الباب السادس : في صلاة الجماعة

 

وهي واجبة في الجمعة والعيدين بالشرائط التي تقررت في محلها .

ويشهد له : - مضافا الى عدم الخلاف فيه - جملة من النصوص ، كصحيح زرارة

عن الامام الباقر ( ع ) : فرض الله على الناس من الجمعة الى الجمعة خمسا وثلاثين

صلاة منها : صلاة واحدة فرضها الله عز وجل في جماعة وهي الجمعة ( 2 ) .

وصحيحه الآخر عنه ( ع ) من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد فلا صلاة

له ولاقضاء عليه ( 3 ) . ونحوهما غيرهما ، وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا في الجزء الرابع

من هذا الشرح .

ولايجب الجماعة بالاصل لاشرعا ولاشرطا في غيرهما اجماعا

……………………………………………....

( 1 ) الوسائل باب 18 من أبواب اعداد الفرائض حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من أبواب صلاة الجمعة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة العيد حديث 10

 

 

]ومستحبة في الفرائض الباقية . [

 

ويشهد له : صحيح زرارة المتقدم آنفا ، وغيره من النصوص الواردة الجمعة .

ومستحبة في الفرائض الباقية كما هو المشهور وعن المصنف - ره - في

المنتهى ، والشهيد في الذكرى عليه ظاهر الاجماع .

اقول : لااشكال في استحبابها في الفرائض الحاضرة اليومية ، بل لعله من

ضروريات الدين .

ويشهد به : النصوص الكثيرة الواردة في مشروعيتها وفضيلتها ، مضافا الى

النصوص الخاصة الواردة في خصوص كل واحدة منها ، وبالجملة استحباب الجماعة في

اليومية الحاضرة مما لاشبهة فيه .

وكذلك لاينبغي التوقف في مشروعيتها في الفوائت .

ويشهد له : - مضافا الى استفادته من ادلة القضاء الدالة على ان الصلاة إذا

مضى وقتها ولم يؤت بها يجب الإتيان بها بما لها من الاجزاء والشرائط والاحكام

الواجبة والمستحبة خارج الوقت ، وان الفرق بين الاداء والقضاء انما هو في خصوص

الإتيان في الوقت وفي خارجه - اجماع المسلمين كما عن الذكرى ، والمستفيضة الواردة

في قضاء النبي ( ص ) واصحابه صلاة الصبح جماعة ( 1 ) .

وبعض النصوص الواردة في العدول من الحاضرة الى الفائتة الدال على

مشروعية الجماعة في الفائتة فيما إذا كان الماموم هو القاضي دون الامام كخبر عبد

الرحمن : وان ذكرها مع امام في صلاة المغرب اتمها بركعة ، ثم صلى المغرب ( 2 ) .

وخبر اسحاق بن عمار عن الامام الصادق ( ع ) قال ، قلت له : تقام الصلاة وقد

صليت ، فقال : صل واجعلها لما فات ( 3 ) .

...........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 61 من أبواب المواقيت حديث 6 وغيره من الابواب .

( 2 ) الوسائل باب 63 من أبواب المواقيت حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 55 من أبواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

وكذلك لا كلام في استحبابها في صلاة الآيات والاموات ، للنصوص الخاصة

الواردة فيهما المتقدمة في الجزء الرابع من هذا الشرح .

 

لا دليل على مشروعيتها في مطلق الفرائض

 

انما الكلام في مشروعيتها في مطلق الفرائض كالطواف ونحوه ، وقد استدل لها

بوجوه :

الاول : النصوص الواردة في باب الجماعة غير المختصة باليومية ، لاحظ صحيح

ابن سنان الصلاة جماعة تفضل على صلاة الفذ باربع وعشرين درجة ( 1 ) وخبر ابن

ابي يعفور لا صلاة لمن لايصلي في المسجد مع المسلمين الا من علة ( 2 ) ونحوهما

غيرهما .

وفيه ان تلك النصوص واردة في مقام : بيان شئ آخر من الثواب المترتب على

الجماعة والمشروعة ، والذم على تاركها ، ونحو ذلك فلا اطلاق لها من هذه الجهة .

الوجه الثاني : انه لافتاء المشهور بالاستحباب يدخل ذلك في موضوع اخبار

من بلغ ويثبت الاستحباب ببركة تلك النصوص .

وفيه : ان تلك الاخبار مختصة بما اذا تضمن استحباب الشئ رواية ضعيفة ،

ولاتشمل افتاء الفقهاء به .

وأما مااجاب به المحقق اليزدي - ره - بأن الجماعة في الواجبات على تقدير

مشروعيتها ليست من الامور المستحبة ، بل هي مصداق للواجب ، وافضل الفردين

منه ، فلا يمكن اثبات مشروعيتها بالاحتمال ، والدليل الضعيف .

.........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 1 من أبواب صلاة الجماعة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من أبواب صلاة الجماعة حديث 8

 

 

[ . . . . . . ]

فيرد عليه : ان الجماعة بنفسها عمل وهي غير الصلاة ، نعم يترتب على الجماعة

في الصلاة احكام وآثار ملحقة بالصلاة ، فاذا دل الدليل الضعيف على استحبابها وثبت

ذلك باخبار من بلغ الدالة على الاستحباب بالنحو الذي تكفله الدليل الضعيف ،

ترتب عليه احكام الجماعة فالصحيح ماذكرناه .

الوجه الثالث : صحيح زرارة والفضيل ، قلنا له : الصلاة في جماعة فريضة هي ؟

فقال ( ع ) : الصلاة فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ، ولكنها سنة ،

من تركه رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له ( 1 ) .

واورد عليه بايرادات :

احدها : ان السؤال فيه ظاهر في ان المشروعية كانت مفروغا عنها وانما

السؤال عن كونها فريضة فلا يكون الجواب واردا ، لبيان المشروعية ، كي يتمسك

باطلاقه .

وفيه : ان السؤال ليس ظاهرا في ذلك ، اذ ليس الا متضمنا للسؤال عن كونها

فريضة ، ولعله لم تكن المشروعية مفروغا عنها عندهما ، فتامل .

وعلى اي تقدير لو كان الجواب واردا لبيان نفي كونها فريضة لما كان وجه

لقوله ( ع ) بعد نفي الوجوب : ولكنها سنة فهذه الجملة أما ان تكون قرينة على ان

السؤال كان عن المشروعية ايضا أو تكون تفضلا محضا ، وعلى كل حال واردة لبيان

الاستحباب ، فلا مانع من التمسك باطلاقه .

اللهم الا ان يقال : انه ( ع ) لما بين عدم كونها فريضة اراد ان يبين انها من

المستحبات الاكيدة ، كي لايتركها السائل .

ثانيها : مانسب الى المحقق النائيني - ره - وهو ان ظاهر قوله ( ع ) : وليس

........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 1 من أبواب صلاة الجماعة حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها كونه على نحو سلب العموم على النحو العام

المجموعي بمعنى ان يكون سلب الفرض عن الجماعة بالنسبة الى مجموع الفرائض

بحيث لاينافيه ثبوت الفرض في الجمعة والعيدين ، وهكذا الكلام في قوله ( ع ) : ولكنها

سنة لان الظاهر اثبات السنة فيما نفي عنه الفرض فاذا لم يكن الفرض منفيا عن

جميع الفرائض لم تكن السنة ثابتة في جميعها .

وفيه : اولا : انه لاوجه لدعوى ظهور الجملة الاولى في كونها على نحو سلب

العموم ، اذ ذلك يتم فيما إذا كان النفي واردا على العموم وكان العموم منفيا كما في

قول القائل : ماكل مايتمنى المرء يدركه وأما إذا كان المنفي شيئا آخر كما في المقام

فان المنفي هو كونها فريضة ، فلا فرق بينه وبين اثبات ذلك الشئ في تلك الموارد

فكما انه في مورد الاثبات يحمل على كونه على النحو العام الاستغراقي مالم يثبت

خلافه فكذلك في مورد النفي وبالجملة لم يظهر لي الفرق بين اثبات شئ على العام

وبين نفيه عنه كي يحمل الاول على العالم الاستغراقي والثاني على المجموعي .

وثانيا : انه لو تم ذلك في الجملة الاولى لم يتم في الثانية اذ لازم كونها على النحو

العام المجموعي كون استحباب الجماعة في جميع الصلوات التي شرعت الجماعة فيها

حكما واحدا له امتثال واحد ، ومخالفة واحدة ، وهذا مما يقطع بخلافه ، فلا مناص عن

حمله على العام الاستغراقي .

الايراد الثالث : ان قوله ( ع ) الصلاة فريضة لم يرد منه مطلق الصلوات والا

لزم تخصيص الاكثر مضافا الى ان ذلك خلاف ظاهره بل المراد الصلوات اليومية

للانصراف ولا اقل من اجماله وهذا هو المتيقن منه .

وعليه فقوله ( ع ) : ولكنها سنة انما يدل على استحباب الجماعة في الصلوات

اليومية لا في كل صلاة واجبة ، وهو متين .

فتحصل انه لادليل على مشروعية الجماعة في غير الفرائض اليومية الا

 

 

[ . . . . . . . ]

الآيات وصلاة الاموات .

وأما في مثل صلاة الطواف التي التي لم يرد نص خالص في مشروعية الجماعة فيها

فلا بد من الرجوع الى الاصل وهو اصالة عدم مشروعية الجماعة .

وبه يظهر حال النافلة المذكورة مع ان مقتضى النصوص المتضمنة عدم

مشروعية الجماعة في النافلة الظاهرة في ارادة النافلة بالاصل - وان عرضها وصف

الوجوب ، لانطباق عنوان آخر عليها - عدم مشروعيتها فيها .

وأما ركعات الاحتياط ، فعلى القول بانها من الواجبات المستقلة وجبت لاجل

احتمال نقص الصلاة التي وقع الشك فيها وجابرة لنقصها أو متوسطة بين الجزئية

والاستقلال لاتشرع الجماعة فيها ، لما تقدم من عدم الدليل على مشروعيتها في غير

الخمس اليومية .

واما على القول بانها بأنفسها اجزاء من الصلاة على تقدير النقص فان لم يكن

مقتديا في أصل صلاته لااشكال في عدم ثبوت مشروعية الجماعة فيها حينئذ فانه لو

اقتدى بها وكانت في الواقع جزء لزم تحقق الائتمام في اثناء الصلاة وهو لايجوز .

وان كان مقتديا في أصل صلاته فاما ان يختلف الامام والماموم في الشك أو

يتفقان فيه ، فان اختلفا فيه ، فان لم يمكن ابقاء القدوة الى آخر الصلاة كما إذا شك

المأموم بين الاثنين والثلاث والامام شك بين الاربع والخمس فحكمه حكم سابقه

لزوال القدوة .

وان أمكن ذلك كما إذا شك الامام بين الاثنين والاربع والماموم شك بين

الثلاث والاربع فانهما يبنيان على الاربع ، ثم ياتي كل منهما بما هو وظيفته فالاظهر

عدم جواز الائتمام ، لقطع الماموم بأن الوظيفة الواقعية ليست ركعتين من قيام ، وبعبارة

اخرى : هو قاطع بعدم النقص ركعتين ومعه ليس له الاقتداء به .

وأما ان اتفقا في الشك كما إذا شكا بين الثلث والاربع فيمكن ان يقال بجواز

 

 

[ . . . . . . . . . ]

الاقتداء على هذا المبنى فانه لو كانت صلاتهما ناقصة كان الماموم مقتديا فيما هو جزء

من صلاته بما هو من اجزاء صلاة الامام وتكون هذه القدوة من أول الصلاة والا

فتقعان معا زائدتين .

ولكن مضافا الى ضعف المبنى يلزم من ذلك فسادها على تقدير الزيادة لعدم

مشروعية الجماعة في النافلة مع ان ظاهر النصوص ان الوظيفة هو الإتيان بما يقع جزءا

على تقدير النقص ونافلة على تقدير الكمال لازائدا فتحصل ان الاظهر عدم

مشروعية الجماعة فيها .

 

الجماعة الواجبة بالعرض

 

تنبيه :

تجب الجماعة بالعرض في موارد هكذا قيل .

الاول : مالو لم يحسن القراءة .

وفي العروة انه ان ضاق الوقت عن تعلم القراءة مع قدرته عليه يجب الائتمام .

وأما إذا كان عاجزا فلا يجب عليه حضور الجماعة .

وعن الجواهر التفصيل بين ماإذا كان ترك التعلم عن تقصير فيجب الائتمام .

وبين ما إذا كان للعجز عنه أو لعدم من يتعلم منه الى آخر الوقت فلا يجب .

وقيل لايجب مطلقا .

اقول : لعل ماذهب اليه صاحب الجواهر - ره - اقوى ذلك لانه في موارد

ترك التعلم لاعن تقصير يسقط وجوب القراءة التامة للعجز عنها وتكون القراءة

الملحونة إذا تمكن منها ، والناقصة إذا لم يقدر إلا على بعضها وقراءة شئ من القرآن

إذا لم يقدر إلا عليه والذكر مع عدم القدرة عليه ايضا على تفصيل تقدم في مبحث

 

 

[ . . . . . . . . ]

القراءة ابدإلا عن القراءة الكاملة يمقتضى الروايات المتقدمة في تلك المسالة

ومقتضى اطلاقها ذلك حتى مع التمكن من الائتمام .

فان قلت : ان الائتمام احد فردي الواجب الاولى فيجب تعيينا عند عدم

التمكن من الفرد الآخر الذي هو طرف التخيير ، ولاينتهى الأمر مع التمكن الى

المراتب الناقصة .

قلت : انه ان قلنا بأن الائتمام مسقط لوجوب القراءة المعتبرة في الصلاة - كما

لعله الظاهر من الادلة - لاوجه لتعينه بعد فرض سقوط الأمر بالقراءة التامة وبدلية

شئ آخر منها كما هو واضح .

وان قلنا بأنه بدل فمقتضى اطلاق ادلة البدلية الشامل لصورة التمكن من

الائتمام : ان كل مرتبة من مراتب القراءة طرف للتخيير بينها وبين الائتمام فالقادر

مخير بين القراءة التامة والائتمام ، والعاجز مخير بين الناقصة والائتمام ، وهكذا .

وبهذا البيان يظهر عدم تمامية ماقيل على القول بالبدلية من ان الائتمام بدل

اختياري والمراتب الناقصة ابدال اضطرارية لاينتقل الى الاضطراري مع التمكن

من الاختياري .

فانه يرد عليه : ان مقتضى اطلاق الادلة بدليتها عنها حتى مع التمكن من 

الائتمام ولازم ذلك كون تلك المراتب بالنسبة الى العاجزين بمنزلة التامة في حق

القادر فكما انه مخير بين القراءة والائتمام كذلك هؤلاء .

وأما في موارد ترك التعلم عن تقصير ، فان قلنا بانصراف تلك النصوص الى

صورة عدم التقصير فلا كلام وأما ان قلنا باطلاقها فحيث لاكلام في وجوب التعلم

واستحقاق العقاب بتركه وان امتنعت في ظرفها ، لان الامتناع بالاختيار لاينافي

الاختيار عقابا وان كان ينافيه خطابا ومن البديهي انه لو ائتم لما استحق العقاب

 

 

[ . . . . . . . . ]

فان ترك القراءة بترك التعلم يوجب العقاب على تقدير ترك الائتمام وإلا فلم يترك

واجبا فعليا ، كي يستحق العقاب ، فتدبر ، فيجب الائتمام عقلا فرار من استحقاق

العقاب .

 

الجماعة المنذورة

 

الثاني : ماإذا نذر الإتيان بالصلاة جماعة فانها تجب حينئذ

ثم انه لو خالف وصلى فرادى هل تصح صلاته أم لا وجهان .

واستدل للثاني بأن الأمر بالجماعة يقتضي النهي عن الفرادى ولا اقل من عدم

الأمر بهما لانهما ضدان والنهي عن العبادة موجب لفسادها .

وبأن مفاد قول الناذر : لله علي ان افعل كذا . جعل حق وضعي له تعالى ،

ومقتضى ادلة نفوذ النذر ثبوت ذلك فيكون الفعل المنذور لله تعالى ، ومقتضى مادل

على سلطنة كل احد على امواله وحقوقه قصور سلطنة الناذر عن كل ماينافي المنذور ،

فاذا لم يكن للناذر سلطنة على الصلاة فرادى ، لمنافاتها للصلاة جماعة كانت هي محرمة

وباطلة .

وبأن نذر الصلاة جماعة مرجعه الى تعيين ما في الذمة في صلاة الجماعة وعدم

الإتيان بفرد منه إلا الصلاة جماعة ، وعليه فيحرم الصلاة فرادى لكونها تفويتا

للمنذور الذي هو متعلق حق الله سبحانه ، فيشملها مادل على حرمة التصرف في مال

الغير وحقه بلا اذن من صاحبه .

وفي الكل نظر ، أما الاول ، فلما حقق في محله من ان الأمر بالشئ لايقتضي

النهي عن ضده ، وانه يمكن تصوير تعلق الأمر به ايضا بنحو الترتب .

 

 

[ . . . . . . . . ]

وأما الاخيران فلانه ليس مفاد صيغة النذر تمليك شئ لله ولااثبات حق

وضعي له ، بل ليس مفادها سوى الالتزأم بالمنذور ، وعلى ذلك فلا مورد لهذين الوجهين

اصلا .

مضافا الى عدم تمامية الاول منهما حتى على ذلك المسلك ، فان مادل على

سلطنة الناس على اموالهم وحقوقهم انما يدل على عدم سلطنة الغير عليها لا على

عدم سلطنته على كل ماينافيها ، فتحصل ان الاظهر انه لو خالف وصلى فرادى

صحت صلاته ، ووجبت حينئذ الكفارة ان كان متعمدا .

الثالث : ماإذا كان ترك اقول : ان كان الوسواس موجبا لبطلان الوسواس موقوفا عليها ،

 ذكره في العروة . الصلاة تم ماذكره وإلا فيرد عليه :

انه لادليل على ذلك ، ولا على حرمة الوسواس موجبا لبطلان الصلاة تم ماذكره وإلا فيرد عليه :

انه لادليل على ذلك ولا على حرمة الوسواس كي تجب الجماعة فرارا عن ذلك .

الرابع : ما إذا ضاق الوقت عن ادراك الركعة إلا بالجماعة ، والوجه في وجوبها :

مادل على وجوب ايقاع الصلاة في الوقت بضميمة قاعده من ادرك .

الخامس ما إذا امر احد الوالدين بها .

اقول : انه في الموارد التي يكون ترك الاطاعة ايذاءا لهما وعقوقا تجب الاطاعة

للآية الشريفة الدالة على حرمة ايذائهما بالمفهوم ( لاتقل لها اف ) ( 1 ) فتامل ،

وللنصوص الكثيرة المتضمنة ان العقوق من الكبائر ( 2 ) ، وفي غير ذلك لادليل على

وجوب الاطاعة .

والاستدلال له بقوله تعالى : ( وقضى ربك إلا تعبدوا إلا اياه وبالوالدين

............................................

( 1 ) الاسراء آية 24 .

( 2 ) الوسائل باب 46 من أبواب جهاد النفس ومايناسبه

 

 

[ . . . . . . . ]

احسانا ) ( 1 ) بدعوى ان اطاعتهما احسان غير تام ، اذ لايجب كل مايعد احسانا قطعا

سيما وقد فسرت الآية الشريفة في حسن ابي ولاد بأن يحسن صحبتهما وان يكلفهما ان

يسالاه شيئا مما يحتاجون اليه وان كانا مستغنيين ( 2 ) ولايمكن الالتزأم بوجوب ذلك .

كما ان الاستدلال له بخبر محمد بن مروان عن الامام الصادق ( ع ) في

الوالدين : وان امراك ان تخرج من اهلك ومالك فافعل فان ذلك من الايمان ( 3 ) في غير

محله اذ لايجب الاطاعة في مورد الخبر يقينا ، فلا بد من حمله على الاستحباب ،

ويؤيده بل يشهد له التعليل المذكور فيه ، وقد استدل له بوجوه اخر ضعيفة جدا ،

فالاظهر عدم وجوبها في غير ذينك الموردين .

ثم ان الجماعة الواجبة في هذه الموارد انما يكون وجوبها شرعيا لاشرطيا ،

فتصح الصلاة فرادى بناءا على عدم اقتضاء الأمر بالشئ للنهي عن ضده .

 

الجماعة لاتشرع في النافلة

 

ولاتشرع الجماعة في شئ من النوافل إلا مااستثني مما سياتي التعرض له ،

وعن المنتهى والذكرى وكنز العرفان دعوى الاجماع عليه .

ويشهد له : - مضافا الى اصالة عدم المشروعية لما تقدم من عدم الدليل على

مشروعية الجماعة في الصلوات مطلقا ، وان الاصل هو العدم - انه يستفاد العموم من

بعض ماورد في المنع عن الجماعة في نافلة شهر رمضان ، كقول الامام علي ( ع ) في خبر

.......................................................

( 1 ) الاسراء الآية 25 .

( 2 - 3 ) اصول الكافي ج 2 باب البر بالوالدين

من أبواب كتاب الايمان والكفر حديث 1 - 2

 

 

[ . . . . . . . . ]

سليم بن قيس واني اعلمتهم بان اجتماعهم في النوافل بدعة ( 1 ) فان دعوى كون

اللام للعهد والاشارة الى مافي صدر الخبر المختص بنوافل شهر رمضان وان كانت

ليست بعيدة الا انه من جهة ظهور اللام في نفسها في كونها للجنس - وتقدم فرد من

افراد الطبيعة لاينافي مع ارادة الجنس منها كي يكون قرينة للتصرف في ظهورها -

يحمل على إرادة الجنس منها .

واما ما عن التنقيح مرسلا عن علي ( ع ) انه قال : لا جماعة في نافلة الذي

استدل به لهذا القول فمن المحتمل قويا كونه هو الخبر المتقدم الذي استفدنا العموم

منه فليس خبرا آخر ويكون هو مؤيدا لتمامية الاستفادة المزبورة .

وخبر محمد بن سليمان عن الامام الرضا ( ع ) عن النبي ( ص ) انه قال : ان

هذه الصلاة - اي نافلة شهر رمضان - نافلة ولن تجتمع للنافلة - الى ان قال - واعلموا

انه لاجماعة في نافلة ( 2 ) .

ومورد الاستدلال به جملتان :

الاولى : قوله : ولن تجتمع . الى آخره ، فان الظاهر منه كونه من قبيل كبرى كلية

لقوله : هذه الصلاة نافلة .

الثانية : قوله : لا جماعه في نافلة .

ويشهد له ايضا الخبر المعتبر المحكي عن الفضل بن شاذان عن الامام الرضا

( ع ) في كتابه الى المأمون لايجوز ان يصلي تطوع في جماعة لان ذلك بدعة وكل بدعة

ضلالة وكل ضلالة في النار ( 3 ) ونحوه خبر الاعمش ( 4 ) .

...................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 10 من ابواب نافلة شهر رمضان حديث 4 من كتاب الصلاة .

( 2 ) الوسائل باب 7 من ابواب نافلة شهر رمضان حديث 6 .

( 3 - 4 ) الوسائل باب 20 من ابواب نافلة شهر رمضان حديث 5 - 6

 

 

[ . . . . . . ]

وعن المدارك والذخيرة الميل الى الجواز .

واستدل له بصحيح هشام عن الصادق ( ع ) عن المراة تؤم النساء قال تؤمهن

في النافلة ، واما المكتوبة فلا ( 1 ) .

ونحوه صحيحا الحلبي وسليمان بن خالد ( 2 ) ، وصحيح عبد الرحمن عن ابي

عبد الله عليه السلام صل باهلك في رمضان الفريضة والنافلة فاني افعله ( 3 ) .

ولكن يرد عليها : انها معارضة بالنصوص المتقدمة لاسيما النصوص ( 4 ) الواردة

في نافلة شهر رمضان التي هي متعددة وفيها الصحاح ويكون التعارض على وجه لا

يمكن الجمع بينهما كما لايخفى ، فلا بد من الرجوع الى المرجحات وهي مع نصوص

المنع لكونها أشهر ومخالفة للعامة فالاظهر عدم مشروعية الجماعة في النافلة .

هذا في النافلة بالاصل واما النافلة بالعرض كالصلاة المعادة جماعة والمتبرع

بها عن الغير والمأتي بها من جهة الاحتياط الاستحبابي فلا باس بالجماعة فيها .

اما الاولى فللنصوص الخاصة الواردة فيها .

واما الثانية : فلان دليل التبرع انما يدل على استحباب الاتيان بما في ذمة الميت

بما لها من الاجزاء والشرائط والموانع والاحكام الا ترى انه لايتوقف احد في اعتبار

جميع ماهو معتبر فيها في المتبرع بها ، مع انه لا اطلاق لدليل كل واحد من تلك

الامور ، وليس ذلك الا من جهة ماذكرناه ، وعليه فكما تكون الجماعة مشروعة في صلاة

الميت نفسها كذلك تكون مشروعة في المتبرع بها .

واما الثالث : فلانها ليست صلاة اخرى غير الصلاة اليومية ، بل المحرك انما

..............................................................................

( 1 - 2 ) الوسائل باب 20 من ابواب نافلة شهر رمضان حديث 1 - 9 - 12 .

