فأنزلت في فرقانك الحكيم : (إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها
الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (2) لا لحاجة به إلى صلاة أحد من
الخلق بعد صلواتك عليه ، ولا إلى تزكيتهم إياه بعد تزكيتك ، بل الخلق
جميعا ، هم المحتاجون إلى ذلك إلا أنك جعلته بابك الذي لا يقبل إلا
من أتاك منه ، وجعلت الصلاة عليه قربة منك ، ووسيلة إليك ، وزلفة
عندك ، ودللت المؤمنين عليه ، وأمرتهم بالصلاة عليه ، ليزدادوا بها إثرة
لديك ، وكرامة عليك ، ووكلت بالمصلين عليه ملائكتك يصلون عليه ،
ويبلغونه بصلاتهم وتسليمهم .
اللهم ، رب محمد صلى الله عليه وآله ، إني أسألك بما عظمت به
من أمر محمد صلى الله عليه وآله ، وأوجبت من حقه ، أن تطلق به لساني
من الصلاة عليه بما تحب وترضى ، وبما لم تطلق به لسان أحد من
خلقك ، ولم تعلمه إياه ، ثم تؤتيني على ذلك مرافقته ، حيث أحللته ،
من محل قدسك ، وجنات فردوسك ، ولا تفرق بيني وبينه .
اللهم ، إني أبدأ بالشهادة ، ثم بالصلاة عليه ، وأن كنت لا أبلغ من
ذلك رضى نفسي ، ولا يعبر لساني عن ضميري ، ولا ألام على التقصير
مني ، لعجز قدرتي عن بلوغ الواجب علي منه ، لانه خط علي ، وحق
علي لما أوجبت له في عنقي ، إنه قد بلغ رسالتك غير مفرط فيما أمرت ،
ولا مجاوز لما نهيت ، ولا مقصر فيما أردت ، ولا متعد لما
أوصيت . . وتلا آياتك على ما أنزلت إليه من وحيك ، وجاهد في
سبيلك ، مقبلا غير مدبر ، ووفى بعهدك ، وصدق وعدك ، وصدع
(1) سورة الاحزاب - آية 56 .(*)