إمامك, إذ مشى إليك وأنت صريع فقال:

يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة, وقرأ: (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً).

لعن الله المشتركين في قتلك: عبد الله الضبابي(54) وعبد الله بن خشكارة(55) البجلي.

22- السلام على سعيد بن عبد الله الحنفي(56) القائل للحسين (عليه السلام), وقد أذن له في الانصراف: (لا والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلى الله عليه وآله فيك, والله لو أعلم أني أقتل ثم أحيى, ثم أحرق ثم أذرى ويفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك, وكيف لا أفعل ذلك؟ وإنما هي موتة أو قتلة واحدة, ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً). فقد لقيت حمامك, وواسيت إمامك, ولقيت من الله الكرامة في دار المقامة, حشرنا الله معكم في المستشهدين, ورزقنا مرافقكم في أعلا عليين(57).

23- السلام على بشر بن عمرو الحضرمي(58) شكر الله لك قولك للحسين (عليه السلام) - وقد أذن لك في الانصراف-: أكلتني إذن السباع حياً إن فارقتك وأسأل عنك الركبان, وأخذلك مع قلة الأعوان, لا يكون هذا أبداً.

24- السلام على يزيد بن حصين الهمداني المشرقي(59) القاري المجدل (بالمشرفي).

25- السلام على عمر بن كعب الأنصاري(60).

26- السلام على نعيم بن العجلان الأنصاري(61).

27- السلام على زهير بن القين البجلي(62) القائل للحسين (عليه السلام) وقد أذن له في الانصراف: لا والله لا يكون ذلك أبداً, اترك ابن رسول الله أسير في يد الأعداء وأنجو, لا أراني الله ذلك اليوم.

28- السلام على عمر بن قرظة الأنصاري(63).

29- السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي(64).

30- السلام على الحر بن يزيد الرياحي(65).

31- السلام على عبد الله بن عمير الكلبي(66).

32- السلام على نافع بن هلال(67) بن نافع البجلي المرادي(68).

33- السلام على أنس(69) بن كاهل الأسدي(70).

34- السلام على قيس بن مسهر الصيداوي(71).

35 و36- السلام على عبد الله وعبد الرحمن ابني عروة بن حراق الغفاريين(72).

37- السلام على جون بن حري مولى أبي ذر الغفاري(73).

38-السلام على شبيب بن عبد الله النهشلي(74).

39- السلام على الحجاج بن زيد السعيدي(75).

40 و41- السلام على قاسط وكردوس ابني زهير التغلبيين(76).

42- السلام على كنانة بن عتيق(77).

43- السلام على ضرغامة بن مالك(78).

44- السلام على جوين بن مالك التميمي(79).

45- السلام على عمرو بن ضبعة الضبعي(80).

46- السلام على يزيد بن ثبيط القيسي(81).

47 و48- السلام على عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيط القيسي(82).

49- السلام على عامر بن مسلم(83).

50- السلام على قعنب بن عمرو النمري(84).

51- السلام على سالم مولى عامر بن مسلم(85).

52- السلام على سيف بن مالك(86).

53- السلام على زهير بن بشر الخثعمي(87).

54- السلام على يزيد بن مغفل الجعفي(88).

55- السلام على الحجاج ابن مسروق الجعفي(89).

56 و57- السلام على مسعود بن الحجاج وابنه عبد الرحمن بن مسعود(90).

58- السلام على مجمع بن عبد الله العائذي(91).

59- السلام على عامر بن حسان بن شريح الطائي(92).

60- السلام على حيان بن الحرث السلماني الأزدي(93).

61- السلام على جندب بن حجر الخولاني(94).

62- السلام على عمرو بن خالد الصيداوي(95).

63- السلام على سعيد مولاه(96).

64- السلام على يزيد بن زياد بن المظاهر الكندي(97).

65- السلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي(98).

66- السلام على جبلة بن علي الشيباني(99).

67- السلام على سالم مولى بني المدينة الكلبي(100).

68- السلام على أسلم بن كثير الأزدي الأعرج(101).

69- السلام على زهير بن سليم الأزدي(102).

70- السلام على قاسم بن حبيب الأزدي(103).

71- السلام على عمرو بن جندب الحضرمي(104).

72- السلام على أبي تمامة عمر بن عبد الله الصائدي(105).

73- السلام على حنظلة بن أسعد الشيباني(106).

74- السلام على عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي(107).

75- السلام على عمار بن أبي سلامة الهمداني(108).

76- السلام على عابس بن شبيب الشاكري(109).

77- السلام على شوذب مولى شاكر(110).

78- السلام على شبيب بن الحارث بن سريع(111).

79- السلام على مالك بن عبد بن سريع(112).

80- السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي عمير الفهمي الهمداني(113).

81- السلام على المرتث معه عمرو بن عبد الله الجندعي(114).

السلام عليكم يا خير أنصار.

السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار بوأكم الله مبوأ الأبرار، أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء ومهد لكم الوطاء وأجزل لكم العطاء وكنتم عن الحق غير بطاء وأنتم لنا فرطاء ونحن لكم خلطاء في دار البقاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زيارة الإمام المنتظر(115)

بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمره تعقلون [ولا من أوليائه تقبلون](116) حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون.

السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا, فقولوا(117) كما قال الله تعالى:

(سلام على إل ياسين)(118).

السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته.

السلام عليك يا باب الله وديان دينه.

السلام عليك يا خليفة الله وناصر خلقه.

السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته.

السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه.

السلام عليك يا بقية الله في أرضه(119).

السلام عليك يا ميثاق الله الذي أخذه ووكده.

السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه.

السلام عليك أيها العلم المنصوب, والعلم المصبوب, والغوث والرحمة الواسعة وعداً غير مكذوب.

السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقوم.

السلام عليك حين تقرأ وتبين.

السلام عليك حين تصلي وتقنت.

السلام عليك حين تركع وتسجد.

السلام عليك حين تكبر وتهلل.

السلام عليك حين تحمد وتستغفر.

السلام عليك حين تمسي وتصبح.

السلام عليك في الليل إذ يغشى والنهار إذا تجلى.

السلام عليك أيها الإمام المأمون.

السلام عليك أيها المقدم المأمول.

السلام عليك بجوامع السلام.

أشهدك يا مولاي أني لأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأن محمد عبده ورسوله لا حبيب إلا هو وأهله, وأشهد أن أمير المؤمنين حجته, والحسن حجته, والحسين حجته, وعلي بن الحسين حجته, ومحمد بن علي حجته, وجعفر بن محمد حجته, وموسى بن جعفر حجته, وعلي بن موسى حجته, ومحمد بن علي حجته, وعلي بن محمد حجته, والحسن بن علي حجته, وأشهد أنك حجة الله.

أنتم الأول والآخر, وأن رجعتكم(120) حق لا شك فيها يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت من إيمانها خيراً, وأن الموت حق, وأن ناكراً ونكيراً حق, وأشهد أن النشر والبعث حق, وأن الصراط والمرصاد حق, والميزان والحساب حق, والجنة والنار حق, والوعد والوعيد بهما حق.

يا مولاي شقي من خالفكم وسعد من أطاعتكم.

فاشهد على ما أشهدتك عليه, وأنا ولي لك بريء من عدوك, فالحق ما رضيتموه, والباطل ما سخطتموه, والمعروف ما أمرتم به, والمنكر ما نهيتم عنه, فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له, وبرسوله وبأمير المؤمنين, وبأئمة المؤمنون وبكم يا مولاي, أولكم وآخركم, ونصرتي معدة لكم, ومودتي خالصة لكم آمين آمين.

نسخة أخرى للزيارات(121)

بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمر الله تعقلون ولا من أوليائه تقبلون حكمة بالغة فمن تغنى الآيات والنذر من قوم لا يؤمنون والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فإذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى:

(سلام على إل ياسين) ذلك هو الفضل المبين والله ذو الفضل العظيم من يهديه صراط مستقيم.

التوجه: قد آتاكم الله يا آل ياسين خلافته وعلم مجاري أمره فيما قضاه ودبره ورتبه وأراده في ملكوته فكشف لكم الغطاء وأنتكم خزنته وشهداؤه وعلماؤه وأمناؤه ساسة العباد وأركان البلاد وقضاة الأحكام وأبواب الإيمان ومن تقديره منايح العطاء بكم إنفاذه محتوماً مقروناً فما شيء منه إلا وأنتم له السبب وإليه السبيل, خياره لوليكم نعمه وانتقامه من عدوكم سخطة فلا نجاة ولا مفزع إلا أنتم في أرضه وسمائه وأنتم يا حجة الله وبقيته كمال نعمته ووارث أنبيائه وخلفائه ما بلغناه من دهرنا وصاحب الرجعة لوعد ربنا التي فيها دولة الحق وفرحنا ونصر الله لنا وعزنا.

السلام عليك أيها العلم المنصوب والعلم المصبوب والغوث والرحمة الواسعة وعدنا غير مكذوب السلام عليك صاحب المرأى والمسمع الذي بعين الله مواثيقه وبيد الله عهوده وبقدرة الله سلطانه أنت الحليم الذي لا تعجله العصبية والكريم الذي لا تبخله الحفيظة والعالم الذي لا تجهله الحمية مجاهدتك في الله ذات مشية الله ومقارعتك في الله ذات انتقام الله وصبرك في الله ذو أناة الله وشكرك الله ذو مزيد الله ورحمته السلام عليك يا محفوظاً بالله نور أمامه وورائه ويمينه وشماله وفوقه وتحته يا محروزاً في قدرة الله, الله نور سمعه وبصره ويا وعد الله الذي ضمنه ويا ميثاق الله الذي أخذه ووكده.

السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته, السلام عليك يا باب الله وديان دينه السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه السلام عليك في آناء ليلك وأطراف نهارك السلام عليك يا بقية الله في أرضه.

السلام عليك حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقرأ وتبين السلام عليك حين تصلي وتقنت السلام عليك حين تركع وتسجد السلام عليك حين تعوذ وتسبح السلام عليك حين تكبر وتهلل السلام عليك حين تحمد وتستغفر السلام عليك حين تمجد وتمدح السلام عليك حين تمسي وتصبح.

السلام عليك في الليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والآخرة والأولى السلام عليك يا حجج الله ورعاتنا وهداتنا ودعاتنا وقادتنا وأئمتنا وسادتنا وموالينا السلام عليك أنتم نورنا وأنتم جاهنا أوقات صلاتنا وعصمتنا بكم لدعائنا وصلاتنا وصيامنا واستغفارنا وسائر أعمالنا.

السلام عليك أيها الإمام المأمون السلام عليك أيها الإمام المقدم المأمول السلام عليك بجوامع السلام أشهدك يا مولاي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده وحده وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله لا حبيب إلا هو وأهله, وأن أمير المؤمنين حجته وأن الحسن حجته وأن الحسين حجته وأن علي بن الحسين حجته وأن محمد بن علي حجته وأن جعفر بن محمد حجته وأن موسى بن جعفر حجته وأن علي بن موسى حجته وأن محمد بن علي حجته وأن علي بن محمد حجته وأن الحسن بن علي حجته وأنت حجته وأن الأنبياء دعاة وهداة رشدكم, أنتم الأول والآخر وخاتمته وأن رجعتكم حق لا شك فيها يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خير وأن الموت حق و[أشهد] أن ناكراً ونكيراً حق وأن النشر والبعث حق وأن الصراط حق والمرصاد حق, والميزان حق والحساب حق, والجنة والنار حق, والجزاء بهما للوعد والوعيد حق وأنكم للشفاعة حق لا تردون ولا تسبقون مشيئة الله وبأمره تعملون ولله الرحمة والكلمة العليا وبيده الحسنى وحجة الله العظمى خلق الجن والإنس لعبادته أراد من عباده عبادته فشقي وسعيد قد شقي من خالفكم وسعد من أطاعكم وأنتم يا مولاي فاشهد بما أشهدتك عليه تخزنه وتحفظه لي عندك, أموت عليه وأنشر عليه وأقف به ولياً لك بريئاً من عدوك, ماقتاً لمن أبغضكم راداً لمن أحبكم فالحق ما رضيتموه والباطل ما سخطتموه والمعروف ما أمرتم به والمنكر ما نهيتم عنه والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيئتكم والممحو ما استأثرت به سنتكم فلا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد عبده ورسوله علي أمير المؤمنين حجته الحسن حجته الحسين حجته علي حجته محمد حجته جعفر حجته موسى حجته علي حجته محمد حجته علي حجته الحسن حجته أنت حجته أنتم حججه وبراهينه.

أنا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي أخذ الله علي شرطه قتالاً في سبيله اشترى به أنفس المؤمنين فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له وبرسوله وبأمير المؤمنين وبكم يا مولاي أولكم وآخركم ونصرتي معدة مودتي خالصة لكم وبراءتي من أعدائكم أهل الحردة والجدال ثابتة لثأركم أنا ولي وحيد والله إله الحق يجعلني كذلك آمين آمين.

من لي إلا أنت فيما دنت واعتصمت بك فيه تحرسني فيما تقربت به إليك يا وقاية الله وستره وبركته أغثني أدنني أعني أدركني صلني بك ولا تقطعني. اللهم إليك بهم توسلي وتقربي اللهم صل على محمد وآله وصلني بهم ولا تقطعني بحجتك واعصمني وسلامك على آل ياسين مولاي أنت الجاه عند الله ربك وربي إنه حميد مجيد(122).

زيارة المعصومين(123)

الحمد لله الذي أشهدنا فشهد أولياؤه في رجب وأوجب علينا من حقهم ما قد وجب وصلى الله على محمد المنتخب وعلى أوصيائه الحجب اللهم فكما أشهدتنا مشهدهم فأنجز لنا موعدهم وأوردنا موردهم غير محلئين عن ورد في دار المقامة والخلد والسلام عليكم إني قصدتكم واعتمدتكم بمسألتي وحاجتي وهي فكاك رقبة من النار والمقر معكم في دار القرار مع شيعتكم الأبرار والسلام عليكم بما صرتم فنعم عقبى الدار أنا سائلكم وآملكم فيما إليكم التفويض وعليكم التعويض فيكم يجبر المهيض ويشفى المريض وما تزداد الأرحام وما تغيض إني بسركم مؤمن ولقولكم مسلم وعلى الله بكم مقسم في رجعي بحوائجي وقضائها وإمضائها وإنجاحها وإبرامها وبشؤوني لديكم وصلاحها والسلام عليكم سلام مودع ولكم حوائجه مودع يسأل الله إليكم المرجع وسعيه إليكم غير منقطع وأن يرجعن من حضرتكم خير مرجع إلى جناب ممرع وخفض موسع ودعة ومهل إلى حين الأجل وخبر مصير ومحل في النعيم الأزل والعيش المقتبل ودوام الأكل وشرب الرحيق والسلسل وعل ونهل لا سأم منه ولا ملل ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم حتى العود إلى حضرتكم والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم ورحمة الله وبركاته عليكم وصلواته وتحياته وهو حسبنا ونعم الوكيل.

زيارة الندبة(124)

بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمر الله تعقلون ولا من أوليائه تقبلون حكمة بالغة فما تعني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين سلام على آل ياسين ذلك هو الفضل المبين والله ذو الفضل العظيم لمن يهديه صراط مستقيم قد آتاكم الله يا آل ياسين خلافته وعلم مجاري أمره فيما قضاه ودبره ورتبه وأراده في ملكوته فكشف لكم الغطاء وأنتم خزنته وشهداؤه وعلماؤه وأمناؤه وساسة العباد وأركان البلاد وقضاة الأحكام وأبواب الإيمان وسلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة رب العالمين ومن تقديره منايح العطاء بكم إنفاذه محتوماً مقروناً فما شيء منا إلا وأنتم له السبب وإليه السبيل خياره لوليكم نعمة وانتقامه من عدوكم سخطة فلا نجاة ولا مفزع إلا أنتم ولا مذهب عنكم يا أعين الله الناظرة وحملة معرفته ومساكن توحيده في أرضه وسمائه وأنتم يا مولاي ويا حجة الله ويا بقيته وكمال نعمته ووارث أنبيائه وخلفائه ما بلغناه من دهرنا وصاحب الرجعة لوعد ربنا التي فيها دولة الحق وفرجنا ونصر الله لنا وعزنا.

السلام عليك أيها العلم المنصوب والعلم المصبوب والغوث والرحمة الواسعة وعداً غير مكذوب السلام عليك يا صاحب المرأى والمسمع الذي بعين الله مواثيقه وبيد الله عهوده وبقدرة الله سلطانه أنت الحكيم الذي لا تعجله الغضبة والكريم الذي لا تبخله الحفيظة والعالم الذي لا تجهله الحمية مجاهدتك في الله ذات مشية الله ومقارعتك في الله ذات انتقام الله وصبرك في الله ذو أناة الله وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته السلام عليك يا محفوظاً بالله, الله نور أمامه وورائه ويمينه وشماله وفوقه وتحته السلام عليك يا مخزوناً في قدرة الله نور سمعه وبصره السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه ويا ميثاق الله الذي أخذه ووكده السلام يا داعي الله وديان دينه السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه السلام عليك في آناء الليل والنهار السلام عليك يا بقية الله في أرضه السلام عليك حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقرأ وتبين السلام عليك حين تصلي وتقنت السلام عليك حين تركع وتسجد السلام عليك حين تعوذ وتسبح السلام عليك حين تهلل وتكبر السلام عليك حين تحمد وتستغفر السلام عليك حين تمجد وتمدح السلام عليك حين تمسي وتصبح.

السلام عليك في الليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والآخرة والأولى السلام عليك يا حجج الله ودعاتنا وهداتنا ورعاتنا وقادتنا وأئمتنا وسادتنا وموالينا السلام عليك أنتم نورنا وأنتم جاهنا أوقات صلاتنا وعصمتنا بكم لدعائنا وصلاتنا وصيامنا واستغفارنا وسائر أعمالنا السلام عليك أيها الإمام المأمون السلام عليك أيها الإمام المأمول السلام عليك بجوامع السلام.

اشهد يا مولاي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله, لا حبيب إلا هو وأهله وأن أمير المؤمنين حجته وأن الحسن حجته وأن الحسين حجته وأن علي بن الحسين حجته وأن محمد بن علي حجته وأن جعفر بن محمد حجته وأن موسى بن جعفر حجته وأن علي بن موسى حجته وأن محمد بن علي حجته وأن علي بن محمد حجته وأن الحسن بن علي حجته وأنت حجته وأن الأنبياء دعاة وهداة رشدكم أنتم الأول والآخر وخاتمته وأن رجعتكم حق لا شك فيها ولا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خير وأن الموت حق وأن منكراً ونكيراً حق وأن النشر حق والبعث حق وأن الصراط حق وأن المرصاد حق وأن الميزان حق والحساب حق وأن الجنة والنار حق والجزاء بهما للوعد والوعيد حق وأنكم للشفاعة حق لا تردون ولا تسبقون مشيئة الله بأمره تعملون ولله الرحمة والكلمة العليا وبيده الحسنى وحجة الله النعمى خلق الجن والإنس لعبادته, أراد من عباده عبادته فشقي وسعيد, قد شقي من خالفكم وسعد من أطاعكم. وأنت يا مولاي فاشهد بما أشهدتك عليه تخزنه وتحفظه لي عندك أموت عليه وأنشر عليه وأقف به ولياً لك بريئاً من عدوك ماقتاً لمن أبغضكم واداً لمن أحبكم فالحق ما رضيتموه والباطل ما سخطتموه والمعروف ما أمرتم به والمنكر ما نهيتم عنه والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيئتكم والممحو ما استأثرت به سنتكم, فلا إله إلا الله وحده لا شريك له ومحمد عبده ورسوله, علي أمير المؤمنين وحجته, الحسن حجته, الحسين حجته, علي حجته, محمد حجته, جعفر حجته, موسى حجته, علي حجته, محمد حجته, علي حجته, الحسن حجته, أنت حجته, أنتم حججه وبراهينه, أنا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي أخذ الله علي شرطه قتالاً في سبيله اشترى به أنفس المؤمنين فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له وبرسوله وبأمير المؤمنين وبكم يا مولاي أولكم وآخركم ونصرتي لكم معدة مودتي خالصة لكم وبراءتي من أعدائكم: أهل الحردة والجدال ثابتة لثأركم أنا ولي وحيد والله إله الحق يجعلني بذلك آمين آمين, من لي إلا أنت فيما دنت واعتصمت بك فيه تحرسني فيما تقربت به إليك يا وقاية الله وستره وبركته أغنني أدنني أدركني صلني بك ولا تقطعني.

اللهم بهم إليك توسلي وتقربي, اللهم صلي على محمد وآل محمد وصلني بهم ولا تقطعني بحجتك اعصمني وسلامك على آل ياسين مولاي أنت الجاه عند الله ربك وربي إنه حميد مجيد, اللهم إني أسألك باسمك خلقته من ذلك واستقر فيك فلا يخرج منك إلى شيء أبداً أيا كينون أيا مكنون أيا متعال أيا مقدس أيا مترحم أيا مترئف أيا متحنن أسألك كما خلقته غضاً أن تصلي على محمد نبي رحمتك وكلمة نورك ووالد هداة رحمتك وأملأ قلبي نور اليقين وصدري نور الإيمان وفكري نور الثبات وعزمي نور التوفيق وذكائي نور العلم وقولي نور العمل ولساني نور الصدق وديني نور البصائر من عندك وبصري نور الضياء وسمعي نور وعي الحكمة ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله (عليهم السلام) ونفسي نور قوة البراءة من أعداء محمد وأعداء آل محمد حتى ألقاك وقد وفية بعهدك وميثاقك فلتسعني رحمتك يا ولي يا حميد بمرأى آل محمد ومسمعك يا حجة الله دعائي فوفني منجزات إجابتي أعتصم بك , معك معك معك سمعي ورضاي يا كريم.

