] الفصل الخامس في الصلح

وهو جائز [

 

الفصل الخامس في الصلح

 

وهو التسالم على امر من تمليك عين او منفعة او اسقاط دين او حق او غير

تلكم ، وهو في جميع هذه الموارد شئ واحد ينشأ مستقلا ، ولا يكون تابعا للعقود الاخر

كما قيل من انه فرع البيع اذا افاد نقل الملك بعوض معلوم ، وفرع الاجارة اذا وقع

على المنفعة ، وفرع الهبة اذا افاد ملك العين بغير عوض ، وفرع العارية اذا تضمن

اباحة منفعة بغير عوض ، وفرع الابراء اذا تضمن اسقاط الدين ، ولا لزم كون

الصلح مشتركا لفظا ، وهو واضح البطلان ، فيتعين كون مفهومه معنى آخر غير كل

واحد من الامور المذكورة وهو التسالم الانشائي ، فيفيد في كل مورد فائدة من الفوائد

بحسب ما يقتضيه متعلقه .

ثم انه ما في جملة من الكلمات - منها كلام الشيخ الاعظم ره - من ان الصلح

اذا تعلق بالعين بالعين بعوض يتضمن التمليك ، فيه مسامحة واضحة ، اذ الصلح لا يتعلق بالعين

ولا بالمنفعة ، بل هو نظير الا لتزام لا يعقل تعلقه الا بفعل او نتيجة كالملكية ، ولذا

لايصح جعل مفعولة الثاني العين كما لا يخفي .

) وهو جائز ) بلا خلاف ولا اشكال ، ففي صحيح حفص بن البختري - او

حسنه - عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : الصلح جائز بين المسلمين ( 1 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب كتاب الصلح حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وعن الفقيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الصلح جائز بين المسلمين الا

صلحا احل حراما او حرم حلا لا ( 1 ) . ومثله خبر مسعدة بن صدقة عن الامام الصادق

( عليه السلام ) ( 2 ) .

وفي صحيح هشام عنه ( عليه السلام ) : لان اصلح بين اثنين احب الى من ان

اتصدق بدينارين ( 3 ) . الى غير تلكم من النصوص التي سيمر عليك طرف منها .

واما الايات التي استدل بها لمشروعيته وهي قوله تعالى ( وان امرأة خافت

من بعلها نشوزا او اعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا منهما صلحا والصلح

خير ) ( 4 ) .

وقوله سبحانه ( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ) ( 5 ) .

وقوله عز من قائل ( انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم ) ( 6 ) .

وقوله تعالى ( فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم ) ( 7 ) الى غير تلكم من

الايات ، ففي دلالة ما عدا الاولى منها على الصلح العقدي الذي هو محل الكلام .

تامل ، بل قيل في الاول ايضا .

وكيف كان : فهو لازم من الطرفين مع تحقق شرائطه بلا خلاف لعموم مادل على

لزوم العقد ( 8 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب كتاب الصلح حديث 2 .

 ( 2 ) المستدرك باب 3 من ابواب الصلح حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب كتاب الصلح حديث 1 .

( 4 ) النساء آية 128 .

( 5 - 6 ) الحجرات آية 9 و 10 .

( 7 ) الانفال آية 2 .

( 8 ) سورة المائدة آية 2 . ( * )

 

 

] مع الاقرار والانكار [

 

حكم الصلح مع الانكار

 

وتمام البحث في طي مسائل :

الاول : الصلح جائز ( مع الاقرار والانكار ) بلاخلاف فيه بل الاجماع بقسميه

عليه كما في الجواهر ، وموضع وفاق كما في المسالك .

ويشهد به اطلاق النصوص الدالة على الجواز ، وصورة الصلح مع الاقرار

ظاهرة لا اشكال فيها ، وصورته مع الانكاران يدعي شخص على غيره دينا او عينا

فينكر المدعي عليه فتقع المصالحة بينهما اما بمال آخر او ببعض المدعى به اوغير ذلك

من منفعة او غيرها ، وقد صرح غير واحد بان المراد بالصحة الصحة الظاهرية ، واما

بحسب نفس الامر فلا يستبيح كل منهما ما وصل اليه بالصلح ، وهو غير محق .

توضيح ذلك : انه تارة يعلم المصالح بانه محق ، واخرى يعلم بانه غير محق ،

وثالثة يكون شاكان في ذلك او في مقدار ما يستحقه .

لا اشكال في صحة الصلح في الصورة الاولى وان علم بعدم محقية مدعيه ، اذ

المال له ، فكل ما وصل اليه منه فهو حقه ، كما لاريب في صحته في الصورة الثالثة ، بل

مبنى شرعية الصلح واساسها في هذه الصورة .

واما في الصورة الثانية : فمقتضى جملة من النصوص عدم صحته بمعنى انه

لايحل له ما صولح عليه ، لاحظ صحيح عمر بن يزيد عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) :

اذا كان لرجل على رجل دين فمطله حتى مات ثم صالح ورثته على شئ فالذي اخذ

الورثة لهم وما بقي فهو للميت يستوفيه منه في الاخرة ، وان هو لم يصالحهم على شئ

حتى مات ولم يقض عنه فهو كله للميت ياخذه به ( 1 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب كتاب الصلح حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وخبر علي بن ابي حمزة : قلت لابي الحسن ( عليه السلام ) : رجل يهودي او

نصراني كانت له عندي اربعة الاف درهم فهلك ألى ان اصالح ورثته ولا اعلمهم كم

كان قال ( عليه السلام ) : لا يجوز حتى تخبرهم ( 1 ) . ونحوهما غيرهما .

ونخبة القول في ما يستفاد من هذه النصوص بالبحث في جهات :

1.     قال في المسالك : لو كانت الدعوى مستندة الى قرينة تجوزها كما لو وجد

المدعي بخط مورثه ان له حقا على احد أو شهد له من لايثبت بشهادته الحق ولم يكن

المدعي عالما بالحال وتوجهت له اليمين على المنكر فصالحه على اسقاطها بمال او على

قطع المنازعة ، فالمتجه صحة الصلح في نفس الامر ، لان اليمين حق يصح الصلح على

اسقاطها . انتهي .

واحتمل الصحة في الفرض المحقق الثاني ره ، ولكن الظاهر انه ينبغي القطع

بالصحة ، وهو خارج عن محل الكلام ، فان مورد النزاع الصلح على ماليس له ، وفي

الفرض الصلح انما يكون على ماله وهو اسقاط حق اليمين ، نعم مما نحن فيه ما لو

صالح في المثال على المال نفسه ، وهو لا يجوز ، وان كان يحتمل استحقاقه واقعا ، اذ

الامارة القائمة لكون المدعي به للطرف تقوم مقام العلم ، فهو كالعالم بانه ليس له .

2.     قد يناقش على هذا بانه على هذا لايصح للحاكم ان يصالح بتنصيف المال

بين مدعيين له مع العلم بعدم كونه الا لاحدهما ، مع انه لا اشكال في صحته ظاهرا .

واجاب عنه في الجواهر : بان القطع بالواقع في الجملة لاينافي اجراء الحكم في

الظاهر تبعا لموازينه .

وفيه : ان الحكم الظاهري مع القطع بمخالفته للواقع لا مورد له ، لانه في ظرف

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب كتاب الصلح حديث 2 . ( * )

 

 

] الا ما حلل حراما او بالعكس [

 

احتمال الموافقة والاخرج عن كونه ظاهريا ، والحق ان يقال : ان مبنى شرعية الصلح

على التسالم في مورد الاشتباه ، وانما الذي لايصح هو الصلح مع القطع بعدم

الاستحقاق ، فكما ان للمتصالحين الصلح على التقسيم مع علمهما بان المال لاحدهما ،

كذلك للحاكم ذلك مع الجهل .

3.     ان طرف العالم بعدم الاستحقاق ربما يصالح على المال مبنيا على دعوى

المدعي ، ولا يكون راضيا بكون ما ياخذه ، له ، وانما يستدفع بالصلح ضررا عن نفسه او

ماله ، فهو غير مبيح للعالم بعدم الا ستحقاق للنصوص المتقدمة ، ولعدم كون ذلك

تراضيا مبيحا لاكل مال الغير .

وربما يصالح عليه على تقديري الاستحقاق وعدمه ويرضى بكون مقدار من

المال له وان لم يكن مستحقا ، ومثل ذلك معاملة عن تراض وتصح ، والنصوص المتقدمة

لاتشملها ، فانها في غير هذا الفرض او منصرفة اليه ، ويشهد به الصحيح عن الامام

الصادق ( عليه السلام ) في الرجل يكون عليه الشئ فيصالح فقال : اذا كان بطيبة

نفس من صاحبه فلا باس ( 1 ) . بناء على ارادة الصلح بالا نقص كما هو الغالب مع عدم

اعلامه بالحال .

 

حكم الصلح المحلل للحرام او العكس

 

الثانية : يجوز الصلح مطلقا ( الا ما حلل حراما او بالعكس ) وقد مرت

النصوص المتضمنة لهذا الاستثناء ، ومثل هذا العنوان - اي تحليل الحرام وتحريم

.....................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب كتاب الصلح حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الحلال - وقع متثنى في ادلة لزوم الوفاء بالشرط وادلة انعقاد اليمين ، وقد اختلفت

كلمات القوم في تفسيره ، فعن المحقق القمي : المراد من تحليل الحرام وتحريم الحلال هو

ان يحدث قاعدة كلية ويبدع حكما جديدا ، وقد اجيز في الشرع الصلح على كل شئ

الا صلحا اوجب ابداع حكم كلي جديد .

وافاد الشيخ الاعظم ره في ضابطه : ان المراد بالتحليل الترخيص ، وبالتحريم

المنع ، ولكن المراد بالحلال والحرام هو ما كان كذلك بحيث لا يتغير موضوعه بالصلح

او الشرط .

وهناك تفاسير اخر ، وقد اشبعنا الكلام في ذلك في مبحث الشروط ، وبينا ان

الاظهر ان يقال : ان فاعل حرم واحل في قوله ( عليه السلام ) : الا صلحا احل حراما

او حرم حلالا ( 1 ) . هو الصلح ، وهذا لا يتحقق الا بكون ما صولح عليه حرمة الحلال او

حلية الحرام ، واما الصلح على ترك الحلال فهو صلح على ترك التصرف دون حرمة

الحلا .

والشيخ الاعظم ره بعد نقل ذلك عن المحقق النراقي في باب الشرط اورد

عليه ايرادين : احدهما : ان الحكم الشرعي امره بيد الشارع ، وغير مقدور للمكلف ،

ولا يدخل تحت الجعل ، ولا معنى لا ستثنائه عما يجب الوفاء به لعدم امكان الوفاء به

عقلا .

وفيه : اولا : ان شرط النتيجة لا يعتبر فيه الا كونها واقعة بسسب الشرط ، ولو لا

الاستثناء لكنا ملتزمين بان شرط حرمة الحلال نافذ ، وكنا نستفيد كونها مما يقع بالسبب

من عموم دليل نفوذ الشرط ( 2 ) الشامل له .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب الصلح حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب الخيار كتاب التجارة . ( * )

 

 

] مع علم المصطلحين بالمقدار أو جهلهما [

 

وثانيا : ان بطلان هذا الشرط من جهة اخرى غير هذه الجهة لا يكون مضرا .

وثالثا : ان الشرط المحرم للحلال لاينحصر بشرط حرمة ما يكون حلالا

تكليفا ، بل يشمل ما لو اشترط حرمة ماهو حلال وضعا كعدم كون الطلاق بيد

الزوج ونحو ذلك من الاعتباريات ، ومن المعلوم ان المشروط حينئذ هو ذلك الامر في

اعتبار نفسه ، ولولا هذا الاستثناء وما دل على ان الشرط المخالف للكتاب لايكون

نافذا لكنا ملتزمين بنفوذه .

ثانيهما : ان استثناء الشرط المحرم انما يكون من الشرط الذي يجب الوفاء به ،

وليست الحرمة والحلية من افعال المكلف كي يجب الوفاء بهما .

وفيه : ان الوفاء لا يختص بشرط الفعل ، فانه بمعنى الانهاء وعدم النقض ، وهذا

موجود في شرط النتيجة ايضا .

فتحصل : ان هذا التفسير تام ، وما ذكر في الشرط يجري في الصلح طابق النعل

بالنعل ، وتمام الكلام في ذلك في مبحث الشروط ، فراجع ما حققناه في الجزء الثامن

عشر من هذا الشرح .

 

عدم اعتبار العلم بالمقدار

 

الثالثة : يصح الصلح ( مع علم المصطلحين بالمقدار ) المتنازع فيه ( أو جهلهما )

بلاخلاف فيه في الجملة ، وفي المسالك : الاجماع عليه .

واستدل له بصحيحي محمد بن مسلم ومنصور عن الامامين الصادق عليهما

السلام انهما قالا في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه ولا يدري كل واحد

منهما كم له عند صاحبه فقال كل واحد منهما لصاحبه : لك ما عندك ولي ما عندي ،

 

 

] دينا او عينا [

 

فقال ( عليه السلام ) : لاباس بذلك اذا تراضيا وطابت انفسهما ( 1 ) . ونحوهما الموثق ( 2 ) .

وادرد عليها : بانه ليس في شئ منها تصريح بالصلح ، ولعله اريد الابراء .

بين ما عند كل واحد منهما وما عند صاحبه - وليست الا الصلح وفهم الاصحاب -

تكون ظاهرة في ارادة الصلح ، مع انه يمكن ان يستدل لصحة الصلح بان مبنى شرعية

الصلح والغرض المهم في شرعيته هو تحصيل البراءة عند الجهل ، فيكون اطلاق ادلته

غير مقيد بمادل ( 3 ) نفي الغرر .

فالمتحصل : جواز الصلح مع العلم بالمقدار او الجهل به ( دينا ) كان ( أو عينا )

وسواء كان ارشاد او غيره كما هو المشهور بين الاصحاب ، بل عن التذكرة : عند علمائنا

اجمع ، ولا فرق في صورة الجهل بالمقدار بين تعذر العلم به وتيسرره .

وعن الرياض الاشكال في ما اذا كان عينا وامكن العلم بالمقدار ، منشأه عموم

الادلة بالجواز المعتضدة باطلاق عبائر كثير من الاصحاب ، وحصول الجهل والغرر

مع امكان التحرز عنهما .

وفيه : اولا : أنه لم يظهر فرق بين ما اذا كان دينا او عينا ، اللهم الا ان يقال :

ان الاجماع على الصحة في ما اذا كان دينا هو الفارق .

وثانيا : انه لو سلم شمول دليل النهي عن الغرر للفرض ، لاوجه لما افاده من

ان النسبة بينه وبين دليل جواز الصلح عموم من وجه فيتعارضان ويتساقطان ويرجع

الى اصل الفساد ، اذ دليل نفي الغرر حاكم على دليل الصلح كحكومته على ادلة سائر

.....................................................................

( 1 - 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب كتاب الصلح .

( 2 ) التذكرة ج 1 ص 466 . ( * )

 

 

] ولا يبطل الا برضاهما او استحقاق احد العوضين

ولو اصطلح الشريكان على ان لاحد هما الربح والخسران وللاخر رأس

المال صح [

 

المعاملات .

وثالثا : ماعرفت من ان دليل نفي الغرر لا يشمل هذا الباب ، فالاظهر هي

الصحة مطلقا ، ولا فرق فيما ذكرناه بين العلم في الجملة وان لم يعتبر المعلومية المعتبرة في البيع

ونحوه ، غير ظاهر الوجه ، نعم يعتبر عدم الابهام لما مر من ان المبهم لا حقيقة له

ولا تحقق ، لكنه خارج عن محل الكلام .

الرابعة : ( ولا يبطل ) الصلح ( الابرضاهما او استحقاق احد العوضين )

بلاخلاف . اما عدم بطلان الصلح في غير الموردين فلما مر من لزوم الصلح ، واما بطلانه

في المورد الاول فلما مر في كتاب الاجارة من مشروعية الاقالة في جميع العقود ، واما

البطلان في المورد الثاني فواضح .

 

وقوع الصلح من الشريكين على كون الربح والخسران لاحدهما

 

الخامسة : ( ولو اصطلح الشريكان على ان لاحدهما الربح والخسران وللاخر

راس المال صح ) بلاخلاف في الجملة فيه .

والاصل في هذا الحكم صحيح الحلبي - او حسنه - المروي عن الكافي عن ابي

عبد الله ( عليه السلام ) في رجلين اشتركا في مال فربحا فيه وكان من المال دين وعليهما

دين فقال احدهما لصاحبه : اعطنى راس المال ولك الربح ولك الربح وعليك التوى ، فقال ( عليه

السلام ) : لا باس اذا اشترطا ، فاذا كان شرط يخالف كتاب الله عزوجل فهو رد على

 

 

[ . . . ]

كتاب الله عزوجل ( 1 ) . ورواه في التهذيب ( 2 ) الا انه قال : وكان من المال دين وعين ، ولم

يقل وعليهما دين ، وايضا فيه : الا انه قال وكان المال دينا ، ولم يذكر العين ولا عليهما

دين .

وروى الخبر بسند آخر ، الا انه قال : كان المال دينا وعينا .

وليس في شئ من هذه النصوص تصريح بالصلح ، بل بالشرط ، الا ان

الظاهر منها كون المعاملة واقعة وابتداء لا في ضمن عقد الشركة ، وتدل على صحتها مع

الاشتراط ، وحيث ان الشرط الابتدائي لا يصح ، واطلاق الشرط على المعاملة من

البيع والصلح وغيرهما شائع ، وليس هناك معاملة غير الصلح يمكن تطبيقها عليها ،

فلا محالة يكون المراد بها الصلح . فمحصل مفادها : انه ان كان القول المزبور بعنوان

الصلح صح ، والا فمجرد وعد لا يجب الوفاء به ، ولا ينافي ذلك قوله : فاذا كان شرطا

يخالف . . . الخ فان الصلح ايضا قيد بان لا يكون محللا للحرام او العكس .

ثم ان مقتضى اطلاق النصوص عدم الفرق في ذلك بين صورة وقوعه عند

ارادة فسخ الشركة ، او في اثنائها او عند ابتدائها - اي بعد مزج المالين - ومقتضى

العمومات ايضا صحة ذلك في الموارد الثلاثة ، ولاينافي مع مقتضى الشركة ، ولا يكون

صلحا مخالفا للشرع ، لا الشركة انما تقتضي كون الربح بينهما والخسران عليهما ،

فكما انه لو وهب احدهما ما ربحه بالاخر وابرأه من الخسران لا اشكال في صحتهما ،

فكذلك لو اوقع الصلح على هذا النحو .

ومما ذكرناه يظهر ما في المسالك ، قال : هذا اذا كان عند انتهاء الشركة وارادة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب الخيار حديث 4 وباب 3 من ابواب كتاب الصلح حديث 1 .

( 2 ) ج 6 ص 207 الطبع الثاني . ( * )

 

 

] ولو ادعى احدهما درهمين في يدهما والاخر احدهما عطى الاخر نصف درهم [

 

فسخها لتكون الزيادة مع من هي معه بمنزلة الهبة والخسران على من هو عليه بمنزلة

الابراء ، اما قبله فلا لمنافاته لوضع الشركة شرعا ، والمستند صحيحة ابي الصباح ، ثم

نقل الخبر المتقدم ، ثم قال : وهذا الخبر مشعر بما شرطناه من كون الشرط عند

الانتهاء لا كما اطلق المصنف ره . انتهى .

وتقدمه في ذلك المحقق الشيخ علي في محكي شرح القواعد .

فانه يرد عليهما : ان الصلح المذكور ان كان مخالفا لوضع الشركة مقتض

للشركة في الربح والخسران مع عدم ايقاع عقد اوايقاع ، اما معه فلا تكون الشركة

مقتضية لها كما لايخفي .

نعم في الصلح في الاثناء او الابتداء بالنسبة الى ما يتحقق بعد من الربح

والخسران اشكال من ناحية عدم المتعلق ، الا انه يندفع بالصلح المشروط ، الذي لا

اجماع على بطلانه .

وبما ذكرناه يظهر ما في كلمات القوم في المقام من الخلط والاشتباه .

 

لو ادعى احدهما درهمين في بدهما والاخر احدهما

 

السادسة : ( ولو ادعى احدهما درهمين في يدهما ، والاخر احدهما ، اعطى الاخر

نصف درهم ) بلاخلاف فيه في الجملة .

والكلام تارة : فيما تقتضيه القاعدة ، واخرى في النصوص الخاصة .

 

 

[ . . . ]

اما الاول : فبالنسبة الى احد الدرهمين لا نزاع بينهما فيه ، فهو لمدعي الدرهمين ،

واما بالنسبة الى الدرهم الاخر فكل منهما يدعيه ، والمفروض كونه تحت يدهما ، فلا محالة

تكون يد كل منهما على النصف وامارة لملكيته له ، ويحكم بذلك ، فيكون كل منهما مدعيا

بالنسبة الى نصف الدرهم ومنكرا بالنسبة الى النصف الاخر ، فتجري قاعدة المدعي ،

والمنكر ، وهو لزوم الحلف على كل منهما لنفي ما يدعيه الاخر ، فيعطى بكل منهما النصف

مع الحلف لابدونه .

واما الثانى : فمقتضى النصوص الخاصة ايضا ذلك ، لكن بدون الحلف ، لا حظ

صحيح عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من اصحابنا عن ابي عبد الله ( عليه السلام )

في رجلين كان معهما درهمان فقال احدهما : الدرهمان لي ، وقال الاخر : هما بيني

 وبينك ، فقال ابو عبد الله ( عليه السلام ) : اما الذي قال هما بيني وبينك فقد اقربان احد

الدرهمين ليس له وانه لصاحبه ويقسم الاخر بنهما ( 1 ) . ونحوه مرسل محمد بن ابي

حمزة ( 2 ) . الذي هو كالصيحيح لان في سنده ابن ابي عمير .

والظاهر من كون الدرهمين معهما تحت يدهما ، ومقتضى اطلاقهما عدم الفرق

بين كون الدعوى فيهما بالنصف من كل منهما على الاشاعة او بواحد منهما على

التعيين ان لم يكونا ظاهرين في خصوص صورة الاشاعة ، وهما دالان على التنصيف

بدون الحلف .

فما عن التذكرة من لزوم الحلف في الصورتين ، وما عن الدروس من لزومه في

صورة الاشاعة ، غير تامين .

واضعف منهما الايراد على الاول بانه لايتم حلف كل منهما في صورة دعوى

.....................................................................

( 1 - 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب الصلح . ( * )

 

 

] وكذا لو اودع احدهما درهمين والاخر ثالثا وتلف احدهما بغير تفريط فلصاحب

الاثنين درهم ونصف وللاخر مابقى [

 

الاشاعة لا ختصاص الحلف حينئذ بالثاني والبينة بالاول ، ومع ذلك يستحق بعد الحلف

تمام الدرهم لا النصف ، فانه يرد عليه : ان كلا منهما منكر بالنسبة الى نصف الدرهم

الذي بيدهما ومدع بالنسبة الى النصف الاخر ، فله الحلف على النصف لا على التمام .

فتدبر فانه دقيق

.

حكم من اودعه انسان درهمين وآخر درهما

 

( وكذا ) يحكم بان احد الدرهمين لاحدهما والاخر بينهما ( لو اودع احدهما

درهمين والاخر ثالثا وتلف احدهما بغير تفريط ) اذ لا اشكال في ان احد الدرهمين

الباقيين لصاحب الدرهمين والاخر مردد بينهما يمكن ان يكون لكل واحد منهما ،

فمقتضى القاعدة هو ان يقسم نصفين ( فلصاحب الاثنين درهم ونصف وللاخر ما

بقى ) .

ويشهد به مضافا الى ذلك خبر السكوني عن الامام الصادق ( عليه السلام )

عن ابيه ( عليه السلام ) في رجل استودع رجلا دينارين فاستودعه آخر دينارا فضاع

دينار منهما ، قال ( عليه السلام ) : يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقسم الاخر بنهما

نصفين ( 1 ) .

بقي في المقام اشكال ، وهو : انه لو انتقل نصفا الدرهم او الدينار الى ثالث بهبة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب الصلح . ( * )

 

 

[ . . . ]

او نحوها ، واشترى بمجموعهما ثوبا ، يعلم تفصيلا بعدم دخول الثوب بتمامه في ملكه ،

لان بعض الثمن ملك الغير قطعا ، فلا يجوز الصلاة فيه ولا لبسه ، ولم يلتزم الاصحاب

بذلك وقد ذكروا في دفعه امورا : احدها : ان الامتزاج يوجب صيرورة كل من الدراهم

او الدنانير بينهما اثلاثا ، فما سرق يكون من مالهما لا من مال احدهما فلا يلزم المحذور

المذكور .

وفيه : ان الامتزاج في مثل المقام لايوجب الشركة كما مر ، مع ان لازم ذلك

اعطاء درهم وثلث لصاحب الدرهمين ، وثلثي الدرهم لصاحب الدرهم الواحد ، كما نسب

الى المصنف ره في بعض كتبه انه ذهب الى ذلك .

وثانيهما : ماذكرناه في اول البحث من اقتضاء قاعدة العدل والانصاف ذلك .

وفيه : ان تلك القاعدة انما تقتضي جواز التصرف لكل منهما فيما اعطي له

جوازا ظاهريا والكلام انما هو فيما لو اجتمعا عند ثالث واشترى بهما ثوبا وهو يعلم

بعدم انتقاله اليه بتمامه ، والحكم الظاهري لا يكون مع العلم التفصيلي بالخلاف .

ودعوى انه بعد كون كل من النصفين مما يجوز تصرف من هو تحت يده ، فيه ،

لو انتقلا الى ثالث يجوز تصرف الثالث فيهما واقعا ، فان جواز تصرف ذي اليد في المال

ظاهرا موضوع لجواز تصرف من انتقل اليه ذلك المال واقعا ، فلا يحصل العلم التفصيلي

بعدم جواز التصرف فيما انتقل اليه بازائهما ، مندفعة بان قاعدة اليد ايضا من

الامارات ، ولا تكون متكفلة لبيان حكم واقعي ، ولا توجب تبدل الواقع .

ثالثها : البناء على ان ذلك من باب الصلح القهري ، فبالتعبد الشرعي من

باب الولاية يدخل كل من النصفين في ملك كل واحد منهما ، فكل منهما يملك النصف

واقعا ، فلا يحصل العلم المزبور لو اجتمعا عند ثالث واشترى بهما شيئا .

وبما ذكرناه يظهر اندفاع ما في المسالك بان التالف لايحتمل كونه منهما بل

 

 

] ولو اشبته الثوبان بيعا وقسم الثمن على نسبة رأس مالهما [

 

من احدهما خاصة لامتناع الاشاعة هنا . انتهى .

واما ايراده على الخبر بضعفه ، فيرده : ان الخبر قوى ولو سلم ضعفه فهو منجبر

بالشهرة . فما قواه ومال اليه في الدروس من القول بالقرعة ضعيف .

 

حكم اشتباه الثوبين

 

السابعة : ( ولو اشتبه الثوبان ) لشخصين احدهما اقل قيمة من الاخر ، كما اذا

كان لواحد ثوب بعشرين درهما وللاخر ثوب بثلثين ثم اشتبها ، فان خير احدهما

صاحبه فقد انصفه ، وان تعاسرا ( بيعا وقسم الثمن على نسبة رأس مالهما ) ففي المثال

يعطى صاحب العشرين سهمين من خمسة ، وللاخر ثلاثة كما هو المشهور بين

الاصحاب ، وفرض الاشتباه يتوقف على عدم احراز كون الاقل قيمة في البيع هو

الاقل في الشراء ، والا فلا اشتباه .

