(ايها الناس قد علمتم ان رسولاللّه قبض ولم يستخلف احدا، فراى المسلمون ان يستخلفوا ابا بكر، وكانت بيعته هدى فعمل بكتاب اللّه وسنه رسوله، فلما حضرته الوفاه عهد لعمر، فلما حضرته الوفاه عهد لسته فصنع ابو بكر ما لم يصنعه رسولاللّه، وصنع عمر ما لم يصنعه ابو بكر كل ذلك يصنعون نظرا للمسلمين، فلذلك رايت ان ابايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف ونظرا لهم بعين الانصاف) (1527).
واخذ معاويه موافقه عائشه:
ثم دخل على عائشه فشكا معارضيه اليها فوعظته وقالت له:
((بلغنى انك تتهددهم بالقتل)، فقال:
(يا ام المومنين هم اعز من ذلك ولكنى بايعت ليزيد وبايعه غيرهم، افترين ان انقض بيعه بعد ان تمت)، قالت:
(فارفق بهم فانهم يصيرون الى ما تحب ان شاء اللّه) (1528)، واشاعت عائشه بقولها:
(سلطان اللّه يوتيه من يشاء) (1529) لقد بايع الناس عمليا يزيد رغبه او رهبه وسمعوا امر الخليفه وركعوا واستسلموا الا حسينا.
وصيه معاويه لابنه:
قال لابنه:
(اذا ثار اهل المدينه فارسل اليهم مسلم بن عقبه)، وثار اهل المدينه بالفعل فى ما بعد فارسل لهم يزيد عقبه بناء على وصيه ابيه ومع عقبه قائمه باسماء الطاهرين من الصحابه ليقتلهم واحدا واحدا، ربما اراد معاويه بارسال بشربن ارطاه ومسلمبن عقبه ان يبيد طبقات الصحابه الاحدى عشر حتى ياتى دوره ودور ابنه فيكون هو واولاده اولى بالحكم من اولاد الطبقات الاخرى!!
نتائج وصيه معاويه:
1- ابيد من حضر من البدريين بالكامل.
2- ابيد من قريش ومن الانصار سبعمائه رجل.
3- ابيد من الموالى والعرب عشره آلاف.
كان ذلك يوم الحره سنه 63ه (1530) وقد اجمع على ذلك المورخون، لقد سفكت الدماء وهتكت الحرمات واستبيحت مدينه الرسول حتى ولدت الابكار لا يعرف من اولدهن، واخذ الناس يبايعون على انهم عبيد ليزيدبن معاويه (1531).
من يواجه امير المومنين يزيد؟ من يتصدى لظلمه ومن يفضح مخازى خلافته؟ هذا هو السوال الكبير..
الفصل الحادى عشر: الامام الحسين بن على بن ابى طالب
من هو الحسين الامام؟
الامام الحسين علم الهدى، القمر المتالق، يعرفه العرب والعجم قبل ان يعرف نظام الخلافه، وقبل ان يبرز خلفاء التاريخ على مسرح الاحداث فهو حفيد النبى سليل ابنته البتول الزهراء، وهو سيد شباب اهل الجنه وريحانه النبى من هذه الامه، احبه الرسول حب الوالد لابنه الحبيب بعلم الامه كلها، وهو ابن على بن ابى طالب ولى اللّه بالنص، وسيد العرب بالنص وسيد المسلمين بالنص وامير المومنين بالنص، وفارس المسلمين الاوحد بلا خلاف، وهو حفيد ابى طالب سيد قريش وشيخها وحكيمها ومربى النبى وحاميه ودعوته قبل الهجره، وهو شقيق الامام الحسن الحكيم المسموم ظلما.
فالعرب والعجم يعرفون الحسين لذاته لا لوظيفته.
وضع الحسين قبل المواجهه:
صحيح ان الامام الحسين هو افضل المسلمين واعلمهم فى الدين، واقربهم الى اللّه ورسوله فى زمانه، وصحيح ايضا ان الحسين معروف ومتالق كالشمس فى رابعه السماء انسا للخلق، وصحيح ايضا انه قد صار مناط رجاء الامه لتخليصها من قبضه الطغاه الذين غلبوا على امرها بالقوه، وساموا الامه سوء العذاب، يذبحون ابناءها ويستحيون نساءها وينهبون اموالها على سنه فرعون وملاه، كل هذا صحيح، ولكن الواقع، ان الحسين وفق معايير مجتمع الخلافه الفاسد ليس اكثر من مواطن عادى، ياخذ عطاءه من الدوله الظالمه كاى مواطن وقد اعتزله الناس ليبلغوا رضى الدوله، وليتجنبوا سخطها عليهم، وفوق هذا وذاك فالدوله وعملاوها يحصون عليه وعلى محبيه سكناتهم وحركاتهم.
وضع الخلافه قبيل المواجهه الحزينه الخالده:
لقد تجاهل موسسوا الخلافه -كما فصلنا- البيان النبوى، الذى بين الخليفه من بعد النبى، وبين فيه الاسلوب الذى ينتقل فيه منصب الخلافه من رجل لاخر، تجاهلوا ذلك كله، واعد موسسوا الخلافه القوه حتى والنبى على قيد الحياه، وبعد موت النبى استولوا بالقوه والتغلب والغصب على منصب الخلافه، فصار الخليفه من غلب كائنا من كان، وصار صاحب الحق الالهى واعوانه مجرد مواطنين عاديين معزولين عن الناس بهيبه الدوله وقوتها، دون حول ولا قوه.
وقبل ان يموت موسسوا نظام الخلافه وطمعا بتكثير منافسى اهل بيت النبوه والحيلوله بينهم وبين حقهم فى قياده الامه، اوجدوا نظام اصحاب الشورى لينافسوا الامام على حال حياته، وينافس ابناوهم ابناء على بعد مماتهم، ثم سلموا الخلافه عمليا لابى سفيان وولده، وهم انفسهم الذين قاوموا النبى وحاربوه طوال 21 عاما ثم اسلموا مكرهين وهم يبطنون النفاق والشقاق والحقد على محمد وعلى آل محمد وبدا الامويون حمله تقتيل وتشريد وترويع هدفها القضاء على كل من يوالى محمدا واهل بيت محمد، وفى غمره هذه الحمله قتل الامام على، وآلت الامور الى الامام الحسن، الذى راى -وهو محق فى ما رآه- ان الاستمرار بالمواجهه فى تلك الظروف انتحار، لذلك سلم بقيا منه على القله المومنه التى لم تنالها سيوف الطاغيه، وخلى الجو لمعاويه الذى تحول الى ملك للمسلمين جميعا، وصار منصب خلافه النبى سوطا بيد معاويه وشيعته وسيفا مصلتا على الرقاب فاذل اعداءه، وشتتهم ونكل بهم، وذبحهم فوق كل حجر ومدر واستحى اعوانه نساءهم، وسلبوهم اموالهم، ولما تم له ما اراد استخلف ابنه يزيد بن معاويه، المشهور بمجونه وعهره وكفره -كما وثقنا- ليكون خليفه رسولاللّه على امه دينها الرسمى دين الاسلام!!
