اعتبار العدالة

 

الرابع : العدالة .

وقد اعتبرها المشايخ الثلاثة واتباعهم ، بل ربما نسب الى المشهور بين

القدماء شهرة عظيمة ، بل عن ظاهر السيدين او صريحهما : دعوى الاجماع عليه ، و

عن الاسكافي ، والسيد في الانتصار والجمل ، والشيخ في الاقتصار : اعتبار مجانبة

الكبائر ، وفي العروة : يعتبران لا يكون ممن يكون الدفع اليه اعانة على الاثم واغراءا

بالقبيح ، فلا يجوز اعطائها لمن يصرفها في المعاصي خصوصا اذا كان تركه ردعا له

عنها ، وعن جمهور المتأخرين او عامتهم : القول بعدم اعتبار شئ من ذلك ، وهو

المحكي عن ابني بابويه وسلار .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 34 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 5

 

 

[ . . . ]

وقد استدل للاول : بالجماع ، وبالاحتياط ، وبكل ظاهر من سنة ( 1 ) او

قرآن ( 2 ) تضمن المنع عن معونة الفساق ، وبان الفاسق ليس بمؤمن لمقابلته بالمؤمن

مفهوما وحكما ، قال الله تعالى افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ( 3 ) .

والجميع كما ترى اذ الاجماع غير متحقق كما عرفت ولا يكون تعبديا على

فرض تحققه - .

والاحتياط لا يكون لازما في مقابل اطلاق الدليل وعمومه .

وما دل على المنع عن معونة الظالم او الفاسق انما يدل على معونته في فسقه و

ظلمه والا فلا ريب في جواز معونته في فعل المباحات والمستحبات .

والمؤمن الذي هو موضوع هذا الحكم هو المعتقد بامامة الائمة الاثنى عشر ،

وهذا يشمل الفاسق ايضا .

والمراد بالفاسق في الاية الكافر بقرينة الحكم بخلوده في النار في الاية التي

بعدها .

واستدل للثاني : بخبر داود الصرمي قال : سألته عن شارب الخمر يعطى من

الزكاة شيئا ؟ قال عليه السلام : لا بدعوى عدم القول بالفصل بينه وبين غيره من

الكبائر ( 4 ) - .

وفيه : مضافا الى ضعف سنده لجهالة حال السائل ، واضماره ، وعدم ثبوت

الانجبار ، واختصاصه بشارب الخمر ، وعدم احراز عدم الفصل : انه يدل على المنع

عن اعطاء المدمن في شربها لا مطلق من شربها .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 42 - من ابواب ما يكتسب به من كتاب التجارة .

( 2 ) سورة المائدة - آية 3 .

( 3 ) سورة السجدة - آية 20 .

( 4 ) الوسائل - باب 17 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 1

 

 

[ . . . ]

وقد استدل له بوجوه اخر ضعيفة لا يهمنا التعرض لها .

واما القول الثالث : فقد استدل له : بما دل على حرمة الاعانة على الاثم ( 1 ) ، و

بما دل على وجوب دفع المنكر .

ولكن يرد على الاول : انه لو سلم حرمة الاعانة على الاثم ، صدق الاعانة

مع عدم كون الفعل من المقدمات الفاعلية لفعله محل اشكال كما حققناه ذلك كله في

حاشيتنا على المكاسب .

ويرد على الثاني : ان دفع المنكر لادليل على وجوبه ، مع ان عدم الاعطاء لا

يكون دفعا له دائما - .

فتحصل : انه لاشئ في مقابل اطلاق الادلة ، وخصوص ما دل على جواز

اعطائها للفاسق كالمرسل الذي رواه في العلل قلت للرجل - يعني ابا الحسن عليه

السلام - : ما حد المؤمن الذي يعطى من الزكاة ؟ قال عليه السلام : يعطى المؤمن ثلاثة

آلاف ، ثم قال : او عشرة آلاف ، ويعطى الفاجر بقدر لان المؤمن ينفقها في طاعة الله و

الفاجر في معصية الله ( 2 ) .

وحسن الحلبي عن الامام الصادق عليه السلام بعد ماسأله انسان فقال : اني

كنت انيل البهيمة من زكاة مالي حتى سمعتك تقول فيهم فاعطيهم ام اكف ؟ قال

عليه السلام : بل اعطهم ، فان الله حرم اهل هذا الامر على النار ( 3 ) . فالاظهر عدم

اعتبار شئ من تلك الامور .

ويؤيده ما دل على انه لو لم يكن تقصير في اداء الزكاة لما كان يبقى فقير و

......................................................

( 1 ) سورة المائدة - آية 3 .

( 2 ) الوسائل - باب 17 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 2 .

( 3 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 16

 

 

] ويجوز تخصيص واحد بها اجمع [

 

استغنى الجميع ، ومن المعلوم انه لو كانت العدالة شرطا لبقى اغلب المحتاجين سيما

ابناء السبيل على فقرهم واحتياجهم ومحرومين عن الزكاة ، فالاظهر عدم اعتبارها .

نعم الاحوط فيما اذا كان ترك الاعطاء ردعا عن المعصية الترك بل لايترك ، وفي

خصوص العاملين كلام تقدم .

 

لا يجب بسط الزكاة على الاصناف

 

فصل : في بقية احكام الزكاة .

وقد تقدمت جملة منها ، ( و ) عمدة مابقى مسألتان :

الاولى : ( يجوز تخصيص ) صنف ( واحد ) بل شخص واحد من بعض

الاصناف ( بها اجمع ) بلا خلاف اجده فيه بيننا ، بل الاجماع بقسميه عليه ، كذا في

الجواهر ، وفي الحدائق : الحكم اتفاقي نصا وفتوى ، ونحوهما كلمات غيرهما من

الاصحاب .

ومستند الحكم نصوص مستفيضة او متواترة ، وفيها الصحيح والحسن و

غيرهما ، كحسن عبد الكريم الهاشمي عن ابي عبد الله عليه السلام : كان رسول الله

صلى الله عليه وآله يقسم صدقة اهل البوادي في اهل البوادي ، وصدقة اهل الحضر

في اهل الحضر ، ولا يقسمها بينهم بالسوية وانما يقسمها على قدر ما يحضرها منهم و

مايرى ، وليس عليه في ذلك شئ مؤقت موظف ، وانما يصنع ذلك بما يرى على قدر

من يحضرها منهم ( 1 ) . ونحوه غيره - .

ومنها : ماتقدم في شراء العبد ووفاء دين الاب وغير ذلك ، فكما ان الحكم

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 28 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 1 .

 

 

] والمستحب تقسيطها على الاصناف واقل ما يعطى الفقير ما يجب في

النصاب الاول [

 

من حيث الفتوى لا كلام فيه كذلك من حيث المدرك ، ولاجل هذه النصوص و

الاخبار الدالة على انه لو لم يكن تقصير في اداء الزكاة لاستغنى الجميع من ان ابن

السبيل نادر وفك الرقاب اقل يحمل اللام في الاية الشريفة على ارادة المصرفية لا

الملك .

( والمستحب تقسيطها على الاصناف ) بلا خلاف ظاهر ، وقد

صرح غير واحد : بعدم العثور على مدرك هذا الحكم .

وقد استدل له : بتعميم النفع ، وبمراعاة ظاهر الاية ، وبان فيه التخلص عن

الخلاف ، وبحصول الاجزاء يقينا : والكل كما ترى .

 

اقل ما يعطى من الزكاة

 

الثانية : ( واقل مايعطى الفقير ما يجب في النصاب الاول ) و

هو خمسة دراهم او عشرة قراريط كما عن الشيخين والصدوقين والمرتضى وابن زهرة

والحلبي وغيرهم ، بل عن الانتصار والغنية : الاجماع عليه .

وتنقيح القول في المقام يقتضي البحث في جهات :

الاولى : ان هذا الحكم هل هو على سبيل الوجوب او الاستحباب

الثانية : في تعيين الحد - .

الثالثة : في انه هل يختص بالفضة او الذهب ، ام يعمهما ولا يكون ثابتا في

غيرهما ، ام يعم الجميع ؟

الرابعة : في انه على فرض التعدي الى غير النقدين ، هل هو بلحاظ القيمة في

النقدين زادت او نقصت عما يجب في النصاب الاول ، او الثاني من موضوع الزكاة ،

 

 

[ . . . ]

او بلحاظ ما يجب في النصاب الاول او الثاني منه فلا يدفع الى الفقير اقل من شاة

من نصاب الابل والغنم ؟

اما الجهة الاولى : فظاهر جملة من العبارات الاول ، بل لعله الاكثر ، الا ان

المصنف ره في التذكرة قال : وما قلناه على الاستحباب لا الوجوب اجماعا .

والاظهر عدم الوجوب ، والبناء على الاستحباب او كراهة اعطاء الاقل ،

لان ذلك مقتضى الجمع بين النصوص الظاهرة في الوجوب كصحيح ابي ولاد عن ابي

عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : لا يعطى احد من الزكاة اقل من خمسة دراهم

وهو اقل ما فرض الله عز وجل من الزكاة في اموال المسلمين ، فلا تعطوا احدا من

الزكاة اقل من خمسة دراهم فصاعدا ( 1 ) .

وخبر معاوية بن عمار وعبد الله بن بكير عن ابي عبد الله ( ع ) : لا يجوز ان

يدفع من الزكاة اقل من خمسة دراهم فانها اقل الزكاة ( 2 ) .

وبين النصوص الصريحة في عدم الوجوب : كصحيح محمد بن ابي الصهبان :

كتبت الى الصادق عليه السلام الظاهر ان مراده احد العسكريين عليهما السلام لان

الرجل من اصحاب ابي الحسن الهادي عليه السلام : هل يجوز لي ياسيدي ان اعطي

الرجل من اخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة الدراهم فقد اشتبه ذلك علي ؟ فكتب

عليه السلام : ذلك جائز ( 3 ) .

وصحيح محمد بن عبد الجبار : ان بعض اصحابنا كتب على يدي احمد بن

اسحاق الى علي بن محمد العسكري عليه السلام : اعطي الرجل من اخواني من

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 23 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 2 .

( 2 ) الوسائل - باب 23 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 4 .

( 3 ) الوسائل - باب 23 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 5

 

 

[ . . . ]

الزكاة الدرهمين والثلاثة ؟ الثلاثة ؟ فكتب : افعل ان شاء الله تعالى ( 1 ) .

المعتضدة بما في حسن عبد الكريم الهاشمي وغيره من نفي التوقيت ، ويؤيد

عدم الوجوب ما في نصوص الوجوب من التعليل بان ذلك اقل فرضا ، فانه يناسب

مع الرجحان لا اللزوم .

ودعوى ان الطائفة الثانية تحمل على التقية لان نفي التحديد مذهب العامة ،

فيها ان الحمل على التقية انما هو فيما اذا تعارض الخبر ان بنحو لم يمكن الجمع بينهما ،

ومع امكانه لا وجه للحمل على التقية .

كما ان دعوى ان المكاتبتين لاتنفيان التقدير الثاني ، مندفعة بان التقدير الثاني

لادليل عليه - كما ستعرف - فيكفي فيه نفيه الاطلاق .

ولكن الانصاف ان كون ما ذكرناه من الجمع عرفيا مما ليس بذلك الوضوح ،

اذ لو جمعنا قوله عليه السلام : لا يجوز ان يدفع . . . الخ مع قوله عليه السلام : ذلك جائز .

لقائل ان يقول : ان العرف يرونهما متنافيين ولا يرون احدهما قرينة على الاخر ، فلا

بد من اعمال قواعد التعارض ، فاذا كان عدم الوجوب اشهر كما افاده المصنف ره

تقدم نصوصه ، ولا فتقدم نصوص الوجوب المخالفتها للعامة ، والاحتياط سبيل

النجاة .

واما الجهة الثانية : فالاظهر ان حده ما يجب في النصاب الاول لصحيح ابي

ولاد وخبر معاوية المتقدمين .

واما ما عن الاسكافي وسلار وغيرهما من ان اقله ما يجب في النصاب الثاني

وهو قيراطان او درهم ، فلم اجد له دليلا كما صرح بذلك صاحب الجواهر ره .

واما الجهة الثالثة : فعن المقنعة : الاقتصار عليه في الفضة ، وعن ابن بابويه :

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 23 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 1

 

 

] ولا حد للكثرة [

 

الاقتصار عليه في الذهب ، وعن الاكثر النص على عمومه لهما ، وقيل : انه يتعدى الى

غير النقدين .

اقول : النص مختص بالفضة ، لاحظ صحيح ابي ولاد وخبر معاوية ، والتعدي يحتاج

الى الغاء الخصوصية والا فمقتضى الاطلاق والاصل عدم التقدير في غيرها . و

الانصاف ان التعدي غير ظاهر الوجه ، سيما بواسطة ما في الخبرين من التعليل ، فان

اقل الفرض في الفضة انما يكون هذا الحد لا في غيرها من الاجناس الزكوية كالابل

مثلا .

واما الجهة الرابعة : فمبنى القولين : ان خمسة دراهم هل هي محمولة على القيمة

او على كونها مثالا لما يجب في النصاب الاول ؟ ولا يبعد ارجحية الاول ، هذا كله في

بيان الحد من ناحية الاقل .

) و ) اما من ناحية الاكثر : فالمشهور بين الاصحاب : انه ( لاحد للكثرة ) : وقد تقدم

الكلام في ذلك مفصلا في الصنف الاول والثاني من اصناف المستحقين ، وعرفت ان

جواز اعطائها ازيد من مؤونة السنة محل اشكال ومنع .

 

 

] الباب الرابع في زكاة الفطرة وهي واجبة [

 

في زكاة الفطرة

 

( الباب الرابع : في زكاة الفطرة ) .

والفطرة اما بمعنى الخلقة وهي الهيئة الحاصلة للمخلوق من خلقه كالجلسة ،

فزكاة الفطرة اي زكاة البدن من جهة انها تحفظه عن الموت ، فعن الامام الصادق عليه

السلام انه قال لوكيله : اذهب فاعط عن عيالنا الفطرة اجمعهم ولا تدع منهم احدا ،

فانك ان تركت منهم انسانا تخوفت عليه الفوت قلت : وما الفوت ؟ قال عليه السلام :

الموت ( 1 ) .

واما بمعنى الدين ، اي زكاة الاسلام ، من جهة انها من اركانه ومن شعائره .

واما بمعنى الافطار لكون وجوبها يوم الفطر ، او ان بها يقبل الصوم ، ففي

صحيح ابي بصير زرارة : ان من تمام الصوم اعطاء الزكاة كما ان الصلاة

كما ان الصلاة على النبي ( ص ) من تمام الصلاة ، لانه من صام ولم يؤد الزكاة فلا

صوم له اذا تركها متعمدا ، ولا صلاة له اذا ترك الصلاة على النبي ( ص ) ، ان الله

تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة وقال قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ( 2 ) .

والمراد بالزكاة في هذا الخبر زكاة الفطرة كما يستفاد من بعض الاخبار المفسرة

للاية .

( وهي واجبة ) باجماع من المسلمين الا من اصحاب مالك ، بل وجوبها

من ضروريات الدين ويشهد به الثلاثة ، ثم انه حيث يكون وجوبها مشروطا بشرائط

وما يخرج عنه مخصوص باجناس مقدرة بوزن خاص ، وهي ايضا مخصوصة بوقت

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 1 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 5 .

( 2 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 5

 

 

] على المكلف الحر الغني وهو مالك قوت سنته [

 

معين ومصرفها اشخاص خاصة .

فتنقيح البحث فيها في ضمن فصول :

الفصل الاول : في شرائط وجوبها .

 

شرايط وجوبها

 

قال قده : وهي واجبة ( على المكلف الحر الغنى وهو مالك قوت

سنته ) .

فالشروط التي اعتبرها ثلاثة :

الاول : التكليف .

فلا تجب على الصبي والمجنون . الظاهر انه لاخلاف فيه ، بل عن غير

واحد : دعوى الاجماع عليه .

واستدل له : بحديث رفع القلم عن الصبي ( 1 ) ، وبما رواه المفيد عن

عبد الرحمان بن الحجاج عن مولانا الصادق عليه السلام : تجب الفطرة على كل من

تجب عليه الزكاة ( 2 ) .

وحيث انه لا تثبت الزكاة على مال غير المكلف فكذلك الفطرة .

وفيهما نظر : اما الاول : فلما تقدم في مبحث اعتبار البلوغ في ثبوت الزكاة من

ان حديث الرفع لا يصلح لرفع الحق او المال الثابت بدليله ، فراجع .

واما الثاني : فلانه يتوقف على ثبوت المفهوم له وله من جهة كونه في مقام

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 4 - من ابواب مقدمة العبادات .

( 1 ) الوسائل - باب 4 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1

 

 

[ . . . ]

التحديد ، وهو غير ظاهر ، مضافا الى ماتقدم من ثبوت الزكاة على غير البالغ و

المجنون في الغلات والمواشي .

فالحق ان يستدل له بالنسبة الى البلوغ : بصحيح محمد بن القاسم بن

الفضيل : انه كتب الى ابي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن الوصي يزكي زكاة

الفطرة عن اليتامى اذا كان لهم مال ؟ فكتب عليه السلام : لا زكاة على يتيم ( 1 ) .

وبالنسبة الى العقل بعدم القول بالفصل بينه وبين البلوغ .

ومقتضى اطلاق الصحيح سقوطها عنهما بالنسبة الى عيالهما ايضا ، نعم في

خصوص المملوك يمكن القول بعدم السقوط لما في ذيل الصحيح السابق : انه كتب

اليه عليه السلام عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة اخرى وفي

يده مال لمولاه وتحضر الفطرة ايزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى ؟

قال عليه السلام : نعم .

