] الفصل الثالث في الاطعمة والاشربة وفيه مباحث : [

 

الفصل الثالث

في الاطعمة والاشربة

 

ولا يخفى ان معرفة احكام الاطعمة والاشربة من المهمات باعتبار ان الانسان

جسد لا يمكن استغنائه عنهما قال الله تعالى : " وما جعلناهم جسدا لا ياكلون " ( 1 )

واوعد الله تعالى بالوعيد الشديد كتابا وسنة على تناول المحرم منهما فلا بد من تنقيح

القول في المقام .

فاقول : ( وفيه مباحث ) ومقدمة : اما المقدمة ففي بيان اصول كلية لم يتعرض لها

المصنف - ره - في ضمن المباحث ونذكر تلك الاصول في طي مسائل :

الاولى : ان مقتضى الاصل الاولى حلية اكل كل شئ او شربه ما لم يصل نهي

الشارع الاقدس عنه اما اذا علم عدم النهي عنه فلاستقلال العقل بذلك سيما وان

بناء الشارع على بيان المحرمات .

اضف اليه ان الله تعالى لقن نبيه طريق الرد على الكفار حيث حرموا على

انفسهم اشياء : ( قل لا اجد فيما اوحي الى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة

او دما مسفوحا ) ( 2 ) .

وقد ابطل تشريعهم بعدم وجدانه ما حرموه فيما اوحى الله تعالى فلو لم يكن

كافيا لما صح الاستدلال .

.....................................................................

 ( 1 ) الانبياء آية 8 .

( 2 ) الانعام آية 145 . ( * )

 

 

[ . . . ]

واما الاستدلال له بقوله تعالى : ( يا ايها الناس كلوا مما في الارض حلالا

طيبا ) ( 1 ) وقوله عزوجل : ( هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ) ( 2 ) فغير تام .

اما الاول فلان ظاهر الاية الكريمة ان الارض وما فيها نعم من الله تعالى مخلوقة

للبشر اما دينية فيستدلون بها على معرفته ففي الخبر عن على - عليه السلام - في تفسير الاية :

" خلق لكم ما في الارض " فتعتبروا به . او دنيوية فينتفعون بها بضروب النفع وذلك لا

يلازم اباحة اكل كل شئ اذ لا شئ من الاشياء الا وفيه منافع .

واما الثاني : فلان ظاهر تلك الاية الامر باكل ما في الارض حلالا طيبا لا حراما

خبيثا وليست في مقام بيان ان اي شئ حلال ويؤيد ذلك ورود الاية في طائفة من

الاصحاب حيث حرموا على انفسهم الحرث والانعام وما شاكل .

واما اذا شك في كون شئ حلالا او حراما لفقد الدليل كشرب التتن او لاجمال

النص او لغير ذلك فللآيات والروايات الدالة على اباحة ما شك في حرمته وقد

استوفينا الكلام في ذلك في الاصول في مبحث البراءة فالاصل الاولى هو الحلية فكل

ما لم يثبت حرمته يبنى على انه حلال .

 

الاصل الثانوي في المطاعم والمشارب

 

المسالة الثانية : ربما يقال : ان الاصل الثانوي في هذا الباب هو حرمة كل ما

يتنفر منه الطبع واستدل له بمفهوم آية حل الطيبات ( 3 ) وبقوله تعالى : ( ويحرم

عليهم الخبائث ) ( 4 ) .

وتقريب الاستدلال بهما : ان الطيب هو ما يستطيبه الناس ولا يستخبثونه

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 169 .

( 2 ) البقرة آية 29 .

( 3 و 4 ) الاعراف آية 158 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وبقرينة المقابلة تحمل الخبائث على ارادة ما يستخبثه الناس على حسب عاداتهم وما

هو مقرر في طباعهم فالاية الاولى بالمفهوم والثانية بالمنطوق تدلان على ما ذكر .

ولكن مضافا الى ان دلالة الاولى انما هي بمفهوم الوصف الذي ليس بحجة ان

الطيب يطلق على معان :

منها : الحلال قال الله تعالى : ( كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ( 1 ) اي من الحلال

وقد فسر الامام الصادق - عليه السلام - في خبر الهاشمي : " ما طاب بكسب الحلال وما خبث

بكسب الربا " ( 2 ) .

ومنها : الجيد قال الله تعالى : ( يا ايها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم . . و

لا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه الا ان تغمضوا فيه ) ( 3 ) .

ومنها : الطاهر قال الله تعالى : ( فتيمموا صعيدا طيبا ) ( 4 ) .

ومنها : ما لا اذى فيه قال عز من قائل : ( بلدة طيبة ورب غفور ) ( 5 ) وقال : (

فلنحيينه حياة طيبة ) ( 6 ) .

ومنها : ما فيه الخير والبركة قال سبحانه : ( كلمة طيبة كشجرة طيبة - الى ان

قال - : ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ( 7 ) .

.....................................................................

( 1 ) الاعراف آية 161 .

( 2 ) الوسائل باب 3 - من ابواب التشهد حديث 7 كتاب الصلاة .

( 3 ) البقرة آية 267 .

( 4 ) النساء آية 43 .

( 5 ) سبا آية 15 .

( 6 ) النحل آية 97 .

( 7 ) ابراهيم آية 24 - 26 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ومنها : ما تستطيبه النفس ولا تتنفر منه قال عزوجل : ( قل احل لكم

الطيبات ) ( 1 ) . وقال : ( اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) ( 2 ) . ومنها غير ذلك

والاستدلال بآية تحريم الخبائث في المقام يتوقف على ارادة المعنى الاخير من

الطيب في الاية كي يراد من الخبيث ما ذكر وهو غير ظاهر .

أضف الى ذلك : انه لو سلم كون المراد من الخبيث ما ذكر فلا يعلم ان المراد ما

يستخبثه عامة الناس او المكلف نفسه او اهل مملكة خاصة . قال المحقق الاردبيلي

- ره - : معنى الخبيث غير ظاهر اذ الشرع ما بينه واللغة غير مراد والعرف غير منضبط

فيمكن ان يقال ان المراد عرف اوساط الناس واكثرهم حال الاختيار من اهل المدن

والدور لا اهل البادية لانه لا خبيث عندهم بل يطيبون جميع ما يمكن اهله فلا اعتداد

بهم انتهى .

وفيه : اولا : ان طباع اكثر اهل المدن مختلفة جدا في التنفر وعدمه مثلا الجراد

تنفر منه طباع العجم دون العرب وجملة من ما كان ياكله العرب قبل الاسلام تتنفر

عنه الطباع الان وبالجملة من اطلع على احوال سكان بلاد الهند والافرنج والعجم

والعرب والترك في مطاعمهم ومشاربهم يراهم مختلفين كثيرا .

وثانيا : ان التخصيص باهل المدن بلا وجه كتخصيص بعضهم بعرف بلاد

العرب .

وثالثا : ان كثيرا من العقاقير والادوية كالاهلياجات يتنفر عن اكلها اغلب

الطباع بل عامتها ومع ذلك ليست خبيثة وقد يقال : ان المتيقن من ذلك كون الشئ

مما يتنفر الطباع عنه مطلقا اكلا ولمسا ورؤية كرجيع الانسان والكلب وغيره مما

.....................................................................

( 1 ) المائدة آية 5 .

( 2 ) الاحقاف آية 20 . ( * )

 

 

[ . . . ]

يؤكل لحمه والقئ من الغير وقملته وبلغمه والقيح والصديد والضفادع ونحوها

ولكنه ايضا لا يخلو عن مناقشة فان الطباع تنفر عن ممضوغ الغير وما خرج من بين

اسنانه مع ان حرمتها غير معلومة . وبالجملة كون المراد من الخبيث ما يتنفر منه الطباع

وبيان ضابط ذلك محل نظر واشكال فلا يستفاد من هذا الوجه اصل ثانوي يعتمد

عليه في الموارد المشكوك فيها .

 

الاصل في الاشياء المضرة بالبدن

 

المسالة الثالثة المشهور بين الاصحاب ان الاشياء الضارة بالبدن محرمة كلها

بجميع اصنافها جامدها ومايعها قليلها وكثيرها اذا كان القليل ضارا وفي المستند

دعوى الاجماع بكلا قسميه عليه وفي رسالة الشيخ الاعظم - ره - قد استفيد من الادلة

العقلية تحريم الاضرار بالنفس .

اقول : لا كلام عندنا في حرمته اذا كان ذلك مؤديا الى الوقوع في التهلكة او تحقق

ما علم مبغوضيته في الشرع كقطع الاعضاء ونحوه او كان يصدق عليه التبذير

والاسراف اذا كان الضرر ماليا .

انما الكلام في الاضرار بالنفس في غير هذه الموارد وقد استدل لحرمته بوجوه :

1.    ان العقل مستقل بذلك .

وفيه : ان العقل لا يابى من تحمل الضرر اذا ترتب عليه غرض عقلائي كما في

سفر التجارة او الزيارة وما شاكل .

 

 

[ . . . ]

2.    ادلة نفي الضرر ( 1 ) اما بدعوى ارادة النهي من النفي او بدعوى ان جوازه

ضرري منفي في الشريعة .

وفيه : ان تلك الادلة انما تنفي الاحكام الضررية ولا يكون المراد من النفي النهي

كما حقق ذلك في محله وجواز الاضرار بالنفس غير مشمول لها لما حقق في محله من انه

لا يشمل حديث لا ضرر الاحكام غير اللزومية المتعلقة بالشخص نفسه مع ان منع

جواز الاضرار بالنفس اذا ترتب عليه غرض عقلائي مخالف للامتنان فلا يشمله

الحديث اضف الى ذلك ان الضرر الذي يترتب عليه غرض عقلائي لا يعد ضررا

عرفا .

3.    خبر مفضل بن عمر : قلت لابي عبد الله - عليه السلام - : لم حرم الله الخمر والميتة

والدم ولحم الخنزير ؟ قال : " ان الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده واحل لهم ما

سواه من رغبة منه فيما حرم عليهم ولا زهد فيما احل لهم ولكنه خلق الخلق فعلم ما

تقوم به ابدانهم وما يصلحهم فاحله لهم واباحه تفضلا عليهم لمصلحتهم وعلم ما

يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم - الى ان قال : - اما الميتة فلانه لا يد منها احد الا

ضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته وانقطع نسله " الخ ( 2 ) . بدعوى انه يدل

بعموم العلة على حرمة الاضرار بالنفس .

وفيه : ان المستفاد منه ان الحكمة في حرمة عدة من الاطعمة المحرمة هي الضرر

ولا يتعدى عن حكمة التشريع والوجه في ذلك ان السوال انما يكون عن وجه تحريم

الله تعالى تلك الامور فالسوال انما يكون عن حكمة التشريع ولا يكون سؤالا عن

.....................................................................

( 1 ) راجع الوسائل باب 7 و 12 و 13 من ابواب كتاب احياء الموات وباب 5 من ابواب كتاب

الشفعة وغير تلكم من الابواب .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

انطباق عنوان عام محرم عليها وعدمه كما هو واضح فالجواب ايضا يكون ناظرا الى

ذلك ولعل ما ذكرناه لا سترة عليه .

اضف الى ذلك : انه لو كان ذلك علة يدور الحكم مدارها لزم منه عدم حرمة

المذكورات اذا لم يترتب على استعمالها الضرر كما في الاستعمال القليل منها او جواز

استعمال ما يقطع من الميتة بعدم الضرر فيها كما لو ذبح الى غير القبلة ولا يلتزم

بذلك فقيه مع ان ما ذكر في وجه حرمة الميتة رتب على ادمانها فلو كان ذلك علة لزم

منه عدم حرمة اكل الميتة مع عدم الادمان .

4.    حديث الاربعمائة عن امير المؤمنين ( عليه السلام ) : " ولا تاكلوا الطحال فانه ينبت

الدم الفاسد " ( 1 ) وقد ظهر ما فيه مما قدمناه في سابقه .

5.    خبر محمد بن سنان عن الامام الرضا - عليه السلام - : " وحرم الميتة لما فيها من

فساد الابدان والافة - الى ان قال : - وحرم الله الدم كتحريم الميتة لما فيه من فساد

الابدان " ( 2 ) والجواب عنه ما في سابقيه .

6.    خبر الحسن بن على بن شعبة في كتاب تحف العقول عن الامام الصادق -

عليه السلام - : " واما ما يحل للانسان اكله - الى ان قال : - وكل شئ يكون فيه المضرة على

الانسان في بدنه وقوته محرم اكله " الحديث ( 3 ) . ونحوه خبر دعائم الاسلام

عنه - عليه السلام - ( 4 ) .

ويرد على الاستدلال بهما اولا : انهما ضعيفان سندا اما الاول فللارسال

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 10 .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 42 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 1 .

( 4 ) المستدرك باب جملة من الاطعمة والاشربة المباحة والمحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

واما الثاني فله ولعدم ثبوت وثاقة مؤلفه .

وثانيا : انهما يدلان على حرمة الاطعمة المضرة كالسموم وما شاكل لا حرمة

الاضرار بالنفس مطلقا ولو كان باستعمال الاطعمة غير المضرة في انفسها .

7.    ما عن فقه الرضا - عليه السلام - : " اعلم يرحمك الله ان الله تبارك وتعالى لم يبح

اكلا ولا شربا الا لما فيه المنفعة والصلاح ولم يحرم الا ما فيه الضرر والتلف والفساد

فكل نافع للجسم فيه قوة للبدن فحلال فكل مضر يذهب بالقوة او قاتل فحرام مثل

السموم والدم ولحم الخنزير " ( 1 ) .

والجواب عنه ما في سابقه مضافا الى عدم ثبوت كونه كتاب رواية .

8.    خبر طلحة بن زيد عن الامام الصادق - عليه السلام - : " الجار كالنفس غير

مضار ولا آثم " ( 2 ) .

وفيه : انه يدل على ان الجار بمنزلة النفس فكما ان الانسان بطبعه لا يقدم على

الضرر ولا يظهر عيوب نفسه فليكن كذلك بالنسبة الى الجار ولا يدل على الحرمة

الشرعية . وهناك روايات اخر استدل بها لذلك يظهر الجواب عنها مما تقدم .

فاذا لا دليل على الحرمة ومقتضى الاصل هو الجواز ويشهد به توافق النص

والفتوى والعمل على جواز عدة امور مع كونها مضرة كادمان اكل السمك وشرب

الماء بعد الطعام واكل التفاح الحامض وشرب التتن والتنباك والجماع على الامتلاء

من الطعام ودخول الحمام مع الجوع وعلى البطنة والاضرار بالنفس بسفر التجارة

وماشاكل ذلك فيجوز الاضرار بالنفس في غير ما استثني بلا كلام .

.....................................................................

( 1 ) المستدرك ج 3 ص 71 حديث 5 .

( 2 ) هذا المقدار من الرواية في فروع الكافي بهامش مرآة العقول ج 3 ص 433 في باب الضرار ورواها

بتمامها في باب اعطاء الامان من كتاب الجهاد من الكافي والرواية مفصلة . ( * )

 

 

] الاول في حيوان البحر ولا يؤكل منه الا سمك [

 

حكم حيوان البحر غير السمك

 

ثم انه يقع الكلام في المباحث ( الاول في حيوان البحرو ) تمام الكلام في طي

مسائل :

الاولى : ( لا يؤكل منه ) اي من حيوان البحر ( الا ) ال ( سمك ) والطير اما الطير

فسيجئ الكلام فيه .

واما السمك فحليته في الجملة موضع وفاق المسلمين والنصوص المتواترة المتقدم

بعضها والاتية جملة منها في المسائل الاتية شاهدة به .

انما الكلام في حرمة غير السمك والطير من انواع الحيوانات البحرية فالمشهور

بين الاصحاب الحرمة وفي المسالك وما ليس على صورة السمك من انواع الحيوان فلا

خلاف بين اصحابنا في تحريمه انتهى .

وعن الخلاف والغنية والسرائر والمعتبر والذكرى وغيرها دعوى الاجماع عليها .

ويظهر من جماعة من المتاخرين منهم المحقق الاردبيلي وصاحبا الكفاية والمفاتيح

والمحقق النراقي التامل فيها بل عن بعضهم الميل الى نفى الحرمة والظاهر انه

مذهب الصدوق في الفقيه واستدل للاول بوجوه :

1.    اصالة عدم التذكية الشرعية المسوغة للاكل فانها تقضي حرمة كل حيوان

شك فيه انه محلل او محرم استدل بها صاحب الجواهر .

وفيه : اولا : ما تقدم من ان الاصل قبول كل حيوان لايكون نجس العين

للتذكية .

وثانيا : انه لو سلم عدم قبول غير ماكول اللحم لها انه حيث يكون الشك في

 

 

[ . . . ]

التذكية وعدمها مسببا عن الشك في حلية اكل لحمه وحرمته ومقتضي اصالة

الاباحة والحلية في الاشياء المتقدمة حليته ومعه يرتفع الشك في قبوله للتذكية .

وبعبارة اخرى : ان اصالة الحل الجارية في الموضوع تقدم على اصالة عدم

التذكية لكونها من قبيل الاصل السببي واصالة عدم التذكية من قبيل الاصل المسببي

والاصل السببي وان كان اصلا غير تنزيلي مقدم على الاصل المسببي وان كان من

الاصول التنزيلية كما حقق في محله .

2.    عموم ما دل على حرمة الميتة ( 1 ) استدل به غير واحد .

وفيه اولا : ان الميتة غير المذكي موضوعا فمع وقوع التذكية عليه لايصدق عليه

الميتة فلا يتناوله ما دل على حرمتها .

وثانيا : انه لو سلم شمول الميتة للمذكي لكن لاريب انه خرج المذكي عن

تحت دليل حرمتها بالكتاب والسنة ( 2 ) فمع تحقق التذكية لاسبيل الى التمسك بعموم

الدليل .

وثالثا : انه لو سلم شموله لابد من تخصيصه بما دل ( 3 ) من الكتاب والسنة على

جواز الاكل مما ذكر اسم الله عليه .

ورابعا : انه يتعين تقييد اطلاق دليل الحرمة لو سلم شمول الميتة للمذكي

واغمض عن ماذكرناه ثانيا وثالثا بما دل ( 4 ) على حلية صيد البحر من الكتاب

الشامل لما عدا السمك .

.....................................................................

( 1 ) البقرة آية 173 المائدة آية 3 الانعام آية 139 الوسائل باب 1 من ابواب الاطعمة المحرمة .

( 2 ) المائدة آية 4 الوسائل ابواب من الذبائح .

( 3 ) الانعام آية 118 و 119 الوسائل باب 10 و 15 و 27 وغيرها من ابواب الذبائح .

( 4 ) المائدة آية 96 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وما الرياض من تبادر السمك منه خاصة مع استلزام العموم حل كثير من

حيواناته المحرمة بالاجماع والكتاب والسنة لاشتمالها اما على ضرر او خباثة او نحوهما

من موجبات الحرمة فلا يمكن ان يبقي على عمومه الظاهر من اللفظة على تقدير

تسليمه لخروج اكثر افراده الموجب على الاصح لخروجه عن حجيته فليحمل على

المعهود المتعارف من صيده وليس الا السمك بخصوصه .

يدفعه : اولا : ما تقدم من حال الماكول المشتمل على الضرر والخباثة .

وثانيا : انه كيف احاط بحيوانات البحر جميعا فحكم باشتمال اكثرها على

موجب الحرمة واما دعوى التبادر فهي اضعف .

3.    موثق الساباطي عن ابي عبد الله - عليه السلام - : عن الربيثا فقال : " لاتاكلها

فانا لانعرفها في السمك يا عمار " الحديث ( 1 ) .

بدعوى : انه يدل بالعلة المنصوصة على حرمة كل ما لايعرف انه من السمك .

وفيه : انه معارض بما يدل على حل اكلها ولاجله اما ان يطرح هذا الخبر او

يحمل على الكراهة وعلى التقديرين لاوجه للاستدلال به على حرمة اكل غير السمك

من الحيوانات .

ويشهد للحلية مضافا الى ما مر جملة من النصوص كخبر ابن ابي يعفور عن

الامام الصادق - عليه السلام - عن اكل لحم الخز ؟ قال - عليه السلام - : " كلب الماء ان كان له

ناب فلا تقربه والا فاقربه " ( 2 ) .

ومرسل الصدوق قال : قال الصادق - عليه السلام - : " كل ما كان في البحر مما يؤكل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 12 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 39 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 . ( * )

 

 

] له فلس [

 

في البر مثله فجائز اكله وكل ما كان في البحر مما لايجوز اكله في البر لم يجوز اكله " ( 1 ) .

فالمتحصل : انه ان لم يكن اجماع على حرمة حيوان البحر غير السمك والطير كان

المتعين البناء علي الحلية ولكن مخالفة الاجماع مشكلة سيما مثل هذا الاجماع الذي في

مقابله النصوص والادلة ولا شئ يصلح للمدركية لما اجمعوا عليه ومخالفة الادلة ايضا

مشكلة فالاحتياط طريق النجاة ثم ان هذا هو الاصل والا فمن الحيوان البحري ما

يكون حراما بلا كلام كما ياتي .

 

حكم السمك الذي لافلس له

 

الثانية : انما يؤكل من السمك ما كان ( له فلس ) واما ما لافلس له فمحرم

بجميع انواعه .

اما الاول : فهو اجماعي ويشهد به مضافا الى العمومات والاصل جملة من

النصوص المصرحة بذلك الاتية الى جملة منها الاشارة ولافرق فيه بين ما بقى فلسه

كالشبوط وهو سمك رقيق الذنب عريض الوسط لين اللمس صغير الراس او سقط

عنه ولم يبق عليه كالكنعت الذي هو حوت سيئة الخلق تحك نفسها على شئ لجرارتها

فيذهب فلسه ولذا اذا نظرت الى اصل اذنها وجدته فيه كما صرح بذلك كله في صحيح

( 2 ) حماد .

واما الثاني : فحرمته الاشهر بين الاصحاب خلافا للشيخ في كتابي الاخبار فيما

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 22 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 10 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

عدا الجري ونسبه صاحب الكفاية الى جماعة وظاهر المحقق والشهيد الثاني في

المسالك والاردبيلي التردد فيه ومنشا الخلاف اختلاف النصوص .

منها ما يدل على الحرمة كصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر - عليه السلام - في

حديث قال : قلت له : رحمك الله انا نؤتى بسمك ليس له قشر فقال - عليه السلام - : " كل

ماله قشر من السمك وما ليس له قشر فلا تاكله " ( 1 ) .

ومرسل حريز عنهما - عليهما السلام - : " ان امير المؤمنين - عليه السلام - كان يكره الجريث

ويقول : لاتاكل من السمك الا شيئا عليه فلوس وكره المار ماهي " ( 2 ) .

وصحيح عبد الله بن سنان عن الامام الصادق - عليه السلام - : " كل علي

- عليه السلام - بالكوفة يركب بغلة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثم يمر بسوق الحيتان فيقول : لاتاكلوا

ولاتبيعوا ما لم يكن له قشر من السمك " ( 3 ) .

ونحوه موثق مسعدة ( 4 ) وحسن حنان بن سدير عنه - عليه السلام - في حديث : " مالم

يكن له قشر من السمك فلا تقربه " ( 5 ) .

ومرسل الصدوق : قال الصادق - عليه السلام - : " كل من السمك ما كان له فلوس

ولاتاكل منه ما ليس له فلس " ( 6 ) وخبر الفضل بن شاذان عن الامام الرضا - عليه السلام -

في كتابه الى المامون قال : " محض الاسلام شهادة ان لا اله الله - الى ان قال - وتحريم

الجري من السمك والسمك الطافي والمار ماهي والزمير وكل سمك لايكون

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 8 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 4 ) الوسائل باب 8 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 .

( 5 ) الوسائل باب 8 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 6 ) الوسائل باب 8 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

له فلس " ( 1 ) ونحوها غيرها .

ومنها ما ظاهره الحلية كصحيح زرارة عن ابي عبد الله - عليه السلام - عن الجريث

فقال : وما الجريث ؟ فنعته له فقال - عليه السلام - : ( " قل لا اجد فيما اوحي الى محرما على

طاعم يطعمه ) الى آخر الاية ثم قال : لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن الا الخنزير

بعينه ويكره كل شئ من البحر ليس له قشر مثل الورق وليس بحرام انما هو

مكروه " ( 2 ) .

وصحيح ابن مسكان عن محمد الحلبي : قال ابو عبد الله - عليه السلام - : " لايكره

شئ من الحيتان الا الجري " ( 3 ) ونحوه خبر الحكم ( 4 ) .

وصحيح محمد بن مسلم عن الامام الصادق - عليه السلام - عن الجري والمار ماهي

والزمير وماليس له قشر من السمك احرام هو ؟ فقال - عليه السلام - : " يا محمد اقرا هذه الاية

التي في الانعام : ( قل لا اجد فيما اوحي الي محرما ) - قال : فقراتها حتي فرغت منها -

نعافها " ( 5 ) .

وقد جمع جماعة من الاصحاب منهم سيد الرياض وصاحب الجواهر بينها

بحمل الطائفة الثانية على التقية قال في الرياض في الجواب عن من حمل الاولى على

الكراهة فالمناقشة فيه واضحة من وجوه عديدة سيما مع امكان الجمع بينها وبين

المبيحة بحملها على التقية لوضوح الماخذ في هذا الحمل من الاعتبار والسنة المستفيضة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 9 .

( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 19 .

( 3 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 18 .

( 4 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 17 .

( 5 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 20 . ( * )

 

 

[ . . . ]

بخلاف الحمل على الكراهة انتهى .

قال في الجواهر على ان الجمع بذلك فرع التكافؤ المفقود هنا من وجوه منها

موافقة رواية الحل للعامة التي جعل الرشد في خلافها .

وفيه : ان الحمل على التقية انما هو في صورة تعارض الخبرين الذين لايمكن

الجمع العرفي بينهما بوجه اعم من الجمع الموضوعي او الحكمي بعد فقد جملة من

المرجحات فكيف يكون الموافقة لهم المواجبة لذلك مانعا عن الجمع العرفي ومقدما

عليه وهو غريب .

وقد جمع في المستند بين الطائفتين بحمل الثانية على الاولى بدعوى انها اعم من

الاولى لان صحيح زرارة شامل للحيتان وغيرها وما بعده من الخبرين شاملان لما له قشر

وما ليس له قشر وصحيح محمد متضمن : ان كل ما لم يحرم الله في كتابه ليس بحرام

وعموم ذلك ظاهر فيجب تخصيص هذه النصوص بالطائفة الاولى .

وفيه : ان صحيح زرارة بقرينة كون الجواب عن السؤال عن حكم الجريث

صريح في ارادة السمك من الجواب فلا يصح حمله على غير السمك والايلزم

خروج المورد والمطلق الذى يكون نصا في الشمول لفرد حكمه حكم الخاص .

وبذلك ظهر الجواب عن ما افاده في صحيح محمد فان السؤال انما هو عن

السمك الذي لافلس له فجوابه بانه لايكون شئ لم يحرم الله ورسوله في كتابه حراما

كالنص في عدم حرمة ما لافلس له من السمك فلا يصح تقييده بغيره .

واما صحيح ابن مسكان وخبر الحكم فحيث انه من تخصيص الحيتان بما له

فلس يلزم كون الاستثناء منقطعا وهو خلاف الظاهر فهما ايضا كالصريح في الشمول

لما لافلس له .

والحق ما افده جماعة من ان الجمع بين الطائفتين مقتض لحمل الاولى على

الكراهة ولكن المانع عن الالتزام بذلك الشهرة العظيمة على الحرمة بل القائل

 

 

] ويحرم الطافي والجلال منه حتى [

 

بالكراهة شاذ نادر اذ ليس من القدماء الا القاضي واما الشيخ فانه وان حكي عنه في

موضع من النهاية الا انه رجع عنه في موضعين منها وباقي كتبه حتى انه حكم في باب

الديات بكفر مستحله ولذا فنحن ايضا من المتوقفين في المسالة والاحتياط طريق

النجاة .

 

ما يحرم اكله من السمك

 

المسالة الثالثة : في جملة من اقسام السمك التي دل الدليل على حرمتها

بالخصوص ونذكرها في ضمن فروع :

1.    ( ويحرم الطافي ) وهو السمك الذي يموت في الماء اجماعا محصلا ومنقولا

ويشهد به مضافا الى ما دل من الكتاب والسنة على حرمة الميتة الشاملة له جملة من

النصوص الخاصة وقد تقدمت الاشارة اليها في كتاب الصيد والذباحة .

2.    ( و ) يحرم ايضا ( الجلال منه ) الذي ستعرف المراد به ان شاء الله تعالى على

المشهور بين الاصحاب لعموم ما دل على حرمة اكل لحوم الجلالات الاتي في المبحث

الثاني عند تعرض المصنف - ره - له ولكن حرمة الجلال حيث لاتكون بالذات حتي

تستقر بل هي لصدق الجلال فتكون الحرمة باقية ( حتى ) يستبرا بان يجعل في الماء يوما

وليلة كما عن الاكثر لخبر يونس عن الامام الرضا - عليه السلام - : " ينتظر به يوما وليلة " ( 1 )

وعن المقنع والشيخ : جعل مدة الاستبراء يوما الى الليل لخبر القاسم بن محمد

الجوهرى : السمك الجلال يربط يوما الى الليل ( 2 ) في الماء ولكن الترجيح في جانب

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 7 . ( * )

 

 

] يطعم علفا طاهرا يوما وليلة والجري [

 

الاول للشهرة مع انه يمكن ارجاع الثاني اليه بجعل الغاية داخلة في المغى وكيف

كان فهما خاليان عما ذكره المصنف - ره - والمحق ق وغيرهما من انه ( يطعم علفا

طاهرا يوما وليلة ) ولذا احتمل المقدس الاردبيلي - ره - الاكتفاء في الاستبراء بامساكه

عن الجلل .

ويمكن ان يستدل له بوجهين :

احدهما : ان المنساق الى الذهن من الامر بالربط والانتظار هو ان يطعم بشئ

غير ما حصل له الجلل فكان الامر بهما توجه اليه ويؤيده ذكر غير السمك في

الخبرين والامر بربطه ايضا المعلوم ارادة الغذاء والتربية في مدة الحبس والربط ولو

للنصوص الاخر فيعلم ان المراد من الجميع الحبس مع الغذاء والتربية .

ثانيها : استصحاب بقاء الجلل ما لم يطعم علفا فتامل فالعمدة هو الاول

واستشكل المصنف - ره - في محكي القواعد في اعتبار طهارة العلف .

واستدل لاعتبار طهارته بالانسباق والا كان زيادة في جلله وبالاستصحاب :

وبان اطلاق الطاهر يقتضي كونه غير متنجس ايضا : وباصالة الاحتياط .

وكل كما ترى اذ الجلل كما ياتي لايحصل بغير العذرة والاستصحاب لايرجع

اليه مع اطلاق الدليل وليس في النصوص لفظ الطاهر كي يتمسك باطلاقه

فالاظهر عدم اعتبارها الا ان ظاهر الاصحاب اتسالم عليه فالاحتياط كون برعايتها

لايترك بل عن التحرير اعتبار كون الماء الذي يحبس فيه السمك طاهرا ولاريب في انه

احوط واولى .

3.    ( و ) يحرم ايضا ( الجري ) ويقال له : الجريث والظاهر من الاخبار انه غير

المار ماهي وعن حياة الحيون ان الجري يسمى بالفارسية مارماهي وكذا ظاهر الاخبار

اتحاد الجري والجريث وعن حياة الحيوان : ان الجريث سمك يشبه الثعبان وكيف

 

 

] والسلحفاة والضفادع [

 

كان فيشهد لحرمة اكله مضافا الى ما مر جملة من النصوص :

كصحيح محمد بن مسلم : اقراني ابو جعفر - عليه السلام - شيئا من كتاب

علي - عليه السلام - فاذا فيه : " انهاكم عن الجري والزمير والمار ماهي والطافي والطحال "

الحديث ( 1 ) .

وموثق سماعة عن الكلبي النسابة عن ابي عبد الله - عليه السلام - عن الجري فقال :

" ان الله مسخ طائفة من بني اسرائيل فما اخذ منهم بحرا فهو الجري والزمير

والمار ماهي وماسوى ذلك " وسيجئ ما يدل على حرمة المسوخ ( 2 ) .

وصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : " لاتاكل الجرى ولا الطحال

فان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كرهه وقال : ان في كتاب علي - عليه السلام –

 ينهى عن الجري وعن جماع من السمك " ( 3 ) .

وصحيحه الاخر عنه - عليه السلام - : " لايكره شئ من الحيتان الا الجري " ( 4 ) الى غير

تلكم من النصوص فلا ينبغي التوقف في الحكم كما عن شاذ من الاصحاب لبعض ما

ذكر في المسالة السابقة الظاهر جوابه وبما ذكرناه يظهر حرمة اكل المار ماهي والزمير .

4.    ( و ) من المحرم اكله : ( السلحفاة ) بضم السين المهملة وفتح اللام فالحاء

المهملة الساكنة فالفاء المفتوحة والهاء بعد الالف .

( والضفادع ) جمع ضفدع - بكسر اوله وفتحه وضمه مع كسر ثالثه وفتحه في

الاول وكسره في الثاني وفتحه في الثالث .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 16 .

( 4 ) الوسائل باب 9 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 17 . ( * )

 

 

] والسرطان ولا باس بالكنعت والربيثا والطمر والطيراني والابلامي [

 

( والسرطان ) بفتح الثلاثة الاولى ويسمي عقرب البحر : بلا خلاف في شئ

منها يعرف لما مر .

ولصحيح علي بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - : " لايحل اكل الجري ولا السلحفاة

ولا السرطان " قال : وسالته عن اللحم الذي يكون في اصداف البحر والفرات ايؤكل ؟

قال - عليه السلام - : " ذلك لحم الضفادع لايحل اكله " ( 1 ) .