وكان هذا الرجل دمويا اكثر من معاويه، ويكفى ان تعلم انه قد اشرف بوقعه واحده وهى وقعه الحره على قتل عشره آلاف مسلم من العرب والموالى فى يوم واحد وسبعمائه من قريش ومن الانصار، وانه قد اشرف بنفسه على هدم الكعبه المشرفه قبله المسلمين بعد حرقها!!
كل هذا وهو رسميا خليفه رسولاللّه!!
وامير الامه المومنه فانت تلاحظ ان الخلافه صارت ملكا كملك فرعون تماما.
حاله الامه قبل المواجهه الخالده:
مات الشعور العام موتا تاما، وذل الناس ذلا تاما، ولم يعد بامكان احد ان يرفع راسه، او ان يتخلى عن عمله او ان يخاطر بعطائه الذى تقدمه له الدوله ما دام عبدا لها يدين بالولاء لها، فاذا صار عبدا للّه، تقطع عنه العطاء وتقتله.
كان الناس يعرفون ما وصلت اليه امورهم ويعرفون ان هذا هوان حقيقى، لكنهم كانوا يطمعون ان يبرز فارس من عالم الغيب فيخلصهم دون ان يكلفهم عناء المواجهه مع فرعونهم.
قال الطبرى فى تاريخه (1532):
(ان المراه كانت تاتى ابنها واخاها فتقول له:
انصرف الناس يكفونك.
ويجىء الرجل الى ابنه واخيه فيقول:
غدا ياتيك اهل الشام) فصار اهل الشام موتا، وصار الاتكال على المجهول امل الناس الوحيد.
ثم انظر الى نصيحه رجل من عليه الامه للحسين وهو يحاول ان يحثه على البيعه وينهاه عن الخروج:
(انشدك اللّه فى حرمه العرب، فواللّه لئن طلبت ما فى ايدى بنى اميه ليقتلنك، ولئن قتلوك لا يهابون بعدك احدا ابدا، واللّه انها لحرمه الاسلام تنتهك، وحرمه قريش حرمه العرب فلا تفعل، ولا تات الكوفه ولا تعرض لبنى اميه.. واللّه لئن هلكت لنسترقن بعدك) (1533) فبنى اميه ملك الموت، وقابض الارواح، يخشونهم اكثر من خشيتهم للّه!!
هذه هى حاله الخلافه وحاله الامه عندما فرض على الحسين ان يقود المواجهه.
السبب المباشر للمواجهه:
لقد هلك معاويه، وبايعت الامه رغبه او رهبه يزيد ابنه، المعروف بفساد العقيده، وفساد الخلق، وبوقت يطول او يقصر فعلى الحسين واهل بيت النبوه ان يبايعوا او يموتوا، فالحسين واهل بيت النبوه على علم بتاريخ الخلافه، فمن اجل البيعه وبعد يوم واحد من وفاه النبى احضر اولياء ابى بكر الحطب وقبس من النار ليحرقوا البيت على اهل بيت محمد لانهم قالوا:
اننا الاحق بالخلافه ولن نبايع، وهدد اولياء ابى بكر علىبن ابى طالب بالقتل ان لم يبايع، ولم ينكر احد من المسلمين ذلك على ابى بكر وعمر وقد وثقنا ذلك، اذا كان ابو بكر وعمر يفعلان ذلك وهما صفوه الخلفاء فكيف يفعل يزيد واولياء يزيد بحسين واهل بيت النبوه!!
وهل يقبل الحسين ان يضع يده بيد يزيد المشهور بكفره وعهره ومجونه، وانه يبايعه ليكون خليفه لرسولاللّه ومتحكما بامور عباد اللّه مع علمه بحاله وحقيقه دينه!!
الحسين يعلم بان عليه ان يبايع واهل بيت النبوه ليزيد او يموتوا ويعلم انه ملاحق ومطلوب، فلذلك قال:
(وايم اللّه لو كنت فى جحر هامه من هذه الهوام لاستخرجونى حتى يقضوا فى حاجتهم) (1534)، وعرف الحسين مصيره فقال مره:
(واللّه لا يدعونى حتى يستخرجوا هذه العلقه من جوفى، فان فعلوا، سلط اللّه عليهم من يذلهم حتى يكونوا اذل من فرم) (1535).
ان خيارات الحسين واهل بيت النبوه محدوده، فاما ان يبايعوا عدو اللّه وهم اذله او يقتلهم عدو اللّه صبرا وبالطريقه التى يراها مناسبه.
حتميه المواجهه:
من يعرف طبيعه الامام الحسين، وطبيعه اهل بيت النبوه يتيقن ان مبايعتهم ليزيد بن معاويه مستحيله استحاله مطلقه، وان نزولهم على حكمه وتسليم انفسهم له ليقضى فيهم برايه وغطرسته مستحيل ايضا استحاله مطلقه، واستسلام الحسين كما استسلمت الامه، وقبوله بالذل والهوان كما قبل الملا وقبلت اكثريه الامه غير وارد، فالملا والاكثريه الساحقه من الامه يخشون الموت، ولتجنب الموت يعطون الدنيه وهم سعداء، لكن الحسين واهل بيت النبوه لا يخشون الموت ان الموت عندهم نجاه وسعاده، ومنى وهو يصرح بذلك علنا:
(ان الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وادبر معروفها واستمرت حداء، (مقطوعه) ولم يبق منها الا صبابه كصبابه الاناء، وخسيس كالمرعى الوبيل، الا ترون الى الحق لا يعمل به، والى الباطل لا يتناهى عنه؟ ليرغب المومن فى لقاء ربه محقا، فانى لا ارى الموت الا سعاده، والحياه مع الظالمين الا برما) (1536).
لو ركع الملا واستسلموا، لكان بامكانهم ان يعتذروا يوما ما، ولو ركعت الاكثريه الساحقه واستسلمت، لما اثاروا عجبا، فطوال التاريخ البشريه وجدت امم وشعوب تركع للطغاه، وتعبدهم من دون اللّه ووجدت امم مستذله غلبت على امرها.
كيف يقال بان الحسين واهل البيت قد استسلموا لانهم جزعوا من الموت؟!!
وكيف يقال ان حفيد النبى، وابن على، وحبيب الزهراء وامام الامه وسيدها قد هان امام الظالمين؟.
وكيف يقال ان احفاد شيخ قريش ابى طالب وابناء سيد العرب على قد تركوا عميدهم الحسين يموت وحده؟!!
واى معنى للحياه بعده؟!!
فودعوا اباهم رسولاللّه وخرج ركب الحسين خائفا يترقب، تماما مثلما خرج موسى من عند فرعون خائفا يترقب، ورمقته الجموع الذليله باشفاق ومحبه، وهم على علم بان مصير الحسين واهل بيت النبوه القتل ومع هذا لم تقدم هذه الجموع ولم توخر، بل بقيت راتعه فى مرعاها الوبيل!!
تنتظر جزارها ليختار ذبائحه باى وقت شاء، لقد غاب القمر عن المدينه وتركها فى ليل بهيم، اذا اخرجت يدك لم تكن تراها!!
