] الفصل
الثامن في القسم والنشوز للزوجة دائما ليلة من اربع ]
القسم والنشوز والشقاق
) الفصل الثامن في القسم والنشوز ) والشقاق فالكلام يقع في
مقامات :
الاول في القسم : وهو بفتح القاف : مصدر قسمت الشئ
وبالكسر : الحظ
والنصيب والمراد في المقام قسمة الليالي بين الزوجات
ويمكن اعتباره من كل منهما ولا
يترتب على تحديده بحد جامع مانع اثر كي نطول الكلام في
ذلك وتمام الكلام في المقام
في البحث في موارد :
1.
لا ريب ولا
خلاف في ان لكل من الزوج والزوجة حقوقا واجبة ومستحبة
على الاخر والكتاب والسنة المتواترة شاهدان به وليس
المقام مقام ذكرهما .
2.
لا خلاف في
ان القسمة بين الزوجات من الحقوق الواجبة على الزوج في
الجملة والايات والنصوص الاتية تدل عليه انما الخلاف في
انها تجب على الزوج ابتداء
بمجرد العقد والتمكين كالنفقة كما هو المشهور على ما صرح
به جماعة ام لا تجب عليه
حتى يبتدئ بها ؟ كما عن الشيخ في المبسوط والمصنف في بعض
كتبه والمحقق في
الشرائع والشهيد الثاني في المبسوط والمصنف في بعض كتبه
والمحقق في
الشرائع والشهيد الثاني في الروضة والسيد في المدارك
والمحقق السبزواري وصاحب
الحدائق وقواه في الرياض والثمرة بين القولين كما صرح به
جماعة انه :
على القول الاول : ( للزوجة ) الواحدة ( دائما ليلة من اربع
) ليال يبيت عندها
] وللزوجتين
ليلتان وللثلاث ثلاث ولو كن اربعا فلكل واحدة ليلة [
والليالي الثلاث الباقية له يضعها حيث يشاء ( وللزوجتين
ليلتان ) من كل اربع ليال
( وللثلاث ثلاث ) منها ( ولو كن اربعا فلكل واحدة ليلة )
ولا يبقى له شئ من كل اربع
وكلما فرغ الدور استانف الدور على الترتيب المذكور .
وعلى القول الثاني : لو كانت زوجة واحدة لايجب عليه
القسمة مطلقا ولو مع
المبيت عندها ليلة ولو كانت له زوجات متعددة لاتجب عليه
الا مع المبيت عند
احداهن ليلة واحدة فتجب حينئذ تلك لهن حتى يتم الدور ثم
لا يجب عليه شئ فله
حينئذ الاعراض عن القسم عنهن جمعاء الا ان يبيت عند
بعضهن فيجب عليه ايفاء
القسمة للباقيات ثم لا يجب عليه الاستئناف وهكذا .
واستدل للقول الاول : بآيات واخبار .
فمن الايات قوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) ( 1 )
بتقريب انه يدل على
وجوب معاشرة النساء بالمعروف في الجملة ولايصدق ذلك عرفا
بمجرد الانفاق ولا
بانضمام وطئهن في كل اربعة اشهر مرة واحدة باقل الواحب
مما يوجب الغسل فدل
على وجوب شئ آخر يوجب صدق المعاشرة وليس غير المضاجعة
بالاجماع فيتعين
وجوبها .
واورد عليه الشهيد الثاني : بان المعاشرة تتحقق بدون
المضاجعة بل بالايناس
والانفاق وتحسين الخلق والاستمتاع بالنهار مع عدم المبيت
على الوجه الذي اوجبه
القائل .
واجاب عنه الشيخ الاعظم - ره - بان ما عدا الانفاق من
هذه الامور التي ذكرها
غير واجب اجماعا فلم يبق هنا ما يصلح ان يكون واجبا الا
المضاجعة .
وفيه : ان ظاهر الآية وجوب كل معاشرة بالمعروف وحيث نعلم
عدم وجوبها
……………………………………………………
( 1 ) سورة النساء آية 19 . ( * )
[ . . . ]
فيدور الامر بين تقييد اطلاق الآية وحملها على خصوص
المبيت عندها او حمل الامر
فيها على الاستحباب والمتيقن هو الثاني سيما وان الاول
مستلزم لتخصيص الاكثر
اللهم الا ان يقال انه على ما هو الحق من خروج الوجوب
والاستحباب عن حريم
الموضوع له والمستعمل فيه . وان الامر في الموردين
استعمل في معنى واحد وانما ينتزع
الوجوب والاستحباب من ورود الترخيص في ترك المأمور به
وعدمه ظاهر الآية وجوب
كل ما هو معاشرة بالمعروف وقد دل الدليل على عدم وجوب
جملة من مصاديقها
فيحكم بالاستحباب فيها ولم يدل دليل على عدم وجوب المبيت
عندها فيبقى على
وجوبها .
مع انه يرد على الشهيد ( قده ) : انه على ما افاده لا
يمكن الاستدلال بالآية على
وجوب القسمة في الجملة مع انه - قده - كغير استدل بها له .
ومن الآيات قوله تعالى : ( فلا تميلوا كل الميل فتذروها
كالمعلقة ) ( 1 ) بتقريب انه
يدل على عدم جواز الميل الى تقديم احدى الزوجتين حتى
تكون الاخرى كالمعلقة لا
ذات بعل ولا مطلقة فيدل على تحريم الميل لاجل العلة
المذكورة وهي ان تذرها
كالمعلقة ولا ريب في تحقق هذه الغاية في ترك القسمة
ابتداء فيتحقق التحريم .
وفيه : ان تحقق الغاية في ترك القسمة ابتداء مع الايناس
بها والانفاق عليها
وتحسين الخلق والاستمتاع بالنهار وما شاكل ممنوع كما
لايخفى .
ومنها قوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن
واهجروهن في المضاجع ) ( 2 )
بتقريب انه يدل على جواز الهجرة في المضاجع مع خوف
النشوز فيدل بمفهومه على
عدم جواز مع عدم خوف النشوز .
……………………………………………………
( 1 )
سورة النساء آية 129 .
( 2 ) سورة النساء آية 34 . ( * )
[ . . . ]
ويدل عليه : قوله تعالى في ذيل الآية : ( فان اطعنكم فلا
تبغوا عليهن سبيلا ) .
وفيه : اولا : انه لامفهوم له لانه من قبيل مفهوم الوصف
ودعوى انه في مقام
تحديد الصنف الذي يجوز هجره من النساء ممنوعة لعدم القرينة
على ذلك وما في ذيل
الآية لا يصلح قرينة عليه لرجوعه الى جميع ما قبله منها
الضرب .
وثانيا : ان مفهومة على فرض الثبوت عدم مطلوبية الهجر في
المضاجع لاحرمته
كما هو واضح .
واما السنة فقد استدل باخبار له : منها موثق محمد بن قيس
عن الامام الباقر - عليه
السلام - في حديث : ( واذا كانت الامة عنده قبل نكاح
الحرة على الامة قسم للحرة الثلثين
من ماله ونفسه يعني نفقته والامة الثلث من ماله ونفسه )
( 1 ) .
وايراد الشهيد الثاني عليه بضعف السند في غير محله اذ لا
منشا له الا اشتراك
محمد بن قيس بين الثقة والضعيف .
ويدفعه : ان الظاهر في المقام بقرينة كون الراوي عاصم بن
حميد هو الثقة كما ان
ايراده عليه بضعف الدلالة نظرا الى ان ظاهره وجوب ما ليس
بواجب اجماعا لعدم
وجوب قسم الحرة بالثلثين من تمام الاوقات والامة بالثلث
غير تام فان خروج ما هو
غير واجب بالاجماع لاينافي وجوب ما هو المتنازع فيه كما
مر في الآية الاولى وايضا كما
ان المراد بالمال في الرواية خصوص النفقة كما فسره
الامام - عليه السلام - يمكن ان يكون المراد
بالنفس المضاجعة اذ ليس غيرها واجبا اجماعا .
ولكن يرد على الاستدلال به : انه في مقام بيان كيفية
القسمة بين الحرة والامة لو
اراد القسمة لا في مقام بيان وجوبها اللهم الا ان السؤال
في الخبر انما هو عن
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
نكاح الحرة على الامة وبعد حكمه - عليه السلام - بجوازه
بين هذا الحكم ابتداء من غير
السؤال عنه وظاهره كونه بيانا لكلا الامرين اي حكم
القسمة نفسها وكيفيتها .
وبهذا يظهر دلالة النصوص الاخر التي بمضمون هذا الخبر
على ذلك كموثق
عبد الرحمان عن الامام الصادق - عليه السلام - عن الرجل
يتزوج الامة على الحرة قال - عليه
السلام - : ( لا يتزوج الامة عى الحرة ويتزوج الحرة على
الامة وللحرة ليلتان وللامة ليلة ) ( 1 ) .
ونحوه غيره .
ولكن هذه النصوص لاتدل على وجوب القسمة مع وحدة الزوجة
بل هي
مختصة بصورة التعدد .
ودعوى عدم القول بالفصل ممنوعة لتصريح ابن حمزة باشتراط
التعدد في
وجوب القسمة . وحكى ايضا عن ظاهر جماعة كالمقنعة
والنهاية والمذهب والجامع
اللهم الا ان يقال انهم في مقام بيان ان القسمة مختصة
بالمتعدد لاعتبار تعدد الزوجة في
مفهومها .
واما القسم للواحدة بمعنى اعطائها قساما او حظا من الليل
او نصيبا من
العاشرة فغير متعرضين لحكمه فيتم ما عن ظاهر المسالك
وغيرها من عدم القول بعدم
الوجوب في الواحدة والوجوب في المتعددة .
ومنها النصوص الدالة على انه اذا احلت المرأة من الرجل
ليلتها حل له تلك
كخبر علي بن ابي حمزة قال : سالت ابا الحسن - عليه
السلام - عن قول الله عزوجل : ( وان
امراة خافت من بعلها نشوزا او اعراضا ) قال - عليه
السلام - :
( اذا كان كذلك فهم بطلاقها فقالت له : امسكني وادع لك ما
عليك واحللك
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
من يومي وليلتي حل له ذلك ولا جناح عليهما ) ( 1 ) .
ونحوه صحيح الحلبي او حسنة ( 2 ) وخبر ابي بصير ( 3 )
ورواية زية الشحام ( 4 )
وخبر البزنطي ( 5 ) .
ولا يقدح اشتمال بعضها على ذكر اليوم الليل مع ان اليوم
ليس حقا لها لان
ترك ظاهر الخبر في بعض موارده لايوجب طرحه بالنسبة الى
الباقي مع ان كون الزوج
عندها في صبيحة ليلتها من الحقوق المستحبة فيحمل الخبر
بالنسبة الى اليوم على
الاستحباب .
ومنها النصوص الدالة على ان لكل زوجة ليلة من الاربع
الشاملة لصورتي
الاتحاد والتعدد كخبر الحسن بن زياد عن ابي عبد الله -
عليه السلام - عن الرجل يكون له
المراتان واحداهما احب اليه من الاخرى اله ان يفضلها بشئ
؟ قال - عليه السلام - :
( نعم له ان ياتيها ثلاث ليال والاخرى ليلة لان له ان
يتزوج اربع نسوة فليلتاه
يجعلهما حيث يشاء - الى ان قال : - وللرجل ان يفضل نساءه
بعضهن على بعض ما
لم يكن اربعا ) ( 6 ) .
فان حكمه بجواز تفضيل احداهما بليلتين معلا بان له ان
يتزوج اربع نسوة
الظاهر في ان لكل واحدة ليلة من الاربع ولذا اباح الله
تعالى اربع نسوة والتفريع عليه
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 3 .
( 4 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 4 .
( 5 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 6 .
( 6 ) الوسائل باب 1 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
بان ليلتيه يجعلهما حديث يشاء يشهد باستحقاق الزوجة ليلة
واحدة من اربع ليال .
وبهذا التقريب يندفع ما اورد على الاستدلال به بان ما
تضمنه الخبر من وجوب
القسمة ليس محل الكلام فانه فيما اذا بات عند احداهما
متفق عليه وانما الكلام في
وجوب القسمة ابتداء .
فان الاستدلال انما هو بعموم العلة بتقريب انه لا يستقيم
العلة الا بان يكون
المراد بها انه حيث تكون للزوجة الواحدة ليلة من اربع
ليال وكانت الليالي الثلاث
الباقية له اباح الله تعالى اربع نساء اذ لو كان لكل
واحدة ازيد من ليلة كان تشريع
الاربع تضييعا لحقوقهن .
وصحيح محمد بن مسلم : سالته عن الرجل تكون عنده امراتان
واحداهما احب
اليه من الاخرى قال - عليه السلام - : ( له ان ياتيها
ثلاث ليال والاخرى ليلة فان شاء ان
يتزوج اربع نسوة كان لكل امراة ليلة فلذلك كان له ان
يفضل بعضهن على بعض ما لم
يكن اربعا ) ( 1 ) .
وكون صدره في مقام تفضيل بعضهن على بعض لا ينافي ظهور
قوله : ( لكل امراة
ليلة ) في وجوب القسمة والقسم ابتداء سيما وهو مذكور علة
للتفضيل كما مر ونحوهما
غيرهما .
ومنها ما دل على انه لو اشترط عند العقد ان ياتيها متى
شاء او في كل اسبوع مرة
لم يجز الشرط بل لها من كل اربع ليال ليلة .
كخبر زرارة قال : سئل ابو جعفر - عليه السلام - عن
النهارية ( المهارية خ ل ) يشترط
عليها عند عقدة النكاح ان ياتيها متى شاء كل شهر وكل
جمعة يوما ومن النفقة كذا
وكذا ؟ قال - عليه السلام - : ( ليس ذلك الشرط بشئ ومن
تزوج امراة فلها ما للمراة من
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
النفقة والقسمة ) الحديث ( 1 ) .
فان الحكم بعدم جواز الشرط ثم الحكم باستحقاق المرأة
القسم بمجرد التزويج
وعطف القسمة على النفقة توجب ظهور الخبر في وجوب القسمة
على نحو لايقبل
الانكار .
واوضح منه خبره الاخر قال : كان الناس بالبصرة يتزوجون
سرا فيشترط عليها ان
لا آتيك الا نهاراولا آتيك بالليل ولا اقسم لك . قال :
وكنت اخاف ان يكون هذا
تزويجا فاسدا فسالت ابا جعفر - عليه السلام - عن ذلك
فقال :
( لا باس به ( يعني التزويج ) الا انه لاينبغي ان يكون
هذاالشرط بعد النكاح ولو
انها قالت له بعد هذا الشرط قبل التزويج : نعم ثم قالت
بعد ما تزوجها : اني لا ارضى الا
ان تقسم لي وتبيت عندي فلم بفعل كان آثما ) ( 2 ) .
فانه صريح في وجوب القسم واطلاقه شامل لصورة وحدة الزوجة .
ومنها خبر دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد عن ابائه -
عليهم السلام - ان عليا
صلوات الله عليه قال : ( للرجل ان يتزوج اربعا فان لم
يتزوج غير واحدة فعليه ان يبيت
عندها ليلة من اربع ليال وله ان يفعل في الثلاث ما احب
مما احله الله تعالى ) ( 3 ) .
الى غير تلكم من النصوص فالمستفاد من الكتاب والسنة وجوب
القسم .
وقد استدل للقول الثاني : تارة : بالاصل واخرى : بما
افاده الشهيد الثاني من ان
قوله تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث
ورباع فان خفتم الا تعدلوا
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 39 من ابواب المهور حديث 3 .
( 2 ) الوسائل باب 39 من ابواب المهور حديث 2 .
( 3 ) المستدرك باب 1 من ابواب القسم والنشوز حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
فواحدة او ما ملكت ايمانكم ) ( 1 ) يدل على ان الواحدة كالامة لاحق لها في القسمة
المعتبر فيها العدل ولو جبت لها ليلة من الاربع من
الاربع لساوت غيرها وكل من قال بعدم
الوجوب للواحدة قال بعدمه للازيد الا مع الابتداء
وثالثة : بما في رسالة الشيخ الاعظم - ره - قال : نعم
يمكن ان يتمسك لهم بما دل
من الاخبار على حصر الحق الواجب للمراة في ان يكسوها من
العرى ويطعمها من
الجوع . كموثقة اسحاق بن عمار ( 2 ) ورواية عمر بن جبير
العزرمي ( 3 ) ورواية
شهاب بن
عبد ربه ( 4 ) ونحوها غيرها .
ولكن الاصل يخرج عنه بالدليل والاية الكريمة تدل على عدم
جواز ازيد من
واحدة اذا خفيف عدم مراعاة العدل الواجب بينهن . واما ان
الواحدة ماذا حكمها فهي
ساكتة عنه وعطف الامة عليها لايستلزم اتحاد حكمهما في
غير ما هو مورد الآية وهو
العدل بين النساء فالاية تدل على ان من خاف ان لا يعدل
بين النساء ينكح واحدة
فيسلم من الحيف والميل او امة ولو كانت متعددة لان
منافعها مملوكة للمولى فلا يلزم
ظلم عليهن ولو ترك المولى استيفاء المنفعة من بعضهن .
واما الاخبار فغاية ما تدل عليه حصر حقها فيما تضمنته من
سد جوعها
واكسائها والعفو عن ذنبها فمفهومها مطلق بالنسبة الى
النصوص المتقدمة الدالة على
كون القسمة من حقوقها فيقيد بها كما يقيد بما دل على
وجوب الدخول بها في كل اربعة
اشهر مرة مع ان تلكم الاخبار في حقوقها المختصة بها ولا
نظر لها الى مثل هذا الحق
……………………………………………………
( 1 ) سورة النساء آية 4 .
( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب النفقات حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب النفقات حديث 7 .
( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب النفقات حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
المشترك بينها وبينه مع ان في النصوص المشار اليها كلاما
ياتي في مبحث النفقات .
فتحصل ان ما ذهب اليه المشهور هو الاظهر والاقوى .
3.
على القول
بوجوب القسمة هل يجوز ان يجعل القسمة ازيد من ليلة لكل
واحدة بان يبيت ليلتين او ثلاث ليال عند كل واحدة منهن
كما عن الشيخ في المبسوط
وجماعة ام لا يجوز الا برضاهن ؟ كما في الشرائع وعن
غيرها وجهان :
استدل للاول : بالاصل وبحصول الغرض حيث تحصل التسوية
بينهن في
الزمان : وبان الحق له فتقديره اليه وحقهن انما هو في
العدل والتسوية وهو متحقق في
المفروض : وباطلاق الامر بالقسمة .
اما : ضعف غير الاخير فظاهر اذ الاصل يرجع اليه مع فقد
الدليل والباقي
لا يعتمد عليه في الاحكام الشرعية واما الاخير فان كان
مدرك وجوب القسمة آية
المعاشرة تم ما افيد واما ان كان المدرك هو النصوص فهي
تدل على استحقاق كل
زوجة ليلة من اربع ليال ولازم ذلك عدم جواز القسمة
بالنحو المذكور وما في الجواهر
من ان النصوص مساقة لبيان مقدار الاستحقاق الذي هو اربع
من لياليه على وجه لو
اراد التفضيل بما زاد عنده من الاربع كان له لا ان
المراد منها بيان الاستحقاق المنافي
لذلك يدفعه : انه خلاف الظاهر اذ الظاهر من اخذ كل عنوان
في الحكم دخله فيه
بنفسه لا بما هو فرد لعنوان جامع بينه وبين غيره .
وبذلك ظهر مدرك الثاني ويشهد به مضافا الى ذلك خبر سماعة
قال : سالته
عن رجل كانت له امراة فتزوج عليها هل يحل له ان يفضل
واحدة على الاخرى ؟ قال
[ . . . ]
- عليه السلام - : ( يفضل المحدثة حدثان عرسها ثلاثة ايام
ان كانت بكرا ثم يسوى بينهما
بطيبة نفس احداهما الاخرى ) ( 1 ) .
بناء على ان المراد به التسوية التي يتراضيان بها .
وعليه : فلو جعل لكل واحدة
منهن ثلاث ليال او ازيد ولم تطب نفس احداهما الا بليلة
ليلة لم يفعل تلك .
والايراد عليه : بانه غير ظاهر في ذلك وكونه من المأول
فيمكن ارادة الاستحباب
برضاهما فيما فضل عنده من الليالي وغير ذلك كما في
الجواهر غير وارد فان المسؤول عنه
هو ان يبيت عند احدى المرأتين ازيدمن ليلة فجوابه - عليه
السلام - بانه لا مانع من ذلك
بشرط التساوي ورضاهما بذلك وهذا هو المتنازع فيه فالخبر
ظاهر في القول الثاني .
ثم انه على تقدير القول بجواز القسم كذلك وقع الخلاف
بينهم في انه هل
يكون لذلك حد وماذا حده ؟ .
فعن الشيخ في المبسوط وجماعة ان حده ثلاث ليال واعتبر في
الزائد رضاهن
وعن الاسكافي جواز جعلها سبعا .
واستدل للاول : بأن الثلاث اقصى المأثور اذا كانت ثيبا
ولو في التي تزوجها
جديدا . وللثاني : بان الاقصى هي السبع : وبأن الزائد
على السبع يعد هجرا وعشرة بغير
المعروف .
4.
بناء على
القول بوجوب القسمة اختلف كلماتهم في كيفية البدئة فالمنسوب
الى المشهور انه يبدأ بمن شاء منهن حتى يأتي عليهن ثم
يجب التسوية على الترتيب
وقيل يجب الرجوع الى القرعة .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 8 . ( * )
[ . . . ]
واستدل للثاني : بان البدئة من واحدة معينة دون الاخرى
ترجيح بلا مرجح وبأنه
من باب تزاحم الحقوق والمرجع فيه هو القرعة وبان تقديم
واحدة بغير القرعة يقتضي
الميل اليها وقد نهى عنه النبي ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) قال على ما رواه الصدوق :
( ومن كانت له امراتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه
وماله جاء يوم
القيامة مغلولا مائلا شقه حتى يدخل النار ) ( 1 ) .
وبفحوى قرعة النبى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بين
نسائه اذا اراد سفرا فيصحب من اخرجتها
القرعة ( 2 ) وبانه مقتضى العدل في القسمة قال الشيخ في
محكى المبسوط انه مخاطب
بقسمة العدل بينهن ان اراد القسمة ولا تتحقق الا
بمعاملتها قسمة الحق بين
مستحقيه ولا ريب في ترجيح الاول من المستحقين لمثل هذا الحق الذي لا
يمكن
استيفاءه الا بالترتيب الى مرجح وليس الا القرعة انتهى .
ولكن يرد على الاول ان مقتضى اطلاق الامر بالقسمة كون الزوج
مخيرا في البدئة
بايتهن شاء فالبدئة بكل واحدة منهن انما هي للتخيير
الشرعط فلا تكون من الترجيح
بلا مرجح .
وبه يظهر ما في الثاني : فانه يكون من قبيل تزاحم الحقوق
لو كان البدئة بكل
واحدة منهن واجبة عينا ومع التخيير لاتزاحم بين الحقوق .
ويرد الثالث : ان الميل المحرم هو الميل الكلي عن
احداهما الى الاخرى المستلزم
للعول والجوز عليها بالاخلال بنفقتها وقسمها لامطلق
الميل ولو لم يكن مستلزما لذلك
كيف وقد دلت النصوص على جواز تفضيل احدى الامراتين على
الاخرى بالمبيت
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 1 .
