وما ان قال الرسول:

(قربوا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا)، حتى تصدى له عمر بن الخطاب فقال فورا دون ان يسال عن مضمون الكتاب:

(حسبنا كتاب اللّه، ان رسول‏اللّه قد هجر) وبدون تروى صاح الحاضرون من حزب عمر فقالوا:

القول ما قاله عمر!!

ان رسول‏اللّه يهجر واستغرب الحاضرون من غير حزب عمر وصعقوا من هول ما سمعوا فقالوا عفويا:

قربوا يكتب لكم رسول‏اللّه، وكان الحاضرون من حزب عمر يشكلون الاكثريه لانهم اعدوا للامر عدته فصاح عمر واعوانه:

(حسبنا كتاب اللّه ان الرسول يهجر)، واختلف الفريقان وتنازعوا، وصدم عمر وحزبه خاطر النبى فقال النبى للجميع:

(قوموا عنى، ولا ينبغى عندى التنازع، وما انا فيه خير مما تدعونى اليه)، ولقد اصاب ابن عباس عندما سمى ذلك اليوم بيوم الرزيه!!!

تكييف هذه الحادثه:

الرسول مريض ومسجى فى بيته لا فى بيت عمر، ويبدو واضحا ان عمر تلقى اشاره ما من بيت الرسول تفيد بانه سيوصى تلك الليله، فجمع عمر عددا من افراد حزبه، احدهم ابو بكر فهما لا يفترقان ابدا كما اثبتنا، وفوجى‏ء الرسول بدخولهم، ولكنه مضى وقال:

(قربوا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده).

وكان عمر يعرف مضمون الكتاب، وتناسى عمر انه وحزبه زوار فى بيت الرسول، وان من حق المريض ان يقول فى بيته ما شاء، وقواعد الادب تفرض على الزائر ان يلتزم حدوده، لقد تناسى عمر وصحبه ذلك وتصدوا للنبى فى بيته، وحالوا بينه وبين ما يريد، تلك حادثه لم يسبق لها مثيل فى تاريخ البشريه!!

فعندما مرض ابو بكر قال:

قربوا اكتب فقربوا بكل الاحترام، فقال لعثمان:

اكتب انى قد وليت عليكم.. واغمى عليه اغمى وانتظروه حتى افاق.

كان عمر حاضرا وهو يقول للناس:

(ايها الناس اسمعوا واطيعوا قول خليفه رسول‏اللّه) (582).

وعمر نفسه اوصى ولم يعترضه احد.

لم يقل عمر:

ان ابا بكر هجر، ولم يقل حزب عمر ذلك!!

ولم يقولوا:

لا حاجه لوصيه ابى بكر حسبنا كتاب اللّه!!

ما لهم كيف يصنعون ذلك برسول‏اللّه!!

ماذا بقى من اسلام المسلم عندما يقول للرسول فى بيته انت تهجر!!

ولسنا بحاجه لكتابك، لان القرآن عندنا وهو يكفينا!!

تلك حادثه غريبه لا مثيل لها فى تاريخ البشريه.

ومع هذا بقى اصحاب هذه الحادثه ابطالا، ولم يتعرضوا للوم لائم!!

ان هذا لامر عجاب.

الشائعه السادسه: القرآن وحده يكفى ولا حاجه لحديث الرسول او وصيته:

لقد تجاوز قاده التحالف حدود العقل والمنطق، عندما اطلقوا اشاعتهم السادسه فقالوا للرسول نفسه:

عندنا القرآن ولا حاجه لنا بكتابك او وصيتك، لان القرآن وحده يكفينا.

اول من اطلق هذه الاشاعه:

لقد اطلق عمر بن الخطاب هذه الاشاعه فى بيت الرسول، وامام الرسول، ورددها الحاضرون من حزب عمر، وقد اطلقت مع الاشاعه الخامسه (ان رسول‏اللّه قد هجر) وتفصيل ذلك ان رسول‏اللّه اراد ان يلخص الموقف لامته قبل وفاته، لانه على علم بالفتن التى تتربص بالامه وتنتظر وفاته لتنقض عليها فقال:

(قربوا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا)، وما ان اكمل الرسول جملته حتى تصدى له عمربن الخطاب، وقال:

ان الرسول قد هجر حسبنا كتاب اللّه.

وعلى الفور ردد الحاضرون من حزب عمر ما قاله عمر فقالوا:

ان الرسول يهجر وحسبنا كتاب اللّه (583).

وصعق من فى بيت الرسول من غير حزب عمر فقالوا:

قربوا يكتب لكم رسول‏اللّه، وعمر وحزبه يرددون قولهم الاول، فاختلفوا وتنازعوا وكثر اللغط فقال لهم رسول‏اللّه:

قوموا عنى ولا ينبغى عندى تنازع ونجح عمر وحزبه بالحيلوله بين رسول‏اللّه وبين كتابه ما اراد (584).

ايمان قاده التحالف بهذه الاشاعه:

ان ايمان ابو بكر وعمر وعثمان رضى اللّه عنهم بهذه الاشاعه ايمان لا يتزعزع، وهم مقتنعون ان القرآن وحده يكفى، ولا حاجه لحديث رسول‏اللّه، ولا لوصيه الرسول شخصيا.

اما ابو بكر وعمر فقالا هذا الكلام للرسول نفسه، واكداه اثناء توليهما للخلافه، واما عثمان فقد اعط‏ى مفاده للرجلين لانه اقتنع بانهما سينتصران يوما، وان سار فى ركابهما سيستفيد فائده عظيمه.

والدليل:

ان اول عمل عمله ابو بكر بعد ان تسلم الخلافه ان (جمع الناس وقال:

انكم تحدثون احاديثا تختلفون فيها، والناس بعدكم اشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول‏اللّه شيئا، فمن سالكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب اللّه) (585).

لقد تصور ابو بكر ان سبب الخلاف والاختلاف يكمن فى احاديث الرسول، لذلك اصدر امره بعدم نشر احاديث الرسول، وكان هو شخصيا يحتفظ بمجموعه مكتوبه من احاديث الرسول فجمعها واحرقها) لان القرآن وحده يكفى حسب رايه، ولا حاجه لاحاديث الرسول.

عمر بن الخطاب طلب من الناس ان ياتوه بما عندهم من احاديث الرسول المكتوبه، وظن الناس انه يريد ان يجمعها ويامر بكتابتها من جديد فاتوه بها، فلما وضعت بين يديه امر بحرقها، وحرقت فعلا (586).

ولم يكتف بذلك انما نهى الناس عن الحديث، وفرض على المحدثين الاقامه الجبريه، وحبس بعضهم بجرم التحديث عن رسول‏اللّه!!(587).

وما ذلك الا لان عمر مقتنع ان القرآن وحده يكفى، ولا حاجه لما قاله الرسول او ما سيقوله حتى وان كان الرسول موجودا!!(588).

وجاء عثمان فسار على مسيره صاحبيه، حيث استهل عهده باصدار مرسوم مفاده انه (لا يحل لمسلم يروى حديثا لم يسمع به فى عهد ابى بكر وعمر) (589).

وكان معاويه بن ابى سفيان اكثر وضوحا من الذين سبقوه، حيث دخل بالموضوع مباشره، فاصدر مرسوما ملكيا وجه منه نسخه الى كل عماله:

(ان برئت الذمه ممن يروى شيئا بفضل ابى تراب واهل بيته).

