88 ـ قوله تعالى:
(والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصدّقيقون والشهداء عند ربّهم لهم أجرهم
ونورهم)
سورة الحديد 57: 19
ـ روى الحافظ المؤرّخ ابن عساكر في «ترجمة الامام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)
من تاريخ مدينة دمشق»[1]ج2: 282/ ح812 ط. المحمودي ـ بيروت، بإسناده إلى عبد الرحمن
بن أبي ليلى، عن أبيه، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
الصدّيقون ثلاثة:حبيب النجار مؤمن آل ياسين. وحزبيل[2] مؤمن آل فرعون. وعليّ بن
أبي طالب الثالث وهو أفضلهم .
وروي هذا الحديث بأطول من هذا، بالاسناد إلى أبي ليلى أيضاً، قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم):
الصدّيقون ثلاثة:
حبيب النجار، مؤمن آل ياسين الذي قال: (يَا قَوْمِ
اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ) [3].
وحزقيل، مؤمن آل فرعون الذي قال: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً
أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ)
[4].
وعليّ بن أبي طالب الثالث، وهو أفضلهم [5].
وحديث «الصدّيقون ثلاثة» رواه أئمة الحديث وَمَهَرَةِ فنّه النياقد، والسابر غور
كتبهم ومصنّفاتهم يجد أنّ هذا الحديث من تلكم الاحاديث الثابتة المروية في فضل أمير
المؤمنين عليّ (عليه السلام)، وما أكثرها، فقد تعرّض له مؤلفوها وأثبتوه مخبتين له،
مذعنين بصحّته، وذكروا تواتر نقله، واحتجَّ به المؤالف والمخالف، فممّن رواه:
ـ الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 223 ـ 226/ ح938 ـ 942 بعدّة طرق، ذيل
الاية المذكورة أعلاه.
ـ المؤرّخ ابن عساكر في تاريخه المذكور أعلاه ج1: 91/ ح126 ط. المحمودي، وقد أشرنا
إلى مواضعه في الطبعة الجديدة المحققة.
ـ الحافظ الفقيه ابن المغازلي في «مناقب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)» ص: 245/
ح293، ص: 246/ ج294 ط. دار الاضواء ـ بيروت.
ـ الحافظ محمد بن معتمد خان البدخشاني الحارثي في «نزل الابرار بما صحّ من مناقب
أهل البيت الاطهار» ص: 64/ ح3 ط. طهران، نقلاً عن الحافظ أحمد بن حنبل.
ـ الحافظ الگنجي الشافعي في «كفاية الطالب» ص: 123 و 124 ط. طهران، بطريقين، وقال:
هذا سند اعتمد عليه الدارقطني واحتجَّ به.
ـ العلاّمة علاء الدين المتقي الهندي في «كنز العمّال» ج11: 601/ ح32897 و 32898 ط.
مؤسسة الرسالة ـ بيروت، عن ابن النجار، وأبي نعيم في المعرفة، وابن عساكر.
ـ العلاّمة يحيى بن الموفق بالله الشجري في «الامالي» ج1: 139 ط. القاهرة.
ـ الحافظ شيرويه الديلمي في «الفردوس بمأثور الخطاب» ج2: 421/ ح3866 ط. دار الكتب
العلمية ـ بيروت.
ـ الشيخ أحمد بن عبد الكريم المالكي الاشموني في «منار الهدى في الوقف والابتدا» ص:
289 ط. الحلبي ـ القاهرة.
ـ الحافظ محمّد بن التباني السطيفي في «اتحاف ذوي النجابة» ص: 156 ط. مصطفى الحلبي
ـ القاهرة.
ـ القاضي حسين الديار بكري المالكي في «تاريخ الخميس» ج2: 275 ط. الوهبية ـ مصر.
ـ العلاّمة القندوزي الحنفي في «ينابيع المودّة»[6] ص124، 185، 202، 284 ط.
اسلامبول.
ـ الحافظ أبو نُعَيم الاصبهاني في «ما نزل من القرآن في عليّ (عليه السلام)» ص:
245.
ـ وأورد الشيخ المظفر في كتاب «دلائل الصدق» ج2: 194 ط. القاهرة، عن العلاّمة
الحلّي في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ
وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) [7]، روى
أحمد بن حنبل أنها نزلت في عليّ (عليه السلام).
ولمزيد من المصادر راجع:
«إحقاق الحق» ج5: 597 ـ 605، ج15: 295 ـ 297، ج17: 332، ج21: 591 ـ 594.
89 ـ قوله تعالى:
(يا أيّها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً)
سورة المجادلة 58: 12
ـ روى العلاّمة الشيخ علاء الدين علي بن محمّد البغدادي الشهير بالخازن (ت/ 741 هـ)
في تفسيره «لباب التأويل في معاني التنزيل» ج7 ص: 44 ط. القاهرة، وغيره عن عليّ بن
أبي طالب (عليه السلام) قال: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ
صَدَقَةً)، قال لي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): ما
ترى؟ دينار؟ قلت: لا يطيقون.
قال: فنصف دينار؟ قلت: لا يطيقون.
قال: فكم؟ قلت: شَعِيرَة[8]. قال: إنّك لزهيد.
قال: فنزلت: (أأشْفَقْتُمْ أنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَي
نَجْوَاكُمْ صَدَقَات) الاية.
قال: فبي خفّف الله عن هذه الاُمّة . أخرجه الترمذي[9].
ـ ورواه العلاّمة ابن المغازلي الشافعي في «مناقب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)»
ص: 118 ط. مكتبة صنعاء ـ اليمن، ص: 325/ ح372 ط. طهران 1394 هـ.
ـ وقال العلاّمة شمس الدين محمّد بن يوسف الزرندي الحنفي المتوفّى بعد سنة (747 هـ)
في «نظم درر السمطين» ص: 90 ط. مطبعة القضاء:
روي أنّ الكلمات التي ناجى بها عليّ (رضي الله عنه) هي ما نقله الامام حسام الدين
محمّد بن عمر بن محمّد العلياويفي تفسيره المسمّى «مطالع المعاني» قال:
إنّ الكلمات التي ناجى عليّ (عليه السلام) بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
وقدّم قبلها عشر صدقات هي أنّه سأله أولاً: ما الوفاء؟
قال: التوحيد، شهادة أن لا إله إلاّ الله.
ثم قال: وما الفساد؟
قال: الكفر والشرك بالله عزَّ وجلّ.
ثمّ قال: وما الحق؟
قال: الاسلام والقرآن والولاية.
ثمّ قال: وما الحيلة؟
قال: ترك الحيلة.
ثمّ قال: وما عَليَّ؟
قال: طاعة الله ورسوله.
ثمّ قال: وكيف أدعو الله؟
قال: بالصدق واليقين.
ثمّ قال: وماذا أصنع لنجاة نفسي؟
قال: كُل حلالاً، وقل صدقاً.
ثمّ قال: وما السرور؟
قال: الجنّة.
ثمّ قال: وما الراحة؟
قال: لقاء الله.
فلمّا فرغ من نجواه نسخ حكم الصدقة.
وهو الوحيد الذي عمل بالاية، حتّى روي عنه (عليه السلام) أنّه قال: إنّ في كتاب
الله لاية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي: (يَا
أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ
نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم،
فكلما أردت أن أناجي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قدّمت درهماً، فنسختها
الاية الاخرى: (أأشْفَقْتُمْ أنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ
يَدَي نَجْوَاكُمْ صَدَقَات).
وقال ابن عمر: كان لعليّ ثلاث لو كانت لي واحدة منهنّ لكانت أحبّ إليَّ من حمر
النعم: تزويجه فاطمة، واعطاؤه الراية يوم خيبر، وآية النجوى.
ـ كما ذكره الشيخ المظفر في كتاب «دلائل الصدق» ج2: 191 ط. القاهرة، بنفس المعنى
واللفظ.
وعن مجاهد وقتادة: لمّا نهوا عن مناجاته (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى يتصدّققوا،
لن يناجه إلاّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قدّم ديناراً فتصدّق به، ثمّ نزلت
الرخصة.
هذا ملخص ما ورد في سبب نزول هذا الحكم والاية ونسخها، وقد روى ذلك جم غفير من
أعلام إخواننا أهل السنّة والجماعة بطرق متعددة ومختلفة، فإليك بعضاً منها على سبيل
المثال لا الحصر، بالاضافة إلى ما ذكرناه في صدر البحث:
ـ أبو الحسن الواحدي النيسابوري (ت/ 468 هـ) في «أسباب النزول» ص: 276 ط. دار الكتب
العلمية.
ـ الحافظ أبو نُعَيم الاصبهاني في «ما نزل من القرآن في عليّ (عليه السلام)» ص:
249.
