] الفصل الثالث في الوصايا [

 

الفصل الثالث في الوصايا

 

وهي جمع وصية ، ففي التذكرة : هي مشتقة من قولهم : وصى اليه بكذا ، يصيه

صية اذا وصل به ، وارض واصية اي متصلة النبات ، فسمي هذا التصرف وصية لما فيه

من وصلة القربة الواقعة بعد الموت بالقربات المنجزة في الحياة ، فكأنه وصل تصرفه

في حياته بتصرفه بعد مماته . ونحوه عن جامع المقاصد .

وعن المبسوط : الوصية مشتقة من وصى يصي ، وظاهر هم كونها مشتقة من

الثلاثي بمعنى الوصل .

وفي الرياض : هي من وصى يصي او اوصى يوصي او وصى يوصي ، واصلها

الوصل سميت به لما فيها من وصلة التصرف في حال الحياة به بعد الوفاة . ونحوه عن

الروضة ، وقريب منهما ما في العروة .

وظاهر هؤلاء الترديد في ان الوصية ماخوذة من الثلاثي او الرباعي ، وفي

الجواهر : الوصايا جمع وصية من اوصى يوصي او وصى يوصي ، قال في الصحاح :

اوصيت له بشئ او اصيت اليه اذا جعلته وصيك ، والاسم الوصاية بالكسر والفتح ،

واوصيته ووصيته ايضا توصية بمعنى - الى ان قال - وصيت الشئ بكذا اذا وصلته به ،

وذكر غير واحد من الاصحاب : ان الوصية منقولة من وصى يصي بالمعنى الاخير -

الى ان قال - والاولى نقلها من الوصية بمعنى العهد .

اقول : الظاهر تمامية ما في الجواهر كما صرح به جمع من اهل اللغة في كتبهم

كالصحاح والقاموس والمنجد ، ومحصله : ان الوصية انما هي اسم مصدر للايصاء او

 

 

[ . . . ]

التوصية لامصدر للثلاثي ولا اسم مصدر له ، وانها بمعنى العهد لاغير كما ترشد الى

ذلك الايات القرآنية ، وهي قوله تعالى ( وصية لازواجهم ) ( 1 ) وقوله تعالى ( من بعد

وصية يوصى بها او دين ) و ( من بعد وصية يوصين بها اودين ) و ( من بعد

وصية توصون بها او دين ) ( 2 ) وغير تلكم من الايات .

بل الرباعي الماخوذ منه الوصية ايضا استعمل في ضمن سائر مشتقاته في

الكتاب بمعنى العهد ، لاحظ الايات ( اذ وصاكم الله بهذا ) ( 3 ) ( ذلكم وصاكم به

لعلكم تذكرون ) ( ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) ( 4 ) ( ولقد وصينا الذين

او توا الكتاب ) ( 5 ) ( ووصينا الانسان بوالديه حسنا ) ( 6 ) الى غير تلكم من الايات

الكريمة .

وحيث لايكون للشارع اصطلاح خاص في الوصية وانما اطلقت على التصرف

الخاص وهو العهد في حال الحياة بما بعد الوفاة ، لكونه من مصاديق معناها العام ،

فالصحيح ان يقال : انها في عرف المتشرعة والفقهاء عبارة عن العهد بشئ من تمليك

عين او منفعة او تسليط على التصرف في حال الحياة بما بعد الوفاة ، وانما اضفنا اليه

او تسليط على التصرف فرارا عما اورد على تعريف الشرائع المنسوب الى اكثر

الاصحاب بانها تمليك عين او منفعة بعد الوفاة ، بانه يلزم خروج الوصية بالولاية على

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 240 .

( 2 ) النساء آية 12 .

( 3 ) الانعام آية 144 .

( 4 ) الانعام آية 151 - 152 .

( 5 ) النساء آية 131 .

( 6 ) العنكبوت آية 8 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الثلث ، وبالولاية على الاطفال والمجانين ، مع انها من الوصية .

وعليه فالمتعين ما في التذكرة من اضافة قيد التبرعية لاخراج الوصية بالبيع

والتمليك المعاوضي .

ثم ان الوصية اما تمليكية او عهدية . وبعبارة اخرى : قد تكون تمليك عين او

منفعة ، وقد تكون تسليط على حق او فك ملك ، وقد تكون عهدا متعلقا بالغير ، وقد

تكون عهدا متعلقا بنفسه كالوصية بما بتعلق بتجهيزه .

والاصل في شرعيتها بعد اجماع المسلمين عليها كافة الايات المتكاثرة ، قال

الله تعالى ( كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين

والاقربين ) ( 1 ) .

والنصوص المتواترة ، يأتي الى جملة منها الاشارة ، مضافا الى النصوص

المستفيضة الواردة في فضلها والامرة بها كصحيح محمد بن مسلم عن الامام الباقر

( عليه السلام ) : الوصية حق وقد اوصى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فيبنغى للمسلم

ان يوصي ( 2 ) .

وخبر الكتاني عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الوصية قال ( عليه

السلام ) : هي حق على كل مسلم ( 3 ) .

وخبر سليمان بن جعفر عنه ( عليه السلام ) : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروته وعقله ( 4 ) .

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 180 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 3 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

] وهي واجبة ولابد فيها من ايجاب وقبول [

 

والنبوي الخاصي : ما ينبغي لامرأ مسلم ان يبيت ليلته الا ووصيته تحت

رأسه ( 1 ) .

والنبوي : من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية ( 2 ) . الى غير تلكم من

النصوص .

( و ) لهذا قال المنصف ره ( هي واجبة ) ، ولكنها حملت على تاكد الفضيلة ، بل

الظاهر عدم استفادة ازيد منها من مجموع النصوص بعد ضم بعضها الى بعض ، أو

على الوصية بالامور الواجبة كالخمس والزكاة المفروضة ، وسيأتي الكلام فيه .

 

حكم القبول في الوصية

 

والكلام في هذا الفصل يقع في مطالب :

الاول : في عقد الوصية وما يلحق به ، ( و ) فيه مسائل :

الاولى : ( لابد فيها من ايجاب ) اجماعا ( وقبول ) بلاخلاف في الجملة ، بل عليه

الاجماع عن الغنية . اما الاعتبار الايجاب فلما مر مرارا من ان بناء الشارع الاقدس

على عدم الاعتناء بالالتزامات والبنائات النفسانية مالم تبرز ، واما عتبار القبول ففيه

وجوه وبعضها اقوال :

1.    عدم اعتباره مطلقا ، بل يكون الرد مانعا ، اختاره بعض متاخري

المتاخرين .

.....................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب كتاب الوصايا حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب كتاب الوصايا حديث 8 . ( * )

 

 

[ . . . ]

2.    عدم اعتباره في الوصية العهدية ، واعتباره في التملكية .

3.    اعتباره فيها مطلقا ، وهو المشهور .

ثم ان القائلين باعتباره فيها اختلفوا في انه جزء السبب ، او شرط تاثيره ، على

وجه النقل او الكشف ، اوانه لادخل له في انتقال الملك بل ينتقل الملك بمجرد الموت ،

لكنه متزلزل ، فاذا حصل القبول استقر نسب الاول الى المختلف والشرائع وجماعة ،

ونسب في المسالك الثاني الى الاكثر ، والثالث محكى عن المبسوط .

ثم ان الظاهر من استدلالاتهم ارادتهم من الجزئية او الشرطية الجزئية أو

الشرطية للوصية ، وعليه ففي المقام قول آخر اختاره بعض محشى العروة ، وهو : عدم

اعتباره في تحقق الوصية ، بل هي من الايقاعات ولكنه جزء السبب للملكية .

والحق عدم اعتبار القبول مطلقا ، وذلك لوجوه :

الاول : صدق الوصية على انشاء الموصى فمقتضى اطلاق ادلة نفوذ الوصية

نفوذها وصحتها وترتب الاثر عليها ولو لم يقبل .

ودعوى انها مسوقة لبيان حكم الوصية بعد احرازما يعتبر فيها من شرائط

الموصى والموصى له والموصى به يردها ان آية ( 1 ) المشروعية مطلقة ، سيما بواسطة ما في

التبديل ونفوذ الوصية ، اذ الاستثناء دليل العموم .

الثاني : انه لاخلاف بينهم في صحة القبول بعد الموت - اي موت الموصى - ولو

كان القبول دخيلا فيها ولم تكن الوصية من الايقاعات لما صح ذلك ، فانه لايعقل

صدق القعد على ربط التزام بالتزام معدوم بموت صاحبه .

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 180 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الثالث : النصوص الاتية الدالة على ووجوب العمل بالوصية على الموصى اليه

اذا لم يرد أو اذا رد ، ولكن يبلغ الموصى الرد ، فان ذلك ينافي اعتبار القبول .

وقد استدل على اعتبار القبول فيها مطلقا ، او في خصوص التمليكية منها جزءا

أوشرطا ، أو في تحقق الملكية بوجوه :

الاول : ما هو المشهور بينهم ، بل عن غير واحد : دعوى الاجماع عليه ، من

كون الوصية التمليكية من العقود واعتباره في العقد من الواضحات ، ولازم ذلك كونه

جزءا

وفيه : ان ذلك ينافي ما لا خلاف فيه بينهم من انه يصح القبول بعد الموت ، بل

في صحة القبول قبل الموت قولان ، ومن المعلوم ان الموت قبل القبول مانع عن تحقق

العقد الذي حقيقته ربط احد الالتزامين بالاخر ، وايضا ينافيه ماذكروه من اعتبار

التوالي بين الايجاب والقبول مستند الى عدم صدق العقد مع الفصل الطويل .

الثاني : ان نفوذ الوصية التملكية خصوصا للاشخاص ينافي قاعدة السلطنة

على النفس وقرب بعضهم هذا الوجه بان ادلة الوصية غايتها الادلالة على نفوذ عهد

الانسان عند موته فيما كان قبله تحت سلطنه ، وان سلطنته عليه باقية اذا عهد فيه

بامر ، واما كونه سلطانا عند موته على مالم يكن سلطانا عليه قبل ذلك كما هو قضية

الملك القهري فلا تدل عليه .

وفيه : ان ادلة نفوذ الوصية ليست مفادها ماذكر ، بل مفادها نفوذ الوصية بقول

مطلق واما قاعدة السلطنة فيدفعها اولا : انه مع وجود الدليل لامانع من الالتزام به ،

وكم له نظير ، فان حصول الملك القهري كثير ، اليس الانسان يملك في ذمة من اتلف

ماله عوض ماله ، وكذا من جنى عليه بما يوجب الدية ، اليس الارث من الملك

القهري ، وكذا الوقف ، وهكذا فلامانع من كون المقام كذلك .

 

 

[ . . . ]

وقد التزم الاصحاب في الوصي بانه لو مات الموصي قبل الرد ليس له ان يرد ،

واجابوا عن محذور اثبات الحق على الوصي قهرا : بانه لامحذور فيه مع دلالة الدليل

عليه ، فليكن المقام كذلك .

وثانيا : ان الجمع بين قاعدة السلطنة وادلة نفوذ الوصية على فرض عدم تمامية

ما ذكرناه انما يكون بجعل الرد مانعا ، ولا يوجب كون القبول جزءا أو شرطا .

ويما ذكرناه يظهر اندفاع ماقيل من ان ذلك عديم النظير .

الثالث : ما يظهر من الشيخ الاعظم ره ، وهو اصالة عدم انتقال عدم انتقال المال مع عدم

القبول .

ويرده : انه لامجال لرجوع الى الاصل مع الدليل ، وقد مر وجوده .

فتحصل : ان الاظهر كون الوصية من الايقاعات مطلقا ، وان القول ، بدخل

القبول فيها ضعيف ، والاجماع المدعى عليه في الجملة بعد معلومية مدرك المجمعين كما

ترى ، واضعيف ، من ذلك القول بكونها من الايقاعات ، ومع ذلك يعتبر القبول في تحقق

الملكية لقاعدة السلطنة ، اولا ادلة نفوذ الوصية انما تدل على نفوذها على نحو ما كان

له في حال الحياة ، اذ لانتعقل نفوذ الوصية وصحتها ، ومع ذلك لايترتب عليها اثرها

وهو الملكية ولو اقتضى ما ذكر في وجهه شيئا لاقتضى عدم صحتها بدون القبول ،

ولو لا الاجماع وتسالم الكل لقلنا بعدم مانعية الرد عنها .

ولكن قال المحدث البحراني : ظاهر هم الاتفاق عليها ، وتكرر في كلمات الشيخ

الاعظم دعوى الاجماع عليها ، وفي الجواهر : الاجماع بقسميه عليها وكفى بذلك حجة

لها . ولا يخفى ان ذلك بالنسبة الى الموصى له ، واما الموصى اليه - اي الوصي - فسيأتي

الكلام فيه .

ثم ان المتقين من دليل الرد المانع مانعية الرد بعد الموت قبل القبول ، ففي

 

 

[ . . . ]

غير ذلك يبني على عدم المانعية .

توضيح ذلك : انه تارة : يكون الرد بعد الموت وقبل القبول ، واخرى : يكون

بعد الموت والقبول والقبض ، وثالثة : يكون بعد الموت وبعد القبول لكن قبل القبض ،

ورابعة : يكون في حال الحياة .

اما الصورة الاولى : فالظاهر من كلماتهم كون مانعية الرد فيها من المسلمات .

واما في الثانية : فالظاهر عدم الخلاف في عدم مانعيته .

واما في الثالثة : فعن الشيخ وابن سعيد : مانعيته وان الرد قبل القبض يؤثر في

البطلان ، واستدلاله : باشتراط القبض في صحتها ، لاشتراكها مع الوقف والهبة في العلة

المقتضية وهي العطية المتبرع بها مع اولوية الحكم في الوصية من حيث انها معلقة فيها

بخلاف العطية في الهبة والوقف فانها فيهما منجزة .

وفيه : ان الاظهر عدم اشتراط القبض فيها كماهو المشهور ، وما ذكر في وجه

اعتباره استحسان محض لايستند اليه في الحكم الشرعي .

الجواهر فكيف لايؤثر الرد في بطلانها ؟

قلنا : اولا : ينتقض بالرد بعد القبول .

وثانيا : ان جوازها بعد تماميتها - عقدا كانت او ايقاعات - خلاف اطلاق الادلة

لاوجه للالتزام به ، فالاظهر عدم تاثير الرد في هذه الصورة ايضا .

واما في الرابعة - اي مالو كان الرد في حال حياة الموصى - : فالظاهر عدم

بطلانها اذا كان الموصي باقيا على ايجابه منتظرا لان يبدوله فيقبله .

ودعوى الاجماع على بطلان الايجاب في جميع الموارد بالرد ولذا قالوا في سائر

العقود انه لورد بعد الايجاب ليس له القبول بعده ، ولو رد الفضولي ليس له

 

 

[ . . . ]

ان يجيزه وهكذا ، مندفعة بان الاجماع المشار اليه على فرض وجوده ليس تعبديا ، وانما

يكون مدرك المجمعين عدم صدق العقد على الايجاب والقبول المتخلل بينهما الرد ، وان

الرد يوجب حل الالتزام الايجابي ويجعله كان لم يكن او غير ذلك من الوجوه الفاسدة

كما حقق في محله ، وعليه فلامانع من البناء على الصحة لو قبل بعد الرد .

هذا كله في الرد ، واما القبول على القول باعتباره ، فان كان بعد الموت صح

اجماعا ، وان قبل قبل وفاته فعن جماعة منهم المصنف ره في محكي القواعد : عدم صحته ،

واختاره المحقق الثاني ره ، وعلله : بان الوصية تمليك بعد الوفاة ، فالقبول قبله كالقبول

قبل الوصية ، وان القبول اما كاشف او جزء السبب ، وعلى كل تقدير يمتنع اعتباره

قبل الموت ، اذا الكاشف عن لابد وان يتاخر عنه ويمتنع الملك قبل وفاة

الموصى ، وان جعل جزء السبب لزم منه حصول الملك من حينه ، وهو هنا ممتنع .

ولكن يتوجه على الاول : ان القبول بعد الايجاب ليس كالقبول قبله ، وايضا

ان القبول ليس الا الرضا بالايجاب ، فاذا صح الايجاب كيف يعقل عدم صحة

القبول .

ويتوجه على الثاني : انه يلتزم بكونه جزء السبب ، ولكنه لايستلزم حصول الملك

من حينه لعدم كونه تمام السبب . فالاظهر ان له القبول في حال حياته .

ومما ذكرناه في الرد ظهر صحة القبول بعد الرد ، كان الرد في حال حياة الموصى

او بعد وفاته ، الا ان يكون في حال الحياة والموصى يرفع اليد عن وصيته .

 

 

] ويكفي الاشارة والكتابة مع الارادة والتعذر لفظا [

 

الوصية بالفعل والكتابة

 

( و ) الثانية : الاظهر انه يكفي في تحقق الوصية كل مادل عليها من الالفاظ

لاطلاق الادلة ، بل ( يكفي ) كل فعل دال عليا ، حتى ( الاشارة والكتابة مع قرينة

الارادة ) ولو في حال الاخيتار .

اما الانشاء بالفعل غير الكتابة فلما مر في ابواب العقود المتقدمة من ان

جريان المعاطاة - والمراد بها الانشاء بالفعل - مما تقتضيه القاعدة ، اي اطلاق ادلة

المعاملات بالمعنى الاعم .

فان قيل : ان الوصية اتفقوا على انها من القعود والعقد لايتحقق بالفعل .

قلنا : ان الوصية اتفقوا على انها من العقود والعقد لايتحقق بالفعل .

قلنا : انها ليست من العقود كمامر ، مع ان العقد ليس من مقولة اللفظ ، بل هو

من مقولة المعنى ، وحقيقته ربط احد الالتزامين بالاخر ، واللفظ كالفعل مبرز له لا انه

مصداق له .

واما الانشاء بالاشارة فالامر فيه اوضح من الانشاء بسائر الافعال ، ولاينبغي

التوقف في صحة انشاء الوصية بها لما نرى بالوجدان ان العقلاء في مقام تفيهم

مراداتهم من الامر والنهي وغيرهما يبرزونها بالاشارة ، وليس الانشاء الا ابراز الامر

النفساني بداعى تنفيذ العقلاء والشارع ذلك الامر ، وليست هي كالاعطاء ذا وجوه

كي يقال انها قاصرة عن افادة المطلوب ، وعليه فمقتضى العمومات قيامها مقام اللفظ

وصحة الوصية بالاشارة حتى على القول بعدم صحة الانشاء بالفعل .

( و ) لافرق في ذلك بين ( التعذر لفظا ) والتمكن منه ، فما في المتن وعن غيره

من التقييد بالتعذر ، بل وبعدم القدرة على التوكيل ، ولاوجه له ، وما عن جامع المقاصد

 

 

[ . . . ]

من انه مع امكان النطق لاتكفي الاشارة لانتفاء دليل الصحة كما ترى ، فانه يتم لو

كان دليل الاكتفاء بها الاجماع ، واما حيث عرفت انه العمومات والاطلاقات فلايتم .

واما الكتابة اذا علم كونها بعنوان الوصية ، فتدل على الاكتفاء بها العمومات

على مامر ، ودعوى ان الكتابة ليست مصداقا في العرف والعادة لعنوان عقد او ايقاع ،

فليست آلة لايجاد عنوان بها كما عن المحقق النائيني ره مندفعة بان عناوين العقود

والايقاعات اسام للامور الاعتبارية النفسانية واللفظ ، وكذا ما يقوم مقامه مبرز

لذلك ، وعليه فكما يصح الاخبار بالكتابة كذلك يصح الانشاء بها لعدم الفرق بينهما

من هذه الجهة كما حقق في محله ، ولافرق في ذلك بين العاجز عن التكلم كالاخرس

وغيره .

وفي المقام خبر استدل به تارة : للقول بالصحة ، واخرى : للقول بالبطلان ،

وثالثة : للتفصيل بين ما اذا عمل الورثة ببعض المكتوب فيلزمون بالعمل به ، وبين ما

اذا لم يعملوا ببعضه فلايلزمون به ، نسب الى الشيخ في النهاية ، ورابعة للتفصيل بين

الولد وغيره من الورثة . وهو خبر ابراهيم بن محمد الهمداني قال : كتبت الى ابي الحسن

( عليه السلام ) : رجل كتب كتابا بخطه ولم يقل لورثته هذه وصيتي ، ولم يقل اني قد

اوصيت الا انه كتب كتابا فيه مااراد ان يوصي به ، هل يجب على ورثته القيام بمافي

الكتاب بخطه ولم يامرهم بذلك ، فكتب ( عليه السلام ) : ان كان له ولد ينفذون كل

شئ يجدون في كتاب ابيهم في وجه البر وغيره ( 1 ) .

وعن التذكرة روايته هكذا : ان كان له ولد ينفذون شيئا منه وجب عليهم ان

ينفذوا كل شئ .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 48 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 . ( * )

 

 

] ولا يجب العمل بما يجود بخطه [

 

واستدل به للصحة : بانه يدل على الصحة بالنسبة الى الولد ، فبعدم القول

بالفصل تثبت في غيره .

وللبطلان : بانه يدل على ان التنفيذ كذلك من خواص الولد نظير قضاء

الصلاة والصوم ، فتدل على عدم حجية الكتابة المجردة عن القول ، فتقيد به

العمومات .

وللتفصيل الاول : بظهور النقل الثاني فيه .

وللثاني منه : بان منطوقه يدل على صحة الوصية بها للولد ، ومفهومه يدل على

عدم الصحة بالنسبة الى غيره من الورثة .

وربما يناقش فيه من حيث السند ، وفيه : ان الظاهر اعتبار سنده فان

الصدوق يرويه عن احمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن ابراهيم ، عن ابيه ،

عن ابراهيم بن محمد الهمداني واحمد بن زياد ثقة ، وعلي بن ابراهيم من الاجلاء ، وابوه

مقبول الحديث ، بل من الثقات ، وكذا ابراهيم .

واما دلالته : فالذي يظهر لي منه انه يدل على ان الكتابة المجردة ، من دون ان

تكون هناك قرينة تشهد يكونها بعنوان الوصية ، وداعى انشائها لاتكون حجة على

الوصية ، اذ من الجائز انه انما كتب ذلك لينظر فيه ثم يوصي بعد ذلك ، وهذا لاربط له

بما هو محل الكلام ، بل هو الذي قاله المصنف ره بقوله : ( ولا يجب العمل بما يوجد

بخطه ) .

نعم اذا عمل الولد ببعض الوصية كان ذلك اعترافا منه بالعلم بانه اوصى

بذلك ، فيؤخذ باعترافه ، وعليه فيمكن القول بدلالته على صحة الانشاء بها ، اذ لو لم

تصح لما كان وجه لاخذ الولد باعترافه ، ولايحتمل الاختصاص بالولد . فتدبر حتى

لاتبادر بالاشكال .

 

 

[ . . . ]

 

اذا اوصى بامرين وقبل الموصى له احدهما

 

الثالثة : المعروف بين الاصحاب : انه لو اوصى له بشيئين بايجاب واحد فقبل

الموصى له احدهما ورد الاخر صح فيما قبل وبطل فيما رد ، وكذا لو اوصى له بشئ

فقيل بعضه مشاعا او مفروزا ورد بعضه الاخر .

واستدل له جماعة منهم الشيخ الاعظم ره : بانحلال العقد على الجملة الى عقود

متعددة كانحلال العقد المشروط الى ذلك ، ولذك صح تبعض الصفقة كما صح العقد

مع فوات وصف الصحة وغيره من الشروط في ضمن العقد .

واورد عليه : بانه يعتبر المطابقة بين الايجاب والقبول ، وهي مفقودة في المقام .

واجاب عنه صاحب الجواهر ره تارة : بان الوصية ليست من العقود المعتبر فيها

المطابقة لتحقق اسم العقد الذي هو الايجاب وقبول ذلك بالايجاب بها ، واخرى : بانه

في الوصية لم يصدر من الموجب غير تعلق قصد الايضاء بكل منهما من غير مدخلية

لاجتماعهما وانفرادهما . ولعله الى هذا يرجع ما افاده المحقق الثاني ره من ان الوصية

لما كانت تبرعا محضا لم ترتبط اجزائها بعضها ببعض ، فكما يصح قبولها جميعا يصح

قبول بعضها .

اقول : اما على المختار من ان الوصية من الايقاعات فالامر ظاهر ، فان

الوصية قد تمت بالايجاب ، غاية الامر او للموصى له رد الوصية فكما ان له رد الكل

له رد البعض ، وكذلك على القول بان القبول من قبيل الشرط لاجزء للعقد .

ودعوى انه لا اطلاق يشمل الوصية بالبعض ، لان كل جزء وان كان موضوعا

للوصية لكنه في حال الاجتماع ولا يشمل حال الانفراد فلا موضوع لدليل الصحة

 

 

] وانما تصح في السائغ [

 

والنفوذ ، فيها : اولا : النقص بما اذا اوصى بما يزيد على الثالث فلم يقبل الورثة ، فانه

لا اشكال في صحة الوصية بالنسبة الى الثلث ، فيستكشف من ذلك شمول دليل

الوصية للوصية بالبعض .