فغايه الجميع واحده وهى منع روايه وكتابه احاديث الرسول كلها حتى لا يروى الناس شيئا من فضل على واهل بيت النبوه.

وقدر معاويه انه لم يعد هنالك ما يبرر هذه التوريه فدخل بالموضوع مباشره، وحصر المنع بما يعط‏ى حقا او فضائلا لعلى واهل بيت النبوه.

اما ابو بكر وعمر وعثمان فقد كانوا يراعون مشاعر المسلمين، ولم يفصحوا عن قصدهم ويوضحوه كما افصح عنه معاويه ووضحه.

عدم منطقيه الاشاعه:

كافه الاشاعات السابقه غير منطقيه، واكثرها بعدا عن المنطق هذه الشائعه، فالقرآن يحتاج الى بيان، ومهمه النبى ان يبين للناس ما نزل اليهم من ربهم، وان يوضح المقاصد الالهيه العامه والخاصه من كل نص توضيحا قائما على الجزم واليقين.

ومن هنا كان بيان النبى -اى نبى- جزءا لا يتجزء من المنظومه الالهيه التى اوحاها اللّه لذلك النبى.

على اعتبار ان هذا النبى او ذلك هو الاعلم والافهم، وان بيانه للقواعد الالهيه هو بالضبط عين المقصود الالهى، فالكتاب لا يغنى عن الرسول فكلاهما متمم للاخر، وطاعه النبى هى طاعه اللّه، ومعصيه النبى هى معصيه اللّه، فهما وجهان لعمله واحده (وللّه المثلى الاعلى)، فوضع قطعه العمله رسميا بين المتداولين والاشتراط عليهم ان لا ينظروا الا لجهه واحده من العمله امر غير معقول!!

ومن جهه ثانيه هذا تفريق بين اللّه ورسوله، وبين الرسول ومعجزته؟!

فباى منطق نجعل الدين كتاب اللّه المنزل فقط ونتجاهل كل ما صدر عن نبى اللّه المرسل؟!

واذا امكننا فهم ان شخصا لا يريد حديث الرسول الذى ينقل عنه بالروايه!!

فكيف تفهم بربك، الشخص الذى يقول للرسول انت تهجر، ولا حاجه لنا بقولك او وصيتك، لان عندنا القرآن وهو يكفينا؟!

كيف تفهم شخصا كتب احاديثا عن رسول‏اللّه، ثم قام باحراقها تحت شعار ان القرآن وحده يكفى؟!(590)

الشائعه السابعه: النبى مجتهد:

قصد قاده التحالف من اطلاق هذه الشائعه ان يلقوا بروع المسلمين ان الرسول ليس اكثر من مجتهد يقول برايه فى الامور العامه، وان راى الرسول ليس ملزما، ومن حق اى مجتهد آخر ان يتبنى اجتهاده الذى يخالف اجتهاد الرسول، ولا حرج على هذا المجتهد الاخر، فهو ماجور بمخالفته لرسول‏اللّه سواء اخطا ام اصاب.

وهذه الشائعه ثمره طبيعيه للاشاعات السابقه، ونتيجه ملطفه لها.

التطبيق العملى للشائعه:

الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم- كان يقسم المال بين الناس بالسويه، لا فضل فى ذلك لمهاجرى على انصارى، ولا لعربى على عجمى، ولا صريح على موالى، لان حاجات ابناء البشر الاساسيه متشابهه، وتلك امور تدرك بالعقل وبالفطره السليمه، فجميع ابناء البشر ياكلون ويشربون وينامون ويتزاوجون.

ثم ان الرسول لا ينطق عن الهوى، فهو يتبع ما يوحى اليه من ربه، فامر بهذه الخطوره يتلقى فيه التوجيه الالهى، وطوال عهده الشريف وهو يقسم بين المسلمين بالسويه لا يفضل احدا على احد حتى اصبح عمل الرسول هذا سنه فعليه، وجزءا من المنظومه الالهيه، على اعتبار انها تشريع من اهم التشريعات الماليه فى الاسلام.

وعندما قبضت قياده التحالف على مقاليد الامور لم تقو على مخالفه هذا التشريع، فطول عهد ابى بكر وهو ملتزم بهذه السنه النبويه الفعليه.

ولما تسلم عمر مقاليد الخلافه راى ان سنه الرسول هذه ليست مناسبه، فلا يعقل ان تكون قريش كالانصار!!

ولا يعقل ان يكون العرب كالعجم، وان يكون الصريح كالمولى!!

ومن هنا فقد فضل المهاجرين كلهم على الانصار كلها، وفضل العرب على العجم، وفضل الصريح على المولى، واعط‏ى زوجات الرسول عطاء خاصا يفوق التصور والتصديق، وزائدا عن حاجه كل واحده منهن!!!

حتى انه لم يساو بالعطاء بين زوجات الرسول نفسه!!

فميز بينهن، واعط‏ى بعضهن اكثر من بعض.

وتصور عمر ان اسلوبه بتوزيع العطاء هو افضل من اسلوب النبى، ومع الايام اكتشف عمر انه قد غرس فى المجتمع المسلم بذور الطبقيه، وانه قد اوجد بعمله هذا الغنى الفاحش والفقر المدقع جنبا الى جنب!!

فطلحه والزبير وعثمان وابن عوف يملكون الملايين!!

وعمار وبلال وعامه الناس يموتون من الجوع!!!

ونتيجه عمله هذا اشعل بيديه دون ان يدرى نار الصراع القبلى بين ربيعه ومضر، وبين الاوس والخزرج، وبين العرب والعجم، وبين الصريح والمولى (591).

وظلت نيرانه تلك تكبر وتكبر، حتى التهمت المجتمع الاسلامى وافقدته صوابه!!

عمر يكتشف ان رسول‏اللّه اهدى منه:

نجح عمر بالغاء سنه الرسول التى تساوى بين الناس بالعطاء والمستنده الى وحى الهى.

ونجح باحلال سنته الشخصيه محل سنه الرسول.

وبعد تسع سنين من تطبيق سنته الشخصيه، اكتشف ان رسول‏اللّه اهدى من عمر، وان سنه رسول‏اللّه خير من سنه عمر، بعد ان شاهد بعض الاثار المدمره لسنته الشخصيه، التى وضعها بالقوه محل سنه الرسول.

واعلن عزمه على الرجوع الى سنه رسول‏اللّه!!

فقال:

(وان عشت هذه السنه، ساويت بين الناس فلم افضل احمر على اسود، ولا عربيا على عجمى، وصنعت كما صنع رسول‏اللّه وابو بكر) (592).

عمر كان يعرف انه الغى سنه رسول‏اللّه!!

بمعنى ان عمر عندما الغى التسويه بالعطاء كان يعلم انها سنه رسول‏اللّه، وان صاحبه ابو بكر قد اتبعها، ومع هذا الغى التسويه بالعطاء مع سبق العلم والاصرار، ثم عاد بعد تسع سنين ليفكر باعاده السنه التى عطل احكامها طول تلك المده!!!(593)

تعطيل احكام آيه محكمه:

الشارع الحكيم حرم على آل محمد الصدقه، وجعل لهم حقا فى الخمس بوصفهم ذوى قربى النبى (ولذى القربى) «الانفال 41»، وبين الرسول الايه فجعل خمس الخمس لذوى القربى وهم بنو هاشم الذكر منهم والانثى وبنو المطلب (594).

