حكم من لا يحسن القراءة ولا يتمكن من التعلم

 

ثم انه لا خلاف في الجملة ( و ) لا اشكال في انه ( مع العجز ) عن التعلم

) يصلي بما يحسن ) اي يقرأ ما تيسر منها وتصح صلاته .

وتحقيق القول في المقام : ان من لا يحسن القراءة التامة اما ان يحسن الفاتحة

وحدها تامة او لا يحسنها ايضا ، وعلى الثاني : تارة يتمكن من قراءتها ملحونة ، واخرى

لا يقدر الا على بعضها ، وثالثة لا يحسن شيئا منها .

وعلى جميع التقادير : تارة يكون ذلك عن تقصير ، واخرى يكون عن غيره .

اما الاول : وهو من تمكن من قراءة الفاتحة تامة ولم يكن عدم تمكنه من السورة

على فرض وجوبها عن تقصير فيجزي في حقه الحمد وحدها وتصح صلاته لانه مقتضى

الجمع بين قوله ( عليه السلام ) ( الصلاة لا تدع بحال ) واصالة البراءة عن وجوب

 

 

[ . . . ]

التعويض عن المجهول لعدم تمامية شئ من ما استدل به عليه - كما سيمر عليك -

واستحالة التكليف بما لا يطاق ، ولكن ذلك فيما اذا لم يتمكن من الائتمام بناءا على

كون الائتمام مسقطالها لا يعتبر عدم التمكن منه ، اذ معنى ذلك اشتراط وجوب

القراءة بعدم الائتمام ، وعليه فلا مقتضى لوجوبه ، واما اذا كان عدم تمكنه من السورة

عن تقصير فيشكل الحكم بصحة صلاته لانه كان قادرا على اتيان الصلاة تامة الاجزاء

والشرائط ، فاجزاء الناقصة في حقه يحتاج إلى دليل مفقود ، وقوله ( عليه

السلام ) ( الصلاة لا تسقط بحال ) معناه ان المكلف تجب عليه الصلاة في جميع حالاته

بحسب وسعه لا انه يجب عليه الصلاة الناقصة بعد ان كان مكلفا بالتامة وصير

ايجادها ممتنعا في حقه ، ومعلوم ان القادر على السورة مكلف بالصلاة معها على فرض

وجوبها .

واما الثاني : وهو من تمكن من قراءتها مع السورة ملحونة ، فان كان عدم تمكنه

من الاتيان بالقراءة تامة عن تقصير فحكمه حكم سابقه ، واما ان لم يكن عن تقصير

فان لم يتمكن من الائتمام او المتابعة يات بما تيسر ويجزي عنه بلا خلاف لخبر مسعدة

ابن صدقة قال : سمعت جعفر بن محمد ( عليه السلام ) يقول : انك قد ترى من المحرم

من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح ، وكذلك الاخرس في القراءة والصلاة

والتشهد وما اشبه ذلك ، فهذا بمنزلة العجم المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل

المتكلم الفصيح ( 1 ).

وخبر السكوني عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن النبي صلى الله عليه

وآله : ان الرجل الاعجمي في امتي ليقرأ القرآن بعجميته فترفعه الملائكة على

.............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 59 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2

 

 

[ . . . ]

عربيته ( 1 ).

ومقتضى اطلاق الخبرين الاجتزاء بها ولو مع التمكن من الائتمام او المتابعة .

ودعوى ان الائتمام او المتابعة بدل اختياري وهذه القراءة بدل اضطراري ولا

يتقل إلى الاضطراري مع التمكن من الاختياري ، مندفعة بان مقتضى الخبرين كون

القرائة الناقصة في حق العاجز عن القراءة التامة بمنزلتها في حق القادر ، فكما انه

مخير بين القراءة والائتمام كذلك العاجز عنها .

فان قلت : ان لازم ذلك عدم وجوب التعلم لان عدم التعلم يجعله موضوعا

لوجوب القراءة الناقصة التي هي مثل التامة من دون تفاوت .

قلت : ان من الجائز كون وفاء الناقصة بالمصلحة وكونها مثل التامة في صورة

عدم امكان التعلم .

واما الثالث : وهو من لم يتمكن الا من اتيان بعض الحمد الصادق عليه القرآن ،

يجب عليه الاتيان بما تيسر مع عدم التمكن من الائتمام بناء على كونه بدلا او المتابعة

بلا خلاف ، بل عن المعتبر والذكرى وغيرهما : دعوى الاجماع عليه ، وان كان ما

استدل به لا يخلو عن اشكال .

وهل يجب عليه التعويض عن الجزء المجهول كما عن جماعة اختياره بل نسب

إلى المشهور ، ام لا كما عن المعتبر والمنتهى والتحرير ؟ وعلى فرض لزومه هل يتعين

الاتيان بغير ما يعلمه بقدر البقية كما عن الروض نسبته إلى المشهور ، ام لا ؟ وجوه :

قد استدل للزوم التعويض : بعموم فاقراوا ( ما تيسر منه ) ( 2 ) : وبقوله ( عليه

السلام ) : لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ( 3 ) خرج عنه الصلاة المشتملة على بدلها ، وبخبر

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 59 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 ) سورة المزمل الآية 20 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من أبواب القرائة في الصلاة

 

 

[ . . . ]

الفضل المتقدم الظاهر في ان في قراءة القرآن في الصلاة مصلحة ، وقراءة الفاتحة ذات

مصلحة اخرى ، فتعذر استيفاء احداهما لا يوجب ترك الاخرى ، وبان ما دل على

البدلية عند تعذر جميع الفاتحة دل على البدلية عن كل جزء منها ، وباصالة الاحتياط .

وفي الجميع نظر : اما الاول : فلعدم ظهوره في ارادته في الصلاة ، مع انه لا ريب

في عدم وجوب قراءة ما تيسر فيها ولا في غيرها ، ولهذه القرينة يتعين حمل الامر

على الاستحباب ، وعليه فلا وجه لحمله على الصلاة .

واما الثاني : فلانه انما يدل على لزوم قراءة الفاتحة وبدلية غيرها عنها تحتاج

إلى دليل آخر ، وعليه فان كانت جزئيتها باقية في حال العجز لزم سقوط الصلاة والا

فيجب الاتيان بغيرها من الاجزاء والشرائط ، وحيث ان مقتضى قوله ( عليه السلام )

( الصلاة لا تدع بحال ) عدم سقوط الصلاة بمجرد العجز عن قراءة الفاتحة ، فلا محالة

تكون غير معتبرة فيها ، ولزوم شئ آخر عوضا عنها يحتاج إلى دليل مفقود .

واما الثالث : فلانه انما يدل على لزوم القراءة في الصلاة وهي تتحقق باتيان

بعض الفاتحة .

واما الرابع : فلانه يدل على بدلية غير الفاتحة عنها عند تعذرها لا تعذر بعضها ،

فثبوتها في هذه الحال يحتاج إلى دليل مفقود .

واما الخامس : فلما حققناه في محله من ان المرجع في دوران الامر بين الاقل

والاكثر الارتباطيين هو البراءة .

فتحصل : ان الاقوى عدم لزوم التعويض .

هذا كله اذا لم يكن العجز عن القراءة عن تقصير ، والا فحكمه حكم سابقيه

في عدم الاجتزاء بالصلاة مع القراءة الناقصة ، وعليه فيجب عليه الاتيان بالصلاة معها

في الوقت ، والاتيان بها مع القراءة التامة في خارجه للعلم الاجمالي بوجوب احداهما

فتامل .

 

 

[ . . . ]

واما الرابع : وهو من لا يحسن شيئا من القراءة فيقرأ من سائر القرآن كما هو

المشهور بين الاصحاب ، ويشهد له النبوي : اذا قمت إلى الصلاة فان كان معك قرآن

فاقرأ به والا فاحمد الله وهلله وكبره ( 1 ) . وضعف سنده منجبر بنقل الاصحاب له في

كتبهم على وجه الاعتماد .

وصحيح ( 2 ) ابن سنان عن الصادق ( عليه السلام ) : ان الله فرض من الصلاة

الركوع والسجود الاترى لو ان رجلا دخل في الاسلام لايحسن ان يقرأ القرآن اجزأه

ان يكبر ويسبح ويصلي .

وحمل القرآن فيهما عن خصوص الفاتحة خلاف الظاهر ، فهما يدلان على ان

الاجتزاء بالذكر انما يكون عند عدم التمكن من قراءة القرآن والا فهي تقدم عليه .

وخبر ( 3 ) الفضل المتقدم الدال على ان ماهية القراءة مطلوبة في الصلاة لحكمة

عدم هجر القرآن وخصوصية الفاتحة لحكمة اخرى ، ومع عدم امكان استيفاء الملاك

الثاني لا وجه لعدم استيفاء الاول .

ثم ان مقتضى هذه النصوص كفاية ما يسمى قراءة ، ولزوم المساواة في الحروف

كما عن المشهور ، او في عدد الايات مما لم يدل عليه دليل ، والاصل يقتضي عدمه .

واستدل له : بادلة وجوب التعويض عن الفائت المستلزم لوجوب المساواة هنا

بالاولوية القطيعة ، اذ لو لم يكتف بثلاث آيات من الفاتحة فكيف بها من غيرها ،

وبعموم ( لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ) خرج منه الصلاة المشتملة على ما يساويها ، وبان

المنساق إلى الذهن من الامر بالقراءة بدلا عن الفاتحة لدى الجهل بها انما هو لزوم

الاتيان بها بمقدار لا ينقص عن مقدار الفاتحة

.............................................

( 1 )  سنن البيهقي ج 2 ص 380 .

( 2 ) الوسائل باب 3 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3

 

 

] وان لم يحسن شيئا كبر الله وهلله [

 

وفي الجميع نظر : اما الاول : فلما تقدم من عدم الدليل على لزوم التعويض .

واما الثاني : فقد عرفت ما فيه آنفا .

واما الثالث : فلان في ادلة القراءة ليس ما يدل على بدليتها عن الفاتحة ، مع

ان لزوم تساوي البدل والمبدل في الصفات كالكمية مما لم يدل عليه دليل .

) وان لم يحسن شيئا ) من القرآن ( كبر الله وهلله ) كما في المتن ، وعن المشهور :

زيادة التسبيح ، وعن نهاية الاحكام والذكرى : زيادة التحميد ، وعن مجمع البرهان :

نقص التهليل ، وعن الشيخ في الخلاف : الاقتصار على التحميد ، وعن الشهيد :

الاقتصار على الذكر ، وعن جماعة كالاسكافي والجعفي واستوجهه الشهيد ( ره ) وتبعه

المحقق والشهيد الثانيان : الالتزام بتعين التسبيحات الاربع .

وعبائر النصوص ايضا مختلفة ففي صحيح ابن سنان : اجزأه ان يكبر ويسبح

ويصلي ( 1 ) . ويحتمل ان يكون المراد من يكبر فيه تكبيرة الاحرام ، فمفاده كفاية

التسبيح .

وفي النبوي المتقدم : والا فاحمد الله وهلله وكبره .

وفي النبوي الاخر : ان رجلا سال النبي صلى الله عليه وآله فقال : اني لا

استطيع ان احفظ شيئا من القرآن فماذا اصنع ؟ فقال له : قل : سبحان الله والحمد لله ( 2 )

وفي آخر : قل : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ( 3 ) والعمل به

احوط جمعا بين النصوص والفتاوى ، وان كان الاقوى كفاية مطلق الذكر كما يشهد

به اختلاف الاخبار والفتاوى .

ثم انه نسب إلى المشهور : لزوم ان يكون الذكر بقدر القراءة ، واستدل له

...........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 - 3 ) سنن ابي داود ج 1 ص 305 الطبعة الثانية

 

 

] والاخرس يحرك لسانه ويعقد بها قلبه [

 

بالوجوه المذكورة لوجوب المساواة فيمن يحسن قراءة غير الفاتحة من القران وقد

عرفت ما فيها .

فالاقوى : عدم الوجوب للاصل واطلاق ادلة الذكر .

 

قرائة الاخرس

 

)والاخرس يحرك لسانه ) بلا خلاف ويشير باصبعه كما صرح به غير واحد

ويشهد لهما خبر السكوني عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : تلبية الاخرس وتشهده

وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه واشارته باصبعه ( 1 ) .

)ويعقد بها قلبه ) بان يقصد بحركة اللسان كونها حركة للقراءة اي الالفاظ

المحكية بها لا معناها ، والوجه في اعتباره عدم تاتي قصد امتثال الامر المتوجه اليه الا

به ، لان الحركة بنفسها تصلح لغير القراءة .

واعتبار تطبيق الحركة على حروف القراءة جزء فجزء بحيث يكون صوته

بمنزلة كلام غير متاميزة الحروف في حق من سمع الفاظ القراءة واتقنها ، بل تكلم بها

مدة مما لم يدل عليه دليل ، وكون ذلك قراءته لا يقتضيه كما لا يخفى ، كما ان الاشكال

في وجوب ما ذكرناه للاخرس الذي لم يعرف ان في الوجود كلاما ولفظا ، في غير محله ،

اذ دعوى عدم امكان ذلك فيه مندفعة بتمكنه من القصد إلى ما يفعله الناطق اجمالا ،

فوجوب عقد قلبه بمعنى آيات القراءة لا وجه له .

فتحصل مما ذكرناه : ان حكم الاخرس باقسامه واحد وهو ان يحرك لسانه

ويشير باصبعه مع عقد قلبه بالالفاظ المحكية بالقراءة .

.............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 59 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

]ويتخير في الثالثة والرابعة بينها وبين التسبيح اربعا[

 

ومما ذكرناه ظهر ما في كلام الشيخ الاعظم الانصاري ره فلاحظه .

 

ما يجب في الركعات الاخيرة

 

) ويتخير ) المصلي ( في الثالثة والرابعة بينها ) اي بين قراءة الحمد وحدها

)وبين التسبيح اربعا ) بلا خلاف كما عن السرائر والبحار ، بل اجماعا كما عن

المنتهى والذكرى والروض والخلاف والمهذب وجامع المقاصد وغيرها .

والاخبار به قريبة من المتواتر بل هي متواترة كما عن المعتبر والمنتهي ، منها :

موثق ابن حنظلة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : سالته عن الركعتين

الاخيرتين ما اصنع فيهما ؟ فقال ( عليه السلام ) : ان شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وان

شئت فاذكر الله فهو فيه سواء ، قال : قلت : فاي ذلك افضل ؟ فقال : هما والله سواء ان

شئت سبحت وان شئت قرات ( 1 ) . ونحوه غيره .

واما ما في التوقيع المروي عن الاحتجاج وكتاب الغيبة عن الحميري عن

صاحب الزمان ( عليه السلام ) : انه كتب اليه يساله عن الركعتين الاخيرتين وقد كثرت

فيهما الروايات فبعض يروي ان قرائة الحمد وحدها افضل ، وبعض يروي ان

التسبيح افضل ، فالفضل لايهما لنستعمله ؟ فاجاب ( عليه السلام ) : قد نسخت قراءة

ام الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح ، والذي نسخ التسبيح قول العالم : كل صلاة لا

قراءة فيها فهي خداج الا للعليل أو من يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة

عليه ( 2 ) فلا بد وان يحمل على الافضلية ، بل لعلها الظاهرة منه كما يشهد به ان السؤال

وقع عنها بعد المفروغية عن اصل الجواز ، فيكون الجواب ايضا مسوقا لبيان ذلك او

………………………………………………..

( 1 ) الوسائل باب 42 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 14

 

 

[ . . . ]

حمله على غير تلك لئلا ينافي ما سبق .

كما ان ما عن ظاهر الصدوقين وابن ابي عقيل من تعين التسبيح للنهي عن

القراءة في بعض النصوص الاتية وللامر بالتسبيح ، مصادمة للاجماع والقطعي من

النصوص كما في الجواهر ، فلا بد من حمل الامر على الرخصة والنهي على ارادة افضلية

التسبيح ، وستعرف ما يقتضيه الجمع بين هذه النصوص وبين ما ينافيها .

ثم ان المشهور ثبوت التخيير ، لناسي القراءة في الاولتين ، وعن الشيخين : تعين

القراءة له ، وعن الخلاف : من نسي القراءة في الاولتين فالقراءة له احوط . واستدل له

بصحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) قلت له الرجل نسي القراءة في

الاولتين وذكرها في الاخيرتين فقال ( عليه السلام ) : يقضي القراءه والتكبير والتسبيح

الذي فاته في الاولتين ولا شئ عليه ( 1 ).

وفيه : انه خارج عن محل الكلام ، اذ الظاهر منه رجحان القضاء بعد التسليم ،

نعم بناء على ما في بعض الكتب ، من زيادة ( في الاخيرتين ) بعد قوله ( عليه السلام )

( في الاولتين ) يكون للاستدلال به وجه ، وان كان يرد عليه ان الظاهر منه حينئذ قضاء

ما في الاولتين في الاخيرتين من غير اخلال بما هو وظيفتهما ، وعليه فلعدم القائل به منا

يحمل على التقية ، مع ان الزيادة المذكورة لم تثبت .

وبمادل على انه : لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ( 2 ).

وفيه : انه لا يدل على لزوم الاتيان بها في اي موضع من الصلاة شاء ، بل مفاده

نفي الصلاة عند تركها في موضعها المقرر لها شرعا ، فيكون اجنبيا عن ما نحن فيه .

