ثم تشيّع معي وكذلك مع أخي، خلق كثير جداً من إخواننا السنة من (سورية)، و(لبنان) و(تركية)، وغيرها من البلاد، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وقد اشتهر هذا الأمر في البلاد، وذاع وشاع، وملأ الأسماع، حتى أخذ الناس يتراكضون إليهما يسألونهما عن السبب الذي دعاهما إلى الأخذ بمذهب أهل البيت(عليهم السلام)، مذهب الحق، وترك المذهب الشافعي.
فيقول الشيخ محمد مرعي: وكنا نجيبهم بأنّ الأدلة قامت لدينا، فمن أراد منكم أن نوضّح له المذهب الحق فليأت إلينا.
وفي هذه الفترة القصيرة التي هدانا الله تعالى خلالها، كانوا يأتون إلينا من كل حدب وصوب، ومن مختلف الطبقات من العلماء والأساتذة، والوجهاء والتجار، والكسبة والموظفين، وغيرهم، فكنا نلقي عليهم الحقائق من المصادر الموثوقة من مصادرهم، فمنهم من يسمع ويقتنع ويأخذ بالمذهب (مذهب أهل البيت(عليهم السلام))، ويرفض مذهبه السابق، ومنهم من يتعصّب على مذهبه، وعذره جهله وتعصّبه، مع العلم أنه غير قادر على الدفاع عن مذهبه.
ردود فعل المخالفين:
عندما شاع خبر استبصارهما وانتشر في البلاد، وهدى الكثير على أيديهما، تكتلت فئات مناوئة لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) وشنّت حرباً شعواء عليهما، وأخذ جملة ممن يتزيا بزي العلماء يحكم بكفرهما وارتدادهما عن الدين، وأخذوا
موقف رائع للمرجعية الشيعية:
ولما حاولت جراثيم الحقد والتعصّب الاحاطة والتضييق على الشيخ محمد مرعي الانطاكي وأخيه، وضاقت بهما الحال، وصل الخبر إلى السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي ـ وقد كان حياً آنذاك ـ فبادر إلى نجدتهما بشتى الصور، وكان أبرزها، رفعه كتاباً إلى المرجع الديني الكبير السيد البروجردي(رحمه الله)، يحثه فيه على دعمهما ورعايتهما والأخذ بأيديهما لئلا يقعا فريسة التعصب الأعمى.
وبالفعل سارع السيد البروجردي(رحمه الله) إلى اسعافهما وتبنيهما، وكانت هذه الخطوة الكبيرة اسناداً لهما في عملهما التبليغي، ورفعاً لشأنهما في اوساط المجتمع.
وهكذا طالت الأيام بالشيخ محمد مرعي الانطاكي وهو دؤب على عمله في سبيل الدعوة حتى تلقته يد المنون فانتقل إلى رحمة ربه في شهر ذي القعدة من عام 1383 هجرية، بعد أن كرّس حياته لنشر مذهب الحق مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
مؤلفاته:
(1) "لماذا اخترت مذهب الشيعة، مذهب أهل البيت(عليهم السلام)؟":
صدر في طبعته الرابعة عن مكتب الاعلام الاسلامي، قم سنة 1417هـ ـ 1375م في نسخة محقّقة من قبل الشيخ عبد الكريم العقيلي.
يتأليف الكتاب من ثمانية فصول:
الفصل الأول: ترجمة المؤلف.
الفصل الثالث: النصوص الواردة في حصر النبي(صلى الله عليه وآله) خلفائه في اثني عشر خليفة.
الفصل الرابع: نبذة لطيفة من الأحاديث الواردة في فضائل أمير المؤمنين وذريته الطاهرة(عليهم السلام).
الفصل الخامس:
أ ـ شهادة النبي(صلى الله عليه وآله) بأعلمية علي وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام).
ب ـ شهادة بعض العظماء بأعلمية علي وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام).
الفصل السادس: مدح النبي(صلى الله عليه وآله) لشيعة علي(عليه السلام) وأهل بيته(عليهم السلام) وأنه الواضع الأول لاسم التشيّع.
الفصل السابع: كارثة السقيفة.
الفصل الثامن:
1 ـ حادثة طارئة (مناظرة قبل استبصاره).
2 ـ مناظراته (بعد استبصاره).
(2) "الشيعة وحجتهم في التشيع"
وقفة مع كتابه: "لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ؟"
بعد أن يعرض الكاتب نبذة من ترجمة حياته ويوضّح كيفية اختياره لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) ـ والتي تقدم الاشارة إليها ـ يذكر الأدلة والمطالب العلمية من القرآن والسنة التي حدت به الى اختيار هذا المذهب.
