حسن عبدالباقي الموصلي

(1100 هـ - 1157 هـ)

 

الشيخ حسن بن عبدالباقي بن ابي بكر الموصلي العمري فاضلٌ أديب، ولد بالموصل حدود 1100 هـ/ 1689 م، واشتهر ببلدته شاعراً كاتباً وهو من أسرة الشاعر المعروف عبدالباقي العمري، وله في أهل البيت (عليهم السلام) مديحٌ ورثاء، توفي ببغداد عام 1157 هـ/ 1744 م.

وقال من قصيدة:

نعم بلغت يا صاحِ نفسي سؤالها * * * وليس عليها كالنفوس ولا لَها

مقام هو الفردوس نعتاً ومشهداً * * * وجنة خلد قد سقيت زلالها

فيا قبة الافلاك لست كقبة الـ * * * ـمقام مقاماً بل ولست ظلالها

فهاتيك في وجه الوجود كوجنة * * * وقبر ابن عمّ المصطفى كان خالها

وصيٌّ وصهر وابن عمّ وناصرٌ * * * وحامي الورى طراً وماحي ضلالها

عليّ أمير المؤمنين ومن حوى * * * مقاماً محا قيل الظنون وقالها

فمن يوم اسماعيل بعد محمد * * * إذا عدّت الاحساب كان كمالها

وضرغامها والمرتضى وإمامها * * * وحيدرها والمرتقى وجلالها

وأكرمها والمرتجى ويمينها * * * وأعلمها والملتجى وشمالها

فكيف ترى مثلاً لاكرم عصبة * * * إذا كنت تدري بالوصيّ اتصالها

فلا تسم الاعصاب من صلب آدم * * * وان سُمت لا تسوى جميعا عقالها

لها السؤدد الاعلى على كل عصبة * * * ولم تر بين العالمين مثالها

لقد حازت السبطين بدري محمد * * * وبضعته الزهراء نوراً وآلها

فيا خير من أرخت أزمّة نوقها * * * اليه حداة زاجرات جمالها

ويا خير من حجّت اليه من الورى * * * بنو آمل ألقت اليه رحالها

ويا خير مأوى للنزيل وملتجى * * * إذا أزمة ابدى الزمان عضالها

الا أيها الممتاز من آل هاشم * * * ومن كان فيهم عزّها واكتمالها

ألا يا أبا السبطين يا خير من رقى * * * لمنزلة حاشا الورى أن ينالها

أزلتَ ظلام الشرك يا آية الهدى * * * وأفنيتَ أصنام العدى ورجالها

واطلعت شمس الحق والكفر قد دجى * * * ولولاك يا فخر الوجود أزالها

 

علي العادلي العاملي

(... - 1160 هـ)

 

الشيخ علي بن احمد الفقيه العادلي العاملي الغروي، فاضلٌ أديبٌ فقيه، معاصر للفاضل الاديب الشهيد السيد نصرالله الفائزي الموسوي الحائري، ومراسل له وهو موصوف بالفضل والعلم والادب وله ديوانٌ مخطوطٌ ومؤلفات عديدة والغالب على الظنّ انه توفّي في حدود 1160 هـ/ 1747 م، وأغلب شعره في أهل بيت الرحمة (عليهم السلام).

وقال مادحاً أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة مطلعها:

ذريني تعنّيني الامور صعابها * * * فان الاماني الغر عذب عذابها

حتى قال:

وآنس من أرض الغري مسارحاً * * * ولاح لعيني سورها وشعابها

فثمّ أريح اليعملات من السرى * * * وطيّ قفار مدلهمّ إهابها

احط بها رحلي وألقي بها العصا * * * إلى أن يفادي النفس مني ذهابها

مواطن انس فالبرية قد غدت * * * إليها رجا الدارين تحدي ركابها

سمت شرفاً سامي السماك فكاد في * * * ثراها الثريا أن يكون غيابها

ألا إن ارضاً حلّ في تربها أبو * * * تراب لكحل للعيون ترابها

أخو المصطفى من قال في حقه أنا * * * مدينة علم وابن عمّيَ بابها

إمام هدىً جاء الكتاب بمدحه * * * وجاء به الرسل الكرام كتابها

طويل الخطى تلقاء كل كتيبة * * * إذا شبّ في نار الهياج التهابها

إذا لم تطر قبل الفرار نفوسهم * * * فبالبيض والسمر اللدان استلابها

وقال ايضاً:

هلا رثيت لمدنف * * * سئمت مضاجعه الوسائدْ

مثل الذي ما زال مفـ * * * ـتقراً الى صلة وعائد

لله أيام الغري * * * وحبذا تلك المعاهد

فلكم صحبتُ بأرضها * * * آرامها الغيد النواهد

وسحبت أذيال الصبا * * * مرحاً وجفن الدهر راقد

والشمل منتظم لنا * * * بربوعها نظم الفرائد

ومضت على عجل بها * * * الايام كالنعم الشوارد

يا دارنا بحمى الغري * * * سقيتِ منهلّ الرواعد

يا سعد وقّيت النوى * * * وكفيت منها ما أكابد

بالله ان جزت الغريّ * * * فعج على خير المشاهد

واخلع بها نعليك ملـ * * * ـتثمَ الثرى لله ساجد

وقل السلام عليك يا * * * كهف النجاة لكل وافد

ومحط رحل المستضام * * * المستجير وكل وارد

يا آية الله التي * * * ظهرت فأعيت كل جاحد

والحجة الكبرى المناطة * * * بالاقارب والاباعد

لولاك ما اتضح الرشاد * * * ولا اهتدى فيه المعاند

كلا ونيران الضلا * * * لة لم تكن أبداً خوامد

والدين كان بناؤه * * * لولاك منهدّ القواعد

حارت بك الاوهام * * * واختلفت بنعماك العقائد

أنت المرجّى في الفوا * * * دح والمؤمّل في الشدائد

تدعو الانام إلى الهدى * * * وعليهم في ذاك شاهد

خذها أبا حسن إلى * * * علياك أبكاراً خرائد

أرجو بها يوم المعا * * * د النصر ان قلّ المساعد

صلى عليك الله ما ار * * * تضع الثرى درّ الرواعد

 

