ليعلم خيار الناس أن محمــدا | نبي كموسى والمسيح ابن مريــم |
ألم تعلموا أنا وجدنا محمــدا | رسولا كموسى خط في أول الكتب |
وقال لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): (يا ابن أخي قم بأمرك فلن يوصل إليك وأنا حي). فلم يزل يذب عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويناوئ قريشا إلى أن مات رحمه الله تعالى. قال ابن عدي: حدثنا محمد بن هارون بن حميد، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن ابي رزمة، حدثنا الفضل بن موسى الشيباني، عن ابراهيم بن عبد الرحمان، عن ابن ابي جريج، عن عطاء عن ابن عباس ان النبي ص عارض جنازة ابي طالب فقال: وصلتك رحم وجزيت خيرا يا عم(1). وقال الواقدي في إسناده: كلم وجوه قريش - وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبي بن خلف، وأبو جهل، والعاص بن وائل، ومطعم وطعيمة ابنا عدي، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، والاخنس بن شريق الثقفي - أبا طالب في أن يدفع إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدفعوا إليه عمارة بن الوليد المخزومي، فأبا ذلك! وقال أتقتلون ابن أخي وأغدوا لكم ابنكم إن هذا لعجب؟!
فقالوا: ما لنا خير من أن نغتال محمدا فلما كان المساء فقد أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاف أن يكونوا قد اغتالوه فجمع فتيانا من بني عبد مناف وبني زهرة وغيرهم وأمر كل فتى منهم أن يأخذ معه حديدة ويتبعه، ومضى، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: له: اين كنت يابن اخي؟ اكنت في خير؟ قال: نعم والحمد لله.
فلما اصبح أبو
____________
1 - ترجمة ابراهيم بن هانئ من الكامل: ج 1 / الورق 90 ونحوه في ترجمة معاوية بن عبيد الله من تاريخ بغداد: ج 13 / 196, و الطبقات: ج 1 / 124، ط بيروت: اخبرنا عفان بن مسلم، اخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت، عن اسحاق بن عبد الله بن الحارث.
وقال أبو طالب (رحمه الله):
مـنعنا الرسول رسول المليك | ببيض تلالا مثل البـــــــروق |
اذب واحمي رسول الالــه | حـماية عـم عليه شفيـــــــق |
وقال أبو طالب (رحمه الله) حين اكلت الصحيفة الارضة:
الا هل اتى بحرينا صنع ربنــا | على نأيهم والامر بالنـــاس اورد |
وقال (رحمه الله):
ألا إن خير الناس نفسا ووالـدا | إذا عد سادات البرية أحمـــــد |
نبي الاله والكريم بأصـــلـه | وأخلاقه وهو الرشيد المؤيـــــد |
وهذه تصريحات صريحة في الاعتراف بنبوة محمد (صلّى الله عليه وآله) والدفاع المستميت عنه (صلّى الله عليه وآله) دفاعا عن عقيدة ومبداء لا عن عصبية جاهلية اذ الجاهلية من شأنها التعصب للزعامة في العشيرة والقبلية , اما ابا طالب فقد حوصر في الشعب ثلاث سنين وخسر جاهه في قومه وعشيرته وتحمل انواع المشاق في سبيل الدعوة الاسلامية وصرح نثرا وشعرا وباليد واللسان والقلب دفاعا عن الدين الاسلامي الحنيف(1). ومربي أبا طالب هو عبد المطلب الذي نزل في شأنه سورة
____________
1 - نعم هناك من اخواننا السنه من يبهت سيف الاسلام وركنه بالكفر متمسكا براوايات ضعيفة السند والمتن مثل رواية الضحضاح وغيرها التي هي من الاحاديث المتضمنة أن ابا طالب في ضحضاح من النار مختلفة (الالفاظ) وأصلها واحد وراويها شخص واحد منفرد بها، لانها جميعها تستند إلى المغيرة بن شعبة الثقفي، لا يروي احد منها شيئا سواه، وهو (أي المغيرة) يكره بني هاشم متهم فيما يرويه عنهم لانه معروف بعداوتهم، مشهور ببغضه لهم والانحراف عنهم، وقد روي عنه في حق بني هاشم الفاظ تدل على شدة عدائه لهم و له أعمال وأفعال قبيحة تعرف بالنظر إلى تاريخ حياته وما صدر منه في زمان الخلفاء، وهو رجل معروف بالفسق وغير مصدق , ومن أراد تفصيل في تلك الروايات وغيرها فعليه بكتاب ابو طالب حامي الرسول لنجم الدين العسكري و الغدير للاميني: ج7ط 2، واسلام ابي طالب او شيخ الابطح وغيرها كثير مما اثبتت ان ابا طالب مات على الاسلام وان الروايات التي قيلت في كفره انما هي مدسوسة ضعيفة السند والمتن فعلى كل محتاط في دينه ان لا يبهت عم رسول الله وناصره بالكفر وان يقراء الادلة في اسلامة ومناقشة الروايات في كفره ثم يحكم بالحق عن علم وليس عن تقليد وتعصب اعمى قد يؤدي به الى بهتان رجل هو الركن الثاني من اركان الاسلام كما في الحديث الشريف في قوله ص عند موت خديجه ع وابا طالب في عام واحد سماه عام الحزن وقال: الان اهتد ركناي. وهو لا ينطق عن الهوى والمحبة العاطفية انما يحب من احبه الله ويبغض من ابغضه الله تعالى فاتقوا الله في شيخ الابطح وركن الاسلام وراجعوا التاريخ جيدا ثم احكموا بالحق عن علم ويقين حتى يبراء الضميرك امام المولى عز وجل بانكم قد بحثتوا بقدر وسعكم ووصلتوا للنتيجة من خلال سعي وبحث لا عن تقليد للاباء والمعلمين , نسال الله تعالى ان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل بالطل ويرزقنا اجتنابه امين اللهم امين.