( 3 ) الوسائل باب 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3 1 .

( 4 ) الوسائل باب 10 من ابواب نافلة شهر رمضان

 

 

] والعيدين مع اختلال الشرائط والاستسقاء[

 

هو الامر الوجوبي المحتمل تعلقه بها بما لها من الكيفية ولو جماعة .

) و ) قد استثني من الكلية المزبورة موارد :

منها : صلاة ( العيدين مع اختلال الشرائط ) وقد تقدم الكلام فيها في الجزء

الرابع من هذا الشرح ، وعرفت ان الاظهر عدم مشروعية الجماعة فيها .

) و ) منها : صلاة ( الاستسقاء ) وقد مر الكلام فيها في ذلك الجزء .

 

الجماعة في صلاة الغدير

 

ومنها : صلاة الغدير ، فعن المشهور جواز القدوة فيها بل عن ابي الصلاح ان

ذلك من وكيد السنن .

واستدل له بمراسل ابي الصلاح ( 1 ) ، وماعن المقنعة من حكاية ان النبي ( ص (

قبل نصب علي ( ع ) بالخلافة صلى ركعتين بالجماعة

واحتمال كونها صلاة الظهر مندفع بان النصب كان قبل الزوال على مافي

بعض النصوص .

وهذان الخبران وان كان لايثبت بهما المشروعية في انفسهما الا انه وقع الكلام

في اثباتها بهما بضميمة دليل التسامح .

فعن الجواهر والمحقق النائيني وبتبعهما بعض المعاصرين العدم .

وذهب المحقق الهمداني - ره - الى اثباتها بهما بواسطة دليل التسامح .

وقد استدل على الاول بوجوه :

…………………………………..

( 1 ) الكافي ص 160 الطبع الحديث ، والاشارة من الجوامع الفقهية ص 82 .

( 2 ) المقنعة ص 34

 

 

[ . . . . . . . . ]

الاول ان اخبار ( 1 ) من بلغ انما تدل على ترتب الثواب على مجرد الانقياد

فلا طريق لاثبات المشروعية .

وفيه : ماحققناه في حاشيتنا على الكفاية من دلالتها على استحباب العمل

الذي بلغ عليه الثواب .

الثاني : ان اخبار من بلغ انما تجرى حيث لادليل على نفي المشروعية وفي

المقام دلت النصوص والاصل على عدمها .

وفيه : انه بعد ثبوت استحبابها باخبار من بلغ تخرج عن موضوع تلك

الادلة وينتفي موضوع عدم المشروعية .

وبعبارة اخرى ان الفعل المشرع به لايكون حراما ذاتا وانما المحرم هو

التشريع المرتفع ببركة اخبار من بلغ ولولا ذلك لما امكن اثبات استحباب شئ

مما ورد الدليل على استحبابه التعبدي بها .

الثالث : مانسب الى المحقق النائيني - ره - وهو ان الادلة انما تدل على ان

الجماعة في النافلة بدعة ، والبدعة عبارة عن فعل مااراد الشارع عدمه وهي من

المحرمات الذاتية كشرب الخبر ومعلوم ان اخبار من بلغ لاتصلح لاثبات

مشروعية مادل الدليل ولو بعمومه او اطلاقه على حرمته ذاتا .

وفيه : ان ماذكر من عدم دلالة الاخبار على استحباب ماثبت حرمته بالدليل

وان كان لايبعد لظهور اخبار من بلغ فيما اذا كان المورد مما بلغ عليه الثواب فقط

ولاتشمل مااذا ثبت العقاب عليه بدليل معتبر ، الا ان ماذكره من ان الفعل الذي

يبدع به حرام ذاتا محل اشكال ومنع ، فان البدعة كالتشريع .

…………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب مقدمة العبادات

 

 

[ . . . . . . . . ]

ولعل الفرق بينهما استعمال البدعة فيما جعل في الدين في زمرة الاحكام مع

عدم كونه منها وهذا بخلاف التشريع فانه عبارة عن عقد القلب والبناء على كون

شئ من الدين والجري على وفقه عملا مع عدم كونه كذلك .

وبالجملة ، لادليل على حرمة البدعة اي الفعل الذي يبدع به ذاتا كي تصبر

الجماعة في النافلة محرمة ذاتا ، فلا تكون موردا لاخبار من بلغ .

الرابع : ان احكام الجماعة انما تكون مترتبة على الجماعة المستحبة ذاتا ، ولا

تكون مترتبة على ماثبت استحبابها عرضا لعنوان البلوغ الذي هو عنوان ثانوي .

وفيه ان الاخبار انما تدل على ثبوت الاستحباب بالنحو الذي يدل عليه الخبر

الضعيف مثلا لو دل الخبر الضعيف على استحباب الاستعاذة قبل القراءة فببركة

أخبار من بلغ يثبت جزئيتها الاستحبابية لا الاستحباب الاستقلالي ، وفي المقام بما

ان المرسل يدل على ثبوت مشروعية الجماعة بالنحو الذي تكون مشروعة في سائر

الموارد تثبت ذلك ببركة اخبار من بلغ لاشئ آخر .

فتحصل مما ذكرناه ان الاظهر مشروعية الجماعة في صلاة الغدير فتدبر في

اطراف ماذكرناه

 

ضابط مايصح الايتمام فيه من الصلوات

ومالايصح

 

تنبيه : في بيان ضابط مايصح الائتمام فيه من الصلوات ومالايصح .

فاعلم ان المشهور بين الاصحاب صحته في كل من الصلوات اليومية بمن يصلي

الاخرى أية منها كانت وان اختلف الفرضان عددا كالقصر والاتمام نوعا

 

 

[ . . . . . . . . ]

كالظهر والعصر ، وصنفا كالاداء والقضاء وكيفية كالجهر والاخفات بل لم ينقل

الخلاف في شئ من ذلك الا ماحكي عن والد الصدوق من منع اقتداء المسافر

بالحاضر وعكسه ، وعن الصدوق من منع الاقتداء في العصر بظهر الامام الا ان

يتوهمها العصر ولم يثبت مانسب اليهما وعن المنتهى والتذكرة وغيرهما دعوى

الاجماع على ذلك .

ويشهد له : اطلاق قوله ( ع ) في حسن زرارة والفضيل او صحيحهما المتقدم :

وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة .

ودعوى ان عمومه انما هو بالنسبة الى انواع الفرائض دون احوالها اذ ليس

له اطلاق احوالى فلا ينافيه اشتراط صحة الجماعة في كل فريضة بوقوع الائتمام بمثله

لابما يخالفه مندفعة بانه بعد فرض تسليم كونه في مقام البيان وعدم كونه في مقام

بيان حكم آخر ولذا يسلم المدعي عمومه بالنسبة الى انواع الفرائض لاوجه

لدعوى عدم ثبوت الإطلاق الاحوالي له .

ويشهد له ايضا : خبر عبد الرحمن البصري عن الامام الصادق ( ع ) فيمن

نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة اخرى ، قال ( ع ) : وان ذكرها مع امام في صلاة

المغرب اتمها بركعة ثم صلى المغرب الخبر ( 1 ) فإنه يدل على جواز القدوة بعد الذكر ،

مع أن صلاة المأموم حينئذ غير صلاة الامام نوعا وصنفا وكيفية بل وربما عددا كما لا

يخفى .

ويشهد له فيما اذا اختلفا في القصر والاتمام ، وفي النوع صحيح ابن مسلم

في المسافر قال ( ع ) : وان صلى معهم الظهر فليجعل الاولتين الظهر والاخيرتين

………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 63 من ابواب المواقيت حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . ]

العصر ( 1 ) فانه يدل على جواز اقتداء المسافر صلاة عصره بصلاة ظهر الامام الحاضر .

ونحوه موثق الفضل ( 2 ) وهو متضمن لجواز اقتداء الحاضر بالمسافر ايضا كما

سيمر عليك .

ويشهد له ايضا فيما اذا اختلفا صنفا : خبر إسحاق قلت لابي عبد الله ( ع ) :

تقام الصلاة وقد صليت ، فقال ( ع ) : صل واجعلها لما فات ( 3 ) .

وفي بعض فروض الاختلاف وان لم يرد نص خاص الا انه في المطلقات وفي

النصوص الخاصة الواردة في الموارد المخصصة بضميمة الغاء الخصوصية لاسيما مع

السيرة القطعية وذهاب المشهور الى صحة الجماعة في جميع الفروض كفاية فالحكم

في جميع فروض الاختلاف في اليومية خال عن الاشكال .

وأما ماحكي عن والد الصدوق من المنع عن اقتداء المسافر بالحاضر وعكسه

فقد استدل له بموثق الفضل بن عبد الملك عن الامام الصادق ( ع ) : لايؤم الحضري

المسافر ولا المسافر الحضري فإن ابتلى بشئ من ذلك فأم قوما حضريين فاذا اتم

الركعتين سلم ثم اخذ بيد بعضهم فقدمهم وامهم واذا صلى المسافر خلف قوم حضور

فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الاولتين الظهر والاخيرتين

العصر ( 4 ) .

وخبر ابي بصير : لايصلي المسافر مع المقيم فان صلى فلينصرف في الركعتين ( 5 ) .

اقول يرد عليهما : ان النهي فيهما محمول على الكراهة بقرينة مافي ذيلهما من

...............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1 - 6 .

( 2 ) الوسائل باب 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث 6 .

( 3 ) الوسائل باب 55 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث 6 .

( 5 ) الوسائل باب 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

التصريح بالجواز وبيان الوظيفة في صورة الاقتداء .

مضافا : الى ان بعض الصحاح المتقدمة وارد في هذا المورد ، ويدل على الجواز

كصحيح ابن مسلم .

وأما ما عن الصدوق من المنع عن الاقتداء في العصر بظهر الامام الا ان

يتوهمها العصر ثم يعلم انها كانت الظهر ، فقد استدل له في محكي الذكرى بان العصر

لاتصح الا بعد الظهر ، فاذا صلاها خلف من يصلي الظهر فكانه قد صلى العصر مع

الظهر مع انها بعدها ، ثم قال : إنه خيال ضعيف ، لان عصر المصلي مترتبة على ظهر

نفسه لا على ظهر إمامه .

أقول : يرد عليه - مضافا الى ذلك - انه لايعتني بمثل هذه الوجوه الاعتبارية

في إثبات الحكم الشرعي لاسيما وقد ورد النص على جواز القدوة في هذا المورد ،

كصحيحي ابن مسلم وحماد المتقدمين وليس نظر الصدوق على فرض الافتاء بذلك

الى هذا الوجه قطعا .

وربما يستدل له بصحيح علي بن جعفر عن أخيه ( ع ) عن إمام كان في الظهر

فقامت امرأة بحياله تصلي معه وهي تحسب انها العصر هل يفسد ذلك على القوم وما

حال المراة في صلاتها معهم وقد كانت صلت الظهر ؟ قال ( ع ) : لايفسد ذلك على

القوم ، ويعيد المراة صلاتها ( 1 ) .

وبخبر سليم قال سالته عن الرجل يكون مؤذن قوم وإمامهم يكون في طريق

مكة او غير ذلك فيصلي بهم العصر في وقتها فيدخل الرجل الذي لايعرف فيرى أنها

الاولى افتجزيه انها العصر ؟ قال : لا ( 2 ) .

......................................................................

( 1 ) الوسائل باب 53 من ابواب صلاة الجماعة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 53 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . . . . ]

وبمرسل الكليني في حديث : فان علم انهم في صلاة العصر ولم يكن صلى

الاولى فلا يدخل معهم ( 1 ) .

وفي الجميع نظر ، اما الاولان فلأنهما مخالفان لما نقل عن الصدوق من الحكم بالصحة

لو توهم أنها العصر ، فيصح ان يقال : انه لم يفت احد من الفقهاء بمضمونهما .

مع انهما معارضان للنصوص الخاصة المتقدمة الدالة على الجواز المعمول بها بين

الاصحاب والمعتبرة في أنفسها ، وموافقان لمذهب العامة .

وعليه فإما ان يطرحان ، او يحملان على خلاف ظاهرهما ، فيحمل الاول على

ماحمله عليه صاحب الوسائل باب قال : يمكن ان يكون المانع هنا محاذاتها للرجال أو

تقدمها عليهم او غير ذلك ويحمل الثاني على ارادة انها لاتجزيه عن العصر بمجرد

نية الامام مع ان الحكم بالاعادة في الاول يحتمل في نفسه ان يكون من جهة عدم

تاخرها عن الإمام فلا ظهور له في المقام .

وأما الثالث : فهو ضعيف السند ، غير معمول به ، معارض بما هو أصح منه

وأشهر ، فيحمل على إرادة عدم الدخول معهم بنية العصر ، هذا كله فيما اذا كانت

الصلاتان فريضتين ،

وكذلك يجوز الاقتداء اذا كانت صلاة الإمام فريضة فعلية ، وصلاة الماموم نافلة

بالعرض ، كاعادة الفريضة ندبا احتياطا اداءا او قضاءا ، او لادراك فضيلة الجماعة ، او

تبرعا عن الميت كما تقدم تفصيل ذلك كله ، وبما ذكرناه هناك يظهر حكم عكس هذه

الصورة وحكم اقتداء المتنفل بالمتنفل .

نعم في خصوص إعادة الصلاة احتياطا ، لايجوز الاقتداء في الصورتين

الأخيرتين ، لعدم إحراز كون الإمام مصليا ، إلا اذا كان احتياطهما من جهة واحدة كما

........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 53 من ابواب صلاة الجماعة حديث 5

 

 

]وتنعقد باثنين فصاعدا [

 

لايخفى .

وان كانت الصلاتان مختلفي النوع والنظم ، كاليومية والآيات فلا يجوز الاقتداء

في شئ منهما بالاخرى ، لعدم الدليل على مشروعية الجماعة في هذا المورد ، فان الدليل

انما دل على جواز الاقتداء في صورة الاتحاد نظما ، كاليومية باليومية ، والآيات بالآيات

وإما في غير ذلك فلا دليل عليه ، والاصل يقتضي العدم .

واما اذا كانتا مختلفي النوع ، متحدي النظم كاليومية والطواف ، فحيث عرفت

عدم مشروعية الجماعة في الطواف ، مضافا الى عدم الاطلاق لدليل شرعية الجماعة

بحيث يشمل موارد الاختلاف بهذا النحو ، فالاظهر عدم الجواز .

 

فيما تنعقد به الجماعة

 

وتنعقد الجماعة في غير الجمعة والعيدين باثنين فصاعدا احدهما الامام ،

والآخر الماموم بلا خلاف فيه ، بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه .

ويشهد له : نصوص كثيرة كصحيح زرارة او حسنه عن ابي عبد الله ( ع ) قال ،

فقلت : الرجلان يكونان جماعة فقال : نعم ويقوم الرجل عن يمين المراة ( 1 ) .

وصحيح محمد بن مسلم عن احدهما ( ع ) الرجلان يؤم احدهما صاحبه ( 2 )

ونحوهما غيرهما .

ولافرق في الاثنين الذين ينعقد بهما الجماعة بين كونهما رجلين ، او امراتين او

كون الامام رجلا والماموم امراة ، بلا خلاف ولا اشكال في الرجلين والرجل والمراة ،

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

لورود النص في الموردين .اما في المورد الاول فما تقدم .

واما في المورد الثاني فخبر الصيقل عن الامام الصادق ( ع ) قال : سالته كم

اقل ماتكون الجماعة ؟ قال رجل وامراة ( 1 ) .

انما الاشكال في المورد الثالث فانه قد يتوهم ان مقتضى خبر الصيقل عدم

الانعقاد بامراتين .

ولكنه يمكن دفعه بانه يدل على مشروعيتها في هذا المورد اطلاقات الجماعة

والنصوص المتقدمة بعد الغاء الخصوصية لو ثبت جواز كونها اماما ، وسياتي تنقيح

المسالة فيما سياتي .

واما خبر الصيقل - فمضافا الى احتمال كونه كسائر النصوص التي استدل بها

على عدم جواز امامة المراة المحمولة على غير ظاهرها كما سيأتي - انه يمكن ان يكون

العدول عن ذكر الامراتين في اقل ماتنعقد به الجماعة هو قلة وجود هذا الفرد فتدبر

فلا إشكال في الحكم من هذه الجهة .

ولا فرق ايضا بين ان يكونا بالغين ، او يكون الماموم صبيان مميزا .

ويشهد للثاني : النصوص الواردة في ان اول جماعة انعقدت كانت من النبي

(ص ) وامير المؤمنين ( ع ) وعلي عليه السلام في ذلك الوقت كان صبيا ( 2 ) .

وخبر ابي البختري عن جعفر قال : ان عليا قال : الصبي عن يمين الرجل

في الصلاة اذا ضبط الصف جماعة ( 3) .

.........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة الجماعة حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة الجماعة حديث 12 .

( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة الجماعة حديث 8

 

 

[ . . . . . . . ]

واما امامة الصبي لمثله ، او للبالغ فسياتي تنقيح القول فيها في شرائط امام

الجماعة .

واما في الجمعة والعيدين فيعتبر اكثر من اثنين بلا كلام ولا اشكال وان وقع

الخلاف في اعتبار الخمسة او السبعة ، كما فصلنا الكلام فيه في مبحث صلاة الجمعة و

العيدين في الجزء الرابع من هذا الشرح .

 

حكم الشك في شرائط الجماعة

 

فصل : فيما يشترط في الجماعة .

وقبل الشروع في بيان الشرائط لابد من تاسيس الاصل في القيود المشكوك

اعتبارها في الجماعة ، كي يرجع اليه عند عدم الدليل على احد الطرفين ، فاقول : ان

المشكوك اعتباره تارة يكون مما يحتمل دخله فيها شرعا مع عدم الدليل عليه واخرى

يكون مما يحتمل دخله فيها عرفا ، وثالثة يشك في اندراجه تحت العنوان المذكور في

الدليل ثم انه تارة يشك في انعقاد الجماعة مع فقده حدوثا واخرى يشك فيه بقاءا .

فان كان مايحتمل اعتباره غير معتبر فيها عرفا وشك في اعتباره شرعا مع عدم

الدليل عليه فيمكن القول بعدم اعتباره ، لوجوه :

( 1 ) قوله ( ع ) في صحيح زرارة والفضيل المتقدم في صدر المبحث : ولكنها سنة

بناءا على ماتقدم من وروده في مقام البيان لا اصل التشريع ، فان مقتضى اطلاقه

اللفظي عدم الاعتبار .

( 2 ) الاطلاق المقامي ، اذ القيد مما يغفل عنه العامة والجماعة ، يبتلي بها عامة

الناس فعدم التعرض له في الاخبار يوجب القطع بعدم دخله والا لزم الاخلال

 

 

[ . . . . . . . . . ]

بالغرض .

( 3 ) اصالة البراءة عن دخل القيد فيها بناءا على جريانها في الاقل والاكثر .

واورد على الاخير بوجوه .

الاول : ماافاده المحقق اليزدي - ره - بان اصالة البراءة انما تجري حيث لا

دليل على عدم صحة العمل مع فقد المشكوك فيه ، وفي المقام الدليل موجود ، وهو عموم

لاصلاة الا بفاتحة الكتاب فانه يقتضي بطلان كل صلاة فاقدة للفاتحة ، خرج عنه

الجماعة الواقعية ، فاذا شك في اعتبار قيد فيها فالعموم المذكور يقتضي بطلان تلك

الصلاة لو ترك القراءة فيها وبهذا العموم يستكشف عدم كونها من افراد الجماعة

الواقعية ، فانها لو كانت منها كانت القراءة ساقطة .

وفيه : ان الخارج عن العموم المذكور الجماعة المشروعة ، فاذا جرت اصالة

البراءة عن اعتبار القيد المشكوك فيه وثبتت مشروعية الجماعة الفاقدة له دخلت تلك

الصلاة في المخصص ومعه لامورد للرجوع الى العموم .

وبعبارة اخرى ان الاصل انما يبين حال الفاقد ويدخله في عنوان المخصص ،

فلا يعقل مانعية العموم الذي هو حجة في غير مورد صدق عنوان المخصص عن

جريانه .

وان شئت قلت : ان موضوع العموم المذكور الصلاة التي لاتكون جماعة ،

والاصل انما يجري وينقح به الموضوع مع ان العموم المذكور لو كان جاريا في نفسه

لما دل على عدم كون هذه الجماعة مشروعة لعدم حجيته في هذا المدلول الالتزامي ،

فلا وجه لمنعه عن جريانه .

الوجه الثاني : اختصاص حديث الرفع بالاحكام التكليفية وعدم جريانه في

الاحكام الوضعية .

 

 

[ . . . . . . . . . . . ]

وفيه : - مضافا الى عمومه لها كما حققناه في محله - ان دليل البراءة لايختص

به ، وفي غيره كالاستصحاب ونحوه غني وكفاية .

الوجه الثالث : مااستند اليه بعض المعاصرين ، وحاصله ان البراءة وان كانت

تجري عند دوران الامر بين الاقل والاكثر ، الا ان ذلك في غير باب الاسباب

والمحصلات ، وفي ذلك الباب لاتجري البراءة لو شك في جزئية شئ او شرطيته

للسبب والمحصل ، ولذلك اوجبوا الاحتياط عند الشك في جزئية شئ او شرطيته

للوضوء او الغسل او التيمم اذا كان الموضوع هو الطهارة الحاصلة من احدها ، ولم

يكتفوا في البناء على حصلوها بالرجوع الى البراءة في نفي الجزئية او الشرطية

المشكوك فيها ، والمقام من هذا القبيل ، فان انعقاد الجماعة انما يكون بجعل الامامة

للامام من الماموم في ظرف اجتماع الشرائط فاذا شك في جزئية شئ او شرطيته للامام

او الماموم او الائتمام فقد شك في الانعقاد الملازم للشك في حصول الامامة والمامومية ،

والاصل العدم في جميع ذلك .

وبعبارة اخرى : الشك في المقام في ترتيب الاثر على الجعل المذكور ، ومقتضى

الاصل عدمه .

ويرد عليه اولا : ان الجماعة والمامومية والامامية انما تكون بجعل المأموم ذلك ،

وبنية الاقتداء بالامامة في الصلاة المعينة ، وجميع هذه العناوين توجد بوجود هذا القصد

والاعتبار وليست لها وجودات منحازة عن ذلك مسببة عنه ، كي يجري في المقام ما

ذكروه في باب الاسباب والمحصلات .

وان شئت قلت : ان الموجود الخارجي وما هو مستحب انما هو نية الماموم

الائتمام في الصلاة بامام خاص ، فاذا تحقق ذلك يصير الماموم ماموما لكونه ناويا

للاقتداء ، والامام اماما باعتبار كونه مقتدي ، والصلاة جماعة باعتبار نية الائتمام فيها ،

 

 

[ . . . . . . . . . ]

فاذا رتب الحكم في الدليل على الماموم يكون المراد به من نوى الاقتداء لا ان لهذه

العناوين وجودات مستقلة منحازة الا ترى انه اذا فرضنا ترتب الاثر على كون

الانسان مصليا كجواز الائتمام به لايشك احد في انه اذا شك في جزئية شئ للصلاة

يجري البراءة عنه ويترتب على الآتي بالفاقد له آثار المصلى ، مع ان هذا البرهان

تجري فيه والمقام كذلك ، فان كونه مصليا كصيرورة الامام اماما والماموم ماموما ، وفي

امثال هذا المورد لاشك في جريان البراءة .

وثانيا : انه قد حققنا في محله ان الشك في المحصل فيما اذا كان بيانه وظيفة

الشارع المقدس انما يكون موضوعا لجريان البراءة ، فالاظهر جريان البراءة .

وبما ذكرناه ظهر انه لو شك في اعتبار شئ فيها من جهة الشك في اندراجه

تحت العنوان المذكور في الدليل لامانع من الحكم بعدم اعتباره لاجل البراءة كما هو

الشان في جميع موارد الشك في دخول شئ تحت العنوان المذكور في الدليل في

الواجبات كالشك في كون شئ مما لايؤكل لحمه بشبهة مصداقية او مفهومية ، فلو

شك في مانعية الساتر بين المامومين الواقفين في جناحي الباب مع اتصالهم بمن كان

واقفا بحيال الباب ، لامانع من الرجوع الى البراءة .

ولوشك في اعتبار شئ في الجماعة من جهة الشك في دخله فيها عرفا فلا

مورد للرجوع الى اطلاق ادلة الجماعة ، لعدم احراز صدق الموضوع معه ، نعم لامانع

من الرجوع الى البراءة بالتقريب المتقدم .

ولو شك في انعقاد الجماعة بقاءا ، فان شك فيه من جهة الشك في قاطعية

الموجود ، فبناءا على ثبوت الهيئة الاتصالية للجماعة كالاصلاة ، او للصلاة جماعة يجري

استصحاب بقاء الجماعة .

وإشكال عدم معقولية ثبوت الهيئة الاتصالية : ذكرناه في الجزء الخامس من هذا

 

 

[ . . . . . . . . ]

الشرح في مبحث قاطعية الماحي لصورة الصلاة مع جوابه مفصلا فراجع .

