وأخيراً، كنت أتصور أن ما يتهم به السنّة الشيعة من أنهم يفضلون علياً، ويعتقدون بأن النبوة كان يجب أن تكون لعليّ قد أصبح شيئاً من مخلفات الماضي، إلاّ أنني وجدت أنّ البعض لا يزال يحمل هذه الأفكار السخيفة عن الشيعة، وعندما كنت أعدد هذه الافتراءات على الشيعة لأحد أقربائي قاطعني بأنه لا يشك في أن بعض الشيعة يعتقد أن علياً هو الذي كان من المفروض أن يكون النبي وليس محمداً(صلى الله عليه وآله)!! وعندما أوضحت أنه لا يوجد مثل هذا الشيء في الطائفة الشيعية الإمامية الاثنا عشرية لا في عالمهم ولا في جاهلهم أصرّ على رأيه بشكل ملفت للنظر وبقي على اعتقاده!!
أكثر من ذلك يصل الحد الى اتهام الشيعة بأنهم لا يحبون النبي(صلى الله عليه وآله) كما أقسمت إحداهن!!!
ولا نريد هنا أن نرد على هذه الترهات والافتراءات كأن نسأل عن السبب الذي من أجله لا يحب الشيعة محمداً(صلى الله عليه وآله)، أو عن السبب الذي حدا بجبرئيل(عليه السلام)أن يخطىء فلا ينزل بالوحي إلى علي(عليه السلام) ابن العشر سنين وينزل به إلى محمد(صلى الله عليه وآله)ابن الأربعين سنة!! ولا عن إمكانية حدوث ذلك من الملائكة المعصومين المرسلين من رب العالمين، أو عن السبب الذي يجعل جبرئيل يخون الأمانة كما يفتري البعض، أن هذا من اعتقادات الشيعة أو بعضهم، وكيف يخون روح القدس
كما وينزهونه ليس فقط عن الخطأ والسهو في التبليغ، بل وفي كل قول وفعل وفي كل عمره. وفي حين أن غيرهم يعتقد فيه أنه كان يأخذ آراء الصحابة ويقرّر على أساسها، فإن الشيعة تعتقد أنه(صلى الله عليه وآله) لم يكن يحتاج إلى أحد وإنّما كان يشاورهم لتطييب قلوبهم أولا، وليعلم الناس أنّ الحاكم يشاور الرعية ثانياً.
ولا يعتقدون كما يعتقد غيرهم أنّه ينسى الآيات القرآنية فيتذكرها بعد أن يسمعها من أعمى يقرأها، أو أنه سُحِر وأثّر فيه السحر بحيث لم يعد يدري فيما إذا أتى النساء أو لا (كما ورد في صحيح البخاري(1) الذي يعتقد السنّيون بصحة كل ما جاء فيه)، وأنّه نام حتى سمعوا غطيطه ثم استيقظ فصلّى بدون وضوء(2)، لأن الشيعة تعتقد أن ذلك من شأنه أن يعرضه للخطأ في التبليغ والنسيان مما سيضل الأمة لأنها لن تعلم في أي حال قال أو فعل(صلى الله عليه وآله) ما وصلها عنه، أفي حال العصمة والصحو والانتباه أم في حال النسيان والخطأ والسحر نعوذ بالله وبه نستجير من هذا الاعتقاد.
ونقول لمن يريد أن يسمع بأنّ الشيعة ترى أن الرسول(صلى الله عليه وآله) خير خلق الله أجمعين، ومن حباه بعلوم الأولين والآخرين، وجعله على خلق عظيم، وآتاه ما لم
____________
1- صحيح البخاري: 7 / 29.
2- صحيح البخاري: 1 / 37، 44، 171.
أما اعتقادهم بعليّ(عليه السلام) فإنه عبدالله وأخو رسوله(صلى الله عليه وآله) آخاه معه في الدنيا والآخرة بأمر الله، وزوّجه ابنته الزهراء(عليها السلام) بأمر الله، وجعله منه بمنزلة هارون من موسى(عليهما السلام)، وهي تعني منازل الخلافة في قومه والتبليغ وغيرها فيما عدا النبوة التي ختمت بمحمد(صلى الله عليه وآله)، بعد أن علمه ما شاء الله وذلك بأمر الله، ونصبه للإمامة والخلافة بعده(صلى الله عليه وآله)مباشرة في مناسبات عديدة آخرها بعد حجة الوداع في غدير خم الواقع بين مكة والمدينة وذلك بأمر الله، ونصب أولاده الأحد عشر بدءاً بالأخوين الطاهرين الحسن والحسين(عليهما السلام) وانتهاءاً بالمهدي(عليه السلام) أئمة على الناس أجمعين سواءً رضي الناس أم لم يرضوا (كما في قوله(صلى الله عليه وآله): "الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا" أي بالخلافة المبسوطة اليد على الناس) وذلك بأمر الله تعالى، وقوله(صلى الله عليه وآله): "يكون اثنا عشر أميراً كلهم من قريش"(1)، والتي لا تنطبق مطلقاً إلاّ على معتقد الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في أئمتهم الاثنى عشر بدءاً من الإمام عليّ وانتهاءً بالمهدي.