وبخبر الحسين بن حماد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قلت له : اسهو

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 30 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من أبواب القرائة في الصلاة

 

 

[ . . . ]

عن القراءة في الركعة الاولى قال ( عليه السلام ) : اقرأ في الثانية ، قلت له : اسهو في

الثانية قال ( عليه السلام ) اقرأ في الثالثة ، قلت : اسهو في صلاتي كلها قال ( عليه

السلام ) : اذا حفظت الركوع والسجود فقد تمت صلاتك ( 1 ).

وفيه : مضافا إلى ضعفه في نفسه واعراض الاصحاب عنه : انه معارض

بصحيح معاوية بن عمار عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : قلت : الرجل يسهو

عن القراءة في الركعتين الاولتين فيذكر في الركعتين الاخيرتين انه لم يقرأ ، قال اتم

الركوع والسجود ؟ قلت : نعم قال ( عليه السلام ) : اني اكره ان اجعل آخر صلاتي

اولها ( 2 ).

وموثق ابي بصير عنه ( عليه السلام ) : ان نسي ان يقرأ في الاولى والثانية اجزأه

تسبيح الركوع والسجود ( 3 ).

ولا يمكن الجمع بينهما وبين الخبر بحمل الخبر على الفضل والاستحباب

لظهور الصحيح في ان النسيان لا يوجب تغير ما هو وظيفة الاخيرتين ، فالخبر معارض

بالصحيح والموثق ، والترجيح معهما لوجوه لا تخفى .

 

القرائة افضل او التسبيح

 

ثم ان للاصحاب في ترجيح التسبيح على القراءة مطلقا كما عن ظاهر

الصدوقين وابن ابي عقيل والحلي وجماعة من المتاخرين ، او القراءة مطلقا كما عن

الحلبي والشهيد وصاحب المدارك ، او للامام والتسوية في غيره كما في الشرايع وعن

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 30 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 30 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 29 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3

 

 

[ . . . ]

غيرها : ونسب إلى المشهور ان القراءة للامام افضل ، او التسبيح للماموم والقراءة

للامام ، والتساوي للمنفرد كما عن المنتهى اقوال منشاها اختلاف الاخبار .

ويشهد لا فضلية التسبيح صحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ):

اذا قمت في الركعتين الاخيرتين لا تقرأ فيهما فقل : الحمد لله وسبحان الله والله اكبر ( 1 ).

وخبر ابن عمران انه سال أبا عبد الله ( عليه السلام ) : لاي علة صار التسبيح

في الاخيرتين افضل من القراءة قال ( عليه السلام ) : انما صار التسبيح افضل من

القراءة لان النبي صلى الله عليه وآله لما كان في الاخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله

عزوجل فدهش فقال : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ، فلذلك صار

التسبيح افضل من القراءة ( 2 ).

و صحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) انه قال : عشرة ركعات - إلى

ان قال - فزاد النبي صلى الله عليه وآله سبع ركعات ليس فيهن قراءة ( 3 ) . ونحوها

غيرها .

الا نه تعارضها طائفتان من النصوص - احداهما - : ما هو صريح في المساوات

وعدم افضلية احداهما على الاخرى كموثق ابن حنظلة المتقدم .

ثانيتهما : ما دل على افضلية القراءة مطلقا كالتوقيع المروي عن الحميري

المتقدم في اول المبحث ، وخبر محمد بن حكيم : سالت ابا الحسن ( عليه السلام ) : ايما

افضل القراءة في الركعتين الاخيرتين او التسبيح ؟ فقال ( عليه السلام ) : القراءة

افضل ( 4 ) . وقريب منهما غيرهما .

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 42 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 6 .

( 4 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 10

 

 

[ . . . ]

اقول : ان الجمع بين هذه الطوائف يقتضي حمل نصوص افضلية التسبيح على

الماموم ، ونصوص افضلية القراءة ، على الامام ، ونصوص المساواة على المنفرد بشهادة

جملة من النصوص : كصحيح معاوية بن عمار : سالت ابا عبد الله عن القراءة خلف

الامام في الركعتين الاخيرتين فقال ( عليه السلام ) : الامام يقرأ فاتحة الكتاب ومن

خلفه يسبح ، فاذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وان شئت فسبح ( 1 ).

وصحيح منصور عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا كنت اماما فاقرأ في

الركعتين الاخيرتين بفاتحة الكتاب ، وان كنت وحدك فيسعك فعلت او لم تفعل ( 2 ).

وقريب منهما صحيحها زرارة وجميل .

وظاهرها وان كان تعين الفاتحة على الامام ، الا انها تحمل على الفضل للروايات

الصريحة في عدم التعين كصحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) انه قال : لا

تقرأن في الركعتين الاخيرتين من الاربع ركعات المفروضات شيئا اماما كنت او

غير امام قلت : فما اقول فيهما ؟ قال ( عليه السلام ) : ان كنت اماما فقل : سبحان الله

والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ثلاث مرات ، ثم تكبر وتركع ( 3 ) المحمول على نفي

وجوبها الثابت في الاوليين ، او نفي كونها من حيث انها قراءة معتبرة فيهما ، وان جاز

الاتيان بها من حيث انها ذكر ودعاء كما يشهد به صحيح ابن زرارة : سالت ابا عبد الله

( عليه السلام ) عن الركعتين الاخيرتين من الظهر قال : تسبح وتستغفر وان شئت

فاتحة الكتاب فانها تحميد ودعاء ( 4 ) كما ان ظهورها في تعين التسبيح لابدوان ترفع اليد

عنه للاخبار المتضمنة لا فضلية التسبيح الدالة على جواز تركه والاتيان بالقراءة .

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 42 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 11 .

( 3 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 42 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

]وصورته سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر [

 

والاشكال : في الجمع المزبور بظهور بعض النصوص في افضلية التسبيح حتى

للامام كخبر رجاء بن ابي ضحاك أنه صحب الرضا ( عليه السلام ) من المدينة إلى مرو

فكان يسبح في الاخراوين ( 1 ) وصحيح محمد بن قيس - او موثقه - عن ابي جعفر ( عليه

السلام ) قال : كان امير المؤمنين ( عليه السلام ) اذا صلى يقرأ في الاولتين من صلاته

الظهر سرا ويسبح في الاخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء . . . إلى

آخره ( 2 ) وتشير اليه النصوص الدالة على ان المجعول في الاخيرتين هو التسبيح ، في

غير محله ، اذ خبر رجاء ضعيف السند جدا والموثق حكاية عمل مجمل لاحتمال ان

يكون المراد وقت ما يصلي وحده او خلف من يقرأ خلفه ، والنصوص الدالة على ان

المجعول فيهما التسبيح محمولة على انه مجعول ابتداءا كما عرفت آنفا .

فتحصل مما ذكرناه : ان الاقوى ان الافضل للامام القراءة وللماموم التسبيح ،

وللمنفرد هما سواء .

 

اجزاء المرة من التسبيحات

 

ثم انه لاصحابنا في تعيين الذكر الواجب في الاخيرتين كما ( و ) كيفا اقوال :

فعن الشيخين والفاضلين والشهيدين وغيرهم : ان ( صورته سبحان لله والحمد لله

ولا اله الا الله والله اكبر ) ويجزي ذلك مرة واحدة ، بل عن المقاصد العلية ، انه

الاشهر ، بل حكي الاجماع عليه في بعض الطبقات .

ويشهد له صحيح زرارة وفيه : قلت لابي جعفر ( عليه السلام ) : ما يجزي من

القول في الركعتين الاخيرتين ؟ قال : ان تقول : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله

………………………………………………..

( 1 ) الوسائل باب 42 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 8 .

( 2 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 9

 

 

[ . . . ]

والله اكبر ، وتكبر وتركع ( 1 ) . وظهوره في الاكتفاء بالمرة خصوصا بضميمة تعرضه ( عليه

السلام ) لبيان تكبير الركوع مع عدم السؤال عنه لا ينكر ، بل لا يبعد صراحته في

ذلك .

والايراد عليه بان في طريقه محمد بن اسماعيل وهو مشترك بين جماعة منهم

الضعيف ولا قرينة على تعيينه ، في غير محله ، اذ مضافا إلى ان الكليني رحمه الله رواه

مقتصرا عليه ، والشيخ ذكره في كتابيه في صدر الاخبار الواردة في الباب ، ووصفه جماعة

من الاساطين منهم المصنف والشهيد والمحقق الثاني بالصحة ، بل عن المصنف في

المنتهى : انه وصحيح الحلبي اصح ما بلغنا في هذا الباب ، ان محمد بن اسماعيل هذا

يعرف بالبندقي وهو نيسابوري وهو من مشايخ الاجازة ، وروى عنه الكليني رحمه الله

ما يزيد على خمسمائة حديث على ما عن الفوائد النجفية ، وهذا كاشف عن جلالة

قدره بل عدالته . هذا مضافا إلى ما في المدارك من ان الظاهر ان كتب الفضل رحمه الله

كانت موجودة بعينها في زمن الكليني ، وان محمد بن اسماعيل هذا ذكر لمجرد اتصال

السند ، فالصحيح من حيث السند والدلالة مما لا مجال للخدشة فيه .

وعن صريح النهاية والاقتصار ومختصر المصباح والتلخيص والبيان وظاهر

الشرايع والذكرى ، لزوم تكرار الذكر المذكور ثلاثا ، وفي المدارك : لم نقف له على مستند

واستدل له : بتوقف اليقين بالبراءة من يقين الشغل على الاتيان به ، وباصالة تقارب

البدل والمبدل عنه الحاصل في الفرض ، وبفتوى من علم من حالهم عدم ذكر ذلك منهم

الا بنص ، وبما رواه ابن ادريس في اول السرائر نقلا عن كتاب حريز عن زرارة عن

الباقر ( عليه السلام ) : اذا كنت اماما او وحدك فقل : سبحان الله والحمد لله ولا اله

الا الله والله اكبر ثلاث مرات ثم تكبر وتركع ( 2 ) وبخبر رجاء المتقدم

………………………………………………..

( 1 ) الوسائل باب 42 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

وفي الجميع نظر : اذ اصالة الاحتياط مضافا إلى انه لا يرجع اليها في امثال

المورد لكونه من دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين ، والمرجع فيه اصالة

البراءة انه لا مورد لها بعد دلالة الدليل على اجزاء المرة .

واصالة تقارب البدل والمبدل منه لا اصل لها .

وفتوى الاساطين يمكن ان تكون لبعض ما ذكر .

وخبر زرارة رواه ابن ادريس في المستطرفات باسقاط التكبير ، ورواه في الفقيه

مثله الا انه زاد فيه بعد التسبيحات ، تكملة تسع تسبيحات ، و ( او وحدك ) بعد قوله

)عليه السلام ) : ان كنت اماما . ونسب العلامة رحمه الله القول بالتسع إلى حريز ، وذكر

الخبر شاهدا له .

وعلى هذا فالمتعين البناء على السقوط ، اما للوثوق بروايته او لان الاصل فيما

دار الامر بين الثبوت والسقوط ، يقتضيه ، والجمع بينه حينئذ وبين صحيح زرارة

يقتضي التخيير بين الاربع والتسع ، ولو سلمنا ثبوت التكبير فالمتعين حمله حينئذ على

الاستحباب او الوجوب التخييري للجمع بينه وبين صحيح زرارة المتقدم .

واما خبر رجاء فقد مر انه ضعيف السند .

ومما ذكرناه ظهر مستند من قال بوجوب تسع تسبيحات كحريز والصدوقين

وابن ابي عقيل وابي الصلاح ، وما يمكن ان يورد عليه .

وعن الشيخ في بعض كتبه ، والسيد في جمله ومصباحه والغنية وغيرها : لزوم

عشر تسبيحات ، باثبات التكبير في الاخيرة واسقاطه في الاوليين ، واستدل له : بصحيح

زرارة المروي من المستطرفات والفقيه ، بدعوى ان المراد من تكبر غير تكبير

الركوع .

وفيه : انه خلاف الظاهر فلاحظ .

وعن الحلبي : القول بكفاية ثلاث تسبيحات ، باسقاط التكبير ، ولم ار له

 

 

[ . . . ]

مستندا .

وعن بعض : الاكتفاء بثلاث تسبيحات باسقاط التهليل ، ويشهد له صحيح

الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا قمت في الركعتين الاخيرتين لا تقرأ

فيهما فقل : الحمد لله وسبحان الله والله اكبر ( 1 ) . ولكن لعدم القائل ممن يعتمد عليه به

لا يكون الاعتماد عليه موافقا للاحتياط .

وعن ابن سعيد : الاكتفاء بسبحان الله ثلاثا لخبر ابي بصير عن الامام الصادق

)عليه السلام ) : ادنى ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين ثلاث تسبحات ان

تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله ( 2 ) .

وفيه : ان الخبر ضعيف السند لان في طريقه محمد بن علي الهمداني وهو مشترك

بين ابن سمينة الضعيف جدا وغيره .

وعن ابن طاووس والمجلسي : الاجتزاء بمطلق الذكر ، واستدل له : بموثق ابن

حنظلة المتقدم في اول المبحث ، وبصحيح عبيد : سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن

الركعتين الاخيرتين من الظهر قال ( عليه السلام ) : تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك ،

فان شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد ودعاء ( 3 ) وبصحيح زرارة في الماموم المسبوق : وفي

الاخيرتين لا يقرأ فيهما انما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة ( 4 ) . بجعل

الواو بمعنى ( او ).

وفي الجميع نظر : اذ الذكر في الموثق الذي ذكر في آخره التسبيح لا اطلاق له

لاحتمال ان يكون المراد التسبيحة الكبرى المعروفة كما هو متعارف فيما لا يحسن

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 51 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 42 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 7 .

( 3 ) الوسائل باب 42 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 47 من أبواب صلاة الجماعة حديث 4

 

 

[ . . . ]

تكراره في كل خطاب وله صورة معروفة .

واما صحيح عبيد : فهو لا يدل على كفاية مطلق الذكر ، وانما يدل على لزوم

التحميد والتسبيح ، وحيث ان كل من قال بوجوبهما فقد اوجب التهليل والتكبير عدا

من لا يعبا بخلافه فهو يؤيد القول بالاربع ، وحمل الواو على معنى ( او ) لا شاهد له

ومنه يظهر الاشكال في صحيح زرارة .

ومما ذكرناه : يظهر ضعف الاقوال الاخرمثل التخيير بين جميع ما في اخبار

الباب وغيره فلا حاجة إلى تطويل الكلام في ذلك .

فتحصل : ان الاقوى هو التخيير بين الاربع والتسع ، والاولى احوط ، والاولى

تكرار التسبيحات الاربع ثلاثا فتدبر .

واولى منه اضافة الاستغفار اليها لصحيح عبيد المتقدم ، والظاهر ان المراد منه

مطلق الدعاء لا خصوص الاستغفار كما يشير اليه صحيح ازرارة الوارد في الماموم

المسبوق .

وعن جماعة : وجوب الدعاء للصحيحين .

وفيه : انه يتعين حملهما على الاستحباب لصحيحي زرارة المتقدمين النافيين

لوجوب غير التسبيحات .

 

الخلل في القرائة

 

مسائل : الاولى : يجب قراءة الحمد والسورة بناء على وجوبها بتمامهما ، ولا يجوز

الاخلال بشئ من الكلمات والحروف ، او تبديل حرف بحرف حتى الصاد بالسين ان

كان ممنوعا في المحاورة اجماعا كما عن كشف اللثام وغيره ، لان الحمد مثلا اسم

لمجموع السورة المعينة المنتفية بانتفاء جزء منها ، وكذلك لا يجوز الاخلال بحركة بناء

 

 

[ . . . ]

او اعراب او سكون لازم سواء اوجب الاخلال تغير المعنى ام لم يوجب لخروج اللفظ

بفقدان الصورة ايضا عن كونه قرآنا ، اذ لا ريب في انه كما تكون للقرآن مادة

مخصوصة كذلك تكون له صورة خاصة فهي ايضا مما له دخل في قوام المسمى ولكن

على وجه لا ينافيه اختلاف الحركة والسكون الناشى من الوقف او الوصل .

 

اقسام المد

 

واما المد فهو على اقسام : الاول : ما اذا كان بعد احد حروف المد ، وهي : الواو

المضموم ما قبلها ، والالف المفتوح ما قبلها ، والياء المكسور ما قبلها ( همزة ) ، وكان في

كلمة واحدة ويسمى بالمد المتصل مثل : جاء وسوء وجيئ والظاهر عدم لزومه لعدم

الشاهد عليه من اللغة وعدم التعرض له في علمي النحو والصرف .

وقد استدل للزومه : بمرفوع ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله : ان ابن

مسعود كان يقرأ رجلا فقرأ الرجل ( انما الصدقات للفقراء والمساكين ) مرسلة ،

فقال ابن سمعود : ما هكذا اقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : كيف اقرأها

يا ابا عبد الرحمن ؟ فقال : اقرأنيها ( انما الصدقات للفقراء والمساكين ) فمدها ،

وبانه الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله بالطرق المتواترة .

وفيها نظر : اما المرفوع على فرض صحة سنده فهو حكاية فعل مجمل لا

يمكن استفادة الحكم الكلي منه ، والتواتر ممنوع ، ودعوى انه بما ان اللازم قراءة ما

نزل على النبي صلى الله عليه وآله ويحتمل ان يكون نزولها مع المد فمقتضي القاعدة

رعايته ، مندفعة بان اللازم هو قراءة القرآن بمادته وصورته التي لها دخل في صدق

القرآنية .