زيارة الناحية(125)

السلام على آدم صفوة الله من خليقته. السلام على شيت(126) ولي الله وخيرته والسلام على إدريس القائم لله بحجته السلام على نوح المجاب في دعوته السلام على هود الممدود من الله بمعونته السلام على صالح الذي توجه لله بكرامته السلام على إبراهيم الذي حباه الله بخلته(127) السلام على إسماعيل الذي فداه الله بذبح عظيم من جنته السلام على إسحاق الذي جعل الله النبوة في ذريته السلام على يعقوب الذي رد الله عليه بصره السلام على موسى الذي فلق الله له البحر بقدرته السلام على هارون الذي خصه الله بنبوته السلام على شعيب الذي نصره الله على أمته السلام على داوود الذي تاب الله عليه من خطيئته(128) السلام على سليمان الذي ذلت له الجن بعزته السلام على أيوب الذي شفاه الله من علته السلام على يونس الذي أنجز الله مضمون عدته السلام على عزير الذي أحياه الله بعد ميتته السلام على زكريا الصابر في محنته السلام على يحيى الذي أزلفه الله بشهادته السلام على عيسى روح الله وكلمته السلام على محمد حبيب الله وصفوته السلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المخصوص بأخوته(129) السلام على فاطمة الزهراء ابنته السلام على أبي محمد الحسن وصي أبيه وخليفته السلام على الحسين الذي سمحت نفسه بمهجته السلام على من أطاع الله في سره وعلانيته السلام على من جعل الله الشفاء في تربته السلام على من الإجابة تحت قبته السلام على من الأئمة من ذريته السلام على ابن خاتم الأنبياء السلام على ابن سيد الأوصياء السلام على ابن فاطمة الزهراء السلام على ابن خديجة الكبرى السلام على ابن سدرة المنتهى السلام على ابن جنة المأوى السلام على ابن زمزم والصفا السلام على المرمل بالدماء السلام على المهتوك الخباء السلام على خامس أصحاب الكساء السلام على غريب الغرباء السلام على شهيد الشهداء السلام على قتيل الأدعياء السلام على ساكن كربلاء السلام على من بكته ملائكة السماء السلام على من ذريته الأذكياء السلام على يعسوب الدين السلام على منازل البراهين السلام على الأئمة السادات السلام على الجيوب المضرجات(130) السلام على الشفاه الذابلات السلام على النفوس المصطلمات(131).

السلام على الأرواح المختلسات السلام على الأجساد العاريات السلام على الجسوم الشاحبات السلام على الدماء السائلات السلام على الأعضاء المقطعات السلام على الرؤوس المشالات السلام على النسوة البارزات السلام على حجة رب العالمين السلام عليك وعلى آبائك الطاهرين السلام عليك وعلى أبنائك المستشهدين السلام عليك وعلى ذريتك الناصرين السلام عليك وعلى الملائكة المضاجعين(132) السلام على القتيل المظلوم السلام على أخيه المسموم(133) السلام على علي الكبير السلام على الرضيع الصغير السلام على الأبدان السليبة السلام على العترة القريبة السلام على المجدلين في(134) الفلوات السلام على النازحين عن الأوطان السلام على المدفونين بلا أكفان السلام على الرؤوس المفرقة عن الأبدان السلام على المحتسب الصابر السلام على المظلوم بلا ناصر السلام على ساكن التربة الزاكية السلام على صاحب القبة السامية السلام على من طهره الجليل السلام على من افتخر به جبرئيل السلام على من ناغاه في المهد ميكائيل السلام على من نكثت ذمته السلام على من هتكت حرمته السلام على من أريق بالظلم دمه السلام على المغسل بدم الجراح السلام على المجرع بكاسات الرماح السلام على المضام(135) المستباح السلام على المنحور في الورى السلام على من دفنه أهل القرى السلام على المقطوع الوتين السلام على المحامي بلا معين السلام على الشيب الخضيب السلام على الخد التريب السلام على البدن السليب السلام على الثغر(136) المقروع بالقضيب السلام على الرأس المرفوع السلام على الأجسام العارية في الفلوات تنهشها الذئاب(137) العاديات وتختلف إليها السباع الضاريات السلام عليك يا مولاي وعلى الملائكة المرفرفين(138) حول قبتك الحافين بتربتك الطائفين بعرصتك الواردين لزيارتك.

السلام عليك فإني قصدت إليك ورجوت الفوز لديك السلام عليك سلام العارف بحرمتك المخلص في ولايتك المتقرب إلى الله بمحبتك البرائي من أعدائك سلام من قلبه بمصابك مقروح ودمه عند ذكرك مسفوح(139) سلام المفجوع المحزون الواله المستكين سلام من لو كان معك في الطفوف لوقاك بنفسه حد السيوف وبذل حشاشته دونك للحتوف وجاهد بين يديك وناصرك على من بغى عليك وفداك بروحه وجسده وماله وولده وروحه لروحك فداءٌ وأهله لأهلك وقاءٌ فلئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنك صباحاً ومساءً ولأبكين لك بدل الدموع دماً(140) حسرةً عليك وتأسفاً على ما دهاك وتلهفاً حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر والعدوان وأطعت الله وما عصيته وتمسكت به وبحبله فأرضيته وخشيته وراقبته واستحييته وسننت السنن وأطفأت الفتن ودعوت إلى الرشاد وأوضحت سبل السداد وجاهدت في الله حق الجهاد وكنت لله طائعاً ولجدك محمد صلى الله عليه وآله تابعاً ولقول أبيك سامعاً وإلى وصية أخيك مسارعاً ولعماد الدين رافعاً وللطغيان قامعاً وللطغاة مقارعاً وللأمة ناصحاً وفي غمرات الموت ناصراً وعند البلاء صابراً وللدين كالئاً(141) وعن حوزته مرامياً تحوط الهدى وتنصره وتبسط العدل وتنشره وتنصر الدين وتظهره وتكف العابث وتزجره وتأخذ للدني من الشريف وتساوي في الحكم بين القوي والضعيف كنت ربيع الأيتام وعصمة الأنام وعز الإسلام ومعدن الأحكام وحليف الإنعام سالكاً طرائق جدك وأبيك مشبهاً في الوصية لأخيك وفي الذمم رضي الشيم ظاهر الكرم متهجداً في الظلم قويم الطرائق كريم الخلائق عظيم السوابق شريف النسب منيف(142) الحسب رفيع الرتب كثير المناقب محمود الضرائب جزيل المواهب حليم ٌرشيدٌ منيبٌ جوادٌ عليمٌ شديدٌ إمامٌ شهيدٌ أواهٌ منيبٌ حبيبٌ مهيبٌ كنت للرسول صلى الله عليه وآله ولداً وللقرآن سنداً وللأمة عضداً وفي الطاعة مجتهداً حافظاً للعهد والميثاق ناكباً عن سبل الفساق باذلاً للمجهود طويل الركوع والسجود زاهداً في الدنيا زهد الراحل عنها ناظراً إليها بعين المستوحشين منها آمالك عنها مكفوفة وهمتك عن زينتها مصروفة وألحاظك عن بهجته مطروفة ورغبتك في الآخرة معروفة حتى إذا الجور مد باعه وأسفر الظلم قناعه ودعا الغنى أتباعه وأنت في حرم جدك قاطن وللظالمين مباين جليس البيت والمحراب معتزل عن اللذات والشهوات تنكر المنكر بقلبك ولسانك على حسب طاقتك وإمكانك ثم اقتضاك العلم للإنكار ولزمك أن تجاهد الفجار فسرت في أولادك وأهاليك وشيعتك ومواليك وصدعت بالحق والبينة ودعوت إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأمرت بإقامة الحدود والطاعة للمعبود ونهيت عن الخبائث والطغيان وواجهوك بالظلم والعدوان فجاهدتهم بعد الإيعاذ إليهم وتأكيد الحجة عليهم فنكثوا ذمامك وبيعتك وأسخطوا ربك وجدك وبدءوك بالحرب فثبت للطعن والضرب وطحنت جنود الفجار واقتحمت قسطل(143) الغبار مجالداً بذي الفقار كأنك علي المختار فلما رأوك ثابت الجأش غير خائفٍ ولا خاشٍ نصبوا لك غوائل مكرهم وقاتلوك بكيدهم وشرهم وأمر اللعين(144) جنوده فمنعوك الماء ووروده وناجزوك القتال وعاجلوك النزال ورشقوك بالسهام والنبال وبسطوا إليك أكف الاصطلام(145) ولم يرعوا لك ذماماً ولا راقبوا فيك آثاماً في قتلهم أوليائك ونهبهم رحالك وأنت مقدم في الهبوات ومحتمل للأذيات قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات فأحدقوا بك في كل الجهات وأثخنوك بالجراح وحالوا بينك وبين الرواح ولم يبق لك ناصراٌ وأنت محتسبٌ صابرٌ تذب عن نسوتك وأولادك حتى نكسوك عن جوادك فهويت إلى الأرض جريحاً تطؤك الخيول بحوافرها وتعلوك الطغاة ببواترها قد رشح للموت جبينك واختلفت بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك تدير طرفاً خفياً إلى رحلك وبيتك وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهاليك وأسرع فرسك شارداً إلى خيامك قاصداً محمحماً(146) باكياً فلما رأين النساء جوادك مخزياً(147) ونضرن سرجك عليه ملوياً برزن من الخدور ناشرات الشعور على الخدود لاطمات الوجوه سافرات وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات وإلى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك مولع سيفه على نحرك قابض على شيبتك بيده ذابح لك بمهنده قد سكنت حواسك وخفيت أنفاسك ورفع على القنا رأسك وسبي أهلك كالعبيد وصفدوا في الحديد فوق أقتاب (148) المطيات تلفح وجوههم حر الهاجرات يساقون في البراري والفلوات أيديهم مغلولة إلى الأعناق يطاف بهم في الأسواق فالويل للعصاة الفساق لقد قتلوا بقتلك الإسلام وعطلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام وهدموا قواعد الإيمان وحرفوا آيات القرآن وهمجوا(149) في البغي والعدوان لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله من أجلك موتوراً وعاد كتاب الله عز وجل مهجوراً وغودر الحق إذ قهرت مقهوراً وفقد بفقدك التكبير والتهليل والتحريم والتحليل والتنزيل والتأويل وظهر بعدك التغيير والتبديل والإلحاد والتعطيل والأهواء والأضاليل والفتن والأباطيل فقام ناعيك عند قبر جدك الرسول صلى الله عليه وآله فنعاك إليه بالدمع الهطول قائلاً يا رسول الله قتل سبطك وفتاك واستبيح أهلك وحماك وسبيت بعدك ذراريك ووقع المحذور بعترتك وذويك فانزعج الرسول وبكى قلبه المهول(150) وعزاه بك الملائكة والأنبياء وفجعت بك أمك الزهراء واختلفت جنود الملائكة المقربين تعزي أباك أمير المؤمنين وأقيمت لك المآتم في أعلى عليين ولطمت عليك الحور العين وبكت السماء وسكانها والجنان وخزانها والهضاب وأقطارها والبحار وحيتانها ومكة وبنيانها والجنان وولدانها والبيت والمقام والمشعر الحرام والحل والإحرام.

اللهم فبحرمة هذا المكان المنيف صلى على محمد وآل محمد واحشرني في زمرتهم وادخلني الجنة بشفاعتهم اللهم إني أتوسل إليك يا أسرع الحاسبين ويا أكرم الأكرمين ويا أحكم الحاكمين بمحمد خاتم النبيين رسولك إلى العالمين أجمعين وبأخيه وابن عمه الأنزع البطين(151) العالم المكين علي أمير المؤمنين وبفاطمة سيدة نساء العالمين وبالحسن الزكي عصمة المتقين وبأبي عبد الله الحسين أكرم المستشهدين وبأولاده المقتولين وبعترته المظلومين وبعلي بن الحسين زين العابدين وبمحمد بن علي قبلة الأولين وجعفر بن محمد أصدق الصادقين وموسى بن جعفر مظهر البراهين وعلي بن موسى ناصر الدين ومحمد بن علي قدوة المهتدين وعلي بن مجمد أزهد الزاهدين والحسن بن علي وارث المستخلفين والحجة على الخلق أجمعين أن تصلي على محمد وآل محمد الصادقين الأبرين آل طه ويس فإن تجعلني في القيامة من الآمنين المطئنين الفائزين الفرحين المستبشرين.

اللهم اكتبني في المسلمين وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين وانصرني على الباغين واكفني كيد الحاسدين واصرف عني مكر الماكرين واقبض عني أيدي الظالمين واجمع بيني وبين السادة الميامين في أعلا عليين مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إني أقسم عليك بنبيك المعصوم وبحكمك المحتوم ونهيك المكتوم وبهذا القبر الملموم(152) الموسد في كفنه الإمام المعصوم المقتول المظلوم أن تكتشف ما بي من الغموم وتصرف عني شر القدر المحتوم وتجيرني من النار ذات السموم.

اللهم جللني بنعمتك ورضني بقسمك وتغمدني بجودك وكرمك وباعدني من مكرك ونقمك اللهم اعصمني من الزلل وسددني في القول والعمل وافسح لي في مدة الأجل وأعفني من الأوجاع والعلل وبلغني بموالي وبفضلك أفضل الأمل اللهم صل على محمد وآل محمد واقبل توبتي وارحم عبرتي وأقلني عثرتي ونفس كربتي واغفر لي خطيئتي وأصلح لي في ذريتي اللهم لا تدع لي في هذا المشهد المعظم والمحل المكرم ذنباً إلا غفرته ولا عيباً إلا سترته ولا غماً إلا كشفته ولا رزقاً إلا بسطته ولا جاهاً إلا عمرته ولا فساداً إلا أصلحته ولا أملاً إلا بلغته ولا دعاءً إلا أجبته ولا مضيقاً إلا فرجته ولا شملاً إلا جمعته ولا أمراً إلا أتممته ولا مالاً إلا كثرته ولا خلقاً إلا حسنته ولا إنفاقاً إلا أخلفته ولا حالاً إلا عمرته ولا حسوداً إلا قمعته ولا عدواً إلا أرديته ولا شراً إلا كفيته ولا مرضاً إلا شفيته ولا بعيداً إلا أدنيته ولا شعثاً(153) إلا لممته ولا سؤالاً إلا أعطيته.

اللهم إني أسألك خير العاجلة وثواب الآجلة اللهم أغنني بحلالك عن الحرام وبفضلك عن جميع الأنام اللهم إني أسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ويقيناً صادقاً وعملاً زاكياً وصبراً جميلاً وأجراً جزيلاً اللهم ارزقني شكر نعمتك علي وزد في إحسانك وكرمك إلي واجعل قولي في الناس مسموعاً وعملي عندك مرفوعاً وأثري في الخيرات متبوعاً وعدوي مقموعاً اللهم صل على محمد وآل محمد الأخيار في آناء الليل وأطراف النهار واكفني شر الأشرار وطهرني من الذنوب والأوزار وأجرني من النار وأدخلني دار القرار واغفر لي ولجميع إخواني فيك وإخواتي المؤمنين والمؤمنات برحمتك يا أرحم الراحمين.

ثم توجه إلى القبلة وصل ركعتين وأقرأ في الأولى سورة الأنبياء وفي الثانية الحشر(154) واقنت وقل:

لا إله إلا الله الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن خلافاً لأعدائه وتكذيباً لمن عدل به وإقراراً لربوبيته وخضوعاً لعزته الأول بغير أول والآخر إلى غير آخر الظاهر على كل شيء بقدرته الباطن دون كل شيء بعلمه ولطفه لا تقف العقول على كل كنه عظمته ولا تدرك الأوهام حقيقة ماهيته ولا تتصور الأنفس معاني كيفيته مطلعاً على الضمائر عارفاً بالسرائر يعلم خائنه الأعين وما تخفى الصدور اللهم إني أشهدك على تصديقي رسولك صلى الله عليه وآله وإيماني وعلمي بمنزلته وأني أشهد أنه النبي الذي نطقت الحكمة بفضله وبشرت الأنبياء به ودعت إلى الإقرار بما جاء به وحثت على تصديقه بقوله تعالى: (الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)(155).

فصل على محمد رسولك إلى الثقلين وسيد الأنبياء المصطفى وعلى أخيه وابن عمه الذين لم يشركا بك طرفة عين أبداً وعلى فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وعلى سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين صلاة خالدة الدوام عدد قطر الرهام(156) وزنة الجبال والآكام ما أورق السلام واختلف الضياء والظلام على آله الطاهرين الأئمة المهتدين الذائدين عن الدين علي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة القوام بالقسط وسلالة السبط.

اللهم إني أسألك بحق هذا الإمام فرجاً قريباً وصبراً جميلاً ونصراً عزيزاً وغنى عن الخلق وثباتاً في الهدى والتوفيق لما تحب وترضى ورزقاً واسعاً حلالاً طيبا مريئاً داراً سائغاً فاضلاً مفضلاً صباً صباً من غير كد ولا نكد ولا منة من أحد وعافية من كل بلاء وسقم ومرض والشكر على العافية والنعماء وإذا جاء الموت فاقبضنا على أحسن ما يكون لك طاعة على ما أمرتنا محافظين حتى تؤدينا إلى جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم صل على محمد وآل محمد وأوحشني من الدنيا وآنسني بالآخرة وأنه لا يوحش من الدنيا إلا خوفك ولا يونس بالآخرة إلا محمد وآله وأعني على نفسي الظالمة العاصية وشهوتي الغالية واختم لي بالعافية. اللهم إن استغفاري إياك وأنا مصرٌ على ما نهيت قلة حيائي وتركي الاستغفار مع علمي بسعة حلمك تضييع لحق الرجاء اللهم إن ذنوبي تؤيسي أن أرجوك وإن علمي بسعة رحمتك يمنعني أن أخشاك فصل على محمد وآل محمد وصدق رجائي لك وكذب خوفي منك وكن لي عند أحسن ظني بك يا أكرم الأكرمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد وأيدني بالعصمة وانطق لساني بالحكمة واجعلني ممن يندم على ما ضيعه في أمسه ولا يغبن حظه في يومه ولا يهتم لرزق غده اللهم إن الغني من استغنى بك وافتقر إليك والفقير من استغنى بخلقك عنك فصل على محمد وآل محمد وأغنني عن خلقك بك واجعلني ممن لا يبسط كفاً إلا إليك اللهم إن الشقي من قنط وأمامه التوبة وورائه الرحمة وإن كنت ضعيف العمل فإني في رحمتك قوي الأمل فهب لي ضعف عملي لقوة أملي اللهم إن كنت تعلم ما في عبادك من هو أقسى قلباً مني وأعظم مني ذنباً فإني أعلم أنه لا مولى أعظم منك طولاً وأوسع رحمة وعفواً فيا من هو أوحد في رحمته اغفر لمن ليس بأوحد في خطيئته اللهم إنك أمرتنا فعصينا ونهيت فما انتهينا وذكرت فتناسينا وبصرت فتعامينا وحذرت فتعدينا وما كان ذلك جزاء إحسانك إلينا وأنت أعلم بما أعلنا وأخفينا وأخبر بما نأتي وما أتينا فصل على محمد وآل محمد ولا تؤاخذنا بما أخطأنا ونسينا وهب لنا حقوقك لدينا وأتم إحسانك إلينا وأسبل رحمتك علينا اللهم إنا نتوسل إليك بهذا الصديق الإمام ونسألك بالحق الذي جعلته له ولجده رسولك ولأبويه علي وفاطمة أهل بيت الرحمة أدرار الرزق الذي به قوام حياتنا وصلاح أحوال عيالنا فأنت الكريم الذي تعطي من سعة وتمنع من قدرة ونحن نسألك من الرزق ما يكون صلاحاً للدنيا وبلاغاً للآخرة اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار(157).

 

1- مفاتيح الجنان - الشيخ عباس القمي ص56 - بحار الأنوار: ج102 ص212 ورد عمن رأى صاحب الزمان عجل الله فرجه في اليقظة لا في النوم أنه زار الغمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في يوم الأحد يوم أمير المؤمنين (عليه السلام) لهذه الزيارة.

2- الشجرة: ما قام على ساق من نبات الأرض. والدوحة: الشجرة العظيمة المتسعة. وقد ورد تشبيه السلالة النبوية بالشجرة, بينما شبهت السلالة الهاشمية بالدوحة, لأن الأرومة النبوية فرع من فروع الأصل الهاشمي. وكأن الإمام المهدي أراد استيعاب كل الذين تبرعموا عن البيت النبوي والأسرة الهاشمية، فسلم على الشجرة النبوية والدوحة الهاشمية ليستقصيهم أصولاً وفروعاً.

وأما الذين انحرفوا فهم ليسوا من هذه الشجرة ولا من تلك الدوحة في التسلسل الروحي كما ورد في قوله تعالى بالنسبة إلى نبي الله نوح (عليه السلام) وابنه: (قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح...) سورة هود (عليه السلام): آية 46. وكما ورد عكس ذلك في الأحاديث الشريفة بالنسبة إلى بعض الأخيار الذين انحدروا من سلالات منحرفة كالسلالة الأموية.

3- فثمرة الدوحة الهاشمية خاتم النبيين، وجمالها وحسنها بالأمة الطاهرين (عليهم السلام).

4- فآدم ونوح (عليهما السلام) مدفونان مع الإمام علي (عليه السلام) في مكان واحد، وإن كان الفاصل بينهم من طبقات الأرض كالفاصل الزمني، وكالفاصل الرتبي (عليهم السلام).

5- لعل هاتين الجملتين ترمزان إلى وجود طائفتين من الملائكة طائفة موكلة بالقبر الشريف وطائفة أخرى مأمورون بأن يكونوا محدقين بنفس الإمام (عليه السلام)، ويكون مثل الطائفة المحدقين بنفس الإمام (عليه السلام) مثل خدم الإنسان نفسه في الدنيا ومثل الطائفة الموكلة بالقبر الشريف مثل الخدم المأمورين بكنس البيت وغسله وفتح الباب على كل من يدقه ونحو ذلك.

6- روى العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار (ج 102 ص210) عن جمال الأسبوع حديثاً في تفسير تسمية الأيام بأسماء المعصومين (عليهم السلام) عن أبي الحسن الهادي (عليه السلام) يرويه الصقر بن أبي دلف وجاء فيه: (ثم قلت يا سيدي حديث يروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) لا أعرف معناه قال: وما هو؟ قلت قوله (صلّى الله عليه وآله): لا تعادوا الأيام فتعاديكم ما معناها؟ وقال (عليه السلام): نعم الأيام نحن ما قامت السماوات والأرض، فالسبت اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأحد أمير المؤمنين، والاثنين الحسن والحسين، والثلاثاء علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد والأربعاء موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وأنا، والخميس ابني الحسن والجمعة ابن ابني وإليه تجمع عصائب الحق، فهذا معنى الأيام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة...) الحديث.