الرابعة : فيما دل الدليل بالخصوص على حليته ( و ) انه ( لاباس ب ) اكله وهو :

) الكنعت ) ويقال له الكنعد بالدال المهملة ففي صحيح حماد بن عثمان عن الامام

الصادق - عليه السلام - في الكنعت قال : " لاباس باكله " ( 2 ) .

( والربيثا ) بكسر الراء ففي صحيح هشام بن سالم عن عمر بن حنظلة حملت

الربيثا يابسة في صرة فدخلت على ابي عبد الله - عليه السلام - فسالته عنها ؟ فقال - عليه السلام - :

" كلها - وقال : - لها قشر " ( 3 ) ونحوه غيره ولايعارضها ما تضمن النهي عن اكلها لتعين

حمله على الكراهة جمعا .

( والطمر ) بكسر الطاء المهملة ثم الميم .

( والطيراني ) بفتح الطاء المهملة والباء المفردة .

( والابلامي ) بكسر الهمزة وسكون الباء المنقطة من تحت نقطة واحدة ففي خبر

سهل بن محمد الطبري : كتبت الى ابي الحسن الرضا - عليه السلام - عن سمك يقال له

الابلامي وسمك يقال له الطبراني وسمك يقال له الطمر واصحابي ينهوني عن

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 16 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 10 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 12 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

] والاريبان ويؤكل ما يوجد في جوف السمك اذا كانت مباحة لاما تقذفه

الحية الا ان يضطرب ولم ينسلخ [

 

اكله ؟ قال : فكتب - عليه السلام - : " كله لاباس به " وكتب بخطي ( 1 ) .

( والاريبان ) بكسر الهمزة والباء ففي صحيح يونس بن عبد الرحمن عن ابي

الحسن - عليه السلام - عن اكل الاريبان فقال - عليه السلام - لي : " لاباس " ( 2 ) والاريبان ضرب

من السمك .

 

حكم مالو وجد سمكة في جوف سمكة اخرى

 

الخامسة : ( ويؤكل ما يوجد ) من السمك ( في جوف السمك اذا كانت مباحة

لاما تقذفه الحية الا ان يضطرب ولم ينسلخ ) فها هنا فرعان :

1.    لو وجد في جوف سمكة سمكة اخرى وكانت من جنس ما يؤكل لحمه فعن

الشيخ في النهاية والمفيد وولد الصدوق والمصنف في المتن وفي القواعد : انها حلال

واستحسنة في الشرائع والشهيد الثاني في المسالك واستقر به سيد الرياض وعن

الحلي والمصنف - ره - في التحرير وولده فخر الدين والمقداد في المفاتيح : انها لاتحل الا

ان تؤخذ حيا وظاهر الجواهر تقويته .

والاول اظهر لاستصحاب بقاء الحياة الى حين الاخذ اذ لاشك في حلول الحياة

في السمك وقتا ما فيستصحب الى ان يعلم المزيل .

واورد عليه في الجواهر تارة بكونه من الاصول المثبتة واخرى بمعارضته

باستصحاب التحريم وثالثة بمعارضته باستصحاب عدم التذكية المتوقفة على شرط

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 9 .

( 2 ) الوسائل باب 12 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لاينقحه الاصل .

ويرد على ما افاده : اولا : انه يستصحب الحياة التي هي احد جزاي الموضوع

ويضم اليه الجزء الاخر وبهما يتم الموضوع ويترتب عليه حكمه وهو الحلية ولاربط

لذلك بالمثبت الذي هو عبارة عن اجراء الاصل فيما ليس موضوعا ولاجزء موضوع

بل هو ملازم او ملزوم او لازم عقلي او عرفي لموضوع الحكم .

ويرد على ما افاده ثانيا : انه ان اريد استصحاب الحرمة الثابتة في حال الحياة

فيرده ما تقدم من عدم حرمته كي يستصحب اضف اليه : عدم جريانه لتبدل الموضوع

ولعدم جريانه في الاحكام الكلية وان اراد غيره فعليه البيان .

ويرد على ما افاده ثالثا : ان التذكية كما مر عبارة عن نفس الاعمال الخارجية

الواردة على المحل القابل ولاتكون امرا حاصلا منها وعليه فمع ثبوت ما يعتبر فيها

بعضها بالوجدان وبعضها بالاصل لامجال لاستصحاب عدمها مع انه لوسلم كونها

امرا حاصلا منها الاستصحاب الجاري في الحياة من قبيل الاصل الجارى في السبب

لايبقى مجالا لجريان الاصل في المسبب .

ولخبر السكوني عن ابي عبد الله - عليه السلام - : " ان عليا - عليه السلام - سئل عن سمكة

شق بطنها فوجد فيها سمكة ؟ فقال - عليه السلام - : كلها جميعا " ( 1 ) .

ومرسل ابان عن بعض اصحابه عنه - عليه السلام - قال : قلت : رجل اصاب سمكة

وفي جوفها سمكة ؟ قال : " يؤكلان جميعا " ( 2 ) .

واورد عليها بضعف السند ويرده ما تقدم من ان روايات السكوني يعمل بها

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 36 من ابواب الذبائح حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 36 من ابواب الذبائح حديث 1 . ( * )

 

 

] والبيض تابع [

 

والمرسل في حكم الصحيح لان مرسله من اصحاب الاجماع فلا اشكال في الحكم

وانه يحل اكلها .

2 - لو وجدت سمكة في جوف حية حل اكلها ان لم تكن تسلخت وكان لها

فلس مطلقا اخذت ام لا ؟ كما عن النهاية والمصنف في المختلف اذ ادركها حية

تضطرب والمدرك خبر ايوب بن اعين عن ابي عبد الله - عليه السلام - قال : قلت له : جعلت

فداك ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثم طرحتها وهي حية تضطرب افاكلها ؟ فقال -

عليه السلام - : " ان كانت فلوسها قد تسلخت فلا تاكلها وان لم تكن تسلخت فكلها " ( 1 )

والسؤال فيه وان كان عن صورة حياة السمكة ولكن الجواب عام يدل على

الحلية مالم تنسلخ اذ لامعنى للتفصيل مع فرض الحياة وعليه فهو يدل على مذهب

الشيخ - ره - ولايرد عليه ما في المسالك قال : والرواية لاتدل على مذهبه ولكن

الرواية مجهولة من وجوه عديدة فلا يعتمد عليها فان لم ياخذها في حال الحياة لاتكون

حلالا كما هو مقتضى القاعدة في السمك .

 

حكم بيض السمك

 

السادسة ( والبيض ) من السمك المعبر عنه الان بالثرب ( تابع ) له فبيض

المحلل حلال وبيض الحرام حرام بلا خلاف في الاول وعلى المشهور في الثاني .

واستدل للاول بخبر ابن ابي يعفور عن ابي عبد الله - عليه السلام - الدجاجة تكون في

المنزل وليس معها الديكة تعلتلف من الكناسة وغيرها وتبيض من غير ان تركبها الديكة

فما تقول في اكل ذلك البيض ؟ فقال - عليه السلام - : " ان البيض اذا كان مما يؤكل لحمه فلا

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

باس باكله وهو حلال " ( 1 ) .

وخبر داود بن فرقد عنه - عليه السلام - في حديث : " كل شئ يؤكل لحمه فجميع

ماكان منه من لبن او بيض او انفحة فكل ذلك حلال طيب " الحديث ( 2 ) .

ولكن الاستدلال بهما من جهة دلالتهما على حلية بيض ما يؤكل لحمه غير تام

لعدم صدق البيض عرفا على ثروب السمك وانما اطلقه الاصحاب عليه لضرب من

المجاز باعتبار كونه مبدا تكون السمك كالبيض في غيره .

نعم يصح الاستدلال بعموم قوله - عليه السلام - في الثاني فجميع ما كان منه الخ

فانه يدل على حلية كل ما هو من توابع ماكول اللحم .

ويمكن ان يستدل له مضافا الى ذلك بالسيرة القطعية على استعمال الصحناة

التي هي طنج السمكة جميعها وبانه ما لم ينفصل من السمك يعد من اجزائه فيشمله

دليل الحل ويبقي بعد الانفصال بل لايبعد دعوى صدق كونه من اجزائه حتى بعد الانفصال وباصالة الحل فلا اشكال في الحكم .

واستدل للثاني : بمفهوم الخبرين ويرده ماتقدم من عدم صدق البيض عليه

وما في الرياض من انه من مفهوم القيد لامن مفهوم الوصف لم يظهر لي وجهه وعلى

هذا فمقتضى اصالة الحل حليته الا ان يتمسك بعموم ما دل على حرمة ذلك السمك

فانه كما عرفت يشمل مثل ثروبه ايضا من جهة كونه من اجزائه .

وعليه فما عن الحلي والمصنف في المختلف من حليته نظرا الى الاصل

والعمومات وما دل على حلية صيد البحر : ضعيف لان الاصل يخرج عنه بما تقدم

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 40 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 40 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 2 . ( * )

 

 

] ومع الاشتباه يؤكل الخشن لا الاملس الثاني : البهائم ويؤكل النعم الاهلية

وبقر الوحش وكبش الجبل والحمر والغزلان واليحامير [

 

والعمومات تخصص بها وكذلك ما دل على حلية صيد البحر مع ان المنساق منه

نفس الحيوان دون بيضه .

قالوا : ( ومع الاشتباه يؤكل الخشن لا الاملس ) وظاهر هم الاتفاق عليه فهو الحجة

فيه والا فلا دليل عليه ومقتضى الاصل الحلية عند الاشتباه مطلقا .

 

ما يوكل من البهائم

 

المبحث الثاني : في ( البهائم ) والكلام فيه في مسائل :

الاولى ( ويؤكل النعم ) الثلاثة ( الاهلية ) الابل والبقر والغنم بلا خلاف فيه بين

المسلمين وفي الجواهر بل هو من ضروري الدين وفي المستند حلية الثلاثة من

الضروريات الدينية وكذا عن غيرهما .

ويشهد له الاية الكريمة : ( ومن الانعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ) الى

ان قال سبحانه : ( ثمانية ازواج من الضان اثنين ومن المعز اثنين قل ءآلذكرين حرم ام

الانثيين ) الى ان قال عزوجل : ( ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين ) ( 1 ) والنصوص

المتواترة الاتية الى جملة منها الاشارة .

( و ) يؤكل ايضا ( بقر الوحش وكبش الجبل ) والمراد به الضان والمعز الجبليين

( والحمر والغزلان ) جمع الغزال وهو الظبي ( واليحامير ) جمع يحمور وعن عجائب

المخلوقات : انه دابة وحشية نافرة لها قرنان طويلان كانهما منشاران ينشر بهما الشجر

.....................................................................

( 1 ) سورة الانعام آية 142 - 144 . ( * )

 

 

[ . . . ]

يلقيهما بكل سنة وفي المنجد نقل عن الصحاح : انه حمار الوحش وقيل : انه شبيه

بالابل بلا خلاف في حلية الخمسة بين المسلمين كمافي المسالك ويشهد بها في

الخمسة الاصل والعمومات من الكتاب والسنة وفي الثلاثة الاول ما دل على حلية

الازواج الثمانية فعن تفسير القمي في تفسير الاية الكريمة فهذه التي احلها الله في

كتابه الى ان قال : فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من الضان اثنين عنى الاهلي والجبلي ومن المعز اثنين

عنى الاهلى والوحشي الجبلي ومن البقر اثنين عنى الاهلي والوحشي الجبلي ومن الابل

اثنين عنى النجاتي والعراب فهذه احلها الله .

وفي الاول والثاني مرسل ( 1 ) الصدوق : ان امير المومنين - عليه السلام - قال في ابل

اصطاده رجل فقطعه الناس والذي اصطاده يمنعه ففيه نهي ؟ فقال - عليه السلام - : " ليس

فيه نهي وليس به باس " .

والابل بكسر الهمزة وضمها بقر الجبل قيل هو بالكسر فالفتح ذكر الاوعال

قيل : وهو الذي يسمى بالفارسية : گوزن .

وفي الثالث والرابع موثق سماعة : سالته عن رجل رمى حمار وحش او ظبيا

فاصابه ثم كان في طلبه فوجده من الغد وسهمه فيه ؟ فقال - عليه السلام - : " ان علم انه

اصابه وان سهمه هو الذى قتله فلياكل منه والا فلا ياكل منه " ( 2 ) .

وخبر نضر بن محمد كتبت الى ابي الحسن - عليه السلام - اساله عن لحوم الحمر

الوحشية فكتب - عليه السلام - : " يجوز اكلها وحشية وتركه عندي افضل " ( 3 ) .

وخبر على بن جعفر عن اخيه - عليه السلام - : " عن ظبي او حمار وحش او طير صرعه

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب الصيد حديث 4 .

( 2 ) الوسائل باب 18 من ابواب الصيد حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 1 . ( * )

 

 

] ويكره الخيل والبغال والحمير [

 

رجل ثم رماه بعد ما صرعه غيره فمتى يوكل ؟ قال - عليه السلام - : " كله ما لم يتغير اذا سمى

ورمى " الحديث ( 1 ) .

وفي الخامس : خبر سعد بن سعد سالت الرضا - عليه السلام - عن اللامص ؟ فقال :

" وما هو " ؟ فذهبت اصفه . فقال : " اليس اليحامير " ؟ قلت : بلى . قال - عليه السلام - : " اليس

تاكلونه بالخل والخردل والازار ؟ " قلت : بلى . قال - عليه السلام - : " لا باس به " ( 2 ) .

ثم ان المحكي عن الحلي والمصنف في التحرير والشهيد في الدروس كراهة اكل

لحم الحمار والظاهر انه لا وجه له سوى ما في خبر نضر بن محمد من قوله - عليه السلام - :

وتركه افضل ولكنه لا يدل على الكراهة . ثم ان ظاهر جماعة منهم المصنف في المتن

والقواعد والتحرير حصر المحلل من الوحش فيها وهو المحكي عن صريح الغنية

الا انه زاد الاوعال سادسا ولكن يشكل ذلك في الخيل والابل والبغال لو كانت

وحشية لاطلاق ما دل على حليتها الشامل للانسية منها والوحشية و دعوى الانصراف

الى الاولى ممنوعة سيما بملاحظة ما عن تفسير القمي بل قد يشكل بالنعامة بناء على

انها من غير الطير وحلال .

 

كراهة الخيل والبغال والحمير

 

الثانية : ( ويكره الخيل والبغال والحمير ) الاهلية كما هو المشهور بين الاصحاب

وعن الخلاف الاجماع على ذلك وعن الانتصار والغنية ان ذلك في الاول والثالث من

متفردات الامامية وعن ابي الصلاح تحريم البغال وعن المفيد - ره - تحريم البغال

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

والحمير والهجن من الخيل بل قال : انه لا تقع الذكاة عليها .

يشهد للاول جملة من النصوص كحسن زرارة ومحمد بن مسلم عن ابي جعفر -

عليه السلام - انهما سالاه عن اكل لحوم الحمر الاهلية ؟ فقال - عليه السلام - :

" نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن اكلها يوم خيبر وانما نهى عن اكله

ا في ذلك الوقت لانها كانت حمولة الناس وانما الحرام ما حرم الله في القران " ( 1 ) .

وصحيح محمد عنه - عليه السلام - : " نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن اكل لحوم الحمير وانما

نهى عنها من اجل ظهورها مخافة ان يفنوها وليست الحمير بحرام ثم قرا هذه الاية :

( قل لا اجد فيما اوحى الى محرما على طاعم يطعمه ) " الى آخر الاية " ( 2 ) .

وخبر الاخر عنه - عليه السلام - : عن لحوم الخيل والبغال والحمير ؟ فقال - عليه السلام - :

" حلال ولكن الناس يعافونها " ( 3 ) .

وصحيحه ايضا عنه - عليه السلام - : عن سباع الطير والوحش حتى ذكر له القنافذ

والوطواط والحمير والبغال والخيل ؟ فقال - عليه السلام - : " ليس الحرام الا ما حرم الله في

كتابه وقد نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم خيبر عنها وانما نهاهم من اجل ظهورهم ان يفنوه

وليست الحمر بحرام " الحديث ( 4 ) .

وخبر زرارة عن احدهما - عليهما السلام - : عن ابوال الخيل والبغال والحمير ؟ قال :

فكرهها . قلت : اليس لحمها حلالا - الى ان قال - وجعل للركوب الخيل والبغال

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 4 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 .

( 3 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 . ( * )

 

 

[ . . . ]

والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها ( 1 ) .

وخبر عمرو بن خالد عن زيد بن على عن آبائه عن علي عليهم السلام : " اتيت انا

ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجلا من الانصار فاذا فرس يكبد بنفسه فقال

 له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :

انحره - الى ان قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - كل واطعمني قال - عليه السلام - :

 فاهدى للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فخذا منه

فاكل منه واطعمنى " ( 2 ) الى غير تلكم من النصوص .

وبازائها نصوص متضمنة للنهي عنها او بعضها كصحيح ابن مسكان عن ابي

عبد الله - عليه السلام - : عن اكل الخيل والبغال ؟ فقال - عليه السلام - : " نهى رسول الله

( صلى الله عليه وآله وسلم ) عنها ولا تاكلها الا ان تضطر اليها " ( 3 ) .

وصحيح سعد بن سعد عن الامام الرضا - عليه السلام - عن لحوم البرازين والخيل

والبغال ؟ فقال - عليه السلام - : " لا تاكلها " ( 4 ) .

وخبر ابي بصير عن الامام الصادق - عليه السلام - في حديث : كان يكره ان يؤكل

لحم الضب والارنب والخيل والبغال وليس بحرام كتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير

وقد نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن لحوم الحمر الاهلية وليس بالوحشية باس ( 5 ) .

ومرسل ابان عنه - عليه السلام - : عن لحوم الخيل ؟ قال - عليه السلام - : " لا تاكل الا ان

يصيبك ضرورة " ( 6 ) ونحوها غيرها .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 8 .

( 2 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 5 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 7 .

( 6 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 . ( * )

 

 

] ويحرم الجلال من المباح [

 

والجمع العرفي بين النصوص يقتضي حمل الثانية على الكراهة فان قيل : ان

صحيح ابن مسكان ومرسل ابان اخصان من الطائفة الاولى بل وكذا من الثانية

فيقيدان اطلاقهما لان الجمع الموضوعي مقدم على الجمع الحكمي .

قلنا : انه لايصح حمل الطائفة الاولى على صورة الاضطرار لصراحة جملة منها في

صورة الاختيار كخبر عمرو بن خالد المتضمن لاكلهما من لحم الفرس والنصوص

المعللة لعدم الحرمة بانه لم يحرم في كتاب الله تعالى والمتضمنة ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انما نهى

عن الحمير في يوم خيبر والا فليس بحرام اذ من المعلوم ان النهى عنه كان مختصا

بحال الاختيار بل في الطائفة الثانية ايضا ما لايمكن حمله على حال الاختيار كخبر

ابي بصير المفصل بين الخيل والبغال والحمر الاهلية باختصاص الحرمة بالحمر مع

ان ذلك انما هو على فرض ثبوته يختص بحال الاختيار .

فيعلم انه ما حكم به في الصدر - من عدم حرمة الخيل والبغال - يكون المراد

به حال الاختيار فالاظهر صحة الجمع الاول فيكره لحوم الثلاثة .

 

حكم الحيوان الجلال وما يحصل به الجلل

 

المسالة الثانية : ( ويحرم الجلال من المباح ) على المشهور بين الاصحاب شهرة

عظيمة كادت تكون اجماعا لولم يكن اجماعا اذ لم ينقل الخلاف الا عن الاسكافي

والشيخ في المبسوط والخلاف بل عن الثاني نسبته الى مذهبنا وصاحب الكفاية .

ولكن الشيخ - ره - انما حكم بالكراهة في الجلال الذي يراه جلالا دون غيره

وهو ما كان اكثر علفه العذرة واما ان كان غذاءه كله عذرة فقد حكى عنه البناء

 

 

[ . . . ]

على التحريم ومحل الكلام هو الثاني وعليه فليس هو مخالفا للمشهور بل ما افتي به

مذهب اكثر علمائنا كما صرح به في المختلف على ما حكى واما الاسكافي فعن بعض

الاجلة حمل كلامه على ما يرجع الى المشهور فانحصر القائل بالكراهة في محل

المشاحرة بصاحب الكفاية .

وكيف كان فيشهد للحكم نصوص مستفيضة كصحيح هشام بن سالم عن

مولانا الصادق - عليه السلام - : " لاتاكل لحوم الجلالات وان اصابك من عرقها فاغسله " ( 1 ) .

وصحيح زكريا بن آدم عن ابي الحسن - عليه السلام - : عن دجاج الماء ؟ فقال

- عليه السلام - : اذا كان يلتقط غير العذرة فلا باس قال : ونهى عن ركوب الجلالة وشرب

البانها ( 2 ) فانه بالمفهوم يدل على ذلك كمرسل على بن اسباط عمن روى في الجلالات .

قال : " لاباس باكلهن اذا كن يخلطن " ( 3 ) .

وصحيح حفص بن البختري عن مولانا الصادق - عليه السلام - : " لاتشرب من البان

الابل الجلالة وان اصابك شئ من عرقها فاغسله " ( 4 ) .

وقوي السكوني عنه - عليه السلام - : " قال امير المؤمنين - عليه السلام - : الدجاجة الجلالة

لايؤكل لحمها حتى تغتذى ثلاثة ايام والبطة الجلالة بخمسة ايام والشاة الجلالة

عشرة ايام والبقرة الجلالة عشرين يوما والناقة الجلالة اربعين يوما " ( 5 ) ونحوه خبر(

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 .

( 4 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 5 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

] وهو ما ياكل عذرة الانسان خاصة [

 

مسمع ( 1 ) وغيره .

ومرسل النميري عن الامام الباقر - عليه السلام - : في شاة بولا ثم ذبحت

قال فقال - عليه السلام - : " يغسل ما في جوفها ثم لاباس به وكذلك اذا اعتلفت بالعذرة ما

لم تكن جلالة والجلالة التي يكون ذلك غذائها " ( 2 ) الى غير تلكم من النصوص الدالة

عليه منطوقا او مفهوما وانكار ظهوره في الحرمة نظرا الى عدم ظهور النهي فيها قد

حقق في محله بطلانه .

ولا يعارضها صحيح سعد بن سعد عن الامام الرضا - عليه السلام - : عن اكل لحوم

الدجاج في الدساكر وهم لا يمنعونها عن شئ تمر على العذرة مخلا عنها فاكل بيضهن

قال - عليه السلام - : " لا باس " ( 3 ) اذ ليس فيه اكل الحيوان العذرة وعلى فرض ذلك لم يعلم

الاكثر او الدوام الموجب للجلل فالقول بالكراهة ضعيف جدا .

( و ) اما ما به يحصل الجلل ف ( هو ) ان ( ما ) يحصل بان ( ياكل عذرة الانسان

خاصة ) في مدة معينة كما هو المشهور بين الاصحاب اما اعتبار اكل العذرة فيشهد

به مضافا الى ان المتيقن حصول الجلل به دون الاغتذاء بغيرها من النجاسات والاصل

يقتضي عدمه مرسل النميري المتقدم والجلالة التي يكون غذائها ذلك فان المشار

اليه هو العذرة فما عن الحلبي من الحاق سائر النجاسات بالعذرة ضعيف واما

اعتبار التمحض فيشهد به مضافا الى الاصل المتقدم مرسلا النميري وابن اسباط

المتقدمان وقد عمل بهما الاصحاب واما اعتبار المدة فواضح .

اختلف الاصحاب في المدة التي يحصل بها الجلل على اقوال :

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 24 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاطعمة والاشربة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

1.    ان ينمو ذلك في بدنه ويصير جزء منه .

2.    التقدير بيوم وليلة واستقر به الكركي .

3.    ان يظهر رائحة النجاسة التي اغتذت بها في لحمه وجلده واستقر به في

المسالك .

4.    ان يسمي في العرف جلالا اختاره جماعة منهم سيد الرياض والمحقق

النراقي .

5.    ان يصدق العنوان الماخوذ في النص وهو كونها غذائه اختاره في الجواهر

وجه الاول : الاخذ بالمتيقن . ووجه الثاني : ان اليوم والليلة اقصر زمان الاستبراء كما في

الرضاع ووجه الثالث : ما ذكر وجها للاول ووجه الرابع : ان المتبع في تعيين

المفاهيم التي لم يرد من الشرع تحديد بالنسبة اليها هو العرف .

واورد عليه في الجواهر : بانه لا عرف منقح لان يرجع اليه لعدم استعماله فيه

ولذا اختار هو ان الميزان صدق ما في النص .

ولكن يرد على ما اختاره : انه لا اشكال في اعتبار صدق كون ذلك غذائه انما

الكلام في ان صدق هذا العنوان في اي مقدار من الزمان يكون وانه هل هو اليوم

والليلة او الشهر وما شاكل او ازيد من ذلك .

ويرد على ما اورده على الوجه الرابع : ان العرب يستعملون لفظ الجلالة وغيرهم

وان لم يكن لهم لفظ بسيط موضوع له لكن لهم الفاظ مركبة قائمة مقامه كما لا يخفى .

فالمتجه حينئذ الوجه الرابع لان ما لحقه هذا حاله وما سبقه وجوه اعتبارية

لا مدرك لشئ منها ثم ان الكلام في ان الجلل هل يوجب النجاسة ام لا قد تقدم في

كتاب الطهارة .

ولما كان تحريم الجلال عارضا بسبب عروض العلف النجس لم يكن تحريمه

 

 

] الا مع الاستبراء وتطعم الناقة علفا طاهرا اربعين يوما والبقرة عشرين يوما

والشاة عشرة [

 

مستقرا ولذا قال المصنف - ره - بعد الحكم بحرمة الجلال ( الا مع الاستبراء و ) هو

( ان تطعم الناقة ) والبعير بل مطلق الابل وان كانت صغيرة ( علفا طاهرا اربعين يوما )

بلا خلاف فيه بل عن الخلاف والغنية الاجماع عليه بل اعترف غير واحد بان ذلك من

المتفق عليه نصا وفتوى .

ومما ينص عليه قوى السكوني المتقدم وكذا خبر مسمع ومرسل الفقيه المتقدمان

وخبر الصيرفي عن الامام الصادق - عليه السلام - : في الابل الجلالة ؟ قال :

- عليه السلام - : " لايؤكل لحمها ولاتركب اربعين يوما " ( 1 ) .

ومرفوع يعقوب بن يزيد قال ابو عبد الله - عليه السلام - : " الابل الجلالة اذا اردت

نحرها يحبس البعير اربعين يوما والبقرة ثلاثين يوما والشاة عشرة ايام " ( 2 ) .

وخبر يونس عن الامام الرضا - عليه السلام - : " في الدجاجة تحبس ثلاثة ايام والبطة

سبعة ايام والشاة اربعة عشر يوما والبقر ثلاثين يوما والابل اربعين يوما ثم تذبح " ( 3 ) .

( و ) اما ( البقرة ) فالمشهور بين الاصحاب ان استبرائها يكون ب ( عشرين يوما )

وعن الصدوق والاسكافى انها بثلاثين يوما وعن الشيخ في المبسوط والقاضى : انها

باربعين يوما والاول اقوى لالخصوص ما قيل من ان جميع روايات الباب ضعيفة و

اختصاص رواية العشرين بالجبر فان خبر السكوني دال على العشرين وهو قوي

كما عرفت .

( و ) اما ( الشاة ) فالمشهور بين الاصحاب ان مدة استبرائها ( عشرة ) ايام وعن

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الاسكافي انها اربعة عشر يوما وعن الصدوق كونها عشرين يوما وعن الشيخ في

المبسوط والقاضى : انها سبعة ايام وقد صرح بعضهم بانه لامستند للسبعة فان ما

يشهد بها خبر ضعيف لايصلح للاعتماد وما عن الصدوق لم يعرف مستنده فيدور

الامر بين القولين الاولين والاول اصح لما تقدم في البقرة .

واما البطة فالمشهور بين الاصحاب : ان مدة استبرائها خمسة ويشهد به قوي

السكوفي المتقدم وغيره المنجبر ضعفه بالعمل .

وعن الشيخ في المبسوط انها سبعة لخبر يونس المتقدم ولكنه لضعف سنده

واشتماله على الاربعة عشر في الشاة والثلاثين في البقرة ولايقول بشئ منهما في كتبه

لايصلح لان يستند اليه في الحكم الشرعي وان يقاوم مامر وعن الصدوق انها تربط

ثلاثة ايام لخبر ( 1 ) القاسم بن محمد الجوهرى وهو كسابقة ضعيف .

واما الدجاجة فالمشهور بين الاصحاب انها ثلاثة ايام ويشهد به قوى ( 2 )

السكوني وعن المقنع : انه روى : يوما الى الليل ( 3 ) ولكنه لضعفه وعدم وجود العمل به

يطرح .

واما ما لاتقدير فيه فعن جماعة انه يرجع فيه الى ما يستنبط من المقدرات

بالفحوى فما يشبه البطة يلحق بها وما يشبه الدجاجة يكون ملحقا بها وهكذا ولاباس

به فيما امكن فيه ذلك والا فيتعين رعاية اكثر مدة تحتمل فيه عملا بالاستصحاب ثم

ان كيفية الاستبراء وانه هل يعتبر طهارة العلف ام لا تقدمتا في السمك .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 8 . ( * )

 

 

] ولو شرب لبن خنزيرة كره ولو اشتد لحمه حرم هو ونسله [

 

حكم ما لو شرب الحيوان لبن خنزيرة

 

( ولو شرب ) الحيوان المحلل لحمه ( لبن خنزيرة ) ففي المتن والشرائع وغيرهما

( كره ) لحمه ان لم يشتد ( ولو اشتد لحمه حرم هو ونسله ) ولا استبراء بلا خلاف اجده فيه

كما اعترف به غير واحد بل عن الغنية الاجماع على التحريم .

والمستند موثق حنان بن سدير قال : سئل ابو عبد الله - عليه السلام - وانا حاضر

عنده : عن جدي رضع من لبن خنزيرة حتى شب وكبر واشتد عظمه ثم ان رجلا

استفحله في غنمه فخرج له نسل ؟ فقال - عليه السلام - : " اما ما عرفت من نسله بعينه فلا

تقربنه واما ما لم تعرفه فكله فهو بمنزلة الجبن ولاتسال عنه " ( 1 ) .

رواه الصدوق في المقنع مرسلا والحميري مسندا الا انه قال عن حمل يرضع من

خنزيرة ثم استفحل الحمل في غنم فخرج له نسل .

وموثق بشر بن مسلمة عن ابي الحسن - عليه السلام - : في جدى رضع من خنزيرة ثم

ضرب في الغنم فقال - عليه السلام - : " هو بمنزلة الجبن فما عرفت انه ضربه فلا تاكله ومالم

تعرفه فكله " ( 2 ) .

ومرفوع ابي حمزة : لاتاكل من لحم حمل رضع من لبن خنزيرة ( 3 ) رواه الصدوق

مرسلا عن امير المؤمنين - عليه السلام - .

وهذه النصوص كما تراها مطلقة شاملة لصورة الاشتداد وعدمه الا الموثق

الاول فانه مختص بصورة الاشتداد ولكن لامفهوم له كي يقيد اطلاق بقية النصوص

ويمكن ان يقال : ان موثق بشير ايضا مختص بها لان قوله رضع من خنزيرة ثم ضرب

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 25 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 25 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

في الغنم ظاهر في التجدد والاستمرار المقتضي للاشتداد وبقية النصوص ضعيفة

الاسناد ثم ان الموثق الاول دال على تحريم نسله فبالاولوية يدل على تحريم نفسه و

الثاني يدل على انه بنفسه حرام .

وبهما يقيد اطلاق قوى السكوني عن ابي عبد الله - عليه السلام - عن امير المؤمنين - عليه

السلام - : سئل عن حمل غذي بلبن خنزيرة ؟ فقال - عليه السلام - : " قيدوه واعلفوه الكسب

والنوى والشعير والخبز ان كان استغنى عن اللبن وان لم يكن استغنى عن اللبن فيلقى

على ضرع شاة سبعة ايام ثم يؤكل لحمه " ( 1 ) ويختص بصورة عدم الاشتداد وحيث انه

يستفاد منه مرجوحية عدم الاكل قبل سبعة ايام فلذلك افتى الفقهاء بالكراهة ثم ان

ما في النصوص من الجدي محمول على المثال لما سمعته من فتوى الاصحاب .

نعم لاتلحق بالخنزيرة الكلبة ولا الكافرة لحرمة القياس .

 

حكم الحيوان لو وطاه انسان

 

المسالة الثالثة : لو وطاه انسان بهيمة تعلق بوطئها احكام تقدم بعضها في كتاب

الطهارة وياتي بعضها في كتاب الحدود والكلام متمحض في الانتفاع بذلك الحيوان .

فالمشهور بين الاصحاب : انها ان كانت ماكولة اللحم عادة اي يراد في العرف

والعادة لحمها كالشاة والغنم والبقر يحرم لحمها ونسلها ويجب ذبحها واحراقها وان

كانت يراد منها ظهرها دون لحمها وان كان يجوز اكل لحمها ايضا كالخيل والبغال

والحمير لم تذبح بل تخرج من بلد المواقعة وتباع في غيره ويغرم ثمنها لمالكها ان كانت

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 25 من ابواب الاطعمة والاشربة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لغير الواطء بل الظاهر عدم الخلاف في شئ من ذلك والمستند جملة من النصوص .

فاللازم اولا : نقل ما وصل الينا من النصوص الواردة في الباب والمعتبرة ثم بيان

ما يستفاد منها من الاحكام فلاحظ - خبر مسمع عن ابي عبد الله - عليه السلام - : ان امير

المؤمنين - عليه السلام - سئل عن البهيمة التي تنكح ؟ قال - عليه السلام - : " حرام لحمها ولبنها " ( 1 ) .

