] ولو
سبق عقدهن لم يحرمن [
الايقاب المتأخر عن العقد لا يوجب الحرمة
( و )
السابع : المشهور بين الاصحاب انه ( لو سبق عقدهن ) اي عقد الام
والبنت والاخت على الايقاب ( لم تحرمن عليه ) ، وعن بعضهم دعوى
الاتفاق عليه .
وعن ابن سعيد في الجامع التحريم ، وربما يستظهر ذلك مما ذكره جماعة
من اطلاق
التحريم للمذكورات .
ويشهد للثاني - مضافا الى اطلاق النصوص - خصوص صحيح ابن ابي عمير
عن بعض اصحابنا عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل يأتي اخا
امرأته ، فقال
( عليه
السلام ) : إذا وقبه . فقد حرمت عليه المرأة ( 1 ) ، وحمله على ارادة كونها امرأته
في الحال دون زمان الاتيان بعيد مخالف للظاهر ، ولكن اعراض المشهور
عن المرسل
يسقطه عن الحجية .
واما اطلاق النصوص ، فيعارضه ما دل من النصوص على ان الحرام لا يحرم
الحلال ( 2 ) وحيث ان النسبة عموم من وجه ، بناء على ان المراد من
الحلال الحلال
الفعلي ، والمختار في تعارض العامين من وجه الرجوع الى المرجحات
السندية ، فتقد م
نصوص عدم التحريم لكونها المشهورة بين الاصحاب ، ولكن قد تقدم ان
المراد به
أعم من الفعلي والتقديري ، فنصوص التحريم اخص منها فتقدم . وعليه
فليس في
مقابل اطلاق النصوص سوى تسالم الاصحاب على عدم الحرمة ، فالمتعين هو
الاحتياط ، إذ كما ان مخالفة القوم مشكلة كذلك مخالفة الادلة مشكلة .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة . ( * )
[ . . . ]
ولو كان الايقاب بعد التزويج ، وطلق امرأته واراد تزويجها جديدا ،
فعلى القول
بعدم محرمية الايقاب المتأخر ، هل يجوز التزويج الثاني ام لا ؟ ذهب
صاحب الجواهر
ره الى الجواز لو كان الطلاق بعد الايقاب ، واختار سيد الرياض التحريم
، وفي رسالة
الشيخ الاعظم ره البناء على التحريم إذا كان الايقاب بعد الطلاق .
وقد استدل للجواز في مقابل اطلاق النصوص الموجب للحرمة بالاستصحاب ،
واشكاله ظاهر ، إذ استصحاب الحل الفعلي لا يجري للحرمة بالطلاق ،
واستصحاب
التعليقي لا يكون جاريا كما حقق في محله . نعم ، في صورة كون الايقاب
بعد الطلاق
لا مانع من استصحاب جواز التزويج تكليفا ووضعا الا انه لا مورد له مع
اطلاق
الادلة ، ونصوص عدم محرمية الحرام للحلال على فرض كون المراد به
الحلال الفعلي
لا تشمل بعد الطلاق ، والاجماع على عدم الحرمة غير ثابت . فالاظهر هو
البناء على
التحريم في الفرضين .
الثامن : إذا كان الوطء عن غير اختيار أو كان مكرها عليه ، فهل يوجب
الحرمة ام لا ؟ وجهان : من اطلاق النصوص ، ومن ان المنساق الى الذهن
من النصوص
ان الموضوع هو اللواط ، وهو عبارة عن العمل القبيح المحرم كالزنا ،
فلا تشمل
النصوص الايقاب غير المحرم ، لعدم الاختيار أو الاكراه ، وعموم حديث
: رفع ما
استكرهوا عليه ( 1 ) . ولكن الاظهر هو الاول ، لمنع الانسباق إذ لا
منشأ له سوى ندرة
وجود الايقاب غير المحرم ، وهي لا تصلح للانصراف المقيد للاطلاق ،
وعموم حديث
الرفع لا يشمل الاحكام المترتبة على الموضوعات الخارجية ، فكما انه
لا يرفع وجوب
الغسل عليه كذلك لا يصلح لرفع هذا الحكم ، وتمام الكلام في محله .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 56 من ابواب جهاد النفس . ( * )
] الثانية : لو دخل بصبية لم تبلغ تسعا فافضاها حرمت عليه
ابدا [
التاسع : لا يحرم من جهة هذا العمل الشنيع غير الثلاثة المذكورة بلا
خلاف ،
فلا بأس بنكاح ولد الواطئ ابنة الموطوء ان خته ان امه . نعم ، في
خصوص ابنته دل خبر
ضعيف على الحرمة ، وهو مرسل موسى بن سعدان عن بعض رجاله ، قال : كنت
عند
ابي عبد الله ( عليه السلام ) فقال له رجل : ما ترى في شابين كانا
مصطحبين ، فولد لهذا
غلام وللاخر جارية ، ايتزوج ابن هذا ابنة هذا ؟ فقال ( عليه السلام )
: نعم ، سبحان
الله لم لا يحل . فقال : انه كان صديقا له ، قال : وان كان فلا بأس .
قال : فانه كان يفعل
به ، قال : فاعرض بوجهه ثم اجابه وهو مستتر بذراعه فقال : ان كان
الذي كان منه
دون الايقاب فلا بأس ان يتزوج ، وان كان قد اوقب فلا يحل له ان يتزوج
( 1 ) ولكن
لارساله وعدم العمل به لا يعتمد عليه .
افضاء من لم تبلغ تسع سنين يوجب الحرمة الابدية
( الثانية
: لو دخل بصبية ) عقد عليها التي ( لم تبلغ تسعا فافضاها حرمت
عليه ابدا ) على المشهور . وفي الجواهر : اجماعا محكيا صريحا عن
الايضاح والتنقيح
وكنز الفوائد وغاية المراد ، وظاهرا في المسالك ومحكى كشف الرموز
والمقتصر والمهذب
البارع بل والسرائر ، ان لم يكن محصلا بل لعله كذلك ، انتهى .
وعن الشيخين في المقنعة والنهاية والحلي ان الدخول بها موجب للحرمة
الابدية
وان لم يفضها ، ونقله بعضهم عن المفيد ايضا ، وعن الكفاية نسبته الى
جماعة ، وعن
ظاهر المفاتيح وشرحه نوع ميل إليه ، واختاره في المستند .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
وعن ابن سعيد في النزهة والفاضل الهندي في كشف اللثام انه لا يوجب
الحرمة
حتى مع الافضاء ، وفي الجواهر : ربما لاح من المفيد وابن الجنيد
والصدوق ذلك ، وفيها
ايضا : الانصاف مع ذلك كله عدم خلوه عن القوة ، واختاره سيد العروة
وجمع من
محشيها .
واستدل للقول بالحرمة بمرسل يعقوب بن يزيد عن بعض اصحابنا عن ابي
عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل
ان تبلغ تسع
سنين فرق بينهما ولم تحل له ابدا ( 1 ) .
ولكن يرد عليه اولا : ضعف السند للارسال ولوجود سهل في الطريق .
وثانيا : انه يدل على الحرمة بالدخول وان لم يفض ، والمشهور لم يفتوا
بذلك .
وثالثا : انه يدل على انتفاء الزوجية بمجرد الوطء ، وتدل النصوص
الصحيحة
على بقاء الزوجية حتى في صورة الافضاء فضلا عن عدمه وستجئ هذه النصوص .
ودعوى ان ضعفه ينجبر بالعمل ، واطلاقه الشامل لفرض عدم الافضاء يقيد
بالاجماع على اعتباره ، والنصوص الدالة على بقاء الزوجية مع الافضاء
لا يعمل بها
كما سيجيئ ، مندفعة بان ظاهر المرسل كون الدخول محرما ، وظاهر فتوى
المشهور
كون الافضاء محرما ، فالفتوى اجنبية عن المرسل فلا انجبار ، لا اقل
من عدم احراز
استناد الاصحاب إليه فلا يكون الانجبار ثابتا ، فالقول بعدم التحريم
لا يخلو من
قوة ، ولكن من جهة افتاء الاصحاب به لا ينبغي ترك الاحتياط بل لا
يترك ، فتأمل .
ولو دخل بها ولم يفضها لا تحرم وان كان احوط .
وتمام الكلام بالبحث في فروع :
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها حديث 2 . ( * )
] ولم تخرج من حبالته [
الاول : ان الصبية المدخول بها المفضاة ( و ) غيرها ( لم تخرج من
حبالته ) وان
قلنا بالحرمة ، كما في المتن والشرايع والنافع والرياض والجواهر وعن
السرائر والروضة
وجامع المقاصد وغيرها ، للاصل والنصوص ، لاحظ صحيح حمران عن الصادق (
عليه
السلام ) ، قال : سئل عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك ، فلما دخل بها
افتضها
فافضاها ، فقال ( عليه السلام ) : ان كان دخل بها ولها تسع سنين فلا
شئ عليه ، وان
كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها اقل من ذلك بقليل حين افتضها فانه
قد افسدها
وعطلها على الازواج ، فعلى الامام ان يغرمه ديتها ، وان امسكها ولم
يطلقها حتى تموت
فلا شئ عليه ( 1 ) .
وخبر بريد بن معاوية عن الامام الباقر ( عليه السلام ) في رجل افتض
جارية
يعني امرأته فافضاها ، قال ( عليه السلام ) : عليه الدية ان كان دخل
بها قبل ان تبلغ تسع .
سنين ، قال : وان امسكها ولم يطلقها فلا شئ عليه ، ان شاء امسك وان
شاء طلق ( 2 ) .
وعن ابن حمزة انها تبين منه بغير طلاق ، وايده الشهيد الثاني بان
التحريم
المؤبد ينافي النكاح إذ ثمرته حل الاستمتاع ، ولانه يمنع النكاح
سابقا فيقطعه لاحقا ،
كالرضاع واللعان والقذف للزوجة الصماء والخرساء . ولكن يمكن ان يقال
: ان ثمرة
النكاح لا تنحصر في حل الاستمتاع ، بل له آثار اخر كحلية النظر إليها
والى امها
وبنتها وحرمة تزويج اختها وما شاكل ، وعلى فرضه فانما يوجب عدم جواز
النكاح
ابتداء على من يحرم الاستمتاع منه لابقائه ، واما حرمة النكاح بالرضاع السابق
الموجب لانفساخ اللاحق فلوجود الدليل . فالاظهر انها لا تخرج عن
حبالته .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
الثاني : يجب على الواطئ دية الافضاء اجماعا ، وهي دية النفس على ما
ذكروه
في كتاب الديات . انما الكلام في انه هل يجب عليه الدية مطلقا وان
امسكها ولم يطلقها
كما هو المشهور بين الاصحاب ، ام تسقط الدية عنه لو امسكها ولم
يطلقها كما عن
ابن الجنيد ؟ وجهان :
من اطلاق النصوص الدالة على ثبوت الدية مع الافضاء ، مثل ما رواه
الصدوق باسناده الى قضايا امير المؤمنين ( عليه السلام ) انه قضى في
امرأة افضيت
بالدية ( 1 ) ونحوه غيره ، والمتضمنة للضمان مع العيب كخبر غياث عن
جعفر عن ابيه
عن علي عليهم السلام : لا توطأ جارية لاقل من عشر سنين ، فان فعل
فعيبت فقد
ضمن ( 2 ) . وصحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : من وطأ
امرأته قبل ان
تبلغ تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن ( 3 ) ونحوها غيرها ، وفي هذه
النصوص وان لم
يصرح بالدية لكنها تدل عليها كما لا يخفى .
ومن ان مقتضى صحيح حمران وخبر بريد سقوطها مع الامساك .
مقتضى القاعدة هو البناء على الثاني ، حملا للمطلق على المقيد . وما
في الجواهر
من انه يجب حملهما على سقوطها صلحا بان تختار المقام معه بدلا عن
الدية ، فان الد ية
قد لزمته بالافضاء بدلالة النص والفتوى ، فلا تسقط مجانا من غير عوض
، لانه لو لم
يحمل على الصلح فاما ان يكون المراد سقوط الدية بالعزم على الامساك ،
أو بنفس
الامساك المستمر الى الموت بان تسقط الدية به ، أو يبقى الحكم
بالسقوط مراعى
بالموت ، فان امسكها حتى مات تبين السقوط من حين الامساك ، أو عدم
ثبوت الدية
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 26 من ابواب ديات الاعضاء
حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 45 من ابواب مقدمات النكاح وآدابه حديث 7 .
( 3 ) الوسائل باب 45 من ابواب مقدمات النكاح حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
بالافضاء ، واللوازم خصوصا بعضها في غاية البعد ، انتهى . يندفع بان
مقتضى حمل
المطلق على المقيد هو عدم ثبوت الدية بالافضاء مع الامساك لا انها
تثبت به وتسقط ،
والنص دل على انه ان امسكها ولم يطلقها حتى تموت لا دية عليه ، ولازم
ذلك بقاء
الحكم بالسقوط مراعى بالموت ولا محذور في الالتزام بذلك ، وما افاده
ليس الا اجتهادا
في مقابل النص .
ولو مات قبل موتها ، فقد يقال بثبوت الدية نظرا الى ان المقتضى
لثبوتها هو
الافضاء ، وانما منع عن تأثيره الامساك المستمر الى الموت ، والمفروض
عدم تحققه في
الفرض ، فيؤثر المقتضى اثره كما عن المحقق اليزدي ره . ولكن يرد عليه
: ان تشخيص
المقتضى ومعرفته في باب الشرعيات لا يمكن ، لعدم ورود الادلة لبيانه
وانما هي في مقام
بيان الحكم ، فلابد من ملاحظة المخصص ، وهو انما تضمن انه ان لم
يطلقها أو لم
يطلقها حتى تموت تسقط الدية ، وهذان العنوانان صادقان في الفرض ،
فالاظهر عدم
ثبوتها في
الفرض .
ومع ذلك كله الافتاء بسقوط الدية مع الامساك مشكل ، لكون اخبار
السقوط
مهجورة عند الاصحاب ، وطريق الاحتياط معلوم .
الثالث : المشهور بين الاصحاب انه يجب عليه نفقتها ما دامت حية وان
طلقها ،
بل وان تزوجت بعد الطلاق . وعن الاسكافي سقوطها بالطلاق . وعن ابن
فهد
والصيمري وابن قطان والايضاح والروضة تقييد الحكم بما إذا لم تتزوج
بغيره واختاره
الشيخ الاعظم ، وعن القواعد على اشكال .
ويشهد للاول صحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال :
سألته
عن رجل تزوج جارية فوقع بها فافضاها ، قال ( عليه السلام ) : عليه
الاجراء عليها ما
[ . . . ]
دامت حية ( 1 ) . وعن الشيخ في الاستبصار حمله على الكبيرة ، جمعا
بينه وبين خبري
حمران وبريد المتضمنين انه مع الامساك لا شئ عليه ، بدعوى ان عموم
الشئ المنفي
يشمل النفقة .
ولكن يرد عليه اولا : انهما مختصان بصورة الامساك ، وفي تلك الصورة
لاريب
في وجوب النفقة لانها زوجته .
وثانيا : ان تعرضه ( عليه السلام ) في صدرهما لخصوص الدية قرينة على ان
المراد بالشئ هو الدية ، فليكن ما ذكرناه اولا قرينة عليه ايضا .
فالمتعين حملهما على
ذلك ، فلا موجب لحمل الصحيح على خصوص الكبيرة ، وعدم التعرض للدية لا
يصلح
قرينة على ذلك ، لعدم كونه في مقام بيان جميع احكام المفضاة .
واستدل للثاني بزوال الزوجية التي هي علة الوجوب . وفيه : ان ظاهر
الصحيح
كون العلة لوجوبها الافضاء لا الزوجية .
واستدل للثالث الشيخ الاعظم بانصراف الصحيح الى صورة عدم التزويج ،
حيث ان الغالب عدم رغبة الازواج فيها بعد الافضاء ، كما تدل عليه
الرواية القائلة
بانه قد افسدها وعطلها على الازواج ، ولعل هذا هو مراد من علل
التقييد بزوال
التعطيل على الازواج . وبانه يجب على الزوج الثاني نفقتها عينا
لاطلاق الادلة
فيتعارضان ، إذ لا تجب نفقة واحدة على شخصين ، وتترجح تلك الادلة
باعتبار نفقتها
للقواعد الشرعية من كون النفقة في مقابل التمكين ، والى ذلك نظر من
استدل له
بانها تجب على الثاني فلا تجب على الاول .
ولكن يرد على الاول : منع الانصراف ، وما في الخبر من التعليل
بالتعطيل انما
................................................................................
( 1 ) الوسائل
باب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 4 . ( * )
[ . . . ]
هو لوجوب الدية لا وجوب النفقة ، ودليل وجوبها خال عن هذا التعليل .
ويرد على الثاني : ان وجوب النفقة على الاول انما هو للافضاء ، وعلى
الثاني
للزوجية ، فلا مانع من وجوبها على كل منهما ، فلا تعارض بين الادلة .
نعم ، لو كان وجوب
نفقة الزوجة بمعنى انها تستحق على الزوج ان يشبعها وقع التعارض
بينهما ، ولكنه
خلاف التحقيق ، بل هي تستحق عين النفقة كما سيأتي ، مع انه إذا دل
دليلان على
وجوب شئ واحد على شخصين يجمع بينهما بالبناء على كون الوجوب كفائيا ،
اضف
الى ذلك انه لو سلم التعارض وعدم امكان الجمع بينهما لابد من تقديم دليل
الوجوب
على الاول لكونه اشهر .
ولو مات الزوج قبل ان تموت المفضاة ، فهل تسقط النفقة كما في الجواهر
قال :
الظاهر سقوطها بموته كما هو واضح ، وفي العروة نسبته الى المشهور ،
ام لا تسقط بل
تستحق من تركته كسائر ديونه كما اختاره المحقق اليزدي ره ؟ وجهان
مبنيان على انه
بالافضاء هل تشتغل ذمة الزوج بتمام النفقة مدة العمر فتكون كسائر
الديون متعلقة
بتركته ، ام يكون اشتغال الذمة بها تدريجيا كما في النفقة الواجبة
بالزوجية فيختص
بحال الحياة .
والظاهر هو الثاني ، فان التعبير في الصحيح بالاجراء ظاهر في ذلك .
وان شئت
قلت : ان الظاهر ان الواجب هو ما وجب بالزوجية ، غاية الامر بواسطة
الافضاء
يستمر ذلك وان طلقها فيلحقه احكامها ، ولذلك ترى ان احدا لم يتوهم
ثبوت امرين
عليه نفقة الزوجية تدريجا ونفقة الافضاء دفعة ، كما انه لاشك في انه
ليس لها مطالبة
نفقة مادام العمر دفعة ، ولا فرق في ذلك بين كون وجوب ذلك بمعنى
استحقاقها عين
النفقة أو انها تستحق عليه ان يشبعها كما لا يخفى . فالاظهر هو
السقوط .
وهل تجب نفقتها لو صارت ناشزة ام لا ؟ وجهان ، الظاهر من النص وجوبها
[ . . . ]
عليه وان صارت ناشزة ، وكونها من قبيل الزوجية لا يمنع من ذلك ، إذ
لا مانع من
كون الافضاء موجبا لاستمرارها حتى في حال النشوز ، فالمتعين هو العمل
باطلاق
النص .
ولو كانت
المفضاة كبيرة لم تحرم ولم تثبت الدية كما مر . وهل يجب الانفاق عليها
مادامت حية ام لا ؟ في الجواهر : المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة
كادت تكون
اجماعا على اختصاص الصغيرة بذلك ، لكنه غير ظاهر الوجه ، لاطلاق صحيح
الحلبي
وعدم المقيد له ، ونفي الشئ عليه في صحيح حمران قد مر انه مختص
بالدية . فالاظهر
هو الاول .
الرابع : ان الاحكام المذكورة لافضاء الصغيرة المعقود عليها بالدخول
غير
الدية حيث تكون على خلاف القاعدة فلا تثبت في غير ذلك . فلو زنى
بالصغيرة
فافضاها ، أو افضاها بالاصبع ، أو وطئها شبهة ، أو كانت المفضاة
كبيرة ، لا تثبت شئ
منها ، واما الدية ، ففي الكبيرة المعقود عليها المفضاة بالدخول لا
تثبت لصحيح حمران
وخبر بريد المتقدمين ، وفي غيرها تثبت لاطلاق نصوصها .
الخامس : انه قد اختلفت كلمات القوم في تفسير الافضاء على اقوال :
الاول : ما هو المشهور بينهم ، وهو جعل مسلكي البول والحيض واحدا ،
بل
يظهر من محكى الخلاف الاجماع عليه .
الثاني : ما عن ابن سعيد ، وهو رفع الحاجز ما بين مدخل الذكر والغائط
، ولعله
ظاهر القواعد ، وعن بعضهم انه اشهر القولين .
الثالث : انه جعل مسلك البول والغائط واحدا ، وهو المحكي عن كشف
الرموز
ومجمع البحرين ، وعن الابي تفسير ما في النافع ، حيث قال : هو ان
يصير المسلكين
وحدا بذلك .
] الثالثة : لو زنى بامرأة لم يحرم نكاحها
، [
الرابع : جعل مسلكي الحيض والغائط واحدا . الى غير تلكم من الاقوال .
والحق ان يقال : ان مقتضى اطلاق النصوص ثبوت الاحكام في جميع هذه
الموارد . وما في الجواهر من ان كلام الفقهاء واهل اللغة متفق على ان
افضاء المرأة
شئ خاص ، لا ان المراد به مطلق الوصل أو التوسعة أو الشق أو الخلط كي
تترتب
احكامه على كل فرد من افراد ذلك ، كما هو مبنى كلام العلامة ومن
تابعه ، يندفع بانه
لا ريب في ان الافضاء ليس له حقيقة شرعية ، ومعناه اللغوي في افضاء
المرأة وغيرها
شئ واحد ، وما في كلمات اللغويين انما هو مصاديق ذلك المفهوم العام
كما هو ديد نهم .
وعلى ذلك فمقتضى الاطلاق ما افاده المصنف ره ، الا ان الظاهر ان من
البعيد
جدا أو الممتنع رفع الحاجز بين مسلك البول والغائط بالوطء ، فان مسلك
الحيض
متوسط بين المسلكين فلا يتحدان الا باتحاد الجميع ، اضف إليه ان ما
بينهما حاجز قو ي
عريض لا يرفع بالوطء . وعليه فينحصر الموضوع بجعل مسلكي البول والحيض
واحدا ، أو جعل مسلكي الحيض والغائط كذلك ، ويترتب على كل منهما
الاحكام
المذكورة كما عن القواعد والمسالك والروضة وغيرها ، والظاهر ان الشايع
هو الاول ،
ولذا خصه الفقهاء بالذكر ، والله العالم .
عدم حرمة تزويج الزاني المرأة التي زنا بها
المسألة ( الثالثة : لو زنى بامرأة ) خلية عن زوج ( لم يحرم ) عليه (
نكاحها ) وان
لم تتب كما هو المشهور بين الاصحاب ، وعن الخلاف والمبسوط الاجماع
عليه ،
لعمومات الحل مثل قوله تعالى ( واحل لكم ما وراء ذلك ) ( 1 ) . وعموم
مادل على ان
................................................................................
( 1 ) سورة النساء آية 24 . ( * )
[ . . . ]
الحرام لا يحرم الحلال ( 1 ) . ولجملة من النصوص الخاصة الواردة في
الباب ، كصحيح
عبيد الله بن علي الحلبي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ايما رجل
فجر بامرأة ثم بدا له
ان يتزوجها حلالا قال ( عليه السلام ) اوله سفاح وآخره نكاح ، ومثله
مثل النخلة
اصاب الرجل من ثمرها حراما ثم اشتراها بعد فكانت له حلالا ( 2 ) .
وصحيح ابي بصير عنه ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن رجل فجر بامرأة
ثم
بدا له ان يتزوجها ، فقال ( عليه السلام ) : حلال أوله سفاح وآخره
نكاح ، اوله حرام
وآخره حلال ( 3 ) ونحوهما غيرهما .
وعن الشيخين وجماعة عدم الجواز الا مع التوبة ، واستدلوا له باخبار
كثيرة ،
منها موثق عمار بن موسى عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يحل
له ان يتزوج
امرأة كان يفجر بها ؟ قال ( عليه السلام ) : ان آنس منها رشدا فنعم ،
والا فليراود ها على
الحرام ، فان تابعته فهي عليه حرام ، وان ابت فليتزوجها ( 4 ) .
ومنها موثق اسحاق بن جرير عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال قلت
له :
الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها ، هل يحل له ذلك ؟ قال (
عليه السلام ) : نعم ،
إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله ان يتزوجها ،
وانما يجوز له ان يتزوجها بعد ان يقف على توبتها ( 5 ) ونحوهما
غيرهما من النصوص .
