فقه الصادق
تاليف
فقيه العصر سماحة آية الله العظمى
السيد محمد صادق الحسيني الروحاني
مدظله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
اشرف الخلائق اجمعين محمد وآله
الطيبين الطاهرين .
وبعد فهذا هو الجزء الرابع والعشرون من
كتابنا فقه الصادق وفقنا الله تعالى لاصداره
وهو ولي التوفيق .
] الفصل الثاني في الذباحة ويشترط في الذابح الاسلام او حكمه [
في الذباحة
حلية ذبيحة الكتابي مع احراز التسمية
)الفصل
الثاني في الذباحة ) والكلام فيه في طي مقامات :
الاول : في الذابح وما يعتبر فيه ( و ) قد طفحت كلماتهم بانه ( يشترط
في
الذابح الاسلام او حكمه ) على معنى ما اشار اليه جماعة بقولهم فلا
يتولاه الوثني وغيره
من الكفار غير الكتابي وان كان من كفار المسلمين كالمرتد والغلي ومن
شاكل وعن
غير واحد دعوى الاجماع عليه .
وفي المسالك اتفق الاصحاب بل المسلمون على تحريم ذبيحة غير اهل
الكتاب
من اصناف الكفار سواء في ذلك الوثني وعابد النار والمرتد وكافر
المسلمين كالفلاة
وغيرهم انتهى .
ويشهد له مضافا الى ذلك والى فحاوى النصوص الاتية صحيح محمد بن قيس
عن ابي جعفر - عليه السلام - : قال امير المؤمنين - عليه السلام - :
( لاتاكلوا ذبيحة نصارى العرب
فانهم ليسوا اهل الكتاب ) ( 1 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل - باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 23 . ( * )
[ . . . ]
وخبر عليي بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - : عن ذبائح نصارى العرب
قال - عليه السلام - : ( ليس هم اهل الكتاب ولاتحل ذبائحهم ) ( 1 ) .
وخبر ابي بصير عن الامام الصادق - عليه السلام - : ( لاتاكل ذبيحة
نصارى تغلب
فانهم مشركوا العرب ) ( 2 ) . ونحوها غيرها وهي بواسطة ما فيها من
العلل تدل على
تلك الكبرى الكلية فلااشكال في الحكم .
انما الكلام في ذبيحة اهل الكتاب فقد اختلف الاصحاب فيها على اقوال ثلاثة :
1.
ما عن الاكثر ومنهم
الشيخان والمرتضى والاتباع والحلي وجملة المتاخرين
كما في المسالك وهو الحرمة بل في المسالك ان عليه معظم الاصحاب بل
كاد ان يعد
من المذهب وعن الخلاف والانتصار جعلها من متفردات الامامية مدعيين
الاجماع
عليها .
2.
ما عن القديمين وهو الحل .
3.
ما عن الحل مع سماع
التسمية عليها ذهب اليه الصدوق .
والعمدة في المقام الروايات واما الايات فقد مر في مبحث اشتراط كون
المرسل للكلب مسلما تقريب الاستدلال بها على الحرمة والجواب عنه .
نعم تبقى الاية التي استدل بها للحل وسنتعرض لها بعد الروايات واما
الاجماع
فلعدم كونه تعبديا سيما مع ذهاب جمع الى عدم الحرمة لايكون حجة واما
النصوص
فطوائف .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 15 .
( 2 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 22 . ( * )
[ . . . ]
الاولى : ما استدل به للقول المشهور وتلكم الاخبار كثيرة منها صحيح
قتيبة
الاعشى قال : سال رجل ابا عبد الله - عليه السلام - وانا عنده فقال
له : الغنم يرسل فيها
اليهودي والنصراني فتعرض فيها العارضة فيذبح اناكل ذبيحته ؟ فقال ابو
عبد الله
- عليه
السلام - : ( لاتدخل ثمنها مالك ولاتاكلها فانما هو الاسم ولايومن عليه الا
مسلم ) فقال له الرجل : قال الله تعالى : ( اليوم احل لكم الطيبات
وطعام الذين اوتوا
الكتاب حل لكم ) . فقال له ابو عبد الله - عليه السلام - : ( كان ابي
يقول انما هو الحبوب
واشباهها ) ( 1 ) بدعوى ظهور النهي في الحرمة ويؤيده السياق من حيث
فهم الراوي
اياه ولذا عارضه بالاية المتضمنة للحلية غير المنافية للكراهة مع
تقرير المعصوم له على
فهمه وجوابه له بما اجابه .
واورد عليه في المسالك : بانه يدل على الحل لان قوله : لاتدخل ثمنها
مالك
يدل على جواز بيعها والا لما صدق الثمن في مقابلتها ولو كانت ميتة
لما جاز بيعها ولا قبض
ثمنها وعدم ادخال
ثمنها في ماله يكفي فيه كونها مكروهة والنهي عن اكلها
يكون حاله كذلك حذرا من التناقض .
وفيه اولا : ان اطلاق الثمن عليه لايدل على صحة البيع وقد اطلق الثمن
في كثير
من الاخبار مع فساد البيع كقوله : ثمن العذرة سحت وما شاكل .
وثانيا : ان صحة البيع لاتنافي حرمة الذبيحة وقد دل بعض النصوص على
جواز بيع الميتة وبعضها على جواز بيعها منضمة الى المذكى فلعل هذه
الرواية من
تلك الروايات فلايصلح ذلك قرينة لرفع اليد عن ظهور النهي في الحرمة .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 26 - من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
ولكن يرد على هذا الخبر انه يدل بواسطة ما فيه من التعليل على الحل
وعدم
المنع من اكل ذبيحة الكتابي فانه علل حكمه بعدم الاكل بعدم الاطمئنان
بانه سمى
فلو حصل الاطمئنان بالتسمية كان مفاد الخبر حليتها .
ومنها خبر حسين بن المنذر عن الامام الصادق - عليه السلام - في حديث
فقلت : اي
شئ قولك في ذبائح اليهود والنصارى ؟ فقال - عليه السلام - : ( ياحسين
الذبيحة بالاسم ولا
يؤمن عليها الا اهل التوحيد ) ( 1 ) .
والجواب عنه هو الجواب عن سابقه ويؤيده خبر حنان قال : قلت لابي
عبد الله - عليه السلام - : ان الحسين بن المنذر روى لنا عنك انك قلت
: ان الذبيحة اسم ولا
يؤمن عليها الا اهلها فقال - عليه السلام - : ( انهم احدثوا فيها
شيئا لا اشتهيه ) قال حنان :
فسالت نصرانيا فقلت له : اي شئ تقولون اذا ذبحتم ؟ قال نقول : باسم
المسيح ( 2 ) .
وبذلك يظهر الجواب عن جملة من الاخبار التي استدلوا بها لهذا القول
كاخبار
الحسين ) بن المختار ( 3 ) والحسين بن عبد الله ( 4 ) وقتيبة الاعشى
( 5 ) والحسين بن المنذر
( 6 ) والحسين الاحمسي .
ومنها النصوص المتضمنة للنهي عن اكل ذبيحة نصارى العرب كاخبار محمد
ابن قيس وابي بصير وعلي بن جعفر المتقدمة وصحيح محمد بن مسلم عن ابي
جعفر - عليه السلام - : عن نصارى العرب اتؤكل ذبائحهم ؟ فقال - عليه
السلام - : ( كان
علي - عليه السلام - ينهي عن ذبائحهم وعن صيدهم ومناكحتهم ) ( 7 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 26 - من ابواب الذبائح حديث 2
( 2 ) الوسائل باب 26 - من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 3 - 4 - 5 - 6 ) الوسائل باب 26 من ابواب الذبائح حديث 4 - 1 - 7 - 10 .
( 7 ) الوسائل باب 27 من ابواب الذبائح حديث 6 . ( * )
[ . . . ]
وصحيح الحلبي عن ابي عبد الله - عن ذبائح نصارى العرب هل تؤكل ؟
فقال : ( كان علي - عليه السلام - ينهاهم عن اكل ذبائحهم وصيدهم -
وقال : - لايذبح لك
يهودي ولانصراني اضحيتك ) ( 1 ) ونحوها غيرها .
واجاب عنها الشهيد ؟ ؟ ؟ بانها تدل على الحل فان نهيه عن ذبائح
نصارى العرب لامطلق النصارى ولو كان التحريم عاما لما كان للتخصيص
فائدة و
وجه تخصيصه نصارى العرب ان تنصرهم وقع في الاسلام فلا يقبل منهم .
وفيه : انه يتوقف على القول بمفهوم الوصف واللقب ولانقول به .
فالحق في الجواب عنها انها بواسطة ما في جملة منها من التعليل بعدم
كونهم من
اهل الكتاب لاتدل على الحرمة في مفروض المسالة مع انه يحتمل اختصاص
الحرمة
بهم لما افاده في المسالك غاية الامر لاتدل على الحلية في غيرهم بل
هي ساكتة عن بيان
حكم غيرهم .
ومنها : النصوص الناهية عن ذبح غير المسلم الاضحية كذيل صحيح الحلبي
المتقدم وخبر سلمة المنجبر ضعفه بكون الراوي عنه من اصحاب الاجماع عن
ابي
عبد الله - عليه السلام - : ( ان عليا - عليه السلام - كان يقول : لا
يذبح ضحاياك اليهود ولا
النصارى ولايذبحها الا مسلم ) ( 2 ) .
وموثق اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابيه : ( ان عليا - عليه السلام -
كان يقول : لا
يذبح نسككم الا اهل ملتكم ولا تصدقوا بشئ من نسككم الا على المسلمين
وتصدقوا بما سواه غير الزكاة على اهل الذمة ) ( 3 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل - باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 19 .
( 2 ) الوسائل - باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 21 .
( 3 ) الوسائل باب 27 من ابواب الذبائح حديث 29 . ( * )
[ . . . ]
وصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : ( لايذبح لك
اليهودي ولا
النصراني اضحيتك ) ( 1 ) .
وصحيح ابي بصير عنه - عليه السلام - : ( لايذبح اضحيتك يهودي
ولانصراني ولا
مجوسي وان كانت امراة فلتذبح لنفسها ) ( 2 ) ونحوها غيرها .
والجواب عن هذه النصوص ان المنهي عنه فيها ذبح الاضحية ولها خصوصية
ولذا امر في صحيح ابي بصير بان يذبحها مالكها وقد ثبت في محله
استحباب ذلك
حتى لو لم يحسن الذباحة جعل يده في يد الذابح فلاربط لهذه النصوص
بحرمة الذبيحة
واعتبار كون الذابح مسلما بل في المسالك ان هذه تدل على الحل اذ
مفهومها ان غيرها
ليس كذلك والمفهوم وان لم يكن حجة الا ان التخصيص بالاضحية لانكتة
فيه لو
كانت ذباحتهم محرمة مطلقا وهذا وان كان لايخلو عن الاشكال ولكن عدم
دلالتها
على حرمة الذبيحة خال عن الاشكال .
ومنها خبر زيد الشحام قال : سئل ابو عبد الله - عليه السلام - عن
ذبيحة الذمي ؟
فقال - عليه السلام - : ( لاتاكله ان سمى وان لم يسم ) ( 3 ) .
وهذا الخبر من حيث الدلالة على الحرمة لاكلام فيه ولكن سنده ضعيف
بمفضل بن صالح الذي ضعفه جمع كثير .
وما في الرياض من انه ينجبر ضعفه بالاصل وبعمل الاكثر يندفع بان
الاصل
كما عرفت لااصل له مع انه لايوجب جبر ضعف السند واما عمل الاكثر
فالجابر هو
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 من ابواب الذبائح حديث 42 .
( 2 ) الوسائل باب 27 من ابواب الذبائح حديث 20 .
( 3 ) الوسائل باب 27 من ابواب الذبائح حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
عملهم بالخبر واستنادهم اليه لامجرد مطابقة فتواهم مع مضمونه وفي
المقام لم يحرز
ذلك اذ لعل الاصحاب في افتائهم بالحرمة استندوا الى غيره فعمل الاكثر
ايضا لا
يوجب الجبر .
وبما ذكرناه يظهر الجواب عن جملة من النصوص المستدل بها في المقام
فانها
ضعيفة الاسناد غير المنجبره بالاستناد كخبر محمد بن يحيى الخثعمي ( 1
) فان في سنده
القاسم وهو اما ضعيف او مجهول وخبر الحسين بن علوان ( 2 ) وغيرهما .
ومنها صحيح شعيب العقرقوفي قال : كنت عند ابي عبد الله ومعنا ابو
بصير
واناس من اهل الجبل يسالونه عن ذبائح اهل الكتاب . فقال لهم ابو عبد
الله - عليه السلام - :
( قد
سمعتم ما قال الله عزوجل في كتابه ) ؟ فقالوا له : نحب ان تخبرنا فقال - عليه
السلام -
لهم : ( لاتاكلوها ) فلما خرجنا قال ابو بصير : كلها في عنقي ما فيها
فقد سمعته
وسمعت اباه جميعا يامران باكلها فرجعنا اليه . فقال لي ابو بصير سله
؟ فقلت له :
جعلت فداك ما تقول في ذبائح اهل الكتاب ؟ فقال - عليه السلام - : (
اليس قد شهدتنا
بالغداة وسمعت ) ؟ قلت : بلى فقال : ( لا تاكلها ) ( 3 ) .
وفيه : ان الظاهر من قوله - عليه السلام - : ( قد سمعتم ما قال الله
عزوجل ) ان الوجه
في منعه - عليه السلام - الاكل من ذبائحهم عدم ذكر اسم الله عليها اذ
لايكون في الكتاب ما
يكون مربوطا بالمقام الا هذه الاية وبه يندفع تعارض صدر الخبر وذيله
مع ما ينقله
ابو بصير عن ابيه - عليه السلام - كما لايخفى .
ومنها : صحيح الحسين الاحمسي عن الامام الصادق - عليه السلام - قال :
قال له
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 26 .
( 2 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 12 .
( 3 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 25 . ( * )
[ . . . ]
رجل : اصلحك الله ان لنا جارا قصابا فيجئ يهودي فيذبح له حتى يشتري
منه اليهود ؟
فقال : - عليه السلام - : ( لا تاكل من ذبيحته ولا تشتر منه ) ( 1 ) .
وفيه : ان هذا الخبر مروي بعين هذا السند ومذيل بقوله وقال : هو
الاسم
ولا يؤمن عليه الا مسلم فهو يدل على ان المانع عدم احراز التسمية
لاكون الذابح
يهوديا .
ومنها : خبر ابن ابى عمير : ان ابى ابي يعفور ومعلى بن خنيس كانا
بالنيل على
عهد ابي عبد الله - عليه السلام - فاختلفا في ذبائح اليهود فاكل
المعلى ولم ياكل ابن ابي يعفور
فلما صارا الى ابي عبد الله - عليه السلام - اخبراه فرضى بفعل ابن
ابي يعفور وخطا المعلى في
اكله اياه ( 2 ) .
وفيه : انه متضمن لقضية شخصية ولعل وجه التخطئة كون اليهود في ذلك
الزمان غير مسمين فلا يصح الاستدلال به .
ومنها : موثق حميد بن المثنى عن العبد الصالح - عليه السلام - عن
ذبيحة اليهودي
والنصراني فقال - عليه السلام - : ( لا تقربوها ) ( 3 ) ومثله خبره (
4 ) الاخر عن
سماعة عنه - عليه السلام - وبمعناهما بعض اخبار اخر .
ولكنها مطلقة ولم يبين فيها وجه المنع فيقيد اطلاقها بما مر في
النصوص
المتقدمة من عدم الائتمان على التسمية بل النهي عن قربها قد علل به
في صحيح
حنان او موثقه قال : دخلنا على ابي عبد الله - عليه السلام - انا
وابي فقلنا له : جعلنا فداك
ان لنا خلطاء من النصارى وانا ناتيهم فيذبحون لنا الدجاج والفراخ
والجداء
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 27 من ابواب الذبائح حديث 16 .
( 3 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 30 .
( 4 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 9 . ( * )
[ . . . ]
افناكلها ؟ قال - عليه السلام - :
( لاتاكلوها
ولاتقربوها فانهم يقولون على ذبائحهم مالا احب لكم اكلها ) الى
ان قال : فقالوا : صدق انا نقول باسم المسيح ( 1 ) .
فتحصل مما ذكرناه ان شيئا من النصوص الكثيرة المستدل بها على حرمة
ذبيحة
اهل الكتاب لايدل عليها بل انما هي تدل على ان الحرمة انما هي من جهة
عدم
الاطمئنان بالتسمية .
فلو سمى الكتابي وذبح نفس هذه النصوص بمفهوم العلة تدل على حلية
الذبيحة .
الطائفة الثانية : ما تدل على حلية ذبيحة اهل الكتاب اما مطقا او مع
سماع
التسمية كصحيح زرارة عن اخيه حمران عن الامام الباقر - عليه السلام - في ذبيحة
الناصب واليهودي والنصراني :
( لاتاكل
ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله فقلت : المجوسي ؟ فقال - عليه السلام - :
( نعم
اذا سمعته يذكر اسم الله اما سمعت قول الله : ( ولا تاكلوا مما لم يذكر اسم الله
عليه ) ( 2 ) .
وصحيح الحلبي قال : سالت ابا عبد الله - عليه السلام - عن ذبيحة اهل
الكتاب
ونسائهم فقال - عليه السلام - : ( لا باس به ) ( 3 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 2 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 31 .
( 3 ) الوسائل باب 27 - من ابواب
الذبائح حديث 34 . ( * )
[ . . . ]
وصحيح حريز عن ابي عبد الله - عليه السلام - وصحيح زرارة عن ابي جعفر
- عليه
السلام - انهما قالا في ذبائح اهل الكتاب :
( فاذا
شهد تموهم وقد سموا اسم الله فكلوا ذبائحهم وان لم تشهدوهم فلا
تاكلوا وان اتاك رجل مسلم فاخبرك انهم سموا فكل ) ( 1 ) .
وخبر يونس بن بهمن المنجبر برواية البزنطي عنه : قلت لابي الحسن -
عليه السلام - :
اهدى الي قرابة لي نصراني دجاجا وفراخا قد شواها وعمل لي فالوذجة
فآكله ؟ فقال -
عليه السلام - : ( لاباس به ) ( 2 ) وخبر الورد بن زيد : قلت لابي جعفر - عليه السلام - حدثني
حديثا وامله علي حتى اكتبه . فقال - عليه السلام - : ( اين حفظكم يا
اهل الكوفة ) ؟ قال :
قلت : حتى لايرده علي احد : ما تقول في مجوسي قال : بسم الله ثم ذبح
؟ فقال - عليه السلام - :
( كل )
قلت : مسلم ذبح ولم يسم ؟ قال - عليه السلام - : ( لا تاكله ان الله يقول : (
فكلوا
مما ذكر اسم الله . . . ولا تاكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) ( 3
) الى غير تلكم من
النصوص الدالة على ذلك .
بيان ما يقتضيه الجمع بين النصوص
والجمع بين هذه النصوص انفسها بحمل مطلقها على مقيدها وبين ما تقدم
من
بعض الاخبار الناهية عن اكل ذبيحة اهل الكتاب بقول مطلق يقتضي البناء
على
الحرمة مالم يحرز التسمية والحلية مع احرازها ولو باخبار رجل مسلم
وان الفرق
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 38 .
( 2 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 40 .
( 3 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 37 . ( * )
[ . . . ]
بين المسلم واهل الكتاب اجراء اصالة الصحة في عمل المسلم دون عمل اهل
الكتاب
وقد علل ذلك في بعض النصوص المتقدمة بانهم لايسمون الله .
ولايتوهم انه لابد من سماع التسمية فلا يكفي احرازها بطريق آخر جمودا
على ظاهر بعض
الاخبار فانه مضافا
الى ان ظاهر اخذ السماع موضوعا كونه بعنوان
الطريقية سيما مع استدلال الامام - عليه السلام - فيها بالاية
الكريمة والتعليل في النصوص
المتقدمة بانه لايؤمن عليه الا مسلم وغير ذلك من القرائن قد صرح
بالاكتفاء
باخبار مسلم في صحيحي حريز وزرارة المتقدمين .