وبعبارة اخرى : الاتيان بنحو يصدق عليه القرآن ، ولا ريب في ان ما لم يدل

 

 

[ . . . ]

على دخله في المسمى دليل من القواعد العربية والروايات لا يضر الاخلال به ، ولا

يوجب عدم صدق القران عليه ، وان شئت فاختبر ذلك من حال من قرأ شعر امرء

القيس على وفق ما تقتضيه القواعد العربية ولكنه لم يقرأه مع جميع المحسنات التي

انشا امرء القيس معها ، فانه لا ريب في ان من سلبه عنه يعد كاذبا في سلبه ، وعلى هذا

فكل ما لا يكون دخيلا فيه بمقتضى القواعد العربية ولم يدل دليل على اعتباره

مقتضى القاعدة عدم اعتباره .

القسم الثاني : ما اذا كان احد حروف المدمع الهمزة في كلمتين ويسمى

بالمنفصل ، فعدم لزومه واضح ، بل سمى عندهم ايضا بالجائز

القسم الثالث : ما اذا كان بعد احد حروف المد سكون لازم ، ويكون الحرف

الساكن مدغما في حرف آخر مثل الضالين ويسمى لازما مشددا ويجب هذا المد بمقدار

يتوقف اداء الكلمة على وضعها الاولى عليه ، واما الزائد عليه فلم يدل عليه دليل .

القسم الرابع : ما اذا كان بعد احد حروف المد سكون لازم ، وكان الساكن

غير مدغم كما في فواتح السور من ص وق ونحوهما ، وحكمه ظهر مما ذكرناه في سابقه ،

كما انه ظهر مما ذكرناه عدم لزوم الامالة والترقيق ونحوهما مما التزم به القراء .

 

الادغام الواجب

 

واما الادغام فهو على قسمين : ادغام واجب ، وادغام غير واجب ، وللاول

موارد : منها : ما اذا اجتمع مثلان ساكنان في كلمة واحدة ، فقد صرح غير واحد

بوجوبه ، وعن فوائد الشرائع ، لا نعرف فيه خلافا ، ويشهد له : انه يلزم فوات الموالات

بفكه .

ومنها : ما اذا كان الاول ساكنا والثاني متحركا ولم يكن الاول حرف مد اصلي ،

 

 

[ . . . ]

فعن الشافية وشرحها للرضي وجوبه ، وادعى : ان عليه الاجماع ، والظاهر ان الادغام

حينئذ من ضروريات النطق .

ومنها : ادغام لام التعريف واللام مع الالف في اربعة عشر حرفا وهي : التاء

والثاء ، والدال والذال ، والراء والزاء ، والسين والشين ، والصاد والضاد ، والطاء ، والظاء

واللام والنون . وقد صرح غير واحد بوجوبه ، وعن المنتهى والتذكرة : دعوى الاجماع

عليه .

ومنها : ادغام التنوين والنون الساكنة اذا وقع بعدهما احد حروف ( يرملون ) كما

عن ابن الحاجب والرضي : التصريح بوجوبه ، بل لا خلاف فيه بين القراء ، كما انهم

اوجبوا اظهارهما اذا وقع بعدهما احد حروف الحلق ، والاخفاء في البواقي .

ومنها : ما اذا اجتمع متقاربان وكان كل منهما ساكنا ، او كان الاول كذلك ، فانه

حكى الاتفاق على لزومه نحو : اذ ظلموا وقد تبين ، وقل ربي .

ومنها : ما اذا كان المثلان متحركين وكانا في آخر الكلمة ولم يكن الاول منهما

مدغما فيه ، فانه لا خلاف ظاهرا في وجوب الادغام فيه في الفعل او في الاسم المشابه

للفعل غالبا .

والثاني : وهو الادغام غير الواجب بالاتفاق ، وهو ما اذا كان المتماثلان او

المتقاربان متحركين ولم يكونا في آخر الكلمة ، نحو : ما سلككم في سقر .

ولا يخفى او وجوب الادغام في بعض الموارد المتقدمة لا يخلو عن نظر ،

فالضابط ما ذكرناه في المد فراجع ومنه يظهر حال التشديد وحذف همزة الوصل ، وان

نص على لزوم الثاني اهل العربية كابن الحاجب وغيره واما اثبات همزة القطع فلا

اشكال في وجوبه ، والا يلزم الاخلال بالحرف ، وقد عرفت عدم جوازه .

 

 

[ . . . ]

 

الوقف بالحركة والوصل بالكسون

 

بقى في المقام امران : الاول : حكم الوقف بالحركة والوصل بالسكون فعن

المجلسي رحمه الله : اتفاق القراء واهل العربية على عدم جواز الاول : واختار بعض

جوازه لعدم الدليل على البطلان مع اتيان الكلمة على حسب ما يقتضيه وضعها

الافرادي والتركيبي ، واتفاق القراء لا يفيد لان مخالفتهم لا توجب الاخلال بالكلام ،

ولا دليل على وجوب قراءة القرآن على النهج العربي ، فمخالفة اهل العربية لا تضر .

وفيه : ما عرفت من ان الصورة مقومة للقرآن كالمادة ، ويخرج اللفظ بفقدانها

عن كونه قرآنا ، وعليه فالاقوى عدم جوازه لتصريح اهل العربية بعدم الجواز ، فما

عن المستند ، والشيخ الا عظم من جوازه ضعيف . وعن الشهيد الثاني وكاشف الغطاء :

جاز الوصل بالسكون لانه ليس مخالفا لقانون اللغة .

اقول : لا ريب في ان مقتضى القواعد العربية عدم جوازه سواء كانت حركة

آخر الكلمة دخيلة في وضعها كضم تاء انعمت ، او كان دخول الحركة لمقتض آخر

كحركة الدين كما يشهد له استثنائهم خصوص حال الوقف .

ودعوى انه لم يعلم من الواضع في القسم الثاني انه جعل على الناس ان لا

يتكلموا بهذه الالفاظ مجردة عن الحركة الا في حال الوقف بل القدر المسلم انه عند

وجود الداعي إلى ايجاد الكلمة محركة يجب مراعاة الحركة المخصوصة ، مندفعة بان

الظاهر من كلماتهم وجوب التحريك في الوصل ، وهذا الاتفاق كاشف عن ان الواضع

جعل الرفع للفاعل مثلا الافي حال الوقف ، ففي حال الوصل لو قرأ ساكنا يلزم

الاخلال بالهيئة المقومة للقرآن .

فتحصل : ان الاقوى عدم جواز الوقف بالحركة والوصل بالسكون .

 

 

[ . . . ]

 

القراءات السبع

 

الثاني : لا ينبغي الشك في جواز القراءة باحدى القراءات السبع ، والقراء

السبعة هم : نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وابوعمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي .

ونسب إلى المشهور : وجوب القراءة باحدها .

واستدل له : باتفاق المسلمين على جواز القراءة بها ، وغيرها مختلف فيه ،

فمقتضى قاعدة الاحتياط الاتيان باحداها ، وبتواترها عن النبي صلى الله عليه وآله ،

او تواتر جواز القراءة بها عنه صلى الله عليه وآله ، وبجملة من النصوص : كمرسل محمد

ابن سليمان عن بعض اصحابه عن ابي الحسن ( عليه السلام ) قال : قلت له : جعلت

فداك انا نسمع الايات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ولا نحسن ان نقراها

كما بلغنا عنكم فهل ناثم ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا اقرأوا كما تعلمتم فسيجئ من

يعلمكم ( 1 ) .

وخبر سالم بن ابي سلمة قال : قرأ رجل على ابي عبد الله ( عليه السلام ) وانا

استمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرأها الناس فقال ابو عبد الله ( عليه السلام ) :

كف عن هذه القراءة ، اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فاذا قام القائم قرأ كتاب

الله على حده واخرج المصحف الذي كتبه على ( عليه السلام ) ( 2 ) .

وخبر سفيان بن السمط : سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن ترتيل القرآن

فقال اقرأوا كما علمتم ( 3 ) .

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 74 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 74 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 74 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3

 

 

[ . . . ]

وفي الجميع نظر : اما الاول : فلما عرفت من ان مقتضى القاعده كفاية القراءة

على النهج العربي فراجع ما ذكرناه في المد .

واما الثاني : فعن جماعة من الاساطين : انكار التواتر عن النبي صلى الله عليه

وآله ، وتشهد به جملة من النصوص : كصحيح الفضيل : قلت لابي عبد الله ( عليه

السلام ) : ان الناس يقولون ان القرآن نزل على سبعة احرف ؟ فقال ( عليه السلام ) :

كذبوا اعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد ( 1 ) ونحوه غيره ، وعليه

فلا بد من حمل ما دل على نزول القرآن على سبعة احرف على التقية او غيرها لئلا

ينافي ذلك .

واما تواتر جواز القراءة بها عنه صلى الله عليه وآله فيدفعه قراءة المسلمين في

اول الاسلام لتاخر ازمنة القراء السبعة ، فلا محالة الناس كانوا يقرأون قبل هؤلاء

بغير قراءاتهم .

واما النصوص ، فلان الظاهر منها المنع من قراءة الزيادات المروية عنهم ، ولا

تدل على ترجيح قراءة على اخرى ، نعم هي تدل على جواز القراءة بما يعلم مخالفته

للقرآن المنزل .

فتحصل مما ذكرناه : ان الاقوى جواز القراءة على النهج العربي ، وان كانت

مخالفة للقراءات السبع ، اللهم الا ان يرجع الاختلاف إلى الاختلاف في المؤدى ، فان

القاعدة تقتضى عدم جواز قراءة ما خالف القرآن المنزل كما عرفت ، ولكن يخرج عنها

بالاجماع على جواز القراءة بما يتداوله القراء المعتضد بالسيرة القطعية في زمانهم على

القراءة به المؤيد بالنصوص المتقدمة .

ومنه يظهر ان صحيح داود والمعلى بن خنيس قالا : كنا عند ابي عبد الله ( عليه

...........................................................................................

( 1 ) اصول الكافي ج 2 ص 630 باب النوادر من كتاب فضل القرآن

 

 

[ . . . ]

السلام ) فقال ( عليه السلام ) : ان كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال ( 1 ) .

لا بد وان يحمل على بعض الوجوه غير المنافية لما سبق .

 

جزئية البسملة من كل سورة

 

المسالة الثانية : البسمله آية من الفاتحة وغيرها ، يجب قرائتها ، معها ومع

السورة التي بعدها بناء على وجوب السورة .

اما الاول : فهو قول علمائنا اجمع واكثر اهل العلم كما في المدارك ، وتشهد له

جملة من النصوص : كصحيح محمد بن مسلم قال : سالت ابا عبد الله ( عليه السلام )

عن السبع المثاني والقرآن العظيم هي الفاتحة ؟ قال : نعم قلت : بسم الله الرحمن الرحيم

من السبع ؟ قال : نعم هي افضلهن ( 2 ) ونحوه غيره .

نعم بعض النصوص يدل على جواز تركها كصحيح محمد بن مسلم عن الامام

الصادق ( عليه السلام ) : سالته عن الرجل يكون اماما فيستفتح بالحمد ولا يقرأ بسم

الله الرحمن الرحيم فقال : لا باس ( 3 ) . ولا يضره . لكنه لابد وان يحمل على التقية

لمعارضته مع النصوص المتقدمة المعتضدة بحكاية الاجماعات القطعية على خلافه ،

ويؤيده فرض السائل المصلي اماما كما لا يخفى .

واما الثاني : فعليه الاجماع كما عن جماعة من الاساطين حكايته ، وتشهد له جملة

من النصوص : كصحيح معاوية بن عمار : قلت لابي عبد الله : اذا قمت إلى الصلاة اقرأ

بسم الله الرحمن الرحيم ؟ قال : نعم ، قلت : اذا قرأت فاتحة الكتاب اقرأ بسم الله

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 74 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 12 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5

 

 

[ . . . ]

الرحمن الرحيم ؟ قال : نعم ( 1 ) .

وخبر صفوان عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : ما انزل الله من السماء كتابا

الا وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم ، وانما كان يعرف انقضاء السورة بنزول بسم الله

الرحمن الرحيم ابتداء للاخرى ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .

فما في بعض النصوص من جواز تركها من السورة كصحيح الحلبيين عن

الامام الصادق ( عليه السلام ) : انهما سالاه عمن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم يريد

يقرأ فاتحة الكتاب قال : نعم ان شاء سرا وان شاء جهرا فقال : أفيقرها مع السورة

الاخرى ؟ قال : لا ( 3 ) . ونحوه غيره لا ينافي جزئيتها منها ، بل يؤيد مااخترناه من عدم

وجوب السورة الكاملة وجواز التبعيض ، وعليه فلا وجه لحمل هذه النصوص على

التقية كما ذكره جماعة .

 

تعيين البسملة للسورة

 

ثم انه بعد ما عرفت جزئيتها من كل سورة فاعلم انه يجب تعيين السورة

قبل الشروع فيها ، ويظهر وجهه بعد بيان مقدمتين : الاولى : ان قراءة السورة كقراءة

القصيدة ونحوها عبارة عن الاتيان بالالفاظ المطابقة لالفاظها ، مع اللحاظ

الاستعمالي للمقروء ومع عدمه لا تصدق القراءة والحكاية ، ولا يصح ان يقال : قرأت

السورة او القصيدة المعدومة ، لكون ما اتى به مثلها لا عينها ، وهذا بخلاف ما لو أتى

بها مع اللحاظ الاستعمالي ، فان اللحاظ يوجب نحوا من الاتحاد بينهما ، فيصح ان

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 12 .

( 3 ) الوسائل باب 12 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3

 

 

[ . . . ]

يقال قرأتها فتدبر .

الثانية : ان سور القرآن حصص من كلي اللفط المنزلة على النبي صلى الله عليه

وآله ، وكانت مع كل واحدة منها حصة من كلي البسملة .

اذا عرفت هاتين المقدمتين يظهر لك انه لو لم يعين السورة قبل الشروع فيها .

فلا يصدق على البسملة التي اتى بها قراءه بسملة من البسامل التي تكون كل واحدة

منها جزء من سورة خاصة ، فلو قرأ بعدها سائر آيات التوحيد لا يصدق انه قرأ سورة

التوحيد بتمامها .

ودعوى ان المامور به انما هو الاتيان بسورة على الاطلاق ، فاللازم هو ايجاد

ما يصدق عليه ذلك ، وحيث انه لواتى بالبسملة بقصد سورة لا بعينها ، وان لم يصدق

علهيا جزئية سورة خاصة لكن لا شبهة في صدق قراءة القرآن عليها ، ويكون المقروء

طبيعة البسملة الصادقة على كل من مصاديقها ، فيصح ان يجعلها جزء من اي سورة

شاء بانضمام الباقي اليها ، لانه بعد الانضمام يصدق انه قرأ مجموع هذه الايات التي

هي تمام السورة اما الجزء الاول فقد قرأه على سبيل الاجمال ، وماعداه تفصيلا ، ولا

يكون المامور به اتيان سورة معينة حتى يقال انه لم يقع الجزء الاول على الوجه الذي

تعلق به الطلب ، اي بعنوان جزئيته لهذه السورة ، مندفعة بان المامور به وان كان طبيعي

السورة الا انه من حيث كونه مرآتا للمصاديق وهي السور المعينة المشخصة في

الخارج ، فالامر بالطبيعي امر بايجاد سورة معينة ، ولكن التعيين يكون باختيار المكلف

كما لو امر المولى باكرام احد الشخصين ، فان امتثاله انما يكون باكرام احدهما المعين ،

فاذا كان المامور به اتيان سورة معينة مشخصة في الخارج والمفروض ان البسملة الماتى

بها على سبيل الاجمال والابهام لا تكون حكاية عن البسملة المعينة ، وانضمام بقية

السورة المسشخصة اليها لا يجعلها حكاية عنها ، ولا يصدق انه قرأ مجموع الايات التي

هي تمام السورة ، فلا تكون السورة الماتي بها منطبقة على المامور بها لعدم وقوع الجزء

 

 

[ . . . ]

الاول منها على الوجه الذي تعلق به الطلب .

وان قلت : من قرأ البسملة بقصد سورة لا بعينها بما انها لا تكون خارجة عن

القرآن ، فلا بد من احد امرين : اما القول بانها جزء سورة معينة ، واما القول بكونها

جزء للسورة التي يقرأها بعد ذلك . وحيث لا سبيل إلى الاول فيتعين الثاني .

قلت : دعوى عدم خروج المقر وعن القرآن ضعيفة ، اذ ما هو جزء كل سورة

شخص من البسملة ، وحكاية الجامع ليس حكاية لذلك الشخص ، فالمقروء هو ما

يماثل القرآن لا انه منه .

فتحصل : ان الاقوى لزوم تعيين السورة قبل الشروع فيها ، وعليه فلو عين

البسملة لسورة ثم ارادان يقرأ غيرها يجب اعادة البسملة لان ما اتى به غير ما يكون

جزءا للسورة الثانية .

وعن البحار : عدم لزوم اعادتها واستدل له بوجوه ضعيفة جدا : كالنقض

بالكتابة ، وبانه يلزم اعتبار النية في الالفاظ المشتركة غيرها .