المسيره:
سمع اهل المدينه كلها بمسيره الحسين، ووصل مكه، وعلم اهل مكه بوصوله، ثم غادر مكه متوجها الى العراق فعلم اهل مكه بمسيره الحسين الى العراق، وعلم اهل العراق بقدوم الحسين، وسمعت كل اقاليم المملكه الامويه بمسيره الحسين، وسمع كل رعايا المملكه الامويه بالمسيره الخالده، قال له اهل العراق انهم معه، وبايع مسلم ابن عقيل 18 الف رجل منهم، وعندما جد الجد تخلوا عن مسلم بن عقيل ولم يجد من اهل الكوفه بيتا واحدا ياويه او رجل يستضيفه الا امراه، ولما علم ابنها بوجود مسلم انطلق واخبر عبيداللّهبن زياد بايوائه امه لمسلم طمعا بالمكافاه، وتهادى ركب الحسين الى كربلاء ومعه اهل بيت النبوه صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وانثاهم وكان عدد الركب مائه يزيدون قليلا او ينقصون قليلا!!
المذبحه الكبرى:
وفى كربلاء كان جيش امير المومنين ينتظرهم وقوامه الفا، او اربعه آلاف، او ثلاثين الفا، ليست هنالك ضروره عسكريه لمجابهه الحسين واهل بيته ومن معهم، ولا خطر من وجودهم، وكان عمربن سعد بن ابى وقاص يقود جيش امير المومنين الذى جاء خصيصا لذبح الحسين ومن معه، ومعه اهل بيت النبوه.
الحصار الاليم:
تعليمات امير المومنين يزيد وواليه على الكوفه لعمر بن سعد بن ابى وقاص تقضى بمنع الحسين واهل بيت النبوه من ماء الفرات المباح للوحش والحيوان والطير والانسان، مع ان امير المومنين وواليه عبيد اللّه بن زياد وقائد الجيش يعلمون ان مع الحسين اطفال رضع ونساء وصغار بحاجه الى الماء، ومع هذا منعوا عنهم الماء فقاسى الحسين واهل بيت النبوه، ومن معهم من حر الصحراء اللافح، وشده الحصار المحكم، الحرمان من الماء والعطش الشديد، وتذكرت الان كيف ان المشركين اضطروا اطفال بنى هاشم ان يمصوا الرمال من العطش فى شعب ابى طالب، وان ياكلوا ورق الشجر من الجوع اثناء حصارهم ومقاطعتهم عندما رفضوا تسليم النبى لبطون قريش لتقتله!!
وتذكرت ان سعد بن ابى وقاص امتنع عن بيعه على بن ابى طالب، وان سعد من اهل الشورى الذين اختارهم عمر، وان سعد من العشره الذين قيل بانهم مبشرون فى الجنه، وكيف ان ابنه عمر تبرع لحرب الحسين واهل بيت النبوه، بهذا الجو الاليم نشب القتال غير المتكافىء!!
المذبحه واحتفالات النصر:
قلت فى كتابى الخطط السياسى لتوحيد الامه الاسلاميه (1537):
(هجم جيش امير المومنين المكون من اربعه آلاف مقاتل على 72 مقاتلا فقتل الحسين ومن معه وقطعت رووسهم، وبعد ذلك اصدر عمر بن سعد بن ابى وقاص امرا لكوكبه من فرسانه لتطا جثه الحسين وكل الذين قتلوا معه، وعاد جيش امير المومنين منتصرا، وعاد القتله ومعهم رووس ال72 رجلا، واقيمت الافراح، ونصبت اقواس الزينه والنصر، واخذت بنات الرسول سبايا، واقتيد الركب الى امير المومنين يزيد بن معاويه ليقضى فيهم بامره، وانتهت الغاره باباده اهل بيت النبوه ولم يبق منهم غير الامام على بن الحسين الذى كان مريضا لا يقوى على الحركه!!
بالوقت الذى صلى فيه جيش امير المومنين الاوقات الخمسه، وصلوا فى كل صلاه على محمد وآله!!).
من ينكر ومن يعتذر!!
من ينكر ذلك، ومن يتنكر لوقائعها المخجله، التى يترفع عن فعلها حتى همج ما قبل التاريخ!!
ومن يعتذر عنها!!
وكيف!!!
لو ان الحسين ومن معه اصطدموا بجيش من بنى اسرائيل او بجيش امريكى، او انكليزى او بجيش من همج ورعاع ما قبل التاريخ فهل تفعل هذه الجيوش بالحسين واهل بيت النبوه الطاهرين ما فعله جيش امير المومنين بهم.
ثم لنفترض ان الحسين قس نصرانى او حبر يهودى اصطدموا مع جيش مسلم فهل يفعل الجيش المسلم باليهود والنصارى ما فعله باهل بيت النبوه!!
لو لم يفعل قاده التاريخ وشيعتهم من المخازى غير ذلك لكفاهم خجلا ومبررا لتبقى رووسهم منكسه الى الارض ابدا!!
الرد الالهى العاجل:
لم يمض وقت يذكر حتى ارسل امير المومنين يزيد جيشا على اهل المدينه فقتل 700 رجل من المهاجرين والانصار وعشره آلاف من الموالى والعرب، واستباح المدينه فحملت الف عذراء بمن لا يعرف ابوهم، وسار الى مكه ونكل باهلها واحرق الكعبه نفسها، (وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا) (1538)، وجاء اولاد مروان بن الحكم ينزون على منبر رسولاللّه نزو القرده كما قال رسولاللّه (ص)، وكل ما لاح للامه ان طاغيه هلك وانها ستتخلص من الذل، جاء خلفه طاغيه جديد فزادها ذلا على ذل.
الامام الحسين فضح الخليفه ونظامه:
كرست كل وسائل اعلام دوله الخلافه التاريخيه كافه جهودها وطاقاتها الهائله وامكانياتها، لاقناع المسلمين وسكان المعموره، بان الخليفه رجل مقدس، لانه خليفه الرسول(ص)، ولانه صفوه المسلمين، وبالغت وسائل اعلام دوله الخلافه، فاشاعت بين الناس بان الخليفه اعظم من الرسول نفسه وان امر السموات الارض قد قام على نظام الخليفه والخلافه (1539)، فمن عاد الخلافه صار كافرا، ومن والاه صار مومنا (1540)!!
ويتوجب على المسلمين اطاعه الخليفه عصا اللّه ام اطاعه!!
عمل بالعدل، او مارس الظلم والجور، فسق او استقام!!
اعمل الحدود ام عطلها، هو حر، يعصى اللّه لحكمه!!
ويعطل الحدود لحكمه، ويمارس الظلم والجور لحكمه، ويقتل النفس التى حرم اللّه لحكمه، ويضيع الحقوق، ويغصب الاموال لحكمه!!
فلا يجب الخروج عليه مهما فعل، وتجب طاعته (1541)!!
راجع سنن البيهقى، والباقلانى فى كتابه التمهيد، وراجع الفصل الثامن من هذا الباب فاذا جاء فارس من عالم الغيب، وغلب الخليفه الغالب، فان الخليفه الغالب الجديد يتمتع بكافه الصلاحيات وبنفس المكانه وبالحصانه التى كانت للخليفه المغلوب!!
