.. الفصل الخامس أعمال مُعاويَة المنافية للإسلام ..

       

  كان لمعاويةَ مواقفُ وأعمال لا يُقرّها الإسلام،ولا تسْتَسيغُها النّفوس الأبيّة،وإن حاول المُدافعون عنه أن يبرّروها؛وليس هوأوّلَ من حكَم فاستبدّ لكنّه تميّزعن غيره بأنْ ذهبَ إلى أبعد حدّ في التّشفّي من خُصومه والتّنكيل بمُعارضيه واستعْمال كلّ الوسائل لتَشْويههم ونسبة النّقائص إليهم؛بل بلغَ به الأمرإلى أن رغّب النّاس في الكذب على النّبيّ صلى الله عليه و آله ولم يتورّع عن ملاحقة علي بن أبي طالب عليه السلام بالسّبّ والشّتم واللّعن بعد أن فارق الدّنيا.والنّزولُ إلى هذا المستوى في معاملة الخُصوم ليس فيه ما يفخَرُ به صاحبُه،وإنّما يكشفُ عن سوء طبع ودناءة همّة لا أكثر.ولأنّ أسلوب معاوية في التّعامل مع عليّ عليه السلام تدنّى إلى ما تدنّى إليه،فقد نفرَمنْه حتّى الذين لا يدينُون بالإسلام ورأوا فيه دليلاً على انْحطاط مُعاوية وهو على عرْشه وشُمُوخِ عليّ عليه السلام وهُوفي قبْره.ولعلّ ذلك ممّا دفع الشّاعرالمسيحي بولس سلامة إلى كتابة القصائد الغرّ في مدْح عليّ عليه السلام والدّفاع عنه،ولعلّه أيضاً ممّا دفع "الكاتب المسيحيّ جورج جرداق إلى ذلك التّمجيد في كتابه "الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانيّة ".وللأمانة فإنّه لا يسعنا إلاّ أنْ نُكبر في الرّجلين هذا الإنْصاف الذي لا يتراجع أمام الانتماء الطّائفي ولا يبخَسُ النّاس أشياءَهم لكوْنهم مُخالفين.

لقد أراد معاوية بأساليبه الحطّ من شأْن علي بن أبي طالب عليه السلام فلم يوفَّقْ،بل انْقلب عليه فعْلُه ولم يزدْ ذلك عليّاً إلا محبّةً في نفُوس أتْباعه وعظمةً في صُدور المطّلعين على سيرَته وأقواله.وقد كان في وُسْع معاوية أنْ يُحاكمَه إلى التّاريخ والضّميرالإنسانيّ،ويترُك للنّاس أنْ يحكُموا كلٌّ على شاكلَته،لكنّه أراد أنْ يحسمَ الأمرَبنفْسه ويقدّم الحكمَ لمَن يأتي بعده غيرَ قابل للطّعْن!واحتاطَ مُعاوية وعملَ لذلك بكلّ ما أُوتيَ،لكنّه لم يضعْ في حسابه أنّ الأرضَ لا تخلُو من طلاّب الحقيقَة الذين لا ينْخدعُون بزُخرُف،وفاتَهُ أنّ النّفوس الخيّرة توّاقةٌ إلى من يجسّد الخيْرَ شديدةُ النّفور ممّن يُجسّدُ الشّرّ.

من بيْن أعمال معاوية التي يظهرُ فيها الاستخفَاف بالدّين أنّه صلّى الجُمُعة يوْم الأربعاء[1]وصلّى بدون بسْملَة فاعْترض عليْه المُهاجرون والأنصار[2].

وفي شرح النهج [3]:عمروبن الحمق،يعرف بالكاهن،صحب الرسول عليه السلام وشهد المشاهد مع على،وقتله مُعاويَة بالجزيرة،وكان رأسه أول رأس صلب في

الإسْلام .

وقال في حق بسر[4]: بعثه مُعاويَة إلى اليمن في جيش كثيف،وأمَرَهُ أن يقتل كلَّ من كان في طاعة عليّ عليه السلام، فقتلَ خلقاً كثيراً،وقتلَ فيمن قتلَ ابنَيْ عبيد الله

بن العبّاس بن عبد المطّلب،وكانا غُلاميْن صغيريْن،فقالت أمّهُما تَرثيهما:يا من أحسّ بابنيّ اللذين هما**كالدّرّتين تشظّى عنهُما الصّدفُ في أبيات مشهورة .

أقول:لئن كان المؤرّخون والكلاميّون يصوّبون عليّاً عليه السلام ويخطّئون أصحاب الجمل وأصحاب صفّين،فإنّهم يتوقّفون في مسألة الخارج عن جماعة المسلمين،ويفتحون لأهل الباطل مصاريع التّبريروالاجتهاد،لأنّهم إن لم يفعلوا ذلك تعيّن عليهم رفعُ اليد عن عدالة جميع الصحابة التي طالما تعبّدوا بها.فمن خلال الكلام السّابق يظهرأنّ جُرْمَ الذين هجم عليهم بُسْر وقتَل منهم وأخافَ هُوَطاعتُهم لعليّ عليه السلام لا غير،وطاعةُ وليّ الأمرعند الجمهور أمرٌلابدّ منه،لكنّها ههنا سقطت لتَعارُضها مع عدالة جميع الصحابة.وما طَرحُوه من اجتهاد من طَرَف مُعاوية بن أبي سفيان وعائشة زوج النبي صلى اله عليه وآله لا يكون له وزن عند من يحترم كلام النّبيّ صلى اله عليه وآله،لأنّ الاجتهاد إنّما يقوم في إطار ضوابط شرعية تحدّدها الأحكام ؛ والأحكام تقضي أنّ وليّ الدّم هوالذي يطالب بالقصاص،وهذا وفق المراتب والطّبقات الموجودة في أحكام المواريث.ومن لم يكن له وليّ فالحاكم الشرعيّ وليّه، ولم تكن عائشة ولا معاوية من أولياء عثمان في حضورأولاد الأخيروبناته.فكان المفروض أن يأتي أولاد عثمان وبناته إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام ويطالبوا بحقّهم في القصاص إن كان هُناك قصاص.والحال أنّ عُثمان قَتَلَ نفسَه،لأنّ المسلمين من صحابة وتابعين استنفدُوا معه كلّ الأساليب والوسائل ليتنحّى عن الحُكم بعْد أن ثبت عجزُه عن إدارته بطريقة صحيحة، لكنّه أبى إلا التمسّك بالكرسيّ حتى الموت،وزعم أنّ الله تعالى هوالذي نصبه فقال "لا أنزع قميصاً ألبسنيه الله " وهذا افتراءٌ عظيم على الله تعالى،لأنّ عبد الرّحمن بن عوف هوالذي ألبسه إياه.وعبد الرحمن بن عوف نفسه ندم على بيعة عثمان حينما تبيّن له أنّ الأمر لن يعود إليه،ومات في وضع لا يحسد عليه فإنّه وإن كان كثيرَالمال إلاّ أنّ عثمان فرض عليه الإقامة الجبرية حين منع الناس من مجالسته بعد حوار داربينهما اتّهم فيه عبدُ الرّحمن بن عوف عثمان بالتّلاعب بأموال المسلمين وتبرّأَ من بيْعته وقال بالحرف الواحد [5]: " يا ابن عفان،لقد صدقنا عليك ماكنا نكذب فيك،وإني أستعيذ بالله من بيعتك ".[6]

           

***

1 اغتيال الحسن بن علي عليهما السلام

    وهوأمرٌيؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله ،والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم. قال اليعقوبي[7]: تُوُفّيَ الحسنُ بن علي سمّتْه جعْدة بنْتُ الأشْعَث بن قيس

الكندي ووصّى أن يُدفن عنْد النّبيّ إلاّ أن تُخاف فتْنة فينقل إلي مقابر المسلمين.فاستأذن الحسينُ عائشةَ فأذنتْ له فلمّا تُوُفّي أرادوا دفنَه عند النّبيّ فلم يعرض إليهم سعيد بن العاص وهو الأمير فقام مروانُ بن الحكم وجمع بني أميّة وشيعتَه ومنَع عن ذلك فأراد الحسين الامتناع فقيل له إنّ أخاك قال إذا خفتم الفتنةَ ففي مقابرالمسلمين وهذه فتنة،فسكت وصلّى عليه سعيد بن العاص فقال له الحسين لولا أنّه سنّة لما تركتُك تصلّي عليه.

وقال [8]: وتوفي الحسن بن علي في شهر ربيع الأول سنة 49 ولما حضرته الوفاة قال لأخيه الحسين يا أخي إنّ هذه آخر ثلاث مرار سقيت فيها السُّمّ ولم

أُسْقَه مثلَ مرّتي هذه وأنا ميّتٌ من يوْمي فإذا أنا متّ فادفنّي مع النّبيّ فما أحد أولى بقُرْبه منّي إلاّ أن تُمنع من ذلك فلا تسفكْ فيه محْجمَة دم.  

وفي كتاب المقريزي[9]: قد روي أنّ مُعاويَة هو الذي سمّ الحسن.

وقال ابن كثير[10]: [..] عن أمّ موسى أنّ جعْدة بنت الأشعث بن قيس سقَت الحسنَ السُّمّ فاشتكى منه شكاة،قال فكان يوضع تحته طشت ويرفع آخر نحواً من

أربعين يوماً.وروى بعضُهم أنّ يزيد بن معاوية بعث إلى جعْدة بنت الأشعث أن سُمّي الحسنَ وأنا أتزوّجك بعده،ففعلتْ،فلمّا مات الحسن بعثتْ إليه فقال:إنّا والله لم نرْضَك للحَسن أفنرْضَاك لأنْفُسنا؟وعندي أنّ هذا ليس بصحيح وعدم صحّته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى .

ولا يعجب القارئ من قول ابن كثير "عندي أنّ هذا ليس بصحيح وعدم صحته عن أبيه معاوية أولى" فإنّ ما ليس بصحيح عند ابن كثيروَافرٌكثيرٌ والمعْيارُ فيه أن يتضمّن قدحاً في بني أميّة،والرّجُلُ شاميّ،وقد كان مفتوناً بحبّ شيخه ابن تيمية،وموقف ابن تيمية من عليّ بن أبي طالب وأهل البيت عليهم السلام معلوم.

وقال ابن الأثير[11]:في هذه السّنة توفّي الحسن بن عليّ سمّته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكنديّ ووصّى أن يُدفن عند النّبيّ إلاّ أن تُخاف فتنة فيُنقل إلي مقابر

المسلمين .

وقال ابن الجوزي[12]: قال محمّد بن سلام الجُمَحيّ عن ابن جعدة قال كانت جعدة بنت الأشعث بن قيس تحت الحسن بن عليّ فدسّ إليها يزيد أنْ سُمّي حسناً

ففعلت فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها فقال إنّا لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا؟

وقال في صفوة الصفوة [13]: وقد ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه أن بنت الأشعث بن قيس كانت تحت الحسن بن علي فزعموا أنها هي التي سمّته.

وجاء في وفيات الأعيان[14]:قال القتبي يقال إنّ امرأته جعدة بنت الأشعث سمّته ومكث شهرين وإنّه ليُرفع من تحته كلّ يوم كذا وكذا طست من دَم وكان يقول

سُقيت السّمّ مراراً ما أصابني ما أصابني في هذه المرّة وخلف عليها رجلٌ من قُريش فأولدَها غلاماً فكان الصّبيانُ يقولون له يا ابْن مُسمّة الأزواج.     

طالعْ أيضاً بخصوص سمّ الحسن :تذكرة الخواصّ 192 ،وأنساب الأشراف (الكبير)ج3ص48-55،وربيع الابرارج4ص208،وتاريخ الخلفاء للسيوطي ج1 ص192.