واورد على نصوص الحلية بايرادات :
1.
انها تحمل باجمعها على
الضرورة جمعا بينها وبين نصوص الحرمة .
ويشهد بهذا الجمع خبر زكريا بن آدم : قال ابو الحسن - عليه السلام -
: ( اني انهاك
عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي انت عليه واصحابك الا في وقت
الضرورة
اليه ) ( 1 ) .
وفيه : ان مقتضى الجمع العرفي بين النصوص ما تقدم والجمع بحمل نصوص
الحل على الضرورة تبرعي لاشاهد به بل كثير من بلكم النصوص تاباه
فانها صريحة في
انها تحل مع التسمية ولا تحل بدونها وهذا التفصيل يختص بحالة
الاختيار وفي حالة
الضرورة تحل الميتة ايضا فلو كان المراد بالحل في تلك النصوص الحل في
حال الاضطرار
لما صح النهي عن اكلها بدون التسمية .
واما الخبر فمع الاغماض عما في سنده اذ لم يثبت عندنا ان احمد بن
حمزة القمي
الراوي عن زكريا كونه ابن اليسع الثقة هو يتضمن النهي عن اكل ذبيحة
غير
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 26 - من ابواب الذبائح حديث 9 . ( * )
[ . . . ]
الامامي ولاريب في حلية ذبيحة المخالف فالنهي فيه محمول على الكراهة
قطعا مع
ان غاية ما هناك كونه من قبيل احد النصوص المطلقة فيقيد بما دل على
الحية مع
احراز التسمية .
2.
انها تحمل على التقية لان
من خالفنا يجيز اكل ذبيحة من خالف الاسلام من
اهل الذمة .
ويشهد به خبر بشير بن ابي غيلان الشيباني قال : سالت ابا عبد الله
- عليه
السلام - عن ذبائح اليهود والنصارى والنصاب - قال فلوى شدقه - وقال : ( كلها الى
يوم ما ) ( 1 ) .
ويرد عليه : ان الحمل على التقية انما يجوز عند تعارض الخبرين وفقد
جملة من
المرجحات والا فمجرد موافقة الخبر للعامة لايصلح لذلك .
واما الخبر فضعيف السند لبشر والحسن بن ايوب وغيرهما مع انه لايدل
على ذلك .
3.
ان الاصحاب اعرضوا عن هذه
النصوص ولم يعملوا بها وهو يوجب ضعف
السند .
وفيه اولا : ان عدم العمل بها يحتمل ان يكون من جهة ما رواه من
المعارضة بينها
وبين نصوص الحرمة وعليه فلا يكون ذلك اعراضا موهنا .
وثانيا : انه قد عرفت ان نصوص الحرمة لاتدل على ازيد من الحرمة بدون
احراز
التسمية وانه مع احرازها تحل الذبيحة .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 28 . ( * )
[ . . . ]
4.
ما في الوسائل قال :
وبعضها يحتمل الحمل على الانكار دون الاخبار وكلها
يحتمل الاختصاص بالغافل منهم ومن لم تبلغه الدعوة والابله وغير ذلك .
وفيه : ان مجرد الاحتمال لايعتنى به في مقابل الظهور ومن الغريب ان
الشهيد
الثاني في المسالك بعد نقل روايات الحرمة والاشكال عليها ثم نقل نصوص
الحل
والدفاع عنها يقول : وعلى كل حال فلا خروج لما عليه ومعظم الاصحاب بل
كاد ان يعد
هو المذهب
مضافا الى ما ينبغي رعايته من الاحتياط انتهى . وهو كما ترى اذ مخالفة
الاصحاب بعد وجود الروايات بل والايات وقصور دلالة ما استدلوا به على
ما ذهبوا
اليه لامحذور فيها .
ثم ان في المقام روايتين : احداهما تدل على الاكتفاء عن ذكر اسم الله
بما لو قال :
باسم المسيح وهي رواية ابي بصير قال : سالت ابا عبد الله - عليه
السلام - عن ذبيحة
اليهودي ؟ فقال : ( حلال ) قلت : وان سمى المسيح ؟ قال : ( وان سمى
المسيح فانه انما
يريد الله ) ( 1 ) .
ومثلها رواية عبد الملك بن عمرو ( 2 ) ولكنهما ضعيفا السند لقاسم بن
محمد
ومعارضان بالنصوص المتقدمة سيما ما تضمن نهيه - عليه السلام - عن اكل
الذبيحة وقربها
معللا بانهم يقولون على ذبائحهم مالا احب لكم اكلها ثم لما سئلوا عن
ذلك قالوا :
صدق انا نقول باسم المسيح .
الثانية : ما يدل على حلية اكل الذبيحة مع عدم احراز عدم التسمية
والا فيحل .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 36 .
( 2 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 35 . ( * )
[ . . . ]
وهي صحيحة جميل ومحمد بن حمران انهما سالا ابا عبد الله - عليه
السلام - عن ذبائح
اليهود والنصارى والمجوس ؟ فقال - عليه السلام - : ( كل ) فقال بعضهم
: انهم لايسمون
فقال - عليه السلام - : ( فان حضرتموهم فلم يسموا فلا تاكلوا ) وقال
- عليه السلام - : ( اذا غاب
فكل ) ( 1 ) .
ولكنها مطلقة يقيد اطلاقها بالنصوص الدالة على عدم كفاية الغيبوبة
مالم يحرز
التسمية فالمسالة بحمد الله واضحة لا اشكال فيها بحسب النصوص .
بيان ما يستفاد من الايات الشريفة
واما بحسب الايات فيدل قوله تعالى : ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه )
( 2 ) وقوله
تعالى : ( وما لكم الا تاكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما
حرم عليكم ) ( 3 )
باطلاقهما على حلية ذبيحة اهل الكتاب مع التسمية وبعبارة اخرى هما
بالاطلاق
يدلان على عدم الفرق بين كون الذابح مسلما او كتابيا .
وربما يستدل ايضا بقوله تعالى : ( وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم )
( 4 )
وجه الدلالة ان الطعام اما ان يراد به ما يطعم مطلقا فيشمل محل
النزاع لان
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 27 - من ابواب الذبائح حديث 33 .
( 2 ) الانعام آية 119 .
( 3 ) الانعام آية 120 .
( 4 ) المائدة آية 6 . ( * )
]ولو ذبح الذمي [
اللحم من جملة ما يراد به . واما ان يراد به الذبائح كما قاله بعض
المفسرين فيكون نصا .
واجيب عنه : بانه يحمل الطعام على الحبوب لانها المتعارفة ولدلالة
الحديث
عليه ( 1 ) .
وبانه ليس للعموم ونحن نقول بموجبه فيصدق عليه مع ذبح المسلم انه
طعام
الذين اوتوا الكتاب وبان الحكم معلق على الطعام وليس الذبح جزء من
مسماه .
ويرد الاخير : انه لو فرض ذبح الكتابي وصيره طعاما تناوله العموم .
ويرد ما قبله : اولا انهم صرحوا في الاصول بان المفرد المضاف يفيد
العموم والامر
هنا كذلك واستدلوا له بصحة الاستثناء الذي هو معيار العموم .
وثانيا : انه ان لم يفد العموم فلا اشكال في الاطلاق وكفى به حجة .
وعليه فحيث انه كما يصدق عليه مع ذبح المسلم انه طعام الذين اوتوا
الكتاب
كذلك يصدق عليه ذلك مع ذبح الكتابي فمقتضى الاطلاق حلية كليهما .
ويرد ما قبله : ان كون المتعارف من الطعام هو الحبوب ممنوع وعلى فرضه
لا
يصلح للتقييد نعم الحديث كما مر صحيح ودلالته على اختصاص الطعام
بالحبوب
واشباهها واضحة وليس من قبيل بيان بعض مصاديق الكلي فلاحظه فهذه
الاية
الكريمة لاتدل على حلية ذبيحة اهل الكتاب ولا على عدمها .
فتحصل من مجموع ما ذكرناه : عن بقاء الشك ( و ) الترديد في انه ( لو
ذبح
الذمي ) تحل الذبيحة مع احراز التسمية .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل - باب 26 - من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
]او الناصب لم يحل الاكل [
حكم ذبيحة المعادي لاهل البيت - عليهم السلام -
المشهور بين الاصحاب انه لو ذبح الحروري ( او ) الخارجي او غيرهما
ممن يصدق
عليه ( الناصب لم يحل الاكل ) بل لم ينقل الخلاف وعن غير واحد دعوى الاجماع
عليه .
ويشهد به جملة من النصوص كموثق زرعة عن ابي بصير : سمعت
ابا عبد الله - عليه السلام - يقول : ( ذبيحة الناصب لاتحل ) ( 1 ) .
وموثق ابي بصير عن ابي جعفر - عليه السلام - انه قال : ( لاتحل ذبائح
الحرورية ) ( 2 ) .
وخبر ابي بصير عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن الرجل يشتري
اللحم من
السوق وعنده من يذبح ويبيع من اخوانه فيتعمد الشراء من النصاب ؟ فقال
- عليه السلام -
: ( اى شئ تسالني ان اقول ما ياكل الا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير )
قلت : سبحان
الله مثل الدم والميتة ولحم الخنزير ! ؟ فقال - عليه السلام - : (
نعم واعظم عند الله من ذلك )
الحديث ( 3 ) .
ولا وجه للمناقشة في اسنادها بعد كونها موثقات سيما وان في طرق
الثاني حماد
ابن عيسى الذي هو من اصحاب الاجماع وعمل الاصحاب بها .
وبازائها خبران :
احدهما : صحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن ذبيحة
المرجئ
والحروري ؟ فقال - عليه السلام - : ( كل وقر واستقر حتى يكون ما يكون
) ( 4 )
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 28 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 28 - من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 28 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 4 ) الوسائل باب 28 من ابواب الذبائح حديث 8 . ( * )
]ويحل لو ذبح المخالف [
ثانيهما : حسن حمران عن ابي جعفر - عليه السلام - قال : سمعته يقول :
( لا
تاكل ذبيحة الناصب الا ان تسمعه يسمي ) ( 1 ) .
ولو لا افتاء الاصحاب بالحرمة مطلقا كان المتعين العمل بالحسن المؤيد
بظاهر
الكتاب الذي هو اخص من النصوص المتقدمة لكن الظاهر تسالمهم على
الحرمة وقد
احتمل في الرياض حمل الحسن على التقية بقرينة صحيح الحلبي .
( و )
قد اختلف الاصحاب في انه هل ( يحل لو ذبح المخالف ) غير
الناصب ام لا ؟ على اقوال :
1.
ما عن الاكثر بل عامة
المتاخرين وهو الحلية .
2.
ما عن الحلي وهو عدم
حليته الا اذا كان مستضعفا .
3.
ما عن ابي الصلاح وهو
حلية ذبيحة غير جاحد النص وحرمة ذبيحة
الجاحد .
4.
ما عن المصنف - ره - في
بعض كتبه وهو حلية ذبيحة المخالف غير الناصبي
مطلقا بشرط اعتقاده وجوب التسمية .
5.
ما عن القاضي وهو المنع
من ذبيحة غير الحق مطلقا .
يشهد للاول اطلاق الايتين الكريمتين المتقدمتين الدالتين على حلية كل
ما ذكر
اسم الله عليه ومقتضى اطلاقهما الشامل للمخالف عدم الفرق بين من
اعتقد وجوب
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 28 من ابواب الذبائح حديث 7 . ( * )
[ . . . ]
التمسية وعدمه والنصوص المتقدمة الدالة على ان المنع عن ذبيحة اهل
الكتاب انما
هو من جهة لزوم الاسم ولايؤمن عليه الا المسلم الشاملة للمخالف .
وصحيح محمد بن قيس عن الامام الباقر - عليه السلام - : قال امير
المؤمنين
- عليه
السلام - : ( ذبيحة من دان بكلمة الاسلام وصام وصلى لكم حلال اذا ذكر
اسم الله تعالى عليه ) ( 1 ) .
والنصوص ( 2 ) الدالة على حلية ما يشترى من اللحم والجلد من اسواق
المسلمين وهي ايضا عامة لغير المؤمن بل ظاهرة فيه لانه الاغلب في
زمان صدور هذه
الروايات .
واستدل للقول الاخير بخبر زكريا بن آدم قال : قال ابو الحسن - عليه
السلام - : ( اني
انهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي انت عليه واصحابك الا في وقت
الضرورة اليه ) ( 3 ) .
وفيه اولا : ما مر من الغمض في سنده وان عبر عنه سيد الرياض بالصحيح .
وثانيا : انه لمعارضته مع ما تقدم الذي لايصح حمله على المؤمن لابد
من حمله
على الكراهة .
وثالثا : ان الاصحاب لم يعملوا بظاهره .
ورابعا : انه متضمن لقوله : اني انهاك فلا يكون متضمنا لبيان الحكم
الكلي .
واستدل لما قبله : بان مقتضى النصوص المتقدمة المعللة للنهي عن ذبائح
اهل
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 28 - من ابواب الذبائح حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 29 - من ابواب الذبائح - وباب 29 من النجاسات .
( 3 ) الوسائل باب 28 من ابواب الذبائح حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
الذمة بانها اسم ولايؤمن عليها الا مسلم اعتبار حصول الا من منه
بتحقق التسمية في
حل الذبيحة وهو لايحصل في ذبيحة من لايعتقد وجوبها حيث لايحصل العلم
بتسميته عليها لاحتمال تركه لها بمقتضى مذهبه ولاباس به ولكن لازمه
تقييد كلام
المصنف بما اذا لم يحرز التسمية ولاينافيه حينئذ شئ من الادلة
المتقدمة وهو واضح في
غير الاخيرة .
واما هي فلان اكثر المسلمين معتقدون لوجوبها فالسوق جعل امارة لاجل
ذلك .
واما اصالة الصحة فلعلها لاتجري مع اعتقاد عدم الوجوب ولكن الذي يسهل
الخطب ندرة وجود من يعتقد عدم وجوب التسمية من المسلمين ولا يلزم
احراز كونه
معتقدا للوجوب بعد جعل الشارع الاقدس سوق المسلمين امارة .
واما بقية الاقوال فلم اظفر بما يمكن ان يستدل به لشئ منها الا دعوى
كفر غير
المستضعف او الجاحد للنص وهي ثابت البطلان في محله مع انه قد عرفت
حلية
ذبيحة الكافر اذا احرز التسمية .
المعروف بين الاصحاب انه لايعتبر في الذابح الذكورة ولا الفحولة ولا
البلوغ
ولا البصر فيصح من المراة والخصي والصبي المميز والمجنون المميز
والاعمى بل
الظاهر عدم الخلاف في شئ من ذلك ونصوص كثيرة شاهدة بذلك كله .
كصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : كانت لعلي بن
الحسين
[ . . . ]
- عليهما
السلام - جارية تذبح له اذا اراد ( 1 ) . ومثله صحيح ابن سنان ( 2 ) .
وخبر على بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - عن ذبيحة الجارية هل تصلح
؟ قال -
عليه السلام - : ( اذا كانت لاتنخع ولا تنكسر الرقبة فلا باس ) قال :
وقد كانت لاهل علي
بن الحسين - عليه السلام - جارية تذبح لهم ( 3 ) .
وصحيح ابن ابي عمير عن ابن اذينة عن غير واحد رواه عنهما - عليه
السلام - : ( ان
ذبيحة المراة اذا اجادت الذبح وسمت فلا باس باكله وكذلك الصبي وكذلك
الاعمى اذا سدد ) ( 4 ) .
وخبر ابن سنان عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن ذبيحة المراة
والغلام هل
تؤكل ؟ قال - عليه السلام - ( نعم اذا كانت المراة مسلمة وذكرت اسم
الله حلت ذبيحتها
واذا كان الغلام قويا على الذبح وذكر اسم الله حلت ذبيحته ) ( 5 ) .
وصحيح ابراهيم بن ابي البلاد عنه - عليه السلام - : عن ذبيحة الخصي ؟
فقال
- عليه
السلام - : ( لاباس ) ( 6 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عنه - عليه السلام - : عن ذبيحة الصبي اذا تحرك
وكان له
خمسة اشبار واطاق الشفرة وعن ذبيحة المراة ؟ فقال - عليه السلام - :
( اذا كان نساء ليس
..........................................................................
( 1 ) الوسائل - باب 23 من ابواب الذبائح حديث 9 .
( 2 ) الوسائل باب 23 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 23 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 4 ) الوسائل باب 23 من ابواب الذبائح حديث 8 .
( 5 ) الوسائل باب 23 من ابواب الذبائح حديث 11 .
( 6 ) الوسائل باب 24 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
معهن رجال فلتذبح اعقلهن ولتذكر اسم الله عليه " ( 1 ) .
واشتراط بلوغ الصبي خمسة أشبار اشارة الي اعتبار التمييز المتحقق
بذلك غالبا ،
لا انه شرط آخر ، كما أن اعتبار فقد الرجال في المورد الثاني ، بعد
كون ذلك أعم من
الضرورة وعدم افتاء أحد باعتبار ذلك يحمل علي الغالب عدم ذبح المرأة
مع الرجل
وصحيح عبد الرحمان عنه - عليه السلام - " إذا بلغ الصبي خمسة
أشبار اكلت
ذبيحته " ( 2 ) ونحوها غيرها
وبازاء هذه النصوص بعض الاخبار الظاهرة في اختصاص جواز ذبح المراة
والصبي بصورة الضرورة
كصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله - عليه السلام - عن ذبيحة
الغلام والمراة هل
تؤكل ؟ فقال - عليه السلام - : اذا كانت المراة مسلمة فذكرت اسم الله
على ذبيحتها حلت
ذبيحتها وكذلك الغلام اذا قوي على الذبيحة فذكر اسم الله ، وذلك اذا
خيف فوت
الذبيحة ولم يوجد من يذبح غيرهما " ( 3 ) .
والنبوي : " يا علي ليس على النساء جمعة - الى ان قال - : ولا
تذبح ، الا عند
الضرورة " ( 4 ) .
والمرسل عن الرضا - عليه السلام - : عن ذبيحة الصبي قبل ان يبلغ و
..........................................................................
( 1 ) صدره في باب 22 حديث 2 وذيله في باب 23 حديث 5 من الوسائل
ابواب الذبائح .
( 2 ) الوسائل باب 22 من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 23 من ابواب الذبائح حديث 7 .
( 4 ) الوسائل باب 23 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
] وانما يكون بالحديد مع القدرة ، [
ذبيحة المراة ؟ قال - عليه السلام - : " لا باس بذبيحة الصبي
والخصي والمراة اذا اضطروا
إليه " ( 1 ) .
ولكن لعدم افتاء المشهور بالاختصاص ولنصوص الجارية التي هي كالصريحة
في
الذبح في حال الاختيار تحمل هذه النصوص على الكراهة .
ثم انه : في صحيح سليمان ما يؤيد ما اخترناه من ان المنع عن ذبيحة
الكتابي من
جهة التسمية والا فلا منع عنها ، فانه لم يعطف فيه ذكر اسم الله على
كونها مسلمة كي
يكون هناك شرطان ، بل رتبه عليه مع اتيان كلمة - فاء - الظاهرة في التفريع كما لا
يخفى.
ولا يعتبر الطهارة في الذابح فيصح من الجنب والحائض بلا خلاف واطلاق
الكتاب والنصوص شاهد به ، مضافا الى نصوص خاصة في الجنب صريحة في
جواز ان
يذبح ، راجع الوسائل باب 17 من ابواب الذبائح .
بيان الآلة التي بها يذكي الذابح
المقام الثاني : في بيان الآلة التي بها يذكي الذبيحة ( وانما يكون
بالحديد مع
القدرة ) بلا خلاف ، وفي المسالك المعتبر عندنا في الالة التي يذكي
بها ان تكون من
حديد فلا يجزى مع القدرة عليه وان كان من المعادن المنطبعة كالنحاس
والرصاص
والذهب وغيرها ، انتهى.