واذا تكلم الخليفه، اصغى الناس، كان كلامه كلام اللّه!!
واذا وصى الخليفه نفذوا الوصيه وعمليا فان الخليفه صار اعظم من النبى!!
لما اراد الرسول ان يكتب تعليماته وتوجيهاته النهائيه، قال عمر بن الخطاب للرسول:
(انت تهجر ولا حاجه لنا بوصيتك) (1542)، وعلى الفور ضج الحاضرون من حزب عمر وقالوا:
القول ما قال عمر:
ان الرسول يهجر، ولا حاجه لنا بكتابه، عندنا القرآن، وقد وثقنا هذه الكارثه مرات فى هذه الدراسه (1543)، ولما اراد كل خليفه ان يكتب تعليماته النهائيه، قال الناس لبعضهم اسمعوا واطيعوا خليفه رسولاللّه يريد ان يكتب تعليماته النهائيه (1544).
وقف على الحقيقه وقداسه معامله القوم للخليفه (1545)!!
فالخليفه يتمتع بالاحترام اكثر من النبى فى هذه الحاله!!
وكاد العالم ان يصدق ان نظام الخلافه التاريخى هو نظام الاسلام، وان الخليفه التاريخى هو الصفوه، وهو اهل للقداسه.
فجاءت ثوره الحسين، ومسيرته الخالده التى سمع بها اهل الدنيا، وسمع اهل الدنيا بمذبحه كربلاء، وكيف ان الخليفه ارسل جيشا ضخما لحرب رجل واحد وهو الحسين بن الرسول ومعه اهل بيته ومواليه!!
وكيف قتلهم شر قتله، وقطع رووسهم وحملها من بلد الى بلد، ثم امر بان تداس جثثهم بسنابك الخيل!!
واخذ بنات النبى سبايا، وقادهن حفايا من بلد الى بلد، فمرغ الخليفه شرف العسكريه الاسلاميه بالوحل، وظهر على حقيقته كسفاك وقاتل ومجرم لا اخلاق له، وظهرت حقيقه ان فرعون الذى ادعى الربوبيه هو اكثر نبلا واعظم احساس بالمسووليه من امير المومنين يزيد وامثاله!!
وان كسرى وقيصر لهما اكثر رشدا من هذا الخليفه وامثاله!!
لقد فضحت ثوره الحسين الخليفه واظهرته على حقيقته البشعه، مثلما فضحت نظام الخلافه واظهرت هذا النظام بصورته المخالفه للدين والعقل والمنطق!!
ومن المشكوك فيه ان تتمكن ايه ثوره اخرى فى فضح الخليفه ونظامه غير ثوره الحسين ونتائجها الماساويه الداميه!!
الحسين صدم ضمير الامه واجبرها ان تستفيق:
بينا ان الامه قد غلبت على امرها، واستمرئت الذل والهوان، وتشبثت بالحياه، وتطرفت فى تشبثها، وعندما نهض الحسين نهضته الخالده وضحى بحياته، وباهل بيت النبوه، وتناهت انباء مذبحه كربلاء ووقائعها الداميه الى الاسماع، صدم ضمير الامه، وهز هول الانباء كيانها فاستفاقت من رقدتها، ونهضت لتجالد عدوها الخليفه ونظامه وبطانته، فاعلن اهل المدينه الثوره بقياده عبد اللّه بن حنظله، وقمعها يزيد بعد ان قتل 700 من المهاجرين والانصار وعشره آلاف من العرب والموالى وهتكت حرمه المدينه واستبيحت اعراضها، وبايع الناس على انهم عبيد ليزيد بن معاويه.
راجع تاريخ اليعقوبى (1546) والامامه والسياسه لابن قتيبه، ومع هذا لم تهدا روح المقاومه حتى سقط الحكم الاموى، فغلب العباسيون وحكموا، ولم يقلوا سوءا عن الامويين، ولم تهدا روح المقاومه حتى سقط العباسيون، وجاء العثمانيون لانهم غالبون، ولم تهدا المقاومه حتى سقط الحكم العثمانى.
وكاثر مباشر لثوره الحسين، اشتعلت ثوره التوابين (1547) وثوره اهل المدينه التى اسلفنا ذكرها (1548) وثوره المطرف بن المغيره (1549) وثوره بن الاشعث وثوره زيد بن على (1550).
تلخيص الامام ابى جعفر الباقر لما جرى مع الائمه الثلاثه على، الحسن، الحسين واوليائهم:
قال الامام ابو جعفر الباقر لاحد اصحابه كما روى بن ابى الحديد فى شرح النهج (1551) ما يلى:
(يا فلان، ما لقينا من ظلم قريش ايانا، وتظاهرهم علينا، وما لقى شيعتنا ومحبونا من الناس، ان رسولاللّه (ص) قبض، وقد اخبرنا انا اولى الناس بالناس، فتمالات علينا قريش، حتى اخرجت الامر من معدنه، واحتجت على الانصار بحجتنا وحقنا، ثم تداولتها قريش واحد بعد واحد، حتى رجعت الينا، فنكثت بيعتنا، ونصبت لنا الحرب، ولم يزل صاحب الامر فى صعود كوود حتى قتل.
فبويع ابنه الحسن، وعوهد ثم غدر به، واسلم، ووثب عليه اهل العراق حتى طعن بخنجر فى جنبه، ونهبت عسكره، وعولجت خلاخيل امهات اولاده، فوادع معاويه، وحقن دمه، ودماء اهل بيته، وهم قليل حق قليل.
ثم بايع الحسين (عليه السلام) من اهل العراق عشرون الفا، ثم غدروا به، وخرجوا عليه وبيعته فى اعناقهم وقتلوه، ثم لم نزل اهل البيت نستذل ونستضام، ونقصى ونحرم، ونقتل، ونخاف ولا نامن على دمائنا ودماء اوليائنا.
ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقربون به الى اوليائهم، وقضاه السوء وعمال السوء فى كل بلده، فحدثوهم بالاحاديث الموضوعه المكذوبه، ورووا عنا ما لم نقله، وما لم نفعله ليبغضونا الى الناس، وكان عظم ذلك وكبره فى زمن معاويه بعد موت الحسن (عليه السلام) فقتلت شيعتنا بكل بلده، وقطعت الايدى والارجل على الظنه، وكل من يذكر بحبنا والانقطاع الينا سجن، او نهبت ماله او هدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد الى زمان عبيد اللّه بن زياد قاتل الحسين، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتله، واخذهم بكل ظنه وتهمه، حتى ان الرجل ليقال له زنديق او كافر احب اليه من ان يقال شيعه على..).
الامام الرابع: على بن الحسين بن على زين العابدين:
ابوه الحسين، وجده النبى وعلى، وامه شاه زنان (وتعنى بالعربيه سيده النساء)، وهى ابنه يزدجر بن شهريار بن كسرى آخر ملوك الفرس، تزوجها الحسين فولدت لهم عليا زين العابدين الامام الرابع من ائمه اهل بيت النبوه، وعندما ولد، وسمع الامام على بن ابى طالب بولادته سجد للّه شكرا.