2- قتل شيعة علي:

قال ابن أبي الحديد [15]: دعا بسرَبن أبي ارطاة،وكان قاسيَ القلب فظّاً سفّاكاً للدّماء،لارأفة عنْده ولا رحمة،فأمره أن يأخذ طريق الحجاز والمدينة ومكّة حتى

ينتهي إلى اليمن،وقال له:لا تنزل على بَلَد أهلُه على طاعة عليّ إلاّ بسطت عليهم لسانَك،حتى يروا أنّهم لا نجاء لهم،وأنك محيط بهم.ثُمّ اكففْ عنهم،وادعُهم إلى البيعة لي،فمَن أبَى فاقتلْه،واقتلْ شيعةَ عليّ حيث كانوا.

 

3- إحراق دار أبي أيّوب الأنصاري:

ومعلومٌ أنّ لدار أبي أيّوب الأنصاريّ حُرمة خاصّة بين بيوت الأنصار،فإنّها إضافة إلى كونها دار أحد الأنصارالذين شهدوا مع النّبيّ صلى الله عليه وآله المشاهدَ،هي أيضاً الدّارالمباركة التي بركت عندها ناقة النّبيّ صلى الله عليه وآله غداة الهجرة الشّريفة،وفيها أمضى النبيّ الأكرم الأيام الأولى قبل تمام بناء المسجد.وإذا كان كذلك فإنّه يعزّعلى أهل الإيمان والولاء أن يروا دارا آوتْ النبيّ صلى الله عليه و آله تلْتَهمها النّيران.لكنّ المؤرّخين لا يُشيرون إلى هذا خشيةَ أن يتنبّه العامّة ويُلحّوا في طلب تفْسير معقُول فتنْكَشف اللّعبة ويتبيّن حقدُ مُعاويَة وأهله وأنصاره على النبيّ صلى الله عليه وآله وعلى الإٍسلام والمسلمين.قال ابن أبي الحديد [16]: ودعا النّاس[أي بسر بن أرطاة]

إلى بيعة مُعاويَة فبايعوه.ونزل فأحرق دوراً كثيرة منها دارزُرارة بن حرون أَحَدِ بني عمروبن عوف،وداررفاعة بن رافع الزّرقيّ،ودارأبي أيوب الأنصاريّ وتفقّد جابر بن عبد الله فقال:ما لى لا أرى جابراً!يا بني سلمة،لا أمان لكم عندي أو تأتوني بجابر.فعاذ جابرُ بأمّ سلمة رضي الله عنها فارسلت إلى بسر بن أرطاة فقال:لا أؤمنه حتى يبايع،فقالت له أمّ سلمة:اذهبْ فبايعْ،وقالت لابنها عُمر اذهبْ فبايعْ ،فذهبا فبايعاه.

  وفي تاريخ خليفة [17]:واجتمع الناس على مُعاويَة،وأمّه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف.ودخل الكُوفة فخرج عليه عبد الله بن أبي

الحوساء بالنّخيلة،فبعث إليه مُعاويَة خالدَ بن عرفطة العذريّ حليف بني زهرة في جمع من أهل الكوفة،فقتل ابن أبي الحوساء في جمادى سنة إحدى وأربعين فيما ذكر أبوعبيدة وأبوالحسن.قال أبو عبيدة وأبو الحسن:لما قُتل ابنُ أبي الحوساء خرج حوثرة بن ذ راع،فسرح إليه مُعاويَة عبد الله بن عوف بن أحمرفي ألف،فقُتل حوثرة في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين .اهـ

4- قتل الصحابيّ الجليل عمرو بن الحمق:

عمرو بن الحمق ، يعرف بالكاهن ، صحب الرسول عليه السلام وشهد المشاهد مع عليّ ، وقتله مُعاويَة بالجزيرة ، وكان رأسه أوّل رأس صُلب في الإسْلام .[18]

وقال خليفة العصفري[19]: وعمرو بن الحمق بن كاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة وهو لحي من

ساكني الكُوفة قُتل بالموصل سنة أحدى وخمسين قتَله عبدُ الرحمن بن عثمان الثّقفي وبعثَ برأْسه إلى مُعاويَة روى أحاديث.وفي كتاب النزاع والتخاصم[20]:

الذي قاتل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأخذ الخلافة من الحسن بن علي رضي الله عنه واستلْحق زياد بن سميّة من زنْية واستخْلف على الأمّة ابنه يزيد القرود ويزيد الخمور.اهـ

أقول: في الكلام السّابق ثلاثة أمور من عظائم ما أتى به معاوية، وفيها جميعاً خالف النّبيّ صلى الله عليه و آله مُخالفة لا سبيلَ إلى تبريرها.

                

5- مقبرة واحدة للمسلمين واليهود:

في شرح النهج [21]: وجاء ناس من الأنصار ليَمنَعوا من الصّلاة عليه[أي على عثمان]،فأرسل عليّ عليه السلام، فمنع من رجْم سريره،وكفّ الذين راموا منع

الصّلاة عليه،ودفن في حشّ كوكب،فلمّا ظهر مُعاويَة على الأمرأمَرَ بذلك الحائط فهُدم،وأدْخل في البقيع،وأمرالنّاس أن يدفنوا موتاهم حول قبره،حتى اتّصل بمقابرالمسلمين بالبقيع .

وفي البداية والنّهاية [22]:وقد اعتنى مُعاويَة في أيّام إمارته بقبر عثمان ، ورفع الجدار بينه وبين البقيع ، وأمر النّاس أن يدفنوا موتاهم حوله حتى اتّصلت

بمقابر المسلمين.اهـ

وفيه أيضاً[23]: كانت له عليه السلام سريتان،إحداهما مارية بنت شمعون القبطيّة أهداها له صاحب اسكندريّة واسمه جريج بن مينا،وأهدى معها أختها شيرين

وذكرأبو نعيم أنّه أهداها في أربع جواروالله أعلم.وغلاماً خصيّاً اسمه مابور وبغلة يقال لها الدّلدل فقبل هديّته واختار لنفسه مارية وكانت من قرية ببلاد مصر يقال لها حفن من كورة أنصنا،وقد وضع عن أهل هذه البلدة مُعاويَة بن أبي سُفْيان في أيّام إمارته الخراج إكراما لها من أجل أنّها حملت من النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم بولد ذَكَروهُو إبراهيم عليه السلام، قالوا:وكانت مارية جميلة بيضاء أعجب بها النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم وأحبّها وحظيت عنده،ولا سيما بعدما وضعت إبراهيم ولده.اهـ

قلتُ:أما كان في وُسع مُعاويَة أن يعامل بني هاشم ببعض ما عامل به أهل القرية المذكورة؟!وكيف يعامل المصريّين لأجل حمل مارية بإبراهيم ثمّ يفضّل يزيد على سيّد شباب أهل الجنّة ويرفع بذلك صوته بين المسلمين؟وما بالُه لا يُكرم آل خديجة التي حملت من النّبيّ صلى اله عليه وآله بأكثر من واحد؟!

6- سياسة التجويع:

وسياسة التجويع عمل غيرإنساني يقوم به أناس لا خلاق لهم،يحاولون من خلاله الضغط على الطرف المقابل،وإن كان الأمر يختلف في حالة الحرب فإن الحصار داخل في استرتيجيتها لأنّه أسلوب من أساليبها يهدف إلى إضعاف العدوّ،وللنّاس في ذلك مواقف وأقوال يطول ذكرها.أمّا في حالة السّلم فإنه لا يُعقل أن يُجوّع الحاكم أفراد رعيّته ويمنعهم حقوقَهم،وقد كان مُعاويَة يفعل ذلك قبال المعارضين لسياسته.قال الخطيب البغدادي[24]:انصرف ثابت بن قيس إلى منزله فيجد

الأنصار مجتمعة في مسجد بني ظفر يريدون أن يكتبوا إلى مُعاويَة في حقوقهم أوّل ما استُخلف وذاك أنّه حبسهم سنتين أو ثلاثاً لم يعطهم شيئا، فقال ما هذا فقالوا نريد أن نكتب إلى مُعاويَة فقال ما تصنعون أن يكتب إليه جماعة يكتب إليه رجل منّا فإن كانت كائنة برجل منكم فهو خير من أن تقع بكم جميعا وتقع أسماؤكم عنده فقالوا فمن ذاك الذي يبذل نفسه لنا قال أنا قالوا فشأنك فكتب إليه وبدأ بنفسه فذكر أشياء منها نصرة النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم وغير ذلك وقال حبست حقوقنا واعتديت علينا وظلمتنا وما لنا إليك ذنب إلاّ نصرتنا للنّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم فلما قدم كتابه على مُعاويَة دفعه إلى يزيد فقرأه ثم قال له ما الرأي فقال تبعث فتصلبه على بابه فدعا كبراء أهل الشام فاستشارهم فقالوا تبعث إليه حتى تقدم به ههنا وتقفه لشيعتك ولأشراف النّاس حتى يروه ثمّ تصلبه فقال هل عندكم غير هذا قالوا لا فكتب إليه قد فهمت كتابك وما ذكرت النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم وقد علمت أنّها كانت ضجرة لشغلي وما كنت فيه من الفتنة التي شهرت فيها نفسك فأنظرني ثلاثاً فقدم كتابه على ثابت فقرأه على قومه وصبحهم العطاء في اليوم الرابع.اهـ

وقال البكري في معجم ما استعجم ج 3ص :740ولما حبس مُعاويَة الميرة عن أهل البصرة كتب إليه أهلها فلم يقرأ من كتبهم إلا كتاب الأحنف فكان فيه يا أمير المؤمنين خبزاً خبزاً فإنّ الجائع أدْنى همّه نجران وإنّ الشّبعان لا يجاوز همّه سفوان فأمر بإطلاق الميرة .اهـ

7- الذين قتلهم مُعاويَة بغير السّمّ

** حجر بن عدي

قال ابن خَلْدُون في تاريخه ج 3 ص13:وبعث مُعاويَة هدبة بن فيّاض القضاعيّ والحسين بن عبد الله الكلابيّ وأبا شريف البدريّ إلى حجر وأصحابه ليقتلوا منهم من أمرهم بقتْله فأتوهم وعرضَ عليهم البراءةُ من عليّ[!] فأبوا وصلّوا عامّة ليلتهم ثمّ قدموا من الغد للقتل وتوضّأ حجر وصلّى وقال لولا أن يظنّوا بى الجزع من الموت لاستكثرت منها اللّهمّ إنّا نستعديك على أمشاء أهل الكوفة يشهدون علينا وأهل الشأم يقتلوننا ثم مشى إليه هدبة بن فيّاض بالسّيف فارتعد فقالوا كيف وأنت زعمت أنّك لا تجزع من الموت فابرأ من صاحبك وندعك فقال ومالي لا أجزع وأنا بين القبر والكفن والسّيف وإن جزعت من الموت لا أقول ما يسخط الرّبّ فقَتلوه وقَتلوا ستّة معه وهم شريك بن شدّاد وصيفيّ بن فضيل وقبيصة بن حنيفة ومحرز بن شهاب وكرام بن حبان ودفنوهم وصلّوا عليهم وعبد الرحمن بن حسان العنزي وجئ بكريم بن الخثعمي إلى مُعاويَة فطلب منه البراءة من عليّ فسكت واستوهبه سمرة بن عبد الله الخثعمي من مُعاويَة فوهبه له على أن لا يدخل الكوفة فنزل إلى الموصل ثم سأل عبد الرحمن بن حسّان عن عليّ فأثنى خيراً ثمّ عن عثمان فقال أوّل من فتح باب الظلّم وأغلق باب الحقّ فردّه إلى زياد ليقتله شرّ قتْلة فدفَنه حيّاً وهُو سابع القوْم...اهـ

ولا أدري متى كان حبّ عليّ بن أبي طالب موجباً للقتل في الإسْلام؟!ولا أدري متى كانت البراءة من عليّ عليه السلام من الإسْلام؟ وليْت ابنَ خَلْدُون علّق على ذلك كما يُطيل التعليق حين يمرّ بشيء يتعلّق بأهل البيت عليهم السّلام وشيعتهم.وحجْربن عديّ من خيرة الصّحابة وأشْرافهم وابنُ خَلْدُون نفسُه يذكرُأنّه كان من الأمراء على أهل النّفيرالذين قدموا على عليّ عليه السلام بذى قار فركب إليهم ورحّب بهم[25]فلا شكّ في عدالته،ومع ذلك فقد قتَله مُعاويَة ظُلماً وعُدواناً،وقد استنكرتْ عائشةُ

زوجُ النّبيّ صلى الله عليه وآله قتْلَه،فلابُدّ لابْن خَلْدُون من صرْف نظَر القارئ واخْتصارالمطلب بقوله"وخَبَره معْروف".وبعْد هذا هلْ يوافقُ ابنُ خَلْدُون عائشةَ زوجَ النّبيّ صلى الله عليه وآله في موْقفها من قتْله أم يعدّها مُجتهدةً مُخطئةً مأجورةً كما هي عادتُه لتبريرأعمال مُعاويَة؟!.

