ثانيًا: بعض ما جاء عند الشيعة
روى الشيخ الصدوق "في كمال الدين وتمام النعمة" بإسناده عن محمد ابن أبي عمير، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):
"المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقاً، تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطًا كما ملئت جورًا وظلماً"(1).
وبإسناده أيضاً عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال:
"قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): القائم من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنته سنتي، يقيم الناس على ملتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عز وجل، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذبه فقد كذبني، ومن صدقه فقد صدقني، إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلِّين لأمَّتي عن طريقته {وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}"(2).
____________
(1) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: 286.
(2) المصدر نفسه: 411.
وفيه أيضاً: "... وروى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين (عليهما السلام)أنه قرأ الآية، وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت. يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا، وهو مهدي هذه الأمَّة، وهو الذي قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم، حتَّى يلي رجل من عترتي، اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً"(2).
وقال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: "أخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم؟" وفيه: أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً يقتل الدجال، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ويقبض المال، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين، واقرؤوا إن شئتم: {وإن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلِ مَوْتِهِ}
____________
(1) تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: (7/120).
(2) تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: (7/267).
ثالثًا: بعض ما جاء عند الشيعة الزيدية
جاء في "مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال" للقاضي العلَّامة شرف الدين الحسين بن ناصر المعروف بالمهلا: "وفي المهدي أحاديث بالغةٌ حدَّ التواتر، منها ما ذكره الأمير الحسين بن بدر الدين في ينابيع النصيحة: يخرج المهدي في أُمَّتي، يبعثه الله غياثاً تنعم الأمة، وتعيش الماشية، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً؛ فقال رجل: وما صحاحاً؟ قال: التسوية بين الناس"(2).
وفيه أيضًا: "وقد اعتنى جمع كثير من علماء الأمة المحمدية بالتأليف في أخبار المنتظر كمحمد بن إبراهيم النعماني، والحافظ أبي نعيم فإنّه خرج فيه أربعين حديثاً، والشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان، وفيه بإسناده: ولا تذهب الدنيا
____________
(1) تفسير الميزان للطباطبائي: (5/144).
(2) مطمح الآمال في إيقاض جهلة العمال من سنة الضلال للمهلا: 185.
رابعًا: بعض ما جمعه أهل السنة
الروايات والأقوال في موضوع المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) كثيرة، وقد جمع أحد علماء أهل السنَّة ـ وهو الشيخ محمد جعفر الكتاني في كتابه "نظم المتناثر من الحديث المتواتر" ـ جزءاً ممَّا ورد عند أهل السنة في ذلك، وكان جمعه ذلك جامعاً إلى حدٍّ ما، وفيما يلي نورد نصَّ ما جمعه:
"خروج المهدي الموعود المنتظر الفاطمي:
1 ـ عن: ابن مسعود أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
2 ـ وأم سلمة أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم في المستدرك.
3 ـ علي بن أبي طالب أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
____________
(1) مطمح الآمال في إيقاض جهلة العمال من سنة الضلال للمهلا: 185.
5 ـ وثوبان أخـرجه أحمد وابن مـاجه والحاكم في المستدرك.
6 ـ وقرة بن إياس المزني أخرجه البزار والطبراني في الكبير والأوسط.
7 ـ وعبد الله بن الحارث بن جزء أخرجه ابن ماجه والطبراني في الأوسط.
8 ـ وأبي هريرة أخرجه أحمد والترمذي وأبو يعلي والبزار في مسندهما والطبراني في الأوسط وغيرهم.
9 ـ وحذيفة بن اليمان أخرجه الروياني.
10 ـ وابن عباس أخرجه أبو نعيم في أخبار المهدي.
11 ـ وجابر بن عبد الله أخرجه أحمد ومسلم إلا أنه ليس فيه تصريح بذكر المهدي بل أحاديث مسلم كلها لم يقع فيها تصريح به.
12 ـ وعثمان أخرجه الدارقطني في الإفراد.
13 ـ وأبي أمامة أخرجه الطبراني في الكبير.
14 ـ وعمار بن ياسر أخرجه الدارقطني في الإفراد والخطيب وابن عساكر.
15 ـ وجابر ابن ماجد الصدفي أخرجه الطبراني في الكبير.
16 ـ وابن عمر.
17 ـ وطلحة بن عبيد الله أخرجهما الطبراني في الأوسط.
19ـ وعبد الرحمان بن عوف أخرجه أبو نعيم.
20 ـ وعمران بن حصين أخرجه الإمام أبو عمرو الذاني في سننه.
وغيرهم..
