تمهيد
ثانيا: المهدي في السنة الشريفة
إن موضوع الإمام المهدي (عليه السلام) ، بات من المسائل الحساسة جدا .. ، وخاصة في هذه الفترة بالذات ، حيث بات بعض من الناس يستفسر عن أصل الموضوع وتفاصيله ، وثار جدل وخلاف فيه. ومع الأسف الشديد ، فقد أصبح القول بوجود الإمام المهدي (عليه السلام) مادة للتهاتر و السخرية ، وبدأ التشكيك في أصل القضية من قبل بعض الكتاب ضد الشيعة الإمامية (الإثني عشرية) ، واتهامهم باختراع فكرة (المهدي بن الحسن العسكري(عليه السلام)) من وهم الخيال ، و ادعائهم بأن الشيعة (الإمامية) تحاول تعزيز هذه الفكرة أو النظرية بكل الوسائل ، حتى تصبح من فرضية وهمية إلى حقيقة بديهية ، لا تقبل الجدل أو الشك. إن موضوع الخلاف حول وجود (الإمام المهدي(عليه السلام)) وولادته قديم ، منذ مئات السنين ،حتى إن أفراداً معدودين كابن خلدون وأحمد أمين المصري ومن تبعهم ، يشككون في صدور هذه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله .. والقرائن المتوفرة في أيدينا ، تدل على أن التشكيك من قبل هؤلاء ، أو الباعث على ترددهم ، لم يكن لضعف في الأخبار ، بل كانوا يجدون أن الروايات الواردة في المهدي (عليه السلام) مشتملة على مسائل لا تكاد تصدق - من وجهة نظرهم - أو إنهم لم يستطيعوا أن يميزوا الأحاديث الصحيحة عن غيرها. على كل حال ، يلزمنا قبل كل شيء ، إن نوضح أن النصوص والروايات قد تواترت حول شخصية المهدي (عليه السلام) وعلامات شخصه ، حتى لم يعد هناك مجال للغموض في ذلك ، بل إن الروايات الواردة في المهدي (عليه السلام) من الكثرة بحيث لا يستطيع أي محقق إسلامي - من أي مذهب كان - أن ينكر تواترها ، بل إن أشد الفرق الإسلامية تزمتاً وتعصباً أذعنت لهذا الأمر ولم تنكره ، و أُلفت بعض الرسائل التي تثبت صحة الأخبار الواردة في المهدي (عليه السلام). بالطبع ليس مجال بحثنا استعراض كل تلك الآيات القرآنية والروايات والنصوص حول المهدي (عليه السلام) ، لكنني سأكتفي بعرض إحصائيات وفهارس توضح حجم النصوص الواردة في الموضوع ، ومن ينشد المزيد ، يمكنه مراجعة القرآن الكريم وكتب تفسيره وكتب الحديث. أولا: المهدي في القران الكريم: القرآن الكريم أخبر عن الإمام المهدي (عليه السلام) و قيام حكومته في مواضع عديدة ، وآيات متعددة .. وإن الآيات المؤولة بالإمام المهدي (عليه السلام) حسب ما ورد في الأحاديث كثيرة جداً ، وقد جمع بعضها العلامة المعاصر السيد صادق الحسيني الشيرازي في كتاب سماه: (المهدي في القران) فذكر (106) من الآيات القرآنية الشريفة التي جمعها ونقلها عن مصادر أهل العامة فقط ، أغلبها من كتاب (ينابيع المودة) للقندوزي .. شرحت: تفسيراً ، أو تأويلاً ، أو تنـزيلاً ، أو تطبيقاً أو تشبيهاً في الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) .. وسنستعرض في الفهرس القادم ما مجموعة (118) آية مؤولة في الإمام المهدي (عليه السلام) اعتمدنا في ذلك على كتاب المهدي في القران ، وكتاب إلزام الناصب.