وصحيح محمد بن عيسى العبيدي عن الرجل - عليه السلام - : الظاهر انه الهادي او

العسكري - عليهما السلام - : انه سئل عن رجل نظر الى راع نزا على شاة ؟ قال - عليه السلام - :

" ان عرفها ذبحها واحرقها وان لم يعرفها قسمها نصفين ابدا حتى يقع السهم بها فتذبح

وتحرق وقد نجت سائرها " ( 2 ) ونحوه خبر تحف العقول عن ابي الحسن الثالث

- عليه السلام - في جواب مسائل يحيى بن اكثم ( 3 ) .

وموثق سماعة عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن الرجل ياتي بهيمة او شاة اوناقة

او بقرة ؟ فقال - عليه السلام - : " ان يجلد حدا غير الحد ثم ينفى من بلاده الى غيرها وذكروا ان

لحم تلك البهيمة محرم ولبنها " ( 4 ) .

وما رواه الشيخ بسند صحيح عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله - عليه السلام -

وعن الحسين بن خالد عن ابي الحسن الرضا - عليه السلام - وعن صباح الحذاء عن اسحاق

ابن عمار عن ابي ابراهيم موسى - عليه السلام - : في الرجل ياتي البهيمة فقالوا جميعا : ان

كانت البهيمة للفاعل ذبحت فاذا ماتت احرقت بالنار ولم ينتفع بها وضرب هو خمسة

وعشرين ( و ) سوطا ربع حد الزاني وان لم تكن البهيمة له قومت واخذ ثمنها منه

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 30 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 30 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 30 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 4 ) الوسائل باب 30 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ودفع الى صاحبها وذبحت واحرقت بالنار ولم ينتفع بها وضرب خمسة وعشرين ( ون )

سوطا فقلت : وما ذنب البهيمة ؟ فقال - عليه السلام - : " لاذنب لها ولكن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فعل

هذا وامر به لكيلا يجتري الناس بالبهائم وينقطع النسل " ( 1 ) .

وحسن سدير عن ابي جعفر - عليه السلام - في الرجل ياتي البهيمة ؟ قال - عليه السلام - :

" يجلد دون الحد ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها لانه افسدها عليه وتذبح وتحرق ان كانت

مما يؤكل لحمها وان كانت مما يركب ظهرها غرم قيمتها وجلد دون الحد واخرجها من

المدينة التي فعل بها فيها الى بلاد اخرى حيث لاتعرف فيبيعها فيها كيلا يعير

صاحبها " ( 2 ) .

وتنقيح القول في بيان ما يستفاد من هذه النصوص بالبحث في جهات :

1.    هل يعم الحكم كل حيوان من ذوات الاربع وغيرها كالطير كما هو المشهور

نظرا الى ما عن الزجاج : البهيمة هي ذات الروح التي لاتتميز سميت بذلك لذلك ام

يختص بالاولى كما عن المصنف - ره - وجماعة ممن تاخر عنه لان المتبادر عند اذهان

العرف من البهيمة ذلك والعرف يقدم على اللغة حيث حصل بينهما معارضة مع انه

ذكر جماعة انها لغة ذات الاربع من حيوان البر والبحر وجهان اظهرهما الثاني ومع

الشك مقتضي القاعدة الاقتصار على مورد اليقين وهو ذات الاربع .

2.    هل يختص الحكم بماكول اللحم فلا يشمل محرم الاكل كالهر والفيل

والكلب كما عن ظاهر جماعة من الاصحاب ام يعمه بمعنى وجوب احراقه وعدم

جواز الانتفاع به بوجه ولو بتذكيته والانتفاع بجلده كما قواه صاحب الجواهر - ره - ؟

وجهان اظهرهما الثاني لاطلاق جملة من النصوص المتقدمة ولاينافيها ما في بعض

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 1 من ابواب نكاح البهائم حديث 1 كتاب الحدود .

( 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب نكاح البهائم حديث 4 كتاب الحدود . ( * )

 

 

[ . . . ]

آخر منها من حرمة اللحم اذ المراد حرمة اللحم ان كانت ماكولة فهي حكم من

الاحكام .

3.    ان الموطوءة تارة يراد لحمها ولبنها كالشاة والبقر واخرى يراد ظهرها كالخيل

والبغال والحمير وان جاز اكلها وعلى التقديرين تارة يكون الواطئ هو المالك

واخرى يكون غيره فهذه اقسام اربعة :

الاول : ما اذا كان الواطئ هو المالك وكانت الموطوءة يراد لحمها فلا خلاف

نصا وفتوى في وجوب ذبحها وحرقها والنفى في موثق سماعة راجع الى الواطئ لا

الموطوءة وعدم القائل به لايوجب حمله على نفي الموطوءة مع عدم وجود القائل به

ايضا .

الثاني : ما اذا كان الواطئ هو غير المالك مع كون الموطوءة يراد لحمها لاخلاف

ايضا نصا وفتوى في انه تذبح الموطوءة وتحرق ويغرم الثمن لمالكها .

الثالث : ما اذا كان الواطئ غير المالك وكانت الموطوءة يراد ظهرها لااشكال

في انه يغرم ثمنها لمالكها ونفت في غير بلد النكاح وبيعت كما صرح به في حسن

سدير وبه يقيد اطلاق ما دل على ان البهيمة اذا نكحت تذبح وتحرق ولم ينتفع بها .

ولو بيعت فهل يدفع الثمن الى الواطئ كما عن اكثر المتاخرين على ما في

جامع الشتات ام يدفع الى المالك كما قواه في المستند ونسب الى جماعة ام يتصدق

به كما عن بعض ؟ وجوه : استدل للاول : بان المالك لايملكها لاخذ القيمة فيلزم منه الجمع بين العوض

والمعوض ولايجوز بقاء الملك بلا مالك فيتعين كونه للواطئ وبان التعبير بالثمن في

النص مشعر بصيرورة الثمن ملكا لمن اعطى الثمن لان الثمن والثمن يطلقان مع

المعاوضة فاذا صار الحيوان ملكا له ملك ثمنه ايضا .

 

 

[ . . . ]

ولكن يرد الاول : ان الجمع بين العوض والمعوض انما يمنع في عقود المعاوضات

لامطلقا مع انه لامحذور في بقاء المال بلا مالك كما في المباحات .

ويرد الثاني : ان مدرك الحكم منحصر في حسن سدير وانما عبر فيه بالقيمة لا

بالثمن فهذا القول لاوجه له .

واستدل للثالث : بان الثمن لايستحقه الواطئ لعدم ملكه للبهيمة ولا المالك

لاخذه الغرامة فليس الا الصدقة .

وفي الجواهر بل لعله لايخلو عن قوة وان اختار بعد ذلك القول الاول .

وفيه ما تقدم من ان اخذ المالك القيمة بامر الشارع لايلازم خروج المال عن

ملكه فتحصل ان الاظهر هو القول الوسط .

الرابع : ما اذا كان الواطئ هو المالك وكانت الموطوءة يراد ظهرها فالمشهور

انها تنفى الى بلد غير بلد الوطء وتباع فيه ويدفع ثمنها الى المالك .

وعن المفيد وابن حمزة : انه يتصدق بثمنها وربما نوقش في اصل النفي من جهة

اختصاص دليلة بصورة تغاير المالك والواطئ وما فيه من التعليل بعدم التعيير

لايصلح منشئا للشمول لصورة الاتحاد لامكان ان يراد به عدم التعيير بفعل غيره .

ولكنه يدفع بان الظاهر من الحسن ولو بواسطة فهم الاصحاب كونه في مقام

بيان الفرق بين كون الموطوءة يراد لحمها فالذبح والحرق وكونها يراد ظهرها فالنفي

والبيع في غير البلد من غير تفصيل بين صورة تغاير المالك والواطئ واتحادهما مع

انه يكفي في اثباته في صورة الاتحاد عدم القول بالفصل ولو لا ذلك لزم منه الذبح

والحرق لاطلاق دليلهما كما لايخفي .

واما التصدق بثمنه فقد استدل له بان البيع انما جعل عقوبة لفعله ولورد الثمن

اليه لم يكن ذلك عقوبة فيتعين الصدقة .

 

 

[ . . . ]

وفيه : ان عقوبة فعله انما هي غير البيع كالتعزير ونحوه وليس البيع عقوبة

فالاظهر انه يدفع ثمنه اليه كما عن الشيخ والحلي وغيرهما .

وفي المقام قسم خامس وهو كون الحيوان مما يقصد منه الامران كالناقة سيما

عند العرب ففي المستند يحتمل فيه التخيير لعدم المرجح ويحتمل ملاحظة الغالب

فيه .

اقول : ويحتمل تعين الذبح والحرق من جهة عموم ما دل على ذينك بعد فرض

تعارض دليل النفي مع دليل الحرق في خصوص ما يراد لحمه وتساقطهما فيه

4.    المشهور بين الاصحاب ان ما يذبح ويحرق يحرم نسله ايضا ويشهد به ما دل

على عدم الانتفاع به بقول مطلق الشامل للاستنسال ويؤكده ما تضمن انه افسده

على مالكه ويستانس له بالامر بالذبح والحرق والمراد بالنسل المتجدد بعد

الوطء لاالموجود حالته بل عن الروضة ان كان حملا على الاقوى .

وهل هناك فرق بين نسل الانثى والفحل الموطوء ؟

فعن المحقق الاردبيلي في كتاب الحدود من شرحه احتمال التعدي الى الفحل

ايضا وفي المستند : ولعله استند في ذلك الى ان حلية نسله ايضا نوع انتفاع .

ولايخفي انه خلاف الظاهر المتبادر وإن لم يكن في التعدي إليه كثير بعد .

5.    هل حرمة اللحم مخصوصة بما يراد لحمه ، فلو كان الموطوء يراد ظهره لايحرم

لحمه ، أم تعمه أيضا . صرح المصنف في القواعد والشهيد الثاني في الروضة علي ما حكي

بالثاني ، وعن الايضاح والتنقيح ذكر الاول احتمالا .

واستدل للتعميم : بعموم ما دل علي حرمة لحم البهيمة الموطوءة كخبر مسمع

المتقدم : وبذيل موثق سماعة الوارد في كلا القسمين ، وبالاولوية فانه إذا حرم لحم ما

 

 

[ . . . ]

لا يكون أكله مكروها بالوطء فحرمة المكروه به أولي .

واورد علي الاول : بان خبر مسمع ضعيف السند واستناد الاصحاب إليه غير

ثابت ، وذيل موثق سماعة يحتمل أن لا يكون كلام الامام - عليه السلام - وعلى فرضه غير

ظاهر في بيان الحكم الواقعي بل ظاهر استناده الى الناس عدم كونه في مقام بيان

الحكم مع ان كلمة او في صدره الواقعة بين بهيمة وشاة زائدة في بعض النسخ فهو

مختص بما يراد لحمه .

وعلى الثاني بمنع الاولوية .

لكن يدفع الاول : بان ظاهر الاصحاب في جملة من فروع المسالة الاستناد اليه

حتى المورد نفسه تمسك به في ثبوت الحكم اذا كان الواطئ غير بالغ وقال : ان

ضعف سنده منجبر بعمل الاصحاب .

واما الموثق فالبناء على زيادة كلمة او خلاف اصالة عدم الزيادة التي عليها بناء

العقلاء عند دوران الامر في كلمة او جملة بين كونها زيادة ام لا وظاهر الدليل كونها

من الامام وقوله وذكروا غير ظاهر في عدم كونه في مقام بيان الحكم الواقعي .

واما حسن سدير المفصل بين ما يوكل وبين ما يراد ظهره فهو بالنسبة الى الذبح

والحرق والنفي من البلد لا في جميع الاحكام فلا يصلح لان يقيد به اطلاق دليل

الحرمة .

فالاظهر انه حرام نعم حرمة نسله لا دليل عليها كما لا يخفي .

6.    مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى انه لا فرق في الموطوء بين الانثى والذكر

واحتمال الاختصاص بالانثى بدعوى انصراف وطء البهيمة وعود ضمير لبنها

ضعيف غايته فان البهيمة كالدابة شاملة للذكر والانثى والنكاح كالوطء والاتيان

 

 

[ . . . ]

شامل للجميع واختصاص بعض الاحكام بالانثى لعدم ثبوت موضوعه في غيرها

لا يصلح تقيدا للاطلاق ولا فرق ايضا بين الواطء قبلا او دبرا ولا بين كون الواطئ

جاهلا او عالما .

وهل يختص الحكم بوطء البالغ ام يعم وطء غيره ايضا صرح جماعة منهم

الشهيد الثاني والمحقق الاردبيلي والمحقق النراقي والمحقق القمي وغيرهم بالثاني وهو

الاظهر لاطلاق خبر مسمع وصحيح العبيدي والتخصيص بالرجل في سائر النصوص

لا يوجب تقييد الحكم وتختصيصه بالبالغ لكونه في السوال اولا وعدم حجية مفهوم

الوصف واللقب ثانيا وظاهره ارادة الجنس لا خصوص البالغ ثالثا .

فان قيل : ان مقتضى حديث ( 1 ) رفع القلم عن الصبي رفع اثر فعله فلا يوجب

الحرمة ولا وجوب الذبح والحرق او النفي الى بلد آخر .

قلنا : ان حديث الرفع انما يرفع الاحكام المتوجهة الى غير البالغ ولا يدل على

رفع الحكم عن الموضوع الخارجي الذي اوجب فعل الصغير انطباق عنوان عليه

موجب ثبوت حكم على ذلك الموضوع لعامة المكلفين وهو واضح جدا .

ثم انه على تقدير كون الحيوان لغير الصغير يثبت قيمته في ذمة الصغير ويكون

حكمها حكم سائر ديونه الثابتة في ذمته بفعله من الاتلاف ونحوه .

ودعوى : ان عموم حديث رفع القلم يشمل هذا الحكم المتوجه الى الصغير

نفسه مندفعة بما حقق في محله من اختصاص الحديث بالاحكام المترتبة على فعل

الصغير اعم من كون فعله موضوعا له ام متعلقا .

واما الحكم المترتب على الموضوع الخارجي المتحقق بفعله بلا كون جهة الصدور

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 5 من ابواب مقدمة العبادات وباب 36 من ابواب القصاص . ( * )

 

 

[ . . . ]

دخيلة فيه فلا يدل الحديث على رفعه كمافي الاتلاف والجنابة ونجاسة بدنه او ثوبه مع

ملاقاة النجاسة وما شاكل والمقام من هذا القبيل فتامل فانه يتم في وطء ما يوكل

ولا يتم فيما يراد ظهره فان وطء ما يوكل اتلاف له لانه لا ينتفع به بوجه بخلاف وطء

غيره فان غرامة القيمة جعلت بعنوان العقوبة على فعله فاختصاصها بالبالغ قوي

جدا .

7.    ولو اشتبهت الموطوءة في قطيع محصورة قسمت بنصفين واقرع بينهما بان

يكتب رقعتان في كل واحدة اسم نصف من القطيع ثم يخرج على ما فيه المحرم فاذا

خرج احد النصفين قسم كل ما قرع وهكذا حتى يبقى واحدة فيعمل بها ما يعمل

بالمعلومة ابتداء .

ويشهد به صحيح العبيدي وخبر تحف العقول المتقدمين وموردهما وان كان

هو الشاة ووطء الراعي الا انه لعدم الفصل يتعدى الى غير الشاة والى كون الواطئ

غير الراعي وهل يتعدى الى ما يراد ظهره ام لا ؟ وجهان : من اختصاص الخبرين بما

يوكل والتعدي الى ما يراد ظهره بعد كون حكمهما مختلفا يحتاج الى دليل والثاني

اظهر وعليه فيرجع فيه الى ما تقتضيه القاعدة وقد يتوهم انها تقتضي الاجتناب عن

الجميع قضاء للعلم الاجمالي ولكنه توهم فاسد فان القرعة لكل امر مشكل مجعولة في

تزاحم الحقوق .

وعليه : فان كان القطيع لملاك متعددين تكون مشمولة لعموم ادلة ( 1 ) القرعة في

هذه الصور وتثبت فيما اذا كان القطيع لمالك واحد بعدم الفرق فثبوت القرعة انما

يكون في جميع الصور .

نعم الظاهر اختصاص ذلك بما اذا كانت الشبهة محصورة ففي غير المحصورة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 13 من ابواب كيفية الحكم كتاب القضاء . ( * )

 

 

[ . . . ]

يرجع الى ما تقتضيه القاعدة وهو عدم وجوب الاجتناب ولا يلزم القرعة .

وهل يعتبر عند الاقتراع ان يقسم القطيع نصفين مع الامكان كما صرح به جماعة

ام يكفي التقسيم قسمين وان لم يكونا متساويين كما عن ظاهر القواعد والتحرير ؟

ظاهر الخبرين هو الاول نعم اذا كان العدد فردا اغتفرت الزيادة في احد

النصفين والظاهر جريان القرعة مع تلف بعض القطيع بموت او سرقة ونحوهما

فيجعل التالف في فريق ويقرع فاذا خرجت القرعة نجي الباقي .

 

حكم ما لو شرب الحيوان الخمر او البول

 

الرابعة : المشهور بين الاصحاب انه لو شرب الحيوان المحلل لحمه خمرا لا يوكل

ما في بطنه من الامعاء والقلب والكبد بل يطرح ويؤكل لحمه بعد غسله وجوبا ولو

شرب بولا نجسا لم يحرم شئ منه بل يغسل ما في بطنه ويوكل ومستند الاول خبر زيد

الشحام عن ابي عبد الله - عليه السلام - انه قال - في شاة شربت خمرا حتى سكرت ثم ذبحت

على تلك الحال - : لا يوكل ما في بطنها ( 1 ) .

ومستند الثاني مرسل موسى بن اكيل عن بعض اصحابه عن ابي جعفر - عليه السلام

- في شاة شربت بولا ثم ذبحت ؟ قال : فقال - عليه السلام - : " يغسل ما في جوفها ثم لا باس

به وكذلك اذا اعتلفت بالعذرة ما لم تكن جلالة " الحديث ( 2 ) .

واورد عليهما في المسالك وغيرها بضعف السند .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 24 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 24 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ويرده اولا : ان الاصحاب استندوا اليهما فلو كان ضعف ينجبر لذلك .

وثانيا : ان الظاهر كون الاول معتبرا فان الراوي عن زيد الشحام وان كان هو

ابو جميلة الضعيف ولكن الراوي عنه على ما رواه في الكافي ابن فضال وعن الكشي

عن بعض : انه من اصحاب الاجماع مضافا الى انا امرنا بما رواه بنو فضال فلا اشكال

في الخبرين سندا .

وقد يورد على الاول منهما : بانه اخص من المدعى لانه يختص بما اذا شربت اقل

من ذلك وايضا يختص بما اذا ذبحت في حال السكر فلا تحرم ما اذا ذبحت بعدها

ولا دلالة فيه على وجوب غسل اللحم .

وفيه : ان الايراد الاول انما يتم لو ثبت فتاوى الفقهاء بالعموم وهي غير ثابتة بعد

استناد الاكثر الى الخبر وتعليل الحكم في جملة منها بما يختص بموردها وتصريح

بعضهم بالاختصاص وفي الجواهر ولعله المراد من اطلاق بعضها كالعبارة ونحوها مما

لايوجد فيه شئ من ذلك .

واما الثاني فيرده : ان البناء على وجوب الغسل لعله من جهة مرسل الحلي قال

وقد روى انه اذا شرب شئ من هذه الاجناس خمرا ثم ذبح جاز اكله بعد ان يغسل

بالماء ولا يجوز اكل شئ مما في بطنه ولا استعماله ( 1 ) المنجبر بالشهرة او من جهة انه

اذا ذبحت في حال السكر ولم يستحيل المشروب تكون الخمر موجودة والباطن يصير

ظاهرا فينجسه ولعل ذلك من قرائن اختصاص الحرمة بصورة الذبح في حال السكر .

وهل يختص الحكم في المورد الثاني بما اذا كان الذبح عقيب الشرب بلا فصل او

قريبا منه فلا تراخي بحيث يستحيل البول لا يجب الغسل كما افاده الشهيد الثاني في

.....................................................................

( 1 ) السرائر ص 366 . ( * )

 

 

] ويحرم كل ذي ناب كالاسد والثعلب [

 

المسالك وعن غيره تبعيته له ام يكون الحكم عاما كما عن ظاهر الاكثر ؟ وجهان

الجمود على النص يوجب البناء على الثاني والله العالم .

بقى في المقام فرع مناسب وهو انه لو ارضع جدي او عناق او عجل من لبن

انسان حتى فطم لم يحرم للاصل : ولجملة من النصوص كمكاتبة احمد بن محمد بن

عيسى الى ابي محمد - عليه السلام - : امراة ارضعت عناقا بلبنها حتى فطمتها ؟ قال : " فعل

مكروه ولا باس به " ( 1 ) .

ومكاتبته الاخرى قال : كتبت اليه : - جعلني الله فداك من كل سوء - امراة

ارضعت عناقا حتى فطمت وكبرت وضربها الفحل ثم وضعت افيجوز ان يوكل

لحمها ولبنها ؟ فكتب - عليه السلام - : " فعل مكروه ولا باس به " ( 2 ) وما فيهما من انه فعل

مكروه الظاهر رجوعه الى الارضاع لا الى اكل اللحم واللبن فان الثانية وان كانت

مجملة قابلة للحمل على كل منهما الا ان الاولى ظاهرة في ذلك وهي تبين اجمال

الثانية .

 

حرمة لحم السبع من البهائم

 

الخامسة : ( ويحرم كل ذي ناب ) من البهائم يفترس به قويا كان ( كالاسد ) والنمر

والفهد والذئب او ضعيفا كالضبع والثعلب وابن آوي بلا خلاف فيه وعن الخلاف

والغنية وغيرهما دعوى الاجماع عليه .

وفي الجواهر بل الاجماع بقسميه عليه ويشهد به صحيح الحلبي عن الامام

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 26 من ابواب الاطعمة المحرمة .

( 2 ) الوسائل باب 26 من ابواب الاطعمة المحرمة . ( * )

 

 

[ . . . ]

الصادق - عليه السلام - : " ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : كل ذي ناب من السباع او مخلب من

الطير حرام " وقال - عليه السلام - : " لا تاكل من السباع شيئا " ( 1 ) .

وموثق سماعة عنه - عليه السلام - : عن الماكول من الطير والوحش . فقال : " حرم

رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من الوحش " . فقلت : ان الناس

يقولون : من السبع ؟ فقال لي : " يا سماعة السبع كله حرام وان كان سبعا لا ناب له

وانما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هذا تفصيلا " الحديث ( 2 ) .

وصحيح داود بن فرقد عنه - عليه السلام - : " كل ذي ناب من السباع ومخلب من

الطير حرام " ( 3 ) ونحوها غيرها والمستفاد من هذه النصوص حرمة كل ما يصدق عليه

السبع وماله ناب من البهائم والسبع هو المفترس من الحيوانات بطبعه او للاكل كما

عن القاموس او هو الذي له انياب او اظفار يعدو بها على الحيوانات ويفترسها وقد

يوجدان معا في السبع كالاسد والسنور والناب من الحيوانات السن الذي يفترس به

وقد يقال : ان السبع هو الذي ياكل اللحم والجميع متلازمة على الظاهر كما في المستند

ولا يعارض هذه النصوص الاخبار الدالة على انحصار المحرم في الخنزير وفيما حرمه الله

تعالى في القرآن المتقدمة لان نصوص الباب اخص منها فيقيد اطلاقها بها وعلى

فرض التعارض يقدم نصوص المقام للشهرة وغيرها من المرجحات .

والظاهر ان وجه عدول المصنف عن التعبير بالسبع بما له ناب من جهة

التلازم بين كون الحيوان غير الطير سبعا وثبوت الناب له ولا ينافيه موثق سماعة المتقدم

لانه يمكن ان يكون المراد من السبع الذي لا ناب له ما لا ناب له بالفعل اما خلقة او

.....................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

] ويحرم الارنب والضب واليربوع والحشرات والقمل والبق والبراغيث [

 

لعارض وان كان لنوعه الناب .

( ويحرم ) ايضا ( الارنب والضب واليربوع والحشرات ) كلها التي هي صغار

دواب الارض او التي تاوي تحت الارض كالحية والفارة والعقرب والجرذان والخنافس

والصراصر ( والقمل والبق والبراغيث ) مما هو مندرج في الخبائث او المسوخ او

الحشرات بلا خلاف في شئ من تلكم بل على الجميع الاجماع في جملة من الكتب .

وقد وردت النصوص ( 1 ) في جملة منها بالخصوص كالحية والعقرب والفارة

واليربوع والقنفذ والضب وجملة منها تحرم لاجل كونها من السباع وقد دل الدليل ( 2 )

على حرمتها كما مر وجملة منها من المسوخ وقد دل الدليل على حرمتها وتقدم .

وفي المسالك وجملة المسوخ وردت في روايات واجمعها رواية محمد بن الحسن

الاشعري عن ابي الحسن - عليه السلام - قال : " الفيل مسخ وكان ملكا زنا والذئب كان

اعرابيا ديوثا والارنب مسخ كان امراة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها والوطواط

مسخ كان يسرق تمور الناس والقردة والخنازير قوم من بني اسرائيل اعتدوا في

السبت والجريث والضب فرقة من بني اسرائيل حيث نزلت المائدة على عيسى فلم

يؤمنوا فتناسخوا فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر والفارة هي الفويسقة والعقرب

كان نماما والدب والوزغ والزنبور كان لحاما يسرق في الميزان " ( 3 ) قالوا : وهذه المسوخ

كلها هلكت وهذه الحيوانات على صورها انتهى .

وجملة من تلك الحيوانات تحرم لكونها من الحشرات فعن الدعائم عن الامام

علي - عليه السلام - : انه نهى عن الضب والقنفذ وغيرهما من حشرات الارض ( 4 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 2 والمستدرك باب 2 من ابواب الاطعمة المحرمة .

( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة .

( 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 7 .

( 4 ) المستدرك باب 2 من جبواب الاطعمة المحرمة حديث 6 . ( * )

 

 

] الثالث الطيور ويحرم السبع كالبازي والرخم [

 

واما الصحاح ( 1 ) الدالة على حل ما لم يحرمه القران المتقدمة فهي اعم مطلق

من هذه الادلة تقيد بها وما صرح فيه بعدم حرمة بعض ما تقدم لابد من طرحه او

حمله على التقية او تاويله بما لا ينافي ما تقدم كما لا يخفى .

 

حرمة السباع من الطيور

 

المبحث ( الثالث ) في ( الطيور ) وقد اتفق النص والفتوى على حلية بعضها وحرمة

بعض آخر واختلف الاصحاب في حرمة جملة من انواعها وحيث عرفت ان الاصل

في الاشياء الحلية سيما الحيوانات فنتعرض لما بنوا على حرمته ودل الدليل عليها او

اختلفوا فيها ولا نتعرض لما يكون حليته مورد اتفاق النص والفتوى او الفتوى

خاصة وتنقيح القول في طي مسائل :

الاولى : لا خلاف ( و ) لا اشكال في انه ( يحرم السبع ) وهو ما كان ذا مخلب اي

ظفر يفترس ويعدو به على الطير قويا كان ( كالبازي ) والصقر والعقاب والشاهين

والباشق او ضعيفا كالنسر و ( الرخم ) والبغاث بلا خلاف اجده فيه كما في الجواهر

وهو عندنا موضع وفاق كما في المسالك . وعليه الاجماع في الكتب المتقدمة كما في

الرياض بل هو الاجماع محقق كما في المستند .

ويشهد به مضافا الى النصوص المتقدمة الدالة على حرمة السباع مطلقا الشاملة

للسباع من الطيور ايضا جملة من النصوص كصحيح الحلبي عن ابي عبد الله - عليه السلام

- : " ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : كل ذي ناب من السباع او مخلب من الطير حرام " ( 2 ) ونحوه

مرسل الصدوق ( 3 ) وصحيح ابن فرقد ( 4 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 4 من ابواب الاطعمة المحرمة .

( 2 ) و ( 3 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 - 7 .

( 4 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 . ( * )

 

 

] وما كان صفيفه اكثر من دفيفه [

 

وموثق سماعة عنه - عليه السلام - : عن الماكول من الطير والوحش ؟ فقال : " حرم

رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من الوحش " الحديث ( 1 ) ونحوها

غيرها ولا تعارضها النصوص ( 2 ) المتضمنة لانهم كرهوا لحوم السباع او لا يصلح اكل

شئ من السباع لانهم يكرهون الحرام ولا يكون كراهتهم اياها ملازمة للكراهة

المصطلحة وعدم الصلاحية اعم من الكراهة .

ولا يعارضها ايضا صحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر - عليه السلام - : عن سباع

الطير والوحش حتى ذكر له القنافذ والوطواط والحمير والبغال والخيل . فقال - عليه السلام

- : " ليس الحرام الا ما حرم الله في كتابه وقد نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم خيبر عنها "

الحديث ( 3 ) لعدم دلالته على الحلية لا حتمال دخول السباع في الميتة لاجل عدم قبولها

التذكية ثم ان ظاهر النص والفتوى ان المحرم ما كان له مخلب وان لم يقو على الصيد

وقد صرح بذلك في موثق سماعة المتقدم .

 

حرمة ما كان صفيفه اكثر من دفيفه

 

المسالة الثانية ( و ) مما يحرم من الطير ( ما كان صفيفه ) اي بسط جناحيه حال

طيرانه ( اكثر من دفيفه ) الذي هو بمعنى ضرب جناحيه وتحريكهما حال الطيران بريا

كان او بحريا بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه كذا في الجواهر .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب الاطعمة المحرمة .

( 3 ) الوسائل باب 5 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

والمستند صحيح زرارة عن الامام الباقر - عليه السلام - : عما يوكل من الطير ؟ " كل

ما دف ولا تاكل ما صف " الحديث ( 1 ) .

وموثق سماعة عن الامام الصادق - عليه السلام : كلما صف وهو ذو مخلب فهو حرام

والصفيف كما يطير البازي والحداة والصقر وما اشبه ذلك وكل ما دف فهو حلال ( 2 ) .

وخبر ابن ابي يعفور قلت لابي عبد الله - عليه السلام - : اني اكون في الاجام فيختلف

علي الطير فما آكل منه ؟ قال - عليه السلام - : " كل ما دف ولا تاكل ما صف " الحديث ( 3 )

ونحوها غيرها .

وليس المراد بما صف او دف كونه كذلك دائما فيصف دائما او يدف كذلك اذ

لا طير كذلك قطعا ولا ما صف او دف في الجملة لان كل طير يتصف بكل منهما

بل المراد ما كان صفيفه اكثر من دفيفه كما يشهد به التمثيل في الموثق لما صف

بالبازي والحداة والصقر مع انه لا شبهة في ان هولاء الطيور كما يصفون يدفون وانما

يكون صفيفهم اكثر من دفيفهم .

ومرسل الصدوق قال : وفي حديث آخر ان كان الطير يصف ويدف فكان

دفيفه اكثر من صفيفه اكل وان كان صفيفه اكثر من دفيفه فلا يوكل الحديث ( 4 )

المنجبر ضعفه بالاستناد .

صرح جماعة منهم المحقق في الشرائع بانه ان تساوي الصف والدف لم يحرم

بل عن بعض انه المعروف من مذهب الاصحاب .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 . ( * )

 

 

] وما ليس له قانصة ولا حوصلة ولا صيصة [

 

ويمكن ان يستدل له بان نصوص الباب غير مرسل الصدوق غير متعرضة

لحكم هذا الفرد من الطير لا منطوقا ولا مفهوما اما المنطوق فلانها متضمنة لحلية ما

كثر صفيفه وحرمة ما كان دفيفه اكثر واما المفهوم فلانه لا يكون لشئ منها ذلك .

واما المرسل فمقتضى مفهوم صدره الحرمة ومقتضى مفهوم ذيله الحلية

فيتعارضان و يتساقطان ويمكن ان يقال : ان مفهوم كل منهما ما صرح به في الاخر

فهذا القسم خارج عنه ايضا فيتعين الرجوع الى عموم ادلة الاباحة كتابا وسنة .

ودعوى انه يستصحب الحرمة قبل التذكية او يرجع الى اصالة عدم التذكية

المقتضية للحرمة مندفعة بان استصحاب الحرمة لا يجري لعدم جريان الاستصحاب في

الاحكام ولتبدل الموضوع ولعدم حرمة اكل الحيوان حيا اذا لم يزهق روحه قبل البلع

واما اصالة عدم التذكية فقد مر ان الاصل هو قبول كل حيوان للتذكية مع انها

لا تجري كما تقدم في اول مبحث الصيد والذباحة فالاظهر هو الحلية .

نعم لابد وان يقيد بما اذا لم توجد احدى العلامات الاخر المجعولة الاتية

للمحرمة .

 

حرمة ما ليس له قانصة

 

الثالثة ( و ) الصنف الثالث من الاصناف المحرمة من الطيور ( ما ليس له قانصة )

وهي في الطير بمنزلة المصادين في غيره ويقال لها بالفارسية - سنگدان ( ولا حوصلة ) -

بتخفيف اللام وتشديدها - وهي للطير كالمعدة لغيره يجمع فيها الحب وغيره من

الماكول عند الحلق ويقال لها بالفارسية : چينه دان ( ولا صيصية ) بكسر اوله وثالثه

مخففا وهي الشوكة التي في رجله موضع العقب وهي له بمنزلة الابهام للانسان وما

 

 

[ . . . ]

كان له احداها فهو حلال ما لم ينص على تحريمه بلا خلاف في شئ من تلكم .

