الباب السابع : في صلاة الخوف والمطاردة

 

اما الاولى فهي ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع ، وهي غير مختصة بالنبي صلى

الله عليه وآله ومن كان معه حال الخوف ، لظاهر الآية الشريفة ، وبعض النصوص ،

……………………………………..

( 1 ) البحار ج 40 ص 277 من طبعة طهران .

( 2 ) الوسائل باب 40 من ابواب احكام المساجد حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 41 من ابواب احكام المساجد حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 39 من ابواب احكام المساجد حديث 4 .

( 5 ) الوسائل باب 32 من ابواب احكام المساجد حديث 2

 

 

] وهي مقصورة سفرا وحضرا جماعة وفراداى [

 

والإجماع .

) وهي مقصورة ) في الكم ( سفرا وحضرا جماعة وفرادى ) كما عن الاكثر ، بل

المشهور .

وعن جماعة منهم : الشيخ في المبسوط : انها انما تقصر في السفر وفي الحضر اذا

صليت جماعة ، وإذا صليت فرادى لاتقصر .

وعن المعتبر انه نقل عن بعض الاصحاب انهما إنما تقصر في السفر خاصة .

والاول أظهر ، ويشهد له من الكتاب : قوله تعالى ( واذا ضربتم في الارض

فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة إن خفتم ان يفتنكم الذين كفروا ( 1 ) )

وذلك ، لان الشرطين المذكورين في الآية - اعني السفر والخوف - اما ان يكون كل

منهما شرطا مستقلا ، فايهما حصل وجب القصر ، او يكونا معا شرطا اي مجموع

الامرين ، واما ان يكون السفر شرطا وانما ذكر الخوف للجري مجرى الغالب ، فانهم

كانوا يخافون الاعداء في عامة اسفارهم ، واما ان يكون الخوف شرطا وذكر السفر انما

يكون للجري مجرى الغالب ، اذ الغالب عدم حصول الخوف الموجب لقصر الصلاة

ماداموا مستقرين في اوطانهم ، لا سبيل الى الالتزام بالثاني ، فان لازمه الاتمام لو فقد

احدهما وهو باطل بالاجماع وغيره من الادلة .

وايضا لاوجه للالتزام بالثالث لقوله تعالى في الآية المتاخره عن هذه الآية :

)واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذو اسلحتهم ( 2 ))

فإنها على الظاهر مسوقة لبيان كيفية صلاة الخوف ، مع عدم التعرض فيها له ، وإنما

فهم ذلك من ارجاع الضمير الى المذكورين في الآية الاولى ، فيستكشف من ذلك ان

موضوع الحكم لشرعية القصر في الآية الاولى هم الخائفون من العدو ، وان ذكر الخوف

........................................

( 1 ) النساء الآية 102 .

( 2 ) النساء الآية 103

 

 

[ . . . . . . . ]

ليس للجري مجرى الغالب ، فيدور الامر بين الاول والرابع ، وعلى كل التقديرين

تدل على المطلوب كما لايخفى ، ومقتضى اطلاق الآية عدم الفرق بين السفر والحضر

والفرادى والجماعة .

ومن السنة : صحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) قال ، قلت له : صلاة

الخوف وصلاة السفر تقصران جميعا ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم وصلاة الخوف احق ان

تقصر من صلاة السفر لان فيها خوفا ( 1 ) .

ودعوى : احتمال إرادة القصر في الكيفية منه واهية جدا .

ومقتضى إطلاقه ، وعموم العلة المذكورة فيه عدم الفرق بين السفر والحضر

والفرادى والجماعة .

وحسن محمد بن عذافر من الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا جالت الخيل

تضطرب السيوف اجزاه تكبيرتان ( 2 ) ومن المعلوم ان التكبيرة بدل عن الركعة وهو وارد

في خصوص الفرادى كما لايخفى .

وخبر ابن المغيرة عنه ( عليه السلام ) : اقل مايجزي عن حد المسايفة من

التكبير تكبيرتان لكل صلاة الا المغرب فان لها ثلاثا ( 3 ) .

والمتبادر الى الذهن من الادلة مشروعية التقصير في المواضع التي يكون الخوف

فيها مقتضيا للتخفيف ، فلو كان في محل الخوف من غير ان يقتضي ذلك تخفيف

الصلاة ، كما لو التجأ الى البقاء في منزل الاعداء ولم يتفاوت حاله بين اشتغاله بالصلاة

وعدمه فلا يشرع له التقصير .

والظاهر ان المراد من القصر هو الذي يراد منه في حق المسافر ، فلا يقصر

.....................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 7 .

( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 3

 

 

 ] وشروطها ثلاثة ، ان يكون في المسلمين كثرة يمكنهم الافتراق قسمين يقاوم

كل قسم العدو ، وان يكون في العدو كثرة يحصل معها الخوف ، وان يكون العدو

في خلاف جهة القبلة [

 

في الثنائية والثلاثية .

ويشهد له : الاخبار الواردة في كيفية الاتيان بها جماعة الآتية .

وخبر ابن المغيرة المتقدم .

ومايظهر من صحيح حريز عن الصادق ( عليه السلام ) من القصر في الثنائية

أيضا ، لاعراض الاصحاب عنه ، ومعارضته بما هو اشهر منه لابد من طرحه او تاويله .

 

شروط هذه الصلاة وكيفيتها

 

وكيفية صلاة الخوف فرادى ظاهرة .

واما كيفيتها جماعة فهي ثلاث ماثورة : صلاة بطن النخل ، وصلاة عسفان ،

وصلاة ذات الرقاع والمصنف - ره - لم يتعرض الا للثالثة ، ولعله لضعف مستند الاولين .

) و ) تنقيح القول في المقام يقتضي التكلم في مواضع ثلاثة :

الاول في ( شروطها ) وهي ( ثلاثة ) .

احدها : ( ان يكون في المسلمين كثرة يمكنهم الافتراق قسمين يقاوم كل

قسم منهم العدو ) اذ مع قصورهم عن ذلك لايجوز لهم الجماعة كذلك ، لاستلزامها

الاخلال بالحراسة .

( و ) الثاني : ان يكون في العدو كثرة يحصل معها الخوف ، والا انتفى المسوغ

للكيفية المزبورة بناء على عدم جوازها اختيارا .

( و ) الثالث : ( ان يكون العدو في خلاف جهة القبلة ) .

عن المدارك : هذا الشرط مقطوع به في كلام اكثر الاصحاب .

 

 

] وكيفيتها : ان يصلي الامام ركعة ، ويقف في الثانية حتى يتموا

ويسلموا فيجئ الباقون ، فيصلي بهم الثانية ، ويقف في التشهد حتى يلحقوه

فيسلم بهم ، [

 

واستدلوا له بان النبي ( صلى الله عليه وآله ) انما صلاها كذلك فيجب متابعته .

ولكن الاقوى تبعا للمصنف - ره - في التذكرة عدم اعتبار هذا الشرط ، لان

فعل النبي صلى الله عليه وآله وقع اتفاقا لا انه شرط ، ولا مانع من فعلها بدونه ، فلا

وجه لتقييد الادلة .

) و ) الثاني من المواضع : في ( كيفيتها ) وهي ان كانت ثنائية ان يصلي الامام

بالاولى ركعة ) ويقوم الى الثانية ، ويتم من خلفه الصلاة فرادى رعاية لحق الآخرين ،

ويشهد به : الاخبار ، ( و ) الامام ( يقف في الثانية حي يتموا ويسلموا ) ويستقبلوا العدو

( فيجئ الباقون فيصلي بهم الثانية ويقف في التشهد ) ويطيله ( حتى يلحقوه

فيسلم بهم ) .

والظاهر ان هذه الكيفية متفق عليها بين الاصحاب .

ويشهد بها : النصوص كصحيح ( 1 ) الحلبي او حسنه عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) عن صلاة الخوف ، قال : يقوم الامام ويجئ طائفة من اصحابه فيقيمون خلفه

وطائفة بازاء العدو فيصلي بهم الامام ركعة ثم يقوم ويقومون معه فيمثل قائما ويصلي

هم الركعة الثانية ، ثم يسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في مقام

اصحابهم ، ويجئ الآخرون فيقومون خلف الامام فيصلي بهم الركعة الثانية ثم يجلس

الامام فيقومون هم فيصلون ركعة اخرى ثم يسلم عليه فينصرفون بتسليمه ونحوه

غيره .

ثم ان الظاهر منه ان الامام لاينتظر الطائفة الثانية الا بالتسليم الا ان

............................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 4

 

 

 ] وان كانت ثلاثية صلى بالاولى ركعة وبالثانية ركعتين ، او بالعكس . [

 

الظاهر جواز ، انتظارهم في التشهد كما يشهد له : خبر ( 1 ) الحميري المروي عن قرب

الاسناد كما ان الظاهر عدم وجوب الانتظار وجواز مفارقتهم اياه ، لصحيح ( 2 ) عبد

الرحمان .

( وان كانت ) الصلاة ( ثلاثية ) فهو بالخيار ( صلى بالاولى ركعة و بالثانية

ركعتين او بالعكس ) كما صرح به غير واحد ، وعن المنتهى نسبته الى علمائنا ، لورود

الاخبار بكل من الكيفيتين ، والجمع بينها يقتضي القول بالتخيير .

فمما يدل على الاولى صحيح زرارة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) صلاة

الخوف المغرب يصلي بالاولين ركعة ويقضون ركعتين ويصلي بالآخرين ركعتين

ويقضون ركعة ( 3 ) . ونحوه غيره .

ومما يدل على الثانية : صحيح الفضلاء عن الامام الباقر ( عليه السلام ) : اذا

كانت صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين فيصلي بفرقة ركعتين ثم جلس بهم ثم اشار

اليهم بيده فقام كل انسان منهم فصلى ركعة ثم سلموا وقاموا مقام اصحابهم وجاءت

الطائفة الاخرى فكبروا ودخلوا في الصلاة وقام الامام فصلى بهم ركعة ثم سلم ثم قام

كل رجل منهم فصلى - الى ان قال - فصار للاولين التكبير وافتتاح الصلاة للآخرين

التسليم ( 4 ) .

والافضل اختيار الكيفية الاولى ، لكثرة الروايات الواردة فيها ، والتأسي بفعل

امير المؤمنين ( عليه السلام ) ليلة الهرير .

............................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 2

 

 

] ويجب اخذ السلاح مالم يمنع شيئا من الواجبات فيؤخذ مع

الضرورة وصلاة شدة الخوف بحسب الامكان واقفا او ماشيا او راكبا [

 

في بيان احكامها

 

الثالث من المواضع : في بيان احكامها .

والمهم منها واحد ( و ) وهو انه ( يجب اخذ السلاح ) كالخنجر والسيف من آلات

الدفع كما هو المنسوب الى الاكثر ، لظاهر الآية الشريفة ( ولياخذوا حذرهم

واسلحتهم ) هذا في مالم يمنع شيئا من الواجبات والا فإن أمن من الضرر لا

يجوز اخذه لانصراف الآية الشريفة الى الغالب المتعارف حيث كانوا يتمكنون مع

اخذه من الاتيان بجميع واجبات الصلاة ، فلا مجوز للاخلال بذلك الواجب ، وان لم

يأمن من الضرر يجوز له اخذ السلاح تحرزا عنه ، ولا باس حينئذ بترك مايمنع عنه

اخذ السلاح من واجبات الصلاة كما لايخفى وجهه ، وهذا هو مراد المصنف - ره -

بقوله : ( فيؤخذ مع الضرورة ) .

 

في صلاة المطاردة

 

واما صلاة المطاردة ( و ) تسمى ( صلاة شدة الخوف ) مثل ان ينتهي الحال الى

المعانقة والمراماة والمسايفة ونحو ذلك ، فهي مشاركة مع صلاة الخوف في قصر الكم ،

لكونها من افراد الخوف ، الا انها يخالفها في الكيفية ، لانه اذا لم يسع المكلف ان ياتي

بالصلاة على حسب ماتقدم يصل ( بحسب الامكان واقفا او ماشيا او راكبا ) لما

عرفت من ان اعتبار هذه الامور انما يكون صورة التمكن ، والا فالصلاة لاتدع

بحال .

 

 

] ويسجد على قربوس سرجه والا اوما ويستقبل القبلة ماامكن [

 

( و ) ولو صلى راكبا ولم يتمكن من النزول للسجود ( يسجد على قربوس

سرجه ) .

وفي الجواهر هو معقد اجماع المنتهى ، بل والغنية على الظاهر .

ومافي نصوص الباب من اطلاق الامر بالايماء جار مجرى الغالب من تعسر

السجود عليه وهو بهذه الحال ، وعليه مراعاة مايصح السجود عليه مع الامكان .

هذا مع التمكن ، ( وإلا أومأ ) إيماءا ، لقوله في صيح الفضلاء : يصلى كل انسان

منهم بالايماء ( 1 ) .

ولقول الصادق ( عليه السلام ) في خبر سماعة : واذا كانوا وقوفا لايقدرون على

الجماعة فالصلاة إيماء ( 2 ) ونحوهما غيرهما .

( ويستقبل القبلة ماامكن ) وصلى مع التعذر للاستقبال حتى بالتكبيرة الى

اي الجهات امكن ، لصحيح زرارة ومحمد بن مسلم وفضيل عن الامام الباقر ( عليه

السلام ) قال في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة : : يصلي كل انسان منهم بالايماء

حيث كان وجهه وان كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال فان امير المؤمنين ( عليه

السلام ) ليلة صفين - وهي ليلة الهرير - لم يكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء

عند وقت كل صلاة الا التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء ، فكانت تلك

صلاتهم لم يامرهم باعادة الصلاة ( 3 ) ، المعتضد بالاتفاق ، وبالتدبر في باقي

روايات الباب .

فاحتمال وجوب الاستقبال في التكبيرة وان خشي ، لظاهر صحيح زرارة عن

الباقر ( عليه السلام ) وفيه : لا يدور الى القبلة ولكن اينما دارت به دابته غير انه

يستقبل القبلة باول تكبيرة حين يتوجه ضعيف ، لوجوب حمله على صورة التمكن من

.......................................................................................

( 1 و 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 8 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة الخوف المطاردة حديث 4

 

 

] ولو لم يتمكن من الايماء صلى بالتسبيح عوض كل ركعة : سبحان الله والحمد

لله ولا اله الا الله والله اكبر والموتحل والغريق يصليان ايماءا ولا يقصران

الا مع السفر او الخوف . [

 

الاستقبال فيها ، والا فيسقط اعتباره مع التعذر بلا ريب .

( ولو لم يتمكن من الايماء صلى بالتسبيح ) ويسقط الركوع والسجود ،

ويقول ( عوض كل ركعة : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ) لصحيح

الفضلاء المتقدم ، وظاهره وان كان اعتبار الدعاء ايضا الا انه الخلاف في عدم وجوبه ،

بل ادعى غير واحد الاجماع على كفاية الاتيان بالصيغة المذكورة بدلا عن كل ركعة ،

وانما الاشكال في الاجزاء باقل منها .

والظاهر من خبر البصري كفاية التكبير والتهليل . ومن مرسل ابن المغيرة

وحسن بن عذافر المتقدمين كفاية التكبير .

ولكن بما ان الفتاوى على ماقيل - متظافرة بتعينها ، ويمكن حمل التكبير على

إرادة جنسه الشامل للتسبيحات الاربع ، فالاحوط عدم الاجتزاء باقل منها ، والاولى

إضافة الدعاء اليها تاسيا بالمحكي ( 1 ) من فعل امير المؤمنين ( عليه السلام ) .

 

تتمة

 

( والموتحل والغريق يصليان ) بحسب الامكان ، اذا لصلاة لا تدع بحال ،

يؤميان للركوع والسجود ( ايماء ) كما تقدم في مبحث القيام ( ولايقصران الا مع

السفر او الخوف ) بلا خلاف كما عن الرياض ، لان الاصل في الصلاة التمام ، ولو خاف

من استيلاء الغرق لو اتم صلاته وكان ذلك في ضيق الوقت يجوز له الترك اي ترك

الصلاة .

.................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة الخوف والمطاردة حديث 8

 

 

] الباب الثامن : في صلاة المسافر يسقط في السفر من كل رباعية ركعتان

بشروط [

 

وقد يقال بوجوب القصر عليه ، واستدل له بعموم الخوف الموجب للقصر لمثله ،

وباستفادة حكمه منه بتنقيح المناط .

ولكن يرد على الاول : انه لو سلم التعميم في الخوف ، والبناء على ان مافي

النصوص من التعبير باللص والسبع من قبيل التمثيل لا لخصوصية فيهما فإنما هو

بالنسبة الى ماكان من هذا القبيل لا مثل خوف فوات الوقت او وقوع حائط ونحو

ذلك كما لايخفى .

ويرد على الثاني : عدم القطع بالمناط في مثل هذا الحكم التعبدي .

 

الباب الثامن في صلاة المسافر

 

لا اشكال ولاخلاف في انه ( يسقط في السفر من كل رباعية ركعتان

بشروط ) تاتي ، وفي ان السقوط عزيمة لارخصة .

ويشهد لهما : - مضافا الى الاجماع - جملة من النصوص كصحيح زرارة ومحمد

بن مسلم ، قلنا لابي جعفر ( عليه السلام ) : ماتقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم

هي ؟ فقال ( عليه السلام ) : ان الله عزوجل يقول : ( واذا ضربتم في الارض فليس

عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ) فصار التقصير في السفر واجبا كوحوب التمام

في الحضر . قالا : قلنا : قال الله عز وجل ( ليس عليكم جناح ) ولم يقل افعلوا . فكيف

اوجب ذلك ؟ فقال ( عليه السلام ) : او ليس قد قال الله عز وجل في الصفا والمروة : (

فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ) الا ترون ان الطواف

بهما واجب مفروض لان الله عز وجل ذكره في كتابه ، وصنعه نبيه صلى الله عليه وآله ،

وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه النبي صلى الله عليه وآله - الى ان قال - والصلاة

 

 

] خمسة احدها : [

 

في السفر الفريضة ركعتان الا المغرب فانها ثلاث ليس فيها تقصير . الحديث ( 1 ) ونحوه

غيره ، فلا وجه للتكلم في تفسير الآية الشريفه وشرح الجناح المذكور فيها .

وتنقيح الكلام في هذا الباب انما هو بالتكلم في فصول : الاول : في الشروط

الثاني : في احكام صلاة المسافر . الثالث : في قواطع السفر .

اما الاول ، فشروطه ستة وما في المتن من انها ( خمسة ) ستعرف وجهه عند ذكر

الشرط الثاني الذي هو الاول في المتن .

( أحدها ) : المسافة بلا خلاف فيه ، بل عليه اجماع علماء الاسلام كافة ، بل هو

ضروري .

 

حد المسافة :

 

وهي ثمانية فراسخ بلا خلاف فيه بيننا .

وعن داود الظاهري : الاكتفاء بمجرد الضرب في الارض .

وعن بعض العامة : اعتبار ضرب ثلاثة ايام .

ويشهد للمختار : جملة كثير من النصوص كموثق سماعة في كم يقصر الصلاة ؟

قال ( عليه السلام ) : في مسيرة يوم وذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ ( 2 ) .

وصحيح ابي ايوب عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن التقصير ، فقال في

بريدين او بياض يوم ( 3 ) .

وصحيح الكاهلي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : التقصير في الصلاة بريد

................................................................................

( 1 ) الفقيه ج 1 ص 278 والوسائل باب 22 وغيره من ابواب صلاة المسافر .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 8 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 7

 

 

[ . . . . . . . . ]

 

في بريد اربعة وعشرون ميلا ( 1 ) - ونحوها غيرها الاتي بعضه .

ولايعارضها ماتضمن تحديدها بمسيرة يوم وليلة كصحيح زكريا بن آدم عن

ابي الحسن ( عليه السلام ) التقصير في مسيرة يوم وليلة ( 2 ) - وصحيح البزنطي عن الامام

الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يريد السفر في كم يقصر ؟ قال ( عليه السلام ) : في

ثلاثة برد ( 3 ) .

وخبر ابي بصير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لاباس للمسافر ان يتم

الصلاة في سفره مسيرة يومين ( 4 ) لقصورها عن المكافئة معها من وجوه لاتخفى فتحمل

على التقية ، او تطرح ، او تؤول ، وتحمل على مالا ينافي الاولة .

انما الكلام في المقام يقع في موارد .

الاول : انه في بعض نصوص الباب حددت المسافة بمسيرة يوم ، فهل يكون

التحديد بذلك بثمانية فراسخ في عرض واحد بحيث اذا حصل كل واحد منهما تحصل

المسافة ولو مع عدم حصول الآخر او ان احدهما في طول الآخر وان المدار عليه

والآخر طريق اليه ، او ان المدار عليهما معا ويعتبر تحققهما ؟

اقول : نصوص الباب على طوائف .

منها : ماتضمن التحديد بالثمانية كصحيح الكاهلي وغيره .

ومنها : ماتضمن التحديد بمسيرة يوم كصحيح علي بن يقطين ( 5 ) .

ومنها : ماظاهره كفاية احدهما كصحيح ابي ايوب المتقدم عن الامام الصادق

.............................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 10 .

( 4 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 9 .

( 5 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 16

 

 

[ . . . . . . . . . ]

( عليه السلام ) عن التقصير فقال : في بريدين او بياض يوم ونحوه غيره ، فانها من جهة

التعبير فيها ب او العاطفة ظاهرة في ذلك .

ومنها : ماهو مفسر لجميع ذلك ، ويدل على ان المدار على الثمانية خاصة وانما

حددت بمسيرة يوم من جهة كونها طريقا اليها ، وان السير الذي علق عليه الحكم

يوافق دائما مع الثمانية كخبر الفضل بن شاذان عن الامام الرضا ( عليه السلام ) : وانما

وجب التقصير في ثمانية فراسخ اقل من ذلك ولا اكثر لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم

للعامة والقوافل والاثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم ( 1 ) .

وموثق سماعة عن المسافر في كم يقصر الصلاة ؟ قال : في مسير يوم وذلك

بريدان وهما ثمانية فراسخ . ( 2 )

وصحيح زرارة ومحمد بن مسلم المتقدم : سافر رسول الله صلى الله عليه وآله

الى ذي خشب وهي مسيرة يوم الى المدينة كون اليها بريدان اربعة وعشرون ميلا

فقصر وافطر فصارت سنة .

وخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت له

كم ادنى مايقصر فيه الصلاة ؟ فقال : جرت السنة ببياض يوم . فقلت له : ان بياض

اليوم يختلف يسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم ، ويسير الآخر اربعة فراسخ

وخمسة فراسخ في يوم ، فقال : انه ليس الى ذلك ينظر اما رايت سير هذه الاثقال بين

مكة والمدينة ثم اوما بيده اربعة وعشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ ( 3 ) . ونحوها غيرها ،

فان المستفاد من هذه النصوص ان التحديد بمسيرة يوم ليس لاعتبار تحققها بالفعل ،

بل انما هو لاجل كون ذلك حدا لمقدار من البعد والمسافة الموجبة للقصر ، وان المسافة

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 8 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب صلاة المسافر حديث 15

 

 

[ . . . . . . . ]

- التي هي ثمانية فراسخ - ان وقعت في يوم واحد بالسير المتعارف توجب شغل يومه ،

فتحصل : ان المدار على الثمانية .

المورد الثاني : لا كلام في ان البريد اربعة فراسخ ، والفرسخ ثلاثة اميال ، كما

صرح بهما في النصوص ، انما الكلام في تحديد الميل ، فالمشهور بين الاصحاب انه اربعة

آلاف ذراع .

وعن المدارك : انه مما قطع به الاصحاب .

ويشهد له : انه المعروف بين اللغويين والعرف والفقهاء .

ولاينافيه ماعن القدماء من اهل الهيئة من انه ثلاثة آلاف ذراع ، لان الذراع

في كلماتهم اريد به اثنتان وثلاثون اصبعا ، وماهو في العرف واللغة : اربع وعشرون

اصبعا ، فثلاثة آلاف ذراع في كلمات القدماء هي اربعة آلاف في كلمات القوم .

