[ . . . ]

 

الحاق نساء اهل البوادي والقرى بنساء اهل الذمة

 

وقد يلحق بنساء اهل الذمة نساء اهل البوادي والقرى ، لخبر عباد بن صهيب

سمعت ابا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : لا بأس بالنظر الى رؤوس نساء اهل تهامة

والاعراب واهل السواد والعلوج ، لانهم إذا نهوا لا ينتهون ( 1 ) وعن الفقيه روايته ولكن

مكان اهل السواد والعلوج ذكر اهل البوادي من اهل الذمة .

والخدشة فيه بضعفه بغير محلها ، لان عباد ثقة : وقد صرح العلامة المجلسي

ره في مرآت العقول بان الخبر موثق ، مع ان الراوي عن عباد حسن بن محبوب وهو

من اصحاب الاجماع ، اضف إليه ان الراوي عنه احمد بن محمد بن عيسى وهو اخرج

البرقي عن قم لروايته عن الضعفاء فلا اشكال فيه سندا .

ثم ان تهام اسم بلد ، والعلوج جمع علج وهو الرجل الضخم من كفار العجم

أو مطلق الكافر ، وتذكير الضمير في التعليل اما للتجوز ، اولان المراد ان رجالهم إذا نهوا

عن ذلك وامروا بان يستروهن لا ينتهون . وفي الجواهر احتمل ان يكون المراد

بالتعليل عدم وجوب الغض ، وعدم حرمة التردد في الاسواق والزقاق من هذه الجهة ،

لما في ذلك من العسر والحرج بعد فرض عدم الانتهاء بالنهي .

وعلى هذا فما قيل من انه يطرح الخبر لعدم عمل المشهور به لعدم تعرضهم

لمضمونه ، يكون مندفعا . فالمتيقن هو عدم حرمة التردد في الاسواق ونحوها ، مع العلم

بوقوع النظر اليهن ولا يجب غض البصر ، ويترتب على ذلك انه يؤخذ بعموم العلة ،

…………………………………………………….

1 - الوسائل باب 113 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 .

 

 

[ . . . . ]

ويتعدي الى التردد في الاسواق وما شاكل في هذا الزمان الذي قال امير المؤمنين ( عليه

السلام ) في وصفه : يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الازمنة نسوة

كاشفات عاريات متبرجات ( 1 ) وهو زمان حرية النساء من جميع القيود الدينية

والاخلاقية والانسانية ، ويحكم بجواز ذلك وعدم حرمة التردد فيها وعدم وجوب

الغض .

ثم انه في ذيل الخبر على ما رواه في الكافي ، قال : والمجنونة المغلوبة على عقلها

لا بأس بالنظر الى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك ، والمراد بالتعمد القصد الى النظر

الملازم للنظر بشهوة ، ويمكن ان يكون المراد بهذه الجملة ما ذكره صاحب الجواهر ره

في التعليل ، والله تعالى العالم .

 

نظر كل من الرجل والمرأة الى مماثله

 

بقي في المقام مسائل لم يتعرض المصنف ره لها ، وهي سبع :

الاولى : يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر الى مماثله ، بلا خلاف فيه في الجملة .

ويشهد له النصوص ( 2 ) الواردة في آداب الحمام ، والاخبار ( 3 ) الواردة في تغسيل الاموات ،

المتضمنة للامر بان يلقى على عورته خرقة ، بضميمة مادل على عدم الفرق بين الاحياء

والاموات من الاجماع ، وما ورد من ان حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا ( 4 ) .

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 7 من ابواب مقدمات النكاح .

( 2 ) الوسائل باب 4 و 31 من ابواب آداب الحمام كتاب الطهارة .

( 3 ) الوسائل باب 2 من غسل الميت .

( 4 ) الوسائل باب 23 من ابواب ديات الاعضاء من كتاب الديات . ( * )

 

 

[ . . . ]

ومقتضى هذه النصوص جواز النظر الى ما عدى العورة ، وهذا لا كلام فيه . انما

الكلام في مواضع :

الاول : ان جملة من النصوص ظاهرة في عدم جواز النظر الى الفخذ ، بل من

السرة الى الركبة ، كخبر بشير النبال عن ابي جعفر ( عليه السلام ) عن الحمام ، قال :

تريد الحمام ؟ قلت : نعم ، فامر باسخان الماء ثم دخل فاتزر بازار وغطى ركبتيه وسرته ،

ثم أمر صاحب الحمام فطلى ماكان خارجا من الازار ، ثم قال : اخرج عني ، ثم طلى هو

ما تحته بيده ثم قال : هكذا فافعل ( 1 ) .

وخبر الحسين بن علوان عن جعفر ( عليه السلام ) عن ابيه ( عليه السلام ) :

إذا زوج الرجل امته فلا ينظر الى عورتها ، والعورة ما بين السرة والركبة ( 2 ) .

وخبر الخصال عن امير المؤمنين ( عليه السلام ) : ليس للرجل ان يكشف ثيابه

عن فخذه ويجلس بين قوم ( 3 ) .

ولكن خبر الحسين 0 مضافا الى ضعف سنده ، لان ابن علوان على ما قيل عامي

لا يعتمد عليه ، واعرض الاصحاب عنه ، لانهم حدد والعورة بالقبل والدبر - معارض

بما هو اقوى منه ، لاحظ مرسل الواسطي عن ابي الحسن ( عليه السلام ) : العورة

عورتان : القبل والدبر ، والدبر مستور بالاليتين ، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد

سترت العورة ( 4 ) . وقريب منه مرسل الكافي وخبر محمد بن حكيم ، قال الميثمي : قال

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 31 من ابواب آداب الحمام حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 44 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث 7 .

( 3 ) الوسائل باب 10 من ابواب احكام الملابس حديث 3 كتاب الصلاة .

( 4 ) الوسائل باب 4 من ابواب آداب الحمام حديث 2 - 3 - 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لا اعلمه الا قال ، رأيت ابا عبد الله ( عليه السلام ) أو من رآه متجردا وعلى عورته ثوب ،

فقال : ان الفخذ ليست من العورة .

واما الخبر ان الاخران ، فللاجماع على عدم وجوب ستر شئ سوى العورة ،

ولخبر الميثمي المتقدم ، ولمرسل الفقيه : انه ( عليه السلام ) كان يطلي عانته وما يليها ثم

يلف ازاره على طرف احليله ، ويدعو قيم الحمام فيطلي سائر جسده ( 1 ) وقريب منه

غيره ، يتعين حملهما على الاستحباب .

الثاني : الظاهر انه لا خلاف بينهم في حرمة النظر الى شاب حسن الصورة

لريبة أو تلذذ ، وتكرر في كلماتهم دعوى الاجماع عليه وكفى به مدركا ، بضميمة خبر

السكوني عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، اياكم

واولاد الاغنياء والملوك المردفان فتنتهم اشد من فتنة العذاري في خدورهن ( 2 ) وظاهره

وان كان عدم جواز النظر إليهم مطلقا ، الا انه الاجماع والسيرة . وما ورد من ان وفدا

قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وفيهم غلام حسن الوجه ، فاجلسه من ورائه

وكان ذلك بمرئي من الحاضرين ، ولم يأمره بالاحتجاب عنهم ولا نهاهم عن النظر

إليه ( 3 ) يقيد اطلاقه بصورة التلذذ والريبة .

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 31 من ابواب آداب الحمام حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 21 من ابواب النكاح المحرم حديث 2 .

( 3 ) التذكرة ج 2 ص 573 . ( * )

 

 

[ . . . ]

 

حكم نظر المشركة والكتابية الى المسلمة

 

الثالث : المشهور بين الاصحاب جواز نظر المرأة الى مثلها ، وان كانت الناظرة

من اهل الكتاب أو مشركة ، وعن الشيخ ره والطبرسي في تفسيرهما والراوندي في

فقه القرآن المنع من نظر المشركة الى المسلمة ، قال الشيخ والرواندي : الا ان تكون

امة ، ووافقهم صاحب الحدائق ره ، وعن الشيخ في احد قوليه ان الذمية لا تنظر الى المسلمة حتى

الوجه والكفين . واستدل لعدم الجواز بالنسبة الى الكافرة مطلقا بالاية الكريمة ( ولا يبدين

زينتهن الا لبعولتهن ) الى قوله تعالى ( أو نسائهن ) ( 1 ) ، بتقريب ان الذمية ليست

من نسائهن .

وفيه : ان المراد من كلمة ( نسائهن ) في الاية يحتمل ان يكون هي المسلمات ،

ويكون وجه اضافتها الى الصغير العائد الى المؤمنات اشتراكهما في الايمان . ويحتمل

ان يكون المراد منها النساء الاقارب واللاتي يراودونهن . ويحتمل ان يكون المراد منها

مطلق النساء ، ويكون وجه اضافتها حينئذ الاشتراك في الانوثية . ويحتمل ان يكون

المراد منها من في صحبتهن من الخوادم اعم من الاماء والحرائر .

ولا يخفى بعد الاخيرين . اما الاخير فلانه يلزم فيه لغوية قوله تعالى ( اوما

ملكت ظاهر ايمانهن ) بناءا على اختصاصه بالاماء ، لرواية الاصحاب ذلك ، واما ما قبله

فلان ظاهر الاضافة ارادة التقييد ، فلا يحسن التعبير بها في مقام افادة الاطلاق .

فيدور الامر بين الاولين ، والاستدلال يتوقف على ظهور الاية في ارادة الاول

إذ لو كانت ظاهرة في الثاني أو حكم بالاجمال الاستدلال ، اما على الاول

…………………………………………………….

1 - سورة النور آية 32 . ( * )

 

 

[ . . . ]

فواضح . واما على الثاني فلان اجمال المستثنى يسرى الى المستثنى منه ويوجب اجماله ،

ولكل منهما جهة توجب احتمال ارادته . اما الجهة الموجبة لارادة الاول ، فهي اضافة

النساء الى المؤمنات بماهن مؤمنات ، واخذ الوصف العنوان في الموضوع مشعر

بدخالته ، فالمراد من شاركهن في هذا الوصف . واما الجهة الموجبة لاحتمال ارادة الثاني ،

فهي قرينة السياق . وعليه فالاية مجملة من هذه الجهة ، فلا مورد للاستدلال بها .

واستدل لعدم الجواز بالنسبة الى اهل الكتاب بصحيح حفص بن البختري

عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : لا ينبغي للمرأة ان تنكشف بين يدى اليهودية

والنصرانية ، فانهن يصفن ذلك لازواجهن ( 1 ) .

وفيه : انه اليستفاد منه ازيد من الكراهة ، لما فيه من التعليل الدال على كراهة

اطلاع رجال اهل الذمة على خصوصيات نساء المؤمنين .

ثم ان مقتضى التعليل اختصاص الحكم بمن لها صفات يحسن نقلها لا مطلقا ،

وبمن تصف لزوجها من تراها من المسلمات ، وتعميم الحكم الى غير اليهودية والنصرانية

من الكافرات .

 

جواز النظر الى المحرم عاريا ما عدى العورة

 

المسألة الثانية : يجوز النظر الى المحارم ، بلا خلاف فيه في الجملة . وتنقيح الكلام

بالبحث في موارد :

الاول : المشهور بين الاصحاب جواز النظر الى الجسد عاريا ما عدى

…………………………………………………….

1 - الوسائل باب 98 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

العورة . وعن القواعد في آخر حد المحارب ليس للمحرم التطلع على العورة والجسد

عاريا ، ونحوه ما عن التحرير .

ويشهد للمشهور - مضافا الى الاجماع بل في الجواهر عده من الضروريات ،

والى الاصل - الاية الكريمة ( ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن ) الخ ( 1 ) فانها وان

وردت في بعض المحارم إلا انه يتم في غيره بعدم الفصل ، والزينة تعم الظاهرة والباطنة ،

ومنها الذراعان ومستور الخمار كما في الصحيح ( 2 ) .

والنصوص الواردة في تغسيل المحارم مجردات الدالة على جواره الا انه يلقى

على عوراتهن خرقة ( 3 ) . بضميمة مادل على ان حرمة الميت كحرمة الحي من الاجماع

والاخبار ( 4 ) . وما في بعض النصوص من تغسيلهم من وراء الثياب وان افتي به

المشهور ، محمول على الاستحباب كما حققناه في الجزء الثاني من هذا الشرح .

واستدل لعدم حواز النظر الى ما عدى الامور المتفق عليها من الوجه والكفين

والقدمين ونحوها ، بما دل على ان النساء عورة ( 5 ) خرجت تلك الامور وبقي الباقي .

وبخبر ابي الجارود عن ابي جعفر ( عليه السلام ) في قوله تعالى ( ولا يبدين

زينتهن ) فهو الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار . والزينة ثلاثة : زينة

للناس ، وزينة للمحرم ، وزينة للزوج . واما زينة الناس فقد ذكرناه ، واما زينة المحرم

فموضع القلادة فما فوقها والدملج وما دونه والخلخال وما اسفل منه ، واما زينة الزوج

…………………………………………………….

( 1 ) سورة النور آية 32 .

( 2 ) الوسائل باب 109 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 20 من ابواب غسل الميت .

( 4 ) الوسائل باب 23 من ابواب ديات الاعضاء .

( 5 ) الوسائل باب 24 من ابواب مقدمات النكاح . ( * )

 

 

[ . . . ]

فالجسد كله ( 1 ) ولكن يرد على الاول : انه لا دليل على عدم جواز النظر الى العورة بالمعنى

المذكور ، وبعبارة اخرى ان كونهن عورة بالنسبة الى المحارم ايضا غير ثابت ، لاحتمال

كونهن كذلك بالاضافة الى الاجنبي ، ولذا لم يتوهم احد كونهن كذلك بالاضافة الى

المماثل .

ويرد على الثاني : انه ضعيف السند والاصحاب اعرضوا عنه . فالاظهر جواز

النظر الى الجسد ما عدى العورة .

ثم ان المحارم على اقسام : الاول - المحرم النسبي ، وهي التي يحرم نكاحها

نسبا . الثاني - المحرم الرضاعي . الثالث - المحرم بالمصاهرة .

اما الاول فقد تقدم حكمه . واما الثاني فما كان دليله من قبيل مادل على انه

بمنزلة السبب يستفاد حكمه مما تقدم ، واما ماكان حكمه مستفادا من قبيل مادل على

انه لا ينكح الو المرتضع في اولاد المي ضعة ، فلا مخرج له عن عموم مادل على حرمة النظر

ووجوب الستر . واما القسم الثالث فالمصاهرة المجوزة للنظر هي ما كانت بعلاقة

الزوجية ، واما غيرها - كالتحريم الحاصل باللواط - فلا مخرج له عن عموم مادل على حرمة النظر .

…………………………………………………….

( 1 )المستدرك باب 84 من ابواب مقدمات النكاح حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

 

اشتباه من يجوز النظر إليه بمن لا يجوز

 

المسألة الثالثة : إذا اشتبه من يجوز النظر إليه بمن لا يجوز على وجه الامتزاج ،

وجب الاجتناب عن الجميع ، مع الحصر للعلم الاجمالي الموجب للاحتياط عقلا ، وكذا

لو اشتبه من يجب التستر عنه ومن لا يجب .

وان كانت الشبهة غير محصورة أو بدوية ، ففيه فروض :

الاول : ما إذا شك في كونه مماثلا ام لا ، فقد استدل لوجوب الاجتناب بوجوه :

احدها : ماعن العلامة وغيره من ان مقتضى عموم الادلة من الاية وغيرها

حرمة النظر الى كل احد خرج عنه المماثل ، فمع الشك في كون المنظور إليه مماثلا بما

انه شك في مصداق الخاص يكون المرجع هو العموم ، وفيه : ان التمسك بالعام في

الشبهة المصداقية لا يجوز ، كما حقق في محله .

ثانيها : ما في العروة ، وهو ان التخصيص في المقام بما انه ليس من قبيل

التنويع ، بل المستفاد من المخصص شرطية الجواز بالمماثلة أو المحرمية ، فيكون النظر

مقتضيا للحرمة والمماثلة من قبيل المانع ، فمع الشك في المانع يرجع الى اصالة عدمه

فيبنى على تحقق المقتضى بالفتح . وفيه : ان تمييز المقتضى عن المانع في باب الشرعيات

بعد عدم ورود الدليل لبيان ذلك لا يمكن ، فلعله لا مقتضى للحرمة في النظر الى المماثل :

 مع انه لو سلم احراز المقتضى قاعدة المقتضى والمانع ليست بحجة كما حقق

في محله .

ثالثها : ما عن المحقق النائيني ره ، وهو ان تعليق الرخصة والجواز على عنوان

 

 

[ . . . ]

خاص وجودي ، يدل بالدلالة الالتزامية العرفية على انها منوطة باحراز ذلك العنوان ،

فلا يجوز الاقتحام عند الشك فيه . وفيه : ان اناطة حكم ترخيصي بأمر وجودي كاناطة

المنه به ، لايراد بها الا جعل حكم واقعي لموضوع واقعي .

الرابع : الاصل المتفق عليه في النفوس والفروج والاموال ، وهو اصالة الاحتياط .

وفيه : ان اصالة الاحتياط ليست اصلا مستقلا ، بل المراد بها اما اصالة العموم بناء

على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، أو الاصول الموضوعية كاصالة عدم

الزوجية وعدم تحقق الرضاع وما شاكل ، وعلى فرض تسليم كونها اصلا مستقلا فانما

هو بالنسبة الى الوطء لا النظر .

الخامس : استصحاب عدم المماثلة ، بناء على ما هو الحق من جريان الاصل في

الاعدام الازلية . وما افاده بعض الاعاظم من ان الانوثة والذكورة من قبيل الذاتيات

عرفا ، فلا يصح ان يقال الاصل عدم ذكورية من يشك في ذكوريته وانوثيته ، ولا اصالة

عدم انوثيته ، يرد عليه : انهما عند العرف ابضا من الاوصاف العنوانية الزايدة على

الذاتيات نظير القرشية .

ودعوى ان حرمة النظر مشروطة بامر وجودي وهو المخالف ، وباستصحاب

عدم المماثل لا يجرز ذلك الاعلى القول بالاصل المثبت ، مندفعة بان مقتصى عموم الاية

الشريفة غير المنصرفة الى خصوص المخالف بقرينة ( نسائهن اوما ملكت

ايمانهم ) وان كان استثناء عن ابداء الزينة ، حرمة النظر الى المخالف والمماثل ، خرج

عن ذلك المماثل وبقي الباقي . فالاظهر حرمة النظر إليه .

الثاني : ما لو شك في انها زوجية أولا ، والاظهر فيه ايضا حرمة النظر ، لاصالة

عدم حدوث الزوجية إذا كانت الحالة السابقة عدم الزوجية ، وان كانت الحالة السابقة

الزوجية يجرى استصحاب بقائها ويحكم بجواز النظر ، ومع توارد الحالتين والشك في

 

 

[ . . . ]

المتأخر يتساقط الاصلان ، فيرجع الى اصالة البراءة المقتضية للجواز . ثم ان مقتضى

الوجوه المتقدمة في الفرض السابق عدم جواز النظر في هذا المورد ايضا ، ولكن عرفت

ما فيها .

وبما ذكرناه ظهر حكم ما لو شك في المحرمية من باب الرضاع ، فان مقتضى

اصالة عدم تحققه الحرمة وعدم الجواز .

الثالث : لو شك في ان المنظور إليه حيوان أو انسان يجوز النظر إليه ،

لاختصاص دليل المنع بالانسان ، فيشك في المورد في الجواز ، ولا اصل يحرز به موضوع

عدم الجواز ، فيرجع الى اصالة البراءة المقتضية للجواز .

الرابع : لو شك في انه بالغ أو صبى ، ففي العروة استظهر وجوب الاجتناب

للعموم ، على الوجه المتقدم منه في الفرض الاول ، ولكن الاظهر عدم الوجوب

لاستصحاب بقاء الصبا وعدم التمييز .

 

النظر الى الاجنبية

 

المسألة الرابعة : لا يجوز النظر الى الاجنبية اجماعا ، بل ضرورة المذهب بل

الدين . ويجب على النساء التستر من الرجال .

ويشهد لها الاية الكريمة : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا

فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من

أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن

على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباءهن أو آباء بعولتهن أو أبناؤهن

أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما

 

 

[ . . . ]

ملكت أيمانهن أو التابعين غير اولى الاربة من الرجال أو الطفل الذين لم

يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن

وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون ) ( 1 ) وغض البصر وان كان غير

ترك النظر ، الا انه يكفي مستندا لتعيين المراد الاجماع ، فانهم اجمعوا على التمسك

بالاية لحرمة النظر ، والنصوص الكثيرة الاتية جملة منها .

 

النظر الى الوجه والكفين من الاجنبية

 

وقد استثني جماعة - منهم الشيخ وصاحب الحدائق والمحقق النراقي والشيخ

الاعظم - من حرمة النظر الى الاجنبية الوجه والكفين ، فقالوا بالجواز فيها . وعن

المصنف ره في التذكرة والارشاد وكاشف اللثام وصاحب الجواهر وغيرهم القول بعدم

الجواز . وعن جمع منهم المحقق في الشرايع والمصنف في القواعد انه يجوز فيها مرة ،

ولا يجوز تكرار النظر .

واستدل للاول بالاية الكريمة المتقدمة ( ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها )

وهو مفسر بالوجه والكفين .

ولكن ان كان الاستدلال بالنص المفسر للزينة الظاهرة بهما ، فسيأتي الكلام

فيه : وان كان بالاية نفسها ، فيرد عليه ان الزينة الظاهرة فسرت بتفاسير ، منها ما عن

ابن مسعود من تفسيرها بالثياب ، ومنها غير ذلك .

واستدلوا له ايضا بجملة من النصوص ، منها صحيح الفضيل بن يسار عن ابي

…………………………………………………….

1 - سورة النور آية 32 . ( * )

 

 

[ . . . ]

عبد الله عن الذراعين من المرأة ، اهما من الزينة التي قال الله تبارك وتعالى ( ولا يبدين

زينتهن الا لبعولتهن ) ؟ قال : نعم ، وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السوارين ( 1 ) .

بدعوى ان ما يستره الخمار هو الرأس والرقبة والوجه خارج عنه ، وان الكف فوق

السوار لا دونه ، فيكونان خارجين عن الزينة .

وفيه اولا : انه لودل على الجواز فانما يدل على جواز الابداء وعدم وجوب

سترهما ، وهو اعم من جواز النظر ، لانه من الممكن ان يرفع الشارع الاقدس وجوب

الستر عليها بالنسبة الى الوجه والكفين ، للعسر والحرج أو لغير ذلك ، بخلاف سائر

البدن ، وان وجب على الناظر الغض كما عساه يقال في بدن الرجل بالنسبة الى المرأة .

وثانيا : ان الصحيح سؤالا وجوابا ناظر الى العقد الايجابي وهو كون الذراعين

من الزينة ، ولا نظر له الى العقد السلبي ولا مفهوم له ، فتأمل .

ومنها : خبر زرارة عن الامام الصادق ( عليه السلام ( في قول الله عز وجل ( الا

ما ظهر منها ) قال ( عليه السلام ) : الزينة الظاهرة الكحل والخاتم ( 2 ) .

وفيه اولا : ان الخبر مجهول كما صرح به العلامة المجلسي ره ، لان في طريقه

القاسم بن عروة .

وثانيا : ان جواز النظر الى الكحل والخاتم والوالي مواضعهما ، اعم من النظر الى

الوجه والكفين .

وثالثا : انه في مقام بيان ما يجوز للمرأة اظهاره وهو اعم من جواز النظر كما مر .

ومنها : خبر ابي بصير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل

…………………………………………………….

( 1 ) الوسائل باب 109 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 109 من ابواب مقدمات النكاح حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها ) قال ( عليه السلام ) : الخاتم والمسكة وهي

القلب ( 1 ) والقلب بالضم السوار .