قال ابن عباس:
سمعت رسولاللّه (ص) يقول:
(انا وعلى والحسن والحسين وتسعه من ولد الحسين مطهرون معصومون) (1552).
تربى الامام زين العابدين فى مدرسه الرساله والنبوه، وانتهى اليه علم النبوه كله، وتوفرت فيه كل صفات الائمه، فكان هو الاعلم والافهم بالدين والاكثر احاطه بسند سيد المرسلين، والاقرب للّه ولرسوله والاصلح من اهل زمانه.
وقد راينا فى سيره الامام الحسن، ان الامام على ابلغه وصيه رسولاللّه، وطلب من الحسين، ان يعهد بالامامه من بعده لابنه على، وقد وثقنا ذلك.
راى علماء شيعه الحكام بالامام زين العابدين:
قال الزهرى:
(لم ادرك احدا من اهل بيت النبوه افضل من على بن الحسين).
قال سعيد بن المسيب:
(هذا سيد العابدين على بن الحسين بن على بن ابى طالب (عليهم السلام)).
قال الامام مالك:
(سمى زين العابدين لكثره عبادته).
قال ابو حازم:
(ما رايت افقه منه) (1553).
حزن الامام زين العابدين:
توفرت فيه كل صفات الامام، رحل مع ابيه واهل بيت النبوه من المدينه الى مكه الى كربلاء، وشهد المذبحه فى كربلاء حيث كان مريضا لا يقوى على الحركه وطريح الفراش، ورافق بنات الرسول الى دمشق، وعاد الى المدينه، وقلبه الشريف مثخن بالجراح النازفه، وحزنه على ابيه واهل بيت النبوه الذين ذبحوا فى كربلاء يجرى فى عروقه جريان الدم، لقد بكى عليهم عشرين عاما فما وضع بين يديه طعام الا وبكى، قال له احد مواليه يوما:
(اما آن لحزنك ان ينقضى؟) فاجابه الامام:
(ويحك ان يعقوب النبى، كان له اثنى عشر ابنا، فغيب اللّه واحدا منهم، فابيضت عيناه من كثره بكائه عليه، واحدودب ظهره من الغم، وكان ابنه حيا فى الدنيا.
وانا نظرت الى ابى واخى وسبعه عشر من اهل بيتى مقتولين، فكيف ينقضى حزنى!!)(1554).
الشعور بالذنب:
شاع خبر فضل الامام، وفيض حزنه، وتذكر المسلمون وقعه كربلاء ومذبحه اهل بيت النبوه فيها، وقعودهم عن نصره الحسين واهل بيت النبوه، وخذلانهم المستمر لاهل بيت النبوه، فتولد لديهم احساس عميق بالذنب، وشعور غامر بالاثم، رافقهم فى حلهم وترحالهم، وساهم فى ما بعد بابراز قضيه اهل بيت النبوه، وبتعريه الخلفاء الطغاه على حقيقتهم والخروج من موقع الذل والهوان الى الثوره.
الدعاء والعباده:
الافواه مكممه، والطغيان يلقى اجرانه فى بلاد الاسلام، فلم يكن بوسع الامام ان يفعل شيئا افضل من ان يبث حزنه الى اللّه، من خلال ادعيه تحرك القلوب الموات، وتكشف هيمنه الرب ورقابته على ما يجرى، وعظيم سلطانه، وواسع علمه، فدعا ربه بادعيه لم يسمع بها اهل زمانه من قبل، وانتشرت ادعيته (وجمعت فى ما بعد بما عرف بالصحيفه السجاديه) وكثرت عبادته وكثر دعاوه، وهو قاعد فى بيته، اذا جاءه مستهدىء هداه، وان استعمله متعلم علمه، وان اتيحت له فرصه، قرع الناس الذين خانوا اباه.
موئل العلم:
طبقت سمعه الامام الافاق، وملات اخباره الاسماع والقلوب والاذهان، وقصده طلاب العلم لينهلوا من علم النبوه، فحدثهم وانسوا به، فذاع صيته، وانتشر علمه، وتخرج على يديه كوادر علميه من شيعه اهل بيت النبوه ساهمت بترسيخ عداله قضيه اهل البيت.
وارتباطها الوثيق بدين الاسلام.
الكل يعرف الامام:
عرفت الامه الامام زين العابدين، رفيعها ووضيعها، القاصى والدانى فاحبوه واكبروه طاف يوما حول البيت الحرام، فلما انتهى الى الحجر، تنحى له الناس هبه وتوقيرا واحتراما له، وكان الملك هشام بن عبد الملك موجودا ومعه الملا من اهل الشام، فسال احدهم هشام:
من هذا الذى هابه الناس وافسحوا له ليتسلم الحجر الاسود؟.
ومع ان هشام كان يعرفه الا انه قال للشامى:
لا اعرفه.
حتى لا يميل اهل الشام اليه، وكان الفرزدق الشاعر المعروف حاضرا فاجاب الشامى بقصيده امام هشامبن عبد الملك كما قال ابن خلكان فى ترجمه الفرزدق:
فهذا الذى تعرف البطحاء وطاته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد اللّه كلهم هذا التقى النقى الطاهر العلم فاذا راته قريش قال قائلها الى مكارم هذا ينتهى الكرم فمشتقه من رسولاللّه نبعته طابت عناصره والخيم والشيم الى ان قال:
ففليس قولك من هذا؟ بضائره العرب تعرف من انكرت والعجم فمن معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجى ومعتصم فان عد اهل التقى كانوا ائمتهم او قيل من هم خير اهل الارض قيل هم (1555) لقد غضب هشام وسجن الفرزدق، ولكن قصيدته الرائعه صارت خالده.
نهايه الامام:
كان ابن الزبير يطلب الملك، فخرج على الامويين، واستولى على الحجاز فتره، لما عرف بمكانه الامام بين الناس، وحبهم له، جن جنونه واشتعلت نيران الحقد فى قلبه، لانه كان يحقد على آل محمد، واراد ان يستاصلهم من الوجود فجمع حطبا بعد ان جمع بنى هاشم، وصمم على ان يحرق آل محمد وهم احياء، ولولا نجده جاءتهم لحرق آل محمد فعلا!!
واثناء حكمه على الحجاز عكر صفو آل محمد عامه، والامام زين العابدين خاصه ولو دام حكمه لنكل باهل بيت النبوه، ولكن الامويين هزموه (1556).
وبانتصار الامويين وجدوا امامهم زين العابدين يخطر على القلوب بمكانته احلى الخطرات، فاوجسوا منه خيفه، وامتلات قلوبهم غيره، وتاججت نيران حقدهم على آل محمد، فدس له الملك الاموى سليمان بن عبد الملك السم فقتله.
وانتهت حياه الامام بعد ان اثار عواطف المسلمين، بحزنه العظيم، وبثه للّه، وادعيته المباركه وعلمه النافع، وخلق لديهم احساسا عظيما بالذنب، وشعورا فائقا بالاثم، ونبههم الى الظلم الفظيع الذى لحق باهل بيت النبوه.
