2- مخالفه السنه النبويه فى قسمه الاموال ولان المجتمع فى نظر الشريعه ذو شخصيه واحده، له كل المال الذى اقام به صلبه وجعله له معاشا، فان الشريعه الزمت المجتمع بان يدير المال ويصلحه ويعرضه معرض النماء، ويرتزق به ارتزاقا معتدلا مقتصدا، ويحفظه من الضياع والفساد، ومن مجملات القرآن التى تتعلق بالاموال، وبينها رسول اللّه(ص) ليستقيم حال المجتمع، قوله تعالى: (يسالونك عن الانفال قل الانفال للّه والرسول فاتقوا اللّه واصلحوا ذات بينكم واطيعوا اللّه ورسوله ان كنتم مومنين) «الانفال: 1»، والمعنى: يسالك اصحابك يا محمد عن هذه الغنائم التى غنمتها، فقل: هى للّه والرسول، يحكم فيها اللّه بحكمه ويقسمها الرسول. وروى ان النبى(ص) قال: (انما انا قاسم وخازن، واللّه يعطى)(151)، وقال: (ما اعطيكم ولا امنعكم انا قاسم اضع حيث امرت)(152)، وبين النبى(ص) حكم اللّه فى الغنيمه، قال تعالى: (واعلموا انما غنمتم من شىء فان للّه خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم باللّه...) «الانفال: 41»، وبين الرسول حكم الخمس وحكم الاربعه اخماس، وعلموا حق الذين حرمت عليهم الصدقه من ذى القربى، وحق الجنود. وقال تعالى: (انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمولفه قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل اللّه وابن السبيل فريضه من اللّه واللّه عليم حكيم) «التوبه: 60»، قال المفسرون: بين اللّه-تعالى- انه هو الذى قسم الصدقات وبين حكمها وتولى امرها بنفسه، ولم يكل قسمتها الى احد غيره، فقوله: (فريضه من اللّه)، اشاره الى ان تقسيمها الى الاصناف الثمانيه امر مفروض منه تعالى، واشاره الى ان الزكاه فريضه واجبه، وقوله تعالى: (واللّه عليم حكيم)، اشاره الى ان فريضه الزكاه مشرعه عن علم وحكمه، لا تقبل تغيير المغير. وروى ابو داود عن زياد بن الحارث قال: (اتيت النبى(ص)
فبايعته، فاتاه رجل، فقال: اعطنى من الصدقه، فقال
له
النبى(ص): ان اللّه لم يرض بحكم نبى ولا غيره فى
الصدقات
حتى حكم فيها، فجزاها ثمانيه اجزاء، فان كنت من تلك الاجزاء
اعطيتك حقك). وفى عهد عمر روى البخارى ومسلم ان صدقه رسول اللّه(ص) بالمدينه دفعها عمر الى على بن ابى طالب والعباس، وامسك خيبر وفدكا (156)، وذلك ايضا لما عنده من حديث، وروى ان اهل البيت ردوا الى عمر ما دفعه اليهم لانهم وجدوه دون حقهم الذى بينه رسول اللّه لهم، فعن يزيد بن هرمز ان نجده الحرورى ارسل الى ابن عباس يساله عن سهم ذى القربى، ويقول: لمن تراه؟ فقال ابن عباس: لقربى رسول اللّه(ص)، قسمه لهم رسول اللّه(ص)، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رايناه دون حقنا فرددناه عليه، وابينا ان نقبله(157). كان لقرار منع ميراث الرسول وصدقته آثار جانبيه
منها:
التعتيم على اهل البيت، لان خروجهم من تحت سقف ما
كتبه
اللّه لهم، وهم الذين حرمت عليهم الصدقه، يجعلهم
كغيرهم
من الناس، ولم يفعل النبى(ص) هذا فى حياته، وانما
كان يضع
الناس فى مواضعهم التى حددها اللّه تعالى، فعن جبير
بن
مطعم قال: (مشيت انا وعثمان بن عفان الى رسول
اللّه(ص)،
فقلنا: يا رسول اللّه، اعطيت بنى المطلب وتركتنا
ونحن وهم
منك بمنزله واحده، فقال: انما بنو المطلب وبنو هاشم
شىء
واحد)(158)،
وفى روايه: (انا وبنو المطلب لا نفترق فى
جاهليه ولا اسلام، وانما نحن وهم شىء واحد، وشبك
بين
اصابعه)(159).