( 2 ) المستدرك باب 11 من ابواب كيفية الحكم كتاب القضاء حديث
13 سنن ابي داود ج 2 باب في بالقسم بين النساء . ( * )
] ولو وهبته احداهن [
عندها ازيد من المبيت عند الاخرى وقد دل الكتاب ايضا على
ان المنهى عنه الميل
الكلي قال الله تعالى : ( ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين
النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل
الميل ) ( 1 ) وماورد في تفسير الآية من ان المراد
بالعدل فيها المودة القلبية ( 2 ) لاينافي ما
ذكرناه من ان المنهى عنه هو الميل الكلي في ترتيب الاثر
خارجا كيف والمودة القلبية من
الامور غير الاختيارية لايصح النهي عنها فالمنهى عنه هو
ترتيب الاثر خارجا .
ويرد الرابع مضافا الى ان فعله ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) اعم من الوجوب : ان مورده المضاجعة في
السفر التي لا تكون واجبة قطعا ولا ربط له بالمقام .
ويرد الاخير : ان حق كل واحدة منهن لو كان هو البدئة بها
خاصة كان ما افيد
تاما واذا كان حقها المبيت عندها في كل اربع ليلة مخيرا
بين الاول والوسط والاخير
فمقتضى اطلاق الادلة هو البدئة بايتهن شاء فتحصل مما
ذكرناه ان ماهو المشهور
اظهر فله البدئة بايتهن شاء .
حكم المعاوضة على هبة الزوجة حقها
5.
( ولو وهبته
احداهن ) حقها من القسم لايجب على الزوج القبول لان
الاستمتاع بها حق له في الجملة فهو حق مشترك بينهما ولو
رضي الزوج جاز - وقد دلت
النصوص على ذلك لاحظ صحيح الحلبي عن ابي عبد الله - عليه
السلام - عن قول الله عز
وجل : ( وان امراة خافت من بعلها نشوزا او اعرضا ) فقال :
( هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها اني اريد
اطلقك فتقول له لا
تفعل اني اكره ان يشمت بي ولكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت وما كان
سوى
……………………………………………………
( 1 ) النساء آية 129 .
( 2 ) الوسائل باب 7 من ابواب القسم والنشوز حديث 1 . ( * )
] وضع ليلتها حيث شاء [
ذلك من شئ فهو لك ودعنى على حالتي فهو قوله تعالى : (
فلا جناح عليهما ان
يصلحا بينهما صلحا ) وهذا هو الصلح ) ( 1 ) .
وخبر ابي بصير عنه - عليه السلام - في الآية الكريمة : (
وان امراة خافت . . . الخ ) قال
- عليه السلام - : ( هذا يكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد
طلاقها فتقول له امسكنى
ولا تطلقني وادع لك ما على ظهرك واعطيك من مالي واحللك
من يومي وليلتي فقد
طاب ذلك كله ) ( 2 ) .
ونحوهما خبر علي بن ابي حمزة ( 3 ) ورواية البزنطي ( 4 )
فمع السقوط ( وضع ) الزوج
( ليلتها حيث شاء ) كما هو واضح .
وهل يصح المعاوضة عليها بان تلتمس عوضا من حقها ام لا ؟
نسب الى الشيخ
في المبسوط والمصنف في بعض كتبه اختيار الثاني ولكن
الاول اظهر لان لاسقاط حقها
مالية عرفا فيقوض بالمال .
ويشهد به مضافا الى ذلك : خبر زرارة عن ابي جعفر - عليه
السلام - في حديث :
( من تزوج امراة فلها ما للمراة من النفقة والقسمة ولكنه
ان تزوج امراة فخافت
منه نشوزا وخافت ان يتزوج عليها او يطلقها فصالحت من
حقها على شئ من نفقتها
او قسمتها فان ذلك جائز لاباس به ) ( 5 ) .
وخبر علي بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - عن رجل له
امراتان قالت احداهما :
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز حديث 3 .
( 4 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز حدث 4 .
( 5 ) الوسائل باب 6 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
ليلتي ويومي لك يوما او شهرا او ما كان ايجوز ذلك ؟ قال
: ( اذا طابت نفسها واشترى
ذلك منها فلا باس ) ( 1 ) .
ومعلوم ان اطلاق الشراء مجاز فهو كناية عن المعاوضة عليه
ومعه لا يصغى الى
ما استدل للثاني بانه حق لايتقوم منفردا اي غير مالي
لعدم كونه في مقابلة عين او
منفعة وانما هو ماوى ومسكن فلا تصح المعاوضة عليه .
ثم ان الموجود في النصوص هو اسقاط الحق مجانا او بعوض
الا في خبر علي بن
جعفر الظاهر في اعطائها الحق اياه والموجود في كلمات
الاصحاب هو هبة ليلتها
للزوج فهل يصح نقل حقها اليه ام لا يصح الا الاسقاط ؟ قد
يقال بالثاني نظرا الى ان
الحق لما كان نحوا من السلطنة على من عليه الحق فلا يعقل
نقله اليه لان الانسان
لا يمكن ان يتسلط على نفسه بالنحو الذي كان لطرفه .
وبالجملة لا يعقل قيام طرفي السلطنة بشخص واحد وشيد
بعضهم ذلك بان
المسلط والمسلط عليه متضائفان والتصائف من اقسام التقابل
فكيف التقابل فكيف يعقل اجتماعهما
في واحد .
وفيه : اولا : ان المسلط عليه انما بمعنيين : احدهما :
طرف السلطنة والثاني : من
بضرره السلطنة . مثلا في حق الشفعة يملك الشريك ما
اشتراه المشتري ببذل الثمن فهو
مسلط عليه بالمعنى الاول ومن عليه الحق هو المسلط عليه
بالمعنى الثاني .
وعليه فنقل الحق الى من عليه الحق لا يلزم منه اتحاد
المسلط والمسلط عليه
بمعنى قيام طرفي السلطنة بشخص واحد .
وثانيا : ان السلطنة من قبيل الحب يمكن اجتماع طرفيها في
شخص واحد فكما ان
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
الانسان يحب نفسه فكذلك يكون مسلطا على نفسه كيف وقد
اشتهر ورود ان الناس
مسلطون على انفسهم فلا اشكال في ان هبة هذا الحق لا
محذور فيها من هذه الجهة
نعم يبقى محذور اللغوية فانه كان هذا الحق مشتركا بينهما
وثابتا للزوج فانتقاله اليه
واعتباره له ثانيا لا اثر له فتامل .
وعلى ما ذكر من منع انتقاله اليه وانه يقبل الاسقاط خاصة
ربما يوجه القول
بعدم جواز اخذها العوض بازائه بان نفس الاسقاط بما انه
فعل من الافعال واثره وهو
السقوط بما انه اسم المصدر ليس من الافعال التي تقبل
للمملوكية نظير الخياطة فان
هذا المعنى معنى حرفي غير قابل لان يتمول الا باعتبار
نفس الحق وقد عرفت ما فيه .
ولكن يرده مضافا الى كونه اجتهادا في مقابل النص : ان
نفس الاسقاط وان كان
لا يتمول والحق فرضنا عدم قابليته للنقل اليه الا انه لا
مانع من صيرورة الحق سببا
وواسطة في قابلية اسقاطه للملكية ولان يبذل بازائه المال
. ونظير ذلك العلم فانه بنفسه
لا يملك لكنه يصير سببا لزيادة مالية العبد المتصف به
هذا كله في الهبة للزوج . فهل
يصح هبتها الضرة ؟ المشهور بينهم ذلك .
واستدل له : بتسلطها على حقها كالمال الا انه لما كان
مشتركا بينها وبين الزوج
اعتبر رضاه . وبالنبوي المرسل المذكور في المسالك : ان
سودة بنت زمعة لما كبرت وهبت
نوبتها لعائشة فكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
يقسم لها يوم سودة ويومها .
ولكن يرد الاول انه يتم لو ثبت امران : احدهما : انه من
الحقوق لا من الاحكام
الشرعية والثاني : كونه حقا قابلا للانتقال بان لا يكون
وجود الشخص مقوما له والا
فمثل حق النظارة والتولية غير قابل للانتقال .
والامر الاول : وان ثبت بما ذكرناه الا ان اثبات الامر
الثاني مشكل اللهم الا ان
يستدل له بخبر علي بن جعفر المتقدم المتضمن لانتقاله الى
الزوج بعوض والمسالة
] ولو وهبت الضرة بات عندها والواجب المضاجعة ليلا لا
المواقعة [
تحتاج الى تأمل زائد .
واما الثاني : ففي الحدائق ان هذه الرواية من روايات
العامة فاني لم اقف بعد
التتبع عليها في شئ من كتب اخبارنا ولكن الظاهر ان
المسألة اجماعية .
( و ) عليه ف ( لو وهبت الضرة بات عندها ) ولكن يتوقف ذلك
على قبولها ولو لم
تقبل لا ينتقل الحق اليها والتعبير بالهبة انما هو من
الفقهاء فلا وجه لاجراء جميع
احكام الهبة عليه لعدم ثبوت كون ذلك هبة مصطلحة واطلاق
لفظ الهبة في المرسل
كالعبارات من باب التوسع والا فالمراد نقل الحق الى
الضرة وفي جواز الرجوع فيها ان
وهبت الضرة او الزوج اشكال .
ودعوى ان ذلك من قبيل الاذن فاذا رجعت عن الاذن كان الحق
لها كما في
الجواهر غير ظاهرة بل المستفاد من الادلة انه حق كسائر
الحقوق يسقط بالاسقاط
وينتقل الى الضرة وعوده يحتاج الى دليل مفقود ومقتضى
اصالة اللزوم هو عدم جواز
الرجوع نعم لها التبعيض بان تهب اسبوعا او شهرا او ماشابه
ذلك فبعد مضيه يعود
حقها وان ثبت كونه هبة تصح دعوى جواز الرجوع لانه هبة
بغير ذي رحم تكون
جائزة لكن تقدم عدم ثبوت ذلك وان وهبت للضرات جمعاء وجب
قسمتهن على ان
يكون عند واحدة منهن في كل دور او يبيت عند كل واحدة
منهن بعض الليلة .
الواجب في القسم المبيت عندها ليلا
6.
( والواجب ) في
القسمة ( المضاجعة ليلا لا المواقعة ) بلا خلاف في الاول
وعلى الاشهر في الثاني .
اما كون الواجب هو المضاجعة بمعنى المبيت عندها وكونه عندها
بما لهذا
[ . . . ]
المفهوم من السعة .
فيشهد به النصوص المتقدمة . وخصوص صحيح ابن محبوب عن
ابراهيم
الكرخي قال : سألت ابا عبد الله - عليه السلام - عن رجل
له اربع نسوة فهو يبيت عند ثلاث
منهن في لياليهن فيمسهن فاذا بات عند الرابعة في ليلتها
لم يمسها فهل عليه في هذا
اثم ؟ قال - عليه السلام - :
( انما عليه ان يبيت عندها في ليلتها ويظل عندها في
صبيحتها وليس عليه ان
يجامعها اذا لم يرد ذلك ) ( 1 ) .
واما عدم وجوب المواقعة فللاصل ولخبر الكرخي ولما دل على
عدم وجوبها الا
في كل اربعة اشهر ( 2 ) .
انما الكلام في وجوب المضاجعة بمعنى ان ينام قريبا منها
على النحو المعتاد
معطيا لها وجهه كذلك في جملة الليل فلا يكفي المبيت في
بيتها في حجرة اخرى وان
لم يكن في الحجرتين غيرهما ولا المبيت عندها مع عدم
اعطائها وجهه ولا المبيت عندها
في حجرتها قريبا منها ولكن في فراش آخر .
فقد استدل له : بالتأسي وبظاهر قوله تعالى : ( وعاشروهن
بالمعروف ) ( 3 ) وبقوله
تعالى : ( وجعلنا اليل لباسا ) ( 4 ) وقد ورد في تفسيره
عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
( انه جعل
الليل ليلا لانه يلايل الرجال من النساء وجعله الله الفة ولباسا ) .
وبأنه المتعارف من المبيت عندها بل هو وشبهه السبب في
تعيين ليلة لها
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 71 من ابواب مقدمات النكاح وباب 30 من ابواب
العدد وفي
اخبار في ابواب من الايلاء دلالة عليه .
( 3 ) سورة النساء آية 19 .
( 4 ) سورة النبا آية 11 . ( * )
[ . . . ]
واضافتها اليها وباستفادته من آية : ( واهجروهن في
المضاجع ) ( 1 ) حيث اشترط ذلك
بالنشوز وانه مع الطاعة ليس للزوج عليها هذا السبيل ولكن التاسي حيث لايعلم ان
فعل المعصومين - عليهم السلام - على وجه اللزوم لايقتضي
ذلك وآية المعاشرة لاتدل على
لزوم كل ما هو معاشرة بالمعروف بل مقتضى اطلاقها
الاكتفاء بما هو معاشرة بالمعروف
عرفا .
ومن الضروري ان المبيت عندها من ذلك وارادة المضاجعة
بالنحو المزبور من
اللباس ودلالة الآية على اللزوم تحتاجان الى دليل وكون
المتعارف من المبيت ذلك لا
يصلح منشئا لانصراف الاطلاق وآية الهجر في المضاجع قد
تقدم عدم دلالتها على
لزوم ذلك مع عدم النشوز .
فاذا لا دليل على لزوم ازيد من صدق المبيت عندها . اما
كون الواجب هو
المبيت عندها بالليل فهو مما لاخلاف فيه والنصوص
المتقدمة شاهدة به .
انما الكلام في انه هل يجب زائدا عليه قيلولة صبيحة تلك
الليلة عندها ؟ كما عن
الاسكافي ام يجب الكون مع صاحبة الليل نهارا ؟ كما عن
المبسوط ووافقه المصنف في
محكى التحرير لكنه جعل النهار تابعة لليلة الماضية ام
يجب ان يظل عندها
صبيحتها ؟ ام لايجب من ذلك شئ بل النهار له ووجوب القسمة
مختص بالليل ؟ كما
هو المشهور بين الاصحاب .
ويشهد للاخير مضافا الى الاصل والى ان النهار جعل معاشا
وخلق لهم
مبصرا ليبتغوا فيه من فضله وليتسببوا الى رزقه والى
السيرة المستمرة : اختصاص
نصوص القسمة بالليل .
واستدل لما قبله : بخبر الكرخي المتقدم المتضمن قوله -
عليه السلام - : ( ويظل عندها
……………………………………………………
( 1 ) سورة النساء آية 34 . ( * )
[ . . . ]
صبيحتها ) لكنه محمول على الاستحباب لفتوى الاصحاب .
واستدل لما قبله : بالنصوص ( 1 ) الدالة على انه للحرة
يومان وللامة يوم
والنصوص ( 2 ) الدالة على تخصيص البكر والثيب بالايام
بناء على كون اليوم اسما لمجموع
الليل والنهار .
لكن النصوص المشار اليها مضافا الى معارضتها بما مر .
يعارضها الاخبار ( 3 )
الواردة في ذينك المقامين المصرحة بالليل بدل اليوم فلا
بد : اما من حمل اليوم على ارادة
الليلة خاصة تسمية للجزء باسم الكل او يراد بالليلة
مجموع اليوم المشتمل على النهار
والليل تسمية للكل باسم الجزء والترجيح مع الاول .
اضف الى ذلك كله انها في موردين خاصين والتعدي يحتاج الى
دليل اما القول
الاول : فلم يظفر الاصحاب بمدركه فالاظهر ما هو المشهور .
ثم ان المراد من البيتوتة معها في الليل ليس المقام معها
من اول غروب الشمس
الى طلوع الفجر بل المراد بها ما يعتاد منها وهو بعد
قضاء الرجل من الصلاة في المسجد
ومجالسة الضيف ونحو ذلك حملا للاطلاق على المتعارف
وللسيرة القطعية المستمرة بل
الظاهر جواز دخوله في تلك الليلة على الضرة او غيرها
ولكن في الرياض ليس له ذلك
الا لضرورة فيما قطع به الاصحاب لمنافاته المعاشرة
المزبورة .
وفيه : انه كما لا تكون مجالسة الضيف وما شاكل منافية
لها كذلك لا يكون
الدخول على الضرة كذلك .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب القسم والنشوز وباب 46 من
ابواب ما يحرم بالمصاهرة .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز .
( 3 ) الوسائل باب 2 و 8 من ابواب القسم والنشوز والشقاق . ( * )
] وللحرة ليلتان وللامة والكتابية ليلة [
للمسلمة ليلتان وللكتابية ليلة
7.
لا اشكال ( و
) لا خلاف يعتد به بين الاصحاب في انه اذا كانت الامة مع
الحرة او الحرائر حيث يجوز الجمع بينهما في التزويج :
كان ( للحرة ليلتان وللامة ) ليلة
والنصوص ( 1 ) شاهدة به .
وايضا لا خلاف بينهم في انه اذا كان عنده مسلمة وكتابية
: كان للمسلمة ليلتان
( و ) ل ( الكتابية ليلة ) بل عن الخلاف الاجماع عليه .
ويشهد به خبر عبد الرحمان بن ابي عبد الله : سالت ابا
عبد الله - عليه السلام - هل
للرجل ان يتزوج النصرانية على المسلمة والامة على الحرة
؟ فقال - عليه السلام - :
( لا تزوج واحدة منهما على المسلمة وتزوج المسلمة على
الامة والنصرانية
وللمسلمة الثلثان وللامة والنصرانية الثلث ) ( 2 ) .
المنجبر ضعفه لو كان بالشهرة مع انه حسن بل عد في
الجواهر والمسالك مثله
من الصحيح لانه ليس في طريقه من يتوقف فيه سوى عبد الله
بن محمد بن عيسى
الاشعري وقد عد الشهيد الثاني وصاحب الجواهر الخبر الذي
هو في طريقه صحيحا
فتوقف الشهيد الثاني في الحكم في غير محله .
وعليه فهل الدور من الثمانية خمس للزوج وليلتان للمسلمة
وليلة للكتابية ؟ ام
من الاربع ليلتان ونصف للزوج وليلة للمسلمة ونصف ليلة
للكتابية ؟ وجهان ذهب
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب القسم والنشوز والشقاق .
( 2 ) الوسائل باب 7 من ابواب ما يحرم بالكفر حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
الشهيد الثاني الى الثاني . وفي الامة المشهور بين
الاصحاب هو الاول .
واستدل الشهيد لما اختاره : بان الاصل في الدور الاربع
وتنصيف الليلة في
القسمة يجوز لعوارض كما سياتي .
وعليه فالتنصيف وان لم يجز ابتداء الا انه لا مانع من
كونه كذلك هنا فالجمع
بين نصوص الدور والنصوص المتضمنة لان لاحداهما مثلي ما
للاخرى يقتضي الالتزام
بذلك .
وفيه : ان النصوص الواردة في الامة المستفاد منها حكم
الكتابية تدل على عدم
التنصيف لاحظ ما تضمن ان للحرة ليلتين وللامة ليلة فانه ظاهر
في عدم التنصيف
كما ان الاصحاب استفادوا من نصوص القسم عدم جواز اقل من
الليلة .
وبها يبين اجمال بقية النصوص المتضمنة للثلث والثلثين .
والجمع بينها وبين
نصوص الدور يقتضي البناء على ان الدور هنا من الثمان .
ويؤيده : ما عن الخلاف وغيره الاجماع عليه وايضا ان في
تنصيف الليل رفعا
للاستيناس وتنقيصا للعيش مضافا الى تعسر ضبط النصف غالبا
فلا يصح جعله
مناطا للحكم الشرعي .
وعلى القول بكون الدور من الثمان : هل يجب تفريق ليلتي
المسلمة بان تكون
واحدة في الاربعة الاولى والثانية في الاربع الثانية ان
لم ترض بغيره كما عن البعض ام
يجوز الجمع ؟ كما في الحدائق والرياض والجواهر وجهان :
من ان لها حقا في كل اربع
واحدة . ومن ان اطلاق نصوص الباب يقتضي جواز الجمع .
ولعل الثاني اقوى لان النصوص المثبتة لحقها في كل اربع
ليلة مختصة بغير ما اذا
اجتمعت مع الامة او الكتابية .
] وتختص البكر عند الدخول بسبع والثيب بثلاث ]
وفي صورة الاجتماع المرجع خصوص نصوص الباب وهي مطلقة
فالاظهر جواز
الجمع والاولى اذا اراد الجمع ان يجعل ليلتيه ليلة اخيرة
من الاربع الاولى والاولى من
الثانية ان لم ترض به .
اختصاص البكر عند الدخول بسبع والثيب بثلاث
8.
( و ) المشهور
بين الاصحاب انه ( تختص البكر عند الدخول بسبع والثيب
بثلاث ) وبه صرح المحقق في الشرائع ولكنه قال في النافع
: وتختص البكر عند الدخول
بثلاث الى سبع والثيب بثلاث . وتبع في ذلك الشيخ - قده -
في كتابي الاخبار حيث
قال : ان اختصاص البكر بالسبع على وجه الاستحباب واما
الواجب لها فثلاث . والكلام
يقع اولا في البكر ثم في الثيب .
اما البكر ففيها طوائف من النصوص :
منها : ما يدل بالاطلاق على تفضيل البكر بثلاث كخبر
البصري عن الامام
الصادق - عليه السلام - في الرجل يكون عنده المرأة
فيتزوج الاخرى كم يجعل للتي يدخل بها ؟
قال - عليه السلام - : ( ثلاثة ايام ثم يقسم ) .
ومنها : ما يدل على تفضيل البكر خاصة بثلاث ليال ( 1 )
كموثق سماعة : سالته عن
رجل كانت له امراة فتزوج عليها هل يحل له ان يفضل واحدة
على الاخرى ؟ قال - عليه
السلام - : ( يفضل المحدثة حدثان عرسها ثلاثة ايام ان
كانت بكرا ) ( 2 ) .
وخبر الحسن بن زياد عن ابي عبد الله - عليه السلام - في
حديث قال : قلت له : الرجل
تكون عنده المرأة فيتزوج جارية بكرا ؟ قال - عليه السلام
- : ( فليفضلها حين يدخل بها ثلاث
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز حديث 4 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز حديث 8 . ( * )
[ . . . ]
ليال ) ( 1 ) .
ومنها : ما يدل على تفضيل البكر بسبع كصحيح ابن ابي عمير
عن غير واحد عن
محمد بن مسلم قال : قلت له : الرجل يكون عنده المرأة
يتزوج اخرى اله ان يفضلها ؟ قال
- عليه السلام - ( نعم ان كانت بكرا فسبعة ايام وان كانت
ثيبا فثلاثة ايام ) ( 2 ) .
وخبره الاخر : قلت لابي جعفر - عليه السلام - : رجل تزوج
امراة وعنده امراة ؟ فقال
- عليه السلام - : ( ان كانت بكرا فليبت عندها سبعا وان
كانت ثيبا فثلاثا ) ( 3 ) . ونحوهما
صحيح هشام ( 4 ) .
والكلام تارة : في ان المستفاد من النصوص هل هو الحكم
الندبي ؟ كما في الحدائق
والرياض بل في الحدائق لم اقف على مصرح بالوجوب مع انه
قبل اسطر نقل عن
الشيخ في النهاية وكتابي الاخبار القول بوجوب الثلاث
وحمل عليه عبارة النافع ام
يكون الحكم على وجه الوجوب ؟ كما في الجواهر وظاهر
الخلاف دعوى الاجماع عليه .
واخرى : في الجمع بينها .
اما الاول : فمن جملة من نصوص الباب وان كان لايستفاد
سوى الرجحان الا ان
جملة اخرى منها ظاهرة في الوجوب لاحظ صحيح هشام وخبر محمد
وخبر الحسن
وغيرها وما في بقية الاخبار من ان له ان يفضلها لا يكون
صريحا بل ولا ظاهرا في
الندب كي يكون قرينه على صرف هذه النصوص عن ظاهرها وما
في الرياض من انه
لورود الامر في مقام الجواب عن السؤال عن جواز التفضيل
لا دلالة له على الوجوب
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز حديث 7 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز حديث 5 .
( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
لوروده في مقام توهم الحظر .