7- لعله إشارة إلى قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) سورة التوبة آية 6 فإذا كان إجارة المشرك المستجير لازماً، فلابد أن إجارة المؤمن الموالي المستجير لازم بطريق أولى.

8- رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس، إقبال الأعمال، طبع طهران 1390هـ ص573- 577.

... فيما نذكره من زيارة الشهداء في يوم عاشوراء، رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر: محمد بن الحسن الطوسي (رحمة الله عليه) قال: حدثنا الشيخ أبو عبد لله: محمد بن أحمد بن عياش، قال: حدثني الشيخ الصالح منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي (رحمة الله عليه)، قال: خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين (ولعله سهو من النساخ وأصله سنة اثنتين وستين ومائتين كما احتمله العلامة المجلسي (قدس سره) وغيره. (وإلا) فالحجة (صلوات الله وسلامه عليه) لم يكن مولوداً في ذاك التاريخ والزيارة تكون للإمام الحسن العسكري (عليه السلام)) على يد الشيخ محمد بن غالب الأصفهاني, حين وفاة أبي (رحمه الله) وكنت حديث السن, وكتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد الله (عليه السلام) وزيارة الشهداء (رضوان الله عليهم- فخرج إلي منه:...

9- المقصود من الشهداء هنا شهداء كربلاء, الذين استشهدوا بين يدي الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام).

10- في التعبيرات الشرعية ورد الدعاء للآخرين- وخاصة الأموات- بـ(الرحمة) وبـ(الرضوان). فما هي الرحمة؟ وما هو الرضوان؟ وما هو الفارق بينهما؟ كما ورد الدعاء للأولياء بـ(السلام) وبـ(الصلاة) فما هو السلام؟ وما هو الصلاة؟ الرحمة: من الرحم, وهو الإحاطة بالشيء لتنميته وصيانته بعطف وشفقة, ومنه الرحم لوعاء الجنين, لأنه يحوطه وينميه, ومنه أرحام الرجل لأقربائه, لأنهم يحوطونه بإشفاق وانعطاف, والرحمة من الإنسان تعني الحماية من الأذى, وهي ناتجة من رقة القلب, ومن الله تعني اللطف والإحسان, وهي صفة ذاتية له, وليست وليدة من صفة أخرى.

ورحمة الله تعم جميع مخلوقاته, بدليل أنه أوجدها ويحيطها وينميها بمقدار استعادتها للقبول, أي بمقدار قابليتها, لأن رحمته متاحة- من قبله- بلا حدود, وإنما على الخلائق أن تكون قابلة لتلقي والقبول أفمن كان أوسع ظرفيه وأوفر مؤهلات فهو يستوعب أكثر من كان أضيق ظرفيه, وأوفر مؤهلات فهو يستوعب أقل (ورحمتي وسعة كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون) الأعراف: آية 156.

ولا يحرم من فيض الله إلا من أغلق نفسه عنها, بأن كفر به, فإن الله لا ينميه ولا يحوطه, أي يتركه لنفسه ولسلبياته, فيكون ملعوناً أي مطروداً من محيط اللطف والإحسان, فلا يتكامل.

والرضوان- من الرضا- ولكنه يدل على أكثر من مجرد الرضا, فتوحي بالقبول, وهو الوصول إلى درجة اللياقة, لأن الله سريع الرضا, فلا يرضى بالله عبد إلا ويرضى الله به, ولكن قد يكون العبد في أدنى قاعدته فيحظى بالرضا لا بالقبول, وربما يكون في أعلى قمته, فيحظى بالقبول أيضاً, فكل من كان وضعه يزحزحه عن النار ويدخله الجنة فهو ممن رضي الله عنهم أي خشي ربه فلم يتورط في اللامبالاة, ومن كان وضعه يضعه فوق مستوى الجنة- بكل ما تعني الجنة- فهو ممن يبلغون رضوان الله وأما الذين يبتغون الجنة فهم دون مستوى الرضوان (ورضوان من الله أكبر) سورة التوبة آية 72.

ولذلك قد يقال يصح الدعاء بالرحمة لكل المؤمنين, ولا يصح الدعاء بالرضوان إلا لمن لم يكن عملهم سعياً وراء الجنة, وإنما بحثاً عن رضوان الله. فأطاعوا الله لا خوفاً من ناره, ولا طمعاً في جنته, وإنما تقرباً إليه فقط.

وبذلك يظهر الفارق الكبير بين الرحمة والرضوان.

والسلام: هو استسلام الأشياء له, بأن لا يناقضه شيء, بأن يصل العبد إلى درجة يضع الله تحت تصرفه الأشياء, كما في الحديث القدسي: (عبدي أطعني أجعلك مِثْلي- أو مَثَلي- أقول للشيء: كن, فيكون. وتقول للشيء: كن, فيكون).

ومستوى السلام أصحاب الولاية الكونية كأصحاب ليلة القدر التي ورد التعبير في القرآن: (ليلة القدر خير من ألف شهر* تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر* سلام هي حتى مطلع الفجر) سورة القد آية 3- 5. وأما المصائب التي وردت على أولياء الله فلا تعبر عن تناقض الأشياء معهم لأنها من جملة الوسائل التي تساعد على تكالمهم بصورة أسرع من العبادات التقليدية, فاتفق معهم عليها فقبلوا بها طائعين, فلم يفاجئ أحدهم بشيء منها ولسان حالهم يقول: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا) سورة التوبة آية 51.

فلا يصل أحدهم إلى مرحلة السلام إلا بعد تجاوز مرحلة الرضوان: (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبيل السلام....) سورة المائدة آية16.

والصلاة هي الصلة الدائمة, بأن تكون المشاعر كلها دائمة التوجه إلى الله في جميع الحالات.

وهذه أعلى الدرجات التي لا يهضمها الكثيرون, فلا نعمق الحديث عنها, لاحتياج ذلك إلى مجال واسع كبير.

11- علي بن الحسين- المذكور هنا- هو علي الأكبر. وهو غير علي بن الحسين زين العابدين.

فقد جرت العادة في بعض البلاد. ومنها جزيرة العرب على أن الرجل إذا أحب شخصاً سمى أحد أبنائه باسمه، وإذا كان حبه أعمق من أن يملأ فراغه أحد أبنائه سمى ولدين أو ثلاثة من أولاده باسمه.

والإمام الحسين حيث كان ينعكس فيه الإمام علي ويراه مثله الأعلى سمى ثلاثة من أبنائه باسمه ولقب الأول بالأكبر والثاني بالأوسط والثالث بالأصغر. وقتل الأكبر في كربلاء ودفن عند رجلي أبيه الحسين, وكان الثالث رضيعاً أصابه بسهم في نحره ودفن مع الحسين في قبره أما الثالث فقد كان مريضاً يوم عاشوراء فأسر وتولى الإمامة بعد أبيه الحسين واشتهر بـ(السجاد) وبـ(زين العابدين).

12- حام حول الشيء دار حوله، وحومة الشيء: معظمه ومركزه. ويقال: حومة الماء وحومة الرمل وحومة القتال للمكان الذي يكثر دورانه حوله. وحومة الشهداء البقعة التي دفنوا فيها.

والمعروف أن الإمام زين العابدين حضر كربلاء- بطريقة معجزة- بعد ثلاثة أيام من فاجعة الطف أي يوم الثاني عشر أو الثالث عشر- على الخلاف- من شهر محرم, واجتمع معه قوم بني أسجد, وتولى دفن أبيه وأصحابه, فدفن الحسين وعلياً الأصغر في قبر, ودفن علياً الكبر في قبر آخر عند رجلي الحسين ثم حفر حفيرة كبيرة عند رجلي علي الأكبر, ودفن فيها بقية الشهداء, باستثناء ثلاثة منهم كانوا في وضع لا يسمح بنقلهم من مصارعهم- كما قيل- فدفنهم في مصارعهم, وهم العباس بن علي, وعون بن عبد الله, وحبيب بن مظاهر الأسدي.

فـ(حومة الشهداء) هو المكان الذي دفنوا فيه, وهو مكان معرف اليوم في الجبهة الشرقية من ضريح الغمام الحسين (عليه السلام).

13- سلالة إبراهيم الخليل ذريته الطيبة المستمرة التي انحصرت النبوة والإمامة من يومه إلى يوم القيامة. والمقصود من (خير سليل) هو النبض المحمدي الذي سله الله وأفرزه من ذريته إبراهيم الخليل وكان خير سليل لأنه خير من أنجبته حواء على الطلاق.

والمراد من (أول قتيل) علي الأكبر.

فقد ورد في وقائع معركة عاشوراء: أن جبهة الحسين تقلصت في ليلة عاشوراء, إلى نيف وسبعين رجل مع الحسين نفسه,- وقد اختلف في عددهم والذي عليه أكثر الروايات والتواريخ أنهم فوق السبعين ودون لثمانين, والإمام المهدي- في هذه الزيارة- يسلم على تسعة وسبعين شخصاًًًً. ولكن عدداً منهم كانوا صغاراً كعبد الله الرضيع, وعبد الله ابن الحسين المجتبى وبعضهم كانوا دون الحلم, فبرزوا ولكن سرعان ما تناوشتهم السهام فصرعوا. فإذا اقتصرنا على الرجال المقاتلين قد لا يتجاوز عددهم أثنين وسبعين كما في بعض الروايات. ولعل ذلك هو السبب في اختلاف الروايات فمن عدد الشهداء رفع العدد, ومن عدد المقاتلين خفض العدد.

وهم المعروفون بأصحاب الحسين- وقد تنافسوا مع بني هاشم في السبق إلى الشهادة, فرفضوا أن يبرز هاشمي وفيهم عين تطرف, وبادروا إلى الغمام الحسين يستأذنونه في القتال, فلما قتلوا جميعاً تقدم علي الأكبر, واستأذن أباه في القتال قبل أعمامه وبني أعمامه, فكان أول قتيل يوم عاشوراء من أبناء رسول الله. وقد يظهر من بنود هذه الزيارة أن علياً الأكبر أفضل من جميع الذين استشهدوا بين يدي أبي عبد الله الحسين, حتى من أعمامه, لأن الأفضلية- على العموم- تعتمد شموخ النفس. قبل أن تعتمد حجم العمل.

ويمكن استشفاف أفضلية علي الأكبر من معاملة الحسين معه عندما برز للقتال وعندما صرع.

14- ابن الإمام الحسين بهذا الكلام نجله علياً الأكبر, عندما حضر مصرعه فوجده مقطعاً بالسيوف إرباً إرباً.

15- نلاحظ أن الإمام المهدي يطلق كلمة (الكافرين) على الجيش الأموي, رغم أنهم كانوا يعلنون كلمة التوحيد، لما ثبت من أن من خرج على إمام زمانه فهو كافر وإن صلى وصام. والجيش الأموي خرج من الإسلام يوم خروجه من الكوفة لقتال الإمام الحسين، شأنه شأن جميع من خرجوا على أوصياء الأنبياء عبر التاريخ.

لأن الله ليس ممثلاً على الأرض بجسد يتعامل معه الناس ويحددون مواقفهم منه من خلال. وإنما هو ممثل بأنبيائه ومن ثم بأوصيائهم. فمن خرج على أحد منهم فقد خرج على الله, والخارج على الله كافر, ولذا تسمى هكذا طوائف بـ(الخوارج).

16- ارتجز علي الأكبر بهذه الأبيات عندما خرج إلى المعركة لقتال الأعداء. وقد ركز على ثلاث نقاط:

الأولى: المنطلق, وهو الشرعية لأن الحسين هو خليفة الرسول الشرعي الوحيد- يوم ذاك- ولكن بني أمية نصبوا يزيداً خليفة لرسول الله بحكم السيف, واستصدروا فتوى من (شريح) قاضي الكوفة- بحكم اثني عشر ألف درهم- بأن الحسين خارجي يحب قتاله لأنه لم يبايع يزيداً. فحاولوا إسباغ الشرعية على الحكم اللاشرعي, والقضاء على الشرعية بفتوى قاضياً مرتش يتصدى لقيادة الأمة باسم الدراهم.

فعلي الأكبر يركز على أن الشرعية إلى جانبنا وليست ضدنا, فنحن أولى بالنبي من غيرنا بالنص وبالمواصفات وبالنسب (نحن- وبيت الله- أولى بالنبي).

الثانية: الخط, وهو الدفاع عن إمام الزمان (أضربكم بالسيف أحمي عن أبي).

الثالثة: الهدف, وهو رفض حكم الطاغوت, لأن كل من حكم في رقاب الناس بغير وجه شرعي فهو طاغوت يجب حكمه والقضاء عليه (والله لا يحكم فينا ندعي).

وأعلن علي الأكبر باستخدام كلمة (ابن الدعي) ما كان الناس يتهامسون به ولا يجرئون على إعلانه, وهو الادعاء في نسب يزيد.

17- المقاتل: ولما قتل أصحاب الحسين تقدم علي الأكبر فتعلقن به أخواته وعماته وقلن له: ارحم غربتنا, لا طاقة لنا على فراقك. فلم يعبأ بهن, وأستأذن أباه وبرز على فرس للحسين يسمى: (لا حقاً). وارتجز بالأبيات المذكورة أعلاه. ولم يتمالك الحسين أن أرخى عينيه بالدموع وصاح بعمر بن سعد:

ما لك؟ قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله), وصلت عليك من يذبحك على فراشك.

ثم رفع شيبته نحو السماء: اللهم أشهد على هؤلاء, فقد برز إليهم أشبه الناس برسولك محمد خلقاً وخلقاً ومنطقاً, وكنا إذا اشتقنا لرؤية نبيك نظرنا إليه اللهم فامنعهم بركات الأرض, وفرقهم تفريقاً, ومزقهم تمزيقاً, واجعلهم طرائق قدداً, ولا ترض الولاة عنهم أبداً, فإنهم دعونا لينصرونا, ثم عدوا علينا ليقاتلونا.

ثم تلا قوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين* ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم).

18- فالحسين- باعتباره وصي رسول الله- حجة رسول الله وأمينه على شريعته في أمته.

19- الإمام المهدي- في هذه الزيارة- يثبت الأسماء الكاملة للشهداء من الجبهة الحسينية, كما يثبت الأسماء الكاملة لقاتليهم ويثبت ما إذا كان فرد واحد مسؤولاً عن قتل أحد الشهداء وتعاون معه آخرون أو اشترك عدد من الأعداء في قتل أحد منهم. يسجل بعض مصائبهم وآلامهم, كوثيقة تاريخية تضاف إلى وثائق كربلاء.

20- موافتيك (نسخة).

وحمل علي الأكبر على الميمنة, وأعادها على الميسرة, وغاص في الأواسط فلم يقابله جحفل إلا رده, ولا برز إليه شجاع إلا قتله, حتى قتل مائة وعشرين فارساً, وقد اشتد به العطش, فرجع إلى أبيه يستريح ويذكر ما أجهده من العطش, فبكى الحسين وقال: ما أسرع الملتقى بجدك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها. ورفع إليه خاتمه ليضعه في فيه. فرجع علي الأكبر إلى المعركة وهو يرتجز:

الحرب قد بانــــت لها الحقائق***وظهرت من بعـــدها مصــادق

والله رب العــــرش لا نفــارق***جمــــوعكم أو تغـــمد البوارق

وجعل يزأر في الميدان ويجندل الأبطال حتى أكمل تمام المائتين, فقال مرة بن منقذ العبدي: علي آثام العرب إن لم أثكل أباه به. فطعنه بالرمح في طهره, وضربه بالسيف على رأسه ففلق هامته, فاعتنق فرسه إلى معسكر الأعداء, وأحاطوا به حتى قطعوه إرباً إرباً.

فلما بلغت روحه التراق نادى رافعاً صوته: عليك مني السلام يا أبا عبد الله, هذا جدي قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً, وهو يقول: العجل العجل, فإن لك كأساً مذخورة حتى تشربها الساعة.

فأتاه الحسين وانكب عليه, واضعاً خده على خده, وهو يقول: على الدنيا بعدك العفا, ما أجرأهم على الرحمن, وعلى انتهاك حرمة الرسول.

علي الأكبر, اسمه علي, ولقبه الأكبر, وكنيته أبو الحسن, أبوه الحسين بن علي, وأمه ليلى بنت ميمونة ابنة أبي سفيان.

ولذلك لما برز إلى المعركة صاح رجل من القوم: يا علي: إن لك رحماً بأمير المؤمنين (يزيد) ونريد أن نرعى الرحم, فإن شئت آمناك. فقال علي الأكبر: إن قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحق أن ترعى.

السيد محمد بن عبد الحسين الجعفري الحائري, في أنيس الشيعة: إنه أكبر أولاد الحسين, وقد بلغ سبعة وعشرين سنة. فإنه ولد في الحادي عشر من شهر شعبان سنة ثلاث وثلاثين للهجرة وقتل في العاشر من محرم سنة إحدى وستين للهجرة.

وقد كان متزوج من أم ولد, وأباً لأكثر من ولد. ففي كامل الزيارات ص239: أن الإمام الصادق قال لأبي حمزة قل في زيارته: (صلى الله عليك وعلى عترتك وأهل بيته, وآبائك وأبنائك وأمهاتك الأخيار, الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً) والأبناء جمع قلة: وأقلة ثلاثة:

ولقد كان جم الفضائل بارع الجمال, حتى قال فيه الشاعر:

لم تـــــــر عـــــين نظــــرت مثــله***مـــــن محتـــــف يمشي ومن ناعل

لا يؤثـــــر الدنـــــــيا علـــى ديــنه***ولا يبــــيع الحـــــــــق بالـــــــباطل

أعني ابن (ليلى) ذا الـندى والدي***أعني بن بــنت الحـــــسب الفاضل

المصباح المنير: إن ما يسقط أول الليل من البلل يقال له: سدى, وما يسقط آخره يقال له: ندى.

21- عبد الله بن الحسين الرضيع وهو علي الأصغر, وأمه رباب.

وقد روى بن شهر آشوب في المناقب ج2 ص222, والمفيد في الاختصاص ص3، وأبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين ص35. ومصعب الزبيري في نسب قريش ص59 وكثير من المؤرخين:

أن الحسين لما ودع أهله دعا بولده الرضيع يودعه, فأتته زينب بابنه عبد الله, فأجلسه في حجره يقبله, ويقول: (بعداً لهؤلاء القوم إذا كان جدك المصطفى خصمهم). ثم أتى به نحو القوم يطلب له الماء, فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم, فذبحه, فتلقى الحسين الدم بكفه, ورمى به نحو السماء.

وروى السيد ابن طاووس في اللهوف ص66 عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: (فلم تسقط منه قطرة). اليعقوبي في تاريخه ج2 ص218: أن الحسين لواقف إذ أتى بمولود له ولد الساعة, إذن في إذنه, وجعل يحنكه إذ أتاه سهم وقع في حلق الصبي فذبحه, فنزع الحسين السهم من حلقه, وجعل يلطخه بدمه ويقول: (والله لأنت أكرم على الله من الناقة, ولمحمد أكرم على الله من صالح).

السيد ابن طاووس في اللهوف ص66. وابن نما في مثير الأحزان ص26. الخوارزمي في مقتله ج2 ص22: ثم قال الحسين: (هون علي ما نزل بي أنه بعين الله تعالى. اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل. إلهي إن كنت حبست عنا النصر فاجعله لما هو خير منه, وانتقم لنا من الظالمين, واجعل ما حل بنا في العاجل ذخيرة لنا في الأجل).

وسمع (عليه السلام) قائلاً يقول: دعه يا حسين فإن له موضعاً في الجنة.

ثم نزل (عليه السلام) عن فرسه, وحفر له بجفن سيفه ودفنه مرملاً بدمه, وصلى عليه.

ويقال: وضعه مع القتلى من أهل بيته.

ولعله غير عبد الله الرضيع المعرف بـ(علي الأصغر).

22- أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين ص32- 33: (ولما رأى العباس كثرة القتلى من أهله, قال لأخوته من أمه وأبيه عبد الله وعثمان وجعفر: تقدموا يا بني أمي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله. والتفت إلى عبد الله وكان أكبر من عثمان وجعفر, وقال: تقدم يا أخي حتى أراك قتيلاً وأحتسبك.

الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال ج1 ص381: فتقدم عبد الله وارتجز:

أنا ابن ذي النجدة والأفضــال***ذاك علـــــي الخـــير ذو الفعال

سيف رســول الله ذو النكــال***في كل يوم ظــــــاهر الأهـــوال

فقاتل قتالاً شديداً, فخرج إليه هاني بن ثبيت الحضرمي, فتبادلا ضربتين, فقتله هاني الحضرمي.

وعمره خمسة وعشرون سنة.

23- العلامة المجلسي في البحار. والطريحي في المنتخب, والقمي في منتهى الآمال, وعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين, وسائر المؤرخين ما خلاصته: (لما قتل أخوة العباس من أمه وأبيه, ذهب إلى أخيه الحسين مستأذناً وهو يقول: أخي! قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين, وأريد أن آخذ ثأري منهم. فأمره الحسين أن يطلب الماء للأطفال. فذهب العباس إلى القوم ووعظهم وحذرهم غضب الجبار فلم ينفع, فنادى بصوت عال: يا عمر بن سعد! هذا الحسين ابن بنت رسول الله! قد قتلتم أصحابه وأهل بيته, وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى, فاسقوهم من الماء, قد أحرق الظمأ قلوبهم... فأثر كلامه في نفوس القوم حتى بكى بعضهم, ولكن الشمر صاح بأعلى صوته: يا ابن أبي تراب: لو كان وجه الأرض كله ماءً وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة, إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.