وقد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنها متواترة، والسخاوي ذكر ذلك في فتح المغيث ونقله عن أبي الحسين الآبري... وفي تأليف لأبي العلاء إدريس بن محمد بن إدريس الحسين العراقي المهدي هذا أنَّ أحاديثه متواترة أو كادت قال: وجزم بالأول [ أي التواتر] غير واحد من الحفاظ النقاد. وفي شرح الرسالة للشيخ جسوس ما نصه: ورد خبر المهدي في أحاديث ذكر السخاوي أنها وصلت إلى حد التواتر. وفي شرح المواهب نقلاً عن أبي الحسين الإبري في مناقب الشافعي قال تواترت الأخبار أن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه ذكر ذلك ردًّا لحديث ابن ماجة عن أنس ولا مهدي إلا عيسى.
وفي معاني الوفاء بمعاني الاكتفاء قال الشيخ أبو الحسين الآبري قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجيء المهدي، وأنّه سيملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً.
وفي شرح عقيدة الشيخ محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي ما نصه: وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع
وفي الصواعق لابن حجر الهيتمي ما نصه: قال أبو الحسين الآبري: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بخروج المهدي، وأنّه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنَّه يملأ الأرض عدلاً، وأنّه يخرج مع عيسى صلى الله على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنَّه يؤمُّ هذه الأمَّة ويصلِّي عيسى خلفه.
ومثله له في القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، إلَّا أنَّه عبَّر عن أبي الحسين المذكور ببعض الأئمة، ونصه: قال بعض الأئمة قد تواترت الأخبار... الخ ما مر عنه في الصواعق. وقال قبله بيسير ما نصه: قال بعض الأئمة الحفاظ: إنَّ كونه ـ أي المهدي ـ من ذريته صلى الله عليه وسلم قد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم.
ولولا مخافة التطويل لأوردت هاهنا ما وقفت عليه من أحاديثه؛ لأنِّي رأيت الكثير من الناس في هذا الوقت يتشككون في أمره، ويقولون يا ترى هل أحاديثه قطعيَّة أم لا، وكثير منهم يقف مع كلام ابن خلدون ويعتمده، مع أنه ليس من أهل هذا الميدان. والحق الرجوع في كل فن لأربابه والعلم لله تبارك وتعالى.
نزول سيدنا عيسى:
نزول سيدنا عيسى (عليه السلام) قرب الساعة وحكمه في الناس قال الآبي في شرح مسلم في الكلام على أحاديث الأشراط ما نصه:
(وتقدَّم في حديث جبريل (عليه السلام) قول ابن رشد الأشراط عشرة والمتواتر منها خمسة).
والذي تقدَّم له في حديث جبريل هو أنه بعدما نقل عن القرطبي أنَّ الأشراط تنقسم إلى:
معتاد كالمذكورات في حديث جبريل، وكرفع العلم، وظهور الجهل
وغير معتاد كالدجال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج والدابة وطلوع الشمس من مغربها.
قال: قلت قال ابن رشد: واتفقوا على أنَّه لا بدَّ من ظهور هذه الخمسة واختلفوا في خمسة أخر خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب والدخان ونار تخرج من قعر عدن تروح معهم حيث راحوا وتقيل معهم حيث قالوا زاد بعضهم وفتح قسطنطينية وظهور المهدي.
وقال أيضًا قبله في الكلام على أحاديث نزول عيسى ما نصه: لا بدَّ من نزوله لتواتر الأحاديث بذلك. وقد ذكروا أن نزوله ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والأحاديث في نزوله كثيرة ذكر الشوكاني منها في التوضيح تسعة وعشرين حديثاً ما بين صحيح وحسن وضعيف منجبر؛ منها ما هو مذكور في أحاديث الدجال ومنها ما هو مذكور في أحاديث المنتظر وتنضم إلى ذلك أيضاً الآثار الواردة عن الصحابة فلها حكم الرفع إلَّا لا مجال للاجتهاد في ذلك.
والحاصل أنَّ الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى ابن مريم (عليهما السلام)"(1).
____________
(1) نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني: 225.
خامسًا: بعض ما جمعه الوهابية
هناك بحث آخر يشبه البحث السابق، وقد نشر في الإنترنت، نقلاً عن "مجلة الجامعة الإسلامية" في المدينة المنورة في عددها الثالث من سنتها الأولى، ملخصاً لمحاضرة بعنوان: عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، للشيخ عبد المحسن العباد. ونظراً لأهميته نورد منه ما يلي:
"... أخبر الرسول صلى الله عليه وآله أمته عن الأمم الماضية بأخبار لا بدَّ من التصديق بها، وأنَّها وقعت وفق خبره صلى الله عليه آله، كما أخبر عن أمور مستقبلة لابد من التصديق بها، والاعتقاد أنها ستقع على وفق ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وما من شيء يقرّب إلى الله إلاّ وقد دلّ الأمَّة عليه، ورغّبها فيه، وما من شر إلاّ حذّرها منه.