ـ الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 223 ط. بيروت، ج2: 311/ ح949 ـ 969 ط.
وزارة الارشاد ـ طهران.
ـ العلاّمة محبّ الدين الطبري في «ذخائر العقبى» ص: 109 ط. مكتبة القدسي ـ القاهرة.
وكذلك في كتابه «الرياض النضرة» ج2: 237 ط. محمد أمين الخانجي بمصر.
ـ العلاّمة الحافظ أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء الشافعي البغوي (ت/ 516 هـ) في
«معالم التنزيل» ج7: 44 ط. القاهرة.
إلى هنا أكتفي بهذه المجموعة من المصادر، ومن أراد المزيد فليراجع مصادر التفسير
والحديث والموسوعات المطوّلة، منها: «إحقاق الحق» ج3: 129 ـ 144، ج14: 200 ـ 207،
ج20: 181 ـ 192.
90 ـ قوله تعالى:
(والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان
ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين ءامنوا ربّنا إنّك رءوف رحيم)
سورة الحشر 59: 10
ـ روى الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 248/ ح972 ط. الاعلمي ـ بيروت،
بإسناده إلى عثمان الشحّام، عن سلمة بن الاكوع، قال:
بينما النبيّ ببقيع الغرقد وعليّ معه، فحَضَرَت الصلاة، فمرّ به جعفر، فقال النبيّ
(صلى الله عليه وآله وسلم): يا جعفر صل جناح أخيك .
فصلّى النبيّ بعلي وجعفر، فلمّا انفتل من صلاته قال: يا جعفر، هذا جبرئيل يخبرني
عن ربِّ العالمين أنه صيّر لك جناحين أخضرين مفضَّضين[10] بالزبرجد والياقوت، تغدو
وتروح حيث تشاء.
قال عليّ: فقلت: يا رسول الله، هذا لجعفر، فما لي؟ .
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عليّ، أوَما علمت أنَّ الله عزَّ وجلّ
خلق خلقاً من أُمّتي يستغفرون لك إلى يوم القيامة؟ .
قال عليّ: ومَن هم يا رسول الله؟ .
قال: قول الله عزَّ وجلّ في كتابه المنزل عليَّ: (وَالَّذِينَ
جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِر لَنَا وَلاخوَانِنَا الَّذِين
سَبَقُونَا بِالايمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلّذِينَ آمَنُوا
رَبَّنا إنّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) فهل سبقك إلى الايمان
أحد يا عليّ؟! الحديث بطوله.
ـ وروى المحدِّث الفاضل محمّد بن العبّاس بن الماهيار في «ما نزل من القرآن في أهل
البيت (عليهم السلام)» على ما في «تأويل الايات الظاهرة» ج2: 681/ ح8 ط. قم،
بإسناده إلى عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:
فرض الله الاستغفار لعلي في القرآن على كلّ مسلم.
قال: وهو قوله: (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِر لَنَا
وَلاخوَانِنَا الَّذِين سَبَقُونَا بِالايمَانِ) وهو
سابق الاُمّة.
ـ ورواه الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 249/ ح973.
وروى أيضاً في الحديث (974) بإسناده إلى إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال: حدَّثني
المأمون قال: حدَّثني الرشيد، قال: حدَّثني المهدي قال: حدَّثني المنصور، عن أبيه،
عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، قال:
كنت مع عليّ بن أبي طالب، فمرَّ بقوم يدعون، فقال: أُدعوا لي، فإنّه أُمرتم
بالدعاء لي، قال الله عزَّ وجلّ: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا
مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِر لَنَا وَلاخوَانِنَا الَّذِين
سَبَقُونَا بِالايمَانِ) وأنا أوّل المؤمنين إيماناً .
91 ـ قوله تعالى:
(إنّ الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّاً كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ)
سورة الصفّ 61: 4
ـ روى المحدِّث المفسِّر الحسين بن الحكم الحبري المتوفّى (286 هـ) في تفسيره
الموسوم باسمه «تفسير الحبري» ص: 321 ح66 ط. مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)،
بإسناده إلى الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاسفي قوله تعالى: (إنَّ
اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كأنَّهُمْ بُنيَانٌ
مَّرْصُوصٌ).
قال: نزلت في عليٍّ وحمزة وعُبيدة وسهل بن حُنيف والحارث بن الصِّمَّة وأبي
دُجَانَة.
ورواه بالاسناد إلى الحبري:
ـ المحدِّث المفسِّر الثقة فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره ص: 184 ط. النجف
الاشرف.
ـ الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 252/ ح977.
ـ المحدِّث الثقة محمد بن العبّاس بن الماهيار حيّ (328 هـ) في «ما نزل من القرآن
في أهل البيت (عليهم السلام)» على ما في «تأويل الايات الظاهرة» ج2: 685 ح1 ط. قم.
وبالاسناد إلى الزبير بن عدي، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى:
(إنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كأنَّهُمْ
بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ)، قال: قلت له: مَن هؤلاء؟
قال: حمزة أسد الله وأسد رسوله، وعليّ بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث، والمقداد بن
الاسود.
ـ رواه محمّد بن العباس المعروف بابن الجُحام في كتابه المذكور، على ما في «تأويل
الايات الظاهرة» ج2: 685/ ح2.
ـ والحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 251/ ح975.
ورويا أيضاً، أعني ابن الماهيار والحاكم الحَسْكاني، في كتابيهما المذكورين،
بإسنادهما إلى مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، قال:
كان عليّ إذا صفّ في القتال كأنّه بنيان مرصوص، فأنزل الله تعالى هذه الاية.
هذا نص رواية الحاكم، إلاّ أنّ في كتاب ابن الماهيار:... كأنّه بنيان مرصوص، يتّبع
ما قال الله فيه، فمدحه الله، وما قتل من المشركين كقتلِهِ أَحَدٌ.
92 ـ قوله تعالى:
(إن تتوبا إلى الله فقد صغَت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريل
وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ)
سورة التحريم 66: 4
المراد بـ(صَالِحُ المُؤْمِنِينَ)
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)بإطباق معظم المفسّرين والمؤرخين.
والخطاب موجه بصيغة تهديدية إلى زوجتي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهما عائشة
وحفصة.
وروي في سبب نزول السورة، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا صلَّى
الغداة يدخل على أزواجه امرأة امرأة، فلما دخل على أُم سلمة، أو زينب بنت جحش ،
فغارت عائشة، وأرسلت إلى صواحبها فتآمرن بينهنّ ـ عائشة، حفصة وسودة ـ أنه إذا دخل
على واحدة منهنّ، تظهر له (صلى الله عليه وآله وسلم) أن في فمه ريحاً غير طيبة،
وكان يشق عليه ذلك.
فلما دخل على عائشة أخذت بأنفها، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أجد ريح المغافير[11]،
أكلتها يا رسول الله؟
قال: لا، بل سقتني عسلاً .
وكذلك لقيته سودة.
قالت عائشة: إنّ رسول الله كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلاً، فتواطأتُ
أنا وحفصة أيتنا دخل عليها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فلتقل: إني أجد منك
ريح المغافير.
فتألّم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك، وقال: والله، لا أطعمه أبداً ،
فحرّمه على نفسه.
وقيل: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قسّم الايام بين نسائه، فلما كان يوم
حفصة، استأذنت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لزيارة أبيها، فأذن لها، فلما خرجت
أرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جاريته مارية القبطية، وكان قد أهداها له
المقوقس، فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقاً، فجلست عند
الباب، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووجهه يقطر عرقاً، فقالت حفصة:
إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أَمتك بيتي، ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي، أما
رأيت لي حرمة وحقاً؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أليس هي جاريتي؟! قد أحلّ
الله ذلك لي، اسكتي فهي حرام عَليَّ، ألتمس بذلك رضاكِ، فلا تخبري بهذا امرأةً
منهنّ، وهو عندك أمانة .
فلما خرج (صلى الله عليه وآله وسلم) قرعت حفصة الجدار على عائشة، فقالت: ألا أبشرك،
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد حرّم عليه أمته مارية، وقد أراحنا الله
منها، وأخبرت عائشة بالقصة. وكانتا متصافيتين متظاهرتين عليه (صلى الله عليه وآله
وسلم) وعلى سائر أزواجه.
فلما أطلع الله رسوله على إفشاء سره، طلّق حفصة واعتزل سائر نسائه تسعة وعشرين
يوماً، وقعد في مشربة أُم إبراهيم مارية القبطية، حتّى نزلت عليه آية التخيير.