والنصوص الدالة عليها مستفيضة : كموثق ابن بكير عن الامام الصادق

- عليه السلام - : " كل من الطير ما كانت له قانصة او صيصية او حوصلة " ( 1 ) دل بمفهوم

لفظة ما المتضمنة لمعنى الشرط على عدم جواز اكل ما لم يكن له احدى الثلاث

وبالمنطوق على حلية ما كانت فيه احداها .

وموثق سماعة : كل من طير البر ما كانت له حوصلة ومن طير الماء ما كانت له

قانصة كقانصة الحمام لا معدة كمعدة الانسان - الى ان قال - : والقانصة والحوصلة

يمتحن بهما من الطير ما لا يعرف طيرانه وكل طير مجهول ( 2 ) .

وصحيح زرارة عن ابي جعفر - عليه السلام - : عن طير الماء ؟ فقال - عليه السلام - : " ما

كانت له قانصة فكل وما لم تكن له قانصة فلا تاكل " ( 3 ) .

وصحيح ابن سنان عن ابي عبد الله - عليه السلام - قال : قلت : الطير ما يوكل

منه ؟ فقال - عليه السلام - : " لا تاكل ما لم تكن له قانصة " ( 4 ) .

وموثق مسعدة بن صدقة عنه - عليه السلام - قال : " كل من الطير ما كانت له قانصة

ولا مخلب له " قال : وسئل عن طير الماء فقال مثل ذلك ( 5 ) .

وخبر ابن ابي يعفور في حديث عنه - عليه السلام - : عن الطير يوتي به مذبوحا ؟

قال : - عليه السلام - : " كل ما كانت له قانصة " ( 6 ) .

.....................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 5 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 6 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ومرسل الصدوق : " ويؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة او صيصية ولايؤكل ما

ليس له قانصة او صيصية ( 1 ) الى غير تلكم من النصوص .

وتنقيح القول فيما يستفاد من هذه النصوص والجمع بينها وبين نصوص الصف

والدف انما هو بالتعرض لامور :

1.    ان ظاهر موثق سماعة من جهة التفصيل القاطع للشركة اختصاص

الحوصلة بالطير البري والقانصة بالبحري الا ان صريح قوله - عليه السلام - : كقانصة

الحمام وموثق مسعدة عدم الاختصاص ويمكن ان يكون انتفاء الشركة في الحوصلة

خاصة وانتفائها للبحري قيل : وبذلك يرتفع التعارض بين ما دل على حلية ما كانت

له الحوصلة خاصة وبين مرسل الصدوق المقتضي لحرمة ما لم يكن له قانصة ولا

صيصية من طير الماء فتامل .

2.    ربما يقال ان بين النصوص معارضة من جهة دلالة موثق ابن بكير على

كفاية احدى الثلاث في الحلية ودلالة موثق سماعة ومرسل الصدوق على كفاية

الحوصلة لو الصيصية فقط فيها وبازائها نصوص دالة على حرمة مالم يكن له

القانصة ولكن يندفع ذلك بان الطائفة الثانية اعم مطلق من الاولى فيقيد اطلاقها

بها .

فالمتحصل من النصوص حلية ما كان فيه احدى الثلاث وحرمة مالم يكن فيه

شئ منها .

3.    ان هذه النصوص تدل على حلية ما كان فيه احدى العلامات الثلاث

وتقدمت النصوص الدالة على حرمة ما كان صيفيفه اكثر من دفيفه وذات المخلب من

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الطير والمسوخ منه .

وعليه : فان كان حيوان فيه احدى العلامات ومع دفيفه اكثر من صفيفه

اوكان ذات مخلب اوكان من المسوخ فهل يحكم بحرمته او حليته ربما يقال كما عن

المحقق الاردبيلي - ره - ان الانفكاك غير معلوم فلا طير ذا مخلب او مسوخ اوصاف

يكون له احدى علامات الحلية ولاطير ذا حوصلة او قانصة اوصيصية يكون له

احدى علامات الحرمة وهو المستفاد من كلام الحجج - عليهم السلام - ولاينبئك مثل خبير

انتهى .

وعلى هذا فالامر واضح وان لم يتم ذلك فيمكن ان يقال : عند التعارض ان

هذه العلامات الثابتة بنصوص الباب انما هي مجعولة في ظرف الجهل وعدم معرفة حال

الحيوان كما صرح به في موثق سماعة المتقدم واما ما عرف حاله كذي المخلب والمسوخ

والصافات فلا يرجع فيه الى تلك العلامات .

بقي في المقام امر مناسب وان كان محله المسالة السابقة وهو انه اذا كان حيوان

ذا مخلب او من المسوخ وكان دفيفة اكثر من صفيفة ان كان لذلك مصداق في

الخارج فمقتضى اخبار الدف حليته ومقتضى نصوص المخلب والمسخ حرمته

والنسبة بين الطائفتين عموم من وجه فيرجع الى اخبار الترجيح وهي تقضى تقديم

الثانية لفتوى الاكثر التي هي اول المرجحات ثم ان جميع ما ذكر انما هي من قبيل

القاعدة الكلية وقد وردت في خصوص بعض الطيور نصوص خاصة دالة على الحلية

اوالحرمة واختلف الاخبار في بعضها ونذكر الجميع في ضمن المسالة الاتية .

 

 

] والخفاش والطاووس والجلال من الحلال حتى يستبرا فالبطة وشبهها

بخمسة ايام والدجاجة بثلاثة والزنابير والذباب [

 

حكم الخفاش والطاووس

 

المسالة الرابعة : فيما دل الدليل بالخصوص على حرمته او عدمها ( و ) منها

( الخفاش ) ويقال له الخشاف والوطواط ايضا وربما يقال انه الخطاف فعن القاموس

الوطواط : الخفاش وضرب من الخطاطيف وعن بعض ان الوطواط : الخطاف ونقله

في محكى الصحاح والاول اصح لانه ذكر الوطواط في بعض النصوص وعده من

المسوخ وفي آخر عد الخفاش مكانه .

ففي خبر الاشعري عن الامام الرضا - عليه السلام - : وخبري ( 1 ) علي بن جعفر عن

اخيه - عليه السلام - وغيرها عد الوطواط من المسوخ .

وفي خبري ( 2 ) علي بن المغيرة والديلمي عد الخفاش منها مكانه وهذه

النصوص بضميمة ما دل على حرمة المسوخ المتقدم تدل على حرمته - والظاهر عدم

الخلاف فيها ايضا ( و ) من ما دل الدليل على حرمته بالخصوص ( الطاووس ) .

ويشهد به مضافا الى ما دل على انه من المسوخ : خبر سليمان الجعفري عن ابي

الحسن الرضا - عليه السلام - : " الطاووس لايحل اكله ولابيضه " ( 3 ) .

وخبره الاخر عنه - عليه السلام - : " الطاووس مسخ كان رجلا جميلا فكابر امراة

رجل مؤمن تحبه فوقع بها ثم راسلته بعد فمسخهما الله طاووسين انثى وذكرا فلا تاكل

لحمه ولابيضه " ( 4 ) .

( و ) من ما يحرم من الطير باتفاق النص والفتوى ( الجلال من الحلال حتى يستبرا

.....................................................................

( 1 و 2 و 3 ) الوسائل باب 2 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 7 - 14 - 12 .

( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 . ( * )

 

 

] وبيض المحرم وما اتفق طرفاه في المشتبه ويكره الغراب [

 

فالبطة وشبهها بخمسة ايام والدجاجة بثلاثة ايام ) وقد مر الكلام في جميع ذلك في

المبحث السابق فراجع .

( و ) يحرم ايضا ( الزنابير والذباب ) كما تقدم

( و ) مر ايضا في المبحث الاول ان ( بيض المحرم ) حرام .

( و ) كذا ( ما اتفق طرفاه في المشتبه ) فراجع .

 

حكم الغراب

 

وقد حكم جماعة من الاصحاب بحرمة اصناف من الطيور ( و ) حكم آخرون بانه

( يكره ) لحم تلكم الطيور ومنشا الاختلاف اختلاف النصوص .

منها ( الغراب ) وفيه اقوال :

1.    ما عن الخلاف والمختلف والايضاح والروضة وهو الحرمة ونسبت الى ظاهر

المبسوط ايضا وعن الاول وظاهر الاخير الاجماع عليها .

2.    الحلية مطلقا حكيت عن التهذيبين والنهاية والقاضي وفي المتن والنافع

وعن الكفاية والمحقق الاردبيلي .

3.    التفصيل بجعل الغربان اربعة : غراب الزرع الذي ياكل الحب وهو الصغير

من الغربان السود ويسمي الزاغ والغراب الكبير الذي ياكل الجيف ويفترس

ويسكن الخرابات ويسمى بالغداب - بضم العين المعجمة - والغراب الاغبر الكبير

الذي يفترس ويصيد الدراج والغراب الابلق الذي له سواد وبياض طويل الذنب

ويسمى بالعقنيق فالحكم بالحل في الاول والحرمة في البواقي وهو مذهب الحلي

ونسب ذلك الى التحرير والارشاد واللمعة .

 

 

[ . . . ]

4.    التفصيل بين الكبير الاسود الذي يسكن الجبال وياكل الجيف والابقع

المذكور والزاغ المتقدم . ونوع آخر اصغر من الزاغ اغبر اللون كالرماد والحكم بالتحريم

في الاولين والحل في الاخيرين نسب ذلك الى المبسوط وبعض كتب المصنف - ره - .

والنصوص الواردة فيه طائفتان - الاولى : ما يدل على الحلية كموثق زرارة عن

احدهما - عليهما السلام - : " اكل الغراب ليس بحرام انما الحرام ما حرم الله في كتابه ولكن

الانفس تتنزه عن كثير من ذلك تقذرا " ( 1 ) .

وموثق غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد - عليه السلام - " انه كره اكل الغراب

لانه فاسق " ( 2 ) وفي دلالة الثاني تامل ظاهر .

واورد سيد الرياض على الاول : بانه لتضمنه الحكم بحلية كل ما لم يحرمه

القران الفاسد اجماعا شاذ جدا لا يعول عليه اصلا سيما مع احتمال حمله على التقية .

وفيه : ان مقتضى اطلاقه عدم حرمة ما لم يحرم في القران مطلقا خرج عن

عمومه ما دل الدليل بخصوصه على الحرمة ولا يلزم من تخصيص العام طرحه واحتمال

التقية لا يمنع عن العمل بالخبر .

الطائفة الثانية : ما يدل على الحرمة - كصحيح على بن جعفر عن اخيه - عليه

السلام - : عن الغراب الابقع والاسود ايحل اكلهما ؟ فقال - عليه السلام - : " لا يحل اكل شئ

من الغربان زاغ ولا غيره " ( 3 ) .

وخبر ابي يحيي الواسطي عن الامام الرضا - عليه السلام - : عن الغراب الابقع ؟ فقال

: " انه لا يوكل ومن احل لك الاسود " ( 4 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 7 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 7 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 7 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ومرسل الصدوق قال الصادق - عليه السلام - : " لا يوكل من الغربان شئ زاغ ولا

غيره ولا يوكل من الحيات شئ " ( 1 ) .

وخبر ابي اسماعيل عن ابي الحسن الرضا - عليه السلام - : عن بيض الغراب ؟ فقال :

" لا تاكله " ( 2 ) .

واستدل للاول بالطائفة الثانية وللثاني بالاولى وللتفصيل : بانه مقتضى

الجمع بين الاخبار وبما ارسله في الخلاف من ورود الرخصة في الزاغ وما هو اصغر

منه ( 3 ) المنجبر ضعفه بالشهرة وبان خبر الحل منجبر بالشهرة في هذين القسمين

بخلاف الاخيرين فان رواية التحريم على حالها فيهما وبان اللذين ياكلان الجيف

من الخبائث وبان ما حكموا بحرمته من السباع .

اقول : ان ما ذكر مستندا للتفصيل لا يتم شئ منه اما كون ذلك مقتضى الجمع

بين الاخبار فلان ذلك تبرعي لا شاهد به واما المرسل فلضعفه وعدم الانجبار

خصوصا بعد عدم العمل به في الخلاف المنبئ عن عدم ثبوته عنده واما جبر خبر

الحل في القسمين وعدم جبره في الاخيرين فلانه لا قصور في سند خبر الحل كي يحتاج

الى الجبر واما كون ما ياكل الجيف من الخبائث فلمنعه خصوصا بعد ما عرفت من

اجمال الخبيث واما كون ما حكموا بحرمته من السباع فلان ذلك يتوقف على عدم

ثبوت خبر الحل والا فيقيد اطلاق ما دل على حرمة السباع به فالامر يدور بين القولين

الاولين .

وقد يقال كما في الجواهر انه يقدم خبر الحرمة لا صحية السند واعتضاده بغيره مما

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 7 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 7 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 3 ) ج 3 ص 267 الطبع الثاني . ( * )

 

 

[ . . . ]

دل عليه من نص واجماع محكي ومخالفة العامة والاحتياط واصالة عدم التذكية وغير

ذلك .

وفيه : اولا : ان الرجوع الى المرجحات فرع عدم امكان الجمع العرفي بين

المتعارضين وفي المقام يمكن ذلك فان خبر الحل نص في عدم الحرمة وخبر المنع

ظاهر فيها فالجمع بينهما يقتضي حمل خبر المنع على الكراهة .

وما افاده - ره - من ان حمل عدم الحل على الكراهة ليس باولى من حمل الحل

على التقية غريب فان الحمل على التقية انما يكون بعد عدم امكان الجمع العرفي

وفقد جملة من المرجحات فكيف يصلح ان يمنع عن الجمع .

وثانيا : ان اصحية سند الحرمة غير معلومة فان خبر الجواز ايضا قوي السند سيما

وان الراوي عن زرارة هو ابان الذي هو ممن اجمعت العصابة على تصحيح ما يصح

عنه والنص والاجماع المحكى ليسا من المرجحات ومخالفة العامة وان كانت من

المرجحات الا انه بعد فقد جملة من المرجحات مع انه في المقام هي غير معلومة لعدم

ثبوت مذهب العامة في المسالة واصالة عدم التذكية لا تجري كما مر وعلى فرض

الجريان ليست من المرجحات .

فالحق ان يقال : ان الجمع العرفي بين الخبرين يقتضي البناء على الكراهة لعدم

صراحة لا يحل في الحرمة وخبر الحل نص في عدم الحرمة فان قيل : انه يمكن الجمع

بوجه آخر وهو حمل خبر الحل على ارادة عدم الحرمة الثابتة بالكتاب قلنا : ان الجمع

المقبول هو ما كان عرفيا لاكل ما امكن ومن الضروري ان ما ذكر ليس عرفيا فانه

حكم فيه بعدم الحرمة وعلل ذلك بان ما لم يحرمه الله تعالى في كتابه ليس بحرام ثم اكد

ذلك بقوله : ولكن الانفس تتنزه من ذلك فالقول بالكراهة مطلقا اظهر .

 

 

] والخطاف [

 

الخطاف حلال

 

( و ) من ما وقع الخلاف فيه في الحلية الحرمة ( الخطاف ) كرمان ويقال له

بالفارسية : پرستوك فعن الشيخ في النهاية والقاضي والحلي القول بالحرمة بل عن الاخير

دعوى الاجماع عليها وعن المفيد وعامة متاخري اصحابنا الحلية .

ومنشا الاختلاف الاخبار . ففي جملة منها ما ظاهره الحرمة كخبر الحسن بن داود

الرقي قال : كنا عند ابي عبد الله - عليه السلام - اذ مر رجل بيده خطاف مذبوح فوثب اليه

ابو عبد الله - عليه السلام - حتى اخذه من يده ثم دحا به الى الارض ثم قال : " اعا لمكم

امركم بهذا ام فقيهكم اخبرني ابي عن جدي ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهى عن قتل الستة :

النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف " ( 1 ) .

رواه الكليني الا ان فيه مكان ذكر الستة ومنها الخطاف مع زيادة في ذيله

ولو جاز اكل لحمه لما نهى عن قتله . وخبر محمدبن يوسف التميمي عن محمد بن جعفر

عن ابيه قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) استوصوا بالصنينات خيرا - يعني الخطاف - فانهن آنس

طير الناس بالناس ( 2 ) .

وصحيح جميل بن دراج عن ابي عبد الله - عليه السلام - : عن قتل الخطاف وايذائهن في

الحرم ؟ فقال - عليه السلام - : " لا تقتلن فاني كنت مع علي بن الحسين - عليهما السلام - فرآني

اوذيهن فقال : يا بني لا تقتلهن ولا تؤذيهن فانهن لا يؤذين شيئا " ( 3 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 39 من ابواب الصيد حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 39 من ابواب الصيد حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 39 من ابواب الصيد حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وجملة اخري منها تدل على الحلية كموثق عمار بن موسى عن ابي عبد الله

- عليه السلام - : عن الرجل يصيب خطافا في الصحراء او يصيده اياكله ؟ فقال - عليه السلام - :

" هو مما يوكل " وعن الوبر يوكل ؟ قال - عليه السلام - : " لا هو حرام " ( 1 ) وحمله على الانكار

كما ترى .

وما رواه المصنف في محكى المختلف من كتاب عمار بن موسى عنه - عليه السلام -

: " خرؤ الخطاف لا باس به هو مما يوكل لحمه ولكن كره اكله لانه استجار بك وآوى

في منزلك وكل طير يستجير بك فاجره " ( 2 ) ومثله موثقه الاخر ( 3 ) مع اسقاط

لفظ خرؤ .

والاظهر هو الحلية لصراحة هذه النصوص فيها فيحمل النصوص الاول على

الكراهة مع ان صحيح جميل وارد في حكم قتلهن في الحرم وخبر التميمي لا ظهور له

في الحرمة وخبر الرقى ينهى عن قتلهن ولا تلازم بين مرجوحية القتل وحرمة الاكل

واخذه - عليه السلام - الخطاف من يده والقائه على الارض لا يكون ظاهرا في الحرمة بدعوى

انه لو جاز اكله كان ما فعله اتلافا لمال الغير المحترم اذ يمكن ان يكون فعله

- عليه السلام - اولا لينبهه على مرجوحية القتل والاكل مع انه ضعيف السند لكون الحسن

بن داود مهملا .

نعم خبر احمد بن عامر عن ابيه عن الرضا - عليه السلام - في حديث : " ان

عليا - عليه السلام - نهى عن اكل الصرد والخطاف " ( 4 ) ظاهر في الحرمة لكنه مع

الاغماض عن سنده يحمل على الكراهة بقرينة ما تقدم .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 39 من ابواب الصيد حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 39 من ابواب الصيد حديث 5 .

( 3 ) الوسائل باب 39 من ابواب الصيد حديث 5 .

( 4 ) الوسائل باب 17 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 . ( * )

 

 

] والهدهد والصرد والصوام والشقراق والفاختة والقبرة [

 

فتحصل : انه لا ريب ولا اشكال في حلية اكل لحمه ويعضده ما دل على حلية

اكل الداف غير ذي مخلب فانه كذلك اما كونه دافا فواضح واما كونه غير ذي مخلب

فيشهد به ما في ذيل صحيح جميل : فانهن لا يؤذين شيئا وكون زرقه طاهرا فانه يستلزم

الحلية عند جماعة .

صرح جماعة من الاصحاب بكراهة اكل جملة من الحيوانات كالحبارى - ويقال

له بالفارسية هرة - ( والهدهد والصرد ) بالمهملات كرطب طاير ضخم الراس والمنقار

يصيد العصافير ويقال انه نقار للاشجار .

( والصوام ) كرمان طائر اغبر اللون طويل الرقبة اكثر ما يبيت في النخل .

( والشقراق ) بفتح الشين المعجمة وكسر القاف وتشديد الراء - ويقال له

بالفارسية : سبز مرغ .

( والفاختة ) ويقال لها بالفارسية : قوقو .

( والقبرة ) بالباء الموحدة المشددة المفتوحة بعد القاف المضمومة وقبل الراء

المهملة المفتوحة - ويقال لها قنبرة بالنون الساكنة بعد القاف المضمومة كما في خبر

الجعفري الاتي فما في المسالك من ان اثبات النون لحن غير صحيح فلهم دعويان

احداهما الحلية - والاخرى المرجوحية .

يشهد للاولى الاجماع والعمومات والاصل ووجود علامات الحل فيها .

اضف الى ذلك ما ورد في خصوص الحبارى كصحيح كردين المسمعي عن ابي

عبد الله - عليه السلام - : عن الحبارى ؟ فقال - عليه السلام - : " وددت ان عندي منه فآكل منه حتى

اتملاء " ( 1 ) ونحوه غيره .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 21 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

واما الدعوى الثانية فاستدل لها بالاجماع المحكي والشهرة المحققة .

وفي القبرة - بخبر الجعفري عن الامام الرضا - عليه السلام - : " لا تاكلوا القنبرة

ولا تسبوها " الحديث ( 1 ) .

وفي خبره الاخر عنه - عليه السلام - : " لا تقتلوا القنبرة ولا تاكلوا لحمها " ( 2 ) وفي

الصرد بخبر احمد بن عامر المتقدم .

وفي الفاختة بما دل ( 3 ) على شؤمها ودعائها على اهل البيت وفي غير الفاختة

والحبارى بما دل ( 4 ) على النهي عن القتل وفي ثبوت الكراهة بما دل على مرجوحية

القتل نظر كما ان في ثبوتها بالاجماع المحكي والشهرة اشكالا لان التسامح مختص

بالمستحبات ولا يشمل دليله المكروهات وما ورد في الحبارى ظاهر في عدم الكراهة

وايضا كون الفاختة شؤما يدعى على ارباب البيت لا يستلزم كراهة اكل لحمها .

فاذا لا دليل على الكراهة في غير الصرد والقنبرة ونصوصهما وان كانت ضعيفة

الاسناد الا انها بالشهرة منجبرة .

 

حكم طير الماء

 

الخامسة : لا خلاف بين الاصحاب في ان طير البحر ( والمراد به نحو البط والاوز

والكركي واللقلق والطيهوج وغيرها وقال بعض العلماء : هو اكثر من مائتي نوع و

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 41 من ابواب الصيد حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 41 من ابواب الصيد حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 41 من ابواب احكام الدواب كتاب الحج .

( 4 ) الوسائل باب 17 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لا نجد لاكثرها اسما عند العرب فانها لا تكون ببلادهم ) كطير البر في اندراجه تحت

القواعد الكلية المتقدمة المثبتة للحل او الحرمة ومساواته له في ما ينص عليه .

والوجه في ذلك مضافا الى اطلاق ادلة العلامات جملة من النصوص كمرسل

الصدوق قال الصادق - عليه السلام - : " كل ما كان في البحر مما يوكل في البر مثله فجائز

اكله وما كان في البحر مما لا يجوز اكله في البر لم يجز اكله " ( 1 ) .

وصحيح نجية بن الحارث عن ابي الحسن - عليه السلام - : عن طير الماء ما ياكل

السمك منه يحل ؟ قال - عليه السلام - : " لا باس به كله " ( 2 ) وعن بعض حمله على التقية

ولا وجه له سوى توهم صدق السبع عليه وهو كما ترى كيف وقد افتى الاصحاب

بمضمونه وبحلية نظيره من طير البر وهو الصرد الذي ياكل العصافير فالوجه في

الحلية عدم وجود علامات الحرمة فيه بل ووجود علامات الحل .

وصحيح زرارة عن ابي جعفر - عليه السلام - عن طير الماء ؟ فقال - عليه السلام - : " ما

كانت له قانصة فكل ومالم تكن له قانصة فلا تاكل " ( 3 ) .

وموثق سماعة عن ابي عبد الله - عليه السلام - في حديث : " كل من طير البر ما كانت له

حوصلة ومن طير الماء ما كانت له قانصة كقانصة الحمام لا معدة كمعدة الانسان - الى

ان قال : - والقانصة والحوصلة يمتحن بهما من الطير ما لا يعرف طيرانه وكل طير

مجهول " ( 4 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 22 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 22 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 . ( * )

 

 

] الرابع الجامد [

 

وموثق مسعدة بن صدقة عنه - عليه السلام - : كل من الطير ما كانت له قانصة

ولا مخلب له قال وسئل عن طير الماء فقال مثل ذلك ( 1 ) الى غير ذلك من النصوص

وعليه فما يظهر من بعض الاخبار من حلية طير الماء مطلقا يقيد اطلاقه بذلك .

السادسة : يحل من الطيور سوى ما تقدم للعمومات والاطلاقات والاصل

ومن المحللات الحمام بانواعه ويشهد به مضافا الى ذلك والى الاجماع جملة من

النصوص ( 2 ) الخاصة .

ثم الحمام جنس يقع على كل ذي طوق من الطيور او ما يشرب الماء بلا مص بل

ياخذه بمنقاره قطرة قطرة فيدخل فيه : القمرى وهو ما يقال له بالفارسية كبوتر چاهي

والدبسي وهو الحمام الاحمر والورشان وهو الابيض والتمام والفواخت والحجل -

وهو في الفارسية يقال له : كبك والدراج والقطاة وفسره في محكى كنز اللغة

بسنگخواره والكردان - ويقال له بالفارسية ما هي خواره والكركي - وهو بالفارسية

كبك - والصعوة - واشتهرت في الفارسية به برف چين - وقد وردت النصوص ( 3 ) في

جملة منها ايضا دالة على الحل .

 

حرمة الميتة واجزائها

 

المبحث ( الرابع ) في ( الجامد ) وحيث ان المحلل منه غير محصور ومقتضى

الاطلاقات والاصول حلية ما لم يثبت حرمته فلابد من التعرض لما يكون محرما ( و ) قد

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 3 ) الوسائل باب 16 و 18 من ابواب الاطعمة المباحة . ( * )

 

 

] ويحرم الميتة واجزائها عدا صوف ما كان طاهرا في حياته وشعره ووبره

وريشه وقرنه وعظمه وظلفه وبيضه اذا اكتسى الجلد الفوقاني والانفحة

ويحرم من الذبيحة القضيب والانثيان والطحال والفرث والدم [

 

ذكروا ان انواع المحرم منحصرة في خمسة وما عداها محلل مطلقا فالكلام في طي

مسائل :

الاولى : ( تحرم الميتة ) وهي التي زهق روحها من دون ان استند الى التذكية او ما

خرج روحه مستندا الى سبب غير التذكية بلا خلاف فيه بل عليه الاجماع .

ويشهد به من الكتاب قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير

وما اهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع الا ما

ذكيتم ) ( 1 ) ومن السنة نصوص متواترة تقدم شطر منها في ضمن المباحث المتقدمة .

( و ) ايضا يحرم ( اجزائها عدا ) ما لا تحله الحياة كال ( صوف ) بشرط ( ما ) لو كان

من حيوان ( كان طاهرا في حال حياته وشعره ووبره وريشه وقرنه وعظمه وظلفه وبيضه

اذا اكتسى الجلد الفوقاني ) وقد تقدم الكلام في جميع ذلك وفي فروع المسالة .

وانه هل تجوز سائر الانتفاعات بالميتة واجزائها ام لا وفي حكم بيعها وفيما

لو اشتبهت المذكى بالميتة وغير ذلك من الاحكام في كتاب الطهارة والبيع فلا نعيد .

( و ) بينا حكم ( الانفحة ) والبيض .

 

المحرمات من الذبيحة

 

الثانية : ( ويحرم من الذبيحة ) عدة اجزاء جملة منها متفق على حرمتها واختلفوا

في جملة اخرى منها الاولى : خمسة وهي ( القضيب ) وهو الذكر ( والانثيان ) وهما

.....................................................................

( 1 ) المائدة آية 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

البيضتان ( والطحال ) وهو الذي يقال له بالفارسية سپرز ( والفرث والدم ) ولا ينافي ما

ذكرنا من اتفاق الاصحاب على حرمة هذه الخمسة اقتصار المفيد والديلمي في المحكي

منهما على الثلاثة الاول فان ذلك لمعلومية حكم الفرث والدم للاستخباث والنجاسة

وغيرهما ولا ينافيه ايضا ما عن الاسكافي من التعبير بانه يكره الطحال لان مراده بذلك

الحرمة .

ويشهد بحرمة الجميع جملة من النصوص : كمرسل ابن ابي عمير عن بعض

اصحابنا عن الامام الصادق - عليه السلام - : " لا يوكل من الشاة عشرة اشياء : الفرث والدم

والطحال والنخاع والعلباء والغدد والقضيب والانثيان والحباء والمرارة " ( 1 ) ومثله مرسل

( 2 ) الصدوق الا انه ذكر بدل العلباء والمرارة الاوداج والرحم .

وقريب منهما خبر ( 3 ) الخصال المروي بسند صحيح والمروى عن محاسن

البرقي : عن ابي عبد الله - عليه السلام - : " حرم من الذبيحة عشرة اشياء واحل من الميتة عشرة

اشياء فاما الذي يحرم من الذبيحة فالدم والفرث والغدد والطحال والقضيب

والانثيان والرحم والظلف والقرن والشعر " الحديث ( 4 ) .

ويشهد للحرمة في غير الرابع من الامور الخمسة المتقدمة موثق ابراهيم بن

عبد الحميد عن ابي الحسن - عليه السلام - : " حرم من الشاة سبعة اشياء : الدم والخصيتان

والقضيب والمثانة والغدد والطحال والمرارة " ( 5 ) ونحوه في ذلك مرفوع ( 6 ) الواسطي

وخبر ( 7 ) اسماعيل بن مرار وحسن ( 8 ) ابان .

.....................................................................

( 1 و 2 و 3 ) الوسائل باب 31 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 - 8 - 2 .

( 4 ) الوسائل باب 31 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 19 .

( 5 و 6 و 7 و 8 ) الوسائل باب 31 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 - 2 - 3 - 11 . ( * )

 

 

] والمثانة والمرارة والمشيمة والفرج والعلباء والنخاع والغدد [

 

ويشهد لحرمة الدم والطحال والقضيب خبر الهاشمي عن ابيه عن آبائه عليهم

السلام : " ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يكره اكل خمسة الطحال والقضيب والانثيين والحباو

اذان القلب ( 1 ) اضف الى ما تقدم ما دل على حرمة خصوص الدم من الكتاب والسنة

المستفيضة ( 2 ) وما ورد في خصوص الطحال ويضاف الى ذلك كله ما في المسالك من

كون هذه الخمسة من الخبائث .

( و ) اما التي اختلفوا فيها فهي كثيرة منها ( المثانة ) وهي مجمع البول ( والمرارة )

وهي التي تجمع المرة الصفراء معلقة مع الكبد كالكيس ( والمشيمة ) وهي موضع الولد

تخرج معه فالمشهور بين الاصحاب حرمتها ايضا بل عن المرتضى وابن زهرة الاجماع

على حرمة الاولى والثالثة وعن الخلاف دعوى الاجماع في المثانة .

فقد استدل لحرمة الثلاثة في المسالك تبعا للمحقق في الشرائع والنافع

بالاستخباث .

وفيه تامل لعدم القطع به في الجميع كما في الرياض فالاولى ان يستدل له

بالنصوص المتقدمة جملة منها ففي بعضها كاخبار ابراهيم وابن مرارة والواسطي

ذكرت المثانة والمرارة في عداد المحرمات وفي بعضها ذكر المشيمة وهو خبر المحاسن

فان المراد بالرحم فيها كما ذكروا المشيمة المنجبر ضعف اسنادها لو كان بالشهرة .

المحققة والاجماع المحكى .

( و ) منها ( الفرج والعلباء ) بكسر العين - وهي عصبتان عريضتان ممدودتان من

الرقبة الى عجز الذنب ( والنخاع ) وهو الخيط الابيض الذي في وسط قفاء الظهر وهو

الذي لاقوام للحيوان بدونه ( والغدد ) وهي كل عقدة في الجسد يطاف بها شحم وكل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من الاطعمة المحرمة حديث 10 .

( 2 ) البقرة آية 173 ، المائدة آية 3 .

( 3 ) الوسائل باب 1 من الاطعمة المحرمة . ( * )

 

 

] وذات الاشاجع وخرزة الدماغ والحدق [

 

قطعة صلبة بين القضيب وهي تكون في اللحم مدورة تشبه البندق في الاغلب ( وذات

الاشاجع ) وهي اصول الاصابع التي تتصل بعصب ظهر الكف ( وخرزة الدماغ ) -

بكسر الدال - وهي في المشهور المخ الكائن في وسط الدماغ شبه الدودة بقدر الحمصة

تقريبا يخالف لونها لونه وهي تميل الى الغبرة ( والحدق ) يعني حبة الحدقة وهو الناظر من

العين لا جسم العين كله .

والاشهر بينهم التحريم كما صرح به المصنف - ره - في المختلف والتحرير على ما

حكى وذهب جماعة منهم المصنف - ره - في جملة من كتبه والمحقق في الشرائع والنافع

والشهيد الثاني في المسالك الى الكراهة .

اقول : غير ذات الاشاجع من الامور السبعة المشار اليها مذكورة في النصوص

السابقة المعتبرة جملة منها كالمروي في الخصال فانه صحيح وما رواه ابراهيم بن

عبد الحميد فانه موثق ومع ذلك روى عنه ابن ابي عمير وما رواه ابان فانه حسن وخبر

اسماعيل بن مراد فانه يعتمد عليه على الاصح المعتضدة بغيرها المنجبر ضعفه بالعمل

والاستناد فلا ينبغي التامل في حرمة هذه الستة ايضا .

ودعوى عدم ظهور النصوص في الحرمة لكونها متضمنة للجملة الخبرية يدفعها

ما مر منا مرارا من ان الجملة الخبرية اظهر في الوجوب من الامر .

فان قيل ان النصوص متعارضة فان بعضها متضمن لحرمة خمسة اشياء

وبعضها لحرمة سبعة وبعضها لحرمة عشرة وهكذا .

قلنا : انه لا تعارض بينها فان الجميع مثبتات لا نفي في شئ منها فلا تعارض

بينها ويعمل بالجميع واما ذات الاشاجع فليست في شئ من النصوص فالمتجه

حليتها الا ان يتم ما ادعاه السيد في الرياض من عدم القول بالفصل بينها وبين الستة

 

 

[ . . . ]

المتقدمة فالاحتياط بتركها لا يترك .