يرده : ان بعض النصوص وان تضمن السؤال عن انه هل له ان
يفضلها ؟ الا انه
في بعضها الاخر ليس ذلك لاحظ خبر الحسن وصحيح هشام وخبر
محمد فهي ظاهرة
في الوجوب وبقية النصوص غير ظاهرة في خلافها فلا وجه
لرفع اليد عنه فالاظهر كون
الحكم لزوميا .
واما الثاني فقد يقال ان الجمع بين النصوص يقتضي البناء
على وجوب الثلاث
وافضلية السبع حملا للمطلق منها على المقيد والناص على
الظاهر كما لايخفى .
ولكن الظاهر تعارض نصوص السبع في البكر مع الثلاث وليس
الجمع المذكور
عرفيا فان شئت ان تعرف ذلك فاجمع قوله في خبر الحسن : (
فليفضلها حين يدخل بها
ثلاث ليال ) مع قوله - عليه السلام - في صحيح هشام : (
يقيم عندها سبعة ايام ) او مع قوله
- عليه السلام - في خبر محمد : ( اذا كانت بكرا فليبت
عندها سبعا وان كان ثيبا فثلاث ) في
كلام واحد ولا ريب في ان اهل العرف يرونهما متهافتين
فالمتعين هو الرجوع الى
المرجحات والترجيح مع نصوص السبع وبها يقيد اطلاق الطائفة الاولى وتختص هي
بالثيب فالاظهر ان الواجب تفضيل البكر بالسبع .
واما الثيب فلا خلاف يعتد به في انها تفضل بالثلاث
والنصوص المتقدمة متفقة
على ذلك .
وما عن العلل في حديث : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) تزوج زينب بنت جحش فاولم واطعم
الناس - الى ان قال : - ولبث سبعة ايام بلياليهن عند
زينب ثم تحول الى بيت ام سلمة
وكان ليلتها وصبيحة يومها من رسول الله ( صلى الله عليه
وآله وسلم ) ( 1 ) :
لضعفه في نفسه لضعف عدة من
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب القسم والنشوز حديث 2 ( * )
[ . . . ]
رجال سنده وعدم عمل الاصحاب به ومعارضته مع ما تقدم لا
يعتمد عليه ويحمل
على الاختصاص به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعدم وجوب
القسم عليه .
وبه يظهر
ما في النبوي قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لام
سلمة لما تزوجها :
( ما بك على اهلك من هوان ان شئت سبعت عندك وسبعت عندهن
وان
شئت ثلثت عندك ودرت ) ( 1 ) .
ثم ان الظاهر كما هو المشهور بين الاصحاب انه لا يقضي
للنساء الباقيات شئ
من ما فضل به المحدثة حدثان عرسها لان الظاهر من النصوص
استحقاقها لذلك
ثم الظاهر من النصوص هو اعتبار التوالي في الثلث والسبع
. لانه الظاهر من الامر
بشئ في زمان مستمر كما في اقل الحيض واكثره واقامة عشرة
ايام وما شاكل .
ويعضد ذلك في المقام قوله في خبر عبد الرحمان : ثلاثة
ايام ثم يقسم وفي
الموثق : ثلاثة ايام ثم يسوي بينهما .
وقد صرح جماعة منهم المصنف - ره - وصاحب الجواهر وغيرهما
: بالفرق بين
الحرة والامة المسلمة والكتابية وان لهما نصف ما على
الحرة .
وصرح آخرون : بعدم الفرق وهو الاظهر لاطلاق النصوص
والفتاوي .
وما في الجواهر من انه يمكن ان يكون الاطلاق هنا اتكالا
على معلومية نقصان
الامة عن الحرة والكافرة عن المسلمة حتى ورد ان الامة
على النصف من الحرة والكتابية
بمنزلة الامة لايكفي في تقييد الاطلاق او عدم انعقاده
كما لا يخفى .
وعلى ذلك فلا مورد للبحث في كيفية التنصيف وانه هل يكمل
المنكسر فيثبت
للبكر الامة او الكتابية اربع ليال وللثيب منهما ليلتان
؟ ام يكون للبكر ثلاث ليال
……………………………………………………
( 1 ) الخلاف ج 2 ص 425 كتاب القسم . ( * )
[ . . . ]
ونصف وللثيب ليلة ونصف ؟ كما عن المسالك والحدائق وان
كان الثاني اظهر لان
المدة قابلة للتنصيف .
9.
يسقط حق
القسم في موارد منها السفر بمعنى ان له السفر وحده من دون
استصحاب احدى منهن وليس عليه قضاء ما فاتهن في السفر
والظاهر ان عليه اتفاق
الاصحاب وفي الجواهر للاجماع الفعلي من المسلمين على
المسافرة كذلك من غير نكير
ولا نقل قضاء مع اصالة عدم وجوبه بعد قصور ادلة القسم
لمثله وهو حسن ولو اراد
اخراجهن او بعضهن له ذلك اتفاقا ولا قضاء عليه للمتخلفات
لانه اذا كان بالسفر
حقوقهن ساقطة فما معنى القضاء كان خروج المصحوبة بالقرعة
ام بدونها . وعن
بعضهم لو صحبها بدونها قضى والا كان ميلا وظلما وخروجا
عن التاسي فان عدم
قضاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للقرعة انتهى .
وفيه : انه مع عدم حق لهن في اوقات السفر ولذا جاز
انفراده لاوجه لوجوب
القضاء لاصالة عدم وجوبه ولافرق في ذلك كله بين الاقامة
في السفر عشرة ايام
وعدمها للسيرة ومعها لايصغى الى ما قيل من انه بالاقامة
يخرج عن اسم المسافر .
وهل هناك فرق بين سفر النقلة من مكان الى مكان آخر وبين
سفر الغيبة فيجب
القضاء للبواقي لو صحب احداهن كما في القواعد . او مع
كون ذلك بدون القرعة كما
عن بعض . ام لا فرق بينهما اصلا وجهان الاظهر هو الثاني
لانه بعد ما سقط حقهن
بالسفر للنقلة ايضا ولذا جاز انفراده بلا كلام ولم تشمل
ادلة القسم معه لاوجه
لوجوب القضاء والاصل عدمه .
ومنها ما اذا كانت الزوجة صغيرة وعدم القسمة لها هو
المشهور بين الاصحاب
وفي الجواهر فلا اجد فيه خلافا وعلل ذلك بان القسمة من
حقوق الزوجية وهي بمنزلة
] ويستحب [
النفقة التي تسقط بالصغر .
وفيه : ان الصغيرة ان كانت غير قابلة للاستمتاع الملتذة
به لا ريب في عدم
شمول النصوص لها لان المبيت انما جعل حقا لها لان تلتذ
وتانس وتالف .
واما ان كانت قابلة لذلك فاطلاق النصوص شامل لها وسقوط
النفقة المشروطة
بالدخول لو قلنا به لا يوجب سقوط حقها من القسم والشك في
شمول الادلة لمثلها
يندفع بالاطلاق فان كانت المسالة اجماعية فلا كلام والا
فيشكل سقوط القسمة لها .
ومنها : ما اذا كانت ناشزة وهي ايضا ادعي عدم الخلاف في
سقوط القسمة في
حقها وعلل ذلك ايضا بالعلة المتقدمة .
والاولى الاستدلال له بالاية الكريمة : ( واهجروهن في
المضاجع ) ( 1 ) .
ومنها : ما اذا كانت مجنونة والحق انها ان كانت بحيث
لايكون لها شعور بالانس
به فالظاهر سقوط حقها لما مر والا فلا وجه له الا اذ
كانت المسالة اتفاقية .
ومنها : ما اذا كانت المرأة مسافرة ونخبة القول فيها
انها ان سافرت بغير اذنه في
غير واجب او ضروري فهى ناشزة وقد تقدم انه لاحق لها وان
كان ذلك باذنه او في
سفر لا يعتبر اذنه فعدم استيفاء الحق مستند اليها فلا
يكون الزوج آثما في ذلك وثبوت
القضاء حينئذ يحتاج الى دليل والاصل عدمه وبما ذكرناه
يظهر ما في كلمات القوم في
المقام .
10.
( و ) قد صرح
غير واحد من الاصحاب بانه ( يستحب ) في المقام امور :
منها : انه اذا كان للرجل نساء واراد ان يصحب بعضهن في
السفر اقرع بين
……………………………………………………
( 1 ) النساء آية 34 . ( * )
] التسوية في الانفاق [
نسائه فايتهن خرج اسمها خرج بها للتاسي برسول الله ( صلى
الله عليه وآله وسلم ) فانه كان يفعل كذلك ( 1 ) .
وهل يجوز العدول عمن خرج اسمها الى غيرها او تركها مع
المتخلفات ام
لايجوز ذلك ؟ ام يجوز تركها مع المتخلفات ولايجوز العدول
الى غيرها ؟ كما عن المبسوط
والوسيلة وجوه :
وجه الاول : ان القرعة ليست من الملزمات والاصل جواز كلا
الامرين .
وجه الثاني : انه لو جاز ذلك لانتفي فائدة القرعة .
وجه الثالث : ان القرعة لاتوجب الصحبة وانما تعين من
يستحق التقديم على
تقدير ارادتها .
والاول اظهر بعد فرض عدم وجوب القرعة وجواز ان يصحب
ايتهن شاء بدونها
ولا يخفى وجهه على هذا .
ومنها : ( التسوية ) بين الزوجات ( في الانفاق ) واطلاق
الوجه والجماع وغير تلكم
لانه من العدل والانصاف الذين رغب فيهما شرعا كما مر وقد
روى ان سيدنا عليا - عليه
السلام - كان له امراتان فاذا كان يوم واحدة فلا يتوضا
عند الاخرى ( 2 ) .
وفي خبر معمر بن خلاد النهي عن عدم التسوية فانه سئل
الامام الرضا - عليه
السلام - عن تفضيل نسائه بعضهن على بعض فقال - عليه
السلام - : لا ( 3 ) ولكنه محمول على
استحباب التسوية .
……………………………………………………
( 1 ) المستدرك باب 11 من ابواب كيفية الحكم حديث 13
كتاب القضاء
سنن ابي
داود ج 2 باب في القسم بين النساء .
( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب القسم والنشوز حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 3 من ابواب القسم والنشوز حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
لخبر الهاشمي عن الامام الكاظم - عليه السلام - عن الرجل
يكون له امرأتان يريد ان
يؤثر احداهما بالكسوة والعطية ايصلح ذلك ؟ قال - عليه
السلام - :
( لابأس واجهد في العدل بينهما ) ( 1 ) .
ولظاهر قوله تعالى : ( ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين
النساء ولو حرصتم فلا تميلوا
كل الميل ) ( 2 ) وللاجماع على عدم وجوب ذلك .
ومنها : ان يكون صبيحة ذلك اليوم عند صاحبة الليل لخبر
الكرخي المتقدم في
المورد السادس .
ومنها : ان لايجمع بين ضرتين في منزل واحد الا مع
اختيارهن أو مع انفصال
المرافق لكون ذلك من المعاشرة بالمعروف وسياسة وجلب
للقلوب ومراعاة لكمال
العدل .
وعن المصنف - ره - في القواعد : وجوب ذلك ولا شاهدله الا
اذا كان ذلك
اضطرارا بهن بان لايوفيهن حقهن قسمة وغيره بل قوله تعالى
: ( اسكنوهن من حيث
سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ) ( 3 ) يدل
على عدم الوجوب .
المقام الثاني : في النشوز واصله لغة الارتفاع وهو في الاصطلاح
عبارة عن خروج
الزوج او الزوجة عن الطاعة الواجبة عليه للاخر ثم انه
حيث قد يكون النشوز من
الزوجة واليه يشير قوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن
فعظوهن واهجروهن في
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب القسم والنشوز حديث 1 .
( 2 ) سورة النساء آية 129 .
( 3 ) سورة الطلاق آية 6 . ( * )
] ويجب على الزوجة التمكين [
المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) (
1 ) وقد يكون من الزوج
واليه يشير قوله تعالى : ( وان امراة خافت من بعلها
نشوزا او اعراضا فلا جناح عليهما
ان يصلحا بينهما صلحا ) ( 2 ) فالكلام يقع في موضعين :
الاول : في نشوز الزوجة الثاني :
في نشوز الزوج .
اما الاول : فلا كلام في ان للزوج على الزوجة حقوقا
واجبة مر بعضها وياتي
بعضها الاخر في النفقات .
( و ) من تلكم الحقوق انه ( يجب على الزوجة التمكين
( و ) من تلكم الحقوق انه ( يجب على الزوجة التمكين ) من
الاستمتاع مع عدم
المانع عقلا او شرعا وهو التخلية بينها وبينه بحيث لا
يختص موضعا ولا وقتا فلو
بذلت نفسها في زمان دون زمان او مكان دون مكان آخر مما
يسوغ فيه الاستمتاع
لم يحصل التمكين والدليل على وجوبه مضافا الى الاجماع جملة من النصوص .
كخبر محمد بن مسلم عن ابي جعفر - عليه السلام - قال : (
جاءت امراة الى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
فقالت : يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة ؟ فقال (
صلى الله عليه وآله وسلم ) لها : ان تطيعه ولا تعصيه ولا
تصدق من بيته الا باذنه ولا تصوم تطوعا الا باذنه ولا
تمنعه نفسها وان كانت على ظهر
قتب ولا تخرج من بيتها الا باذنه ) الحديث ( 3 )
وخبر العزرمي عن الامام الصادق - عليه السلام - عن النبي
( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حق الزوج على
المرأة : ( ليس لها ان تصوم الا باذنه - الى ان قال : - وتعرض نفسها
عليه غدوة وعشية ) ( 4 )
……………………………………………………
( 1 ) سورة النساء آية 34 .
( 2 ) سورة النساء آية 128 .
( 3 ) الوسائل باب 79 من ابواب مقدمات النكاح وآدابه حديث 1 .
( 4 ) الوسائل باب 79 من ابواب مقدمات النكاح وآدابه حديث 2 . ( * )
] وازالة المنفر [
وخبر ابي بصير عن الامام الباقر - عليه السلام - : قال
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للنساء :
( لا تطولن صلاتكن لتمنعن ازواجكن ) ( 1 ) الى غير ذلك من
النصوص .
ولكن هذا الحكم كسائر الاحكام مقيد بان لا يلزم منه
ضرر عليها او حرج
ومشقة والا فيرتفع وجوبه بقاعدة نفي الضرر والحرج
وهل التمكين من وطئها دبرا واجب عليها على القول بالجواز
ام لا ؟ الظاهر هو
عدم وجوب التمكين وقد مر في ذلك المبحث ما دل على اناطة
جواز وطئها دبرا
برضاها فلها ان لا ترضى وتمتنع من ذلك .
ولو كان هناك مانع من الوطء دون سائر الاستمتاعات فهل
يجب عليها
التمكين من سائر الاستمتاعات ام لا ؟ وجهان :
اظهرهما الاول لاطلاق ما دل على وجوب عرض نفسها عليه وان
لا تمنعه من
نفسها ودعوى انصرافها الى الجماع المتعذر بالفرض ممنوعة .
فان قيل : ان سائر الاستمتاعات يجب عليها التمكين منها
تبعا للجماع فمع
سقوط وجوب المتبوع يسقط وجوب التابع .
قلنا : ان ظاهر الادلة وجوبها في عرض وجوب الجماع لاتبعا
له .
بل الظاهر وجوب مقدمات الاستمتاعات عليها كالتنظيف
المعتاد ( وازالة
المنفر ) وما شاكل .
وفي الجواهر ضرورة تحقق النشوز بالعبوس والاعراض
والتثاقل واظهار الكراهة
له بالفعل والقول ونحوهما مما ينقص استمتاعه بها وتلذذه
بها بل لا ينبغي التأمل في
تحققه بتبرمها بحوائجه المتعلقة بالاستمتاع او الدالة
على كراهتها له .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 83 من ابواب مقدمات النكاح حديث 1 . (
* )
] وله ضرب الناشزة بعد وعظها وهجرها [
وفي محكى المسالك : المراد بحوائجه التي يكون التبرم بها
امارة النشوز ما يجب
عليها فعله من الاستمتاع ومقدماته كالتنظيف المعتاد
وازالة المنفر والاستمداد بان تمتنع
وتتثاقل اذا طلبها على وجه يحوج زواله تكلف وتعب ولا اثر
لامتناع الدلال ولا
للامتناع من حوائجه التي لاتتعلق بالاستمتاع اذ لا يجب
عليها ذلك .
( و ) كيف كان فمتى ظهرت من المرأة امارات النشوز وامتنعت
عن بعض ما
يجب عليها مثل ان تقطب في وجهه او تبرم في ما يتعلق
بالاستمتاع او تغير عادتها في
ادبها جاز ( له ضرب الناشزة بعد وعظها وهجرها ) بلا خلاف
في ذلك في الجملة
والكتاب والسنة الاتيان شاهدان بذلك انما الكلام في
موارد :
الاول : ان جواز هذ الامور اي الوعظ والهجر والضرب هل
يكون مشروطا
بالنشوز ام بخوفه بظهور اماراته مع عدم تحققه ام يكون
جواز الهجر في المضجع
والوعظ مشروطا بخوف النشوز وجواز الضرب بالنشوز نفسه ولا
يجوز الا بعد تحققه ؟
وجوه واقوال .
اختار المصنف - ره - تبعا للشيخ في المبسوط والمحقق في
الشرائع وتبعهم السيد
في الرياض وغيره القول الاخير .
وقد استدل لجواز الامرين مع امارات النشوز : بظاهر الآية
الكريمة : ( واللاتي
تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن
اطعنكم فلا تبغوا
عليهن سبيلا ) ( 1 ) ولعدم جواز الضرب الا مع تحقق
النشوز بالاجماع المحكى عن
……………………………………………………
( 1 ) سورة النساء آية 34 . ( * )
[ . . . ]
الخلاف والمبسوط وبعدم جواز العقوبة الا على فعل وليس
بدون تحقق النشوز .
واستدل لما قبله : بظاهر الآية وعدم حجية الاجماع
المنقول والتعليل المذكور
مضافا الى انه لا يعتنى به في قبال ظاهر الآية ينتقض
بالهجر في المضجع الذي هو
تفويت لحقها الواجب ايضا فعلى ما ذكر لايجوز هو ايضا الا
مع تحقق النشوز .
واستدل للاول : بان المراد من الخوف في الآية العلم
كقوله تعالى : ( فمن خاف
من موص جنفا ) ( 1 )
ولكن بعدما عرفت حقيقة النشوز وانها بماذا تتحقق فاعلم
انه لم يعلق في الآية
الكريمة الامور الثلاثة على النشوز ولا على ظهور امارته
حتى يفسر بما في كلمات
الفقهاء بان تتقطب في وجهه او تبرم في حوائجه او تغير
عادتها في ادبها وما شاكل
ذلك بل على خوف النشوز المتحقق بالاحتمال العقلائي .
ولعل ما ذكروه يصلح منشاء للاحتمال العقلائي وعليه
فلاباس به وكيف كان
فقد علق الاحكام المذكورة على خوف النشوز وحمله على
العلم مجاز لايصار اليه الا
مع القرينة المفقودة في المقام واستعماله فيه في بعض
المواضع لا يصلح قرينة عليه .
فالاظهر ترتبها باجمعها على خوف النشوز والاجماع على عدم
الضرب بدون تحقق
النشوز غير ثابت وعلى فرض الثبوت كونه تعبديا غير معلوم
وعدم استحقاقها العقوبة
بدون المعصية لايصلح رافعا لظهور الآية . فالقول الثاني
اظهر .
المورد الثاني : في انه هل تكون تلكم الاحكام المذكورة
في الآية على نحو التخيير او
الجمع او الترتيب بالتدرج من الاخف الى الاثقل وجوه
واقوال .
وفي المقام قول رابع حكي عن المصنف في التحرير وهو : انه
مع خوف النشوز
……………………………………………………
( 1 ) سورة البقرة آية 182 . ( * )
[ . . . ]
يقتصر على الوعظ فان نشزت ينتقل الى الهجر وان اصرت عليه
ينتقل الى الضرب .
اقول : ظاهر الآية الكريمة عدم الترتيب بين الثلاثة وعدم
التخيير لان الواو
لمطلق الجمع .
واستدل للقول بالترتيب بانه يستفاد ذلك من ترتب افراد
النهي عن المنكر .
والايراد عليه : بان الكلام في ان ذلك منها ضرورة عدم
النشوز بها وعدم ثبوت
حرمتها بدونه غير تام . فان من تلكم الادلة كما يستفاد
وجوب النهي عن المنكر يستفاد
المنع من ان يوجد بل الواجب من النهي عن المنكر ذلك .
ولكن يرد عليه : ان الآية 1 خص منها وانما هي في مورد
خاص مع انه لا يكون
الواجب في ذلك الباب رعاية الترتيب الكامل في جميع
المراتب كما لا يخفى فالاظهر
هو جواز الجمع وعدم الترتيب بينها .
المورد الثالث : في المراد من هذه الامور المذكورة .
اما الوعظ فالمراد به ظاهر لا خلاف فيه وهو تخويفها
بالله سبحانه وذكر ما ورد
من حقوق الزوج على المرأة في الاخبار عن رسول الله ( صلى
الله عليه وآله وسلم ) وابنائه الاطهار
- عليهم
السلام - واما الهجر فقد اختلفت كلماتهم فيه فعن الثقة الجليل علي بن ابراهيم
القمي
تفسيره بالسب وعن بعض انه كناية عن ترك الجماع وعن
الصدوقين وابن البراج وفي
الشرائع هو ان يجعل اليها ظهره وعن الشيخ في المبسوط
والحلي هو ان يترك فراشها .
قال المصنف في محكى المختلف بعد نقل الاخيرين : وكلاهما
عندي جائز
ويختلف ذلك باختلاف الحال في السهولة والطاعة وعدمها
ونقل ذلك عن المفيد
ايضا .
اما القول الاول فيرده : عدم مناسبته مع المقام وان كان
السب احد معاني الهجر
[ . . . ]
كما لا يخفى .
ويرد الثاني : ان حمله على ارادة المعنى الكنائي يحتاج
الى دليل وليس الامر دائرا
بين احد من القولين الثالث والرابع كي يلزم اختيار
احدهما بل مقتضى الاطلاق هو
القول الاخير وورود الرواية بالاول منهما لاينافي ذلك
فانه احد الافراد قطعا والرواية
لا مفهوم لها كي تدل على عدم كون غيره هجرا .
واما الضرب فقد اختلفت كلماتهم فيه ايضا . فعن قوم ان
الضرب يكون بمنديل
ملفوف او درة ولايكون بسياط ولاخشب . وعن بعض انه
بالسواك . وفي الشرائع
ويقتصر على ما يؤمل معه رجوعها ما لم يكن مدميا ولا برحا
وبه صرح غيره . والمراد
من غير المبرح ما لا يدمي لحما ولا يهشم عظما ويكون بحيث
يتالم منه المضروب ولا
يوجب ضررا في بدنه .
والاظهر هو الاخير كما هو مقتضى الجمع بين الآية الكريمة
الامرة بالضرب
مطلقا والنبوي المروي عن تحف العقول انه ( صلى الله عليه
وآله وسلم ) قال في خطبة الوداع :
( ان لنسائكم عليكم حقا ولكم عليهن حقا حقكم عليهن ان
لايوطئن - الى
ان قال : - فان فعلن فان الله تعالى قد اذن لكم تعطلوهن
وتهجروهن في المضاجع
وتضربوهن ضربا غير مبرح ) الخ ( 1 ) .