والعجب من ابن خَلْدُون كيف يسمح لنفسه بمخالفة النّبي ّصلى الله عليه وآله في الدّعيّ، فقد قال صلى الله عليه وآله :"الولد للفراش وللعاهرالحجر" وهذه قاعدة مؤكّدَة لقول الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الأحزاب:[ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله]،فلوْ كان ابنُ خَلْدُون يحترمُ كلامَ الله تعالى وكلامَ رسوله صلى الله عليه وآله ويعملُ بحُكْم إبْطال التّبنّي لما قال عنْ زياد بن سعيد الرّوميّ إنّه ابن أبي سُفْيان،ولكنّه يعزّعلى ابن خَلْدُون أن يُقرّ بوجود العُهر والفُجور عنْد آل حرْب أباً عن جدّ، لذلك خطّت يمينُه الباطلَ وقال بكلّ بساطَة " على الثّورة بأخيه زياد".وهذا يزيدُ بن مقرع شاعرٌ مُعاصرٌ لمُعاويَة وزياد يقولُ [26]:

 ألا أبلغ مُعاويَة بن حرب  *** مغلغلة من الرَّجُل اليَماني

أتغضبُ أنٍْ يُقالَ أبُوك عَفّ *** وتَرضى أن يُقالَ أبوك زَانِ !!

 فأُقْسمُ إنّ رَحْمَك منْ زيَاد  *** كَرحْم الْفيل منْ وَلَد الأتَان

فإذا كان ابنُ خَلْدُون يعْتقدُ أنّ الفيلَ وابنَ الأتانِ أخَوانِ فأنْعمْ به.

** عمرو بن الحمق (سبق الحديث عنه )  

**عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة

وقال ابن أبي عاصم[27]:[..] عن الزُّهْريّ عن القاسم بن محمّد قال قال مُعاويَة لعبد الرحمن كُنْ على ما في نفسك ولا تشرف لأهل الشّام فإنّي أخشى أن

يسبقوني بنفسك ثمّ كُن من أمْرك على ما بدا لك قال فلم يلبث إلا قليلا حتى توفي عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله تعالى عنه .اهـ !

كيف تُوُفّيَ؟ولماذا يقتلُه أهلُ الشّام إذا كانوا يعلمون أنّه ابن خليفتهم الأوّل وأخو أمّهم؟!

**محمّد بن أبي بكر بن أبي قحافة

قال ابن أبي عاصم أيضا[28]: [..] عن الزُّهْريّ عن القاسم قال قدم مُعاويَة المدينة فاستأذن على عائشة فأذنتْ له وحْدَه ولم يدخلْ معهُ أحدٌ فلمّا دخل قالتْ

عائشةُ أكنْتَ تأمنُ أنْ أقعدَ لك رجُلاً فيقْتلَك كما قتلْتَ أخي محمّد بن أبي بكر [!] قال ما كنْتِ تفْعَلين ذلك قالتْ لِمَ قال إنّي في بيْت أمن قالت أجَلْ .اهـ

وفي رأيي أنّ كلام عائشة يتعلّق بعبد الرّحمن بْن أبي بكْر،فإنّ مُحمّداً لم يكنْ في جيشها يوْم الجمل ولابعْدَه،وكان مُبَاينا لَها لمَوْقفها من علي بن أبي طالب عليه السلام،فكان أبغض أهلها إليها؛وإذاً فلم تكُنْ لتُقدّم الحديثَ عن قتْل مُحمّد على الحديث عن قتْل عبد الرحمن.إذاً،فقدْ قَتَل خالُ المُسلمين اثْنَيْن من أخْوَال المسلمين،ولمْ يرقُبْ فيهم إلاًّولاذمّةً لأنّهُ لم يكُنْ يهمه سوَى تَمْهيد الأمْرلابْنه يَزيد.ومع أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر صحابيّ وابن خليفة فإنّه لا حرج في قتله حينما يكون قاتلُه مُعَاويَة،لأنّه هو أيضاً لأنّه لا حقّ للتّاريخ في الخروج عن الخطّ الأمويّ الحاكم.ويقوّي ذلك أنّ عائشة قد استحلّت قتْل أخيها محمّد بن أبي بكر يوم الجمل،وهي تعلم مدى وفائه لعليّ بن أبي طالب عليه السلام وتفانيه في خدْمته؛فلمْ يكُنْ قتْله ليَسُوءَهَا،بخلاف عبد الرّحمن بن أبي بكرالذي يمكنُها أنْ تقُوم بدعْوة ودعَاية لترْشيحه للخلافة في غياب مُعاويَة.وقد اعْترضَ عبد الرحمن بن أبي بكرحين تحدّثوا عن ولاية العهد ليزيد بن مُعاويَة وأبْدى معارضةً صريحةً،فقدْ أخرجَ عبدُ بن حميد،والنسائي وابن المنذر،والحاكم وصحّحه،وابن مرْدوَيْه،عن محمّد بن زياد قال:لما بايع مُعاويَة لابنه،قال مَرْوان:سنّة أبي بكْرٍوَعُمَر،فقال عبد الرحمن:سنّة هرقل وقيصر،فقال مَرْوان:هذا الذي قال الله فيه: " والذي قال لوالديه أفٍّ لكما " الآية، فبلغ ذلك عائشة فقالت: كذبَ مَرْوان،والله ما هُوَ به،ولوْ شئت أنْ أسمّي الذي نزلتْ فيه

 لسمّيْته[29]،ولكنّ النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم لعنَ أبا مَرْوان،ومَرْوان في صُلْبه،فمَرْوانُ من لعْنة الله.(اهـ)،فكان همّ مُعاويَة بن أبي سُفْيان اغتيالَ عبد الرحمن بن أبي

بكربعد أن اغتال الحسن بن علي عليهما السّلام وسعدَ بن أبي وقّاص آخرَ جماعة الشّورى الذين رشّحَهُم عُمر للخلافة.

**محمّد بن أبي حذيفة :

 قال البلاذري في بيان أسره وقتله[30]:وأمّا محمّد ابن أبي حذيفة،فإنّ محمّد بن أبي بكرخلّفه حين زحف إلى عمرو بن العاص[على ما]تحت يده،فلمّا قُتل ابنُ

أبي بكر،جمع من النّاس مثلَ ماكان مع ابن أبي بكر[فزحف إلى] عمرووأصحابه فآمنه عمرو،ثمّ غَدَربه[!] وحملَه إلى معاويةَ ومعاويةُ بفلسطين،فحبسه في سجن له،فمكث غيرَ طويل ثم إنّه هربَ وكان معاويةُ يحبّ نجاتَه،فقال رجلٌ من خَثْعَم يقال له عبيدالله بن عمرو بن ظلام - وكان عثمانيّاً -:أنا أتبعه،فخرج في خيْل فلحقَه بحُوران وقد دخلَ غاراً فدُلّ عليْه فأخرجَه وخافَ أنْ يستبْقيَه معاويةُ - إنْ أتاه به - فضربَ عنقَه.اهـ

ورَوى بعد ذلك أقوالاً من باب " قيل" مختلفةَ الألْفاظ مُتقاربةَ المعْنى تكْشف عن رسوخ معاوية وأتباعه في الغدر،وتنصّلهم منْ آداب وتعاليم الإسلام.[31]

هذاالرّجلُ ابنُ شهيد،وهوفي نفْس الوقت ابنُ خال مُعاويَة لأنّ أبا حُذيفة بنَ عُتبة بن ربيعة أخوهنْد أمّ مُعاويَة،وهوأيضا[32]زوج آمنة بنت عمروبن حرب بن

أُميّة الأمويّة بنْت عمّ مُعاويَة ولدت لأبي حذيفة عاصماً ذكر ذلك ابن سعد.وبذلك تستوثق الرّحم بينهما من الجهتين جميعا.ولكنّ معاوية وجماعته يرون فيه خطراً لأنّه لم يكن أمويّ الهوى. فمُعاويَةُ يقتلُ أخوالَ المسلمين وأبناءَ أخواله أيضاً،وقد ذكرالذّهبيّ وغيرُه كلاماً لا بُدّ من التثبّت منه،لأنّ من عادة الذّهبيّ ومَنْ على شاكلته أن ينطلقوا من مَبانيهم في الحُكم على الأشخاص،ومنْ هذه المباني موقف الشّخص من عثمان؛فإذا كان الشّخص راضياً عن عُثمان عاذراً له في كلّ ما فَعَلَ عدّلُوه ووثّقوه ودافَعوا عنْه،وإن كان غيرَ راض عن سيرة عُثمان بَحثُوا له عن سبَب ليَشُنُّوا هُجُومَهم بلا رأْفة ولارحْمة.ولو كانُوا يطلُبون الحقّ في ما ذهبوا إليه لرعَوْا حُرمة حديث النّبيّ صلى الله عليه وآله فإنّه أخبرعن أبي ذرّوعمّارأنّهما من أصْدَق النّاس لهْجةً،وقدْ كانَ موقفُهُما من عثمان غيرَ قابل للنّقاش.

