ادب الطف ـ الجزء الثاني 161
علي بن حماد العبدي
لـله مـا صـنعت فـينا يـد iiالـبينِ كـم مـن حشاً أقرحت منا ومن iiعينِ
مـالي ولـلبين ؟ لا أهـلاً iiبـطلعته كـم فـرّق الـبين قدماً بين إلفينِ ii؟!
كـانا كـغصنين فـي أصلٍ غذاؤهما مـاء الـنعيم وفـي الـتشبيه iiشكلين
كـأنّ روحـيهما مـن حـسن iiإلفهما روح وقـد قـسّمت مـا بين iiجسمين
لا عـذل بـينهما فـي حفظ iiعهدهما ولا يـزيـلـهما لــوم iiالـعـذولين
لا يـطمع الـدهر فـي تغيير iiودّهما ولا يـميلان مـن عـهدٍ إلـى iiمَـينِ
حـتى إذا أبـصرت عين النوى iiبهما خِـلّين فـي الـعيش مـن هم iiخليّين
رمـاهـما حـسـدا مـنـه iiبـداهيةٍ فـأصبحا بـعد جـمع الشمل iiضدّين
فـي الشرق هذا وذا في الغرب منتئياً مـشـرّدين عـلـى بُـعد iiشـجّيين
والـدهـر أحـسد شـيء لـلقريبين يـرمـي وصـالهما بـالبعد iiوالـبين
لا تـأمن الـدهر إن الـدهر ذو غيرٍ وذو لـسانين فـي الـدنيا ووجـهين
أخـنى عـلى عـترة الهادي iiفشتّتهم فـما تـرى جـامعا مـنهم iiبشخصين
كـأنّـما الـدهـر آلا أن iiيـبـدّدهم كـعـاتب ذي عـناد أو كـذي iiديـن
بـعـض بـطيبة مـدفون iiوبـعضهم بـكـربلاء وبـعـض iiبـالـغريّين
وأرض طـوس وسـامرّا وقد iiضمنت بـغداد بـدرين حـلا وسـط iiقبرين
يـا سـادتي ألمن أبكي أسىً ؟! ولمن أبـكي بـحفنين من عيني قريحين ii؟!
ادب الطف ـ الجزء الثاني 162
أبكي على الحسن المسموم مضطهدا ؟! أم الـحسين لـقى بـين الخميسين ii؟
أبـكي عـليه خضيب الشيب من iiدمه مـعـفّر الـخد مـحزوز الـوريدين
وزيـنب فـي بـنات الـطهر iiلاطمة والـدمع فـي خـدّها قـد خدّ iiخدّين
تـدعوه : يـا واحـدا قـد كنت أمله حـتى اسـتبدّت بـه دونـي يد iiالبين
لاعـشت بـعدك ما إن عشت iiلانعمت روحي ولا طعمت طعم الكرا ، iiعيني
أنـظر إلـيّ أخـي قـبل الفراق iiلقد أذكـا فـراقك فـي قـلبي حـريقين
أنـظر الى فاطم الصغرى أخي iiتَرها لـليُتم والـسبي قـد خـصّت iiبذلّين
اذا دنـت مـنك ظل الرجس iiيضربها فـتلتقي الـضرب مـنها iiبـالذراعين
وتـستغيث وتـدعو : عـمّتا iiتـلفت روحـي لـرزئين فـي قلبي iiعظيمين
ضـرب على الجسد البالي وفي iiكبدي لـلثكل ضـرب فـما اقوى iiلضربين
أنـظر عـتليا أسـيرا لا نـصير iiله قــد قـيّدوه عـلى رغـم iiبـقيدين
وارحـمتا يـا أخـي من بعد فقدك بل وارحـمـتا لـلأسـيرين الـيـتيمين
والـسبط فـي غمرات الموت iiمُشتغل بـبسط كـفّين أو تـقبيض iiرجـلين
لا زلـت أبـكي دمـاً يـنهلّ iiمنسجماً لـلـسيّدين الـقـتيلين iiالـشـهيدين
ألـسـيّدين الـشريفين الـلذين iiهـما خـير الـورى مـن أب مجد وجدّين