وما عن الامام الباقر - عليه السلام - من تفسيره بالضرب
بالسواك ( 2 ) لضعفه وبعده
عن حصول الغرض به دائما ومنافاته لاطلاق كلمات الاصحاب
لايكون منشا للفتوى
ولنعم ما قاله الشهيد الثاني قال : وفي بعض الاخبار انه
يضربها بالسواك . ولعل حكمته
توهمها ارادة المداعبة والا فهذا الفعل بعيد عن التاديب
والاصلاح انتهى وهو متين .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب النفقات حديث 2 .
( 2 ) مجمع البيان ج 3 ص 44 . ( * )
] ولو نشز طالبته ولها ترك بعض حقها او كله استمالة ويحل
قبله [
الموضع الثاني : في نشوز الزوج ( ولو نشز ) الزوج بمنع
حقوقها الواجبة من قسم
ونفقة ونحوهما ( طلبته ) ووعظته والا رفعت امرها الى
الحاكم وكان للحاكم الزامه بها
وليس لها ان تهجره ولا ان تضربه وان رجت عوده الى الحق
بهما بلا خلاف لانهما
متوقفان على الاذن الشرعي وليس بل في الايتين التنبيه
على تفويضهما اليه لا اليها .
ولو لم يمنعها شيئا من حقوقها ولا يؤذيها بضرب ولا سب
ولكنه يكره مصاحبتها
فلا يدعوها الى فراشه او يهم بطلاقها فلا شئ عليه .
( ولها ) حينئذ ( ترك بعض حقها او كله ) من قسمة او نفقة (
استمالة ) له ( ويحل )
له ( قبوله ) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه
كذا في الجواهر .
ويشهد به نصوص كصحيح الحلبي او حسنه عن الامام الصادق - عليه السلام - عن
قول الله عزوجل : ( وان امراة خافت من بعلها نشوزا او
اعراضا ) فقال - عليه السلام - :
( هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها : اني اريد
ان اطلقك فتقول له
: لاتفعل اني اكره ان يشمت بي ولكن انظر في ليلتي فاصنع
بها ما شئت وماكان سوى
ذلك من شئ فهو لك ودعني على حالتي فهو قوله تعالى : (
فلا جناح عليهما ان
يصلحا بينهما صلحا ) وهذا هو الصلح ) ( 1 ) .
وخبر علي بن ابي حمزة عن ابي الحسن - عليه السلام - عن
قول الله عزوجل : ( وان
امراة خافت . . . ) الخ قال - عليه السلام - : ( اذا كان
كذلك فهم بطلاقها فقالت
له : امسكني وادع لك بعض ما عليك واحللك من يومي وليلتي
حل له ذلك ولا جناح
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز حديث 1 . ( * )
] ولو كره كل منهما صاحبه [
عليهما ) ( 1 ) ونحوهما اخبار ابي بصير وزيد الشحام
والبزنطي وزرارة ( 2 ) .
وهذا النصوص وان اختصت بجواز قبوله ما تبذله له من
حقوقها في مقابل ما
يريد فعله معها مما هو غير محرم عليه كطلاق ونحوه وتدل
على ان هذا هو المراد من
الآية الكريمة لكنه لا مفهوم لها كي تدل على عدم جواز
قبوله ما تبذله بازاء فعله معها
ما يحرم عليه
وعليه فيرجع فيه الى ما تقتضيه القاعدة وقد مر القسم ان
لها اسقاط حقها كله
او بعضه ويجوز له قبوله كما يجوز ان تسقطه بعوض فراجع .
المقام الثالث : في الشقاق وهو مصدر على وزن فعال من
الشق بالكسر الناحية
او من الشق بمعنى التفرق الذي منه شق فلان العصا اي فارق
الجماعة وانشقت العصا
اي تفرق الامر .
( و ) هو في الاصطلاح ما ( لو كره كل منهما صاحبه ) والحكم
فيه هو بعث
حكمين بالتفصيل الاتي والاصل في هذا الحكم الآية الكريمة
: ( وان خفتم شقاق
بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ان يريدا
اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله
كان عليما خبيرا ) ( 3 ) .
وجملة من النصوص كموثق سماعة عن ابي عبد الله - عليه
السلام - عن قول الله عز
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 3 -
4 - 6 - 7 .
( 3 ) سورة النساء آية 35 . ( * )
[ . . . ]
وجل : ( فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ) ارأيت ان
استأذن الحكمان فقالا
للرجل والمرأة : الستما قد جعلتما امركما الينا في
الاصلاح والتفريق ؟ فقال الرجل
والمرأة : نعم فأشهدا بذلك شهودا ايجوز تفريقهما عليهما
؟ قال - عليه السلام - : ( نعم ولكن لا
يكون ذلك الا عن طهر من المرأة من غير جماع من الزوج ) .
قيل له : ارأيت ان قال احد الحكمين : قد فرقت وقال الاخر
: لم افرق بينهما .
فقال - عليه السلام - : ( لايكون التفريق حتى يجتمعا
جميعا على التفريق فاذا اجتمعا
جميعا على التفريق جاز تفريقهما ) ( 1 ) .
وخبر علي بن ابي حمزة سألت العبد الصالح - عليه السلام -
عن قول الله تبارك
وتعالى : ( وان خفتم شقاق ) الخ فقال - عليه السلام - :
( يشترط الحكمان ان شاءا فرقا وان
شاءا جمعا ففرقا او جمعا جاز ) ( 2 ) . ونحوه خبر ابي
بصير عن الامام الصادق - عليه السلام - ( 3 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن احدهما - عليهم السلام - قال :
سألته عن قول
الله : ( فابعثوا ) الخ قال - عليه السلام - : ( ليس
للحكمين ان يفرقا حتى يستأمرا ) ( 4 ) . ونحوه
خبره الاخر عن الامام الباقر - عليه السلام - ( 5 ) .
وصحيح الحلبي عن ابي عبد الله - عليه السلام - قال :
سألته عن قول الله عز
وجل : ( فابعثوا ) الخ قال - عليه السلام - : ( ليس
للحكمين ان يفرقا حتى يستأمرا الرجل
والمرأة ويشترطان عليهما ان شاءا جمعا وان شاءا فرقا فان
جمعا فجائز وان فرقا
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 13 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 10 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 12 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 2 .
( 4 ) الوسائل باب 12 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 1 .
( 5 ) الوسائل باب 13 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
فجائز ) ( 1 ) .
وخبر زيد الشحام عن ابي عبد الله - عليه السلام - في
قوله تعالى : ( فابعثوا حكما من
اهله وحكما من اهلها ) قال - عليه السلام - : ( ليس
للحكمين ان يفرقا حتى يستامرا الرجل
والمراة ) ( 2 ) . ونحوه خبر دعائم الاسلام ( 3 ) .
وخبر الحلبي عنه - عليه السلام - : ( ويشترط عليهما ان
شاءا جمعا وان شاءا فرقا فان
جمعا فجائز وان فرقا فجائز ) ( 4 )
وخبر فضالة : ( فان رضيا وقلداهما الفرقة ففرقا فهو جائز
) ( 5 ) .
وخبر عبيدة قال : اتى علي بن ابي طالب - عليه السلام -
رجل وامراة مع كل واحد
منهما فئام من الناس فقال علي - عليه السلام - : (
ابعثوا حكما من اهلها وحكما من اهله ) .
ثم قال للحكمين : ( هل تدريان ما عليكما ان رايتما ان
تجمعا جمعتما وان شئتما ان
تفرقا فرقتما ) .
فقالت المرأة : رضيت بكتاب الله علي ولي فقال : اما
الفرقة فلا . فقال علي - عليه
السلام - : ( لا تبرح حتى تقر بما اقرت به ) ( 6 ) .
ونحوه خبر دعائم الاسلام ( 7 ) .
وقريب منهما ما رواه علي بن ابراهيم في تفسيره الا انه
قال : بعد ما لم يرض الزوج
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 10 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 13 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 10 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 1 .
( 4 ) الوسائل باب 13 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 4 .
( 5 ) الوسائل باب 13 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 5 .
( 6 ) الوسائل باب 13 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 6 .
( 7 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
بالفرقة فاوجب عليه نفقتها ومنعه ان يدخل عليه ( 1 ) .
وتمام الكلام فيما يستفاد من هذه النصوص والاية الشريفة
من الاحكام بالبحث
في جهات :
1.
هل الشقاق
يتحقق بكراهة كل منهما صاحبه ولو لم يمتنع كل منهما من
حقوق الاخر ؟ كما هو ظاهر المتن والنافع والحدائق والجواهر
وغيرها ام يعتبر في تحققه
النشوز منهما ؟ كما هو ظاهر الشرائع وجهان ليس في شئ من
الاخبار المتقدمة مايشهد
بأحدهما . والظاهر صدقه مع كل من الامرين .
ولكن في خبر زرارة عن ابي جعفر - عليه السلام - : ( واذا
نشز الرجل مع نشوز
المرأة فهو الشقاق ) ( 2 ) . الا انه لا يدل على الحصر .
2.
ان المراد
بخوف الشقاق في الاية هل هو خشية الشقاق ؟ كما هو ظاهر
اللفظ وعن الطبرسي في مجمع البيان والسيد في المدارك او
العلم به ؟ كما عن الشهيد
الثاني في المسالك او يقال كما في الرياض : ان الشقاق
انما يتحقق مع تمام الكراهة
بينهما ؟ فيكون المراد بالاية انه اذا حصلت كراهة كل
منهما لصاحبه وخفتم حصول
بينهما ؟ فيكون المراد بالآية انه اذا حصلت كراهة كل
منهما لصاحبه وخفتم حصول
الشقاق بينهما فابعثوا او يقال كما عن كشف اللثام :
احتماله ان الموضوع هو اضمار شدة
الشقاق بينهما فابعثوا او يقال كما عن كشف اللثام :
احتماله ان الموضوع هو اضمار شدة
الشقاق بينهما والتأدي الى التساب والتهاجر والتضارب
وجوه والاخير لا وجه له
اصلا وما قبله يحتاج الى تقدير لا شاهد له وما قبله خلاف
الظاهر .
واما خبر زرارة المتقدم : واذا نشز الرجل مع نشوز المرأة
فهو الشقاق فهو يفسر
الشقاق نفسه والموضوع للاحكام الاتية التي تضمنتها الآية
الشريفة خوف الشقاق
فاذا الاظهر هو الاول .
……………………………………………………
( 1 ) المستدرك باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق
حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث 5 . ( * )
] انفذ الحاكم حكمين من اهلهما او اجنبيين
[
ويؤيده : ما قيل من ان الغرض من بعث الحكمين هو الاصلاح
بينهما باجتماع او
فرقة ومتى كان الشقاق معلوما علم انه لا يمكن الاصلاح
بالاجتماع فتامل .
3.
اختلفت كلمات
القوم في المخاطب في الآية الكريمة بالامر بانفاذ الحكمين
وانه هل هو الحاكم الشرعي كما في الشرائع وعن القواعد
وفي المتن حيث قال : ( انفذ
الحاكم حكمين من اهلهما او اجنبيين ) ونسبه الشهيد
الثاني الى الاكثر . او هو الزوجان
كما عن الصدوقين وفي النافع او اهل الزوجين . او ان
الامام يامر الزوجين ان يبعثا كما
عن الاسكافي .
والاظهر هو الاول لان ظاهر الآية الشريفة كون المخاطب
غير الزوجين اذ لو
كانا هما المخاطب كان اللازم تساوي الضمائر من حيث
الحضور والغيبة والتثنية
والجمع ويقال : ( وان خفتم الشقاق بينكما فابعثوا حكمين
من اهلكما ) فمن اختلاف
الضمائر يعلم كون المخاطب بالبعث غير الزوجين والمتيقن
منه الحاكم الشرعي ولا
ينافيه شئ من النصوص فان جملة منها وان تضمنت لزوم
استيمارهما .
وفي موثق سماعة : الستما قد جعلتما امركما الينا في
الاصلاح والتفريق وفي غيره ما
يقرب ذلك الا انه لا تنافي بين كون الباعث هو الحاكم
الشرعي ويعتبر استيمارهما مع
ان اعتبار الاستيمار انما هو في خصوص الطلاق كما ياتي
فالاظهر اعتبار بعث الحاكم .
4.
صرح جماعة
بان البعث واجب لظاهر الامر ولكون ذلك من الامور الحسبية
التي نصب الحاكم لامثالها ومن الامر بالمعروف الذي وجوبه
من البديهيات وعن
التحرير القول بالاستحباب .
[ . . . ]
واستدل له بالاصل وظهور الامر في الارشاد على انه من
الامور الدنيوية التي
لا تظهر ارادة الوجوب منه فيها ويظهر ضعفه مما ذكرناه
5.
هل يعتبر ان
يكون الحكمان من اهلهما كما عن المصنف في المختلف وسيد
المدارك والحلي وفي الرياض ام يجوز ان يكونا اجنبيين كما
في المتن والشرائع والنافع
والجواهر وعن المبسوط والوسيلة وغيرهما وجهان :
ظاهر الآية الكريمة هو الاول وايده المصنف - ره - بان
الاهل اعرف بالمصلحة
من الاجانب .
واستدل للثاني : بعدم اعتبار القرابة في الحكومة والغرض
يحصل بالاجنبي كما
يحصل بها وبان الآية مسوقة للارشاد : وبظهور النصوص من
جهة عدم التقييد :
وبعموم الحكم للزوجين ذوي الاهل وغيرهما .
ولكن يرد الاول : ان هذه التعليلات لا تسمع في مقابل
ظواهر الادلة .
ويرد الثاني : ان الظاهر من الامر كونه نفسيا لا ارشاديا
مع ان كونه ارشاديا
لا يلازم التعدي عن مورده .
ويرد الثالث : ان النصوص متعرضة لبيان الاحكام بعد تعيين
الحكمين ولا اطلاق
لها من الجهة المبحوث عنها .
ويرد الرابع : اولا : ندرة وجود الزوجين الذين لا اهل
لهما .
وثانيا : ان لازم التقييد بكون الحكمين من اهلهما تقييد
الموضوع بالزوجين الذين
لهما اهل كما هو الشان في نظائر المقام . فالاظهر هو
اعتبار كون الحكمين من اهلهما
هذا مع انه المتيقن وليس لاجزاء غيره دليل والاصل يقتضى
عدمه .
] فان رايا الصلح اصلحا و [
بعث الحكمين على سبيل التحكيم او التوكيل
6.
المشهور بين
الاصحاب ان بعث الحكمين انما هو على سبيل التحكيم
لا التوكيل بل عن ظاهر السرائر وفقه القرآن الاجماع عليه
وعن المبسوط انه مقتضى
المذهب وهو الاظهر لظاهر الكتاب حيث سماهما الحكمين وكذا
في السنة ولانه
مقتضى خطاب غير الزوجين ببعثهما فان المخاطب في التوكيل
هو الزوجان ولانهما ان
رايا الاصلاح فعلاه من غير استئذان ويلزم ما يشترطانه
عليهما ولو كان توكيلا هو الزوجان ولانهما ان
رايا الاصلاح فعلاه من غير استئذان ويلزم ما يشترطانه
عليهما ولو كان توكيلا لم يقع
الا ما دل عليه لفظهما .
واستدل للقول الاخر : بان البضع حق للزوج والمال حق
للزوجة وهما رشيدان
بالغان فلا يكون لاحد ولاية عليهما فلا يكونان الا
وكيلين : وبانه لا يعتبر في الحكمين في
المقام الاجتهاد والفقه قطعا فلو كانا غير وكيلين وعلى
سبيل التحكيم كان اللازم اعتبار
الفقه اذ لا حكم لغير الفقيه اتفاقا .
ويرد على الاول : انه لا مانع من الحكم على البالغ
الرشيد اذا امتنع عن قبول
الحق .
ويرد على الثاني ان الحاكم في الحقيقة هو الحاكم الشرعي
الذي بعثهما فهما بمنزلة
الوكيلين عنه .
مع : ان محل الحكم حيث يكون جزئيا لا مانع من تفويض امره
الى الاحاد .
وعلى اي تقدير لا مورد لهذه الكلمات في مقابل ظهور
الادلة فالاظهر انه على
سبيل التحكيم .
7.
لا خلاف على
الظاهر بينهم في ان الحكمين يتبع نظرهما في الصلح بلا
توقف على شئ ( فان رايا الصلح اصلحا ) فانه مقتضى تحكيمهما
( و ) انما الخلاف في انه
] ان رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق والبذل ولا حكم مع
اختلافهما [
( ان رأيا الفرقة ) بطلاق او خلع فالمشهور بين الاصحاب
انهما ي ( راجعاهما في الطلاق
والبذل ) اي لا يصلح الطلاق بدون رضاء الزوج ولا البذل بدون
رضاء الزوجة ان كان
خلعا وقيل لا يعتبر اذنهما .
والحق ان يقال : ان المستفاد من الاخبار اعتبار احد
الامرين في الطلاق اما
اشتراط الحكمين عليهما ذلك من اول الامر او الاستئذان
منهما في الطلاق والبذل حينما
يريدا ذلك ان اطلقا ولم يشترطا الطلاق من الاول ولعل كلام
المشهور حيث
قالوا : باعتبار الاستئذان منزل على صورة الاطلاق .
وكيف كان فيشهد للاول : موثق سماعة حيث لم يعتبر بعد
الاشتراط الا كونها
على طهر من غير جماع لو اراد الطلاق ومثله خبر ابي بصير
وخبر علي بن ابي حمزة
وخبر الحلبي واصرح من الجميع خبر فضالة .
ويشهد للثاني : خبرا ابي مسلم ورواية زيد وغيرها واما
صحيح الحلبي فان كان
بنحو العطف باو في قوله : ويشترطا كان الخبر دالا على
كفاية احد الامرين . وان كان
بنحو العطف بواو كما هو الموجود في النسخ فالظاهر كون
قوله : ويشترطا تفسيرا
لقوله يستأمرا الرجل والمرأة لا دالا على اعتبار الامرين معا
لعدمه اتفاقا ولكونه خلاف
الظاهر . فالاظهر كفاية احد الامرين .
ودعوى انه ينافي ما دل على ان الطلاق بيد من اخذ بالساق
مندفعة : بان
تخصيص العام غير عزيز مع انه باشتراطه عليهما قد وقع
الطلاق باذنه فتدبر .
8.
( و ) لاخلاف
ايضا بينهم في انه ( لا حكم مع اختلافهما ) اي اختلاف
الحكمين .
ويشهد به الاصل واختصاص النصوص بصورة الاتفاق وعدم جواز
الترجيح
بلا مرجح نعم لحكم الرجل ان يطلق بغير عوض ان اذن له
الرجل في ذلك لان حكم
[ . . . ]
المرأة لا صنع له بالطلاق .
9.
بناء على
التحكيم لو بعث الحاكم الحكمين فغاب الزوجان او احدهما فعن
المبسوط لم يجز الحكم لانه حكم على الغائب ولايجوز ولكن
الاظهر هو الجواز كما في
الشرائع اذ لا دليل على عدم جواز الحكم للغائب وعليه في
المقام ومقتضى اطلاق
الادلة جوازه .
وعدم جواز حكم الحاكم على الغائب في بعض الموارد
لايستلزم ذلك في المقام
فان قيل : انه مع الغيبة يحتمل ارتفاع الشقاق بينهما فلا
مورد للحكم .
قلنا : اولا : يستصحب بقائه . وثانيا : انه خروج عن محل
البحث وهو الحكم عليهما
من حيث الغيبة خاصة .
10.
اذا اشتراط
الحكمان عليهما او على احدهما شرطا وجب الوفاء به لا لعموم
المسلمون عند شروطهم ( 1 ) فانه في اشتراط الانسان على
نفسه ولا يشمل ما لو اشترط على
غيره بل لاطلاق ادلة الباب نعم اذا كان الشرط غير مشروع
كان باطلا لان المحرم لا
يحل بشرطهما وهو واضح .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب الخيار كتاب التجارة . ( * )
] الفصل التاسع في احكام الاولاد يلحق الولد في الدائم مع
الدخول [
في لحوق الاولاد بالاباء وما يشترط فيه
( الفصل التاسع في احكام الاولاد ) وتنقيح القول فيها
بالبحث في مقامات :
الاول : في الحاق الاولاد بالاباء وبيان ما يشترط في ذلك .
الثاني : في احكام الولادة وسننها .
الثالث : في الرضاع .
الرابع : في الحضانة .
اما المقام الاول : فالكلام فيه في طي مسائل :
الاولى : لا كلام ولا اشكال في انه ( يلحق الولد في )
الموطوءة بالعقد ( الدائم )
بالزوج ( مع ) اجتماع شروط ثلاثة :
احدها : ( الدخول ) بلا خلاف فيه في الجملة والاخبار
الاتية شاهدة به انما
الكلام في موردين :
الاول : فيما اذا دخل بها قبلا وعلم عدم الانزال او دخل
بها دبرا مع العلم بعدم
جذب الرحم المني بوجه فان المشهور بين الاصحاب الحاق
الولد بالزوج .
ولكن المحكى عن جماعة في الوطء دبرا او في الوطء قبلا مع
العلم بعدم الانزال
[ . . . ]
وعدم سبق المني او فيهما عدم الالحاق منهم الحلي في
السرائر والمصنف في التحرير
والشهيد الثاني في الروضة والسيد في المدارك وسيد الرياض
وصاحب الحدائق والمحقق
اليزدي وغيرهم وهو الاظهر اذ مع العلم بعدم خروج المني
منه او عدم دخوله في
فرجها يعلم بانتفاء الولد وعدم كونه منه فكيف يلحق به
اللهم الا ان يتم ما افاده في
الجواهر قال : مع فرض امكان سبق المني وعدم الشعور به لا
سبيل حينئذ للقطع بنفي
الاحتمال ولو بعيدا مع تحقق مسمى الدخول على انه يمكن
التولد من الرجل بالدخول
وان لم ينزل ولعله لتحرك نطفة الامرأة واكتسابها العلوق
من نطفة الرجل في محلها
او غير ذلك .
ولكنه كما ترى فان الاول خلاف الفرض مع انه لايتم في
الوطء في الدبر
خصوصا مع عدم الانزال والثاني باطل وتمسكه له بقاعدة
الفراش ( 1 ) باطل فانها قاعدة
مضروبة لمقام الشك في كون الولد للزوج بعد تحقق الفراش
فلو علم بعدم الانزال وعدم
سبق المني لا مورد لها . ويدل على انه لا
عبرة بمجرد الدخول في الالحاق خبر ابي البختري
عن جعفر ابن
محمد عن ابيه عن علي - عليه السلام - قال : ( جاء رجل الى رسول الله
( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : كنت اعزل عن جارية
لي فجاءت بولد فقال
( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الوكاء قد ينفلت فالحق به
الولد ) ( 2 ) .
اذ لو كان مجرد الدخول كافيا في الالحاق لما كان وجه
لهذا التعليل الذي هو كناية
عن ان المني ربما يسبق من غير ان يشعر به .
فالمتحصل : ان الدخول الذي يكون شرطا للالحاق هو ما اذا
احتمل معه خروج
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 56 , 58 , 74 من ابواب نكاح العبيد
والاماء وباب 9 من اللعان وباب 8 من
ميراث الملاعنة الوافي ج 12 ص 214 باب الحاق الولد بصاحب
الفراش .
( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 . ( * )
]ومضي ستة اشهر من حين الوطء ووضعه لمدة الحمل وهي ستة اشهر
الى
عشرة [
المني وجذب الرحم اياه واما مع العلم بعدم السبق فلا
عبرة به .
الثاني : ما اذا لم يدخل بها ولكن انزل على فرجها فان
المعروف من مذهب
الاصحاب ان معه يلحق به الولد .