وظاهرة الاجماع عليه ونقله سيد الرياض عن غيرها ايضا ونصوص كثيرة
شاهدة به ، لا حظ حسن محمد بن مسلم او صحيحه عن ابي جعفر - عليه
السلام -
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 23 من ابواب الذبائح حديث 10 . ( * )
]ويجوز مع الضرورة بما يفرى الاوداج [
: عن الذبيحة بالليطة
وبالمروة ؟ فقال - عليه السلام - : " لا ذكاة الا بحديدة " ( 1 ) .
وحسن الحلبي او صحيحه عن ابي عبد الله - عليه السلام - : عن ذبيحة
العود والحجرو
القصبة ؟ فقال - عليه السلام - : " قال علي - عليه السلام - :
لا يصلح الا بالحديدة " ( 2 ) .
وحسن ابي بكر الحضرمي عنه - عليه السلام - : " لا يؤكل ما لم
يذبح بحديدة " ( 3 ) .
وموثق سماعة سالته عن الذكاة ، فقال - عليه السلام - : " لا تذك
الا بحديدة نهى عن
ذلك امير المؤمنين - عليه السلام - " ( 4 ) .
( ويجوز
) التذكية بغيره ( مع الضرورة ) بالاضطرار الى الاكل او الخوف من فوت
الذبيحة ( بما يفرى الاوداج ) ويقطعها ، ولو كانت الالة مروة ( وهي
حجر يقدح بها
النار ) او ليطة - بفتح اللام - ( وهي القشر الاعلى للعصب المتصل به
) او زجاجة او
غير ذلك عدا السن والظفر ، وفي المسالك دعوى الاجماع عليه .
ويشهد به صحيح ابن الحجاج عن ابي ابراهيم - عليه السلام - : عن
المروة والقصبة
والعود يذبح بهن الانسان اذا لم يجد سكينا ؟ فقال - عليه السلام - :
" اذا فرى الاوداج فلا
باس بذلك " ( 5 ) .
وصحيح زيد الشحام عن ابي عبد الله - عليه السلام - : عن رجل لم يكن
يحضرته
سكين ايذبح بقصبة ؟ فقال - عليه السلام - : " اذبح بالحجر
وبالعظم وبالقصبة والعود اذا لم
تصب الحديدة ، اذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا باس به " ( 6 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب الذبائح حديث 1
( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب الذبائح حديث 2
( 3 ) الوسائل باب 1 من ابواب الذبائح حديث 3
( 4 ) الوسائل باب 1 من ابواب الذبائح حديث 4
( 5 ) الوسائل باب 2 من ابواب الذبائح حديث 1
( 6 ) الوسائل باب 2 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
وصحيح عبد الله بن سنان عنه - عليه السلام - : " لا باس ان تاكل
ما ذبح بحجر اذا لم
تجد حديدة " ( 1 ) .
وخبر محمد بن مسلم : قال ابو جعفر - عليه السلام - في الذبيحة بغير
حديدة : " اذا
اضطررت اليها فان لم تجد حديدة فاذبحها بحجر " ( 2 ) ونحوها
غيرها
واما السن والظفر ففي جواز التذكية بهما عند الضرورة قولان لاصحابنا
:
1.
العدم ، نسب الى الشيخ في
المبسوط والخلاف والاسكافي والشهيد في
بعض كتبه .
2.
ما عليه كافة المتاخرين
وهو الجواز .
يشهد للثاني اطلاق النصوص المتقدمة .
واستدل للاول : تارة بالاجماع ادعاه الشيخ في الخلاف .
واخرى : بالرواية العامية : ما انهر الدم وذكر اسم الله تعالى عليه
فكلوا الا ما
كان من سن او ظفر ، وساحدثكم عن ذلك : اما السن فعظم ، واما الظفر
فمدى
الحبشة ( 3 ) .
وثالثة : بخبر الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد - عليه السلام - عن
ابيه - عليه السلام -
عن علي - عليه السلام - انه كان يقول : " لا باس بذبيحة المروة والعود واشباههما ما خلا
السن والعظم " ( 4 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 2 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 3 ) الخلاف ج 3 ص 249 .
( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب الذبائح حديث 4 . ( * )
[ . . . ]
ورابعة : بان الذبح بالظفر والسن اشبه بالاكل والتقطيع ، والمقتضى
للتذكية
هو الذبح .
وفي كل نظر ، اما الاول : فلعدم ثبوته بل ثبوت عدمه اذ ليس هنا قائل
به الا
ناقله والاسكافي ولم يقل به قائله في كتبه الاخر غير الخلاف والمبسوط
، ولذلك قد نزله
المصنف في محكي المختلف علي المنع في حال الاختيار وادعي ظهور
التنزيل بأن الناقل
جوز مثل ذلك في التهذيب عند الضرورة ، وتبعه الشهيد في ذلك
واما الرواية العامية فلضعف سندها لا يعتمد عليها مع انها متضمنة لان
الظفر
مدى الحبشة وهو غريب .
اضف الى ذلك انها عللت المنع عن التذكية بالسن بانه عظم وقد صرح في
صحيح زيد بجواز التذكية بالعظم فيتعارض مع الصحيح ، فيقدم الصحيح
لجهات لا
تخفى .
واما الخبر فلانه ضعيف السند ، لان ابن علوان عامي لم يوثق ، مع انه
في صورة
الاختيار والكلام في حالة الضرورة .
واما الرابع : فلان مجرد الشباهة لا تمنع من العمل باطلاق الدليل .
فاذا الاظهر جواز التذكية بهما في حالة الاضطرار ثم ان المراد بالاضطرار
كما مر
عدم وجود الحديدة مع الخوف من فوت الذبيحة او الاضطرار الى الاكل كما
هو الظاهر
من النصوص .
]ويجب قطع المرئ والودجين ، والحلقوم [
المقام الثالث : في كيفية الذبح ( و ) فيه مسائل :
الاولى : المشهور بين الاصحاب انه ( يجب قطع المري ) - بفتح الميم
وكسر الراء
والهمزة مع الياء من غير مد - وهو مجرى الطعام والشراب ( والودجين )
- بفتح الواو
والدال المهملة - وهما عرقان كبيران في جانبي قدام العنق محيطان
بالحلقوم كما ذكره
جماعة وذكر بعضهم انهما يحيطان بالمرئ ( والحلقوم ) - بضم الحاء
المهملة - وهو مجرى
النفس ، ويقال للجميع الاوداج .
وظاهر الشرائع الميل الى الاكتفاء بقطع الحلقوم وخروج الدم خاصة لانه
نسب المحقق فيها القول الاول الى المشهور ونسب هذا الى الرواية ومال
اليه الشهيد
الثاني في المسالك ، وعن العماني الاكتفاء به او شق الاوداج .
وعن المصنف في المختلف الميل الى الاكتفاء بقطع الحلقوم والودجين وفي
الرياض بعد نقل ذلك عن المصنف - ره - ولعله لو لا الاجماع المحكي لا يخلو عن قوة .
واستدل للاول بالاجماع ، وبصحيح عبد الرحمان المتقدم : اذا فرى
الاوداج فلا
باس بذلك ( 1 ) : وباصالة الحرمة بعد انصراف الاطلاقات بحكم التبادر
والغلبة عن
ما لم يقطع اوداجه الاربعة مع انها واردة لبيان حكم آخر غير الكيفية .
اما الاجماع فلا يكون تعبديا ، واما اصالة الحرمة فلا مورد لها مع
الدليل ، مع انه
قد عرفت ان الاصل هو الحلية .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
واما الصحيح فربما يورد عليه بان فري الاوداج لا يقتضي قطعها راسا .
لان الفري الشق وان لم ينقطع .
ولكنه يندفع بانه في كلمات جماعة من اللغويين انه عبارة عن القطع ،
مع انه
المتبادر الى الذهن منه عند اطلاقه وهو علامة الحقيقة .
وربما يورد عليه بان المراد بالاوداج اما المعنى الحقيقي والجمع جمع
مجازي
منطقي فهي لا تشمل الحلقوم والمرئ ، واجاب عنه الشهيد في المسالك بان
الاوداج
بصيغة الجمع يطلق على الاربعة .
وفيه : ان ذلك في كلمات الفقهاء مع ان اطلاقها على الاربعة لا يوجب
حصرها
فيها كي لا يصح اطلاقها على الثلاثة ، وحيث صح اطلاقان كان مقتضى
الاطلاق
الاكتفاء بالثاني ايضا .
وقد يقال : ان المراد بها اما الاربعة او الثلاثة ، فعلى الاول الامر
واضح ، وعلى
الثانى كما يحتمل ارادة الحلقوم مع الودجين يحتمل ارادة المرئ معهما
، فمقتضى العلم
الاجمالي رعاية كليهما .
ولكن يرد عليه اولا : ان الاوداج كما يحتمل ارادة الاربعة او الثلاثة
منها يحتمل
ارادة الودجين منها فلا يدل الخبر على ازيد من اعتبار قطع الودجين ،
وانما يعتبر قطع
الحلقوم للصحيح الاتى فلا دليل على لزوم قطع المرئ .
وثانيا : انه لو دار الامر بين ارادة المرئ معهما ، او الحلقوم معهما
الصحيح الاتى
يعين الثانى .
والمتحصل : انه لا دليل على اعتبار قطع المرئ .
[ . . . ]
واستدل للقول الثانى بصحيح زيد الشحام المتقدم عن الامام الصادق -
عليه
السلام - : " اذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا باس به " ( 1
) وهو في نفسه تام اذا لمراد من
الباس المفهوم منه على تقدير عدم فريه ، هو الحرمة لانها الظاهرة من
الباس خصوصا
في المقام حيث يكون السوال عن الحلية والحرمة ، فلا يصغى الى ما قيل
من اعمية
الباس من الحرمة ، ومفهومه مفهوم الشرط الذي يكون حجة كما حقق في
محله فلا
يصغى الى ما في المسالك من عدم حجية مفهومه .
لكنه يعارضه الصحيح
المتقدم الدال على اعتبار فري الاوداج ، وما ذكرناه
كبرى كلية في محلها من انه اذا تعارض قضيتان شرطيتان وكانت النسبة
عموما من
وجه يقيد اطلاق مفهوم كل منها بمنطوق الاخرى اطلاقه المقابل للتقييد
باو ، لا التقييد
بواو ، فيكون النتيجة كون الشرط احد الامرين ، لا تجرى في المقام
لدوران الشرط في
احداهما بين الاقل والاكثر وعلى تقدير الاكثر يكون شاملا للشرط الذى
يكون في
الخبر الاخر ، ففي مثل المقام يتعين الاخذ بالمتيقن من القضية
المجملة وما تضمنه الخبر
الاخر فتكون النتيجة اعتبار قطع الودجين مع الحلقوم ، وبالنسبة الى
قطع المرئ يرجع
الى اصالة الحل التى اسسناها .
فتحصل مما ذكرناه قوة ما مال اليه المصنف - ره - و سيد الرياض ، واختاره
السيد
ابن زهرة بحسب النصوص ولكن لاجل عدم افتاء المشهور بذلك ، واعتبارهم
قطع
المري ايضا رعاية الاحتياط بقطعه ايضا لا يترك .
والذى يسهل الخطب ما ذكره المقداد من ان الاوداج الاربعة متصلة بعضها
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 2 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
]ويكفي في المنحور طعنه في وهدة اللبة [
ببعض فاذا قطع الحلقوم فلابد وان ينقطع الباقي معه .
ثم ان هاهنا فروعا :
1.
يجب المتابعة في الذبح
حتى يستوفى الاعضاء الاربعة قبل خروج الحياة ، فلو
قطع بعضها وارسله وانتهى الى الموت ثم قطع الباقي حرم ، ووجهه واضح
مما
اسلفناه .
2.
لو قطع الاوداج او واحدا
منها محرفا فان كان بحيث لم يحصل القطع الطولي
بل كان بالعرض فقط ، لم يحل صدق القطع والا حل لعدم دليل على اشتراط
الاستقامة .
3.
قالوا : ان الاعضاء الاربعة
متعلقة بالنخرة التي تكون في عنق الحيوان المسماة
بالجوزة على وجه اذا لم يبقها الذابح في الراس لم يقطعها اجمع او لم
يعلم بذلك وان قطع
نصف الجوزة ، وكيف كان فلابد من احراز قطع الاعضاء .
الثانية ( ويكفي في المنحور طعنه في وهدة اللبة ) بمعنى انه يكفي ادخال
السكين ونحوها في الوهدة من غير ان يقطع الحلقوم وغيره - واللبة بفتح
اللام
وتشديد الباء - اسفل العنق بين اصله وصدره ، ووهدتها الموضع المنخفض
منها ، ولا
خلاف في اصل الحكم بل ظاهر المسالك الاجماع عليه .
ويشهد به صحيح معاوية بن عمار او حسنه عن ابي عبد الله - عليه السلام
- : " النحر
في اللبة والذبح في الحلقوم " ( 1 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب الذبائح حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
الثالثة : ذهب جماعة الى اعتبار امور اخر لابد من التعرض لها ، منها
: عدم ابانة
الراس قبل ان تبرد الذبيحة وقد حكى ذلك عن صريح النهاية وابن زهرة
وظاهر ابن
حمزة والاسكافي والقاضي .
وعن جماعة آخرين حرمة الابانة وعدم محرميتها للذبيحة ، منهم المصنف -
ره -
في المختلف والشهيدان وغيرهم ، والمشهور بين الاصحاب هو الكراهة وفي
الخلاف
دعوى الاجماع عليها .
واستدل للمنع عن الابانة بجملة من النصوص كصحيح محمد بن مسلم عن
الامام الباقر - عليه السلام - : عن الرجل يذبح ولا يسمي ؟ قال -
عليه السلام - : " ان كان ناسيا
فلا باس اذا كان مسلما وكان يحسن ان يذبح ولا ينخع ولا يقطع الرقبة
بعدما
يذبح " ( 1 ) .
ونحوه صحيح الحلبي ( 2 ) بتقريب ان كلمة " لا " اما ان
تكون ناهية او نافية ،
فعلى الاول ظهور الخبرين في المنع لا ينكر ، وعلى الثاني يدلان على
ثبوت الباس مع
قطع الرقبة فانها مع مدخولها حينئذ تكون معطوفة على " يحسن
" وتقدير الكلام حينئذ لا
باس اذا كان لا يقطع الرقبة ، وثبوت الباس ظاهر في المنع .
وموثق مسعدة عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن الرجل يذبح فتسرع
السكين
فتبين الراس ؟ فقال - عليه السلام - : " الذكاة الوحية لا باس باكله مالم يتعمد ذلك " ( 3 ) .
وصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن رجل ذبح طيرا
فقطع راسه
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 9 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
أيؤكل منه ؟ قال - عليه السلام - : " نعم ولكن لا يتعمد قطع راسه
" ( 1 ) ونحوه خبر
علي بن جعفر ( 2 ) .
وظاهر الاولين هو اعتبار عدم قطع الراس في حلية الذبيحة لانه مضافا
الى
ظهور النهي في امثال المقام في المانعية ، الخبران واردان سوالا
وجوابا في بيان حلية
الذبيحة وحرمتها .
أضف الى ذلك احتمال كون " لا " نافية لا ناهية ، وعليه
فيحمل النهي فيهما على
الحكم التنزيهي للتصريح في صحيح الحلبي الذى سأل فيه عن الذبيحة التي
قطعت
راسها من غير استفصال بين العمد وغيره ؟ واجاب - عليه السلام - :
" بعدم الحرمة وانها
تؤكل " .
واما الموثق فهو يدل على حلية الذبيحة التي قطع راسها عن غير تعمد
ولا
مفهوم له كي يدل على المنع في غيره .
واما الاخيران فهما صريحان في عدم حرمة الذبيحة ، فالقول بمحرمية
الابانة في
غاية الضعف .
واما حرمتها فقد يتوهم ان النهى عن القطع في ذيل الخبرين ظاهر فيها .
ولكن يرده اولا : ان الشهرة تصلح مانعة عن الظهور وقرينة لحمل النهي
على
الكراهة .
وثانيا : ان النهي في امثال المقام مما تعلق بشئ في المركب الاعتباري
المجعول
موضوعا للحكم الشرعي ظاهر في نفسه في كونه ارشادا الى المانعية لا
الى الحرمة
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب الذبائح حديث 5 .
( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب الذبائح حديث 7 . ( * )
[ . . . ]
النفسية ، وحيث انه في الخبرين بقرينة تصريح الامام اولا بعدم محرمية
القطع للذبيحة
لايبقي على ظاهره فيدور الامر بين حمله على الحرمة النفسية او
الكراهة وليس احدهما
اولى من الاخر فلا دليل على الحرمة ايضا .
فان قيل : ان ذيل الخبرين يكون قرينة على اختصاص الصدر بغير صورة
العمد .
قلنا : ان الصدر يمنع عن انعقاد الظهور له في الارشاد الى المانعية
كي يصير
موجبا لتقييد الصدر فتدبر فانه دقيق .
فتحصل ان الاظهر مرجوحية الابانة لا الحرمة ولا المحرمية .
واما الاستدلال للمحرمية بان الذبح المشروع هو المشتمل على قطع
الاربعة
خاصة فالزائد عليها يخرج عن كونه ذبحا شرعيا فلا يكون مبيحا فلا يصغى
اليه في
مقابل ما تقدم من الادلة مع ان لازمه محرمية الزيادة وان لم تكن
ابانة وهو كما ترى .
ثم انه : لا كلام في ان القول بالمنع او الكراهة انما هو مع تعمد
الابانة .
واما مع عدمه كما لو سبقت السكين فابانته لم تحرم الذبيحة ولاتكره
قولا
واحدا .
ويشهد به مضافا الى ما مر : صحيح الفضل بن يسار عن ابي جعفر
- عليه
السلام - : عن رجل ذبح فتسبقه السكين فتقطع الراس ؟ فقال - عليه السلام - : "
ذكاة وحية
لاباس باكله " ( 1 ) ونحوه غيره .
ثم ان هذه النصوص ايضا تصلح لتاييد القول بعدم المحرمية بل وعدم
الحرمية
في صورة التعمد اذ يرجع حاصل الجواب الى ان قطع الراس ذكاة سريعة
فيكون اولى
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
وواضح ان هذا لايختص بصورة سبق السكين بل هذا التعليل يجري في صورة
التعمد
ايضا ،
ومنها : ان لا يذبح من القفاة ذهب اليه جماعة واستدل له بانه مسلتزم
لابانة
الراس وهي توجب الحرمة وقد مرما فيه وبانه يعتبر استقرار الحياة
للذبيحة قبل ان
تذبح بفرى الاوداج كما ذهب اليه الشيخ وجماعة لان ما لا يستقر حياته
قد صار
بمنزلة الميت مع ان استناد موته الى الذبح ليس اولى من استناده الى
السبب الموجب
لعدم الاستقرار بل السابق اولى فصار كان هلاكه بذلك السبب فيكون ميتة .
وعليه فاذا ذبح من القفاء فحين ما تصل آلة الذبح الى الاوداج لا يكون
للحيوان
حياة مستقرة فان الحياة المستقرة فسرت بان لاتكون مشرفة على الموت
بحيث لا يمكن
ان يعيش مثلها اليوم او الايام والمذبوح من القفاء الباقية اوداجه من
مصاديق ذلك
وستعرف عند تعرض المصنف - ره - لشرائط الذبيحة عدم اعتبار استقرار
الحياة بهذا
المعنى بل المعتبر اصل الحياة .
وعليه فالذبح من القفاء لا اشكال فيه ان كان الحيوان حيا قبل ان يفرى
الاوداج ومات بعد تمامية الفري .
ومنها : ان لاتنخنع الذبيحة قبل الموت والمراد بنخع الذبيحة ابلاغ
السكين
النخاع مثلث النون وهو الخيط الابيض وسط القفاء بالفتح ممتدا من
الرقبة الى عجز
الذنب للنهى عنه في جملة من النصوص كصحيحي محمد بن مسلم والحلبي
المتقدمين
في مسالة ابانة الراس .
[ . . . ]
وصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر - عليه السلام - عن الذبيحة ؟ فقال :
" استقبل بذبيحتك القبلة ولا تنخعها حتى تموت ولا تاكل من ذبيحة لم
تذبح من
مذبحها " ( 1 ) .