وكيف كان : فيشهد للحكم المذكور : خبر اسحاق بن عمار عن الامام الصادق

( عليه السلام ) في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في ثوب ، وآخر عشرين درهما في

ثوب ، فبعث الثوبين ولم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه قال ( عليه السلام ) : يباع الثوبان

فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة اخماس الثمن والاخر خمسي الثمن ، قلت : فان صاحب

العشرين قال لصاحب الثلثين : اخترايهما شئت ، قال ( عليه السلام ) : قد انصفه ( 1 ) .

المنجبر ضعفه بالشهرة .

اضف اليه ما في الجواهر قال : مع احتمال صحة سنده في طريق الصدوق بل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب كتاب الصلح حديث 1 . ( * )

 

 

] وليس طلب الصلح اقرارا بخلاف ما اذا قال بعني او ملكني او هبني او

اجلني او قضيت [

 

الشيخ ، واحتمال اختصاصه بمورده كما ترى . فما في المسالك من الميل الى القرعة ، بل

عن الحلي الجزم بها في غير محله .

وللمصنف قده في المقام تفصيل ، قال في محكي التذكرة : انه ان بيعا منفردين

وتساويا في الثمن فلكل واحد ثمن ثوب ، ولا اشكال ، وان اختلفا فالاكثر لصاحب

الاكثر قيمة ، وكذا الاقل بناء على الغالب . وان بيعا مجتمعين صارا كالمال المشترك

شركة اجبارية .

وفيه : انه ان كان كون الاكثر قيمة معلوما انه للاكثر فما افاده وان تم ولا يشمله

الخبر ، الا انه ان كان كون الاكثر قيمة معلوما انه للاكثر فما افاده وان تم ولا يشمله

الخبر ، الا انه لاوجه لبيعهما مجتمعين لفرض امكان احراز ما لكل منهما وان لم يكن

ذلك معلوما ، فلا وجه لجعل الاكثر قيمة للاكثر فلعله للاقل ، مع ان ذلك اجتهاد في

مقابل النص .

الثامنة : ( وليس طلب الصلح اقرار ) بالملك ، لان الصلح يصح مع الانكار ،

فطلبه لايستلزم الاقرار ، لان طلبه يمكن ان يكون لاجل رفع المنازعة ( بخلاف ما

اذا قال : بعني ، أو ملكني ، أو هبني ، أو اجلني ، أو قضيت ) فان شيئا من تلكم لايتم

بدون الملك ، فقول هذا اقرار بملكية صاحبه .

 

 

] الفصل السادس في الاقرار

وهو اخبار عن حق سابق [

 

اقرار العاقل على نفسه جائز

 

( الفصل السادس : في الاقرار و ) المراد به الاعتراف ، فليس هو من قبيل

الانشاء ، بل ( هو اخبار عن حق سابق ) على نفسه ، من غير فرق بين الاثبات والنفي

كالاقرار بالابراء ونحوه ، وبين الاعيان والمنافع والحقوق ، وفي الحقوق بين حق الله

تعالى وحق الناس .

ويشهد لجوازه على نفسه ومشروعيته - مضافا اجماع المسلمين - من

الكتاب آيات ، لا حظ قوله تعالى ( أاقررتم واخذتم على ذلكم اصري قالوا

اقررنا ) ( 1 ) .

وقوله عزوجل ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم ) ( 2 ) .

وقوله سبحانه ( ألست بربكم قالوا بلى ) ( 3 ) .

وقوله تعالى ( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم ) ( 4 ) فتأمل .

ومن السنة اخبار ، لاحظ مارواه جماعة من علمائنا عن النبي صلى الله عليه

وآله انه قال : اقرار العقلاء على انفسهم جائز ( 5 ) .

.....................................................................

 ( 1 ) آل عمران آية 81 .

( 2 ) التوبة آية 102 .

( 3 ) الاعراف آية 172 .

( 4 ) النساء آية 135 .

( 5 ) الوسائل باب 3 من ابواب الافرار ؟ والمستدرك باب 2 منها . ( * )

 

 

] ولا يختص لفظا [

 

وخبر العطار عن بعض اصحابه عن مولانا الصادق ( عليه السلام ) : المؤمن

اصدق على نفسه من سبعين مؤمنا عليه ( 1 ) .

وخبر المدائني عنه ( عليه السلام ) : لا اقبل شهادة الفاسق الا على نفسه ( 2 ) .

اضف الى تلكم النصوص الواردة في الابواب المختلفة ، منها : مادل على انه

يؤخذ به في الحد بالزنا وغيره ( 3 ) .

ومنها : مادل على انه ان اقر بعض الورثة بالدين يلزمه ذلك في حصته ( 4 ) .

ومنها : مادل على انه ان اقر المريض بدين يجوز ذلك ( 5 ) .

ومنها : مادل على انه ان اقر رجل عند موته لواحد من اثنين فايهما اقام البينة

فله المال ، وان لم يقم واحد منهم البينة فالمال بيهما نصفان ( 6 ) .

ومنها : غير تلكم .

 

بيان مابه يتحقق الاقرار

 

وكيف كان : فالنظر فيه يكون في الاركان وفي اللواحق ، اما الاركان فهي

اربعة :

الاول : الصيغة . لا خلاف بينهم ( و ) لا اشكال في انه ( لا يختص لفظا ) بل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب كتاب الاقرار حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب الاقرار حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 16 من ابواب حد الزنا .

( 4 ) الوسائل باب 5 من ابواب حد الاقرار .

( 5 ) الوسائل باب 16 من ابواب احكام الوصايا حديث 4 .

( 6 ) الوسائل باب 2 من ابواب كتاب الاقرار . ( * )

 

 

] ويصح بالاشارة المعلومة [

 

يكفي فيه كل لفظ يفيد الاخبار باي لغة كان ، وعن التذكرة : الاجماع عليه ، وهو

الحجة فيه مضافا الى اطلاق الادلة ، فان الموضوع هو الاقرار والاعتراف ، وهما انما

يصدقان بابراز ثبوت حق سابق كان المبرز عربيا او غيره ، والمعتبر هو كون اللفظ

كاشفا في عرف المكلم عن المعنى المطلوب ثبوته ، ولا عبرة باللغة هنا . كما انه لا يعتبر

كون اللفظ المتكلم به على القانون العري في مادته وهيئته .

ويتفرع على ذلك فروع : منها : مالو قال : ان شهد فلان لك علي فهو صادق

وشهد ، فالاقرب كما عن اكثر المتاخرين : انه لا يكون اقرارا ، اذ المفهوم العرفي من

هذه الجملة امتناع الشهادة .

ومنها : ما لو ادعى عليه احد انه اقرضه فقال : صدقت ، مقترنا ذلك منه بما

يكون في المتفاهم العرفي استهزاء .

ومنها : غير تلكم من الموارد التي لا تندرج تحت ضابطة كلية ، فان فهم العرف

الذي يرجع اليه غير منضبط ، فلا بد في كل مورد من ملا حظة الكلام الصادر من

المتكلم ورعاية القرائن الحالية والمقالية ، فان كان صريحا او ظاهرا في الاخبار عن

ثبوت الحق بحسب المتفاهم العرفي فهو اقرار والا فلا .

( و ) بهذا البيان يظهر عدم تعين اللفظ ، بل ( يصح بالاشارة المعلومة ) اي

المفهمة ، اذ المعيار هو الاعراب عما في الضمير ، بلا دخل لخصوصيات المعرب في ذلك .

وعن بعضهم : اشتراط التعذر في الاكتفاء بالاشارة من جهة الشك في صدق

الاقرار عليها وان عبرت عما في الضمير ، ولازم ذلك وان كان عدم الاكتفاء بها حتى

مع التعذر الا انه يكتفى بها في حال الضرورة للاجماع .

وفيه : ان الاقرار والاعتراف وما يساوقهما من الالفاظ لم يؤخذ فيها اللفظ ،

وهذا العرف ببابك والتبادر عندهم وعدم صحة السلب علامتان للحقيقة ، فاعرض

 

 

] ولو قال نعم او اجل في جواب عليك كذا فهو اقرار وكذا بلى عقيب اليس

عليك بخلاف نعم [

 

لفظ الاقرار عليهم فهل يشك احدهم في صدقه على المعرب عما في الضمير وعدم

صحة سلب الاقرار عنه .

وعلى الجملة : فلا ينبغي الشك في صدقه على الاشارة المفهمة والاكتفاء بها .

( ولو قال : نعم او اجل في جواب عليك كذا ؟ فهو اقرار ) بلاخلاف فيهما ولا

اشكال ، لكون اللفظين من كلمات التصديق نعم ان كان المتكلم ممن يحتمل في حقه

ان لا يعرف معنى لفظ اجل وادعى انه تخيل كونه كلمة تكذيب او استهزاء لا تصديق

يقبل منه ، ولكنه خارج عن محل الفرض ، فان هذا يجرى في الالفاظ الصريحة اذا

صدرت عن غير اهل ذلك اللسان .

( وكذا ) يكون اقرارا قول ( بلى عقيب اليس عليك ؟ ) كذا فانها بمقتضى

الوضع حرف تصديق ، واكثر ما تقع بعد الاستفهام ، وتختص بالايجاب ، سواء كان

ماقبلها مثبتا او منفيا هكذا ذكره اهل اللغة والظاهر انها بحسب المتفاهم العرفي

ايضا كذلك .

وعلى فرض التنزل وتسليم الشك في كونها في العرف كذلك يستصحب

قهقرائيا ويثبت به ذلك على مامر في محله من ان بناء العقلاء في المحاورات على اجراء

هذا الاستصحاب ، والظاهر انه لاخلاف بينهم فيما ذكرناه .

( بخلاف نعم ) فانه ذهب جماعة منهم الشيخ ره والماتن الى انها ليست اقرارا ،

وعن الشهيد وسيد المدارك : انها اقرار ، وتردد المحقق فيه في النافع .

وجه الاول : انها وضعت في اللغة لتقرير ما سبق من السؤال ، فاذا كان نفيا

اقتضت تقرير النفي ، فهي في المثال انكار لا اقرار .

ووجه الثاني : انه لو سلم كونها في اللغة كذلك لكنها بحسب الاستعمال الشائع

 

 

] ولو قال انا مقر فليس باقرار الا ان يقول به [

 

عند العرف بلاقرينة بلى تكون ايجابا مطلقا ، كان ما قبلها مثبتا او منفيا ، مع

انه صرح جماعة ؟ بورودها في اللغة كذلك وفي المنجد ايضا : التصريح بمساواة نعم ،

وبلى في المفاد .

ووجه الثالث : عدم ترجيح احد الوجهين على الاخر .

وبما ذكرناه تظهرا قوائية الثاني ، اذ قد عرفت عدم العبرة باللغة في مقابل

العرف .

ودعوى ان الاستعمال اعم من الحقيقة وان كان شائعا كما في الرياض ، مندفعة

بما تقدم من انه لا يتوقف صدق الاقرار على اثبات كون اللفظ حقيقة في المستعمل

فيه ، بل يكفي كونه مجازا مشهورا لا تتوقف دلالته عليه على ذكر قرينة .

( ولو قال ) بعد قول : لي عليك كذا ؟ ( انا مقر ، فليس باقرار ) لانه لم يذكر

المقر به ، فمن الجائز ان يقدر مالا يطابق الدعوى ، والعام لا يدل على الخاص ( والا ان

يقول به ) اي بما تدعيه فيلزمه ، خلافا للشهيد في محكى الدروس قال : لا يكون اقرارا

ايضا ، اذ غايته الاقرار بالدعوى وهو اعم من الاقرار به للمدعي ، وقد مر انه المعيار في هذا

الباب ، ولذلك قد يدعي كونه اقرارا في الاول ايضا من جهة ظهور المحاورات العرفية

في ذلك ، فان وقوعه بعد الدعوى يوجب عندهم صرفه اليها ، كما يعلم ذلك من انه لو

اقر بشئ آخر صريحا يعد هذرا ، كما لو ادعى عليه دين فقال : انا مقربان السماء

فوقنا ، قيل والاية الكريمة المتقدمة ( أاقررتم واخذ تم على ذلكم اصري قالوا

اقررنا ) ( 1 ) . شاهدة به وهو غير بعيد .

.....................................................................

( 1 ) آل عمران آية 81 . ( * )

 

 

] ولو علقه بشرط بطل [

 

حكم مالو علقه بشرط

 

( ولو علقه بشرط بطل ) كما عن اكثر المتأخرين . ونخبة القول فيه : انه لا

اشكال كما مر في ان الاقرار عبارة عن الاخبار عن ثبوت حق على نفسه جزما ، فهل

يعتبر فيه كونه عن ثبوت حق سابق ، ام يكفى في صدقه الاخبار عن ثبوت حق في

اللاحق ؟ قولان : اختار ثانيهما صاحب الجواهر ره ، قال : لايمكن انكار صدق الاقرار

على الحقوق المعلقة بنذر او عهد او يمين على شئ متوقع او معلوم الحصول ، فاذا اقر

مثلا ان لزيد علي مائة درهم اذا عوفي في مرضه بنذر اوعهد او يمين ، كان ذلك اقرارا

بالحق المعلق بمقتضى السبب المتعلق به .

ولكن يرده : ان ذلك يكون اقرارا باعتبار كونه اخبارا عن السبب وهو النذر

السابق مثلا ، فالحق ما افاده الاكثر من اعتبار كونه اخبارا عن حق ثابت في السابق .

وعلى هذا فلو علقه بشرط مستقبل لا يكون اقرارا ، واما لو علقه بشرط مضى

فالظاهر انه اقرار ، اما اذا علم بتحقق الشرط فلكونه اخبارا عن تحقق التالي وثبوته

لفرض العلم بتحقق الشرط ، واما اذا لم يعلم به فلان الاخبار المشروط اخبار عن

الملازمة بين الشرط والجزاء جزما ، فاذا انضم اليه تحقق الشرط خارجا كانت النتيجة

كونه اخبارا عن حق ثابت ، كما لو قال : ان كان مكتوبا في الدفتران لزيد علي الفا

كان كذلك جزما ، فان كان مكتوبا كان هذا اخبارا جزميا بثبوت الالف فيصدق عليه

الاقرار .

نعم ان كان الشرط مما يتخيل انه لم يقع خارجا لم يكن ذلك اقرارا ، بل هو

انكار عرفا ، والضابط هو الرجوع الى العرف بحسب ما يفهمه من القرائن الحالية

 

 

] ولو قال ان شهد فلان فهو صادق لزمه وان لم يشهد [

 

والمقالية الكلام ، ولا يمكن جعل ميزان كلي له .

 

حكم مالو قال ان شهد فلان فهو صادق

 

( ولو قال : ان شهد فلان فهو صادق لزمه وان لم يشهد ) كما عن الشيخ في

المبسوط وابن سعيد في الجامع والمصنف ره في جملة من كتبه ، بل حكي عنه نسبته الى

الاصحاب .

واستدل له : بانه اذا صدق على تقدير الشهادة لزم الحق لوجوب مطابقة الخبر

الصادق لمخبره في الواقع ، فيكون في ذمته على ذلك التقدير ، ومن المعلوم انه لا دخل

للشهادة في ثبوت المقربه في الذمة في نفس الامر ، فيثبت حينئذ مطلوبه اذا لصدق

مطابقة نسبة الخبر للنسبة الخارجية في تحقق الصدق على تقدير الشهادة .

وبانه اما ان يكون ثابتا في ذمته اولا ، والتالي باطل لاستلزامه كذب الشاهد

على تقدير الشهادة لانه خبر غير مطابق ، لكنه حكم بصدقه على تقدير ها فيتعين

الاول

وبانه يصدق كلما لم يكن المال ثابتا في ذمته لم يكن صادقا على تقدير الشهادة ،

وينعكس بعكس النقيض الى قولنا : كلما كان صدقا على تقدير الشهادة كان المال

ثابتا في ذمته ، لكن المقدم حق لاقراره ، فانه حكم بصدقه على تقدير الشهادة ، فالتالي

مثله .

والجواب انه اذا كان المفهوم من هذا الكلام عرفا بواسطة القرائن ان

هذه الشهادة ممتنعة الوقوع من الشخص المذكور لامتناع الكذب عليه بحسب

اعتقاد المتكلم والغرض ان هذا لا يصدر منه كما هو كثير الامثال في المحاورات العرفية

 

 

] ويشترط في المقر التكليف والحرية [

 

حتى ادعى ظهور الكلام ولو بلاقرينة ؟ في ذلك ، فهو ليس اقرارا قطعا ، وان كان

المفهوم منه عرفا انه بصدد الاخبار عن الحق مشروطا ، فان شهد كان اقرارا لان

الاقرار بالملازمة اقرار بالتالي مع فرض وجود المقدم ، ولا تعتبر الصراحة في الاقرار ،

وان لم يشهد لم يكن اقرارا قطعا .

وما ذكر من الجوه مغالطات واضحة ، اما الاول : فلانه وان لم يكن دخل

للشهادة في ثبوت المقربه في الذمة في نفس الامر لكنها دخيلة في الاخبار بالثبوت لان

الفرض ان الاخبار مشروط ، فهو كالانشاء على تقدير ، فكما انه مع عدم ذلك التقدير

لا يكون المشأ فعليا كذلك في الاخبار .

واما الثاني : فلان الميزان ليس هو الثبوت النفس الامري كي يتم الحصر

المزبور ، بل الاخبار بالثبوت ، وهو اخبار على تقدير دون آخر ، فالثبوت على تقدير

الشهادة لا يستلزم ثبوته على تقدير عدمها .

واما الثالث : فلان الثبوت في الذمة ليس مناط الاقرار ، بل الاخبار به ،

فالاظهر انه على تقدير عدم الشهادة لا اقرار . وبما ذكرناه يظهر ما في كلمات القوم

في المقام .

 

ما يعتبر في المقر

 

الثاني : المقر ، قالوا : ( ويشترط في المقر : التكليف والحرية ) والاختيار وجواز

التصرف بلا خلاف في شئ من تلكم ، بل عليها الاجماع عن التذكرة .

يشهد للاول : حديث رفع القلم ( 1 ) المتقدم في الابواب السابقة ، وللثاني : مادل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب مقدمة العبادات وباب 36 من ابواب القصاص في النفس . ( * )

 

 

] ويتبع العبد باقراره بعد العتق [

 

على عدم مالكية العبد ( 1 ) ، فانه حينئذ لا يكون اقرارا على نفسه ، وللثالث : حديث رفع

ما استكره عليه ( 2 ) ، وللرابع : مادل على حجره ( 3 ) .

وعلى هذا فلا يقبل اقرار الصبي بمال ولا عقوبة وان بلغ عشرا ، ان لم يجز وصيته

ووقفه وصدقته والاقبل اقراره بها لقاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به ، التي استند

اليها الاصحاب لصحة اقراره بما يصح منه ، والظاهر كونها قاعدة مستقلة غير قاعدة

الاقرار ، ومدركها الاجماع وتسالم الاصحاب ، بل وعليها بناء العقلاء .

ولم يردع الشارع الاقدس عنها ، وانما لا نقيد اطلاقها بحديث رفع القلم عن

الصبي من جهة الاجماع على ذلك على فرض صحة الوصية والعتق والوقف منه ، ولا

اقرار المجنون الا من ذوي الدور وقت الوثوق بالعقل ، ولا من العبد ، ( و ) لكن ( يتبع

العبد باقراره بعد العتق ) ولا من المكره ، لان حديث الرفع اسقط حكم اقراره ،

ولخبر ابي البختري عن جعفر عن ابي عليهما السلام : ان عليا ( عليه السلام ) قال :

من اقر عند تجريد او حبس او تخويف او تهديد فلا حد عليه ( 4 ) . ولا من السفيه في ماله

لكونه محجورا عن التصرف في ماله ، ولا من المفلس لانه بعد تعلق لانه تعلق حق الغرماء بالمال

يكون ذلك بالنسبة الى المال من قبيل الاقرار على الغير فلا يكون نافذا ، ولكنه انما

لايثبت في ماله ، ويثبت في ذمته كما مر في مبحث المفلس .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من الحجر وباب 78 و 79 من ابواب الوصايا .

( 2 ) الوسائل باب 56 من ابواب الجهاد في النفس .

( 3 ) الوسائل باب 1 و 5 من ابواب الحجر .

( 4 ) الوسائل باب 4 من ابواب كتاب الاقرار . ( * )

 

 

] وفي المقرله اهلية التملك [

 

بيان ما يعتبر في المقر له

 

الثالث : المقر له ( و ) قد طفحت كلما تهم بانه يشترط ( في المقر له اهلية

التملك ) ، اذ مع عدمها يلغو الاقرار فلا عبرة به ، فلو اقر بشئ لجماد بطل .

فهل يقبل الاقرار للحمل ام لا ؟ فيه تفصيل ، اذ تارة يبين سببا يفيد الملك له

كوصية او ارث يمكن في حقه ، واخرى يبين سببا لا يفيد الملك له كالجناية والمعاملة معه

وما شاكل ، وثالثة لا يبين سببا .

اما في الصورة الاولى : فالظاهر صحة اقراره ، لانه يملك وان كان استقرار

ملكه له مشروطا بسقوطه حال حياته ، فلو قال ان للحمل دينا في ذمتي لو صية مثلا

ملك الحمل ذلك بالفعل ، وان لم يكن مستقرا ، وليس من قبيل الاقرار على حق ثابت

في المستقبل - لفرض مالكيته - ويمكن ان يقال : انه اقرار بوصية او سبب للارث ،

وهما امران سابقان على الاقرار .

واما في الصورة الثانية : فالوجه الصحة عند المصنف ره والمحقق والشهيدين

وسيد الرياض ، بل نسبه ثاني الشهيدين الى الاكثر ، قالوا : نظرا الى مبتدأ الاقرار

والغاء ما يبطله نحو غيره من صور تعقيب الاقرار بالمنافي .

واورد عليه : بان الكلام كالجملة الواحدة ، ولايتم الا بآخره ، وقد نافي اوله

فلا عبرة به كالاقرار المعلق على الشرط .

واجابوا عنه : بان كون الكلام كالجملة الواحدة يتم فيما هو من متمماته

كالشرط والصفة لا فيما لا تعلق به ، بل ينافيه ، ومن ثم اجمعوا على بطلان المعلق دون

المعقب بالمنافي .

 

 

[ . . . ]

ولكن قد مر أن الميزان في الاقرار هو الظهور العرفي للكلام ، وعليه فما دام لم يتم

المتكلم كلامه لاينعقد لكلامه ظهور لاحتمال ذكر القرينة الصارفة ، واذا تم كلامه

يكون ما يستفاد منه هو المعيار والميزان ، فاذا اقر بملكيته للحمل وقره بذكر السبب

غير المفيد للملك له كان المقر به وهو الملكية الخاصة لا المطلقة ، لانه لم يقربها بل بحصة

خاصة منها وهي الملكية المسببة عن سبب خاص ، والمفروض عدم امكان تحققها

للحمل ، فما اقربه ممتنع الحصول ، فلا يصح اقراره هذا .

واما في الصورة الثالثة : فالمتجه هي الصحة كما هو المشهور بين الاصحاب

للاكتفاء في الاقرار بامكان الصحة . وبعبارة اخرى : انه ينزل الاقرار على الاحتمال

الصحيح ، وعن المبسوط : انه نقل عن بعض الحكم بالبطلان ، ولم يعرف قائله .

نعم عن الفخر في ايضاحه : البناء عليه ، وان حكي عنه في شرح الارشاد نسبة

الصحة الى الاصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليها .

واستدل له : بان الحمل لا يملك حقيقة وانما يوجد سبب يصلح للتمليك فاذا

لم يقربه لم يصح ، وبان الملك في صورة صحته مشروط بسقوطه حيا فقبله لا يعلم

الصحة ، بل هو مراعي ، فكان جانب عدم الصحة اولى على التقديرين .

ولكن يتوجه على الاول : ان الحق مالكية الحمل ملكية غير مستقرة مشروطا

استقراره بسقوطه حيا ، مع ان مقتضى حمل الاقرار على الصحة - كحمل سائر افعال

العاقل - حمله على ارادة السبب الصالح للملك ، فالاقرار بالملك اقرار بالسبب

الصحيح الملك .

وعلى الثاني : أنه قبل سقوطه حيا يعلم بالصحة مراعاة بسقوطه حيا . فالاظهر

الصحة .

 

 

] ولو اقر للعبد لمولاه وان فسر المقربه بما يملك قبل وان قل ولو لم يفسر

حبس ولو قال الف درهم قبل تفسيره في الالف [

 

المقربه وما يشترط فيه

 

الرابع : المقربه ، وهو اما مال ، او نسب ، او حق . وقد مر ان الاظهر جواز الاقرار

في الجميح لعموم دليله .

( ولو اقر للعبد فهو لمولاه وان فسر المقربه بما يملك قبل وان قل ) بلا خلاف ،

بل عليه الاجماع في محكي التذكرة ، وهو الحجة مضافا الى اصالة البراءة عن الزائد

بعد صدق المال على القليل والكثيرة .

( ولو لم يفسر ) قيل : وان امتنع عن البيان ( حبس عليه ) حتى يبين الا ان

يدعي النسيان ويقبل ، على تفصيل ياتي في كتاب القضاء مفصلا .

ومنه يظهر ضعف ماقيل من عدم الحبس ، ولو فسره بما لم تجر العادة بتموله

كقشر الجوزة واللوزة وما شاكل ، قيل : لم يقبل لعدم صدق المال عليه ، فضلا عن

انصراف اطلاقه اليه على وجه يثبت في الذمة ، بل نسب ذلك الى المشهور . وعن

التذكرة والروضة : قبوله ، اذ المال اعم من غير المتمول ، لان كل غير متمول مال

ولا عكس .

اقول : اشكال في ان المال غير الملك ، اذ رب مال ليس بملك كالمباحات

الاصلية ، وملك ليس بمال مثل مالا يصدق عليه المال لقلته . وعليه فان قال على

مال وفسره بذلك لم يقبل ، ولو قال على شئ وفسره به قبل .

والظاهر ان مورد كلام المصنف ره هو الثاني على مايظهر من تعليله ، وقد

صرح به في محكي الروضة .

( ولو قال ) : علي ( الف درهم ) الزم بالدرهم و ( قبل تفسيره في الالف ) الذي هو مجمل

 

 

] ولو قال الف وثلاثة دراهم او مائة وعشرون درهما فالجميع دراهم ولو

قال كذا درهما فعشرون [

 

بلاخلاف فيه ، وفي قبول تفسيره بما شاء ( ولو قال الف وثلاثة دراهم اومائة

وعشرون درهما ) او ماشا كلهما من الاعداد المتعاطفة المتخالفة في التمييز المتعقبة لها

بحسب الافراد والجمع والجر والنصب ( فالجميع دراهم ) كما هو المشهور بين

الاصحاب ، لان المفسر لو وقع بين المبهمين واكثر يعود الى الجميع ، كما يظهر من

ملاحظة موارده ، لاحظ قوله تعالى ( ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجة ) ( 1 )

والخبر : ان المميز في المثالين ونظائر هما كما يحتمل رجوعه الى الجميع يحتمل روجوعه

الى الاخير ، وعليه فالمتيقن الثابت هو الرجوع الى الاخير ، وفيما قبله يعامل معه

معاملة المبهم ، فله ان يفسره بماشاء .