ثم ان مقتضى اطلاق المتن وغيره حرمة هذه الاشياء من كبير الحيوان المذبوح

كالجزور وصغيره كالعصفور وبالتعميم صرح جماعة منهم الشهيد الثاني في محكى

الروضة الا انه قال بعده ويشكل الحكم بتحريم جميع ما ذكر مع عدم تمييزه لا ستلزام

تحريم جميعه او اكثره للاشتباه والاجود اختصاص الحكم بالنعم من الحيوان الوحشى

دون العصفور وما اشبهه .

وفي الرياض بعد ذكر ذلك وهو جيد فيما كان المستند في تحريمه الاجماع لعدم

معلومية تحققه في العصفور وشبهه مع اختصاص عباير جماعة من الاصحاب

كالصدوق وغيره وجملة من النصوص بالشاة والنعم وعدم انصراف اطلاقات باقى

الفتاوى والروايات اليهما .

واما ما كان المستند في تحريمه الخباثة فالتعميم الى كل ما تحققت فيه اجود

انتهى .

وفيه : ان المدرك للجميع هو النصوص كما مر ولو كان المدرك في التحريم

الخباثة فمن القريب جدا التفصيل بين العصفور وما شابهه وغيرهما في صدق الخبيث

وعدمه كما هو واضح واما النصوص فجملة منها مختصة بالشاة وانما يتم في غيرها من

النعم بعدم الفصل وجملة منها تعم جميع الذبائح فانه صرح فيها بانه يحرم من

الذبيحة وتلكم النصوص تشمل كل ذبيحة حتى العصفور وشبهه .

وخبر اسماعيل بن مرار متضمن لكل ما لحمه حلال فالمتجه حرمة الجميع في

كل ذبيحة لكن بعد تحقق مسماها اما مع عدم ظهورها فلا اذ لايصدق اكلها او اكل

شئ منها اذ لعلها غير مخلوقة في الحيوان المزبور اضف اليه السيرة المستمرة على ذلك .

 

 

] ويكره الكلى واذنا القلب [

 

وبذلك كله يظهر حكم السمك والجراد مما لايذبح ولاينحر فان اطلاق خبر

اسماعيل بن مرار وان كان يشملهما الا انه لايعلم خلق كثير من هذه المحرمات فيهما او

اجمعها عدا الدم الذي ستعرف الكلام فيه والرجيع ثم انه اذا استهلك شئ من ما

ذكر من المحرمات في ضمن الماكول لايكون حراما لانعدامه بالاستهلاك وعلى ذلك

فيهسل الخطب في الحيوان الصغير الذي فيه احد المحرمات المذكورة فانه لصغره

يستهلك في اللحم بشيوع اجزاءه في جملة اللحم .

الظاهر انه لاخلاف ( و ) لااشكال في انه ( يكره الكلي ) - بضم الكاف وقصر

الالف - جمع كلية وكلوة بالضم فيهما ( واذنا القلب ) والعروق بمعنى عدم حرمة شئ

منها للاصل والعمومات .

وليس بازائها شئ سوى سهل عن بعض اصحابنا : انه كره الكليتين ( 1 ) .

وخبر محمد بن صدقة عن موسى بن جعفر عن آبائه - عليهم السلام - : " كان رسول

الله صلى الله عليه واله وسلم لاياكل الكليتين من غير ان يحرمهما لقربهما من البول " ( 2 ) ومثله الخبر المروي

عن الامام الرضا - عليه السلام - ( 3 ) .

والاخيران غير ظاهرين في الكراهة وصريحان في عدم الحرمة . والاول لضعفه

وقطعه لايصلح مستندا للحكم الشرعي فلا دليل على كراهة الكلى .

واما آذان القلب فهو مذكور في بعض النصوص ولكنه متضمن للفظ الكراهة

غير الظاهرة في الحرمة .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 31 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 31 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 13 .

( 3 ) الوسائل باب 131 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 17 . ( * )

 

 

[ . . . ]

واما العروق وهو وان كان في جملة من النصوص الا ان الاجماع على عدم حرمته

يوجب البناء على الكراهة فالاظهر كراهة اكل الاخيرين دون الاولى .

ثم انه بقيت اشياء اخر غير ما مر : كالقيح والوسخ والبلغم والنخامة

والبصاق والعرق والرجيع مما لا يسمي بولا ولا روثا كفضلات الديدان لا ينبغي

التوقف في حرمة الاربعة الاول لكونها من الخبائث بلا كلام .

واما الخامس فالمنسوب الى المشهور الحرمة واستدل لها بالخباثة .

ورد ذلك في المستند وقال : قد يستطاب بصاق المحبوب ويمص فمه ولسانه

ويبلع بصاقه بميل ورغبة والتنفر عن بصاق بعض الاشخاص لتنفره بنفسه لا يوجب

الحرمة كيف وليس البصاق اظهر خباثة من اللقمة المزدورة وهي محللة قطعا وقد

وردت في الاخبار ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اعطا لقمة من فيه الى من طلبها ( 1 ) مع انها ممزوجة

بالبصاق قطعا .

وقد وردت النصوص بمص الحسين - عليه السلام - لسان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وانه نشا من

لعاب فمه ( 2 ) وان الحسين - عليه السلام - مص لسان علي بن الحسين عند غلبة العطش يوم

الطف ( 3 ) .

ووردت نصوص ( 4 ) ظاهرة في حل بصاق المراة والبنت فالحكم بحليته كما هو

ظاهر الاردبيلي وصاحب الكفاية قوي جدا وكذا العرق انتهى .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 131 من ابواب الاطعمة المباحة .

( 2 ) اصول الكافي ج 1 ص 465 حديث 4 طبعة طهران .

( 3 ) راجع كتب المقاتل كمقتل الخوارزمي والملهوف وغيرهما .

( 4 ) الوسائل باب 34 من ابواب ما يمسك عنه الصائم كتاب الصوم . ( * )

 

 

] ويحرم الاعيان النجسة كالعذرة وما ابين من الحي والطين [

 

واما السابع فان كان من حيوان لا يوكل لحمه فهو حرام قطعا لكونه نجسا

والا فالقول بحرمته مطلقا في غاية الاشكال فالاولى الاناطة بالخباثة فما احرز صدقها

عليه يحرم والا فيحل .

الثالثة : ( ويحرم الاعيان النجسة كالعذرة وما ابين من الحي ) اذا كان مما تحله

الحياة وغيرهما بلا خلاف في ذلك بل الاجماع بقسميه عليه وفي الرياض بل يمكن

عده من الضروريات .

والنصوص الدالة على ذلك متواترة معنا اضف اليه ما ورد في خصوص جملة

من تلك الاشياء كالمبان من الحي وغيره مضافا الى ان جلها من الخبائث المحرمة

بالاجماع والكتاب والسنة .

 

يحرم اكل الطين

 

الرابعة : ( و ) يحرم اكل ( الطين ) بجميع اصنافه بلا خلاف وفي الرياض والمستند

والجواهر وغيرها دعوى الاجماع عليه وفي الجواهر بل المحكى منه مستفيض او متواتر

وفي المستند ونقل الاجماع عليه مستفيض .

ويشهد به نصوص مستفيضة : كقوي السكوني عن الامام الصادق

- عليه السلام - : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من اكل الطين فمات فقد اعان على نفسه " ( 1 ) .

وخبر هشام بن سالم عنه - عليه السلام - : " ان الله عزوجل خلق آدم من طين فحرم

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 58 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

اكل الطين على ذريته " ( 1 ) .

وخبر القداح عنه - عليه السلام - : قيل لامير المومنين - عليه السلام - : في رجل ياكل الطين

فنهاه وقال : " لا تاكله فان اكلته ومت كنت قد اعنت على نفسك " ( 2 ) .

وموثق سماعة عنه - عليه السلام - : " اكل الطين حرام على بني آدم ما خلا طين قبر

الحسين - عليه السلام - " ( 3 ) .

وخبر سعد بن سعد عن ابي الحسن - عليه السلام - : " اكل الطين حرام مثل الميتة

والدم ولحم الخنزير الا طين الحائر فان فيه شفاء من كل داء وامنا من كل خوف " ( 4 ) .

ومرسل الواسطي عن ابي عبد الله - عليه السلام - : " الطين حرام اكله كلحم الخنزير

ومن اكله ثم مات منه لم اصل عليه " الحديث ( 5 ) .

والعلوي : من انهمك في اكل الطين فقد شرك في دم نفسه ( 6 ) الى غير تلكم من

النصوص الكثيرة المشتملة ( 7 ) على كون اكله من مكائد الشيطان ومصائده الكبار

وابوابه العظام ومن الوسواس ويورث السقم في الجسد ويهيج الداء ويورث النفاق

ويوقع الحكة في الجسد ويورث البواسير ويهيج داء السوء ويذهب بالقوة من الساقين

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 58 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 58 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 .

( 3 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 4 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 5 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 6 ) الوسائل باب 58 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 7 ) الوسائل باب 58 من ابواب الاطعمة المحرمة . ( * )

 

 

[ . . . ]

والقدمين وان من اكله ملعون وان من اكله ونقص من عمله فيما بينه وبين صحته

من قبل ان ياكله حوسب عليه وعذب به .

والطين كما قالوا هو التراب المخلوط بالماء وان ذلك معناه لغة وعرفا

والظاهر كما صرح به جماعة عدم اشتراط بقاء الرطوبة في الحرمة فيحرم يابسه ايضا .

ويشهد به صحيح معمر بن خالد عن ابي الحسن - عليه السلام - قال : قلت له : ما

يروي الناس في اكل الطين وكراهيته ؟ قال : انما ذلك المبلول وذاك المدر والمدر هو

الطين اليابس ( 1 ) ومرفوع احمد بن ابي عبد الله : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهى عن اكل المدر ( 2 ) .

وهل يحرم التراب ايضا كما في المسالك والرياض ام لا كما صرح به جماعة منهم

صاحب الجواهر والمحقق النراقي قال المحقق الاردبيلي المشهور بين المتفقهة تحريم

التراب والارض كلها حتى الرمل والاحجار وجهان :

يشهد للثاني الاصل بعد اختصاص النصوص بالطين .

واستدل للاول تارة : بما في الاخبار من استثناء طين قبر الحسين - عليه السلام - فان

المراد به ما يعم التراب فكذلك في المستثني منه .

واخرى : بان التراب ايضا مضر بالبدن قطعا فيعمه عموم التعليل .

وثالثة : بان حرمة الطين تستلزم حرمة التراب باعتبار كونه ترابا وماء ومن المعلوم

عدم حرمة الثاني .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 58 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 58 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وفي الجميع نظر اما الاول : فلان ما استثني في الاخبار انما هو طين قبر الحسين - عليه السلام -

وهو لا يشمل التراب وانما يحكم بجواز الاستشفاء بتراب قبره الشريف للنصوص

الاخر المتضمنة للاستشفاء بتربته فالحكم بالاستشفاء بتراب قبره الشريف ليس لاجل

الاستثناء كي يستدل به على ارادة العموم من المستثني منه ويويده تقديره بقدر

الحمصة فانه مشعر بارادة المدر .

واما الثاني : فلان الطين حرام قليله وكثيره مع انه ليس في قليله الضرر فيعلم من

ذلك أن ما ذكر في النصوص إنما هو من قبيل الحكمة لا العلة كي تعمم وتخصص .

وبالجملة : ان محل الكلام هو القليل من التراب الذي لا يكون مضرا قطعا .

واما الثالث : فلانه يرجع إلي شبه العلة المستنبطة ، وإن شئت قلت : إنه كما

تري أن الماء إذا خلط مع بعض الاشياء يوجب ترتب أثر كالحرارة أو الاسكار وما

شاكل ، كذلك يحتمل دخله في المقام .

فالاظهر عدم حرمة التراب ، وفي الجواهر ، وربما يويد الحل السيرة المستمرة علي

أكل الكماة وعلي أكل الفواكه ذات الغبار وغيرها مما لاينفك الانسان عنه غالبا

خصوصا في أيام الرياح بل يمكن القطع بعدم وجوب اجتناب الطعام بوقوع أجزاء

تراب فيه وإن قلت ، انتهي .

وبما ذكرناه يظهر حكم الرمل والاحجاز وانه لادليل علي حرمة أكل شئ من

ذلك ما لم ينطبق عليه عنوان محرم آخر .

 

 

] عدااليسير من تربة الحسين - عليه السلام - للاستشفاء ]

 

الاستشفاء بتربة الحسين - عليه السلام -

 

وكيف كان فلا يحمل شئ من الطين ( عدا اليسيرمن تربة الحسين - عليه السلام -

للاستشفاء )

فانه يجوز بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه والنصوص به مستفيضة او

متواترة تقدمت جملة منها وبعضها مشتمل على القسم وغيره من المؤكدات .

ولكنه يشترط في استثنائه امران : احدهما : ان لايتجاوز قدر الحمصة كما صرح

به المحقق وجماعة .

ويشهد به حسن بن سدير عن ابي عبد الله - عليه السلام - في حديث : ولاتناول

منها اكثر من حمصة فان من تناول منها اكثر من ذلك فكانما اكل من لحومنا او

دمائنا ( 1 ) .

والمروي عن مصباح الزائر في خبر طويل ويستعمل منها وقت الحاجة مثل

الحمصة ونحوهما غيرهما .

ثانيهما ان يكون للاستشفاء فلا يجوز اكله لغيره كما هو المشهور بين الاصحاب .

ويشهد به حسن حنان عن ابي عبد الله - عليه السلام - : " من اكل من طين قبر الحسين

غير مستشف به فكانما اكل من لحومنا " الحديث ( 2 ) .

وقد يقال بجواز الاكل تبركا وان رجع قائله عنه في كتبه الاخر واستدل له بما دل

على ان فيه شفاء من كل داء ( 3 ) وامنا من كل خوف وبما دل على تحنيك الاولاد بتربة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 .

( 3 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 - 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الحسين - عليه السلام - ( 1 ) بدعوى ان التحنك يستلزم الاكل .

وبخبر النوفلي قلت لابي الحسن - عليه السلام - : اني افطرت يوم الفطر على طين وتمر ؟

فقال : " جمعت بركة وسنة " ( 2 ) .

وفي الجميع نظر اما الاول : فلانه لايدل على ان الامان في اكله او استصحابه بل

في بعض النصوص الواردة في كيفية اخذه اذا خفت سلطانا او غير سلطان فلا يخرجن

من منزلك الا ومعك من طين قبر الحسن - عليه السلام - .

واما الثاني فلان التحنيك لايستلزم الاكل مع ان تلك الاخبار متضمنة

للتحنيك بتربة قبر الحسين لابطين قبره .

واما الثالث فلانه قضية في واقعة فلعله كان متشفيا ايضا .

مع انه ضعيف السند فالاظهر اعتبار الاستشفاء في جواز الاكل ثم ان

النصوص متضمنة لبيان آداب وشرائط وادعية لاخذه واستعماله وفي بعضها انه

لاشفاء الا بها .

وقد حملها صاحب الجواهر على انها آداب لتناوله واستعماله على الوجه الاكمل .

في شرعية التاثير ونحوه لاشرائط لاصل التناول قال : بل في النصوص المزبورة قرائن

متعددة على ذلك ومن هنا قال في الرياض لم اقف على مشترط لذلك اصلا بل صرح

جماعة بان ذلك لزيادة الفضل قلت : كان الامر من الواضحات .

وتمام الكلام ببيان امور :

1.    قال السيد في الرياض : ثم ان مقتضى الاصل لزوم الاقتصار في الاستثناء

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 36 من احكام الاولاد حديث 3 وباب 70 من ابواب المزار حديث 8 .

( 2 ) الوسائل باب 13 من ابواب صلاة العيد حديث 1 كتاب الصلاة . ( * )

 

 

[ . . . ]

المخالف له على المتيقن من ماهية التربة المقدسة وهو ما اخذ من قبره او ما جاوره

عرفا ويحتمل الى سبعين ذراعا كما في الرواية لالها بل لعسر الاقتصار على ما دونه مع

القطع بعدمه في الازمنة السابقة والحديثة .

واما ما جاوز السبعين الى اربعة فراسخ او غيرها مما وردت به الرواية فمشكل

الا ان ياخذ منه ويوضع على القبر او الضريح فيقوى حينئذ احتمال جوازه نظرا الى ان

الاقتصار على المتيقن او ما قاربه يوجب عدم بقاء شئ من ارض تلك البقعة المباركة

لكثرة ما يوخذ منها في جميع الازمنة وستؤخذ ان شاء الله تعالى الى يوم القيامة وظواهر

النصوص بقاء تربته الشريفة بلا شبهة وبما ذكرناه صرح جماعة كالفاضل المقداد

وشيخنا في الروضة انتهى .

اقول : قد وردت روايات بالتحديد بسبعين ذراعا : كمرسل سليمان بن عمر

السراج عن بعض اصحابنا عن الصادق - عليه السلام - : " يوخذ طين قبر الحسين - عليه السلام -

من عند القبر على سبعين ذراعا " ( 1 ) ونحوه غيره .

ونصوص بالتحديد بسبعين باعا في سبعين باعا كخبر احمد بن محمد بن عيسى

باسناده عنه - عليه السلام - : " يوخذ طين قبر الحسين - عليه السلام - من عند القبر على سبعين

باعا " ( 2 ) ونحوه غيره .

وفي جملة من الاخبار حدد بالميل لا حظ خبر الكناني عن الامام الصادق - عليه

السلام - : " طين قبر الحسين - عليه السلام - فيه شفاء وان اخذ على راس ميل " ( 3 ) ونحوه خبر

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 67 من ابواب المزار حديث 3 كتاب الحج .

( 2 ) المستدرك باب 53 من ابواب المزار حديث 11 .

( 3 ) الوسائل باب 67 من ابواب المزار حديث 1 - كتاب الحج . ( * )

 

 

[ . . . ]

ابي بكر الحضرمي عنه - عليه السلام - ( 1 ) .

وفي خبر الثمالي عن مولانا الصادق - عليه السلام - : " يستشفى ما بينه وبين القبر على

راس اربعة اميال " ( 2 ) .

وفي المرسل المروي عن الكامل عنه - عليه السلام - : " حرم قبر الحسين فرسخ في

فرسخ " ( 3 ) فتامل .

وفي بعض كتب الاصحاب وروى الى اربعة فراسخ وروي ثمانية ولم نعثر على

خبر يدل عليهما .

ولكن جميع هذه النصوص ضعيفة الاسناد لا يمكن الفتوى بالحلية مستندة

الى شئ منها فالمتعين الاقتصار على المفهوم العرفي .

والايراد عليه بانه يوجب عدم بقاء شئ من تلك البقعة المباركة لكثرة ما يوخذ

منها في جميع الازمنة .

يندفع بانه كل ما اخذ منها لو جعل مكان الماخوذ من سائر الامكنة ومضى

عليه زمان يصدق عليه انه تربة قبر الحسين او طين الحائر وما شاكل من العناوين

الماخوذة في الاخبار فان المراد به ليس خصوص الذي كان موجودا في زمان شهادته - عليه

السلام - وهذا واضح جدا فلا يلزم محذور اصلا وبذلك يندفع ما في المستند قال : وعليه

يشكل الامر للعلم بتغير طين القبر في تلك الازمنة المتطاولة التي تناوبت عليه ايدي

العامرين له انتهى .

.....................................................................

( 1 ) المستدرك باب 53 من ابواب المزار حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 67 من ابواب المزار حديث 9 . ( * )

 

 

[ . . . ]

2.    انه كما ورد في الاخبار ( 1 ) آداب وشرائط وادعية لاخذ الطين واستعماله

كذلك ورد في ضبطه واستصحابه الى المنزل وانه لا يجعل في الخرج والجوالق ونحوها

وينبغي ان يكثر ذكر الله عليه وان يكتم به ولا يجعله في الاشياء الدنسة والثياب

الوسخة وانه لو فعل ذلك به لذهب منه الشفاء والبركة .

ففي خبر الثمالي عن الامام الصادق - عليه السلام - : وانما يفسدها ما يخالطها من

اوعيتها وقلة اليقين لمن يعالج بها - الى ان قال - : ولقد بلغني ان بعض من ياخذ من

التربة شيئا يستخف به حتى ان بعضهم يضعها في مخلاة البغل والحمار وفي وعاء الطعام

والخرج فكيف يستشفى به من هذا حاله عنده ( 2 ) .

3.    الظاهر كما هو المشهور اختصاص ذلك بطين قبر الحسين - عليه السلام - ولا يعم

طين قبر غيره من الائمة الطاهرين - عليهم السلام - لاطلاق الادلة وللخبر المروي عن

العيون بسنده المتصل عن موسى بن جعفر - عليهما السلام - في حديث طويل - : " لا تاخذوا

من تربتي شيئا لتتبركوا به فان كل تربة لنا محرمة الا تربة جدي الحسين - عليه السلام - " ( 3 ) .

وما في خبر الثمالي المتقدم : " وكذلك قبر جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكذا الطين قبر

الحسين وعلي ومحمد فخذ منها فانها شفاء من كل داء وسقم " لضعف سنده لا يعتمد

عليه وقد حمله المجلسي - ره - على مجرد الاخذ والاستصحاب دون الاكل ولا باس به .

واما قوله - عليه السلام - في خبر محمد بن مسلم بعد ما ارسل اليه ابو جعفر

- عليه السلام - بشراب فشربه وصح جسمه : " يا محمد ان الشراب الذي شربته فيه من طين

.....................................................................

( 1 ) راجع كامل الزيارات لابن قولويه ص 279 - 284 .

( 2 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 72 من ابواب المزار حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

قبور آبائي " ( 1 ) فمع ان في آخره ما يدل على انه من طين قبر الحسين - عليه السلام - لا يدل

على جواز اكل الطين بل الظاهر منه انه حله في شربة ولا اشكال في الجواز حينئذ

لا ستهلاك الطين فالاظهر عدم الجواز .

نعم لا باس باخذه وحله في ماء او شربة اخرى بحيث يخرج عن صدق الطين

ويشرب وكذا لا باس بتناول التراب من قبورهم بناء على اختصاص الحرمة بالطين

واستصحاب الطين والطلاء او الضماد به وما شاكل .

4.    استثنى جماعة منهم الشهيدان من الطين المحرم اكله طين الارمني واستدل

له بعدم تيقن كونه طينا وان سمي به كما يستفاد من آثاره وخواصه ولصوقه باللسان

وقول الاطباء بانه حار مع ان كل طين بارد وبعدم انصراف الاطلاق الى مثل هذا الطين

لكونه نافعا .

وعلل حرمة الطين في بعض الاخبار بالضرر وبجملة من النصوص : كخبر ابي

حمزة عن ابي جعفر - عليه السلام - : ان رجلا شكي اليه الزحير فقال - عليه السلام - له : " خذ من

الطين الارمني واقله بنار لينة واستف منه فانه يسكن عنه " ( 2 ) .

وعنه - عليه السلام - انه قال في الزحير : " تاخذ جزء من خريق ابيض وجزء من بزر

القطونا وجزء من صمغ عربي وجزء من الطين الارمني يقلى بنار لينة ويستف منه " ( 3 ) .

وخبر الحسن بن الفضل الطبرسي في مكارم الاخلاق : سئل ابو عبد الله - عليه السلام -

عن طين الارمني يوخذ منه للكسير والمبطون ايحل اخذه ؟ قال - عليه السلام - : " لا باس اما

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 70 من ابواب المزار حديث 14 .

( 2 ) الوسائل باب 60 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 60 من الاطعمة المحرمة حديث 2 . ( * )

 

 

] والسموم القاتلة الخامس : المائع ويحرم كل مسكر من خمر وغيره [

 

انه من طين قبر ذي القرنين وطين قبر الحسين - عليه السلام - خير منه " ( 1 ) ورواه الشيخ في

المصباح عن محمد بن جمهور العمي عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله - عليه السلام - .

اقول : الروايات وان كانت ضعيفة الاسناد وعدم الانصراف ممنوعا ولكن

الوجه الاول حسن وليكن الاخبار مويدة له والله العالم .

الخامسة ( و ) تحرم ( السموم القاتلة ) اجماعا للنهي عن قتل النفس وقد تقدم

الكلام في ذلك وفي حرمة ما لا يقتل ولكن يكون مضرا بالبدن في اوائل هذا الفصل

ويحرم ايضا من الجوامد ما كان منه مسكرا لان كل مسكر حرام اجماعا وسياتي

الكلام فيه وكذا ما كان منه نجسا كما مر وما سوى ذلك من الجوامد يحل اكله حتى

مثل الفحم واصول العنب وما شاكل .

 

حرمة المسكر

 

المبحث ( الخامس ) في ( المائع و ) فيه مسائل : الاولى ( يحرم كل مسكر من خمر وغيره )

اجماعا محصلا ومنقولا مستفيضا بل حرمة الخمر من ضروريات الدين .

ويشهد بها من الكتاب آيات ( 2 ) ومن السنة نصوص متواترة ستاتي الاشارة الى

جملة منها وقد تضمنت طائفة ( 3 ) منها النهي عن التداوي بها وان الله تعالى لم يجعل

فيها دواء ولا شفاء وفي جملة من الاخبار ( 4 ) النهي عن سقي الخمر صبيا

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 60 من الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 2 ) البقرة آية 219 ، المائدة آية 90 و 91 .

( 3 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة .

( 4 ) الوسائل باب 10 من ابواب الاشربة المحرمة . ( * )

 

 

[ . . . ]

بل الدابة وقد نهى ( 1 ) رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان يزوج شارب الخمر وان يعاد اذا مرض ويشهد

جنازته اذا مات .

وفي كثير من الاخبار ( 2 ) : ان شرب الخمر راس كل اثم ومفتاح المعصية وشاربها

مكذب بكتاب الله تعالى ومدمن الخمر كعابد وثن ومفتاح كل شر وانها ام الخبائث

وراس كل شر والسكران زمامه بيد الشيطان ان امره ان يسجد للاوثان سجد الى غير

تلكم من التعابير الكاشفة عن شدة اهتمام الشارع الاقدس بترك ذلك .

ويلحق بالخمر كل مسكر ويشهد به نصوص متواترة كخبر على بن يقطين عن

ابي الحسن الماضي - عليه السلام - : " ان الله عزوجل لم يحرم الخمر لاسمها ولكن حرمها

لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر " ( 3 ) .

وخبر عطا بن يسار عن الامام الباقر - عليه السلام - قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " كل مسكر

حرام وكل مسكر خمر " ( 4 ) .

وصحيح الفضيل بن يسار قال : ابتداني ابو عبد الله - عليه السلام - يوما من غير ان

اساله فقال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " كل مسكر حرام " قلت اصلحك الله كله ؟ قال

- عليه السلام - : " نعم الجرعة منه حرام " ( 5 ) .

وصحيح ابن ابي عمير عن الصيداوي عنه - عليه السلام - قال : " خطب رسول الله

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 11 من ابواب الاشربة المحرمة .

( 2 ) الوسائل باب 12 من ابواب الاشربة المحرمة .

( 3 ) الوسائل باب 19 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 15 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 5 .

( 5 ) الوسائل باب 15 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

] والعصير اذا غلى [

 

( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : " كل مسكر حرام " ( 1 ) الى غير ذلك من النصوص الكثيرة .

لا خلاف ولا كلام في ان ما يسكر كثيره يكون قليله ايضا حراما و ان لم يسكر

ويشهد به نصوص لا حظ صحيح معاوية عن الامام الصادق - عليه السلام - في حديث -

قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كل مسكر حرام وما اسكر كثيره فقليله حرام " قال :

فقلت : فقليل الحرام يحله كثير الماء ؟ فرد بكفيه مرتين : لا ، لا ( 2 ) .

وصحيح صفوان عن الاسدي عنه - عليه السلام - عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ايها الناس الا ان

كل مسكر حرام وما اسكر كثيره فقليله حرام " ( 3 ) ونحوهما غيرهما من الاخبار

المستفيضة بل في بعض الاخبار انه يحرم الشرب من حب من ماء قطرت فيه قطرة من

المسكر كخبر عمر بن حنظلة ( 4 ) وقد تضمن جملة من ( 5 ) النصوص النهي عن التداوي

بشئ من المسكر وان الله تعالى لم يجعل في شئ مما حرمه دواء ولا شفاء وفي جملة من

الاخبار النهى عن شرب المسكر مع التقية المبيحة لكثير من المحرمات .

( و ) الثانية يحرم ( العصير ) العنبي ( اذا غلى ) سواء اكان الغليان بنفسه او بالنار

ولا يحل حتى يذهب ثلثاه ان كان غلى بالنار او ينقلب خلا ان كان غلى بنفسه وقد

تقدم الكلام في ذلك كله وفي العصير الزبيبي والتمري في الجزء الثالث من هذا الشرح

مفصلا فلا نعيد .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 17 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 17 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 18 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 1 .

( 5 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة . ( * )

 

 

] والفقاع [

 

حرمة الفقاع

 

( و ) الثالثة لا خلاف في انه يحرم ( الفقاع ) قليله وكثيره بل الاجماع بقسميه عليه بل

المحكي منه مستفيض او متواتر او قطعي كالنصوص كذا في الجواهر .

والشاهد به نصوص كثيرة : لا حظ خبر ابن سنان عن الامام الرضا - عليه السلام - : عن

الفقاع ؟ فقال : " لا تقربه فانه من الخمر " ( 1 ) .

وموثق ابن فضال كتبت الى ابي الحسن - عليه السلام - اساله عن الفقاع ؟ فقال

- عليه السلام - : " هو الخمر وفيه حد شارب الخمر " ( 2 ) .

وموثق عمار عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن الفقاع ؟ فقال - عليه السلام - :

" هو خمر " ( 3 ) .

وخبر ابني جهم وفضال عن ابي الحسن - عليه السلام - : عن الفقاع ؟ فقال - عليه السلام

- : " هو خمر مجهول وفيه حد شارب الخمر " ( 4 ) .

وصحيح الوشا كتبت اليه - يعني مولانا الرضا - عليه السلام - اساله عن الفقاع ؟

فكتب : " حرام ومن شربه كان بمنزلة شارب الخمر " .

قال : وقال ابو الحسن - عليه السلام - : " لو ان الدار داري لقتلت بايعه ولجلدت

شاربه " .

قال : وقال ابو الحسن الاخير - عليه السلام - : " حده حد شارب الخمر " .

وقال - عليه السلام - : " هي خمرة استصغرها الناس " ( 5 ) ونحوها غيرها .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 6 .

( 2 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 4 .

( 4 ) الوسائل باب 27 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 11 .

( 5 ) الوسائل باب 28 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

انما الكلام في انه هل يحرم الصنف من الفقاع الذي لا يسكر منه كما صرح به في

الرياض والمستند وغيرهما وفي الرياض بلا خلاف بين الاصحاب بل عليه الاجماع في

كثير من العبارات كالغنية والسرائر والتحرير والقواعد والدروس والمسالك وغيرها من

كتب الجماعة ام لا يحرم كما في الجواهر قال : ويمكن ارادة المصنف ذلك .

وكيف كان فيشهد للاول : اطلاق النصوص المتقدمة وانصرافها الى المتعارف

وهو ما كان مسكرا ولو كثيره لا وجه له .

نعم في صحيح ابن ابي عمير عن مرازم قال : كان يعمل لابي الحسن - عليه السلام

- الفقاع في منزله قال ابن ابي عمير : ولم يعمل فقاع يغلى ( 1 ) ولذلك ذكر غير واحد

منهم الشهيد الثاني انه انما يحرم مع الغليان الذي هو النشيش الموجب للانقلاب .

ولكن : الظاهر عدم صدق الفقاع على ماء الشعير ما لم يغل ولم ينش

واستعمال المرازم الفقاع على ما كان يتخذ للامام - عليه السلام - غير دال على كونه اعم

وعليه فان فرض صدق الفقاع مع الغليان وان لم يكن مسكرا كان مقتضى اطلاق

الادلة حرمته .

اما صحيح على بن يقطين عن الامام الكاظم - عليه السلام - : عن شرب الفقاع

الذى يعمل في السوق ويباع ولا ادري كيف عمل ومتى عمل ايحل ان اشربه ؟ قال

- عليه السلام - : " لا احبه " ( 2 ) فلا ينافي ذلك لانه لا يدل على الكراهة المصطلحة بل يلائم

مع الحرمة ولذا نزله الاصحاب على التحريم .

ويمكن ان يقال : ان ماء الشعير بمجرد الغليان لا يوجب الاسكار بل صيرورته

مسكرا يتوقف على مضي زمان ولذا كتب - عليه السلام - في جواب الراوي وقد ساله عن

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 39 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 39 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 3 . ( * )

 

 

] والدم [

 

الفقاع اهو مكروه قبل الغليان او بعده ؟ " لا تقرب الفقاع الا ما لم يضر آنية او كان

جديدا " ( 1 ) وانه يعتبر في صدق الفقاع الاسكار ولو باعتبار كون كثيره مسكرا وعليه فما

لم يسكر لا يكون حراما ومع الشك في الصدق يحكم بالحلية لا صالة الحلية وعلى ذلك

تطابق النصوص والله العالم .

 

الدم حرام

 

المسالة الرابعة لا خلاف ( و ) لا اشكال في حرمة ( الدم ) ويشهد به قوله تعالى :

( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) ( 2 ) وقوله عزوجل : ( انما حرم عليكم الميتة

والدم ولحم الخنزير ) ( 3 ) والنصوص الكثيرة وقد تقدمت جملة منها في المحرمات من

الذبيحة وفي بعضها النهى عن اكل الدم وفي آخر تعليل حرمة الطحال بانه دم .