فضحك العباس ورجع إلى أخيه يخبره, فسمع الأطفال يتصارخون من العطش, فأخذ قربة وركب جواده وأتجه نحو المشرعة, فأحاط به أربعة آلاف ورموه بالنبال فلم ترعه كثرتهم, وأخذ يطردهم فلم يثبتوا له, حتى نزل إلى الفرات فاغترف غرفة ليشرب فتذكر عطش الحسين ومن معه فرمى الماء على الماء وهو يقول:

يا نفس من بعد الحسين هوني***وبعـــــده لا كــــنت أن تكوني

هذا الحســـين وارد المنــــــون***وتشربـــين بــــارد المــــــعين

تالله ما هـــــذا فعـــــــــال ديني***ولا فـــــعال صــــادق اليــــقين

ثم ملأ القربة وشد وكلها, وركب جواده وتوجه نحو المخيم, فقطع عليه الطريق, وجعل يضرب حتى أكثر القتل فيهم وكشف عنه الطريق, وهو يقول:

لا أرهب المـــــوت إذا المـــوت زقاً***حتى أوارى في المصالـــيت لقــى

نفسي لنفس المصطفى الطهر وقى***إني أنــــا العبــــــاس أغدو بالسقا

ولا أخــــــــاف الشـــــر يــــوم الملتقى

فكمن له يزيد بن الرقاد الجهني من وراء نخلة, وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضريه على يمينه فبرأها فقال:

والله إن قطــــعتموا يميني***إني أحامــي أبداً عن ديني

وعن إمام صــادق اليقيني***نجل النبـي الطاهر الأميني

ولكنه لم يعبأ بيمينه وجعل يقاتل بشماله ويواصل سيره نحو المخيم إذ كمن له نوفل وقيل حكيم بن الطفيل من وراء نخلة فلما مر به ضربه على شماله فقطعها, فلم ييأس من إيصال الماء إلى المخيم, وجعل يناجي نفسه وربه:

يا نفس لا تخشي من الكفار***وابشـــــري برحمة الجبار

مع النبي الســـــــيد المختار*** قد قطعـوا ببغيهم يساري

فأصلــــــهم يـــــا رب حر النار

فتكاثر عليه القوم, وأتته السهام كالمطر, فأصاب القربة سهماً وأريق ماؤها, وسهم أصاب صدره, وضربه رجل بالعمود على رأسه ففلق هامته.

وعمره خمس وثلاثون سنة.

24- المكثور: من تكاثر عليه الناس فقهروه.

25- جعفر بن علي خرج إلى المعركة بعد أخيه عبد الله, وهو يرتجز:

إني أنا جعفـــر ذو المـــــعالـي***ابن علــــــي الخــــير ذو النوال

حسبي بعمي جعـــــفر والخـال***أحمي حسيناً ذا الندى المفضال

فرماه خولي الأصبحي بسهم فأصاب عينه أو شقيقته وحمل عليه هاني بن ثبيت الخضرمي فقتله.

26- عثمان بن علي برز إلى المعركة بعد أخيه جعفر, فارتجز قائلاً:

إني أنا عثمان ذو المفـــاخر***شيخي علي ذو الفعال الطاهر

هذا حسـين سـيد الأخــــــاير***وسيد الصـــــغار والكــــــبائر

فقاتل ثم رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فأصاب خاصرته فسقط على الأرض, فأسرع إليه رجل من بيت دارم فاحتز رأسه.

وروي أنه لما ولد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سميته باسم أخي عثمان بن مظعون وعثمان بن مظعون من أجلاء صحابة رسول الله .

وكان عمره إحدى وعشرين سنة.

هؤلاء الثلاثة: عبد الله وجعفر وعثمان هم أخوة العباس من أبيه أمير المؤمنين والدته أم البنين.

27- محمد بن علي, وهو المكنى بأبي بكر.

ابن سهر آشوب, في مناقب آل أبي طالب قال: برز محمد بن علي وهو يرتجز:

شيخي علي ذو الفخار الأطول***من هاشم خير الكريم المفضل

هذا حسين ابن النـبي المرسل***عنه نحامــي بالحسام المصقل

تفديه نفسي من أخ مبـــــــجل

جعل يقاتل حتى قتله الدارمي, وقيل زجر بن بدر, وقيل عقبة الغنوي.

الشيخ عباس القمي منتهى الآمال ج1 ص382, روى عن المدائي: أنه وجدت جثته في ساقيه, ولم يعرف قاتله.

ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص118, وابن الجوزي في صفوة الصفوة ج1 ص119, والخوارزمي في مقتله ج1 ص382 قالوا: إن أبا بكر بن علي أمه ليلى بنت مسعود قتل مع الحسين.

28- أبو بكر بن الحسن بن علي, وهو عبد الله الأكبر, أمه أم ولد يقال لها (رملة) وتكنى: أم أبي بكر, فهو والقاسم بن الحسن من أب وأم.

قاتل حتى قتل. قتله الغنوي, وإليه أشار سليمان بن قته في قوله:

وعند غني قطرة من دمائنا***وفي أسد أخرى تعد وتذكر

29- المقاتل: لما صرع الحسين كان عبد الله بن الحسين بن علي- وله إحدى عشر سنة- في الخيمة, فنظر إلى عمه وقد أحدق به القوم, فأقبل يشتد نحو عمه, وأرادت زينب حسبه, فأفلت منها, وجاء إلى عمه, وأهوى بحر بن كعب بالسيف ليضرب الحسين, فصاح الغلام: يا بن الخبيثة أتضرب عمي؟ فضربه, واتقاها الغلام بيده, فأطنها عن الجلد فإذا هي معلقة, فصاح الغلام: يا عماه! ووقع في حجر الحسين, فضمه إليه وقال: يا بن أخي اصبر على ما نزل بك فإن الله تعالى يلحقك بآبائك الصالحين ورفع يديه قائلاً: اللهم إن متعتهم إلى حين ففريقهم تفريقاً, واجعلهم طرائق قدداً, ولا ترض الولاة عنهم أبداً فإنهم دعونا لينصرونا, ثم عدوا علينا يقاتلونا.

ورمى الغلام حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه وهو في حجر عمه.

30- إلى هنا كلام الحسين للقاسم.

31- القاسم بن الحسن بن علي (عليه السلام): وأمه رملة.

المقاتل: ولما قتل أبو بكر بن الحسن خرج القاسم بن الحسن- وهو غلام لم يبلغ الحلم- فلما نظر إليه الحسين اعتنقه وبكى (حتى أغمي عليهما) ثم أذن له فبرز وهو يقول:

إن تنكروني فأنا نجـــل الحسين***سبط النبي المصطفى والمؤتمن

هذا حسين كالأسير المـــــرتهن***بين أناس لا سـقوا صوب المزن

وجعل يقاتل حتى قتل خمساً وثلاثين رجلاً, إذ انقطع شسع نعله وهو يطرد الكتائب بين يديه.

قال حميد بن (ودوره كان أشبه بدور الصحفيين الذين يرافقون الجيوش لتغطية أنباء المعارك): (ثم خرج القاسم بن الحسن وهو غلام لم يبلغ الحلم، كأن وجهه فلقة قمر طالع، وعليه قميص وإزار، وعلى رأسه عمامه لها ذؤابتان. وفي رجليه نعلاً قد انقطع شسع أحدهما ولا أنسى أنها كانت اليسرى فوقف ليشده, غير مكترث بالجمع ولا مبال بالألوف).

وبيننا هو على ذلك إذ شد عليه عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي, فقال له حميد بن مسلم: وما تريد من هذا الغلام؟ يكفيك هؤلاء الذين تراهم احتوشوه. فقال: والله لأشدن عليه. فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف, فوقع الغلام لوجهه, فقال: يا عماه! فأتاه الحسين كالليث الغضبان, فضرب عمرواً بالسيف, فاتقاه بالساعد فأطنها من المرفق, فصاح صيحة عظيمة سمعها العسكر, فحملت خيل بن سعد لتستنقذه من الحسين, فاستقبلته بصدورها ووطئته بحوافرها فمات. وانجلت الغبرة, وإذا الحسين قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه, والحسين يقول: بعداً لقوماً قتلوك, ومن خصمهم يوم القيامة جدك وأبوك.

ثم قال: يعز- والله- على عمك أن تدعوه فلا يجيبك, أو يجيبك ثم لا ينفعك. يوم- والله- كثر واتره, وقل ناصره.

ثم احتمله, وكان صدر الغلام على صدر الحسين, ورجلاه يخطان في الأرض, حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته.

ورفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم أحصهم عدداً, ولا تغادر منهم أحداً, لا غفر لهم أبداً.

ثم التفت إلى أهل بيته وقال: صبراً يا بني عمومتي, صبراً يا أهل بيتي, لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً.

س: كيف وقف القاسم في المعركة يشد شسع نعله؟

ج: إن هذا النوع من الأسئلة تتردد في الأواسط الجبانة المتمسكة بالحياة, وأما الأبطال فلا يهابون الموت.

ولقد رأى الحسن بن علي أباه في معركة صفين وهو يسعى بين الصفين بالغلال.

وصلى الحسين بمن بقي معه يوم عاشوراء صلاة الظهر بين الجبهتين.

وتحدث أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني ج11 ص144 في قصة جعفر بن علية بن ربيعة بن عبد يغوث من بني الحارث بن كعب, لما جيء به ليقاد منه: بينما هو يمشي إذ انقطع شسع نعله, فوقف يصلحه, فقال له رجل: ألا يشغلك ما أنت فيه عن هذا؟ فقال جعفر:

أشد قبال نعلي أن يراني***عدوي لحـــوادث مستكينا

س: وماذا عن زواج القاسم, وهو غلام لم يبلغ الحلم؟

ج: كان وما يزال من العوائد المنتشرة في بعض الأواسط تسمية صبايا بأسماء صبيان في سن مبكرة جداً- حصانة للجانبين- فلعل الحسين سمى إحدى بناته باسم القاسم, وربما كانت تلك فاطمة الصغرى.

32- عون بن عبد الله بن جعفر الطيار.

أبو فرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين قال: أمه زينب بنت علي.

ابن سهر آشوب في مناقب آل أبي طالب قال: برز عون بن عبد الله وهو يرتجز:

إن تنكروني فأنا ابــن جعفر***شهيد صدق في الجنان أزهر

يطير فيها بجــناح أخــــضر***كفى بهــذا شرفاً في المحشر

فقاتل حتى قتل ثلاثة فرسان وثمانية عشر راجلاً.

قال الطبري: فاعتورهم الناس من كل جانب فحمل عبد الله قطنه الطائي ثم النبهاني على عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتلاه.

وقد أشار إليه سليمان بن قته بقوله:

واندبي إن بكيت عــــون أخاهم***ليس فيــــــما ينــــوبهم بخذول

فلعمري لقد أصـــيب ذووا القر***بى فبكى على المصاب الطويل

وقد زاره السيد المرتضى علم الهدى بقوله:

السلام عليك يا عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. السلام عليك يا بن الناشئ في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمقتدي بأخلاق رسول الله والذاب عن حريم رسول الله صبياً, والذائد عن حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) مباشراً للحتوف مجاهداً قبل أن يقوى معه ويشتد عظمه ويبلغ أشده... إلى آخره.

ولأمر ما دفن حيث مصرعه على بعد أميال من مقام الإمام الحسين في الجانب الشمالي من كربلاء.

33- في بعض النسخ (قطنة) وفي بعضها (قطية).

34- ورد (النبهاني) هنا وصفاً لعبد الله بن قطبة وفي بعض التواريخ ابن قطنة طائي وأما النبهاني فقد ساعد ابن قطنة على قتل عون بن عبد الله.

35- محمد بن عبد الله بن جعفر الطيار.

المقاتل: برز محمد بن عبد الله وهو يرتجز:

أشكو إلى الله من العدوان***فعال قوم في الردى عميان

قد بدلـــــوا معـــالم القرآن***ومحـــــكم التنزيل والتبيان

وأظهروا الكفر مع الطغيان

فقتل عشرة رجال ثم قتله عامر بن نهشل التميمي.

أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين: محمد أخو عبد الله من أبيه وأما أمه فهي الخوصاء بنت حفص من بكر بن وائل.

وقد ذكره سليمان بن قته يقوله:

وسمي النبي غودر فيهم***قد علوه بصارم مصقول

فإذا ما بكيت عيني فجود***بدموع تســيل كل مسيل

36- في بعض السير: أن الإمام الحسين لما اختبر أصحابه ليلة عاشوراء ووجد منهم بوادر الصلابة والصمود مسح على أعينهم حتى كشف عنها الغطاء فرأوا أماكنهم في الجنة.

وهذا النص من الإمام المهدي يدل على أن محمد بن عبد الله رأى- في جملة ما رأى- مكان أبيه. ولعله يقصد من (أبيه) جده جعفر الطيار.

37- جعفر بن عقيل بن أبي طالب.

برز وهو يرتجز:

أنا الغلام الأبطــــــحي الطالبي***من معشر في هاشم من غالب

ونحن حقاً ســـــادة الــــذوائب***هذا حســـــين أطـــيب الأطايب

فقتل خمسة عشر فارساً ثم قتله بشر بن سوط الهمداني.

38- تم ضبط (خوط) في بعض النسخ (سوط).

39- عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب:

برز وهو يرتجز:

أبي عقيل فاعرفوا مكانــي***من هاشــم وهاشم إخواني

كهول صدق سادة الأقــران***هذا حسيــن شامخ البنيان

وسيد الشيب مـــع الشبان

فقتل سبعة عشر فارساً ثم حمل عليه عمر بن خالد الجهمي فقتله.

40- تم ضبط اسم قاتل عبد الرحمن في بعض المقاتل (عمير).

الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال ج1ص378: قتله عثمان بن خالد الجهني.

قال الطبري: أشترك في قتل عبد الرحمن بن عقيل رجلان ثم جرداه من ثيابه وعندما ألقى المختار الثقفي القبض عليهما في الصحراء أمر أن يجردا من ثيابهما ثم تضرب أعناقهما.

ابن حبيب في النسابة في المحبر ص57: كانت خديجة بنت علي (عليه السلام) عند عبد الرحمن بن عقيل.

ابن قتيبة في معارف ص89: عند ذكر أخبار علي (عليه السلام): ولدت له سعيداً.

41- عبد الله بن مسلم بن عقيل.

عبد الرزاق المقرن في مقتل الحسين ص262: وخرج من بعده: (علي الأكبر).

عبد الله بن مسلم بن عقيل وقيل: هو أول من برز من الهاشميين. برز وهو يقول:

اليوم ألقى مسلماً وهـو أبي***وفتية بادوا على دين النبي

ليسوا بقوم عرفوا بالـــكذب***لكن خيـــــــار وكرم النسب

فقتل ثمانية وتسعين رجلاً بثلاث حملات فرماه يزيد بن الرقاد الجهني فاتقاه بيده فسمرها إلى جبهته ما استطاع أن يزيلها عن جبهته فقال: اللهم إنهم استقلونا واستذلونا فاقتلهم كما قتلونا.

وبينا هو على هذا إذ حمل عليه رجل برمحه فطعنه في قلبه فمات فجاء إليه يزيد بن الرقاد وأخرج سهمه من جبهته وبقي النصل فيها وهو ميت.

أبو الفرج في مقاتل الطالبين. ومصعب الزبيري في نسب قريش ص54: عبد الله بن مسلم, وأمه رقية الكبرى, وهي أم أخويه علي ومحمد.

42- اختلف المؤرخون في قاتل عبد الله بن مسلم.

في أنساب الأشراف ج5 ص238: رماه يزيد بن الرقاد الجبني بالنون بعد الجيم.

الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال ج1 ص376: قتله عمر بن صبيح.

وقال آخرون: قتله أسد بن مالك. وقيل: أسيد بن مالك.

والإمام المهدي ينص- هنا- على أن المسؤول عن قتله هو عامر بن صعصة.

ولعله هو الرجل الذي طعنه أو رماه في قلبه.

وابن الأثير في الكامل- في قصة اقتصاص المختار الثقفي من يزيد بن الرقاد- ذكر تفصيل يدل على إدانة يزيد بدم عبد الله بن مسلم.

43- في بعض النسخ (أبي عبد الله) ولعله الصحيح. فالمؤرخون متفقون على أنه قتل اثنان من أولاد مسلم بن عقيل مع الحسين, ولا خلاف في أن أحدهما اسمه (عبد الله) وهو المذكور آنفاً. وأما الثاني فقد اختلف في اسمه:

فعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين ص263 ذكر محمد بن مسلم بن عقيل. في جملة من قتل في حملة آل أبي طالب.

والذهبي في سير أعلام النبلاء ص217 قال: قتل مع الحسين عبد الله وعبد الرحمن ابنا مسلم بن عقيل ابن أبي طالب. والإمام المهدي- في هذه الزيارة- يسلم على عبيد الله أو أبي عبد الله بن مسلم- على اختلاف النسخ- .

ويمكن الجمع بين هذه الأقوال بأنه من باب تعدد الأسماء الذين كان متعارفاً قديماً.

44- في بعض النسخ (عمرو).

45- محمد بن أبي سعيد بن عقيل.

بارز وقاتل قتالاً شديداً ثم رماه لقيط بن ياسر فصرعه.

46- الموالي الذين قتلوا في الحملة الأولى اثني عشر, عشر منهم من موالي الحسين (عليه السلام) واثنان من موالي أمير المؤمنين, لم أعثر فيهم على اسم سليمان وإنما يوجد أسلم بن عمر وكان أبوه تركياً وكان يعمل كاتب عند الإمام الحسين واستشهد في الحملة الأولى.

47- قارب بن عبد الله الدؤلي مولى الحسين وكانت أمه أمة عند الإمام الحسين واستشهد في الحملة الأولى.

48- منبج بن سهم مولى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب, وقد حضر معركة كربلاء مع عائلة الإمام الحسن واستشهد في الحملة الأولى.

49 - مسلم بن عوسج الأسدي كان من الرجال الأشداء ولما أرسل الحسين مسلم بن عقيل إلى الكوفة, كان مسلم بن عوسجة وكيله في أخذ البيعة من الناس وقبض الأموال وبيع الأسلحة.

الدينوري في الأخبار الطوال: أن مسلم بن عوسجة كان من العباد, وكان له مقام معلوم إلى جانب أسطوانة من أسطوانات مسجد الكوفة للصلاة. والعبادة وكنيته أبو حجل- إذ كان يعمل في جني العسل- وفيه يقول كميت الأسدي: وإن أبا حجل قتيل محجل.

ولما ارتفعت الشمس صباح يوم عاشوراء تقدم عمر بن سعد نحو معسكر الحسين ورمى بسهم وقال: اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى. ثم رمى الناس, فلم يبق من أصحاب الحسين أحد إلا أصابه من سهامهم, فقال الحسين لأصحابه: (قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بد منه فإن هذه السهام رسل القوم إليكم). فحمل أصحابه حملة واحدة, واقتتلوا ساعة, فما انجلت الغبرة إلا عن خمسين صريعاً، فأخذ أصحاب الحسين- بعد أن قل عددهم- يبرز الرجل منهم بعد الرجل فأكثروا القتلى في أهل الكوفة فصاح عمرو بن الحجاج الزبيدي بأصحابه: أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوماً مستميتين، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم، والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم. فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت، أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منهم ولو خرجتم إليهم وحداناً لأتوا عليكم.

ثم حمل عمرو بن الحجاج (وكان قائد ميمنة عمر بن سعد) على ميمنة الحسين فثبتوا له وجثوا على الركب وأشرعوا الرماح فلم تقدم الخيل، فلما ذهبت الخيل لترجع رشقهم أصحاب الحسين بالنبل فصرعوا رجالاً وجرحوا آخرين. ثم أن عبد الله بن حوزة التميمي صاح: يا حسين! يا حسين! فقال الحسين: وما تريد؟

قال التميمي: ابشر بالنار.

فقال الحسين: كلا إني أقدم على رب رحيم وشفيع مطاع.

ثم قال: من هذا؟

قيل: أين حوزة.

فقال: اللهم حزه إلى النار.

فنفر الفرس بابن حوزة وبقيت رجله اليسرى معلقة في الركاب، فأسرع مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمنى بالسيف فقطعها، وجعل الفرس يضرب به كل حجر ومدر حتى هلك.

ثم حمل عمرو بن الحجاج الزبيدي حملة ثانية من نحو الفرات، فاقتتلوا ساعة وفيها قاتل مسلم بن عوسجة وهو يرتجز:

إن تسألوا عني فإنـــــــي ذو لبد***من فرع قوم من ذرى بني أسد

فمن بغانا حائد عـــــن الرشــــد***وكافـــــــر يديــــــــن جبار صمد

فشد عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي، وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدة وما انجلت الغبرة إلا ومسلم صريع وبه رمق، فمشى إليه الحسين ومعه حبيب بن مظاهر فقال له الحسين: (رحمك الله يا مسلم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ).

ودنا منه حبيب وقال: عز علي مصرعك يا مسلم: ابشر بالجنة. فقال بصوت ضعيف: بشرك الله بخير.

قال حبيب: لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إلي بما أهمك.

فقال مسلم: أوصيك بهذا- وأشار إلى الحسين- أن تموت دونه.

قال: افعل ورب الكعبة.

وفاضت روحه بينهما. فصاحت جارية له: وا مسلماه، يا سيداه، يا بن عوسجتاه.

فتنادى أصحاب ابن الحجاج: قتلنا مسلماً.

فقال شبث بن ربعي (وكان قائد الرجالة في جيش عمر بن سعد): ثكلتكم أمهاتكم،

أبقتل مثل مسلم تفرحون؟ لرب موقف له كريم في المسلمين. وقد رأيته يوم (أذربيجان)

وقد قتل ستة من المشركين قبل تنام خيول المسلمين.

50- لقد ظهرت في ثورة الإمام الحسين علامات فارقة تميزها عن جميع الثورات في التاريخ.

لعل من أهمها أن الحسين كان يعمل باستمرار على إبعاد أصحاب الأطماع وضعاف الإيمان عنه على خلاف سائر القادة الذين يحاولون تكثيف الجماهير حولهم بمختلف الأسباب والأساليب. فقبل خروجه من مكة خطب في أصحابه وكانوا- يوم ذاك- كثيرين قائلاً: (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ... (فأعطى لهم إشارة اليأس عن كل المغريات الدنيوية وأفهمهم أنه ذاهب إلى الشهادة لا إلى الخلافة فتفرق عنه عدد كبير.

وفي الطريق بين الحجاز والعراق التحق به الكثيرون من طلاب الجاه والشهرة فلما وجدهم يتكاثرون حوله من غير أن يكونوا من النوعية المطلوبة، استغل وصول خبر مقتل مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة إليه في قرية (زبالة ) فخطب في الناس، وأعلمهم بالانقلاب في الكوفة وأذن لهم بالانصراف، فتفرقوا عنه يميناً وشمالاً.