وان شك من جهة فقد مايحتمل شرطيته او وجود مايحتمل مانعيته ، فان علم

بذلك من اول الصلاة ليس له الدخول فيها مالم يحرز صحة الجماعة بدليل او اصل ،

والا كما اذا فرضنا حصول البعد القهري في اثناء الصلاة بينه وبين الامام ولم يكن

يتخيل ذلك من الاول بمقدار يشك في بقاء القدوة ، فبناءا على ثبوت الهيئة الاتصالية

يجري الاستصحاب .

ودعوى ان المتصف بالجماعة انما هو الاجزاء السابقة والمشكك فيه انما هو

الاجزاء اللاحقة فهذا ليس من الاستصحاب بشئ مندفعة بان الموجود بما انه واحد

بنظر العرف من جهة تلك الهيئة الاتصالية التي تكون متحققة بتحقق بعض امور

تدريجية وتقوم بمجموعها يكتفى به في جريان الاستصحاب .

 

اعتبار نية الجماعة

 

اذا عرفت هذا ، فاعلم انهم ذكروا للجماعة شروطا .

الاول : نية الاقتداء والكلام في هذا الشرط يقع في مقامين : الاول : في نية

الامام الامامة ، الثاني : في نية الماموم الاقتداء .

اما المقام الاول فالمشهور بين الاصحاب هو التفصيل بين الجماعة الواجبة كما

في صلاة الجمعة ومابحكمها كالجماعة في المعادة استحبابا المتوقفة صحتها عليها ،

فيحتاج الى نية الامامة ، وبين مااذا كانت مستحبة لايتوقف صحتها عليه فلا يحتاج

الى ذلك .

نعم لو اراد درك الثواب لابد له من هذه النية ، فلا بد لنا من التكلم في كل

 

 

[ . . . . . . . . . ]

من الموردين .

اقول : اما في الجماعة المستحبة فلا شبهة في انها تنعقد مع عدم نية الامام

الامامة ، وان نية الائتمام كما توجب صيرورة الماموم ماموما كذلك تصير سببا لصيرورة

الامام اماما : لا الامام من ياتم به غيره وان لم يعرض نفسه لذلك ، وهذا هو المشهور

بين الاصحاب ، وعن ظاهر المنتهى دعوى الاتفاق عليه .

وهل يتوقف استحقاق الامام الثواب عليها ، كما عن ظاهر الاكثر ، او لا ، كما

عن المحقق الاردبيلي ره ؟ وجهان ، اقواهما : الثاني اذ بعد فرض دلالة النصوص على

ترتب الثواب على صلاة الامام ، وكون الامامة مما يحصل بفعل الغير والمفروض تحققها

لا ارى وجها لاعتبار قصدها في ترتب الثواب الا ماافاده بعض من ان الثواب

مترتب على الفعل الصادر عن الاختيار وماافاده الشيخ الاعظم - ره - من ان الثواب

مترتب على امتثال اوامر الجماعة والصلاة بالناس والمفروض عدم حصول امتثالها .

ولكن يرد على الاول : ان الثواب لاسيما هذه المراتب منه من باب الفضل

والرحمة الواسعة ، فلا محذور في ترتبه على العمل غير الاختياري ، مع ان اصل الصلاة

بما انها صادرة عن اختيار ، فصيرورة ثواب احدى الصلاتين ازيد من الاخرى بواسطة

العمل غير الاختياري الصادر من الغير - وهو قدوة الغير - لامحذور فيها اصلا كيف

وهذا لازم على كل حال ، اذ كل ما ازداد المامومون ازداد ثواب الامام مع انه ربما لا

يلتفت الى ذلك فضلا عن قصده .

ويرد على الثاني : ان الثواب انما رتب على الصلاة بالناس لا على امتثال امرها ،

مع انه انما يكون بان يصلي ويمكن نفسه من اقتداء الغير به ، وستعرف ان غير ذلك

ليس شئ تحت اختياره ، كي يتمكن من قصده ، فالاظهر عدم توقفه على نية الامامة .

واما في الجماعة الواجبة ، فالمنسوب الى المشهور لزوم قصد الامامة ، بل الشيخ

 

 

[ . . . . . . . . ]

الاعظم - ره - تبعا للشهيد والمحقق الثاني - خلافا للمحق الاردبيلي وصاحبي المدارك

والذخيرة - اختار عدم كفاية نية الجماعة اجمالا في ضمن نية اصل نوع الصلاة التي

اخذ فيها الجماعة ولزوم نيتها تفصيلا .

واستدل له : بان الجماعة مقومة لها فيلزم من انتفائها انتفاء الصلاة ، واستحسنه

الشيخ الاعظم - ره - واستدل هو - قده - على اعتبار قصدها تفصيلا بان الجماعة

ليست كسائر الشروط غير المتوقف تحققها على القصد كي يكتفي في حصولها بقصد

اصل الصلاة الماخوذة فيها الجماعة ، بل لا بد في تحققها من قصدها .

اقول : يرد عليه : ان الجماعة وامامة الإمام ومأمومية المأموم كلها وإن كانت

قصدية إلا انها باجمعها تتحقق نية المأموم القدوة ، فكما إن ماموميته تتحقق بذلك

كذلك امامة الإمام ، فهي خارجة عن تحت قدرة الإمام ، لانه فعل الغير والامامة

تحصل به فلا يعقل قصدها منه فضلا عن اعتباره .

والغريب إن الشيخ الاعظم يصرح قبل هذا باسطر إن الجماعة والامامة

تتحققان بنية المأموم القدوة ومع ذلك استحسن هذا الوجه إذ بعد كونها مما يتحقق

بفعل المأموم فاي ربط لها بالامام كي يجب قصدها .

فإن قلت : فعلى هذا لايجب عليه الامامة في صلاة الجمعة لعدم كونها باختياره .

قلت : يجب عليه إن يصلي الجمعة اذا احرز وجود العدد الذي ينعقد به الجمعة ،

ويكون حاله في هذه الصلاة حال بعض المامومين مع بعض .

فتحصل إن الأظهر عدم اعتبار نية الامام الامامة مطلقا .

وأما المقام الثاني ، فالظاهر انه لاخلاف في اعتبار نية الماموم القدوة في انعقاد

الجماعة ، وفي الجواهر : بل هو مجمع عليه ، وعن المنتهى : انه قول كل من يحفظ عنه

العلم ، وهو الأظهر ، لان القدوة والجماعة من العناوين القصدية لاتتحققان إلا بالنية ،

 

 

[ . . . . . . . . ]

وهو الظاهر من النبوي المشهور إنما جعل الإمام اماما ليؤتم به فإن ظاهر ذلك انه

يعتبر نية الائتمام وجعل المأموم الامامة للامام ونية متابعته بعنوإن كونه اماما لامجرد

نية المتابعة له في الافعال وهذا واضح جدا .

فلو اخل المأموم بذلك فإن اتى في صلاته بما هو وظيفة المنفرد صحت صلاته

وإن الزم نفسه بمتابعة الإمام في الافعال فإن هذا الالزأم وهذه المتابعة ليسا من موانع

الصلاة فلا وجه لبطلان الصلاة مع الإتيان بما هو وظيفة المنفرد وما عن القواعد : لو

تابع بغير نية بطلت صلاته . لابد من حمله على إرادة البطلان لو مضى في صلاته على

أحكام الجماعة .

ودعوى إن الجماعة مقومة للصلاة ومنوعة لها ، فلو صلى جماعة مع عدم نية

الاقتداء بطلت الجماعة ولزم من بطلانها بطلان الصلاة مندفعة بأنه لادليل على ذلك ،

بل يمكن دعوى الاتفاق على خلافه وسياتي تمام الكلام في ذلك قريبا .

 

فروع

 

بقي في المقام فروع لابد من التعرض لها .

الأول : يجب وحدة الإمام إجماعا ، فلو كان بين يديه اثنان مثلا فنوى الائتمام

بهما أو بأحدهما ولم يعين لم تنعقد الجماعة .

ويشهد له في الأول : - مضافا الى الاجماع وانصراف أدلة الجماعة عنه - ظهور

أدلة حكام الجماعة في ترتبها عند وحدة الإمام .

ويشهد له في الثاني : - مضافا الى ذلك كله - إن أحدهما المبهم ولاوجود له ولا

مهية فكيف يعقل تعلق علاقة الجماعة به .

 

 

[ . . . . . . . ]

وهل تنعقد لو نوى الاقتداء باحدهما المعين المردد عنده أم لا ، أم يفصل بين

الموارد ؟ وجوه اقواها : الأخير وهو إنه لو نوى الاقتداء بمن جعل معرفة عنوانا

منطبقا عليه خاصة حين النية كما لو انعقدت جماعتان ويعلم إن احداهما لزيد

ولكن لايميزها إلا إنه يعلم إنه لدى افتراق أحدهما عن الآخر يميز مقتداه بصوت

مؤذنه مثلا ويتمكن من متابعته في افعاله انعقدت الجماعة لكونه مقتديا بامام معين ،

وتردده بين شخصين في نفسه لايقدح في ذلك لعدم الدليل على اعتبار تمييز الامام

تفصيلا والأصحاب لم يحكموا بلزومه والأصل يقتضي عدمه بل كثيرا مالدى كثرة

الجماعة يشتبه شخص الإمام على من بعد عنه ، ويتردد بين متعدد .

وعليه فلا وجه لما استشكله صاحب الجواهر - ره - معللا بالشك في شمول

الأدلة له .

ولو نوى الاقتداء بمن جعل معرفه عنوانا منطبقا عليه في المستقبل ، كمن

يسلم قبل صاحبه مثلا لم تنعقد لدخوله في معقد الاجماعات المحكية .

وأولى منه بعدم الانعقاد مالو نوى الاقتداء باحدهما وكان من قصده تعيينه

بعد ذلك بل هذا في الحقيقة اقتداء باحدهما المردد .

 

الجماعة من الكيفيات الطارية لامن القيود المنوعة

 

ولو نوى الائتمام في هذه الموارد وصلى فتارة يأتي بما هو وظيفة المنفرد واخرى

يخل به فإن اتى بجميع ماهو وظيفة المنفرد فهل تصح صلاته فرادى ، أو تبطل الصلاة

ايضا وجهان ، وقبل بيان ماهو الحق عندنا لابد من بيان أمرين :

الأول : إن الجماعة من الكيفيات الطارئة على الصلاة كايقاعها في المسجد لا

 

 

[ . . . . . . . . ]

من القيود المنوعة لها كالظهرية والعصرية ، والقصرية والتمامية ، فإن معنى كون شئ

مقوما عدم خروجه عن حقيقته وداخلا في مهيته مثلا : صلاة الظهر والعصر صلاتان

مختلفتان فإن كلا منهما مقيدة بأمر قصدي غير الاخرى ، وكذلك صلاة القصر والتمام

فإن الاولى متخصصة بخصوصية كونها بشرط لاعن الزيادة ، والثانية متخصصة

بخصوصية كونها بشرطها ومعلوم إن صلاة الفرادى ليست كذلك أي لم يعتبر الشارع

فيها امرا قصديا ، لأنها تتحقق ولو لم يقصد الفرادى ، ولم يؤخذ فيها خصوصية

خارجية ، فان الفرادى ليست هي الصلاة بشرط لاعن الجماعة ، بل هي عبارة عن

عدم الجماعة .

ولو تنزلنا عن ذلك ، فلا أقل من الشك ، والأصل يقتضي العدم كما هو واضح .

واما الجماعة فهي خصوصية موجبة لأفضلية الصلاة الواجبة ، تكون مستحبة

ومطلوبة للشارع ، نظير إيقاع الصلاة في المسجد ، فالامر بصلاة الجماعة والفرادى إنما

هما من قبيل تعلق أمر وجوبي بطبيعة على الإطلاق وأمر ندبي بايجادها على كيفية

مخصوصة ، فلو أراد امتثال الأمر الثاني لابد من القصد الى تلك الخصوصية إن كانت

قصدية كالجماعة وإلا فيقع امتثالا للامر بالطبيعة .

الأمر الثاني : إنه قد وقع الخلاف في إن شرائط الجماعة هل هي شرائط لها أم

للصلاة حالها أم يفصل بين شرائط انعقاد الجماعة عرفا والشرائط التعبدية والقول

بكون الاولى شرائطها والثانية شرائط الصلاة حالها ؟

والأظهر هو الأول ، فإن مقتضى ظهور الأدلة المتضمنة لبيانها ذلك مضافا الى

إنه مما يقتضيه الأصل ، إذ بعد ما لاريب في اعتبارها في الجماعة - بمعنى بطلانها مع

فقدها - يشك في تقييد الصلاة بها والأصل يقتضي العدم .

 

 

[ . . . . . . . . ]

وأما ما في صحيح زرارة من نفي الصلاة مع وجود الحائل ( 1 ) الذي هو منشا

القول بالتفصيل نظرا الى نفي الصلاة عن المامومين عند فقد شرط الجماعة فمحمول

على الغالب من الاخلال بالقراءة وشبهه أو على ارادة الصلاة التي قصدوها أي

الصلاة جماعة .

 

بطلان الجماعة لا يوجب بطلان الصلاة

 

اذا عرفت هذين الامرين فاعلم إنه في كل مورد بطلت الجماعة لفقد شرط

من شروطها لو لم يخل بما هو وظيفة المنفرد صحت صلاته ، لان بطلان الجماعة - بعد

عدم كونها منوعة وعدم لزوم قصد الفرادى وعدم كون شرائطها شرائط الصلاة - لا

يوجب نقصا في الصلاة من حيث هي صلاة فلا وجه لبطلانها إلا دعوى مبطلية قصد

الائتمام وهي غير ثابتة والأصل العدم فتكون صلاته واجدة لجميع الاجزاء

والشرائط فاقدة للموانع فتصح .

نعم اذا قصد التشريع ، في أمر الصلاة - بان لايقصد إلا امرا يشرعه هو وهو

الأمر المتعلق بالصلاة التي يشرع فيها الائتمام باثنين - بطلت صلاته بناءا على ماهو 

الحق من سراية حرمة التشريع الى العمل الخارجي .

وأما اذا شرع في أمر الائتمام بان قصد امتثال الأمر بالائتمام باثنين فالظاهر

عدم بطلان الصلاة ، إذ موضوع التشريع حينئذ نفسه الاقتداء لا الصلاة المقتدى بها ،

فتدبر .

واذا اخل بما هو وظيفة المنفرد ، فان كان ذلك عن علم وعمد أو عن جهل

...............................................................

( 1 ) راجع الوسائل باب 62 من ابواب صلاة الجماعة حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . . ]

تقصيري بطلت صلاته ، وإلا فإن كان الاخلال بالقرائة صحت صلاته ، لحديث ( 1 )

لاتعاد بناءا على عدم اختصاصه بالناسي كما تقدم .

وإن كان بزيادة الركوع فالاحوط الاعادة ، لما تقدم من إن زيادة الركوع عن

غير علم وعمد وإن كان مقتضى الحديث عدم مبطليتها إلا ان الاحتياط بالاعادة لا

يترك فراجع .

نعم في خصوص مورد التداعي في الائتمام كلام سياتي إن شاء الله تعالى .

وقد حكم الشيخ الاعظم - قده - فيما لو نوى الائتمام بشخص فبان غير إمام

كالماموم أو غير مصل بأنه إن حصل منه مايوجب بطلان صلاة المنفرد وعد منه ترك

القراءة بطلت صلاته .

وقد استدل - ره - بعموم قوله : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ( 2 ) .

وبخبر السكوني الوارد في الرجلين المتداعيين للمامومية الدال على بطلان

صلاتهما ( 3 ) ، فإن كلا منهما قد نوى الائتمام بمن تبين إنه غير إمام .

ثم ذكر معارضته مع صحيح زرارة المروي في الكتب الثلاثة فيمن يصلي مع

قوم مصلين غير ناو للصلاة ثم احدث الإمام فاخذ بيد الرجل فقدمه عليهم قال

تجزئ القوم صلاتهم ( 4 ) المعتضد بما ورد في إمام تبين كونه يهوديا ( 5 ) فإن اليهودي غير

مصل في الحقيقة .

وأجاب عن المعارضة : بتخصيص الصحيحة ومافي معناها بما إذا تحققت صورة

................................................................

( 1 ) الوسائل باب 29 من ابواب القراءة حديث 5 .

( 2 ) المستدرك باب 1 من ابواب القراءة في الصلاة

 حديث 5 وبمضمونه اخبار كثيرة في الوسائل .

( 3 ) الوسائل باب 29 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 39 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1 .

( 5 ) الوسائل باب 37 من ابواب صلاة الجماعة

 

 

[ . . . . . . . ]

الامامة والمامومية ، وحكم ببطلان الصلاة فيما لو انكشف عدم الامامة والمامومية ولو

بحسب الصورة كما اذا اقتدى بمن تبين إنه ماموم أو غائب او مشغول بغير الصلاة .

اقول يرد عليه اولا إنه لاوجه للتمسك بعموم لاصلاة فانه كسائر أدلة

الاجزاء والشرائط محكوم لحديث لاتعاد الصلاة ( 1 ) .

وثانيا : إن حمل الصحيحة التي تكون على مقتضى القاعدة على صورة تحقق

صورة الامامة والمامومية مع عدم احتمال دخل ذلك في الصحة ليس باولى من حمل

خبر السكوني على مورده ، بل المتعين ذلك .

استدل المحقق اليزدي - ره - انتصارا للشيخ - قده - للبطلان في مازعم تحقق

الجماعة وانكشف عدمها : بأنه لايعيد من قبل ترك القراءة سهوا ، كي يشمله حديث

لاتعاد لان عموم ( لاصلاة إلا بفاتحة الكتاب ) لم يخصص بالنسبة الى الجماعة ، بل

هي أيضا محتاجة الى القراءة غاية الأمر قيام قراءة الإمام مقام قراءته .

وعلى ذلك فالتارك للقراءة إن كان تركه لزعم انها ليست في عهدته كمن زعم

الفراغ منها فانكشف الخلاف صحت صلوته لعموم حديث لاتعاد الدال على

سقوط القراءة .

وإن كان تركه لزعم كون قراءة من زعمه اماما مسقطة لقراءته كما في الفرض

بطلت صلاته ، لان مايدل على العفو عن القراءة موردها الاول فمقتضى عموم لا

صلاة إلا بفاتحة الكتاب البطلان .

ومحصل دعواه يرجع الى اختصاص حديث لاتعاد بما اذا ترك القراءة غير

ملتفت الى إن عليه القراءة وأما من يعلم بان عليه القراءة وتركها بزعم كفاية قراءة

الغير فهو داخل فيمن تركها عمدا .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 29 من ابواب القراءة في الصلاة حديث 5 .

 

 

[ . . . . . . . ]

ثم قال : إنه خرج عن ذلك صورة تحقق صورة الامامية والمامومية بمقتضى

صحيح زرارة وخبر الاقتداء باليهودي .

وفيه : ماتقدم في بحث الخلل من إن حديث لاتعاد ليس مختصا بصورة

السهو بل مقتضى اطلاقه سقوط اعتبار غير الخمسة المذكورة فيه في الصلاة إن لم

يكن تركه مع الالتفات الى عدم جواز تركه ولزوم اتيانه به ، ففي المقام بما إن التارك

للقراءة يتركها بزعم جوازه له لكفاية قراءة الغير عن قراءته ، فمقتضى الحديث صحة

صلاته وسقوط جزئية القراءة - فالمتحصل صحة صلوة من ترك القراءة بزعم تحقق

الجماعة إلا في مورد التداعي في الائتمام .

 

لو شك في نية الايتمام

 

الثاني : لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا ، فإن كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة

لا كلام في الصحة وإنما الكلام فيما لو كان الشك في أثناء الصلاة .

أقول : تارة يعلم أنه كان من نيته الجماعة وقام لها وشك في الائتمام لاحتمال

الغفلة واخرى يعلم إنه دخل في الصلاة بهذه النية وشك في نيته الانفراد في الاثناء ،

وثالثة لايعلم شيئا منهما .

أما في الصورة الاولى فقد يقال بأنه لايلتفت الى الشك وعليه ترتيب آثار

الجماعة ، لا سيما اذا لم يكن مشغولا بوظيفة المنفرد .

واستدل له المحقق الهمداني - ره - بانه يكفي في النية الموجبة لصحة العبادة

الداعي الباقي في النفس المسمى في عرف الفقهاء بالاستدامة الحكمية الذي هو من

اثر الارادة السابقة وعليه فإن لم يحتمل انفساخ عزمه فلا كلام وإلا فيجري أصالة

 

 

[ . . . . . . . . . . . ]

بقائه ويحكم بانعقاد الجماعة .

ولايعارض هذا الأصل في مااذا كان مشغولا بوظيفة المنفرد أصالة عدم صدور

وظيفة المنفرد خطاء لانه لايثبت به انفساخ العزم السابق .

ولعله الى هذا نظر الشهيد - ره - في الذكرى حيث قال يمكن بناؤه على ما

قام اليه .

فما افاده بعض المعاصرين في توجيه كلام الشهيد - ره - من دلالة النصوص( 1 ).

       الدالة على البناء على ماقام اليه عليه ، ثم اورد عليه بان ظاهر تلك النصوص

وجوب البناء على ما افتتح الصلاة عليه وهو في المقام مشكوك فيه غير تام ، كما أنه

يمكن أن يكون الى هذا الوجه نظر الشيخ الأعظم - ره - حيث قال : ويحتمل قويا

البناء على ماقام عليه فيبنى على الجماعة .

ولكن يرد على هذا الوجه : ان الائتمام من العناوين القصدية ويتوقف تحققه

على القصد ومن المعلوم أن قصد الائتمام حين قام إنما هو قصد على إن يوجد هذا

العنوان بالقصد اليه حين الصلاة ، لا أنه قبل الشروع قاصد لهذا العنوان وعليه

فاستصحاب بقاء هذا القصد لايثبت قصد الائتمام حين الصلاة إلا على القول

بالاصل المثبت .

مع أنه لو سلم وحدة القصدين ولكن حيث إن اعتبار هذا القصد إنما هو

لاجل أن يتحقق عنوان الجماعة الذي هو من العناوين الثانوية المسبب عن القصد

المنطبق على الصلاة ولايمكن اثبات تحقق العنوان بهذا القصد إلا على القول

بالاصل المثبت فحكم هذه الصورة حكم الصورة الثالثة وسياتي الكلام فيها .

وأما في الصورة الثانية فمقتضى استصحاب بقاء الجماعة تعين البناء على

..................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب النية

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

وجودها فيجري على ذلك ، ولايبعد دعوى شمول مادل على أن الصلاة على ما

افتتحت لهذا المورد ايضا .

واما في الصورة الثالثة ، فعن جماعة من الاساطين كالشيخ الاعظم - ره -

والسيد في العروة وغيرهما أنه لايلتفت الى الشك ويبنى على تحقق الجماعة لو كان

بحيث يظهر عليه آثار الائتمام كالانصات في الجهرية والتسبيح في الاخفاتية ،

ونحوهما .

وفيه : إن هذا يبتني على حجية ظهور الحال في الحكم بتحقق الجماعة فعلا وهي

غير ثابتة نعم اذا رآى نفسه مقتديا فعلا وشك في إنه نوى الائتمام من الأول أم لا

يبني على تحقق الجماعة من الأول ويلحقها حكمها ، لجريان قاعدة التجاوز بالنسبة

الى الجماعة في الاجزاء السابقة لمضي محلها بالدخول في الغير المترتب وهي الجماعة في

مابيده فعلا من الاجزاء .

والايراد على ذلك - كما افاده المحقق صاحب الدرر - ره - بان القاعدة إنما

تجري وتكون حاكمة على استصحاب العدم في مورد كان مقتضي الاستصحاب لزوم

الإتيان بالمشكوك فيه في محله اذا كان باقيا ، أو بعد العمل ، أو لزم منه الإتيان بشئ

آخر كسجدة السهو ، واستصحاب عدم نية الاقتداء لايقتضي لزوم العود الى نية

الاقتداء وقطع الصلاة ممن دخل فيها على النحو الصحيح ، فاستصحاب عدم نية

الاقتداء ليس له حاكم غير صحيح ، فانه لايعتبر في جريان قاعدة التجاوز بعد تحقق

موضعها وهو التجاوز الذي لايصدق في موارد الشك في الوجود إلا بعد الدخول في

الغير المترتب ، ولذا بنينا على عدم جريانها فيما اذا لم يكن فعلا ناويا للاقتداء ، سوى

ترتب اثر عليها ، وهذا في المقام موجود ، فانها لو جرت وبنينا على تحقق الجماعة له

ترتيب آثارها الى آخر الصلاة .

 

 

[ . . . . . . . . . ]

فتحصل مما ذكرنا : أنه لو شك في الائتمام ، فإن كان ناويا للجماعة اول

الصلاة واحرز ذلك ، او راى نفسه مقتديا فعلا وشك في انه نوى الائتمام من الاول ام

لا ، بني على تحققها ، والا فمقتضى اصالة عدم نية الائتمام من الأول أم

لا ، بني على تحققها ، وإلا فمقتضى أصالة عدم نية الائتمام البناء على العدم ، وعليه اتمام

الصلاة فرادى .