بالاضافه الى يتيم الهاشميين ومسكينهم وابن سبيلهم، والحكمه من هذا التشريع كانت ابراز التمييز لذوى القربى، وسد حاجاتهم بايجاد سبيل لحياه كريمه لهم، ولان الصدقه محرمه عليهم (595).

وبالرغم من وضوح الايه، ومن تواتر بيان النبى لهذه الايه، الا ان عمربن الخطاب ابى ان يعط‏ى بنى هاشم كل سهمهم (596) بحجه (ان قريش كلها ذو قربى) (597).

قال ابن عباس:

(سهم ذوى القربى لقربى رسول‏اللّه، قسمه لهم رسول‏اللّه، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا فرايناه دون حقنا فرددناه عليه، وابينا ان نقبله) (598).

وباختصار شديد، ترك عمر نص الايه المحكمه، وبيان النبى لهذه الايه المتمثل بسنته الشريفه طوال عهده، واتبع رايه لانه اعتقد ان رايه اقرب للعدل كما يراه، واسهل لتحقيق ما يريده لبنى هاشم.

ندم عمر:

من الموكد ان عمر عندما كان على فراش الموت استعرض بمخيلته كل حماسه واندفاعه، وندم على ما كان منه، وقال:

(ليت ام عمر لم تلده) (599).

ومن الموكد ان عمر على الاقل اعترف بانه قد اخطا عندما رفع حكم اللّه، والغى سنه رسول‏اللّه التى ساوت بين الناس فى العطاء، ووضع بدلا منهما سنته الشخصيه التى فضلت بالعطاء، وعبر عن هذا الندم بقوله:

(ان عشت هذه السنه ساويت بين الناس، وصنعت كما صنع رسول‏اللّه وابو بكر).

العذر العجيب:

على الرغم من ندم الخليفه عمر على تعطيله لحكم اللّه، وعلى الغائه لسنه رسول‏اللّه، واعلانه لهذا الندم، واعترافه بخطا ما فعل او اجتهد برايهم، فانهم بعد مماته اخذوا يزدادون بحب الرجل، ويلتمسون له اعذارا عجيبه لا يقرها العقل.

يقول القوشجى فى معرض اعتذاره عن رفع سنه اللّه التى تامر بالمساواه بين الناس فى العطاء، واعطاء خمس الخمس لبنى هاشم وبنى المطلب، واحلال سنه عمر التى تقضى بالمفاضله بدلا من المساواه بين الناس، ومنع الهاشميين حقهم يقول:

(واجيب عن هذه الوجوه بان ذلك ليس مما يوجب قدحا فيه، فانه من مخالفه المجتهد لغيره فى المسائل الاجتهاديه) (600).

تكييف مقاله القوشجى وشرح معناها:

معنى ذلك ان الرسول عندما اعط‏ى الناس بالسويه خلال عهده الراشد كله، فعل ذلك كمجتهد، وان مساواه الرسول للناس بالعطاء هى من قبيل الاجتهاد الشخصى من رسول‏اللّه كذلك فانه عندما اعط‏ى الخمس لذوى القربى لم يفعل ذلك تطبيقا للايه القرآنيه، انما فعل ذلك بوصفه مجتهدا!!

وعندما آلت الخلافه الى عمر قرر العدول عن اجتهاد الرسول، وايجاد اجتهاد بديل منه، راى عمر انه افضل!!

وهذا العمل لا يشكل قدحا فى عمر باى وجه من الوجوه، لانه من قبيل مخالفه مجتهد وهو عمر لمجتهد آخر وهو رسول‏اللّه!!

ولا حرج على عمر من مخالفته لرسول‏اللّه، لان كلاهما مجتهد!!!(601)

قال ابن ابى الحديد:

(لم يخرج عمر بحكمه عن طريق الاجتهاد وما ادى اليه اجتهاده)!!

وقال فى معرض اعتذاره عن تخلف ابى بكر وعمر عن جيش اسامه:

(ان الرسول كان يبعث السرايا عن اجتهاد لا عن وحى يحرم مخالفته) (602).

وباختصار لقد تحولت تلك الاشاعه الى قناعه عامه، وصار الرسول مجرد مجتهد، ليس الا، ومن حق الخليفه المتغلب فى اى زمان، ان ياتى باجتهاد يغاير اجتهاد الرسول.

ويبدو ان مزيه التنافس بين النبى المجتهد وبين غيره محصوره بالخلفاء الثلاثه ابو بكر وعمر خاصه وعثمان بدرجه اقل، وبمستوى ادنى ملوك بنى اميه بوصفهم صحابه كرام!!!

واخيرا برايهم ان النبى مجتهد، والقاعده العامه:

ان المجتهد ماجور اخطا ام اصاب، والفرق ان المصيب له اجران وللمخط‏ى‏ء اجر واحد، ومن حق المجتهد، اى مجتهد ان يخالف مجتهدا آخر!!(603)

والاهم من ذلك ان الاجتهاد وارد حتى فى العبادات فزياده الاذان الثالث يوم الجمعه من قبيل الاجتهاد (604)!!

والاجتهاد قد يقع فى حد من حدود اللّه، قال القوشجى فى معرض الاعتذار عن اسقاط عثمان القود عن عبيداللّهبن عمر:

(انه اجتهد وراى انه لا يلزمه حكم هذا القتل، لانه وقع قبل عقد الامامه له) (605).

والاجتهاد قد يستفيد منه اعداء اللّه، فالحكم‏بن العاص عدو للّه كان يوذى رسول‏اللّه فى الجاهليه والاسلام، لعنه الرسول، ولعن اولاده (606).

واصدر الرسول اوامره بتغريب الحكم وولده، وقال:

(لا يساكننى ولا ولده)، وعندما تولى ابو بكر الخلافه راجعه عثمان للسماح بعوده الحكم‏بن العاص فرفض ابو بكر، وبعد توليه عمر راجعه عثمان لنفس الغايه فرفض عمر، وعندما تولى عثمان الخلافه ادخله معززا مكرما، والبسه جبه من طيلسان (607) واعطاه صدقات المسلمين البالغه 300 الف درهم (608).

ولما مات الحكم ضرب عثمان على قبره فسطاطا (609).

حزنا عليه، ولما قيل لشيعه عثمان:

لم فعل عثمان ذلك؟ قالوا:

(اداه اجتهاده الى ذلك لان الاحوال تتغير) (610).

روى الحاكم عن عبدالرحمن‏بن عوف قال:

(كان لا يولد لاحد مولود الا اتى به النبى فدعا له، فادخل عليه مروان‏بن الحكم فقال الرسول:

(هذا الوزع بن الوزع الملعون‏بن الملعون) (611).

ومع هذا اصبح هذا الولد بالاجتهاد رئيسا لوزراء المسلمين!!!

واعط‏ى هذا الولد فدكا، وهى التى اخذت من بنت رسول‏اللّه!!(612)

كل هذه التناقضات قد جرت بدعوى الاجتهاد!!!