إنّ من بين الأمور المستقبلة التي تجري في آخر الزمان، عند نزول عيسى ابن مريم (عليه السلام) من السماء، هو خروج رجل من أهل بيت النبوة من ولد علي بن أبي طالب، يوافق اسمه اسم الرسول صلى الله عليه آله، ويقال له المهدي، يتولى إمرة المسلمين، ويصلِّي عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، وذلك لدلالة الأحاديث المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، التي تلقَّتها الأمة بالقبول، واعتقدت موجبها إلاّ من شذ.
وسيكون الكلام حول هذا الموضوع لأمرين:
الأول: أنَّ الأحاديث الواردة في المهدي لم ترد في الصحيحين على وجه التفصيل، بل جاءت مجملة، وقد وردت في غيرهما مفسرة لما فيهما، فقد يظن ظان أن ذلك يقلل من شأنهما [شأنها]، وذلك خطأ واضح، فالصحيح بل الحسن في غير الصحيحين مقبول معتمد عند أهل الحديث.
الثاني: أنَّ بعض الكتّاب في هذا العصر أقدم على الطعن في الأحاديث الواردة في المهدي بغير علم، بل جهلاً أو تقليداً لأحد لم يكن من أهل العناية بالحديث، وقد اطلعت على تعليق لعبد الرحمن محمد عثمان على كتاب تحفة الأحوذي، الذي طبع أخيراً في مصر، قال في الجزء السادس في باب ما جاء في الخلفاء في تعليقه: "يرى الكثيرون من العلماء أن كل ما ورد من أحاديث عن المهدي إنما هو موضع شك، وأنها لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله، بل إنها من وضع الشيعة"، وقال معلقاً بشأن المهدي في باب ما جاء في تقارب الزمن وقصر الأمل في الجزء المذكور: "ويرى الكثيرون من العلماء الثقاة الأثبات أن ما ورد في أحاديث خاصة بالمهدي ليست إلاّ من وضع الباطنية والشيعة واضرابهم، وأنها لا تصح نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وآله"، بل لقد تجرأ بعضهم إلى ما هو أكثر من ذلك، فنجد محيي الدين عبد الحميد في تعليقته على الحاوي للفتاوى للسيوطي، يقول في آخر جزء العرف الوردي أخبار المهدي (ص 166)
الأول: ذكر أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله.
الثاني: ذكر أسماء الأئمة الذين أخرجوا الأحاديث و الآثار الواردة في المهدي في كتبهم.
الثالث: ذكر الذين أفردوا مسألة المهدي بالتأليف من العلماء.
الرابع: ذكر الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي، وحكاية كلامهم في ذلك.
الخامس: ذكر بعض ما ورد في الصحيحين من الأحاديث التي لها تعلق بشأن المهدي.
السادس: ذكر بعض الأحاديث في شـأن المهدي الواردة في غيـر الصحيحين، مع الكلام عن أسانيد بعضها.
السابع: ذكر بعض العلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي، واعتقدوا موجبها، وحكاية كلامهم في ذلك.
التاسع: ذكر بعض ما يظن تعارضه مع الأحاديث الواردة في المهدي، والجواب عن ذلك.
العاشر: كلمة ختامية.
الأول: أسماء الصحابة الذين رووا عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أحاديث المهدي
جملة ما وقفت عليه من أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ستة وعشرون، وهم:
1 ـ عثمان بن عفان.
2 ـ علي بن أبي طالب.
3 ـ طلحة بن عبيد الله.
4 ـ عبد الرحمن بن عوف.
5 ـ الحسين بن علي.
6 ـ أم سلمة.
7 ـ أم حبيبة.
8 ـ عبد الله بن عباس.
10 ـ عبد الله بن عمر.
11 ـ عبد الله بن عمرو.
12 ـ أبو سعيد الخدري.
13 ـ جابر بن عبد الله.
14 ـ أبو هريرة.
15 ـ أنس بن مالك.
16 ـ عمار بن ياسر.
17 ـ عوف بن مالك.
18 ـ ثوبان مولى رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
19 ـ قرة بن إياس.
20 ـ علي الهلالي.
21 ـ حذيفة بن اليمان.
22 ـ عبد الله بن الحارث بن جزء.
23 ـ عوف بن مالك.
24 ـ عمران بن حصين.
25 ـ أبو الطفيل.
26 ـ جابر الصدفي.