(لِمَ تُحَرِّمُ مَا أحَلَّ اللهُ لَكَ)
(فَلَمَّا نَبَّأتْ بِهِ وَأظْهَرَهُ اللهُ عَلَيهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ
وَأعْرَضَ عَن بَعْض) أخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله
وسلم)حفصة بمقالتها لعائشة، (قَالَتْ مَنْ أنْبَأكَ هَذا
قَالَ): أخبرني العليم بجميع الامور.
(إنْ تَتُوبَا إلَى اللهِ) يا
حفصة ويا عائشة، من التعاون على النبي بالايذاء والتظاهر عليه (فَقَدْ
صَغَتْ قُلُوبُكُما) أي مالت إلى الاثم وإيذاء الرسول
(صلى الله عليه وآله وسلم] وَإنْ تَظَاهَرا عَلَيهِ (في إيذائه) فَإنَّ اللهَ هُوَ
مَوْلاَهُ (يتولى حفظه، وينصره (جِبْرِيلُ وَصَالِحُ
المُؤْمِنِينَ).
وقد وردت الروايات من طرق الخاص والعام أن المراد بصالح المؤمنين هو عليّ بن أبي
طالب (عليه السلام).
ـ ففي «شواهد التنزيل» للحَسْكاني ج2: 263/ ح996 ط. الاعلمي ـ بيروت، بإسناده عن
الصيرفي، عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: لقد عرّف رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) عليّاً (عليه السلام) أصحابه مرّتين، المرة الاولى قال (صلى الله عليه
وآله وسلم): من كنت مولاه فعليّ مولاه، والمرة الثانية فحيث نزلت هذه الاية، أخذ
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يد عليّ (عليه السلام)وقال: أيها الناس هذا
صالح المؤمنين .
وروى أيضاً في ج2: 258/ ح987، بإسناده إلى ابن عبّاس، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عليّ بن أبي طالب: هو صالح المؤمنين
.
ـ وروى الحسين بن الحكم الحبري في تفسيره ص: 325/ ح68 ط. مؤسسة آل البيت (عليهم
السلام)، قال:
حدّثنا حسن بن حسين، قال: حدّثنا حبّان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس في
قوله: (وَإنْ تَظَاهَرا عَلَيهِ)
نزلت في عائشة وحفصة.
(فَإنَّ اللهَ مَوْلاَهُ)
نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(وجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ)
نزلت في عليّ خاصة.
ـ ورواه المحدِّث الثقة فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره ص: 186 ط. النجف.
ـ والحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 262/ ح995.
وللعلاّمة الحَسْكاني عدّة روايات بطرق متعددة، ذكرها في كتابه المذكور ص: 254 ـ
263 وبطرق مختلفة عن الامام عليّ (عليه السلام)، وابن عبّاس، وأسماء بنت عميس،
وحذيفة، والسدّي، ومجاهد، وابن سيرين، وعمرو بن العاص، وغيرهم.
وممّن روى ذلك أيضاً:
ـ المحدِّث الفقيه ابن المغازلي في «مناقب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)» ص: 269/
ح316 ط. دار الاضواء ـ بيروت.
ـ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف القرشي الگنجي الشافعي في «كفاية الطالب» ص:
137 ـ 139 ط. طهران، بطريقين، ثمَّ قال: هكذا رأيت رواية أئمة التفسير عن آخرهم.
ـ الحافظ المؤرِّخ ابن عساكر في «ترجمة الامام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)من
تاريخ مدينة دمشق» ج2: 425/ ح932 و 933 بطريقين عن ابن عبّاس وحذيفة.
ـ الحافظ المحدِّث إبراهيم بن محمّد الجُوَيني في «فرائد السمطين» ج1: 363/ ح290 ط.
المحمودي ـ بيروت.
ـ الحافظ أبو نُعَيم الاصفهاني في «ما نزل من القرآن في عليّ (عليه السلام)» ص:
257/ ح71 ط. وزارة الارشاد الاسلامي ـ طهران.
ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني أحمد بن علي في «فتح الباري في شرح صحيح البخاري» ج13:
27 ط. مصر.
وللحديث مصادر وطرق أُخرى كثيرة حتّى إنّ المحدِّث الثقة المفسِّر محمّد بن العبّاس
بن الماهيار أورد اثنين وخمسين حديثاً من طرق الخاصّة والعامّة، فراجع:
«تأويل الايات الظاهرة» ج2: 697 ـ 700، فهو ينقل عن كتاب ابن الماهيار كثيراً.
«البرهان في تفسير القرآن» ج4: 353 و 354.
«إحقاق الحق» ج3: 311، ج4: 305 و 306، ج14: 278 ـ 288، ج20: 67 ـ 70.
93 ـ قوله تعالى:
(يا أيّها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحاً عسى ربكم أن يكفّر عنكم
سيّئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار يوم لا يخزي الله النبيّ والذين
ءامنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا
إنك على كلّ شيء قدير)
سورة التحريم 66: 8
ـ حكى العلاّمة السيد محمد صالح بن عبد الله الحسيني الكشفي الحنفي الترمذي (ت/
1061 هـ) عن المحدِّث الحنبلي أنَّ هذه الاية نزلت في شأن عليّ (عليه السلام)
ومحبّيه.
ـ وروى الحافظ المحدِّث أبو نعيم الاصفهاني في «ما نزل من القرآن في عليّ (عليه
السلام)» ص: 262/ ح72 ط. وزارة الارشاد الاسلامي ـ طهران، قوله:
فيما أخبرني به إبراهيم بن محمّد إجازة قال: حدّثنا يعقوب بن إسحاق ابن دينار، قال:
حدّثنا حي بن خالد الهاشمي قال: حدّثنا سلاّم الطويل[12]، عن زُبيد اليامي، عن سعيد
بن جبير، عن ابن عبّاس (رضي الله عنه)، قال:
أوّل من يُكسى من حلل الجنّة إبراهيم (عليه السلام) ; لخلّته من الله، ومحمّد (صلى
الله عليه وآله وسلم); لانّه صفوة الله، ثمّ عليّ (عليه السلام) يزفّ بينهما إلى
الجنان.
ثم قرأ ابن عبّاس: (يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) قال: عليّ وأصحابه.
ـ ونقل الشيخ المظفر في كتاب «دلائل الصدق» ج2: 208 ط. القاهرة، عن العلاّمة الحلّي
في قوله تعالى:
(يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ
آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أيْدِيهِمْ وَبِأيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ
رَبَّنَا أتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ).
قال ابن عباس: [نزلت] في عليّ
وأصحابه.
ـ وروى أبو نُعَيم أيضاً في ص: 264/ ح73، قال:
حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن إبراهيم الكندي وأحمد بن جعفر النسائي، قالا: حدّثنا
محمّد بن جرير قال: حدّثنا محمّد بن عيسى الدامغاني، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان،
قال: حدّثني أبو الاحوص سلاّم بن سُلَيم الحنفي الكوفي الحافظ، عن زُبيد اليامي، عن
سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم):
أوّل من يُكسى يوم القيامة إبراهيم لخلّته، ثمّ أنا لصفوتي، ثمّ يزفّ عليّ بن أبي
طالب بيني وبين إبراهيم (عليه السلام) زفّاً إلى الجنّة .
ـ وأخرجه الحافظ الثقة ابن شهر آشوب في «مناقب آل أبي طالب» ج3: 26، عن محمد بن
جرير الطبري بطريقين.
ـ وأخرجه المحدِّث الاديب علي بن عيسى الاربلي في «كشف الغمّة» ج1: 316، عن ابن
مردويه في كتاب «مناقب أهل البيت (عليهم السلام)».
ـ ورواه السيّد شهاب الدين أحمد بن عبد الله الحسيني الشيرازي في «توضيح الدلائل»
ص: 169 مخطوط، عن ابن عبّاس، وقال: رواه الامام الصالحاني[13].
وفي هذا يقول الشاعر السيد إسماعيل الحميري (رحمه الله):
يُدعى النبيّ فيكسوه ويكرمه * * * ربّ العباد إذا ما أحضر الامما
ثمّ الوصيّ فيُكسى مثل حُلّته * * * خضراء يرغم منها أنف من رغما
وله (رحمه الله) أيضاً:
عليّ غداً يُدعى ويكسوه ربّه * * * ويدنوه منه في رفيع مكرّم
فإن كنت منه حيث يكسوه راغماً * * * وتبدي الرضا كرهاً من الان فارغم
ومن الشواهد على هذا الحديث ما رواه:
ـ الحافظ أبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني القزويني المتوفّى سنة (590 هـ) في
كتابه «الاربعين المنتقى من مناقب المرتضى عليه رضوان العلي الاعلى» المطبوع في
مجلة تراثنا العدد الاوّل ص: 117 باب 30 في كون قصر عليّ في الجنّة بين قصر الخليل
والحبيب صلوات الله عليهما ورضوانه عليه، الحديث 37 بإسناده إلى الحاكم النيسابوري
، بإسناده إلى حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
إنّ الله اتّخذني خليلاً كما اتّخذ إبراهيم خليلاً، فقصري في الجنّة وقصر إبراهيم
في الجنّة متقابلان، وقصر عليّ بن أبي طالب بين قصري وقصر إبراهيم ، فيا له من حبيب
بين خليلين .
