] ولو سبق عقدهن لم يحرمن [

الايقاب المتأخر عن العقد لا يوجب الحرمة

 

( و ) السابع : المشهور بين الاصحاب انه ( لو سبق عقدهن ) اي عقد الام

والبنت والاخت على الايقاب ( لم تحرمن عليه ) ، وعن بعضهم دعوى الاتفاق عليه .

وعن ابن سعيد في الجامع التحريم ، وربما يستظهر ذلك مما ذكره جماعة من اطلاق

التحريم للمذكورات .

ويشهد للثاني - مضافا الى اطلاق النصوص - خصوص صحيح ابن ابي عمير

عن بعض اصحابنا عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل يأتي اخا امرأته ، فقال

( عليه السلام ) : إذا وقبه . فقد حرمت عليه المرأة ( 1 ) ، وحمله على ارادة كونها امرأته

في الحال دون زمان الاتيان بعيد مخالف للظاهر ، ولكن اعراض المشهور عن المرسل

يسقطه عن الحجية .

واما اطلاق النصوص ، فيعارضه ما دل من النصوص على ان الحرام لا يحرم

الحلال ( 2 ) وحيث ان النسبة عموم من وجه ، بناء على ان المراد من الحلال الحلال

الفعلي ، والمختار في تعارض العامين من وجه الرجوع الى المرجحات السندية ، فتقد م

نصوص عدم التحريم لكونها المشهورة بين الاصحاب ، ولكن قد تقدم ان المراد به

أعم من الفعلي والتقديري ، فنصوص التحريم اخص منها فتقدم . وعليه فليس في

مقابل اطلاق النصوص سوى تسالم الاصحاب على عدم الحرمة ، فالمتعين هو

الاحتياط ، إذ كما ان مخالفة القوم مشكلة كذلك مخالفة الادلة مشكلة .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولو كان الايقاب بعد التزويج ، وطلق امرأته واراد تزويجها جديدا ، فعلى القول

بعدم محرمية الايقاب المتأخر ، هل يجوز التزويج الثاني ام لا ؟ ذهب صاحب الجواهر

ره الى الجواز لو كان الطلاق بعد الايقاب ، واختار سيد الرياض التحريم ، وفي رسالة

الشيخ الاعظم ره البناء على التحريم إذا كان الايقاب بعد الطلاق .

وقد استدل للجواز في مقابل اطلاق النصوص الموجب للحرمة بالاستصحاب ،

واشكاله ظاهر ، إذ استصحاب الحل الفعلي لا يجري للحرمة بالطلاق ، واستصحاب

التعليقي لا يكون جاريا كما حقق في محله . نعم ، في صورة كون الايقاب بعد الطلاق

لا مانع من استصحاب جواز التزويج تكليفا ووضعا الا انه لا مورد له مع اطلاق

الادلة ، ونصوص عدم محرمية الحرام للحلال على فرض كون المراد به الحلال الفعلي

لا تشمل بعد الطلاق ، والاجماع على عدم الحرمة غير ثابت . فالاظهر هو البناء على

التحريم في الفرضين .

الثامن : إذا كان الوطء عن غير اختيار أو كان مكرها عليه ، فهل يوجب

الحرمة ام لا ؟ وجهان : من اطلاق النصوص ، ومن ان المنساق الى الذهن من النصوص

ان الموضوع هو اللواط ، وهو عبارة عن العمل القبيح المحرم كالزنا ، فلا تشمل

النصوص الايقاب غير المحرم ، لعدم الاختيار أو الاكراه ، وعموم حديث : رفع ما

استكرهوا عليه ( 1 ) . ولكن الاظهر هو الاول ، لمنع الانسباق إذ لا منشأ له سوى ندرة

وجود الايقاب غير المحرم ، وهي لا تصلح للانصراف المقيد للاطلاق ، وعموم حديث

الرفع لا يشمل الاحكام المترتبة على الموضوعات الخارجية ، فكما انه لا يرفع وجوب

الغسل عليه كذلك لا يصلح لرفع هذا الحكم ، وتمام الكلام في محله .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 56 من ابواب جهاد النفس . ( * )

 

 

] الثانية : لو دخل بصبية لم تبلغ تسعا فافضاها حرمت عليه ابدا [

 

التاسع : لا يحرم من جهة هذا العمل الشنيع غير الثلاثة المذكورة بلا خلاف ،

فلا بأس بنكاح ولد الواطئ ابنة الموطوء ان خته ان امه . نعم ، في خصوص ابنته دل خبر

ضعيف على الحرمة ، وهو مرسل موسى بن سعدان عن بعض رجاله ، قال : كنت عند

ابي عبد الله ( عليه السلام ) فقال له رجل : ما ترى في شابين كانا مصطحبين ، فولد لهذا

غلام وللاخر جارية ، ايتزوج ابن هذا ابنة هذا ؟ فقال ( عليه السلام ) : نعم ، سبحان

الله لم لا يحل . فقال : انه كان صديقا له ، قال : وان كان فلا بأس . قال : فانه كان يفعل

به ، قال : فاعرض بوجهه ثم اجابه وهو مستتر بذراعه فقال : ان كان الذي كان منه

دون الايقاب فلا بأس ان يتزوج ، وان كان قد اوقب فلا يحل له ان يتزوج ( 1 ) ولكن

لارساله وعدم العمل به لا يعتمد عليه .

 

افضاء من لم تبلغ تسع سنين يوجب الحرمة الابدية

 

( الثانية : لو دخل بصبية ) عقد عليها التي ( لم تبلغ تسعا فافضاها حرمت

عليه ابدا ) على المشهور . وفي الجواهر : اجماعا محكيا صريحا عن الايضاح والتنقيح

وكنز الفوائد وغاية المراد ، وظاهرا في المسالك ومحكى كشف الرموز والمقتصر والمهذب

البارع بل والسرائر ، ان لم يكن محصلا بل لعله كذلك ، انتهى .

وعن الشيخين في المقنعة والنهاية والحلي ان الدخول بها موجب للحرمة الابدية

وان لم يفضها ، ونقله بعضهم عن المفيد ايضا ، وعن الكفاية نسبته الى جماعة ، وعن

ظاهر المفاتيح وشرحه نوع ميل إليه ، واختاره في المستند .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وعن ابن سعيد في النزهة والفاضل الهندي في كشف اللثام انه لا يوجب الحرمة

حتى مع الافضاء ، وفي الجواهر : ربما لاح من المفيد وابن الجنيد والصدوق ذلك ، وفيها

ايضا : الانصاف مع ذلك كله عدم خلوه عن القوة ، واختاره سيد العروة وجمع من

محشيها .

واستدل للقول بالحرمة بمرسل يعقوب بن يزيد عن بعض اصحابنا عن ابي

عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل ان تبلغ تسع

سنين فرق بينهما ولم تحل له ابدا ( 1 ) .

ولكن يرد عليه اولا : ضعف السند للارسال ولوجود سهل في الطريق .

وثانيا : انه يدل على الحرمة بالدخول وان لم يفض ، والمشهور لم يفتوا بذلك .

وثالثا : انه يدل على انتفاء الزوجية بمجرد الوطء ، وتدل النصوص الصحيحة

على بقاء الزوجية حتى في صورة الافضاء فضلا عن عدمه وستجئ هذه النصوص .

ودعوى ان ضعفه ينجبر بالعمل ، واطلاقه الشامل لفرض عدم الافضاء يقيد

بالاجماع على اعتباره ، والنصوص الدالة على بقاء الزوجية مع الافضاء لا يعمل بها

كما سيجيئ ، مندفعة بان ظاهر المرسل كون الدخول محرما ، وظاهر فتوى المشهور

كون الافضاء محرما ، فالفتوى اجنبية عن المرسل فلا انجبار ، لا اقل من عدم احراز

استناد الاصحاب إليه فلا يكون الانجبار ثابتا ، فالقول بعدم التحريم لا يخلو من

قوة ، ولكن من جهة افتاء الاصحاب به لا ينبغي ترك الاحتياط بل لا يترك ، فتأمل .

ولو دخل بها ولم يفضها لا تحرم وان كان احوط .

وتمام الكلام بالبحث في فروع :

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها حديث 2 . ( * )

 

 

] ولم تخرج من حبالته [

 

الاول : ان الصبية المدخول بها المفضاة ( و ) غيرها ( لم تخرج من حبالته ) وان

قلنا بالحرمة ، كما في المتن والشرايع والنافع والرياض والجواهر وعن السرائر والروضة

وجامع المقاصد وغيرها ، للاصل والنصوص ، لاحظ صحيح حمران عن الصادق ( عليه

السلام ) ، قال : سئل عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك ، فلما دخل بها افتضها

فافضاها ، فقال ( عليه السلام ) : ان كان دخل بها ولها تسع سنين فلا شئ عليه ، وان

كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها اقل من ذلك بقليل حين افتضها فانه قد افسدها

وعطلها على الازواج ، فعلى الامام ان يغرمه ديتها ، وان امسكها ولم يطلقها حتى تموت

فلا شئ عليه ( 1 ) .

وخبر بريد بن معاوية عن الامام الباقر ( عليه السلام ) في رجل افتض جارية

يعني امرأته فافضاها ، قال ( عليه السلام ) : عليه الدية ان كان دخل بها قبل ان تبلغ تسع .

سنين ، قال : وان امسكها ولم يطلقها فلا شئ عليه ، ان شاء امسك وان شاء طلق ( 2 ) .

وعن ابن حمزة انها تبين منه بغير طلاق ، وايده الشهيد الثاني بان التحريم

المؤبد ينافي النكاح إذ ثمرته حل الاستمتاع ، ولانه يمنع النكاح سابقا فيقطعه لاحقا ،

كالرضاع واللعان والقذف للزوجة الصماء والخرساء . ولكن يمكن ان يقال : ان ثمرة

النكاح لا تنحصر في حل الاستمتاع ، بل له آثار اخر كحلية النظر إليها والى امها

وبنتها وحرمة تزويج اختها وما شاكل ، وعلى فرضه فانما يوجب عدم جواز النكاح

ابتداء على من يحرم الاستمتاع منه لابقائه ، واما حرمة النكاح بالرضاع السابق

الموجب لانفساخ اللاحق فلوجود الدليل . فالاظهر انها لا تخرج عن حبالته .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الثاني : يجب على الواطئ دية الافضاء اجماعا ، وهي دية النفس على ما ذكروه

في كتاب الديات . انما الكلام في انه هل يجب عليه الدية مطلقا وان امسكها ولم يطلقها

كما هو المشهور بين الاصحاب ، ام تسقط الدية عنه لو امسكها ولم يطلقها كما عن

ابن الجنيد ؟ وجهان :

من اطلاق النصوص الدالة على ثبوت الدية مع الافضاء ، مثل ما رواه

الصدوق باسناده الى قضايا امير المؤمنين ( عليه السلام ) انه قضى في امرأة افضيت

بالدية ( 1 ) ونحوه غيره ، والمتضمنة للضمان مع العيب كخبر غياث عن جعفر عن ابيه

عن علي عليهم السلام : لا توطأ جارية لاقل من عشر سنين ، فان فعل فعيبت فقد

ضمن ( 2 ) . وصحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : من وطأ امرأته قبل ان

تبلغ تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن ( 3 ) ونحوها غيرها ، وفي هذه النصوص وان لم

يصرح بالدية لكنها تدل عليها كما لا يخفى .

ومن ان مقتضى صحيح حمران وخبر بريد سقوطها مع الامساك .

مقتضى القاعدة هو البناء على الثاني ، حملا للمطلق على المقيد . وما في الجواهر

من انه يجب حملهما على سقوطها صلحا بان تختار المقام معه بدلا عن الدية ، فان الد ية

قد لزمته بالافضاء بدلالة النص والفتوى ، فلا تسقط مجانا من غير عوض ، لانه لو لم

يحمل على الصلح فاما ان يكون المراد سقوط الدية بالعزم على الامساك ، أو بنفس

الامساك المستمر الى الموت بان تسقط الدية به ، أو يبقى الحكم بالسقوط مراعى

بالموت ، فان امسكها حتى مات تبين السقوط من حين الامساك ، أو عدم ثبوت الدية

................................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 26 من ابواب ديات الاعضاء حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 45 من ابواب مقدمات النكاح وآدابه حديث 7 .

( 3 ) الوسائل باب 45 من ابواب مقدمات النكاح حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

بالافضاء ، واللوازم خصوصا بعضها في غاية البعد ، انتهى . يندفع بان مقتضى حمل

المطلق على المقيد هو عدم ثبوت الدية بالافضاء مع الامساك لا انها تثبت به وتسقط ،

والنص دل على انه ان امسكها ولم يطلقها حتى تموت لا دية عليه ، ولازم ذلك بقاء

الحكم بالسقوط مراعى بالموت ولا محذور في الالتزام بذلك ، وما افاده ليس الا اجتهادا

في مقابل النص .

ولو مات قبل موتها ، فقد يقال بثبوت الدية نظرا الى ان المقتضى لثبوتها هو

الافضاء ، وانما منع عن تأثيره الامساك المستمر الى الموت ، والمفروض عدم تحققه في

الفرض ، فيؤثر المقتضى اثره كما عن المحقق اليزدي ره . ولكن يرد عليه : ان تشخيص

المقتضى ومعرفته في باب الشرعيات لا يمكن ، لعدم ورود الادلة لبيانه وانما هي في مقام

بيان الحكم ، فلابد من ملاحظة المخصص ، وهو انما تضمن انه ان لم يطلقها أو لم

يطلقها حتى تموت تسقط الدية ، وهذان العنوانان صادقان في الفرض ، فالاظهر عدم

ثبوتها في الفرض .

ومع ذلك كله الافتاء بسقوط الدية مع الامساك مشكل ، لكون اخبار السقوط

مهجورة عند الاصحاب ، وطريق الاحتياط معلوم .

الثالث : المشهور بين الاصحاب انه يجب عليه نفقتها ما دامت حية وان طلقها ،

بل وان تزوجت بعد الطلاق . وعن الاسكافي سقوطها بالطلاق . وعن ابن فهد

والصيمري وابن قطان والايضاح والروضة تقييد الحكم بما إذا لم تتزوج بغيره واختاره

الشيخ الاعظم ، وعن القواعد على اشكال .

ويشهد للاول صحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال : سألته

عن رجل تزوج جارية فوقع بها فافضاها ، قال ( عليه السلام ) : عليه الاجراء عليها ما

 

 

[ . . . ]

دامت حية ( 1 ) . وعن الشيخ في الاستبصار حمله على الكبيرة ، جمعا بينه وبين خبري

حمران وبريد المتضمنين انه مع الامساك لا شئ عليه ، بدعوى ان عموم الشئ المنفي

يشمل النفقة .

ولكن يرد عليه اولا : انهما مختصان بصورة الامساك ، وفي تلك الصورة لاريب

في وجوب النفقة لانها زوجته .

وثانيا : ان تعرضه ( عليه السلام ) في صدرهما لخصوص الدية قرينة على ان

المراد بالشئ هو الدية ، فليكن ما ذكرناه اولا قرينة عليه ايضا . فالمتعين حملهما على

ذلك ، فلا موجب لحمل الصحيح على خصوص الكبيرة ، وعدم التعرض للدية لا يصلح

قرينة على ذلك ، لعدم كونه في مقام بيان جميع احكام المفضاة .

واستدل للثاني بزوال الزوجية التي هي علة الوجوب . وفيه : ان ظاهر الصحيح

كون العلة لوجوبها الافضاء لا الزوجية .

واستدل للثالث الشيخ الاعظم بانصراف الصحيح الى صورة عدم التزويج ،

حيث ان الغالب عدم رغبة الازواج فيها بعد الافضاء ، كما تدل عليه الرواية القائلة

بانه قد افسدها وعطلها على الازواج ، ولعل هذا هو مراد من علل التقييد بزوال

التعطيل على الازواج . وبانه يجب على الزوج الثاني نفقتها عينا لاطلاق الادلة

فيتعارضان ، إذ لا تجب نفقة واحدة على شخصين ، وتترجح تلك الادلة باعتبار نفقتها

للقواعد الشرعية من كون النفقة في مقابل التمكين ، والى ذلك نظر من استدل له

بانها تجب على الثاني فلا تجب على الاول .

ولكن يرد على الاول : منع الانصراف ، وما في الخبر من التعليل بالتعطيل انما

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

هو لوجوب الدية لا وجوب النفقة ، ودليل وجوبها خال عن هذا التعليل .

ويرد على الثاني : ان وجوب النفقة على الاول انما هو للافضاء ، وعلى الثاني

للزوجية ، فلا مانع من وجوبها على كل منهما ، فلا تعارض بين الادلة . نعم ، لو كان وجوب

نفقة الزوجة بمعنى انها تستحق على الزوج ان يشبعها وقع التعارض بينهما ، ولكنه

خلاف التحقيق ، بل هي تستحق عين النفقة كما سيأتي ، مع انه إذا دل دليلان على

وجوب شئ واحد على شخصين يجمع بينهما بالبناء على كون الوجوب كفائيا ، اضف

الى ذلك انه لو سلم التعارض وعدم امكان الجمع بينهما لابد من تقديم دليل الوجوب

على الاول لكونه اشهر .

ولو مات الزوج قبل ان تموت المفضاة ، فهل تسقط النفقة كما في الجواهر قال :

الظاهر سقوطها بموته كما هو واضح ، وفي العروة نسبته الى المشهور ، ام لا تسقط بل

تستحق من تركته كسائر ديونه كما اختاره المحقق اليزدي ره ؟ وجهان مبنيان على انه

بالافضاء هل تشتغل ذمة الزوج بتمام النفقة مدة العمر فتكون كسائر الديون متعلقة

بتركته ، ام يكون اشتغال الذمة بها تدريجيا كما في النفقة الواجبة بالزوجية فيختص

بحال الحياة .

والظاهر هو الثاني ، فان التعبير في الصحيح بالاجراء ظاهر في ذلك . وان شئت

قلت : ان الظاهر ان الواجب هو ما وجب بالزوجية ، غاية الامر بواسطة الافضاء

يستمر ذلك وان طلقها فيلحقه احكامها ، ولذلك ترى ان احدا لم يتوهم ثبوت امرين

عليه نفقة الزوجية تدريجا ونفقة الافضاء دفعة ، كما انه لاشك في انه ليس لها مطالبة

نفقة مادام العمر دفعة ، ولا فرق في ذلك بين كون وجوب ذلك بمعنى استحقاقها عين

النفقة أو انها تستحق عليه ان يشبعها كما لا يخفى . فالاظهر هو السقوط .

وهل تجب نفقتها لو صارت ناشزة ام لا ؟ وجهان ، الظاهر من النص وجوبها

 

 

[ . . . ]

عليه وان صارت ناشزة ، وكونها من قبيل الزوجية لا يمنع من ذلك ، إذ لا مانع من

كون الافضاء موجبا لاستمرارها حتى في حال النشوز ، فالمتعين هو العمل باطلاق

النص .

ولو كانت المفضاة كبيرة لم تحرم ولم تثبت الدية كما مر . وهل يجب الانفاق عليها

مادامت حية ام لا ؟ في الجواهر : المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة كادت تكون

اجماعا على اختصاص الصغيرة بذلك ، لكنه غير ظاهر الوجه ، لاطلاق صحيح الحلبي

وعدم المقيد له ، ونفي الشئ عليه في صحيح حمران قد مر انه مختص بالدية . فالاظهر

هو الاول .

الرابع : ان الاحكام المذكورة لافضاء الصغيرة المعقود عليها بالدخول غير

الدية حيث تكون على خلاف القاعدة فلا تثبت في غير ذلك . فلو زنى بالصغيرة

فافضاها ، أو افضاها بالاصبع ، أو وطئها شبهة ، أو كانت المفضاة كبيرة ، لا تثبت شئ

منها ، واما الدية ، ففي الكبيرة المعقود عليها المفضاة بالدخول لا تثبت لصحيح حمران

وخبر بريد المتقدمين ، وفي غيرها تثبت لاطلاق نصوصها .

الخامس : انه قد اختلفت كلمات القوم في تفسير الافضاء على اقوال :

الاول : ما هو المشهور بينهم ، وهو جعل مسلكي البول والحيض واحدا ، بل

يظهر من محكى الخلاف الاجماع عليه .

الثاني : ما عن ابن سعيد ، وهو رفع الحاجز ما بين مدخل الذكر والغائط ، ولعله

ظاهر القواعد ، وعن بعضهم انه اشهر القولين .

الثالث : انه جعل مسلك البول والغائط واحدا ، وهو المحكي عن كشف الرموز

ومجمع البحرين ، وعن الابي تفسير ما في النافع ، حيث قال : هو ان يصير المسلكين

وحدا بذلك .

 

 

] الثالثة : لو زنى بامرأة لم يحرم نكاحها ، [

 

الرابع : جعل مسلكي الحيض والغائط واحدا . الى غير تلكم من الاقوال .

والحق ان يقال : ان مقتضى اطلاق النصوص ثبوت الاحكام في جميع هذه

الموارد . وما في الجواهر من ان كلام الفقهاء واهل اللغة متفق على ان افضاء المرأة

شئ خاص ، لا ان المراد به مطلق الوصل أو التوسعة أو الشق أو الخلط كي تترتب

احكامه على كل فرد من افراد ذلك ، كما هو مبنى كلام العلامة ومن تابعه ، يندفع بانه

لا ريب في ان الافضاء ليس له حقيقة شرعية ، ومعناه اللغوي في افضاء المرأة وغيرها

شئ واحد ، وما في كلمات اللغويين انما هو مصاديق ذلك المفهوم العام كما هو ديد نهم .

وعلى ذلك فمقتضى الاطلاق ما افاده المصنف ره ، الا ان الظاهر ان من البعيد

جدا أو الممتنع رفع الحاجز بين مسلك البول والغائط بالوطء ، فان مسلك الحيض

متوسط بين المسلكين فلا يتحدان الا باتحاد الجميع ، اضف إليه ان ما بينهما حاجز قو ي

عريض لا يرفع بالوطء . وعليه فينحصر الموضوع بجعل مسلكي البول والحيض

واحدا ، أو جعل مسلكي الحيض والغائط كذلك ، ويترتب على كل منهما الاحكام

المذكورة كما عن القواعد والمسالك والروضة وغيرها ، والظاهر ان الشايع هو الاول ،

ولذا خصه الفقهاء بالذكر ، والله العالم .

 

عدم حرمة تزويج الزاني المرأة التي زنا بها

 

المسألة ( الثالثة : لو زنى بامرأة ) خلية عن زوج ( لم يحرم ) عليه ( نكاحها ) وان

لم تتب كما هو المشهور بين الاصحاب ، وعن الخلاف والمبسوط الاجماع عليه ،

لعمومات الحل مثل قوله تعالى ( واحل لكم ما وراء ذلك ) ( 1 ) . وعموم مادل على ان

................................................................................

( 1 ) سورة النساء آية 24 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الحرام لا يحرم الحلال ( 1 ) . ولجملة من النصوص الخاصة الواردة في الباب ، كصحيح

عبيد الله بن علي الحلبي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ايما رجل فجر بامرأة ثم بدا له

ان يتزوجها حلالا قال ( عليه السلام ) اوله سفاح وآخره نكاح ، ومثله مثل النخلة

اصاب الرجل من ثمرها حراما ثم اشتراها بعد فكانت له حلالا ( 2 ) .

وصحيح ابي بصير عنه ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن رجل فجر بامرأة ثم

بدا له ان يتزوجها ، فقال ( عليه السلام ) : حلال أوله سفاح وآخره نكاح ، اوله حرام

وآخره حلال ( 3 ) ونحوهما غيرهما .

وعن الشيخين وجماعة عدم الجواز الا مع التوبة ، واستدلوا له باخبار كثيرة ،

منها موثق عمار بن موسى عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يحل له ان يتزوج

امرأة كان يفجر بها ؟ قال ( عليه السلام ) : ان آنس منها رشدا فنعم ، والا فليراود ها على

الحرام ، فان تابعته فهي عليه حرام ، وان ابت فليتزوجها ( 4 ) .

ومنها موثق اسحاق بن جرير عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال قلت له :

الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها ، هل يحل له ذلك ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ،

إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله ان يتزوجها ،

وانما يجوز له ان يتزوجها بعد ان يقف على توبتها ( 5 ) ونحوهما غيرهما من النصوص .