المهدي في القرآن الكريم
بعد ذكر هذا الكم الهائل من الآيات الشريفة المؤولة في الإمام المهدي (عليه السلام) ، هل هناك مجال للشك في أصل الموضوع ، أم هل هي فكرة من أوهام وخيال الشيعة الإمامية؟!!!. وسنعرض بعض الآيات الكريمة ، لتكون هداية لمن ألقي السمع وهو شهيد .. و هي غير الآيات التي سنستعرضها في دفات الفصل الثالث الموضحة علامات ظهوره (عليه السلام) وبعض الحوادث المرافقة لقيامة ، كخسف البيداء والصيحة ، إلى غير ذلك ، إلماماً للفائدة المرجوة: 1- قوله تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (1) عن رفاعة بن موسى قال: سمعت الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) يقول في قوله تعالى (و له أسلم ...... وكرها) قال: (إذا قام القائم المهدي لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا اله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله) (2) إن هذه الآية الكريمة إشارةٍ إلى عهد المهدي المنتظر (عليه السلام) إذ في زمانه الكلمة كلها لله على وجه الأرض ، لأن كل من في الأرض ، يُسلم ويخضع لله تعالى ، ولم يتم هذا حتى اليوم ، لا في عهد الأنبياء السابقين عليهم السلام و لا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ولا في عهود بعده. 2- قوله تعالى (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) (3) عن أبى جعفر (عليه السلام) قال: .. (فإذا خرج المهدي (عليه السلام) أسند ظهره إلى الكعبة و اجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أتباعه ، فأول ما ينطق به هذه الآية (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) ثم يقول: أنا بقية الله وخليفته وحجته عليكم ، فلا يسلم عليه أحد إلا قال السلام عليك يا بقية الله في الأرض) (4). 3- قوله تعالى (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (5). عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (ويل هذه الأمة من ملوك جبابرة ، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهروا طاعتهم ، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه يعرفهم بلقبه ، (فإذا) أراد الله (عليه السلام) أن يعيد الإسلام عزيزاً ، قصم كل جبار عنيد ، وهو القادر على ما يشاء ، أن يصلح أمة بعد فسادها ، ثم قال صلى الله عليه وآله: يا حذيفة ، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم ، حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه ، ويظهر الإسلام ، ثم قال صلى الله عليه وآله: لا يخلف الله وعده وهو سريع الحساب) (6) .. هذا تطبيق من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله العالم بحقائق القران ومعاريضه ومراميه ، لهذه الآية الكريمة على حفيده الإمام المهدي (عليه السلام). 4- قوله تعالى )قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ! قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ ! إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ( (7) عن الحسن بن خالد قال: قال الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ( (إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) وهو يوم خروج قائمنا .. فقيل له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ومن القائم منكم أهل البيت؟ .. قال الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء ، يطهر الله به الأرض من كل جور و ظلم) (8) 5-قوله تعالى (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) (9) عن أبى الجارود عن الباقر (عليه السلام) قال: (هذه الآية نزلت في المهدي وأصحابه ، يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ، ويظهر الله بهم الدين ، حتى لا يرى أثر من الظلم و البدع) وعنه (عليه السلام) قال: (هذه الآية لآل محمد صلى الله عليهم إلى آخر الأئمة ، والمهدي (عليه السلام) وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ، ويظهر الدين ، ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهاء الحق حتى لا يرى أثر من الظلم ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر) (10) 6- قوله تعالى (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) (11) عن المفضل بن عمر قال: سألت الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عن قوله (عليه السلام) (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ) الآية ، قال: (هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه و هو إنه قال (يارب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي) فتاب عليه إنه التواب الرحيم فقلت له: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله فما يعني بقوله (فَأَتَمَّهُنَّ) قال: (يعني: أتمهن إلى القائم المهدي إثني عشر إماماً ، تسعة من ولد الحسين) (12) علماً بأنه يمكن القول ، بأن القرآن الكريم حوى إشارات عديدة ، تبشر بشكل عام بيوم موعود ، ينتصر فيه عباد الله الصالحون ، حيث يظهر الدين الإسلامي على الدين كله .. مثل الآيات الشريفة: الأنبياء آية (105) ، النور آية (55) ، القصص آية (5) ، التوبة آية (33) ، الصف آية (9) .. إلى غير ذلك ، وكل هذه الآيات تبشر المؤمنين بنصر الله ، وأنه سيحل اليوم ، الذي يسود فيه الإسلام ربوع الأرض ، و ستحل عبادة الله وحده ، محل الشرك والكفر ، وسينعم العالم بعصر مشرق ، مفعم بالإيمان والسلام على يدي منقذ البشرية المهدي المنتظر (عليه السلام).