ألـضـارعين الــى الله iiالـمنيبين ألـمسرعين الـى الـحق iiالـشفيعين
ألـعالمين بـذي الـعرش iiالـحكيمين ألـعـادلين ألـحـليمين الـرشـيدين
ألـصابرين عـلى الـبلوى الشكورين ألـمعرضين عـن الـدنيا iiالـمنيبين
ألـشاهدين عـلى الـخلق iiالإمـامين ألـصـادقين عــن الله iiالـوفـيّين
ألـعـابـدين الـتـقيّين iiالـزكـيّين ألـمـؤمنين الـشـجاعين iiالـجريّين
ألـحجّتين عـلى الـخلق iiالأمـيرين ألـطـيّبين الـطـهورين الـزكـيّين
نـورين كـانا قـديما في الظلال كما قــال الـنبي لـعرش الله قـرطين
تـفّاحتي احـمد الـهادي وقـد iiجعل لـفـاطم وعـلـيّ الـطهر iiنـسلين
صـلى الإلـه عـلى روحـيهما وسقا قـبـريهما ابــداً نـوء iiالـسماكين
ادب الطف ـ الجزء الثاني 163
الى ان يقول فيها :
مـا لابـن حـمّادٍ الـعبديّ من iiعمل إلا تـمـسّـكه بـالـميم iiوالـعـين
فـالـميم غـايـة آمـالي iiمـحمّدها والـعين أعـني عـليّا قـرة الـعين
صـلى الإلـه عـليهم كـلما طـلعت شـمس ومـا غربت عند العشائين(1)
ولأبن حماد :
حــيّ قـبرا بـكربلا iiمُـستنيرا ضـمّ كـنز الـتقى وعلما iiخطيرا
وأقــم مـأتـم الـشهيد iiوأذرف مـنك دمـعا في الوجنتين غزيرا
والـتثم تـربة الـحسين iiبـشجوٍ وأطــل بـعد لـثمك الـتعفيرا
ثـم قـل : يا ضريح مولاي iiسُقيّ ت مـن الـغيث هـاميا جمهريرا
تِـه عـلى ساير القبور فقد iiأص بـحت بـالتيه والـفخار iiجـديرا
فـيك ريـحانة الـنبي ومن iiحل مـن الـمصطفى مـحلا iiأثـيرا
فـيك يـا قـبر كـل حـلم iiوعلم وحـقـيق بـأن تـكون iiفـخورا
فـيك مَـن هـدّ قـتله عمد iiالدين وقــد كـان بـالهدى iiمـعمورا
فـيك مـن كـان جبرئيل يُناغيه ومـيـكال بـالـحباء iiصـغيرا
فـيك مَـن لاذ فـطرس iiفـترقّى بـجناحي رضـى وكـان iiحسيرا
يـوم سـارت له جيوش ابن هند لـذحول أمـست تـحل iiالصدورا
آه واحـسرتي لـه وهو iiبالسيف نـحـير أفـديـت ذاك iiالـنحيرا
آه إذ ظـل طرفه يرمق iiالفسطاط خـوفـا عـلى الـنساء iiغـيورا
آه إذ أقـبل الـجواد على iiالنسوان يـنـعاه بـالـصهيل iiعـفـيرا
فـتـبادرون بـالعويل iiوهـتّكن الأقــراط بـارزات iiالـشعورا
وتـبادرن مـسرعات مـن الحذر ومـن قـبلُ مُـسبلات iiالـستورا
ولـطمن الـخدود مـن ألم الثكل وغــادرن بـالـنياح iiالـخدورا
(1) عن شعراء الغدير ج 4 ص 162 .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 164
وبـدا صـوتهنّ بـين iiعـداهنّ وعـفـن الـحـجاب والـتخفيرا
بارزات الوجوه من بعدما iiغودرن صــون الـوجـوه والـتخفيرا
ثــم لـمّا رأيـن رأس iiحـسين فـوق رمـح حكى الهلال iiالمنيرا
صـحن بالذل أيها الناس لِم iiنُسبى ولـم نـأت فـي الأنام نكيرا ii؟!