كما انه لايعارضه قول الامام الصادق ( عليه السلام ) في مرسل الخزاز من ان

كل ميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع ( 1 ) ، لارساله وهجره بين الاصحاب .

واما ما في كلام اللغويين من ان الميل هو مد البصر من الارض فلعدم انضباطه

لايعتمد عليه .

وبما ذكرناه ظهر حد الذراع فلا مورد لتطويل الكلام فيه .

 

حكم المسافة التلفيقية

 

المورد الثالث : لا اشكال في وجوب القصر في الثمانية الامتدادية بان كان من

مبدا سيره الى مقصده ثمانية فراسخ ، كما لا اشكال في تعين التمام اذا كان اقل من

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 13

 

 

[ . . . . . . . . ]

الثمانية الملفقة .

انما الكلام فيما اذا كان اربعة فراسخ او ازيد الى مادون الثمانية وفيه اقوال :

الاول : ماعن ظاهر الكليني وهو وجوب القصر وان لم يرد الرجوع مطلقا ،

ومنشا هذا الاستظهار نقله الروايات الواردة في الاربعة فقط .

الثاني : ماعن ابن زهرة وابي الصلاح وهو تعين التمام مطلقا .

الثالث : ماهو المشهور بين الاصحاب - على مانسب اليهم - وهو تعين القصر

اذا اراد الرجوع ليومه ، والتخيير بين القصر والتمام اذا لم يرد الرجوع ليومه .

الرابع : ماعن جماعة منهم المصنف - ره - في بعض كتبه ، وهو تعين التمام اذا لم

يرد الرجوع ليومه ، وتعين القصر اذا اراد ذلك .

الخامس : ماعن الشيخ وجماعة من المتاخرين وهو التخيير بين القصر والتمام

مطلقا ، وهناك اقوال اخر .

ومنشا تشتت الاقوال اختلاف الاخبار ، فلابد اولا من نقل جملة منها ، ثم بيان

مايستفاد منها وهي على طوائف :

الاولى : ماتقدم مما يدل على اعتبار الثمانية الظاهرة في الامتدادية .

الثانية : مادل على تحديد المسافة باربعة فراسخ كصحيح زرارة عن الامام

الباقر ( عليه السلام ) قال : التقصير في بريد والبريد اربعة فراسخ . ( 1 )

وصحيح زيد الشحام عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : يقصر الرجل الصلاة

في مسيرة اثني عشر ميلا . ( 2 ) ونحوهما غيرهما .

الثالثة : مايدل على اعتبار الاربعة مقيدة بضم الاياب الى الذهاب مطلقا من

دون تقييد بكون ذلك ليومه كصحيح معاوية ، قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) :

.............................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

ادنى ما يقصر فيه المسافر ؟ فقال ( عليه السلام ) : بريد ذاهبا وبريد جائيا ( 1 ) .

وصحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) عن التقصير ، فقال : بريد

ذاهب وبريد جائي قال وكان رسول الله صلى الله عليه وآله اذا اتى ذبابا قصر

وذباب على بريد ، وانما فعل ذلك لانه اذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ ( 2 ) .

ونحوهما غيرهما .

الرابعة : مايدل على ضم الاياب الى الذهاب في غير يومه كصحيح معاوية بن

عمار ، قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : ان اهل مكة يتمون الصلاة بعرفات . قال

( عليه السلام ) : ويلهم - او ويحهم - واي سفر اشد منه لايتم او لايتموا ( 3 ) .

وموثق معاوية بن عمار ، قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : في كم اقصر الصلاة ؟

فقال : في بريد ، الا ترى ان اهل مكة اذا خرجوا الى عرفة كان عليهم التقصير ( 4 ) .

ونحوهما غيرهما مما ورد في وجوب التقصير على اهل مكة في خروجهم الى عرفات .

وخبر إسحاق المروي عن العلل وغيرها عن ابي الحسن ( عليه السلام ) في قوم

خرجوا في سفر وتخلف عنهم رجل وبقوا ينظرونه حيث قال ( عليه السلام ) : ان كانوا

بلغوا مسيرة اربعة فراسخ فليقيموا على تقصيرهم اقاموا ام انصرفوا ، وان كانوا ساروا

اقل من اربعة فراسخ فليتموا الصلاة مااقاموا ، واذا مضوا فليقصروا . ثم قال ( عليه

السلام ) : هل تدري كيف صار هكذا ؟ قلت : لا ، قال ( عليه السلام ) : لان التقصير في

بريدين ولا يكون التقصير في اقل من ذلك فاذا كانوا قد ساروا بريدا وارادوا ان

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 14 .

( 3 ) الوسائل باب 3 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 3 من ابواب صلاة المسافر حديث 5

 

 

[ . . . . . . . . ]

ينصرفوا كانوا قد ساروا سفر التقصير الحديث ( 1 ) .

الخامسة : مايدل على ضم الاياب الى الذهاب ليومه كووثق ابن مسلم عن

الامام الباقر ( عليه السلام ) في حديث : انه ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه ( 2 ) .

السادسه : مايدل على تعين التمام مع طي مادون الثمانية كصحيح عمران بن

محمد ، قلت لابي جعفر الثاني : جعلت فداك ان لي ضيعة على خمسة عشر ميلا خمسة

فراسخ فربما خرجت اليها فاقيم فيها ثلاثة ايام او خمسه ايام او سبعة ايام فاتم

الصلاة ام اقصر ؟ قال ( عليه السلام ) : قصر في الطريق واتم في الضيعة ( 3 ) .

وصحيح ابن الحجاج عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن التقصير في

الصلاة ، فقلت له : ان لي ضيعة قريبة من الكوفة هي بمنزلة القادسية من الكوفة فربما

عرضت لي حاجة انتفع بها او يضرني القعود منها في رمضان فاكره الخروج اليها لاني

لا ادري اصوم او افطر فقال ( عليه السلام ) لي : فاخرج واتم الصلاة وصم فاني قد

رايت القادسية ، والقادسية خمسة عشر ميلا من الكوفة ( 4 ) . ونحوهما غيرهما .

هذه هي النصوص الواردة في المقام .

ثم انه يقع الكلام في موردين : الاول : فيما يستفاد من هذه الاخبار . الثاني في

مستند سائر الاقوال .

اما الاول : فلا ينبغي التوقف في ان الطائفة الثانية يقيد اطلاقها بالطائفة

الثالثة والرابعة والخامسة ، وتلك الطوائف الثلاث لاتعارض بينها ، اذ الطائفة الثالثة

تدل على القصر في الثمانية الملفقة مطلقا سواء كان الاياب ليومه او لغير يومه ، وكل

..........................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب صلاة المسافر حديث 10 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 9 .

( 3 ) الوسائل باب 14 من ابواب صلاة المسافر حديث 14 .

( 4 ) الوسائل باب 14 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . ]

من الطائفة الرابعة والخامسة متضمنة لحكم قسم من اطلاق هذه الطائفة لاتعارض

بينها .

واما الطائفة السادسة فجملة منها قاصرة سندا ، وجملة اخرى منها قاصرة

دلالة ، اذ الامر بالاتمام في خبر ابن الحجاج يحتمل ان يكون لاجل كون ضيعته بحكم

الوطن ، او لعله كان عازما على الاقامة فيها .

مضافا الى معارضته في مورده لمرسل ابن بكير الآمر بالتقصير لمن خرج من

الكوفة الى القادسية والامر بالاتمام في صحيح ابن عمران لاجل الامر فيه بالقصر في

الطريق ، وهما لايجتمعان على جميع الاقوال يحمل على التقية لموافقته لمذهب العامة ،

فيكون هو من ادلة القول بتعين القصر ، وبذلك يظهر الخدشة في سائر الروايات التي

قريبة من هذه المضامين .

بقي الكلام في النسبة بين الطائفة الاولى والطوائف الثلاث ، اي : الثالثة

والرابعة والخامسة ، والظاهر ان النسبة هي حكومة الطوائف على الاولى .

لاحظ التعليل في خبر اسحاق الصريح في تفسير الثمانية ، وقوله ( عليه

السلام ) في موثق ابن مسلم : اذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه في مقام دفع

تعجب الراوي من كون البريد موجبا للقصر الدال على ان العبرة في الثمانية ليست

بخصوص الامتدادية ، بل الأعم منها ومن التلفيقية ، وكذا غيرهما من النصوص .

وبهذا البيان يندفع ماذكره جدي العلامة - اعلى الله مقامه - إشكالا على

الحكومة بان اعتبار التلفيق في اخبار الثمانيه مما لاوجه له وان امكن في اخبار مسيرة

يوم لان مسافة ثمانية فراسخ عبارة عن البعد الخاص وهي غير قابلة لان تكون اربعة ،

فان الثمانية لاتصير اربعة على اي وجه اعتبرت ، ضرورة ان البعد المقدر المحدود

بالثمانية من مكان خاص الى منتهى الحد لايعقل ان يكون اربعة ، فاذا ذهب الى

أربعة ورجع يكون البعد اربعة لاثمانية ، فاعتبار التعميم في الثمانية بالممتدة والملفقة

 

 

[ . . . . . . . ]

مما لايتصور له وجه معقول انتهى .

وجه الاندفاع : انه وان كان ظاهر اخبار الثمانية اعتبار البعد الخاص الى

منتهى الحد الا انه يرفع اليد عن هذا الظهور بواسطة تلك الطوائف المفسرة لها ،

وتحمل على معنى يشمل الثمانية الملفقة ايضا .

ثم إنه - قده - جمع بين النصوص بنحو آخر لايخلو ايراده عن فائدة ، وهو

ان التعارض الثابت بين اخبار الثمانية والاربعة مع الانضمام انما هو باعتبار المفهوم

المستفاد من سياق التحديد حيث ان ظاهر الاولى قاض بانحصار سبب القصر في

الثمانية وظاهر الثانية في الاربعة مع ضم الاياب الى الذهاب دون غيرها ، ومع اعتبار

الانضمام تخرج النسبة بين السببين عن الاقل والاكثر ، بل تكون النسبة بينهما التباين ،

فعلى هذا يقيد مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر على ماتقتضيه القاعدة ، فيكون كل

واحدة منهما سببا مستقلا كسائر موارد تعدد الاسباب ، وهو حسن ودقيق لو لم يتم ما

ذكرناه من الحكومة .

فالمتحصل من النصوص هو تعين القصر في المسافة بالثمانية التلفيقية سواء

اراد الرجوع ليومه ام لم يرد ذلك .

واما المورد الثاني ، فقد استدل لما ذهب اليه الكليني بالطائفة الثانية من

النصوص ، وقد عرفت أن إطلاقها يقيد بغيرها من الطوائف .

واستدل للقول الثاني بالطائفة الاولى من النصوص بدعوى : معارضتها مع

الطوائف الاخر وتقدمها عليها ، وبالطائفة السادسة من الأخبار .

أقول : يرد على الاول : ماتقدم من حكومة الطوائف الاخر على الاولى .

مضافا الى ماذكره جدي العلامة على فرض تسليم التعارض .

ويرد على الثاني : ماذكرناه من انها مابين ضعيف السند وقاصرة الدلالة .

واستدل للقول الثالث المنسوب الى المشهور - فيما اذا اراد الرجوع ليومه - بما

 

 

[ . . . . . . . . ]

اسلفناه ، وفيما اذا لم يرد الرجوع ليومه بأن في المسألة روايتين ، والجمع بينهما يقتضي

القول بالتخيير ، كما في محكي الدروس .

وفيه : انه قد تقدم مايقتضيه الجمع بين الاخبار .

واستدل للقول الرابع الذي اختاره جماعة من الاساطين كالمرتضى والحلي ،

وجدي ، والشيخ الاعظم - فيما اذا اراد الرجوع ليومه - بما تقدم ، وفيما لم يرد الرجوع

ليومه بوجوه :

الاول : ماذكره جدي العلامة - ره - وهو ان اعراض الاصحاب عن اخبار

القصر - التي تكون قوية سندا ودلالة بحيث لم ينقل القول بمضمونها عن احد الى

زمان العماني مع انها نصب عينهم - كاشف عن ريب فيها وموجب لوهنها وعدم صحة

الاستدلال بها .

وتوهم أنهم ذهبوا الى التخيير ، بل ربما قيل : هو المشهور بين القدماء ، وهذا

عمل منهم بتلك الاخبار فلا اعراض من الجميع : فاسد ، اذ المتدبر فيها يرى أن جملة

منها آبية عن هذا الحمل ، فالقول بالتخيير أيضا طرح لها .

وفيه : أن إفتاء المشهور بالتخيير عمل بها ، والقول بإبائها عن هذا الجمع إيراد

عليهم بعدم كون ذلك جمعا عرفيا لا أنه دليل لطرحهم الاخبار واعراضهم عنها .

مع أن الاخبار الآمرة بالتقصير لتظافرها وتكاثرها لايتطرق اليها بالنظر الى

مجموعها احتمال عدم الصدور ، فلا يجوز طرح جميعها .

مع أنه لو سلم ذلك فيما هو صريح في وجوب القصر على غير مريد الرجوع

ليومه لايتم فيما يدل بإطلاقه عليه كما لايخفى .

الثاني : ماأفاده جدي - ره - أيضا ، وهو أن هذه الأخبار معارضة بروايات دالة

على تعين التمام ، والترجيح مع هذه الروايات وهي الشهرة ، وعلى تقدير تسليم التكافؤ

فالمرجع هو العام الفوق وهو مايقضي بالتمام لما دون الثمانية دون مايقضي بالقصر

 

 

[ . . . . . . . ]

مطلقا فانه مقيد بما يدل على وجوبه لمريد الرجوع ليومه .

وفيه : ماتقدم من أن تلك النصوص مابين ضعيف السند وقاصرة الدلالة ، مع

ان المشهور بين الاصحاب ليس هو تعين التمام .

الثالث : ماعن الشيخ الاعظم - ره - وهو ان الامر فيما كان الاياب لغير يومه

يدور بين تعين التمام او التخيير بينه وبين القصر ، فيكون التمام هو القدر المتيقن فيجب

الاخذ به ، كما في كل مورد يدور الامر بين التعيين والتخيير .

وفيه اولا : ان هناك شقا ثالثا وهو الاقوى بحسب الادلة وهو تعين القصر فلا

قدر متيقن في البين .

وثانيا : ان الرجوع الى أصالة التعين لو تم فانما هو فيما لو يكن دليل وقد

عرفت وجوده .

الرابع : التعليل الوارد في ذيل موثق سماعة للقصر في البريد بانه اذا رجع بريدا

فقد شغل يومه ، فانه يدل على اعتبار شغل اليوم بالفعل في القصر ، ومع عدمه يجب

التمام .

وفيه : ان الظاهر من التعليل كونه في مقام مجرد التقدير ، فانه وارد في مقام رفع

تعجب السائل من تحديد القصر بالبريد ، وانه مع الرجوع يكون صغرى للكبرى

المرتكزة في ذهن السائل من اعتبار ثمانية فراسخ المعبر عنها في بعض النصوص

بمسيرة يوم ، فالتعليل المزبور ظاهر في عدم دخل لشغل اليوم في هذا الحكم .

ويشهد له : - مضافا اليه - التعليل للقصر في المورد في صحيح زرارة بانه اذا رجع

كان سفره بريدين ثمانية فراسخ ، فان المراد منهما واحد ، وسياتي زيادة توضيح لذلك

في بعض المسائل الآتية .

واستدل للقول الخامس بانه مقتضى الجمع بين النصوص الآمرة بالقصر

ونصوص الثمانية .

 

 

[ . . . . . . . . ]

وفيه : انه ان اريد التخيير في المسالة الفرعية . فيرد عليه : ان هذا جمع تبرعي

لاشاهد له ، بل بعض اخبار التقصير الوارد في خروج اهل مكة الى عرفات يابى

عن هذا الحمل ، لاشتماله على التوبيخ والانكار بالويل والويح على ترك التقصير .

وحمل التوبيخ فيها على الالتزام بالاتمام وعدم مشروعية التقصير - ردا على اهل

مكة حيث انهم كانوا ملتزمين به لما سنه الثالث وتبعه الامراء كما نطق به صحيح زرارة

- خلاف ظاهرها ، كما يظهر لمن راجعها .

وان اريد به التخيير في المسالة الاصولية ، فيرد عليه : ان الالتزام بذلك فرع

التعارض ، وعدم امكان الجمع بوجه ، وعدم وجود المرجح لشئ من المتعارضين ، وقد

عرفت مافي جميع هذه المباني .

فتحصل مما ذكرناه ان الاظهر هو تعين القصر في الثمانية الملفقة سواء أكان

الإياب ليومه أم لم يكن .

هذا كله فيما اذا كان كل من الذهاب والاياب اربعة فراسخ ، وان كان الذهاب

اقل من تلك مع كون الجميع ثمانية فراسخ كما اذا كان الذهاب فرسخين والاياب

ستة ، فالمنسوب الى المشهور تعين التمام .

وعن الشيخ الاعظم ان حكم ذلك حكم مالو كان كل منهما اربعة لو لم يقم

اجماع على خلافه .

وقد استدل له : بالتعليل في موثق ابن مسلم المتقدم ، فان العبرة بعموم العلة

المنصوصة ، وقد علل ( عليه السلام ) وجوب القصر في بريد جائيا وبريد ذاهبا : بأنه

اذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه ( 1 ) فكل ما كان شاغلا لليوم من المسير

ثمانية فراسخ يثبت فيه التقصير سواء كان التلفيق من اربعة من الطرفين او من ثلاثة

..............................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 9

 

 

[ . . . . . . . . ]

ذاهبا وخمسة جائيا .

اقول : لاينبغي التوقف في كونه من قبيل الحكمة لا العلة التي يدول الحكم

مدارها ، والا لزم الاكتفاء في القصر بالتردد ميلا ذاهبا وآيبا اربعة وعشرين مرة ، وهذا

مما لم يلتزم به متفقه فضلا عن فقيه ، فيعلم من ذلك انه يعتبر في القصر - مضافا الى

ذلك - البعد عن الوطن المحدود بحد خاص ، وقد عينه الشارع الاقدس في النصوص

وهو الثمانية الامتدادية ، والاربعه اذا رجع ، فثبوت القصر في الاقل من الاربعة مخالف

لتلك النصوص ، بل لو ثبت عموم العلة لابد من تخصيصه بنصوص الاربعة المصرح

فيها بان الاربعة ادنى مايقصر فيها ، وفي خبر العلل المتقدم التصريح بوجوب التمام

اذا كان الذهاب اقل من اربعة فالاظهر ماهو المشهور بين الاصحاب .

وان كان الذهاب اكثر من الاربعة والاياب اقل منها كما اذا ذهب ستة فراسخ

ورجع فرسخين ، فهل يقصر ام لا ؟ وجهان ، اقواهما الثاني : من جهة ان مقتضى

نصوص الثمانية هو عدم كفاية اقل منها ، وقد خرجنا عن حكمها لحكومة نصوص

التلفيق عليها ، فلابد من الاقتصار على مقدار مدلول دليل الحاكم ، وهو انما يكون

في الملفقة من الذهاب اربعة فراسخ والاياب كذلك ، ففي غير هذا المورد يرجع الى

مفهوم نصوص الثمانية .

مع انه قد صرح في بعض نصوص التلفيق بان ادنى مايقصر فيه المسافر : بريد ذاهبا

وبريد جائيا ، كصحيح معاوية المتقدم ( 1 ) .

وأما عموم التعلل فقد عرفت مافيه ، فتحصل ان الاظهر عدم جواز القصر

إذا كان الذهاب أو الإياب اقل من اربعة فراسخ وان كان المجموع ثمانية .

...............................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . . ]

 

في تعيين مبدا المسافة

 

الرابع : اختلفت كلماتهم في تعيين مبدا المسافة ، فعن جماعة ، بل المشهور : ان

مبداها سور البلد او آخر البيوت فيما لاسور له في البلدان الصغار والمتوسطات وآخر

المحلة في البلدان الكبار الخارقة لعادة .

وعن الصدوق : ان مبداها الدار والمنزل .

وعن ظاهر الشهيد - ره - ان مبداها الخروج عن حد الترخص .

اقول : الظاهر ان المبدا آخر البلد مطلقا

ويشهد له امران : الاول : ان الانسان اذا خرج من منزله ولم يخرج من بلده

لايصدق عليه اسم المسافر المعتبر في المسافة .

الثاني : انه من جهة خلو الاخبار والنصوص الواردة في تحديد المسافة عن الاشارة

الى المبدا لامناص عن البناء على ان العبرة بنظر العرف ، ولا شك في ان المبدا عندهم

آخر البلد ، ولذا ترى انه عند السؤال عنهم عن حد المسافة الى مكان خاص ، يجيبون

بالجواب الذي يذكرونه عند السؤال عن المسافة بين البلد وذلك المكان ، وهذه آية ان

العبرة عندهم بآخر البلد ، وما ذكرناه لافرق فيه بين البلاد العظيمة وغيرها .

ودعوى : ان المسافة الواقعة في البلاد الكبار بنفسها ملحوظة لدى العرف ،

ويكون كل محلة من محلاتها ملحوظة على سبيل الاستقلال في تحديداتهم ، فالعبرة انما

تكون بالخروج عن المحلة ممنوعة .

واظن ان الذي افتى به قدماء الاصحاب من ان العبرة في البلاد العظيمة بآخر

المحلة لاينطبق على فتوى المتاخرين التي نسبناها الى المشهور ، لان جمعا منهم حددوا

البلد العظيم بما اذا كان بين محلاته انفصلا بان لاتكون المحلات متصلا بعضها

 

 

[ . . . . . . . ]

ببعض ، وترى ان هذا الضابط لاينطبق على كثير من البلاد التي يعدونها من البلاد

العظيمة ك طهران وبغداد ونحوهما .

واستدل لما عن الصدوق بالنصوص المتضمنة لذكر المنزل ، كموثق عمار : لا

يكون مسافرا حتى يسير من منزله او قريته ثمانية فراسخ .

وخبر المروزي : فاذا خرج الرجل من منزله او قريته ثمانية فراسخ ، ونحوهما

غيرهما .

وفيه : - مضافا الى انه لا إطلاق لها من هذه الجهة ، لورودها مورد حكم آخر -

انه من المحتمل ان يكون المراد من المنزل محل الاقامة .

وبعبارة اخرى : يحتمل ان يكون المراد من المنزل ما هو اوسع من البيت ،

ويشهد له عطف الضيعة والقرية عليه في بعض النصوص .

واستدل لما عن ظاهر الشهيد بان الشخص انما يصير مسافرا شرعا بالخروج

عن حد الترخص وقبل الخروج لايصدق عليه ذلك ولذا لايقصر .

وفيه : انه مبدا لحكم السفر لا لموضوعه ، فتحصل : ان العبرة بآخر البلد

مطلقا .

 

في المسافة المستديرة

 

الخامس اذا كان المسافة مستديرة ، فتارة ليس له مقصد في البين واخرى

يكون له مقصد في البين .

اما في الصورة الاولى ، فالكلام يقع في موردين :

الاول : في ان هذه المسافة هل هي ملفقة من الذهاب والاياب ، ام تكون

امتدادية ؟

 

 

[ . . . . . . . . . ]

الثاني : في ان القوس المطوي يحسب من الثمانية ام لا ؟

اما المورد الاول فالظاهر انها مسافة ملفقة لا امتدادية ، وذلك لان المعيار في

الذهاب التباعد عن مبدا السير والوصول الى حد معين وفي الاياب الحركة من ذلك

الموضع الى مبدا السير ، وهذان العنوانان يصدقان في المسافة المستديرة ، ويكون مبدا

الذهاب الخروج من البلد ومنتهاه النقطة المسامتة لمبدأ الحركة ، ومبدا الاياب تلك

النقطة ومنتهاه مبدا الحركة .

وبهذا البيان يندفع ماقيل : من ان كل جزء من اجزاء المسافة المستديرة على حد

سواء في كونه مقصودا بالسير اليه والتعدي منه تبعا لمقصده الاصلي وهي الاحاطة

بمجموعها في السير ، فتكون هذه ملحقة بالمسافة الامتدادية .