فلو عين البسملة لاحدى السورتين من التوحيد والجحد ولم يدر انها لا يتهما

لا يجوز قراءة غير هما بناء على عدم جواز العدول عنهما إلى غيرهما ، لانه باتيان

البسملة شرع في احداهما فلا يجوز العدول ، وحينئذ ان قلنا بجواز العدول من

احداهما إلى الاخرى فيكتفي بقراءة احداهما مع اعادة البسملة لها ، فان كانت

البسملة المعينة الثانية هي التي عينها او لا فلا يضر لانه كرر البسملة ، وان كانت

غيرها فقد عدل من احداهما إلى الاخرى .

واما على القول بعدم جوازه او عدم شموله للقراءة الماتي بها بعنوان القربة

فياتي بالسورتين معا من دون اعادة البسملة ، ويقصد باحداهما الجزئية وبالاخرى

القربة المطلقة للعلم بتعين قراءة السورة التي عينها المرددة بينهما .

فلو قرأ البسملة وشك في انه هل عينها لسورة خاصة ام لا ، فان كان ذلك في

 

 

[ . . . ]

اثناء السورة بنى على التعيين لقاعدة التجاوز وان كان قبل الاتيان بالباقي يجب

اعادة البسملة لاي سورة اراد للشك في الاتيان ببسملتها ، فمقتضى قاعدة الاشتغال

والشك في المحل لزوم اعادتها ، وفي المقام فروع اخر ولاجل ظهور حكمها مما ذكرناه

اغمضنا عن ذكرها .

 

العدول من سورة إلى اخرى

 

المسالة الثالثة : يجوز العدول من سورة إلى اخرى اختيارا ما لم يبلغ النصف

الامن سورتين الجحد والتوحيد فانه لا يجوز ذلك الا في يوم الجمعة إلى الجمعة

والمنافقين . فها هنا فروع :

الاول : يجوز العدول من كل سورة إلى غيرها في الجملة بلا خلاف ظاهر .

وتشهد له جملة من النصوص : كخبر السكوني عن ابي عبد الله : عن الرجل

يقوم في الصلاة يريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو الله احد وقل يا ايها الكافرون فقال

( عليه السلام ) : يرجع من كل سورة إلا من قل هو الله احد وقل يا ايها الكافرون ( 1 ) .

وصحيح الحلبي : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : رجل قرأ في الغداة سورة

قل هو الله احد قال ( عليه السلام ) : لا باس ومن افتتح سورة ثم بداله ان يرجع في

سورة غيرها فلا باس الا من قل هو الله احد ولا يرجع منها إلى غيرها ، وكذلك قل

يا ايها الكافرون ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .

وما عن بعض من التردد في الحكم محتجا بان العدول ابطال للعمل وهو حرام ،

وبانه يلزم القران بين السورتين وهو منهي عنه ، ضعيف ، لان ما ذكر اجتهاد في مقابل

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 35 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 35 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2

 

 

[ . . . ]

النص فلا يعتني به .

الثاني : لا يجوز العدول من الجحد والتوحيد إلى غيرهما كما هو المشهور .

ويشهد له صحيحا الحلبي والسكوني المتقدمان ، وعن المعتبر : الكراهة ، وعن

المنتهى والذخيرة : التوقف في الحكم ، واستدل للجواز : بقوله تعالى ( فاقرأوا ما تيسر

من القرآن ) ( 1 ) وبما دل على جواز العدول منهما إلى الجمعة والمنافقين مع استحباب

قرائتهما بدعوى انه لو وجب الاتمام لما جاز العدول للاتيان بالمستحب .

وفيهما نظر : اذ الاية الشريفة : مضافا إلى انه لا اطلاق لها ، مخصصة

بالصحيحين المعتضدين بالشهرة .

واما الثاني : فيرد عليه انه لا ملازمة بين جواز العدول اليهما وعدم وجوب

اتمامها في صورة عدم العدول ، ولا يخفى ان مقتضى اطلاق نصوص المنع عدم جواز

العدول من احداهما إلى الاخرى .

 

العدول من الجحد والتوحيد إلى الجمعة والمنافقين

 

الثالث : يجوز العدول من الجحد والتوحيد إلى الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة

كما هو المشهور .

وتشهد له جملة من النصوص : كصحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه

السلام ) : اذا افتتحت صلاتك بقل هو الله احد وانت تريد ان تقرأ غيرها فامض فيها

ولا ترجع الا ان يكون يوم الجمعة فانك ترجع إلى الجمعة والمنافقين ( 2 ) .

......................................

( 1 ) سورة المزمل الآية 20 .

( 2 ) الوسائل باب 69 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2

 

 

[ . . . ]

وصحيح محمد بن مسلم عن احدهما ( عليه السلام ) : في الرجل يريد ان يقرأ

سورة الجمعة في الجمعة فيقرأ قل هو الله احد قال ( عليه السلام ) : يرجع إلى سورة

الجمعة ( 1 ).

وخبر علي بن جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) : وسالته عن القراءة في الجمعة

بما يقرأ ؟ قال ( عليه السلام ) : بسورة الجمعة واذا جاءك المنافقون وان اخذت في

غيرهما وان كان قل هو الله احد فاقطعها من اولها وارجع اليهما ( 2 ) . ونحوها غيرها .

ومورد هذه النصوص وان كان سورة التوحيد الا انه لعدم القول بالفصل بينها

وبين سورة الجحد يثبت الحكم فيها ايضا ، بل يمكن ان يقال ان قوله ( عليه السلام )

في خبر علي بن جعفر : وان اخذت في غيرهما وان كان قل هو الله احد . . . إلى آخره

الظاهر في ان سورة التوحيد اولى من غيرها بعدم العدول يدل على جواز العدول عنها

ايضا اليهما بالاولوية .

ثم ان مقتضى اطلاق الفتاوى عدم اختصاص الحكم بصورة نسيان المكلف

حين الشروع فيهما ، ويشهد له اطلاق خبر علي بن جعفر المتقدم ، والصحيحان وان

كان موردهما صورة النسيان ولا يشملان صورة العمد الا انهما لا يوجبان تقييد خبر

ابن جعفر ، فما عن المحقق والشهيد والثانيين من اختصاص الحكم بالناسي

لاختصاص الصحيحين به ، ضعيف .

واما ما ذكره بعض المحققين رحمهم الله في وجه شمول الحكم للعامد : بان

عمومات تحريم العدول قد خصصت وخرج منها الفرد الخاص من العدول ولو في

حال ، وبقاء دلالتها في حال آخر يحتاج إلى عموم حالى واذ ليس فليس ، فغير سديد ،

اذ العام بما انه من الافعال لا من الجواهر ، ومعلوم ان كل فعل صادر في كل حال مغاير

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 69 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 69 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 4

 

 

[ . . . ]

لما صدر في حال آخر ، فالعدول من السورتين إلى الجمعة والمنافقين في صورة النسيان

فرد من العام مغاير للعدول منهما اليهما في صورة العمد ، ومقتضى عموم دليل المنع عدم

الجواز في كل منهما ، لكنه خرج العدول في حال النسيان ، فيبقي العدول في حال العمد

تحت العام . فالعمدة ما ذكرناه .

ثم ان الظاهر أن محل جواز العدول يختص بصلاة الجمعة والظهر ولا يعم

العصر فضلا عن صلاه الصبح كما عن الشهيدين والمحقق الثاني التصريح به ، وعن

الفقيه والمبسوط والسرائر : ان ذلك في ظهر الجمعة ، وعن الحدائق : ان ذلك في الجمعة

لاظهرها ، وعن التذكرة والروض وغيرهما : ثبوت الحكم في الجمعة والظهر والعصر ،

وعن الجعفي : ثبوته في الجمعة والصبح والعشاء ليلتها .

ويرد على الاخير ان قوله ( عليه السلام ) في صحيح الحلبي ولا ترجع الا ان

يكون يوم الجمعة . . . إلى اخره يدل على اختصاص الحكم بيوم الجمعة ولا يعم العشاء ،

كما ان عدم توظيف الجمعة والمنافقين في الصبح يوجب انصراف الادلة عنها .

وعلى الاول : انه لاموجب لتقييد اطلاق صحيح الحلبي الشامل للعصر ، اذ

خبر ابن جعفر وان اختص بصلاة الجمعة الا انه لعدم التنافي بينه وبين الصحيح لا

يوجب تقييد اطلاقه ، و دعوى انصراف الاطلاق إلى صلاة الجمعة ممنوعة .

ومن ذلك يظهر ضعف القول الثاني والثالث ، وان الاقوى هو الرابع وهو ثبوت

الحكم في الجمعة والظهر والعصر فتدبر .

 

لا يجوز العدول بعد الثلثين

 

الرابع : لا يجوز العدول في موارد جوازه اذا بلغ النصف كما هو المشهور ، بل

بلا خلاف فيه في الجملة ، وعن كاشف العطاء : بقاء التخيير إلى الثلثين .

 

 

[ . . . ]

واستدل للاول : بمقطوعة البزنطي عن ابي العباس عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) : في الرجل يريد ان يقرأ سورة فيقرأ في اخرى قال ( عليه السلام ) : يرجع

إلى التي يريد وان بلغ النصف ( 1 ) . بدعوى ان الظاهر منه ان النصف هو اقصى محل

يجوز العدول من سورة إلى اخرى .

وبما في فقه الرضوي عن العالم ( عليه السلام ) : فان ذكرتها من قبل ان تقرأ

نصف سورة فارجع إلى سورة الجمعة ، وان لم تذكرها الا بعد ما قرأت نصف سورة

فامض في صلاتك ( 2 ) .

وبما عن دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد انه قال : من بدأ بالقراءة في الصلاة

بسورة ثم رأى ان يتركها وياخذ في غيرها فله ذلك ما لم ياخذ في نصف السورة

الاخر ( 3 ) . كما في نسخة المستند ، و ( الاخرى ) كما في غيرها .

وفي الجميع نظر : اذ خبر البزنطي : لا يدل على عدم جواز العدول بعد تجواز

النصف ، اذ غاية ما تدل عليه ( ان ) الوصيلة كون بعد النصف هو الفرد الخفي من

موارد جواز العدول .

واما الرضوي : فهو ضعيف السند ، بل لم يثبت لنا كون كتاب فقه الرضا من

كتب الروايات .

واما خبر الدعائم : فلا يدل على ذلك الا بناء على كون عبارته في نصف

السورة الاخر ، والا فان كانت بلفظة الاخرى بدل الاخر فيكون اجنبيا عن المقام ،

بل مفاده حينئذ جواز العدول اذا لم يؤخذ من وسط السورة التي يعدل اليها ، وحيث

لم يثبت الاول فلا يصح الاستدلال به .

.................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 36 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 2 ) المستدرك باب 28 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) المستدرك باب 27 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

ولو سلم تمامية ما ذكر سندا ودلالة فهو معارض بما دل على الجواز كخبر قرب

الاسناد عن علي بن جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) : عن الرجل اذا اراد سورة فقرأ

غيرها هل يصلح له ان يقرأ نصفها ثم يرجع إلى السورة التي اراد ؟ قال ( عليه

السلام ) : نعم ما لم يكن قل هو الله احد وقل يا ايها الكافرون ( 1 ) .

فتحصل : انه لا دليل على عدم جواز العدول اذا بلغ النصف ، فيرجع إلى عموم

ما دل على الجواز ، نعم موثق عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : في الرجل

يريد ان يقرأ السورة فيقرأ غيرها قال ( عليه السلام ) : له ان يرجع ما بينه وبين ان

يقرأ ثلثيها ( 2 ) . يدل على عدم جواز العدول بعد الثلثين .

و دعوى انه لا عراض الاصحاب عنه لا يعتمد عليه ، مندفعة بان عدم عملهم

به يمكن ان يكون لاعتقادهم دلالة بعض ما تقدم على عدم جواز العدول بعد

النصف ، وتقديمه على الموثق لا للاعراض عنه ، فالاقوى ما اختاره كاشف الغطاء

رحمه الله من بقاء التخيير إلى الثلثين .

وبذلك ظهر ضعف ما قواه صاحب الحدائق قدس سره من جواز العدول

مطلقا اخذا باطلاق اغلب الاخبار ، اذ يرد عليه : انه لا بد من تقييد الاطلاق بالموثق ،

نعم بناء على سقوطه عن الحجية بالاعراض يتم ما ذكره قدس سره ، ولا يرد عليه ما

ذكره بعض المحققين رحمه الله : من انه لو كان الموثق مخالفا للاجماع فيقيد

الاطلاق بالاجماع ، اذ الاجماع على فرض تحققه لاحجية له ، اذ من الممكن ان يكون

مدرك المجمعين النصوص المتقدمة ، وعليه فليس اجماعا تعبديا .

ثم انه بناء على عدم جواز العدول بعد الثلثين او النصف على الخلاف السابق ،

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 35 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 36 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2

 

 

[ . . . ]

فهل يجوز العدول من الجحد والتوحيد إلى الجمعة والنافقين مطلقا كما عن المبسوط

والنهاية والتحرير والارشاد والتذكرة والمنتهى وغيرها ام لا يجوز بعد الثلثين او النصف

كما عن السرائر والدروس وجامع المقاصد والروض وغيرها ؟ وجهان : اقواهما الثاني ،

اذ نصوص الجواز انما تدل على دخول الجحد والتوحيد في يوم الجمعة في موارد جواز

العدول ، والنصوص المتضمنة للحد انما تدل على محدودية جواز العدول في موارده ،

وعليه فتكون حاكمة على نصوص الجواز ، ولا اقل من اظهريتها فتقدم عليها ، ويؤيده

ان النصوص المتضمنة للحد تدل على عدم جواز العدول من غير الجحد والتوحيد إلى

الجمعة والمنافقين بعد النصف او الثلثين ، فيتعدى اليهما للاولوية .

ومما ذكرناه ظهر ما في كلام بعض المحققين رحمهم الله في المقام ، من ان الدليل

المتضمن للحد خصص بامرين : احدهما : ما دل على حرمة العدول من الجحد

والتوحيد ، والثاني : ما دل على استحباب الرجوع إلى الجمعة والمنافقين مطلقا حتى لو

كان ما بيده هو التوحيد والجحد ، فالقراءة يوم الجمعة خارجة عنه ، اذ يرد عليه : ان

النسبة بين الدليل المتضمن للحد وما دل على استحباب العدول من اي سورة إلى

الجمعة والمنافقين عموم من وجه ، ولاجل حكومة الاول على الثاني او اظهريته يقدم

عليه ، فلا وجه لتقييده بالثاني فتدبر .

 

العدول في مورد الضرورة

 

الخامس : يجوز مع الضرورة العدول بعد بلوغ النصف او الثلثين على الخلاف

في تحديد الجواز حتي في الجحد ، والتوحيد كما صرح به صاحب الجواهر رحمه الله

وغيره .

واستدل له : بانسباق غير ذلك من نصوص المنع فيرجع إلى الاصل ، وهو

 

 

[ . . . ]

يقتضى الجواز .

اقول : حق القول في المقام انه اما ان يكون تحريم العدول نفسيا ، او يكون

من باب الارشاد إلى المضى ، فيكون المضي واجبا او يكون وضعيا ، وعلى الاخير . اما

ان يكون العدول إلى سورة اخرى من الموانع ، او تكون السورة التي بيده جزء

معينا . فعلى الاول : يكون المورد من موارد دوران الامر بين المحذورين ، اذ العدول

حرام ، واتيان سورة كاملة واجب والحكم فيها هو التخيير .

ودعوى انسباق غير ذلك من نصوص المنع ممنوعة كما ان دعوى ان الضرورة

كما تبيح ترك السورة كذلك تبيح الاقتصار على بعضها ، مندفعة بانها يمكن ان تبيح

العدول ايضا .

وعلى الثاني يتعين العدول لعدم المزاحم ، اذ المضي لعدم امكانه لا يكون واجبا

فلا مزاحم لوجوب الاتيان بسورة كاملة .

وعلى الثالث : يكون المورد من موارد التنافي بين الاوامر والنواهي الضمنية التي

عرفت غير مرة انها من موارد التعارض ، فاطلاق دليل وجوب السورة يعارض اطلاق

دليل المنع عن العدول فيتساقطان ويرجع إلى الاصل وهو يقتضي التخيير .

وعلى الرابع : يتعين عليه الاقتصار لان السورة التي تكون جزء للصلاة

منحصرة فيما شرع فيه وغيرها ليس جزء ، فلا وجه للعدول . وبذلك يظهر ضعف

الاقوال الاخر ، فلاحظ .

 

نذر قراءة سورة معينة

 

فلو نذر ان ياتي بسورة خاصة في صلاته فنسي وقرأ غيرها فهل يجوز العدول

لو التفت في الاثناء وكان ما شرع فيه الجحد والتوحيد او كان غيرهما وكان بعد بلوغ

 

 

[ . . . ]

الثلثين ام لا ؟ وجهان .

اقول : لا ريب في ان النذر لا يوجب انحصار السورة التي تكون جزء للصلاة

في السورة المنذورة ، فما شرع فيه نسيانا يكون جزء للصلاة ومامورا به بناء على صحة

الترتب ، وعليه فموضوع حرمة العدول متحقق وحيث ان المعتبر في انعقاد النذر

رجحان متعلقه في ظرفه وهو مفقود في الفرض لحرمة العدول ، فيكون باطلا .