فالأمر هو اختيار إلهي لهؤلاء الصفوة أن يخلفوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) وليس رغبة من الرسول أن يرفع أهله على الناس أو رغبة منهم(عليهم السلام) أن يصعدوا على كراسي الحكم، فلقد كان(صلى الله عليه وآله) وكانوا(عليهم السلام) أزهد الناس بالدنيا وما فيها. قال تعالى: (وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَ يَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَـنَ اللَّهِ وَ تَعَــلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(2)، وقال: (قُلْ إِنَّ الاَْمْرَ كُلَّهُو لِلَّهِ)(3)، ولا أدري ما هو أعظم من اختيار أمناء للإسلام الذي لا يزال غضاً بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولا يزال
____________
1- صحيح البخاري، باب الاستخلاف: 8 / 127.
2- القصص: 68.
3- آل عمران: 154.
وليس ذنب الشيعة أن الأمور لم تسر وفق ما أراده الله تعالى من خير للبشرية، وإنما هي المسؤولية على من رفض ذلك وأقبل على ما يرضاه هواه. إلاّ أن الذي حدث هو أن الناس لما رأوا أنهم هم الأكثرية ظنوا أن الشيعة هم على باطل كونهم هم الأقلية، والحق لا يعرف أكثرية أو أقلية، فإنّ من يتخذ غير الإسلام ديناً هم الأكثرية، وقد ذم الله الأكثرية في مواضع كثيرة من التنزيل (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)(1)، (وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَـرِهُونَ)(2)، (وَ مَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلاَّ وَ هُم مُّشْرِكُونَ )(3)، ومدح الأقلية (وَ قَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ )(4).
ولكن الذي حدث هو أن السنّيين رأوا أنّ الشيعة يرفعون من مقام علي وأولاده(عليهم السلام) أكثر مما ينبغي حسب رأيهم، بل أن أكثرهم لا يعرف هؤلاء الرجال الذين تقدسهم الشيعة بهذا الشكل، كما أنهم لا يعرفون في عقائدهم شيئاً اسمه الإمام أو الوصاية مما جعلهم يظنون أن الشيعة إنما هي جماعة منحرفة عن الدين الصحيح.
وقد ساهم في هذا التعقيد ما يكتبه الشيعة دفاعاً عن أئمتهم وينشرون
____________
1- الأنعام: 37.
2- المؤمنون: 70.
3- يوسف: 106.
4- سبأ: 13.
إحياء أمرهم(عليهم السلام) والطائفية:
أمرنا الأئمة(عليهم السلام) بدعوة الناس إلى منهجم وطريقتهم، ودعوا الله تعالى أن ينشر رحمته على من يقوم بذلك، وذلك بقولهم: "أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا". ولكن كيف يمكن إحياء أمرهم، أي دعوة الناس إلى اتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام)والذي عليه الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، بدون الدخول بادىء ذي بدء في إثبات حق الأئمة(عليهم السلام) في الولاية العامة على المسلمين، ثم تحليل ما جرى بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) من أمور تناقض ما تدعيه الشيعة (وتثبت صحته بوضوح من كتب السنّة أنفسهم) من تخطيط الرسول(صلى الله عليه وآله) للأمة بناءً على أوامر الله تعالى؟
كيف يمكن تجنب التعرف للصحابة الذين منعوا أهل البيت(عليهم السلام) من أن يتبوؤا مناصبهم حسبما أراد الله ورسوله(صلى الله عليه وآله)، والذين ساهموا في ذلك، والذين قعدوا عن نصرتهم(عليهم السلام) حينما ادّعوا ذلك لأنفسهم؟
وإذا كان بالإمكان عمل ذلك بأن يشرح الداعية حقيقة أهل البيت(عليهم السلام)ووصية الرسول(صلى الله عليه وآله) بهم وإليهم، ويلقي الضوء على شخصياتهم المقدسة من خلال حياتهم الشريفة، ثم لا يتعرض إلى أسباب عدم صعودهم إلى سدّة الحكم، فبماذا سيجب من سيسأل متعجباً من هذا التناقض العجيب بين أوامر الرسول(صلى الله عليه وآله) وواقع الحال؟
وإذا تمسك الداعية بعدم الجواب ملتجئاً إلى الآية الكريمة 141 من سورة البقرة: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَ لَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَ لاَ تُسْـَلُونَ عَمَّا كَانُواْ
لابد وأن يأتي الظرف الذي لابد من التعرض فيه إلى هذه الإشكالات الناشئة مما وقع بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله). وهنا، سيتهم من يتعرض لها بالطائفية لأنه يتعرض للأشخاص الذين يقدسهم أهل السنّة، وتبدأ موجة جديدة من الاتهامات.