واما المورد الثاني : فالاظهر احتساب القوس منها ، فلو كان مجموع الدائرة

تسعة فراسخ يكون ذهابه اربعة فراسخ ونصفا وكذلك إيابه ، لا ثلاثة فراسخ كما هو

كذلك على المسلك الآخر ، اذ المعيار في القصر ليس هو البعد عن المنزل ، كي يقال :

انه في الفرض يكون من منزله الى النقطة المسامته بمقدار ثلاثة فراسخ ، بل المعيار

مقدار السير ، ولذا لا شك في انه اذا كان للبلد طريقان وكان الابعد منهما مسافرة فسلك

الابعد يقصر مع انه لايصدق انه بعد عن محله هذا المقدار .

وعلى ذلك فمن مشى من منزله الى النقطة المسامتة له في الفرض فقد سار من

منزله اربعة فراسخ ونصفا وإيابه ايضا يكون بهذا المقدار ، واذا انضم الاياب اليه تم

ملاك القصر .

واما في الصورة الثانية ، فان كان ذلك على نصف الدائرة فلا كلام ، وكذلك ان

كان على قوس اقل من النصف وكان بالغا اربعة فراسخ ، وان كان على قوس اقل

من اربعة ، فبناء على المختار من اعتبار كون الذهاب اربعة فراسخ ، فهل يكون

الذهاب في الفرض منتهاه المقصد والاياب منه الى البلد فلا يقصر ، او يكون منتهى

 

 

[ . . . . . . . ]

الذهاب النقطة المسامتة لمبدا الحركة فيقصر ؟ وجهان لا يخلو ثانيهما عن قوة ، اذ المعيار

في الذهاب التباعد عن مبدا السير ، وهذا متحقق فيما بين المنزل والنقطة المسامتة لمبدا

الحركة ، ولا يصدق الشروع في الاياب الا مع التجاوز عن تلك النقطة .

ولكن مع ذلك كله ربما يدعى في الفرض وسابقه انصراف النصوص عن مثل

هذه المسافة فلا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام .

 

طرق ثبوت المسافة

 

السادس : لا كلام في ثبوت المسافة بالعلم ، لان حجيته ذاتية .

وبالبينة ، لما دل على حجيتها في الموضوعات مطلقا .

وبخبر الواحد على الاظهر ، لما حققنا في حاشيتنا على الكفاية من حجيته في

الموضوعات كالأحكام .

وفي ثبوتها بالشياع غير المفيد للعلم قولان ، اظهرهما : العدم : لعدم الدليل على

حجيته .

ونسب الى المحقق النائيني - ره - القول بالثبوت ، واستدل له بان المسافة

تقريبة لاتحقيقية فيكتفي فيها بالشياع الظني والشهرة في حصول التقريب بهما .

وفيه : ان اريد بهما مايفيد العلم بالمسافة التقريبية وان افاد الظن

بالتحقيقية فهومتين ، الا انه خارج عن محل البحث ، وان اريد بهما مايفيد الظن

بالتقريبية فالحق عدم الثبوت ، لعدم الدليل على حجيتهما .

ثم إنه لو لم يكن شئ من الامارات المثبتة للمسافة وشك فيها وكانت الحالة

السابقة العلم بعدم المسافة ، فهل يجب الجمع بين القصر والتمام ، ام يجب التمام ؟

وجهان ، قد استدل للاول بالعلم الاجمالي بوجوب أحدهما وهو يقتضي الجمع بينهما

 

 

[ . . . . . . . . ]

وفيه : ان مقتضى استصحاب عدم تحقق المسافة وعدم كونه مسافرا شرعيا

البقاء على التمام .

ودعوى ان موضوع التمام انما هو الحاضر والمقيم ، واثبات احد هذين العنوانين

بالاصل من قبيل الاصل المثبت مندفعة بان الموضوع ليس خصوص من ذكر ، كيف

وقد ثبت وجوب التمام على كثير من افراد المسافرين ، مع ان ذلك العنوان الوجودي

المفروض اي الحاضر بنفسه مسبوق بالوجود فيستصحب ذلك ، ولا حاجة الى اثباته

باستصحاب عدم المسافة والسفر ، فالاظهر البقاء على التمام حتى تثبت المسافة .

واما الاستدلال له بانه في مورد تعليق حكم على امر وجودي - كالترخيص

الثابت لمال الغير عند طيب نفسه - نفس الدليل المثبت له بالدلالة الالتزامية العرفية

يدل على ثبوته في مرحلة احراز موضوعه ، وعليه ففي المقام بما ان وجوب القصر رتب

على السفر الذي هو امر وجودي ، فيستكشف من دليله دخل احراز السفر في ثبوته ،

فمع عدم الاحراز والشك يبنى على التمام .

فيرد عليه ماذكرناه في هذا الشرح غير مرة من عدم تمامية هذه الكبرى

الكلية ، بل المستفاد من الدليل ليس الا ترتب الحكم على الموضوع النفس الامري

الواقعي بلا دخل للإحراز فيه .

مع انها لو تمت فانما هي في الاحكام الترخيصية المعلقة على الامور الوجودية

لاغيرها ووجوب القصر ليس منها ، فالصحيح ماذكرناه .

ثم إنه إذا شك في المسافة فهل يجب الفحص عنها اذا لم يكن عسرا ، ام يجوز

الرجوع الاصل بدونه ؟ وجهان اختار الشيخ الاعظم - ره - الاول ، وتبعه المحقق

النائيني ره .

واستدل له بوجهين : الاول ما عن الشيخ - ره - وهو ان وجوب القصر علق

على المسافة النفس الامرية فيجب مع الشك رعاية لتحصيل الواقع اما الجمع او

 

 

] قصد المسافة وهي ثمانية فراسخ او اربعة مع قصد العود في يومه [

 

الفحص ، والاول منتف هنا اجماعا فيتعين الثاني .

وفيه : ان المنتفي بالاجماع تعين الجمع لا التخيير بينه وبين الفحص ، فلا يتعين

الفحص ، مع انه قد عرفت ان بالاستصحاب يحرز عدم تحقق المسافة ، ويترتب عليه

وجوب التمام .

الثاني : ما عن المحقق النائيني - ره - وهو : ان الفحص المتوقف على

الاستعلام والسؤال بحيث يتبين ظنا او علما بسبب السؤال ليس من الفحص القائم

على عدم وجوبه الاجماع ، لانه عبارة عن تحصيل مقدمات غير حاصلة لكي يحصل

منها العلم ، والسؤال ليس من هذا القبيل .

وفيه : ان مدرك عدم وجوب الفحص ليس هو الاجماع ، بل اطلاق ادلة

الاصول الشامل لما قبل الفحص .

نعم خرج عنه بعض الموارد الذي يلزم من العمل بالاصل المخالفة القطعية

الكثيرة المعلوم عدم جوازها شرعا المستكشف منه وجوب الاحتياط كالاستطاعة

والنصاب في الزكوة ، وليس المورد من تلك الموارد ، فالاظهر عدم وجوب الفحص .

 

في اعتبار قصد المسافة

 

الثاني : هو الاول في المتن ( قصد المسافة وهي ثمانية فراسخ ) كما مر ، ( او

اربعة مع قصد العود في يومه ) او غير يومه واعتبار هذا القيد مما لاخلاف فيه ، بل

عليه لاجماع بقسميه كما عن الجواهر وغيرها ، بل قيل : ان هذا هو معنى اعتبار

المسافة ، اذ لايعتبر قطعها اجمع نصا وفتوى في صحة التقصير ، فالمدار على قصدها ،

ولعله لذا لم يذكر في القواعد وفي المتن المسافة شرطا في قبال قصدها ، وانما ذكر قصد

المسافة المحدودة .

 

 

[ . . . . . . . . ]

وكيف كان فيدل على اعتباره - مضافا الى ماتقدم - خبر صفوان عن الامام

الرضا ( عليه السلام ) عن رجل خرج من بغداد يريد ان يلحق رجلا راس ميل فلم

يزل يتبعه حتى بلغ النهروان وهي اربعة فراسخ من بغداد ايفطر اذا اراد الرجوع

ويقصر ؟ قال ( عليه السلام ) : لايقصر ولايفطر لانه خرج من منزله وليس يريد السفر

ثمانية فراسخ ، وانما خرج يريد ان يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادى به السير

الى الموضع الذي بلغه ( 1 ) الحديث .

وموثق عمار عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يخرج في حاجة

فيسير خمسة او ستة فياتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ

او سته فراسخ وياتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ اخرى او

ستة فراسخ لايجوز ذلك ثم ينزل في ذلك الموضع ، قال ( عليه السلام ) : لا يكون

مسافرا حتى يسير من منزله او قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة ( 2 ) . فان الظاهر

بقرينة السؤال اعتبار قصد السير ثمانية فراسخ ، فهذا الحكم مما لاكلام فيه .

انما الكلام وقع في امور :

الاول : ان ماذكرناه من انه لايقصر فيما اذا سار ثمانية فراسخ مع عدم القصد

انما هو في الذهاب ، واما في الاياب الى منزله اذا كان ثمانية فراسخ فيقصر لتحقق

شرائط القصر .

ودعوى انصراف النصوص الى المسافة الذهابية ، غير مسموعة .

ويشهد له : - مضافا الى ذلك - موثق عمار عن الامام الصادق ( عليه السلام )

عن الرجل يخرج في حاجة وهو لايريد السفر فيمضي في ذلك فيتمادى به المضي

حتى تمضى به ثمانية فراسخ كيف يصنع في صلاته ؟ قال ( عليه السلام ) : يقصر ولايتم

…………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . ]

الصلاة حتى يرجع الى منزله ( 1 ) .

 

لو اخرج الى المسافة

 

الثاني : انه لااشكال في وجوب القصر اذا كان مكرها على السفر او مضطرا

اليه ، لتحقق القصد المعتبر في السفر الموجب للقصر .

ويدل عليه النص والاجماع وفعل المعصومين عليهم السلام في بعض اسفارهم

مع كونهم مكرهين فيه .

ودعوى : ان مقتضى حديث الرفع الحاكم على جميع الادلة هو عدم وجوب

القصر ووجوب التمام مندفعة اولا : بان مااشير اليه من الادلة على وجوب القصر

لاخصيتها تقدم على الحديث .

وثانيا : بان الحديث لايشمل الاحكام المجعولة ارفاقا وامتنانا على الامة

كوجوب القصر على المسافر كما حقق في محله .

واما اذا اخرج المسافة بان القي في السفينة من دون اختياره وسار به مع

علمه بانه يسار به الى آخر المسافة فهل يقصر ام لا ؟ وجهان قد استدل للثاني بانه

يعتبر في الحكم بالقصر قصد المسافة كما تقدم ، وهو مفقود في المقام .

وفيه : ان مدرك هذا الشرط ان كان هو الاجماع والاخبار المتقدمة فهي لاتدل

على اعتبار ازيد من العلم وتوطين النفس على قطع المسافة ، وكذا ان كان هو النصوص

التي عبر فيها بلفظ الفعل مثل قوله ( عليه السلام ) : اذا ذهب بريدا وجاء بريدا

لما حققناه في محله من ان مادة الفعل لاتكون منصرفة الى الفعل الاختياري ، كما ان

.......................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب صلاة المسافر حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . ]

هيئته غير منصرفة اليه ، فمع عدم دخل الارادة في موضوع له شئ منهما لاوجه

لدعوى ظهورها في ذلك .

وان كان المدرك هو مادل على اعتبار التبييت بالسفر كذيل خبر صفوان

المتقدم فيرد عليه : انه كما يمكن ان يكون اعتبار القصد من حيث كونه فعلا للنفس

ولازم ذلك ماذكر ، يمكن ان يكون اعتباره من حيث انه يترتب عليه الانفعال وهو

توطين النفس ولازمه القصر في الفرض كما لايخفى .

وحيث انه في نفسه غير ظاهر في شئ منهما فلا بد في تقييد إطلاق دليل القصر

من الاقتصار على المتيقن ، فاعتبار شئ زائدا على العلم وتوطين النفس لاشاهد له ،

بل الإطلاقات تدل على العدم .

ويشهد لوجوب القصر في الفرض : - مضافا الى ذلك - ماذكره جدي العلامة -

اعلى الله مقامه - وهو انه بعد التامل في كلمات الاصحاب وفحاوى الاخبار يظهر

ان المراد من القصد في المقام هو مجرد الاعتقادات سواء كان باختيار منه ام لم يكن .

وبعبارة اخرى : ان الموضوع لوجوب القصر هو البعد الخاص مع اعتقاده

بتحقق ذلك سواء كان باختياره ام لا ، ولذا ترى ان الجل بل الكل صرحوا بان

الخارج من هذا القيد هو المتحير ونحوه ممن ليس له علم بتحقق البعد الخاص منه .

ويشهد له : انهم لم يذكروا اعتبار العلم شرطا آخر بل اقتصروا بذكر القصد .

وخبر اسحاق بن عمار عن ابي الحسن ( عليه السلام ) الوارد في قوم خرجوا في

السفر وتخلف منهم واحد ، قال ( عليه السلام ) : بلى انما قصروا في ذلك الموضع لانهم لم

يشكوا في مسيرهم وان السير يجد بهم . الحديث . ( 1 )

ودعوى ضعف سنده فاسدة ، لانه معمول به في غير هذا الفرع ، فالاظهر -

.................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب صلاة المسافر حديث 11

 

 

[ . . . . . . . . ]

كما هو المشهور بل المجمع عليه كما قيل - وجوب القصر ، والاحتياط طريق النجاة .

 

لايعتبر قصد المسافة الشخصية

 

الثالث : هل يعتبر قصد شخص مسافة معينة ، ام يكفي قصد القدر المشترك

المنطبق على المسافات ؟ وجهان ، نسب الى الشهيد - ره - الاول .

وحق القول : التكلم في صورتين :

الاولى : مااذا كان ناويا للمسافة الشخصية المعينة ثم بعد سير مقدار منها عدل

الى مسافة اخرى تكون بانضمام مامضى المقدار مسافة .

والاظهر في هذه الصورة وجوب القصر ، وذلك لوجهين :

الاول : ان مادل على اعتبار قصد المسافة المتقدم وما دل على انه بالعدول عن

القصد لايقصر كالاجماع وخبر اسحاق المتقدم لا يدلان على ازيد من اعتبار قصد

القدر المشترك ، وانه لو عدل عن قصد المسافة بالمرة لايقصر ، وفي غير ذلك لابد من

الرجوع الى إطلاق ادلة القصر في المسافة .

وبهذا البيان يظهر اندفاع ماقيل من ان المقدار من المسافة المعدول اليه لم يكن

مقصودا من الاول ، وانما قصده ثانيا بعد العدول عن الاول ، مع ان ظاهر الادلة

اعتبار كون الجميع بقصد واحد ، كما انه ظهر اندفاع ماقيل من ان المسافة الاولى

بالرجوع عنها بطلت ، والمقصد الثاني لم يبلغ المسافة .

الثاني : دلالة جملة من النصوص عليه كصحيح ابي ولاد قال ، قلت لابي عبد

الله ( عليه السلام ) : اني كنت خرجت من الكوفة في سفينة الى قصر ابن ابي هبيرة

وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخا في الماء فسرت يومي ذلك اقصر الصلاة

ثم بدالي في الليل الرجوع الى الكوفة فلم ادر اصلي في رجوعي بتقصير ام بتمام ، وكيف

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

كان ينبغي ان اصنع ؟ فقال : ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا ، فكان

عليك حين رجعت ان تصلي بالتقصير لانك كنت مسافرا الى ان تصير الى منزلك ( 1 )

الحديث . ونحوه غيره

وهي وان وردت في العدول من المسافة الامتدادية الى الملفقة ، الا انه يثبت في

غيره فانه يستفاد منها ان العدول من المسافة المعينة الى غيرها لايضر .

والغريب ان المقدس البغدادي في خصوص مورد النصوص حكم بوجوب

التمام على مانسب اليه .

الصورة الثانية : مالو كان من الاولى ناويا للقدر المشترك من الاول كما اذا

قصد احد المكانين المشتركين في بعض الطريق واوكل التعيين الى الوصول الى آخر

الحد المشترك ، فالاظهر فيها التقصير ، ولم ينقل عن احد القول بالتمام فيها ، ويشهد

له : اطلاق ادلة القصر .

 

لو تردد في الاثناء

 

الرابع : لو قصد مسافة ثم ترد في اثنائها فعاد الى الجزم ، فان كان مابقي

مسافة ولو ملفقه فلا اشكال . والا فان لم يقطع شيئا من الطريق في حال التردد يقصر ،

لان مقتضى اطلاق ادلة القصر عدم قدح التردد في الاثناء بمعنى عدم اقتضائه ارتفاع

اثر السفر بمجرد حدوثه ، لان مادل على قدح التردد انما يدل على قدحه حال وجوده .

ودعوى ان المرجع بعد زوال التردد انما هو استصحاب حكم الخاص لا

الرجوع الى العام . مندفعة بما حققناه في محله من عدم جريان الاستصحاب في

....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب صلاة المسافر حديث 1

 

 

 [ . . . . . . . . . ]

الاحكام ، وان المرجع هو عموم العام مطلقا ، لا سيما وان الظاهر من الادلة ان ثبوت

كل من القصر والتمام في مورديهما انما هو في كل زمان مع قطع النطر عن ثبوته فيما

قبله ، كما يظهر لمن تدبر في الروايات .

ويشهد له : - مضافا الى ذلك - خبر اسحاق بن عمار : وان كانوا ساروا اقل

من اربعة فراسخ فليتموا الصلاة مااقاموا فاذا مضوا فليقصروا ( 1 ) .

واما ان عاد الى الجزم بعد قطع شئ من الطريق ، فان لم يكن مابقي بعد

العود الى الجزم مع ما قطعه حال الجزم اولا بمقدار المسافة لم يقصر ، لان الظاهر من

الادلة اعتبار كون مجموع المسافة صادرة عن قصد قطعها .

وان كان بمقدار المسافة كما اذا كان سفره عشرين فرسخا فسار في حال الجزم

اولا اربعة فراسخ فتردد وسار في تلك الحال اثنى عشر فرسخا ، ثم عاد الى الجزم فسار

اربعة فراسخ فالظاهر انه يقصر ، لانه يصدق انه قطع ثمانية فراسخ عن قصد .

ودعوى : ظهور الاخبار - كخبري صفوان وعمار - في ان الموضوع هي الثمانية

المتصلة مندفعة بعدم كونها مسوقة الا لبيان انه لايعتد بقطع المسافة الواقعة عن غير

قصد او عن قصدين مستقلين : ولا تدل على اعتبار الاتصال زائدا على ذلك .

هذا ، مضافا الى خبر اسحاق المتقدم .

 

حكم التابع في السفر

 

الخامس : لا اشكال ولا كلام في ان التابع لغيره في السفر كالمستقل فيه اذا

قصد المسافة ، انما الكلام في هذا الامر وقع في فروع .

.................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب صلاة المسافر حديث 11

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

منها : انه اذا شك التابع ولم يعلم ان المتبوع في سفره قاصد للمسافة ام لا ،

فهل يجب عليه السؤال ام يتم صلاته ؟ وجهان ، من اطلاق الادلة الدالة على عدم

القصر مع عدم قصد المسافة ، ومن دعوى انصراف النصوص عن مثل هذا الجهل

الذي يرتفع مع السؤال ، وعليه فيجب عليه الجمع بين القصر والتمام ، او السؤال ثم

العمل بوظيفته .

ومنها : انه هل يجب على المتبوع اخبار التابع بقصده المسافة او غيرها ، ام لا ؟

وجهان ، اقواهما الثاني ، لعدم الدليل على الوجوب .

ومنها : انه لو اعتقد التابع عدم قصد المتبوع المسافة او شك فيه ثم بعد قطع

مقدار من المسافة علم انه قاصد لها وان كان الباقي مسافة فلا اشكال ، وان لم يكن

كذلك فهل يقصر ام لا ؟ وجهان مبنيان على ان المقام من قبيل قصد مكان معين الذي

هو مسافة وهو لايعلم به ، ام من قبيل قصد مكان غريمه المردد بين كونه مسافة او اقل

منها ، اذ على الاول يكون المكان المعين الذي يكون مسافة مقصودا فهو قاصد

للمسافة ، وعلى الثاني يكون كل واحد من الامكنة معلوما من حيث المسافة وعدمها ،

والترديد انما هو في المقصد فهو غير قاصد للمسافة فلا يقصر ، والظاهر هو الثاني ، فان

التابع وان قصد السير الى ماقصده المتبوع الا انه من جهة جهله بالمقصد وتردده بين

الامكنة المعلوم كون ايها مسافة لامحالة يكون غير قاصد للمسافة ، فما في العروة من

الحكم بوجوب القصر غير تام .

ومنها : انه اذا لم يكن التابع مطاوعا لقصد المتبوع فتارة يعلم بوجود مقتضي

التبيعة وانما يعلم او يشك فيها من جهة العلم بوجود المانع من دوام السفر او يشك

فيه ، واخرى لايعلم بوجوده كالزوجة تعزم على الرجوع لو طلقت قبل المسافة وهي

تعلم بذلك او يشك الظاهر : عدم القصر في الصورتين ، لعدم قصد المسافة .

ودعوى : ان كل قاصد لامر تدريجي كالاقامة وقطع المسافة والصلاة ونحوها لا

 

 

[ . . . . . . . . . ]

يكاد يقطع بانتهائه الى آخره ، لتطرق احتمال طرو العجز من المرض والموت ونحوهما ،

ومع ذلك نرى بالوجدان ان احتمال هذه الامور لايمنع عن تمشي القصد على فعل

من احد اصلا ، فيستكشف من ذلك ان احتمال وجود المانع لاينافي مع القصد ، ففي

الصورة الاولى ما لم يقطع بطرو المانع لايتم ، بل يبني على القصر ، ولعله لذلك افتى

في العروة بالقصر في هذه الصورة . مندفعة بان احتمال طرو المانع ربما يكون احتمالا

عقلائيا منشؤه حضور مبادئ تحقق ذلك الامر لديه بحيث يحتمل احتمالا عاديا

بتحققه ، وربما يكون الاحتمال غير عقلائي ولا يكون مبادئ تحققه حاضرا لديه ، ففي

المورد الاول لايتحقق القصد ، وفي الثاني يتحقق ، لانه لايعتبر في تحقق القصد سوى

الاطمينان ، وعلى ذلك ففي الصورتين اذا كان احتمال طرو المانع او عدم المقتضي

احتمالا عقلائيا يتم ، لعدم تمشي القصد ، وان كان احتمالا غير عقلائي يقصر ،

فالتفصيل بين الصورتين ضعيف ، واضعف منه البناء على القصر في الصورتين مطلقا .

 

اذا صلى قصرا ثم عدل عن القصد

 

السادس : اذا صلى قصرا قبل العدول عن قصد المسافة ثم عدل عنه ، فهل

تجب الاعادة مطلقا ، ام لاتجب كذلك كما هو المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة ،

ام يعيد في الوقت دون خارجه كما عن الشيخ في الاستبصار ؟ وجوه اقواها : الثاني ،

لصحيح زرارة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يخرج مع القوم في السفر

يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القربة على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم

في حاجة فلم يقض له الخروج مايصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين ؟ قال ( عليه

السلام ) : تمت صلاته ولايعيد ( 1 ) .

.......................................................................

( 1 ) الوسائل باب 23 من ابواب صلاة المسافر حديث 1

 

 

] الثاني ان لا ينقطع سفره ببلد له فيه [

 

واستدل للقول الاول بخبر المروزي : وان كان قصر ثم رجع عن نيته اعاد

الصلاة ( 1 ) .

وصحيح ابي ولاد المتقدم : وان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت بريدا فان

عليك ان تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل ان تؤم من

مكانك ( 2 ) .

وفيه انه لاعراض المشهور عن ظاهرهما لايعتمد عليهما ، مضافا الى معارضتهما

بما هو صريح في عدم وجوب الاعادة .

واستدل للقول الثالث : بانه مقتضى الجمع بن الطائفتين .