الا ان صاحب الجواهر ره ادعى عدم العامل به ، وعليه فلا يصلح ان يكون

مدركا للحكم .

وقد صرح المعظم : بان في حكم غير المكلف المغمى عليه ، واستشكل فيه

سيد المدارك ره الا اذا كان الاغماء مستوعبا لوقت الوجوب ، واورد عليه صاحب

الجواهر : بانه يكفى الاصل بعد ظهور الادلة في اعتبار حصول الشرائط عند الهلال .

اقول : غاية ما يمكن ان يقال في توجيه ماذهب اليه المعظم : ان المستفاد من

النصوص والفتاوى : ان المغمى عليه ليس اهلا للتكليف بمعنى عدم تعلق التكليف

به ولو بالقوة كما يتعلق بالنائم والساهي ، ولذا لا خلاف بينهم على الظاهر في بطلان

الوكالة اذا عرض الاغماء للوكيل او الموكل ، وعلى هذا فالمغمى عليه كالصبي و

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 4 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2

 

 

[ . . . ]

المجنون لا مقتضى للتكليف بالنسبة اليه بخلاف النائم والناسي ، وعليه فيكون

المغمى عليه ملحقا بالمجنون والصبي في الاحكام .

ولكن يرد عليه : اولا : انه لا دليل على اعتبار التكليف ولو بالقوة في ثبوتها

كي يتم ذلك ، بل الدليل كان مختصا بالصبي ، وانما الحقنا به المجنون بواسطة عدم

القول بالفصل .

وثانيا : ان ما ذكر وجه اعتباري محض لم يشهد به دليل معتبر ، ولعله لذلك

استشكل صاحب المدارك في الحكم ، واما المورد الذي استثناه فالظاهر ان الوجه فيه :

ان اجتماع شروط تنجز التكليف من القدرة والالتفات وغيرهما ضروري الاعتبار

في جزء الوقت ، فالاغماء المستوعب مانع عن توجه الخطاب ، وبه يندفع ايراد صاحب

الجواهر ره ، ولكن يرد عليه : ان هذا يتم بالنسبة الى الحكم التكليفي لا الوضعي ،

فالحاق المغمى عليه بالصبي والمجنون لايخلو عن اشكال ، الا اذا ثبت الاجماع

التعبدي وهو محل تأمل .

الثاني : الحرية .

وعن جماعة : دعوى الاجماع على اعتبارها ، وهو على القول بان العبد لا

يملك واضح ، فانه حينئذ فاقد للغنى الذي هو شرط ، واما على القول بانه يملك

فحيث انه في غير المكاتب يشترط اذن المولى في الانفاق على نفسه من ماله فهو في

الحقيقة عيال للمولى فيجب على مولاه نفقته ، واما المكاتب فقد ورد النص على ان

زكاته على نفسه ، ففي صحيح ابن جعفر : عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان

او عن من كاتبه وتجوز شهادته ، قال عليه السلام : الفطرة عليه ولا تجوز شهادته ( 1 ) .

ولا يضر اشتماله على عدم قبول الشهادة ، اذ لا مانع من التفكيك بين

الجملات في الحجية ، مع ان المحكي عن الصدوق حمله على الانكار ، وما دل على ان

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 17 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3

 

 

[ . . . ]

الرجل يؤدي زكاة الفطرة عن مكاتبه ( 1 ) . ظاهرا ومحمول على صورة العيلولة .

 

من الشرائط الغنى

 

الثالث : الغنى .

والكلام فيه تارة : في اصل اعتباره ، واخرى : في ما به يتحقق الغنى .

اما الاول : فالمشهور اعتباره ، ولم ار من خالفهم ، وتشهد له النصوص الكثيرة :

كصحيح الحلبي عن الامام الصادق عليه السلام : عن رجل يأخذ من الزكاة عليه

صدقة الفطرة ؟ قال عليه السلام : لا ( 2 ) .

وخبر اسحاق بن المبارك : قلت لابي ابراهيم عليه السلام : على الرجل

المحتاج صدقة الفطرة ؟ قال عليه السلام : ليس عليه فطرة ( 3 ) . ونحوهما غيرهما .

ولا يعارضها مصحح زرارة : قلت : الفقير الذي يتصدق عليه هل عليه صدقة

الفطرة ؟ قال عليه السلام : نعم يعطى مما يتصدق به عليه ( 4 ) . ونحوه غيره لتعين حمل

هذه النصوص على الاستحباب ان كان ذلك جمعا عرفيا والا فالطرح .

واما المورد الثاني : فالمشهور بين الاصحاب : انه يتحقق بملك قوت سنة له و

لعياله له بالتفصيل المتقدم في زكاة المال ، وعن الاسكافي : انه يتحقق بملك مؤونته و

مؤونة عياله ليومه وليلته ، وعن جماعة منهم الشيخ والحلي : ان الغنى يتحقق بملك

نصاب من النصب الزكوية ، وعن الشيخ : الحاق قيمتها ، وعن ظاهر الحلي : الاجماع

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 17 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2 .

( 2 ) الوسائل - باب 2 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1 .

( 3 ) الوسائل - باب 2 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3 .

( 4 ) الوسائل - باب 3 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2

 

 

[ . . . ]

على ما ادعاه .

والاول اظهر وذلك لوجهين : الاول : ان النصوص المتقدم بعضها تدل على

التلازم بين جواز اخذ الزكاة وعدم وجوب الفطرة ، وقد تقدم انه يجوز اخذها لمن لا

يملك قوت السنة .

الثاني : خبر يونس بن عمار الذي رواه المفيد في محكى المقنعة عن ابي عبد الله

عليه السلام : تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة وتجب الفطرة على من عنده قوت

السنة ( 1 ) .

واستدل للشيخ والحلى : بما تقدم في زكاة المال من تحقق الغنى بذلك بضميمة

مادل على مقابلة الغني للفقير في الزكاتين كقوله عليه السلام : امرت ان آخذ الصدقة

من اغنيائكم وادفع الى فقرائكم .

وفيه : ما تقدم في ذلك المبحث من عدم تمامية المبنى فراجع .

وهل يعتبر في الوجوب كونه مالكا مقدار الزكاة زائدا على مؤونة السنة كما عن

جماعة منهم المصنف ره والشهيد والمحقق الثاني في حاشية الشرائع ، ام لا يعتبر ذلك

كما عن جماعة آخرين منهم الشهيد الثاني بل هو المنسوب الى اطلاق الفتوى ؟

وجهان .

قد استدل للاول : بانه لو وجبت مع عدمه انقلب فقيرا فيلزم منه انتفاء

موضوعه ، وبانه لو وجبت حينئذ ، لجاز اخذها لتحقق شرط المستحق فيلزم ان يكون

ممن يأخذها وممن حلت عليه ، فقد ورد : انه اذا حلت له لم تحل عليه ، ومن حلت عليه

لم تحل له ، وبان حدوث الفقر مانع عنها كوجوده .

وفي الجميع نظر : اما الاول : فلان الفقر المترتب على الاداء المتأخر عن

......................................................

 ( 1 ) الوسائل - باب 2 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 11

 

 

[ . . . ]

الوجوب كيف ينافي الغنى المأخوذ في المرتبة السابقة على الحكم كي يصلح ان يكون

موجبا لانتفاء الموضوع .

واما الثانى : فلانه يرد عليه : اولا : النقض بانه ان لم تجب عليه لم تحل له لفرض

غناه ، وقد دل النصوص على وجوبها على من لاتحل له الزكاة .

وثانيا : الحل وهو ان المأخوذ في الموضوع الغنى وعدم الحلية مع قطع النظر

عن هذا الحكم ، وبه يظهر ما في الثالث ، فالاظهر عدم الاعتبار لاطلاق النص .

والكلام في وجوبها على الكافر وعدمه وعلى فرض الوجوب هل يصح ادائها

منه ام لا ؟ وعلى فرض الاسلام هل تسقط منه ام لا ؟ هو الكلام في زكاة المال فراجع .

ويستحب للفقير اخراجها ايضا للنصوص المتقدم بعضها المحمولة على

الاستحباب ، وان لم يكن عنده الا صاع يتصدق به على عياله ثم يتصدق به على

الاجنبي او يرد الى المصدق الاول او يرد الى بعضهم سواء كان هو المصدق الاول ام

غيره لموثق اسحاق بن عمار : قلت لابي عبد الله ( ع ) : الرجل لايكون عنده شئ من

الفطرة الا ما يؤدى عن نفسه وحدها ايعطيه غريبا او يأكل هو وعياله ؟ فقال : يعطى

بعض عياله ثم يعطى الاخر عن نفسه يستردونها بينهم فتكون عنهم جميعا فطرة

واحدة ( 1 ) .

ولو كان فيهم الصغير والمجنون فهل يتولى الولي الاخذ له والاعطاء

نظرا الى اطلاق النص ، ام ليس له الاعطاء عنه نظرا الى انه ليس النص في مقام

البيان من هذه الجهة ، وحيث ان اعطاء الولي خلاف مصلحة المولى عليه فلا يجوز

للاصل ؟ وجهان اقواهما الاول ، وذلك لانه بعد فرض غلبة وجود الصبي في العيال ،

دعوى عدم كون النص واردا في مقام البيان من هذه الجهة غريبة .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 3 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2 .

 

 

] في كل سنة عند هلال شوال ]

 

وقت وجوبها

 

الفصل الثاني : في وقت وجوبها .

والكلام فيه يقع في مواضع :

الاول : في مبدأ وقت الوجوب ، والمشهور بين المتأخرين : انها انما تجب ( في

كل سنة عند هلال شوال ) وهو المحكي عن جماعة من القدماء منهم الشيخ في

الجمل والاقتصار وابنا حمزة وادريس ، وعن الاسكافي والمفيد والسيد والشيخ

في المبسوط والخلاف والنهاية والقاضي والحلبي وسلار وغيرهم : ان وقت الوجوب

طلوع الفجر يوم العيد ، وظاهر ابن زهرة : الاجماع عليه ، واختاره جمع من

المتأخرين .

وقد استدل للاول : بصحيح معاوية بن عمار عن الامام الصادق عليه السلام :

عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة ؟ قال عليه السلام : لا قد خرج الشهر ، وسألته

عن يهودي اسلم ليلة الفطر عليه فطرة ؟ قال عليه السلام : لا ( 1 ) .

ومصححه عنه عليه السلام : في المولود يولد ليلة الفطر - واليهودي و

النصراني يسلم ليلة الفطر قال عليه السلام : ليس عليهم فطرة ، وليس الفطرة الا على

من ادرك الشهر ( 2 ) .

وتقريب الاستدلال بهما على ما في الحدائق : انهما انما يدلان على ان وجوبها

منوط بمن يمضي عليه جزء من شهر رمضان ويهل عليه هلال شوال مستكملا

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 11 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2 .

( 2 ) الوسائل - باب 11 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1

 

 

[ . . . ]

لشرائط الوجوب ، كالمولود يولد ، والكافر يسلم ، والعبد يشترى ، والفقير يصير

غنيا ، والصغير يبلغ ، والمعال يبقى في العيلولة ، ولو لم يتجدد شئ من هذه المذكورات

الا بعد الهلال فانه لايتعلق به الوجوب .

اقول : لا ريب في انهما انما يدلان على ان ادراك الجزء الاخر من الشهر

مستكملا لشرائط الوجوب دخيل في الوجوب ، واما ان مبدأ وقت الوجوب هل هو

غروب ليلة الفطر ، او طلوع فجر يومه ، فهما ساكتان عنه ، اما الاول فلعدم اشتماله

على الوجوب فضلا عن وقته ، واما الثاني - فلعدم كونه في مقام بيان هذه الجهة ، فمن

الممكن ان يكون ادراك الشهر سببا لحدوث الوجوب بطلوع الفجر .

وقد استدل للثاني : بصحيح العيص عن ابي عبد الله عليه السلام : عن الفطرة

متى هي ؟ فقال ( ع ) : قبل الصلاة يوم الفطر قلت : فان بقى منه شئ بعد الصلاة ؟

قال عليه السلام : لا بأس نحن نعطي عيالنا منه ثم يبقى فنقسمه ( 1 ) .

واورد عليه بايرادات : الاول : ما افاده الشيخ الاعظم ره وهو : ان دلالته مبنية

على وجوب تقديمها على الصلاة ، اذ لو استحب تعين حمل التوظيف المستفاد من

الصحيح على الاستحباب بالنسبة الى يوم الفطر ايضا .

وفيه : ان في الخبر قيدين : احدهما : متضمن لبيان التوظيف من حيث الزمان ،

وهو قوله يوم الفطر والثاني : التوظيف من حيث الزماني وهو قوله قبل الصلاة

وحمل احدهما على الاستحباب لقرينة خارجية لا يلازم حمل الاخر عليه وان كان

الكلام دالا عليهما بدلالة واحدة لما حقق في محله من ان الوجوب والاستحباب

خارجان عن حريم الموضوع له والمستعمل فيه ، وانما هما ينتزعان من الترخيص في

الترك وعدمه ، فاذا ورد الترخيث في ترك احدهما دون الاخر يبني على استحباب

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 12 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 5

 

 

[ . . . ]

الاول ووجوب الثاني .

الثاني : ان قبل الصلاة كما يعم عند طلوع الفجر بلا فصل كذلك يعم قبله

القريب منه ولا قائل بالفرق .

وفيه : ان مورد الاستدلال قوله عليه السلام يوم الفطر لا قوله قبل

الصلاة .

الثالث : انه لابد من حمله على ارادة الافضلية جمعا بقرينة خبر الفضلاء : يعطى

يوم الفطر افضل وهو في سعة ان يخرجها في اول يوم من شهر رمضان .

وفيه : ان الخبر يدل على افضلية الاعطاء يوم العيد عن التعجيل به ، وهذا

غير مربوط بالمقام .

فالحق ان يورد عليه : بان الصحيح اما ظاهر في كونه في مقام بيان وقت

الاخراج لا الوجوب ، او قابل للحمل عليه ، ولا مانع من اختلاف وقتيهما .

وقد يستدل لهذا القول : بخبر ابراهيم بن ميمون ( منصور ) : قال ابو عبد الله

عليه السلام : الفطرة اعطيت قبل ان تخرج الى العيد فهي فطرة ، وان كان بعد ما

تخرج الى العيد فهي صدقة ( 1 ) .

وفيه : مضافا الى ماتقدم في سابقه : انه ليس في مقام بيان التوظيف من حيث

المبدأ .

فتحصل : ان شيئا من نصوص الباب ليس في مقام بيان الوجوب ، اذ الطائفة

الاولى : تدل على اعتبار اجتماع الشرائط في آخر جزء من شهر رمضان ، والثانية :

تدل على ان مبدأ وقت الاخراج طلوع الفجر ، فيتعين الرجوع في ذلك الى الاصل و

هو يقتضي عدم الوجوب الى طلوع الفجر ، الا ان يتحقق اجماع على ان المبدأ غروب

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 12 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2

 

 

] وتتضيق عند صلاة العيد [

 

ليلة الفطر ، وقد ادعاه جماعة وجعلوا النزاع المزبور في وقت الاخراج .

 

آخر وقت وجوب الاخراج

 

الموضع الثاني : في آخر وقت وجوب الاخراج .

فعن السيد والشيخين والصدوقين والديلمي والحلبي وجماعة من المتأخرين : انه

صلاة العيد ، واختاره المصنف ره في المتن قال : ( وتتضيق عند صلاة العيد ) ،

وعن التذكرة : نسبته الى علمائنا وعن الاسكافي : ان آخره زوال الشمس ، وعن

المختلف : استقرابه ، وعن البيان والدروس : اختياره ، وعن المنتهى : ان آخره آخر

النهار ، وقواه سيد المدارك ، واستقربه الفاضل الخراساني .

اما النصوص فهي على طوائف : منها : مايدل على ان آخر وقته صلاة العيد :

كخبر ابراهيم بن ميمون ( منصور ) المتقدم ، ونحوه خبر علي بن طاووس في

الاقبال ( 1 ) ، وخبر سالم بن مكرم الجمال ( 2 ) .

ومنها : ما يدل على ان آخر الوقت صلاة العيد في صورة عدم العزل واما مع

العزل فيخرجها متى شاء : كموثق اسحاق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام : اذا

عزلتها فلا يضرك متى ما اعطيتها قبل الصلاة او بعد الصلاة ( 3 ) . ونحوه خبر

المروزي ( 4 ) .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 12 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 7 .

( 2 ) الوسائل - باب 12 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 8 .

( 3 ) الوسائل - باب 13 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 4 .

( 4 ) الوسائل - باب 13 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1

 

 

[ . . . ]

ومنها : ما يدل على جواز تأخيرها عن الصلاة ومقتضى اطلاقها جواز التأخير

الى غروب الشمس : كصحيح العيص المتقدم : فان بقى منه شئ بعد الصلاة ؟ قال

عليه السلام : لابأس . وهذه الجملة منه تصلح صارفة لضهور صدره في الوجوب

وموجبة لحمله على الاستحباب ، ومصحح ابن سنان : واعطاء الفطرة قبل الصلاة

افضل وبعد الصلاة صدقة ( 1 ) . اذ الظاهر من الافضلية الاستحباب .

ومنها : ما يدل على ان آخر وقتها الزوال في صورة عدم العزل : كخبر الاحمسي

عن الامام الصادق عليه السلام : اد الفطرة عن كل حر ومملوك - الى ان قال - قلت :

أقبل الصلاة او بعدها ؟ قال عليه السلام : ان اخرجتها قبل الظهر فهي فطرة ، وان

اخرجتها بعد الظهر فهي صدقة ، ولا يجزيك قلت : فاصلى الفجر واعزلها فتمكث يوما

او بعض يوم اخر ثم أتصدق بها ؟ قال عليه السلام : لا بأس هي فطرة اذا اخرجتها

قبل الصلاة ( 2 ) .