 وقد ذكرُوا في كيفيّة قتْل محمّد بن أبي حُذيفة أقوالاً مع أنّها(أي القتْلة)لا تكُون إلاّ واحدةً،والذي يبدولي أصحّها ما رواه ابنُ حجرفي الإصابة،وذلك أنّه يُناسب سلوك مُعاويَة وطريقتَه في التّخلّص من مُعَارضيه،قال ابن حجر[33]:ثم كان من مسير مُعاويَة بن أبي سُفْيان إلى مصر لما أراد المسير إلى صفين فرأى ألاّ يترك

أهل مصر مع ابن أبي حذيفة خلْفه فسارإليهم في عسكر كثيف فخرج إليهم ابْنُ أبي حذيفة في أهْل مصر فمنَعُوه من دخول الفُسطاط فأرْسل إليهم إنّا لا نُريد قتالَ أَحَد وإنّما نطلب قَتَلَةَ عُثمان فدارَالكلامُ بيْنهم في المُوَادعة واستخْلف ابنُ أبي حذيفة على مصْر الحَكَم بنَ الصّلت بنَ مخْرَمة بن المطّلب بن عبْد مَناف وخرج مع جماعة منْهم عبد الرحمن بن عديس[34] وكنانة بن بشر وأبو شمر بن أبرهة بن الصباح فلما بلغوا به غَدر بهم عسكر مُعاويَة وسجنوهم إلى أن قتلوا بعد ذلك .اهـ

ولا عجبَ ألاّ يُباليَ مُعاويَةُ برَحم محمّد بن أبي حذيفة،فإنّ أبا حُذيفة كان من السّابقين إلى الإسْلام وخالَف أباه وعمّه الذيْن كانا من كُبراء بني أُميّة يوْمَها،وقد كانت هندُ بنْت عتبة أمّ معاوية تبْغضُ أخاها أبا حذيفة بغضاً شديداً.ولعلّ معاويةَ وَرثَ ذلك منها،وإلاّ فإنّ سيرة أبي حذيفة لا غبارعليها.قال ابن حجر في  الإصابة[35]:أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشّي العبشميّ[36] قال مُعاويَة اسمه مهشم وقيل هشيم وقيل هاشم وقيل قيس كان

من السّابقين إلى الإسْلام وهاجر الهجرتين وصلّى إلى القبلتين.قال ابنُ إسحاق أسلمَ بعْد ثلاثَة وأرْبَعين إنساناً وتقدّم له ذكر في ترجمة سالم مولى أبي حُذيفة وثبَتَ ذكْرُه في الصّحيحين في قصّة سالم من طريق الزُّهْريّ عن عُرْوة عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّ أبا حُذيفة بن عُتبة كان ممّن شهد بدْراً يُكنى سالماً قالُوا كان طَوالاً حَسنَ الوجْه استُشْهد يوم اليمامة وهو ابنُ ستّ وخمْسين سنَةً .اهـ

**عبد الرحمن بن عديس البلوي:

وهو من الصّحابة الذين بايعُوا تحت الشّجرة،ولم يكنْ راضياً عن سيرة عُثمان.قال ياقوتُ[37]:الجليلُ بالفتْح ثم الكسْر وياء ساكنة ولام أخرى جبلُ الجليل في

ساحل الشّام ممتدّ إلى قُرب حمْص كان مُعاويَة يَحْبس في موْضع منْه مَنْ يظْفرُبه ممّن يُنْبَزُ بقتْل عُثمان بن عفّان رضي الله عنه منْهم محمّد بن أبي حذيفة وكريب بن أبْرهة وهُناك قُتل عبد الرّحمن بن عديس البلويّ قتلهُ بعْضُ الأعْراب لمّا اعْترف عنْده بقتْل عثْمان كذا قال أبو بكْر بْن موسى .اهـ

  8- سلوك الأتقياء غير سلوك الأشقياء:                  

لا شكّ أنّ عمل الإنسان كاشف عن مستوى إيمانه،وأنّ الإيمان الصحيح يدفع صاحبه إلى التخلّق بالأخلاق الفاضلة واجتناب السفاسف.والذي يتتبع سيرة معاوية بعيْن النّزاهة والموضوعيّة والإنصاف بعيدا عن تأثيرثقافة الكرسيّ لا يخفى عليه دناءة معاوية حين تسنح له الفرصة بالغدرأوالانتقام والتّشفّي؛والذين زعمُوا أنّ معاوية كان حليماً قد جنَوا على التّراث وحرّفوا وزيّفوا،غيرأنّ ما فعلوه لا ينطلي على أولي البصائرالسليمة.قال ابن أبي الحديد[38]:ولمّا ملكَ عسكرُ مُعاويَة عليه

الماء،وأحاطوا بشريعة الفرات،وقالت رؤساء الشّام له اقتلهم بالعطش كما قتلوا عثمان عطشا،سألهم عليّ عليه السلام وأصحابه أن يشرعوا لهم شرب الماء،فقالوا:لاوالله،ولاقطرة حتى تموت ظمئاً كما مات ابن عفّان،فلما رأى عليه السلام أنّه الموتُ لا مَحَالة تقدّم بأصحابه،وحمل على عساكر مُعاويَة حملات كثيفة،حتّى أزالهم عن مراكزهم بعد قتل ذريع سقطت منه الرّؤوس والأيدي،وملكُوا عليهم الماء،وصار أصحاب مُعاويَة في الفلاة،لا ماء لهم،فقال له أصحابه وشيعته:امنعهم الماء يا أمير المؤمنين،كما منعوك،ولا تسقهم منه قطرة،واقتلهم بسيوف العطش،وخذهم قبضا بالأيدي فلا حاجه لك إلى الحرب،فقال:لاوالله لا أكافئهم بمثل فعلهم!افسحوا لهم عن بعض الشّريعة،ففي حدّ السّيف ما يغني عن ذلك.فهذه إن نسبتَها إلى الحلم والصّفح فناهيك بها جمالاً وحسنا،وإن نسبتَها إلى الدّين والوَرَع فأخلقْ بمثْلها أن تصدر عن مثله عليه السلام.

قلتُ:إنّ جُنْدَ الشّام جنْدُ سوء،لايشكّ في ذلك موحّد بعد أن سمّاهم النبيّ صلّى الله عليه وآله"الفئة الباغية"،ولايُتوقّع من الفئة الباغية إلا البغي قولاً وعملاً.وقد حاولوا قتل جيش عليّ عطشاً،ثمّ ردّ الله كيدهم في نحورهم فانقلبوا خاسئين وكان من حقّ عليّ عليه السلام أن يقتلهم عطشاً كما حاولوا أن يقضوا عليه عطشاً؛ولكنّه نفس رسول الله صلى الله عليه وآله بنصّ القرآن الكريم،تأبى همَّتُه العالية وأخلاقه العالية أن يقلّد الانتهازيّين الذين لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمّة.فهو يترفّع عن سلوك معاوية وجيشه تديّناً وتكرّما،ويسجّل بذلك في صحائف الإسلام موقفاً رائعاً تنْحَني أمامَه رؤوس قادة الجيوش في كلّ زمان ومكان.وقد أشارفي بعض كلماته إلى مثل هذا الموقف إشارة تضع النّاس أمام ضمائرهم وجهاً لوَجْه،بحيث يعرف كلّ واحد موقفَه وموقعَه بعيداً عن مدْح المادحين وقدْح القادحين؛قال عليه السلام[39]:"إنّ الوفاء توأم الصّدْق

ولا أعلم جُنّة أوقى منه.ولا يغدُر من علم كيف المرْجع.ولقد أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثرُ أهله الغدرَ كيساً ونسبَهم أهل الجهل فيه إلى حُسن الحيلة.مالهم قاتلهم الله قد يرى الحُوّلُ القُلّبُ وجهَ الحيلة ودونه مانعٌ من أمْرالله ونهْيه فيدعها رأيَ عيْن بعد القُدرة عليها،وينتهزُ فرصتها من لا حريجةَ له في الدّين ".

 9 ـ سلوك مُعاويَة مع غير المسلمين:

  قال ابن خَلْدُون في تاريخه[ج2 ص228]:وأما المسعوديّ فذَكرَ تَرْتيب هؤلاء القياصرة من بعد الهجرة والفتح كما ذكره ابن العميد،قال والمشهور بين النّاس أنّ الهجرة وأيّام الشيخين كان ملك الروم فيها لهرقل قال وفي كتب أهل السّيَرأنّ الهجرة كانت على عهد قيصربن مورق ثمّ كان بعده ابنه قيصربن قيصرأيّام أبي بكر ثمّ هرقل بن قيصر أيّام عُمَروعليه كان الفتح وهوالمُخْرَجُ من الشّام أيّام أبى عبيدة وخالد بن الوليد ويزيد بن أبى سُفْيان فاستقر بالقسطنطينية،وبعده مورق بن هرقل أيّام عثمان وبعده مورق بن مورق أيّام عليّ ومُعاويَة وبعده قلفط بن مورق آخر أيّام مُعاويَة وأيّام يزيد ومَرْوان بن الحكم كان مُعاويَة يراسله ويراسل أباه مورق وكانت تختلف إليه علامة نيَاق وبشّرَه مورق بالملك وأخبره أنّ عثمان يُقْتَل وأنّ الأمريرجع إلى مُعاويَة وهادى[40] ابنه قلفط حين سارإلى حرب عليّ رضى الله عنه ثمّ

نزلت جيوش مُعاويَة مع ابنه يزيد القسطنطينية وهلك عليها في حصاره أبو أيوب الأنصاري.

 10- قصة الأخوال:

  لم يكنْ حديثٌ عنْ خال المؤمنين أيّامَ النّبيّ صلى الله عليه وآله ولا أيّام أبي بكْر وعُمر وعُثمان،وإنّما ابْتُدع ذلك أثْناء حرْب صفّين،فقدْ ذكرَ نصْر بن مُزاحم المنْقريّ عن عُمر بن سعد مايلي:حدثّنى أبو عبد الله يزيد الأودى أنّ رجلا منْهم كان يقال له عمْروبن أوْس،قاتلَ مع عليّ يوم صفّين وأسَره مُعاويَة في أسْرى كثيرة،فقال له عمْرو بْن العاص:اقْتلْهُمْ.قال عمْرو بْن أوْس لمُعاويَة:إنّك خالي فلا تقْتُلني.فقامتْ إليه بنُوأود فقالُوا:هبْ لنا أخانا.فقال دعُوه فلعمْري لئنْ كان صادقاً ليستغْنينّ عنْ شفاعَتكم،وإنْ كان كاذباً فإنّ شفاعتَكُم لمنْ ورَائه.فقال له مُعاويَة:مِنْ أيْن أنا خالُك ؟فما بيننا وبين أود من مُصاهرة. فقال:فإذا أخبرْتُك فعرفْتَ فهُوأماني عنْدك؟ قال: نعم.قال:ألستَ تعلمُ أنّ أمَّ حبيبةَ ابْنة أبى سُفْيان زوْجة النّبيّ صلى الله عليه هي أمّ المؤمنين؟ قال:بلى قال:فأنا ابنُها وأنْت أخُوها،فأنْت خالي فقال مُعاويَة:ما له لله أبوه،ما كان في هؤلاء الأسْرى أحدٌ يفْطن لها غيْره وقال: خلُّوا سبيلَه.(انتهى)

  وقال القُرْطبيّ[41]:قال الشافعي رضي الله عنه تزوّج الزّبيرأسماء بنْت أبي بكْر الصديق وهي أخت عائشة ولم يُقَل هي خالةُ المؤمنين وأطلقَ قوْم هذا وقالوا

مُعاويَة خالُ المُؤمنين يعْني في الحُرمة لا في النّسب.اهـ

وإذا كانَ خال المؤمنين مَنْ كانَ أخا إحْدى أزْواج النّبيّ صلى الله عليه وآله فإنّ من الأخوال:

* عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة ( أخو عائشة )

* محمّد بن أبي بكر بن أبي قحافة ( أخو عائشة )

* عبد الله بن أبي بكر بن أبي قحافة ( أخو عائشة ) قال محمّد بن سعد في الطبقات الكبرى ج 2 ص 158 : ورُمي عبدُ الله بن أبي بكر الصديق يومئذ [أي يومَ الطائف] فانْدمل الجُرح ثُمّ انْتفضَ به بعد ذلك فمات منه .اهـ

* موسى بن الحارث بن الطفيل من دوس ،قال العصفري[42]: " وهو أخو عائشة وعبد الرحمن بن أبي بكر لأمّهما ".لكنّ ابن سعد يسميه "عوف بن

الطفيل"ولعلّهما اثنان ويقول عنه[43]:أخو عائشة وعبد الرحمن ابني أبي بكر الصديق لأمّهما أم رومان.

* عبد الله بن عمر بن الخطاب(أخو حفصة).

* عبد الرحمن بن عمربن الخطاب(أخو حفصة) مات في حدّ الخمر.

* عبيد الله بن عمر بن الخطاب(قُتل في صفّين تحت راية مُعاويَة).  

* عبد الله بن حجش بن رئاب (أخو زينب بنت جحش).

* عبيد الله بن حجش بن رئاب(أخو زينب بنت جحش) هاجرإلى الحبشة وتنصّر ومات بها على النّصرانيّة.قال محمد بن سعد[44]:قالوا وهاجرعبدالله وعبيد

الله ابنا جحش إلى أرض الحبشة في المرّة الثانية وكانت مع عبيد الله زوجتُه أمّ حبيبة بنْت أبي سُفْيان فتنصّرعبيد الله بأرض الحبشة ومات بها ورجع عبدالله إلى مكّة.اهـ

* أبو أحمد بن جحش بن رئاب( أخو زينب بنت جحش).