وفيه : - مضافا الى انه جمع تبرعي لاشاهد له - ان صحيح ابي ولاد ظاهر في

وجوب القضاء ، ولايمكن حمله على الاعادة خاصة ، ولو اغمضنا عما ذكرناه من

اعراض الاصحاب عن الطائفة الثانية ، فان امكن الجمع عرفا بحمل الثانية ، على

الاستحباب فهو ، والا فلا بد من ترجيح الاولى للشهرة ، ولعل الثاني اقوى ، فان قوله

( عليه السلام ) في صحيح زرارة : لا يعيد مع قوله ( عليه السلام ) في خبر المروزي : اعاد

الصلاة . يعدان بنظر العرف من المتعارضين ، ولا يرى اهل العرف احدهما قرينة على

الآخر ، فالاظهر عدم وجوب الاعادة والقضاء ، وعدم استحبابهما .

 

الوصول الى الوطن قاطع للسفر

 

الشرط الثالث ، وهو ( الثاني ) في المتن : ( ان لا ) يكون من قصده في اول السير

او في اثنائه ان ( ينقطع سفره ) قبل بلوغ الثمانية بالمرور على وطنه او ( ببلد له فيه

...................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب صلاة المسافر حديث 1

 

 

] ملك قد استوطنه ستة اشهر فصاعدا او عزم على اقامة عشرة ايام [

 

ملك قد استوطنه ستة اشهر فصاعدا ) بناء على تحقق الوطنية بذلك - كما هو

المشهور ، وسياتي تحقيقه في فصل القواطع ان شاء الله تعالى - اقامة عشرة ايام ، فلو

كان من قصده المرور على وطنه ( او عزم على اقامة عشرة ايام ) اتم بلا خلاف معتد

به فها هنا مسالتان :

الاولى : اذا انقطع سفره بالمرور على الوطن اتم كما هو المشهور شهرة عظيمة .

والشاهد عليه : ان بالمرور عليه يخرج عن عنوان المسافر ، اذ الماخوذ في مفهوم

السفر الغيبوبة عن الوطن فالحاضر فيه لايعد مسافرا ، فمن قصد من حين الشروع

في السفر ان يمر قبل الثمانية بوطنه لايكون قاصدا للمسافة ، وكون مجموع ماقبل

الوطن ومابعده مسافة لايجدي بعد تخلله بقصده ان يصير حاضرا فيما بينهما .

فما عن المستند من ان العرف لايفرقون بين ما اذا مر بمنزله الذي يتوطنه سيما

اذا مر راكبا سيما عن حواليه ، وبين ما اذا لم يمر ضعيف .

وبما ذكرناه ظهر ان المدرك لوجوب التمام عليه هي الادلة الدالة على وجوبه

لكل مكلف غير مسافر الخاص ، ومعه لاحاجة الى التمسك باستصحاب

التمام ، بل هو غير جار في نفسه بناء على عدم حجيته في الاحكام كما حقق في محله .

 

الاقامة قاطعة للسفر

 

الثانية : اذا كان من قصده الاقامة عشرة ايام قبل بلوغ الثمانية ، يتم في

الطريق ايضا .

والوجه في ذلك : ماتقدم في المسالة السابقة بضميمة ان الاقامة قاطعة للسفر

نفسه شرعا لا لحكمه .

ويشهد لذلك - لكون الاقامة قاطعة للسفر - صحيح زرارة عن الامام

 

 

[ . . . . . . . . . ]

الباقر ( عليه السلام ) : من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة وهو

بمنزلة أهل مكة ، فاذا خرج الى منى وجب عليه التقصير فإذا زار البيت اتم الصلاة ،

وعليه إتمام الصلاة اذا رجع الى منى حتى ينفر ( 1 ) لعموم المنزلة .

واورد عليه بوجوه .

الاول : مافي الجواهر وهو انصراف ارادة خصوص التمام من المنزلة فيه .

وفيه أولا : ان الانصراف غير ظاهر .

وثانيا : ان عطف ذلك على قوله ( عليه السلام ) : وجب عليه اتمام الصلاة يشهد

بإرادة العموم وإلا لزم البناء على كونه تاكيدا لما قبله ، وهو خلاف الظاهر ، بل الظاهر

سوقه لبيان حكم آخر .

وثالثا : ان تفريع وجوب القصر عليه بالخروج الى منى على قوله : بمنزلة أهل

مكة ظاهر في إرادة انقطاع السفر ، وان القصر يحتاج الى سفر جديد .

الثاني : ان لازم عموم المنزلة وجوب الاتمام عليه لو مر على المحل الذي اقام

فيه دفعة واحدة ، ولم يلتزم بذلك فقيه ، وهو دليل عدم إرادة العموم منه .

وفيه : اولا ان في الصحيح نزل المقيم منزلة الاهل لامحل الاقامة منزلة الوطن

ومن الواضح ان الحكم يدور مدار العنوان الماخوذ في الدليل موضوعا حدوثا وبقاء ،

وهو في المقام المقيم ، فاذا خرج وسافر فقد زال هذا العنوان ، فلو رجع اليه لايصدق

عليه عنوان المقيم ما لم يقصد اقامة عشرة ايام ، فلا وجه للحكم بوجوب الاتمام عليه .

وثانيا : انه لو كان المنزل والمنزل عليه محل الاقامة والوطن امكن الجواب عنه

بأنه كالوطن يسقط حكمه بالاعراض وسياتي لذلك زيادة توضيح ان شاء الله تعالى .

الثالث : ماأفاده بعض المعاصرين وهو ان الصحيح صريح في ان محل الاقامة

………………………………………..

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

بمنزلة الوطن اذا سافر عنه قصر ، واذا رجع اليه اتم ، ولم يلتزم بذلك احد ، وهذا يوهن

دلالته ويوجب كونه مما يرد علمه الى اهله ، والتفكيك في الحجية بين دلالاته بحيث

ينفع فيما نحن فيه بعيد عن المذاق العرفي .

وفيه : ان معنى الصحيح - والله اعلم ، ولا اقل من المحتمل ارادة - ماذكره في

الوافي ، ومحصله : انه انما وجب التمام ان قدم بمكة لقصده اقامة عشرة ايام ، وانما وجب

عليه التقصير اذا خرج الى منى ، لانه يذهب الى عرفات ، وانما اتم الصلاة اذا زار

البيت ، لان الاتمام بمكة احب من التقصير وانما عليه الاتمام اذا رجع الى منى ، لانه

قدم مكة لطواف الزيارة وكان في عزمه الاقامة فيها بعد الفراغ من الحج ، كما يكون

في الاكثر ، ومنى من مكة اقل من بريد ، فيدل الصحيح على ان ارادة مادون المسافة

لاتنافي عزم الاقامة ، فالحق دلالة الصحيح على ذلك .

وقد استدل الشيخ الاعظم - ره - له بصحيح ابي ولاد عن الامام الصادق

) عليه السلام ) فيمن قصد الاقامة وصلى صلاة تامة ثم عدل عن قصد الاقامة ، ان

كنت دخلت المدينة وحين صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك ان تقصر

حتى تخرج منها ( 1 ) بدعوى : ظهوره في ارادة الخروج الى وطنه ، لا باس به ، لكن

الاولى في تقريب دلالته : ان يقال بظهوره في ارادة الارتحال والمسافرة في مقابل

الاقامة ، وسياتي لذلك زيادة توضيح .

ويمكن ان يستدل له ايضا بصحيح صفوان عن اسحاق بن عمار عن ابي

الحسن ( عليه السلام ) عن اهل مكة اذا زاروا عليهم اتمام الصلاة ؟ قال ( عليه السلام ) :

المقيم بمكة الى شهر بمنزلتهم ( 2 ) فانه وان ورد في من يقيم الى شهر مترددا الا انه اذا

ثبت كون ذلك قاطعا للسفر بالتقريب المتقدم في الصحيح الاول - ثبت في من قصد

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب صلاة المسافر حديث 11

 

 

[ . . . . . . . ]

اقامة عشرة ايام ، لعدم الفصل .

وقد استدل له بعض المعاصرين بصحيح ابن جعفر عن اخيه ( عليه السلام )

عن الرجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الايام في المكان عليه صوم ؟ قال ( عليه

السلام ) : لا ، حتى يجمع على مقام عشرة ايام ، واذا اجمع على مقام عشرة ايام صام

واتم الصلاة .

قال : وسالته عن الرجل يكون عليه ايام من شهر رمضان وهو مسافر يقضي

اذا اقام في المكان ؟ قال ( عليه السلام ) : لا حتى يجمع على مقام عشرة ايام ( 1 ) . بدعوى :

ان ظاهر السؤال في الموردين كون منشئه تخيل ان المراد بالمسافر مايقابل المقيم

والحاضر معا ، لا مايقابل الحاضر فقط ، ولاجل ذلك سال عن جواز الصوم في حال

الاقامة ، فيكون جوابه ( عليه السلام ) ظاهرا في الاقرار على ذلك اذا كانت مدة

الاقامة عشرة ايام .

اقول : ذكر ذلك بعنوان التاييد لا باس به ، واما الدلالة فلا .

ويؤيده ايضا ادلة وجوب التمام عليه بقرينة مناسبة الحكم والموضوع ، فانها

مشعرة بكون التمام بعناية خروجه بالاقامة عن عنوان المسافر وتسالم الاصحاب على

ذلك ، فقاطعية الاقامة للسفر نفسه لالحكمه مما لاينكر .

بقى في المقام فرعان :

الاول : انه لو كان متردد من حين تلبسه بالسير في المرور بوطنه او اقامة

عشرة ايام في اثناء المسافة لم يقصر ، لعدم قصد المسافة الواحدة المتصلة .

وما افاده المحقق الهمداني - ره - من ان المانع عن التقصير انما هو الجزم باقامة

العشرة ، والتردد فيها لا اثر له شرعا ، فمن خرج من منزله وهو يريد ان يسير ثمانية

................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب صلاة المسافر حديث 1

 

 

] ولو قصد المسافة وله على راسها منزل قصر في طريقه خاصة .

الثالث اباحة السفر فلو كان عاصيا بسفره لم يقصر [

 

فراسخ فقد وجب عليه التقصير مالم يجمع على ان يقيم عشرة ايام ، فالمدار في التقصير

على قصد المسافة مجردا عن العزم على الاقامة في اثنائها لا بالعزم على عدمها ، كي

يكون التردد في الاقامة منافيا لتحقق شرط التقصير . ضعيف ، اذ مانعية الجزم باقامة

العشرة انما تكون لاجل اعتبار قصد المسافة المعينة المنافي مع الجزم بالاقامة في اثناء

السفر ، وهذا الملاك موجود بعينه في مالو ترد في الاقامة في اثنائها ايضا كما لايخفى ،

فما نفى عنه البعد في الجواهر من عدم الترخص هو القوي .

الثاني : ( لو قصد المسافة وله على راسها منزل ) ويكون ذلك وطنه او يريد

الاقامة فيه عشرة ايام ( قصر في طريقه خاصة ) وقد ظهر وجهه مما سبق .

ويشهد له : - مضافا اليه - موثق ابن بكير عن الامام الصادق ( عليه السلام )

في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له آخر او ضيعة له اخرى ، قال ( عليه السلام ) :

ان كان بينه وبين منزله او ضيعته التي يؤم بريدان قصر ، وان كان دون ذلك اتم ( 1 ) .

 

يعتبر اباحة السفر

 

الرابع من الشروط ، وهو ( الثالث ) في المتن ( اباحة السفر فلو كان عاصيا

بسفره لم يقصر ) بلا خلاف فيه في الجملة ، وعن غير واحد دعوى الاجماع عليه

ويشهد له جملة من النصوص الآتية .

وحق القول في المقام ان السفر الذي يعصي فيه على اقسام خمسة :

( 1 ) ان يكون السفر بنفسه وبما انه طي للمسافة حراما ، كالفرار من الزحف

...........................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 14 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . ]

واباق العبد وسفر الزوجة بدون اذن الزوج وسفر الولد مع نهي الوالد ونحو ذلك .

( 2 ) ان يكون السفر حراما لكن لا من حيث انه طي للمسافة ، بل من جهة

انطباق عنوان آخر عليه ، كالسفر مع الركوب على الدابة المغصوبة ، فان السفر حرام

من جهة كونه تصرفا في مال الغير لا بما انه طي للمسافة .

( 3 ) ان يكون غاية السفر امرا محرما ، كما اذا سافر لقتل نفس محترمة او

للسرقة او للزنا او نحو ذلك .

( 4 ) ان يكون السفر مستلزما للمعصية وترك واجب ، كما اذا كان مديونا وسافر

مع مطالبة الديان وامكان الاداء في الحضر دون السفر ونحو ذلك .

( 5 ) ان يكون السفر ملازما اتفاقيا للمعصية مثل الغيبة وشرب الخمر وغيرهما

من المعاصي الواقعة حال السفر وليس السفر لاجلها .

اما القسم الاول فظاهر المشهور انه يتم فيه .

وعن الشهيد - ره - التنظر فيه .

ويشهد للمشهور : صحيح عمار بن مروان عن الامام الصادق ( عليه السلام ) :

من سافر قصر وافطر الا ان يكون رجلا سفره الى صيد اوفي معصية الله تعالى او

رسولا لمن يعصى الله او في طلب عدو او شحناء او سعاية او ضرر على قوم من

المسلمين ( 1 ) . فان ظاهر قوله : في معصية الله ان يكون السفر بنفسه حراما .

مضافا الى ان عطف قوله ( عليه السلام ) : او رسولا الى آخره - على ماسبق

- قرينة لارادة السفر الذي يكون معصية بنفسه من تلك الفقرة .

واحتمال : ان يكون كلمة ( في ) بمعنى ( الى ) او اللام او السببية فيكون المراد

منها ماكان لغاية محرمة خلاف الظاهر لا يصار اليه الا مع القرينة اذ دعوى ان

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . . ]

الظاهر من قوله ( عليه السلام ) ، في معصية الله كونه عطفا على قوله : الى صيد فيكون

المراد سفره في معصية ، وظاهره كون المعصية غير السفر ، فان السفر المعصية غير

السفر في المعصية الذي هو من قبيل السعي في الحاجة مندفعة بان ارادة السفر الذي

يكون غايته المعصية من هذه الفقرة خلاف الظاهر اذ ذلك يكون سفرا في طريق

المعصية لا في المعصية ، والفرق بين التعبيرين واضح .

وموثق - سماعة : ومن سافر قصر الصلاة وافطر الا ان يكون رجلا مشيعا

لسلطان جائر او خرج الى صيد . ( 1 ) فان السفر الذي يتحقق به التشييع ويكون

بهذا القصد حرام بنفسه .

وقد استدل له باخبار اخر .

احدها : مرسل ابن ابي عمير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا يفطر

الرجل في شهر رمضان الا في سبيل حق ( 2 ) .

واشكل عليه جدي العلامة - ره - بان الظاهر من ( سبيل حق ) مايكون ذو

السبيل وذو الطريق حقا دون نفس السبيل ، فلا ينافيه حرمته النفسية .

الثاني : ماورد في المتصيد المتضمن انه يجب عليه التمام معللا بان التصيد مسير

باطل ( 3 ) .

وفيه : انه لعدم امكان الاخذ باطلاقه يحمل على الحكمة للتشريع فلا يتعدى

عن مورده ، مع ان المسير الباطل ماكان غاية المسير باطلة لا نفسه .

الثالث : موثق عبيد بن زرارة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل

................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب صلاة المسافر حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 7

 

 

[ . . . . . . . . . ]

يخرج الى الصيد ايقصر او يتم ؟ قال ( عليه السلام ) : يتم لانه ليس بمسير حق ( 1 )

بدعوى : انه بعموم علته يدل على انه كل ماليس بمسير حق يجب فيه التمام سواء

لم يكن بنفسه سائغا او كان لغاية محرمة .

والجواب عنه ماتقدم في الاول .

واما القسم الثاني ، فالاظهر وجوب التمام فيه ايضا ، للادلة المتقدمة في القسم

الاول ، فانها باطلاقها تدل على وجوب التمام في كل سفر كان حراما سواء كانت

حرمته بما انه طي للمسافة او من جهة انطباق عنوان آخر عليه الموجود بوجوه

لابوجود آخر ، فلو ركب دابة مغصوبة وسافر اتم في سفره .

ودعوى : اختصاص النصوص بما اذا كان السفر حراما بما هو سفر ، فلا تشمل

ماحرم لعنوان آخر منطبق عليه كما عن المحققين النائيني واليزدي رحمهما الله لا

تسمع ، سيما مع ان جملة من الموارد التي التزموا فيها بوجوب التمام - وكونها مشمولة

للنصوص ، بل فيها التصريح بوجوب التمام في بعضها - من قبيل الثاني كالسفر المضر

بالبدن فان حرمته انما تكون من جهة كونه مضرا ، وسفر الولد مع نهي الوالد ، وسفر

الزوجة بدون اذن زوجها ، بل اغلب الموارد التي التزموا فيها بوجوب التمام من قبيل

الثاني ، فالاظهر وجوب التمام فيه ايضا .

واما القسم الثالث ، وهو مااذا كانت غاية السفر - التي هي فعل اختياري

بالمباشرة - محرمة ، كما اذا سافر لقتل نفس محترمة او للسرقة ، فالظاهر ان وجوب التمام

فيه اتفاقي .

ويشهد له : جملة من النصوص المتقدم بعضها في القسم الاول .

واما القسم الرابع ، ففيه وجوه واقوال ثالثها : مافي العروة ، وهو التفصيل بين

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 4

 

 

[ . . . . . . . . ]

ما اذا كان السفر لاجل التوصل الى ترك الواجب فيجب التمام ، وبين ما اذا لم يكن

كذلك فيقصر .

رابعها : التفصيل بين ما اذا كان السفر علة تامة لتركه مثل ما اذا كان ترك

الواجب متوقفا على السفر بحيث لو ترك السفر لتحقق منه الواجب قهرا ، وبين ما

لم يكن كذلك ، بل كان بحيث لو ترك السفر امكن ترك الواجب ، فيجب التمام في

الاول دون الثاني . اختاره المحقق النائيني - ره - على مانسب اليه .

واستدل للقول بوجوب التمام مطلقا : بان هذا السفر حرام فيشمله ما دل على

لزوم التمام في السفر المحرم .

والوجه في حرمته امور :

الاول : ان ترك السفر مقدمة للواجب ومقدمة الواجب واجبة فالسفر المستلزم

لترك الواجب معصية لله تعالى فيجب التمام فيه .

وفيه : ان ترك احد الضدين ليس مقدمة للضد الآخر .

الثاني : ما عن الحلي - ره - من الاجماع على ان مستلزم المحرم محرم ، فالسفر

المستلزم لترك الواجب محرم .

وفيه انه اجماع منقول فلا يكون حجة .

الثالث : ما عن قواعد الشهيد - ره - من ان قوله تعالى ( ولا تسبوا الذين

يدعون من دون الله فيسبوا الله ) ( 1 ) الى آخره . يدل على حرمة مايكون سببا لفعل

الحرام ، فالسفر المزبور حرام .

وفيه اولا : انه يحتمل اختصاص الآية الشريفة بموردها كما لايخفى .

وثانيا : انه يدل على حرمة التسبيب لفعل الغير الحرام ، ولا ربط له بالتسبيب

...........................................................

( 1 ) الانعام آية 108

 

 

[ . . . . . . . ]

لفعل الانسان نفسه .

واستدل للثالث : بان فعل شئ للتوصل الى ترك الواجب معصية لله تعالى ،

فالسفر المستلزم لترك الواجب سفر معصية فيجب التمام فيه .

وفيه : انه لو تم فانما هو فيما اذا كان ذلك الفعل علة تامة لترك الواجب لا

مطلقا ، مع انه لايتم ، اذ الفعل المزبور وان كان يعاقب عليه بملاك العقاب على

المقدمات المفوتة كما حقق في محله ، الا انه لا يكون حراما ، كي يكون السفر معصية

لله تعالى ، وبذلك ظهر مدرك القول الرابع ، فالاظهر وجوب القصر فيه .

واما القسم الخامس ، فالظاهر ان وجوب القصر فيه مما لا خلاف فيه ، لإطلاق

ادلة التقصير بعد عدم شمول دليل المقيد لمثله كما هو واضح .

 

حكم الرجوع من سفر المعصية

 

فروع :

الاول : المشهور بين الاصحاب - على مانسب اليهم - ان الاياب عن سفر

المعصية اذا كان بنفسه مسافة لايكون بحكم سفر المعصية ، بل يقصر فيه بمعنى انه

يلحقه حكم نفسه ان طاعة فطاعة وان معصية فمعصية .

وعن المحقق القمي وبعض الاعيان : انه يكون بحكم سفر المعصية .

وفي العروة لم يستبعد ذلك مع عدم التوبة .

اقول : انه تارة يكون الاياب غير ملحوظ مستقلا عرفا ، بل يعد رجوعه من

تتمة سفره الذي يكون معصية او لغاية كذلك كما اذا رجع مع عدم البقاء في المقصد

مدة ولم يتب ، واخرى يكون ملحوظا بالاستقلال كما اذا تاب ورجع ، او بقي مدة في

المقصد .

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

ففي الاول لايبعد القول بالتمام ، لان العود يعد جزء من سفر المعصية

ويؤيده ماورد من الاخبار الدالة على لعن الزوجة الناشزة الخارجة من بيتها

بدون اذن زوجها ذهابا وايابا ( 1 ) مع انها في الاياب في طريق الطاعة لا المعصية .

وما ورد من الاخبار المستفيضة في اجر الزائرين لقبورهم عليهم السلام ذهابا

وايابا ( 2 ) فانهما يشعران بتبعية الاياب للذهاب ، وعدم لحاظ الاياب مستقلا .

وفي الثاني يقصر بلا كلام من جهة ان رجوعه مسافة مستقلة لدى العرف غير

محرمة فلابد من القصر فيه ، والاحوط في الموردين الجمع ، بل لايترك في المورد الاول .

 

يعتبر اباحة السفر ابتداء واستدامة

 

الثاني : ان اباحة السفر كما تكون شرطا في الابتداء هل تكون شرطا في

الاستدامة ام لا ؟

وتفصيل القول في المقام : انه تارة يقع الكلام في حكم الصلاة حال العزم على

المعصية ، واخرى في حكمها بعد مارجع الى الطاعة .

اما المقام الاول ، فالكلام فيه يقع في موضعين :

الاول : فيما اذا عزم على المعصية وقطع الطريق بهذا العزم .

الثاني : فيما اذا عزم عليها ولكن لم يلتبس بعد بالضرب في الارض .

اما الموضع الاول فالظاهر انه لاخلاف ولا كلام في انه يتم في تلك الحال وان

كان ماقطعه من دون قصد المعصية مسافات ، لان ذلك مقتضى دليل وجوب التمام في

سفر المعصية ، كان ذلك مقيدا ، لاطلاق حكم الترخص بخصوص حال غير المعصية ،

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 80 من ابواب مقدمات النكاح وآدابه .

( 2 ) راجع الوسائل ، ابواب المزار من كتاب الحج

 

 

[ . . . . . . . . ]

ام كان مخصصا لادلة الترخص بخصوص غير سفر المعصية .

اما على الاول فواضح .

واما على الثاني ، فلان المراد من تقييد الموضوع ليس تقييد اطلاق خصوص

المسافة الموجبة لوجوب القصر ، بل المراد تقييد السفر الذي يقصر فيه ولو بعد طي

المسافة ، وبعد تقييد الموضوع كذلك لا وجه لتوهم وجوب القصر عليه كما لايخفى .

واما الموضع الثاني ، ففيه وجوه وأقوال .

( 1 ) انه يتم في تلك الحال مطلقا اختاره الشيخ الاعظم ره .

( 2 ) أنه يقصر فيها مادام لم يتلبس بالضرب في الارض مطلقا .

( 3 ) التفصيل بين قبل قطع المسافة فيجب التمام حين العزم ، وبين بعد قطعها

فلا يتم اختاره المحقق النائيني - ره - على مانسب اليه .