وهذه اخص من الاولى فتقيد اطلاقها ، وبعبارة اخرى الجمع بين
الطائفتين
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة .
( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 .
( 4 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 .
( 5 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 4 . ( * )
[ . . . ]
يقتضي تقييد الاولى بالثانية . ولكن اورد على ذلك في الجواهر بان
الطائفة الثانية
قاصرة عن ذلك بالشهرة على خلافها ، وبموافقتها لابن حنبل وقتادة .
وفيه : عدم
ثبوت الشهرة المسقطة للحجية على خلافها بعد افتاء الشيخين وجماعة بما
تضمنته ،
ومجرد الموافقة لمن ذكر لا تسقط الخبر عن الحجية ، فان مخالفة العامة
من مرجحات
احدى الحجتين على الاخرى بعد فقد جملة من المرجحات ، لا من مميزات
الحجة عن
اللاحجة ، مع ان نصوص اشتراط التوبة مروية عن الصادقين عليهما السلام
وزمانهما
متقدم على زمان ابن حنبل .
وربما يقال - كما عن المحقق اليزدي ره - : بان الطائفة الاولى من جهة تضمنها
لحكم غير الزامي تكون نصا في الاطلاق ، إذ بيان الحكم غير الالزامي
في مورد بنحو
الاطلاق مع كون بعض الافراد خارجا واقعا عن حكم المطلق ، وكونه
محكوما بحكم
الزامي يلزم منع تفويت المصلحة أو الالقاء في المفسدة الملزمتين ،
وهما قبيحان
وصدورهما من الحكيم محال ، فلا محالة تكون صريحة في الاطلاق ، فيقع
التعارض بينهما
وبين النصوص المقيدة ، وحيث انه لا يمكن الجمع العرفي بينهما فيرجع
الى المرجحات
والترجيح مع النصوص المطلقة .
وفيه : ان ذلك يتم إذا لم يكن هناك مصلحة في تأخير البيان ، أو لم
تكن مفسدة
في التقديم ، وحيث ان الاحكام الشرعية بينت تدريجا لمصلحة اقتضت ذلك
أو لمانع في
البيان دفعة ، فلا مانع من التقييد من الناحية المذكورة ، ولا يكون
المطلق صريحا في
الاطلاق .
واما ما ذكره بعض في وجه حمل المقيدة على الحكم غير اللزومي ، بان
ذلك مما
تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع ، وما في صحيح الحلبي المتقدم من
التمثيل ، وما ورد
من جواز تزويج الزانية كما سيأتي ، فتحمل المقيدة على التنزيه مخافة
اختلاط المياه
[ . . . ]
واشتباه الانسان ، فهو كما ترى ، لا يصلح ان يعتمد عليه في طرح النصوص وحملها
على خلاف ظاهرها .
والحق ان يقال : ان عدم افتاء المشهور باشتراط التوبة مع ان نصوصها
بمرئى
منهم ومسمع وحمل المطلق على المقيد من الواضحات ، يوجب الوهن في نصوص
التوبة ، فالمتعين العمل بالمطلقات ، والاحوط مراعاة التوبة .
وقد نقل الشهيد الثاني في محكى المسالك عن التحرير لزوم العدة على
الزانية
مع عدم الحمل ، ونفي هو البأس عنه ، ونسب اختيار ذلك الى صاحبي
الوسائل
والحدائق . ويشهد له موثق اسحاق المتقدم ، وما رواه في تحف العقول عن
جواد الائمة
( عليه
السلام ) عن رجل نكح امرأة على زنا ، ايحل له ان يتزوجها ؟ فقال ( عليه
السلام ) : يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره ، إذ لا يؤمن
منها ان تكون قد
احدثت مع غيره حدثا كما احدثت معه ، ثم يتزوج بها ان اراد ، الحديث (
1 ) . ولم يستبعد
صاحب الجواهر ره حمل الخبرين على ضرب من الندب ، ولعله من جهة
مخالفتهما
للمشهور ، وما في الثاني من التعليل المناسب للحكم التنزيهي ، وارسال
الثاني ، فلا بأس
به .
هذا كله في تزويج الزانية للزاني . واما تزويجها لغيره ، فالمشهور
بين الاصحاب
شهرة عظيمة جوازه مطلقا ، وعن الحلبي وظاهر المقنع الحرمة ، وقد عرفت
نسبة
................................................................................
( 1 ) ص 454 ( ط 2 ) والوسائل باب 44 من ابواب العدد حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
اشتراط التوبة الى الشيخين ، وعن المفيد وتلميذه سلار حرمة تزويج
المشهورة بالزنا
الا بعد ظهور توبتها . والكلام تارة فيما يستفاد من الاية الكريمة (
الزاني لا ينكح ا لا
زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك وحرم ذلك على
المؤمنين ) ( 1 )
واخرى فيما يقتضيه النصوص .
اما الاية فقد استدل بها للقول بالحرمة مطلقا ، بدعوى ظهورها في حرمة
تزويج الزانية لغير الزاني والمشرك ، وحرمة التزويج من الزاني لغير
الزانية والمشركة .
وفيه اولا : انه لو تم الاستدلال لاختص بالزانية المشهورة بالزنا ،
لما سيأتي من
النصوص الدالة على ان المراد منها تلك .
وثانيا : انه لو حملت الاية على كونها في مقام تشريع التحليل
والتحريم كما هو
الظاهر منها في نفسها ، لزم البناء على انه يباح للمسلم الزاني نكاح
المشركة وللمسلمة
الزانية نكاح المشرك ، وهو معلوم البطلان ، لعدم جوازه اجماعا .
وايضا لزم منه عد م
جواز مناكحة الزاني الا إذا كانت الزوجة زانية ، والمعروف من مذهب
الاصحاب
جوازها على كراهية .
فلا مناص عن حملها
على كونها في مقام الاخبار ، ويكون المراد من النكاح
الوطء ، فالاية نظير قوله تعالى ( الخبيثات للخبيثين والخبيثون
للخبيثات ) الخ ( 2 )
اريد بها ان الزاني اي الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنا لا يرغب في
نكاح
الصالحات من النساء اللاتي على خلاف صفته ، وانما يميل الى خبيثة من
شكله أو
مشركة تقرب منه في الخباثة ، وكذلك الزانية .
وإذا كان المراد بها في صدرها ذلك ، لزم ان يكون المراد من التحريم
في آخرها
................................................................................
( 1 ) سورة النور آية 4 .
( 2 ) سورة النور آية 27 . ( * )
[ . . . ]
ان المؤمنين يمتنعون عما يرتكبه غيرهم من المشركين والفساق من الميل
الى الزواني
وعدم المبالاة من نكاحهن ، لعدم المناسبة بين نهي المؤمنين وعدم
امتناع الفساق عنه
حتى يجمع بينهما بالوصف وان شئت قلت : ان المراد بالنكاح في الاية هو
الوطء بقر ينة
ما تقدم ، فالمعنى ان الزاني لا يزني الا بالزانية أو بالمشركة وكذلك
العكس ، واما المؤمن
فهو ممتنع عن ذلك ، لان الزنا محرم وهو لا يرتكب ما حرم عليه .
وعن سعيد بن المسيب ان الاية منسوخة بآية ( وانكحوا الايامى منكم )
الخ ( 1 )
ولكنه يتوقف على انه إذا ورد خاص مقدم على العام ودار الامر بين
تخصيص العام
ونسخ الخاص يبنى على النسخ ، وهو خلاف التحقيق ، بل التخصيص اولى من
النسخ .
وعن سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم ان المراد بالنكاح الوطء ، وان
المراد
بالاية ما روى عن ابن عباس من انه ان جامعها مستحلا فهو مشرك والا
فهو زان ،
وكذا الزاني . وسيد الرياض سلم كونها في مقام التشريع ، واجاب بانها
تحمل على
الكراهة بقرينة وحدة السياق ، للاجماع على عدم حرمة تزويج الزاني .
وفيه : ما تكرر منا من انه لا وجه لحمل النهي على الكراهة بلا قرينة
، ووحدة
السياق لا تصلح لذلك ، لعدم كون الحرمة والكراهة داخلتين في الموضوع
له
والمستعمل فيه . نعم ، لو سلم ظهور الاية في الحرمة لابد وان تحمل
على الكراهة ،
للنصوص الدالة على الجواز التي ستمر عليك .
واما النصوص فهي طوائف :
الاولى : ما يدل على الجواز مطلقا ، كصحيح علي بن رئاب ، قال : سألت
ابا
................................................................................
( 1 ) سورة النور آية 33 . ( * )
[ . . . ]
عبد الله ( عليه السلام ) عن المرأة الفاجرة يتزوجها الرجل المسلم ،
قال ( عليه السلام ) :
نعم وما يمنعه ، ولكن إذا فعل فليحصن بابه مخافة الولد ( 1 ) .
وخبر زرارة عن ابي جعفر ، ( عليه السلام ) قال : سئل عن رجل اعجبته
امرأة
فسأل عنها فإذا الثناء عليها في شئ من الفجور ، فقال ( عليه السلام )
: لا بأس بان
يتزوجها ويحصنها ( 2 ) .
وخبر علي بن يقطين ، قلت لابي الحسن ( عليه السلام ) : نساء اهل
المدينة ، قال
( عليه
السلام ) : فواسق . قلت : فاتزوج منهن ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ( 3 ) ونحوها
غيرها
في التزويج مطلقا أو في المتعة .
الثانية : ما يدل على حرمة تزويج المعلنة بالزنا والتمتع بها ، كصحيح
الحلبي ، قا ل
أبو عبد الله ( عليه السلام ) : لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ،
ولا يتزوج الرجل ا لمعلن بالزنا ،
الا بعد ان تعرف منهما التوبة ( 4 ) .
وصحيح زرارة ، قالت سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله
عز وجل
( الزاني
لا ينكح الا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك ) قال :
هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، قد شهروا بالزنا
وعرفوا به
والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن اقيم عليه حد الزنا أو شهر ( منهم خ
) بالزنا لم ينبغ
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 6 .
( 2 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 3 .
( 4 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
لاحد ان يناكحه حتى يعدف منه تولة ( 1 ) ونحوه خبر محمد بن مسلم عن
ابي جعفر
( عليه
السلام ) ( 2 ) وخبر حكم بن حكيم عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ( 3 ) . وما عن
تفسير النعماني عن امير المؤمنين ( عليه السلام ) ( 4 ) .
وصحيح الفضيل : سألت ابا الحسن ( عليه السلام ) عن المرأة الحسناء
الفاجرة ، هل تحب للرجل ان يتمتع منها يوما أو اكثر ؟ فقال ( عليه
السلام ) : إذا كانت
مشهورة بالزنا فلا يتمتع منها ولا ينكحها ( 5 ) .
وخبر محمد بن الفيض عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن المتعة ، قال
: نعم إذا
كانت عارفة ، الى ان قال : واياكم والكواشف والدواعي والبغايا وذوات
الازواج . قلت : ما
الكواشف ؟ قال : اللواتي يكاشفن وبيوتهن معلومة ويؤتين ، الى ان قال
قلت : فالبغايا ؟
قال : المعروفات بالزنا ( 6 ) ونحوهما غيرهما .
الثالثة : ما يدل على جواز التمتع بالمشهورة بالزنا ، كوثق اسحاق بن
جرير
قال قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : ان عندنا بالكوفة امرأة
معروفة بالفجور ، ايحل
ان اتزوجها متعة ؟ قال فقال : رفعت راية ؟ قلت : لا ، لو رفعت
راية اخذها السلطان .
قال ( عليه السلام ) : نعم تزوجها متعة . قال : ثم اصغي الى بعض
مواليه فأسر إليه
شيئا ، فلقيت مولاه فقلت له : ما قال لك ؟ فقال ( عليه السلام ) :
انما قال لي : ولو رفعت
راية ما كان عليه في تزويجها شئ انما يخرجها من حرام الى حلال ( 7 ) .
وخبر الحسن بن ظريف المتضمن لتوقيع ابي محمد ( عليه السلام ) انما
تحيي
................................................................................
( 1 - 2 - 3 - 4 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2
- 3 - 4 - 5 .
( 5 ) الوسائل باب 8 من ابواب المتعة حديث 4 .
( 6 ) الوسائل باب 10 من
ابواب المتعة .
( 7 ) الوسائل باب 9 من ابواب المتعة ونحوها حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
سنة وتميت بدعة فلا بأس ، واياك وجارتك المعروفة بالعهر وان حدثتك
نفسك ، ان آبائي
قالوا : تمتع بالفاجرة فانك تحرجها من حرام الى حلال ، فان هذه امرأة
معروفة بالهتك
وهي جارة واخاف عليك استفاضة الخبر ( 1 ) الحديث .
والجمع بين النصوص في بادئ الامر يقتضي ان يبنى على جواز نكاح
الزانية
غير المشهورة بالزنا . واما المشهورة فالتمتع بها جائز ، ونكاحها
بالنكاح الدائم لا يجوز
قبل التوبة ، حملا لمطلق النصوص على مقيدها ، وظاهرها على نصها . فان
الطائفة
الثالثة نص في الجواز في خصوص المتعة في المشهورة بالزنا ، فنصوص
المنع عنها محمولة
على الكراهة ، ونصوص المنع عن تزويجها مطلقا يقيد اطلاقها بها ،
والطائفة الثانية
تقيد الاولى .
ولكن لاجل عدم القول بالفصل بين المتعة والدوام ، وان المشهور بين
الاصحاب جواز نكاح المشهورة مطلقا ، وان نصوص المنع عنها اكثرها
ظاهرة في
الحكم التنزيهي ، للتعبير ب ( لم ينبغ ) وما في الطائفة الثالثة من
عموم التعليل وغير
تلكم من القرائن ، يتعين حمل الطائفة الثانية على الكراهة .
مع ان هناك رواية تدل على جواز نكاح المعروفة بالزنا لم ننقلها عند
ذكر
نصوص الباب ، وهي ما رواه احمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن ابن ابي
عمير
عن حماد عن الحلبي ، قال : اخبرني من سمع ابا جعفر ( عليه السلام )
قال في المرأة
الفاجرة التي قد عرف فجورها ، ايتزوجها الرجل ؟ قال : وما يمنعه ،
ولكن إذا فعل
فليحصن بابه ( 2 ) . والجمع بينها وبين نصوص المنع عن تزويج المشهورة
يقتضي البناء
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب المتعة حديث 4 .
( 2 ) المستدرك باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
على الكراهة ، فلا اشكال في الجواز مطلقا . نعم ، يكره تزويج
المشهورة بالزنا الا بعد
التوبة .
ثم ان الكلام في انه هل يجب عليها ان تعتد ام لا هو الكلام في الفرع
السابق .
لا تحرم الزوجة على الزوج بالزنا
ولو زنت امرأة الرجل وهي في حباله لم تحرم عليه ولا يجب عليه ان
يطلقها وان
اصرت كما هو المشهور شهرة عظيمة ، وعن المبسوط الاجماع عليه . ويشهد
به - مضافا
الى ما دل على ان الحرام لا يحرم الحلال ( 1 ) - موثق عباد بن صهيب
عن مولانا جعفر
ابن محمد عليهما السلام : لا بأس ان يمسك الرجل امرأته ان رآها تزني
إذا كانت تز ني
وان لم يقم عليها الحد ، فليس عليه من اثمها شئ ( 2 ) .
وخبر زرارة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : جاء رجل الى
النبي صلى الله
عليه وآله فقال : يارسول الله ، ان امرأتي لا تدفع يد لامس ، قال :
طلقها ، قال : يارسول
الله ، اني احبها ، قال : فامسكها ( 3 ) .
وبازائها نصوص ، كخبر الفضل بن يونس عن الامام الكاظم عن رجل تزوج
امرأة فلم يدخل بها فزنت ، قال ( عليه السلام ) : يفرق بينهما ، وتحد
الحد ، ولا صداق
لها ( 4 ) .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة .
( 2 ) الوسائل باب 12 من
ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 .
( 3 ) المستدرك باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 .
( 4 ) الوسائل باب 6 من ابواب العيوب والتدليس حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
وخبر اسماعيل بن ابي زياد عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام :
قال
علي ( عليه السلام ) في المرأة إذا زنت قبل ان يدخل بها زوجها : يفرق
بينهما ولا صداق
لها ، لان الحدث كان من قبلها ( 1 ) ونحوهما غيرهما .
لكنها مختصة بالزنا قبل الدخول ، وحيث لم يعمل بها احد ، لان المفيد
والديلمي
وان افتيا بالحرمة الا انهما لم يفرقا بين ما قبل الدخول وما بعده ، فلا بد من طرحها ،
أو تأويلها بحملها على استحباب الطلاق ، أو على مدة النفي كما في
الوسائل .
وقد يستدل للحرمة مضافا الى ذلك - بالاية الشريفة ( 2 ) وبفوات فائدة
التناسل معه لاختلاط النسب . ولكن الاية قد مر عدم دلالتها على
الحرمة ، واختلاط
النسب يرد بان النسب لاحق بالفراش ، والزاني لا نسب له ولا حرمة
لمائه .
ثم انه نظير ما ورد في زنا الزوجة موجود في زنا الزوج ، لاحظ خبر علي
بن
جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنا
، ما عليه ؟
قال ( عليه السلام ) : يجلد الحد ، ويحلق رأسه ، ويفرق بينه وبين
اهله ، وينفى سنة ( 3 ) .
وخبر طلحة بن زيد عن سيدنا جعفر عن ابيه عليهما السلام ، قال : قرأت
في
كتاب علي ( عليه السلام ) : ان الرجل إذا تزوج المرأة فزنا قبل ان
يدخل بها لم تحل
له لانه زان ، ويفرق بينهما ، ويعطها نصف المهر ( 4 ) ونحوهما غيرهما .
ولكنها محمولة على الاستحباب بقرينة ما هو صريح في عدم المنع ، كخبر
رفاعة
ابن موسى عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يزني قبل ان يدخل
باهله ،
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب العيوب والتدليس حديث 3 .
( 2 ) سورة النور آية 4 .
( 3 ) الوسائل باب 17 من ابواب العيوب والتدليس حديث 2 .
( 4 ) الوسائل باب 17 من ابواب العيوب حديث 3 . ( * )
] ولو زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت ابدا . [
ايرجم ؟ قال ( عليه السلام ) : لا . قلت : هل يفرق بينهما إذا زنا
قبل ان يدخل بها ؟ قال
( عليه
السلام ) : لا ( 1 ) . وان ابيت عن كون هذا الجمع عرفيا ، فالمتعين طرح الاولى
لمخالفتها للمشهور .
( ولو
زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت ابدا ) في قول مشهور كما في
الشرايع ، وفي الجواهر : بل لا اجد فيه خلافا كما عن جماعة الاعتراف
به ، بل في كشف
اللثام نسبته الى قطع الاصحاب عدا المحقق في الشرايع ، وعن الانتصار
الاجماع عليه
في ذات العدة ، وعن الغنية والحلي وفخر المحققين الاجماع عليه مطلقا
، وفي رسالة
الشيخ الاعظم : بلا خلاف فيه ظاهرا ، وحكي في الرياض الاجماع عليه عن
جماعة ،
وفي الحدائق عن غير واحد .
وكيف كان ، فقد استدل له بانه إذا كان العقد عالما بدون الدخول محرما
وكحذا
الدخول مع الجهل فالزنا اولى ، ذكره الشهيد الثاني وتبعه غيره . وبما
في الرضوي : ومن
زنا بذات بعل ، محصنا كان أو غير محصن ، ثم طلقها زوجها أو مات عنها
، واراد الذي
زنا بها ان يتزوج بها لم تحل له ابدا ( 2 ) . وهذان الوجهان يدلان
على حكم المعتدة بالعدة
الرجعية ، بانضمام ما دل على انها بمنزلة الزوجة ( 3 ) . وبما عن بعض
المتأخرين من انه
قال : وروى ان من زنا بامرأة لها بعل أو في عدة رجعية حرمت عليه ولم
تحل له ابدا .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب العيوب والتدليس حديث 1 .
( 2 ) المستدرك باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 8 .
( 3 ) الوسائل باب 13 من ابواب اقسام الطلاق حديث 6 . ( * )
[ . . . ]
ولكن الاولوية ممنوعة لعدم احراز المناط ، والرضوي لم يثبت كونه كتاب
رواية ،
والاخير يحتمل ان يكون ناظرا الى الرضوي . فالعمدة هو الاجماع ، وكفى
به مدركا
في مثل هذا الحكم الذي يكون على خلاف القاعدة .
ولا فرق في هذا الحكم بين كونه عالما حين الزنا بانها ذات بعل أو في
عدة رجعية
ام لا ، ولا بين كونها مدخولا بها من زوجها أولا ، ولا بين اجراء
العقد عليها وعدمه بعد
فرض العلم بعدم صحة العقد ، ولا بين ان تكون الزوجة مشتبهة أو زانية
أو مكرهة ،
كل تلكم لاطلاق معقد الاجماع . نعم ، لا تحرم لو كان الوطء مشتبها
وهي زانية ،
لاختصاص كلامهم بالزنا .
وما افاده صاحب الجواهر ره من انه يمكن استفادة الحرمة من حكم العقد
على ذات البعل ، بناء على الاولوية المزبورة ، وان حكمها الحرمة ابدا
مع علمها دو نه
بمجرد العقد ، يندفع بعدم كون الاولوية قطعية كما مر .
ثم انه لا يكون الزنا بذات العدة البائنة وفي عدة الوفاة وعدة المتعة
والوطء
بالشبهة والفسخ موجبا للحرمة الابدية ، للاصل بعد خروجها عن معقد
الاجماع . وقد
تنظر في الرياض في بعض ذلك ، قال : لجريان بعض ما تقدم هنا كالاولوية
الواضحة
الدلالة في ذات العدة المزبورة ، بناء على ما يأتي من حصول التحريم
بالعقد عليها
فيها ، انتهى . ولكن قد مر ما في الاولوية .
] الرابعة : لو عقد المحرم عالما بالتحريم حرمت ابدا ، ولو
كان جاهلا بطل
العقد ولم يحرم . الخامسة : لا تنحصر المتعة وملك اليمين
في عدد [
( الرابعة
: لو عقد المحرم عالما بالتحريم حرمت ابدا ، ولو كان جاهلا بطل
العقد ولم تحرم ) كما هو المشهور شهرة عظيمة ، وقد تقدم الكلام في
هذه المسألة في
الجزء العاشر من هذا الشرح في مبحث تروك الحج . وقد كتبت كتاب الحج
في ثلاثة
اجزاء في بلدة يزد حين ما اخرجوني من بلادي ظلما بجرم الدفاع عن الدين واحكام
الاسلام واجبروني على المقام بها ، والان ايضا أنا في ميكون قرية من
قرى طهران ،
وعلى ما اخبروني اخيرا ان بناء الحكومة على ان ينقلوني من هذا المكان
الى مكان
ابعد ، وعلى الجملة اني قريب من سنتين لا ازال انتقل من سجن الى سجن
، وسيعلم
الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .
( الخامسة
) : قد عرفت انه لا يجوز في العقد الدائم الزيادة على الاربع ، ولكن
ذلك مختص به ، والا ف ( لا تنحصر المتعة وملك اليمين في عدد ) بلا
خلاف بين
المسلمين في الثاني ، وبلا خلاف معتد به فيه بيننا في المتعة ، كما
في الجواهر .
والمهم البحث في المتعة ، ويشهد لعدم انحصارها في عدد روايات ، كصحيح
زرارة ، قلت : ما يحل من المتعة ؟ قال ( عليه السلام ) : كم شئت ( 1
) . وموثقه عن الامام
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
الصادق ( عليه السلام ) قال : ذكرت له المتعة ، اهي من الاربع ؟ فقال
( عليه السلام ) :
تزوج منهم ألفا ، فانهن مستأجرات ( 1 ) الى غير ذينك من الروايات
الكثيرة ( 2 ) .
ومع ذلك فعن القاضي انها احدى الاربع . وعن المسالك ميله الى ذلك ،
مناقشا
في اسانيد بعض اخبار الجواز ، حاكيا عن المختلف انه اقتصر في الحكم
على مجرد
الشهرة ولم يصرح بمختاره ، ثم قال : وعذره واضح ، ودعوى الاجماع في
ذلك غير
سديد . وفي الجواهر - بعد نقل ذلك عن المسالك - : قلت : لا بأس بدعوى
ضرورة
المذهب على ذلك فضلا عن الاجماع .