الشيعة والقرآن:
ورد في القرآن المجيد آيات عديدة، تؤيد مدّعى الشيعة، وقد فسّرها علماء الفريقين وفقاً لما ذهب إليه الشيعة، منها:
آية الولاية:
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُو وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَ كِعُونَ )(1).
نزلت في عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام)عندما تصدّق بخاتمه على المسكين، وهو يصلّي في مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله).
وقد أنشأ حسّان بن ثابت ـ شاعر الرسول ـ في هذه الواقعة شعراً، منه ما قال:
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي | وكل بطيء في الهدى ومسارع |
أنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً | زكاة فدتك النفس يا خير راكع |
____________
1- المائدة: 55.
فأنزل فيك الله خير ولاية | وبيّنها في محكمات الشرائع(1) |
والمراد بالوليّ هنا انما هو الأولى بالتصرّف، ولا يكون أولى إلاّ إذا كان خليفة وإماماً، وهذا المعنى مشهور عند أهل اللغة والشرع(2).
آية التطهير:
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )(3).
وهي مختصّة بالخمسة أصحاب الكساء ودالة على عصمتهم من جميع الذنوب والآثام، ولا تشمل هذه الآية ازواج النبي(صلى الله عليه وآله) كما ادّعاه بعض العامة لوضوح اختلاف الضمير وسياق الآيات، وورود آية المباهلة وحديث الكساء وغيرهما كثير مفسّرة لأهل البيت بالخمسة دون سواهم.
آية المباهلة:
(فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِنم بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَـذِبِينَ)(4).
والمراد بالأبناء هما الحسن والحسين(عليهما السلام)، والنساء: فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والأنفس الرسول(صلى الله عليه وآله)والإمام عليّ(عليه السلام)، فجعلت هذه الآية الإمام أمير المؤمنين نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله) وظهر أنّ الخليفة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) هو علي بن أبي طالب، فلا يجوز تقديم أحد عليه مطلقاً، لأنّ المتقدم عليه كالمتقدم على رسول الله(صلى الله عليه وآله).
____________
1- كفاية الطالب: 106، ب61، ط النجف الاشرف.
2- الصحاح: مادة وليّ، وراجع الشافي للسيد المرتضى: 2 / 258 ـ 325.
3- الاحزاب: 33.
4- آل عمران: 61.
آية المودّة:
(قُل لاَّ أَسْـَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى وَ مَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ )(1).
والقربى هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين باعتراف علماء الفريقين، وأجر الرسالة هو المودّة لآل رسول الله وهو أجر ينفع دافعي الأجر من المسلمين أكثر مما ينفع الرسول وآله فبالرسول وآله اهتدى المسلمون وعرفوا طريق النجاة.
آية الصلوات:
(إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَ سَلِّمُواْ تَسْلِيماً )(2).
والصلاة تكون بذكر محمد وآله وبدون ذكر الآل تكون الصلاة بتراء، وقد نهى الرسول عن ذلك بنفسه وأوضح أن الصلاة تكون بالصلاة عليه وعلى آله(3)، ومن هذه الآية تتبيّن مكانة الآل وتثبت خلافة عليّ بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذ قرنه الله تعالى مع رسوله في ذكر الصلاة عليه، وعليه فلا يجوز تقدّم أحد عليه كما لا يجوز تقدم أحد على رسول الله(صلى الله عليه وآله).
آية التبليغ:
(يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ
____________
1- الشورى: 23.
2- الاحزاب: 56.
3- الصواعق المحرقة: 144 (ط المحمدية بمصر).
وفيها يأمر الله تعالى نبيّه في غدير خم بتبليغ ولاية عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)وإمامته للناس، وأنّ الله سيحميه ويعصمه من أذى المخالفين والرافضين، وقد أنشأ حسان بن ثابت شعراً بالمناسبة فقال:
يناديهم يوم الغدير نبيّهم | بخمّ وأسمع بالرسول مناديا |
يقول: فمن مولاكم ووليّكم؟ | فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا |
إلهك مولانا وانت وليّنا | ولم تر منّا في الولاية عاصيا |
فقال له قم يا علي فانّني | رضيتك من بعدي إماماً وهاديا |
فمن كنت مولاه فهذا وليّه | فكونوا له أنصار صدق مواليا |
هناك دعا اللّهم وال وليّه | وكن للذي عادى عليّاً معاديا(2) |
وقد قال الغزالي في كتابه (سرّ العالمين) في المقالة الرابعة بما لفظه: "لكن أسفرت الحجة وجهها، وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم عيد غدير خم باتفاق وهو يقول: "من كنت مولاه فعليّ مولاه" فقال عمر: بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي، ومولى كل مولى، فهذا تسليم ورضى وتحكيم.