محمد علي الخاقاني

(... - 1188 هـ)

 

أبو عبد الرضا الشيخ محمد علي ابن الشيخ بشارة بن عبد الرحمن آل موحي الخاقاني النجفي، فاضلٌ شاعر.

صاحب مؤلفات قرضها كثير من العلماء، وكان ذكيا لبقاً كما يظهر من كتابه (نشوة السلافة) إضافة إلى كونه حاضر النكتة. وكان معاصراً للسيد نصر الله الحائري والشيخ أحمد النحوي والشيخ مهدي الفتوني وأضرابهم وكان له من الاثار ديوان شعر وكتاب ريحانة النحو وكتاب شرح النهج وكتاب نتائج الافكار في غرر الاشعار، توفي في العام 1188 هـ/ 1774 م.

وقوله يمدح الامام عليا (عليه السلام):

تلك الديار تغيرت آثارها * * * وتغيبت تحت الثرى أقمارها

دار لقد أخفى البلا أصواتها * * * ومن السحايب جاده مدرارها

حتى يقول:

إذ كنت مادح حيدر رب التقى * * * فخر البرية حصنهم كرارها

ليث إذا حمي الوطيس وزمجرت * * * فرسانها والحرب طار شرارها

يسطو بأعظم صولة رواعة * * * منها الكماة تصرمت أعمارها

وإذا الخيول الصافنات تسابقت * * * يوم البراز فسبقه نحارها

صهر النبي أبو الائمة خيرهم * * * وبه الخلافة قد سما مقدارها

بغدير خم للولاية حازها * * * حقاً وليس بممكن إنكارها

وبراحتيه تفجرت عين الندى * * * فالواردون جميعهم يمتارها

نهج البلاغة من جواهر لفظه * * * فيه العلوم تبينت أسرارها

لولاه ما عُبد الاله بأرضه * * * يوما ولا طاعت له كفارها

ردت له يوماً ببابل إذ دعى * * * والخلق عند رجوعها حضارها

وله مجاريا قصيدة السيد علي خان المدني يمدح بها الامام عليا (عليه السلام) قوله:

من ظلمة الليل لي المأنسُ * * * إذ فيه تبدو الشهب الكنسُ

والاسد المغوار يوم الوغى * * * تَفْرقُ من صولته الاشوَس

لو قامت الحرب على ساقها * * * قام إليها وهو لا ينكس

كم قَدَّ في صارمه فارسا * * * وصير السيْدَ له ينهس

هو ابن عم المصطفى والذي * * * قد طاب من دوحته المغرس

عيبة علم الله شمس الهدى * * * ونوره الزاهر لا يطمس

قد طلق الدنيا ولم يرضها * * * ما همه المطعم والملبس

يُقطِّع الليل بتقديسه * * * يزهو به المحراب والمجلس

وفي الندى بحر بلا ساحل * * * وفي المعالي الاصيد الارأس

اذا رقى يوما ذرى منبر * * * وألسن الخلق له خرس

قد شرفت كوفان في قبره * * * ولم تكن أعلامها تدرس

إن أنكر الجاحد قولي أقل * * * يا صاح هذا المشهد الاقدس

أما ترى النور به مشرقا * * * قرت به الاعين والانفس

والله لولا حيدر لم يكن * * * في الارض ديار ولا مكنس

فليس يحصي فضله ناثر * * * أو ناظم في شعره منبس

سمعاً أبا السبطين منظومة * * * غراء من غصن النقا أميس

تختال من مدحك في حلة * * * لم يحكها في نسجها السندس

أرجو بها منك الجزا في غد * * * فإن من والاك لا يبخس

صلى عليك الله ما أشرقت * * * شمس الضحى وانكشف الحندس

 

الميرزا حسن الشولستاني

(من شعراء القرن الثاني عشر)

 

الميرزا حسن بن علي ابن المير شرف الدين علي الحسيني الشولستاني من شعراء القرن الثاني عشر الهجري، وهو فاضل تحلى بفضائل الاخلاق.