وروى أيضاً في ص: 120 باب 36 في كون قبّة عليّ المرتضى في الجنان بين قبّة نبيّنا
وقبّة إبراهيم خليل الرحمان عليهما صلوات الملك الديّان، الحديث 44 بإسناده إلى
الحاكم النيسابوري أيضاً، بإسناده إلى سلمان الفارسي قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم):
إذا كان يوم القيامة ضربت لي قبّة حمراء عن يمين العرش، وضربت لابي إبراهيم قبّة
من ياقوتة خضراء عن يسار العرش، وضربت فيما بيننا لعليّ ابن أبي طالب قبّة من لؤلؤة
بيضاء، فما ظنّكم بحبيب بين خليلين؟! .
وللحديث مصادر وشواهد أُخرى فراجع «إحقاق الحق» ج3: 285، ج4: 290 و 500، ج6: 162،
ج16: 536، ج20: 176، ج21: 682 ـ 683.
94 ـ قوله تعالى:
(فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوهُ الَّذين كفروا)
سورة الملك 67: 27
ـ روى الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 265/ ح998 ط. الاعلمي ـ بيروت،
بإسناده إلى عمرو بن أبي بكّار التميمي، عن أبي جعفر محمّد بن علي، في قوله:
(فَلَمَّا رَأوْهُ زُلْفَةً).
قال: فلمّا رأوا مكان عليٍّ من النبيّ (سِيئَتْ وُجُوهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني الذين كذّبوا بفضله.
وروى في الصفحة المذكورة/ ح999، بإسناده إلى المغيرة قال: سمعت أبا جعفر يقول: (فَلَمَّا
رَأوْهُ زُلْفَةً)، لما رأوا عليّاً عند الحوض مع رسول
الله (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
ـ وروي عن المحدِّث المفسِّر فرات بن إبراهيم الكوفي، بإسناده من طريقين إلى داود
بن سرحان، قال:
سألت جعفر بن محمد، عن قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأوْهُ
زُلْفَةً).
قال: عليّ بن أبي طالب إذا رأوا منزلته ومكانه من الله، أكلوا أكفّهم على ما
فرّطوا في ولايته [14].
ـ وروى الحاكم في شواهده ج2: 264/ ح997، بإسناده من ثلاثة طرق إلى سعد الخيّاط، عن
شريك.
وابن حسين الاشقر، عن شريك.
وسهل بن عامر، عن شريك، عن الاعمش في قوله تعالى: (فَلَمَّا
رَأوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
قال: لما رأوا ما لعليّ بن أبي طالب عند الله من الزلفى (سِيئَتْ
وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
هذا لفظ الاوَّلَين، وقال سهل: قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب.
95 ـ قوله تعالى:
(ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربّك بمجنون * وإن لك لاجراً غير ممنون *
وإنّك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأيّكم المفتون * إنّ ربّك هو أعلم بمن
ضلَّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)
سورة القلم 68: 1 ـ 7
ـ قال الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 267/ ح1002:
قرأتُ في التفسير العتيق: حدّثنا محمد بن شجاع، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى، عن كعب بن عجرة وعبد الله بن مسعود، قال:
قال النبيّ وقد سُئِلَ عن عليّ، فقال: أفضلكم عليّ أقدمكم إسلاماً، وأوفركم
إيماناً، وأكثركم علماً، وأرجحكم حلماً، وأشدّكم في الله غضباً، علَّمته عِلمي،
واستودعته سِرِّي ووكّلته بشأني، فهو خليفتي في أهلي، وأميني في أُمّتي .
فقال بعض قريش: لقد فَتَنَ عَليٌّ رسولَ الله حتّى ما يرى به شيئاً! فأنزل الله
تعالى (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأيِّكُمُ
المَفْتُونُ).
وروى أيضاً الحديث (1003)، بإسناده إلى أبي عبد الله الجدلي، عن عبد الله بن مسعود،
قال:
غدوت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فدخلتُ المسجد والناس أجفل ما كانوا،
كأنّ على رؤوسهم الطير، إذ أقبل عليّ بن أبي طالب حتّى سلّم على النبي، فتغامز به
بعض مَن كان عنده، فنظر إليهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ألا
تسألوني عن أفضلكم؟ .
قالوا: بلى.
قال: أفضلكم عليّ بن أبي طالب، أقدمكم إسلاماً، وأوفركم إيماناً، وأكثركم عِلماً،
وأرجحكم حلماً، وأشدّكم لله غضباً، وأشدّكم نكاية في العدو، فهو عبد الله وأخو
رسوله، فقد علَّمته عِلمي، واستودعته سرّي، وهو أميني على أُمتي .
فقال بعضُ مَن حضر: لقد فتن عليٌّ رسولَ الله حتّى لا يرى به شيئاً.
فأنزل الله: (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأيِّكُمُ
المَفْتُونُ).
وأخرج الحَسْكاني تحت الرقم (1004) الحديث الذي رواه الثقة العيّاشي في تفسيره،
بإسناده إلى جعفر بن محمّد الخزاعي، عن أبيه، قال:
سمعت أبا عبد الله يقول: نزل) وَإنَّ لَكَ لاَجْراً غَيْرَ مَمْنُون (في تبليغك
في عليّ ما بلّغت) وإنَّكَ لَعَلى خُلُق عظيم * فَسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ *
بِأيِّكُمُ المَفْتُونُ (.
ـ وروى الشيخ الاقدم المحدِّث الثقة أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في كتابه
«المحاسن» ج1: 151/ ح71 ط. دار الكتب الاسلامية ـ قم، قال:
حدَّثني أبي، عمّن حدَّثه، عن جابر قال:
قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما
مِن مؤمن إلاّ وقد خلص ودِّي إلى قلبه، وما خلص ودِّي إلى قلب أحد إلاّ وقد خلص
ودُّ عليٍّ إلى قلبه.
كذب ـ يا علي ـ مَن زعم أنّه يحبّني ويبغضك .
قال: فقال رجلان من المنافقين: لقد فُتِنَ رسول الله بهذا الغلام.
فأنزل الله تبارك وتعالى: (فستُبْصِرُ ويُبْصِرُون *
بِأيّكُمُ المفْتُونُ... وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّف مَّهِين).
قال: نزلت فيهما، إلى آخر الايات.
ـ ورواه الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 268/ ح1005، بإسناده إلى البرقي
صاحب «المحاسن»، مختصراً.
ـ وروى المحدِّث الثقة محمّد بن العبَّاس بن الماهيار في «ما نزل من القرآن في أهل
البيت (عليهم السلام)» على ما في «تأويل الايات الظاهرة» ج2: 711/ ح2 ; والحاكم
الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 269/ ح1006 ; بإسنادهما إلى محمّد بن شعيب، عن
عمرو بن شمر، عن دلهم بن صالح، عن الضحّاك بن مزاحم، قال:
لمّا رأت قريش تقديم النبيّ عليّاً وإعظامه له، نالوا من عليّ، وقالوا: قد افتتن به
محمّد.
فأنزل الله تعالى: (ن وَالقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)
قسمٌ، أقسم الله به (مَا أنْتَ)
يا محمد (بِنعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون... وَإِنَّكَ
لَعَلَى خُلُق عَظِيم) يعني القرآن.
إلى قوله: (إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن
سَبِيلِهِ) وهم النفر الذين قالوا ما قالوا.
(وَهُوَ أعْلَمُ بِالُمهْتَدِينَ):
عليّ بن أبي طالب.
هذا لفظ الحاكم النيسابوري في الشواهد.
ـ ورواه بالاسناد عنه المحدِّث المفسِّر الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في
«مجمع البيان» ج10: 501 ط. دار المعرفة ـ بيروت.
راجع مزيد التفاصيل في المصادر التالية:
«تأويل الايات الظاهرة» ج2: 710 ـ 713.
«البرهان في تفسير القرآن» ج4: 369 و 370.
«إحقاق الحق» ج3: 582، ج14: 508.
96 ـ قوله تعالى:
(وتعيها أُذن واعية)
سورة الحاقّة 69: 12
أطبق الحفّاظ المفسّرون على أنّها نزلت في عليّ (عليه السلام).