ثم بعد هذا غلب الهوى لحب الرئاسة، وحمل عمود الخلافة، وعقود النبوة وخفقان الهوى في قعقعة الرايات، واشتباك ازدحام الخيول، وفتح الامصار وسقاهم كأس الهوى، فعادوا إلى الخلاف الأول، فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلا"(3).
وهذا اعتراف من الغزالي بحجة الشيعة واثبات مدّعاهم فنطق الحق
____________
1- المائدة: 67.
2- مناقب الخوارزمي: 80، وراجع احقاق الحق: 6 / 247 ـ 276.
3- سرّ العالمين: 39 ـ 40، المقالة الرابعة، تحقيق أمين البحيري، دار الآفاق العربية، القاهرة.
وهناك آيات كثيرة اخرى يستدلّ بها على ولاية علي(عليه السلام) وامامته ومناقبه وفضائله فهل يلام بعد ذلك الشيعة وهم يتمسّكون بالقرآن.
الشيعة والسنّة النبوية:
أخذ الشيعة السنة النبوية عن طريق أئمة أطهار معصومين عن الخطأ، بسندهم الموثوق إمام معصوم عن إمام مثله، عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل، عن الربّ الجليل.
وقد استدل الشيعة بأحاديث كثيرة من السنة النبوية في اثبات مدّعاهم في إمامة أهل البيت(عليهم السلام) وقيادتهم للامة، منها:
حديث الدار أو حديث الانذار:
وهو قول النبي(صلى الله عليه وآله): "هذا عليّ أخي ووزيري، ووصيّي، وخليفتي من بعدي"(1).
وفيه دلالة واضحة وحجّة قاطعة على ان الخليفة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) هو علي بن أبي طالب(عليه السلام).
حديث الثقلين:
"إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً"(2).
وهو حديث شهير عند الفريقين ذكره الرسول(صلى الله عليه وآله) في عدّة مواطن منها يوم
____________
1- تاريخ الطبري: 3 / 560، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 3 / 254، أحمد في مسنده: 1 / 111 و 330.
2- صحيح مسلم: 2 / 238، 7 / 122، مسند أحمد بن حنبل: 3 / 17، 26، 59 ـ 4 / 267.
حديث المنزلة:
وهو قوله(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): "أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي" عند خروجه إلى غزوة تبوك واستخلافه علياً في المدينة.
وهو يدلّ ان علياً(عليه السلام) هو ولي عهده، وخليفته من بعده ولم يستثن من منازل هارون إلاّ النبوة، واستثناؤها دليل لعموم الحديث لبقية المنازل كلها وقد قال الله تعالى: (وَ اجْعَل لِّى وَزِيراً مِّنْ أَهْلِى * هَـرُونَ أَخِى * اشْدُدْ بِهِ ى أَزْرِى * وَ أَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى)(1) وقال أيضاً: (وَقَالَ مُوسَى لأَِخِيهِ هَـرُونَ اخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ )(2).
حديث السفينة:
"مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنهِا
____________
1- طه: 29 ـ 32.
2- الاعراف: 142.
قال ابن حجر في صواعقه: "ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرّفهم(صلى الله عليه وآله) وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم، وهلك في مفاوز الطغيان"(2).
وقال الشافعي:
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل ركبت على اسم الله في سفن النجا وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل.
حديث مدينة العلم:
"أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأت بابها"(3).
وهو حديث صحيح لا مغمز فيه ولما لم يجد المزيفون سبيلا الى انكاره نقلوه هكذا: "أنا مدينة العلم، وأبو بكر اساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها، وعليّ بابها"، وقد تفطّن بعض علماء القوم لبعض ما يلزم من الشناعة بجعل عثمان سقفها وقالوا: ان المدينة لا سقف لها.
خلفاء الرسول(صلى الله عليه وآله): اثنا عشر:
وردت نصوص كثيرة عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) تحصر خلفاء النبيّ(صلى الله عليه وآله) في اثني عشر.
