ابن فلاح الكاظمي

(... - 1220 هـ)

 

الشيخ محمد شريف بن فلاح الكاظمي الغروي، فاضلٌ أديب كاتب، ولد في الكاظميّة ونشأ فيها وهاجر الى النجف الاشرف وقرأ فيها العلوم على اساتذتها فلمع نجمه، ويُنعت بالسيد والشريف ربّما لنبسه العلوي، أمّا شعره فأكثره في اهل البيت (عليهم السلام)، وتنسب له كرامة سقوط قنديل الذهب بعد مدحة أمير المؤمنين (عليه السلام) في حضرته الشريفة، توفّي عام 1200 هـ/ 1805 م.

وقال يمدحه (عليه السلام):

أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف الضر والهول الشديدِ

أتصرع في الوغى عمرو بن ود * * * وتُردي مرحبا بطلَ اليهود

وتسقي أهل بدر كأس حتف * * * مصبرة كعتبة والوليد

وتجري النهروان دماً عبيطاً * * * بقتل المارقين ذوي الجحود

وتابى أن تكف جيوش عسري * * * وتنصرني على الدهر العنود

وها هو قد أراني الشهب ظهرا * * * وأحرم ناظري طيب الهجود

فأطلع في سما الاقبال بدري * * * وبدّل نحس حظي بالسعود

وأوردني حياض نداك اني * * * لمحتاج الى ذاك الورود

أترضى ان يكدّر صفو عيشي * * * وتصبح أنت في عيش رغيد

أتنعم في الجنان خليَّ بال * * * ومني القلب في جهد جهيد

أما قد كنت تؤثر قبل هذا * * * ببذل القوت في القحط الشديد

فكيف أخيب منك وأنت مثر * * * عديم المثل في هذا الوجود

أما لاحت لمرقدك المعلّى * * * جواهر كدّرت عيش الحسود

فمن درّ وياقوت مشعٍّ * * * ومن ماس تلوح على عقود

ومن قنديل تبر بات يجلو * * * سناه الهمّ عن قلب الوفود

فجد لي يا علي ببعض هذا * * * فان التبر عندك كالصعيد

ولي يابنَ الكرام عليك حق * * * رثاء سليلك الظامي الشهيد

فكم أجريت من دمع عليه * * * وكم فطّرت قلبا كالجليد

فكن في هذه الدنيا معيني * * * وكن لي شافعاً يوم الورود

 

أبو الحسن النجفي

(كان حيّاً عام 1221 هـ)

 

السيد أبو الحسن ابن الشاه كوثر النجفي فاضلٌ شاعر، لا يعلم عنه شيء من أحواله سوى قصيدته الفائية التي قالها في واقعة الوهابيين عام 1221 هـ/ 1806 م وهي قوله:

بشرى لمن سكنوا كوفان والنجفا * * * وجاوروا المرتضى أعلى الورى شرفا

مولى مناقبه عن عدّها قصرت * * * كل البرايا ولم تعلم لها طرفا

منها (سعود) كساه الذل خالقه * * * ولم يزل بنكال دائم وجفا

أراد تهديم ما الباري يشيده * * * من قبة لسقام العالمين شفا

وقد أتى الناس قبل الفجر في صفر * * * بتاسع الشهر نحو السور قد زحفا

ولم ينل غير قتل في جماعته * * * والكل في عدد القتلى قد اختلفا

وكان مذْ بانَ نجم الصبح أوله * * * ومنتهاه طلوع الفجر حين صفا

وثم معجزة أخرى لسيدنا * * * في ذلك اليوم من بعض الذي سلفا

قد كان في حجرة للصّحن ما ادّخروا * * * وجمّعوه من البارود قد جرفا

أصابه بعض نار ثم برَّدها * * * مبرّد نار إبراهيم إذ قذفا

فلا تخف بعد ما عاينت من عجب * * * ولا تكونن ممّن قلبه رجفا

وقرَّ عينا وطب نفساً فإنك في * * * جوار حامي الحمى قد صرت مكتنفا

وقال في خبر: كوفان في حرم * * * ما أمها من بغى إلا وقد قصفا

ومذ تقطّع قلب الجور أرخه * * * (نحس بدا لسعود إذ دنا النجفا)

 

جواد العاملي

(1164 هـ - 1226 هـ)

 

السيد جواد بن محمد بن محمد بن حيدر الاعرجي العاملي النجفي فقيه شهير وأديب معروف، وشاعرٌ ألمعيٌّ مؤلف.

ولد في جبل عامل في لبنان عام 1164 هـ/ 1751 م وقيل 1152 هـ/ 1739 م ونشأ بها مجدّاً في العلوم والمعارف، ثم هاجر إلى العراق طلباً للعلم، فقصد أول ما قصد كربلاء، وحضر فيها على الاغا محمد باقر البهبهاني والسيد مير علي الطباطبائي وبقي مدّة من الزمان مشغولاً بالبحث والتتلمذ والمذاكرة، ولمّا علا قدره توجّه الى النجف فحضر عند السيد بحر العلوم والشيخ جعفر والشيخ حسين نجف. خلف كتباً قيّمة، توفي في النجف عام 1226 هـ/ 1811 م.

وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) من قصيدة قوله:

تالله ما عرف الاله من الورى * * * غير النبي محمد ووصيه

كلا ولا عرف النبي محمداً * * * غير الاله بكنهه ووليه

وكذاك ما عرف الوصي بكنهه * * * أحد سوى رب السما ونبيه

 

محسن الاعرجي

(1130 هـ - 1227 هـ)

 

السيد محسن بن الحسن بن مرتضى الاعرجي الكاظمي، فقيهٌ مؤلّف وأديبٌ شاعر، ولد ببغداد عام 1130 هـ/ 1718 م ونشأ على العلم والفضيلة فدرس على علماء عصره المبرّزين وأجيز منهم واختلط بهم حتى عُدَّ من أفاضلهم وألّف في علوم الدين كتباً عديدة معروفة وأخر مغمورة اكثرها مخطوط، وله ديوان شعر جلّه في اهل البيت (عليهم السلام)، توفّي في الكاظمية - بغداد عام 1227 هـ/ 1812 م.