روى ذلك جمع غفير من أجلاّء الرواة والمفسّرين من أعلام إخواننا أهل السنّة
والجماعة في مصنّفاتهم، أورِدُ بعضاً منها بعد ذكر هذا الحديث الذي رواه الحَسْكاني
في «شواهد التنزيل» ج2: 283/ ح1027 ط. الاعلمي ـ بيروت، عن ابن عبّاس قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي طالب:
يا علي، إنّ الله أمرني أن أُدنيك ولا أُقصيك، وأن أُحبّك وأُحبّ من يحبّك، وأن
أُعلّمك وتعي، وحقّ على الله أن تعي .
فأنزل الله: (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ).
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سألت ربّي أن يجعلها أُذنك يا عليّ .
قال عليّ: فمنذ نزلت هذه الاية، ما سمِعَتْ أُذناي شيئاً من الخير والعلم والقرآن
إلاّ وعيته وحفظته .
وقد روي هذا الحديث بطرق وأسانيد كثيرة تنتهي إلى أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)
وجماعة من كبار الصحابة والتابعين منهم: ابن عبّاس، بريدة، أنس، جابر، مكحول،
الاصبغ بن نباتة وغيرهم، وممّن رواه وأخرجه عنهم:
ـ العلاّمة الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري في «أسباب النزول» ص:
328 ط. الهندية بالقارة، ص: 294 ط. دار الكتب العلمية.
ـ العلاّمة ابن المغازلي الشافعي في «مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام)» ص: 265/
ح312، ص: 318/ ح363، ص: 319/ ح364 ط. دار الاضواء ـ بيروت.
ـ علاّمة النحو والادب والتفسير أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه المصري
المتوفّى سنة (370 هـ) في «إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم» ص: 103 ط. دار
الكتب المصريّة ـ القاهرة 1360 هـ/ 1941 م.
ـ العلاّمة سعد الدين التفتازاني مسعود بن عمر الشافعي (ت/ 793) في «شرح
المقاصد»[15] ج2: 220 ط. الاستانة.
ـ العلاّمة ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» ج4: 319 ط. القاهرة.
ـ الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 271 ـ 285/ ح1007 ـ 1029 ط. الاعلمي ـ
بيروت.
ـ العلاّمة المولى علي المتقي الهندي في «كنز العمال» ج15: 157 ط. حيدر آباد دكن،
ج13: 177/ ح36525 و 36526 ط. مؤسسة الرسالة ـ بيروت 1409 هـ.
ـ العلاّمة الخوارزمي في «المناقب»[16] ص: 179 و 190 ط. تبريز.
ـ العلاّمة شمس الدين الزرندي الحنفي في «نظم درر السمطين» ص: 92 ط. مطبعة القضاء.
ـ العلاّمة الشيخ سليمان البلخي القندوزي الحنفي في «ينابيع المودّة»[17] ص: 120 ط.
اسلامبول.
ـ الحافظ أبو نُعَيم الاصفهاني في «حلية الاولياء» ج1: 67 ط. مطبعة السعادة بمصر.
كما رواه أيضاً في «ما نزل من القرآن في عليّ (عليه السلام)» ص: 266.
هذه نبذة من المصادر التي نقلت الحديث، ومن أراد المزيد فليراجع المطولات من
الموسوعات، ومنها: «إحقاق الحق» ج3: 147، ج14: 220 ـ 241، ج20: 92 ـ 97.
97 ـ قوله تعالى:
(ومن يُعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذاباً صعداً)
سورة الجن 72: 17
ـ روى الشيخ الثقة المُعتَمد فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره[18] ص: 194 ،
بإسناده إلى الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى:
(وَمَن يُعْرِضُ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ).
قال: (ذِكْرِ رَبِّهِ): ولاية
عليّ بن أبي طالب عليه وعلى أولاده السلام.
ـ وأخرجه الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 290/ ح1035 عن فرات الكوفي.
وراجع:
«تأويل الايات الظاهرة» ج2: 728.
«البرهان في تفسير القرآن» ج4: 394.
«إحقاق الحق» ج3: 582، ج14: 515.
98 ـ قوله تعالى:
(إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الّذين معك)
سورة المزمّل 73: 20
ـ روى الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل ج2: 291/ ح1036 ط. الاعلمي ـ بيروت،
بإسناده إلى الحسين بن الحكم الحبري، عن الحسن بن الحسين، عن عبيدة بن حميد، عن
الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: (إنَّ
ربَّكَ يَعْلَمُ أنَّك تَقُومُ أدْنى مِن ثُلُثَيِ اللَّيلِ ونِصْفَهُ وَثُلُثَهُ
وَطَائِفةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) قال: عليّ وأبو ذرّ.
وروى أيضاً تحت الرقم (1037) حديثاً آخر في تأويل ابن عبّاس لهذه الاية ; بإسناده
إلى السدّي، عن قتادة، عن عطاء، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: (إنَّ
ربَّكَ يَعْلَمُ أنَّك) يا محمد (تَقُومُ)
تُصلّي (أدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيلِ وَنِصْفَهُ
وَثُلُثَهُ وَطَائِفةٌ مِن الَّذِينَ مَعَكَ).
فأول مَن قام الليل معه عليٌّ، وأول من بايع معه عليٌّ، وأول من هاجر معه عليٌّ.
99 ـ قوله تعالى:
(فلا صدَّق ولا صلى * ولكن كذّب وتولّى * ثمّ ذهب إلى أهله يتمطّى * أولى لك فأولى)
سورة القيامة 75: 31 ـ 34
نزلت هذه الايات الكريمة في وصف حال معاوية بن أبي سفيان وأصحابه ـ وتعمّ النواصب
أيضاً ـ والتنديد بهم لعصيانهم أوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في موالاة
عليّ (عليه السلام) التي دعا إليها يوم غدير خم، وقد حكى أحداث هذه الواقعة وصوّرها
اثنان من أصدق الصحابة وأجلهم: أبو ذر الغفاري الذي حكاها في محضر حبر الاُمّة عبد
الله بن عبّاس، وحذيفة بن اليمان.
ويرويه عنه الصحابي الجليل عمار بن ياسر، فيقول:
كنت عند أبي ذر الغفاري في مجلس لابن عبّاس، وعليه فسطاط، وهو يحدّث الناس، إذ قام
أبو ذر حتّى ضرب بيده إلى عمود الفسطاط، ثمّ قال:
أيّها الناس، مَن عرفني فقد عرفني، ومَن لم يعرفني أنبأته باسمي: أنا جندب بن
جنادة، أبو ذر الغفاري، سألتكم بحق الله وحق رسوله، أسمعتم رسول الله يقول: ما
أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر؟ .
قالوا: اللهمَّ نعم.
قال: أتعلمون أيّها الناس، أنّ رسول الله جمعنا يوم غدير خمّ ألف وثلاثمئة رجل،
وجمعنا يوم سمرات خمسمئة رجل، كلّ ذلك يقول: اللهمَّ مَن كنتُ مولاه فإنَّ عليّاً
مولاه، اللهمَّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه .
فقام عمر فقال: بخ بخ، يابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
فلمّا سَمِعَ ذلك معاوية بن أبي سفيان، اتّكأ على المغيرة بن شعبة، وقام وهو يقول:
لا نقرُّ لعليٍّ بولاية، ولا نصدِّق محمّداً في مقاله.
فأنزل الله تعالى على نبيّه (فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى
* وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى * ثمَّ ذَهَبَ إلَى أهْلِهِ يَتَمَطّى * أوْلَى لَكَ
فَأَوْلَى) تهدّداً من الله تعالى؟
فقالوا: اللهمَّ نعم.
ـ رواه المحدِّث المفسِّر الثقة فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره[19] ص: 195 ط.
المطبعة الحيدرية ـ النجف الاشرف.
ـ والحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 295/ ح1040 عن فرات الكوفي بإسناده
إلى عمّار بن ياسر، واللفظ له.
ورويا ـ فرات والحَسْكاني ـ أيضاً بإسنادهما إلى عطية، عن حذيفة بن اليمان، قال:
كنت ـ والله ـ جالساً بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد نزل بنا
غدير خمّ، وقد غصَّ المجلس بالمهاجرين والانصار، فقام رسول الله على قدميه فقال:
يا أيّها الناس، إنّ الله أمرني بأمر فقال: (يَا
أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ).
ثمّ نادى عليّ بن أبي طالب، فأقامه عن يمينه.
ثمَّ قال: يا أيّها الناس، ألم تعلموا أنّي أولى منكم بأنفسكم؟ .
قالوا: اللهمَّ بلى.
قال: مَن كُنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه،
وانصر مَن نَصَرَه، واخْذُل مَن خَذَلَه .