ومنها : خبر ( 4 ) المفضل ومرسل محمد بن عبد الله الواردين في علل تحريم الميتة

والدم ولحم الخنزير عن الامام الصادق - عليه السلام - : " واما الدم فانه يورث اكله الماء

الاصفر ويبخر الفم وينتن الريح ويسيئ الخلق ويورث الكلب والقسوة في القلب

وقلة الرافة والرحمة " الخ ( 5 ) ونحوهما خبر ابن عذافر ( 6 ) .

ومنها خبر محمد بن سنان عن الامام الرضا - عليه السلام - في حديث : " وحرم الله

الدم كتحريم الميتة " ( 7 ) بل في بعض ( 8 ) النصوص علل تحريم الميتة بانه قد جمد فيها

الدم ويرجع الى بدنها فلحمها ثقيل غير مرئ لانها يوكل لحمها بدمها .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 39 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 2 .

( 2 ) المائدة آية 3 .

( 3 ) البقرة آية 173 .

(  4 و 5 و 6 ) الوسائل باب 1 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 7 ) الوسائل باب 1 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 8 ) الوسائل باب 1 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

اضف الى ذلك كله : ان الدم نجس كما مر في كتاب الطهارة ويحرم شرب

النجس مع انه من الخبائث ويحرم اكلها وشربها بالكتاب والسنة والاجماع فلا كلام

في حرمة الدم واطلاق الادلة وان كان يشمل الدم المتخلف في لحم الحيوان الماكول

مما لا يقذفه المذبوح الا انه حلال اجماعا كما صرح به جماعة ويعضده استلزام تحريمه

العسر والحرج المنفيين شرعا ( 1 ) وعقلا لعدم خلو اللحم عنه وان غسل مرات .

وعليه فيصح الاستدلال باكل المعصومين - عليهم السلام - اللحم في بيوتهم وبيوت

من اضافهم اذ من الضروري انه كان يبقى في اللحم شئ من الدم والظاهر الحاق ما

يتخلف في القلب والكبد بما يتخلف في اللحم لعين ما ذكر .

ثم ان مقتضى اطلاق الايات والروايات حرمة الدم مطلقا وان لم يكن مسفوحا

اي خارجا بقوة عند قطع عرق الحيوان او ذبحه ولازمه حرمة اكل دم السمك والجراد

وما شاكل

ولكن صرح جماعة بحلية اكل دم ما لا نفس له اذا كان من ماكول اللحم بل

عن المعتبر دعوى الاجماع على جواز اكل السمك بدمه وقد استدل له بالاية

الكريمة : ( قل لا اجد في ما اوحى الى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دما

مسفوحا ) ( 2 ) بتقريب انه قيد حرمة الدم بكونه مسفوحا فيجب حمل المطلق على

المقيد فالمحرم خصوص الدم المسفوح فما في السمك والجراد لا يكون محرما .

واورد عليه بوجوه :

1.    ما في المستند وهو ان هذه الاية تدل على عدم الوجدان فيما اوحى اليه حين

نزول الاية فلا ينافي تحريم المطلق بعد ذلك فان آية الحل مكية وآيتي التحريم مدنية

.....................................................................

( 1 ) الحج آية 77 - المائدة آية 9 - البقرة آية 185 .

( 2 ) الانعام آية 145 . ( * )

 

 

[ . . . ]

فهما نازلتان بعد الاولى فلا تنافي بينهما اصلا .

وفيه : انه قد حقق في محله ان المطلق اذا ورد بعد المقيد ودار الامر بين تقييد

المطلق ونسخ المقيد يقدم الاول وفي المقام كذلك فان آية الحل دالة على حلية غير

الدم المسفوح لان قوله : ( قل لا اجد في ما اوحى الى ) الخ كناية عن حلية ما عدى

المذكورات والايتان ظاهرتان في حرمة مطلق الدم فيدور الامر بين تقييد اطلاقهما

بآية الحل ونسخ تلك الاية بهما فيقدم التقييد .

2.    ما في الرياض وهو ان آية الحل تدل على حلية ما عدا الميتة والدم ولحم

الخنزير وهذا مخالف للاجماع من الكل والبناء فيه على التخصيص وحجية الباقي

حسن ان بقى من الكثرة ما يقرب من مدلول العام وليس بباق بلا كلام ولامفر عن

هذا المحظور الا بجعل الحصر اضافيا او منسوخا وايا ما كان يضعف الاستناد اليه في

المقام .

وفيه : ان المعتبر في حجية العام في الباقي عدم تخصيص الاكثر لاكون الباقي ما

يقرب من مدلول العام ومن الضروري ان المحللات اكثر من المحرمات بمراتب فلا

يلزم تخصيص الاكثر .

3.    انه يعارض هذه الاية الكريمة مع مادل ( 1 ) على حرمة الخبائث والنسبة عموم

من وجه فتتساقطان ويرجع الى عموم دليل حرمة الدم .

وفيه : ان الدم اذا اجتمع في محل لااشكال في كونه من الخبائث ويكون حراما

واما ماهو باق في السمك ومخلوط مع لحمه فلا يصدق عليه الخبيث .

فالمتحصل : ان الدم من غير ذي النفس مالم ينفرد ويجتمع في الخارج لايكون

حراما ويعضده الاجماع المحكي عن المعتبر على حلية اكل السمك بدمه والسيرة

.....................................................................

( 1 ) الاعراف آية 157 . ( * )

 

 

] والعلقة وان كانت في البيضة وهي نجسة وكل ماينجس من المائع وغيره

وتلقى النجاسة وما يكتنفها من الجامد كالسمن والعسل ويحل الباقي [

 

القطعية وما دل ( 1 ) على حل اكل السمك .

( و ) بما ذكرناه يظهر حكم ( العلقة ) فانها اذا انفردت يحرم اكلها للخباثة ( و )

اما ( ان كانت في البيضة ) وامتزجت به فلا دليل على حرمتها كما هو الشان في النقطة من

الدم الموجود فيها .

ودعوى انه يحرم اكل النجس ( وهي نجسة ) قد تقدم الكلام فيها في كتاب

الطهارة وبينا ان الدم الموجود في البيضة لايكون نجسا .

الخامسة : لااشكال ( و ) لاخلاف في انه يحرم ( كل ما ينجس من المائع وغيره (

والنصوص الدالة على حرمة المتنجس كان هو الماء اوغيره كان متنجسا بالملاقاة مع

الخمر او الميتة او الدم او غيرها فوق حد التواتر راجع ابواب النجاسات من كتب

الحديث وابوابا من الاطعمة المحرمة والاشربة المحرمة ستاتي الاشارة الى بعضها فلا

مورد لاطالة الكلام في المقام .

( و ) قد مر في الجزء الثالث من هذا الشرح في مبحث كيفية تنجس المتنجسات

انه ان كان الملاقى للنجس مائعا ليس له حالة جمود توجب الملاقاة مع النجاسة

سرايتها الى جميع اجزائه تنجس الجميع ولابد من الاجتناب عنها ( و ) الا بان كان

للملاقي مع النجس حالة جمود مانعة عن السراية الى سائر الاجزاء غير محل الملاقاة

( يلقى النجاسة وما يكتنفها من الجامد كالسمن والعسل ويحل الباقي ) لعدم تنجس

الباقي بالملاقاة فلا وجه للاجتناب عنه ومع ذلك النصوص مصرحة بهذا التفصيل :

لاحظ صحيح زرارة عن الامام الباقر - عليه السلام - : " اذا وقعت الفارة في السمن

فماتت فيه فان كان جامدا فالقها وكل ما بقي وان كان ذائبا فلا تاكله واستصبح

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 36 من ابواب الاطعمة المباحة وغيره من الابواب . ( * )

 

 

] والدهن النجس بملاقاة النجاسة يجوز الاستصباح به تحت السماء خاصة [

 

به والزيت مثل ذلك " ( 1 ) .

وصحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن الفارة والدابة تقع في

الطعام والشراب فتموت فيه ؟ فقال - عليه السلام - : ان كان سمنا او عسلا او زيتا فانه

ربما يكون بعض هذا فان كان الشتاء فانزع ما حوله وكله وان كان الصيف فارفعه

حتى تسرج به وان كان ثردا فاطرح الذى كان عليه ولاتترك طعامك من اجل دابة

ماتت عليه ( 2 ) الى غير ذينك من النصوص الكثيرة .

وهل يجوز الانتفاعات الاخر بالمتنجس ام لا ؟ فيه كلام تقدم في الجزء الرابع

عشر من هذا الشرح فلا نعيد ما ذكرناه .

 

الاستصباح بالدهن المتنجس

 

السادسة : ( والدهن النجس بملاقاة النجاسة يجوز الاستصباح به ) بلا خلاف

بل عليه الاجماع محصلا ومنقولا والنصوص شاهدة بذلك منها ما تقدم آنفا انما

الخلاف فيما افاده المصنف - ره - بقوله ( تحت السماء خاصة ) وقد اختاره جماعة وذهب

الاكثر الى جواز الاستصباح تحت الظلال .

وقد استدل للاول : بالاجماع وبمرسل الشيخ - ره - روى اصحابنا انه يستصبح

به تحت السماء ( 3 ) وبان الاستصباح تحت الظلال يوجب تنجس السقف وهو حرام .

وفي الجميع نظر اما الاول فلعدم ثبوته كيف وقد افتى جمع من الاساطين بل

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 43 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 2 ) الوسائل باب 43 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 3 ) المبسوط كتاب الاطعمة . ( * )

 

 

[ . . . ]

الاكثر بالجواز مع انه يمكن ان يكون مدرك حكمهم هذا ما سنشير اليه فعلى فرض

ثبوته ليس اجماعا تعبديا .

واما الثاني : فلانه لارساله وعدم احراز استناد الاصحاب اليه لايعتمد عليه .

فان قيل : كيف لايحرز الاستناد مع انه في المسالة نصوص دالة باطلاقها على

جواز الاستصباح تحت الظلال وليس شئ يصلح للتقييد سوى المرسلة .

توجه عليه : ان جماعة من الاصحاب عللوا عدم الجواز بانه ينجس السقف

لنجاسة الدخان ولذا فصل المصنف - ره - في بعض كتبه بين ما لو علم بتصاعد شئ

من اجزاء الدهن وعدمه .

وجماعة آخرين من القائلين بعدم جواز الانتفاع بالمتنجس فيمكن ان يكون

افتائهم بالمنع استنادا الى الادلة التي استدلوا بها على تلك الكبرى الكلية .

واما الثالث : فلان تنجيس السقف لا دليل على حرمته مع ان دخان النجس

ليس بنجس للاستحالة مضافا الى اخصية الدليل عن المدعى فاذا لا دليل على

المنع .

وقد استدل للجواز باطلاق نصوص الاستصباح وقد افاد الشيخ الاعظم - ره -

ان تلك المطلقات آبية عن التقييد واستند في ذلك الى كثرتها وورودها في مقام البيان .

وفيه : ان النصوص في مقام بيان مصرف الدهن وانه الاسراج دون الاكل

وليست في مقام بيان كيفية الاسراج فلا اطلاق لها بل قد مر في الجزء الرابع عشر من

هذا الشرح ان المراد من قولهم - عليهم السلام - في تلك النصوص ليستصبح به عدم الانتفاع

به بالمنافع المتوقف جوازها على الطهارة ولازم ذلك عدم كونها في مقام بيان حكم

الاستصباح من حيث هو وعليه فليس في النصوص ما يمكن التمسك باطلاقه ومن

الغريب ان الشيخ مع اعترافه بذلك التزم بان المطلقات آبية عن التقييد .

 

 

] ويحرم الابوال كلها عدا بول الابل للاستشفاء [

 

اضف الى ذلك : ان الكثرة بنفسها لا توجب اباء كل واحد منها عن التقييد

وبعبارة اخرى لا توجب اقوائية دلالة كل واحد منها في الدلالة على العموم بنحو

يابى عن التقييد مع ان الكثرة ممنوعة وورودها في مقام البيان من مقدمات ثبوت

الاطلاق لا انه يوجب ابائه عن التقييد .

وعلى الجملة كما لا دليل على المنع لا دليل على جواز فالقول بجوازه او عدمه

يبتنى على القول بجواز الانتفاع بالمتنجس وعدمه وقد مر الكلام في المبني في الجزء

الرابع عشر من هذا الشرح مفصلا وعرفت ان الاظهر هو الجواز .

 

حرمة شرب الابوال

 

السابعة : ( ويحرم الابوال كلها عدا بول الابل للاستشفاء ) كما صرح به جماعة

وملخص القول في هذه المسالة : انه بعد ما لا كلام في حرمة البول اذا كان نجسا

وقع الكلام في بول الحيوان الذي يوكل لحمه المحكوم بالطهارة وفيه اقوال :

1.    جواز شرب الابوال مطلقا اختيارا وعن السيد المرتضى دعوى الاجماع عليه

2.    عدم الجواز كذلك .

3.    التفصيل بين بول الابل وغيره فيجوز في الاول خاصة .

وقد استدل للاول : بالاصل وبخبر ابي البختري عن جعفر عن ابيه

- عليه السلام - : " ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : لا باس ببول ما اكل لحمه " ( 1 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولكن يرد على الاول : انه انما يرجع اليه بعد فقد الدليل .

ويرد على الثاني مضافا الى ضعف سنده لوهب الكذاب انه لا ظهور له في

جواز الشرب بل الظاهر منه ولا اقل من المحتمل ان المراد منه طهارته مع انه لو

سلم دلالته على ذلك يتعين تقييده بما دل على اختصاص الجواز بحال الضرورة .

واستدل للثاني : بآية تحريم الخبائث ( 1 ) بدعوى ان البول من الخبائث وبخبر

سماعة عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن شرب الرجل ابوال الابل والبقر والغنم ينعت

له من الوجع هل يجوز له ان يشرب ؟ قال - عليه السلام - : " نعم لا باس به " ( 2 ) .

وفيهما نظر اما الاول : فلما مر من عدم معلومية المراد من الخبيث بل معلومية ان

المراد به ما فيه مفسدة ورداءة ولم يثبت كون الابوال منه بهذا المعنى .

واما الثاني فلان التقييد انما هو في كلام السائل مع انه لو كان في كلام المعصوم

- عليه السلام - لما كان دالا عليه الا على القول بحجية مفهوم القيد .

فالصحيح ان يستدل له بمفهوم موثق عمار عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن

بول البقر يشربه الرجل قال - عليه السلام - : " ان كان محتاجا اليه يتداوى به بشربه وكذلك

ابوال الابل والغنم " ( 3 ) .

واستدل للقول بالجواز في خصوص بول الابل بخبر الجعفرى عن ابي الحسن

موسى - عليه السلام - : " ابوال الابل خير من البانها و يجعل الله الشفاء في البانها " ( 4 ) .

.....................................................................

 ( 1 ) الاعراف آية 157 .

( 2 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 7 .

( 3 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 1 .

( 4 ) الوسائل باب 59 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 3 . ( * )

 

 

] وكذا يحرم لبن الحيوان المحرم [

 

وفيه اولا : انه ضعيف السند لبكر بن صالح وثانيا : انه يدل على ثبوت الخير

في ابوالها وهو اعم من الجواز التكليفي اذ يمكن ان يكون ذلك من جهة كونه دواء

لكثير من الامراض .

فتحصل : ان الاظهر هو الحرمة مطلقا الا مع الاحتياج اليه ليتداوى به وفي

حال الضرورة لا فرق بين بول الابل والبقر والغنم كما صرح بذلك في خبر الجعفري

فتخصيص المصنف - ره - الجواز ببول الابل ان كان مراده صورة الضرورة فهو بلا

مخصص وان كان صورة الاختيار فهو بلا دليل .

 

حرمة لبن الحيوان المحرم

 

الثامنة : في البان الحيوانات ( و ) المشهور بين الاصحاب تبعية لبن الحيوان للحمه

حلا وكراهة وحرمة فكما يحل لبن المحلل ( كذا يحرم لبن الحيوان المحرم ) ويكره لبن

المكروه وعن شرح المفاتيح دعوى الاجماع على الجميع وعن الغنية الاجماع على الثاني

فالكلام في موارد :

1.    في لبن المحرم كلبن اللبوة - بفتح اللام وكسرها - الانثى من الاسد والذئبة

والهرة .

واستدل لحرمته بخبر داود بن فرقد عن ابي عبد الله - عليه السلام - : عن الشاة والبقرة

ربما درت من اللبن من غير ان يضربها الفحل والدجاجة ربما باضت من غير ان

يركبها الديكة ؟ قال : فقال - عليه السلام - : " هذا حلال طيب كل شئ يوكل لحمه فجميع

ما كان منه من لبن او بيض او انفحة فكل ذلك حلال طيب وربما يكون هذا من

 

 

[ . . . ]

ضربة الفحل ويبطئ وكل هذا حلال " ( 1 ) المنجبر ضعفه للارسال بعمل الجماعة

بدعوى انه يدل بالمفهوم على حرمة هذه الاشياء من ما لا يوكل لحمه .

وبما في الرياض : ان اللبن قبل استحالته الى صورته كان محرما قطعا لكونه جزء

يقينا فبحرمة الكل يحرم هو ايضا اذ لا وجود للكل الا بوجود اجزائه فتحريمه في

الحقيقة تحريم لها مع انه قبل الاستحالة دم وهو بعينه حرام اجماعا فتامل فاذا ثبت

التحريم قبل الاستحالة ثبت بعدها استصحابا للحالة السابقة وبان اللبن بنفسه

جزء فيدل على حرمته ما دل على حرمة الكل وبالاجماع .

ولكن يرد على الاول : انه من قبيل مفهوم الوصف ولا نقول بحجيته .

ويرد على الثاني : مضافا الى ان الاستصحاب في الاحكام الكلية لا يجري ان

حرمته قبل ان يصير لبنا لا يمكن استصحابها لتبدل الموضوع اضف اليه ان الدم

قبل الاستحالة لا دليل على حرمته لعدم كونه من الدم المسفوح .

ويرد على الثالث : انه لم يدل الدليل على حرمة الحيوان بل على حرمة لحمه

فليس اللبن من اجزاء المحرم .

واما الاجماع فحيث انه لم يثبت كونه تعبديا فلا يصلح مستندا للحكم

فتوقف جماعة منهم : المقدس الاردبيلي وصاحب الكفاية والمحقق النراقي في الحكم

بالحرمة في محله فالاظهر بحسب الدليل عدم الحرمة الا ان مخالفة القوم مشكلة

والاحتياط سبيل النجاة .

2.    لبن الحيوان المحلل حلال بالاتفاق بل المستفاد من النصوص استحباب

شربه :

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 40 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لا حظ خبر عبد الله بن سليمان عن الامام الباقر - عليه السلام - : " لم يكن رسول

الله صلى الله عليه وآله وسلم ياكل طعاما ولايشرب شرابا الا قال : اللهم بارك لنا فيه وابدلنا به خيرا منه الا

اللبن فانه كان يقول اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه " ( 1 ) .

وخبر خالد بن نجيح عن الامام الصادق - عليه السلام - : " اللبن

طعام المرسلين " ( 2 ) .

وخبر السكوني عنه - عليه السلام - : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " انه ليس احد يغص بشرب

اللبن لان الله عزوجل يقول لبنا خالصا سائغا للشاربين " ( 3 ) وفي جملة منها : ان اللحم

باللبن مرق الانبياء ( 4 ) وفي اخرى : ان التلبين يجلو القلب الحزين كما تجلو الاصابع

العرق من الجبين وانه لو اغنى من الموت شئ لا غنت التلبينية اى الحسو باللبن ( 5 ) .

3.    لبن الحيوان المكروه لحمه مكروه ذكره جماعة وفي الرياض نفى الخلاف فيه .

وقد استدل له : بالاجماع المنقول والشهرة المحققة بدعوى ان المقام مقام كراهة

يتسامح في دليلها بما لا يتسامح به في غيرها فيكتفي فيها بفتوى فقيه واحد فما ظنك

باتفاق فتاوى الفقهاء الذي كاد ان يكون اجماعا ذكره في الرياض وبانه جزء من

الحيوان المكروه فيكره وبالمرسل المتقدم بدعوى انه يدل على تبيعة اللبن والبيض

لللحم .

وفي كل نظر اذ التسامح مختص بادلة السنن ولا ربط له بالمكروهات مع انه

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 55 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 55 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 55 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 5 .

( 4 ) الوسائل باب 25 من ابواب الاطعمة المباحة .

( 5 ) الوسائل باب 34 من ابواب الاطعمة المباحة . ( * )

 

 

[ . . . ]

فيما ورد رواية ضعيفة دالة عليه ولا دليل على ثبوته بفتوى الفقيه بل الفقهاء الا ان

تكشف الفتوى عن وجود رواية وكونه جزء للحيوان لا يستلزم كراهته لان المكروه هو

لحم الحيوان واللبن ليس جزء منه والمرسل يدل على حلية لبن محلل الاكل ولا يدل

على التبعية لللحم في الكراهة بل مقتضى اطلاق النصوص المتقدمة .

وخصوص ما ورد في لبن الاتن - بضم الهمزة والتاء وبسكونها - : جمع اتان

بالفتح الحمارة : كصحيح العيص عن مولانا الصادق - عليه السلام - قال : تغديت معه

فقال لي : " اتدرى ما هذا " ؟ قلت : لا قال : " هذا شيراز الاتن اتخذناه لمريض لنا فان

احببت ان تاكل منه فكل " ( 1 ) .

وصحيحه الاخر عنه - عليه السلام - : عن شرب البان الاتن فقال : " اشربها " ( 2 ) .

وخبر ابي مريم الانصاري عن الامام الباقر - عليه السلام - : عن شرب البان الاتن

فقال - عليه السلام - لي : " لا باس بها " ( 3 ) ونحوها غيرها عدم كراهة شرب لبن مكروه

اللحم .

ومن الغريب ان الشهيد الثاني بعد ما يدعى : ان اللبن تابع للحيوان في الحل

والحرمة والكراهة يذكر صحيحي العيص مع انهما يدلان على عدم الكراهة فالاظهر

عدم الكراهة .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 60 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 60 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 60 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 4 . ( * )

 

 

] ولو اشتبه اللحم [

 

حكم اللحم الذي لا يدري انه ذكي ام ميت

 

التاسعة : ( ولو اشتبه اللحم ) ففيه صور :

1.    ان يعلم انه من الحيوان المحلل ويشك في انه ذكي ام لا .

2.    ان يعلم كونه من حيوان معين ويشك في انه محلل الاكل او محرم او يشك

في انه قابل للتذكية ام لا .

3.    ان لا يعلم انه جزء من المذكى الموجود في الخارج او الميتة كذلك .

4.    ان يشك في انه من الحيوان المعين الخارجي المعلوم حلية لحمه او من

الحيوان المعلوم حرمته والكلام تارة فيما تقتضيه القواعد واخرى فيما تقتضيه النصوص

الخاصة .

اما الجهة الاولى فملخص القول فيها انه في الصورة الاولى تجرى اصالة عدم

التذكية ويحكم بحرمته .

واما في الصورة الثانية فتجري اصالة الحل ويحكم بحليته بل مقتضى اطلاق ما

دل على حلية ما ذكر اسم الله عليه من الكتاب والسنة ذلك ومعه لا يصغى الى ما قيل

من ان مقتضى اصالة عدم التذكية واستصحاب حرمة اللحم الثابتة قبل الذبح

حرمته لان استصحاب الحرمة لا يجري لتبدل الموضوع ولعدم جريانه في الاحكام :

ولا طلاق ادلة الحل واصالة عدم التذكية قد مر في اول مبحث الصيد والذباحة انها

لا تجري في غير الشبهة الموضوعية مع ان الشك في التذكية مسبب عن الشك في الحلية

والحرمة واصالة الحل تقدم عليها تقدم الاصل السببي على الاصل المسببي .

واما في الصورة الثالثة فقد يقال انه لا تجري اصالة عدم التذكية اذ ما يقع عليه

التذكية معلوم في الخارج لا شك فيه فان احد الحيوانين يعلم وقوع التذكية عليه و الاخرى

 

 

] القى في النار فان انقبض فذكي والا فميتة [

 

يعلم عدمه فلا شك في التذكية بل الشك في ان هذا اللحم من المذكي او من غيره

ولا ربط لا صالة عدم التذكية بذلك فلابد من الرجوع الى اصالة الحل الجارية في

جميع الشبهات الموضوعية .

ولكن يرد عليه : انه في جريان الاصل لا يعتبر كون المشكوك فيه غير معلوم من

جميع الجهات بل يكفي الشك ولو من جهة .

وفي المقام يمكن ان يقال : ان الحيوان الذي اخذ منه هذا اللحم المردد بين

المعلوم كونه مذكى والمعلوم كونه ميتة يشك في كونه مذكى او ميتة فتجري فيه اصالة

عدم التذكية ويحكم بحرمته ولتمام الكلام محل آخر .

واما في الصورة الرابعة فتجري اصالة الحل ويحكم بالحلية ولا سبيل الى دعوى

ان المحلل معلوم وكذا المحرم فلا مشكوك فيه في الخارج كما لا يخفي هذا كله مع قطع

النظر عن الامارات المجعولة - للحلية من يد المسلم او سوق المسلمين او

ارض الاسلام .

واما الجهة الثانية فلا خلاف بينهم ظاهرا في انه اذا وجد لحم ولا يدرى أذكي هو

ام ميت ( القي في النار فان انقبض فذكي والا فميتة ) وعن الدروس كاد ان يكون اجماعا

وفي المسالك نفى البعد عن اجماعيته وعن الغنية دعوى الاجماع عليه .

ويشهد به خبر اسماعيل بن شعيب الصحيح عن من اجمعت العصابة على

تصحيح ما يصح عنه عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : في رجل دخل قرية فاصاب بها لحما

لم يدر اذكي هو ام ميت ؟ فقال - عليه السلام - : " فاطرحه على النار فكل ما انقبض فهو ذكي

وكل ما انبسط فهو ميت " ( 1 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 37 - من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ومرسل الصدوق قال الصادق - عليه السلام - : " لا تاكل الجري - الى ان قال - : واذا

وجدت لحما ولم تعلم اذكي هو ام ميتة فالق قطعة منه على النار فان انقبض فهو ذكي

وان استرخى على النار فهو ميتة " ( 1 ) وتنقيح القول فيما يستفاد منهما ببيان امور :

1.    ان الخبرين مختصان بصورة الشك في كونه مذكى ام ميتة ولا يشملان بقية

الصور بل ربما يقال : انهما مختصان بصورة الشك في الذبح ولا يعمان ما لو شك في

التسمية او الاستقبال وما شاكل فان المنساق الى الذهن من الميتة الميت حتف انفه

ويويده انه لا طريقية ثبوتا في ظرف الشك في التسمية او الاستقبال قطعا فلا يعمه

الدليل في مقام الاثبات فان هذا الحكم حكم طريقي لا تعبدي فتدبر .

2.    ربما يقال : انه يعارضهما ادلة حلية اللحم الماخوذ من سوق المسلمين او يد

المسلم او المطروح في ارض الاسلام سيما وفي بعض نصوصها النهى عن الفحص .

ويرده : انه لا تعارض بينهما فان تلكم النصوص في مقام بيان طريق معرفة

المذكى وهذان الخبران ايضا في مقام ذلك ولا يدلان على تعين اعمال هذا الطريق بل

يدلان على ان الانقباض على النار علامة كونه مذكى والانبساط علامة كونه ميتة فمن

اخذ لحما من سوق المسلمين له ان لا يستخبر حاله بذلك فيجوز له اكله وله ان

يستخبر وعليه فان امتحنه وثبت كونه ميتة لا يجوز له اكله نظير ما لو اخبرت البينة

بانه غير مذكى .

وقد حقق في محله تقديم الامارات المثبتة للواقع على مثل اليد وسوق المسلمين

وقد اشبعنا الكلام في ذلك في رسالتنا القواعد الثلاث المطبوعة .

3.    اذا كان المورد مما لا يجري فيه شئ من امارات الحل وكان المرجع فيه اصالة

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 37 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 . ( * )

 

 

] ولو امتزجا واشتبه اجتنبا [

 

عدم التذكية فما لم يمتحن اللحم لا يجوز له اكله للاصل واذا امتحنه وثبت كونه

مذكى لا يجري الاصل المزبور لحكومة الخبرين عليه .

فما عن المصنف - ره - في الارشاد والقواعد والمحقق في النافع والفخر في الشرح

وثاني المحققين والشهيدين في الحاشية والروضة : من الحكم بحرمة الاكل لا صالة عدم

التذكية غير تام .

4.    لا اختصاص للخبرين بمورد الشك البدوى بل اطلاقهما يشمل الشك

المقرون بالعلم الاجمالى فما عن الدروس تفريعا على الخبرين من انه يمكن اعتبار

المختلط بذلك الا ان الاصحاب والاخبار اهملت ذلك متين .

ولا يرد عليه ما اورده الشهيد الثاني بان المختلط يعلم ان فيه ميتا يقينا مع كونه

محصورا فاجتناب الجميع متعين بخلاف ما يحتمل كونه باجمعه مذكى فلا يصح

حمله عليه مع وجود الفارق فان الخبرين متضمنان لطريق معرفة المذكى والميتة

ولا يختصان بالشبهة البدوية خصوصا المرسل ومع الامارة على التذكية او الميتة ينحل

العلم الاجمالى لانه كما ينحل بالعلم التفصيلي كذلك ينحل بقيام الطريق بل

وبالاصل المثبت الجارى في احد الطرفين دون الاخر ومعه لا وجه لوجوب الاجتناب .

وعلى ذلك فما هو ظاهر المتن حيث قال ( ولو امتزجا واشتبه اجتنبا ) من عدم

اعتبار الممتزج بذلك ضعيف اللهم الا ان يراد به صورة خلط اللحوم المتعددة

المدقوقة وحينئذ فوجه وجوب الاجتناب ظاهر او يراد به انه مع عدم السبيل الى

التمييز يجب الاجتناب وهو ايضا متين للعلم الاجمالى بحرمة احدهما المقتضى

للاجتناب عنهما معا ولاصالة عدم التذكية الجارية في كل منهما غير المعارضة

بالجارية في الاخر لعدم لزوم المخالفة العملية من جريانهما معا .

 

 

] مسائل : الاولى [

 

واما النصوص الدالة على ان كل شئ يكون فيه حلال وحرام فهو حلال ابدا

حتى تعرف الحرام بعينه ( 1 ) فقد ذكرنا في الاصول انها مختصة بالشبهة البدوية وغير

المحصورة وما شاكل ولا تشمل الشك المقرون بالعلم الاجمالى مع كون الشبهة

محصورة لان الحرام فيه معلوم بعينه .

فما في المستند وعن المحقق الاردبيلي وصاحب الكفاية وغيرهما : من عدم

وجوب الاجتناب عن الجميع ضعيف وقد مر الكلام في هذه المسالة مفصلا في

كتاب البيع فراجع .

 

حكم الاكل من بيوت الاقارب

 

بقي في المقام ( مسائل ) لابد من التعرض لها :

الاولى : الاصل تحريم التصرف في مال الغير بغير اذنه بالاكل وغيره لقوله تعالى

( لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض " ( 2 ) ولقوله سبحانه :

( فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) ( 3 ) دل بمفهوم الشرط على عدم

جواز الاكل بدون الطيبة وهو في الزوجة ويتعدى الى غيرها بالفحوى .

ولجملة من النصوص : كخبر الاحتجاج المروي عن مولانا عجل الله تعالى

فرجه : " فلا يحل لاحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه " ( 4 ) ونحوه التوقيع الشريف

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 64 من ابواب الاطعمة المحرمة وباب 61 من ابواب الاطعمة المباحة - وباب 4

من ابواب ما يكتسب به كتاب التجارة .

( 2 ) سورة النساء آية 29 .

( 3 ) سورة النساء آية 5 .

( 4 ) الاحتجاج ص 257 عن الاسدي عن العمري عنه - عليه السلام - . ( * )

 

 

] يجوز للانسان ان ياكل من بيت من تضمنته الاية خاصة مع عدم العلم

بالكراهة [

 

الوارد في الخمس ( 1 ) .

وموثق سماعة عن الامام الصادق - عليه السلام - : " فانه لا يحل دم امرؤ مسلم ولا ماله

الا بطيبة نفس منه " ( 2 ) .

والنبوي المروي عن تحف العقول : " ولا يحل لمؤمن مال اخيه الا عن طيب نفس

منه " ( 3 ) .

وخبر محمد بن زيد الطبري عن الامام الرضا - عليه السلام - في جواب السوال عن

الاذن في الخمس ؟ كتب اليه : " لا يحل مال الا من وجه احله الله تعالى " ( 4 ) .

وخبر غوالي اللئالي قال صلى الله عليه وآله وسلم : " المسلم اخو المسلم لا يحل ماله الا عن طيب

نفسه " ( 5 ) .

وصحيح زيد الشحام عن الامام الصادق - عليه السلام - عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث :

" لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله الا بطيبة نفسه " الحديث ( 6 ) الى غير تلكم من

النصوص : وقد استثنى من ذلك موردان :

الاول : ما ذكره المصنف - ره - بقوله : ( يجوز للانسان ان ياكل من بيت من

تضمنته الاية خاصة مع عدم العلم بالكراهية ) وهي قوله عزوجل : ( ليس على الاعمى

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 63 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 وباب 3 من الانفال حديث 6 كتاب

الخمس .

( 2 ) الوسائل باب 3 من ابواب مكان المصلي حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 3 من ابواب مكان المصلى حديث 3 .

( 4 ) فروع الكافي ج 1 ص 426 .

( 5 ) المستدرك ج 2 ص 222 .

( 6 ) الوسائل باب 1 من ابواب القصاص في النفس . ( * )

 

 

[ . . . ]

حرح ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على انفسكم ان تاكلوا من بيوتكم

او بيوت آبائكم او بيوت امهاتكم او بيوت اخوانكم او بيوت اخواتكم او بيوت

اعمامكم او بيوت عماتكم او بيوت اخوالكم او بيوت خالاتكم او ما ملكتم مفاتحه او

صديقكم ليس عليكم جناح ان تاكلوا جميعا او اشتاتا ) ( 1 ) ولا خلاف ظاهرا في الحكم

في الجملة .