ويشهد به خبر ابي البختري عن جعفر بن محمد عن ابيه ان
رجلا اتى عليا - عليه
السلام - فقال : ان امراتي هذه حامل وهي جارية حدثة وهي
عذراء وهي عذراء وهي حامل في تسعة
اشهر ولا اعلم الا خيرا وانا شيخ كبير ما افترعتها وانها
لعلى حالها فقال له علي - عليه
السلام - : ( نشدتك اليه هل كنت تهريق على فرجها ) . قال
: نعم - الى ان قال علي - : ( وقد
الحقت بك ولدها ) الحديث ( 1 ) .
ونحوه ما رواه المفيد عن نقلة الاثار من العامة والخاصة
( 2 ) .
( و ) ثاني الشروط : ( مضي ستة اشهر من حين الوطء ) فلا
عبرة بالاقل في الولد
الكامل كتابا وسنة مستفيضة او متواترة واجماعا محكيا
كذلك كذا في الجواهر بل في
الرياض اجماعا من المسلمين كافة وستاتي جملة من تلكم
النصوص .
( و ) ثالثها : ( وضعه لمدة الحمل ) اجماعا من المسلمين
كافة كما في الرياض ( وهي
ستة اشهر الى عشرة ) في الولد الكامل عند الشيخ في
المبسوط والمصنف في اكثر كتبه
والمحقق في الشرائع والاصحاب بعد ما وافقوهم في الاقل
خالفوهم في اقصى المدة
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 16 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 - 2 . ( * )
[ . . . ]
فان المشهور بينهم ان اقصى مدة الحمل تسعة اشهر لا عشرة
بل عن بعضهم دعوى
الاجماع عليه .
وعن جماعة منهم السيد المرتضى في الانتصار والمصنف في المختلف وابو
الصلاح والشهيد الثاني في المسالك وسبطه في المدارك
وصاحب الكفاية : ان اقصى
المدة سنة فالاقوال ثلاثة وقد استدل للقول الاخير بجملة
من النصوص :
منها : خبر غياث عن جعفر عن ابيه - عليهما السلام - : (
ادنى ما تحمل المرأة لستة اشهر
واكثر ما تحمل لسنة ) . قال بعض المحدثين في بعض النسخ :
واكثر ما تحمل لسنتين ( 1 ) .
اقول : الخبر مروي في الوسائل بلفظ سنتين ولم يذكر غيره
وعلى هذا فلابد من
حمل الخبر على التقية اذ لم يقل احد من اصحابنا بان
اقصاه سنتين .
ومنها : صحيح عبد الرحمان بن الحجاج : سمعت ابا ابراهيم - عليه السلام - يقول :
( اذا طلق الرجل امراته فادعت حبلا انتظر بها تسعة اشهر
فان ولدت والا اعتدت
بثلاثة اشهر ثم قد بانت منه ) ( 2 ) .
ونحوه خبر محمد بن حكيم عن ابي الحسن - عليه السلام -
قال : قلت له : المراة الشابة
التي تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها كم عدتها ؟
قال - عليه السلام - : ( ثلاثة
اشهر ) قلت : فانها الحبل بعد ثلاثة اشهر قال : ( عدتها
تسعة اشهر ) قلت : فانها ادعت
الحبل بعد تسعة اشهر فقال : ( انما الحمل تسعة اشهر )
قلت : تتزوج قال - عليه السلام - :
( تحتاط بثلاثة اشهر ) قلت : فانها ادعت بعد ثلاثة اشهر
قال : ( لا ريبة عليها تزوجت ان
شاءت ) ( 3 ) .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 15 .
( 2 ) الوسائل باب 25 من ابواب العدد حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 25 من ابواب العدد حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
وقد استدل بهما السيد في محكى المدارك لهذا القول قال :
والظاهر ان المراد بقوله
الحبل تسعة اشهر ان الغالب فيها ذلك ثم امرها بالاحتياط
ثلاثة اشهر وذلك مجموع
السنة واورد عليه في الحدائق والجواهر بان الثلاثة اشهر
بعد التسعة في الخبرين انما هو
للتعبد لا لاحتمال بقاء الحمل وبعبارة اخرى هي عدة شرعية
نظير عدة من مات
زوجها قبل عشر سنين من مفارقتها وما شاكل .
وايده صاحب الحدائق بموثق سماعة الاتي الدال على انها
تعتد ثلاثة اشهر بعد
مضي السنة اذ لو كان ذلك لتحصيل اقصى الحمل لزم منه كون
اقصاه خمسة عشر
شهرا وهو باطل بالضرورة .
وفيه ان ذلك يتم في صحيح عبد الرحمان لكنه لا يتم في خبر
محمد بن حكيم
فان قوله - عليه السلام - : ( تحتاط ثلاثة اشهر ) بضميمة
قوله - عليه السلام - : ( لا ريبة عليها فيما
بعد مضي السنة ) كالصريح في ان عدم التزويج في الثلاثة
اشهر بعد تسعة اشهر انما
هو لاحتمال الحمل لا للتعبد الشرعي او لغيره من الحكم
وعليه فيتعين حمل قوله : ( انما
الحمل تسعة اشهر ) على انه الاغلب وبه يظهر ما في
الجواهر من دعوى صراحتهما من
ان الاقصى تسعة اشهر .
ومنها : خبر آخر لابن حكيم عن العبد الصالح - عليه
السلام - قال : قلت : المرأة
الشابة التي تحيض مثلها يطلقها زوجها - الى ان قال : -
فانها ارتابت قال : ( عدتها تسعة
اشهر ) قلت : فانها ارتابت بعد تسعة اشهر قال : ( انما
الحمل تسعة اشهر )
قلت : فتتزوج ؟ قال : ( تحتاط بثلاثة اشهر ) قلت : فانها
ارتابت بعد تسعة اشهر قال : ( انما الحمل تسعة اشهر )
قلت : فتتزوج ؟ قال : ( تحتاط بثلاثة اشهر ) قلت : (
فانها ارتابت بعد ثلاثة اشهر قال - عليه
السلام - : ( ليس عليها ريبة تتزوج ) ( 1 )
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب العدد حديث 4 . ( * )
[ . . . ]
ومثله خبره الثالث عن ابي عبد الله او ابي الحسن - عليه
السلام - ( 1 ) والكلام فيهما
استدلالا وايرادا وجوابا ما في سابقهما .
ومنها : خبر ابان عن ابن ابراهيم او ابنه - عليه السلام
- انه قال في
المطلقة : يطلقها زوجها فتقول انا حبلى فتمكث سنة فقال :
( ان جاءت به لاكثر من
سنة لم تصدق ولو ساعة واحدة في دعواها ) ( 2 ) .
وهو بالمفهوم يدل على انه ان جاءت به لسنة او اقل تصدق
فهو كالصريح في ان
اقصى المدة سنة .
ويؤيدها : ما عن المدارك قال : وذكر جدي انه وقع في
زمانه في بعض النساء
تاخر حملهن سنة وحكي لنا في هذا الزمان انه وقع ذلك ايضا
في بعض نساء بلدنا .
وبازاء تلكم النصوص نصوص تدل على ان اقصى الحمل تسعة
اشهر .
منها : خبر محمد بن حكيم قال : سالت ابا الحسن - عليه
السلام - : فقلت : المرأة التي
لا تحيض مثلها ولم تحض كم تعتد ؟ قال : ( ثلاثة اشهر )
قلت فانها ارتابت قال - عليه
السلام - : ( تعتد آخر الاجلين تعتد تسعة اشهر ) قلت :
فانها ارتابت قال - عليه السلام - : ( ليس
عليها ارتياب لان الله عزوجل جعل للحبل وقتا فليس بعده
ارتياب ) ( 3 ) .
لكن الاستدلال به متوقف على عدم ارادة تسعة اشهر بعد
ثلاثة اشهر والا فهو
من ادلة القول الاول وهو محتمل فالخبر مجمل لايصح
الاستدلال به .
ومنها : مرسل ( 4 ) عبد الرحمان بن سيابة عمن حدثه عن
ابي جعفر - عليه السلام - عن
……………………………………………………
( 1 - 2 ) الوسائل باب 25 من ابواب العدد حديث 5 - 3 .
( 3 ) الوسائل باب 4 من ابواب العدد حديث 18 .
( 4 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 3 . ( * )
] ولو غاب او اعتزل اكثر من عشرة اشهر ثم ولدت لم يلحق به
[
غاية الحمل بالولد في بطن امه كم هو فان الناس يقولون :
ربما يبقى في بطنها سنتين ؟
فقال - عليه السلام - : ( كذبوا اقصى مدة الحمل تسعة اشهر
ولا يزيد لحظة ولو زاد ساعة
لقتل امه قبل ان يخرج ) ( 1 ) .
ولكنه مضاف الى ضعف سنده بالارسال ان المسؤول عنه فيه
مدة الحمل بالولد
ومن المعلوم عدم صدق الولد ما دام كونه علقة ومضغة فصدق
الولد يتوقف على مضي
ثلاثة اشهر فاذا كان اقصى مدة الحمل بالولد تسعة اشهر
كان اقصى مدة الحمل من
بدء ما يكون نطفة سنة .
ويؤيد ذلك قوله : ( ولو زاد ساعة لقتل امه قبل ان يخرج
منها ) لانه ان كان المراد
بيان اقصى مدة الحمل المطلق كان هذا مخالفا للوجدان حيث
ان الغالب هو التجاوز
عن التسعة بايام فهذا الخبر ايضا من ادلة القول بالسنة .
ومنها : خبر ابان عن الامام الصادق - عليه السلام - : (
ان مريم حملت بعيسى تسع
ساعات كل ساعة شهرا ) ( 2 ) .
وفيه : انه ليس في مقام بيان الحكم بل في مقام بيان
كيفية حمل مريم .
فالمتحصل مما ذكرناه تطابق النصوص على ان اقصى المدة سنة
.
واما القول بانه عشرة اشهر فلم نقف له على مستند وان حكي
عن جماعة منهم
ابن حمزة ان به رواية .
( و ) كيف كان ف ( لو غاب ) الزوج ( او اعتزل اكثر من عشرة
اشهر ) على القول
بانها اقصى المدة واكثر من السنة على المختار ( ثم ولدت
لم يلحق به ) الولد كما يظهر
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 3 .
( 2 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 7 . ( * )
] والقول قوله في عدم الدخول [
وجهه مما تقدم .
الثانية : لو اختلفا في الدخول اي الوطء الموجب لالحاق الولد
وعدمه فادعته
المراة ليلحق به الولد ( و ) انكر الرجل ف ( القول قوله
في عدم الدخول ) لاصالة عدم
الدخول ولانه من فعله فيقبل قوله فيه هكذا ذكره الاصحاب
ولكن يمكن ان
يقال : انه ان كان ذلك بعد ما خلا بها يقدم قول الزوجة
لظهور الخلوة في الدخول .
والدليل على حجية هذا الظهور وتقدمه على الاصل النصوص (
1 ) الواردة في
تنصيف المهر بالطلاق قبل الدخول الدالة على انه ان خلا
بها يجب عليه تمام المهر
المتقدمة في تلك المسالة وقد عرفت انها محمولة على
الظاهر وارادة ان الخلوة طريق الى
الدخول بل هناك روايات ( 2 ) تدل على انه مع الخلوة لا
يسمع قولهما في عدم الدخول
فمع الخلوة يقدم قولها .
واما بدونها فان كانت المرأة بكرا يرجع الى النساء وينظر
اليها من يوثق به من
النساء فان لم تكن كما دخلت عليه يحكم بالدخول كما دل
على ذلك النص ( 3 ) .
ولو اتفقا على الدخول ولكن الزوج انكر الولادة وادعى
انها جاءت بالولد من
الخارج فالقول قول الزوج لاصالة عدم الولادة .
ولو اتفقا على الدخول وعلى الولادة واختلفا في مضي اقصى
مدة الحمل بان
ادعى الزوج انها جاءت بالولد بعد مضي اكثر من سنة من حين
الدخول وادعت المرأة
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 55 من ابواب المهور .
( 2 ) الوسائل باب 56 من ابواب المهور .
( 3 ) الوسائل باب 57 من ابواب المهور حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
عدم مضي تلك المدة فالظاهر ان القول قول الزوجة لاصالة
عدم زيادة المدة وعدم
مضيها فيدخل المقام بذلك تحت ما دل على الحاق الولد
بالزوج مع اجتماع الشرائط .
ولو اتفقا على الدخول وعلى الولادة واختلفا في مضي اقل
مدة الحمل وادعى
الزوج ولادته لدون ستة اشهر من حين الوطء وادعت الزوجة
مضي اقل المدة فمقتضى
اصالة عدم انقضاء مدة الحمل هو تقديم قول الزوج .
وقد علله الشهيد الثاني في محكى المسالك بوجه آخر وهو ان
مال هذه الدعوى
اي دعوى عدم مضي تلك المدة الى دعوى الدخول فانه اذا قال
: لم تمض ستة اشهر من
حين الوطء فمعناه انه لم يطا قبل هذه المدة وانما وطا في
انتهائها فكما ان قوله يقدم في
عدم الدخول لاصالة عدمه فكذا هنا لاصالة عدم تقدمه
لاشتراكهما في تعليل الاصل
انتهى .
وقد استدل لتقديم قولها بوجوه :
الاول : ما في الجواهر وهو اصالة لحوق الولد بالوطء
المحترم حتى يتبين فساد
ذلك وهي قاعدة اخرى غير قاعدة الولد للفراش ولو لكونها
اخص منها وحينئذ
فمتى تحقق الوطء حكم شرعا بلحوق الولد الا اذا علم العدم
بالوضع لاقل الحمل او
لغير ذلك ففي الفرض تكون المرأة منكرة لموافقة قولها
لهذه القاعدة .
وفيه : ان النصوص المحددة لاقل مدة الحمل تدل على اعتبار
مضي المدة المزبورة
في الالحاق وان بدونه لايلحق الولد فكما انه لو علم
بالوضع لاقل المدة لا مجال
للتمسك بالاصل المزبور كذلك لو شك فيه وجرى استصحاب عدم
المضي وان
شئت قلت : ان الاستصحاب لكونه جاريا في الموضوع يكون
حاكما على تلك القاعدة .
الثاني : ما في الجواهر ايضا وغيرها وهو ان قاعدة ( 1 )
الولد للفراش تدل على
……………………………………………………
( 1 ) راجع ص 262 . ( * )
[ . . . ]
ذلك وهي قاعدة مضروبة لحالة الشك وشيد هذا الوجه المحقق
اليزدي بان هذه
القاعدة في طول القاعدة المستفادة من النصوص المحددة
لاقل مدة الحمل واقصاها
التي هي مضروبة لحال الشك في الفجور ولا نظر لها الى
الشك في المدة وهذه القاعدة
اسست لحالة الشك مطلقا .
قال : ويؤيد ذلك انه لو كانت تلكم النصوص في مقام تقييد
الولد للفراش ولم
تكن قاعدة مستقلة للزم لغوية قاعدة الولد للفراش او
كونها قليل المورد .
اقول : لا اشكال في ان قاعدة الولد للفراش قاعدة مضروبة
في حالة الشك
والاحتمال وعدم احراز كون الولد متكونا من ماء الزوج .
واما النصوص المحددة لاقل مدة الحمل ولاقصاها فانما هي
في مقام بيان حكم
واقعي وان الولد لا يكون في اقل المدة ملحقا ويحرز بها
عدم الالحاق وهي موجبة للعلم
بعدم الالحاق .
واما انه اذا كان الولد بعد مضي اقل المدة وقبل مضي
اقصاها فهل الولد ملحق
بالزوج ام لا ؟ فتلكم النصوص اجنبية عن بيانه ولو تضمن
بعضها لذلك ايضا فهو
امر آخر ويكون مفاده مفاد قاعدة الفراش حينئذ وبهذا يظهر
امران :
1.
ان اصالة عدم
مضي تلك المدة بضميمة تلكم النصوص حاكمة على قاعدة
الفراش لارتفاع موضوعها وهو الشك .
2.
انه يبقى
موارد كثيرة لقاعدة الفراش مع تقييدها بتلكم النصوص فانها في
كل مورد شك في الفجور وكانت الولادة بعد الدخول وقبل مضي
اقصى المدة وبعد
مضي اقلها لما عرفت من ان تلكم النصوص لا نظر لها الى
الالحاق وانما هي في مقام
بيان موارد عدم الالحاق وموارد امكان الالحاق .
[ . . . ]
الثالث : ما عن كشف اللثام من ان العلوق بالولد من فعلها
فيرجع اليها فيه
فيقدم قولها مطلقا .
وفيه : ان العلوق بالولد ليس من فعلها بل من فعل الله
تعالى .
الرابع : ما ذكره سيد الرياض من ان الاصل الذي مع الزوج
معارض باصالة عدم
موجب للحمل لها غير دخوله .
وفيه : انه ان اراد به الاصل الذي ذكره صاحب الجواهر وهو
الوجه الاول فيرد
عليه ما تقدم وان اراد به الاستصحاب فهو لا يثبت كون
الولد من دخوله .
فالمتحصل ان ما ذكرناه من كون القول قول الزوج بيمينه في
هذه الصورة لا
اشكال فيه .
ولو اتفقا على الدخول وعلى مضي اقل المدة وعدم تجاوز
اكثرها فلا اشكال في
لحوق الولد بالزوج وان وطئها واطئ فجورا فضلا عما لو
اختلفا فيه فان الولد للفراش
وللعاهر الحجر نعم فيما اذا وطئها واطئ شبهة كلام قد
تقدم وعرفت ان المتجه حينئذ
القرعة مع مضي اقل المدة منه ايضا وعدم تجاوز الاقصى ولو
اختلفا فيه فالقول قولها
لاصالة عدم الوطء الا مع وجود امارة عليه كالخلوة .
ولو اتفقا على الدخول وعلى عدم حصول الشرط بان اتفقا على
التجاوز عن
اقصى مدته من زمانه فهل يكتفي باتفاقهما على نفي الولد
عنه في انتفائه نظرا الى ان
الفعل لا يعلم الا منهما واقامة البينة على ذلك متعذرة
او متعسرة فلو لم يكتف
باتفاقهما لزم الاضرار بالزوج لعلمه بانتفائه عنه في
الواقع ولا يمكنه نفيه ظاهرا والى ان
الشارع اوجب عليه النفي مع علمه بالانتفاء ولا يمكن ذلك
باللعان في الفرض لتوقفه
على تكاذبهما فلو لم يكتف به في انتفائه عنه لزم لغوية
ايجاب النفي عليه ا . لايكتفي
به نظرا الى تعلق الحق بغيرهما وهو الولد ولا مانع من
انتفائه عنه واقعا وعدم الانتفاء
] ولو اعترف به ثم انكر الولد لم ينتف الا باللعان ولا يجوز
له الحاق ولد
الزنا به [
ظاهرا او لا يلزم من ذلك اضرار به فان الولد بحسب قاعدة
الفراش ملحق به ظاهرا
فله العل فيما بينه وبين الله بما يعلم .
وفي الظاهر بما تقتضيه القاعدة كما لا مانع من عدم قبول
قوله في نفي الولد
وانما اثره عدم ترتيب الاثار التي له بذلك ولا يلزم
اللغوية وجهان اظهر هما الثاني .
ومما ذكرناه يظهر ما في اطلاق ما افاده المصنف - ره -
حيث قال : ( ولو اعترف
به ) اي بالدخول ( ثم انكر الولد لم ينتف الا باللعان )
اللهم الا ان يقال ان مرجع
الضمير هو الولد دون الدخول فمراده انه بعد الاعتراف
بالولد لا اثر لانكاره وهو تام
اجماعا ونصا ( 1 ) .
( و ) الثالثة : كما لا يجوز نفي الولد مع العلم او مع
الشك لاحتمال الفجور بعد
تحقق شروط الالحاق للنصوص المتقدمة جملة منها كذلك ( لا
يجوز له الحاق ولد الزنا
به ) وان تزوج الزانية بعد الحمل لان قاعدة الفراش مختصة
بالمنعقد بالفراش وللعاهر
الحجر .
ويشهد به مضافا الى ذلك : خبر علي بن مهزيار عن محمد بن
الحسن القمي
قال : كتب بعض اصحابنا الى ابي جعفر الثاني - عليه
السلام - معي يساله عن رجل فجر
بامراة فحملت ثم انه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد هو
اشبه خلق الله به فكتب - عليه
السلام - بخطه وخاتمه : ( الولد لغية لا يورث ) ( 2 )
ونحوه غيره .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب ميراث ولد الملاعنة .
( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حديث 2 . ( * )
] ولو تزوجت باخر بعد طلاق الاول واتت بولد لاقل من ستة اشهر
فهو
للاول وان كان لستة اشهر فصاعدا فهو للاخير ولو كان لاقل من
ستة اشهر
من وطء الثاني واكثر من عشرة اشهر من طلاق الاول فليس لهما
[
حكم ما لو جاءت المزوجة بعد الطلاق بولد
الرابعة : ( ولو ) طلق امراته و ( تزوجت باخر بعد طلاق
الاول )
وانقضاء العدة ( واتت بولد لاقل من ستة اشهر ) من وطء
الثاني وكان لاكثر
منها من وطء الاول ( فهو للاول وان كان لستة اشهر فصاعدا
فهو للاخير ولو
كان لاقل من ستة اشهر من وطء الثاني واكثر من عشرة اشهر
) على مبنى المصنف - ره -
من انها اقصى مدة الحمل واكثر من سنة على المختار ( من
طلاق الاول فليس
لهما ) وهذا كله مما لا خلاف فيه وتقتضيه القواعد المتقدمة
مضافا الى النصوص
الخاصة .
كخبر زرارة عن ابي جعفر - عليه السلام - : ( عن الرجل
اذا طلق امراته ثم نكحت
وقد اعتدت ووضعت لخمسة اشهر فهو للاول وان كان ولدا نقص
من ستة اشهر
فلامه ولابيه الاول وان ولدت لستة اشهر فهو للاخير ) ( 1 ) .
ومرسل جميل عن احدهما - عليهما السلام - في المرأة تزوج
في عدتها قال - عليه السلام - :
( يفرق بينهما وتعتد عدة واحدة منهما جميعا فان جاءت بولد
لستة اشهر او اكثر فهو
للاخير وان جاءت بولد لاقل من ستة اشهر فهو للاول ) ( 2
) .
وصحيح الحلبي عن ابي عبد الله - عليه السلام - : ( اذا
كان للرجل منكم الجارية يطاها
فاعتدت ونكحت فان وضعت لخمسة اشهر فانه لمولاها الذي
اعتقها وان وضعت
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 11 .
( 2 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 12 . ( * )
] ولو اعترف بولد امته او المتعة الحق به ولا يقبل نفيه بعد
ذلك ولو وطا
بالشبهة لحق به الولد فان كان لها زوج وظنت خلوها ردت عليه
بعد العدة
من الثاني [
بعد ما تزوجت لستة اشهر فانه لزوجها الاخير ) ( 1 ) .
ونحوها غيرها .
وبذلك يظهر ضعف القول بالقرعة لو كان لاكثر من ستة اشهر
من وطء الثاني
واقل من اقصى المدة من وطء الاول .
الخامسة : ( ولو اعترف بولد امته او المتعة الحق به ولا
يقبل نفيه بعد ذلك ) اجماعا .
ويشهد به نصوص كصحيح الحلبي عن ابي عبد الله - عليه
السلام - في حديث قال :
( وايما رجل اقر بولده ثم انتفى منه فليس له ذلك ولا كرامة
يلحق به ولده اذا كان من
امرأته او وليدته ) ( 2 ) .
وصحيحه الاخر عنه - عليه السلام - : ( اذا اقر رجل بولده
ثم نفاه لزمه ) ( 3 ) .
وخبر السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي - عليه السلام - :
( اذا اقر الرجل بالولد
ساعة لم ينف عنه ابدا ) ( 4 ) . ونحوها غيرها .