ومن شعره الذي أرسله من الهند إلى بعض أصدقائه في النجف وفيه يتأسف على فراقها ويمدح فيها الامام عليا (عليه السلام) قوله:

ياليتني كنت لم أخرج من النجف * * * ولا أبدل ذاك الدرّ بالصدفِ

ولا أطيع هوى نفسي وشهوتها * * * ولا أبيع جنان الخلد بالجيفِ

أشكوك يا نفس ألاّ ترعوى وتعي * * * مقالة البطل المغموس في الشرف

قريحتي أن تكون اليوم عارفة * * * بأبحر الشعر هذا البحر فاغترف

إن كنت وصافة مافي الصفيِّ صفي * * * أو كنت نظامة قولي ولا تخفي

هذا الذي جاءت التوراة ناطقة * * * بفضله بل جميع الكتب والصحف

هذا الذي فيه أعلام الهدى رفعت * * * وأسَّس العلم حتى صار ذا شرفِ

شق الاله له من إسمه علما * * * وزيّن العرش فيه وهو غير خفي

متى أُقبل أَعتاب الضريح متى * * * حتى يكون مع الاملاك مختلفي

إلى أن يقول في آخرها:

عليك مني سلام الله ما سجعت * * * قمرية الايك في الاسحار والزلف

 

الشيخ مسلم الشيرازي

(من شعراء القرن الثاني عشر)

 

ليس فيما بين يدينا ذكرٌ له سوى قول صاحب نشوة السلافة إذ ذكره في كتابه هذا فقال: برع في المعقول والمنقول حتى أعجز غيره في المفاضلة والمباراة وله في النظم اليد الطولى.

قال يمدح الامام عليّاً:

إن الانين على عطفيك أصباني * * * ورق تكرار أسجاع على البانِ

من لي بعاصف شملال يبلغني * * * إلى الغري فيلقاني وينساني

فيه الذي فرض الرحمن طاعته * * * على البرية من جن وإنسان

عليٌ المرتضى الحاوي مدائحه * * * أسفار كتب وآيات بقرآن

قد اقتدى برسول الله في ظلم * * * والناس طرّاً عكوفاً حول أوثان

كم جدَّل الشوس في بدر وفي أحد * * * بسمهري يحاكي لدغ ثعبان

هل الذي من رسول الله كان له * * * مقام هارون من موسى بن عمران

لولاه لم يجدوا كفؤاً لفاطمة * * * لولاه لم يفهموا أسرار فرقان

لولاه كان رسول الله ذا عقم * * * لولاه ما اتقدت مشكاة إيمان

هو الذي صار عرش الله ذا شنف * * * إذ صار قرطيه إبناه الكريمان

صلى الاله عليه ما بدت شهب * * * بجنح ليل وما كرّ الجديدان

 

الشيخ يوسف الحصري

(من شعراء القرن الثاني عشر)

 

أحد ادباء النجف، وكان من أرباب العلم والفتوى، وقد مات شهيدا في مسجد الكوفة ; إذ هجم عليه لصوص فجادلهم حتى قتلوه ثم سلبوه وكل من معه وبعد ذلك غسل ودفن عند مغسّل أمير المؤمنين المحاذي للمسجد. وغير هذا لم يتوفر لدينا شيء عن حياته رضوان الله عليه.

من بعد حمد الله والصلاةِ * * * على النبي سيد الساداتِ

وآله لا سيما أهل العبا * * * والتسعة الغر الكرام النجبا

إن الغري أشرف المساكن * * * لانه من أشرف الاماكن

إذ فيه قبر حيدر الامين * * * وشرف المكان بالمكين

ومن يطالع (فرحة الغري) * * * شاهد سر المرتضى علي

فخذ إليك يابن عم المصطفى * * * من يوسف الحصري نظما قد صفا

فيا أمين الله في بلاده * * * حقا وعين الله في عباده

ونفس أحمد وفيه باهى * * * والبيت في مولده تباهى

وكم له من معجزات تقصر * * * عن عدها البحار حين تسطر

ثم صلاة الله والسلام * * * عليك ما غردت الحمام

 

 

الفصل الثالث عشر 

في شعراء القرن الثالث عشر

 

 

حسن بن مجلي

(... - 1202 هـ)

 

الشيخ حسن بن مجلي الخطي القطيفي، شاعرٌ فاضل عالم، وُلد في القطيف حاضرة العلم والفضل والادب، ولم تتيسَّر لنا معرفة عام ولادته أو نبذة من حياته غير ما ذكره الشيخ صاحب الغدير، والاخر صاحب شعراء القطيف من الماضين، لكنَّ الاشارة واضحة الى طيب محتده وشرف عنصره فأسرته لها مكانتها الاجتماعية المرموقة برجالها الاماثل الافاضل، والذي يعنينا هنا من المترجم له (رحمه الله) أنه خمّس قصيدة السيد الحميري العينيّه المشهورة فخلُد ذكره ، والاقرب الى الصواب انّه توفّي عام 1202 هـ/ 1788 م، ومن تخميسه للحميريّة قوله:

لا تنكروا أن جيرة أزمعوا * * * هجراً وحبل الوصل قد قطعوا

كم دمن خاوية تجزعُ * * * لام عمرو باللوى مربعُ

طامسة اعلامه بلقعُ كانت بأهل الود انسيّةٌ * * * تزهو بزهر الروض موشيةٌ

فأصبحت بالرغم منسيةٌ * * * تروح عنها الطير وحشيةٌ

والاسد من خيفتها تجزعُ سألتها اين الظبا اللعَّسُ * * * الناهدات الكعب الميَّسُ

فجاوبتني الاربع الدرَّسُ * * * برسم دار ما بها مؤنسُ

الاّ صلالٌ في الثرى وقَّعُ تكدرت صفوات لذاتها * * * مذ فارقت بالرغم عاداتها

ولم تر إلا بحافاتها * * * رقشاً يخاف الموت نفثاتها

والسم في انيابها مقنعُ دارت رحى الموت على سلمِها * * * لم يبق في لين ولا نعمِها

وليس في غم على غمِّها * * * لما وقفن العيس في رسمِها

والعين من عرفانه تدمعُ وذاب قلبي من لظى كربهِ * * * وكاد يدنو من عدا نحبهِ

والدمع لا ينفك عن صبّهِ * * * ذكرت ما قد كنت ألهو بهِ

فبتُّ والقلب شج موجعُ الوجد والتبريح قد مضَّني * * * ونغَّصَ التفريق عيش الهني

وانتحل الجسم ونومي فني * * * كأن بالنار لِما شفَّني

من حبّ أروى كبدي تلذعُ لا عجب من ريب دهر عدا * * * اذا رماني بسهام الردى

وعاث ما عاث بأهل الندى * * * عجبت من قوم أتوا احمدا

بخطبة ليس لها موضعُ الغدر في مضمونها ضمّنا * * * والنكث مطوي بها والخنا

فأقبلوا كل وكل دنا * * * قالوا له لو شئت اعلمتنا

الى من الغاية والمفزعُ عن كل خطب مشكل مسَّنا * * * ومن ترى يحكم في امرنا

والمرتجى في كل امر عَنا * * * اذا توفيت وفارقتنا

وفيهم للملك من يطمعُ ومن ترى فيه يشاد البنا * * * ومن له الحجةُ من ربنا

على الورى ممن نآى أودنا * * * فقال لو أعلمتكم معلنا

كنتم عسيتم فيه أن تصنعوا كمثل قوم مثلكم نافقوا * * * حادوا عن الحق ولا وافقوا

إذ نكثوا العهد الذي واثقوا * * * صنيع أهل العجل إذ فارقوا

هارون فالترك له أودعُ انظر بعين الفكر يا من فطنْ * * * الى جواب المصطفى المؤتمَنْ

ابدى لهم من سره ما كمَنْ * * * وفي الذي قال بيان لمنْ

كان اذاً يعقل او يسمعُ ثم ألمت فيهم غمةٌ * * * كأنما حفت بهم ظلمةٌ

والمصطفى تتبعه امةٌ * * * ثم أتته بعد ذا عزمةٌ

من ربه ليس لها مدفعُ انصب علياً فهو المبتغى * * * وهو حسامُ الله فيمن طغى

وفارس الهيجا بيوم الوغى * * * ابلغ وإلا لم تكن مبلغا

والله منهم عاصم يمنعُ ابلغ بلا مهل وقل للذي * * * بغى على الدين بقول بذي

دعه فمنه عينه في قذي * * * فعندها قام النبي الذي

كان بما يأمره يصدعُ مشمّراً يكشف عن وصفهِ * * * يهدي البرايا لشذا عرفهِ

مبلّغاً كالسيل في كفهِ * * * يخطب مأموراً وفي كفّهِ

كفُّ عليٍّ ظاهر يلمعُ

 

سليمان المزيدي

(1141 هـ - 1211 هـ)

 

السيد سليمان بن داود بن حيدر بن أحمد، أبو داود ويكنى بأبي عبد الله أيضاً. ينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد ابن علي بن الحسين (عليه السلام)، شاعر عالم فاضل.

ولد المترجم في النجف الاشرف عام 1141 هـ/ 1729 م ونشأ فيها وتتلمذ على علمائها حتى ذاع صيته واشتهر ذكره بعلمي الاديان والابدان أي الفقه والطب. ثم غادر النجف إلى الحلة سنة 1175 هـ/ 1762 م فكان أشهر أعلامها.

كان سريع الخط جيّده، وسريع البديهة حاضر الجواب، وقد طارح جماعة من شعراء عصره.

توفي بالسكتة القلبية سنة 1211 هـ/ 1796 م وحمل جثمانه إلى النجف وصلى عليه إمام الطائفة يومئذ السيد محمد مهدي بحر العلوم (قدس سره).

ومما قاله في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) قصيدة من 72 بيتاً مطلعها:

حارت بكنه صفاتك الافهام * * * وتعذر الادراك والالهام

والاخرى في مدحه (عليه السلام) وهي 56 بيتاً واليك المختار منها:

ظهور المعالي في ظهور النجائب * * * ونيل الاماني بعد طي السباسب

مهابط وحي أقفرت وتنكرت * * * معالمها من فادحات المصائب

لقد أوجبت آي الكتاب ودادهم * * * وود سواهم لو زكا غير واجب

بهم من علي آية الله آية * * * فحازوا به في الفخر أعلى المراتب

هو الاية الكبرى إمام ذوي النهى * * * هو العروة الوثقى رقى أي غارب

فلو لم يكن خير الورى وإمامها * * * لما جاز أن يرقى خيار المناكب

ولو لم يكن مولى الورى مثل حيدر * * * فما هو إلا حجة للنواصب

فان قلت نفس المصطفى كنت صادقاً * * * ولو قلت عين الله لست بكاذب

ولم ير في يوم الوغى غير ضاحك * * * ولم يقفُ يوم الروع آثار هارب

فيا خيرة الله العلي ومن له * * * مناسم مجد فوق أعلى الكواكب

ويا من كتاب الله جاء مؤكداً * * * مودته في حفظ ود الاقارب

وفي (هل أتى) و (النجم) جاء مديحه * * * وفي (العاديات) الغر بين الكتائب

وياخير من يدعى لدفع ملمة * * * ويا خير من يدعى لرفع النوائب

أيا جد من أرجو ومثلك موئلي * * * ولست لاهوال الزمان بهائب

فخذها أبا الاطهار نفثة مغرم * * * يناجيك فيها يا سليل الاطائب

 

كاظم الازري البغدادي

(1143 هـ - 1212 هـ)

 

الشيخ كاظم ابن الحاج محمد ابن الحاج مراد التميمي البغدادي، شاعر معروف واديب فاضل.