ودعوى انه كما يعتبر في صحة النذر رجحان المنذور في وقته كذلك يعتبر في

حرمة العدول مشروعية السورة التي شرع فيها ، وعليه فلا بد إما من البناء على بطلان

النذر ، او البناء على عدم حرمة العدول بدعوى ان صحة النذر توجب رفع مشروعية

الاتمام وامكانه فيجوز لذلك العدول ، ولا ريب في ان الثاني ارجح لتقدم النذر ، مندفعة

بما عرف آنفا من ان النذر لا يوجب عدم مشروعية غير السورة المنذورة ، فعلى فرض

صحة النذر لا يكون اتمام السورة التي شرع فيها غير مشروع كي لا يكون العدول

حراما لذلك ، فهو لا يكون رافعا لا مكان العدول ، ولكن اذا كان العدول حراما كما

هو كذلك لاطلاق ادلته كانت قراءة السورة المنذورة في الفرض مرجوحة ، واذا كانت

قراءتها مرجوحة بطل النذر فتدبر . فالاقوى عدم جواز العدول في الفرض .

 

القراءة من المصحف

 

المسالة الرابعة : يجوز القراءة من المصحف للقادر الحافظ وغيره كما عن

التذكرة ونهاية الاحكام والشرائع وغيرها ، وعن الشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم :

المنع .

واستدل له : بانه المعهود من فعل النبي صلى الله عليه وآله فيجب التاسي ،

وبالانصراف ، وبانه من قرأ من المصحف تكون صلاته في معرض البطلان بذهاب

 

 

[ . . . ]

المصحف من يده او عروض ما يمنعه او نحوهما ، وبان القراءة من المصحف مكروهة

فلا يمكن اتصافها بالوجوب ، وبخبر عبد الله بن اوفى : ان رجلا سال النبي صلى الله

عليه وآله فقال : اني لا استطيع ان احفظ شيئا من القرآن فماذا اصنع ؟ فقال صلى الله

عليه وآله له : قل : سبحان الله والحمد لله ( 1 ) . اذ لوجاز القراءة من المصحف لامره صلى

الله عليه وآله بها . وبخبر علي بن جعفر عن اخيه : سالته عن الرجل والمرة يضع

المصحف امامه ينظر فيه يقرأ ويصلي قال ( عليه السلام ) : لا يعتد بتلك الصلاة ( 2 ) .

وفي الجميع نظر : اذ يرد على الاول : ان فعله صلى الله عليه وآله لا يدل على

اللزوم ، ودليل وجوب التاسي قد عرفت انه مجمل ، والثاني ممنوع ، ومعرضية الصلاة

للبطلان في صورة القراءة من المصحف ممنوعة ، وعلى فرضها لا توجب البطلان ،

وكراهة القراءة من المصحف لا تنافي الوجوب لكونها كراهة في العبادة ، ومورد خبر

او في العامي امحض والا لوجب قراءته من المصحف لتقدمها على التسبيح اجماعا ،

واما خبر ابن جعفر فهو وان كان ظاهرا في المنع الا ان لابد من رفع اليد عنه وحمله

على الكراهة للجمع بينه وبين مصحح ابان عن الحسن بن زياد الصيقل قال : قلت

لابي عبد الله ( عليه السلام ) : ما تقول في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ فيه

يضع السراج قريبا منه ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا باس بذلك ( 3 ) .

 

اتحاد الفيل ولا يلاف

 

المسالة الخامسة : الاظهر اتحاد سورة الفيل ولا يلاف ، وكذ والضحى والم

...............................................................

( 1 ) سنن ابي داود ج 1 ص 305 الطبعة الثانية .

( 2 ) الوسائل باب 41 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 41 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

نشرح ، فلا تجزى في الصلاة احداها بناء على وجوب سورة كاملة كما هو المشهور ، وعن

السرائر والتحرير ونهاية الاحكام والتذكرة وغيرها : نسبته إلى علمائنا .

وتشهد له جملة من النصوص : كالمرسل في الشرائع : روى اصحابنا ان الضحى

والم نشرح سورة واحدة وكذا الفيل ولا يلاف ( 1 ) .

والمرسل المروي عن مجمع البيان : روى اصحابنا ان الضحى والم نشرح سورة واحدة

لتعلق احداهما بالاخرى ، ولم يفصلوا بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم ، وجمعوا بينهما في

الركعة الواحدة في الفريضة ، وكذلك القول في الم تر كيف ولا يلاف ( 2 ) .

والمرسل المحكي عن الهداية عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : وموسع عليك

اي سورة في فرائضك الا اربع وهي : والضحى والم نشرح في ركعة لانهما جميعا سورة

واحدة ، ولا يلاف والم تر كيف في ركعة لانهما جميعا سورة واحدة ، ولا ينفرد بواحدة من

هذه الاربع سور في ركعة ( 3 ) .

وما عن كتاب القرائة لاحمد بن محمد بن سيار عن البرقي عن القاسم بن

عروة عن ابي العباس عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : الضحى والم نشرح سورة

واحدة ( 4 ) . ونحوه المسند عن شجرة اخي بشر النبال ( 5 ) .

وضعف سند هذه النصوص منجبر بعمل الاصحاب ، ويؤيده صحيح زيد

الشحام : صلى بنا ابو عبد الله ( عليه السلام ) فقرأ الضحى والم نشرح في ركعة ( 6 )

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 10 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 9 .

( 2 ) الوسائل باب 10 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 6 .

( 3 ) الهداية ص 31 باب 45 .

( 4 ) المستدرك باب 7 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 5 ) المستدرك باب 7 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 6 ) الوسائل باب 10 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

واطلاق السورة على كل واحدة منها في خبر المفضل عن الامام الصادق ( عليه

السلام ) قال : سمعته يقول : لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة الا الضحي والم نشرح

والم تر كيف ولا يلاف ( 1 ) . انما يكون باعتبار تعددها صورة لا حقيقة لانه الذي يقتضيه

الجمع بينه وبين النصوص المتقدمة .

واما صحيح الشحام الاخر : صلى بنا ابو عبد الله ( عليه السلام ) فقرأ في الاولى

الضحى وفي الثانية الم نشرح ( 2 ) . وخبر داود الرقي المنقول عن الخرائج والجرائح قال :

فلما طلع الفجر قام - يعني الصادق ( عليه السلام ) - فاذن واقام واقامني عن يمينه وقرأ

في اول ركعة بالحمد والضحى وفي الثانية بالحمد وقل هو الله احد ثم قنت ( 3 ) فمضافا

إلى ضعف سند الثاني ، هما لا ينافيان ما تقدم بل يؤيدان ما اخترناه من جواز

التبعيض وعدم وجوب السورة الكاملة .

وبما ذكرناه ظهر ضعف ما عن المحقق في المعتبر وجماعة من من تاخر عنه من

انه لقائل ان يقول لا نسلم انهما سورة واحدة وان لزم قراءتهما في ركعة واحدة .

ثم ان الاقوى عدم الفصل بينهما بالبسمله كما هو المنسوب إلى الاكثر ، وعن

التهذيب : عندنا لا يفصل بينهما بالبسملة ، ويشهد له مضافا إلى الاصل اذ بعد ثبوت

كونهما سورة واحدة الشك في وجوب البسملة بينهما مورد لاصالة البراءة : المرسل

المحكي عن مجمع البيان المتقدم ، فما عن جماعة من لزوم قراءتها بينهما ضعيف ،

والاستدلال له باصالة الاحتياط للشك في قراءة السورة بتركها وبثبوتها في المصاحف

اضعف ، اما اصالة الاحتياط فقد عرفت ان المورد مورد لاصالة البراءة ، واما ثبوتها

في المصاحف فهو اعم من الجزئية ، اذ اثباتها فيها لعله يكون ناشئا عن اعتقاد ان كل

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 10 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 10 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 10 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 10

 

 

] ويجب الجهر في الصبح واولتي المغرب واولتي العشاء والاخفاف في البواقي ]

 

واحدة منها سورة مستقلة ، مع ان المحكي عن مصحف ابي سقوطها .

 

الجهر بالقراءة على الرجال

 

المسالة السادسة : ( ويجب ) على الرجال ( الجهر في الصبح واولتي المغرب

واولتي العشاء والاخفات في البواقي ) الاظهر يوم الجمعة فهاهنا فروع :

الاول : يجب الجهر على الرجال في الصبح والمغرب والعشاء ، والاخفاف في

الظهرين في غير الجمعة كما هو المشهور ، وعن الشيخ : دعوى الاجماع عليه ، وعن

المرتضى رحمه الله وابن الجنيد : استحباب ذلك .

ويشهد لوجوب الجهر والاخفات في مورديهما : صحيح ( 1 ) زرارة عن الامام

الباقر ( عليه السلام ) : في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه واخفى فيما لا ينبغي

الاخفاء فيه فقال ( عليه السلام ) : اي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه

الاعادة ، فان فعل ذلك ناسيا او ساهيا او لا يدرى فلا شئ عليه وقد تمت صلاته .

وجه الشهادة ظهور النقص بالضاد المعجمة في البطلان ، وكذلك الامر بالاعادة .

واحتمال ان يكون النقص بالمهملة لا يضر ، اذ مقتضى النقص حقيقة بطلان الصلاة

لا سيما مع تعقيبه بالامر بالاعادة ، مع ان في الجواهر : ان الموجود في كتب الفروع

والاصول بالمعجمة .

وصحيحه الاخر عنه ( عليه السلام ) قلت له : رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي

الجهر فيه او اخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه وترك القراءة فيه وترك القراءة فيما ينبغي

القراءة فيه وقرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه فقال ( عليه السلام ) : اي ذلك فعل ناسيا

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 26 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

او ساهيا فلا شئ عليه ( 1 ) . فانه بالمفهوم يدل على عدم جواز ذلك في صورة العمد .

واستدل لعدم الوجوب : بصحيح ابن جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) قال :

سالته عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه ان لا يجهر ؟ قال

( عليه السلام ) : ان شاء جهر وان شاء لم يفعل ( 2 ) . ولا جله يحمل ما ظاهره الوجوب

على الاستحباب .

وفيه : اولا : انه لاعراض الاصحاب عنه لا يعتمد عليه ، وثانيا : ان الصحيح

الاول لا يصح حمله على الاستحباب لما فيه من التاكيد لاسيما بملاحظة ان السؤال

انما يكون عن الوجوب بعد فرض الرجحان .

وبالاية الشريفة ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك

سبيلا ) ( 3 ).

وفيه : انها فسرت بتفاسير منها : ان المراد من الجهر المنهي عنه الجهر العالي

الزائد عن المتعارف ، ومن الاخفات ان لا يسمع نفسه .

ويشهد لكون مورد الجهر والاخفات اللازمين ما ذكرناه مضافا إلى انه

المتعارف من اول مشروعية الصلاة إلى زماننا جملة من النصوص : كخبر يحيى بن

اكثم : انه سال ابا الحسن ( عليه السلام ) عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي

صلاة النهار وانما يجهر في صلاة الليل فقال ( عليه السلام ) : لان النبي صلى الله عليه

وآله كان يغلس بها ( 4 ) .

وخبر الفضل بن شاذان عن الامام الرضا ( عليه السلام ) : في ذكر العلة التي

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 26 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 25 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 6 .

( 3 ) سورة الاسراء الآية 101 .

( 4 ) الوسائل باب 25 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3

 

 

[ . . . ]

من اجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض : من ان الصلوات التي يجهر

فيها انما هي في اوقات مظلمة فوجب ان يجهر فيها - إلى ان قال - واللتان لا يجهر

فيهما انما هما بالنهار في اوقات مضيئة ( 1 ) .

الثاني : لا يجب الجهر والاخفات في غير القراءة في الركعتين الاولتين ، اما فيما

عدا ما هو وظيفة الاخيرتين من القراءة او التسبيح فالظاهر انه مما لا خلاف فيه ،

وعليه الاجماع وسيرة المسلمين .

ويشهد له مضافا إلى ذلك صحيح علي بن جعفر عن اخيه موسى ( عليه

السلام ) : سالته عن الرجل هل يصلح له ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع

والسجود والقنوت ؟ قال ( عليه السلام ) : ان شاء جهر وان شاء لم يجهر ( 2 ) . ونحوه

صحيح علي بن يقطين عن ابي الحسن موسى ( عليه السلام ).

والظاهر كما فهمه الاصحاب : ان ذكر هذه الاشياء في الصحيحين انما يكون

من باب التمثيل ، فيكون الحكم شاملا لما يماثلها كالتكبير والتسليم .

وان شئت قلت : ان الجمع بينهما وبين ما دل على ان صلاة الليل جهرية وصلاة

النهار اخفاتية يقتضى حملهما على غير القراءة واختصاصه بها .

 

الاخفات في الركعتين الاخيرتين

 

واما فيما هو وظيفة الاخيرتين فالمشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة وجوب

الاخفاف فيه ، وعن غير واحد : دعوى الاجماع عليه ، وعن التذكرة وظاهر نهاية

الاحكام والتحرير والموجز والمدارك والبحار وغيرها : القول بالتخيير في التسبيحات ،

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 25 من أبواب الركوع حديث 1

 

 

[ . . . ]

وعن جماعة : التوقف في الحكم .

ويشهد للوجوب في القراءة : مواظبة النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم

السلام والمسلمين عليه الكاشفة عن كونها من ما ينبغي الاخفات فيه ، فيشملها

صحيحا زرارة الدالان على لزوم الاخفات فيما ينبغي الاخفات فيه .

واستدل له في التسبيحات : بان مقتضى خبر ابن حنظلة الدال على التسوية

بينها وبين القراءة ثبوت وجوب الاخفات فيها ايضا وباستمرار سيرة النبي صلى الله

عليه وآله والائمة ( عليه السلام ) عليه ، وبصحيح ابن يقطين : سالت ابا الحسن ( عليه

السلام ) عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام ايقرأ فيهما بالحمد وهو امام يقتدى

به ؟ فقال ( عليه السلام ) : ان قرأ فلا باس وان صمت فلا باس ( 1 ) . بدعوى ارادة

الاخفات من الصمت ، وان المراد من الركعتين ، الاخيرتان ، فيستفاد منه ان الاخفات

فيهما كان متعارفا بين المسلمين ومفروغا عنه وجوبه ، وبما دل على ان صلاة النهار

اخفاتية . فمقتضى اطلاقه وجوب الاخفات في تسبيحها ، فيلحق به تسبيح غيرها لعدم

الفصل .

وفي الجميع نظر : اذ دخوله في التسوية الدال عليها خبر ابن حنظلة ممنوع ،

واستمرار سيرة النبي صلى الله عليه وآله لا يدل على الوجوب ، ودليل التاسي قد

عرفت انه مجمل ، والمراد من الركعتين في الصحيح الاولتان بقرينة تخيير الماموم بين

القراءة وتكرها ، وما دل على ان صلاة النهار اخفاتية قد عرفت انه محمول على

القراءة .

فالاولى الاستدلال له بما سبق في القراءة من التمسك بصيح زرارة الدال

على لزوم الاخفات في كل مورد ينبغي الاخفات فيه ، ودعوى اختصاصه بالقراءة لما

............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من أبواب صلاة الجماعة حديث 13

 

 

[ . . . ]

في صحيحه الاخر من التخصيص بها ، ولانه مقتضى الجمع بينه وبين صحيح ابن

يقطين المتقدم المشتمل على استثناء التشهد وذكر الركوع والسجود والقنوت ، مندفعة

بان التخصيص بها في صحيحه الاخر انما يكون في كلام السائل فلا يوجب تقييد

كلام الامام ( عليه السلام ) ، ولا تنافي بينه وبين صحيح ابن يقطين كي يجمع بما ذكر .

فتحصل مما ذكرناه : ان الاقوى لزوم الاخفات فيما هو وظيفة الاخيرتين .

 

الجهر في ظهر يوم الجمعة

 

الثالث : يستحب الجهر في صلاة الجمعة وظهر يوم الجمعة .

اما في الاولى : فعن جماعة من الاكابر : حكاية الاجماع عليه ، وتشهد له جملة

من النصوص : كصحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) - في حديث - : والقراءة

فيها بالجهر ( 1 ) .

وصحيح العزرمي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : اذا ادركت الامام وقد سبقك

بركعة فاضف اليها ركعة اخرى واجهر فيها ( 2 ) . ونحوهما غيرهما المحمولة على

الاستحباب بقرينة الاجماع المحكي ، بل يمكن ان يقال : ان الامر به فيها لوروده

مورد توهم الحظر لا يدل على الوجوب .

واما في الثانية : فهو المشهور ، ويشهد له صحيح عمران الحلبي قال : سئل ابو

عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يصلي الجمعة اربع ركعات ايجهر فيها بالقراءة ؟

قال ( عليه السلام ) : نعم ( 3 ) . ونحوه مصحح الحلبي .

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

وصحيح محمد بن مسلم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال لنا : صلوا في

السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة فقلت : انه ينكر علينا الجهر

بها في السفر ؟ فقال : اجهروا ( 1 ) .

وخبر محمد بن مروان سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن صلاة ظهر يوم

الجمعة كيف نصليها في السفر ؟ فقال ( عليه السلام ) : تصليها في السفر ركعتين والقراءة

فيهما جهر ( 2 ) .

وهذه النصوص محمولة على الاستحباب بقرينة جملة من النصوص الاخر

كصحيح جميل : سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن الجماعة يوم الجمعة في السفر

قال ( عليه السلام ) : تصنعون كما تصنعون في الظهر ولا يجهر الامام فيها بالقراءة انما

يجهر اذا كانت خطبة ( 3 ) ونحوه صحيح ابن مسلم ( 4 ) .