السادسة : ( ولو وطا بالشبهة يلحق به الولد فان كان لها
زوج وظنت خلوها ردت
عليه بعد العدة من الثاني ) وقد تقدم الكلام في هذه
المسألة وفروعها حتى الحاق الولد
في الفصل الثاني فيما يحرم بالسبب في مسألة حرمة التزويج
في العدة فراجع .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 6 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حديث 2 .
( 4 ) الوسائل باب 6 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حديث 4 . ( * )
] ويجب عند الولادة استبداد النساء او الزوج بالمراة
[
المقام الثاني : في احكام الولادة اعم من مايستحب ( ويجب
) منها ان الواجب
( عند الولادة استبداد النساء ) دون الرجال ( او الزوج
بالمراة ) بلا خلاف في شئ من
ذلك ولا اشكال فهيهنا فروع :
1.
يجب على
النساء كفائيا الحضور عند الولادة لوجوب حفظ النفس المحترمة
عند تحقق ما يخشى منه تلفها مع عدم الحضور ومنه ما نحن
فيه .
2.
يجب استبداد
النساء ولا يجوز حضور الرجال وعلل بان مثل ذلك يوجب
سماع صوتها غالبا والاطلاع على ما يحرم .
والجواب عن الوجه الاول ما تقدم من عدم حرمة سماع صوت الاجنبية
وايد
ذلك بان حضور الرجال ربما يؤدي الى تلفها وتلف ولدها
باعتبار ما يحصل معها من
الحياء ونحوه وبما دل من نص ( 1 ) وفتوى على قبول شهادة
النساء منفردات بالولادة
والاستهلال ونحوهما .
الظاهر ان ما ذكر اولا : في هذا الزمان مما يضحك الثكلى
بل تفتخر النساء
بحضور الرجال الاجانب وكونهم متصدين لذلك واحد المناصب
المهمة كون الرجل
من القوابل وتعد هذه المطالب في هذا العصر لذلك واحد
المناصب المهمة كون الرجل
من القوابل وتعد هذه المطالب في هذا العصر من الخرافات
اللهم الا ان يقال : ان هذا
في النساء المتبرجات الكاشفات اللاتي قال رسول الله (
صلى الله عليه وآله وسلم ) في حقهن : ( من الدين
خارجات ) ( 2 ) . واما المتدينات وهن كثيرات جدا فهو حق
بل ينبغي ذكره دليلا وشاهدا
لا مؤيدا .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 24 من ابواب الشهادات .
( 2 ) الوسائل باب 7 من ابواب مقدمات النكاح حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
3.
عدم الفرق
بين الرجال الاجانب والمحارم لاستلزام ذلك اطلاع المحارم
ايضا على ما يحرم عليهم .
4.
مع فرض عدم
من يقوم بحاجتها من النساء يجب على الرجال لان وجوب
حفظ النفس المحترمة اهم من المحرمات فعند التزاحم يسقط كل
محرم ولذا
قالوا : المحظورات تباح عند الضرورات .
وهل يقدم المحارم على الاجانب كما صرح به بعضهم ام لا ؟
كما في الجواهر
وجهان اظهرهما الاول فان تصدي المحارم مستلزم لكون ما
يرتكب من المحرمات
اقل مثلا لمس سائر مواضع البدن غير العورة والنظر اليها
لايكون محرما عليهم وهي
محرمة على الاجانب فكل ما امكن تقليل ارتكاب المحرمات
تعين .
وعليه فلا باس بما قاله بعضهم : من وجوب جعل الاجنبي
محرما مع الامكان
فانه بذلك يقلل المحظورات .
5.
لا بأس
بالزوج وان وجد النساء لعدم حرمة شئ عليه بل يحل له النظر الى
العورة ولا يجوز ذلك للنساء الا عند الضرورة .
وعلى ذلك فقد يقال : انه مع تمكنه من الحضور وعدم ترتب
محذور عليه لا يجوز
للنساء ذلك .
ثم ان في المقام رواية وهي رواية جابر عن ابي جعفر -
عليه السلام - : ( كان علي بن
الحسين - عليه السلام - اذا حضرت ولادة امرأة قال :
اخرجوا من في البيت من النساء لاتكون
المرأة اول ناظر الى عورة ) ( 1 ) .
وفي الجواهر وهو حكم غريب ومخالف للسيرة والفتاوى وغيرها
من النصوص .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 . ( * )
] ويستحب غسل المولود والاذان في اذنه اليمنى والاقامة في
اليسرى [
اقول : الظاهر من الامر بجماعة باخراج النساء ارادة
اللاتي لاتكون متصديات
لامر ولا بأس بذلك استحبابا والله العالم .
( و ) منها : انه ( يستحب ) عند الولادة امور ( غسل
المولود ) - بضم الغين - وقد
تقدم الكلام في الدليل على استحبابه ووقته واعتبار
الترتيب فيه وعدمه وضعف
القول بوجوبه في مبحث الاغسال من كتاب الطهارة .
( والاذان في اذنه اليمنى والاقامة في اليسرى ) ويشهد به
جملة من النصوص :
كقوي السكوني عن ابي عبد الله - عليه السلام - :
( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من ولد له
مولود فليؤذن في اذنه اليمنى باذان الصلاة وليقم
في اذنه اليسرى فانها عصمة من الشيطان الرجيم ) ( 1 ) .
ومرسل الصدوق : قال الصادق - عليه السلام - : ( المولود
اذا ولد يؤذن في اذنه اليمنى
ويقام في اليسرى ) ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .
ولا يعارضها خبر حفص الكناسي عن ابي عبد الله - عليه
السلام - : ( مروا القابلة او
بعض من يليه ان يقيم الصلاة في اذنه اليمنى فلا يصيبه
لمم ولا تابعة ابدا ) ( 3 ) .
لامكان البناء على كونه مستحبا آخر وربما يقال : ان محل
ذلك قبل قطع السرة
لخبر الرازي عن الامام الصادق - عليه السلام - : ( خذ
عدسة جاوشير فديفه بالماء ثم قطر في
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 35 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 46 من الاذان حديث 2 كتاب الصلاة .
( 3 ) الوسائل باب 35 من ابواب احكام الاولاد حديث 3 . ( * )
] وتحنيكه بتربة الحسين - عليه السلام - وبماء الفرات
وتسميته باسم احد الانبياء او
الائمة - عليهم السلام –
[
انفه في المنخر الايمن قطرتين وفي الايسر قطرة واذن في
اذنه اليمنى واقم في اليسري
تفعل به ذلك قبل ان تقطع سرته فانه لا يفزع ابدا ) ( 1 )
الحديث .
ولكن ذلك لا مفهوم له كي يقيد به اطلاق النصوص الاخر
ويعارض به ما
تضمن ( 3 ) فعل المعصومين - عليهم السلام - بعد قطع
السرة بل في السابع ايضا فالكل
حسن .
( وتحنيكه بتربة الحسين - عليه السلام - ) للنصوص ( 3 ) (
وبماء الفرات ) الذي هو النهر
المعروف للاخبار ( 4 ) ايضا فان لم يوجد ماء الفرات
فبماء السماء كما في مرسل الكليني ( 5 ) .
قالوا والمراد بالتحنيك ادخال ذلك الى حنكه وهو اعلى داخل الفم وقيل يكفي
الدلك بكل من الحنكين للعموم وان كان المتبادر دلك
الاعلى .
( وتسميته باسم احد الانبياء او الائمة - عليهم السلام - )
او ما يتضمن العبودية لله
سبحانه كعبد الله وعبد الرحمان وسائر الاسماء المستحسنة .
كما يشهد بذلك كله نصوص ( 5 ) مستفيضة واصدق الاسماء ما
سمي بالعبودية
وافضلها اسماء الانبياء كما في النص ( 6 ) .
( و ) ان يكنيه ب ( الكنية ) والمراد بها ما صدر باب وام
مخافة النبز وهو لقب
السوء قال الامام الباقر - عليه السلام - في خبر معمر بن
خيثم :
( انا لنكني اولادنا في صغرهم مخافة النبز ان يلحق بهم ) (
7 ) .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 35 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 .
( 2 - 3 - 4 - 5 ) الوسائل باب 36 من ابواب احكام الاولاد .
( 5 - 6 ) الوسائل باب 22 - 23 - 24 - 25 - 26 من ابواب احكام
الاولاد
( 7 ) الوسائل باب 27 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 . ( * )
] والكنية ولايكنى محمدا بابي القاسم وحلق راسه يوم السابع
والعقيقة بعده [
وفي خبر السكوني عن الامام الصادق - عليه السلام - : (
من السنة والبر ان يكنى
الرجل باسم ابنه ) ( 1 ) .
ويستثنى من ذلك ما ذكره المصنف بقوله ( ولا يكنى محمدا بابي القاسم ) اي
لايجمع بين التسمية بمحمد والتكنية بابي القاسم لخبر
السكوني عن ابي عبد الله - عليه
السلام - : ( ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن
اربع كنى عن ابي عيسى وعن
ابي الحكم
وعن ابي مالك وعن ابي القاسم اذا كان الاسم محمدا ) ( 2 ) .
والظاهر رجوع القيد الى الاخير واما الثلاثة فتكره مطلقا
ثم ان الظاهر التسالم
على حمل النهي على الكراهة .
( وحلق راسه يوم السابع ) ففي خبر ابي بصير عن الامام
الصادق - عليه السلام - : ( في
المولود يسمى في اليوم السابع ويعق عنه ويحلق راسه
ويتصدق بوزن شعره فضة ويبعث
الى القابلة بالرجل مع الورك ويطعم منه ويتصدق ) ( 3 )
وفي خبره الاخر : ( اذا ولد لك غلام او جارية فعق عنه يوم
السابع شاة او جزورا
وكل واطعم وسم واحلق راسه يوم السابع وتصدق بوزن شعره
ذهبا او فضة واعط
القابلة طائفة من ذلك فاي ذلك فعلت اجزاك ) ( 4 ) .
ونحوهما غيرهما .
( و ) بها يظهر استحباب ( العقيقة ) وسياتي الكلام فيها
وقالوا : ينبغي ان تكون
العقيقة ( بعده ) اي بعد الحلق .
واستدل له في محكي الروضة قال : فقال اسحاق بن عمار
للصادق - عليه السلام - : باي
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 27 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 29 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 4 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام الاولاد حديث 7 . ( * )
] والتصدق بوزنه ذهبا او فضة وثقب اذنه وختانه فيه
[
ذلك يبدا ؟ قال - عليه السلام - : ( يحلق راسه ويعق عنه
ويتصدق بوزن شعره فضة يكون
ذلك في مكان واحد ) ( 1 )
وفيه نظر والامر سهل .
( و ) اما ( التصدق بوزنه ) اي وزن شعره ( ذهبا او فضة )
فقد مر ما يدل عليه .
( وثقب اذنه ) باجماعنا كما في الرياض والنصوص ( 2 )
المستفيضة شاهدة به .
ومقتضى اطلاق جملة منها الاكتفاء بثقب اذن واحدة ولكن
بعضها يدل على
استحباب ثقب الاذنين كالخبرين ( 3 ) الواردين في ثقب
اذني الحسنين - عليهما السلام - ولا يحمل
المطلق منها على المقيد فالكل حسن .
( وختانه فيه ) اي في اليوم السابع بلا خلاف في استحبابه
وفي الجواهر بل
الاجماع بقسميه عليه والنصوص ( 4 ) به مستفيضة او
متواترة ولا خلاف ايضا في انه لو
اخر عنه جاز وقد صرح به في صحيح ابن يقطين ( 5 ) وغيره
انما الخلاف في انه هل يجب على الولي الختان قبل ان يبلغ
الصبي بحيث يكون
ختانه في يوم السابع الى حين البلوغ من الواجب الموسع
وافضل الافراد الختان يوم
السابع كما عن المصنف في التحرير واستظهره الشهيد الثاني
من عبارة الشرائع ام
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام الاولاد حديث 9 .
( 2 - 3 ) الوسائل باب 51 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 - 4 .
( 4 ) الوسائل باب 52 من ابواب احكام الاولاد .
( 5 ) الوسائل باب 54 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
لايجب عليه كما هو المشهور بين الاصحاب .
واستدل للاول : بالنصوص الامرة للولي بان يختتنه واجاب عنه السيد في محكى
المدارك بالتصريح في صحيح علي بن يقطين بانه لاباس
بالتاخير .
واورد عليه في الحدائق : بان الظاهر من الصحيحة المذكورة
انما هو انه لا باس
بالتاخير عن السابع بمعنى انه لا يتحتم عليه فعله وجوبا
او استحبابا في يوم السابع
بل يجوز التاخير عنه والقائل بالوجوب انما اراد به
الوجوب الموسع الى ما قبل البلوغ
فلا تكون الرواية منافية له .
وفيه : ان النصوص المتضمنة لامر الولي بذلك متضمنة لامره
به يوم السابع
كقوي السكوني عن ابي عبد الله - عليه السلام - : ( قال
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
طهروا
اولادكم يوم السابع انه اطيب واطهر واسرع لنبات اللحم ) الحديث ( 1 ) . ونحوه غيره .
وعليه فصحيح علي بن يقطين عن ابي الحسن - عليه السلام -
عن ختان الصبي
لسبعة ايام من السنة هو او يؤخر فايهما افضل ؟ قال : (
لسبعة ايام من السنة وان اخر
فلا باس ) ( 2 ) .
يصلح شاهدا لحمل تلك الاوامر على الاستحباب .
اللهم الا ان يقال : ان ظاهر تلك النصوص وجوب الاختتان
على الولي وغاية ما
يدل عليه الصحيح ان للولي ان يؤخر عن يوم السابع ولا يدل
على جواز تركه بالمرة الى
ان يبلغ وبهذا المقدار يرفع اليد عن ظهور تلكم النصوص
فلا وجه لرفع اليد عن
ظهورها في الوجوب راسا .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 52 من ابواب احكام الاولاد حديث 4 .
( 2 ) الوسائل باب 54 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
وقد استدل صاحب الحدائق على الاستحباب : بالاخبار الدالة
على انه من
السنن كصحيح عبد الله بن سنان عن الامام الصادق - عليه
السلام - : ( ختان الغلام من
السنة وخفض الجارية ليس من السنة ) ( 1 ) . ونحوه غيره .
وفيه : ان السنة تطلق على معنيين : على المستحب وعلى ما
ثبت وجوبه بغير
الكتاب والمراد بها في هذه النصوص الثاني لوجهين :
احدهما : قوله ( وخفض الجارية ليس من السنة ) فانه بعد
معلومية استحبابه كما
سياتي يكون المراد نفي الوجوب مع انه صرح به في خبر مسعدة
بن صدقة عن الامام
الصادق - عليه السلام - : ( خفض النساء مكرمة وليس من
السنة ولا شيئا واجبا واي شئ
افضل من المكرمة ) ( 2 ) . فيدل ذلك على ارادة الواجب من
السنة .
الثاني : التصريح بانه سنة واجبة في خبر الفضل بن شاذان
عن الامام الرضا - عليه
السلام - انه كتب الى المامون : ( والختان سنة واجبة
للرجال ومكرمة للنساء ) ( 3 ) .
وعلى ذلك فهذه النصوص تدل على وجوب الختان لا على
استحبابه فان قيل :
ان غاية ما يدل عليه كون الختان من الواجبات وهذا مما لا
كلام فيه ان لم يختن الغلام الى
ان بلغ فانه يجب عليه الختان كما سياتي وهذا لا يدل على
وجوبه على الولي .
قلت : ان ظاهر صحيح ابن سنان المتقدم وجوب ختان الغلام
وهو من لم يبلغ
وحيث انه لايجب على نفسه فيكون واجبا على الولي .
ويشهد لوجوبه عليه مضافا الى ذلك : التوقيع الشريف واما
ما سالت عنه من
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 56 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 56 من ابواب احكام الاولاد حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 52 من ابواب احكام الاولاد حديث 9 . ( * )
] ويجب بعد البلوغ [
امر المولود الذي نبت غلفته بعدما يختتن هل يختتن مرة
اخرى :
( فانه يجب ان تقطع غلفته ) الحديث ( 1 ) .
فتحصل مما ذكرناه ان مقتضى النصوص وجوبه على الولي ولا
قرينة لحملها على
الاستحباب سوى تسالم الاصحاب عليه ثم ان من يجب عليه ذلك
هو خصوص الاب
والجد لانهما المتيقن ارادتهما من النصوص والمورد لجملة
منها فلا يجب على غيرهما
قطعا .
ثم لاخلاف ( و ) لا اشكال في انه لو بلغ الصبي ولم يختتن
( يجب ) ان يختتن نفسه
( بعد البلوغ ) وفي الجواهر بل الاجماع بقسميه عليه بل عد
وجوب الختان من
ضروريات المذهب والدين .
ويشهد به مضافا الى ما تقدم من النصوص المتضمنة ان
الختان من السنة او من
السنة الواجبة : قوي السكوني عن ابي عبد الله - عليه
السلام - : ( قال امير المؤمنين - عليه السلام - :
اذا اسلم ارجل اختتن ولو بلغ ثمانين سنة ) ( 2 ) .
وخبر يعقوب ابن جعفر عن ابي ابراهيم - عليه السلام - في
حديث طويل : ( ان رجلا
من الرهبان اسلم على يده - الى ان قال - وقال : اختتن )
( 3 ) .
ولا قائل بالفصل ومن الغريب ما في الحدائق من عدم الدليل
على وجوبه عليه
سوى الاجماع المدعى .
وهل يجب ختان الخنثى المشكل ام لاوجهان : قال : الشهيد
الثاني في وجوبه
وتوقف صحة صلاته عليه وجهان : من الشك في ذكوريته التي
هي مناط الوجوب
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 57 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 55 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 55 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 . ( * )
] وخفض الجواري مستحب [
معتضدا باصالة البراءة : ومن توقف حصول اليقين بصحة
صلاته عليه وتناول قوله
( اختتنوا اولادكم يوم السابع ) خرج الانثى منه خاصة فيبقى
الباقى .
واورد عليه صاحب الجواهر بان عنوان الوجوب الذكر .
اقول : جملة من النصوص وان اشتملت عليه الا ان جملة منها
مطلقة ولا يحمل
المطلق على المقيد في المثبتين فالخارج هو الانثى وعليه .
فان قلنا : بان الخنثى حقيقة ثالثة فما افاده الشهيد لا
اشكال فيه .
وان قلنا : بانها اما ذكر او انثى فيمكن ان يوجه كلامه
بانها باستصحاب عدم
الانوثية الازلي تدخل في النصوص ولا يعارضه اصالة عدم
الذكورية لعدم كونها موضوع
الحكم فما افاده متين لا ايراد عليه نعم ما ذكره من توقف
صحة صلاته عليه غير تام
لما ذكر في محله من عدم توقف صحة الصلاة على الختان حتى
في الذكر فضلا عن
الخنثى هذا كله في الذكر .
( و ) اما الختان في الاناث المعبر عنه في كلام الاصحاب ب
( خفض الجواري ) ف
( مستحب ) بلا خلاف والنصوص المتقدمة شاهدة به وبعدم
الوجوب لا عليهن ولا
على اوليائهن ووقته فيهن لسبع سنين ففي خبر وهب عن جعفر
بن محمد عن ابيه - عليه
السلام - عن الامام علي - عليه السلام - : ( لا تخفض
الجارية حتى تبلغ سبع سنين ) ( 1 ) .
ويبنبغي عدم الاستيصال فيه لصحيح ابن مسلم عن ابي عبد
الله - عليه السلام - عن
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لام حبيب : ( اذا انت فعلت فلا تنهكي و
لا تستاصلي واشمي فانه اشرق للوجه واخطي عند الزوج ) ( 2
) . ونحوه غيره .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يكتسب به من كتاب
التجارة حديث 3 .
( 2 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يكتسب به حديث 2 . ( * )
] ويستحب له ان يعق عن الذكر بذكر وعن الانثى بانثى
[
( و ) اما العقيقة والمراد بها في المقام الذبيحة التي
تذبح للمولود فالمشهور بين
الاصحاب انه ( يستحب له ان يعق عن الذكر بذكر وعن الانثى
بانثى ) وعن الخلاف
اجماع الفرقة واخبارهم عليه .
ويشهد به خبر محمد بن مارد عن ابي عبد الله - عليه
السلام - قال : سالته عن العقيقة
فقال - عليه السلام - : ( شاة او بقرة او بدنة ثم يسمى -
الى ان قال : - ان كان ذكرا عق عنه ذكرا
وان كان انثى عق عنه بانثى ) ( 1 ) .
وخبر يونس عن رجل عن ابي جعفر - عليه السلام - انه قال :
( اذا كان يوم السابع
وقد ولد لاحدكم غلام او جارية فليعق عنه كبشا عن الذكر
ذكرا وعن الانثى مثل
ذلك عقوا عنه ) ( 2 ) . فتامل .
ولكن في اكثر النصوص التسوية ففي صحيح منصور بن حازم عن
الامام
الصادق - عليه السلام - : ( العقيقة في الغلام والجارية
سواء ) ( 3 ) ونحوه غيره .
ولعل الجمع بين النصوص يقتضي حمل نصوص التسوية على ارادة
ثبوت اصل
الاستحباب او هو مع الخصوصيات المعتبرة فيها سوى
الانوثية والذكورية كما ان
الجمع بينها وبين النصوص الدالة على انه يجزي فيها كل شئ
كخبر منهال ( 4 ) وغيره
يقتضي حملها على ارادة الافضلية .
……………………………………………………
( 1 ) ذكر صدره في الوسائل باب 44 من ابواب احكام
الاولاد
حديث 13
وذيله فيها باب 42 حديث 7 .
( 2 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام الاولاد حديث 11 .
( 3 ) الوسائل باب 42 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 4 ) الوسائل باب 45 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
وبالجملة فلا خلاف في رجحانها في الجملة انما الكلام في
انها هل تكون
واجبة كما عن الاسكافي والسيد المرتضى بل عن الثاني دعوى
الاجماع عليه ومال اليه
المحدث الكاشاني ام هي مستحبة ؟ كما هو المشهور بين
الاصحاب وعن الخلاف
دعوى الاجماع عليه .
واستدل للاول بطوائف من النصوص : منها النصوص ( 1 )
الامرة بها وهي كثيرة
تقدمت جملة منها .
ومنها النصوص المتضمنة انها واجبة كصحيح ابي بصير ( 2 )
وموثقه ( 3 ) وخبر
علي بن حمزة ( 4 ) وخبر علي ( 5 ) .
ومنها النصوص المتضمنة ان المرء مرتهن بعقيقته كموثق
الساباطي ( 6 ) وغيره
بتقريب انها تدل على ان العقيقة حق واجب وفي عنق المولود
وهو مقيد به لاينفك عنه
الا بالاداء .
ويؤيده : ما في خبر عمر بن ابي عبد الله - عليه السلام -
: ( كل امرئ مرتهن
يوم القيامة بعقيقته ) ( 7 )
واورد على الاستدلال بها في الحدائق والجواهر وغيرهما
تارة : بعد العقيقة في
سياق الامور المتفق على استحبابها في الاخبار .
واخرى : بجعل العقيقة في خبر عمر بن يزيد اوجب من
الاضحية التي هي
مستحبة اتفاقا .
وثالثة : بان جملة من النصوص تدل على اجزاء الاضحية عنها
اذا لم يعق عنه اذ لو
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام الاولاد .
( 2 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام الاولاد حديث 10 .
( 3 - 4 - 5 - 6 - 7 ) الوسائل باب 38 من ابواب احكام الاولاد حديث 4 - 5 - 3 -
7 - 1 . ( * )
[ . . . ]
كانت واجبة لما كان يعقل اجزاء الاضحية المستحبة عنها اذ
لا نظير له في الاحكام
الشرعية .
ورابعة : بالتساهل في امرها وانه يجزي كل شئ .
وخامسة : بان الوجوب في الاخبار من الالفاظ المتشابهة .