اقول : في صورة العزل لا كلام واما في صورة عدمه فبعد طرح خبر الاحمسي

لضعف سنده - من جهة اهمال الاحمسى والانصاري الراوي عنه غير ظاهر التوثيق

- يقع التعارض بين الطائفتين الاولتين الدالتين على عدم جواز التأخير عن الصلاة ،

وبين الطائفة الثالثة الصريحة في جواز التأخير ، والجمع العرفي يقتضي حمل الاولتين

على الاستحباب والافضلية ، فالجمع بين النصوص يقتضي البناء على ان آخره آخر

النهار صلى العيد ام لم يصل ، وان كان الحكم في صورة عدم الصلاة اوضح لعدم شمول

نصوص التوقيت بها لهذه الصورة .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 12 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1 .

( 2 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 16

 

 

] ويجوز تقديمها في رمضان [

 

تقديم الفطرة على وقتها

 

( و ) الثالث : ( يجوز تقديمها في رمضان ) كما عن الصدوقين والشيخ

وغيرهم ، بل هو المنسوب الى المشهور لصحيح الفضلاء عن السيدين الصادقين

عليهما السلام انهما قالا : على الرجل ان يعطى عن كل من يعول من حر وعبد وصغير

وكبير يعطى يوم الفطر قبل الصلاة فهو افضل وهو في سعة ان يعطيها من اول يوم

يدخل من شهر رمضان الى آخره ( 1 ) - .

واورد عليه بايرادين : الاول : انه قابل للحمل على القرض .

وفيه : انه بواسطة تخصيص ذلك برمضان وظهور الضمير في قوله يعطيها في

الرجوع الى نفس الفطرة ، وجعل الحكم من باب السعة والرخصة في مقابل الفضيلة

بعيد جدا كما لا يخفى .

الثاني : ان في ذيله ما لم يلتزم به احد ، وهو كفاية نصف الصاع .

وفيه : ان التفكيك بين جملات الرواية في الحجية غير عزيز ، وعن الشيخين وابي

الصلاح وابن ادريس : عدم جواز التقديم الا على سبيل القرض ، بل عن المدارك :

نسبته الى المشهور .

واستدل له : بان اشتغال الذمة بها انما هو بعد رمضان ، فادائها فيه اداء لما لم يجب ،

وبالنصوص المتضمنة ان لها وقتا معلوما وهو من غروب ليلة الفطر او طلوع فجر

يومه ( 2 ) ، وبما ورد في زكاة المال من المنع عن تعجيلها قبل حولان الحول معللا بقوله

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 12 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 4 .

( 2 ) الوسائل - باب 12 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 5

 

 

] ولا تؤخر عن العيد الا لعذر ولو فاتت قضيت [

 

عليه السلام : لا تصلى الاولى قبل الزوال وان كان فريضة انما تؤدى اذا حلت ( 1 ) .

وفي الجميع نظر : اذ الاول : لايقاوم النص .

والثاني : في مقام بيان الوقت الاصلي المضروب غير المنافي للتقديم بعنوان

التعجيل .

والثالث : يقيد اطلاقه بصحيح الفضلاء ، فالاظهر جواز التقديم - .

 

تأخير الفطرة عن وقتها

 

( و ) الرابع : ( لاتؤخر ) الفطرة ( عن العيد الا لعذر ) مسوغ لمخالفة

التكليف لادلة التوقيت المتقدمة انما الكلام فيما افاده بقوله : ( ولو فاتت قضيت ) .

فقد وقع الخلاف في سقوطها بخروج الوقت ، فعن الشيخ والمصنف في جملة من

كتبه ، والحلي وجماعة من المتأخرين : عدم سقوطها ، وعن الصدوق والمفيد والحلبي

والقاضي وابن زهرة والمحقق وجمع من المتأخرين : السقوط .

واختلف الاولون على قولين : الاول : انه اداء ، ذهب اليه الحلي - .

الثاني : انه قضاء ، اختاره غيره .

وقد استدل لعدم السقوط : بالاستصحاب ، ولكن على ما حققناه في محله من

عدم جريان الاستصحاب عند الشك في بقاء الحكم الكلي الشرعي لا مجري له ، و

المتعين هو الرجوع الى البراءة المقتضية لعدم الوجوب ، اللهم الا ان يقال : ان ذلك انما

هو في وجوب الاداء واما المال الذي في الذمة فلا مانع من استصحاب بقائه ، لكنه

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 51 - من ابواب المستحقين للزكاة

 

 

[ . . . ]

يتوقف على استفادة ثبوتها في الذمة مع قطع النظر عن التكليف بالاخراج ، وهو يحتاج

الى تأمل زائد .

وبان المستفاد من العمومات ان اداء الفطرة مطلوب مطلق ، وما دل على

التوقيت لايقيد ذلك بل انما هو متضمن لبيان مطلوب آخر .

وفيه : ان ظاهر ادلة التوقيت ان المراد بالفطرة سؤالا وجوبا هي التي وجبت

بالاخبار المطلقة ، فكانها بيان لوقت ذلك الواجب الذي تكون العمومات متضمنة

لبيان اصل وجوبه ، وعليه فيتعين تقييد العمومات بها ، ويؤيده الاتفاق على انه ليس

في ادائها في الوقت امتثالان احدهما للمطلق والاخر للمقيد ، وانه لا يتعدد العقاب

بترك ادائها .

وبصحيح زرارة عن الامام الصادق عليه السلام : في رجل اخرج فطرته فيعزلها

حتى يجد لها اهلا فقال عليه السلام : اذا اخرجها من ضمانه فقد برأ والا فهو ضامن

لها حتى يؤديها الى اربابها ( 1 ) .

وفيه : ان الظاهر - ولا اقل من المحتمل - رجوع الضمير في ( اخرجها من

ضمانه الى الفطرة المعزولة ، ومعنى اخراجها من ضمانه اخراجها الى المستحق ، فقوله

والا فهو ضامن لها معناه انه في عهدته الى الاداء ، مع انه لو سلم كون الجملة

الثانية في مقام بيان حكم صورة عدم العزل فغاية ما يستفاد منه انه مع العزل يخرج

عن الضمان ، ومع عدمه ضامن لها حتى يؤديها في وقتها المضروب لها .

فتحصل : انه لا دليل على عدم السقوط بعد خروج الوقت ، وطريق الاحتياط

معلوم ، ثم ان مقتضى الادلة المشار اليها كونه اداءا لاقضاء كما لايخفى ، والاحوط عدم

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 13 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2

 

 

] ولو عزلها ثم تلفت من غير تفريط فلا ضمان ولا يجوز نقلها عن بلده مع

وجود المستحق . [

 

التعرض للاداء او القضاء .

 

عزل الفطرة ونقلها بعد العزل

 

الخامس : ( ولو عزلها ثم تلفت من غير تفريط فلا ضمان ولا يجوز

نقلها عن بلده مع وجود المستحق ) فهاهنا فروع :

( 1 ) يجوز عزلها في مال مخصوص من الاجناس او غيرها بقيمتها بلا خلاف .

ويشهد له صحيح زرارة ( 1 ) وموثق اسحاق ( 2 ) المتقدمان وغيرهما ، وفي مرسل ابن

ابي عمير : اذا عزلتها وانت تطلب بها الموضع او تنتظر بها رجلا فلا بأس ( 3 ) .

( 2 ) مقتضى القواعد وجوب ادائها فورا بعد العزل وان لم يخرج وقت الفطرة ،

اذ الوقت وقت اداء الفطرة لا وقت اداء الامانة ، ولكن دلت النصوص منها صحيح

العيص وموثق اسحاق المتقدمان على جواز التأخير ولو خرج الوقت ، وان فائدة

العزل ذلك ، ولازم ذلك عدم الضمان لو تلفت من غير تفريط على ما عرفت في زكاة

المال فراجع .

( 3 ) صرح غير واحد : بانه لايجوز نقلها عن بلده مع وجود المستحق .

ويشهد له : موثق الفضيل عن الامام الصادق عليه السلام : كان جدي عليه

السلام يعطي فطرته الضعفاء ومن لا يجد ومن لايتولى ، وقال ابو عبد الله : هي لاهلها

الا ان لاتجدهم ، فان لم تجدهم فلمن لاينصب ولا تنقل من ارض الى ارض ( 4 ) .

......................................................

( 1 و 2 ) الوسائل - باب 13 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2 - 4 .

( 3 ) الوسائل - باب 13 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 5 .

( 4 ) الوسائل - باب 15 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3

 

 

[ . . . ]

ومكاتبة علي بن بلال قال : كتبت اليه : هل يجوز ان يكون الرجل في بلدة

ورجل آخر من اخوانه في بلدة اخرى يحتاج ان يوجه له فطرة ام لا ؟ فكتب عليه

السلام : يقسم الفطرة على من حضر ولا يوجه ذلك الى بلدة اخرى وان لم يجد

موافقا ( 1 ) .

ولكن الذي يوجب التوقف في الافتاء بناء الاصحاب على عدم الفرق بين

الفطرة وزكاة المال ، فيدل على جواز نقلها ما دل على جواز نقل زكاة المال ، والاحتياط

لابد رعايته في المقام ، واما انه هل يكون ضامنا لو نقلها وتلفت ام لا ففيه كلام تقدم

في زكاة المال . فراجع .

 

جنس وقدرها

 

الفصل الثالث : في قدرها وجنسها .

والكلام في هذا الفصل يقع في مقامين : الاول : في الجنس الواجب اخراجه .

الثاني : في بيان مقدار مايخرج .

اما المقام الاول : فقد اختلفت فيه كلمات الاصحاب اختلافا كثيرا فعن

الصدوقين والعماني : الاقتصار على الغلات الاربع - اي الحنطة والشعير والتمر

والزبيب - وعن المدارك : اضافة الاقط عليها ، وعن الاسكافي والحلبي والحلي : اضافة

الذرة اليها ، وعن الذخيرة : اضافة الارز والاقط ، وعن الشيخ في المبسوط والخلاف :

اضافة الارز والاقط واللبن ، مدعيا ثبوت الاجماع على اجزاء السبعة وعدم الدليل

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 15 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 4

 

 

[ . . . ]

على اجزاء غيرها ، وعن الدروس : ان ظاهر الاكثر الاقتصار على هذه السبعة ، وعن

كثير : انه القوت الغالب ، ونسب الى المشهور بين المتأخرين ، بل عن المعتبر والمنتهى :

دعوى الاجماع عليه ، وعن المفيد والسيد : انه فضلة اقوات اهل الامصار على اختلاف

اقواتها في النوع .

واما النصوص فهي على طوائف :

منها : ما اقتصر على الحنطة والشعير : كصحيح عبد الله بن سنان : صاع من

حنطة او صاع من شعير ( 1 ) .

ومنهما : ما اضاف اليهما الاقط : كخبر عبد الله بن المغيرة : يعطى من الحنطة

صاع ومن الشعير ومن الاقط صاع ( 2 ) .

ومنها : ما اضاف اليهما التمر ( 3 ) .

ومنها : ما اضاف اليهما التمر والزبيب : كصحيح الحلبي عن الصادق عليه

السلام قال : صدقة الفطرة - الى ان قال - عن كل انسان صاع من حنطة او شعير

او صاع من تمر او صاع من زبيب لفقراء المسلمين ( 4 ) . ونحوه غيره .

ومنها : ما تضمن ذكر الحنطة والتمر ( 5 ) .

ومنها : ما تضمن ذكر الحنطة والتمر والزبيب ( 6 ) .

......................................................

( 1 ) الاستبصار ج 2 ص 47 الرقم 155 .

( 2 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3 - 11 .

( 3 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 15 .

( 4 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 11 .

( 5 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 12 .

( 6 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 17

 

 

[ . . . ]

ومنها : ما تضمن ذكر الشعير والتمر والزبيب : كصحيح معاوية ( 1 ) .

ومنها : مااشتمل على الشعير والتمر والزبيب : والذرة ( 2 ) .

ومنها : ما دل على كفاية السلت والسويق : كخبر محمد بن مسلم ( 3 ) .

ومنها : ما دل على الاكتفاء باللبن : كمصحح زرارة ( 4 ) .

ولا تنافي بين هذه النصوص لعدم المفهوم لشئ منها ، فمقتضى المجموع البناء

على كفاية جميع ما تضمنته - وهي الغلات الاربع والاقط والذرة والسلت والسويق

واللبن - وان لم تكن قوتا .

وفي المقام روايات اخر تدل على ان الميزان هو القوت الغالب : كمصحح زرارة

عن الامام الصادق عليه السلام : الفطرة على كل قوم مما يغذون عيالهم من لبن

او زبيب او غيره ( 5 ) . ونحوه مرسل يونس ( 6 ) .

ومكاتبة ابراهيم بن محمد الهمداني عن ابي الحسن العسكري ( ع ) : ان الفطرة

صاع من قوت بلدك على اهل مكة واليمن والطائف واطراف الشام واليمامة والبحرين

والعراقين وفارس والاهواز وكرمان تمر ، وعلى اهل اوساط الشام زبيب ، وعل اهل

الجزيرة والموصل والجبال كلها بر او شعير ، وعلى اهل طبرستان الارز ، وعلى اهل

خراسان البر الا اهل مرو والري فعليهم الزبيب ، وعلى اهل مصر البر ، ومن سوى

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 8 .

( 2 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 10 .

( 3 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 13 .

( 4 ) الوسائل - باب 8 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1 .

( 5 ) الوسائل - باب 8 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1 .

( 6 ) الوسائل - باب 8 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 4

 

 

[ . . . ]

ذلك فعليهم ما غلب قوتهم ، ومن سكن البوادي من الاعراب فعليهم الاقط ( 1 ) .

والكلام يقع اولا : فيما يستفاد من هذه النصوص ، ثم في الجمع بينها وبين

النصوص الاول .

اما الجهة الاولى : فالمستفاد من المصحح الاكتفاء بما هو قوت في الجملة غالبا

وان لم يقتصر عليه في القوت ، بل وكان الغالب في القوت غيره ، وذلك من جهة قوله

من لبن او زبيب لعدم كونهما مما يقتصر عليه في القوت بل ولا مما غلب ، وعليه يحمل

المرسل ، ولا تعارضه المكاتبة لعدم العمل بما فيها من التفصيل ، بل تعين التمر لما ذكر

من الاقطار خلاف الضرورة .

ثم ان ظاهر مرسل يونس الفطرة على كل من اقتات قوتا ، فعليه ان يؤدي من

ذلك القوت - اعتبار كونه قوتا للمخرج - وظاهر المكاتبة اعتبار كون الشئ قوتا

بالبلد ، والمصحح قابل للحمل على كل منهما ، بل لا يبعد ظهوره في الثاني ، والجمع بينهما

يقتضي البناء على كفاية كل منهما .

واما الجهة الثانية : فمقتضى اطلاق النصوص المتقدمة كفاية الاخراج عن

الاجناس التي تضمنتها وان لم تكن قوتا للمخرج ، ومقتضى هذا النصوص ان العبرة

بالقوت كان من تلك الاجناس او من غيرها ، والنسبة عموم من وجه ، وحيث ان تلك

النصوص لاتدل على الحصر وتعين كون المخرج منها فهي لاتنافي هذه النصوص ،

واما هذه فبما انها تدل على اعتبار كونها قوتا ، فيوجب تقييد اطلاق تلك فتكون النتيجة

ان الميزان هو القوت الغالب كان من الاجناس المتقدمة ام غيرها . فتدبر .

والظاهر عدم كفاية الدقيق والخبز ، وذلك لان الظاهر من القوت اصل الجنس

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 8 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2 .

 

 

] وقدرها تسعة ارطال بالعراقي من الحنطة والشعير والتمر والزبيب والارز

والاقط . [

 

هكذا قيل ، ولان المذكور في النصوص هي الاصول ولو كانت الفروع كافية كانت

اولى بالذكر ، ولما في مصحح عمر بن يزيد عن ابي عبد الله ( ع ) قال : سألته تعطى

الفطرة دقيقا مكان الحنطة ؟ قال ( ع ) : لا بأس يكون اجر طحنه بقدر ما بين الحنطة

والدقيق ( 1 ) . اذ ظاهره كون الدقيق من باب القيمة ، والا لم يجز دفع ما نقص وزنا عن

الصاع اجماعا .

 

المقدار الواجب اخراجه صاع

 

المقام الثاني : في المقدار الواجب اخراجه .

( و ) الكلام فيه يقع اولا : في الاقوات غير اللبن ، ثم فيه .

اما الاول : فالمشهور بين الاصحاب : ان ( قدرها تسعة ارطال بالعراقي ) التي

هي صاع ( من الحنطة والشعير والتمر والزبيب والارز والاقط ) وغير تلك مما يخرج

فطرة .

وفي الجواهر : الاجماع بقسميه عليه .

وتشهد له نصوص مستفيضة ان لم تكن متواترة ، وفيها الصحاح ( 2 ) ، وقد تقدمت

جملة منها لاضرورة الى اعادتها ولا التطويل بنقل غيرها . نعم بازائها نصوص تدل

على كفاية نصف الصاع ( 3 ) ، وقد حملها الشيخ ره على التقية واستحسنه غيره ، وهو

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 9 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 5 .

( 2 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة .

( 3 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة .

 

 

] ومن اللبن أربعة أرطال بالمدني [

 

حسن .

وتشهد له النصوص المتضمنة ان السنة كانت جارية بصاع الى زمان عثمان ،

وفي ذلك الزمان ، وبعده في زمان معاوية جعل نصف صاع من الحنطة بازاء صاع من تمر

و ( 1 ) تابعهما الناس على ذلك . فنصوص النصف خرجت وفاقا لهم .