ولد في بغداد سنة 1143 هـ/ 1730 م وتوفي سنة 1212 هـ/ 1797 م.

غير أن الحجر الذي وجد داخل السرداب في داره يدل على أن تاريخ وفاته سنة 1201 هـ، درس العلوم العربية ومقداراً من الفقه والاصول على فضلاء عصره، لكنه انقطع عن الدرس لولعه بالادب وقد نظم الشعر لما بلغ العشرين. وقد درس الفلسفة وعرف دقائقها على حدّ قول العلامة المظفر ثم يستشهد على ذلك بأبياته التي يقول فيها مادحاً النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله):

هو طاووس روضة الملك بل نا * * * موسها الاكبر الذي يرعاها

وهو الجوهر المجرد منه * * * كل نفس مليكها زكاها

لم تكن هذه العناصر إلاّ * * * من هيولاه حيث كان أباها

وكان على اتصال بالوالي سليمان باشا الكبير وببعض البيوتات العالية والشخصيات المعروفة.

وقال مادحاً أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) وطالباً شفاعته إلى الله عز وجل في دفع الوباء الذي حل ببغداد، من قصيدة مطلعها:

جَللٌ عرا فارتاع كلُّ فؤادِ * * * فمن المجيرُ من الزمان العادي

حتى قال:

أين المفرُّ وللمنايا غارةٌ * * * ثارت عجاجتُها بكلِّ بلادِ

هُنَّ الرَّواجف لا يُقيم قناتَها * * * إلاَّ الوليُّ أخو النبيِّ الهادي

المنقعُ الايام من غُلل الاسى * * * بروائح من غوثه وغوادي

والمجتلي كرب العُفاة بنائل * * * مسح القذى عن طرف كلِّ (هواد)

والكاشفُ الجلل الاحمّ بمعوز * * * شمسَ الضحى منه إلى استمدادِ

كهفُ الطريدة من مجامع روعها * * * أمنُ المسالم خوفُ كلِّ مُعادِ

المثقبُ الزَّندين يوم سماحة * * * يُحيي بها ويُميت يوم جلادِ

طلاَّع كلِّ ثنيَّة من حكمة * * * يفترُّ عنها ثغرُ كلِّ رشادِ

حامي حمى الثَّقلين أنت وليُّها * * * في حالَيِ الاشقاءِ والاسعادِ

إن كنت ترضى أن يطولَ وبالُها * * * فرضاك نعم الرَّوض للمرتادِ

نزلت بك الامالُ وهي مُطاشةٌ * * * فأفِضْ عليها منك فيض سدادِ

تشكو إليك قطيعةَ الزَّمن الذي * * * جعل القيود قلائد الاجيادِ

أمن المروءَة تركُ مثلِك مثلَهم * * * متفرِّقين تفرُّق الاضدادِ

يا محيي الاموات ها مَلَكُ الرَّدى * * * وافى يجرُّ مساحبَ الاجنادِ

لو شامَ منك وميض لاراض بها * * * لاتاك يحجلُ في قيود قيادِ

أولست داحي بابِها ومزلزلاً * * * من كلّ أرض أعظم الاطوادِ

أولست رائع جنِّها ومبيدَها * * * بشهاب كوكب عزمك الوقَّادِ

أولست معطي كلِّ نفس أمْنها * * * يوم القيامة من أذى الميعادِ

أولست ساقيها غداً من كوثر * * * والماءُ ممتنعٌ على الورَّادِ

يامن شذاه يقي النُّفوس من الاذى * * * ويخلِّد الارواح في الاجسادِ

حسب المؤمِّل منك أنَّك منقذٌ * * * ما كان بين نواجذ الاسادِ

ولئن وهبتَ لها الحياة فربَّما * * * فجَّرت بالامواه قلبَ جمادِ

وله من قصيدة في مدح أمير المؤمنين علي (عليه السلام) والاصل لابي الحسن التهامي:

وذي مرقد شمسُ العُلى كقبابهِ * * * وجبهةُ دار الملك دون تُرابهِ

ألم تره مع عظم وسع رحابهِ * * * تَزاحمُ تيجانُ الملوك ببابهِ

ويكثر عند الاستلام ازدحامُها بباطنه آياتُ وحيٍّ تنزَّلت * * * ورسلٌ وأملاكٌ به قد توسَّلت

لذاك سلاطينٌ لديه تذلَّلت * * * إذا ما رأته من بعيد ترجَّلت

وإن هيَ لم تفعل ترجَّل هامها وهذه مقتطفات من قصيدته البالغة الف بيت وقد أكلت الارضة منها أكثر من أربعمائة بيت ; بعد ان احتفظ بها صاحبها في طومار ولم يبق منها إلاّ 578 بيتاً نأخذ منها محل الحاجة:

أسد الله ما رأت مقلتاه * * * نار حرب تشب إلاّ اصطلاها

فارس المؤمنين في كل حرب * * * قطبُ محرابها إمام وغاها

لم يخض في الهياج إلاّ وابدى * * * عزمة يتقي الردى إياها

ذاك رأس الموحدين وحامي * * * بيضة الدين من أكفّ عداها

من ترى مثله إذا صرّت الحر * * * ب ودارت على الكماة رحاها

ذاك قمقامها الذي لا يروّي * * * غير صمصامه أوام صداها

وبه استفتح الهدى يوم (بدر) * * * من طغاة أبت سوى طغواها

صب صوب الردى عليهم همام * * * ليس يخشى عقبى التي سوّاها

يوم جاءت وفي القلوب غليل * * * فسقاها حسامه ما سقاها

مَن تلقّى يد (الوليد) بضرب * * * حيدري برْيَ اليراع براها

وسقى منه (عتبة) كأس بؤس * * * كان صرفا إلى المعاد احتساها

ورأى تيه «ذي الخمار» فردّا * * * ه من الذل بردة ما ارتداها

ظهرت منه في الوغى سطوات * * * ما أتى القوم كلهم مأتاها

وعلي يلقى الالوف بقلب * * * صوّر الله فيه شكل فناها

إنما تفضل النفوس بجد * * * وعلى قدره مقام علاها

وتخطى إلى المدينة فرداً * * * بسرايا عزائم ساراها

فدعاهم وهم ألوف ولكن * * * ينظرون الذي يشب لظاها

فابتدى المصطفى يحدّث عما * * * تؤجر الصابرون في أخراها

قائلاً إن للجليل جناناً * * * ليس غير المجاهدين يراها

من لعمرو وقد ضمنت على اللّـ * * * ـهِ له من جنانه أعلاها

فالتووا عن جوابه كسوام * * * لا تراها مجيبة من دعاها

واذا هم بفارس قرشي * * * ترجف الارض خيفة إذ يطاها

قائلاً مالها سواي كفيل * * * هذه ذمةٌ عَليَّ وفاها

ومشى يطلب الصفوف كما تمـ * * * ـشي خماص الحشا إلى مرعاها

فانتضى مشرفيه فتلقّى * * * ساق عمرو بضربة فبراها

وإلى الحشر رنة السيف منه * * * يملا الخافقين رجع صداها

يا لها ضربة حوت مكرمات * * * لم يزن ثقل أجرها ثقلاها

هذه من علاه إحدى المعالي * * * وعلى هذه فقس ما سواها

و (بأحد) كم فل آحاد شوس * * * كلما أوقدوا الوغى أطفاها

يوم دارت بلا ثوابت إلاّ * * * أسد الله كان قطب رحاها

يوم خانت نبالة القوم عهداً * * * لنبي الهدى فخاب رجاها

وتراءت لها غنائم شتى * * * فاقتفى الاكثرون إثر ثراها

وله يوم (خيبر) فتكات * * * كبرت منظراً على من رآها

يوم قال النبي إني لاعطي * * * رايتي ليثها وحامي حماها

فاستطالت أعناق كل فريق * * * ليروا أي ماجد يعطاها

فدعا أين وارث العلم والحلم * * * مجير الايام من بأساها

أين ذو النجدة الذي لو دعته * * * في الثريا مروعة لبّاها

فأتاه الوصي أرمد عين * * * فسقاه من ريقه فشفاها

ومضى يطلب الصفوف فولت * * * عنه علماً بأنه أمضاها

وبرى (مرحباً) بكف اقتدار * * * أقوياء الاقدار من ضعفاها

ودحا بابها بقوة بأس * * * لو حمتها الافلاك منه دحاها

عائد للمؤمّلين مجيب * * * سامع ما تسر من نجواها

صادق الفعل والمقالة يحوي * * * غرة مثل حسنه حسناها

لم تفه ملة من الشرك إلاّ * * * فضّ بالصارم الالهيّ فاها

وطواها طيَّ السجل همام * * * نشر الحرب علمه وطواها

كم عرا مشكل فحلّ عراه * * * ليس للمشكلات إلاّ فتاها

واسأل الاعصر القديمة عنه * * * كيف كانت يداه روح غذاها

أيّ نفس لا تهتدي بهداه * * * وهو من كل صورة مقلتاها

«وبخم» ماذا جرى يوم خم * * * تلك أكرومة أبت أن تضاهى

ذاك يوم من الزمان أبانت * * * ملة الحق فيه عن مقتداها

كم حوى ذلك «الغدير» نجوماً * * * ما جرت أنجم الدجى مجراها

إذ رقى منبر الحدايج هاد * * * طاول السبعة العلى برقاها

موقفاً للانام في فلوات * * * وعرات بالقيظ يشوي شواها

أيها الناس حدثوا اليوم عني * * * وليبلغ أدنى الورى أقصاها

كل نفس كانت تراني مولىً * * * فلتر اليوم حيدراً مولاها

رب هذي أمانة لك عندي * * * وإليك الامين قد اداها

وال من لا يرى الولاية إلاّ * * * لعلي وعاد من عاداها

***

أيها الراكب المجد رويداً * * * بقلوب تقلبت في جواها

إن تراءت أرض الغريين فاخضع * * * واخلع النعل دون وادي طواها

وإذا شمت قبة العالم الاعـ * * * ـلى وأنوار ربها تغشاها

فتواضع فثمّ دارة قدس * * * تتمنى الافلاك لثم ثراها

قل له والدموع سفح عقيق * * * والجوى تصطلي بنار غضاها

يابن عم النبي أنت يد اللّـ * * * ـه التي عم كل شيء نداها

حسبك الله في مآثر شتى * * * هي مثل الاعداد لا تتناهى

ليت عيناً بغير روضك ترعى * * * قذيت واستمر فيها قذاها(1)

 

ابراهيم العاملي

(1154 هـ - 1214 هـ)

 

الشيخ إبراهيم بن يحيى بن محمد بن سليمان العاملي الطيبي، عالم فاضل، وشاعر مكثر.