واستدل للأول الشيخ الاعظم - ره - بامرين :

الاول : انه يعتبر في الترخص في السفر كون المصلي متلبسا بالسفر المباح وان

كان في حال الوقوف والبيتوتة ، لان هذا هو المستفاد من النصوص بعد ضم بعضها

ببعض ، ومن قطع الطريق على الأباحة وعدل الى المعصية يصدق عليه أنه متلبس بالسفر

الذي ليس بحق ، لان السابق وان كان سفرا مستقلا مباحا إلا أنه قد انقضى التلبس

به مع فرض اعتباره مستقلا ، كما ان المقدار الباقي لم يتحقق التلبس به ، فالذي يصح

دعوى التلبس به فعلا هو المجموع من الماضي والباقي الملحوظ سفرا واحدا ، ولا

يخفى انه سفره باطل .

الثاني : أن المستفاد من رواية الفضل ( 1 ) الواردة في علة التقصير : أن تقصير

الصلاة في المنزل لأجل الجزء المتأخر من السفر لا المتقدم ، فإذا عزم على العصيان

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب صلاة المسافر حديث 18

 

 

[ . . . . . . . . ]

فحيث ان السير الواقع بعد هذا الحين يقصر فيه فكذلك في هذه الحال .

اقول : في كلا الوجهين نظر .

اما الاول ، فلان لازم هذا الوجه انه من علم بان سفره المتلبس به قطعة منه

مباحة وقطعة اخرى منه تقع على وجه الحرام ، والقطعة المباحة منه تبلغ المسافة لا

يقصر في القطعة المباحة لانه متلبس بالسفر الذي ليس بحق .

والحل : ان الجمع بين الادلة يقتضي القول بان المسافر يقصر مالم يتلبس بسفر

المعصية ففي حال التلبس بسفر المباح يقصرو ان كان يعلم بانقلاب سفره الى

الحرام ، ففي المقام ما لم يتلبس بسفر الحرام يقصر ، والعزم على سفر المعصية ليس سفر

المعصية .

واما الثاني ، فلان الرواية المشار اليها لاتدل على ذلك ، وعلى فرض الدلالة

لايمكن الالتزام به ، كيف والا لزم البناء على وجوب القصر على من خرج عن حد

الترخص لابعزم السفر ثم عزم عليه وان لم يتلبس بعد بالضرب في الارض ، مع انه

لايقول به احد ، وكذلك لزم البناء على وجوب القصر او التمام في مواضع لم يفت به

احد .

فالحق ان يقال : انه اذا كان ماقطعه قبل العزم على المعصية مسافة يقصر في

حال العزم على العصيان ، لما تقدم من ان المستفاد من النصوص : ان المسافر يقصر ما

لم يتلبس بسفر المعصية ، والعزم على سفر المعصية ليس سفر المعصية .

واما ان كان ماقطعه قبل العزم لا تبلغ مسافة لا يقصر ، بل يتم ، لان الموجب

للقصر هو نية السفر السائغ ، ومن عزم على العصيان فهو غير ناو للسفر الموجب

للقصر ، فيكون هذا الشخص من قبيل من عزم في اثناء المسافة على عدم السفر ،

فالوجه في وجوب التمام عليه حينئذ عدم المقتضي ، وانتفاء مايوجب القصر ، فتحصل :

ان الاظهر هو القول الثالث .

 

 

[ . . . . . . . . ]

 

لو رجع الى الطاعة بعد قصد المعصية

 

واما المقام الثاني ، فان عزم على المعصية في الاثناء ثم رجع الى الطاعة ، فان

كان مابقي من سفره بمقدار المسافة ولو ملفقة ، فلا كلام في وجوب القصر عليه ، وان

لم يكن الباقي بنفسه مسافة ولكن كان بضميمة مامضى من السير مسافة فهل يجب

عليه فيه القصر او التمام ؟ وجهان .

وتفصيل القول في المقام يقتضي التكلم في صور :

الاولى : ما اذا لم يكن سيره الواقع علي الاباحة بمقدار المسافة ولكن كان

مجموع ذلك وما قطعه على الحرام بمقدارها ، كما اذا سافر من منزله بقصد الطاعة وسار

بهذا القصد ثلاثة فراسخ ثم عدل الى قصد المعصية فقطع ثلاثة فراسخ بهذا القصد

ثم رجع الى الطاعة فسار فرسخين ، والاظهر في هذه الصورة انه لايقصر .

وذلك ، لان القطعة المتلبسة بالمعصية خارجة عن موضوع السفر الذي يقصر

فيه لا عن حكم السفر ، كي لايضر خروجها بتحقق المسافة الموجبة للقصر في القطعة

المتلبسة بالطاعة ، فالسفر الذي يقصر فيه هو السفر غير الباطل البالغ حد المسافة .

والوجه في ذلك : انه مما يقتضيه الجمع بين مادل علي انه يقصر في البريدين ،

وما دل على اشتراط الطاعة في السفر الذي يقصر فيه كقوله ( عليه السلام ) في صحيح

عمار المتقدم : من سافر قصر وافطرالا ان يكون رجلا سفره الى صيد ( 1 ) ونحوه غيره ،

وعليه فلا يقصر ، لعدم تحقق موضوع القصر .

وربما يقال بوجوب القصر في الفرض وان القطعة المتلبسة بالمعصية خارجة عن

حكم السفر ، لخبر احمد بن محمد السياري عن بعض اهل العسكر ، قال : خرج عن

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

ابي الحسن ( عليه السلام ) ان صاحب الصيد يقصر مادام على الجادة ، فاذا عدل عن

الجادة اتم ، فاذا رجع اليها قصر ( 1 ) . بدعوى : ان المراد من العدول عن الطريق هو

العدول عن طريق الطاعة ، ومن الرجوع اليها هو العود الى الطاعة بعد الخروج عنها .

وفيه اولا : انه ضعيف السند ، لان السياري ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، كما

عن النجاشي وغيره ، مضافا الى جهالة من روى عنه .

وثانيا : انه يحتمل ان يكون المراد به بيان حكم من سافر بغير قصد الصيد تم

عدل عن الطريق يمنه او يسره للصيد ، كما ذكره الشيخ - ره - فيدل الخبر حينئذ على

ان الخارج عن الطريق بعنوان المعصية لا يحتسب مقدار سيره في الخارج عن المسافة ،

وعليه فهو اجنبي عن المقام .

الثانية : ما اذا كان مابقي من المسير على الاباحة بضميمة مامضى من المسير

قبل العزم على المعصية بقدر المسافة او اكثر ، وكان رجوعه الى الطاعة قبل التلبس

بالمعصية ، والاظهر في هذه الصورة انه يقصر .

وذلك فيما اذا كان مامضى من مسيره بقدر المسافة واضح ، لما عرفت من انه

يقصر حتى في حال العزم على المعصية .

واما اذا كان ما مضى اقل من المسافة ، فلان عدم ضم ما بقي الى مامضى

لابد وان يكون لاحد امور : اما من جهة قاطعية نية المعصية والعزم عليها ، او من جهة

اعتبار عدم تخلل العزم المذكور ، او من جهة اعتبار بقاء شخص القصد ، وشئ منها

لم يدل عليه دليل فهو مسافر يقصر في سفره ، ويكون حاله حال من عزم على قطع

المسافة ثم في الاثناء عزم على العدم ثم رجع الى قصده الاول ، فكما ان هناك يقصر

كذلك في المقام .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 6

 

 

[ . . . . . . . . ]

الصورة الثالثة : مااذا عزم على المعصية في الاثناء وقطع شيئا من المسافة ثم

رجع الى الطاعة وكان مابقي من مسيره مع مامضى من سفره على الاباحة والطاعة

اولا بمقدار المسافة فهل يقصر كما عن الصدوقين والشيخ والمحقق وجماعة آخرين ،

ام لا يقصر ولا ينضم مابقي بما مضى من جهة تخلل سفر المعصية بينهما ، كما

هو المنسوب الى المشهور ؟ وجهان اقواهما : الاول ، لما عرفت في الشرط الثالث من انه

لايعتبر الاتصال في المسافة .

واستدل للثاني بوجهين :

الاول : انصراف مطلقات ادلة القصر الى ماكانت المسافة غير متخللة بالقطعة

التي يجب التمام فيها .

وفيه : انه لو سلم هذا الانصراف فهو بدوي لايعتمد عليه .

الثاني : ان القطعة التي طواها مع العزم على المعصية تكون من قبيل الاقامة

والعبور على الوطن قاطعة للسفر .

وفيه : ان قاطعيتها تحتاج الى دليل مفقود ، والاصل عدمها ، فالاظهر انه يقصر .

وبما ذكرناه ظهر ان ايراد بعض المعاصرين على المشهور من ان فتواهم فيما

لو عدل الى المعصية من وجوب التمام وان قطع مسافات لا تلائم مع فتواهم فيما لو

عدل الى الطاعة ولا تبتنيان على مبنى واحد . غير وارد ، لانه يمكن ان يكون مبنى

فتواهم في مسالة العدول الى المعصية مااخترناه من كون سفر المعصية خارجا عن

موضوع وجوب القصر ، وفي هذه المسالة يكون مبناها عدم اعتبار الاتصال في المسافة

بحيث ينافيها التخلل المزبور فلا تنافي بين الحكمين .

 

 

[ . . . . . . . ]

 

حكم الغاية الملفقة من الطاعة والمعصية

 

الثالث : لو كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة والمعصية ، فتارة يقصد مسافة

معينة لغاية مباحة ، ومسافة اخرى لغاية محرمة ، كما اذا سافر من النجف الى كربلاء

للزيارة ، ومن كربلاء الى بغداد لغاية محرمة ، واخرى يقصد مسافة معينة للغايتين .

اما الصورة الاولى فالظاهر انه لاينبغي التامل في وجوب القصر في المسافة

الاولى والتمام في الثانية الا اذا كان قصده من الاول ان يسافر الى بغداد من طريق

كربلاء ، فانه يكون حينئذ سيره ما بين النجف وكربلاء لغايتين : احدهما مباحة ،

والاخرى محرمة فيلحقه حكم الصورة الثانية .

واما الصور الثانية فلا يبعد القول بانه يقصر فيه سواء اكان كلا الداعيين

مستقلين بحيث لو لم يكن احدهما كان الآخر كافيا في الباعثية ، ام كان كل منهما جزء

للباعث بحيث لو لم يكن الآخر لما كان باعثا ، ام كان داعي المعصية مستقلا وداعي

المباح تبعا .

والوجه في ذلك : ان المتيقن من النصوص الموجبة لتقييد اطلاق ادلة القصر

كون السفر سفر المعصية اي ممحضا لتلك ، وفي غير هذا المورد لابد من الرجوع الى

اطلاق ادلة الترخص .

وقد استدل لوجوب التمام في هذه الصورة بوجوه :

منها : ما عن المحقق النائيني - ره - وحاصله : ان حرمة السفر مقتضية لوجوب

التمام ، واباحته لاتقتضي وجوب القصر ، بل تكون لا اقتضاء ، ومن المعلوم انه في موارد

اجتماع المقتضي مع اللامقتضي يكون الحكم مع المقتضي .

وفيه : انه ان ثبت كون الحرمة حتى في مثل المقام مقتضية لوجوب التمام تم

ماذكر ، ولكن الكلام الآن في ذلك ، والمدعي ان المستفاد من النصوص كون الحرمة

 

 

[ . . . . . . . . . ]

مقتضية فيما اذا كان السفر ممحضا في سفر المعصية لامطلقا .

ومنها : ما عن المحقق اليزدي وهو ان المعيار في لزوم التمام - على مايستفاد من

تعليله في بعض النصوص بانه مسير باطل ( 1 ) ، ومن الخبر الوارد في السفر بقصد الصيد

الدال على ان من خرج لطلب الفضول لايقصر ولا كرامة ( 2 ) بضميمة مناسبة الحكم

والموضوع كون المسير مسيرا باطلا ، وانه على خلاف رضاء الله جل جلاله ، وهذا

يصدق في المقام .

وفيه : ان المراد بالباطل ان كان هو الباطل العرفي فلا ريب في ان السفر لغاية

مباحة مقصودة للعقلاء ليس سفرا باطلا وان ضم اليه داعي المعصية .

وان كان المراد الباطل الشرعي فسبيل هذه النصوص سبيل غيرها ، وقد تقدم

حاله .

ومنها : ماافاده الاستاذ الاعظم في حاشيته على العروة ، وهو : ان السفر للغايتين

ليس بمسير حق فلا يقصر فيه .

وفيه : ان المراد من مسير حق ليس الا ما لا يكون سفر المعصية ، والا فلا

ريب في عدم اعتبار ازيد من ذلك ، فحال ماتضمن هذه الجملة حال غيره من

النصوص ، فالاظهر بحسب النصوص انه يقصر فيه ، ولكن الاحوط احتياط لا يترك

الجمع بين القصر والتمام .

هذا كله فيما اذا لم يكن داعي الطاعة ضعيفا جدا بحيث لايستند السفر عرفا

الا الى المعصية ، والا فلا ريب في انه يتم فيه ، ولا يخفى وجهه .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 7

 

 

[ . . . . . . . . . . . ]

 

حكم الصلاة في سفر الصيد

 

الرابع : المحكي عن جماعة ادخال سفر الصيد لغير التجارة ولغير قوته وقوت

عياله في سفر المعصية .

وعن المقدس البغدادي القول باباحته ، وانكار حرمته اشد الانكار .

اقول : يقع الكلام في موردين : الاول حرمته . الثاني في حكم الصلاة فيه .

اما الاول ، فالظاهر عدم الدليل على حرمته ، لان النصوص التي استدل بها

على الحرمة بعضها ضعيف السند ، وبعضها الآخر لايدل على الحرمة ، فانه وان تضمن

انه من اللهو والباطل وما شابه ذلك الا انه قد حققنا في الجزء الاول من حاشيتنا على

المكاسب عدم حرمة كل لهو وباطل ، وتمام الكلام في محل آخر .

واما المورد الثاني ، فلا خلاف في انه يتم الصلاة فيه في الجملة .

وملخص القول فيه : ان النصوص الواردة في المقام على طوائف .

الاولى : مادل على وجوب القصر في سفر الصيد مطلقا . كصحيح العيص عن

الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يتصيد ، فقال : ان كان يدور حوله فلا يقصر ،

وان كان تجاوز الوقت فليقصر ( 1 ) ونحوه صحيح صفوان ( 2 ) . فان الظاهر ان المراد

بالدوران حوله عدم الخروج الى حد المسافة ومن ( تجاوز الوقت ) البعد عن منزله بقدر

المسافة .

الثانية : مادل على وجوب التمام فيه مطلقا كصحيح عمار المتقدم : من سافر

قصر وافطر الا ان يكون سفره الى صيد . ونحوه غيره .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 9 .

( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . ]

الثالثة : مادل على اختصاص وجوب التمام بالصيد اللهو كصحيح زرارة عن

الامام الباقر ( عليه السلام ) : في حديث : انما خرج في لهو لايقصر ( 1 ) .

وموثق ابن بكير عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يتصيد اليوم

واليومين والثلاثة ايقصر الصلاة ؟ قال ( عليه السلام ) : لا الا ان يشيع الرجل اخاه في

الدين فان التصيد الصيد مسير باطل لايقصر الصلاة فيه ( 2 ) ونحوهما غيرهما .

الرابعة : مادل على لزوم القصر في الصيد لقوته وقوت عياله ، كمرسل محمد

ابن عمران القمي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال ، قلت له : الرجل يخرج الى

الصيد مسيرة يوم او يومين او ثلاثة يقصر او يتم ؟ فقال : ان خرج لقوته وقوت عياله

فليفطر او ليقصر ، وان خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة ( 3 ) .

الخامسة : مادل على انه لايقصر في الصيد للتجارة ، وهو ماعن الفقه الرضوي

واذا كان صيده للتجارة فعليه التمام في الصلاة والقصر في الصوم ( 4 ) .

والمرسل الذي رواه الشيخ والحلي : وان كان التجارة دون الحاجة روى

اصحابنا باجمعهم انه يتم الصلاة ويفطر الصوم ، وكل سفر التقصير في الصوم وجب

تقصير الصلاة فيه الا هذه المسالة فحسب للاجماع عليه ( 5 ) .

السادسة : مادل على انه يقصر في سفر الصيد اذا استمر ثلاثة ايام ، ويتم اذا

لم يكن كذلك كخبر ابي بصير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : ليس على صاحب

الصيد تقصير ثلاثة ايام ، واذا جاوز الثلاثة لزمه ( 6 ) . هذه هي جميع نصوص الباب .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 7 .

( 3 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 5 .

( 4 ) المستدرك باب 7 من ابواب صلاة المسافر حديث 2 .

( 5 ) راجع النهاية والمبسوط والسرائر وغيرها .

( 6 ) الوسائل باب 9 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

اما الطائفة الاخيرة فلا عراض الاصحاب عنها وعدم افتاء احد بمضمونها

سوى الاسكافي لابد من طرحها .

واما الخامسة ، فهي ضعيفة السند .

اما الفقه الرضوي ، فلعدم ثبوت كونه كتاب رواية - كما اشبعنا الكلام فيه في

حاشيتنا على المكاسب - لايعتمد عليه ، مع ان المحكي عن كتاب صومه انه قال اذا

كان صيده للتجارة فعليه التمام .

واما المرسل فحاله ظاهر ، مضافا الى ان الظاهر منه كونه نقلا للفتوى لا

للرواية ، لقوله في ذيله : للاجماع عليه ، اذ لو كان المنقول رواية كان الاولى التعليل

بورود النص به فلا يعتمد عليه .

واما الطائفتان : الثالثة ، والرابعة اللتان لاتعارض بينهما بانفسهما كما لايخفى ،

فهما تقيدان اطلاق الطائفة الاولى ، وتقيد انها بالسفر للصيد لغير اللهو ، كما تقيدان

إطلاق الطائفة الثانية ، وتقيد انها بالصيد اللهو ، فيكون المستفاد من النصوص - بعد

ضم بعضها الى بعض - انه يجب التمام في سفر الصيد للهو ، والقصر في الصيد للتجارة

او للقوت .

ولكن بما ان المشهور بين المتقدمين من الاصحاب انه لايقصر في سفر الصيد

للتجارة وان كان يفطر الصوم فيه ، مع انه لادليل لهذه الفتوى ، بل النصوص كما

عرفت تدل على خلافها ، لاسيما وفي النصوص الصحيحة التلازم بين الافطار

والقصر ، وهم مقيدون بعدم الافتاء مع عدم الدليل ، فيعلم انه كان هناك رواية دالة

على هذه الفتوى لم تصل الينا ، فالاحتياط بالجمع بين القصر والتمام في سفر الصيد

للتجارة مما لاينبغي تركه ، والله تعالى اعلم .

 

 

[ . . . . . . . . . ]

 

لو نذر الاتمام في يوم فسافر فيه

 

الخامس : اذا نذر ان يتم الصلاة في يوم معين او يصوم يوما معينا وجب عليه

الاقامة والوفاء بالنذر .

ولو خالف وسافر فهل يقصر فيه او يتم ؟ وجهان ، استدل المحقق اليزدي على

القصر بان الموضوع في ادلة لزوم القصر على المسافر السفر المباح مع قطع النظر عما

يطرا عليه من جهة الحكم ، والحرمة الطارئة على مثل هذا السفر انما جاءت من قبل

حكم السفر وهو لزوم القصر ، فعدم اجراء عموم دليل القصر في الموضوع تخصيص

بلا وجه ، واذا وجب القصر بمقتضى العمومات يصير السفر محرما لكونه مفوتا

للواجب المطلق ، ولكن لا يمكن اجراء دليل لزوم التمام في مثل هذا السفر المحرم ،

لان حرمته انما جاءت من قبل لزوم القصر ، فلا يمكن ان يكون مثل هذه الحرمة

موجبا للزوم التمام .

اقول : بما ان عدم السفر معتبر شرعا في إتمام الصلاة والصوم فالناذر لان يتم

صلاته او يصوم في يوم معين لامحالة ينحل نذره الى نذر شرطه ايضا وهو ترك السفر ،

والا كان النذر باطلا لعدم مشروعية المنذور ، ومع نذر ترك السفر يكون السفر

معصية وقد عرفت لزوم التمام في سفر المعصية .

وبهذا البيان ينحل الاشكال المعروف في المقام ، وهو انه اذا وجب التمام في هذا

السفر لايكون حراما ، اذ لامنشا لحرمته سوى كونه موجبا لفوات الواجب وهو

التمام ، ومع عدم حرمته يجب فيه القصر فيلزم من حرمة هذا السفر عدم حرمته ، ومن

اباحته عدم اباحته .

وجه الانحلال : ان حرمة السفر ليست لاجل وجوب الاتمام ، بل انما تكون

لاجل نذر تركه ، ولكن الاقوى وجوب القصر في هذا السفر ، وذلك لان شرط إتمام

 

 

] الرابع ان لايكون سفره اكثر من حضره كالملاح والمكاري والراعي والبدوي

والذي يدور في تجارته [

 

الصلاة والصوم ليس هو ترك السفر ، بل هو الاقامة المضادة للسفر فحرمة السفر

تبتني على ان يكون مايستلزم ترك الواجب حراما ، وقد عرفت ضعف المبنى .

مع انه يدل على لزوم القصر خبر عبد الله بن جندب ، قال : سمعت من زرارة

عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، انه ساله عن رجل جعل على نفسه نذر صوم فحضرته

نية في زيارة ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال ( عليه السلام ) : يخرج ولا يصوم في

الطريق ، فاذا رجع قضى ذلك ( 1 ) . وقريب منه غيره .

 

في حكم كثير السفر

 

الخامس من الشروط ، وهو ( الرابع ) في المتن : ( ان لايكون ) السفر عمله بلا

خلاف في هذا الشرط في الجملة وان اختلفت تعابير القوم عن هذا الشرط ، فعبر المعظم

بان لايكون ( سفره اكثر من حضره ) وآخر بان لا يكون كثير السفر ، وثالث بما

عبرناه ، الى غير ذلك من التعابير .

ولكن الموجود في النصوص انما هو عنوانان .

احدهما : عدم كون السفر عملا له ( كالملاح والمكارى والراعي والبدوي

والذي يدور في تجارته ) .

وثانيهما : ان لايكون ممن بيته معه .

ففي صحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) : اربعة قد يجب عليهم التمام

في السفر كانوا او حضر : المكاري والكرى والراعي والاشتقان ، لانه عملهم ( 2 ) ومثله

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 10 من ابواب من يصح منه الصوم حديث 5 كتاب الصوم .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب صلاة المسافر حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . ]

خبر ابن ابي عمير بزيادة : الملاح ( 1 ) .

ومقتضى تعليل الحكم بانه عملهم ، عدم اختصاص الحكم بالمذكورين في

الحديث ، بل دوران الحكم مدار صدق عنوان كون السفر عملا له .

وفي مضمر اسحاق بعد السؤال عن الملاحين والاعراب هل عليهم تقصير ؟

قال ( عليه السلام ) : لا بيوتهم معهم ( 2 ) .

ومرسل سليمان بن جعفر الجعفري عن الامام الصادق ( عليه السلام )

الاعراب لا يقصرون وذلك ان منازلهم معهم ( 3 ) وقريب من هذه النصوص غيرها .

والمستفاد من هذه النصوص دوران وجوب التمام مدار احد العناوين ، اما كون

السفر عملا له ، او كونه ممن بيته معه ، والنسبة بين العنوانين عموم من وجه ، لتصادقهما

على البدوي الذي له وطن يستقر فيه في فصل الشتاء ثم يسافر عنه في بقية السنة

مع بيته ، وافتراق الاول في التاجر الذي يدور بتجارته والجابي يدور في جبايته

وغيرهما ، وافتراق الثاني في البدوي الذي ليس له وطن يستقر فيه ، وليس في النصوص

لفظ كثير السفر وما شابهه ، وعليه فلو صدق على شخص كثير السفر كما لو صدر

منه اسفار متعددة متوالية من باب الاتفاق ، ولكن لم يكن السفر عمله ولم يكن بيته

معه لايتم صلاته ، وبالجملة الموضوع هو احد الامرين المتقدمين .