ثم التحق به- في الطريق إلى كربلاء- خلق كثير من الأعراب وطلاب الدنيا ظانين أنه ذاهب إلى نصر سياسي محتوم، فوصلوا معه إلى كربلاء فجمعهم الحسين للمرة الثالثة مساء يوم التاسع من المحرم، فقال: (إني غداً أقتل وكلكم تقتلون معي ولا يبقى منكم أحد حتى القاسم وعبد الله الرضيع إلا ولدي علياً زين العابدين، لأن الله لم يقطم نسلي منه وهو أبو أئمة ثمانية... وهذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملاً, وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي, فجزاكم الله جميعكم خيراً, وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم, فإن القوم إنما يطلبوني, ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري).

فجعلوا يتفرقون عنه خمسة خمسة وعشرة عشرة حتى لم يبقى معه إلا القليل من أبناء الأخوة الذين رفضوا الحياة بعده وعبر كل منهم بما تسنى له عن ضمير حر وإرادة صلبة.

وإلى هذا يشير الإمام المهدي بقوله: (وقد أذن له بالانصراف)..

51- الجملة هنا حالية فالمعنى: والحال أني أول من شرى نفسه. والأولية كما يمكن أن تكون رتبية كذلك تكون اهتمامية باعتبار المتكلم بأن يكون الأمر مطروح أول اهتماماته وإن لم يكن أولاً بالنسبة إلى الآخرين كما في قوله تعالى: (قل أن كان الرحمن ولد فأنا أول العابدين) سورة الزخرف آية81.

52- كلمة (شرى) تعني: باع مثل قوله تعالى: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) سورة يوسف آية20، أي: باعوه بثمن بخس, وكلمة اشترى تعني ابتاع كقوله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) سورة التوبة آية 111.

53- أي قول هذا وقضى نحبه. وأي هنا يكون التعبير عنه بضمير الغائب ثم يلتفت إلى الحاضر فيقول له ففزت برب الكعبة- إلى آخر- .

54- في بعض النسخ مسلم بن عبد الله الضبابي.

55- خشكارة معربة من الفارسية وأصلها (خوش كار) أي حسن الفعل.

56- سعيد بن عبد الله الحنفي, كان من وجوه شيعة الكوفة, وقد عرف بالشجاعة وكثرة العبادة.

ولما بدأ أهل الكوفة بإرسال الوفود والرسائل إلى الحسين (عليه السلام) لاستقدامه, كان سعيد بن عبد الله وهاني بن هاني السبيعي يشكلان آخر وقد حمل إلى الحسين (عليه السلام) رسالة من أهل الكوفة.

وعندما اجتمع عند الحسين ما ملأ خرجين (اثني عشر ألف رسالة أكثرها يحمل تواقيع عديدة) كتب الحسين إليهم كتاباً واحداً, دفعه إلى هاني بن هاني وسعيد بن عبد الله.

وفي يوم عاشوراء عندما قام الحسين إلى الصلاة تقدم أمامه زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي يقيانه السهم والسيوف والرماح, فما أتم الحسين صلاته إلا وسقط سعيد على الأرض, مثخناً بالجراح وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود, وأبلغ نبيك مني السلام, وأبلغه ما لقيت من آلم الجراح, فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك صلى الله عليه وآله وسلم.

والتفت إلى الحسين قائلاً: أوفيت؟ يا بن رسول الله؟ قال: نعم أنت أمامي في الجنة.

وقضى نحبه. فوجد فيه ثلاثة عشر سهماً, غير الضرب والطعن.

57- العليون مقابل السفليون, وقبل الإسلام كان يطلق على الذين ينزلون أعالي البلاد, وكانوا يقولون لأهل الشرف والثروة (أهل عليين) وللمتضعين (سفليون).

وفي المصطلح الإسلامي: عليون اسم لأعلى الجنة. وهو جمع علي.

والمفهوم- من التعبيرات الإسلامية- أن أفضل درجات الجنة أعاليها, كما أسوأ دركات جهنم أسافلها.

58- بشر بن عمرو الحضرمي. عده أهل المقاتل في جملة من قتل في الحملة الأولى.

السيد ابن طاووس, في اللهوف ص53 في مساء يوم التاسع من المحرم لما أذن الحسين لأصحابه بالانصراف-: وفي هذه الحال قيل لمحمد بن بشير الحضرمي: قد أسر ابنك بثغر الري, فقال: ما أحسب أن يؤسر وأنا أبقى بعده حياً, فقال له الحسين: أنت في حل من بيعتي, فاعمل في فكاك ولدك. قال: لا والله, لا أفعل ذلك, أكلتني السباع حياً إن فارقتك.

فالكلام واحد, وقد يكون اختلاف الاسم من اختلاف النسخ.

59- (المشرقي) بطن من همدان, قالوا: كان رجلاً شريفاً بطلاً من أبطال الكوفة وناسكاً من عبادها, له ذكر في الحروب والمغازي.

الكشي في رجاله ص53 طبعة الهند:

فيما ورد عن حوار الأصحاب ليلة عاشوراء- أن حبيب بن مظاهر خرج وهو يضحك فقال له يزيد الحصين الهمداني: ما هذه ساعة ضحك! قال حبيب: وأي موضع أحق بالسرور من هذا؟ ما هو إلا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم فنعانق الحور.

قالوا: وكان من خيار الشيعة, وممن بايع مسلماً فلما خذل مسلم بن عقيل خرج من الكوفة فمال إلى الحسين (عليه السلام) وكان معه إلى أن حالوا بين الحسين (عليه السلام) وبين الماء فقال للحسين: ائذن لي يا بن رسول الله في أن آتى عمر بن سعد مقدم هؤلاء فأكلمه من الماء لعله أن يرتدع, فأذن له, فجاء المشرقي إلى عمر بن سعد وكلمه في الماء فامتنع ولم يجبه إلى ذلك فقال له: هذا ماء الفرات تشرب منه الكلاب والدواب وتمنعه عن ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته والعترة الطاهرة يموتون عطاشاً وقد حلت بينهم وبين الماء, وتزعم أنك تعرف الله ورسوله, فأطرق عمر بن سعد ثم قال: يا أخا همدان إني لأعلم ما تقول وأنشأ:

دعاني عبيد الله مــن دون قومه***إلى بدعـــة فيها خرجت لحين

فو الله ما أدري وإني لـــــواقف***أفكر فــــي أمري على خطرين

أأترك ملك الري والري منــيتي***أم أرجـــع مطلوباً بقتل حسين

وفي قتله النار التي ليس دونها***حجاب وملك الــري قرة عيني

ثم قال: يا أخا همدان, ما أجد نفسي تجيبني إلى ترك ملك الري لغيري. فرجع يزيد بن حصين الهمداني المشرقي إلى الحسين وأخبره بمقالة ابن سعد, فلما سمع الحسين (عليه السلام) ذلك أمر أصحابه فاحتفروا حفيرة شبيهة بالخندق وجعلوا جبهة واحدة يكون القتال منها.

ثم أن عسكر ابن سعد برزوا لمقاتلة الحسين (عليه السلام) وأصحابه, وأحدقوا بهم من كل جانب ووضعوا السيوف في أصحاب الحسين ورموهم بالنبال وهم يقاتلوهم إلى أن قتل من أصحاب الحسين (عليه السلام) نيفاً وخمسين في الحملة الأولى, والهمداني كان يقاتل معهم وقد قتل في هذه الحملة رضوان الله عليه.

60- لم أعثر على حياته ولعله من الذين قتلوا في الحملة الأولى (نعم) أورد في الزيارة الرجبية: (السلام على عمرو بن كعب) وقد اختلفوا في ضبط اسمه (عمر- عمرو- عمران).

61- نعيم بن عجلان الأنصاري.

إن نعيم وأخواه نعمان بن عجلان ونضر بن عجلان من الشجعان المعروفين ومن الشعراء البارزين وقد حضروا صفين مع الإمام أمير المؤمنين.

وكان نعمان بن عجلان والياً من قبل أمير المؤمنين على البحرين وعمان.

وقد برز نعيم في الحملة الأولى وبقي يقاتل حتى استشهد فيها.

62- زهير بن القين البجلي. خرج زهير بن القين بعدها قتل ابن عمه سلمان بن مضارب البجلي, فوضع يده على منكب الحسين وقال مستأذناً:

أقدم هديــــت هادياً مهدياً؟***اليوم ألقـــــى جـــدك النبيا

وحسناً والمـــــرتضى علياً***وذا الجناحين الفتى الكميا

وأسد الله الشهــــيد الحــيا

فقال الحسين: وأنا ألقاها على أثرك.

فخرج وهو يرتجز:

أنا زهير وأنا ابن القـــين***أذودكم بالسيف عن حسين

إن الحسين أحد السبطين***أضـربكم ولا أرى من شين

فقتل مئة وعشرين رجلاً ثم عطف عليه كثيراً بن عبد الله الشعبي والمهاجر بن آوس التميمي فقتلاه.

فوقف عليه الحسين وقال:

لا يبعدنك الله يا زهير ولعن قاتليك لعن الذين مسخوا قردة وخنازير.

وزهير بن القين شخصية لامعة ذات مواهب متعدد يكفي أن الحسين- لما عبأ جيشه للقتال- جعل زهير بن القين على الميمنة وحبيب بن مظاهر على الميسرة.

ولما أذن الحسين لأصحابه بالانصراف مساء اليوم التاسع من المحرم قال زهير بن القين:

والله وددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل كذا ألف مرة وأن الله عز وجل يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك.

وقبل أن يشتبك الجيشان في يوم عاشوراء خرج زهير بن القين- إلى معسكر عمر بن سعد- على فرس ذنوب وهو شاك في السلاح فخطب قائلاً:

يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله, إن حقاً على المسلم, نصيحة أخيه المسلم, ونحن حتى الآن أخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف, وأنتم للنصيحة منا أهل, فإذا وقع السيف انقطعت العصمة, وكنا أمة وأنتم أمة. إن الله ابتلانا وإياكم بذريته نبيه محمد لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد, فإنكم لا تدركون منهما إلا سوء عمر سلطانهما, يسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ويمثلان بكم ويرفعانكم على جذوع النخل, ويقتلان أماثلكم وقراءكم, أمثال حجر بن عدي وأصحابه, وهاني بن عروة وأشباهه.

فسبوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له وقالوا: لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه أو نبعث به وبأصحابه إلى عبيد الله بن زياد سلماً.

فقال زهير: عباد الله! إن ولد فاطمة أحق بالود والنصر من ابن سمية, فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم, فخلوا بين هذا الرجل وبين يزيد, فلعمري أنه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين.

فرماه الشمر بسهم, وقال: اسكت أسكت الله نأمتك, أبرمتنا بكثرة كلامك.

فقال زهير: يا بن البوال على عقبيه! ما إياك أخاطب إنما أنت بهيمة والله ما أضنك تحكم من كتاب الله آيتين, فابشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم. فقال الشمر: إن الله قاتلك وصاحبك, عن ساعة.

فقال زهير: أفبالموت تخوفني؟ فوا الله للموت معه أحب لي من الخلد معكم.

ثم أقبل على القوم رافعاًً صوته وقال: عباد الله! لا يغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجاني وأشباهه , فوا الله لا تنال شفاعة محمد قوماً هرقوا دماء ذريته وأهل بيته, وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم .

فناداه رجل من أصحابه: إن أبا عبد الله يقول لك: أقبل فلعمري لأن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت هؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ.

وعندما خرج الحر بن يزيد الرياحي, خرج معه زهير بن القين يحمي ظهره, فكان إذا شد أحدهم واستلم واستنقذه ففعلا ذلك ساعة ولما أراد الحسين إقامة للصلاة في يوم عاشوراء وقف زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي أمامه يقيانه السهام والسيوف والرماح.

63- عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري الخزرجي.

استأذن الحسين وبرز مرتجزاً:

قد علمت كتيبة الأنصـــــــار***أني سأحمـــي حوزة الذمار

ضرب غلام غير نـكس شار***دون حسين مهجتي وداري

فقاتل قتالاً شديداً حتى أثخن بالجراح, فرجع إلى الحسين قائلاً: يا بن رسول الله أوفيت بعهدي فقال الحسين:

نعم أنت أمامي في الجنة, فابلغ رسول الله عني السلام وأخبره أني في الأثر.

قرظة والد عمرو, من كبار أصحاب أمير المؤمنين, وقد اشترك في سنة 20 هـ مع أبي موسى في فتح الري, وكان مع أمير المؤمنين في صفين, فجعله الإمام على الأنصار.

وعمرو بن قرظة هو الذي أرسله الحسين في اليوم التاسع من المحرم إلى عمر بن سعد وطلب منه الاجتماع. وعندما اجتمع الحسين بعمر بن سعد طلب منه التخلي عن ابن زياد فاعتذر عمر بن سعد بأنه يخشى من ابن زياد أن يهدم داره بالكوفة. فعرض له عمرو بن قرظة في أرجوزته:

(دون حسين مهجتي وداري). وفي يوم عاشوراء كان مرافقاً للحسين لا يفارقه فكلما توجه إلى الحسين سهم أو رمح أسرع عمرو بن قرظة فاتقاه بنفسه فلم يصب الحسين بجراح إلا بعد أن قتل عمرو.

64- حبيب بن مظاهر الأسدي.

لما هم الحسين بالصلاة ظهر يوم عاشوراء التفت إلى أصحابه قائلاً:

سلوهم أن يكفوا عنا.

فقال الحصين بن تميم: إنها لا تقبل.

فقال حبيب بن مظهر: زعمت أنها لا تقبل من آل رسول الله, وتقبل منك يا حمار؟

فحمل عليه الحصين فضرب حبيب وجه فرسه بالسيف فشبت به ووقع عنه فاستنقذه أصحابه وحملوه, وقاتلهم حبيب قتالاً شديداً, وهو يرتجز:

أقسم لو كنا لكم أعـــــــداداً***أو شطركم ولستم إلا كسادا

يا شر قوم حســـباً وآدا

وبقي يقاتل والقوم بين من يكره قتاله وبين من يشجع عليه وهو يقول:

أنا حبيــــــب وأبي مظهره***فارس هيجاء وحرب تسعر

أنتم أعد عـــــدة وأكــــــثر***ونحن أوفى منكموا وأصبر

ونحن أولى حجة وأظـــهر***حقاً وأتـــــقى مــنكم وأعذر

فقتل- على كبر سنه- اثنين وستين رجلاً, فحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه وطعنه آخر من تميم برمحه فسقط إلى الأرض فذهب ليقوم وإذا الحصين يضربه بالسيف على رأسه فسقط لوجهه ونزل إليه التميمي واحتز رأسه.

فهد مقتله الحسين فقال:

عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي. واسترجع كثيراً.

ولما جيء إليه بجثمان حبيب قال:

لله درك يا حبيب فلقد كنت فاضلاً تختم القرآن بليلة.

ولقد كان حبيب بن مظاهر من جملة خواص أصحاب أمير المؤمنين وكان من حملة علوم أهل البيت (أي يعرف علوم المنايا والبلايا).

الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال ج1 ص362: روي أن حبيب بن مظاهر التقى ميثم التمار فقال له: كأني أرى شيخاً أصلعاً جسمياً بطيناً يبيع البطيخ عند دار الرزق: (أي محل بيع الخضار) يلقى عليه القبض فيصلب لحبه أهل بيت نبيه يشق بطنه على المشنقة.

وكان يعرض ذلك إلى مصير ميثم التمار.

فقال له ميثم:

وكأني بشيخ يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويعلق قاتله رأسه على عنق فرسه كلما مشى الفرس ضربه بركبتيه.

وكان يعرض بهذا إلى مصير حبيب بن مظاهر.

وكان حبيب ومسلم بن عوسجة وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر وجابر بن عروة الغفاري من جملة صحابة رسول الله الذين قتلوا في كربلاء باستثناء هاني بن عروة الذي قتل في الكوفة مع مسلم بن عقيل.

وكان حبيب من أفضل الزهاد والعباد وقد ذكره كميت الأسدي بقوله:

سوى عصبة فيهم حبيب معفر***قضى نحبه والكاهلـــي مرحل

ومواقفه في الكوفة إلى جانب مسلم بن عقيل وفي كربلاء إلى جانب الحسين معروفة يكفي أن الحسين- لما عبأ جيشه للقتال- جعله على الميسرة.

ولما حمل الشمر على ميسرة الحسين ثبت له حبيب ومن معه حتى أعادوهم إلى أعقابهم.

الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال ص361: لما قتل التميمي حبيب بن مظاهر قال الحصين: إني شاركت في قتل حبيب فناولني رأسه حتى أعلقه على عنق جوادي ليعلم الناس أني شاركت في قتله, فدفع إليه التميمي برأس حبيب فعلقه على عنق فرسه وجال به بين الصفوف ثم أعاده إلى التميمي فعلقه على عنق فرسه ودخل به الكوفة إلى دار الأمارة, فرآه قاسم بن حبيب بن مظاهر- وكان غلام مراهقاً- فجعل يمشي خلف التميمي فالتفت إليه التميمي وقال له: ما تريد يا غلام فقال قاسم: هذا رأس أبي ناولني إياه حتى أدفنه. فقال التميمي: أريد الجائزة من الأمير وهو لا يرضى بذلك. فقال قاسم: ولكن الله لا يجزيك إلا شر جزاء.

وبقي قاسم يراقب التميمي حتى اقتص منه فقتله في حملة مصعب بن الزبير.

65- الحر بن يزيد الرياحي وهو بن يزيد بن ناجية بن قعنب بن عتاب الردف بن مي بن رياح يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. وقيل لـ(عتاب): الردف، لأن الملوك تردفه..

بعدما قتل حبيب بن مظاهر الأسدي، خرج الحر بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين يحني ظهره فقاتلا ساعة، وأن فرس الحر لمضروب على أذنيه وحاجبيه والدماء تسيل منه وهو يتمثل بقول عنترة بن شداد العبسي:

ما زلــــت أرمــيهم بثغرة نحره***ولبـــــــــانه حتى تسربل بالدم

ثم فرق الجيش بينهما، فجعل الحر يقاتل وحده ويرتجز:

إني أنا الحــــر ومأوى الضيف***أضرب فـــــي أعناقكم بالسيف

عن خير من حل بأرض الخيف***أضربكم ولا أرى مــــــن حيف

فقال الحصين بن تميم ليزيد بن سفيان: هذا الحر الذي كنت تتمنى قتله. قال يزيد: نعم. وخرج إليه يطلب المبارزة، فما أسرع أن قتله الحر، ثم رمى أيوب بن مشرح الخيواني فرس الحر بسهم فعقره وشب به الفرس، فوثب عنه كأنه ليث، وبيده السيف وجعل يقاتل راجلاً حتى قتل نيفاً وأربعين وهو يقول:

إن تعقروا بي فأنا ابن الحر***أشجع مــــن ذي لبد هزبر

فجعل الناس يهزمون من بين يديه وهو يطاردهم ويقول:

آليت لا أقــتل حتـــــــى أقـــــتلا***ولن أصاب اليـــــــوم إلا مقبلا

أضربهم بالسيف ضرباً مقصلا***لا ناكــــــــلاً منــــهم ولا معللا

ثم شدت عليه الرجالة فصرعته وحملته أصحاب الحسين ووضعوه أمام الفسطاط الذي يقاتلون دونه- وهكذا يؤتى بكل قتيل إلى ذلك الفسطاط والحسين يقول:

قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين.

فلما أتي بالحر وكان به رمق التفت إليه الحسين وجعل يمسح الدم عنه ويقول:

أنت الحر كما سمتك أمك, وأنت الحر في الدنيا وفي الآخرة.

ورثاه رجل من أصحاب الحسين وقيل علي بن الحسين وقيل الحسين نفسه بالبيتين التاليين:

لنعم الحر حر بنــــي رياح***صبور عند مشتبك الرماح

ونعم الحر إذ فـادى حسيناً***وجــاد بنفسه عند الصباح

ولقد كان الحر من محتد كريم وكانت له سوابقه في الكوفة, ولكن لما حدث الانقلاب في الكوفة ولم يجد مهرباً من التعاون مع ابن زياد دون أن يفقد مكانته الاجتماعية كزعيم قومه غره الشيطان فانقاد لابن زياد, فأرسل إليه ابن زياد ليخرج على رأس ألف فارس لإلقاء القبض على الحسين وهو في طريقه إلى الكوفة فخرج الحر وهو يعلم أنه خارج عن دينه وإمام زمانه فسمع هاتفاً يسمع صوته ولا يرى شخصه: أبشر يا حر بالجنة. فقال الحر في نفسه: ويل للحر يبشر بالجنة وهو يسير إلى الحرب ابن بنت رسول الله.

وما عرف الحر أن مصيره سيكون مع الحسين على ابن زياد.

ومن الجانب الآخر كان الحسين يغادر بطن العقبة إلى شراف (شراف اسم رجل استخرج عيناً على ميلين من واقصة ثم كثرت حولها الآبار ماؤها عذب) وعند السحر أمر الحسين فتيانه أن يسقوا من الماء ويكثروا, وفي نصف النهار سمع رجلاً من أصحابه يكبر فقال الحسين: لم كبرت؟ قال رأيت النخل. فأنكر من معه أن يكون بهذا الموضع نخل وإنما هو أسنة الرماح وآذان الخيل. فقال الحسين: وأنا أراه كذلك. ثم سألهم عن ملجأ يلجئون إليه فقالوا هذا ذو حُسَم (بضم الحاء المهملة وفتح السين, جبل كان النعمان بن المنذر يصطاد به).

فطلع عليهم الحر بن يزيد الرياحي مع ألف فارس بعثه ابن زياد ليحبس الحسين عن الرجوع إلى المدينة أينما يجده أو يقدم به إلى الكوفة.

فوقف الحر وأصحابه أمام الحسين في حر الظهيرة وهم يتهالكون عطشاً فلما رأى الحسين ما بالقوم من عطش أمر أصحابه أن يسقوهم ويرشفوا الخيل فسقوهم وخيولهم عن آخرهم. ثم أخذوا يملأون القصاع والطساس ويدنوها من الفرس فإذا عب فيها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عزلت وسقي آخر حتى سقوا الخيل كلها.

وكان علي بن الطعان المحاربي مع الحر فجاء آخرهم وقد أضر به العطش فقال له الحسين: أنخ الراوية (الراوية في لغة الحجاز هي الجمل, وفي لغة الكوفة هي القربة) فلم يفهم مراده فقال له الحسين: أنخ الجمل. ولما أراد أن يشرب جعل الماء يسيل من السقاء: فقال له الحسين: أخنث السقاء. فلم يدري ما يصنع فقام الحسين وعطف السقاء حتى ارتوى وسقى فرسه.