منها ما اخرجه أحمد بن حنبل في مسنده: عن الشعبي عن مسروق قال: كنا جلوساً عند عبدالله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا ابا عبدالرحمن! هل سألتم رسول الله(صلى الله عليه وآله) كم تملك الامة من خليفة؟ فقال عبدالله بن
____________
1- الحاكم في المستدرك: 2 / 343.
2- الصواعق المحرقة: 153.
3- ينابيع المودة: 72، تاريخ بغداد: 1 / 48.
وقد تحيّر علماء العامة في تفسير هذا الحديث، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لأنهم أقل من اثني عشر، ولا يمكن أن يحمل على الملوك الأمويين ولا العباسيين لأنهم أكثر من اثني عشر فلزم أن يكون مراد رسول الله(صلى الله عليه وآله) من حديثه هذا الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته.
شهادة الآخرين للإمام علي(عليه السلام):
بلغت فضائل ومناقب أمير المؤمنين حدوداً لا تحصى، وشهد له بالفضل والتقدّم والعلم حتى مناوئيه واعداءه فضلا عما ورد بحقّه من آيات قرآنية وأحاديث نبوية لا تحصر، وممن شهد له بذلك أبو بكر وعمر وعثمان، بل وحتى معاوية وعمرو بن العاص وعائشة والمنصور والرشيد والمأمون وائمة المذاهب الأربعة، وقد قال الشافعي:
إذا في مجلس ذكروا علياً | وشبليه وفاطمة الزكيّة |
هربت إلى المهيمن من اناس | يرون الرفض حب الفاطمية |
على آل الرسول صلاة ربّي | ولعنته لتلك الجاهلية(2) |
بل تأثر به حتى اتباع الديانات الاخرى قديماً وحديثاً.
شيعة علي(عليه السلام):
حاول ويحاول البعض القاء الفاصلة بين عليّ وشيعته ومحبيه، ويزعمون أن الشيعة غير صادقين في حبهم للأئمة الأطهار ـ والعياذ بالله ـ بل اخترعوا
____________
1- مسند أحمد بن حنبل: 1 / 398.
2- فرائد السمطين: 1 / 135.
كارثة السقيفة:
"كثير ممن جرى قلمه في صفحات التاريخ، تعرّض إلى حادث السقيفة، وما جرى فيها وبها من كوارث مؤلمة تقض المضاجع وتندي الجبين.
ولقد عالج هذا الحادث في كل قرن مضى كثير من المؤرخين راجين قشع ما تلبّد عليه من سحب، وما أحاط به من دخان، وازالة ما وضع في سبيل الأمة من عقبات كئود لا يجتازها عابرها إلاّ بشق الانفس.
وهيهات النجاة وكشف القناع عما وضعه الوضّاعون، ودسّه الدسّاسون في القرن الأول، والقرن الثاني، وما يليهما من القرون.
إذن فالكتابة عن يوم السقيفة وطوارئها، والبحث عن إدراك غوامضها ليس بالأمر السهل إذ هو السبب إلى انقسام الأمة إلى فرقتين في يومه، ثم إلى فرق تبلغ الثلاث والسبعين فرقة".
تمخّضت السقيفة عن خلافة أبي بكر ثم عمر ثم عثمان باسم الصحبة والهجرة والشورى، فحكموا رقاب المسلمين وظهر الكثير من الفساد والتخبّط الذي عالجه الإمام عليّ(عليه السلام) وذلك بمساعدة الخلفاء على حلّ الكثير من المشاكل التي واجهوها وبالصبر عن حقه الذي نصّ عليه الرسول أكثر من مرّة.
ثم تولّى الإمام علي(عليه السلام) الخلافة ـ ولكن بعد فوات الأوان ـ فحاول إصلاح
ثم استلم الأمر بعد ذلك معاوية وجعلها ملوكية وراثية، فهذه هي نتائج السقيفة المشؤومة التي ارادت بباطل من اجتمع فيها ان تطفأ نور الحق ولكن هيهات فيأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
وهكذا اهتدى هذا الشيخ الجليل الى الفرقة الناجية وعرف الحق وتمسّك بالهدى وترك ظلمات الباطل وهو يمتلك الدليل عن تبصر فكان من اوائل المستبصرين في عصرنا هذا الذي اهتدى فيه الكثير من الناس إلى نور أهل البيت(عليهم السلام).
(19) مروان خليفات
(شافعي / الأردن)
ولد الاستاذ مروان خليفات عام 1973م في كفر جايز التابعة لمدينة أربد في الأردن، ترعرع في أسرة تعتنق المذهب الشافعي، واصل دراسته حتى تخرّج من جامعة اليرموك، حائزاً شهادة البكالوريوس في الشريعة الاسلامية عام 1995م.