وله في مدح امير المؤمنين (عليه السلام) قصيدة مطلعها:

هل الفضل إلا ما حوته مناقبُهْ * * * أو الفخر إلا ما رقته مراتبُهْ

حتى قال:

عليٌّ أمير المؤمنين وسيد الـ * * * ـوصيين بل نفس النبي ونائبه

وسل أحداً لما توازرت العدا * * * وضاقت على الجيش اللهام مهاربه

ترى أيهم واسى النبي بنفسه * * * وقد أسلمته للاعادي كتائبه

ويوم حنين إذ أباد جموعهم * * * وبدراً وما لاقى هناك محاربه

وخيبر لما أن تزلزل حصنها * * * ومرحب إذ وافته منه معاطبه

وقد نكصا خوفاً براية أحمد * * * دعاها فان الموت وعرٌ مساربه

وتلك التي شدّت عليه يحفها * * * الطغام ويحدوها من الغي ناعبه

وصفين إذ مدّت به الحرب باعها * * * طويلا وما عانى ابن هند وصاحبه

وما لقيت أجنادهم من رماحه * * * وما فعلت ليل الهرير قواضبه

فمن ذا الذي لم يأل في النصح جهده * * * لاحمد فيها أو تقوم نوادبه

 

الحاج هاشم الكعبي

(... - 1231 هـ)

 

هو الحاج هاشم ابن الحاج حردان الكعبي. ولد في خوزستان إيران. ينتمي الى كعب وهي قبيلة كبيرة معروفة تقطن جنوب العراق وخوزستان.

هاجر من هناك الى كربلاء ; بدافع من ولائه للامام الحسين (عليه السلام). وهناك نظم ميميّته الرائعة حول فضائع الحملة الوهابية على كربلاء عام 1216 هـ.

يعده بعضهم في الصف الاول من الادباء الذين رثوا الامام الحسين (عليه السلام).

توفي سنة 1231 هـ/ 1816 م.

ومن قصيدة له يمدح بها أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) ويرثي الحسين (عليه السلام) يقول فيها:

أرأيت يوم تحملتك القودا * * * من كان منا المثقل المجهودا

لو شئت أن تعطي حشاي صبابة * * * فوق الذي بي ما وجدت مزيدا

أهوى رباك وكيف لي بمنازل * * * حشدت عليَّ ضغائنا وحقودا

قد كنت توضح بالاسنة والظبى * * * معنىً وتفصح موعدا ووعيدا

من سام عزك فاستباح من الشرى * * * آساده ومن الخدور الغيدا

أنّى انتفى ذاك الجلال وأصبحت * * * أيامك البيض الليالي سودا

فاسمع أبثك إنني أنا ذلك الـ * * * ـكمد الذي بك لا يزال عميدا

فلانت أنت وإن عدَتْ بك نية * * * عن ناظري وتركن دونك بيدا

ولئن أبحت تجلّدي فلطالما * * * الفيتني عند الخطوب جليدا

أو رحت تنكر صبوة قامت على * * * إثباتها فرق النحول شهودا

فلقبل ما التزم العناد معاشر * * * جحدوا عليا يومه المشهودا

أخذوا بمسروب السراب وجانبوا * * * عذبا يمير الوافدين برودا

مصباح ليلتها صباح نهارها * * * يمنى نداها تاجها المعقودا

مطعانها مطعامها مصدامها * * * مقدامها ضرغامها المعهودا

بشر أقل صفاته أن عاينوا * * * منهن ما ظنوا به المعبودا

ضلت قريش كم تقيس بسابق الـ * * * ـحلبات ملطوم الجبين مذودا

يا صاحب المجد الذي لجلاله * * * عنت البرايا منصفاً وعنيدا

لك غر أفعال إذا استقريتها * * * أخذت علي مفاوزاً ونجودا

وصفات فضل أشكلت معنىً فلا * * * إطلاق يكشفها ولا تقييدا

ومراتب قلدتها بمناقب * * * كالعقد تلبسه الحسان الخودا

ما مر يومك أبيضاً عند الندى * * * إلا انثنى بدم العدى خنديدا

أحسبته بأبيك وجه خريدة * * * فكسوت أبيض خدها التوريدا

أنّى يشق غبار شأوك معشر * * * كنت الوجود لهم وكنت الجودا

يجنون ما غرست يداك قضية * * * ألقت على شهب العقول خمودا

أنّى هم والخيل ينشر وقعها * * * نقعا تظن به السماء كديدا

ومواقف لك دون أحمد جاوزت * * * بمقامك التعريف والتحديدا

فعلى الفراش مبيت ليلك والعدى * * * تهدي إليك بوارقا ورعودا

فرقدت مثلوج الفؤاد كأنما * * * يهدي القراع لسمعك التغريدا

فكفيت ليلته وقمت معارضا * * * بالنفس لا فشلاً ولا رعديدا

واستصبحوا فرأوا دوين مرادهم * * * جبلا أشم وفارسا صنديدا

رصدوا الصباح لينفقوا كنز الهدى * * * أو ما دروا كنز الهدى مرصودا

وغداة بدر وهي أم وقائع * * * كبرت وما زالت لهن ولودا

قابلتهن فلم تدع لعقودها * * * نظما ولا لنظامهن عقيدا

فالتاح عتبة ثاوياً بيمين من * * * يمناه أردت شيبة ووليدا

سجدت رؤوسهم لديك وإنما * * * كان الذي ضربت عليه سجودا

وتوحدت بعد ازدواج والذي * * * ندبت إليه لتهتدي التوحيدا

وقضية المهراس عن كثب وقد * * * عم الفرار أساودا وأسودا

فشددت كالليث الهزبر فلم تدع * * * ركنا لجيش ضلالة مشدودا

تولي بها الطعن الدراك ولم تزل * * * إذ ذاك مبدي كرة ومعيدا

وكشفتهم عن وجه أبيض ماجد * * * لم يعرف الادبار والتعريدا

وعشية الاحزاب لما اقبلت * * * كالسيل مفعمة تقود القودا

عدلت عن النهج القويم وأقبلت * * * حلف الضلال كتائبا وجنودا

فأبحت حرمتها وعدت بكبشها * * * في القاع تطعمه السباع حنيدا

وبني قريظة والنضير وسلعم * * * والواديين وخثعما وزبيدا

مزقت جيب نفاقهم فتركتهم * * * أمما لعارية السيوف غمودا

وشللت عشراً فاقتنصت رئيسهم * * * وتركت تسعا للفرار عبيدا

وعلى حنين اين يذهب جاحد * * * لما ثبتَّ به وراح شريدا

ولخيبر خبر يصم حديثه * * * سمع العدى ويفجر الجلمودا

يوم به كنت الفتى الفتاح(1) والـ * * * ـكرار والمحبو والصنديدا

من بعد ما ولى الجبان براية الـ * * * إيمان تلتحف الهوان برودا

ورأتك فانتشرت لقربك بهجة * * * فعل الودود يعاين المودودا

فنصرتها ونضرتها فكأنها * * * غصن يرنحه الصبا أملودا

فغدوت ترقل والقلوب خوافق * * * والنصر يرمي نحوك الاقليدا

فلقيتها فعقلت فارسها ولا * * * عجب إذا افترس الهزبر السيدا

ويل امه ايظنك النكس الذي * * * ولى غداة الطعن يلوي جيدا

وتبعتها فحللت عقدة تاجها * * * بيد سمت ورتاجها الموصودا

وجعلته جسرا فقصر فاغتدت * * * طولى يمينك جسرها الممدودا

وأبحت حصنهم المشيد فلم يكن * * * حصن لهم من بعد ذاك مشيدا

فهوت لغرتك الملائك سجداً * * * تولي الثناء وتكثر التحميدا

وحديث أهل النكث عسكرَ عسكرٌ * * * بُهَمُ البهيمة جندها المحشودا

لاقاك فارسها فبغدد هاربا * * * لو كان محتوم القضا مردودا

وعلى ابن هند طار منك بأشؤم * * * يوم غدا لبني الولاء سعودا

ألفى جحاش الكرملين فقادهم * * * جهلا فابئس قائداً ومقودا

فغدوت مقتنصاً نفوس كماته * * * لله مقتنص يصيد الصيدا

حتى إذا اعتقد الفنا ورأى القنا * * * مذروبة ورأى الحسام حديدا

وبدا له العضب الذي من قبله * * * قد فلّ آباء له وجدودا

رفع المصاحف لا ليرفعها علا * * * لكن ليخفض قدرها ويكيدا

فجنى بها ثمر الامان وخلفه * * * يوم يجرّعه الشراب صديدا

وكذاك أهل النهر ساعة فارقوا * * * بفراقهم لجلالك التأييدا

فوضعت سيفك فيهم فأفادهم * * * تلفاً فديتك متلفا ومفيدا

ولقد روى مسروقهم عن أمه * * * والحق ينطق منصفا وعنيدا

قالت هم شر الورى ومبيدهم * * * خير الورى أكرم بذاك مبيدا

سبقت مكارمك المكارم مثلما * * * ختمت لعمر فخارك التأبيدا

ما زلت أسأل فيك كل قديمة * * * عاد القديم وبعد عاد ثمودا

ألفاك آدم آدما لا صالح * * * يدري بذاك ولا نزيلك هودا

إني لاعذر حاسديك على العلى * * * وعلاك عذري لو عذرت حسودا

فليحسد الحساد مثلك إنه * * * شرف يزيد على المدى تجديدا

ما أنصفتك عصابة جهلتك إذ * * * جعلت لذاتك في الوجود نديدا

إذ خالفت نص النبي عليك في * * * خم وهم كانوا عليه شهودا

باعتك وابتاعت بجوهر ذاتك الـ * * * ـعلوي سفلي المبيع رديدا

ثم ارتقت حتى أبتك رضىً بمن * * * لم يرض كعبك أن يراه صعيدا

ضلت أدلتها أتبدل بالعمى * * * رشدا وبالعدم المحال وجودا(2)؟

 

محمد علي الاعسم

(1154 هـ - 1233 هـ)

 

الشيخ محمد علي بن حسين بن محمد الشهير بالاعسم، عالم فاضل وشاعر ومؤلف.

ولد في النجف عام 1154 هـ/ 1741 م ونشأ بها ودرس عند السيد محمد مهدي بحر العلوم، وبعد وفاته لازم الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وصَحِبه في أسفاره، منها مرافقته إلى حج بيت الله الحرام عام 1199 هـ/ 1785 م.

كان ناسكا تقيّا وله مراث في الحسين الشهيد (عليه السلام)، عالما قدوة، له مؤلفات جيدة ومصنفات مفيدة وبيته بيت علم ونجابة وتخرج عليه مجموعة من الفضلاء لهم منظومات في الفقه والعربية.

توفي في النجف عام 1233 هـ/ 1818 م، ودفن في مقبرتهم الخاصة بالصحن العلوي.