ثم أن الحسين استقبلهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن معذرة إلى الله عز وجل وإليكم, وإني لم آتكم حتى أتتني كتبكم, وقدمت بها علي رسلكم: أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام, ولعل الله يجمعنا بك على الهدى, فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم, فأعطوني ما اطمئن به من عهودكم ومواثيقكم, وإن كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم.

فسكتوا جميعاً.

وأذن الحجاج بن مسروق الجعفي لصلاة الظهر فقال الحسين للحر: أتصلي بأصحابك؟ قال: لا بل نصلي جميعاً بصلاتك. فصلى بهم الحسين.

وبعد أن فرغ من الصلاة أقبل عليهم فحمد الله وأثنى عليه, وصلى على النبي محمد وقال: أيها الناس إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله, ونحن أهل بيت محمد أولى بولاية هذا الأمر, من هؤلاء المدعين ما ليس لهم, والسائرين بالجور والعدوان. وإن أبيتم إلا الكراهية لنا والجهل بحقنا, وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني به كتبكم انصرفت عنكم. فقال الحر: ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها. فأمر الحسين عقبة بن سمعان فأخرج خرجين مملوءين كتباً.

قال الحر: إني لست من هؤلاء. وإني أمرت أن لا أفارقك إذ لقيتك حتى أقدمك الكوفة على ابن زياد. فقال الحسين: الموت أدنى إليك من ذلك. وأمر أصحابه بالركوب. وركبت النساء, فحال الحر بينهم وبين الانصراف إلى المدينة. فقال الحسين للحر: ثكلتك أمك ما تريد منا؟

قال الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل هذا الحال ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان, والله ما لي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه. ولكن خذ طريقاً نصفاً بيننا, لا يدخلك الكوفة, ولا يردك إلى المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد, فلعل الله, أن يرزقني العافية, ولا يبتليني بشيء من أمرك. إني أذكرك الله في نفسك, فإني أشهد لأن قاتلت لتقتلن. فقال الحسين:

أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ وسأقول ما قال أخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرت رسول الله وآله:

سأمضي وما بالموت عار على الفتى***إذا ما نــــــوى حقاً وجاهد مسلما

وواس الرجـــــال الصالحــــين بنفسه***وفارق مثــــــبوراً وخالـف مجرما

فإن عشت لم أنــــدم وإن مــت لم ألم***كفى بك ذلاًّ أن تعــــــيش وترغما

فلما سمع الحر هذا منه تنحى عنه. فكان الحسين يسير بأصحابه في ناحية والحر ومن معه في ناحية حتى بلغ البيضة (وهي أرض واسعة لبني يربوع بن حنظلة ما بين واقصة إلى عذيب الهجانات) فوقف الحسين في أصحاب الحر وقال- بعد الحمد لله والثناء عليه-:

أيها الناس إن رسول الله قال. (من رأى سلطاناً جائراً, مستحلاً لحرم الله, ناكثاً عهده, مخالفاً لسنة رسول الله, يعمل في عبادة الله بالإثم والعدوان, فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله).

ألا وإن هؤلاء قد لزموا الشيطان وتركوا طاعة الرحمن, وأظهروا الفساد, وعطلوا الحدود, واستأثروا بالفيء, وأحلوا حرام الله, وحرموا حلاله.

وأنا أحق ممن غير. وقد أتتني كتبكم, وقدمت علي رسلكم ببيعتكم, أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني, فإن أتممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم, فأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله, نفسي مع أنفسكم, وأهلي مع أهليكم, ولكم في أسوة وإن لم تفعلوا, ونقضتم عهدكم, وخلعتم بيعتي من أعناقكم, فلعمري ما هي لكم بنكر, لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم, فالمغرور من اغتر بكم, فحظكم أخطأتم, ونصيبكم ضيعتم. ومن نكث فإنما ينكث على نفسه, وسيغني الله عنكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وفي يوم عاشوراء لما سمع الحر خطب الحسين وأصحابه أقبل على عمر بن سعد وقال له: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: إي والله قتالاً أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح فيه الأيدي. قال: ما لكم فيما عرضه عليكم من الخصال؟ فقال: لو كان الأمر إلي لقبلت ولكن أميرك أبى ذلك. فتركه الحر ووقف مع الناس. وكان إلى جنبه قرة بن قيس فقال لقرة: هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا, قال: فهل تريد أن تسقيه- فظن قرة من ذلك أنه يريد الاعتزال, ويكره أن يشاهده- فتركه قرة فأخذ الحر يدنو من الحسين قليلاً, فقال له مهاجر بن أوس: أتريد أن تحمل؟ فسكت, وأخذته الرعدة, فارتاب مهاجر من هذه الحال, وقال له: لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك فما هذا الذي أراه منك؟ فقال الحر: إني أخيّر نفسي بين الجنة والنار, والله لا أختار على الجنة شيئاً, ولو أحرقت.

ثم ضرب جواده نحو الحسين منكساً رمحه, قالباً ترسه, وقد طأطأ برأسه حياءً من آل الرسول مناجياً ربه:

اللهم إليك أنيب فتب علي, فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك.

ثم توجه نحو الحسين قائلاً: يا أبا عبد الله إني تائب فهل من توبة؟

فقال الحسين: نعم, يتوب الله عليك. فسرّه قوله.

فقال للحسين: لما خرجت من الكوفة نوديت: أبشر يا حر بالجنة. فقلت: ويل للحر يبشر بالجنة وهو يسير إلى حرب ابن بنت رسول الله.

فقال له الحسين: لقد أصبت خيراً وأجراً.

وكان مع الحر غلام تركي انتقل معه إلى معسكر الحسين.

ثم استأذن الحسين في أن يكلم القوم, فأذن له, فنادى بأعلى صوته:

يا أهل الكوفة: لأمكم الهبل والعبر, إذ دعمتموه وأخذتكم بكظمه, وأحطتم به من كل جانب, فمنعتموه التوجه إلى بلاد الله العريضة, حتى يأمن وأهل بيته, وأصبح كالأسير في أيديكم, لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً, وحلأتموه ونسائه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري, الذي يشربه اليهود والنصارى والمجوس, وتمرغ فيه الخنازير السواد وكلابه: وهاهم قد صرعهم العطش. بئسما خلفتم محمداً في ذريته, لا سقاكم الله يوم الظمأ.

فحملت عليه رجاله ترميه بالنبل, فتقهقر حتى وقف أمام الحسين.

66- عبد الله بن عمير الكلبي.

بعد الحملة الأولى كان عبد الله بن عمير أول من بارز واستشهد.

فقد برز يسار مولى زياد بن أبيه، وسالم مولى عبيد الله بن زياد، فطلبا البراز، فوثب حبيب وبرير، فلم يأذن لهما الحسين، فقام عبد الله بن عمير واستأذن، فأذن له الحسين وقال: أحسبه للأقران قتالاً. فقالا له: من أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير، وكان يسار قريباً منه، فقال له: يا بن الزانية أوَ بك رغبة عن مبارزتي؟ ثم شد عليه بسيفه يضربه، وبينا هو مشتغل به إذ شد عليه سالم، فصاح أصحابه: قد رهقك العبد. فلم يعبأ به، فضربه سالم بالسيف، فاتقاها عبد الله بيده اليسرى فأطار أصابعه، ومال عليه عبد الله فقتله، ثم أقبل الحسين وهو يرتجز:

إن تنكروني فأنا ابــن كــلــب***حسبي ببيتي في عليم حسبي

إني امرؤ ذو مره وعـصــــب***ولست بالخـــــوار عند النكب

وأخذت زوجته أم وهب بنت عبد لله من النمر بن قاسط عموداً وأقبلت نحوه تقول له:

فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فأراد أن يردها إلى الخيمة، فلم تطاوعه، وأخذت تجاذبه ثوبه وتقول: لن أدعك دون أن أموت معك.

فناداها الحسين: جزيتم عن أهل بيت نبيكم خيراً. ارجعي إلى الخيمة، فإنه ليس على النساء قتال. فرجعت.

وعبد لله بن عمير الكلبي من (بني عليم) وكنيته أبو وهب، وكان طويلاً شديد الساعدين، بعيد ما بين المنكبين، شريفاً في قومه، شجاعاً مجرباً.

67- نافع بن هلال.

رمى بنبال مسمومة كتب اسمه عليها، وهو يقول:

أرمي بها معلــمة أفــــواقها***مسمومة تجري بها أخفافها

ليملأن أرضــــها رشـــــاقها***والنفس لا ينفـــعها إشفاقها

فقتل اثني عشر رجلاً سوى من جرح، ولما فنيت سهامه جرد وطلب البراز وهو يقول:

أنا ابن هــــلال الجــــــملي***أنا علـــــــــى ديــــــن علي

فبرز إليه مزاحم بن حريث وقال: أنا على دين عثمان. فقال نافع: أنت على دين الشيطان, ثم حمل عليه نافع فقتله. فأرسل عمر بن سعد من يعزم على الناس: أن لا يبارز أحد. فاقتحم نافع جموعهم وجعل يضرب بسيفه فيهم. فأحاطوا به يرمونه بالحجارة والنصال حتى كسروا عضديه وأخذوه أسيراً، فأمسك به الشمر- ومعه أصحابه- يسوقونه، فقال له ابن سعد: ما حملك على ما صنعت بنفسك؟ قال: إن ربي يعلم ما أردت. فقال له رجل- وقد نظر إلى الدماء تسيل على وجهه ولحيته-: أما ترى ما بك؟ فقال: والله لقد قتلت منكم اثني عشر رجلاً سوى ما جرحت, وما ألوم نفسي على الجهد, ولو بقيت لي عضد لما أسرتموني.

وجرد الشمر سيفه, فقال له نافع: والله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا, فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه. ثم قدمه الشمر وضرب عنقه.

68- اختلفت النسخ في ألقابه, ففي هذه الزيارة وردت ألقابه: البجلي المرادي.

وفي بعض المقاتل الجملي المذحجي.

69- أنس بن كاهل الأسدي:

كان شيخاً كبيراً, فلما أراد البراز شد وسطه بعمامة, ورفع حاجبيه بعصابة, واستأذن الحسين, ولما نظر إليه الحسين بهذه الهيئة بكى, وقال: شكراً لله لك يا شيخ.

فبرز وهو يقول وينشد:

قد علـــــمت كاهلــــــها ودودان***والخنـــــدقيون وقـــــيس عيلان

بأن قومي آفــــــــة للأقـــــــران***لدى الوغى وسادة في الفرسان

فقاتل وقتل- على كبره- ثمانية عشر رجلاً ثم قتل.

وأنس بن الحارث صحابي رأى النبي وسمع حديثه, وشهد معه بدراً وحنيناً.

وروى: أنه رأى رسول الله- والحسين في حجره- وهو يقول:

ألا إن ابني هذا يقتل في أرض من أراضي العراق, فمن أدركه فلينصره.

وهو الذي ذكره الكميت في قوله:

سوى عصبة فيها حبيب معفر***قضى نحبه والكـــــاهلي مرمل

70- اختلفت النسخ في ضبط اسمه.

ففي هذه الزيارة ورد اسمه: أنس بن كاهل الأسدي.

الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال ج1 ص362: ضبط اسمه: أنس بن الحرث الأسدي الكاهلي.

عبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين ص252 ضبط اسمه: أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي.

الشيخ السماوي في (أبصار العين) ص69 هكذا ضبط: (أنس بن الحرث بن بند بن كاهل بن عمرو بن صعب بن خزيمة الأسدي).

وكان قد جاء إلى الحسين (عليه السلام) عند نزوله كربلاء والتقى معه ليلاً فيمن أدركته السعادة.

وكاهل, ودودان بطنان من بني أسد.

71- نسبة إلى (صيدا) بطن من بني أسد, قال علماء السير: كان قيس رجلاً شريفاً من بني صيدا شجاعاً مخلصاً في محبة أهل البيت (عليهم السلام).

وكان رسول أهل الكوفة إلى الحسين (عليه السلام), فقد كتب أهل الكوفة إلى الحسين (عليه السلام) كتباً يطلبون منه القدوم إليهم, وبعثوها مع جماعة أحدهم (قيس بن مسهر الصيداوي) إلى مكة المكرمة حيث كان الحسين (عليه السلام) ودخل مكة في شهر رمضان.

وكان أيضاً رسول الحسين (عليه السلام) إلى أهل الكوفة يحمل إليه رسالته, فلما وصل إلى القادسية قبض عليه حصين بن نمير- وكان على خيل ابن زياد في المنطقة- وبعثه إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة.

فسأله ابن زياد عن كتاب الحسين (عليه السلام)؟

فقال: خرقته.

قال: ولم؟

قال قيس: لئلاّ تعلم ما فيه.

قال: إلى من؟

قال: قوم لا أعرف أسماءهم.

قال ابن زياد: إن لم تخبرني فاصعد المنبر وسب الكذاب بن الكذاب- يعني: الحسين (عليه السلام)-.

فصعد قيس المنبر وقال: أيها الناس إن الحسين بن علي خير من خلق الله, وابن فاطمة بنت رسول الله وأنا رسوله إليكم, وقد فارقته بالحاجز من بطن الرمة فأجيبوه, ثم لعن عبيد الله ابن زياد, وأباه, ولعن يزيد بن معاوية وأباه, وصلى على أمير المؤمنين (عليه السلام).

فأمر ابن زياد بالصعود إليه فوق القصر, ورمى به من أعلاه فتقطع ومات رضوان الله عليه [خلاصة ما ذكره عبد الرزاق المقرم, والشيخ محمد السماوي, والشيخ عباس القمي وغيرهم].

72- قال الشيخ محمد السماوي في كتابه (أبصار العيون) ص125:

عبد الله بن عروة بن حراق الغفاري وأخوه عبد الرحمن بن عروة بن حراق الغفاري كان عبد الله وعبد الرحمن من أشراف الكوفة, ومن شجعانهم وذوي الموالاة منهم وكان جدهما (حراق) من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وممن حارب معه في حروبه الثلاث.

وجاء عبد الله وعبد الرحمن إلى الحسين (عليه السلام) بالطف.

وقال أبو مخنف: لما رأى أصحاب الحسين (عليه السلام) أنه قد كثروا وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا الحسين (عليه السلام) ولا أنفسهم تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه, فجاء عبد الرحمن وعبد الله ابنا عروة الغفارين فقالا: يا أبا عبد الله السلام عليك, حازنا العدو إليك فأحببنا أن نقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك. فقال الحسين (عليه السلام): مرحباً بكما ادنوا, فدنوا منه, فجعلا يقاتلان قريباً منه, وأن أحدهما يرتجز ويتم له الآخر فيقولان:

قد علمــــت بــــــــنو غــــــــفار***وخنــــــــدف بعــــــد بني نزار

لنضربن معـــــــشر الفـــــــجار***بكل غضــــــب صـــــــارم بتار

يا قوم ذودوا عن بني الأطـهار***بالمشرفــــــي والقــــنا الخطار

فلم يزالا يقاتلان حتى قتلا, وقيل أن عبد الله قتل في الحملة الأولى, وعبد الرحمن قتل مبارزة وقتل من القوم عشرين فارساً.

73- جون بن حوى بن قتاده بن الأعور بن ساعدة, بن عون بن كعب بن حوى (من أهل النبوة) مولى أبي ذر الغفاري, اشتراه أمير المؤمنين بمائة وخمسين ديناراً, ووهبه لأبي ذر الغفاري ليخدمه, وكان العبد عند أبي ذر إلى أن أمر عثمان بن عفان بنفي أبي ذر من المدينة المنورة إلى الربذة, ولما خرج أبو ذر من المدينة, خرج العبد معه وكان هناك إلى أن توفي أبو ذر (رضوان الله عليه)- في 32 من الهجرة, ثم رجع العبد إلى المدينة, وانضم إلى بيت علي بن أبي طالب (عليه السلام), ثم بعده ابنه الحسن ثم بعده إلى الحسين (عليه السلام) وصحبه في سفره من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق (كربلاء).

فلما نشب القتال وقف أمام الحسين يستأذنه في القتال؟ فقال له الحسين (عليه السلام): يا جون أنت في إذن مني قائماً تبعتنا طلباً للعافية فلا تقتل بطريقتنا, فوقع جون على قدمي أبي عبد الله (عليه السلام) يقبلهما وهو يقول: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم, إن ريحي لنتن وأن حسبي للئيم وأن لوني لأسود فتنفس علي بالجنة ليطيب ريحي, ويشرف حسبي ويبيض لوني, لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم, فأذن له الحسين (عليه السلام) فبرز وهو يرتجز ويقول:

كيف ترى الفجار ضرب الأسود***بالمشـــــرفي القــــاطع المهند

أذب عنهـــــم باللـــــــسان واليد***أرجو بــــــه الجنة يوم المورد

فقاتل حتى قتل من القوم خمسة وعشرين رجلاً.

فوقف عليه الحسين (عليه السلام) وقال: اللهم بيض وجهه, وطيب ريحه, واحشره مع الأبرار وعرف بينه وبين محمد وآله (عليهم السلام).

وعن الصدوق (قدس سره) في الخصال عن الباقر عن أبيه (عليهما السلام): إن بني أسد الذين حضروا المعركة ليدفنوا القتلى وجدوا جوناً بعد عشرة أيام تفوح منه رائحة المسك.

74- قال علماء السير: شبيب بن عبد الله النهشلي كان تابعياً من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وحضر معه حروبه الثلاثة, وبعده انضم مع الحسن بن علي ثم مع الحسين- (عليهم السلام)- وكان من خواص أصحابه فلما خرج الحسين من المدينة إلى مكة خرج معه وكان مصاحباً له إلى أن ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء.

فلما كان يوم الطف تقدم إلى القتال فقتل في الحملة الأولى مع من قتل قبل الظهر.

وفي قول: قيل مبارزة والله أعلم.

75- حجاج بن زيد بن سعد تميمي بصري حامل كتاب أهل البصرة- ومنهم يزيد بن مسعود النهشلي- إلى الحسين (عليه السلام) في كربلاء.

وبقي في كربلاء مع الحسين (عليه السلام), وكان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفين, وقتل في الحملة الأةلى يوم عاشوراء.

76- قال الشيخ محمد السماوي في (أبصار العين) ص(137): قاسط أخوة كردوس, وأخوه [الآخر] مقسط كانوا من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام), ومن المجاهدين بين يديه في حروبه, صحبوه أولاً, ثم صحبوا الحسن (عليه السلام), ثم بقوا في الكوفة ولهم ذكر في الحروب ولا سيما صفين.

ولما ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء خرجوا إليه فجاءوا وقتلوا بين يديه.

77- كنانة بن عتيق بن معاوية بن الصامت فارس رسول الله (صلى الله عليه وآله).

قال علماء السير: كان كنانة بن عتيق بطلاً من أبطال الكوفة, وعابداً من عبادها, وقارئاً من قرائها جاء إلى الحسين (عليه السلام) في الطف, وجاهد بين يديه حتى قتل.

واختلفوا في أنه قتل في الحملة الأولى, أو مبارزة.

78- قال الشيخ السماوي (رحمة الله عليه) في كتابه (أبصار العين) ص(137): ضرغامة بن مالك التغلبي كان- كاسمه- ضرغاماً, وكان من الشيعة ممن بايع مسلماً فلما خذل خرج فيمن خرج مع ابن سعد إلى كربلاء, ومال إلى الحسين (عليه السلام), فقاتل معه وقتل بين يديه مبارزة بعد صلاة الظهر (رضي الله عنه).

وقال أبو مخنف: ثم برز ضرغامة بن مالك وهو يرتجز ويقول:

إليكم من مــالك ضــــــرغام***ضرب فتى يحمي عن الكرام

يرجـو ثواب الله بالتــــــمام***سبحانـــــه مـــــن مالك علام

ثم حمل على القوم فقاتل قتال الرجل الباسل وصبر على الخطب الهائل حتى قتل ستين فارساً سوى من جرح, ثم قتل رضوان الله عليه.

79- قال صاحب (أبصار العين) الشيخ السماوي (قدس سره):

كان جوين بن مالك التميمي نازلاً من بني تميم. فخرج فيمن خرج إلى حرب الحسين (عليه السلام), وكان من الشيعة, فلما رأى جوين بن مالك ردت الشروط على الحسين (عليه السلام) مال معه فيمن مال من عشيرته ورحلوا إلى الحسين (عليه السلام) ليلاً وكان عددهم سبعة. يذكر كل واحد فيهم في محلة.

80- قال ابن حجر العسقلاني (الشافعي) في الإصابة: هو عمرو بن ضبعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التميمي, له ذكر في المغازي والحروب, وكان فارساً شجاعاً له إدراك. وقال أبو مخنف: حدثني فضيل بن خديج الكندي: أن عمرو بن ضبعة بن قيس كان ممن خرج مع عمر بن سعد إلى حرب الحسين (عليه السلام), فلما ردوا الشروط على الحسين مال إليه, ثم دخل في أنصار الحسين (عليه السلام) مع من دخل وقاتل بين يديه حتى قتل في الحملة الأولى مع من قتل (رضوان الله عليه).

81- قال علماء السير: إن يزيد بن ثبيط القيسي العبدي البصري من عبد قيس, وأبناء عبد الله وعبيد الله له ذكر في الحروب والمغازي.

وقال ابن حجر العسقلاني (الشافعي) في الإصابة: يزيد بن ثبيط العبدي من الشيعة ومن أصحاب أبي الأسود الدؤلي وكان شريفاً في قومه.

وعن أبي مخنف عن أبي مخارق الرأس قال: اجتمع الناس من الشيعة في منزل امرأة من عبد قيس يقال لها (مارية ابنة سعد) أو (منقذ) وكانت تتشيع, وكان دارها مألفاً للشيعة يجتمعون فيها ويتحدثون, وقد بلغ ابن زياد إقبال الحسين (عليه السلام) ومكاتبة أهل العراق له فكتب إلى عامله بالبصرة: أن يضع المناظر ويأخذ بالطريق.

فأجمع [أي: عزم] يزيد ابن ثبيط للخروج إلى الحسين (عليه السلام) وكان له عشرة بنين, فدعاهم إلى الخروج معه, وقال: أيكم يخرج معي متقدماً؟ فانتدب معه اثنان (عبد الله) و(عبيد الله) فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة: إني قد أزمعت على الخروج, وأنا خارج, فمن يخرج معي؟

فقالوا له: إنا نخاف عليك أصحاب ابن زياد.