وثانيا : بالحل بان الوصية بشيئين وصية بكل منهما لا ان الوصية توزع عليهما ،

فلكل منهما نصف الوصية ، فان الوصية من قبيل الوجود ، فكما انه لو اوجد شيئين في

الخارج او الذهن يصح ان يقال انه اوجد كلامنهما كذلك في الوجودات الاعتبارية ،

فكل من الشيئين تعلق به الوصية فتشملها اطلاقات ادلة الصحة .

واما على القول بان القبول جزء للعقد فبعد انحلال العقد الى عقدين يكون

قبول احدهما مطابقا لايجابه ، ولم يدل دليل على اعتبار المطابقة بين القبول ومجموع

ما انشأ بايجاب واحد ، ولذلك بنينا على صحة البيع مع تبعض الصفقة ، ولا فرق في

جميع ماذكرناه بين ما لو علم من حال الموصى ارادته تمليك المجموع من حيث

المجموع ، وبين لا ما في نفس المنشأ ، فما لم يشترط في الانشاء جاز فيه التبعض وان كان

غرضه الاجتماع .

الرابعة : ( وانما تصح ) الوصية ( في السائغ ) ولا تصح في المعصية كمساعدة

الظالم في ظلمه ، بلاخلاف اجده فيه ، وتشهد به الاية الكريمة ( فمن خاف من موص

جنفا او اثما ( 1 ).

وفي خبر محمد بن سوقة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) عن قول الله تعالى

( فمن بدله بعد ماسمعه ) . الاية فقال ( عليه السلام ) : نسختها التي بعدها ( فمن

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 181 . ( * )

 

 

] فلو اوصى المسلم ببناء كنيسة لم تصح وله الرجوع فيها [

 

خاف من موص جنفا او اثما ) قال : يعني الموصى اليه ان خاف جنفا من الموصى

فيما اوصى به اليه مما لايرضى الله عز ذكره من خلاف الحق ( فلا اثم

عليه ) اي على الموصى اليه ان يرده الى الحق والى ما يرضى الله عزوجل فيه من

سبيل الخير ( 1 ) .

وفي المرسل المضمر : ان الله تعالى اطلق للموصى اليه ان يغير الوصية اذا لم

تكن بالمعروف وكان فيها حيف ويردها الى المعروف لقوله عزوجل ( فمن خاف من

موص جنفا او اثما ) الاية ( 2 ) .

والمراد من البديل في الخبرين مالاينافي البطلان ، لاان المراد تبديل الوصية

بصرف المال في المحرم الى صرفه فيما هو حلال ، اذ تبديل الوصية بما زاد على الثلث

معناه البطلان فيما زاد عليه كماهو واضح .

ويمكن ان يستدل لبطلانها : بانصراف ادلة الوصية عنها ، فهي باقية تحت

اصالة المنع ، وبعدم امكان تنفيذها ، فهي كالوصية بغير المقدور ، اذ المتنع شرعا

كالمتنع عقلا ( فلو اوصى المسلم ببناء كنيسة لم تصح ) .

 

جواز رجوع الموصى في الوصية

 

الخامسة : ( وله ) اي للموصى ( الرجوع فيها ) اي في الوصية متى شاء في مرض

أو صحة بلاخلاف اجده فيه ، وبه صرح غير واحد .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 38 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 38 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وتشهد به نصوص كثيرة ، كموثق بريد العجلي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) :

لصاحب الوصية ان يرجع فيها ويحدث في وصيته مادام حيا ( 1 ) .

وصحيح ابن مسكان عنه ( عليه السلام ) : قضى امير المؤمنين ( عليه السلام )

ان المدبر من الثلث ، وان للرجل ان ينقض وصيته فيزيد فيها وينقص منها ما لم

يمت ( 2 ) .

وصحيح محمد بن مسلم عنه ( عليه السلام ) : للرجل ن ؟ يرجع في ثلثه ان كان

اوصى في صحة أو مرض ( 3 ) .

وخبر عبيد بن زراة عنه ( عليه السلام ) : للموصي ان يرجع في وصيته ان كان

في صحة أو مرض ( 4 ) . ونحوها غيرها .

ثم انه لا اشكال فيما لو رجع قولا او فعلا مع قصد الرجوع به ، وكذا لااشكال

فيما اذا كان الفعل موجبا لعدم امكان بقاء الوصية كما لو باع ما اوصى به او وهبه او

ماشاكل مما يوجب خروج المال عن ملكه ، فينتفي بذلك موضوع الوصية .

انما الاشكال فيما لو تصرف في الموصى به تصرفا اخرجه عن مسماه ، من دون

ان يقصد به الرجوع ، كما لو اوصى بطعام فطحنه ، او بدقيق فعجنه او خبزه ، فعن غير

واحد : تحقق الرجوع به نظرا الى ان الموصى به هو المسمى باسم خاص ، فمع التغيير

ينعدم موضوع الوصية ، وهو مقتض لبطلانها ، والى ان الوصية على ما يفهم منها تقتضي

عدم التصرف المنافي وبقاء العين على حالها كما يقال ذلك في النذر المعلق ، كما لو نذ

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب كتاب الوصايا حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 18 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 19 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 18 من ابواب كتاب الوصايا حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ان يعطي داره لزيد ان رزق ولدا ، فكأنه نذر ان يبقى الدار الى ان عطى زيدا .

وعليه فكما ان التصرف المنافي حينئذ كاشف عن رفع اليد عن الوصية ، كذلك

التصرف المغير للعين كاشف نوعي عن رفع اليد عن الوصية ، ولازم الوجه الاول

البطلان حتى مع العلم بعدم قصد الرجوع ، والثاني البطلان مع عدم احراز عدم قصد

الرجوع .

وبه يظهر ان ما افاده الشيهد الثاني - من عدم بطلان الوصية لو فعل المغير

للاسم لمصلحة العين كدفع الدود عن الحنطة - انما يتم لوكان منشأ البطلان الوجه

الثاني دون الاول ، فتفريعه ذلك على الوجوه الاول غير تام .

وعلى ما ذكرناه لو علق الموصى وصيته باسم الاشارة ونحوه مما لم يذكر فيه

الاسم ثم تصرف في الموصى به تصرفا مغيرا ، فحيث ان الوجه الاول لايجري هنا

وينحصر الوجه في الثاني ، فلو علم من قصده عدم الرجوع لاتبطل الوصية بذلك ،

والى هذا نظر المصنف ره في محكي التذكرة ، لاما توهمه المحقق والشهيد الثانيا من

انه يفصل بين الوصية بالمعين والوصية بالمطلق ، وانه تصح الوصية بالمعين وان تغير

الاسم بخلاف الوصية بالثاني ، فان الوصية تبطل بمجرد تغير ما عنده من افراده لو

كان ، فان هذا شئ لايمكن ان يتفوه به متفقه فضلا عمن هو في الصف الاول من

الفقهاء المحققين ، فانه في الوصية بالمطلق - اي الكلي - لاتبطل حتى مع التصرف

المتلف للافراد لعدم كون التصرف واردا على ماهو متعلق الوصية ، وهذا من الوضوح

بمكان .

ولو مات الموصي ، فهل لورثته الرجوع ما لم يقبل الموصى له ام لا ؟ الظاهر

انه ليس لهم ذلك ، اما على المختار من كون الوصية من الايقاعات فواضح ، واما على

القول باعتبار القبول فيها فلان رفع اليد عن الوصية انما يجوز للموصي ، ولم يدل

 

 

] ويشترط صحة تصرف الموصى [

 

دليل على جواز ذلك لورثته .

فان قيل : ان حق الرجوع من ماتركه الموصي فهو لوارثه .

قلنا : انه لم يثبت كون ذلك من الحقوق ، بل لعله من قبيل الحكم فلايورث ،

مع ان المتيقن الثابت هو رجوع الموصى ، فلا يكون ذلك مماترك الميت ، بل ينتفي

بالموت لانتفاء موضوعه . نعم يمكن البناء على جواز تصرفهم فيه ظاهرا مالم ينكشف

تعقب القبول نظرا الى استصحاب عدم القبول بناءا على جريانه في الامور

الاستقبالية ، ولايجوز ذلك على ما اخترناه ، لان استصحاب عدم الرد على المختار

يقتضي عدم جواز التصرف وكون المال للموصى له .

 

من شرائط الموصي البلوغ

 

المطلب الثاني : في شرائط الموصي .

وذكروا له شروطا ( و ) قد جمعها المصنف ره في قوله : ( يشترط صحة تصرف

الموصى ) .

وتفصيل ذلك انه يعتبر فيه امور :

الاول : البلوغ ، فلا تصح وصية غير البالغ بلا خلاف ، وعليه الاجماع في الجملة ،

ولعله من القطعيات كما صرح به بعضهم ، لمادل على رفع القلم عنه ، وعدم جواز امرة ،

وعدم صحة تصرفاته من الكتاب ( 1 ) والسنة ( 2 ) .

.....................................................................

( 1 ) النساء آية 6 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب مقدمة العبادات حديث 11 وباب 36 من ابواب القصاص في النفس

حديث 2 وباب 14 من ابواب عقد البيع وشروطه وباب 2 من ابواب الحجر . ( * )

 

 

[ . . . ]

انما الكلام في وصية البالغ عشرا ، فالمشهور انه تصح وصيته اذا كان عاقلا في

وجوه المعروف ، وعن الحلي والمصنف في المختلف والمحقق الثاني في جامع المقاصد

والشهيد الثاني في المسالك : عدم الصحة .

واستدلال للاول : بجملة من النصوص ، كصحيح زرارة عن ابي جعفر ( عليه

السلام ) : اذا اتى على الغلام عشر سنين فانه يجوزله في ماله ما اعتق او تصدق او

اوصى على حد معروف وحق فهو جائز ( 1 ) .

ومصحح البصري عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : اذا بلغ الغلام عشر سنين

جازت وصيته ( 2 ) .

وموثق منصور عنه ( عليه السلام ) عن وصية الغلام هل تجوز قال ( عليه

السلام ) : اذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته ( 3 ) . ومثله موثق البصري عنه ( 4 ) .

وموثق ابي بصير وابي ايوب عنه ( عليه السلام ) في الغلام ابن عشر سنين

يوصي قال ( عليه السلام ) : اذا اصاب موضع الوصية جازت ( 5 ) .

وصحيح محمد بن مسلم عنه ( عليه السلام ) : ان الغلام اذا حضره الموت

فاوصى ولم يدرك جازت وصيته لذوي الارحام ولم تجز للغمرماء ( 6 ) .

وصحيح ابي بصير عنه ( عليه السلام ) : اذا بلغ الغلام عشر سنين واوصى بثلث

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 44 من ابواب كتاب الوصايا حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 44 من ابواب كتاب الوصايا حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 44 من ابواب كتاب الوصايا حديث 7 .

( 4 ) الوسائل باب 44 من ابواب كتاب الوصايا حديث 5 .

( 5 ) الوسائل باب 44 من ابواب كتاب الوصايا حديث 6 .

( 6 ) الوسائل باب 44 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ماله في حق جازت وصيته ( 1 ) .

ومويق جميل عن احدهما ( عليه السلام ) : يجوز طلاق الغلام اذا كان قد عقل ،

وصدقته ووصيته وان لم يحتلم ( 2 ) . ومثله موثق محمد بن مسلم عن احدهما ( عليه

السلام ) ( 3 ) .

والكلام فيما يستفاد من هذه النصوص في جهات :

منها : انه اشتملت بعض هذه النصوص على العقل وبعضها على العشر

سنين ومقتضى الجمع بين قضيتين شرطيتين متضمنتين لشرطين مع وحدة الجزاء البناء

على سببية كل من الشرطين .

ومنها : انه في بعض الاخبار ذكر الحد المعروف والحق وفي آخر اصابة

موضع الوصية والظاهر من الجميع ارادة ان تكون الوصية عقلائية واقعة في محلها ،

فيعتبر كون الوصية في وجوه المعروف .

ومنها : ان صحيح محمد بن مسلم متضمن لاختصاص جواز وصيته بما كانت

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 44 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب كتاب الوقوف والصدقات حديث 2 .

( 3 ) التهذيب باب وصية الصبي والمحجور عليهم حديث 8 . ( * )

 

 

[ . . . ]

للارحام وانه لايجوز الوصية للغرباء ، كما ان صحيح ابي بصير مذيل بقوله واذا كان

ابن سبع سنين فاوصى من ماله باليسير في حق جازت وصيته ولكن لعدم عمل

الاصحاب بهما يسقطان عن الحجية .

فالمتحصل مما ذكرناه بعد رد بعض النصوص الى بعض ، والغاء ما اعرض عنه

المشهور : كون المتجه ما افاده المشهور .

وقد ظهر مما قدمناه ان الايراد عليها بانها مختلفة بحيث لايمكن الجمع العرفي

بينها فاثبات الحكم المخالف للاصل بها مشكل كماافاده الشهيد الثاني ، غير تام ، مع

انه لو تم عدم امكان الجمع بينها تعين الرجوع الى اخبار الترجيح والتخيير لاطرح

النصوص ، كما انه لايقى مع ماقدمناه مورد لما عن المختلف ، قال : وهذه الروايات

وان كانت متظافرة والاقوال مشهورة لكن الاحوط عدم انفاذ وصيته مطلقا حتى يبلغ

لعدم مناط التصرف في المال عنه .

ثم ان في المقام رواية اخرى ، وهي رواية الحسن بن راشد عن العسكري ( عليه

السلام ) : اذا بلغ الغلام ثماني سنين فجائز امره في ماله وقد وجب عليه الفرائض

والحدود ، واذا تم للجارية سبع سنين فكذلك ( 1 ) . ولكنها كما افاده المحقق شاذة ومخالفة

لاجماع المسلمين ، لانها تدل على حصول البلوغ بذلك ، فيتعين طرحها وان عمل بها

ابن الجنيد في المقام .

الثاني : العقل ، فلا تصح وصية المجنون : للاجماع ، ولحديث رفع القلم المتقدم

آنفا ، وعدم قصده .

نعم تصح وصية الادواري منه اذا كانت في درو افاقته ، لانه حنيئذ عاقل ،

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب كتاب الوقوف والصدقات حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

فلامانع ، واطلاق الادلة يشملها . ولواوصى ثم جن لم تبطل لعدم الموجب له حتى على

القول بانها من العقود الجائزة والقول ببطلان القعد الجائز بالجنون ، فان ذلك فيما

يبطل بالموت لافي مثل الوصية التي لاتبطل به قطعا ، بل هو ملزم لها ، فالاجماع على

بطلان العقد الجائز بالجنون لايشمل المقام .

الثالث : الاختيار ، فلاتصح وصية المكره الا اذا جاز بعد رفع الاكراه اجماعا

لحديث نفي الاكراه ( 1 ) ، بناء على المختار من كونه رافعا لجميع الاحكام التلكيفية

والضعية ويعضده انه قد استشهد به الامام ( عليه السلام ) في بعض الاخبار لنفي

الصحة ( 2 ) .

الرابع : الرشد ، فلا تصح وصية السفيه ، اعتبره جماعة منهم : ابن حمزة ، والمصنف

ره في محكي التحرير ، وظاهر القواعد ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد .

ولكن المشهور على ما اعترف به غير واحد : عدم اعتباره ، وانه تصح وصيته

في البر والمعروف أو مطلقا ، بل عن ظاهر الغنية : الاجماع على ذلك .

واستدل في الجواهر للاعتبار - وفاقا لجامع المقاصد - بعموم ادلة الحجر عليه ،

وقال : دعوى اختصاصها في حال الحياة واضحة المنع .

ولكن يتوجه عليه انه لم يدل دليل على منع السفيه عن كل تصرف ، وانما دل

على المنع عن تصرفه في ماله ، وظاهره كونه في مقام الامتنان عليه لئلا يذهب ماله هدرا

فلا يشمل التصرف فيه في المقام الذي يوجب المنع حرمانه عن الانتفاع بماله ، اللهم

الا ان يقال : انه يلزم من ذلك صحة تصرفاته في ماله في حال حياته اذا كان بنفعه ، ولم

يلتزموا به ، فالجمود على اطلاق ادلة المنع يقتضي ذلك في الوصية المتعلقة بماله ، واما في

.....................................................................

( 1 - 2 ) الوسائل باب 12 من ابواب كتاب الايمان حديث 12 . ( * )

 

 

[ . . . ]

غيرها فلامانع عن نفوذها ، واطلاق ادلة الصحة يقتضي البناء عليها .

واما المفلس فالاظهر جواز وصيته لعدم معارضتها لحق الغرماء لتقدم الدين

علهيا .

الخامس : الحرية .

السادس : ان لايكون قاتل نفسه . وسيأتي الكلام فيه عند تعرض المصنف ره

لهذه المسألة .

 

الوصية بالولاية على الاطفال

 

مسألة : لاخلاف في انه يصح لكل من الاب والجد الوصية بالولاية على

الاطفال مع فقد الاخر ، وفي الجواهر : ان عليه الاجماع بقسميه .

والمستند جملة من الاخبار : كموثق محمد بن مسلم عن الامام الصادق ( عليه

السلام ) عن رجل اوصى الى رجل بولده وبمال لهم واذن له عند الوصية ان يعمل

بالمال وان يكون الربح بينه وبينهم فقال ( عليه السلام ) : لاباس به من اجل ان اباه

قد اذن له في ذلك وهو حي ( 1 ) .

وخبر سعد بن اسماعيل عن ابيه عن الامام الرضا ( عليه السلام ) عن وصي

ايتام يدرك ايتامه فيعرض عليهم ان ياخذوا الذي لهم فيابون عليه كيف يصنع ؟ قال

( عليه السلام ) : يرد عليهم ويكرههم عليه ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 92 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 47 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

والمشهور انه لا تصح الوصية بالولاية من احدهما مع وجوده الاخر ، بل الظاهر

عدم الخلاف فيه ، وهو المتجه ، فان ادلة الوصية بالولاية لا اطلاق لها تشمل صورة

وجود احد الولين ، واما ادلة ولاية الموصي كان هو الاب اوالجد فدلالتها على ولايته

على الصغير بالنسبة الى مابعد موته حتى مع وجود الاخر غير ظاهرة ، والشك فيها

كاف في البناء على العدم .

وبهذا البيان يظهر انه لاتصح الوصية من الحاكم الشرعي او الوصي بالولاية

عليهم ، اذ الحاكم وان كانت له الولاية على الايتام لانها من شؤون القضاة والحكام ،

وقد جعل الحاكم قاضيا وحاكما ( 1 ) . ولازم ذلك ثبوت جميع ما للقضاء والحاكم له ، الا

انه لم يثبت له ولاية نصب الولي بعده ، فالمرجع اصالة عدم ترتب الاثر . واما الوصي

فولايته مجعولة من قبل الموصي ، والمجعول ولاية نفسه لا ان تكون له ولاية على نصب

الغير .

وربما يستدل على انه ليس للحاكم الوصية بالولاية بان الولاية على الصغير

ثابتة للصنف لا للفرد ، فاذا انعدم فرد قام فرد آخر مما حل فيه طبيعة الصنف مقامه .

وفيه : انه اذا فرضنا ان له الوصية بالولاية في نفسه هذا الوجه مردود ، فانه اذا

ثبت الولاية للصنف جاز لكل فرد منه القيام بها ، ومع قيام واحد منهم بها ليس

لاخرين مزاحمته ، وعليه فاذا عين احد الافراد شخصا للتصدي بعد وفاته فكأنه

تصدى للامر بنفسه ، فليس للاخرين مزاحمته ، فالعمدة ما ذكرناه .

ولاولاية في ذلك للام على المشهور ، وفي الجواهر : بلاخلاف معتد به للاصل بعد

عدم الدليل ، وعن ابن الجنيد : ان لها الولاية بعد الاب اذا كانت رشيدة ، والاصحاب

نقلوا عنه الفتوى دون الدليل ، ولم اظفر بما يمكن ان يستدل به له .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب صفات القاضي . ( * )

 

 

] ووجود الموصى له [

 

الموصى له

 

المطلب الثالث : في الموصى له .

قالوا : ( و ) يشترط ( وجود الموصي له ) حال الوصية ، فلواوصى لميت او لمن

ظن وجوده فبان ميتا عند الوصية لم تصح ، وكذا لو اوصى لما تحمله المرأء في الزمان

المستقبل ، او لمن يوجد من اولاد فلان ، بلا خلاف اجده في شئ من تلكم ، بل عن

نهج الحق والتذكرة : الاجماع عليها ، كذا في الجواهر .

وعللوه : بان الوصية تمليك عين او منفعة كما سلف من تعريفها ، والمعدوم غير

قابل للتمليك .

ويرد عليهم : اولا : ذلك لو تم لا قتضى وجود الموصى له حين موت الموصي

لاحين الوصية ، فان ظرف التملك هو حين الموت واما قبله فالمال باق على ملك

الموصى .

وثانيا : انه لايتم فيما اذا اوصى بشئ لمن سيوجد بنحو تعليق التملك على

وجوده . ودعوى انه يلزم بقاء الملك من حين الموت الى زمان وجود الموصى له بلا مالك ،

فيها : انه لامحذور في ذلك ، وكم اموال بلا مالك ، فليكن هذا منها ، غاية الامر من جهة

تعلق الوصية به لايكون من قبيل المباحات الاصلية كي يكون لكل احدان يتملكه .

وثالثا : ان الملكية من الامور الاعتبارية ، ووجودها عين الاعتبار العقلائي ،

فكما ان المملوك قد يكون كليا ، والمالمك ايضا كذلك ، لامانع من الالتزام بمالكية الميت ،

واثر اعتبار الملكية له انتقاله منه الى ورثته .

وفي الجواهر اتسدل له : بان اطلاقات الوصية في الكتاب والسنة منصرفة الى

 

 

[ . . . ]

الوصية للموجود ، ويتوجه عليه : انه لاوجه للانصراف سوى الغلبة وهي غير

 صالحة لان تكون منشئا للانصراف المقيد للاطلاق .

فاذا لادليل على ذلك سوى الاجماع وتسالم الاصحاب عليه ، فلابد من

الاقتصار فيه على القدر المتيقن وهو المعدوم حين موت الموصى والوصية التلميكلية ،

واما الوصية العهدية التي ليس في الوصية انشاء تمليك فيها - كما لو اوصى الميت في

اعطاء شئ او وقفه او نحوذلك لمن يتولده من زيد - فلا اجد مانعا عن صحتها كما

صرح به في الجواهر ، واطلاق اشتراط الاصحاب الوجود في الموصى له منزل - بقرينة

ما في كلماتهم من التعليل - على التمليكية .

ولايعتبر في الموصى له ان لايكون وارثا ، فيجوز الوصية للوارث كما تجوز

للاجنبي اجماعا حكاه جماعة .

ويشهد به - مضافا الى اطلاق ادلة الوصية من الكتاب والسنة - : الاية

الكريمة ( كتب عليكم اذا حضر احد كم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين

والاقربين بالمعروف حقا على المتيقن ) ( 1 ) والوالدان لابد ان يكونا وارثين وان تخلف

ذلك في الاقربين على بعض الوجوه الا ان يكون الابوان ممنوعين من الارث بكفر

ونحوه ، واللفظ اعم منه فيشمل موضع النزاع .

وجملة من النصوص : كصحيح محمد بن مسلم عن الامام الباقر ( عليه

السلام ) : الوصية للوارث لابأس بها ( 2 ) .

وموثقه الاخر عنه ( عليه السلام ) عن الوصية للوارث فقال ( عليه السلام ) :

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 180 .

( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب كتاب الوصايا حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

تجوز ، قال : ثم تلا هذه الاية ( ان ترك خيرا ) الاية ( 1 ) .

وصحيح ابي ولاد الحناط عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الميت يوصي

للوارث بشئ ؟

قال : نعم ، او قال جائز له ( 2 ) . ونحوها غيرها .

واما خبر ابي بصير عن احدهما ( عليه السلام ) في الاية الشريفة ( كتب

عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين ) قال

( عليه السلام ) : هي منسوخة ، نسختها آية الفرائض التي هي المواريث ( 3 ) . فمحمول

بقرينة موثق محمد بن مسلم الذي اتسدل الامام ( عليه السلام ) فيه بهذه الاية على

جواز الوصية للوارث على نسخ الوجوب ، بل يمكن ان يقال : انه لايستفاد منه ازيد

من ذلك من جهة ان ظاهر الاية هو الوجوب ، وقد نسخ ذلك بآية المواريث ، فلا ينافي

الجواز بل الاستحباب .

والاصحاب حملوا الخبر تارة : على التقية ، واخرى : على ارادة الكافرين من

الوالدين وغير الوارث من الاقارب ، وثالثة : على ارادة انها منسوخة فيما يتعلق

بالوالدين خاصة .