وأورد عليه بضعف السند ورماه المجلسي ره بالجهالة ولكن الاظهر انه

موثق ، لانه يرويه الكليني ره عن محمد بن الحسين شيخه الذي قال النجاشي انه ثقة ،

عن احمد بن اسحاق الذي لا شبهة في وثاقته ، عن سعدان بن مسلم الذي روي روايته

القميون والاعاظم وفيهم الصفوان ، وقد قال المولى الوحيد - ولنعم ما قال - : ان في

رواية هؤلاء الاعاظم شهادة على كونه ثقة ، عن ابي بصير الثقة .

ولكن يرد عليه اولا : انه يدل على جواز الابداء دون جواز النظر .

وثانيا : انه مختص باليد ، ولا يكون متعرضا للوجه .

وثالثا : انه لو دل على الجواز لدل على جواز النظر الى موضع السوار ، وهو

ما فوق الكف ، وهو لا يجوز بالاجماع .

ومنها : صحيح مسعدة بن زياد : سمعت جعفرا ( عليه السلام ) وسئل عما تظهر

المرأة من زينتها ، قال ( عليه السلام ) : الوجه والكفين ( 2 ) . وفيه : انه دال على جواز

الابداء ، وهو اعم من جواز النظر .

ومنها : مرسل مروك بن عبيد عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) ، قال قلت له : ما يحل للرجل ان يرى من المرأة إذا لم يكن محرما ؟ قال ( عليه

السلام ) : الوجه والكفان والقدمان ( 3 ) .

وفيه اولا : انه مرسل .

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 109 من ابواب مقدمات النكاح حديث 4 .

 ( 2 )الوسائل باب 109 من ابواب مقدمات النكاح حديث 5 .

( 3 )الوسائل باب 109 من ابواب مقدمات النكاح حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وثانيا : انه مشتمل على جواز النظر الى القدمين ولا قائل به .

ومنها : خبر ابي الجارود المتقدم في مسألة جواز النظر الى المحارم ، وقد عرفت

انه ضعيف السند معرض عنه عند الاصحاب .

ومنها صحيح ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن

المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها اما كسر واما جرح في مكان لا يصلح النظر

إليه ، يكون الرجل ارفق بعلاجه من النساء ايصلح له النظر إليها ؟ قال ( عليه

السلام ) : إذا اضطرت فليعالجها ان شائت ( 1 ) بتقريب ان الخبر كالصريح في ان من

جسد المرأة ما يصلح النظر إليه ومالا يصلح ، والمتقين من الاول هو الوجه والكفان .

وفيه : انه لا مفهوم له ، سيما وهو وارد في مقام بين حكم آخر .

ومنها : خبر علي بن جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) عن الرجل ، ما يصلح له

ان ينظر إليه من المرأة التي لا تحل له ؟ قال ( عليه السلام ) : الوجه والكف وموضع

السوار ( 2 ) وفيه : مضافا الى عدم ثبوت اعتباره انه يحتمل ان يكون المراد المحارم ، بان

بكون المراد من لا تحل له : لا تحل له نكاحها ، وحصر المحلل في الثلاثة لا يدل على

ارادة غيرها من الاجانب ، إذ عدم العمل بخبر لا يوجب حمله على معنى آخر ، مع ان

ما في ذيله من استثناء موضع السوار لم يفت به احد بالنسبة الى الاجنبية .

ومنها : ما ورد في المرأة تموت وليس معها الا الرجال ( 3 ) .

وفيه : لم افهم وجه دلالة تلك النصوص على هذا الحكم ، فانها على اختلاف

مضامينها ليس فيها ما ينافي عدم النظر ، فراجعها .

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 130 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 .

( 2 )قرب الاسناد ص 102 بحار الانوار ج 24 ص 34 الطبع الحديث .

( 3 ) الوسائل باب 22 من ابواب غسل الميت كتاب الطهارة . ( * )

 

 

[ . . . ]

ومنها : ما ورد في باب الحج في باب ما يجوز ان تلبسه المرأة المحرمة من الثياب ،

وهو متضمن للامر بالاسفار والنهي عن النقاب والبرقع ( 1 ) فيدل على عدم وجوب ستر

الوجه ، وجواز النظر إليه . وفيه : ان الاسفار لم يؤمر به ، وانما نهى عن النقاب والبرقع

في احرام المرأة خاصة ، وقد أمر في بعض النصوص بارخاء الثوب من الرأس الى

الذقن أو الانف ( 2 ) فما تضمنه تلك النصوص لا ينافي وجوب ستر الوجه عليها ، سيما

بما لا يمس الوجه ، مع انه لو دل على شئ فانما هو عدم وجوب ستر لا جواز النظر .

ومنها : خبر جابر عن الامام الباقر ( عليه السلام ) المتضمن لدخول جابر

الانصاري مع رسول الله صلى الله عليه وآله بيت فاطمة عليها السلام ورؤيته وجهها

اصفر ، ثم رؤيته بعد دعاء النبي صلى الله عليه وآله وجهها كان الدم ينحدر من

قصاصها حتى عاد وجهها احمر ( 3 ) . وفيه : انه من البديهي ان فاطمة ( عليه السلام )

التي قالت للنبي صلى الله عليه وآله : خير النساء ان لا يرين الرجال ولا يراهن

الرجال ( 4 ) ، لم تكن كاشفة عن وجهها بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وآله وجابر

ينظر إليها ، فيتعين طرح الخبر أو تأويله ، مع انه ضعيف السند لعمروبن شمر .

فتحصل انه لادليل على جواز النظر الى الوجه والكفين . نعم ، بعض ما تقدم

يدل على عدم وجوب ستر الوجه والكفين عليها .

وقد استدل للمنع بوجوه :

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 48 من ابواب تروك الاحرام كتاب الحج .

( 2 ) الوسائل باب 48 من ابواب تروك الاحرام .

( 3 ) الوسائل باب 120 من ابواب مقدمات النكاح حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 127 من ابواب مقدمات النكاح . ( * )

 

 

[ . . . ]

احدها : اطلاق آية الغض ( 1 ) . وفيه تأمل يظهر وجهه مما قدمناه .

ثانيها : اطلاق قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن ) ( 2 ) . وفيه : انه يقيد بما دل على

جواز ابداء الوجه والكفين .

ثالثها : ما عن كنز العرفان من اطباق الفقهاء على ان بدن المرأة عورة الاعلى

الزوج والمحارم . وفيه : انه مع هذا الخلاف العظيم ، كيف يعتمد على هذه الدعوى .

رابعها : سيرة المتدينين على الستر . وفيه : انه اعم من الوجوب ، مع انه قد مر

مادل على جواز الابداء .

خامسها : النصوص المتضمنة للذم على النظر ، وانه سهم من سهام ابليس ، وان

زنا العين النظر ( 3 ) ونحو ذلك من التعبيرات . وفيه : ان هذه النصوص ناظرة الى

ما يترتب على النظر من الاثر المحرم ، ولا تكون متعرضة لما يجوز النظر إليه ومالايجوز ،

فيختص بالنظر بشهوة .

سادسها : مكاتبة الصفار الى ابي محمد ( عليه السلام ) : في رجل أراد ان يشهد

على امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له ان يشهد عليها وهو من وراء الستر يسمع

كلامها ، إذا شهد رجلان عدلان انها فلانة بنت فلان التي شهدك وهذا كلامها ، أو

لا يجوز له الشهادة حتى تبرز ويثبتها بعينها ؟ فوقع ( عليه السلام ) : تنتقب وتظهر

للشهود ( 4 ) .

وفيه : ان الامر بالتنقب يحمل على الاستحباب ، بقرينة ما هو صريح في عدم

وجوب الستر المتقدم ، مع انه يعارضه صحيح علي بن يقطين عن ابي الحسن الاول

…………………………………………………….

( 1 و 2 ) سورة النور آية 32 .

( 3 ) الوسائل باب 104 من ابواب مقدمات النكاح .

( 4 )التهذيب ج 6 ص 255 باب البينات حديث 71 . ( * )

 

 

[ . . . ]

( عليه السلام ) : لا بأس بالشهادة على اقرار المرأة وليست بمسفرة إذا عرفت بعينها

أو حضر من يعرفها ، فاما إذا كانت لا تعرف بعينها ولا يحضر من يعرفها ، فلا يجوز

للشهود ان يشهدوا عليها وعلى اقرارها دون ان تسفر وينظرون إليها ( 1 ) .

سابعها : ما تضمن ان المرأة الخثعمية أتت النبي صلى الله عليه وآله بمنى في

حجة الوداع تسستفتيه ، وكان الفضل بن العباس رديف رسول الله صلى الله عليه وآله

فاخذ ينظر إليها وتنظر إليه ، فصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وجه الفضل عنها

وقال : رجل شاب وامرأة شابة اخاف ان يدخل الشيطان بينهما ( 2 ) .

وفيه : انه لو كان الفضل ينظر الى وجه المرأة وكانت مكشوفة الوجه فهو يدل

على جواز النظر ، من جهة عدم نهيه اياهما عن النظر ، وانما صرف وجه الفضل معللا

بخوف دخول الشطان الناشئ من التلذذ الحاصل من النظر ، ومن جهة نظره صلى

الله عليه وآله إليها فرآها تنظر الى الفضل ولو كان ينظر إليها عن وراء الستر ، فهو

اجنبي عن المقام .

فشئ مما استدل به على المنع لا يدل عليه .

واستدل للثالث : بما تضمن النهي عن النظرة الثانية ، كالنبوي لا تتبع النظرة

النظرة ، وليس لك - يا علي - الا اول نظرة ( 3 ) .

وفي آخر : اول نظرة لك ، والثانية عليه . ولالك ، والثالثة فيها الهلاك ( 4 ) .

وخبر الكاهلي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : النظرة بعد النظرة تزرع في

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 43 من ابواب الشهادات .

( 2 ) التذكرة ج 2 ص 573 والمبسوط كتاب النكاح .

( 3 ) الوسائل باب 104 من ابواب مقدمات النكاح حديث 11 .

( 4 )الوسائل باب 104 من ابواب مقدمات النكاح حديث 8 . ( * )

 

 

[ . . . ]

القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة ( 1 ) ونحوها غيرها .

وفيه : ان هذه النصوص مابين ما هو ضعيف السند ، وما يكون متضمنا لترتب

الاثر المحرم على النظرة الثانية .

فتحصل انه لا دليل على شئ من الاقوال ، فيرجع الى الاصل المقتضى

للجواز ، المؤيد بما دل على جواز ابداء الوجه والكفين للمرأة ، لولا ما عليه مرتكزات

المتشرعة من المنع على وجه يعد ارتكاب النظر عندهم من المنكرات . وربما يقال : ان

مقتضى عموم الاية بعد الاجماع على ان المراد من الغض ترك النظر هو المنع ، وفيه

تأمل فانه من المحتمل ان يكون المراد الفروج بقرينة السياق لا العموم ، مع ان ارادة

العموم تقتضي حملها على غض النظر عن كل شئ فيلزم التخصيص الاكثر .

فالاظهر عدم وجوب سترهما عليها ، وجواز النظر لولا مرتكزات المتشرعة فتدبر .

هذا كله فيما إذا لم يكن النظر للريبة والتلذذ ، والا فلا اشكال في الحرمة ،

للاجماع والنصوص المتقدم بعضها ، بل يحرم النظر وان لك يكن للتلذذ بل لغاية اخرى

وحصل التلذذ في حال النظر . ودعوى ان النظر الى حسان الوجوه لا ينفك عن التلذذ

غالبا ، بمقتضى الطبيعة البشرية المجبولة على ملائمة الحسان ، ولو حرم النظر مع

حصول التلذذ لوجب استثناء النظر الى حسان الوجوه ، مع ان لا قائل بالفصل بينهم

وبين غيرهم ، مندفعة بان ما تقتضيه الطبيعة البشرية هو التلذذ غير الشهوى ، والمحرم

هو الشهوي منه .

واما صحيح على بن سويد ، قلت لابي الحسن ( عليه السلام ) : اني مبتلى بالنظر

الى المرأة الجميلة ، فيعجبني النظر إليها ، فقال ( عليه السلام ) : لا بأس - يا علي - إذا

…………………………………………………….

1 - الوسائل باب 104 من اوبواب مقدمات النكاح حديث 6 . ( * )

 

 

[ . . . ]

عرف الله من نيتك الصدق ، واياك والزنا ، فانه يمحق البركة ويهلك الدين ( 1 ) فلا ينافي

ما ذكرناه ، فان الظاهر منه الاضطرار الى النظر لعلاج ونحوه ، فقوله " إذا عرف الله

من نيتك الصدق " اي إذا كان النظر للعلاج ونحو لا بأس .

وتتحد المرأة مع الرجل في المستثني منه اجماعا ، لعموم الاية الشريفة بعد

الاجماع على ان المراد من الغض ترك النظر ، وعدم الامر بالاحتجاب لعدم وجوب

الستر عليه لا ينافي حرمة النظر . واما في المستثنى وهو الوجه والكفان لو قلنا به ، فلا

دليل على الاتحاد وان ادعى سيد الرياض الاجماع عليه . نعم ، لو قلنا بان الغض غير

ترك النظر ، لادليل على حرمة النظر الى بوجهه وكفيه ، والاصل يقتضي الجواز ، ويشهد

به السيرة القطعية .

 

حرمة مس كل ما يحرم النظر إليه

 

بقى في المقام فروع مناسبة .

الاول : هل يحرم لمس ما يحرم النظر إليه ام لا ؟ وجهان : فعن الشيخ الاعظم

ره : إذا حرم النظر حرم اللمس قطعا ، وفي الجواهر عد حرمة لمس الاجنبية ممالا خلاف

فيه .

ويشهد للاول جملة من النصوص .

منها : ما ورد في كيفية بيعة النساء مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، كخبر

المفضل قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : كيف ماسح رسول الله صلى الله عليه وآله

…………………………………………………….

1 - التذكرة ج 2 ص 573 والمبسوط كتاب النكاح . ( * )

 

 

[ . . . ]

النساء حين بايعهن ؟ فقال ( عليه السلام ) : دعا بمركنة الذي كان يتوضأ فيه ، فصب

فيه ماء ثم غمس فيه يده اليمنى ، فكلما بايع واحدة منهن قال : اغمسي يدك ، فتغمس

كما غمس رسول الله صلى الله عليه وآله ، فكان هذا مما سحته اياهن ( 1 ) ونحوه غيره .

ومنها : ما ورد في مصافحة الاجنبية ، كمصحح ابي بصير عنه ( عليه السلام ) ، قال

قلت له : هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا الا من

وراء الثوب ( 2 ) .

وموثق سماعة عنه ( عليه السلام ) عن مصافحة الرجل المرأة ، قال ( عليه

السلام ) : لا يحل للرجل ان يصافح المرأة الا ارمأة يحرم عليه ان يتزوجها اخت أو

بنت أو عمة أو خالة أو بنت اخت أو نحوها ، واما المرأة التي يحل له ان يتزوجها

فلا يصافحها الامن وراء الثوب ولا يغمز كفها ( 3 ) ونحوهما غيرهما .

ومورد هذه النصوص وان كان المماسة في الكفين ، الا انه يثبت الحكم في سائر

الموارد للاجماع وعدم القول بالفصل .

 

حكم ابتداء النساء بالسلام

 

الثاني : حكم جماعة بكراهية ابتداء النساء بالسلام . واستدل له بموثق مسعدة

ابن صدقة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال امير المؤمنين ( عليه السلام ) :

لا تبدأوا النساء بالسلام ، ولا تدعوهن الى الطعام ، فان النبي صلى الله عليه وآله قال :

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 115 من ابواب مقدمات النكاح حديث 3 .

( 2 )الوئل باب 115 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 115 من ابواب مقدمات النكاح حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

النساء عي وعورة ، فاستروا عيهن بالسكوت ، واستروا عوراتهم بالبيوت ( 1 ) .

وبخبر غياث عنه ( عليه السلام ) : لاتسلم على المرأة ( 2 ) .

ولكن يعارضهما مصحح ربعي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : كان رسول

الله صلى الله عليه وآله يسلم على النساء ويردون عليه ، وكان امير المؤمنين ( عليه

السلام ) يسلم على النساء ويكره ان يسلم على الشابة منهن ، ويقول : اتخوف ان

يعجبني صوتها ، فيدخل علي اكثر مما طلبت من الاجر ( 3 ) . وعوى انه يحمل المصحح

على مختصاته صلى الله عليه وآله ، خلاف الظاهر سيما وهو متضمن لسلام علي صلى

الله عليه وآله ايضا .

فان قلت : الجمع بينهما يقتضى البناء على الكراهة ، كما افتي بها المشهور .

قلت : ان خبر الجواز ظاهر في الاستمرار وان دأبة صلى الله عليه وآله كان ذلك ،

وهذا ينافي الحمل على الكراهة ، ولعل الجمع بالبناء على المرجوحية في الشابة غير

بعيد ، وان لم يكن ذلك جمعا عرفيا يتعين تقديم المصحح لارجحية سنده .

 

حكم النظر الى العضو المبان من الاجنبي

 

الثالث : هل يجوز النظر الى العضو المبان من الاجنبي ، ام لا يجوز ، ام يفصل

بين مثل اليد والانف واللسان ونحوها ، وبين مثل السن والظفر والشعر وما شاكل ،

فلا يجوز في القسم الاول ، ويجوز في الثاني ؟ وجوه .

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 131 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 .

( 2 )الوسائل باب 131 من ابواب مقدمات النكاح حديث 2 .

( 3 )الوسائل باب 131 من ابواب مقدمات النكاح حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وجه الاول : ان الادلة مختصة بالنظر الى الاجنبي غير الشامل للعضو المبان

منه واستصحاب المنع الثابت حال الاتصال لا يجرى لتبدل الموضوع .

ووجه الثاني : انه بعد ملاحظة مادل على عدم جواز النظر الى الاجنبي بعد

الموت . وان الممنوع هو النظر الى الاعضاء ولو لم يكن فيها الروح ، وان الممنوع هو

النظر الى كل عضو من الاعضاء ، احتمال دخل الاتصال في غاية البعد ، فنفس مادل

على حرمة النظر الى الاجنبي يدل على حرمته في المقام .

ووجه الثالث : ان مادل على حرمته النظر الى الاجنبي وان شمل العضو المبان

منه : الا انه يختص بما يكون من اجزاء الجسم ، ولا يشمل ما يكون نابتا في الجسم الذي

يحكم في حال الاتصال بعدم جواز النظر إليه بالتبعية ، وعليه فيجوز النظر إليه بعد

الانفصال والخروج عن التبعية .

والاقوى بحسب الادلة هو الاول ، فان الموضوع فيها هو الاجنبي غير

الشامل لعضو منه ، والاتصال من حيث هو لا يكون دخيلا في الحكم ، بل من حيث انه

يوجب صدق الانسان على المنظور إليه ، والاستصحاب لا يجري لامن جهة تبدل

الموضوع حتى يقال بان الاتصال والانفضال من الحالات لامن مقومات الموضوع ،

بل لما حققناه في محله من عدم جريانه في الاحكام ، ولكن مع ذلك الاحتياط بترك

النظر لاسيما الى مثل اليد لا ينبغي ان يترك .

 

حكم القواعد من النساء

 

المسألة الخامسة : يستثني من عدم جواز النظر في الاجنبي والاجنبية مواضع .

منها : القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا ، اي قعدن من المحيض

 

 

[ . . . ]

والولد ولا يطمعن في الزواج . ويشهد به الاية الشريفة ( والقواعد من النساء اللاتي

لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ) ( 1 ) .

ومقتضى اطلاق الاية جواز النظر الى جميع جسدها كما هو الظاهر من عبارة الشهيد

والتذكرة وغيرهما ، الا انه فسرت ثيابهن في النصوص بالثياب الظاهرة كالجلباب .

وجملة من النصوص :

كمصحح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) انه قرأ ( ان يضعن

ثيابهن ) قال ( عليه السلام ) : الخمار والجلباب . قلت : بين يدى من كان ؟ فقال بين يدى

من كان غير متبرجة بزينة ( 2 ) ونحوه حسن حريز ( 3 ) .

وفي حسن محمد بن ابي حمزة عنه ( عليه السلام ) : تضع الجلباب وحده ( 4 ) .

وفي صحيح محمد بن مسلم عنه ( عليه السلام ) ، ما الذي يصلح لهن ان يضعن

من ثيابهن ؟ قال : الجلباب ( 5 ) .

ثم ان الجميع بين الاولين والاخيرين يقتضى البناء على كون الحصر في

الاخيرين اضافيا بالنسبة الى بواطن البدن ، أو حملهما على الاستحباب ، فالمستفاد من

هذه النصوص جواز النظر الى ما يستره الخمار والجلباب ، وهو الشعر والرقبة وبعض

الصدر والذراع .

ويشهد لجواز النظر الى الشعر والذراع منهن صحيح البزنطى عن مولانا

…………………………………………………….

( 1 ) سورة النور آية 61 .

( 2 )الوسائل باب 110 من ابواب مقدمات النكاح حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 110 من ابواب مقدمات النكاح حديث 4 .

( 4 ) الوسائل باب 110 من ابواب مقدمات النكاح حديث 3 .

( 5 ) الوسائل باب 110 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يحل له ان ينظر الى شعر اخت امرأته ؟ فقال ( عليه

السلام ) : لا الا ان تكون من القواعد . قلت له : اخت امرأته والغريبة سواء ؟ قال

( عليه السلام ) : نعم قلت : فمالي من النظر إليه منها ؟ فقال ( عليه السلام ) : شعرها

وذراعها ( 1 ) . ولعل الاختصاص بالشعر والذراع لمزيد الاهتمام بهما ، فلا ينافي مع جواز

النظر الى الرقبة وبعض الصدر .

ويؤيده خبر علي بن احمد بن يونس ، قال : ذكر الحسين انه كتب إليه يسأله

عن حد القواعد من النساء التي إذا بلغت جاز لها ان تكشف رأسها وذراعها ، فكتب

( عليه السلام ) : من قعدن عن النكاح ( 2 ) .

 

النظر الى الصبي والصبية

 

ومنها : الصبي والصبية ، وهذا في الجملة من القطعيات ، وتنقيح القول بالبحث

في موارد .

الاول : لا اشكال في عدم حرمة نظر الصبي والصبية الى البالغين ، وعدم وجوب

التستر عليهما ، لعموم حديث رفع القلم ( 3 ) ولبعض النصوص الاتية .

الثاني : يجوز النظر الى غير المميز منهما ، ولا يجب التستر عنهما اجماعا ، للاية

الكريمة ( أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) ( 4 ) والمتيقن منه غير

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 107 من ابواب مقدمات النكاح .

( 2 )الوسائل باب 110 من ابواب مقدمات النكاح حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 36 من ابواب القصاص في النفس و 4 من ابواب مقدمة العبادات .

( 4 ) ورة النور آية 32 . ( * )

 

 

[ . . . ]

المميز ، وللسيرة القطعية ، ولجملة من النصوص الواردة في الموارد المتفرقة .

الثالث : إذا كان الصبي مميزا ، فان كان بالغا مبلغا يترتب على نظره ثوران

الشهوة ، فالظاهر انه لا خلاف في كونه كالبالغ في النظر ، فيجب على الولي منعه منه ،

وعلى الاجنبية التستر منه ، بل عن جامع المقاصد نفي الخلاف فيه بين اهل الاسلام ،

وكفى به بضميمة ارتكاز المتشرعة مدركا .

وان لم يبلغ ذلك ، فمقتضى صحيح البزنطي عن الامام الرضا ( عليه السلام ) :

يؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع سنين ، ولا تغطى المرأة شعرها منه حتى يحتلم ( 1 )

ونحوه صحيحه الاخر ( 2 ) عدم وجوب التستر منه . كذا مقضى الاية الشريفة ( وإذا

بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) ( 3 ) فان مفهومه عدم وجوب الاستيذال لغير

من بلغ الحلم وان كان مميزا ، بل صدر الاية ( يا ايها الذين آمنوا ليستاذنكم الذين

ملكت ايمانكم والذين لم يبلغ الحلم منكم ثلاث مرات ) من جهة تخصيص

الاستيذان بالاوقات الثلاثة ، يشعر بعدم حرمة النظر والتطلع في غير تلك الاوقات ،

وعدم وجوب التحفظ والتستر .