(و ) اما الثاني : فالمحكي عن المبسوط والمصباح ومختصره والاقتصاد والجمل

والنهاية والتهذيب والاستبصار والنافع والتذكرة وغيرها وفي الشرائع والمتن : انه

يتصدق ( من اللبن اربعة ارطال ) .

وهم اختلفوا في تفسيرها ، ففسرها قوم كالشيخ في جملة من كتبه وابن حمزة وابن

ادريس والمصنف في المتن ( بالمدني ) فتكون ستة ارطال بالعراقي ، وعن جماعة منهم

تفسيرها بالعراقي .

وقد استدل لكون المقدار الواجب اخراجه من اللبن اربعة ارطال بمرفوع

ابراهيم بن هاشم عن ابي عبد الله عليه السلام عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة

قال عليه السلام : يتصدق بأربعة ارطال من لبن ( 2 ) . بدعوى ان ضعف سنده منجبر

بعمل من عرفت .

وفيه : اولا : انه مختص بمن لا يتمكن من الفطرة فلا يكون مربوطا بالمقام - .

وثانيا : انه يعارضه العموم الابي عن التخصيص كخبر جعفر بن معروف :

كتبت الى ابي بكر الرازي في زكاة الفطرة وسألناه ان يكتب ذلك الى مولانا ، يعني

علي بن محمد الهادي عليه السلام فكتب : ان ذلك قد خرج لعلي بن مهزيار انه يخرج

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة .

( 2 ) الوسائل - باب 7 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3

 

 

] وافضلها التمر [

 

من كل شئ التمر والبر وغيره صاع وليس عندنا بعد جوابه علينا في ذلك

اختلاف ( 1 ) : المعتضد بما ورد في خصوص الاقط الذي يكون اللبن اولى منه بالتقدير

المذكور الدال على لزوم الصاع .

واستدل لكون الارطال الاربعة الكافية فيه انما هي اربعة بالمدني : بمكاتبة

محمد بن الريان : كتبت الى الرجل اسأله عن الفطرة وزكاتها كم تؤدى ؟ فكتب : اربعة

ارطال بالمدني ( 2 ) .

وفيه انها غير مختصة باللبن ، بل هي تدل على كفاية اربعة ارطال في مطلق

الاجناس ، فتعارض مع نصوص الصاع والترجيح معها ، والجمع بينها بحمل المكاتبة

على اللبن تبرعى لاشاهد له .

فتحصل : ان الاظهر ان المقدار الواجب اخراجه من اللبن ايضا هو الصاع .

 

الافضل اخراج التمر ثم الزبيب

 

مسائل : ( و ) الاولى ( افضلها ) اي افضل الاجناس ( التمر ) كما عن الاكثر .

وتشهد له نصوص كثيرة ففي خبر الشحام عن ابي عبد الله ( ع ) : لان اعطي

صاعا من تمر احب الي من ان اعطي صاعا من ذهب في الفطرة ( 3 ) .

وفي صحيح هشام عنه ( ع ) : التمر في الفطرة افضل من غيره لانه اسرع منفعة

وذلك انه اذا وقع في يد صاحبه اكل منه ( 4 ) . ونحوهما غيرهما .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 4 .

( 2 ) الوسائل - باب 7 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 5 .

( 3 ) الوسائل - باب 10 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 6 .

( 4 ) الوسائل - باب 10 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 8

 

 

] ثم الزبيب ثم ما يغلب على قوت السنة ويجوز اخراج القيمة [

 

( ثم الزبيب ) كما عن الاكثر ، ويشهد له التعليل في صحيح هشام ، وهو

وان اقتضى مساواته مع التمر الا ان اختصاصه بما سمعت من النصوص كاف في زيادة

فضيلته .

( ثم مايغلب على قوت السنة ) لنفسه كما عن الاكثر لمكاتبة الهمداني

الى العسكري عليه السلام المتقدمة ( 1 ) ، هذا اذا لم يكن هناك مرجح من كون غيرها

اصلح بحال الفقير وانفع له والا فهو الافضل للتعليل في صحيح هشام المتقدم .

 

لايجزي الصاع الملفق

 

الثانية : لايجزي الصاع الملفق من جنسين بان يخرج نصف صاع من الحنطة

ونصفا من الشعير مثلا كما في الجواهر وغيرها ، لخروجه عن كل من الاصول ، وقد

دلت النصوص على اعتبار كونها صاعا من احد تلك الاصول .

ودعوى انه بناءا على ان الميزان هو القوت الغالب المستلزم لحمل اخبار

التنصيص على الحنطة والشعير على انها من باب اظهر الافراد ، لابد من البناء على

الاجزاء ، مندفعة بان الظاهر من اخبار القوت بضميمة اخبار الصاع انها صاع من

كل جنس من الاجناس التي تكون قوتا ، فاعطاء صاع من الجنسين لايكون مشمولا

لها ، فالاظهر عدم الاجزاء .

 

الاجتزاء بالقيمة

 

الثالثة : ( ويجوز اخراج القيمة ) مع التمكن من الاجناس بلا خلاف

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 8 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2

 

 

[ . . . ]

اجده فيه ، ودعوى الاجماع عليه مستفيضة كالنصوص ، فهذا مما لا كلام فيه .

انما الكلام في انه هل يتعين ان تكون القيمة من الاثمان اي الدراهم والدنانير

وما بحكمهما ، ام لافرق بينها وبين غيرها من الاجناس الاخر ؟

وقد استدل للثاني : باطلاق موثق اسحاق عن الامام الصادق عليه السلام لا

بأس بالقيمة في الفطرة ( 1 ) .

وبما دل على جواز اعطاء القيمة من غير النقدين في زكاة المال ( 2 ) بناءا على

عدم الفرق بينها وبين المقام .

وبانه المستفاد من التعليل في بعض نصوص الباب المقيدة بالدرهم بانه انفع .

واورد على الاول بانصرافه الى النقدين .

واجاب عنه الشيخ الاعظم ره بان الظاهر منه انه لابأس باخراج الشئ

بقيمة الاصول ، فيكون ظاهرا في غير الدراهم والدنانير .

وفيه : ان الظاهر منه انه لا بأس باخراج القيمة نفسها .

ويرد على الثاني : ان عدم الفرق بين البابين حتى في هذه الاحكام غير ثابت

وفساد الثالث واضح .

فاذا لادليل تطمئن النفس به يدل على كفاية القيمة من غير الاثمان ،

فالاحوط عدم الاكتفاء به ، ويؤيده ان نصوص الباب مع كثرتها مقيدة بالدرهم

فراجعها .

ولم يرد من الشارع الاقدس تقدير لعوض الواجب ، بل الثابت في النصوص

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 9 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 9 .

( 2 ) الوسائل - باب 14 - من ابواب زكاة الذهب والفضة

 

 

[ . . . ]

اطلاق الاجتزاء بالقيمة ، ومقتضاه كما في غير المقام الرجوع الى القيمة السوقية - كما

هو المشهور بين الاصحاب ، ونسب في الشرائع التقدير بدرهم الى قوم وبثلثي درهم

الى قوم آخرين ، وفي الجواهر : لم نعرف قائل شئ منهما ولا مستنده ، ثم نقل عن

المقنعة : سئل عن الصادق ( ع ) عن مقدار القيمة فقال : درهم في الغلاء والرخص

وروي : ان اقل القيمة في الرخص ثلثا درهم ( 1 ) .

وعن الاستبصار رواية خبر اسحاق بن عمار عن الامام الصادق عليه السلام :

لا بأس ان يعطيه قيمتها درهما ( 2 ) .

ولكن يرد على مرسلي المفيد : انهما ضعيفان سندا لم يعمل راويهما بهما .

ويرد على خبر اسحاق : ان من المحتمل ان يكون المراد من الدرهم الجنس ،

بل هو الظاهر والله العالم .

مع انه لو اغمضنا عن ذلك كله يعارضها خبر سليمان بن جعفر المروزي :

سمعته يقول : ان لم تجد من تضع الفطرة فيه فاعزلها تلك الساعة قبل الصلاة والصدقة

بصاع من تمر أو قيمته في تلك البلاد دراهم ( 3 ) .

والمدار قيمة وقت الاخراج لا وقت الوجوب لما تقدم في زكاة المال ، كما انه ظهر

مما ذكرناه هناك ان المعتبر قيمة بلد الاخراج ، ويشهد له ايضا خبر المروزي المتقدم .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 9 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 14 .

( 2 ) الوسائل - باب 9 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 11 .

( 3 ) الوسائل - باب 9 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 7

 

 

] ويجب ان يخرجها عن نفسه وعن من يعوله من مسلم وكافر حر وعبد وصغير

وكبير وان كان متبرعا بالعيلولة [ .

 

فيمن تجب عنه الفطرة

 

الفصل الرابع : فيمن تجب عنه الفطرة .

( و ) مع اجتماع الشرائط ( يجب ان يخرجها عن نفسه وعن ) جميع ( من

يعوله من مسلم وكافر حر وعبد وصغير وكبير وان كان متبرعا

بالعيلولة ) بلا خلاف .

وعن غير واحد : دعوى الاجماع عليه .

وتشهد له نصوص كثيرة : كصحيح ابن سنان عن الامام الصادق ( ع ) : في

صدقة الفطرة : تصدق عن جميع من تعول من صغير او كبير حر او مملوك ( 1 ) .

ومصححه عنه ( ع ) : كل من ضممت الى عيالك من حر أو مملوك فعليك ان

تؤدي الفطرة عنه ( 2 ) .

وصحيح محمد بن مسلم عن الامام الباقر عليه السلام : عما يجب على الرجل

في اهله من صدقة الفطرة ؟ قال عليه السلام : تصدق عن جميع من تعول من حر او

عبد او صغير او كبير ( 3 ) .

وصحيح عمر بن يزيد : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عنده

الضيف من اخوانه فيحضر يوم الفطر يؤدي عنه الفطرة ؟ فقال عليه السلام : نعم

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 6 - من ابواب زكاة الفطرة مع اختلاف يسير - حديث 12 .

( 2 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 8 .

( 3 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 6 .

 

 

[ . . . ]

الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر او انثى صغير او كبير حر او مملوك ( 1 ) : و

نحوها غيرها .

وموضوع الحكم ليس هو خصوص العيال كي يدعى اختصاصه بمن يعوله

مدة وينفق عليه في تلك المدة ، بل الموضوع ان يكون ممن يعوله ولو في وقت ، اي ممن

تحمل معاشه ، ففي الخبر تفسير من يعول بمن ينفق عليه صاع من تمر ، فالعيال ومن

ضم اليهم يجب اخراجها عنهم كما صرح بذلك في مصحح ابن سنان المتقدم .

واما صحيح ابن الحجاج : عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله الا انه

يتكلف له نفقته وكسوته اتكون عليه فطرته ؟ قال عليه السلام : لا ، انما تكون فطرته

على عياله صدقة دونه ، وقال عليه السلام : العيال الولد والمملوك والزوجة وام الولد ( 2 ) .

فلا ينافي ماذكرناه ، اذ توهم التنافي ان كان من ناحية ما في ذيله من حصر العيال في

الاربعة فيرده انه لاظهور له في الحصر ، بل الظاهر منه بيان المصاديق الظاهرة ، وان

كان من ناحية قوله ينفق على رجل ليس من عياله الصريح في اعمية الانفاق عن

العيلولة فيرده ان الانفاق على شخص ربما يكون مع كون المنفق عليه تابعا للمنفق

ومن متعلقيه في شؤون معاشه ، وربما يكون بدون ذلك ، كما لو اعطى الانسان مالا الى

شخص بمقدار نفقته - بعنوان الهبة او غيره - وفي الاول يصدق انه ممن يعوله او ضم

الى عياله ، وفي الثاني لا يصدق ، والصحيح انما يدل على عدم الوجوب في المورد

الثاني ، ولهذا لاتجب فطرة محصلي الحوزة العلمية وعيالاتهم على الرئيس المتصدي

لامرهم والانفاق عليهم . والله العالم .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2 .

( 2 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3

 

 

[ . . . ]

 

الضيف

 

وتمام الكلام بالبحث في مواضع :

الاول : في الضيف ، فقد اختلفت كلماتهم فيه ، فعن الشيخ والسيد : اعتبار

الضيافة طول الشهر ، وعن المفيد : الاكتفاء بالنصف الاخير ، وعن جماعة : الاجتزاء

بالعشر الاخيرة ، وعن بعضهم : الاجتزاء بالليلتين الاخيرتين ، وعن المصنف ره :

الاجتزاء بالليلة الاخيرة ، وعن جماعة منهم الشهيد الثاني ره : الاجتزاء بصدق الضيف

في جزء من الزمان قبل الهلال ، وعن بعض : اعتبار صدق العيلولة .

اقول : ان الضيف لايكون ضيفا الا مع كونه ممن يعوله بالمعنى المتقدم لهذا

العنوان ، ولا يعتبر فيه صدق كونه من عياله ، وحيث عرفت ان موضوع الحكم هو من

يعوله ، فيظهر لك انه لايعتبر فيه سوى صدق الضيف ، وما في صحيح عمر بن يزيد

من قوله عليه السلام : نعم الفطرة واجبة على كل من يعول ( 1 ) . ويؤيد ذلك بل يشهد

به ، فانه عليه السلام في مقام الجواب لم يكتف ببيان حكم الضيف خاصة بل اشار الى

وجهه وهو دخوله فيمن يعوله .

فالمتحصل من النصوص : ان الضيف ان كان ممن يعيش بنفقته تجب الصدقة

عنه ، والا فلا .

والظاهر عدم الفرق في الضيف بين ان ينزل بنفسه او يكون مع سبق الدعوة

للعشاء او الافطار في الوليمة .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2

 

 

[ . . . ]

ودعوى ان الثاني ليس له التابعية للمنفق بخلاف الاول فلا يصدق انه ممن

يعوله ، كما ترى ، واضعف منها دعوى ان الداعي انما يتعهد بخصوص طعامه وشرابه

دون بقية الجهات بخلاف الضيف النازل .

ويعتبر في وجوب الفطرة عن الضيف نزوله قبل غروب الشمس ليلة الفطر ،

فلو نزل بعده لاتجب الزكاة عنه لما عرفت من دلالة النصوص على اعتبار اجتماع

الشرائط في آخر جزء من نهار اليوم الاخر من رمضان ، لاحظ صحيح معاوية عن

الامام الصادق ( ع ) : عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة قال ( ع ) : لا قد خرج

الشهر ( 1 ) .

وما رواه في محكي الفقية عنه : في المولود يولد ليلة الفطر واليهودي والنصراني

يسلم ليلة الفطر قال ( ع ) : ليس عليهم فطرة ، ليس الفطرة الا على من ادرك الشهر ( 2 ) .

 

حكم فطرة الزوجة

 

الثاني : في فطرة الزوجة .

وهي اما تكون واجبة النفقة ، او لاتجب نفقتها لنشوز او نحوه ، فان كانت

واجبة النفقة فمع العيلولة لا كلام في كون فطرتها على الزوج ، كما انه اذا عالها غيره

كانت فطرتها عليه ، واما اذا لم يعلها احد فالمشهور بين الاصحاب ان فطرتها على

زوجها .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 11 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2 .

( 2 ) الوسائل - باب 11 - من ابوبا زكاة الفطرة - حديث 1

 

 

[ . . . ]

واستدل له : باطلاق بعض النصوص كموثق اسحاق عن الفطرة قال ( ع ) :

الواجب عليك ان تعطي عن نفسك وابيك وامك وولدك وامرأتك وخادمك ( 1 ) . بدعوى

انه يدل على ان فطرة واجبي النفقة على من وجبت النفقة عليه ، وان وجوب النفقة

كالعيلولة سبب لكون الفطرة على غيره .

وبه يظهر ان هذا لا ينافي النصوص الدالة على ان العيلولة هي الضابط

والميزان في هذا الباب ، فان تلك النصوص لا مفهوم لها تدل به على عدم الثبوت مع

عدم العيلولة .

وصحيح ابن الحجاج المتقدم : العيال الولد والمملوك والزوجة وام الولد ( 2 ) .

وبان الفطرة بما انها زكاة البدن ويخاف بتركها الموت فهي من المؤن التي يجب

على المنفق تحملها عن واجبي النفقة .

ولكن يرد على الموثق : انه لو اخذ باطلاقه وبنى على وجوب فطرة الزوجة على

الزوج مع عدم العيلولة ، لزم البناء على ان فطرة الوالد على الولد ، وكذلك العكس

مع كونها على انفسهما ، وهذا مما لا يمكن الالتزام به ، فيتعين حمل الموثق على ارادة

صورة العيلولة .

ويرد على الصحيح : انه من جهة ذكر الاربعة تمييزا للعيال عن غيرهم ، مع

كون الجميع ينفق عليهم لا في مقام التعبد بان هؤلاء عيال مطلقا ، عدم دلالته لهذا

القول واضح .

واما الاخير فيرد عليه : انه ان فرض توجه الوجوب اليها لاصارف له عنها

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 4 .

( 2 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3

 

 

[ . . . ]

اليه ، ومع فرض عدم توجهه اليها لاوجوب حتى تكون من المؤونة .

فالاظهر انها كسائر واجبي النفقة لا تجب فطرتها على الزوج مع عدم

العيلولة . وبه يظهر حكم ما اذا لم تجب نفقتها ، فانها ان كانت من عياله وجبت فطرتها

عليه كغيرها ، والا فلا .

فما عن الحلي من الوجوب عليه مع عدم العيلولة ضعيف ، والاجماع الذي

ادعاه على ذلك دفعه المحقق في محكي المعتبر بقوله : ما عرفنا احدا من فقهاء الاسلام

- فضلا عن الامامية - اوجب الفطرة عن الزوجة من حيث هي ، بل ليس تجب فطرة

الا عمن تجب مؤونته او تبرع بها عليه - .