واما خبر القاسم بن سليمان عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل اعترف

لوارث بدين في مرضه فقال ( عليه السلام ) : لاتجوز وصيته لوارث ولا اعتراف له

بدين ( 4 ) ، فهو لايصلح لمعارضته النصوص المتقدمة ، فيطرح او يحمل على التقية ، او

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 15 من ابواب كتاب الوصايا حديث 15 .

( 4 ) الوسائل باب 15 من ابواب كتاب الوصايا حديث 12 . ( * )

 

 

] والتكليف [

 

على مازاد عن الثلث .

 

اعتبار التكليف في الوصي

 

المطلب الرابع : في الوصي .

( و ) يشترط فيه امور : الاول : ( التكليف ) بالبلوغ والعقل ، فلا تصح الوصية

الى صبي بحيث يتصرف حال صباه مطلقا ولو كان الى البالغ منضما ولا الى مجنون

كذلك ، بلاخلاف في شئ من تلكم في الجملة ، بل عليها الاجماع .

وتفصيل القول بالبحث في موراد :

1.     لايصح الوصية الى صبي بان يتصرف حال صباه ، واتسدل له بقصوره

بالصبا السالب لاقواله وافعاله عن منصب الوكالة فضلا عن الوصاية التي هي اعظم

منها باعتبار كونها ولاية بخلافها .

وفيه : اولا : ما تقدم من ان الصبي ليس مسلوب القول والفعل وانما هو ممنوع

عن التصرف مستقلا ، وعليه فاذا اوصى اليه بان يتصرف باذن وليه لاارى في ذلك

محذورا .

وثانيا : ان الوصية بان يتصرف معامليا مستقلا او بالولاية على اولاده وان كانت

لاتصح - اما الاول : فلكونه ممنوعا عنه ، واما الثاني : فلانه لاولاية له على نفسه فكيف

يمكن ان يكون له الولاية على الغير ، واما في غير ذينك من الترفات والامور التي

يوصى بها - فما الموجب لعدم صحة جعله وصيا فيها ، فلو اوصى بان يصلى عليه بناء

على شرعية عباداته ، او يتصدى لتجهيزه ، او يكون هو المجري للصيغة في المعاملات

الواقعة على ثلث ماله مثلا ، أو صرف الثلث في مصارفه وماشاكل ، لايوجب الوجه

 

 

[ . . . ]

المزبور عدم صحتها .

وربما يستدل له : بان الوصاية نوع ولاية لايصلح الصبي لتصديها والتلبس بها .

وفيه : انا لانعبر عنها بالولاية حتى يأتي هذا المحذور ، ومجرد ان له ان يتصرف

كالوكيل لاتكون ولاية التي هي اعتبار عقلائي خاص منشأ لاثار ، فالحق انه لادليل

على المنع عنه مطلقا سوى الاجماع .

2.     المشهور انه تصح الوصية الى الصبي منضما الى بالغ ، وانه لايتصرف

الصغير قبل البلوغ ، فاذا بلغ صار شريكا ، وللبالغ الاستقلال في التصرف مادام

صغيرا . والاصل في هذه الاحكام خبر علي بن يقطين عن ابي الحسن ( عليه السلام )

عن رجل اوصى الى امرأة واشرك في الوصية معها صبيا فقال ( عليه السلام ) : يجوز

ذلك وتمضي المرأة الوصية ولا تنتظر بلوغ الصبي ، واذا بلغ الصبي فليس له ان

لايرضى الا اما كان من تبديل او تغيير فان له أن يرده الى ما اوصى به الميت ( 1 ) .

وصحيح الصفار : كتبت الى ابي محمد ( عليه السلام ) : رجل اوصى الى ولده

وفيهم كبار قد ادركوا وفيهم صغار ، أيجوز للكبار ان ينفذوا وصيته ويقضوا دينه لمن

صح على الميت بشهود عدول قبل ان يدرك الاوصياء الصغار ؟ فوقع ( عليه السلام ) :

نعم على الاكابر من الولد ان يقضوا دين ابيهم ولا يحبسوه بذلك ( 2 ) . ونحوهما

غيرهما .

وفي خبر زياد بن ابي الحلال ( 3 ) ما يظهر منه عدم جواز الوصية الى الصبي قبل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 50 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 50 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 50 من ابواب كتاب الوصايا حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

بلوغ خمس سنين ، ولكن لم يعمل به الاصحاب .

3.     وقع الخلاف بين الاصحاب في وقت اعتبار البلوغ على قولين نقلهما الشيخ

في محكي المبسوط : احدهما : انه يعتبر حال الوصية ، وهذا القول اختيار الشيخ وابن

ادريس ونسب الى الاكثر ، وظاهر المحقق اختياره .

ثانيهما : ان العبرة بحال الوفاة .

واستدل للاول : بان البلوغ اذا كان شرطا لزم تقدمه على المشروط ولو بآن

ما ، فاذا كا شرطا لصحة الوصية ولم تكن موجودة حال انشائها لم يكن العقد صحيحا

لانتفاء الشرط المقتضي لانتفاء المشروط ، وبانه منهي وقت الوصية عن التفويض الى

من ليس بالصفات ، والنهي المتوجه الى ركن المعاملة يقتضي فسادها ، وبانه يجب ان

يكون الوصي بحيث لو مات الموصى نافذ التصرف مشتملا على صفات الوصية ، وهو

هنا منتف .

ولكن الجميع - مضافا الى مامر - كما ترى مصادرة على المطلوب ، اذ كون

البلوغ شرطا مقارنا للوصية اول الكلام ، وكذا كونه منهيا وقت الوصية عن التفويض ،

وكذا اعتبار كونه مشتملا للصفات نافذ التصرف حين الوصية ، فالاظهر القول الثاني .

نعم لو قلنا بان الوصية من العقود ، وان قبول الوصي جزء العقد اتجه اعتبار

كون الوصي قابلا للمعاهدة حال الوصية وواجدا للشرط ، لا لما افاده جمع من

المحققين من ان مناط المعاهدة والمعاقدة لايتحقق بدون ذلك ، لان المعاهدة مع الغير

تقتضي كونهما معا كذلك في حال الايجاب والقبول ، اذ معية المتعاقدين انما هي معية

شاعر ملتفت الى ما يلزم للغير ويلتزم الغير له ، والا فلا ينقدح القصد الجدى في نفس

العاقد الى المعاهدة مع من هو كالجدار او كالحمار ، وعلمه بالتفاته فيما بعد لايصحح

المعاهدة معه فعلا ، فانه يرد عليه : ان عنوان العقد انما ينطبق على الالتزامين الواردين

 

 

[ . . . ]

على مورد واحد وليس منطبقا على الايجاب خاصة ، وانما شأن الموجب هو الالتزام

النفساني وابرازه ، وهو انما يكون باقيا ما لم ترفع اليد عنه ، فاذا كان باقيا حين القبول

التزم القابل الاهل لذلك حين القبول فقد ارتبط الالتزامان لامحالة وتحقق عنوان

العقد ، مع انه لاينحصر دليل النفوذ ب ( اوفوا بالعقود ) بل لانه بعد ما لاريب في

انه يعتبر في ترتيب العقلاء والشارع الاثر على الالتزام النفساني ان يظهره لمن هو

طرفه في المعاملة ، فاذا كان الطرف غير قابل للتخاطب فالاظهار له : كلا اظهار ،

فلاجل ذلك تعتبر قابلية القابل للتخاطب حال الايجاب .

اللهم الا ان يقال : انه لو تم ذلك في سائر العقود لم يتم في الوصية التي يصح

ايجابها في حال يكون القابل نائما غير ملتفت او غائبا ، فلو كانت من العقود لاتكون

على حد سائر العقود ، ولكن الذي يسهل الخطب ما مر من عدم كونها من العقود ،

فلا اشكال في عدم البلوغ حين الوصية .

 

اعتبار العقل في الوصي

 

4.     يعتبر في الوصى العقل ، فلا يصح الايصاء الى مجنون مطبقا او ادوارا في

دور جنونه .

والكلام في اعتبار العقل كالكلام في اعتبار البلوغ ، فلا دليل له سوى الاجماع

والخبر الاتي ، نعم المجنون الذي يكون فاقدا للقصد وغير مميز لا اشكال في بطلان

الوصية اليه لعدم صحة تصرفاته وعدم صلوحه للوكالة ، ومثلها الوصاية ، بل هي اعظم

منها ، بل لو طرأ الجنون على الوصي قالوا بطلت وصيته ، ففي خبر دعائم الاسلام عن

الامام علي ( عليه السلام ) : لايزل الوصي الاذهاب عقل او ارتداد او تبذير او خيانة

 

 

] والاسلام في الوصي [

 

او ترك سنة ، والسلطان وصي من لاوصي له ، والناظر لمن لاناظر له ( 1 ) .

وهل تعود الوصية بعود العقل ، جزم المصنف ره بالعدم ، وتردد في الدروس ،

وعدم العود اظهر لعدم المقتضى للعود .

ولو كان المجنون يعتوره ادوارا ، قال في محكى الدروس : الاقرب الصحة وتحمل

على اوقات الافاقة قال : والفرق بينه وبين ما اذا طرأ الجنون انصراف الوصية في

ابتدائها الى اوقات الافاقة ، وانصرافها هناك الى دوام علقه الذي لم يدم ، وهو حسن .

( و ) الثاني من الشرائط : ( الاسلام ) والظاهر انه لاخلاف في اعتباره ( في

الوصي ) اذا كان الموصى مسلما ، فلا تصح وصية المسلم الى الكافر ولو كان رحما ، بل

ربما يدعى عليه الاجماع ، ولا دليل لهم على ذلك سوى دلالة آيتين على ذلك احداهما :

قوله تعالى ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبلا ) ( 2 ) ثانيتهما : قوله عزوجل

(لايتخذ المؤمنين الكافر اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من

الله في شئ ) ( 3 ) .

لكن يتوجه على الاستدلال بالاولى : ان ظاهر الاية بقرينة ماقبلها نفي الجعل

في الاخرة ، مع انه قد ورد في خبر الهروي ان المراد من الاية نفي سبيل الحجة ( 4 ) ، مع

ان السبيل ظاهره السلطنة والوصي لا سلطنة له على الموصي .

ويتوجه على الاستدلال بالثانية : انه لاياخذه الموصي وليا وانما يجعله وصيا بعد

موته ، فالانصاف انه لادليل على المنع سوى الاجماع ان لم نعتبر العدالة في الوصي ،

.....................................................................

( 1 ) ذكر في المستدرك باب 69 من الوصايا حديث 3 وذيله في باب 64 منها حديث 1 .

( 2 ) النساء آية 141 .

( 3 ) آل عمران آية 28 .

( 4 ) آيات الاحكام للعلامة الجزائري عن عيون الاخبار . ( * )

 

 

[ . . . ]

وان لم يثبت فالاظهر الجواز .

وعلى القول بالمنع المتيقن منه الحرمة التكليفية دون بطلان الوصية . واما وصية

الكافر لمثله فلا اشكال في جوازها ان لم نعتبر العدالة في ديننا .

 

اعتبار العدالة في الوصي

 

وقد ذهب جماعة منهم الشيخان والقاضي وابن حمزة والديلمي وابن زهرة الى

اعتبار العدالة في الوصي ، وعن الغنية : عليه اجماع الامامية .

واستدل له : بان الوصاية استئمان على مال الاطفال ومن يجري مجراهم من

الفقراء والجهات التي لايراعيها المالك ، والفاسق ليس اهلا للاستئمان على هذاالوجه

وان كان اهلا للوكالة لوجوب التثبت عند خبره .

وبان الوصية تتضمن الركون باعتبار فعل ما اوصى اليه به من تفرقة المال

وانفاقه وصرفه في الوجوه الشرعية ، والفاسق ظالم لايجور الركون اليه لقوله تعالى

( ولا تركنوا الى الذين ظلموا ) ( 1 ) .

وبان الوصية استنابة على مال الغير لاعلى مال الموصي لانتقاله عنه بعد موته

وولاية الوصي انما تحصل بعد الموت ، فيشترط في النائب العدالة كوكيل الوكيل ، بل

اولى ، لان تقصير وكيل الوكيل مجبور بنظر الوكيل والموكل بخلاف الوصي فانه

لايشاركه فيها احد غالبا ولا يتبع افعاله .

وبالنصوص ( 2 ) الواردة فيمن مات وله اموال وورثة صغار ولاوصي له قد

.....................................................................

( 1 ) سورة هود آية 113 . ( * )

( 2 ) الوسائل باب 88 من ابواب كتاب الوصايا . ( * )

 

 

[ . . . ]

اشترطت عدالة المتولي لذلك ، حيث انها تدل على ان المتولي لامر الوصاية لابد فيه

من العدالة . ولا فرق بين تعيين الموصى أو الحاكم الشرعي .

ولكن يتوجه على الاول : ان المسلم محل للامانة كما في الوكالة والاستيداع ،

ونمنع كون الفسق مانعا اذا لم يكن له دخل في حفظ المال ، مع ان الموصي انما يعينه في

التصرف فيماله فكما انه لايعتبر في تصرف نفسه العدالة ، كذلك في من يعنيه للتصرف .

ودعوى ان المال يخرج عن اختياره بالموت ، مندفعة بان ثلثه باق تحت اختياره .

ووجوب التثبت عند خبره لم يظهر لي ارتباطه بالدليل ، مع انه اذا ائتمن يقبل

قوله للنهي عن اتهام المؤتمن .

وعلى الثاني : ان الوصاية ليست ركونا ، ومع التسليم فالممنوع الركون الى

خصوص الظالم من الفاسق لا ملطقا وكل فاسق وان كان ظالما لنفسه ، الا ان ظاهر

الاية الركون الى من يظلم غيره .

وعلى الثالث : اولا : ما تقدم من كونه استنابة على مال الموصي .

وثانيا : انه لادليل على المنع عن استنابة الفاسق على مال الغير فمياله ان

يستنيب عليه احدا ، واما وكيل الوكيل فنمنع اعتبار العدالة فيه ، بل الامر فيه يتبع

اذن الموكل او ما تقتضيه مصلحته .

وعلى الرابع : ان موضوعها تولي عدول المسلمين الذين هم احد الاولياء مع

فقد الحاكم ، ولا ربط لها بباب الوصاية والوصي ، واعتبار العدالة في الولي لايستلزم

اعتبار ها في الوصي .

فالمتحصل مما ذكرناه : اقوائية ما ذكره جماعة منهم الحلي والمحقق في النافع

والمصنف في بعض كتبه من عدم اعتبار العدالة للاصل واطلاق الادلة ، ويؤيده ما ورد

في وصاية الاولاد وفيهم كبار وصغار وان الصبي يصير وصيا بذلك عند بلوغه او قبله

 

 

[ . . . ]

والتصرف عند البلوغ ( 1 ) ، وما ورد في وصاية الامرأة ( 2 ) التي من الغالب عدم عدالتها ،

وما ورد من وصية الامام الكاظم ( عليه السلام ) جميع ولده ( 3 ) ومنهم غير العدل ، وجعل

الولاية بيد علي ( عليه السلام ) لايجدي على القول بالمنع من وصاية الفاسق ، الى غير

تلكم من الاخبار التي لاينكر ظهور ها في عدم اعتبار العدالة .

ولو تمت دلالة مامر على اعتبار العدالة فهي انما تدل على اعتبار العدالة لا

على مانعية الفسق ، كما في المسالك حتى يصح استصحاب عدم الفسق فتصح

الوصية الى مجهول الحال .

واما ما افاده سيد الرياض تبعا للتذكرة والروضة : من ان هذا الشرط انما

اعتبر ليحصل الوثوق بفعل الوصي ويقبل خبره به لا في صحة الفعل في نفسه ، فلو

اوصى الى من ظاهره العدالة وهو فاسق في نفسه ففعل مقتضى الوصية فالظاهر نفوذ

فعله وخروجه عن العهدة ، ويمكن كون ظاهر الفسق ايضا كذلك لو اوصى اليه فيما

بينه وبين الله وفعل مقتضاها ، بل لو فعله كذلك لم يبعد الصحة وان حكم ظاهرا بعدم

وقوعه وضمانه ما ادعى فعله - فمرجعه الى انكار شرطية العدالة ، وعليه فلا وجه

للحكم بضمانه بعد مادل الدليل على ان الامين لايتهم .

وكيف كان : فالاظهر عدم اعتبار العدالة فيه .

وعليه فقد يقال : بانه لواوصى الى عدل ثم ظهر فسقه بعد موت الموصي بطلت

وصايته ووجب عزله ، وعن المختلف : الاحتجاج له بان الظاهر ان الباعث له على

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 50 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 50 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 10 من ابواب الوقوف والصدقات حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

اختيار العدل مع جواز الوصية الى غيره انما هو عدالته والوثوق بامانته ، فاذا خرج

عن حد العدالة فات الباعث وخرج عن الاستئمان ، اذ الظاهر انه لو كان حيا

لاستبدل به .

وفيه : اولا : انه من الجائز كون الباعث له على جعله وصيا قرابته او نحو تلك

لاعدالته ، وعليه فمجرد الاحتمال لايكفي في الحكم بالبطلان .

وثانيا : ان المدار على الانشاء لا على ما في نفس الموصي ، فاذا جعله وصيا لا

بعنوان انه عادل لاوجه لبطلان وصيته بظهور الفسق او عروضه وان علم ان الباعث

له على نصبه وصيا كونه عادلا ، فان الاثار الوضعية تتبع الانشاء ولاترتبط بما في

النفس من الترجحات ، ولذا اشتهر ان تخلف الدواعي في باب المعاملات لا يوجب

الخيار .

ولا يعتبر في الوصي ان لايكون وارثا ، ولا الذكورية ، ولا الوحدة اجماعا ،

لاطلاق الادلة ولجملة من النصوص ( 1 ) في الاول ، وخبر علي بن بقطين ( 2 ) في الثاني .

واما خبر السكوني عن جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه عن امير المؤمنين

عليهم السلام : المرأة لايوصي اليها لان الله تعالى يقول ( لا تؤتوا السفهاء

اموالكم ) ( 3 ) . فلاعراض الاصحاب عنه ومعارضته بخبر علي بن يقطين لابد من

طرحه اوحمله على ما لو فقد بعض الشرائط السابقة كما يشعر به التعليل .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب كتاب الوصايا .

( 2 ) الوسائل باب 50 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 53 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

] والملك في الموصى به [

 

الموصى به وما يعتبر فيه

 

المطلب الخامس : في الموصى به ، وهو اما عين او منفعة او حق قابل للنقل .

( و ) المعروف صحة الوصية في الجميع لعمومات الصحة والنفوذ ، كما ان

المعروف بين الاصحاب انه ان كانت الوصية بمال او منفعة يعتبر ( الملك في الموصى

به ) فلا تصح الوصية بمال الغير ، ولا بما لا يملك ، ولا بالمحرمات .

اما الاول : فلعدم جواز التصرف في مال الغير كانت الوصية تمليكية او عهدية ،

وحينئذ فان اوصى بمال الغير بان علق التمليك على موت ذلك الغير واجاز ذلك الغير

صحت الوصية ، لانه بالاجازة تصير الوصية وصية المجيز ومستندة اليه ، وتصدق

الوصية من المالك كما في سائر موارد الفضولي بناء على ما هو الحق من صحة الفضولي

على القاعدة ، وان اوصى بمال الغير بان علق التمليك على موت نفسه فاجازه ذلك

الغير لم تصح لاوصية ولا تملكيا .

اما الاول : فلان الوصية عرفا عبارة عن تمليك المال معلقا على موت المالك لا

على موت غيره ، فلو قال : هذا لك بعد موت ابيك ، لا يكون من الوصية .

واما الثاني : فللتعليق المجمع على مبطليته للعقود والايقاعات سوى الوصية .

وبذلك يظهر بطلان ما لو اوصى بماله لزيد اذا مات عمرو .

واما الوصية بما لايملك ، فان كانت على وجه التمليك فبطلانها ظاهر ، واما اذا

كانت على وجه العهد والتخصيص وكانت فيه فائدة ولو نادرة بنحو تصحح

التخصيص فالاظهر صحتها ، الا ان فرض كون الشئ مما له فائدة ولو نادرة مع عدم

قابليته للتملك لا اتصوره عاجلا ، وان لم يكن فيه فائدة لاتصح الوصية لاتمليكية ولا

 

 

] ولو جرح نفسه بالمهلك ثم اوصى لم تصح [

 

عهدية ولا تخصيصية .

واما الوصية بالمحرمات كالخمر والخنزير ، فان كان الملحوظ في الوصية المنفعة

المحرمة مثل الشرب في الخمر واللعب بالات اللهو وماشاكل فلا اشكال في البطلان

كمامر ، وان اوصى بصيرورتها ملكا وفرضنا عدم قابليتها للملكية فالبطلان ظاهر

ايضا .

واما ان اوصى بها للانتفاع بها منفعة محللة كما لو اوصى بالخمر للطلي او

السراج او للتخليل او نحو ذلك من الفوائد المحللة فالظاهر صحة الوصية بها على

نحو التخصيص .

وان شئت قلت : ان له ان يوصي بانتقال حق الاولوية الثابت له الى الموصى

له ، وعليه فتصح الوصية بالكحول الذي لايشرب وانما له فوائد اخر .

 

حكم وصية القاتل نفسه

 

المطلب السادس : في الاحكام .

( و ) فيه مسائل :

1.     ( ولو جرح ) الموصى ( نفسه بالمهلك ) او شرب سما او

نحو ذلك ( ثم اوصى لم تصح ) وصيته على المشهور ، وعن الايضاح : نسبته الى

الاصحاب مشعرا بالاجماع عليه .

والمستند صحيح ابي ولاد حفص بن سالم قال : سمعت ابا عبد الله ( عليه

السلام ) يقول : من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جنهم خالدا فيها قلت ( قيل له خ

ل ) : ارايت ان كان اوصى بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته ؟ قال : فقال : ان

كان اوصى قبل ان يحدث حدثا في نفسه من جراحة اوقتل اجيزت وصيته في ثلثه ، وان

 

 

[ . . . ]

اوصى بوصية بعد مااحدث في نفسه من جراحة او قتل لعله يموت لم تجز وصيته ( 1 ) .

وما افاده الحلي من انه لايجوز تخصيص القرآن بخبر الواحد وحيث انه حي

عاقل مكلف واوصى بوصية وقددل القرآن على نفوذ وصية كل حي عاقل وانه لايجوز

تبديلها فالبناء على صحته وصيته متعين ، يرده ما حقق في محله من ان عموم القرآن

يخصص بخبر الواحد الواجد لشرائط الحجية .

ومن الغريب ما عن المختلف قال : قول ادريس لا باس به ، وعن الروضة :

انه حسن ، وعن القواعد : لو قيل بالقبول مع تيقن رشده بعد الجرح كان وجها ، مع

ان بناء المصنف ره والشهيد الثاني على تخصيص الكتاب بخبر الواحد والصحيح ،

مضافا الى حجيته في نفسه معمول به بين الاصحاب سيما وان المصنف ره في محكى

المختلف علل عدم القبول بوجوه اخر من دلالة فعله على سفهه ، وعدم استقرار حياته

فيكون في حكم الميت ، وان القائل يمنع من الميراث لغيره فيمنع عن نفسه ، وان قبول

وصيته نوع ارث له ، وان كانت هذه الوجوه بينة الضعف .

ثم ان الخبر مختص بمن جرح نفسه لعله يموت لا لغرض آخر ، وما لوكان

ذلك على وجه العصيان لقوله فهو في نار جهنم وبما اذا كان فعل ذلك عمدا ، وبما

لومات من ذلك ، وبالوصية في ماله لقوله في ثلثه وعليه فلو اوصى بما يتعلق بالتجهيز

ونحوه مما لا تعلق بالمال أو فعل ذلك سهوا او خطئا ، او لغرض آخر . او على غير وجه

العصيان كما في الجهاد في سبيل الله ، او عوفي ثم اوصى ، صحت الوصية في جميع تلكم

لعموم ادلة الوصية .

ولو جرح نفسه برجاء ان يموت واوصى ثم عوفي هل تصح وصيته لاطلاق

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 52 من ابواب مقدمات الطلاق وشروطه حديث 1 . ( * )

 

 

] ولو تقدمت الوصية صحت وتصح الوصية للحمل بشرط وقوعه حيا [

 

ادلة الوصية بعد اختصاص النص بما اذا مات بذلك السبب ، ام لا تصح كما افاده

صاحب الجواهر ره قال : لايخلو من نظر مع فرض عدم تجدد انشاء تمليك ، ولذا لو

نساها ولم يجددها لم تنفذ على الاقوى ؟ وجهان اوجههما الاول كما لايخفى .

هذا فيما كانت الوصية بعد ما جرح نفسه بالمهلك ، ( و ) اما ( لو تقدمت

الوصية ) فلا اشكال في انها ( صحت ) ، من غير فرق بين ان يكون حين الوصية بانيا

على ان يحدث ذلك بعدها ، وما لو لم يكن بانيا عليه ، لاطلاق الصحيح المتقدم .