واستدل لوجوب التستر منه الاية الشريفة ( أو الطفل الذين لم يظهروا على

عورات النساء ) بدعوى ان جواز ابداء الزينة لهن علق على الطفل الذى

لا يظهر على العورة اي يكون غير مميز ، فالمميز داخل في النهي عن ابداء الزينة له .

وفيه : ان الظهور على عورات النساء يمكن ان يراد به القوة على نكاحهن

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 126 من ابواب مقدمات النكاح حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 126 من ابواب مقدمات النكاح حديث 4 .

( 3 ) سورة النور آية 59 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ويكون كناية عن البلوغ ، وعليه فتحمل الاية على ذلك للصحيح المتقدم الصريح في

عدم وجوب التستر منه ما لم يحتلم .

الرابع : إذا كانت الصبية مميزة ، فلا يجوز النظر إليها مع ثوران الشهوة كما هو

المعروف ، لما تقدم . وبدونه يجوز النظر إليها ، لصحيح عبد الرحمان بن الحجاج ، قال :

سألت ابا ابراهيم ( عليه السلام ) عن الجارية التي لم تدرك ، متى ينبغي لها ان تغطي

رأسها قال حتى تحرم عليها الصلاة ( 1 ) وهو وان دل على عدم وجوب تغطي رأسها ، الا ان

ذلك في جواب السؤال عما ينبغي لها ان تغطي رأسها ممن ليس بينها وبينه محرم ، يدل

بالدلالة الالتزامية على جواز نظره إليها ، ومورد وان كان الرأس الا انه يتعدي الى

غيره لعدم القول بالفصل ، ثم انه يتعدى عن الصبية الى الصبي للاولوية ، ويحكم

بجواز نظر المرأة إليه قبل البلوغ .

 

تقبيل الرجل الصبية

 

فرع : لا بأس بتقبيل الرجل الصبية التي ليست له بمحرم قبل ان يأتي عليها ست

سنين ، للاصل ، والسيرة ، وجملة من النصوص ، كصحيح الكاهلي ، قال : سأل احمد بن

النعمان ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن جارية ليس بيني وبينها رحم تغشاني فاحملها

واقبلها ، قال : إذا اتى لها ست سنين فلا تضعها على حجرك ( 2 ) .

وخبر زرارة عنه ( عليه السلام ) : إذا بلغت الجارية الحرة ست سنين فلا ينبغي

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 126 من ابواب مقدمات النكاح حديث 2 .

( 2 )الوسائل باب 127 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لك ان تقبلها ( 1 ) . ومرفوع زكريا المؤمن عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : إذا بلغت الجارية

ست سنين فلا يقبلها الغلام ، والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين ( 2 ) وقريب منها

مرسلا عقبة وهارون بن مسلم ( 3 ) .

وان بلغت ست سنين ، فمقتضى خبرى زرارة وزكريا والمرسلين عدم جواز

تقبيلها ، لكنها ضعيفة السند ، اما الاول فلعبد الرحمان بن يحيى ، واما الثاني فلزكريا

مضافا الى رفعه ، واما الاخيران فللارسال . وصحيح الكاهلي لو لم يكن ظاهرا في الجواز

من جهة اقتصاره ( عليه السلام ) على النهي عن الوضع على الحجر ، مع ان السؤال

كان عنه وعن التقبيل ، لا يكون دالا على المنع . فالاظهر هو الجواز ، نعم لا يجوز الوضع

في الحجر ، للصحيح . هذا إذا لم تكن القبلة عن شهوة ، والا فلا تجوز وان لم تبلغ ست

سنين ، كما يظهر وجهه مما اسلفناه .

 

النظر عند الضرورة

 

ومنها : ما إذا كان النظر إليها لضرورة وحاجة مضطر إليها كالعلاج ، سواء

كانت الضرورة مما يلزم رفعه شرعا كما إذا كان المرض مما يؤدى الى الهلاكة لو تركت

المعالجة ، ام كانت مما لا يلزم رفعه كما لو لم يكن مؤديا إليها وكان تحمله شاقا عليها .

والوجه في ذلك في خصوص المعالجة صحيح الثمالي عن الامام الباقر ( عليه

…………………………………………………….

( 1 )الوسائل باب 127 من ابواب مقدمات النكاح حديث 2 .

( 2 )الوسائل باب 127 من ابواب مقدمات النكاح حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 127 من ابواب مقدمات النكاح حديث 3 - 6 . ( * )

 

 

[ . . . ]

السلام ) عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها اما كسر واما جرح في مكان

لا يصلح النظر إليه ، ويكون الرجل ارفق بعلاجه من النساء ايصلح له النظر إليها ؟

قال ( عليه السلام ) إذا اضطرت إليه فلعيالجها ان شائت ( 1 ) .

ثم ان ظاهر عبارات الاكثر كفاية الحاجة في جواز النظر ، ولكن صريح الخبر

اعتبار الضرورة مع وجوده . واما في غير مقام العلاج ، فان كان النظر ، ولكن اللماثل ، لعدم

صدق الضرورة مع وجوده . واما في غير مقام العلاج ، فان كان النظر مما يتوقف عليه

واجب اهم - كحفظ النفس المحترمة - من الحرام جاز النظر بل وجب ، والا فلادليل

على جوازه .

ودعوى انه إذا اضطرت المرأة الى الرجل وان لم تكن الضرورة واجب الدفع ،

يشمل ادلة رفع ما اضطر إليه من حديث الرفع ( 2 ) وما دل على ان الضرورات تبيح

المحذورات المرأة وتوجب رفع الحكم عنها وحيث انه متوقف عقلا على رفعه عن الغير ،

فيكون دليل رفعه عن المضطر دالا بدلالة الاقتضاء على رفعه عن ذلك الغير ، صونا

لكلام الحكيم عن اللغوية ، كما عن المحقق الحائري اليزدي ره ، مندفعة بان ذلك تام

إذا كان الدليل دالا على رفع حكم هذا المضطر بالخصوص ، والا فيحكم بعدم رفع

الحكم عنه ولا يلزم من ذلك محذور ، فالحق عدم الجواز حينئذ .

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 130 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 .

 ( 2 )الوسائل باب 56 من ابواب جهاد النفس . ( * )

 

 

[ . . . . ]

 

النظر لتحمل الشهادة

 

ومنها : النظر إليها الاداء الشهادة أو تحملها .

ومنها : النظر الى فرج الزانيين ليشهد عليهما بالزنا .

ومنها : النظر الى فرجها للشهادة على الولادة .

ومنها : النظر الى الثدي للشهادة على الولادة .

ولا دليل على الجواز النظر في شئ من هذه الموارد ما لم يكن مضطرا الى النظر .

وقد استدل على الجواز بوجوه ، بعضها عام لجميع الفروض ، وبعضها استدل به في

بعض تلك الفروض :

احدها : الاية الشريفة ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) ( 1 ) بدعوى ان الاية

الشريفة كما يظهر من الاخبار الواردة في تفسيرها تدل على وجوب تحمل الشهادة مع

استدعاه من له الحق كزوج الزانية ، فإذا وجب تحمل الشهادة وجب النظر ، تحصيلا

لما يتوقف عليه تحمل الشهادة الواجب .

وفيه اولا : ان وجوب تحمل الشهادة محل الكلام ، ولعل مفاد الاية بعد ملاحظة

مجموع النصوص ان اداء الشهادة يكون واجبا فيما إذا دعى الشاهد الى تحمل

الشهادة .

وثانيا : انه وان كان واجبا ، الا انه إذا توقف واجب على مقدمة محرمة لا تصير

تلك جائزة أو واجبة . ما لم يثبت اهمية الواجب بل يسقط الوجوب ، وفي المقام بما انه

لم يثبت اهميته يسقط وجوبه .

……………………………………………………

1 - سورة البقرة آية 283 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولكن الانصاف ان منع دلالة الاية على وجب تحمل الشهادة بعد ملاحظة

النصوص ، كصحيح هشام المتضمن ان هذه الاية قبل الشهادة وآية ولا تكتموا

بعدها ( 1 ) في غير محله . ولا مجال له : كما ان منع سقوط الحرمة فاسد ، إذ لو سلم عدم

اهمية الواجب لا اشكال في عدم ثبوت اهمية حرمة النظر ، وعليه فيتساقطان معا ،

فيكون جائزا ، بل يمكن دعوى اهمية الوجوب من جهة الوجوه الاتية ، فانتظر .

الثاني : ان ذلك وسيلة الى اقامة حدود الله وفيه : ان وجوب اقامة الحدود بمعنى

وجوب ما يثبت به موضوعها مما لم يدل عليه دليل ، بل الثابت هو وجوبها عند اجتماع

الشرائط التي منها ثبوت ما يجب عنده اقامة الحد من الزنا ونحوه .

الثالث : ان في المنع من الفساد ، واجتزاء النفوس على هذا المرحم ، وانسداد

باب ركن من اركان الشرع . وفيه : ان جعل ذلك كاشفا عن اهمية وجوب تحمل

الشهادة من حرمة النظر متين ، واما جعله دليلا مستقلا فلايتم كما يظهر مما اسلفناه .

الرابع : انه لولا جواز النظر لم تسمع الشهادة بالزنا ، لتوقف تحملها على

الاقدام على النظر المحرم في نفسه وادامته لاستعلام الحال بحيث يشاهد الميل في

المكحلة ، وايقاف الشهادة على التوبة يحتاج الى زمان يعلم منه العزم على عدم المعاودة ،

فيعود المحذور السابق .

الخامس : استقرار السيرة على عدم استنكار ذلك على الشاهد ، فتدبر والله

العالم .

……………………………………………………

1 - الوسائل باب 1 من ابواب الشهادات حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

 

نظر الخصي الى الاجنبية

 

المسألة السادسة : المشهور بين الاصحاب عدم جواز نظر الخصي الى غير

مالكته ، وفي الشرايع ، قيل نعم ، ولكن صاحب الجواهر ره صرح بعدم العثور على

قائله ، وكيف كان فقد استدل لجواز ، بالاية الشريفة ( أو التابعين غير اولي الاربة

من الرجال ) ( 1 ) وفي الجواهر : وقد ظهر من ذلك ان المراد بغير اولى الاربة من لا

يشتهي النكاح لكبر سن ، ونحوه شبه القواعد من النساء التي لا ترجو نكاحا ولا

تطمع فيه .

وقد : اختلفت كلماتهم في تفسير غير اولى الاربة ، فقيل : هو التابع الذي

يتبعك لينال من طعامك ولا حاجة له في النساء ، وهو الابله المولى عليه ، عن ابن عباس

وقتادة وغيرهما .

وقيل : هو العنين الذي لاارب له في النساء لعجزه ، عن عكرمة والشعبي ،

وقيل : انه الخصى المجبوب الذي لارغبة له في النساء ، عن الشافعي .

وقيل : انه الشيخ الهم لذهاب اربه ، عن بريد بن ابي حبيب .

وقيل : العبد الصغير ، عن ابي حنيفة .

وقيل غير ذلك . ولاذي يظهر من الاية الشريفة بعد ملاحظة ما في ذيلها ( أو

الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) اعتبار امور ثلاثة : كونه تابعا ، وغير

محتاج الى النساء ، وعدم الظهور على عورات النساء ، اي غير المميز لذلك . وهذا

ينطبق على الابله المولى عليه الذي لاتعلق له ولا توجه له الى النساء .

……………………………………………………

1 - سورة النور آية 32 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وقد وردت النصوص عن الامام الصادق ( عليه السلام ) التي هي مابين صحيح

وموثق تفسيره بالاحمق المولى عليه الذي لا يأتي النساء ( 1 ) . وعليه فهو لا يشمل الخصى

ولا الشيخ الكبير ولا العنين ولا المجبوب . واما ما ارسله في كنز العرفان عن الامام

الكاظم ( عليه السلام ) من تفسيره بالشيخ الذي سقطت شهوته ( 2 ) فلارسالة لا يعتمد

عليه .

وربما يستدل للجواز بصحيح محمد بن اسمعيل بن بزيع ، قال : سألت ابا

الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن قناع الحرائر من الخصيات ، فقال ( عليه السلام ) :

كانوا يدخلون على بنات ابي الحسن ( عليه السلام ) ولا يتقنعن ، قلت : فكانوا احرارا ؟

قال ( عليه السلام ) : لا قلت : فالاحرار يتقنع منهم ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ( 3 ) .

ولكن يعارضه موثق - أو حسن - محمد بن اسحاق ، قال : سألت ابا الحسن

موسى ( عليه السلام ) قلت : يكون للرجال الخصي يدخل على نسائه فينا ولهم الوضوء

فيرى شعورهن ؟ قال : ( عليه السلام ) : لا ( 4 ) . وقريب منه غيره .

ودعوى ان الجمع عرفي بين الطائفتين يقتضى حمل الاخيرة على الكراهة

مندفعة بان الضابط في كون الجمع عرفيا فرض الخبرين صادرين من شخص واحد

في مجلس واحد ، فان رأى اهل العرف احدهما قرينة على الاخر - كافعل ، ولا بأس

بتركه - فالجمع عرفي ، وان رأوهما متهافتين فلا يكون الجمع عرفيا . وفي المقام لو جمعنا

قوله ( عليه السلام ) في جواب لزوم القناع " لا " مع قوله في جواز النظر " لا " يرى اهل

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 111 من ابواب مقدمات النكاح .

( 2 ) ج 2 ص 223 .

 ( 3 )الوسائل باب 125 من ابواب احكام الملابس حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 125 من ابواب احكام الملابس حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . . ]

العرف التهافت بينهما ولا يرون احدهما قرينة على الاخر ، فهذا الجمع ليس عرفيا .

نعم ، يمكن ان يقال : ان الاولى تدل على عدم وجوب التستر ، والثانية تدل على

عدم جواز النظر ، فلا تعارض بينهما . وكلن لاعراض الاصحاب عن الاولى لا يمكن

العمل بها ، ويتعين طرحها أو حملها على التقية ، ويشير الى الثاني خبر صالح بن

عبد الله الخثعمي عن ابي الحسن ( عليه السلام ) ، قال : كتبت إليه اسأله عن خصى لي

في سن رجل مدرك يحل للمرأة ان يراها وتنكشف بين يديه ، قال : فلم يجبني فيها ( 1 ) .

فالاظهر عدم جواز النظر ووجوب تسترهن منه .

 

سماع صوت الاجنبية

 

المسألة السابعة : ذهب جماعة - منهم المصنف ره والمحقق - الى حرمة سماع

صوت الاجنبية وان لم يكن تلذذ ولا ريبة ، بل نسب ذلك الى المشهور .

واستدل له بما ورد ان صوتها عورة ، وعن كشف اللثام وغيره الاتفاق على ذلك .

وبموثق مسعدة بن صدقة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال امير

المؤمنين ( عليه السلام ) : لا تبدأوا النساء بالسلام ، ولا تدعوهن الى الطعام ، فان النبي

صلى الله عليه وآله قال : النساء عي وعورة ، فاستروا عيهن بالسكوت ، واستروا

عورتهن بالبيوت ( 2 ) .

وبما تضمن النهي عن السلام على المرأة ، كخبر غياث عن الامام الصادق

* ( هامش ) * 1 - الوسائل باب 125 من ابواب مقدمات النكاح حديث 8 .

2 - الوسائل باب 131 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1  ). * )

/ صفحة 134 /

[ . . . ]

( عليه السلام ) : لاتسلم على المرأة ( 1 ) .

وبما يظهر منه المفروغية من حرمة الجهر عليها بالقراءة مع سماع الاجانب

وبدونه مخيرة في ذلك .

وبمادل على النهي عن جهرها بالتلبية ( 2 ) .

وفي الجميع نظر . اما الاول فلعدم ثبوته ، ففي كشف اللثام . لا يحضر في الخبر بكون

صوتها عورة مسندا ، وانما رواه المصنف في المدنيات الاولى مرسلا ، ونفقات المبسوط

تعطى العدم . انتهى ، مع ان حرمة سماعة على فرض كونه عورة غير ظاهر الدليل .

واما الثاني فلانه يدل على ان النساء عاجزات عن التكلم بما ينبغي في اكثر

المواطن ، فينبغي السعي في سكوتهن ، فهو اجنبي عن المقام .

واما الثالث فلما تقدم من عدم حرمة ابتداء النساء بالسلام .

واما الرابع فلانه لادليل على حرمة الجهر عليها ، سوى بعض هذه الوجوه

التي عرفت حالها .

واما الخامس فلانه يدل على انه الاجهار بالتلبية الواجب أو المندوب على

الرجال على اختلاف القوالين مرفوع عن النساء ولا يدل على حرمته .

فإذا لادليل على حرمته ، والاصل يقتضي الجواز ، اضف إليه مادل على تكلم

الرجال مع النساء في مجالس المعصومين ( عليه السلام ) ، بل تكلمهم عليهم السلام مع

النساء ، وتكلم الصديقة الطاهرة عليها السلام مع جملة من الاصحاب ، وخروجها

للمخاصمة في فدك في المسجد لجملة من فيه من الصحابة ، وخطبتها الطويلة مشهورة

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 131 من ابواب مقدمات النكاح حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 38 من ابواب الاحرام من كتاب الحج . ( * )

 

 

[ . . . ]

عند الفريقين ( 1 ) وسلام رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين ( عليه السلام )

للنساء وجوابهن لهما ( 2 ) ، الى غير ذلك مما يقطع معه الانسان بجواز ذلك .

وفي الجواهر : بل ينبغي ترك ما زاد على خمس كلمات ، لخبر المناهي قال ونهى ان

تتكلم المرأة عند غير زوجها ام غير ذي محرم منها اكثر من خمس كلمات مما لا بدها

منه ( 3 ) المحمول على الكراهة . وفيه : انه ضعيف السند لا يعتمد عليه ، سيما مع التقييد

فيه بالضرورة ، فانه معها لاكراهة في التكلم قطعا ، كما يظهر من ملاحظة خطب

الصديقة ( عليها السلام ) وبناتها .

وفي العروة : ويحرم عليها اسماع الصوت الذي فيه تهييج للسامع بتحسينه

وترقيقه ، قال تعالى ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) ( 4 ) . وفيه : ان

الاية الشريفة صدرا وذيلا مختصة بنساء النبي صلى الله عليه وآله ولا تشمل غيرهن .

نعم ، مقتضى الاتكاز بالتقريب المتقدم الحرمة في هذا الفرض .

……………………………………………………

( 1 ) راجع ابن ابي الحديد ج 16 ص 211 - والنص والاجتهاد –

 ص 117 والاحتجاج والشافي وكشف الغمة وغيرها .

( 2 )الوسائل باب 131 من ابواب مقدمات النكاح - والمستدرك باب 101 منها .

( 3 ) الوسائل باب 117 من ابواب مقدمات النكاح .

( 4 ) سورة الاحزاب آية 33 . ( * )

 

 

] الفصل الثاني : في الاولياء ، انما الولاية للاب وان علا ، والوصي ، والحاكم . [

 

اولياء العقد

 

( الفصل الثاني : في الاولياء . انما الولاية للاب وان علا ، والوصي والحاكم )

والمولى ، ولا ولاية لغير هؤلاء . وتنقيح القول بالبحث في مواضع .

الاول : لا ولاية لغير من ذكر على المشهور شهرة عظيمة ، وفي الجواهر : بل

الاجماع بقسميه عليه في غير الام وآبائها . ويشهد له - مضافا الى الاصل - صحيح

محمد بن مسلم عن الامام الباقر ( عليه السلام ) في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان ؟

فقال : إذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم ( 1 ) فان مفهومه نفي الولاية عن غير الاب .

واما صحيح محمد بن مسلم عن احدهما ( عليه السلام ) : لا تستأمر الجارية

إذا كانت بين ابويها ليس لها مع الاب امر ، وقال : يستأمرها كل احد ما عدا الاب ( 2 ) .

ونحوه غيره التي استدل بها سيد الرياض ، فهي نختصة بالبالغة واجنبية عن المقام .

ويشهد له في بعض الموارد صحيح محمد بن الحسن الاشعري ، قال : كتب

بعض بني عمي الى ابي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ما تقول في صبية زوجها عمها ،

فلما كبرت أبت التزويج ؟ قال : فكتب ( عليه السلام ) الي : لا تكره على ذلك والامر

امرها ( 3 ) .

واما الصحيح ابي بصير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الذي بيده عقدة

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 12 من ابواب عقد النكاح والياء العقد حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 3 )الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . . ]

النكاح ، قال ( عليه السلام ) : هو الاب والاخ والرجل يوصى إليه ( 1 ) فلا عراض

الاصحاب عنه لا يعتمد عليه .

وعن ابن الجنيد ثبوت الولاية للام وآبائها ، واستدل له بان رسول الله امر نعيم

ابن النجاح ان يستأمر ام ابنته في امرها وقال : واتمر وهن في بناتهن ( 2 ) . وبموثق ابراهيم

ابن ميمون عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : إذا كانت الجارية بين ابويها فليس

لها مع ابويها امر ، وإذا كانت قد تزوجت لم يزوجها الا برضا منها ( 3 ) .

ولكن يرد على الاول - مضافا الى ضعف ما تضمنه ، والى مخالفته للاجماع

واخصيته عن المدعى لاختصاصه بالام - انه لا يدل على الولاية .

ويرد على الموثق انه لا يدل على ثبوت الولاية للابوين ، بل ينفي الولاية عن

نفسها مع ابويها ، وهذا يلائم كون الولاية لخصوص الاب ، كما في الصحيح عن احدهما

( عليه السلام ) : لا تستأمر الجارية إذا كانت بين ابويها ليس لها مع الاب أمر ، وقال :

يستأمرها كل احد ما عدى الاب ( 4 ) مع انه مع المحتمل ان يكون المراد بالابوين

الاب والجد .

وقد يستدل لولاية الجد الامي - اي اب الام - بما تضمن من النصوص لولاية

الجد ( 5 ) بدعوى شموله له . ولكن اكثر تلك النصوص واردة لبيان حكم تزاحم الاب

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 4 .

( 2 )الخبر غير موجود في كتب الحديث من طرقنا وانما ذكره في

 الحدائق والجواهر وغيرهما عن كتب العامة مرسلا .

( 3 )الوسائل باب 9 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 4 )الوسائل باب 4 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

 ( 5 )الوسائل باب 6 و 11 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد . ( * )

 

 

] فالاب على الصغرين ، [

 

والجد ، وجملة منها مختصة بالجد للاب ، لما فيها من التمسك بقول النبي صلى الله عليه

وآله : انت ومالك لابيك ، وبعضها الوارد في بيان هذا الحكم غير المذيل بقوله صلى الله

عليه وآله لا يبعد دعوى انصرافه الى الجد الابي ، وسيأتي زيادة توضيح لذلك .

 

ولاية الاب والجد على الصغيرين

 

الموضع الثاني : بعد ما عرفت من انحصار الولاية في من ذكر ، ( ف ) اعلم ان

( الاب ) والمراد به من يعم الجد له الولاية ( على الصغيرين ) اي الصبي والصبية ،

بلا خلاف فيه في الجملة ، بل هو من القطعيات .

ويشهد لذلك نصوص مستفيضة ، كصحيح الفضل بن عبد الملك ، قال : سألت

ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير ، قال ( عليه السلام ) :

لا بأس . قلت : يجوز طلاق الاب ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ( 1 ) .

وصحيح عبد الله بن الصلت ، قال : سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن

الجارية الصغيرة يزوجها ابوها ، لها امر إذا بلغت ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، ليس لها مع

ابيها امر ( 2 ) .

وصحيح محمد بن مسلم عن احدهما ، قال ( عليه السلام ) : إذا زوج الرجل ابنه

فهو جائز على ابنه ( 3 ) .

وصحيح هشام بن سالم عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : إذا زوج الاب والجد

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 33 من ابواب مقدمات الطلاق وشرائطه حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

كان التزويج للاول ، فان كانا جميعا في حال واحدة فالجد اولى ( 1 ) ونحوها غيرها .

فما عن ابن ابي عقيل من عدم الولاية للجد ، مستندا الى بعض النصوص

المشتمل على الحصر بالاضافة الى الاب ، ضعيف ، لانه يقيد مفهومه بما دل على ثبوت

الولاية للجد .