في البدء الهجوم على الشيعة بسبب عقائدهم المنحرفة، كما يفترون، وعندما يدافعون عن أنفسهم ضد هذا الهجوم يبدأ الهجوم عليهم بسبب طائفيتهم لأنّهم دافعوا عن أنفسهم!!!
إن دعوة الناس إلى أهل البيت(عليهم السلام) ليست دعوة طائفية وذلك:
1 ـ لأن الدعوة إلى فكر وعقيدة ليست كذلك، إنما هي محاولة اقناع آخرين بوجهة النظر لنيل مكسب دنيوي أو أخروي أو الاثنين معاً.
وفي حالة التشيع بالذات فإن الكسب الدنيوي يكاد ينعدم، لأن الدنيا لم تزل مدبرة على الشيعة منذ أن رحل رسول الله(صلى الله عليه وآله) وإلى يوم الناس هذا. أما الأخروي فمضمون بدعاء الإمام "رحم الله من أحيا أمرنا". فهل يزهد عاقل في نيل الرحمة الإلهية لأجل شبهات يثيرها الطائفيون أو الجاهلون؟ وما قيمة كل هذه الأمور الدنيوية في قبالة هذه الرحمة التي قد ترفع صاحبها إلى جنان الخلد؟
2 ـ ليست هذه الدعوة طائفية لأن الذين يُحيي أمرهم هم أصحاب منهج أبعد ما يكون عن الطائفية، وأقرب ما يكون إلى التقريب بين المسلمين، خذ مثلا نهج علي(عليه السلام) مع الصحابة الذين منعوه من تسليم مقاليد الحكم بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله)، وما زالوا يمنعونه منه وهو يقيم عليهم الحجة كي لا يضيع الحق من
____________
1- البقرة: 134.
أ ـ يوم السقيفة حين بويع أبو بكر ورسول الله(صلى الله عليه وآله) لما يزل مسجى بين أهله وبعض أصحابه، فما كان من علي(عليه السلام)، وبعد أن أقام الحجة على المسلمين، سواء مباشرة حينما طاف عليهم ليلا يذكّرهم ببيعته قبل أقل من ثلاثة أشهر في يوم الغدير، وبممانعته للبيعة في أول الأمر، أو بشكل غير مباشر وذلك عن طريق الزهراء(عليها السلام) في خطبتيها المشهورتين اللتين خاطبت بأولاهما أبا بكر خاصة ومن معه عامة(1)، وثانيتهما التي خاطبت بها الأنصار(2).
بعدها، وبعد وفاة الزهراء(عليها السلام) بايع علي(عليه السلام) أبا بكر بعد أن مضت مدة تكفي لأن توصل للمسلمين على مر الأجيال أن علياً(عليه السلام) كان يرى أنه صاحب الأمر بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) مباشرة. كذلك فقد كان يصعب على أمير المؤمنين(عليه السلام) أن يبايع أبا بكر في حياة الزهراء(عليها السلام) بعد أن جرى لها ما جرى وبعد أن قاطعت أبا بكر ولم ترض أن تكلمه إلى غير ذلك من أحداث مؤلمة ليس ههنا مكان ذكرها.
____________
1- والتي اعترضت فيها على قرار الخليفة منعها من التصرف بإرث أبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله)استناداً إلى حديث رواه الخليفة أبو بكر يقول: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة"، في حين كانت ترى أنها ترث أباها(صلى الله عليه وآله) كما ترث أي بنت أباها استناداً على نصوص القرآن الذي لم يخصص آيات المواريث بسائر الناس دون الرسل(عليهم السلام)، واستناداً إلى كونها لم تسمع حديث الرسول(صلى الله عليه وآله) الذي رواه أبو بكر، وأنه من المستحيل أن يتركها أبوها(صلى الله عليه وآله)جاهلة بهذا الحكم الشرعي فيعرضها للمطالبة بإرث ليس من حقها كما زعموا.
ويبدو أن بعض حكام المسلمين كانوا يوافقون الزهراء(عليها السلام) في طلبها لأنهم أعادوا الميراث، ومنه قرية "فدك" إلى ذريتها، كما فعل عمر عبدالعزيز الأموي والمهدي والمأمون العباسيان.
2- وهي تحثّهم على نصرتها في طلب حقوقها التي منعت منها لأن الرسول(صلى الله عليه وآله) كان قد قال: "المرء يحفظ في ولده" وأوصى الناس بأهل بيته كثيراً كقوله: "أذكركم الله في أهل بيتي".
ج ـ يوم نص أبو بكر على عمر فقال عمار بن ياسر لعمر: "يا عمر: أمّرته عام أول وقد أمّرك اليوم"، وهذه لم تكن سوى زفرة من عمار، وإلاّ فإن علياً(عليه السلام)كان قد أمر أصحابه بالصبر، وصبر هو وماشى عمراً في خلافته التي امتدت عشر سنوات لم يبخل عليه بالنصيحة، بل وبإنقاذ في أحيان كثيرة لم يُعرف فيها الحكم الصحيح، فكان علي(عليه السلام) المرجع فيها، مما جعل الخليفة يقول في مناسبات عديدة قولته المشهورة: "لولا عليّ لهلك عُمر".