الظاهر ان المصنف في المختلف لم يقتصر على مجرد الشهرة ، بل ذكر بعد
ذلك
دليل المشهور بقوله : لنا الاصل ، وما رواه زرارة في الصحيح ، ثم ذكر
باقي النصوص ،
ثم ذكر مدرك ابن البراج وجواب الشيخ عنه .
وكيف كان ، فقد روى عمار الساباطي في الموثق عن الامام الصادق ( عليه
السلام ) عن المتعة ، فقال ( عليه السلام ) : هي احدى الاربع ( 3 ) .
ومثله صحيح البزنطي عن الامام الرضا ( عليه السلام ) ، قال : سألته
عن المتعة ،
الى ان قال : وسألته عن الاربع هي ؟ قال ( عليه السلام ) : اجعلوها
من الاربع على
الاحتياط . قال وقلت : ان زرارة حكى عن ابي جعفر ( عليه السلام )
انما هي مثل
الاماء يتزوج منهن ما شاء ، فقال ( عليه السلام ) : هي من الاربع ( 4 ) .
وصحيحه الاخر عنه ( عليه السلام ) ، قال أبو جعفر : اجعلوها من
الاربع ، فقال
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة .
( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 10 .
( 4 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 13 . ( * )
] السادسة : لو طلقت الحرة ثلاثا حرمت حتى تنكح زوجا غيره . [
له صفوان بن يحيى : على الاحتياط ؟ فقال ( عليه السلام ) : نعم ( 1 ) .
والمراد بالاحتياط في هذه النصوص هو الاحتياط من المخالفين لا
الاحتياط
في الحكم ، إذ لا يتصور من الامام الامر به بالنسبة الى الحكم .
وعليه فهذه الصحاح
تدل بانفسها على ان الامر بجعلها من الاربع انما هو لاجل التقية
والاحتياط من
المخالفين ، نظرا الى انه لو اطلع المخالفون عليها واعترضوا بان هذا
ان كان نكاحا
فلم جعلتموه زايدا على الاربع ، مع دلالة الكتاب على عدم جواز الزائد
على الاربع ،
وان كان من السفاح فلم ارتكبتموه ، ولا يكفي لهم الجواب بان ائمتنا
عليهم السلام
قالوا بجواز الزايد على الاربع ، فيقيد به اطلاق الكتاب ، وتكون هي
حاكمة على
الموثق ، وعلى ذلك فالنصوص محمولة على التقية فلا تعارض لما تقدم .
ومع الاغماض عن ذلك ، حيث انه لا يمكن الجمع العرفي بين الطائفتين
لعدم
كون حمل هذه على الاستحباب منه ، يتعين الرجوع الى المرجحات ، وهي تقتضي
تقديم الاولى ، لانها اشهر واصح سندا واكثر عددا ومخالفة للعامة .
حرمة نكاح المطلقة ثلاثا على الزوج الا بعد التحليل
( السادسة
: لو طلقت الحرة ثلاثا ) لم ينكحها بينهما زوج آخر ( حرمت ) على
المطلق ( حتى تنكح ) دواما ( زوجا غيره ) بلا خلاف اجده في شئ من ذلك
، بل
الاجماع بقسميه عليه ، كذا في الجواهر . ويشهد به الكتاب والسنة :
اما الكتاب فقوله تعالى ( الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 9 . ( * )
[ . . . ]
باحسان ) ( 1 ) ثم قال ( فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى
تنكح زوجا غيره فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا ) ( 2 ) الاية
. وتقريب
الاستدلال بها انها صريحة في ان المرأة المطلقة تحرم على زوجها
المطلق ، وان حلها
موقوف على ان تنكح زوجا غيره ، واما ان الطلاق المحرم هو الطلاق
الثالث فيستفاد
من تعقيب ذلك بقوله ( الطلاق مرتان ) فان معناه حينئذ فان طلقها بعد
المرتين اي
التطليقتين الاولتين لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ، والطلاق
الواقع بعدهما
ليس الا الثالث ، إذ غيره لا يقال انه بعد المرتين بل بعد الثالث وما
زاد .
ثم ان الظاهر ان المراد بالطلاق في قوله ( الطلاق مرتان ) هو الرجعي
،
بمعنى ان الطلاق الرجعي الذي يجوز للزوج الرجوع فيه مرتان - اي
تطليقتان -
فالثالث بائن لا رجعي . ومعنى قوله تعالى ( فامساك بمعروف أو تسريح
باحسان )
هو ان الزوج بعد التطليقتين مخير بين ان يمسك المرأة بالرجوع في
العدة أو بعقد
جديد وحسن المعاشرة معها ، وبين ان يسرحها باحسان بان يطلقها
التطليقة الثالثة .
ومعنى قوله ( فان طلقها ) الخ هو انه لو اختار بعد التطليقتين
التسريح بالطلاق
فلا تحل له ، وقد صرح في كثير من النصوص بان المراد بالتسريح باحسان
هو التطليقة
الثالثة ( 3 ) .
ومقتضى اطلاق الاية حرمة التزويج بعد الطلاق الثالث دواما أو متعة .
واما السنة فهي متواترة دالة على جميع ما ذكرناه ( 4 ) كما انها تدل
على ان المحلل
................................................................................
( 1 - 2 ) سورة البقرة آية 230 و 231 .
( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب اقسام الطلاق .
( 4 ) الوسائل باب 3 و 4 من ابواب اقسام الطلاق . ( * )
] السابعة : المطلقة تسعا للعدة ينكحها بينها رجلان تحرم على
المطلق ابدا . [
يهدم الطلقة والثنتين كما يهدم الثلاث ( 1 ) وايضا تدل النصوص على
اعتبار كون نكاح
المحلل دواما ولا يكفي المتعة ( 2 ) وتدل ايضا على عدم الفرق بين كون
الطلقات طلاق
عدة أو سنة ، وما في بعض النصوص من اعتبار كونه للعدة شاذ مخالف
للنصوص
والفتاوى . وتمام الكلام في ذلك وفي شرائط المحلل سيأتي ان شاء الله
تعالى في كتا ب
الطلاق .
ثم ان هذا الحكم انما هو في الحرة ( وان كانت تحت عبد ) اجماعا ،
والنصوص ( 3 )
المتواترة تدل على ان العبرة بعدد الطلقات الرجال دون النساء ) ( و )
انه ( لو طلقت حر ) الامة
طلقتين حرمت حتى تنكح زوجا غيره وان كان تحت حر خلافا للمحكي عن
العامة ،
فعكسوا القضية فجعلوا الاعتبار في عددها بالزوج .
المسألة ( السابعة : المطلقة تسعا للعدة ينكحها بينها رجلان ) بان
طلقها
فراجعها في العدة ووطئها ثم طلقها ، ثم راجعها ووطئها ثم طلقها ،
فتزوجها المحلل
ثم بعد فراقه تزوجها فطلقها ثلاثا بينها رجعتان مع الوطء ، ( تحرم
على المطلق ابدا )
بلا خلاف معتد فيه بيننا ، وفي الجواهر : بل الاجماع بقسميه عليه .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب اقسام الطلاق .
( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب اقسام الطلاق .
( 3 ) الوسائل باب 24 و 25 من ابواب اقسام الطلاق . ( * )
[ . . . ]
واطلاق طلاق العدة وهو الذي يتعقبه الرجوع والوطء - كما نص على ذلك
في صحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) الوارد في تفسير
طلاق السنة والعدة :
واما طلاق العدة الذي قال الله تعالى ( فطلقوهن ) الخ فإذا اراد
الرجل منكم ان
يطلق امرأته طلاق العدة ، فلينتظر بها حتى تحيض وتخرج من حيضها ثم
يطلقها
تطليقة من غير جماع وبشهادة شاهدين عدلين ، ويراجعها من يومه ذلك ان
احب أو
بعد ذلك بايام قبل ان تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها حتى تحيض
الحديث ( 1 )
ونحوه غيره - على الطلقات التسع مجاز من باب تسمية الكل باسم الجزء ،
لان طلاق
العدة ليس الا ستة منها - ضرورة ان الثالثة من كل ثلاثة ليست للعدة
بل للسنة .
وكيف كان ، فالنصوص الدالة على هذا الحكم مستفيضة أو متواترة ستمر
عليك جملة منها . انما الخلاف والكلام في امور :
الاول : انه هل يعتبر ان يكون الطلقات التسع للعدة بالمعنى المتقدم
كما نسب
الى المشهور ، ام يكفي في التحريم المؤبد كونها للسنة ، أو المركب من
العدة والسنة /
ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار :
منها : ما يدل على الاكتفاء بالسني وعدم اعتبار العدي ، كموثق زرارة
وداود بن
سرحان عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث : والذي يطلق الطلاق الذي لا تحل
له حتى تنكح زوجا غيره ثلاث مرات وتزوج ثلاث مرات لا تحل له ابدا ( 2
) . فانه يدل
على ان الموضوع للحرمة ما لم تنكح زوجا آخر والموضوع للحرمة ابدا
واحدا ، غاية
الامر الاولى الطلقات الثلاث والثانية الطلقات التسع ، وقد مر ان
الموضوع للحرمة
قبل النكاح مطلق الطلقات : الثلاث عدية كانت ام غيرها ، ولازم ذلك
الاكتفاء بالسني
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب اقسام الطلاق حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث 4 . ( * )
[ . . . ]
في المقام .
ومنها : ما يدل على انحصار الطلقات التسع الموجبة للحرمة الابدية بما
إذا كانت
الثلاث الاخيرة للسنة ، كخبر ابي بصير عن ابي عبد الله ( عليه السلام
) في حديث ،
قال : سألته عن الذي يطلق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم يطلق ، قال (
عليه
السلام ) : لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فيزوجها رجل آخر فيطلقها
على السنة ، ثم
ترجع الى زوجها الاول فيطلقها ثلاث مرات تنكح زوجا غيره فيطلقها ثلاث
مرات
على السنة ثم تنكح ، فتلك التي لا تحل له ابدا ( 1 ) .
ومنها : ما يدل على اعتبار كون الطلقات للعدة ، لاحظ خبر ابراهيم عن
عبد الرحمان عن موسى بن جعفر عن ابيه جعفر بن محمد عليهم السلام :
سئل ابي
( عليه
السلام ) عما حرم الله عز وجل من الفروج في القرآن وعما حرم رسول الله صلى
الله عليه وآله في سنته ، قال : الذي حرم الله عز وجل ، الى ان قال :
واما التي في السنة
فالمواقعة في شهر رمضان ، الى ان قال : وتزويج الرجل امرأة قد طلقها
للعدة تسع
تطليقات ( 2 ) الحديث ، وقد عمل به الاصحاب ، ويؤيده ما عن الفقه الرضوي
( 3 ) وفتو ى
علي بن ابراهيم الكاشفة عن وجود النص .
بل الظاهر ان من هذه الطائفة معتبر المعلى بن خنيس عن ابي عبد الله (
عليه
السلام ) في رجل طلق امرأته ثم لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض ، ثم
تزوجها ثم
طلقها فتركها حتى حاضت ثلاث حيض ، ثم تزوجها ثم طلقها من غير ان
يراجع ،
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 .
( 3 ) المستدرك باب 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث 6 . ( * )
[ . . . ]
ثم تركها حتى حاضت ثلاث حيض ، قال : له ان يتزوجها ابدا ما لم يراجع
ويمس ( 1 )
فان لفظ التأبيد صريح في العموم كما لو طلقت كذلك ولو تجاوزت التسع ،
وانها
لا تحرم بذلك الى حصول الامرين من الرجوع والوقاع ، واطلاقه وان شمل
الطلقات الثلاث الاول الموجبة للحرمة حتى تنكح زوجا غيره ، ويدل على
اعتبار
كونها للعدة ، الا انه يقيد بما لو حصل المحلل بعد كل ثلاث لما تقدم
، ومقتضاه حينئذ
حل التزويج له ابدا بعد حصول المحلل بعد كل ثلاث لا مطلقا .
ومنها : ما يكون مطلقا ، كصحيح جميل بن دراج عن ابي عبد الله ( عليه
السلام ) :
إذا طلق الرجل المرأة فتزوجت ثم طلقها فتزوجها الاول ثم طلقها فتزوجت
رجلا ثم
طلقها فإذا طلقها على هذا ثلاثا لم تحل ابدا ( 2 ) ونحوه صحيح
ابراهيم بن عبد الحميد
عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) وابي الحسن ( عليه السلام ) ( 3 )
المحمولين على ما لو
كان تزويج الغير ليكون محللا ، فالمراد بهما الطلقات التسع ، وعليه
فالظاهر رجوع
هذه الطائفة الى الطائفة الاولى .
والجمع بين النصوص يقتضي ان يقال : ان الطائفة الثالثة اخص مطلق من
الطائفة الاولى والرابعة فيقيد اطلاقهما بها ، والطائفة الثانية غير
صريحة في اعتبار كون
الطلقات الثلاث الاخيرة للسنة بالمعنى الاخص ، بل هي قابلة للحمل على
ارادة
السنة بالمعنى الاعم المقابل للبدعة ، فلا تصلح لمعارضة الطائفة
الثالثة ، بل يحمل
ظاهرها على نص هذه . فالمتحصل من النصوص اعتبار كون الطلقات التسع
للعدة
كما هو المشهور .
والمنسوب الى المحقق اليزدي في مقام الجمع بينها : ان الطائفة الاولى
، بضميمة
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب اقسام الطلاق حديث 13 .
( 2 - 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
القطع بان الطلاق الذي لا تحل له معه حتى تنكح هو مطلق الطلقات
الثلاث عدية
كانت ام غيرها ، كالصريحة في الاطلاق ، فلا تصلح الطائفة الثانية
لمعارضتها ، لقابليتها
للحمل على السنة بالمعنى الاعم . والنسبة بينها وبين الثالثة وان
كانت عموما مطلقا ،
الا انه يلزم من حمل مطلقهما على المقيد حمل المطلق على الفرد النادر
. ولا يصح
الرجوع الى المرجحات السندية ، لان الرجوع إليها انما هو إذا كان
المتعارضان
متنافيين بتمام مدلوليهما ، فلا بد من الاخذ بالمتيقن منهما ، وهو
كون التسع للعدة موجبة
للحرمة الابدية ، والرجوع في غيره الى مقتضى عموم قوله تعالى ( واحل
لكم ما وراء
ذلكم ) ( 1 ) .
وفيه اولا : انه كما يمكن حمل السنة في الثانية على ارادة السنة
بالمعنى الاعم ،
يمكن حمل اطلاق الاولى على المقيد ، فلا اولوية للاول .
وثانيا : ان حمل الاولى على ارادة الطلقات للعدة بقرينة الثالثة ، لا
يكون
مستلزما لحمل المطلق على الفرد النادر ، مع ان ورود المطلق لبيان حكم
الفرد الناد ر في
امثال المقام لا محذور فيه ، فان الفرد الاخر منه ايضا نادر .
وثالثا : انه على فرض تسليم التعارض ، عدم الرجوع الى المرجحات
السندية
لاوجه له ، لعدم الدليل على اعتبار كون التنافي بين الدليلين في تمام
مدلوليهما ، ولذا
بنينا على الرجوع إليها في تعارض العامين من وجه ايضا .
وربما يقال في الجمع بينها : ان الطائفتين الاخيرتين تتعارضان
وتتساقطان ،
فيرجع الى الطائفة الاولى .
وفيه اولا : انهما من قبيل النص والظاهر فلا تتساقطان .
................................................................................
( 1 ) النساء آية 24 . ( * )
[ . . . ]
وثانيا : انه لو سلم عدم امكان الجمع بينهما لا تتساقطان ، بل يرجع
الى
المرجحات ، وايتهما قدمت يقيد بها اطلاق الطائفة الاولى . فالحق ما
ذكرناه .
ثم ان المستفاد من النصوص اعتبار امرين آخرين :
احدهما - وقوع نكاح رجلين خاصة بينهما .
الثاني - توالي الطلقات التسع العددية .
اما الاول فواضح . واما الثاني فلوجهين : الاول - انه لو طلقها تسعا
للعدة مع
التفرق كما في الصورة الاتية ، لزم عدم الحكم بالحرمة بعد الطلاق
التاسع ، وهو خلاف
صريح النصوص أو ظاهرها .
الثاني - ان النصوص ، بعد حمل مطلقها على مقيدها وظاهرها على نصها ،
واردة
في مورد خاص وهو توالي الطلقات التسع العددية ، والتعدي يحتاج الى
دليل خاص
وهو مفقود .
وعلى هذا فلو طلقها خمسة وعشرين مرة ، وكان في كل ثلاثة منها واحدة
عدية
من اول الدور ، لا يوجب تحريمها عليه مؤبدا لانتفاء الشرطين . اما
الاول فلأنه حينئذ
لابد ان يقع بعد كل ثلاثة منها نكاح رجل ، فيقع بينها نكاح ثمانية
رجال . واما الثا ني
فواضح .
وعليه فما
عن الشهيد الثاني ره من الحكم بالتحريم المؤبد في هذه الصورة ،
تمسكا باطلاق ما دل على التحريم كذلك بالتسع للعدة الظاهر في كون
جميعها للعدة
حقيقة ، خرج منه ما إذا كان الثالثة من كل ثلاثة منها سنية بالنص
وبقى الباقي ،
لاوجه له .
] الثامنة : لو طلق احدى الاربع رجعيا لم يجز ان ينكح بدلها
حتى تخرج من
العدة ، ويجوز في البائن . ولو عقد ذو الثلاث على اثنتين
دفعة بطلا ، [
حكم ما لو عقد ذو الثلاث على اثنتين دفعة
( الثامنة
: لو طلقت احدى الاربع رجعيا لم يجز ان ينكح بدلها حتى تخرج
من العدة ويجوز في البائن ) وقد تقدم تفصيل القول في ذلك في ذيل
مسألة حرمة
تزويج ما زاد على الاربع .
( ولو
عقد ذو الثلاث على اثنتين دفعة بطلا ) على المشهور ، وفي الشرايع :
وروى انه يتخير وفي الرواية ضعف . فالكلام في موردين :
الاول : فيما يقتضيه القاعدة مع قطع النظر عن النص الخاص .
الثاني : في الخبر .
اما الاول ، فقد استدل في الجواهر للبطلان باستلزام صحة كل منهما
بطلان
الاخر ولا ترجيح ، وصحة احدهما دون الاخر غير معقولة ، والصحة في
احدى
الامرأتين على جهة الاطلاق الذي مرجعه الى تخيير الزوج في تعيينها
غير مفادهما ،
ولو فرض قصد ذلك فهو غير صحيح ، للاجماع على اعتبار تعيين الزوجة في
عقد
النكاح على وجه التشخيص ، انتهى .
ولكن يمكن البناء على صحة احد العقدين ان كان التزويج بعقدين دفعة ،
كما
لو عقد على احداهما وعقد وكيله على الاخرى ، وصحة العقد على احداهما
ان عقد
عليهما بعقد واحد ثبوتا واثباتا .
اما في مقام الثبوت ، فلان الزوجية ليست من قبيل الاعراض الخارجية كي
تحتاج في تشخيصها الى موضوع شخصي خارجي ، بل هي من الامور الاعتبارية
[ . . . ]
كالملكية ، فكما يصح اعتبار ملكية احد الشيئين أو الاشياء كما في
الوصية ، واعتبار
ملكية الكلي في الذمة أو في المعين كما في الخمس والزكاة ، كذلك يصح
اعتبار زوجية
احدى الامرأتين لا بعينها ، كيف وقد وقع نظيره في الشرع كما فيمن
تزوج الاختين
بعقد واحد ، وكما في من اسلم عن خمس زوجات وغيرهما ، وادل الدليل على
امكان
الشئ وقوعه .
واما في مقام الاثبات ، فلان مقتضى الادلة صحة كل واحد من العقدين
وصحة
العقد على كل منهما ، غاية الامر دل الدليل على عدم جواز تزويج اكثر
من اربع ، ولذ ا
لا يمكن الحكم بصحتهما معا ، وحيث ان الضرورات تتقدر بقدرها ، وان
هذا المحذور
يرتفع بالبناء على بطلان احد العقدين أو العقد على احداهما ، فلا وجه
للبناء على
بطلانهما والا لزم التخصيص بلا وجه ، وحيث ان نسبة الدليل المخصص
اليهما على
حد سواء ، فلا وجه للبناء على بطلان احدهما تعيينا ، فيتعين البناء على
بطلان احدهما
بنحو التخيير وصحة احدهما كذلك .
ولعله الى ذلك نظر المصنف ره في محكي المختلف ، حيث احتج لصحة احدهما
بنحو التخيير بوجود المقتضى وانتفاء المانع ، إذ ليس الا انضمام
العقد على الاخرى
وهو لا يقتضي تحريم المباح ، كما لو جمع بين محرمة عينا ومحللة عينا
في عقد ، وكما لو جمع
بين المحلل والمحرم في البيع ، ولا اثر للاطلاق والتعيين ، إذ في
التعيين تحرم واحدة معينة
فيبطل العقد عليها وتحل اخرى معينة ، وفي الاطلاق تحل واحدة مطلقة
وتحرم اخرى ،
وقد علمهما معا فيدخلان في العقد ، إذ لا وجود للكلي الا في جزئياته
، انتهى .
والايراد عليه كما عن الشهيد الثاني بان كل واحدة صالحة للصحة منفردة
ومنهي عنها مع الانضمام ولا اولوية ، وتعلق العقد بغير معينة غير كاف
في الصحة بل
لابد من تعيينها قبل العقد ، في غير محله ، إذ الفرض تعيين كل منهما
ولا دليل على اعتبار
[ . . . ]
ازيد من ذلك . فالاظهر هو البناء على صحة عقد احداهما ، وكونه مخيرا
في اختيار
ايتهما شاء .
واما النص ، فيمكن ان يكون نظر المحقق الى الخبرين :
احدهما : خبر عنبسة بن مصعب ، قال : سألت ابا عبد الله ( عليه السلام
) عن
رجل كان له ثلاث نسوة ، فتزوج عليهن امرأتين في عقدة ، فدخل على
واحدة منهما ثم
مات ، قال ( عليه السلام ) : ان كان دخل بالمرأة التي بدأ باسمها
وذكرها عند عقدة
النكاح ، فان نكاحها جائز ، ولها الميراث وعليها العدة . وان كان دخل
بالمرأة التي
سميت وذكرت بعد ذكر المرأة الاولي ، فان نكاحها باطل ، ولا ميراث لها
وعليها
العدة ( 1 ) .
ثانيهما : خبر جميل عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل تزوج
خمسا في
عقدة واحدة ، قال ( عليه السلام ) : يخلي سبيل ايتهن شاء ( 2 ) .
فان كان نظره الى الاول فهو لا يدل على التخيير ، وخارج عما هو محل
الكلام ،
وان كان نظره الى الثاني ، فقوله : وفي الرواية ضعف ، في غير محله
لان الخبر صحيح ،
وهو وان كان في تزويج الخمس في عقدة واحدة الا انه يمكن استفادة
الحكم منه في
المقام بالغاء الخصوصية ، وقد تقدم ان الخبر في مورده معمول به عمل
به جماعة -
كالشيخ واتباعه والمصنف في المختلف وغيرهم - وحمله على ارادة الامساك
بعقد جديد
خلاف الظاهر لا وجه للمصير إليه . فالاظهر هو الصحة والتخيير في
اختيار ايتهما
شاء .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث 1 . ( * )
] ولو ترتب بطل الثاني ، وكذا الحكم في الاختين
الثاني : الرضاع ، ويحرم منه ما يحرم بالنسب
[
( ولو ترتب ) العقدان ( بطل الثاني ) بلا خلاف ولا اشكال ، ( وكذا
الحكم في
الاختين ) وقد تقدم في مسألة الجمع بين الاختين تفصيل القول في شقوق
المسألة ،
فراجع .
السبب ( الثاني : الرضاع ) وكونه سببا لتحريم النكاح اجماعي ، بل هو
من
ضروريات المذهب أو الدين ، والكتاب والسنة شاهدان به .
وتنقيح القول فيه بالبحث في مطالب :
الاول : فيما يحرم به ، ( و ) قد طفحت كلماتهم بانه ( يحرم منه ما
يحرم بالنسب )
والنصوص المستفيضة شاهدة به ، لاحظ صحيح العجلي عن الامام الباقر (
عليه
السلام ) - في حديث - : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يحرم
من الرضاع ما
يحرم من النسب ( 1 ) ، ونحوه اخبار داود بن سرحان وابي الصباح
والحلبي ( 2 ) . وصحيح
عبد الله بن سنان عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال سمعته يقول
: يحرم من
الرضاع ما يحرم من القرابة ( 3 ) . ونحوه صحيحه الاخر عنه ( عليه
السلام ) ( 4 ) ، الى غير
تلكم من النصوص الكثيرة . وملخص القول في المقام انما يكون ببيان
امور .