والظاهر انه لا خلاف في ان الجد وان علا يشارك الاب في الولاية . وقد استدل

لذلك بما في نصوص ولاية الجد من التعليل بان الجارية واباها للجد ( 2 ) وقد استشهد

به الامام أبو عبد الله ( عليه السلام ) على ما في حسن عبيد بن زرارة لمضى نكاح الجد

بدون اذن الاب ، ردا على من انكر ذلك وحكم ببطلانه من العامة في مجلس بعض

الامراء ( 3 ) .

وفيه : ان الولاية لاتستفاد من هذه الجملة كي يتعدي الى الجد الاعلا ، إذ اللام

في التعليل ليست للملك ، لعدم مملوكية رقبة الولد لاحد ، كما ان هذا التعليل موجود

في الاموال ايضا ، وليس ماله المفروض مملوكا له ملكا لابيه ، وكذا لا ينبغي التوقف في

عدم كونها للاختصاص بعنوان كونها وابيها تحت واليته ، فانه لا ولاية للجد على الاب ،

بل المراد بها ان الولد موهوب تكوينا للاب ومنتسب إليه بكونه ولده ، ويؤيده المكاتبة

الواردة عن الامام الرضا ( عليه السلام ) حيث قال : وعلة تحليل مال الولد لوالده بغير

اذنه وليس ذاك للولد ، لان الولد موهوب للوالد في قوله عزوجل الخ ( 4 ) . وعليه فهي

حكمة التشريع ، وبعبارة اخرى انها علة التحليل في مقام الثبوت لا الاثبات ، وتدل

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 11 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد .

( 3 ) قرب الاسناد ص 19 .

( 4 ) الوسائل باب 78 من ابواب ما يكتسب به حديث 9 كتاب التجارة . ( * )

 

 

[ . . . ]

على ان منشأ جعل تلك الاثار ذلك ، ولا تكون هي متكلفة لحكم جعلي ، فلا يتمسك

باطلاقها .

وربما يستدل له باطلاق نصوص ولاية الجد .

وفيه : ان اكثرها واردة في مزاحمة الاب للجد ، وجملة منها صريحة أو ظاهرة في

الجد الادنى . نعم موثق عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الجارية

يريد ابوها ان يزوجها من رجل ، ويريد جدها ان يزوجها من رجل آخر . فقال ( عليه

السلام ) : الجد اولى بذلك ما لم يكن مضارا ان لم يكن الاب زوجها قبله ويجوز عليها

تزويج الاب والجد ( 1 ) مطلق ، ولا يبعد دعوى انصرافه الى الادنى ، والمسألة محتاجة الى

تأمل ازيد .

 

لا يشترط ولاية الجد بحياة الاب ، ولا بموته

 

وقد نسب الى المشهور بين القدماء ان ولاية الجد مشروطة بحياة الاب ، فلو

فقد الاب وبقي الجد لا ولاية له . واستدل له بوجهين :

الاول : ما عن المحقق الاصبهاني في كشف اللثام ، وهو ان الادلة من الطرفين

ضعيفة ، والاصل عدم الولاية الا فيما اجمع عليه ، وهو عند حياة الاب وفيه : ما تقدم

من ان بعض نصوص ولاية الجد مطلق ، وسنده قوى .

الثاني : موثق الفضل بن عبد الملك عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : ان الجد إذا

زوج ابنة ابنه وكان ابوها حيا وكان الجد مرضيا جاز ( 2 ) بدعوى ان مفهومه عدم الجواز

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 11 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . . ]

مع عدم حياة ابيها . وفيه : ان الشرط الذي فيه مسوق لبيان تحقق الموضوع والوصف

لا مفهوم له ، ولعل فائدة ذكر الوصف الرد على العامة القائلين باشتراط ولاية الجد

بموت الاب .

فالحق عدم اشتراطها بتلك ، لاطلاق الخبر ، واما ما في الجواهر من حمل القيد

على ارادة بيان الجواز في هذه الحال فضلا عن حال موت الاب ، مع تسليم كون

الشرط مما له مفهوم في نفسه ، فغير وجيه .

وربما يستدل على ثبوت الولاية له مع فقد الاب بوجهين آخرين :

احدهما : الاستصحاب في بعض الافراد . وفيه : ان المختار عدم جريان

الاستصحاب في الاحكام .

ثاينهما : ان الجد له ولاية المال اجماعا ، فيثبت له ولاية النكاح كالاب ، للخبر في

تفسير من بيده عقدة النكاح ، حيث عد من افراده من يجوز امره في مال المرأة فيبتاع

لها ويتشرى ( 1 ) . ولصحيح ابن سنان عن الامام الصادق ( عله السلام ) فيه ايضا ، قال :

هو ولي امرها ( 2 ) ولا خلاف في ان الجد ولي امر الصغيرة في الجملة .

اقول : ان كان الاستدلال باطلاق هده الادلة فمتين ، والا فلاصراحة في شئ

منها في ثبوت الولاية مع فقد الاب .

ثم انه مع فقد الاب ، هل الولاية مختصة بالجد الادنى ، ان تكون ثابتة لابيه

ايضا ؟ قولان .

استدل للاول بآية ( اولوا الارحام بعضهم اولى ببعض ) ( 3 ) بتقريب انها تدل

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 2 .

( 3 ) سورة الانفال آية 76 . ( * )

 

 

[ . . . ]

على ان القريب اولى بقرينة من البعيد ، فنفت ولاية البعيد ، وخرج منها الجد مع الاب

وبقى الباقي . وفيه اولا : ان هذه الاية مختصة ببا ب الارث . وثانيا : انها تدل على اولوية

بعض الارحام من بعض ولا تدل على تعيين البعض الاولى ، ولعله البعض البعيد ، بل

احتمال كونه اولى ارجح من جهة ما في النصوص من التعليلات .

واستدل للثاني باطلاق الادلة وبالاستصحاب . ويرد على الاول ما تقدم من

عدم الدليل على ولاية الجد الاعلى . وعلى الثاني ما تكرر منا من عدم جزيان

الاستصحاب في الاحكام الكلية .

 

يعتبر عدم المفسدة في تزويج الصغيرين

 

المشهور بين الاصحاب على ما نسب إليهم اعتبار عدم المفسدة في صحة

تزويج الاب والجد ، واستدل له بوجوه :

احدها : الاية الكريمة ( ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن ) ( 1 )

بتقريب انه تشمل الجد ويتم في الاب بعدم الفصل ، وهي ان كانت في الاموال الا

انه يتعدى عن موردها الى المقام لعدم القول بالفصل .

وفيه اولا : ان شمولها للجد محل تأمل ، لان من له الجد لا يصدق عليه اليتيم .

وثانيا : ان عدم الفصل من الجهتين غير ثابت .

ثانيها : ان جملة من النصوص تقيد تصرف الولي الاجباري في المال بصورة

الحاجة كخبر الحسين بن ابي العلا ( 2 ) أو بان لا يكون فيه سرف كصحيح محمد بن

……………………………………………………

( 1 ) سورة الانعام آية 153 .

( 2 ) الوسائل باب 78 من ابواب ما يكتسب به حديث 8 كتاب التجارة . ( * )

 

 

[ . . . ]

مسلم ( 1 ) أو كونه مما لابد منه ، معللا بان الله لا يحب الفساد كصحيح الثمالي ( 2 ) ويتعدى

عنه الى المقام .

وفيه انها في مقام بيان مورد جواز اخذ الاب لنفسه مع الحاجة ، وهذا غير

مربوط بتصرفه فيه بعنوان الولاية الذي هو محل الكلام في المقام .

ثالثها : موثق عبيد بن زرارة ، قال قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : الجارية

يريد ابوها ان يزوجها من رجل ، ويريد جدها ان يزوجها من رجل آخر ، فقال ( عليه

السلام ) : الجد أولى بذلك ما لم يكن مضارا ان لم يكن الاب زوجها قبله ، ويجوز عليها

تزويج الاب والجد ( 3 ) وهو ان كان في الجد الا انه يتعدى عنه الى الاب ، لعدم القول

بالفصل ، وبه يقيد اطلاق النصوص الذي استدل به لعدم الاعتبار . فالاظهر اعتبار

ذلك .

وهل يعتبر وجود المصلحة ؟ ظاهر المسالك ان المشهور بين الاصحاب عدم

اعتباره ، واستدل للاعتبار بالاية الشريفة المتقدمة ، بدعوى ان الاحسن ما فيه

المصلحة ، وهي وان لم تشمل الاب ولكنها تشمل الجد وتثبت في الاب لعدم القول

بالفصل ، ثم انه إذا ثبت ذلك في الاموال يتعدى عنها الى المقام . وبالاصل ، فانه إذا لم

يكن لادلة الولاية اطلاق لابد من الاقتصار على المتيقن ، وهو الولاية على التصرف

الذي فيه المصلحة ، والرجوع في غير ذلك الى اصالة عدم ثبوت الولاية ، أو عدم نفوذ

التصرف .

ولكن يرد على الاول اولا : انه لا يتصدق اليتيم على من له الجد .

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 78 من ابواب ما يكتسب به حديث 1 .

( 2 )الوسائل باب 78 من ابواب ما يكتسب به حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . . ]

وثانيا : ان المراد باحسن الحسن ، والفعل الذي لا مفسدة فيه حسن .

وثالثا : ان الاية منصرفة الى الاجانب ، والخطاب فيها لا يشمل الجد .

ورابعا : ان عدم الفصل غير محرز .

وخامسا : انه لو ثبت ذلك في التصرف في المال لاوجه للتعدى الى المقام ، مع ان

الاكثر على الفصل .

ويرد على الثاني : ان مقتضى الاطلاق عدم الاعتبار اضف إليه بناء العقلاء

فان ينائهم على ثبوت الولاية مع عدم المفسدة ، ولم يردع الشارع الاقدس عنه .

 

عدم اعتبار العدالة في ولاية الاب

 

وهل تعتبر في ولاية الاب والجد العدالة ، ام لا كما هو المشهور بين الاصحاب ؟

وجهان . قد استدل للاول بوجوه :

الاول : انه ولاية على من لا يدفع عن نفسه ولا يعرب عن حاله ، ويستحيل من

حكمة الصانع جعل الفاسق امينا تقبل اقراراته واخباراته عن الغير . وفيه : ان المنافي

للحكمة جعل من لا يبالي بالخيانة وليا مطلقا ، فإذا فرضنا تحديد الولاية بالنكاح الذي

لا مفسدة فيه لا منافاة هناك ، مع ان الاب مأمون من ذلك بملاحظة شفقة ورأفته .

الثاني : آية الركون الى الظالم ، قال الله عز وجل ( ولا تركنوا الى الذين ظلموا

فمتسكم النار ) ( 1 ) وتقريب الاستدلال به احد وجيهن : احدهما - ان جعله تعالى

الفاسق امينا ووليا ركون منه الى الظالم مع انه نهى عنه . ثانيهما - ان العقد مع الاب

……………………………………………………

1 - سورة هود آية 114 . ( * )

 

 

[ . . . ]

بعنوان انه ولي الطفل ركون إليه ، وهو منهى عنه . وفي كليهما نظر . اما الاول فلان مجرد

جعله امينا ووليا كجعل شخص وكيلا ليس ركونا إليه ، مع ان الملاك غير معلوم ، ولعل

لركون العبد مفسدة ليست في ركون المولى . واما الثاني فلان العقد مع الاب بعنوان

ان الله تعالى جعله وليا ليس ركونا من العبد إليه ، فانه كالعقد معه بما انه مالك أو

وكيل ، مع ان الظالم اخص من الفاسق ، اضف الى ذلك لكه ما قيل من ورود الاية في

سلاطين الجور ، وان المراد بالركون الدعاء لهم بالبقاء .

الثالث : آية النبأ ( 1 ) . وفيه : ان قبول اخبار الفاسق حينئذ واقراره انما يكون

من جهة كونه وليا ، حيث انه من ملك شيئا ملك الاقرار به ، ولا ينافي مع عدم قوبله

منه عن غيره من حيث هو ، والاية متضمنة للثاني ، مع ان عدم قبول اخباره لا ينافي

ثبوت الولاية ، مع ان قبول اخباره بعد ثوبت الولاية بما انه بلسان انه لابيه غير قبول

اخباره عن غيره ، بل هو في حكم قبول اقراره على نفسه .

ويمكن ان يستدل لعدم اعتبار العدالة بوجهين غير الاجماع .

احدهما : الاصل ، تمسك به الشيخ الاعظم ره في مقابل الاطلاق ، وعليه فليس

المراد به القاعدة المستفادة منه كما توهم ، بل المراد به الاصل العملي ، ولذا اورد عليه

جمع من المتأخرين عنه - منهم المحقق النائيني ره - بان الاصل بالعكس ، لان نفوذ

نكاح شخص على آخر يتوقف على دليل ، ومع عدمه فالاصل يقتضي عدم نفوذه .

ولكن الظاهر ان مراده بالاصل استصحاب عدم الردع ، بعد ثبوت عدم

اعتبارها عند العقلاء ، وعدم ثبوت ردع من الشارع الاقدس عنه ، فلا ايراد عليه .

ثانيهما : اطلاق النصوص . فالمتحصل مما ذكرناه عدم اعتبار العدالة .

……………………………………………………

1 - سورة الحجرات آية 7 . ( * )

 

 

] والمجنونين ، [

 

ولاية الاب والجد على المجنون

 

( و ) الموضع الثالث : انه هل للاب والجد ولاية على ( : المجنونين ) اي الذكر

والانثى مطلقا كما في المتن ، وعن التذكرة والتحرير وكشف اللثام واختاره الشيخ

الاعظم ره وصاحب الجواهر وغيرهما ، ام لهما الولاية عليهما إذا كان الجنون متصلا

بالبلوغ ومع الانفصال لا ولاية لهما ، ام لا ولاية لهما عليهما مطلقا ؟

وتنقيح القول بالبحث في موردين :

الاول : في الجنون المتصل بالبلوغ .

الثاني : في المنفصل عنه .

اما الاول ، ففي الجواهر - بعد الافتاء بثبوت ولايتهما عليهما في هذا المورد - :

بلا خلاف اجده فيه ، بل في المسالك انه موضع وفاق ، بل في غيرها الاجماع عليه ،

انتهى .

وفي المستند : ثم ولاية الاب والجد مع وجودهما عليه مع اتصال الفساد بالصغير

ثابتة عند الاصحاب كما في بعض العبارات ، وبلا خلاف كما في بعض آخر ، واجماعا كما

في كلام جماعة ، بل هو اجماع محققا ، انتهى .

ويمكن ان يستدل له بوجوه :

1.     خبر علي بن جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن الرجل ، هل

يصلح له ان يزوج اينته بغير اذنها ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ، ليس يكون للولد أمر

إلا ان تكون امرأة قد دخل بها قبل ذلك ، فتلك لا يجوز نكاحها الا ان تستأمر ( 1 ) فان

……………………………………………………

1 - الوسائل باب 9 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 8 . ( * )

 

 

[ . . . ]

مقتضى عموم المستثنى منه ثبوت الولاية للاب في ما هو محل الكلام .

2.     مفهوم مرسل ابن بكير عن رجل ابي عبد الله ( عليه السلام ) : لا بأس ان

تزوج المرأة نفسها إذا كانت ثيبا بغير اذن ابيها إذا كان بأس بما صنعت ( 1 ) فان

مفهومه ثبوت البأس بدون اذن ابيها إذا كان بأس بما صنعت اي كانت فاسد العقل ،

فيتم في الصغير بعدم القول بالفصل .

3.     عموم خبر زرارة عن ابي جعفر ( عليه السلام ) : إذا كانت المرأة مالكة

امرها تبيع وتشتري ، وتعتق وتشهد ، وتعطي من مالها ما شاءت ، فان امرها جائز تزوج

ان شاءت بغير اذن وليها ، وان لم تكن كذلك فلا يجوز ترويجها الا بأمر وليها ( 2 ) وليس

معنى الولاية الا التوقف على اذنه . وتقريب الاستدلال به انه يدل على ان ولاية التزويج

لولي من لا تكون مالكة لامرها كالمجنونة ، والمراد من الولي هو الاب والجد ، لانهما

المتبادر من الولي العرفي الذي هو المراد منه في الخبر ، وارادة الحاكم منه في غاية البعد ،

ولان اولوا الارحام بعضهم اولى ببعض ، وللاجماع على ولايتهما في مالها كما عن التذكرة

وغيرها ، ومعلوم ان ظاهر الخبر هو اثبات الولاية على التزويج لمن له ولاية على مالها ،

ولان الاب بيده عقدة النكاح كما في صحيح ابي بصير ( 3 ) وغيره ، والذي بيده ذلك ولي

الامر كما في صحيح ابن سنان ( 4 ) وهو وان كان في المجنونة الا انه يثبت في المجنون

بعدم القول بالفصل . وبهذا البيان يظهر صحة الاستدلال له بكل مادل على ان المرأة

إذا لم تكن مالكة لامرها لا تزوج بغير ولي .

فان قيل : لازم ما ذكر من الوجهين الاولين ثبوت الولاية للام والاخ وما شاكل

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 3 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 14 .

( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب عقد النكاح حديث 6 .

( 3 و 4 )الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد . ( * )

 

 

] ولاخيار لهما بعد زوال الوصفين . [

 

مع عدم وجود الاب والجد ، مع انه لاريب في عدمه .

قلنا : انه يقيد اطلاق النص بما تقدم من عدم ثبوت الولاية لغير الاربعة المشار

إليهم .

4.     مادل على ثبوت ولاية التزويج للاب مطلقا ، كصحيح ابي بصير المتقدم ،

ويقيد اطلاقه بما دل على عدم ثبوتها في موارد خاصة ويبقى الباقي ، وبذلك يظهر صحة

الاستدلال له بما دل ( 1 ) على ثبوت الولاية على التزويج لمن يجوز امره في مال المرأة ،

فانه يجوز امر الاب في مالها إذا كانت مجنونة ، ويثبت في المجنون بعدم الفصل .

واما المورد الثاني ، وهو ما إذا كان الجنون منفصلا عن البلوغ ، فالظاهر ثبوت

الولاية لهما ، كما يقتضيه اكثر الادلة المتقدمة في المورد الاول .

 

تزويج الاب أو الجد للصغيرة نافذ عليها

 

الموضع الرابع من مواضع البحث : فيما افاده المصنف ( ولا خيار لهما بعد زوال

الوصفين ) اي الصغر والجنون . وتنقيح القول بالبحث في موارد .

احدها : في الصغيرة . والظاهر انه لا خلاف في عدم الخيار لها بعد بلوغها إذا

زوجها الاب أو الجد قبله . وفي الحدائق ظاهر الاصحاب الاتفاق عليه .

والكلام فيه تارة في ثبوت الخيار لها ، بمعني ان لها اجازة العقد ورده ، بحيث

يكون تمامية العقد ونفوذه موقوفة على الاجازة كما في عقد الفضولي ، واخرى في ثبوت

الخيار بين الفسخ وابقاء العقد بحيث يكون العقد صحيحا وانما يكون لها حق حله .

……………………………………………………

1 - الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح . ( * )

 

 

[ . . . ]

اما الخيار بالمعني الاول ، فيشهد لعدمه جملة من النصوص ، كصحيح محمد بن

مسلم عن ابي جعفر ( عليه السلام ) عن الصبي يتزوج الصبية ، قال ( عليه السلام ) :

ان كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز ، ولكن لهما الخيار إذا ادركا ، فان رضيا بعد

ذلك فالمهر على الاب ( 1 ) الحديث ، فانه كالصريح في صحة العقد وانما لها حق الحل .

واحتمال كون المراد بالجواز الجواز التكليفي لا الوضعي بمعنى الصحة يرده ظهور

الجواز في المعاملات في الوضعي ، مع ان الجواز التكليفي لا يختص بما إذا كان العاقدان

الابوين .

وصحيح ابن بزيع عن ابي الحسن ( عليه السلام ) عن الصبية يزوجها ابوها ثم

يموت وهي صغيرة ، فتكبر قبل ان يدخل بها زوجها ، يجوز عليه التزويج أو الامر

إليها ؟ قال ( عليه السلام ) : يجوز عليه تزويج ابيها ( 2 ) .

وصحيح محمد عن الامام الباقر ( عليه السلام ) في الصبي يتزوج الصبية

يتوارثان ؟ فقال ( عليه السلام ) : إذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم ( 3 ) الحديث ، إذ

العقد قبل البلوغ لو كان فضوليا لم يكن وجه للتوارث ، ونحوها غيرها .

واما الخيار بالمعني الثاني ، فما دل من النصوص المتقدم بعضها على التوارث

وعلى ان التزويج جائز نافذ عليه لا ينفي الخيار ، ولكن يشهد لعدم الخيار لها بهذا

المعنى - مضافا الى انه الاصل ، والى خبر دعائم الاسلام عن الامام علي ( عليه

السلام ) : تزويج الاباء على البنين والبنات جائز إذا كانوا صغار أو ليس لهم خيار إذا

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح حديث 8 .

( 2 )الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 12 من ابواب عقد النكاح حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

كبروا ( 1 ) - مادل من النصوص ( 2 ) على انه لا امر لها بعد البلوغ ، لظوره في انه ليس

لها اختيار وسلطنة على العقد الصادر عن ابيها . وحمله على ارادة انه لا يكون العقد

عليها موقوفا على اجازتها خاصة ، خلاف الظاهر .

ويعارضه صحيح محمد بن مسلم المتقدم المصرح بان لها الخيار ، وخبر بريد

الكناسي عن ابي جعفر ( عليه السلام ) : متى يجوز للاب ان يزوج ابنته ولا يستأمرها ؟

قال ( عليه السلام ) : إذا جازت تسع سنين ، فان زوجها قبل بلوغ التسع سنين كان

الخيار لها إذا بلغت تسع سنين ( 3 ) ولكن لعدم العمل بهما ، ومعارضتهما لما هو اشهر منها

بل المتفق عليه ، يتعين طرحهما .

 

تزويج الاب أو الجد للصغير نافذ عليه

 

الثاني : في الصغير . ويشهد لعدم الخيار بالمعني الاول له مادل من النصوص

على توارثهما إذا زوجهما الابوان ( 4 ) وصحيح الحلبي ، قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) :

الغلام له عشر سنين فيزوجه ابوه في صغره ، ايجوز طلاقه وهو ابن عشر سنين ؟ فقال

( عليه السلام ) : اما تزويجه فهو صحيح ، واما طلاقه فينبغي ان تجلس عليه امرأته حتى

يدرك ( 5 ) .

……………………………………………………

(1 ) المستدرك باب 11 من عقد النكاح حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 9 .

( 4 ) الوسائل باب 12 من ابواب عقد النكاح وباب 11 من ابواب ميراث الازواج .

( 5 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

واما الخيار بالمعني الثاني ، فاستدل لعدم ثوبوته له بعد البلوغ صاحب الحدائق

ره بهذين الخبرين ، ولكن قد مر انهما لا ينافيان الخيار بهذا المعني . فالاولى الاستدلال

له باصالة اللزوم ، وبخبر الدعائم المتقدم ، وبما تضمن ان العقد جائز على الصبي

المتقدم بالتقريب المتقدم .

وعن الشيخ وبني البراج وحمزة وادريس ان له الخيار بهذا المعنى . واستدل له

بتطرق الضرر إليه من جهة اثبات المهر في ذمته والنفقة من غير ضرورة . وبصحيح

محمد بن مسلم المتقدم . وبخبر بريد الكناسي : ان الغلام إذا زوجه ابوه ولم يدرك ، كان

بالخيار إذا ادرك وبلغ خمس عشرة سنة ، أو يشعر في وجهه ، أو ينبت في عانته ( 1 ) . وبصدر

صحيح الحذاء عن ابي جعفر ( عليه السلام ) عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما

غير مدركين ، فقال : النكاح جائز ، ايهما ادرك كان له الخيار ( 2 ) .

وفي الجميع نظر . اما الاول ، فلانه لاضرر ينفي مع كون المهر في ذمة الاب بل

وبدونه .