ثانياً: المهدي في الأحاديث الشريفة: تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام حول الإمام المهدي (عليه السلام) ، و نقلها الشيعة و السنة في كتبهم .. وهذه الأحاديث بكثرة وبتواتر يقطع بصحتها ، فلا يكاد يخلو منها كتاب في الحديث أو معجم في التراجم والسير .. و إن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، كان يبشر الأمة الإسلامية بظهوره في كل ناد و محفل ومنتدى ومجمع ، فتارة يبشر المسلمين بالإمام المهدي (عليه السلام) في ضمن الإئمة الاثني عشر ، وإنه هو الثاني عشر ، وتارة أخرى ، يخبر عنه ويؤكد أنه من ولد فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ، وأنه من صلب الإمام الحسين (عليه السلام) ، وأنه الإمام التاسع من ولد الحسين (عليه السلام) .. ومن خلال البحث والتدقيق ، يتضح لكل ذي لب أن موضوع المهدي (عليه السلام) كان من المسائل المسلم بها في عهد الرسول صلى الله عليه وآله ، وكان المسلمون ينتظرون ظهور رجل يقيم العدل ، ويمحق الظلم ، ويصلح شأن العالم ، ولهذا لم يكونوا يتساءلون عن أصل الموضوع .. وكانت معظم استفساراتهم ، تدور حول مسائل فرعية ، عن أصله ونسبه ، عن اسمه وكنيته ، عن صفاته وخصاله ، عن علامات ظهوره ، عن سبب غيبته وماينبغي عمله يومئذ .. إلى غير ذلك من الإستفسارات. إن الأحاديث الشريفة المروية حول الإمام المهدي (عليه السلام) كثيرة جداً وواضحة بحيث لا تعطي مجالاً للشك في أصله ونسبه وولادته إلى غير ذلك ، من الإثارات التي يحاول المشككون أن يثيروها حول اعتقادات الشيعة في هذا الموضوع ، وسأعرض بعض الإحصائيات ، موضحاً الكَم الهائل من الروايات ، معتمداً في ذلك على كتاب (منتخب الأثر) للسيد لطف الله الصافي الكلبايكاني.
المهدي في الأحاديث الشريفة
بعد ذكر هذا العدد الضخم من إحصائيات الأحاديث الشريفة الموضحة لنسب الإمام المهدي (عليه السلام) ، لم يبقَ مجال للشك في ولادته و نسبه .. وسأكتفي بعرض بعض الأحاديث المروية عن المعصومين عليهم السلام:
1-النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: عن أبى بصير ، عن الصادق (عليه السلام) ، عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله (المهدي من ولدي ، اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، وهو أشبه الناس بي خلقا وخلقاً ، يكون له غيبة وحيرة في الأمم حتى تضل الخلق عن أديانهم ، فعند ذلك ، يقبل كالشهاب الثاقب ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجورا). (13)
2-أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): عن أبى جعفر الثاني الإمام الجواد (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (للقائم منا غيبة ، أمدها طويل ، كإني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته ، يطلبون المرعى فلا يجدونه ، ألا: فمن ثبت منهم على دينه ، ولم يقسُ قلبه لطول مدة غيبة إمامه ، فهو معي ، و في درجتي يوم القيامة ، ثم قال: إن القائم منا ، إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة ، فلذلك تخفى ولادته و يغيب شخصه). (14)
3-فاطمة الزهراء عليها السلام: عن يونس بن ظبيان عن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) عن أبيه الإمام محمد بن علي (عليه السلام) عن أبيه الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) عن أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) قال: (قالت لي أمي فاطمة عليها السلام لما ولدتك دخل إليّ رسول الله صلى الله عليه وآله ، فناولتك إياه في خرقة صفراء ، فرمى بها ، و أخذ خرقة بيضاء لفك بها ، و أذن في أذنك الأيمن وأقام في الأيسر ، ثم قال: يا فاطمة خذيه ، فإنه أبو الأئمة ، تسعة من ولده أئمة أبرار و التاسع مهديهم) (15)
4-الإمام الحسن (عليه السلام): عن أبى سعيد عقيصا عن الإمام الحسن (عليه السلام) أنه قال: (أما علمتم أنه مامنا أحد إلا و يقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، إلا القائم الذي يصلي روح الله عيسى بن مريم خلفه ، فإن الله (عليه السلام) يخفي ولادته ، ويغيب شخصه ، لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج ، ذاك التاسع من ولد أخي الحسين ، ابن سيدة الإماء ، يطيل الله عمره في غيبته ، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة ، ذلك ليعلم أن الله على كل شيء قدير) (16)