 

اذا نوى الاقتداء بشخص فبان غيره

 

الفرع الثالث : اذا اقتدى بشخص باعتقاد إنه زيد فبان أنه عمرو فتارة

يقتدي بهذا الحاضر ، ويعتقد إنه زيد فبان عمروا واخرى يقتدي بزيد معتقدا إن هذا

الحاضر زيد وعلى التقديرين تارة يكون عمرو عادلا واخرى لايكون كذلك .

والكلام يقع في مقامين : الأول : في صورتي كونه عادلا .

الثاني : فيما اذا كان غير عادل .

أما المقام الأول ، فالمنسوب الى المشهور صحة الجماعة في الصورة الاولى

وفسادها في الثانية .

واستدلوا له : بأنه في الصورة الاولى تصح الجماعة من جهة موافقة من قصد

الاقتداء به للواقع ، وإنما الخطاء يكون في أمر مقارن مع المقصود وفي الصورة الثانية

لاتصح لان من قصد الاقتداء به لاواقع له ومن له واقع لم يقصد الائتمام به .

واورد على كل مما ذكروه في الفرعين ، أما ماذكروه في الفرع الثاني فاورد عليه

الشيخ الاعظم والمحقق الهمداني بايرادين :

الأول إن الائتمام علاقة خارجية لايعقل تعلقه بمفهوم ( زيد ) بل بالشخص

الخارجي الذي اعتقده زيدا ، وهو هذا الحاضر ، فاعتقاد صدق عنوان ( زيد ) على هذا

 

 

[ . . . . . . . . . ]

الحاضر سبب لقصد الائتمام بهذا الشخص الحاضر بعينه لاغير .

وتوضيح ماافاداه : إنه اذا تعلق الانشاء بكلي يمكن تقييده كما اذا باع منا من

الحنطة المقيدة بقيد خاص ، وإن تعلق بشخص خارجي ، فلا يمكن تقييده ، نعم هو

قابل للتعليق كما اذا باع الحنطة الخارجية إن كانت متصفة بوصف خاص وأما

الافعال الخارجية فهي غير قابلة للتعلق بالكلي بل لابد وإن تتعلق بالموجود

الخارجي ومع التعلق به لاتقبل التعليق ايضا مثلا الضرب لايتعلق إلا بالشخص

الخارجي ومع تعلقه به لايقبل التعليق بحيث يقع الضرب عليه على تقدير خاص

دون جميع التقادير ومانحن فيه من هذا القبيل فإن الائتمام الذي هو عبارة عن

ربط الصلاة بصلاة هذا الشخص الخارجي يكون كالضرب اذا تحقق لايعقل تحققه

على تقدير دون تقدير ، ولا يتصور ان يكون اقتداء بهذا الشخص الخارجي على تقدير

كونه زيدا ، بل كونه زيدا لامحالة يكون من قبيل الداعي للاقتداء بهذا الحاضر ،

وتخلف الداعي لايوجب عدم تحقق الفعل الناشئ عنه بعد فرض تحققه .

ولكن يرد عليه : أن الفعل الخارجي على قسمين :

الأول : مالايعتبر في تحققه القصد كالضرب .

الثاني : مايعتبر فيه ذلك كالبيع .

أما القسم الأول فهو إن تعلق بالشخص الخارجي لايعقل فيه التعليق .

وأما القسم الثاني فيتصور فيه ذلك ، فلو باع الموجود الخارجي معلقا على كونه

ثوبا حريرا فبان كونه غيره يبطل البيع ، لعدم تحققه ، والائتمام من هذا القبيل ، لما تقدم

من أنه يعتبر في تحققه القصد ولا يتحقق بدونه .

الايراد الثاني : انه اذا قصد الاقتداء بزيد واعتقد إن زيدا هو هذا الشخص

الحاضر ، فقد قصد الاقتداء بزيد من حيث هو أولا وبالذات ، وقصد الاقتداء بهذا

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

الشخص الحاضر ثانيا وبالعرض من حيث إنه زيد ، فإن قصد إيقاع فعل على عنوان

يستتبع قصد ايقاعه على عنوان آخر متحد معه في اعتقاد القاصد فإن من قصد اهانة

زيد من حيث هو مع علمه بأنه ابن عمر وفأهان ابن عمر ويصدق إنه قصد اهانة

ابن عمرو ولو من حيث إنه زيد لامن حيث هو فاذا تبين إن ابن عمرو لم يكن زيدا

يصدق إنه اهانه بالقصد ، ومثل هذا القصد التبعي يكفي في صحة الاقتداء ، إذ لادليل

على اعتبار ازيد من ذلك .

وفيه اولا : النقض بما اذا باع شيئا خارجيا يعتقد انه عبد فبان أنه حمار ، فإن

مقتضى هذا البرهان صحة البيع ، إذ قصد البيع قد تعلق بهذا الموجود الخارجي ثانيا

وبالعرض بعين التقريب المتقدم ، مع أنه لاشبهة في البطلان حتى عنده - قده - إذ

هو ملتزم بانتفاء القصد بانتفاء القيد .

وثانيا ، بالحل ، وهو إن القصد الى الائتمام بهذا الشخص الحاضر كان معلقا على

كونه زيدا فلو تبين كونه غير زيد يكون قصد الائتمام به منتفيا بناءا على ماعرفت

من تصوير التعليق فيه .

فتحصل : إن ماذكره المشهور في هذا الفرع من بطلان الجماعة حق .

ولايخفى إن الجماعة وإن بطلت لكنه لاوجه لبطلان الصلاة ، كما عرفت سابقا

فما هو المنسوب الى المشهور من بطلان الصلاة مما لاوجه له .

وأما ماذكروه في الفرع الاول من صحة الجماعة

فاورد عليه بابتناء ذلك على ترجيح الاشارة على الاسم في مقام المعارضة وهو غير

ثابت ولذا تردد فيه بعض ولم يرجح أحدهما .

وحكى عن المصنف - ره - وجماعة من المتاخرين عنه الحكم بالبطلان فيه .

وفيه إن ماذكروه من ابتناء المسالة على تقديم الاشارة على الاسم أو عكسه

 

 

[ . . . . . . . . . ]

محل نظر ، بل منع ، فإن تلك القاعدة إنما يرجع اليها لتشخيص ماقصد اللافظ اولا

وبالذات لموضوع حكمه وهذا لاربط له بما نحن فيه مما يكون القصد معلوما وهو

الاقتداء بهذا الحاضر وإن اعتقاد أنه زيد أما من قبيل الداعي الى الصلاة خلفه أو

من قبيل المقارنات الاتفاقية وعلى أي تقدير تصح الجماعة لتحقق القصد الى الإمام

المعين فظهر إن ماذكره المشهور من التفصيل بين الفرعين في صحة الجماعة في

أحدهما دون الآخر هو الحق وإن كان ماذكروه من بطلان الصلاة فيما اذا بطلت

الجماعة غير صحيح .

وأما المقام الثاني وهو مااذا لم يكن عمرو ، عادلا ففي الصورة التي حكمنا

فيها ببطلان الجماعة لاكلام في بطلانها في المقام وأما في الصورة التي حكمنا فيها

بصحتها وهي مالو نوى الاقتداء بهذا الحاضر معتقدا انه زيد فبان عمرو فهل تصح

في المقام ، أم لا ؟

اقول : يبتني هذه المسالة على ما سياتي عند بيان احكام الجماعة من إنه لو

اقتدى بشخص ثم تبين أنه فاسق أو كافر ، فإن قلنا بصحة الجماعة فيها نقول بها في

المقام ، وإن قلنا بالبطلان فيها نقول به في المقام ايضا بلا فرق بين المسالتين .

ودعوى إنه في المقام اذا اقتدى بالحاضر باعتقاد إنه زيد وإن كان اقتداء به

على كل تقدير إلا إن احراز عدالة المقتدي الذي اعتبر في صحة الاقتداء لم يكن في

المثال ، لان المقتدى هو الشخص القائم في المحراب مع تجريده عن كونه زيدا والذي

اعتقد عدالته هو زيد بعنوان أنه زيد لا الشخص المجرد عن كونه زيدا كما عن

المحقق اليزدي ره مندفعة بأنه لما احرز عدالة زيد واعتقد إنه هذا القائم في المحراب

لامحالة يكون محرزا لعدالة هذا القائم إذ الاحراز لايقبل التقييد ولا التعليق كما لا

يخفى فالاظهر عدم الفرق بين كون عمر وعادلا أو غير عادل .

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

 

حكم التداعي في الامامة والمامومية

 

الفرع الرابع : لو صلى اثنان فقال كل منهما كنت الامام صحت صلاتهما معا

فرادى اجماعا كما عن المنتهى .

ولو قال كل منهما : كنت المأموم بطلت صلاتهما

ويشهد للحكمين : خبر السكوني عن الإمام الصادق ( ع ) عن امير المؤمنين

( ع ) في رجلين اختلفا فقال أحدهما : كنت إمامك وقال الآخر : كنت امامك فقال

( ع ) : صلاتهما تامة قلت : فإن قال كل واحد منهما : كنت ائتم بك . قال صلاتهما

فاسدة وليستانفا ( 1 ) .

والمناقشة فيه : بضعف السند كما عن سيد المدارك ، في غير محلها لوجهين .

الأول إنه لاوجه لتوهم ذلك سوى وجود النوفلي والسكوني في الطريق ، وذلك

لايوجب قدحا في السند ، لاعتبار رواياتهما .

أما الأول - وهو الحسين بن يزيد ، فقد وردت فيه مدائح تدل على اعتبار

رواياته ، كرواية جماعة من القميين عنه واكثارهم من الرواية عنه وقولهم فيه : إنه سديد

الرواية ، مقبول الرواية ، وكثير الرواية وكونه ذا كتاب وعن السيد الداماد إنه لم

يقدح فيه احد من ائمة الرجال ، وقد اعتمد على رواياته المحقق في المعتبر وغيره ،

والشيخ وغيرهما من عظماء الأصحاب .

وأما الثاني - وهو اسماعيل بن ابي زيد - فعن الشيخ في العدة وغيره في غيرها

دعوى اجماع الامامية على العمل برواياته وقد وثقه صريحا جماعة كالمحقق في المسائل

الغرية .

........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 29 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . ]

الوجه الثاني : عمل الأصحاب ب هذا الخبر فلو كان ضعيفا فهو منجبر بعمل

الأصحاب فلا اشكال في الخبر من حيث السند وأما من حيث الدلالة فمقتضي

اطلاقه البطلان في الفرض الثاني وإن اتي كل منهما بما هو وظيفة المنفرد .

وان شئت قلت : إن الخبر في مقام بيان قدح قصد المامومية وعدم قدح قصد

الامامة ، ولازم ذلك هو البطلان في الصوة الاولى أي قصد المامومية مطلقا والصحة

فيما اذا قصد الامامة مع إتيان كل منهما بما هو وظيفة المنفرد ، وأما مع اخلال كل منهما

أو أحدهما بذلك فالاظهر البطلان لعدم تعرض الرواية لحكم غير جهة قصد الامامة

كما لايخفى ،

ولو شكا فيما اضمراه ففيه صور :

الاولى : إن يشك في نية صاحبه مع احراز نية نفسه .

الثانية : عكس ذلك .

الثالثة : أن يشك في نية كل منهما

أما في الصورة الاولى ، فإن كان قصده الامامة فلا كلام في صحة صلاته قصد

صاحبه الامامة أو المامومية وإن كان قصده المامومية فحيث إن الشك في صحة صلاته

وجماعته يكون ناشئا عن الشك في نية صاحبه المامومية أو الامامة إذ على الأول

تبطلان بخلافه على الثاني فلا مورد لجريان قاعدة الفراغ في الماتي به لما تقدم في

مبحث الشكوك من أن قاعدة الفراغ من الامارات النوعية لوقوع المشكوك فيه في

ظرفه فيختص جريانها بما اذا كان الشك في النقص أو الزيادة من جهة احتمال

الغفلة ، فلا تكون القاعدة شاملة للمقام مما يكون منشأ الشك فعل الغير الخارج عن

تحت قدرة هذا الشخص والتفاته .

نعم لابأس بالاستدلال للصحة باصالة عدم قصد صاحبه المامومية ، ولا

تعارض باصالة عدم قصده الامامة لعدم الاثر لها ، فيثبت بها صحة الصلاة مالم يات

 

 

[ . . . . . . . . ]

بما يبطل الصلاة مطلق وجوده .

وأما في الصورة الثانية ، فإن علم إن صاحبه نوى الامامة صحت صلاته قصد

الامامة أو الائتمام .

وهل تصح الجماعة أم لا ؟ وجهان وقد تقدم الكلام في هذا مفصلا .

وإن علم أنه قصد الائتمام وشك في قصد نفسه وبالتبع يشك في صحة الصلاة

والجماعة معا فالمرجع لاثبات صحة الصلاة ، أصالة عدم الائتمام بالتقريب المتقدم ، بل

يثبت بهذا الأصل صحة الجماعة ايضا .

اللهم : إلا إن يقال : إن ترتب انعقاد الجماعة على نية ائتمام أحدهما دون الاخر

ليس ترتبا شرعيا ، وعليه فلا تثبت الجماعة بالاصل ، فما افاده بعض من اثبات صحتها

ايضا به ضعيف .

وبما ذكرناه ظهر حكم الصورة الثالثة وحكم مااذا كان الشك في الاثناء .

 

نقل النية من امام الى إمام آخر

 

الخامس : المشهور بين الأصحاب عدم جواز نقل نيته من إمام الى إمام آخر

اختيارا .

وعن التذكرة والنهاية الجواز .

وعن الذكرى احتماله اذا كان المنتقل اليه افضل .

اقول : يمكن الاستدلال للجواز بطريقين :

الأول إنه قد وردت نصوص كثيرة دالة على جواز العدول لو عرض للامام

مايمنعه اتمام صلاته ( 1 ) ، وسياتي التعرض لتلك المسالة ، فيمكن الاستدلال بتلك

...............................................................

( 1 ) الوسائل باب 72 من ابواب صلاة الجماع وغيره من الابواب

 

 

[ . . . . . . . . ]

النصوص للمقام بالغاء الخصوصية .

الثاني : إنه ستعرف في الفرع الآتي ان مقتضى القاعدة جواز العدول من

الانفراد الى الائتمام ، كما ستعرف جواز العدول من الائتمام الى الانفراد ، وعلى ذلك

فلا وجه للقول بعدم الجواز في المقام إذ في المقام عدول من الائتمام الى الانفراد ومنه

الى الائتمام .

ولكن الغاء خصوصية المورد في نصوص العدول اذا عرض للامام مانع غير

ظاهر ، وجواز العدول من الانفراد الى الائتمام سياتي التامل فيه ومثل هذه الجماعة

بعيدة عن الطريقة المالوفة فشمول الإطلاق لها غير ظاهر والشك إنما هو في

مشروعية الجماعة الثانية فلا مورد لاجراء الأصل الذي اسسناه ، فعدم العدول

احوط .

وأما استصحاب جواز الائتمام بالثاني فغير جار ، إذ المتيقن إنما هو جواز

الاقتداء به من ابتداء الصلاة ، والمشكوك فيه الائتمام به في الاثناء .

 

الدخول في الجماعة في الاثناء

 

السادس : هل يجوز للمنفرد العدول الى الائتمام في الاثناء أم لا ؟ قولان ، يمكن

الاستدلال للاول بوجهين :

الأول : إن من جملة النصوص الواردة في أن الإمام اذا طرا عليه عذر من الاتمام

جاز للمامومين تقديم امام آخر : مايدل على جواز استخلاف الاجنبي ، وهو صحيح

جميل عن الإمام الصادق ( ع ) في رجل ام قوما على غير وضوء فانصرف فقدم رجلا

 

 

[ . . . . . . . . . ]

ولم يدر المقدم ماصلى الإمام قبله ؟ قال : يذكره من خلفه ( 1 ) .

وصحيح زرارة عن أحدهما ( ع ) عن امام ام قوما فذكر انه لم يكن على ضوء

فانصرف واخذ بيد رجل وادخله وقدمه ولم يعلم الذي قدمه ماصلى القوم ؟ قال : يصلي

بهم فان اخطا سبح القوم به وبنى على صلاة الذي كان قبله ( 2 ) وظهورهما في

استخلاف الاجنبي لاينكر وسيأتي في تلك المسألة تمام الكلام في هذه الجهة .

وعليه فهما يدلان على جواز العدول من الانفراد الى الائتمام إذ استخلاف

الاجنبي ليس كاستخلاف احد المامومين ، كي يمكن أن يقال : بان الماموم الذي صار

اماما بما أنه كان مع القوم من أول صلاتهم كانت الجماعة معه كانه من الابتداء بل

الجماعة معه جماعة مستقلة والمفروض مشروعيتها من بعد اضمحلال الجماعة الاولى ،

وصيرورة الصلاة فرادى فيستفاد منهما جواز العدول من الانفراد الى الائتمام .

الوجه الثاني : أن المستفاد من النصوص كما ستعرف في الفرع الآتي مشروعية

الجماعة في ابعاض الصلاة واجزائها بمعنى تحقق الجماعة بين ابعاض صلاتي الماموم

والإمام وعليه فاما نفس هذه النصوص يستفاد منها المشروعية من غير فرق بين كون

الجماعة في الابتداء أو في الاثناء ، أو أن ذلك يوجب أن يكون المراد من الصلاة

المذكورة في صحيح زرارة والفضيل المتقدم في أول الجماعة الذي بنينا على ثبوت

الاطلاق له مايعم اجزاءها فمقتضى اطلاقه حينئذ مشروعية هذه الجماعة .

ولكن يمكن أن يرد الوجه الأول : بان الخبرين لاشتمالهما على اقامة الاجنبي

مقام الإمام في الإتيان بما بقي من صلاته من غير زيادة ونقيصة ، كما هو الظاهر منهما

لاسيما الثاني - وسيأتي لذلك مزيد توضيح - وهذا مما لم يلتزم به احد من الاصحاب

................................................................

( 1 ) الوسائل باب 40 من أبواب صلاة الجماعة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 40 من أبواب صلاة الجماعة حديث 4

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

- لايعتمد عليهما -

مع أنه يمكن أن يقال : لعله لموارد عروض المانع للامام خصوصية في هذا

الحكم .

وعلى هذا فلا يصح الاستدلال بهما ولا باطلاق سائر النصوص المقتضي لجواز

استخلاف الاجنبي .

وأما الوجه الثاني فيمكن أن يورد عليه بان مادل على مشروعية الجماعة في

ابعاض الصلاة مختص بالابتداء ، ولا يوجب ذلك التوسعة في الصلاة المجعولة

موضوعة في صحيح الفضيل وزرارة كي يتمسك باطلاقه ، فاذا الاحوط هو عدم

العدول من الانفراد الى الائتمام .

 

العدول من الايتمام الى الانفراد

 

السابع : هل يجوز قصد الانفراد في الاثناء كما هو المشهور بين الاصحاب ، بل

عن غير واحد دعوى نفي الخلاف فيه والإجماع عليه ، ام لايجوز ؟ .

اقول : يقع الكلام اولا في أن نية الانفراد هل تضر بصحة الجماعة ام لا ؟ ثم في

انها هل توجب بطلان الصلاة ام لا ؟ .

أما المقام الأول فيقع الكلام فيه في موضعين :

الأول : فيما إذابدا له العدول الى الانفراد بعد ما كان عازما على الائتمام الى

آخر صلاة الإمام .

الثاني : ما إذا كان عازما على الائتمام في بعض الصلاة .

أما الموضع الأول فقد استدل لصحة الجماعة فيه بالاصل ، فان مقتضى الأصل

 

 

[ . . . . . . . . . ]

في المستحب جواز رفع اليد عنه وعدم وجوبه بالشروع فيه .

وباستصحاب جواز الانفراد .

وباستصحاب الصحة وعدم بطلانها بنية الانفراد .

وبظهور ادلة مشروعية الجماعة في استحبابها ابتداء واستدامة .

وبما ورد في الموارد المتفرقة من جواز المفارقة .

وقد نوقش في الجميع .

أما الأصل ، فلأن عدم جوبها بالشروع فيها اعم من انعقادها وصحتها ألا

ترى أن صلاة النافلة لايجب إتمامها لكن لو قطعها لما صح المقدار المأتي به منها .

واستصحاب جواز الانفراد لايجري ، إذ المتيقن هو الانفراد من الأول ،

والمشكوك فيه هو الانفراد في الأثناء مع الجواز التكليفي غير الجواز الوضعي ومحل

الكلام هو الثاني المتيقن هو الأول .

واستصحاب الصحة لايجري إذ الصحة التأهلية المتيقنة لاشك فيها والصحة

الفعلية لايقين بها .

وادلة مشروعية الجماعة وإن كانت دالة على عدم وجوبها بعد الشروع فيها إلا

أنها لاتدل على صحتها ومشروعيتها في بعض الصلاة .

وما ورد في الموارد المتفرقة لاختصاصه بصورة عروض مانع من إتمام الإمام

صلاته لايشمل المقام .

ولكن يمكن الاستدلال لمشروعيتها في الفرض وجواز الانفراد - مضافا الى

ماستعرف من صحة الجماعة فيما اذا كان من نيته الانفراد من أول الصلاة - بصحيح

الحلبي عن الامام الصادق ( ع ) في الرجل يكون خلف الإمام فيطيل الإمام التشهد ،

 

 

[ . . . . . . . . ]

فقال : يسلم من خلفه ويمضي في حاجبته أن احب ( 1 ) فإنه يدل على جواز الانفراد في

حال تشهد الإمام .

ودعوى أنه يدل على جواز تقديم السلام بمعنى عدم لزوم المتابعة فيه فتكون

القدوة باقية الى آخر السلام فيخرج بالسلام عن الجماعة لا بنية الانفراد مندفعة بأنه

لامعنى لقصد الانفراد إلا قصد التقدم على الامام بالتسليم .

وبعبارة اخرى : من يعلم أن بالتسليم يخرج من الصلاة والجماعة ويعتمد

الإتيان به قبل الإمام يكون ذلك قصدا لانفراد به ، فتدبر .

وأما الموضع الثاني ، فيشهد لجواز الدخول في الجماعة مع العزم على أن ينفرد في

الاثناء اختيار ومشروعية مثل هذه الجماعة : النصوص الكثيرة الآتي طرف منها -

الواردة في المسبوق وفي ائتمام المتم بالمقصر والاقتداء في الرباعية بالثلاثية والثنائية ،

وشرعية صلاة ذات الرقاع ونحو ذلك ، فان مقتضاها أن الجماعة كما تستحب في تمام

الصلاة تستحب في ابعاضها ، وأن مطلوبيتها إنما تكون من قبيل تعدد المطلوب بمعنى

أنه لاتكون مشروعيتها في كل ركعة مشروطة ببقائه ماموما الى آخر الصلاة ، ولازم

ذلك - بضميمة ماتقدم من أن الجماعة والفرادى ليستا حقيقتين متغايرتين كالظهر

والعصر ، بل الجماعة كيفية طارئة على الصلاة كالمسجدية - جواز الانفراد وأن كان

عازما عليه من الأول .

ودعوى أن تلك النصوص إنما وردت في مقام الضرورة او انتهاء صلاة الإمام

الموجب لحصول الانفراد قهرا ، فلا يستفاد منها كون الجماعة بنحو تعدد المطلوب

بالمعنى الذي ذكرت . مندفعة بان الضرورة والمفارقة القهرية إنما تصح عذرا للانفراد

................................................................

( 1 ) الوسائل باب 64 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . . . . ]

في الاثناء لا لجواز الجماعة في ركعة أو ركعتين مثلا مالم يكن للجماعة فيها مرتبة من

المطلوبية .

ويؤيده ماورد من أن تكبيرة مع الإمام تعدل كذا ، وركعة تعدل كذا ، وسجدة

تعدل كذا ( 1 ) ، فان ظاهر ذلك مطلوبية الجماعة في كل جزء مستقبلا .

وأما ماأفاده المحقق اليزدي - ره - في المقام من أنه في القسم الأول - أي ما

لو بداله الانفراد - تشمله ادلة الائتمام فيصير الدخول بذلك مشروعا فيلحقه احكام

الائتمام ، وفي القسم الثاني - أي مالو كان بانيا عليه من الأول - شمول ادلة الجماعة

له محل تامل . فغير ظاهر الوجه ، إذ لو شملت ادلة الجماعة للجماعة في بعض الصلاة

فهو في القسمين ، وإلا فكذلك .

أما المقام الثاني ، فعلى القول بصحة الجماعة لاكلام في صحة الصلاة .

وأما على القول بعدم صحتها ، فان اتي بما هو وظيفة المنفرد وصحت صلاته

سواءا كان ناويا للانفراد من الأول ، ام بداله ذلك .

أما في الثاني ، فلانه لاوجه للحكم ببطلان الصلاة إلا مبطلية قصد الائتمام في

بعضها أو كون الجماعة منوعة ، وشئ منهما لايصلح لذلك .

أما الأول ، فلأن الأصل عدم المبطلية .

وأما الثاني فلما تقدم من أن الجماعة كيفية طارئة كالمسجدية .

وأما في المورد الأول ، فلانه لاوجه لتوهم بطلان الصلاة مضافا الى ماعرفت

سوى أنه إذا قصد بالجماعة الامر يكون تشريعا محرما .