 

الوصية للحمل

 

2.     لاخلاف بينهم ( و ) لا اشكال في انه ( تصح الوصية للحمل ) الموجود حين

الوصية وان لم تحله الحياة ، والوجه في ذلك : اما على ماذكرناه في شرائط الموصى له

من ان مقتضى القاعدة صحة الوصية للمعدوم وانما لم نلتزم بها للاجماع فظاهر ، واما

على القول الاخر فالوجه فيه ان الحمل ليس معدوما صرفا لايقبل التملك بعد كون

الملكية من الامور الاعتبارية وهي خفيفة المؤونة فيوصى له وان مات الموصى قبل ان

يولد .

انما الكلام فيما طفحت به كلماتهم من انه انما تصح الوصية ( بشرط وقوعه

حيا ) وعلل ذلك : بان الحمل لو لم يولد حيا لايقبل لان يملك لعدم ترتب اثر على

ملكيته ، وبقياس الوصية على الارث ، فانه يتوجه على الاول : النقض بما لو ولد حيا

ومات في ساعته والحل مامر في الوقف من انه اذا ملك وسقط ميتا بعد ولوج الروح

فيه يكون ذلك ارثا لورثته .

وعلى الثاني : انا لانقول بالقياس ، فاذا لامدرك لاعتبار هذا الشرط سوى

 

 

[ . . . ]

الاجماع .

وعلى المختار من كون الوصية من الايقاعات ، غاية الامر ان اللموصى له رد

الوصية لا اشكال فيما سقط حيا ومات من ساعته .

واما على القول بانها من العقود ويعتبر فيها القبول ، فقد اشكل الامر على

القوم بانه من يقبل هذه الوصية ، قال في المسالك : ولكن يعتبر هنا قبول الوارث

لامكانه في حقه ، وانما استقطنا اعتباره عن الحمل لتعذره كما سقط اعتباره في الوصية

للجهات العامة ، ووجه سقوطه عن الوارث : تلقيه الملك عن المولود المالك لها بدون

القبول ، والمتجه اعتبار القبول في الوصية للحمل مطلقا ، فيقبل وليه ابتداء او وارثه

هنا . انتهى .

وفيه : اما اعتبار قبول الوارث فلاوجه له اصلا فان الوارث يتلقى الملك من

المولود ، وثبوت الملكية القهرية له بحكم ادلة الارث مما لاكلام فيه ، فملكيته تتوقف

على ملكتيته للمولود ، فلو توقفت الملكية له على قبول الوارث لزم الدرو ، مع انه لا وجه

لاعتبار قبول غير من هو طرف المعاملة .

واما قبول الولي فاعتباره ايضا لايمكن تطبيقه على الادلة ، اذ مادام حملا

لادليل على ولايته عليه بحيث يصح له عنه الهبة والبيع ونحوهما خصوصا قبل ولوج

الروح وبعد الولادة ، وان كانت ولايته ثابتة عليه ، الا ان ظاهر الفتاوي المتضمنة

لاستقرار الوصية بانفصاله حيا ينافي ذلك . فالمتجه عدم اعتبار القبول في هذا المورد

ايضا .

 

 

] وللذمي دون الحربي [

 

الوصية للكافر

 

3.     في الوصية للكافر اقوال انهاها في محكى التنقيح في الذمي خاصة الى سبعة

اقوال ، لكن العمدة منها في الذمي ثلاثة : الجواز مطلقا اختاره الشيخ في الخلاف والحلي

والمحقق والمصنف ره وغيرهم ، عدمه كذلك هو قول القاضي ، التفصيل بين كونه رحما

واجنبيا ، فتصح في دون الثاني ، وكذا في الحربي ، غاية الامر يختلف القائل .

( و ) الذي ذهب جمع من الاساطين هو صحة الوصية ( للذمي دون

الحربي ) اما الوصية للذمي فيشهد لجوازها - مضافا الى اطلاق ادلة الوصية وقوله تعالى

( لاينها كم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم

وتفسطوا اليهم بالمودة ) ( 1 ) ومادل على الترغيب في البر والاحسان ( 2 ) ، وجواز الصدقة

على الكافر ( 3 ) جملة من النصوص ، كصحيح محمد بن مسلم عن الامام الصادق

( عليه السلام ) عن رجل اوصى بماله في سبيل الله فقال ( عليه السلام ) : اعطه لمن

اوصى له وان كان يهودا او نصرانيا ، ان الله تعالى يقول ( فمن بدله بعد ما سمعه

فانما اثمه على الذين يبدلونه ) ( 4 ) .

وقريب منه صحيحه ألاخر عن احدهما عليهما السلام ( 2 ) .

.....................................................................

( 1 ) الممتحنة آية 8 .

( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب فعل المعروف كتاب الجهاد .

( 3 ) الوسائل باب 19 من ابواب الصدقة كتاب الزكاة .

( 4 ) الوسائل باب 35 من ابواب الوصايا حديث 5 .

( 5 ) الوسائل باب 32 من ابواب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وصحيح الريان بن شبيب عن الامام الرضا ( عليه السلام ) قلت له : ان اختي

اوصت بوصية لقوم نصارى واردت ان اصرف ذلك الى قوم من اصحابنا مسلمين فقال

( عليه السلام ) : امض الوصية على ما اوصت به ، قال الله تعالى ( فمن بدله بعد ما

سمعه ) ( 1 ) .

واتسدل لعدم الجواز : بقوله تعالى ( لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر

يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ابائهم او ابنائهم ) بتقريب : ان الاية

متناولة للارحام وغيرهم ، والوصية لهم مودة .

وجمع في الحدائق بين الاية والنصوص المتقدمة ، بحمل تلك النصوص على

ارادة صحة الوصية وابقاء الاية على ظاهرها من عدم الجواز ، فتكون الوصية له كالبيع

وقت النداء .

ولكن يرد على الاستدلال بالاية اولا : ماذكره جماعة من ان النهي عن الموادة

انما هو من حيث كونه يحاد الله ورسوله ، والالزم حرمة اللطف والاكرام .

وثانيا : انه يقيد اطلاق هذه الاية بالاية المتقدمة .

وثالثا : منع كون العطية سيما اذا كانت مكافاة أو تأليفا موادة .

اضف الى تلكم ماورد في الارحام من الامر بصلتهم ( 2 ) ، وفي الابوين من الامر

بمصاحبتهما في الدنيا معروفا ( 3 ) .

ويتوجه على صاحب الحدائق ره - مضافا الى ما تقدم - الاجماع ظاهرا على

.....................................................................

( 1 ) المجادلة آية 22 .

( 2 ) اصول الكافي ج 2 ص 150 طبعة طهران .

( 3 ) سورة لقمان آية 15 اصول الكافي ج 2 ص 157 . ( * )

 

 

[ . . . ]

التلازم بين الامرين ، مع ان ظاهر النصوص الجواز التكليفي ايضا ، فيقيد بها اطلاق

الاية ، فلا اشكال في الجواز للذمي .

واما الحربي : فقد اتسدل لعدم جواز الوصية له : بالاجماع ، وبانصراف ادلة

الوصية الى الوصية غير المحرمة وهذه محرمة لاية النهي عن الموادة ، فالمتبع فيها اصالة

عدم المشروعية ، وبان الحربي لايملك فان ماله فئ للمسلمين ، وقد تقدم انه يشترط

في الوصية قابلية الموصى له للتملك .

ويتوجه على الاول : عدم ثبوته اولا ، وعدم كونه تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم

ثانيا .

وعلى الثاني : منع حرمة الوصية للكافر ، اذ لادليل لها سوى آية النهي عن

الموادة وقد عرفت حالها ، اضف اليه ان حرمة الوصية لاتستلزم فسادها ، وانصراف

ادلتها عن الوصية المحرمة ممنوع .

وعلى الثالث : ان غاية ما يلزم مما افيد انه يجوز اخذه منه ولا يجب التسليم اليه ،

وهذا لايوجب بطلان الوصية ، وعدم كونها مملكة له ، بل تصح الوصية ويصير الموصى

به ملكا له يترتب عليه حكم سائر املاكه . فالاظهر صحة الوصية له ايضا لاطلاق

ادلة الوصية .

ويمكن القول بشمول اطلاق النصوص الخاصة المتقدمة له ، فان اليهودي او

النصراني قد يكون ذميا وقد يكون غير ملتزم بشرائط الذمة وحربيا .

ودعوى انصرافها الى الذمي لامنشأ لها سوى الغلبة ، وهي لاتصلح ؟ منشئا

للانصراف .

وما في الرياض من انه لاعموم فيهما لكونهما نكرتين في سياق الاثبات لاعموم

فيهما لغة بل مطلقان ينصرفان بحكم التبادر الى الملتزم منهما بشرائط الذمة ، فيه : ان

 

 

] ولو اوصى لذكور واناث تساووا الا مع التفضيل وكذا الاعمام

والاخوال ولو اوصى لقرابته فهم المعروفون بنسبه والعشيرة والجيران

والسبيل والبر والفقراء كالوقف

ولو مات الموصى له قبله ولم يرجع كانت لورثته [

 

المطلق حجة كالعام ، وانصرافه ممنوع لمنع التبادر .

ثم ان المصنف ره ذكر جملة من فروع الوصية للمملوك ، فعلى ما بنينا عليه من

الغاء المباحث المتعلقة بالاماء والعبيد لانتعرض لها .

4.     ( ولو اوصى لذكر واناث تساووا الا مع التفضيل ، وكذا الاعمام

والاخول ، ولو اوصى لقرابته فهم المعروفون بنسبه ) على ما مر في الوقف

( والعشيرة والجيران والسبيل والبر والفقراء كالوقف ) .

 

حكم ما ولومات الموصى له قبل الموصي

 

5.     ( ولو مات الموصى له قبله ) اي قبل الموصي ( ولم يرجع كانت ) الوصية

( لورثته ) كما هو المشهور بين الاصحاب .

وعن ابن الجنيد والمصنف في المختلف : بطلان الوصية بموته قبل القبول ، وقيل

بالتفصيل بين ما اذا علم ان غرض الموصى خصوص الموصى له فتبطل وبين غيره

فلورثته .

وعن الدروس : ان التفصيل المذكور حق وبه يجمع بين النصوص .

مقتضى القاعدة هو البطلان ، اما على المختار من عدم اعتبار القبول

وكون الرد مانعا فلان الموصى له لايملك المال في حياة الموصي كي ينتقل عنه الى

ورثته ، وانتقال الموصى به الى له بعد موت الموصي وان كان ممكنا الدية الا

 

 

[ . . . ]

ان ادلة الوصية لا اطلاق لها من هذه الجهة ولا تدل عليه .

فان قيل : ان كون المال بحيث ينتقل الى الوصى له بعد موت الموصى من

الحقوق فينتقل ذلك الى ورثته كما عن جماعة في حق القبول .

قلنا : انه ممنوع صغرى وكبرى . توضيح ذلك : ان الحق المقابل للملك والحكم

بحسب الاصطلاح عبارة عن اعتبار السلطنة على شئ او شخص في جهة خاصة ،

مثلا حق الخيار عبارة عن السلطنة على الفسخ والامضاء ، وحق الشفعة عبارة عن

السلطنة على ضم حصة الشريك الى حصته بتملكه عليه قهرا ، ولكن ليس ذلك

حقيقة شرعية له ، اذ مضافا الى عدم الدليل عليه كثيرا ما يستعمل الحق في الاخبار

في الحكم ، وعليه فتشخيص كون مورد خاص من قبيل الحكم او الحق بالمعنى الذي

ذكرناه يتوقف على ملاحظة الخصوصيات والقرائن ، ولا يستفاد ذلك من مجرد اطلاق

الحق عليه .

وقد جعل الشيخ الاعظم ره للحق اقساما .

الاول : ما لايقبل المعاوضة بالمال ، اي لايقبل النقل ولا الاسقاط ، كحق

الحصنانة والولاية .

الثاني : ما يقبل الاسقاط ولا يقبل النقل ، كحق الشفعة والخيار .

الثالث : ما يكون قابلا للنقل والانتقال والاسقاط ، كحق التحجير .

والمصنف ره جعل ما يصح نقله واسقاطه قسمين .

احدهما : ما يصح ذلك فيه بالعوض ومجانا .

ثانيهما ما لايصح ذلك فيه الا مجانا ، كحق القسم .

فان لكل من الازواج نقله الى ضرتها واسقاطه ، الاانه ليس لها اخذ المال بازاء

 

 

[ . . . ]

ذلك ، وعلى هذا فحيث لايعلم ان مااشير اليه من قبيل الحق او الحكم - وعلى فرض

كونه قبيل الاول من اي قسم من اقسام الحق - ففساد القول المزبور صغرى وكبرى

واضح .

واما على القول باعتبار القبول فيها ، فالبطلان اوضح ، اذ مضافا الى ماذكرناه

يشهد له ان المفروض ان الايجاب مختص بالموصى له ، وحينئذ ان قبل الوارث لنفسه

لزم عدم مطابقة الايجاب والقبول ، وان قبل للمورث فهو ليس وكيلا عنه ولا وليا عليه ،

فلابد من البناء على البطلان . هذا بحسب القاعدة ، واما النصوص الخاصة فهي

طائفتان :

الالى : ماتدل على المشهور ، لاحظ صحيح محمد بن قيس عن ابي جعفر

( عليه السلام ) : قضى امير المؤمنين ( عليه السلام ) في رجل اوصى لاخر والموصى له

غائب فتوفى الموصى له الذي اوصى له قبل الموصى قال ( عليه السلام ) : الوصية

لوارث الذي اوصي له ، قال : ومن اوصى لاحد شاهدا كان او غائبا فتوفى الموصى له

قبل الموصي فالوصية لوارث الذي اوصى له الا ان يرجع في وصيته قبل موته ( 1 ) .

واورد عليه الشهيد الثاني وقبله المصنف ره في محكى المختلف : بان محمد بن

قيس مشترك بين جماعة احدهم ضعيف ، ولعله راوى الخبر ، فهو ساقط عن الحجية .

وفيه : اولا : انه كما ذكره الشيخ في الفهرست وغيره من المحققين على ما حكى

ان الذي يروي عنه عاصم بن حميد هو البجلي الثقة ، فلا اشكال فيه سندا .

وثانيا : انه لوكان في سنده شئ لكان منجبرا بعمل الاصحاب .

وقد يذكر من هذه الطائفة خبران آخران : احدهما : خبر محمد بن عمر

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 30 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الساباطي ( الباهلي خ ل ) عن ابي جعفر ( عليه السلام ) عن رجل اوصى الي وامرني

ان اعطي عماله في كل سنة شيئا فمات العم فكتب : اعط ورثته ( 1 ) .

ولكنه غير مربوط بمسألتنا ، وانما هو في الوصية بالتمليك في كل سنة ، ويكون

ايجاب التمليك من الوصى ، ومقتضى القاعدة في تلك المسألة ايضا البطلان ، والخبر

لجهالة رواية لايكون مستندا للصحة .

ثانيهما : خبر المثنى بن عبد السلام عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن

رجل اوصى له بوصية فمات قبل ان يقبضها ولم يترك عقبا قال ( عليه السلام ) : اطلبه

وارثا او مولى فادفعها اليه ، قلت : فان لم اعلم له وليا ؟ قال ( عليه السلام ) : اجهد على

ان تقدر له على ولي ، فان لم تجد وعلم الله منك الجد فتصدق بها ( 2 ) .

وهو في خصوص مورد عدم القبض ، وظاهر في وقوع القبول ، فلا يدل على

هذا القول ، فالمستند خصوص صحيح محمد بن قيس .

الثانية : ماتدل على بطلان الوصية كصحيح محمد بن مسلم وابي بصير جميعا

عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : ليس بشئ ( 3 ) .

وموثق منصور بن حازم عنه ( عليه السلام ) عن رجل اوصى لرجل بوصية ان

حدث به حدث فمات الموصى له قبل الموصى قال ( عليه السلام ) : ليس بشئ ( 4 ) .

ولكن الطائفة الثانية غير ظاهرة في بطلان الوصية ، اذ يمكن ان يكون المراد

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 30 من ابواب كتاب الوصايا حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 30 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 30 من ابواب كتاب الوصايا حديث 4 .

( 4 ) الوسائل باب 30 من ابواب كتاب الوصايا حديث 5 . ( * )

 

 

] فان لم يكن له وارث فلورثة الموصى [

 

بقوله ليس بشئ ان الموت ليس بشئ قادح في الوصية لا ان الايضاء ليس بشئ ،

فلا معارض لصحيح محمد بن قيس ، وعلى فرض التنزل فغاية الامر ظهور ها في ذلك ،

والجمع بينها وبين صحيح ابن قيس يقتضي حملها على ارادة ان الموت ليس بشئ ، اذ

حمل الظاهر على النص او الاظهر جمع عرفي .

وان ابيت الاعن ظهورها في بطلان الوصية بنحو لايصح حملها على غير ذلك

فهي معارضة مع صحيح ابن قيس ، ويقدم هو المشهور التي هي اول المرجحات .

فاصل الحكم مما لا اشكال فيه ، انما الاشكال في امور : منها انه قد يدعى

اختصاص الصحيح ، بما اذا لم يعلم غرض الموصى خصوص شخص الموصى له على

وجه التقييد ، ففيما اذا علم ذلك يرجع الى القواعد المقتضية للبطلان ، ولم يذكروا وجها

للاختصاص سوى الانصراف ، وان ذلك هو المتيقن منه .

اما الانصراف فلا أرى له منشأ ، واما كونه هو المتيقن فلا يمنع عن التمسك

بالاطلاق ، اذالثابت في محله ان وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب ليس مانعا عن

الاطلاق فضلا عن المتيقن من الخارج ، فالاظهر عدم الاختصاص .

ومنها : انه لو مات الموصى له قبل الموصي ( فان لم يكن له وارث ف ) هل

الوصية ( لورثة الموصى ) كما في المتن وعن ام لا ؟ وجهان : اوجههما الاول ، فان

النص وان كان في وارث الموصى له ، ولكنه يدل على ان الوصية موروثة للوارث ،

فمقتضى اطلاق ادلة الارث ثبوتها لوارث الوارث ايضا .

ومنها : انه هل ينتقل الموصى به بموت الموصي الى الميت ثم الى الوارث ، او

اليه ابتداء من الموصى ؟ قولان ، استدل للثاني : بان الميت بمنزلة المعدوم فلا يقبل الملك ،

وللاول : بانه لااشكال في انها تقسم على حسب قسمة المواريث ، ولو كانت منتقلة الى

الورثة من الموصى لم يكن لذلك وجه .

 

 

[ . . . ]

ويتوجه على الاول : ان الملكية من الامور الاعتبارية ، ولا حقيقة لها وراء

الاعتبار ، ولذا ربما يكون المملوك كليا ، وقد يكون المالك كذلك ، وعليه فاعتبارها

للميت لامحذور فيه اصلا ، بل ظاهر الادلة الدالة على انتفاع الميت بالمال ذلك . وقد

مرتفصيل القول في ذلك في المباحث المتقدمة .

وعلى الثاني : انه ما المانع من كون تقسيم الوصية في المقام بحكم الميراث من

هذه الجهة ان دل على ذلك دليل ، والحق ان يقال : ان ظاهر النص كون الوصية موروثة

للوارث لا المال ، فعد انتقال الوصية اليهم اذا مات الموصى ينتقل المال منه اليهم كما

في سائر الوصايا .

ومنها انه ؟ هل المدار على الوارث حين موت الموصى له او الوارث حين موت

الموصى ؟ وجهان : اظهرهما الاول ، بناء على ما عرفت من انتقال المال من الموصى الى

الورثة ، وانه انما تنتقل الوصية الى الورثة ، فان الوارث حين موت الموصى له حنيئذ

يرث الوصية ، ولايبقى شئ حتى يرثه الوارث حين موت الموصى . نعم لو قلنا بان

الورثة لايرثون الوصية بل يرثون المال ، وانه انما ينتقل المال من الموصى الى الموصى

له ومنه الى ورثته ، كان الاوجه هو الثاني ، فان المدار على الوارث حين انتقال المال .

ومنها : انه اذا اوصى له بارض فمات قبل القبول فهل ترث زوجته منها اولا ؟

وجها مبنيان على ان المنتقل الى الورثة هو المال او الوصية ، فعلى الاول : لاترث ،

وعلى الثاني : ترث ، اذ الدليل دل على محروميتها عن الارض لا عن مايؤدى الى ملكية

الارض ، ودلالة الدليل على كونها على نحو الارث ، ولذا يجب ان تقسم على نحو قسمة

الميراث ، لاتسلتزم ترتب الحكم الخاص لموروث خاص على الوصية بذلك الموروث

كما هو واضح ، وحيث عرفت ان الاظهر ان الوصية تورث والمال ينتقل من الموصى

الى الورثة فالاوجه انها ترث منها .

 

 

] وتصح الوصية بالحمل ويستحب للقريب وان كان وارثا

واذا اوصى الى عدل ففسق بطلت

ويصح ان يوصى الى المرأة ، والصبي بشرط انضمامه الى الكامل والى الملوك [

 

ومنها : انه هل يختص ذلك بالوصية التمليكية ، ام يعم العهدية بان يوصي الى

وصيه ان يعطي زيدا مثلا شيئا ؟ الاظهر هو الاول لاختصاص النص بالتمليكية ، وقد

مران خبر الساباطي وان دل على جريان هذا الحكم في العهدية الا انه ضعيف السند

غير مجبور بالعمل .

 

الوصية بالحمل

 

6.     ( وتصح الوصية بالحمل ) بلاخلاف ، وكذا بما تحمله الدابة او الشجرة ،

من غير فرق في جواز الوصية بالمتجدد بين المضبوط بمدة كالمتجدد في هذه السنة او

عشر سنين ان عدد كاربعة ، ولا في المضبوط بمدة بين المتصل بالموت والمتاخر كالسنة

الفلانية ، من المتجدد ، كل تلكم لاطلاق ادلة الوصية .

ودعوى ان الحمل المجدد بعد موت الموصى انما هو لورثته فكيف يوصى به ،

مندفعة اولا : بالنقض بالوصية بسكنى الدار مدة مستقبلة .

وثاينا : بالحمل ، وهو ان المالك كما يملك العين الخارجية ملكية مرسلة غير محدودة

بزمان كذلك يملك بتيع ملك العين منفعنها المرسلة غير المحدودة ، فله ان يوصي بها

كيف ماشاء .

7.     ( ويستحب ) الوصية ( للقريب وان كان وارثا ) وقد مر الكلام فيه في

شرائط الموصى له ، كما انه قد مر الكلام فيما افادة بقوله ( واذا اوصى الى عدل

ففسق بطلت ) وعرفت انها لاتبطل ( و ) ماذكره بقوله ( يصح ان يوصى الى المرأة و )

قد مر ايضا صحة جعل ( الصبي ) وصيا ( بشرط انضمامه الى الكامل ، والى المملوك

 

 

] باذن مولاه فيمضي الكامل الوصية الى ان يبلغ ثم يشتركان ولا ينقض بعد

بلوغه ما تقدم مما هو سائغ ولو اوصى الكافر الى مثله صح

ولو اوصى الى اثنين وشرط الاجتماع او اطلق فليس لاحدهما الانفراد [

 

باذن مولاه ، فيمضي الكامل الوصية الى ان يبلغ الصبي ثم يشتركان ، ولا ينقض

بعد بلوغه ما تقدم مما هو سائغ و ) ايضا قد تقدم انه ( لو اوصى الكافر الى مثله

صح ) بل عرفت صحة وصية المسلم اليه ايضا .

 

حكم ما لو اوصى الى اثنين

 

( ولو اوصى الى اثنين ) فلا يخلوا ما ان يشترط اجتماعهما ، ( و ) اما ان يجوز

لهما الانفراد ، واما ان يطلق فان ( شرط الاجتماع او اطلق فليس لاحدهما الانفراد )

بل عليهما الاجتماع فيه ، بمعنى صدوره عن رأيهما ونظرهما وان باشره احدهما

بلاخلاف في الاول ، بل عليه الاجماع عن التنقيح ، وعلى الاشهر في الثاني ، وفي

الرياض : بل عليه عامة المتأخرين ، اماسع شرط الاجتماع فظاهر ، لان ولايتهما لم

تثبت الا على هذا الوجه ، واما مع الاطلاق فان كان المفهوم عرفان من الاطلاق ارادة

الاجتماع فكذلك والابان حصل الاشتباه في المراد ، فثبوت الولاية لهما بنحو الاجتماع

معلوم ، وثبوتها لكل واحد منفردا مشكوك فيه ، والاصل يقتضي عدمه .

ويمكن ان يستدل له مع ذلك بصحيح الصفار : كتبت الى ابي محمد ( عليه

السلام ) : رجل كان اوصى الى رجلين ايجوز لاحدهما ان ينفرد بنصف التركة والاخر

بالنصف ؟ فوقع ( عليه السلام ) : لاينبغي لهما ان يخالفا الميت وان يعملا على حسب ما

امرهما ان شاء الله تعالى ( 1 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 51 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

فان قيل : ان قوله ( عليه السلام ) لاينبغي ظاهر في الكراهة ، فهو يدل على

جواز الانفراد .