واما الثاني فلاشتماله على ما يخالف الاجماع والنصوص المعتبرة من ثبوت الخيار

للصغيرة ، والتبعيض في حجية الخبر لو كان مشتملا على حكمين احدهما مما لا يمكن

البناء عليه ، انما يكون فيما لو كان الخبر مشتملا على جملات وكان مستجمعا لشرائط

الحجية بالنسبة الى بعضها دون بعض ، لامثل المقام الذي بين الحكمان بجملة واحدة

كما لا يخفى .

واما الثالث فلانه - مضافا الى صعفة لجهالة حال بريد الكناسي ، اللهم الا

ان يقال انه في السند احمد بن محمد بن عيسى والحسن بن محبوب وابو ايوب الخزاز ،

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 9 .

( 2 )الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 1 . ( * )

 

 

] والبالغ الرشيد لا ولاية عليه ذكرا كان أو انثى . [

 

وهذا يشعر بالوثاقة - مشتمل على احكام مخالفة للاجماع ، منها ثبوت الخيار للصغيرة ،

ومنها تحقق البلوغ لو اشعر في وجهه ، ومنها غير ذلك .

واما الرابع فلانه في ذيله حكم بانه إذا كان العاقدان الابوين جاز العقد ، فيعلم

من ذلك ان المراد بالصدر عقد غير الولي الشرعي .

واما خبر ابان ( 1 ) وموثق الفضل عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : إذا زوج

الرجل ابنه فذاك الى ابنه ، وإذا زوج الابنة جاز ( 2 ) فهما مختصان بالبالغ ، أو محمولان

عليه . فالاظهر عدم ثبوت الخيار .

 

عدم ولاية الاب والجد على البكر الرشيدة

 

الرابع : ( والبالغ الرشيد لا ولاية عليه ذكرا كان أو انثى ) بلا خلاف

ولا اشكال في الاول ، وعن غير واحد دعوى الاجماع عليه ، وعن كشف اللثام : اجماعا

منا ومن العامة .

وبعض نصوص الباب شاهد به ، لاحظ خبر ابن ابي يعفور عن الامام

الصادق ( عليه السلام ) ، قال قلت له : اني اريد ان اتزوج امرأة ، وان ابواي أرادا ان

يزوجاني غيرها ، فقال ( عليه السلام ) : تزوج التي هويت ، ودع التي يهوى ابواك ( 3 ) .

وموثق زرارة عن ابي جعفر ( عليه السلام ) انه اراد ان يتزوج امرأة ، قال : فكره ذلك

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 13 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 4 .

( 3 )الوسائل باب 13 من ابواب عقد النكاح حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ابي فمضيت فتزوجها ( 1 ) ونحوهما غيرهما . مضافا الى عموم دليل السلطنة .

واما الثاني ، فقد اختلف الفقهاء في ثبوت الولاية للاب والجد على البالغة

الرشيدة الباكرة في خصوص امر تزويجها وعدمه على اقوال ستة .

الاول : ما عن الشيخ في اكثر كتبه والصدوق والعماني والقاضي وكاشف اللثام

وصاحب الحدائق ، وهو ثبوت الولاية لهما عليها مستقلا مطلقا ، بل هو المنسوب الى

المشهور بين القدماء .

الثاني : ما في المتن والشرايع وعن القواعد وغيرهما ، وهو استقلالها وعدم

الولاية لهما مطلقا ، بل هو المنسوب الى المشهور بين القدماء والمتأخرين ، وفي الرياض

دعوي الشهرة العظيمة عليه ، وعن السيد في الانتصار والناصريات الاجماع عليه .

الثالث : ثبوت الولاية لهما عليها على نحو التشريك ، بمعني اعتبار اذنها واذن

احدهما معا ، نسب ذلك الى المفيد والحلبيين وظاهر الوسائل .

الرابع : التفصيل بين الدوام والانقطاع ، وثبوت الولاية لهما في الاول دون

الثاني ، نسب ذلك في الشرايع الى قائل ولم نعرفه وعن الشهيد في شرح نكت الارشاد

ان المحقق سئل عن قائله فلم يجب .

الخامس : عكس الرابع ، وهو المحكي عن الشيخ في كتابي الاخبار .

السادس : ثبوت التشريك بين المرأة وابيها خاصة دون غيره من الاولياء ،

ونسب ذلك الى المفيد ايضا .

هذه هي الاقوال في المسألة ، ومنشأ الاختلاف اختلاف النصوص ، فانها على

طوائف :

……………………………………………………

1 - الوسائل باب 13 من ابواب عقد النكاح حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الاولى : ما يدل على ثبوت الولاية للولي بنحو الاستقلال ، كصحيح محمد بن

مسلم عن احدهما ( عليه السلام ) : لا تستأمر الجارية إذا كانت بين ابويها ليس لها مع

الاب أمر ، وقال : يستأمرها كل احد ما عد الاب ( 1 ) ونحوه صحيحا عبد الله بن

الصلت ( 2 ) والحلبي ( 3 ) وغيرهما . وقد استقصاها الشيخ الاعظم ره ، وقال بعد ذلك : هذه

ثلاث وعشرون رواية تدل على استمرار ولاية الاب على البالغة البكر .

الثانية : مادل على جواز تزويج الاب على بنته ، كموثق عبيد بن زرارة قال :

قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : الجارية يريد ابوها ان يزوجها من رجل ، ويريد جدها

ان يزوجها من رجل ، فقال ( عليه السلام ) : الجد اولى بذلك ما لم يكن مضارا ان لم يكن

الاب زوجها قبله ، ويجوز عليها تزويج الاب والجد ( 4 ) فان اطلاقه يعم ما إذا كانت

الجارية بالغة رشيدة .

الثالثة : مادل على ان الجارية التي لها اب لا تتزوج الا باذن ابيها ، كخبر ابي

مريم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : الجارية البكر التي لها اب لاتزوج الا باذن

ابيها ( 5 ) . وصحيح ابن ابي يعفور عنه ( عليه السلام ) : لا تنكح ذوات الاباء من الابكار

الا باذم آبائهن ( 6 ) وما عن الشهيد الثاني ره من احتمال كون " من " للتبعيض فلا يدل

على محل النزاع ، فان الصغيرة من الابكار لا تتزوج الا باذن ابيها ، يدفعه - مضافا

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 4 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 3 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 11 .

( 4 ) الوسائل باب 11 من ابواب عقد النكاح حديث 2 .

( 5 )الوسائل باب 3 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 7 .

( 6 )الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الى بعده - ان لازم ذلك لغوية التقييد بالابكار ، فان الثيب ايضا كذلك .

الرابعة : ما يدل على اعتبار اذم ابيها في المتعة ، كصحيح ابي مريم عن الامام

الصادق ( عليه السلام ) : العذراء التي لها اب لاتزوج متعة الا باذن ابيها ( 1 ) وصحيح

البزنطي عن الامام الرضا ( عليه السلام ) : البكر لا تتزوج متعة الا باذن ابيها ( 2 ) .

الخامسة : ما يدل على استقلال الباكرة في امرها ، كمصحح الفضلاء - الفضيل

ابن يسار ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، كلهم عن ابي جعفر ( عليه

السلام ) - : المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة ولا المولى عليها تزويجها بغير

ولي جائز ( 3 ) والمراد بكونها مالكة نفسها وغير مولى عليها كونها كذلك في سائر العقود

والايقاعات ، وبعبارة اخرى فيما يرجع الى نظام معاشها من العقود والايقاعات

والعطيات وغيرها ما عدا النكاح . والشاهد على ارادة ذلك دون ما يشمل النكاح

امران :

الاول : ان لازم ارادة مالكية نفسهما حتى في النكاح وعدم كونها مولى عليها

حتى فيه لغوية هذه الجملة ، وكون الحمل ضروريا عقليا واخذ الحكم في الموضوع ، إذ

لا معنى لعدم كونها مولى عليها في النكاح وكونها مالكة نفسها فيه الا جواز تزويجها

بغير ولي .

الثاني : تفسير مالكية الامر في خبر زرارة بذلك : فانه روي عن الباقر ( عليه

السلام ) انه قال : إذا كانت المرأة مالكة امرها تبيع وتشتري ، وتعتق وتشهد ، وتعطى

مالها ما شاءت : فان امرها جائز تتزوج ان شاءت بغير اذم وليها . وان لم تكن كذلك

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 11 من ابواب المتعة حديث 12 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب المتعة حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 3 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

فلا يجوز تزويجها الا بأمر وليها ( 1 ) .

فما عن كاشف اللثام من منع كون البكر مالكة امرها غير مولى عليها إذ هو

اول المسألة ، ضعيف .

وخبر سعدان بن مسلم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا بأس بتزويج

البكر إذا رضيت بغير اذن وليها ( 2 ) - هكذا في جملة من الكتب ، وعن نسخ التهذيب

المعتبرة وجامع المقاصد والوسائل والحدائق روايته بابدال " وليها " ب " ابيها " - والايراد

عليه بعدم توثيق الرجالين راوي الخبر ، في غير محله ، فان ملاحظة حال الرجل

المسطورة في كتب الرجالين توجب الوثوق بخبره واعتبار حديثه . واحتمال كون هذا

الخبر بعينه مرسله عن رجل عنه ( عليه السلام ) : لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من

غير اذن ابويها ( 3 ) يدفعه ان الشيخ رواهما معا ، اضف إليه اختلاف متنيهما ، فان الاب

افرد في المسند وثني في المرسل ، مع ان المرسل إذا روي بنحو الاستناد الى من روي

عنه الواسطة يكون ذلك كاشفا عن كونه موثقا لدي المرسل ، والا لم يصح راويته بنحو

الاستناد وهو واضح . ونحوها غيرها .

السادسة : مادل على اعتبار اذم البكر ورضاها ، كصحيح منصور بن حازم عن

الامام الصادق ( عليه السلام ) : تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح الا بأمرها ( 4 ) . واحتمال

ان تقرأ " تستأمر " بالبناء للفاعل - اي الباكرة تستأمر غيرها - فيدل على الخلاف كما

عن كشف اللثام ، يدفعه عدم انسجام الكلام وعدم صحته في غير البكر .

السابعة : ما يدل على جواز تزويج البكر متعة بغير اذن ابيها ، كخبر ابي سعيد ،

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 9 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 6 .

( 2 و 3 )الوسائل باب 9 من ابواب عقد النكاح حديث 4 - 1 .

( 4 ) الوسائل باب 11 من ابواب المتعة حديث 8 . ( * )

 

 

[ . . . ]

قال : سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن التمتع من الابكار اللواتي بين الابوين ، فقال

( عليه السلام ) : لا بأس ، ولا اقول كما يقول هؤلاء الاقشاب ( 1 ) . وخبر الحلبي ، قال

سألته عن التمتع من البكر إذا كانت بين ابويها بلا اذن ابويها ، قال ( عليه السلام ) :

لا بأس ما لم يقتض ما هناك لتعف بذلك و ( 2 ) ونحوهما غيرهما .

هذه هي نصوص الباب ، وقد استدل كل قوم بطائفة أو اكثر من هذه

النصوص .

وقد ذكروا في وجه القول الاول الطوائف الثلاث الاول من هذه الطوائف ، بل

الرابعة ايضا بالغاء خصوصية المتعة وعدم الفصل بينها وبين الدائم .

واستدل للقول الثاني بالطائفة الخامسة والسادسة بل السابعة ايضا .

واستدل للثالث بانه مقتضى الجمع بين مادل على اعتبار اذن الاب وبين مادل

على اعتبار اذنها .

واستدل للرابع بانصراف مادل على استقلال الولي الى الدائم . وبالطائفة

الخامسة .

وذكروا في وجه الخامس انه مقتضى الاخذ بنصوص استقلال الولي بعد

تقييدها بالدوام واخراج المتعة بالطائفة السابعة . والاشكال في كل تلكم ظاهر .

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 11 من ابواب المتعة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب المتعة حديث 9 . ( * )

 

 

[ . . . ]

 

ما يقتضيه الجمع بين نصوص الباب

 

والحق ان يقال : انه لا تعارض بين الطوائف الاربع الاولة حتى الرابعة ، بناء

على عدم المفهوم الملقب ، كما لا تعارض بين الطوائف الثلاث الاخيرة ، ولا بين الثانية

والخامسة ، ولا بين الثانية والسابعة ، بل التنافي يكون بين الاولى والخامسة ، وبينها وبين

السادسة وبينها وبين السابعة وبين الثانية والسادسة ، وبين الرابعة والسابعة . فلابد

من البحث في موارد .

الاول : في الجمع بين الطائفة الاولى والخامسة ، وقد يقال - كما عن الشيخ

الاعظم ره - انه تحمل الطائفة الاولى على الاستحباب ، بمعني انه يستحب للبكر

ايكال امرها الى ابيها ، بتقريب انه وان امكن الجمع بحمل الخامسة على غير الاب

الا انه يلزم من التقييد طرح الاخبار الواردة في جواز التمتع بالبكر بدون اذن

ابيها ( 1 ) ، وطرح مرسل سعدان عن رجل عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا بأس

بتزويج البكر إذا رضيت من غير اذن ابويها ( 2 ) وخبر ابن عباس الذي هو نحو المرسل

في ذلك ( 3 ) .

وفيه : ان الخبرين ضعيفان ، واستناد القوم اليهما غير ثابت ، واخبار التمتع

بالبكر متعارضة سيأتي الكلام فيها ، وعليه فحيث ان الجمع الموضوعي ان امكن مقدم

على الجمع الحكمي ، فيتعين ذلك ولا يصح الحمل على الاستحباب ، اضف الى ذلك انه

لا يصح حمل جملة من نصوص الطائفة الاولى على الاستحباب ، لاحظ قوله ( عليه

……………………………………………………

( 1 و 2 )الوسائل باب 11 من ابواب المتعة حديث 8 .

( 3 ) التذكرة ج 2 ص 585 . ( * )

 

 

[ . . . ]

السلام ) : ليس لها مع ابيها امر - كما في صحيح عبد الله بن الصلت ( 1 ) - وقوله ( عليه

السلام ) : ليس لها مع ابيها امر إذا انكحها جاز نكاحه وان كانت كارهة - كما في خبر

الحلبي ( 2 ) - وان شئت قلت : ان اهل العرف لا يجمعون بين قوله : لا تستأمر الجارية

ليس لها مع الاب امر ، وبين قوله ( عليه السلام ) : تزويجها بغير ولي جائز ، بحمل الاول

على الاستحباب ، بل يرونها متهافتين .

وافاد المحقق اليزدي في الجمع بينهما انه يقتضى تقييد الاولى بما إذا زوجها

الاب ، فتدل على انه لو زوجها الاب ليس لها امر ، وحمل الخامسة على صورة عدم

تزويج الاب ، فتكون النتيجة ولاية كل منهما على التزويج مستقلا ، مع تقديم اختيار

الاب على اختيارها لو سبق اختيار الاب أو تقارن الاختياران .

وفيه : ان الطائفة الاولى كالنص في انه لا امر لها مع ابيها وان لم يزوجها الاب ،

لاحظ قوله ( عليه السلام ) في صحيح محمد : لا تستأمر الجارية إذا كانت بين ابويها

ليس لها مع الاب امر ( 3 ) .

وربما يقال - كما عن بعض المعاصرين بان الطائفة الخامسة مطلقة شاملة للاب

وغيره ، والاولى مختصة بالاب ، فيقد اطلاق الخامسة بالاولى ، فتكون النتيجة ولاية

الاب عليها خاصة .

وفيه : ان خبر سعدان الذي هو من الطائفة الخامسة صريح في جواز تزويجها

بغير اذن ابيها ، بناء على ما عن نسخ التهذيب المعتبرة ، ولا مورد للاعتماد على النقل

الاخر .

……………………………………………………

( 1 )الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

( 2 )الوسائل باب 9 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 7 .

( 3 )الوسائل باب 4 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

فهاتان الطائفتان متعارضتان لا يمكن الجمع بينهما بوجه ، وسيأتي بيان

ما تقتضيه قاعدة الترجيح .

المورد الثاني في الجمع بين الطائفة الاولى والسادسة ، وقد ذكر في مقام الجمع

بينهما الوجوه المتقدمة ، ولا بأس بالثالث منها .

الثالث : في الجمع بين الاولى والسابعة ، والحق انه مقتضى تقييد الاولى بالسابعة

لولا معارضتها بطائفة اخرى ، كما سيأتي الكلام فيه .

الرابع : في الجمع بين الثانية والسادسة ، وهو انما يكون بتقييد اطلاق الثانية

الشامل للبالغة وغيرها بالسادسة .

الخامس : في الجمع بين الرابعة والسابعة ، وهو يقتضى البناء على جواز المتمع

بها بدون اذن الاب مع اتقاء موضع الفرج ، لان هناك طوائف من النصوص ، منها

نصوص المنع وهي الطائفة الرابعة ، ومنها نصوص الجواز وهي الطائفة السابعة ، ومنها

نصوص الجواز مع اتقاء موضع الفرج ، كخبر الحلبي ، قال : سألته عن التمتع من البكر

إذا كانت بين ابويها بلا اذم ابويها ، قال ( عليه السلام ) : لا بأس ما لم يقتض ما هناك ( 1 ) .

ونحوه غيره ، والطائفة الاخيرة تقيد اطلاق الاولتين ، فانتيجة ما ذكرناه . اللهم الا ان

يقال : ان صحيح ابي مريم المتقدم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : العذراء التي لها

اب التزوج متعة الا باذم ابيها ( 2 ) ونحوه صحيح البزنطي ( 3 ) ، لتضمنهما ثبوت البأس

في التزويج لا في الاستمتاع يأبيان عن هذا الجمع ، فيتعين الجمع بتقديم الطائفة

المجوزة لصراحتها في الجواز وظهور المانعة في المنع ، فيرفع اليد عن ظهورها بالنص .

وبعد ما عرفت من عدم امكان الجمع العرفي بين الطائفة الاولى والخامسة ،

……………………………………………………

( 1و2و3 )الوسائل باب 11 من ابواب المتعة حديث 9 - 12 - 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

يقع الكلام فيما يقتضيه ادلة الترجيح والتخيير ، وهي تقتضي تقديم الخامسة لوجهين :

الاول : انها اشهر : لما تقدم من نسبة القول بمضمونها الى المشهور بين القدماء

والمتأخرين ، بل في الرياض دعوى الشهرة العظيمة عليه ، وعن السيد دعوى

الاجماع عليه . اللهم الا ان يقال : ان المرجح هي الشهرة الفتوائية بين القدماء دون

الروايتية أو الشهرة بين المتأخرين ، وحيث ان القول بمضمون كل من الطائفتين

نسب الى المشهور بين القدماء فهذا المرجح ليس مع شئ منهما ، فتأمل .

الثاني : انه لو اغمض عما ذكر اولا ، وحيث ان المرجح من حيث السند مفقود

لما عرفت من وجود الاخبار الصحيحة في كلتا الطائفتين ، وكذلك المرجح من حيث

الصدور لاختلاف العامة في هذه المسألة : فتعين الرجوع الى المرجح المضموني ، وهو

يقتضى تقديم الخامسة ايضا ، لانها موافقة للكتاب والسنة .

اما الكتاب فآيات منه توافق نصوص استقلال البكر :

الاولى : قوله تعالى ( اوفوا بالعقود ) ( 1 ) . والايراد عليه بعدم صدق العقد الذي

هو بمعنى العهد على المزاوجة عرفا لا اقل من الشك في الصدق - كما عن المحقق

الحائري اليزدي ره - في غير محله ، لما حقق في محله من ان العقد غير العهد ، إذ العهد

هو الجعل والقرار ، واما العقد فهو ربط شئ بشئ ، وهو يصدق على المزاوجة باعتبار

ارتباط اعتبار كل من الزوجين باعتبار الاخر .

الثانية : قوله تعالى ( فإذا بلغن اجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في

انفسهن بالمعروف ) ( 2 ) .

……………………………………………………

( 1 ) سورة المائدة آية 2 .

( 3 )سورة البقرة آية 235 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الثالثة : قوله تعالى ( واحل لكم ما وراء ذلكم ) ( 1 ) .

واما السنة ، فدليل استقلال البكر موافق لقاعدة تسلط الناس على انفسهم

المنعقد عليها الاجماع الكاشف عن السنة القطعية . والايراد عليه بان غاية ما تدل

عليه هذه القاعدة هي عدم ولاية الاب عليها ، واما استقلالها في امرها بحيث لا يعتبر

في جواز تزويجها اذن ابيها ورضاه فلا - كما عن المحقق اليزدي - غريب ، فان مفاد

في جواز تزويجها اذن ابيها ورضاه فلا - كما عن المحقق اليزدي - غريب ، فان مفاد

القاعدة سلطنة الانسان على نفسه سلطنة تامة مطلقة ، ولازم ذلك عدم اعتبار اذن

الغير ورضاه .

فتحصل ان الاظهر هو تقديم الطائفة الخامسة ، الدالة على استقلال البكر

وعدم ثبوت الولاية للاب عليها ، ولكن الاحوط استحبابا هو الاستيذان منه .

 

لا ولاية للولي إذا عضل المرأة

 

تنبيهان :

الاول : انه بناء على ثبوت الولاية للاب والجد على البكر ، لو عضلها الولي

اي منعها من التزويج بالكفو مع رغبتها بمهر المثل أو بدونه ، تسقط ولايته ويجوز لها

ان تزويج نفسها بلا خلاف ، وفي الجواهر ، اجماعا منا بقسميه ، واستدل له بوجوه :

احدها : قوله تعالى ( فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن إذا تراضوا بينهم

بالمعروف ) ( 2 ) . بتقريب ان المراد نهي الناس اجمع ويدخل فيهم الاولياء على معني

……………………………………………………

( 1 )سورة النساء آية 25 .

( 2 )سورة البقرة آية 233 . ( * )

 

 

[ . . . ]

انه لا يكون عضل منكم ، أو المراد خطاب الاولياء ، وعلى كل حال فالمراد بازواجهن

من رضين بهم ان يكونوا ازواجا .

وفيه اولا : ان الاية تدل على حرمة العضل ، وهي لا تستلزم سقوط الولاية ،

اللهم الا ان يقال بظهورها في الارشاد .

وثانيا : انه من المحتمل لو لم يكن هو الظاهر كون المخاطب الازواج السابقة ،

فان صدر الاية هكذا ( وإذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ) الخ ، وعليه

فتدل على عدم جواز عضل الازواج السابقة النساء ان يتزوجن بعد خلائهن .

ثانيها : كونه خيانة . وفيه : ان الخيانة لو أثرت في سقوط الولاية في

شخص الفعل الذي تحققت الخيانة به ، لا سقوطها بالمرة وثبوت الولاية للمولى عليه .

ثالثها : عموم نفي الحرج والضرر ( 1 ) . وفيه - مضافا الى كونه اخص من المدعى

- انهما نافيان لامثبتان ، فلا يثبت بهما استقلال البكر . فإذا العمدة هو الاجماع .

ولو منعها من التزويج بغير الكفو لا يكون ذلك عضلا . اما إذا كان عدم

الكفاية شرعيا ، فلفساد العقد فلا مورد للولاية عليها حتى من نفسها ، بناء على

ما ستعرفه من اشتراط الكفاية في صحة النكاح . واما إذا كان عدمها عرفيا . - كما لو

ارادت التزويج ممن في تزويجه غضاضة وعار عليهم . - فلاطلاق الكفو في كلامهم ، مع

ان مدرك سقوط الولاية الاجماع والمتيقن منه غير ذلك . وبذلك يظهر انه لو منعها من

التزويج بكفو معين مع وجود كفو آخر لا تسقط ولايته على فرض ثبوتها .

وفي حكم العضل الغيبة المنقطعة التي يحصل معها المشقة الشديدة من اعتبار

الاستيذان من الولي حكما ، صرح بذلك الشيخ في الخلاف والسيد في الرياض

……………………………………………………

( 1 ) سورة الحج آية 77 ، سورة المائدة آية 9 ، الوسائل باب 17 من ابواب الخيار ( * ) .

 

 

[ . . . ]

وصاحب الحدائق والشيخ الاعظم وغيرهم ، وارتضاه كثير من الاصحاب على ما نسب

إليهم ، وعن بعضهم نفي الخلاف فيه ، ومدركه الوجهان الاخيران اللذان ذكرناهما في

العضل .