فقال حذيفة: فوالله، لقد رأيت معاوية قام وتمطّى وخرج مغضباً، واضعاً يمينه على عبد
الله بن قيس الاشعري، ويساره على المغيرة بن شعبة ثمَّ قام يمشي متمطئاً وهو يقول:
لا نُصدِّق محمّداً على مقالته، ولا نقرّ لعليٍّ بولايته.
فأنزل الله (فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى * وَلكِنْ
كَذَّبَ وَتَوَلّى * ثمَّ ذَهَبَ إلَى أهْلِهِ يَتَمَطّى).
فهمّ به رسول الله أن يردَّه فيقتله، فقال له جبرئيل: (لاَ
تُحرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ). فسكت عنه.
ـ ورواه المحدِّث المفسِّر علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره ج2: 397 ط. قم، مرسلاً
وباختصار.
ـ ورواه الحافظ ابن شهر آشوب في «مناقب آل أبي طالب» ج3: 38 ط. قم، ج3: 49 ط.
الثانية 1412 هـ، دار الاضواء ـ بيروت، عن الباقر (عليه السلام)، مختصراً.
وقد ذكرت واقعة الغدير التي بها كان كمال الدين وتمام النعمة ورضا الربّ، في سورة
المائدة، ففيه نصوص ومصادر كثيرة راجعها هناك.
100 ـ قوله تعالى:
(عمَّ يتساءلون * عن النبأ العظيم)
سورة النبأ 78: 1 ـ 2
ـ عن الحافظ أبي بكر بن مؤمن الشيرازي[20] في «رسالة الاعتقاد» كما نقل عنه في
«مناقب الكاشي»[21]ص213 المخطوط في قوله تعالى:) عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ
النَّبَأ العَظِيمِ (بإسناده إلى السدّي، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)أنّه قال: ولاية عليّ (عليه السلام)يتساءلون عنها في قبورهم، فلا يبقى ميت
في شرق، ولا في غرب، ولا في بر، ولا في بحر، إلاّ ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بعد الموت، يقولان للميت: مَن ربّك؟
وما دينك؟ ومن نبيّك؟ ومن إمامك؟ .
ثمَّ قال الكاشي: قال الامام الفاضل: أجمع المفسِّرون أنَّ النبأ العظيم هو عليّ.
ـ وذكر ذلك العلاّمة المظفر في كتابه «دلائل الصدق» ج2: 321 ط. القاهرة بنفس المعنى
واللفظ، عن السدّي.
ـ وروى المظفر أيضاً في كتابه المذكور، ووافق به الحاكم الحَسْكاني في «شواهد
التنزيل» ج2: 318/ ح1075 ط. الاعلمي ـ بيروت، واللفظ له، باسنادهما إلى السدّي، عن
عبد خير، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال:
أقبل صخر بن حرب حتّى جلس إلى رسول الله فقال: الامر بعدك لمن؟
قال: لمن هو منّي بمنزلة هارون من موسى .
فأنزل الله:) عَمَّ يَتَسَاءَلُون (يعني يسألك أهل مكّة عن خلافة عليّ
(عَنِ النَّبَأ العَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فيهِ مُخْتَلِفُون)
فمنهم المصدِّق، ومنهم المكذّب بولايته (كَلاَّ
سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) وهو ردٌّ
عليهم سيعرفون خلافته أنّها حق إذ يُسألون عنها في قبورهم، فلا يبقى ميّت في شرق
ولا غرب، ولا بر ولا بحر، إلاّ ومنكر ونكير يسألانه، يقولان للميّت:
مَن ربّك؟ وما دينك؟ ومَن نبيّك؟ ومَن إمامك؟
ـ وروى المحدِّث المفسِّر الثقة فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره[22]، بإسناده إلى
أبي حمزة الثمالي قال:
سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (عَمَّ
يَتَساءَلُون * عَنِ النَّبَأ العَظِيمِ* الّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)
فقال:
كان عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقول لاصحابه: أنا والله، النبأ العظيم الذي
اختلف فيه جميع الاُمم بألسنتها.
والله، ما للهِِ نبأ أعظم منّي، ولا للهِِ آية أعظم منّي .
ـ وأخرجه الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 317/ ح1072 و 1073، عن فرات
الكوفي بهذين الطريقين.
ورواه أيضاً باختلاف يسير كلّ من:
ـ المحدِّث الثقة محمد بن الحسن الصفّار في «بصائر الدرجات» ص: 96/ ح3 ط. الاعلمي ـ
طهران 1404 هـ.
ـ والمحدِّث الثقة محمد بن يعقوب الكليني في «أصول الكافي» ج1: 161/ ح3 ط. المكتبة
الاسلامية ـ طهران.
ـ والمحدِّث المفسِّر علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ج2: 401 ط. قم.
ـ وروى الشيخ الصدوق في «عيون أخبار الرضا (عليه السلام)» ج2: 6/ ح13 ط. قم،
بإسناده إلى الامام الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، عن الحسين (عليه
السلام) قال: قال رسول الله لعليّ:
يا علي، أنت حجّة الله، وأنت باب الله، وأنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم،
وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل الاعلى .
ـ وروى المحدِّث ابن شهر آشوب في «مناقب آل أبي طالب»[23] ج3: 80 ط. قم، عن الاصبغ
بن نباتة أنّ علياً قال:
والله، أنا (النَّبَأ العَظِيمِ * الّذِي هُمْ فِيهِ
مُخْتَلِفُونَ * كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ)
حين أقف بين الجنّة والنار وأقول: هذا لي، وهذا لكِ .
وقد صيغت مضامين هذه الاحاديث شعراً منذ عصر الصحابة، وممّن استشهد بذلك عمرو بن
العاص في القصيدة المعروفة بـ (الجلجلية) والمنسوبة إليه، حيث يقول:
نصرناك مِن جهلنا يابن هند * * * على النبأ الاعظم الافضلِ
وحيث رفعناك فوق الرؤوس * * * نزلنا إلى أسفل الاسفلِ
وتجد القصيدة كاملة مع مصادرها في «الغدير» ج2: 114 ط. دار
الكتب الاسلامية ـ طهران.
ويُنسب إليه أيضاً قوله في عليّ (عليه السلام):
هو النبأ العظيم وفلك نوح * * * وباب الله وانقطع الخطاب
كما أشار إليه النيشابوري في تفسيره الشهير، المطبوع بهامش
تفسير الطبري ج30: 4. وقيل أنَّ هذا البيت لحسّان بن ثابت.
والاحاديث والاثار والاشعار في هذه الاية كثيرة اكتفي بهذا القدر بما أوردته،
وللمزيد راجع:
«تأويل الايات الظاهرة» ج2: 757 ـ 760 ط. قم.
«البرهان في تفسير القرآن» ج4: 419 و 420 ط. قم.
«إحقاق الحق» ج3: 484 ـ 502، ج14: 376 و 377، ج20: 363 و 369 و 371 و 545.
101 ـ قوله تعالى:
(إنّ للمتقين مفازاً * حدائق وأعناباً * وكواعب أتراباً * وكأساً دهاقاً * لا
يسعمون فيها لغواً ولا كذاباً * جزاءاً من ربّك عطاءً حساباً *)
سورة النبأ 78: 31 ـ 36
ـ روى الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 319 ط. بيروت، بإسناده عن ابن
عبّاس في قوله تعالى:) إنَّ لِلمُتَّقِينَ مَفَازاً (قال:
هو عليّ بن أبي طالب، وهو والله سيّد من اتّقى الله وخافه.
اتّقاه من ارتكاب الفواحش، وخافه عن اقتراف الكبائر.
(مَفَازاً) نجاة من النار
والعذاب، وقرباً من الله في منازل الجنّة.
وأخرجه عنه في مستدركات «إحقاق الحق» ج14: 533.
102 ـ قوله تعالى:
(فأمّا من طغى * وءاثر الحيوة الدّنيا * فإنّ الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام
ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوى *)
سورة النازعات 79: 37 ـ 41
ـ روى الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 323/ ح1079 ط. الاعلمي ـ بيروت،
بإسناده إلى سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى:
(فَأَمَّا مَن طَغَى) يقول:
علا وتكبّر وهو علقمة بن الحارث بن عبد الله بن قصيّ (وَآثَرَ
الحَيَاةَ الدُّنْيَا) وباع الاخرة بالدنيا، فإنّ الجحيم
هي مأوى مَن كان هكذا.
(وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ)
يقول عليّ بن أبي طالب: خاف مقامه بين يدي ربّه وحسابه وقضاءه بين العباد، فانتهى
عن المعصية، ونهى نفسه عن الهوى، ـ يعني عن المحارم التي تشتهيها النفس ـ فإنّ
الجنة هي مأواه خاصّة، ومَن كان هكذا عامّاً .