أكثر من ذلك، عندما أراد عمر أن يذهب بنفسه لفتح العراق وفارس أشار عليه علي(عليه السلام) بألا يذهب بل يبقى في المدينة، ولو كان غير علي(عليه السلام) لفرح بخلو الجو له في المدينة حيث يستطيع أن يتمرد، أو يأمل بالبيعة بعد وفاة عمر المحتملة إذا ما ذهب للحرب.
د ـ يوم الشورى التي أمر بها عمر قبيل وفاته، وجعل فيها الأمر لعبد الرحمن بن عوف إن كان أصحاب الشورى ثلاثة وثلاثة، فكان ذلك وبويع عثمان بن عفان لأنه وافق على شرط عبدالرحمن بأن يحكم بكتاب الله وسنّة رسوله(صلى الله عليه وآله)وسيرة أبي بكر عمر، في حين رفض الإمام علي(عليه السلام) أن يسير بغير الكتاب والسنة
هنا أيضاً، لو كان ذا منهج فئوي ضيق وينظر إلى مصلحته الذاتية ومصلحة الأمة الآنية دون مراعاة القيم التي يعدّها خطأ والتي ستتأسس على موافقته على شروط لا يقرها ثم لا يفي بها، كان يمكنه أن يوافق على الشرط ثم يسير حسبما يريد بعد أن يُبايَع.
هـ ـ موقفه من عثمان يوم أن حاصره المسلمون يطلبون النَصَف من وُلاته، ومن ثم أرادوه أن يخلع نفسه من الخلافة. حيث كان(عليه السلام) نِعم الناصح والسفير بينهم وبين عثمان حتى خاف سلام الله عليه من الإثم كما قال(عليه السلام). هذا مع أنه كان نفسه ينقم على عثمان الكثير من الأحداث، ومنها ما تعرض له أكابر شيعته كعمار وابن مسعود وأبي ذر.
3 ـ هذه الدعوة ليست طائفية وذلك لأنها من قبل أناس أثبتوا على مرور الأزمان أنهم أبعد ما يكونون عن الطائفية، أو أن طائفية البعض منهم أقل بكثير من طائفية غيرهم من المسلمين، ولئن كان الماضي بحاجة إلى دليل فإن الحاضر المعاش يثبت بما لا يقبل الشك ما أقول. ولنضرب أمثلة على ذلك:
أ ـ تحتوي الدراسات الشيعية على أطروحات ومقارنات وإشارات إلى الفقه السنّيّ والفكر السنّي والآراء السنّيّة، في حين تخلو الدراسات السنّيّة خلواً تاماً من أيّة إشارة إلى الفكر أو الفقه الشيعي. وهذا يعم المجلات والصحف والكتب الدينية والإطروحات الجامعية وغيرها.
ب ـ تحتوي المكتبات الشيعية على كتب السنّة في حين لا تحتوي مكتبات السنّة على كتب الشيعة، وهذا يعمّ المكتبات الخاصة والعامة، وفي جميع بلاد المسلمين، ويعمّ جميع المواضيع من حديث وفقه وتاريخ وأدب وغيرها.
ويصل الأمر إلى حدّ إحجام هؤلاء عن توزيع المصاحف الكريمة إن كانت مطبوعة في إيران في حين توزع المصاحف المطبوعة في أي مكان دون مراجعة!
د ـ تضم رفوف مكتبات الجوامع والمساجد والحسينيات والجمعيات الإسلامية الشيعية الكتب الدينية السنّيّة في حين لا تضم مكتبات الجوامع والمساجد والجمعيات الإسلامية السنّيّة كتب الشيعة.
هـ ـ تمد الجمعيات والجماعات الدينية الشيعية يدها بإخلاص دائماً للجماعات والجمعيات الدينية السنّيّة من أجل التعاون في شتى المجالات، في حين يحجم الآخرون عن فعل المثل، بل يعاملون الشيعة وكأنهم غير موجودين.
و ـ ينظر الشيعة إلى السنّيين على أنهم إخوان لهم يجهلون الحقيقة، وأن ذمتهم مبرأة باتباعهم مذاهبهم، وهم لذلك يطلقون عليهم لفظة "إخواننا" أو "الإخوة" كما سمعته بأذني مراراً من جلسات لا يحضرها غير شيعة. هذا على الرغم من أن الشيعة يعرفون أن الكثير من "إخوانهم" السنّيّن لا يبادلونهم نفس المشاعر، بل يعتبرونهم منحرفين عن الدين باختبارهم ولذا فهم من الخاسرين، كما ويعرفون الأضغان والأحقاد التي في قلوب البعض، والرمي بالأعجمية كما في حال شيعة العراق والخليج(1) ولكن يحملوها على الجهل والتجهيل أيضاً.
____________
1- وإن كان المقصود بالرمي بالأعجمية هو الطرد من حق القرار السياسي العراقي إلاّ أنه صار يحمل صفة الشتم فأضحت الأعجمية بحد ذاتها سبّة.