 

في حكم من اتخذ السفر عملا له في السفر الاول

 

بقى التنبيه على امور :

. ...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب صلاة المسافر حديث 12 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب صلاة المسافر حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب صلاة المسافر حديث 6

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

الاول : ان من اتخذ السفر عملا له كما لو اشترى دوابا واستعملها في المكاراة

بقصد التحرف بها والمواظبة عليها هل يتم صلاته في سفره الاولى ام لا ؟ وجهان ،

مقتضى اطلاق النصوص الاول ، فانه يصدق عليه في ذلك السفر ايضا انه عمله ، كما

هو الشان في سائر المبادئ مثلا البقال يصدق على من اتخذه حرفته مع شروعه فيه ،

وهكذا غيره .

وبالجملة صدق هذا العنوان بمجرد الشروع مما لاينبغي انكاره ، وعليه

فمقتضى اطلاق الاخبار التمام في السفر الاول .

وقد استدل للقول بوجوب القصر فيه بوجوه .

الاول : الاجماع على اعتبار الكثرة غير الصادقة على السفر الاول .

وفيه : انه غير ثابت .

الثاني : اعتبار التكرر في صدق الاتخاذ وقد عرفت آنفا ما فيه .

الثالث : ما عن المحقق النائيني - ره - وهو انه سياتي ان الاقامة عشرة ايام في

وطنه مطلقا او في غير وطنه مع قصد الاقامة في اثناء تلبسه بعمل السفر قاطعة لحكم

الاتمام وموجبة لوجوب القصر عليه بعد شروعه في السفر الذي ينشأه بعد الاقامة ،

فاذا كان هذا حال السفر بعد الاقامة ، فثبوت ذلك في السفر الاول بعد الشروع في

عمل السفر اولى .

وفيه اولا : انه لو كانت اولوية فانما هي فيما لو شرع في عمل السفر وهو في

بلده ومحل اقامته ، ولا تكون فيما لو شرع فيه وهو في السفر ، كما لو سافر الى خراسان

زائرا ، وهيا الاسباب هناك وصار مكاريا وسافر .

وثانيا : انها لاتتم فان عدم الاقامة عشرة ايام في محل في الاثناء شرط في التمام

تضمنه النصوص ، وملاكه غير معلوم ، كي يثبت هذا الحكم في ماقبل الشروع ايضا ،

فتامل .

 

 

[ . . . . . . . . ]

الرابع : ان في جملة ( 1 ) من النصوص قيد الموضوع بالاختلاف وهو لايتحقق

بالسفر الاول .

وفيه : ان الظاهر منه بقرينة التعبير بلفظة يختلف بصيغة المضارع ارادة الحرفة

الماخوذة في مفهوم المكاري ونحوه ، وان ابيت عن ذلك فتحمل عليها لاجل التعليل

بانه عملهم فالاظهر وجوب التمام في السفر الاول .

ثم على فرض اعتبار التكرر هل يجب التكرر مرات فيتم في السفر الثالث ،

ام يتم في السفر الثاني ، وجهان مبنيان على صدق الاختلاف بالتكرر مرتين ام يعتبر

في صدقه التكرر مرات ، لا يبعد اظهرية الاول .

وعلى فرض اعتبار التكرر في صدق الاختلاف هل يعتبر في صدقه الرجوع

في كل سفر الى ماخرج عنه من وطنه او مقره ، ام يصدق مع انقطاع السفر بما يوجب

تمام الصلاة ، ام يصدق مع عدم الرجوع الى وطنه او ماواه ، وعدم حدوث مايوجب اتمام

الصلاة كما اذا سافر من النجف الى كربلاء ، ثم آجر دابته الى بغداد وهكذا ؟ وجوه

اقواها : الاول ، لانه لا يصدق الاختلاف الذي هو بمعنى آمد وشد الا بذلك كما لا

يخفى ، ولكن الذي يسهل الخطب عدم اعتبار التكرر في صدقه اصلا .

الثاني : ان في جملة من النصوص ان المكاري اذا جد به السير يقصر كصحيح

ابن مسلم عن احدهما عليهما السلام : المكاري والجمال اذا جد بهما السير فليقصر ( 2 )

ونحوه غيره .

وعن ظاهر الكليني والشيخ في التهذيب الافتاء بمضمونها .

ولكن المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة عدم الفرق بين من جد في سفره

وغيره حتى ان الشيخ - ره - في كتبه الفتوائية وافقهم في ذلك ، ولا جل ذلك لايعتمد

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 - 10 .

( 2 ) الوسائل باب 13 من ابواب صلاة المسافر حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . . ]

عليها .

وقد اختلفوا في المراد من جد به السير على اقوال :

( 1 ) ماعن الكليني - ره - والشيخ في التهذيب ، وهو جعل المنزلين منزلا واحدا

( 2 ) ماعن المدارك والذخيرة والحدائق وهو زيادة السير على القدر المتعارف

بنحو يحصل منه جهد ومشقة ون لم يبلغ جعل المنزلين منزلا .

( 3 ) ما عن الذكرى ، وهو انشاء سفر غير صنعته .

( 4 ) ما عن المختلف وهو السفر بعد اقامة عشرة ايام .

( 5 ) ما عن الرياض وهو قصد المسافة قبل تحقق الكثرة .

( 6 ) ما عن بعض المتاخرين وهو قصد المسافة لمن كان شغله في السفر دون

المسافة .

اقول : جميع هذه المعاني خلاف الظاهر لا يصار الى شئ منها مع عدم الدليل

الا الثاني ، فانه الظاهر منه بحسب المتفاهم العرفي فهو المتعين .

واستدل للاول بمرسل عمران بن محمد : والجمال والمكاري اذا جد بهما السير

فليقصرا فيما بين المنزلين ويتما في المنزل ( 1 ) ولكن لارساله لا يعتمد عليه .

الثالث : من كان السفر عمله ، اذا انشا سفرا آخر غير ماهو عمله ، فتارة

يكون سفره سفر الشغل اما بتبديل نوع السفر الذي عمله بسفر آخر مثل

صيرورة المكاري ملاحا ، او بتغيير صنفه ، كما لو ان شغله كراء الدابة في سفر غير

الزيارة ، ثم كراها في سفر الزيارة واخرى يكون غير سفر الشغل ، ففي الصورة

الاولى يتم في سفره ، لما عرفت من وجوب التمام في سفر الشغل مطلقا ، وفي الصورة

الثانية يقصر ، لان المستفاد من الاخبار لا سيما بملاحظة ما فيها من التعليل بان

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 13 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

السفر عملهم ، اختصاص الحكم بالسفر الذي يكون عملا للمسافر ، فلو سافر غير

ذلك السفر يقصر .

ويشير اليه صحيح ابن مسلم : ليس على الملاحين في سفينتهم تقصير ( 1 ) حيث

خص الحكم بالسفينة .

الرابع : من كان شغله التردد الى ما دون المسافة كالحطاب لو سافر بالمسافة

ولو للاحتطاب يقصر ، لان الظاهر من الادلة كون الموضوع في هذا الحكم كون السفر

الموجب للقصر الذي هو سفر شرعي عملا له ، وهذا الشخص لا يكون عمله السفر ،

بل غيره ، فما عن الموجز الحاوي من وجوب التمام ، وفي العروة الميل اليه في بعض

الفروض ضعيف .

 

مايعتبر في وجوب التمام على المسافر

 

الخامس : يعتبر في وجوب التمام على المسافر امور :

( 1 ) صدق كون السفر عملا له .

( 2 ) البناء على المزاولة مرة بعد اخرى لانه مضافا الى دخل ذلك في عملية

السفر ، يشهد لاعتباره التقييد بالاختلاف في النصوص .

( 3 ) عدم الاقامة عشرة ايام في اثناء سفره والا فلا يتم في السفر الاول ، كما

ستعرف ، ولا يعتبر شئ زائدا على ذلك .

وعليه فلا فرق بين اتخذ السفر حرفة له في تمام السنة وبين اتخاذه حرفة في

بعضها ، كمن كان عمله المكاراة في الشتاء خاصة .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب صلاة المسافر حديث 4

 

 

[ . . . . . . . . . ]

فما عن الجواهر من احتمال وجوب القصر في الثاني ، لان المتيقن الاولى فيبقى

غيره على ادلة القصر غير تام اذ بعد اطلاق الدليل لا وجه للاقتصار على المتيقن .

ويشير الى مااخترناه ما ورد من التمام على الجابي والاشتقان بناء على انه

امين البيدر ، فان عمليتهما للسفر انما تكون في اوقات مخصوصة .

فهل يجب القصر على الحملدارية الذين يستعملون السفر في خصوص اشهر

الحج ، كما عن الجواهر وفي العروة وغيرهما ، ام يجب عليهم التمام ؟ وجهان .

قد استدل للاول بعدم صدق عملية السفر المبني صدقها على المزاولة مرة بعد

اخرى على نحو لا يكون له فترة طويلة غير معتادة لمن يزاول تلك الحرفة او الصنعة .

وبصحيح هشام عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : المكاري والجمال الذي

يختلف وليس له مقام يتم الصلاة . الحديث ( 1 ) . فانه ظاهر في خروج الجمال الذي ليس

له الا سفر واحد في طول السنة عن موضوع النصوص .

وبمكاتبة محمد بن جزك الى ابي الحسن ( عليه السلام ) : ان لي جمالا ولي قوام

عليها ولست اخرج فيها الا في طريق مكة لرغبتي في الحج او في الندرة الى بعض

المواضع فما يجب علي اذا انا خرجت معهم ان اعمل ، ايجب علي التقصير في الصلاة

والصيام في السفر او التمام ؟ فوقع ( عليه السلام ) اذا كنت لاتلزمها ولا تخرج معها في

كل سفر الا الى مكة فعليك تقصير وافطار ( 2 ) .

وفي الكل نظر .

اما الاول ، فلانه وان اعتبر في صدق عملية السفر المزاولة مرة بعد اخرى ،

ولكن لايعتبر تلك ان تكون في سنة واحدة فمن شغله ذلك في السنوات العديدة سيما

من هو بعيد عن مكة الذي يكون سفره في اشهر من السنة يصدق عليه هذا العنوان .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 12 من ابواب صلاة المسافر حديث 4

 

 

] والضابط من لايقيم في بلده عشرة ايام ولو اقام احد هؤلاء في بلده او بلد

غير بلده عشرة قصر اذا خرج ]

 

واما الثاني ، فلما سياتي في الامر الآتي .

واما الثالث ، فلان مورده : من ليس شغله السفر . وهذا غير الحملدارية كما لا

يخفى فالحملدارية يتمون صلاتهم في السفر اذا لم يكن سفرهم ذلك بعد اقامة عشرة

ايام كما هو الغالب فيهم والا فيقصرون .

 

اقامة عشرة ايام قاطعة لعملية السفر

 

الخامس : يعتبر في استمرار من شغله على التمام ان لايقيم في بلده او غيره

عشرة ايام ، والظاهر ان الى هذا نظر المصنف - ره - في قوله : ( والضابط من لايقيم

في بلده عشرة ايام ولو اقام احد هؤلاء ) اي الافراد الذين عملهم السفر ( في بلده

او بلد غيره عشرة ايام قصر اذا خرج ) بلا خلاف فيه في الجملة .

وعن المدارك هذا الشرط مقطوع به في كلمات الاصحاب .

ويشهد له : مرسل يونس بن عبد الرحمان عن الامام الصادق ( عليه السلام )

عن حد المكاري الذي يصوم ويتم ، قال ( عليه السلام ) : ايما مكار اقام في منزله او في

البلد الذي يدخله اقل من عشرة ايام وجب عليه الصيام والتمام ابدا وان كان مقامه

في منزله او في البلد الذي يدخله اكثر من عشره ايام فعليه التقصير والافطار ( 1 ) .

واورد عليه بايرادات :

الاول : انه ضعيف السند للارسال .

وفيه اولا : ان المرسل يونس وهو على ماقيل من اصحاب الاجماع

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب صلاة المسافر حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . ]

وثانيا : ان الشيخ - ره - روى هذا الخبر عن كتاب نوادر الحكمة ولم يستثن

القميون من رواياته مثله ، فهذا يدل على اعتمادهم عليه .

وثالثا : ان الاصحاب اعتمدوا عليه واستندوا اليه وعملوا به ، فلو كان هناك

ضعف فهو منجبر بالعمل .

وبذلك يظهر دفع الاشكال الثاني - وهو ضعف سنده باسماعيل بن مرار -

مضافا الى انه محل وثوق .

الثالث : ان ظاهره عدم اعتبار النية في الاقامة في غير بلده وهو مخالف

للمشهور .

وفيه : انه لو سلم ذلك فان كان لفتوى المشهور باعتبارها دليل فهو المقيد

لاطلاقه ، ، والا فلا ، وسياتي الكلام في ذلك .

الرابع : انه يدل على اعتبار اكثر من عشرة ايام وهو ينافي المدعى .

وفيه ان الظاهر منه بقرينة قوله : اقل من عشرة ايام . ارادة العشرة او اكثر ،

نظير قوله تعالى : ( فان كن نساء فوق اثنتين ) ( 1 ) وهذا التعبير شائع في الآثار

والاخبار .

وقد استدل له بروايتين اخريين :

احداهما صحيح هشام بن الحكم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : المكاري

والجمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان ( 2 ) .

بتقريب انه يدل على ان من له المقام لا يتم الصلاة والظاهر من المقام الذي هو ضد

السفر هو مايوجب التمام من حيث كونه ضد السفر وهو في غير البلد انما يكون

باقامة عشرة ايام ، وفي البلد وان كان مطلقا الا انه

...........................................................

( 1 ) النساء آية 11 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب صلاة المسافر حديث 1

 

 

[ . . . . . . . . ]

يراد به في المقام اقامة العشرة اما لانها المتبادرة منه

عند الاطلاق في النص والفتوى ، او للاجماع على عدم التقصير باقامة ما

دونها او لان البناء على اطلاقه يوجب التقصير لكل مكار غالبا لتحقق الاقامة في

الجملة ولو بعض يوم ، وذلك مما لايمكن الالتزام به او لانه يقيد اطلاقه بما في خبر

يونس المتقدم باقامة العشرة ، فيكون المستفاد منه حينئذ ان اقامة العشرة قاطعة

لعملية السفر .

وفيه : انه يحتمل في الصحيح معنيان آخران :

الاول : ان المراد به ماينافي مفهوم المكاري عرفا ، والشاهد على هذا الاحتمال

عطفه على الاختلاف .

الثاني : ان المراد به ان المكاري والجمال ليسا كسائر المسافرين يقصر ان مع

عدم اقامة العشرة ، بل همايتمان صلاتهما وان لم يقيما عشرة أيام ، وعلى هذا الاحتمالين

هو اجنبي عن المقام .

ثانيتهما : رواية عبد الله بن سنان التي رواها الشيخ بسند غير صحيح عن

الامام الصادق ( عليه السلام ) : المكاري اذا لم يستقر في منزله الا خمسة ايام او اقل

قصر في سفره بالنهار واتم صلاة الليل ، وعليه صيام شهر رمضان ، فان كان له مقام في

البلد الذي يذهب اليه عشرة ايام او اكثر قصر في سفره وافطر ( 1 ) .

وعن الصدوق في الفقيه روايتها في الصحيح هكذا : فان كان له مقام في البلد

الذي يذهب اليه عشرة ايام او اكثر وينصرف الى منزله ، ويكون له مقام عشرة ايام

او اكثر قصر في سفره وافطر .

اقول : هذه الرواية - على رواية الشيخ - ذيلها وان كان يدل على المطلوب ،

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب صلاة المسافر حديث 5

 

 

[ . . . . . . . . ]

الا انها لضعف سندها واشتمال صدرها على مالايقول به الاصحاب - وهو التفصيل

بين الصلوات النهارية والليلية - لايعتمد عليها .

واما على رواية الصدوق ، فمن حيث السند لا كلام فيها ، واما من حيث

الدلالة فصدرها غير معمول به ، لما تقدم ، وذيلها لم يعمل به من جهة ظهوره في

اشتراط الاقامة في البلد ايضا في وجوب القصر بحيث تكون الاقامة في البلد الذي

يذهب اليه ، وفي بلده بعد الانصراف اليه معا دخيلتين في وجوب القصر ، وهذا مما لم

يلتزم به احد ، فلا بد من رد علمها الى قائلها صلوات الله عليه ، فالعمدة مرسل يونس

المتقدم .

 

القاطع نفس الاقامة وان لم تكن عن قصد

 

بقي في المقام امور : الاول : هل القاطع نفس الاقامة الخارجية مطلقا وان لم

تكن عن قصد ، كما عن النافع وظاهر من تقدم عن الفاضلين حيث نسب الحاق

العشرة المنوية بالعشرة البلدية الى الفاضلين ومن تاخر عنهما ، المشعر بعدم ذكر لها

فيمن تقدم عليهم ، ام تكون العبرة بتحقق اقامة العشرة الموجبة لاتمام الصلاة معها ،

وهي اقامة العشرة في البلد مطلقا ، وفي غير البلد اذا كانت مع القصد او بعد الثلاثين

كما هو المنسوب الى المشهور ؟ وجهان .

يشهد للاول : اطلاق مرسل يونس المتقدم .

واستدل للثاني بوجوه .

الاول : ما عن المحقق النائيني - ره - وهو ان الاقامة لما كانت مصدر المزيد

ادخل في مفهومها القيام عن قصد وعليه فالمرسل يدل على ان القاطع هي الاقامة

المنوية مطلقا وان كانت في البلد وانما تلحق بها الاقامة غير المنوية في البلد بالاجماع

 

 

[ . . . . . . . . . ]

او بتنقيح المناط .

وفيه : ان اقامة العشرة عن قصد في قبال القيام لا عن اختيار غير الاقامة عن

علم بالقيام عشرة ايام ، والدليل المزبور لو تم فانما يدل على الاول ، والمدعى هو

الثاني .

الثاني : ما افاده المحقق اليزدي وهو ان الكلام مسوق لبيان الاقامة التي تكون

مانعة لتحقق وصف العملية وتحديدها بعشرة ايام ، فيفهم بواسطة تلك المناسبة ان

الاقامة في تلك المدة في غير منزله مشروطة بما اذا كان مثل وطنه حتى تكون اقامته

في تلك المدة موجبة لتلبسه بما ينافي السفر ، اذ لايمكن ان تكون الاقامة غير المخرجة

عن كونه مسافرا مانعة عن تحقق الكثرة ، فيعتبر فيها النية والقصد ، والى ذلك يرجع

ماعن الشهيد - ره - والمجلسي .

وفيه : ان الظاهر منه كون الاقامة قاطعة لحكم عملية السفر في السفر بعد

الاقامة لا للموضوع ، وذلك لجعل المقسم في الخبر المكاري ، وعليه فلا يعلم ان القاطع

هي الاقامة مطلقا ، او الاقامة المخرجة عن كونه مسافرا ، فلا بد من اتباع ظاهر

الدليل ، وقد عرفت انه يقتضي البناء على الاول .

الثالث : ماعن الشهيد الثاني في الروض ، والمحدث المجلسي ، وهو الاجماع

على عدم اعتبار العشرة المتردد فيها في غير البلد .

وفيه : - مضافا الى ماعرفت من انه لم يعلم من حال من تقدم على الفاضلين

الافتاء بذلك ، وهذا اجماع منقول لا يعتمد عليه - انه يمكن ان يكون مستند المجمعين

ماتقدم ذكره ، فلا يكون اجماعا تعبديا ، فالاظهر كون المدار على اقامة العشرة مطلقا

الثاني : انه في المرسل وان ذكر المكاري خاصة ، الا ان الظاهر - كما هو

المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة - عدم اختصاص الحكم به ، وثبوته في كل من

شغله السفر من الاصناف المزبورة - وفي الجواهر - بعد ان صرح بعدم الاختصاص

 

 

[ . . . . . . . . ]

- : بلا خلاف محقق اجده فيه وان اختص النص بالاول ، لعموم معقد الاجماع ، والقطع

بعدم الفرق بعد ان كان المناط عملية السفر المنقطع حكمها باقامة العشرة ، وهو

حسن .

 

كثير السفر يتم في السفر الثاني بعد الاقامة

 

الثالث : اذا انقطع حكم من كان السفر عمله بالاقامة ، لا كلام في انه يقصر

في السفر الاول ، انما الكلام في السفر الثاني ، وفيه قولان .

ذهب جماعة منهم : الحلي ، وسيد المدارك ، وصاحب الرياض وصاحب الجواهر ،

وفي العروة وغيرها ، الى انه يتم في الثاني .

وعن الشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم العود الى التمام في السفر الثالث .

واستدل للثاني بوجوه :

منها : انه بالاقامة يخرج عن موضوع وجوب التمام ، فبعد العود الى السفر يكون

كالمبتدئ بشغل السفر ، وحيث ان المعتبر في وجوب التمام على المبتدئ التكرر ، فيجب

ان يتكرر منه السفر ثانيا حتى يصير موضوعا لوجوب التمام .

وغاية ماقيل في وجه خروجه بالاقامة عن موضوع وجوب التمام : ان الظاهر

من مرسل يونس كون السؤال عن حد الموضوع ، فقوله ( عليه السلام ) في مقام

الجواب : ايما مكار اقام في منزله الى آخره ، ظاهر في ان الموضوع ، لوجب اتمام مقيد

بعدم الاقامة في اثناء السفر فيها يخرج عن الموضوع .

وفيه : انه لا كلام في ان موضوع وجوب التمام مقيد بعدم الاقامة ، كان عدم الاقامة

في ظاهر الدليل ماخوذا جزء للموضوع او شرطا للحكم ، لان قيود الحكم في القضايا

الحقيقية ترجع الى الموضوع لامحالة ، وانما الكلام في انه هل يخرج بالاقامة عن كونه

 

 

[ . . . . . . . . . ]

ممن شغله السفر ام لا ؟ والمرسل لايدل على ذلك ، اذ السؤال انما يكون عن حد

المكاري الذي يتم ويصوم لا عن حد المكاري مطلقا ، بل جوابه ( عليه السلام )

المفروض فيه صدق المكاري على المقيم وغيره يدل على عدم خروجه بالاقامة عن

هذا العنوان .

مع انه لو فرض اجماله من هذه الجهة يكفي في الحكم بوجوب التمام اطلاق

مادل على وجوب التمام على من عمله السفر الشامل له ، فانه اذا كان المخصص مجملا

لابد من الرجوع الى اطلاق العام ، في غير مورد المتيقن ، مضافا الى ماعرفت من

عدم اعتبار التكرر في المبتدئ .

ومنها : صحيح هشام المتقدم حيث انه يتضمن لاعتبار الاختلاف مع عدم

المقام ولا يصدق ذلك الا في السفر الثالث .

وفيه : ماعرفت من انه اجنبي عن المقام ، مع انه قد مر ان الاختلاف ليس

هو تكرر السفر ، بل هو عبارة عن الحرفة الماخوذة في مفهوم المكاري والجمال وغيرهما

من العناوين .

ومنها : استصحاب القصر الثابت في حقه بعد الاقامة الحاكم على استصحاب

التمام الثابت له حالكونه في منزله او ما هو في حكمه .

وفيه : انه لايجري لتبدل الموضوع ، فان المتيقن هو القصر في السفر الاول ،

والمشكوك فيه القصر في السفر .

مضافا الى مااشرنا اليه في هذا الشرح مرارا من عدم جريان الاستصحاب

في الاحكام الكلية .

فتحصل ان الاظهر وجوب التمام في السفر الثاني بعد الاقامة والدليل عليه

المرسل بالتقريب المتقدم .

ويمكن ان يذكر وجه آخر لدلالته عليه وهو انه انما يدل على وجوب القصر

 

 

] الخامس ان يتوارى عنه جدران بلده او يخفى اذان مصره فلا يترخص قبل

ذلك [

 

على من سافر عن الاقامة المذكورة ، والتمام على من سافر لا عنها ، واطلاق مادل

على وجوب التمام على من شغله السفر .