وكثمره من ثمرات الشائعات التى اطلقها قاده التحالف، والتى تظافرت معا وخلقت وضعا حقوقيا لا مثيل له!!

وعلى فرض ان الرسول قد قال للناس:

(ان على‏بن ابى طالب هو وليكم من بعدى و... الخ)، فاقوال الرسول هذه ليست ملزمه للاسباب الوارده وبالشائعات الانفه الذكر، وان اقوال الرسول من قبيل الاجتهاد، وليست وحيا يحرم مخالفته!!!

وهذه هى المرامى البعيده لتلك الشائعه المشوومه.

اشاعتان معا:

1- الرسول لم يستخلف احدا انما خلى على الناس امرهم.

2- الرسول لم يجمع القرآن والخلفاء الثلاثه هم الذين جمعوه.

معنى هاتين الشائعتين:

اطلقت هاتان الاشاعتان معا ومفادهما الترك، فعلى المستوى القيادى فان رسول‏اللّه قد خلى للناس امرهم، ولم يستخلف احدا من بعده لا على‏بن ابى طالب ولا غيره، بل ترك امته بلا راع ولا قائد، ولا بين لها كيف تختار ولا من تختار.

فجاء الخلفاء الثلاثه ورتبوا امر القياده من بعد النبى وتلافوا بعبقريتهم الفذه ما اغفله النبى!!

هذا على الصعيد القيادى.

اما على الصعيد القانونى فان الرسول قد انتقل الى جوار ربه، وترك القرآن فى صدور الرجال ولم يجمعه، وخشى الخلفاء الثلاثه ان يضيع القرآن بعد ان يقتل حفظته او يموتوا، لذلك شمروا عن سواعدهم وجمعوا القرآن، ولولا بعد نظر اولئك الخلفاء لضاع القرآن واندثر، وهكذا تلافى الخلفاء العباقره ما اغفله النبى، وبخطوتهم المباركه حفظوا القرآن من الضياع!!

اثبات الشائعتين:

1 - اثبات شائعه ترك الرسول للامه دون راع كقول ابى بكر:

(ان اللّه بعث محمدا نبيا، وللمومنين وليا، فمن اللّه تعالى بمقامه بين اظهرنا حتى اختار اللّه له ما عنده، فخلى على الناس امرهم ليختاروا لانفسهم ما فيه مصلحتهم متفقين لا مختلفين، فاختارونى عليهم وليا ولامورهم راعيا..) (613).

فابو بكر هو اول من اشاع بان الرسول قد خلى على الناس امرهم، اى ترك امته بعده بغير راع وترك للامه حريه اختيار هذا الراعى فى ما بعد، وبيان كيفيه اختيارهم له!!

وجاء فى تاريخ الطبرى ان ابا بكر قال فى مرضه الذى توفى منه:

(ووددت انى سالت رسول‏اللّه لمن هذا الامر فلا ينازعه احد؟!!

ووددت انى كنت سالته هل للانصار فى هذا الامر نصيب؟!)(614)

فابو بكر يوكد هنا صحه هذه الشائعه.

وعمر هو ثانى من اشاع شائعه ترك الامه بدون راعى:

اخرج ابو نعيم فى حليته، ومسلم فى صحيحه، والبخارى فى صحيحه، والبيهقى فى سننه، وابن الجوزى فى سيره عمر ما يلى:

(ان ابن عمر قال لابيه:

ان الناس يتحدثون انك غير مستخلف، ولو كان لك راعى ابل او راعى غنم، ثم جاء وترك رعيته، رايت انه قد فرط، ورعيه الناس اشد من رعايه الابل والغنم!!

ماذا تقول للّه عز وجل اذا لقيته ولم تستخلف على عباده؟ قال ابن عمر:

فاصابته ك‏ابه، ثم نكس راسه طويلا ثم رفع راسه وقال:

واى ذلك افعل فقد سن لى (ان لم استخلف فان رسول‏اللّه لم يستخلف، وان استخلف فقد استخلف ابو بكر)!!(615)

وانت تلاحظ ان عمر قد جعل فعل ابى بكر سنه، وجعل فعل النبى سنه، واعط‏ى نفسه صلاحيه اتباع اى السنتين ولم يفرق بينهما!!

وقد توصل الى هذه النتيجه بعد تفكير طويل، والحديث مروى عن ابنه، ورواه الثقات من شيعه الخليفتين!!

وعمر يوكد فى هذا الحديث بان الرسول لم يستخلف!!

وروى المسعودى فى مروج الذهب ان عبد اللّه بن عمر دخل على عمربن الخطاب وهو يجود بانفاسه، فقال له:

(يا امير المومنين استخلف على امه محمد، فانه لو جاءك راعى ابلك او غنمك، وترك ابله او غنمه لا راعى لها للمته، وقلت له:

كيف تركت امانتك ضائعه؟ فكيف يا امير المومنين بامه محمد؟) فاجابه عمر:

(ان ادع فقد ودع من هو خير منى -يعنى الرسول- وان استخلف فقد استخلف من هو خير منى -يعنى ابا بكر-) (616).

فعمر يصرح بان الرسول لم يستخلف، ويساوى بتصريحه هذا بين فعل ابى بكر وفعل الرسول!!

وروى ابن قتيبه فى الامامه والسياسه ص‏22 ان عمر لما احس بالموت قال لابنه عبداللّه:

(اذهب الى عائشه واقرئها السلام، واستاذنها ان اقبر مع رسول‏اللّه ومع ابى بكر.

فاتاها عبد اللّه، فاعلمها فقالت:

حبا وكرامه، ثم قالت:

يا بنى ابلغ عمر سلامى وقل له لا تدع امه محمد بلا راع.. استخلف عليهم، ولا تدعهم بعدك هملا، فانى اخشى عليهم الفتنه!!

فاتى عبداللّه عمر فاعلمه فقال عمر:

ومن تامرنى ان استخلف لو ادركت.. الخ) (617).

واخرج البلاذرى فى انساب الاشراف عن ابن عباس قال:

(قال:

عمر لا ادرى ما اصنع بامه محمد وذلك قبل ان يطعن؟ فقلت:

ولم تهتم وانت تجد من تستخلفه؟...) (618).

تكييف هذه الشائعه:

راجت الشائعه التى روجها قاده التخالف، وقد اتضح ان اول من اطلقها هو ابو بكر وعمر وبفضل وسائل اعلام التحالف التى كانت تحت سيطره قيادات التحالف طوال التاريخ، تحولت هذه الشائعه الى قناعه آمنت بها الاكثريه الساحقه، لانها صدرت عن ابى بكر وعمر وهما فوق الشبهات.

وقد راينا ان عبد اللّه بن عمر وصف حاله ترك الامه بدون راع بانها تضييع للامانه، وانها تفريط، وانها محل لوم يترفع عن الوقوع فيها راعى الابل او راعى الغنم، وان ترك الامه بدون راع يعنى تركهم هملا على حد تعبير عائشه، ويودى الى الفتنه حسب توقع ام المومنين!!!

فهل يعقل بربكم ان يكون راعى الغنم او الابل او عبد اللّه ابن عمر او ام المومنين ابعد نظرا، وادرك لعواقب الامور من رسول‏اللّه وهو صفوه الجنس البشرى؟!!

وهل يعقل ان يكون ابن عمر او ابوه او ام المومنين او ابن ابى قحافه اكثر رحمه من النبى بامته!!!