وصحيح ابن مسكان عن محمد الحلبي : قال ابو عبد الله - عليه السلام -
: " لا تنخع
الذبيحة حتى تموت فاذا ماتت فانخعها " ( 2 ) .
وظهور الاخيرين سيما الاول منهما في اعتبار عدم النخع في الحلية لا
ينكر .
وعليه فيتعين حملها على ارادة المرجوحية لا المنع لما تقدم في مسالة
ابانة الراس
المستلزمة للنخع .
وبه يظهر : ان حكمه حكمها والمدرك واحد فلابد وان تكون
الفتوى فيهما واحدة فما في النافع من الفتوى في هذه المسالة بالكراهة
مع ميله الى حرمة
الابانة قبل ذلك غير واضح الوجه .
ومنها : ان لايسلخ الذبيحة ولا يقطع شئ منها قبل بردها ذهب الى
اعتباره
في الحلية السيد ابن زهرة مدعيا عليه الاجماع .
وعن النهاية والقاضي وابن حمزة القول بالحرمة دون المحرمية وعن الحلي
وعامة
من تاخر القول بالكراهة .
واستدل للقول بالمنع بمرفوع محمد بن يحيى : قال ابو الحسن الرضا -
عليه السلام -
: " اذا ذبحت الشاة وسلخت اوسلخ شئ منها قبل ان تموت لم يحل اكلها "
( 3 ) .
وهو ان دل على شئ فهو حرمة الذبيحة لاحرمة السلخ فالقول الثاني لاوجه
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 6 من ابواب الذبائح حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 6 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 8 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
له اصلا .
واما القول الاول فيرده اولا : ضعف الخبر للرفع .
وثانيا : عدم عمل الاصحاب به وان ادعى الاجماع عليه لكن لم نعثر
بقائله
سواه .
وثالثا : انه يدل على عدم السلخ قبل الموت لاقبل برد الذبيحة اللهم
الا ان
يكون تلازم بين الموت والبرودة .
وبما ذكرناه يظهر انه لامدرك للحكم بالكراهة ودليل التسامح مختص
بالسنن
ولايشمل المكروهات فالاظهر عدم الكراهة ايضا .
ومنها : ان لايقلب السكين والمراد بقلب السكين ان يدخلها تحت الحلقوم
ويقطعه مع باقي الاعضاء الى الخارج اعتبره ابن زهرة في حلية الذبيحة
وعن الشيخ في
النهاية والقاضي حرمته وعن الحلي وعامة المتاخرين الكراهة .
واستدل للاول : بخبر حمران عن ابي عبد الله - عليه السلام - : "
لاتقلب السكين
لتدخلها تحت الحلقوم وتقطعه الى فوق " ( 1 ) .
بدعوى انه ظاهر في الارشاد الى المانعية وحمله الشيخ على ارادة
الحرمة .
والحق عدم تمامية شئ منهما اما الثاني : فواضح مما مر واما الاول :
فلان الخبر
ضعيف السند لان في طريقه القاسم بن اسحاق والد ابي هاشم الثقة الجليل
وهو
مجهول فلا يعتمد عليه . وبه يظهر انه لاوجه للقول بالكراهة ايضا الا
ان ينجبر ضعف
السند بفتوى المشهور بالكراهة فتدبر .
ومنها : ان لا يذبح حيوان وحيوان آخر ينظر اليه وعن الشيخ في النهاية
القول
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب الذبائح حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
بحرمته .
واستدل له بخبر غياث بن ابراهيم عن ابي عبد الله - عليه السلام - :
" ان امير المؤمنين
- عليه
السلام - قال : لا يذبح الشاة ولا الجزور عند وهو ينظر اليه " ( 1 ) .
واورد عليه في المسالك بان الخبر ضعيف بغياث ، ويرده : ان الاظهر
كونه
اماميا لازيديا كما قيل وعدلا ضابطا فالخبر صحيح السند .
فالاولى ان يورد عليه بان الشيخ رواه ( 2 ) باسناده عن احمد بن محمد
عن غياث الا
انه قال : كان ومن المعلوم ان عدم فعل امير المؤمنين - عليه السلام -
اعم من كونه على وجه
الوجوب او الاستجباب .
نعم روى ( 3 ) الشيخ - ره - مثل الاول بطريق آخر وهو ضعيف بطلحة بن
زيد ،
فالاظهر هو البناء على اولوية ذلك .
وبقى للذبح وظائف منصوصة غير لازمة وهي : تحديد الشفرة وسرعة
القطع وان لايرى الشفره للحيوان ولا يحركه ولا يجره من مكان الى آخر
بل يتركه الى
ان تفارقه الروح وان يساق الى الذبح برفق ويفجع برفق ويعرض عليه
الماء قبل
الذبح ويمر السكين بقوة ولايذبح ما رباه بيده ولا يذبح ليلا وفي نهار
الجمعة
قبل الصلاة كل تلكم للنصوص الظاهرة في الاولوية وعدم كون الحكم
لزوميا .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب الذبائح .
( 2 ) الوسائل باب 7 من ابواب الذبائح .
( 3 ) الوسائل باب 7 من ابواب الذبائح . ( * )
]ويشترط في الذبيحة استقبال القبلة [
الرابع : في شرائط التذكية ( ويشترط في الذبيحة ) شروط اربعة :
الاول : ( استقبال القبلة ) بها وفي المسالك اجمع الاصحاب على اشتراط
استقبال
القبلة في الذبح والنحر انتهى .
ويشهد به جملة من النصوص : كحسن محمد بن مسلم عن الامام الباقر -
عليه السلام –
في حديث : " اذا
اردت ان تذبح فاستقبل بذبيحتك القبلة " ( 1 ) .
وصحيحه الاخر عنه - عليه السلام - : " استقبل بذبيحتك القبلة
" ( 2 ) .
وصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن الذبيحة تذبح
لغير القبلة ؟
فقال - عليه السلام - : " لا باس اذا لم يتعمد " ( 3 ) فان
مفهومه ثبوت الباس مع التعمد
ونحوها غيرها فلا اشكال في اصل الحكم انما الكلام انما الكلام في
امور :
1.
هل يعتبر استقبال جميع
مقاديم بدن الحيوان ام خصوص المذبح والمنحر
صرح جماعة بالاول وعن جماعة اختيار الثانى .
وفي المسالك وربما قيل بان الواجب هنا الاستقبال بالمذبح والمنحر
خاصة
وليس ببعيد .
والاظهر هو الاول لاللاصل وعدم انصراف الاطلاقات بحكم التبادر
والغلبة
الا الى الذبيحة المستقبلة بجميع مقاديمها القلبة كما في الرياض لما
عرفت ما في الدليلين
غير مرة بل لظاهر الاخبار فان الذبيحة عبارة عن الحيوان وقد امر في
الاخبار بان
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 14 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 14 من ابواب الذبائح حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 14 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
يستقبل بها فالحمل على ارادة الاستقبال بخصوص مذبحها او منحرها خلاف
الظاهر
يحتاج الى القرينة .
2.
هل يعتبر استقبال الذابح
ايضا نظرا الى ان ظاهر الاستقبال بها ان يستقبله
هو معها ايضا على حد قولك ذهبت بزيد وانطلقت به بمعنى ذهابهما
وانطلاقهما ام
لا يعتبر ذلك ؟ نظرا الى ان التعدية بالباء تفيد معنى التعدية
بالهمزة كما في قوله تعالى :
( ذهب
الله بنورهم ) اي اذهب نورهم ؟ وجهان : اظهر هما الثاني .وحسن
محمد بن مسلم قال :
سالت ابا عبد الله - عليه السلام - : " كل ولا باس مالم يتعمده " ( 1 ) يرشد الى الاكتفاء بتوجهها
الى القبلة خاصة ثم على فرض التنزل وتسليم اجمال النصوص فالمتيقن
الثابت هو
استقبال الذبيحة وبها يقيد اطلاق الكتاب والسنة الدالين على حلية ما
ذكر اسم الله
عليه ويخرج بها عن اصالة الحل .
واما اعتبار استقبال الذابح فلا يستفاد من هذه النصوص ولا دليل غيرها
عليه
ومقتضى الاطلاق والاصل عدم اعتباره .
3.
هل يعتبر ان يكون نحرها
وبطنها مستقبل القبلة كما صرح به بعضهم ام
يكفى صدق ذلك ولو كان الحيوان واقفا ويكون راسه ومقاديم بدنه الى
القبلة ؟
مقتضى اطلاق النصوص هو
الثاني لانه لو اوقف الحيوان الى القبلة بان كان راسه اليها
يصدق انه مستقبل القبلة كما في الانسان في حالة الركوع والسجود
والابل في حال
النحر اذا كانت قائمة .
ودعوى ان النصوص منصرفة الى ذبح الحيوان بالطريق المتعارف وهو الذبح
نائما فلا تشمل النصوص ذبحه قائما .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 14 من ابواب الذبائح حديث 4 . ( * )
]والتسمية . . . [
مندفعة : بانه لاوجه للانصراف المدعى في المقام سوى الغلبة والتعارف
وقد مر
مرارا انهما لا يصلحان منشا للانصراف المقيد للاطلاق مع ان الغلبة
ممنوعة في هذه
الازمنة التى تعارف فيها ذبح الحيوان بالطريق المستحدث وقد بينت حكم
الذبح
بذلك الطريق في كتابنا المسائل المستحدثة المطبوع .
( و ) الثاني : ( التسمية )
واعتبارها في الحلية اجماعي والنصوص المتواترة شاهدة به وقد مر جملة
منها بل
قد مر في مسالة ذبح الكتابي النصوص المتضمنة ان المعيار في الحلية
الاسم وان اعتبار
كون الذابح مسلما انما هو لاجل انه يؤمن عليه المسلم دون الكافر بل
الايات القرآنية
تدل عليه كما مر فتامل وكيف كان فالحكم اوضح من ان نطول المقام
بالتفصيل فيه .
انما الكلام في المراد من
التسمية مقتضى اطلاق الايات والنصوص ان المراد بها
ذكر اسمه تعالى بقوله بسم الله ، اوالحمد لله ، او الله اكبر ، او
يسبحه ، او يستغفره وما
شاكل ، لصدق الذكر بذلك .
وفي صحيح محمد بن مسلم قال : سالته عن رجل ذبح فسبح او كبر او هلل
او حمد الله ؟ قال - عليه السلام - : " هذا كله من اسماء الله
لاباس به " ( 1 ) .
ولو قال الله واقتصر ففي الاجتزاء به قولان : من صدق ذكر اسم الله
عليه ومن
دعوى ان فهم العرف يقتضى كون المراد ذكر الله بصفة كمال وثناء كإحدى
التسبيحات
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
الاربع ويؤيده الصحيح فانه اطلق الاسماء على التسبيح والتكبير
والتهليل والتحميد .
والاظهر هو الاول فان المنساق الى الذهن من ذكر اسم الله كذكر اسم
غيره
مطلق التلفظ باسمه كان ذلك منضما بذكر صفة كمال او ثناء او لم يكن
والصحيح
انما يدل على صدق اسم الله على ما لو اقترن ذكر اسمه تعالى بذكر صفة
كمال وثناء ولا
يدل على عدم صدقه عليه بدون الضميمة فالاظهر هو الاجتزاء .
وهل يعتبر ذكر اسم الله تعالى خاصة فلو ذكر اسم غيره معه كما لو قال
: بسم
الله ومحمد بالجر لم يجزء به كما ارسله في المسالك ارسال المسلمات ام
لايعتبر ذلك ؟
مقتضى الادلة هو الثاني : لانه تصدق التسمية بذكر اسمه واسم غيره
لايضر بصدق
ذلك فلو كان عنه مانع لابد وان يقام عليه الدليل والا فمقتضى الاصل
والاطلاق
عدم المانعية فالاظهر عدم الاعتبار الا ان يكون هناك اجماع كما يظهر
من المسالك .
وهل يشترط التلفظ بلفظ الجلالة لذكره في القرآن والسنة ام يكفي كل
اسم من
اسمائه تعالى ؟ وجهان : اظهرهما الثانى وذلك لوجوه :
1.
انه في القرآن والسنة امر
بذكر اسم الله تعالى والمراد به الذات المقدسة قطعا ،
لا لفظ الجلالة لاضافة الاسم اليه ولا اسم للفظ الجلالة بل الاسم
لذاته المقدسة وهو
واضح جدا .
2.
انه لو لم يكن لفظ الاسم
لكان الظاهر ايضا الذات لما مر في النذر من كون
الاسم من جهة انبائه عن المسمى لو اخذ في الموضوع يكون ظاهرا في
ارادته من حيث
انه منبى عن المسمى وكاشف عنه فكل ما ينبى عن المسمى يكون مجزيا .
3.
انه لو اغمض عن الامرين
فحيث ان الايات القرانية لامفهوم لشئ منها
]ولو اخل باحدهما عمدا لم يحل ولو كان ناسيا جاز . . . [
كي تدل على عدم الاجتزاء بغير لفظ الجلالة لان قوله تعالى : ( ولا
تاكلوا مما لم يذكر
اسم الله عليه ) ( 1 ) قد مر في مبحث صيد الكافر عدم دلالته على لزوم
التسمية وعدم
المفهوم لقوله تعالى : ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ) ( 2 ) .
وقوله عزوجل : ( وما لكم الا
تاكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم ) ( 3 ) واضح .
واما السنه فما فيه منها لفظ الجلالة لامفهوم له فتامل وجملة منها
مطلقة
لاحظ النصوص الواردة في ذبح الكافر .
فالاظهر كفاية كل اسم من اسمائه تعالى وبذلك يظهر عدم اشتراط العربية
فيها وان التسمية باى لغة كانت تجزي .
حكم ما لو ترك التسمية والاستقبال نسيانا
( ولو
اخل باحدهما عمدا ) اي الاستقبال والتسمية او بهما ( لم يحل ) كما مر
( ولو
كان ناسيا جاز ) وحل بلا خلاف بل اجماعا كما في الرياض وغيره .
ويشهد بذلك في الاول : جملة من النصوص كصحيح محمد بن مسلم عن ابي
عبد الله - عليه السلام - : عن ذبيحة ذبحت لغير القبلة ؟ فقال - عليه
السلام - : " كل ولا باس
بذلك مالم يعتمده " ، الحديث ( 4 ) ونحوه صحيح الحلبي ( 5 ) .
..........................................................................
( 1 ) الانعام آية 121 .
( 2 ) الانعام آية 119 .
( 3 ) الانعام آية 120 .
( 4 ) الوسائل باب 14 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 5 ) الوسائل باب 14 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
وفي الثاني : صحيح آخر لمحمد بن مسلم عن الامام الباقر - عليه السلام
- :
" ان كان ناسيا
فلا باس اذا كان مسلما وكان يحسن ان يذبح " الحديث ( 1 ) .
وصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : في حديث انه ساله
عن الرجل
يذبح فينسى ان يسمى اتؤكل ذبيحته ؟ فقال - عليه السلام - نعم اذا كان
لايتهم وكان يحسن
الذبح قبل ذلك الحديث ( 2 ) ونحوهما غيرهما .
ثم ان ظاهر صحيح محمد الثالث عنه - عليه السلام - : عن رجل ذبح ولم
يسم ؟ فقال -
عليه السلام - : " ان كان ناسيا فليسم حين يذكر ويقول بسم الله
على اوله وآخره " ( 3 ) هو
الوجوب عند الذكر وحيث لا قائل به فليحمل على الاستجباب وهو نظير
ماورد في
نسيانها على الاكل .
وبهذه النصوص يقيد اطلاق ما دل على عدم الحل عند ترك التسمية او
الاستقبال ويحمل على صورة التعمد .
ولو ترك الاستقبال جاهلا بوجوبه حل الذبيحة ايضا كما عن القواعد وفي
المسالك والرياض وغيرها لصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر - عليه
السلام - : عن رجل
ذبح ذبيحة فجهل ان يوجهها الى القبلة ؟ قال - عليه السلام - : "
كل منها " الحديث ( 4 ) ومن
لايعتقد وجوب الاستقبال من مصاديق الجاهل .
ولو ترك التسمية جاهلا فهل تحل الذبيحة كما عن المحقق الاردبيلي ام
لاتحل ؟
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 15 من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 15 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 4 ) الوسائل باب 14 من ابواب الذبائح حديث 2 . ( * )
]ويشترط في الابل النحر وفي غيرها الذبح . . . [
كما في الرياض ؟ وجهان : مقتضى اطلاق الادلة عدم الحلية اذ الخارج
خصوص الترك
ناسيا .
واستدل للاول بكون الجهل كالنسيان في المعنى المسوغ للاكل ولذا
تساويا حكما
في ترك الاستقبال وهو كما ترى .
ولو اعتقد عدم وجوب التسمية وسمى فالاظهر حلية الذبيحة لاطلاق
النصوص ولما دل على حلية ذبيحة المخالف وان لم يعتقد وجوبها بل يحل
شراء ما في
اسواق المسلمين من اللحوم والجلود من غير سؤال كما ياتي .
فما عن المصنف - ره - في المختلف من عدم الاكتفاء بتلك التسمية ضعيف .
اختصاص الابل بالنحر وما عداها بالذبح
( و )
الثالث مما ( يشترط ) في كيفية الذبح ان يكون ( في الابل النحر وفي غيرها
الذبح ) فلو نحر المذبوح اوذبح المنحور فمات لم يحل كما هو المشهور
بين الاصحاب
شهرة عظيمة بل على اعتباره في الخلاف والغنية والسرائر وغيرها
الاجماع .
محل البحث مسالتان : الاولى : كون النحر في الابل والذبح في غيرها .
الثانية : لو نحر المذبوح او ذبح المنحور لم يحل .
اما الاولى : فيشهد لكون النحر في الابل خبر ابي بصير عن ابي عبد
الله - عليه السلام
- : " ان امتنع عليك بعير وانت تريد ان تنحره فانطلق منك فان خشيت ان يسبقك
فضربته بسيف او طعنته بحربة بعد او تسمي فكل الا ان تدركه ولم يمت
بعد فذكه " ( 1 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 10 من ابواب الذبائح حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
وخبر الجعفي : قلت
لابى عبد الله - عليه السلام - : بعير تردى في بئر كيف ينحر ؟ قال -
عليه السلام - : " يدخل الحربة فيطعنه بها ويسمي وياكل " (
1 ) .
ويشهد لكون الذبح في غيرها اطلاق النصوص الواردة في كيفية التذكية
مضافا
الى النصوص الخاصة الواردة في البقر والثور وما شاكل هذا كله مضافا
الى
استقرار التعارف بين المسلمين على ذلك وعدم الخلاف بينهم في شرعية
النحر في الابل
ولذبح في غيرها .
واما الخبر الدال على امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحر الفرس
فمع ضعف سنده واعراض
الاصحاب عنه ومعارضته لغيره يطرح او يحمل على التقية فما عن المقدس
الاردبيلى
والمحقق فنحرها وغيرها فذبحه غير تام .
واما الثانية : فيشهد لعدم حلية ما لو نحر المذبوح وذبح المنحور جملة
من
النصوص كصحيح صفوان قال : " سالت ابا الحسن - عليه السلام - عن
ذبح البقر من
المنحر ؟ فقال - عليه السلام - " للبقر الذبح وما نحر فليس بذكي
" ( 2 ) .
وجوابه - عليه السلام - مركب من صغرى وكبرى فالاولى قوله : للبقر
الذبح
والثانية قوله : وما نحر اى ما يذبح فليس بذكي .
وصحيح يونس بن يعقوب قلت لابى الحسن الاول : ان اهل مكة لا يذبحون
البقر انما ينحرون في لبة البقرة فما ترى في اكل لحملها ؟ فقال : " فذبحوها وما كادوا
يفعلون ) لا تاكل الا ما ذبح " ( 3 ) .
ومرسل الصدوق : قال الصادق - عليه السلام - : " كل منحور مذبوح
حرام وكل
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 10 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب الذبائح حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 5 من ابواب الذبائح حديث 2 . ( * )
]وان يتحرك بعد التذكية حركة الاحياء واقله حركة الذنب او
تطرف العين او
يخرج الدم المسفوح ولو فقد الم تحل [
مذبوح منحور حرام " ( 1 ) ونحوها غيرها .