وهذه اخص من الاولى فتقيد اطلاقها ، وبعبارة اخرى الجمع بين الطائفتين

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة .

( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 .

( 5 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

يقتضي تقييد الاولى بالثانية . ولكن اورد على ذلك في الجواهر بان الطائفة الثانية

قاصرة عن ذلك بالشهرة على خلافها ، وبموافقتها لابن حنبل وقتادة . وفيه : عدم

ثبوت الشهرة المسقطة للحجية على خلافها بعد افتاء الشيخين وجماعة بما تضمنته ،

ومجرد الموافقة لمن ذكر لا تسقط الخبر عن الحجية ، فان مخالفة العامة من مرجحات

احدى الحجتين على الاخرى بعد فقد جملة من المرجحات ، لا من مميزات الحجة عن

اللاحجة ، مع ان نصوص اشتراط التوبة مروية عن الصادقين عليهما السلام وزمانهما

متقدم على زمان ابن حنبل .

وربما يقال - كما عن المحقق اليزدي ره - : بان الطائفة الاولى من جهة تضمنها

لحكم غير الزامي تكون نصا في الاطلاق ، إذ بيان الحكم غير الالزامي في مورد بنحو

الاطلاق مع كون بعض الافراد خارجا واقعا عن حكم المطلق ، وكونه محكوما بحكم

الزامي يلزم منع تفويت المصلحة أو الالقاء في المفسدة الملزمتين ، وهما قبيحان

وصدورهما من الحكيم محال ، فلا محالة تكون صريحة في الاطلاق ، فيقع التعارض بينهما

وبين النصوص المقيدة ، وحيث انه لا يمكن الجمع العرفي بينهما فيرجع الى المرجحات

والترجيح مع النصوص المطلقة .

وفيه : ان ذلك يتم إذا لم يكن هناك مصلحة في تأخير البيان ، أو لم تكن مفسدة

في التقديم ، وحيث ان الاحكام الشرعية بينت تدريجا لمصلحة اقتضت ذلك أو لمانع في

البيان دفعة ، فلا مانع من التقييد من الناحية المذكورة ، ولا يكون المطلق صريحا في

الاطلاق .

واما ما ذكره بعض في وجه حمل المقيدة على الحكم غير اللزومي ، بان ذلك مما

تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع ، وما في صحيح الحلبي المتقدم من التمثيل ، وما ورد

من جواز تزويج الزانية كما سيأتي ، فتحمل المقيدة على التنزيه مخافة اختلاط المياه

 

 

[ . . . ]

واشتباه الانسان ، فهو كما ترى ، لا يصلح ان يعتمد عليه في طرح النصوص وحملها

على خلاف ظاهرها .

والحق ان يقال : ان عدم افتاء المشهور باشتراط التوبة مع ان نصوصها بمرئى

منهم ومسمع وحمل المطلق على المقيد من الواضحات ، يوجب الوهن في نصوص

التوبة ، فالمتعين العمل بالمطلقات ، والاحوط مراعاة التوبة .

وقد نقل الشهيد الثاني في محكى المسالك عن التحرير لزوم العدة على الزانية

مع عدم الحمل ، ونفي هو البأس عنه ، ونسب اختيار ذلك الى صاحبي الوسائل

والحدائق . ويشهد له موثق اسحاق المتقدم ، وما رواه في تحف العقول عن جواد الائمة

( عليه السلام ) عن رجل نكح امرأة على زنا ، ايحل له ان يتزوجها ؟ فقال ( عليه

السلام ) : يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره ، إذ لا يؤمن منها ان تكون قد

احدثت مع غيره حدثا كما احدثت معه ، ثم يتزوج بها ان اراد ، الحديث ( 1 ) . ولم يستبعد

صاحب الجواهر ره حمل الخبرين على ضرب من الندب ، ولعله من جهة مخالفتهما

للمشهور ، وما في الثاني من التعليل المناسب للحكم التنزيهي ، وارسال الثاني ، فلا بأس

به .

 

حكم تزويج الزانية لغير الزاني

 

هذا كله في تزويج الزانية للزاني . واما تزويجها لغيره ، فالمشهور بين الاصحاب

شهرة عظيمة جوازه مطلقا ، وعن الحلبي وظاهر المقنع الحرمة ، وقد عرفت نسبة

................................................................................

( 1 ) ص 454 ( ط 2 ) والوسائل باب 44 من ابواب العدد حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

اشتراط التوبة الى الشيخين ، وعن المفيد وتلميذه سلار حرمة تزويج المشهورة بالزنا

الا بعد ظهور توبتها . والكلام تارة فيما يستفاد من الاية الكريمة ( الزاني لا ينكح ا لا

زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) ( 1 )

واخرى فيما يقتضيه النصوص .

اما الاية فقد استدل بها للقول بالحرمة مطلقا ، بدعوى ظهورها في حرمة

تزويج الزانية لغير الزاني والمشرك ، وحرمة التزويج من الزاني لغير الزانية والمشركة .

وفيه اولا : انه لو تم الاستدلال لاختص بالزانية المشهورة بالزنا ، لما سيأتي من

النصوص الدالة على ان المراد منها تلك .

وثانيا : انه لو حملت الاية على كونها في مقام تشريع التحليل والتحريم كما هو

الظاهر منها في نفسها ، لزم البناء على انه يباح للمسلم الزاني نكاح المشركة وللمسلمة

الزانية نكاح المشرك ، وهو معلوم البطلان ، لعدم جوازه اجماعا . وايضا لزم منه عد م

جواز مناكحة الزاني الا إذا كانت الزوجة زانية ، والمعروف من مذهب الاصحاب

جوازها على كراهية .

فلا مناص عن حملها على كونها في مقام الاخبار ، ويكون المراد من النكاح

الوطء ، فالاية نظير قوله تعالى ( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ) الخ ( 2 )

اريد بها ان الزاني اي الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنا لا يرغب في نكاح

الصالحات من النساء اللاتي على خلاف صفته ، وانما يميل الى خبيثة من شكله أو

مشركة تقرب منه في الخباثة ، وكذلك الزانية .

وإذا كان المراد بها في صدرها ذلك ، لزم ان يكون المراد من التحريم في آخرها

................................................................................

( 1 ) سورة النور آية 4 .

( 2 ) سورة النور آية 27 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ان المؤمنين يمتنعون عما يرتكبه غيرهم من المشركين والفساق من الميل الى الزواني

وعدم المبالاة من نكاحهن ، لعدم المناسبة بين نهي المؤمنين وعدم امتناع الفساق عنه

حتى يجمع بينهما بالوصف وان شئت قلت : ان المراد بالنكاح في الاية هو الوطء بقر ينة

ما تقدم ، فالمعنى ان الزاني لا يزني الا بالزانية أو بالمشركة وكذلك العكس ، واما المؤمن

فهو ممتنع عن ذلك ، لان الزنا محرم وهو لا يرتكب ما حرم عليه .

وعن سعيد بن المسيب ان الاية منسوخة بآية ( وانكحوا الايامى منكم ) الخ ( 1 )

ولكنه يتوقف على انه إذا ورد خاص مقدم على العام ودار الامر بين تخصيص العام

ونسخ الخاص يبنى على النسخ ، وهو خلاف التحقيق ، بل التخصيص اولى من

النسخ .

وعن سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم ان المراد بالنكاح الوطء ، وان المراد

بالاية ما روى عن ابن عباس من انه ان جامعها مستحلا فهو مشرك والا فهو زان ،

وكذا الزاني . وسيد الرياض سلم كونها في مقام التشريع ، واجاب بانها تحمل على

الكراهة بقرينة وحدة السياق ، للاجماع على عدم حرمة تزويج الزاني .

وفيه : ما تكرر منا من انه لا وجه لحمل النهي على الكراهة بلا قرينة ، ووحدة

السياق لا تصلح لذلك ، لعدم كون الحرمة والكراهة داخلتين في الموضوع له

والمستعمل فيه . نعم ، لو سلم ظهور الاية في الحرمة لابد وان تحمل على الكراهة ،

للنصوص الدالة على الجواز التي ستمر عليك .

واما النصوص فهي طوائف :

الاولى : ما يدل على الجواز مطلقا ، كصحيح علي بن رئاب ، قال : سألت ابا

................................................................................

( 1 ) سورة النور آية 33 . ( * )

 

 

[ . . . ]

عبد الله ( عليه السلام ) عن المرأة الفاجرة يتزوجها الرجل المسلم ، قال ( عليه السلام ) :

نعم وما يمنعه ، ولكن إذا فعل فليحصن بابه مخافة الولد ( 1 ) .

وخبر زرارة عن ابي جعفر ، ( عليه السلام ) قال : سئل عن رجل اعجبته امرأة

فسأل عنها فإذا الثناء عليها في شئ من الفجور ، فقال ( عليه السلام ) : لا بأس بان

يتزوجها ويحصنها ( 2 ) .

وخبر علي بن يقطين ، قلت لابي الحسن ( عليه السلام ) : نساء اهل المدينة ، قال

( عليه السلام ) : فواسق . قلت : فاتزوج منهن ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ( 3 ) ونحوها غيرها

في التزويج مطلقا أو في المتعة .

الثانية : ما يدل على حرمة تزويج المعلنة بالزنا والتمتع بها ، كصحيح الحلبي ، قا ل

أبو عبد الله ( عليه السلام ) : لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ، ولا يتزوج الرجل ا لمعلن بالزنا ،

الا بعد ان تعرف منهما التوبة ( 4 ) .

وصحيح زرارة ، قالت سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل

( الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك ) قال :

هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، قد شهروا بالزنا وعرفوا به

والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن اقيم عليه حد الزنا أو شهر ( منهم خ ) بالزنا لم ينبغ

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لاحد ان يناكحه حتى يعدف منه تولة ( 1 ) ونحوه خبر محمد بن مسلم عن ابي جعفر

( عليه السلام ) ( 2 ) وخبر حكم بن حكيم عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ( 3 ) . وما عن

تفسير النعماني عن امير المؤمنين ( عليه السلام ) ( 4 ) .

وصحيح الفضيل : سألت ابا الحسن ( عليه السلام ) عن المرأة الحسناء

الفاجرة ، هل تحب للرجل ان يتمتع منها يوما أو اكثر ؟ فقال ( عليه السلام ) : إذا كانت

مشهورة بالزنا فلا يتمتع منها ولا ينكحها ( 5 ) .

وخبر محمد بن الفيض عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن المتعة ، قال : نعم إذا

كانت عارفة ، الى ان قال : واياكم والكواشف والدواعي والبغايا وذوات الازواج . قلت : ما

الكواشف ؟ قال : اللواتي يكاشفن وبيوتهن معلومة ويؤتين ، الى ان قال قلت : فالبغايا ؟

قال : المعروفات بالزنا ( 6 ) ونحوهما غيرهما .

الثالثة : ما يدل على جواز التمتع بالمشهورة بالزنا ، كوثق اسحاق بن جرير

قال قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : ان عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور ، ايحل

ان اتزوجها متعة ؟ قال فقال : رفعت راية ؟ قلت : لا ، لو رفعت راية اخذها السلطان .

قال ( عليه السلام ) : نعم تزوجها متعة . قال : ثم اصغي الى بعض مواليه فأسر إليه

شيئا ، فلقيت مولاه فقلت له : ما قال لك ؟ فقال ( عليه السلام ) : انما قال لي : ولو رفعت

راية ما كان عليه في تزويجها شئ انما يخرجها من حرام الى حلال ( 7 ) .

وخبر الحسن بن ظريف المتضمن لتوقيع ابي محمد ( عليه السلام ) انما تحيي

................................................................................

( 1 - 2 - 3 - 4 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 - 3 - 4 - 5 .

( 5 ) الوسائل باب 8 من ابواب المتعة حديث 4 .

( 6 ) الوسائل باب 10 من ابواب المتعة .

( 7 ) الوسائل باب 9 من ابواب المتعة ونحوها حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

سنة وتميت بدعة فلا بأس ، واياك وجارتك المعروفة بالعهر وان حدثتك نفسك ، ان آبائي

قالوا : تمتع بالفاجرة فانك تحرجها من حرام الى حلال ، فان هذه امرأة معروفة بالهتك

وهي جارة واخاف عليك استفاضة الخبر ( 1 ) الحديث .

والجمع بين النصوص في بادئ الامر يقتضي ان يبنى على جواز نكاح الزانية

غير المشهورة بالزنا . واما المشهورة فالتمتع بها جائز ، ونكاحها بالنكاح الدائم لا يجوز

قبل التوبة ، حملا لمطلق النصوص على مقيدها ، وظاهرها على نصها . فان الطائفة

الثالثة نص في الجواز في خصوص المتعة في المشهورة بالزنا ، فنصوص المنع عنها محمولة

على الكراهة ، ونصوص المنع عن تزويجها مطلقا يقيد اطلاقها بها ، والطائفة الثانية

تقيد الاولى .

ولكن لاجل عدم القول بالفصل بين المتعة والدوام ، وان المشهور بين

الاصحاب جواز نكاح المشهورة مطلقا ، وان نصوص المنع عنها اكثرها ظاهرة في

الحكم التنزيهي ، للتعبير ب ( لم ينبغ ) وما في الطائفة الثالثة من عموم التعليل وغير

تلكم من القرائن ، يتعين حمل الطائفة الثانية على الكراهة .

مع ان هناك رواية تدل على جواز نكاح المعروفة بالزنا لم ننقلها عند ذكر

نصوص الباب ، وهي ما رواه احمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن ابن ابي عمير

عن حماد عن الحلبي ، قال : اخبرني من سمع ابا جعفر ( عليه السلام ) قال في المرأة

الفاجرة التي قد عرف فجورها ، ايتزوجها الرجل ؟ قال : وما يمنعه ، ولكن إذا فعل

فليحصن بابه ( 2 ) . والجمع بينها وبين نصوص المنع عن تزويج المشهورة يقتضي البناء

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب المتعة حديث 4 .

( 2 ) المستدرك باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

على الكراهة ، فلا اشكال في الجواز مطلقا . نعم ، يكره تزويج المشهورة بالزنا الا بعد

التوبة .

ثم ان الكلام في انه هل يجب عليها ان تعتد ام لا هو الكلام في الفرع السابق .

 

لا تحرم الزوجة على الزوج بالزنا

 

ولو زنت امرأة الرجل وهي في حباله لم تحرم عليه ولا يجب عليه ان يطلقها وان

اصرت كما هو المشهور شهرة عظيمة ، وعن المبسوط الاجماع عليه . ويشهد به - مضافا

الى ما دل على ان الحرام لا يحرم الحلال ( 1 ) - موثق عباد بن صهيب عن مولانا جعفر

ابن محمد عليهما السلام : لا بأس ان يمسك الرجل امرأته ان رآها تزني إذا كانت تز ني

وان لم يقم عليها الحد ، فليس عليه من اثمها شئ ( 2 ) .

وخبر زرارة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : جاء رجل الى النبي صلى الله

عليه وآله فقال : يارسول الله ، ان امرأتي لا تدفع يد لامس ، قال : طلقها ، قال : يارسول

الله ، اني احبها ، قال : فامسكها ( 3 ) .

وبازائها نصوص ، كخبر الفضل بن يونس عن الامام الكاظم عن رجل تزوج

امرأة فلم يدخل بها فزنت ، قال ( عليه السلام ) : يفرق بينهما ، وتحد الحد ، ولا صداق

لها ( 4 ) .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة .

( 2 ) الوسائل باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 .

( 3 ) المستدرك باب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 6 من ابواب العيوب والتدليس حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وخبر اسماعيل بن ابي زياد عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام : قال

علي ( عليه السلام ) في المرأة إذا زنت قبل ان يدخل بها زوجها : يفرق بينهما ولا صداق

لها ، لان الحدث كان من قبلها ( 1 ) ونحوهما غيرهما .

لكنها مختصة بالزنا قبل الدخول ، وحيث لم يعمل بها احد ، لان المفيد والديلمي

وان افتيا بالحرمة الا انهما لم يفرقا بين ما قبل الدخول وما بعده ، فلا بد من طرحها ،

أو تأويلها بحملها على استحباب الطلاق ، أو على مدة النفي كما في الوسائل .

وقد يستدل للحرمة مضافا الى ذلك - بالاية الشريفة ( 2 ) وبفوات فائدة

التناسل معه لاختلاط النسب . ولكن الاية قد مر عدم دلالتها على الحرمة ، واختلاط

النسب يرد بان النسب لاحق بالفراش ، والزاني لا نسب له ولا حرمة لمائه .

ثم انه نظير ما ورد في زنا الزوجة موجود في زنا الزوج ، لاحظ خبر علي بن

جعفر عن اخيه ( عليه السلام ) عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنا ، ما عليه ؟

قال ( عليه السلام ) : يجلد الحد ، ويحلق رأسه ، ويفرق بينه وبين اهله ، وينفى سنة ( 3 ) .

وخبر طلحة بن زيد عن سيدنا جعفر عن ابيه عليهما السلام ، قال : قرأت في

كتاب علي ( عليه السلام ) : ان الرجل إذا تزوج المرأة فزنا قبل ان يدخل بها لم تحل

له لانه زان ، ويفرق بينهما ، ويعطها نصف المهر ( 4 ) ونحوهما غيرهما .

ولكنها محمولة على الاستحباب بقرينة ما هو صريح في عدم المنع ، كخبر رفاعة

ابن موسى عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يزني قبل ان يدخل باهله ،

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب العيوب والتدليس حديث 3 .

( 2 ) سورة النور آية 4 .

( 3 ) الوسائل باب 17 من ابواب العيوب والتدليس حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 17 من ابواب العيوب حديث 3 . ( * )

 

 

] ولو زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت ابدا . [

 

ايرجم ؟ قال ( عليه السلام ) : لا . قلت : هل يفرق بينهما إذا زنا قبل ان يدخل بها ؟ قال

( عليه السلام ) : لا ( 1 ) . وان ابيت عن كون هذا الجمع عرفيا ، فالمتعين طرح الاولى

لمخالفتها للمشهور .

 

حكم الزنا بذات البعل

 

( ولو زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت ابدا ) في قول مشهور كما في

الشرايع ، وفي الجواهر : بل لا اجد فيه خلافا كما عن جماعة الاعتراف به ، بل في كشف

اللثام نسبته الى قطع الاصحاب عدا المحقق في الشرايع ، وعن الانتصار الاجماع عليه

في ذات العدة ، وعن الغنية والحلي وفخر المحققين الاجماع عليه مطلقا ، وفي رسالة

الشيخ الاعظم : بلا خلاف فيه ظاهرا ، وحكي في الرياض الاجماع عليه عن جماعة ،

وفي الحدائق عن غير واحد .

وكيف كان ، فقد استدل له بانه إذا كان العقد عالما بدون الدخول محرما وكحذا

الدخول مع الجهل فالزنا اولى ، ذكره الشهيد الثاني وتبعه غيره . وبما في الرضوي : ومن

زنا بذات بعل ، محصنا كان أو غير محصن ، ثم طلقها زوجها أو مات عنها ، واراد الذي

زنا بها ان يتزوج بها لم تحل له ابدا ( 2 ) . وهذان الوجهان يدلان على حكم المعتدة بالعدة

الرجعية ، بانضمام ما دل على انها بمنزلة الزوجة ( 3 ) . وبما عن بعض المتأخرين من انه

قال : وروى ان من زنا بامرأة لها بعل أو في عدة رجعية حرمت عليه ولم تحل له ابدا .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب العيوب والتدليس حديث 1 .

( 2 ) المستدرك باب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 8 .

( 3 ) الوسائل باب 13 من ابواب اقسام الطلاق حديث 6 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولكن الاولوية ممنوعة لعدم احراز المناط ، والرضوي لم يثبت كونه كتاب رواية ،

والاخير يحتمل ان يكون ناظرا الى الرضوي . فالعمدة هو الاجماع ، وكفى به مدركا

في مثل هذا الحكم الذي يكون على خلاف القاعدة .

ولا فرق في هذا الحكم بين كونه عالما حين الزنا بانها ذات بعل أو في عدة رجعية

ام لا ، ولا بين كونها مدخولا بها من زوجها أولا ، ولا بين اجراء العقد عليها وعدمه بعد

فرض العلم بعدم صحة العقد ، ولا بين ان تكون الزوجة مشتبهة أو زانية أو مكرهة ،

كل تلكم لاطلاق معقد الاجماع . نعم ، لا تحرم لو كان الوطء مشتبها وهي زانية ،

لاختصاص كلامهم بالزنا .

وما افاده صاحب الجواهر ره من انه يمكن استفادة الحرمة من حكم العقد

على ذات البعل ، بناء على الاولوية المزبورة ، وان حكمها الحرمة ابدا مع علمها دو نه

بمجرد العقد ، يندفع بعدم كون الاولوية قطعية كما مر .

ثم انه لا يكون الزنا بذات العدة البائنة وفي عدة الوفاة وعدة المتعة والوطء

بالشبهة والفسخ موجبا للحرمة الابدية ، للاصل بعد خروجها عن معقد الاجماع . وقد

تنظر في الرياض في بعض ذلك ، قال : لجريان بعض ما تقدم هنا كالاولوية الواضحة

الدلالة في ذات العدة المزبورة ، بناء على ما يأتي من حصول التحريم بالعقد عليها

فيها ، انتهى . ولكن قد مر ما في الاولوية .

 

 

] الرابعة : لو عقد المحرم عالما بالتحريم حرمت ابدا ، ولو كان جاهلا بطل

العقد ولم يحرم . الخامسة : لا تنحصر المتعة وملك اليمين في عدد [

 

التزويج في الاحرام

 

( الرابعة : لو عقد المحرم عالما بالتحريم حرمت ابدا ، ولو كان جاهلا بطل

العقد ولم تحرم ) كما هو المشهور شهرة عظيمة ، وقد تقدم الكلام في هذه المسألة في

الجزء العاشر من هذا الشرح في مبحث تروك الحج . وقد كتبت كتاب الحج في ثلاثة

اجزاء في بلدة يزد حين ما اخرجوني من بلادي ظلما بجرم الدفاع عن الدين واحكام

الاسلام واجبروني على المقام بها ، والان ايضا أنا في ميكون قرية من قرى طهران ،

وعلى ما اخبروني اخيرا ان بناء الحكومة على ان ينقلوني من هذا المكان الى مكان

ابعد ، وعلى الجملة اني قريب من سنتين لا ازال انتقل من سجن الى سجن ، وسيعلم

الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .

 

لا تنحصر المتعة في عدد

 

( الخامسة ) : قد عرفت انه لا يجوز في العقد الدائم الزيادة على الاربع ، ولكن

ذلك مختص به ، والا ف ( لا تنحصر المتعة وملك اليمين في عدد ) بلا خلاف بين

المسلمين في الثاني ، وبلا خلاف معتد به فيه بيننا في المتعة ، كما في الجواهر .

والمهم البحث في المتعة ، ويشهد لعدم انحصارها في عدد روايات ، كصحيح

زرارة ، قلت : ما يحل من المتعة ؟ قال ( عليه السلام ) : كم شئت ( 1 ) . وموثقه عن الامام

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الصادق ( عليه السلام ) قال : ذكرت له المتعة ، اهي من الاربع ؟ فقال ( عليه السلام ) :

تزوج منهم ألفا ، فانهن مستأجرات ( 1 ) الى غير ذينك من الروايات الكثيرة ( 2 ) .

ومع ذلك فعن القاضي انها احدى الاربع . وعن المسالك ميله الى ذلك ، مناقشا

في اسانيد بعض اخبار الجواز ، حاكيا عن المختلف انه اقتصر في الحكم على مجرد

الشهرة ولم يصرح بمختاره ، ثم قال : وعذره واضح ، ودعوى الاجماع في ذلك غير

سديد . وفي الجواهر - بعد نقل ذلك عن المسالك - : قلت : لا بأس بدعوى ضرورة

المذهب على ذلك فضلا عن الاجماع .

الظاهر ان المصنف في المختلف لم يقتصر على مجرد الشهرة ، بل ذكر بعد ذلك

دليل المشهور بقوله : لنا الاصل ، وما رواه زرارة في الصحيح ، ثم ذكر باقي النصوص ،

ثم ذكر مدرك ابن البراج وجواب الشيخ عنه .