فقال: إني والله إن لو قد استوت أخفافها بالجود لهان علي طلب من طلبني.

ثم خرج هو وأبناؤه, وصحبه عامر بن مسلم العبدي, ومولاه سالم مولى عامر, وسيف بن مالك العبدي, والأدهم بن أمية العبدي الذين يذكر كل واحد منهم عند ورود ذكره في الزيارة.

وقوي في الطريق حتى انتهى إلى الحسين (عليه السلام) فدخل بالإبطح من مكة, فاستراح في رحله, ثم خرج إلى الحسين (عليه السلام), وبلغ الحسين مجيئه, فجعل يطلبه حتى جاء إلى رحله, فجلس الحسين (عليه السلام) في رحله ينتظره, وأقبل يزيد لما لم يجد الحسين (عليه السلام) في منزله وسمع أنه ذهب إليه راجعاً على أثره, فلما رأى الحسين (عليه السلام) في رحله قال:

(بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) سورة يونس (عليه السلام) آية 58.

السلام عليك يا بن رسول الله. ثم سلم عليه وجلس إليه وأخبره بالذي جاء له [يعني: نصرة الحسين (عليه السلام)] فدعا له الحسين (عليه السلام) بخير, ثم ظم رحله إلى رحل الحسين (عليه السلام), وما زال معه حتى قتل بين يديه (في الطف) مبارزة.

وقتل ابناه عبد الله وعبيد الله في الحملة الأولى مع من قتل رضوان الله عليهم.

وسيأتي ذكر هؤلاء كلهم تباعاً.

82- عن ابن شهر آشوب في المناقب والعلامة المجلسي في البحار والشيخ السماوي في أبصار العين أنهم قالوا: (ومن المقتولين في الحملة الأولى يوم الطف عبد الله وعبيد الله ابنا يزيد بن ثبيط القيسي البصري).

وقد ذكر بعض تاريخهما عند ذكر أبيهما.

83- كان عامر بن مسلم العبدي من الأشراف في البصرة, فخرج إلى الحسين (عليه السلام) وهو في مكة, فالتحق معه, وظل معه حتى قتل في الحملة الأولى يوم عاشوراء (رضوان الله عليه) وقد ذكر بعض تاريخه في ترجمة يزيد بن ثبيط.

84- ذكر المؤرخون: أن قعنباً كان رجلاً بصرياً من الشيعة الذين بالبصرة, ولما جاء الحجاج بن بدر التميمي العدوي بكتاب مسعود بن عمرو النهشلي إلى الحسين (عليه السلام), جاء معه قعنب إلى الحسين وانضم إليه وبقي عنده إلى يوم الطف, فلما شب القتال تقدم بين يدي الحسين (عليه السلام) وجاهد حتى قتل في الحملة الأولى مع من قتل رضوان الله عليه وعليهم.

وقال بعضهم قتل مبارزة.

85- كان من الثقات التابعين, ومن شيعة البصرة, خرج هو مع مولاه وجمع آخر إلى الحسين (عليه السلام), والتحقوا به في مكة المكرمة, وبقوا معه حتى استشهدوا يوم عاشوراء بأرض الطف في الحملة الأولى.

86- سيف بن مالك العبدي البصري, وكان من شيعة البصرة, وخرج فيمن خرج مع يزيد بن ثبيط العبدي, والتحقوا بالحسين (عليه السلام) في مكة وما زالوا معه حتى قتلوا في يوم عاشوراء, فقيل أن سيف هذا قتل مبارزة بعد الظهر, وقيل أنه قتل في الحملة الأولى.

87- لم أجد ذكره سوى أنه حضر كربلاء وقتل يوم عاشوراء مع الحسين (عليه السلام) في الحملة الأولى.

88- ذكر المؤرخون:

أن يزيد بن مغفل كان من الشجعان وكان من الشعراء.

وله إدراك مع النبي (صلى الله عليه وآله) وشهد حرب القادسية هو مع أخيه زهير بن مغفل.

وكان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام), وحارب معه في صفين.

ثم بعثه علي (عليه السلام) إلى حرب الخريت بن راشد الناجي من بني ناجية بأرض الأهواز, وكان يزيد الجعفي هذا على ميمنة العسكر.

والتحق بالحسين (عليه السلام) في مكة, وما زال معه حتى عاشوراء.

فلما التحم القتال استأذن يزيد بن مغفل الحسين (عليه السلام) في البراز, فأذن له, فتقدم أمام القوم وهو يرتجز ويقول:

أنا يزيد وأنا ابـــــــن معــــــفل***وفي يميـني نصل سيف مصقل

أعلو به الهامات وسط القسطل***عن الحســـــين الماجد المفضل

فقاتل قتال الأبطال, وقتل من القوم نيفاً وعشرين رجلاً ثم قتل رضوان الله عليه.

89- كان الحجاج بن مسروق مؤذن الحسين (عليه السلام) في أوقات الصلوات.

وكان من شيعة الكوفة, صحب أمير المؤمنين (عليه السلام).

ولما خرج الحسين (عليه السلام) إلى مكة, خرج إليه من الكوفة لملاقاته, فصحبه وكان مؤذناً له ولما وقع القتال يوم عاشوراء بأرض الطف, استأذن الحجاج بن مسروق الحسين (عليه السلام) في البراز فأذن له فجعل يرتجز ويقول:

أقــــدم حســيـناً هادياً مهدياً***اليــــــــوم ألقى جدك النبيا

ثم أبـــــاك ذا الـــــندى عليا***ذاك الــــذي نعـــرفه وصيا

والحسن الخير الرضي وليا***وأسد الله الشـــــــهيد الحيا

وذا الجناحيــن الفتى الكميا***فاطمة والطــــــــاهر الزكيا

ومن مضى مـــــن قبله تقيا***فالله قد صــــــيرني ولـــــيا

في حبكـم أقاتـــــل الــــدعيا***وأشهدن الشــــــــهيد الحيا

لتبشروا يــــا عــــترة النبيا***بجـــــنة شـــــــــرابها مريا

والحوض حوض المرتضى عليا

فناداه الحسين (عليه السلام): نعم وأنا ألقاهما على أثرك.

فجعل يقاتل حتى قتل من القوم ثمانية عشر رجلاً, وفي رواية أخرى خمسة وعشرين رجلاً، سوى من جرح, ثم قتل رضوان الله عليه.

90- كان مسعود وابنه عبد الرحمن من الشيعة المعروفين, ولمسعود ذكر في المغازي والحروب, وكانا شجاعين مشهورين.

ولما خرج عمر بن سعد إلى حرب الحسين (عليه السلام), خرجا معه من الكوفة إلى كربلاء, حتى إذا وجدا فرصة جاءا إلى الحسين والتحقا به يوم السابع من محرم, وبقيا معه حتى يوم عاشوراء.

فلما قامت الحرب قتلا مع من قتل في الحملة الأولى (رضوان الله عليهما).

91- كان مجمع هذا تابعياً له ذكر في صفين, وكان أبوه عبد الله من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) التحق مع جماعة من أهل الكوفة بالحسين (عليه السلام) وهو في طريقه إلى كربلاء عند (عذيب الهجانات) وكان هناك قد التقى بالحسين (عليه السلام) الحر بن يزيد الرياحي وأصحابه, فمانعه الحر عن الالتحاق بالحسين, لكنه وصل إلى الحسين وأدخله الحسين وأدخل أصحابه كلهم في رحاله.

قالوا: برز أول القتال من يوم عاشوراء هو وعمرو بن خالد وجابر بن الحرث السلماني وسعد مولى عمرو فلما وغلوا عطف عليهم أهل الكوفة, وفصلوهم عن أصحاب الحسين, وحالوا بينهم وبين مخيم الحسين (عليه السلام), فلما نظر الحسين إلى ذلك ندب إليهم أخاه العباس (عليه السلام), فحمل العباس على القوم وحده, يضرب فيهم بسيفه حتى كشفهم فاستنقذهم فجاءوا, ثم شد عليهم الأعداء, فشدوا على الأعداء, واقتتلوا حتى قتلوا رضوان الله عليهم. وترحم عليهم الحسين صلوات الله عليه.

92- لم أجد له ذكراً إلا أنه قتل مع الحسين بن علي (عليهما السلام) في كربلاء, يوم عاشوراء فيمن قتل معه من أصحابه وأنصاره وأهل بيته رضوان الله عليه وعليهم أجمعين.

93- لم يذكر في كتب الرجال والتراجم- كما قيل- لكن يظهر من هذه الفقرة من هذه الزيارة أنه قتل مع الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء (رضوان الله عليه).

94- وضبطه بعضهم: جندب بن حجير, هو من أهل الكوفة, وقيل كان له صحبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام), وحضر معه صفين, وكان أمير على كندة والأزد.

التحق بالحسين (عليه السلام) في الحاجز من بطن رمة قبل أن يلتقي به الحر بن يزيد الرياحي, فالتزمه إلى كربلاء حيث قتل يوم عاشوراء بين يدي الحسين (عليه السلام).

95- هو من أهل الكوفة, من بني أسد, التحقق في جمع من أهل الكوفة بالحسين (عليه السلام) فلما بلغهم أنه في الطريق إلى كربلاء, فسلموا عليه فقال لهم الحسين (عليه السلام): أما والله إني لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا وقتلنا أم ظفرنا (قالوا) ولما رآهم الحر بن يزيد الرياحي أقبل إليهم وقال للحسين: إن هؤلاء النفر من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك, وأنا حابسهم أو رادهم, فقال الحسين (عليه السلام) للحر: لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي إنما هؤلاء أنصاري وأعواني, وقد كنت أعطيتني أن لا تتعرض لي بشيء حتى يأتيك كتاب من عبيد الله بن يزيد. فقال (عليه السلام): هم أصحابي وهم بمنزلة من جاء معي فإن تممت على ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك فكف عنهم الحر. والتزم الحسين (عليه السلام)- قيل هو وابنه معه أيضاً- حتى ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء كان يوم عاشوراء, فلما شب القتال تقدم عمرو بن خالد واستأذن في القتال فأذن له, فبرز إليهم وهو يقول ويرتجز:

إليك يا نفـــــس إلـــى الرحمن***فابشري بالــــــروح والريحان

اليوم تجـــــزين على الإحسان***قد كان مــــنك غابـــــر الزمان

ما خط فــي اللوح لدى الأديان***لا تحزني فكــــــل حـــــــي فان

والصـــــبر أحظى لـك بالإيمان

فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

96- وضبط أيضاً (سعد بن عبد الله) قالوا: كان سعد شريفاً, فاضلاً, فلما سمع بمجيء الحسين (عليه السلام) وأراد مولاه الالتحاق بالحسين صحب مولاه, وكان من الحاجز في بطن الرمة, ملازماً للحسين (عليه السلام) حتى قتل بين يديه يوم عاشوراء.

97- وكنيته أبو الشعثاء, وكان رجلاً شريفاً شجاعاً ضرغاماً, خرج من الكوفة إلى الحسين (عليه السلام), فصادفه في الطريق قبل أن يصل الحر بن يزيد الرياحي إليه, فلازمه حتى أتى كربلاء. وكان أبو الشعثاء عند الحسين إذا جاء رسول عبيد الله بن زياد إلى الحر يأمره بأن يجعجع بالحسين وأصحابه, فنظر أبو الشعثاء إلى رسول ابن زياد فعزله فقال: أمالك بن نسم العبدي؟ قال نعم- وكان أحد كندة- فقال له أبو الشعثاء: ثكلتك أمك ماذا جئت فيه؟ فقال ما لك: ما جئت فيه إطاعة إمامي ووفيت بيعتي, فقال له أبو الشعثاء: عصيت ربك, وأطعت إمامك من هلاك نفسك, كسبت العار والنار قال الله عز وجل: (وجعلناهم أئمةً يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) القصص آية41 فهو إمامك.

قال الشيخ الصدوق قدس سره: فلما كان اليوم العاشر. قاتل شجعان أهل الكوفة, وكان رامياً, فرمى مائة سهم لم يسقط منها سوى خمسة أسهم, وكان الحسين (عليه السلام) يدعو له قيقول: اللهم سدد رميته واجعل ثوابه الجنة.

ثم قال للحسين: أوفيت يا بن رسول الله؟

قال (عليه السلام): نعم أنت أمامي في الجنة.

فحمل القوم عليه من كل جانب وقتلوه رضوان الله عليه.

98- قالوا: كان بطلاً مجرباً شجاعاً مشهوداً محباً لأهل البيت (عليهم السلام) معروفاً, وكان قد أخذ مع مولاه عمرو بن الحمق الخزاعي إلى معاوية في الشام, لكنه أفلت في الطريق في الموصل- بأمر مولاه- وكان يعيش متوارياً حتى هلك معاوية ولحق بالحسين (عليه السلام) في مكة ولازمه حتى كربلاء, وقاتل يوم عاشوراء, وقتل في الحملة الأولى.

وضبطه أيضاً (زاهد) وكان من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذين بايعوه تحت الشجر, وشهد الحديبية وخيبر, وروى عن النبي (صلّى الله عليه وآله).

99- كان جبلة من أصحاب علي (عليه السلام) وشهد معه صفين, وكان شجاعاً من شجعان الكوفة قام مع مسلم بن عقيل أولاً, فلما خذل وقتل مسلم فر واختفى عند قومه, فلما جاء الحسين إلى كربلاء جاء إليه أيام المهادنة ولما نشب القتال يوم الطف تقدم جبلة بين يدي الحسين (عليه السلام) فقاتل مبارزاً حتى قتل, وقيل قتل في الحملة الأولى.

100- قال أهل السير: كان سالم فارساً شجاعاً خرج مع مسلم بن عقيل أولاً, ولما تخاذل الناس عن مسلم قبض عليه كثير بن شهاب التميمي مع جماعة من الشيعة فأراد تسليمه إلى عبيد الله بن زياد مع أصحابه الذين كانوا معه فأفلت واختفى عند قومه فلما سمع نزول الحسين بن علي إلى كربلاء خرج إليه أيام المهادنة, فانضم إلى أصحابه الذين كانوا مع الحسين من الكلبيين ثم لم يزال مع الحسين (عليه السلام) حتى قاتل فقتل رضوان الله عليه.

101- كان من أهل الكوفة, قالوا: وأدرك صحبة النبي (صلّى الله عليه وآله) وشهد فتح مصر أيضاً, وكانت رجله قد أصيبت يوم الجمل وجرح ساقه فيه.

فجاء إلى الحسين (عليه السلام) فوافاه في كربلاء, وبقي معه حتى يوم عاشوراء حيث قاتل القوم مقاتلة وقتل رضوان الله عليه.

102- كان زهير بن سليم بن عمر الأزدي من أهل الكوفة, والتحق بالحسين (عليه السلام) في الليلة العاشرة من محرم عندما رأى عزم بن سعد على قتال الحسين (عليه السلام), فانضم إلى أصحابه الأزديين الذين كانوا مع الحسين (عليه السلام).

103- قالوا: كان القاسم بطلاً شجاعاً وفارساً معروفاً من شيعة الكوفة, خرج مع عمر بن سعد إلى كربلاء ومال إلى الحسين (عليه السلام) أيام المهادنة, وكان معه حتى التحم القتال يوم عاشوراء, فقاتل بين يدي الحسين (عليه السلام), حتى قتل في الحملة مع من قتل من أصحاب الحسين رضوان الله عليه وعليهم أجمعين.

104- قالوا: الحضرمي الأصل الكوفي المسكن, كان من زعماء الشيعة, وحضر مع علي بن أبي طالب الجمل وصفين, وكان من أعوان حجر بن عدي, فلما قبض زياد بن أبيه على حجر وأصحابه وأرسلهم إلى الشام هرب عمرو بن جندب وكان متوارياً حتى هلك زياد فرجع إلى الكوفة وكان بها إلى أن هلك معاوية, وكان عمرو بن جندب ممن بايعوا مسلم بن عقيل, فلما قبض على مسلم ولحق بالحسين (عليه السلام) في طريقه إلى كربلاء وكان معه حتى يوم عاشوراء إذ قاتل بين يدي الحسين (عليه السلام) وقتل في الحملة الأولى.

105- وضبطه بعضهم (الصيداوي) وهو بطن من همدان.

قالوا: كان تابعياً وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة, ومن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد شهد معه مشاهدة كلها. وكان ممن اجتمع في دار سليمان بن صرد الخزاعي- بعد هلاك معاوية- وكتب إلى الحسين (عليه السلام) يستقدمه من مكة إلى الكوفة. ولما قتل مسلم بن عقيل, طلبه ابن زياد فاختفى أبو تمامة, والتحق بالحسين (عليه السلام) في طريق كربلاء.

وعن حميد بن مسلم: أن أباه تمامة الصائدي لما رأى الشمس يوم عاشوراء زالت وأن الحرب قائمة على ساق فلم يزل يقتل من أصحاب الحسين الواحد والاثنان فيتبين ذلك منهم لقلتهم ويقتل من أصحاب عمر بن سعد العشرة فلا يتبين فيهم ذلك لكثرتهم فقال أبو تمامة للحسين (عليه السلام): يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ولا والله حتى أقتل دونك إن شاء الله وأجد أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلوات التي قد دنا وقتها, فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه إلى السماء ثم قال (عليه السلام): ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين, نعم هذه أول وقتها, ثم قال (عليه السلام): سلوهم أن يكفوا عنا الحرب حتى نصلي, فقال الحصين بن نمير: إنها لا تقبل منكم, فرد عليه حبيب بن مظاهر.. (ثم) أن أبا تمامة الصائدي قال للحسين (عليه السلام) وقد صلى الحسين (عليه السلام) صلاة الخوف لأن القوم كانوا مهاجمين عليهم: يا أبا عبد الله إني قد هممت أن ألحق بأصحابي وكرهت أن أتخلف وأراك وحيداً من أهلك قتيلاً, فقال الحسين (عليه السلام): تقدم فأنا لا حق بك عن ساعة, فتقدم وقاتل حتى أثخن بالجراحات ثم قتل رضوان الله عليه.

106- وهو من همدان, وضبطه بعضهم (الشبامي) وشبام اسم جبل سكنه حنظلة بن أسعد.

قالوا: كان من وجوه الشيعة ذا لسان وفصاحة, وكان قارئاً , وكان شجاعاً التحق بالحسين (عليه السلام) في كربلاء, وكان رسول الحسين (عليه السلام) إلى عمر بن سعد أيام المهادنة.

وبقي يوم عاشوراء حتى قتل معظم أصحاب الحسين (عليه السلام), ولم يبقى معه بضعة نفر, فجاء أمام الحسين يقيه السيوف والرماح بوجهه ونحره, واستأذن الحسين (عليه السلام) في البراز, وجعل يعظ أهل الكوفة فقال له الحسين (عليه السلام):

(يا بن سعد رحمك الله إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ونهضوا إليك ولأصحابك, فكيف بهم الآن قد قتلوا إخوانك الصالحين).

قال: صدقت يا بن رسول الله أفلا نروح إلى ربنا ونلحق بإخواننا الصالحين (فقال) له الحسين (عليه السلام): اذهب إلى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها إلى ملك لا يبلى. فسلم على الحسين سلام الوداع, وتقدم إلى القوم مصلتاً سيفه يضرب فيهم قدماً حتى احتوشوه وقتلوه في حومة الحرب رضوان الله عليه.

107- كان أبوه عبد الله من أصحاب الرسول (صلّى الله عليه وآله) وكان عبد الرحمن تابعياً وجيهاً شجاعاً مقداماً.

قال علماء السير: لم بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية وخرج الحسين (عليه السلام) إلى مكة اجتمع جماعة من الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي, واتفقوا على أن يكتبوا إلى الحسين (عليه السلام) يسألونه القدوم عليهم ليسلموا الأمر إليه ويطردوا النعمان بن بشير عامل يزيد بن معاوية, فكتبوا إلى الحسين وسرحوا الكتاب إليه إلى مكة مع قيس بن مسهر الصيداوي, وعبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرجي- هذا- وعمارة بن عبيد السلولي, فحملوا معهم نحواً من ثلاثة وخمسين صحيفة من الرجل, والاثنين, وأربعة, يدعون فيها كل صحيفة من جماعة, وكان قاصد الثاني عبد الرحمن الأرجي... فدخل مكة هو وأصحابه الذين كانوا معه الأثني عشر ليلة خلت من شهر رمضان وتلاقت الرسل ثمة: ثم أرسل الحسين (عليه السلام) مسلم بن عقيل إلى الكوفة ومعه جماعة, ومنهم عبد الرحمن بن الكدن الأرجي, فوافوا الكوفة, فلما قتل مسلم بن عقيل رجع عبد الرحمن إلى الحسين (عليه السلام) نحو مكة والتحق به في الطريق وكان معه حتى يوم عاشوراء, فلما رأى الحال استأذن في البراز- بعد صلوة الظهر- فأذن له الحسين (عليه السلام) فتقدم أمامه يضرب فيهم بسيفه وأخذ يرتجز ويقول:

صبراً على الأسياف والأســـنة***صبراً علـــــيها لــدخول الجنة

وحور عـــين ناعـــــــمات هنه***يا نفس للــــــراحة فاجــــهدنه

وفي طلاب الخـــــير فــارغبنضه

ولم يزل يقاتل حتى قتل من القوم جماعة, ثم قتل رضوان الله عليه.

108- وبعضهم ضبطه هكذا: عمارة بن أبي سلامة بن عبد الله الدالاني الهمداني.

وقالوا: وبنو دالان بطن من همدان.

وقالوا: كان صحابياً له إدراك, وكان مع أمير المؤمنين (عليه السلام) شهد مشاهده كلها.

وفي كامل ابن الأثير: أنه من خواص أمير المؤمنين ومن المجاهدين بين يديه في حروبه الثلاث.

التحق بالحسين (عليه السلام)، وقاتل دونه يوم عاشوراء حتى قتل في الحملة الأولى.

109- وقال بعضهم: الشاكري الهمداني الكوفي، وبنو شاكر بطن من همدان، وهم معروفون بولائهم لأمير المؤمنين (عليه السلام).

قالوا: كان عابس من رجال الشيعة رئيساً شجاعاً عابداً ناسكاً مجتهداً خطيباً.

فلما قدم مسلم بن عقيل إلى الكوفة خطب أمامه عند جمع غفير من الناس، وأظهر تفانيه فيهم. ولما ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء التحق به.