ثم انه يسقط اعتبارهما مع التعذر كاستعصائه كما سياتي .
ثم ان ادرك ما يعتبر من الذبح او النحر بعد ما فعل الاخر به حل بناء
على ما
سياتي من عدم اعتبار استقرار الحياة .
( و )
الرابع ( ان يتحرك بعد التذكية حركة الاحياء واقله حركة الذنب او تطرف
العين او يخرج الدم المسفوح ولو فقدا لم تحل ) بلا خلاف فيه في
الجملة وتنقيح القول
بالبحث في موارد :
1.
اختلف الاصحاب في انه هل
يعتبر استقرار الحياة للحيوان حين التذكية
وفسرت الحياة المستقرة بان لايكون مشرفا على الموت بحيث لايمكن ان
يعيش مثله اليوم او
الايام كما ذهب اليه
الشيخ وجماعة ام لايعتبر ذلك ؟ بل المعتببر اصل الحياة
ليس من المذهب واستدل الشهيد الثاني للقول باعتبار استقرار الحياة
بان ما استناده الى
السبب الموجب لعدم استقرارها بل السابق اولى وصار كان هلاكه بذلك
السبب
فيكون ميتة واعتضده سيد الرياض بالاصل مع اختصاص الكتاب والسنة بحكم
التبادر والغلبة بما ذكي وحياته مستقرة ولكن اعترف بعده بكونه مخالفا
لظواهر
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
الكتاب والسنة .
والحق عدم اعتبار استقرار الحياة لاستثناء ما ذكتيم من النطيحة وهي
التي
تنطحها بهيمة فتموت .
والمتردية وهي التي تتردى من سطح او تسقط في بئر او هوة فتموت .
وما اكل السبع في الاية ( 1 ) الكريمة المفسرة في صحيح زرارة عن الامام
الباقر - عليه
السلام - : " كل كل شئ من الحيوان غير الخنزير والنطيحة
والمتردية وما اكل السبع وهو
قول الله عزوجل : " الا ما ذكيتم " فان ادركت شيئا منها
وعينه تطرف او قائمة تركض
او ذنب يمصع فقد ادركت ذكاته فكله " الحديث ( 2 ) .
ولجملة من النصوص كصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - :
عن
الذبيحة ؟ فقال - عليه السلام - : " اذا تحرك الذنب او الطرف او
الاذن فهو ذكي " ( 3 ) .
وخبر عبد الرحمان عن الامام الصادق - عليه السلام - : " في كتاب
علي - عليه السلام - : اذا
طرفت العين او ركضت الرجل او تحرك الذنب فكل منه فقد ادركت ذكاته
" ( 4 ) ومثله
خبر عبد الله بن سليمان عنه - عليه السلام - ( 5 ) .
وخبر ابان بن تغلب عنه - عليه السلام - : " اذا شككت في حياة
شاة ورايتها تطرف
عينها او تتحرك اذنيها او تمصع بذنبها فاذبحها فانها لك حلال "
( 6 ) الى
..........................................................................
( 1 ) المائدة آية 3 .
( 2 ) الوسائل باب 11 من ابواب الذبائح حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 11 من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 4 ) الوسائل باب 11 من ابواب الذبائح حديث 6 .
( 5 ) الوسائل باب 11 من ابواب الذبائح حديث 7 .
( 6 ) الوسائل باب 11 من ابواب الذبائح حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
غيرتلكم من النصوص .
ومن المعلوم ان الذبيحة في هذه الموارد ما كانت حياتها غير مستقرة .
وما افاده المحقق القمي - ره - جامع الشتات من انه كيف يمكن احراز
عدم
استقرار الحياة مع ما نرى بالوجدان انه كم مورد اطمئن الناس بان
انسانا في حال النزع
وسيموت قريبا ثم شفاه الله تعالى وعاش مدة مديدة بعد ذلك فلا يستفاد
من الاية
والنصوص عدم اعتبار استقرار الحياة .
يدفعة اولا : ان الاية والنصوص من جهة عدم الاستفصال بين صورة
الاطمئنان
بعدم استقرار الحياة وعدمه تدلان على عدم اعتبار ذلك لانه لايعتبر في
الدليل
الصراحة ويكفي الاطلاق والظهور .
ثانيا : ان تخلف الاطمئنان في بعض الموارد من جهة عدم الاطلاع على
السبب
لاينافي حصول الاطمئنان مع وجود سبب الموت ورؤية نزع الحيوان .
ثالثا : انه لو شك في ذلك يكفينا استصحاب الحياة المستقرة ويحكم
لاجله
بوجود الشرط .
وما افاده الشهيد الثاني - ره - من انه يعارضه استصحاب الحرمة
الثابتة حال
الحياة فيتعارض الاصلان .
يرد عليه اولا : ما تقدم من عدم جريان استصحاب الحرمة لعدم جريان
الاستصحاب في الاحكام الكلية ولتبدل الموضوع ولعدم ثبوت حرمة الاكل
في حال
الحياة اذا لم يعرضه الموت قبل البلع كما لو بلع سمكا صغيرا .
وثانيا : ان استصحاب بقاء الشرط حاكم على استصحاب الحرمة لان الشك في
بقاء الحرمة مسبب عن الشك في بقاء الشرط والاصل في السبب حاكم على
الاصل في
المسبب .
[ . . . ]
فتحصل ان الاظهر عدم اعتبار استقرار الحياة وعلى فرضه يكفي الشك فيه
في
الحلية . نعم اصل الحياة حين الذبح معتبر .
2.
هل يصح لو شك في حياة
حيوان حين الذبح ان يستصحب حياته فيحكم
بالحلية من دون ان يرجع الى العلامة المقررة في النصوص ام لا ؟ وجهان
الظاهر هو
الثاني لان المستفاد من النصوص ان الشارع الاقدس في حال الشك في
الحياة لم يكتف
بالاستصحاب بل جعل
امارة يرجع اليها لاستكشاف الحياة فكانه يعتبر في الحلية
احراز الحياة لاحظ النصوص المتقدمة سيما خبر ابان : اذا شككت في حياة
شاة و
رايتها الخ فان مفهومه انه لو شك ولم يرها تتحرك ليس بحلال ومن اخذ
الرؤية في
الموضوع التي هي كناية عن العلم يستفاد ايضا انه لايكفي اجراء
الاستصحاب في
نفس الحركة .
فما في المسالك من جريان هذا الاصل غاية الامر يسقط بالتعارض مع
استصحاب التحريم في غير محله ولايتوهم التهافت بين ما ذكرناه في الشك
في
استقرار الحياة وما بيناه في الشك في اصل الحياة من جريان الاستصحاب
في الاول
دون الثاني فان المانع عنه في الثاني النصوص المختصة به
3.
هل محل الحركة قبل الذبح
او بعده ؟ نسب في الرياض الثاني الى الاصحاب
كافة وعن الغنية ان عليه اجماع الامامية والاخبار مختلفة فيظهر من
بعضها ان محلها
قبل الذبح كخبر ابان المتقدم وظاهر بعضها الاخر كونه بعده كاكثر
الاخبار المتقدمة
بقرينة قوله : فهو ذكي او فكله وما شاكل متفرعا على الحركة فيعلم من
ذلك ان المراد
بعد الذبح اذ لو كان قبله كان ذلك معلقا على التذكية .
بل ذلك صريح بعض آخر كصحيح ابي بصير عن الامام الصادق - عليه السلام - :
[ . . . ]
عن الشاة تذبح فلا تتحرك ويهراق منها دم كثير عبيط ؟ فقال - عليه
السلام - : " لا تاكل ان
عليا - عليه السلام - كان يقول : اذا ركضت الرجل او طرفت العين فكل
" ( 1 ) فانه صريح في
ذلك من جهة وقوع السؤال فيه عن الحل مع عدم الحركة بعد التذكية
لاقبلها بمقتضى
الفاء المفيدة للترتيب بلا شبهة مع وقوع الجواب عنه بالنهي عن الاكل مطلقا ولو
حصلت له حركة سابقة من حيث فقد الحركة المتاخرة واستشهاده لذلك بقول
على
- عليه
السلام - يكون كاشفا عن ان المراد بهذه الجملة في سائر النصوص ايضا ذلك فلابد
من تاويل خبر ابان بما لاينافي ذلك فالاظهر ان الميزان هو الحركة بعد
الذبح .
4.
اختلف الاصحاب فيما تدرك
به الذكاة من الحركة وخروج الدم بعد الذبح
او النحر فعن المفيد والاسكافي والقاضي والديلمي والحلبي والسيد ابن
زهرة انه يعتبر
في حلها الامران معا فلو حصل احدهما لم يكن فيه كفاية بل عن الاخير
منهم ان عليه
الاجماع وعن الاكثر ومنهم الشيخ والحلى والمصنف - ره - والمحقق واكثر
المتاخرين
الاكتفاء باحد الامرين وعن الصدوق والمصنف في المختلف كفاية الحركة
دون خروج
الدم وقواه سيد الرياض والشهيد الثاني .
ومنشا اختلاف الاقوال اختلاف النصوص فانها على طوائف :
الاولى : ما يدل على اعتبار الحركة والاكتفاء بها كالنصوص المتقدمة .
الثانية : ما يدل على اعتبار خروج الدم والاكتفاء به كصحيح زيد
الشحام عن
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 12
من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
ابي عبد الله
- عليه السلام - : عن رجل لم يكن بحضرته سكين ايذبح بقصبة ؟ فقال - عليه السلام - :
" اذبح بالحجر والعظم وبالقصبة والعود اذا لم تصب الحديدة اذا قطع
الحلقوم
وخرج الدم فلا باس " ( 1 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر - عليه السلام - : عن مسلم ذبح فسمى
فسبقه
السكين بحدتها فابان الراس ؟ فقال - عليه السلام - : " ان خرج
الدم فكل " ( 2 ) ووروده في
مورد خاص لايضر لعدم الفرق بين الموارد قطعا ونحوه صحيح عمر بن اذينة
( 3 ) .
وخبر الحسين بن مسلم عن ابي عبد الله - عليه السلام - : في رجل ضرب
بقرة بفاس
فسقطعت ؟ قال - عليه السلام - : " فان كان الرجل الذي ذبح
البقرة حين ذبح خرج الدم
معتدلا فكلوا واطعموا وان كان خرج خروجا متثاقلا فلا تقربوه " (
4 ) .
واورد عليه الشهيد الثاني بضعف السند لان الحسين بن مسلم مجهول وتبعه
في
التضعيف سيد الرياض .
وفيه اولا : ان الخبر مروى بطريق آخر قوي رواه ( 5 ) الحميرى في قرب
الاسناد
عن بكر بن محمد عن ابي عبد الله - عليه السلام - مع ابدال قوله
" فسقطت " بقوله " فوقذها " .
وثانيا : ان الظاهر اعتماد الاصحاب عليه لانهم لم يكتفوا بخروج الدم
بل قيدوه
بخروجه معتدلا ولامدرك لهم في هذا القيد سوى هذا الخبر فان النصوص
الاخر
مطلقة وبذلك يظهر انه لابد من تقييد اطلاق تلك النصوص بهذا الخبر .
الطائفة الثالثة : ما دل على عدم الاكتفاء بخروج الدم وانه لابد من
الحركة
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 2 و 3 ) الوسائل باب 9 من
ابواب الذبائح حديث 2 .
( 4 و 5 ) الوسائل باب 12 من
ابواب الذبائح حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
كصحيح ابي بصير عن الامام صادق - عليه السلام - : عن الشاة تذبح فلا
تتحرك ويهراق
منها دم كثير عبيط ؟
فقال - عليه السلام - : " لاتاكل ان عليا - عليه السلام - كان يقول : اذا
ركضت الرجل او طرفت العين فكل ( 1 ) .
والحق في الجمع بين النصوص ان يقال : انه يقيد اطلاق الخبر الاخير
الدال على
عدم الاكتفاء بخروج الدم بخبري الحسين بن مسلم وبكر بن محمد الدالين
على
الاكتفاء بخروج الدم اذا خرج معتدلا وعدم الاكتفاء به اذا خرج
متثاقلا .
فتبقى الطائفتان الاوليتان ولكل منهما منطوق ومفهوم .
منطوق الاولى : حلية الذبيحة بالحركة ومفهومها عدمها بعدم الحركة .
منطوق الثانية : حلية الذبيحة بخروج الدم معتدلا ومفهومها عدم الحلية
بعدم
خروجه معتدلا .
ولا تعارض بين النطوقين ولابين المفهومين بل التعارض بين مفهوم كل منهما
مع منطوق الاخرى ولكن حيث لايمكن التصرف في المفهوم الذى هو دلالة
تبعية
بدون التصرف في المنطوق فلابد من رفع اليد عن احد اطلاقي المنطوق في
كل منهما
وهما : الاطلاق المقابل للتقييد ب " واو " .
فتكون النتيجة على الاول انه ان تحرك الحيوان او خرج حل . والنتيجة
على الثاني
انه ان تحرك وخرج الدم حل فعلى الاول يثبت القول الاول وعلى الثاني
القول الثاني
واما القول الثالث فقد ظهر ضعفه مما قد مناه .
وحيث ان الضرورات تتقدر بقدرها ولايصح رفع اليد عن الاطلاق الا بالمقدار
الثابت ولذا لو دل الدليل على وجوب اكرام العلماء وعلمنا من الخارج
ان زيدا وبكرا
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
]ويستحب في الغنم ربط قوائمها عدا احدى رجليه وفي البقر ربط
قوائمها
واطلاق ذنبها وربط خفاف الابل الى الابط وارسال الطير [
لا يجب اكرامهما معا فيدور الامر بين تقييد اطلاق الدليل الاول
باخراجهما معا
فلا يجب اكرام احدهما وبين تقييده باخراج كل منهما عند اكرام الاخر
يكون المتعين هو
الثاني .
ففي المقام بما ان التعارض يرتفع بتقييد الاطلاق المقابل للتقييد ب "
او " ولازمه
الاقتصار على الاقل من التقييد الممكن فلا وجه لتقييد الاطلاق
المقابل للتقييد ب " واو "
المستلزم للتقييد الازيد فيتعين ذلك .
فتكون النتيجة هو الاكتفاء بخروج الدم معتدلا او الحركة المزبورة ولا
يعتبر ولا يعتبر
اجتماعهما معا والله العالم .
المقام الخامس : في بيان جملة من الاحكام المناسبة للقام ( و ) هي في
طي مسائل
الاولى : ( يستحب ) عند الذبح ( في الغنم ربط قوائمها عدا احدى رجليه
وفي البقر
ربط قوائمها واطلاق ذنبها وربط خفاف الابل الى الابط وارسال الطير ) .
ومستند الحكم روايات منها حسن حمران بن اعين عن ابي عبد الله - عليه
السلام - : عن
الذبح ؟ فقال - عليه السلام - : " اذا ذبحت فارسل ولاتكتف
ولاتقلب السكين لتدخلها
تحت الحلقوم وتقطعه الى فوق والارسال للطير خاصة وان كان شئ من الغنم
فامسك صوفه او شعره ولا تمسكن يدا ولا رجلا فاما البقر فاعقلها واطلق
الذنب
واما البعير فشد اخفافه الى اباطه واطلق رجليه " ( 1 ) الحديث .
وفي المسالك بعد نقل الخبر والمراد بتشديد اخفافه الى اباطه ان يجمع
بين يديها
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب الذبائح حديث 2 . ( * )
]وما يباع في سوق المسلمين فهو ذكى حلال اذا لم يعلم حاله [
فيربطهما فيما بين الخف والركبة وبهذا صرح في رواية ابي الصباح وفي
رواية ابي خديجة
انه يعقل يدها اليسرى خاصة وليس المراد في الاول انه يعقل يدها
اليسرى خاصة وليس المراد
في الاول انه يعقل خفي
يديه معا الى اباطه
لانه لايستطيع القيام حينئذ والمستحب في الابل ان تكون قائمة والمراد
بالغنم بقوله
ولاتمسك يدا ولا رجلا انه يربط يديه واحدى رجليه من غير ان يمسكها
بيده انتهى .
واورده عليه جماعة : بان استفادة هذه الارادة من الخبر محل مناقشة
الا ان الذى
يسهل الخطب كون الحكم استحبابيا ولعل ما افادة الشهيد بضميمة فتوى
الاصحاب يكون كافيا فيه للتسامح في ادلة السنن فتامل فان دليل
التسامح مختص
بما اذا كان هناك رواية ضعيفة ظاهرة الدلالة على حكم فيتسامح فيه
ويبنى على ثبوته
لاخبار من بلغ ولاتتناول امثال المقام .
جواز شراء ما يباع في اسواق المسلمين من الذبائح
الثانية : ( وما يباع في سوق المسلمين ) من الذبائح واللحوم والجلود
( فهو ذكي
حلال اذ لم يعلم حاله ) بلا خلاف فيه .
ويشهد به صحيح الفضلاء عن ابي جعفر - عليه السلام - : عن شراء اللحوم
من
الاسواق ولايدرى ما صنع القصابون ؟ فقال - عليه السلام - : " كل
اذا كان ذلك في سوق
المسلمين ولاتسال عنه " ( 1 ) .
وصحيح البزنطي عن الامام الرضا - عليه السلام - : عن الخفاف ياتي
السوق فيشتري
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 29 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
]ولو تعذر الذبح او النحر كالمتردى والمستعصى يجوز اخذه
بالسيف
وغيره مما يجرح اذا خشى التلف وذكاة التلف وذكاة السمك [
الخف لايدري اذكي ام لاما تقول في الصلاة فيه وهو لايدرى ايصلي فيه ؟
قال
- عليه
السلام - : " نعم انا اشترى الخلف من السوق ويصنع لى واصلى فيه وليس عليكم
المسالة " ( 1 ) .
وموثق اسحاق بن عمار عن الامام الكاظم - عليه السلام - : "
لاباس بالصلاة في الفراء
اليماني وفيما صنع في
ارض الاسلام " . قلت له : فان كان فيها غير اهل الاسلام ؟ قال
- عليه
السلام - : " اذا كان الغالب عليها المسلمين فلا باس " ( 2 ) ونحوها
غيرها .
وللمسالة فروع من حيث انه هل يختص ذلك بكون المسلم ممن لايستحل ذبائح
اهل الكتاب ام لا وانه هل السوق بنفسه امارة التذكية ام هو امارة كون
البائع مسلما
وحكم ما يوجد في دار الاسلام وغير تلكم من الفروع وقد استوفينا البحث
في هذه
الفروع في الجزء الثالث والرابع عشر من هذا الشرح وفي كتابنا القواعد
الثلاث المطبوع
وفي الجزء الاول من كتابنا منهاج الفقاهة المطبوع ايضا فلا حاجة الى
التكرار .
الثالثة : ( ولو تعذر الذبح او النحر كالمتردى والمستعصي يجوز اخذه
بالسيف
وغيره مما يجرح اذا خشي التلف ) وقد تقدم الكلام في هذه المسالة في
مبحث الصيد في
مسالة ما يحل بالصيد .
احتياج السمك الى التذكية وكيفيتها
الرابعة : في ( ذكاة السمك ) وقد اتفق الاصحاب على ان السمك لاتحل
ميتته
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 50
من ابواب النجاسات حديث 6 كتاب الطهارة .
( 2 ) الوسائل باب 50 من ابواب النجاسات حديث 5 . ( * )
]اخراجه من الماء حيا [
وانه يذكي ب ( اخراجه من الماء حيا ) قال الله تعالى : ( احل لكم صيد
البحر ) ( 1 )
والصيد انما يصدق بالاخذ للحي .
واما السنة فنصوص كثيرة تشهد بذلك : كصحيح الحلبي عن الامام الصادق
- عليه
السلام - : " انما صيد الحيتان اخذها " ( 2 ) .
وموثق ابي بصير عنه - عليه السلام - : " انما صيد الحيتان اخذها
" ( 3 ) .
وصحيح زيد الشحام عنه - عليه السلام - : عما يوجد من الحيتان طافيا
على الماء او
يلقيه البحر ميتا آكله ؟ قال - عليه السلام - : ( لا ) ( 4 ) .