وكيف كان ، فقد روى عمار الساباطي في الموثق عن الامام الصادق ( عليه

السلام ) عن المتعة ، فقال ( عليه السلام ) : هي احدى الاربع ( 3 ) .

ومثله صحيح البزنطي عن الامام الرضا ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن المتعة ،

الى ان قال : وسألته عن الاربع هي ؟ قال ( عليه السلام ) : اجعلوها من الاربع على

الاحتياط . قال وقلت : ان زرارة حكى عن ابي جعفر ( عليه السلام ) انما هي مثل

الاماء يتزوج منهن ما شاء ، فقال ( عليه السلام ) : هي من الاربع ( 4 ) .

وصحيحه الاخر عنه ( عليه السلام ) ، قال أبو جعفر : اجعلوها من الاربع ، فقال

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة .

( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 10 .

( 4 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 13 . ( * )

 

 

] السادسة : لو طلقت الحرة ثلاثا حرمت حتى تنكح زوجا غيره . [

 

له صفوان بن يحيى : على الاحتياط ؟ فقال ( عليه السلام ) : نعم ( 1 ) .

والمراد بالاحتياط في هذه النصوص هو الاحتياط من المخالفين لا الاحتياط

في الحكم ، إذ لا يتصور من الامام الامر به بالنسبة الى الحكم . وعليه فهذه الصحاح

تدل بانفسها على ان الامر بجعلها من الاربع انما هو لاجل التقية والاحتياط من

المخالفين ، نظرا الى انه لو اطلع المخالفون عليها واعترضوا بان هذا ان كان نكاحا

فلم جعلتموه زايدا على الاربع ، مع دلالة الكتاب على عدم جواز الزائد على الاربع ،

وان كان من السفاح فلم ارتكبتموه ، ولا يكفي لهم الجواب بان ائمتنا عليهم السلام

قالوا بجواز الزايد على الاربع ، فيقيد به اطلاق الكتاب ، وتكون هي حاكمة على

الموثق ، وعلى ذلك فالنصوص محمولة على التقية فلا تعارض لما تقدم .

ومع الاغماض عن ذلك ، حيث انه لا يمكن الجمع العرفي بين الطائفتين لعدم

كون حمل هذه على الاستحباب منه ، يتعين الرجوع الى المرجحات ، وهي تقتضي

تقديم الاولى ، لانها اشهر واصح سندا واكثر عددا ومخالفة للعامة .

 

حرمة نكاح المطلقة ثلاثا على الزوج الا بعد التحليل

 

( السادسة : لو طلقت الحرة ثلاثا ) لم ينكحها بينهما زوج آخر ( حرمت ) على

المطلق ( حتى تنكح ) دواما ( زوجا غيره ) بلا خلاف اجده في شئ من ذلك ، بل

الاجماع بقسميه عليه ، كذا في الجواهر . ويشهد به الكتاب والسنة :

اما الكتاب فقوله تعالى ( الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب المتعة حديث 9 . ( * )

 

 

[ . . . ]

باحسان ) ( 1 ) ثم قال ( فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى

تنكح زوجا غيره فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا ) ( 2 ) الاية . وتقريب

الاستدلال بها انها صريحة في ان المرأة المطلقة تحرم على زوجها المطلق ، وان حلها

موقوف على ان تنكح زوجا غيره ، واما ان الطلاق المحرم هو الطلاق الثالث فيستفاد

من تعقيب ذلك بقوله ( الطلاق مرتان ) فان معناه حينئذ فان طلقها بعد المرتين اي

التطليقتين الاولتين لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ، والطلاق الواقع بعدهما

ليس الا الثالث ، إذ غيره لا يقال انه بعد المرتين بل بعد الثالث وما زاد .

ثم ان الظاهر ان المراد بالطلاق في قوله ( الطلاق مرتان ) هو الرجعي ،

بمعنى ان الطلاق الرجعي الذي يجوز للزوج الرجوع فيه مرتان - اي تطليقتان -

فالثالث بائن لا رجعي . ومعنى قوله تعالى ( فامساك بمعروف أو تسريح باحسان )

هو ان الزوج بعد التطليقتين مخير بين ان يمسك المرأة بالرجوع في العدة أو بعقد

جديد وحسن المعاشرة معها ، وبين ان يسرحها باحسان بان يطلقها التطليقة الثالثة .

ومعنى قوله ( فان طلقها ) الخ هو انه لو اختار بعد التطليقتين التسريح بالطلاق

فلا تحل له ، وقد صرح في كثير من النصوص بان المراد بالتسريح باحسان هو التطليقة

الثالثة ( 3 ) .

ومقتضى اطلاق الاية حرمة التزويج بعد الطلاق الثالث دواما أو متعة .

واما السنة فهي متواترة دالة على جميع ما ذكرناه ( 4 ) كما انها تدل على ان المحلل

................................................................................

( 1 - 2 ) سورة البقرة آية 230 و 231 .

( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب اقسام الطلاق .

( 4 ) الوسائل باب 3 و 4 من ابواب اقسام الطلاق . ( * )

 

 

] السابعة : المطلقة تسعا للعدة ينكحها بينها رجلان تحرم على المطلق ابدا . [

 

يهدم الطلقة والثنتين كما يهدم الثلاث ( 1 ) وايضا تدل النصوص على اعتبار كون نكاح

المحلل دواما ولا يكفي المتعة ( 2 ) وتدل ايضا على عدم الفرق بين كون الطلقات طلاق

عدة أو سنة ، وما في بعض النصوص من اعتبار كونه للعدة شاذ مخالف للنصوص

والفتاوى . وتمام الكلام في ذلك وفي شرائط المحلل سيأتي ان شاء الله تعالى في كتا ب

الطلاق .

ثم ان هذا الحكم انما هو في الحرة ( وان كانت تحت عبد ) اجماعا ، والنصوص ( 3 )

المتواترة تدل على ان العبرة بعدد الطلقات الرجال دون النساء ) ( و ) انه ( لو طلقت حر ) الامة

طلقتين حرمت حتى تنكح زوجا غيره وان كان تحت حر خلافا للمحكي عن العامة ،

فعكسوا القضية فجعلوا الاعتبار في عددها بالزوج .

 

حرمة المطلقة تسعا على المطلق

 

المسألة ( السابعة : المطلقة تسعا للعدة ينكحها بينها رجلان ) بان طلقها

فراجعها في العدة ووطئها ثم طلقها ، ثم راجعها ووطئها ثم طلقها ، فتزوجها المحلل

ثم بعد فراقه تزوجها فطلقها ثلاثا بينها رجعتان مع الوطء ، ( تحرم على المطلق ابدا )

بلا خلاف معتد فيه بيننا ، وفي الجواهر : بل الاجماع بقسميه عليه .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب اقسام الطلاق .

( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب اقسام الطلاق .

( 3 ) الوسائل باب 24 و 25 من ابواب اقسام الطلاق . ( * )

 

 

[ . . . ]

واطلاق طلاق العدة وهو الذي يتعقبه الرجوع والوطء - كما نص على ذلك

في صحيح زرارة عن الامام الباقر ( عليه السلام ) الوارد في تفسير طلاق السنة والعدة :

واما طلاق العدة الذي قال الله تعالى ( فطلقوهن ) الخ فإذا اراد الرجل منكم ان

يطلق امرأته طلاق العدة ، فلينتظر بها حتى تحيض وتخرج من حيضها ثم يطلقها

تطليقة من غير جماع وبشهادة شاهدين عدلين ، ويراجعها من يومه ذلك ان احب أو

بعد ذلك بايام قبل ان تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها حتى تحيض الحديث ( 1 )

ونحوه غيره - على الطلقات التسع مجاز من باب تسمية الكل باسم الجزء ، لان طلاق

العدة ليس الا ستة منها - ضرورة ان الثالثة من كل ثلاثة ليست للعدة بل للسنة .

وكيف كان ، فالنصوص الدالة على هذا الحكم مستفيضة أو متواترة ستمر

عليك جملة منها . انما الخلاف والكلام في امور :

الاول : انه هل يعتبر ان يكون الطلقات التسع للعدة بالمعنى المتقدم كما نسب

الى المشهور ، ام يكفي في التحريم المؤبد كونها للسنة ، أو المركب من العدة والسنة /

ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار :

منها : ما يدل على الاكتفاء بالسني وعدم اعتبار العدي ، كموثق زرارة وداود بن

سرحان عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث : والذي يطلق الطلاق الذي لا تحل

له حتى تنكح زوجا غيره ثلاث مرات وتزوج ثلاث مرات لا تحل له ابدا ( 2 ) . فانه يدل

على ان الموضوع للحرمة ما لم تنكح زوجا آخر والموضوع للحرمة ابدا واحدا ، غاية

الامر الاولى الطلقات الثلاث والثانية الطلقات التسع ، وقد مر ان الموضوع للحرمة

قبل النكاح مطلق الطلقات : الثلاث عدية كانت ام غيرها ، ولازم ذلك الاكتفاء بالسني

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب اقسام الطلاق حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

في المقام .

ومنها : ما يدل على انحصار الطلقات التسع الموجبة للحرمة الابدية بما إذا كانت

الثلاث الاخيرة للسنة ، كخبر ابي بصير عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث ،

قال : سألته عن الذي يطلق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم يطلق ، قال ( عليه

السلام ) : لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فيزوجها رجل آخر فيطلقها على السنة ، ثم

ترجع الى زوجها الاول فيطلقها ثلاث مرات تنكح زوجا غيره فيطلقها ثلاث مرات

على السنة ثم تنكح ، فتلك التي لا تحل له ابدا ( 1 ) .

ومنها : ما يدل على اعتبار كون الطلقات للعدة ، لاحظ خبر ابراهيم عن

عبد الرحمان عن موسى بن جعفر عن ابيه جعفر بن محمد عليهم السلام : سئل ابي

( عليه السلام ) عما حرم الله عز وجل من الفروج في القرآن وعما حرم رسول الله صلى

الله عليه وآله في سنته ، قال : الذي حرم الله عز وجل ، الى ان قال : واما التي في السنة

فالمواقعة في شهر رمضان ، الى ان قال : وتزويج الرجل امرأة قد طلقها للعدة تسع

تطليقات ( 2 ) الحديث ، وقد عمل به الاصحاب ، ويؤيده ما عن الفقه الرضوي ( 3 ) وفتو ى

علي بن ابراهيم الكاشفة عن وجود النص .

بل الظاهر ان من هذه الطائفة معتبر المعلى بن خنيس عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) في رجل طلق امرأته ثم لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض ، ثم تزوجها ثم

طلقها فتركها حتى حاضت ثلاث حيض ، ثم تزوجها ثم طلقها من غير ان يراجع ،

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث 1 .

( 3 ) المستدرك باب 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث 6 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ثم تركها حتى حاضت ثلاث حيض ، قال : له ان يتزوجها ابدا ما لم يراجع ويمس ( 1 )

فان لفظ التأبيد صريح في العموم كما لو طلقت كذلك ولو تجاوزت التسع ، وانها

لا تحرم بذلك الى حصول الامرين من الرجوع والوقاع ، واطلاقه وان شمل

الطلقات الثلاث الاول الموجبة للحرمة حتى تنكح زوجا غيره ، ويدل على اعتبار

كونها للعدة ، الا انه يقيد بما لو حصل المحلل بعد كل ثلاث لما تقدم ، ومقتضاه حينئذ

حل التزويج له ابدا بعد حصول المحلل بعد كل ثلاث لا مطلقا .

ومنها : ما يكون مطلقا ، كصحيح جميل بن دراج عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) :

إذا طلق الرجل المرأة فتزوجت ثم طلقها فتزوجها الاول ثم طلقها فتزوجت رجلا ثم

طلقها فإذا طلقها على هذا ثلاثا لم تحل ابدا ( 2 ) ونحوه صحيح ابراهيم بن عبد الحميد

عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) وابي الحسن ( عليه السلام ) ( 3 ) المحمولين على ما لو

كان تزويج الغير ليكون محللا ، فالمراد بهما الطلقات التسع ، وعليه فالظاهر رجوع

هذه الطائفة الى الطائفة الاولى .

والجمع بين النصوص يقتضي ان يقال : ان الطائفة الثالثة اخص مطلق من

الطائفة الاولى والرابعة فيقيد اطلاقهما بها ، والطائفة الثانية غير صريحة في اعتبار كون

الطلقات الثلاث الاخيرة للسنة بالمعنى الاخص ، بل هي قابلة للحمل على ارادة

السنة بالمعنى الاعم المقابل للبدعة ، فلا تصلح لمعارضة الطائفة الثالثة ، بل يحمل

ظاهرها على نص هذه . فالمتحصل من النصوص اعتبار كون الطلقات التسع للعدة

كما هو المشهور .

والمنسوب الى المحقق اليزدي في مقام الجمع بينها : ان الطائفة الاولى ، بضميمة

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب اقسام الطلاق حديث 13 .

( 2 - 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

القطع بان الطلاق الذي لا تحل له معه حتى تنكح هو مطلق الطلقات الثلاث عدية

كانت ام غيرها ، كالصريحة في الاطلاق ، فلا تصلح الطائفة الثانية لمعارضتها ، لقابليتها

للحمل على السنة بالمعنى الاعم . والنسبة بينها وبين الثالثة وان كانت عموما مطلقا ،

الا انه يلزم من حمل مطلقهما على المقيد حمل المطلق على الفرد النادر . ولا يصح

الرجوع الى المرجحات السندية ، لان الرجوع إليها انما هو إذا كان المتعارضان

متنافيين بتمام مدلوليهما ، فلا بد من الاخذ بالمتيقن منهما ، وهو كون التسع للعدة موجبة

للحرمة الابدية ، والرجوع في غيره الى مقتضى عموم قوله تعالى ( واحل لكم ما وراء

ذلكم ) ( 1 ) .

وفيه اولا : انه كما يمكن حمل السنة في الثانية على ارادة السنة بالمعنى الاعم ،

يمكن حمل اطلاق الاولى على المقيد ، فلا اولوية للاول .

وثانيا : ان حمل الاولى على ارادة الطلقات للعدة بقرينة الثالثة ، لا يكون

مستلزما لحمل المطلق على الفرد النادر ، مع ان ورود المطلق لبيان حكم الفرد الناد ر في

امثال المقام لا محذور فيه ، فان الفرد الاخر منه ايضا نادر .

وثالثا : انه على فرض تسليم التعارض ، عدم الرجوع الى المرجحات السندية

لاوجه له ، لعدم الدليل على اعتبار كون التنافي بين الدليلين في تمام مدلوليهما ، ولذا

بنينا على الرجوع إليها في تعارض العامين من وجه ايضا .

وربما يقال في الجمع بينها : ان الطائفتين الاخيرتين تتعارضان وتتساقطان ،

فيرجع الى الطائفة الاولى .

وفيه اولا : انهما من قبيل النص والظاهر فلا تتساقطان .

................................................................................

( 1 ) النساء آية 24 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وثانيا : انه لو سلم عدم امكان الجمع بينهما لا تتساقطان ، بل يرجع الى

المرجحات ، وايتهما قدمت يقيد بها اطلاق الطائفة الاولى . فالحق ما ذكرناه .

ثم ان المستفاد من النصوص اعتبار امرين آخرين :

احدهما - وقوع نكاح رجلين خاصة بينهما .

الثاني - توالي الطلقات التسع العددية .

اما الاول فواضح . واما الثاني فلوجهين : الاول - انه لو طلقها تسعا للعدة مع

التفرق كما في الصورة الاتية ، لزم عدم الحكم بالحرمة بعد الطلاق التاسع ، وهو خلاف

صريح النصوص أو ظاهرها .

الثاني - ان النصوص ، بعد حمل مطلقها على مقيدها وظاهرها على نصها ، واردة

في مورد خاص وهو توالي الطلقات التسع العددية ، والتعدي يحتاج الى دليل خاص

وهو مفقود .

وعلى هذا فلو طلقها خمسة وعشرين مرة ، وكان في كل ثلاثة منها واحدة عدية

من اول الدور ، لا يوجب تحريمها عليه مؤبدا لانتفاء الشرطين . اما الاول فلأنه حينئذ

لابد ان يقع بعد كل ثلاثة منها نكاح رجل ، فيقع بينها نكاح ثمانية رجال . واما الثا ني

فواضح .

وعليه فما عن الشهيد الثاني ره من الحكم بالتحريم المؤبد في هذه الصورة ،

تمسكا باطلاق ما دل على التحريم كذلك بالتسع للعدة الظاهر في كون جميعها للعدة

حقيقة ، خرج منه ما إذا كان الثالثة من كل ثلاثة منها سنية بالنص وبقى الباقي ،

لاوجه له .

 

 

] الثامنة : لو طلق احدى الاربع رجعيا لم يجز ان ينكح بدلها حتى تخرج من

العدة ، ويجوز في البائن . ولو عقد ذو الثلاث على اثنتين دفعة بطلا ، [

 

حكم ما لو عقد ذو الثلاث على اثنتين دفعة

 

( الثامنة : لو طلقت احدى الاربع رجعيا لم يجز ان ينكح بدلها حتى تخرج

من العدة ويجوز في البائن ) وقد تقدم تفصيل القول في ذلك في ذيل مسألة حرمة

تزويج ما زاد على الاربع .

( ولو عقد ذو الثلاث على اثنتين دفعة بطلا ) على المشهور ، وفي الشرايع :

وروى انه يتخير وفي الرواية ضعف . فالكلام في موردين :

الاول : فيما يقتضيه القاعدة مع قطع النظر عن النص الخاص .

الثاني : في الخبر .

اما الاول ، فقد استدل في الجواهر للبطلان باستلزام صحة كل منهما بطلان

الاخر ولا ترجيح ، وصحة احدهما دون الاخر غير معقولة ، والصحة في احدى

الامرأتين على جهة الاطلاق الذي مرجعه الى تخيير الزوج في تعيينها غير مفادهما ،

ولو فرض قصد ذلك فهو غير صحيح ، للاجماع على اعتبار تعيين الزوجة في عقد

النكاح على وجه التشخيص ، انتهى .

ولكن يمكن البناء على صحة احد العقدين ان كان التزويج بعقدين دفعة ، كما

لو عقد على احداهما وعقد وكيله على الاخرى ، وصحة العقد على احداهما ان عقد

عليهما بعقد واحد ثبوتا واثباتا .

اما في مقام الثبوت ، فلان الزوجية ليست من قبيل الاعراض الخارجية كي

تحتاج في تشخيصها الى موضوع شخصي خارجي ، بل هي من الامور الاعتبارية

 

 

[ . . . ]

كالملكية ، فكما يصح اعتبار ملكية احد الشيئين أو الاشياء كما في الوصية ، واعتبار

ملكية الكلي في الذمة أو في المعين كما في الخمس والزكاة ، كذلك يصح اعتبار زوجية

احدى الامرأتين لا بعينها ، كيف وقد وقع نظيره في الشرع كما فيمن تزوج الاختين

بعقد واحد ، وكما في من اسلم عن خمس زوجات وغيرهما ، وادل الدليل على امكان

الشئ وقوعه .

واما في مقام الاثبات ، فلان مقتضى الادلة صحة كل واحد من العقدين وصحة

العقد على كل منهما ، غاية الامر دل الدليل على عدم جواز تزويج اكثر من اربع ، ولذ ا

لا يمكن الحكم بصحتهما معا ، وحيث ان الضرورات تتقدر بقدرها ، وان هذا المحذور

يرتفع بالبناء على بطلان احد العقدين أو العقد على احداهما ، فلا وجه للبناء على

بطلانهما والا لزم التخصيص بلا وجه ، وحيث ان نسبة الدليل المخصص اليهما على

حد سواء ، فلا وجه للبناء على بطلان احدهما تعيينا ، فيتعين البناء على بطلان احدهما

بنحو التخيير وصحة احدهما كذلك .

ولعله الى ذلك نظر المصنف ره في محكي المختلف ، حيث احتج لصحة احدهما

بنحو التخيير بوجود المقتضى وانتفاء المانع ، إذ ليس الا انضمام العقد على الاخرى

وهو لا يقتضي تحريم المباح ، كما لو جمع بين محرمة عينا ومحللة عينا في عقد ، وكما لو جمع

بين المحلل والمحرم في البيع ، ولا اثر للاطلاق والتعيين ، إذ في التعيين تحرم واحدة معينة

فيبطل العقد عليها وتحل اخرى معينة ، وفي الاطلاق تحل واحدة مطلقة وتحرم اخرى ،

وقد علمهما معا فيدخلان في العقد ، إذ لا وجود للكلي الا في جزئياته ، انتهى .

والايراد عليه كما عن الشهيد الثاني بان كل واحدة صالحة للصحة منفردة

ومنهي عنها مع الانضمام ولا اولوية ، وتعلق العقد بغير معينة غير كاف في الصحة بل

لابد من تعيينها قبل العقد ، في غير محله ، إذ الفرض تعيين كل منهما ولا دليل على اعتبار

 

 

[ . . . ]

ازيد من ذلك . فالاظهر هو البناء على صحة عقد احداهما ، وكونه مخيرا في اختيار

ايتهما شاء .

واما النص ، فيمكن ان يكون نظر المحقق الى الخبرين :

احدهما : خبر عنبسة بن مصعب ، قال : سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن

رجل كان له ثلاث نسوة ، فتزوج عليهن امرأتين في عقدة ، فدخل على واحدة منهما ثم

مات ، قال ( عليه السلام ) : ان كان دخل بالمرأة التي بدأ باسمها وذكرها عند عقدة

النكاح ، فان نكاحها جائز ، ولها الميراث وعليها العدة . وان كان دخل بالمرأة التي

سميت وذكرت بعد ذكر المرأة الاولي ، فان نكاحها باطل ، ولا ميراث لها وعليها

العدة ( 1 ) .

ثانيهما : خبر جميل عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل تزوج خمسا في

عقدة واحدة ، قال ( عليه السلام ) : يخلي سبيل ايتهن شاء ( 2 ) .

فان كان نظره الى الاول فهو لا يدل على التخيير ، وخارج عما هو محل الكلام ،

وان كان نظره الى الثاني ، فقوله : وفي الرواية ضعف ، في غير محله لان الخبر صحيح ،

وهو وان كان في تزويج الخمس في عقدة واحدة الا انه يمكن استفادة الحكم منه في

المقام بالغاء الخصوصية ، وقد تقدم ان الخبر في مورده معمول به عمل به جماعة -

كالشيخ واتباعه والمصنف في المختلف وغيرهم - وحمله على ارادة الامساك بعقد جديد

خلاف الظاهر لا وجه للمصير إليه . فالاظهر هو الصحة والتخيير في اختيار ايتهما

شاء .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث 1 . ( * )

 

 

] ولو ترتب بطل الثاني ، وكذا الحكم في الاختين

الثاني : الرضاع ، ويحرم منه ما يحرم بالنسب [

 

( ولو ترتب ) العقدان ( بطل الثاني ) بلا خلاف ولا اشكال ، ( وكذا الحكم في

الاختين ) وقد تقدم في مسألة الجمع بين الاختين تفصيل القول في شقوق المسألة ،

فراجع .

 

الرضاع من اسباب التحريم

 

السبب ( الثاني : الرضاع ) وكونه سببا لتحريم النكاح اجماعي ، بل هو من

ضروريات المذهب أو الدين ، والكتاب والسنة شاهدان به .

وتنقيح القول فيه بالبحث في مطالب :

الاول : فيما يحرم به ، ( و ) قد طفحت كلماتهم بانه ( يحرم منه ما يحرم بالنسب )

والنصوص المستفيضة شاهدة به ، لاحظ صحيح العجلي عن الامام الباقر ( عليه

السلام ) - في حديث - : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يحرم من الرضاع ما

يحرم من النسب ( 1 ) ، ونحوه اخبار داود بن سرحان وابي الصباح والحلبي ( 2 ) . وصحيح

عبد الله بن سنان عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال سمعته يقول : يحرم من

الرضاع ما يحرم من القرابة ( 3 ) . ونحوه صحيحه الاخر عنه ( عليه السلام ) ( 4 ) ، الى غير

تلكم من النصوص الكثيرة . وملخص القول في المقام انما يكون ببيان امور .

الاول : فيما يستفاد من النبوي الذي رواه الفريقان وما بمضمونه .