وعن الاردبيلي : الميل اليه ، ولكن يتوجه عليه اولا : انه لايحتمل ذلك بعد كون

تعدد التمييز ، كما لو قال له : علي الف درهم ، وعشرون درهما مستهجنا ، ويعد التمييز

الاول زائدا غير محتاج اليه .

وثانيا : ان الاحتمال لاينافي الظهور العرفي ولو بواسطة الاطلاق في الرجوع

الى الجميع .

( ولو قال ) : له علي ( كذا درهما ف ) في المتن وعن الشيخ روه وابن زهرة : انه

يلزمه مع النصب ( عشرون ) درهما ، لان اقل عدد مفرد ينصب مميزه عشرون ، اذ فوقه

ثلاثون الى تسعين ، فيلزمه الاقل لانه المتيقين .

وفيه : انه يمكن جعل درهما منصوبا على التمييز ، كما لو قال : شئ درهما .

.....................................................................

( 1 ) ص آية 23 . ( * )

 

 

] ولو قال كذا درهم فمائة ولو قال كذا كذا درهما فاحد عشر وكذا وكذا

درهما فاحدى وعشرون درهما [

 

لايقال : انه قد ادعى اجماع الادباء على انه كناية عن العدد ، بل عن المهذب

البارع : لم يوجد في كلام العرب غير ذلك .

فانه يقال : ان مدعي الاجماع نفسه اعترف بانه يستعمل عرفا في غير العدد ،

وقد مر ان العرف يقدم في هذا الباب . ثم ان ذلك كله اذا كان المتكلم عارفا بان الادباء

اتفقوا على كونه كناية عن العدد ، والا فالامر اوضح كما لا يخفى .

( ولو قال ) : له علي ( كذا درهم ف ) عن الشيخ والسيد والمصنف ره : انه يلزمه

( مائة ) اذاكان الدرهم مجرورا ، لان اقل عدد مفرد مميزه مجرور المائة ، اذ فوقه الالف ،

فيحمل على الاقل .

ولكن يتوجه عليه ان الجر يحصل باضافة الجزء فلا وجه لحمله على الدرهم

الكامل ، بل يثبت به جزء الدرهم ، واليه يرجع في تفسير الجزء ، والتقدير جزء درهم ، وكذا

كناية عن الجزء ، ولو جعل الدرهم مرفوعا فلا كلام ظاهرا في انه يلزمه درهم بجعله بدلا

عن كذا .

( ولو قال ) : له علي ( كذا كذا درهما ف ) المتجه هو لزوم درهم واحد ، لان

الظاهر منه ارادة التاكيد ، فيجري فيه ما سبق ، ولكن الجماعة المتقدم ذكرهم ذهبوا الى

ان اللام عليه ( احد عشر ) درهما ، لان اقل عدد مركب مع غيره ينتصب بعده المميز

احد عشر ، اذ فوقه الاثني عشر الى تسعة عشر ، فيلزمه الاقل والجواب مامر .

( و ) لو قال ( كذا وكذا درهما ) بان كرر كذا وذكر حرف العطف ، ( ف ) عن

من تقدموا يلزمه ( احدى وعشرون درهما ) لانه اقل عددين عطف احدهما على الاخر

وميزا بدرهم منصوبا ، اذ فوقه اثني وعشرون الى تسعة وتسعين ، ويضعف بما مر .

والحق عدم لزوم ازيد من درهم واحد ، لانه ذكر شيئين حينئذ وميزهما بدرهم ،

 

 

] هذا مع معرفته ولا فله التفسير ولو قال مائة مؤجلة او من ثمن خمرا او مبيع

لم اقبضه او ابتعت بخيار فالقول قول الغريم مع اليمين [

 

فكأنه قال : شئ همادرهم ، لان كذا حيث يحتمل لما هو اقل من درهم فيجوز

تفسير المتعدد منه وان كثر بالدهم .

وفي الثاني قولان آخران : احدهما : لزوم درهمين عليه ، لانه ذكر جملتين كل

واحدة منهما تقع ؟ على الدرهم ، وبكون ؟ كناية عنه ، فيكون الدرهم تفسير الكل واحد

منهما .

ثانيهما : انه يلزمه درهم وزيادة يرجع فيها اليه ، لان الدرهم فسر الجملة

الاخيرة ، فتبقى الاولى على اجمالها ، فيفسرها بما شاء .

وقد ظهر مما اسلفناه ضعفهما ، كما انه قد ظهر مما قدمناه ما في قول المصنف ره

( هذا مع معرفته والا فله التفسير ) فلا حاجة الى بيناه

 

تعقيب الاقرار بما ينافيه

 

( و ) اما اللواحق فثلاثة : الاول : في تعقيب الاقرار بما ينافيه ف ( لو قال ) لك

على ( مائة مؤجلة او من ثمن خمر او مبيع لم اقبضه او ابتعت بخيار ف ) عن جماعة

منهم المصنف ره : ان ( القول قول الغريم من اليمين ) .

وتفصيل الكلام : اما في الفرع الاول : فلا اشكال في انه بالاقرار يلزمه المائة ،

وحينئذ ان لم ينكر الغريم الاجل فلا كلام ، وان انكره فان كان وصف التاجيل منفصلا

عن الكلام المتقدم ولو بسكوت طويل فلا خلاف بينهم في ان الدين حال ، وقول

الغريم مقدم ، لان دعوى التاجيل دعوى اخرى ، والمدين مدع فيها بلا اشكال . وان

وصله به فظاهر العبارة وكذا عبارة المحقق في التافع : انه كذلك ، وهو المحكي عن

 

 

[ . . . ]

صريح الشيخ والقاضي ، وعللوه بان دعوى الاجل زائدة عن اصل الاقرار ، فلا تسمع ،

كما لو اقر بالمال ثم ادعى قضائه .

ولكن المشهور بين الاصحاب - سيما المتاخرين - انه يقبل قوله ويقدم على

قول غريمه ، فلايكون الدين حالا وهو الاظهر لما مر من ان الاقرار انما هو بلحاظ

ظهور الكلام ، ومعلوم انه لا ينعقد للكلام ظهور مادام المتكلم مشغولا به ، وله ان يلحق

بكلامه ماشاء من اللواحق .

وان شئت قلت : ان المقر به بحسب ظهور الكلام هو الدين المؤجل ، فلا تثبت

به الحصة الاخرى من الدين - اي الدين الحال - ويؤيده ماقيل انه لو لا قبول ذلك

منه لادي الى انسداد باب الاقرار بالحق المؤجل ، واذا كان على الانسان دين مؤجل

واراد التخلص فان لم يسمع منه لزم الاضرار به ، وربما كان الاجل طويلا بحيث اذا

علم عدم قبوله منه لايقر باصل الحق خوفا من الزامه حالا والاضرار ، فيؤدى تركه

الى الاضرار بالحق ، وهذا غير موافق للحكمة الالهية ، والصحيح كان امير المؤمنين

( عليه السلام ) لا ياخذ باول الكلام دون آخره .

واما الثاني : فلو قال : له علي مال ، ثم قال منفصلا عنه : من ثمن خمر غير

محترمة او خنزير ، لا يقبل منه الثاني ، ويثبت عليه المال اجماعا كما عن التذكرة ، ووجهه

ظاهر ولو وصله بكلامه الاول فالمشهور بينهم ايضا ذلك ، بل عن نهاية المرام : نسبته

الى علمائنا .

واستدلوا له : باقتضاء ذلك سقوط الاول لعدم صلاحية الخمر وكذا الخنزير

مبيعا يستحق به الثمن في شرع الاسلام ، وهو انما يتم مع عدم احتمال الجهل بذلك

في حق المقر ، واما مع احتماله ، فلا ، لان الاقرار مبني على اليقين ، فكلما لم يتيقن لم يلزم

بشئ ، ولا يخرج عنه بالظن وغيره ، ويسمع فيه الاحتمال وان كان نادرا كما افاده

 

 

[ . . . ]

المحقق الاردبيلي ره .

وما في الجواهر من انه لو صح ذلك لانسدباب الاقرار ، يدفعه ان الاحتمال ان

لم يكن له منشأ عقلائي لا يعتني به ، ولا يلزم منه ماذكر ، وان كان له ذلك لا يلزم منه

انسداد باب الاقرار .

واما الثالث : فان وصل قوله : من مبيع لم اقبضه ، بقوله : علي مال ، فعن

المبسوط والخلاف ونهاية المرام والمسالك والكفاية وغيرها : انه يقبل قوله ، وذهب

المصنف ره والمحقق والشهيد : الى انه يقدم قول الغريم ، وهو المحكي عن يحيى بن

سعيد والحلي ، وعن غير واحد من المتاخرين .

واستدلوا للثاني : بمنافاة الثاني للاول ، وقد ظهر ضعفه مما قدمناه ، ومنه يظهر

اقوائية الاول . نعم لو انفصل صح ماذكر كمامر .

واما الرابع : وهو ما لو قال : لك علي مائة من مبيع ابتعت بخيار ، فقد قالوا : انه

يلزم بالمائة للتنافي بين قوله علي وقوله بخيار اذ مقتضى الاول ثبوت الثمن في

الذمة ووجوب ادائه اليه في جميع الاحوال ، ومقتضى الثاني عدم استقراره فيها لجواز

الفسخ وعدم وجوب ادائه اليه مطلقا .

وفيه : ان الثاني لا ينافي الاول ، بل يبين كيفيته ، اذ لا منافاة بين ثبوته في الذمة

غير مستقر ، وعليه فحيث ان المدار في باب الاقرار على الظهور العرفي ، ولا ينعقد

للكلام ظهور مادام للمتكلم ان يلحق بكلامه ماشاء من اللواحق ، فالاظهر قبول قوله

كما عن المبسوط والخلاف والقاضي والمسالك والروضة وسيدي المدارك والرياض

والمحقق الاردبيلي وغيرهم .

 

 

] ويحكم بما بعد الاستثناء المتصل والمنفصل [

 

الاستثناء المتعقب للاقرار

 

الثاني : في بيان احكام الاستثناء المتعقب للاقرار :

لاخلاف عندنا في جريان الاستثناء في الاقرار ، بل الاجماع بقسميه عليه كما

في الجواهر ، ( و ) يترتب عليه : انه ( يحكم بما بعد الاستثناء ) .

نعم يعتبر عندنا الاتصال العادي ، بان يصح في الاستعمال عادة ، وعن ابن

عباس والحلي : تجويزه الى شهر ، وحملاه على قبول خبره الى تلك المدة . وضعفه ظاهر .

هذا المقام :

1.     ان الاستثناء من الاثبات نفي ، ومن النفي اثبات ، وفي المسالك : ان الاول

موضع وفاق بين العلماء ، وهو ظاهر واما الثاني : فقد اشكل عليه بعضهم نظرا الى ان

بين الاثبات والنفي واسطة ، فلا يلزم من انتفاء النفي اثبات الاثبات لجواز التوقف ،

وينتقض ذلك بالاستثناء من الاثبات . وتمام الكلام فيه في الاصول .

2.     المشهور بين الاصحاب جواز الاستثناء من الجنس المعبر عنه ب

( المتصل ) ومن غير الجنس ( و ) هو الذي يقال له ( المنفصل ) تارة ، والمنقطع اخرى .

اما جواز الاول فواضح ، واما الثاني فيشهد به وقوعه في الكتاب وفصيح اللغة ،

قال الله تعالى ( ولا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن

تراض ) ( 1 ) .

.....................................................................

( 1 ) النساء آية 29 . ( * )

 

 

] ويسقط بقدر قيمة المفصل ولو قال عشرة الا ثلاثة الا ثلاثة لزمه اربعة [

 

وقال سبحانه ( فسجدوا الا ابليس كان من الجن ) ( 1 ) .

وقال : عز من قائل ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما الا قيلا سلاما

سلاما ) ( 2 ) . الى غير تلكم من الموارد .

وهل هو حينئذ على وجه الحقيقة او المجاز ؟ فيه خلاف لايهمنا في المقام البحث

عنه ثم ان مرادهم من الجنس كون المستثنى داخلا في المستثنى منه لولا الاستثناء ،

ومن غيره عدم دخوله ، وبذلك اندفع ما في المسالك قال : اطلاق الاستثناء المنقطع على

كونه من غير الجنس لا يخلو من مناقشة مشهورة ، لان مثل قوله : جاء بنوك الا بنو

زيد ، منقطع مع ان الاستثناء من الجنس . انتهى .

( ويسقط ) في الاستثناء المنقطع ( بقدر قيمة المنفصل ) فلو قال : له علي الف

درهم الا ثوبا ، يسقط بمقدرا قيمة الثوب عن الالف درهم .

3.     ذهب المحققون من الاصوليين والاكثر الى انه يصح الاستثناء اذا بقى

بقية قلت او كثرت كما في المسالك ، وذهب جماعة الى اعتبار ان يكون الباقي من

المستثنى منه اكثر من النصف ، والاصح انه يصح مطلقا ، وانما يستهجن استثناء

الاكثر ، وهذا لايضر بالحمل عليه في باب الاقرار كمامر ، وانما لا يلزم به في كلام

الشارع الاقدس . وبه يندفع الايراد على الاصوليين بانهم ذكروا في المقام ان الاستثناء

يصح وان كان الباقي قليلا ، وفي الاصول بنوا على عدم صحة استثناء الاكثر .

( و ) يتفرع على القاعدة الاولى انه اذا ذكر استثنائان وكان الثاني بقدر الاول

رجعا جميعا الى المستثنى منه ف ( لوقال ) : له علي ( عشرة الا ثلاثة الا ثلاثة لزمه

اربعة ) فان الظاهر في صورة تعدد الاستثناء اذا كان متعاطفا او كان الثاني مستغرقا

.....................................................................

( 1 ) الكهف آية 50 .

( 2 ) الواقعة آية 26 . ( * )

 

 

] والوجه بطلان الاستثناء في درهم ودرهم الا درهما ولو قال عشرة الا خمسة

الا ثلاثة [

 

لما قبله ، سواء زاد عليه او ساواه رجوع الجميع الى المستثنى منه . هذا اذا لم يحصل

بالاستثناء المتعدد استغراق المستثنى منه والا بطل ما يحصل به الاستغراق ، كما لو

قال في المثال : له عشرة الا ثلاثة الا سبعة ، فيبطل استثناء سبعة وتثبت تلك كماهو

واضح .

ويتفرع على الثالثة : ما قاله المصنف ره ( والوجه بطلان الاستثناء في درهم

ودرهم الا درهما ) اذ المختار عند جماعة من المحققين ره ان الاستثناء الواقع بعد جمل

متعددة يرجع الى الجملة الاخيرة ، وعليه فالا ستثناء مستغرق فيكون باطلا .

ولو قلنا بان الاستثناء الواقع بعد جمل متعددة يرجع الى الجميع ، فهل يصح

الاستثناء في المثال ويثبت درهم واحد لانه حينئذ في قوة قوله : له درهمان الا درهما . كما

في الشرايع ، ام يبطل ايضا كما عن الشيخ والحلي والمصنف هنا وغيره ، وجماعة من جهة

استلزام صحة الاستثناء حينئذ التناقض والرجوع عن الاعتراف لورود الاقرار على

الدرهم بلفظ يفيد النصوصية فلم يصح اخراج احدهما بعد ان نص على ثبوته ؟

وجها : اظهر هما الاول ، وذلك يظهر بعد ملاحظة انه لا خلاف ولا اشكال في انه لو

قال : له علي درهم الا نصفه ، يكون صحيحا ، ولعل سره ان التجوز عن نصف درهم نصفه ،

ونصفا درهم درهم .

بل يمكن ان يقال بصحة الاستثناء حتى على المسالك الاول ، فان رجوع

الاستثناء الى الجملة الاخيرة خاصة دون الجميع انما هو فيما اذا لم يستغرق ، واما معه

فيجب العود الى الجميع ، فيجرى فيه ماذكرناه .

( و ) من متفرعات الاولى انه ( لو قال ) : له علي ( عشرة الا خمسة الا ثلاثة )

 

 

] لزمه ثمانية ولو قال عشرة ينقص واحدا لم يقبل [

 

بان كان الاستثناء الثاني غير معطوف على الاول ، وكان اقل من سابقه ، فانه حينئذ

يعود الى متلوه لا الى المستثنى منه ، ففي المثال ( لزمه ثمانية ) .

( و ) منها ما ( لو قال عشرة ينقص ؟ واحدا لم يقبل ) بل يلزم بالعشرة على

المشهور .

واستدلوا له : بانه رجوع عن الاقرار ، وذكروا في وجه الفرق بينه وبين

الاستثناء وقوع الاتفاق على قبوله لوعوعه في فصيح الكلام بخلاف غيره من الالفاظ

المتضمنة للرجوع عن الاقرار ، وبان ينقص ؟ في المثال جملة اخرى منفصلة عما سبقها

فيكون كالمنافي لها فا يسمع ، وهذا بخلاف الاستثناء ، فانه مع المستثنى منه يعد ان جملة

واحدة يكون الاستثناء جزء منها لا يمكن فصله عنها .

ولكن يتوجه على الاول ان قبول الاستثناء ليس للاجماع بل من جهة ان

الاستثناء من الاثبات نفي ، ولازم ذلك ظهور مجموع الكلام الملغي في كونه اقرارا بغير

ما اخرجه به ، وهذا يجرى في المثال ايضا .

وعلى الثاني انه لاعبرة بكون الجملتين واحدة ام متعددة ، بل الميزان في باب

به ، وله ان يذكر القرينة الصارفة ولو كانت بجملة اخرى .

فالاظهر انه يقبل مع الاتصال ، ويلزمه التسعة ، وعن سيد المدارك : انه احتمل

ذلك قويا لان الكلام انما يتم بآخره .

 

 

]ولو قال هذا لفلان بل لفلان كان للاول وغرم للثاني القيمة ويرجع في النقد

والوزن والكيل الى عادة البلد ومع التعذر الى تفسيره ولو اقر بالمظروف لم

يدخل الظرف ولو قال قفيز حنطة بل قفيز شعير لزمه القفيزان [

 

جملة من فروع الاقرار

 

الثالث : في جملة من فروع الاقرار :

1.     ( ولو قال : هذا لفلان بل لفلان كان للاول وغرم للثاني القيمة ) لانه

صار لمن اقر له اولا ، فباقراره اتلف على الثاني ماله الذي اقر به ثانيا . هكذا استدل له .

ولكن بما ان بل للاضراب ، وان الانسان قد يسهو وقد يغلط فيستدرك ببل ،

فالاظهر كونه للثاني خاصة لعدم انعقاد الظهور التام لاقراره للاول مادام كونه

مشغولا بالكلام وبعدذكر بل التي هي قرينة على الاشتباه والخطأ ، فلايصدق على

ماذكره اولا الاقرار بكونه للاول .

2.     ( ويرجع في النقد والوزن والكيل الى عادة البلد ) لان الالفاظ في الاقرار

تحمل على ما يفهم منها بحسب المتفاهم العرفي في المحاورات ، وليس الا ذلك ( ومع

التعذر ) يرجع ( الى تفسيره ) بلاخلاف ، ولو تعذر الرجوع اليه حمل على الاقل لانه

المتيقن

3.     ( ولو اقر بالمظروف لم يدخل الظرف ) اخذا بالمتيقن ، فلو قال لزيد عندي

ثوب في منديل اوزيت في جرة او حنطة في سفينة وما شا كل ، لم يكن اقرارا بالظرف ،

لاحتمال ان يكون مراده في منديل وجرة وسفينة لي ، وكذا العكس كمالو قال : لزيد

عندي غمد فيه سيف ، يكون اقرارا بالظرف دون المظروف .

4.     ( ولو قال ) : له علي ( قفيز حنطة ) مثلا ، ( بل قفيز شعير ) فالمشهور بينهم :

انه ( لزمه القفيزان ) ويجري فيه ما ذكرناه في الفرع الاول ، وعليه فلا يلزمه الاقفيز

 

 

] ولو قال قفيز حنطة بل قفيزان لزمه اثنان ولو قال اذا جاء رأس الشهر فله

على الف أو بالعكس لزمه [

 

شعير .

( ولو قفيز حنطة بل قفيزان لزمه اثنان ) بلا خلاف بينهم ، بل ولا اشكال

على ما مر منا .

واما على ما ذكروه في الفرعين من حمل ( بل ) على غير الاضراب ، فغاية ما

يمكن ان يستدل به لهم ظهور اللفظ في ارادة دخول الاقل في الاكثر ، وهو وان كان

تاما الا ان لازمه البناء في الفرعين السابقين على ماذكرناه .

5.     ( ولو قال : اذا جاء رأس الشهر فله علي الف او بالعكس ) بان اخر

الشرط وقال : له علي الف اذا جاء رأس الشهر ( لزمه ) الف ، اما لزوم الالف عليه في

الجملة فان قلنا : بان الاقرار لا يختص باخبار ثبوت حق عليه في السابق فواضح بعد

ما عرفت من ان التعليق لا يضر به ، وان قلنا بالاختصاص فان علم من قصده وعرف

من كلامه ارادة وجود السبب الفعلي للاستحقاق له بعد مجئ رأس الشهربان نذر له

مثلا ، صدق عليه الاقرار وشمله دليله ، وان علم منه انه يخبر عن تحقق السبب في ذلك

الوقت بان يكون بانيا على التذر له بذلك ، فهو وعد لا اقرار ، فلا يشمله حكمه ، وان

اطلق ولم يعلم احدهما فيقبل قوله فيه كما لا يخفي .

واما عدم الفرق بين تقديم الشرط وتاخيره فهو المشهور بين الاصحاب ،

ووجهه انه لافرق بينهما في العرف واللغة ، وان الشرط وان تاخر لفظا فهو متقدم معنى ،

فما عن التحرير من الفرق بينهما ضعيف .

كما انه قد ظهر مما ذكرناه ضعف ما عن المصنف ره في القواعد وغيرها والشهيد

والكركي وغيرهم من ابتناء المسألة على ظهور اللفظ في كونه تعليقا او تاجيلا ، فعلى

الاول يبطل ، وعلى الثاني يصح .

والمشهور بين الاصحاب انه لا فرق بين التعليق على رأس الشهر ، او قدم زيد

 

 

] بخلاف ان قدم زيد ولو ابهم الجمع على اقله ولو ابهم المقر له كانا

خصمين ولهما اليمين على عدم العلم ولو ابهم المقرله ثم عين فانكر المقر له

انتزعه الحاكم [

 

مثلا ، ولم يخالفهم احد الا المصنف ره في المقام حيث قال : ( بخلاف ان قدم زيد ) .

والاول اظهر التعليق على قدوم زيد صريح في التعليق بخلاف التعليق على مجئ رأس

الشهر ، فانه ظاهر في التاجيل ، ولا اقل من احتماله ، وهو كماترى .

6.     ( ولو ابهم الجمع حمل على اقله ) لانه القدر المتيقن الثابت ، وفي الزائد

عليه يرجع الى اصالة البراءة ، فلو قال : علي دراهم ، حملت على الثلاثة بناء على انها

اقل الجمع . اللهم الا ان يقال : انه حيث ان القوم قد اختلفوا في ان اقل الجمع هو

الثلاثة او الاثنان ، ويحتمل ان يكون المقر ممن يرى كونه اثنين ، فتقبل دعواه ، فانه المتيقن

الثابت ، والزائد مشكوك فيه يرتفع بالاصل .

7.     ( ولو ابهم المقر له ) كما لو قال لاحد هذين هذه الدار قبل منه ، اذ كما

يسمع الاقرار بالمجهول كذلك يسمع الاقرار للمجهول ، ثم الزم بالبيان ، فان عين قبل

نحوما مر في الركن الرابع فانه حينئذ ذويد ولو للاصل ينفذ اقراره ، وحينئذ لو ادعاه

الاخر ( كانا خصمين ) الا ان من اقربها له ، ذويد ، فيكون داخلا والاخر خارجا ،

فيترتب عليهما حكم دعوى الداخل والخارج الاتي في كتاب القضاء مفصلا .

( و ) لو ادعى الاخر علم المقر بانها له ( لهما اليمين على عدم العلم ) وان ادعى

لانه لو اقر له تبعه بالغرم .

8.     ( ولو ابهم المقرله ثم عين ) قبل كما عرفت مفصلا وحينئذ ( ف ) ان ( انكر

 

 

] واقره في يده بعد يمينه ولو انكر المقر له بالعبد قال الشيخ يعتق وفيه

نظر ولو ادعى المواطاة على الاشهاد كان له مسائل الاولى يشترط في

الاقرار بالولد امكان البنوة والجهالة وعدم المنازع [

 

المقرله ) وادعى الاخر ( انتزعه الحاكم ) من المقر الى ان يظهر مالكه لانه ولي من لا

ولي له .

( واقره في يده بعد يمينه ) لانه مكلف بايصاله الى مالكه بدس ونحوه ،

وبالحلف تسقط دعوى المقر له .

9.     ( ولو انكر المقر له بالعبد قال الشيخ رضي الله عنه : يعتق وفيه نظر ) .

10.            ( ولو ادعى المواطاة على الاشهاد كان له الاحلاف ) .

 

الاقرار بالولد

 

بقي في المقام ( مسائل : الاولى يشترط في الاقرار بالولد ) مضافا الى ما تقدم

اعتباره امور ثلاثة : ( امكان البنوة ، والجهالة ، وعدم المنازع ) بلا خلاف في شئ من

تلكم وان اختلفت تعبيرات القوم عنها .

اقول : ان الاخبار الواردة في ثبوت النسب بالاقرار وان كانت مطلقة ، لا حظ

خبر السكوني عن جعفر ( عليه السلام ) عن ابيه ( عليه السلام ) عن

علي ( عليه السلام ) : اذا اقر الرجل بالولد ساعة لم ينف عنه ابدا ( 1 ) .

وصحيح عبد الرحمان بن الحجاج عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن المرأة

تسبى من ارضها ومعها الولد الصغير فتقول : هذا ابني ، والرجل يسبى فيلقى اخاه

فيقول : هو اخي ، وليس لهم بينة - الى ان قال - فقال : سبحان الله ، اذا جائت بابنها

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حديث 4 . ( * )

 

 

] ولا يشترط تصديق الصغير ولا يلتفت الى انكاره بعد البلوغ

ويشترط في الكبر [

 

اوابنتها ولم تزل مقرة واذا اخاه وكان ذلك في صحة منهما ولم يزالا مقرين ورث

بعضهم من بعض ( 1 ) ونحوهما غيرهما .

ولكن مدرك اعتبار القيدين الاولين : انه مع عدم الامكان او المعلومية تكون

مخالفة الاقرار للواقع معلومة ، فلا يكون مثبتا لان طريق الاثبات انما يكون طريقا

مع احتمال المصادفة ، واما مع القطع بالخلاف فلا مورد له .

واما القيد الثالث : فلانه اذا كان هناك مدع آخر فلا محالة يتعارض الاقراران ،

فيتعين الرجوع الى القرعة ان لم يكن لاحدهما بينة ، والنصوص ( 2 ) الواردة في وطء

الشركاء الامة المشتركة مع تداعيهم جميعا في ولدها شاهدة بذلك .

( ولا يشترط تصديق الصغير ) بلا خلاف فيه ، وعن جامع المقاصد : الاجماع

عليه لاطلاق الادلة ، بل ( ولا يلتفت الى انكاره بعد البلوغ ) لثبوت النسب قبل

البلوغ ، ولا ينتفي بانكاره .