الاول : فيما يستفاد من النبوي الذي رواه الفريقان وما بمضمونه .
اقول : لا اشكال ولا خلاف بين علماء الاسلام في حصول نظائر القرابات
................................................................................
( 1 - 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 - 4 - 3 -
8 .
( 3 - 4 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 - 7 . ( * )
[ . . . ]
الحاصلة بالنسبة والقرابة بالرضاع ايضا ، ونص عليه في الجملة في
الكتاب العزيز ، قال
الله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي ارضعنكم واخواتكم من الرضاعة ) ( 1 ) ،
وتظافرت
النصوص على اثبات النظائر النسبية بالرضاع من الام والبنت والاخت
والعمة
والخالة وما شاكل ، كما لا يخفى على المتتبع . وعلى ذلك فلا اشكال في
حصول القرابا ت
السبع النسبية الاناثية - اي : الامهات ، والبنات ، والاخوات ، وبنات
الاخ ، وبنا ت
الاخت ، والعمات ، والخالات - بسبب الرضاع .
فالقرابة الاولي : وهي الام من الرضاعة ، وهي امرأة ارضعتك ، أو ولدت
من
ارضعتك ، أو ارضعت من ولدتك ، أو ارضعت من ولدك ، فلها سبع شعب :
الاولى : من ارضعتك .
الثانية : الام النسبية للام الرضاعية .
الثالثة : الام الرضاعية للام الرضاعية بلا واسطة ، أو واسطة احدى من
امهاتها
النسبية أو الرضاعية .
الرابعة : الام النسبية للاب الرضاعي .
الخامسة : الام الرضاعية للاب الرضاعي بلا واسطة ، أو بواسطة احدى من
امهاته النسبية أو الرضاعية .
السادسة : الام الرضاعية للام النسبية بلا واسطة ، أو بواسطة احدى من
امهاتها النسبية أو الرضاعية .
السابعة : الام الرضاعية ، للاب النسبي كذلك .
والقرابة الثانية : هي البنات الرضاعية ، وهي كل امرأة ارتضعت من
لبنك ، ولو
................................................................................
( 1 ) سورة النساء آية 24 . ( * )
[ . . . ]
كان المرتضع رجلا فهو ابنه الرضاعي ، وبنات الاولاد وهن بنات بناته
أو بنات ابنائه
بلا واسطة أو مع واسطة أو وسائط . وحيث ان لكل من الابن والبنت قسمين
نسبيا
ورضاعيا ، والبنتية لكل من الاربعة ايضا على قسمين النسبية والرضاعية
، فيحصل
لبنات الاولاد ايضا الشعب الثمان ، ولما كان صدق الرضاعية موقوفا على
توسط
رضاع ، يخرج شعبتان منها وهما شعبة البنت النسبية للبنت النسبية ،
وشعبة البنت
النسبية للاب النسبي ، ويبقى الست الباقية نظير ما مر في الجدات ،
فبضميمة البنت
الرضاعية بلا واسطة تكون سبع شعب .
القرابة الثالثة : هي الاخوات الرضاعية ، وهن بنات ابويه أو احداهما
، ولها
شعب ثلاث : البنات الرضاعية للابوين النسبيين ، والبنات النسبية
للابوين
الرضاعيين ، والبنات الرضاعية للابوين الرضاعيين . ولو كان المرتضع
رجلا فهو اخوه
الرضاعي .
والربعة : بنات الاخ ، وهن بنات اخته من النسب أو الرضاع بلا واسطة
أو
بواسطة أو وسايط . وحيث ان الاخ قسمان ، والبنت ايضا قسمان ، فيحصل
لبنات الاخ
اربع شعب ، يخرج منها شعبة واحدة هي البنت النسبية للاخ النسبي ويبقى
ثلاث
شعب .
والخامسة : بنات الاخت ، يعلم شعبها بالقياس الى بنات الاخ .
السادسة : العمات ، وهن اخوات ابيه . وحيث عرفت ان الاب على قسمين
والاخوات ايضا كذلك ، فيحصل للعمات اربع شعب ، شعبة واحدة نسبية
والثلاث
الباقية رضاعية ، ويدخل في هذه القرابة اخوات ابي ابيه .
والسابعة : الخالات ، وهي اخوات امه ، ويعلم اقسامها وشعبها بالقياس
الى
العمات .
[ . . . ]
فهؤلاء هن القرابات الرضاعية من الاناث ، ويعلم بالقياس اليهن
القرابات
الذكورية للرجال وللنساء ايضا .
الثاني : في انه هل تختص الحرمة الحاصلة بالرضاع بما إذا تحقق احد
تلكم
العناوين المحرمة كما هو المشهور بين الاصحاب ، ام يعم ما إذا حصل
عنوان ملازم
لعنوان محرم كام الاخ من الابوين الملازمة لكونها اما ، فلو ارضعت
امرأة ابنا تحرم هي
على اخيه كما ذهب إليه جمع من المتأخرين كالمحقق الداماد وغيره .
وبعبارة اخرى هل مقتضى عموم الموصول في قوله : يحرم من الرضاع ما
يحرم
من النسب ، هو عموم المنزلة وانه يحرم من جهة الرضاع كل عنوان يحرم
من جهة
النسب ، سواء كان اتصاف ذلك العنوان بالحرمة لذاته أو لملازمته
لعنوان محرم ، ا م
مقتضاه اعتبار اتحاد العنوان الحاصل بالرضاع مع احد العناوين النسبية
المحرمة
لذاته ، مثلا الام محرمة من جهة النسب فإذا حصل بالرضاع نفس هذا
العنوان ثبت
التحريم ، ولو حصل بالرضاع ما يلازمه مثل امومة اخيه لم تحرم ؟ وجهان :
وحيث لا اشكال ، في ان المراد من الموصول ليس هو نفس ما يحرم بالنسب
كما هو واضح فيدور الامر بين ان يراد به خصوص العناوين النسبية
المحرمة شرعا ،
أو الاعم منها ومن العناوين الملازمة لاحد تلكم العناوين ، والقول
بعموم المنزلة يتو قف
على اثبات الثاني ، وغاية ما قيل في وجهه امور .
احدها : ان مقتضى عموم الموصول ان كل عنوان محرم في الانساب إذا حصل
نظيره بسبب الرضاع يكون حكمه حكمه ، فكما ان اخت الاخ النسبي حرام
على
[ . . . ]
الانسان كذلك اخت الاخ الرضاعي ، والتخصيص بخصوص العناوين المحرمة
لذاتها
بلا وجه .
وفيه اولا : ان العناوين الملازمة للعناوين المحرمة بذاتها كاخت الاخ
ليست
محرمة بالنسب ، بل هي ملازمة لعنوان محرم . فان قيل : انها محرمة
بالعرض لا بالذا ت
قلنا : ان ظاهر النسبة هو كون الوصف بحال نفسه ، فقوله ( ما يحرم )
اي العنوان
المتصف بالحرمة ، وتكون الحرمة وصفا له وعارضة عليه نفسه ، فلا يشمل
المحرم
بالعرض .
وثانيا : ان العناوين الملازمة في النسب انما تحرم لاجل ملازمتها
للعناوين
المحرمة وبقيد اتصافها بها ، مثلا اخت الاخ انما تحرم من جهة النسب
بعنوان كونها
اختا له ، وام ولد بنت الشخص تحرم عليه بعنوان كونها بنتا له ، لا
بعنوان كونهما اخت
الاخ وام ولد بنته ، لانه لا نسب بينهما وبين الشخص من حيث هذين
العنوانين ، بل
النسب بينهما وبين اخيه وولد بنته ، فالمحرم في النسب ام ولد البنت
المقيدة بكونها بنتا ،
واخت الاخ المقيدة بكونها اختا . ومن المعلوم ان هذه العناوين
المقيدة لا تحصل بسبب
الرضاع حتى تحرم من جهته كما تحرم بالنسب ، وانما الحاصل به نفس
العناوين غير
المقيدة ، ضرورة ان اخت الاخ الرضاعية لا تصير اختا له ، ومرضعة ولد
بنت الشخص
لا تتصف بالبنتية وان اتصفت بام ولد البنت .
ثانيها ان المراد بالموصول ليس هو العناوين ، بل الاشخاص الخارجية
المعنونة
بالعناوين المحرمة ، وكما ان الشخص الخارجي المعنون بالعنوان المحرم
بالذات انما
يحرم بذاته ، كذلك الشخص الخارجي المعنون بالعنوان الملازم للعنوان
المحرم ، مثلا في
النسب تحرم المرأة الخارجية المعنونة بكونها ام ولد بنت الشخص ، فإذا
حصل نظير ها
في الرضاع كان حكمها حكمها .
[ . . . ]
وهذا الوجه وان سلم عن الايراد الاول الوارد على الوجه الاول ، لكنه
يرد
عليه الايراد الثاني بنحو واضح ، فان الشخص الخارجي لا يحرم بواسطة
تعنونه بعنوان
ملازم لعنوان محرم ، بل لتعنونه بعنوان محرم بذاته ، اضف إليه ان
القضايا الشرعية
ظاهرة في كونها بنحو القضايا الحقيقية لا الخارجية .
ثالثها : ترتيب قياسين تكون النتيجة في احديهما صغرى للاخر ، بان
يقال :
لا شك في ان ام ولد البنت بنت ، وكل بنت حرام ، فينتج ان ام ولد
البنت محرمة من
جهة النسب . وتجعل هذه النتيجة صغرى لكبري اخرى ، وهي كل ما يحرم من
النسب
يحرم من الرضاع ، فيستنتج ان ام ولد البنت تحرم من جهة الرضاع .
وفيه : ما عرفت من منع الكبرى في القياس الثاني ، لان ما يحرم من
النسب
لا بذاته بل لملازمته لعنوان محرم لا يحرم إذا حصل نظيره في الرضاع ،
ولان العناوين
الملازمة للعناوين المحرمة انما تحرم بقيد اتصافها بالعناوين المحرمة
كما مر .
رابعها : صحيح ايوب بن نوح ، قال : كتب علي بن شعيب الى ابي الحسن (
عليه
السلام ) : امرأة ارضعت بعض ولدي ، هل يجوز لي ان اتزوج بعض ولدها ؟
فكتب
( عليه
السلام ) : لا يجوز ذلك ، لان ولدها صارت بمنزلة ولدك ( 1 ) ونحوه صحيح علي بن
مهزيار ( 2 ) . وتقريب الاستدلال به من وجوه :
1.
انه يدل على حرمة اخت ولد
الشخص عليه وهي ليست من العناوين
المحرمة بذاتها ، واما تحرم هي في النسب لكونها بنتا له أو ربيبة ،
فيعلم من ذلك حرمة
العنوان الملازم لعنوان محرم . مع انه إذا انضم الى ذلك قوله صلى
الله عليه وآله : يحرم
من الرضاع ما يحرم من النسب ، تكون النتيجة انه كما تحرم إذا تحقق
احد العناوين
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 14 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
المحرمة بالرضاع ، كذلك تحصل الحرمة إذا تحقق احد العناوين الملازمة
لتلك
العناوين .
2.
انه علل الحرمة بالمنزلة
، فيدل على انها علة للحرمة .
3.
انه نزل ولد المرضعة
منزلة ولد الشخص ، ومقتضى عموم التنزيل ترتب
جميع آثار الولد لمن هو بمنزلته ، فيحرم كل من كان حراما عليه أو على
اولاده واخوا نه
واخواته لو كان اولاد المرضعة اولادا له حقيقة ، لانه كما تحرم عليه
بناتها لانهن صرن
بناتا له ، كذلك يحرمن على جميع
اولاده لانهن صرن اخوات لهم ، ويحرمن على اخوانه
لانهم صاروا اعماما لهن ، هكذا .
ولكن يرد على ما افيد اولا في التقريب الاول : انه قياس لا نقول به .
ولعى ما
افيد ثانيا : ان قوله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع الخ ، لا
مفهوم له كي يدل
على عدم حرمة غير ذلك بالرضاع ، مع انه لو كان دالا على ذلك غايته
الاطلاق فيقيد
اطلاقه بالخبر .
ويرد على الثاني : ان تعليل المنزلة لا يثبت به علية مطلق المنزلة
حتى منزلة غير
الولد ايضا الا باستنباط العلة ، وليس هو الا القياس .
ويرد على الثالث : ان مقتضى عموم التنزيل ترتيب جميع آثار الولد عليه
، واما
حرمتها على اخوانه مثلا فهي ليست من آثار كونها ولدا له ، بل من آثار
كونها بنت
اخ لهم ، وهكذا . مع ان التنزيل في الخبرين ظاهر في كونه بلحاظ
التزويج عليه خاصة ،
ولا اقل من الاجمال فهو المتيقن .
وبما ذكرناه ظهر كيفية الاستدلال لعموم المنزلة بما دل على حرمة نكاح
ابي
المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا وفي اولاد المرضعة ولادة
والجواب عنه ،
وسيأتي لهذا زيادة توضيح ان شاء الله تعالى .
[ . . . ]
فالمتحصل مما ذكرناه ان المستفاد من النبوي المشهور بين الفريقين وما
شابهه
من النصوص ، ان كل عنوان محرم بذاته في النسب إذا حصل نظيره بالرضاع
يوجب
الحرمة ، وفي غير ذلك لا دليل على الحرمة ، والاصل يقتضي الجواز الا
ما خرج بدليل
خاص ، وستأتي موارده . وبعبارة اخرى : كل عنوان له اسم في الانساب
وحكم في السنة
والكتاب بحرمته إذا حصل بالرضاع يحكم بحرمته والا فلا ، الا الموارد
الخارجة
بالدليل من الطرفين .
الثالث : لا يخفى ان العناوين المحرمة قسمان :
الاول : ما يكون تحريمه منتسبا الى النسب وحده ، ويكون النسب كالعلة
التامة لتحريمه ، كالام والاخت والبنت وما شاكل .
الثاني : ما يكون تحريمه مستندا الى العنوان المتحصل من النسب وغيره
كالمصاهرة ، فيكون النسب كجزء العلة للتحريم ، مثل ام الزوجة فان
حرمتها مستندة
الى عنوان المصاهرة المتحصلة من ثبوت الزوجية بين الرجل والمرأة ، وثبوت
النسب
بين المرأة ومرأة اخرى .
لا اشكال في ثبوت الحرمة بالرضاع ان كان العنوان الحاصل من قبيل
القسم
الاول ، وانما الكلام فيما إذا كان من قبيل القسم الثاني ، كما في
الام الرضاعية للز وجة
الحقيقية واختها الرضاعية ، ولا يخفى انه في خصوص ام الزوجة وردت
نصوص وفيها
كلام سيأتي عند تعرض المصنف ره له . فالمشهور بين الاصحاب سببية
الرضاع لنشر
الحرمة في هذا القسم ايضا ، وفي المستند : الحكم بتحريم هذا الصنف
مصرح به في
[ . . . ]
كلمات الاصحاب ، بل ظاهر الكفاية اتفاق الاصحاب عليه ، بل صرح بعضهم
باتفاق
الطائفة عليه ، وصرح آخر بنفي الخلاف ، وفي شرح المفاتيح الاجماع
عليه ، انتهى .
ومع ذلك كله فقد اختار هو قده تبعا للكفاية عدم النشر لولا الاجماع .
يشهد للاول اطلاق قوله صلى الله عليه وآله : ما يحرم من النسب ، فانه
يصح
استناد حرمة ام الزوجة واختها على الزوج الى النسب ، فيقال تحرم ام
الزوجة واختها
على الزوج لاجل النسب الذي بينهما وبين زوجته ، ويؤيده الاجماع
والنصوص الاتية
الواردة في خصوص ام الزوجة بضميمة الاجماع المركب .
وقد استدل للقول الاخر بوجوه :
الاول : انه قد اشتهر بينهم على وجه لم يشك احد فيه ان المحرم من جهة
المصاهرة لا يحرم من جهة الرضاع ، فلو ارضعت امرأة ولد رجل لا تحرم
ام المرضعة على
الرجل من حيث انها جدة ولده لامه الرضاعية ، وليس ذلك الا من جهة عدم
قيام
الرضاع مقام المصاهرة ، فلا تصير المرضعة بمنزلة الزوجة حتى تصير
امها ام الزوجة ،
وعليه ففي المقام حيث ان تحريم الزوجة على الزوج من جهة المصاهرة فلا
تحرم من
جهة الرضاع .
وفيه : ان الذي يحصل في المقام بالرضاع هو العنوان النسبي وهي
الامومة ، واما
عنوان المصاهرة وهي الزوجية فهي وجدانية حقيقية ، فدليل التنزيل ينزل
الام
الرضاعية منزلة الام النسبية ، وهذا بخلاف المثال المذكور ، فان
العنوان النسبي
حقيقي ، وعنوان المصاهرة تنزيلي متوقف على تنزيل مرضعة الولد منزلة
الزوجة ، واد لة
التنزيل لا تصلح لذلك ، وعلى الجملة بدليل التنزيل ينزل الام
الرضاعية منزلة الام
النسبية ، لقيام الرضاع مقام النسب في اناطة التحريم به فتحرم لذلك .
الثاني : ان الظاهر من دليل التنزيل ترتيب آثار العنوان النسبي على
العنوان
[ . . . ]
الرضاعي ، فإذا كان الاثر للعنوان النسبي مع المصاهرة فلا يشمله ادلة
التنزيل .
وفيه : انه حيث لا مانع من تنزيل جزء الموضوع إذا كان الجزء الاخر
محرزا
بالوجدان أو بتنزيل آخر ، والمفروض في المقام احراز عنوان المصاهرة
وجدانا ، فلا مانع
من تنزيل الرضاع منزلة النسب الذي هو جزء الموضوع ، ومقتضى اطلاق
الدليل
ذلك .
الثالث : ان المراد بلفظ ( النسب ) في النبوي هو النسب الحاصل بين
المحرم
والمحرم عليه على حد قولهم سبب التحريم . اما نسب أو رضاع أو مصاهرة
، والنسب
في المقام بين شخصين آخرين .
وفيه : انه تقييد للمطلق من غير تقييد ، بل المراد به هو مطلق النسب
الموجب
للتحريم ، سواء كان بين نفس المحرم والمحرم عليه ام بين احدهما وزوج
الاخر أو
غيره - مثل الغلام الموطوء - ولهذا يصح التمسك بالنبوي في تحريم
مرضعة الغلام
الموقب واخته وبنته الرضاعيتين على الموقب .
الرابع : ان التحريم في غير المحرمات النسبية السبع ليس من جهة النسب ،
بل هو مستند الى المصاهرة ، حيث ان الشئ يستند عرفا الى الجزء الاخير
من العلة
التامة ، ففي المقام تكون الحرمة مستندة الى الزوجية ، فلا يعمها دليل تنزيل
الرضا ع
منزلة النسب .
وفيه : ان التحريم في الكتاب والسنة لم يتعلق بعلاقة المصاهرة التي
بينها وبين
الزوج ، وانما علق على الرابطة النسبية التي بينها وبين زوجة الزوج
وهي الامومة وما
شاكل ، فحرمة ام الزوجة على الزوج انما هي من جهة النسب الحاصل بين
المحرم
وزوجة المحرم عليه ، فإذا ورد الدليل على حرمة ام الزوجة نقول ان
التحريم تعلق با لمرأة
المتصفة بالامومة للزوجة ، وهي رابطة نسبية علق عليها التحريم ، فإذا
حصل نظيرها
[ . . . ]
بالرضاع تحصل الحرمة للنبوي . وبالجملة فكما يصدق على ام الرجل انها
محرمة عليه
من جهة النسب ، فكذلك يصدق على ام زوجته انها محرمة عليه من جهة
النسب ، لانها
حرمت عليه من جهة كونها اما لزوجته ، فالموضوع في كل منهما هي الام ،
الا انه في
الاول ام المحرم عليه ، وفي الثاني ام زوجته .
فتحصل مما ذكرناه ضعف استشكال صاحب الكفاية والمحقق النراقي في نشر
الحرمة في هذا القسم من العناوين المحرمة .
المطلب الثاني : يعتبر في انتشار الحرمة بالرضاع امور بلا خلاف فيه
في الجملة ،
وان وقع الخلاف في بعض تلك الامور ، وقبل التعرض لها ينبغي تأسيس
الاصل ليكون
هو المستند مع عدم الدليل على اعتبار امر ، وبعبارة اخرى يستند إليه
في صورة الشك
في دخل شئ في نشر الحرمة مع عدم الدليل عليه .
والحق ان يقال : ان مقتضى اطلاق قوله صلى الله عليه وآله : يحرم من
الرضاع
ما يحرم من النسب ، هو عدم دخل شئ من القيود ، فكل ما دل الدليل على
اعتباره
يقيد به اطلاق النبوي ، وما لم يدل عليه دليل يدفع احتمال دخله
بالاطلاق . ودعوى
انه انما يكون مسوقا لبيان ان الرضاع كالنسب في السببية لنشر الحرمة
، واما ان
السبب منه ماه فليس بصدد بيانه كي يؤخذ باطلاقه كما عن المحقق اليزدي
، مندفعة
بانه في مقام بيان السبب منه ، وان الرضاع بما هو رضاع سبب ، فكل ما
دل على دخله
فيه يقيد اطلاقه به ويبقى الباقي .
والشاهد على ذلك - مضافا الى ظهوره ولا اقل من الشك ، ومقتضى القاعدة
] إذا كان عن نكاح [
هو البناء على كونه في مقام البيان - النصوص الواردة في تفسيره
وتطبيقه على موار ده ،
لاحظ صحيح العجلي - في حديث - قال : سألت ابا جعفر ( عليه السلام )
عن قول
رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ،
فسر لي ذلك ؟
فقال ( عليه السلام ) : كل امرأة ارضعت من لبن فحلها ولد امرأة اخرى
من جارية
أو غلام ، فذلك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث ( 1 )
. ويمكن الاستد لال
له باطلاق هذا الصحيح وما شاكله ايضا .
وعلى هذا فمقتضى الاصل اللفظي عدم دخل قيد شك في دخله مع عدم
الدليل عليه . نعم ، لو لم يكن الاطلاق كان مقتضى الاصل العملي عدم
وجود سبب
التحريم المانع عن تأثير عقد النكاح حدوثا وبقائا بدون ذلك القيد ،
إذا عرفت هذا ، فاعلم ان للرضاع الشرعي الموجب للتحريم شروطا :
الاول : انما يحرم الرضاع ( إذا كان ) حاصلا ( عن ) وطء صحيح شرعي ب
( نكاح
) دوام أو متعة أو تحليل أو ملك يمين .
فلو كان عن وطء زنا لا ينشر الحرمة اجماعا بقسميه كما في الجواهر ،
اجماعا
محققا ومحكيا في السرائر والتذكرة وشرحي القواعد للمحقق الثاني
والهندي وشرح
النافع للسيد والمفاتيح وشرحه وظاهر المسالك والكفاية وغير ذلك ، كما
في المستند .
وكذا لا ينشر لو در من الامرأة من دون نكاح فضلا عن غيرها من الذكر
والبهيمة ،
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه ، كذا في الجواهر . وفي
نكاح الشبهة تردد
كما عن السرائر ، وان كان المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة تنزيله على
الوطء
بالعقد الصحيح . فالكلام في موارد :
1.
ما لو كان اللبن عن وطء
زنا . فقد استدل لعدم النشر الشيخ الاعظم ره
بانصراف اطلاقات التحريم بالرضاع الى غير ذلك ، وبصحيح ابن سنان عن
الامام
الصادق ( عليه السلام ) عن لبن الفحل ، قال : هو ما ارضعت امرأتك من
لبنك ولبن
ولدك ولد امرأة اخرى لا من حرام ( 1 ) ونحوه حسنه بابراهيم بن هاشم (
2 ) .
ولكن الانصراف ممنوع . والاستدلال بالصحيح ان كان بما نقله في ذيله
بقوله
( لا من
حرام ) فيرد عليه : ان الموجود في كتب الحديث ( فهو حرام ) بدل ذلك . وان
كان بقوله ( ما ارضعت امرأتك ) الخ كما استدل به غيره ، فيرد عليه :
انه في مقا م تفسير
لبن الفحل الموجب للحرمة عليه ، ولا يدل على حصر الرضاع الموجب لنشر
الحرمة
بذلك ، بل قوله ( عليه السلام ) في خبر محمد بن عبيدة الهمداني عن
الامام الرضا
( عليه
السلام ) : فما بال الرضاع يحرم من قبل الفحل ولا يحرم من قبل الامهات ، وانما
الرضاع من قبل الامهات وان كان لبن الفحل ايضا يحرم ( 3 ) ومثله
العلوي ( 4 ) يؤكد عد م
المفهوم له من هذه الجهة .