اقول : لا اشكال ولا خلاف بين علماء الاسلام في حصول نظائر القرابات

................................................................................

( 1 - 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 - 4 - 3 - 8 .

( 3 - 4 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 - 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الحاصلة بالنسبة والقرابة بالرضاع ايضا ، ونص عليه في الجملة في الكتاب العزيز ، قال

الله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي ارضعنكم واخواتكم من الرضاعة ) ( 1 ) ، وتظافرت

النصوص على اثبات النظائر النسبية بالرضاع من الام والبنت والاخت والعمة

والخالة وما شاكل ، كما لا يخفى على المتتبع . وعلى ذلك فلا اشكال في حصول القرابا ت

السبع النسبية الاناثية - اي : الامهات ، والبنات ، والاخوات ، وبنات الاخ ، وبنا ت

الاخت ، والعمات ، والخالات - بسبب الرضاع .

فالقرابة الاولي : وهي الام من الرضاعة ، وهي امرأة ارضعتك ، أو ولدت من

ارضعتك ، أو ارضعت من ولدتك ، أو ارضعت من ولدك ، فلها سبع شعب :

الاولى : من ارضعتك .

الثانية : الام النسبية للام الرضاعية .

الثالثة : الام الرضاعية للام الرضاعية بلا واسطة ، أو واسطة احدى من امهاتها

النسبية أو الرضاعية .

الرابعة : الام النسبية للاب الرضاعي .

الخامسة : الام الرضاعية للاب الرضاعي بلا واسطة ، أو بواسطة احدى من

امهاته النسبية أو الرضاعية .

السادسة : الام الرضاعية للام النسبية بلا واسطة ، أو بواسطة احدى من

امهاتها النسبية أو الرضاعية .

السابعة : الام الرضاعية ، للاب النسبي كذلك .

والقرابة الثانية : هي البنات الرضاعية ، وهي كل امرأة ارتضعت من لبنك ، ولو

................................................................................

( 1 ) سورة النساء آية 24 . ( * )

 

 

[ . . . ]

كان المرتضع رجلا فهو ابنه الرضاعي ، وبنات الاولاد وهن بنات بناته أو بنات ابنائه

بلا واسطة أو مع واسطة أو وسائط . وحيث ان لكل من الابن والبنت قسمين نسبيا

ورضاعيا ، والبنتية لكل من الاربعة ايضا على قسمين النسبية والرضاعية ، فيحصل

لبنات الاولاد ايضا الشعب الثمان ، ولما كان صدق الرضاعية موقوفا على توسط

رضاع ، يخرج شعبتان منها وهما شعبة البنت النسبية للبنت النسبية ، وشعبة البنت

النسبية للاب النسبي ، ويبقى الست الباقية نظير ما مر في الجدات ، فبضميمة البنت

الرضاعية بلا واسطة تكون سبع شعب .

القرابة الثالثة : هي الاخوات الرضاعية ، وهن بنات ابويه أو احداهما ، ولها

شعب ثلاث : البنات الرضاعية للابوين النسبيين ، والبنات النسبية للابوين

الرضاعيين ، والبنات الرضاعية للابوين الرضاعيين . ولو كان المرتضع رجلا فهو اخوه

الرضاعي .

والربعة : بنات الاخ ، وهن بنات اخته من النسب أو الرضاع بلا واسطة أو

بواسطة أو وسايط . وحيث ان الاخ قسمان ، والبنت ايضا قسمان ، فيحصل لبنات الاخ

اربع شعب ، يخرج منها شعبة واحدة هي البنت النسبية للاخ النسبي ويبقى ثلاث

شعب .

والخامسة : بنات الاخت ، يعلم شعبها بالقياس الى بنات الاخ .

السادسة : العمات ، وهن اخوات ابيه . وحيث عرفت ان الاب على قسمين

والاخوات ايضا كذلك ، فيحصل للعمات اربع شعب ، شعبة واحدة نسبية والثلاث

الباقية رضاعية ، ويدخل في هذه القرابة اخوات ابي ابيه .

والسابعة : الخالات ، وهي اخوات امه ، ويعلم اقسامها وشعبها بالقياس الى

العمات .

 

 

[ . . . ]

فهؤلاء هن القرابات الرضاعية من الاناث ، ويعلم بالقياس اليهن القرابات

الذكورية للرجال وللنساء ايضا .

 

عموم المنزلة

 

الثاني : في انه هل تختص الحرمة الحاصلة بالرضاع بما إذا تحقق احد تلكم

العناوين المحرمة كما هو المشهور بين الاصحاب ، ام يعم ما إذا حصل عنوان ملازم

لعنوان محرم كام الاخ من الابوين الملازمة لكونها اما ، فلو ارضعت امرأة ابنا تحرم هي

على اخيه كما ذهب إليه جمع من المتأخرين كالمحقق الداماد وغيره .

وبعبارة اخرى هل مقتضى عموم الموصول في قوله : يحرم من الرضاع ما يحرم

من النسب ، هو عموم المنزلة وانه يحرم من جهة الرضاع كل عنوان يحرم من جهة

النسب ، سواء كان اتصاف ذلك العنوان بالحرمة لذاته أو لملازمته لعنوان محرم ، ا م

مقتضاه اعتبار اتحاد العنوان الحاصل بالرضاع مع احد العناوين النسبية المحرمة

لذاته ، مثلا الام محرمة من جهة النسب فإذا حصل بالرضاع نفس هذا العنوان ثبت

التحريم ، ولو حصل بالرضاع ما يلازمه مثل امومة اخيه لم تحرم ؟ وجهان :

وحيث لا اشكال ، في ان المراد من الموصول ليس هو نفس ما يحرم بالنسب

كما هو واضح فيدور الامر بين ان يراد به خصوص العناوين النسبية المحرمة شرعا ،

أو الاعم منها ومن العناوين الملازمة لاحد تلكم العناوين ، والقول بعموم المنزلة يتو قف

على اثبات الثاني ، وغاية ما قيل في وجهه امور .

احدها : ان مقتضى عموم الموصول ان كل عنوان محرم في الانساب إذا حصل

نظيره بسبب الرضاع يكون حكمه حكمه ، فكما ان اخت الاخ النسبي حرام على

 

 

[ . . . ]

الانسان كذلك اخت الاخ الرضاعي ، والتخصيص بخصوص العناوين المحرمة لذاتها

بلا وجه .

وفيه اولا : ان العناوين الملازمة للعناوين المحرمة بذاتها كاخت الاخ ليست

محرمة بالنسب ، بل هي ملازمة لعنوان محرم . فان قيل : انها محرمة بالعرض لا بالذا ت

قلنا : ان ظاهر النسبة هو كون الوصف بحال نفسه ، فقوله ( ما يحرم ) اي العنوان

المتصف بالحرمة ، وتكون الحرمة وصفا له وعارضة عليه نفسه ، فلا يشمل المحرم

بالعرض .

وثانيا : ان العناوين الملازمة في النسب انما تحرم لاجل ملازمتها للعناوين

المحرمة وبقيد اتصافها بها ، مثلا اخت الاخ انما تحرم من جهة النسب بعنوان كونها

اختا له ، وام ولد بنت الشخص تحرم عليه بعنوان كونها بنتا له ، لا بعنوان كونهما اخت

الاخ وام ولد بنته ، لانه لا نسب بينهما وبين الشخص من حيث هذين العنوانين ، بل

النسب بينهما وبين اخيه وولد بنته ، فالمحرم في النسب ام ولد البنت المقيدة بكونها بنتا ،

واخت الاخ المقيدة بكونها اختا . ومن المعلوم ان هذه العناوين المقيدة لا تحصل بسبب

الرضاع حتى تحرم من جهته كما تحرم بالنسب ، وانما الحاصل به نفس العناوين غير

المقيدة ، ضرورة ان اخت الاخ الرضاعية لا تصير اختا له ، ومرضعة ولد بنت الشخص

لا تتصف بالبنتية وان اتصفت بام ولد البنت .

ثانيها ان المراد بالموصول ليس هو العناوين ، بل الاشخاص الخارجية المعنونة

بالعناوين المحرمة ، وكما ان الشخص الخارجي المعنون بالعنوان المحرم بالذات انما

يحرم بذاته ، كذلك الشخص الخارجي المعنون بالعنوان الملازم للعنوان المحرم ، مثلا في

النسب تحرم المرأة الخارجية المعنونة بكونها ام ولد بنت الشخص ، فإذا حصل نظير ها

في الرضاع كان حكمها حكمها .

 

 

[ . . . ]

وهذا الوجه وان سلم عن الايراد الاول الوارد على الوجه الاول ، لكنه يرد

عليه الايراد الثاني بنحو واضح ، فان الشخص الخارجي لا يحرم بواسطة تعنونه بعنوان

ملازم لعنوان محرم ، بل لتعنونه بعنوان محرم بذاته ، اضف إليه ان القضايا الشرعية

ظاهرة في كونها بنحو القضايا الحقيقية لا الخارجية .

ثالثها : ترتيب قياسين تكون النتيجة في احديهما صغرى للاخر ، بان يقال :

لا شك في ان ام ولد البنت بنت ، وكل بنت حرام ، فينتج ان ام ولد البنت محرمة من

جهة النسب . وتجعل هذه النتيجة صغرى لكبري اخرى ، وهي كل ما يحرم من النسب

يحرم من الرضاع ، فيستنتج ان ام ولد البنت تحرم من جهة الرضاع .

وفيه : ما عرفت من منع الكبرى في القياس الثاني ، لان ما يحرم من النسب

لا بذاته بل لملازمته لعنوان محرم لا يحرم إذا حصل نظيره في الرضاع ، ولان العناوين

الملازمة للعناوين المحرمة انما تحرم بقيد اتصافها بالعناوين المحرمة كما مر .

رابعها : صحيح ايوب بن نوح ، قال : كتب علي بن شعيب الى ابي الحسن ( عليه

السلام ) : امرأة ارضعت بعض ولدي ، هل يجوز لي ان اتزوج بعض ولدها ؟ فكتب

( عليه السلام ) : لا يجوز ذلك ، لان ولدها صارت بمنزلة ولدك ( 1 ) ونحوه صحيح علي بن

مهزيار ( 2 ) . وتقريب الاستدلال به من وجوه :

1.     انه يدل على حرمة اخت ولد الشخص عليه وهي ليست من العناوين

المحرمة بذاتها ، واما تحرم هي في النسب لكونها بنتا له أو ربيبة ، فيعلم من ذلك حرمة

العنوان الملازم لعنوان محرم . مع انه إذا انضم الى ذلك قوله صلى الله عليه وآله : يحرم

من الرضاع ما يحرم من النسب ، تكون النتيجة انه كما تحرم إذا تحقق احد العناوين

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 14 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

المحرمة بالرضاع ، كذلك تحصل الحرمة إذا تحقق احد العناوين الملازمة لتلك

العناوين .

2.     انه علل الحرمة بالمنزلة ، فيدل على انها علة للحرمة .

3.     انه نزل ولد المرضعة منزلة ولد الشخص ، ومقتضى عموم التنزيل ترتب

جميع آثار الولد لمن هو بمنزلته ، فيحرم كل من كان حراما عليه أو على اولاده واخوا نه

واخواته لو كان اولاد المرضعة اولادا له حقيقة ، لانه كما تحرم عليه بناتها لانهن صرن

بناتا له ، كذلك يحرمن على جميع اولاده لانهن صرن اخوات لهم ، ويحرمن على اخوانه

لانهم صاروا اعماما لهن ، هكذا .

ولكن يرد على ما افيد اولا في التقريب الاول : انه قياس لا نقول به . ولعى ما

افيد ثانيا : ان قوله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع الخ ، لا مفهوم له كي يدل

على عدم حرمة غير ذلك بالرضاع ، مع انه لو كان دالا على ذلك غايته الاطلاق فيقيد

اطلاقه بالخبر .

ويرد على الثاني : ان تعليل المنزلة لا يثبت به علية مطلق المنزلة حتى منزلة غير

الولد ايضا الا باستنباط العلة ، وليس هو الا القياس .

ويرد على الثالث : ان مقتضى عموم التنزيل ترتيب جميع آثار الولد عليه ، واما

حرمتها على اخوانه مثلا فهي ليست من آثار كونها ولدا له ، بل من آثار كونها بنت

اخ لهم ، وهكذا . مع ان التنزيل في الخبرين ظاهر في كونه بلحاظ التزويج عليه خاصة ،

ولا اقل من الاجمال فهو المتيقن .

وبما ذكرناه ظهر كيفية الاستدلال لعموم المنزلة بما دل على حرمة نكاح ابي

المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا وفي اولاد المرضعة ولادة والجواب عنه ،

وسيأتي لهذا زيادة توضيح ان شاء الله تعالى .

 

 

[ . . . ]

فالمتحصل مما ذكرناه ان المستفاد من النبوي المشهور بين الفريقين وما شابهه

من النصوص ، ان كل عنوان محرم بذاته في النسب إذا حصل نظيره بالرضاع يوجب

الحرمة ، وفي غير ذلك لا دليل على الحرمة ، والاصل يقتضي الجواز الا ما خرج بدليل

خاص ، وستأتي موارده . وبعبارة اخرى : كل عنوان له اسم في الانساب وحكم في السنة

والكتاب بحرمته إذا حصل بالرضاع يحكم بحرمته والا فلا ، الا الموارد الخارجة

بالدليل من الطرفين .

 

القرابة المنضمة بالمصاهرة

 

الثالث : لا يخفى ان العناوين المحرمة قسمان :

الاول : ما يكون تحريمه منتسبا الى النسب وحده ، ويكون النسب كالعلة

التامة لتحريمه ، كالام والاخت والبنت وما شاكل .

الثاني : ما يكون تحريمه مستندا الى العنوان المتحصل من النسب وغيره

كالمصاهرة ، فيكون النسب كجزء العلة للتحريم ، مثل ام الزوجة فان حرمتها مستندة

الى عنوان المصاهرة المتحصلة من ثبوت الزوجية بين الرجل والمرأة ، وثبوت النسب

بين المرأة ومرأة اخرى .

لا اشكال في ثبوت الحرمة بالرضاع ان كان العنوان الحاصل من قبيل القسم

الاول ، وانما الكلام فيما إذا كان من قبيل القسم الثاني ، كما في الام الرضاعية للز وجة

الحقيقية واختها الرضاعية ، ولا يخفى انه في خصوص ام الزوجة وردت نصوص وفيها

كلام سيأتي عند تعرض المصنف ره له . فالمشهور بين الاصحاب سببية الرضاع لنشر

الحرمة في هذا القسم ايضا ، وفي المستند : الحكم بتحريم هذا الصنف مصرح به في

 

 

[ . . . ]

كلمات الاصحاب ، بل ظاهر الكفاية اتفاق الاصحاب عليه ، بل صرح بعضهم باتفاق

الطائفة عليه ، وصرح آخر بنفي الخلاف ، وفي شرح المفاتيح الاجماع عليه ، انتهى .

ومع ذلك كله فقد اختار هو قده تبعا للكفاية عدم النشر لولا الاجماع .

يشهد للاول اطلاق قوله صلى الله عليه وآله : ما يحرم من النسب ، فانه يصح

استناد حرمة ام الزوجة واختها على الزوج الى النسب ، فيقال تحرم ام الزوجة واختها

على الزوج لاجل النسب الذي بينهما وبين زوجته ، ويؤيده الاجماع والنصوص الاتية

الواردة في خصوص ام الزوجة بضميمة الاجماع المركب .

وقد استدل للقول الاخر بوجوه :

الاول : انه قد اشتهر بينهم على وجه لم يشك احد فيه ان المحرم من جهة

المصاهرة لا يحرم من جهة الرضاع ، فلو ارضعت امرأة ولد رجل لا تحرم ام المرضعة على

الرجل من حيث انها جدة ولده لامه الرضاعية ، وليس ذلك الا من جهة عدم قيام

الرضاع مقام المصاهرة ، فلا تصير المرضعة بمنزلة الزوجة حتى تصير امها ام الزوجة ،

وعليه ففي المقام حيث ان تحريم الزوجة على الزوج من جهة المصاهرة فلا تحرم من

جهة الرضاع .

وفيه : ان الذي يحصل في المقام بالرضاع هو العنوان النسبي وهي الامومة ، واما

عنوان المصاهرة وهي الزوجية فهي وجدانية حقيقية ، فدليل التنزيل ينزل الام

الرضاعية منزلة الام النسبية ، وهذا بخلاف المثال المذكور ، فان العنوان النسبي

حقيقي ، وعنوان المصاهرة تنزيلي متوقف على تنزيل مرضعة الولد منزلة الزوجة ، واد لة

التنزيل لا تصلح لذلك ، وعلى الجملة بدليل التنزيل ينزل الام الرضاعية منزلة الام

النسبية ، لقيام الرضاع مقام النسب في اناطة التحريم به فتحرم لذلك .

الثاني : ان الظاهر من دليل التنزيل ترتيب آثار العنوان النسبي على العنوان

 

 

[ . . . ]

الرضاعي ، فإذا كان الاثر للعنوان النسبي مع المصاهرة فلا يشمله ادلة التنزيل .

وفيه : انه حيث لا مانع من تنزيل جزء الموضوع إذا كان الجزء الاخر محرزا

بالوجدان أو بتنزيل آخر ، والمفروض في المقام احراز عنوان المصاهرة وجدانا ، فلا مانع

من تنزيل الرضاع منزلة النسب الذي هو جزء الموضوع ، ومقتضى اطلاق الدليل

ذلك .

الثالث : ان المراد بلفظ ( النسب ) في النبوي هو النسب الحاصل بين المحرم

والمحرم عليه على حد قولهم سبب التحريم . اما نسب أو رضاع أو مصاهرة ، والنسب

في المقام بين شخصين آخرين .

وفيه : انه تقييد للمطلق من غير تقييد ، بل المراد به هو مطلق النسب الموجب

للتحريم ، سواء كان بين نفس المحرم والمحرم عليه ام بين احدهما وزوج الاخر أو

غيره - مثل الغلام الموطوء - ولهذا يصح التمسك بالنبوي في تحريم مرضعة الغلام

الموقب واخته وبنته الرضاعيتين على الموقب .

الرابع : ان التحريم في غير المحرمات النسبية السبع ليس من جهة النسب ،

بل هو مستند الى المصاهرة ، حيث ان الشئ يستند عرفا الى الجزء الاخير من العلة

التامة ، ففي المقام تكون الحرمة مستندة الى الزوجية ، فلا يعمها دليل تنزيل الرضا ع

منزلة النسب .

وفيه : ان التحريم في الكتاب والسنة لم يتعلق بعلاقة المصاهرة التي بينها وبين

الزوج ، وانما علق على الرابطة النسبية التي بينها وبين زوجة الزوج وهي الامومة وما

شاكل ، فحرمة ام الزوجة على الزوج انما هي من جهة النسب الحاصل بين المحرم

وزوجة المحرم عليه ، فإذا ورد الدليل على حرمة ام الزوجة نقول ان التحريم تعلق با لمرأة

المتصفة بالامومة للزوجة ، وهي رابطة نسبية علق عليها التحريم ، فإذا حصل نظيرها

 

 

[ . . . ]

بالرضاع تحصل الحرمة للنبوي . وبالجملة فكما يصدق على ام الرجل انها محرمة عليه

من جهة النسب ، فكذلك يصدق على ام زوجته انها محرمة عليه من جهة النسب ، لانها

حرمت عليه من جهة كونها اما لزوجته ، فالموضوع في كل منهما هي الام ، الا انه في

الاول ام المحرم عليه ، وفي الثاني ام زوجته .

فتحصل مما ذكرناه ضعف استشكال صاحب الكفاية والمحقق النراقي في نشر

الحرمة في هذا القسم من العناوين المحرمة .

 

لو شك في دخل شئ في نشر الحرمة

 

المطلب الثاني : يعتبر في انتشار الحرمة بالرضاع امور بلا خلاف فيه في الجملة ،

وان وقع الخلاف في بعض تلك الامور ، وقبل التعرض لها ينبغي تأسيس الاصل ليكون

هو المستند مع عدم الدليل على اعتبار امر ، وبعبارة اخرى يستند إليه في صورة الشك

في دخل شئ في نشر الحرمة مع عدم الدليل عليه .

والحق ان يقال : ان مقتضى اطلاق قوله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع

ما يحرم من النسب ، هو عدم دخل شئ من القيود ، فكل ما دل الدليل على اعتباره

يقيد به اطلاق النبوي ، وما لم يدل عليه دليل يدفع احتمال دخله بالاطلاق . ودعوى

انه انما يكون مسوقا لبيان ان الرضاع كالنسب في السببية لنشر الحرمة ، واما ان

السبب منه ماه فليس بصدد بيانه كي يؤخذ باطلاقه كما عن المحقق اليزدي ، مندفعة

بانه في مقام بيان السبب منه ، وان الرضاع بما هو رضاع سبب ، فكل ما دل على دخله

فيه يقيد اطلاقه به ويبقى الباقي .

والشاهد على ذلك - مضافا الى ظهوره ولا اقل من الشك ، ومقتضى القاعدة

 

 

] إذا كان عن نكاح [

 

هو البناء على كونه في مقام البيان - النصوص الواردة في تفسيره وتطبيقه على موار ده ،

لاحظ صحيح العجلي - في حديث - قال : سألت ابا جعفر ( عليه السلام ) عن قول

رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فسر لي ذلك ؟

فقال ( عليه السلام ) : كل امرأة ارضعت من لبن فحلها ولد امرأة اخرى من جارية

أو غلام ، فذلك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث ( 1 ) . ويمكن الاستد لال

له باطلاق هذا الصحيح وما شاكله ايضا .

وعلى هذا فمقتضى الاصل اللفظي عدم دخل قيد شك في دخله مع عدم

الدليل عليه . نعم ، لو لم يكن الاطلاق كان مقتضى الاصل العملي عدم وجود سبب

التحريم المانع عن تأثير عقد النكاح حدوثا وبقائا بدون ذلك القيد ،

 

اعتبار كون اللبن عن نكاح صحيح

 

إذا عرفت هذا ، فاعلم ان للرضاع الشرعي الموجب للتحريم شروطا :

الاول : انما يحرم الرضاع ( إذا كان ) حاصلا ( عن ) وطء صحيح شرعي ب

( نكاح ) دوام أو متعة أو تحليل أو ملك يمين .

فلو كان عن وطء زنا لا ينشر الحرمة اجماعا بقسميه كما في الجواهر ، اجماعا

محققا ومحكيا في السرائر والتذكرة وشرحي القواعد للمحقق الثاني والهندي وشرح

النافع للسيد والمفاتيح وشرحه وظاهر المسالك والكفاية وغير ذلك ، كما في المستند .

وكذا لا ينشر لو در من الامرأة من دون نكاح فضلا عن غيرها من الذكر والبهيمة ،

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه ، كذا في الجواهر . وفي نكاح الشبهة تردد

كما عن السرائر ، وان كان المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة تنزيله على الوطء

بالعقد الصحيح . فالكلام في موارد :

1.     ما لو كان اللبن عن وطء زنا . فقد استدل لعدم النشر الشيخ الاعظم ره

بانصراف اطلاقات التحريم بالرضاع الى غير ذلك ، وبصحيح ابن سنان عن الامام

الصادق ( عليه السلام ) عن لبن الفحل ، قال : هو ما ارضعت امرأتك من لبنك ولبن

ولدك ولد امرأة اخرى لا من حرام ( 1 ) ونحوه حسنه بابراهيم بن هاشم ( 2 ) .

ولكن الانصراف ممنوع . والاستدلال بالصحيح ان كان بما نقله في ذيله بقوله

( لا من حرام ) فيرد عليه : ان الموجود في كتب الحديث ( فهو حرام ) بدل ذلك . وان

كان بقوله ( ما ارضعت امرأتك ) الخ كما استدل به غيره ، فيرد عليه : انه في مقا م تفسير

لبن الفحل الموجب للحرمة عليه ، ولا يدل على حصر الرضاع الموجب لنشر الحرمة

بذلك ، بل قوله ( عليه السلام ) في خبر محمد بن عبيدة الهمداني عن الامام الرضا

( عليه السلام ) : فما بال الرضاع يحرم من قبل الفحل ولا يحرم من قبل الامهات ، وانما

الرضاع من قبل الامهات وان كان لبن الفحل ايضا يحرم ( 3 ) ومثله العلوي ( 4 ) يؤكد عد م

المفهوم له من هذه الجهة .