5-الإمام الحسين (عليه السلام): عن أبى عبد الله بن عمر قال: (سمعت الحسين بن علي بن أبى طالب (عليه السلام) قال: لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم ، حتى يخرج رجل من ولدي ، فيملأها عدلاً و قسطاً ، كما ملئت جوراً و ظلماً كذلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول) (17)
6-الإمام السجاد (عليه السلام): عن سعيد بن جبير قال: سمعت زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: (في القائم منا سنن من الأنبياء عليهم السلام ، سنة من أبينا آدم ، وسنة من نوح ، وسنة من إبراهيم ، وسنة من موسى ، وسنة من عيسى ، وسنة من أيوب ، وسنة من محمد صلى الله عليه وآله: فأما من آدم و نوح فطول العمر ، وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس ، وأما من موسى فالخوف و الغيبة ، وأما من عيسى فاختلاف الناس فيه ، وأما من أيوب فالفرج بعد البلوى ، وأما من محمـــد فالخروج بالسيف) (18)
7-الإمام الباقر (عليه السلام): عن أبى الجارود زياد بن المنذر عن أبى جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (قال لي: يا ابا الجارود ، إذا دار الفلك وقال الناس: مات القائم أو هلك ، بأي واد سلك؟ و قال الطالب: أنى يكون ذلك؟ و قد بليت عظامه فعند ذلك فارجوه ، فإذا سمعتم به فاتوه ولو حبواً على الثلج) (19)
8-الإمام الصادق (عليه السلام): عن صفوان بن مهران عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (من أقر بجميع الأئمة و جحد المهدي ، كان كمن أقر بجميع الأنبياء و جحد محمداً صلى الله عليه وآله نبوته ، فقيل له: يأبن رسول الله فمن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع ، يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته) (20)
9- الإمام الكاظم (عليه السلام): عن يونس بن عبد الرحمن قال: (دخلت على موسى بن جعفـر (عليه السلام) فقلت له: يابن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال: أنا القائم بالحق ، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله و يملأها عدلاً كما ملئت جوراً هو الخامس من ولدي ، له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه ، يرتد فيها أقوام و يثبت فيها آخرون ، ثم قال (عليه السلام): طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا و البراءة من أعدائنا ، أولئك منا و نحن منهم ، قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة ، فطوبى لهم ، هم و الله معنا في درجتنا يوم القيامة) (21)
10- الإمام الرضا (عليه السلام): دخل دعبل الخزاعي شاعر أهل البيت على الإمام علي الرضا (عليه السلام) وأنشد قصيدته التائية الشهيرة: (مدارس آيات خلت من تلاوة) إلى أن قال: قال لي الرضا: أفلا ألحق بيتين بقصيدتك؟ قلت بلى يابن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: وقبر بطوس يالها من مصيبـة ألحت على الأحشاء بالزفرات إلى الحشر حتى يبعث الله قائماً يفرج عنا الهـم والـــــــــكربات قال دعبل: ثم قرأت باقي القصيدة عنده ، فلما انتهيت إلى قولي: خروج إمام لا محالة خـارج يقـوم على اســـــم الله والبركات يميز فينا كل حـق وباطـــــــل ويجزي على النعماء و النقمات بكى الإمام الرضا (عليه السلام) بكاءً شديداً ، ثم رفع رأسه إلى دعبل ، وقال له: يا خزاعي .. نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين .. فهل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟ فقال: لا يامولاي .. إلا إنى سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد و يملأها عدلاً كما ملئت جوراً. فقال الإمام: يادعبل .. الإمام بعدي : محمد ابني ، وبعد محمد: ابنه علي ، وبعد علي: ابنه الحسن ، وبعد الحسن: ابنه الحجة القائم ، وهو المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لولم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم ، حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، وأما متى يقوم فإخبار عن الوقت. لقد حدثني أبى عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلا بغتة)(22)