واما الايراد عليه بانه لا يعتبر كون المرضعة زوجة لصاحب اللبن ، بل
يكفي
كونها مملوكة أو متعة مع عدم تبادرهما من لفظ ( امرأتك ) فيمكن
الجواب عنه بانه
يلتزم فيهما بالتخصيص للدليل .
................................................................................
( 1 - 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .
( 3 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .
( 4 ) المستدرك باب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
وربما يستدل له بصحيح بريد العجلي عن الامام الباقر ( عليه السلام )
الوارد
في تفسير النبوي : كل امرأة ارضعت من لبن فحلها ولد امرأة اخرى من
جاريد أو
غلام ، فذلك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله . وكل امرأة
ارضعت من لبن
فحلين كانا له واحدا بعد واحد من جارية أو غلام ، فان ذلك رضاع ليس
بالرضاع
الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من
النسب ، وانما
هو من نسب ناحية الصهر رضاع ولا يحرم شيئا ، وليس هو سبب رضاع من
ناحية لبن
الفحولة فيحرم ( 1 ) .
وفيه : انه يدل على ان الرضاع الواحد من لبن فحلين لا يحرم ، وعلى ان
العبرة
في الاخوة بالرضاع بالاخوة من قبل الاب الرضاعي وهو الفحل ولا عبرة
بالام
الرضاعي ، وسيأتي تحقيق الكلام في الفرعين .
فالاولى الاستدلال له كما في الجواهر بخبر دعائم الاسلام عن جعفر بن
محمد
عليهما السلام ، انه قال : لبن الحرام لا يحرم الحلال ، ومثل ذلك
امرأة ارضعت بلبن
زوجها ثم ارضعت بلبن فجور ، قال : ومن ارضع من فجور بلبن صبية لم
يحرم من
نكاحها ، لان اللبن الحرام لا يحرم الحلال ( 2 ) المنجبر ضعفه بالعمل
، والمعتضد بالاجماع ،
والمؤيد بما تقدم وبعدم تحقق النسب بالزنا .
2.
لو در اللبن من المرأة من
دون نكاح . يشهد لعدم نشر الحرمة به موثق
يونس بن يعقوب
عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن امرأة در لبنها من
غير ولادة ، فارضعت جارية وغلاما من ذلك اللبن ، هل يحرم بذلك اللبن
ما يحرم من
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 2 ) المستدرك باب 11 من ابواب ما يحرم بالرضاع . ( * )
[ . . . ]
الرضاع ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ( 1 ) .
وخبر يعقوب بن شعيب ، قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : امرأة در
لبنها من
غير ولادة فارضعت ذكرانا واناثا ، ايحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع ؟
فقال لي : لا ( 2 ) .
3.
ما لو كان اللبن عن وطء
الشبهة . وقد عرفت ان المشهور بين الاصحاب
الحاقه في النشر بالنكاح واخويه ، وعن الحلي الجزم بعدم النشر ،
وتردد سيد المدار ك
فيه ، واستحسنه الشيخ الاعظم الا انه قوى اخيرا ما هو المشهور .
ولا يخفى انه على ما ذكرناه في المورد الاول يكون الحاقه بالنكاح
واضح ،
لاطلاق دليل محرمية الرضاع ، وما دل على خروج المورد الاول والثاني
مختص بهما
لا يشمل المقام ، اضف الى ذلك كون وطء الشبهة ملحقا بالنكاح في النسب
فانه يؤيد
ذلك .
واما على ما سلكه الشيخ الاعظم فقد اشكل عليه الامر ، فان مقتضى صحيح
ابن سنان وحسنه - على فرض الدلالة على عدم بالزنا كما استدل بهما له
- عدم
النشر في وطء الشبهة ايضا ، ولذلك ادعى ره ان دلالة المطلقات على
الاطلاق اقوى
من دلالة المقيد على الاختصاص ، وانه لابد من حمل ما فيهما من تخصيص
اللبن بالمرأة
على التمثيل بالفرد الغالب ، للاتفاق على النشر بالارتضاع من
المملوكة والمحللة ،
فلا مقيد لاطلاق الادلة .
ولكن يرد على ما افاده اولا : ان دلالة المطلق على حكم فرد ان كانت
بنحو
النصوصية ، يصلح المطلق لمعارضة المقيد الدال على حكم ذلك الفرد ،
والا فيقدم المقيد
على المطلق مطلقا ، وضروري ان نصوص محرمية الرضاع ليست نصا في حصول
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
الحرمة بوطء الشبهة .
ويرد على ما افاده ثانيا : ان الاتفاق على النشر بالارتضاع من
المملوكة
والمحللة بضميمة ما فيهما من النص يقيد الخبرين على فرض ظهورهما في
اعتبار كون
المرضعة امرأته ، ولا يصلح قرينة لحمل القيد على الغالب ، مع انه على
هذا لا يبقى له
دليل على عدم النشر بالزنا سوى الاجماع المعلوم مدركه . فالصحيح ما ذكرناه .
4.
المستفاد من النصوص
المتقدمة سيما موثق يونس وخبر يعقوب اعتبار
حصول اللبن من الحمل ، فلو در اللبن عن الخالية عنه وان كانت منكوحة
نكاحا
صحيحا لا ينشر الحرمة ، كما هو المشهور شهرة عظيمة ، وعن التذكرة وفي
المستند وعن
غيرهما دعوى الاجماع عليه . انما الخلاف في موارد :
الاول : انه إذا حصل الحمل لا من الوطء ، كما لو حملت المرأة من ماء
زوجها
السابق الى فرجها من غير دخول ثم ولدت ، فهل تنتشر الحرمة كما هو
مقتضى اطلاق
الاخبار ، ام لا تنتشر كما هو ظاهر الاصحاب حيث اعتبروا الوطء في
ترتب حكم
الرضاع ، وصريح المحكي عن ثاني الشهيدين حيث اعتبر الدخول ؟ وجهان ،
اظهرهما الاول ، فالمدار على تكون الولد من مائه على وجه ينسب إليه
الولد الذي
يتبعه اللبن ، ولا يبعد ان يكون تعبير الاصحاب بالوطء باعتبار الغلبة
، لا ان المرا د
اشتراط ذلك على وجه يخرج به الفرض .
الثاني : انه هلى يعتبر انفصال الولد ، كما في الجواهر وعن الخلاف
والغنية
والسرائر والتذكرة والتحرير والنهاية وشرح القواعد للمحقق الثاني
وشرح النافع
[ . . . ]
للسيد ، بل قيل انه الاشهر بل عن الثلاثة الاول الاجماع عليه ، ام
يكفي الحمل كما
عن موضع من المبسوط والمحقق والقواعد والمسالك والروضة واختاره الشيخ
الاعظم ؟
وجهان ، مقتضى اطلاق النصوص الدالة على اناطة الحرمة بلبن الفحل -
كصحيح
بريد المتقدم ( 1 ) وصحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام )
عن الرجل يرضع
من امرأة وهو غلام ، ايحل له ان يتزوج اختها لامها من الرضاعة ؟ فقال
( عليه
السلام ) : ان كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد
فلا يحل ( 2 ) .
ونحوهما غيرهما - هو الثاني ، وكذا مقتضى اطلاق ادلة محرمية الرضاع .
وقد استدل للول بقوله ( عليه السلام ) في صحيح ابن سنان المتقدم : ما
ارضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك ، بدعوى عدم صدق الولد مضافا الى
الاب على
الحمل . وبموثق يونس وخبر يعقوب المتقدمين ، الدالين على ان در اللبن
من غير ولا دة
لا يوجب النشر ، وهما اخصان من المطلقات فتقيد بهما . وما عن المحقق
اليزدي من
الجواب عنهما بانهما يعارضان مع المطلقات المتقدمة ، حيث انها
لورودها في مقام التخيير
وبيان الحد تكون كالنص الصريح في الاطلاق ، بل يوجب انعقاد الاطلاق .
ولكن يرد على الوجه الاول : ان الولد يصدق على الحمل ، مع ان وجود
الولد
بالفعل لا يعتبر في اضافة
اللبن إليه ، ولذا لو مات الولد فارضعت امه يوجب ذلك نشر
الحرمة .
ويرد على الثاني : انه ليس فيهما ان در اللبن قبل الولادة لا يوجب
النشر ، بل
در اللبن من غير ولادة ، الظاهر ارادة الدر من غير ولادة رأسا حتى في
المستقبل بان
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
يكون الدر لا عن حمل ، فلا ينهضان لتقييد المطلقات . فالاظهر هو الاكتفاء
بالحمل .
الثالث : لو در اللبن قبل الحمل ، واستمر ذلك الى ما بعد الحمل ، فهل يكفي
ذلك في نشر الحرمة ، نظرا الى صدق كون اللبن عن الحمل ، وان المسبب
يضاف الى
اقوى السببين ، ام لا من جهة انه انما يصدق كون اللبن دارا بنفسه وعن
الحمل
ويكون منتسبا اليهما ، ويكون كل منهما جزء العلة ، لو لم نقل بان
الاصل عدم حدوث
اللبن عن الحمل وانه استمرار لما كان قبله ، وبه يظهر ما في الوجه
الثاني ؟ وجهان ،
اقواهما الثاني .
الرابع : ان اللبن الموجود بعد السقط ، هل حكمه حكم اللبن بعد
الولادة ام
لا ؟ الظاهر هو الفرق بين كون الساقط تام الخلقة وقد ولج فيه الروح
وبين عدم كونه
كذلك . فان كان من قبيل الاول
حيث انه يصدق عليه الولد وعلى وضعه الولادة
فحكمه حكم اللبن بعد الولادة ، وان كان من قبيل الثاني فلا يترتب
عليه حكمه . نعم ،
فيما إذا تمت خلقته ولم يولجه الروح اشكال .
الخامس : لا يعتبر بقاء المرأة على الحبالة ، فلو طلقها أو مات عنها
وهي حامل
منه فارضعت من لبنه ولدا ينشر الحرمة ، في العدة ام بعدها ، طال
الزمان ام قصر ،
تزوجت بغيره ام لا .
ولو استمر اللبن من الاول الى بعد التزويج من الثاني والحمل منه ،
فهل اللبن
للثاني أو الاول . أولهما ؟ وجوه ، لا يبعد اظهرية الثاني ،
للاستصحاب . وربما يقدر بمضي
اربعين يوما من الحمل ، فيكون اللبن حينئذ للثاني فينتشر الحرمة له .
ولو استمر ا لى
زمان الوضع ، فما قبل الوضع للاول ، وما بعده للثاني ، لاجماع اهل
العلم كما قيل ، وكفى
به مستندا .
[ . . . ]
الشرط الثاني : الكمية ، اي بلوغ الرضاع حدا خاصا ، فان المشهور بين
الاصحاب بل لا خلاف فيه انه لا يكفي مسمى الرضاع ومطلقه في نشر
الحرمة ، وفي
الجواهر : اجماعا بقسميه ونصوصا مستفيضة أو متواترة وفي المستند :
وهو مجمع عليه بين
الطائفة اجماعا محققا ومحكيا مستفيضا . وخالف في المسألة بعض العامة
فاكتفى
بالمسمى ، وادعى ان عليه اجماع اهل العلم ، ووافقه من اصحابنا ابن
الجنيد والمصري
في الدعائم .
ويشهد لعدم كفاية المسمى نصوص كثيرة يأتي اكثرها في المباحث الاتية
عند
بيان التقديرات .
وبازائها نصوص ، كصحيح علي بن مهزيار عن ابي الحسن ( عليه السلام )
انه
كتب إليه يسأله : عما يحرم من الرضاع ؟ فكتب ( عليه السلام ) : قليله
وكثيره حرا م ( 1 )
والعلوي : يحرم من الرضاع قليله وكثيره ، المصة الواحدة تحرم ( 2 )
ونحوه العلويان
الاخران ( 3 ) .
وخبر زيد بن علي عن آبائه عن الامام علي عليهم السلام : الرضعة
الواحدة
كالمائة رضعة لا تحل له ابدا ( 4 ) .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 10 .
( 2 ) المستدرك باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .
( 3 ) المستدرك باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .
( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 12 .
] يوما وليلة ، [
ولكن يرد عليها اولا : ان غير الاول منها ضعيف السند ، والاول مجمل
إذ المسئول عنه فيه غير معلوم ، ولعله تحريم اصل الارتفاع كما بعد
الفطام .
وثانيا : ان الاصحاب اعرضوا عنها .
وثالثا : انها معارضة مع ما هو اكثر عددا واصح سندا واشهر عملا وفتوى
ورواية ،
فلا ينبغي التوقف في عدم كفاية المسمى .
ثم ان اصحابنا قدروا المقدار الخاص الذي اعتبروه بثلاثة تقديرات :
الاثر ،
والعدد ، والزمان . خلافا للمحكي عن المفيد وسلار فخصا الحكم بالعدد
، وللصدوق
حيث قصره فيما حكى من هدايته على الزمان والمقنع على الاثر ، وللمحكي
عن ابن
سعيد من تخصيص التأثير بما عدا الاثر .
احدها : التقدير بالزمان ، والمعروف بينهم اعتبار كون الرضاع ( يوما
وليلة ) ،
وعن ظاهر التبيان ومجمع البيان والغنية والايضاح وغيرها عدم الخلاف
فيه ، وعن
الخلاف دعوى الاجماع عليه ، وعن التذكرة نسبته الى علمائنا ، وعن كشف
اللثام
الاتفاق عليه .
وبذلك يظهر ما في فقه الرضا : والحد الذي يحرم به الرضاع مما عليه
عمل العصابة ، دون كل ما روى فانه مختلف ، ما انبت اللحم وقوى العظم
، وهو رضاع
ثلاثة ايام متواليات وعشرة رضعات ، الخ ( 1 ) لانه لم يعرف ولا حكى
عن احد من
................................................................................
( 1 ) المستدرك باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
عصابة الحق العمل بذلك ، بل لا يوجد رواية ولو شاذة توافقه مع كثرة اخبار الباب .
ولنعم ما افاده فقيه الامة صاحب الجواهر ره : ان هذا احد المقامات
التي تشهد بعد م
صحة نسبة هذا الكتاب ، مضافا الى ما اشتمل عليه مما لا يليق بمنصب
الامامة ، ومما
هو مخالف للمتواتر عن الائمة ، أو ما ثبت بطلانه باجماع الامامية بل
الامة ، انتهى .
واما نصوص الباب فهي مختلفة :
فمنها : ما يدل على المشهور ، وهو موثق زياد بن سوقة ، قال قلت لابي
جعفر
( عليه
السلام ) : هل للرضاع حد يؤخذ به ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا يحرم الرضاع اقل
من يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل
واحد ،
لم يفصل بينهما رضعة امرأة غيرها . فلو ان امرأة ارضعت غلاما أو
جارية عشر رضعات
من لبن فحل واحد ، وارضعتهما امرأة اخرى من فحل آخر عشر رضعات ، لم
يحرم
نكاحهما ( 1 ) .
والايراد عليه تارة بضعف السند ، واخرى بما في المستند من ان دلالته
بمفهوم
الوصف الذي في اعتباره نظر ، وثالثة بمعارضته بما دل على حصر الرضاع
المحرم فيما
انبت اللحم وشد العظم الاتي ، في غير محله ، إذ ليس في سنده من يتوقف
فيه سوى
عمار الذي نقل الشيخ عمل الاصحاب برواياته ووثقه الرجاليون ، مع ان
في السند
ابن محبوب وهو من اصحاب الاجماع ، اضف الى ذلك عمل الاصحاب به ،
ودلالته
على الاكتفاء برضاع يوم وليلة ليست بمفهوم الوصف لو ردوه في مقام
التحديد
فلا اشكال في ثبوت المفهوم له ، ومعارضته بما دل على الحصر غير ظاهرة
لفقد العلم بعدم
كونه منه ، ولو فرض صورة علم بذلك ستعرف حكمها .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
ومنها : ما يدل على ان المدار على الرضاع خمسة عشر يوما ولياليهن ،
وهو
مرسل الصدوق في الهداية ، قال النبي صلى الله عليه وآله : يحرم من
الرضاع ما يحرم
من النسب ، ولا يحرم من الرضاع خمسة عشر يوما ولياليهن ، ليس بينهن
رضاع ( 1 ) . وفي المستدرك : الاقوى ما دل عليه خبر الهداية وعليه
المعظم ، ويمكن ا ن
يكون ذلك كلام صاحب غوالي اللئالي .
ومرسل المقنع : وروى لا يحرم من الرضاع الارضاع خمسة عشر يوما
ولياليهن ،
ليس بينهن رضاع ، وبه كان يفتي شيخنا محمد بن الحسن ( 2 ) لكن صاحب
الجواهر ره
لم يجده في المقنع ، بل وجد فيه : وسئل الامام الصادق ( عليه السلام
) هل لذلك حد ؟
فقال ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضاع الارضاع يوم وليلة ، أو
خمس عشرة رضعة
متواليات لا يفصل بينهن ( 3 )
ومنها : ما يدل على التقدير بسنة ، كصحيح العلا بن رزين عن ابي عبد
الله
( عليه
السلام ) ، قال : سألته عن الرضاع ، فقال ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضا ع
الا ما ارتضع من ثدي واحد سنة ( 4 ) . ومرسل المقنع : وروي لا يحرم
من الرضاع الا ما
ارتضع من ثدي واحد سنة ( 5 ) .
ومنها : ما يدل على اعتبار الحولين ، كخبر الحلبي عن ابي عبد الله (
عليه
السلام ) : لا يحرم من الرضاع الا ما كان حولين كاملين ( 6 ) ونحوه
خبر زرارة وعبيد بن
................................................................................
( 1 ) المستدرك باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من
ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 15 .
( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 14 .
( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 13 .
( 5 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 17 .
( 6 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 10 . ( * )
[ . . . ]
زرارة ( 1 ) .
اما ما رواه الصدوق - قده من الطائفة الثانية فهو وان كان واجد
الشرائط
الحجية لنسبة ذلك الى النبي صلى الله عليه وآله جزما ، الا انه من
المحتمل انقطاع
الحديث على ( النسب ) ويكون الباقي فتوى الصدوق ، ويؤيده ان المروي
عن النبي
صلى الله عليه وآله متواترا الجملة الاولى خاصة . ومرسل المقنع منها
ضعيف للارسال ،
وقد مر انكار صاحب الجواهر ره وجوده .
واما الطائفة الثالثة فلم يوجد عامل بها ويتعين طرحها لذلك ، وقد صحف
بعض متأخري المتأخرين ما فيها من كلمة ( سنة ) بالضم والتشديد أو
بالكسر مع
الاضافة الى ضمير الارتضاع على ان المراد الرضاع في الحولين الذين
هما سن
الرضاع والسنة فيه .
واما الطائفة الرابعة وان مال بعض متأخري المتأخرين الى مضمونها
لتعدد
رواياتها وتأيدها بالاصل والمخالفة لمذاهب الجمهور ، فقابلة للحمل
على ارادة الظر فية
من الحولين ، ولا ينافيه وصف الكاملين ، بل يتعين ذلك بعد فرض
مخالفتها لاجماع
المسلمين ، وفي الجواهر : بل يمكن ان يكون مخالفا للضرورة من الدين ،
وبعده عن
التقديرين الاخرين .
اضف الى جميع ذلك ان هذه الطوائف معارضة مع الطائفة الاولى المعمول
بها
بين الاصحاب فهي تقدم عند التعارض ، لو لم تكن هذه ساقطة عن الحجية
بانفسها
بالاعراض . فالمتحصل ان الميزان هو رضاع يوم وليلة .
وينبغي التنبيه على امور :
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 8 . ( * )
[ . . . ]
الاول : ان المشهور بين الاصحاب في هذا التقدير انه ينشر الحرمة
مطلقا ، وعن
المبسوط والنهاية والتذكرة انه يشترط عدم انضباط العدد ، ويعلم من
ذلك ان الشيخ
والمصنف يرون ان هذا التحديد لوحظ فيه الوسط ، فانه - كما اعترف به
الشهيد
الثاني - يأتي على العدد تقريبا ، فيكون تحقيقا في تقريب كما هو عادة
الشارع في ضبط
قوانين الشرع في مقامات عديدة . وتظهر الثمرة لو نقص العدد في اليوم
والليلة كا ن
رضع فيهما سبعة أو ثمانية ، فينشر على المشهور ، ولا ينشر على ما
ذهبا إليه . ولكن الاول
اظهر ، لاطلاق الموثق والفتوى ، سيما مع معلومية اختلاف الاطفال في
ذلك اختلافا
بينا .
الثاني : انه هل يعتبر ابتداء الرضاع في ابتداء اليوم وانتهائه في
آخر الليلة أو
العكس ، ام يكفي الملفق لو ابتدأ في اثناء احدهما ؟ قولان ، فعن
الروضة اعتبار وقوع
اول الرضاع في اول اليوم ، واستظهر سيد الرياض عدم الاكتفاء بالملفق
، وقواه في
المستند ، واحتمله في الجواهر .
والاقوى هو الثاني ، لان الظاهر من التحديد باليوم والليلة ارادة
مقدارهما ، الا
ترى انه يقال لمن سار مقدار اليوم والليلة بحسب الزمان انه سار يوما
وليلة ، ولذ ا
يحمل على ذلك في الازمنة المأخوذة موضوعات للاحكام الشرعية ، -
كاقامة عشر ايام ،
ومسير يوم ، واكثر ايام الحيض واقلها ، وما شاكل - والى هذا نظر
الشيخ الاعظم ره
حيث قال : لصدق رضاع يوم وليلة عرفا على رضاع الملفق .
واستدل للقول الاخر بمنع صدق القيد المأخوذ في الرواية على صورة
التلفيق ،
ويكون غيرها هو المتقين منه ، فيجب الاقتصار عليه في مخالفة الاصل .
ولكن يندفع
الاول بما مر ، والثاني بانه لاوجه للاقتصار على المتيقن مع وجود
الاطلاق .
الثالث : انه هل يعتبر في رضاع هذا الزمان حال متعارف اوساط الاطفال
، أو
[ . . . ]
حال شخص ذلك الرضيع ؟ وجهان - وتظهر الثمرة فيما إذا كان الطفل عرضه
ما
يحتاج معه الى الاقل مما يحتاج إليه الصحيح ، أو كان مريضا يحتاج الى
ازيد مما يحتاج
إليه الصحيح كغلبة القئ عليه لعارض - اقواهما الثاني ، لاطلاق
الرواية وظاهرها .
وعلى القول بان هذا التقدير من قبيل التحقيق في التقريب الاول اظهر ،
ولكنه عرفت
فساده ومخالفته لظاهر دليل التحديد .
الرابع : ان مقتضى الطلاق الموثق هو الاكتفاء بما هو المتعارف من
الرضاع في
اليوم والليلة ، فلا يعتبر اكمال الرضعة في كل مرة ، بل يكفي الاكمال
بمرة اخرى . فلو
ارتضع الصبي بعض الرضعة ، واشتغل بلعب ونحوه حتى تحقق الفصل الطويل ،
ثم
ارتضع رضعة كاملة لم يقدح وكفى .
وعن كشف اللثام وفي المستند اعتبار الاكمال في كل رضعة ، بدعوى انه
المتبادر
من رضاع يوم وليلة بل هو معناه . ولكنه غير تام في جميع الافراد ،
كما في المثال ا لمذكور
وما شابهه .
الرابع : إذا تخلل بين رضعاته يسير من الطعام ، بحيث لا تغنيه عن شرب
ما
اعتاده من اللبن ، هل تكفي تلك الرضعات في نشر الحرمة كما صرح به بعض
المحققين
ام لا ؟ وجهان .
وفي رسالة الشيخ الاعظم ره : ويشكل فيما اعتاده من يسير من طعام بحيث
لا يغنيه عما اعتاد شريه من اللبن ، انتهى .
ومنشأ الاشكال اما عدم صدق رضاع يوم وليلة بدعوى ان الظاهر منه هو
كون تغذية الطفل في تمام هذه المدة باللبن ، أو قوله ( عليه السلام )
في الموثق
( متواليات
) بدعوى رجوعه الى الجملتين . ويندفع الاول بان الظاهر منه هو الرضاع
في تلك المدة بما هو المتعارف في رضاع الطفل ، فلا يقدح اليسير من
الطعام . ويند فع
] أو ما انبت اللحم وشد العظم ، [
الثاني بان الظاهر من القيد بقرينة الجمع هو الرجوع الى الجملة
الثانية كما لا يخفى .
فالاظهر هو الاكتفاء بها ، واولى من ذلك ما لو شرب الماء للعطش ،
وكذا لو اكل أو
شرب الدواء .
الثاني : التقدير بالاثر ، قال قده ( أو ما انبت اللحم وشد العظم ) .