 

حكم ذهاب البكارة بغير الوطء

 

الثاني : لا خلاف يعتد به تفى انه لا ولاية للاب والجد على البالغة الرشيدة إذا

كانت ثيبا ، وفي رسالة الشيخ الاعظم دعوى اتفاق النص عليه والفتوى عليه ، وعن جا مع

المقاصد دعوى اتفاق علمائنا عليه . ويشهد به نصوص كثيرة ، كصحيح الحلبي عن

الامام الصادق ( عليه السلام ) في المرأة الثيب تخطب الى نفسها ، قال : هي أملك

بنفسها تولي امرها من شاءت إذا كان كفوا بعد ان تكون قد نكحت رجلا قبله ( 1 ) .

وخبر عبد الرحمان بن ابي عبد الله عنه ( عليه السلام ) عن الثيب تخطب الى نفسها ،

قال ( عليه السلام ) : نعم ، هي املك بنفسها تولي امرها من شاءت إذا كانت قد

تزوجت زوجا قبله ( 2 ) ونحوهما غيرهما .

فما عن العماني من بقاء الولاية عليها ، شاذ ضعيف لامدرك له . وعن المسالك :

انه ليس ما يمكن الاستناد إليه في هذه الفتوى الا رواية عامة عامية ، ورواياتنا خا صة

خاصية ، وهي مقدمة عند التعارض .

انما الكلام في انه على القول بثبوت ولايتهما على البكر ، لو ذهبت بكارتها بغير

الوطء من وثبة ونحوها ، أو ذهبت بالزنا أو الشبهة ، أو تزوجت ومات زوجها أو طلقها

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب عقد النكاح حديث 12 .

 

 

[ . . . ]

قبل الدخول ، هل الولاية باقية ام لا ؟

اما في المورد الاول ، فقد صرح جماعة - منهم الشهيد الثاني وصاحب الجواهر

والمحقق النراقي وغيرهم - بالبقاء . واستدل له بالاستصحاب ، وبصدق الباكرة عليها

لانها من لم تمس ، وبعدم صدق الثيب عليها لانها من تزوجت . ولكن يرد على الاول :

ان المختار عندنا عدم جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية ، وعلى الثاني : ان

الباكرة هي العذراء وهي من عليها خاتم من الله تعالى ، وعلى الثالث : ان الثيب هي

غير الباكرة . فالحق ان يستدل له باختصاص نصوص الثيب بمن تزوجت ، بل ما فيها

من الشرط بان تكون قد نكحت رجلا قبله أو تزوجت كذلك يدل بمفهومه على ذلك .

واما المورد الثاني ، ففي المستند اختار الحاقها بالبكر . وفي الجواهر الحقها

بالثيب ، واستدل له بصدق الثيب عليها ، لان الثيبوبة هي زوال البكارة بالوطء ، وما

في بعض النصوص من ظهور اعتبار النكاح في الثيب محمول على الغالب ونحوه ، بعد

قصوره عن تقييد غيره من المطلق للشهرة . وفيه ان بعض نصوص استقلال الثيب

مقيد باعتبار النكاح وبما فيه من الشرط يدل على عدم الاستقلال بدونه ، وبه يقيد

اطلاق سائر النصوص ، ولا وجه لحمل القيد على الغالب ، والشهرة لا تصلح لذلك .

فالاظهر انها في المورد ملحقة بالبكر .

واما المورد الثالث ، ففي المستند لم يسقط الولاية ، للاجماع وصدق الباكرة

والجارية . واورد عليه بان الثيب إذا كانت هي من تزوجت كما صرح بذلك ، فيصدق

عليها الثيب فيشملها نصوصها ، فيقع التعارض بين نصوص الباكرة ونصوصها . ولكن

يمكن دفعه بان مراده مما صرح به ان الثيبوبة هي زوال البكارة بوطء الزوج ،

فلا تصدق في المورد . وكيف كان ، فلا اشكال في اعتبار زوال البكارة في صدقها ، فهي في

المورد باكرة يلحقها حكمها .

 

 

] والحاكم [

 

ولاية الحاكم على المجنون والصبي

 

( و ) الخامس : في ولاية ( الحاكم ) على التزويج ، والكلام فيها في موردين :

الاول : في الولاية على المجنون .

الثاني : في الولاية على الصبي .

اما الاول ، فان كان للمجنون ولي من الاب والجد ، أو الوصي على القول

بثبوت الولاية له ، لا يكون للحاكم الشرعي ولاية عليه .

وان لم يكن له ولي ، فالظاهر انه لا خلاف بينهم في ولاية الحاكم على تزويجه ،

وفي الجواهر : بلا خلاف اجده فيه ، بل الظاهر كونه مجمعا عليه ، وفي المستند : بلا خلاف

بين علمائنا يعلم كما في التذكرة ، بل بالاجماع كما قيل ، وقد ذكره جمع من الفقهاء على

نحو يظهر انه من المسلمات ، راجع الشرايع والقواعد وغيرهما .

ويمكن ان يستدل له بوجوه :

1.     كون ذلك من الامور الحسبية ، أي الامور التي يعلم ان الشارع الاقدس

يريد تحققها ، وتولي ذلك في الجملة والقدر المتيقن منه ان يكون من الحاكم أو باذ نه مع

الامكان ، وبالجملة لا اشكال في ان للحاكم ولاية الحسبة وكون ذلك من الامور

الحسبية ، ولكن الثابت بذلك هو الولاية على التزويج في صورة الحاجة الشديدة

والضرورة كما لا يخفى .

2.     النبوي المروي في كتب اصحابنا - المنجبر ضعفه بالاشتهار - : السلطان

ولي من لا ولي له ( 1 ) وفي الجواهر : ان هذه القاعدة استغنت عن الجابر في خصوص

……………………………………………………

( 1 ) التذكرة ج 2 ص 592 رواه أبو داود في سننه ج 1 ص 481 وابن ماجة تحت رقم 1879 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الموارد نحو غيرا من القواعد . وتقريب الاستدلال به انه يدل على ثبوت الولاية على

من لا ولي له في التصرفات المتوقف نفوذها على اذن الولي لمن له السلطنة ، والنائب

العام في زمان الغيبة كذلك . ولكن يمكن ان يقال : ان النائب العام - وهو المجتهد

الجامع للشرائط - بناء على المختار من عدم ثبوت السلطنة له على نحو ما للامام

( عليه السلام ) وانما هو مرجع في الاحكام والقضاوة وولي الحسبة كما حقق في محله ،

لا يصدق عليه السلطان ، بل الظاهر ولا اقل من المحتمل ان المراد بالسلطان هو

الامام ، فلا يصح الاستدلال به ، وادلة نيابة الفقيه قد حقق في محله انها لاتدل على

ثبوت جميع مناصب الامام له .

3.     ان الحاكم ولي المجنون في ماله بلا خلاف ، فيشمله صحيح ابي بصير عن

الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الذي بيده عقدة النكاح ، قال : هو الاب والاخ

والرجل يوصى إليه ، والذي يجوز امره في مال الامرأة فيبتاع لها ويشتري ( 1 ) الحديث ،

ولا يضر اختصاصه بالمرأة ، لعدم القول بالفصل بينها وبين الرجل . وما دل على ان من

بيده عقدة النكاح هو ولي امرها ، كصحيح عبد الله بن سنان ، فان الحاكم ولي أمر

المجنونة والمجنون ( 2 ) .

4.     ان الظاهر كون ذلك - اي تزويج المجنون والمجنونة اللذين لا ولي لهما

سيما مع الحاجة الشديدة - من مناصب القضاة ، وعليه فمقتضى قوله ( عليه السلام )

في خبر ابي خديجة : فاني قد جعلته قاضيا ( 3 ) ثبوت هذا المنصب كغيره من مناصب

……………………………………………………

 ( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب صفات القاضي حديث 5 .

 

 

[ . . . ]

القضاة للفقيه ، وكذا قوله في مقبولة ابن حنظلة : فاني قد جعلته عليكم حاكما ( 1 ) .

فالاظهر ثبوت الولاية له عليه ، والاحوط اشتراط الحاجة إليه ، أو قضاء المصلحة

اللازمة المراعاة .

واما الثاني ، فان كان للصبي اب أو جد ، فلا كلام ولا اشكال في عدم ولاية

الحاكم على تزويجه . وان لم يكن له اب ولا جد ، فالمشهور بين الاصحاب انه ليس

للحاكم ولاية على نكاحه ، بل قال الشيخ الاعظم ره انه لا يبعد كونه اجماعيا ، والظاهر

انه كذلك مع عدم الحاجة إليه ، للاصل بعد عدم الدليل . انما الكلام في ولايته مع

الحاجة إليه بغير الوطء ، ولا يظهر من الاصحاب افتائهم بعدم ثبوت الولاية حتى في

هذا الفرض النادر ، ولذا استدلوا له بعدم الحاجة .

وكيف كان ، فمع الحاجة الشديدة مقتضى خبري ابي خديجة وابن حنظلة

ثبوتها ، لانه حينئذ من وظائف القضاة ، كما ان مقتضى كونها حينئذ من الامور الحسبية

ذلك ، فان الحاكم ولي الحسبة ، وايضا مقتضى مادل على ان النكاح بيد الولي في المال

المتقدم ذلك ، فان الحاكم وليه في ذلك .

نعم ، بازاء جميع ذلك صحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر ( عليه السلام ) في

الصبي يتزوج الصبية يتوارثان ؟ فقال : إذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم ( 2 ) يدل

على عدم ثبوتها له ، فان مفهومه نفي التوارث إذا كان المتولي للتزويج غير الاب ،

ويعضد هذا المفهوم كونه في مقام التفصيل وهو قاطع للشركة . وكذا يدل على العدم

صحيح الحذاء ، الدال على انه إذا زوج الصغير غير الاب توقف التوارث بعد موت

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب صفات القاضي حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 12 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد . ( * )

 

 

] والوصي على المجنون البالغ ذكرا وانثى مع المصلحة . [

 

احدهما على بلوغ الاخر واجازته ( 1 ) .

وما في الجواهر من ان المراد بهذه الاخبار ان العقد ان كان ممن له الولاية مضى

والا كان فضولا ولهذا اقتصر فيه على الاب ، يرد عليه : ان حمل القيد على كونه من

باب المثال خلاف الظاهر لا يصار إليه الا مع القرينة ، وعدم ذكر الجد لا يصلح لذلك

لاحتمال ارادته من الاب ، مع انه يقيد اطلاق مضمونهما من عدم الولاية لغير الاب

بالاجماع والنصوص الخاصة ، وبهذين الخبرين يخرج عن الادلة المثبتة ، فالاظهر هو

عدم ثبوت الولاية للحاكم على نكاح الصبي . اللهم الا ان يقال : انه من المقطوع به

من مذاق الشارع صحة العقد للصبي مع الضرورة ، ولا يكون ذلك مستثنى من ولاية

الحسبة وليس ذلك ببعيد .

 

للوصي ان يزوج المجنون

 

( و ) السادس : في ولاية الوصي ، ففي المتن حكم بثبوت الولاية ل ( لوصي على

المجنون البالغ ذكرا وانثى مع المصلحة ) ، وهو المنسوب الى المشهور في صورة ما ا ذا

بلغ فاسد العقل ، وفي الجواهر : بل نفى بعضهم الخلاف عن ثبوتها في ذلك ، بل عن

ظاهر الكفاية الاجماع عليه ، بل عن القطيفي دعواه صريحا ، انتهى . وقد استدل

لثبوت الولاية له عليه بوجوه :

( 1 ) الضرورة وعجز المحتاج عن المباشرة ، وعدم زوال العذر ، وخوف الوقوع

في الزنا ، والمرض . وفيه : ان ما ذكر يثبت ولاية الحسبة على الحاكم الشرعي لا ولاية

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الوصي .

( 2 ) استصحاب الولاية الى ما بعد البلوغ إذا بلغ فاسد العقل . وفيه اولا : ان

الاستصحاب في الاحكام الكلية غير جار ، كما حقق في محله . وثانيا : سيأتي الكلام في

ولايته على الصغير .

( 3 ) عمومات الوصية ، وسيجئ الكلام فيها في ولايته على الصبي . فالاظهر

انه على القول بعدم ولايته على الصبي ، يتعين القول بذلك في المجنون .

واما الصبي ، ففيه أقوال :

الاول : نفي الولاية مطلقا ، اختاره في المبسوط والشرايع والنافع والقواعد

والتذكرة واللمعة والكفاية ، بل هو المشهور كما في المسالك والروضة .

الثاني : ثبوتها كذلك ، وهو للمبسوط ايضا ، وعن المختلف وشرح الارشاد

للشهيد والروضة .

الثالث : ثبوتها إذا نص الموصي على النكاح وعدمه بدونه ، وهو المحكي عن

الخلاف والجامع والمحقق الثاني وغيرهم . كذا في المستند .

ويشهد للاول اصالة عدم الولاية ، وصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر

( عليه السلام ) في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان ؟ فقال : إذا كان ابواهما اللذان

زوجاهما فنعم ( 1 ) فان مفهومه نفي التوارث إذا كان المتولي للتزويج غير الاب وان

كان هو الوصي ، اضف الى كون ذلك من قبيل مفهوم الشرط الذي نقول به استفصال

المعصوم ( عليه السلام ) لاطلاق كلام السائل والتفصيل قاطع للشركة ، ففي الحقيقة

دلالته بحسب المنطوق ايضا . وبذلك ظهر دلالة الحذاء الدال على انه إذا

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب عقد نكاح واولياء العقد حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

زوج الصغير غير الاب وقف التوارث بعد موت احدهما على بلوغ الباقي واجازته

للنكاح ( 1 ) .

وصحيح محمد بن اسماعيل بن بزيع سأله رجل مات وترك اخوين

وابنة - والبنت صغيرة - فعمد احد الاخوين الوصي فزوج الابنة من ابنه ثم مات

أبو الابن المزوج ، فلما ان مات قال الاخر : اخي لم يزوج ابنه ، فزوج الجارية من ا بنه ،

فقيل للجارية : اي الزوجين احب اليك الاول أو الاخر ؟ قالت : الاخر . ثم ان الاخ

الثاني مات وللاخ الاول ابن اكبر من ابن المزوج ، فقال للجارية : اختاري ايهما احب

اليك الزوج الاول والزوج الاخر ؟ فقال ( عليه السلام ) : الرواية فيها انها للزوج ا لاخير ، وذلك انها

قد كانت ادركت حين زوجها وليس لها ان تنقض ما عقدته بعد ادراكها ( 2 ) .

وايراد صاحب الجواهر ره تارة بانه مضمر ، واخرى بان نسبة ذلك الى الرواية

مشعرة بالتقية لو فرض كونه من الامام ( عليه السلام ) ، وثالثة بان التعليل عليل ،

ورابعة بعدم ثبوت كون الاخ وصيا على نكاح البنت ، غير تام ، إذ القطع من مثل ابن

بزيع الذي هو من اجلاء الاصحاب ولا يروي عن غير المعصوم قطعا لا يقدح في

الحجية ، والاشعار بالتقية لا يوجب وهنا في الخبر مع ان اللتقية في خلاف الخبر لا في

مضمونه ، والتعليل متين فان مفهومه ان العقد كان بامضائها في حال كبرها ، وعدم

الاستفصال يكفي في شمول الخبر لما إذا كان وصيا على النكاح .

ويشهد به ايضا النصوص الظاهرة في نفي الولاية على المرأة عن غير الاب ،

كصحيح محمد عن احدهما ( عليه السلام ) : يستأمرها كل احد ما عدا الاب ( 3 ) .

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 .

 

 

[ . . . ]

وصحيح ابن حازم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح

الا بأمرها ( 1 ) . ونحوهما غيرهما .

وقد استدل للثاني بصحيحي ابي بصير ومحمد بن مسلم عن الامام الباقر ( عليه

السلام ) عن الذي بيده عقدة النكاح ، قال ( عليه السلام ) : هو الاب والاخ والرجل

يوصى إليه ، والذي يجوز امره في مال المرأة فيبتاع لها ويشتري ، فأي هؤلاء عفا فقد

جاز ( 2 ) ونحوه صحيح الحلبي وابي بصير وسماعة جميعا عن الامام الصادق ( عليه

السلام ) ( 3 ) وحسن الحلبي أو صحيحه ( 4 ) . وتقريب الاستدلال بها ان الظاهر كون

المراد بمن بيده عقدة النكاح من له الولاية عليه مستقلا ، وبالذي يجوز امره في مال

المرأة من له الولاية في غير النكاح من العقود والايقاعات والعطيات وما شاكل ، فتدل

هذه الاخبار على ثبوت الولاية للوصي .

والايراد عليها بان مقتضى اطلاقها ان المراد بالعقود عليها اعم من الكبيرة

والصغيرة ، ولا ريب في عدم ولاية الوصي على الكبيرة ، يندفع بانه يقيد الاطلاق

بالنصوص الدالة على انه لا ولاية لغير الاب على الكبيرة المتقدمة .

كما ان الايراد عليها بان ذكر الاخ في تلك النصوص مما يستوجب القصور في

الدلالة ، لاحتمال ارادة الوكيل من الاخ والموصى إليه لا مطلقا ، مندفع بان الظاهر

منها ارادة من بيده عقدة النكاح باصل الشرع ، وكون ذلك على وجه اللزوم والتعين ،

غاية الامر في خصوص الاخ دلت الادلة على عدم ثبوت الولاية له ، فتحمل بالنسبة

إليه خاصة على ارادة الاحقية والاولوية .

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 10 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 4 - 5 .

( 3 - 4 ) الوسائل باب 52 من ابواب المهور حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولعله الى هذا نظر صاحب الجواهر ره ، حيث قال : ان الاشتمال على ذكر الاخ

لا يسقط النص عن الحجية في غيره ، ويمكن ان يكون نظره الشريف الى ان هذه

الجملة من النص غير معمول بها ، وهذا لا يضر بحجيته في غيرها .

ولكن يرد على الاستدلال بها انها وان كانت اخص من جميع ما تقدم من

النصوص الدالة على القول الاول غير صحيح ابن بزيع ، ولكنها معارضة معه وهو

يقدم للاشهرية .

وصحيح عبد الله بن سنان عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال : الذي بيده

عقدة النكاح هو ولي امرها ( 1 ) بتقريب ان المراد ( ولي امرها ) في غير النكاح ، والا لزم

التفسير بما يساوي المفسر في الاجمال ، ولا ريب ان الوصي على الصغيرة ولي امرها

في غير النكاح فيكون عقدته بيده . ولكن النسبة بينه وبين النصوص المستدل بها

للقول الاول غير صحيح ابن بزيع عموم من وجه والترجيح معها للشهرة ، والنسبة

بين وبين صحيح ابن بزيع عموم مطلق ، فيقيد اطلاق صحيح ابن سنان به .

واستدل للقول الثالث لعدم الجواز مع عدم نص الوصي عليه بما تقدم ،

وبجوازه مع نصه عليه بوجوه :

الاول : قوله تعالى ( فمن بدله بعد ما سمعه فانما اثمه على الذين

يبدلونه ) ( 2 ) . فان حرمة تبديل الوصية مستلزمة لتحقق الولاية بتولية الموصي . واور د

عليه سيد الرياض والمحقق النراقي بان الضمير في ( بدله ) راجع الى الايصاء

للوالدين والاقربين بما ترك من الخير ، المتقدم ذكرهما في آية الوصية ، فلا يعم مط لق

التبديل . واجيب عنه بانه في كثير من النصوص استدل بهذه الاية المعصوم ( عليه

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 2 .

( 2 ) سورة البقرة آية 182 . ( * ) .

 

 

[ . . . ]

السلام ) في احكام كثيرة من الوصاية ، وهو آية عدم الاختصاص بالمورد ، فلابد من

ارجاع ضمير ( بدله ) اما الى مطلق الايصاء ، واما الى خصوص الايصاء للوالدين

والاقربين ، لكن مع اناطة حكم الاثم باصل تبديل الايصاء لا خصوص هذا الايصاء ،

بان يجعل المورد خاصا والمناط عاما .

ولذا قال الشيخ الاعظم : الانصاف ان الاية ظاهرة في المدعى ولو بمعونة

الاخبار المشتملة على الاستدلال بها .

الظاهر : ان الاية بحسب ظهورها الاولى خاص من جهتين : من جهة

الاختصاص بالوالدين والاقربين ، ومن جهة الاختصاص بكون الموصى به ما ترك

من الخير ، والاخبار تصلح شاهدة للتعميم من الجهة الاولي ، واما من الجهة الثانية فلا

قرينة لصرف الاية عن ظاهرها . ودعوى ان ولاية الاب نفسها من الخير ، وهي مع

التفويض تنتقل فلا تنقطع بالموت ، فيها ان تلك الولاية لا تكون باقية قطعا ، فلو ثبت

فانما هي فرد آخر من الولاية ، مع ان بقائها بالوصية اول الكلام ، وهو مفروض

التحقق في الاية فلا يمكن اثباته بها .

الثاني : قوله تعالى ( ويسألونك عن اليتامي قل اصلاح لهم خير ) ( 1 )

بدعوى ان التزويج مع المصلحة اصلاح . وفيه اولا : انه غير مختص بالوصي ، بل هو

شامل لجميع المكلفين . وثانيا : انه يدل على ان ما هو اصلاح لهم خير ، واما كون شئ

اصلاحا فهو لا يدل عليه ، والكلام في ان تزويج الوصي الصبي هل هو نافذ فيكون

اصلاحا ، ام لا فلا يكون اصلاحا .

الثالث : ان الوصية بالمال نافذة بالنسبة إليه فكذلك في النكاح . وفيه : ان

……………………………………………………

( 1 ) سورة البقرة آية 221 . ( * )

 

 

[ . . . ]

التلازم غير ثابت ، والقياس باطل .

الرابع : عموم مادل من النصوص على نفوذ الوصية ، لاحظ مكاتبة الصفار الى

الامام العسكري ( عليه السلام ) رجل أوصى بثلث ماله في مواليه ومولياته ، الذكر

والانثى فيه سواء ، أو للذكر مثل حظ الانثيين من الوصية ؟ فوقع ( عليه السلام ) : جا ئز

للميت ما اوصى به على ما اوصى ان شاء الله ( 1 ) .

وخبر محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام عن رجل أوصى الى رجل

بولده وبمال لهم ، واذن له عند الوصية ان يعمل بالمال وان يكون الربح بينه وبينهم ،

فقال : لا بأس به من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك وهو حي ( 2 ) دل بمقتضى عموم

العلة على ان كل ما اذن فيه أبو الصغير في حال حياته فهو نافذ ماض بعد مماته ، ومنه

اذنه للوصي في تزويج صغيره وتوليته له فيه .

ولكن : يرد على الاولى ان الظاهر منها اختصاصها بالقيود المقومة للوصية

الراجعة الى انحاء الوصية ، نظير قوله ( عليه السلام ) : الوقوف على حسب ما يقفها

اهلها ، فلا تدل على نفوذ الوصية بكل ما تعلقت ، مع انه دلت الاية الكريمة ( 3 ) على

عدم نفوذ الوصية لو كان من الجنف المتعلق بالغير ، ويمكن دعوى كون الايصاء

بتزويج صغير ، كالايصاء بتزويج غيره من الاجانب من الجنف ، ففيى صحيح ابي ايوب

عن محمد بن سوقة عن الباقر ( عليه السلام ) عن قول الله تعالى ( فمن بدله ) الخ ،

قال ( عليه السلام ) : نسختها الاية التي بعدها ، قوله عز وجل ( فمن خاف من موص

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 63 من ابواب احكام الوصايا حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 92 من ابواب الوصايا حديث 1 .

( 3 ) سورة البقرة آية 183 قال الله تعالى : ( فمن خاف من موص جنفا أو اثما فاصلح بينهم فلا اثم

عليه ) . ( * )

 

 

] ويقف عقد غيرهم على الاجازة ، [

 

جنفا ) ، الى ان قال : يعني الموصى إليه ان خاف جنفا من الموصي فيما اوصى به إليه

مما لا يرضى الله عز ذكره من خلاف الحق فلا اثم عليه ( 1 ) الحديث .