ولد في قرية الطيبة عام 1154 هـ/ 1742 م وهاجر مع من هاجر الى بعلبك في رمضان بعد مقتل الامير ناصيف واستيلاء الجزّار على جبل عامل، ومنها غادر إلى النجف الاشرف ولازم السيد بحر العلوم مع تردده على الشيخ جعفر الجنابي لدراسة الفقه والاُصول.

أولع بالتخميس حتى أنه خمس ديوان أبي فراس برمّته وأكثر المشهور من غرر الشريف وكثيرا من القصائد الاخرى كالبردة وعينية ابن زريق وغيرها.

ذكره جملة من الاعلام، منهم السيد الامين في الاعيان ووصفه بأنه: عالم فاضل، أديب شاعر. وذكره صاحب الحصون فقال: «كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً حاوياً لجملة من العلوم، مصنفاً فيها (....) وله منظومة في علم الكلام أجاد فيها كلّ الاجادة». وقال عنه مؤرخ جبل عامل الشيخ علي السبيتي: ثلاثة من تلامذة أبي الحسن الحسيني برعوا في الفضل في زمانهم حتى فضلهم البعض على استاذهم ثم ذكر منهم الشيخ المترجم له وهو أحدهم.

خلّف ديوان شعر لم يطبع لحد الان، سافر من النجف الى خراسان ثم دمشق حيث توطنها الى أن مات فيها ، وقيل: انه مات في النباطية عام 1214 هـ/ 1799 م.

وله من قصيدة مطلعها:

لقد طال عمر الهجر يا أم عامر * * * ورثت حبال الصبر من كل صابِر

حتى قال:

نهضنا سراعا للغري كأننا * * * صواد نرى فيه مجاج المواطرِ

نؤمّ أمير المؤمنين وكهفهم * * * وأفضل باد في الانام وحاضرِ

ولولا اختيار السبق كان مسيرنا * * * إليه على أجفاننا والنواظرِ

ولما بلغنا ذلك الحيّ خلتني * * * ظهرت من الفردوس فوق المظاهر

وبادرت لثماً للتراب وللحصى * * * ولا عذر لي والله إن لم أبادر

وطفت بقبر يشهد الله أنه * * * حوى خير من ضمت بطون المقابر

وله يمدح الامام أمير المؤمنين علياً (عليه السلام):

عجْ بالعذيب ولا تبخل على الطلل * * * بريّها إنه فرض على المقلِ

اتمنع الريّ منها وهي صادية * * * والبخل بالماء اقصى غاية البخلِ

إلى أن يقول:

وقد علاني ضياء ليس يدفعه * * * شيء كفضل أمير المؤمنين علي

أجرى وأشجع من يدعا ليوموغىً * * * وأكرم الناس من حاف ومنتعلِ

زوج البتول الذي ما شدّ مئزره * * * إلا على الحسنيين العلم والعملِ

أبو النجوم التي أسماؤها كتبت * * * بنوره فوق ساق العرش في الازل

بسيفه قام دين الله واعتدلت * * * قناته بعد طول الزيغ والميلِ

وينصر الدين في سر وفي علن * * * ويخذل الكفر في حل ومرتحلِ

سل عنه سلْعاً وقد ناداه من كثب * * * عمرو بن ود فلبّاه على عجل

يهوى إليه فقل ما شئت في أسد * * * جأجأته للقاء الاعصم الوعل

وسل هوازن عنه والنضير وسل * * * بدراً وسل أحداً والنهروان سل

وسل مواقف صفين التي ذهبت * * * فيها صوارمه بالخيل والخول

وسل صدور العوالي والبواتر عن * * * جميل أفعاله في وقعة الجمل

أفديه من ماجد بالمجد ملتحف * * * بالفضل متشح بالخير مشتمل

جودٌ به زهت الدنيا وساكنها * * * والارض تحيا بصوب العارض الهطل

إن المكارم شتى لا عِداد لها * * * سبحان جامعها في ذلك الرجل

نال الخلافة بالنص الجلي فيا * * * لله من ذي ضلال والصباح جلي

إن الخلافة تاج ليس يعقده * * * من البرية إلاّ خاتم الرسل

جاء الامين من الله الامين بها * * * إلى الامين فنادى وهو في جذل

ألست أولاكم طراً بأنفسكم؟ * * * قالوا: بلى يارسول الواحد الازلي

فقال: من كنت مولاه وسيده * * * فحسبه من علي سيد وولي

 

محمد زيني البغدادي

(1148 هـ - 1216 هـ)

 

السيد محمد بن احمد زين الدين الحسني، أديب فاضل، ولد في النجف الاشرف عام 1148 هـ/ 1735 م. ونشأ على والده الذي أرشده الى التتلمذ على الحجة السيد مهدي بحر العلوم فنهل من علمه وفضله واشير اليه بالبنان، وهو أحد أصحاب وقعة الخميس الادبيّة ومصاهر للسيد حسين بن ابي الحسن العاملي على ابنته، كتب الشعر وألّف في عدّة من العلوم، وله ديوان مخطوط، توفي عام 1216 هـ/ 1801 م.