واما الايراد عليه بانه لا يعتبر كون المرضعة زوجة لصاحب اللبن ، بل يكفي

كونها مملوكة أو متعة مع عدم تبادرهما من لفظ ( امرأتك ) فيمكن الجواب عنه بانه

يلتزم فيهما بالتخصيص للدليل .

................................................................................

( 1 - 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .

( 4 ) المستدرك باب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وربما يستدل له بصحيح بريد العجلي عن الامام الباقر ( عليه السلام ) الوارد

في تفسير النبوي : كل امرأة ارضعت من لبن فحلها ولد امرأة اخرى من جاريد أو

غلام ، فذلك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله . وكل امرأة ارضعت من لبن

فحلين كانا له واحدا بعد واحد من جارية أو غلام ، فان ذلك رضاع ليس بالرضاع

الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، وانما

هو من نسب ناحية الصهر رضاع ولا يحرم شيئا ، وليس هو سبب رضاع من ناحية لبن

الفحولة فيحرم ( 1 ) .

وفيه : انه يدل على ان الرضاع الواحد من لبن فحلين لا يحرم ، وعلى ان العبرة

في الاخوة بالرضاع بالاخوة من قبل الاب الرضاعي وهو الفحل ولا عبرة بالام

الرضاعي ، وسيأتي تحقيق الكلام في الفرعين .

فالاولى الاستدلال له كما في الجواهر بخبر دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد

عليهما السلام ، انه قال : لبن الحرام لا يحرم الحلال ، ومثل ذلك امرأة ارضعت بلبن

زوجها ثم ارضعت بلبن فجور ، قال : ومن ارضع من فجور بلبن صبية لم يحرم من

نكاحها ، لان اللبن الحرام لا يحرم الحلال ( 2 ) المنجبر ضعفه بالعمل ، والمعتضد بالاجماع ،

والمؤيد بما تقدم وبعدم تحقق النسب بالزنا .

2.     لو در اللبن من المرأة من دون نكاح . يشهد لعدم نشر الحرمة به موثق

يونس بن يعقوب عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن امرأة در لبنها من

غير ولادة ، فارضعت جارية وغلاما من ذلك اللبن ، هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 2 ) المستدرك باب 11 من ابواب ما يحرم بالرضاع . ( * )

 

 

[ . . . ]

الرضاع ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ( 1 ) .

وخبر يعقوب بن شعيب ، قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : امرأة در لبنها من

غير ولادة فارضعت ذكرانا واناثا ، ايحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع ؟ فقال لي : لا ( 2 ) .

3.     ما لو كان اللبن عن وطء الشبهة . وقد عرفت ان المشهور بين الاصحاب

الحاقه في النشر بالنكاح واخويه ، وعن الحلي الجزم بعدم النشر ، وتردد سيد المدار ك

فيه ، واستحسنه الشيخ الاعظم الا انه قوى اخيرا ما هو المشهور .

ولا يخفى انه على ما ذكرناه في المورد الاول يكون الحاقه بالنكاح واضح ،

لاطلاق دليل محرمية الرضاع ، وما دل على خروج المورد الاول والثاني مختص بهما

لا يشمل المقام ، اضف الى ذلك كون وطء الشبهة ملحقا بالنكاح في النسب فانه يؤيد

ذلك .

واما على ما سلكه الشيخ الاعظم فقد اشكل عليه الامر ، فان مقتضى صحيح

ابن سنان وحسنه - على فرض الدلالة على عدم بالزنا كما استدل بهما له - عدم

النشر في وطء الشبهة ايضا ، ولذلك ادعى ره ان دلالة المطلقات على الاطلاق اقوى

من دلالة المقيد على الاختصاص ، وانه لابد من حمل ما فيهما من تخصيص اللبن بالمرأة

على التمثيل بالفرد الغالب ، للاتفاق على النشر بالارتضاع من المملوكة والمحللة ،

فلا مقيد لاطلاق الادلة .

ولكن يرد على ما افاده اولا : ان دلالة المطلق على حكم فرد ان كانت بنحو

النصوصية ، يصلح المطلق لمعارضة المقيد الدال على حكم ذلك الفرد ، والا فيقدم المقيد

على المطلق مطلقا ، وضروري ان نصوص محرمية الرضاع ليست نصا في حصول

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الحرمة بوطء الشبهة .

ويرد على ما افاده ثانيا : ان الاتفاق على النشر بالارتضاع من المملوكة

والمحللة بضميمة ما فيهما من النص يقيد الخبرين على فرض ظهورهما في اعتبار كون

المرضعة امرأته ، ولا يصلح قرينة لحمل القيد على الغالب ، مع انه على هذا لا يبقى له

دليل على عدم النشر بالزنا سوى الاجماع المعلوم مدركه . فالصحيح ما ذكرناه .

 

هل يعتبر انفصال الولد ام لا

 

4.     المستفاد من النصوص المتقدمة سيما موثق يونس وخبر يعقوب اعتبار

حصول اللبن من الحمل ، فلو در اللبن عن الخالية عنه وان كانت منكوحة نكاحا

صحيحا لا ينشر الحرمة ، كما هو المشهور شهرة عظيمة ، وعن التذكرة وفي المستند وعن

غيرهما دعوى الاجماع عليه . انما الخلاف في موارد :

الاول : انه إذا حصل الحمل لا من الوطء ، كما لو حملت المرأة من ماء زوجها

السابق الى فرجها من غير دخول ثم ولدت ، فهل تنتشر الحرمة كما هو مقتضى اطلاق

الاخبار ، ام لا تنتشر كما هو ظاهر الاصحاب حيث اعتبروا الوطء في ترتب حكم

الرضاع ، وصريح المحكي عن ثاني الشهيدين حيث اعتبر الدخول ؟ وجهان ،

اظهرهما الاول ، فالمدار على تكون الولد من مائه على وجه ينسب إليه الولد الذي

يتبعه اللبن ، ولا يبعد ان يكون تعبير الاصحاب بالوطء باعتبار الغلبة ، لا ان المرا د

اشتراط ذلك على وجه يخرج به الفرض .

الثاني : انه هلى يعتبر انفصال الولد ، كما في الجواهر وعن الخلاف والغنية

والسرائر والتذكرة والتحرير والنهاية وشرح القواعد للمحقق الثاني وشرح النافع

 

 

[ . . . ]

للسيد ، بل قيل انه الاشهر بل عن الثلاثة الاول الاجماع عليه ، ام يكفي الحمل كما

عن موضع من المبسوط والمحقق والقواعد والمسالك والروضة واختاره الشيخ الاعظم ؟

وجهان ، مقتضى اطلاق النصوص الدالة على اناطة الحرمة بلبن الفحل - كصحيح

بريد المتقدم ( 1 ) وصحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يرضع

من امرأة وهو غلام ، ايحل له ان يتزوج اختها لامها من الرضاعة ؟ فقال ( عليه

السلام ) : ان كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحل ( 2 ) .

ونحوهما غيرهما - هو الثاني ، وكذا مقتضى اطلاق ادلة محرمية الرضاع .

وقد استدل للول بقوله ( عليه السلام ) في صحيح ابن سنان المتقدم : ما

ارضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك ، بدعوى عدم صدق الولد مضافا الى الاب على

الحمل . وبموثق يونس وخبر يعقوب المتقدمين ، الدالين على ان در اللبن من غير ولا دة

لا يوجب النشر ، وهما اخصان من المطلقات فتقيد بهما . وما عن المحقق اليزدي من

الجواب عنهما بانهما يعارضان مع المطلقات المتقدمة ، حيث انها لورودها في مقام التخيير

وبيان الحد تكون كالنص الصريح في الاطلاق ، بل يوجب انعقاد الاطلاق .

ولكن يرد على الوجه الاول : ان الولد يصدق على الحمل ، مع ان وجود الولد

بالفعل لا يعتبر في اضافة اللبن إليه ، ولذا لو مات الولد فارضعت امه يوجب ذلك نشر

الحرمة .

ويرد على الثاني : انه ليس فيهما ان در اللبن قبل الولادة لا يوجب النشر ، بل

در اللبن من غير ولادة ، الظاهر ارادة الدر من غير ولادة رأسا حتى في المستقبل بان

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

يكون الدر لا عن حمل ، فلا ينهضان لتقييد المطلقات . فالاظهر هو الاكتفاء بالحمل .

الثالث : لو در اللبن قبل الحمل ، واستمر ذلك الى ما بعد الحمل ، فهل يكفي

ذلك في نشر الحرمة ، نظرا الى صدق كون اللبن عن الحمل ، وان المسبب يضاف الى

اقوى السببين ، ام لا من جهة انه انما يصدق كون اللبن دارا بنفسه وعن الحمل

ويكون منتسبا اليهما ، ويكون كل منهما جزء العلة ، لو لم نقل بان الاصل عدم حدوث

اللبن عن الحمل وانه استمرار لما كان قبله ، وبه يظهر ما في الوجه الثاني ؟ وجهان ،

اقواهما الثاني .

الرابع : ان اللبن الموجود بعد السقط ، هل حكمه حكم اللبن بعد الولادة ام

لا ؟ الظاهر هو الفرق بين كون الساقط تام الخلقة وقد ولج فيه الروح وبين عدم كونه

كذلك . فان كان من قبيل الاول حيث انه يصدق عليه الولد وعلى وضعه الولادة

فحكمه حكم اللبن بعد الولادة ، وان كان من قبيل الثاني فلا يترتب عليه حكمه . نعم ،

فيما إذا تمت خلقته ولم يولجه الروح اشكال .

الخامس : لا يعتبر بقاء المرأة على الحبالة ، فلو طلقها أو مات عنها وهي حامل

منه فارضعت من لبنه ولدا ينشر الحرمة ، في العدة ام بعدها ، طال الزمان ام قصر ،

تزوجت بغيره ام لا .

ولو استمر اللبن من الاول الى بعد التزويج من الثاني والحمل منه ، فهل اللبن

للثاني أو الاول . أولهما ؟ وجوه ، لا يبعد اظهرية الثاني ، للاستصحاب . وربما يقدر بمضي

اربعين يوما من الحمل ، فيكون اللبن حينئذ للثاني فينتشر الحرمة له . ولو استمر ا لى

زمان الوضع ، فما قبل الوضع للاول ، وما بعده للثاني ، لاجماع اهل العلم كما قيل ، وكفى

به مستندا .

 

 

[ . . . ]

يعتبر بلوغ الرضاع حدا خاصا

 

الشرط الثاني : الكمية ، اي بلوغ الرضاع حدا خاصا ، فان المشهور بين

الاصحاب بل لا خلاف فيه انه لا يكفي مسمى الرضاع ومطلقه في نشر الحرمة ، وفي

الجواهر : اجماعا بقسميه ونصوصا مستفيضة أو متواترة وفي المستند : وهو مجمع عليه بين

الطائفة اجماعا محققا ومحكيا مستفيضا . وخالف في المسألة بعض العامة فاكتفى

بالمسمى ، وادعى ان عليه اجماع اهل العلم ، ووافقه من اصحابنا ابن الجنيد والمصري

في الدعائم .

ويشهد لعدم كفاية المسمى نصوص كثيرة يأتي اكثرها في المباحث الاتية عند

بيان التقديرات .

وبازائها نصوص ، كصحيح علي بن مهزيار عن ابي الحسن ( عليه السلام ) انه

كتب إليه يسأله : عما يحرم من الرضاع ؟ فكتب ( عليه السلام ) : قليله وكثيره حرا م ( 1 )

والعلوي : يحرم من الرضاع قليله وكثيره ، المصة الواحدة تحرم ( 2 ) ونحوه العلويان

الاخران ( 3 ) .

وخبر زيد بن علي عن آبائه عن الامام علي عليهم السلام : الرضعة الواحدة

كالمائة رضعة لا تحل له ابدا ( 4 ) .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 10 .

( 2 ) المستدرك باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .

( 3 ) المستدرك باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 12 .

 

 

] يوما وليلة ، [

 

ولكن يرد عليها اولا : ان غير الاول منها ضعيف السند ، والاول مجمل

إذ المسئول عنه فيه غير معلوم ، ولعله تحريم اصل الارتفاع كما بعد الفطام .

وثانيا : ان الاصحاب اعرضوا عنها .

وثالثا : انها معارضة مع ما هو اكثر عددا واصح سندا واشهر عملا وفتوى ورواية ،

فلا ينبغي التوقف في عدم كفاية المسمى .

ثم ان اصحابنا قدروا المقدار الخاص الذي اعتبروه بثلاثة تقديرات : الاثر ،

والعدد ، والزمان . خلافا للمحكي عن المفيد وسلار فخصا الحكم بالعدد ، وللصدوق

حيث قصره فيما حكى من هدايته على الزمان والمقنع على الاثر ، وللمحكي عن ابن

سعيد من تخصيص التأثير بما عدا الاثر .

 

التقدير بالزمان

 

احدها : التقدير بالزمان ، والمعروف بينهم اعتبار كون الرضاع ( يوما وليلة ) ،

وعن ظاهر التبيان ومجمع البيان والغنية والايضاح وغيرها عدم الخلاف فيه ، وعن

الخلاف دعوى الاجماع عليه ، وعن التذكرة نسبته الى علمائنا ، وعن كشف اللثام

الاتفاق عليه .

وبذلك يظهر ما في فقه الرضا : والحد الذي يحرم به الرضاع مما عليه

عمل العصابة ، دون كل ما روى فانه مختلف ، ما انبت اللحم وقوى العظم ، وهو رضاع

ثلاثة ايام متواليات وعشرة رضعات ، الخ ( 1 ) لانه لم يعرف ولا حكى عن احد من

................................................................................

( 1 ) المستدرك باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

عصابة الحق العمل بذلك ، بل لا يوجد رواية ولو شاذة توافقه مع كثرة اخبار الباب .

ولنعم ما افاده فقيه الامة صاحب الجواهر ره : ان هذا احد المقامات التي تشهد بعد م

صحة نسبة هذا الكتاب ، مضافا الى ما اشتمل عليه مما لا يليق بمنصب الامامة ، ومما

هو مخالف للمتواتر عن الائمة ، أو ما ثبت بطلانه باجماع الامامية بل الامة ، انتهى .

واما نصوص الباب فهي مختلفة :

فمنها : ما يدل على المشهور ، وهو موثق زياد بن سوقة ، قال قلت لابي جعفر

( عليه السلام ) : هل للرضاع حد يؤخذ به ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا يحرم الرضاع اقل

من يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد ،

لم يفصل بينهما رضعة امرأة غيرها . فلو ان امرأة ارضعت غلاما أو جارية عشر رضعات

من لبن فحل واحد ، وارضعتهما امرأة اخرى من فحل آخر عشر رضعات ، لم يحرم

نكاحهما ( 1 ) .

والايراد عليه تارة بضعف السند ، واخرى بما في المستند من ان دلالته بمفهوم

الوصف الذي في اعتباره نظر ، وثالثة بمعارضته بما دل على حصر الرضاع المحرم فيما

انبت اللحم وشد العظم الاتي ، في غير محله ، إذ ليس في سنده من يتوقف فيه سوى

عمار الذي نقل الشيخ عمل الاصحاب برواياته ووثقه الرجاليون ، مع ان في السند

ابن محبوب وهو من اصحاب الاجماع ، اضف الى ذلك عمل الاصحاب به ، ودلالته

على الاكتفاء برضاع يوم وليلة ليست بمفهوم الوصف لو ردوه في مقام التحديد

فلا اشكال في ثبوت المفهوم له ، ومعارضته بما دل على الحصر غير ظاهرة لفقد العلم بعدم

كونه منه ، ولو فرض صورة علم بذلك ستعرف حكمها .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ومنها : ما يدل على ان المدار على الرضاع خمسة عشر يوما ولياليهن ، وهو

مرسل الصدوق في الهداية ، قال النبي صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم

من النسب ، ولا يحرم من الرضاع خمسة عشر يوما ولياليهن ، ليس بينهن

رضاع ( 1 ) . وفي المستدرك : الاقوى ما دل عليه خبر الهداية وعليه المعظم ، ويمكن ا ن

يكون ذلك كلام صاحب غوالي اللئالي .

ومرسل المقنع : وروى لا يحرم من الرضاع الارضاع خمسة عشر يوما ولياليهن ،

ليس بينهن رضاع ، وبه كان يفتي شيخنا محمد بن الحسن ( 2 ) لكن صاحب الجواهر ره

لم يجده في المقنع ، بل وجد فيه : وسئل الامام الصادق ( عليه السلام ) هل لذلك حد ؟

فقال ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضاع الارضاع يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة

متواليات لا يفصل بينهن ( 3 )

ومنها : ما يدل على التقدير بسنة ، كصحيح العلا بن رزين عن ابي عبد الله

( عليه السلام ) ، قال : سألته عن الرضاع ، فقال ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضا ع

الا ما ارتضع من ثدي واحد سنة ( 4 ) . ومرسل المقنع : وروي لا يحرم من الرضاع الا ما

ارتضع من ثدي واحد سنة ( 5 ) .

ومنها : ما يدل على اعتبار الحولين ، كخبر الحلبي عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) : لا يحرم من الرضاع الا ما كان حولين كاملين ( 6 ) ونحوه خبر زرارة وعبيد بن

................................................................................

( 1 ) المستدرك باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 15 .

( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 14 .

( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 13 .

( 5 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 17 .

( 6 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 10 . ( * )

 

 

[ . . . ]

زرارة ( 1 ) .

اما ما رواه الصدوق - قده من الطائفة الثانية فهو وان كان واجد الشرائط

الحجية لنسبة ذلك الى النبي صلى الله عليه وآله جزما ، الا انه من المحتمل انقطاع

الحديث على ( النسب ) ويكون الباقي فتوى الصدوق ، ويؤيده ان المروي عن النبي

صلى الله عليه وآله متواترا الجملة الاولى خاصة . ومرسل المقنع منها ضعيف للارسال ،

وقد مر انكار صاحب الجواهر ره وجوده .

واما الطائفة الثالثة فلم يوجد عامل بها ويتعين طرحها لذلك ، وقد صحف

بعض متأخري المتأخرين ما فيها من كلمة ( سنة ) بالضم والتشديد أو بالكسر مع

الاضافة الى ضمير الارتضاع على ان المراد الرضاع في الحولين الذين هما سن

الرضاع والسنة فيه .

واما الطائفة الرابعة وان مال بعض متأخري المتأخرين الى مضمونها لتعدد

رواياتها وتأيدها بالاصل والمخالفة لمذاهب الجمهور ، فقابلة للحمل على ارادة الظر فية

من الحولين ، ولا ينافيه وصف الكاملين ، بل يتعين ذلك بعد فرض مخالفتها لاجماع

المسلمين ، وفي الجواهر : بل يمكن ان يكون مخالفا للضرورة من الدين ، وبعده عن

التقديرين الاخرين .

اضف الى جميع ذلك ان هذه الطوائف معارضة مع الطائفة الاولى المعمول بها

بين الاصحاب فهي تقدم عند التعارض ، لو لم تكن هذه ساقطة عن الحجية بانفسها

بالاعراض . فالمتحصل ان الميزان هو رضاع يوم وليلة .

وينبغي التنبيه على امور :

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 8 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الاول : ان المشهور بين الاصحاب في هذا التقدير انه ينشر الحرمة مطلقا ، وعن

المبسوط والنهاية والتذكرة انه يشترط عدم انضباط العدد ، ويعلم من ذلك ان الشيخ

والمصنف يرون ان هذا التحديد لوحظ فيه الوسط ، فانه - كما اعترف به الشهيد

الثاني - يأتي على العدد تقريبا ، فيكون تحقيقا في تقريب كما هو عادة الشارع في ضبط

قوانين الشرع في مقامات عديدة . وتظهر الثمرة لو نقص العدد في اليوم والليلة كا ن

رضع فيهما سبعة أو ثمانية ، فينشر على المشهور ، ولا ينشر على ما ذهبا إليه . ولكن الاول

اظهر ، لاطلاق الموثق والفتوى ، سيما مع معلومية اختلاف الاطفال في ذلك اختلافا

بينا .

الثاني : انه هل يعتبر ابتداء الرضاع في ابتداء اليوم وانتهائه في آخر الليلة أو

العكس ، ام يكفي الملفق لو ابتدأ في اثناء احدهما ؟ قولان ، فعن الروضة اعتبار وقوع

اول الرضاع في اول اليوم ، واستظهر سيد الرياض عدم الاكتفاء بالملفق ، وقواه في

المستند ، واحتمله في الجواهر .

والاقوى هو الثاني ، لان الظاهر من التحديد باليوم والليلة ارادة مقدارهما ، الا

ترى انه يقال لمن سار مقدار اليوم والليلة بحسب الزمان انه سار يوما وليلة ، ولذ ا

يحمل على ذلك في الازمنة المأخوذة موضوعات للاحكام الشرعية ، - كاقامة عشر ايام ،

ومسير يوم ، واكثر ايام الحيض واقلها ، وما شاكل - والى هذا نظر الشيخ الاعظم ره

حيث قال : لصدق رضاع يوم وليلة عرفا على رضاع الملفق .

واستدل للقول الاخر بمنع صدق القيد المأخوذ في الرواية على صورة التلفيق ،

ويكون غيرها هو المتقين منه ، فيجب الاقتصار عليه في مخالفة الاصل . ولكن يندفع

الاول بما مر ، والثاني بانه لاوجه للاقتصار على المتيقن مع وجود الاطلاق .

الثالث : انه هل يعتبر في رضاع هذا الزمان حال متعارف اوساط الاطفال ، أو

 

 

[ . . . ]

حال شخص ذلك الرضيع ؟ وجهان - وتظهر الثمرة فيما إذا كان الطفل عرضه ما

يحتاج معه الى الاقل مما يحتاج إليه الصحيح ، أو كان مريضا يحتاج الى ازيد مما يحتاج

إليه الصحيح كغلبة القئ عليه لعارض - اقواهما الثاني ، لاطلاق الرواية وظاهرها .

وعلى القول بان هذا التقدير من قبيل التحقيق في التقريب الاول اظهر ، ولكنه عرفت

فساده ومخالفته لظاهر دليل التحديد .

الرابع : ان مقتضى الطلاق الموثق هو الاكتفاء بما هو المتعارف من الرضاع في

اليوم والليلة ، فلا يعتبر اكمال الرضعة في كل مرة ، بل يكفي الاكمال بمرة اخرى . فلو

ارتضع الصبي بعض الرضعة ، واشتغل بلعب ونحوه حتى تحقق الفصل الطويل ، ثم

ارتضع رضعة كاملة لم يقدح وكفى .

وعن كشف اللثام وفي المستند اعتبار الاكمال في كل رضعة ، بدعوى انه المتبادر

من رضاع يوم وليلة بل هو معناه . ولكنه غير تام في جميع الافراد ، كما في المثال ا لمذكور

وما شابهه .

الرابع : إذا تخلل بين رضعاته يسير من الطعام ، بحيث لا تغنيه عن شرب ما

اعتاده من اللبن ، هل تكفي تلك الرضعات في نشر الحرمة كما صرح به بعض المحققين

ام لا ؟ وجهان .

وفي رسالة الشيخ الاعظم ره : ويشكل فيما اعتاده من يسير من طعام بحيث

لا يغنيه عما اعتاد شريه من اللبن ، انتهى .

ومنشأ الاشكال اما عدم صدق رضاع يوم وليلة بدعوى ان الظاهر منه هو

كون تغذية الطفل في تمام هذه المدة باللبن ، أو قوله ( عليه السلام ) في الموثق

( متواليات ) بدعوى رجوعه الى الجملتين . ويندفع الاول بان الظاهر منه هو الرضاع

في تلك المدة بما هو المتعارف في رضاع الطفل ، فلا يقدح اليسير من الطعام . ويند فع

 

 

] أو ما انبت اللحم وشد العظم ، [

 

الثاني بان الظاهر من القيد بقرينة الجمع هو الرجوع الى الجملة الثانية كما لا يخفى .

فالاظهر هو الاكتفاء بها ، واولى من ذلك ما لو شرب الماء للعطش ، وكذا لو اكل أو

شرب الدواء .