وله مخمساً والاصل للشيخ حسين نجف في مدح الامام عليّ (عليه السلام) قوله:

يامن العقل حار فيه وتاها * * * حار في وصف من به الله باهى

إن يلمني العذول فيك سفاها * * * لم ألَمُ فيك من دعاك إلها

ودعا الناس للغلو اشتباها يابن عم النبي فيك صفاتُ * * * خرقت عادة الورى معجزاتُ

لخصوص النبي فيك سمات * * * لم تشاركك في صفاتك ذات

غير من كنت نفسها وأخاها كنت للناس خير مولىً يفيهم * * * حقهم شاهداً على مجرميهم

ولمن قد أطاع من محسنيهم * * * كي تكون الرقيب ما دمت فيهم

وتكون الحسيب يوم جزاها نزلت فيك سورة العادياتِ * * * وثنا (هل أتى) بمدحك آتي

للندى فيك من جميل الصفات * * * ولكم في الكتاب من بينات

أفصحت من علاك قدراً وجاها قد أتى في الكتاب ذكر جميلُ * * * ما عليه لذي الجلال سبيلُ

وثناء عليك فيه طويل * * * والذي جاء في الكتاب قليل

بجميع الصفات لا تتناهى هذه النيّرات منه استمدتْ * * * نورها فانبرت لما قد أعدتْ

ولشكر نعماه حيث استعدت * * * أمر الشمس أن تردّ فردت

ليؤدي الصلاة وقت أداها لَمَّ شمل الهدى وكان شتاتا * * * وبه المسلمون زادوا ثباتا

حاصل الامر أن كساهم حياة * * * ملة الحق قبلُ كانت مواتا

و (علي) بسيفه أحياها وله من قصيدة يمدح بها الامام علياً (عليه السلام) قوله:

ضلّت خلايق في علي مثلما * * * ضلت بعيسى قبل ذاك خلايق

لا عذر للنصّاب والغالي له * * * عذر لبعض ذوي العقول موافق

كفرت به الفئتان لكن ليستا * * * شرعا فان النصب كفر خارق

لا ينسب الاسلام للغالي به * * * وإن ادعى الاسلام فهو منافق

وهو الذي نطق الكتاب بمدحه * * * وبفضله صدع النبي الصادق

وله أيضاً في مدحه سلام الله عليه، قوله:

قل في علي ما تشاء بفضله * * * مالم تناف حقيقة الايمانِ

مولىً تحيرت العقول بوصفه * * * بالكُنهِ حتى قيل رب ثاني

قد يعذر الغالي بمالا يعذر الـ * * * ـقالي وإن ضلت به الفئتان

قالوا محال خلق شيء مثله * * * والعقل بيّن ذاك أي بيان

حتى اذا خلق المهيمن حيدراً * * * قرب المحال به إلى الامكان

 

هادي النحوي

(... - 1235 هـ)

 

الشيخ محمد هادي ابن الشيخ أحمد بن حسن النحوي، ثاني أنجال الشيخ أحمد النحوي. شاعر فاضل، رحل من الحلة إلى النجف فاستوطنها بعد وفاة والده على عهد آية الله السيد بحر العلوم، وبعد وفاة السيد بحر العلوم رجع إلى الحلة حتى توفي بها ونُقل إلى النجف.

كان الشيخ هادي متضلعاً في علمي الرواية والدراية في الحديث، حافظاً للسير والاثار حتى لقب بالمحدّث. وكان من الشعراء المجيدين، طويل النفس للغاية، وشعره حلو الانسجام بديع النظام.

توفي - على الاشهر - سنة 1235 هـ/ 1820 م. ومما قاله يخاطب أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) ويتوسل به إلى الله تعالى بطلب الشفاء مما يعانيه من أسقام، منها قوله:

مولاي يا سر الحقا * * * ئق كم كشفت غطاءها

مولاي يا شمس المعا * * * رف كم أنرت سناءها

مولاي يا باب العلو * * * م وأرضها وسماءها

يا قطب دائرة الوجو * * * د فكم أدرت رحاءها

وبيوم خيبر قد حملـ * * * ـت من الاله لواءها

فكشفت عن وجه النبيِّ * * * محمد غمّاءها

ولكم جلوت من الخطو * * * ب - وقد دجت - ظلماءها(3)

 

محمد بن الخلفة

(... - 1247 هـ)

 

الشيخ محمد بن اسماعيل الحلي المعروف بابن الخلفة، شاعر أديب فاضل، ولد ببغداد وهاجر الى الحلّة مع أبيه واحترف البناء فيها وراثةً منه، لكنه نزع الى الادب فنمت فيه الموهبة حتى اشتهر شاعراً ناثراً، واتصل بنوادي الفضل ومجالسه واستمع الى المساجلات التي دارت في بيوت روّاده المعروفين فدُرِج في عدادهم، وكتب في الفصحى والعامية، كما اشتهر بالبند، توفي في الحلّة عام 1247 هـ/ 1831 م. وله في أهل البيت (عليهم السلام) شعرٌ كثير.

وله من قصيدة:

عليك أبا السبطين لا يمكن العتب * * * إلى ومتى ذا الجور يحمله القلب

أفي كل يوم في ربى الهمّ والعنا * * * يروح بنا ركب ويغدو بنا ركب

وأظلمت الفيحاء من بعد بهجة * * * وكدّر من آفاقها الشرق والغرب

بلينا ضحى في عامل فيراعه * * * له عامل لا العقضبية والقضب

وقال يمدح الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة مطلعها:

أمرنّة سجعت على الاغصانِ * * * فترنّحت مرحاً غصون البانِ

حتى قال:

إن كان جاد عليَّ سلطان الهوى * * * وبأسهم البين المشتِّ رماني

مالي سوى أني أزج مطيّة الـ * * * ـشكوى وابدي ما أجنّ جناني

للمرتضى الكرار صنو محمد الـ * * * ـمختار مما نابني ودهاني

فهو المعدّ لكل خطب فادح * * * وهو الرجا لمخافتي وأماني

مولىً له ردّت ذكاء بطيبة * * * وببابل أيضاً رجوع ثان

مولىً رقى كتف النبي مشمراً * * * لتكسّر الاصنام والاوثان

مولىً كسا الابطال قاني حلّة * * * منسوجة بعواطل الاشطان

مولىً يتوق إلى الوعيظ وغيره * * * لسماع غانية وضرب قيان

قرن الاله ولاءه بنبوّة الـ * * * ـهادي النبي المصطفى العدناني

هو خير خلق الله بعد نبيّه * * * من ذا يقارب فضله ويداني

يكفيه مدح الله جاء منزّلاً * * * ومفصّلاً في محكم القرآن

سل سورة (الاحزاب) لما فرّق الـ * * * أحزاب حين تراءت الجمعان

ولعمرها لما عليّ قدّه * * * بمهند صافي الحديد يماني

جبريل أعلن في السماوات العلى * * * طوعا لامر مكوّن الاكوان

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * * * إلا علي فارس الفرسان

لو صاح في الافلاك وهي دوائر * * * يوماً لعطلها عن الدوران

في الحرب بسام وفي محرابه * * * يبكي رجا من خشية الرحمن

يا منكراً فضل الوصي جهالة * * * سل (هل أتى حينٌ على الانسان)

فيها هو الممدوح والمعني بلا * * * شك وذا قد نص في القرآن

وبمكة (إنا فتحنا) أنزلت * * * بمديحه في أوضح التبيان

سل عنه في «صفين» ما فعلت يدُ الـ * * * ـكرار حين تلاقت الفئتان

و«النهروان» وقد تخلّق ماؤه * * * بنجيع كل معاند خوّان

أعلي يا طود المفاخر والعلى * * * يا من بحبك ذو الجلال حباني

إني بمدحك مغرم ومتيّمٌ * * * ما دمت في سري وفي إعلاني

وبمدح عترتك الكرام وآلك الـ * * * ـغر العظام غداً رجوت أماني

هم فلك نوح فاز راكبها ومن * * * عنها تخلّف خاض في الميزان

إني بحبل ولائهم متمسك * * * حسبي به عن غيره وكفاني

إن النجاة بأحمد وبحيدر * * * وابنيه ثم بواحِد وثماني

وبفاطم الزهراء بضعة أحمد الـ * * * ـمختار صفوة ربنا الديان

 

أحمد المحسني

(1157 هـ - 1247 هـ)

 

الشيخ جمال الدين احمد ابن الشيخ محمد المحسني الربعي الاحسائي، عالم فاضل وأديب شاعر، وله في المدينة المنوّرة سنة 1157 هـ/ 1744 م، ونشأ في ظل رعاية والده الفاضل وتلقّى عليه وعلى جملة من المشايخ دروسه ثم هاجر الى النجف الاشرف فحضر على علمائها فأجيز من بعضهم، هاجر من موطنه الاحساء الى الدورق فحلّ بها مرشداً دينيّاً حتى توفي سنة 1247 هـ/ 1831 م، وخلّف مؤلفات عديدة مخطوطة وديوان شعر كبير.

ومن شعره قوله:

أنت بابُ الله والقصر المشيد * * * أنت غوث الله تبدي وتعيد

أنت مَن بالله تأتي ما تُريد * * * أنت للجنات والنار قسيم

أنت بالله ومنه ولَهُ * * * وإليه لستَ تعدو قوله

أنت من لم يبك شيء قبله * * * ما خلا الله الذي يحيي الرّميم

فيك آيات عظيمات جسام * * * باهرات هي للاعدا سمام

ولمن والاكَ كهفٌ واعتصام * * * ومنال الفوز جنّات النعيم

لك ردّ الشمس في غير مقام * * * ذو العلى يا خير من يمنى لسام

قد روى ذا ذو ولاء وخصام * * * عالماً أنّك ذو القلب السليم

والدُ السبطين خير الاوصياء * * * حجة الله ومولى الاتقياء

من به عُزّز خيرُ الانبياء * * * سيف رب العرش ذو القلب السليم

مظهر القدرة من ربّ العباد * * * حجة الله على من في البلاد

آية الرحمن يعدو للرشاد * * * بالذي كان وما يأتي عليم

لو جميع الابحر السبعة في * * * مثلها كانت مداداً لم تفِ

بعشير العشر من سرٍّ خفي * * * فيك يا من هو لله كليم

أنت كتف المصطفى الطهر رقيت * * * وبما لم يأته الغير أتيت

والهدى والدين والحق حميت * * * ووضعت السيف في كل أثيم

بك باهى الله أرباب الوفى * * * وبك الهادي النبي المصطفى

قال اقوالاً عظاماً وكفى * * * بك جاء الذكر والامر الحكيم

لم تزل فيك أعاجيب صعابٌ * * * كتبوك وبها قرّ الصحاب

ورسول الله امسى في اضطراب * * * وعليه نزل الروح الكريم

قال إن الله يقريك السلام * * * فاختر الاملاك نصراً واعتصام

أو علياً فهو للاعدا سمام * * * وهو سيف الله في الخطب الجسيم

قال أختارُ علياً فدعاه * * * وهو في طيبة قد طال نواه

فأجاب الطهر لبّيك فجاه * * * في خطىً عشر وخمس كالظليم

وأقر الله عين المرسل * * * في تبوك بالفتى الندب علي

مظهر الدين بحدّ المنصل * * * وشهاب الله في العاتي الرجيم

اسد الله الذي ما فرّ قط * * * ضربُه للشوسِ والاسادِ قط

من إذا ما قال، ما قال غلط * * * صنع ذي القدرة والمولى الحكيم

أيها المولى الذي الهادي انتجاه * * * واجتباه وارتضاه وهداه

لصراط مستقيم وكفاه * * * شرّ من عاداه ناء وحميم

يا أبا الاطهار والقوم الاولى * * * حبهم فرض على كل الملا

آيةُ الرحمنُ فيهم أنزلا * * * كلُّهم هاد وللدين مقيم

حكماء علماء حُلما * * * خلفاءُ الله أرضاً وسما

حججُ الجبّار قومٌ عُظما * * * سادةٌ غُرٌّ بهم كلُّ كريم

أنتم القوم الهداة البرره * * * شفعاءٌ شهداءٌ سَفَره

ما لِمَن جانبكم من معذره * * * لا ورب البيت والذكر الحكيم

 

جواد زيني

(1175 هـ - 1247 هـ)

 

السيد جواد بن محمد بن أحمد بن زين الدين الحسيني الحسني البغدادي النجفي الشهير بزيني، فاضل، شاعر، أديب.