ولما كان يوم عاشوراء وقف أمام الحسين قائلاً: السلام عليك يا أبا عبد الله , أما والله ما أمسى على وجه الأرض قريب أو بعيد أعز علي ولا أحب إلي منك... واستأذن الحسين وبرز وقتل من القوم مقتلة عظيمة, فتعطفوا عليه من كل جانب فقتلوه واحتزوا رأسه, وتناوشه الرجال كل منهم يقول أنا قتلته, فقال عمر بن سعد: لا تختصموا هذا لم يقتله إنسان واحد كلكم قتلتموه ففرق بينهم بهذا القول.

110- شوزب بن عبد الله الهمداني الشاكري الكوفي, كان صحابياً أدرك النبي (صلّى الله عليه وآله) واشترك مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه الثلاث, وكان عابداً, شجاعاً, من وجوه الشيعة بالكوفة, وحافظاً للحديث, وأخذ أهل الكوفة العلم والحديث عنه.

قال أبو مخنف: صحب شوزب عابساً مولاه من الكوفة إلى مكة حاملاً معه كتاب مسلم بن عقيل إلى الحسين (عليه السلام) بعد بيعة الناس لمسلم وبقي مع عابس يصحب الحسين (عليه السلام) من مكة إلى كربلاء.

ونفى العلامة المامقاني (قدس سره) في رجاله أن يكون شوزب هذا مولى عابس, وقال: أن مقامه أجل من عابس من حيث العلم والتقوى.

ولما التحم القتال حارب شوزب أولاً, ثم دعاه عابس فاستخبره عما في نفسه فأجاب بقوله نعم, فعاد إلى القتال, وقاتل قتال الأبطال حتى قتل من القوم جماعة كثيرة ثم قتل رضوان الله عليه.

111- وذكر ضبطه بعضهم هكذا: شبيب بن عبد الله مولى الحرث بن سريع الكوفي وقال بعضهم هو سيف بن الحارث بن سريع الذي ستأتي ترجمته.

قال أهل السير: كان صحابياً أدرك النبي (صلّى الله عليه وآله) وسمع حديثه, وشهد مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) مشاهد كلها, وكان من الكوفيين.

كان بطلاً شجاعاً, والتحق بالحسين (عليه السلام) مع سيف بن الحارث ومالك بن عبد الله بن سريع.

وقتل في الحملة الأولى التي قتل فيها العشرات من أصحاب الحسين (عليه السلام) قبل الظهر من يوم عاشوراء, رضوان الله عليه وعليهم أجمعين.

112- هكذا ضبطه الاسترابادي في رجاله: مالك بن عبد الله بن سريع الهمداني الجابري.

قال الشيخ محمد السماوي: بنو جابر بطن من همدان, كان سيف ومالك الجابريان ابني عم, وأخوين لأم جاءا إلى الحسين (عليه السلام)- في كربلاء أيام المهادنه- ودخلا في عسكر الحسين ومعهما شبيب مولاهما, فانضموا جميعاً إلى الحسين (عليه السلام). (وعن ابن تمام أنه لما رأيا الحسين (عليه السلام) في عاشوراء بتلك الحالة جاءا إليه وهما يبكيان, فقال لهما الحسين (عليه السلام): أي ابني أخي ما يبكيكما (فوالله إني لأرجو أن تكون بعد ساعة قريري العين؟) فقالا: جعلنا الله فداك يا بن رسول الله ما على أنفسنا نبكي ولكن نبكي عليك. نراك قد أحاط بك القوم كالحلقة ولا نقدر أن نمنعك بأكثر من أنفسنا, فقال الحسين (عليه السلام): جزاكم الله يا ابني أخي بوجدكما ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين, فاستقدما أمام الحسين وهما يتسابقان إلى القوم ويلتفتان إلى الحسين (عليه السلام) ويقولان: السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك يا بن رسول الله (ويقول) الحسين: وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته, ثم جعلا يقاتلان جميعاً وأن أحدهما ليحمي ظهر صاحبه لأنه القريب من المخيم وهما يسمعان العويل والبكاء من النساء والأطفال فقاتلا حتى قتلا في مكان واحد رضوان الله عليهما.

113- نقل العلامة الزنجاني في (وسيلة الدارين) أنه قد أتى الحسين (عليه السلام) من الكوفة أيام المهادنة وبقي معه وقاتل دونه حتى صرع وأخذ إلى ابن سعد أسيراً, وأراد ابن سعد قتله فتشفع له بنو عمومته حتى تركه وبقي مريضاً مات على أثره بعد ستة أشهر.

114- بنو جندع بطن من همدان, وكان عمرو هذا ممن أتى للحسين (عليه السلام) والتحق في كربلاء أيام المهادنة- بين ورود الحسين إلى كربلاء وبين سد المشرعة عليه- وكان ممن بقي مع الحسين (عليه السلام) بعدما قتل أصحابه وأنصاره, فلما أحاط القوم بالمخيم تقدم إلى القتال وقاتل حتى وقع إلى صريعاً مرتثاً بالجراحات, (المرتث) هو الذي حمل من المعركة رتيثاً أي مجروحاً به رمق- قد وقعت ضربة على رأسه بلغت- فاحتمله قومه وبنو عمومته, وبقي عند قومه مريضاً من تلك الضربة طريح الفراش سنة كاملة حتى توفي على رأس السنة رضوان الله عليه.

115- الاحتجاج: أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص315- 317: عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: خرج التوقيع من الناحية المقدسة- حرسها الله- بعد المسائل: ....

116- هذه الجملة وردة في نسخة من كتاب الاحتجاج التي نقل الشيخ عباس القمي منها هذا الحديث, ولا توجد في هذه النسخة الموجودة لدينا.

117- إن توقيفية الأدعية والزيارات كتوقيفية الأوراد والأذكار, من المسلمات الأولية لدى أهلها, تماماً كتوقيفية النصوص السماوية وأسماء الله سبحانه وتعالى مع فارق الاختلاف في الدرجات وفي الأحكام الشرعية من الوجوب والتحريم وغيرها.

وإذا حاولنا بيان السبب لا بد من تمهيد مقدمة, وهي:

أن (علم الجفر) من أهم العلوم, وقد تخصص به علماء فطاحل وألفوا فيه مئات الكتب, وتوصلوا عن طريقه إلى معارف جمة.

وهذا العلم يستند إلى أن كل حرف من الحروف عنصر كوني عامل, فالحروف قوى فاعلة كالعناصر الستة والتسعين, التي هي المواد الأساسية لجميع الماديات, وكما أن العناصر الستة والتسعين تتفاعل فيما بينها, وتحدث- من تركيب كل مجموعة منها- وحدة مادية لها خواصها وآثارها وتفاعلاتها الثانوية مع بقية الوحدات المادية كحبة قمح, أو إنسان, أو لؤلؤة, أو بقرة, أو نجمة. كذلك الحروف تتفاعل فيما بينها, وتحدث- من تركيب كل مجموعة منها- وحدة حرفية اسمها (كلمة) وكل كلمة لها خواصها وآثارها وتفاعلاتها الثانوية مع بقية الكلمات.

وهكذا الأرقام, فكل رقم عنصر كوني عامل, والأرقام قوى فاعلة, وهي تتفاعل فيما بينها, وتحدث- من تركيب كل مجموعة منها- وحدة رقمية لها خواصها وآثارها وتفاعلاتها الثانوية.

وهذا الذبذبات الصوتية, فكل ذبذبة عنصر كوني عامل, والذبذبات قوى فاعلة, وهي تتفاعل فيما بينها, وتحدث- من تركيب كل مجموعة منها- وحدة ذبذبية لها خواصها وآثارها وتفاعلاتها الثانوية.

فإذا تركبت الكلمات مع الأرقام, أو تركبت مع الذبذبات, أو تركبت الأرقام مع الذبذبات, تحدث تفاعلات ثالثية.

وإذا تركبت الكلمات مع الأرقام مع الذبذبات, تحدث تفاعلات رابعية.

وهكذا كلما تعددت نوعية العناصر المركبة كانت تفاعلاتها أكثر تعقيداً.

مثلاً: لو كتبت جملة معينة مرة واحدة كان لها أثر معين, هو أثر تلك الأحرف, وإذا كتبت برقم معين يتفاعل معها كان لها أثر آخر, هو أثر تلك الأحرف مضافاً إلى تفاعلها مع ذلك الرقم. وإذا قرأت تلك الجملة بذلك الرقم, كان لها أثر ثالث, هو أثر تلك الأحرف, مضافاً إلى تفاعلها مع ذلك الرقم, مضافاً إلى تفاعل المجموع مع تلك الذبذبات الصوتية, فإذا أضيف إلى هذه الأنواع الثلاثة عنصر من العناصر نوع رابع من العناصر كعنصر الزمان أو اشتركت معها العناصر الروحية مثلاً بواسطة النية التي هي مساهمة روحية, أدى إلى تفاعل أكثر تعقيداً وفعالية.

وهذه الأنواع كلها من (عالم الأمر) كالروح والعقل والجاذبية وسائر الطاقات وتسمى بـ(الماورائيات) وقد أشار القرآن إلى هذا العالم في العديد من آياته: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون). سورة يس, آية82. (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا) سورة الشورى, آية52.

وهذا العالم متداخل ومتفاعل مع عالم المادة الذي يسمى بـ(عالم الخلق) قد أشار القرآن إلى هذا العالم في آيات عديدة: (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) سورة الأنعام, آية 1.

وأشار إلى عالم الأمر وعالم الخلق معاً: (ألا له الخلق والأمر وتبارك الله رب العالمين) سورة الأعراف, آية54.

والذين يجهلون عالم الأمر ونظامه يتعاملون مع موجوداته من موقع الجهل فقد يرشدهم العقل الباطن إلى التعامل الصحيح فيسلمون, وربما يسيئون التعامل معها فيصابون روحياً. كما أن الإنسان البدائي الذي يجهل عالم الخلق ونظامه يتعامل مع موجوداته من موقع الجهل, فقد ترشده غرائزه إلى التعامل الصحيح معها, فيسلم, وربما يسيء التعامل معها فيصاب جسدياً.

وكما أن الذي يجهل نظام عالم الخلق عليه أن لا يتعامل مع موجوداته إلا من خلال إرشاد الخبراء به, كالطبيب أو المهندس, كذلك الذي يجهل نظام عالم الأمر عليه أن لا يتعامل مع موجوداته إلا من خلال إرشاد الخبراء به وهم الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام).

وقد كان الإمام المهدي (عليه السلام) واضحاً جداً عندما قال: (لا لأمره تعقلون, ولا من أوليائه تقبلون) أي لستم خبراء بنظام عالم الأمر, ولا تلتزمون بإرشاد الخبراء به, فترتجلون كلمات للتعامل مع الماورائيات دون أن تعرفوا أنها تنفع أو تضر.

ومن هنا اشتهرت التوقيفية في التعامل مع الماورائيات.

118- سورة الصافات: آية 130 لكن الآية بكسر الهمزة على القراءة المشهورة.

119- قد يستغرب البعض من كلمة (بقية الله) من جهة أن الله سبحانه لا أجزاء له, حتى يكون آخر جزء منه يدعى (بقية), ولكن الذي يظهر أن المعنى غير ذلك, بل المعنى بقية من الله- على سبيل الإضافة المقدرة بـ(من) الجارة, وبمعنى بقية من قبل الله تعالى, فإن الله عز وجل بعث النبي (صلّى الله عليه وآله) وعين خلفاءه بأسمائهم واحداً واحداً, والآخر من الخلفاء إطلاق (بقية) عليه في محلة....

ويرتفع الاستغراب بملاحظة استعمال كلمة الله تعالى في القرآن الحكيم هذه اللفظة وهذا اللقب لنبيه شعيب (عليه السلام) حيث يقول: (بقيت الله خير لكم إن كنتم تعلمون) سورة هود آية 83، وقد ورد في كتب التفسير لمختلف مذاهب المسلمين تأويل هذه الآية الكريمة بالإمام المهدي (عليه السلام).

120- النقاش حول الرجعة غير وارد بالنسبة إلى من يؤمن بالإمام المهدي (عليه السلام), لأن ظهوره أول الرجعة. وقد بحثنا أصل الرجعة في كتابنا في التفسير عن تفسير قوله تعالى: (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل) سورة غافر, آية11.

121- العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: ج94 ص36 قال:

ووجدت بخط الشيخ محمد بم علي الجبعي: نقلاً من خط الشيخ الأجل علي بن السكون حدثنا الشيخ الأجل الفقيه سديد الدين أبو محمد عربي ابن مسافر العبادي أدام الله تأييده قراءة عليه قال:

حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن طحال المقدادي رحمه الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الطراز الكبير الذي عند رأس الإمام (عليه السلام) في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة قال حدثنا الشيخ الأجل السيد المفيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه بالمشهد المذكور على صاحبه أفضل السلام في الطراز المذكور في العشر الأواخر من ذي العقدة سنة تسع وخمسمائة قال حدثنا السيد السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الحسن البزاز قال أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى القمي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زنجويه القمي قال حدثنا أبو جعفر بن عبد الله بن جعفر الحميري.

قال أبو علي الحسن بن أشناس, وأخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني أن أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره وأجاز له جميع ما رواه أنه خرج إليه التوقيع من الناحية المقدسة حرسها الله بعد المسائل التي سألها والصلاة والتوجه أوله:...

122- ثم ذكر العلامة المجلسي (قدس سره) بنفس السند المذكور سابقاً دعاءً مطولاً عقيب هذه الزيارة ذكرناها في حقل الأدعية.

123- أ: الشيخ محمد بن الطوسي (قدس سره) في مصباحه ص572.

قال: قال ابن عياش: حدثني خير بن عبد الله عن مولاه- يعني: أبا القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه- قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها في رجب تقول إذا دخلت:...

ب: السيد ابن طاووس (قدس سره) في الإقبال ص111 عن جده الطوسي (قدس سره) ....

ج: العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار (ج102- ص195) قال: الزيارة العاشرة رواها الشيخ في المصباح والسيد في الإقبال والمزار وغيرهما قال الشيخ...

د: الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان ص126: ...

(والظاهر) أن الزيارة مروية عن صاحب الأمر عليه الصلاة والسلام لما ذكرنا وعلم من حال النواب الأربعة والحسين بن روح خاصة من عدم اختراعهم لأمثال ذلك من عند أنفسهم, وحيث لم تذكر هذه الزيارة عمن عاصروا بعض آباء صاحب الأمر عليه وعليهم السلام فليست الزيارة لبعض آبائه، فالظاهر أنها زيارة صادرة عن الناحية المحفوفة بالقدس.

(كما) أن الظاهر أنها زيارة للمعصومين (عليهم السلام) فقط. لا مطلق أولياء الله من أولاد المعصومين وغيرهم، لما في ثنايا الزيارة من العبادات المختصة بالمعصومين (عليهم السلام)، فلا يزار بها أبو الفضل العباس، أو علي الأكبر، أو فاطمة المعصومة بقم، أو عبد العظيم الحسن بالري، أو غيرهم (عليهم السلام).

124- السيد علي بن طاووس (قدس سره) في (مصباح الزائر) ص223- 225.

زيارة أخرى له صلوات الله عليه وهي المعروفة بالندبة خرجت من الناحية المحفوفة بالقدس إلى أبي جعفر محمد بن عبد الله الحميري رحمه الله وأمر أن تتلى في السرداب المقدس وهي:...

125- روى العلامة المجلسي- قدس الله تربته- في بحار الأنوار (ج101 ص317- 328) هذه الزيارة عن جماعة فقهائنا الفطاحل:

أ- علم الهدى السيد الشريف المرتضى (قدس سره) .

ب- الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (قدس سره) في مزاره.

ث- الشيخ محمد بن المشهدي صاحب (المزار الكبير) الذي ذكره في سفينة البحار (ج1 ص724) كما يلي:

(ابن المشهدي هو الشيخ الجليل السعيد المتبحر أبو عبد الله محمد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري المعروف بـ(محمد بن المشهدي) و(ابن المشهدي) مؤلف المزار المشهور الذي اعتمد عليه أصحابنا الأبرار الملقب بـ(المزار الكبير) في بحار الأنوار- إلى أن قال-: يروى عن جماعة من الأعلام منهم ابن البطريق, والسيد ابن زهرة, وشاذان بن جبرئيل القمي, والشيخ هبة الله بن نما, وأبو عبد الله الحسين بن جمال الدين هبة الله ابن الحسين بن رطبة السوراوي الفقيه الجليل الموصوف في الإجازات بكل الجميل, والأمير ورام ابن أبي فراس, وسديد الدين محمود الحمصي الرازي, ووالده, وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين).

ثم نقل المجلسي (قدس سره) بعد نقل الزيارة, قال مؤلف المزار الكبير:

زيارة أخرى في يوم عاشوراء مما خرج من الناحية إلى أحد الأبواب قال: تقف عليه- أي: قبر الإمام الحسين (عليه السلام)- وتقول:...

ثم قال المجلسي (قدس سره): فظهر أن هذه الزيارة منقولة مروية, ويحتمل أن لا تكون مختصة بيوم عاشوراء كما فعله السيد المرتضى (قدس سره).

126- شيت ابن آدم (عليه السلام) قال الطريحي (قدس سره) في مجمع البحرين (شيت وصي آدم وهو هبة الله ابن آدم ولد بعد هابيل بخمس سنين, ولم يعقب ولد أبيه غيره, وإليه تنتهي أنسباء الناس, عاش سبعمائة واثني عشر سنة, وقيل ألف سنة وأربعين, وروي: أن شيت أول ولد ولد لآدم (عليه السلام) ويافث ولد بعده, أنزل الله لهما حوريتين من الجنة إحداهما نزلة, والأخرى منزلة, فزوج نزلة شيت, ومنزلة يافث, فولد لشيت غلام, وليافث جارية, فتزاوجا فصار النسل منهما).

127- أي: جعله الله تعالى خليلاً لنفسه, إذ قال في القرآن الكريم: (واتخذ الله إبراهيم خليلاً) سورة النساء آية125.

128- إشارة إلى قوله تعالى: (... وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب * فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب) سورة ص آية 24- 25.

129- قال في البحار: وفي رواية المفيد والمزار الكبير بعد قوله- المخصوص بأخوته- قوله: السلام على صاحب القبة السامية.

130- قال في أقرباء الموارد, الجيب: القلب والصدر, يقال: هو ناصح الجيب أي القلب والصدر, يعني: أمينهما (والمضرجات) أي: الملطخات بالدماء.

131- في أقرب الموارد: اصطلمه: استأصله, واختلسه: وأخذه في نهزة ومخاتلة (والشاحبات) والمهزولات وذلك من الزهد, أو الجوع والعطش.

132- أي: المجاورين لتلك الأجسام الطاهرة عند قبورهم.

133- الظاهر: إن المراد بذلك الإمام الحسن الذكي (عليه السلام) الذي قتل بالسم الذي دسه معاوية (لعنه الله) إليه.

134- المطروحين على الأرض.

135- المضام: المظلوم.

136- الثغر: الفم, أو الأسنان مادامت في منابتها, وهذا كناية عن ضرب يزيد- الملعون- فم الإمام الحسين (عليه السلام) بعصاه.

137- الذئاب, والسباع كناية عن قتلته الظالمين لعنهم الله.

138- أي: الباسطين أجنحتهم يحركونها, ولعله كناية عن صعودهم ونزولهم هناك, واستقبالهم للزوار.

139- أي: سائل جاري, والحشاشة كقلامة بقية الروح في المريض والجريح, والحتوف جمع الحتف, بمعنى الموت.

140- قالوا: هذه كناية عن استمرار البكاء, وسيلان الدموع, إذ الدمع ليس سوى الدم الذي ينقلب دمعاً في الغدد الثانية داخل العيون, فإذا كثر البكاء, واستمر جريان الدموع يصيب تلك الغدد عطل عن عملها, فلا تستطيع قلب الدم إلى دمع, فيخرج الدم من العين عند البكاء. صلوات الله عليك من باك.

141- كالئاً: حافظاً, ومرامياً: مدافعاً.

142- أي: عالي الحسب والضرائب جمع الضريبة: الطبيعة والسجية.

143- غبار الحرب، والجأش: رواع القلب إذا اضطرب عند الفزع، ونفس الإنسان الجأش- أقرب الموارد- .

144- هو عبيد الله بن زياد الذي كتب إلى عمر بن سعد أن حل بين الماء وبين الحسين.

145- الاصطلام: الاستئصال والقتل، والهبوات جمع الهبوة بمعنى: الغبرة.

146- حمحم الفرس: ردد صوته في صدره.

147- أي: ذليلاً، وملوياً: مقلوباً.

148- الخشبات التي تشد فوق سنام الإبل.

149- الهملجة: سرعة مشي البرذون, وهي كناية عن تعجيل بني أمية وأتباعهم في ظلم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

(والموتور) هو الذي قتل منه قتيل فلم يثأر لدمه.

150- المهول: مفعول منصوب, أي: بكى قلب الرسول للأمر المهول وهو قتلك.

151- الأنزع هو الذي ظهرت نزعتاه بانحسار الشعر عنهما، والبطين: عظيم البطن، قال بعض المحققين أن من سمات الشجعان أن تمتد بطونهم للرائي طولاً من تحت الثديين إلى تحت السرة، ولعل المراد به ذلك.

152- أي: المجتمع الذي يلم ويجتمع عنده الزوار.

153- شعث كفرس: الفرقة.

154- السورتان تقرآن بعد فاتحة الكتاب, فإنه (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب).

155- سورة الأعراف آية 157.

156- الرهام جمع رهمة- بكسر الراء فيهما- المطر الضعيف الدائم (الآكام) جمع الأُكُم بضمتين, وهو جمع الإكام ككتاب, وهو جمع أكم كفرس, وهو جمع الأكم كطلبة بمعنى التل.

157- ثم جاء النص كما يلي:

ثم تركع وتسجد وتتشهد وتسلم, فإذا سبحت فعفر خديك وقل: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) أربعين مرة.

واسأل الله العصمة والنجاة والمغفرة والتوفيق بحسن العمل والقبول لما تتقرب اليه وتبتغي به وجهه.

وقف عند الرأس ثم صل ركعتين على ما تقدم.

ثم انكب على القبر وقبله وقل: (زاد الله في شرفكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

وادع لنفسك ولوالديك ولمن أردت.