 

التقدير بالاثر

 

الثاني : التقدير بالاثر ، قال قده ( أو ما انبت اللحم وشد العظم ) . وحصول

النشر مع تحقق هذا الاثر مما لا خلاف فيه بين علماء الاسلام كما في رسالة الشيخ

الاعظم ره ، واعتباره متفق عليه ، بل صرح جماعة بالاجماع عليه ، وفي الايضاح : ان

عليه اجماع علماء الاسلام . ويشهد به نصوص كثيرة ، كصحيح عبد الله بن سنان عن

الصادق ( عليه السلام ) ، قال : لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم وشد العظم ( 1 ) .

وحسن ابن ابي عمير - أو صحيحه - عن زياد القندي عن عبد الله بن سنان

عن ابي الحسن ( عليه السلام ) ، قال قلت : يحرم من الرضاع الرضعة والرضعتان

والثلاثة ، قال ( عليه السلام ) : لا ، الا ما اشتد عليه العظم ونبت اللحم ( 2 ) .

وصحيح علي بن رئاب عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال قلت : ما يحرم من

الرضاع ؟ قال : ما انبت اللحم وشد العظم . قلت : فيحرم عشر رضعات ؟ قال ( عليه

السلام ) : لا ، لانه لا تنبت اللحم ولا تشد العظم عشر رضعات ( 3 ) ونحوها غيرها .

وتمام الكلام بالتعرض لامور :

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 23 .

( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

1.     قد وقع التحديد في غير واحد من النصوص بانبات اللحم والدم ،

كمصحح حماد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضاع الا ما انبت

اللحم والدم ( 1 ) وصحيح عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرضاع ،

ما ادنى ما يحرم منه ؟ قال : ما انبت اللحم والدم ( 2 ) .

وفي كشف اللثام : ان المراد بالدم فيهما الغريزي وهو الذي ينسب إليه

الانبات ، لا الذي يستحيل إليه الغذاء في الكبد قبل الانتشار منه الى الاعضاء ،

انتهى . وعلى ذلك فلا يبعد تلازم التقديرين ، ويؤيده عدم تعرض الاصحاب لتحقق

الحكم به نفيا واثباتا ، وعليه فان علم بنبات اللحم والدم ولم يعلم باشتداد العظ م يحكم

بالنشر ، لاطلاق النص .

ونسب الى المحقق اليزدي ره انه قال : يمكن احراز الاشتداد بذلك

الاطلاق لئلا يلزم التقييد ، إذ مع حفظ الاطلاق واعتبار الاشتداد في الانتشار

يستكشف الملازمة بين التقديرين ، والا لزم رفع اليد عن الاطلاق . وفيه : ان اصالة

الاطلاق كاصالة الحقيقة وما شاكل ، انما يرجع إليها عند الشك في المراد مع احراز

الموضوع لاثبات الحكم ، واما مع معلومية الحكم فلا وجه للرجوع إليها لاحراز

الموضوع المشكوك فيه ولو احرز عدم الملازمة ، فيقيد اطلاق مفهوم كل منهما بمنطوق

الاخر ، وتكون النتيجة الاكتفاء بكل واحد من التقديرين .

2.     ان مقتضى الاخبار اعتبار الاثرين معا كما عن الاكثر ، فلا يكفي حينئذ

احدهما . وعن الشهيد في اللمعة الاكتفاء به ، بل حكاه السيد في محكي نهاية المرام عن

جماعة وقواه وعلله بالتلازم ، واحتمل التعليل به في الروضة ولكن رجح اعتبار الجمع ،

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 18 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وقطع به في المسالك على ما حكى ، ورد القول بالاكتفاء به بالشذوذ ومخالفة النصوص

والفتوى ،

ويظهر من هذه الكلمات انه لا خلاف في اصل الحكم وهو اعتبار الاثرين معا ،

وانما الاختلاف في التلازم بين الاثرين ، فلو احرز احدهما يحرز الاخر قهرا فيثبت

الحكم على القول به ، وعلى فرض البناء على عدم التلازم لا ينشر الحرمة .

وفي المستند الاستدلال للاكتفاء باحدهما بالنصوص الدالة على انه يحرم

بالرضاع ما انبت اللحم والدم . وفيه : انها لا تدل على الاكتفاء باحدهما ، وانما تدل على

الاكتفاء بانبات الدم مع انبات اللحم عن شد العظم .

3.     ان المشهور بين الاصحاب ان هذه العلامة علامة مستقلة مقابلة للزمان

والعدد ، وفي الجواهر : وبه قال الشيخ في النهاية والخلاف والقاضي والحلبيون الثلا ثة

والشهيدان والمحقق والكركي وعامة المتأخرين ، وهو الاصح ، انتهى . وعن الحلبيين

والطبرسي ، وظاهر كتابي الشيخ في الاخبار ، ومحتمل المفيد وسلار وابن سعيد ، سقوط

الفائدة في هذه العلامة والاستغناء عنها بالزمان والعدد ، وقواه الشيخ الاعظم ره .

الظاهر من النصوص الدالة على الحرمة معها سواء وافق احدهما أو خالف

هو الاول . ولكن من جهة ان الاطلاع عليه بنحو يظهر للحس عند الحاجة إليه

لا يمكن الا لبعض اهل الخبرة ، ومع ذلك حصر في النصوص الكثيرة الرضاع المحرم

بما انبت اللحم وشد العظم ( 1 ) واشير في بعضها الى ان العدد انما يحرم لكونه محصلا

له ( 2 ) يتعين البناء على الثاني . ويشير إليه صحيح علي بن رئاب عن الامام الصادق

( عليه السلام ) ، قال قلت : ما يحرم من الرضاع ؟ قال ( عليه السلام ) : ما انبت اللحم

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع .

 

 

[ . . . ]

وشد العظم ، قلت : فيحرم عشر رضعات ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، لانه لا تنبت اللحم

ولا تشد العظم عشر رضعات ( 1 ) .

اللهم الا ان يقال : ان هذا في خصوص العدد دون الزمان ، مع ان لازم ذلك

ليس حصر علامته فيهما بحيث لو تحقق عند اهل الخبرة بل وعند غيرهم بدونهما

لا يحكم بالحرمة ، بل لازمه كونهما علامتين له فيبنى عليه مع وجود احدهما ، وان شك

فيه ولم يظهر لاهل الخبرة ، وعليه فلا يسقط هذه العلامة .

اضف إليه ان الجمع بين ما في صحيح ابن رئاب الذي اشير إليه في بعض

النصوص الاخر ، واطلاق ما دل على ان العدد بنفسه يوجب التحريم ، يمكن بالبناء

على ان ذلك هي الحكمة لمحرمية العدد لا العلة ، بل يتعين ذلك بملاحظة ما في صحيح

محمد بن مسلم من جعل العدد مقابل الاثر ، رواه عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهما

السلام قالا إذا رضع الغلام من نساء شتى وكان ذلك عدة أو نبت لحمه ودمه عليه

يحرم عليه بناتهن كلهن ( 2 ) .

فالاظهر ان كلا من التقديرات الثلاثة مستقل في التأثير في الحرمة ، سيأتي ان

شاء الله تعالى ما يقتضيه الجمع بين ادلتها في موارد الاختلاف .

4.     هل يعتبر في التحريم بالاثر استقلال الرضاع في حصوله على وجه

ينسب إليه ، فلو فرض تركب غذاء الصبي منه ومن غيره وكان الانبات والاشتداد

منسوبين اليهما لا يكفي ، ام لا يعتبر ذلك ؟ وجهان ، اظهرهما الاول ، لان ذلك هو

الظاهر من ما دل على ان المحرم هو ما انبت اللحم وشد العظم ، فانه في صورة التركب

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب ما يحرم بالرضاغ حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لا يكون ذلك منتسبا الى الرضاع .

ويشير إليه مرسل ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) : الرضاع الذي ينبت اللحم والدم هو الذي يرضع حتى يتضلع ويتملى

وينتهي نفسه ( 1 ) . وخبر ابن ابي يعفور ، قال : سألته عما يحرم من الرضاع ، قال ( عليه

السلام ) : إذا رضع حتى يمتلي بطنه ، فان ذلك ينبت اللحم والدم ( 2 ) . فانهما يدلا ن

 على ان الانبات المجعول موضوعا للحرمة هو ما انتسب الى الرضاع خاصة .

وخبر مسعدة بن زياد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضاع

الا ما شد العظم وانبت اللحم ، فاما الرضعة والثنتان والثلاث - حتى بلغ العشر - ا ذا

كن متفرقات فلا بأس ( 3 ) فانه يشعر بانه في صورة التفرق لا يكفي ، لعدم انتساب شد

العظم وانبات اللحم إليها .

وعليه فلا يصغي الى ما قيل ان اللبن والغذاء وان امتزجا في المعدة الا ان لكل

منهما اثرا مستقلا ، فيصدق على كل منهما انه انبت لحما وشد عظما ، مع انه فاسد في

نفسه ، لان المعلول انما ينسب الى مجموع العلتين لو اشتركا لا الى كل منهما .

5.     ان المعتبر في الاثرين هو حصولهما بنحو يظهر لدى حس اهل الخبرة

فلا يتحققان بالمسمى ، كما يشير إليه النصوص الدالة على انهما لا يحصلان بالرضعة

والثنتين والثلاث وقد تقدم بعضها ، ولو كان مطلق التأثير كافيا كان ذلك حاصلا

بالرضعة الواحدة مع انه لزم منه فساد التحديد ، لانه لا يزيد على اعتبار اصل

الرضاع . فما عن ظاهر ابن الجنيد ومن قال بالمسمى من اصحابنا من الاكتفاء بما

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 9 . ( * )

 

 

] أو كان خمس عشرة رضعة [

 

يحصل من الرضعة الواحدة ، غير تام .

6.     ان المرجع في حصول الاثرين فيما لا يكون بينا هو قول اهل

الخبرة . كما نص عليه جماعة . وفي الجواهر : نعم يعتبر فيه شروط الشهادة من الايمان

والعدالة والعدد فلا حكم للواحد ، وقريب منه في المستند . ولكن الاظهر هو ما عن

السيد الداماد من الاكتفاء بخبر الواحد ، وذلك لما حققناه في محله من حجية خبر

الواحد في الموضوعات .

7.     ولا يعتبر الايمان والعدالة بل يكتفى بخبر الثقة ، لما حقق في محله من

حجية الخبر الموثق في الموضوعات .

 

التقدير بالعدد

 

الثالث : من التقديرات تقديره بالعدد ، واعتباره في التقدير اجماعي ، ونقل

الاجماع عليه مستفيض ، وقد تقدم ما نسب الى ابن الجنيد من الاكتفاء برضعة واحدة ،

وما يمكن ان يستدل به لو والجواب عنه .

وانما المعركة العظمى في ان العدد المحرم هو ما كان عشر رضعات ، كما عن

العماني والمفيد والسيد والحلبي والديلمي والحلي في اول كتاب النكاح وابني

زهرة وحمزة المصنف في المختلف وولده في الايضاح والشهيد في اللمعة والسيد الداما د وابن

فهد ، بل هو الاشهر كما صرح به الشهيد الثاني ، ( أو كان خمس عشرة رضعة ) كما

عن الشيخ في النهاية والمبسوط وكتابي الاخبار والحلي في اول الرضاع والمحقق

والمصنف في غير المختلف والمحقق الثاني في شرح القواعد والشهيد الثاني ، ولعله

المشهور بين المتأخرين ، بل نسب ذلك الى المشهور بقول مطلق ؟

 

 

[ . . . ]

واستدل للاول بالاطلاقات من الكتاب والسنة ، ولكنها لا تصلح للمقاومة مع

النصوص الاتية ، بل يقيد الاطلاقات بها .

وبخبر الفضيل عن ابي جعفر ( عليه السلام ) لا يحرم من الرضاع الا المخبورة

أو خادم أو ظئر ثم يرضع عشر رضعات يروى الصبي وينام ( 1 ) .

واورد عليه تارة بضعف السند ، لان في طريقه محمد بن سنان ، وقد ضعفه

المشايخ غير المفيد . واخرى باضطراب المتن ، لخلو الفقيه من زيادة رواها الشيخ في

ذيله - اعني قوله : ثم يرضع عشر رضعات - مع سبق الصدوق عن الشيخ زمانا وضبط

الاخبار كتابة ، فكيف يتصور في حقه أو في الكتب التي اخذ الحديث منها اهمال شط

من كلام المعصوم ( عليه السلام ) ، مربوط بما قبله غاية الارتباط ويحتاج إليه نهاية

الاحتياج . وثالثة بالمخالفة للاجماع من جهة حصرها الرضاع المحرم في المخبورة .

ولكن يمكن دفع الاول بان الاظهر وثاقته ، فقد وثقه المفيد في الارشاد في باب

النص على مولانا الرضا ( عليه السلام ) ، والفاضل المجلسي في الوجيزة ، والشيخ الحر ،

والحسن بن ابي شعبة في تحف العقول ، وابن طاووس في كتاب التتمات والمهمات ،

والمصنف ره في رضاع المختلف ومسألة التكبير للركوع من المنتهى على ما حكى ، وقد

تبعه في وصف حديثه هذا بالصحة ولده الفخر والمحقق الكركي ، وحكى القول بوثاقته

عن السيد الداماد والميرزا في الوسيط والعلامة الطباطبائي . اضف الى ذلك ورود جملة

من النصوص في مدحه ، ورواية كثير من الاجلاء عنه ، ولهذا لا يعتنى بتضعيف جماعة

اياه ، سيما وان منشأ تضعيف جمع منهم رميه بالغلو وهو غير ظاهر ، واصطلاح جمع آخر

منهم في الضعف غير ما يضر بحجية الخبر ، مع ان اعتماد القدماء من الاصحاب عليه

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 11 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وافتائهم بما تضمنه يوجب جبر الضعف لو كان .

واما الثاني فيدفعه ان الظاهر كون ما رواه الشيخ غير ما روى في الفقيه ، لان

احدهما عن الامام الصادق ( عليه السلام ) والاخر عن الامام الباقر ( عليه السلام ) ،

وفي طريق رواية الفقيه ليس محمد بن سنان ، ومتن الخبرين ايضا مختلف ، فلا شك في

التعدد ، ومجرد كون الراوي فيهما الفضيل لا يوجب كونهما خبرا واحدا . مع انه لو سلم

وحدتهما ، مقتضى اصالة عدم الزيادة عند دوران الامر بينها وبين النقيصة ، هو البنا ء

على الثاني على ما حقق في محله .

واما الثالث فيندفع بان الحصر في الخبر يمكن ان يكون لاشتراط التوالي

الذي لا يتحقق غالبا الا في تلكم النسوة ، ويؤيده ما في الخبر الاخر : أو ظئر تستأجر

أو خادم تشترى أو ماكان مثل ذلك موقوفا عليه ( 1 ) . مع ان الحكم المخالف للاجماع

لو كان ، فانما هو في الجملة الاولي بالنسبة الى منطوقها ، لا المفهوم الذي هو المقيد

لاطلاق الادلة . فتحصل انه لا اشكال في الخبر سندا ولا دلالة .

كما ان موثق عمر بن يزيد ، قال : سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن الغلام

يرضع الرضعة والثنتين ، فقال ( عليه السلام ) : لا يحرم ، فعددت عليه حتى اكملت عشر

رضعات ، فقال ( عليه السلام ) : إذا كانت متفرقة فلا ( 2 ) .

واستدل له ايضا بحصول الاثرين - اي النبات والاشتداد - بها ، كما يدل عليه

صحيح عبيد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرضاع ، ما ادنى ما يحرم منه ؟

قال ( عليه السلام ) : ما ينبت اللحم والدم ، ثم قال : اترى واحدة تنبته ؟ فقلت : اثنتان

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

اصلحك الله ، فقال ( عليه السلام ) : لا ، فلم ازل اعد عليه حتى بلغت عشر رضعات ( 1 ) .

وبخبر مسعدة عنه ( عليه السلام ) : لا يحرم من الرضاع الا ما شد العظم وانبت

اللحم ، فاما الرضعة والرضعتان والثلاث - حتى بلغ عشرا - إذا كن متفرقات

فلا بأس ( 2 ) .

ولكن بازاء هذه النصوص ما يدل على القول الثاني ، وهو موثق زياد بن سوقة ،

قلت لابي جعفر ( عليه السلام ) : هل للرضاع حد يؤخذ به ؟ فقال ( عليه السلام ) :

لا يحرم الرضاع اقل من يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متواليات ، من امرأة واحدة

من لبن فحل واحد ، لم يفصل بينهما رضعة امرأة اخرى . فلو ان امرأة ارضعت غلاما

أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد ، وارضعتهما امرأة اخرى من فحل آخر

عشر رضعات ، لم يحرم نكاحهما ( 3 ) ونحوه مرسل المقنع ( 4 ) .

وما دل على ان عشر رضعات لا يحرمن شيئا ، كصحيح على بن رئاب عن ابي

عبد الله ( عليه السلام ) ، قال قلت له : ما يحرم من الرضاع ؟ قال : ما انبت اللحم وشد

العظم . قلت : فيحرم عشر رضعات ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، لانه لا تنبت اللحم

ولا تشد العظم عشر رضعات ( 5 ) . وموثق عبيد بن زرارة ، قال سمعته يقول : عشر

رضعات لا تحرمن شيئا ( 6 ) ومثله خبر ابن بكير ( 7 ) .

وقد قيل في مقام الجمع بين الطائفتين وجوه :

احدهما : ما في المستند ، وهو ان الطائفة الثانية اعم من الاولى ، فانها تدل على

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 21 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 19 .

( 3 - 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 - 14 .

( 5 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 .

( 6 - 7 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 - 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

عدم حصول الرضاع المحرم بالعشر اعم من المتواليات والمتفرقات ، والاولى تدل على

حصوله بها إذا كانت متواليات ، فيقيد اطلاقها بها . وفيه : ان قوله ( عليه السلام ) في

موثق زياد ( عشر رضعات ) بقرينة تفريعه على اعتبار خمس عشرة رضعة متواليات ،

ظاهر في العشر المتواليات دون الاعم منها ومن المتفرقات .

ثانيها : ان الطائفة الاولى دلالتها على الاكتفاء بالعشر انما هي بالمفهوم ،

ودلالة الثانية على عدم الاكتفاء بها بالمنطوق فهذه اصرح دلالة ، مع احتمال مفهومها

الحمل على ما إذا وقعت العشر المتواليات في يوم وليلة ، فان مفهومها بهذا الاعتبار

اعم من منطوق الطائفة الثانية . وفيه : ان مجرد الاصرحية لا يصلح قرينة على التقديم

بعد فرض دلالة كل منهما على خلاف ما يدل عليه الاخر ، الا إذا كانا من قبيل النص

والظاهر أو ما شاكل ، واما اعمية مفهوم الاولى بالاعتبار المذكور فقد اعترف قائلها

في ذيل كلامه بان التخصيص بها بعيد ، ومع ذلك فهي غير تامة ، إذ لم يتعرض في تلك

النصوص للزمان الذي يقع فيه العدد ، بل هي متعرضة لحكم العدد من حيث هو .

ثالثها : تقديم الاولى ، لموافقتها للكتاب . واجاب عنه الشيخ الاعظم ره بان

الترجيح بموافقة الكتاب يتوقف على عدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، والا

فموافقة الكتاب لتلك الروايات بعد تخصيصه بالطائفة الثانية غير حاصلة الا بعد

ترجيح تلك الروايات ، وهو اول الكلام ويلزم الدوز ايضا كما لا يخفى . ويرد عليه : ان

موافقة الكتاب من المرجحات بنص الاخبار فلا سبيل الى ما افيد ، ولكن الترجيح

بها يتوقف على عدم امكان الجمع العرفي بينهما وفقد جملة من المرجحات .

والحق ان يقال : ان الطائفتين متعارضتان لا يمكن الجمع بينهما ، فلا بد من

الرجوع الى نصوص الترجيح وهي تقتضي تقديم نصوص حصول الرضاع المحرم

بالعشر ، فان اول المرجحات هو الشهرة وهي غير ثابتة في شئ منهما ، والثاني

 

 

] كاملة [

 

صفات الراوي ولا شبهة في انها اصح سندا فتقدم . وإذا ثبت عدم النشر بالعشر تعين

القول بالنشر بالخمس عشرة ، لعدم القائل باعتبار ازيد منها من حيث العدد ، ولمفهوم

صدر موثق سوقة الوارد في مقام التحديد . واما خبر عمر بن يزيد ، قال : سمعت ابا

عبد الله ( عليه السلام ) يقول : خمس عشرة رضعة لا تحرم ( 1 ) فمحمول على صورة عدم

التوالي ، للاجماع ظاهرا على النشر بهذا العدد مع التوالي .

فتحصل ان الاظهر هو كون الرضاع المحرم خمس عشرة رضعة ولا يحرم الاقل

منها .

لا خلاف في انه يعتبر في الرضعات المحرمة ان تكون كل رضعة ( كاملة ) ،

فالرضعة الناقصة لاتعد من العدد ما لم تكمل على وجه لا يقدح في الاتحاد ، لان المتبادر

من اضافة الرضعة الى العدد ذلك ، ولا يقال عشر رضعات الا مع كون كل واحدة

كاملة ، ولو نقص بعضها يصح السلب . وللتقييد في خبر الفضل المتقدم بالتي تروي

الصبي اي كل واحدة منها ، ولا ينافيه اشتماله على النوم ايضا ، لان ارضاع الطفل بمثل

ذلك يكون منوما ، أو المعنى يكون من شأنه ذلك . ولخبر ابن ابي يعفور : سألته عما يحرم

من الرضاع ، قال ( عليه السلام ) : إذا رضع حتى يمتلي بطنه ( 2 ) الحديث ، فتأمل .

والمرجع في الكمال هو العرف ، وعن بعض تحديده بان يروى الصبي ويصدر من

قبل نفسه ، وفي مرسل ابن ابي عمير عن بعض اصحابه عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) الرضاع الذي ينبت اللحم والدم هو الذي يرضع حتى يتضلع ويمتلي وينتهي

من نفسه ( 3 ) والظاهر من نظر العرف ايضا ذلك .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 6 .

( 2 - 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 21 . ( * )

 

 

] من الثدي ، [

 

كما ان المرجع في معنى الاتحاد هو العرف ، فلو لفظ الصبي الثدي للنفس

أو السعال ، أو الانتقال من ثدي الى اخرى ، أو الالتفات الى ملاعب ونحوه ، ثم عاد

في الحال فالمجموع رضعة . ولو لم يعد الا بعد مدة ، فالظاهر عدم احتساب مجموعها

من العدد .

 

اعتبار كون شرب اللبن على وجه الامتصاص من الثدي

 

الثالث : من الشرائط كون شرب اللبن على وجه الامتصاص ( من الثدي ) ،

فلا ينشر الحرمة بوجور اللبن في حلق الصبي على المعروف بين معظم الاصحاب ، وعن

المسالك لا نعلم فيه خلافا لاحد من اصحابنا الا ابن الجنيد ، وعن ظاهر التذكرة

الاجماع عليه . وعن الاسكافي الاكتفاء بالوجور ، وفي المستند : وهو مختار مواضع من

المبسوط ، مدعيا في بعضها ما يظهر منه الاجماع ، وان وافق المشهور في موضع آخر

منه ، وقواه في المفاتيح وشرحه .

واستدل للاول بانه المتبادر من الرضاع والارضاع والارتضاع ، وانه يصح سلب

هذا العنوان عما لو شربه من غير الثدي فكيف بمن احتقن به أو اكله جبنا ، وصرح

بذلك اللغويون ايضا . وان شئت فقل :

من الواضح ان الرضاع من الموضوعات ، ولا يعتبر في صدقه عند

العرف بعض ما اعتبره الشارع الاقدس ، ومع ذلك نرى انه لا يصدق ذلك عندهم لو

شرب الطفل لبن الحيوان بخلاف ما إذا مص من ثديه . وبالجملة لا ينبغي التوقف في

التبادر وصحة السلب المذكورين ولا اقل من الشك ، فحيث انه حينئذد من قبيل الشك

في صدق الموضوع ، فلا مورد للتمسك بالاطلاق الذي قدمنا انه لو شك في دخل قيد

 

 

[ . . . ]

في الرضاع المحرم يبني على عدم الدخل ، فان ذلك بعد فرض صدق الموضوع عرفا ،

وفي المقام يكون ذلك مشكوكا فيه .