قلنا : ان لفظ لاينبغي وان لم يكن في نفسه ظاهرا في الحرمة ، ولكنه لايكون

ظاهرا في الكراهة ايضا ، وفي المقام اريد منه الحرمة قطعا بقرينة قوله ان يخالفا الميت

اذ لاريب في حرمة مخالفة الميت لتضمنها التبديل المنهي عنه كتابا وسنة ، وقوله ( عليه

السلام ) وان يعملا على حسب ما امرهما فانه يدل على حمل الاطلاق على امره

بالاجتماع ، ومع امره به لا اشكال في عدم جواز الانفراد .

وذهب الشيخ في احد قوليه - ومن تبعه - الى جواز انفراد كل منهما مع

الاطلاق ، واستدل لهم بموثق بريد بن معاوية : ان رجلا مات واوصى الى والى آخر

- او الى رجلين - فقال أحدهما : خذ نصف ماترك واعطني النصف مما ترك ، فابي عليه

الاخر فسألوا ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن ذلك فقال : ذلك ( ذاك خ ل ل ) له .

ولكن الاستدلال به يتوقف على رجوع الاشارة الى القسمة ، والضمير

المجرور الى الطالب ، مع انه يحتمل رجوع الاشارة الى الاباء ، والضمير الى المطلوب ،

بل لعل هذا اولى كما عن الشيخ في التهذيب ، والمصنف ره في المختلف وغيرهما ، لقرب

مرجع الاشارة ، فهو ايضا يدل على عدم جواز الانفراد .

وما في المسالك من ان الاشارة بذلك الى البعيد فحمله على القسمة انسب

باللفظ ، فيه : ان المحكي عن نسخة الكافي والفقيه عدم وجود اللام مع الاشارة ، وانما

هي موجودة في نسخة الشيخ ، وعند دروان الامر بين الزيادة والنقصان - وان كان

الاصل مقتضيا للبناء على الثاني الا انه في المقام بما ان الشيخ اخذ الخبر من الكافي -

فالاول لو لم يكن اظهر لاريب في تساوى الاحتمالين ، فيكون الخبر مجملا من هذه

الجهة .

 

 

] ويجبرهما الحاكم على الاجتماع ولو تشاحافان تعذر استبدل

ولو عجز احدهما ضم اليه [

 

ومع الاغماض عن جميع ذلك وتسليم دلالته على ما استدل به له ، فحيث يقع

التعارض بينه وبين صحيح الصفار ، فان قلنا : بان الجمع العرفي بينهما بحمل الظاهر

على النص او الاظهر يقتضي حمل الموثق على ارادة المنع عن الانفراد كما فهمه

المنصف ومن بعده ، والا فيقدم الصحيح للشهرة التي هي اول المرجحات ولارجحية

السند التي هي ثاني المرجحات ، فلا اشكال في انه ليس لكل منهما الانفراد .

( و ) على هذا ف (يجبرهما الحاكم على الاجتماع ولو تشاحا ) وتعاسرا فاراد

احدهما نوعا من التصرف ومنعه الاخر من غير ان يستبدل بهما مع الامكان لان

المفروض ان الميت جعل لنفسه وصيا فلا ولاية للحاكم فيه ، وانما له الاجبار لانه ولي

الممتنع عن اداء حق الغير ، اذ ذلك شأن من شؤون القضاة والحاكم فيكون ثابتا له .

( فان تعذر ) الاجبار ولم يمكن جمعهما ( استبدل ) الحاكم بهما ، لانهما بامتناعهما

عن الاجتماع المشروط بحكم العدم ، فللحاكم ان ينصب امينا من قبله .

وقد يقال : انهما بالتعاسر والتشاح يفسقان فيخرجان عن الوصاية فللحاكم

نصب الامين وان امكن اجبارهما ، ولكن يرد عليه - مضافا الى مامر من عدم اعتبار

العدالة في الوصى - : ان التشاح ان كان مستندا الى اعتقادرجحان ما راياه بحسب

المصلحة لا التشهى والمعاندة لايوجب الفسق .

( ولو عجز احدهما ) عن القيام بتمام مايجب عليه من العمل بالوصية بمرض

ونحوه ( ضم اليه ) الحاكم من بعينه ، فيكون النظر حينئذ للثلاثة بلاخلاف ، الا عن

الشيهد في الدروس فانه ذهب الى انه يضم الحاكم الى الاخر لا الى العاجز ، فيكون

النظر لاثنين . ويتوجه عليه ان العاجز بعجزه عن القيام بتمام مايجب عليه من العمل

بالوصية بمرض ونحوه لايخرج عن الوصاية لجواز الوصية الى العاجز كذلك ، ابتداء

 

 

] ولو شرط الانفراد جاز وتصرف كل واحد منهما ويجوز الاقتسام [

 

اجماعا ، فكذا في الاستدامة .

ولو عجز احدهما عن القيام به اصلا بموت او جنون ، فعن الاكثر : انه يستقل

الاخر في التصرف ، وفي النافع وعن القواعد والارشاد والتحرير والفخر والشهيدين

وجماعة : انه يضم الحاكم الى الاخر امين من طرفه .

وجه الاول : انه مع وجود الوصي لا ولاية للحاكم ويضعف بانه بانفراده لم

يجعل وصيا والموصي لم يرض برأيه منفردا وانما جعلهما معا وصيا ، فلا وجه لتفرده

بالتصرف ، وحينئذ فيمكن ان يقال : لو لم يكن خلاف الاجماع بسقوط الاخر عن

الوصاية رأسا ، اذ الولاية المجعولة له انما كانت ولاية له لصاحبه ، فمع تعذر الجزء

ينتفي الكل ، فيرجع الامر الى الحاكم وله ان يجعل امينا من قبله ، وحينئذ له ان يجعل

الاخر باستقلاله وليا .

ودعوى ان الموصى لم يرض برأيه على الانفراد فليس للحاكم تفويض جميع

الامر اليه والا لزم التبديل المنهي عنه في الشريعة ، مندفعة بان الموصى لم يرض برأيه

في الوصاية التي جعلها ، ولا عبرة بنظره فيما يجعله الحاكم ، فالاظهر ان له ذلك ، كما ان

له تفويض الامر الى غيره . هذا كله مع شرط الاجتماع او الاطلاق .

( ولو شرط الانفراد جاز تصرف كل واحد منهما ) منفردا بلاخلاف ولا

اشكال ، لان كلامنهما وصي مستقل .

( ويجوز ) لهما ( الاقتسام ) بالتنصيف اوالتفاوت ان لم يمنع عنه الموصي ولم

يحصل بالقسمة ضرر ، ولكن ليست هذه القسمة حقيقية ، فيجوز لكل منهما التصرف

في نصيب الاخر لان كلامنهما وصي في المجموع ، وهذا كله مما لا اشكال فيه ، انما

الاشكال في انه هل يجوز لهما الاجتماع حينئذ مقتض صدوره عن رأي كل واحد منهما ،

 

 

[ . . . ]

وشرط الانفراد اقتضى الرضا برأي كل واحد ، وهو حاصل ان لم يكن هنا اكدر ومخالفته

للشرط .

والحق ان يقال : انه ان فهم من شرط الانفراد بواسطة القرائن الرخصة لا

التضييق لا اشكال في الجواز ، وان فهم التضييق فلا اشكال في عدم الجواز ، وان لم

يظهر شئ فالظاهر عدم الجواز لانه ثبوت الولاية لهما منفردين معلوم وثبوتها لهما

مجتمعين مشكوك فيه فيرجع الى اصالة الانتفاء .

 

حكم رد الوصية

 

9.     لاخلاف بين الاصحاب في انه كما ان للموصى له رد الوصية كذلك للوصي

ان يرد الوصاية مادام الموصى حيا وان كان قد قبلها ، الا عن الصدوق فيما اذا كان

الموصي ابا او كان الامر منحصرا في الموصى اليه فلم يجز الرد فيهما ، وعن المختلف :

الميل اليه ، وفي الرياض : وهو كذلك ان لم ينعقد الاجماع على خلافه ، ولا يمكن دعواه

باعتبار اطلاق عبائر الاصحاب بجواز الرد لعدم تبادر المقامين منه جدا .

وجه الاول : اطلاق النصوص الاتية .

واستدل الصدوق لعدم جواز الرد في المورد الاول : بمكاتبة علي بن الريان الى

ابي الحسن ( عليه السلام ) : ليس له ان يمتنع ( 1 )

وايراد الرياض عليه بانه قاصر السند بسهل ، غريب ، فانه في كثير من

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 24 من ابواب كتاب الوصايا . ( * )

 

 

[ . . . ]

الموارد صرح بان خبر سهل يعتمد عليه .

ولعدم جوازه في الموارد الثاني : بصحيح الفضيل عن ابي عبد الله ( عليه السلام )

في رجل يوصي اليه قال ( عليه السلام ) : اذا بعث بها اليه من بلد فليس له ردها ، وان

كان في مصر يوجد غيره فذلك اليه ( 1 ) . ونحوه غيره .

وايد المصنف ره الاول : بان امتناع الولد نوع عقوق ، والثاني : بان من لايوجد

غيره يتعين عليه لانه فرض كفاية .

واورد على ذلك في الجواهر : بان نصوص الاطلاق متعددة وخبر التقييد واحد ،

فلا يصلح لتقييد اطلاقها سيما وان اطلاق الاخبار معتضد باطلاق الفتاوى ، والعقوق

مبني على امر الوالد بذلك على وجه يؤذيه عدم القبول ، ووجوب اطاعة الولد في

مثل ذلك وان كان هو الظاهر لكن محل البحث عدم قبول الوصية من حيث كونها

كذلك لاما اذا اشتملت مع ذلك على امر بالقبول ، ويمكن حمل المكاتبة المزبورة على

ذلك ، بل لعله الظاهر منها ، فتخرج حنيئذ عن محل البحث .

اقول : اما ما افاده من ان خبر التقييد واحد لايصلح لتقييد اطلاق نصوص

الرد لانها معتددة فمن غرائب الكلام ، اذ اطلاق النصوص المتعددة به .

واما دعوى اعراض المشهور عن خبر التقييد فيتوجه عليها ما افاده سيد

الرياض من عدم تبادر المقامين من اطلاق عبائر الاصحاب حتى مع معلومية فتيوى

الصدوق .

واما قوله : ان العقوق مبني على امر الوالد له بذلك ، فيرده : انه يتحقق مع

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 23 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 . ( * )

 

 

] واذا بلغ الموصي رد الموصى اليه صح الرد والا فلا [

 

طلبه منه ذلك وان لم يأمر به ، فالانصاف تمامية ما افاده الصدوق في الموردين ،

فالنصوص الدالة على جواز الرد كصحيح محمد بن مسلم عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) : ان اوصى الى رجل وهو عائب فليس له ان يرد وصيته ، وان اوصى اليه وهو

بالبلد فهو بالخيار ان شاء قبل وان شاء لم يقبل ( 1 ) .

وخبر منصور بن حازم عنه ( عليه السلام ) : اذا اوصى الرجل الى اخيه وهو

غائب فليس له ان يرد عليه وصيته لانه لو كان شاهدا فابى ان يقبلها طلب غيره ( 2 ) .

ونحوهما غيرهما ، يقيد اطلاقها بمامر .

واما في غير الموردين فلا اشكال في جواز الرد في الجملة ، والاصحاب ذهبوا

الى ان له الرد مع بلوغ الرد اليه وهو حي ، واليه اشار المصنف ره بقوله : ( واذا بلغ

الموصي رد الموصى اليه صح الرد والا فلا ) .

ويمكن ان يستفاد من النصوص المشار اليها بجعل الغيبة والحضور كناية عن

بلوغ الرد اليه وهو حي ، وعدمه بقرية التليل في خبر منصور ، والاجماع على عدم

مدخلية ذلك نعم ذهب الشهيد الثاني في المسالك ، وسيد الرياض فيه الى : انه يشترط

مع بلوغ الموصى الرد امكان اقامته وصيا غيره لعموم العلة المنصوصة ولانتفاء الفائدة

بدونه ، فعلى هذا لو كان حيا ولكن لا يمكنه نصب احد ولو بالاشارة لم يصح الرد ، وهو

حسن .

وايراد صاحب الجواهر ره عليهما بكون المنساق من التعليل ارادة بيان واقع

فهو شبه الحكمية لا ان المراد من التعليل قصد ادارة الحكم مداره ضرورة عدم لزوم

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 23 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 23 من ابواب كتاب الوصايا حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

طلب غيره اذ قد لايريد وصية غير هذا الذي ردها ، غير وارد لان ظاهر التركيب

كونه علة للحكم ، والعلة تمكنه من نصب غيره لا النصب خارجا ، فلاينافي كونه علة

يدور الحكم مدارها عدم لزوم طلب غيره .

وكيف كان : فلو مات الموصي قبل الرد او بعده ولم يبلغه لم يكن للرد اثر ،

وكانت الوصية لازمة للموصى اليه وان لم يقبلها اصلا على المشهور في صورة عدم

القبول واجماعا في فرض القبول ثم الرد . ويشهد به - مضافا الى النصوص المتقدمة - :

صحيح الفضيل بن يسار عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل اوصى اليه : اذا

بعث بها اليه من بلد فليس له ردها ، وان كان في مصر يوجد فيه غيره فذلك اليه ( 1 ) .

وحسن هشام بن سالم عنه ( عليه السلام ) : لايخذله على هذه الحال ( 2 ) .

واورد عليها المصنف ره في محكى المختلف والتحرير - ومال اليه في المسالك - :

بعدم صراحتها في المطلوب لاحتمال حملها على الاستحباب او سبق القبول اونحو

ذلك مما لابأس بحملها عليه ، فاثبات الحكم العظيم المخالف للاصول الشرعية

والعقلية بمثل ذلك مشكل ، وازد : ان اثبات حق على الموصى اليه على وجه قهري

وتسليط الموصي على اثبات وصيته على من شاء مخالف للاصل ، مضافا الى استلزم

ذلك للحرج العظيم والضرر الكثير في اكثر مواردها ، وهما منفيان بالاية ( 3 ) والرواية ( 4 ) .

وفيه ان عدم الصراحة لو سلم لايوجب عدم العمل بالاخبار بعد كونها

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 23 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 23 من ابواب كتاب الوصايا حديث 4 .

( 3 ) الحج آية 87 .

( 4 ) الوسائل باب 12 من كتاب احياء الموات . ( * )

 

 

] ولو خان استبدل به الحاكم [

 

ظاهرة في المطلوب ، وكون اكثر الفقه ثابتة ، بالظواهر ، واثبات حق على الموصى اليه

على وجه قهري وان كان مخالفا لقاعدة السلطنة ( 1 ) لكنها كسائر القواعد الشرعية

قابلة للتقييد ، فما المانع من تقييدها بالنصوص المتقدمة والاحكام الضرورية والحرجية

وان كانت مرفوعة الا ان المدار على الضرر او الحرج الشخصي لا النوعي ، فالاظهر

عدم جواز الرد الا اذا استلزم الضرر او الحرج ، فترتفع حينئذ حرمة الرد كساير

الاحكام الشرعية .

 

الوصية تبطل بخيانة الوصي

 

10.( ولوخان ) الوصي ( استبدل به الحاكم ) امينا بلاخلاف فيه ، بل في

المسالك : انما يتوقف عزله على عزل الحاكم لولم نشترط عدالته ، فللحاكم حينئذ ان

يعزل الخائن مراعاء لحق الاطفال واموال الصدقات ونحوها ، واما اذا اشترطنا عدالته

فانما ينعزل بنفس الفسق وان لم يعزله الحاكم ، وهو متين ، ولكن عرفت عدم اشتراط

العدالة .

واستدل لجواز عزل الحاكم : بان من وظائفه حفظ اموال القاصرين وحقوقهم :

واموال الصدقات ونحوها .

وفيه : ان غاية ما يقتضيه ذلك منع الحاكم له عن استقلاله بالتصرف ، بل يجعل

عليه ناظرا منفذا للوصاية معه على وجهها .

واما دعوى انه يفهم من الموصي اشراط وصايته بامانته ، وانه متى خان لم يكن

وصيا ، فيردها : ان الاثار الوضعية تابعة للانشاء ولا ترتبط بما في النفس من الترجحات ،

.....................................................................

( 1 ) البحار ج 2 ص 272 الطبع الحديث . ( * )

 

 

] ولا يضمن الوصي الا مع التفريط [

 

فالاولى ان يستدل له بخبر دعائم الاسلام عن الامام علي ( عليه السلام ) : لايزيل

الوصي الاذهاب عقل او ارتداد او تبذير او خيانة او ترك سنة ، والسلطان وصي من

لاوصي له ، والناظر لمن لاناظر له ( 1 ) .

وضعف سنده مجبور بالعمل .

ولو تاب ورجع فالظاهر عدم عود الوصاية لعدم الدليل عليه والاصل عدمه .

( و ) كيف كان : ف ( لايضمن الوصي الا مع التفريط ) او مخالفة شرط الوصية

بلاخلاف كما في المسالك .

والوجه في ذلك : انه امين ، ويكون استيلاء يده على المال باذن مالكي وشرعي ،

والامين لايضمن الا مع التعدي او التفريط كما سبق واما مادل من النصوص باطلاقه على

الضمان فمحمول على ذلك ، واما النصوص الدالة على ضمانه بالتبديل فمستفيضة ،

منها : صحيح محمد بن مارد عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل اوصى الى رجل

وامره ان يعتق عنه نسمة بستمائة درهم من ثلثه فانطلق الوصي فاعطى الستمائة درهم

رجلا يحج بها عنه فقال ( عليه السلام ) : ارى ان يغرم الوصي ستمائة من ماله ويجعلها

فيما اوصى الميت في نسمة ( 2 ) .

وقد يستشكل على القوم : بان ظاهرهم في هذه المسألة ان غاية ما يوجبه

التعدي والتفريط وجوب الضمان عليه مع بقائه على الوصاية ، بل هو المستفاد من

الصحيح ولا يوجب ذلك عزله ، مع انهم صرحوا في المسألة السابقة بان للحاكم ان

يعزله .

.....................................................................

( 1 ) ذكر صدره في المستدرك باب 69 من ابواب الوصايا حديث 3 وذيله في باب 64 منها حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 37 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

] وله ان يستوفى دينه [

 

ويمكن دفعه : بان كلمات الاصحاب في المقام انما هي لبيان الضمان خاصة ،

ولا نظر لهم الى عزل الوصي وعدمه واما الصحيح فلم يفرض فيه الخيانة ، ولعله كان

فعله جهلا بتخيل انه انفع لليمت ، بل ظاهره ذلك .

 

استيفاء الوصي دينه من مال الميت

 

11.( و ) لو كان للوصي دين على الميت ف ( له ان يستوفي دينه ) مما في يده

بلاخلاف في بعض الصور .

توضيح ذلك : ان الوصي تارة يكون وصيا على وفاء الديون او ما يشمله ،

واخرى : يكون وصيا على غيره . وعلى التقديرين تارة : يمكن له اقامة البينة على حقه ،

واخرى : ليس له حجة عليه .

اما اذا كان وصيا على وفاء الديون فالظاهر انه يجوز له استيفاء دينه وان امكن

له اقامة البينة ، اذ هي انما تجب لاثبات الحق ، والمفروض انه ثابت عنده .

والى ذلك نظر القوم حيث قالوا : ان قائدتها احتمال كذب المدعي والمفروض

عدمه .

وحيث انه مخير في جهات القضاء فلا اشكال في ان له قضاء دينه ، كما ان له

ذلك لو علم بدين الاجنبي .

واما موثق بريد بن معاوية عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قلت : له : ان رجلا

اوصى الي فسألته ان يشرك معي ذا قرابة له ففعل ، وذكر الذي اوصى الي ان له قبل

الذي اشركه في الوصية خمسين ومائة درهم عنده ورهن بها جاما من فضة فلما هلك

الرجل انشأ الوصي يدعي ان له قبله اكرار حنطة قال ( عليه السلام ) : ان اقام البينة

 

 

] او يقترض مع الملائة او يقوم على نفسه ويأخذ اجرة المثل مع الحاجة [

 

والا فلاشئ له ، قال : قلت له : ايحل له ان ياخذ مما في يديه شيئا ؟ قال ( عليه السلام ) :

لايحل له ، قلت : ارأيت لو ان رجلا عدا عليه فاخذ ماله فقدر على ان ياخذ من ماله

ما اخذ أكان ذلك له ؟ قال ( عليه السلام ) : ان هذا ليس مثل هذا ( 1 ) . فالظاهر كونه

اجنبيا عن المقام ، فان المفروض في مورده ان الوصي شخصان ، واناطة جواز تصرفاتهما

بنظرهما معا ، ومن المعلوم انه لايجوز لغير الدائن ان يؤدي الدين الا مع اثباته عنده .

وبعبارة اخرى : ان الكلام في صورة ثبوت الدين عند الوصي ، وفي فرض الخبر

لم يثبت عند احدهما ، فلاربط للخبر بما هو محل الكلام .

واما اذا لم يكن وصيا على وفاء الديون ، فحيث ان الدين انما يخرج من الاصل ،

فمخرج الدين غير المال الذي بيده ، فالظاهر انه ليس له ان ياخذ منه مقاصة .

وان شئت قلت : ان المقاصة وان كانت جائزة الا انها عبارة عن اخذ دينه من

مال المديون مع اجتماع الشرائط ، والميت بموته تنتقل ديونه الى امواله ، والثلث والارث

انما يتعلقان بامواله بعد اخراجها ، فما في يده متعلق بالميت ، ودينه انما يكون على

الاموال الاخر التي بيد الورثة ، فليس موردا للمقاصة والى ذلك اشار الامام ( عليه

السلام ) في الموثق .

وبما ذكرناه يظهر ما في الاستدلال للجواز بانه محسن باستيفاء دينه و ( ما على

المحسنين من سبيل ) ( 2 ) .

قال المنصف ره بعد قوله له ان يستوفى دينه : ( او يقترض مع الملائة او يقوم

على نفسه وياخذ اجرة المثل مع الحاجة ) فهاهنا احكام :

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 93 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) التوبة آية 91 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الاول : ان للوصي ان يشتري من نفسه لنفسه باعتبار ولايته على المال الذي

يريد شرائه بالوصاية كما هو المشهور . ووجهه : ان المفروض انه ماذون في هذه المعاملة ،

والتغاير المعتبر في العقود بين الموجب والقابل يكفي الاعتباري منه ، ولايعتبر التغاير

الحقيقي ، فاطلاقات ادلة الامضاء تدل على صحته ، ويشهد بها ايضا خبر الهمداني

المنجبر ضعفه بعمل الاكثر ، قال : كتبت مع محمد بن يحيى : هل للوصي ان يشتري

من مال الميت اذا بيع فيمن زاد يزيد وياخذ لنفسه ؟ فقال ( عليه السلام ) : يجوز اذا

اشترى صحيحا ( 1 ) .

وعن الخلاف والحلي : عدم الجواز ، واستدلاله بوجوب التغاير بين الموجب

والقابل وهو مفقود ، والاخبار المانعة عن شراء الوكيل لنفسه الذي هو بمنزلة

الوصي ( 2 ) ، وبفتوى ابن مسعود .

ولكن الاول قد عرفت مافيه ، والاخبار المانعة عن شراء الوكيل لنفسه قد

عرفت في باب الوكالة انها محمولة على الحكم التنزيهي لدفع التهمة ، ولامانع من

الالتزام به في المقام ايضا ، وقول ابن مسعود ليس بحجة .

الثاني : ان للوصي ان يقترض من ما في يده مع الملائة ، والمستند النصوص

الدالة على جواز الاقتراض من مال اليتيم الذي تحت يد الانسان مع الملائة ( 3 ) وقد

مرت النصوص في بابه ، واما الاقتراض من المال الذي عين لمصارف خاصة فان علم

من الوصية الاذن فيه فلا كلام ، والا فيمكن استفادة حكمه من تلك النصوص الواردة

في الاقتراض من مال اليتيم ، سيما وان مورد اكثرها كونه وصيا عليه .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 89 من ابواب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب آداب التجارة .

( 3 ) الوسائل باب 76 من ابواب ما يكتسب به . ( * )

 

 

[ . . . ]

 

اخذ الوصي اجرة عمله

 

الثالث : ان للوصي اخد ؟ اجرة المثل مع الحاجة بلاخلاف فيه في الجملة .

وملخص القول في هذه المسألة : ان الوصي تارة : يكون وصيا على الايتام

وتكون اموالهم تحت يده ويعمل لهم فيها ، واخرى : يكون وصيا على صرف مال الوصية

في الموارد المقررة .

اما في المورد الاول : فبعد اتفاق الاصحاب على جواز اخذ العوض اختلفوا

فيما يؤخذ على اقوال :

احدها : ان له ياخذ اجرة المثل عن نظره في ماله ، اختار الشيخ في احد

اقواله ، والاسكافي والمصنف ره في محكي القواعد ، والمحقق وغيرهم ، بل عن مجمع

البيان : انه الظاهر من روايات اصحابنا .