ثم فكره ترك الرسول للامه دون ان يعين خليفه من بعده، او يبين على الاقل طريقه تعيينه، فكره تتعارض مع كمال الدين وتمام النعمه!!

وهل يعقل ان يبين الرسول المهم ويترك الاهم!!!(619)

لاردنها للذى دفعها الى اول مره:

اخرج الطبرى فى الرياض النضره (620) كما اخرج ابو ذر عن ابن عمر انه قال:

(لما طعن عمر قلت:

يا امير المومنين لو اجهدت نفسك وامرت عليهم رجلا؟.. فقال عمر:

(والذى نفسى بيده لاردنها للذى دفعها الى اول مره) ويقصد به عثمان حيث كلفه ابو بكر بكتابه عهده فقال لعثمان:

اكتب (انى قد وليت عليكم... ثم اغمى على ابى بكر من شده الوجع فكتب عثمان (عمر)، اى اكملها عثمان من تلقاء نفسه، ولما افاق ابو بكر طلب من عثمان ان يقرا له ما كتب، فسر الخليفه وقال لعثمان:

(لو كتبت نفسك لكنت اهلا لها)، بمعنى ان الذى ردها اليه هو عثمان وبالفعل فقد بر الخليفه بقسمه فولى عثمان عمليا بالرغم من (الديكور) او طريقه الاخراج.

العجب العجاب:

المدهش انه اذا كان رسول‏اللّه قد ترك الناس ولا راعى، او بتعبيرهم خلى على الناس امرهم، فلماذا لم يقتد الخليفتان بمحمد؟!

ولماذا لم يخليا على الناس امرهم!!

فقد استخلف ابو بكر عمر، واستخلف عمر عثمان عمليا والسته نظريا؟!!!

ومن العجب العجاب ان عمليه استخلاف ابى بكر لعمر، واستخلاف عمر لعثمان تمت بامر الرجلين وهما على فراش الموت، فابو بكر يامر والرعيه تنفذ، وعمر يامر، والرعيه تجرى وتنفذ وصيته كانها نص الهى.

وبالمناسبه لست ادرى لماذا لم يعامل الرسول بمثل هذه المعامله، ولم يحترم مثل هذا الاحترام!!

فما ان قال الرسول:

(قربوا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا)، حتى تصدى له عمر وحزبه فقال:

ان الرسول قد هجر حسبنا كتاب اللّه!!!

انه من العجب العجاب حقا ان تعلو مكانه الخليفه على مكانه النبى، وان يكرم الصحابى اكثر مما يكرم النبى، ومع هذا لا احد يعتذر!!

ولا احد يقف عند هذه القاصمه، ولا احد يوجه اى لوم لفاعليها!!

عظمه الخلفاء وجمع القرآن:

وقد اشاعوا ان النبى لم يكتف بترك امته ولا راعى لها فحسب، انما ترك معجزته العظمى وهى القرآن دون جمع ولا كتابه، ولولا الخلفاء الثلاثه لضاع القرآن واندثر، فاضطروا ان يشمروا عن سواعدهم وان يجمعوا القرآن، وقد اثبتنا عدم صحه هذه الاشاعه بكتابنا الخطط السياسيه لتوحيد الامه الاسلاميه ص‏45.

الفصل الثانى: الشائعات مقاطع فى نظريه جديده متداعيه

الشائعات التسع التى اطلقها قاده التحالف تشكل فى حقيقتها ومرماها تقاطيع نظريه جديده متداعيه، تكشف طبيعه قاعده التحالف واسلوب عملهم، وتصورهم لمستقبل الاسلام، وكل شائعه من هذه الشائعات ترمى هدفا قصده قاده التحالف.

المقطع العقائدى:

فقاده التحالف يعتقدون ان محمدا نبى ورسول، ولا يجدى انكار هذا الاعتقاد فقد حاربته بطون قريش 23عاما لصرف شرف النبوه عن محمد الهاشمى، وكلما قاومت البطون هذا الشرف كلما ترسخ اكثر، ولا مصلحه لقاده التحالف الان الا بنبوه محمد القرشى الذى نجح بتاسيس ملك، وما عليهم الا ان يحسنوا اقتناص الفرص ليرثوا ابن البطون محمد بهذا الملك.

وقاده التحالف ايضا يعتقدون ان القرآن الكريم من عند اللّه، اذ لا جدوى من انكار هذه الحقيقه، ولا مصلحه لهم بانكارها.

فاذا انكر قاده التحالف نبوه محمد، وانكروا القرآن، انفض العرب من حولهم بعد موت النبى، وتبخرت احلامهم بوراثه ملك العرب عن محمد!!!

هذه طبيعه دين قياده تجمع التحالف، وهو دين قائم على المصلحه، ومختلط باحلام ملك قريش.

وهذا هو الاساس الاول للوحده العجيبه التى جمعت ابا بكر وعمر ومعاويه وابا سفيان وطلحه وعمروبن العاص وخالد وعكرمه‏بن ابى جهل وسهيل‏بن عمرو وعثمان، فصار اعداء الامس احباب اليوم!!!

المقطع السياسى:

البطن الهاشمى ليس غريبا على بطون قريش، فهاشم وعبد المطلب، وابو طالب، كلهم اسياد ومن خيره شيوخ الوادى على حد تعبير ابى سفيان، وبكل الموازين فان البطن الهاشمى هو احد بطون قريش، والبطون اخوه لا فرق بينهم، وقد بدا الهاشميون الخصام والقطيعه فلم يقبلوا ان يسيروا مع اخوانهم بطون قريش ال‏24 انما انفردوا وشذوا عن البطون ورغبوا بالتميز عنهم، وادعى احدهم النبوه وهو محمد، فاضطرت بطون قريش مجتمعه ان تقف ضده، وان تقاومه وتحاربه طوال 23عاما، ولكن الهاشميين انتصروا وتميزوا عن البطون بالنبوه، وها هى البطون اخيرا مجتمعه تعترف بمحمد الهاشمى كنبى، فمن الحكمه ان تقف مطامع الهاشميين عند حد معين، وان يكتفوا بتميزهم بالنبوه!!

ولكن قاده التحالف يلاحظون ان محمدا والهاشميين لا يقفون عند حد معين، فمحمد يقدم ابن عمه على‏بن ابى طالب للامه ليكون الامام والقائد والمرجع من بعده، ويقول محمد:

ان اللّه هو الذى امره باختيار على للقياده والامامه والمرجعيه من بعده!!

وهذا امر لا تقبله البطون، فمن غير المعقول ان النبى من بنى هاشم وان يكون خليفته من بنى هاشم!!

هذا امر يفوق التصور والتصديق!!

ولا يكتفى محمد بذلك، انما يعط‏ى اهل بيته دورا مميزا وابديا.

وها هو محمد يقول:

بان الهدايه لا تدركها الامه الا بالقرآن وبعترته اهل بيته معا، وليس بامكان الامه ان تتجنب الضلاله الا بالقرآن وباهل بيته معا!!

والكارثه ان محمدا يقول:

بان اللّه قد امره باعلان ذلك.

فاذا نجح محمد بمخططه هذا فان الهاشميين سيحصلون على الملك والنبوه معا وينالون الشرفين، ويحرمون البطون من هذين الشرفين معا!!!