 

في اعتبار الوصول الى حد الترخص

 

الشرط السادس ، وهو ( الخامس ) في الكتاب : الوصول الى حد الترخص ب

( ان ) يصل الى مكان ( يتوارى عنه جدران بلده او يخفى اذان مصره ، فلا يترخص

قبل ذلك ) بلا خلاف معتد به فيه في الجملة .

ويشهد له : جملة من النصوص كصحيح محمد بن مسلم ، قال ، قلت لابي عبد

الله ( عليه السلام ) رجل يريد السفر متى يقصر ؟ قال ( عليه السلام ) اذا توارى من

البيوت ( 1 ) .

وصحيح ابن سنان عنه ( عليه السلام ) عن التقصير ، قال ( عليه السلام ) : اذا

كنت في الموضع الذي تسمع فيه الاذان فاتم ، واذا كنت في الموضع الذي لاتسمع فيه

الاذان فيه فقصر ، واذا قدمت من سفرك فمثل ذلك ( 2 ) . ونحوهما غيرهما من النصوص

المعتبرة .

وعن علي بن بابويه : انه يقصر بمجرد الخروج عن المنزل .

واستدل له بمرسل ابنه عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا خرجت من

منزلك فقصر الى ان تعود اليه ( 3 ) .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب صلاة المسافر حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 7 من ابواب صلاة المسافر حديث 5

 

 

[ . . . . . . . . ]

وخبر علي بن يقطين عن ابي الحسن ( عليه السلام ) في الرجل يسافر في شهر

رمضان ، قال ( عليه السلام ) : اذا حدث نفسه في الليل بالسفر افطر اذا خرج من

منزله ( 1 ) .

ولكن الخبرين لشذوذهما وعدم عمل الاصحاب بهما - حتى ابن بابويه لعدم

صحة النسبة كما قيل - يطرحان ان لم يمكن تقييد اطلاقهما بالنصوص المتقدم ، والا

فالامر واضح .

وتنقيح البحث في المقام بالتكلم في امور :

الاول : ان العبرة في حد الترخص هل هو بتواري الجدران وخفاء الاذان معا ،

كما هو الظاهر من المشهور بين القدماء ، ام يكتفي باحد الامرين ، كما عن المشهور

بين المتاخرين ، ام يتعين الاول ، كما عن الصدوق في المقنع ، ام يتعين الثاني ، كما عن

المفيد ؟ وجوه .

اقول : تارة يقع الكلام على القول بشرطية خفاء الاذان وتوارى البيوت من

حيث هما ، كما هو مقتضى الجمود على ظواهر النصوص ، واخرى يقع الكلام على

القول بان الشرط هو البعد الخاص ولوحظ خفاء الاذان وتواري البيوت معرفين له

وامارتين لذلك الحد من البعد .

اما على الاول ، فحيث ان النصوص على قسمين ، قسم تضمن ان العبرة بخفاء

الاذان ، ومفهومه انه مع عدم الخفاء يتم ، وقسم تضمن ان العبرة بتواري البيوت ،

ومفهومه انه يتم مع عدم تواري البيوت ، وذلك بناء على ظهور الجملة الشرطية في

المفهوم كما هو الحق ، فلا محالة يقع التنافي بين النصوص وفي رفع التنافي في امثال

المقام ذكروا وجوها .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب من يصح منه الصوم حديث 10 من كتاب الصوم

 

 

[ . . . . . . . . . ]

( 1 ) رفع اليد عن المفهوم فيهما ، ونتيجته الاكتفاء باحد الامرين .

( 2 ) ان يقيد اطلاق مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر .

( 3 ) ان يقيد اطلاق كل من الشرطين المذكورين في القضيتين باثبات العدل

له ، فيكون وجود احدهما كافيا في ثبوت الجزاء .

( 4 ) ان يقيد اطلاق كل من الشرطين بانضمامه الى الشرط الآخر ، فيكون

الشرط مجموع الامرين اي : خفاء الاذان وخفاء الجدران ، فاذا خفيا وجب القصر

والا فلا وان خفي احدهما .

( 5 ) ان يكون الشرط هو الجامع بين الامرين ، فكل واحد من الشرطين

المذكورين في القضيتين محقق له .

( 6 ) رفع اليد عن المفهوم في خصوص احدهما وابقاء الآخر على مفهومه .

اما الوجه الاول ، فقد استدل له بان ثبوت المفهوم للقضية الشرطية تابع

لثبوت الخصوصية المستتبعة له ، وهي افادة الكلام للحصر ، وحيث ان الفهوم بنفسه

ليس مدلولا للكلام حتى يتصرف فيه ، بل لابد من التصرف في المنطوق بدلالته على

تلك الخصوصية ، فلا محالة يقع التعارض بين دلالة كل منطوق على الثبوت عند

الثبوت ، ودلالة الآخر على الحصر وبما ان دلالة المنطوقين على الثبوت عند الثبوت

اقوى من دلالتهما على تلك الخصوصية ، فتسقط دلالة كل منهما على تلك الخصوصية ،

فلا يثبت المفهوم لهما .

لايقال : انه يرفع اليد عن دلالتهما على تلك الخصوصية في بعض المدلول لا

في جميعه .

فانه يقال : ان تلك الخصوصية بسيطة فاما ان تؤخذ في المنطوق اولا ، فالتبعيض

باخذها فيه في الجملة مما لايعقل .

وفيه ان التقييد ان كان مستلزما للتصرف في الاستعمال ان هذا الوجه متعينا ،

 

 

[ . . . . . . . . ]

ولكن بما ان التقييد لايستلزم التصرف فيه ، بل يوجب التصرف في المراد الجدي ، مثلا :

لو قال : اكرم العلماء ثم قال : لاتكرم زيدا . يكون المستعمل فيه في الاول الجميع لا

العلماء غير زيد ، والخاص انما يوجب التصرف في المراد الجدي ، وبسببه يحكم بعدم

ارادة تمام المدلول في العام بالارادة الجدية ، وفي المقام كل من المنطوقين استعمل فيما

وضع له ، ويدل على الثبوت عند الثبوت مع الحصر ، الا انه لابد من التصرف في مدلوله

الثاني والالتزام بعدم كونه بتمامه مرادا جديا ، والتبعيض في ذلك المقام بالالتزام بارادة

الحصر بالنسبة الى غير هذا الفرد مما لامحذور فيه فتدبر فانه دقيق .

واما الوجه الثاني فيدفعه : : ان المفهوم من المداليل الالتزامية ، والدلالة عليه

دلالة عقلية ، والتخصيص في الدلالة العقلية غير معقول ، اذ الحكم العقلي غير قابل

لذلك .

واما الوجه الخامس ، فقد استدل له المحقق الخراساني - ره - بان الامور

المتعددة بما هي مختلفة لا يمكن ان يكون كل منها مؤثرا في الواحد ، للزوم الربط

الخاص بين العلة والمعلول ، ولا يكاد يكون الواحد بما هو واحد مرتبطا بالاثنين بما هما

اثنان ، فلابد من المصير الي ان الشرط في الحقيقة واحد وهو المشترك بين الشرطين .

وفيه : انه في باب الاحكام الشرعية ليس تاثير وتاثر وعلية حتى يجري ذلك ،

مع انه لو التزمنا بالوجه الثالث وهو كون المجموع شرطا لا مجال لهذا الوجه .

واما الوجه السادس ، فيرد عليه : ان به لايرتفع التنافي ، اذ هو انما يكون بين

مفهوم كل منهما مع منطوق الآخر ، لان مفهوم كل منهما انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط

الماخوذ فيه ، وهذا ينافي ثبوته عند ثبوت الشرط الآخر ، وعليه فلو رفع اليد عن الفهوم

في احدهما يبقى التنافي بين مفهوم الآخر ومنطوق هذا .

فيدور الامر بين الوجه الثالث وهو تقييد اطلاق كل من الشرطين باثبات

العدل له ، وبين الوجه الرابع وهو تقييد اطلاق كل منهما بانضمامه الى الشرط الآخر .

 

 

[ . . . . . . . . ]

وبعبارة اخرى : يدور الامر بين تقييد الاطلاق المقابل للعطف بكلمة ( او )

وبين تقييد الاطلاق المقابل للعطف بكلمة واو .

والاظهر هو الاول ، والوجه فيه يبتني على بيان مقدمة نافعة في كثير من

المقامات ، وهي : ان الميزان الكلي الذي يعمل به في موارد المعارضة هو انه اذا كان

للمتعارضين ظهورات عديدة لابد من ملاحظة ان ايا منها طرف للمعارضة ، ثم العلاج

برفع اليد عنه او عن طرفه ، واما رفع اليد عن الظهور الآخر الذي ليس طرفا

للمعارضة فمما لاوجه له وان ارتفعت المعارضة به مثلا : اذا ورد : اكرم العلماء ثم ورد

لايجب اكرام زيد العالم فحيث ان طرف المعارضة هو ظهور الاول في العموم فالمتعين

هو رفع اليد عنه خاصة وان كان ترتفع المعارضة برفع اليد عن ظهوره في الوجوب

وحمله على ارادة الاستحباب .

اذا عرفت هذه المقدمة ، فاعلم انه في المقام بما ان التعارض انما يكون بين

مفهوم كل من القضيتين وبين منطوق الاخرى ، وكل من المنطوقين اخص من مفهوم

الاخرى فيتعين تقييده ، ولكن حيث انه لايعقل التصرف في المفهوم نفسه ، لما تقدم ،

فلابد من رفع اليد عن ملزوم المفهوم بمقدار يرتفع به التعارض ، اذ الضرورات تتقدر

بقدرها ، وهو انما يكون بتقييد اطلاق المنطوق المقابل للتقييد بكلمة ( او ) واما رفع

اليد عن اطلاق المنطوق المقابل للعطف بكلمة واو ، وهو وان كان يرتفع به التعارض

الا انه لا موجب لهذا التصرف .

وان شئت قلت : ان التعارض انما يكون بين دلالة كل من القضيتين على

الثبوت عند الثبوت وبين اطلاق دلالة الاخرى على الحصر بالنسبة الى جميع الامور ،

فلابد من تقييد اطلاق دلالة كل منهما على الحصر بدلالة الاخرى على الثبوت عند

الثبوت ، فتكون النتيجة ان الشرط هو احد الامرين ، وهذا معنى تقييد الاطلاق

المقابل للعطف بكلمة ( او ) والتعارض وان كان يرتفع بجعل المجموع شرطا واحدا

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

وتقييد الاطلاق المقابل للعطف بكلمة واو ، الا انه لعدم كونه طرفا للمعارضة لا وجه

لرفع التعارض به .

فتحصل ان اللازم على هذا القول هو الاكتفاء بأحدهما في ثبوت وجوب

القصر ، ولكن ستعرف تطابق الامرين دائما .

واما على الثاني فحق القول فيه يتوقف على بيان امور :

الاول : انه في نصوص الباب جعل الميزان تواري الشخص وخفائه عن البيوت ،

والاصحاب إنما عبروا عنه بتواري البيوت عنه ، ومن الواضح الفرق بينهما ، فان

الشخص لمكان صغر جثته يكون اسرع خفاء من البيوت .

ووجه تعبيرهم بذلك - على مافي بعض كلماتهم - : ان الاول يحتاج الى تقدير

الابصار للبيوت ، مع انه لايناسب جعله حينئذ امارة للمسافر يعمل على طبقها .

ولكن الحق ابقاء النصوص على ماهي عليه من الظهور ، والمراد بها تواري

الشخص عن اهل البيوت الملازم لتواري اهلها عنه .

الثاني : ان سماع الاذان له مراتب : الاولى منها : سماع الاذان بحيث يتميز

فصوله وحروفه ، والاخيرة سماع الهمهمة ، ومابينها مراتب .

والظاهر ان المراد به هو سماعه بحيث يمتاز الصوت الاذاني عن غيره ، لانه

المنساق الى الذهن منه ، فلا يعتبر تمييز فصوله فضلا عن حروفه ، ولا يكفي سماع صوت

مابحيث لا يمتاز اذانيته ، لان المتبادر الى الذهن منه سماع الاذان بما هو اذان ، كما

ان تواري الشخص له مراتب ، لا ان الظاهر منه تواري اهل البيوت عن الشخص

بما هم اهل ، فلا يعتبر تواري الشخص بما هو جسم ، ولا يكفي تواريه بحيث لايمتاز

الرجل عن المراة .

الثالث : ان هاتين الامارتين في المقام ليستا بحيث تتطابقا تارة وتختلفان

اخرى ، بل لو كانت مسافة احداهما انقص من الاخرى فهي كذلك ابدا ، ولو كانتا

 

 

[ . . . . . . . . . . ]

متطابقتين فكذلك .

الرابع : ان المدار في عين الرائي واذن السامع المتوسط في الرؤية والسماع ، لانه

المعتاد المنصرف اليه التقدير .

الخامس : ان المعتبر في الاذان كونه على مرتفع معتاد في اذان ذلك البلد ، فان

التقدير اذا كان بامر مختلف الافراد يكون متقضى اطلاقه تعين المعتاد .

السادس : يعتبر كون الاذان في آخر البلد من ناحية المسافر ، اذ ليس للاذان

محل معين كي ينصرف الاطلاق اليه وعليه - فالمعتبر ماذكرناه .

اذا عرفت هذه الامور تعرف انه لا اختلاف بين الامارتين ، بل هما متطابقتان

دائما ، وانما جعلتا معا تسهيلا للمكلف ، فلا وجه لملاحظة المعارضة بينهما وانه هل يعتبر

اجتماعهما ام يكفي وجود احداهما فلو تحققت احداهما كفت في الحكم بالقصر وان لم

يحرز الاخرى فتحصل ان الاظهر الاكتفاء بأحد الامرين على المسلكين .

 

حكم القصر ينقطع بالرجوع الى حد الترخص

 

الامر الثاني : المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة انه في العود عن السفر

ينقطع حكم السفر بالوصول الى حد الترخص .

وعن علي بن بابويه والسيد المرتضى وابي علي انه يقصر في العود ما لم يدخل

منزله .

وعن الحدائق جعله الاظهر .

وعن المدارك والذخيرة التخيير بين القصر والتمام بعد الوصول الى حد

الترخص قبل دخول منزله .

وعن المحقق الاردبيلي انه حسن لو وجد القائل به .

 

 

[ . . . . . . . . . ]

واما النصوص الواردة في المقام فهي على طائفتين .

الاولى : مايدل على القول الاول كصحيح ابن سنان المتقدم : اذا كنت في

الموضع الذي تسمع فيه الاذان فاتم ، واذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الاذان

فقصر واذا قدمت من سفرك فمثل ذلك .

وصحيح حماد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا سمع الاذان اتم

المسافر ( 1 ) .

الثانية : مايدل على القول الثاني كصحيح العيص عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) : لايزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته ( 2 ) .

وموثق اسحاق بن عمار عن ابي ابراهيم ( عليه السلام ) عن الرجل يكون

مسافرا ثم يدخل ويقدم ويدخل بيوت الكوفة ايتم الصلاة ، ام يكون مقصرا حتى

يدخل أهله ؟ قال ( عليه السلام ) : بل يكون مقصرا حتى يدخل اهله ( 3 ) ونحوهما

غيرهما .

وقد ذكروا في وجه الجمع امرين :

الاول : ان الجمع يقتضي البناء على التخيير .

وفيه : ان هذا ليس جمعا عرفيا .

الثاني : ما عن الشيخ - ره - من توجيه الثانية بنحو لاتنافي الاولى بان يكون

المراد من الوصول الى البيت الوصول الى محل الترخص .

وفيه : ان موثق اسحاق غير قابل لهذا الحمل ، فالاولى ان يقال : ان الطائفة

الثانية لاعراض الاصحاب عنها لايركن اليها .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب صلاة المسافر حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 7 من ابواب صلاة المسافر حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 7 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

لايقال : ان جماعة افتوا على طبقها .

فانه يقال : ان اكثرهم من المتاخرين ، والعبرة في الوهن والجبر باعراض

القدماء وعملهم ، فالمعتمد هي الطائفة الاولى ، فالاظهر انه يتم اذا وصل الى حد

الترخص .

 

ولا يختص اعتبار حد الترخص بالوطن

 

الامر الثالث : في اعتبار الوصول الى حد الترخص بالنسبة الى محل الاقامة

المنوية ، والمحل الذي بقي فيه مترددا ثلاثين يوما دخولا وخروجا ، وجوه واقوال .

اقول : تنقيح القول بالتكلم في موارد اربعة :

الاول : في اعتباره بالنسبة الى محل الاقامة خروجا ، والمنسوب الى الاكثر انه

يتم مالم يصل الى ذلك الحد ، وهو الاظهر ، لاطلاق صحيح ابن سنان المتقدم آنفا .

ودعوى : انصرافه الى خصوص الوطن . لاتسمع ، لانه لاوجه له .

ودعوى : ان اطلاق هذا الصحيح لا يصلح ان يكون مخصصا لعموم ادلة

وجوب القصر على المسافر ، لان ملاك تقديم الخاص على العام هو اظهريته منه ، فاذا

كان ظهور العام في فرد اقوى من ظهور الخاص فيه يقدم العام والمقام كذلك ، فان

ظهور ادلة القصر في وجوبه على المقيم الخارج للسفر غير الواصل الى حد الترخص

اقوى من ظهور دليل اعتبار حد الترخص فلا محالة تقدم تلك الادلة مندفعة بان

اطلاق دليل المقيد مقدم على اطلاق دليل المطلق مطلقا .

وان شئت قلت : ان دلالة الصحيح على اعتبار حد الترخص في الفردين -

اي المتوطن المقيم - انما تكون على حد سواء ، فلا وجه للقول بتقديم الخاص على

العام في احدهما دون الآخر .

وبالجملة لو سلم شمول ادلة اعتبار حد الترخص للمقيم ايضا لا وجه لتقديم

 

 

] ومع حصول الشرائط يجب التقصير [

 

ادلة القصر عليها .

ويمكن ان يستدل له - مضافا الى ذلك - بما دل على ان الاقامة قاطعة للسفر

لا لحكمة ، اذ عليه مقتضى عموم التنزيل مساواته لاهل البلد في جميع الاحكام منها :

اعتبار حد الترخص في وجوب القصر .

الثاني : في اعتباره بالنسبة الى المتردد ثلاثين يوما خروجا ، والاظهر ايضا

اعتباره ، لاطلاق الصحيح المتقدم .

الثالث : في اعتباره بالنسبة الى محل الاقامة دخولا .

وفيه اشكال ينشا من اطلاق قوله ( عليه السلام ) في صحيح ابن سنان : واذا

قدمت من سفرك فمثل ذلك ( 1 ) . ومن دعوى اختصاصه بالمتوطن من جهة ان القدوم

من السفر لايتحقق الا بالوصول الى الوطن ، او بالدخول في محل الاقامة وقصدها ،

فما لم يدخل البلد ولم يقصد الاقامة يكون مسافرا لا قادما من السفر .

الرابع : في اعتباره بالنسبة الى المتردد ثلاثين يوما دخولا ، والاظهر عدم

الاعتبار لانه يجب القصر بعد مقامه في البلد فضلا عن قبل وصوله . هذا تمام الكلام

في شرائط القصر .

 

التخيير في الاماكن الاربعة

 

الفصل الثاني : في احكام صلاة المسافر مضافا الى ما مر في المسائل السابقة .

( و ) هي امور :

الاول : انه ( مع حصول الشرائط ) الستة ( يجب التقصير ) معينا كما عرفت

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

 ] الا في حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفه والحائر على

ساكنه السلام فانه يتخير [

 

( الا ) ان يكون المسافر ( في ) احد المواطن الاربعة : ( حرم الله ) تعالى ( وحرم رسوله

صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة والحائر ) الحسيني ( على ساكنه السلام ) والتحية

( فانه يتخير ) في هذه المواطن بين القصر والتمام ، كما هو المشهور شهرة عظيمة .

وعن الصدوق وجماعة من المتاخرين منهم : صاحب المصابيح تعين القصر .

وعن الشيخ المفيد والسيد المرتضى - قدس سرهما - تعين التمام .

ومنشا الخلاف اختلاف الاخبار ، فانها على طوائف : -

الاولى : - ماتضمن الامر بالاتمام كصحيح ابن الحجاج عن الامام الصادق

( عليه السلام ) عن التمام بمكة والمدينة ، فقال ( عليه السلام ) : اتم وان لم تصل فيهما

الا صلاة واحدة ( 1 ) . ونحوه غيره .

الثانية : ماتضمن ان التمام في تلك المواطن من مخزون علم الله تعالى كصحيح

حماد بن عيسى عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) من مخزون علم الله : الاتمام في اربعة

مواطن ( 2 ) . ونحوه غيره .

الثالثة : ماتضمن الامر بالقصر كصحيح ابن بزيع عن الامام الرضا ( عليه

السلام ) عن الصلاة بمكة والمدينة تقصير او تمام ؟ فقال ( عليه السلام ) : قصر مالم تعزم

على مقام عشرة ايام ( 3 ) .

وصحيح معاوية بن وهب عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن التقصير في

الحرمين والتمام ، قال ( عليه السلام ) : لاتتم حتى تجمع على مقام عشرة ايام ، فقلت : ان

اصحابنا رووا عنك انك امرتهم بالتمام . فقال ان اصحابك كانوا يدخلون المسجد

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 32

 

 

[ . . . . . . . . . ]

فيصلون وياخذون نعالهم فيخرجون والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد فامرتهم

بالتمام ( 1 ) . ونحوهما غيرهما .

الرابعة : مادل على التخيير بين القصر والتمام ، وافضيلية التمام كصحيح علي

بن يقطين عن ابي ابراهيم ( عليه السلام ) عن التقصير بمكة ، فقال ( عليه السلام )

اتم وليس بواجب الا اني احب لك ما احب لنفسي ( 2 ) .

وخبر عمران بن حمران ، قلت لابي الحسن ( عليه السلام ) : اقصر في المسجد

الحرام او اتم ؟ قال ( عليه السلام ) : ان قصرت فلك وان اتممت فخير وزيادة الخير

خير ( 3 ) . ونحوهما غيرهما .

ثم ان جملة من نصوص الباب وان وردت في الحرمين او خصوص مكة الا انه

لعدم القول بالفصل الحكم في الجميع واحد .

اما الطائفه الاولى ، فهي غير قابلة للحمل على ارادة التمام بعد الاقامة ،

فيكون الامر به امرا بها لتضمنها الامر به لو صلى صلاة واحدة ، او مارا ، اوحين

يدخل الى غير ذلك من الالفاظ التي تكون فيها وتجعلها نصا في ارادة العموم ، ولكن

لايستفاد منها ازيد من افضلية التمام لورود الامر فيها مورد توهم الحظر ، وكذلك لا

يستفاد من الثانية ازيد من افضلية التمام فتنطبق مفادهما على الطائفة الرابعة .

ولو سلم ظهورهما في الوجوب يرفع اليد عنه لصراحة الطائفة الرابعة في عدم

الوجوب ، ولاجلها يرفع اليد عن ظهور الامر بالقصر في الطائفة الثالثة ، ويحمل على

ارادة الجواز ، او على ارادة بيان الحكم للمخاطبين المبتلين بمخالطة المخالفين الذين

لايرون خصوصية لهذه الاماكن .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 34 .

( 2 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 19 .

( 3 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 11

 

 

[ . . . . . . . ]

وبعبارة اخرى : يكون الامر بالقصر لاجل انطباق عنوان آخر عليه وهو

خوف الوقوع في خلاف التقية ، كما يومئ اليه قوله ( عليه السلام ) في حسن ابن

الحجاج عن ابي الحسن ( عليه السلام ) : كنت انا ومن مضى من آبائي اذا وردنا مكة

اتممنا الصلاة واستترنا من الناس ( 1 ) .

ولو سلمت المعاضة بين النصوص الآمرة بالقصر ، ونصوص التمام بنحو لا

يمكن الجمع بينهما تقدم الثانية الموافقة للمشهور والمخالفة للعامة .