 

من وجبت فطرته على غيره

 

الثالث : من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه بلا خلاف ظاهر الا عن الحلي

من وجوب الفطرة على الضيف والمضيف ورد بعموم قوله لا ثنيا في صدقة .

الاولى دفعه بنفس الادلة الدالة على ان فطرة الضيف على المضيف ، فانها

ظاهرة في وحدة الفطرة وان المضيف يتحملها عن الضيف

وبما ذكرناه ظهر مدرك هذا الحكم .

ولو لم يخرجها من وجبت عليه عصيانا او نسيانا ، فهل يجب عليه ان يخرجها

عن نفسه كما عن ظاهر الارشاد واحتمله في محكي المسالك ، ام لا ؟ وجهان .

قد استدل للاول بوجهين : الاول : ان المستفاد من الادلة ان المعيل مكلف بدفع

الفطرة الثابتة على المعال عنه ، فالمكلف به افراغ ذمة المعال .

وفيه : ان هذا خلاف ظاهر الادلة ، فانها تتضمن وجوب الفطرة عن العيال على

 

 

[ . . . ]

المعيل ، والظاهر ذلك توجه التكليف اليه ابتداءا .

الثاني : ان الجمع بين ما دل على لزوم فطرة كل احد على نفسه ، وبين ما دل

على ان لكل انسان فطرة واحدة يقتضى الالتزام يكون الوجوب عليهما من قبيل

الوجوب الكفائي الذي يكون الواجب فيه واحدا ، والواجب عليه متعددا ، وعليه فاذا

لم يخرجها المعيل يجب اخراجها على العيال تعيينا .

وفيه : ان الجمع بين تلك الطوائف يقتضى البناء على تقييد اطلاق الاولى

بالطائفة الثانية التي هي اخص منها ، فالاظهر عدم وجوبها على العيال .

ولو كان المعيل فقيرا والمعال غنيا ، فهل تجب على المعال اخراجها عن نفسه

ام لا ؟ وجهان : الاقوى هو الاول تبعا لجماعة منهم الحلي والمحقق والشيخ الاعظم ، لان

عموم مادل على وجوب الفطرة على كل احد انما خصص بما اذا وجبت فطرة العيال

على المعيل ، واما اذا لم تجب عليه فالعموم المشار اليه هو المحكم .

فما عن الشيخ ره من سقوطها عن الزوجة الموسرة وان كان الزوج معسرا و

قواه الفخر ره مستندا الى عدم الدليل على الثبوت والاصل يقتضي عدمه ، غير تام لما

عرفت من وجود الدليل ، اللهم الا ان يقال : ان العمومات في الزوجة خصصت بما دل

على ان فطرتها على الزوج ، فانه يدل على خروج الزوجة عن عمومات وجوب الفطرة

باصل الشرع .

ولكن يدفعه ان المخصص انما هو ماتضمن ان فطرة الزوجة واجبة على

الزوج ، ففي صورة عدم وجوبها عليه يكون المتبع هو العمومات لعدم شمول

المخصص لها .

وحينئذ لو تكلف المعيل الفقير بالاخراج فهل تسقط عن العيال ام لا ؟ وجهان

مبنيان على استحبابها على الفقير وان كان العيال اغنياء وعدمه ، اذ على الاول تسقط

 

 

] ويجب فيها النية وايصالها الى مستحق زكاة المال [ .

 

لانه لاثنيا في الصدقة ، وعلى الثاني لا تسقط لقاعدة الاشتغال بعد عدم الدليل على

السقوط ، وحيث ان الاستحباب غير ثابت فالاظهر عدم السقوط .

 

مصرف زكاة الفطرة

 

الفصل الخامس : في مصرف زكاة الفطرة .

وقبل التعرض له لابأس بالتعرض لفرع ذكره المصنف ره في المقام ، قال :

( ويجب فيها النية ) .

اقول : ان النية معنى القصد الموجب لصيرورة الفعل اختياريا اعتبارها

واضح ، اذ الفعل غير الاختياري لا يكون متعلقا للتكليف ، فسقوط التكليف به

خلاف ظاهر الادلة .

واما النية بمعنى قصد القربة فقد استدل لاعتبارها بما استدل به على ان

الاصل في الواجبات كونها عباردية من الايات والرويات وغيرهما ، وقد حقق في محله

عدم دلالتها عليه ، بل الاصل كونها توصيلة .

فالصحيح ان يستدل له بالاجماع على كونها من العبادات ، واعتبار قصد

القربة فيها واضح ، واما الكلام في انها شرط او جزء ، وان الداعي القربي منحصر في

الامر والمحبوبية ام لا ، وبيان مراتب غايات الامتثال ، فقد تقدم في الجزء الرابع من

هذا الشرح مفصلا اذا عرفت هذا فاعلم ان الكلام في هذا الفصل يقع في مواضع :

( و ) الاول : المشهور بين الاصحاب : انه يتعين ( ايصالها الى مستحق

زكاة المال ) .

 

 

[ . . . ]

فيعتبر فيه الايمان لاطلاق ما دل على ان الزكاة لاهل الولاية ( 1 ) ، ولما رواه

اسماعيل بن سعد عن الامام الرضا عليه السلام : عن الزكاة هل توضع فيمن

لايعرف ؟ قال : لا ولا زكاة الفطرة ( 3 ) .

وعن الشيخ واتباعه : انه يجوز اعطائها للمستضعفين من اهل الخلاف عند

عدم وجود المؤمنين .

ويشهد له : موثق الفضيل عن الامام الصادق عليه السلام : كان جدي عليه

السلام يعطي فطرته الضعفاء ومن لايجد ومن لا يتولى ، وقال ابو عبد الله ( ابوه ) : هي

لاهلها الا ان لاتجدهم ، فان لم تجدهم فلمن لاينصب ، ولا تنقل من ارض الى ارض

الحديث ( 3 ) . ونحوه غيره .

وبها يقيد اطلاق ما دل على عدم جواز اعطائها لغير المؤمن ، فيختص بما اذا

كان المؤمن موجودا في بلده ، بل مقتضى اطلاق نصوص القيد جواز اعطائها لغير

الناصب من المخالف وان لم يكن مستضعفا .

الثاني : المشهور بين الاصحاب : ان مصرفها مصرف زكاة المال ، بل عن

المدارك : انه مقطوع به في كلامهم ، وعن الاصبهاني : الاجماع عليه ، وعن المعتبر

والمنتهى : اختصاص مصرفها فيما عدا العاملين والمؤلفة قلوبهم ، والظاهر ان ذلك منهما

لبنائهما على انه لا سهم لهما في زمان الغيبة فهما غير مخالفين للقوم ، وعن المفيد :

اختصاصها بالمساكين ، لكن لا يساعده محكي عبارة المقنعة ، فالظاهر انه لاخلاف في

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب المستحقين للزكاة .

( 2 ) الوسائل - باب 5 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 1 .

( 3 ) الوسائل - باب 15 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3

 

 

[ . . . ]

المسألة .

ويشهد للمشهور : قوله تعالى انما الصدقات للفقراء . . . الخ ( 1 ) سيما بملاحظة

الصحيح ( 2 ) انه نزلت الزكاة وليس للناس اموال وانما كانت الفطرة .

ولكن يظهر من جملة من النصوص اختصاصها بالفقراء ، كصحيح الحلبي : ان

زكاة الفطرة لفقراء المسلمين ( 3 ) . ونحوه غيره .

اللهم الا ان يقال : ان غير صحيح الحلبي من النصوص لورودها في مقام بيان

وصف المستحق الذي يجوز اعطائها اياه لا تدل على الحصر كما لايخفى على من

راجعها ، واما صحيح الحلبي فهو ايضا قابل للحمل على ذلك لو لم يكن ظاهرا فيه .

فالاظهر ان مصرفها مصرف زكاة الفطرة ، والاحوط الاقتصار على الفقراء

والمساكين .

 

تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي

 

الموضع الثالث : المشهور بين الاصحاب : انه تحرم فطرة غير الهاشمي على

الهاشمي ، وفي الحدائق : من غير خلاف يعرف ، وقد ادعى الاجماع عليه .

ويشهد له : اطلاق ما دل على حرمة الزكاة - او الزكاة المفروضة - او الصدقة

الواجبة عليه اذا كانت من غير الهاشمي ( 4 ) .

......................................................

( 1 ) سورة التوبة الاية 61 .

( 2 ) الوسائل - باب 1 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1 .

( 3 ) الوسائل - باب 14 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1 .

( 4 ) الوسائل - باب 29 - و 31 - من ابواب المستحقين للزكاة

 

 

[ . . . ]

انما الكلام في انه اذا كان المعيل هاشميا دون المعال او انعكس ، فهل المدار

على المعيل فيجوز دفع فطرة المعال الهاشمي في الاول دون الثاني كما في الجواهر ، او

على المعال فلا يجوز الدفع في الاول ويجوز في الثاني كما في الحدائق ، ام يكفي في الجواز

كون احدهما غير هاشمي فيجوز الدفع في الصورتين ، ام يعتبر في جواز الدفع كون

كليهما هاشميين ؟ وجوه .

قد استدل للاول : بان المخاطب بهذا الخطاب ومن اشتغلت ذمته بذلك هو

المعيل ، اذ المعال كالمال تجب الصدقة عنه ويرجع نفع الصدقة اليه ، والظاهر من صدقة

الهاشمي وكذا غير الهاشمي الصدقة الواجبة عليه التي اشتغلت ذمته بها لا صدقة من

وجبت عنه . فتدبر فالمدار على المعيل .

واستدل في الحدائق للثاني : بان الزكاة انما تضاف الى المعال ، وانما تجب على

المعيل دفع زكاة العيال ، والظاهر من الادلة ان الزكاة المضافة الى غير الهاشمي لا

تحل للهاشمي . ثم استشهد لدعواه الاولى ببعض النصوص المتضمنة لانتساب

الفطرة الى العيال ، ثم نظر المسألة بما اذا دفع المقرض زكاة المال عن المقترض بشرط ،

ثم ايده بالتعليل بان الزكاة اوساخ ايدي الناس ، فان هذه العلة تناسب كون المدار

على المعال لانه فداء عنه .

اقول : لا اشكال في ان الزكاة تنسب الى المعال ، وتكون فداءا عنه ، الا ان

الظاهر من الادلة ان الصدقة المضافة الى غير الهاشمي بنفسها لا من جهة عود نفعها

اليه تحرم على الهاشمي ، وهذا انما يكون في الصدقة الواجبة عليه ، واما التي يعود نفعها

اليه فهي ليست منتسبة اليه بنفسها بل ثمرتها تكون له .

واستدل للثالث : بان الزكاة تنسب الى كل منهما من جهة كونها واجبة عليهما

بنحو الواجب الكفائي .

 

 

] والافضل صرفهما الى الامام عليه السلام [ .

 

وفيه : ما عرفت من ضعف المبنى .

واما الرابع : فالظاهر انه لا منشأ له سوى الاحتياط .

فتحصل : ان الاظهر ان المدار على المعيل .

 

دفع الزكاة الى الفقيه

 

الرابع : يجوز للمالك ان يتولى دفع الزكاة مباشرة او توكيلا ، وعن المنتهى : انه

لا خلاف فيه بين العلماء .

وتشهد له جملة من النصوص المتقدمة المتضمنة لايصال المالك اياها الى

المستحقين من اهل بلده المؤيدة بما تقدم في زكاة المال .

( والافضل صرفهما ) اي صرف زكاة المال وزكاة الفطرة ( الى الامام

عليه السلام ) .

اما زكاة المال فلما تقدم ، واما الفطرة فيشهد لافضلية صرفها الى الامام قوله

عليه السلام في موثق الفضيل : الامام يضعها حيث يشاء ويصنع فيها مارأى ( 1 ) .

وخبر ابي علي بن راشد : عن الفطرة لمن هي ؟ قال عليه السلام : للامام

قال : قلت : فاخبر اصحابي ؟ قال عليه السلام : نعم من اردت ان تظهره منهم وقال عليه

السلام : لا بأس بان تعطي وتحمل ثمن ذلك ورقا ( 2 ) .

ولعل المراد بذيله التخيير بين الاعطاء بنفسه وبين حمل الثمن للامام .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 15 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 3 .

( 2 ) الوسائل - باب 9 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2

 

 

] ومع غيبته الى المامون من فقهاء الامامية ولا يعطي الفقير اقل من

صاع . [

 

هذا في صورة عدم المطالبة ، واما لو طالب فالاظهر وجوب الدفع اليه لما تقدم

في زكاة المال .

( ومع غيبته ) الافضل صرفها ( الى المامون من فقهاء

الامامية ) كما صرح به غير واحد .

واستدل لاستحباب ذلك ابتداءا ، ووجوبه مع المطالبة بما استدل به على

استحباب صرف زكاة المال ابتداءا ، ووجوبه مع الطلب ، فالبحث في تلك المسألة يغنينا

عن البحث في المقام .

واما الاستدلال للاستحباب في المقام بموثق الفضيل وخبر ابي على المتقدمين ،

فغريب لظهورهما في امام الاصل .

 

اقل ما يدفع الى الفقير

 

الخامس : ( ولا يعطي الفقير اقل من صاع ) كما هو المشهور بين

الاصحاب ، وعن المختلف : نسبته الى علمائنا .

ويشهد له مرسل الحسين بن سعيد عن الامام الصادق عليه السلام : لا تعط

احدا اقل من رأس ( 1 ) .

ومرسل الفقيه : لابأس بان تدفع عن نفسك وعمن تعول الى واحد ، ولا يجوز

ان تدفع ما يلزم واحدا الى نفسين . بناءا على ان ولا يجوز . . . الخ ( 2 ) جزءا من الخبر كما

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 16 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 2 .

( 2 ) الوسائل - باب 16 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 4

 

 

[ . . . ]

فهمه صاحب الوسائل لا من كلامه كما فهمه صاحب الوافي واستظهره في الحدائق .

وضعف سنديهما منجبر بالعمل .

وعن جماعة منهم المحقق والشهيد ان : جواز ان يدفع اليه اقل من صاع .

واستدل لهم : باطلاق الادلة بعد تضعيف مستند المشهور بالارسال ، وبصحيح

صفوان عن اسحاق بن المبارك عن ابي ابراهيم : عن صدقة الفطرة قلت : اجعلها فضة

واعطيها رجلا واحدا او اثنين ؟ قال ( ع ) : يفرقها احب الي ، قلت : اعطي الرجل

الواحد ثلاثة اصوع واربعة اصوع ؟ قال ( ع ) : نعم ( 1 ) .

وبالنصوص المتضمنة لقسمة النبي ( ص ) صدقات اهل الحضر والبادية

المتضمنة : انه ليس في ذلك شئ موقت ( 2 ) .

وفي الجميع نظر : اما الاول : فلما عرفت من انجبار الضعف بالعمل ويصلح هو

لتقييد الاطلاقات .

واما الثاني : فلانه مطلق ، اذ لم يصرح فيه بان ما يفرق صدقة واحدة ، بل قابل

للحمل على المتعدد ، ويؤيده قوله احب الي اذ لاريب في عدم احبية تفريق صاع

واحد ، اذ من افتى بالجواز ملتزم بأفضلية اعطاء صاع واحد لفقير واحد .

واما الثالث : فلان تلك النصوص ايضا مطلقة ، فالاظهر انه لايدفع الى الفقير

اقل من صاع .

ثم ان مقتضى اطلاق المرسلين ثبوت هذا الحكم في صورة اجتماع جماعة لا

يسعهم ذلك ، الا انه صرح غير واحد : بالجواز في هذه الصورة ، وعللوه بان فيه تعميما

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 16 - من ابواب زكاة الفطرة - حديث 1 مع اختلاف يسير .

( 2 ) الوسائل - باب 28 - من ابواب المستحقين للزكاة

 

 

] ولاحد لاكثره ويستحب اختصاص القرابة بها ثم الجيران ويستحب للفقير

اخراجها [

 

للنفع ، وبان في منع البعض اذية المؤمن فجاز التشريك بينهم حينئذ وهما كما ترى لا

يصلحان لرفع اليد عن اطلاق الدليل .

( ولا حد لاكثره ) فيجوز ان يعطى فقير واحد ازيد من صاع ، بل الى حد

الغنى بلا خلاف ، وتشهد له جملة من النصوص وقد تقدمت جملة منها ، وقد تقدم ان

الغني هو من يملك مؤونة سنته ، وقد مر في اصناف المستحقين للزكاة ما يظهر منه

الاشكال والمنع من اعطائه ازيد من مؤونة السنة . فراجع .

السادس : ( ويستحب اختصاص القرابة بها ) كغيرها من الصدقات

لقوله صلى الله عليه وآله : لاصدقة وذو رحم محتاج ( 1 ) . وقوله عليه السلام : على ذي

الرحم الكاشح ( 2 ) . في جواب من سأله اي الصدقة افضل ، ونحوهما غيرهما .

( ثم الجيران ) لقوله عليه السلام : جيران الصدقة احق بها ( 3 ) . ولعل وجه

تقديم القرابة على الجيران ما ذكره بعضهم من ان علاقة القرابة اقوى من علاقة

الجوار . فتأمل .

وينبغي ترجيح اهل الفضل في الدين والعلم لقول ابي جعفر عليه السلام :

اعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل ( 4 ) .

( ويستحب للفقير اخراجها ) وقد تقدم في الفصل الاول تنقيح القول

في ذلك والحمد لله كما هو اهله .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 20 - من ابواب الصدقة - حديث 4 .

( 2 ) الوسائل - باب 20 - من ابواب الصدقة - حديث 1

( 3 ) الوسائل - باب 20 - من ابواب الصدقة .

( 3 ) الوسائل - باب 25 - من ابواب المستحقين للزكاة - حديث 2 .