وكان هناك العديد من الصحابه الذين عارضوا سياسه عدم قسمه الغنائم على سنه رسول اللّه(ص)، منهم الزبير بن العوام، فعن سفيان بن وهب قال: (لما فتحنا مصر بغير عهد، قام الزبير فقال: اقسمها يا عمرو بن العاص، فقال: لا اقسمها، فقال الزبير: واللّه لتقسمنها كما قسم رسول اللّه خيبر، فقال: واللّه لا اقسمها حتى اكتب الى امير المومنين، فكتب عمر اليه: اقرها حتى تغزوا منها حبل الحبله)(164)، قال المفسرون فى رد عمر: (يريد حتى يغزو اولاد الاولاد ويكون عاما فى الناس)، وقيل: (او يكون اراد المنع من القسمه حيث علقه على امر مجهول). ويشهد التاريخ ان عمرو بن العاص بسط يده على مصر كلها، وكان خراجها له طيله حياته فى عهد معاويه بن ابى سفيان، وذلك عندما تكاتف عمرو مع معاويه على على بن ابى طالب، فكافاه معاويه بان تكون مصر له طعمه، ومن الذين اعترضوا على قرار عمر: بلال بن رباح، فقد قال له عندما افتتحوا ارضا: اقسمها بيننا وخذ خمسها، فقال عمر: لا، هنا عين المال، ولكنى احبسه فيئا يجرى عليهم وعلى المسلمين، فقال بلال واصحابه: اقسمها بيننا، فقال عمر: اللهم اكفنى بلالا وذويه. قال راوى الحديث: فما حال الحول ومنهم عين تطرف(165)، اى: ماتوا بفضل دعاء عمر. وكان بلال كثير الاعتراض على سياسه عمر، عن ابن ابى حازم قال: (جاء بلال الى عمر حين قدم الشام، وعنده امراء الاجناد، فقال: يا عمر، انك بين هولاء وبين اللّه، وليس بينك وبين اللّه احد، فانظر من بين يديك ومن عن يمينك ومن عن شمالك، فان هولاء الذين جاووك (اى اتباع بلال)، واللّه لم ياكلوا الا لحوم الطير (اى لم يصل اليهم من الامراء شىء)، فقال عمر للامراء: لا اقوم من مجلسى هذا حتى تكفلوا لى لكل رجل من المسلمين بمديت(166) بر وحظهما من الخل والزيت، قالوا: تكفلنا لك يا امير المومنين)(167). اما قسمه عمر بن الخطاب بين الناس، فلقد فضل عمر المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضل المهاجرين كافه على الانصار كافه، وفضل العرب على العجم، وروى انه قال: (من اراد ان يسال عن المال فلياتنى، فان اللّه جعلنى له خازنا وقاسما، الا وانى بادى بالمهاجرين الاولين انا واصحابى فمعطيهم، ثم بادى بالانصار الذين تبواوا الدار والايمان فمعطيهم، ثم بادى بازواج النبى(ص) فمعطيهن)، وفى روايه: (ففرق لازواج النبى(ص) الا جويريه وصفيه وميمونه، فقالت عائشه: ان رسول اللّه(ص) كان يعدل بيننا، فعدل بينهن عمر)(168)، ثم قال عمر: (من اسرعت به الهجره اسرع به العطاء، ومن ابطا عن الهجره ابطا به عن العطاء، فلا يلومن احدكم الا مناخ راحلته)(169). وبالجمله، قال رسول اللّه(ص): (ايما قريه افتتحها اللّه ورسوله فهى للّه ورسوله، وايما قريه افتتحها المسلمون عنوه، فخمسها للّه ولرسوله وبقيتها لمن قاتل عليها)(170)، وكان(ص) يسوى بين الجنود فى القسمه، ولم يخص احدا بشىء دون الاخر(171)، ولقد اخبر بالغيب عن ربه بما سيحدث من بعده، وقال لابى ذر: (كيف انت وائمه من بعدى يستاثرون بهذا الفىء، اصبر حتى تلقانى)(172)، وقال: (خذوا العطاء ما دام عطاء، فاذا كان انما هو رشى فاتركوه، ولا اراكم تفعلون، يحملكم على ذلك الفقر والحاجه، الا وان رحى بنى مرج قد دارت، وان رحى الاسلام دائره، وان الكتاب والسلطان سيفترقان، فدوروا مع الكتاب حيث دار...)