فهذا الدكتور شبلي شميل المتوفى 1335 وهو من كبار الماديين في القرن الحاضر يقول: (الامام علي بن أبي طالب عظيم العظماء نسخة مفردة لم
____________
1 - آل عمران: 34.
2 - كالطواف سبعا والخمس والدية مأة من الابل وغيرها.
3 - ان سورة الفيل شاهدة بتوحيد عبد المطلب وعظمته ولهم تاريخ حافل بالمكارم كحلف الفضول والرفادة والسقاية ولهم الزعامة والوجاهة منذ عهد ابراهيم ع الى يومنا هذا وقد اشرت الى مصادر تتكلم حول شخصية ابا طالب (رح) واما الامام علي (عليه السلام) وابنائه (عليهم السلام) الذين هم اكرم اهل الارض فقد خصصت فيهم بحوث خاصة فراجع كتبي: وعرفت منهم اهل البيت (عليهم السلام). وكتابي (للمنصفين فقط). تجدهم ذرية بعضها من بعض من اصلاب طاهرة وارحام مطهرة , وهم أمناء الله في ارضه وخلفائه في أمته.
والاهتمام بالقربات والخيرات، واقامة الشعائر، والاهتمام بالمساجد والحسينيات بتشيدها، والمحافظة على قداستها ونتستبق ونتنافس في ذلك. قال تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}(5).
وقال عز من قائل: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}(6). نعم
____________
1 - الامام علي صوت العدالة الانسانية 1 / 37.
2 - راجع (كتابي: (وعرفت منهم اهل البيت) فقد نقلت اقوال الصحابه في الامام (عليه السلام) مع المصادر الموثوقة.
3 - الامام علي صوت العدالة الانسانية 1 / 49.
4 - آل عمران: 134.
5 - المؤمنون: 61.
6 - ال مطففين: 24 -26.
قصص من الواقع
قد كثرت الدراسات والبحوث حول شخصية الطفل وحول وجوب الاهتمام بمرحلة الطفولة , ولكن للأسف الشديد البعض يطبق الكلام عكس ما يجب , فيكون ضره اكثر من نفعه فمثلا: انا اعرف أسر ورأيت من تعاملهم أغلاط كثيرة , منها مثلا: (ذات مرة زرت احدى الصديقات ورأيت طفلها يخرب كل شي وبكل حرية!! وهي تأتي وتصلح وراءه بهدوء , وتكرر ذلك مرات في نفس الجلسة , فقلت لها: عفوا للفضول , ولكن عندي سؤال. فقالت: تفضلي فقلت: لماذا لا تعلمي طفلك انه يخطيء؟
فقالت: لا لا لا.. فقلت عجبا لماذا؟!!.
فقالت: ان في الروايات وعلم النفس: ان الطفل أمير نفسه إلى سبع سنين. فقلت: إذا ثبت ذلك فالمقصود منه انه لا يجبر على شي فتنكسر شخصيته , أما ان يظل يخرب وهو لا يعرف انه يخرب فسيكبر ويكبر معه تخريبه ويريد حريه مطلقه ولا يسمع لأي توجيه , يجب على الوالدين ان يفهما طفلهما ان هذا خطاء وهذا صح ويشجعوه على الصح ويؤنبوه على الخطاء , ولا بد من اعطاه حريه في كل أجواء البيت , مع مراقبته لان الأم لو ترفع عن الطفل كل شي يحتمل كسره لأذاها عند الناس كما شاهدت ذلك بنفسي , فالافضل ان ترفع عن متناول يده كل ما هو خطر عليه , أما الاشياء الاخرى كالكتب واشياء الزينة ونحوها فلابد ان
____________
1 - العروة الوثقى (ط.ج) السيد اليزدي ج 2 ص 402.