وفيه : أنه لو سلم سراية حرمة التشريع الى الفعل الخارجي ، نقول : أن الجماعة

هي الكيفية الطارئة ولها وجود آخر غير الصلاة تتحقق بقصد الائتمام فلا وجه لسراية

...............................................................

( 1 ) المستدرك باب 1 من أبواب صلاة الجماعة

 

 

[ . . . . . . . . . . . ]

الحرمة الى الصلاة .

وأن اخل بوظيفة المنفرد فان فعل مايوجب مطلق وجوده البطلان بطلت

الصلاة ، والا كما لو ترك القراءة فان كان ناويا للانفراد من الأول بطلت صلاته

أيضا ، فان ترك القراءة حينئذ عمدي أو عن جهل تقصيري فلا مورد لحديث لاتعاد

الصلاة .

وان بداله ذلك بعد فقد يقال : أن مقتضى حديث لاتعاد . صحة الصلاة ، إلا

أن في شموله للمقام تاملا ، فان نقص صلاته حينئذ من حيث القراءة إنما يكون

مستندا اليه باختياره وعمده بقصده الانفراد إذ لو لم يقصد ذلك لما نقصت الصلاة

من هذا الجهة والحديث مختص بما إذاانحصر الإتيان بالصلاة تامة بالاعادة وفي

المقام لاينحصر بذلك .

 

تنبيهات

 

وينبغي التنبيه على امور :

الأول : يجوز نية الانفراد في جميع احوال الصلاة ولايعتبر الدخول معه في

ركن فلو ادركه في اثناء القراءة وفارقه قبل الركوع صح ، كما صرح به جمع من

الأساطين .

واحتمل بعضهم توقف انعقاد الجماعة على إدراك ركوع الركعة الاولى لما دل

من النصوص على عدم الادراك إذا لم يدرك الركوع .

وفيه : أن تلك النصوص ظاهرة في ابتداء الجماعة لامن حصل منه ذلك واتصف

بوصف المأمومية وتحمل الإمام القراءة عنه ، فالأظهر هو الأول ، لأن الجماعة بمقتضى

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

ماتقدم مستحبة في كل جزء من اجزاء الصلاة .

مع أن صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن ( ع ) في رجل صلى

جماعة يوم الجمعة فلما ركع الإمام وألجأه الناس الى جدار أو اسطوانة فلم يقدر على

الركوع ولا السجود حتى رفع القوم رؤوسهم ايركع ثم يسجد ثم يحلق بالصف وقد

قام القوم ، أو كيف يصنع ؟ قال ( ع ) : يركع ويسجد ثم يقوم في الصف ولا باس بذلك ( 1 ) .

ونحوه خبره الآخر ( 2 ) كافيان في المقام ، فان دلالتهما على عدم اعتبار ادراك ركوع

الإمام واضحة .

الثاني : إذانوى الانفراد قبل الركوع ، ففيه اقوال :

( 1 ) أنه يجري عليه حكم المنفرد من محل نيته كان ذلك بعد القراءة أو في

اثنائها ، فان كان بعد القراءة لايجب عليه القراءة ، وأن كان في اثنائها ياتي بما بقي

منها ، اختاره في الجواهر ، ونسبه الى جماعة ، وتبعه سيد العروة وجمع من محشيها .

( 2 ) أنه أن كان بعد القراءة لايجب عليه شئ وأن كان في اثنائها تجب عليه

اعادة السورة التي انفرد فيها ، وهو المحكي عن الغرية والتذكرة وتعليق الارشاد

والمسالك ونهاية الاحكام .

( 3 ) ما عن بعض ، وهو وجوب القراءة مطلقا واستوجهه في محكي الذكرى .

والأظهر هو الأول ، لاطلاق ادلة الضمان والاجزاء ، فإنه يقتضي اجزاء قراءة

الإمام عن قراءة الماموم ولو بعد ما انفرد ، ولذا لم يشك احد في أنه لو انفرد بعد

الركوع لايعامل مع القراءة معاملة تاركها ، ولو كانت ادلة الضمان مختصه بحال كونه

ماموما لزم ذلك .

واستدل للقول الثاني : بان السورة الواحدة شئ واحد لايتجزي .

..........................................................................

( 1 - 2 ) الوسائل باب 17 من أبواب صلاة الجمعة حديث 1 - 3

 

 

]ولاتصح مع حائل بين الإمام والماموم يمنع المشاهدة [

 

وهو كما ترى .

واستدل للقول الثالث بان الادلة إنما تدل على سقوط القراءة عن الماموم

وعليه فاذا نوى الانفراد والمحل باق يجب الإتيان بها .

وفيه : ماتقدم من أن مفادها اجزاء قراءة الإمام عن قراءة الماموم ، وضمانه

قراءته ، وعليه فاذا كان في حال قراءة الإمام ماموما فكأنه قرا بنفسه .

الثالث : إذانوى الانفراد في الاثناء فهل يجوز له العود الى الائتمام بلا فصل ،

أو مطلقا ام لايجوز ؟ وجوه والوجه في جواز العود اليه .

أما جواز العدول الى الائتمام في الاثناء مطلقا أو جواز العدول من امام الى

امام آخر لاسيما إذا لم يكن الثاني اجنبيا أي كان من المأمومين ، إذ لو جاز في هذا

المورد يجوز العود الى الإمام الأول ، لاسيما اذا كان ذلك بلا فصل ، وقد تقدم الكلام

مافي هذين الوجهين فاذا الاحوط عدم العود .

وهكذا فيما إذاتردد في الانفراد وعدمه فإنه من جهة أن الائتمام متقوم بالقصد

فمع الترديد ينعدم الائتمام لامحالة فيكون حكمه حكم ما إذا نوى الانفراد .

 

في اعتبار عدم الحائل بين الإمام والمأموم

 

والثاني من الشرائط : أن لايكون بين الإمام والمأموم حائل ، ولاتصح

مع حائل بين الإمام والماموم يمنع المشاهدة بلا خلاف فيه في الجملة وعن جماعة

دعوى الإجماع عليه .

ودليلهم له حسن زرارة أو صحيحه عن الإمام الباقر ( ع ) المروي في الكافي :

إن صلى قوم وبينهم وبين الإمام مالايتخطى فليس ذلك الإمام لهم بامام وأي صف

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

كان اهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر مالا يتخطي

فليس تلك لهم بصلاة ، فان كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة إلا من

كان من حيال الباب قال ، وقال : هذه المقاصير لم تكن في زمان احد من الناس وإنما

احدثها الجبارون ، ليست لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة ( 1 ) .

قال : وقال ابو جعفر ( ع ) : ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها الى

بعض لايكون بين الصفين مالايتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان ( 2 ) .

وقد استدل بالجملة الاولى منه لهذا الحكم : بدعوى ظهور مالايتخطى في

إرادة الارتفاع بان يكون العلو بمقدار لايمكن طيه بخطوة واحدة ، بل يحتاج الى

خطوة للصعود عليه او غير ذلك كما عن بعضهم أو أنه يحمل عليه بقرينة قوله ( ع )

بعد ذلك : فان كان بينهم الى آخره فإنه ظاهر في كونه تفريعا على ماسبق إذ على

هذا لايناسب مع ارادة العرض كما عن المحقق اليزدي .

ولكن يرد عليه - مضافا الى ظهور مالايتخطى أو قدر مالايتخطى في

ارادة المسافة - أن ذيل الخبر صريح في ذلك وهو قوله : يكون قدر ذلك مسقط الى

آخر وعليه فيتعين البناء على أن قوله : فان كان سترة الى آخر في مقام بيان مانع

مستقل ، ولايكون تفريعا على ماسبق ، مع أن المحكي عن بعض نسخ الوافي بالواو

فالصحيح الاستدلال بهذه الجملة للحكم ودعوى أنه مختص بما بين المامومين انفسهم ،

ولايعم مابين الماموم والإمام . مندفعة بان الضمير في بينهم إنما يرجع الى جميع من

تقدم وهم : الإمام والمأمومون واهل الصف والصف الذي يتقدمهم .

فان قلت : أن الخبر مروي في الوسائل هكذا : وإن صلى قوم بينهم وبين الإمام

..........................................

( 1 ) لفروع ج 1 ص 107 .

( 2 ) الوسائل باب 62 من أبواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

] إلا في المراة [

 

ستر أو جدار الى آخره وعليه فلا يعم مابين المامومين انفسهم .

قلت : أن الوسائل إنما يروي الخبر عن الكافي والتهذيب والفقيه والموجود فيها

ماتقدم .

فتحصل أن المستفاد من الخبر اعتبار عدم الحائل بين الإمام والمامومين وبين

المامومين انفسهم .

ولايعارضه مؤثق إبن الجهم عن الإمام الرضا ( ع ) عن الرجل يصلي بالقوم

في مكان ضيق ويكون بينهم وبينه ست ايجوز أن يصلي بهم ؟ قال ( ع ) نعم ( 1 ) لان في

بعض النسخ : شبر بدل ستر وهو انسب بفرض كون المكان ضيقا مضافا الى أنه

يتعين طرحه على التقدير الآخر لاعراض الاصحاب عنه .

 

فروع :

 

الأول : أن هذا الحكم الذي ذكرناه إنما هو في الرجال وإلا فعدم اعتبار

عدم الحائل في المراة في الجملة مما لاإشكال فيه ولا خلاف إلا عن الحلي لموثق

عمار عن الامام الصادق ( ع ) عن الرجل يصلي بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز

أن يصلين خلفه ؟ قال ( ع ) : نعم إن كان الإمام اسفل منهم قلت : فان بينهن وبينه

حائطا او طريقا قال ( ع ) : لابأس ( 2 ) .

ولو كانت مقتدية بالمرأة فهل يعتبر عدم الحائل كما عن الاصحاب ، أم لا ؟

وجهان من إطلاق الصحيح ومن أن الظاهر من قوله ( ع ) : فان كان بينهم سترة الى

.......................................................................

( 1 ) الوسائل باب 59 من ابواب صلاة الجمعة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 60 من أبواب صلاة الجماعة حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . . . . . ]

آخره كون مصب الصحيح الرجال وحيث إن استفادة الحكم للنساء في بعض الموارد

مع كون الخطاب متوجها الى الرجال إنما هو بواسطة العلم بعدم خصوصية الذكورية

وفي المقام يحتمل تلك .

مضافا الى معارضة ذلك في الصحيح بجريان مثله في الموثق فلا مناص عن

الرجوع الى مايقتضيه القواعد ، وقد عرفت في أول هذا المبحث انها تقتضي عدم

اعتبار كل ماشك في اعتباره مع عدم الدليل عليه ، والظاهر اولوية الوجه الأول ، إذ

الإتيان بالضمير المذكر إنما هو للتغليب كما في سائر الموارد .

الثاني : إذا كان الحائل في بعض احوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع أو

سجود فهل تبطل الجماعة ام لا ؟ وجهان ، بل قولان .

قد استدل للاول بالاطلاق .

وأورد عليه - كما عن المحقق النائييني - بان الظاهر من قوله ( ع ) : فان كان

بينهم سترة أو جدار هو استمرار وجوه الستر في جميع احوال الصلاة لانه حال لقوله :

صلى قوم فيصير المعنى صلوا في حال وجود الحائل واوضح أنه لو كان الحائل في حال

الجلوس فقط لايصدق قوله : صلوا في حال وجود الحائل .

وفيه اولا : النقض باكثر موانع الصلاة ، فان ادلتها تتضمن النهي عن الصلاة

معها أو بطلانها مع وجودها .

وثانيا بالحل وهو : أن الصلاة مركبة اعتبارية تدريجي الوجود وبتبعها تكون

الجماعة كذلك وعليه فاذا دل دليل على اعتبار شئ أو عدمه فيها أو بطلانها مع

وجود يدور الامر في بادئ النظر بين كونه معتبرا في المجموع من حيث المجموع

فلايقدح وجوده في بعض الحالات ، وبين كونه معتبرا في الجميع بمعنى اعتباره في حال

التلبس بكل جزء من اجزائها ، فيقدح وجوده ولو في حال من الحالات ، ولكن الظاهر

 

 

[ . . . . . . . ]

هو الثاني ، لأن اخذه بالاعتبار الأول يحتاج الى عناية زائدة ، فتدبر ، فالأظهر هو

الأول .

وبما ذكرناه ظهر حكم ما إذا كان الحائل بنفسه قصيرا لايمنع عن المشاهدة

إلا في بعض احوال الصلاة كالجلوس ، فان الأظهر فيه المنع .

نعم ماكان يمنع المشاهدة في حال السجود كما إذا كان بمقدار شبر أو اقل

كعتبة الباب لاباس به بلا خلاف ظاهر وأن حكي عن المصابيح الاشكال فيه ، لعدم

صدق السترة والجدار عليه عرفا ، كما هو واضح .

الثالث : إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة في حال الصلاة ، كما إذا كان

زجاجا ، أو كان فيه ثقوب ، أو كان شباكا ، هل يكون مانعا ام لا ؟ وجهان مبنيان على

أن مافي الحسن المتقدم من جعل الجدار مقابلا للسترة ، هل هو باعتبار ذات الساتر

بمعنى أن الساتر قد يكون جدارا وقد يكون غيره .

وبعبارة اخرى : تارة يكون موضوعا للستر ، واخرى لايكون كذلك وإن كان

مما يستر ، ام هو باعتبار اصل الستر ؟ فيكون الجدار بنفسه من حيث هو مناطا للحكم

سواء تحقق به الستر ام لا ، إذ على الأول لاباس به لعدم الستر وعدم المنع عن

المشاهد ، وعلى الثاني فيه بأس ، لصدق الجدار والحائل والثاني أظهر ، إذ الظاهر من

تعليق الحكم على الجدار ، وذكره في مقابل السترة إنما هو ارادة معنى آخر غير الساتر ،

والظاهر ارادة مطلق الحائل وأن لم يمنع عن المشاهدة .

وأما دعوى انصراف الجدار عن مثل الشبابيك والزجاج . فممنوعة ، فالأظهر

هو المنع .

وقد استدل للمنع عن الاقتداء خلف الشبابيك بوجهين آخرين :

أحدهما : عموم المقاصير في الحسن المتقدم ، فان اطلاقها يشمل ما إذا جعلت

 

 

[ . . . . . . . . ]

مشبكة .

وفيه : أن الظاهر كونها إشارة الى المقاصير الموجودة في ذلك الزمان ، وكونها

أو بعضها مشبكة غير معلوم ، مع أنه لو سلم كونها للاشارة الى الجنس يكون ذلك

بملاحظة افرادها التي احدثها الجبارون .

وبعبارة اخرى : ماكان من سنخ ماتعارف حدوثه في عصرهم .

الثاني : عموم مالايتخطى بتقريب : أن لما لايتخطى فردين : أحدهما : مالا

يمكن طيه بخطوة . ثانيهما : مالايتخطى للحائل .

وفيه : ماتقدم من ظهور الخبر ، بل صراحته في إرادة البعد .

 

حكم جماعة من بجناحي من يكون بحيال الباب

 

الرابع : لو كان الحائل بين الامام وبعض المامومين أو بين بعض الصف اللاحق

والصف السابق إلا أن من هو خلف الحائل متصل بفاقده ، كما إذا كان الإمام في

المحراب الداخل وكان بعض المامومين واقفا بحيال الباب من الصف الأول الى آخر

الصفوف والآخرون على يمين من بحيال الباب أو شماله ، لا إشكال في صحة جماعة

من بحيال الباب كما صرح بها في الحسن المتقدم فهل يصح جماعة الباقين ام لا ؟

وجهان .

وقد اختلفت فيه اقوال القوم ، وتشتت فيه كلماتهم .

فعن القواعد : لو صلى الإمام في محراب داخل صحت صلاة من يشاهده من

الصف الأول خاصة وصلاة الصفوف الباقية اجمع ، لانهم يشاهدون من يشاهده .

وعن الدروس : ولو صلى في محراب داخل بطلت صلاة الجناحين من الصف

 

[ . . . . . . . . . ]

الأول خاصة ، وقريب منهما غيرهما .

وعن صريح جماعة ظاهر آخرين خلاف ذلك ، وأنه يكفي مشاهدة من يشاهد

الإمام ولو بوسائط سواء كان في صفه أو في الصف المتقدم عليه ، بل لعل هذا هو

المشهور بين الاصحاب .

وكيف كان ، فالكلام يقع في موردين :

الأول : في أنه هل يعتبر عدم الحائل بين كل ماموم وبين الإمام ، ام يكفي عدم 

الحائل بين الماموم وبين مأموم آخر لاحائل بينه وبين الإمام وأن كان بينه وبين الإمام

حائل ؟

الثاني في أنه هل يعتبر المشاهدة القدامية بين الماموم والإمام والمامومين بعضهم

مع بعض ، ام يكفي مطلق المشاهدة ولو كانت يمينيه أو يسارية بان يكون مشاهدا من

على يمينه أو يساره ؟ وقد وقع الخلاف في كل منهما .

أما الأول ، فقد استدل لاعتبار عدم الحائل بين كل ماموم والإمام بان الضمير

في قوله ( ع ) : فان كان بينهم سترة أو جدار فليس ( 1 ) الى آخر يرجع الى المامومين

فتكون جملة ( وبين الإمام ) مقدرة ، فتكون النتيجة أنه إن كان بين المامومين وبين الإمام

سترة او جدار فليس تلك لهم بصلاة وظاهر ذلك اعتبار عدم الحائل بين كل مأموم

وبين الإمام .

وفيه : أن الظاهر رجوع الضمير الى مااريد منها في الفقرتين السابقتين على

هذه الفقرة وقد تضمنت إحداهما لاعتبار عدم البعد بين الإمام والماموم ، والثانية

لاعتبار عدم البعد بين المامومين بعضهم مع بعض ، فكان هذه الفقرة اجمال مافصل

في تينك الفقرتين ، ومتضمنة لبيان اعتبار عدم الحائل على النحو الذي اعتبر عدم

.........................................

( 1 ) الفروع ج 1 ص 107

 

 

[ . . . . . . . . ]

البعد فتكون ظاهرة في ارادة أن لايكون بين الماموم وبين الإمام أو من هو منشا

لاتصاله بالامام حائل ، فمن هذه الجهة لاإشكال في صحة جماعة من بجناحي من

يكون بحيال الباب .

وأما الثاني : فعن جماعة عدم الاكتفاء بالمشاهدة اليمينية واليسارية واعتبار

المشاهدة القدامية .

واستدل لهم بقوله ( ع ) - في الحسن المتقدم - : وأن كان بينهم سترة أو جدار

فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان بحيال الباب .

وتقريب الاستدلال به من وجهين :

أحدهما : ان المستثنى هو خصوص الشخص المصلي بحيال الباب في قبال

جانبيه ممن كان على يمينه ويساره .

وثانيهما : أن الاستثناء إنما يكون عن قوله ( ع ) : وهذه المقاصير لم تكن في زمن

احد من الناس . قدم عليه ، فيكون هكذا وليس لمن صلى خلفها بصلاة من فيها صلاة

إلا من كان بحيال الباب .

ولكن يرد على التقريب الاول : - مضافا الى أن لازمه بطلان صلاة جميع

الصفوف المتاخرة إلا من كان بحيال الباب ، لانه إذاحكم ببطلان طرفي الصف الأول

لعدم الاكتفاء بالمشاهدة اليمينية واليسارية لزم الحكم ببطلان طرفي الصف الثاني

لحيلولة طرفي الصف الأول بينهم وبين من هو بحيال الباب فلا يمكن لهم لمشاهدة

إلا من اليمين واليسار ، وهذا مما لم يلتزم به احد من الاصحاب ، فانهم صرحوا بصحيح

جماعة الصفوف المتاخرة اجمع - أن المستثنى يحتمل أن يكون الصف الكائن بحيال

الباب في مقابل الصفوف الواقعة عن جانبيه لاخصوص الشخص الواقف بحيال

الباب .

ويشهد له : ان موضوع الحكم في الفقرة السابقة على الفقرة المذكورة الصف .

 

 

[ . . . . . . . . . ]

ويحتمل أن يكون الشخص الواقف بحيال الباب .

فعلى الأول عدم دلالته على مااستدل به له واضح بل يدل على العكس كما

لايخفى .

وأما على الثاني ، فحيث أن المستثنى منه - كما عرفت - كل من لايكون بينه

وبين من هو متصل به وواسطة في اتصاله بالامام .

وبعبارة اخرى : من يحكم بصحة اقتدائه حائل فلامحالة يكون المستثنى من

ذلك من جهة خروجه عن ذلك موضوعا فيكون المستثنى في قبال من هو وراء الحائل

الذي يكون بينه وبين من اتصل به حائل ، لا في قبال جانبيه ممن كان على يمينه

ويساره .

ويرد على التقريب الثاني ، اولا : أن كون الاستثناء عن قوله ( ع ) : وهذه

المقاصير . الى آخره الظاهر جدا .

وثانيا : أنه لو كان استثناء عنه ، فالمستثنى منه ليس من يصلي في طرفي الصف

المنعقد في قدام الباب الذي ليس بينه وبين من هو واقف بحيال الباب حائل ، بل من

يصلي خلف حائطي جناحيه ، لقوله : ليس لمن صلى خلفها حيث قصر البطلان على

من يصلي خلف المقاصير .

فتحصل : أن هذه الجملة لاتنافي ماقدمناه ، فالأظهر صحة جماعة من بجناحي

من يكون بحيال الباب .

الخامس : لو شك في وجود الحائل ، فان كان مسبوقا بالعدم بني على عدمه

للاستصحاب .

ودعوى : أنه لايثبت به اتصاف صلاة الماموم بان لايكون بينه وبين من

يتقدمه سترة أو جدار الذي هو معتبر في صحة الجماعة . مندفعة بانه لايستفاد

من الحسن اكثر من مانعية الحائل ، وعليه فيجري فيه الأصل .

 

 

]ولامع علو الإمام في المكان بما يعتد به ]

 

وبه يظهر أنه لو لم يكن مسبوقا بالعدم وأن لم يجر الاستصحاب إلا أنه تجري

أصالة البراءة بناءا على جريانها في الشبهات الموضوعية التحريمية الضمنية ،

وببركتها يحكم بصحة الجماعة .

وبعبارة اخرى : قد عرفت في أول هذا البحث أن مقتضى الأصل عدم اعتبار

كل ماشك في اعتباره في الجماعة وجودا أو عدما ، كانت الشبهة موضوعية أو حكمية .

وربما ذكرناه ظهر ضعف مافي العروة من التفصيل بين سبق عدمه وعدمه ،

فحكم في الأول باجراء الأصل ، واعتبر في الثاني الاطمينان بعدمه .

واضعف منه التفصيل بين حدوث الشك في الاثناء ، وحدوثه قبل الدخول فيها ،

والحكم في الاول بجريان الاستصحاب ، وفي الثاني بعدمه .

 

في اعتبار عدم العلو

 

والثالث : عدم علو مكان الإمام عن الماموم ، فلا تنعقد الجماعة مع

علو الإمام في المكان بما يعتد به على المشهور ، بل عن جماعة دعوى الإجماع عليه

وعن الشيخ في الخلاف القول بالكراهة مدعيا عليه الإجماع ، ووافقه صاحبا

المدارك والذخيرة وغيرهما .

وفي الشرايع وغيرها التردد في الحكم .

ثم أن القائلين بالمنع على طوائف .

منهم : من قدر العلو المانع بالشبر وازيد ، وهو المنسوب الى المشهور .

ومنهم : من قدره بالمعتد به . والظاهر رجوعه الى الأول ، كما يشهد له أن بعضهم

جمع بينهما .

ومنهم : من قدره بما لايتخطى ، وهو المحكي عن الدروس والموجز الحاوي

 

 

[ . . . . . . . . . . . ]

والجعفرية وغيرها .

وقد استدل جمع منهم لهذا الحكم بحسن زرارة المتقدم ، بدعوى : أن المراد

بالموصول في مالايتخطى هو مطلق البعد الذي لايمكن طيه بخطوة كان قائما

على الارض أو مبسوطا فيها .

ولكنه خلاف الظاهر جدا ، فان الظاهر منه البعد المبسوط في الارض .

ويؤيده أنه لو حمل على ماذكر لزم التخصيص حينئذ في الرواية من جهة ان

العلو الذي لايتخطى ليس مانعا بالنسبة الى موقف الماموم .

فالصحيح أن يستدل له بمفهوم موثق عمار المتقدم في مسالة اعتبار عدم

الحائل ، وهو وأن كان مقتضى اطلاقه عدم انعقاد الجماعة بما إذا كان الإمام مساويا

للماموم في الموقف ، لكنه في هذا المورد يقيد بما ستعرف .

وبموثقه الآخر عن الإمام الصادق ( ع ) عن الرجل يصلي بقوم وهم في موضع

اسفل من موضعه الذي يصلي فيه ، فقال ( ع ) : ان كان الامام على شبه الدكان او على

موضع ارفع من موضعهم لم تجز صلاتهم وان كان ارفع منهم بقدر اصبع او اكثر او

اقل اذا كان الارتفاع ببطن مسيل كما في الكافي ، وعن بعض نسخ التهذيب او

يقطع مسيلا كما عن بعض نسخه الآخر ، او بقدر شبر كما عن نسخة ثالثة او

بقدر يسير كما عن نسخة رابعة ، او يقطع سبيلا كما عن الفقيه . فان كان ارضا

مبسوطة وكان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه اسفل

منه والارض مبسوطة الا انهم في موضع منحدر فلا باس . انتهى ( 1 ) .