وصحيح الحلبي عنه - عليه السلام - في حديث عما يؤخذ من السمك طافيا
على الماء
اويلقيه البحر ميتا ؟ فقال - عليه السلام " لاتاكله " ( 5
) ونحوها غيرها من النصوص الدالة
على الحكمين .
انما الكلام في امور :
1.
انه هل المعتبر خروجه من
الماء حيا سواء كان اخرجه مخرج ام لا كما لو
وثبت سمكة من الماء على الجد او السفينة ونحوهما ومات كما عن النهاية
والمحقق في
بعض كتبه ام العبرة بالاخذ فلا يحل لو لم يؤخذ كما هو المشهور بين
الاصحاب .
يشهد للثاني مضافا الى النصوص الحاصرة في ان صيد الحيتان اخذها
المتقدم
بعضها جملة من النصوص : كصحيح على بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - :
عن سمكة
..........................................................................
( 1 ) المائدة آية 96 .
( 2 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 9 .
( 3 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 5 .
( 4 ) الوسائل باب 33 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 5 ) الوسائل باب 33 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
وثبت من نهر فوقعت على الجد من النهر فماتت هل يصلح اكلها ؟ قال -
عليه السلام - : " ان
اخذتها قبل ان تموت ثم ماتت فكلها وان ماتت قبل ان تاخذها فلا تاكلها
" ( 1 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن الامام
الباقر - عليه السلام - : " لايؤكل ما نبذه الماء من
الحيتان من الماء وما نضب الماء عنه " ( 2 ) ونحوهما غيرهما .
واستدل للاول : بموثق زرارة الذي هو في حكم الصحيح قلت له : سمكة
ارتفعت فوقعت على الجدد فاضطربت حتى ماتت آكلها ؟ فقال : " نعم
" ( 3 ) .
وارود عليه سيد الرياض بضعف السند للارسال ولم يظهر لى وجه دعواه
الارسال فان الخبر مروى باسناد الصدوق الى ابان بن تغلب وليس فيه
ارسال نعم في
سنده اليه صاحب الكلل وفيه جهالة ولعله لذا ضعفه الشهيد الثاني ( ره
) الا انه
بحكم الصحيح لرواية صفوان بن يحيى عنه .
وخبر سلمة بن ابي حفص عن الامام الصادق - عليه السلام - : " ان
عليا - عليه السلام -
كان يقول : اذا ادركتها وهي تضطرب وتضرب بيديها وتحرك ذنبها وتطرف
بعينها فهي
ذكاتها " ( 4 ) وسنده غير نقي لعبد الله بن محمد .
وموثق مسعدة بن صدقة عن ابي عبد الله - عليه السلام - في حديث :
" ان
عليا - عليه السلام - قال : ان الجراد والسمك اذا خرج من الماء فهو
ذكي والارض للجراد
مصيدة وللسمك قد تكون ايضا " ( 5 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 34 من ابواب الذبائح حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 34 من ابواب الذبائح حديث 6 .
( 3 ) الوسائل باب 34 من ابواب الذبائح حديث 5 .
( 4 ) الوسائل باب 34 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 5 ) الوسائل باب 37 من ابواب الذبائح حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
وخبر زرارة قلت : السمك يثب من الماء فيقع على الشط فيضطرب حتى
يموت ؟ فقال - عليه السلام - : " كلها " ( 1 ) وفيه ارسال .
وقيل : انه يعضد هذه النصوص ما ياتي من النصوص الدالة على ان صيد
المجوس مع مشاهدة المسلم له قد اخرج حيا ومات خارج الماء موجب لحله
وصيد
المجوس لاعبرة به فيكون العبرة بنظر المسلم له بل ربما استدل بذلك
بعضهم ولكنه
كما ترى اذ
لايلزم من حل صيد الكافر له مع مشاهدة المسلم حل ما لم يدخل تحت اليد
مطلقا فالعمدة هي النصوص المتقدمة المعتبرة من حيث السند وظاهرة
الدلالة على
هذا القول .
والجواب عنها : انه ان كان حمل هذه بقرينة ما تقدمها على ما لو اخذه
بعدما
ادركه حيا جمعا عرفيا نظرا الى انها مطلقة من هذه الجهة وما تقدم
صريح في الفرق بين
الاخذ وعدمه فيقتد اطلاقها به فلا كلام والا فتقدم تلك النصوص
لموافقتها لفتوى
الاكثر التي هي اول المرجحات فالاظهر اعتبار الاخذ .
نعم لايعتبر الاخذ من الماء بل يكفي اخذه من الارض ايضا كما صرح به
في
النصوص المتقدمة .
2.
هل يحل اكل السمك حيا كما
في الشرائع والمسالك وغيرهما بل نسب ذلك في
المسالك وفي الرياض الى الاكثر ام لايحل كما عن الشيخ في المبسوط ؟
وجهان :
واستدل للثاني : بان ذكاته اخراجه من الماء حيا وموته خارج الماء
فقبل موته لم
تحصل الذكاة ولهذا لو عاد الى الماء ومات فيه حرم ولو كان قد تمت
ذكاته لما حرم
بعدها .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 34 من ابواب الذبائح حديث 4 . ( * )
[ . . . ]
وفيه اولا : انه لادليل على حرمة اكل الحيوان الحي وان لم يذك فان
الدليل منع
عن اكل الميت الا ما ذكي لا الحي ففي الحي غير المذكى يشك في حرمة
الاكل
ومقتضى اصالة الحل جوازه .
وثانيا : ان مقتضى اطلاق النصوص المتقدمة الحاصرة لذكاته بالاخذ انه
يصير
مذكى به غاية الامر بواسطة النصوص الاتية يقيد ذلك بان لايعود الى
الماء فيموت
فيه ولم يدل دليل على ان موته خارج الماء ذكاته او جزء من ذكاته .
اضف الى ذلك ما دل على ان الحيتان ذكي كصحيح سليمان عن الامام الصادق
- عليه
السلام - : " ان عليا - عليه السلام - كان يقول : الحيتان والجراد ذكى "
( 1 ) فلا ينبغي التوقف
في جواز اكله حيا .
نعم في خبر ابن ابي يعفور عن الامام الصادق - عليه السلام - : "
ان الله تعالى احله
وجعل ذكاته موته كما احل الحيتان وجعل ذكاتها موتها " ( 2 )
فالعمدة هو الوجه الاول .
3.
لو اخذ السمك واعيد في
الماء فمات فيه لم يحل بلا خلاف اجده اذا لم يكن
موته في الادلة .
ويشهد به صحيح ابي ايوب عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن رجل
اصطاد
سمكة فربطها بخيط وارسلها في الماء فماتت اتؤكل ؟ فقال - عليه السلام
- : " لا " ( 3 ) .
وخبر علي بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - : عن السمك يصاد ولم يوثق
فيرد الى
الماء حتى يجئ من يشتريه فيموت بعضه ايحل اكله ؟ قال - عليه السلام -
: " لا لانه مات في
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب لباس المصلي حديث 4 كتاب الصلاة .
( 3 ) الوسائل باب 33 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
الذى فيه حياته " ( 1 ) ونحوهما غيرهما .
وهل هناك فرق بين ان يموت في الادلة المعمولة لصيده فيكون حلالا وبين
ان
يموت في غيرها فلا يحل كما عن العماني ام لافرق بين الموردين كما عن
اكثر متاخرى
الاصحاب والشيخ وابن حمزة والحلي من القدماء وجهان :
استدل للاول بصحيح الحلبي قال : سالته عن الحظيرة من القصب تجعل في
الماء للحيتان فيدخل فيها الحيتان فيموت بعضها فيها ؟ فقال - عليه
السلام - : " لاباس به ان
تلك الحظيرة انما جعلت ليصاد بها " ( 2 ) .
وصحيح عبد الله بن سنان عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن
الحظيرة من قصب
تجعل للحيتان في الماء فتدخلها الحيتان فتموت بعضها فيها ؟
قال - عليه السلام - : : " لاباس " ( 3 ) .
والخبر المنجبر بكون ابي عمير في طريقه عنه - عليه السلام - : "
سمعت ابي - عليه
السلام - يقول : اذا ضرب صاحب الشبكة بالشبكة فما اصاب فيها من حي او
ميت فهو
حلال ما خلا ما ليس له قشر ولايوكل الطافي من السمك " ( 4 )
ومثله صحيح ( 5 ) محمد
ابن مسلم .
وليس بازاء هذه النصوص ما يشهد للمشهور الا نصوص مطلقة دالة على انه
لو مات في الماء قبل ان يصيد او بعده لم يحل اكله تقدم بعضها .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 33 من ابواب الذبائح حديث 6 .
( 2 ) الوسائل باب 35 من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 35 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 4 ) الوسائل باب 35 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 5 ) الوسائل باب من ابواب الذبائح حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
وصحيح عبد المؤمن الانصاري : امرت رجلا ان يسال ابا عبد الله - عليه
السلام - :
عن رجل صاد سمكا وهن احياء ثم اخرجهن بعد ما مات بعضهن ؟ فقال - عليه
السلام - :
( ما
مات فلا تاكله فانه مات فيما كان فيه حياته ) ( 1 ) الظاهر في الموت في آلة الصيد
كما
هو واضح .
واجابوا عن النصوص الاولة : بعدم دلالتها على الموت في الماء صريحا
فلعله
مات خارج الماء او على الشك في الموت في الماء فان الاصل بقاء الحياة
الى ان فارقته
والاصل الاباحة .
وفيه : اما النصوص المطلقة فالجمع بينها وبين هذه النصوص يقتضي
تقييدها
بها واما الخبر فهو ضعيف من جهة جهالة الرجل الذي كان واسطة بين عبد
المؤمن
والامام - عليه السلام - اللهم الا ان يقال : ان الظاهر من الخبر
سماع عبد المؤمن جواب الامام
- عليه
السلام - اولا اقل من حصول العلم له بقوله فعلى التقديرين يكون حجة فيعارض مع
تلك النصوص وهو مقدم لموافقته لفتوى الاكثر التي هي اول المرجحات
فعلى هذا
لاباس بجوابهم عن هذه النصوص وان كان الحمل المذكور بعيدا الا انه
اولى من
الطرح .
ثم على المختار من الحرمة مطلقا لو مات بعض ما في الشبكة واشتبه الحي
بالميت فهل يحكم بحرمة الجميع كما عن الاكثر منهم : الحلي والمصنف (
ره ) ام يبنى
على حلية الجميع كما عن الشيخ في النهاية والقاضي والقاضي واستحسنه المحقق
في الشرائع
وجهان :
مدرك الاول : ان ما مات فيها حرام كما مر وقد اشتبه بغيره فمقتضى
العلم
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 35 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
]وكذا الجراد ذكاته اخذه حيا ولايشترط فيهما الاسلام ولا
التسمية [
الاجمالي بحرمة بعضها لزوم الاجتناب عن الجميع بل اصالة عدم التذكية
الجارية في
كل واحد منها بالخصوص غير المعارضة بالجارية في غيره لعدم لزوم
المخالفة العلمية
من الاجراء في الجميع تقتضي حرمة اكل كل واحد منها .
واستدل للثاني بالنصوص المتقدمة واجاب الاولون عنها تارة بما تقدم من
عدم
دلالتها على موته في الماء صريحا واخرى بانها تدل على حلية المتميز
ولايقول بها هؤلاء .
يرد على الوجه الاول انها ظاهرة في ذلك ولايعتبر في الدليل كونه
صريحا واما
الثاني فهو تام ولذلك بنينا على معارضتها مع صحيح عبد المؤمن لورودها
في مقام بيان
حكم الميت في الالة نفسه ولانظر لها الى صورة الاختلاط والعلم
الاجمالى بحرمة بعض
وحلية آخر وحملها على ذلك خلاف ظاهرها فالاظهر البناء على حرمة
الجميع . هذا
كله في السمك .
( وكذا
الجراد ذكاة اخذه حيا ) والكلام فيه كالكلام في السمك في جميع الاحكام
المتقدمة ( ولايشترط فيهما الاسلام ولا التسمية ) فها هنا فروع :
1.
لايشترط الاسلام في مخرج
السمك هذا هو المشهور بين الاصحاب وظاهر
المفيد تحريم ما اخرجه الكافر مطلقا وقال ابن زهرة الاحتياط تحريم ما
اخرجه الكافر .
ويشهد للاول مضافا الى اطلاق الكتاب والسنه موثق ابي بصير عن ابي عبد
الله -
عليه السلام - : عن صيد المجوس للسمك حين يضربون للشبك ولايسمون او
يهودي ؟ قال
- عليه
السلام - : " لاباس انما صيد الحيتان اخذها " ( 1 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 5 . ( * )
[ . . . ]
وصحيح سليمان بن خالد عنه - عليه السلام - : عن الحيتان التي تصيدها
المجوس ؟
فقال - عليه السلام - : " ان عليا - عليه السلام - كان يقول :
الحيتان والجراد ذكى " ( 1 ) . ومثله موثق
ابي مريم ( 2 ) .
وصحيح ابن سنان عنه - عليه السلام - : " لاباس بكواميخ المجوس
ولاباس بصيدهم
السمك " ( 3 ) ونحوها غيرها .
واستدل للثاني : بخبر عيسى بن عبد الله عن الامام الصادق - عليه
السلام - : عن
صيد المجوس ؟ فقال - عليه السلام - : " لاباس اذا اعطوكه احياء
والسمك ايضا والا فلا
تجوز شهادتهم الا ان تشهده " ( 4 ) . وبالنصوص المتقدمة في
شرائط الصائد من اعتبار
كونه مسلما : وباصالة الحرمة : وبان صيد السمك من التذكية المعتبر
فيها الاسلام .
ولكن يرد على الاول : انه قد صرح بالمفهوم في الخبر وهو عدم جواز
شهادتهم
باخذه حيا بل قوله - عليه السلام - : الا ان تشهده يدل على عدم
اعتبار الاسلام في الاخذ
فما يدل عليه الخبر هو اعتبار العلم باخذ الكافر اياه حيا وانه
لايجرى في حقه اصالة
الصحة نظير ما ورد في تسميته على الذبيحة .
ويدل على ذلك ايضا صحيح الحلبي عن مولانا الصادق - عليه السلام - :
عن صيد
الحيتان وان لم يسم ؟ فقال - عليه السلام - : " لاباس "
وعن صيد المجوس للسمك ؟ فقال
- عليه
السلام - : " ما كنت لاكله حتى انظر اليه " ( 5 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 2 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 6 .
( 3 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 7 .
( 4 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 5 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
وصحيح محمد بن مسلم عنه - عليه السلام - : عن مجوسي يصيد السمك ايؤكل
منه ؟ فقال - عليه السلام - : " وما كنت لاكله حتى انظر اليه "
( 1 ) فانهما يدلان على اعتبار
العلم باخذه حيا .
واما الثاني فيرد عليه اولا : ان تلكم النصوص مختصة بغير الكتابي
وثانيا : انها
مطلقة يقيد اطلاقها بما دل على ان تذكية السمك اخذه وانه لايعتبر
الاسلام في آخذه .
واما الثالث فيرده ما مر من عدم الاصل لهذا الاصل مع انه لامورد
للاصل مع
الدليل .
واما الرابع فيرد عليه : مضافا الى ما مر من عدم اعتبار الاسلام في
التذكية ان ما
استدل به لذلك يختص بالذبيحة غير الشاملة للمقام كما لايخفي فالاظهر
عدم اعتبار
الاسلام في الاخذ .
2.
لايشترط الاسلام في الاخذ
الجراد كما هو المشهور شهرة عظيمة بل لم ينقل
الخلاف هنا عن احد حتى المفيد نعم احتاط به ابن زهرة خاصة .
ويشهد به اطلاق ما دل على ان الجراد والحيتان ذكى كصحيح سليمان بن
خالد
وموثق ابي مريم المتقدمين وغيرهما .
ومقتضي هذه النصوص وان كان حليته لو مات بنفسه بدون الاخذ الا انه
يقيد اطلاقها بما دل على عدم الحلية في هذه الصورة : كصحيح علي بن
جعفر عن
اخيه : عن الجراد نصيبه ميتا في الماء او في الصحراء ايؤكل ؟ قال -
عليه السلام - :
" لا تاكله
" ( 2 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 37 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
] والدبا حرام [
وخبر الثقفي عن الامام الصادق - عليه السلام - : " قال امير
المؤمنين - عليه السلام -
الجراد ذكي فكله واما ما مات في البحر فلا تاكله " ( 1 ) .
ثم انه من هذه النصوص ومما دل على حلية ما يصيده المجوس كصحيح على
ابن جعفر عن اخيه - عليه السلام - : عما اصاب المجوس من الجراد
والسمك ايحل اكله ؟
قال - عليه السلام - : " صيده ذكاته لاباس " ( 2 ) يظهر
الكبرى الكلية المتقدمة وهي
اتحاد حكمه مع السمك فما في الرياض من ان استفادة ذلك من الاخبار
مشكلة
في غير محله .
3.
لايعتبر التسمية في حلية
السمك بلا خلاف ويشهد به جملة من النصوص
منها صحيحا الحلبي ومحمد المتقدمان آنفا وبها يقيد اطلاق الاية
الكريمة : ( ولا
تاكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) مضافا الى ما مر من عدم دلالتها
على لزوم التسمية في
الحلية .
واما ما في ذيل صحيح محمد المتقدم من تفسير حماد قول الامام : لاآكله
حتى
انظر اليه بقوله يعني اسمعه يسمي . فيرده : انه تفسير غير حجة علينا .
4.
لاتعتبر التسمية في حلية الجراد اجماعا لاطلاق الادلة المتقدمة .
5.
ولايعتبر في حليتهما
الاستقبال بلا خلاف للاصل واطلاق الادلة .
6.
( والدبا ) - بفتح الدال المهملة - على وزن العصا وهو الجراد اذا تحرك
قبل
ان تنبت اجنحته ( حرام ) اجماعا كما عن كشف اللثام وفي المستند
والرياض .
ويشهد به صحيح على بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - في حديث : عن
الدبا من
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 37 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 2 ) الوسائل باب 32 من ابواب الذبائح حديث 8 .
( 3 ) الوسائل باب 37 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )
] ولو احترق في اجمة قبل اخذه فحرام ]
الجراد ايؤكل ؟ قال - عليه السلام - : " لا حتى يستقل بالطيران
" ( 3 ) ومنه يظهر الحرمة حتى
بعد ما نبتت اجنحته مادام لم يطر ولايهمنا البحث حينئذ في انه بعد
نبت الجناح هل
يصدق عليه الدبا ام لا .
7.
لايعتبر في حلية السمك
والجراد كون الاخذ بالغا مكلفا فلو كان صبيا او
مجنونا حلا لاطلاق الادلة الا ان الظاهر اعتبار احراز كون الصيد على
الوجه الشرعي
لعدم جريان اصالة الصحة في فعليهما اللهم الا ان يقال : انه يستصحب
الحياة الى
ما بعد الاخذ وبضمه الى الوجدان وهو الاخذ يتم موضوع الحلية .
وايراد صاحب الجواهر - ره - عليه : بان مثل ذلك لايثبت التذكية التي
يقتضي
الاصل عدمها مندفع بما مر من ان التذكية ليست امرا بسيطا مسببا عن
الاسباب بل
هي عبارة عن نفس تلك الاسباب الخارجية على اختلافها .
ولكن يعارض هذا الاصل اصالة عدم الاخذ الى ما بعد الموت فالاظهر
اعتبار
الاحراز ويعضده ما دل على عدم حلية ما اخذه المجوسي حتى يثبت كونه
على الوجه
الشرعي
8.
( ولو احترق في اجمة قبل اخذه فحرام ) لموثق عمار عن ابي عبد الله -
عليه السلام
- : عن
الجراد اذا كان في قراح فيحرق ذلك القراح فيحرق ذلك الجراد وينضج بتلك
النار هل يؤكل ؟ قال - عليه السلام - : " لا " ( 1 ) .
