المبحث الثامن |
و نصل في النهاية إلى السؤال الأخير من الأسئلة التي عرضناها، هو السؤال عن الطريقة التي يمكن أن نتصوّر من خلالها ما سيتمُّ على يد ذلك الفرد من انتصار حاسم للعدل، وقضاء على كيانات الظلم المواجهة له . والجواب المحدّد عن هذا السؤال يرتبط بمعرفة الوقت والمرحلة التي يقدّر للإمام المهديّ (ع) أن يظهر فيها على المسرح، وإمكان افتراض ما تتميز به تلك المرحلة من خصائص وملابسات لكي تُرسم في ضوء ذلك الصورة التي قد تتّخذها عملية التغيير، والمسار الذي قد تتحرك ضمنه، وما دمنا نجهل المرحلة ولا نعرف شيئاً عن ملابساتها وظروفها فلا يمكن التنبّؤ العلمي بما سيقع في اليوم الموعود، وإن أمكنت الافتراضات والتصوّرات التي تقوم في الغالب على أساس ذهني لا على أسس واقعية عينية. وهناك افتراض أساسي واحد بالإمكان قبوله على ضوء الأحاديث التي تحدثت عنه[1]، والتجارب التي لوحظت لعمليات التغيير الكبرى في التاريخ، وهو افتراض ظهور المهديّ (ع) في أعقاب فراغ كبير يحدث نتيجة نكسة وأزمة حضارية خانقة[2]. وذلك الفراغ يتيح المجال للرسالة الجديدة أن تمتدّ، وهذه النكسة تهيّء الجو النفسي لقبولها، وليست هذه النكسة مجرد حادثة تقع صدفة في تاريخ الحضارة الإنسانية، وإنما هي نتيجة طبيعية لتناقضات التاريخ المنقطع عن الله - سبحانه وتعالى - التي لا تجدُ لها في نهاية المطاف حلاًّ حاسماً فتشتعل النار التي لا تُبقي ولا تذر، ويبرز النور في تلك اللحظة; ليطفئ النار ويقيم على الأرض عدل السماء. و الحمد الله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين. وقد وقع الابتداء في كتابة هذه الوريقات في اليوم الثالث عشر من جمادى الثانية سنة 1397 هـ، ووقع الفراغ منها عصر اليوم السابع عشر من الشهر نفسه. و الله ولي التوفيق . محمد باقر الصدر - النجف الأشرف
تمّ الفراغ من تحقيق هذا الكتاب في شهر رجب المرجّب من سنة 1416 هـ، و ذلك في قم المقدسة. الدكتور عبدالجبار شرارة
|
[1] إشارة
إلى علامات الظهور أو الملابسات والأحداث والوقائع التي تسبق ظهوره المبارك أو
ترافق ظهوره كما صوّرتها الروايات ووردت بها الآثار الصحيحة، وقد بُسّطت
تفصيلاً في (عصر الظهور) للسيد محمد الصدر. وراجع: الإرشاد / الشيخ المفيد: ص
356 وما بعدها. [2] وفيه إشارة إلى ما يمكن أن تجّر إليه الإنسانية من أزمة حضارية بسبب التنافسات والصراعات بين الحضارات المادية والكيانات السياسية، وفشلها في تحقيق الأمن والاستقرار والسعادة للإنسان، ولقد بدأت بوادر مثل هذا الفراغ تظهر وتتّسع شيئاً فشيئاً في عصرنا الراهن في شرق الأرض وغربها، وكلّ متتب،ع للأخبار والتقارير الصحفية والتحقيقات الخبريّة يعرف ذلك جيّداً. وما اليوم الموعود ببعيد. |
![]() |