قال محمد بن سعد[45]:[..]عن يزيد بن رومان قال أسلم أبو أحمد بن جحش مع أخويه عبد الله وعبيد الله قبل أن يدخل النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم دارَ الأرقم يدعو

فيها.اهـ

* المهاجر بن أبي أُميّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو مخزوم المخزومي أخو أم سلمة رضي الله عنها.

* عبد الله بن أبي أُميّة واسمه حذيفة وقيل سهل بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي صهر النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم وابن عمّته عاتكة وأخو أم سلمة رضي الله عنها.استشهد في حصار الطائف.[46]

* زهير بن أبي أُميّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمربن مخزوم المخزومي أخو أم سلمة أم المؤمنين ذكره هشام بن الكلبيّ في المؤلّفة.

*ربيعة بن أبي أُميّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .ذكره محمد بن سعد في الطبقات الكبرى[ج5 ص436] في معرض ذكْرولد عبد العزيز بن عمْران الأعْرج .

*عامربن أبي أُميّة بن المغيرة المخزومي أخو أمّ سلمة،من الطّلقاء.ذكره الذّهبيّ في "من له رواية في كتب الستة"[47].

* مالك بن زمعة بن قيس بن عبد شمْس بن عبْد ودّ بن نصْر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وهو أخو سَوْدة بنْت زمعة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم وكان قديمَ الإسْلام وهاجرَ إلى أرْض الحَبشة في الهجْرة الثّانية ومعَه امْرأتُه عميرةُ بنْت السّعديّ بن وقْدان بن عبْد شمس بن عبْد ودّ بن نصْر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي أجمعُوا على ذلك كلّهُم في روايتهم جميعاً وتُوُفّي مالك بن زمعة وليس له عقب.[48]

* عبد الله بن زمْعة بن قيْس بن عبْد شمْس بن عبْد ودّ بن نصْرجدّ إبْراهيم بن سعْد بن إبْراهيم بن عبْد الرحْمن بن عوْف الزُّهْريّ من جهة أمّه[49].

* عبْد بن زمعَة بن قيْس بن عبْد شمس بن عبْد ودّ بن نصْر بن مالك جدّ الوليد بن عُتْبة بن أبي سُفْيان منْ جهة أمّه،ذكرَ ذلك ابنُ عساكر في تاريخ مدينة دمشق وله أيضاً ترجمةٌ في أُسد الغابَة.[50]          

* عمروبن الحارث بن أبي ضراربن عائذ بن مالك بن خزيمة وهو المصْطَلق بن سعْد بن كعْب بن عمْرو بن ربيعة.قال خليفة بن خياط في طبقاته ص180:وهوأخوجويرية بنت الحارث زوج النّبيّ صلى الله عليه رَوَى ما ترك النّبيّ صلى الله عليه عنْد موْته إلاّ بغْلتَه وسلاحَه وأرضاً جعلَها صدقةً.اهـ

* عبد الله بن الحارث بن أبي ضرارذكره ابنُ ماكولا في ترجمة مطهّر بن موسى في إكمال الكمال[ج7ص262 ].

ويؤيّد ذلك ما ذكرَه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ج 3 ص 218حيث يقول" فأسلمت جويرية مع أبيها وأخويها وحسن إسلامها وخطبها النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم كما بلغنا فنكحها وكانت جويرية قبلُ عند ابن عمّ لها يُقال له عبد الله ذو الشّقرة ".اهـ

* عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ضرارالمصْطَلَقيّ ذكره المَزّيّ في تهذيب الكمال[ج8 ص84]في ترجمة ابْنه محمّد بن عبد الرحمن.

* السّائب بن الحارث بن حزن بن بجير،جَدّ عبد الله بن معبد بن عبّاس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف من جهة أمّه أمّ جميل.[51]

* قطن بن الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن روبية بن عبدالله بن هلال بن عامر بن صعصعة جد محمّد بن عبيد الله بن العبّاس بن عبدالمطلب من جهة أُمّه الفرعة.ذكره المزّيّ في تهذيب الكمال نقلا عن الزبير بن بكار.[52] اهـ

* حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى أخو خديجة أمّ المؤمنين ووالدُ حكيم ذكره ابن الأثير في الصحابة وذكره ابن حجرفي الإصابة.[53]  

هؤلاء أربعة وعشرون رجلاً كل واحد منهم أخو إحدى أزواج النّبيّ صلى الله عليه وآله ،ولم يُقل عن أحد منْهم إنّه خالُ المؤمنين وحُكْم الأمْثال في ما يجُوز وَما لا يجُوز واحد، فكيْف انْفرد مُعاويَة بهذا اللّقب؟!

خالُ المؤمنين يقتُل أخوالَ المؤمنين !

 والمفروض أنّ لأخوال المؤمنين(إخوة أزواج النّبيّ صلى الله عليه وآله) حُرمة يَضْمَنُها الإسْلام،فبعضُهم صحابةٌ وبعضُهم تابعُون،وقد شاركُوا في الفُتوحات ووقَفوا إلى جانب حُكومات كلّ منْ أبي بكروعُمروعثمان،ولم يؤْذوا بني أُميّة لا من قريب ولا من بعيد،باسْتثناء محمّد بن أبي بكرالذي لم يكُنْ يُخفي مُخالفتَه لمنْهج أبيه ومُباينتَه لحُكومة السّقيفة إضافةً إلى إنْكاره على عثمان ما أنكره سائرالمسلمين؛فهلْ رعى لهم مُعاويَة حُرمَتهم حينَما استوْلى على الحكم؟!

  أما عبيدُ الله بن عمر فإنّه لمْ يقتلْه غيلَةً لكنْ قتَلَه حيلَةً،لأنّه يعلمُ أنّ وُجُودَه يَرسُم ظلاًّ لعُمربن الخطّاب،ومن المُمكن أنْ يستَميلَ بعضَ النّاس و يُحدثَ في جيْشه فُرْقةً.ويشْهدُ لذلك ما فَعله معاوية بعبد الرحمن بن خالد بن الوليد فيمابعد،مع أنّ خالد بن الوليد لا يرْقَى إلى منزلة عُمر بن الخطاب.لقد تأكّد مُعاويَة من أنّ وجودَ عبيد الله بن عمر في جيْشه لايكونُ من مصْلحته لا على المَدى القريب ولا على المدى البعيد،فقرّرأنْ يتخلص منه،بطريقة لا يُلام فيها،وفعلاً نجح في ذلك.قال محمّد بن سعد[54]:"أخبرنا محمّد بن عمرقال حدثني محمّد بن عبد الله بن عبيد بن عمير قال سمعت رجلاً من أهْل الشّام يحدّثُ في مجْلس عمْرو بن دينارفسألْتُ عنْه بعدُ

فقيل هو يزيدُ بنُ يزيد بن جابر يقولُ إنّ مُعاويَة دعا عبيدَ الله بن عُمر فقال إنّ عليّاً كما ترى في بكْر بن وائل قد حامتْ عليْه فهلْ لك أنْ تسيرَ في الشّهْباء قال نَعمْ فرجعَ عبيدُ الله إلى خبائه فلَبسَ سلاحَه ثمّ إنّه فكّر وخافَ أن يُقتل مع مُعاويَة على حاله فقال له موْلىً له فداك أبي إنّ مُعاويَةإنّما يُقدّمك للموْت إنْ كانَ لك الظَّفَرُ فهو يَلي وإنْ قتلْت استَراح منْك ومن ذكْرك[!] فأطعْني واعتَلّ.. اهـ

ولم يستمع عبيد الله إلى نصيحة مولاه،وكان حتفه في تدبير معاوية له[55].

 ***

  11ـ الاغتيالات بالسّم:

   اعتمد العرب ـ وقبلهم اليهود وغيرهم ـ السّمّ في الفتك بخصومهم،وإن كان منهم من يسقي سيفَه السّمّ حتّى يلفظَه ليقطع بموت المضروب به.ومن الأمثلة على ذلك ما قاله ابن ملجم الخارجيّ بعد ضرب عليّ عليه السلام.ذكر ابن سعد في الطبقات ما يلي[56]: قالت أمّ كلثوم بنت عليّ يا عدوَّ الله قتلتَ أمير المؤمنين قال ما قتلتُ

إلاّ أباك قالت فوالله إنّي لأرجُو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس قال فلم تَبْكينَ إذا؟ً ثُمّ قال والله لقد سممتُه شهراً يعْني سيفَه فإنْ أخلفَني فأبعدَه الله وأسحقَه.

وذكرابنُ كثيرمثلَ ذك في قصّة ضرب معاوية فقال[57]:"وجاء الطبيب فقال لمُعاويَة:إنّ جرحَك مسمُوم فإمّا أن أكويَك وإمّا أن أسقيَك شربة فيذهب السّمّ ولكن

ينقطعُ نسلك فقال مُعاويَة:أما النّارفلا طاقة لي بها،وأمّا النّسل ففي يزيد وعبد الله ما تقرُّبه عيني! فسقاه شربة فبرأ من ألمه وجراحه..." .

وقد ينضحون الثّوب بالسّمّ،ومن ذلك ما رواه اليعقوبيّ قال[58]:وكان امرؤ القيس قد مَدَح قيصرَ فسارَ الطّرمّاح الأسديّ إلى قيصرفقال له:إنّ امرأ القيس شتمك

في شعره وزعم أنّك علْج أغلَف.فوجّه قيصرإلى امرئ القيس بحلّة قد نضح فيها السّمّ،فلمّا أُلبسَها تقطّع جلدُه وأيقن بالموت. .

وفي الإكمال لابن ماكولا[59]:"وفى التّوضيح " وبالتّعريف أبو الجبر الكنديّ أحد الملوك في الجاهليّة وهوالذى أهدى للحارث بن كَلَدة سميّة أمّ زياد لمّا عالجه

من السّمّ الذى سمّه جيش كسرى فبرئ ثمّ نقض عليه بعد ذلك في توجّهه إلى اليمن ".

وقد ثبت أنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله تعرّض للسّمّ،ففي الصحيح[60]: قال يونس عن الزُّهْريّ قال عُرْوة قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلّى اللّه عليْه وسلّم يقول

في مرضه الذى مات فيه يا عائشة ما أزال أجد ألَمَ الطّعام الذى أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَري من ذلك السّمّ .

 وفي شرح مسلم[61]:وهي معجزة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم في سلامته من السّمّ المُهلك لغيْره وفى إعلام الله تعالى له بأنّها مسمومة وكلام عُضْو منها له فقد جاء في

غيْر مسلم أنّه صلّى اللّه عليْه وسلّم قال إنّ الذّراع تُخبرُني أنّها مسمُومة وهذه المرأة اليهوديّة الفاعلة للسّمّ اسمُها زينب بنت الحارث أخت مرْحَب اليهوديّ . .

وفي الرّياض النّضرة(ج2ص242):عن ابن شهاب قال كان أبوبكر والحارث بن كَلَدة يأكُلان حريرةً أُهْديَت لأبي بكر فقال الحارث لأبي بكر ارفعْ يدك يا خليفة رسول الله إنّ فيها سمّ سَنَة وأنا وأنت نموتُ في يوم واحد فرفعَ يدَهُ فلمْ يزالا عليليْن حتّى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السّنة.أخرجه في الصفوة والفضائل وأخرج صاحب الدرّة اليتيمة في أخبار المدينة وزاد فمرض خمسة عشر يوماً قالوا ألا ندعولك طبيباً فقال قد رآني قالوا فما قال لك قال قال إنّي أفعل ما أشاء وقيل إنّ اليهود سمّت له في أرزة .