واورد عليه سيد المدارك بانه ضعيف السند متهافت المتن ، قاصرة الدلالة فلا

يسوغ التعويل عليه في حكم مخالف للاصل .

..........................................................

( 1 ) الوسائل باب 63 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . . ]

وفيه : انه موثق حجة لاسيما اذا كان لعمار الذي ادعي الاجماع على العمل

برواياته ، والتهافت ليس في محل الاستدلال به ، ودلالته تامة كما ستعرف .

ومجمل القول فيه : انه يدل على ثبوت الباس اذا كان علو الامام على وجه

التسنيم او التسريح الشبيه به اذا كان بقدر الشبر وازيد ، وعدم ثبوت الباس اذا كان

اقل من الشبر ، او كان العلو على وجه الانحدار فلنا دعاو ثلاث :

الاولى : دلالته على ثبوت الباس اذا كان العلو تسنيميا وبقدر الشبر .

والدليل عليه : ان كلمة ان في قوله ( ع ) : وان كان ارفع الى آخره ، شرطية

لاوصليه والا لزم المنع عن ارتفاع الامام ولو كان اقل من اصبع وهو بديهي الفساد .

مضافا الى ان هذا لايلائم لعطف او اكثر عليه ، لانها لو كانت وصلية تكون مسوقة

لبيان الفرد الخفي ، مع انه ورد في بعض النسخ بالفاء .

واما جزاؤها فليس قوله ( ع ) : فان كان ارضا الى آخره ، والا لزم المنع عن

الارتفاع باقل من اصبع في غير الارض المبسوطة وهو خلاف الضرورة ، بل هو اما

محذوف وهو قوله : جاز ، او موجود وهو قوله : لاباس .

وعلى ذلك فعلى نسخة الشبر دلالته على المدعى واضحة ، واما على سائر

النسخ ، فلان المتبادر من قوله ( ع ) : وان كان ارفع منهم بقدر اصبع الى آخره او

المتيقن منه ارادة مايقرب من اصبع غايته الى الشبر .

الثانية : دلالته على عدم الباس بما اذا كان العلو اقل من الشبر ، وتلك بناء

على نسخة الشبر واضحة ، واما على سائر النسخ فان قلنا بان المتبادر منه مايكون

غايته الشبر فكذلك ، والا فللشك ، فيتمسك لعدم مانعيته باطلاقات ادلة الجماعة ،

والاصل .

الثالثة : دلالته على عدم مانعية العلو اذا كان على وجه الانحدار حيث يكون

العلو تدريجيا على وجه لاينافي صدق انبساط الارض ، والدليل عليه : ذيل الموثق ، هذا

 

 

]ويجوز العكس ولايتباعد الماموم بالخارج عن العادة من دون صفوف [

 

في علو الامام ، وعرفت اعتبار عدمه .

ويجوز العكس اي لاباس بعلو الماموم على الامام ولو بكثير بلا خلاف

ظاهر فيه وعن جماعة دعوى الاجماع عليه .

ويشهد له قوله ( ع ) في ذيل الموثق المتقدم : وان كان الرجل فوق بيت او غير

ذلك دكانا كان ام غيره وكان الامام يصلي على الارض اسفل منه جاز للرجل ان

يصلي خلفه ويقتدي بصلاته وان كان ارفع منه بشئ كثير ونحوه موثقه الآخر

المتقدم ، وخبر علي بن جعفر .

ولا يعارضها : خبر محمد بن عبد عن الرضا ( ع ) عن الامام يصلي في موضع 

والذين خلفه يصلون في موضع اسفل منه ، او يصلي في موضع والذين خلفه في موضع

ارفع منه قال ( ع ) : يكون مكانهم مستويا ( 1 ) لتعين حمله على الافضلية جمعا .

 

في اعتبار عدم التباعد

 

والرابع : ان لايتباعد الماموم عن الامام او من تقدمه من المامومين

بالخارج عن العادة من دون ان يكون بينهما صفوف متصلة على المشهور بين

الاصحاب نقلا وتحصيلا شهرة كادت ان تكون اجماعا ، بل هو كذلك في ظاهر

التذكرة . كذا في الجواهر .

وما عن المبسوط من انه اذا كان بينهما ثلاثمائة ذراع صحت الجماعة ، وعن

التذكرة احتماله ، لم يتحقق صاحب الجواهر - ره - حكاية ذلك عنهما .

وكيف كان فلا شبهة في ذلك ، لعدم صدق الجماعة والاجتماع مع البعد المفرط ،

……………………………………………….

( 1 ) الوسائل باب 63 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3

 

 

وهذا مما لاكلام فيه .

انما الكلام في انه اذا كان بينهما قدر مالايتخطى هل تنعقد الجماعة ام لا ؟

المنسوب الى المشهور هو الاول .

وعن الغنية الثاني وادعى عليه الاجماع وعن ابي الصلاح وجماعة من

المتاخرين كاصحاب المدارك والمفاتيح والحدائق وغيرهم ، وظاهر السيد والكليني

والصدوق موافقته .

ويشهد له : حسن زرارة المتقدم : ان صلى قوم وبينهم وبين الامام مالايتخطى

فليس ذلك الامام لهم بامام ، واي صف كان اهله يصلون بصلاة الامام وبينهم وبين

الصف الذي يتقدمهم قدر مالايتخطى فليس تلك لهم بصلاة - الى ان قال - وايما

امراة صلت خلف امام وبينها وبينه مالايتخطى فليس تلك بصلاة ( 1 ) وظاهر الفقرات

الثلاث اعتبار ذلك لظهور النفي في نفي الصحة .

واورد على الاستدلال به بإيرادات :

الاول : ان النفي قد تعارف ارادة نفي الكمال منه ، فلعله اريد منه ذلك في المقام

وفيه : انه مع ذلك ظاهر في نفي الصحة ، ويؤيده في المقام اقترانه بحكم الحائل .

الثاني : ان الحسن مذيل بقوله ( ع ) : ينبغي للصفوف ان تكون تامة متواصلة

بعضها الى بعض ، ولا يكون بين الصفين مالايتخطى يكون ذلك قدر مسقط جسد

الانسان اذا سجد فان كلمة ينبغي ظاهرة في الاستحباب ، بل لاشبهة في ارادته

بالنسبة الى كون الصفوف تامة ، وحيث ان قوله ( ع ) : ولا يكون بين الصفين عطف

على مدخول ينبغي وظاهر في إرادة بيان ضد التواصل ، فيكون المتحصل من هذه

الجملة انه يستحب تواصل الصفوف بان يكون بينها قدر ما يتخطى كقدر مسقط

………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 62 من ابواب صلاة الجماعة حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . . . . ]

جسد الانسان اذا سجد ، فانه في هذه الصورة لايتحقق شئ من البعد بل يكون

سجوده عند عقب من تقدمه وتتصل الصفوف ، وعلى ذلك فبما ان الخبر يشهد بعضه

على بعض فتكون الجمل الثلاث في الصدر محمولة على الاستحباب .

وفيه اولا : ان ولا يكون عطف على كلمة ينبغي لا على مدخولها .

وثانيا : ان ظهور ينبغي في ارادة الاستحباب بنحو يصلح ان يكون صارفا

عن ظهور النفي في نفي الصحة غير ثابت .

الثالث : ان الظاهر من الجمل اعتبار ان لايكون بين الموقفين ازيد من ما

لايتخطى فيتعين حملها على الاستحباب لاسيما بعد تفسيره في الذيل بان المراد قدر

مسقط جسد الانسان اذا سجد ، فانه لايتحقق شئ من البعد في هذه الصورة ، بل

يكون سجوده عند عقب من تقدمه كما هو واضح ، وبديهي اغتفار ازيد من ذلك .

وفيه : ان الظاهر ارادة مابين موقف المتقدم ومسجد المتاخر ، وذلك من جهة

ظهوره في ارادة مالايتخطى باعتبار المحل الذي يكون مصلى الانسان وهو الفضاء

الذي يتمكن فيه من الإتيان بجميع افعال الصلاة .

ويشهد له : - مضافا الى ذلك - ان الظاهر من تواصل الصفوف تواصلها

بلحاظ حال السجود فكذلك يكون المراد من ولايكون بين الصفين ذلك كما لايخفى ،

وعلى ذلك فلا موجب للحمل على الاستحباب .

الرابع : أن الموصول فيما لايتخطى مجمل ومردد بين البعد الذي لايتخطى

وبين العلو الذي لايتخطى ، او الحائل الذي لايتخطى ، فلا يتم الاستدلال .

وفيه : ماتقدم في الحائل من ان الخبر الصريح في إرادة البعد والمسافة ، فراجع .

الخامس : انه يعارض موثق عمار المتقدم في ائتمام المراة مع الحائل المصرح بانه

يجوز للنساء ان يصلين خلف الامام في دار بينهن وبينه حائط او طريق ، فانه وان ورد

في المراة الا انه لعدم القول بالفصل بينها وبين الرجل يتحقق التنافي بينه وبين الحسن

 

 

[ . . . . . . . . . ]

الموجب ذلك لحمله على الفضيلة .

وفيه : انه حيث يكون الموثق واردا في مقام بيان عدم مانعية الحائل والطريق ،

وقابل للحمل على مااذا لم يكن بين مسجد المراة وموقف الامام قدر مالايتخطى

فالمتعين ذلك ، لعدم الإطلاق له من هذه الجهة .

السادس : إعراض الاصحاب عن الحسن .

وفيه : انهم حملوه على الاستحباب ، لما تقدم ، فالخبر ليس معرضا عنه ، فالاظهر

اعتبار ان لايكون بين موقف المتقدم ومسجد المتاخر ازيد من مالايتخطى ، اي لا

يمكن طيه بخطوة .

ولا يبعد دعوى ان هذا المقدار من الفصل يعد بعدا في العادة مخلا بهيئة 

الجماعة ، وعليها فلا نزاع ولا كلام في البين .

ويمكن ان يستشهد للمختار بصحيح ابن سنان عن الامام الصادق ( ع ) : اقل

مايكون بينك وبين القبلة مربض عنز واكثر مايكون مربض فرس ( 1 ) بناءا على ان

المراد بالقبلة الصف المتقدم او الامام ، كما عن المجلسي وغيره ، ولايخفى دلالته على

هذا .

بقي في المقام امور :

الاول : الظاهر عدم اختصاص هذا الشرط بابتداء الصلاة ، بل هو معتبر

ابتداءا واستدامة ، كما هو المشهور بين الاصحاب على مانسب اليهم - خلافا لما عن

الشهيد - قده - في قواعده فانه نسب اليه القول بكونه شرطا في الابتداء فقط ، وتبعه

بعض من تاخر عنه - للحسن المتقدم فانه يدل باطلاقه على اعتبار هذا الشرط في

جميع حالات الصلاة .

…………………………………………….

( 1 ) الوسائل باب 62 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3 .

 

 

[ . . . . . . . . ]

الثاني : لو كانت الصفوف متصلة واهلها متهيئون للجماعة هل يجوز للبعيد ان

يحرم قبل القريب ام يعتبر في احرامه ان يكون متأخرا عن إحرام من يتصل به ؟

وجهان اقواهما الاول فانه وان كان مقتضى ظاهر الدليل اللفظى هو الثاني الا انه

للسيرة القطعية المستمرة الى زمان المعصوم ( ع ) المستكشف استمرارها بالبرهان - اذ

لو اعتبر عدم دخول البعيد في الجماعة الا بعد احرام القريب واحرازه ذلك المستلزم

ذلك للترتيب في الاحرام لامتنع لحوق الجميع بالامام في الجماعات الكثيرة كالجماعات

المنعقدة في اواخر عصر رسول الله ( ص ) - لابد من الالتزام بكفاية تهيؤ المتقدم

للإحرام .

الثالث : لو انتهى صلاة من في الصف المتقدم الذي هو واسطة في اتصال

المتأخر فعرض البعد في الاثناء فلا كلام في صيرورته منفردا لو لم يعد المتقدم الى

الجماعة بلا فصل .

انما الكلام في انه لو عاد اليها بلا فصل فهل تكون الجماعة باقية ام لا ؟

وجهان لايبعد دعوى اظهرية الاول من جهة ان البعد العارض في الفرض نظير

الحائل غير المستقر تكون الادلة الدالة على مانعية البعد منصرفة عنه ، ولا اقل من

الشك ، فالمرجع استصحاب بقاء الجماعة .

 

يعتبر عدم تقدم المأموم على الامام

 

الخامس : ان لايتقدم المأموم على الامام ، وهذا الشرط مما اجمع الاصحاب عليه

صريحا وظاهرا ، حكاه جماعة من الاساطين ، وهو كاف فيه ، بل الحكم المزبور من

الامور المسلمة عند المتشرعة من الصدر الاول على وجه كاد ان يلحق بالضروريات

ويساعده الاعتبار فلا مورد لاطالة الكلام فيه .

 

 

[ . . . . . . . . . ]

انما الكلام في انه هل يعتبر التاخر عنه ام يجوز مساواته معه ؟ فالمشهور بين

الاصحاب - على مانسب اليهم - الثاني وعن التذكرة دعوى الاجماع عليه .

وقد استدل له بوجوه :

( 1 ) الاجماع ،

وفيه : ان المحصل منه غير حاصل ، والمنقول منه ليس بحجة ، مع ان مدرك

المجمعين سياتي وستعرف عدم صحة الاستدلال به فلا يكون الاجماع على فرض

ثبوته تعبديا .

( 2 ) اطلاق ادلة الجماعة .

اصالة البراءة عن اعتباره .

وهذان الوجهان يتمان اذا لم يدل دليل بالخصوص على اعتبار التاخر .

( 4 ) اطلاق الامر بوقوف الماموم الواحد عن يمين الامام في النص ( 1 ) وهو

كثير .

وفيه : ان هذه النصوص ليست في مقام بيان هذا الحكم ، كي يمكن ان يتمسك

باطلاقها ، بل في مقام بيان حكم آخر ، فيمكن ان يكون المراد بها مايقابل الخلف فلا

ينافيه التقدم بمقدار يسير .

وبذلك يظهر ما في الوجه .

( 5 ) وهو اطلاق الاذن بالوقوف حذاء الامام اذا لم يجد في الصف مكانا .

( 6 ) حكم امير المؤمنين ( ع ) بصحة صلاة المختلفين في دعوى كل منهما

الإمامة ، ( 2 ) اذ لايكون هذه الدعوى الا مع التساوي .

وفيه : انه يدل على صحة الصلاة لا الجماعة وهو موافق لقاعدة غير مناف

…………………………………….

( 1 ) الوسائل باب 23 من ابواب صلاة الجماعة .

( 2 ) الوسائل باب 29 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . . ]

لاعتبال التقدم .

( 7 ) اطلاق الامر بقيام المراة في وسط النساء لو صلين جماعة ، وفي بعض تلك

النصوص النهي عن تقدمها عليهن .

وفيه : ان التمسك باطلاق الامر بقيامها وسطا في غير محله بعد عدم ورودها في

مقام بيان هذا الحكم .

واما النهي عن تقدمها فالظاهر ارادة التقدم على النهج المتعارف الجماعة من

وقوف الامام بين يدي المامومين .

وبه يظهر مافي الوجه

( 8 ) وهو الامر بتقدم الامام فيما اذا كانوا ثلاثة فما فوق بدعوى أنه يدل على

عدم لزومه اذا كانوا اثنين .

( 9 ) مادل على انه اذا دخل جماعة المسجد قبل ان يتفرق جميع من فيه وارادوا

ان يصلوا جماعة لايبدو بهم إمامهم .

وفيه : - مضافا الى ماتقدم من عدم الإطلاق له - ان في قوله ( ع ) : ولايبدو .

نسخة اخرى وهي : ولايبدر ، بالراء المهملة .

وقد استدل لاعتبار التاخر ولو قليلا بوجوه :

الاول : الاصل .

وقد عرفت ان الاصل في المقام البراءة لا الاشتغال مضافا الى اطلاق الادلة ،

الثاني : الامر بتقدم الامام اذا كان الماموم ازيد من واحد .

وفيه : ان هذا الامر محمول على الاستحباب قطعا ، اذ المراد بالتقدم في هذه

النصوص وقوف الامام في صف والمامومين في صف آخر ، ولاشبهة في عدم لزوم ذلك .

الثالث : التوقيع المروي عن الحميري على ما عن الاحتجاج الوارد في

السجود على القبر والصلاة عند قبورهم عليهم السلام : واما الصلاة فانها خلفه يجعله

 

 

[ . . . . . . . . ]

الامام ولايجوز ان يصلي بين يديه ولا عين يمينه ولا عن شماله لان الامام لا يتقدم

عليه ولايساوي ( 1 ) بتقريب : ان المراد من الامام في التعليل امام الجماعة لا امام

الاصل ، والا لزم اتحاد العلة والمعلول ، وهو كما ترى .

وفيه اولا : انه مرسل بالنسبة الينا وان كان مسندا عند مصنفه ، وحذف الاسناد

رعاية للاختصار .

وثانيا ، ان الخبر محكي عن الفقيه هكذا : ولا يجوز ان يصلي بين يديه لان الامام

لايتقدم عليه ويصلي عن يمينه وشماله ولا شبهة في ان الفقيه اضبط من الاحتجاج .

ولو سلم تساويهما في ذلك فحيث ان الخبر واحد قطعا فهو من قبيل اشتباه

الحجة باللاحجة لا من قبيل تعارض الخبرين ، فلا يصح الاستدلال به للاجمال .

وثالثا : انه يجوز حمل الامام في التعليل على امام الاصل من دون ان يلزم

المحذور المتقدم بان يكون المراد : ان الامام في حال حياته ومماته ، وفي حال الصلاة

وغيرها لايتقدم عليه وهذا الاحتمال لو لم يكن اظهر مما قيل لا اقل من تساويه معه

فيصبر الخبر من هذه الجهة مجملا .

الرابع : النصوص ( 2 ) الواردة في كيفية صلاة العراة جماعة الآخرة بتقديم الامام

على المامومين بركبتيه وظهورها في الوجوب غير قابل للانكار ، اذ - مضافا الى

ظهورها في نفسها فيه - ان الامر به في مثل هذه الحالة التي لولا لزوم التقدم لكان

الاولى الامر بالتساوي لكونه احفظ واستر ، لايتوقف في حمله على الوجوب وهذا

الوجه تام .

ويؤيده معهودية تقدم الامام في الجماعات ومناسبة ذلك مع عنوان الامامة ،

فالاظهر لزوم تقدم الامام ، ومقدار التقدم موكول الى العرف .

………………………………………….

( 1 ) الوسائل باب 26 من ابوب مكان المصلي حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 51 من ابواب لباس المصلي

 

 

[ . . . . . . . . ]

ثم ان المعتبر تقدم الامام على الماموم في جميع حالات الصلاة ، لما تقدم في

الشرط السابق .

 

الجماعة حول الكعبة

 

ثم انه لا باس بالتنبيه على امرين مناسبين للمقام :

الاول : انه هل تجوز الجماعة بالاستدارة حول الكعبة كما عن الاسكافي

والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم ، بل عن الذكرى الاجماع عليه ام لاتجوز كما عن

القواعد والمنتهى ؟ وجهان .

وعن جماعة الاستشكال فيه .

وقد استدل للاول بان مادل على اعتبار تقدم الامام على الماموم انما يراد به

تقدمه عليه بلحاظ الكعبة الشريفة ، او بلحاظ الدائرة المفروضة حولها التي يكون

مركزها وسط الكعبة ، وعليه فحيث انه يمكن التقدم بلحاظهما في الجماعة بالاستدارة

فلا بد من البناء على صحتها .

وبان مادل على اعتبار التقدم مختص بما اذا كان استقبال الامام والماموم الى

جهة واحدة ، وفي صورة الاستدارة لادليل على اعتبال التقدم ، والاصل يقتضي عدمه .

وبالاجماع .

وفي الكل نظر ، اما الاول ، فلانه - مضافا الى ان لازم ماذكر ان لاتكون

الجماعة مشروعة في الكعبة ، لعدم إمكان فرض التقدم بذلك اللحاظ - انه خلاف

الظاهر ، فان المنساق الى الذهن مما دل على اعتبار التقدم هو التقدم في الجهة .

واما الثاني ، فلانه - مضافا الى ان لازمه مشروعية الجماعة داخل الكعبة مع

كون قفا كل منهما الى الآخر - انه خلاف إطلاق الدليل .

وأما الثالث ، فلعدم ثبوته أولا وعدم كونه تعبديا ثانيا .

 

 

[ . . . . . . . . . ]

وبما ذكرناه يظهر مدرك القول الآخر ولكن الاظهر الصحة ، لما عن الذكرى

من ثبوت السيرة عليه في عصر المعصومين عليهم السلام من دون انكار احد منهم .

ثم ان الظاهر على ماحكي ان بناء المجوزين لهذه الجماعة على اعتبار عدم

تقدم الماموم على الامام ، غاية الامر صريح جماعة منهم وظاهر آخرين اعتبار عدم

التقدم بلحاظ الكعبة الشريفة .

وظاهر جماعة منهم اعتباره بلحاظ الدائرة المفروضة حولها التي يكون مركزها

وسط الكعبة وهما وإن توافقا في الدائرة الحقيقية حولها - الا انه ربما ينفك كل منهما

من الآخر في بعض الفروض .

وحق القول في المقام : ان اعتبار عدم تقدم الماموم على الامام لما كان مدركه

الارتكاز والاجماع والضرورة لايبعد دعوى اعتباره في هذه الجماعة ، ولازمه كفاية احد

الامرين ، اذ في مااذا لم يكن متقدما باحد اللحاظين ومتقدما بلحاظ آخر حيث انه

لادليل على اعتبار العدم بلحاظه ايضا ومقتضى الاطلاقات والاصل عدم اعتباره

فيبني على الصحة .

واما اعتبار التقدم فحيث ان دليله لايشمل هذه الجماعة الثابتة مشروعيتها

بالسيرة كما تقدم ، فلا بد فيها من الرجوع الى الاطلاق والاصل المقتضيين لعدم

اعتباره .

وبما ذكرناه يظهر ما في كلمات القوم في المقام .

الثاني : انه قد تقدم انه في موارد بطلان الجماعة اذا لم يخل بوظيفة المنفرد صحت

صلاته ، وكذلك اذا اخل بوظيفته ولم يكن الاخلال عن علم وعمد ، او عن جهل

تقصيري ، ولم يكن مااخل به مما يوجب بطلان الصلاة مطلق الاخلال به وان لم يكن

عمديا .

وعليه فان اخل باحد هذه الشروط عن غير عمد وعلم صحت صلاته اذ لم

 

 

] ولو ادرك الامام راكعا ادرك الركعة والا فلا [

 

يات بما يوجب البطلان مطلق وجوده وان بطلت الجماعة ، لانها شروط واقعية لها كما

هو ظاهر النصوص .

وما في بعض النصوص من نفي الصلاة عن فاقد بعض تلك الشروط اريد

به في نفسه او بواسطة حديث لاتعاد الصلاة المقصودة اي الجماعة او نفي الصلاة

في صورة العلم والعمد ، كما يظهر لمن راجع ماذكرناه في تلك المسالة مفصلا .

 

فيما تدرك به الركعة

 

فصل : فيما تدرك به الركعة وماتدرك به الجماعة ، فالكلام في هذا الفصل

يقع في مقامين :

الاول فيما تدرك به الركعة .

الثاني : فيما تدرك به الجماعة اما المقام الاول فالمشهور بين الاصحاب انه لو

ادرك الامام راكعا ادرك الركعة والا فلا .

وعن المصنف - ره - في التذكرة ونهاية الاحكام انه يشترط فيه الذكر قبل ان

يخرج الامام عن حد الراكع .

وعن الشيخين والقاضي - انه لاتدرك الركعة الا بادراك تكبيرة الركوع .

ومنشا الاختلاف اختلاف النصوص فانها على طوائف ثلاث :

الاولى ماهو ظاهر فيما ذهب اليه المشهور كصحيح الحلبي عن الامام الصادق

) ع ) : اذا ادركت الامام وقد ركع فكبرت وركعت قبل ان يرفع الامام راسه فقد ادركت

الركعة ، وان رفع راسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة ( 1 ) .

......................................................................

( 1 ) الوسائل باب 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . . ]

وهذا في الدلاله على عدم اعتبار ادراك تكبيرة الركوع وان ادراك الركعة

يكون بادراك الركوع يكون مثل مادل على ان من خاف ان يرفع الامام راسه جاز

له ان يركع في مكانه ويمشي راكعا او بعد سجوده . ومادل على استحباب اطالة الامام

ركوعه اذا احس بمن يريد الاقتداء به .

وبعبارة اخرى : يكون صريحا فيه .

واما في الدلالة لى عدم اعتبار الذكر قبل ان يرفع الامام راسه فليس هكذا

نعم هو ظاهر فيه .