ولد في النجف عام 1175 هـ/ 1761 م ونشأ على أبيه وكان من مشاهير أدباء عصره فعني بتربيته، لكنّه عدل عنه في الرأي فنشأ فاضلاً أديباً شاعراً أخبارياً متصلّباً هجّاءً لمن خالف مذهبه، وله مصنفات ومطارحات ومراسلات ومدائح، توفي عام 1247 هـ/ 1831 م.

وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) قوله:

أما وليال قد شجاني انصرامُها * * * لقد سح من عيني عليها سجامُها

ومنها:

ليال بأكناف (الغريّ) تصرمت * * * فياليتها بالروح يشرى دوامُها

سقى الله أكناف الغريِّ عهاده * * * وحيّاه من غر الغوادي ركامها

ربوع إذا ما الارض أمست ركوبة * * * فما هي إلاّ أنفها وسنامها

ألا ليس ينجي النفس من غمرة الهوى * * * ولا ركن يرجى في هواه اعتصامها

سوى حبها مولى البرية من غدا * * * بحق هو الهادي لها وإمامُها

علي أمير المؤمنين ومن به * * * تقوَّضُ من أهل الضلال خيامها

هو العروة الوثقى فمستمسك بها * * * لعمريَ لا يخشى عليه انفصامها

وصيِّ النبي المصطفى ونصيره * * * إذا اشتد من نار الهياج احتدامها

له الهمة القعساء والرتبة التي * * * تطلَّع في أعلا السماكين هامها

ومنها:

ألا إنما الاحكام دين محمد * * * بحيدر أضحى مستقيماً قوامها

له معجزات يعجز الحصر ذكرها * * * ويسجع بالحق المبين حمامها

 

علي التاروتي

(... - 1250 هـ)

الشيخ علي بن محمد بن حبيب التاروتي القطيفي، عالمٌ اديبٌ شاعر، ولد في جزيرة تاروت/ القطيف في حدود عام 1250 هـ/ 1834 م، هكذا ذكره صاحب انوار البدرين، كما ذكره الشيخ في كشكوله، ولم نعثر له على ترجمة وافية، وله في مدح امير المؤمنين قوله:

سمعاً مُهفهفةَ الهفوف من هجرِ * * * أنغمة الصوتِ ذا أم رنّة الوترِ

حتى قال:

وذا الصقيل رقيق الحد انفك ام * * * سيف كسيف علي سيد البشر

مروي البواتر من دم العساكر حـ * * * ـزاز الحناجر مولى الفنج والظفر

قرم الحروب وكشاف الكروب وعـ * * * ـلام الغيوب جمال الاي والسور

وهو العبوس اذا اصطاد النفوس وحـ * * * ـصّاد الرؤوس مزيل الباسوالكدر

وهو الرؤوف ووهاب الالوف * * * ورغام الانوف لاهل الكفر والغير

ليث الجهاد ومصدام الجياد ومقـ * * * ـدام الجلاد ومهدي القرم للحفر

ومظهر الدين كهف المسلمين اميـ * * * ـر المؤمنين وجالي ظلمة الحفر

وهو المبين محك المؤمنين ملا * * * ذ الهالكين مجير الخلق من سقر

ووارث الانبيا والمرسلين اما * * * م المتّقين واعلى خيرة الخير

سل المحاريب عنه والحروب هو * * * الضحّاك في الحرب والبكّاء في السحر

معطي الاسير وصوام الهجير على * * * قرص الشعير ووجه السادة الغرر

ان جال اسقطت الهامات راحته * * * او جاد يسقط منه الجود كالمطر

مردي القرون وساقيها المنون وفـ * * * ـتّاح الحصون نصير اي منتصر

فتلك سلع فسلها عن شجاعته * * * واستخبرن خيبراً تخبرك بالخبر

 

حسين نجف

(1159 هـ - 1251 هـ)

 

الشيخ أبو الجواد حسين بن محمد ابن الحاج نجف علي التبريزي النجفي ، عالم ورع وشاعر فاضل.

ولد في النجف عام 1159 هـ/ 1746 م، قرأ على السيد مهدي بحر العلوم وعليه قرأ السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة، وقد نقل عن صاحب مفتاح الكرامة قوله مخاطباً اياه:

إن لم تكن فينا نبيا مرسلاً * * * فلانت في شرع النبيّ إمامُ

وقال: «لولا أني من أبناء رسول الله لكنت أتمنى أن أكون من أبناء الشيخ حسين نجف». وكان إذا أصاب النجف وباءٌ يفرّ الناس ولا يفرُّ هو فيقال له: لماذا لا تفرُّ مع القوم؟ فيجيب: أنظروا الى المأذنة هل نفرت؟ فاذا نفرت نفرت معها.

وكان الامام الاوحد للصلاة في الجامع الهندي الذي يكتظ بالمصلين وكان حاضر البديهة سريع النكتة، له كتاب واحد فقط هو الدرة النجفية في الرد على الاشعرية وديوان شعر مخطوط الى الان.