ثانيها : انه ياخذ قدر كفايته ، ذهب اليه الشيخ في قوله الاخر والحلي .

ثالثها : انه ياخذ اقل الامرين ، فان كانت كفايته اقل من اجرة المثل فله قدر

الكفاية دون اجرة المثل ، وان كانت اجرة المثل اقل من الكفاية فله الاجرة دون

الكفاية ، واختاره جماعة . وهؤلاء بين من قيد الاخذ بالحاجة ، ومن قال انه يجوز الاخذ ولو كان غنيا

والحق ان يقال : ان مقتضى القاعدة والاية الشريفة والنصوص هو اخذ اجرة المثل ،

اما القاعدة فظاهرة ، واما الاية وهي قوله تعالى ( ومن كان فقيرا فلياكل

بالمعروف ) ( 1 ) فلان الظاهر ان المراد من الاكل فيها هو التملك أو جميع التصرفات

.....................................................................

( 1 ) النساء آية 6 . ( * )

 

 

[ . . . ]

حتى المتوقفة على الملك ، وليس المراد منه معناه الموضوع له كما في الايات الاخر ، قال

الله تعالى ( ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما ) ( 1 ) وقال عزوجل ( ولاتأكلوها

اسرافا وبدارا ) ( 2 ) وقال عز من قائل ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ( 3 ) الى

غير تلكم من الايات المتضمنة لهذه الكلمة .

وبالجملة : لا شبهة في ان الاكل اريد به معنها الكنائي وهو ماذكر ، واما

المعروف فظاهره ارادة ما هو المتعارف بين الناس ، وعلى ذلك فتدل الاية الكريمة ،

على انه يجوز لمن يتصدى امر الايتام ان يأخذ من أموالهم ماهو المتعارف اخذه بازاء

العمل وليس هو الا اجرة المثل ، فالاستدلال بالاية للقول الثاني في غير محله .

واما النصوص فهي طائفتان : الاولى : ما يكون ظاهرا في جواز اخذ اجرة

المثل ، لاحظ صحيح هشام بن الحكم عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألته

عمن تولى مال اليتيم ماله ان يأكل منه ؟ فقال ( عليه السلام ) : ينظر الى ماكان غيره

يقوم به من الاجر لهم فليا كل بقدر ذلك ( 4 ) . ونحوه غيره .

وظهور هذه النصوص في ارادة المثل لاينكر .

الثانية : ما لايكون كذلك لكنه قابل للحمل عليه ، كصحيح عبد الله بن سنان

عنه ( عليه السلام ) عن القيم لليتامي في الشراء لهم والبيع فيما يصلحهم أله قال الله

تعالى في كتابه ( وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا

.....................................................................

( 1 ) النساء آية 10 .

( 2 ) النساء آية 6 .

( 3 ) النساء آية 29 .

( 4 ) الوسائل باب 72 من ابواب ما يكتسب به من كتاب التجارة حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

فادفعوا اليهم اموالهم ولا تأكلوها اسرافا وبدارا ان يكبروا ومن كان غنيا

فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) هو القوت ، وانما عني فليأكل

بالمعروف الوصي لهم والقيم في أموالهم وما يصلحهم ( 1 ) .

وصحيحه الاخر عنه ( عليه السلام ) في قول الله عزوجل ( فليأكل

بالمعروف ) قال : المعروف هو القوت ، وانما عنى الوصي أو القيم في أموالهم وما

يصلحهم ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .

وهذه النصوص قابلة للحمل على اجرة المثل بناء على ان اجرة المثل بحسب

الغالب بالنسبة الى من جعل حرفته ذلك لاتزيد على القوت فتحمل عليها .

والشاهد على هذا الحمل الاية والنصوص الاخر ، ففي خبر ابي الصباح عنه

( عليه السلام ) : فان كان المال قيلا فلا يأكل منه شيئا ( 3 ) .

وفي خبر زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) في الاية سئل عنها فقال : ذلك

اذا حبس نفسه في اموالهم فلا يحترف لنفسه فليأكل بالمعروف من اموالهم ( 4 ) .

وفي جملة من النصوص ان من تولى ابل الايتام او مواشيهم ان له ان يصيب

من لبنها ( 5 ) .

وبالجملة بعد رد النصوص بعضها الى بعض يظهر ان المراد من الجميع اجرة

المثل ، ويؤيده ان العمل للايتام يختلف كثرة وقلة باعتبار زيادة المال وقلته ، كما ان قوت

.....................................................................

( 1 ) التهذيب ج 9 ص 244 الطبعة الثانية .

( 2 ) الوسائل باب 72 من ابواب ما يكتسب به حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 72 من ابواب ما يكتسب به حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 72 من ابواب ما يكتسب به حديث 10 .

( 5 ) الوسائل باب 72 من ابواب ما يكتسب به حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الاشخاص يختلف سيما اذا قلنا بان المراد قوته وقوت عياله ، فلاترديد في ان المراد اجرة

المثل .

وظاهر الاية الكريمة ( ومن كان غنيا فليستعضف ) ( 1 ) عدم جواز اخذ

الاجرة مع عدم الحاجة كما عن الحلي وفي المسالك والرياض .

ويشهد به - مضافا الى ذلك - : موثق سماعة عن الامام الصادق ( عليه السلام )

من كان يلي شيئا لليتامى وهو يحتاج ليس له مايقيمه فهو يتقاضى اموالهم ويقوم في

ضيعتهم فليأكل بقدر ولا يسرف ، وان كان ضيعتهم لاتشغله عما يعالج ينفسه فلايرزان

من اموالهم شيئا ( 2 ) .

فما عن الشيخ والاسكافي والمصنف ره في بعض كتبه من جواز الاخذ على

كراهة غير تام ، والعفة لاتكون ظاهرة في الجواز كي توجب صرف ظهور الامر في

الوجوب .

واما ما في بعض النصوص من انه لو كان المال قليلا أو كان ضيعتهم لاتشغله

عما يعالج نفسه أو ان عمله لوكان حفظ الدراهم والدنانير فلا يأخذ شيئا ، فانما هو

من جهة ان هذه الافعال لااجرة لها في العادة .

.....................................................................

( 1 ) النساء آية 6 .

( 2 ) الوسائل باب 72 من ابواب ما يكتسب به حديث 4 . ( * )

 

 

] وان يوصي مع الاذن لابدونه [

 

حكم ايصاء الوصي

 

12.( و ) يجوز للوصي ( ان يوصي ) بالموصي به اليه الى الغير ( مع الاذن )

من الموصي بلا خلاف لاطلاق الادلة .

و ( لا ) يجوز له ( بدونه ) بلاخلاف ايضامع المنع ، بل عليه الاجماع كما عن غير

واحد ووجهه ظاهر ، وانما الخلاف فيما اذا اطلق الموصي فلم يأذن ولم يمنع ، فعن المفيد

والتقي وابن زهرة والحلي واكثر المتأخرين بل عامتهم : انه لاتصح الوصية ، وعن

الاسكافي والنهاية والقاضي : الجواز والكلام تارة مع قطع النظر عن النص الخاص ،

واخرى بلحاظه .

اما الاول : فقد استدل للجواز : بان الموصي اقام الوصي مقام نفسه فيثبت له

من الولاية ماثبت له ومن ذلك الاستنابة بعد الموت ، وبان الاستنابة من جملة

التصرفات التي يمكلها حيا بالعموم كما يملكها بالخصوص لورود النص به .

ويضعف الاول ان الموصي اقامه مقام نفسه في فعله مادام حيا ، ولم يقمه مقامه

في جعل القائم مقام نفسه بعد موته .

والثاني : ان الاستنابة في حال الحياة الموجبة لكون الفعل فعل الوصي غير

الاستنابة بعد الموت غير المستندة اليه ، وايضا الاستنابة في حال الحياة تكون جائزة للوصي

 الرجوع فيها بخلاف الاستنابة بعد الموت .

وان شئت قلت : ان الوجهين لايخلوان عن المصادرة ، بل الاظهر بحسب

القاعدة عدم الجواز لعدم ثبوت ولاية له بعد الموت على ذلك ، والاصل يقتضي عدمها .

بل قيل : ان المتبادر من استنابته مباشرته بنفسه او بوكيله الذي هو بمنزلته

 

 

[ . . . ]

ومجبور عمله بنظره ومندرج في وصايته دون الايصاء الى الغير المشتمل على الولاية

بعد موته .

واما الثاني : ففي المقام رواية استدل بها كل من الطرفين ، وهي صحيحة

الصفار : كتبت الى ابي محمد ( عليه السلام ) : رجل كان وصي رجل فمات واوصى الى

بحقه ان كان له قبله حق ان شاء الله ( 1 ) .

استدل بها للقول بالجواز بتقريب : ان المراد بالحق هوا حق الايمان ، فكأنه قال :

يلزمه ان كان مؤمنا وفائه لحقه بسبب الايمان ، فانه يقتضي معونة المؤمن وقصاء

حوائجه التي اهمها انفاذ وصيته .

وفيه : انه من المحتمل ان يكون المراد بقوله بحقه الوصية اليه بان يوصي ،

وضمير حقه يرجع الى الموصي الاول ، والمعنى حينئذ : ان الوصية تلزم الوصي الثاني

يوصي فقد صار له قبله حق الوصية ، فاذا اوصى بها لزمت الوصي الثاني ، ومع هذا

الاحتمال يصير الخبر مجملا لايصح الاستدلال به .

وربما يستدل بها لعدم الجواز بما مر ، وهو ايضا غير ظاهر ، قال في الرياض :

واما على ما يظهر منها بعد تعمق النظر فيها من ان المراد بالسؤال ان الوصي اوصى

الى الغير فيما يتعلق به وجعله وصيا لنفسه فهل يدخل في هذه الوصية وصية الموصى

الاول فيلزم الوصي الثاني العمل بها ايضا ام لا فكتب الجواب بما مضى ، فلا وجه

ايضا للاستدلال به لكونه على هذا التقدير ايضا مجملا ، ومقتضاه حينئذ : ان كان

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 70 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

] ولا يعتدى الماذون ويتولى الحاكم من لاوصي له [

 

للوصي الاول قبله - اي قبل الوصي الثاني - حق من جهة وصية الموصي الاول لزمه

الوفاء به والا فلا ، ويكون المراد بالحق حينئذ حق التوصية الى الوصي الثاني بان

صرح له بالوصية فيرجع حاصل الجواب الى ان وصية الاول لاتدخل في اطلاق وصية

الموصى الثاني الا ان يصرح به ، وهو كما ترى غير مورد النزاع ، واطلاقه وان شمله

الا انه لاعبرة به بناء على ظهور وروده لبيان حكم غيره ، فيكون الخبر بالنسبة الى

مورد النزاع من جواز وصية الوصي الى الغير فيما اوصى به اليه الموصى ، وعدمه مجملا

محتملا لاختصاص الحكم فيه بالجواز مع الشرط بالموضع المتفق المجمع عليه وهو

صورة الاذن فيها لا مطلقا . انتهى .

وانما نقلناه بطوله من جهة انه اول ما نظرت في الرواية قبل مراجعة كلمات

القوم فيها خطر ذلك ببالي ، فرأيت انه قده تعرض له وبينه باحسن بيان ، ولذلك

اكتفيت بماذكره .

( و ) كيف كان : ف ( لا يتعدى ) الوصي ( المأذون ) .

( ويتولى الحاكم من لا وصي له ) لو كان له اطفال ولم يكن عليهم ولي من

الاجداد أو كان له وصايا أو حقوق أوديون بلاخلاف ، لان ذلك من شؤون القضاة

وقد جعله الشارع الاقدس وكيلا وقاضيا ( 1 ) فيثبت له جميع ما للقضاة من الوظائف

منها ذلك ، ولانه من الامور الحسبية التي يريد الشارع الاقدس وجودها ، وقد مر في

مبحث الولايات انه يتعين تصدى الحاكم لهذه الامور وبه يظهر انه مع فقده يتولاه

عدول المؤمنين .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب صفات القاضي حديث 1 - 6 . ( * )

 

 

] وتمضى الوصية بالثلث فما دون ولوزادت وقف الزائد على اجازة الورثة [

 

لا تصح الوصية بما زاد على الثلث الا باجازة الورثة

 

13.( وتمضي الوصية بالثلث فما دون ولوزادت ) لاتكون ماضية في الزائد

و ( وقف الزائد على اجازة الورثة ) بلا خلاف في شئ من تلكم الا عن علي بن بابويه

من نفوذها مطلقا ، وحيث ان كلامه غير ظاهر في ذلك فدعوى نفي الخلاف فيه بل

الاجماع عليه في محلها ، وفي الجواهر : بل الاجماع بقسميه عليه ، وفي الرياض : بل عليه

اجماع العلماء كما صرح به في الغنية والتنقيح والتذكرة .

وتشهد به اخبار معتبرة متظافرة ، كخبر محمد بن مسلم عن ابي جعفر ( عليه

السلام ) في رجل اوصى باكثر من الثلث واعتق مماليكه في مرضه فقال ( عليه السلام ) :

ان كان اكثر من الثلث رد الى الثلث وجاز العتق ( 1 ) .

وخبر حمران عنه ( عليه السلام ) في رجل اوصى عند موته وقال : اعتق فلانا

وفلانا ، حتى ذكر خمسة فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه اثمان قيمة المماليك الخمسة الذين

امر بعتقهم قال ( عليه السلام ) : ينظر الى الذين سماهم وبدأ بعتقهم فيقومون وينظر

الى ثلثه فيعتق منه اول شئ ذكر ، ثم الثاني والثالث ثم الرابع ثم الخامس ، فان عجز

الثلث كان في الذين سمى اخيرا لانه اعتق بعد مبلغ الثلث مالا يملك فلا يجوز له

ذلك ( 2 ) . ونحوهما غيرهما من النصوص المستفيضة او المتواترة الاتية جملة منها في ضمن

الفروع الاتية .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 67 من ابواب كتاب الوصايا حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 66 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وبازائها نصوص ، كموثق عمار عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) الرجل احق

بماله مادام فيه الروح اذا اوصى به كله فهو جائز ( 1 ) .

وموثق محمد بن عبدوس : اوصى رجل بتركته متاع وغير ذلك لابي محمد ( عليه

السلام ) فكتب اليه : رجل اوصى الي بجميع ماخلف وابعث به الي ، فبعث وبعثت به اليه

فكتب ( عليه السلام ) الي : قد وصل ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .

لكنها لاعراض الاصحاب عنها ومعارضتها بالنصوص الاولة المشهورة بين

الاصحاب التي هي اكثر عدد او اصح سندا يتعين طرحها

ولامورد لماذكره الاصحاب في مقام الجمع بين الطائفتين من حمل هذه على

محامل بعيدة لما حقق في محله من ان ما اشتهر من ان الجمع مهما امكن اولى من

الطرح ، لا اصل له في غير الجمع العرفي .

 

اجازة الوارث الوصية بما زاد على الثلث

 

وتمام الكلام في هذه المسألة ببيا امور :

احدها : انه لا اشكال في صحة الوصية بما زاد لو اجاز الورثة بعد وفاة الموصى ،

وفي الجواهر : انه اجماع بقسميه .

ويشهد به صحيح احمد بن محمد : كتب احمد بن اسحاق الى ابي الحسن ( عليه

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب كتاب الوصايا حديث 16 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب كتاب الوصايا حديث 19 . ( * )

 

 

[ . . . ]

السلام ) : ان درة ينت مقاتل توفيت وتركت ضيعة اشقاصا في مواضع واوصت لسيدنا

في اشقاصها بما يبلغ اكثر من الثلث ونحن اوصيائها واحببنا انهاء ذلك الى سيدنا ، فان

امرنا بامضاء الوصية على وجهها امضيناها ، وان امرنا بغير ذلك انتهينا الى امره في

جميع ما يأمر به ان شاء الله ، قال : فكتب ( عليه السلام ) بخطه : ليس يجب لها في تركتها

الا الثلث وان تفضلتم وكنتم الورثة كان جائزا لكم ان شاء الله ( 1 ) . وليس لهم الرجوع

في اجازتهم لان الوصية بالاجازة نفذت ، فبطلانها بالرجوع يحتاج الى دليل .

واما اذا اجاز الوارث في حياة الموصي ففي نفوذها قولان :

الاول : ما هو المشهور ، وهو النفوذ .

الثاني : ما عن المقنعة والمراسم والسرائر والوسيلة والجامع والايضاح وشرح

الارشاد ، وهو : انه لاعبرة بالاجازة حال الحياة .

وفيه نقل قولان آخران لم اظفر بقائلهما ، احدهما : التفصيل بين كون الاجازة

حال مرض الموصي فتصح ، وحال صحته فلا تصح .

الثاني : التفصيل بين غنى الوارث فتصح اجازته بلا استدعاء ، وبين فقره او

باستدعاء من الموصى فلا تصح .

والكلام تارة : فيما يستفاد من الادلة مع قطع النظر عن النصوص الخاصة ،

واخرى : بلحاظها .

اما الاول : فقد استدل المصنف ره للنفوذ بوجوه - وتبعه غيره - منها : عموم

قوله تعالى ( 2 ) ( من بعد وصية يوصى بها اودين ) بتقريب : ان مقتضى عمومه صحة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) النساء آية 12 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الوصية مطلقا ، خرج عنه ما لوزادت على الثلث ولم يجزه الوارث وبقي الباقي .

واورد عليه : بانه مع الشك يرجع الى عموم مادل على عدم صحة الوصية بمازاد

على الثلث الذي هو اخص من عموم صحة الوصية ، ولكنه يضعف بان نصوص عدم

صحة الوصية بمازاد على الثلث قيد اطلاقها بمادل على صحتها مع اجازة الوارث ،

فالتمسك بعمومها في صورة الشك تمسك بالعام في الشبهة المصداقية .

فالتمسك بعمومها في صورة الشك تمسك بالعام في الشبهة المصداقية .

ومنها : ان الرد حق للورثة ، فاذا رضوا بالوصية سقط حقهم كما لورضى

المشتري بالعيب .

واورد عليه : بانه لم يثبت الحق للورثة حال الحياة ، فلا معنى لاسقاطه ، واذا اريد

ثبوته بعد الموت فاسقاطه حال الحياة من قبيل اسقاط مالم يجب .

وفيه : ان اسقاط مالم يجب ان كان بنحو الاسقاط على تقدير الثبوت لامحذور

فيه .

ومنها : ان الاصل عدم اعتبار اجازة الوارث لانه تصرف من المالك في ملكه ،

لكن منع من الزيادة على الثلث ارفاقا بالورثة ، فاذا رضى الوارث زال المانع .

واورد عليه : بان زوال المانع انما يتم على تقدير استمرار رضا الوارث ، اما اذا

رد بعد ذلك فالارفاق به يقتضي عدم صحة الاجازة السابقة والعمل على رده .

وفيه : ان محل الكلام فعلا كفاية الاجازة في حال الحياة ، واما انه لورد بعد ذلك

هل يؤثر الرد ام لا ، فهي مسألة اخرى سيأتي الكلام فيها .

ومنها : ان المال الموصى به لايخرج عن ملك الموصي والورثة ، لانه ان برأكان

المال له ، وان مات كان للورثة ، فان كان للموصى فقد اوصى به ، وان كان للورثة فقد

اجازوه .

واورد عليه : بان موضوع الكلام صورة الموت ، فالملك يكون للورثة ، لكنه بعد

 

 

[ . . . ]

الموت لاقبله ، فالاجازة قبله اجازة من غير المالك .

وفيه ان اجازة غير المالك التصرف على تقدير ملكه لامانع من تأثيرها .

واما النص الخاص فمنه صحيح محمد بن مسلم عن ابي عبد الله ( عليه السلام )

وفي رجل اوصى بوصية وورثته شهود فاجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل

لهم ان يردوا ما اقروا به ؟ فقال ( عليه السلام ) : ليس لهم ذلك ، والوصية جائزة عليهم

اذا اقروا بها في حياته ( 1 ) . ونحوه صحيح منصور بن حازم ( 2 ) وعيره .

ودلالتها على نفوذ الوصية ظاهرة ، ومع ذلك كله فلا يصغى الى ما عن السرائر

من الاستدلال لعدم النفوذ بانها اجازة في غير ما يستحقونه بعد فلايلزمهم بحال .

 

اجازه الوارث تنفيذ لعمل الموصي

 

ثانيها : انه هل تكون اجازة الوارث تنفيذ العمل الموصى فلا يعتبر فيها شئ

مما يعتبر في الهبة وينتقل المال من الموصي الى الموصى له ، او ابتداء عطية من الوارث

فتفتقر صحتها الى القبض ، بل القبول ايضا وينتقل المال من الوارث الى الموصى له ؟

وجها . المشهور هو الاول ، وفي المسالك : هو مذهب الاصحاب لايتحقق فيه خلاف

بينهم وانما يذكر الاخر وجها او احتمالا وانما هو قول العامة ، والمرجح عندهم ما

اخترناه ايضا . انتهى .

وقد استدل لكل من القولين بوجوه استحسانية .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 13 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 13 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 . ( * )

 

 

] ولو اجاز بعض مضى في قدر حصته [

 

والحق ان يقال : انه تارة : يبحث في مقام الثبوت ، واخرى : في مقام الاثبات .

اما في مقام الثبوت : فلا مانع من الالتزام بنفوذ وصية الموصي وانتقال المال منه

الى الموصى له ، اما لان المال له حتى ما بعد موته غاية الامر بالنسبة الى ثلثه يكون

مشروطا بالوصية ، وبالنسبة الى مازاد عليه يكون مشروطا بها مع اجازة الوارث ، واما

لانه وان كان المال للورثه لكن كما يجوز تمليك مال الغير باذنه بعد ماصار ملكا له

كذلك يجوز تمليكه من اول مايكون المقتضي لدخوله في ملكه موجودا ، فعلى التقديرين

لامانع من الالتزام بانتقال المال من الموصي الى الموصى له .

واما في مقام الاثبات : فالموصي انما ينشأ التمليك وليس من الوارث انشاء

تمليك ، وانما كان منه اجازة ذلك الانشاء ، فهي تكون تنفيذا لذلك لا ابتداء تمليك ،

والنصوص ايضا ظاهرة في ذلك ، لاحظ قوله ( عليه السلام ) : والوصية جائزة عليهم

اذا اقروا بها في حياته . فانه كالصريح في ان المملك هي الوصية التي اقروا بها لا

الاقرار ، فلا اشكال في انها تنفيذ للوصية لا ابتداء عطية .

ثالثها : ( ولو ) كانت الوصية زائدة عن الثلث و ( اجاز ) ها ( بعض ) الورثة

( مضى في قدرحصته ) ولايضر التبعيض بلاخلاف ، وظاهر كلماتهم المفروغية عن

جواز ذلك ، وهي كذلك للعمومات ، وعليه فيتم ما افاده صاحب الجواهر ، قال : وكذا

لواجاز الجميع البعض او البعض لاتحاد الجميع في المدرك . انتهى .

وذكروا مثالا للتوزيع في ما لواجاز بعض الورثة ، وهو : انه نفرض التركة ستة ،

وكان الموصى به ثلاثة ، فتزيد الوصية على الثلث بسدس المجموع ، فاذا كان للميت

ابن وبنت كان هذا السدس مشتركا بينهما اثلاثا ، ولو اجاز الابن فقط صحت الوصية

في ثلثي السدس وبطلت في ثلثه ، فتصح الوصية في اثنين وثلثين من الثالث ، وان اجازت

البنت صحت الوصية في اثنين وثلث من الثالث .

 

 

] ولو اجازوا قبل الموت صح ويملك الموصى به بعد الموت والقبول ]

ويقدم الواجب من الاصل [

 

( و ) كما تصح الوصية ( لو ) زادت الوصية عن الثلث ان ( اجاز واقبل الموت )

كما مر كذلك ( صح ) لو اجاز البعض دون البعض .

رابعها : لاخلاف ( و ) لا اشكال في انه ( يملك ) الموصى له ( الموصى به بعد

الموت ) من غير فرق بين ما لو زادت الوصية على الثلث واجاز الوارث ، او كانت

بقدره فما دون ، ( و ) اما توقف الملكية على ( القبول ) وعدمه فقدمر الكلام فيهما مفصلا

عند القول في شرطية القبول . فراجع .

 

حكم الايصاء بالواجب وغيره

 

خامسها : ( و ) لو اوصى بواجب وغيره ( يقدم الواجب ) فيخرج ( من الاصل )

كان الواجب ماليا كاالدين والحج ، ام بدينا كالصوم والصلاة كما تقدم في كتاب : الحج

مفصلا وعرفت ان الواجب يخرج من الاصل مطلقا لاطلاق الدين عليه في الاخبار ،

ودلالة النصوص على ان كل دين يخرج من الاصل ، والايصاء به لايوجب صرفه الى

الثلث ، بلاخلاف في ذلك .