فهذه أخبَارتُفيد أنّ السّمّ كان معمولاً به عند العرب،وطالما اختارَه المُلوك قبلَ ذلك وبعدَه للتخلّص من خصومهم دون أن تُوجّه إليهم أصابع الاتّهام.وعلى نهج أولئك الملوك جرى معاوية في التخلّص من خصومه لتمهيد الطّريق لابنه يزيد.ولم يَرْعَ معاوية في المؤمنين إلاًّ ولا ذمّةً،ولم يشفعْ لهم عندَه شيء،فسقاهم السّمّ واحداً بعْد واحد،حتّي قيل "مات في أيّام مُعاويَة جماعة كثيرة من أكابر النّاس والأمراء من المسلمين بالسّمّ ".

    ولايخفى موقف الإسلام من هذا العمل الدنيء،حتى لَوْ مُورس ضدّ المشركين؛وإلى لك يشير الحديث في مسند الشاميّين[62]:[..]عن مكحول،عن سمرة بن

جندب،أنّ رسول الله  صلّى اللّه عليْه وسلّم نهى أن يُلقى السّمّ في آبار المشركين.

 

* الذين سقاهم مُعاويَة السّمّ :

 

الحسن بن علي عليهما السلام:

    سبق الحديث عن سمّه في فصل(اغتيال الحسن بن علي عليهما السلام) .والقصة  مذكورة في مصنّف ابن أبي شيبة(ج8ص631)ومستدرك  الحاكم(ج3ص176)وشرح نهج البلاغة(ج16ص10)وتاريخ ابن عساكر(ج13 ص283) والتعديل والتجريح للباجي (ج1ص475) وأسد الغابة لابن الأثير(ج1ص98)في ترجمة الأشعث بن قيس،وتهذيب الكمال للمزّيّ(ج6 ص253).ومع ذلك يقول ابن خَلْدُون في تاريخه[63]:وما يُنقَل من أنّ مُعاويَة دسّ إليه السّمّ مع زوجه جعدة بنت الأشعث فهو من

أحاديث الشّيعة وحاشا لمُعاويَة من ذلك!(اهـ).فينبغي ـ بناءً على كلام ابن خَلْدُون ـ أن يكون  المزّيّ وابن الأثيروالباجيّ وابن أبي الحديد من الشّيعة .

عبد الرحمن بن خالد بن الوليد:

قال السّعديّ في عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء ج1 ص171 :ومات في أيّام مُعاويَة جماعة كثيرة من أكابرالنّاس والأمراء من المسلمين بالسّمّ ومن ذلك حدّثنا أبوعبد الله محمّد بن الحسن بن محمّد الكاتب البغداديّ [..] عن زيد بن رافع مولى المهاجر بن خالد بن الوليد عن أبي ذئب عن أبي سهيل أنّ مُعاويَة لمّا أراد أن يظهر العقد ليزيد قال لأهل الشّام إنّ أمير المؤمنين قد كبرت سنّه ورقّ جلده ودقّ عظمه واقترب أجله يريد أن يستخلف عليكم فمن تَرون فقالوا عبد الرّحمن بن خالد بن الوليد فسكت وأضمرَها ودسّ ابن أثال النّصرانيّ الطّبيب إليه فسقاه سمّاً فماتَ وبلغ ابنَ أخيه خالدَ بنَ المُهاجر[64]بن خالد بن الوليد خبرُه وهو بمكّة وكان أسْوَأ

الناس رأياً في عمّه لأنّ أباه المُهاجر كان مع عليّ رضي الله عنه بصفّين وكان عبد الرّحمن بن خالد مع مُعاويَة وكان خالد بن المهاجر على رأي أبيه هاشميّ المذهب فلما قُتل عمّه عبدُ الرّحمن مرّ به عُرْوة بن الزّبير فقال له يا خالد أتَدَع لابن أثال نقى أوصال عمّك بالشّام وأنت بمكّة مُسبلٌ إزارَك تجرّه وتخطر فيه متخائلا فحميَ خالد ودعا مولىً له يقال له نافع فأعلمه الخبر وقال له لا بدّ من قتل ابن أثال وكان نافع جَلداً شهْماً فخرجا حتى قدما دمشق وكان ابن أثال يتمسّى عند مُعاويَة فجلس له في مسجد دمشق إلى اسطوانة وجلس غلامه إلى أخرى حتى خرج فقال خالد لنافع إيّاك أن تعرض له أنت فإنّي أضربه ولكن احفظ ظهري واكْفني منْ ورائي فإن رأيت شيئاً يُريدني من ورائي فشأنك فلمّا حاذاه وثب إليه فقتله وثارإليه من كان معه فصاح بهم نافع فانفرجوا ومضى خالد ونافع وتبعَهما مَن كان مَعه فلمّا غشوهما حَمَلاَ عليْهم فتفرّقوا حتى دخل خالد ونافع زُقاقاً ضيّقاً فَفَاتَا النّاس.وبلغ مُعاويَةَ الخبرُ فقال هذا خالد بن المُهاجرانظرواالزّقاق الذي دخل فيه ففُتّشَ عليه وأُتيَ به فقال له لا جزاك الله من زائرخيراً قتلتَ طبيبي فقال قتلتُ المأمورَوبقيَ الآمرُ،فقال له عليك لعنة الله أما والله لوكان تَشهَّدَ مرّةً واحدةً لقتلتُك به.أمَعَكَ نافع قال لا قال بلى والله وما اجترأتَ إلاّ به؛ثمّ أمربطلبه فوُجد فأتي به فضُرب مائة سوْط ولم ينل خالداً بشيء أكثر من أن حَبَسَه وألزَمَ بني مخزوم ديَة ابْن أثال اثني عشر ألف درهم أدخلَ بيتَ المال منها ستّةَ آلاف وأخذ ستّةَ آلاف فلمْ يزلْ ذلك يجري في ديَة المُعاهد حتّى وليَ عُمَربن عبد العزيز فأبطل الذي يأخذه السّلطان لنفسه وأثبتَ الذي يدخلُ بيت المال..اهـ .قال السّعديّ بعد ذلك[65]:وقال أبوعبيد القاسم بن سلاّم البغداديّ في كتاب الأمثال إنّ مُعاويَة بن أبي سُفْيان كان خاف أن يميلَ النّاس إلى عبد الرّحمن

بن خالد بن الوليد فاشتكى عبد الرّحمن فسقاه الطّبيب شربة عسل فيها سمّ فأحرقتْه،فعند ذلك قال مُعاويَة لاجدَّ إلاّ ما أقْعصَ عنْك مَن تَكرهُ.قال وقال مُعاويَة أيضاً حين بلغه أنّ الأشترسُقيَ شربة عسل فيها سمّ فمات " إنّ لله جنودا منها العسل ".ونقلتُ من تاريخ أبي عبد الله محمد بن عمر الواقديّ قال لمّا كان في سنة ثمان وثلاثين بعث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه الأشتر والياً على مصر بعد قتل محمّد بن أبي بكر وبلغ مُعاويَة مسيرُه فدسّ إلى دهقان بالعريش فقال إنْ قتلتَ الأشتر فلك خراجُك عشرين سنة فلطف له الدّهقان فسأل أيّ الشّراب أحبّ إليه فقيل العسل فقال عندي عسل من عسل بَرْقَةَ فسمّه وأتاه به فشربه فمات.وفي تاريخ الطّبريّ أنّ الحسن بن عليّ رضي الله عنهما مات مسمُوماً في أيّام مُعاويَة وكان عند مُعاويَة كما قيل دَهاء فدسّ إلى جَعْدة بنْت الأشعث بن قيس وكانت زوجةَ الحسن رضي الله عنه شربة وقال لها إن قتلت الحسن زوّجتُك بيزيد فلما تُوفي الحسن بعثتْ إلى مُعاويَة تطلب قوله فقال لها في الجواب أنا أضنّ بيزيد.اهـ

سعد بن أبي وقاص :

في شرح نهج البلاغة[66]:[..]عن شعبة،عن أبي بكر بن حفص،قال:تُوفّي الحسن بن عليّ وسعد بن أبي وقّاص في أيّام متقاربة،وذلك بعد ما مضى من ولاية

إمارة مُعاويَة عشر سنين،وكانوا يروون أنّه سقاهُما السّمّ.

مالك الأشتر النخعي:

قال اليعقوبي[67]:لمّا بلغ مُعاويَة أنّ عليّاً قد وجّه الأشترعظُم عليه،وعلمَ أنّ أهل اليمن أسرعُ إلى الأشترمنهم إلى كلّ أحَد،فدسّ له سُمّاً،فلمّا صارإلى القلزم من

الفُسطاط على مرحلتين نزل منزل رجل من أهل المدينة يقال له  (...)فخدمه وقام بحوائجه،ثمّ أتاه بقعب فيه عسل قد صيّر فيه السّمّ،فسقاه إيّاه فمات الأشتربالقلزم وبها قبره،وكان قتلُه وقتلُ محمّد بن أبي بكر في سنة 38. وفي شرح نهج البلاغة [68]: قال إبراهيم:وحدّثنا محمّد بن عبد الله بن عثمان،عن عليّ بن

محمّد بن أبي سيف المدائني،أنّ مُعاويَة أقبل يقول لأهل الشّام:أيّها النّاس،إنّ عليّاً قد وجّه الأشتر إلى مصر،فادعوا الله أن يَكْفيَكُمُوه  فكانوا يدعون عليه في دبر كلّ صلاة،وأقبل الذي سقاه السّمَّ إلى مُعاويَة  فأخبره بهلاك الأشتر،فقام مُعاويَة في النّاس خطيباً،فقال:أمّابعد،فإنّه كان لعليّ بن أبي طالب يَدان يمينان،فقُطعت إحداهما يوم صفّين وهوعمّار بن ياسر،وقد قطعت الأخرى اليوم ،وهو مالك الأشتر .

***

12- الذين سقاهم الخلفاء السّمّ على طريقـة مُعاويَة:

    مَن سنّ سنّة حسنةً كان له أجرُها وأجرُمن عمل بها،ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرُها ووزرُ من عمل بها.ولم يثبتْ أنّ أحد الخلفاء الأربعة سقى معارضيه وخصومَه السمّ،وبذلك يكونُ معاويةُ أوّلَ من سنّ هذه السّنّة وجدّ فيها واجتهد وأحاط نفسه بجماعة من المتطبّبين من أهل الكتاب ذكَرهم السعديّ في " عيون الأنباء في طبقات الأطباء ".وأنا مُورد ههُنا أسماء بعض أعيان الأمّة ممّن قضى بالسمّ على طريقة معاوية.

 - الإمام عليّ بن موسى الرضا[69] عليهما السلام:

 قال ابن حبّان في الثّقات(ج8ص456):مات عليّ بن موسى الرّضا بطوس من شربة سقاه إيّاها المأمونُ فمات من ساعته وذلك في يوم السّبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين وقبره بسناباذ خارج النّوقان مشهورٌ يُزاربجنْب قبر الرّشيد قد زُرته مراراً كثيرة وما حلّت بي شدّة في وقت مقامي بطوس فزرت قبرعليّ بن موسى الرّضا صلوات الله على جدّه وعليه ودعوتُ الله إزالتها عنّى إلا أستُجيب لي وزالتْ عنّي تلك الشّدّة وهذا شيءٌ جرّبتُه مراراً فوجدتُه كذلك.

و انظر مقاتل الطالبين ص 378 وغيره .

- الحسن بن الحسن المثنّى: وهو المعروف بالحسن المثنّى،دس إليه السّمّ سليمان بن الوليد بن عبد الملك فمات سنة 97 ه‍ وعمره عند موته ثلاث وخمسون سنة [70].