والنصوص ايضا شاهدة به لا حظ صحيح الحلبي عن الامام الصادق - عليه

السلام - عن هذه الاية قلت : ما يعني بقوله : ( او صديقكم ) ؟ قال : " هو والله الرجل

يدخل بيت صديقه فياكل بغير اذنه " ( 2 ) .

وخبر زرارة عنه - عليه السلام - في قول الله عزوجل : ( او صديقكم ) ؟ فقال : " هؤلاء

الذين سمى الله عزوجل في هذه الاية تاكل بغير اذنهم من التمر والمادوم وكذلك

تاكل المراة بغير اذن زوجها واما ما خلا ذلك من الطعام فلا " ( 3 ) .

وخبر جميل بن دراج عنه - عليه السلام - : " للمراة ان تاكل وان تتصدق وللصديق ان

ياكل في منزل اخيه ويتصدق " ( 4 ) .

وخبر زرارة عن احدهما - عليهما السلام - عن الاية ؟ فقال - عليه السلام - : " ليس عليك

جناح فيما اطعمت او اكلت مما ملكت مفاتحه مالم تفسد " ( 5 ) .

.....................................................................

( 1 ) النور آية 62 .

( 2 ) الوسائل باب 24 من ابواب آداب المائدة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 24 من ابواب آداب المائدة حديث 2 .

( 4 ) الوسائل باب 24 من ابواب آداب المائدة حديث 3 .

( 5 ) الوسائل باب 24 من ابواب آداب المائدة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ومرسل ابن ابي عمير عن ابي عبد الله - عليه السلام - : في قول الله عزوجل : ( او ما

ملكتم مفاتحه ) ؟ قال : " الرجل يكون له وكيل يقوم في ماله فياكل بغير اذنه " ( 1 ) .

وصحيح زرارة عن ابي جعفر - عليه السلام - : عما يحل للرجل من بيت اخيه من

الطعام ؟ قال - عليه السلام - : " المادوم والتمر وكذلك يحل للمراة من بيت زوجها " ( 2 ) .

وخبر ابي اسامة عن ابي عبد الله - عليه السلام - في الاية ؟ قال : " باذن وبغير اذن " ( 3 ) .

ومرفوع القمي : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخى بين اصحابه فكان بعد ذلك اذا بعث احدا

من اصحابه في غزاة او سرية يدفع الرجل مفتاح بيته الى اخيه في الدين ويقول خذما

شئت وكانوا يمتنعون من ذلك حتى ربما فسد الطعام في البيت فانزل الله : ( ليس

عليكم جناح ان تاكلوا جميعا او اشتاتا ) يعني حضر او لم يحضر اذا ملكتم مفاتحه

وتنقيح القول في المقام في ضمن فروع :

1.    لا خلاف في اشتراط عدم العلم بالكراهة وعن بعض دعوى الاجماع عليه

بل عن جماعة كفاية معرفة الكراهة ولو بالقرائن الحالية المفيدة للظن الغالب بها في عدم

الجواز وعن الكشف : اعتبار عدم الظن بالكراهة وفي الجواهر : بل الاكتفاء بمطلق

الظن ظاهر غيره ايضا بل في مجمع البرهان : ان الاكتفاء بذلك ظاهر بل في الجواهر

اعتبار العلم او الظن بالاذن قال : بل قد يتوقف في صورة الشك الناشئ من

تعارض الامارتين .

اقول : ان الاية الكريمة مطلقة شاملة حتى لصورة العلم بالكراهة وقد

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 24 من ابواب آداب المائدة حديث 5 .

( 2 ) الوسائل باب 24 من ابواب آداب المائدة حديث 6 .

( 3 ) الوسائل باب 24 من ابواب آداب المائدة حديث 7 . ( * )

 

 

[ . . . ]

استدل لاعتبار عدمه تارة : بان التصرف في ملك الغير مع الكراهة ظلم قبيح يستقل

العقل بذلك فيقيد اطلاق الاية به .

واخرى : بان الجمع بين الاية وبين ما دل على حرمة التصرف في مال الغير بغير

اذنه يقتضي ذلك .

وثالثة : بما في الجواهر : من ان الظاهر من الاية انسباقها الى ما هو المتعارف من

كون ذلك دالا على الاذن ولو ظنا .

ولكن يرد على الاول : ان التصرف باذن مالك الملوك لا يكون ظلما ولا قبيحا

عقلا .

ويرد على الثاني : ان النسبة بين الاية وتلك الادلة وان كانت عموما من وجه الا

انه حيث يكون المختار في العامين من وجه الرجوع الى المرجحات وفي المقام لا معنى

لذلك فتقدم الاية وان شئت قلت : ان من المرجحات موافقة الكتاب فنفس

الكتاب اولى بالتقديم .

ويرد على الثالث : منع الانسباق بل النصوص مصرحة بالاكل بغير الاذن فاذا

لا دليل على هذا الشرط سوى الاجماع .

واما الظن بالكراهة فان كان بالغا مرتبة الاطمئنان الذى هو علم عادي فيشمله

معقد الاجماع والا فالاظهر عدم الاكتفاء به .

وما افاده كاشف اللثام : من ان هذا الشرط معلوم بالاجماع والنصوص

كما ترى فالاظهر هو الجواز ما لم يعلم او يطمئن بالكراهة .

2.    مقتضى اطلاق الاية والنصوص عدم الفرق بين كون دخول البيت باذن ربه

ام بغير اذنه كما عن الاكثر .

 

 

[ . . . ]

وعن الحلي : تقييد الدخول بالاذن وانه يحرم الاكل مع الدخول بدونه ومال

اليه الفاضل المقداد .

واستدل له : بان الاكل يستلزم الدخول الذي هو بغير الاذن غير جائز والنهي

عن اللازم نهي عن ملزومه وبانه مقتضى الاصل فيقتصر فيه على المتيقن وبان اذن

الدخول قرينة على اذن الاكل وحيث لا اذن لا قرينة فلا يجوز .

ويرد على الاول : ان النهى عن اللازم ليس نهيا عن ملزومه فاي مانع من ان

يكون الدخول حراما ولكن بعدما دخل يحل اكل ما فيه مع انه ان تم دعوى التلازم

يمكن ان يعكس القضية فيقال : ان الملزوم حلال بنص الاية وحليته تستلزم حلية

لازمه وهو الدخول فيجوز بدون الاذن .

فان قيل : انه اذا دخل بغير الاذن يجب عليه الخروج فيحرم عليه اللبث للاكل

او ان الاكل تصرف في فضاء الدار فيحرم .

قلنا : ان وجوب احد الضدين لا يستلزم حرمة الاخر مع ان حرمة اللبث

لا ربط لها بحرمة الاكل سيما وان الاكل غير مستلزم لللبث .

ودعوى كون الاكل تصرفا في الفضاء فيحرم وان ذكرها في الجواهر لكنها

غريبة فان ذلك لا يعد تصرفا في مال الغير .

ويرد على الثاني : ان مقتضى الاصل وان كان حرمة التصرف في مال الغير لكن

المورد خرج عنه بمقتضى الدليل ومقتضى اطلاقه الجواز وان لم ياذن في دخول

الدار ومع اطلاق الدليل لا وجه للاقتصار على المتيقن .

ويرد على الثالث : ان جواز الاكل لا يكون مقيدا باحراز الاذن والرضا بالاجماع

والكتاب والسنة .

3.    ان الظاهر من قوله تعالى : ( بيوتكم ) بيوت الاكلين ولعل النكتة في ذكرها

 

 

[ . . . ]

مع ظهور الحلية التنبيه على مساواة ما بعدها معها في الاباحة وانه ينبغي جعل

المذكورين كالنفس وقد يقال : ان النكتة في ذكرها بيان حلية ما يوجد فيها وان لم

يعرف مالكه وقيل : ان المراد بها بيوت الازواج والعيال وعن بعض : ان المراد بها

بيوت الاولاد لانهم لم يذكروا في الاقارب مع اولويتهم منهم ولان ولد الرجل بعضه

ونسخته وحكمه حكمه وهو وماله لابيه كما في الخبر فجائز نسبته اليه ولعل ذلك

بضميمة الاولوية والنصوص الدالة ( 1 ) على توسعة الامر بالنسبة اليه وانه وماله لابيه

تكفي في ثبوت هذا الحكم في بيوت الاولاد ايضا والمراد بالاباء هنا كسائر الموارد من

يشمل الاجداد ايضا لان الاب هو من ولد الانسان كان ذلك مع الواسطة او بدونها

ويؤيد ارادة الاعم في المقام اولوية الاجداد من الاعمام والاخوال ومع ذلك لم تذكر في

الاية .

وكذا القول في الامهات بالنسبة الى الجدات واما الاخوة فلا فرق فيها بين ان

يكونوا للابوين او لاحدهما وكذا الاعمام والاخوال .

والمراد بما ملكتم مفاتحه الوكيل الذي يقوم في ماله كما صرح به في مرسل ابن

ابي عمير ومرفوع القمي ولكنهما لايدلان على الحصر في ذلك فان النصوص المفسرة

للقرآن مبينة للمصاديق فلا ينافي ذلك وجود مصداق آخر له وحيث علم من

الخبرين ان المراد بملك المفاتيح ليس معناه الحقيقي بل المراد المعنى الكنائي

فمقتضى اطلاقه شموله لمن له عليه ولاية وانكار الاطلاق لو كان المراد المعنى الكنائي

كما في الجواهر لم يظهر لي وجه اللهم الا ان يكون مراده ان المعنى الكنائي المراد في

المقام هو اطلاق التصرف وعليه فالمراد به الوكيل وغيره من الماذونين في التصرف

ولاباس به فالاية غير متعرضه لحكم بيوت المولى عليهم وهذا اظهر .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 80 من ابواب ما يكتسب به كتاب التجارة . ( * )

 

 

[ . . . ]

والمرجع في الصديق الى العرف كما يومي اليه صحيح الحلبي فانه ساله عن المراد

بالصديق فاجابه ببيان الحكم وذلك كاشف عن الايكال الى العرف .

4.    مقتضى اطلاق الاية والنصوص عدم الفرق في الماكول بين ما يخشى فساده

وعدمه بل التصريح بالتمر في جملة من النصوص المتقدمة صريح في عدم

الاختصاص بما يخشى فساده وعن المقنع التقييد بذلك كالبقول والفواكه .

واستدل له بالفقه الرضوي ( 1 ) وحيث انه غير حجة عندنا فضعفه ظاهر

واضعف منه ما عن كشف اللثام من الاستدلال له بخبر زرارة المتقدم لالما في الجواهر

من انه يدل على خلافه باعتبار اشتماله على التمر فان الظاهر ان مراده من الخبر الخبر

الثاني لزرارة المتقدم من جهة ما فيه من قوله - عليه السلام - : مالم تفسد وليس في ذلك

الخبر ذكر التمر بل لعدم دلالته على التقييد فان غاية مايدل عليه جواز الاكل

مادام لم يفسد واما اختصاص واما اختصاص الجواز بما يفسد فلا يدل عليه وبذلك ظهر ما في

الاستدلال لذلك بمرفوع القمي .

5.    مقتضى اطلاق الاية والنصوص جواز الاكل من كل ماكول في البيوت

وفي الجواهر قد يقال بالاختصاص بما يعتاد اكله دون نفائس الاطعمة التي تدخر غالبا

ولاتؤكل شائعا بناء على انسباق الاطلاق الى ذلك او على مراعاة قاعدة الاقتصار .

وفيه : ان الانصراف لاوجه له ومراعاة قاعدة الاقتصار بعد اطلاق الادلة غير

لازمة واما ما في الخبرين من ذكر التمر والمادوم فلا يدل على الاختصاص بهما لالعدم

المفهوم للخبرين فانه يرده ثبوته للصحيح من جهة وروده لبيان تحديد موضوع الحكم

بل لان المادوم غير ادام الطعام له معنى عام يشمل الماكولات الموافقة والملائمة للطبع

.....................................................................

( 1 ) المستدرك باب 21 من ابواب آداب المائدة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

اضف اليه عدم القول بالاختصاص بما توهم ظهور الخبرين فيه من احد فالاظهر

عدم الاختصاص .

6.    ان الاية والنصوص مختصة بالاكل ولكن الاصحاب عمموا الحكم الى

الشرب ايضا مما يتعارف شربه بل الى الوضوء من مائه لمفهوم الموافقة والكون بالبيوت

حالته .

وفي كل تامل والاقتصار فيها على ما يعلم رضى صاحب البيت بشاهد الحال

اولى وهو طريق النجاة اللهم الا ان يقال : ان المستفاد من تجويز الاكل من بيت

الغير بالدلالة الالتزامية جواز الكون به في حال الاكل وقبله وبعده يسيرا فان فان المتفاهم

عرفا من تجويز الاكل عدم الباس بالدخول والاكل جاز الدخول الذى لايذهب به مال بالاولوية ام

لايجوز لحرمة التصرف في مال الغير الا ما استثنى وجهان لعل الاظهر هوالاول .

7.    ان الاية والنصوص مختصة بالاكل من بيوت المذكورين والمراد بها محل

سكونتهم فلو كان الماكول في غير بيوتهم كما لو كان عند شخص امانة او كان عند

الاكل نفسه او لم يكن الطعام موجودا في البيت وكان ثمنه فيه فالظاهر عدم جواز

الاكل في الفرض الاول مالم يحرز رضاه وعدم جواز الشراء بثمن يؤخذ من البيت في

الفرض الثاني .

8.    الحلية مختصة بالاكل فلايجوز ان يحمل شئ من البيوت اويطعم الغير منها

وماشاكل نعم في خصوص الصديق والمالك لمفاتحه دل النص على جواز التصدق

والاطعام ولاباس بالبناء على جوازه ان لم يكن على خلافه الاجماع كما ان خبر جميل

 

 

[ . . . ]

يدل على جواز تصدق المراة ايضا ولايعارضه ما دل ( 1 ) على عدم جواز ان تتصدق

المراة من مال زوجها لاختصاص نصوص المقام بالمادوم وقد صرح بجواز ان

يتصدق من مال زوجها من المادوم خاصة دون غيره في موثق ابن بكير .

9.    مقتضى اطلاق الاية والاخبار عدم الفرق بين كون الاقارب المذكورين

كذلك بالنسب او بالرضاع ودعوى تبادر النسبي منهم لاتسمع .

 

تناول المارة من الثمرة

 

الثاني : من الامرين الذين استثنيا من عموم حرمة التصرف في مال الغير الاكل

مما يمر به الانسان من ثمر النخل او غيره من الشجر اوالمباطخ او الزرع كما هو

المختلف والارشاد والمحقق الثاني والاستاد الاكبر وغيرهم من المتاخرين ومتاخري

المتاخرين : عدم الاستثناء وانه لايجوز الاكل الا مع العلم بالرضا .

واستدل للاول : بجملة من الاخبار كمرسل ابن ابي عمير عن الامام الصادق -

عليه السلام - : عن الرجل يمر بالنخل والسنبل والثمرة فيجوز له ان ياكل منها من غير اذن

صاحبها من ضرورة او غير ضرورة ؟ قال - عليه السلام - : " لاباس " ( 2 ) .

وخبر عبد الله بن سنان عنه - عليه السلام - : لاباس بالرجل يمر على الثمرة وياكل منها

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 82 من ابواب ما يكتسب به كتاب التجارة .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب بيع الثمار حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ولايفسد قد نهى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان تبنى الحيطان بالمدينة لمكان المارة قال : وكان اذا بلغ

نخله امر بالحيطان فخربت لمكان المارة ( 1 ) ونحوه خبر ابي الربيع عنه - عليه السلام - وزاد : و

لايفسد ولايحمل ( 2 ) .

ومرسل يونس عنه - عليه السلام - : عن الرجل يمر بالبستان وقد حيط عليه او لم يحط

عليه هل يجوز له ان ياكل من ثمره وليس يحمله على الاكل من ثمره الا الشهوة له وله

ما يغنيه عن الاكل من ثمره وهل له ان ياكل من جوع ؟ قال - عليه السلام - : " لاباس ان

ياكل ولايحمله ولايفسده " ( 3 ) .

ومرسل الفقيه عنه - عليه السلام - : " من مر ببساتين فلا باس ان ياكل من ثمارها

ولايحمل منها شيئا " ( 4 ) .

وخبر محمد بن مروان عن مولانا الصادق - عليه السلام - : امر بالثمرة فاكل منها ؟

قال - عليه السلام - : " كل ولاتحمل " ( 5 ) والخبر مروى بطرق ثلاثة وزاد في احد طرقه قلت

: جعلت فداك ان التجار قد اشتروها ونقدوا اموالهم ؟ قال - عليه السلام - : " اشتروا ما ليس

لهم " .

وهذه النصوص مضافا الى اعتبار جملة منها في انفسها لكون مراسيل ابن ابي

عمير في حكم المسانيد والمرسلة لكونها عمن اجمعت العصابة على تصحيح ما يصح

عنه صحيحة وكذا خبر ابي تكون منجبرة بالشهرة العظيمة بين قدماء

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب بيع الثمار حديث 12 .

( 2 ) الوسائل باب 17 من ابواب زكاة الغلاة حديث 2 .

( 3 ) الوسائل باب 8 من ابواب بيع الثمار حديث 5 .

( 4 ) الوسائل باب 8 من ابواب بيع الثمار حديث 8 .

( 5 ) الوسائل باب 8 من ابواب بيع الثمار حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

الاصحاب فالايراد عليها بضعف السند غير تام .

وربما يورد عليها : بانها مخالفة لقاعدة قبح التصف في مال الغير بغير اذنه

المعلومة بالعقل والنقل كمعلومية حرمة والظلم والخيانة والسرقة وتحريم اكل

اموال الناس بالباطل .

وباستمرار السيرة على بناء الجدران ووضع الابواب ومنع الناس وامتناعهم .

وبانه لوكان مثل ذلك جائزا لشاع حتى بلغ التواتر لاانه تعارف خلافه .

وبان فتح هذا الباب يقتضى بان تضمحل اموال الناس سيما مع كثرة الثمار

على الطرق المسلوكة بل يبعث على الحرام حتى ان كل من يجيئ يقول لم اكن قاصدا

ومن كان له عدواة مع احد يتقصد اضراره وله عذر واضح بل يلزم منه ايضا استباحة

الاغنياء زكاة الفقراء غير السادات وخمس السادات مع القول بالتعلق بالعين .

وفي الجميع نظر اما الاول فلانه مع اذن الشارع الذي هو اقوي من اذن

المالك لانه المالك الحقيقى يندفع الاشكال بحذافيره .

واما الثاني فلان بناء الجدران او وضع الابواب لاينافي ذلك والامتناع بعد ذلك

من جهة استلزام الاكل التصرف الزائد وخروجه عن كونه مارا ودخوله في من يمشي

بقصد الاكل الذي ستعرف عدم جوازه .

واما الثالث : فلانه شاع وقد افتى جل المتقدمين به وعمل الناس عليه .

واما الرابع : فلان الثمار التي تكون في البساتين والمزارع التي تكون على غير

الطرق المسلوكة خارجة عن الموضوع والتي تكون على الطرق المسلوكة ما كان منها

على بعد من الطرق يكون خارجا ايضا لانه ان قصده للاكل خرج عن كونه مارا

بالثمرة اتفاقا ويعتبر في الجواز ذلك كما سيجئ فما يبقى مشمولا للحكم قليل

 

 

[ . . . ]

لايلزم منه شئ من ما ذكر في هذا الايراد .

واستدل للقول الاخر 6 بصحيح على بن يقطين : سالت ابا الحسن - عليه السلام - عن

الرجل يمر بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر والمباطخ وغير ذلك من الثمر

ايحل له ان يتناول منه شيئا وياكل من غير اذن صاحبه وكيف حاله ان نهاه صاحب

الثمرة او امره القيم فليس له وكم الحد الذي يسعه ان يتناوله منه ؟ قال - عليه السلام - .

" لايحل له ان ياخذ منه شيئا " ( 1 ) .

وخبر مروك بن عبيد عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله - عليه السلام - قال : قلت له :

الرجل يمر على قراح الزرع ياخذ منه السنبله ؟ قال : " لا " قلت : اي شئ سنبلة ؟

قال - عليه السلام - : " لوكان كل من يمر به ياخذ منه سنبلة كان لايبقى شئ " ( 2 ) .

وخبر مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد - عليهما السلام - انه سئل عما ياكل الناس

من الفاكهة والرطب مما هو لهم حلال ؟ فقال - عليه السلام - : " لاياكل احد الا من ضرورة

ولايفسد اذا كان عليها فناء محاط ومن اجل الضرورة نهى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان يبنى على

حدائق النخل والثمار بناء لكي ياكل منها كل احد " ( 3 ) .

وخبر محمد بن مسلم عن ابي عبد الله - عليه السلام - : " ليس للرجل ان يتناول من

ثمرة بستان اوارض الا باذن صاحبه الا ان يكون مضطرا " قلت : فانه يكون في البستان

الاجير والمملوك قال - عليه السلام - : " ليس له ان يتناوله الا باذن صاحبه " ( 4 ) وقريب منه

صحيح الحلبي .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 8 من ابواب بيع الثمار حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 8 من ابواب بيع الثمار حديث 6 كتاب التجارة .

( 3 ) الوسائل باب 8 من ابواب بيع الثمار حديث 10 .

( 4 ) المستدرك باب 5 من ابواب بيع الثمار حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

اقول : اما صحيح ابن يقطين فالمراد من الاخذ المحكوم عليه بعدم الحلية

فيه اما هو الحمل بان يكون جوابا عن السؤال الاخير وهو قوله : وكم الحد الذي

يسعه ان يتناوله ؟

ويؤيده عدوله - عليه السلام - عن لفظ الاكل الواقع في السؤال الاول الى الاخذ

فعدم دلالته على المقام واضح فان محل الكلام ومورد اخبار الجواز هو الاكل خاصة

وقد نهى فيها عن الحمل ايضا .

واما هو الاخذ للحمل وللاكل ولاعطاء الغير وما شاكل فهو اعم من اخبار

الجواز يقيد اطلاقه بها والظاهر انه الى ذلك نظر الشيخ واتباعه من حمل نصوص

المنع على غير الاكل والجواز على الاكل وبذلك ظهر الجواب عن مرسل مروان بل

كون مورده الاخذ للحمل اوضح فان السنبلة الواحدة لم يتعارف اكلها فلا محالة يكون

ظاهره الاخذ للحمل ولاخلاف في عدم جوازه فلا ربط له بما هو محل الكلام .

واما خبر مسعدة فهو اعم من جهة الشمول للمارة وغيرهم فيقيد اطلاقه بما مر

وبه يظهر ما في صحيح الحلبي في تناول المالك من بستانه الذي آجره ما احب ان

ياخذ منه شيئا فلا اشكال في الجواز ثم ان جماعة ذكروا انه يعتبر في الجواز امور :

1.    كون المرور بالثمرة اتفاقيا بمعنى ان لايقصدها للاكل ابتداء فلو قصدها

كذلك لم يجز الاكل . وفي المستند ولعله اجماعي وظاهر الرياض كونه اجماعيا ونسبه

صاحب الحدائق الى الاصحاب .

ويشهد به : ان الماخوذ في نصوص الجواز عنوان المرور ومن الضروري انه

لايصدق على من قصد الثمرة للاكل ابتداء . نعم مع تحقق عنوان المرور لادليل على

اعتبار شئ آخر وهو كون مروره عليها اتفاقيا وبدون القصد .

 

 

[ . . . ]

وبالجملة انه تارة يقصد الثمرة للاكل ابتداء واخرى يقع مروره عليها من دون

قصد الى ذلك وثالثة لايكون قصده الثمرة ابتداء ولكن يقصد المرور عليها تبعا في

مسيره الى محل له شغل به مثلا كما لو كان لمقصده طريقان والثمرة واقعة في احدهما

يختار ذلك الطريق للمرور على الثمرة . لاخلاف في عدم الجواز في الصورة الاولى

والجواز في الثانية والظاهر هو الجواز في الصورة الثالثة لاطلاق النصوص ومعه لاوجه

للاقتصار على المتيقن . وعلى هذا فخبرا ابن سنان وابي الربيع لاينافيان هذا الاشتراط

فلا حظهما وتدبر .

ثم المراد بالمرور بها ليس هو العبور ملاصقا بها بحيث لايحتاج في اخذها الى

التخطي اليها ولو بخطوات قلائل بل الظاهر من المرور هو العبور عما يقرب منها

عرفا وعادة كما لايخفي .

2.    ان لايحمل منها شيئا والظاهر عدم الخلاف في شرطية ذلك

ويشهد بها مضافا الى ادلة المنع من الادلة العامة والنصوص الخاصة بعد

اختصاص نصوص الجواز بالاكل الظاهر في الاكل في محلها النهي عن الحمل في

النصوص المتقدمة المجوزة للاكل الظاهر في الارشاد الى الشرطية في امثال المقام .

وبذلك يظهر ما في كلمات سيد الرياض حيث قال : ان اثبات الشرطية بالاخبار

مشكل اذ غايته النهي عن الحمل الظاهر في الحرمة وهي اعم من الشرطية .

3.    عدم الاكثار في الاكل بحيث يظهر اثره اثرا بينا .

واستدل له تارة : بحيث ( 1 ) نفي الضرر واخرى : بالنهي عن الافساد في

النصوص بدعوي ان المراد الاكل كثيرا وبالاجماع بل الضرورة القطعية في بعض

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب الخيار كتاب التجارة . ( * )

 

 

[ . . . ]

الموارد كما لو كانت شجرة واحدة على الطريق لفقير لايملك غيرها فلو جاز الاكل

لكل ما مار حتى من عسكر كثير مرت بها يلزم عدم بقاء شئ له وهذا مما يعلم عدم

جوازه من الشرع .

ولكن يرد على الاول : ان هذا الحكم في نفسه ضرري على المالك وجواز الاكل

في جميع الحالات مستلزم للضرر فدليله اخص من دليل نفي الضرر فيقدم عليه .

ويرد على الثاني : ان الظاهر من الافساد هدم الحائط او كسر الغصن او نحو

ذلك .

واما الثالث فيرده : انه لاضرورة ولا اجماع على عدم الجواز حتى في الفرض

المذكور فاي مانع في ان يجوز الشارع الاكل منها بحيث لايبقى منها شئ واي فرق

بين ذلك وبين ان تصير الشجرة غير مثمرة في نفسها فهل يتوهم احد ان يقول

يجب على الله تعالى ان يجعل الشجرة المفروضة مثمرة . فالاظهر عدم اعتبار ذلك .

4.    عدم العلم بل ولا الظن بكراهة المالك ذكره جماعة واطلاق الادلة ينفي

اعتبار ذلك كما انه ينفي الشرط الخامس الذي ذكروه في المقام وهو كون الثمرة على

الشجرة لامقطوعة مجزوزة .

5.    ان لاتكون الثمرة محاطا عليها بسور مبوبة بباب .

لانه : لااشكال في انها لو كانت كذلك لم يجز صعود السور او خرقه ولافتح

الباب اوكسره لكونه تصرفا في ملك الغير بغير اذنه والاكل من الثمرة غير ملازم

لذلك فلايصح ان يقال ان تجويز الاكل مستلزم لتجويز ذلك ونهى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم

عن الحيطان او حيطان نخله كما في خبر ابن سنان جواز التصرف لو كان

محاطا غير مخروق مع انه ليس للتحريم اتفاقا ولكون نخله محاطا عليه كان يخرقه اذا

 

 

[ . . . ]

بلغة وخرقه صلى الله عليه واله وسلم حيطان نخل نفسه لايكشف عن وجوب ذلك عليه فضلا عن غيره

كما انه لايجوز الدخول في ملك الغير لاكل الثمرة لعين ماتقدم ولكن لو فعل حراما

فدخل او خرق الحيطان او كسر الباب اوفرضنا انه خرج غصن من الشجرة عن

السور يجوز اكل الثمرة لعدم الدليل على اعتبار هذا الشرط . نعم من يرى اعتبار عدم

العلم بالكراهة له ان يشترط هذا الشرط فان بناء الحيطان واغلاق الباب امارة عدم

الرضا بالاكل ولكن قد عرفت انه لادليل على اعتباره ايضا مع ان مرسل يونس

يصرح بجواز الاكل من البستان الذي حيط عليه .

6.    ان المذكور في اخبار الجواز هو النخل والسنبل والثمرة فلايجوز التعدي الى

غير الثلاثة اقتصارا فيما خالف الاصل على مورد النص .

7.    وهل يجوز اكل الخضروات ام لا ؟ وجهان مبنيان على صدق الثمرة عليها

وعدمه والظاهر عدم صدقها عليها لاختصاصها بما يحصل من الشجر من الفواكه

وغيرها وان البيت عن ذلك فلا اقل من الشك في ذلك فيرجع الى ادلة المنع .

فان قيل انه كيف يتمسك بالعام مع الشك في صدق الخاص .

قلنا : ان الذي لايجوز هو التمسك بالعام في الشبهة المصداقية واما التمسك

به في الشبهة المفهومية مع كون المخصص غير متصل بالعام فلا اشكال فيه والمقام من

هذا القبيل .

وقد يستدل لجواز اكلها بوجوه : منها صدق الثمرة عليها بشهادة صحيح ابن

يقطين .

ومنها تناول لفظ البستان الموجود في جملة من النصوص لها فان المراد منه ما فيه .

ومنها الاجماع المحكى ولكن الاول يندفع : بان الصحيح لايدل على صدق

الثمرة على الخضر نعم هو يدل على صدقها على ما على الزروع اعم من السنبلة

 

 

] الثانية اذا انقلبت الخمر خلا طهرت بعلاج كان اوغيره مالم يمازجها

نجاسة الثالثة لايحرم شئ من الربوبات وان شم منها رائحة المسكر [

 

وغيرها . اللهم الا ان يثبت جواز الخضر بعدم القول بالفصل .

والثاني يرده : ان الماخوذ في تلك الاخبار موضوعا للجواز ثمار البساتين لاكل

مافيها والاجماع المنقول سيما مع معلومية المدرك ليس بحجة فالعمدة حينئذ عدم

الفصل بين الخضروات وسائر الزروع التي ليس لها سنبل .

8.    ان المستفاد من صحيح ابن يقطين صدق الثمرة على مثل البطيخ ايضا

فيجوز اكله فتخصيص بعضهم بغيره لاوجه له والظاهر شمول الثمرة لغيره الفواكه

مما على الشجرة كالجوز واللوز وامثالهما كما يشعر به صحيح ابن يقطين فتامل بعضهم

فيه لا وجه له .

9.    وهل يعتبر البلوغ في الثمرة كما يشعر به خبر ابن سنان المتقدم المتضمن :

انه كان اذا بلغ نخله امر صلى الله عليه وآله وسلم بالحيطان فخرقت لمكان المارة وفي خبر الجعفري عن ابيه :

كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم اذا بلغت الثمار امر بالحائط فثلمت ( 1 ) ام لا يعتبر ذلك لاطلاق

النصوص وخبر ابن سنان والجعفري لا يدلان على عدم جواز الاكل قبل ذلك وجهان

اظهرهما الثاني .

( الثانية اذا انقلبت الخمر خلا طهرت بعلاج كان او غيره ما لم يمازجها نجاسة )

كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا في كتاب الطهارة في الجزء الثالث من هذا الشرح .

( الثالثة : لا يحرم شئ من الربوبات ) والاشربة مثل السكنجبين والجلاب

وغيرهما عدا ما عرفت ( وان شم منها رائحة المسكر ) كرب الرمان والتفاح والسفرجل

والتوت وغيرها لانها لا يسكر كثيرها وللاجماع بقسميه عليه وللاصل وللنصوص

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 81 من ابواب الاطعمة المباحة حديث 1 . ( * )

 

 

] الرابعة : العصير اذا غلى من قبل نفسه او بالنار حرم حتى يذهب ثلثاه او

ينقلب خلا

الخامسة : يجوز للمضطر تناول المحرم [

 

الخاصة الكثيرة المصرحة بحلية جميع ذلك ( 1 ) .

( الرابعة : العصير اذا غلى من قبل نفسه او بالنار حرم حتى يذهب ثلثاه ) اذا غلى

بالنار ( او ينقلب خلا ) اذا غلى بنفسه وقد مر تفصيل القول في ذلك في الجزء الثالث من

هذا الشرح .

 

حكم تناول المضطر المحرم

 

( الخامسة : يجوز للمضطر تناول المحرم ) بلا خلاف فيه في الجملة وعن غير

واحد دعوى الاجماع عليه .

ويشهد به : الكتاب والسنة والاجماع اما الكتاب فآيات تدل عليه :

قال الله تعالى : ( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور

رحيم ) ( 2 ) والمخمصة المجاعة والمتجانف المائل .

وقال عز من قائل : ( انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله

فمن اضظر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه ) ( 3 ) .

وقال تعالى ( انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله فمن

اضطر غير باغ ولا عاد فان الله غفور رحيم ) ( 4 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة .

( 2 ) المائدة - آية 3 .

( 3 ) النحل - آية 115 .

( 4 ) البقرة آية 172 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وقال سبحانه : ( وما لكم الا تاكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما

حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه ) ( 1 ) .

وقال عز من قائل : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) ( 2 ) وقريب من

الاخير بعض آيات اخر .

واما السنة فطوائف من النصوص تدل على ذلك :

1.    ما دل ( 3 ) على نفي العسر والحرج اذ لا حرج اعظم من المنع حينئذ .

2.    ادلة نفي ( 4 ) الضرر والضرار لان في المنع في هذه الحالة ضررا عظيما .