وكل كما ترى اذ ذكر شئ في سياق جملة من الامور التي تدل
دليل آخر على
استحبابها لايوجب حمل الامر على الاستحباب بناء على ما
هو الحق من خروج
الوجوب والاستحباب عن حريم المستعمل فيه وان الوجوب
ينتزع من عدم الترخيص
في ترك المامور به والاستحباب من الترخيص فيه وجعلها
اوجب من الاضحية اي اشد
ثبوتا من الاضحية يلائم مع كونها مستحبة اكيدة او واجبة
واجزاء الاضحية المستحبة
لايستلزم استحبابها اذ كم لاجزاء المستحب عن الواجب من
نظير في الفقه كاجزاء
الغسل المستحبى عن الوضوء الواجب واجزاء صلاة الجمعة على
القول باستحبابها
عن صلاة الظهر واجزاء غسل الجمعة وغيره من الاغسال
المستحبة عن الاغسال
الواجبة الى غير تلكم من الموارد .
والتساهل في الخصوصيات المعتبرة فيها غير لاتساهل في اصل
العقيقة وكون
الوجوب من الالفاظ المشتبهة في الاخبار على الاستحباب
ثانيا بل هي تبين اجمال هذه .
ويمكن ان يستدل على الاستحباب بان المستفاد من النصوص (
1 ) الدالة على
اجزاء الاضحية عن العقيقة اذا لم يعق عنه .
وما دل ( 2 ) على انه يعق الانسان عن نفسه اذا لم يعق
عنه ابوه هو بقاء
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 65 من ابواب احكام الاولاد .
( 2 ) الوسائل باب 39 من ابواب احكام الاولاد . ( * )
[ . . . ]
الامر بالعقيقة والتكليف المتعلق بها اياما كان الى ما
بعد اليوم السابع من الولادة
فاذا انضم الى ذلك ما دل على انه لا عقيقة بعد يوم
السابع كخبر ذريح المحاربي عن
ابي عبد الله - عليه السلام - في العقيقة قال : ( اذا
جازت سبعة ايام فلا عقيقة له ) ( 1 ) .
وخبر علي بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - : ( انما
الحلق والعقيقة والاسم في اليوم
السابع ) ( 2 ) .
يستفاد استحباب العقيقة اذ لو كانت واجبة لما كان لنفيه
وجه ولو كان
الواجب خصوص يوم السابع فبمضيه يسقط ذلك الامر فلا معنى
الاجزاء الاضحية
عنه فان الاجزاء انما يستعمل فيما كان الامر باقيا ومع
سقوطه بالعصيان وكون الباقي
امرا آخر غير ذلك الامر لامعنى للاجزاء .
فان قيل : ان غاية ما يدل عليه نصوص الاجزاء هو اجزاء
الاضحية عن العقيقة
ولا تدل على اجزائها عن العقيقة الواجبة فلعلها مجزية عن
العقيقة المستحبة وهي ما
بعد يوم السابع .
قلنا : ان ظاهر قوله فقد اجزا عنه عقيقة كما في موثق
سماعة ( 3 ) او اجزئه ذلك عن
عقيقته كما في مرسل المقنع ( 4 ) ان ذلك يجزي عن العقيقة
التي امر بها في الشرع وعليه
فالاظهر هو الاستحباب ويؤيده تسالم الاصحاب عليه الا
نادر ولعله يؤيده بعض ما
تقدم فلا اشكال في الاستحباب .
ثم انه على القول بالوجوب لا اشكال في اختصاصه بالموسر
واما المعسر
فلا يجب عليه قطعا لموثق الساباطي عن الامام الصادق -
عليه السلام - : ( العقيقة لازمة لمن
كان غنيا ومن كان فقيرا اذا ايسر فعل فان لم يقدر على
ذلك فليس عليه
……………………………………………………
( 1 - 2 ) الوسائل باب 60 من ابواب احكام الاولاد حديث 2
- 3 .
( 3 - 4 ) الوسائل باب 65 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 - 3 . ( * )
] بصفات الاضحية ولا ياكل الابوان منها [
شئ ) ( 1 ) . ونحوه خبره الاخر ( 2 ) وخبر اسحاق ( 3 ) .
( و ) يستحب ان تكون هي اي العقيقة ( بصفات الاضحية ) من
كونها سليمة عن
العيوب سمينة لموثق عمار عن ابي عبد الله - عليه السلام
- في حديث :
( ويذبح عنه كبش وان لم يوجد كبش اجزاء عنه ما يجزي في
الاضحية والا
فحمل اعظم ما يكون من حملان السنة وتعطى القابلة ربعها
وان لم تكن قابلة فالامه
تعطيها من شاءت وتطعم منه عشرة من المسلمين فان زادوا
فهو افضل وياكل منه ) ( 4 ) .
وقد تقدمت النصوص الدالة على اجزاء الاضحية عنها ولا
ينافي ذلك ما في
خبر منهال : انما هي شاة لحم ليست بمنزلة الاضحية يجزي
منها كل شئ ( 5 ) .
وما في خبر المرازم : العقيقة ليست بمنزلة الهدي خيرها
اسمنها ( 6 ) .
فان الجمع بين النصوص يقتضي البناء على استحباب كونها
واجدة لصفات
الاضحية غاية الامر يجزي غيرها وانه لا يكون متاكدا
تاكده في الاضحية .
فالمتحصل من النصوص ان الاولى ان تكون كبشا والا فالواجد
لصفات
الاضحية والا فحمل اعظم ما يكون من حملان السنة والمجزي
كل ما يصدق عليه انه
شاة وبقرة او بدنة .
( ولا ياكل الابوان منها ) استحبابا اي يكره اكلهما بل حكي
قول بعدم الجواز
والنصوص فيه مختلفة .
منها ما تضمن النهي عن اكلهما بل وغيرهم من الاهل
والعيال كخبر ابي خديجة
……………………………………………………
( 1 - 2 - 3 ) الوسائل باب 43 من ابواب احكام الاولاد
حديث 1 - 3 - 2 .
( 4 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام الاولاد حديث 4 .
( 5 - 6 ) الوسائل باب 5 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 - 2 ( * )
] ولا يكسر شئ من عظامها [
عن الامام الصادق - عليه السلام - : ( لا ياكل هو ولا
احد من عياله من العقيقة )
قال : ( وللقابلة ثلث العقيقة وان كانت القابلة ام الرجل
او في عياله فليس لها منها
شئ وتجعل اعضاء ثم يطبخها ويقسمها ولا يعطيها الا اهل
الولاية ) وقال : ( ياكل من
العقيقة كل احد الا الام ) ( 1 ) .
وما في ذيل الخبر يوجب حمل الصدر على الكراهة .
ومنها ما تضمن النهي عن اكل الام خاصة كحسن الكاهلي عن
الامام الصادق
- عليه السلام - في العقيقة قال : ( لا تطعم الام منه شيئا
) ( 2 ) . ونحوه مرسل ابن مسكان ( 3 ) .
ومنها ما تضمن اكل الاب منها كخبر ابي بصير عنه - عليه
السلام - : ( اذا ولد لك
غلام او جارية فعق عنه يوم السابع شاة او جزورا وكل منها
واطعم ) ( 4 ) . ونحوه خبره
الاخر .
ومنها ما يدل على جواز اكل العيال منها جميعا كخبر يحيى
بن ابي العلاء عن ابي
عبد الله - عليه السلام - قال : ( سمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسنا
وحسينا يوم سابعهما وعق عنهما شاة
شاة وبعثوا برجل شاة الى القابلة ونظروا ما غيره فاكلوا
منه واهدوا الى الجيران وحلقت
فاطمة رؤوسهما وتصدقت بوزن شعرهما فضة ) ( 5 ) .
والجمع بين النصوص يقتضي البناء على كراهة اكل العيال
وشدة كراهة اكل
الابوين خصوصا الام فان الكراهة في اكلها اشد .
( ولا يكسر شئ من عظامها ) للنهي عنه في جملة من النصوص
كخبر الكاهلي
عن الامام الصادق - عليه السلام - : ( العقيقة يوم
السابع وتعطى القابلة الرجل مع الورك
……………………………………………………
( 1 - 2 - 3 ) الوسائل باب
47 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 - 2 - 3 .
( 4 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام الاولاد حديث 7 .
( 5 ) الوسائل باب 50 من ابواب احكام الاولاد حديث 4 . ( * )
] وافضل المراضع الام [
ولا يكسر العظم ) ( 1 ) . ونحوه غيره .
المحمولة على الكراهة للتصريح في موثق الساباطي بجواز
الكسر قال : سئل ابو
عبد الله - عليه السلام - عن العقيقة اذا اذبحت يكسر
عظمها ؟ قال - عليه السلام - : ( نعم
يكسر عظمها ويقطع لحمها ويصنع بها بعد الذبح ما شئت ) (
2 ) .
واما ما اشتهر بين العوام من استحباب لف العظام بخرقة
بيضاء ودفنها فلم
اقف ولا وقف غيري على ما يدل عليه من النصوص وفتاوى
الاصحاب .
ثم ان النصوص مختلفة في تفريق مقدار من العقيقة ففي
بعضها انها تطبخ بماء
وملح ويدعى عليها رهط من المسلمين ويأكلون ( 3 ) وفي
بعضها انه يدعى عشرة من
المسلمين ( 4 ) وفي بعضها كالخبر المتقدم تفريق اللحم من
غير طبخ والكل حسن .
ثم انه لا اشكال في استحباب ان يعطى جزءا منها للقابلة
والروايات في ذلك
مستفيضة وقد تقدمت الا انها مختلفة في تعيين ما تعطى ففي
خبر ابي خديجة المتقدم
ثلث العقيقة وفي موثق عمار : ربعها وفي خبر ابن ابي
العلاء المتقدم : بعث رسول الله
( صلى الله عليه وآله وسلم ) برجل شاة الى القابلة وفي خبر
حفص : الرجل مع الورك ( 5 ) .
وان لم تكن قابلة تعطى الام تتصدق بها من شاءت كما في
خبر عمار .
المقام الثالث : في الرضاع ( و ) فيه مسائل :
الاولى : ( افضل المراضع الام ) لخبر طلحة بن زيد عن ابي
عبد الله - عليه السلام - قال
امير المؤمنين - عليه السلام - :
……………………………………………………
( 1 - 2 - 3 - 4 - 5 ) الوسائل باب 44 من ابواب احكام
الاولاد
حديث 5 - 17 - 16 - 15 - 12 . ( * )
] وللحرة الاجرة على الاب ومع موته من مال الرضيع ]
( ما من لبن يرضع به الصبي اعظم عليه بركة من لبن امه ) (
1 ) .
الثانية : لا خلاف ( و ) لا اشكال في الجملة في ان (
للحرة الاجرة على الاب ومع
موته من مال الرضيع ) وتفصيل القول بالبحث في فروع :
1.
اذا وجب على
الام الرضاع هل تستحق اجرة عليه من الاب او من الولد ان
كان له مال امالا ؟ قولان ذهب الاكثر الى الاول والمقداد
في كنز العرفان على ما حكي
قطع بالثاني .
واستدل له : بانه واجب ولا يجوز اخذ الاجرة على الواجب .
وفيه : ان الاظهر جواز اخذ الاجرة على الواجب كما حققناه
في الجزء الرابع عشر
من هذا الشرح .
ويشهد للاول : مضافا الى انها مالكة لللبن فلها ان تاخذ
اجرته اما من الاب
لوجوب نفقة الصبي عليه او من الابن ان كان له مال : الآية
الشريفة : ( فان ارضعن
لكم فاتوهن اجورهن ) ( 2 ) .
واختصاصها بالمطلقة لايضر بما هو مورد الاستدلال : وجملة
من النصوص
كصحيح عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله - عليه السلام -
في رجل مات وترك امراة ومعها
منه ولد فالقته على خادم لها فارضعته ثم جاءت تطلب رضاع
الغلام من الوصي فقال
- عليه السلام - : ( لها اجر مثلها وليس للوصي ان يخرجه من
حجرها حتى يدرك ويدفع اليه
ماله ) ( 3 ) .
وصحيح ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن ابن يعفور عنه -
عليه السلام -
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 68 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 .
( 2 ) الطلاق آية 6 .
( 3 ) الوسائل باب 71 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
( قضى امير المؤمنين - عليه السلام - في رجل توفي وترك
صبيا فاسترضع له قال
- عليه
السلام - : اجر رضاع الصبي مما يرث من ابيه وامه ) ( 1 ) ونحوهما غيرهما .
ثم انه لا اشكال في ان الاب ان كان موسرا فالاجرة عليه
لانها من النفقة الواجبة
كما لا اشكال في انه مع عدم الاب تكون الاجرة على الابن
ومن ماله انما الكلام فيما اذا
كان الاب معسرا او كان الولد موسرا فقد يقال : ان ظاهر
اطلاق الفتاوي كون الاجرة
عليه .
واستدل له : باطلاق الآية المتقدمة وبقوله تعالى : (
وعلى المولود له رزقهن ) ( 2 )
ولكن الايتين انما هما على حال الانفاق والمعلوم عدم
وجوبه على الاب في الصورتين
فالاظهر في الصورتين ان الاجرة من مال الابن .
2.
لا خلاف ولا
اشكال في جواز استئجار الاب للام للرضاع اذا كان مطلقة
بائنة انما الخلاف فيما لو كانت زوجة فالمشهور بين
الاصحاب الجواز وعن الشيخ في
المبسوط المنع من استئجارها له وكذا منع من استئجارها
لخدمته او خدمة غيره
وارضاع ولد غيره .
والاول اظهر للعمومات والمطلقات الدالة على جواز الاجارة .
واستدل للثاني : بانه يعتبر في صحة الاجارة القدرة على
التسليم وهي لاتقدر
باعتبار ملك الزوج للاستمتاع بها .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 71 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 .
( 2 ) البقرة آية 233 . ( * )
] ولا تجبر على ارضاعه وتجبر الامة [
وفيه : اولا : ان استئجار الزوج نفسه اياها اسقاط لحقه
من الاستمتاع في الاوقات
التي لا يمكن مع الارضاع .
وثانيا : ان القدرة على التسليم المعتبرة في صحة الاجارة
هي القدرة التكوينية لا
الشرعية فغاية ما يلزم انها بارضاع الولد اذا فوتت حق
الزوج واراد الزوج الاستمتاع بها
ولم تسلم نفسها تكون عاصية وآثمة ولاوجه لبطلان الاجارة
بعد كون اللبن مملوكا لها
وتسلمه خارجا .
وبالجملة الزوج مالك لمنفعة الاستمتاع خاصة ولا يكون
مالكا لغيره من
منافعها فلا مانع من الاستئجار لغيرها .
3.
للام اخذ
الاجرة من الاب او الابن على التفصيل المتقدم في الفرع الاول
استأجرها الاب او غيره لذلك ام لا ارضعت هي بنفسها الولد
او بغيرها لاطلاق
الادلة ولصحيح ابن سنان المتقدم .
الثالثة : لا خلاف ( و ) لا اشكال في انه ( لا تجبر )
الام الحرة ( على ارضاعه وتجبر
الامة ) في الجملة . واستدل له : بالاية المتقدمة : (
فان ارضعن لكم فآتوهن اجورهن ) ( 1 ) وبالاية
الشريفة : ( لاتضار والدة بولدها ) ( 2 ) الشاملة
لاضرارها بالاجبار على ارضاعه لو كان
واجبا وبقوله تعالى : ( وان تعاسرتم فسترضع له اخرى ) (
3 ) .
ولكن الاولى تدل على لزوم الاجرة في صورة الارضاع ولا
تدل على عدم وجوبه الا
……………………………………………………
( 1 و 3 ) الطلاق آية 6 .
( 2 ) البقرة آية 233 . ( * )
[ . . . ]
على القول بعدم جواز اخذ الاجرة على الواجب وقد عرفت
منعه مع انها في المطلقة
البائنة .
وفي الحدائق عدم الوجوب فيها لا خلاف فيه فكان مراده
امكان الفرق بين
الزوجة والمطلقة والا فعدم الوجوب في الزوجة ايضا لا
خلاف فيه .
واما الثانية : فيرد على الاستدلال بها ان الارضاع ان
كان واجبا عليها لا يكون
اجبارها به اضرارا بها وعدم دلالة الثالثة واضح .
فالاولى ان يستدل له بخبر سليمان بن داود المنقري قال :
سئل ابو عبد الله - عليه السلام
- عن الرضاع قال – (عليه السلام - : ( لايجبر المرأة على ارضاع الولد ويجبر ام الولد ) ( 1 ) .
وضعفه ينجبر بالعمل ويؤيده الايات المتقدمة بل يمكن
القول بدلالتها
للتعبير في الاولى بقوله : ( فان ارضعن ) اذ لو كان
واجبا لما حسن هذا التعبير وبه يظهر
وجه دلالة الثالثة اذ لا يحسن التعبير ب ( ان تعاسرتم )
اذا كان واجبا وكيف كان فلا
يعارض ما تقدم قوله تعالى : ( والوالدات يرضعن اولادهن
حولين كاملين لمن اراد ان
يتم الرضاعة ) ( 2 ) لان الآية الكريمة في مقام بيان مدة
الرضاع لا اصل الوجوب مع انه
لو سلم كونها في مقام بيان ذلك تحمل على الاستحباب جمعا
.
وقد استثني من عدم وجوب ارضاع الام في كلمات الفقهاء صور .
منها : ما اذا لم يكن للولد مرضعة اخرى فانه واجب عليها
الارضاع حينئذ لا
لمافي الرياض من وجوب انقاقها عليه في هذه الصورة فانه
غير واجب عليها مع ايسار
الاب او وجود المال للابن ولذا يجوز لها اخذ الاجرة في
هذه الصورة بل لوجوب حفظ
النفس المحترمة .
……………………………………………………
( 1 ) باب 68 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 2 ) البقرة آية 233 . ( * )
] وحد الرضاع حولان [
وبه يظهر انه لابد من تقييد ذلك بما اذا لم يمكن حفظ
المولود باطعامه الاغذية
الاخر والا فلا يجب كما يظهر انه ليس استثناء من مسالتنا
هذه فانه يجب على غير
الام ايضا ذلك اذا انحصر فهذا غير مختص بها .
ومنها : ما اذا كانت مرضعة اخرى ولكن لم يمكن استئجارها
لاعسار الاب وعدم
تمكنه منه عدم مال للولد والكلام في هذه الصورة كسابقتها
من حيث ما استدلوا به
والجواب عنه والاظهر فيها عدم وجوب الارضاع عليها فان
غاية الامر وجوب
الانفاق ويمكن ذلك باستئجار مرضعة اخرى او بالتماسها فلا
وجوب عليها من حيث
كونها اما فهذه ايضا لاتكون مستثناة من مسالتنا .
ومنها : اللباء وهو اول ما يحلب بعد الولادة مطلقا او الى ثلاثة
ايام فعن جماعة
منهم المصنف في القواعد والشهيد في اللمعة وجوب ارضاعها
اللباء .
واستدل له : بان الولد لا يعيش بدونه ورد بانه ممنوع
بالوجدان قال الشهيد
الثاني : لعلهم ارادوا الغالب او انه لايقوى ولا يشد
بنيته الا به .
اقول : وعلى الوجه الثاني لا وجه لوجوب الارضاع حينئذ
والاول ايضا ممنوع .
الرابعة : لا خلاف ( و ) لا اشكال في ان الاصل في ( حد
الرضاع حولان ) للاية
المتقدمة وقوله ( 1 ) تعالى : ( وفصاله في عامين )
والنصوص الاتية .
ويجوز الاقتصار على احد وعشرين شهرا بلا خلاف والنصوص
شاهدة به
لاحظ خبر عبد الوهاب بن الصباح : قال ابو عبد الله -
عليه السلام - :
……………………………………………………
( 1 ) لقمان آية 14 . ( * )
] واقله احد وعشرون شهرا [
( الفرض في الرضاع احد وعشرون شهرا فما نقص عن احد وعشرين
شهرا فقد
نقص المرضع وان اراد ان يتم الرضاعة فحولين كاملين ) ( 1 ) .
وموثق سماعة عن الامام الصادق - عليه السلام - : (
الرضاع واحد وعشرون شهرا فما
نقص فهو جور على الصبي ) ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .
واستدل له سيد الرياض بالاية الكريمة : ( وحمله وفصاله
ثلثون شهرا ) ( 3 ) .
بدعوى ان الغالب في الحمل تسعة اشهر ولكن ينافيه استدلال امير المؤمنين -
عليه السلام - به على ما في خبر رواه العامة والخاصة على
ان اقل الحمل ستة اشهر ( 4 ) وايضا
ينافيه خبر هشام الدال على انها نزلت في الحسين - عليه
السلام - وكان حمله ستة اشهر ( 5 )
فالعمدة هي النصوص .
وهل يجوز نقصه عن ذلك لغير ضرورة ام لا ؟ وجهان ظاهر
المتن ( واقله احد
وعشرون شهرا ) هو الثاني وهو المشهور بين الاصحاب .
واستدل له : بالنصوص المتقدم جملة منها آنفا ولكنها
لاتدل على عدم جواز
انقص من احد وعشرين شهرا اما خبر عبد الوهاب المتضمن
قوله : فقد نقص
المرضع فواضح فان المرضع كانت هي الام ام غيرها لايكون
الارضاع واجبا عليها
فنقصه لا اشكال فيه .
واما الموثق : فلتوقفه على حرمة كل ما هو جور على الصبي
نعم اذا توقف اغتذاء
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 70 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 70 من ابواب احكام الاولاد حديث 5 .
( 3 ) الاحقاف آية 15 .
( 4 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 9 .
( 5 ) الوسائل باب 17 من ابواب احكام الاولاد حديث 14 . ( * )
[ . . . ]
الصبي عليه وجب على الاب الاسترضاع ولا يجوز له انقص
ولكن في امثال هذا الزمان
الذي يكون بدل اللبن موجودا وربما يكون انفع واقوى للصبي
فلا دليل على عدم جواز
عدم الاسترضاع ويؤيد الجواز الآية الشريفة : ( فان ارادا
فصالا عن تراض منهما وتشاور
فلا جناح عليهما ) ( 1 ) .
وصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : ( ليس
للمراة ان تاخذ في رضاع
ولدها اكثر من حولين كاملين وان ارادا الفصال قبل ذلك عن
تراض منهما فهو حسن
والفصال الفطام ) ( 2 ) . ونحوه صحيحه الاخر ( 3 ) وخبر
ابي بصير ( 4 )
وهل يجوز الزيادة على الحولين مطلقا كما عن جماعة ام
لايجوز كما هو
المشهور وجهان :
يشهد للاول : صحيح ( 5 ) سعد بن سعد الاشعري عن الرضا - عليه
السلام - : قال :
سالته عن الصبي هل يرضع اكثر من سنتين ؟ فقال - عليه
السلام - : ( عامين ) قلت : فان زاد
على سنتين هل على ابويه من ذلك شئ ؟ قال - عليه السلام -
: ( لا ) .
وصحيحا الحلبي المتقدمان وخبر ابي بصير .
واستدل للثاني : تارة : بما قيل من ان به خبر بدعوى انه
في حكم المرسل المنجبر
بالعمل .
واخرى : بما في الجواهر من ان لبنها بعد ما خرج عن مدة
الرضاع من فضلات ما
لا يؤكل لحمه الممنوعا كلها . بل الظاهر ان ذلك لكونه من
الخبائث كالبصاق وباقي
رطوباتها وكل ما حرم على المكلف لخبثه يحرم اطعامه لغير
المكلف كالدم ونحوه .
……………………………………………………
( 1 ) البقرة آية 233 .
( 2 - 3 - 4 ) الوسائل باب 70 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 - 3 - 7 .