ـ زيد بن موسى بن جعفر :

أخذوه وحملوه الى المأمون بمرومُقيّداً فسأل الرّضا عليه السلام في أمره فعفا عنه ثمّ سقاه السّمّ وقتله.قَبْره بمَرْو[71].

إدريس بن عبد الله الأصغر :

قال أبو نصر[72]: وأبو عبد الله إدريس بن عبد الله الأصغر بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام،هرب الى بلد فاس وطنجة مع مولاه

راشد.فاستدعاهم إلى الدّين فأجابوه وملّكوه.فاغتم الرّشيد لذلك حتى امتنع من النّوم ودعا سليمان بن جريرالرقّيّ - متكلّم الزّيديّة - واعطاه سمّاً فورد عليه متوسّماً بالمذهب فسُرَّبه إدريس بن عبد الله.ثمّ طلب منه غرّة ووجد خلوة من مولاه راشد فسقاه السّمّ وهرب .

محمّد بن محمّد بن زيد الشهيد :

توفّي محمّد بن محمّد بن زيد الشّهيد بمرو،سقاه السّمّ المأمونُ في سنة أثنتين ومائتين وهوابن عشرين سنة( يُقال) إنّه كان ينظر الى كبده يخرج من حلْقه قطَعاً يُلقيه في طشْت ويقلّبه بخلال في يده حتّى مات،لا عقب لمحمّد بن محمّد بن زيد[73].

وعلى هامش الصفحة( 79/80)من نفس المصدر:" ومحمّد الأمير الجليل الشّهيد ، سقاه المعتصم السّمّ فمات".

أبو حنيفة النعمان (مؤسّس المذهب ):

 في تاريخ بغداد[74]: جاء كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى أن احمل أبا حنيفة قال فغدوت إليه ووجهه كأنه مسح قال فحمله إلى بغداد فعاش خمسة عشر

يوما ثمّ سقاه فمات وذلك في سنة خمسين ومات أبو حنيفة وله سبعون سنة.وقال ابن العماد الدّمشقيّ في شذرات الذّهب ج1ص228 عند ذكر أحداث سنة خمسين ومائة:وقد رُوى أنّ المنصور سقاه السّمّ فمات شهيداً رحمه الله سَمَّهُ لقيامه مع إبراهيم. قاله في العبَر[75].   

ـ  عبد الله بن محمّد بن عليّ :

وكذلك كان مصير أبي هاشم عبد الله بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب. كما ورد في " سرّ السلسلة العلويّة " لأبي نصر البخاريّ (ص85)،قال:حبسه الوليد بن عبد الملك في شيء كان بينه وبين زيد بن الحسن وأراد قتْلَه فوفدَ عليه عليّ بن الحسين عليه السلام وسأله في إطلاقه فأطلقه ثمّ قتله سليمان بن عبد الملك سقاه السّمّ فمات بالحميمة من أرض الشّام،لا عقب له.اهـ

و تردّد ابن عساكر في من سمّ أبا هاشم بين الوليد وسليمان ،قال[76]:

فخرج[أبو هاشم عبد الله بن محمّد بن عليّ ]عن دمشق متوجّهاً إلى المدينة فدسّ إليه الوليد إنسانا يبيع اللّبن وفيه السّمّ وكان عبد الله يحبّ اللّبن ويشتهيه فلمّا سمعه ينادي على اللّبن تاقت إليْه نفسُه فاشْترَى له منْه فشربَه فأوْجعَه بَطْنه واشتدّ به الأمر فأمر أصحابه فغدوا به إلى الحميمة وبها محمّد بن علي بن عبد الله بن عبّاس فنزل عليه فمرّضه وأحسن إليه فلمّا حضرته الوفاة أوصى إلى محمّد بن عليّ ببيْته وعلْمه وأسْبابه كلّها وأمر شيعته الكيسانيّة بالائتمام به فدُفن. وقد رُوي أن الذي سم أبا هاشم سليمانُ بن عبد الملك .

يزيد بن الوليد :

في تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 336 : وكان في بيت مال الوليد يوم قُتل سبعة وأربعون ألف ألف دينار، ففرّقها يزيد عن آخرها،وكان قدريّاً،وتوفي لانْسلاخ ذي القعدة ،وصلّى عليه إبراهيم بن الوليد ،ودُفن بدمشق،وقيل إنّ أخاه ابراهيم سقاه السّمّ.     

  مروان بن الحكم :

ذكر أبوحنيفة الدينَوَريّ في الأخبار الطّوال(ص 285) أنّ مَرْوان نظرَ يوماً إلى خالد بن يزيد بن مُعاويَة،وهوغُلام من أبناء سبع سنين،يمشي مشية أنكرها،فقال له:ما هذه المشْيَة يا ابن الرّطبة؟فشكا الغلامُ ذلك إلى أمّه،فقالت له:إنّه لا يقول بعد هذا.فسقته السّمّ،فلمّا أحسّ بالموت جمع بني أُميّة وأشرافَ أهل الشّام،فبايع لابنه عبد الملك.

يحي بن عبد الله بن الحسن:

وفي تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي ج 14 ص 116 : فقال[أي هارون الرّشيد] ألا تروْن إلى هذا الرّجل أكلّمه فلا يكلّمني فلمّا أكثرْنا عليه أخْرجَ لسانه كأنّه كرفسة[77] ووضع يده عليه أي إنّي لا اقدرُ أتكلّمُ قال فجعل هارون يتغيّظ ويقول إنّه[78] انا سقيته السّمّ والله لو رأيت عليه القتلَ لضربتُ عنقَه قال وقال عليّ

أيْمان البيْعة إن كنت سقيته ولا أمرتُ أن يُسقى قال فالتفتّ حين بلغتُ السّترَ وإذا بيحْيَ قد سقطَ على وجْهه لا حَركة به .اهـ

الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز :

 قال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (ج 45ص 250 ):أخبرنا أبوعليّ الحدّاد [..] ابن مشكان عن مجاهد قال قال لي عمر بن عبد العزيز يا مجاهد ما يقول النّاس فيّ ؟ قلت يقولون مسحور قال ما أنا بمسحور؛ ثمّ دعا غلاماً له فقال له ويحَك ما حملَك على أن تسقيَني السّمّ؟ قال ألفُ دينار أُعطيتُها وعلى أن أُعتَق قال هاتها فجاء بها فألقاها في بيت المال وقال اذهبْ حيث لا يراك أحد .

وقال أيضاً[79]: [..]أبو زيد الدّمشقي قال لما ثقل عمر بن عبد العزيز دُعي له طبيب فلما نظر إليه قال أرى الرجل قد سقي السّمّ ولا آمن عليه الموت فرفع

عمر بصره فقال ولا تأمن الموت أيضا على من لم يُسق السّمّ قال الطّبيب هل أحسست بذلك يا أمير المؤمنين قال نعم قد عرفت حين وقع في بطني قال فتعالج يا أمير المؤمنين فإني أخاف أن تذهب نفسك قال ربّي خير مذهوب إليه والله لو علمت أن شفائي عند شحمة أذني ما رفعت يدي إلى أذني فتناولته اللهمّ خرْ لعُمَر في لقائك قال فلم يلبث إلا أيّاماً حتّى مات رحمه الله .اهـ

قال الذّهبيّ في تاريخه (ج4ص175) بعد أن أورد خبر سَمّ عمر بن عبد العزيز:قلت:كانت بنو أُميّة قد تبرّمت بعُمَر،لكونه شدّد عليهم،وانتزع كثيرا ممّا في أيديهم ممّا قد غَصَبُوه،وكان قد أهمل التحرّز،فسقوْه السّمّ .

محمد بن عبد الله العباسي :

في تاريخ دمشق[80]: كان الخصيب يُظهر النّصرانية وهو زنديق معطّل لا يُبالي مَن قَتل فأرسل المنصورُ رسولاً يأمرُه أن يتوخّى قتْلَ محمّد بن عبد الله أبي

العبّاس فاتّخذ سمّاً قاتلاً ثمّ انتظر علّة تحدث بمحمّد فوجد حرارة فقال له الخصيب خذْ شرْبةً دواء فقال هيّئْها لي فهيّأها له ثمّ جعل فيها ذلك السّمّ ثمّ سقاه إيّاه فمات منها فكتبت أمّ محمّد بن أبي العبّاس إلى أبي جعفر المنصور تخبره أنّ الخصيب قتل ابنَها فكتب المنصوريأمُر بحمْله إليْه فلمّا صارإليه ضربَه ثلاثين سوْطاً ضرباً خفيفاً وحبَسه أيّاماً ثمّ وهب له ثلاثمائة درهم وخلاّه!!

الخليفة العبّاسي المنتصر بالله :

قال السيوطي في ترجمة المنتصر في تاريخ الخلفاء ج1ص357 :ولما ولي صار يسبّ الأتراك ويقول هؤلاء قتَلَة الخلفاء،فعملوا عليه وهمّوا به فعجزوا عنه لأنّه كان مَهيباً شجاعاً فطناً متحرّزا،ًفتحيّلوا إلى أن دسّوا إلى طبيبه ابن طيفورثلاثينَ ألفَ دينار في مرضه فأشار بفصده ثمّ فصده بريشة مسمومة فمات.ويقال إنّ ابن طيفور نسي ذلك ومرض فأمر غلامه ففصده بتلك الريشة فمات أيضاً وقيل بل سُمّ في كمّثراة وقيل مات بالخوانيق.

ثابت بن نصر الخزاعي ( من عمّال هارون الرشيد ):

قال اليعقوبي[81]:ووجّه المأمون بنصر بن حمزة ابن مالك الخزاعي إلى الثغور،وقد ولّى الرشيد إيّاها ثابتَ بن نصر بن مالك الخزاعي وخيف

معصيته،فتسلّمها منه نصر بن حمزة،وتولّى الثغور،ولم يلبث ثابت بن نصر إلا أقلّ من جمعة حتّى مات،فقيل إنّ نصر بن حمزة بن مالك سقاه السّمّ .

الخليفة العباسي الراشد :

قال ابن الجوزي في"المنتظم"ج 10ص 76:في سبب موت الرّاشد ثلاثة أقوال،أحدها:أنّه سُقيَ السّمّ ثلاث مرّات،والثّاني أنه قَتلَهُ قوْم من الفرّاشين الذين كانوا في خدمته،والثّالث:أنه قتله الباطنيّة،وقُتلوا بعده.

   ابن الرّومي (الشاعر):

قال ابن كثير في ترجمة ابن الرّومي[82]:(سنة ست وسبعين ومائتين) وذكرأنّ سبب وفاته أنّ وزير المعتضد القاسم بن عبيد الله كان يخاف من هجْوه ولسانه

فدسّ عليه من أطعمه وهوبحضرته خشكنانجة مسمومة،فلمّا أحسّ بالسّمّ قام فقال له الوزير:إلى أين؟ قال:إلى المكان الذي بعثتني إليه. قال:سلّمْ على والدي:فقال:لستُ أجتازُ على النّار.