فمن غير الممكن ان يامر اللّه بذلك وان يخص الهاشميين بالنبوه والملك معا!!

ومن غير الممكن ان يعط‏ى اهل بيت محمد من دون البيوت دورا مميزا فى الامه!!!

ان هذا هو الاجحاف بعينه.

الحل العادل:

وقد اتفقت بطون قريش، المهاجر منها والطليق، على ان توجهات محمد ليست معقوله، وليست وديه، وفيها شى‏ء من الاجحاف اذ ليس من العدل والانصاف ان ينال الهاشميون شرف النبوه والملك وحدهم، ولكن الانصاف والصواب والعدل يتحقق بترك النبوه خالصه لبنى هاشم، لا ينازعهم فيها احد من البطون، وان يترك الهاشميون الملك او الخلافه للبطون لتتداولها بينها، وعلى هذا اجمعت بطون قريش، المهاجر منها والطليق، وسلمت امرها لعمربن الخطاب ولاخيه ابى بكر، فهما صهرا الرسول، وهما مهاجران، وليسا موضع شبهه، وكان عمر بن الخطاب مهندس هذا الحل، ومنظر النظريه برمتها، واحد الذين فتنوا بعبقريه هذا الحل واعظم المخلصين له.

ما هى علاقه المنافقين باحلام بطون قريش؟ ولماذا

انضموا الى هذا التحالف؟ منافقوا المدينه وما حولها من الاعراب ومنافقوا مكه -لعنهم اللّه جميعا- كافرون بنبوه محمد، وكافرون بكل ما جاء به محمد، وقد اظهروا الاسلام نفاقا اما قلوبهم فهى تغلى بالكراهيه والحقد على محمد وعلى آل محمد، وفكره القضاء على محمد مستحيله، وفكره القضاء على دين الاسلام اكثر استحاله، وحيث ان بطون قريش قد قررت بالاجماع الاتحاد ضد آل محمد، ورفض ترتيبات محمد لعصر ما بعد النبوه، فتلك فرصه المنافقين الذهبيه للانتقام من آل محمد، ودحرهم عن مركز القياده، وللقضاء على دين محمد، وذلك بتخريب الجانب السياسى منه، هذا هو السبب بالتفاف كل المنافقين حول قياده التحالف، واخلاصهم لقضيه قاده التحالف، وهذا هو السبب الذى ادى لذوبان النفاق بالتحالف، وتستره به، واختفاء كلمه النفاق من المسرح السياسى بعد موت النبى!!

مقطع التشكيك بذات الرسول وعقله وقوله ورويته للمستقبل:

علاوه على الحركه التنظيميه للتحالف، وعلاوه على وحده الهدف، فقد اتفق قاده التحالف على التشكيك بذات الرسول، وبعقله، وبقوله، وبرويته للمستقبل، فزعموا ان كل اقوال الرسول لا ينبغى ان تحمل على محمل الجد، لانه بشر معرض للخطا للصواب ويتكلم بالغضب والرضى.

وقد وثقنا هذا الزعم عند معالجه الشائعه الاولى، والدليل انه يفقد السيطره على اعصابه فيشتم الناس ويسبهم ويلعنهم بدون ذنب ولا سبب، وقد وثقنا هذا الزعم عند معالجه الشائعه الثانيه، ومما يزيد المخاوف ان النبى احيانا يخيل اليه انه يفعل الشى‏ء وما فعله!!!

وقد وثقنا هذا الزعم عند استعراض الشائعه الثالثه، والادهى ان السن قد اثر عليه حتى انه يسقط احيانا من القرآن الكريم، وقد وثقنا ذلك عند طرح الاشاعه الرابعه، والمخيف بالرسول انه يهجر، فيطلق الفاظه واقواله دون ان يكون مالكا لقواه العقليه!!

واجمعت الامه على واقعه صدور هذا اللفظ من عمر بن الخطاب، والرسول لا يهتم بمصلحه الامه، حتى انه مات وترك امته بدون راع، والقرآن وهو برهان نبوته تركه بدون جمع!!!

كل هذه العيوب التى تضمنتها الشائعات الفاسده تلقى ظلالا كثيفه من الشك بكل ما قاله النبى، وبكل ما وصى به، وكل ما صدر منه خاصه فى الجانب المتعلق بالقياده من بعده، وتهيب باصحاب الهمه لينقذوا الاسلام من هذا الرجل، ويخططوا لمستقبل الاسلام نيابه عنه!!!

فالنبى فى احسن الاحوال ليس اكثر من مجتهد قد يصيب قوله وقد يخط‏ى‏ء، وقد من اللّه على الامه بمئات المجتهدين كعمر وابى بكر رضى اللّه عنهما، حيث ينظران فما وافق الصواب من كلام الرسول اقره المجتهدون، وما خالف الصواب تركاه واجتهدا غيره، ولحسن حظ الاسلام ان القرآن موجود فالقرآن وحده يكفى، ولا حاجه لتوجيهات او اقوال شخص كالرسول مشكوك بكل اقواله!!!

وقد حقق هذا اهدافه كامله، وسهل لقاده التحالف فى ما بعد ان يحولوا اشاعاتهم الى قناعات، وان يحرقوا المكتوب من احاديث الرسول، وان يمنعوا تداول هذه الاحاديث منعا باتا، وقد اجمعوا على ذلك حتى وصل الامر باحد قاده التحالف ان اصدر مرسوما يقضى باباحه دم من يروى شيئا من فضل على‏بن ابى طالب او اهل بيته؟

مقطع القرآن والقياده الموازيه:

وهكذا اخرج النبى بذاته وقوله وفعله من ساحه التاثير على مسرح الاحداث، وليبقى التحالف داخل دائره الاسلام الكبرى، رافعا شعار:

(حسبنا كتاب اللّه)، اى ان كتاب اللّه وحده يكفى ولا حاجه لاى قول آخر.

ولقد ادرك التحالف انه لا بد من قياده تسوس التحالف، وتقوده الى تحقيق اهدافه، رافعه بوجه النبى شعار (حسبنا كتاب اللّه).

وساقت العنايه الالهيه ابا بكر وعمر وعثمان ويزيد ومعاويه ابناء ابى سفيان وعمروبن العاص وخالدبن الوليد وغيرهم ليقودوا ويوجهوا سفينه الاسلام كقياده موازيه لقياده الرسول اثناء حياته، وكقياده مستقبليه لعصر ما بعد النبوه بالتعاون والتكاتف مع منافقى المدينه، وما حولها من الاعراب، ومع بطون قريش مهاجرها وطليقها الذين اصلحهم اللّه بيوم وليله، وجمعهم على هدف واحد وهو الحيلوله بين آل محمد وحقهم الشرعى بالقياده والتميز.

وهكذا صار القرآن نظريا هو الدستور الوحيد لهذا التحالف، وابعد قول الرسول وفعله وتقريره وبالنهايه استبعد الرسول نفسه وقالوا انه (حاشا له):

يهجر.

ولضمان وحده التحالف وجدت قياده موازيه لقياده الرسول اثناء حياته ولتنفرد بالحكم بعد وفاته.