بل دعوى عدم ظهور النصوص في الوجوب في انفسها غير بعيدة ، لان الامر

به فيها لوروده مورد توهم المنع كما يشير اليه صحيح محمد بن مسلم الظاهر في ان

الجهر كان امرا منكرا لدى المسلمين لا يكون ظاهرا في الوجوب ، فيحمل النهي في

الخبرين على نفي الوجوب .

ودعوى ان الجمع المزبور ليس جمعا عرفيا ، مندفعة بانه بعد رعاية القرائن

الداخلية في مقام الجمع يظهر كونه عرفيا ، وان ابيت عن ذلك فيتعين الاخذ

بالنصوص الاول لعمل الاصحاب بها ومخالفتها للعامة ، فيحمل الخبران على التقية

كما عن الشيخ رحمه الله ، ولكن ذلك لا يوجب القول بالوجوب لما عرفت من عدم

.................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 7 .

( 3 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 8 .

( 4 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 9 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ظهور النصوص فيه . فالقول بالوجوب ضعيف .

كما ان القول بالمنع كما عن ابن ادريس ترجيحا لنصوصه لاعتضادها

باطلاقات الاخفات ، ضعيف لما عرفت من ان الترجيح لنصوص الجواز .

وعن السيد رحمه الله : التفصيل بين الامام فيجهر وغيره فلا ، واستدل له : بخبر

علي بن جعفر : عمن يصلي العيدين وحده والجمعة هل يجهر فيهما ؟ قال ( عليه

السلام ) : لا يجهر الا الامام ( 1 ) .

وفيه : مضافا إلى ضعف سنده في نفسه وعدم عمل الاصحاب به : انه معارض

بمصحح الحلبي قال : سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن القراءة في الجمعة اذا

صليت وحدي اربعا اجهر بالقراءة ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ( 2 ) ويتعين الاخذ به

لوجوه لا تخفى .

 

لاجهر على النساء في الصلوات الجهرية

 

الرابع : لا يجب الجهر على النساء في الصلوات الجهرية اجماعا حكاه جماعة .

ويشهد له - مضافا إلى الاصل اذ ما دل على لزوم الجهر مختص بالرجال ولا

يشمل النساء ، وليس المورد من موارد التمسك بقاعدة الاشتراك لان في المرأة

خصوصية مقتضية لعدم مطلوبية الجهر منها - خبر علي بن جعفر عن اخيه موسى

(عليه السلام ) قال : سالته عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة قال

(عليه السلام ) : لا الا ان تكون امرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قراأتها ( 3 ) .

.................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 10 .

( 2 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 31 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2

 

 

[ . . . ]

المنجبر ضعف سنده بعمل الاصحاب .

واستدل له بان صوتها عورة يحرم اسماعه للاجنبي .

وفيه : مضافا إلى ان لازم هذا الوجه - ان تم - حرمة الجهر لا عدم وجوبه ما

تقدم في مبحث الاذان والاقامة من منع ذلك فراجع . نعم على فرض تمامية هذا الوجه

الاظهر ما عن الذكرى قال : ولو جهرت وسمعها الاجنبي فالاقرب الفساد . اذ النهي

عن الاسماع نهي عن الجهر بالقراءة لكونه مصداقا له ، وحيث ان الجهر والاخفات

يكونان من الاعراض الانتزاعية التي لا وجود لها سوى وجود معروضاتها ، فالنهي عن

الاجهار بالقراءة نهي عن الحصة الخاصة من القراءة فتبطل ، اذ النهي عن العبادة

يوجب الفساد ، وفساد القراءة يوجب فساد الصلاة المشتملة عليها ، اما لو قصد بها

الجزئية فلصدق الزيادة عليها ، واما ان لم يقصد بها الجزئية فلما دل على مبطلية الكلام

العمدي الخارج عنه الذكر والدعاء والقرآن غير المحرمة . فما عن الحدائق من

الاشكال عليه بانه لا وجه للفساد لكون النهي عن امر خارج ضعيف . واما في

الاخفاتية فالظاهر وجوب الاخفات عليهن لقاعدة الاشتراك .

 

الجهر في موضع الاخفات

 

الخامس : ان جهر في موضع الاخفات ، او اخفت في موضع الجهر ناسيا او

جاهلا ولو بالحكم صحت صلاته بلا خلاف فيه في الجملة .

ويشهد له صحيح زرارة المتقدم في اول المسالة ، ومقتضى اطلاقه عدم الفرق

فيه بين الجاهل بوجوبهما او الجاهل بمحلهما ، كمن تخيل ان الصبح اخفاتية والظهر

جهرية لصدق لا يدرى وان كان ناسيا في المقامين ، فما عن الجواهر من ان شمول

الدليل للثاني محل نظر او منع غير ظاهر الوجه ، كما ان مقتضى اطلاق النص عدم

 

 

[ . . . ]

الفرق بين الجاهل المتنبه للسؤال وغيره ، ودعوى انصراف الصحيح إلى الثاني ممنوعة .

ولو تذكر الناسي او الجاهل قبل الركوع لا يجب عليه اعادة القراءة ، لا طلاق

الصحيح ، وعموم حديث ( 1 ) ( لا تعاد ) بناءا على ما هو الحق من عمومه لصورة الجهل ،

وكذا لو تذكر في الاثناء لا طلاق النص .

ودعوى اختصاصه بالتذكر بعد الفراغ من الصلاة بقرينة قوله ( عليه السلام )

(وقد تمت صلاته ) مندفعة بان الظاهر منه ارادة المقدار الواقع منها ولا سيما بملاحظة

مقابلته بقوله ( عليه السلام ) ( وعليه الاعادة ) فلاحظ .

ثم انه قد يشكل في تعقل هذا الحكم في الجاهل المقصر ، من جهة ان اعتبار

الوصفين ، اما ان يكون منوطا بالعلم او لا يكون ، فعلى الاول : لاوجه لاستحقاق

العقوبة على المخالفة ، لعدم كونها مخالفة للواقع مع ان عليه الاجماع ، وعلى الثاني : فاما

ان يقبل الشارع الصلاة الفاقدة لاحدهما بعد وجودها بدلا عن الواجد ويوجب

سقوط الواجب فلا وجه ايضا لاستحقاق العقوبة ، واما ان لا يقبلها فيلزم بطلان

الصلاة الفاقدة له .

وبالجملة : لا يجتمع استحقاق العقوبة المتوقف على مخالفة الواقع مع الصحة

المتوقفة على موافقته .

وقد اجيب عن هذا الاشكال بوجوه احسنها منع استحقاق العقاب ، والالتزام

بانه في حال الجهل يكون الحكم الواقعي هو التخيير بين الجهر والاخفات ، فيجزى

الاتيان بكل منهما فلا موجب للعقاب عند الاتيان باحدهما ، ودعوى الاجماع عليه ،

مندفعة بعدم التعرض له في كلمات جماعة من الاصحاب ، مع ان المسالة عقلية لا يكون

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 29 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5

 

 

[ . . . ]

الاجماع فيها حجة ، مضافا إلى ان مدرك المجمعين معلوم .

 

التمييز بين الجهر والاخفات

 

الخامس : قد اختلفت عبارات القوم في التمييز ، بين الجهر والاخفات ،

فالمصرح به في كلمات جماعة منهم : ان اقل الجهر ان يسمع غيره القريب منه ، والا

خفات ان يكون بحيث يسمع نفسه لو كان سميعا ، بل عن المنتهى انه لا خلاف فيه ،

وعن المعتبر انه اجماع العلماء ، وعن البيان : نسبته إلى الاصحاب ، وعن الحلبي : ان

حد الاخفات اعلاه ان تسمع اذناك القراءة وليس له حد ادني ، وان لم تسمع اذناه

القراءة فلا صلاة له ، وان سمعه من عن يمينه او يساره صار جهرا ، وعن تفسير

الراوندي : ان اقل الجهر ان يسمع من يليك واكثر الاخفات ان تسمع نفسك ، وعلى

هذا فلا يكون تصادق بينهما موردا ، وعن جماعة آخرين : ان اعلى الاخفات ادنى

الجهر ولازمه التصادق بينهما موردا ، ولكن كل ذلك مخالف للعرف واللغة ، بل الاخفات

بحيث لا يسمع الغير عسر جدا ، وعن كشف اللثام : عسى ان لا يكون مقدورا .

فالصحيح ما ذكره المحقق رحمه الله وجماعة من المتاخرين عنه : من ان مناط

الجهر ظهور جوهر الصوت ويلزمه سماع الغير ، ومناط الاخفات عدم ظهوره مقيدا

بعدم سماع البعيد ، وحيث انه لم يرد عن الشارع تحديد لهما فمقتضى القاعدة الرجوع

فيهما إلى العرف ، ومع ذلك الاحوط مراعاة ادنى الاخفات .

نعم : ليس له الاكتفاء بمثل الهمهمة ، اذ يعتبر في صدق القراءة ان يكون

بحيث يسمعه نفسه ان كان سميعا بلا خلاف ، بل عن المعتبر والمنتهى : دعوى

الاجماع عليه ، ويشهد له : حسن زرارة لا يكتب من القراءة والدعاء الا ما سمع

 

 

[ . . . ]

نفسه ( 1 ) ويقتضيه قوله تعالى ( ولا تخافت بها ) ( 2 ) المفسر في موثق سماعة : بما دون

السمع ( 3 ) . ونحوه خبر اسحاق بن عمار ( 4 ) .

ودعوى معارضتها بصحيح الحلبي : هل يقرا الرجل وثوبه على فيه ؟ قال : لا

باس بذلك اذا سمع اذنيه الهمهمة ( 5 ) .

وصحيح علي بن جعفر : عن الرجل يصلح ان يقرأ في صلاته ويحرك لسانه

بالقراءة في لهواته من غير ان يسمع نفسه ؟ قال : لا باس ( 6 ) مندفعة بانه لا بد من حمل

الثاني منهما على ما اذا كان خلف المخالف للادلة الدالة على انه يجزى من القراءة

خلفه مثل حديث النفس ، واما الاول فهو لا ينافي ما تقدم اذ الهمهمة كما عن

القاموس : الصوت الخفي ، وبقرينة النصوص المتقدمة يحمل الصحيح على خصوص

الكلام الخفي الذي يسمعه نفسه وغيره اذا كان قريبا فتدبر .

كما انه يعتبر في الجهر ان لا يخرج عن المعتاد كالصياح بلا خلاف ، وعن

بعضهم : دعوى الاجماع عليه ، وتشهد له الاية الشريفة ( ولا تجهر بصلاتك ) ( 7 )

بضميمة موثق سماعة المتضمن لتفسير الجهر المنهي عنه برفع الصوت شديدا .

............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 33 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 ) الاسراء آية 11 .

( 3 ) الوسائل باب 33 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 33 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 6 .

( 5 ) الوسائل باب 33 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 4 .

( 6 ) الوسائل باب 33 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5 .

( 7 ) سورة الاسراء آية 110

 

 

]ولا يجوز قراءة العزائم في الفرائض [

 

قراءة العزيمة في الفريضة

 

المسالة السابعة ( ولا يجوز قراءة ) احدى سور ( العزائم في الفرائض ) على

المشهور ، بل عن الانتصار والخلاف والغنية وغيرها : دعوى الاجماع عليه .

ويشهد له خبر زرارة عن احدهما ( عليه السلام ) : قال : لا تقرأ في المكتوبة

بشئ من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة ( 1 ) .

وقد اورد عليه في المدارك بان في الطريق القاسم بن عروة وهو مجهول ،

وعبد الله بن بكير وهو فطحي .

وفيه : ان ابن بكير موثق ومن اصحاب الاجماع ، واما القاسم فهو وان اختلفت

كلمات الاصحاب فيه الا ان الاظهر كونه حسنا ، لكون اماميا مدحه جماعة ، هذا

مضافا إلى ان ضعف سنده لو كان يجبر بالشهرة العظيمة .

وموثق سماعة : من قرأ اقرأ باسم ربك فاذا ختمها فليسجد - إلى ان قال - ولا

تقرأ في الفريضة اقرأ في التطوع ( 2 ).

فان قلت : مقتضى الجمع بينهما وبين حسن الحلبي عن الامام الصادق ( عليه

السلام ) : انه سئل عن الرجل يقرأ السجدة في آخر السورة ؟ قال ( عليه السلام ):

يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع ويسجد ( 3 ) ونحوه غيره حملهما على

الكراهة .

قلت : انهما اخص من هذه النصوص لاختصاصهما بالفريضة فتقيد بهما

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 40 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 40 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 37 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

نصوص الجواز فتختص بالنافلة .

واما خبر علي بن جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) قال : سالته عن الرجل يقرأ

في الفريضة سورة النجم ايركع بها او يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها ؟ قال ( عليه

السلام ) : يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع وذلك زيادة في الفريضة ولا يعود

يقرأ في الفريضة بسجدة ( 1 ) . فدلالته على الجواز وان كانت لا تنكر لظهور السؤال في

المفروغية عن الجواز وقوله ( عليه السلام ) ( ولا يعود ) لا يدل على الحرمة كي يكون

رادعا عما اعتقده السائل ، لان الظاهر منه كون النهي عن العود من جهة الزيادة ،

وحيث ان الظاهر من قوله : يسجد . . . الخ عدم قادحيتها ، فلا بد من حمل النهي على

الكراهة ، وحمله على صورة السهو او غيره مناف لقوله ( عليه السلام ) ( لا يعود )

ومقتضى الجمع بينه وبين نصوص المنع حملها على الكراهة ، لا انه لا عراض

الاصحاب عنه لا يعتمد عليه .

ومنه يظهر ما في خبره الاخر عن اخيه ( عليه السلام ) قال : سالته عن امام

يقرأ السجدة فاحدث قبل ان يسجد كيف يصنع ؟ قال ( عليه السلام ) : يقدم غيره فيسجد

ويسجدون وينصرف هو وقد تمت صلاته ( 2 ) . فاذا المعتمد نصوص المنع .

وعليه فالنهي المذكور مع قطع النظر عن التعليل بان السجود زيادة في

المكتوبة يكون ظاهرا في الارشاد إلى المانعية ، واما بالنظر اليه فالظاهر منه الارشاد

إلى حكم العقل بحرمة التسبيب إلى مزاحمة الواجبين المضيقين الموجبة لسقوط

احدهما ، وهما : وجوب اتمام الصلاة والمضى فيها ، ووجوب السجود للعزيمة فورا ، لانه

بمنزلة ترك الساقط اختيارا فتكون قراءتها حراما ، فلو اتى بها تبطل الصلاة ولو لم

يسجد ، اما اذا قصد بها الجزئية فلصدق الزيادة ، واما ان لم يقصد بها الجزئية فلان

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 40 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 40 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5

 

 

[ . . . ]

الكلام المحرم وان كان ذاتا من الاذكار واجزاء الصلاة يوجب بطلان الصلاة كما حقق

في محله .

 

استماع آية السجدة في الصلاة

 

وتتفرع على ذلك امور : الاول : ان كل ما يوجب وجوب السجود ويكون

اختياريا كالاستماع والسماع الاختياري يكون حراما لكونه موجبا لسقوط احد

الواجبين ، وقد عرفت انه بمنزلة ترك الساقط ، ولكن شيئا منه غير القراءة بنفسه لا

يوجب بطلان الصلاة بل يكون حاله حال النظر إلى الاجنبية .

ودعوى ان الامر بالسجود بعد الاستماع يوجب فساد الصلاة لكونه امرا

بالابطال ولا يعقل معه بقاء الامر بالمضي في صلاته الذي هو لازم عدم البطلان ،

مندفعة اولا : بانه لا يظهر من النصوص كون السجود اهم من المضي في الصلاه

ليكون هو المامور به دونه فيكون الابطال مامورا به : لما عرفت من ان التعليل انما

يدل على ان حرمة القراءة انما تكون لاجل كونها سببا لمزاحمة الواجبين المضيقين ولا

يدل على تقديم احدهما على الاخر ، بل الظاهر من النصوص الامرة بالايماء في

الصلاة في الفروع الاتية اهمية الصلاة ، فلا امر بالسجدة بعد الاستماع مثلا ومنه

يظهر الوجه في فتوى جماعة من الاساطين كالشهيد الثاني وغيره من تحريم الاستماع

لاية السجدة وعدم وجوب السجدة في الصلاة .

وثانيا : انه لو سلم اهمية فورية السجدة والامر بها ، لكنها لا توجب عدم الامر

بالمضي في الصلاة ولو على سبيل الترتب ، فلو لم يسجد ومضي في صلاته صحت صلاته

فتدبر .

 

 

[ . . . ]

 

قراءة العزيمة سهوا

 

الثاني : لو قرأ المصلي احدى سور العزائم ساهيا ، فاما ان يتذكر بعد الدخول

في الركوع ، او يتذكر بعد قراءة آية السجدة او يتذكر قبل قراءتها ، فان تذكر بعد

الدخول في الركوع فلا شبهة في صحة صلاته لحديث ( لا تعاد الصلاة ) ( 1 ) وان تذكر

قبل تلاوة الاية فبناء على جواز التبعيض له الاكتفاء بما قرأ وتصح صلاته ، واما بناءا

على عدمه فعلى القول بعدم كون الاتيان ببعض السورة بقصد الجزئية مبطلا ، كما هو

الظاهر من نصوص العدول ، فلا تبطل صلاته ، ولكن لابد له من الرجوع إلى سورة

اخرى ويتم صلاته يشير اليه موثق عمار الاتي .