وبعد سنة تقريبا جاءت لزيارتنا وإذا بها تظربه ضربا مبرحا فقلت لها: ماهذا الظلم؟!! انه لو كان عدوا لك لما عاملتيه بهذه القساوة. فقالت: عجبا!! ألم تقولي قبلا انه يجب ان اربيه وأعلمه؟.
فقلت انا لم اقل اضربيه قلت ادبيه والفرق كبير جدا... فقالت: يا أختي الصدق ان زوجي هو السبب فقد كان يقول لي: لو يخبرني الطير انك تقيدي حريته لفعلت بك كذا وكذا , ان الطفل سلطان نفسه إلى سبع سنين. وأنا تعبت من الصبر والتحمل فحاولت اربيه فلم استطع لانه تعود على الحريه المطلقه بل لا يفهم مهما افعل به....
نعم هكذا نفس الفكرة في رؤس كثير من الآباء ان الطفل مطلق الحرية إلى سبع سنين!!! ونسيوا ان الطفل في هذا السن يجب ان يصنعه أبويه كيفما شاءا , وبعد هذا السن يصعب تحويله عن عاداته التي مارسها من عناد وحب الذات وغيرها كثير , نعم ان الطفل وهم مولود لو تعود لاينام إلا بتحريك وتربيت لتعود
فقال: انه لا يعرف يضحك. وعلمت ان السبب ان أمه كانت تتركه في البيت وتذهب للحديث والزيارات وهو وحده يبكي حتى يتعب وينام فتأتي تأكله وتضربه وتكسر شخصيته ولا تعرف تلاعبه لانها مخاصمه لزوجها فهو يخطب غيرها , فتعامل الطفل البري بذنب والده!! بل قد اقول انه ليس ذنب فمن لا ترعي الامانة وتحمل حنان الامومة فهي تستحق ذلك.
انا لا اشجع على ظلها ولا ظلم طفلها وعدم احترام الطفل او تدليعه ولكن ضمن حدود والطفل يعقل اكثر من الكبار فلو تركت من وقتها له لتفهم الامور لتفهم احسن من الكبار وتدلله في حدود وتسليه في حدود ولكن لا ان تتركه يفعل مايشاء وكيف يشاء باسم الحرية والاعتماد على النفس فيصبح ابنها كابوس عندما تذهب لزيارة احد او زارها احد يحرجها باذيته وشيطتنه وتسميه ذكي ونشيط!!!
وذات مرة ذهبنا زيارة لأحدى الاخوات فإذا بالاخت لا تهتم بإطفاء الكهرباء , وتسرف في الماء , وتغسل الصحون وتدخلها في الصندوق قبل الجفاف فيؤيدي
فقالت: نحن لا ندفع اجرة شي بل دفعنا رهنية وشهرية كثيرة وكل ما يلزم من ماء و.. على صاحب البيت. ونحن فترة قصيرة ونذهب والصناديق ليس ملكنا وو.. فحاولت اعظها وجسمي يشمئز من هذه الخيانة التي يعملها بعض الناس وبكل جراءة وهو يصلي ويصوم ويتصدق!!.
وهكذا يحصل كثير في بيوت الاستئجار او السكن الجامعي او الحوزوي الذي تعطيه بعض الدول للطلاب و.. فالام التي يسمعها ويراها اطفالها لا تراعي الامانة فمن اين سيتعلون الامانة؟؟ إلا من رحم الله , ومن الامانه ماجاء قي قول قدوة المؤمنين الامام أمير المؤمنين (عليه السلام): (والله لو اعطيت الاقاليم السبع فيما تحت افلاكها على ان اعصي الله في جلب شعيرة اسلبها من فم جرادة ما فعلت).