توفي في النجف سنة 1251 هـ/ 1835 م، ودفن في الغرفة التي عن يسار الداخل إلى الصحن الشريف من باب القبلة.

وله:

أيا علة الايجاد حار بك الفكر * * * وفي فهم معنى ذاتك التبس الامرُ

وقد قال قوم فيك والستر دونهم * * * بأنك رب كيف لو كشف الستر

حباك إله العرش شطر صفاته * * * رآك لها أهلا وهذا هو الفخر

وكنت سفير الله للحق داعيا * * * وكل الانام الحق عندهم مر

ومنها:

بسيفك قامت للنبي محمد * * * شريعته ثم استقام له الامر

قطعت رؤوس المشركين بحده * * * وكسّرت أصناما لتعظيمها خروا

وقد كان منهم مرحب وهومرحب * * * ومن ضرب الاحزاب أكفرهم عمرو

عن الله قد كنت المبلغ في الورى * * * جميع الذي قد قاله المصطفى الطهر

وكنت على العاصي عذابا ونقمة * * * بسيفك تعلو قد أو قطّ أو نحر

وكنت لذي الايمان حصناً ممنعاً * * * وسوط عذاب للذي دينه الكفر

كلامك كالقرآن نور وحكمة * * * وكل كلام كان في جنبه هذر

فلولاك ما كنا لنعرف ربنا * * * وما كان للاسلام في مجلس ذكر

ولولاك ما صلّى مصلٍّ لربنا * * * ولا حج بيت الله زيد ولا عمرو

وله من قصيدة مادحا بها الامام عليا (عليه السلام) قوله:

علي حباه الله شطر صفاته * * * ولولا غلوٌّ قلت فيه تمامها

به اتضح الايمان والدين والهدى * * * نهار تجلى فيه عنا ظلامها

تحيرت الالباب في كنه ذاته * * * وهامت وحقا كان فيه هيامها

وما شرعة لله إلا أقامها * * * فقد قام فيه بدؤها وختامها

فلولاه ما قام النبي محمد * * * بدعوته إذ كان فيه قوامها

ولا ظهرت أحكام دين محمد * * * ولا بان منها حلها وحرامها

به الله أحيا الدين بعد مماته * * * حياة على مر الدهور دوامها

ترى الناس أفواجا على باب عزه * * * قياما وحقا كان فيه قيامها

(تزاحم تيجان الملوك ببابه) * * * رجاء وخوفا والرجاء أمامها

وتستلم الاركان عند طوافها * * * (ويكثر عند الاستلام ازدحامها)

(اذا ما رأته من بعيد ترجلت) * * * رجاء لان يعلو هناك مقامها

ترجَّلُ عن وحي من الله منزل * * * (وان هي لم تفعل ترجل هامها)

يروح ويغدو الوافدون بباب من * * * به الدين والدنيا استقام نظامها

فليس لها بعد النبي وسيلة * * * الى الله يوم الحشر إلا إمامها

تطوف وتسعى في حمىً ياله حمى * * * به مكة قد شرفت ومقامها

وله مادحاً أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) من قصيدة طويلة جاء فيها:

(لعلي مناقب لا تضاهى) * * * لا نبيٌّ ولا وصيٌّ حواها

من ترى في الورى يضاهي علياً * * * أيُضاها فتى به الله باهى

فضله الشمس للانام تجلت * * * كل راء بناضريه يراها

هو نور الاله يهدي إليه * * * فاسأل المهتدين عمّن هداها

وإذا قست في المعالي علياً * * * بسواه رأيته في سماها

 

علي الشيخ جعفر

(1197 هـ - 1253 هـ)

 

الشيخ علي ابن الشيخ جعفر الكبير صاحب كشف الغطاء ابن الشيخ خضر الجناجي، عالم فاضل ومؤلفٌ شاعر.

ولد في النجف عام 1197 هـ/ 1783 م ونشأ فيها على أبيه. انتهت إليه رئاسة الامامية آنذاك لعلمه وورعه وتقواه حيث جمع بين الزعامة والافتاء والتدريس. وكان من أساتذة الشيخ مرتضى الانصاري. وقد قُدِّم على الشيخ صاحب الجواهر حينما انحصرت بهما الزعامة، وكان إذا أتته الحقوق الكثيرة فرقها لساعتها ولا ينال منها شيئا.

وكان من عدله: أنه يطوفُ ليلاً على الارامل والفقراء ويفرق عليهم حقوقهم دون أن يعرِّفهم نفسه. وأنّه كان يقيم ثلاثة أشهر أو أربعة من كل سنة في كربلاء لتدريس الطلاب هناك فكانت حلقته تزدحم بطلاب الحوزة العجم الذين يحضرون عند شريف العلماء المازندراني.

توفي في كربلاء عام 1252 هـ/ 1837 م عند دخوله الصحن الشريف من الباب الذي بجانب (منارة العبد) فسقط ولما حُمل إلى داره توفي فهرع به أهل كربلاء حاملين نعشه إلى خان الحماد حيث استلمه منهم أهل النجف وكان ذلك في رجب.

 

وكـان قليل التأليف ولما سئل عن ذلك، أجاب: أباني جيده وأبيـت رديئـه.