الملك القاهر بهاء الدين الأيّوبي :

قال ابن كثير في البداية والنهاية ج 13ص 321:ثّم لما كان يوم السبت خامس عشرالمحرم توفي الملك القاهر بهاء الدين عبد الملك بن السلطان المعظم عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب،عن أربع وستين سنة،وكان رجلا جيّداً سليمَ الصّدركريم الأخلاق،ليّن الكلمة كثيرالتّواضع،يعاني ملابس العرب ومراكبهم،وكان معظّما في الدّولة شُجاعاً مقداماً،وقد روى عن ابن الليثي وأجاز للبرزاليّ.قال البرزالي ويُقال إنّه سُمَّ،وذكرغيرُه أنّ السلطان الملك الظّاهر سَمَّه في كأس خمر ناولَه إيّاه فشربه وقام السّلطان إلى المرتفق ثمّ عاد وأخذ السّاقي الكأس من يد القاهر فملاه وناوله السّلطان الظّاهر والسّاقي لا يشعر بشئ ممّا جرى،وأنسى الله السّلطانَ ذلك الكأس،أوظنّ أنّه غيرُه لأمر يريدُه الله ويقضيه،وكان قد بقي في الكأس بقية كثيرة من ذلك السّمّ،فشرب الظّاهرما في الكأس ولم يشعرْ حتّى شربَه فاشْتكى بطنَه من ساعته،ووجد الوهج والحرّ والكرب الشّديد من فوره،وأمّا القاهر فإنّه حُمل إلى منزله وهو مغْلُوب فمات من ليلته.اهـ

والقائمة طويلة،وإنّما أوردتُ ما سبق من أسماء الأعيان ليُعلم أنّ الاغتيال بالسّمّ صارسُنّةً جاريةً معمولاً بها في أوساط الحُكم على وجه الخصوص،وأنّ الخلفاء والوزراء والقضاة ـ المسؤولين عن حفظ دماء النّاس وأموالهم وأعراضهم ـ لم يكونوا يتورّعون عن إتلاف النّفوس عمداً بالسّمّ إذا اقتضت مصلحتُهم ذلك ذلك،ولا يُبالون أن يكون الضّحايا من ذرّيّة النبيّ صلى الله عليه وآله أو كبار الفقهاء كأبي حنيفة النّعمان.

ومع كلّ ما سبق من أعمال مُعاويَة المنافية للإسلام،واستخفافه بحديث النّبيّ صلى الله عليه وآله لا يتورع أقوام أن يستدلوا بعمله في الأحكام الشرعية؛يقول محمّد بن الحسن الشيباني في كتاب السّيَرالكبير(ج1ص139):وعلى هذا لو أراد الإمام أن يجهّز جيشاً فإن كان في بيت المال سعة فينبغي له أن يجهّزهم بمال بيت المال ولا يأخذ من الناس شيئا،وإن لم يكن في بيت المال سعة كان له أن يتحكّم على النّاس بما يتقوّى به الذين يخرجون إلى الجهاد.لأنه نصب ناظراً لهم،وتمام النظرفي ذلك على ما روى أن مُعاويَة رضي الله عنه ضربَ بعثاً على أهل الكوفة،فرفع عن جريربن عبدالله وعن ولده فقالا:لا نقبل ذلك ولكن نجعل من أموالنا للغازي (اهـ).

لكن إذا عُلم أنّ الشّيبانيّ يُسمّي المغيرةَ بن شعبةَ أحدَ أئمّة المسلمين فلا عجب.والشيباني هو أحد صاحبي أبي حنيفة وكان مقرّباً من الدولة.


 

[1] راجع راجع تذكرة الخواص : 93

[2] راجع مصنف عبد الرّزاق: 2/ 92ح 2818

[3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص 259

[4] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 1 ص 340

[5] يشهد لذلك ما في شرح نهج البلاغة ج 1ص 195/ 196 :وقال أبو هلال العسكري في كتاب " الاوائل " : استجيبت دعوة على عليه السلام في عثمان وعبد الرحمن ، فما ماتا إلا متهاجرين متعاديين ، أرسل عبد الرحمن إلى عثمان يعاتبه وقال لرسوله : قل له : لقد وليتك ما وليتك من أمر الناس...

    [6] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 1 ص 196  

[7] تاريخ اليعقوبي ج2ص315

[8] تاريخ اليعقوبي ج2ص258

[9] النزاع والتخاصم- المقريزي ص 36

[10] البداية والنهاية - ابن كثير ج 8ص 47

[11] الكامل ـ ابن الأثير ـ  ج3 ص315

[12] المنتظم لابن الجوزي  ج5 ص221

[13] صفوة الصفوة ابن الجوزي ج1 ص762

[14] وفيات الأعيان ج2ص66

[15] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 2ص 6

[16] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 2ص 10

[17] تاريخ خليفة بن خياط العصفري ص 153

[18] الاشتقاق ـ الزّجّاج ـ ص 474

[19] طبقات خليفة بن خياط ص 180

[20] النزاع والتخاصم - المقريزي ص 56

[21] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 2 ص 158

[22] البداية والنّهاية ابن كثير ج 7ص 214

[23] البداية والنهاية ج 5 ص 324

[24] تاريخ بغداد ـ الخطيب البغدادي ـ ج 1ص 187

[25] تاريخ ابن خَلْدُون ج 2 ص 160

[26] أنساب الأشراف(الكبير) للبلاذري في ج4 ص 78

[27] الآحاد والمثاني ابن أبي عاصم ج 1 ص 471

[28] :  الآحاد والمثاني ج 1ص 475

[29] * لماذا لا تسمّيه ،وما المانع؟!مثل هذا الكتمان يترك ثغرات في علم التفسير لأنّ أسباب النزول لا غنى للمفسر عنها.

 [30]أنساب الأشراف في ص 407

-[31] من بين ما روى البلاذري (أنساب الأِشراف ص (408 :وحدثني أبو خيثمة ، وخلف بن سالم ، قالا : حدثنا وهب بن جرير عن ابن جعدبة عن صالح بن كيسان قال : لما اجتمع أمر معاوية وعمرو بن العاص بعد الجمل وقبل صفين ، سار عمرو في جيش إلى مصر ، فلما قرب منها لقيه محمد ابن أبي حذيفة في الناس ، فلما [ رأى ] عمرو كثرة من معه أرسل إليه فالتقيا واجتمعا ، فقال له عمرو : إنه قد كان ما ترى وقد بايعتُ هذا الرجل وتابعتُه ، وما أنا راض بكثير من أمره ولكن له سنّا ، وإني لاعلم أن صاحبك عليا أفضل من معاوية نفسا وقدما ، وأولى بهذا الامر ، ولكن واعدني موعدا التقي أنا وأنت فيه على مهل في غير جيش تأتي في مأة راكب ليس معهم إلا السيوف في القرب وآتي في مثلهم . فتعاقدا وتعاهدا على ذلك ، واتعدا العريش لوقت جعلاه بينهما ، ثم تفرقا ورجع عمرو إلى معاوية ، فأخبره الخبر ، فلما حلّ الاجل ، سار كل واحد منهما إلى صاحبه في مئة راكب ، وجعل عمرو له جيشا خلفه ، وكان ابن [ أبي ] حذيفة يتقدمه فينطوي خبره [ كذا ] فلما التقيا بالعريش قدم جيش عمرو على أثره ، فعلم محمد أنه قد غدر به ، فانحاز إلى قصر بالعريش فتحصن فيه ، فرماه عمرو بالمنجنيق حتى أخذ أخذا فبعث به عمرو إلى معاوية فسجنه عنده ، وكانت ابنة قرظة امرأة معاوية ابنة عمة محمد ابن أبي حذيفة أمها فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تصنع له طعاما وترسل به إليه وهو في السجن،فلما سارمعاوية إلى صفين،أرسلت ابنة قرظة بشئ فيه مساحل من حديد إلى ابن أبي حذيفة،فقطع بها الحديد عنه،ثم جاء فاختبأ في مغارة بجبل الذيب بفلسطين فدك ينظر عليه رشدين مولى أبي حذيفة أبيه، وكان معاوية خلفه على فلسطين فأخذه فقال له محمد: أنشدك الله خليت سبيلي فقال له:أخلي سبيلك فتذهب إلى ابن أبي طالب وتقاتل معه ابن عمتك وابن عمك معاوية[ كذا ]، وقد كنت فيمن شايع عليا على قتل عثمان . فقدمه فضرب عنقه.

[32] الضمير يعود على أبي حذيفة.

[33] الإصابة ـ ابن حجر العسقلاني ـ ج 6  ص 10

[34] عبد الرحمن بن عديس البلوي ممّن بايع تحت الشجرة يوم كان معاوية على الشرك.

[35] الإصابة ـ ابن حجر العسقلاني ـ ج 7 ص 74

[36] العبشمي نسبة إلى عبد شمس بن عبد مناف

[37] : مُعجم البلدان ياقوتُ الحمويّ ج2ص157 

[38] شرح نهج البلاغة ج 1ص 32

[39] نهج البلاغة ( خطب الامام علي عليه السلام) ـ محمد عبده ـ ج1ص 92

 

[40] الأصح ّوالأصوب هادن من الهُدْنَة لكي يتفرّغ لمحاربة عليّ عليه السلام،وهو بهذا يقدّم محاربة المسلمين على محاربة الكفار.

[41] تفْسير القرطبي ج14 ص126

[42] تاريخ خليفة بن خياط ص 185

[43] الطبقات الكبرى ـ محمد بن سعد ـ ج5ص251

[44] الطبقات الكبرى ـ محمد بن سعد ـ ج 3ص 89

[45] الطبقات الكبرى ـ محمد بن سعد ـ ج 4 ص 102

[46]  الإصابة - ابن حجر ج 4 ص 10.و الطبقات الكبرى ج 2 ص 158.

[47] من له رواية في كتب الستة". الذّهبيّ ج 1ص 522 تحت رقم 2526.

[48] الطبقات الكبرى ـ محمد بن سعد ـج 4ص 204 / الثقات - ابن حبان - ج 6 ص 7

[49] تاريخ مدينة دمشق  ج 63 ص 206

4 أسد الغابة / ابن الاثير ج 3 ص 335

               

[51] الطبقات الكبرى - محمد بن سعد - ج 5ص 316

[52] تهذيب الكمال -المزّيّ -ج 35 ص 260

[53] الإصابة – ابن حجر - ج 2ص 177تحت رقم ( 2093 )  

 

[54] : الطبقات الكبرى ـ محمّد بن سعد ـ ج 5 ص 17

[55] قتله هاشم المرقال

[56] الطبقات الكبرى - محمد بن سعد ج 3 ص 37

[57] البداية والنهاية ـ ابن كثير ـ ج 7 ص 364

[58] تاريخ اليعقوبي ج1 ص 220

[59] إكمال الكمال ـ ابن ماكولا ـ ج 2 ص 18

[60] صحيح البخاريّ ج 5 ص137

[61] شرح مسلم ـ النووي ـ ج 14ص 179

[62] مسند الشاميّين للطبراني ج 4 ص 336

[63] تاريخ ابن خَلْدُون ج 2 ص 187

[64] كان المهاجر بن خالد بن الوليد شيعيّاً جلداً وكان مع عليّ عليه السلام في صفّين.

[65] عيون الأنباء في طبقات الأطباء ج1ص172

[66] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ـ ج 16 ص 49

[67] تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 194

[68] شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ج 6 ص 76

[69] اقتصرت على ذكر الإمام الرضا عله السلام اختصاراً وإلاّ فإنّ الإمام الكاظم والإمام الصادق وقبلهما الباقر والسّجاد وأيضاً الائمّة من ذرّيّة الرّضا عليه السلام قضوا بالسّمّ على يد معاصريهم من الخلفاء.

[70] سرّ السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري ص4

[71] سرّ السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري ص 37

[72] سرّ السلسلة العلو ية لأبي نصر البخاري ص 12

[73] نفس المصدر ص67

[74] تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي ج 13 ص 331

[75] أي قاله الذهبي في تاريخه " العبر في خبر من غبر " ، والقول موجود في ج1 ص215.

[76] ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ج 19ص 376

[77] الكرفسة واحدة الكرفس قال ابن منطور في لسان العرب ج6ص196 : الكرفس بقلة من أحرار البقول معروف قيل هو دخيل.

[78] الصّواب " إنّه يُريكم أني سقيته السّمّ " كما في مقاتل الطالبيين ص321.

[79] تاريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكرـ ج 66ص 256

[80] تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ج 53  ص 410

[81] تاريخ اليعقوبي ج 2ص 455

[82] البداية والنّهاية ج 11 ص 86

.. قبل ..        .. الرئيسية ..         .. بعد ..