ويؤيده ما ورد في الصحيحين :

في احدهما : لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضع من ثدي واحد سنة ( 1 ) .

وفي آخر : لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين ( 2 ) .

بناء على ما تقدم في توجيه الخبرين بما لا ينافي المجمع عليه ، بجعل ( حولين

كاملين ) في الثاني ظرفا ، وقراءة ( سنة ) في الاول بتشديد النون ، والاضافة الى ضمير

راجع الى الارضاع . وانما جعلناهما مؤيدين نظرا الى امكان ان يقال ان قوله ( من

ثدي ) لا يكون ظاهرا في الامتصاص ، لصدقه مع كون اللبن منه كيفما شرب ، سيما إذا

كان بنحو الوجور وان كان بعيدا جدا .

وايضا ان الظاهر من الثاني اعتبار اتحاد المرضعة في نشر الحرمة بين المرتضعين ،

وعدم كفاية اتحاد الفحل في ذلك ، وهو مخالف للاجماع على ما قيل ، ولما دل على كفاية

اتحاد الفحل . وان كان يمكن ان يقال : انه عام يدل على عدم الاكتفاء باتحاد الفحل

بالعموم ، فيقيد اطلاقه بما دل على كفايته وبالاجماع ، مع انه من المحتمل بعيدا كون

لفظ ( واحد ) صفة للرجل المحذوف اقيمت مقامه لا للثدي ، فيكون المعنى حينئذ : الا

ما ارتضعا من ثدي يكون مختصا برجل واحد ، ويمكن ان يكون المراد دفع احتمال

الاكتفاء بالارتضاع من امرأتين ، بان يرتضع بعض الرضاع المحرم من احداهما

والباقي من الاخرى .

وايضا يؤيد اصل الحكم الصحيحان :

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 13 .

( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 8 . ( * )

 

 

[ . . . ]

احدهما - عن الامام الصادق ( عليه السلام ) جاء رجل الى امير المؤمنين ( عليه

السلام ) فقال : يا امير المؤمنين ، ان امرأتي حلبت من لبنها في مكوك فاسقته جاريتي ،

فقال : اوجع امرأتك وعليك بجاريتك ( 1 ) .

وفي الثاني - عن امرأة حلبت من لبنها فاسقت زوجها لتحرم عليه ، قال ( عليه

السلام ) : امسكها واوجع ظهرها ( 2 ) .

فانهما بترك الاستفصال عامان للرجل والجارية الصغيرين دون الحولين ، ولو

نشر الوجور لخص بقاء الزوجية فيهما بما إذا وقع الوجور بعدهما ، ويؤيد اطلاقهما ا ن

ظاهر السؤال هو السؤال عن ان هذا القسم من شرب اللبن هل يحرم ام لا ، ولا نظر

له الى سائر الجهات .

واستدل للقول الثاني بصدق الرضاع على الوجور . وبتنقيح المناط ، فان العلة

الموجبة للتحريم هي انبات اللحم وشد العظم كما يظهر من غير واحد من الاخبار ،

وهما يتحققان بغير الامتصاص ايضا . وبمرسل الصدوق عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) ، قال : وجور الصبي بمنزلة الرضاع ( 3 ) . وبخبر الجعفريات عن الامام علي

( عليه السلام ) : إذا اوجر الصبي أو اسعط باللبن فهو رضاع ( 4 ) ونحوه خبر دعائم

الاسلام عنه ( 5 ) .

ولكن الاول يندفع بما مر .

ويرد الثاني : منع كون العلة التامة هو الانبات ، فكما ان للولادة والحمل وما

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 7 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 .

( 4 - 5 ) المستدرك باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 - 2 . ( * )

 

 

] لا يفصل بينها رضاع اخرى ، [

 

شاكل مدخلية في الحكم ، يمكن ان يكون للامتصاص من الثدي ايضا دخل فيه ،

وعلية الانبات ليست منصوصة ، وتعليل عدم التحريم في بعض النصوص بعدم الانبات

لا يدل على تعليل التحريم بالانبات .

واما الثالث : فاورد عليه بضعف السند ، ومعارضته مع النصوص المتقدمة .

ويمكن الجواب عن الاول بان الصدوق ينسب الى المعصوم ( عليه السلام ) ذلك جزما ،

وقد مر غير مرة ان هذا النحو من المرسل ان كان مرسلة ثقة حجة ، والجواب عن

الثاني بحكومة المرسل عليها . ولكنه غير ظاهر في عموم المنزلة ، بل من الممكن ان

يكون التنزيل بلحاظ الحرمة بعد الفطام ، فلا حكومة له على ما اخذ في الموضوع من

الارتضاع من ثدي واحد كما فيما تقدم من النصوص فتأمل ، اضف إليه اعراض

المشهور عنه .

واما الرابع فيرده ان الخبرين ضعيفان سندا ، والاصحاب اعرضوا عنهما ،

ومشتملان على ما يخالف الاجماع ، وهو الحاق الشرب من الانف بالرضاع .

فالمتحصل مما ذكرناه انه يعتبر في الرضاع المحرم الامتصاص من الثدي ، ومع

ذلك الاحتياط في خصوص الوجور لا ينبغي تركه .

 

اعتبار توالي الرضعات

 

الشرط الرابع : ان ( لا يفصل بينها ) اي بين الرضعات ( رضاع ) من امرأة

( اخرى ) اجماعا في التقدير العددي ، كما عن التذكرة والخلاف والغنية والمسالك ،

وصرح به الاكثر في الزماني ، وعلى الاظهر في التقدير الاثري . فالكلام في موارد :

الاول : في التقدير العددي ، يشهد لاعتبار عدم الفصل فيه موثق زياد بن

 

 

[ . . . ]

سوقة المتقدم ، قال قلت لابي جعفر ( عليه السلام ) : هل للرضاع حد يؤخذ به ؟ فقال

( عليه السلام ) : لا يحرم الرضاع اقل من يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متواليات ،

من امرأة واحدة من فحل واحد ، لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها ( 1 ) الحديث ، ويؤيده

موثق عمر بن يزيد المتقدم المتضمن لان الرضعات إذا كانت متفرقات لا تحرم ، ونحوه

خبر مسعدة ( 2 ) .

فلو رضع من واحدة بعض العدد ثم رضع من اخرى بطل حكم الاولى وان

اكملته بعد ذلك ، وكذا لو تناوب عليه عدة نساء لم تنشر الحرمة وان كن لرجل واحد

ما لم يكمل من واحدة خمس عشرة رضعة ولاء .

وهل القادح في التوالي هو مسمى رضاع امرأة اخرى ، كما هو صريح القواعد

وظاهر المتن والشرايع والمحكي من عبارة المبسوط ، بل عن كشف اللثام نسبته الى

اطلاق الاصحاب ، وعن المسالك : ينبغي ان يكون العمل عليه ، أو الرضعة الكاملة

فلا يقدح فيه حينئذ الناقصة ، كما هو صريح التذكرة والجواهر والرياض وقواه الشيخ

الاعظم ره ؟ وجهان .

يشهد للثاني ظهور لفظ ( رضعة ) في موثق زياد الذي هو الاصل في هذا الحكم

في ذلك ، خصوصا بعد ملاحظة ارادة الكاملة منها في ضمن الخمس عشرة ، لظهور اتحاد

المراد منها فيهما .

واستدل للاول بانه لا يصدق التوالي التي قيدت الرضعات به في الموثق عرفا

الا مع عدم فصل مسمى الرضاع ، وبصدق التفرق الذي جعل قادحا ومانعا في

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 9 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الخبرين الاخرين مع تخلل الرضعة الناقصة .

ولكن يرد الاول : ان التوالي قد فسر في الموثق بان لا يفصل بين الرضعات

رضعة امرأة اخرى الظاهرة في الكاملة ، ومن الواضح ان ظهور الشرح مقدم على

ظهور المشروح ، لكونه قرينة عليه ، ومنع كونه تفسيرا له - كما في المستند - خلاف

الظاهر .

ويرد الثاني : ان الخبرين يدلان على ان عشر رضعات إذا كانت متفرقة لا تحرم ،

ومفهومهما انها إذا لم تكن متفرقة تحرم ، اما المفهوم فقد مر عدم العمل به وان نصوص

التحريم بالعشر لا بد وان تطرح ، والمنطوق لا يدل على ان الخمس عشرة إذا كانت

متفرقة كذلك ، فتدبر فانه دقيق . فالاظهر ان فصل الرضعة الناقصة لا يقدح .

واما تخلل غير الرضاع من المأكول والمشروب ، فلا يقدح ولا يكون مانعا عن

نشر الحرمة ، كما عن المقنعة والسرائر والقواعد وشرح النافع لسيد المدارك وغيرها ،

بل عن السرائر والحدائق دعوى الاجماع عليه . وفي رسالة الشيخ الاعظم ره : ينبغي

القطع بعدم قطع تخلل غير الرضاع في التوالي ، لان التوالي المعتبر قد فسر في الموثق

بان لا يفصل بين الرضعات رضاع امرأة اخرى ، فلا دليل على قدحه .

واستدل للقدح به تارة بان العدد كاشف عن الانبات ، فلو تخلل الاكل

على وجه يعلم عدم الانبات بالخمسة عشر المتخللة - كما لو اتفق الفصل بين كل

رضعتين مثلا - لا يكون كاشفا فلا يحرم . واخرى بان التخلل به ينافي التوالي المعتبر في

الرضعات . وثالثة بصدق التفرق معه ، وقد جعل مانعا عن النشر في الخبرين المتقدمين .

وفي الكل مناقشة . اما الاول فلان ظاهر الدليل كما تقدم كون العدد سببا

مستقلا لا كاشفا ، مع ان العدد المزبور كاشف شرعا ، ويمكن ان يكون الشارع قد

لاحظ الكشف في اغلب افراده وجعله علامة دائما محافظة على ضبط الشرع ، كما في

 

 

] وان يكون في الحولين بالنسبة الى المرتضع ، [

 

الجواهر .

واما الثاني فلما مر من تفسير التوالي بعدم تخلل رضاع آخر .

واما الثالث فلما تقدم من ان مفهوم الخبرين ساقط ، ومنطوقهما لا يدل على

المقام ، مع ان التفرق انما يصدق إذا تخلل بينها من جنسها ، والا فيتوقف حصول

التعدد على تخلل شئ ظاهر . فالاظهر عدم قدح تخلله .

المورد الثاني : في التقدير الزماني ، وقد تقدم ان الظاهر من دليل اعتباره - وهو

موثق زياد المتقدم - هو كون تغلبة الطفل في المدة المذكورة بلبن امرأة معينة ، غا ية

الامر بما يتعارف في رضاع الطفل فلا يقدح اليسير من الطعام . وعلى هذا فلو تخلل

رضعة اخرى ، أو اكل أو شرب غير الماء ، يكون مانعا عن تحقق ماه الموضوع

للحرمة . فالمتحصل انه يعتبر في نشر الحرمة في التقدير الزماني التوالي وعدم التخلل .

المورد الثالث : في التقدير بالاثر ، وقد مر عند بيان اصل التقدير اعتبار عدم

التخلل فيه ايضا ، فراجع .

 

اعتبار كون الرضاع في الحولين

 

( و ) الخامس : من الشرائط ( ان يكون ) الرضاع ( في ) اثناء ( الحولين بالنسبة

الى المرتضع ) قبل استكمالهما ، فلا عبرة برضاعه بعدهما ، اجماعا محققا ومحكيا عن

الخلاف والغنية ، وفي التذكرة والمختلف والقواعد وشرح الايضاح ونكت الشهيد

والمسالك وشرح الصيمري وغيرهما ، كذا في المستند . وفي الجواهر : بل الاجماع بقسميه

عليه . وفي الرياض : واعتباره مقطوع به في كلام الاصحاب مدعى عليه الاجماع .

واستدل له بالنبوي المروي مستفيضا : لا رضاع بعد فطام ، لاحظ صحيح

 

 

[ . . . ]

منصور بن حازم ( 1 ) . وخبر انس بن محمد عن ابيه ( 1 ) ومرسل المفيد ( 2 ) وغيرها ، وعين

هذه الجملة مروية عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في صحيح الحلبي ( 3 ) وخبر حماد

ابن عثمان ( 4 ) ، ومعنى هذه على ما عن الفقيه : انه إذا رضع حولين كاملين ثم شرب من

امرأة اخرى ما شرب لم يحرم الرضاع لانه رضاع بعد فطام ، اي بعد بلوغ سن

الفطام . قال حماد بن عثمان : سمعت ابا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : لا رضاع بعد

فطام ، قلت : وما الفطام ؟ قال ( عليه السلام ) : الحولين الذين قال الله عز وجل ( 5 ) .

واورد على الاستدلال بذلك في المستند بان هذه الجملة مجملة من وجهين :

احدهما : باعتبار الحولين ، حيث انه يحتمل ان يكون بالنسبة الى المرتضع ،

ويحتمل ان يكون بالنسبة الى ولد المرضعة ، ولا يفيد تفسيره بالاول في الكافي والفقيه ،

لعدم حجية قولهما مع احتمال غيره بحسب اللغة ، سيما مع معارضته بتفسيره بالثاني في

كلام ابن بكير ، كما نقله في التهذيبين بسند معتبر ويظهر منهما ارتضائه ايضا لذلك

التفسير ، وحمل جمع من الاصحاب على ذلك بعض الاخبار المشترط لعدم الفطام

ايضا .

ثانيهما : باعتبار الرضاع المنفي بعدهما أو المثبت قبلهما ، إذ بعد ان ليس المر اد

بالنفي نفيه حقيقة ولا حقيقة شرعية ، فمن الممكن ان يكون المراد نفي الرضاع

المجوز أو الوارد في الكتاب أو غير ذلك من المجازات ، وكذلك في الاثبات .

يرد على ما افاده اولا : ان ظاهر قوله ( عليه السلام ) لا رضاع بعد فطام هو كونهما

وصفين لواحد ، اي لا رضاع بالنسبة الى صبي بعد فطامه لا بعد فطام صبي آخر ، وكلام

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 .

( 1 - 2 - 3 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 11 - 12 - 2 .

( 4 - 5 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ابن بكير ككلام الكليني والصدوق لا يكون حجة في تعيين المفاهيم العرفية .

ويرد على ما افاده ثانيا : ان قوله لا رضاع من قبيل نفي الحكم بلسان نفي

الموضوع ، وبعبارة اخرى نفي للرضاع حقيقة عن عالم التشريع ولا مجاز ولا خلاف

الواقع .

وحينئذ مقتض اطلاقه أو ظهوره نفي محرمية الرضاع .

فالمتحصل من النبوي وما شاكله ان الرضاع الواقع بعد زمان الفطام - اعني

الحولين - لا يحرم ، وما يقع قبله يحرم ، فلا عبرة بنفس الفطام ، حتى انه لو لم يفطم

الصبي الى ان تجاوز الحولين ثم ارتضع بعدها قبل الفطام لم يثبت التحريم ، كما انه لو

فطم قبل الحولين ثم ارتضع قبلهما ثبت التحريم .

وعن ابن الجنيد انه لو رضع بعد الحولين قبل ان يفطم يثبت التحريم ، فهو

مخالف في الحكم الاول ، ويشهد له خبر داود بن الحصين عن ابي عبد الله ( عليه

السلام ) ، قال ( عليه السلام ) : الرضاع بعد الحولين قبل ان يفطم محرم ( يحرم خ ل ) ( 1 ) .

ولكن رماه الشيخ في التهذيب بالشذوذ ، وحمله فيه وفي الاستبصار على التقية على ما

حكى ، وعن الشهيد ان هذه الفتوى مسبوقة بالاجماع وملحوقة به . وعلى الجملة الخبر

على فرض تسليم صحة سنده ، لا عراض الاصحاب عنه ، ومعارضته بالنصوص

الاخر ، لا يعتمد عليه .

وعن الحسن بن ابي عقيل البناء على عدم التحريم إذا ارتضع قبل الحولين

وبعد الفطام ، وفي صحة النسبة تأمل ، إذ لم يفت الا بمضمون النبوي ، قال : الرضاع

الذي يحرم قبل الفطام ، وقريب منه عبارة الكافي . وكيف كان ، فقد استدل له المصنف

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 6 . ( * )

 

 

[ . . .]

ره في محكي المختلف بصحيح البقباق عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) : الرضاع قبل

الحولين قبل ان يفطم ( 1 ) . واجاب عنه بان المراد قبل ان يستحق الفطم ، واستحسنه

الشيخ الاعظم ، لكنه خلاف الظاهر ، إذ ظاهر اخذ كل عنوان في الموضوع دخله فيه

في نفسه .

واجاب عنه المحقق اليزدي بانه يقع التعارض بين ظهور خبر حماد في ان المراد

بالفطام هو الحولين ، وظهور خبر البقباق في ان المراد نفسه في مقابل الحولين ، فيجب

الرجوع حينئذ الى اطلاق صحيح بريد القاضي بنفي اعتبار الفطام بنفسه في نشر

الحرمة .

وفيه : انه لا تعارض بينهما ، فان خبر حماد يفسر الفطام بالحولين ، وهذا الخبر

متضمن لاعتبار ان يكون الرضاع قبل ان يفطم زايدا على اعتبار كونه في الحولين .

فما في الجواهر : فالانصاف عدم خلو اعتبار ذلك عن قوة ان لم يقم اجماع ، ضرورة

كونه هو مقتضى قواعد الجمع بين الاطلاق والتقييد ، واصالة التأسيس وظهور الفطام

في الفعلي منه لا سنه انتهى ، هو الصحيح .

 

عدم اعتبار كون الرضاع قبل فطام ولد المرضعة

 

والمحكي عن جماعة - منهم الحلبي وابنا زهرة وحمزة - اعتباران يكون الرضاع

قبل فطام ولد المرضعة ايضا ، فإذا ارتضع قبل فطام المرتضع وبعد فطام ولد المرضعة

لا يحرم . وعن الحلي والمصنف في غير المختلف والمحقق في الشرايع والشهيدين وفخر

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 . ( * )

 

 

] وفي ولد المرضعة قولان ، [

 

الاسلام وغيرهم عدم اعتبار ذلك ، بل ربما نسب الى الاكثر . وظاهر المصنف ره هنا

حيث قال : ( وفي ولد المرضعة قولان ) التردد في الحكم .

وكيف كان ، فمستند القول الثاني اطلاق الادلة والاصل .

واستدل للاول باطلاق قوله صلى الله عليه وآله : لا رضاع بعد فطام . واخبار

الحولين . وبقول ابن بكير في تفسير النبوي : انه إذا تم للغلام سنتان أو الجارية فقد

خرج من حد اللبن ، ولا يفسد بينه وبين من شرب من لبنه ، قال : واصحابنا يقولون

انها لا تفسد الا ان يكون الصبي والصبية يشربان شربة شربة . وبما عن الغنية من

الاجماع عليه .

والاول مردود بما مر من ان الظاهر من النبوي ان المراد من الفطام فيه هو

فطام من لا رضاع له وهو المرتضع ، واما ارادة فطام غيره خاصة أو بالاطلاق فهي

خلاف الظاهر ، ولو فرض الشك فيما ذكرناه فغايته الاجمال والمتيقن هو فطام خصوص

المرتضع .

وبه يظهر ما في اخبار الحولين ، اضف إليه انه قد وقع الحولان في الاخبار

تفسيرا للفطام الذي عرفت ظهوره في فطام المرتضع ، فالمراد منه لا محالة حولا رضاع

المرتضع . ومع الشك في ذلك ، حيث ان ارادة حولي المرتضع متيقنة للاجماع وغيره ،

وارادة حولي ولد المرضعة مشكوك فيها ، فلابد من الرجوع بالنسبة إليه الى أدلة اخر .

واما الثالث فيرده عدم حجية فهم ابن بكير علينا ، ومعارضته بفهم الكليني

والصدوق كما مر .

واما الرابع فالمنقول منه غير حجة ، لا سيما مع ذهاب جمع كثير من الاساطين الى

خلافه بل نسب الى الاكثر ، اضف إليه معلومية مدرك المجمعين ولا اقل من احتماله .

فالاظهر عدم اعتبار كون الرضاع في حولي ولد المرضعة . فلو مضى لولدها

 

 

[ . . . ]

اكثر من حولين ، ثم ارضعت من له دون الحولين ، نشر الحرمة . ولو رضع العدد الا رضعة ،

فتم الحولان للمرتضع ثم اكمله بعدهما ، لم ينشر الحرمة لتحقق الفطام ، وكذا لو كمل

الحولان ولم يرو من الاخيرة ، لعدم صدق تمام العدد في الحولين .

ولو تمت الرضعة مع تمام الحولين للمرتضع ، فهل يحرم لان المنفي في النصوص

الرضاع بعد الفطام ، ام لا يحرم لان في صحيح البقباق المتقدم الرضاع قبل الحولين ؟

وجهان ، اظهرهما الاول ، لانه يمكن ان يكون المراد من الصحيح قبل تجاوز الحولين

لاقبل تمامهما ، فلا صارف عن ظهور الاخر .

ولو شك في كونه في الحولين ، فعن القواعد وجامع المقاصد الحكم بالحل ، لان

الشك في الشرط شك في المشروط ، فيبقى اصل الاباحة بحالة . وفيه : ان مقتضى

استصحاب بقاء كونه في الحولين وعدم تجاوزهما البناء على تحقق الشرط .

ودعوى انه يعارضه استصحاب عدم الرضاع في الحولين ، مندفعة بانه ان اريد

به عدم تحقق موضوع الحرمة ، فهو محكوم بالتحقق بضم الوجدان الى الاصل ، إذ

الرضاع وجداني ، وعدم تمامية حولي المرتضع محرز بالاصل . وان اريد به عدم اقتران

الرضاع بالحولين ، فيرده انه ليس الاقتران والاجتماع موضوع الحكم ، بل تمام

الموضوع هو ذوات القيدين ، اي الرضاع وكون المرتضع في حولي رضاعه . فالاظهر

هو الحكم بالحرمة .

ثم ان المراد بالحول هو القمري لا الشمسي ، لانه المتداول عند العرب في

عصرهم عليهم السلام ويستمر الى يومنا هذا ، فالمعتبر في الحولين الاهلة . ولو انكسر

الشهر الاول بان كان الشروع في الارتضاع من يوم العاشر من الشهر

مثلا ، اعتبر ثلاثة وعشرون شهرا بعد المنكسر بالاهلة واكمال المنكسر من الشهر

الخامس والعشرين كغيره من الاجال على ما تقدم في التقدير الزماني للرضاع .

 

 

] وان يكون اللبن لفحل واحد ، فلو ارضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد

نشر الحرمة بينهما ، ولو ارضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة . [

 

اعتبار اتحاد الفحل

 

( و ) السادس : من شراط نشر الحرمة بالرضاع ( ان يكون اللبن ) الذي يرتضع

المرتضعتان منه ( لفحل واحد ، فلو ارضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد نشر

الحرمة بينهما ، ولو ارضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة ) فالعبرة

بالاخوة الرضاعية من جهة الاب وهو الفحل ، ولا يكفي الاخوة من جهة الام خاصة ،

هذا هو المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة ، بل الاكتفاء بالاخوة من ناحية الاب

خاصة اجماعي لم يخالف فيه احد ، واما عدم الاكتفاء بها من ناحية الام خاصة فعن

التذكرة والمسالك دعوى الاجماع عليه ، ولكن الشيخ الطبرسي صاحب التفسير

خالف في ذلك فاعتبر الاخوة الرضاعية من جهة الام ، وحكى عن الراوندي في فقه

القرآن ، وقواه صاحب المفاتيح وشارحه ، واستجوده الشهيد الثاني في محكي المسالك .

فهاهنا مطلبان :

الاول : في اعتبار اتحاد الفحل ، وانه لا تكفي الاخوة الرضاعية من جهة الام ،

وقد عرفت ان المشهور بين الاصحاب اعتباره . ويشهد له جملة من النصوص ، لاحظ

صحيح الحلبي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يرضع من امرأة وهو غلام ،

أيحل له ان يتزوج اختها لامها من الرضاعة ؟ فقال ( عليه السلام ) : ان كانت المرأتان

رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحل ، وان كانت المرأتان رضعتا من

امرأة واحدة من لبن فحلين فلا بأس بذلك ( 1 ) .