الامام الخامس: محمد بن على الباقر:
هو خامس الائمه، اشار له الامام على بن ابى طالب بوصيته، وكلف علىبن الحسين:
ان يعهد له -بناء على امر رسولاللّه- وان يقروه السلام من رسولاللّه ومنه، ولقب ب(الباقر) لانه بقر العلوم كلها.
قال عبد اللّه بن عطاء المكى:
(ما رايت العلماء عند احد قط اصغر منهم عند ابى جعفر محمد بن على الباقر).
قال محى الدين النووى فى كتابه (تهذيب الاسماء واللغات) عن الامام الباقر:
(تابعى جليل، وامام بارع مجمع على جلاله، روى عنه ابو اسحاق وعطاء بن ابى رباح، وعمرو بن دينار والزهرى وربيعه، وروى له بخارى ومسلم(1557)).
قال ابن العماد الحنبلى:
(قيل له الباقر لانه بقر العلم اى شقه وعرف اصله) (1558).
قال ابن طلحه الشافعى فى مطالب السوول (1559):
(هو باقر العلم وجامعه).
قال ابو الفداء اسماعيل بن كثير:
(ابو جعفر الباقر احد اعلام هذه الامه علما وعملا وسياده وشرفا، وسمى الباقر لبقره العلم) (1560).. اذا كان علماء الدوله يقولون هذا عن الامام، فيعنى ان الباقر قد صار بدرا، يتعذر حتى على العميان انكار وجوده.
كان الباقر موقنا انه امام الامه، وحاكمها الشرعى، وان الحكام الذين خططوا فى الظلام وتامروا على اجداده غاصبون للسلطه، اخذوها بالقوه والتغلب.
ولكن مطالبه الامام الباقر بحقه الشرعى، بقياده الامه فى زمانه على ضوء تجارب آبائه واجداده بمثابه انتحار، لذلك كرس الامام الباقر كل جهوده لاستقطاب المسلمين حول تعاليم الدين الاسلامى الصحيحه، فتحرك كاعلم العلماء فى زمانه فحدث عن ابيه، عن جده، عن رسولاللّه جده فقدم للناس تعاليم دينهم من اوثق الطرق، وكشف ملامحه المتميزه، على نسق آبائه واجداده وضمن خطتهم الراميه لتكوين امه محصنه ضد الانحراف.
وبنى الامام كوادر فنيه لتعليم الاجيال اللاحقه، لانه ادرك كابائه واجداده ان تكوين الامه المحصنه ضد الانحراف خطوه سابقه ومتقدمه على الوصول الى السلطه.
فلو حكم الامام الباقر امه كالامه التى اوجدها معاويه، فلن ينجح بادارتها، وانما ينجح بادارتها فقط عندما تعرف الامه معنى الشرعيه والمشروعيه وتلتزم بها التزام المومن.
كل هذا يستدعى اعاده بناء الامه بناء جديدا على اساس عموميات الدين وتفاصيله.
ومن هنا كرس الامام كل وقته لتعليم الدين، وتنظيم اصفيائه.
موت الامام:
وادركت دوله الخلافه خطوره الامام فلجات الى سلاحها القذر، فدست السم للامام ليلحق بابيه المسموم، وبالحسن المسموم وكان ذلك سنه 114ه.
الامام السادس: جعفر بن محمد الصادق:
عهد الامام الباقر لابنه جعفر بن محمد الصادق بالامامه عملا بتوجيهات رسولاللّه، ولان الامام الصادق تاهل للامامه، فصار الاعلم والافهم بالدين والاحوط بسنه سيد المرسلين، واصلح اهل زمانه واقربهم للّه ولرسوله.
آراء علماء الدوله بالامام الصادق:
قال المورخ اليعقوبى (1561) عن الامام الصادق:
(افضل الناس واعلمهم بدين اللّه، وكان اهل العلم الذين سمعوا منه قالوا:
اخبرنا العالم).
قال مالك ابن انس -صاحب المذهب المالكى-:
(ما رات عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر افضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعباده وورعا) راجع المناقب لابن شهر آشوب.
قال محمد فريد وجدى صاحب دائره المعارف:
(ابو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق هو احد الائمه الاثنى عشر على مذهب الاماميه، من سادات اهل البيت لقب بالصادق لصدقه فى كلامه، كان من افاضل الناس) (1562).
قال ابو الفتح الشهرستانى (1563) فى كتابه (الملل والنحل) عن الامام الصادق:
(هو ذو علم غزير فى الدين، وادب كامل فى الحكمه، وزهد بالغ فى الدنيا، وورع تام عن الشهوات).
نقل الامام العاملى عن الحسن بن زياد فى (اعيان الشيعه) (1564)عن ابى ليلى قوله:
(ما كنت تاركا قولا قلته، او قضاء قضيته لقول احد الا رجلا واحدا الا وهو جعفر بن محمد) (1565).
تركيز الامام:
ركز الامام على نقطتين:
1- العلم:
حيث فتح جامعه حقيقيه قال العلامه محسن الامين فى اعيان الشيعه (1566) ان الحافظ بن عقده الزيدى جمع فى كتاب رجاله اربعه آلاف رجل من الثقات الذين رووا عن جعفر بن محمد، فضلا عن غيرهم وذكر مصنفاتهم.
وقال ايضا:
وروى النجاشى فى رجاله بسنده عن الحسن بن على الرشا فى حديث قال فيه:
(ادركت فى هذا المسجد -مسجد الكوفه- تسعمائه شيخ كل يقول حدثنى جعفر بن محمد).
طبيعه حديث الامام جعفر:
كان الامام جعفر يقول:
(حديثى حديث ابى، وحديث ابى حديث جدى وحديث جدى حديث على بن ابى طالب، وحديث على حديث رسولاللّه، وحديث رسولاللّه قول اللّه عز وجل) (1567).
الاعلام وجعفر الصادق:
قال عمرو بن ابى المقدام:
(كنت اذا نظرت الى جعفر بن محمد علمت انه من سلاله النبيين، ولا تخلو كتب احاديثه وحكمه، وزهده، وموعظه من كلامه، يقولون قال جعفر بن محمد الصادق)، ذكره النقاش والثعلبى والقشيرى والقزوينى فى تفاسيرهم (1568).
وجاء فى حليه الاولياء لابى نعيم:
(ان جعفر الصادق حدث عنه الائمه الاعلام، مالك بن انس، وشعبه بن الحجاج، وسفيان الثورى، وابن جريج، وعبد اللّه بن عمرو، وروح بن القاسم، وسفيان بن عيينه، وسليمان بن بلال، وسليمان بن جعفر، وحاتم بن اسماعيل وعبد العزيز بن المختار، ووهب بن خالد، وابراهيم بن طحان، واخرج عنه مسلم فى صحيحه محتجا بحديثه، وقال غيره:
وروى عنه مالك والشافعى والحسن بن صالح، وايوب السجستانى، وعمرو بن دينار، واحمد بن حنبل) (1569).