103 ـ قوله تعالى:
(وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)
سورة المطفّفين 83: 26
ـ قال الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 325/ ح1081 ط. الاعلمي ـ بيروت:
حدّثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قراءةً وإملاءً، قال: حدَّثني علي بن الحسين
الرصافي ببغداد، عن الحسن بن علي الحريري، عن الحسين بن إسماعيل الحريري، عن جعفر
بن علي الحريري، عن معاوية بن عمّار الدهني، عن أبي الزبير، عن جابر:
أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة الطائف دعا عليّاً فانتجاه، ثمَّ
قال: أيّها الناس، إنّكم تقولون أنّي انتجيت علياً ; ما أنا انتجيته، إنّ الله
انتجاه (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ).
وهذا الحديث ممّا أذعن صيارفة الحديث ونقّاده ورواته بصحّته وتواتره وكثرة طرقه،
حتّى كان من تلكم الاحاديث التي احتجَّ بها عليّ (عليه السلام) يوم الشورى وغيره،
على جلالة منزلته وعظيم فضله.
ـ ففي حديث المناشدة الذي رواه موفّق الدين محمّد بن أحمد الخوارزمي الحنفي أبو
المؤيد (ت/ 568 هـ) في «المناقب» ص: 246 ط. تبريز، قال عليّ (عليه السلام):
أنشدكم بالله، أتعلمون أنّه ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك فقلتم: ناجاه
دوننا. فقال: ما انتجيته، بل الله انتجاه .
قالوا: اللهمَّ نعم.
ـ وروى الترمذي أبو عيسى محمّد بن عيسى (ت/ 279 هـ) في صحيحه[24] ج13: 173 ط.
الصاوي ـ مصر، بإسناده إلى أبي الزبير، عن جابر، قال:
دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس:
لقد طال نجواه مع ابن عمّه.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما انتجيته، ولكن الله انتجاه .
وإليك جملة من الحفاظ والمؤرخين الذين أوردوا الحديث ورووه في مؤلفاتهم، منهم:
ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي (ت/ 360 هـ) في أواخر
مسند جابر بن عبد الله الانصاري من «المعجم الكبير» ج2: 186/ ح1756 ط. الثانية
المحققة لدار إحياء التراث العربي.
ـ الحافظ الفقيه ابن المغازلي علي بن محمّد الخطيب الشافعي (ت/ 483 هـ) في «مناقب
عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)» ص: 124 ـ 126/ ح162 ـ 166 ط. دار الاضواء ـ بيروت.
ـ الحافظ الگنجي الشافعي محمّد بن يوسف (ت/ 658 هـ) في «كفاية الطالب» ص: 327 ـ 329
ط. طهران.
ـ الحافظ المؤرّخ ابن عساكر أبو القاسم ثقه الدين علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي
الدمشقي (ت/ 571 هـ) في «ترجمة الامام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) من تاريخ
مدينة دمشق» ج2: 307 ـ 311/ ح816 ـ 821 ط. المحمودي ـ بيروت.
ـ الحافظ أبو نُعَيم الاصبهاني أحمد بن عبد الله (ت/ 430 هـ) في «تاريخ أصبهان» ج1:
141 ط. ليدن.
ـ الحافظ الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي (ت/ 463 هـ) في «تاريخ بغداد» ج7:
402 ط. مطبعة السعادة ـ مصر.
ـ العلاّمة ابن أبي الحديد المعتزلي أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله (ت/ 656 هـ)
في «شرح نهج البلاغة» ج2: 167 و 411 ط. القاهرة.
ـ الحافظ المؤرّخ ابن الاثير الجزري علي بن محمّد الشيباني (ت/ 630 هـ) في «أُسد
الغابة» ج4: 27 ط. مصر، ج4: 107/ رقم 3783 ط. دار الشعب ـ مصر.
ـ الحافظ العلاّمة محب الدين الطبري (ت/ 694 هـ) في «الرياض النضرة» ج2: 200 ط.
الخانجي ـ مصر.
وفي «ذخائر العقبى» ص: 85 ط. مكتبة القدسي ـ مصر.
ـ الحافظ إسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الشافعي الدمشقي (ت/ 774) في «البداية
والنهاية»[25]ج7: 357 ط. مصر.
ـ العلاّمة سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت/ 1294 هـ) في «ينابيع
المودّة»[26] ص: 58 ط. اسلامبول، عن مسند أحمد[27] وصحيح الترمذي، والمناقب.
هذه بعض مصادر الحديث، وأقول هنا كما قال الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2:
243 بعد أن روى هذا الحديث بعدّة طرق:
(ولا يحتمل هذا الموضع ذكر الاسانيد، وهو مبسوط في هذا الباب من كتاب الخصائص،
وبالله التوفيق).
فراجع للمزيد «إحقاق الحق» ج6: 525 ـ 531، ج17: 53 ـ 55، ج21: 275 ـ 281.
104 ـ قوله تعالى:
(إنّ الذين أجرموا كانوا من الّذين ءامنوا يضحكون * وإذا مرّوا بهم يتغامزون * وإذا
انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين * وإذا رأوهم قالوا إنّ هؤلاء لضالّون * وما
أرسلوا عليهم حافظين * فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون * على الارائك ينظرون
* هل ثُوِّب الكفار ما كان يفعلون)
سورة المطفّفين 83: 29 ـ 36
ـ روى المحدِّث الحسين بن الحكم الحبري في تفسيره ص: 327/ ح70 ط. مؤسسة آل البيت ـ
بيروت، بإسناده إلى الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله:
(إنَّ الَّذِينَ أجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ...)
إلى آخر السورة:
فالذين آمنوا: عليّ بن أبي طالب.
والذين كفرُوا: مُنَافِقُو قريش.
ـ ورواه الحاكم الحَسْكاني في «شواهد التنزيل» ج2: 328/ ح1085 بإسناده إلى الحبري،
وفيه أن الذين آمنوا: عليّ بن أبي طالب وأصحابه.
وروى الحاكم أيضاً الحديث (1084) بسنده إلى العيّاشي، بإسناده إلى عبد الرحمن بن
سالم، عن أبي عبد الله في قوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ
أجْرَمُوا) إلى آخر السورة.
قال: نزلت في عليّ، والذين استهزأوا به من بني أُمية.
إنّ عليّاً مرّ على نفر من بني أُمية وغيرهم من المنافقين، فسخروا منه، ولم يكونوا
يصنعون شيئاً إلاّ نزل به كتاب، فلما رأوا ذلك مطّوا بجوابهم.
فأنزل الله تعالى: (وَإذَا مَرُّوا بِهِمْ
يَتَغَامَزُونَ).
وروى الحاكم أيضاً الحديث (1086)، بإسناده إلى مقاتل، عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس في
قوله: (إنَّ الَّذِينَ أجْرَمُوا).
قال: هم بنو عبد شمس، مرَّ بهم عليّ بن أبي طالب ومعه نفر فتغامزوا به وقالوا:
هؤلاء الضلاّل.
فأخبر الله تعالى ما للفريقين عنده جميعاً يوم القيامة وقال:
(فَاليَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا)
عليّ وأصحابه (مِنَ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى
الارَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)
بتغامزهم وضحكهم وتضليلهم عليّاً وأصحابه، فبشّر النبيّ عليّاً وأصحابه الذين كانوا
معه أنّكم ستنظرون إليهم وهم يُعَذَّبون في النار.
وقال في الحديث (1087):
وفي تفسير مقاتل، رواية إسحاق عنه: (إنَّ الَّذِينَ
أجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ)
وذلك أنّ عليّ بن أبي طالب انطلق في نفر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)
فسخر منهم المنافقون وضحكوا وقالوا:(إنَّ
هَؤُلاَءِ لَضَالُّونَ) يعني يأتون محمداً يرون أنّهم
على شيء.
فنزلت هذه الاية قبل أن يصل عليٌّ ومَن معه إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)،
فقال: (إنَّ الَّذِينَ أجْرَمُوا)
يعني المنافقين (كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا)
يعني عليّاً وأصحابه (يَضْحَكُونَ)
إلى آخرها.
وقد أخرج بعض هذه الاحاديث وغيرها السيّد شرف الدين النجفي في «تأويل الايات
الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة» ج2: 779 ـ 782 نقلاً عن كتاب «ما نزل من القرآن
في أهل البيت (عليهم السلام)» للشيخ الثقة الجليل محمد بن العبّاس بن مروان المعروف
بابن الجحام.