ويرد على الثاني - مضافا الى ذلك : انه مختص بالوصية بالمال الذي ثبت

بالدليل ان له الايصاء به ، لقوله ( في ذلك ) فلا وجه للتعدي فتحصل ان الاظهر النفي

مطلقا كما هو المشهور بين الاصحاب .

 

نكاح الفضولي

 

ويلحق بهذا الفصل مسائل :

الاولى : إذا عقد احد من الاولياء الثابت ولا يتهم صح العقد ، ( ويقف عقد

غيرهم على الاجازة ) ، ويصح بها في الحر والعبد ، كما عن المفيد والسيد والشيخ في جملة

من كتبه والديلمي والقاضي والحلبي والمحقق والمصنف وجميع من تأخر عنه ،

وفي الجواهر : بل المشهور شهرة عظيمة بين القدماء والمتأخرين ، بل في الناصريات

الاجماع عليه ، بل من انكر الفضولي في غير النكاح اثبته هنا للاجماع والنصوص .

ويشهد به - مضافا الى ان صحة عقد الفضولي ولزومه مطلقا مما يقتضيه

العمومات ، مثل قوله تعالى ( اوفوا بالعقود ) ( 2 ) وغيره على ما مر الكلام فيه مفصلا

في الجزء الخامس عشر من هذا الشرح - طوائف من النصوص :

منها : ما هو مختص بالحر ، كصحيح محمد بن مسلم عن الامام الباقر ( عليه

السلام ) عن رجل زوجته امه وهو غائب ، قال ( عليه السلام ) : النكاح جائز ان شاء

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 38 من ابواب الوصايا حديث 1 .

( 2 ) المائدة آية 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

المتزوج قبل ، وان شاء ترك ، فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لامه ( 1 ) . وصحيح ابن

بزيع المتقدم في تزويج الوصي ( 2 ) . وصحيح الحذاء المتقدم ( 3 ) الدال على انه إذا ز وج

الصغيرين غير ابيهما وقف التوارث بعد موت احدهما على بلوغ الباقي واجازته

للنكاح ونحوها غيرها .

ومنها : ما ورد في العبيد والاماء ، كمصحح زرارة عن الامام الباقر ( عليه

السلام ) عن مملوك تزوج بغير اذن سيده ، فقال ( عليه السلام ) : ذاك الى سيده ، ا ن

شاء اجازه ، وان شاء فرق بينهما . قلت : اصلحك الله ، ان الحكم بن عيينة وابراهيم

النخعي واصحابهما يقولون ان اصل النكاح فاسد ولا تحل اجازة السيد له ! فقال

أبو جعفر ( عليه السلام ) : انه لم يعص الله وانما عصى سيده ، فإذا اجازه فهو له جائز ( 4 )

ونحوه خبره الاخر ( 5 ) .

وصحيح معاوية بن وهب ، قال : جاء رجل الى ابي عبد الله ( عليه السلام ) فقال :

اني كنت مملوكا لقوم واني تزوجت امرأة حرة بغير اذن موالي ، ثم اعتقوني بعد ذلك ،

فاجدد نكاحي اياها حين اعتقت ؟ فقال له : أكانوا علموا انك تزوجت امرأة وانت

مملوك لهم ؟ فقال : نعم ، وسكتوا عني ولم يغيروا علي . قال ( عليه السلام ) : سكوتهم

عنك بعد علمهم اقرار منهم ، اثبت على نكاحك الاول ( 6 ) ونحوه خبر الحسن بن زياد

 الطائي عنه ( عليه السلام ) ( 7 ) .

……………………………………………………

 ( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب عقد النكاح حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب عقد النكاح حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 1 .

( 4 - 5 ) الوسائل باب 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث 1 - 2 .

( 6 - 7 ) الوسائل باب 26 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث 1 - 3 .

 

 

[ . . . ]

وخبر علي بن جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) عن آبائه عن علي عليهم

السلام ، انه قال لعبد تزوج بغير اذن سيده وقال له السيد طلق : اما الان فان شئت

فطلق ، وان شئت فامسك . فقال السيد : يا امير المؤمنين ( عليه السلام ) ، امر كان بيدي

فجعلته بيد غيري . قال ( عليه السلام ) : ذلك لانك حين قلت له طلق اقررت له

بالنكاح ( 1 ) .

وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط بطلان نكاح الفضولي مطلقا ، وعن فخر

المحققين فساد عقد الفضولي في جميع العقود التي منها النكاح . واستدل له - مضافا

الى الوجوه التي ذكروها لبيان فساد عقد الفضولي مطلقا ، وقد ذكرناها مع اجوبتها

في كتابنا منهاج الفقاهة المطبوع - بجملة من النصوص المتضمنة لفساد النكاح بغير

اذن الولي أو المولى أو اذنها :

كخبر البقباق ، قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : يتزوج الرجل بالامة بغير

علم اهلها ؟ قال ( عليه السلام ) : هو زنا ، ان الله تعالى يقول : فانكحوهن باذن ا هلهن ( 2 )

ونحوه خبره الاخر ( 3 ) وخبر فضل بن عبد الملك ( 4 ) وخبر ابي بصير ( 5 ) .

وصحيح ابن ابي يعفور عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا تنكح ذوات

الاباء من الابكار الا باذن آبائهن ( 6 ) ونحوه غيره .

وصحيح منصور بن حازم عنه ( عليه السلام ) : تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح

الا بامرها ( 7 ) ونحوه غيره .

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 27 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث 1 .

( 2 - 3 - 4 - 5 ) الوسائل باب 29 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث 1 - 2 - 3 - 4 .

( 6 ) الوسائل باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 5 .

( 7 ) الوسائل باب 3 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 10 .

 

 

[ . . . ]

ولكن يرد على الطائفة الاولى ان الظاهر من الاسئلة فيها السؤال عن صحة

العقد بدون الاذن والاجازة ، فلا تشمل صورة وقوع الاجازة ، مع انه لو سلم عمومها

يتعين حملها على ذلك ، جمعا بينها وبين ما تقدم . ويرد على الطائفتين الاخيرتين انهما

تدلان على اعتبار الاذن ، ولا تدلان على لزوم سبقه على النكاح ، مع ان النكاح

الفضولي انما ينتسب الى المجيز من حين اجازته اياه وبها يصير العقد عقده ، وفي ذ لك

الحين يكون النكاح عن الاذن . فالاظهر هو صحة نكاح الفضولي مع الاجازة .

وعليه ، فهل يصح نكاح الفضولي مطلقا - اي من كل من كان غير الولي

والوكيل ، سواء كان قريبا أو اجنبيا ، بل الصادر منهما على غير الوجه المأذون فيه من

الله تعالى ، كما لو تعدى الوكيل عما عينه الموكل ، أو اوقع الولي العقد الذي فيه

المفسدة - أو يختص بالبعض ؟ المشهور بين الاصحاب هو الاول .

وعن ابن حمزة اختصاصه بتسعة مواضع : عقد البكر الرشيدة مع حضور وليها ،

وعقد الابوين على الابن الصغير ، وعقد الجد مع عدم الاب ، وعقد الاخ والام والعم

على الصبية ، وتزويج الرجل عبد غيره بغير اذن سيده ، وتزويجه من نفسه بغير اذن

سيده ، لتوقيفية العقود ، واختصاص الاخبار بهذه المواضع ولا دليل في غيرها . ومال إليه

المحقق النراقي ره .

وفيه اولا : ما اشرنا إليه من ان صحة عقد الفضولي مما تقتضيه العمومات ، وفي

تلك لا فرق بين التسعة وغيرها .

وثانيا : انه يتعدى عرفا عن مورد النصوص ، لعدم الخصوصية عرفا .

وثالثا : ان مقتضى عموم العلة في مصحح زرارة وخبره الواردين في نكاح العبد

بغير اذن سيده : انه لم يعص الله وانما عصى سيده فإذا اجاز جاز ، هو صحة نكاح

الفضولي مطلقا .

 

 

[ . . . ]

ولا يعتبر في الاجازة لفظ خاص ، بل تقع بكل ما دل على انشاء الرضا بذلك

العقد ، لاطلاق ادلة الصحة ، بل تقع بالفعل الدال عليها ، للاطلاق ، ولصحيح ابن

وهب المتقدم فيى ادلة صحة عقد الفضولي . وقد وقع الكلام في ان الاجازة في المقام كما

في البيع ، هل تكون كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه فيجب ترتيب الاثار من

حينه ، أو تكون ناقلة ، على اقوال اربعة :

احدها : الكشف الحقيقي بان يكون العقد تمام السبب المؤثر ، ولا دخل للاجازة

في سببيته ، وانما لها الدخل في الكشف عن ثبوت الاثر حينه كما عن جامع المقاصد ،

أو يكون الشرط هو الرضا التقديري وهو حاصل كما عن المحقق الرشتي ، أو يكون

الشرط هو الوصف الانتزاعي وهو تعقب الاجازة ولحوقها كما عن جماعة ، أو يكون

الاجازة شرطا بنحو الشرط المتأخر كما عن صاحب الجواهر .

ثانيها : الكشف الحكمي بجعل العقد نافذا من حينه حكما لا حقيقة .

ثالثها : الكشف الانقلابي ، بمعنى ان العقد غير مؤثر الى حين الاجازة ،

فإذا لحقه الاجازة انقلب واثر من حينه وترتب عليه مضمونه من حينه .

رابعها : النقل .

وقد اشبعنا الكلام في بطلان الكشف الحقيقي بجميع معانيه والكشف الحكمي

والنقل في الجزء السادس عشر من هذا الشرح ، واثبتنا الكشف الانقلابي ، وهو الذي

يقتضيه ظاهر الدلة والارتكاز العرفي ، ويشهد لكونها كاشفة في المقام صحيح الحذاء

الحاكم بالتوارث مع لحوق الاجازة ( 1 ) .

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 1 . ( * )

 

 

] ويكفي فيها سكوت البكر . [

 

سكوت البكر رضاها

 

( و ) الثانية : ( ويكفي فيها ) اي في الاجازة ( سكوت البكر ) كما يكفي في الاذن

ابتداء ، كما هو المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة ، بل الظاهر انه لا خلاف فيه الا

عن الحلي قده ، وعن المبسوط انه احتاط في استنطاقها . والاصل في هذا الحكم

نصوص خاصة .

كصحيح البزنطي ، قال : أبو الحسن ( عليه السلام ) في المرأة البكر : اذنها صماتها ،

والثيب امرها إليها ( 1 ) .

وصحيح داود بن سرحان عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل يريد ان

يزوج اخته ، قال ( عليه السلام ) : يؤامرها ، فان سكتت فهو اقرارها ، وان ابت لم

يزوجها ( 2 ) . ونحوه مصحح الحلبي ( 3 ) .

وخبر الضحاك بن مزاحم ، قال : سمعت علي بن ابي طالب يقول ، وذكر حديث

تزويج فاطمة ( عليها السلام ) وانه طلبها من رسول الله صلى الله عليه وآله الى ان قا ل :

فقام - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله - وهو يقول الله اكبر ، سكوتها اقرارها ( 4 ) .

والمناقشة فيها بانها في الاذن السابق والمناط غير منقح ، فيها انه لا خلاف في

عدم الفرق بينه وبين الاجازة اللاحقة ، مع ان الصحيح الاول مطلق .

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب عقد النكاح حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب عقد النكاح حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب عقد النكاح حديث 4 .

( 4 ) الوسائل باب 5 من ابواب عقد النكاح حديث 3 .

 

 

[ . . . ]

ثم انه تارة يكون السكوت دالا قطعا على الرضا ، واخرى يكون مقرونا

بقرائن توجب الظن بالرضا ، وثالثة لا تكون هناك قرينة على شئ من الرضا وعدمه ،

ورابعة يكون مقرونا بقرائن موجبة للقطع بعدم الرضا ، وخامسة يكون مقرونا بما

يوجب الظن بعدمه ، وسادسة تتعارض فيه الامارات .

وقد اختار صاحب الجواهر ره حجية السكوت في الصور الثلاث الاول ،

وظاهر سيد العروة الاختصاص بالصورتين الاولتين ، وظاهر سيد الرياض حجية ما

عدا المقترن بما يدل على عدم الرضا قطعا .

وتنقيح القول ببيان امور :

احدها : ان المستفاد من جملة من النصوص الاكتفاء بالسكوت في الاجازة ولو

في غير الباكرة ، لاحظ صحيح ابن وهب المتقدم فيى ادلة صحة نكاح الفضولي ،

المتضمن لصحة عقد العبد بدون اذن مواليه بسكوتهم وان سكوتهم اقرارهم ، ونحوه

ما دل على ان المولى الذي قال لعبده المزوج لنفسه فضولا طلق يكون ذلك اقرارا

بالنكاح وقد مر ، وقد تقدم في تلك المسألة كون ذلك على وفق القاعدة .

ثانيها : انه في هذه النصوص لم ينزل السكوت منزلة الرضا ، بل نزل منزلة

الاقرار والاذن الكاشفين عنه ، فلا وجه لتوهم كونه بمنزلة الرضا موضوعا للصحة

واقعا ، بل الظاهر كونه موضوعا للحجية .

ثالها : ان السكوت من الامارات العرفية ، وعند اهل العرف يكون حجة في

الصورتين الاولتين ، فعلى هذا يدور الامر في هذه النصوص بين كونها امضاء لما عند

العرف ، فتختص حجيته بالصورتين الاولتين ، وبين كونها تأسيسا في مقابل ما عند

العرف ، فيعم الحجية جميع الصور غير الرابعة . والظاهر من كلام الشارع وان كان هو

التأسيس ، ولكن في باب العقود والايقاعات لا يبعد دعوى الظهور في الامضاء ولا اقل

 

 

] وللمولى الولاية على مملوكه أو انثى مطلقا ، ولا ولاية للام . [

 

من الاجمال ، فالمتيقن هو حجيته في الصورتين الاولتين .

( و ) الثالثة : ( للمولى الولاية على مملوكه ذكرا كان أو انثى مطلقا ) اجماعا

على الظاهر ، للاخبار الكثيرة ، وحيث انه لا موضوع لهذه المسألة في هذا العصر

فالاغماض عن التعرض لها ولفرعها اولى .

 

عدم ولاية الام على الصغير

 

الرابعة : ( و ) قد تقدم انه ( لا ولاية للام ) وابيها على الولد مطلقا . فلو زوجت

الولد فاجاز صح مطلقا ، لكونه فضوليا فيشمله عموم ادلته ، مضافا الى خبر محمد

الاتي . ولو انكر بطل مطلقا اجماعا ، وتبعه المهر كذلك لو كان المعقود عليه فضولا

انثى .

انما الكلام فيما لو كان المعقود عليه ولدا كبيرا ، فعن الشيخ في النهاية واتباعه

انه ان رده لزم الام المهر للمعقود عليها تماما ، وتردد فيه في الشرايع . ومدرك ا لشيخ في

مقابل الاصول والقواعد المقتضية لعدم لزومه عليها ، خبر محمد بن مسلم عن ابي

جعفر ( عليه السلام ) ، انه سأله عن رجل زوجته امه وهو غائب ، قال ( عليه السلام ) :

النكاح جائز ، ان شاء المتزوج قبل ، وان شاء ترك ، فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم

لامه ( 1 ) .

وفيه اولا : ان الخبر ضعيف لاسماعيل بن سهل .

وثانيا : ان الاصحاب اعرضوا عنه .

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب عقد النكاح حديث 3 . ( * )

 

 

] ويستحب للبالغة ان تستأذن اباها ، وان توكل اخاها مع فقده ، [

 

وثالثا : انه يحتمل فيه ما افاده سيد الرياض ، قال : بانه يدل على خلافه ،

للتصريح فيه بان المهر لازم لامه وهو غير لزومه عليها ، فالمعنى حينئذ انه لا مهر

عليها ، بل لها استعادته مع الدفع والامتناع منه مع عدمه ، فعلى اي تقدير هو لها .

وقد حمل الخبر على ما إذا دعت الوكالة عنه ولم تثبت ، وعلل لزوم المهر عليها

حينئذ بانها قد فوتت البضع على المرأة . ولكن يرد التعليل ما افاده المحقق والشهيد

الثانيان ، بان ضمان البضع بالتفويت مطلقا ممنوع ، وانما المعلوم ضمانه بالاستيفا ء على

بعض الوجوه لا مطلقا . وعلى الحمل المزبور انه يأبى عنه ما دل من النصوص على

ضمان نصف المهر بدعوى الوكالة ، وتمام الكلام في مسألة الوكالة موكول الى محله من

ذلك الكتاب .

( و ) الخامسة : ( يستحب للبالغة ان تستأذن اباها ) كما عن جماعة . واستدل له

في الرياض بما تقدم من الاخبار المحمولة عليه ، ولان الاب في الاغلب اخبر بمن هو

من الرجال انسب . ولكن يرد على الاول ما تقدم عند الجمع بين النصوص من عدم

صحة حملها على الاستحباب ، مع انها مختصة بالبكر غير شاملة للثيب . ويرد على

الثاني انه لا يصلح مدركا لاثبات حكم شرعي .

قيل : ( و ) يستحب ( ان توكل اخاها مع فقده ) اي الاب ، وعلل بعده في جملة

من بيده عقدة النكاح فيما تقدم من الاخبار المحمولة على التوكيل ، ولكنها غير مقيد ة

بفقد الاب .

 

 

] وليس للوكيل ان يزوجها من نفسه بغير اذنها . [

 

تزويج الوكيل موكلته من نفسه

 

( و ) السادسة : لا اشكال ولا خلاف في انه ( ليس للوكيل ان يزوجها من نفسه

بغير اذنها ) بالعموم أو الخصوص . انما الكلام في موردين :

الاول : في انه إذا وكلت المرأة رجلا في تزويجها من نفسه فهل يصح تزويجها

منه ام لا .

الثاني : فما لو كانت الوكالة عامة ولم يصرح فيها بنفسه .

اما الاول : ففيه قولان :

احدهما : الجواز ، كما عن الاسكافي والمحقق في الشرايع ، والمصنف ره في القواعد

والمختلف والتذكرة ، والشهيدين في اللمعة والروضة والمسالك ، وسيد الرياض وصاحب

الجواهر والمحقق النراقي وغيرهم ، وفي الرياض والمستند نسب ذلك الى الاشهر ، بل

ظاهر قول السيد في آخر كلامه : ولولا الشهرة لتعين المصير إليها ، كونه مشهورا بين

الاصحاب .

ثانيهما : المنع ، ويظهر من كشف اللثام انه المشهور ، فانه نسب الجواز الى ابي

علي والمحقق لا غير .

يشهد للمنع ما رواه الشيخ باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن احمد

ابن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي ، قال :

سألت ابا الحسن ( عليه السلام ) عن امرأة تكون في اهل بيت فتكره ان يعلم بها اهل

بيتها ، ايحل لها ان توكل رجلا يريد ان يتزوجها ، تقول له : قد وكلتك فاشهد على

تزويجي ؟ قال ( عليه السلام ) : لا . قلت : جعلت فداك ، وان كانت ايما ؟ قال ( عليه

 

 

[ . . . ]

السلام ) : وان كانت ايما . قلت : فان وكلت غيره بتزويجها منه ؟ قال ( عليه السلام ) :

نعم ( 1 ) . واورد عليه بايرادات :

1.     ما في المسالك ، قال : والرواية ضعيفة السند . وفيه : انه لو كانت الحجية

مختصة بالخبر الصحيح تم ما افاده ، ولكن لما اثبتنا في محله حجية الموثق ايضا والخبر

منه فلا يتم ما افيد .

2.     ما في المسالك ايضا ، وهو قصور الدلالة لجواز كون المنفي هو قولها : وكلتك

فاشهد ، فان مجرد الاشهاد غير كاف .

وفيه اولا : ان الظاهر من الخبر ، سيما بقرينة السياق مع ما بعده ، كون النفي

راجعا الى الحل .

وثانيا : انه ان اريد من احتمال كون المنفي قولها : وكلتك فاشهد ، ما فهمه

المحقق النراقي وهو احتمال كون النفي راجعا الى حلية التوكيل في الاشهاد خاصة

دون التزويج ، فيرد عليه ، ان الظاهر منه بقرينة ما قبله وما بعده كون التوكيل توكيلا في

التزويج دون الاشهاد خاصة . وان اريد به ما فهمه غيره ، وهو عدم كفاية الاشهاد

فقط ، فيرد عليه - مضافا الى كونه خلاف الظاهر كما يظهر من ملاحظة ما بعده - :

ان الاشهاد لابد وان يكون مع وجود المشهود به ومعه لا محالة يكون عدم الكفاية

لعدم الصحة .

3.     ما في الجواهر ، وهو احتمال ارادة الكراهة من النهي ، باعتبار تطرق التهمة

الموجبة للفتنة ومخالفة التقية ونحو ذلك . وفيه : ان رفع اليد عن ظهور النهي في المنع

وحمله على الكراهة أو الاجمال بلا قرينة لا وجه له ، وما ذكر لا يصلح قرينة على ذلك كما

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 10 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لا يخفى .

4.     ما في المستند ، وهو انه لعل عدم الحلية بتزويجها من نفسه ، لاطلاق قولها :

قد وكلتك ، من غير تصريح أو نصب قرينة على توكيله في التزويج لنفسه ايضا . وفيه :

ان الظاهر من السؤال هو السؤال عن توكيل المرأة الرجل المريد تزويجها ، لا عن

خصوص توكيلها اياه باللفظ الخاص ، كما يشهد به قوله : فان وكلت غيره بتزويجها منه ،

ولو كان النفي راجعا الى ما افيد لزم عدم انطباق الجواب على السؤال .

فالانصاف انه لا قصور في سند الرواية ، ولا في دلالتها ، ولم يثبت اعراض

المشهور عنها ، فالعمل بها متعين . ودعوى اختصاص الخبر بمورده ، وهو ما كان بحيث

يتطرق التهمة الموجبة للفتنة ، فلو وكلته بمرئى من الناس وكانوا شاهدين ذلك لا وجه

لعدم الجواز ، مندفعة بان قوله فاشهد يدفع ذلك ، فانه حكم بالمنع حتى مع الاشهاد .

فالاظهر هو المنع مطلقا .

واما المورد الثاني ، فعن المسالك : لا خلاف في انه لا يجوز له تزويجها من نفسه

مع تعيين الزوج ومع الاطلاق ، انتهى . وعن التذكرة احتمال جواز ان يزوجها من نفسه

مع الاطلاق ، لاطلاق الاذن .

واستدل للاول بالانصراف ، ولذا صرحوا بانه لو كان التوكيل على وجه يشمل

نفسه ايضا بالعموم أو الاطلاق المقرون بما يمنع الانصراف عن نفسه جاز . ويرد عليه :

منع الانصراف المقيد للاطلاق ، فانه بدوي ناش من تغاير الفاعل والمفعول غالبا

يزول بالتأمل ، إذ لو سلم ذلك في الافعال الخارجية القائمة بين الاثنين - كما لو ا عطاه

مالا فقال له : اعطه الفقير - مع ان للمنع عنه مجالا ، لا نسلم في الامور الاعتبارية

كالتزويج ، فعلى القول بالجواز مع التصريح لابد من القول به مع الاطلاق أو العموم ،

ولكن قد عرفت ان الاظهر هو المنع مع التصريح ، فكذا مع الاطلاق .

 

 

[ . . . ]

فلو وكل المرأة من يريد تزويجها ، ووكل الرجل من يقبل له ، فهل يصح نظرا

الى عدم اتحاد القابل والموجب ، ام لا من جهة اطلاق الموثق ، ومن جهة ان الوكيل

قائم مقام الموكل فكلما جاز له فعله جاز لموكله ؟ وجهان ، اظهرهما الثاني .

 

حكم تولي طرفي العقد

 

وهل يختص المنع بمورد الخبر وهو تزويج الوكيل من نفسه ، فيجوز في غيره -

كما في الوكيل من الطرفين والولي على شخصين ، والوكيل عن احد الطرفين والولي

على الاخر - تولي طرفي العقد كما عن المحقق والمصنف والشهيدين وغيرهم ، بل هو

الاشهر كما قيل ، بل عن المسالك نفي الخلاف فيه ، وفي الجواهر : لا اجد فيه خلافا ،

ام يعم المنع جميع صور الاتحاد كما ذهب إليه بعض علمائنا على ما صرح به في

الايضاح ، واختاره المحقق النراقي في المستند ؟ وجهان .