 

 

[ . . . ]

وقد فرغ من كتاب الزكاة في اليوم السادس عشر من شهر رمضان من السنة

التاسعة والسبعين بعد الالف والثلاثمائة ه .

مؤلفه الاحقر محمد صادق الحسيني الروحاني في بلدة قم المشرفة .

 

 

] الباب الخامس : في الخمس [

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كتاب الخمس

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف سفرائه محمد وآله

الطاهرين .

( الباب الخامس : في الخمس ) .

وهو لغة : رابع الكسور ، وشرعا : حق مالي محدود برابع الكسور فرضه الله على

عباده للحجة وقبيله .

ودعوى انه ليس له حقيقة شرعية ولا متشرعية بل المعنى المعهود عند

المتشرعة هو احد مصاديق معناه اللغوي ، مندفعة بان الخمس عند المتشرعة يستعمل

في هذا الفرد الذي له مصرف خاص بلا قرينة ، وحيث ان استعمال اللفظ الموضوع

للكلي في الفرد - لا سيما مع تقيده بقيد خاص - يكون مجازا فيستكشف من استعمال

الخمس في المعنى المعهود بلا قرينة ثبوت حقيقة شرعية او تشرعية له ، لذا نلتزم

في الموارد التي ورد الامر فيها باخراج الخمس كالحلال المختلط بالحرام بان مصرفه

مصرف سائر اقسام الخمس كما سيمر عليك .

 

 

[ . . . ]

 

الدنيا وما فيها للامام ( ع )

 

وقبل الشروع في مقاصد هذا الباب لاباس بالتنبيه على امر وهو : انه يظهر

من جملة من النصوص ان الدنيا وما فيها للحجة عليه السلام ، وان له التصرف فيها

كيف ما شاء ، لاحظ مكاتبة ابن الريان الى العسكري عليه السلام قال : كتبت اليه :

روي لنا ان ليس لرسول الله ( ص ) من الدنيا الا الخمس ، فجاء الجواب : ان الدنيا

وما عليها لرسول الله ( ص ) ( 1 ) .

ومرسل احمد بن محمد بن عبد الله الدنيا وما فيها لله ولرسوله ولنا فمن غلب

علي شئ منها فليتق الله . الحديث ( 2 ) .

وخبر ابي بصير عن الامام الصادق عليه السلام قلت له : اما على الامام زكاة ؟

فقال : احلت يا ابا محمد اما علمت ان الدنيا والاخرة للامام عليه السلام يضعها حيث

يشاء ويدفعها الى من يشاء . . . الخ ( 3 ) . ونحوها غيرها .

واورد عليها : بان هذه النصوص مصادمة للضرورة وللكتاب والسنة ، حيث انهما

يدلان على ثبوت الخمس ، ولو كان الدنيا وما فيها للحجة لما كان لجعل الخمس

مورد .

وفيه : ان الظاهر من هذه الاخبار ثبوت السلطنة الثابتة لله تعالى على اموال

الناس من غير جعل جاعل للرسول صلى الله عليه وآله والامام عليه السلام بالجعل ،

......................................................

( 1 ) اصول الكافي ج 1 - ص 409 - باب ان الارض كلها للامام ( ع ) - حديث 6 .

( 2 ) اصول الكافي ج 1 - ص 408 - باب ان الارض كلها للامام ( ع ) - حديث 2 .

( 3 ) الاصول ج 1 - ص 409 - حديث 4

 

 

[ . . . ]

وهذا المعنى من الملكية لا ينافي مع ملكية الناس . وان شئت فعبر عن ذلك باولوية

الحجة بالتصرف فيها من المالكين لها ، وهذه الملكية اقوى من ملكية ما يملكه العبد

لسيده .

ويؤيد ذلك مخاصمة ابن ابي عمير مع ابي مالك في ان الدنيا وما فيها للامام

عليه السلام وهجره هشاما بعد ما حكم لابي مالك من عدم كونها له ، اذ لا يظن بابن

ابي عمير التزامه بملكيتها له عليه السلام بنحو لاتجامع مالكية سائر الناس والتزام

الائمة عليهم السلام بالتجنب عما في ايدي الناس وعدم استباحة شئ من ذلك

الا بسبب لا ينافي ذلك لعدم دلالته على عدم كونه لهم واقعا ، ولذا تصرف الامام موسى

بن جعفر عليه السلام في بستان مخالفه مع تصريحه بعدم رضاه بذلك ، واسترضائه بعد

ذلك لا يوجب جواز التصرف قبله ، ولم يكن ذلك الا لما ذكرناه .

وكيف كان فوجب الخمس في الجملة مما لاريب فيه ولا كلام ، قال الله تعالى

واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين

وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله . . . الخ ( 1 ) .

والنصوص الدالة عليه متواترة سيمر عليك جملة منها ان شاء الله تعالى ،

وتنقيح القول في المقام بالبحث في فصول :

......................................................

( 1 ) الانفال آية 42 .

 

 

[ . . . ]

 

مايجب فيه الخمس - غنائم دار الحرب

 

الاول : فيما يجب فيه الخمس ( وهو واجب في ) سبعة اشياء بناءا على وجوبه

في الارض التي اشتراها الذمي من المسلم ، وفي الحلال المختلط بالحرام كما هو الاقوى

على ما ستعرف :

احدها : ( غنائم دار الحرب ) اذا كان باذن الامام عليه السلام من غير

خلاف فيه كما عن ظاهر الغنية او صريحها ، وفي المدارك : هذا الحكم مجمع عليه بين

المسلمين .

وتشهد له - الاية الشريفة - ( واعلموا ان ما غنمتم من شئ فان لله خمسه

وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) ( 1 ) اذ هي القدر المتيقن

مما اريد من الاية الكريمة ، واما الكلام في تفسير الغنيمة وانه هل اريد بها كل ما

استفيد او خصوص ما اخذ من الكفار مع القتال فسيأتي في خمس الارباح ان شاء الله

تعالى - .

وكثير من الاخبار ، لاحظ خبر ابي بصير عن الامام الباقر عليه السلام انه

قال : كل شئ قوتل عليه على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله

عليه وآله فان لنا خمسه ولا يحل لاحد ان يشتري من الخمس شيئا حتى يصل الينا

حقنا ( 2 ) .

ومرسل حماد عن العبد الصالح الخمس من خمسة اشياء من الغنائم ومن الكنوز

الحديث ( 3 ) ونحوهما غيرهما .

......................................................

( 1 ) الانفال آية 41 .

( 2 و 3 ) الوسائل - باب 2 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 4 و 5

 

 

[ . . . ]

 

الخمس في الغنائم التي حواها العسكر وما لم يحوه

 

وقد وقع الكلام في موارد : منها : ان ظاهر كلمات جماعة من الاصحاب وصريح

جمع آخرين ان الغنيمة التي يجب فيها الخمس هي جميع اموال اهل الحرب مما ينقل

ويحول وغيره حواها العسكر او لم يحوها ، بل ظاهر المدارك اجماع المسلمين عليه ،

وخالفهم صاحب الحدائق ره واختار اختصاصه بالمال المنقول وتبعه بعض من تأخر

عنه .

واستدل له بوجوه : ( 1 ) انحصار مخرج الخمس في غنيمتهم على ماهو صريح

الاية الشريفة حيث اضاف الخمس الى ما اضافه الى الغانمين ، فلا تشمل الاية -

الاراضي التي اتفقوا على انها فئ للمسلمين قاطبة ممن وجد منهم ذلك اليوم ومن

يتجدد الى يوم القيامة .

( 2 ) ما في الحدائق ، وهو انه لادليل على التعميم سوى ظاهر الاية الشريفة ،

فان الظاهر من الروايات كصحيح ربعي الاتي وغيره المتضمنة قسمة الخمس

اختصاص ذلك بالاموال المنقولة ، وليس فيها مايدل على دخول الارض ونحوها ، اما

الاية فيمكن تخصيصها بما دلت عليه هذه الاخبار .

( 3 ) ان مقتضى اطلاق ما دل على ان ارض الخراج فئ للمسلمين عدم ثبوت

الخمس فيها ، وحيث ان اطلاق الخاص مقدم على عموم العام فيقدم ذلك على عموم

الاية الشريفة .

( 4 ) الاخبار الواردة في احكام الاراضي الخراجية ( 1 ) ، فانه لاتعرض في شئ

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 72 - من ابواب جهاد العدو

 

 

[ . . . ]

منها لوجوب الخمس مع ذكر الزكاة فيها ، ولو كان ثابتا فيها لكان اولى بالذكر .

وفي الجميع نظر : اما الاول : فلان مقتضى اطلاق الاية ثبوت الخمس فيما يضاف

الى الغانمين ولو بما انهم من المسلمين ، ولا يختص بما يضاف اليهم بما انهم من المقاتلين ،

فالاراضي بما انها فئ لهم بما هم مسلمون تشملها الاية الكريمة .

واما الثاني : فلانه مضافا الى ان مقتضى جملة من النصوص ايضا ثبوت الخمس

فيها ولا يختص دليل الثبوت بالاية كما ادعاه ره - لاحظ خبر ابي بصير المتقدم ،

ومرسل حماد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام : الخمس

من خمسة اشياء من الغنائم والغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة . الحديث ( 1 ) ،

ونحوهما غيرهما - ان النصوص المختصة بالاموال المنقولة لا مفهوم لها كي تدل على

عدم ثبوت الخمس في غيرها فتخصص بها الاية الشريفة ، ومنطوقها لا يعارضها ، فلا

وجه لتقييد اطلاقها .

واما الثالث : فلان الظاهر من تلك النصوص ورودها في مقام بيان ان الاراضي

تغاير غيرها من الغنائم المختصة بالمقاتلين ، فانها فئ للمسلمين .

واما كون ذلك قبل اخراج الخمس او بعده فهي ساكتة عنه ، مع انه لو سلم

ثبوت الاطلاق لها من هذه الجهة فلا ريب في اظهرية آية الخمس عنها فتقدم عليها

بناءا على ماحققناه في التعادل والترجيح من زبدة الاصول تبعا للعلامة

الانصاري ره من ان اطلاق الخاص لا يقدم على العام مطلقا ، بل فيما اذا كان اظهر ،

وفي المقام بما ان الامر بالعكس فيقدم اطلاق العام .

واما الرابع : فظهور تلك النصوص في عدم وجوب اخراج الخمس بعد الخراج

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 2 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 4

 

 

[ . . . ]

وان كان لاينكر الا ان من الممكن كون ذلك ارفاقا بالشيعة واجتزاءا بما يأخذه

السلطان باسم الخراج ، كالاجتزاء بما يأخذه باسم الزكاة والخمس .

فتحصل : ان الاقوى هو التعميم .

 

اباحة خمس غنائم دار الحرب

 

ثم ان الاصحاب بعد اتفاقهم على ثبوت هذا الخمس اختلفوا في انه هل ابيح

ذلك للشيعة في زمان الغيبة ام لا ؟ ذهب الشيخ في محكي التهذيب الى الاول ، والقائلون

بعدم الاباحة اختلفوا في انه هل يخرج الخمس من حاصلها - اختاره المصنف ره في

محكي التحرير - او يفرز من العين - وعن التذكرة حكاية ذلك عن الشيخ ره - ام

يتخير بين افراز الخمس من عين الارض او من حاصلها كل سنة - وعن الشرايع و

القواعد اختياره - ؟

واستدل للتحليل : بروايات احلال الائمة عليهم السلام حقوقهم لشيعتهم ( 1 ) ،

وبقوله عليه السلام في صحيح عمر بن يزيد : وكل ما كان في ايدي شيعتنا من الارض

فهم فيه محللون يحل لهم ذلك الى ان يقوم قائمنا فيجيبهم طسق ما كان في ايديهم

ويترك الارض في ايديهم ، واما ما كان في ايدي غيرهم فان كسبهم من الارض حرام

عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم ويخرجهم عنها صغرة ( 2 ) .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 4 - من ابواب الانفال .

( 2 ) اصول الكافي ج 1 - ص 408 باب الارض كلها للامام ( ع ) - حديث 3

 

 

[ . . . ]

ولكن نصوص التحليل سيمر عليك عدم تمامية الاستدلال بها .

واما الصحيح : فظاهره وروده في مقام بيان حكم ما كان من الانفال لا مطلقا ،

مع انه لو سلم اطلاقه يتعين تقييده بذلك للاجماع على عدم جواز التصرف في ارض

الخراج من غير اداء خراجه الى السلطان او نائب الامام ، وظاهره جواز ذلك ، وعرفت

آنفا ان مقتضى ما ورد في بيان احكام ارض الخراج عدم وجوب الخمس على من تقبلها

اذا ادى خراجها ، والا فيجب افراز الخمس من عينها كسائر الموارد .

 

يجب الخمس بعد اخراج المؤن

 

الثاني : صرح جماعة منهم المحقق وصاحب الجواهر ره : انه انما يجب الخمس بعد

اخراج المؤن التي انفقت على الغنيمة بعد تحصيلها ، بل ظاهر الجواهر في كتاب الجهاد

دعوى الاجماع عليه .

وعن الشيخ في الخلاف والشهيدين وغيرهم : العدم . واستدل له : باطلاق الاية

الشريفة .

واجيب عنه : تارة : بان الاطلاق لانظر فيه الى هذه الجهة كي يعول عليه

واخرى : بلزوم تقييده بما دل من النصوص على ان الخمس بعد المؤونة .

وثالثة : بموافقة الاخراج للعدل ، اذ المفروض كون المؤونة على جميع الغنيمة .

ورابعة : بان الغنيمة لاتصدق على ماهو مأخوذ من المال الا بعد اخراجها .

ولكن يمكن ان يجاب عن الاول : بان مقتضى اطلاق الاية وجوب الخمس في

جميع ما يغنم ، وصرف مقدار منه في حفظ الباقي لا يوجب عدم شمول الاية له .

وعن الثاني : بان الظاهر من تلك النصوص كونها في مقام بيان استثناء المؤن

 

 

[ . . . ]

السابقة على التحصيل التي لا اشكال في عدم استثنائها في المقام .

وعن الثالث : بان مجرد الموافقة للعدل لا يصلح ان يكون مستندا لحكم الا ان

يرجع ال مانذكره .

وعن الرابع : بان الغنيمة حين حصولها كانت تصدق على الجميع ، وما يصرف

فيها بعد تحصيلها لا يوجب عدم صدقها على ما يقبله كما لايخفى .

فالصحيح ان يقال : ان الحرب اذا كان باذن الامام ( عليه السلام ) - كما هو

المفروض - فالغنائم المأخوذة من دار الحرب خمسها للحجة ( عليه السلام ) وقبيله ، فلا

محالة يكون المغنم ماذونا من قبله ( عليه السلام ) في الانفاق عليها بحفظ وحمل ورعي

ونحوها ، فلا محالة يوزع المؤن على الجميع فلا وجه لاختصاصها ببعضها .

ودعوى ان هذا يتم على مسلك القوم القائلين بان الخمس انما يتعلق بالعين

على نحو الاشاعة او الكلي في المعين ، واما بناءا على المسلك الحق من كون تعلقه على

نحو الحق في العين فلا يتم ، اذ المؤونة انما تكون على العين لا على الحق ، مندفعة بان

مؤونة موضوع الحق تكون مؤونته كما هو واضح ، فالاقوى هو القول الاول .

الثالث من الغنائم : الفداء الذي يؤخذ من اهل الحرب كما عن الدروس

والمسالك والروضة وكشف الغطاء والجواهر وغيرها ، لانه بدل ما اغتنم فيصدق عليه

الغنيمة .

ودعوى اختصاص صدق الغنيمة بالمعنى الاخص على ما لو كان بعد الغلبة

فلا تشمل ما كان بدونها ، كما ترى ، اذ لا اشكال في اعتبار القتال في صدقها ، ولذا لا

تصدق على الجزية ، ولكن اعتبار الغلبة لا شاهد له .

وبما ذكرناه يظهر حكم ما صولح عليه .

 

 

[ . . . ]

 

يعتبر في المغتنم ان لا يكون غصبا

 

الرابع : يعتبر في المغنم ان لا يكون غصبا من محترم المال والا فيجب رده الى

صاحبه كما هو المشهور ، والدليل عليه هو ما دل على احترام ماله ، وخبر طربال عن

الامام الباقر عليه السلام المروي عن كتاب المشيخة : في رجل كان له جارية فاغار

عليه المشركون فاخذوها منه ثم ان المسلمين بعد غزوهم اخذوها فيما غنموا منها : ان

كانت في الغنائم واقام البينة على ان المشركين اغاروا عليهم فاخذوها منه ردت

عليه ( 1 ) . ونحوه غيره .

وعن الشيخ في النهاية : كونه للمقاتلة مع غرامة الامام عليه السلام لاربابه

الاثمان من بيت المال .

واستدل له : بما في مرسل هشام بن سالم عن الامام الصادق عليه السلام : في

السبي ياخذ العدو من المسلمين ثم ان المسلمين اخذوهم منهم بعد القتال : واما المماليك

فانهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون ويعطى مواليهم قيمة اثمانهم من بيت مال

المسلمين ( 2 ) .

وفيه : انه لمعارضته مع جملة من النصوص التي منها خبره الاخر الدالة على ان

المسلم احق بماله اينما وجده يتعين حمله على ما لو لم يصبهم الابعد تفرق الناس

وتقسيم جميع الغنائم . كما يشهد لذلك بعض النصوص ، وان كان مقتضى بعضها

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 35 - من ابواب جهاد العدو - حديث 5 .

( 2 ) الوسائل - باب 35 - من ابواب جهاد العدو - حديث 1

 

 

[ . . . ]

خلاف ذلك ، وتمام الكلام في محله من كتاب الجهاد .