وحصول
النشر مع تحقق هذا الاثر مما لا خلاف فيه بين علماء الاسلام كما في
رسالة الشيخ
الاعظم ره ، واعتباره متفق عليه ، بل صرح جماعة بالاجماع عليه ، وفي
الايضاح : ان
عليه اجماع علماء الاسلام . ويشهد به نصوص كثيرة ، كصحيح عبد الله بن
سنان عن
الصادق ( عليه السلام ) ، قال : لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم
وشد العظم ( 1 ) .
وحسن ابن ابي عمير - أو صحيحه - عن زياد القندي عن عبد الله بن سنان
عن ابي الحسن ( عليه السلام ) ، قال قلت : يحرم من الرضاع الرضعة
والرضعتان
والثلاثة ، قال ( عليه السلام ) : لا ، الا ما اشتد عليه العظم ونبت
اللحم ( 2 ) .
وصحيح علي بن رئاب عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال قلت : ما
يحرم من
الرضاع ؟ قال : ما انبت اللحم وشد العظم . قلت : فيحرم عشر رضعات ؟
قال ( عليه
السلام ) : لا ، لانه لا تنبت اللحم ولا تشد العظم عشر رضعات ( 3 )
ونحوها غيرها .
وتمام الكلام بالتعرض لامور :
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 23 .
( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
1.
قد وقع التحديد في غير
واحد من النصوص بانبات اللحم والدم ،
كمصحح حماد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضاع
الا ما انبت
اللحم والدم ( 1 ) وصحيح عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله ( عليه
السلام ) عن الرضاع ،
ما ادنى ما يحرم منه ؟ قال : ما انبت اللحم والدم ( 2 ) .
وفي كشف اللثام : ان المراد بالدم فيهما الغريزي وهو الذي ينسب إليه
الانبات ، لا الذي يستحيل إليه الغذاء في الكبد قبل الانتشار منه الى
الاعضاء ،
انتهى . وعلى ذلك فلا يبعد تلازم التقديرين ، ويؤيده عدم تعرض
الاصحاب لتحقق
الحكم به نفيا واثباتا ، وعليه فان علم بنبات اللحم والدم ولم يعلم
باشتداد العظ م يحكم
بالنشر ، لاطلاق النص .
ونسب الى المحقق اليزدي ره انه قال : يمكن احراز الاشتداد بذلك
الاطلاق لئلا يلزم التقييد ، إذ مع حفظ الاطلاق واعتبار الاشتداد في
الانتشار
يستكشف الملازمة بين التقديرين ، والا لزم رفع اليد عن الاطلاق .
وفيه : ان اصالة
الاطلاق كاصالة الحقيقة وما شاكل ، انما يرجع إليها عند الشك في
المراد مع احراز
الموضوع لاثبات الحكم ، واما مع معلومية الحكم فلا وجه للرجوع إليها
لاحراز
الموضوع المشكوك فيه ولو احرز عدم الملازمة ، فيقيد اطلاق مفهوم كل
منهما بمنطوق
الاخر ، وتكون النتيجة الاكتفاء بكل واحد من التقديرين .
2.
ان مقتضى الاخبار اعتبار
الاثرين معا كما عن الاكثر ، فلا يكفي حينئذ
احدهما . وعن الشهيد في اللمعة الاكتفاء به ، بل حكاه السيد في محكي
نهاية المرام عن
جماعة وقواه وعلله بالتلازم ، واحتمل التعليل به في الروضة ولكن رجح
اعتبار الجمع ،
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 18 . ( * )
[ . . . ]
وقطع به في المسالك على ما حكى ، ورد القول بالاكتفاء به بالشذوذ
ومخالفة النصوص
والفتوى ،
ويظهر من هذه الكلمات انه لا خلاف في اصل الحكم وهو اعتبار الاثرين
معا ،
وانما الاختلاف في التلازم بين الاثرين ، فلو احرز احدهما يحرز الاخر
قهرا فيثبت
الحكم على القول به ، وعلى فرض البناء على عدم التلازم لا ينشر
الحرمة .
وفي المستند الاستدلال للاكتفاء باحدهما بالنصوص الدالة على انه يحرم
بالرضاع ما انبت اللحم والدم
. وفيه : انها لا تدل على الاكتفاء باحدهما ، وانما تدل على
الاكتفاء بانبات الدم مع انبات اللحم عن شد العظم .
3.
ان المشهور بين الاصحاب
ان هذه العلامة علامة مستقلة مقابلة للزمان
والعدد ، وفي الجواهر : وبه قال الشيخ في النهاية والخلاف والقاضي
والحلبيون الثلا ثة
والشهيدان والمحقق والكركي وعامة المتأخرين ، وهو الاصح ، انتهى .
وعن الحلبيين
والطبرسي ، وظاهر كتابي الشيخ في الاخبار ، ومحتمل المفيد وسلار وابن
سعيد ، سقوط
الفائدة في هذه العلامة والاستغناء عنها بالزمان والعدد ، وقواه
الشيخ الاعظم ره .
الظاهر من النصوص الدالة على الحرمة معها سواء وافق احدهما أو خالف
هو الاول . ولكن من جهة ان الاطلاع عليه بنحو يظهر للحس عند الحاجة
إليه
لا يمكن الا لبعض اهل الخبرة ، ومع ذلك حصر في النصوص الكثيرة الرضاع
المحرم
بما انبت اللحم وشد العظم ( 1 ) واشير في بعضها الى ان العدد انما
يحرم لكونه محصلا
له ( 2 ) يتعين البناء على الثاني . ويشير إليه صحيح علي بن رئاب عن
الامام الصادق
( عليه
السلام ) ، قال قلت : ما يحرم من الرضاع ؟ قال ( عليه السلام ) : ما انبت اللحم
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع .
[ . . . ]
وشد العظم ، قلت : فيحرم عشر رضعات ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ،
لانه لا تنبت اللحم
ولا تشد العظم عشر رضعات ( 1 ) .
اللهم الا ان يقال : ان هذا في خصوص العدد دون الزمان ، مع ان لازم
ذلك
ليس حصر علامته فيهما بحيث لو تحقق عند اهل الخبرة بل وعند غيرهم
بدونهما
لا يحكم بالحرمة ، بل لازمه كونهما علامتين له فيبنى عليه مع وجود
احدهما ، وان شك
فيه ولم يظهر لاهل الخبرة ، وعليه فلا يسقط هذه العلامة .
اضف إليه ان الجمع بين ما في صحيح ابن رئاب الذي اشير إليه في بعض
النصوص الاخر ، واطلاق ما دل على ان العدد بنفسه يوجب التحريم ، يمكن
بالبناء
على ان ذلك هي الحكمة لمحرمية العدد لا العلة ، بل يتعين ذلك بملاحظة
ما في صحيح
محمد بن مسلم من جعل العدد مقابل الاثر ، رواه عن ابي جعفر وابي عبد
الله عليهما
السلام قالا إذا رضع الغلام من نساء شتى وكان ذلك عدة أو نبت لحمه
ودمه عليه
يحرم عليه بناتهن كلهن ( 2 ) .
فالاظهر ان كلا من التقديرات الثلاثة مستقل في التأثير في الحرمة ،
سيأتي ان
شاء الله تعالى ما يقتضيه الجمع بين ادلتها في موارد الاختلاف .
4.
هل يعتبر في التحريم
بالاثر استقلال الرضاع في حصوله على وجه
ينسب إليه ، فلو فرض تركب غذاء الصبي منه ومن غيره وكان الانبات
والاشتداد
منسوبين اليهما لا يكفي ، ام لا يعتبر ذلك ؟ وجهان ، اظهرهما الاول ،
لان ذلك هو
الظاهر من ما دل على ان المحرم هو ما انبت اللحم وشد العظم ، فانه في
صورة التركب
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب ما يحرم بالرضاغ حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
لا يكون ذلك منتسبا الى الرضاع .
ويشير إليه مرسل ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله ( عليه
السلام ) : الرضاع الذي ينبت اللحم والدم هو الذي يرضع حتى يتضلع
ويتملى
وينتهي نفسه ( 1 ) . وخبر ابن ابي يعفور ، قال : سألته عما يحرم من
الرضاع ، قال ( عليه
السلام ) : إذا رضع حتى يمتلي بطنه ، فان ذلك ينبت اللحم والدم ( 2 )
. فانهما يدلا ن
على ان الانبات
المجعول موضوعا للحرمة هو ما انتسب الى الرضاع خاصة .
وخبر مسعدة بن زياد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا يحرم من
الرضاع
الا ما شد العظم وانبت اللحم ، فاما الرضعة والثنتان والثلاث - حتى
بلغ العشر - ا ذا
كن متفرقات فلا بأس ( 3 ) فانه يشعر بانه في صورة التفرق لا يكفي ،
لعدم انتساب شد
العظم وانبات اللحم إليها .
وعليه فلا يصغي الى ما قيل ان اللبن والغذاء وان امتزجا في المعدة
الا ان لكل
منهما اثرا مستقلا ، فيصدق على كل منهما انه انبت لحما وشد عظما ، مع
انه فاسد في
نفسه ، لان المعلول انما ينسب الى مجموع العلتين لو اشتركا لا الى كل
منهما .
5.
ان المعتبر في الاثرين هو
حصولهما بنحو يظهر لدى حس اهل الخبرة
فلا يتحققان بالمسمى ، كما يشير إليه النصوص الدالة على انهما لا يحصلان
بالرضعة
والثنتين والثلاث وقد تقدم بعضها ، ولو كان مطلق التأثير
كافيا كان ذلك حاصلا
بالرضعة الواحدة مع انه لزم منه فساد التحديد ، لانه لا يزيد على
اعتبار اصل
الرضاع . فما عن ظاهر ابن الجنيد ومن قال بالمسمى من اصحابنا من
الاكتفاء بما
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 9 . ( * )
] أو كان خمس عشرة رضعة [
يحصل من الرضعة الواحدة ، غير تام .
6.
ان المرجع في حصول
الاثرين فيما لا يكون بينا هو قول اهل
الخبرة . كما نص عليه جماعة . وفي الجواهر : نعم يعتبر فيه شروط
الشهادة من الايمان
والعدالة والعدد فلا حكم للواحد ، وقريب منه في المستند . ولكن
الاظهر هو ما عن
السيد الداماد من الاكتفاء بخبر الواحد ، وذلك لما حققناه في محله من
حجية خبر
الواحد في الموضوعات .
7.
ولا يعتبر الايمان
والعدالة بل يكتفى بخبر الثقة ، لما حقق في محله من
حجية الخبر الموثق في الموضوعات .
الثالث : من التقديرات تقديره بالعدد ، واعتباره في التقدير اجماعي ،
ونقل
الاجماع عليه مستفيض ، وقد تقدم ما نسب الى ابن الجنيد من الاكتفاء
برضعة واحدة ،
وما يمكن ان يستدل به لو والجواب عنه .
وانما المعركة العظمى في ان العدد المحرم هو ما كان عشر رضعات ، كما
عن
العماني والمفيد والسيد والحلبي والديلمي والحلي في اول كتاب النكاح
وابني
زهرة وحمزة المصنف في المختلف وولده في الايضاح والشهيد في اللمعة
والسيد الداما د وابن
فهد ، بل هو الاشهر كما صرح به الشهيد الثاني ، ( أو كان خمس عشرة
رضعة ) كما
عن الشيخ في النهاية والمبسوط وكتابي الاخبار والحلي في اول الرضاع
والمحقق
والمصنف في غير المختلف والمحقق الثاني في شرح القواعد والشهيد
الثاني ، ولعله
المشهور بين المتأخرين ، بل نسب ذلك الى المشهور بقول مطلق ؟
[ . . . ]
واستدل للاول بالاطلاقات من الكتاب والسنة ، ولكنها لا تصلح للمقاومة
مع
النصوص الاتية ، بل يقيد الاطلاقات بها .
وبخبر الفضيل عن ابي جعفر ( عليه السلام ) لا يحرم من الرضاع الا
المخبورة
أو خادم أو ظئر ثم يرضع عشر رضعات يروى الصبي وينام ( 1 ) .
واورد عليه تارة بضعف السند ، لان في طريقه محمد بن سنان ، وقد ضعفه
المشايخ غير المفيد . واخرى باضطراب المتن ، لخلو الفقيه من زيادة
رواها الشيخ في
ذيله - اعني قوله : ثم يرضع
عشر رضعات - مع سبق الصدوق عن الشيخ زمانا وضبط
الاخبار كتابة ، فكيف يتصور في حقه أو في الكتب التي اخذ الحديث منها
اهمال شط
من كلام المعصوم ( عليه السلام ) ، مربوط بما قبله غاية الارتباط
ويحتاج إليه نهاية
الاحتياج . وثالثة بالمخالفة للاجماع من جهة حصرها الرضاع المحرم في
المخبورة .
ولكن يمكن دفع الاول بان الاظهر وثاقته ، فقد وثقه المفيد في الارشاد
في باب
النص على مولانا الرضا ( عليه السلام ) ، والفاضل المجلسي في الوجيزة
، والشيخ الحر ،
والحسن بن ابي شعبة في تحف العقول ، وابن طاووس في كتاب التتمات
والمهمات ،
والمصنف ره في رضاع المختلف ومسألة التكبير للركوع من المنتهى على ما
حكى ، وقد
تبعه في وصف حديثه هذا بالصحة ولده الفخر والمحقق الكركي ، وحكى
القول بوثاقته
عن السيد الداماد والميرزا في الوسيط والعلامة الطباطبائي . اضف الى
ذلك ورود جملة
من النصوص في مدحه ، ورواية كثير من الاجلاء عنه ، ولهذا لا يعتنى
بتضعيف جماعة
اياه ، سيما وان منشأ تضعيف جمع منهم رميه بالغلو وهو غير ظاهر ،
واصطلاح جمع آخر
منهم في الضعف غير ما يضر بحجية الخبر ، مع ان اعتماد القدماء من
الاصحاب عليه
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من
ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 11 . ( * )
[ . . . ]
وافتائهم بما تضمنه يوجب جبر الضعف لو كان .
واما الثاني فيدفعه ان الظاهر كون ما رواه الشيخ غير ما روى في
الفقيه ، لان
احدهما عن الامام الصادق ( عليه السلام ) والاخر عن الامام الباقر (
عليه السلام ) ،
وفي طريق رواية الفقيه ليس محمد بن سنان ، ومتن الخبرين ايضا مختلف ،
فلا شك في
التعدد ، ومجرد كون الراوي فيهما الفضيل لا يوجب كونهما خبرا واحدا .
مع انه لو سلم
وحدتهما ، مقتضى اصالة عدم الزيادة عند دوران الامر بينها وبين النقيصة
، هو البنا ء
على الثاني على ما حقق في محله .
واما الثالث فيندفع بان الحصر في الخبر يمكن ان يكون لاشتراط التوالي
الذي لا يتحقق غالبا الا في تلكم النسوة ، ويؤيده ما في الخبر الاخر
: أو ظئر تستأجر
أو خادم تشترى أو ماكان مثل ذلك موقوفا عليه ( 1 ) . مع ان الحكم
المخالف للاجماع
لو كان ، فانما هو في الجملة الاولي بالنسبة الى منطوقها ، لا
المفهوم الذي هو المقيد
لاطلاق الادلة . فتحصل انه لا اشكال في الخبر سندا ولا دلالة .
كما ان موثق عمر بن يزيد ، قال : سألت ابا عبد الله ( عليه السلام )
عن الغلام
يرضع الرضعة والثنتين ، فقال ( عليه السلام ) : لا يحرم ، فعددت عليه حتى اكملت عشر
رضعات ، فقال ( عليه السلام ) : إذا كانت متفرقة فلا ( 2 ) .
واستدل له ايضا بحصول الاثرين - اي النبات والاشتداد - بها ، كما يدل
عليه
صحيح عبيد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرضاع ، ما ادنى ما
يحرم منه ؟
قال ( عليه السلام ) : ما ينبت اللحم والدم ، ثم قال : اترى واحدة
تنبته ؟ فقلت : اثنتان
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 7 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
اصلحك الله ، فقال ( عليه السلام ) : لا ، فلم ازل اعد عليه حتى بلغت
عشر رضعات ( 1 ) .
وبخبر مسعدة عنه ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضاع الا ما شد
العظم وانبت
اللحم ، فاما الرضعة والرضعتان والثلاث - حتى بلغ عشرا - إذا كن
متفرقات
فلا بأس ( 2 ) .
ولكن بازاء هذه النصوص ما يدل على القول الثاني ، وهو موثق زياد بن
سوقة ،
قلت لابي جعفر ( عليه السلام ) : هل للرضاع حد يؤخذ به ؟ فقال ( عليه
السلام ) :
لا يحرم الرضاع اقل من يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متواليات ، من
امرأة واحدة
من لبن فحل واحد ، لم يفصل بينهما رضعة امرأة اخرى . فلو ان امرأة
ارضعت غلاما
أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد ، وارضعتهما امرأة اخرى من فحل
آخر
عشر رضعات ، لم يحرم نكاحهما ( 3 ) ونحوه مرسل المقنع ( 4 ) .
وما دل على ان عشر رضعات لا يحرمن شيئا ، كصحيح على بن رئاب عن ابي
عبد الله ( عليه السلام ) ، قال قلت له : ما يحرم من الرضاع ؟ قال :
ما انبت اللحم وشد
العظم . قلت : فيحرم عشر رضعات ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، لانه لا
تنبت اللحم
ولا تشد العظم عشر رضعات ( 5 ) . وموثق عبيد بن زرارة ، قال سمعته
يقول : عشر
رضعات لا تحرمن شيئا ( 6 ) ومثله خبر ابن بكير ( 7 ) .
وقد قيل في مقام الجمع بين الطائفتين وجوه :
احدهما : ما في المستند ، وهو ان الطائفة الثانية اعم من الاولى ،
فانها تدل على
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 21 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 19 .
( 3 - 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 - 14 .
( 5 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 .
( 6 - 7 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 - 4 . ( * )
[ . . . ]
عدم حصول الرضاع المحرم بالعشر اعم من المتواليات والمتفرقات ،
والاولى تدل على
حصوله بها إذا كانت متواليات ، فيقيد اطلاقها بها . وفيه : ان قوله (
عليه السلام ) في
موثق زياد ( عشر رضعات ) بقرينة تفريعه على اعتبار خمس عشرة رضعة
متواليات ،
ظاهر في العشر المتواليات دون الاعم منها ومن المتفرقات .
ثانيها : ان الطائفة الاولى دلالتها على الاكتفاء بالعشر انما هي
بالمفهوم ،
ودلالة الثانية على عدم الاكتفاء بها بالمنطوق فهذه اصرح دلالة ، مع
احتمال مفهومها
الحمل على ما إذا وقعت العشر المتواليات في يوم وليلة ، فان مفهومها بهذا
الاعتبار
اعم من منطوق الطائفة الثانية . وفيه : ان مجرد الاصرحية لا يصلح
قرينة على التقديم
بعد فرض دلالة كل منهما على خلاف ما يدل عليه الاخر ، الا إذا كانا
من قبيل النص
والظاهر أو ما شاكل ، واما اعمية مفهوم الاولى بالاعتبار المذكور فقد
اعترف قائلها
في ذيل كلامه بان التخصيص بها بعيد ، ومع ذلك فهي غير تامة ، إذ لم
يتعرض في تلك
النصوص للزمان الذي يقع فيه العدد ، بل هي متعرضة لحكم العدد من حيث
هو .
ثالثها : تقديم الاولى ، لموافقتها للكتاب . واجاب عنه الشيخ الاعظم
ره بان
الترجيح بموافقة الكتاب يتوقف على عدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
، والا
فموافقة الكتاب لتلك الروايات بعد تخصيصه بالطائفة الثانية غير حاصلة
الا بعد
ترجيح تلك الروايات ، وهو اول الكلام ويلزم الدوز ايضا كما لا يخفى .
ويرد عليه : ان
موافقة الكتاب من المرجحات بنص الاخبار فلا سبيل الى ما افيد ، ولكن
الترجيح
بها يتوقف على عدم امكان الجمع العرفي بينهما وفقد جملة من المرجحات .
والحق ان يقال : ان الطائفتين متعارضتان لا يمكن الجمع بينهما ، فلا
بد من
الرجوع الى نصوص الترجيح وهي تقتضي تقديم نصوص حصول الرضاع المحرم
بالعشر ، فان اول المرجحات هو الشهرة وهي غير ثابتة في شئ منهما ،
والثاني
] كاملة [
صفات الراوي ولا شبهة في انها اصح سندا فتقدم . وإذا ثبت عدم النشر
بالعشر تعين
القول بالنشر بالخمس عشرة ، لعدم القائل باعتبار ازيد منها من حيث
العدد ، ولمفهوم
صدر موثق سوقة الوارد في مقام التحديد . واما خبر عمر بن يزيد ، قال
: سمعت ابا
عبد الله ( عليه السلام ) يقول : خمس عشرة رضعة لا تحرم ( 1 ) فمحمول
على صورة عدم
التوالي ، للاجماع ظاهرا على النشر بهذا العدد مع التوالي .
فتحصل ان الاظهر هو كون الرضاع المحرم خمس عشرة رضعة ولا يحرم الاقل
منها .
لا خلاف في انه
يعتبر في الرضعات المحرمة ان تكون كل رضعة ( كاملة ) ،
فالرضعة الناقصة لاتعد من العدد ما لم تكمل على وجه لا يقدح في
الاتحاد ، لان المتبادر
من اضافة الرضعة الى العدد ذلك ، ولا يقال عشر رضعات الا مع كون كل
واحدة
كاملة ، ولو نقص بعضها يصح السلب . وللتقييد في خبر الفضل المتقدم
بالتي تروي
الصبي اي كل واحدة منها ، ولا ينافيه اشتماله على النوم ايضا ، لان
ارضاع الطفل بمثل
ذلك يكون منوما ، أو المعنى يكون من شأنه ذلك . ولخبر ابن ابي يعفور
: سألته عما يحرم
من الرضاع ، قال ( عليه السلام ) : إذا رضع حتى يمتلي بطنه ( 2 )
الحديث ، فتأمل .
والمرجع في الكمال هو العرف ، وعن بعض تحديده بان يروى الصبي ويصدر
من
قبل نفسه ، وفي مرسل ابن ابي عمير عن بعض اصحابه عن ابي عبد الله (
عليه
السلام ) الرضاع الذي ينبت اللحم والدم هو الذي يرضع حتى يتضلع
ويمتلي وينتهي
من نفسه ( 3 ) والظاهر من نظر العرف ايضا ذلك .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 6 .
( 2 - 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 21 . ( * )
] من الثدي ، [
كما ان المرجع في معنى الاتحاد هو العرف ، فلو لفظ الصبي الثدي للنفس
أو السعال ، أو الانتقال من ثدي الى اخرى ، أو الالتفات الى ملاعب
ونحوه ، ثم عاد
في الحال فالمجموع رضعة . ولو لم يعد الا بعد مدة ، فالظاهر عدم
احتساب مجموعها
من العدد .
اعتبار كون شرب اللبن على وجه الامتصاص من الثدي
الثالث : من الشرائط كون شرب اللبن على وجه الامتصاص ( من الثدي ) ،
فلا ينشر الحرمة بوجور اللبن في حلق الصبي على المعروف بين معظم
الاصحاب ، وعن
المسالك لا نعلم فيه خلافا لاحد من اصحابنا الا ابن الجنيد ، وعن
ظاهر التذكرة
الاجماع عليه . وعن الاسكافي الاكتفاء بالوجور ، وفي المستند : وهو
مختار مواضع من
المبسوط ، مدعيا في بعضها ما يظهر منه الاجماع ، وان وافق المشهور في
موضع آخر
منه ، وقواه في المفاتيح وشرحه .
واستدل للاول بانه المتبادر من الرضاع والارضاع والارتضاع ، وانه يصح
سلب
هذا العنوان عما لو شربه من غير الثدي فكيف بمن احتقن به أو اكله
جبنا ، وصرح
بذلك اللغويون ايضا . وان شئت فقل :
من الواضح ان الرضاع من الموضوعات ، ولا يعتبر في صدقه عند
العرف بعض ما اعتبره الشارع الاقدس ، ومع ذلك نرى انه لا يصدق ذلك
عندهم لو
شرب الطفل لبن الحيوان بخلاف ما إذا مص من ثديه . وبالجملة لا ينبغي
التوقف في
التبادر وصحة السلب المذكورين ولا اقل من الشك ، فحيث انه حينئذد من
قبيل الشك
في صدق الموضوع ، فلا مورد للتمسك بالاطلاق الذي قدمنا انه لو شك في
دخل قيد
[ . . . ]
في الرضاع المحرم يبني على عدم الدخل ، فان ذلك بعد فرض صدق الموضوع
عرفا ،
وفي المقام يكون ذلك مشكوكا فيه .