وفى عهد الامام ظهر الملاحده والزنادقه، وجواسيس الدوله المتسترين بالولاء لاهل البيت والغلو فى حب الائمه، فدرب الامام جعفر مجموعه من رجاله على الكلام والجدل والمناظره والفلسفه للدفاع عن عقيده التوحيد وعن نقاء دعوه اهل بيت النبوه.
جاء فى الكافى (1570) عن سدير قلت لابى عبد اللّه:
(ان قوما -جواسيس الدوله- يزعمون انكم آلهه يتلون علينا بذلك قرآنا:
(وهو الذى فى السماء وفى الارض اله!)
، فقال الامام عليه السلام:
يا سدير سمعى وبصرى وبشرى ولحمى ودمى وشعرى من هولاء براء، وبرىء اللّه منهم، ما هولاء على دينى ولا على دين آبائى، واللّه لا يجمعنى اللّه واياهم يوم القيامه الا وهو ساخط عليهم).
2- النقطه الثانيه:
ركز الامام على اوليائه، واصفياء آبائه واجداده فخصهم بعنايته ونظم امورهم تنظيما دقيقا، وعرفت الشيعه، وعرف ان لها مذهب وهو مذهب اهل بيت النبى الذى ابرزه اللّه على يد جعفر الصادق.
تعاطفه مع الثوار:
كان يتعاطف مع الثوار كتعاطفه مع ثوره زيد، ولكنه لم يتورط مع اى جماعه وكان يقول لكل جماعه علمه بنتائج حركتهم مسبقا.
جاءه عبد اللّه بن الحسن كما روى المسعودى فى مروج الذهب وقال له:
(ان القوم يريدون ابنى محمدا لانه مهدى هذه الامه)، فقال ابو عبد اللّه الصادق:
(واللّه، ما هو مهدى هذه الامه، ولئن شهر سيفه ليقتلن)، فنازعه عبد اللّه القول حتى قال له:
(واللّه، ما يمنعك من ذلك الا الحسد)، فقال الامام:
(واللّه، ما هذا الا نصح منى لك).
بمعنى ان الرويا كانت واضحه امام الامام.
موت الامام الصادق:
قال اليعقوبى فى تاريخه (1571):
(روى اسماعيل بن على بن عبد الرحمن بن العباس قال:
دخلت على ابى جعفر المنصور يوما وقد اخضلت لحيته بالدموع، فقال لى:
ما علمت ما نزل باهلك؟ فقلت:
وما ذاك يا امير المومنين؟ قال:
فان سيدهم وعالمهم وبقيه الاخيار منهم توفى؟ فقلت:
ومن هو يا امير المومنين؟ قال:
جعفر بن محمد).
هذا راى عدو الامام الذى يخشاه على ملكه، فكيف يشعر صديقه!!
ومن الموكد ان السلطه قد لجات فى قتل الامام الى سلاحها المجرب وهو السم.
الائمه السته:
7- الامام موسى بن جعفر الكاظم:
وابوه الامام جعفر بن محمد الصادق.
ولد سنه 128ه واستشهد فى سجن هارون الرشيد سنه 183ه.
وصفه الحافظ الرازى فى موسوعته الرجاليه بقوله:
(موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب، روى عن ابيه، روى عنه ابنه على بن موسى واخوه على بن جعفر، سمعت ابى يقول ذلك.
قال عبد الرحمن:
سئل ابى عنه فقال:
ثقه، صدوق، امام من ائمه المسلمين (1572)).
8- الامام على بن موسى الرضا:
وابوه الامام موسى بن جعفر الكاظم.
ولد سنه 148ه واستشهد مسموما سنه 203ه.
وكان سيد اهل البيت فى عصره ومحط انظار المسلمين جميعا، مما ارغم المامون الخليفه العباسى على ان يعهد له بالخلافه من بعده، ويزوجه ابنته، وكان كابائه فى العلم والورع والتقوى.
وصفه المورخ الرجالى الواقدى بقوله:
(كان ثقه، يفتى بمسجد رسولاللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو ابن نيف وعشرين سنه) (1573).. ووصفه ابوه الامام موسى بن جعفر عليه السلام بقوله لبقيه اولاده:
(هذا اخوكم على بن موسى، عالم آل محمد، فسلوه عن اديانكم، واحفظوا ما يقول لكم) (1574).
9- الامام محمد بن على الجواد:
وابوه الامام على بن موسى الرضا.
ولد سنه 185ه وتوفى سنه 220ه.
قال سبط ابن الجوزى واصفا الامام محمدا الجواد:
(محمد الجواد:
وهو محمد بن على بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب.
وكنيته ابو عبد اللّه، وقيل ابو جعفر.
ولد سنه خمس وتسعين ومائه وتوفى سنه مائتين وعشرين، فكان على منهاج ابيه فى العلم والتقى والزهد والجود) (1575).
10- الامام على بن محمد الهادى:
وابوه الامام محمد بن على الجواد.
ولد سنه 214ه وتوفى سنه 254ه.
عرفه الذهبى بقوله:
(على بن محمد بن على بن موسى ابن جعفر بن محمد بن زين العابدين السيد الشريف ابو الحسن العلوى الحسينى الفقيه -احد الاثنى عشر- وتلقبه الاماميه بالهادى) (1576).
وعرفه الرجالى الشهير ابو الفلاح الحنبلى بقوله:
(كان فقيها اماما متعبدا) (1577).
11- الامام الحسن بن على العسكرى:
وابوه الامام على بن محمد الهادى.
ولد سنه 232ه وتوفى سنه 260ه.
ووصفه سبط ابن الجوزى الحنفى بقوله:
(وكان عالما ثقه، روى الحديث عن ابيه عن جده) (1578).
12 الامام محمد بن الحسن المهدى (1579):
وابوه الامام الحسن بن على العسكرى.
ولد سنه 255-ه.
وقد وردت روايات عديده تتحدث عن مهدى آل محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم، رواها عدد كبير من صحابه رسولاللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم امثال الامام على بن ابى طالب عليه السلام، وعثمان بن عفان، وعمار بن ياسر، وابى هريره، وعبد اللّه ابن عباس، وعبد اللّه بن مسعود، وام سلمه، وحذيفه بن اليمان، وكثيرين غيرهم.
من هذه الروايات ما روى عن الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم:
(المهدى منا اهل البيت يصلحه اللّه فى ليله) (1580)، وروى عنه قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم:
(المهدى من عترتى من ولد فاطمه) (1581).
وهكذا يعرف القرآن، والرسول، والعلماء، والمورخون بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم، شخصيات ائمه اهل البيت الاثنى عشر:
على وولديه الحسن والحسين وتسعه من ذريه الحسين.
وهم كما راينا يتوارثون العلم ابنا عن اب عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، ويواصلون السير على منهاج النبوه، ويمثلون الامتداد الطبيعى للمسيره الاسلاميه التى بداها الرسول الهادى محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم.
العهد:
كل واحد من الائمه الكرام صار اماما بعهد ممن سبقه، وبنفس الترتيب الذى رتبهم فيه رسولاللّه كما راينا.