11- الإمام الجواد (عليه السلام): عن الصقر بن أبى دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) يقول: (أن الإمام بعدي ابني علي ، أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي ، ثم سكت ، فقلت له يابن رسول الله فمن الإمام بعد علي؟ قال: ابنه الحسن ، قلت يابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكى (عليه السلام) بكاءً شديداً ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر ، فقلت له يابن رسول الله ، ولم سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره ، وارتداد أكثر القائلين بإمامته ، فقلت له: ولم سمي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها ، فينتظر خروجه المخلصون ، وينكره المرتابون ، ويستهزئ بذكره الجاحدون ، ويكذب فيه الوقاتون ، ويهلك فيه المبطلون ، وينجو فيه المسلمون) (23)
12- الإمام الهادي (عليه السلام): عن عبد العظيم عن عبد الله الحسني قال: دخلت على سيدي و مولاي علي بن محمد (عليه السلام) فلما أبصرني قال لي: (مرحبا بك يا أبا القاسم ، أنت ولينا حقا ، فقلت له: يابن رسول الله إنى أريد أن أعرض عليك ديني ، فإن كان مرضياً ثبت عليه حتى ألقي الله (عليه السلام) فقال: هات يا أبا القاسم ، فقلت: إنى أقول: إن الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء ، خارج من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه ، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر بل مجسم الأجسام ومصور الصور وخالق الأعراض والجواهر ورب كل شيء ومالكه وجاعله و محدثه ، وإن محمداً عبده ورسوله وخاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيامة ، إن شريعته خاتمة الشرايع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة ، وإن الإمام و الخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي عليهم السلام ، ثم أنت يا مولاي ، فقال ومن بعدي الحسن فكيف للناس بالخلف من بعده ، قال: فقلت: وكيف ذلك يامولاي ؟ قال: لأنه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، قال: فقلت: أقررت وأقول: إن وليهم ولي الله ، وعدوهم عدو الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله ، وأقول : إن المعراج حق والمسألة في القبر حق ، وان الجنة حق ، والنار حق ، والصراط حق ، والميزان حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وإن الله يبعث من في القبور ، وأقول: إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم و الحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال: علي بن محمد (عليه السلام) يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده فاثبت عليه ، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (24)
13- الإمام العسكري (عليه السلام): عن أحمد بن إسحق الأشعري قال: (دخلت على أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده فقال لي مبتدئاً: يا أحمد بن إسحق إن الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (عليه السلام) ، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة الله على خلقه ، به يدفع البلاء عن أهل الأرض ، وبه ينزل الغيث ، وبه يخرج بركات الأرض قال: فقلت: يابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض مسرعاً فدخل البيت ، ثم خرج وعلى عاتقه غلام كانَّ وجهه الفجر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين ، فقال: يا أحمد بن إسحق لولا كرامتك على الله (عليه السلام) وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنه سميِّ برسول الله صلى الله عليه وآله وكنيِّه ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، يا أحمد بن إسحق مثله في هذه الأمة مثل الخضر ، ومثله مثل ذي القرنين ، والله ليغيبن غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلا من ثبته الله (عليه السلام) على القول بإمامته ، ووفقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه فقال: أحمد بن إسحق فقلت: يا مولاي فهل من علامة يطمئن إليها قلبي فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربي فصيح فقال: أنا بقية الله في أرضه ، و المنتقم من أعدائه ولا تطلب أثراً ، بعد عني يا أحمد بن إسحق قال: أحمد بن إسحق فخرجت مسروراً فرحاً ، فلما كان من الغد عدت إليه فقلت: يابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به عليّ ، فما السنة الجارية فيه من الخضر و ذي القرنين قال: طول الغيبة يا أحمد قلت: يابن رسول الله وإن غيبته لتطول قال: أي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ، ولا يبقى إلا من أخذه الله (عليه السلام) عهده لولايتنا وكتب في قلبه الإيمان ، وأيده بروح منه يا أحمد بن إسحق هذا أمر من أمر الله ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، فخذ ما أتيتك واكتمه ، وكن من الشاكرين ، تكن معنا غداً في عليين)(25)