( 5 ) الوسائل باب 70 من ابواب احكام الاولاد حديث 4 . ( * )
] والام احق بارضاعه اذا رضيت بما يطلبه غيرها من اجرة او
تبرع [
ولكن يرد على الاول : ان الرواية على فرض وجودها حيث لا
يكون متنها معلوما
لا تصلح مستندة للحكم .
ويرد الثاني : اولا : ان محل الكلام هو ارتضاع الصبي بعد
سنتين ولو من لبن امراة
ولدت لاقل من تلك المدة وبعبارة اخرى حرمة اشراب لبن
المرأة بعد مضي حولين من
الولادة غير حرمة ارضاع الصبي بعد حولين من ولادته كما
هو واضح .
وثانيا : منع كون لبنها من الخبائث مثل عرقها ولو بعد
مضي حولين .
وثالثا : انه لا دليل على حرمة اطعام غير المكلف ما يحرم
على المكلف فالاظهر
انه لادليل على المنع والاصل يقتضي الجواز .
ثم على القول بالحرمة لا دليل على استثناء الشهر
والشهرين .
والاستدلال له كما في الجواهر : بانه يصعب فصال الطفل
دفعة واحدة على وجه
يخشى عليه التلف لشدة تعلقه به وبالمرسل المنجبر بالشهرة
في غير محله
فان الاول يندفع بانه اذا كان يحرم الارضاع بعد الحولين
فلا بد قبل ان يتم
الحولين ان يتهيا لفصاله لما ذكر والثاني قد تقدم ما فيه .
الخامسة : ( والام احق بارضاعه اذا رضيت بما يطلبه غيرها
من اجرة او تبرع ) بلا
خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه كذا في الجواهر
وفي الرياض اجماعا حكاه
جماعة .
ويشهد به جملة من النصوص كصحيح الحلبي عن ابي عبد الله -
عليه السلام - :
( الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها وهي احق بولدها
حتى ترضعه بما تقبله
[ . . . ]
امراة اخرى ان الله تعالى يقول : ( لا تضار والدة بولدها
ولا مولود له بولده ) ( 1 ) .
وخبر الكناني عنه - عليه السلام - : ( اذا طلق الرجل
المرأة وهي حبلى انفق عليها حتى
تضع حملها واذا وضعته اعطاها اجرها ولايضارها الا ان يجد
من هي ارخص اجرا
منها فان هي رضيت بذلك الاجر فهي احق بابنها حتى تفطمه )
( 2 ) .
وخبر فضل بن ابي العباس عنه - عليه السلام - : ( فان
قالت المرأة لزوجها الذي
طلقها انا ارضع ابني بمثل ما تجد من يرضعه فهي احق به )
( 3 ) . ونحوها غيرها .
ويشعر به الآية المتقدمة : ( فان ارضعن لكم فاتوهن
اجورهن ) والاية
الشريفة : ( والوالدات يرضعن اولادهن ) ( 4 ) خصوصا مع
قوله تعالى بعد ذلك : ( لا
تضار والدة بولدها ) .
ثم انه يظهر من النصوص انه لو طلبت الام زيادة عما يقنع
غيرها فللاب نزعه
منها واسترضاع غيرها مطلقا وان لم تطلب ازيد من اجرة
المثل ويشهد به اطلاق قوله
تعالى : ( وان تعاسرتم فسترضع له اخرى ) ( 5 ) ومع ذلك
كله فلا يصغى الى ما قيل من
انها احق مطلقا اذا لم تطلب اكثر من اجرة المثل .
المقام الرابع : في الحضانة واصلها من : حضن الطائر بيضه
اي ضمنه تحت
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 81 من ابواب احكام الاولاد حديث 5 .
( 2 ) الوسائل باب 81 من ابواب الاولاد حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 81 من ابواب احكام الاولاد حديث 3 .
( 4 ) البقرة آية 233 .
( 5 ) الطلاق آية 6 . ( * )
] واحق بحضانة الذكر مدة الرضاع اذا كانت حرة مسلمة وبالانثى
الى سبع
سنين [
جناحه قال في محكى المصباح المنير بعد ذكر ذلك :
والحضانة - بالفتح والكسر - اسم
منه وهي في الاصطلاح كما عن القواعد والمسالك : ولاية
سلطنة على تربية الطفل وما
يتعلق بها من مصلحة حفظه وجعله في سريره وكحله وتنظيفه
وغسل خرقه وثيابه ونحو
ذلك ولا ينافي ذلك عدم الوجوب عليها فان هذه الولاية على
تقدير عدم الوجوب
وانه لمن له تلك الاسقاط ولاية غير لزومية وكيف كان
فالمهم البحث في ما يستفاد من
الاخبار ( و ) تنقيح الكلام بالبحث في مسائل :
الاولى : المشهور بين الاصحاب ان الام ( احق بحضانة
الذكر مدة الرضاع اذا
كانت حرة مسلمة وبالانثى الى سبع سنين ) والاب احق بها
بعد مدة الرضاع في الذكر
وبعد سبع سنين في الانثى بل عن الغنية الاجماع عليه وعن
الشيخ المفيد وتلميذه سلار
ان الام احق بالذكر مدة الحولين وبالانثى الى تسع سنوات
وعن الصدوق : ان الام
احق بالولد مالم تتزوج وعن الشيخ في الخلاف وابن اجنيد :
ان الامام احق بالنبت ما لم
تتزوج واما بالصبي الى سبع سنين هذه هي الاقوال في
المسالة .
واما النصوص فهي مختلفة منها ما يدل على احقية الام
بالولد مدة الرضاع
كصحيح الحلبي وخبر الكناني وخبر فضل المتقدمة في المسالة
السابقة وهي : احقية الام
بالرضاع وهي من جهة مافيها من جعل الغية الفطام تدل على
اختصاص احقيتها
بمدة الرضاع ولكن الظاهر منها كونها بصدد بيان الاحقية
بالرضاع ولانظر لها الى
الاحقية من سائر الجهات .
ويشير الى ذلك خبر الحلبي عن الامام الصادق - عليه
السلام - : ( المطلقة ينفق
عليه حتى تضع حملها وهي احق بولدها ان ترضعه بما تقبله
امراة اخرى ) ( 1 ) .
……………………………………………………
( 1 ) المستدرك باب 58 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
فالاولى الغاء هذه النصوص من المقام والرجوع الى النصوص
الاخر وهي طوائف :
الاولى : ما تدل على احقية الام مطلقا ما لم تتزوج كمرسل
المنقري عمن ذكره
عن ابي عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يطلق امراته
وبينهما ولد ايهما احق بالولد ؟ قال - عليه
السلام - : ( المرأة احق بالولد ما لم تتزوج ) ( 1 ) .
ورواه الصدوق باسناده عن المنقري عن حفص بن غياث او غيره
عن ابي عبد
الله - عليه السلام - ( 2 ) .
الثانية : ما يدل على احقية الاب مطلقا الا في الارضاع
كموثق فضل بن ابي
العباس البقباق عن الامام الصادق - عليه السلام - قال :
قلت له الرجل احق بولده ام
المرأة ؟ قال - عليه السلام - : ( لا بل الرجل فان قالت
المرأة لزوجها الذي طلقها انا ارضع ابني
بمثل ما تجد من ترضعه فهي احق به ) ( 3 ) .
وخبر الفضيل بن يسار عنه - عليه السلام - : ( ايما امراة
حرة تزوجت عبدا فولدت له
اولادا فهي احق بولدها منه وهم احرار فاذا اعتق الرجل
فهو احق بولده منها لموضع
الاب ) ( 4 ) .
الثالثة : ما يدل على احقية الام بالولد الى سبع سنين
مطلقا كصحيح ايوب بن
نوح قال : كتب اليه بعض اصحابه : كانت لي امراة ولي منها
ولد وخليت سبيلها فكتب
- عليه السلام - : ( المرأة احق بالولد الى ان يبلغ سبع
سنين الا ان تشاء المرأة ) ( 5 ) .
وصحيحه الاخر قال : كتبت اليه مع بشر بن بشار : جعلت
فداك رجل تزوج
……………………………………………………
( 1 - 2 ) الوسائل باب 81 من ابواب احكام الاولاد حديث 4 .
( 3 ) الوسائل باب 81 من ابواب احكام الاولاد حديث 3 .
( 4 ) الوسائل باب 73 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 .
( 5 ) الوسائل باب 81 من ابواب احكام الاولاد حديث 6 . ( * )
[ . . . ]
امراة فولدت منه ثم فارقها متى يجب له ان ياخذ ولده ؟
فكتب - عليه السلام - : ( اذا صار له
سبع سنين فان اخذه فله وان تركه فله ) ( 1 ) .
الرابعة : ما يدل على ان حضانة الولد مشتركة بينهما في
مدة الرضاع وبعد مضيها
يكون الاب احق بها كخبر داود بن الحصين عن ابي عبد الله
- عليه السلام - قال :
( والوالدات يرضعن اولادهن ) قال - عليه السلام - : ( ما
دام الولد في الرضاع فهو بين الابوين
بالسوية فاذا فطم فالاب احق به فاذا مات الاب فالام احق
به من العصبة ) الحديث ( 2 ) .
والطائفة الاولى ضعيفة السند للارسال ولعلي بن محمد
القاساتي الذي هو في
سند الخبر الذي رواه الكليني .
واما الطوائف الثلاث الاخر فالنسبة بين الاولى منها والثانية
عموم مطلق فان
الاولى تدل على احقية الاب مطلقا والثانية تدل على احقية
الام الى سبع سنين فيقيد
اطلاقها بها ولا يمكن الجمع العرفي بين الثانية منها
والثالثة والترجيح مع الثانية
للاشهرية واصحية السند .
فالمتحصل من هذه النصوص احقية الام بالولد مطلقا الى سبع
سنين كما
استظهره سيد الرياض من الاخبار لكنه قال : ان بواسطة
الاجماع المحكى عن الغنية على
ان الاب احق بالذكر بعد مدة الرضاع المؤيد ذلك بالمناسبة
فان الذكر اولى بالزوج من
الزوجة كاولويتها منه بالانثى في الحضانة يبنى على القول
بالتفصيل انتهى .
ولكن الاجماع المحكى في مثل هذه المسالة مع اختلاف
الاقوال والنصوص لا
يكون حجة قطعا واولى منه في عدم الحجية المناسبة
المذكورة
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 81 من ابواب احكام الاولاد حديث 7 .
( 2 ) الوسائل باب 81 من ابواب احكام الاولاد حديث 1 . ( * )
] وتسقط الحضانة لو تزوجت [
وينبغي التنبيه على امور :
1.
ان هذه
الاحقية الثابتة للزوجة انما تكون على سبيل غير اللزوم اي لها
اسقاطها للتعليق على مشيتها في صحيح ايوب فلها ان تسقط
حقها فتكون تلك
للاب . وهل للاب ايضا اسقاطها ام يجب عليه تلك ؟ وجهان
صرح بالاول جماعة
منهم صاحب الرياض والشهيد في قواعده .
واستدل له بانه ليس في النصوص سوى اصل الاستحقاق وهو اعم
من
الوجوب والاصل يقتضي عدمه .
وعليه فاذا اسقط الاب ايضا حقه يكون الولد الذي لو ترك
حضانته يضيع
كسائر المضطرين يجب حضانته كفاية ولكن يمكن ان يقال : ان
هذا الحق الثابت بما
انه لمصلحة الطرفين اي الاب والولد فسقوطه بالاسقاط
يحتاج الى دليل والاصل يقتضي
عدمه
مع ان السؤال في صحيح ايوب انه متى يجب له ان ياخذه ولده
؟ ظاهر في
ان وجوب الحضانة كان مفروغا عنه وسئل عن وقته وقرره
الامام - عليه السلام - على
ذلك نعم اذا تصدى غيره لتربيته لا يجب عليه ذلك كما يشهد
به صحيح ايوب
المتقدم .
2.
( وتسقط
الحضانة لو تزوجت ) الام بعدما طلقها الاب وكان الاب حينئذ
احق به بلا خلاف .
ويشهد به مرسل المنقري المتقدم وخبر داود الرقي عن ابي
عبد الله - عليه السلام - عن
امراة حرة نكحت عبدا فاولدها اولادا ثم انه طلقها فلم
تقم مع ولدها وتزوجت فلما
بلغ العبد انها تزوجت اراد ان ياخذ ولده منها فقال : انا
احق بهم منك ان تزوجت فقال
- عليه السلام - : ( ليس للعبد ان ياخذ منها ولدها وان
تزوجت حتى يعتق هي احق بولدها
[ . . . ]
منه ما دام مملوكا فاذا اعتق فهو احق بهم منها ) ( 1 ) .
فان قيل ان النسبة بين هذه النصوص ونصوص السبع عموم من
وجه فلم يقدم
هذه قلنا : ان المختار في العامين من وجه هو الرجوع الى
المرجحات وهي تقتضي تقديم
هذه للشهرة ثم ان التزويج المسقط لحق حضانتها هل يشمل ما
لو تزوجت به ام
يختص بالتزويج بغيره ؟ ظاهر النصوص هو الثاني مع انه
يلزم من شموله له سقوط
حضانتها وهي في حباله قبل ان تفارقه وهو معلوم العدم فما
عن المسالك من احتمال
الاول غريب .
3.
لا حضانة
للكافرة لو كان الزوج مسلما لكون الولد حينئذ مسلما لاسلام
ابيه : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) (
2 ) لو قلنا : بان الحضانة ولاية او
سلطنة على الولد .
واستدل له ايضا : بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (
الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ) ( 3 ) وفيه نظر . والنسبة
بين الآية الكريمة ونصوص الحضانة وان كانت عموما من وجه
الا ان الآية تقدم .
وعلى ما اخترناه من صحة اسلام الصبي ان وصف الولد
الاسلام واسلم تسقط
حضانة ابويه الكافرين كما لا يخفى بل عن المسالك سقوط
الحضانة وان لم يصح
اسلامه .
واستدل له : بان لايفتنوه من الاسلام الذي قد مال اليه
وهو كما ترى اذ لا
يخرج عن الاطلاق بمثل هذه الوجوه الاعتبارية .
4.
صرح غير واحد
بانه يعتبر فيمن يحضن الولد العقل فلا حضانة للمجنونة
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 73 من ابواب احكام الاولاد حديث 2 .
( 2 ) النساء آية 141 .
( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب احكام الاولاد حديث 11 . ( * )
] ولو مات الاب او كان مملوكا او كافرا فالام اولى
[
كانت الحضانة من قبيل الولاية ام لم تكن كذلك فان المجنون يحتاج الى من
يحضنه
فكيف يحضن غيره .
وفي الجواهر قد يقال ان لم يكن اجماعا ان الجنون وان كان
مطبقا لايبطل حقها
من الحضانة وان انتقل الامر حينئذ في تدبير ذلك الى
وليها كباقي الامور الراجعة اليها .
وفيه : ان انتقال الامر الى وليها يحتاج الى دليل فما
ذكروه حسن .
5.
وعن المسالك
وغيرها ان في الحاق المرض المزمن الذي لايرجى زواله كالسل
والفالج بحيث يشغله الالم عن كفالته وتدبير امره وجهين
من اشتراكهما في المعنى المانع
من مباشرة الحفظ واصالة عدم سقوط الولاية مع امكان
تحصيلها بالاستنابة .
والاظهر هو الثاني اذ لا اشكال في انه لايلزم المباشرة
في الحضانة وعليه
فسقوط الحضانة مع اطلاق الادلة مما لا وجه له .
وبه يظهر ضعف ما عن سيد المدارك من انه لو كان المرض مما
يعدي كالجذام
والبرص فالاظهر سقوط الحضانة بذلك تحرزا بذلك تحرزا من
تعدي الضرر الى الولد لما عرفت من
امكان الاستنابة .
المسالة الثانية : ( ولو مات الاب او كان مملوكا او
كافرا فالام اولى ) بلا خلاف . اما
اذا كان كافرا او مملوكا فلما تقدم وانما الكلام فيما لو
مات بعد انتقال حق الحضانة
اليه : كما لو مات والولد اكبر من سبع .
وقد ادعى صاحب الجواهر الاجماع بحسب ظاهر كلمات الاصحاب
على انتقال
الحضانة الى الام دون الوصي المنصوب من قبل الاب وغيره .
واستشكل فيه صاحب الحدائق قال : لم اقف له على دليل في
النصوص وهم
[ . . . ]
ايضا لم يذكروا له دليلا مع ان عود الحق يحتاج الى دليل .
وقد استدل لما هو المتفق عليه في الرياض والجواهر بوجوه :
1.
انها اشفق
وارفق : ( واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله ) ( 1 ) .
وفيه : ان ذلك وحده لايكفي في مقابل ما دل على قيمومة
الوصي على صغار
الموصي الشامل لما اذا كان للصغار ام .
2.
ان ذلك مقتضى
الاصل في بعض الصور وهو ما اذا مات الاب في اثناء مدة
الرضاع فان مقتضى الاستصحاب هو بقاء حق الحضانة لها فاذا
ثبت ذلك في هذه
الصورة يتم في غيرها وهو ما اذا مات الاب بعد انتقال
الحضانة اليه .
وفيه : اولا : ان المختار عدم جريان الاستصحاب في
الاحكام الكلية .
وثانيا : ان هذا الاصل يجري للنصوص المحددة لمدة حق
الحضانة لها بسبع
سنين الدالة بمفهوم الغاية على انه لاحق لها بعد تلك المدة
الشاملة باطلاقها لهذه
الصورة ومعه لا مورد للاستصحاب .
وثالثا : ان عدم القول بالفصل في الحكم الواقعي بين
الصورتين لايستلزم
اتحادهما في الحكم الظاهري ايضا كما لايخفى .
ورابعا : ان هذا الاصل يعارض اصالة عدم ثبوت حق الحضانة
لها في الصورة
الثانية المتمم في الصورة الاولى بعدم القول بالفصل
فتامل فانه يمكن ان يقال : ان
ذلك الاصل لا يجري لابتلائه بالمعارض وهو عدم ثبوت الحق
لغيرها مع العلم بثبوته
اما لها او لغيرها .
3.
ظهور قوله :
( لاتضار . . . ) الخ في كون الحق لهما دون غيرهما الا انه مع
……………………………………………………
( 1 ) الانفال : آية 75 . ( * )
[ . . . ]
وجودهما كان تفصيل الامر بينهما شرعا على ما عرفت واما مع موت احدهما فيبقى
الاخر بلا معارض .
وفيه : ما تقدم من عدم دلالة ذلك على ثبوت حق الحضانة
لها اصلا .
4.
ان النصوص
تثبت احقية المرأة قبل سبع سنين واحقية الاب بعدها فأصل الحق ثابت
لكل منهما
الا انه يكون غيره احق منه . فاذا مات الاحق كان الحق لذي
الحق . وفيه : ان المراد بالاحقية في النصوص هو الحق
والا فلا ريب في انه مع عدم
وجود الاب لاحق للمراة بعد سبع سنين اصلا كما لايخفى .
5.
قوله - عليه
السلام - في خبر داود بن الحصين المتقدم ( فاذا مات الاب فالام احق
به من العصبة ) .
وفيه : انه مختص بصورة عدم وجود الوصى لان احتمال ثبوت
الولاية على الصغير
لهم انما هو في تلك الصورة والا فمع وجود الوصي لا ولاية
لهم عليه قطعا والخبر انما
يدل على تقديم الام على العصبة لو دار الامر بينهما فهو
اجنبي عن محل الكلام .
6.
قوله - عليه
السلام - في صحيح ابن سنان المتقدم : ( وليس للوصي ان يخرجه من
حجرها حتى يدرك ويدفع اليه ماله ) .
فانه صريح في ثبوت حق الحضانة للام مع وجود الوصي وهو
وان اختص بما اذا
مات الاب في اثناء المدة التي تكون الحضانة لها في تلك
المدة الا انه يتم في غيره بعدم
القول بالفصل ولا يعارضه ادلة قيمومة الوصي على الصغير
لكونه اخص منها
فيقدم عليها .
وبذلك يظهر ما في الحدائق من عدم الوقوف على دليل يدل
عليه ومقتضى
اطلاق الصحيح عدم الفرق بين كونها مزوجة ام لا كما صرح
به المصنف في محكى
[ . . . ]
الارشاد .
ودعوى ان عدم التزويج شرط في ثبوت الحضانة لها مطلقا
وثبوتها مناف لحقوق
الزوج كما عن الشهيد الثاني مندفعة : بما تقدم من عدم
كونه شرطا في ثبوتها مطلقا
وعدم منافاته معها بعد امكان الاستنابة . فالاظهر ثبوتها
لها وان كانت مزوجة .
ولو ماتت الام في اثناء المدة التي لها حق الحضانة فهل
ينتقل هذا الحق الى
الاب ام الى وصيها ؟ وجهان : من اختصاص النص بموت الاب
ومن عدم القول
بالفصل .
المسالة الثالثة : قد اختلف الاصحاب في حكم الحضانة مع
فقد الابوين على
اقوال :
1.
ما عن الشيخ
في المبسوط والحلي والمصنف في غير المختلف والمحقق في
الشرائع وهو : انه تكون الحضانة لاب الاب مقدما على غيره
من الاخوة والاجداد وان
شاركوه في الارث .
2.
ما عن الاكثر
وهو : تعدي الحكم الى باقي الاقارب وترتيبهم حسب ترتيب
الارث فينظر الى الموجود من الاقارب ويقدر لو كان وارثا
ويحكم له بحق الحضانة ثم
ان اتحد اختص وان تعدد اقرع بينهم .
3.
ما عن المصنف
في القواعد وهو : انه مع فقد الابوين ينتقل الحكم الى الاجداد
ويقدمون على الاخوة ولا يفرق بين الجد للاب وغيره ومع
فقدهم ينتقل الى باقي مراتب
الارث .
4.
ما عن الشيخ
المفيد في المقنعة وهو : انه مع موت الاب تقوم امه مقامه في
ذلك فان لم يكن له ام وكان له اب قام مقامه في ذلك فان
لم يكن له اب ولا ام كانت
[ . . . ]
الام التي هي الجدة احق به من بعيد .
5.
ما عن
الاسكافي قال : من مات من الابوين كان الباقي احق به من قرابة
الميت الا ان يكون المستحق له غير رشيد فيكون من قرب
اليه اولى به فان تساوت
القرابات قامت القرابات مقام من هي له قرابة في ولاية -
الى ان قال : - والام اولى ما لم
تتزوج ثم قرابتها احق به من قرابة الاب .
6.
انه ينتقل
الى قرابة الاب وهم العصبة .
وفي المقام اقوال اخر .
والحق ان يقال انه مع فقد الابوين ينتقل حق الحضانة الى
الخالة للعلوي : ان
النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قضى بابنه حمزة
لخالتها وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم )
( الخالة والدة ) ( 1 ) ومع فقدها او عدم
قبولها فهو للجد لان له ولاية المال والنكاح فيكون له
ولاية التربية بطريق اولى وانما
كانت الام اولى منه بالنص فمع عدمه تثبت الولاية ومع
فقده فهو للوصي وان لم يكن
فللحاكم الشرعي لانه ولي من لا ولي له ومع عدمه فالارحام
على حسب مراتبهم في
الارث لقوله تعالى : ( اولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في
كتاب الله ) ( 2 )
ودعوى تقديم العصبة وهم قرابة الرجل لقوله في خبر داود
بن الحصين : فاذا
مات الاب فالام احق من العصبة . اذ لو كان العصبة اجنبية
عن هذا الحق بالمرة
لاستهجن هذا التعبير مندفعة بان ذلك وان كان يشعر
بتقديمهم بل وتقديمهم على
الجد ايضا لكنه لايكون دالا على ذلك فان التعبير يستحسن
مع توهم كونهم ممن
ينتقل اليهم هذا الحق بعد الام فتدبر .
……………………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 73 من موانع الارث الاولاد .
( 2 ) الانفال آية 76 . ( * )