(173). واذا كان الاجتهاد قد اخرج اهل البيت والجنود الذين شاركوا فى المعارك من قسمه رسول اللّه(ص)، فان الاجتهاد قد اخرج المولفه قلوبهم من القسمه التى قسمها اللّه تعالى. ولقد ذكرنا من قبل ان اللّه-تعالى- هو الذى قسم الصدقات، وبين حكمها، وتولى امرها بنفسه، ولم يكل قسمتها الى احد غيره، وجزاها -سبحانه- ثمانيه اجزاء، لا تقبل تغيير المغير، قال تعالى: (انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمولفه قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل اللّه وابن السبيل فريضه من اللّه) «التوبه: 60»، وروى ان النبى(ص) اعطى المولفه قلوبهم، وهم صنفان: صنف كفار، وصنف اسلموا على ضعف، وذلك ليامن شرهم وفتنتهم، لان من شان الصدقه انها تولف بين القلوب وتبسط الامن، وظل النبى(ص) يعطى هذا السهم للمولفه قلوبهم ليعاونوا المسلمين او ليقوى اسلامهم، حتى وفاته(ص). وكان ابو سفيان(174) وابنه معاويه(175) من الذين اعطاهم النبى من سهم المولفه قلوبهم، وروى (ان عمرو بن العاص حين جزع عن موته، فقيل له: قد كان رسول اللّه(ص) يدينك ويستعملك، فقال: اما -واللّه- ما ادرى احبا كان ذلك ام تالفا يتالفنى؟)(176)، وعلى الرغم من ان النبى(ص) كان يعطى ابا سفيان من سهم المولفه، الا ان الصحابه كانوا يختلفون فى تحديد موقعه، روى (ان ابا سفيان اتى على سلمان وصهيب وبلال فى نفر، فقالوا: واللّه ما اخذت سيوف اللّه من عنق عدو اللّه ماخذها، فقال ابو بكر: اتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ فاتى النبى(ص) فاخبره، فقال النبى(ص): يا ابا بكر، لعلك اغضبتهم، لئن كنت اغضبتهم لقد اغضبت ربك، فاتاهم ابو بكر، فقال: يا اخوتاه اغضبتكم، قالوا: يغفر اللّه لك يا اخى)(177)، قال النووى: (هذه فضيله ظاهره لسلمان ورفقته هولاء)(178)، وروى ان النبى(ص) اعطى قريشا حين افاء اللّه عليه اموال هوازن، فقال الناس من الانصار: يعطى قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فعندما سمع رسول اللّه(ص) بمقالتهم، ارسل الى الانصار فجمعهم ولم يدع احدا غيرهم، فقال: (انى لاعطى رجالا حدثاء عهد بكفر اتالفهم، افلا ترضون ان يذهب الناس بالاموال وترجعون برسول اللّه الى رحابكم؟ فواللّه لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، قالوا: اجل يا رسول اللّه قد رضينا، فقال لهم: انكم ستجدون بعدى اثره شديده، فاصبروا حتى تلقوا اللّه ورسوله فانى فرطكم على الحوض)(179). لقد كان فى سهم المولفه امتحان وابتلاء، ولكن الصحابه بعد رسول اللّه(ص) اجتهدوا فيه.. روى (ان الاقرع بن حابس وعيينه بن حصين، وكانا من المولفه قلوبهم، جاءا يطلبان ارضا من ابى بكر، فكتب بذلك خطا، فمزقه عمر بن الخطاب، وقال: هذا شىء كان يعطيكموه رسول اللّه(ص) تاليفا لكم، فاما اليوم فقد اعز اللّه الاسلام واغنى عنكم، فان ثبتم على الاسلام، والا فبيننا وبينكم السيف، فرجعوا الى ابى بكر، فقالوا: انت الخليفه ام عمر؟ بذلت لنا الخط ومزقه عمر، فقال ابو بكر: هو ان شاء اللّه، ووافق عمر)(180). وعن الشعبى انه قال: (كانت المولفه على عهد رسول
اللّه(ص)،
فلما ولى ابو بكر انقطعت)(181)، واعترض ابن قدامه على
انقطاع سهم المولفه وقال: ان اللّه-تعالى- سمى
المولفه فى
الاصناف الذين سمى الصدقه لهم، والنبى(ص) قال: (ان
اللّه
حكم فيها فجزاها ثمانيه اجزاء)، وكان -عليه الصلاه
والسلام-
يعطى المولفه كثيرا فى اخبار مشهوره، ولم يزل
كذلك حتى
مات، ولا يجوز ترك كتاب اللّه وسنه رسوله الا بنسخ،
والنسخ لا
يثبت بالاحتمال، ثم ان النسخ انما يكون فى حياه
النبى(ص)،
لان النسخ انما يكون بنص ولا يكون النص بعد موت
النبى(ص)
وانقراض زمن الوحى، ثم ان القرآن لا ينسخ الا
بقرآن، وليس
فى القرآن نسخ لذلك ولا فى السنه، فكيف يترك الكتاب
والسنه بمجرد الاراء والتحكم، او بقول صحابى او والخلاصه، ختم اللّه-تعالى- آيه الانفال بقوله:
(واطيعوا اللّه
ورسوله ان كنتم مومنين) «الانفال: 1»، وفى هذا تحذير
من
الاختلاف، واخبار بان طاعه الرسول طاعه للّه، وختم
-سبحانه-
آيه الخمس بقوله: (ان كنتم آمنتم باللّه وما انزلنا
على عبدنا
يوم الفرقان يوم التقى الجمعان) «الانفال: 41»، قال
ابن كثير:
(اى امتثلوا ما شرعنا لكم من الخمس فى الغنائم ان
كنتم
تومنون باللّه واليوم الاخر وما انزلنا على الرسول
فى
القسمه)(183)،
وختم سبحانه آيه الزكاه بقوله: (فريضه من
اللّه واللّه عليم حكيم) «التوبه: 60»، قال ابن كثير:
(اى حكما
مقدرا بتقدير اللّه وفرضه وقسمه، فهو -تعالى- عليم
بظواهر
الامور وبواطنها، وبمصالح عباده فى ما يقوله
ويفعله ويشرعه
ويحكم به)(184). فالطريق كان عليه ضعيف الايمان، وكان
عليه ابناء الامم، وكانعليه امراء التنافس، والتحاسد، والتدابر،
والتباغض، والبغى،
وكان عليه المنافقون، ومنهم اثنا عشر رجلا حرب للّه
ولرسوله
فى الحياه الدنيا، وعلى طريق كهذا، لا نستبعد ان
تضيع
الصلاه، وقد سجل حذيفه البادره الاولى قبل وفاته،
فقال:
(ابتلينا، حتى جعل الرجل منا لا يصلى الا سرا)(198)،
وكان
النبى(ص) قد اخبر بالغيب عن ربه، ان الصلاه فى
طريقها الى
الضياع، فعن ابى ذر قال: (قال رسول اللّه(ص): يا ابا
ذر، امراء
يكونون بعدى يميتون الصلاه فصل الصلاه لوقتها...)(199)،
قال النووى: (اى يجعلونها كالميت الذى خرجت
روحه)(200).