( ويشترط ) التصديق ( في الكبير ) كما عن المبسوط وجميع من تاخروا عنه ،

فان مادل على ثبوت البنوة بالاقرار مختص بالولد الصغير ، وفي الكبير لابد من

الرجوع الى عمومات الاقرار ، وهي تقتضي ثبوت النسب من جهة المقر خاصة ، واما

من جهة الولد فهو اقرار في حق الغير ، ولا يكون جائزا فيعتبر تصديقه .

ثم على فرض تصديقه انما يثبت بالاقرارين خصوص البنوة والا بوة دون

حواشيهما ، لكونهما من قبيل الاقرار في حق الغير ، الا ان يكون قولهما واجد الشرائط

الحجية .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 57 من ابواب نكاح العبيد والاماء . ( * )

 

 

] وفي غير الولد ومع تصديق غير الولد ولاوارث ولا يتعدي التوارث الى غيرهما

ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل في النسب [

 

لا يقال ان هذا الوجه يقتضي عدم ثبوت حواشي البنوة والا بوة كالجدودة

والعمومة وما شا كل في الاقرار بالولد الصغير ، فانه يتوجه عليه انه خارج بالاجماع

والنصوص الدالة على ثبوت البنوة بالاقرار التي من متفرعاتها العناوين الاخر .

هذا كله في الاقرار بالولد ، ( و ) اما ( في غير الولد ) فلا اشكال في اعتبار

تصديق الاخر ، والا لزم نفوذ الاقرار في حق الغير بلا دليل خاص دال عليه ، ( ومع

تصديق غير الولد ولا وارث ) لهما ( يتوارثان ) بلاخلاف .

وتشهد به النصوص ، منها ما مر ، ومنها صحيح الاعرج عن الامام الصادق

( عليه السلام ) عن رجلين حميلين جئ بهما من ارض الشرك فقال احدهما لصاحبه :

انت اخي ، فعرفا بذلك ثم اعتقا ومكثا مقرين بالاخاء ، ثم ان احدهما مات قال ( عليه

السلام ) : الميراث للاخ يصدقان ( 1 ) .

( ولا يتعدي التوارث الى غيرهما ) لعدم جواز الاقرار في حق الغير ، ( ولوكان

له ) اي للمقر ( ورثة مشهورون ) في نسبه ( لم يقبل في النسب ) ولو تصادقا ، لان

الارث ثابت شرعا المال او بعضه ، فهو اقرار على الغير ولا يكون نافذا .

هذا في غير الولد مما لاكلام فيه ولا خلاف ، واما فيه فان كان الولد صغيرا

فلا خلاف في قبوله فيه ، واطلاق النصوص واجماع فقهاء الامة شاهدان به ، وانما

الخلاف في الولد الكبير ، ومنشأه الاجماع على ثبوت النسب مع التصادق ، وان منشأه

دليل الاقرار غير الشامل له . وايضا المتيقن من معقد الاجماع غير الفرض ، والاظهر

هو الثاني .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حدث 2 . ( * )

 

 

] الثانية لواقر الوارث باولى منه دفع ما في يده اليه ولو كان مساويا دفع

بنسبة نصيبه من الاصل ولو اقر باثنين فتنا كرا لم يلتفت الى تناكرهما

ولو اقر باولى منه ثم باولى من المقر له فان صدقه دفع الى الثالث والا ؟ [

 

( الثانية : لو اقر الوارث باولى منه ) كما اذا اقر الاخ بولد للميت .

( دفع ما في يده اليه ) من المال لاقراره بانه اولى منه .

فان قيل : ان الاقرار انما يثبت به عدم كون المال له ، فما المثبت لكونه للمقر

له .

قلنا : ان مدركه : قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به التي هي قاعدة

عقلائية ومجمع عليها ، أو مادل على انه يقبل اخبار ذي اليد عما تحت يده ( 1 ) ، أو انه

اذا ادعى المقر له المال كانت دعواه من قبيل دعوى لامعارض لها فيشملها مادل على

انها تسمع ( 2 ) .

( ولو كان ) المقر له ( مساويا له ) في الميراث كما لو اقر الابن بابن آخر للميت

( دفع ) اليه ( بنسبة نصيبه من الاصل ولو اقر باثنين ) دفعة ( فتناكر الم يلتفت الى

تناكرهما ) لان استحقاقهما للارث انما ثبت في حالة واحدة ، ونسبة السبب اليهما على

حد سواء ، ويثبت لكل منهما بنسبة نصيبه من الاصل ، وانكار الاخر لا اثر له .

( و ) اما ( لو اقر ) اولا ) باولى منه ) كما لو اقرا لعم مثلا بالاخ ، ( ثم ) اقر ثانيا

( باولى من المقرله ) كالولد ( فان صدقه ) المقر له بالاول ( دفع ) المال ( الى الثالث )

كان المقران عدلين ام لم يكونا ، نعم ان كانا عدلين يثبت باقرار هما النسب ويترتب

عليه جميع احكامه ولوازمه وملازماته ( والا ) بان اكذب الاخ العم في كون المقر به ثانيا

.....................................................................

 ( 1 ) وهي النصوص الواردة في الموارد المخصوصة بل يستفاد منها ان حجيته

 كانت امرا مفروغا راجع رسالتنا القواعد الثلاث المطبوعة ص 78 .

( 2 ) الوسائل باب 17 من ابواب كيفية الحكم كتاب القضاء وباب

15 من ابواب كتاب اللقطة وباب 36 من ابواب الصيد . ( * )

 

 

] الى الثاني وغرم للثالث [

 

ولد الميت لم يدفع المال الى الثالث قطعا ، فان الثاني استحق المال بالاقرار الاول ،

ولا يقبل الاقرار الثاني في حقه ، لانه اقرار في حق الغير ، بل يدفع المال بمقتضى

الاقرار الاول ( الى الثاني ) ، وهذا لا كلام فيه .

( و ) انما الكلام في ماذكروه من انه ي ( غرم للثالث ) وذكروا في وجهه انه

بالاقرار الثاني يجب عليه دفع المال الى الثالث ، ولكن بما انه اتلفه عليه قبل ذلك

بالاقرار الاول فيكون ضامنا له .

وبعبارة اخرى : ان الاقرار الثاني وقع بعد تعلق حق الغير به ، فلا ينفذ فيه في

نفس العين ، لكن ان ذلك لما كان من جهة اقراره الاول صار هو السبب للحيلولة ،

فيغرم للثالث . وفي المقام مورد للبحث :

1.     انه ان تم ذلك لابد وان يقيد بما اذا كان بعد دفع المال الى الثاني ، او مع

نفي الوارث غيره ، والا فلو اقر باخوة شخص للميت ولم يدفع المال اليه ثم اقر بولدية

شخص آخر فلا تنافي بين الاقرارين ، ولا يجب عليه الا دفع المال الى الثالث حينئذ ،

ووجهه واضح .

2.     انه اذا اقر بوارثية شخص دفع اليه المال ام لا ، فقد خرج المال عن تحت

تصرفه ، فالاقرار الثاني بكونه لشخص آخر وانه الوارث دون الاول ليس اقرارا على

نفسه ولا فيما يملك التصرف فيه ، فما الوجه في ثبوت الحق للثالث ولزوم الغرامة .

والذي يختلج بالبال عاجلا في وجهه - وان كان يحتاج الى تامل زايد - امران :

احدهما : ان قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به جارية بعد زوال ملك

التصرف ان كان اقرار بشئ في حال ملك التصرف - كما يظهر من جماعة ، منهم فخر

الدين في الايضاح في مسألة اختلاف الولي والمولى عليه بعد الكمال ، حيث رجح قول

الولي ، وقال : ان الاقوى على كل من يلزم فعله غيره يمضي اقراره بذلك الفعل عليه ،

 

 

] ولو اقر الولد بآخر ثم اقر بثالث وانكر الثالث الثاني كان للثالث النصف

وللثاني السدس ولو كانا معلومي النسب لم يلتفت الى انكاره

الثالثة يثبت النسب بشهادة عدلين [

 

ومنهم الشيخ في ظاهر محكي مبسوط حيث صرح بعدم ارث الزوجة في مسألة اقرار

المريض في حال مرضه بالطلاق في حال الصحة - اذ الظاهر انه لا مستند له سوى

عموم نفوذ اقرار المقر على ماملكه ولو في الزمان الماضي ، وعليه فمقتضى هذه القاعدة

انه يمكن الاقرار بكون المال للثالث ، واذا ثبت ذلك حيث انه اتلفه عليه باقراره

الاول فهو الضامن له .

ثانيهما : ان يقال : انه بالاقرار الثاني حيث انه انما يكون في حين ما تلف المال

انما يقر باشتغال ذمته ببدل المال ، وهذا اقرار على نفسه فيؤخذ به .

( ولو اقر الولد بآخر ثم اقرا بثالث ) شاركهما في الارث بالنسبة ، ( و ) ان ( انكر

الثالث الثاني ) قالوا : ( كان للثالث النصف ) لان ارثه ثابت باعتراف الاولين ، فهو

احد الاثنين المتفق عليهما ، فيكون له النصف ، وللاول الثلث لانه باعترافه احد

الثلاثة ، فليس له الا ثلث التركة ، ( و ) يبقى ( للثاني السدس ) وهو يثبت له باعتراف

الاول ، ولا ادعاء للثالث بالاضافة اليه ، لانه يعترف بانه لا يستحق اكثر من النصف .

وربما يشكل على ذلك بان الاول والثاني معترفان بان الثالث غاصب لسدس

المال ، فكما انه لو غصب شيئا من المال المشترك كان على الشريكين ، فكذلك في المقام ،

فلا بد من تقسيم النصف بنهما .

ويمكن ان يقال بقسمة المال بينهم اثلاثا ، فان اقرار الاولين بثالث ليس الا

اقرارا باستحقاقه ثلث المال ، فلا يستحق الا بهذا المقدار ، ولا اثر لانكاره نسب الثاني ،

( و ) هذا هو الاظهر ، فكما انه ( لو كانا معلومي النسب لم يلتفت الى انكاره ) كذلك

مع عدم معلوميته .

( الثالثة : يثبت النسب بشهادة عدلين ) بلا خلاف لعموم مادل على حجية

 

 

] لابرجل وامرأتين ولا برجل ويمين ولو شهد الاخوان بابن للميت وكانا

عادلين كان اولى منهما ويثبت النسب ، ولو كانا فاسقين ثبت الميراث دون

النسب [

 

البينة ( لا برجل وامرأتين ولا برجل ويمين ) على قول ، وسياتي الكلام فيه مفصلا في

كتاب الشهادات .

( ولو شهد الاخوان بابن للميت وكانا عادلين كان اولى منهما ويثبت

النسب ، ولو كانا فاسقين ثبت الميراث دون النسب ) ويظهر وجه الجميع مما تقدم

آنفا .

 

 

] الفصل السابع في الوكالة [

 

الفصل السابع في الوكالة

 

وهي استنابة في التصرف في امر من الامور في حال حياته ، ويخرج بقيد في

التصرف الوديعة ، فانها استنابة في الخفظ ، وبقيد في حال حياته الوصاية فانها استنابة

بعد الموت .

واما ما في المسالك من الفرق بين الوكالة والوصاية بان الوصاية اعطاء ولاية ،

ففيه تامل ياتي الكلام عليه في كتاب الوصاية ، واما الفرق بينها وبين العارية فهو انه

في العارية ليس استنابة في التصرف ولا يتصرف المستعير في العين نيابة عن مالكها ،

وهو واضح ، وكذا المضاربة والمزارعة والمساقاة ، فان حقيقتها ليست استنابة كما مر في

ابوابها .

ولا اشكال في مشروعيتها ، وفي الجواهر : بل لعله من ضرورة الدين . وقد

يستدل لها بقوله تعالى ( فابعثوا احدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر ايها ازكى

طعاما فلياتكم برزق منه وليتلطف ) ( 1 ) فان هذه وكالة ، واحتمال كونه من الاذن لا

من الوكالة يدفعه ان ظاهره توكيل احدهم في الشراء بمالهم للجميع ، ولكنه مختص

بالامم السابقة ، ومع ذلك فليس في الاية ما يشهد بانها كانت مشروعة في مذهبهم كي

يستصحب .

.....................................................................

( 1 ) الكهف آية 20 . ( * )

 

 

] ولا بد فيها من الايجاب والقبول وان كان فعلا او متاخرا [

 

واما قوله تعالى ( اذ هبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه ابي يات بصيرا ) ( 1 )

فعدم كونه وكالة ظاهر .

ويمكن ان يستدل لها بقوله عزوجل ( انما الصدقات للفقراء والمساكين

والعاملين عليها ) ( 2 ) وتقريب الاستدلال به كما عن التذكرة : انه جوز العمل ، وذلك

بحكم النيابة عن الشخص .

وكيف كان : فمشروعيتها من الواضحات ، وعليها بناء العقلاء ، والنصوص

الدالة عليها متواترة ستاتي الى جملة منها الاشارة .

 

الوكالة من العقود

 

وتمام الكلام بالبحث في مقامات : الاول : في العقد وما يلحق به ، ( و ) فيه مسائل :

1.     المشهور بين الاصحاب : ان الوكالة من العقود ف ( لا بد فيها من الايجاب

والقبول ) ، ويتحقق ايجابها بكل مايدل على الاستنابة ، وقبولها بكل مادل على الرضا

بذلك ( وان كان فعلا او متاخرا ) .

واورد عليهم في ملحقات العروة تارة : بانه لو قال : وكلتك في بيع داري ، فباعه صح بيعه ،

 والظاهر ذلك وان غفل عن قصد النيابة وعن كونه قبولا لايجابه ، مع انها

لو كانت من العقود لزم عدم صحة بيعه لعدم تمامية الوكالة قبله .

واخرى : بانه ان كانت الوكالة من العقود لزم مقارنة القبول لايجابها مع انه

.....................................................................

( 1 ) سورة يوسف آية 93 .

( 2 ) التوبة آية 60 . ( * )

 

 

[ . . . ]

يجوز توكيل من ليس حاضر او يبلغه الخبر بعد مدة .

ولكن يتوجه على الاول ، اولا : ما مر في كتاب البيع في مبحث الفضولي من ان

العقد المقرون برضا المالك لا يكون فضوليا كما ذهب اليه الشيخ الاعظم ره .

وثانيا : انه بايجاب الوكالة وان لم تتم الوكالة الا ان الاذن المتحقق في ضمنه

يكفي في جواز العقد وخروجه عن الفضولية .

ويتوجه على الثاني : ما تقدم في كتاب البيع من ان الاظهر عدم مضرية الفصل

الطويل بين الايجاب والقبول اذا كان الالتزام من الموجب باقيا .

والحق ان يقال : ان حقيقة الوكالة كما عرفت هي الاستنابة في التصرف ، فهي

توجب صيرورة الوكيل نائبا ، وانطباق هذا العنوان على الوكيل من دون رضاه مناف

لسلطنة الانسان على نفسه ، فالاظهر كما افاده الاصحاب : ان الوكالة من العقود ،

غاية الامر انها نظير العقود الاخر التي لم يدل دليل خاص على اعتبار لفظ - او لفظ

خاص فيها - يكتفي في ايجابها وقبولها بكل لفظ او فعل دال عليهما ، ويصح ان يكون

الايجاب بالقول والقبول بالفعل ، فلو وكله في بيع داره مثلا فباعها قاصدا به قبول

الوكالة يصح وتتحقق الوكالة بالبيع ، وحيث ان حصول البيع والوكالة يكون في زمان

واحد يصدق عليه بيع الوكيل ويترتب عليه احكامه .

ويترتب على ماذكرناه انه لا يكفي في تحقق الوكالة الرضا الباطني في

التصرف ، بل لا بدله من مظهر لما اشرنا اليه مرارا من ان بناء العقلاء والشارع على

عدم الاعتناء بالالتزامات النفسانية مالم تبرز ، نعم يكفي في جواز التصرف العلم

بالرضا الباطني .

 

 

] والتنجيز ]

 

اعتبار التنجيز في الوكالة

 

2.     ( و ) المشهور بين الاصحاب : انه يعتبر ( التنجيز ) في الوكالة ، فلا تصح

معلقة على شرط متوقع كقدوم الحاج ، او صفة مترقبة كطلوع الشمس ، وعن التذكرة :

الاجماع عليه ، وفي المسالك : من شرط الوكالة وقوعها منجزة عند علمائنا ، وفي الجواهر :

الاجماع بقسميه عليه .

وقد علله بعضهم بما عللوا به لاعتبار التنجيز في جميع العقود ، وقد ذكرناه

والجواب عنه في كتاب البيع وعرفت هناك انه لادليل على اعتباره فيها سوى

الاجماع ، ونفس ذلك يقتضي اعتباره في المقام ، فما في ملحقات العروة من ان الاقوى

صحتها لعدم الدليل على بطلانها وشمول الاجماع على اشتراط التنجيز في العقود لمثل

المقام غير معلوم ، غير تام ، اولا : لانه بعد كونها من العقود يشملها معقد ذلك الاجماع ،

وثانيا : انه قد مر أن الاجماع قائم على اعتباره في المقام بالخصوص ، فلا اشكال فيه ،

كما لا اشكال في انه يجوز تنجيزها وتعليق التصرف على شرط او صفة او اشتراط

تاخير التصرف الى زمان كذا ، كما هو المشهور بين الاصحاب ، بل عليه الاجماع عن

التذكرة والمسالك وغيرهما .

انما الكلام في انه اذا علق الوكالة على شرط وبطلت فهل يجوز التصرف بعد

حصول الشرط كما عن التذكرة وغيرها ، ام لا يجوز كما عن جماعة ؟ وجه الاول ان

الفاسد بمثل ذلك هو العقد ، واما الاذن الموجود في ضمنهه فهو باق ، وان الوكالة اخص

من الاذن ، وعدم الاخص لا يلازم عدم الاعم .

ولكن يتوجه على الاول : ان الاذن الموجود انما هو الاذن بتصرف الوكيل

 

 

[ . . . ]

لا غيره ، فمع بطلان الوكالة ينتفي الاذن ايضا ، وعلى الثاني : ان الاذن وان كان اعم

من الوكالة الا ان الاذن الخاص الموجود في ضمن التوكيل ليس اعم منها . وبذلك

يظهر مدرك القول الثاني وهو الاظهر .

وما في الجواهر من ان الاذن والوكالة يشتركان في النيابة ولافرق بينهما سوى

انه ان ادى بصورد العقد كانت وكالة والا كان اذنا ، فبطلان الوكالة لايوجب بطلان

الاذن ، وحاصل ذلك يرجع الى ان العقد بالمعنى الاخص او الاعم هنا من مشخصات

الفرد التي مع انتفائها لا تنتفي الحقيقة ، ضرورة ان مشخصات زيد مثلا لو ارتفعت لم

ترتفع الانسانية عنه ، يندفع بان ما افاده عبارة اخرى عن اعمية الاذن ، بمعنى انه

نظير الفرد بالاضافة الى المشخصات والخصوصيات ، وحيث ان الموجودات الخارجية

غير الافعال النفسانية ، والاولى لا تقبل التقييد بخلاف الثانية ، فكما له ان ياذن مع

اشتراط شئ ، ولازمه انه مع عدم الشرط لا اذن كما عترف به قبيل ذلك ، فكذلك

له ان يقيد الاذن باقترانه مع الوكالة .

ولا يقاس ذلك بالموجود الخارجي غير القابل للتقييد ، وحيث ان المتيقن هو

الاذن مع هذه الخصوصية - اي الحصة الخاصة من الاذن - فثبوت الاذن مع انتفاء

الخصوصية يحتاج الى كاشف آخر ، والى ذلك نظر فخر المحققين في الايضاح قال : ان

الكلي لايوجد الا في احد الجزئيات ، وليس هذا الا الوكالة وقد ارتفعت . انتهى .

فالمتحصل انه على فرض عدم صحة الوكالة لا يجوز التصرف استناد الى

الاذن الضمني ، نعم ان احرز وجود الرضا جاز التصرف ، لكنه خارج عن محل النزاع .

 

 

[ . . . ]

 

اعتبار العلم في الوكالة

 

3.     صرح غير واحد : باعتبار العلم في الوكالة ، قال الشيخ في محكي المبسوط :

اذا وكله في شراء عبد وجب وصفه ولو اطلق لم يصح وتبعه جماعة .

وملخص القول في المقام : ان المعلومية لها اطلاقان : احدهما : مايقابل الترديد ،

ثانيهما : مايقابل الجهل . اما بالاطلاق الاول فاعبتارها عقلي ، اذ المردد لا ثبوت له

ولا يتعلق به شئ ، واما بالاطلاق الثاني فلا دليل على اعتبارها الا فيما اذا اوجب نفيها

الوقوع في الغرر والخطر ، وعلى ذلك فان وكله في شراء شئ واطلق كان معنى ذلك

كونه وكيلا في كل واحد من تلك الامور المختلفة ، لا انه وكيل في احدها ، فلا اشكال

في الصحة اذ لاغرر ولا خطر .

واما لو وكله في احد شيئين سبيل البدل ، فان كانا متساويين في جميع

الجهات فلا خطر ايضا ، وان كانا مختلفين فالظاهر ايضا صحته من جهة ان الجهل في

المقام لايوجب الغرر ، اذ كون الشخص جائز التصرف في احد مالي المالك مثلا المعين

واقعا غير المعلوم للموكل لاخطر فيه عليه ، واما التصرف المعاملي الواقع على ذلك

الشئ فهو وان كان غير معلوم للموكل لكن المدار في تلك المعاملة هو ملاحظة حال

الوكيل ، فان كان عالما كفى في رفع الغرر ، ولا يلا حظ حال الموكل .

وبالجملة : الجهالة في الوكالة لاتوجب الغرر من حيث نفسها ، واما من حيث

المعاملة الواقعة بعدها فالميزان فيها حال الوكيل لا الموكيل ، فالاظهر عدم اعتبار

المعلومية الا بالمعنى المساوق للتعيين المقابل للترديد .

 

 

] وهي جائزة من الطرفين [

 

الوكالة جائزة من الطرفين

 

4.     ( وهي جائزة من الطرفين ) بلا خلاف كما عن التذكرة ، واجماعا كما عن

ظاهر الغنية ، فلكل منهما ابطالها ، والكلام في موردين :

الاول : في عزل الوكيل نفسه ، فالمشهور بيهنم انه ينعزل بمجرد العزل ، وانه لا فرق في

 بطلان الوكالة بذلك بين اعلام الموكل وعدمه ، وصرح جماعة منهم : بانه

يحتمل توقف انعزاله على علم الموكل ، وفي ملحقات العروة : الاقوى عدم البطلان

بعزله ان لم يكن اجماع ، وسبقه في ذلك المحدث البحراني ره ، ولم يذكروا لبطلانها بعزل

الوكيل نفسه وجها يمكن الاستناد اليه بعد كون الوكالة من العقود .

ومقتضى عموم ادلة لزوم العقد لزومها ايضا ، وكونها جازئزة من طرف الوكيل ، فان

العقد اللازم من طرف والجائز من الطرف الاخر ، لا محذور في ثبوته ، بل هو موجود

كالرهن ، فانه لازم من طرف الراهن جائز من طرف المرتهن ، والكتابة عند الشيخ

جائزة من طرف العبد ولازمة من طرف المولى ، وعلى ذلك فان كان هناك اجماع والا

فالاظهر عدم البطلان مطلقا ، بل ظاهر النصوص الاتية الحاصرة لبطلان الوكالة بما

لو اعلمه بالخروج عدم البطلان بعزل الوكيل نفسه .

ثم ان الكلام في صحة التصرف بالاذن الضمني على فرض القول بالبطلان

هو الكلام فيها المتقدم في المسألة الثانية ، وقد عرفت في تلك المسألة ان الاظهر عدم

الصحة ، فكذلك هنا ، وللمصنف ره في المسألتين اقوال ثلاثة ، ففي القواعد جزم في هذه

المسألة بصحة التصرف ، وفي تلك المسألة جعل الصحة احتمالا ، وفي التذكرة عكس

 

 

] ولو عزله الموكل بطل تصرفه مع علمه بالعزل [

 

ما في القواعد ، وعن التحرير والارشاد اطلاق القول بالبطلان فيهما ، وقد مر مابه

يظهر ان الحق هو عدم الصحة في الموردين .

الثاني : في عزل الموكل الوكيل لا خلاف ( و ) لا اشكال في انه ( لو عزله الموكل

بطل تصرفه ) لبطلان وكالته ، والاخبار شاهدة بذلك ، انما الكلام في انه هل يحكم

بالبطلان ( مع علمه بالعزل ) خاصة كما هو المشهور فلا ينعزل الوكيل بعزل الموكل

اياه الا مع اعلامه به ، فلو تصرف قبل ذلك نفذ على الموكل ، ام يحكم به بعد اعلامه

به ان امكن ، والا فمع الاشهاد كما عن الشيخ في النهاية وابي الصلاح وابني البراج

وحمزة والحلي ، ام ينعزل بعزله مطلقا كما عن القواعد ؟

والاظهر هو الاول لجملة من النصوص ، لاحظ صحيح هشام بن سالم عن ابي

عبد الله ( عليه السلام ) في رجل وكل آخر على وكالة في امر من الامور واشهد بذلك

شاهدين فقام الوكيل فخرج لامضاء الامر فقال : اشهدوا اني قد عزلت فلانا عن

الوكالة ، فقال ( عليه السلام ) : ان كان الوكيل امضى الامر الذي وكل فيه قبل العزل

فان الامر واقع ماض على ما امضاء الوكيل كره الموكل ام رضى ، قلت : فان الوكيل

امضى الامر قبل ان يعلم العزل أو يبلغه انه قد عزل عن الوكالة فالامر على ما امضاه

قال : نعم ، قلت له : فان بلغه العزل قبل ان يمضى الامر ثم ذهب حتى امضاه لم يكن

ذلك بشئ قال ( عله السلام ) : نعم ان الوكيل اذا وكل ثم قام عن المجلس فامره

ماض ابدا ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه او يشافهه بالعزل

عن الوكالة ( 1 ) .

وصحيح معاوية بن وهب عنه ( عليه السلام ) : من وكل رجل على امضاء امر

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب كتاب الوكالة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

من الامور فالوكالة ثابتة ابدا حتى يعلمه بالخروج كما اعلمه بالدخول منها ( 1 ) .

وخبر ابي هلال الرازي القريب من الصحة لتضمن سنده على جماعة جملة من

اصحاب الاجماع ، قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : رجل وكل رجلا يطلق امرأته اذا

حاضت وطهرت وخرج الرجل فبداله فاشهد انه قد ابطل ما كان امره به وانه بدالة

في ذلك ( عليه السلام ) : فليعلم اهله وليعلم الوكيل ( 2 ) .

وصحيح العلا بن سيابة الطويل المتضمن للانكار على من فرق في هذا الحكم

بين النكاح وغيره ، وانه ينعزل في الاول بالاشهاد دون الثاني ، ولحكم امير المؤمنين

( عليه السلام ) بذلك مع الاشهاد وعدم الاعلام ( 3 ) .

واما القول الثاني فلم اظفر بما يمكن ان يستدل به له سوى الاجماع الذي

ادعاه ابن زهرة وهو كما ترى ، بل اطلاق الخبرين يدل على عدم تمامية هذا

القول ، كما ان جميع النصوص تدل على خلاف ماعن القواعد ، ومعه لا يصغى الى ما

استدل به له من ان الوكالة جائزة من الطرفين ، فلابد وان تبطل بالعزل وان لم يعمله ،

ولا الى ماقيل من وجود رواية بذلك ، التي لم تصل اليناء وغايته كونها رواية مرسلة لم

يعمل بها الاصحاب ، فالاظهر انه يتوقف بطلان الوكالة على اعلامه بالعزل والافهي

ثابتة ابدا كما صرح به في النصوص .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب الوكالة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 39 من ابواب مقدمات الطلاق وشرائطه حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب كتاب الوكالة حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

 

اشتراط الوكالة في عقد لازم

 

5.     اذا شرط الوكالة على نحو شرط النتيجة في ضمن عقد لازم فالمشهور

انها لازمة .

