فهرس الكتاب

مكتبة الإمام المهدي


 

سيرته تجاه الأديان والمذاهب

يزيل الإمام المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ مظاهر الشرك كافة ويروج التوحيد الخالص: «ولا يبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله إلاّ عُبد الله فيها ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون»[1]، ويقوم(عليه السلام) بعرض الإيمان على الجميع وينهي الحالة المذهبية فيوحد المذاهب الإسلامية ويصلح الله به أمر الأمة ويرفع اختلافها ويؤلّف قلوبها[2] على أساس السنة النبوية النقية وما اُخفي أو ضيّع من قيم الإسلام الأصيلة. فهو كما قال جدّه (صلى الله عليه وآله): «سنته سنتي يقيم الناس على ملتي وشريعتي»[3].

ويُستفاد من بعض الروايات أنه(عليه السلام) يقوم بإخراج التوارة والإنجيل غير المحرّفين من غار بأنطاكية ويحاجج اليهود والنصارى بهما ويستخرج حُلي بيت المقدس ومائدة سليمان ويردها الى بيت المقدس[4]، ويدعمه في موقفه هذا عيسى(عليه السلام) الذي «يحتج به على نصارى الروم والصين»[5] حيث يرفض وفود اليهود والنصارى بعد نزوله عندما يأتونه مدعين أنهم أصحابه فيردهم ويصرّح بأنّ أصحابه هم المسلمون فينضم الى مجمع المهدي(عليه السلام)[6]الأمر الذي يؤدي الى رجوع النصارى عن تأليهه كما يقوم بأداء فريضة الحجّ الى البيت الحرام[7] ويُدفن الى جنب رسول الله(صلى الله عليه وآله)[8].

وتذكر بعض الروايات أن المهدي(عليه السلام) يخرج التوراة الأصلية من جبال بالشام ويحاجج اليهود بها فيسلم منهم جماعة كثيرة[9] ثم يستخرج تابوت السكينة من بحيرة طبرية ويُوضع بين يديه في بيت المقدس فيسلم اليهود ولا يبقى على العناد إلاّ القليل منهم[10].

محاربة البدع ونفي تحريف الغالين والمبطلين

وينفي الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ عن الدين التحريفات بصورة كاملة ويزيل كل البدع التي ورثها المسلمون من قرون الابتعاد عن الثقلين والسنة النبوية النقية وتعطيلها وهذا هو هدف ظهوره : «ليمحو الله به البدع كلها ويميتُ به الفتن كلها، يفتح الله به باب كلّ حقّ، ويُغلق به كل باب باطل»[11].

وهذا أول مايبدأ به(عليه السلام)، فتذكر الأحاديث الشريفة من مصاديقه هدم المقاصير التي ابتدعها بنو أمية في المساجد لعزل الإمام عن المأمومين[12]، ويعيد مقام ابراهيم(عليه السلام) الى موضعه الأصلي[13] ويزيل عن المساجد كل ما اُبتدع فيها ويعيدها الى السنة الإسلامية الأولى والطريقة المحمدية[14].

سيرته الادارية

ويختار المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ لحكم الأرض ولاةً هم خيرة أصحابه الذين يتحلّون بأعلى كفاءات الوالي الإسلامي من العلم والفقه والشجاعة والنزاهة والإخلاص[15]، وهو مع ذلك متابع لأمورهم وطريقة قيامهم بمهامهم ويحاسبهم بشدة فإن: «علامة المهدي أن يكون شديداً على العمال جواداً بالمال رحيماً بالمساكين»[16]، وفي عهده: «يُزاد المحسن في إحسانه ويُتاب على المسيء»[17].

وهو(عليه السلام) شديد مع المتاجرين بالدين والمقدسات الإسلامية الساعين لإضلال الناس، يردعهم عن ذلك، وممّا يقوم به في بدايات ظهوره هو قطع أيدي سدنة الكعبة بسبب ذلك ويفضحهم أمام الناس لكي لا ينخدعوا بهم; إذ هم «سراق الله»[18].