ومن الغريب ما افاده العلامة الطباطبائي - ره - في محكي مصابيحه بعد

اختياره تعين القصر ، من ان نصوص التمام موافقة للعامة وصدرت تقية ، والقصر مذهب

اكثر الفقهاء المتقدمين .

واستدل لدعواه الاولى بصحيح معاوية المتقدم المتضمن ان الامر بالتمام كان

لاجل حملهم على التقية .

واستدل لدعواه الثانية بخبري علي بن مهزيار ( 2 ) وايوب بن نوح ( 3 ) المتضمن

اولهما لاشارة فقهاء الاصحاب عليه بالتقصير والمتضمن ثانيهما لان صفوان وابن ابي

عمير وجميع الاصحاب كانوا يقصرون .

اقول : يرد على ماذكره اولا : ان نصوص التمام كالصريحة في كونها على خلاف

التقية ، لاحظ الطائفة الثانية ، وقوله ( عليه السلام ) في صحيح ابن الحجاج المتقدم :

كنت انا وآبائي اذا وردنا مكة اتممنا الصلاه واستترنا من الناس .

ويرد على خبر ابن مهزيار : ان ذيله صريح في افضلية التمام ، وعلى خبر ايوب

انه متضمن لكون عملهم على القصر لا مذهبهم ، فالحق في المقام ماذكرناه .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 4 .

( 3 ) المستدرك باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

 

المراد من الاماكن الاربعة

 

ثم انه يقع الكلام في تحديد الاماكن الاربعة التي يتخير فيها المسافر بين

القصر والتمام .

اقول : اما الحرمان اي : حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وآله فعن المشهور

ارادة البلدين منهما اي : مكة والمدينة .

وعن الحلي اختصاص الحكم بالمسجدين .

وعن الشيخ ثبوت الحكم ، في المكانين المقدسين المحدود كل منهما بخمسة

فراسخ .

ومنشأ الخلاف : اختلاف النصوص فبعضها قد عبر بالحرمين ، وبعضها بمكة

والمدينة ، وبعضها بالمسجدين ، ومقتضى القاعدة في مقام الجمع بين المطلق والمقيد

الثبتين الاخذ بالمطلق وحمل المقيد على بيان افضل الافراد اذا لم يكن المقيد واردا في

مقام التحديد .

وعليه ففي المقام بما ان ما تضمن المسجدين ليس في مقام التحديد فلا مانع

من الاخذ باطلاق ماتضمن البلدين ، واما ما تضمن الحرمين . فمضافا الى ضعفه في

نفسه ، واعراض الاصحاب عنه لو سلم اعمية الحرم من البلد ، انه مجمل في نفسه

يحمل على المبين وهو البلد ، مع انه قد فسر الحرمين بالبلدين ، لاحظ صحيح علي بن

مهزيار ، فانه بعد حكمه ( عليه السلام ) بالاتمام في الحرمين ، قال : فقلت : اي شئ تعني

بالحرمين ؟ فقال ( عليه السلام ) : مكة والمدينة ، فتحصل ان الاظهر ما هو المشهور بين

الاصحاب .

واما الثالث ، فمقتضى كثير من الروايات اختصاص الحكم بمسجد الكوفة .

ولكن عن جماعة منهم : المحقق في كتاب له في السفر ثبوت الحكم في الكوفة

 

 

[ . . . . . . . . ]

من غير اختصاص بالمسجد .

واستدل لهم بوجهين :

الاول : خبر زياد القندي عن ابي الحسن ( عليه السلام ) : اتم الصلاة في

الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين ( 1 ) .

وفيه : انه ضعيف السند ، لمحمد بن عمران المدائني وزياد القندي على تامل في

الثاني .

الثاني : ان بعض النصوص تضمن التعبير بحرم امير المؤمنين ( عليه السلام )

كمصحح حماد بن عيسى عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : من مخزون علم الله

الاتمام في اربعة مواطن : حرم الله ، وحرم رسوله صلى الله عليه وآله ، وحرم امير المؤمنين

( عليه السلام ) ، وحرم الحسين بن علي ( عليه السلام ) ( 2 ) ونحوه مرسل المصباح ، وقد

دلت جملة من النصوص على ان الكوفة حرم امير المؤمين ( عليه السلام ) ( 3 ) .

وفيه : ان هذه النصوص انما تضمنت تطبيق حرمه على الكوفة لاتفسيره بها ،

وفي بعض النصوص جعل مكة حرمه ( عليه السلام ) وايضا ، ومن مصاديق الحرم : البقعة

المباركة التي وقع فيها ضريحه المنور ، وحيث ان الحرم بما له من المعنى العام لم يؤخذ في

موضوع الحكم قطعا وانما الموضوع فرد منه ولا معين له ، فلا بد من الاقتصار

على المتيقن او الرجوع الى سائر النصوص المبينة المتضمنة للمسجد .

ودعوى : عدم القول بالفصل بين كون المدار في الاولين على البلدين ، وبين

كونه المدار في المقام كما ترى ، فاذا الاقوى الاقتصار على خصوص المسجد .

واما الرابع ، فالروايات المتعرضة للحكم فيه مختلفة من حيث التعبير ، ففي

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 13 .

( 2 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام المساجد

 

 

[ . . . . . . . ]

بعضها عبر بحرم الحسين ( عليه السلام ) ( 1 ) وفي آخر بعند قبر الحسين ( عليه

السلام ) ( 2 ) ، وفي ثالث بحائر الحسين ( 3 ) .

اما الاول ، فقد مر انه مجمل غير ظاهر المراد ، ومرفوع ابن العباس المحدد له

بخمسة فراسخ ، ومرسل البصري المحدد له بفرسخ في فرسخ من اربع جوانب القبر

لضعف ( 4 ) سنديهما لا يعتمد عليهما .

وصحيح اسحاق بن عمار عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : ان لموضع قبر

الحسين ( عليه السلام ) حرمة معروفة من عرفها واستجار بها اجر قلت : صف لي

موضعها قال ( عليه السلام ) : امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعا من

ناحية راسه ، وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه الى آخره ، ( 5 ) لا تعلق له بالمقام ،

كي يستدل به ، وعلى ذلك فلا بد من الاقتصار على المتيقن ، والاخذ به وهو اطراف

الضريح المقدس .

وبه يظهر الحال في الثاني .

واما الحائر فهو ايضا مجمل ، فعن المفيد - ره - ان الحائر محيط بهم الا العباس

( عليه السلام ) .

وعن السرائر ما دار سور المسجد والمشهد عليه دون ما دار سور البلد عليه .

وعن بعض انه مجموع الصحن الشريف .

وعن بعض انه القبة السامية .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 14 .

( 2 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 13 .

( 3 ) الوسائل باب 25 من ابواب صلاة المسافر حديث 27 .

( 4 ) الوسائل باب 67 من ابواب المزار وما يناسبه من كتاب الحج حديث 2 .

( 5 ) الوسائل باب 67 من ابواب المزار حديث 4

 

 

] ولو اتم في غيرها عمدا واعاد [

 

وعن بعض انه الروضة المقدسة .

وعن المجلسي انه مجموع الصحن القديم .

نعم يمكن ان يستفاد من خبر حسين بن ثوير الوارد في آداب الزيارة - : وعليك

بالتكبير - الى ان قال : حتى تصير الى باب الحائر - الى ان قال - ثم اخط عشر

خطوة ثم قف الى آخره - ان الحائر اكثر من عشر خطوات .

اللهم الا ان يقال : انه لا ظهور له في اتصال باب الحائر به ، فلا يستفاد منه

الا ان الحائر ليس ازيد ما اشتمل على الحضرة الشريفة ، وعلى ذلك فلا بد من

الاقتصار على المتيقن وهو مايسمى الآن حرما اعني الحضرة الشريفة .

 

لو اتم المسافر

 

الثاني : ( ولو اتم ) المسافر مع استكمال الشرائط المتقدمة للقصر ( في

غيرها ) اي غير المواطن الاربعة ، فاما ان يكون عن عمد او عن جهل او عن نسيان ،

فهاهنا مقامات :

الاول : لو اتم في موضع القصر ( عمدا ) وعن علم ( اعاد ) في الوقت وخارجه

بلا خلاف فيه .

ويشهد له : - مضافا الى ان ذلك مما يقتضيه القاعدة لمخالفة الماتي به للمامور

به مع عدم الدليل على الاجزاء - جملة من النصوص كصحيح زرارة ومحمد بن مسلم ،

قالا : قلنا لابي جعفر ( عليه السلام ) : رجل صلى في السفر اربعا ايعيد ام لا ؟ قال ( عليه

السلام ) : ان كان قرات عليه آية التقصير وفسرت له فصلى اربعا اعاد ، وان لم يكن

 

 

] والجاهل لا يعيد [

 

قرات عليه ولم يعلمها فلا اعادة عليه ( 1 ) .

والمراد بقراءة آية التقصير وتفسيرها له بقرينة قوله ( عليه السلام ) في ذيله : ولم

يعلمها ارادة العلم بتحتم القصر . ونحوه غيره .

واما النصوص المفصلة بين الوقت وخارجه ( 2 ) فهي ظاهرة في غير العالم العامد

كما ستقف عليه .

المقام الثاني : لو اتم في موضع القصر جهلا .

( و ) ملخص القول فيه : ان ( الجاهل ) اما ان يكون جاهلا بالحكم بان لم يلتفت

اصلا الى ان المسافر يجب عليه القصر ، واما ان يكون مترددا في ذلك ، واما ان يكون

جاهلا بالموضوع مع علمه بالحكم كما اذا اعتقد عدم كون مقصده مسافة ، واما ان

يكون جاهلا ببعض الخصوصيات مثل ان السفر الى اربعة فراسخ مع قصد الرجوع

يوجب القصر .

فان كان جاهلا بالحكم ( لايعيد ) في الوقت ولا في خارجه ، كما هو المشهور

شهرة عظيمة ، لصحيح زرارة ومحمد المتقدم المخصص لعموم ما دل على مبطلية

الزيادة .

وفي المقام قولان آخران :

احدهما : ما عن العماني وهو انه يعيد مطلقا .

واستدل له بعموم ما دل على مبطلية الزيادة ( 3 ) .

وبالمروي عن الخصال : ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لانه قد زاد في

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب صلاة المسافر حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 17 من ابواب صلاة المسافر .

( 3 ) الوسائل باب 19 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 2

 

 

[ . . . . . . . . ]

فرض الله عزوجل ( 1 ) .

وبصحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال ، قلت له : صليت

الظهر ربع ركعات وانا في سفر ، قال ( عليه السلام ) : اعد ( 2 ) .

ولكن يرد على الكل : ان الصحيح المتقدم اخص منها فيقدم عليها .

ودعوى : ان النسبة بينه وبين صحيح الحلبي عموم من وجه لاختصاص

صحيح الحلبي بصلاة الظهر ، فيتساقطان ، مندفعة بان الظاهر عدم الخصوصية للظهر

وان التعبير بها من جهة وقوع الابتلاء بها او من باب المثال ، والمراد اتيان الصلاة

الرباعية تماما في السفر ، مع انه لو سلم الاختصاص لا ريب في اظهرية الصحيح في

دلالته على عدم وجوب الاعادة على الجاهل .

ثانيهما : ما عن الحلبي والاسكافي ، وهو انه يعيد في الوقت دون خارجه .

واستدل له بصحيح العيص عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل صلى

وهو مسافر فاتم الصلاة ، قال ( عليه السلام ) : ان كان في وقت فليعد ، وان كان الوقت

قد مضى فلا ( 3 ) .

وفيه : انه لو سلم كون النسبة بين هذا الصحيح وبين صحيح زرارة ومحمد

المتقدم عموما من وجه ، واغمض النظر عما قيل من ظهوره في الناسي ، لا ينبغي

التامل في تقديم صحيح زرارة ، لان حمله على ارادة عدم وجوب الاعادة في خارج

الوقت ابعد من حمل هذا الصحيح على غير الجاهل اي الناسي ، وذلك لوجهين :

الاول : ان لازمه كونه متعرضا لخصوص حكم خارج الوقت دون داخله ، وهو

كما ترى .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب صلاة المسافر حديث 8 .

( 2 ) الوسائل باب 17 من ابواب صلاة المسافر حديث 6 .

( 3 ) الوسائل باب 17 من ابواب صلاة المسافر حديث 1

 

 

[ . . . . . . . ]

الثاني : ان اطلاق لفظة الاعادة على القضاء خاصة خلاف المتعارف .

وبعبارة اخرى : انها ظاهرة في الاداء وان كانت تطلق على القضاء ايضا وعليه

فيقدم صحيح زرارة ، ويحمل صحيح العيص على خصوص الناسي .

وان كان مترددا فحكمه حكم العالم ، لعدم شمول مادل على عدم اعادة

الجاهل له .

وان كان الجاهل جاهلا بالموضوع ، ففي وجوب الاعادة او القضاء عليه ،

وعدمه وجهان ، اقواهما : الاول كما هو مقتضى القاعدة ، واطلاق صحيح الحلبي

المتقدم ، وصدر صحيح زرارة .

وقد استدل للثاني بوجوه :

( 1 ) ان اطلاق ذيل صحيح زرارة ومحمد يشمله .

وفيه : ان قوله ( عليه السلام ) فيه : وان لم يكن قرات عليه ولم يعلمها ظاهر في

الجهل باصل الحكم ، كما لا يخفى .

( 2 ) ان مناط الاجزاء في مورد الجهل بالحكم الذي يدور ذلك مداره هو الجهل

الموجود في المقام .

وفيه : ان هذا غير ثابت .

( 3 ) ان احراز الموضوع في امثال المقام الذي فوض الى المكلف موضوعي لا

طريقي ، وعليه فلابد من البناء على الصحة في المقام .

وفيه : ان الظاهر كون الاحراز طريقا محضا لا موضوعا .

( 4 ) ان موافقة الامر الظاهري تقتضي الاجزاء .

وفيه : ما حقق في محله من عدم اجزاء الحكم الظاهري عن الواقعي ، فتحصل

ان الاظهر لزوم الاعادة او القضاء .

وبذلك كله ظهر حكم مالو كان جاهلا ببعض خصوصيات حكم القصر ، فإن

 

 

] والناسي يعيد في الوقت لاخارجه [

 

الظاهر من صحيح زرار المتقدم ارادة العلم باصل وجوب القصر لا العلم بجميع

خصوصيات احكامه .

فان قلت : ان مقتضى اطلاق صحيح العيص المتقدم الشامل للموردين

الاخيرين عدم وجوب القضاء لو علم بعد مضي الوقت .

قلت : مضافا الى ماقيل من اختصاصه بالناسي وقويناه سابقا ، انه لو سلم

عمومه لغير الناسي تكون النسبة بينه وبين صحيح زرارة عموما من وجه فيتساقط

اطلاقهما ويرجع الى ماتقتضيه القاعدة ( و ) قد عرفت انه الاعادة او القضاء .

 

لو اتم المسافر نسيانا

 

المقام الثالث : في ( الناسي ) فلو صلى تماما ناسيا للسفر ( يعيد في الوقت )

و ( لا ) يجب عليه القضاء اذا كان التذكر في ( خارجه ) كما هو المشهور ، وعن غير واحد

دعوى الاجماع عليه .

ويشهد له : جملة من النصوص كصحيح العيص المتقدم الذي عرفت اختصاصه

بالناسي .

وخبر ابي بصير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل ينسى فيصلي

بالسفر اربع ركعات ، قال ( عليه السلام ) : ان ذكر في ذلك اليوم فليعد ، وان لم يذكر

حتى يمضي ذلك اليوم فلا اعادة عليه ( 1 ) .

وظاهر الجواب بنفسه وان كان اختصاص الحكم بالظهرين لاختصاص اليوم

بالنهار الا انه لعدم القول بالفصل ولاطلاق السؤال ، ولصحيح العيص يحمل اليوم

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب صلاة المسافر حيث 2

 

 

] ولو سافر بعد دخول الوقت قصر مع بقاء الوقت [

 

على ارادة الوقت ، فيشمل الحكم للعشاء ايضا .

وما دل على ان المسافر اذا اتم اعاد الشامل باطلاقه للناسي كصحيح الحلبي

المتقدم يقيد اطلاقه بهذه النصوص .

وقد وقع الخلاف في حكم ناسي الحكم ، وانه هل يكون كناسي السفر فيعيد في

الوقت دون خارجه ، ام كالجاهل الحكم فلا يعيد مطلقا ، ام هو كالعالم فيعيد كذلك ؟

والاظهر الاول : لاطلاق السؤال والجواب في خبر ابي بصير .

ودعوى : انصرافه الى نسيان الموضوع ممنوعة اذ لا منشا له سوى الغلبة غير

الموجبة للانصراف .

واضعف من ذلك دعوى : ان المتيقن من النص والفتوى هو نسيان الموضوع

بقي في المقام امر ، وهو انه لو قصر من وظيفته التمام ، ففي غير صورة الجهل

يعيد في الوقت وخارجه ، كما هو مقتضى القاعده ، ولا دليل على الخروج عنها .

واما في صورة الجهل فمقتضى بعض النصوص عدم وجوب الاعادة او القضاء

عليه ، وهو صحيح منصور عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا اتيت بلدة فأزمعت

المقام عشرة ايام فاتم الصلاة وان تركه رجل جاهلا فليس عليه اعادة ( 1 ) .

واورد عليه باعراض المشهور عنه ، ولكن لم يثبت ذلك ، لان مجرد عدم التعرض

لمضمونه لا يدل على الاعراض الموهن ، والاحتياط سبيل النجاة .

 

العبرة بحال الاداء لا حال الوجوب

 

الثالث : ( ولو سافر بعد دخول الوقت قصر مع بقاء الوقت ) اعتبارا بحال

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب صلاة المسافر حديث 3

 

 

[ . . . . . . . . ]

الاداء ، كما عن المفيد وابن ادريس والسيد وابن بابويه وكثير من المتاخرين ، بل هو

المنسوب الى المشهور .

وعن السرائر الاجماع عليه .

وعن الصدوق والعماني وجماعة ممن تاخر عنهما : انه يتم اعتبارا بحال الوجوب .

وعن الشيخ في الخلاف انه يتخير بينهما .

وعن الشيخ في النهاية والصدوق في الفقيه انه يتم في السعة ويقصر في الضيق .

ومنشا الاختلاف : اختلاف النصوص واختلاف الانظار في الجمع بينها .

ويدل على ان العبرة بحال الاداء : جملة من النصوص كصحيح اسماعيل بن

جابر ، قال ، قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : يدخل علي وقت الصلاة وانا في السفر

فلا اصلي حتى ادخل اهلي فقال ( عليه السلام ) : صل واتم الصلاة فقلت : فدخل علي

وقت الصلاة وانا في اهلي اريد السفر فلا اصلي حتى اخرج فقال ( عليه السلام ) : فصل

وقصر ، فان لم تفعل فقد خالفت والله رسول الله صلى الله عليه وآله ( 1 ) . ونحوه غيره .

ويشهد لكون العبرة بحال الوجوب : جملة اخرى من الاخبار كصحيح محمد

بن مسلم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يدخل من سفره وقد دخل

وقت الصلاة وهو في الطريق فقال ( عليه السلام ) : يصلي ركعتين وان خرج الى سفره

وقد دخل وقت الصلاة فليصل اربعا ( 2 ) .

وصحيح زرارة عن احدهما عليهما السلام : اذا دخل على الرجل وقت صلاة

وهو مقيم ثم سافر صلى تلك الصلاة التي دخل وقتها عليه وهو مقيم اربع ركعات في

سفره ( 3 ) ونحوهما غيرهما .

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 21 من ابواب صلاة المسافر حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 21 من ابواب صلاة المسافر حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 21 من ابواب صلاة المسافر حدث 14

 

 

] ولو دخل من السفر بعد دخول الوقت اتم [

 

وقد ذكروا في مقام الجمع بينهما وجوها .

( 1 ) ماعن المصنف - ره - في التذكرة وهو حمل الاولى على مالو خرج بعد

الزوال قبل مضي زمان يسع الطهارة والصلاة تامة .

وفيه : ان قوله ( عليه السلام ) في صحيح ابن جابر : فلا اصلي حتى اخرج ظاهر

في صورة تمكنه من الاتيان بها تماما ، مع انه تصرف في الطائفتين بلا شاهد .

( 2 ) ما عن الشيخ من حمل الاولى على الاستحباب والثانية على الاجزاء ،

والظاهر ان مراده ما ذكره في محكي الخلاف من الالتزام بالتخيير مع افضلية القصر .

وفيه : - مضافا الى كونه جمعا تبرعيا - انه ياباه صحيح اسماعيل المتضمن انه

لو لم يقصر فقد خالف رسول الله صلى الله عليه وآله مؤكدا ذلك بالقسم .

( 3 ) ماعن الصدوق والشيخ في النهاية وهو حمل الاولى على صوره سعة

الوقت ، والثانية على ضيقه .

وفيه : - مضافا الى كونه جمعا غير عرفي - يابى عنه كثير من اخبار الباب كما

يظهر لمن لاحظها .

فالاظهر انهما متعارضتان لا يمكن الجمع بينهما ، فلابد من الرجوع الى

المرجحات وهي تقتضي تقديم الاولى لاشهريتها وموافقتها لعموم ما دل على وجوب

القصر على المسافر ، ومخالفتها للعامة ، وعلى هذا فلا تصل النوبة الى ماقيل من البناء

على التخيير بمعنى التخير في المسالة الاصولية ، فانه انما يكون عن عدم المرجح

لأحد المتعارضين ، فالاقوى تعين القصر عليه .

( و ) مما ذكرناه ظهر انه ( لو دخل من السفر بعد دخول الوقت اتم ) لما تقدم

من تعارض النصوص ، وان الترجيح مع ما دل على ان العبرة بحال الاداء .

وقد استشهد للتخيير في هذا الفرع - مضافا الى ماتقدم - بصحيح منصور

ابن حازم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة

 

 

[ . . . . . . . . . ]

قبل ان يدخل اهله فسار حتى يدخل اهله فان شاء قصر وان شاء اتم والاتمام احب

الى ( 1 ) .

وفيه : مضافا الى عدم عمل الاصحاب به في مورده ، ومعارضته بصحيح

اسماعيل المتقدم الذي عرفت صراحته في تحتم الاتمام في هذا الفرع - انه يحتمل ان

يكون المراد التخيير بين ان يصلي في الطريق قصرا ، وبين ان يدخل اهله فيصلي تماما ،

كما هو صريح صحيح محمد بن مسلم .

واستدل للقول بالتفصيل المتقدم في الفرع السابق بموثق اسحاق عن ابي

الحسن ( عليه السلام ) في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة : ان كان لايخاف

فوت الوقت فليتم ، وان كان يخاف فوت الوقت فليقصر ( 2 )

وفيه : - مضافا الى اباء جملة من النصوص عن هذا الحمل كما تقدم - انه يحتمل

ان يكون المراد به : ان كان في سعة فليدخل وليتم ، وان كان يخاف الضيق فليقصر في

الطريق . فتحصل : ان الاظهر العبرة بحال الاداء مطلقا .

 

فصل في قواطع السفر

 

الفصل الثالث : في قواطع السفر موضوعا او حكما ، وهي امور :

احدها : الوطن ، فان المرور عليه قاطع للسفر وموجب للتمام مادام فيه ويحتاج

في العود الى القصر قصد مسافة جديدة ، كما تقدم تفصيله في الفصل الاول .

وانما الكلام في المقام يقع في اقسام الوطن ، فان الاصحاب - رضوان الله عليهم

- قسموه الى ثلاثة اقسام : اصلي واتخاذي وشرعي ، فلابد من التكلم في مواضع ثلاثة :

...........................................................

( 1 ) الوسائل باب 21 من ابواب صلاة المسافر حديث 9 .

( 2 ) الوسائل باب 21 من ابواب صلاة المسافر حديث 6

 

 

[ . . . . . . . . ]

الاول : في الوطن الاصلي ، والمراد به المحل الذي كان محله ومحل آبائه وقرارهم

بحيث ينسب اليه ، وصدق الوطن على هذا مما لاريب فيه .