واستدلوا له : بان الوكالة وان كانت جائزة الا انها تلزم اذا جائت من قبل

الشرط .

توضيح ما افادوه : ان الدليل دل على ان عقد الوكالة من العقود الجائزة يجوز

فسخه ، فالجواز من آثار العقد لا من احكام الوكالة من حيث هي ، وعليه فاذا شرط

الوكالة على نحو شرط النتيجة بناء على صحة شرط النتيجة كما هو الحق يكون

السبب حينئذ هو الشرط ، وهو لازم بمقتضى ادلة لزوم الشرط ( 1 ) ، ونظير ذلك ان الهبة

- اي التمليك مجانا - جائزة يجوز للواهب الرجوع فيها ، ولكن لو شرط في ضمن عقد

لازم ملكية شئ مجانا ليس له ان يرجع فيها ، فكذلك في المقام والظاهر ان الحكم

كذلك فيما لو شرطها في عقد جائز بناء على ان الشرط في ضمنه لازم الوفاء مادام بقاء

العقد . نعم له ان يفسخ العقد فيبطل الشرط ، ولعله يكون هذا هو مراد المشور حيث

ذهبوا الى ان الوكالة المشترطة في ضمن عقد جائز جائزة .

ولو شرط في ضمن عقد الوكالة ان لا يعزله ، فالظاهر انه يجب عليه عدم

العزل ، فهل ينعزل لو عزله ؟ الظاهر عدم الا نعزال ، لا من جهة حرمة العزل فان حرمة

العقد والايقاع لا تستلزم الفساد وكذا الفسخ ، ولا لما قيل من انه خلاف مقتضى

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب الخيار . ( * )

 

 

] وتبطل بالموت والجنون والاغماء وتلف متعلقها وفعل الموكل [

 

الشرط ، فانه ان كان الشرط عدم الانعزال بالعزل كان شرطا خلاف الكتاب والسنة ،

وان كان عدم العزل فغاية مقتضاه وجوب ذلك فلا يجوز العزل ، اما عدم تأثير العزل

فهو خارج عن الشرط ، بل لان مقتضى العمومات كون الوكالة كسائر العقود لازمة ،

خرج عنها ما لو لم يشترط عدم العزل بمقتضى النصوص الخاصة المتقدمة ، فتبقى

صورة الاشتراط داخلة تحت العمومات .

وبذلك يندفع ما اورد على لزوم الوكالة حينئذ بالدور بدعوى ان لزوم الشرط

موقوف على بقاء الوكالة ، وبقاء الوكالة موقوف على لزومه وان كان هو غير وارد حتى

على الوجهين الاولين ، فان لزومه ؟ ليس موقوفا على بقاء الوكالة بل على ايقاع

عقدها ، وقد حصل .

 

موارد بطلان الوكالة

 

6.     ( و ) قد ذكر الاصحاب : انه ( تبطل ) الوكالة ( بالموت والجنون والاغماء

وتلف منعلقها وفعل الموكل ) ، وتفصيل الكلام بالبحث في موارد :

الاول : في الموت ، اما في صورة موت الوكيل فالبطلان ظاهر ، فان الوكالة فائمة

به ومجعولة له فبموته ترتفع قهرا . ودعوى ان الوكالة من الحقوق فتنتقل الى الورثة

من حيث كونها حق تركه الميت فلوارثه ، يدفعها ان الحق القابل للبقاء ينتقل الى

الوارث ، وهذا الحق الذي قوامه بالوكيل نفسه غير قابل للبقاء ، حتى لو كانت

مشروطة في ضمن عقد لازم ، اذ الشرط هو وكالة الوكيل نفسه لا مطلق الوكالة .

نعم لو اشتراط وكالة وارثه بعد موته صح وان كان الشرط في ضمن عقد

 

 

[ . . . ]

الوكالة ، فيصير الوارث وكيلا لا لبقاء الوكالة بل للشرط ، ولا يضر مثل هذا التعليق

لعدم اشتراط التنجيز في الشرط ، ولعدم شمول معقد الاجماع لما كان مفاد العقد المنجز

مع الشرط المعلق في ضمنه واحدا فتدبر فانه دقيق .

واما في صورة موت الموكل ، فقد استدلوا لبطلان الوكالة فيها : بالاجماع على

بطلان العقود الجائزة بالموت ، ولاجماع على بطلان الوكالة بموته بالخصوص ، وبان

مناط جواز تصرف الوكيل هوالاذن وينقطع بالموت ، وبان المال بعد موته ينتقل الى

الورثة فيتوقف التصرف على اذنهم ، وبموثق ابن بكير عن بعض اصحابنا عن ابي

عبد الله ( عليه السلام ) في رجل ارسل يخطب عليه امرأة وهو غائب فانكحوا الغائب

وفرض الصداق ثم جاء خبره انه توفى بعد ما سبق الصداق فقال ( عليه السلام ) : ان

كان املك بعد ما توفى فليس لها صداق ولاميراث ، وان كان قد املك قبل ان يتوفى

فلها نصف الصداق وهي وارثه وعليها العدة ( 1 ) . ونحو صحيح ابي ولاد ( 2 ) .

وفي الجميع مناقشة : اما الاولان : فلعدم ثبوت الاجماع التعبدي ، مع انه قد

عرفت عدم كون الوكالة من العقود الجائزة بقول مطلق ، بل هي لازمة من بعض

الجهات .

واما الثالث : فلانه لا يتعبر في جواز تصرف الوكيل بقاء الاذن والرضا ، ولذا لو

وكله ثم سهى عن توكيله بالمرة بحيث لم يبق في خزانة النفس نفذ تصرفه ، وايضا قد

عرفت انه مع العزل والاشهاد على عدم الاذن والرضا لا تبطل الوكالة ما لم يعلمه

بذلك .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 28 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 2 -

( 2 ) الوسائل باب 28 من ابواب عقد النكاح حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وعلى الجملة : لا اشكال في عدم اعتبار بقاء الاذن في بقاء الوكالة الثابة

بالعقد ، وليست هي من قبيل الاذن المجرد .

واما الرابع : فلانه لايتم لوكانت الوكالة متعلقة بالثلث الرابع امره اليه ، مع

انه سيجئ في كتاب الوصية ان له ان يتصرف في ماله بعد موته بازيد من الثلث بمثل

البيع بثمن المثل ونحوه ، اضف الى ذلك انه قد لاتكون الوكالة متعلقة بالمال .

واما الخبران : فلان الظاهر أن البطلان فيهما من جهة عدم صحة تزويج الميت

لامن جهة بطلان الوكالة .

فالمتحصل : انه لا دليل على بطلانها بموت الموكل ، بل النصوص المتقدمة تشعر

بعدم البطلان ، لاحظ قوله ( عليه السلام ) : فالوكالة ثابتة ابدا حتى يعلمه بالخروج .

فالاظهر عدم البطلان ، نعم اذا كان التوكيل ظاهرا او منصرفا الى حال حياته - كما

لعله الغالب - بطلت الوكالة بموته لا نتهاء امدها ، ولعله الى ذلك نظر الاصحاب ، والله

العالم .

الثاني : في الجنون والاغماء ، وقد تكرر في كلماتهم دعوى الاجماع على بطلان

الوكالة بالجنون او الاغماء من احدهما ، من غير فرق بين كون الجنون اطباقيا او

ادواريا ، وكون مدة الاغماء قصيرة او طويلة ، علم الموكل بذلك ام جهل .

واستدلوا له : بانقطاع الاذن في جنون الموكل ، وقد ظهر ضعفه من ماقدمناه ،

بل قديقال : ان له ان يوكل في حال عقله وافاقته من يتصدى اموره اذا جن اواغمى

عليه فيكون الوكيل اولى من الحاكم الشرعي والولي الاجباري ، لانه اولى بنفسه وقد

جعله لنفسه متصديا لاموره ، فالصحيح ان لامدرك له الا الاجماع ان ثبت وكان

تعبديا .

الثالث : في تلف المتعلق ، كموت المرأة الموكلة في تزويجها او طلاقها ، وتلف ما

 

 

] وتصح فيما لم يتعلق غرض الشرع بايقاعه مباشرة [

 

وكل في بيعه ونحو ذلك ، فالوجه في بطلان الوكالة حينئذ ظاهر ، لان الوكالة كمامر

استنابة في التصرف ، فمع تلف المتعلق لاتصرف ، فلا معنى للاستنابة حينئذ ، نعم لو

وكله في شراء شئ ودفع اليه دينارا ثمنا له ، ولم يقم القرينة على التقييد بما دفعه ، تبقى

الوكالة ، ولكنه خارج عن محل البحث لعدم تلف المتعلق حينئذ .

الرابع : في فعل الموكل نفسه كما لو وكله في بيع داره ثم باعها مباشرة ، ووجه

بطلان الوكالة في هذا المورد ظاهر مما مر .

ولا تبطل الوكالة بالنوم ، ولا بعروض النسيان لاحدهما ، ولا بالسكر ، ولا بالفسق

ان لم تعلق الوكالة على العدالة ، بل ولا بالحجر . اما على الوكيل فواضح ، واما على

الموكل فلان الحجر وان كان موجبا لعدم جواز تصرف الوكيل في مال الموكل مادام

بقاء المحجورية ، ولكن لايوجب بطلانها بحيث لا يصح تصرفه بعد رفع الحجر الا ان

يكون هناك اجماع .

 

ما تصح فيه الوكالة

 

( و ) المقام الثاني : فيما ( تصح في ) - ه الوكالة ، وهو كل ( ما ) تكامل فيه شرطان

غير ما مر من المعلومية : احدهما : ان يكون مملوكا للموكل ، بمعنى كون مباشرته له

ممكنة بحسب العقل والشرع ، فلا تجوز الوكالة في الامور المستحيلة عقلا او المنونة

شرعا كالغصب والسرفة والقتل ، فلو غصب او سرق او قتل بوكالة كان آثما

وعليه الضمان دون ذلك الغير .

ثانيهما : ان ( لم يتعلق غرض الشرع بايقاعه مباشرة ) فكلما كان يدخل فيه

النيابة تصح فيه الوكالة لانهما زوجان ، وهذا مما لا كلام فيه .

 

 

[ . . . ]

انما الكلام في الموارد المشكوك فيها التي لم يدل دليل خاص على جريان النيابة

فيها كالنكاح والطلاق وماشا كل ، ولا على عدم جريانها فيها كالواجبات من الصلاة

والصيام وغيرهما ، فعن المشهور : ان الاصل صحة النيابة ، ولذا استقر بناء الفقهاء

على طلب الدليل على عدم الصحة واعتبار المباشرة في موارد الشك .

وقد استدل لذلك : باصالة عدم اشتراط المباشرة ، وبالاخبار المتقدمة الدالة

على عدم انعزال الوكيل الا باعلامه بالعزل ، اذ مقتضى اطلاقها صحة الوكالة في كل

امر ، لاحظ قوله ( عليه السلام ) : من وكل رجلا على امضاء امر من الامور فالوكالة

ثابتة ابدا حتى يعلمه بالخروج عنها .

وبعموم قوله تعالى ( اوفوا بالعقود ) ( 1 ) بدعوى شموله للوكالة .

ومعاملاته على ما مر في كتاب الحجر .

لكن يتوجه على الاصل ان البناء على الصحة يتوقف على عموم يدل عليها ،

واصالة عدم الاشتراط لا تكفي ولا يثبت بها العموم ، بل الاصل هو عدم ترتب الاثر

على فعل الغير ، وعلى الاخبار انها في مقام بيان حكم آخر ، فلا اطلاق لها من جهة

صحة الوكالة في كل امر من الامور ، وعلى عموم الاية انها دليل اللزوم لا الصحة ،

اضف اليه ان التمسك بها على فرض دلالتها على الصحة ايضا تمسك بالعام في الشبهة

المصداقية ، اذ لاريب في انه خرج عنه ما يعتبر فيه المباشرة ، فمع الشك في اشتراطها

لا يصح التمسك بالعموم .

فالحق انه في ما تعلق به التكليف اعم من الوجوب والاستحباب مقتضى

اطلاق دليله اعتبار المباشرة - كما حقق في محله - واما في غير ذلك من الموارد كباب

.....................................................................

( 1 ) المائدة آية 2 . ( * )

 

 

] ولا يتعدى الوكيل الماذون ]

 

العقود والايقاعات فيمكن البناء على عدم اعتبار المباشرة بوجهين : احدهما : التمسك

باطلاق دليل الوكالة المقامي ، بتقريب : ان الشارع الاقدس شرع الوكالة ولم يبين

ما تصح فيه وما لا تصح ، فيستكشف ايكاله ذلك الى العرف ، ومن المعلوم انه لايشترط

المباشرة عند العقلاء في شئ من العقود والايقاعات ، فتصح الوكالة فيها شرعا .

ثانيهما : اطلاق ادلة العقود والايقاعات ، اذ لاتدل ادلتها الاعلى اعتبار

انتساب العقد او الايقاع الى من يكون موضوع الاثر المترقب منه ، ومن الواضح انه

باذن الموكل ينتسب العقد او الايقاع اليه .

وبعبارة اخرى : ان ظاهر الادلة وان كان اعتبار استناد عناوين العقود

والايقاعات الى الموكل ، الا انه لما كان هي اسامي للمسببات لا الاسباب ، والمسببات

تستند اليه بالاذن ، وان كان السبب غير منتسب اليه ومستندا الى فاعله بالمباشرة ،

فمتضى اطلاق تلك الادلة صحة الوكالة والنيابة في الجميع الا ما خرخ بالدليل .

ويمكن ان يستدل : بالسيرة العقلائية ، بل والمتشرعية ايضا على ذلك .

وبما ذكرناه يظهر الحال في جميع الموارد المشكوك فيها كما لا يخفى .

 

عدم جواز تعدى الوكيل المأذون

 

الثالث : في بيان وظيفة الوكيل بالنسبة الى العمل بما وكل فيه ، ( و ) فيه مسائل :

1.     ( لا ) يجوز ان ( يتعدى الوكيل الماذون ) فيه من حيث الجنس والنوع

والشخص والوصف والقدر والعين والذمة والنقد والنسيئة ونوع المعاملة والزمان

والمكان وما شاكل ، ولو خالف توقف على الاجازة فيما يقبلها وبطل فيما لا يقبلها ،

واستثنى من ذلك ما لو علم عرفا كون التعيين من باب المثال ، كما لو قال : بعه بثمن

 

 

] الا في تخصيص السوق [

 

كذا ، وعلم ان لاغرض له في خصوص ذلك المقدار ، وانما الغرض في عدم الاقل ،

فيجوز بيعه بالازيد . هذا كله مما لا كلام فيه .

انما الكلام في الاستثناء المذكور في المتن ، قال : ( الا في تخصيص السوق ) فان

معنى ذلك صحة معاملة حينئذ لو باعه في سوق آخر ، مع ان جماعة حكموا بالضمان .

وجه الاشكال : ان الحكم بالضما يتم مع عدم الاذن ، والصحة انما تكون في

صورة الاذن ، فكيف يجتمع الحكم بالصحة مع الحكم بالضمان .

وقد دفع في الرياض ذلك بان الاذن المفهوم غايته الدلالة على صحة المعاملة

خاصة دون نقل العين عن مواردها المعينة ، ولا تلازم بينهما بالبديهة ، فان الاذن المفهوم

ليس الا من حيث الاولوية ، ولاتحصل الا حين جريان المعاملة لا قبلة ، اذ منشأ

الاولوية ليس الا زيادة الثمن عما عينه ، وهي قبل المعاملة غير حاصلة ، وحينئذ

فتكون اليد عادية عليها ضمان ما حذته .

وفيه : ان الاذن في الشئ اذن في مقدماته ، ولذا يحكم بعدم الضمان فيما لو وكله

في بيعه في اي سوق شاء ، مع ان هذا البرهان يقتضي الضمان فيه ، فانه لم ياذن له في

نقله الى السوق ، وانما الماذون هو البيع في السوق ، والحل ما اشرنا اليه من انه لو سلم

شمول الاذن له لا محالة يكون ذلك اذنا في مقدماته ، ولا اقل من عدم كون يده في

طريق نقله الى السوق ليباع فيه يدا عادية مشمولة للحديث ( 1 ) .

وعن المصنف ره في التذكرة : التفصيل بين كون المحل المعين سوقا فعدل الى

سوق آخر فحكم بعدم الضمان ، وبين كونه بلدة معينة فعدل عنها الى بلدة اخرى

فحكم الضمان مع الصحة لو نقله اليها واجرى المعاملة عليه فيها .

.....................................................................

( 1 ) سنن بيقهي ج 6 ص 90 كنز العمال ج 5 ص 257 . ( * )

 

 

] ولو عمم التصرف صح [

 

واورد عليه سؤال وجه الفرق بنهما ، ويمكن ان يقال : ان نظره الشريف الى

انه مع تعيين سوق خاص يكون ذلك بحسب الغالب من باب المثال ، فيستفاد الاذن

في المعاملة في سوق آخر ، والاذن في الشئ اذن في مقدماته ، فلا ضمان عليه لو تلف ، واما

مع تعيين البلدة فبحسب المتفاهم العرفي يعلم انه لا نظر له الى بلدة خاصة ، انما عينها

حفظا للمال عن التلف في السفر ، فيستفاد الاذن منه في المعاملة في بلد آخر على تقدير

لا مطلقا ، وهو وصول المال سالما تلك البلدة ، فالنقل اليها ليس ماذونا فيه ، والمعاملة

ماذون فيها على تقدير النقل . فتدبر فانه دقيق .

ويمكن ان يكون نظر من جمع بين الحكمين في السوق ايضا الى ما ذكرناه .

2.     ( ولو عمم التصرف ) كما اذا وكله في كل قليل وكثير مما له فعله ( صح )

وفاقا للشيخين والحلي والقاضي والديلمي وعامة المتاخرين عدا قليل منهم لا طلاق

الادلة كما مر .

وعن الخلاف والشرائع وفخر المحققين : عدم الصحة ، لان فيه غررا عظيما ، لانه

ربما الزمه بالعقود مالا يمكنه الوفاء اوما يؤدي الى ذهاب ماله كأن يزوجه باربع حرائر

ثم يطلقهن قبل الدخول ، فيلزمه نصف مهورهن ، ثم يزوجه باربع اخر وهكذا . ويندفع

ذلك بما اتفقت كلماتهم عليه من انه يشترط في صحة تصرفات الوكيل ان تكون ( مع

المصلحة ) فلا اشكال في انه يمضي تصرفاته حينئذ ( الا في الاقرار ) كما عن الاكثر ،

اما لانه لاتدخله النيابة لاختصاص حكمه بالمتكلم اذا انبأ عن نفسه لظهور قوله

صلى الله عليه وآله : اقرار العقلاء على انفسهم جائز ( 1 ) .

وبعبارة اخرى : هو من مقولة اللفظ والمبرز لا من مقولة المعنى ، فاقرار الوكيل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب كتاب الاقرار . ( * )

 

 

] مع المصلحة الا في الاقرار والاطلاق يقتضي البيع حالا بثمن المثل ينقد

البلد وابتياع الصحيح وتسليم المبيع في البيع وتسليم الثمن في الشراء [

 

غير اقرار الموكل ، ودليل الجواز مختص باقرار الانسان نفسه ، او لانه خلاف المصلحة

المشترطة في تعميم الوكالة .

3.     لو اطلق التصرف - اي لم يقيده بقيد ولا عممه كما لو اطلق البيع وقال :

وكلتك في البيع ولم يعين ثمنا ولا نقدا ولا حلولا ولا صحيحا - فالمشهور بين الاصحاب

لزوم رعاية ما ينصرف اليه الاطلاق ولذا قالوا : ( والاطلاق يقتضي البيع حالا بثمن

المثل بنقد البلد وابتياع الصحيح ) فلو باع باقل من ثمن المثل بما لا يتسامح فيه وقف

على الاجازة ، وكذا لو باع نسيئة مع امكان النقد وقف على الاجازة ، الا اذا كانت

المصلحة في النسيئة ، وكذا الحال في البيع بغير نقد البلد وفي شراء المعيب . نعم اذا كان

العيب خفيا في يصح البيع ويكون للموكل خيار العيب ، اذ المأذون فيه هو المعاملة على

النحو المتعارف ، فيكون الشراء من الوكيل غير مخالف لمقتضى الوكالة فتصح . غاية

الامر يثبت الخيار للموكل بمقتضى دليله ، وربما يكون الشراء بغير ثمن المثل ايضا

من هذا القبيل .

وبالجملة : المناط كون المعاملة على المتعارف او خلافه ، ففي الاول تصح مع

الخيار بخلاف الثاني .

4.     المشهور بين الاصحاب : ان اطلاق التوكيل في البيع ( و ) الشراء يقتضى

( تسليم المبيع في البيع وتسليم الثمن في الشراء ) لان الوكيل هو الملك فيجب عليه

تسليم ما ملكه ، وفي ملحقات العروة : انه لاوجه له ومحل منع .

اقول : يمكن توجيه كلام المشهور بوجهين : احدهما : انه اذا تحقق البيع باذن

الموكل فقد انتقل مال الموكل الى طرف المعاملة ، فما في يد الوكيل ليس للموكل بل

للطرف ، ويجب رد المال الى صاحبه ، فان قيل : فعلى هذا لو اشتراط عليه عدم التسليم

 

 

] والرد بالعيب ولا يقتضى وكالة الحكومة القبض [

 

بطل الشرط ، قلنا : انه لو اشترط عليه ذلك لا بد وان يعامل عليه مع الطرف مع هذا

الشرط ، وعليه فلا يجب التسليم بل لايجوز بمقتضى الشرط .

ثانيهما : ان بناء المعاملين على تسليم المبيع والثمن ، فالاذن في البيع بمقتضى

الظهور العرفي اذن في التسليم ، فما افادوه متين لا اشكال فيه .

5.     قالوا : ان اطلاق التوكيل - في البيع ( و ) الشراء يقتضي جواز ( الرد

بالعيب ) والظاهر ان مرادهم ما لو كان وكيلا في التصرف من غير ان يكون مستقلا

ووكيلا مفوضا ، ولم يكن في اجراء الصيغة ، والا فلا اشكال في ان له ذلك مع

الاستقلال ، وانه ليس له لوكان وكيلا في اجراء الصيغة خاصة ، فمرادهم صورة اطلاق

الوكالة دون الوكالة المطلقة بمعنى جعل الامر بيده مطلقا . وتمام الكلام في ذلك وفي

سائر الخيارات في مبحث الخيارات من كتاب البيع ، فراجع .

6.     المعروف بينهم : ان اطلاق الوكالة في الشراء لا يقتضي الاذن بقبض المبيع ،

كما ان اطلاقها في البيع لا يقتضي الاذن بقبض الثمن ، وعللوه بانه قد لا يستامن على

المبيع والثمن من يستامن على البيع والشراء ، وهو حسن ، الا انه لابد وان يقيد بما اذا

لم تدل القرائن على الاذن في القبض ، والا فهو ماذون فيه كما لو وكله في شراء عين

من مكان بعيد يخاف مع عدم قبض الوكيل ذهابها ، او وكله في البيع في موضع يضيع

الثمن بترك قبضه كسوق غائب عن الموكل .

7.     اذا وكله في المرافعة لاثبات حق ليس له قبضه بعد اثباته الا مع القريقد

على اذنه في ذلك ايضا ( و ) ذلك لانه ( لا يقتضي وكالة الحكومة ) الاذن في ( القبض ) .

 

 

] ويشترط اهلية التصرف فيهما [

 

اعتبار اهلية التصرف في الموكل والوكيل

 

المقام الرابع : في بيان مايعتبر في الموكل والوكيل ، ( و ) فيه مسائل :

الاولى : ( يشترط اهلية التصرف فيهما ) بلا خلاف فيه في الجملة .

وتنقيح القول في طي فروع :

1.     يشترط فيهما البلوغ ، فلا يصح توكيل الصبي ولا وكالته ، اما الاول : فلما

دل على رفع القلم عن الصبي وعدم جواز امره ( 1 ) ، مع انه لايجوز تصرفه بنفسه فيما

يوكل فيه ، وقد مر اعتبار ذلك في الوكالة . نعم يصح توكيله باذن الولي كسائر تصرفاته

ومعاملاته على مامر في كتاب الحجر .

وربما يستثنى من ذلك ما لو وكل البالغ عشر سنين فيما له ان يتصرف فيه

كالوصية للارحام ، بل في مطلق المعروف والصدقة والطلاق ، بدعوى انه اذا جازت

تلكم الامور له يجوز له التوكيل فيها ايضا لما عرفت من انه الضابط لما يجوز فيه

التوكيل .

وفيه : ان مدرك اعتبار البلوغ لو كان هو الوجه الثاني خاصة كان ما افيد تاما ،

ولوكان هو الوجه الاول ايضا فلايتم ، لان مقتضى اطلاق تلكم الاخبار كون غير

البالغ ممنوعا من جميع التصرفات والمعاملات الا مع اذن الولي ومن جملتها التوكيل ،

فجواز تلكم الامور ان ثبت لا يستلزم جواز توكيله كما لايخفي .

واما الثاني : وهو عدم صحة ان يكون الصبي وكيلا في التصرفات : فلا اشكال

.....................................................................

( 1 ) راجع ص 95 و 96 ( * )

 

 

[ . . . ]

ولا كلام فيه بالنسبة الى الوكالة المستقلة بان يكون وكيلا مستقلا في التصرف لعموم

مادل على عدم جواز امر الصبي ورفع القلم عنه ، انما الكلام في انه هل يصح ان يوكل

الصبي عبارة في خصوص اجراء الصيغة ام لا ؟ ومنشأ الوجهين : ان ادلة الحجر هل تدل على

سلب عبارة الصبي ، ام لا تدل على ذلك ، فعلى الاول لا يصح ، وعلى الثاني يصح وقد

مر تفصيل القول في ذلك في كتاب الحجر وعرفت انها لا تدل على ذلك ، وانه تصح

معاملاته مع اذن الولي ، ويصح تصديه لاجراء الصيغة حيث لايعد ذلك امر الصبي ،

ولا يشمله حديث رفع القلم ، ويشعر بالصحة - بل يدل عليها - خبر ابراهيم ابي

يحيي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله ام سلمة

زوجها اياه عمر بن ابي سلمة وهو صغير لم يبلغ الحلم ( 1 ) .

2.     يعتبر فيهما العقل ، فلا يصح توكيل المجنون ولو ادواريا في حال جنونه

لحديث رفع القلم عنه ( 2 ) ، ولانه لا يجوز تصرفه بنفسه فيما يوكل فيه كما مر ، فلا يصح

توكيله ، وقد مران المشهور بين الاصحاب بطلان الوكالة بعروض الجنون على

الموكل ، ولكن عرفت ضعفه ، فهو اي العقل شرط في الابتداء دون الاستدامة ،

ولايصح ان يوكل المجنون في المعاملات لحديث الرفع ، وفي صحة اجرائه الصيغة مع

احراز كونه قاصدا غير لاغ ، وعدمها الوجهان المتقدمان في الصبي .