أيها الإسلاميون: إجسلوا معاً
ضرورة مناقشة الخلافات من الآن وجهاً لوجه:
إن الجلوس سوية لمناقشة الخلافات ضروري ولا غنى عنه وذلك على صعيد الأحزاب والعلماء والباحثين، لأن أفراد الناس الاعتياديين من الشيعة والسّنّة لم يجدوا أن المشاكل التاريخية والعقائدية تحول دون دخولهم في علاقات صداقة وتجارة وسفر، بل مصاهرة، وسائر الأنشطة الاجتماعية، إن الجلوس سوية يمكّن من معرفة حقيقة ما يعتقده الآخرون أولا، ومعرفة ما يظن الآخرون أنك تعتقده ثانياً، ومعرفة مدى استعداد الآخرين للوصول إلى حل لأي إشكال ثالثاً، ورابعاً، ولعله الأهم، يتيح الجلوس وجهاً لوجه للحواجز أن تتلاشى، وفي مقدمة ذلك الحواجز النفسية الناشئة من التعليم الخاطىء والتربية الناقصة وعمليات غسيل الدماغ.
جفاء بعض الإسلاميين السنّيين:
يقول الكاتب:
ولقد أثبت لي الواقع المشاهد بما لا يدع مجالا للشك بأن أغلبية الإخوة الإسلاميين السنّيين لا يبدون متحمسين لفكرة التقارب، ويغلب عليهم الجفاء والجفاف في التعامل مع الإسلاميين الشيعة. وعندي أمثلة على هذا تدل على أن الكثير من الإسلاميين السنّة غير راغبين في التقارب من الشيعة على الرغم من محاولات التقريب عن طريق الأشخاص، أو عن طريق المنهج الوحدوي الذي سلكته الحركة الإسلامية منذ اليوم الأول وحتى الآن.
وأني أعزو هذا الجفاء والجفاف عند الإخوة الإسلاميين السنّة إلى سببين رئيسيين، هما:
ثانياً ـ ضغط الجهات الدينية المرتبطة بالنظام السعودي الوهابي على هؤلاء الإسلاميين بشكل أو بآخر وذلك ضمن الحملة العالمية التي شنّتها الوهابية ضد الشيعة منذ تفجر الثورة الإسلامية في إيران والتي يعرفها الجميع، والناس عبيد الدنيا، وضغوط الحياة كثيرة خصوصاً لمن يقيم في المهجر، لذا يصبح تحقيق النجاح عن طريق الضغط المستمر أمراً ميسوراً.
والمشاهد من حال معظم أئمة المساجد والخطباء وبعض قادة الحركات الإسلامية السنّية يدل على أن الكثير منهم قد باع نفسه لقاء ريالات آل سعود التي يدفعونها عن طريق مؤسساتهم في الخارج، وبالخصوص رابطة العالم الإسلامي التي تنتشر فروعها في مختلف أنحاء العالم، وأيضاً مساجد الضرار التي يبنيها الوهابيون في أصقاع مختلفة من الأرض، والتي هي أبواق دعاية لآل سعود والوهابية والتي توجه سبابها وكلمات التكفير التي لا تجيد شيئاً كما تجيدها ضد الشيعة الإمامية.
الأمور الواجب طرحها للمناقشة
وأذكر الآن بعض الأمور التي لابد وأن تتم مناقشتها للوصول إلى صيغ للتعامل معها. أقول صيغاً وليس حلولا وذلك لأن معظم هذه الأمور لا يمكن حلّها إلاّ بالخروج عن المعتقد أو الخروج من المكابرة والعناد اللذين يصعب التغلب عليهما عند أكثر الناس، وستلاحظ أنني لم أذكر الحوار حول القضايا السياسية ـ التي ليست لها علاقة واضحة بالقضية الطائفية ـ لأنه قد بدأ فعلا بين الطرفين أولا، ولأن ليس عليه اعتراض، معلن على الأقل، ثانياً.
1 ـ الخلاف العقائدي
يجب هنا طرح الخلافات العقائدية لا لأجل إقناع الخصم بوجهة النظر
2 ـ الخلاف الفقهي
وفي هذا يجب الوصول إلى اتفاق بعدم تسخيف الأحكام الفقهية للطرف الآخر، وكما هو حاصل في الهجمة الشرسة ضد الشيعة، ويجب الاتفاق على ضرورة احترام كل طرف لفقه الطرف الآخر، كي لا يصعب التوصّل إلى اتفاق بشأنها مستقبلا إذا أذن الله تعالى أن يكون للإسلاميين صوت في حكم العراق.
يجب أن يتوقف تفكير البعض عن طريقة "ما عندي هو الصحيح وما عند غيري هو الخطأ، حتى وإن لم أفكر بالموضوع، ويجب على غيري أن يتبعني". قال لي أحد الإخوة أن أصدقاءه (وهم إسلاميون سنّة كانوا في سفرة شبابية في بريطانيا) قالوا: "العجيب في أمر الشيعة أنهم يدققون كثيراً في مسألة اللحوم ويحرّمون أكل اللحوم التي تباع في محلات اللحوم التابعة لغير المسلمين، ولا يأكلون اللحوم ما لم تكن مذبوحة على الطريقة الإسلامية، في حين أنهم يأخذون قروض العقار التي تقدمها البنوك والتي هي حرام لأن أقساطها ربوية".