لايقال : انه يدل على ادراك الركعة بصرف الاتيان بالتكبيرة قبل رفع الامام

راسه وان لم يجتمع معه في الركوع في زمان ، وهذا مما لم يقل به احد ، فلا بد من طرحه

فانه يقال : ان الشرطية الاولى وان كانت ظاهرة في ذلك الا ان ظاهر قوله

(ع ) بعدها : وان رفع راسه الى آخره هو اعتبار ادراك الركوع اذ الظاهر منه الاخذ

في الرفع وايضا الظاهر كونه مفهوما للشرطية الاولى فتدبر .

وصحيح سليمان بن خالد عنه ( ع ) في الرجل اذا ادرك الامام وهو راكع وكبر

الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل ان يرفع الامام راسه فقد ادرك الركعة ( 1 ) ونحوهما

خبر زيد ( 2 ) ، وقريب منهما خبرا معاوية بن ميسرة ( 3 ) وشريح ( 4 ) .

الثانية : ماهو ظاهر في القول الثالث كصحيح محمد بن مسلم عن الامام

الباقر ( ع ) : ان لم تدرك القوم قبل ان يكبر الامام للركعة فلا تدخل معهم في تلك

الركعة ( 5 ) : اذ لولا اعتبار ادراك تكبيرة الركوع لما كان مورد للنهي عن الدخول في

.......................................................................

( 1 ) الوسائل باب 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1 .

( 2 - 3 ) الوسائل باب 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث 4 .

( 5 ) الوسائل باب 44 من ابواب صلاة الجماعة حديث

 

 

[ . . . . . . . . ]

الجماعة .

ودعوى ان من المحتمل ارادة الجماعة مع المخالفين ويشهد له : التعبير بلفظ

القوم ، فالوجه في النهي عن الدخول حينئذ عدم اجزاء قراءتهم عن قراءته مندفعة

بانه لم يعتبر فيه ادراك القراءة وانما اعتبر ادراك تكبيرة الركوع فهذا الاحتمال

خلاف الظاهر ، كما ان احتمال ارادة الكراهة من النهي فيه خلاف الظاهر .

وصحيحه الآخر عن الامام الباقر ( ع ) : اذا ادركت التكبيرة قبل ان يركع

الامام فقد ادركت الصلاة ( 1 ) .

وصحيحه الثالث : لاتعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام ( 2 ) .

والمراد بالركعة هو الركوع ، لما عرفت من اطلاقها عليه ولولا عدم ادراك

الركعة مع عدم ادراك تكبيرة الركوع لما صح النهي عن الاعتداد بتلك الركعة .

وصحيح الحلبي او حسنه عن الامام الصادق ( ع ) في الجمعة : اذا ادركت الامام

قبل ان يركع الركعة الاخيرة فقد ادركت الصلاة ، فان ادركته بعد ماركع فهي الظهر

اربع ركعات ( 3 ) .

واورد عليه : بانه يحتمل ان يكون المراد من الشرطية الاولى قبل ان يتمها ،

ومن الثانية : بعد الفراغ عنها .

وفيه : ان هذا خلاف الظاهر كما لايخفى .

وذكروا في الجمع بين الطائفتين وجهين :

الاول : حمل الثانية على الكراهة .

واورد عليه بانه ان كان المراد من الكراهة كونها اقل ثوابا بالنسبة الى صلاة

..................................................................

( 1 ) الوسائل باب 44 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

( 2 ) الوسائل باب 44 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 26 من ابواب صلاة الجمعة حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . . ]

المنفرد فهذا راجع الى عدم استحباب الجماعة بهذا النحو اصلا .

وإن كان المراد كونها اقل ثوابا بالنسبة الى الجماعة التي ادرك تكبيرة الامام ،

فيرد عليه ان هذا لا يوجب النهي عن الدخول في هذه الجماعة الموجب لتفويتها .

ويمكن ان يجاب عن الايراد : بان المراد رجحان تاخير الائتمام الى مابعد ولو

في حال التشهد ان اراد ادراك فضيلة الجماعة .

الثاني : ان يحمل الطائفة الاولى على مااذا لم يدرك الامام الا في الركوع

والثانية على ما اذا ادركه قبله .

اقول : في كلا الوجهين نظر .

اما الاول ، فلان بعض روايات ابن مسلم كصحيحه الثاني غير قابل للحمل

على ذلك فان لسانه لسان عدم ادراك الصلاة لا النهي عن الدخول .

واما الثاني ، فللاجماع على عدم الفرق بين الصورتين .

فالحق ان الطائفتين متعارضتان لايمكن الجمع بينهما بوجه ولا بد من الرجوع

الى المرجحات وهي مع الطائفة الاولى لكونها اشهر حتى ان الشيخ - ره - ادعى

في بعض كتبه - كما نقل - الاجماع على ادراك الركعة بادراك ركوع الامام بل هي

مشهورة والطائفة الثانية شاذة نادرة فيتعين العمل بالاولى .

الثالثة : التوقيع المروي عن الاحتجاج عن مولانا الحجة ( ع ) ان الحميري

كتب اليه وسأله عن الرجل يلحق الامام وهو راكع فيركع معه ويحتسب بتلك الركعة

فان بعض اصحابنا قال : ان لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له ان يعتد بتلك الركة

فأجاب ( ع ) اذا لحق مع الإمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة

وان لم يسمع تكبيرة الركوع ( 1 ) .

................................................

( 1 ) الوسائل باب 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث 5

 

 

[ . . . . . . ]

والظاهر ان هذا مدرك القول الثاني .

ولكن يرد عليه اولا : ان التوقيع الشريف لضعفه في نفسه واعراض الاصحاب

عنه لايعتمد عليه .

وثانيا : ان النصوص المتقدمة كالصريحة - خصوصا بعضها - في ادراك الركعة

بادراك الركوع خاصة وعدم اعتبار ادراك الذكر وعليه فلا بد من تقييد مفهوم

الشرطية ، او رفع اليد عن مفهومها وان لم يكن شئ منها جمعا عرفيا فلا بد من

طرحه ، فتحصل ان الاظهر ماهو المشهور .

 

تنبيهات

 

وينبغي التنبيه على امور :

الاول : ان لمعية الماموم مع الامام في الركوع التي هي مناط ادراك الركعة على

ماتقدم صورا :

( 1 ) معيتهما في حال وقوف كليهما في الركوع .

( 2 ) معيتهما في حال وقوف الامام وهوي الماموم بان كان الامام حين وصول

الماموم الى حد الركوع واقفا ولكن حين انتهاء هويه الى الركوع اخذ الامام في الرفع

وفي هذه الصورة تارة يقف الماموم في الركوع قبل ان يخرج الامام عن حد الركوع

واخرى لايقف .

( 3 ) معيتهما في حال هوي الماموم ونهوض الامام بان اقتران وصول الماموم الى

حد الركوع مع اخذ الامام في رفع الراس عنه .

اما الصورة الاولى فهي لااشكال فيها كما تقدم .

واما الصورة الثانية فان قلنا : ان الركوع اسم للمعنى الهيئي الاسم المصدري ،

 

 

[ . . . . . . . . ]

اوقلنا انه يعتبر في صدقة انتهاء الانحناء والهوي الى الحد ولايكفي فيه مجرد الوصول

الى ذلك الحد فلا كلام في انه لايعتد بتلك الركعة وتكون فائتة .

وذلك ، لان ظاهر قوله في صحيح سليمان : ثم ركع قبل ان يرفع الامام راسه

بقرينة التعبير بفعل الماضي اعتبار تحقق ركوع الماموم المتوقف على الوقوف والقرار

قبل ان يرفع الامام راسه اي يشرع في الرفع .

وان قلنا : انه يكفي في صدق الركوع الوصول الى الحد الشرعي ولايعتبر

انتهاء الانحناء كما لعله الاظهر فقد يقال انه لايعتد بتلك الركعة وذلك لوجوه .

الاول : انصراف الركوع الى الركوع بالمعنى الاسم المصدري وهو عبارة عن

القرار في حال الانحناء المخصوص .

الثاني : ان الظاهر منه الركوع الشرعي اي الركوع مع مايعتبر فيه شرعا

من الشرائط التي منها الاستقرار والقرار ، فلايعتد بتلك الركعة .

الثالث : التوقيع الشريف المتقدم بدعوى : كون تسبيح الركوع المذكور فيه .

كناية عن كون الامام مستقرا في الركوع .

وفي الجميع نظر .

اما الاول : فلانه لا وجه لهذا الانصراف ولا مستند له .

واما الثاني ، فلان الخطابات الشرعية حيث انها القيت الى العرف فلا بد من

حملها على إرادة المفاهيم العرفية فالموضوع هو الركوع العرفي لا الشرعي .

واما الثالث ، فلما تقدم ، فالاظهر على هذا المسلك صحة الجماعة وادراك الركعة

في الفرض ، ولكن الاحتياط سبيل النجاه .

واما الصورة الثالثة ، فحيث ان الظاهر من الخبر المشار اليه اعتبار تحقق

ركوع الماموم من جهة التعبير بصيغة الماضي قبل شروع الامام في الرفع من جهة

التعبير بالمضارع ، فيشكل الحكم بالاعتداد بتلك الركعة حتى على المسلك الاخير في

 

 

[ . . . . . . . . . ]

حقيقة الركوع المتقدم في الصورة الثانية لفرض عدم القبلية واقتران وصول المأموم

الى حد الركوع مع اخذ الامام في الرفع .

فما عن الروض والمسالك والمدارك وغيرها من فوات الركعة في هذه الصورة

هو الصحيح .

وماذكره بعض المعاصرين من ان المراد بالرفع الرفع عن حد الركوع

الشرعي لا عن حد شخص الركوع المأتي به للامام خلاف الظاهر جدا ، فانه لم

يذكر في الخبر قبل ان يرفع الامام راسه عن الركوع بل فيه : قبل ان يرفع الامام

راسه وظاهر ذلك قبل ان يرفع الامام عما هو متلبس به ، فتدبر فانه دقيق .

الثاني : انه قد تقدم في مسالة العدول من الائتمام الى الانفراد المذكورة في

مسائل الشرط الاول من شرائط الجماعة انه لايعتبر إدراك الركوع اذا ادرك الماموم

الامام قبل القراءة او في اثنائها ، وان مااشتهر من انه يعتبر ادراك الركوع في ادراك

الركعة ودلت النصوص عليه انما هو في ابتداء الجماعة لا من حصل منه تلك واتصف

بوصف المأمومية وتحمل الامام القراءة عنه ، واستشهدنا له بصحيح ابن الحجاج ،

فراجع .

إنما الكلام في المقام في ان اعتبار ادراك جزء من اجزاء الركعة الى ان ينتهي

الى ادراك الركوع هل يختص بالركعة الاولى كما في العروة وعن الشيخ الاعظم - ره

- فلو لم يدرك الماموم الامام في الركعة الثانية بعد ما ادركه في الاولى حتى رفع الامام

رأسه عن الركوع صحت صلاته وجماعته وتحتسب له ركعة ، ام يعتبر ذلك في جميع

الركعات كما هو المشهور ، بل عن ظاهر جامع المقاصد وكشف اللثام ومفتاح الكرامة

وغيرها الاتفاق عليه ؟ وجهان .

استدل للثاني بالاجماع ، وباصالة عدم ادراك الركعة وبان المستفاد من صحيح

الحلبي - : اذا ادركت الامام وقد ركع فكبرت وركعت قبل ان يرفع الامام راسه فقد

 

 

[ . . . . . . . . ]

ادركت الركعة ، وان رفع راسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة ( 1 ) . بالغاء خصوصية

المورد ، او بانه يستأنس من تعليق الحكم بادراك الركعة على ادراك الركوع - عدم

اختصاص هذا الحكم بالركعة الاولى .

وفي الكل نظر .

اما الاول ، فلعدم ثبوت كونه تعبديا لو ثبت .

واما الثاني ، فلانه اذا جاز وضعا التاخر عن الامام في الائتمام كما هو المفروض

وقد مر وجهه فلا شك في ادراك الركعة مالم يدل دليل على اعتبار درك الركوع ، فاذا

اتى بما هو وظيفته في تلك الركعة والمفروض بقاء الائتمام فلا محالة يكون مدركا

للركعة ، فلا مورد لجريان الاصل .

واما الثالث ، فلان الغاء خصوصية المورد غير ظاهر الوجه ، والاستيناس لا

يكون حجة مالم يصل الى حد الظهور ، فالاظهر عدم الاعتبار ، فلو زوحم المأموم عن

السجود مع الامام في الركعة الاولى ولم يلتحق بالركعه الثانية حتى رفع الامام رأسه

من ركوعها وقام واتي بما هو وظيفته تصح جماعته وتحتسب تلك له ركعة ثانية .

 

لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا

 

الثالث : لو ركع بتخيل إدراك الامام راكعا ولم يدرك ففي العروة وعن النجاة :

بطلت صلاته وتبعهما جمع من المحققين وعن المحقق النائيني - ره - : صحت صلاته ،

فيجب عليه إما الانفراد او الصبر الى أن يدخل الإمام في الركعة اللاحقة .

وذهب بعض المعاصرين الى الصحة وانفراده قهرا .

................................................................

( 1 ) الوسائل باب 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . ]

وقد استدل للاول بزيادة الركوع التي لم يثبت اغتفارها .

واورد عليه تارة بان زيادة الركوع انما هي في مقام المتابعة ولو لم تتحقق المتابعة

الفعلية وهي مغتفرة ، ولذا لو سبق المأموم الإمام في رفع الراس من الركوع فعاد اليه

للمتابعة ولم يدرك ركوع الامام لم تبطل صلاته ، مع ان ركوعه الثاني زيادة في مورد

المتابعة بلا تحقق المتابعة الفعلية ، وهذا هو الذي ذكر مدركا للقول الثاني .

واخرى بان زيادة الركوع مبتنية على عدم سقوط القراءة ، اذ لو بني على

سقوطها لحديث لاتعاد فالركوع في محله ، ولا موجب للبطلان ، وهذا هو الذي ذكر

وجها للثالث .

اقول : ان النصوص الدالة على ان من فاته الركوع فقد فاتته الركعة تدل

على انه ليس له الاعتداد بهذه الركعة ، فالقول الثالث لايمكن المصير اليه .

واما اغتفار زيادة الركوع للوجه المذكور ، فيرد عليه : ان تلك النصوص انما

وردت في مورد خاص وهو الاتيان بالركوع الثاني لاجل المتابعة والكلام في انه لو

لم تتحقق المتابعة هل تبطل الصلاة ام لا سيأتي وعلى كل تقدير لايصح الاستدلال

بها للمقام الا مع إحراز عدم الخصوصية .

ويمكن ان يستدل لهذا القول - اي القول الثاني - بخبر حفص بن غياث

عن الامام الصادق ( ع ) في رجل ادرك الجمعة وقد ازدحم الناس وكبر مع الامام وركع

ولم يقدر على السجود وقام الامام والناس بالركعة الثانية وقام هذا معهم فركع الامام

ولم يقدر هذا على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع ؟

قال ابو عبد الله ( ع ) : اما الركعة الاولى فهي الى عند الركوع تامة ، فلما لم يسجد لها

حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن له ذلك ، فلما سجد في الثانية فان كان نوى هاتين

السجدتين للركعة الاولى فقد تمت له الاولى ، فاذا سلم الامام قام فصلى ركعة يسجد

فيها ثم يتشهد ويسلم ، وان كان لم ينو السجدتين للركعة الاولى لم تجز عنه الاولى ولا

 

 

[ . . . . . . . . ]

الثانية ، وعليه ان يسجد سجدتين وينوي بهما للركعة الاولى ، وعليه بعد ذلك ركعة تامة

يسجد فيها ( 1 ) .

وعن الذكرى : انه لاباس بالعمل بهذه الرواية ، لاشتهارها بين الاصحاب ،

وضعف الراوي لايضر مع الاشتهار .

أقول : الاظهر كون الراوي ايضا ثقة .

وتقريب الاستدلال به : انه يدل على ان السجدتين الواقعتين لا بنية الاولى

زيادة مغتفرة ، وبضميمة عدم الفصل بين السجدتين والركوع يثبت عدم مضرية

الركوع ايضا .

وعليه فبما ان المختار على ماسيظهر : جواز الائتمام بعد الركوع وتحقق

الجماعة غاية الامر لاتحتسب تلك ركعة حيث انه لاوجه لبطلان هذه الصلاة سوى

زيادة الركوع والمفروض انها مغتفرة فيكون وظيفة هذا الشخص وظيفة من لحق

الامام بعد الركوع ، وستاتي .

 

لو شك في ادراك الامام راكعا

 

الرابع : لو شك في ادراك الامام راكعا ، ففيه صورتان :

الاولى : مالو كبر وركع ثم شك في ادراكه وعدمه .

الثانية : مالو شك في الادراك قبل التكبير .

اما في الصورة الاولى ، فالمشهور بين الاصحاب - على مانسب اليهم - البناء

على عدم الادراك ، بل عن المصنف - ره - في المنتهى دعوى الاجماع عليه من جهة

..................................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب صلاة الجمعة حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . ]

استصحاب عدم الادراك .

وربما يقال : انه يحكم بالادراك لاجل استصحاب بقاء الامام راكعا الى حين

ركوع الماموم .

اقول : حق القول في المقام انه لو كان موضوع الحكم هو اجتماع الماموم مع

الامام في الركوع في زمان واحد من دون دخل لوصف وعنوان متحصل من ذلك

فالاظهر جريان الاستصحاب في ركوع الامام ، فان موضوع الحكم على الفرض

مركب من جزءين : احدهما وهو ركوع الماموم محرز بالوجدان والجزء الآخر وهو ركوع

الامام في ذلك الزمان يجري الاصل فيه ، فبضم الوجدان الى الاصل يثبت الموضوع ،

ويترتب عليه حكمه وهو صحة الائتمام وتحققه .

ودعوى : ان مقتضى اصالة عدم تحقق المركب من حيث هو مركب عدم ترتب

الحكم مندفعة لابما افاده المحقق النائيني - ره - من ان الشك في بقاء عدم المركب

مسبب من الشك في وجود اجزائه ، فاذا جرى الاصل فيها لاتصل النوبة الى جريان

الاصل في المسبب فانه يرد عليه : ان السببية في المقام ليست شرعية ، فلا يكون الاصل

في السبب حاكما على الاصل في المسبب .

بل لان المركب من حيث انه مركب بوصف الاجتماع لايكون موضوعا

للحكم وانما هو مترتب على ذوات الاجزاء المجتمعة ، ولاشك فيها بعد ضم الوجدان

الى الاصل .

ولا فرق فيما ذكرناه بن مالوجهل تاريخ الركوعين ومالو علم تاريخ احدهما

بناء على ماحققناه في الاصول من جريان الاصل في كل من معلوم التاريخ ومجهوله .

واما لو كان الاثر مترتبا على ركوع الماموم قبل ان يرفع الامام راسه بحيث

يحدث له صفة القبلية ، فالحق عدم جريان الاصل المزبور ، فان تلك الصفة لاتثبت

باستصحاب بقاء كون الامام راكعا الا على القول بالاصل المثبت وحيث ان ظاهر

 

 

[ . . . . . . . . ]

النصوص هو الثاني ، لاحظ قوله ( ع ) في صحيح ابن خالد : اذا ادرك الامام وهو راكع

وكبر الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل ان يرفع الامام راسه فقد ادرك الركعة ( 1 ) فانه

لو لم يكن هذا العنوان دخيلا لما عبر به ، فالاظهر هو القول الاول .

واما في الصورة الثانية ففي العروة الاحوط عدم الدخول الا مع الاطمينان

بادراك ركوع الامام .

والظاهر ان مراده الدخول في الركوع والمضي في صلاته جماعة لا في الصلاة ،

فان الدخول في الصلاة جائز مع العلم بعدم الادراك ، غاية الامر مع العلم بذلك لا

يجوز دخوله في الركوع ، وكيف كان فمنشا الجواز في هذا الفرع وعدمه هو ماعرفت

في الصورة الاولى .

وقد نسب الى المحقق النائيني - ره - القول بعدم جواز الدخول في الركوع

في هذه الصورة حتى بناء على القول بدرك الركوع في الاولى ، لعدم جريان

الاستصحاب المزبور في المقام وذلك لوجهين :

الاول : عدم جريان الاستصحاب في الامر المستقبل راسا ، لانصراف ادلته

عن شمولها لما اذا كان المشكوك فيه في المستقبل بحيث لايبقى الشك فيه في موطن

وجوده .

فيه : انه بناء على ماهو الحق من جريان الاستصحاب في الامور الاستقبالية

اذا كان الاثر مترتبا عليه فعلا كما هو المفروض ، لافرق بين بقاء الشك في موطن

وجوده وعدمه ، والانصراف لاوجه له ، واغلب الامور لاستقبالية التي يجري

الاستصحاب فيها من هذا القبيل ، مثلا لو اراد استيجار زيد لعمل خاص في مدة

معينة وشك في بقائه الى آخر تلك المدة لاشبهة في جريان الاستصحاب في بقاء حياته ،

..................................................................

( 1 ) الوسائل باب 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . . ]

مع انه لايبقى الشك فيه في موطنه .

الثاني : انه يعتبر في جواز الاتيان بالركوع تحقق الاطمينان بادراك ركوع

الامام تكوينا وبالاستصحاب لايثبت صفة الاطمينان ببقاء الامام في الركوع

تكوينا ، ومع عدم حصوله لاينفع اجراؤه بشئ اصلا .

ثم قال : ان المختار عندنا وان كان قيام الاصول المحرزة مقام القطع

الموضوعي الماخوذ على وجه الطريقية الا انه لا ينفع في مثل المقام المعتبر فيه صفة

الاطمينان التكويني .

اقول : يرد عليه اولا : انه لم يؤخذ في شئ من النصوص صفة الاطمينان دخيلة

في هذا الحكم ، بل الموضوع ادراك ركوع الامام لا الاطمينان بادراكه راجع ،

النصوص فالاطمينان لامحالة يكون طريقيا محضا ، والاستصحاب يقوم مقام القطع

الطريقي المحض بلا كلام .

وثانيا : انه لو سلم اخذه في الموضوع فلا وجه لمنع قيام الاستصحاب مقامه في

خصوص المقام وذلك لان القطع في كل مورد اخذ في الموضوع ظاهر في كون الماخوذ

هو القطع الوجداني ، والامارات والاصول المحرزة على القول بقيامها مقامه توجب

توسعة الموضوع ولا لم تكن من الحكومة بشئ .

وبالجملة الاحتياج الى البحث عن قيام الامارات مقام القطع الموضوعي انما

هو من جهة ظهور الدليل في نفسه في ارادة الوجداني منه ، والا فلو كان الموضوع في

نفسه هو الاعم لم يكن الامارات قائمة مقام القطع ، ولم تكن من باب الحكومة إذ

الموضوع بنفسه شامل لها ، فالاظهر عدم الفرق بين الصورتين .

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

 

فيما تدرك به الجماعة

 

اما المقام الثاني فالكلام فيه تارة يقع فيما لو أدركه بعد رفع رأسه من الركوع

الى مابعد السجدة الثانية واخرى فيما لو ادركه في التشهد .

اما المورد الاول ، فالمشهور بين الاصحاب انه يجوز له الدخول في الجماعة

وهي تدرك به بأن يكبر بنية القدوة .

وعن المصنف - ره - في المختلف التوقف فيه .

ويشهد للمشهور جملة من النصوص كخبر المعلى بن خنيس عن الامام

الصادق ( ع ) : اذا سبقك الامام بركعة فادركته وقد رفع راسه فاسجد معه ولاتعتد

بها ( 1 ) .

وصحيح محمد بن مسلم ، قلت له : متى يكون يدرك الصلاة مع الامام ؟ قال

(ع ) : اذا ادرك الامام وهو في السجدة الاخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصلاة

مع الامام ( 2 ) .

واورد على الاستدلال بهما تارة بأنه يحتمل فيهما ارادة احد امور :

منها : الدخول مع الامام في الصلاة ومتابعته في الفعل .

ومنها : مجرد الحضور والإمام في هذه الحال .

: ومنها مجرد متابعة فيما يجده متلبسا به من السجود ونحوه والاستدلال بهما

يتوقف على ارادة الاول وهي غير ظاهرة .

واخرى بانه يعارضهما خبر البصري عن الامام الصادق ( ع ) في حديث : اذا

...........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . ]

وجدت الامام ساجدا فاثبت مكانك حتى يرفع راسه ( 1 ) وثالثة بضعف المعلى .

ولكن يدفع الاول ان الاحتمال الثاني خلاف صريح خبر المعلى والاحتمال

الثالث خلاف الظاهر ، بل الظاهر منهما هو الاول ، كما يظهر لمن تدبر فيهما ، لاحظ

سائر نصوص الباب الواردة فيمن ادرك الامام في الركوع او في التشهد التي وقع فيها

مثل هذا التعبير مع مافيها من الشواهد الموجبة لصراحتها في ارادة ذلك الاحتمال .

ويدفع الثاني : ان خبر البصري مجهول .

ويندفع الثالث بما حققناه في محله من ان روايات المعلى يعتمد عليها مع ان في

الصحيح كفاية .

واما سائر النصوص التي استدل بها في المقام وهي خبر معاوية بن شريح ( 2 )

والنبوي ( 3 ) وخبر دعائم الاسلام ( 4 ) وغيرها فلا يعتمد عليها .