مقطع امه المستقبل بعد وفاه النبى:

واستقطب قاده التحالف حول شائعاتهم جمهورا كبير يتعاطف مع تلك الشائعات ويومن بها، ويسعى لتطبيقها، ومقتنع ان القرآن وحده يكفى، ولا حاجه لا لحديث الرسول ولا لفعله ولا لتقريره، ومقتنع انه ليس من العدل والانصاف ان يجمع الهاشميون النبوه والملك معا، وعلى هذا اجمعت قياده التحالف وقاعدته المكونه من بطون قريش، مهاجرها وطليقها، مسلمها ومنافقها، وعلى هذا اجمعت قاعده التحالف وجمهورها المكون من ابناء بطون قريش جميعا الا الهاشميين، وبنى المطلب ومن عصم اللّه، ومن منافقى المدينه ومن حولها من الاعراب، ومن المرتزقه من الاعراب الذين لا هم لهم الا المغنم.

تكييف التحالف:

صار التحالف دوله داخل دوله، له عيونه والمتعاطفون معه حتى فى داخل دار النبى نفسه، وصارت قياده ظل مع وجود القياده الشرعيه، فاذا انتقل النبى الى جوار ربه يتسلم التحالف السلطه بيسر وسهوله.

شعارات الدوله الجديده:

محمد رسول‏اللّه بلغ الرساله، وهى القرآن الكريم، هذا القرآن وحده يكفى الامه، لانه كلام اللّه الذى بين كل شى‏ء، ولا حاجه لحديث الرسول لانه يورث الخلاف، ولا لفعل الرسول ولا لتقريره، فهو بشر!!

فمن يترك رب البشر ويتمسك بالبشر!!

والنبوه تكفى الهاشميين!!

ولا حاجه لتميز اهل بيت النبوه بحجه انهم اقارب الرسول، فبطون قريش كلها ذوو قرباه ومشيخه بطون قريش اولى بمحمد!!

والامر شورى.

مقطع عزل المومنين:

واقعيا عزل المومنون الصادقون وصاروا اقليه، وفوجووا بما يجرى، فاما ان يسيروا بمعاكسه التيار العام فيخسروا مصالحهم، ويقفوا وجها لوجه امام سلطه حقيقيه تملك المال والدور والقوه، وقد يخسرون حياتهم ودينهم، واما ان يسلموا ما سلم الاسلام، وما سلمت امور الناس ما داموا ضمن دائره التوحيد، وراوا ان الحل الاخير انسب واسلم، حتى يجعل اللّه للامر مخرجا، ويزول الالتباس بين الحق والباطل.

وقد فهم المومنون الصادقون ان الحقد على آل محمد وكراهيتهم هو محور التحالف وقاعدته، وان اقصاء اهل بيت محمد عن حقهم بقياده الامه هو الهدف المشترك للتحالف.

وقد لاحظ المومنون الصادقون ان بطون قريش ومن خلفها اكثريه العرب قد اتحدت ضد على واهل بيت النبوه لتصرف عنهم القياده، كما اتحدت ضد النبى وبنى هاشم لتصرف عنهم النبوه، فسالت نفوس المومنين الصادقين حسرات، وادركوا ان جرح الاسلام خطير، وان المعالجه اشد خطوره.

التحالف لم يتشكل عفويا:

لو ان قياده التحالف رضيت باللّه ورسوله، وقبلت ما اختاره اللّه ورسوله ما اختلف على على‏بن ابى طالب ولا على اهل بيته اثنان، ولما تجرا احد على نقض الترتيبات الالهيه، ولرافق تنصيب على موت النبى، وصارا بمثابه خطوه تلى خطوه بلا رجه ولا هزه، ولكن قياده البطون جرات الناس على الترتيبات الالهيه، وجهرت بالطعن فيها، وكتلت الناس لالغائها، وشككت برسول‏اللّه نفسه، وبقوله وفعله وتقريره، واستبعدت ان تكون كل اقوال الرسول من اللّه تعالى، ثم واجهته شخصيا وقالوا للرسول:

انت تهجر، فاستخف الناس بالترتيبات الالهيه، واغتنم المنافقون واعداء الاسلام الفرصه وهم كثر، فالتفوا حول قياده التحالف وشجعوهم ليمضوا قدما بالتفريق بين الرسول وبين القرآن، وبين الامه وبين قيادتها الشرعيه، وبين الترتيبات الالهيه وحظها من التطبيق، واعلن الجميع انهم مجتهدون ضمن دائره التوحيد والاسلام الكبرى!!

وهكذا كان.

الفصل الثالث: مزايدات قاده التحالف على رسول‏اللّه ودورهم فى معارك الاسلام

من هم قاده التحالف؟

اكثريه قاده التحالف من بطون قريش، فقد اتفقت بطون قريش كلها باستثناء البطن الهاشمى وبطن بنى المطلب على الحيلوله بين الهاشميين وبين قياده الامه بعد وفاه النبى، وعلى الاتحاد ضد على وضد توجهات النبى، ولكن هذه المره تحت مظله الاسلام.

ومن هنا وقف الذين اسلموا وهاجروا من بطون قريش مع الذين اسلموا من البطون يوم الفتح وقفه رجل واحد، للمحافظه على بنيه البطون القريشيه وشرفها وحقها المهظوم!!

واختار تحالف البطون قياده جديده تتالف من مهاجرى البطون وطلقائها، وتم الاتفاق على تسليم قياده التحالف الى مهاجرى البطون وتقديم المهاجرين الى الصف الاول، ويبقى الطلقاء فى الصف الثانى، حتى لا يثيروا انتباه العامه، وسواد الامه!!

وهكذا تكونت قياده البطون من خليتين.

الخليه الاولى: من قياده البطون فى الاسلام:

وتتالف من عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد، وكلاهما من بنى عدى، ومن ابى بكر الصديق وطلحه‏بن عبيداللّه، وكلاهما من بنى تيم، ومن ابى عبيده عامربن الجراح، وهو من بنى الحارث‏بن فهر، ومن الزبيربن العوام وهو من بنى اسد بن عبد العزى.

ومن عبدالرحمن‏بن عوف وسعدبن ابى وقاص، وكلاهما من بنى زهره‏بن كلاب، ومن عثمان‏بن عفان وعمروبن العاص، وكلاهما من بنى اميه، ومن خالدبن الوليد وهو من بنى مخزوم.

قال عمر بن الخطاب فى ما بعد:

ان رسول‏اللّه قد انتقل الى جوار ربه وهو راض عن هولاء جميعا، وقد اشتهرت هذه الخليه فى ما بعد بان رجالاتها جميعا باستثناء خالدبن الوليد وعمروبن العاص من المبشرين بالجنه (621).

وتم التركيز على ان هولاء هم المبشرون بالجنه من دون الناس، واهملت مئات النصوص التى بشرت غيرهم بالجنه، واهملت وسائل الاعلام فى ما بعد سادات اهل الجنه:

(النبى، وعلى، وجعفر، وحمزه، والحسن، والحسين) (622).

على اى حال لقد برزت هذه الخليه، وفرضت رايها فرضا من اللحظه التى مرض فيها رسول‏اللّه، وواجهت الرسول نفسه، وحالت بينه وبين كتابه ما يريد، وقالت له وجها لوجه:

انت تهجر!!(623)

وبعد ذلك عينت حاكمها الجديد وسمته خليفه النبى، فكان الخليفه منهم، والنائبان منهم.