وان تذكر بعد قراءتها فان ترتب محذور آخر على قراءة سورة اخرى صحت

صلاته بلا اشكال لحديث ( لا تعاد ) ، والا ففي وجوب سورة اخرى وجهان : اقواهما

العدم لما عرفت من ان سورة العزيمة من حيث هي لا توجب البطلان ، بل البطلان

انما يكون من جهة كونها حراما المختصة حرمتها بغير حال السهو والنسيان .

وعن البيان : تعين العدول ، وقواه صاحب الجواهر ره ، واستدل له : باطلاق ما

دل على النهي عن العزيمة الموجب لتقييد وجوب السورة بغيرها من السور .

وفيه : ما تقدم من ان النهي عنها لاجل تعليله ، بان السجود زيادة في المكتوبة

لا يكون ارشادا إلى عدم الجزئية ، بل يكون ارشادا إلى حكم العقل بالحرمة المختصة

بغير حال النسيان .

ثم ان المنسوب إلى غير واحد من الاصحاب انه يؤمى بدل السجود عند قراءة

آية السجدة ساهيا ، وعن كشف الغطاء : انه يسجد في الاثناء ، وعن جماعة من

.............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 29 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5

 

 

[ . . . ]

المحققين : انه يؤخر السجود إلى ما بعد الفراغ ، وقيل : يجمع بين الايماء في الاثناء

والسجود بعد الفراغ .

والاقوى هو الاول : لخبر ابي بصير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : ان

صليت مع قوم فقرأ الامام اقرأ باسم ربك او شيئا من العزائم وفرغ من صلاته ولم

يسجد فاوم ايماء ( 1 ) . ونحوه مضمر سماعة .

وخبر ابن جعفر : عن الرجل يكون في صلاة في جماعة فيقرأ انسان السجدة

كيف يصنع ؟ قال ( عليه السلام ) : يؤمى برأسه ، قال : وسالته عن الرجل يكون في صلاة

فيقرأ آخر السجدة فقال ( عليه السلام ) : يسجد اذا سمع شيئا من العزائم الاربع ثم

يقوم فيتم صلاته الا ان يكون في فريضة فيؤمئ براسه ايماء ( 2 ) .

وهذه النصوص وان اختصت بالسمع الا انه يتعدى إلى غيره ما عدا القراءة

العمدية التي عرفت حكمها ، اذ يستفاد من هذه الاخبار ان من جملة موارد الاضطرار

التي يجب فيها الايماء بدلا عن السجود مورد السماع لاجل ان وجوب السجود فوري

واتمام الصلاة اهم ، فيتعدى عنه إلى ما يماثله .

وعن العلامة الطباطبائي الاشكال فيه ، بان مقتضى بدلية الايماء للسجود كونه

بحكمه في ابطال زيادته .

وفيه : مضافا إلى ان في مبدله نقول بالابطال لاجل النص تعبدا ، وحيث انه

مختص به فلا يتعدى عنه ، انه مع دلالة النصوص على جوازه ، وعدم ابطاله لا يعتنى

بمثل هذه الوجوه ، مع ان احتمال كون الحكمة في تشريعه هو الفرار عن محذور زيادة

السجدة قوى فكيف يوجب الوقوع فيه ؟

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 38 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 43 من أبواب قرائة القرآن حديث 3

 

 

[ . . . ]

ومما ذكرناه ظهر ضعف الاقوال الاخر .

 

المحرم قراءة آية السجدة

 

الثالث : ان المحرم انما هو قراءة آية السجدة لانها الموجبة لمزاحمة الواجبين ،

وحينئذ لو قرأ ما عداها من آيات السورة فبناء على جواز التبعيض له الاكتفاء بما

قرأ ويتم صلاته ، واما بناء على عدم فيتعين عليه العدول إلى سورة اخرى ، والاتيان

ببعض السورة بقصد الجزئية لا يكون مبطلا كما هو الظاهر من نصوص العدول

ويشهد له مضافا إلى ذلك موثق عمار عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : عن الرجل يقرأ

في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال ( عليه السلام ) : اذا بلغ موضع السجدة

فلا يقرأها ، فان احب ان يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع التي فيها لسجدة ( 1 ) .

الرابع : لو تعذر عليه السجدة لمرض او تقية ونحوها فالظاهر جواز قراءتها

اختيارا ويجتزى بها عن السورة الواجبة ، اذ النهي بما انه علل بان السجود زيادة في

المكتوبة فيختص بما اذا كانت القراءة موجبة للسجدة ، ومع عدم النهي لا مانع من

الاجتزاء بها فتدبر .

ودعوى انه عند تعذر السجود يجب الايماء بدلا عنه فهو بحكم مبدله ، قد

عرفت ما فيها ، كما ان دعوى ان ما دل على وجوب قراءة سورة كاملة قد تخصص

بالاخبار الناهية عن قراءتها ضعيفة ، لان القراءة في الفرض غير داخلة في المخصص ،

بل هي داخلة تحت العام .

وما ذكره بعض المحققين من ان كونها محرمة او غير محرمة من احوال الفرد

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 40 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3

 

 

]ولا ما يفوت الوقت بقراءته [

 

المخرج ولا يتعدد به افراد العام فلا يبقى للادلة الدالة على قراءة سورة كاملة بعد

ورود التخصيص عليها بالاخبار الناهية عن قراءة العزيمة دلالة على ارادتها من تلك

الادلة في غير حال حرمتها ، ضعيف ، اذ العام بما انه من الافعال لا من الجواهر ، ومن

المعلوم ان كل فعل صادر في كل حال مغاير لما صدر في حال آخر ، فالعزيمة المحرمة فرد

من العام مغاير للعزيمة غير المحرمة ، ومقتضى العموم اجزاء كل منهما ، لكنه خرجت

العزيمة المحرمة بخصوصها فتبقى غير المحرمة تحت العام .

ثم ان المعروف بين الاصحاب اختصاص المنع بالفريضة ، فيجوز قراءتها في

النافلة ، وعن الخلاف : دعوى الاجماع عليه .

ويشهد له مضافا إلى ما عرفت من اختصاص ادلته بها ، وبعض نصوص

الجواز المحمول على النافلة : موثق سماعة المتقدم قال : من قرأ اقرأ باسم ربك فاذا

ختمها فليسجد - إلى ان قال - ولا تقرأ في فريضة اقرأ في التطوع ، فيسجد بعد قراءتها

وهو في الصلاة ثم يتمها بلا خلاف ، ولا يلزم زيادة في الصلاة لان النص المانع عن

السجدة الدال على انها زيادة مختص بالفريضة ، مضافا إلى دلالة الموثق عليه ، نعم لو

كانت السجدة في آخر السورة جاز له الركوع وتاخير السجدة لخبر وهب بن وهب

عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن ابيه ( عليه السلام ) عن علي ( عليه السلام ) قال

: اذا كان آخر السورة السجدة اجزأك ان تركع بها ( 1 ) ولو سجد ثم قام للركوع

يستحب ان يقرأ الفاتحة ليركع عن قراءة لحسن الحلبي المتقدم .

 

لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته

 

المسالة الثامنة : ( ولا ) يجوز قراءة ( ما يفوت الوقت بقراءته ) من السور الطوال

………………………………………………..

( 1 ) الوسائل باب 44 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2

 

 

[ . . . ]

بلا خلاف ظاهر ، وعن الحدائق نسبته إلى الاصحاب ، وعن الرياض : نفي الخلاف

فيه الا عن بعض المتاخرين .

واستدل له : بانه يلزم من قراءته فوت الصلاة وتركها عمدا وهو حرام ، وبخبر

سيف بن عميرة عن ابي بكر الحضرمي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : لا تقرأ في

الفجر شيئا من ال حم ( 1 ) . بدعوى ان الظاهر كون النهي لفوت الوقت ، وبخبره

الاخر عن عامر بن عبد الله قال : سمعت ابا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : من قرأ

شيئا من ال حم في صلاة الفجر فاته الوقت ( 2 ) .

وفي الجميع نظر : اما الاول فلانه يتوقف على اقتضاء الامر بالشئ للنهي عن

ضده وهو خلاف التحقيق ، واما الخبران : فلان ظاهرهما بقرينة افضاء متعلق النهي

إلى ترك الواجب هو التحريم المقدمي العرضى فلا يكون تحريما حقيقيا .

ثم انه نسب إلى المشهور بطلان الصلاة بقراءته ، واستدل له بالخبرين

المتقدمين بدعوى ان ظاهرهما اما الارشاد إلى المانعية او الحرمة ، وعلى كلا الفرضين

يستفاد البطلان منهما ، اما على الاول : فواضح ، واما على الثاني : فلان الكلام المحرم ولو

كان ذاتا من اجزاء الصلاة موجب للبطلان .

وفيه : ما تقدم من ظهورهما في التحريم المقدمي ، وبانه مكلف بالسورة القصيرة

فلو اتى بها ايضا لزم القران المبطل والا لزم نقص الجزء المبطل .

وفيه : ان التكليف الفعلي وان اختص بالقصيرة ولكن حيث ان الطويلة يكون

فيها الملاك فلو اتى بها بداعى الملاك واقتصر عليها لم تلزم النقيصة ، وبان السورة

الطويلة ليست جزء لعدم امكان التكليف بفعل لا يسعه الوقت ، فالاتيان بها زيادة

.............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 44 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 44 من أبوب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

عمدية توجب البطلان .

وفيه : ان عدم كونها جزء للمامور به لا يوجب صدق الزيادة المبطلة عليها بعد

فرض ثبوت الملاك فيها واتى بها لا بداعى الامر بل بداعى الملاك .

وربما يفصل بين ما لو كانت السورة الطويلة موجبة لفوات الوقت قبل ادراك

ركعة من الصلاة او بعده فتبطل في الاول لانها لا تقع اداء لعدم ادراك ركعة منها في

الوقت ولا قضاء لعدم الامر بالقضاء حين الشروع فيها ، وهذا بخلاف ما لو ادرك

ركعة منها فانها تقع اداء كما عرفت في مبحث المواقيت .

وفيه : اولا : ان التفصيل في غير محله لما عرفت في ذلك المبحث ان شمول

قاعدة من ادرك مشروط بان يكون عدم ادراك تمام الصلاة في الوقت بغير الاختيار

فلا تشمل المقام .

وثانيا : انه لا وجه للحكم بعدم الصحة في كلا الموردين لو اتى بالصلاة معها

بقصد المحبوبية والملاك لا بداعى الامر ، اذ المستفاد من ادلة القضاء والاداء وحدة

ملاكهما ، غاية الامر ايقاع الصلاة في الوقت ذو ملاك آخر ، فلو اتى بها بداعى الملاك

صحت ، بل تصح لو نوى الجامع بين الامر الادائي والامر القضائي فتامل .

ولو قرأها ساهيا اوزاعما سعة الوقت او غافلا عن طولها ، فان تذكر بعد الفراغ

من السورة اتم صلاته ، وان لم يكن قد ادرك ركعة من الوقت ولكن لا يقصد الامر

الادائي فيما اذا لم يدرك ركعة من الوقت لعدمه ، بل ياتي بها بقصد الملاك او الجامع

بين الامرين الادائي والقضائي .

نعم فيما اذا ادرك ركعة في الوقت يتم صلاته بقصد الامر الادائي لقاعدة من

ادرك ، وان تذكر في الاثناء فان كان في سعة الوقت جاز له الاقتصار على ما قرأ بناء

على جواز التبعيض ووجب العدول إلى سورة اخرى بناء على عدمه ، وان لم يكن ذلك

في سعة الوقت وجب الاقتصار على ما قرأ بناء على جواز التبعيض ، وتخير بين

 

 

] ولا قرائة سورتين بعد الحمد [

 

الاقتصار عليه والعدول إلى سورة اخرى بناء على عدمه لما تقدم من التخيير بين

الاتيان بالسورة وعدمه في ضيق الوقت فراجع .

 

في القران بين سورتين او ازيد

 

) و ) المسالة التاسعة : نسب إلى المشهور بين القدماء : انه ( لا ) يجوز ( قراءة

سورتين ) او ازيد ( بعد الحمد ) في ركعة ، وعن الصدوق : انه من دين الامامية .

وتشهد له جملة من النصوص : كصحيح منصور بن حازم : قال ابو عبد الله

)عليه السلام ) : لا تقرأ في المكتوبة باقل من سورة ولا باكثر ( 1 ) .

وصحيح محمد بن مسلم عن احدهما ( عليه السلام ) : سالته عن الرجل يقرأ

السورتين في الركعة ؟ قال ( عليه السلام ) : لا لكل سورة ركعة ( 2 ).

وموثق زرارة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : في الرجل يقرن بين السورتين

في الركعة ان لكل سورة حقا فاعطها حقها من الركوع والسجود فقال : ذلك في

الفريضة واما في النافلة فلا باس ( 3 ) . ونحوها غيرها .

وفيه : انه لابد من صرفها عن ظاهرها وحملها على الكراهة جمعا بينها وبين ما

دل على الجواز كصحيح علي بن يقطين قال : سالت ابا الحسن ( عليه السلام ) عن

القران بين السورتين في النافلة والمكتوبة قال : لا باس ( 4 ) .

ويشهد لهذا الجمع ما رواه ابن ادريس عن زرارة عن الامام الباقر ( عليه

............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 8 من أبواب القرائة في الصلاة حديث .

( 4 ) الوسائل باب 8 من أبواب القرائة في الصلاة حديث

 

 

[ . . . ]

السلام ) : لا تقرن بين السورتين في الفريضة فان ذلك افضل ( 1 ).

فالاقوى هو الجواز مع الكراهة كما عن جماعة كثيرة ، بل نسب إلى جمهور

المتاخرين .

وقد اورد على القول بالكراهة بعدم معقوليته ، اذ القائل بالكراهة يلتزم بوقوع

الثانية عبادة ، والمفروض ان تركها ارجح ، اذ لا معنى لكراهتها في المقام حيث لا بدل

لها الا ذلك ، فكيف يجتمع هذا المعنى مع العبادية المتوقفة على الرجحان ؟

والحق في الجواب عنه ما افاده العلامة الانصاري ره من ان النهي التنزيهي في

امثال المقام من العبادات التي لا بدل لها ارشاد إلى وجود مصلحة في الترك ارجح من

مصلحة موجودة في الفعل لاجل كون الترك سببا لعنوان راجح في نفسه ، فكل من

الفعل والترك مستحب في نفسه ، لكن مصلحة الترك ارجح ، فليس النهي لاجل كون

الفعل مرجوحا لمفسدة فيه فينا في مع عباديته .

واشكل على ذلك العلامة النائيني ره بما حاصله : انه لو كان كل من الفعل

والترك مشتملا على المصلحة فلا يعقل تعلق الامر بكليهما لانه من طلب النقيضين ،

ولا باحدهما على سبيل التخيير لانه طلب الحاصل ، بل يكون من باب تزاحم

الملاكين ، فان كان احدهما اقوى يكون الحكم الفعلى على طبقه والا فلا يؤثر شئ

منهما في جعل الحكم .

وفيه : ان ما ذكر يتم فيما اذا كانت المصلحة مترتبة على مطلق وجود الفعل ،

واما اذا كانت مترتبة على حصة خاصة منه كما في موارد العبادات المكروهة اذ المصلحة

مترتبة على الفعل العبادي فلا محالة يكون من باب تزاحم المستحبين ، لان المكلف

قادر على تركهما والاتيان بالفعل بلا قصد القربة ، وعلى هذا لو كان في الترك مصلحة

...........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من أبواب القرائة في الصلاة حديث

 

 

[ . . . ]

اهم من ما يكون في الفعل للمولى ان ينهى عن الفعل ارشادا إلى ما في الترك من

مصلحة اهم ، وحيث ان هذا النهي لم ينشا عن المنقصة والحزازة في الفعل فلا ينافي مع

كون الفعل عباديا . وتمام الكلام موكول إلى محله .

ثم انه بناءا على كون النهي عن القران الزاميا يتعين القول بالبطلان لان

ظاهره اما ان يكون مانعية القران او اشتراط الاتحاد او الحرمة النفسية ، وعلى جميع

التقادير يدل على البطلان ، اما على الاولين فواضح ، واما على الاخير فلما حققناه في

محله من ان الكلام المحرم موجب لبطلان الصلاة ولو كان ذاتا من اجزائها ، والظاهر

تحقق القران بقراءة اكثر من سورة واحدة ولو آية ، ولا يتوقف على قراءة سورتين

كاملتين لصحيح منصور المتقدم .

ثم ان موضوع القران هل هو قراءة السورة الثانية بقصد الجزئية ام يكون

اعم من ذلك ؟ وجهان :

اقول : ان قراءة السورة الثانية تتصور على وجوه :

1.     ان تقرأ بقصد الجزئية بزعم تحقق الامتثال بالمجموع .

2.     ان يقرأ الزائد بقصد القرآنية .

3.     ان يقرأ لاجل احتمال فساد ما قرأه ويكون قراءة الزائد لاجل احراز

الصحة الواقعية .

4.           ان يقرأ او لا بعض السورة ثم يبدو له ان يرجع إلى سورة اخرى لتكون

هي الجزء ، ويرفع اليد عما قرأه .