نعم قد توجد أم او أب غير صالحين ويكون منهم طفل او اطفال صالحين وذلك إذا وفقه الله بمعلم او صديق جيدين فهما يؤثران فيه إذا عنده روح طيبة قابلة للهداية. نعم للأسف الشديد بعض الناس يطبق الرواية او القاعدة عكس مفهومها كما ذكرت (الطفل امير نفسه الى سبع سنين) و (والاهتمام بصحة الطفل) فعلى الإنسان المهذب الذي لا يحب ان يمله الناس ان يقراء سيرة الرسول (صلّى الله عليه وآله) واهل بيته (عليهم السلام) فانه سوف يغترف الأخلاق من فالطفل كلما يكبر كلما يلزم احترام فكره ورأيه , وإذا كان هناك عقيدة وسلوك معين فاليغرسها الآباء تدريجيا حسب العمر وبالأسلوب الجميل , اما الجبر فهو يسبب التنفر والعقوق , وعلى كل حال مهما بلغ من جهل الابوين فلهم حق الطاعة في غير معصية الله , وانا اعتقد ان افضل ما يجب على الوالدين بعد تهذيب نفسيهما كقدوة لطفلهما ان يختارا أُسرة مؤمنة مهذبه ويتركاه مع اطفالهما بعد اليقين من اخلاقهم بحيث لا يشعر انهما يرايدا ان يصادقهم بل بطريق مدحهم وزيارتهم ومن هذا القبيل فالطفل عندما يكبر يتأثر بصديقة وجليسة اكثر من اهله إلا اذا اهله يعاملوه كصديق , اما اذا هو لا يرى الحب والاحترام من اهله كما يراه من
من هو قدوتنا؟
انه لا حاجة لنا ان ننظر ونبحث لنا عن قدوة لأن عندنا القرآن الكريم فية كل ما تتطلب الحياة من ما يجب ان نعمل وما يجب ان لا نعمل وعندنا الأنبياء والرسل والاولياء (عليهم السلام) والقادة , وعندنا من النساء خديجة التي اختارت الرجل الفقير لخلقه الرفيع وصفاته الحميدة , وقدمت كل مالها في سبيل الله , وسمية التي استشهدت صبرا على التعذيب في سبيل الله (عزّ وجلّ) , وعندنا أم عمارة التي دخلت بسيفها تذب عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وغيرهم كثير فهل نبقى نبحث عن قدوة وتاريخنا ملي بالعظماء وما علينا إلا ان نقراء عن صبرهم وثباتهم وسلوكهم.. ونقتدي بهم خطوة بخطوة.
فمن كان عنده كتاب ككتابنا المقدس , ونبي كنبينا (صلّى الله عليه وآله) وأئمة كأئمتنا (عليهم السلام) ونساء عظيمات فاعلات في كل المجالات الدينية والدنيوية , فهل يحتاج ان يبحث عن قدوة لا تفهم من الحياة إلا الغريزة الحيوانية؟؟!!.
لا, لا نحتاج إلا ان نعرف كتابنا وما فيه وتاريخنا ومن فيه , ونعمل طبق ما ارادا , فان ذلك يضمن لنا سعادة الدنيا والآخرة وذلك: إذ شئنا ان نسعد في الآخرة لابد ان نحذرها ونخافها وذلك ان نكثر من قراءة القرآن خصوصا الآيات التي تذكّرنا بيوم القيامة كقوله (عزّ وجلّ): {يوم ينفخ في يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجاء يومئذ وما لكم من نصير. يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه. يوم يتذكر الانسان ما سعى وبرزت الجحيم لمن يرى. يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شئ شهيد. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا
لو كانت هذه الآيات دائما نصب الأعين لكان كل فعل وقول وحركة كلها لّله وفيما يرضيه. ولو ذكرنا أنفسنا دائما نارا شديد لهيبها، متأجج سعيرها، متغيظ زفيرها، قعرها بعيد، وحرها شديد، وعذابها جديد، وحليها أصفاد وإذا قيل لها: هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد. لو ذكرنا أنفسنا بالموت وسكرته، والقبر ومسألته، وذكرناها بنفخة الصور، وكيف يساق الخلق من القبور إلى أرض المحشر عراة؟! يسوقهم الله بالنفخة الاولى وهي الراجفة، ثم يتبعها النفخة الثانية وهي الرادفة. لو عرفنا الدنيا على حقيقتها: فعيشها عناء، وبقاؤها فناء، لذاتها تنقيص، ومواهبها تغصيص، سريعة الزوال، خيرها زهيد وملكها يسلب، وعامرها يخرب، عيشها قصير، وخيرها يسير، وإقبالها خديعة، وإدبارها فجيعة، ولذاتها فانية، وتبعاتها باقية، في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، من استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن. لوحاسبنا أنفسنا قبل أن نحاسب ولمناها قبل أن تلام. وعملنا للدنيا عملا كله لله وفي مرضات الله لنلنا خير الدنيا والآخرة وسعدنا في الدنيا والآخرة ولرفعنا الله (عزّ وجلّ) في الدنيا والآخرة: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(1).
وسعادة الدنيا لا تعني المال والجاه ان السعادة هي الرضا والقناعة بما ناله من الدنيا من مال وبنين ومتاع , ولو فرضنا ان انسان كان محروما من شي من ذلك فلا يكدر حياته ولا تسلب عنه ابتسامته ومرحه ومعنويته التي هي كل السعادة بالنسبة لاسرته , ويسعى جاهدا بالطرق المشروعة لكسب ما يمكنه لتوفير
____________
1 - المجادلة: 11.
ام محمد صادق
حسينة حسن الشريف
بتاريخ: 15 محرم 1426 هـ. ق.