ثمَّ قال السيّد شرف الدين:
وأحسن ما قيل في هذا التأويل: ما رواه أيضاً عن محمّد بن القاسم، عن أبيه بإسناده،
عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال:
إذا كان يوم القيامة أخرجت أريكتان من الجنّة، فبسطتا على شفير جهنّم، ثمَّ يجيء
عليٌّ (عليه السلام) حتّى يقعد عليهما، فإذا قعد ضحك، وإذا ضحك انقلبت جهنّم فصارت
عاليها سافلها.
فذلك قوله عزَّ وجلَّ (فَاليَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنَ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الارَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ
الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
وممن روى نزول الايات في عليّ وأصحابه عدة من المحدّثين والمفسّرين منهم:
ـ الحافظ المحدِّث الموفق محمد بن أحمد الخوارزمي في «المناقب» ص: 194 ط. النجف
1965، ص: 275/ ح254 ط. مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم.
ـ العلاّمة المفسِّر الالوسي أبو الثناء محمود بن عبد الله الحسيني الشافعي (ت/
1270 هـ) في «روح المعاني» ج30: 76 ط. المنيرية ـ بمصر.
ـ الزمخشري جار الله محمود بن عمر الحنفي (ت/ 538 هـ) في «الكشّاف عن حقائق
التنزيل» ج4: 724 ط. دار الكتاب العربي ـ بيروت، ج 6: 339 ط. الاولى 1418 هـ، مكتبة
العبيكان ـ الرياض.
ـ الفخر الرازي محمّد بن عمر الشافعي (ت/ 606 هـ) في «التفسير الكبير» مج16 ج31:
101.
ـ المير محمّد صالح الكشفي الترمذي في «مناقب مرتضوي»: ص54 ط. بومبي.
ـ ذكر العلاّمة المظفر في كتابه «دلائل الصدق» ج2: 339 ط. القاهرة في تفسير قوله
تعالى: (إنَّ الَّذِينَ أجْرَمُوا كَانُوا مِنَ
الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) ذكر الرازي في تفسيره
أنه جاء عليّ (عليه السلام) في نفر من المسلمين فسخر منه المنافقون وضحكوا
وتغامزوا، ثم رجعوا إلى أصحابهم، فقالوا: رأينا الاصلع فضحكوا منه، فنزلت هذه الاية
قبل أن يصل عليّ (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومثله في
الكشاف، ومرّت الاشارة إلى مواضعهما.
ودلالتها على المطلوب باعتباره تمام الاية، وهي قوله تعالى: (فَاليَوْمَ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الارَائِكِ يَنْظُرُونَ).
فإنها دالة على بشارة عليّ (عليه السلام) بالجنة، القاضية بإمامته كما سبق، ولا ريب
أن اهتمام الكتاب العزيز فيما يتعلق بعليّ (عليه السلام) حتى نزول في مثل هذا الامر
اليسير في الظاهر ; لاكبر دليل على عظمته عند الله عزَّ وجلّ وفضله على الاُمة
كلها.
هذا غيض من فيض ولو أردنا الاستقصاء لطال بنا البحث.
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) « تاريخ مدينة دمشق » ج42 : 313 ط . الاولى
1417 هـ دار الفكر ـ بيروت ، تحقيق علي شيري.
(2) في « كفاية الطالب » وبعض المصادر الاخرى ومنها « تاريخ مدينة دمشق » : حزقيل .
وفي مناقب ابن المغازلي والدارقطني في « المؤتلف والمختلف » ج2 : 770 : خِرْبيل
بالخاء المعجمة . وانظر أيضاً : « مجمع البيان » ج8 : 811 ، « فتح القدير » ج4 :
489 .
(3) سورة يس 36 : 20 .
(4) سورة غافر (المؤمن) 40 : 28 .
(5) تاريخ مدينة دمشق ج42 : 43 ط . الاولى 1417 هـ المحققة .
(6) ينابيع المودّة ج1 : 124 ، ج2 : 10 و 27 و 57 الحديث ـ 14 ط . مؤسّسة الاعلمي ـ
بيروت ، ج1 : 373 الباب ـ 42 ، ج2 : 95 / ح225 و 144 / ح399 و 235 / ح657 ط .
الاولى 1416 هـ ، دار الاسوة .
(7) سورة الحديد 57 : 19 .
(8) شَعِيرَة : وزن حبة شعير واحدة من ذهب .
(9) الجامع الصحيح ج5 : 406 / ح3300 .
(10) أي مُحَلّيين ومُزيَّنين ، ولعلها : مفصَّصين ، بالصادين المهملتين ، أي جعل
في الجناحين فصوص الزبرجد والياقوت .
(11) هو صمغ العرفط كريه الرائحة .
(12) هو سلاّم بن سَلْم التميمي السعدي ، خراساني الاصل ، ويُعرف بسلاّم الطّويل ،
ويقال له أيضاً : سلاّم بن سُلَيم ، وابن سليمان .
(13) مرّت ترجمته في التسلسل ـ 29 سورة الانفال .
(14) تفسير فرات الكوفي ص : 187 ، وانظر « شواهد التنزيل » ج2 : 265 ـ 266 / ح1000
و 1001 .
(15) شرح المقاصد : مج 4 ج5 : 297 ط . الاولى 1409 هـ ، بتحقيق عبد الرحمن عميرة .
(16) مناقب الخوارزمي : ص199 الفصل ـ 18 ط . مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران .
(17) ينابيع المودّة ج1 : 119 ـ 120 ط . مؤسسة الاعلمي ـ بيروت ، ج1 : 360 ـ 362 /
ح22 ـ 28 الباب ـ 39 ط . الاولى 1416 هـ ، دار الاسوة .
(18) تفسير فرات الكوفي ص : 512 / ح669 ط . الاولى 1410 هـ ، وزارة الثقافة
والارشاد الاسلامي ـ طهران .
(19) تفسير فرات الكوفي ص : 515 ـ 517 / ح 674 و 675 ط . الاولى 1410هـ ، وزارة
الثقافة والارشاد الاسلامي ـ طهران .
(20) هذا الذي ذُكر هنا لا يُعلم ما إذا كان حافظاً أم لا . أما الحافظ فهو أحمد بن
عبد الرحمن بن أحمد ، أبو بكر الشيرازي ( ت / 407 هـ ) . وأمّا المذكور فهو محمّد
بن مؤمن الشيرازي ، وقد اختُلف في اسم أبيه ، ولم يُعرف مولده ووفاته على وجه
التحديد ، ويظهر أنّه عاش في القرن السادس ، ولعلّه توفي في مطلع القرن السابع .
ذكر تفصيل ذلك السيّد المحقّق الطباطبائي (رحمه الله) في كتابه « أهل البيت في
المكتبة العربيّة » ص : 451 / رقم 633 .
(21) ذُكر الكتاب في فهرس مصادر كتاب إحقاق الحقّ ومصادر التعليق مرّتين ، مرّة في
ج2 : ي وأسماه « مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) » ونسبه للشيخ محمّد المقري
الكاشي ، وأخرى في ج3 : فو وأسماه « المناقب » ونسبه للعلاّمة المولى حسن الكاشي
المقري . ولم أقف على مصدر آخر ذكر الكتاب أو مؤلفه .
أقول : لعل في الموردين تصحيف ، فمحمد المقري الكاشي لم أقف عليه . وأما حسن الكاشي
، فما وُجد في المؤلفين فهو الاملي صاحب القصيدة في مدح أمير المؤمنين ، وله بنود
سبعة (نظم) فهو شاعر وليس له مصنف في المناقب . والمرجّح أن المقصود من « مناقب
الكاشي » هو « مناقب الاولياء » للمولى حسين الكاشفي وهو الحسين بن علي كمال الدين
البيهقي الواعظ السبزواري المتوفى (910 هـ) . والكتاب مخطوط نسخة مصورة منه في
جامعة طهران .
(22) تفسير فرات الكوفي ص : 202 ط . المطبعة الحيدريّة ـ النجف ، ص : 533 / ح686 ط
. الاولى 1410 هـ ، وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي ـ طهران .
(23) مناقب ابن شهر آشوب ج3 : 97 ط . الثانية 1412 هـ ، دار الاضواء ـ بيروت .
(24) الجامع الصحيح ج5 : 597 / ح3726 كتاب المناقب / باب ـ 21 ط . دار الفكر ـ
بيروت ، بتحقيق كمال يوسف الحوت .
(25) البداية والنهاية ج7 : 393 ط . دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي
ـ بيروت 1413 هـ ، بتحقيق مكتب تحقيق التراث .
(26) ينابيع المودّة ج1 : 57 ط . مؤسسة الاعلمي ـ بيروت ، أُفست عن ط . اسطنبول ،
ج1 : 184 ـ 185 / ح1 ـ 3 الباب ـ 10 ط . الاولى 1416 هـ ، دار الاسوة .
(27) لم أعثر على الحديث في المسند مع أنّ القندوزي أخرجه منه .