اذا عرفت ذلك فاعلم ان القسم الاول : هو القدر المتيقن من الاخبار ، واما

الثاني : فلا شبهة في عدم شمول الاخبار له كما لا يخفى على من تدبر فيها ، واما

الرابع : فمضافا إلى خروجه عن الاخبار تدل على جوازه روايات كثيرة وقد تقدم

الكلام فيه ، واما الثالث : فالظاهر ايضا عدم شمول الاخبار له ، اذ من يقرأ سورة

 

 

] ويستحب الجهر بالبسملة في الاخفات[

 

اخرى احتياطا لايقصد ان يكونا معا جزء للصلاة بل يقصد انه ان لم يقع الاولى جزء

فلتكن الثانية جزء .

ثم انه لا خلاف في اختصاص الحكم منعا او كراهة بالفريضة ، ويشهد له موثق

زرارة قال ابوجعفر ( عليه السلام ) : انما يكره ان تجمع بين السورتين في الفريضة فاما

النافلة فلا باس ( 1 ) ( ويؤيده ) تشريعه في نوافل مخصوصة راجع كتب العبادات .

 

يستحب الجهر بالبسملة

 

) ويستحب ) فيها امور : الاول ( الجهر بالبسملة ) في مواضع يتعين ( في ) - ها

) الاخفات ) على المشهور ، وعن الخلاف : دعوى الاجماع عليه ، وعن القاضي

والصدوق : وجوبه مطلقا ، وعن الحلي : تخصيص الحكم بالاولتين ، وعن الاسكافي :

تخصيص الحكم بالامام .

ومستند الحكم جملة من النصوص : كصحيح صفوان الجمال : صليت خلف ابي

عبد الله ( عليه السلام ) فكان اذا كانت صلاة لا يجهر فيها جهر ببسم الله الرحمن

الرحيم وكان يجهر في السورتين جميعا ( 2 ) .

وما عن العيون بسنده الحسن كالصحيح إلى الفضل بن شاذان عن الرضا

( عليه السلام ) : انه كتب إلى المامون : والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع

الصلوات سنة ( 3 ).

.............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 21 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 21 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 6

 

 

[ . . . ]

وما في جملة من النصوص من عده من علامات المؤمن ( 1 ) ، ونحوها غيرها .

وظاهر بعض النصوص استحبابه مطلقا للامام وغيره ، واختصاص بعضها

بالامام لا يوجب تقييد المطلق منها ، كما ان مقتضى اطلاق مثل خبر الفضل عموم

الحكم للاوليين والاخيرتين اذا اختار فيما الحمد ، واختصاص بعض النصوص

بالاخفاتية التي تتعين فيها القراءة لو كان لا يوجب تقييد اطلاق النصوص الخالية

عن القيد ، وبه يرفع اليد عن قاعدة الاحتياط .

واستدل للقول بوجوبه : بخبر الاعمش عن جعفر ( عليه السلام ) والاجهار

ببسم الله الرحمن الرحيم واجب ( 2 ) .

وخبر سليم عن علي ( عليه السلام ) - في خطبة طويلة - : والزمت الناس بالجهر

ببسم الله الرحمن الرحيم ( 3 ) : وبانهم ( عليهم السلام ) كانوا يداومون عليه ، فلو كان

مستحبا لا خلوا به في بعض الاحيان .

واورد على الاول : بان الظاهر منه مطلق الثبوت ولا ظهور له في الوجوب

الاصطلاحي .

وفيه : ان الوجوب انما ينتزع من الامر بشئ وعدم الترخيص في تركه ، وحيث

ان دلالة الخبر على الامر به لا تنكر فلا بد من حمله على الوجوب ما لم يثبت جواز

تكره .

واورد على الثاني : بعدم تعرضه للصلاة .

وفيه : انه لو لم يكن مختصا بها فلا اقل من كونها القدر المتيقن من اطلاقه .

فالصحيح في الجواب عنهما : انهما ضعيفان سندا مضافا إلى اعراض الاصحاب

..............................................................................

( 1 ) الوسال باب 21 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 56 من كتاب المزار .

( 3 ) روضة الكافي ص 59 الطبع الحديث

 

 

[ . . . ]

عنهما ، مع ان صحيح الحلبيين عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) انهما سالاه عمن يقرأ

بسم الله الرحمن الرحيم حين يريد ان يقرأ فاتحة الكتاب قال ( عليه السلام ) : نعم ان

شاء سرا وان شاء جهرا قلت : افيقرأها مع السورة الاخرى ؟ فقال عليه السلام لا ( 1 )

يدل على الجواز فيجمع بينه وبينهما بحملهما على الاستحباب ، وما في ذيل الصحيح

من الترخيص في ترك البسملة في السورة لا يوجب حمل صدره ايضا على التقية .

فتحصل مما ذكرناه : انه يستحب الجهر بالبسملة في مواضع يتعين فيها

الاخفات مطلقا ، نعم لا يستحب بل لا يجوز الجهر بها للماموم الواجب عليه الاخفات

بالقراءة لانصراف النصوص عنه فيرجع إلى ما دل على لزوم الاخفات بالقراءة خلف

الامام عليه ، ويؤيده سقوط الجهر في موارد وجوب القرائة فتامل .

الثاني : الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الاولى على المشهور ،

وعن الذكرى وكشف اللثام والخلاف : دعوى الاجماع عليه .

وتشهد له جملة من النصوص : كصحيح الحلبي عن ابي عبد الله ( عليه السلام )

قال بعد ذكر دعاء التوجه بعد تكبيرة الاحرام : ثم تعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم

اقرأ فاتحة الكتاب ( 2 ) . ونحوه غيره .

والامر في هذه النصوص يحمل على الاستحباب بقرينة الاجماع عليه على ما

حكاه جماعة .

ومرسل الفقية : كان رسول الله صلى الله عليه وآله اتم الناس صلاة واوجزهم

كان اذا دخل في صلاته قال : الله اكبر بسم الله الرحمن الرحيم ( 3 ).

وخبر فرات عن ابي جعفر ( عليه السلام ) : اذا قرأت بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم

.............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 12 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 57 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 58 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2

 

 

[ . . . ]

فلا تبالي ان لا تستعيذ ( 1 ) .

ثم انه نسب إلى الاكثر انه ينبغي الاخفات بالاستعاذة ، وعن الخلاف : دعوى

الاجماع عليه ، وعن التذكرة وارشاد الجعفرية ، ان عليه عمل الائمة ( عليهم السلام ) ،

وعليه فيحمل خبر حنان : صليت خلف ابي عبد الله ( عليه السلام ) المغرب فتعوذ

باجهار اعوذ بالله من الشيطان الرجيم واعوذ بالله ان يحضرون ( 2 ) . على الجواز .

واما صيغتها : فالمشهور بين الاصحاب هي : ( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم)‏,

وعن الشهيد : هذه الصيغة موضع وفاق ، وتضمنها النبوي ، وفي النصوص وردت

بكيفيات مختلفة ، والجمع بينها يقتضى الحكم بحصول الامتثال بجميعها ، بل وبغيرها

مما تتحقق به الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، وان كان الاحوط اختيار احدى

تلك الصيغ .

 

يستحب قراءة بعض السور في بعض الصلوات

 

الثالث : قراءة بعض السور الخاصة في بعض الصلوات بلا خلاف ، ولكن

اختلفوا في تعيين ذلك البعض ، ففي الشرائع : ومنه اي من - المستحاب ان - يقرأ في

الظهرين والمغرب بالسور القصار كالقدر والجحد ، وفي العشاء بالاعلى والطارق وما

شاكلهما ، وفي الصبح بالمزمل والمدثر وما ماثلهما ، وهو المنسوب إلى المشهور ، ولكن

المتعين العمل بما في صحيح ابن مسلم قلت لابي عبد الله : القراءة في الصلاة شئ

موقت ؟ قال : لا الا الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين ، فقلت له : فاي السور نقرأ في

الصلاة ؟ قال ( عليه السلام ) : اما الظهر والعشاء الاخرة تقرأ فيهما سواء والعصر

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 58 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

( 2 ) الوسائل باب 57 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 4

 

 

] وقرائة الجمعة والمافقين في الجمعة وظهريها [

 

والمغرب سواء ، وأما الغداة فاطول ، فاما الظهر والعشاء الاخرة فسبح اسم ربك

الاعلى والشمس وضحيها ونحوهما ، واما العصر والمغرب فاذا جاء نصر الله والهيكم

التكاثر ونحوهما ، واما الغدا فعم يتسائلون وهل اتيك حديث الغاشية ولا اقسم بيوم

القيامة وهل اتى على الانسان حين من الدهر ( 1 ) وقريب منه صحيح عيسى القمي

او حسنه ( 2 ) . وما تضمناه هو المحكي عن جماعة من الاساطين كالمحقق والشهيد

وغيرهما . هذا في غير الجمعة وليلتها .

) و ) اما فيهما فيستحب ( قراءة الجمعة والمنافقين في الجمعة وظهريها ) اما

الجمعة والظهر فقد قيل بوجوب السورتين فيهما ، واستدل له بمصحح الحلبي قال :

سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن القراءة في الجمعة اذا صليت وحدى اربعا اجهر

بالقراءة ؟ فقال ( عليه السلام ) : نعم ، وقال : اقرأ بسورة لجمعة والمنافقين يوم الجمعة ( 3 ) .

وصحيح ابن مسلم المتقدم ، وصحيح منصور عن ابي عبد الله ( عليه السلام ):

ليس في القراءة شئ موقت الا الجمعة والمنافقين ( 4 ).

وصحيح عمر بن يزيد - او حسنه - قال ابو عبد الله ( عليه السلام ) : من صلى

الجمعة بغير الجمعة والمنافقين اعاد الصلاة في سفر او حضر ( 5 ) . ونحوها غيرها .

وفيه : انه وان كان ظهور هذه النصوص في الوجوب لا ينكر الا انه لابد من

صرفها عن ظاهرها وحملها على الاستحباب بقرينة ما هو صريح في الجواز كصحيح

علي بن يقطين قال : سالت ابا الحسن ( عليه السلام ) عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة

............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 48 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 واورد صدره . في باب 49 منها .

( 2 ) الوسائل باب 48 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 73 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 70 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 5 ) الوسائل باب 72 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1

 

 

[ . . . ]

بغير سورة الجمعة متعمدا قال ( عليه السلام ) : لا باس ( 1 ).

وخبره الاخر قال : سالت ابا الحسن ( عليه السلام ) عن الجمعة في السفر ما

اقرأ فيهما ؟ قال ( عليه السلام ) : اقرأ فيهم بقل هو الله احد ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .

ويشهد لهذا الجمع مضافا إلى انه جمع عرفي مرفوع . حريز وربعي عن ابي

جعفر ( عليه السلام ) : اذا كان ليلة الجمعة يستحب ان يقرأ في العتمة سورة الجمعة

واذا جاءك المنافقون ، وفي صلاة الصبح مثل ذلك ، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك وفي

صلاة العصر مثل ذلك ( 3 ) .

فان قلت : ان جملة نصوص المقام صحيح عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله

( عليه السلام ) قال : سمعته يقول في صلاة الجمعة : لا باس بان تقرأ فيهما بغير الجمعة

والمافقين اذا كنت مستعجلا وهو ( 4 ) اخص من كلتا الطائفتين ، وبمنطوقه ، يقيد ما دل على

الوجوب بغير صورة الاستعجال ، وبمفهومه يقيد ما دل على عدم الوجوب بصورة

الاستعجال .

قلت : ان صحيح ابن يقطين يابى عن هذا الحمل لان السوال فيه انما يكون

عن ترك الجمعة متعمدا اي من غير عذر ، فلا يصح حمل الجواب على غير هذا المورد ،

مع انه لعدم القائل بهذا التفصيل لا يعتمد عليه ، مع اختصاصه بصلاة الجمعة فتامل .

واما عصر يوم الجمعة فيشهد لاستحبابها فيها : مرفوع حريز المتقدم ، وصحيح

زراة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) - في حديث - : اقرأ بسورة الجمعة والمنافقين ،

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 71 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 71 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 49 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 71 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3

 

 

[ . . . ]

فان قراءتهما سنة يوم الجمعة في الغداة والعصر ( 1 ) .

واما في صبح يوم الجمعة فيستحب قراءة الجمعة والتوحيد ، وتدل عليه : روايات :

كخبر حسين بن ابي حمزة قال : قلت : بما اقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ؟ فقال ( عليه

السلام ) : اقرأ في الاولى بسورة الجمعة ، وفي الثانية بقل هو الله احد ( 2 ) .

ويظهر من جملة من الاخبار كمرفوعة حريز المتقدمة استحباب المنافقين في

الثانية ، ويظهر من خبر علي بن جعفر عن اخيه موسى قال : رأيت ابي يصلي ليلة

الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين ، وفي الفجر بسورة سبح اسم ربك الاعلى . استحباب

قراءة سبح اسم في الثانية ( 3 ).

والكل حسن لعدم المنافات بينها .

واما المغرب والعشاء ليلة الجمعة فيستحب فيهما الجمعة والاعلى ، وتشهد له

روايات : كخبر منصور بن حازم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : الواجب على

كل مؤمن اذا كان لنا شيعة ان يقرأ ليلة الجمعة بالجمعة وسبح اسم ربك الاعلى ، وفي

صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين . الحديث . ( 4 ) وقريب منه خبر ابي بصير ( 5 ) ، وخبر

البزنطي ( 6 ) .

وبعض الروايات يدل على استحباب المنافقين في ثانية العشاء كمرفوعة حريز

المتقدمة ، كما ان بعض الاخبار يدل على استحباب التوحيد في ثانية المغرب كخبر

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 49 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 49 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 10 .

( 3 ) الوسائل باب 49 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 9 .

( 4 ) الوسائل باب 49 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 8 .

( 5 ) الوسائل باب 49 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 6 ) الوسائل باب 70 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 11

 

 

]ويحرم قول آمين ويبطل ]

 

 الكناني عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال : اذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب

سورة الجمعة وقل هو الله احد . الحديث ( 1 ) . والكل حسن كما تقدم .

 

تنبيهان

 

الاول : المشهور بين الاصحاب انه ( يحرم قول آمين ) آخر الحمد ، بل عن

جماعة من الاساطين : دعوى الاجماع عليه ، بل ( و ) على انه ( يبطل ) الصلاة .

وتشهد له : جملة من النصوص : كحسن جميل عن ابي عبد الله ( عليه السلام):

اذا كنت خلف امام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل انت : الحمد لله رب العالمين ولا

تقل آمين ( 2 ).

وصحيح معاوية بن وهب : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) اقول : آمين اذا

قال الامام : غير المغضوب عليهم ولا الضالين ؟ قال : هم اليهود والنصارى ( 3 ) .

وخبر ابن مسكان عن محمد الحلبي : سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) اقول :

اذا فرغت من فاتحة الكتاب آمين ؟ قال : لا ( 4 ).

وظاهر النهي في امثال المقام وان كان هو المانعية او القاطعية لا الحرمة النفسية ،

الا انه يكفى للحكم بمبطليتها حرمتها النفسية ايضا بناء على ما هو الحق من ان

الكلام المحرم مبطل للصلاة مطلقا فلا ينبغي الاشكال في كونها مبطلة .

واما صحيح جميل : سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الناس في

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 49 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 11 .

( 2 ) الوسائل باب 17 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 17 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 17 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3

 

 

[ . . . ]

الصلاة جماعة حين تقرأ فاتحة الكتاب ( آمين ) قال : ما احسنها واخفض الصوت بها ( 1 ) .

فمضافا إلى انه يحتمل ان يكون بصيغة المتكلم وكلمة ( ما ) نافية و ( اخفض الصوت

بها ) بصيغة الماضي من كلام السائل ، فلا ينافي النصوص المتقدمة انه لا عراض

الاصحاب عنه لا يعتمد عليه .

فتحصل : ان الاقوى مبطليتها للصلاة ، واما حرمتها فتتوقف على حرمة ما

يقطع به الصلاة هذا .

ثم ان مورد النصوص وكثير من الفتاوى انما هو بعد الفاتحة كما هو المتعارف

عند الناس ، ففي غير ذلك لا دليل على حرمتها ومبطليتها ، ومقتضى القاعدة العدم

لانها دعاء عام في طلب استجابة جميع ما يدعى به كقولك : اللهم استجب ، وليست

اسما للدعاء ، فما عن جماعة من الاكابر من انها مبطلة مطلقا لكونها من كلام الادميين

ضعيف .

الثاني : المعوذتان من القرآن يجوز قراءتهما في الصلاة ، ويدل عليه مضافا إلى

الاجماع : خبر ( 2 ) صفوان ، وخبر ( 3 ) صابر ، الدالان على ان ابا عبد الله ( عليه السلام )

قرأهما في صلاته ، وخبر منصور بن حازم قال : امرني ابو عبد الله ( عليه السلام ) ان

اقرأ المعوذتين في المكتوبة ( 4 ) . فما في الفقه الرضوي من التصريح بما ذهب اليه ابن

مسعود من عدم كونهما من القرآن ، وعدم جواز قراءتهما في الفرائض لا يلتفت اليه .

تم الجزء الرابع من فقه الصادق على يد مؤلفه الاقل الجاني محمد صادق

الروحاني سنة الف وثلاثمائة وثلاث وسبعين هجرية ، ويتلوه في الطبع الجزء الخامس ان

شاء الله تعالى والحمد لله اولا وآخرا .

وقد تم الطبع الثاني في شهر جمادي الاخرة سنة 1390 هجرية وتم الطبع الثالث في.

.............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 47 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 47 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 47 من أبواب القرائة في الصلاة حديث 3