ولما كان حذيفه قد صلى سرا، ولما كان ابن مسعود قد شهد تاخير الصلاه، فان ابا الدرداء قد شهد شيئا آخر، فعن ام الدرداء قالت: (دخل على ابو الدرداء وهو مغضب، فقلت: من اغضبك؟ قال: واللّه لا اعرف فيهم من امر محمد(ص) شيئا الا انهم يصلون جميعا)(204)، ومات ابو الدرداء فى خلافه عثمان. ثم جاء عام ستين، وهو العام الذى حمل الصبيان
اعلامه، وفيه
قال النبى(ص): (تعوذوا باللّه من راس الستين ومن
اماره
الصبيان)(205)،
وقال: (ويل للعرب من شر قد اقترب على
راس الستين تصير الامانه غنيمه، والصدقه غرامه،
والشهاده ومن الدلائل على ان جيل الستين اخذ وقوده ممن سبقه، ان النبى(ص) اخبر فى حديث آخر بان كثره المال هى الخلفيه الاساسيه التى يتم عليها تفريخ هولاء، قال(ص): (مما اتخوف على امتى ان يكثر فيهم المال حتى يتنافسوا فيقتلون عليه، وان مما اتخوف على امتى ان يفتح لهم القرآن، حتى يقراه المومن والكافر والمنافق)(209). فالمال انتج التنافس، والتحاسد، والتدابر،
والتباغض، والبغى،
وفتح القرآن امام العامه -مع عدم وجود العالم به-
ادى الى
ترتيله فى زحام الاسواق، حيث لا مستمع ولا منصت،
ومن
الاصاغر اخذ العلم الذى ادى الى ضياع الصلاه، ولقد
سئل
النبى(ص) عن اشراط الساعه، فقال: (ان من اشراطها ان
يلتمس العلم عند الاصاغر)، قال ابن المبارك:
(الاصاغر الذين
يقولون برايهم)(210)، وعن ابن مسعود قال: (لا
يزال الناس
بخير ما اخذوا العلم عن اكابرهم، فان اخذوه من
اصاغرهم
وشرارهم هلكوا)(211)، وعن انس قال: (قيل: يا رسول
اللّه،
متى ندع الائتمار بالمعروف والنهى عن المنكر؟ قال:
اذا ظهر
فيكم ما ظهر فى بنى اسرائيل، اذا كانت الفاحشه فى
كباركم،
والملك فى صغاركم، والعلم فى رذالكم)(212). والخساره التى توعد اللّه بها الخلف الذين اضاعوا
الصلاه واتبعوا
الشهوات، يحمل اسبابها امراء السوء وسبايا السوء
الذين تربوا
على القصص، وتسربت اليهم روح الامم المستعليه
الجباره،
فهولاء وغيرهم فتحوا ابواب القتال من اجل الملك،
وعند نهايه
القتال، وفى نهايه المسيره كانت الخساره عنوانا
رئيسيا لكل
شىء فى عالم الاستدراج. اما فى المشرق، فتم تاسيس الدوله الطاهريه بخراسان
عام
204ه، وتتابع ظهور الدويلات الصغيره بعد ذلك شرق
ايران،
كالصغاريين والسامانيين والغزنويين، ثم قامت
الدوله البويهيه
فى الجزء المتبقى لهم فى ايران، ثم جاء المغول عام
334ه
وانزل الستار على الدوله العباسيه، وكان للدوله
فرع يحكم
رمزيا فى مصر، قضى عليه سليم الاول من سلاطين آل
عثمان،
بعد استيلائه على مصر عام 922ه. لقد بدا الطريق من عند البحث عن الدرهم والدينار،
والنبى(ص) اخبر عن ربه جل وعلا، فقال: (كيف انتم اذا
لم
تجبوا دينارا ولا درهما-؟ قالوا: ولم ذاك؟ قال:
تنتهك ذمه اللّه
وذمه رسوله، فيشد اللّه قلوب اهل الذمه فيمنعون ما
بايديهم)(172)،
وقال: (يوشك ان تداعى عليكم الامم من
كل افق كما تداعى الاكله الى قصعتها، قالوا: يا رسول
اللّه، فمن
قله بنا يومئذ؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل،
يجعل الوهن
فى قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم، لحبكم
الدنيا
وكراهيتكم الموت)(218)، وقال صاحب عون المعبود: (اى
يدعو بعضهم بعضا لمقاتلتكم وسلب ما ملكتموه من
الديار
والاموال، ولقد وصفهم النبى(ص) بغثاء السيل، لقله
شجاعتهم
ودناءه قدرهم، وغثاء السيل: اى كالذى يحمله السيل
من زبد
ووسخ)(219).
|
149-رواه الترمذى وصححه، الجامع: 4/569.
187-رواه مسلم، الصحيح: 18/97.
|