سيرته الجهادية

ويقوم الإمام المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ بالسيف، فظهوره يكون بعد إتمام الحجة البالغة واتضاح الحقائق بالكامل وفتح أبواب الحق وإغلاق الباطل ووقوع المعجزات والكرامات المبرهنة على تمتعه بالتأييد الإلهي ونصرة الملائكة البدريين له وامتلاكه قميص يوسف وعصا موسى وحجره وخاتم سليمان ودرع رسول الله(صلى الله عليه وآله) وسيفه ورايته وسائر مواريث الأنبياء(عليهم السلام) وإظهاره لها[19] وإتضاح تمثيله الصادق لمنهجهم وسعيه لتحقيق أهدافهم الإلهية وإقرار العدالة السماوية. ومع اتضاح كل ذلك لا يبقى على الباطل إلاّ المنحرفون المفسدون الذين لا يُرجى منهم إلاّ الفساد والأذى والظلم الذي يجب أن تُطهر منه الدولة المهدوية، لذلك نلاحظ في سيرة الإمام الجهادية الصرامة والحزم والحدية في التعامل مع الظالمين والمنحرفين فلا يبقى على الأرض منهم ديّار ولا يسمح لهم بالنشاط الإفسادي.

على أن الأحاديث الشريفة تصرّح بأنّ المهدي المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ يسير بسيرة أبويه رسول الله ووصيه الإمام علي ـ صلوات الله عليهما وآلهما ـ في مجاهدة المنحرفين والمبطلين فلا يبدأ القتال إلاّ بعد عرض الإيمان والدين الحق عليهم[20] ومحاججتهم بما ألزموا به أنفسهم كما رأينا في قضية إخراجه التوراة والإنجيل وهذه قضية أخرى مهمة في سيرته الجهادية(عليه السلام).

ويُستفاد من الروايات الشريفة أن من سيرته الجهادية تصفية الجبهة الداخلية وهي جبهة العالم الإسلامي من التيارات المحاربة المنحرفة أولاً قبل البدء بمجاهدة القوى الأجنبية، فينهي حركة السفياني ونفوذ البترية والمتأولة الجاهلين والنواصب المضلين المعاندين[21] ويعقد لأجل ذلك هدنة مع الروم قبل ان يتوجه لمجاهدة اليهود ثم الروم وقتل الدجال وفتح الأرض كلّها. بل ويعمد قبل البدء بتصفية الجبهة الداخلية بتنظيم صفوف جيشه ويعيّن القادة العسكريين الأكفاء ويعقد لهم الألوية ويذهب بالعاهات والضعف عن أنصاره ويقوّي قلوبهم[22] ويملأها إيماناً بالحق الذي يجاهدون من أجله ويبتليهم ويمحصهم[23]، لكي يتحرك لانجاز مهمته الإصلاحية الكبرى بجيش عقائدي قوي ومنسجم يتحلى بالكفاءة القتالية المطلوبة والقوة المعنوية اللازمة.

[1] إثبات الهداة: 2/410.

[2] ابن حماد: 102، الطبراني الأوسط: 1 / 136.

[3] كمال الدين: 411.

[4] ابن حماد، 98، سنن الداني: 101، الحاوي للسيوطي: 2/ 75، لوائح السفاريني: 2/ 2 تاريخ بغداد: 9/ 471، عقد الدرر: 141.

[5] غيبة النعماني: 146.

[6] تاريخ البخاري: 7 / 233، مسلم: 4/ 2253، ابن ماجة: 2/ 1357، الترمذي: 4/ 512.

[7] مسند أحمد: 2 / 240، صحيح مسلم: 2 / 915، مستدرك الحاكم: 2/ 595.

[8] تاريخ البخاري: 1 / 263، الترمذي: 5/ 588.

[9] ابن حماد: 98، ينابيع المودّة للقندوزي: 3/344 .

[10] ابن حماد: 99 ـ 100، عقد الدرر: 147، القول المختصر: 24.

[11] ملاحم السيد ابن طاووس: 32.

[12] اثبات الهداة: 3 / 506.

[13] اثبات الهداة: 527.

[14] اثبات الهداة: 516 ـ 517.

[15] إثبات الهداة: 3/ 494.

[16] مسند ابن ابي شيبة: 15 / 199، سنن الدارمي: 101، حاوي السيوطي: 2/ 77.

[17] مسند ابن أبي شيبة: 15/199، سنن الدارمي: 101، حاوي السيوطي: 2/77.

[18] إثبات الهداة: 3/ 449، 455.

[19] إثبات الهداة: 439 ـ 440، 494، 478، 487، وراجع عقد الدرر: 135، الفصول المهمة: 298، كفاية الأثر: 147، ابن حماد: 98، القول المختصر: 34، برهان المتقي: 152.

[20] الكافي: 8/ 227 وعنه في إثبات الهداة: 3/ 450 .

[21] الإرشاد: 2/384 وعنه في بحار الأنوار: 52/386 وعنه في اثبات الهداة: 3/544 .

[22] اثبات الهداة : 71 .

[23] الكافي: 8/ 167، كمال الدين: 672.