وعندما مرض ابو بكر عهد بالخلافه لعمربن الخطاب، وعندما مرض عمر عهد بالخلافه لعثمان عمليا وسمى سته قدر ان الخلافه لا تصلح الا لواحد منهم، وحقيقه مقصده انه اراد ان يكثر منافسى على واهل بيت النبوه على رئاسه الامه، ليبقى دائما طالب للخلافه ومنافس لاهل بيت النبوه، وقد عالجنا هذا الموضوع فى كتبنا النظام السياسى فى الاسلام، ونظريه عداله الصحابه والمرجعيه السياسيه فى الاسلام، وكتابنا الخطط السياسيه لتوحيد الامه الاسلاميه، ووثقنا كل كلمه قلناها.

هذه الخليه تمثل وحده بطون قريش، وقد بايعت بالاجماع عمربن الخطاب وابا بكر ليكونا رئيساها.

ولا بد من الاشاره بان الخليه لم تضم الزبير اولا لانه كان يتعاطف مع اخواله بنى هاشم وكان فى صفهم، ولما برز ابنه عبداللّه وناصب اهل بيت النبوه العداء، تمكن من جر ابيه الى الصف المعادى لاهل بيت النبوه.

ولا بد من الاشاره ايضا الى ان خالدبن الوليد وعمروبن العاص كانا همزه الوصل بين المهاجرين من بطون قريش وبين الطلقاء، وقد هندسوا بالتعاون مع يزيد ومعاويه اركان التحالف والوفاق بين هذين الفريقين حتى اتحدت قريش ضد الولى وبنى هاشم تماما كما اتحدت ضد النبى وبنى هاشم، والفرق انهم فى المره الاولى اتحدوا تحت مظلله الشرك، وهم يتحدون الان تحت مظله الاسلام.

الخليه الثانيه: من قياده البطون فى الاسلام:

يزيد بن ابى سفيان، ومعاويه بن ابى سفيان، والحكم بن العاص بن اميه بن عبد شمس، ومروان بن الحكم بن العاص، والوليد بن عقبه بن معيط، وعبداللّه بن سعد بن ابى سرح العامرى، وعبد اللّه بن عامر بن كريز الاموى، وعكرمه بن ابى جهل، وصفوان بن اميه، وسهيل بن عمرو، وغيرهم من سادات بطون قريش وابناء ساداتهم الذين قادوا جبهه الشرك وقاوموا النبى وحاربوه بكل وسائل المقاومه وفنون الحرب، حتى احيط بهم واسلموا يوم الفتح مكرهين.

الخليتان فريق واحد:

وهكذا اتحدت بطون قريش فى الاسلام ضد الولى على‏بن ابى طالب وضد الهاشميين تماما كما اتحدت بطون قريش فى الجاهليه ضد النبى وضد بنى هاشم، والفرق بين الحالتين انهم عندما اتحدوا ضد النبى اتحدوا تحت مظله وخيمه الشرك وعندما اتحدوا ضد الولى اتحدوا تحت مظله وخيمه الاسلام.

اشار الامام على الى واقعه الاتحاد هذه بقوله:

(اللهم انى استعينك على قريش ومن اعانهم، فانهم قطعوا رحمى، وصغروا عظيم منزلتى، واجمعوا على منازعتى امرا هو لى) (624).

هذا الفريق هو العمود الفقرى لقياده التحالف:

بمعنى ان سادات البطون الذين حاربوا النبى، ثم اسلموا يوم الفتح، والمهاجرون من ابناء البطون الذين اسلموا قبل الفتح، وحاربوا مع النبى صاروا فريقا واحدا وصاروا هم العمود الفقرى ومركز التدبير والتخطيط للتحالف الذى قام بين بطون قريش وبين المنافقين والمرتزقه من الاعراب وطلاب الجاه والدنيا من الانصار، وساعد سادات البطون اشخاص متنفذون من المنافقين والاعراب.

هل لهذا الفريق دور بارز فى معارك الايمان التى جرت فى عهد النبوه؟

يتساءل الانسان المحايد عن مصلحه هذا الفريق الواحد من انحراف مسيره الاسلام، ومن الاهتمام برسم معالم القياده بعد وفاه النبى، فيخطر على البال:

ربما كان لهذا الفريق الواحد دور مميز فى معارك الايمان التى جرت فى عهد النبوه المجيد؟ لقد قلنا ان قياده هذا الفريق قد تكونت من خليتين:

الخليه الاولى تتكون من التسعه الذين عرفوا بانهم مبشرون فى الجنه، والخليه الثانيه تتكون من سادات قريش الذين اسلموا يوم الفتح، وقلنا ان الاساس الذى قام عليه الاتفاق بين الخليتين هو الاجماع على صرف مركز القياده عن اهل بيت النبوه!!

وللاجابه على السوال الذى طرحناه نتناول الخليه الاولى المكونه من التسعه المبشرين بالجنه، ونبحث عن ادوار مميزه لهم فى المعارك التى جرت فى عهد النبوه.

كانت معركه بدر اعظم معركه واول معركه، ومع ان التاريخ قد كتبه قوم يتشيعون لرجالات الخليه الاولى، الا اننا لا نرى لاى رجل من رجالات هذه الخليه دورا مميزا فى هذه المعركه، فرئيس هذه المجموعه عمربن الخطاب -رضى اللّه عنه- لم يرو احد بانه قد قتل رجلا واحدا من المشركين، صحيح ان الواقدى قد روى ان عمر قد قتل خاله العاص‏بن هشام‏بن المغيره، وبالتتابع قال الواقدى:

ان عماربن ياسر هو الذى قتل العاص، ثم قال:

ويقال ان الذى قتله هو على (عليه السلام) (625).

مما يعنى ان روايه ان عمر قد قتل خاله غير صحيحه لانها تتعارض مع مسيره عمر، ومع نسيجه النفسى، ومع طبيعه بنى عدى التى لم تالف القتال، ومع ان بنى عدى قد خرجوا مع بطون قريش تحت الضغط الشعبى لملاقاه محمد فى بدر الا ان بنى عدى رجعوا من الطريق، فقال لهم ابو سفيان كلمته الشهيره:

(لا مع العير ولا مع النفير) كما اثبتنا ذلك ووثقناه، ولنفترض ان عمر قد قتل خاله، فليس كثيرا على رجل له احلام عمر ومظاهره ان يقتل احد المشركين فى معركه لها اهميه معركه بدر، وتلت معركه بدر معركه احد ففر عمر من المعركه وترك الرسول.

وفى غزوه الخندق لم يكن له اى دور بارز، وسمع عمروبن ود ولم يجبه، وفر فى حنين، تلك امور لا خلاف عليها.

بمعنى انه ليس لعمر -رضى اللّه عنه- دور بارز يتناسب مع عظيم احلامه وطمعه بالملك!!

وفر فى خيبر، وقد وثقنا ذلك.

كذلك سيدنا ابو بكر فلم يرو اى مورخ على الاطلاق ان ابا بكر قتل مشركا او جرحه او سلبه فى معركه بدر او اى معركه من معارك الايمان، ولا خلاف بان الرجل فر فى معركتى احد وحنين، انه رجل مسالم يميل الى السفاره، ويعشق العليه، وفر فى خيبر وقد وثقنا ذلك.