واما موثقه الاخر عنه - عليه السلام - : عن الجراد يشوى وهو حي ؟ قال
- عليه السلام :
" نعم لاباس به " ( 2 ) فلا ينافي ذلك فانه في الشوي بعد الاخذ
والظاهر ان السؤال من
جهة ما فيه من تعذيب الحي وقد ورد نظيره في السمك ففي الموثق عنه -
عليه السلام
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 37 من ابواب الذبائح حديث 5 .
( 2 ) الوسائل باب 37 من ابواب الذبائح حديث 6 . ( * )
[ . . . ]
- : عن
السمك يشوى وهو حي قال - عليه السلام - : " نعم لاباس به " ( 1 ) .
المسالة الخامسة : في التذكية التبعية وهى في الجنين في بطن امه تحصل
له
بتذكية امه .
وتفصيل القول في المقام : ان الجنين الخارج من بطن الحيوان اما يخرج
من بطن
الحي او الميت اوالمذكي وعلى الاخير اما لم يتم خلقته ولم يشعر او تم
واشعر واوبر
وعلى الثاني اما لم يولج فيه الروح او ولج وعلي الثاني اما ان يخرج
روحه قبل الخروج
من بطن امه او يخرج الروح بعد ذلك .
فان خرج من بطن الحي اوالميت فان كان حيا يحل بالتذكية وان كان ميتا
لم يحل
بلا خلاف فيه بينهم سواء لم يلج فيه الروح او ولج .
اما في صورة الولوج فيشهد له ما دل على حرمة الميتة الصادقة عليه .
واما في صورة عدم ولوج الروح فقد استدل له تارة : بالاصل واخرى : بان
حلية اكل اللحم علقت على التذكية المفروض عدمها في مفروض المسالة
وثانية :
بالنصوص المتضمنة انه لاينتفع من الميتة بشئ والحاصرة ( 2 ) لما يحل
من الميتة
باشياء مخصوصة ليس ذلك منها ورابعة بمفهوم العلة في خبر الثمالي
الطويل المعلل
لحلية انفحة الميتة بانها ليس فيها عظم ولادم ولاعرق ( 3 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 37 من ابواب الذبائح حديث 5 .
( 2 ) الوسائل باب 33 من الاطعمة المحرمة .
( 3 ) الوسائل باب 33 من الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )
] وذكاة الجنين ذكاة امه [
وفي كل نظر اما الاصل فان اريد به اصالة الحرمة الثابتة حال كونه
نطفة او
علقة .
فيرد عليه : انه لتبدل الموضوع لايجرى مع ان المختار عدم جريان
الاستصحاب
في الاحكام الكلية وان اريد به غيره فلم يظهر لي بعد كون الاصل في
الاشياء الحلية
واما الثاني : فلان ما علق حليته على التذكية انما هو الحيوان الذى
ولج فيه
الروح وزهق لا ما لم يلج فيه الروح .
واما الثالث : فمضافا الى اختصاصه بالخارج من بطن الميتة ولايتناول
الخارج من بطن الحي .
ان الظاهر من تلك النصوص ارادة الانتفاع بما يعد من اجزاء الميتة
ولايشمل
مثل الجنين الذي هو ملحوظ مستقلا وبذلك يظهر ما في الرابع فالاولى ان
يقال : ان
الجنين ان لم يتم خلقته فما دل على حرمته اذا خرج من بطن المذكي يدل
على حرمته النصوص
الاتية الدالة على ان ذكاة الجنين ذكاة امه فانها تدل على توقف حليته
على الذكاة
فبدون الذكاة لايحل وان خرج من بطن المذكي وكان تام الخلقة واشعر
واوبر ولم يلجه الروح فلا
خلاف بينهم ( و ) لا اشكال في ان ذكاته ذكاة امه وانه يحل لما روي عن
النبي صلى الله عليه واله وسلم وعن
عترته - عليهم السلام - مستفيضا ( ذكاة الجنين ذكاة امه ) وسيمر عليك
طرف من تلك الاخبار
ولايهمنا البحث في ان الذكاة فيهما مرفوع بجعل الاول مبتدا والثاني
خبرا فالتقدير
ذكاة الجنين منحصرة اوحاصلة في ذكاة امه ولايفتقر الى تذكية تخصه او
تكون الثانية
منصوبة بنزع الخافض فيكون التقدير ذكاة الجنين داخلة في ذكاة امه
فيدل على المطلوب
[ . . . ]
ايضا او ان ذكاته كذكاة امه فيجب تذكيته وان كان الظاهر هو الاول
لانه قد وردت
النصوص عن الائمة الطاهرين - عليهم السلام - بما يبين المراد من النبوي فلا حاجة الى
تطويل الكلام .
لاحظ صحيح يعقوب بن شعيب عن ابي عبد الله - عليه السلام - : عن
الحوار تذكي
امه ايؤكل بذكاتها ؟ فقال - عليه السلام - : " اذا كان تماما
ونبت عليه الشعر فكل " ( 1 ) .
وموثق سماعة سالته عن الشاة يذبحها وفي بطنها ولد وقد اشعر ؟ قال -
عليه السلام
- : " ذكاته ذكاة امه " ( 2 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن احدهما - عليهما السلام - عن قول الله
عزوجل : ( احلت لكم بهيمة الانعام ) قال - عليه السلام - : "
الجنين في بطن امه اذا اشعر
واوبر فذكاته ذكاة امه فذلك الذي عنى الله عزوجل " ( 3 ) .
وصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : " اذا ذبحت
الذبيحة فوجدت
في بطنها ولدا تاما فكل وان لم يكن تاما فلا تاكل " ( 4 ) .
وموثق مسعدة بن صدقة عنه - عليه السلام - في الجنين : " اذا
اشعر فكل والا فلا
تاكل " يعني اذا لم يشعر ( 5 ) .
وصحيح ابن مسكان عن الامام باقر - عليه السلام - انه قال في الذبيحة
تذبح وفي
بطنها ولد قال : " ان كان تاما فكله فان ذكاته ذكاة امه وان لم
يكن تاما فلا تاكله " ( 6 ) .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب الذبائح حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 18 من ابواب الذبائح حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 18 من ابواب الذبائح حديث 3 .
( 4 ) الوسائل باب 18 من ابواب الذبائح حديث 4 .
( 5 ) الوسائل باب 18 من ابواب الذبائح حديث 5 .
( 6 ) الوسائل باب 18 من ابواب الذبائح حديث 6 . ( * )
] مع تمام الخلقة [
وموثق عمار بن موسى عن الامام الصادق - عليه السلام - في حديث عن
الشاة تذبح
فيموت ولدها في بطنها قال - عليه السلام - : " كله فانه حلال
لان ذكاته ذكاة امه فان هو
خرج وهوحي فاذبحه وكل فان مات قبل ان تذبحه فلا تاكله وكذلك البقر
والابل " ( 1 ) ونحوها غيرها .
وانما يجوز اكله بذكاتها ( مع تمام الخلقة ) خاصة كما في المتن وعن
صريح
الانتصار والخلاف والاسكافي وجماعة من المتاخرين وظاهر النهاية وابن
حمزة اعتبار ان
يشعر ويوبر وعن المفيد والديلمي اعتبار الاشعار كموثقي سماعة ومسعدة
وفي
بعضها الاشعار والايبار كصحيح محمد وفي بعضها ان العبرة بتمام الخلقة
كصحيحي
الحلبي وابن مسكان وفي بعضها اعتبار الامرين كونه تاما واشعر والظاهر
كما قيل
تلازم ذلك كله .
وعليه فلا خلاف في المسالة وان لم يكن التلازم ثابتا فالاظهر اعتبار
الامرين
معا لصحيح شعيب المتضمن لاعتبارهما معا .
والايراد عليه بانه يمكن ان يكون مفهومه نفي الاباحة بالمعني الاخص
فلا يدل
على اعتبار الامرين كما في المستند غريب فان السؤال انما هو عن الحلية
بالمعني
الاعم وقوله " فكل " في المنطوق ظاهر في ذلك فكذلك المفهوم
فلا اشكال في
الحكم .
واما حكم ما لو فقد احد القيدين فحكم مالو فقدا معا وسيجئ في الصورة
الثانية .
وان خرج من المذكي ولم يتم خلقته ولا اشعر ولا اوبر فلا خلاف بينهم
في
الحرمة كما عن الاردبيلي وعن الانتصار وغيره دعوي الاجماع عليه .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب الذبائح حديث 8 . ( * )
[ . . . ]
ويشهد له مفهوم النصوص المتقدمة المصرح به في جملة منها .
واورد عليه في المستند : بان تلك النصوص غير صحيح يعقوب متضمن
للجملة الخبرية او ما يحتملها والصحيح لايفيد مفهومه لجواز ان يكون
الحكم في
المفهوم نفي الاباحة بالمعني الخاص ثم قال : ولذا قال المحقق
الاردبيلي مشيرا الى هذا
القسم .
واما الاول : فان كان اجماعيا والا ففيه تامل للاصل والعمومات مع عدم
ما يدل
على التحريم انتهى . وهو جيد والاجتناب احوط انتهى . وفي كلامه مواقع
للنظر :
1.
ان الجملة الخبرية وما
بمعناها اصرح في افادة اللزوم من الامر والنهى .
2.
انه لو سلم عدم ظهورها في
اللزوم فانما هو فيما اذا تضمنت لحكم نفسي
تكليفي لافي مثل المقام مما يكون ارشادا الى الحلية وعدمها .
3.
ما تقدم في الصورة
السابقة من انه لاوجه لانكار كون مفهوم صحيح ابن
شعيب عدم الحلية .
4.
انه - قده - صرح في مالو
خرج الجنين من بطن الميت بان جملة من النصوص
الواردة في عدم الانتفاع من الميتة بشئ تدل على حرمته وتلك النصوص ان
تمت
دلالتها على حرمتة الجنين فليستدل بها في المقام ايضا بعد فرض عدم
شمول نصوص
الباب له فلم لايفتى بالحرمة ويحتاط ؟ فالاظهر تمامية ما افادة
الاصحاب من الحرمة في
هذه الصورة .
وان اخرج وقد تمت خلقته ولكن كان ولج فيه الروح ولم يخرج حيا بل مات
في
بطنه فالمحكي عن الصدوق والعماني والسيد وكافة المتاخرين الحلية وعن
الشيخ
واتباعه والحلي : عدم الحلية وانه يشترط مع تمام الخلقة ان لاتلجه
الروح والا لم يحل
] ولو اخرج حيا لم يحل بدون التذكية [
بذكاة امه .
ويشهد للاول : اطلاق النصوص المتقدمة الشامل لصورة ولوج الروح بل عن
جماعة منهم المصنف - ره - والشهيد الثاني انها الظاهرة منها خاصة لان
الروح لاينفك
عن تمام الخلقة عادة وخصوص موثق عمار المتقدم .
واستدل للقول الثاني : بالنصوص الدالة على اعتبار تذكية الحي وانه
لايحل من
دون ذكر اسم الله عليه بتقريب ان النسبة بينها وبين نصوص الباب وان
كانت عموما
من وجه الا انهما اما ان تتساقطان فيرجع الى اصالة الحرمة او يرجع
الى المرجحات
وتقدم هذه لانها اكثر وموافقة للكتاب والسنة حيث لم يذكر اسم الله
عليه .
وفيه اولا : ان موثق عمار اخص من جميع تلك النصوص فيقدم عليها .
وثانيا : انه في العامين من وجه لاوجه للحكم بالتساقط والرجوع الى
الاصل بل
لابد من الرجوع الى المرجحات وحيث ان اول المرجحات الشهرة وفتوى
الاكثر وهي مع
نصوص الباب فلابد من تقديمها فالاظهر هو الحلية .
( ولو
اخرج حيا ) فان كان الزمان يتسع التذكية ( لم يحل بدون التذكية ) اجماعا
ويشهد به موثق عمار المتقدم مضافا الى نصوص اعتبار التذكية في
الحيوان
الذي منه مفروض المسالة .
ولو لم يتسع الزمان للتذكية فهل يحل كما ذهب اليه الشهيد الثاني
- ره -
؟ قال : عملا بالعموم والظاهر : ان نظره الى اطلاق نصوص الباب . ام لايحل
لاطلاق موثق عمار ؟ وجهان : اظهرهما الثاني لان اطلاق المقيد يقدم
على اطلاق
المطلق اللهم الا ان يقال : انه بقرينة الامر بالذبح يختص بما يمكن
فيه ذلك فلا
يشمل الفرض .
ولكن يرده ان هذا الامر حيث يكون ارشاديا الى عدم الحلية بدون
التذكية والحلية
معها فلا يختص بصورة الامكان فالاظهر عدم الحل .
[ . . . ]
بيان ما تقع عليه الذكاة من الحيوان
السادسة : فيما تقع عليه التذكية والكلام فيها في طي فروع وقبل
التعرض لها
لابد من بيان امور :
احدها : ان الحيوانات على قسمين : ماكول اللحم وغير ماكول اللحم
والثاني
على قسمين : نجس العين وغير نجس العين . والثاني على قسمين : ما
لانفس له
سائلة وما له نفس . والاخير على اربعة اقسام : السباع والمسوخات
والحشرات
وغيرها واما الانسان فهو خارج عن موضوع البحث ولا خلاف في انه لاتقع
عليه
التذكية .
الثاني : ان اثر التذكية فيما له نفس سائلة وماكول اللحم حلية اكل لحمه
وطهارته وفي ما لانفس له وماكول اللحم حلية الاكل خاصة وفي غير
الماكول الذي
له نفس الطهارة . واما ما ليس له نفس سائلة منه فلا اثر لها لانه
طاهر ذكي ام لم
يذك وحيث ان ماكول اللحم مطلقا مما تقع عليه التذكية اجماعا وغير ذي
النفس
من غير الماكول لا اثر للنزاع في ورود التذكية عليه وعدمه فمحل
النزاع هو غير
الماكول الذي لايكون نجس العين وله نفس وهو المقسم للاقسام الاربعة
الاخيرة .
الثالث : ان محل الكلام هو التذكية بالذبح او الرمي واما التذكية
بارسال
الكلب والاخذ فالظاهر خروجها عن محل النزاع فان دليل الاول مختص
بالماكول
والثاني بمورده وهو الحيتان والجراد .
الرابع : في تاسيس الاصل وانه هل يقتضي البناء على الطهارة بالتذكية
الا ما
خرج بالدليل او البناء على عدمها الا مادل عليه الدليل .
[ . . . ]
فاقول : انه يمكن البناء على الاول لوجوه :
1.
ان النجاسة في الادلة
انما رتبت على الميتة وهي ما زهق روحه مستندا الى
السبب غير الشرعى في مقابل المذكي وهو ما خرج روحه مستندا الى السبب الشرعي
لاما زهق روحه من دون ان يستند الى الوجه الشرعي . وعلى ذلك فحيث ان
هذا
العنوان مشكوك التحقق لوذبح فرد من الحيوان الذي هو محل النزاع
لاحتمال قبوله
التذكية فالزهاق مستند الى الوجه الشرعي وعدمه فهو مستند الى السبب
غير الشرعي ومع الشك في الصدق يشك في الطهارة والنجاسة والاصل هو
الطهارة .
2.
النصوص الدالة على
الانتفاع بجلود ما ذكي كموثق سماعة قال : سالته عن
جلود السباع ؟ فقال - عليه السلام - : " اذا رميت وسميت فانتفع
بها واما الميتة فلا " ( 1 ) وهذا
كالصريح في انها تذكي بالتذكية .
وصحيح علي بن يقطين عن ابي الحسن - عليه السلام - : عن لباس الفراء
والسمور و
الفنك والثعالب وجميع الجلود ؟ قال - عليه السلام - : " لاباس
بذلك بناء على عدم جواز لبس
غير المذكي " ( 2 ) ونحوهما غيرهما .
3.
موثق ابن بكير عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) في حديث : " وان كان غير ذلك
مما قد نهيت عن اكله وحرم عليك اكله فالصلاة في كل شئ منه فاسدة ذكاه
الذابح او
لم يذكه " ( 3 ) فانه ظاهر في ان الذبح تذكية لكل حيوان وان غير
الماكول اللحم مطلقا
قابل للتذكية اذ لو لم يكن قابلا لها لما كان وجه لقوله فالصلاة في
كل شئ منه فاسدة
وان ذكاه الذابح .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 34
من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .
( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب لباس المصلى حديث 1 - كتاب الصلاة .
( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب لباس المصلى حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
وقد استدل لان الاصل هو البناء على النجاسة وعدم قبول التذكية بوجوه :
1.
اصالة عدم التذكية فانها
امر حادث مسبوق بالعدم فمع الشك في القابلية
يستصحب عدمها وهي حاكمة على اصالة الطهارة .
وفيه : اولا : ما تقدم من ان النجاسة في الادلة رتبت على الميتة
فاستصحاب عدم
التذكية لايصلح لاثبات النجاسة الاعلى القول بحجية المثبت .
وثانيا : ان التذكية على ما تقدم ليست عبارة عن الامر البسيط الحاصل
من
الذبح على الوجه الشرعي بل عبارة عن الذبح مع قابلية المحل وحيث ان
اصل
الذبح محرز والقابلية ليست لها حالة سابقة وجودا او عدما فلا يجري
فيها الاصل .
فان قيل : المانع عنه انه لم يثبت لنا اعتبار خصوصية وجودية في
الحيوان دخيلة في
التذكية ونحتمل ان يكون فيما لايقبل التذكية خصوصية مانعة عن قبول
التذكية وعليه
فلا يجري هذا الاصل .
2.
خبر علي بن ابي حمزة :
سالت ابا عبد الله وابا الحسن - عليهما السلام - عن لباس
الفراء والصلاة فيها ؟ فقال - عليه السلام - : " لاتصل فيها الا
ما كان منه ذكيا " قلت :
اوليس الذكي ما ذكي بالحديد ؟ قال - عليه السلام - : " بلى اذا
كان مما يؤكل لحمه " قلت
: وما
لايؤكل لحمه من غير الغنم ؟ قال - عليه السلام - : " لاباس بالسنجاب فانه
دابة
لاتاكل اللحم " الحديث ( 1 ) . وعن كشف اللثام الاستدلال به
لذلك .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 3 - من ابواب لباس المصلي حديث 3 . ( * )
[ . . . ]
وفيه : ان الظاهر منه ارادة الذكي بالنسبة الى الصلاة فيه لامطلقا مع
انه لو سلم كونه
مطلقا الجمع بينه وبين ما تقدم يقتضي البناء على ذلك .
3.
قيام الاجماع على ان
التذكية الموجبة لبقاء الطهارة او المانعة عن حصول
النجاسة موقوفة على اعتبار الشارع اياها آثارا او اجزاء وشروطا او
مورد او محلا خصوصا
اوعموما او اطلاقا وما لم يتحقق فيه اعتباره وملاحظة وجوده كعدمه ومع
عدمه يكون
المورد ميتة ومعها يكون نجسا ذكره في المستند .
وفيه اولا : ماتقدم من دلالة الدليل بالاطلاق على ذلك .
وثانيا : ان الكلام انما هو على فرض عدم القطع بعدم اعتبار الشارع
التذكية في
غير الماكول والا فمع القطع بذلك لامجال لهذا النزاع . فاذا كان
الاعتبار محتملا
فلا بد في اثبات النجاسة من التمسك بالاصل المتقدم الذي قد عرفت ما
فيه فالاظهر
قبول كل حيوان غير ماكول اللحم وغير نجس العين للتذكية واثرها طهارته .
اذا عرفت هذه الامور يقع الكلام في الاقسام الاربعة التي يراد معرفة
حكمها
وهي السباع والمسوخ والحشرات وغيرها فالكلام في فروع :
1.
في السباع من الوحوش
والطيور وهي ما يفترس الحيوان بنابه او مخلبه للاكل
او كل ما كان ذا مخلب او ناب يفترس من الحيوان او ما يتغذى باللحم
كالاسد والنمر
والفهد والثعلب ونحوها فالمشهور بين الاصحاب وقوع التذكية عليها كما
في المسالك
وعن الشهيد : انه لا يعلم فيه مخالف وعن المفاتيح : انه مذهب الكل
وعن المفيد
وسلار وابن حمزة : عدم الوقوع ذكروه في الجنايات وظاهر الشهيد الثاني
في المسالك
تقويته لو لا الاجماع على الوقوع .