أجبته: "وأنتم عجيب أمركم، تتحرجون في مسألة قروض العقار التي تقدمها البنوك وتحرّمون أخذها مع وجود التخريج الفقهي لها، في حين لا يهمّكم أن تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه من اللحوم التي يذبحها غير المسلمين وإنه لفسق!!"(1).
____________
1- ومن الأمور التي تثار كل عام ويعترض لأجلها كالتالي: لماذا لا تصومون وتفطرون معنا ولماذا تفطرون بعدنا بيوم واحد وما ذاك إلاّ حباً بمخالفتنا.
وأجيب: ولماذا لا تصومون أنتم وتفطرون معنا ولماذا تفطرون قبلنا بيوم واحد وكأنكم ترغبون بمخالفتنا فلا تتيقنوا من الهلال بل تتبعون إعلان الحكومات الظالمة والله يقول: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا" هود: 113؟!
وبالمناسبة فإنه في هذا العام (1413هـ) أعلنت السعودية عن ثبوت رؤية هلال عيد الفطر المبارك ليلة الثلاثاء (مساء الإثنين) المصادف 23 آذار 1993 في حين أن الهلال وُلِد يوم الثلاثاء، أي أن من شهد برؤية الهلال فعل ذلك قبل ولادة الهلال بعدة ساعات!! حدث الشيء ذاته عدة مرات في أهلة شهر رمضان وشوال.
هكذا يفكّر البعض: رأيه هو الصحيح والآخر على خطأ على الرغم من أنه لا يعرف من الفقه شيئاً، فلا هو من المتخصصين ولا من الذين يعرفون من أين جاءت الأحكام الفقهية.
يجب الاتفاق على أن المسلم بريء الذمة في عباداته ومعاملاته طالما هو يتبع مذهباً يدري لماذا اتبعه، وليس تقليداً للآباء والأجداد. والإسلام دين يسر، فيجب عدم إلزام الخصم بما لا يعترف الخصم به من فقه.
3 ـ الشعائر الدينية
يعترض بعض السنّيّين، من إسلاميين وغيرهم، على الشعائر الدينية للشيعة كإقامة مجالس العزاء في محرّم من كل عام، وكزيارة مراقد الأئمة(عليهم السلام) وغيرها، ويعترض الإسلاميون المتأثرون بالدعوة الوهابية التي ترفع شعار التوحيد على المسلمين جميعاً، سنة وشيعة، وفي مسألة إخراج النذور في مقامات الأولياء وفي زيارة المراقد للأئمة والأولياء والصالحين.
ولما كانت هذه الأمور لا يمكن الامتناع عن القيام بها لأنها بالنسبة لمن يقوم بها من شعائر الله القائل: (ذَ لِكَ وَ مَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى
الشيعة أكثر انفتاحاً للنقاش والبحث:
يتابع الكاتب ملاحظاته ويقول:
ومن مشاهداتي الشخصية في العراق والكويت وبريطانيا، أجزم بأن الشيعة أكثر انفتاحاً للنقاش والبحث من إخوتهم السنّة بما لا يقاس، وهذا ليس بسبب عيب موجود في الشخصية السنّية، وإنما لأن السنّي ينشأ وهو ينتمي إلى أغلبية المسلمين مما يؤسس قناعة لديه بأنه على الحق لأن الأغلبية، وحسب الاعتقاد الخطأ السائد، لا يمكن أن تكون على الباطل، هذا أولا، أما ثانياً فلأن الشيوخ وأئمة المساجد والباحثين السنّيين لا يقيمون وزناً للشيعة ولا لأئمتهم(عليهم السلام) مما يؤدي إلى عدم اهتمام السنّي بهم، واعتبارهم، حتى وإن لم يعي ذلك، منحرفين أو شاذين لا يؤبه لهم ولعقائدهم.
وقد يكون هناك سبب ثالث وهو معرفة علماء السنّة بأن عند الشيعة أدلة قوية وحججاً يصعب ردّها من كتب أهل السنّة، وهذا يؤدي إلى إحجامهم عن المباحثة، وعدم فتح عيون أتباعهم على وجود رأي آخر له حججه وأدلته من كتبهم لئلا يؤدي ذلك إلى تشيع بعض السنّيين، وكما يحصل دائماً، خصوصاً بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وخروج العقيدة الشيعية من كونها عقيدة بعض المسلمين الذين لا يؤبه بهم، أو حتى أنهم من غير المسلمين إلى عقيدة نجحت في إسقاط نظام عميل كافر، وتحت راية الإسلام وشعاراته المتفق عليها (الله أكبر ولا
____________
1- الحج: 32.