واما اذا كان مغصوبا من غير محترم المال فحكمه حكم امواله لاطلاق الادلة .

الخامس : نسب الى ظاهر التذكرة : ان السلب اذا جعل للسالب لايجب

اخراج خمسه وعن الشيخ في الخلاف والشهيدين : انه يخرج الخمس مقدما عليه ، وفي

الجواهر : احتماله .

والاول اقوى بناءا على ماهو الحق من عدم كون السلب للمقاتل مالم يجعل

له اذ حينئذ يكون هو كسائر الجعائل لا يجب اخراج خمسه لمرسل حماد عن العبد

الصالح عليه السلام - في حديث - قال : وللامام صفو المال - الى ان قال - وله ان يسد

بذلك المال جميع ما ينوبه من مثل اعطاء المؤلفة قلوبهم وغير ذلك مما ينوبه ، فان بقى

بعد ذلك شئ اخرج الخمس منه فقسمه في اهله . الحديث ( 1 ) .

ولا يضر ارساله بعد كون المرسل من اصحاب الاجماع ، وبه يقيد اطلاق الاية

الكريمة الذي استدل به الشيخ ره .

السادس : لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين دينارا

لاطلاق الادلة ، فما عن المفيد من اعتبار ذلك لا وجه له .

هذا كله اذا كانت الحرب باذن الامام عليه السلام ، واما ان كان بغير اذنه

فسيأتي حكمه في مبحث الانفال ان شاء الله تعالى .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 1 - من ابواب الانفال - حديث 4

 

 

[ . . . ]

 

مايؤخذ من الكفار بالسرقة او الغيلة

 

بقى في المقام امور لابد من التنبيه عليها :

الاول : ما يؤخذ من الكفار بغير الحرب والقتال ، كما لو اخذ منهم بالسرقة او

الغيلة او الرباء ونحوها ، هل هو ولا يجب عليه شئ كما عن الدروس ، ام يكون ملحقا

بالفوائد المكتسبة فتعتبر فيه الزيادة عن مؤونة السنة كما عن الروضة وفي الجواهر ،

ام يجب اخراج خمسه مطلقا كما عن جماعة ، ام يفصل بين المأخوذ بالسرقة او الغيلة

فيجب اخراج خمسه مطلقا وبين المأخوذ بالرباء او بالدعوى الباطلة فلا يجب الا اذا

زاد عن مؤونة السنة ؟ وجوه .

اقواها الثاني ، اذ الغنيمة بالمعنى الاخص - التي هي موضوع وجوب الخمس

قبل اخراج مؤونة السنة - لاتصدق في المقام ، اذ يعتبر فيها الحرب والقتال ، كما يظهر

من النصوص الواردة في تقسيم الغنائم وخبر ابي بصير المتقدم ، وخبر حكم : الخمس

من خمسة اشياء - الى ان قال - والغنم الذي يقاتل عليه .

نعم الغنيمة بالمعنى الاعم وهي مطلق الفائدة تصدق ، ومقتضى اطلاق الاية

حينئذ وجوب الخمس في المقام ، الا انه لاطلاق مادل على ان خمس الفائدة انما يجب

بعد مؤونة السنة يتعين الالتزام بوجوبه بعدها .

ودعوى ان خمس الفائدة انما يجب في الفوائد المكتسبة لا في مثل المقام وعليه

فالاظهر هو القول الاول ، مندفعة بما سيأتي في محله من وجوبه في مطلق الفائدة . كما

ان دعوى ان الاخذ بالسرقة والغيلة من انحاء الحرب والجدال ، فالقول الرابع اظهر

كما ترى .

 

 

[ . . . ]

واما القول الثالث فقد استدل له : باطلاق الاية ، وبفحوى ما ورد في مال

الناصب الاتي في الفرع الثاني .

وفيهما نظر : اما الاول : فلما عرفت آنفا من لزوم تقييده في غنائم الكسب بما

دل على ان الخمس فيها بعد المؤونة .

واما الثاني : فلان التعدي عن الناصب الذي هو انجس من الكلب الى الكافر

لايخرج عن القياس .

فتحصل : ان الاظهر هو القول الاول وهو وجوب الخمس فيه بعد مؤونة

السنة .

 

مال الناصب

 

الثاني : يجوز اخذ مال الناصب اينما وجد بلا خلاف ظاهر .

وتشهد له جملة من النصوص : كصحيح ابن ابي عمير عن حفص بن

البختري عن ابي عبد الله عليه السلام : خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع الينا

الخمس ( 1 ) .

وخبر اسحاق بن عمار : قال ابو عبد الله ( ع ) : مال الناصب وكل شئ يملكه

حلال الا امرأته فان نكاح اهل الشرك جائز ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .

وما عن ابن ادريس ره من ان المراد من الناصب في هذه النصوص هو من

نصب الحرب من الكفار الا الناصب اهل البيت عليهم السلام ، ضعيف لمعروفية غير

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 2 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 6 .

( 2 ) الوسائل - باب 26 - من ابواب جهد العدو - حديث 2

 

 

[ . . . ]

ذلك منه .

ولكن يجب اخراج الخمس منه مطلقا لاطلاق قوله عليه السلام وادفع الينا

الخمس .

ودعوى انه يقيد بما دل على ان الخمس بعد المؤونة ، مندفعة بان النسبة بين

الدليلين في بادي النظر وان كانت عموما من وجه ، ولكن بعد التأمل يكون الظاهر

من اخبار استثناء المؤونة استثنائها من ما يجب فيه الخمس بعنوان الفائدة ولا تشمل

المقام الذيى ثبت فيه الخمس بعنوان انه مال مأخوذ من الناصب ، وحملها على ارادة

وجوب الخمس فيه بما انه من الفوائد خلاف الظاهر ، ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا

شمول نصوص الاستثناء للمقام ولكن لاريب في اظهرية نصوص الباب ، فتقدم بلا

كلام .

فتحصل : ان الاقوى اخراج خمسه مطلقا .

الثالث : ما حواه العسكر مما ينقل ويحول من مال البغاة اذا كانوا من النصاب

مما لا كلام في حليته ، وانما الاشكال فيما اذا لم يكونوا منهم ، فعن جماعة : حلية مالهم ،

وعن المصنف ره في المختلف : نسبتها الى الاكثر ، وعن الخلاف : دعوى الاجماع عليها ،

والمحقق ره في جهاة الشرائع جعلها اظهر .

واستدل لها : بسيرة الامام علي عليه السلام ، وباجماع الفرقة واخبارهم .

ولكن دعوى سيرة الامام على عليه السلام معارضة بدعوى الشهيد في محكي

الدروس وغيره : ان سيرة الامام عليه السلام على العدم ، ولعلها الاظهر كما يظهر

من مراجعة ما دل على انه عليه السلام امر برد اموال اهل البصرة ، فاخذت حتى

القدور .

ودعوى ان قسمة اموالهم في اول الامر تدل على الحل ، والرد اعم من الحرمة

 

 

] والمعادن [

 

لامكان كونه على نحو المن ، مندفعة بانه لم يثبت من الادلة انه عليه السلام قسم

الاموال بين المقاتلين ابتداءا حتى يستدل بفعله وتصرفهم فيها اعم من ذلك .

واما الاجماع : فلا سبيل الى دعواه بعد حكاية المنع عن السيد والحلي والمصنف

في جملة من كتبه والمحقق والشهيد الثانيين ، ودعوى جماعة منهم الاجماع عليه .

واما الاخبار فغير ثابتة ، وما ارسله الشيخ ره في محكي مبسوطه من ان ما يحويه

العسكر من الاموال فانه يقسم - مضافا الى ارساله - معارض بما عن مبسوطه ايضا

من انه روى : ان عليا عليه السلام لما هزم الناس يوم الجمل قالوا له : ياامير المؤمنين

الا نأخذ اموالهم ؟ قال عليه السلام : لا لانهم تحرموا بحرمة الاسلام ، فلا تحل اموالهم

في دار الهجرة .

فتحصل : ان الاظهر هو عدم الحلية مالم يدخلوا في عنوان الناصب .

 

المعادن

 

( و ) الثاني مما يجب فيه الخمس : ( المعادن ) بلا خلاف فيه ، بل عن الخلاف

والسرائر والمنتهى والتذكرة وغيرها : دعوى الاجماع عليه ، بل عن بعضهم : دعوى

نفي الخلاف فيه بين المسلمين في معدن الذهب والفضة .

وتشهد له جملة من النصوص : كصحيح ابن مسلم عن الامام الباقر عليه

السلام قال : سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص فقال : عليها

الخمس جميعا ( 1 ) .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 3 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 1 .

 

 

[ . . . ]

وصحيح الحلبي : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الكنز كم فيه ؟ قال عليه

السلام : الخمس ، وعن المعادن كم فيها ؟ قال عليه السلام : الخمس ، وعن الرصاص

والصفر والحديد وما كان من المعادن كم فيها قال عليه السلام : يؤخذ منها كما يؤخذ من

معادن الذهب والفضة ( 1 ) .

وصحيح ابن مسلم قال : سألت ابا جعفر عليه السلام عن الملاحة فقال : وما

الملاحة ؟ فقلت : ارض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا فقال عليه السلام : هذا

المعدن فيه الخمس ، فقلت : والكبريت والنفط يخرج من الارض ؟ فقال عليه السلام :

هذا واشباهه فيه الخمس ( 2 ) . ونحوها غيرها .

وقد اشتملت النصوص على الذهب والفضة والرصاص والكبريت والنفط

والملح واشباهها ، والمتيقن من اشباهها كل ماخرج من الارض مما يخلق فيها من

غيرها ، مما له قيمة ، فثبوت الخمس في هذه الامور مما لا اشكال فيه ، كما ان جملة من

النصوص مشتملة على ثبوت الخمس في المعدن مطلقا .

وكلمات العلماء واللغويين في تفسيره مختلفة : فعن المغرب : انه معدن الذهب

والفضة ، وعن المدرك والقاموس ونهاية ابن الاثير : انه منبت الجواهر من ذهب ونحوه ،

وعن المصنف ره في التذكرة والمنتهى : انه كل مايخرج من الارض مما يخلق فيها من

غيرها مما له قيمة ، ثم نسب ذلك الى علمائنا اجمع ، وفي رسالة شيخنا الاعظم ره ، ونحو

ذلك عن ابن الاثير في النهاية ، وعن المسالك والروضة : انه كل ما استخرج من

الارض ما كان اصله منها ثم اشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها ، وعد منها الجص

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 3 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 2 .

( 2 ) الوسائل - باب 3 - من ابواب مايجب فيه الخمس - حديث 4

 

 

[ . . . ]

وطين الغسل وحجارة الرحى ، وزاد في محكي البيان : النورة .

ولكن ما عن المغرب مخالف للنصوص والعرف العام ، واما ما عن القاموس

والمدارك فان اريد بالجوهر مطلق ما يقابل وجه الارض من غير النباتات فهو

يرجع الى ما في التذكرة ، وان اريد به كل حجر يستخرج منه شئ ينتفع به - كما عن

القاموس - فهو خلاف ما تضمن من النصوص ثبوت الخمس في الكبريت والنفط

والملح ، وقد صرح عليه السلام في صحيح محمد بن مسلم بان الملح من المعدن ، فيدور

الامر بين التفسيرين الاخيرين .

والاقوى هو الاول منهما ، اذ المنساق الى الذهن من لفظ المعدن هو ذلك ،

واما ما استخرج من الارض مما كان منها مشتملا على خصوصية يعظم الانتفاع بها

فهو بنظر العرف كسائر قطع الارض ولا يسمى عندهم معدنا ، هذا مضافا الى دعوى

المصنف ره الاجماع عليه .

وعلى فرض التنزل وتسليم الاجمال فلا بد من الرجوع في الزائد عن مقدار

المتيقن الى الاصل ، وهو يقتضي عدم الوجوب - كما سيأتي تنقيح القول في هذا

الاصل في ارباح المكاسب - وعليه فلا يجب الخمس من حيث المعدنية في الجص

والنورة وطين الغسل وحجر الرحي والمغرة ، وان كان الاحوط اخراج الخمس منها .

وقد فسر اللغويون المعدن بالمحل ، والفقهاء فسروه بالحال .

وما افاده اللغويون وان كان اظهر لكونه موافقا لوضعه بحسب الهيئة كما لا

يخفى ، الا ان الغرض حيث يكون بيان ماهو الموضوع للحكم الشرعي وهو الحال ،

فلذلك فسروه بذلك .

 

 

[ . . . ]

 

ثبوت الخمس في المعدن مطلقا

 

فروع : الاول : لا فرق في وجوب اخراج خمس المعدن بين ان يكون في ارض

مباحة او مملوكة ، لاطلاق الادلة .

ولا بين ان يكون المخرج مكلفا او غير مكلف بلا خلاف ، بل عن المصنف ره

في المنتهى ، والمحقق القمي في الغنائم : دعوى الاجماع عليه ، وسيأتي في آخر مسألة

من مسائل ارباح المكاسب تنقيح القول في ذلك .

ولا بين ان يكون المخرج مسلما او كافرا ، اذ الكفار مكلفون بالفروع كما هم

مكلفون بالاصول ويشهد له : عموم ادلة التكليف .

والايراد عليه بانه بما ان الخمس من العبادات فيعتبر فيه قصد القربة المتوقف

على الاسلام ، وعليه فان اريد بكونه مكلفا به لزوم ادائه حال الكفر فهو لا يتمكن

من ذلك ، وان اريد به لزومه بعد اسلامه كما هو المراد بذلك في سائر العبادات فهو

مناف لما دل على ان الاسلام يجب ما قبله .

ضعيف ، اذ مضافا الى ماعرفت في كتاب الزكاة من الكلام

في دلالة الحديث على سقوط الزكاة والخمس مع بقاء العين ، انه لو

سلم ذلك ، نقول : ان اثر ثبوت الخمس وضعا جواز انتزاع الحاكم من من في يده قهرا

او اختيارا . وهذا الاشكال لو تم فانما هو بالنسبة الى حكمه التكليفي لا الوضعي .

فان قلت : ما الدليل على جواز الانتزاع ؟

قلت : دليله ما دل على ولاية الحاكم الشرعي على الفقراء باستيفاء حقوقهم ، و

عدم صحة اعطاء الكافر بنفسه لعدم تمكنه من التقرب به لايستلزم عدم امكان

استيفاء حقوق الفقراء من المال بوجه ، مع ان اعتبار قصد القربة في الخمس وكونه

 

 

[ . . . ]

من العبادات غير ثابت .

الثاني : لو عمل فيما اخرجه من المعدن قبل اخراج خمسه عملا اوجب زيادة

قيمته كما لو ضربه دراهم او دنانير او جعله حليا اعتبر في الاصل الذي هو المادة

الخمس ، وفي الزائد حكم المكاسب ، فيقوم حينئذ سبيكة ويخرج خمسه كما هو واضح ،

وبه صرح في المسالك والمدارك ، كذا في الجواهر ، وهو متين ، اذ الصفة بتمامها لعاملها

ولارباب الخمس خمس المادة ، فلا وجه لاشتراكهم مع عامل الصفة في قيمتها .

 

اذا وجد مقدار من المعدن مخرجا

 

الثالث : اذا وجد مقدار من المعدن مخرجا مطروحا في الصحراء فان علم ان

المخرج له انسان وقصد تملكه بذلك فحكمه حكم اللقطة وخارج عما نحن فيه .

وان علم انه خرج بمثل السيل او اخرجه حيوان او انسان لم يقصد حيازته ،

فهل يجب اخراج خمسه من حيث المعدنية ، ام لا يجب كما عن كاشف الغطاء ، ام

يفصل بين مالو اخرجه انسان فيجب وبين ما لو اخرجه حيوان او خرج بمثل السيل

فلا يجب كما قواه المحقق الهمداني ره ؟ وجوه .

اقواها الاول لاطلاق ما دل على ثبوت الخمس في المعادن .

واستدل للثاني : بان الظاهر من الادلة اعتبار الاخراج .

وفيه : ما عرفت من ان ظاهر صحيح البزنطي وغيره ان العبرة بالمخرج لا

بالاخراج ، وذكر الاخراج في بعض النصوص انما هو لطريقيته الى الخروج . وبعبارة

اخرى : ما تضمن الاخراج لا مفهوم له كي يقيد به اطلاق النصوص ، مع ان الملاحة

- وهي الارض السبخة المالحة - يجب فيها خمس المعدن ، مع انه لا اخراج هناك .

 

 

[ . . . ]

ويؤيده ما عن الاكثر من ان العنبر المأخوذ من وجه الارض معدن .

واستدل للثالث : بان الظاهر من الادلة اعتبار الاستخراج سواء ملكه المخرج

ام لا ، غاية الامر قراره على من دخل في ملكه ، فخصوصية الفاعل ملغاة لدى العرف ،

ولكن لا على وجه يتعدى الى مثل السيل وهبوب الريح ونحوهما .

وفيه : ما تقدم من عدم الدليل على اعتبار الاستخراج .

 

استيجار الغير لاخراج المعدن

 

الرابع : لو استأجر الغير لاخراج المعدن جاز وملكه المستأجر ان كان مالكا

للارض او له حق اختصاص بها او كان الاجير قاصدا بكونه له بلا كلام .

اما في الاول : فواضح ، واما في الثاني : فلان المرتكز في اذهان العرف كون

الحيازة من العناوين القابلة للنيابة والوكالة .

واما ان قصد الاجير حيازته لنفسه مع كون الارض من المباحات ، فيشكل

الحكم بكونه للمستأجر ، اذ غاية ما قيل في وجه كونه له امور : احدها : ان العمل مملوك

للمستأجر بالاجارة ، فلا محالة تكون نتيجة هذا العمل المملوك ايضا له بالتبع .