3.     يعتبر في الموكل عدم السفه اذا كان التوكيل فيما يتعلق بمال نفسه لما

عرفت في كتاب الحجر ان السفيه ممنوع عن التصرف المالي للاية الكريمة ( 3 وجملة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب عقد النكاح حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 36 من ابواب القصاص في النفس حديث 2 .

( 3 ) النساء آية 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

من ؟ النصوص ( 1 ) ، فلا يصح توكيله ، لان ذلك ضابط مالا يصح فيه التوكيل كما مر ، نعم

يصح توكيله فيما له التصرف فيه ، وكذا يجوز وكالته لاختصاص دليل المنع بالتصرف

في مال نفسه . وبذلك يظهر حال توكيل المفلس ووكالته ، فانه يجري فيهما ماذكرناه في

السفيه .

 

حكم اكراه الوكيل والموكل

 

4.     المعروف بين الاصحاب عدم صحية توكيل المكره ولا وكالته ، اما الاول :

فلا اشكال فيه لحديث رفع ما استكرهوا عليه ( 2 ) ، فلو اكره المالك على التوكيل في بيع

ماله ، أو الزوج في طلاق زوجته أو ماشاكل بطلت الوكالة ، فيقع البيع او الطلاق

فضوليا .

وعلى هذا فان كان مورد الوكالة ايقاعا دون العقد كما في الاكراه على الطلاق ،

فان اجاز الطلاق بعد ذلك فقد اتفقوا على عدم صحته لعدم جريان الفضولية فيه ،

ولكن ان اجاز بعد رفع الاكراه التوكيل فهل يصح الطلاق ام لا ؟ وجها ، والحق ان

يقال : ان كان معقد الاجماع عدم صحة الطلاق الذي تعلق به الاجازة ففي المقام بما

ان الاجازة تعلقت بالوكالة دون الطلاق ، وان كان المعقد ان الطلاق

لايصح ان يكون معلقا على الاجازة كما هو الظاهر منه فلا يصح في المقام ، فان صحة

الطلاق موقوفة على صحة الوكالة المتوقفة على الاجازة ، والمتوقف على متوقف على

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب كتاب الحجر .

( 2 ) الوسائل باب 56 من ابواب جهاد النفس وباب 12 و 16 من ابواب الايمان . ( * )

 

 

[ . . . ]

شئ متوقف عليه فتكون صحة الطلاق موقوفة على الاجازة فلا يصح ، فالاظهر عدم

صحته تعلقت الاجازة بالطلاق او الوكالة .

واما الثاني : فتارة يكره الوكيل على قبول الوكالة ، واخرى يكره على التصرف

المعاملي الذي وكل فيه . اما في الاول : فمقتضى حديث رفع الاكراه عدم صحة

الوكالة ، لكنه ان رضى بعد ذلك بها وقبلها صحت .

واما في الثاني : فقد يكون المكره هو المالك ، كما لو قال المالك للوكيل : بع داري

اوطلاق زوجتي ، وقد يكون الاكراه من الاجنبي كما لو اكره الوكيل على بيع دار موكله

او طلاق زوجة موكله ، فقد ذهب جماعة منهم الشيخ الاعظم ره الى الصحة في الفرعين ،

وآخرون الى الطلان فيهما ، واختار المحقق النائيني الصحة في الفرع الاول والبطلان

في الثاني .

وقد استدل للبطلان فيهما بوجوه عمدتها وجهان :

الاول : ان مقتضى حديث رفع الاكراه رفع اثر العقد .

وفيه : ان لفعل الوكيل جهتين : احداهما : جهة العقدية ، ثانيتهما : جهة قيامة

بالوكيل ، والاكراه لايؤثر في فقد عقد الوكيل لشئ من الامور المعتبرة فيه من الجهة

الاولى من العربية ونحوها بعد فرض كونه مستجمعا لها . والجهة الثانية غير دخيلة في

ترتب الاثر وحصول النقل والانتقال لكون الوكيل اجنبيا عن المال ، بل عقده انما

يؤثر من حيث انتسبابه الى المالك الموكل ، والمروض عدم كونه مكرها فيما هو موضوع

الاثر ، ولم يتعلق الاكراه به وما تعلق الاكراه به لااثر له .

الثاني : ان القصد الى المعنى شرط في صحة العقد ، ومع الشك في ذلك لا اصل

يحرز به كون المكره قاصدا لع ، اذ اصالد القصد الجارية في افعال العقلاء انما هي في

الافعال الاختيارية دون المكره عليها .

 

 

] ولا يوكل الوكيل بغير اذن وللحاكم التوكيل عن السفهاء والبله ؟ [

 

وفيه : اولا : ان الكلام انما هو بعد احراز القصد .

وثانيا : ان اصالة القصد انما هي في مطلق الافعال الاختيارية في مقابل

الاضطرارية كحركة يد المرتعش .

واستدل للبطلان في الفرع الثاني : بان المكره اذا كان غير المالك فغاية ماهناك

رضا المالك بالعقد ، ومجرد الرضا لا يصحح الاستناد ، كما ان الكراهة الباطنية ليست

ردا .

وفيه : مضافا الى مامر من كفايته ، ان محل الكلام هوكون العاقد وكيلا ، وفعل

الوكيل يستند الى الموكل من جهة الوكالة . فالاظهر هي الصحة في الفرعين .

الثانية : قالوا : ( و ) يشترط ( الحرية ولو توكل العبد او وكل باذن مولاه

صح ) .

الثالثة : ( ولا يوكل الوكيل بغير اذن ) له في التوكيل صريحا ولو بالتعميم ،

كاصنع ماشئت ، او فحوى كاتساع متعلقها ، بحيث تدل القرائن على الاذن فيه ، او

عجزه عن مباشرته . وان لم يكن متسعامع علم الموكل بالعجز او ترفع الوكيل عما وكل

فيه عادة فان توكيله حينئذ يدل بالفحوى على الاذن له في توكيل الغير مع علم

الموكل بترفعه عن مثله .

ثم انه في موارد جواز التوكيل هل هل يكون الوكيل الثاني وكيلا عن الاول او

عن الموكل ، وتظهر الثمرة في انه على الاول ليس للموكل عزله وللوكيل ذلك ،

وينعكس على الثاني . الظاهر هو الاول ، ولا اقل من الاطلاق ، وان للوكيل ان يوكله

عن نفسه او عن موكله .

ولكن للولي ( وللحاكم التوكيل عن ) الصبي والمجنون و ( السفهاء والبله )

بلاخلاف في ذلك ، بل عليه الاجماع عن التذكرة والاردبيلي ، وهو الحجة فيه مضافا

 

 

] ويستحب لذوات المروات ولا يتوكل الذمي على المسلم [

 

الى اطلاقات الادلة ، فلكل منهما المباشرة بنفسه فكذلك بغيره .

الرابعة : ( ويستحب لذوز المروات ) التوكيل في المنازعة وان لا يتولوها

بانفسهم ، كما هو المشهور ، بل في الرياض : بلا خلاف في ظاهر الاصحاب .

واستدلوا له : بما رووا في كتبهم الاستدلالية ان عليا ( عليه السلام ) وكل عقيلا

في خصومة قال : ان للخصومة قحما وان الشيطان ليحضرها واني لاكره ان احضرها ( 1 ) .

والقحم بالضم المهلكة ، وضعف سنده لايضره بعد استناد الاصحاب ليه وكون الحكم

استحبابيا ، ولكن عموم التعليل يقتضي عموم الحكم لغير ذوى المروات ايضا ، ولم يلتزم

به الاصحاب .

وعن بعضهم التامل في الحكم لتحاكم النبي صلى الله عليه وآله مع صاحب

الناقة ( 2 ) ، وتحاكم الوصي ( عليه السلام ) مع زوجته الشيبانية ، فكيف تولوا سادات

 الانام المنازعة مع كراهتها الا ان احتمال الدواعي والضرورات في مباشرتهم قائم ،

 فلا ترفع اليد من دليل استحباب التوكيل .

 

وكالة الكافر عن المسلم

 

الخامسة : المشهور بين الاصحاب : انه لا يجوز وكالة الكافر عن المسلم

( ولا يتوكل الذمي على المسلم ) باستيفاء حق له عليه ، بل عليه الاجماع في محكي

.....................................................................

 ( 1 ) المبسوط اول كتاب الوكالة والمستدرك باب 20 من ابواب كتاب الاجارة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 18 من ابواب كيفية الحكم .

( 3 ) الوسائل باب 14 من ابواب كيفية الحكم حديث 6 . ( * )

 

 

] ولايضمن الوكيل الا بتعد ولاتبطل وكالته به [

 

التذكرة وغيرها .

وقد استدلوا له بالاية الشريفة ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين

سبيلا ) ( 1 ) .

وفيه : اولا : ان ظاهر الاية بقرينة ماقبلها نفي الجعل في الاخرة .

وثانيا : انه قد ورد في خبر الهروي عن الامام الرضا ( عليه السلام ) : ان المراد

من الاية نفي سبيل الحجة ( 2 ) .

وثالثا : ان السبيل ظاهره السلطنة ، والوكيل لا سلطنة له على الموكل لو لم يكن

بالعكس ، فالانصاف انه لا دليل له سوى الاجماع وان لم يتم فالاظهر هو الجواز .

وعلى القول بالمنع المتيقن منه الحرمة التكليفية دون بطلان الوكالة ، وايضا

المتيقن منه ما لو توقف استيفاء الحق منه على المرافعة كي يمكن دعوى صدق

السلطنة والقهر عليه ، وامامجرد استيفاء الحق منه اوله فلايكون مشمولا لدليل المنع .

ثم ان القائلين بالمنع اختلفوا في وكالة المسلم ، عن الكافر على المسلم ، فعن

جماعة : المنع عنها ، ونسب الى اكثر القدماء ، وعامة المتاخرين الكراهة ، وقد ادعى

على كل من القولين الاجماع ، ولا مدرك لهم سوى الاية الكريمة وقد عرفت حالها ،

ولكن للاجماع على المرجوحية لا باس بالالتزام بها والمتيقن الكراهة ، وام في باقي

الصور المتصورة في المقام فالا ظهر هو الجواز بلاكراهة .

السادسة : ( ولا يضمن الوكيل الا بتعد ) او تفريط اجماعا ، لانه امين ، وقد

مرأن الامين لا يضمن الا مع التعدي او التفريط .

( ولا تبطل وكالته به ) اي بالتعدي او التفريط ، لان مبطليته لها تحتاج الى

.....................................................................

( 1 ) النساء آية 141 .

( 2 ) آيات الاحكام للعلامة الجزايري عن عيون الاخبار . ( * )

 

 

] والقول قوله مع اليمين وعدم البينة في عدمه وفي العزل والعلم به [

 

دليل مفقود ، والاصل وكذا العمومات تقتضي العدم . ولو تعدى ثم عاد نفذ تصرفه

بمقتضى الوكالة ، فهل يبقى ضمانه ام لا ؟ المشهور بين الاصحاب وهو الاول ، والاظهر

هو الثاني اذ دليل الضمان مختص بحال التعدي ، وفي تلك الحال خرجت يده عن كونها

امانية وحكم بكونها مضمنة لحديث على اليد ، والمفروض عوده الى الحالة الاولى ،

فيكون المقام من مصاديق المسألة المعروفة ، وهي انه لو خرج فرد عن تحت العام في

زمان ، ثم شك بعد مضى ذلك الزمان في بقاء حكم الخاص او عود حكم العام هل

يتمسك بعموم العام او يستصحب حكم الخاص ، وحيث ان المختار هو الرجوع الى

عموم العام مطلقا فيرجع في المقام الى مادل على عدم ضمان الامين .

 

اختلاف الموكل والوكيل

 

المقام الخامس : في جملة مسائل اختلاف الموكل والوكيل واحكامها تذكر

في ضمن فروع :

1.     ( و ) لو اختلفا في التعدي أو التفريط فادعاه الموكل وانكره الوكيل ف

( القول قوله مع اليمين وعدم البينة في عدمه ) لان الوكيل امين ولا يتهم من ائثمن ،

ودعوى التفريط او التعدي اتهام .

( و ) كذا لو اختلفا ( في العزل و ) في ( العلم به ) بلا خلاف ، بل عليه الاجماع

في محكي الغنية ، لاصالة عدمه ، وللخبر في الثاني في امرأة وكلت اخاها ليزوجها ثم

عزلته بمحضر الشهود وادعت اعلامه بالعزل وانكره الاخ فاتيا امير المؤمنين ( عليه

السلام ) فطلب منها الشهود فاتت بالشهود الذين عزلته بمحضرهم فشهدوا على

 

 

] والتلف والتصرف وفي الرد قولان والقول قول مكر الوكالة [

 

العزل دون الاعلام فلم يقبله وامضى تزويج الاخ واحلفه ( 1 ) . والخبر طويل .

( و ) كذا لو اختلفا في ( التلف والتصرف ) كما هو المشهور ، بل عليه الاجماع

في الاول ، لانه امين لايتهم ، ولان اليمين على المنكر .

2.     ( و ) لو اختلفا ( في الرد ) بان ادعاه الوكيل وانكره الموكل ف ( قولان ) :

احدهما : ان القول قول الموكل مع يمينه ، ذهب اليه الحلي والمحقق والمصنف وولده

والشيدان .

ثانيهما : ان القول الوكيل ان كان وكالته بجعل ، نسب الى المشهور .

والحق ان يقال : انه كما يقبل قول الوكيل في التلف كذلك يقبل قوله في الرد ،

اذ لاوجه لقبوله في التلف سوى ان عدم تصديقه في دعوى التلف يندرج تحت

عنوان اتهام المؤتمن ، وقد نهينا عن اتهامه . وكذا يقال في دعوى الرد ، فان عدم تصديقه

فيه يندرج تحت عنوان اتهام المؤتمن .

ودعوى ان المنهي عنه هو اتهام المؤتمن بالتامين العقدي فيختص بالوديعة ،

لاوجه لها ، سيما وقد ورد ان صاحب العارية مؤتمن وصاحب البضاعة مؤتمن ( 2 ) .

فالاظهر هو قبول قوله مع يمينه ، ولا فرق في ذلك بين كون الاختلاف في الرد

والوكالة باقية او بعد انقضائها ، لان العين بعد انقضائها بيد الوكيل امانة مالكية الى

ان يردها اليه . وبذلك يظهر ما في كلمات القوم .

3.     ( و ) لو اختلفا في اصل الوكالة ف ( القول قول منكر الوكالة ) مع الحلف ،

سواء كان هو المالك كما اذا تصرف في ماله بدعوى الوكالة فانكر توكيله او المدعي

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من كتاب الوكالة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من العارية حديث 6 . ( * )

 

 

] وقول الموكل لو ادعى الوكيل الاذن في البيع بثمن معين فان وجدت

العين استعيدت وان فقدت او تعذرت فالمثل او القيمية ان لم يكن مثليا

ولو زوجه فانكر الموكل حلف وعلى الوكيل المهر وقيل نصفه [

 

عليه الوكالة ، كما اذا اشترى شيئا فادعى واحد انه اشتراه بوكالته عنه وانه له وانكر

المشتري وقال : اشتريته لنفسي والوجه في تقدم قول المنكر عموم مادل على ان اليمين

على المنكر .

4.     ( و ) يقدم ( قول الموكل لو ادعى الوكيل الاذن في البيع بثمن معين )

عند الماتن وغيره لاصالة عدم الاذن ، ويشكل بان الوكيل امين لايتهم فلو قيل بتقديم

قول الوكيل كان اوجه كما مر وعلى ما قالوه ( فان وجدت العين استعيدت وان فقدت

او تعذرت فالمثل او القيمة ان لم يكن مثليا ) .

5.     ( ولو زوجه ) امرأة مطلقا او مدعيا وكالته على تزويجها ( فانكر الموكل )

الوكالة يقدم قوله ان ( حلف ) وللمرأة ان تتزوج مع عدم علمها بصدق مدعي الوكالة .

( و ) اختلفوا في ثبوت المهر لها وعدمه على اقوال :

1.     ان ( على الوكيل المهر ) كملا كما عن النهاية والقاضي وقواه الحلي .

2.     ما نقله المصنف ره قال : ( وقيل نصفه ) نسب ذلك الى المشهور .

3.     ما عن جماعة وهو عدم ثبوت المهر .

واستدل للاول : بان المهر يجب بالعقد كملا ، ولا ينتصف الا بالطلاق المفقود في

المقام وقد فوته الوكيل عليها بتقصيره في الاشهاد فيضمنه ، وايضا انه اقر باخراج

بضعها عن ملكها بعوض لم يسلم اليها وكان عليه الضمان .

ولكن يتوجه على الاول : ان المهر : ان المهر يجب على الزوج لا على الوكيل ، فان ثبت

عليه وفوته الوكيل ضمن على اشكال في ان التفويت موجب للضمان او الضمان مختص

بالاتلاف ، وحيث انه لا يثبت عليه فلا تفويت ايضا .

 

 

[ . . . ]

ويتوجه على الثاني : انه اقر بأخراج بضعها عن ملكها بعوض في ذمة الزوج

لا في ذمة نفسه ، فلا تشمله ادلة الاقرار .

فالصحيح ان يستدل له : بخبر محمد بن مسلم عن مولانا الباقر ( عليه السلام )

عن رجل زوجته امه وهو غائب قال : النكاح جائز ان شاء المتزوج قبل وان شاء ترك .

فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لامه ( 1 ) . بناء على تنزيله على دعوى الوكالة .

الا انه يجب حمله على ارادة النصف جمعا بينه وبين صحيح ابي عبيدة عن

الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل امر رجلا ان يزوجه امرأة من اهل البصرة من

بني تميم فزوجه امرأة من اهل الكوفة من بني تميم قال ( عليه السلام ) : خالف امره

وعلى المامور نصف الصداق لاهل المرأة ولا عدة عليها ولاميراث بينهما ، فقال بعض

من حضر : فان امره ان يزوجه امرأة ولم يسم ارضا ولا قبيلة ثم جحد الامران يكون

امره بذلك بعد مازوجه فقال ( عليه السلام ) : ان كان للمامور بينة انه كان امره ان

يزوجه كان الصداق على الامر ، وان لم يكن له بينة كان الصداق على المامور لاهل

المرأة ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها ولها نصف الصداق ان كان فرض لها صداقا ( 2 ) .

وخبر عمربن حنظلة عنه ( عليه السلام ) في رجل قال لاخر : احطب لي فلانة

فما فعلت من شئ مما قاولت من صداق او ضمنت من شئ او شرطت فذلك لي رضا

وهو لازم لي ، ولم يشهد على ذلك ، فذهب فخطب له وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما

طالبوه وسألوه ، فلما رجع اليه انكر ذلك كله قال ( عليه السلام ) : يغرم لها نصف

الصداق عنه ، وذلك انه هو الذي ضيع حقها فلما لم يشهد لها عليه بذلك الذي قال له

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 26 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 1 . ( * )

 

 

] ويجب على الموكل طلاقها مع كذبه [

 

حل لها ان تتزوج ولا يحل للاول فيما بينه وبين الله عزوجل الا ان يطلقها ، لان الله

تعالى يقول ( فامساك بمعروف او تسريح باحسان ) فان لم يفعل فانه ما ثوم فيما

بينه وبين الله عزوجل ، وكان الحكم الظاهر حكم الاسلام ، وقد اباح الله عزوجل لها

ان تتزوج ( 1 ) .

والمناقشة فيهما بمخالفتهما للقواعد ، لانه مع بطلان النكاح ظاهرا لاوجه

لثبوت المهر في غير محلها ، كما ان دعوى ان صحيح الحذاء يدل على ثبوت مهر

ونصف ، مندفعة بان الظاهر كون قوله ( عليه السلام ) ولها نصف الصداق . بيانا لما

اجمله بقوله كان الصداق على المامور لاهل المرأة ؟ وبه يعلم ان المراد بالاهل هي

المرأة .

واما القول الثالث : فهو وان كان موافقا للقاعدة الا انه لايصار اليه مع النص

الصحيح المعمول به ، فخير الاقوال اوسطها .

( و ) ذيل خبر عمر بن حنظلة يدل على انه ( يجب على الموكل طلاقها مع

كذبه ) ويصح ان يقول : ان كانت زوجتي فهي طالق .

وهل يجب عليه ان يسوق اليها نصف المهر كما عن المصنف ره وولده والشهيد

والمحقق الثانيين الميل اليه ، ام لا يجب ؟ وجها : مقتضى القاعدة وان كان هو الوجوب

الا ان الخبرين يدلان على عدم وجوبه ، سيما الثاني منهما ، حيث حكم ( عليه السلام )

بوجوب ان يطلقها خاصة . فالاظهر عدم الوجوب .

ولو علمت المرأة بصدقه في دعوى الوكالة ، فقد يقال : انه ليس لها ان تتزوج

مالم يطلقها ، وحينئذ ان امتنع من الطلاق فهل لها الفسخ ، او يجبر الحاكم الشرعي

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من كتاب الوكالة حديث 1 . ( * )

 

 

] ولو وكل اثنين لم يكن لاحدهما الانفراد بالتصرف الا ان ياذن لهما ولا تثبت

الا بشاهدين [

 

الزوج على الطلاق ، او يطلق عنه ، ام يجب عليها الصبر الى موت ذلك الرجل ؟ وجوه ،

ولكن مقتضى اطلاق الاخبار جواز التزويج مطلقا .

وهل لها ان تاخذ نصف المهر من الوكيل لو ساق اليها الزوج نصف المهر بعد

الطلاق ؟ الظاهر ذلك بعد ما عرفت من عدم وجوبه على الزوج . نعم لو قلنا بوجوبه

عليه واخذته ليس لها ان تاخذ من الوكيل للتعليل في خبر ابن حنظلة الذي يخصص

كما يعمم .

 

بيان ما تثبت به الوكالة

 

المقام السادس : في بيان جملة من احكام الوكالة غير ما مر ( و ) فيه مسائل

الاولى ( لو وكل اثنين ) بان جعل وكالة واحد لهما ( لم يكن لاحدهما التصرف الا ان

ياذن لهما ) بلا خلاف ولا اشكال كما هو واضح .

الثانية : فيما تثبت به الوكالة ، فتارة لا يكون هناك منازعة وخصومة ويدعى

الوكالة مدع من دون ان ينكره احد ، واخرى يكون في مقام المخاصمة . اما في الصورة

الاولى : فتثبت بكل ماتثبت به سائر الموضوعات من العلم ، والبينة ، وخبر الواحد ،

بناء على المختار من حجيته في الموضوعات ، ويكفي اخباره بذلك ان كان ثقة ، بل

يمكن قبول قوله مطلقا بناء على قبول كل دعوى لا معارض لها وسيأتي الكلام في

الكبرى الكلية في كتاب القضاء .

( و ) اما في الصورة الثانية : فعلى القول بانه لا يكفي في ذلك المقام سوى شهادة

عدلين ، ولا بعلم الحاكم ، ولا بشهادة رجل واحد مع اليمين او مع شهادة امرأتين

في غير الحقوق المالية ف ( لا تثبت ) الوكالة ( الا بشاهدين ) عدلين . وتمام الكلام في

 

 

] ولو اخر الوكيل التسليم مع القدرة والمطالبة ضمن

كتاب الهبات وتوابعها ؟ وفيه فصول الفصل الاول الهبة [

 

المبنى موكول الى محله ، وستعرف ان للحاكم ان يحكم بعلمه ، وان شهادة رجل واحد

مع امرأتين تثبت بها الدعوى في غير الحقوق المالية ايضا وعلى الجملة لا خصوصية

للوكالة فالمتبع فيها قواعد باب القضاء .

الثالثة : يجب على الوكيل تسليم ما كان بيده من مال الموكل اليه عند مطالبته

كما في الوديعة والعارية وما شاكل ، ويجب المبادرة اليه بحسب المتعارف ، فلا يجب

الاسراع في المشي في طريق الرد ، ولا رفع اليد عما يكون مشغولا به من الاكل

والشرب ، وماشاكل

( ولو اخر الوكيل التسليم ) في مايجب ( مع القدرة والمطالبة ضمن ) لعموم

على اليد ( 1 ) ، فانه خرج عنه اليد الماذونة وبقي الباقي .

فان قيل : ان هذه اليد حين حدوثها لم توجب الضمان وبعد خروجها عن كونها

ماذونة يشك في ذلك والاستصحاب يقتضي بقائها على ما كانت عليه عن كونها

موجبة للضمان .

قلنا : ان المختار عندها هو الرجوع الى عموم العام فيما بعد زمان التخصيص

مطلقا ، ولا يرجع الى الاستصحاب ، كان للعام عموم ازماني ام لم يكن ، سيما في مثل

المقام مما كان خروج الفرد من اول زمان تحققه لا من الاثناة .

 

تعريف الهبة وبيان حقيقتها

 

( كتاب الهبات وتوابعها ، وفيه فصول : الفصل الاول ) في ( الهبة ) وهي

بالمعنى الاعم : تمليك مال بلاعوض ، فتشمل الوصية والوقف والصدفة ، وبهذا الاعتبار

.....................................................................

( 1 ) سنن بيهقي ج 6 كنزالعمال ع 5 ص 257 . ( * )

 

 

[ . . . ]

عبر المصنف بكتاب الهبات .

واما بالمعنى الاخص : فهي تمليك مال طلقا منجزا بلاعوض بازاء الموهوب ،

من غير اشتراط بقصد القربة ، فيخرج الوقف لعدم كونه تمليكا مطلقا ، والصدقة

لاشتراط القربة فيها ، والبيع لكونه تمليكا لامجانا ، والصلح لانه انشاء التسالم وليس

حقيقته التمليك والوصية لانها ليست منجزة .

واما الهبة المعوضة : ففي الجواهر بعد التعريف للهبة : نعم ينتقض بالهبة المعوضة

ولو بالقربة ، ويدفع بان المراد من قوله بغير عوض ومجردا القربة عدم لزوم

ذلك فيها لاعدم اتفاق حصوله فيها . انتهى .

وقد سبقه في ذلك سيد الرياض قال في شرح قول المحقق تبرعا مجردا عن

القربة : اي من دون اشتراطها بها ، والا لا نتقض بالهبة المعوض عنها والمتقرب بها الى

الله فانهما هبة اجماعا .

ولكن ما افاداه يتم بالنسبة الى قصد القربة ، دون الهبة المعوضة ، فان التمليلك

فيها بلاعوض بازاء الموهوب .

توضيح ذلك : ان الهبة المعوضة تتصور على وجوه : الاول : ان يهب المال ويشترط

على المتهب هبة شئ .

الثاني : ان يهبه المال ويكون داعيه هبة المتهب شيئا .

الثالث : ان يهب المال ويشترط النتيجة ، اي كون ذلك المال الاخر ملكا له .

الرابع : ان يهبه بازاء ذلك الشئ .

الخامس : ان يهبه في مقابل هبته ، بحيث تكون المقابلة بين الهبتين .

اما في الوجه الاول والثاني : فيكون اعطاء المال اعطاء لابازاء شئ بل مجانا .

واما في الوجه الثالث : فان قلنا بعدم صحة شرط النتيجة فلا كلام ، وان قلنا

 

 

] انما تصح في الاعيان المملوكة وان كانت مشاعة [

 

بصحته فذلك الشئ وان كان يصير ملكا له الا انه للشرط لا لعقد الهبة ، والمال

الموهوب انما بعطى مجانا لابازاء شئ .

واما الوجه الرابع : فهو خارج عن الهبة المعوضة ، بل هو بيع بلسان الهبة .