التأثّر بالتيار السلفي:
تأثّر الاستاذ مروان في دراسته الجامعية بالتيار السلفي نتيجة تتلمذه على أيدي مجموعة من الاساتذة السلفية الذين كانوا يمارسون مهمة التدريس في الجامعة.
فكان يستمع اليهم بآذان صاغية ويتلّقى منهم ـ دون أي تمحيص ـ كل ما يبدونه له حول القضايا الدينية والأمور العقائدية.
مع صديقه الشيعي:
كان للاستاذ مروان صديق شيعي، كان قد تعرف عليه منذ أيام الطفولة، وكان لانسجامهما في الطباع وارتياح كل منهما للآخر عند الصحبة سبباً في
وكان مع ذلك يندفعان بين حين وآخر إلى النقاش والجدال حول الأمور العقائدية وكان هذا الأمر يزداد يوماً بعد يوم نتيجة ارتقاء مستوى كل منهما في جانب الفكر واتساع معلومات كل منهما فيما يخص دعم مبادئه العقائدية.
واشتد هذا الأمر وبلغ ذروته بعد التحاق الاستاذ مروان بالجامعة، فكان لا يأتي عليهما يوم إلاّ ويحتد النقاش بينهما.
وكان الاستاذ مروان يبذل قصارى جهده لتجميع الأدلة التي يطرحها اساتذته السلفية، ليستدل بها في اطاحته للفكر الشيعي وليتمكّن ـ وعسى ـ من هداية صديقه على حسب زعمه.
لكنه كان يجد نفسه ضعيفاً أمام البراهين المتينة والأدلة المحكمة التي يطرحها صديقه بكل هدوء واتزان.
أهم المواضيع التي تأثر بها:
كان من جملة المواضيع التي كان لها الدور الكبير في اندفاع الاستاذ مروان إلى الاستبصار هو موضوع رزية الخميس التي كان غافلا عنها فيما سبق.
وكان هذا حينما وجد صديقه تحمسه في تمجيد عمر بن الخطاب. فذكر له رزية الخميس وتبنيه له موقف عمر من الرسول حينما قال النبيّ(صلى الله عليه وآله) لأصحابه بأيام قبل وفاته: "ائتوني بكتف ودواة اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده ابداً" فقال عمر: إن النبيّ غلبه الوجع، أو يهجر، حسبنا كتاب الله!!
فلم يطق الاستاذ مروان استيعاب هذا الأمر! فبادر مسرعاً إلى إنكار وتكذيب هذا الأمر، وثارت ثائرته قائلا لصديقه: "هل وصل بكم الأمر أن تنسبوا هذا الكلام للفاروق الذي ما عصى النبي قط؟!".
فلم يتحمل الاستاذ مروان قبول هذه الحقيقة والتجأ إلى التبرير بقوله: وإن قال ذلك يبقى صحابياً!! اسأل الله الغفران له.
واردف قائلا لصديقه: كيف تأتّى لك معرفة هذه الحادثة المروية في الصحيحين؟
فقال: وجدتها في كتاب "ثم اهتديت" لأحد علماء أهل السنة الذين تشيعوا.
فقال مستغرباً: وهل هناك عالم من علمائنا تشيع؟!
فقال: نعم هو ذاك التيجاني صاحب هذا الكتاب، يذكر اسباب وكيفية تشيعه في كتابه.
فطلب الاستاذ مروان منه الكتاب ليبادر إلى مطالعته بسرعة.
مع كتاب "ثم اهتديت":
يقول الاستاذ في وصف الحالة التي عاشها مع كتاب "ثم اهتديت": "اخذتني قصة الكاتب الممتعة واسلوبه الجذّاب، قرأت نصوص إمامة آل البيت، ومخالفات الصحابة للرسول، ورزية الخميس... والمؤلف يوثق كل قضية من صحاحنا المعتبرة، فدهشت لما أقرأ وشعرت أن كل طموحاتي انهارت وسقطت أرضاً، وحاولت اقناع نفسي بأن هذه الحقائق غير موجود في كتبنا.
وفي اليوم الثاني عزمت على توثيق نصوص الكتاب من مكتبة الجامعة، وبدأت برزية الخميس، فوجدتها مثبتة في صحيحي مسلم والبخاري بعدة طرق".
الشك والحيرة ثم الاستبصار:
يقول الاستاذ مروان:
"كان أمامي احتملان: إمّا أن أوافق عمر على قوله، فيكون النبيّ يهجر ـ