وفيه : ان الاجارة انما توجب ملكية الحيازة ولا توجب استناد الحيازة الى

المستأجر ، والدليل دل على ان ما يجوزه الحائز لمن تستند اليه الحيازة لا لمن هو مالك

للحيازة ، والفرق ظاهر .

ثانيها : ان الحيازة موجبة لمالكية مالك الحيازة قهرا وهي من الاسباب

القهرية ، فالمتاجر يملك ما حازه الاجير لكون الحيازة له .

وفيه : اولا : منع كونها من الاسباب القهرية .

 

 

[ . . . ]

وثانيا : انه لو سلم ذلك فهي سبب لملكيته لمن انتسبت اليه الحيازة قهرا وهو

في الفرض الاجير .

ثالثها : ان ملكية ما حازه من آثار ومنافع الحيازة فتتبع ملكية الحيازة .

وفيه : ان ملكيته من آثار نفس الحيازة المنتسبة الى الحائز لا من آثار ملكيتها

كما يظهر من ادلة مملكية الحيازة .

فالاظهر عدم صيرورته ملكا للمؤجر ، بل يصير ملكا للاجير ، فان مقتضى

ما دل على ان ما حاز ملك ( وان لم اظفر بما تضمن هذه العبارة في كتب الحديث الا ان

بمضمونها رواية وهي ما تضمن قول امير المؤمنين عليه السلام : للعين ما رأت ولليد

ما اخذت ( 1 ) . وقريب من هذا المضمون في غيرها ) هو كونه ملكا للاجير .

وبما ذكرناه يظهر حكم فرع آخر وهو ما لو اخرجه العبد ، فانه ان قصد كونه

لمولاه فله وعليه الخمس ، والا فلنفسه .

 

المعدن في ارض مملوكة

 

الخامس : المعدن اما ان يكون في ارض مملوكة ، او يكون في معمور الارض

المفتوحة عنوة التي هي للمسلمين ، او يكون في الارض الموات حال الفتح .

فان كان في ارض مملوكة فهو لمالكها بلا خلاف اجده كما في الجواهر للتبعية .

ودعوى ان استخراج المعدن احياء له ، ومقتضى عموم ما دل على ان من احيى

ارضا ميتة فهي له ( 2 ) كونه للمحيي ، مندفعة بان هذا في الموات غير المملوك ، واما

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 38 - من ابواب الصيد من كتاب الصيد والذباحة .

( 2 ) الوسائل - باب 1 - و 2 - من ابواب كتاب احياء الموات

 

 

[ . . . ]

المملوك ولو بتبع ملك الارض فهو لمالكه ولا يكون مشمولا للعموم المذكور .

وان كان في معمور الارض المفتوحة عنوة ، فمقتضى دليل التبعية كونه ملكا

للمسلمين لا للمخرج الا بناءا على كون المعادن بأنفسها من الانفال مطلقا ( وسيأتي

التعرض له ) فان المعدن المزبور حينئذ يكون للامام ومقتضى اخبار التحليل هو

ملكيته للمخرج ان كان شيعيا والا فلا .

ولكن يضهر من كلمات الفقهاء ثبوت السيرة المستمرة على تملك المعادن

المستخرجة من هذا القسم كان المخرج شيعيا ام لم يكن ، بل ادعى صاحب الجواهر

ره ثبوت السيرة على كون المعادن مما يكون الناس فيه شرعا سواءا ، فتملك المسلم

مما لا اشكال فيه .

واما تملك الذمي فهو يتوقف على ثبوت ما ذكره صاحب الجواهر ره ، وحيث لم

يثبت فتملكه لايخلو عن اشكال وتأمل ، وعموم قوله عليه السلام من احيا ارضا

ميتة فهي له ( 1 ) لا يشمل ما لو كانت الارض ملكا لشخص خاص غير الامام عليه

السلام او جماعة مخصوصة ، وان كان المعدن في الارض الموات حال الفتح ، فحيث ان

ظاهر كلماتهم المفروغية عن ان استخراج المعدن احياء مملك فتملك المسلم مما لا كلام

فيه لعموم ما دل على ان من احيا ارضا ميتة فهي له ، مضافا الى السيرة التي تقدمت

الاشارة اليها ، واما الذمي فتملكه يبتني على القول بشمول العموم المذكور له ، وحيث

ان الاظهر هو ذلك فالاقوى تملكه .

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 1 - و 2 - من ابواب كتاب احياء الموات

 

 

] والغوص [

 

الغوص

 

( و ) الثالث مما يجب فيه الخمس : ( الغوص ) كما هو المشهور شهرة عظيمة

بل مما لا خلاف فيه كما اعترف به صاحب الحدائق ، وعن ظاهر الانتصار والتذكرة

وصريح الغنية والمنتهى : دعوى الاجماع عليه .

وتشهد له جملة من النصوص : كصحيح الحلبي : سألت ابا عبد الله عليه السلام

عن العنبر وغوص اللؤلؤ فقال : عليه الخمس ( 1 ) .

ومصحح عمار بن مروان : سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول : فيما يخرج من

المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام اذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس

( 2 ) .

وصحيح احمد بن محمد بن ابي نصر عن محمد بن على بن ابي عبد الله عن ابي

الحسن عليه السلام قال : سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد

وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة ؟ فقال عليه السلام : اذا بلغ قيمته دينارا ففيه

الخمس ( 3 ) .

ومرسل ابن ابي عمير عن الامام الصادق عليه السلام : الخمس على خمسة

اشياء : على الكنوز والمعادن والغوص والغنيمة ، ونسى ابن ابي عمير الخامس ( 4 ) .

......................................................

 ( 1 ) الوسائل - باب 7 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 1 .

( 2 ) الوسائل - باب 3 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 6 .

( 3 ) الوسائل - باب 3 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 5 .

( 4 ) الوسائل - باب 3 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 7

 

 

[ . . . ]

ونحوه مرسل حماد مع ذكر الخامس وهو الملاحة ( 1 ) ، ونحوها غيرها .

فأصل الحكم مما لاينبغي الارتياب فيه ، كما لا ينبغي التوقف في شموله لكل

ما يخرج من البحر بالغوص ، فما عن المدارك من الخدشة في ذلك مستندا الى عدم

الدليل عيه سوى صحيح الحلبي القاصر عن افادة العموم ، ضعيف لابتنائه على ما

اسسه من عدم حجية الخبر اذا لم يكن متصفا بالصحة ، وقد حققناه في محله في زبدة

الاصول وبينا ضعف المبنى .

انما الكلام يقع في موارد : الاول : ان النصوص تضمنت عنوانين : احدهما :

الغوص ، لاحظ اغلب النصوص .

ثانيهما : ما يخرج من البحر ، لاحظ خبري عمار ومحمد بن علي .

وقد يتوهم ان النسبة بين العنوانين عموم من وجه لشمول الاول للغوص في

الانهار والشطوط ، وشمول الثاني لما اخرج بالالة ولما اخذ من وجه الماء ، ولاجله قيل

في وجه الجمع بين الطائفتين : انه يدور بين تقييد كل منهما بالاخر وارجاع الاول

الى الثاني والعكس ، والاخذ بكل من العنوانين او العنوان المشترك بينهما الصادق

على كل منهما ، ولكنه توهم فاسد ، اذ الظاهر ان المراد بالغوص في المقام ليس معناه

اللغوي بل المعنى العرفي المجعول مهنة ، وصدقه على الغوص في النهر او الشط غير

ظاهر كما اعترف به سيد المناهل ومال اليه شيخنا الاعظم الانصاري ره .

وعليه فالامر يدور بين تقييد الثاني بالاول ، او الاخذ باطلاق الثاني ولا ثالث

كما هو واضح ، والاظهر هو الاول ، اذ الطائفتان المتضمنتان للعنوانين وان كانتا مثبتتين

الا انه لاجل كون النصوص المشتملة على الغوص في مقام الحصر ولها مفهوم يتعين

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 2 - من ابواب ما يجب فيه الخمس - حديث 4

 

 

[ . . . ]

تقييد ما تضمن ما يخرج من البحر بها فتكون النتيجة اعتبار صدق كلا العنوانين .

فان قلت : انه ما المانع من الاخذ بالطلاق ما يخرج من البحر والالتزام

باستقلاله بالموضوعية في مقابل الغوص ؟

قلت : المانع من ذلك ما دل من الاخبار وكلمات علمائنا الابرار على عدم كون

ذلك عنوانا مستقلا في مقابله ، لاحظ نصوص الحصر وغيرها .

فان قلت : لم لا تلتزم بحمل ذكر الغوص على الغالب ؟

قلت : لكونه خلاف ظاهر الكلام ، فان الظاهر من اخذ كل قيد في الحكم - لا

سيما اذا كان في مقام التحديد - دخله فيه في نفسه .

فتحصل : ان الاقوى ثبوت الحكم في الاخراج بطريق الغوص ، واما الاخراج

بالالة او من وجه الماء فلا دليل على ثبوت هذا الحكم له ، نعم لو غاص وشده باله

ثم اخرج يجب فيه الخمس لانه يصدق عليه انه اخرجه بالغوص كما اعترف به

جماعة .

وعلى فرض التنزل وتسليم كون النسبة عموما من وجه الاظهر هو ذلك ايضا

لما عرفت من كون نصوص الغوص في مقام الحصر وليس نصوص الاخراج كذلك ،

فيتعين تقييدها بها . فتدبر جيدا .

وبما ذكرناه ظهر حكم فرع آخر وهو : ان الانهار العظيمة كدجلة والفرات

ليس حكمها حكم البحر في ذلك ، فلا يجب الخمس فيما يخرج منها من الجواهر ، كما

ما اليه الشيخ الاعظم ره لعدم صدق الغوص بمعناه العرفي عليه ، وان كان هو

احوط اذا فرض تكون الجوهر فيها كالبحر .

الثاني : الظاهر اختصاص هذا الحكم بالجواهر المستخرجة من البحر ولا يعم

مثل السمك ونحوه من الحيوانات لعدم صدق الغوص بالمعنى العرفي المجعول مهنة

 

 

[ . . . ]

على ذلك . فما عن الشيخ وبعض معاصري الشهيد والمستند من عمومه له مستندا الى

عموم مراسيل احمد وحماد وابن ابي عمير ومصحح عمار المتقدمة ضعيف .

الثالث : لو فرض تحت الماء معدن من مثل العقيق او الياقوت او نحوهما

فاخرج منه شيئا بالغوص فلا ريب في وجوب الخمس فيه ، لانه اما معدن او غوص ،

انما الكلام فيى انه هل يعتبر فيه نصاب المعدن ام نصاب الغوص ، بعد معلومية عدم

وجوب تخميسه مرتين كما سيأتي تحقيقه .

والاظهر هو الثاني ، لانه قد نص في نصوص الغوص بالزبرجد والياقوت

الذين هما من المعادن ، ولا سبيل الى دعوى اختصاصها بما اذا كانا في البحر تحت

الماء ، ومحل الكلام هو ما اذا كان تحت الماء معدن وكانا فيه لاطلاق نصوص الغوص

ولما عرفت في المعادن من ان الحكم في المعادن لا يختص بما اذا اخرج من بطن الارض

فراجع .

وبما ذكرناه ظهر ان الايراد على المحقق الهمداني ره المستدل على هذا الحكم

باطلاق دليل وجوب الخمس في الغوص بانه معارض باطلاق ما دل على وجوبه في

المعادن في غير محله .

الرابع : لو غاص لا بقصد الانتفاع والاغتنام ، بل لغرض آخر كالغسل ، فهل

يجب فيه خمس الغوص كما عن كاشف الغطاء ام لا ؟ وقد توقف فيه صاحب الجواهر

ره والمحقق الهمداني لاطلاق الادلة ، ولا مكان دعوى انصرافها الى ما لو كان بقصد

الحيازة - .

لكن الاظهر هو الاول ، اذ لا وجه لدعوى الانصراف المذكور ، فانه بدوي

يزول بأدنى تأمل .

الخامس : اذا غرق شئ في البحر وانقطع رضاء صاحبه عن حصوله وترك

 

 

[ . . . ]

التعرض لخروجه كما هو المتعارف ، فمقتضى القواعد ، وان كان عدم ملكيته لمن اخرجه

بالغوص مالم يعرض عنه ، الا ان النصوص الخاصة دلت على التفصيل بين مالو قذف

به البحر على ساحله ، وبين ما لو اخرجه الغواص كخبر السكوني عن ابي عبد الله

عليه السلام عن الامام علي عليه السلام : واذا غرقت السفينة وما فيها فاصابه الناس

فما قذف به البحر على ساحله فهو لاهله وهم أحق به ، وما غاص عليه الناس

وتركه صاحبه فهو لهم ( 1 ) . ونحوه غيره .

فهل يجب فيه خمس الغوص ام لا ؟ وجهان اقواهما ذلك لاطلاق دليله . و

دعوى صاحب الجواهر ره ان النصوص والفتاوى ظاهرة في غيره كما ترى .

وبذلك ظهر ان ما يخرج من البحر اذا كان عليه اثر الاسلام فهو للغائص

ذا بعد ترك صاحبه التعرض له يكون هو لمن اخرجه بمقتضى الروايتين المتقدمتين ،

فما عن المحقق والشهيد الثانيين من كونه في حكم مال المسلم فهي لقطة ضعيف ، كما

انه لا وجه لتردد الشهيد في البيان في ذلك .

السادس : اذا اخرج بالغوص حيوانا وكان في بطنه شئ من الجواهر ، فعن

كاشف الغطاء : وجوب الخمس فيه مطلقا ، وعن جماعة منهم صاحب العروة : التفصيل

بين ما لو كان معتادا فيجب فيه الخمس ، وبين ما لو كان من باب الاتفاق فلا يجب ،

ومال اليه في الجواهر . وهو الاقوى لصدق الغوص في الاول دون الثاني كما لا يخفى .

 

نصاب الغوص

 

السابع المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة : انه يشترط في وجوب الخمس

......................................................

( 1 ) الوسائل - باب 11 - من ابواب كتاب اللقطة - حديث 1

 

 

[ . . . ]

في الغوص ان يبلغ قيمة ما اخرج دينارا فصاعدا ، بل عن غير واحد منهم المصنف ره

في التذكرة والمنتهى : دعوى الاجماع عليه . ويشهد له خبر محمد بن على المتقدم ، و

ضعفه به منجبر بعمل الاصحاب .

وعن غرية المفيد : اعتبار عشرين دينارا ، ولم يظهر وجهه كما صرح به غير

واحد .

وبما سنذكره في المعدن يظهر لك ماهو الحق في المقام في فروع :

منها : اعتبار اخراج المؤن .

ومنها : اعتبار كون النصاب بعده او قبله .

ومنها : البحث في الدفعة والدفعات .

ومنها : ضم المخرج بعضه الى بعض .

ومنها : غير ذلك من المباحث لاتحاد مناط البحث .

 

تفريع

 

لاكلام في وجوب الخمس في العنبر ، بل عن جماعة منهم سيد المدارك : دعوى

الاجماع عليه . ويشهد له : صحيح الحلبي المتقدم في الغوص .

انما الكلام في نصابه ، فالمنسوب الى الاكثر : انه ان اخرج بالغوص ورعي فيه

نصابه ، وان جنى من وجه الماء او من الساحل كان له حكم المعدن ، وعن المفيد : ان

نصابه عشرون دينارا مطلقا ، وعن النهاية والسرائر والوسيلة : انه لا نصاب له بل يجب

الخمس في قليله وكثيره ، وعن المدارك : الميل اليه ، وعن كاشف الغطاء : ان العنبر من

الغوص او بحكمه .

 

 

[ . . . ]

واستدل للاول : بان العنبر اما من المعدن او ملحق به ، لانه اما ان يكون من

عين في البحر كما عن منهاج البيان فهو منه ، او يكون رجيع دواب بحرية كما عن

حياة الحيوان ، او انه نبات في البحر كما عن المبسوط والاقتصاد ، فهو وان لم يكن منه

الا انه من جهة التسالم على انحصار ما يجب فيه في السبعة يتعين الحاقه بأحدها ،

وحيث انه اشبه بالمعادن - حيث ان له مكانا مخصوصا وكل ما كان كذلك يطلق على

مكانه بالمعدن توسعا - فيكون ملحقا به ، وحينئذ ان اخرج بالغوص جرى عليه

حكمه لما تقدم من اختصاص حكم المعدن بما يخرج لا بطريق الغوص ، والا فيجري

عليه حكم المعدن - .

وفيه : اولا : النقض بالمال الذي يؤخذ من الناصب ، فانه يجب فيه الخمس ولا

يعتبر فيه شئ مما يعتبر في الاقسام السبعة على ماتقدم .

وثانيا : بالحل ، وهو ان التسالم على الانحصار المزبور ليس اجماعا تعبديا ، على

انه لو كان كذلك فحكمه حكم النصوص الدالة على الحصر في الاربعة او الخمسة او

السبعة فيكون قابلا للتخصيص .

وعليه فبما ان المختار حجية خبر الثقة في الموضوعات فقول الشيخ واخباره

حجة علينا ، فهو ليس من المعدن ولا ملحقا به ، فان اخذ بغير طريق الغوص فلا مجال

لاجراء حكم الغوص عليه ولا المعدن بل يتعين الرجوع الى اطلاق الصحيح القاضي

بعدم اعتبار النصاب ، وكذلك ان اخذ بالغوص اذ المتبادر من دليل الغوص غيره لما

عرفت من ان الموضوع الغوص بالمعنى العرفي له . ويؤيده عطف الغوص عليه في

الصحيح المشعر بالتغاير ، وعليه فالاقوى هو القول الثالث وهو عدم النصاب له .

وبما حققناه ظهر ضعف القول الثاني لابتنائه على كونه من المعدن والقول

الرابع . فتدبر جيدا .