3.    حديث ( 5 ) رفع القلم عن المضطر .

4.    ما دل على قاعدة ان ما غلب الله عليه فهو اولى بالعذر التي ينفتح منها

الف باب ( 6 ) .

5.    جملة من الاخبار كخبر المفضل عن الامام الصادق - عليه السلام - في حديث

طويل في الخمر والميتة ولحم الخنزير والدم قال - عليه السلام - : " انه تعالى علم ما يقوم

به ابدانهم وما يصلحهم فاحله لهم واباحه تفضلا منه عليهم به لمصلحتهم وعلم ما

.....................................................................

( 1 ) الانعام - آية 119 .

( 2 ) الحج - آية 78 .

( 3 ) الوسائل باب 8 من ابواب الماء المطلق و 9 من ابواب الماء المضاف و 39 من ابواب الوضوء

كتاب الطهارة .

( 4 ) الوسائل باب 12 من كتاب احياء الموات وباب 17 من ابواب الخيار كتاب التجارة وباب 5

من كتاب الشفعة .

( 5 ) الوسائل باب 56 من جهاد النفس .

( 6 ) الوسائل باب 3 من ابواب قضاء الصلاة والوافي باب صلاة المريض والهرم الفصل الخامس من

كتاب الصلاة . ( * )

 

 

[ . . . ]

يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم ثم اباحه للمضطر واحله له في الوقت الذي

لا يقوم بدنه الا به فامره ان ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك " ( 1 ) .

ونحوه مرسلا ( 2 ) محمد بن عبد الله ومحمد بن عذافر .

ومرسل الصدوق : قال الصادق - عليه السلام : " من اضطر الى الميتة والدم ولحم

الخنزير فلم ياكل شيئا من ذلك حتى يموت فهو كافر " ( 3 ) .

والعلوي : " المضطر ياكل الميتة وكل محرم اذا اضطر اليه " ( 4 ) الى غير تلكم من

النصوص التي سيمر عليك بعضها .

وتنقيح القول في المقام بالبحث في جهات :

الاولى : الظاهر ان الاضطرار يتحقق بخوف تلف النفس لو لم يتناول او

خوف المرض الشاق عليه تحمله او خوف زيادة المرض او خوف بطء برئه كذلك

وكذا لو خشى الضعف المؤدي الى التلف او المرض كما هو المشهور بين الاصحاب

على ما في المسالك . كل ذلك لصدق الاضطرار عرفا والعسر والحرج والضرر .

وعن الشيخ في النهاية والقاضي والحلي والمصنف - ره - في المختلف :

التخصيص بخوف تلف النفس للاية الاولى وخبر المفضل ومرسل محمد بن

عبد الله ومحمد بن عذافر ولكن لا مفهوم لشئ منها كي يوجب تقييد اطلاق سائر

الادلة وان ابيت الا عن عدم صدق الاضطرار في بعض الموارد المشار اليها

فيكفينا ادلة نفي العسر والحرج وقاعدة نفي الضرر وحديث رفع الاكراه وما شاكل

.....................................................................

( 1 و 2 ) الوسائل باب 1 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 56 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 4 ) المستدرك باب 40 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 . ( * )

 

 

[ . . . ]

من ادلة روافع التكليف .

الثانية : المشهور بين الاصحاب انه لا فرق بين المحرمات في اباحتها في حال

الاضطرار وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط انه لا يجوز دفع الضرورة بالخمر .

يشهد للاول : اطلاق اكثر الادلة المتقدمة وخصوص خبر المفضل ومرسل

محمد المتقدمين المتضمنين للتصريح بجواز تناول الخمر للمضطر .

وموثق عمار بن الامام الصادق - عليه السلام - في حديث : انه ساله عن الرجل

اصابه عطش حتى خاف على نفسه فاصاب خمرا ؟ قال - عليه السلام - : " يشرب منه

قوته " ( 1 ) .

ومرسل الصدوق قال : جاء الحديث هكذا : وشرب الخمر جائز في

الضرورة ( 2 ) .

وخبر الدعائم : واذا اضطر الى الخمر شرب حتى يروى وليس له ان يعود الى

ذلك حتى يضطر اليه ( 3 ) .

واستدل للقول الثاني : بان الكتاب ( 4 ) دل على حرمة الخمر وآيات الحل

للمضطر لتصدرها بغير الخمر مختصة بغيرها فلا تصلح لتقييد اطلاق آية الحرمة

والنصوص لا تصلح للمقاومة معها فان كل خبر يخالف الكتاب فهو مردود .

وبخبر ابي بصير عن مولانا الصادق - عليه السلام - : " المضطر لايشرب الخمر لانها

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 36 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 36 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 4 .

( 3 ) المستدرك باب 40 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 4 .

( 4 ) البقرة آية 219 ، المائدة - آية 90 و 91 . ( * )

 

 

[ . . . ]

لا تزيده الا شرا ولانه ان شربها قتلته فلا يشرب منها قطرة " ( 1 ) .

وبخبر الفضل بن شاذان عن الامام الرضا - عليه السلام - في كتابه الى

المامون : " والمضطر لا يشرب الخمر لانها تقتله " ( 2 ) .

ويشهد به ايضا : صحيح الحلبي عن ابي عبد الله - عليه السلام - : عن دواء يعجن

بالخمر لا يجوز ان يعجن به انما هو اضطرار ؟ فقال - عليه السلام - : " لا والله لا يحل للمسلم

ان ينظر اليه فكيف يتدواى به وانما هو بمنزلة شحم الخنزير الذى يقع في كذا وكذا

لا يكمل الا به فلا شفاه الله احد اشفاه خمر او شحم خنزير " ( 3 ) .

ولكن يرد على الاول : ان حلية ما اضطر اليه مطلقا ثبتت من الكتاب فان الاية

الرابعة والخامسة مطلقتان مع ان العام الكتابي يخصص بخبر الواحد فضلا عن

المتواتر المعنوى كما في المقام والخبر المخالف للكتاب الذي يكون مردودا ليس ما

يخالفه بالعموم والخصوص المطلق فان الخاص قرينة على العام ولا يعد مخالفا معه

عند العرف .

واما الاخبار فالجمع العرفي بينها وبين النصوص المتقدمة الدالة على جواز

شربه عند خوف تلف النفس يقتضي البناء على الجواز مع خوف التلف خاصة

وتحريمه بدون ذلك كما اختاره المصنف في المختلف على ما حكى والشهيد الثاني في

المسالك فان نصوص المنع مطلقة وموثق عمار الذي هو العمدة في الجواز على

المضطر مختص بصورة خوف التلف على النفس . ولعل ما في نصوص المنع من

التعليل يشير الى ذلك . فالاظهر هو الجواز في خصوص صورة خوف تلف النفس

.....................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 13 .

( 2 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 12 .

( 3 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 10 . ( * )

 

 

[ . . . ]

وعدمه مع عدم الخوف وان كان مضطرار .

الثالثة : لا خلاف بين الاصحاب في عدم جواز التدواي بالمسكر او غيره من

المحرمات مع عدم الانحصار وفي الجواهر بل يمكن تحصيل الاجماع عليه فضلا

عن محكية في كشف اللثام .

ويشهد به مضافا الى اطلاق ادلة التحريم السالمة عن معارضة الرخصة فيه

للمضطر المعلوم عدم تحققه في الفرض : كثير من النصوص كصحيح الحلبي المتقدم

وحسن ابن اذينة : كتبت الى ابي عبد الله - عليه السلام - اساله عن الرجل ينعت له الدواء

من ريح البواسير فيشربه بقدر اسكرجة من نبيذ ليس يريد اللذة انما يريد به الدواء ؟

فقال - عليه السلام - :

" لا ولا جرعة - ثم قال : - ان الله عزوجل لم يجعل في شئ مما حرم دواء

ولا شفاء " ( 1 ) .

وخبر ابي بصير : دخلت ام خالد العبدية على ابي عبد الله - عليه السلام - وانا عنده

فقالت : جعلت فداك انه يعتريني قراقر في بطني وقد وصف لي اطباء العراق النبيذ

بالسويق ؟ فقال - عليه السلام - : " ما يمنعك من شربه " ؟ فقالت : قد قلدتك ديني

فقال - عليه السلام - : " فلا تذوقي منه قطرة لا والله لا آذن لك في قطرة منه فانما تندمين اذا

بلغت نفسك هيهنا - واومئ بيده الى حنجرته يقولها ثلاثا - افهمت " ؟ فقالت : نعم

ثم قال ابو عبد الله : " ما يبل الميل ينجس حبا من ماء - يقولها ثلاثا - " ( 2 ) .

وصحيح الحلبي عنه - عليه السلام - : عن داء عجن بالخمر ؟ فقال : " لا والله ما احب

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 2 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ان انظر اليه فكيف اتداوى به انه بمنزلة شحم الخنزير او لحم الخنزير وترون اناسا

يتداوون به " ( 1 ) الى غير تلكم من النصوص .

انما الكلام في انه هل يجوز التداوي بالمحرم مع الانحصار ام لا ؟ المشهور بين

الاصحاب كما في المسالك عدم الجواز في الخمر بل عن الشيخ في الخلاف والمبسوط

دعوى الاجماع عليه .

واستدل له : باطلاق النصوص المتقدمة المعتضد بما فيها من التعليل ولكن

الاطلاق يقيد بادلة الاضطرار والتعليل محمول على الغالب او على ارادة حصر

الدواء في المحرم : لما نرى من مخالفته للوجدان . ولقوله تعالى : ( واثمهما اكبر من

نفعهما ) ( 2 ) .

الظاهر في حصول نفع بهما ولموثق سماعة عن الامام الصادق : عن رجل كان

به داء فامر له بشرب البول ؟ فقال : " لا تشربه " قلت : انه مضطر الى شربه ؟ قال :

" ان كان مضطرار الى شربه ولم يجد دواء لدائه فليشرب بوله واما بول غيره فلا " ( 3 ) .

ولعدم القائل به في غير الخمر .

وفي المسالك وتحمل هذه الروايات على تناول الدواء للعافية .

وعليه فمع الانحصار في صورة جواز شرب الخمر للاضطرار وهي صورة

خوف تلف النفس كما مر يجوز التداوي بها والا فلا .

هذا في الخمر واما غيرها من المحرمات فيجوز التداوي به مع الانحصار

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 4 .

( 2 ) سورة البقرة آية 220 .

( 3 ) الوسائل باب 20 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 8 . ( * )

 

 

] بقدر ما يمسك به رمقه الا الباغي وهو الخارج على الامام - عليه السلام -

والعادي وهو قاطع الطريق [

 

وصدق الاضطرار كان لخوف على النفس او غيره فتدبر في اطراف ما ذكرناه فانه

احسن وجه للجمع بين النصوص والفتاوى .

الرابعة : يجوز للمضطر تناول المحرم ( بقدر ما يمسك به رمقه ) مع كون

الاضطرار بالنسبة اليه خاصة فلا يجوز التجاوز لان القصد حفظ النفس والفرض

حصوله ورفع الاضطرار فلا مجوز بعده ولذا قالوا ان الضرورات تقدر بقدرها

وللاجماع المحكي عن جماعة على حرمة التجاوز ولخبر المفضل المتقدم نعم لو دعت

الضرورة الى الشبع جاز لان الدليل المسوغ للتناول يدل على ذلك .

الخامسة : يجوز لكل مضطر تناول المحرم ( الا الباغي وهو الخارج على الامام -

عليه السلام - والعادي وهو قاطع الطريق ) فهاهنا امران :

1.    انه لا يرخص الباغي ولا العادي ويشهد به مضافا الى الاجماع المحكي عن

الايضاح : ما في الايتين المباركتين المتقدمتين : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد ) فتامل -

وبعض النصوص الاتي .

2.    اختلف الاصحاب في تفسيرهما فعن بعضهم تفسير الباغي بمن ياخذ من

مضطر مثله والعادي بمن ياكل الزائد عن قدر الشبع او الزائد عن قدر الضرورة .

وفي مرسل البزنطي عن ابي عبد الله في الاية الكريمة : " الباغي : الذي يخرج

على الامام والعادي : الذي يقطع الطريق لا تحل له الميتة " ( 1 ) وبهما فسرهما جماعة من

الفقهاء منهم المصنف والمحقق - ره - .

وفى خبر حماد بن عثمان عن الامام الصادق - عليه السلام - في الاية الكريمة : " الباغى :

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 56 من ابواب الاطعمة حديث 5 . ( * )

 

 

[ . . . ]

باغي الصيد والعادي : السارق ليس لهما ان ياكلا الميتة اذا اضطراهي حرام عليهما

ليس هي عليهما كما هي على المسلمين " الحديث ( 1 ) ونحوه خبر عبد العظيم الحسني

عن الجواد - عليه السلام - ( 2 ) .

وفي المروي عن مجمع البيان عن الامامين الصادقين - عليهما السلام - : تفسير الباغي

بالخارج على امام المسلمين والعادي بعاد بالمعصية طريقة المحقين ( 3 ) ولا منافاة بين

التفسيرات ولابعد في دخول الجميع في الاية الكريمة فالعبرة بما في النصوص المعتبرة .

السادسة : اذا لم يجد المضطر الا مال الغير فيجوز له اخذه فان كان ذلك

الغير غير مضطر فان كان اضطراره بالغا حد الخوف على النفس بان كان مشرفا على

الهلاكة وجب عليه الدفع اليه لان في الامتناع اعانة على قتل المسلم وقد روى ابن

ابي عمير في الصحيح عن ابي عبد الله - عليه السلام - :

" من اعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس

من رحمة الله " ( 4 ) ونحوه غيره .

ولانه يجب حفظ النفس المحترمة من الهلاكة للاجماع ولنصوص المواساة ( 5 )

وغيرها ولما ذكروه من انه يجب الانفاق على الناس كفاية على العاجز وللنبوي المروي

بطريق صحيح : " فان دماءكم عليكم حرام " ( 6 ) وبفحوى مادل على وجوب البيع

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 56 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 2 .

( 2 ) الوسائل باب 56 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 56 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 6 .

( 4 ) الوسائل باب 2 من ابواب القصاص في النفس حديث 4 .

( 5 ) الوسائل باب 34 من ابواب جهاد النفس .

( 6 ) الوسائل باب 1 من ابواب القصاص في النفس حديث 3 . ( * )

 

 

[ . . . ]

على المحتكر ( 1 ) الى غير تلكم من الاخبار الواردة في الابواب المتفرقة . ولنعم ما افاده

صاحب الجواهر - ره - قال : بل لعله من الامور التي استغنت بضرورتها عن الدليل

المخصوص انتهى .

وانما اطلنا الكلام فيه من جهة انه حكي عن الخلاف والسرائر انهما لم يوجبا

البذل في المسالة ! بدعوى عدم كونه اعانة وعدم دليل يدل على وجوب حفظ نفس

الغير مطلقا حتى لو توقف على بذل المال اذ ليس الا الاجماع وهو في الفرض ممنوع

بل لعل السيرة في الاعصار والامصار على خلافه في المقتولين ظلما مع امكان دفعه

بالمال وفي المرضى اذا توقف علاجهم المقتضى حياتهم باخبار اهل الخبرة على بذل

المال والا فالمسالة اوضح من ذلك .

وكم فرق بين هذه الفتوى وما في المسالك من انه اذا كان ذلك الغير مضطرا

ايضا وخاف على نفسه الهلاكة ان اعطى الطعام لهذا المضطر يجوز له ان يؤثر

المضطر على نفسه فيعطيه الطعام ويحفظه من الهلاكة وان اهلك نفسه بذلك .

واورد في الجواهر على الشهيد بان من المعلوم عقلا ونقلا تقديم حفظ نفسه

التي يعبد الله بها على غيره بل لعل ذلك من الالقاء بيده الى التهلكة .

وفيه : انه لاشبهة في كونه من الالقاء بيده في التهلكة ان كان المراد بها ما يعم

هلاك النفس ولم تختص بالعقاب الا انه كما يكون كذلك يكون احياء النفس وهو

واجب على الفرض فيقع التزاحم بينهما ولم يعلم من العقل والنقل تقديم حفظ

نفسه بعد كون الاخر مساويا معه في الايمان والاحترام بل ظاهر الاية الكريمة :

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 29 و 30 من آداب التجارة . ( * )

 

 

[ . . . ]

( ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ) ( 1 ) ترجيح حفظ الغير غاية الامر

لا يكون لازما .

ودعوى كون ظاهر الاية غير الفرض كما ترى فالاظهر هو جواز ذلك نعم

لا يجب عليه الاعطاء بخلاف الفرض الاول .

وهل يجوز للمضطر ان ياخذ الطعام من مضطر مثله ظلما ؟ قال في المستند بعد

الحكم بعدم الجواز اجماعا لحرمة الظلم وعدم مجوز له الا الضرورة الحاصلة له ايضا

انتهى .

وفيه : ان الاضطرار اوجب سقوط حرمة اخذ مال الغير وكون صاحبه ايضا

مضطرا لايمنع عن تاثير اضطراره في سقوط الحرمة فيبقى حكمان متزاحمان وجوب

حفظ النفس ووجوب حفظ الغير وحيث لااولوية لاحدهما على الاخر فيحكم بالتخيير

فالاظهر هو الجواز .

قال الشهيد الثاني في المسالك : ان كان المضطر قادرا على دفع ثمنه لم يجب على

المالك بذله مجانا قطعا لان ضرورة الجائع تندفع ببذله الثمن القادر عليه وان كان

عاجزا عنه ففي وجوب بذله مجانا وجهان :

احدهما : العدم لعصمة مال الغير كعصمة نفسه بين الحقين بالعوض

وقت القدرة .

والثاني : عدم جواز اخذ العوض لوجوب بذله فلا يتعقبه العوض لانه لاعوض

على فعل الواجب كما اذا خلص مشرفا على الهلاك لم يجب عليه اجرة المثل وجوابه

.....................................................................

( 1 ) الحشر الاية 10 . ( * )

 

 

[ . . . ]

منع الكلية كما يجب بذل الطعام في الغلاء على المحتكر يجبره عليه مع جواز اخذ

العوض اجماعا والمعلوم وجوبه نفس بذل المال اعم من كونه مجانا او بعوض انتهى .

ما افاده الشهيد من جواز اخذ العوض وعدم وجوب بذله مجانا متين غايته

وقد اشبعنا الكلام في ذلك في مبحث اخذ الاجرة على الواجب وبينا عدم المنافاة بين

الوجوب واخذ العوض واما مسالة تخليص المشرف على الهلاك فالحكم بعدم وجوب

اجرة المثل ليس من جهة عدم اخذ العوض بازاء الواجب بل من جهة ان ضمان

اجرة المثل يتوقف على سبب وشئ من اسباب الضمان من اليد والاتلاف والمعاملة

لايكون متحققا في الفرض ولذا لو احتمل الحال وواقفه على بذل اجرة يبذلها او

يقبلها جاز ذلك .

وهل يجوز للمالك اخذ الثمن الزائد عن ثمن المثل ويجب على المضطر دفعه مع

القدرة كما هو المنسوب الى المشهور لدفع الاضطرار بالتمكن من بذل العوض ولو

زائدا ام لايجوز له اخذ الزائد كما عن الشيخ في المبسوط لانه مضطر الى بذل الزيادة

فكان كالمكره عليه ؟ وجهان اظهرهما الاول .

ويرد على ما افاده الشيخ - ره - انه مضطر الى الشراء لا الى خصوص بذل الزيادة

وقد حقق في محله ان حديث ( 1 ) الرفع يرفع صحة المعاملة المكره عليها ولا يرفع صحة

المعاملة المضطر اليها لكونه في مقام الامتنان ولا منة في رفع الصحة في الثانية فالاظهر

هو جواز اخذ الزيادة اللهم الا ان يقال ان جواز اخذ الزائد ضرري على المضطر

فيرفعه حديث ( 1 ) لا ضرر . ولكن غايته عدم جواز الاخذ تكليفا لا وضعا فتدبر حتى

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 56 من ابواب جهاد النفس . ( * )

 

 

[ . . . ]

لا تبادر بالاشكال .

ولو لم يجد المضطر الا الادمي وخاف على نفسه الهلاكة ان لم ياكل منه فان كان

ميتا جاز اكله لان الميت وان كان محترما الا ان حرمة الحي اعظم والمحافظة عليها اولى

ولذا لو كان في السفينة ميت وخاف اهلها الغرق جاز طرح الميت في البحر ولا يجوز طرح

الحي . والمتعين الاقتصار على اكله لان الضرورة تندفع بذلك . وفي طبخه وشبهه

هتك لحرمته فلا يجوز الاقدام عليه مع اندفاع الضرورة بدونه ولو كان حيا فظاهر

كلماتهم التسالم على عدم جواز اكله ان كان معصوم الدم . بل في المسالك ولا يجوز ان

يقطع من غيره لحفظ نفسه حيث يكون معصوما اتفاقا اذ ليس فيه اتلاف البعض

لا بقاء الكل وكذا ليس للانسان ان يقطع جزء منه للمضطر انتهى .

فان كانت المسالة اجماعية والا فمقتضى القاعدة الجواز في الفرض الاول

والوجوب في الفرضين الاخيرين فانه كما يحرم قتل المومن كذلك يحرم قتل نفسه ويجب

ان يحفظ نفسه ولا اهمية لاحدهما على الاخر فيحكم بالتخيير ولا ريب في اهمية حفظ

النفس المحترمة من قطع عضو من الاعضاء فيجب ذلك مقدمة لحفظ النفس والله

العالم . وبه يظهر وجوب ان ياكل المضطر الخائف على نفسه لو ترك الاكل من

المواضع اللحمة ان علم بسلامة نفسه مع القطع وفي كلمات الاصحاب في المقام

تشويش واضطراب يظهر لمن راجعها .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 17 من ابواب الخيار كتاب التجارة . ( * )

 

 

] السادسة : يستحب غسل اليد قبل الطعام [

 

آداب الاكل وسننه

 

( السادسة : يستحب ) عند الاكل امور وله آداب قبله وبعده وحينه اقتصر

المصنف - ره - على سبعة منها :

الاول : ( غسل اليد قبل الطعام ) والنصوص ( 1 ) الكثيرة المتضمنة : انه ينفي

الفقر ويزيد في العمر ويجلو البصر ويكثر خير البيت وما شاكل تدل عليه وفي

جملة ( 2 ) منها الامر بالوضوء وفي المسالك المراد بالوضوء هنا غسل اليدين ولعله

كذلك اذ لم يعهد الوضوء قبل الطعام في الشرع ولم يذكر الاصحاب ذلك في

مستحبات الوضوء ويويده انه رتب على الوضوء في خبره ما رتب على الغسل في رواية

اخرى من الاثار والمنافع .

ويشهد به خبر هشام بن سالم عن جعفر بن محمد عن آبائه - عليهم السلام - عن

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " من سره ان يكثر خير بيته فليتوضا عند حضور طعام ومن توضا قبل

الطعام وبعده عاش في سعة رزقه وعوفي من البلاء في جسده " .

وزاد الموسوي - احد رواة الحديث في حديثه - : قال لي الصادق - عليه السلام

- : " والوضوء هنا غسل اليدين قبل الطعام وبعده " ( 3 ) .

الظاهر اختصاص استحباب غسل اليد بمن ليست يده نظيفة لخبر سليمان

ابن جعفر الجعفري عن ابي الحسن - عليه السلام - انه كان ربما اتي بالمائدة فيقول : " من

كانت يده نظيفة فلم يغسلها فلا باس ان ياكل من غير ان يغسل يده " ( 4 ) .

.....................................................................

( 1 و 2 و 3 ) الوسائل باب 49 من ابواب آداب المائدة .

( 4 ) الوسائل باب 64 من ابواب آداب المائدة حديث 10 . ( * )

 

 

] والتسمية [

 

ومعلوم ان المراد بالباس المنفي هو مطلق المرجوحية ولما دل على ان رسول الله

صلى الله عليه وآله وسلم لم يمس ماء وقد اتي بكتف شاة وتغدى ( 1 ) وما دل على ان ابا عبد الله - عليه السلام -

تغدى ولم يغسل يده ( 2 ) وبالجملة يختص استحباب الغسل بمن يكون يده غير نظيفة .

وعليه فيمكن البناء على اختصاص الاستحباب بمن ياكل بيده فان المستفاد من

النصوص سيما بضميمة مناسبة الحكم والموضوع ان الامر بالغسل انما هو لئلا يمتزج

بالطعام ما في يده من الوساخة .

فما في المسالك والجواهر من انه لا فرق بين كونه يباشر باليد او بالالة وان كان

الحكم مع المباشرة آكد غير تام كما ان ما فيهما بل هو ( اي الاكل باليد ) الاصل في

الشرعية لان الاكل من صاحب الشرع وخلفائه كان كذلك .

يرده : ان فعلهم سيما في ذلك الزمان الذي لم يكن الالة التي ياكل معها كثيرة

شائعة لا يدل على الاستحباب وكونه الاصل في الشرعية فالاظهر عدم مرجوحية

الاكل مع الالة ، ولايستحب معه غسل اليد .

( و ) الثاني ( التسمية ) عند الشروع فعن ابي عبد الله - عليه السلام - كما في قوي

السكوني : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " اذا وضعت المائدة حفها اربعة آلاف ملك فاذا قال

العبد : بسم الله قالت الملائكة : بارك الله عليكم في طعامكم ثم يقولون للشيطان :

اخرج يا فاسق لا سلطان لك عليهم فاذا فرغوا فقالوا : الحمدلله قالت الملائكة : قوم

انعم الله عليهم فادوا شكر ربهم واذا لم يسموا قالت الملائكة للشيطان : ادن يا

فاسق فكل معهم " الحديث ( 3 ) .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 64 من ابواب آداب المائدة حديث 7 .

( 2 ) الوسائل باب 64 من ابواب آداب المائدة حديث 9 .

( 3 ) الوسائل باب 57 من ابواب آداب المائدة حديث 1 . ( * )

 

 

[ . . . ]

ونحوه في الدلالة على ذلك روايات ( 1 ) ابي بصير وابي خديجة وجراح المدائني

ومسمع وعمر بن قيس الماصر وغياث بن ابراهيم والفضل بن يونس وغيرها ثم ان

في جملة منها الامر بالتسمية عند وضع المائدة وفي جملة اخري ما يدل على استحبابها

عند الشروع في الاكل ولا باس بالعمل بهما .

ويستحب التسمية عند ارادة الاكل من كل آنية لصحيح داود بن فرقد عن

الامام الصادق - عليه السلام - قال : قلت له : كيف اسمي على الطعام ؟ فقال - عليه السلام - :

" اذا اختلفت الانية فسم على كل اناء " ( 2 ) .

وعند ارادة الاكل من كل طعام وان اتحدت الانية لموثقه الاخر عنه - عليه السلام -

عن امير المومنين - عليه السلام - : " ضمنت لمن سمى على طعام ان لا يشتكي منه " فقال

ابن الكوا : يا امير المومنين لقد اكلت البارحة طعاما سميت عليه فآذاني قال - عليه السلام -

: " فلعلك اكلت الوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع " ( 3 ) ونحوه

غيره

ولو تكلم في اثناء طعام سمى عليه اعاد التسمية لخبر ( 4 ) مسمع وصرح فيه

بان اضرار الطعام انما هو اذا لم يعد التسمية بعد الكلام ولو نسى التسمية على الطعام

يستحب ان يقول اذا ذكر : بسم الله على اوله وآخره لصحيح ابن فرقد ( 5 ) ثم ان

التسمية المستحبة عند وضع المائدة لا تستحب على جميع الافراد لو كانوا جماعة بل

.....................................................................

 ( 1 ) الوسائل باب 57 من ابواب آداب المائدة حديث - 2 - 3 - 4 - 6 - 8 - 9 - 11 .

( 2 ) الوسائل باب 61 من ابواب آداب المائدة حديث 1 .

( 3 ) الوسائل باب 61 من ابواب آداب المائدة حديث 3 .

( 4 ) الوسائل باب 61 من ابواب آداب المائدة حديث 2 .

( 5 ) الوسائل باب 58 من ابواب آداب المائدة حديث 1 . ( * )

 

 

] والاكل باليمنى وغسل اليد بعده والحمد والاستلقاء وجعل الرجل

اليمنى على اليسرى [

 

يجزي تسمية واحد منهم في ذلك لصحيح ابن الحجاج عن ابي عبد الله - عليه السلام - : " اذا

حضرت المائدة فسمى رجل منهم اجزا عنهم اجمعين " ( 1 ) .

( و ) الثالث ( الاكل باليمنى ) مع الاختيار لخبر ابي بصير عن الامام الصادق :

" لا تاكل باليسرى وانت تستطيع " ( 2 ) .

وخبر سماعة عنه - عليه السلام - : عن الرجل ياكل بشماله ويشرب بها ؟ قال - عليه السلام -

: " لا ياكل بشماله ولا يشرب بشماله ولا يتناول بها شيئا " ( 3 ) ونحوهما غيرهما ولا ينافيها

خبر حماد : اكل ابو عبد الله بيساره ( 4 ) ونحوه خبر ( 5 ) الحسين بن ابي العرندس عن ابي

الحسن - عليه السلام - فانه يمكن ان يكون ذلك لبيان الجواز كما لا ينافيها خبر ( 6 ) ابي

ايوب المتضمن ان العنب والرمان يوكلان باليدين لا ختصاص ذلك بهما .

( و ) الرابع ( غسل اليد بعده ) للنصوص المشار اليها المتقدمة والكلام في

استحبابه لمن اكل بالالة هو الكلام في غسل اليد قبل الطعام .

( و ) الخامس ( الحمد ) للاخبار المتقدمة .

( و ) السادس ( الاستلقاء ) لخبر البزنطي عن الامام الرضا - عليه السلام - : " اذا اكلت

فاستلق على قفاك وضع رجلك اليمنى على اليسرى " ( 7 ) ونحوه خبره ( 8 ) الاخر .

( و ) منهما يظهر استحباب ( جعل الرجل اليمنى على اليسرى ) ثم انه للاكل

والشرب آداب اخر لم يذكرها المصنف - ره - واقتفينا نحن اثره فمن اراد الاطلاع عليها

فليراجع الكتب الاخر .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 58 من ابواب آداب المائدة حديث 2 .

( 2 و 3 و 4 و 5 و 6 ) الوسائل باب 10 من ابواب آداب المائدة حديث 3 - 1 - 4 - 6 - 5 .

( 7 و 8 ) الوسائل باب 74 من ابواب آداب المائدة حديث 1 - 3 . ( * )

 

 

] ويحرم الاكل على مائدة المسكر [

 

يحرم الاكل على مائدة المسكر

 

( ويحرم الاكل ) بل الجلوس ايضا ( على مائدة ) يشرب عليها الخمر بلا خلاف

ويشهد به صحيح هارون بن الجهم قال : كنا مع ابي عبد الله - عليه السلام - بالحيرة حين

قدم على ابي جعفر المنصور فختن بعض القواد ابنا له وصنع طعاما ودعا الناس وكان

ابو عبد الله - عليه السلام - فيمن دعاه فبينما هو على المائدة ياكل ومعه عدة على المائدة

فاستسقى رجل منهم فاتى بقدح فيه شراب لهم فلما صار القدح في يد الرجل قام

ابو عبد الله عن المائدة فسئل عن قيامه فقال : " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " ملعون ملعون من

جلس على مائدة يشرب عليها الخمر " ( 1 ) .

وخبر الجراح المدائني عن ابي عبد الله - عليه السلام - : " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من كان

يومن بالله واليوم الاخر فلا ياكل على مائدة يشرب عليها الخمر " ( 2 ) .

وخبر الحسين بن زيد عنه - عليه السلام - عن آبائه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المناهي

قال : " ونهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر " ( 3 ) .

ولا تنافي بين النصوص كي يقال ان الاول اصح فالعمل عليه بل المتجه هو

العمل بالجميع فيحرم الجلوس وان لم ياكل والاكل وان لم يجلس .

المنسوب الى الاصحاب حرمة الاكل على مائدة يشرب عليها ( المسكر ) وان لم

يكن خمرا .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 61 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 1 .

( 2 ) الوسائل باب 61 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 3 .

( 3 ) الوسائل باب 61 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث 5 . ( * )

 

 

] وافراط الاكل المتضمن للضرر [

 

ويشهد به مضافا الى النصوص ( 1 ) المتضمنة ان كل مسكر خمر فتامل فانه في

خصوص التحريم موثق عمار عن الامام الصادق - عليه السلام - : عن المائدة اذا شرب

عليها الخمر او مسكر قال - عليه السلام - : " حرمت المائدة " الحديث ( 2 ) وعن المصنف - ره -

التعدي الى الاجتماع على اللهو والفساد وعن الحلي لا يجوز الاكل من طعام يعصى الله

به او عليه .

واستدل لهما : بان القيام يستلزم النهى عن المنكر من حيث انه اعراض عن

فاعله واهانة له فيجب لذلك ويحرم تركه وبان مجلس العصيان في معرض نزول

العذاب .

ولكن يرد على الاول : انه للنهى عن المنكر شرائط والكلام انما هو في حرمة

الجلوس والاكل من حيثيتهما وان لم يكونا موردين للنهي عن المنكر ولا كان القيام من

مصاديقه .

ويرد الثاني : ان مجرد ذلك لا يصلح منشئا للحكم بالحرمة والقياس على مجلس

شرب الخمر باطل فالاظهر عدم الحرمة .

( و ) قد تقدم الكلام في مسالة حرمة اكل ما يضر بالبدن ما يظهر منه حكم

( افراط الاكل المتضمن للضرر ) .

تم كتاب الصيد وتوابعه في عصر يوم السادس عشر من حج .

والحمدلله اولا وآخرا . 1388 .

.....................................................................

( 1 ) الوسائل باب 15 و 19 من ابواب الاشربة المحرمة .

( 2 ) الوسائل باب 33 من ابواب الاشربة المحرمة حديث 2 . ( * )