ويشهد به : صحيح معاوية بن عمار عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل

توفى واوصى ان يحج عنه قال ( عليه السلام ) : ان كان صرورة فمن جميع المال انه

بمنزلة الدين الواجب ، وان كان قد حج فمن ثلثه . الحديث ، ونحوه الموثق ( 1 ) .

وهما كما ترى صريحان في ان الوصية للحج لاتوجب اخراجه من الثلث ، بل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب وجوب الحج حديث 6 . ( * )

 

 

] والباقي من الثلث ويبدأ بالاول فالاول في غير الواجب ولو جمع تساووا [

 

يخرج من الاصل مطلقا ، وما فيهما من التعليل ظاهر في العموم لكل ماهو بمنزلة

الدين ، فيشملان جميع الواجبات .

( و ) يخرج ( الباقي من الثلث ويبدأ بالاول فالاول في غير الواجب ) حتى

يستوفى الثلث ويبطل فيما زاد عليه ان لم يجز الورثة ، بلا خلاف فيه .

ويشهد به : خبر حمران عن ابي جعفر ( عليه السلام ) في رجل اوصى عند موته

وقال : اعتق فلانا وفلانا ، حتى ذكر خمسة ، فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه اثمان قيمة المماليك

الخمسة الذين امر بعتقهم قال ( عليه السلام ) : ينظر الى الذين سماهم وبدأ بعتقهم

فيقومون وينظر الى ثلثه فيعتق منه اول شئ ذكر ثم الثاني والثالث ثم الرابع ثم

الخامس ، فان عجز الثلث كان في الذين سمى اخيرا لانه اعتق بعد مبلغ الثلث

مالا يملك فلا يجوز له ذلك ( 1 ) .

وضعفه منجبر بالشهرة وبرواية ابن ابي محبوب المجمع على تصحيح ما يصح

عنه عن موجبه ، ومورده وان كان خاصا الا ان التعليل ظاهر في العموم .

( ولو جمع ) ما اوصى به من الواجب وغيره في الثلث بان صرح باخراجه منه

( تساووا ) في الثلث عملا بمقتضى الوصية ، وحينئذ ان كان الثلث وافيا بالجميع

فلا كلام والا فيبدأ بالواجب وان تاخر في الذكر بلا خلاف ظاهر .

والتعليل في الصحيح : ان امرأة من اهلي ماتت واوصت الي بثلث مالها وامرت

ان يعتق عنها ويتصدق ويحج عنها فنظرت فيه فلم يبلغ فقال ( عليه السلام ) : ابدأ

بالحج ، فانه فريضة من فرائض الله عزوجل ، واجعل ما بقي طائفة في العتق وطائفة

في الصدقة . الحديث ( 2 ) ، ظاهر في ذلك مضافا الى اولوية الواجب عن غيره مع حصول

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 66 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 65 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

تيقن براءة الوصي بصرفه فيه بخلاف ما لو صرفه في غيره .

ولو اوصى بالازيد او بتمام تركته ولم يعلم كونها في واجب حي تنفذ اولا حتى

يتوقف الزائد على اجازة الورثة ، فقد يقال كما عن سيد الرياض بالاول حيث انه وجه

كلام والد الصدوق الظاهر في كن جميع الوصايا من الاصل : بان مراده ما اذا لم يعلم

كون الموصى به واجبا اولا ، واختار جماعة من المحققين منهم صاحب الجواهر ره وسيد

العروة ، وغيرهما الثاني .

واستدل للاول : بحمل مادل من الاخبار على انه اذا اوصى بماله فهو جائز

وانه احق بماله مادام فيه الروح على ذلك ، وبان مقتضى عمومات وجوب العمل

بالوصية خروجها عن الاصل خرج عنها صورة العلم بكونها ندبية ، وبانه اذا كانت

الحالة السابقة هو الوجوب كما اذا علم وجوب الحج عليه سابقا ولم يعلم انه اتى به

ام لا يجرى الاستصحاب ويحكم بالخروج من الاصل ، وباصالة الصحة في الوصية .

ولكنها جميعا ضعيفة ، اما الاول : فلما مر من ان تلك النصوص لابد من طرحها

لاحملها على خلاف ظاهرها .

واما الثاني : فلان الخارج عن عمومات وجوب العمل بالوصية الوصية بغير

الواجب فيما زاد على الثلث ، فالتمسك بالعمومات حينئذ تمسك بالعام في الشبهة

المصداقية ، وهو لا يجوز .

واما الثالث : فلان استصحاب بقاء تكليف الميت لاينفع في تكليف الوارث ،

لان تكلفيه بالاخراج فرع تكليف الميت حتى يتعلق الحق باصل التركة ، وثبوت

تكليف الميت فرع شكه ، واجرائه الاستصحاب لاشك الوارث ، وحال الميت غير

معلوم انه متيقن باحد الطرفين اوشاك .

ولايقاس المقام بما لو شك في نجاسة يد شخص وهو نائم مع العلم بنجاسته

 

 

[ . . . ]

سابقا ، الذي لا اشكال في جريان الاستصحاب في يده ، مع ان حال النائم غير

معلومة ، اذ في المقيس عليه لايتوقف الحكم بنجاسته بالنسبة الى هذا الشخص على

ثبوت نجاسته عنده ، واما في المقام فوجوب الاخراج من الاصل فرع ثبوت تكليف

الميت واشتغال ذمته بالنسبة اليه من حيث هو .

واما الرابع : فلان المراد من اصالة الصحة ان كان اصالة صحة الوصية وضعا

فلا أساس لهذا الاصل ، وان كان المراد ان الاصل عدم تصرف الانسان في مال غيره ،

فيرده : ان هذا الاصل لايجري في المقام بعد عدم كون الايضاء بما للوارث معصية .

فالمتحصل عدم تمامية شئ مما ذكروه في وجه الخروج من الاصل .

وقد استدل للثاني - اي عدم النفوذ مالم يثبت كونها بالواجب - : بظهور

النصوص في ذلك ، لان الظاهر منها انه يقف نفوذ الوصية على اجازة الورثة بمجرد

اشتمال الوصية على الازيد من الثلث ، وانما خرج عن ذلك ما لو علم كون ما اوصى

به واجبا .

وبعبارة اخرى : ان المستفاد منها الحكم بعدم نفوذ الوصية حتى يعلم ان

صدورها منه بسبب من الاسباب التي توتجب الخروج من الاصل عملا بظاهر مادل

على تعلق حق الوارث بالزايد من الثلث حتى يعلم خلافه ، واصالة النفوذ في الوصية

على تقدير تسليمها انما هي حيث لاتعارض حق الغير ، ذكره صاحب الجواهر ره .

وفيه : ان مادل على توقف نفوذ الوصية بالازيد من الثلث على اجازة الورثة

انما هو في مقام بيان الحكم الواقعي ، وخرج عنه الوصية بالواجب ، وهو في المقام

مشكوك فيه ، فالتمسك بذلك الدليل العام تمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، وهو غير

جائز .

واشكل منه استدلاله بظاهر مادل على تعلق حق الوارث بالزايد من الثلث

 

 

[ . . . ]

حتى يعلم خلافه ، اذ لم نقف على ذلك الدليل المغيا بالغاية المشار اليها واضعف من

الجميع دعواه في ذيل كلامه ان ادلة صحة الوصية بمازاد على الثلث مع وجود السبب

المقتضي تعارض ادلة رد الوصية فيما زاد على الثلث ، والنسبة عموم من وجه ، وتقدم

الثانية ، اذ الطائفة الثانية اخص مطلق من الاولى فتقدم عليها لذلك ، ولكنه لايصح

الاستدلال بها في المقام لما مر .

فالحق ان يقال : ان كون ما اوصى به واجبا غير معلوم ، والاصل عدمه ، وبهذا

الاصل الموصوعي يدخل في الاخبار الدالة على عدم صحتها اذا كانت ازيد من

الثلث ، اذ الخارج منها كونها بالواجب .

 

اذا اجاز الورثة ثم ادعوا الظن بقلة المال

 

سادسها : لو أوصى بما يزيد على الثلث فاجاز الورثة ثم قالوا : ظننا أنه قليل ،

ففيه أقوال

الاول : أنه أن كانت الوصية بمقدار من المال مشاع في التركة كنصف ماله

مثلا قضى عليهم بما ظنوه ، وعليهم الحلف على الزايد ، فلو قالوا : ظننا أنه ألف درهم

فبان ألف دينار ، قضى عليهم بثلث الالف دينار بالوصية وسدس الالف درهم بالاجازة ،

وان كانت بعين معينة كدار مثلا لم يلتفت الى دعواهم ، ذكره جماعة من الاصحاب ،

وفي الجواهر : لا اجد فيه خلافا صريحا .

الثاني : التسوية بين المسألتين في القبول ، حكى في الجواهر الميل اليه من

الدروس ، وجعله في محكي التحرير وجها وعن القواعد احتمالا ، وفي المسالك ، لعله

الاوجه .

 

 

[ . . . ]

الثالث : التسوية بينهما في عدم القبول ، اختاره صاحب الجواهر وتبعه سيد

العروة وجمع من محشيها .

واستدل للاول : بانه انما يقبل قولهم في المسألة الاولى لاصالة عدم العلم

بالزائد ، مضافا الى ان المال مما يخفى غالبا ، ولان دعواهم يمكن ان تكون صادقة

ولا يمكن الاطلاع على صدق ظنهم الا من قبلهم ، لان الظن من الامور النفسانية ،

فلو لم يكتف فيه باليمين لزم الضرر لتعذر اقامة البينة على دعواهم ، ولاصالة عدم

الاجازة ، وانما لايقبل في الثانية لان الاجازة هنا تضمنت معلوما وهو الدار مثلا .

واستدل للثاني : بالنسبة الى عدم القبول في الاول بمامر ، ولعدمه في الثانية : بان

الاجازة وان وقعت على معلوم وهو الدار في المثال ، لكن كونه مقدار الثلث او ماقاربه

مما تسامحوا فيه مجهولا ولايعرف الا بمعرفة مجموع التركة ، والاصل عدمه ، ولكن

الاصول المشار اليها لا أثر لها في المقام أصلا ، وذلك لان الخلاف في المقام ليس في ما

يجيزه .

وعليه فالحق ان يقال : أنه لابد من البناء على عدم الاعتناء بما يدعيه ، وذلك

لانه قد تكرر منافي هذا الشرح ان الاثار الوضعية لاتتبع ما في النفس من الترجحات ،

ولا تأثير فيها على الانشاء ، فلو اشترى شيئا لغرض من الاغراض ولم يتحقق ذلك في

الخارج لايبطل الشراء ولايثبت له الخيار ، وهذا هو الفارق بين الاثار الوضعية

والتكليفية ، فان الاثار التكليفية تتبع الترجحات النفسانية ، وعلى ذلك ففي المقام بما

ان الوارث اجاز الوصية الواقعة في الخارج وكونه ظانا بقلة الموصى به من قبيل

الاغراض والدواعي فتخلفه لايؤثر شيئا .

فان قيل : أنه يكفي في رفع اثر الاجازة حديث لاضرر .

 

 

[ . . . ]

قلنا : أنه بناء على ما تقدم منا من ان المال الموصى به وان زاد على الثلث ينتقل

من الموصى الى الموصى له لو اجاز الوارث ، يكون ذلك من قبيل عدم النفع لا الضرر ،

فلامورد لحديث لاضرر .

فالمتحصل : ان الاظهر هو عدم القبول في كلتا المسألتين ، والله العالم .

 

المدار في الثلث على حال الوفاة

 

سابعها : لاخلاف بين الاصحاب في ان المدار في اعتبار الثلث على حال وفاة

الموصى لاحال الوصية ، وعن الخلاف : الاجماع عليه .

ويقتضيه ظهور الادلة ، بل صراحة بعضها ، ولا يخفي ان في المقام مسألة اخرى

خلطت بما هو عنوان هذه المسألة ، وهي : انه لو قال الموصي : اعطوا ثلث مالي لزيد او

نصفه او ربعه او ماشاكل ، او قال : ملكت هذا المقدار زيدا ، وفرضنا ان زاد ماله بعد

الوصية قبل الوفاة ، وهذه غير مسألتنا ، وهي ما لو أوصى بشئ ثم مات وكان ذلك

الشئ ازيد من ثلث ماله حين الوصية وبقدره أو أقل حين الوفاة ، والحكم في ما هو

معنون في المقام ما ذكر ، واما في هذه المسألة فان كانت الزيادة متوقعا حصولها فظاهر

ايضاء الموصي قصده لها ايضا ، والا فظاهر أنه غير قاصد لها بل ظاهر الحمل ارادة

حال الوصية كما في سائر الموارد التي يحمل فيها العنوان على ما يكون حال الخطاب .

مثلا : اذا قال : لله علي ان اتصدق نصف مالي ، فالمراد خال النذر لا ما يتجدد بعد .

والى هذا نظر المحقق الثاني قده ، حيث قال بعد ذكر ماهو محل الكلام : وان

المدار على الثلث حال الوفاة هذا يستقيم فيما اذا اوصى بقدر معلوم ، أما اذا أو صى

بثلث تركته وكان في وقت الوصية قليلا فتجدد له مال كثير بالارث أو الوصية أو

 

 

[ . . . ]

بالاكتساب ، ففي تعلق الوصية بثلث المتجدد مع عدم العلم بارادة الموصي للموجود

وقت الوصية والمتجدد نظر ظاهر منشأه قرائن الاحوال على ان الموصي لم يرد ثلث

المجدد حيث لايكون تجدده متوقعا ، وقد تقدم الاشكال فيما لو اوصى لاقرب الناس

اليه وله ابن وابن فمات الابن ، فان استحقاق ابن الابن لها لايخلو من تردد .

انتهى .

ومحصل الفرق بين المسألتين : أنه فيما هو عنوان البحث يكون النفوذ بمقدار

الثلث حكما شرعيا غير منشأ للموصي ، فالمتبع فيه الدليل ، وقد مر ظهوره في الثلث

حين الوفاة . وأما في هذه المسألة فالثلث هو مورد انشاء الموصي ، وفيه لابد من رعاية

انشائه ، ولاريب أنه يكون منشئا لثلث ما يتجدد اذا لم يكن متوقعا حصوله .

نعم لو احتمل حصول او انشأت ثلث ماهو داخل في ملكه حين الوفاة لا

اشكال حينئذ في أن المدار عليه أيضا ، الا أنه غير ما هو معنون في المسألة الثانية ،

فلايرد على المحقق الثاني ، ما افاده سيد العروة : بأنه يلزم العمل باطلاق على عدم ارادة الزيادة

المتجدد موجودة .

وثانيا : انه يكفي في رفع اليد عن الاطلاق وجود ما يصلح للقرينية ، ولا تعتبر

القرينة القطعية ، هذا ما يقتضيه القاعدة .

ولكن في المقام نصوصا خاصة تدل على ان المال المتجدد أيضا يلاحظ في مثل

هذه الوصية ، لاحظ صحيح محمد بن قيس : قلت له : رجل أوصى لرجل بوصية من

ماله ثلث اوربع فيقتل الرجل خطئا - يعني الموصى - فقال ( عليه السلام ) : يجاز لهذه

 

 

[ . . . ]

الوصية من ماله ومن ديته ( 1 ) .

وخبر السكوني عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : قال أمير المؤمنين ( عليه

السلام ) : من أوصى بثلثه ثم قتل خطئا فان ثلث ديته داخل في وصيته ( 2 ) . ونحوهما

غيرهما .

فان الظاهر ان الحكم بجواز الوصية من ديته التي هي مال لم يكن يتوقعه ، من

جهة كونها مالا له لا لخصوصية في الدية ، وعليه فالبناء على ان المدار في هذه المسألة

ايضا على القدر المشاع في مجموع المال الموجود حال الوفاة أوجه .

وبما ذكرناه يظهر انه لافرق في احتساب الدية من التركة ، وخروج الثلث منها

بين ما اذا كان القتل خطئا ، أو كان عمدا وصالح أوليائه قاتله على الدية ، بواسطة

النصوص الدالة على ان تلك الدية أيضا بحكم مال الميت ، لاحظ خبر عبد الحميد

عن ابي الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا واتخذ

اهله الدية من قاتله ، عليهم ان يقضوا دينه ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ، قلت : وهو لم

يترك شيئا قال ( عليه السلام ) : انما اخذوا الدية فعليهم ان يقضوا دينه ( 3 ) . نحوه خبر

يحيى الازرق عن ابي الحسن ( عليه السلام ) ( 4 ) ، فان اطلاقهما شامل للعمد .

وخبر ابي بصير عن ابي الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) قال : قلت :

فان هو قتل عمدا وصالح أوليائه قاتله على الدية فعلى من الدين ، على أوليائه أم من

الدية أو امام المسلمين ؟ فقال ( عليه السلام ) : بل يؤدوا دينه من ديته التي صالح

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 14 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 14 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 3 - 4 ) الوسائل باب 24 من ابواب الدين والقرض حديث 1 . ( * )

 

 

] ولو اوصى بجزء فالسبع [

 

عليها أوليائه ، فانه أحق بدينه من غيره ( 1 ) .

 

حكم الوصية المبهمة

 

14.في الوصايا المبهة ( ولو اوصى بجزء ماله ) ولم تكن هناك قرينة من

عرف اوعادة على تعيينه ( ف ) فيه قولان :

احدهما : ما عن المفيد والاسكافي والديلمي والقاضي وابن زهرة والمصنف ره

هنا وجماعة ، وهو : انه كان الموصى به ( السبع ) وهو المنسوب الى الاكثر ، بل عن ابن

زهرة الاجماع عليه .

ثانيهما : كونه العشر ، ذهب اليه الصدوقان والطوسي في كتابي الاخبار ،

والمصنف ره في المختلف ، وولده والشهيد في الدروس واللمعة ، والمحقق الثاني .

ومنشأ الاختلاف النصوص ، فتدل على الاول نصوص ، كصيح البزنطي عن

ابي الحسن ( عليه السلام ) : السهم واحد من ثمانية ، ثم قرأ انما الصدقات . . .

الخ . ( 2 ) ومثله صحيح اسماعيل بن همام ( 3 ) ، ونحوهما غيرهما .

وتشهد للثاني روايات كثيرة مستفيضة كادت تبلغ التواتر ، كخبر عبد الله بن

سنان عن عبد الرحمن بن سيابة قال : ان امرأة أوصت الي وقالت : ثلثي يقضى به ديني

.....................................................................

 ( 1 ) الوافى باب اولياء الدم من ابواب القصاص ج 2 ص 192 .

( 2 ) ذكر صدره في الوسائل باب 54 من ابواب الوصايا حديث 11 وذيله في باب 55 منها حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 54 من ابواب كتاب الوصايا حديث 12 . ( * )

 

 

] والسهم الثمن [

 

وجزة منه لفلان ، فسألت ابن أبي ليلى فقال : ما أدري ما الجزء ، فسألت أبا عبد الله

( عليه السلام ) عن ذلك فقال : كذب ابن ابي ليل لها عشر الثلث ، ان الله تعالى أمر

ابراهيم فقال ( اجعل على كل جبل منهن جزءا ) وكانت الجبال يومئذ عشرة ، فالجزء

هو العشر من الشئ ( 1 ) . وفي معناه خبر معاوية بن عمار عنه ( عليه السلام ) ( 2 ) ، ومثله

حسن ابان بن تغلب عن ابي جعفر ( عليه السلام ) ( 3 ) ، وخبر ابي بصير عن ابي عبد الله

( عليه السلام ) ( 4 ) ، وغير تلكم من الاخبار .

وهذه وان كانت اكثرها ضعيفة السند ، الا ان فيها الحسن ، بل والصحيح فان

المصنف ره في محكي المختلف ذكر : ان حديث ابن سنا صحيح ، ولم يذكر في سنده

ابن سيابة ، بل جعل الراوي عن الامام عبد الله بن سنان بلاواسطة ، وقد رواه الشيخ

كذلك في الاستبصار ، فيكون صحيحا ، وكذلك الشهيد في محكي الدروس جعله

صحيحا ، فالطائفتان متعارضتان ، وحيث ان كلا من القولين مشهور بين الاصحاب

فلامورد للمرجح الاول من رجحات باب التعارض ، فيتعين الرجوع الى ثاني

المرجحات وهي صفات الراوي ، وهي تقتضى تقديم النصوص الاولة لاصحية

اسنادها ، فالمتجه انه السبع .

( و ) لو اوصى ب ( السهم ) كان الموصى به هو ( الثمن ) على الاظهر الاشهر ،

بل عليه عامة من تأخر كما في الرياض ، والنصوص ( 5 ) دالة عليه ، كصحيح البزنطي

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 54 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 54 من ابواب كتاب الوصايا حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 54 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 54 من ابواب كتاب الوصايا حديث 19 .

( 5 ) الوسائل باب 55 من ابواب 55 من ابواب كتاب الوصايا . ( * )

 

 

] والشئ السدس ولو اوصى بمثل نصيب احد الورثة صحت من الثلث ، فان

لم يزد او اجازوا كان الموصى له كاحدهم فلو اوصى بمثل نصيب ابنه وليس

له سواه اعطى النصف مع الاجازة والثلث بدونها ، ولو كان له ابنان فالثلث

ولو اختلفوا اعطى الاقل الا ان يعين الاكثر [

 

المقدم وغيره .

وعن الصدوق والشيخ وابن زهرة : انه السدس ، للرضوي ( 1 ) والعامي ( 2 ) ،

وقول ( 3 ) اياس بن معاوية وكل كما ترى .

( و ) لو اوصى ب ( الشئ ) من ماله كان هو ( السدس ) بلاخلاف ،

والنصوص ( 4 ) هنا متفقة .

( ولو اوصى بمثل نصيب احد الورثة صحت من الثلث ، فان لم يزد او

اجازوا كان الموصى له كاحدهم ) غاية الامرهم يرثون المال بالارث وهذا بالوصية .

( فلو اوصى بمثل نصيب ابنه وليس له سواه اعطى النصف مع الاجازة

والثلث بدونها ، ولوكان له ابنان فالثلث ولو اختلفوا ) كما لوكان له ابن وبنت وقال :

اعطوا زيدا كاحد ولدي ( اعطى الاقل الا ان يعين الاكثر ) لان ذلك هو المتيقن

والزائد مشكوك فيه ، هذا هو المشهور بين الاصحاب ، ومحصله : ان الموصى له يكون

بمنزلة وارث آخر فيضاف الى الورثة ، ويتساوى الموصى له والورثة ان تساووا ، وان

تفاضلوا جعل كأقلهم نصيبا .

وعن جماعة من العامة : انه يعطى مثل نصيب المعين اومثل نصيب احدهم اذا

كانوا متساويين من اصل المال ، ويقسم الباقي بين الورثة ان تعددوا لان نصيب الوارث

.....................................................................

( 1 ) المستدرك باب 47 من ابواب الوصايا حديث 3 .

( 2 - 3 ) التذكرة ج 2 ص 496 .

( 4 ) الوسائل باب 56 من ابواب كتاب الوصايا والمستدرك باب 48 منها . ( * )

 

 

] ولو نسى الوصي وجها رجع ميراثا [

 

قبل الوصية من اصل المال ، فاذا اوصى له بمثل نصيب ابنه وله ابن واحد فالوصية

بجميع المال وان كان له اثنان فبنصفه ، وان كانوا ثلثة فبثلثه .

ومال اليه المنصف ره في محكي التحرير وجعله قريبا من الصواب ثم رجح

مذهب الاصحاب ، واجاب عن جحتهم : بان التماثل يقتضي شيئين والوارث لايستحق

شيئا الا بعد الوصية النافذة بالوارث الموصى له بمثل نصبيه ولانصيب له الا بعد

الوصية ، فحينئذ يجب ان يكون مال الموصى له مماثلا لنصيبه بعد الوصية ، وعلى ما

ذكروه من ان الوصية مع الواحد بالجميع ومع الاثنين بالنصف ومع الثلاثة بالثلث

لايكون هناك نصيب للوارث مما ثل لنصيب الموصى له ، وهو خلاف مدلوا الوصية ،

فيكون تبديلالها ، والضابط عندها ان يعتبر نصيب الموصى له بعد الوصية فتقام فريضة

الميراث ويزاد عليها مثل سهم الموصى بنصيه ، وعند اولئك الباقين يعتبر نصيب

الموصى له بنصيبه لو لم يكن وصية . انتهى .

 

حكم نسيان مورد الوصية

 

15.( ولو ) اوصى بوجوه ف ( نسى الوصي وجها ) منها او اكثر صرف المنسي

في وجوه البر ، وكذا لو نسى جميع الوجوه ، او كان وجها واحدا فنسيه ، او لم يعلم به من

الاول : او غير ذلك مما تعذر الصرف في مصرفها كما هو المشهور بين الاصحاب .

وعن الشيخ قده في بعض فتاويه والحلي والمصنف هنا انه : ي ( رجع ميراثا ) .