قد استدل للثاني بانه يلزم من القول بالجواز ان يكون شخص واحد موجبا

وقابلا . واجيب عنه بان اتحاد الموجب والقابل ، بعد التغاير الاعتباري الكافي لتناول

العمومات والاطلاقات له ، غير قادح .

واستدل للاول بعموم ادلتي الوكالة والولاية ، فان المستفاد من الاولى جواز

توكيل كل احد ولو كان وكيلا للاخر أو وليا عليه ، ومن الثانية جواز تزويج الولي

مطلقا .

واورد عليه في المستند بان تلك الادلة انما تفيد ان الولي أو الوكيل ولو كان

وكيلا للاخر أو وليا عليه إذا تزوج من له الولاية عليه أو الوكالة منه يصح ، ولم يثبت

كون العقد الصادر طرفاه من واحد تزويجا ، إذ ثبوته فرع صحته ولم تثبت بعد ، وعليه

 

 

] ولو زوج الصغيرين الابوان وتوارثا ، ولو كان غيرهما وقف على الاجازة ،

فان [

 

فحيث لا دليل على الصحة ولا على الفساد ، فيتعين الرجوع الى اصالة الفساد . وفيه :

ان دليل كون ذلك تزويجا صحيحا هو عموم ادلة النكاح والزواج ، وانما المانع المتو هم

هو عدم قابلية هذا الشخص ، لعدم ثبوت ولايته أو وكالته على هذا الوجه ، وهو يندفع

بعموم ادلتهما . فالاظهر هي الصحة مطلقا .

 

حكم تزويج غير الولي الصغيرين

 

السابعة : ( ولو زوج الصغيرين الابوان ) فقد مر ان العقد لازم عليهما ،

ولا يجوز لهما بعد البلوغ رده أو فسخه .

و ( توارثا ) . قيل : بلا خلاف يعرف حتى ممن خير الصبي عند الادراك ، لتصريحه

به مع ذلك ، ووجهه انه عقد صحيح شرعا فيشملهما اطلاق دليل توارث الزوجين ،

ويشهد به مع ذلك خبر عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في الصبي يزو ج

الصبية ، هل يتوارثان ؟ فقال ( عليه السلام ) : ان كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم ( 1 )

ونحوه غيره .

( ولو كان ) العاقد ( غيرهما ) اي غير الابوين ( وقف على الاجازة ) اي

اجازتهما بعد البلوغ لعدم الولاية لهما على انفسهما قبله ، أو اجازة وليهما قبله ، إذ لا ولاية

له بعده . ( فان ) بلغا واجازا ثبتت الزوجية وترتب عليها احكامها من حين العقد ، لما

تقدم من كون الاجازة كاشفة ، ولصحيح الحذاء الاتي . وان ردا أورد احدهما أو ماتا أو

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 3 . ( * )

 

 

] مات احدهما قبل البلوغ بطل ، وان بلغ احدهما واجاز ثم مات حلف الثاني

بعد بلوغه على انتفاء الطمع وورث ، والا فلا [

 

( مات احدهما قبل البلوغ بطل ) العقد وكشف عن عدم صحته من حين الصدور .

( وان بلغ احدهما واجاز ثم مات ) قبل بلوغ الاخر يعزل ميراث الاخر على تقدير

الزوجية ، فان بلغ واجاز ( احلف الثاني بعد بلوغه ) واجازته ( على انتفاء الطمع ) وانه

لم تكن اجازته للطمع في الارث ، فان حلف ( ورث والا فلا ) بلا خلاف ظاهر في

الجملة .

والاصل في هذا الحكم صحيح ابي عبيدة الحذاء ، قال : سألت ابا جعفر ( عليه

السلام ) عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين ، قال فقال ( عليه

السلام ) : النكاح جائز ، ايهما ادرك كان له الخيار ، فان ماتا قبل ان يدركا فلا ميراث

بينهما ولا مهر ، الا ان يكونا قد ادركا ورضيا . قلت : فان ادرك احدهما قبل الاخر ؟ قال

( عليه السلام ) : يجوز ذلك عليه ان هو رضى . قلت : فان كان الرجل الذي ادرك قبل

الجارية ورضى النكاح ثم مات قبل ان تدرك الجارية ، اترثه ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ،

يعزل ميراثها منه حتى تدرك وتحلف بالله ما دعاها الى اخذ الميراث الا رضاها

بالتزويج ، ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر . قلت : فان ماتت الجارية ولم تكن ادركت ،

أيرثها الزوج المدرك ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، لأن لها الخيار إذا ادركت . قلت : فان

كان ابوها هو الذي زوجها قبل ان تدرك ؟ قال ( عليه السلام ) : يجوز عليها تزويج

الاب ويجوز على الغلام والمهر على الاب للجارية ( 1 ) .

والايراد على الخبر بتضمنه ثبوت الخيار وهذه الاحكام في فرض تزويج الولي ،

يندفع بان المراد بالولي في الصدر بقرينة المقابلة للأب في الذيل هو الولي العرفي ،

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

كالعم والاخ وما شاكل . واما ما فيه من تنصيف المهر بالموت قبل الدخول ، فلا يتوجه

من اجله الاشكال على الخبر ، لان جماعة ذهبوا الى ذلك ويرونه مقتضى الجمع بين

النصوص .

ومورد الخبر وان كان هو موت الزوج ، لكن الظاهر تسالمهم على عدم الفرق

بينه وبين موت الزوجة . ويمكن ان يستدل له في موت الزوجة بصحيح الحلبي ، قال

قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : الغلام له عشر سنين فيزوجه ابوه في صغره ، ايجوز

طلاقه وهو ابن عشر سنين ؟ قال فقال : اما تزويجه فصحيح ، واما طلاقه فينبغي ان

تحبس عليه امرأته حتى يدرك فيعلم انه كان قد طلق ، فان اقر بذلك وامضاه فهي

واحدة بائنة وهو خاطب من الخطاب ، وان انكر ذلك وأبى ان يمضيه فهي امرأته .

قلت : فان ماتت أو مات ؟ قال ( عليه السلام ) : يوقف الميراث حتى يدرك ايهما بقى ، ثم

يحلف بالله ما دعاه الى اخذ الميراث الا الرضا بالنكاح ، ويدفع إليه الميراث ( 1 ) فانه وان

كان في طلاق الفضولي ، ولكن إذا انضم ذلك الى صحيح الحذاء يفهم اهل العرف

عدم الخصوصية والتعدي الى نكاح الفضولي .

وإذا كان الباقي غير متهم بان اجازته للرغبة في الارث ، كما إذا أجاز قبل ان

يعلم بالموت ، أو كان المهر اللازم عليه ازيد مما يرث أو نحو ذلك ، فهل يحتاج ا لى الحلف

ام لا ؟ قولان ، ذهب الشهيد الثاني وصاحب الحدائق الى الاول ، نظرا الى عدم كون

التهمة علة تامة لاعتباره ، بل هي حكمة لا يجب اطرادها ، فيتعين الاخذ باطلاق

النص .

ولكن الظاهر من قوله : تحلف بالله ما دعاها الى اخذ الميراث الا رضاها

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

بالتزويج ، كون الاحتياج الى الحلف فيما لم يحرز من طريق آخر انه ما دعاها إليه

الا الرضا بالتزويج ، وبعبارة اخرى الظاهر كونه طريق اثبات ذلك ، ومع ثبوته بطريق

آخر لا حاجة الى الاثبات . فالاظهر عدم الاحتياج إليه .

وهل تترتب الاحكام الاخر المترتبة على الزوجية كحرمة الام والبنت وما

شاكل ، ام لا ؟ والحق ان يقال ان في المقام صورتين : الاولي - ما لو اجاز الباقي وحلف .

الثانية - ما لو اجاز ولم يحلف .

اما في الاولى فلا اشكال في ترتبها ، لان بهما يتحقق العقد الكامل والزوجية ،

فيترتب عليها احكامها ، وقد دلت الصحيحة على ذلك .

واما في الثانية فان قلنا بان صحة عقد الفضولي الذي مات احد طرفيه بعد

اللزوم من قبله باجازة الباقي تكون على مقتضى القاعدة كما هو الحق ، لان الاجازة

تكشف عن الزوجية قبل الموت فلا محل للقول بان الموت مانع عن ثبوت الزوجية بها ،

وليست الاجازة من قبيل القبول الذي هو جزء العقد ولذا لو مات الموجب قبل قبول

القابل لم يتحقق العقد ، بل هي آلة استناد العقد المتحقق الى المجيز ، وعليه فلا مانع

من اجازة العقد مع موت الطرف الاخر ، لزم منه البناء على ترتب جميع الاحكام

بالاجازة ، وفي خصوص المهر والميراث دل الدليل الخاص على توقفهما على الحلف

ايضا فيقتصر على مورديه ، فلو كانت الاجازة طمعا للمهر والميراث ترتب عليها تلك

الاحكام .

وان قلنا بان صحته في المورد على خلاف القاعدة ، فالمتيقن هو صورة الاجازة

مع الحلف ، فبدونه لا تترتب تلك الاحكام .

 

 

[ . . . ]

 

حكم ما لو زوج البالغان بغير اذنهما فمات احدهما بعد اجازته

 

هل يختص الحكم بمورد النص وهو تزويج الصغيرين ، ام يتعدى عنه الى غيره

- كما لو زوج المجنونان وافاق احدهما واجاز العقد ومات ثم افاق الاخر واجاز ، أو

كان احد الطرفين الولي والطرف الاخر الفضولي ، أو كان احد الطرفين المجنون

والطرف الاخر الصغير ، أو كانا بالغين كاملين ، أو احدهما بالغا والاخر صغيرا أو نحو

ذلك - ؟ ففيه اقوال :

احدها : ما عن شرح النافع وجامع المقاصد ، وهو عدم التعدي الى شئ من

الموارد ، وعن جامع المقاصد انه المفتى به ، وعن الحدائق انه المشهور بين الاصحاب .

ثانيها : التعدي الى جميع تلك الموارد ، بلا احتياج الى الحلف أو معه ، اختاره

جماعة منهم المحقق النراقي والسيد في العروة .

ثالثها : التعدي الى خصوص ما إذا كان احد الطرفين صغيرا ، وكان الطرف

الاخر مجنونا عقد له وليه أو الفضولي ، أو بالغا كاملا عقد له الفضولي أو الوكيل ، أو

كان بنفسه الطف للعقد ، نسب ذلك الى القواعد والمسالك والروضة .

والحق ان يقال اولا : انه في بعض الموارد غير مورد تزويج الصغيرين فضولا ،

دل النص على جريان هذا الحكم فيه ، لاحظ خبر عباد بن كثير عن الامام الصادق

( عليه السلام ) عن رجل زوج ابنا له مدركا من يتيمة في حجره ، قال ( عليه السلام ) :

ترثه ان مات ولا يرثها لان لها الخيار ولا خيار عليها ( 1 ) .

……………………………………………………

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب ميراث الازواج حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وخبر عبيد بن زرارة في الرجل يزوج ابنه يتيمة في حجره ، وابنه مدرك واليتيمة

غير مدركة ، قال ( عليه السلام ) : نكاحه جايز على ابنه ، فان مات عزل ميراثها منه

حتى تدرك ، فإذا ادركت حلفت بالله ما دعا الى اخذ الميراث الا رضاها ، ثم يدفع إليها

الميراث ونصف المهر . قال : وان ماتت هي قبل ان تدرك وقبل ان يموت الزوج لا يرثها

الزوج ، لأن لها الخيار عليه إذا ادركت ، ولا خيار له عليها ( 1 ) .

وصحيح الحلبي المتقدم في مسألة التعدي عن مورد صحيح الحذاء ، وهو موت

الزوج الى صورة موت الزوجة .

وثانيا : انه بتنقيح المناط يتعدى الى جميع الموارد ، حيث يعلم انه لا مدخلية

لشئ من الخصوصيات في تأثير الاجازة . وعن القواعد والمسالك والروضة الاستدلال

للتعدي الى ما كان العقد لازما من الطرف الاخر ، بانه اقرب الى الثبوت واولى منه

مما هو جائز من الطرفين كما في الصغيرين .

وثالثا : انه يمكن الاخذ بعموم العلة المنصوصة في خبري عباد وعبيد : لان لها

الخيار ولا خيار عليها ، واثبات هذا الحكم في جميع تلك الموارد ، فانها تدل على توريث

كل من كان له الخيار بعد موت من لا خيار له ، ومعلوم انه لا يكون الا بعد الاجازة .

ورابعا : ما تقدم من ان صحة عقد الفضولي بعد موت احد الطرفين اللازم عليه

العقد واجازة الطرف الاخر ، تكون على وفق القاعدة بناء على المختار من الكشف

الانقلابي . وعلى ذلك ، فالاظهر هي الصحة في جميع الفروض .

بقي الكلام في الاحتياج الى الحلف في غير الموارد المنصوصة . والتحقيق ان

التعدي الى غير المنصوص ان كان لاجل القاعدة ، أو العلة المنصوصة ، لم يحتج الى

……………………………………………………

( 1 ) ذكر صدره في الوسائل في باب 58 من ابواب المهور حديث

14 وذيله في الهامش ورواه بتمامه في الفقيه ج 4 ص 327 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الحلف . اما على الاول فواضح ، واما على الثاني فلأن العلة تدل على ان الخيار وعد م

الخيار علتان للتوريث وعدمه ، غاية الامر انه ضم إليه الاجازة ايضا بالاجماع ،

ولا دليل على ضم غيرها . وان كان لاجل تنقيح المناط خاصة احتاج إليه .

وقد استدل المحقق الثاني للصحة إذا كان الزوجان بالغين بان عقد الفضولي

إذا كان له مجيز في الحال فلا اشكال في صحته ، وان لم يكن له مجيز في الحال فهو محل

اشكال ، وعقد الكبيرين فضولا من القسم الاول دون عقد الصغيرين ، فإذا ثبت

الحكم في الاضعف ثبت في الاقوى بطريق اولى ، وهذا متجه لم يتنبه عليه احد ، انتهى .

وفيه اولا : ان عقد الصغيرين ايضا من القسم الاول ، لان لهما ولي نكاح ، كان

الاب موجودا ام لا . اما على الاول فواضح ، واما على الثاني فلولاية الحاكم على القو ل

بها .

وثانيا : ان الاشكال في الصحة في المقام ليس من ناحية صحة عقد الفضولي

في نفسه وعدمه ، بل من ناحية موت احد الطرفين قبل الاجازة ، ومن هذه الجهة لا فرق

بين الكبيرين والصغيرين .

وقد استدل للبطلان وعدم التعدي عن مورد النص بوجوه :

الاول : ان الحكم بالصحة على خلاف القاعدة ، فيقتصر على مورده . وقد ظهر

الجواب عن ذلك مما ذكرناه في وجه الصحة والتعدي .

الثاني : ما عن المسالك ، قال : فيحكم ببطلان العقد إذا مات احد المعقود عليهما

بعد اجازته وقبل اجازة الاخر ، سواء قلنا ان الاجازة جزء السبب ام كاشفة عن سبق

النكاح من حين العقد اما على الاول فظاهر ، لأن موت احد المتعاقدين قبل تمام

السبب مبطل ، كما لو مات احدهما قبل تمام القبول . واما على الثاني فلأن الاجازة

 وحدها لا تكفي في ثبوت هذا العقد ، بل لابد معها من اليمين ، وقد حصل الموت قبل

 

 

[ . . . ]

تمام السبب ، خرج منه ما ورد فيه النص وهو العقد على الصغيرين فيبقى الباقي .

وفيه اولا : ان اليمين كما عرفت لا مدخلية لها في الثبوت ، وانما هي طريق

لاثبات كون الاجازة لغير الطمع في الارث .

وثانيا : انه لو سلم كونها جزء السبب ، فحالها حال الاجازة في ان الاثر يثبت

من حين العقد ، وقياسها بالقبول الذي هو ركن العقد وبدونه لا يتم العقد مع الفارق ،

لعدم دخالتها في تحقق العقد .

الثالث : ما عن جامع المقاصد ، وهو ان الارث لا يثبت باليمين . وفيه : ان المثبت

للارث الاجازة ، واليمين من طرق اثبات كون الاجازة على النحو الذي لابد وان

تكون على ذلك النحو كي تؤثر في الارث .

 

إذا لزم العقد على احد الطرفين فهل يلزم باحكامه

 

الثامنة : إذا زوج الصغيران فضولا فاجاز احدهما بعد بلوغه ، أو زوج البالغان

فضولا فاجاز احدهما ، صار العقد لازما من جهته وليس له الرد بعد ذلك ، كما يشهد

به - مضافا الى كون ذلك على وفق القاعدة - قوله ( عليه السلام ) في صحيح الحذاء

المتقدم : يجوز ذلك عليه ان هو رضى .

فهل يثبت على الطرف اللازم من طرفه ما لم يجز الاخر تحريم المصاهرات ،

فلو كان زوجا يحرم عليه نكاح ام المرأة وبنتها والخامسة ، وإذا كانت زوجة يحرم عليها

التزويج بغيره ؟ وبعبارة اخرى إذا لزم العقد من احد الطرفين ، ولم يتحقق اجازة ولا رد

من الطرف الاخر ، هل يجري على الطرف اللازم آثار الزوجية وان لم تجر على الطرف

الاخر ، ام لا ؟ قولان .

 

 

[ . . . ]

فعن القواعد اختيار الاول ، وعن كشف اللثام نفي الاشكال فيه . واستدل له

في كشف اللثام بانه مع العقد على اخت المعقود عليها يصدق الجمع بين الاختين ،

وهكذا في بقية الموارد ولا يجدي التزلزل . وفيه : ان المفروض كون العقد فضوليا ولم

يتحقق مضمونه ، فلا يلزم الجمع بين الاختين ، لأنه حين العقد على اخت المعقود عليها

لا تكون المعقودة زوجته الا على بعض وجوه الكشف .

وربما يستدل له بان النكاح في حق من لزم عليه العقد ثابت ، غاية الامر

للطرف الاخر فسخ ذلك ، فيحرم عليه المحرمات بالمصاهرة ، لأنه يصدق على ام من

زوجت فضولا واختها مثلا ام المعقود عليها بالعقد الصحيح اللازم من طرف الزوج

واختها . وبعبارة اخرى انه صرح في الروايات بانه نكاح صحيح ، وانه نكاحه ، وانه

تزويج ونحو تلكم ، فيشمله اخبار حرمة نكاح اخت المنكوحة وامها وبنتها وخامستها

ونكاح المتزوجة ونحو تلكم .

وفيه اولا : النقض بانه يلزم من ذلك ثبوت تحريم المصاهرة في حق غير اللازم

اي الطرف الفضولي لصدق النكاح ، غاية الامر له رده وفسخه ، ومجرد اللزوم من احد

الطرفين وعدمه من الطرف الاخر لا يصلح فارقا .

وثانيا : الحل ، وهو ان المنسبق الى الذهن من النصوص وادلة تحريم

المصاهرات ، حرمتها بعد تحقق الزوجية لا بعد تحقق العقد . وان شئت قلت : ان المحرم

اخت الزوجة وامها وبنتها وما شاكل ، لا اخت المعقود عليها وامها وبنتها .

واستدل له الشيخ الاعظم ره باه من لزم عليه العقد مخاطب بوجوب الوفاء

بالعقد ، كما يدل عليه - مضافا الى العمومات - قوله ( عليه السلام ) في صحيح الحذ اء

المتقدم : يجوز ذلك عليه ، ومن جملة آثار هذا العقد التي يجب ترتيبها هو عدم التزويج

باختها وامها والخامسة ، وليس جريان احكام المصاهرة من جهة دخول المعقود في

 

 

[ . . . ]

افراد الزوجة حتى يقال انها منصرفة الى غيرها ، بل من جهة حكم ( اوفوا بالعقود )

وخصوص الفقرة المذكورة في الصحيحة بوجوب ترتيب آثار الزوجية المتحققة المنجزة

على هذه المعقود عليها وان لم تكن زوجيتها متحققة منجزة ، انتهى .

وفيه : ان غاية ما تدل عليه ادلة اللزوم عموما وخصوصا انه ليس له فسخه لا

ترتيب آثار الزوجية ، ولذا لا يجوز للزوج اللازم عليه العقد وطء المعقود عليها قبل ان

تجيز ، وعدم التزويج باختها وامها والخامسة من آثار الزوجية لا من آثار العقد .

فالاظهر عدم حرمة المصاهرات ، فيجوز للزوج اللازم عليه تزويج امرأة

اخرى دائما ان كانت هذه رابعة وتزويج اخت هذه المرأة وبنتها وامها ، وان كان اللزوم

من جانب الزوجة يجوز لها التزويج بغيره .

وعلى هذا فإذا تزوج الام أو البنت مثلا ثم حصلت الاجازة من الزوجة ، فهل

تكشف الاجازة عن بطلان ذلك ، ام تبطل الاجازة ؟ وجهان ، والتحقيق ان يقال : انه

بناء على الكشف الحقيقي تبطل تلك العقود ، وبناء على النقل أو الكشف الانقلابي

المختار تبطل الاجازة . وذلك لانه على الكشف الحقيقي بالاجازة ينكشف تحقق

الزوجية من الاول ، فالعقد على الثانية عقد على اخت الزوجة أو امها أو ما شاكل .

وبناء على النقل الاجازة مؤثرة في تحقق الزوجية من حينها ، والمفروض ان

اختها أو امها صارت زوجة له قبل ذلك ، فلا تصلح الاجازة للتأثير في تحقق الزوجية

لها . واما بناء على الكشف الانقلابي فالاجازة مؤثرة في حصور الزوجية السابقة من

حين الاجازة ، فحصول الزوجية انما يكون في الزمان المتأخر ، والمفروض حصول

زوجية اختها أو امها قبل ذلك وهو مانع عن حصول هذه ، وبعبارة اخرى الاجازة

منها لعقد الفضولي تزويج فلا يجوز لها ، لانها زوجت قبل ذلك اختها وامها ، وتمام

الكلام في محله .

 

 

[ . . . ]

وقد ظهر مما ذكرناه حكم فرع آخر ، وهو انه إذا رد المعقود أو المعقودة فضولا

العقد ولم يجزه لا يترتب عليه شئ من احكام المصاهرة ، سواء اجاز الطرف الاخر

أو كان اصيلا ام لا ، لعدم حصول الزوجية بهذا العقد غير المجاز .

وقد اختار المحقق النراقي حرمة ام المعقود عليها ، نظرا الى ان حرمة ام

الزوجة ليست مشروطة بالدخول ببنتها على الاصح ولا ببقاء زوجية البنت ، بل هي

محرمة ابدا ويصدق عليها انها ام زوجتها بالعقد الصحيح وبالفسخ وان انكشف فساد

العقد من اصله ، الا انه ينكشف به عدم تحقق الزوجية اللازمة من الطرفين ، أو عدم

تحقق ما يترتب عليه جميع الاثار ، لا انه لم يتحقق نكاح وزوجية اصلا .

وفيه : ان الدليل دل على حرمة ام المنكوحة أو الزوجة وما شاكل ، لا على حرمة

ام المعقودة ولو بالعقد غير المؤثر في تحقق مضمونه ، وفي الفرض وان لزم العقد من احد

الطرفين ، لكن لا اشكال في عدم ثبوت الزوجية ، وهي العلاقة المتحققة بين الزوجين

حتى على القول بالكشف الحقيقي ، فلا وجه لحرمة ام المعقودة .

وربما يستدل له بان العقد إذا صار لازما من احد الطرفين يكون فسخ الاخر

رافعا له من حينه ، فالمرأة مزوجة قبله فتحرم امها .

وفيه - مضافا الى ما تقدم - : ما افاده صاحب الجواهر ره من ان احتمال كون

الفسخ رافعا من حينه لا يقتضيه اصل ولا قاعدة ولا فتوى ، بل يمكن تحصيل الاجماع

بل الضرورة بخلافه . فالاظهر عدم حرمتها .