فرسولاللّه عهد لعلى، وعلى عهد للحسن، وطلب من الحسن ان يعهد للحسين، وطلب من الحسين ان يعهد لابنه على، وطلب من على ان يعهد لابنه محمد، وعهد محمد لابنه جعفر، وعهد جعفر لابنه موسى، وعهد موسى لابنه على، وعهد على لابنه محمد، وعهد محمد لابنه على، وعهد على لابنه الحسن، وعهد الحسن لابنه محمد، عليهم جميعا اتم صلاه وتسليم.
القناعه المطلقه:
اقتنع الائمه الاثنا عشر قناعه مطلقه بان تحصين الامه ضد الانحراف، واعاده بناء الامه اولى من الوصول الى الحكم، بعدما شاهدوا وراوا من انحراف الاكثريه الساحقه من الامه عن الحق بعد وفاه الرسول، حتى تحولت هذه الاكثريه الى اداه بيد الطغاه، وكره يتقاذفها الظالمون، وحقل تجارب للعسف والطغيان، والذل والهوان.
لقد آلت قياده الامه الى الامام على بن ابى طالب بطريقه الخلفاء وبسنه ابى بكر وعمر، وصار خليفه وهو موقن بان الخلافه ستنهار من تحته عاجلا ام آجلا وان الامويين سيغلبون حتما مقضيا، لان دولتهم كانت قائمه، وكل شىء فى المجتمع مطعم بامصالهم القذره ومهىء لتبعيتهم، وان اكثريه الامه مقبله على الدنيا وحدها، وما اقبالها على الدين الا لانه صار وسيله للدنيا، ولكن يتعذر على الامام على ان يترك مقاومه الانحراف والفساد والخروج على الشرعيه ما وجد اعوانا، لذلك قارع الانحراف والفساد والطغاه حتى استشهد.
وجاء من بعده ابنه الحسن، فتولى خلافه على بسنه ابى بكر وعمر، وهو موقن بان الخلافه ستنهار من تحته كما انهارت من تحت ابيه لانها لا تحتمل عدله مثلما لم تحتمل عدل ابيه، ولكن يتعذر عليه ان يتخلى عن مقارعه الفساد والانحراف ومحاربه الطغاه الخارجين على الشرع ما وجد على ذلك اعوانا، فجد الامام الحسن بالمقارعه حتى انفض من حوله الاعوان وانهارت الخلافه عمليا من تحته، ولم يبق من المومنين الا قله، عندئذ وادع معاويه حرصا منه على ما تبقى من المومنين، وبقيا منه على ما تبقى من اهل بيت النبوه.
وخروج الحسين لم يكن طمعا فى الخلافه، فهو موقن انه سيلاقى ربه قبل ان يدرك الخلافه، وانه لو ادرك الخلافه لانهارت من تحته لانها لا تحتمل العدل الالهى الذى يمثله الائمه، ولكن الحسين خرج ابايه من وضع يده بيد يزيد وطمعا بوضع النقاط على الحروف وكشف طبيعه الاوضاع التى آلت اليها اوضاع الخلافه، ونظامها، اذ لم يعد هنالك فارق يذكر بين حكم الفراعنه، وحكم خلفاء بنى اميه، ومع هذا يتسترون بالدين، فاراد الحسين ان يفضحهم وان يسحب براقع الدين عن وجوه الخلفاء، وان ينزع القفازات البيض عن ايديهم الملطخه بدماء الجرائم، ليظهروا على حقيقتهم، واراد الحسين ان يصدم عواطف الناس وعقولهم ليستفيقوا، ويصحوا من ذلهم وهوانهم، ومن حرصهم المقرف على حياه لا يوسى عليها، من اجل هذا خرج الحسين مع ايمانه بان تحصين الامه ضد الانحراف والمنحرفين اولى من وصوله الى الحكم.
علم الائمه وصفاتهم:
كل واحد من الائمه الكرام كان بالضروره هو الاعلم والافهم بالدين، والاكثر احاطه بسنه سيد المرسلين، وهو الاتقى للّه والاقرب لرسولاللّه، واصلح المسلمين فى زمانه، فكل واحد منهم انتهى عليه علم النبوه كاملا، واعد اعدادا الهيا للقيام مقام الرسول فى زمانه.
الاقرب للنبى:
كل امام من الائمه الاثنى عشر كان فى زمانه هو الاقرب للّه ولرسوله، فكل الائمه الكرام انحدروا من على بن ابى طالب، ومن سيده نساء العالمين البتول الزهراء فاطمه بنت رسولاللّه، فامهم فاطمه وجدهم رسولاللّه وهم ذريه الرسول بالنص الشرعى -كما وثقنا-، ولم يعش من نسل الرسول احد الا نسل فاطمه.
الغايه واحده:
غايه كل الائمه واحده وتتلخص باعاده بناء الامه من جديد، وتنظيمها وتحصينها ضد الانحراف، وكل امام من الائمه يبنى فوق الذى بناه سابقه، فيهدى الجميع ويخص الاتباع واولياء اهل بيت النبوه، وقد استطاع الائمه الكرام ان يجعلوا من قضيه اهل بيت النبوه، قضيه مركزيه، وان يغلبوا الدوله الامويه بكل قوتها واعلامها، فلولا تمسح العباسيين بشعار اهل بيت النبوه، وادعائهم بموالاه اهل البيت لما وصلوا الى الحكم.
مراحل العمل:
كل امام من ائمه اهل بيت النبوه قاد مرحله من مراحل العمل، تتناسب مع الدعوه ومع الظروف السياسيه التى عاصرها، ولكن هذه المراحل كانت متكامله وملتزمه بخط النبوه والرساله فقد راينا كيف قاد الامام على مرحله ما بعد النبوه، حتى وصل الى الحكم، وراينا الامام الحسن كيف قاد مرحله ثانيه، وراينا الامام الحسين، كيف قاد مرحله ثالثه، والامام زين العابدين والباقر والصادق، الى آخرهم، وان كل اسلوب من اساليب الائمه الاثنى عشر (ائمه اهل بيت النبوه) نابع من مشكاه واحده.
العمل المستمر بالرغم من الحصار والمضايقه:
على الرغم من الحصار والمضايقه التى تعرض لها كل الائمه الا انهم استمروا فى العمل الدووب لاعاده بناء الامه وتحصينها ضد الانحراف، والاعيب الحكام، ومضوا قدما بتنظيم اتباعهم، وتنظيم الاتصال باولئك الاتباع، وتنميتهم عدديا ونوعيا، وتجنيبهم المواجهه مع السلطه حتى لا تقضى عليهم، وحتى لا يصطدموا معها قبل الوقت المحدد الذى يكتمل فيه بناء الامه، لانه اذا اكتمل بناء الامه يسقط الطغاه آليا، اذ لا يبقى حولهم معين، عندئذ يعودوا الى طبيعتهم، فيظهرون الاسلام، ويبطنون النفاق.
وعد:
ومعالجه مراحل العمل عند الائمه، ودور كل امام بمرحله من هذه المراحل يصلح ان يكون بحثا مستقلا، واننى اعد ان اعد العده -باذن اللّه تعالى- لابراز هذا البحث الفريد والمتميز ووضعه بين يدى عشاق الحقيقه.