والاول اظهر لا لان السبب في وقوعها على الماكول انما هو للانتفاع
بلحمه
[ . . . ]
وجلوده وهو متحقق فيما نحن فيه بالنظر الى جلده فان ذلك علة مستنبطة
لا تصلح
مدركا للحكم بل للاصل المتقدم ولقيام السيرة القطعية من الصدر الاول
الى زماننا
هذا على استعمال المسلمين جلودها من غير نكير بحيث يمكن فهم انعقاد
الاجماع
عليه .
ولخبر ابي مخلد قال : كنت عند ابي عبد الله - عليه السلام - اذ دخل
معتب فقال :
بالباب رجلان فقال - عليه السلام - : " ادخلهما " فدخلا
فقال احدهما : اني رجل سراج
ابيع جلود النمر فقال - عليه السلام - : " مدبوغة هي " قال
: نعم قال - عليه السلام - : " ليس به
باس " ( 1 ) .
ولما دل على الانتفاع بجلد السبع كموثق سماعة : سالته عن لحوم السباع
وجلودها ؟ فقال : " اما لحوم السباع فمن الطير والدواب فانا
نكرهه واما الجلود
فاركبوا عليها ولا تلبسوا شيئا تصلون فيه " ( 2 ) اذ لو لا وقوع
التذكية عليه لم يجز
الانتفاع بجلودها ضرورة كونها ميتة . فتردد الشهيد الثاني في الحكم
في غير محله .
2.
في المسوخ غير السباع وفي
قبولها التذكية قولان : فعن الشيخ والديلمى وابن
حمزة والمحقق والشهيد الثاني وغيرهم عدم القبول بل نسب ذلك الى
المشهور وعن
السيد والشهيد وجماعة : وقوع التذكية عليها وعن غاية المراد : نسبته
الى ظاهر الاكثر
وعن كشف اللثام نسبته الى المشهور وهذا هو الاقوى بناء على ما تقدم
في كتاب
الطهارة من طهارة غير الارنب والثعلب منها للاصل المتقدم المؤيد بما
ورد ( 3 ) في حل
الارنب وهي من المسوخ اذ ليس ذلك في لحمها عندنا فيكون في جلدها وما
دل علي
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 38 من ابواب ما يكتسب به حديث 1 - كتاب التجارة .
( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب لباس المصلى حديث 4 كتاب الصلاة .
( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 20 . ( * )
[ . . . ]
حل بيع عظام الفيل وشرائها واتخاذ الامشاط منها بل اتخاذ الامام عنها
المشط او
الامشاط ( 1 ) واما عددها فسياتي في الاطعمة والاشربة .
3.
في الحشرات - واحدها
الحشرة بالتحريك - : وهي ما يسكن باطن الارض
كاليربوع والفارة والضب والحية وما شاكل والاكثر هنا علي عدم وقوع
التذكية عليها
والمدرك للقولين هو الاصل وحيث عرفت ان الاصل وقوع التذكية فالاظهر
البناء
عليه فيها .
4.
غير الثلاثة من الحيوانات
وهي على قسمين :
احدهما : ما حرم اكل لحمه لعارض كالموطوء والجلال .
ثانيهما : ما يكون حرمته ذاتية كبعض انواع الغراب على القول بحرمته
اما
القسم الثاني فالكلام فيه ما في الفرع السابق . واما القسم الاول
فيشهد لوقوع التذكية
عليه مضافا الى ما مر استصحاب بقاء القابلية فلا اشكال فيه .
خاتمة : قد مر في اول هذا الكتاب
ان للصيد والاصطياد معنيين احدهما :
ازهاق روح الحيوان بالالة المعتبرة فيه . والثاني : اثباب اليد على
الحيوان الممتنع
بالاصالة . اما الاول فقد سبق احكامه واما الثاني فالكلام فيه تارة
فيما يحل اكله
ويحرم واخرى : فيما به يحل اكله من انواع التذكية وثالثة : فيما يقبل
التذكية وما
لا يقبلها ورابعة : في حيثية التملك اما الجهة الاولى فسياتي البحث
فيها في كتاب
..........................................................................
( 2 ) الوسائل باب 37 من ابواب ما يكتسب به . ( * )
[ . . . ]
الاطعمة والاشربة واما الجهة الثانية والثالثة فقد مر البحث فيهما في
الصيد و الذباحة .
والكلام في المقام في الجهة الرابعة وهو انما يكون في موارد :
1.
في ما يقبل منه التملك
ويدخل في الملك .
2.
في سبب تملكه .
3.
في ان الاعراض مخرج له عن
ملكه ام لا ؟
اما المورد الاول : فما كان منه له جهة انتفاع مقصودة للعقلاء يملك
والا فلا
وذلك لان الملكية الاعتبارية التي يعتبرها العقلاء او الشارع لشخص
خاص من جهة
المصلحة الداعية اليه قوامها بالاعتبار وموجودة به وهو من الافعال
وكل فعل ترتب
عليه اثر يصدر من العاقل والحكيم والا فهو لغو لا يصدر منه فاذا
فرضنا ان اعتبار
ملكية حيوان لشخص خاص لا يترتب عليه اثر لا يعتبر العقلاء ولا الشارع
هذه
الملكية وهو واضح جدا .
واما المورد الثاني : فلا اشكال ولا خلاف في انه يتحقق الصيد المملك
بالاخذ
باليد كان ياخذ رجله او قرنه او جناحه او الحبل المشدود عليه بنفسه
او بوكيله
وبالاستيلاء عليه بكل آلة معتادة لذلك يتوصل بها اليه كالكلب والباز
والشاهين
وسائر الجوارح والشبكة والحبالة ونحوها مع قصد الاخذ بها عند
استعمالها بمعنى
تسلط الالة عليه او وقوعه في الالة وفي الجواهر بل الاجماع بقسميه
عليه .
والنصوص الدالة على ذلك مضافا الى صدق الحيازة المملكة على ذلك كثيرة
:
منها : نصوص حلية صيد الصقور والبزاة والفهد والحبالة بعد التذكية
وقد
تقدمت .
ومنها : قوي السكوني عن الامام الصادق - عليه السلام - : " ان
امير المؤمنين - عليه السلام -
[ . . . ]
قال في رجل ابصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل فاخذه فقال
امير
المومنين - عليه السلام - : للعين ما رات ولليد ما اخذت " ( 1 ) .
ومنها : قويه الاخر عنه - عليه السلام - : " قال امير المؤمنين
- عليه السلام - : ان الطائر اذا
ملك جناحيه فهو صيد وهو حلال لمن اخذه " ( 2 ) ومثله خبر زرارة
( 3 )
وصحيحه ( 4 ) وموثق اسحاق ( 5 ) .
ومنها : صحيح البزنطي عن الامام الرضا - عليه السلام - في حديث : فان
صاد ما هو
مالك لجناحيه لا يعرف له طالبا ؟ قال - عليه السلام - : " هو له
" ( 6 ) .
ومثله خبر محمد بن الفضيل عن ابي الحسن - عليه السلام - : عن صيد
الحمامة - الى
ان قال : - قال : " وان لم تعرف صاحبه وكان مستوي الجناحين يطير
بهما فهو لك " ( 7 ) .
ومنها : صحيحا الحظيرة ونصب الشبكة المتقدمان في ذكاة السمك قال : في
الاول منهما جوابا عن السوال عن السمك الذى يدخل فيها : " لا
باس به ان تلك
الحظيرة انما
جعلت ليصطاد بها " وفي الثاني : " ما عملت يده فلا باس باكل ما وقع فيه " .
ومنها : صحيح عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله - عليه السلام - :
" من اصاب مالا او
بعيرا في فلاة من الارض قد كلت وقامت وسيبها صاحبها مما لم يتبعه
فاخذها غيره
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 38 - من ابواب الصيد حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 37 - من ابواب الصيد حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 37 من ابواب الصيد حديث 1 .
( 4 ) الوسائل باب 37 من ابواب الصيد حديث 5 .
( 5 ) الوسائل باب 37 من ابواب الصيد حديث 4 .
( 6 ) الوسائل باب 36 من ابواب الصيد حديث 1 .
( 7 ) الوسائل باب 36 من ابواب الصيد حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
فاقام عليها وانفق نفقته حتى احياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا
سبيل له عليها
وانما هي مثل الشئ المباح " ( 1 ) الدال على تملك المباح باخذه .
ومنها : غير تلكم من النصوص الكثيرة الدالة على مملكية الاخذ والصيد
ومن
الواضح صدق الصيد عرفا باثبات واحد من الآلات المذكورة باستعماله
بقصد الصيد
بل وكذا الاخذ فانه كناية عن جعل الشئ تحت استيلائه لا خصوص الاخذ
بالجارحة
المخصوصة .
وبذلك : يظهر عدم اختصاص ذلك بالالات المشار اليها بل هو يتحقق بكل
آلة استعملها لذلك كما لو اجرى الماء في ارض ليتوحل فيها الصيد او
بنى دارا
للتعشيش او حفر حفيرة ليقع فيها الصيد وما شاكل ولكن يشترط في ذلك ان
يزول
امتناع الصيد بذلك والا فلا يصدق الصيد كما لا يخفى .
وهل يتحقق السبب المملك بما لو اتبع صيد او زال امتناعه للخوف او
غيره ولم
ياخذه فلو اخذه غيره لم يملكه ام لا يتحقق به ؟ وجهان نسب الى
المشهور الاول
قال المحقق الاردبيلي : ولا دليل عليه الا رفع الامتناع ولا نعلم
كونه دليلا ثم قال :
ولعل دليله الاجماع .
الظاهر ان قوي السكوني المتقدم باطلاقه يدل على عدم حصول الملكية به
مضافا الى عدم صدق الاخذ والصيد عليه والاصل يقتضي عدم الملكية فلو
كان
اجماع والا فالاظهر عدم حصول الملك بذلك .
ويشترط في حصول الملك بالاخذ او الصيد عدم معرفة مالكه والا فيجب
الرد
اليه بلا خلاف .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 13 من كتاب اللقطة حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
ويشهد به صدر صحيح البزنطي المتقدم : عن رجل يصيد الطير يساوي دراهم
كثيرة وهو مستوي الجناحين ويعرف صاحبه ويجيئه فيطلبه من لا يتهمه ؟
قال - عليه السلام - :
" لا يحل له امساكه ويرده عليه " ونحوه خبر الفضيل وغيره .
الاعراض لا يوجب الخروج عن الملكية
واما المورد الثالث : فلا اشكال في انه اذا تحقق السبب المملك ثم
اطلق الصيد
من يده لم يخرج عن ملكه للاستصحاب وللنصوص المتقدمة انما الكلام في
انه لو
اطلقه ونوى خروجه من ملكه والاعراض عنه فهل يخرج عن ملكه ؟ كما عن
الشيخ
في المبسوط ام لا يخرج بذلك عن ملكه ؟ كما عن الاكثر على ما في
المسالك وجهان :
يشهد للثاني : ان زوال الملكية يحتاج الى دليل والاصل يقتضي عدمه بل
قد
يقال : ان النصوص المتقدمة الدالة على انه ان كان الصيد ملكا للغير
يجب الرد اليه
بمقتضى ترك
الاستفصال تدل على عدم زوال الملكية وهو وان كان منظورا فيه من
جهة انها تدل على وجوب رد ما يكون ملكا للغير والكلام الان في انه هل
خرج
بالاعراض عن ملكه ام لا ؟ وعلى فرض الخروج ليس مشمولا لتلك النصوص .
وقد استدل لكون الاعراض مخرجا : بان سبب الملك فيه اليد فاذا زالت
زال :
وبان الصيد يصدق على الصيد الممتنع وان سبقت يد عليه : وبما دل في
خصوص
الطير على انه ان ملك جناحه فهو صيد هذه الوجوه مختصة بالمقام .
وبعموم النبوي المعروف : " الناس مسلطون على اموالهم " ( 1
) بدعوى انه يدل
..........................................................................
( 1 ) البحار ج 1 ص 154 الطبع القديم وج 2 ص 272 الطبع الحديث . ( *
)
[ . . . ]
على سلطنة الناس على التصرف في اموالهم بانحاء التصرفات حتى المخرجة
كالبيع
ومنها الاعراض .
وبصحيح عبد الله بن سنان المتقدم استدل به صاحب الجواهر قال : نعم قد
يقال ان صحيح ابن سنان دال على كون الشئ بعد الاعراض عنه كالمباح
الاصلي
واظهر وجه المشبه فيه خروجه عن ملكه وتملكه لمن ياخذه على وجه لا
سبيل له عليه بناء
على ان المراد منه صيرورة البعير كالمباح باعتبار اعراض صاحبها منها
فيكون حينئذ
مثالا لكل ما كان كذلك بل لعل قوله ان اصاب مالا منزل على ذلك على
معنى ان
اصاب مالا غير البعير ولكن هو كالبعير في الاعراض انتهى .
وبالخبر الدال على انه لو انكسرت سفينة في البحر فما اخرجه البحر فهو
لاهله
وما اخرج بالغوص فهو لمخرجه وهو خبر الشعيرى عن الامام الصادق - عليه
السلام - : عن
سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضها بالغوص واخرج البحر بعض ما غرق
فيها
فقال - عليه السلام - :
" اما ما اخرجه البحر فهو لاهله الله تعالى اخرجه واما ما اخرج بالغوص
فهو
لهم وهم احق به " ( 1 ) .
تقريب الاستدلال به : انه يدل على ان ما اخرجه البحر فهو لاصحابه وما
تركه
اصحابه آيسين منه معرضين فهو لمن وجده وغاص عليه لانه صار بمنزلة
المباح
ذكره في محكي السرائر وقد ضعف المحقق - ره - الخبر في كتاب القضاء .
والظاهر ان نظره الى ان المراد بالشعيري هو السكوني وهو عامي وان في
طريقه
امية وهو واقفي ولا يتم شئ منهما لان السكوني قد عرفت غير مرة انه
يعمل برواياته
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 11 من كتاب اللقطة حديث 2 . ( * )
[ . . . ]
وادعى الشيخ - ره - الاجماع عليه وكون امية واقفيا لا يمنع عن العمل
بخبره . مع ان
الخبر مروي عن السكوني بطريق آخر عن الامام الصادق - عليه السلام - عن امير المؤمنين
- عليه
السلام - في حديث :
واذا غرقت السفينة وما فيها فاصابه الناس فما قذف به البحر على ساحله
فهو لاهله وهم احق به وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم "
( 2 ) .
وبانه قد زال ملكه باختياره عما ملكه فيزول لان القدرة على الشئ قدرة
على
ضده : وبالسيرة في حطب المسافر ونحوه .
وفي كل نظر اما الاول : فلأن اليد سبب لحدوث الملكية لا لبقائها وسبب
الملك متى تحقق تحقق مسببه وان زال هو بعد ذلك كغيره من اسباب الملك .
واما الثاني : فلما عرفت من دلالة النصوص على عدم تملك الصيد اذا كان
ملكا
للغير وبه يظهر ما في الثالث .
واما الرابع : فلأن النبوي يدل على ان كل احد مسلط على التصرف في
امواله
فمدلوله ثبوت السلطنة في موضوع المال ولو كان ذلك التصرف موجبا لخروج
المال عن
ملكه كالبيع فان البائع يتصرف في ماله باعطائه لغيره ولازمه رفع
السلطنة عن نفسه
ولا يدل على السلطنة على اذهاب الموضوع وازالة السلطان .
وبعبارة اوضح انه يدل على ثبوت السلطنة في ظرف ثبوت الموضوع ولا يكون
متعرضا لحكم السلطنة على اعدام الموضوع فلا يدل على ان الاعراض موجب
لا نسلاخ الملكية ولو صرح بذلك فضلا عما لو لم يصرح به .
..........................................................................
( 1 ) الوسائل باب 11 من كتاب اللقطة حديث 1 . ( * )
[ . . . ]
واما الخامس : فيرد عليه اولا : انه لم يفرض في الخبر اعراض صاحب
البعير عن
ملكه بل من الممكن انه تركها فرارا عن الانفاق عليها فالخبر نظير
النصوص الدالة
على ان من ترك ارضه ثلاث سنين فاحياها غيره فهو للمحيي ولا ربط لذلك
بالاعراض .
والحاصل انه يدل على ان الاحياء من الكلال ومن الموت مملك له
والتشبيه
بالمباح انما هو في صيرورتها مثله في الملكية وانه لا سبيل للغير
عليها بل في قوله انما
هي مثل المباح دلالة على عدم كون الاعراض مخرجا لها عن ملكه والا
كانت هي
مباحة .
وثانيا : ان تعليق الملكية على الاخذ والاقامة عليها وانفاق نفقتها
واحيائها من
الكلال ومن الموت اقوى شاهد على عدم كون الاعراض مخرجا لها عن ملكه
والا
كانت البعير من المباحات ويملكها الاخذ فالصحيح على خلاف المطلوب ادل .
واما السادس : فلانه لا ربط له بالاعراض بل مورده من قبيل المال الذى
امتنع
على صاحبه تحصيله ولعل الخروج عن الملكية يكون على وفق القاعدة من
جهة ان
الملكية من الامور الاعتبارية والاعتبار بدون الاثر لغو لا يصدر من
الحكيم والشاهد
على عدم كون مورده من قبيل الاعراض تفصيله - عليه السلام - بين ما
اخرجه البحر او اخرج
بالغوص ولو كان اعراض وكان الاعراض مخرجا له عن ملكه لما كان بين
الموردين
فرق ومن الممكن ان المال الممتنع على صاحبه وان لم يخرج عن ملكه
يملكه من اجهد
في تحصيله بالغوص ونحوه وعلى كل حال لا ربط للخبرين بالاعراض مع انه
قال في
الجواهر في كتاب القضاء : انه محتمل لا رادة كون الجميع لاهله
والتفصيل انما هو
باخراج الله و اخراج الغير كما عن بعضهم الجزم به .
واما السابع : فلان القدرة على التملك و ان كانت قدرة على ضده ولكن
ضده
[ . . . ]
عدم التملك لا الاخراج عن الملك ولعل ضد الاخراج عن الملك الادخال
فيه فكما
انه لا يدخل الشئ في ملك الانسان بمجرد القصد والعزم بل يتوقف على
سبب مملك
كذلك لا يخرج عن ملكه بمجرد الاعراض بل يكون ذلك متوقفا على سبب مزيل
للملكية .
واما الثامن : فلما سياتي من ان التصرف في امثال ذلك من باب الاباحة
لا
الاعراض
فتحصل مما ذكرنا ان الاظهر ان الاعراض لا يوجب خروج المال عن ملك
مالكه .
نعم يجوز التصرف في الاموال التي اعرض اصحابها عنها من جهة الاباحة
الضمنية للتصرفات او الاباحة التقديرية المستكشفة بشاهد الحال فان من
رفع اليد
عن ملكه يرضى لا محالة بتصرف الغير فيه وهذه الاباحة التقديرية
والرضا المستكشف
بشاهد الحال تكفي في جواز التصرف في مال الغير ولا يلزم في جواز
التصرف انشاء
الاباحة من المالك كما في الجواهر بل بناء على ما حققناه في كتاب
البيع في باب
الفضولي من صحة المعاملة على مال الغير مع رضاه بذلك وانه يخرج بذلك
عن
الفضولية للملتقط ان يملكه من طرف صاحبه بنفسه ويكون ذلك هبة من
المالك
وتصح وله ان يشتري به شيئا لنفسه من دون ان يهبه من قبل مالكه بناء
على ما هو
الحق من عدم لزوم خروج الثمن عن ملك من خرج المثمن عن ملكه وانه يصح
كون
الثمن من شخص والمبيع يدخل في ملك غيره كما حققناه في كتاب البيع
ورضا المالك
التقديري يكفي في هذا المقام .
فالمتحصل انه يجوز في موارد الاعراض جميع التصرفات حتى الناقلة
والفرق بين
هذا المبنى والقول بكون الاعراض مزيلا للملك انه على هذا يجوز للمالك
الرجوع فيه
ما دامت عينه
موجودة كما صرح بذلك في المسالك
.