ويؤيده ما ورد في الصحيحين :
في احدهما : لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضع من ثدي واحد سنة ( 1 ) .
وفي آخر : لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين
( 2 ) .
بناء على ما تقدم في توجيه الخبرين بما لا ينافي المجمع عليه ، بجعل
( حولين
كاملين ) في الثاني ظرفا ، وقراءة ( سنة ) في الاول بتشديد النون ،
والاضافة الى ضمير
راجع الى الارضاع . وانما جعلناهما مؤيدين نظرا الى امكان ان يقال ان
قوله ( من
ثدي ) لا يكون ظاهرا في الامتصاص ، لصدقه مع كون اللبن منه كيفما شرب
، سيما إذا
كان بنحو الوجور وان كان بعيدا جدا .
وايضا ان الظاهر من الثاني اعتبار اتحاد المرضعة في نشر الحرمة بين
المرتضعين ،
وعدم كفاية اتحاد الفحل في ذلك ، وهو مخالف للاجماع على ما قيل ،
ولما دل على كفاية
اتحاد الفحل . وان كان يمكن ان يقال : انه عام يدل على عدم الاكتفاء
باتحاد الفحل
بالعموم ، فيقيد اطلاقه بما دل على كفايته وبالاجماع ، مع انه من
المحتمل بعيدا كون
لفظ ( واحد ) صفة للرجل المحذوف اقيمت مقامه لا للثدي ، فيكون المعنى
حينئذ : الا
ما ارتضعا من ثدي يكون مختصا برجل واحد ، ويمكن ان يكون المراد دفع
احتمال
الاكتفاء بالارتضاع من امرأتين ، بان يرتضع بعض الرضاع المحرم من
احداهما
والباقي من الاخرى .
وايضا يؤيد اصل الحكم الصحيحان :
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 13 .
( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 8 . ( * )
[ . . . ]
احدهما - عن الامام الصادق ( عليه السلام ) جاء رجل الى امير
المؤمنين ( عليه
السلام ) فقال : يا امير المؤمنين ، ان امرأتي حلبت من لبنها في مكوك
فاسقته جاريتي ،
فقال : اوجع امرأتك وعليك بجاريتك ( 1 ) .
وفي الثاني - عن امرأة حلبت من لبنها فاسقت زوجها لتحرم عليه ، قال (
عليه
السلام ) : امسكها واوجع ظهرها ( 2 ) .
فانهما بترك الاستفصال عامان للرجل والجارية الصغيرين دون الحولين ،
ولو
نشر الوجور لخص بقاء الزوجية فيهما بما إذا وقع الوجور بعدهما ،
ويؤيد اطلاقهما ا ن
ظاهر السؤال هو السؤال عن ان هذا القسم من شرب اللبن هل يحرم ام لا ،
ولا نظر
له الى سائر الجهات .
واستدل للقول الثاني بصدق الرضاع على الوجور . وبتنقيح المناط ، فان
العلة
الموجبة للتحريم هي انبات اللحم وشد العظم كما يظهر من غير واحد من
الاخبار ،
وهما يتحققان بغير الامتصاص ايضا . وبمرسل الصدوق عن ابي عبد الله (
عليه
السلام ) ، قال : وجور الصبي بمنزلة الرضاع ( 3 ) . وبخبر الجعفريات
عن الامام علي
( عليه
السلام ) : إذا اوجر الصبي أو اسعط باللبن فهو رضاع ( 4 ) ونحوه خبر دعائم
الاسلام عنه ( 5 ) .
ولكن الاول يندفع بما مر .
ويرد الثاني : منع كون العلة التامة هو الانبات ، فكما ان للولادة
والحمل وما
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .
( 3 ) الوسائل باب 7 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 .
( 4 - 5 ) المستدرك باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 - 2 . ( * )
] لا يفصل بينها رضاع اخرى ، [
شاكل مدخلية في الحكم ، يمكن ان يكون للامتصاص من الثدي ايضا دخل فيه ،
وعلية الانبات ليست منصوصة ، وتعليل عدم التحريم في بعض النصوص بعدم
الانبات
لا يدل على تعليل التحريم بالانبات .
واما الثالث : فاورد عليه بضعف السند ، ومعارضته مع النصوص المتقدمة .
ويمكن الجواب عن الاول بان الصدوق ينسب الى المعصوم ( عليه السلام )
ذلك جزما ،
وقد مر غير مرة ان هذا النحو من المرسل ان كان مرسلة ثقة حجة ،
والجواب عن
الثاني بحكومة المرسل عليها . ولكنه غير ظاهر في عموم المنزلة ، بل
من الممكن ان
يكون التنزيل بلحاظ الحرمة بعد الفطام ، فلا حكومة له على ما اخذ في
الموضوع من
الارتضاع من ثدي واحد كما فيما تقدم من النصوص فتأمل ، اضف إليه
اعراض
المشهور عنه .
واما الرابع فيرده ان الخبرين ضعيفان سندا ، والاصحاب اعرضوا عنهما ،
ومشتملان على ما يخالف الاجماع ، وهو الحاق الشرب من الانف بالرضاع .
فالمتحصل مما ذكرناه انه يعتبر في الرضاع المحرم الامتصاص من الثدي ،
ومع
ذلك الاحتياط في خصوص الوجور لا ينبغي تركه .
الشرط الرابع : ان ( لا يفصل بينها ) اي بين الرضعات ( رضاع ) من
امرأة
( اخرى
) اجماعا في التقدير العددي ، كما عن التذكرة والخلاف والغنية والمسالك ،
وصرح به الاكثر في الزماني ، وعلى الاظهر في التقدير الاثري .
فالكلام في موارد :
الاول : في التقدير العددي ، يشهد
لاعتبار عدم الفصل فيه موثق زياد بن
[ . . . ]
سوقة المتقدم ، قال قلت لابي جعفر ( عليه السلام ) : هل للرضاع حد
يؤخذ به ؟ فقال
( عليه
السلام ) : لا يحرم الرضاع اقل من يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متواليات ،
من امرأة واحدة من فحل واحد ، لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها ( 1 ) الحديث
، ويؤيده
موثق عمر بن يزيد المتقدم المتضمن لان الرضعات إذا كانت متفرقات لا
تحرم ، ونحوه
خبر مسعدة ( 2 ) .
فلو رضع من واحدة بعض العدد ثم رضع من اخرى بطل حكم الاولى وان
اكملته بعد ذلك ، وكذا لو تناوب عليه عدة نساء لم تنشر الحرمة وان كن
لرجل واحد
ما لم يكمل من واحدة خمس عشرة رضعة ولاء .
وهل القادح في التوالي هو مسمى رضاع امرأة اخرى ، كما هو صريح
القواعد
وظاهر المتن والشرايع والمحكي من عبارة المبسوط ، بل عن كشف اللثام
نسبته الى
اطلاق الاصحاب ، وعن المسالك : ينبغي ان يكون العمل عليه ، أو الرضعة
الكاملة
فلا يقدح فيه حينئذ الناقصة ، كما هو صريح التذكرة والجواهر والرياض
وقواه الشيخ
الاعظم ره ؟ وجهان .
يشهد للثاني ظهور لفظ ( رضعة ) في موثق زياد الذي هو الاصل في هذا
الحكم
في ذلك ، خصوصا بعد ملاحظة ارادة الكاملة منها في ضمن الخمس عشرة ،
لظهور اتحاد
المراد منها فيهما .
واستدل للاول بانه لا يصدق التوالي التي قيدت الرضعات به في الموثق
عرفا
الا مع عدم فصل مسمى الرضاع ، وبصدق التفرق الذي جعل قادحا ومانعا في
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 9 . ( * )
[ . . . ]
الخبرين الاخرين مع تخلل الرضعة الناقصة .
ولكن يرد الاول : ان التوالي قد فسر في الموثق بان لا يفصل بين
الرضعات
رضعة امرأة اخرى الظاهرة في الكاملة ، ومن الواضح ان ظهور الشرح مقدم
على
ظهور المشروح ، لكونه قرينة عليه ، ومنع كونه تفسيرا له - كما في
المستند - خلاف
الظاهر .
ويرد الثاني : ان الخبرين يدلان على ان عشر رضعات إذا كانت متفرقة لا
تحرم ،
ومفهومهما انها إذا لم تكن متفرقة تحرم ، اما المفهوم فقد مر عدم
العمل به وان نصوص
التحريم بالعشر لا بد وان تطرح ، والمنطوق لا يدل على ان الخمس عشرة
إذا كانت
متفرقة كذلك ، فتدبر فانه دقيق . فالاظهر ان فصل الرضعة الناقصة لا
يقدح .
واما تخلل غير الرضاع من المأكول والمشروب ، فلا يقدح ولا يكون مانعا
عن
نشر الحرمة ، كما عن المقنعة والسرائر والقواعد وشرح النافع لسيد
المدارك وغيرها ،
بل عن السرائر والحدائق دعوى الاجماع عليه . وفي رسالة الشيخ الاعظم
ره : ينبغي
القطع بعدم قطع تخلل غير الرضاع في التوالي ، لان التوالي المعتبر قد
فسر في الموثق
بان لا يفصل بين الرضعات رضاع امرأة اخرى ، فلا دليل على قدحه .
واستدل للقدح به تارة بان العدد كاشف عن الانبات ، فلو تخلل الاكل
على وجه يعلم عدم الانبات بالخمسة عشر المتخللة - كما لو اتفق الفصل
بين كل
رضعتين مثلا - لا يكون كاشفا فلا يحرم . واخرى بان التخلل به ينافي
التوالي المعتبر في
الرضعات . وثالثة بصدق التفرق معه ، وقد جعل مانعا عن النشر في
الخبرين المتقدمين .
وفي الكل مناقشة . اما الاول فلان ظاهر الدليل كما تقدم كون العدد
سببا
مستقلا لا كاشفا ، مع ان العدد المزبور كاشف شرعا ، ويمكن ان يكون
الشارع قد
لاحظ الكشف في اغلب افراده وجعله علامة دائما محافظة على ضبط الشرع ،
كما في
] وان يكون في الحولين بالنسبة الى المرتضع
، [
الجواهر .
واما الثاني فلما مر من تفسير التوالي بعدم تخلل رضاع آخر .
واما الثالث فلما تقدم من ان مفهوم الخبرين ساقط ، ومنطوقهما لا يدل على
المقام ، مع ان التفرق انما يصدق إذا تخلل بينها من جنسها ، والا
فيتوقف حصول
التعدد على تخلل شئ ظاهر . فالاظهر عدم قدح تخلله .
المورد الثاني : في التقدير الزماني ، وقد تقدم ان الظاهر من دليل
اعتباره - وهو
موثق زياد المتقدم - هو كون تغلبة الطفل في المدة المذكورة بلبن
امرأة معينة ، غا ية
الامر بما يتعارف في رضاع الطفل فلا يقدح اليسير من الطعام . وعلى
هذا فلو تخلل
رضعة اخرى ، أو اكل أو شرب غير الماء ، يكون مانعا عن تحقق ماه
الموضوع
للحرمة . فالمتحصل انه يعتبر في نشر الحرمة في التقدير الزماني
التوالي وعدم التخلل .
المورد الثالث : في التقدير بالاثر ، وقد مر عند بيان اصل التقدير
اعتبار عدم
التخلل فيه ايضا ، فراجع .
( و )
الخامس : من الشرائط ( ان يكون ) الرضاع ( في ) اثناء ( الحولين بالنسبة
الى المرتضع ) قبل استكمالهما ، فلا عبرة برضاعه بعدهما ، اجماعا
محققا ومحكيا عن
الخلاف والغنية ، وفي التذكرة والمختلف والقواعد وشرح الايضاح ونكت
الشهيد
والمسالك وشرح الصيمري وغيرهما ، كذا في المستند . وفي الجواهر : بل
الاجماع بقسميه
عليه . وفي الرياض : واعتباره مقطوع به في كلام الاصحاب مدعى عليه
الاجماع .
واستدل له بالنبوي المروي مستفيضا : لا رضاع بعد فطام ، لاحظ صحيح
[ . . . ]
منصور بن حازم ( 1 ) . وخبر انس بن محمد عن ابيه ( 1 ) ومرسل المفيد
( 2 ) وغيرها ، وعين
هذه الجملة مروية عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في صحيح الحلبي (
3 ) وخبر حماد
ابن عثمان ( 4 ) ، ومعنى هذه على ما عن الفقيه : انه إذا رضع حولين
كاملين ثم شرب من
امرأة اخرى ما شرب لم يحرم الرضاع لانه رضاع بعد فطام ، اي بعد بلوغ
سن
الفطام . قال حماد بن عثمان : سمعت ابا عبد الله ( عليه السلام )
يقول : لا رضاع بعد
فطام ، قلت : وما الفطام ؟ قال ( عليه السلام ) : الحولين الذين قال
الله عز وجل ( 5 ) .
واورد على الاستدلال بذلك في المستند بان هذه الجملة مجملة من وجهين :
احدهما : باعتبار الحولين ، حيث انه يحتمل ان يكون بالنسبة الى
المرتضع ،
ويحتمل ان يكون بالنسبة الى ولد المرضعة ، ولا يفيد تفسيره بالاول في
الكافي والفقيه ،
لعدم حجية قولهما مع احتمال غيره بحسب اللغة ، سيما مع معارضته
بتفسيره بالثاني في
كلام ابن بكير ، كما نقله في التهذيبين بسند معتبر ويظهر منهما
ارتضائه ايضا لذلك
التفسير ، وحمل جمع من الاصحاب على ذلك بعض الاخبار المشترط لعدم الفطام
ايضا .
ثانيهما : باعتبار الرضاع المنفي بعدهما أو المثبت قبلهما ، إذ بعد
ان ليس المر اد
بالنفي نفيه حقيقة ولا حقيقة شرعية ، فمن الممكن ان يكون المراد نفي
الرضاع
المجوز أو الوارد في الكتاب أو غير ذلك من المجازات ، وكذلك في
الاثبات .
يرد على ما افاده اولا : ان ظاهر قوله ( عليه السلام ) لا رضاع بعد
فطام هو كونهما
وصفين لواحد ، اي لا رضاع بالنسبة الى صبي بعد فطامه لا بعد فطام صبي
آخر ، وكلام
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .
( 1 - 2 - 3 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 11 - 12 - 2 .
( 4 - 5 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
ابن بكير ككلام الكليني والصدوق لا يكون حجة في تعيين المفاهيم
العرفية .
ويرد على ما افاده ثانيا : ان قوله لا رضاع من قبيل نفي الحكم بلسان
نفي
الموضوع ، وبعبارة اخرى نفي للرضاع حقيقة عن عالم التشريع ولا مجاز
ولا خلاف
الواقع .
وحينئذ مقتض اطلاقه أو ظهوره نفي محرمية الرضاع .
فالمتحصل من النبوي وما شاكله ان الرضاع الواقع بعد زمان الفطام -
اعني
الحولين - لا يحرم ، وما يقع قبله يحرم ، فلا عبرة بنفس الفطام ، حتى
انه لو لم يفطم
الصبي الى ان تجاوز الحولين ثم ارتضع بعدها قبل الفطام لم يثبت
التحريم ، كما انه لو
فطم قبل الحولين ثم ارتضع قبلهما ثبت التحريم .
وعن ابن الجنيد انه لو رضع بعد الحولين قبل ان يفطم يثبت التحريم ،
فهو
مخالف في الحكم الاول ، ويشهد له خبر داود بن الحصين عن ابي عبد الله
( عليه
السلام ) ، قال ( عليه السلام ) : الرضاع بعد الحولين قبل ان يفطم
محرم ( يحرم خ ل ) ( 1 ) .
ولكن رماه الشيخ في التهذيب بالشذوذ ، وحمله فيه وفي الاستبصار على
التقية على ما
حكى ، وعن الشهيد ان هذه الفتوى مسبوقة بالاجماع وملحوقة به . وعلى
الجملة الخبر
على فرض تسليم صحة سنده ، لا عراض الاصحاب عنه ، ومعارضته بالنصوص
الاخر ، لا يعتمد عليه .
وعن الحسن بن ابي عقيل البناء على عدم التحريم إذا ارتضع قبل الحولين
وبعد الفطام ، وفي صحة النسبة تأمل ، إذ لم يفت الا بمضمون النبوي ،
قال : الرضاع
الذي يحرم قبل الفطام ، وقريب منه عبارة الكافي . وكيف كان ، فقد
استدل له المصنف
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 6 . ( * )
[ . . .]
ره في محكي المختلف بصحيح البقباق عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) :
الرضاع قبل
الحولين قبل ان يفطم ( 1 ) . واجاب عنه بان المراد قبل ان يستحق
الفطم ، واستحسنه
الشيخ الاعظم ، لكنه خلاف الظاهر ، إذ ظاهر اخذ كل عنوان في الموضوع
دخله فيه
في نفسه .
واجاب عنه المحقق اليزدي بانه يقع التعارض بين ظهور خبر حماد في ان
المراد
بالفطام هو الحولين ، وظهور خبر البقباق في ان المراد نفسه في مقابل
الحولين ، فيجب
الرجوع حينئذ الى اطلاق صحيح بريد القاضي بنفي اعتبار الفطام بنفسه
في نشر
الحرمة .
وفيه : انه لا تعارض بينهما ، فان خبر حماد يفسر الفطام بالحولين ،
وهذا الخبر
متضمن لاعتبار ان يكون الرضاع قبل ان يفطم زايدا على اعتبار كونه في
الحولين .
فما في الجواهر : فالانصاف عدم خلو اعتبار ذلك عن قوة ان لم يقم
اجماع ، ضرورة
كونه هو مقتضى قواعد الجمع بين الاطلاق والتقييد ، واصالة التأسيس وظهور
الفطام
في الفعلي منه لا سنه انتهى ، هو الصحيح .
عدم اعتبار كون الرضاع قبل فطام ولد المرضعة
والمحكي عن جماعة - منهم الحلبي وابنا زهرة وحمزة - اعتباران يكون
الرضاع
قبل فطام ولد المرضعة ايضا ، فإذا ارتضع قبل فطام المرتضع وبعد فطام
ولد المرضعة
لا يحرم . وعن الحلي والمصنف في غير المختلف والمحقق في الشرايع
والشهيدين وفخر
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 . ( * )
] وفي ولد المرضعة قولان ، [
الاسلام وغيرهم عدم اعتبار ذلك ، بل ربما نسب الى الاكثر . وظاهر
المصنف ره هنا
حيث قال : ( وفي ولد المرضعة قولان ) التردد في الحكم .
وكيف كان ، فمستند القول الثاني اطلاق الادلة والاصل .
واستدل للاول باطلاق قوله صلى الله عليه وآله : لا رضاع بعد فطام .
واخبار
الحولين . وبقول ابن بكير في تفسير النبوي : انه إذا تم للغلام سنتان
أو الجارية فقد
خرج من حد اللبن ، ولا يفسد بينه وبين من شرب من لبنه ، قال :
واصحابنا يقولون
انها لا تفسد الا ان يكون الصبي والصبية يشربان شربة شربة . وبما عن
الغنية من
الاجماع عليه .
والاول مردود بما مر من ان الظاهر من النبوي ان المراد من الفطام فيه
هو
فطام من لا رضاع له وهو المرتضع ، واما ارادة فطام غيره خاصة أو
بالاطلاق فهي
خلاف الظاهر ، ولو فرض الشك فيما ذكرناه فغايته الاجمال والمتيقن هو
فطام خصوص
المرتضع .
وبه يظهر ما في اخبار الحولين ، اضف إليه انه قد وقع الحولان في
الاخبار
تفسيرا للفطام الذي عرفت ظهوره في فطام المرتضع ، فالمراد منه لا
محالة حولا رضاع
المرتضع . ومع الشك في ذلك ، حيث ان ارادة حولي المرتضع متيقنة
للاجماع وغيره ،
وارادة حولي ولد المرضعة مشكوك فيها ، فلابد من الرجوع بالنسبة إليه
الى أدلة اخر .
واما الثالث فيرده عدم حجية فهم ابن بكير علينا ، ومعارضته بفهم
الكليني
والصدوق كما مر .
واما الرابع فالمنقول منه غير حجة ، لا سيما مع ذهاب جمع كثير من
الاساطين الى
خلافه بل نسب الى الاكثر ، اضف إليه معلومية مدرك المجمعين ولا اقل
من احتماله .
فالاظهر عدم اعتبار كون الرضاع في حولي ولد المرضعة . فلو مضى لولدها
[ . . . ]
اكثر من حولين ، ثم ارضعت من له دون الحولين ، نشر الحرمة . ولو رضع
العدد الا رضعة ،
فتم الحولان للمرتضع ثم اكمله بعدهما ، لم ينشر الحرمة لتحقق الفطام
، وكذا لو كمل
الحولان ولم يرو من الاخيرة ، لعدم صدق تمام العدد في الحولين .
ولو تمت الرضعة مع تمام الحولين للمرتضع ، فهل يحرم لان المنفي في
النصوص
الرضاع بعد الفطام ، ام لا يحرم لان في صحيح البقباق المتقدم الرضاع
قبل الحولين ؟
وجهان ، اظهرهما الاول ، لانه يمكن ان يكون المراد من الصحيح قبل
تجاوز الحولين
لاقبل تمامهما ، فلا صارف عن ظهور الاخر .
ولو شك في كونه في الحولين ، فعن القواعد وجامع المقاصد الحكم بالحل
، لان
الشك في الشرط شك في المشروط ، فيبقى اصل الاباحة بحالة . وفيه : ان
مقتضى
استصحاب بقاء كونه في الحولين وعدم تجاوزهما البناء على تحقق الشرط .
ودعوى انه يعارضه استصحاب عدم الرضاع في الحولين ، مندفعة بانه ان
اريد
به عدم تحقق موضوع الحرمة ، فهو محكوم بالتحقق بضم الوجدان الى الاصل
، إذ
الرضاع وجداني ، وعدم تمامية حولي المرتضع محرز بالاصل . وان اريد به
عدم اقتران
الرضاع بالحولين ، فيرده انه ليس الاقتران والاجتماع موضوع الحكم ،
بل تمام
الموضوع هو ذوات القيدين ، اي الرضاع وكون المرتضع في حولي رضاعه .
فالاظهر
هو الحكم بالحرمة .
ثم ان المراد بالحول هو القمري لا الشمسي ، لانه المتداول عند العرب
في
عصرهم عليهم السلام ويستمر الى يومنا هذا ، فالمعتبر في الحولين
الاهلة . ولو انكسر
الشهر الاول بان كان الشروع في الارتضاع من يوم العاشر من الشهر
مثلا ، اعتبر ثلاثة وعشرون شهرا بعد المنكسر بالاهلة واكمال المنكسر
من الشهر
الخامس والعشرين كغيره من الاجال على ما تقدم في التقدير الزماني
للرضاع .
] وان يكون اللبن لفحل واحد ، فلو ارضعت امرأتان صبيين بلبن
فحل واحد
نشر الحرمة بينهما ، ولو ارضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم
ينشر الحرمة . [
( و )
السادس : من شراط نشر الحرمة بالرضاع ( ان يكون اللبن ) الذي يرتضع
المرتضعتان منه ( لفحل واحد ، فلو ارضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد
نشر
الحرمة بينهما ، ولو ارضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة )
فالعبرة
بالاخوة الرضاعية من جهة الاب وهو الفحل ، ولا يكفي الاخوة من جهة
الام خاصة ،
هذا هو المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة ، بل الاكتفاء بالاخوة من
ناحية الاب
خاصة اجماعي لم يخالف فيه احد ، واما عدم الاكتفاء بها من ناحية الام
خاصة فعن
التذكرة والمسالك دعوى الاجماع عليه ، ولكن الشيخ الطبرسي صاحب
التفسير
خالف في ذلك فاعتبر الاخوة الرضاعية من جهة الام ، وحكى عن الراوندي
في فقه
القرآن ، وقواه صاحب المفاتيح وشارحه ، واستجوده الشهيد الثاني في
محكي المسالك .
فهاهنا مطلبان :
الاول : في اعتبار اتحاد الفحل ، وانه لا تكفي الاخوة الرضاعية من
جهة الام ،
وقد عرفت ان المشهور بين الاصحاب اعتباره . ويشهد له جملة من النصوص
، لاحظ
صحيح الحلبي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يرضع من امرأة
وهو غلام ،
أيحل له ان يتزوج اختها لامها من الرضاعة ؟ فقال ( عليه السلام ) :
ان كانت المرأتان
رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحل ، وان كانت المرأتان
رضعتا من
امرأة واحدة من لبن فحلين فلا بأس بذلك ( 1 ) .