يشهد للاول : خبر محمد بن الريان : الى ابي الحسن ( عليه السلام )

اسأله عن انسان اوصى بوصية فلم يحفظ الوصي الا بابا واحد كيف يصنف في الباقي ؟

 

 

[ . . . ]

فوقع ( عليه السلام ) : الابواب الباقية اجعلها في البر ( 1 ) .

وخبر ابن ابي عمير عن زيد النرسي عن صاحب السابري : اوصى الي رجل

بتركته فامرني ان احج بها عنه فنظرت في ذلك فاذا هي شئ يسير لايكفي للحج

فسألت ابا حنيفة وفقهاء اهل الكوفة فقالوا : تصدق بها عنه - الى ان قال - فلقيت

جعفر بن محمد عليهما السلام في الحجر - الى ان قال - فقال : ما صنعت ؟ قلت : تصدقت

بها قال ( عليه السلام ) : ضمنت الا ان لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة ، فان كان

لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان ، وان كان يبلغ ما يحج به من مكة فانت

ضامن ( 2 ) .

وتعضدهما النصوص الكثيرة الواردة في نظائر المسألة ، لا حظ ماورد في المنذور

للكعبة ( 3 ) ، وماورد في الوصية بألف درهم لها ( 4 ) .

قال الصدوق : روي عن الائمة عليهم السلام : ان الكعبة لاتأكل ولاتشرب

وما جعل هديا لها فهو لزوارها . وقريب منه غيره ونحوه ماورد في غير ذينك

الموردين .

فان المستفاد من تلكم النصوص ان كل ما اوصى به لوجه فنسي ذلك بالكلية

او تعذر صرفه فيه يصرف في وجوه البر ، فعلى هذا لايصغى الى ما استدل به للقول

الاخر ببطلان الوصية بامتناع القيام بها ، مع ان الملازمة ممنوعة ، وايضا فان المال خرج

عن ملك الموصي ، فلا موجب لرجوعه ميراثا .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 61 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 37 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 3 - 4 ) الوسائل باب 22 من ابواب مقدمات الطواف من كتاب الحج . ( * )

 

 

] ويعمل بالاخير من المتضادين فان لم يتضادا عمل بهما

ولو قصر الثلث بدأ بالاول فالاول [

 

هذا كله فيما لو اوصى لجهة من الجهات او لطائفة من الطوائف غير المعلوم

او لشخص مردد بين اشخاص غير محصورين ، واما لو اوصى لشخص وتردد بين

شخصين او اشخاص محصورين فالنصوص المتقدمة غير شاملة له ، اما غير الاول

منها فواضح ، واما الاول فلان مورده عدم حفظ الوصي بقول مطلق ، فلايشمل مالو

حفظ في الجملة ، وفي مثل ذلك لابد من الرجوع الى القاعدة في المال المردد بين

شخصين او اشخاص ، وهي تقتضي التوزيع بالسوية كما مر الكلام في ذلك غيرمرة .

 

حكم الوصايا المضادة

 

16.لاخلاف ( و ) لا اشكال في انه ( يعمل بالاخير من المتضادين ، فان لم

يتضادا عمل بهما ) ان لم يزدا على الثلث ( ولو قصر الثلث بدأ بالاول فالاول )

وتحقيق القول ببيان امور :

الاول : انه يتحقق التضاد باتحاد الموصى به واختلاف الموصى له ، كما لو اوصى

بدار معينة لزيد ثم اوصى بها لعمرو ، او اوصى بمبلغ معين لزيد ثم قال : ما اوصيت به

لزيد فهو لعمر ، والظاهر انه لا اشكال في انه يعمل بالاخيرة من الوصيتين ، لان

الثانية حينئذ تكون رجوعا عن الاولى ، ولكنه يتم مع عدم نسيان الاولى ، واما مع

نسيانها والذهول عنها فلايكون هذه رجوعا عن الاولى .

الثاني : انه لو كانت كل من الوصيتين مطلقة كما اذا اوصى لزيد بمائة ثم اوصى

لعمرو بمائة ، او اوصى لزيد بدار ثم اوصى بدار آخر لعمر ووزادتا على الثلث صحت

الاولى وتوقفت الثانية على الاجازة كما مر الكلام فيه وعرفت ان ماورد من النص

 

 

[ . . . ]

في العتق بواسطة ما فيه من التعليل يدل على ذلك .

الثالث : انه لو اوصى بثلثه لواحد وبثلثه لاخر ، فهل هي وصايا متضادة فيعمل

بالاخيرة ، ام لا فبالاولى ؟ قال الشهيد في المسالك : ان كلام الاصحاب قد اختلف

فيها اختلافا كثيرا ، وكذلك الفتوى حتى من الرجل الواحد في الكتب المتعددة بل

الكتاب الواحد . انتهى .

وملخص القول فيه : انه قد يقال - كما عن الحلي والمحقق الشيخ علي - : ان

الاصل في الوصية ان تكون نافذة ، فيجب حملها على مايقتضي النفوذ بحسب الامكان ،

وانما تكون الثانية نافذة اذاكان متعلقها هو الثلث الذي يجوز للمريض الوصية به ،

فيجب حملها عليه كما يجب حمل اطلاق بيع الشريك النصف على استحقاقه حملا للبيع

على معناه الحقيقي ، وحينئذ التضاد في مثل ما لو قال : اوصيت بثلث لزيد وبثلث

لعمر ، فيكون الثاني ناسخا للاول فيقدم ، واولى منه ما لو قال : ثلث مالي .

ولكن يتوجه عليهما ما افاده في المسالك ، قال : ان الاطلاق في الوصية وغيرها

من العقود انما يحمل على الصحيح ، واما النافذة بحيث لايترتب عليه فسخ بوجه

فلا اعتبار به قطعا ، الا ترى ان الوصية بجميع المال توصف بالصحة ، ووقوف مازاد

على الثلث على الاجازة ، ولا يقول احد انها ليست صحيحة - الى ان قال - لان جميع

التركة مستحقة للموصي حال حياته اجماعا ، فقد اوصى بما يتحقه ، ومن ثم حكموا

بصحة وصيته بمازاد على الثلث وصحة هبته له وان توقف على اجازة الورثة . انتهى .

وان شئت قلت : ان اطلاق الوصية انما يقتضي ارادة معنى ما تعلقت به ، واما

الصحة والفساد شرعا - بمعنى النفوذ لعدم المانع او عدمه لمانع او لفقد شرط -

فخارجتان عن مدلول الوصية ، فحيث ان الوصية الثانية تعلقت بما اخرجه قبل ذلك

عن ملكه ، فهي مقرونة بالمانع ، فلا تصح الا مع الاجازة ، والى ذلك اشار الامام ( عليه

 

 

] وتثبت الوصية بالمال بشاهدين وشاهد وامرأتين وشاهد ويمين واربع نساء

وتقبل الواحدة في الربع والاثنتان في النصف ولا تثبت الولاية الا برجلين

وتصرفات المريض من الثلث وان كانت منجزة اما الاقرار [

 

السلام ) في الصحيح المتقدم : لانه اعتق بعد مبلغ الثلث مالا يملك فلا يجوز له ذلك .

نعم لو قال : لزيد ثلثي ، ثم قال : ثلثي لعمر و ، كان الثاني فسخا للاول ومضادا معه ، اذ

ظاهر هما انه اوصى بشئ واحد مرتين فتدبر حتى لايشتبه عليك الامر .

 

مايثبت به الوصية

 

17.( وتثبت الوصية بالمال بشاهدين ) عدلين ( وبشاهد وامرأتين ، وبشاهد

ويمين واربع نساء ، وتقبل الواحدة في الربع والاثنتان في النصف ) والثلث في الثلاثة

ارباع ( ولا تثبت الولاية الا برجلين ) بلاخلاف في شئ من تلكم ، وقد اشبعنا

الكلام في الجميع ، بل وفي شهادة اهل الذمة بها وفروعها في كتاب الشهادات ، وسيمر

عليك فلا أرى وجها لاعادة ماذكرناه .

18.( وتصرفات المريض من الثلث وان كانت منجزة ) عند المصنف ره

وجماعة وقد مر في كتاب الحجر تفصيل الكلام في ذلك وعرفت ان الاظهر كون

منجزات المريض من الاصل لا من الثلث

 

حكم اقرار المريض بالدين

 

( اما الاقرار ) في حال المرض الذي يموت فيه ؟ ( ف ) فيه اقوال .

احدها : انه ينفذ من الاصل مطلقا ، وهو مذهب الديلمي والحلي مدعيا عليه

الاجماع .

 

 

] فان كان متهما فكذلك والا فمن الاصل [

 

ثانيها : انه ( ان كان متهما ) فمن الثلث ، واليه اشار المصنف ره بقوله ( فكذلك

والا فمن الاصل ) وهو مذهب الشيخين والمصنف ره والمحقق والاكثر ، واضاف جمع

منهم قيدا آخر لخروجه من الاصل ، وهو : كونه عادلا .

ثالثها : انه ان كان الاقرار لاجنبي فالتفصيل بين كونه متهما فمن الثلث ، وغير

متهم فمن الاصل ، وان كان للوارث فمن الثلث مطلقا ، وهو مذهب المحقق في النافع .

رابعها : تعميم الحكم للاجنبي بكونه من الاصل ، وتقييد ذلك في الوارث بعدم

التهمة ، نقله في الحدائق ولم يذكر قائله .

وهناك اقوال اخر ، وقد انهاها بعضهم الى سبعة ، والكلام تارة : فيما تقتضيه

القواعد ، واخرى : فيما فهي تقتضي النصوص الخاصة .

اما القواعد : فهي تقتضي خروجه من الاصل مطلقا لعموم مادل على : ان

اقرار العقلاء على انفسهم جائز ( 1 ) ، ولما قيل : من انه باقراره يريد ابراء ذمته من حق

عليه ولا يمكن التوصل اليه الا بالاقرار فلو لم يقبل اقراره بقيت ذمته مشغولة وبقى

المقر له ممنوعا من حقه ، وكلاهما مفسدة ، واقتضت الحكمة قبول قوله .

والايراد على الثاني كما في الحدائق والرياض : بانه كما يحتمل ان يكون الاقرار

لماذكره يحتمل ان يكون لمجرد حرمان الوارث ومنعنه وان ذمته غير مشغولة ، يندفع

بما اخترناه من كون منجزات المريض من الاصل ، فلو كان قصده ذلك كان له

التوصل اليه بالهبة وغيرها .

واما النصوص الخاصة فهي طوائف :

منها : مايدل على ان الاقرار ان كان للوارث يفصل بين كونه متهما فمن الثلث ،

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاقرار . ( * )

 

 

[ . . . ]

وغير منهم فمن الاصل ، كصحيح منصور بن حازم عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن

رجل اوصى لبعض ورثته ان له عليه دينا فقال ( عليه السلام ) : ان كان الميت مرضيا

فاعطه الذي اوصى له ( 1 ) . ومثله غيره .

والمراد بالمرضي ليس هو كونه عدلا بل ظاهره ما يقابل كونه متهما .

ومنها : مايدل على هذا التفصيل بالنسبة الى الاقرار للاجنبي كصحيح ابن

مسكان عن العلا بياع السايري عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن امرأة استودعت

رجلا مالا فلما حضرها الموت قالت له : ان المال الذي دفعته اليك لفلانة ، وماتت المرأة

فاتى اوليائها الرجل فقالوا له : انه كان لصاحبتنا مال ولانراه الا عندك فاحلف لنا

مالها قبلك شئ ، افيحلف لهم ؟ فقال ( عليه السلام ) : ان كانت مأمونة فيحلف لهم ، وان

كانت متهمة فلا يحلف ويضع الامر على ماكان ، فانما لها من مالها ثلثه ( 2 ) .

وهاتان الطائفتان لاتعارض بنهما .

ومنها : مايدل على ان المقر به للوارث مطلقا يخرج من الثلث ، كصحيح

اسماعيل بن جابر عنه ( عليه السلام ) عن رجل اقر لوارث له وهو مريض بدين له

عليه قال ( عليه السلام ) : يجوز عليه اذا اقربه دون الثلث ( 3 ) .

وفي المسالك : ان ظاهره غير مراد لانه اعتبر نقصان المقربه عن الثلث ، وليس

ذلك شرطا اجماعا .

وفيه : ان الظاهر منه ارادة الثلث فما دون ، فقد وقع التعبير بمثل هذه العبارة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب كتاب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 16 من ابواب كتاب الوصايا حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 16 من ابواب كتاب الوصايا حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

في جملة من موارد الاحكام ، وعليه حمل قوله تعالى ( فان كن نساء فوق اثنتين ) ( 1 )

اي اثنتين فما فوق ، فلا اشكال من هذه الجهة ، لكنه اعم مطلق من الطائفة الاولى

فيقيد اطلاقه بها .

ومنها : ما ظاهره الاخراج من الاصل في الاقرار للوارث ، كصحيح ابي ولاد

عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل مريض اقر عند الموت لوارث بدين له عليه

قال : يجوز له ذلك . الحديث ( 2 ) .

وهذه الطائفة ايضا اعم مطلق من الاولى فيقيد اطلاقها بها .

ومنها : مايدل على رد الاقرار مطلقا ، كخبر السكوني عن جعفر عن ابيه عن

الامام علي ( عليه السلام ) : انه كان يرد النحلة في الوصية ، وما اقربه عند موته بلاثبت

ولابينة رده ( 3 ) .

فان الظاهر ان المراد من قوله يرد النحلة في الوصية انه يجعلها من قبيلها ،

فيكون الجار والمجرور متعلقا بيرد ، وقوله : وما اقربه . . . الخ جملة اخرى ودالة على رد

الاقرار مطلقا ، ولكنه حيث لم يعمل بظاهره احد فلذا حمله الشيخ على ارادة رده من

الاصل وان اخرج من الثلث ، فيقيد حينئذ اطلاقه بالطائفتين الاوليتين .

ومنها : ما تضمن التفصيل بين كونه مليا وغيره ، كصحيح الحلبي عن ابي

عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل اقر لوارث بدين في مرضه ايجوز ذلك ؟ قال ( عليه

السلام ) : نعم اذا كان مليا ( 4 ) . ونحوه صحيحه الاخر عنه ( عليه السلام ) ( 5 ) .

.....................................................................

( 1 ) النساء آية 11 .

( 2 ) الوسائل باب 16 من ابواب كتاب الوصايا حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 16 من ابواب كتاب الوصايا حديث 12 .

( 4 ) الوسائل باب 16 من ابواب كتاب الوصايا حديث 7 .

( 5 ) الوسائل باب 16 من ابواب الوصايا حديث 5 . ( * )

 

 

] وهذا حكم يتعلق بمطلق المرض الذي يحصل به الموت وان لم يكن مخوفا [

 

والضمير الذي يكون اسم كان يحتمل رجوعه الى الوارث ، والغرض من ذكر

ملائته كون ذلك قرينة على صدق المقرله ، ويحتمل رجوعه الى المقر ويجعل ذلك كناية

عن صدقه وامانته ، وعلى التقديرين يتحد مفادهما مع مفاد الاولى ، وانما يجعل الملائة

كناية عما ذكر من جهة عدم القائل بظاهرها .

فالمتحصل مما ذكرناه : ان المستفاد من مجموع النصوص - بعد رد بعضها الى

بعض - انه ان كان المقر متهما فيخرج من الثلث ، والا فمن الاصل .

ولايهمنا البحث في ان العدالة وعدم الاتهام متساويان بحسب المصاديق وان

العادل غير متهم والفاسق متهم كما عن التذكرة ، ام تكون النسبة بينهما عموما من

وجه ، فرب عادل بحسب الموازين الظاهرية متهم ، ورب فاسق موثوق به من هذه

الجهة كماهو الاظهر بعد كون المدار على الاتهام وعدمه وان الظاهر من كونه مرضيا

كونه غير متهم لاعادلا .

ولايخفى ان المأخوذ في بعض النصوص الاقرار عند حضور الموت ، وفي بعضها

الاقرار في مرض الموت بشرط كونه قريبا منه عرفا .

( و ) اما ماقاله المصنف ره ان ( هذا بحكم يتعلق بمطلق المرض الذي يحصل

به الموت وان لم يكن مخوفا ) فمراده الاطلاق من حيث كون المرض مخوفا او غير

مخوف ، لا من حيث ما يتطاول مدته بعد الاقراره وغيره ، فعلى هذا لو اقر في ابتداء

السل وطال مرضه الى ان مات لايكون اقراره مشمولا لهذا الحكم ، والى هذا نظر

المصنف ره في محكي التذكرة حيث نقل في السل اقوالا منها انه ليس بمخوف في

ابتدائه وان كان مخوفا في آخر ، لان مدته تتطاول ، فابتدائه لايخاف منه الموت عاجلا

فاذا انتهى خيف .

 

 

] ويحتسب من التركة ارش الجناية والدية . وتصح الوصية على كل من

للموصى عليه ولاية ولو انتفت صحت في اخراج الحقوق عنه [

 

احتساب ارش الجناية والدية من التركة

 

19.( ويحتسب من التركة ارش الجناية والدية ) فتتعلق بهما الديون

والوصايا وسائر ما يتعلق بالتركة ، من غير فرق في الدية بين دية الخطاء ودية العمد .

ويشهد بذلك النصوص ( 1 ) الكثيرة الواردة في الابواب المتفرقة ، وقد مر الكلام

في الدية في آخر المسألة الثالثة عشرة ، وبه يظهر حال ارش الجناية مع ان النص

الخاص دال عليه .

وربما يقال : ان الحكم فيهما موافق للاعتبار ، لان الميت احق بنفسه من غيره ،

ووجهه بعض الاساطين : بانه لما كان المقتول عمدا او من اورد عليه الجناية هو الذي

ملك نفس قاتله عوضا عنه او ملك ايراد الجناية بمثل ما اورد عليه وكانت الولاية

على ما ملكه عفوا او استيفاء او ابدالا بالمال لوليه ، فلو صالح القاتل بالدية ، والجاني

بالارش تدخل هي في ملكه لا في ملك الولي ، فيكون سبيلهما سبيل سائر أمواله .

وكيف كان : النصوص الخاصة تغنينا عن هذه الوجوه الاعتبارية .

20.( وتصح الوصية على كل من للموصى عليه ولاية ) التصرف كالاب ،

( ولو انتفت صحت في اخراج الحقوق عنه ) وقد مر الكلام في هذه المسألة في ذيل

المطلب الثاني في شرائط الموصي ، وعرفت انه انما تصح وصية الاب والجد بالولاية على

الصغار ، ولا تصح وصية الحاكم والوصي بها ، وعرفت حكم وصية الاب أو الجد بها مع

وجود الاخر ، كما عرفت حكم الوصية باخراج الحقوق وماشاكل .

.....................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 24 من ابواب الدين وباب 14 و 31 من ابواب الوصايا

وباب 59 من القصاص في النفس وباب 23 من ابواب الدية في النفس . ( * )

 

 

] ولو اوصى باخراج بعض ولده من الميراث لم تصح [

 

بقي الكلام في ما يتعلق بخصوص هذه العبارة ، فان قوله : تصح الوصية على

كل من للموصى . . . الخ تدخل فيه وصية الاب مع وجود الجد ، فانه يصدق ان الموصى

له عليه ولاية ، مع ان المشهور المنصور انه ليس له جعل الولاية للغير مع وجود الجد .

ولو اوصى في اخراج الحقوق الى غير الورثة وكانوا كبارا ليس للوصي

التصرف في التركة لاجل ذلك الا باذنهم ، اما لانهم شركاء في المال ، اولان تمام المال

لهم ، على القولين في انتقال التركة اليهم بالموت مطلقا ، بمقدار لايقابل الموصى به

والدين ، فان اذنوا فلا كلام ، والا اجبرهم على الاداء من المال او من اموالهم الاخر ،

فان لم يمكن ذلك رفع امره الى الحاكم ليلزمهم باحد الامرين ، وان لم يمكن ذلك ايضا

جاز له ان يبيع من التركة مايقضي به الوصية ويوفي به الدين .

 

حكم الوصية باخراج الولد من الميراث

 

21.( ولو اوصى باخراج بعض ولده من الميراث لم تصح ) بلا خلاف فيه في

الجملة ، بل عليه الاجماع ، اذ لم يخالف في المسألة بكليتها غير الصدوقين والشيخ ،

والاولان التزما بالصحة في الولد الذي قد احدث الحدث المذكور في الخبر الاتي ،

والشيخ التزم بها فيه في الجملة حملا للخبر الاتي على انه قضية في واقعة .

وعلى ذلك فالاجماع على عدم الصحة في الجملة ثابت .

وكيف كان : فيشهد للبطلان - مضافا الى ذلك ، والى انها مخالفة للكتاب والسنة

فتلغو ، والى انها من الحيث في الوصية الذي ورد فيه انه من الكبائر - ( 1 ) خبر السكوني

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 46 من ابواب جهاد النفس . ( * )

 

 

[ . . . ]

عن جعفر عن ابيه عن علي عليهم السلام : ما ابالى اضررت بولدي ( بورثتي خ ل )

اوسرقتهم ذلك المال ( 1 ) .

وخبر مسعدة عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام ) : من عدل في وصيته

كان كمن تصدق بها في حياته ، ومن جار في وصيته لقي الله عزوجل يوم القيامة وهو

عنه معرض ( 2 ) .

وصحيح سعد بن سعد عن الامام الرضا ( عليه السلام ) في رجل كان له ابن

يدعيه فنفاه واخرجه من الميراث وانا وصيه فكيف اصنع ؟ فقال ( عليه السلام ) : لزمه

الولد لاقراره بالمشهد ، لايدفعه الوصي عن شئ قد علمه ( 3 ) .

وبازاء تلكم ما رواه الصدوق والشيخ عن وصي علي بن السري : قلت لابي

الحسن موسى ( عليه السلام ) : ان علي بن السرى توفى واوصى الي فقال : رحمه الله ،

فقلت : وان ابنه جعفر وقع على ام ولد له فامرني ان اخرجه من الميراث فقال ( عليه

السلام ) لي : اخرجه ان كنت صادقا فسيصيبه خبل ، قال : فرجعت فقد مني الى ابي

يوسف القاضي فقال له : اصلحك الله انا جعفر بن علي السري وهذا وصي ابي فمره

فليدفع الي ميراثي من ابي ، فقال لي : ماتقول ؟ فقلت له : نعم هذا جعفر بن علي

السري وانا وصي علي بن السري ، قال : فادفع اليه ماله ، فقلت : اريد ان اكملك ،

فقال : فاذن ، فدنوت حتى لايسمع احد كلامي ، فقلت له : هذا وقع على ام ولد لابيه

فامرني ابوه واوصى الي ان اخرجه من الميراث ولا اورثه شيئا فاتيت موسى بن جعفر

بالمدينة فاخبرته وسألته فامرني ان اخرجه من الميراث ولا اوورثه شيئا ، فقال : الله ان ابا

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب الوصايا حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 90 من ابواب الوصايا حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الحسن امرك ؟ فقلت : نعم ، فاستحلفني ثلاثا ثم قال : انفذ ما امرك ، فالقول قوله ، قال

الوصي : فاصله به الخبل بعد ذلك ( 1 ) . ولكن وصي السري الراوي للخبر مجهول الاسم

والوثافة ولا يعمل بخبره ، وايضا في طريقه المعلى وهو مشترك بين الثقة والضعيف ، مع

ان الاصحاب اعرضوا عنه وهو معارض بما مر ، فلا سبيل الى العمل به .

ثم انه على القول بعدم الصحة وقع الخلاف في انها تبطل رأسا كما عن الاكثر ،

ام تكون هذه الوصية جارية مجرى الوصية بجميع ماله لمن عدا الولد فتمضى في

الثلث خاصة وان لم يجز الولد ، ويكون للمخرج نصيبه من الباقي بموجب الفريضة ،

وهو مختار المصنف ره في محكي المختلف ، وعن الخراساني : انه استظهره .

وجه الاول : ان اخراجه من الميراث اعم من الوصية مالمال لباقي الورثة ، وان

لزم رجوع الحصة اليهم ، الا ان ذلك ليس للوصية ، بل لاستحقاقهم التركة حيث

لاتوارث ، وربما لايعلم حين الوصية من يرثه ولا يخطر بباله ، فلادلالة في اللفظ مطابقة

ولاتضمنا ولا التزاما .

ولكن يرد عليه : انه كما لو اوصى باخراجه من الثلث لا اشكال في الصحة ،

ويكون ذلك وصية بصرف الثلث في غيره ، فكذلك في المقام ، فانه لايعتبر في الوصية

سوى العهد بما اراده ، ولا يعتبر فيها قصد عنوان الوصية ، وعلى ذلك فالايصاء

باخراجه من الميراث ايصاء بصرف المال كله في باقي الورثة ، فيترتب عليها حكمها ،

فما افاده المصنف ره اوجه .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 90 من ابواب الوصايا حديث 2

هذاتما الكلام فيما يتعلق بمباحث الوصايا ، وقد تم الجزء العشرون

ويتلوه الجزء الحادي والعشرون من أول مباحث النكاح ، والحمد لله أولا وآخرا .