في المقابل، ينشأ الشيعي وهو يحمل هموم الإسلام الذي لم يسر مسيرته التي أرادها الله تعالى، حسب اعتقاده، وهموم وأحزان أهل البيت(عليهم السلام)، فيصبح عنده أن يأخذ سنّي واحد بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) غاية ما يتمنى، أو خير من الدنيا وما فيها كما في الخبر. كما أن وجوده في دول تحكمها الأنظمة السنّية سواء كان الشيعة هم الأكثرية كما في العراق والبحرين أو هم الأقلية، يجبره على الاطلاع على ما عند الآخرين لأنه في متناول يده في التلفزيون أو الكتب أو الصحف والمجلات وغير ذلك، فهو ينفتح على السنّي وما يكتبه علماؤه وباحثوه بشكل أو بآخر.
ولقد كنت أرى الكتب السنّية من حديث وفقه وتفسير إلى جانب الكتب الشيعية في مساجد الشيعة ومكتباتهم العامة والخاصة، في حين لا يوجد شيء من كتب الشيعة في مساجد السنة ومكتباتهم. وهذا ينطبق على أشرطة التسجيل لأحاديث الوعظ وما شابه.
وهكذا يكون الكاتب قد عرض المشكلة الطائفية عند المسلمين من خلال تجربة خاصة، وقدم بعض الحلول الناجحة لها، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
(17) سعيد يعقوب
(شافعي / فلسطين)
ولد عام 1947 في عكا بفلسطين من أسرة الحجازي التي هاجر جدّها عام 1899م من الحجاز، وهي أسرة تنسب إلى الإمام موسى الكاظم(عليه السلام)، ثمّ واصل الدكتور دراسته الأكاديمية حتى نال شهادة الدكتوراه في الفلسفة من امريكا، كما درس الطبّ أيضاً حتى اصبح طبيباً متخصصاً بالأمراض العصبية والنفسية.
وللدكتور سعيد يعقوب نشاطات أخرى منها أنّ له (14) كتاباً مطبوعاً عدا المقالات، كما أنّه عضو في اتحاد الكتاب العرب وعضو في جمعية البحوث والدراسات وعضو مؤسس في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين بدمشق.
نشأ في اسرة تعتنق المذهب السني فبقى على هذا الانتماء حتى أخذت الأدلة التي حصل عليها عبر البحث يده عام 1989م فادخلته في مذهب التشيع الامامي الاثني عشري.
منطلقاته في البحث:
يرى الدكتور سعيد يعقوب أنّ الفكر ينبغي أن يتمتّع بالحيوية، ويقصد بذلك أن يكون الجانب الجدلي فعّالا في بنية المعتقد الاسلامي وأن يكون الفكر متوثباً لا يركن إلى الجمود.
ويرى الدكتور سعيد يعقوب أيضاً أن عقل كل انسان ينبغي أن يكون عقل مدقّق فاحص باحث عن المعرفة سائر إلى تطبيق مناهجه في كل زمان، وعلى كل أرض.
ومن هذا المنطق بدأ الدكتور سعيد يعقوب بحثه في جميع الأصعدة الدينية وغيرها، وبهذا المنهج سار في بحثه حتى بلغ المجال المذهبي ليحصل على العقائد المستندة إلى الأدلة والبراهين، فبحث في بطون الكتب وقارن بين أدلة المذاهب الاسلامية، وحاور ذوي الخبرة والاختصاص، ولم يفتر في بحثه قط، لأنّه رأى أنّ الخير كل الخير في استمرار المباحثات بين المسلمين، ورأى أنّ الخطأ كل الخطأ في اقفال بابها، والجام حوارها، لأن البحث معين يروى ظمأ المتعطش لمعرفة الحقيقة، وجنّة تورف بظلالها، وتكثر ثمارها وينبعث النفع منها كالريح الطيبة العطرة.
نبذة للتقليد الأعمى:
توجه الدكتور سعيد يعقوب إلى البحث، وهو يعتقد أنّ التقليد الأعمى وتلقي موروث الآباء والأجداد بلا تدقيق ولا تمحيص هو من أكبر العوائق التي تقطع طريق الباحث وتمنعه من التعرّف على الحقيقة، لأنّ الذين يصنع لهم آباؤهم منهجاً أو قيماً أو انظمة بلغت مراتب اعتقدوا أنّها هي الدين الذي لا ينبغي الحيد عنه، فإن هؤلاء لا يمتلكون القدرة على البحث، لأن هؤلاء قد تعوّدوا الاقتباس من الغير دون عناء الفحص والتدقيق، فلهذا تكون قدراتهم خاملة في مجال البحث.