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
وموثق الساباطي ، قال : سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن غلام
رضع من
امرأة ، ايحل له ان يتزوج اختها لابيها من الرضاعة ؟ فقال ( عليه
السلام ) : لا ، فقد
رضعا جميعا من لبن فحل واحد من امرأة واحدة . قال : فيتزوج اختها
لامها من
الرضاعة ؟ قال فقال ( عليه السلام ) : لا بأس ، ان اختها التي لم
ترضعه كان فحلها غير
فحل التي ارضعت الغلام فاختلف الفحلان فلا بأس ( 1 ) .
ولا يضر ظهورهما في اعتبار اتحاد المرضعة الذي ليس معتبرا بالاجماع ،
لما يأتي .
وقد يستدل له بصحيح العجلي عن الامام الباقر ( عليه السلام ) عن قول
رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ،
فسر لي ذلك ؟
فقال ( عليه السلام ) : كل امرأة ارضعت من لبن فحلها ولد امرأة اخرى
من جارية
أو غلام ، فذلك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله . وكل امرأة
ارضعت من لبن
فحلين كانا لها واحدا بعد واحد من جارية أو غلام ، فان ذلك رضاع ليس
بالرضاع
الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من
النسب ، وانما
هو نسب من ناحية الصهر رضاع ولا يحرم شيئا ، وليس هو سبب رضاع من
ناحية لبن
الفحولة فيحرم ( 2 ) بدعوى ان قوله واحدا بعد واحد ليس حالا للفحلين
، بل هو
مفعول لارضعت ، ومن جارية أو غلام بيان له .
ولكنه غير ظاهر ، لاحتمال كونه حالا من فحلين والمفعول مقدرا يدل
عليه ذكره
سابقا ، وقوله من جارية أو غلام بيانا له ، فيكون مفاده حينئذ انه
يعتبر ان يكون ا لقدر
المحرم من اللبن لفحل واحد ، فلو ارضعت المرأة من لبن فحل نصف
المقدار المحرم
وارضعت من لبن فحل آخر نصفه الاخر لم يحرم ، وهو غير مربوط بما نحن
فيه . ويؤيد
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
هذا الاحتمال قوله : ولا يحرم شيئا وليس هو سبب رضاع من ناحية
الفحولة ، إذ على
الاحتمال المذكور في وجه الاستدلال لا يصح النفي بقول مطلق كما لا
يخفى .
وايضا قد يستدل له بصحيح مالك بن عطية عن الامام الصادق ( عليه
السلام )
في الرجل يتزوج المرأة فتلد منه ثم ترضع من لبنه جارية ، يصلح لولده
من غيرها ان
يتزوج تلك الجارية التي ارضعتها ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، هي
بمنزلة الاخت من
الرضاعة ، لان اللبن لفحل واحد ( 1 ) وما في معناه من الاخبار . ولكن
فيه نظرا ، لانها
تدل على ان الاشتراك في لبن الفحل الواحد يوجب التحريم وهو المطلب
الثاني ،
ولا تدل على انحصار جهة التحريم فيه ، وانه لا يكفي الاخوة من ناحية
الام .
واستدل للقول الاخر بعموم قوله تعالى ( واخواتكم من الرضاعة ) ( 2 ) .
وبالنبوي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ( 3 ) ولا ريب في كفاية
الاخوة
من احد الابوين في الحرمة من ناحية النسب ، فكذلك من ناحية الرضاع .
وبخبر محمد بن عبيدة الهمداني ، قال الرضا ( عليه السلام ) : ما يقول
اصحابك
في الرضاع ؟ قال قلت : كانوا يقولون اللبن للفحل حتى جاءتهم الرواية
عنك انك تحرم
من الرضاع ما يحرم من النسب فرجعوا الى قولك ، قال فقال ( عليه
السلام ) : وذلك
ان امير المؤمنين سألني عنها البارحة ، فقال لي : اشرح لي اللبن
للفحل ، وانا اكر ه
الكلام ، فقال : كما
انت حتى اسألك عنها ، ما قلت في رجل كانت له امهات اولاد شتي
فارضعت واحدة منهن بلبنها غلاما غريبا ، اليس كل شئ من ولد ذلك الرجل
من
امهات الاولاد الشتى محرما على ذلك الغلام ؟ قال قلت : بلى قال ،
فقال أبو الحسن : فما
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 13 .
( 2 ) سورة النساء آية 24 .
( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع . ( * )
[ . . . ]
بال الرضاع يحرم من قبل الفحل ولا يحرم من قبل الامهات ، وانما
الرضاع من قبل
الامهات وان كان لبن الفحل ايضا يحرم ( 1 ) .
ولكن الاولين مطلقان يقيد اطلاقهما بما تقدم . واما الخبر فضعيف
السند ، لان
محمد بن عبيد ليس له ذكر في الرجال فهو مجهول ، مع انه ايضا اعم من
النصوص
المتقدمة ، من جهة شموله لاولاد المرضعة نسبا ولا خلاف في تحريمهم
على المرتضع
وان تعدد الفحل كما سيجئ ، فيقيد اطلاقه بها . اضف الى ذلك انه لو
سلم معارضته
مع ما تقدم لا مجال لما توهمه المحدث الكاشاني من تقديمه عليها
بمخالفتها للكتاب
واحتمال حملها على التقية ، إذ الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة
العامة انما يكون بعد
فقد جملة من المرجحات من الشهرة وصفات الراوي ، وهي تقتضي تقديم تلك
النصوص كما
لا يخفى .
المطلب الثاني : في الاكتفاء في نشر الحرمة باتحاد الفحل ولا يعتبر
وحدة
المرضعة ، فتكفي الاخوة من جانب الاب خاصة في ثبوت التحريم ، وقد
عرفت انه
اجماعي .
واستدل له بصحيح مالك المتقدم . وصحيح البزنطي عن الامام الرضا (
عليه
السلام ) عن امرأء ارضعت جارية ولزوجها ابن من غيرها ، ايحل للغلام
ابن زوجها
ان يتزوج الجارية التي ارضعت ؟ فقال ( عليه السلام ) : اللبن للفحل (
2 ) .
وموثق سماعة ، قال : سألته عن رجل كان له امرأتان فولدت كل واحدة
منهما
غلاما ، فانطلقت احدى امرأتيه
فارضعت جارية من عرض الناس ، اينبغي لابنه ان
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6
من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 9 .
( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 7 . ( * )
[ . . . ]
يتزوج بهذه الجارية ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا ، لانها ارضعت بلبن
الشيخ ( 1 ) الى غير
تلكم من النصوص .
ولولا كون الحكم مجمعا عليه لامكن الخدشة في هذه النصوص ، لانها
باجمعها
ورادة فيما كان احدهما ولدا نسبيا ، وتدل على عدم اعتبار وحدة
المرضعة وام الولد
الاخر في اخوة ولده الرضاعي لولده النسبي ، ومحل الكلام هو الاخوة
بين المرتضعين
الذين يكونان كلاهما ولدين رضاعيين للفحل ، ولو سلم اطلاقها ولو
بواسطة ما فيها
من عموم العلة يقيد بموثق الساباطي المتقدم في المطلب الاول ، الا ان
الظاهر منهم
كون الحكم بنحو لا يمكن الخدشة فيه بوجه ، والله تعالى اعلم .
واما خبر ابي بصير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل تزوج
امرأة
فولدت منه جارية ، ثم ماتت المرأة فتزوج اخرى فولدت منه ولدا ثم انها
ارضعت من
لبنها غلاما ، ايحل لذلك الغلام الذي ارضعته ان يتزوج ابنة المرأة
التي كانت تحت
الرجل قبل المرأة الاخيرة ؟ فقال ( عليه السلام ) : ما احب ان يتزوج
ابنة فحل قد
رضع من لبنه ( 2 ) فلا ينافي النصوص المتقدمة ، لعدم ظهور نفي المحبة
في عدم الحرمة ،
فيمكن ان يراد منه ما لا ينافيها .
لا يعتبر اتحاد الفحل إذا كان احد الولدين نسبيا لها
بقى في المقام فروع .
احدها : ان ما ذكرناه من عدم اعتبار اتحاد المرضعة انما هو في حرمة
احد
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 6 .
( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
المرتضعين على الاخر بعد حصول الحرمة لاحدهما مع المرضعة وصاحب لبنه
، واما في
ثبوت الحرمة بين الرضيع والمرضعة وصاحب اللبن ، فلا ريب ولا خلاف في
اعتبار وحدة
المرضعة ، وعن التذكرة دعوى الاجماع عليه ، وفي الجواهر : بل الاجماع
بقسميه عليه ،
ويشهد به موثق زياد بن سوقة المتقدم وغيره .
ثانيها : ان ما ذكرناه تبعا للمشهور من اعتبار وحدة الفحل وانه لا
يكتفي
باتحاد المرضعة في حصول الاخوة بين المرتضعين ، انما هو فيما إذا
كانا كلاهما ولدين
رضاعيين للمرضعة .
واما إذا كان احدهما ولدا نسبيا ، لها ، فلا يعتبر في اخوة ولدها
الرضاعي لولدها
النسبي اتحاد الفحل ، فلو ارضعت ولدا حرم عليه اولادها النسبية كلهم
وان كانوا من
غير صاحب لبن المرتضع ، وذلك لاطلاق الكتاب والسنة بعد اختصاص دليل
اعتبار
وحدة الفحل بالولدين الرضاعيين ولموثق جميل عن الامام الصادق ( عليه
السلام ) :
إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شئ من ولدها ، وان كان الولد
من غير
الرجل الذي كانت ارضعته بلبنه ( 1 ) . وصحيح محمد بن مسلم عن ابي
جعفر أو ابي
عبد الله عليهما السلام : إذا رضع الغلام من نساء شتى فكان ذلك عدة
أو نبت لحمه
ودمه عليه حرم عليه بناتهن كلهن ( 2 ) .
وظاهر كلام الشيخ الاعظم ره التوقف في المسألة ، فانه قال : لكن يظهر من
بعض الاخبار اتحاد الفحل هنا ايضا ، مثل صحيحة صفوان عن ابي الحسن (
عليه
السلام ) ، وفيها : قلت له : فارضعت امي جارية بلبني ؟ فقال ( عليه
السلام ) : هي اختك
من الرضاعة . قلت : فتحل لاخ لي من امي لم ترضعها امي بلبنه ؟ قال (
عليه السلام ) :
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 .
( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
والفحل واحد ؟ قلت : نعم ، هو اخي لابي وامي ، قال ( عليه السلام ) :
اللبن للفحل ،
صار ابوك ابوها وامك امها ( 1 ) فان استفصال الامام ( عليه السلام )
عن اتحاد الفحل
مع تصريح السائل بكون الاخ ولد المرضعة نسبا ، يدل على تغاير حكمه مع
حكم
صورة تعدد الفحل ، انتهى .
وفيه : انه لم يصرح بكون الاخ ولدا نسبيا ، فان قوله لأخ لي من امي
بقرينة
لم ترضعها امي بلبنه ظاهر في الاخ الرضاعي ولا اقل من المحتمل ، إذ
لو كان المراد
الاخ النسبي لكان القيد لغوا مستغنى عنه ، لعدم اعتبار الرضاع في
تحققه .
ويؤيد ما ذكرناه قوله في الخبر على اتحاد الفحل في هذه الصورة ، مع
انه لو
سلم دلالته على ذلك لاعراض الاصحاب عنه ساقط عن الحجية ، اضف إليه
معارضته
لما هو اشهر منه . هذا كله مضافا الى اضطراب المتن ، فان في بعض
النسخ بدل هو
اخي لابي وامي هي اختي ويناسبه جواب الامام ( عليه السلام ) ، والا
فعلى ما ذكره
الشيخ لا يكون الجواب مرتبطا بالسؤال الثاني ، بل هو جواب عن السؤال
الاول كما
لا يخفى على المتدبر .
عدم اعتبار اتحاد الفحل في غير الاخوة
ثالثها : انه قد حكى عن المصنف في القواعد : ان ام المرضعة من الرضاع ،
أو اختها منه ، أو بنات اخيها منه ، لا تحرمن على المرتضع ، لان
الرضاع الحاصل بين
................................................................................
( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
المرضعة والمرتضع بلبن فحل ، والحاصل بينها وبين امها أو اختها أو
اخيها بلبن فحل
آخر ، فلم يتحد الفحل فلا نشر . ومثله عن المحقق الثاني في شرح
القواعد ، وزاد على
فروض القواعد عدم تحريم عمة المرضعة وخالتها من الرضاع على المرتضع .
واستدل على ذلك في شرح القواعد بما ملخصه : ان الاجماع قائم على
اعتبار
اتحاد الفحل في محرمية الرضاع ، فلو كان لمن ارضعت صبيا ام من الرضاع
لم تحرم تلك
الام ، لان نسبتها إليه بالجدودة انما تتحصل من رضاعه من مرضعته
ورضاع مرضعته
منها ، ومعلوم ان اللبن في الرضاعين ليس لفحل واحد ، فلا تثبت
الجدودة بين المرتضع
والام المذكورة لانتفاء الشرط ، فينتفي التحريم .
فان قيل : انه يدل على التحريم عموم ما يدل على انه يحرم من الرضاع
ما
يحرم من النسب .
قلنا : الدليل الدال على اعتبار اتحاد الفحل خاص ، فلا حجة في العام
حينئذ .
وفيه اولا : ان دليل اعتبار اتحاد الفحل المخصص لعموم الكتاب والسنة ،
مختص بالرضاع الموجب لاخوة المرتضعين ، ولا اطلاق له يشمل المقام .
وثانيا : انه في صحيح الحلبي وموثق عمار المتقدمين الذين هما دليل
اعتبار اتحاد
الفحل كما مر ، صرح بحرمة اخت المرضعة من الرضاع على المرتضع ، مع
انه من
المعلوم مغايرة فحل المرتضع لفحل اخت المرضعة ، وهو احد الموارد التي
حكم في الكتابين بعدم التحريم تفريعا على تعدد الفحل .
وثالثا : انه علل حرمة اخت المرضعة على المرتضع في الموثق بان الاختين
ارضعتا بلبن فحل واحد ، فمفاد التعليل انه إذا تحققت الاخوة بينهما
باتحاد الفحل
كفى ذلك في حرمة كل منهما على فروع الاخر ولو من الرضاع .
[ . . . ]
اعتبار حياة المرضعة في نشر الحرمة
بقى من شرائط نشر الحرمة بالرضاع امر واحد لم يتعرض له المصنف ره وهو
حياة المرضعة ، والمشهور بين الاصحاب اعتبارها ، وفي رسالة الشيخ
الاعظم ره : بل لم
اعثر على حكاية خلاف صريح ، وعن ظاهر التذكرة والصيمري ان عليه
الاجماع .
واستدل له بوجوه :
1.
انصراف الادلة الى
الافراد المعهودة المتعارفة . وفيه : ان ذلك لا يوجب
الانصراف المقيد للاطلاق .
2.
ان الحكم علق في الاخبار
على الامرأة ، وهي لا تصدق على الميتة . وفيه :
منع عدم الصدق .
3.
ان موضوع الحكم هو
الارضاع ، وظاهره كونه عن الاختيار والقصد
المتوقف على الحياة ، إذ لولاها لم يصح الاسناد إليها بوجه ، فالادلة
بانفسها تدل على
اعتبارها . وفيه : انه قام الاجماع - كما ادعاه الشهيد الثاني - على
عدم اعتبار الا ختيار
والقصد في الانتشار ، ولذا لو سعى إليها الولد وهي نائمة ، أو التقم
ثديها وهي غافلة
يتحقق النشر ، فيستكشف من ذلك عدم دخل الاختيار في الحكم .
ودعوى ان الادلة الدالة على ان الموضوع هو الارضاع ، تدل بالدلالة
المطابقية على اعتبار الاختيار ، وبالدلالة الالتزامية على اعتبار
الحياة ، والاجماع على
عدم اعتبار الاختيار حيث يكون من قبيل القرينة المنفصلة ، فهو يمنع
عن حجية
ظهورها في اعتبار الاختيار لا عن اصل ظهورها في اعتباره ، وحيث ان الدلالة
الالتزامية تابعة للمطابقية في الدلالة والظهور لا في الحجية ، فتبقى
حجية الادلة في
[ . . . ]
اعتبار الحياة بحالها .
مندفعة اولا : بمنع ظهور الادلة في اعتبار الاختيار ، لعدم دخله في
مادة الافعال
ولا في هيئاتها ، ولذا جرى بنائهم على التمسك بعموم من اتلف في موارد
الاتلاف غير
الاختياري .
وثانيا : بان غاية ما يدل عليه الادلة على فرض التسليم اعتبار
الاختيار ، ولا
دلالة له بوجه على اعتبار الحياة ، والاجماع دال على عدم اعتباره .
وثالثا : بما حقق في محله من تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية
حجية كتبعيتها
لها دلالة .
4.
ما في رسالة الشيخ الاعظم
ره ، قال : ان بعض فروض الارتضاع من الميتة
خارج عن اطلاق مثل قوله تعالى ( واخواتكم من الرضاعة ) ( 1 ) لانصراف
المطلق
الى غيره ، فيدخل تحت قوله تعالى ( واحل لكم ما وراء ذلكم ) ( 2 )
فيثبت عدم النشر
في هذا الفرد بالاية ، ويجب الحاق غيره من الفروض الداخلة تحت اطلاق
آية التحريم
به ، لعدم القول بالفصل . وقلب هذا الدليل ، بان يثبت التحريم في
الفروض الداخلة
تحت آية التحريم بها ، والحاق الفرض الخارج منها بعدم القول بالفصل ،
وان كان ممكنا
الا ان غاية الامر حينئذ وقوع التعارض حينئذ بواسطة عدم القول بالفصل
بين آيتي
التحريم والتحليل ، فيجب الرجوع الى ادلة الاباحة من العمومات
والاصول
المعتضدة بفتوى معظم الفحول .
وفيه اولا : منع انصراف آية التحريم عما لو كانت جميع الرضعات في حال
الموت ، إذ لا منشأ له سوى ندرة الوجود ، وقد حقق في محله انها لا
تصح منشأ
................................................................................
( 1 ، 2 ) سورة النساء آية 24 ، 25 . ( * )
] ومع الشرائط تصير المرضعة اما ، وذو اللبن ابا ، واخوتهما
اخوالا واعماما ، [
للانصراف المقيد للاطلاق .
وثانيا : ما نبه عليه المحقق الخراساني ره ، وهو ان آية التحليل
ناظرة الى آية
التحريم ، لانها تدل على حلية ما عدا ما حرم في آية التحريم . فعلى
فرض استفادة
التحريم بالارتضاع من الميتة مطلقا من آية التحريم ، ولو بضميمة عدم
القول
بالفصل ، كيف يمكن ان يستفاد التحليل من آيته بضميمة ما عرفت .
ولكن يمكن دفع الثاني بان آية التحليل تدل على حلية غير ما حرم بآية
التحريم ، ولا نظر لها الى ما ثبت حرمته بدليل آخر . وعليه فآية
التحريم تدل على نشر
الحرمة في بعض الفروض ، وآية التحليل تدل على حلية غير ذلك الفرض ،
وعدم
القول بالفصل وان كان صالحا لتسرية الحكم الى الفروض الاخر ، لكنه لا
يصلح
للحكومة على آية التحليل ، فهو ايضا صالح لتسرية الحلية الى سائر
الفروض ، فيقع
التعارض بين الايتين . فالعمدة هو الاول .
فتحصل انه لا دليل على اعتبارها سوى الاجماع ان ثبت وكان تعبديا .
المطلب الثالث : في احكام الرضاع ، وفيه مسائل .
الاولى : إذا حصل الرضاع المحرم ( و ) هو ما كان ( مع الشرائط )
السابقة
( يصير
المرضعة اما و ) يصير ( ذو اللبن ) وهو الفحل ( ابا ) وابائهما من الذكور
والاناث اجدادا وجدات ( واخوتهما ) اي المرضعة والفحل ( اخوالا ) وخالات
( واعماما
) وعمات ، اي اخوة المرضعة تصير اخوالا وخالات ، واخوة الفحل اعماما
] واولادهما اخوة . [
وعمات ( واولاد ) كل من ( هما اخوة ) واخوات . وتحرم هؤلاء القرابات
كلا بلا خلاف
اجده في شئ من ذلك ، بل الظاهر اتفاق اهل الاسلام جميعا عليه الا من
لا يعتد به
من العامة ، كذا في الجواهر .
ويشهد للحرمة النبوي المشهور : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ( 1
) وما
ماثله من النصوص المروية عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ( 2 )
بالتقريب المتقدم في
اول المطلب الاول ، وقد عرفت انه يدل على ان كل عنوان محرم بذاته في
النسب إذا
حصل نظيره بالرضاع يوجب الحرمة ، اضف إليه التصريح بجملة من تلكم
القرابات
في الكتاب والسنة ، قال الله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي ارضعنكم
واخواتكم من
الرضاعة ) ( 3 ) والامهات شاملة للجدات ايضا .
ومثل الاية الكريمة نصوص مستفيضة ، ففي صحيح ابن سنان عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) : لا يصلح للمرأة ان ينكحها عمها ولا خالها
من الرضاعة ( 4 ) .
وفي صحيحه الاخر عنه ( عليه السلام ) عن لبن الفحل ، قال ( عليه
السلام ) :
هو ما ارضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك ولد امرأة اخرى فهو حرام ( 5 ) .
وفي خبر مسعدة بن زياد ، قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يحرم من
الاماء
عشر : لا تجمع بين الام والابنة ، الى ان قال : ولا امتك وهي عمتك من
الرضاعة ، ولا
امتك وهي خالتك من الرضاعة ، ولا امتك وهي اختك من الرضاعة ، ولا
امتك وهي
ابنة اخيك من الرضاعة ( 6 ) الى غير تلكم من النصوص .
................................................................................
( 1 - 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع .
( 3 ) سورة النساء آية 24 .
( 4 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 5 .
( 5 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .
( 6 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 9 . ( * )
[ . . . ]
فلا اشكال في حرمة العناوين المحرمة النسبية إذا تحقق نظائرها
بالرضاع .
وينبغي التنبيه على امور :
1.
ان الركن في التحريم بهذه
القرابات المرتضع والمرضعة والفحل ، فيحرم
على الاول المرضعة ومن يحرم بسببها من الامهات والاخوات والعمات
والخالات ، ومن
يحرم بسبب الفحل ممن ذكر واولاد المرضعة والفحل ، ويحرم على الفحل
والمرضعة
المرتضع والمرتضعة واولادهما ، فالموارد التي يكون الحكم بالحرمة على
طبق هذا الضا بط
كثيرة لا يهمنا التعرض لها تفصيلا .
2.
انه لا يستثنى من الكبرى
الكلية شئ . وما عن المصنف ره في التذكرة
من انه يحرم في النسب اربع نسوة قد لا يحرمن في الرضاع .
الاولى : ام الاخ في النسب حرام ، لانها اما ام أو زوجة اب ، وفي
الرضاع قد
لا تحرم ، كما لو ارضعت اجنبية اخاك أو اختك .
الثانية : ام ولد الولد حرام ، لانها ام بنته أو زوجة ابنه ، وفي
الرضاع قد لا تكون
احداهما ، مثل ان ترضع الاجنبية ابن الابن ، فانها ام ولد الولد
وليست حراما .
الثالثة : جدة الولد في النسب حرام ، لانها اما بنت أو ربيبة ، وفي
الرضاع قد
لا تكون كذلك ، كما إذا ارضعت الاجنبية ولدك ، فان امها جدته وليست
بامك ولا ام
زوجتك .
الرابعة : اخت ولدك في النسب حرام عليك ، لانها اما بنتك أو ربيبتك ،
فإذا
ارضعت اجنبية ولدك فبنتها اخت ولدك وليست ببنت ولا ربيبة .
لا يكون استثناء عن الضابط ، ضرورة ان شيئا من العناوين الحاصلة من
الرضاع في هذه الصور لا يكون موضوعا للحرمة في النسب ، بل الموضوع
امور اخر
مفقودة فيها ، فهي خارجة عن القاعدة . وفي الصورة الاخيرة بالخصوص
كلام من
] ويحرم اولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا على المرتضع ، واولاد
المرضعة
ولادة لا رضاعا ، ولا ينكح أبو المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولادة
[
ناحية اخرى سيأتي .
3.
انه قد عرفت في الامر
الثاني من المطلب الاول ان القرابة المنضمة
بالمصاهرة ، إذا كانت القرابة رضاعية والمصاهرة حقيقية توجب نشر
الحرمة ، وفي
خصوص ام الزوجة
نصوص ستأتي عند تعرض المصنف ره لها
.