اما الاول ، فلان طريقه سعد بن عبد الله وهو صحابي مجهول .

واما الثاني ، فلان روايه ابو هريرة .

واما الثالث ، فلعدم ثبوت وثاقة مؤلف ذلك الكتاب .

وعن المصنف - ره - التعليل لتوقفه في جواز الدخول بلزوم زيادة الركن وهو

السجدتان وبالنهي عن الدخول في الركعة عند فوات تكبيرها في صحيح محمد بن

مسلم عن الامام الباقر ( ع ) المتقدم .

وفيهما نظر : اما الاول ، فلانه لايمنع من الدخول مع الانتظار ، مع انه لايكون

محذورا بناء على ماهو المشهور من وجوب الاستئناف .

...........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث 6 .

( 3 ) الوسائل باب 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث 7 .

( 4 ) المستدرك باب 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . . ]

مضافا الى انه لايعتمد على مثل هذا الوجه في مقابل النصوص ، مع انه قد

عرفت عدم مبطلية السجود الماتي به للمتابعة .

واما الثاني فقد تقدم في المقام الاول انه لابد من رفع اليد عن ظاهره

للنصوص الصريحة في جواز الدخول في حال ركوع الامام فتحصل ان الاظهر جواز

الدخول في تلك الحال .

ثم إنه اذا دخل فهل يجب عليه ان يصبر الى ان يرفع الامام راسه عن السجدة

الثانية فيتابعه بعد ذلك ، ام يتابعه في السجدتين ويكتفي بهذا التكبير لصلاته ، ام يتابعه

فيهما ثم يستانف الصلاة ، ام يتخير بين الاولين ؟ وجوه واقوال المنسوب الى المشهور

الثالث .

وعن صريح جماعة من القدماء وظاهر آخرين عدم لزوم إعادة التكبير .

والاظهر الثاني ، للخبرين المتقدمين .

واستدل للاول بخبر البصري المتقدم .

وفيه ماعرفت من ضعف سنده .

واستدل للثالث بما دل على مبطلية الزيادة لاسيما اذا كان الزائد الركن وبأن

الضمير في ( لاتعتد بها ) في خبر المعلى المتقدم يرجع الى الصلاة .

ويرد على الاول : ان زيادة الركن للمتابعة لاتضر كما تقدم لاسيما وقد دلت

النصوص الخاصة في المقام على لزومها .

ويرد على الثاني : ان الظاهر من الخبر رجوع الضمير الى الركعة ، لاسيما بعد

ملاحظة سائر النصوص المتضمنة لمثل هذا المضمون وان الاعتداد بالركعة مظنة

التوهم لادراك الامام فيها كما لو ادركه في الركوع .

واستدل للاخير بانه مقتضى الجمع بين الخبرين وخبر البصري وقد عرفت

مافي خبر البصري .

 

 

[ . . . . . . . ]

نعم لاباس بالاستدلال له بان الامر بالسجود في الخبرين لوروده مورد توهم

الحظر لايستفاد منه ازيد من جواز المتابعة واستحبابها ، ففي الانتظار والصبر يرجع

الى مايقتضيه القواعد وهو الجواز كما لايخفى .

فتحصل ان الاظهر جواز الدخول والمتابعة ، او الانتظار ولكن الاحتياط

بترك الدخول في الصلاة قبل ان يرفع الامام راسه من السجدتين او ترك متابعته

فيهما او المضي في الصلاة ثم الاعادة لاينبغي تركه ، لذهاب المشهور - على مانسب

اليهم - الى عدم جواز المتابعة او استئناف الصلاة لو تابع وان انكر صاحب الجواهر

- ره - ذلك .

وبما ذكرناه ظهر حكم فرع آخر وهو : مالو نوى وكبر فرفع الامام راسه قبل

ان يركع ، وان له ان ينفرد وان ينتظر الى ان يفرغ الامام عما بيده من الركعة فيتابعه

في الركعة اللاحقة ويجعلها الاولى له ، وان يتابعه في السجدتين ثم يقول بقيامه ولايعتد

بما اتى به من السجدة .

والغريب ان المحقق النائيني - على مانسب اليه - اختار مااخترناه في الفرع

الاولى وفي الفرع الثاني اختار تعين الانتظار لو بقي على القدوة مع ان مادل على

جواز المتابعة في السجدة في الاول يدل عليه في الثاني بل هما في الحقيقة متحدان

موضوعا وحكما ، غاية الامر في الثاني كان يتخيل الماموم درك الركوع .

وأغرب منه استدلاله للمتابعة بقوله ( ع ) : فاذا ركع فاركع ، فاذا سجد فاسجد .

ثم الإشكال عليه ، مع انه يدل عليها ماتقدم من خبري المعلى وابن مسلم ، مضافا الى

ماتقدم مما يدل على عدم مبطلية الزيادة إن كانت للمتابعة .

واما في المورد الثاني - وهو مالو ادركه بعد رفع راسه من السجدة الثانية وهو

في التشهد - فيجوز له الدخول معه على المشهور شهرة عظيمة في التشهد الثاني ، بل

لم ينقل الخلاف الا عن المدارك حيث جعل اقصى ادراك الجماعة بادراك الامام في

 

 

[ . . . . . . . . . ]

السجدة الاخيرة .

والاول أظهر ، لاطلاق ادلة الرخصة في الدخول ، وفحوى مادل على جوازه

في المورد الاول .

وموثق عمال عن الامام الصادق ( ع ) عن رجل يدرك الامام وهو قاعد يتشهد

وليس خلفه الا رجل واحد عن يمينه ، قال ( ع ) : لايتقدم الامام ولايتاخر الرجل

ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الامام فاذا سلم الامام قام الرجل فاتم صلاته ( 1 ) .

وموثقه الآخر عن رجل ادراك الامام وهو جالس بعد الركعتين ، قال ( ع ) :

يفتتح الصلاة ولايقعد مع الامام حتى يقول ( 2 ) .

واستدل لما ذهب اليه في المدارك بظاهر صحيح محمد بن مسلم المتقدم ، فان

مفهومه : اذا رفع الامام راسه من السجدة الاخيرة فاتت الجماعة ، وبانتهاء محل القدوة

بناء على عدم وجوب المتابعة في الاقوال .

وفيهما نظر واضح اما الاول ، فلان الجمع بين الموثق والصحيح يقتضي حمل

الصحيح على ارادة ادراك فضل الركعة مع الامام بادراكه في السجدة الاخيرة ولا

يبعد دعوى ظهور الصحيح في نفسه في ذلك وحمل الموثق على ارادة درك الفضل في

الجملة ، وعلى اي تقدير ليس مفهوم الصحيح عدم جواز الدخول بل عدم ادراك

فضل الصلاة مع الامام .

واما الثاني ، فلأنه لايقاوم مع النص ، فالاظهر جواز الدخول معه .

وهل يجب الجلوس ام لا وجهان بل وجوه اظهرها : التفصيل بين التشهدين

جمعا بين الموثقين حيث ان الاول يامر بالجلوس في التشهد الثاني ، والثاني ينهي عنه في

التشهد الاول .

...........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث 4

 

 

[ . . . . . . . ]

وبه يظهر عدم التعارض بينهما الا بضميمة عدم الفصل غير الثابت .

ثم انه على فرض الجلوس هل يتشهد ام لا ؟ فعن جملة من الكتب منها المعتبر

والمنتهى والتذكرة ان شاء تشهد ، ولكن النصوص وكثيرا من كلمات العلماء الاساطين

خالية عن التصريح به ، فالمتعين الاتيان به بعنوان الذكر المطلق ، وفي جملة من

النصوص التشهد بركة .

ولو سلم الامام وقام الماموم فهل يجب عليه استئناف التكبير كما عن المحقق

في النافع ، ام لايجب كما هو المشهور ، وعن غير واحد دعوى الاجماع عليه ؟ وجهان ،

اقواهما : الثاني ، لفحوى ماتقدم في المورد الاول .

ولعدم الموجب للاعادة بعد عدم الاتيان بما يبطل الصلاة لما ستعرف من عدم

صدق الزيادة على التشهد الماتي به .

ولقوله ( ع ) في موثق عمار المتقدم : قام الرجل فاتم صلاته .

واستدل للاول بخبر ابن المغيرة : كان منصور بن حازم يقول : اذا اتيت الامام

وهو جاس قد صلى الركعتين فكبر ثم اجلس فاذا قمت فكبر ( 1 ) .

وبان الجلوس زيادة في الصلاة لم يعلم اغتفارها في المقام ، لقصور الادلة عن

إفادة عدم الاستئناف هنا ايضا .

ويرد الاول : انه غير منسوب الى المعصوم ( ع ) ، وعدم وجدان العامل به كما

عن الرياض .

ويرد الثاني : ان الجلوس الماتي به لابعنوان انه من اجزاء الصلاة لايصدق

عليه الزيادة ، لما عرفت من توقف صدقها على مايؤتى به في المركب الاعتباري على

الاتيان به بقصد انه منه ، مضافا الى الامر به في الموثق وقوله ( ع ) فيه : فاتم صلاته

بعده . الظاهر في عدم البطلان ، فالاظهر عدم لزوم استئناف التكبيرة .

.............................................

( 1 ) الفقيه ج 1 ص 26

 

 

] ولايقرأ المأموم مع المرضى[

 

القراءة في الاخفاتية

 

فصل : في احكام الجماعة مضافا الى مامر في المسائل المتقدمة وهي امور ،

ونخبة القول في المقام بالبحث في موراد :

الاول : قال قده : ولايقرا الماموم مع المرضي .

اقول : ان كلمات القول في هذه المسالة متشتتة حتى قيل : لم نقف على الخلاف

في مسالة في الفقه يبلغ ما في هذه من الاقول ومنشا اختلاف الاقوال اختلاف

النصوص ، وتنقيح الكلام بالبحث في مسائل :

المسالة الاولى : في حكم القراءة في اولتي الاخفاتية ، لا كلام في عدم وجوب

القراءة فيهما انما الكلام في انها مكروهة كما هو المنسوب الى المشهور أم غير جائزة

كما عن ظاهر المقنع والغنية والسرائر والمتن والمسالك وجماعة من متاخري المتاخرين .

والاظهر هو الاول ، لانه مقتضى الجمع بين النصوص المتضمنة للمنع -

كصحيح ابن سنان عن الامام الصادق ( ع ) : اذا كنت خلف الامام في صلاة لايجهر

فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مامونا على القرآن فلا تقرا خلفه في الاولتين ( 1 ) .

وصحيح عبد الرحمان بن الحجاج عنه ( ع ) : اما الصلاة التي لايجهر فيها

بالقراءة فان ذلك جعل اليه فلا تقرا خلفه ( 2 ) .

وصحيح زرارة عن الامام الباقر ( ع ) : ان كنت خلف امام فلا تقران شيئا في

الاولتين وانصت لقراءته ( 3 ) . ونحوها غيرها - وبين النصوص الصريحة في الجواز

.......................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 9 .

( 2 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

كصحيح علي بن يقطين عن ابي الحسن ( ع ) عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام

ايقرا فيهما بالحمد وهو امام يقتدي به ؟ فقال ( ع ) : ان قرات فلا باس وان سكت

فلا باس ( 1 ) فان المراد من الصمت هو الاخفات ، لتعذر ارادة معناه الحقيقي منه ، كما

ان المراد من الركعتين اللتين يصمت فيهما الاوليان لا الاخيرتان وذلك لوجهين :

( 1 ) قوله ( ع ) : وان سكت فلا باس .

( 2 ) ماقيل : ان الجهر والاخفات حيث اطلقا يراد منهما مايكون في الاولتين ،

وعلى ذلك فهو صريح في الجواز .

وخبر المرافقي والبصري عن الامام الصادق ( ع ) عن القراءة خلف الامام ،

فقال ( ع ) : اذا كنت خلف الامام تتولاه وتثق به فانه يجزيك قراءته ، وان احببت ان

تقرا فاقرا فيما يخافت فيه ( 2 ) وضعف سنده منجبر بالشهرة فتامل .

ويؤيد الجواز ، بل يشهد به : صحيح سليمان بن خالد ، قلت للصادق ( ع ) : ايقرا

الرجل في الاولى والعصر خلف الامام وهو لايعلم انه يقرا ؟ فقال ( ع ) : لاينبغي له

ان يقرا يكله الى الامام ( 3 ) فان المراد من قوله : وهو لايعلم ، الى آخره ، الكناية عن

عدم سماع قراءته لا الشك في قراءته اذ إرادة الشك في القراءة لاحتمال ترك القراءة

عمدا تنافي مع كونه اماما مرضيا المستكشف من قوله ( ع ) : يكله الى الامام .

وارادة الشك فيها لاحتمال تركها نسيانا او اشتباها ابعد ، لكونه محكوما

بالقراءة حينئذ للاصل .

وارادته منه مع حمل الصحيح على خصوص الاخيرتين اللتين يكون الامام

فيهما مخيرا بين القراءة والتسبيح أبعد ، اذ لاوجه حينئذ لقصر مورد السؤال على

..............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 11 .

( 2 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 15 .

( 3 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 8

 

 

[ . . . . . . . . ]

خصوص الظهرين وعليه فهو من جهة كلمة لاينبغي يشهد بالجواز ،

فالاظهر هو الكراهة .

 

حكم القراءة في الاولتين من الجهرية

 

المسألة الثانية : في حكم القراءة في الاولتين من الجهرية .

والكلام فيها يقع في موردين : الاول : فيما اذا سمع قراءة الامام . الثاني : فيما

اذا لم يسمع .

اما في المورد الاول - فالظاهر انه لاخلاف في مرجوحية القراءة ، إنما الكلام

في انها محرمة كما عن ظاهر جماعة من القدماء وصريح كثير من المتاخرين ، ام مكروهة

كما هو المنسوب الى الاشهر .

والاظهر : هو الاول .

ويشهد له : جملة من النصوص كصحيح زرارة عن الامام الباقر ( ع ) : ان كنت

خلف امام فلا تقرأن شيئا في الاولتين وانصت لقراءته ولاتقران شيئا في الاخيرتين

- فان الله عزوجل يقول للمؤمنين : ( واذا قرئ القرآن ) يعني في الفريضة خلف الامام

( فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون ) ( 1 ) .

وصحيحه الاخر عن الامام الباقر ( ع ) كان امير المؤمنين ( ع ) يقول : من قرا

خلف امام ياتم به فمات بعث على غير الفطرة ( 2 ) .

وصحيحه الثالث - او حسنه - عن احدهما عليهما السلام : اذا كنت خلف امام

........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 4

 

 

[ . . . . . . . . ]

تاتم به فانصت وسبح في نفسك ( 1 ) .

وصحيح قتيبة او حسنه عن الامام الصادق ( ع ) الوارد فيما يجهر فيه بالقراءة

وان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرا ( 2 ) . ونحوها غيرها وظاهر هذه النصوص المنع .

واستدل للقول بالكراهة بوجوه :

الاول : ان النهي في هذه النصوص علل بالانصات ، وبعبارة اخرى : صريح

بعضها ان النهي عنها انما يكون بملاحظة مطلوبية الانصات ، وحيث لاريب في ان

الانصات ليس بواجب فلا مناص عن حمل النهي على الكراهة ، لعدم امكان الالتزام

بحرمة شئ لاجل التوصل الى مستحب .

وفيه اولا : انه لم يعلل النهي عنها في شئ من الاخبار بالانصات ، بل في

بعضها جمع بين الامر بالانصات والنهي عن القراءة وهذا لايدل على ان الاول علة

للثاني .

وتطبيقه ( ع ) في صحيح زرارة الآية الشريفة يمكن ان يكون بلحاظ الامر

بالانصات لابلحاظ النهي عن القراءة كما هو كذلك في خبر المرافقي .

وثانيا : ان الانصات المامور به : السكوت عن القراءة لا عن كل شئ ، لقوله

( ع ) في صحيح زرارة او حسنه : فانصت وسبح في نفسك وعليه فيكون الامر به باقيا

على ظاهره من اللزوم .

وثالثا : انه لو سلم كونه علة فيمكن ان يكون من قبيل الحكمة لاالعلة

المنصوصة .

الثاني : ورود النهي عنها في مورد توهم الوجوب فلا ظهور له في الحرمة .

وفيه : ان ظهوره فيها لاينكر ، لاحظ قوله ( ع ) في صحيح زرارة المتقدم : من

.......................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 7

 

 

[ . . . . . . . ]

قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة .

الثالث : قوله ( ع ) في موثق سماعة : اذا سمع صوته فهو يجزيه فان لفظ الاجزاء

مشعر بالجواز .

وفيه : ان الاجزاء مشعر بعدم المشروعية ويشهد لارادته منه - مضافا الى ذلك

- مافيه من الشرطية الثانية : واذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه اذ لوحملت الاولى على

الجواز كان مفاد الثانية وجوب القراءة مع عدم السماع ، فتأمل .

الرابع : ان في جملة من الروايات جمع الجهرية والاخفاتية في النهي عن القراءة

فيهما ، وحيث إنه قام الدليل على إرادة الكراهة منه بالنسبة الى الاخفاتية فلا بد من

حمله عليها بالإضافة الى الجهرية ايضا والا لزم استعمال اللفظ في معنيين او عموم

المجاز .

وفيه : انه قد حققنا في حاشيتنا على الكفاية ان الحرمة والكراهة خارجتان عن

الموضوع له والمستعمل فيه بل النهي في الموردين يستعمل في معنى واحد وهما تنتزعان

من الترخيص في الفعل وعدمه ، فإرادة الحرمة منه بالنسبة الى الجهرية والكراهة

بالاضافة الى الاخفاتية لاتوجب إستعمال اللفظ في غير ماوضع له ولا في معنيين .

فتحصل ان الاظهر عدم جواز القراءة اذا سمع قراءة الامام ولو همهمته .

واما في المورد الثاني فلا خلاف في جواز القراءة ، إنما الكلام في أنها هل تكون

واجبة كما عن ظاهر المبسوط والتهذيب والنهاية والغنية وغيرها ، أم تكون مستحبة كما

هو المنسوب الى المشهور ، أم تكون مباحة كما عن الراوندي وابن نما والقاضي ؟ .

فقد استدل للاول بجملة من النصوص كصحيح الحلبي وفيه بعد النهي عن

القراءة قال ( ع ) : إلا ان تكون صلاة تجهر فيها بالقراءة ولم تسمع فاقرأ ( 1 ) .

..........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 1

 

 

[ . . . . . . . ]

وصحيح ابن الحجاج الوارد في الجهرية : وان لم تسمع فاقرا ( 1 ) . ونحوهما

غيرهما .

وفيه : ان ظاهر هذه النصوص وان كان هو الوجوب الا انه لابد من رفع اليد

عنه وحملها على الاستحباب لصراحة بعض النصوص في جواز الترك كصحيح علي

ابن يقطين عن ابي الحسن ( ع ) عن الرجل يصلي خلف امام يقتدي به في صلاة يجهر

فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة ، قال ( ع ) : لاباس ان صمت وان قرا ( 2 ) .

فالجمع بين الطائفتين يقتضي القول بالاستحباب .

واستدل للقول الاخير بان الامر بالقراءة في تلك النصوص لو روده مورد

توهم الحظر لايستفاد منه ازيد من الجواز .

وفيه : ماحقق في محله من ان الامر بالعبادة في مورد توهم الحظر محمول على

إرادة الاستحباب ، فلو تم القول بورود الامر في هذه النصوص مورد توهم الحظر

يحمل على الاستحباب ، فالاظهر هو القول باستحباب القراءة في هذا المورد .

 

حكم القراءة في الاخيرتين من الاخفاتية

 

المسالة الثالثة : في حكم القراءة في الاخيرتين من الاخفاتية ، فقد اختلفت فيها

كلمات القوم وكثرت اقوالهم ، الذي يهمنا البحث عنه في المقام انما هو في انه هل لا

يجب على الماموم شئ من القراءة والتسبيح في الاخيرتين من الاخفاتية كما عن السيد

في ظاهر كلامه وابناء ادريس وحمزة والسعيد والمصنف - ره - في محكي المنتهى ، ام لا

يجوز شئ منهما كما عن الحلي ، ام لايجوز القراءة خاصة ويتعين التسبيح كما عن ظاهر

........................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 11

 

 

[ . . . . . . . . ]

غير واحد ، ام يتخير بينهما ؟ .

واما انه على القول بالتخيير هل يكون الافضل هو التسبيح او القراءة او هما

سواء ؟ فقد اشبعنا الكلام فيه في مبحث القراءة في الجزء الرابع من هذا الشرح .

اقول : الاظهر هو الاخير ، لاطلاق ادلة التخيير .

وصحيح ابن سنان المتقدم : ويجزيك التسبيح في الاخيرتين فان ظهور الاجزاء

في عدم تعينه وكفاية كل منهما لاينكر .

واستدل للقول الاول بجملة من النصوص .

منها : مادل على النهي عن القراءة خلف الامام وانه ضامن لقراءة من خلفه ( 1 ) .

وفيه اولا : ان الظاهر من هذه النصوص ارادة القراءة في الاولتين اللتين يتعين

فيهما تلك لا الاخيرتين اللتين لم يتعلق الوجوب فيهما بالقراءة خاصة .

وثانيا : ان النهي عن القراءة فيهما لايقتضي عدم وجوب شئ عليه حتى

التسبيح ، فان الواجب التخييري اذا تعذر بعض اطلافه او تعلق النهي به تعين الآخر ،

فلازم هذا لو تم تعين التسبيح لا عدم وجوب شئ عليه .

ومنها : خبر ابن سنان المروي عن المعتبر عن الامام الصادق ( ع ) : اذا كان

مامونا على القرآن فلا تقرا خلفه في الاخيرتين ( 2 ) .

وفيه اولا : ان المظنون كما عن جملة من الاساطين انه عين صحيح ابن سنان

المتقدم في اول المبحث ، وفيه : في الاولتين بدل في الاخيرتين ويكون السهو من

المحقق في روايته ولو لم يتم ذلك فهو مرسل لايعتمد عليه .

وثانيا : انه يدل على النهي عن القراءة فلا يدل على عدم وجوب التسبيح عليه .

ومنها : صحيح زرارة المتقدم : وان كنت خلف امام فلا تقرأن شيئا في الاولتين ،

...............................................................

( 1 ) الوسائل باب 30 من ابواب صلاة الجماعة .

( 2 ) المستدرك باب 27 من ابواب صلاة الجماعة حديث 6

 

 

[ . . . . . . ]

وانصت لقراته ولا تقران شيئا في الاخيرتين - الى ان قال - فالاخيرتان تبعان للاولتين .

وفيه : - مضافا الى ان مورده الجهرية فلا وجه للتعدي الى الاخفاتية - انه إنما

يدل على النهي عن القراءة ولايدل على عدم جوب التسبيح .

ومنها : صحيح ابن يقطين المتقدم بدعوى : ان الركعتين اللتين يصمت فيهما

الامام هما الاخيرتان .

وفيه : ماعرفت من اختصاصه بالاولتين من الاخفاتية .

ومنها : صحيح ابن خالد المتقدم بدعوى : ان المراد : من لايعلم انه يقرا لا

يدري انه يقرا او يسبح ، فيكون مختصا بالاخيرتين ، فجوابه ( ع ) بقوله : لاينبغي له

ان يقرأ . يدل على عدم الوجوب .

وفيه : ماتقدم من ان المراد به : عدم السماع فراجع .

ومنها : مرسل السيد والحلي ، فعن الاول واما الاخريان فالاولى ان يقرا فيهما

او يسبح ، وروي انه ليس عليه ذلك ( 1 ) .

وعن الثاني قريب منه ( 2 ) .

وفيه : انهما لارسالهما لايعتمد عليهما ، فتحصل ان القول بعدم وجوب شئ

فيهما ضعيف .

واضعف منه القول بعدم الجواز ، لان مدركه بعض ماتقدم .

واما القول بتعين التسبيح وعدم جواز القراءة فبعض النصوص وان كان

ظاهرا فيه الا ان الجمع بينه وبين غيره كصحيح ابن سنان يقتضي الحمل على

الاستحباب والافضلية كما مر تفصيله في مبحث القراءة ، فراجع .

...........................................................................

( 1 ) المستدرك باب 28 من ابواب صلاة الجماعة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث 11

 

 

[ . . . . . . . . . ]

 

حكم القراءة في الاخيرتين من الجهرية

 

المسالة الرابعة : في حكم القراءة في الاخيرتين من الجهرية ، والاحوط فيهما

للماموم اختيار التسبيح ، وذلك لان صحيح زرارة المتقدم الدال على النهي عن القراءة

مختص بالجهرية - وهو اخص من صحيح ابن سنان وغيره ( 1 ) مما دل على التخيير او

تضمن الامر بالقراءة كخبر ابي خديجة ( 2 ) ، فالجمع بين النصوص يوجب البناء على

تعين التسبيح في الجهرية ، ولكن لعدم القول بالفصل لايمكن الالتزام بذلك ،

والاحتياط سبيل النجاة .

فتحصل ان الاظهر ثبوت التخيير في الاخفاتية مع افضلية التسبيح ، وان

الاحوط في الجهرية اختياره ، بل لاينبغي تركه .