وله يمدح الامام عليّاً (عليه السلام) قوله:

أهاجك برق في دجى الليل لامح * * * نعمْ واستخفتك الربوع البلاقع

الى ان يقول:

ألا ليت شعري هل أرى ذلك الحمى * * * وهل فيه أيام مضين رواجعُ

أقلّب طرفي لا أرى غير ناكث * * * يماذقني في ودِّه ويصانع

سأشكوهم والعين يسفح ماؤها * * * وطير الجوى بين الجوانح واقع

إلى من إذا قد قيل من نفس أحمد * * * (أشارت إليه بالاكف الاصابع)

وروح هدىً في جسم نور يمده * * * شعاع من النور الالهيِّ ساطع

دنا فتدلى للعقول وإنها * * * لَتقصر عن إدراكه فهو شاسع

يريك الندى في البأسِ والبأسَ في التقى * * * صفات لاضداد المعالي جوامع

خلال يضوع الشعر من طيب نشرها * * * ألا كلُّ مدح في سواك لضائع

وكم جحفل قد دكّ منه صفاته * * * له فوق أصوات الحديد صواقع

سبقتَ المنايا واقعا بنفوسهم * * * إذ الحرب سوق والنفوس بضائع

فليس لهم إلاّ الدماء مدارع * * * وليس لهم إلاّ القبور مضاجع

حسامك في الاعمار أمضى من الردى * * * وحلمك يوم الصفح للصفح شافع

وأنت أمين الله بعد أمينه * * * وأنت له صهر وصنوٌ وتابع

لَعمري لقد أيّدته في حروبه * * * كما أيّدت كفيه منه الاصابع

أقول لقوم أخّروك سفاهة * * * وللذكر نص فيك ليس يدافع

دعوا الناس ردّوهم إلى من يسوسهم * * * فهل يستوي شم الذرى والاجازع

وهل يستوي السيف اليمانيُّ والعصا * * * وهل تستوي أسد الشَّرى والضفادع

ألا إن هذا الدين لولا حسامه * * * لما شُرّعت للناس منه الشرايع

ألا إنما التوحيد لولا علومه * * * لما كشفت للناس عنه البراقع

وجارك لا يعطي الزمان مقاده * * * ومنك له ركن شديد مدافع

 

صالح التميمي

(1218 هـ - 1261 هـ)

 

الشيخ ابو سعيد صالح بن درويش بن علي التميمي الكاظمي، شاعرٌ معروف وفاضلٌ كامل، ولد ببغداد/ الكاظمية سنة 1218 هـ/ 1803 م من أسرة علميّة أدبية وربّي في حجر جدّه الفاضل الشيخ علي الزيني الذي انتقل معه الى النجف الاشرف فاستقى من عذب علومها، ثم سكن الحلّة وخالط فضلاءها حتى استقدمه والي بغداد داود باشا فتولّى رئاسة ديوان الانشاد يافعاً، مما يشير الى ذكائه المميَّز وشهرته حتى شُبِّه في عصره بفحول الادب المتقدّمين كأبي تمام وغيره، وله شعرٌ كثير ومؤلّفات عديدة كما كتبت عن أدبه بعض الدراسات ، توفي سنة 1261 هـ/ 1845 م.

وله قصيدته في الامام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) منها:

غاية المدح في علاك ابتداءُ * * * ليت شعري ما تصنع الشعراءُ

يا أخا المصطفى وخير ابن عمٍّ * * * وأمير ان عدت الامراء

ما نرى ما استطال الا تناهى * * * ومعاليك ما لهن انتهاء

فلك دائر اذا غاب جزءٌ * * * من نواحيه أشرقت أجزاء

أو كبدر ما يعتريه خفاءٌ * * * من غمام الا عراه انجلاء

يحذر البحر صولة الجزر لكن * * * غارة المد غارة شعواء

ربّما عالجٌ من الرمل يحصى * * * لم يضق في رماله الاحصاء

يا صراطا الى الهدى مستقيماً * * * وبه جاء للصدور الشفاء

بُني الدين فاستقام ولولا * * * ضرب ماضيك ما استقام البناء

أنت للحق سُلَّمٌ ما لراق * * * يتأتّى بغيره الارتقاء

معدن الناس كلها الارض لكن * * * أنت من جوهر وهم حصباء

شبه الشكل ليس يقضي التساوي * * * انما في الحقائق الاستواء

شرّف الله فيك صلباً فصلباً * * * أزكياء نمتهم أزكياء

فكأن الاصلاب كانت بروجاً * * * ومن الشمس عمهن البهاء

لم تلد هاشمية هاشمياً * * * كعلي وكلهم نجباء

وضعته ببطن أول بيت * * * ذاك بيت بفخره الاكتفاء

أمر الناس بالمودة لكن * * * منهم أحسنوا ومنهم أساؤوا

يابن عم النبي ليس ودادي * * * بوداد يكون فيه الرياء

فالورى فيك بين غال وقال * * * وموال وذو الصواب الولاء

وولائي ان بحت فيه بشيء * * * فبنفسي تخلفت أشياء

أتقي ملحداً وأخشى عدوا * * * يتمارى ومذهبي الاتقياء

وفرارا من نسبة لغلو * * * انما الكفر والغلو سواء

ذا مبيت الفراش يوم قريش * * * كفراش وانت فيه ضياء

فكأني ارى الصناديد منهم * * * وبأيديهم سيوف ظماء

صاديات الى دم هو للما * * * ء طهور لو غيرته الدماء

دم من ساد في الانام جميعاً * * * ولديه احرارها ادعياء

قصرت مذ رأوك منهم خطاهم * * * ولديهم قد استبان الخطاء

شكر الله منك سعياً عظيماً * * * قصرت عن بلوغه الاتقياء

عميت أعين عن الرشد منهم * * * وبذات الفقار زال العماء

يستغيثون في يغوث الى ان * * * منك قد حل في يغوث القضاء

لك طول على قريش بيوم * * * فيه طول وريحه نكباء

كم رجال اطلقتهم بعد أسر * * * اشنع الاسر أنهم طلقاء

يردع الخصم شاهدان حنينٌ * * * بعد بدر لو قال هذا ادعاء

ان يوم النفير والعير يومٌ * * * هو في الدهر راية ولواء

سل وليداً وعتبةً ما دعاهم * * * لفناء عدا عليه الفناء

 

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي رواية (الفتّاك) .

(2) الدرّ النضيد ص102 .

(3) البابليات : 2 / 20 .