14- الإمام المهدي (عليه السلام): ذكر في التوقيع الصادر من الناحية المقدسة إلى إسحق بن يعقوب: ( .. وأما علة ما وقع من الغيبة فإن الله تعالى (عليه السلام) يقول (لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (26) إنه لم يكن أحد من آبائي إلا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي ، وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب ، وإني أمان لأهل الأرض ، كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، فاغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ، ولا تتكلفوا علم ما قد كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فان ذلك فرجكم) (27) بعد استعراض هذا القدر الوافي من الآيات الكريمة المؤولة بالإمام (عليه السلام) والروايات الشريفة المتواترة الصحيحة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أئمة أهل البيت عليهم السلام حول الإمام الحجة (عليه السلام) .. هل يبقى مجال - بعد ذلك - للخلاف أو الاختلاف أو الشك أو الاجتهاد في موضوع الإمام المهدي (عليه السلام) أو ولادته؟ .. إذ من المستحيل عقلاً وعرفاً أن تكون هذه الأخبار والأحاديث صحيحة وأن يكون الإمام المهدي (عليه السلام) لم يولد بعد .. وكل من لم يقتنع بعد بكل هذه النصوص ، فمن الواجب عليه أن يؤمن بولادته الآن .. وإلا فاليرمِ برأيه في سلة المهملات ، وليخرج من ملة رسول الله صلى الله عليه وآله حيث جاء في الحديث الشريف: (عن غياث بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني) (28)
1 - سورة آل عمران (83) 2 - المهدي في القرآن – الشيرازي ص15 ، مجموعتي ج2 ص327 - دخيل 3 - سورة هود (86) 4 - المهدي في القرآن – ص57 5 - سورة الروم (6) 6 - المهدي في القرآن ص108 7 - سورة الحجر (36-38) 8 - المهدي في القرآن ص64 ، الزام الناصب ج1 ص69 9 - سورة الحج (41) 10 - إلزام الناصب ج1 ص76 ، مجموعتي – دخيل ج2 ص329 11 - سورة البقرة (124) 12 - المهدي في القرآن ص6 ، إلزام الناصب ج1 ص179 13 - إعلام الورى ص399 ، منتخب الأثر ص182 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص54 ، كمال الدين ج1 ص286 14 - إعلام الورى ص400 ، منتخب الأثر ص255 ، المهدي من ا لمهد إلى الظهور ص63 ، كمال الدين ج1 ص303 15 - منتخب الأثر ص89 16 - إعلام الورى ص400 ، منتخب الأثر ص206 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص68 ، كمال الدين ج1 ص316 17 - إعلام الورى ص402 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص69 ، كمال الدين ج1 ص318 ، الإرشاد للمفيد ج2 ص340 18 - إعلام الورى ص402 ، منتخب الأثر ص300 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص74 ، كمال الدين ج1 ص322 19 - إعلام الورى ص402 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص77 ، كمال الدين ج1 ص326 20 - كمال الدين ج2 ص333 ، إعلام الورى ص403 ، منتخب الأثر ص218 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص80 21 - كمال الدين ج2 ص361 ، إعلام الورى ص407 ، منتخب الأثر ص219 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص83 22 - كمال الدين ج2 ص372 ، إعلام الورى ص318 ، منتخب الأثر ص221 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص84 ، ديوان دعبل الخزاعي الدجيلي ص143 ، حوارات حول المنقذ ص49 ، مجموعتي ج2 ص343 23 - كمال الدين ج2 ص 378 ، إعلام الورى ص409 ، منتخب الأثر ص 224 24 - كمال الدين ج2 ص380 ، إعلام الورى ص410 25 - كمال الدين ج2 ص384 ، إعلام الورى ص 412 ، منتخب الأثر ص228 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص188 26 - سورة المائدة (101) 27 - كمال الدين ج2 ص485 ، غيبة الشيخ الطوسي ص177 ، إعلام الورى ص424 ، المهدي من المهد إلى الظهور ص214 28 - كمال الدين ج2 ص412 ، إعلام الورى ص399 ، منتخب الأثر ص492 |