له في أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:

ابا حسن يا عصمة الجار دعوة * * * على أثرها حثَّ الرجاء ركابه

شكوتك صرف الدهر قدما وانك الـ * * * ـمذل من ارجاء الخطوب صعابه

فما باله قد فوّق الدهر سهمه * * * وصبّ على قلب الحزين عذابه

أبا حسن والمرء يا ربما دعا * * * كريماً فلبّاه وزاد ثوابه

فإن كنت ترعاه لسوء فعاله * * * فبرّك يرعى فيك منك انتسابه

وله في مدح الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله من قصيدة مطلعها:

علامَ وما كنتُ الخؤون بصاحب * * * تحاول بت الوصل مني حبائبي

حتى قال:

تؤمّ بنا أصل الكرام ومن سما * * * به كل فرع من لويّ بن غالب

علياً أمير المؤمنين وسيد الـ * * * ـوصيين خير الخلق نسل الاطائب

وحتى رسول الله والنص واضحٌ * * * وإن عميت عنه قلوب الكواذب

فتى لم ينل ما ناله من فضائل * * * عجائب كانت في عيون العجائب

كريم إذا انهلّت سحائب جوده * * * أراك قليل الصوب صوب السحائب

إذا عدّ جود فهو أكرم واهب * * * وان عدّ بأس فهو حتف المحارب

معرّف فرسان الوغى ان حتفها * * * بملقاه من دون القنا والقواضب

إذا اسودّ ليل النقع منه ومكنت * * * قنا الخط من طعن الذرى والغوارب

يجر خميساً من ثواقب رأيه * * * عزائمه فيها جياد السلاهب

فسل خيبراً من كان أورد مرحبا * * * حياض المنايا من بديع المضارب

فلا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * * * سواه إذا صالت قروم الكتائب

ولولا غلوّ في هواه وصفته * * * بوصف غنيّ في الوجود وواجب

عجبت لمن ظنّ المناصب فخره * * * وموطئ خفّيه سنام المناصب

يصدّك ضوء الشمس عن درك ذاتها * * * وهيبتهُ تغنيه عن كل جانب

هو العروة الوثقى لمستمسك به * * * هو الغاية القصوى لرغبة راغب

تنال جميل الصفح منه مغاضباً * * * كنيلك منه النجح غير مغاضب

يزيد عطاءً حين يرتاح للندى * * * فتحسب انّ البذل دعوة طالب

نوافيه للجدوى خفافاً عيابنا * * * ونصدر من مغناه بجر الحقائب

ولو لم يكن للمصطفى غير حيدر * * * غرايب أغنى عن ظهور الغرائب

وماذا عسى أن يبلغ الوصف في فتى * * * بدا ممكناً للناس في زيّ واجب

فيا آية الله التي ردّت الهدى * * * نهاراً وليل الكفر مرخى الذوائب

نصرت رسول الله في كل موطن * * * دعاك به القهّار ربّ العجائب

أقمت قناة الدين عن كل غامز * * * وصنت رِدا الاسلام من كل جاذب

إذا المرء يستهدي الكواكب رأيه * * * فرأيك يستهديه اهدى الكواكب

فما تمّ دين أنت عنه بمعزل * * * ولا نيل رشد لست فيه بصاحب

ولو لم يكن للكون شخصك علّة * * * لما صار شرق الشمس بعض المغارب

كفاك كتاب الله عن كل مدحة * * * وإن جلّ ما وطّدته من مناقب

وقال مستنجداً بالامام أمير المؤمنين (عليه السلام) في أيام الطاعون:

أبا حسن يا حامي الجار دعوة * * * يرجى لها ذا اليوم منك قبولُ

أبا حسن يا كاشف الكرب دعوة * * * لنا أملٌ أن لا تُردَّ طويل

وصيّ رسول الله دعوة خامس * * * بغيرك منه لا يبل غليل

أيرضيك هذا اليوم يا حامي الحمى * * * خطوب علينا للمنون تصول

فيا ليت شعري هل تخيّب سائلاً * * * محبّاً أتى يرجوك وهو ذليل

فأين غياثي أين حرزي وموئلي * * * وعزّي الذي أسمو به وأطول

وأين سناني أين درعي وجنّتي * * * وعضبي الذي أسطو به وأصول

اليك ملاذ الخائفين شكاية * * * تقلقل أملاك السما وتهول

ومثلك من يدعى اذا ناب حادث * * * وضلّت لنا دون النجاة عقول

وحاشاك عند الله فهو معظم * * * وعند رسول الله فهو جليل

اغثنا أجرنا نجّنا واستجب لنا * * * فما نابنا لولاك ليس يزول

ألسنا بكم مستمسكين وحبكم * * * لنا في نجاة النشأتين كفيل

فأدرك محبّيك الذين تشتّتوا * * * وخيل الردى تجري بهم وتجول

بحال يذوب الصخر منها إذا علا * * * لهم كل يوم رنّةٌ وعويل

وضاقت بلاد الله فيهم فأقبلوا * * * إليك وكلٌّ في حماك دخيل

وقالوا به كلّ النجاة وانّه * * * حمى قط فيه لا يُضام نزيل

ولما علمنا إذ لحامي الحمى حمى * * * منيع يردّ الخطب وهو جليل

بقبرك لذنا والقبور كثيرة * * * ولكنّ من يحمي النزيل قليل

عليك سلام الله ما فات خائف * * * بذاك الحمى أو نيل عندك سول

 

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أثبت السيد الامين (رحمه الله) في أعيان الشيعة : 9 / 17 منها ( 148 ) بيتاً .