واما في الوجه الخامس : فالمقابلة انما هي بين الهبتين لابين المالين ، وكل من

المالين مجاني ليس بازاء شئ ، ولكن الظاهر عدم صحة ذلك ، لانه ان اريد به تعليق

هبته على هبة الاخر فلو لم يهب الطرف لايكون هبة من هذا الطرف ايضا لتقيدها

بهبة الاخر ، فهذا هو التعليق المجمع على بطلانه .

وان اريد به انه يملك هبته في مقابل تملك هبة الاخر فيرد عليه : انه في الهبة

التمليك انما يتعلق مالمال ، وليس هناك تمليك متعلق بهذا العمل من الحر ، نعم يصح

ذلك فيما اذا وقع عقد آخر على هذا العمل بحيث صار مملوكا بواسطة عقد آخر ، ولكنه

خارج عن المقام ، فانحصرت الهبة المعوض عنها بالوجوه الثلاثة الاول ، وكونها فيها

تمليكا مجانيا واضح .

 

حكم هبة ما في الذمة

 

وتما الكلام في هذا الفصل في ضمن مسائل : الاولى : ( انما تصح ) الهبة ( في

الاعيان المملوكة وان كانت مشاعة ) بلا خلاف في ناحية الاثبات ، بل عليه في محكي

الغنية ونهج الحق الاجماع .

اما جواز هبة الاعيان المقسومة : فهو المتيقن من معقد الاجماع على مشروعية

الهبة والاخبار المتواترة الدالة على ذلك الاتية جملة منها في ضمن المسائل الاتية .

واما جواز هبة المشاعة : فيشهد به - مضافا الى اطلاق الادلة - جملة من

 

 

[ . . . ]

النصوص الخاصة ، لاحظ صحيح الحلبي عن مولانا الصادق ( عليه السلام ) عن دار

لم تقسم فتصدق بعض اهل الدار نصيبه من الدار قال ( عليه السلام ) يجوز ، قلت :

ارأيت ان كانت هبة ؟ قال ( عليه السلام ) : يجوز ( 1 ) . ونحوه غيره .

انما الكلام فيما يستفادمن مفهوم هذه الجملة ، وهو عدم صحة هبة ما في الذمة ،

وملخص القول فيه : انه تارة يوهب ما في الذمة ثابتا قبل الهبة ، واخرى يهبه لغير من

عليه . وعلى التقدير الثاني تارة يكون ما في الذمة ثابتا قبل الهبة ، واخرى يثبته في ذمته

بالهبة كما يملك ما في ذمته بالبيع .

اما هبة ما في الذمة لمن هو عليه فالمشهور بين الاصحاب انها ابراء ، وتصح

بهذا العنوان ، ولا تصح بعنوان الهبة ، وعن منهم سيد العروة : صحتها هبة . والاول

اظهر ، فلنا دعويان : احداهما عدم صحتها هبة ، ثانتيهما صحتها ابراء .

اما الاولز : فيشهد بها ان الهبة - كما مر - تمليك مجاني ، والانسان لايملك مالا

على نفسه لعدم ترتب الاثر على هذه الملكية ، فيكون اعتبار ها لغوا . وما افاده الشيخ

الاعظم ره في كتاب البيع في مقام الجواب عن هذا الوجه من تعقل ذلك - اي كون

الانسان مالكا لما في ذمته ورجوعه الى سقوطه عنه - غير تام ، فان السقوط ان كان

لاجل ما اشرنا اليه من لغوية اعتبار الملكية فهو مانع عن الحدوث كالبقاء ، وان كان

لكونه اثر تلك الملكية فيرد عليه : ان ثبوت الشئ لا يعقل ان يكون علة لسقوطه .

وقد يستدل له بوجهين آخرين : احدهما : ما عن بعض الاساطين ، وهو ان

الملكية لما كانت نحوا من السلطنة على من في ذمته المال فلا يعقل نقله اليه ، لان

الانسان لا يمكن ان يتسلط على نفسه بالنحو الذي كان لطرفه .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب كتاب الهبات . ( * )

 

 

[ . . . ]

وبالجملة : لا يعقل قيام طرفي السلطنة بشخص واحد .

وشيد بعض المحققين ذلك بان المسلط والمسلط عليه متضائفان ، والتضائف من

اقسام التقابل ، فكيف يعقل اجتماعهما في واحد .

وفيه : انه لاارى محذورا في اجتماع المسلط والمسلط عليه في شخص واحد ،

وليس كل ماهو من اقسام التضائف من انحاء التقابل ، بل ما كان بينهما تغاير في

الوجود كالعلية والمعلولية ، والا فالعالمية والمعلومية والمحبية والمحبوبية من اقسام

التضائف ، وليستا من انحاء التقابل ، وتجتمعان في شخص واحد ، ويجب الانسان نفسه

ويعلم بنفسه ، والسلطنة من هذا القبيل ، فان معناها كون الشخص قاهرا على

شخص ، وكون المسلط عليه تحت ارادته واختياره ، وهذا المعنى يمكن اجتماعه في

شخص واحد ، بل سلطنة الانسان على نفسه من اعلى مراتب السلطنة ، وكيف وقد ورد :

ان الناس مسلطون على انفسهم ، ولم يستشكل احد في معقوليته ، مع ان المسلط عليه

انما هو بمعنيين : احدهما من بضرره السلطنة بشخص واحد .

ثانيهما : صحيح معاوية بن عمار عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل

يكون له على الرجل الدراهم فيهبها له ، ال هان يرجع فيها ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ( 1 ) .

وفيه : انه كما يلائم مع الهبة المصطلحة ، كذلك يلائم مع ارادة الابراء منه ، بل

في المسالك استدل به على ارادة الابراء منه ، قال : لانه لو لم يجعل ابراء بل هبة لما

امكن اطلاق القول بجواز الرجوع كما سياتي ان شاء الله تعالى من جوازه فيها في

مواضع كثيرة بخلاف الابراء فانه لازم مطلقا ، وان كان يمكن الجواب عنه بانه

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لايرجع فيها من جهة سقوط ما في الذمة وهو في حكم التلف .

وبما ذكرناه يظهر وجه صحتها ابراء ، ويشهد بها - مضافا الى ذلك والى مادل

على العفور عن المهر ( 1 ) والدية ( 2 ) والقرض ( 3 ) وغير تلكم من الموارد الخاصة اذ العفو في

هذه الموارد ابراء لما في الذمة - انها عقد او ايقاع عقلائي لم يردع الشارع الاقدس

عنها ، فتكون ممضاة عنده .

فهل هي عقد او ايقاع ؟ الظاهر هو الثاني ، اذ لا حقيقة لتلك الهبة غير

الاسقاط لانقل شئ الى الملك .

ويمكن الاستشهاد له بجملة من الايات والروايات ، لا حظ قوله تعالى ( الا ان

يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) ( 4 ) حيث اكتفى في سقوط الحق بمجرد

العفو ، ولا دخل للقبول في مسماه قطعا .

وقوله تعالى ( ودية مسلمة الى اهله الا ان يصدقوا ) ( 5 ) بناء على مامر من

عدم كون هبة ما على الشخص وصدقة اليه الا ابراء ، وليس فيه اعتبار القبول .

ودعوى ان في ابراء الشخص من ماهو ثابت في ذمته منة فلا يجبر على تحملها ،

مندفعة بان اسقاط الانسان حقه ابتداء من دون ان يسأله من عليه الحق لايظهر فيه

منة يثقل تحملها على من عليه الحق عرفا ، فالاظهر عدم اعتبار القبول فيها .

واما هبة الدين لغير من عليه فالمعروف بينهم عدم الصحة ، وفي المسالك : عليه

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 237 .

( 2 ) النساء آية 93 .

( 3 ) الوسائل باب 13 من فعل المعروف وباب 23 من ابواب الدين .

( 4 ) البقرة آية 237 .

( 5 ) النساء آية 93 . ( * )

 

 

[ . . . ]

المعظم . وعن الشيخ الحلي والمصنف ره في المختلف وجماعة : صحتها .

واستدل للاول : بان القبض شرط في صحة الهبة ، وما في الذمة يمتنع قبضه لانه

ماهية كلية لا وجود لها في الخارج ، والجزئيات التي يتحقق الحق في ضمنها ليست هي

الماهية ، بل بعض افرادها وفرادها غيرها .

وفيه : ان الحق الثابت في محله ان وجود الكلي عين وجود افراده ، وعليه فقبض

احد افراده قبص له . وهذا يكفي في المقام .

وربما يستدل للثاني - مضافا الى ذلك - : بصحيح صفوان عن الامام الرضا

( عليه السلام ) عن رجل كان له على رجل مال فوهبه لولده فذكر له الرجل المال

الذي له عليه فقال ( عليه السلام ) : انه ليس فيه عليك شئ في الدنيا والاخرة ، يطيب

ذلك وقد كان وهبه لولد له قال ( عليه السلام ) : نعم يكون وهبه ثم نزعه ؟ فجعله

لهذا ( 1 ) .

والايراد عليه بان الهبة للولد لايجوز الرجوع فيها وقد حكم فيه بجوازه ،

مندفع بانه انما جوز الرجوع فيه لانه لم يقبضه ، واطلاق النزع حينئذ بلحاظ العقد .

وبما ذكرناه يظهر حكم مالو وهبه كليا في ذمته ، من دون ان يكون ثابتا قبل

الهبة في ذمته وانه يصح ، وقبضه انما هو بقبض بعض افراده .

واذا وهبه دينا له على غيره وكان المتهب مديونا لذلك الغير بقدره ، فان قبضه

الواهب وسلمه الى المتهب او اذن له في القبض فقبضه ثم رده عليه عوضا عما عليه

فلا كلام ، انما الكلام في انه هل له ان يحتسب عليه بازاء ما عليه ام لا ؟ الظاهر ان له

ذلك ، فانه حينئذ بحكم القبض ، بل لا معنى للقبض الا جعله تحت سلطنته واختياره ،

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 . ( * )

 

 

] بايجاب وقبول [

 

فكأنه بالاحتساب قد قبض الكلي على كليته .

وان شئت قلت : ان المتهب ياذن لمن عليه الدين ان يقبض ما عليه للواهب

من طرفه على وجه المعاوضة بينه وبين ماله على المتهب ، فلا اشكاله فيه .

فالمتحصل من جميع ما قدمناه : صحة هبة المافع ، وقبض المنفعة انما يكون

بقبض العين ، بل يصح هبة الحقوق القابلة للنقل وان لم تكن من الهبة المصطلحة ولم

تشمله نصوص الباب لكنه تكفى العمومات في صحتها .

 

الهبة من العقود

 

الثانية : انما تصح الهبة ( بايجاب قبول ) حيث انها تمليك من طرف وتملك من

آخر . وبعبارة اخرى : خلع ولبس ، فيعتبر رضا كل من الخالع واللابس ، والتزامه بذلك ،

وحيث ان مجرد الالتزامات النفسانية لاعبرة بها مالم تبرز فلابد من مبرز من طرف

الواهب وهو الايجاب ، ومن طرف المتهب وهو القبول . والقول في ما يعتبر فيهما شئ سوى

كون المبرز كاشفا عن الالتزام النفساني عرفا .

ولا يعتبر فيهما عدم الفصل الطويل بينهما ، ولا اللفظ ، بل تجري المعاطاة فيها ،

فان قيل : انه قال الشهيد الثاني في المسالك : وظاهر الاصحاب الاتفاق على افتقار

الهبة مطلقا الى العقد القولي في الجملة ، وعليه فالاجماع دليل على عدم صحة الهبة

المعاطاتية .

قلنا : اولا : ان الاجماع المنقول ليس بحجة ، وثانيا : ان مدرك المجمعين معلوم

وهو ماذكروه في جميع العقود لعدم جريان المعاطاة فيها .

 

 

[ . . . ]

وعلى هذا فتنحل العويصة التي في المقام ، وهو انه قد تعارف بين الناس الهبة

الفعلية ويعاملون مع الموهوب معاملة الملك ويتصرفون فيه التصرفات المتوقفة على

الملك .

ثم ان الاصحاب لما بنوا على اعتبار الايجاب والقبول اللفظيين فيها ، ورأوا ان

المعهود من فعل النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام المعاملة مع ما يهدى

اليهم معاملة الملكية ، اذ كانت الهدايا تحمل اليهم فيقبلون ويرتبون آثار الملكية ، فان

مارية القبطية قد أهداها بعض الملوك الى النبي صلى الله عليه وآله وكانت ام ولد له ،

واهدى المختار الى علي بن الحسين ( عليه السلام ) جارية فاولدها زيدا وهكذا ( 1 ) ،

التجأوال الى جعل الهدية غير الهبة ، وان ذلك انما هو في الهدية الماخوذ في حقيقتها ارسال

شئ الى شخص بقصد الاكرام والاعظام دون الهبة ، وجعلوا المعهود من فعل

المعصومين ( عليه السلام ) ، والسيرة المستمرة على ترتيب آثار الملكية عليها بمجرد

الارسال من المهدي دليلا على عدم اعتبار الايجاب والقبول اللفظيين ، بل والفعلين

ايضا في خصوص الهدية دون الهبة .

ولكن بناء على ماقدمناه من جريان المعاطاة فيها على القاعدة لا حاجة الى

تكلف الفرق بنهما بعد كون الهدية في الحقيقة قسما من الهبة ، غاية الامر انها هبة

مقرونة بقصد الاكرام والاعظام ، ويجعل ذلك كله دليلا على المختار ، اذ الفرق بين

اقسام الهبة غير ظاهر .

فان قيل : ان المعاطاة لا معنى لها في الهبة اصلا ، بل فيها الاعطاء من جانب

والاخذ من الطرف الاخر .

.....................................................................

( 1 ) التذكرة ج 2 ص 415 . ( * )

 

 

] وقبض من المكلف الحر [

 

قلنا : ان عنوان المعاطاة لم يرد في آية ولا رواية كي يدور الحكم بالنفوذ وعدمه

مدار صدقه وعدمه ، والمراد بها الانشاء الفعلي ، وهو يشمل الاعطاء من جانب واحد .

فان قيل : ان المتعارف في الهدايا الاكتفاء بالارسال من المهدي ووصولها الى

المهدى اليه ، والسيرة قائمة على المعاملة معه حينئذ معاملة الملك ، فلامناص عن البناء

على الفرق بين الهدية وغيرها من اقسام الهبة .

قلنا : ان المهدي انما يقصد التمليك مجانا ويظهره بالارسال الى المهدي اليه

فهو انشاء منه ، وبعد الوصول الى المهدي اليه يقبل هو ذلك فيتم الايجاب والقبول ،

ولا يضر الفصل الطويل بينهما كما مر في كتاب البيع .

 

القبض شرط في صحة الهبة

 

الثالثة : ( و ) المشهور بين الاصحاب : انه يعتبر في صحة الهبة ( قبض من

الملكف الحر ) بل عليه الاجماع عن التذكرة والايضاح ، فلا تفيد الملكية قبله ، وعن

الشيخين وابن البراج وابن حمزة والحلي والمصنف في المختلف : كونه شرطا في اللزوم .

يشهد للاول : صحيح ابان عمن اخبره عن مولانا الصادق ( عليه السلام )

النحل والهبة ما لم تقبض حتى يموت صاحبها قال : هي بمنزلة الميراث ، وان كان

لصبي في حجره واشهد عليه فهو جائز ، ولو كانت الهبة مفيدة للملك بدون القبض لم

ترجع ميراثا ، غاية الامر كون الوارث مخيرا في الرجوع وعدمه ( 1 ) .

وموثق داود بن الحصين عنه ( عليه السلام ) الهبة والنحلة مالم تقبض حتى

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

يموت صاحبها قال ( عليه السلام ) : هي ميراث ، فان كان لصبي في حجره فاشهد عليه

فهو جائز ( 1 ) .

وتقريب الاستدلال به كما في سابقه ، وقوي ابي بصير عنه ( عليه السلام ) : الهبة

لاتكون ابدا هبة حتى يقبضها والصدقة جائز عليه ( 2 ) .

وتقريب الاستدلال به : انه يدل على نفي الهبة بدون القبص ، وظاهر النفي

كونه نفيا تشريعيا لا تكوينيا ، ومعنى النفي التشريعي عدم ترتب الاثر عليها . وعلى

هذا فدلالة الخبر على نفي الصحة بدون القبض لو لم تكن بالصراحة لاريب في انها

قريبة منها ، ولا مجال للمناقشة فيها بماذكروه .

واستدل للقول الاخر : بالامر بالوفاء بالعقود ( 3 ) ، وبصحيح ابي بصير عن ابي

عبد الله ( عليه السلام ) : الهبة جائزة قبضت او لم تقبض ، قسمت اولم ، والنحل

لايجوز حتى يقبض ، وانما اراد الناس ذلك فاخطأوا ( 4 ) .

وخبر عبد الرحمان بن سيابة عنه ( عليه السلام ) : اذا تصدق الرجل بصدقة او

هبة قبضها صاحبها او لم يقبضها علمت او لم تعلم جائزة ( 5 ) .

ولكن يتوجه على الاول : انه دليل اللزوم لا الصحة ، مع انه لو كان دالا على

صحة كل عقد لزم تقييده بمامر .

واما الخبران : فالمراد من الجواز فيهما يحتمل اللزوم كما فهمه الشيخ في محكي

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب كتاب الهبات حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب كتاب الهبات حديث 7 .

( 3 ) المائدة آية 2 .

( 4 ) الوسائل باب 4 من ابواب كتاب الهبات حديث 4 .

( 5 ) الوسائل باب 4 من ابواب كتاب الهبات حديث 3 . ( * )

 

 

] ولو وهبه ما في ذمته كان ابراءا ويشترط في القبض اذن الواهب [

 

الاستبصار لا الصحة ، ويؤيده اطلاق الجواز عليه في روايات الهبة بذي الرحم الاتية ،

وفي خبر الاقرار ( 1 ) وغير ذلك من الموارد ، وعلى هذا فلم يقل احد بمضمونهما لاتفاق

الاصحاب على عدم اللزوم بدون القبض ، مع ان اكثر افراد الهبة جائزة حتى بعد

القبض . ويحتمل ان يراد به النفوذ المترقب منها جواز او لزوما ، فيرد عليهما ايضا ما

مر ، اذ الهبة بذي الرحم حكمها اللزوم ، ونفوذها انما يكون كذلك مع الاتفاق على

اشتراط لزومها بالقبض . ويحتمل ان يراد به الجواز المقابل لللزوم ، فلا يدل الخبران

حينئذ على اشتراط القبض في اللزوم ، بل يدلان على عدمه ، وايضا غاية مايدلان عليه

حينئذ جواز الرجوع في الهبة قبل القبض ، وهذا يلائم مع اشتراط القبض في تأثيرها

في الملكية كما يلائم مع حصول الملكية قبل القبض واما حملهما على ارادة ان الهبة تؤثر

في حصول الملك وان لم تقبض الذي هو مبنى الاستدلال ، فهو يحتاج الى قرينة عليه

مفقودة .

وعلى فرض التنزل وتسليم دلالتهما على ذلك ، انهما لايصلحان للمقاومة مع

النصوص المتقدمة المشهورة بين الاصحاب ، فان الشهرة اول المرجحات فتقدم هي ،

فالاظهر ان القبض شرط في صحة الهبة ، بمعنى انها لاتؤثر في حصول الملكية الا بعد

القبض .

( و ) فرع المصنف على ذلك انه ( لو وهبه ما في ذمته كان ابراء ) وقد مر الكلام

في ذلك في المسألة الاولى وعرفت ماهو الحق .

( ويشترط في القبض اذن الواهب ) كما هو المشهور بين الاصحاب ، وفي

المسالك : هذا مما لاخلاف فيه عندنا ، وفي الرياض : بلاخلاف اجده فيه ، بل عليه في

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاقرار . ( * )

 

 

] الا ان يهبه ما في يده [

 

نهج الحق والدروس والمسالك اجماع الامامية . وفي الجواهر : بل الاجماع بقسميه عليه .

واستدلوا له : بالاجماع ، وباصالة عدم ترتب الاثر ، وعدم الانتقال مع عدم

اطلاق يوثق به في تناول مثله ، وبان مادل على شرطيته ظاهر في غير القبض بدون

اذن الواهب ، بناء على قراءة يقبضها من باب الافعال او التفعيل ، وبحرمة القبض

بدون اذنه ، بناء على كونه شرطا في حصول الملك ، فان المال قبل القبض ملك

للواهب ، فلا يجوز التصرف فيه بلا اذن صاحبه .

وفي الجميع نظر : اما الاول : فلمعلومية مدرك المجمعين .

واما الثاني : فلان الاصل لامورد له مع اطلاق الدليل ، ومنع اطلاق يوثق به

كماترى .

واما الثالث : فلان اشتراط الاقباض خلاف المتفق عليه لبنائهم على كفاية كون

المال بيد المتهب ، اللهم الا ان يقال ان ابقاء المال عنده اقباض .

وعلى اي حال المتيقن من دليل الشرط اعتبار وصول المال الى يد المتهب ،

والزائد على ذلك اعتباره مشكوك فيه يرتفع بالاطلاق .

واما الرابع : فلان الحرمة لا توجب فساد القبض مع انها مطلقا ممنوعة . فالاظهر

عدم اعتبار اذن الواهب .

قال المصنف ره : ( الا ان يهبه ما في يده ) ويحتمل ان يكون ذلك استثناء عن

اعتبار القبض ، فمراده انه لو كان الموهوب حال الهبة في يد المتهب لا يحتاج الى قبض

جديد كماهو المشهور بين الاصحاب ، ويحتمل ان يكون استثناء من اعتبار الاذن في

القبض ، فمراده انه لا يعتبر الاذن في هذا الفرض ، وهو ايضا مشهور . وعلى كل حال

فهو متين على ما قدمناه من عدم اعتبار الاذن في القبض مطلقا .

ولكن على القول الاخر فتارة : يستدل لعدم اعتباره في الفرض بانصراف مادل

 

 

] وللاب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون [

 

على اعتبار القبض الماذون فيه عن الفرض ، واخرى : بان اجراء الواهب للعقد

كاشف عن رضاه بالقبض ، وثالثة : بعموم العلة في خبر محمد بن مسلم عن الامام

الباقر ( عليه السلام ) في الرجل يتصدق على ولده : فان تصدق على من لم يدرك من

ولده فهو جائز ، لان والده هو الذي يلى امره ( 1 ) . فانه يدل على ان كونه في قبض الولي

كاف ، من دون اعتبار قيد ، وكفايته انما هي بلحاظ ان قبض الولي قبض للمولى عليه ،

فيدل على كفاية ذلك وان يكن هناك اذن .

ولكن يتوجه على اذا لم يكن الواهب عالما بان المال في يد المتهب .

وعلى الثاني : انه الجائز ان يكون للواهب نظر خاص في الهبة بدون

القبض ، كأن يجعلها معلقة ، او غير ذلك من الاحتمالات .

والحاصل : ان محل الكلام ما لم يحرز رضاه بذلك .

وعلى الثالث : ان المفروض في الخبر قبض الواهب ولاية عن الصغير ، فالاذن

هناك موجود ولا ربط له بالمقام .

لاخلاف ( و ) لا اشكال في ان ( للاب والجد ولاية القبول والقبض عن

الصغير والمجنون ) كما لهما الولاية على العقود والايقاعات بتوابعهما عنهما ، على مامر

مفصلا في كتاب البيع ، ويترتب على ذلك انه لو وهب الولي ما في يده للمولى عليه

الصغير أو المجنون لم تفتقر الى قبض جديد ولا الى مضي زمان يمكن فيه القبض ،

بل يكفى قبضهما .

ويشهد بذلك في الصغير - مضافا الى كونه على وفق القاعدة - صحيح ابان ،

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من كتاب الوقوف حديث 1 . ( * )

 

 

] وليس له الروجوع بعد الاقباض ان كانت لذى الرحم او بعد التلف

او التعويض وفي التصرف خلاف وقيل الزوجان كالرحم وله الرجوع في

غير ذلك [

 

وموثق داود المتقدمان المتضمنان لقوله ( عليه السلام ) : وان كان الصبي في حجره فهو

جائز . وايضا يشهد به التعليل في خبر علي بن جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) : اذا

كان اب تصدق على ولده الصغيره فانها جائزة لانه يقبض لولده اذ كان صغيرا ( 1 ) .

وقريب منه غيره .

وهل يعتبر قصد القبض عن الصبي كما عن المصنف ره ، ام لا كما هو المشهور ؟

وجها : اظهرهما الثاني لاطلاق الاخبار ، ولو وهبا للصغير مالا ليس في يدهما فالظاهر

اعتبار قبضهما كماهو المشهور ، اذ الخبران منصرفان الى صورة كون المال في يدهما ،

والتعليل في الخبرين الاخيرين يدل على اعتباره .

ولو كان المتهب ولدا كبيرا يعتبر قبضه ولا يكفي قبض الولي ، من غير فرق

بين الذكر والانثى ، وما عن الاسكافي من عدم اعتباره في الانثى مادامت في حجره ،

لاوجه له سوى القياس .

 

حكم الهبة من حيث اللزوم والجواز

 

الرابعة : ( وليس له الرجوع بعد الاقباض ان كانت لذي الرحم او بعد

التلف او التعويض ، وفي التصرف خلاف ، وقيل : الزوجان كالرحم ، وله الرجوع

في غير ذلك ) فهاهنا فروع :

1.     المشهور - بل ربما ادعي الاجماع عليه - انه يجوز الرجوع بعد القبض

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب كتاب الهبات حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الا في مواضع مخصوصة قد وقع الاتفاق على بعضها ، والخلاف في بعض كما سيمر

عليك ، ومقتضى القاعدة هو اللزوم الا ما خرج كما هو الشان في جميع العقود ، ولكن

في خصوص المقام روايات خاصة وهي طائفتان :

الاولى : ماتدل على ما ذهب اليه المشهور ، لاحظ صحيح جميل الحلبي عن

ابي عبد الله ( عليه السلام ) : اذا كانت الهبة قائمة بعينها فله ان يرجع ، والا فليس له ( 1 ) .

وصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر ( عليه السلام ) : الهبة والنحلة يرجع

فيهما ان شاء حيزت او لم تحز الا لذي رحم فان لا يرجع فيها ( 2 ) .

وصحيح البصري وعبد الله بن سنان ( سليمان يب ) عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) عن الرجل يهب الهبة ايرجع فيها ان شاء ام لا ؟ فقال ( عليه السلام ) : تجوز

الهبة لذوي القرابة ، والذي يثاب عن هبته ويرجع في غير ذلك ان شاء ( 3 ) .

ومرسل ابان كالصحيح عنه ( عليه السلام ) قال : سألته هل لاحدان يرجع في

صدقة أوهبة ؟ قال ( عليه السلام ) : قال اما ما تصدق به لله فلا ، واما الهبة والنحلة فانه

يرجع فيها حازها او لم يحزها ، وان كان لذي قرابة ( 4 ) .

وصحيح زرارة عنه ( عليه السلام ) في حديث - ولا ينبغي لمن اعطى لله شيئا ان

يرجع فيه ، ومالم يعط لله وفي الله فانه يرجع فيه نحلة كانت او هبة ، حيزت ام لم تحز ،

ولا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته ولا المرأة فيما تهب لزوجها حيز او لم يحز ( 5 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب كتاب الهبات حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 6 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 6 من ابواب كتاب الهبات حديث 3 .

( 5 ) اورد صدره في الوسائل باب 3 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 وذيله في 1 / 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وموثق عبيد بن زرارة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) - في حديث - ولمن

وهب او نحل ان يرجع في هبته حيز او لم يحز ( 1 ) . الى غير تلكم من النصوص .