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وموثق الساباطي ، قال : سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن غلام رضع من

امرأة ، ايحل له ان يتزوج اختها لابيها من الرضاعة ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا ، فقد

رضعا جميعا من لبن فحل واحد من امرأة واحدة . قال : فيتزوج اختها لامها من

الرضاعة ؟ قال فقال ( عليه السلام ) : لا بأس ، ان اختها التي لم ترضعه كان فحلها غير

فحل التي ارضعت الغلام فاختلف الفحلان فلا بأس ( 1 ) .

ولا يضر ظهورهما في اعتبار اتحاد المرضعة الذي ليس معتبرا بالاجماع ، لما يأتي .

وقد يستدل له بصحيح العجلي عن الامام الباقر ( عليه السلام ) عن قول

رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فسر لي ذلك ؟

فقال ( عليه السلام ) : كل امرأة ارضعت من لبن فحلها ولد امرأة اخرى من جارية

أو غلام ، فذلك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله . وكل امرأة ارضعت من لبن

فحلين كانا لها واحدا بعد واحد من جارية أو غلام ، فان ذلك رضاع ليس بالرضاع

الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، وانما

هو نسب من ناحية الصهر رضاع ولا يحرم شيئا ، وليس هو سبب رضاع من ناحية لبن

الفحولة فيحرم ( 2 ) بدعوى ان قوله واحدا بعد واحد ليس حالا للفحلين ، بل هو

مفعول لارضعت ، ومن جارية أو غلام بيان له .

ولكنه غير ظاهر ، لاحتمال كونه حالا من فحلين والمفعول مقدرا يدل عليه ذكره

سابقا ، وقوله من جارية أو غلام بيانا له ، فيكون مفاده حينئذ انه يعتبر ان يكون ا لقدر

المحرم من اللبن لفحل واحد ، فلو ارضعت المرأة من لبن فحل نصف المقدار المحرم

وارضعت من لبن فحل آخر نصفه الاخر لم يحرم ، وهو غير مربوط بما نحن فيه . ويؤيد

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

هذا الاحتمال قوله : ولا يحرم شيئا وليس هو سبب رضاع من ناحية الفحولة ، إذ على

الاحتمال المذكور في وجه الاستدلال لا يصح النفي بقول مطلق كما لا يخفى .

وايضا قد يستدل له بصحيح مالك بن عطية عن الامام الصادق ( عليه السلام )

في الرجل يتزوج المرأة فتلد منه ثم ترضع من لبنه جارية ، يصلح لولده من غيرها ان

يتزوج تلك الجارية التي ارضعتها ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، هي بمنزلة الاخت من

الرضاعة ، لان اللبن لفحل واحد ( 1 ) وما في معناه من الاخبار . ولكن فيه نظرا ، لانها

تدل على ان الاشتراك في لبن الفحل الواحد يوجب التحريم وهو المطلب الثاني ،

ولا تدل على انحصار جهة التحريم فيه ، وانه لا يكفي الاخوة من ناحية الام .

واستدل للقول الاخر بعموم قوله تعالى ( واخواتكم من الرضاعة ) ( 2 ) .

وبالنبوي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ( 3 ) ولا ريب في كفاية الاخوة

من احد الابوين في الحرمة من ناحية النسب ، فكذلك من ناحية الرضاع .

وبخبر محمد بن عبيدة الهمداني ، قال الرضا ( عليه السلام ) : ما يقول اصحابك

في الرضاع ؟ قال قلت : كانوا يقولون اللبن للفحل حتى جاءتهم الرواية عنك انك تحرم

من الرضاع ما يحرم من النسب فرجعوا الى قولك ، قال فقال ( عليه السلام ) : وذلك

ان امير المؤمنين سألني عنها البارحة ، فقال لي : اشرح لي اللبن للفحل ، وانا اكر ه

الكلام ، فقال : كما انت حتى اسألك عنها ، ما قلت في رجل كانت له امهات اولاد شتي

فارضعت واحدة منهن بلبنها غلاما غريبا ، اليس كل شئ من ولد ذلك الرجل من

امهات الاولاد الشتى محرما على ذلك الغلام ؟ قال قلت : بلى قال ، فقال أبو الحسن : فما

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 13 .

( 2 ) سورة النساء آية 24 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع . ( * )

 

 

[ . . . ]

بال الرضاع يحرم من قبل الفحل ولا يحرم من قبل الامهات ، وانما الرضاع من قبل

الامهات وان كان لبن الفحل ايضا يحرم ( 1 ) .

ولكن الاولين مطلقان يقيد اطلاقهما بما تقدم . واما الخبر فضعيف السند ، لان

محمد بن عبيد ليس له ذكر في الرجال فهو مجهول ، مع انه ايضا اعم من النصوص

المتقدمة ، من جهة شموله لاولاد المرضعة نسبا ولا خلاف في تحريمهم على المرتضع

وان تعدد الفحل كما سيجئ ، فيقيد اطلاقه بها . اضف الى ذلك انه لو سلم معارضته

مع ما تقدم لا مجال لما توهمه المحدث الكاشاني من تقديمه عليها بمخالفتها للكتاب

واحتمال حملها على التقية ، إذ الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة انما يكون بعد

فقد جملة من المرجحات من الشهرة وصفات الراوي ، وهي تقتضي تقديم تلك النصوص كما

لا يخفى .

المطلب الثاني : في الاكتفاء في نشر الحرمة باتحاد الفحل ولا يعتبر وحدة

المرضعة ، فتكفي الاخوة من جانب الاب خاصة في ثبوت التحريم ، وقد عرفت انه

اجماعي .

واستدل له بصحيح مالك المتقدم . وصحيح البزنطي عن الامام الرضا ( عليه

السلام ) عن امرأء ارضعت جارية ولزوجها ابن من غيرها ، ايحل للغلام ابن زوجها

ان يتزوج الجارية التي ارضعت ؟ فقال ( عليه السلام ) : اللبن للفحل ( 2 ) .

وموثق سماعة ، قال : سألته عن رجل كان له امرأتان فولدت كل واحدة منهما

غلاما ، فانطلقت احدى امرأتيه فارضعت جارية من عرض الناس ، اينبغي لابنه ان

................................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 9 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

يتزوج بهذه الجارية ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا ، لانها ارضعت بلبن الشيخ ( 1 ) الى غير

تلكم من النصوص .

ولولا كون الحكم مجمعا عليه لامكن الخدشة في هذه النصوص ، لانها باجمعها

ورادة فيما كان احدهما ولدا نسبيا ، وتدل على عدم اعتبار وحدة المرضعة وام الولد

الاخر في اخوة ولده الرضاعي لولده النسبي ، ومحل الكلام هو الاخوة بين المرتضعين

الذين يكونان كلاهما ولدين رضاعيين للفحل ، ولو سلم اطلاقها ولو بواسطة ما فيها

من عموم العلة يقيد بموثق الساباطي المتقدم في المطلب الاول ، الا ان الظاهر منهم

كون الحكم بنحو لا يمكن الخدشة فيه بوجه ، والله تعالى اعلم .

واما خبر ابي بصير عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في رجل تزوج امرأة

فولدت منه جارية ، ثم ماتت المرأة فتزوج اخرى فولدت منه ولدا ثم انها ارضعت من

لبنها غلاما ، ايحل لذلك الغلام الذي ارضعته ان يتزوج ابنة المرأة التي كانت تحت

الرجل قبل المرأة الاخيرة ؟ فقال ( عليه السلام ) : ما احب ان يتزوج ابنة فحل قد

رضع من لبنه ( 2 ) فلا ينافي النصوص المتقدمة ، لعدم ظهور نفي المحبة في عدم الحرمة ،

فيمكن ان يراد منه ما لا ينافيها .

 

لا يعتبر اتحاد الفحل إذا كان احد الولدين نسبيا لها

 

بقى في المقام فروع .

احدها : ان ما ذكرناه من عدم اعتبار اتحاد المرضعة انما هو في حرمة احد

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

المرتضعين على الاخر بعد حصول الحرمة لاحدهما مع المرضعة وصاحب لبنه ، واما في

ثبوت الحرمة بين الرضيع والمرضعة وصاحب اللبن ، فلا ريب ولا خلاف في اعتبار وحدة

المرضعة ، وعن التذكرة دعوى الاجماع عليه ، وفي الجواهر : بل الاجماع بقسميه عليه ،

ويشهد به موثق زياد بن سوقة المتقدم وغيره .

ثانيها : ان ما ذكرناه تبعا للمشهور من اعتبار وحدة الفحل وانه لا يكتفي

باتحاد المرضعة في حصول الاخوة بين المرتضعين ، انما هو فيما إذا كانا كلاهما ولدين

رضاعيين للمرضعة .

واما إذا كان احدهما ولدا نسبيا ، لها ، فلا يعتبر في اخوة ولدها الرضاعي لولدها

النسبي اتحاد الفحل ، فلو ارضعت ولدا حرم عليه اولادها النسبية كلهم وان كانوا من

غير صاحب لبن المرتضع ، وذلك لاطلاق الكتاب والسنة بعد اختصاص دليل اعتبار

وحدة الفحل بالولدين الرضاعيين ولموثق جميل عن الامام الصادق ( عليه السلام ) :

إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شئ من ولدها ، وان كان الولد من غير

الرجل الذي كانت ارضعته بلبنه ( 1 ) . وصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر أو ابي

عبد الله عليهما السلام : إذا رضع الغلام من نساء شتى فكان ذلك عدة أو نبت لحمه

ودمه عليه حرم عليه بناتهن كلهن ( 2 ) .

وظاهر كلام الشيخ الاعظم ره التوقف في المسألة ، فانه قال : لكن يظهر من

بعض الاخبار اتحاد الفحل هنا ايضا ، مثل صحيحة صفوان عن ابي الحسن ( عليه

السلام ) ، وفيها : قلت له : فارضعت امي جارية بلبني ؟ فقال ( عليه السلام ) : هي اختك

من الرضاعة . قلت : فتحل لاخ لي من امي لم ترضعها امي بلبنه ؟ قال ( عليه السلام ) :

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

والفحل واحد ؟ قلت : نعم ، هو اخي لابي وامي ، قال ( عليه السلام ) : اللبن للفحل ،

صار ابوك ابوها وامك امها ( 1 ) فان استفصال الامام ( عليه السلام ) عن اتحاد الفحل

مع تصريح السائل بكون الاخ ولد المرضعة نسبا ، يدل على تغاير حكمه مع حكم

صورة تعدد الفحل ، انتهى .

وفيه : انه لم يصرح بكون الاخ ولدا نسبيا ، فان قوله لأخ لي من امي بقرينة

لم ترضعها امي بلبنه ظاهر في الاخ الرضاعي ولا اقل من المحتمل ، إذ لو كان المراد

الاخ النسبي لكان القيد لغوا مستغنى عنه ، لعدم اعتبار الرضاع في تحققه .

ويؤيد ما ذكرناه قوله في الخبر على اتحاد الفحل في هذه الصورة ، مع انه لو

سلم دلالته على ذلك لاعراض الاصحاب عنه ساقط عن الحجية ، اضف إليه معارضته

لما هو اشهر منه . هذا كله مضافا الى اضطراب المتن ، فان في بعض النسخ بدل هو

اخي لابي وامي هي اختي ويناسبه جواب الامام ( عليه السلام ) ، والا فعلى ما ذكره

الشيخ لا يكون الجواب مرتبطا بالسؤال الثاني ، بل هو جواب عن السؤال الاول كما

لا يخفى على المتدبر .

 

عدم اعتبار اتحاد الفحل في غير الاخوة

 

ثالثها : انه قد حكى عن المصنف في القواعد : ان ام المرضعة من الرضاع ،

أو اختها منه ، أو بنات اخيها منه ، لا تحرمن على المرتضع ، لان الرضاع الحاصل بين

................................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

المرضعة والمرتضع بلبن فحل ، والحاصل بينها وبين امها أو اختها أو اخيها بلبن فحل

آخر ، فلم يتحد الفحل فلا نشر . ومثله عن المحقق الثاني في شرح القواعد ، وزاد على

فروض القواعد عدم تحريم عمة المرضعة وخالتها من الرضاع على المرتضع .

واستدل على ذلك في شرح القواعد بما ملخصه : ان الاجماع قائم على اعتبار

اتحاد الفحل في محرمية الرضاع ، فلو كان لمن ارضعت صبيا ام من الرضاع لم تحرم تلك

الام ، لان نسبتها إليه بالجدودة انما تتحصل من رضاعه من مرضعته ورضاع مرضعته

منها ، ومعلوم ان اللبن في الرضاعين ليس لفحل واحد ، فلا تثبت الجدودة بين المرتضع

والام المذكورة لانتفاء الشرط ، فينتفي التحريم .

فان قيل : انه يدل على التحريم عموم ما يدل على انه يحرم من الرضاع ما

يحرم من النسب .

قلنا : الدليل الدال على اعتبار اتحاد الفحل خاص ، فلا حجة في العام حينئذ .

وفيه اولا : ان دليل اعتبار اتحاد الفحل المخصص لعموم الكتاب والسنة ،

مختص بالرضاع الموجب لاخوة المرتضعين ، ولا اطلاق له يشمل المقام .

وثانيا : انه في صحيح الحلبي وموثق عمار المتقدمين الذين هما دليل اعتبار اتحاد

الفحل كما مر ، صرح بحرمة اخت المرضعة من الرضاع على المرتضع ، مع انه من

المعلوم مغايرة فحل المرتضع لفحل اخت المرضعة ، وهو احد الموارد التي

حكم في الكتابين بعدم التحريم تفريعا على تعدد الفحل .

وثالثا : انه علل حرمة اخت المرضعة على المرتضع في الموثق بان الاختين

ارضعتا بلبن فحل واحد ، فمفاد التعليل انه إذا تحققت الاخوة بينهما باتحاد الفحل

كفى ذلك في حرمة كل منهما على فروع الاخر ولو من الرضاع .

 

 

[ . . . ]

اعتبار حياة المرضعة في نشر الحرمة

 

بقى من شرائط نشر الحرمة بالرضاع امر واحد لم يتعرض له المصنف ره وهو

حياة المرضعة ، والمشهور بين الاصحاب اعتبارها ، وفي رسالة الشيخ الاعظم ره : بل لم

اعثر على حكاية خلاف صريح ، وعن ظاهر التذكرة والصيمري ان عليه الاجماع .

واستدل له بوجوه :

1.     انصراف الادلة الى الافراد المعهودة المتعارفة . وفيه : ان ذلك لا يوجب

الانصراف المقيد للاطلاق .

2.     ان الحكم علق في الاخبار على الامرأة ، وهي لا تصدق على الميتة . وفيه :

منع عدم الصدق .

3.     ان موضوع الحكم هو الارضاع ، وظاهره كونه عن الاختيار والقصد

المتوقف على الحياة ، إذ لولاها لم يصح الاسناد إليها بوجه ، فالادلة بانفسها تدل على

اعتبارها . وفيه : انه قام الاجماع - كما ادعاه الشهيد الثاني - على عدم اعتبار الا ختيار

والقصد في الانتشار ، ولذا لو سعى إليها الولد وهي نائمة ، أو التقم ثديها وهي غافلة

يتحقق النشر ، فيستكشف من ذلك عدم دخل الاختيار في الحكم .

ودعوى ان الادلة الدالة على ان الموضوع هو الارضاع ، تدل بالدلالة

المطابقية على اعتبار الاختيار ، وبالدلالة الالتزامية على اعتبار الحياة ، والاجماع على

عدم اعتبار الاختيار حيث يكون من قبيل القرينة المنفصلة ، فهو يمنع عن حجية

ظهورها في اعتبار الاختيار لا عن اصل ظهورها في اعتباره ، وحيث ان الدلالة

الالتزامية تابعة للمطابقية في الدلالة والظهور لا في الحجية ، فتبقى حجية الادلة في

 

 

[ . . . ]

اعتبار الحياة بحالها .

مندفعة اولا : بمنع ظهور الادلة في اعتبار الاختيار ، لعدم دخله في مادة الافعال

ولا في هيئاتها ، ولذا جرى بنائهم على التمسك بعموم من اتلف في موارد الاتلاف غير

الاختياري .

وثانيا : بان غاية ما يدل عليه الادلة على فرض التسليم اعتبار الاختيار ، ولا

دلالة له بوجه على اعتبار الحياة ، والاجماع دال على عدم اعتباره .

وثالثا : بما حقق في محله من تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية حجية كتبعيتها

لها دلالة .

4.     ما في رسالة الشيخ الاعظم ره ، قال : ان بعض فروض الارتضاع من الميتة

خارج عن اطلاق مثل قوله تعالى ( واخواتكم من الرضاعة ) ( 1 ) لانصراف المطلق

الى غيره ، فيدخل تحت قوله تعالى ( واحل لكم ما وراء ذلكم ) ( 2 ) فيثبت عدم النشر

في هذا الفرد بالاية ، ويجب الحاق غيره من الفروض الداخلة تحت اطلاق آية التحريم

به ، لعدم القول بالفصل . وقلب هذا الدليل ، بان يثبت التحريم في الفروض الداخلة

تحت آية التحريم بها ، والحاق الفرض الخارج منها بعدم القول بالفصل ، وان كان ممكنا

الا ان غاية الامر حينئذ وقوع التعارض حينئذ بواسطة عدم القول بالفصل بين آيتي

التحريم والتحليل ، فيجب الرجوع الى ادلة الاباحة من العمومات والاصول

المعتضدة بفتوى معظم الفحول .

وفيه اولا : منع انصراف آية التحريم عما لو كانت جميع الرضعات في حال

الموت ، إذ لا منشأ له سوى ندرة الوجود ، وقد حقق في محله انها لا تصح منشأ

................................................................................

( 1 ، 2 ) سورة النساء آية 24 ، 25 . ( * )

 

 

] ومع الشرائط تصير المرضعة اما ، وذو اللبن ابا ، واخوتهما اخوالا واعماما ، [

 

للانصراف المقيد للاطلاق .

وثانيا : ما نبه عليه المحقق الخراساني ره ، وهو ان آية التحليل ناظرة الى آية

التحريم ، لانها تدل على حلية ما عدا ما حرم في آية التحريم . فعلى فرض استفادة

التحريم بالارتضاع من الميتة مطلقا من آية التحريم ، ولو بضميمة عدم القول

بالفصل ، كيف يمكن ان يستفاد التحليل من آيته بضميمة ما عرفت .

ولكن يمكن دفع الثاني بان آية التحليل تدل على حلية غير ما حرم بآية

التحريم ، ولا نظر لها الى ما ثبت حرمته بدليل آخر . وعليه فآية التحريم تدل على نشر

الحرمة في بعض الفروض ، وآية التحليل تدل على حلية غير ذلك الفرض ، وعدم

القول بالفصل وان كان صالحا لتسرية الحكم الى الفروض الاخر ، لكنه لا يصلح

للحكومة على آية التحليل ، فهو ايضا صالح لتسرية الحلية الى سائر الفروض ، فيقع

التعارض بين الايتين . فالعمدة هو الاول .

فتحصل انه لا دليل على اعتبارها سوى الاجماع ان ثبت وكان تعبديا .

 

ما يحرم من الرضاع

 

المطلب الثالث : في احكام الرضاع ، وفيه مسائل .

الاولى : إذا حصل الرضاع المحرم ( و ) هو ما كان ( مع الشرائط ) السابقة

( يصير المرضعة اما و ) يصير ( ذو اللبن ) وهو الفحل ( ابا ) وابائهما من الذكور

والاناث اجدادا وجدات ( واخوتهما ) اي المرضعة والفحل ( اخوالا ) وخالات

( واعماما ) وعمات ، اي اخوة المرضعة تصير اخوالا وخالات ، واخوة الفحل اعماما

 

 

] واولادهما اخوة . [

 

وعمات ( واولاد ) كل من ( هما اخوة ) واخوات . وتحرم هؤلاء القرابات كلا بلا خلاف

اجده في شئ من ذلك ، بل الظاهر اتفاق اهل الاسلام جميعا عليه الا من لا يعتد به

من العامة ، كذا في الجواهر .

ويشهد للحرمة النبوي المشهور : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ( 1 ) وما

ماثله من النصوص المروية عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ( 2 ) بالتقريب المتقدم في

اول المطلب الاول ، وقد عرفت انه يدل على ان كل عنوان محرم بذاته في النسب إذا

حصل نظيره بالرضاع يوجب الحرمة ، اضف إليه التصريح بجملة من تلكم القرابات

في الكتاب والسنة ، قال الله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي ارضعنكم واخواتكم من

الرضاعة ) ( 3 ) والامهات شاملة للجدات ايضا .

ومثل الاية الكريمة نصوص مستفيضة ، ففي صحيح ابن سنان عن الامام

الصادق ( عليه السلام ) : لا يصلح للمرأة ان ينكحها عمها ولا خالها من الرضاعة ( 4 ) .

وفي صحيحه الاخر عنه ( عليه السلام ) عن لبن الفحل ، قال ( عليه السلام ) :

هو ما ارضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك ولد امرأة اخرى فهو حرام ( 5 ) .

وفي خبر مسعدة بن زياد ، قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يحرم من الاماء

عشر : لا تجمع بين الام والابنة ، الى ان قال : ولا امتك وهي عمتك من الرضاعة ، ولا

امتك وهي خالتك من الرضاعة ، ولا امتك وهي اختك من الرضاعة ، ولا امتك وهي

ابنة اخيك من الرضاعة ( 6 ) الى غير تلكم من النصوص .

................................................................................

( 1 - 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع .

( 3 ) سورة النساء آية 24 .

( 4 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 5 .

( 5 ) الوسائل باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 4 .

( 6 ) الوسائل باب 8 من ابواب ما يحرم بالرضاع حديث 9 . ( * )

 

 

[ . . . ]

فلا اشكال في حرمة العناوين المحرمة النسبية إذا تحقق نظائرها بالرضاع .

وينبغي التنبيه على امور :

1.     ان الركن في التحريم بهذه القرابات المرتضع والمرضعة والفحل ، فيحرم

على الاول المرضعة ومن يحرم بسببها من الامهات والاخوات والعمات والخالات ، ومن

يحرم بسبب الفحل ممن ذكر واولاد المرضعة والفحل ، ويحرم على الفحل والمرضعة

المرتضع والمرتضعة واولادهما ، فالموارد التي يكون الحكم بالحرمة على طبق هذا الضا بط

كثيرة لا يهمنا التعرض لها تفصيلا .

2.     انه لا يستثنى من الكبرى الكلية شئ . وما عن المصنف ره في التذكرة

من انه يحرم في النسب اربع نسوة قد لا يحرمن في الرضاع .

الاولى : ام الاخ في النسب حرام ، لانها اما ام أو زوجة اب ، وفي الرضاع قد

لا تحرم ، كما لو ارضعت اجنبية اخاك أو اختك .

الثانية : ام ولد الولد حرام ، لانها ام بنته أو زوجة ابنه ، وفي الرضاع قد لا تكون

احداهما ، مثل ان ترضع الاجنبية ابن الابن ، فانها ام ولد الولد وليست حراما .

الثالثة : جدة الولد في النسب حرام ، لانها اما بنت أو ربيبة ، وفي الرضاع قد

لا تكون كذلك ، كما إذا ارضعت الاجنبية ولدك ، فان امها جدته وليست بامك ولا ام

زوجتك .

الرابعة : اخت ولدك في النسب حرام عليك ، لانها اما بنتك أو ربيبتك ، فإذا

ارضعت اجنبية ولدك فبنتها اخت ولدك وليست ببنت ولا ربيبة .

لا يكون استثناء عن الضابط ، ضرورة ان شيئا من العناوين الحاصلة من

الرضاع في هذه الصور لا يكون موضوعا للحرمة في النسب ، بل الموضوع امور اخر

مفقودة فيها ، فهي خارجة عن القاعدة . وفي الصورة الاخيرة بالخصوص كلام من

 

 

] ويحرم اولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا على المرتضع ، واولاد المرضعة

ولادة لا رضاعا ، ولا ينكح أبو المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولادة [

 

ناحية اخرى سيأتي .

3.     انه قد عرفت في الامر الثاني من المطلب الاول ان القرابة المنضمة

بالمصاهرة ، إذا كانت القرابة رضاعية والمصاهرة حقيقية توجب نشر الحرمة ، وفي

خصوص ام الزوجة نصوص ستأتي عند تعرض المصنف ره لها .