فلهذا نبذ الدكتور سعيد يعقوب التقليد الأعمى لموروثاته العقائدية، وتجرّد عن كل عاطفة تربطه بالمعتقدات التي شبّ عليها، وتوجه إلى البحث بموضوعية
اهتمامه بمبحث الإمامة:
إن مبحث الإمامة كان من أهم الأبحاث التي عنى بها الدكتور سعيد يعقوب، لأنه رأى أنّ الإمامة تشكّل دوراً اساسياً في حياة المسلمين، وأن البحث عنها في الواقع قد شغل مساحة كبرى في الفكر البشري عموماً ومنذ أقدم الأزمنة، وأنّ الامامة ضرورة انسانية نفسية وليست ضرورة مذهبية أو دينية مع ما يمثله الدين من ضرورات في حياة الناس.
ويقول الدكتور سعيد يعقوب في هذا المجال: إن الجدال في التراث الاسلامي حول هذا الموضوع قد أخذ بُعداً متميزاً، بحيث نجد من يعتبر الحديث في الامامة من غير المسموحات، وأن اخطر كل الخطر في الاقتراب منه!
انبهاره بشخصية الإمام عليّ(عليه السلام):
لم يعبأ الدكتور سعيد يعقوب بالأقوال التي لا تستند إلى دليل أو برهان، بل سار في بحثه حتى وصل إلى سيرة الإمام علي(عليه السلام) باعتباره المثل الأعلى للإمامة عند كافة المسلمين، لما حفل به من قدسية، بحيث لو ذكرت كلمة الامام ككلمة مفردة لتبادر إلى الذهن فوراً الإمام علي(عليه السلام)، ولما تمتّع به من صفات الانسان الكامل.
ولم تمض فترة من دراسة الدكتور لشخصية الإمام علي(عليه السلام) إلاّ وانبهر الدكتور بشخصية هذا الرجل العظيم تبيّن له أن الطريق إلى علي(عليه السلام) هو الطريق إلى الله عزّوجلّ وأن من استرشد الطريق إلى علي(عليه السلام) ودخل مدينة علم رسول الله(صلى الله عليه وآله)من بابها، صار إلى فناء الرحمة المحمدية، حتى يبلغ مرتبة من كشف عنه الحجاب.
تفاعله مع مدرسة الامام علي(عليه السلام)
ومن هذا المنطلق تفاعل الدكتور سعيد يعقوب مع فكر مدرسة الامام
فلم يتريث الدكتور سعيد يعقوب بعدما انكشفت له الحقيقة كالشمس في رابعة النهار، فاعتنقها بكل ترحاب، وترك ما كان عليه فيما سبق واعتنق مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
مؤلفاته:
(1) "معراج الهداية، دراسة حول الامام علي ومنهج الامامة": مخطوط.
صدر عن مركز الأبحاث العقائدية، ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
يدور البحث في هذا الكتاب حول ثلاثة محاور رئيسية وهي:
المحور الأول: اظهار ماهية الامامة من الناحية النفسية والاجتماعية.
المحور الثاني: انطباق هذه الماهية في النتيجة على شخصيات محدودة.
المحور الثالث: الكيفية التي مارسها الامام علي(عليه السلام) في ارساء دعائم خطاب الاسلام الانساني.
(2) "آفاق النفس البشرية".
(3) "علم النفس والطب النفسي عند العرب".
(4) "السيرة التاريخية للحضارة العربية".
(5) "جدلية النفس والشعر عند العرب".
(6) "علم نفس الاطفال".
(7) "دراسة في آليات التلاؤم النفسي".
وغيرها.
وقفة مع كتابه: "معراج الهداية"
وهو دراسة حول الإمام علي(عليه السلام) ومنهج الامامة، يتكلم الكاتب عن مسار البحث في كتابه هذا، فيقول:
وسيكون لنا في مسيرتنا البحثية مواطن متعددة نقف عليها واحداً تلو الآخر، وتدور البحوث هنا حول ثلاثة محاور رئيسية هي:
المحور الأول: يدور حول إظهار ماهية الإمامة، في تناول يعتني بالجانب النفسي والاجتماعي من حياة الإنسان، وهذا الجانب هو الذي قادنا إلى تفصيل معنى الإمامة من الناحية اللغوية ومن ناحية الاصطلاح.
ولهذا المحور اتجاه نحو فهم شامل للإمامة، لا على أنها قيادة سياسية أو زعامة اجتماعية، أو على أنها نهج متقدم في شؤون الحياة، وإنما بما هي مصداق للنزوع الإنساني نحو الغاية من الوجود، ونحو الملاذ الذي يحتمى بكنفه، ويسعى من أجل بلوغه.
المحور الثاني: يدور حول انطباق هذه الماهية في النتيجة على شخصيات محدودة، تمارس مع تتابع الأزمنة أدواراً رسالية من جهة، وتمثل مرتكزاً هو من أهم المرتكزات العقائدية لدى البشرية كلها.
وهنا سوف نتوسع في استعراض النصوص المقدسة التي تؤيد ما نذهب إليه، ونجلو بعد ذلك الصورة التي بلغناها في معرفة هذا الانطباق.
المحور الثالث: ويكون لنا فيه سياحة مع الكيفية التي مارسها الإمام عليّ(عليه السلام)في إرساء دعائم خطاب الإسلام الإنساني ـ هذا الخطاب الذي باشره