الثانية : ماتدل على عدم جواز الرجوع في الهبة ، كخبر ابراهيم بن عبد الحميد

عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : انت بالخيار في الهبة مادامت في يدك ، فاذا خرجت الى

صاحبها فليس لك ان ترجع فيها ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من رجع في هبته

فهو كالراجع في قيئه ( 2 ) .

خبر ابي بصير عن الرجل يشتري المبيع فيوهب له الشئ فكان الذي

اشترى لؤلؤا فوهب له لؤلؤا فرأى المشتري في اللؤلؤان يردايرد ماوهب له قال ( عليه

السلام ) : الهبة ليس فيها رجعة وقد قبضها ، انما سبيله على البيع ، فان رد المبتاع المبيع

لم يرد معه الهبة ( 3 ) .

وخبر محمد بن عيسى : كتبت الى علي بن محمد ( عليه السلام ) : رجل جعل

لك - جعلني الله فداك - شيئا من ماله ثم احتاج اليه اياخذه لنفسه ام يبعث به اليك ؟

قال ( عليه السلام ) : هو بالخيار في ذلك مالم يخرجه عن يده ، ولو وصل الينا لرأينا ان

نواسيه وقد احتاج اليه ( 4 ) .

وخبر جراج المدائني عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : قال رسول الله صلى الله

عليه وآله : من رجع في هبته فهو كالرجع في قيئه ( 5 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 10 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 10 من ابواب كتاب الهبات حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 19 من ابواب الخيار من كتاب البيع حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 4 من ابواب كتاب حديث 8 .

( 5 ) الوسائل باب 10 من ابواب كتاب الهبات حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولكن الطائفة الثانية اكثر ها ضعيفة السند ، واعم مطلق من الاخبار الاولى

لشمولها للهبة المعوض عنها ، وما قصد بها القربة وهبة ذى الرحم فيقيد اطلاقها بها ،

ومع الاغماض عن الجهتين الجمع العرفي بينهما انما هو بحمل الثانية على الكراهة . وان

ابيت عن ذلك فهي معرض عنها عند الاصحاب لعدم لزوم الهبة بقول مطلق اتفاقا ،

وعلى فرض التنزل فهي لا تصلح لمقاومة النصوص الاولة . فالاظهر أن الهبة من العقود

الجائزة الا ما خرج بالدليل .

فان قيل : انه لو كانت الهبة من العقود الجائزة لزم ان تنفسخ بالجنون والاغماء

والموت ومن المعلوم هنا خلافه .

قلنا : انه قد مر أنه لادليل على هذه الكبرى الكلية ، وانها غير تامة ، وعلى

فرض التسليم يقيد اطلاق الكبرى بما دل على عدم انفساخ الهبة بها .

 

لزوم الهبة لذي الرحم وهبة احد الزوجين للاخر

 

2.     لايجوز الرجوع في هبة الابوين للاولاد بعد القبض ، وكذا العكس .

ويشهد به صحيحا محمد ، والبصري وعبد الله بن سليمان المتقدمان ، ولا يعارضهما

مرسل ابان المتقدم لعدم صلاحيته للمقاومة معهما لكونهما مشهورين بين الاصحاب ،

والشهرة اول المرجحات ، ولا صحية سندهما . ويمكن ان يقال : ان قوله في المرسل : وان

كان . . . الخ انما يرجع الى قوله ( عليه السلام ) : أو لم يحزها ، فالمعنى انه ان لم يحزها

لافرق بين ذي الرحم وغيره ، فلا يعارض المرسل الصحيحين .

ومقتضى اطلاق الصحيحين عدم الفرق بين الولد وولد الولد ، وبين الذكور

والاناث ، وبين الاولاد الصغار والكبار ، وانه لايجوز الرجوع في شئ من تلكم الموارد ،

 

 

[ . . . ]

فما عن السيد المرتضى في الانتصار من جعل الهبة جائزة مطلقا مالم يعوض عنها ، شاذ

لا يعبأبه ، والغريب انه ره ادعى الاجماع عليه مع ظهور الاجماع على خلافه .

مختص بالصغار ، فيمكن ان يكون مراده على مانبه بين كبار الاولاد وصغارهم ، وان لزوم الهبة

مختص بالصغار ، فيمكن ان يكون مراده على مانبه عليه صاحب الجواهر صورة ماقبل

القبض ، حيث انه في الصغار لا حاجة الى القبض كما عرفت ، فلا يكون خلافا في

المسألة .

وكذا لا يجوز الرجوع في هبة سائر الارحام بعد القبض لاطلاق الصحيحين

المتقدمين ، وعن بعضهم : جوازه .

واستدل له : بمرسل ابان ، لكنه قد عرفت حاله ، وحمله على غير الابوين

والاولاد ، وحمل الصحيحين عليهم تبرعي لاشاهد له .

واما هبة كل من الزوجين للاخر ، فعن جماعة : عدم جواز الرجوع فيها

لصحيح زرارة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : انما الصدقة محدثة ، انما كان الناس على

عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ينحلون ويهبون ، ولا ينبغي لم اعطى لله شيئا ان

يرجع فيه ، قال وما لم يعط وفي الله فانه يرجع فيه ، نحلة كانت او هبة ، حيزت او لم

تحز ، ولا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته ولا المرأة فيما تهب لزوجها ، حيز او لم يحز ، لان

الله تعالى يقول ( ولا تاخذوا مما آتيتموهن شيئا ) وقال ( فان طبن لكم عن شئ

منه نفسا فكلوه هنيئا مريا ) وهذا يدخل في الصداق والهبة ( 1 ) .

هكذا في الفروع والتهذيب ، وفي الاستبصار زاد : ( ولا يحل لكم ان تأخذوا ) .

ولكن المشهور بين الاصحاب هو الجواز لصحيح محمد بن مسلم عن احدهما

.....................................................................

( 1 ) اورد صدره في الوسائل باب 3 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 وذيله في 1 / 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

( عليه السلام ) عن رجل كانت له جارية فآذته امراته فيها فقال : هي عليك صدقة ،

فقال ( عليه السلام ) : ان كان قال ذلك لله فليمضها ، وان لم يقل فله ان يرجع ان شاء

فيها ( 1 ) . ويتوجه على الاستدلال به انه من المحتمل ان يكون المراد به انه حيث يكون

المفروض فيه الصدقة فان قصد بها القربة فهي صحيحة ، والا فلا لاشتراطها بقصد

القربة ، ولا نظر له الى الهبة . ويؤيده لفظة على فانه لم يجعلها صدقة لامرأته بل

عليها ، فلا معارض لصحيح زرارة وان كان هو ايضا لا يخلو عن اشكال لدلالته على

لزومها حتى مع عدم القبض ، اللهم الا ان يقال : انه لا ايراد على الخبر من هذه الجهة

لامكان الالتزام بذلك في هبة الزوج خاصة ، او يقال ان عدم العمل ببعض الخبر

لايسقطه عن الحجية بالنسبة الى باقي مدلوله ، وعلى هذا فالمتعين هو البناء على لزوم

هبة احد الزوجين للاخر ، والاحتياط في هبة الزوج قبل القبض لايترك .

ثم الظاهر كما قيل عدم الفرق بين الدائم والمنقطع ، والمدخول بها وغيرها ، بل

والمطلقة الرجعية .

 

لزوم الهبة بالتلف

 

3.     المعروف بين الاصحاب : انه اذا تلف المال الموهوب فلا رجوع وان كان

المتهب اجنبيا ، بل عليه الاجماع في بعض الكلمات ، ويمكن ان يستدل لذلك بوجهين :

احدهما : ان المتيقن من دليل جواز الهبة في مقابل اصالة اللزوم هو جواز رد

العين والرجوع فيها كما في النصوص لاجواز عقد الهبة بمعنى التسلط على فسخ

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب كتاب الهبات حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

العقد .

توضيح ذلك : ان الجواز قد يتعلق بالعقد من كل وجه ، وقد يتعلق به من جهة

خاصة ، وهو فسخه باسترداد العين خاصة ، والمتيقن الثابت بالادلة في المقام هو الثاني ،

وبعد التلف لا يمكن استرداده فيصير العقد لازما .

وما عن المحقق الخراساني ره من ان متعلق الرد ملكية العين لانفسها والملكية

كما يصح انتزاعها من الموجود كذلك يصح انتزاعها من التالف ، فانها من

الاعتباريات ، وهي لا تتوقف على موضوع موجود ، وعليه فالموضوع وان كان هو رد

العين الا انه يمكن بعد التلف ، يظهر جوابه مما ذكرناه في تقريب هذا الوجه ، فان

المدعي ان الثابت بالادلة جواز فسخ العقد باخذ العين نفسها لاجوازه من كل وجه ،

وهذا لا يمكن مع تلف العين .

ويترتب على هذا الوجه انه لوتلف البعض لا يجوز الرجوع في البعض الاخر ،

فان المتيقن من الادلة صحيح جميل والحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا

كانت الهبة قائمة بعينها فله ان يرجع والا فليس له ( 1 ) ، اذ من المعلوم انه مع التلف

لايصدق قيامها بعينها . لان الظاهر منه بقاء الموهوب في ملكه ، ولو تلف لايصدق

ذلك ، كما انه لو تلف بعض الموهوب لا يصدق ايضا قيام العين بعينها وان كانت قائمة

ببعضها .

بقى الكلام في انه اذا حدث في العين عيب وخرجت عن خلقتها الاصلية

واوجب نقصا فيها هل يصدق قيام العين بعينها ام لا ؟ الظاهر الثاني كما يشهد به

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب الهبات حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

مرسل جميل الوارد في خيار العيب عن احدهما ( عليه السلام ) في الرجل يشتري

الثوب او المتاع فيجد فيه عيبا قال ( عليه السلام ) : ان كان الشئ قائما بعينه رده على

صاحبه واخذ الثمن ، وان كان الثوب قد قطع او خيط او صبغ يرجع بنقصان العيب ( 1 ) .

فانه يدل على ان المراد بقيام العين بعينها ما ينافيه مثل الصبغ والخياطة والقطع ،

فحدوث العيب ايضا ينافيه .

ويترتب على ماذكرناه في هذا الفرع اولا وآخرا : انه اذا مات المتهب بعد

القبض سقط جواز الرجوع ، لان القدر المتيقن الثابت بالادلة جواز الرجوع على

المتهب ، والمرجع في غيره اصالة اللزو . ، وايضا ان المال بموته ينتقل الى ورثته فلا يكون

قائما بعينه .

ولو مات الواهب بعد الاقباض فهل تلزم الهبة كما عن المصنف ره والشهيد

والفخر والمحقق الثاني وغيرهم ، ام لا ؟ الظاهر هو اللزوم لاصالته بعد كون المتيقن

من الدليل المخرج رجوع الواهب نفسه .

ودعوى ان حق الرجوع ينتقل الى ورثته لعموم مادل على ان ماتركه الميت

من مال او حق فلوارثه ، فيها : اولا : ان كون ذلك حقا قابلا للنقل ، والانتقال غير

معلوم ، فلعله من الاحكام ، والعموم المشار اليه لا يصلح لاثبات كونه كذلك ، فان ذلك

مفروض في موضوعه .

وثانيا : ان المنتقل الى الوارث انما هو الحق المتروك - اي ما يكون مطلقا وقابلا

للبقاء بعد الموت - وكون هذا الحق كذلك غير معلوم ، اذ لعله مختص بالواهب نفسه

وبموته ينتهى امده ولا يكون باقيا ، والا ستصحاب لامورد له في المقام .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب الخيار من كتاب البيع حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

 

التصرف من ملزمات الهبة

 

4.     اختلف الاصحاب من المتقدمين والمتاخرى في سقوط جواز الرجوع

بتصرف المتهب في العين الموهوبة للاجنبي مع عدم سائر المسقطات على اقوال :

1.     السقوط وعدم جواز الرجوع مطلقا ، اي تصرف كان حتى سكنى الدار

وركوب الدابة وتعليفها ولبس الثوب ونحو ذلك ، ذهب اليه الشيخان وابن البراج

وابن ادريس واكثر المتأخرين . كذا في المسالك .

2.     عدم سقوطه مطلقا وبقاء الجواز الثابت قبل التصرف ، نسب ذلك الى

الاسكافي والديلمي والحلبي وابن زهرة العلوي مدعيا عليه الاجماع ، واختاره المحقق

في الشرايع .

3.     التفصيل بلزومها مع خروج الموهوب عن ملكه او تغيير صورته كقصارة

الثوب ونجارة الخشب وعدمه بدون ذلك كالركوب والسكني واللبن ونحوها من

الاستعمالات ، كما عن ابن حمزة والشهيد في محكي الدروس وجماعة من المتاخرين .

وتنقيح القول في المقام بالبحث في موارد :

الاول : في ما اذا نقل المتهب المال الموهوب عن ملكه بعقد لازم ، ولازم ، والحق عدم

جواز الرجوع حينئذ لما عرفت من ان المتيقن من ادلة الجواز ما اذا بقيت العين

على صفة الملكية للمتهب ، وايضا لا يصدق قيام العين ، فلا رجوع له ، مع ان الناقل اذا

كان لازما امتنع الرد ، ومعه لا معنى لفسخ العقد الذي قد عرفت ان الثابت بالدليل

فسخ العقد برد العين .

ولو عادت العين اليه بفسخ فهل يعود جواز الرجوع لاستصحاب جوازه

 

 

[ . . . ]

الذي موضوعه ما يملكه المتهب وهو محفوظ قبل النقل وبعد الفسخ ، ام لا يجوز لان

الموضوع تبدل حين ما انتقل المال عنه فلا يجري الاستصحاب ؟ وجها : اظهر هما

الثاني .

الثاني : لو كان الناقل عقدا جائزا فالظاهر سقوط الجواز مامر ، فان المال

ليس قائما بعينه ، ولا يمكن استرداد العين للواهب ، فان معنى جواز العقد الثاني جواز

فسخه للمتهب لا للواهب ، فبالنسبة اليه العقد الجائز واللازم سيان .

الثالث : مالو تصرف المتهب في العين تصرفا مغيرا للصورة ، فالظاهر عدم جواز

الرجوع حينئذ ايضا لقوله ( عليه السلام ) في الصحيح : اذا كانت الهبة قائمة بعينها

فله ان يرجع فيها ، والا فليس له ، اذ من المعلوم عدم صدق قيام العين مع تغيير صورتها

كما يشير اليه مرسل جميل المتقدم الوارد في خيار العيب : ان كان الثوب قائما بعينه

رده على صاحبه واخذ الثمن ، وان كان الثوب قد قطع او خيط او صبغ رجع بنقصان

العيب ، فان التفصيل قاطع للشركة ، فيعلم منه مقابلة تغيير الصورة ، للقيام بعينه .

الرابع : ما لو تصرف في المال الموهوب تصرفا غير مغير للصورة ، فالظاهر بقاء

جواز الرجوع لاطلاق الادلة .

وقد استدل لعدم جواز الرجوع حينئذ : بان الاصل هو اللزوم في كل عقد

خرج عنه مالولم يتصرف فيه ، فمع التصرف يرجع الى الاصل الثابت بالادلة ، وبان

جملة من النصوص تدل على لزوم الهبة خرج عنها قبل التصرف خاصة ، وبالاجماع .

والى هذه الثلاثة يرجع ماذكره في المسالك من الوجوه العشرة للزوم بالتصرف

مطلقا ، قال : وهذه الادلة جمعتها من تضاعيف عبارات اصحاب هذا القول ، ولم يتفق

جمعها لاحد منهم هكذا .

ولكن يتوجه على الاول مامر من تعين الخروج عن هذا الاصل في باب الهبة ،

 

 

[ . . . ]

وان الاصل فيها الجواز الا ما خرج بالدليل ، وعلى الثاني ما تقدم من ان نصوص لزوم

الهبة ضعيفة سندا ، وقاصرة دلالة عليه ، وعن مقاومة نصوص الجواز ، وعلى الثالث ان

دعوى الاجماع مع مصير الاكثر الى الخلاف كما ترى . فالاظهر عدم كونه موجبا

لسقوط الجواز .

الخامس : ما اذا مزج الموهوبة ، فالظاهر سقوط جواز الرجوع ايضا ،

فان المزج ان كان موجبا للتلف الحقيقي وتبدل صورتها النوعية الى صورة نوعية

اخرى ، او كان موجبا للتلف عرفا كما لو صبغ شئ باللون الموهب ، فلما مر في صورة

تلف المال - وان لم يكن موجبا له - فان كان المزج موجبا للشركة كما لو مزج منامن

الدهن الموهوب بمن آخر ، فالوجه في السقوط تبدل الملكية الاستقلالية الى الاشاعية ،

فلا يمكن الرد خارجا ولا ملكا ، ولا تكون العين قائمة .

لا يقال : ان ذلك فيما لو مزجه بمال الغير لا فيما اذا مزجه بمال نفسه ، فانه يتوجه

عليه انه لو رجع الواهب وصار ملكا له انما يملك بالاشاعة لا استقلالا ، وان لم يكن

المزج موجبا للشركة ، فلان الرد الملكي وان كان ممكنا الا ان الخارجي منه غير ممكن ،

والمتيقن من دليل جواز الرجوع هو الرجوع برد العين ، مع ان العين قد تغير وصف

من اوصافها ، فلا تكون قائمة بعينها .

السادس : ما لو اجار المال ، او اعاره ، او اودعه ، وما شاكل . والضابط انه ان

صدق بقاء المال بعينه جاز الرد والا فلا ، ومع الشك يشك في جواز الرجوع ، فكما

لايصح التمسك بالدليل المخرج لايجوز التمسك بعموم مادل على الجواز لكونه تمسكا

بالعام في الشبهة المصداقية ، فالمتعين حينئذ البناء على اللزوم للشك في تاثير الرجوع ،

والاصل عدمه .

4.     قد ظهر مما قدمناه : انه ان عاب المال عند المتهب فلا رجوع ، وبه يظهر

 

 

] فان عاب فلا ارش وان زادت زيادة متصلة تبعت والا فللموهوب له [

 

ما في المتن قال : ( فان عاب فلا ارش و ) اما ( ان زادت زيادة متصلة ) كالسمن وما شاكل

فالظاهر جواز الرجوع لصدق بقاء المال بعينه ، فانه زاد ولم ينقص ، اللهم الا ان

يقال اذا كان قصارة الثوب او خياطته وصبغه موجبة لعدم بقاء المال بعينه فكيف

لايكون كذلك مع حصول الزيادة المتصلة كالسمن والحمل سيما اذا تحقق ذلك بفعل

المتهب ، ولا اقل من الشك في صدقه ، وعليه فالاظهر عدم جواز الرجوع .

وعلى القول بالجواز لاوجه لما ذكره المشهور من انه ان رجع الواهب ( تبعت )

الزيادة ، اذ بعد كون الرجوع فسخا لعقد الهبة من حينه لامن الاول ، وكون المال قبل

الرجوع للمتهب وتحقق الزيادة في ملكه ولذا قالوا ( والا ) اي وان لم تكن الزيادة

متصلة بل كانت منفصلة ( فللموهوب له ) لاوجه للقول برجوع الزيادة ، خصوصا

الحاصلة من فعله الى الواهب ، بل الاوجه هو الشركة ان لم يكن اجماع .

 

الهبة المعوضة لازمة

 

5.     لا اشكال ولا كلام في مشروعية الهبة المعوضة باقسامها الثلاثة المتقدمة ،

وهي : ان يهب المال ويشترط على المتهب شئ ، وان يهبه ويكون داعيه هبة المتهب ،

وان يهب المال ويشترط النتيجة ، اي كون المال الاخر ملكا له لاطلاق ادلة الهبة

والشرط .

ولا كلام ايضا في انه اذا عوض عن الهبة تصير لازمة ، ويشهد به صحيح عبد الله

ابن سنان عن مولانا الصادق ( عليه السلام ) : اذا عوض صاحب الهبة فليس له ان

يرجع ( 1 ) ونحوه غيره .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولافرق في العوض بين القليل والكثير ، ولابين كونه مشروطا في ضمن الهبة

وعدمه ، ومقتضى اطلاق النص ان لايعتبر رضا الواهب وان كان له في صورة عدم

الاشتراط عدم القبول لعدم كونه ملزما به ، ولكن لوقبله صارت الهبة معوضة لايجوز

الرجوع فيها ، ومع اطلاق الهبة بدون اشتراط التعويض لايجب التعويض على

المتهب .

فما عن الشيخ وابي الصلاح من وجوبه مطلقا كما عن الاول ، او في هبة الادنى

للاعلى كما عن الثاني ، لاوجه له نعم يجب مع الاشتراط لوجوب الوفاء بالشرط .

بل لايجوز له التصرف في المال قبل ان يفي بالشرط لخبر القاسم بن سليمان

عن مولانا الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يهب الجارية عن ان يثاب اله

ان يرجع فيها ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ان كان شرط عليه ، قلت : ارأيت ان وهبها

له وله يثبه ايطأ ها ام لا ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم اذا كان لم يشترط حين وهبها ( 1 ) . بناء

على عدم الفرق بين الجارية وغيرها .

وقد يقال : ان المراد به البناء على عدم الاثابة ، فلو كان بانيا عليها يجوز له

التصرف بمقتضى منطوق الخبر .

قال في المسالك : ولا فرق في العوض بين كونه من بعض الموهوب وغيره عملا

بالاطلاق ، ولانه بالقبض بعد العقد مملوك للمتهب فيصح بذله عوضا عن الجملة

انتهى .

واورد عليه : بانه كالتعويض ابالكل يعد ردا لا تعوضا .

وفيه : ان صدق الرد غير مناف لصدق التعويض ، فما افاده الشهيد متين .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب كتاب الهبات حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

 

الصدقة

 

لا اشكال ولا خلاف في مشروعية الصدقة والنصوص الدالة عليها متواترة ،

وفي الكتاب ايضا آيات تدل عليها ، قال الله تعالى ( وماتنفقوا من خير يوف

اليكم ) ( 1 ) .

وقال سبحانه ( والذين في اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ( 2 ) .

وقال النبي صلى الله عليه وآله : الصدقة تدفع ميتة السوء ( 3 ) .

وقال صلى الله عليه وآله : ان الله اله الاهو ليدفع بالصدقة الداء والدبيلة

والحرق والغرق والهدم والجنون ، وعد سبعين بابا من السوء ( 4 ) .

 وقال الامام ( عليه السلام ) : صنائع المعروف تدفع مصارع السوء ( 5 ) .

وقال الامام الصادق ( عليه السلام ) : المعروف شئ سوى الزكاة ، فتقربوا الى

الله تعالى بالبر وصلة الرحم ( 6 ) . الى غير تلكم من الايات والاخبار .

ويشترط في الصدقة بعد اهلية المتصدق للتصرف الايجاب والقبول لما مر في

الهبة ، ويكتفي فيهما بالفعل كمامر ، وتصح مع الفصل الطويل بين الايجاب والقبول .

ويعتبر فيها القبض ، ففي الصحيح وغيره الاتيين في الوقف في الرجل يتصدق

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 272 .

( 2 ) المعارج آية 25 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب الصدقة من كتاب الزكاة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 9 من ابواب الصدقة حديث 1 .

( 5 ) الوسائل باب 1 من ابواب فعل المعروف من كتاب الامر بالامر بالمعروف حديث 9 .

( 6 ) الوسائل باب 7 من ابواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه حديث 13 . ( * )

 

 

] مسائل الاولى لايجوز الرجوع في الصدقة بعد الاقباض وان كانت على

الاجنبي ولو قبضها من غير اذن المال قالوا لم تنتقل اليه

الثانية لابد في الصدقة من نية القربة [

 

على ولد له قد ادركوا فقال ( عليه السلام ) : اذا لم يقبضوا حتى يموت فهو ميراث ( 1 ) .

وتمام الكلام في هذا المقام في ضمن ( مسائل : الاولى : لايجوز الرجوع في

الصدقة بعد الاقباض وان كانت على الاجنبي ) على الاظهر الاشهر ، بل عليه عامة

من تاخر ، وعن الحلي : الاجماع عليه ، كذا في الرياض .

ويشهد به صحيح زرارة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : ان الصدقة محدثة ،

انما كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ينحلون ويهبون ، ولا ينبغي لمن

اعطى لله شيئا ان يرجع فيه ، قال : ومالم يعط لله وفي الله فانه يرجع فيه ، نحلة كانت

او هبة الحديث ( 2 ) .

والمعتبرة المستفيضة : انما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي

يقئ ثم يعود في قيئه ( 3 ) .

وعن الشيخ في المبسوط : جواز الرجوع ، قال : ان صدقة التطوع عندنا بمنزلة

الهبة في جميع الاحكام - الى ان قال - وكل من له الرجوع في الهبة له الرجوع في

الصدقة عليه ويرده مامر .

( ولو قبضها من غير اذن المالك قالوا لم تنتقل اليه ) وقد مر في الهبة ما يظهر

منه اظهرية الانتقال .

( الثانية : لابد في الصدة من نية القربة ) بلاخلاف ، بل الفرق بينها وبين

الهبة انما يكون بذلك .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب كتاب الوقوف والصدقات .

( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب كتاب الهبات حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب كتاب الوقوف والصدقات . ( * )

 

 

] الثالثة يجوز الصدقة على الذمي وان كان اجنبيا

الرابعة صدقة السر افضل [

 

ويشهد به - مضافا الى الاجماع عليه - المعتبرة المستفيضة الدالة على انه

لاصدقة الا مااريد به وجه الله سبحانه ( 1 ) . نحوها كثير من النصوص الاتية .

( الثالية : يجوز الصدقة على الذمي وان كان اجنبيا ) كما صرح به جماعة عن

الاصحاب ، وعن ابن ابي عقيل : المنع من الصدقة على غير المؤمن ، وظاهر بعض

الاصحاب : ان الخلاف في الصدقة على الذمي كالخلاف في الوقف عليه ، ويسأتي الكلام

في الوقف عليه .

تشهد للاول - مضافا الى اطلاق الادلة وقوله تعالى ( لاينهاكم الله عن الذين

لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديار كم ان تبروهم ) ( 2 ) جملة من النصوص ،

لاحظ خبر عمر وبن ابي نصر : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : ان اهل البوادي

يقتحمون علينا وفيهم اليهود والنصارى والمجوس فنتصدق عليهم ؟ قال ( عليه

السلام ) : نعم ( 3 ) .

ومرسل الصدوق عنه ( عليه السلام ) عن السائل ولايدرى ماهو فقال ( عليه

السلام ) : اعط من وقعت له الرحمة في قلبك ( 4 ) . ونحوهما غيرهما .

( الرابعة : صدقة السر افضل ) قال الله تعالى ( وان تخفوها وتؤتوها الفقراء

فهو خيرلكم ) ( 5 ) .

وقال الامام الصادق ( عليه السلام ) في خبر عمار : الصدقة والله في السر افضل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 13 من ابواب الوقوف والصدقات .

( 2 ) الممتحنة الاية 8 .

( 3 ) الوسائل باب 21 من ابواب الصدقة حديث 7 .

( 4 ) الوسائل باب 21 من ابواب الصدقة من كتاب الزكاة حديث 4 .

( 5 ) البقرة الاية 271 . ( * )

 

 

] الا مع التهمة [

 

من الصدقة في العلانية ( 1 ) .

( الا مع التهمة ) في ترك المواساة فيظهر ها دفعا للتهمة .

والحمد لله اولا وآخرا .

.....................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 13 من ابواب الصدقة من كتاب الزكاة حديث 3