مـالنا لا نـرى لآل رسـول الله فـيـكم يـا هـؤلاء نـصيرا ii؟!
فـعـلى ظـالـميهم سـخط iiالله ولـعن يـبقى ويـفنى الـدهورا
قـل لـمن لام فـي ودادي iiبـني أحـمد : لا زلت في لظى iiمدحورا
أعـلى حـب معشر أنت قد iiكنتَ عــذولاً ولا تـكـون iiعـذيرا
وأبـوهم أقـامه الله فـي «خُـم» إمــامـاً وهـاديـاً iiوأمـيـرا
حـين قـد بـايعوه أمـراً iiعـن الله فـسـائل دوحـاته iiوالـغديرا
وأبـوهـم أفـضى الـنبي iiإلـيه عـلـم مـا كـان أولاً iiوأخـيرا
وأبـوهم عـلا عـلى العرش iiلمّا قـد رقـى كـاهل الـنبي iiظهيرا
وأمـاط الأصـنام كلاً عن الكعبة لـمّـا هــوى بـهـا iiتـكسيرا
قال : لو شئت ألمس النجم iiبالكف إذن كـنـت عـنـد ذاك iiقـديرا
وأبـوهم ردّت لـه الشمس بيضاً وهـي كـادت لـوقتها أن تغورا
وقـضى فـرضه أداءً iiوعـادت لـغـروب وكــوّرت iiتـكويرا
وأبوهم يروي على الحوض مَن وا لاهــم ويـردّ عـنه iiالـكفورا
وأبـوهم يـقاسم الـنار iiوالـجنة فـي الـحشر عـادلا لـن يجورا
فـإذا اشـتاقت الـملائك iiزارتـه فـنـاهيك زايــرا ومــزورا
وأبـوهم قـال الـنبي لـه iiقولاً بـلـيـغاً مـكـرّرا iiتـكـريرا
أنـت خـدني وصاحبي iiووزيري بـعد مـوتي أكـرم بذاك iiوزيرا
أنت مني كمثل هرون من iiموسى لـم اكـن ابـتغي سـواه iiظهيرا
وأبـوهم أودى بـعمرو بـن iiودّ حـين لاقـاه فـي العجاج iiأسيرا
وأبـوهم لـبابِ خـيبر iiأضـحى قـالعا لـيس عـاجزا بل iiجسورا
حـامل الراية التي ردّها iiبالأمس مَـن لـم يـزل جـبانا iiفـرورا
ادب الطف ـ الجزء الثاني 165
خـصّه ذو الـعلا بـفاطمة عرساً وأعـطـاه شـبـرا iiوشـبـيرا
وهـم بـاب ذي الجلال على آدم فــارتـد ذنــبـه iiمـغـفورا
وبـهم قـامت الـسماء iiولـولاهم لـكـادت بـأهـلها أن تـمـورا
وبـهم بـاهل الـنبي فـقل iiلـي ألـهم في الورى عرفت نظيرا ii؟!
فـيـهم أنـزل الـمهيمن iiقـرآنا عـظـيما وذاك جـمّـا iiخـطيرا
في الطواسين والحواميم iiوالرحمن آيـا مـا كـان فـي الذكر iiزورا
وخـلـقـناه نـطـفة iiنـبـتليه فـجـعلناه سـامـعا iiوبـصـيرا
لـبـيان إذا تـأمـله iiالـعـارف يـبـدي لــه الـمقام iiالـكبيرا
ثـم تـفسير هل أتى فيه يا iiصاح قـل لـه إن كـنت تفهم iiالتفسيرا
إن الأبــرار يـشربون iiبـكأس كـان عـندي مـزاجها iiكـافورا
فـلـهم أنـشـأ الـمهيمن iiعـيناً فـجّـروها لـديـهم iiتـفـجيرا
وهـداهم وقـال : يـوفون iiبالنذر فـمن مـثلهم يـوفي الـنذورا ؟!
ويـخـافون بـعـد ذلـك iiيـوماً شـرّه كـان في الورى iiمستطيرا
فـوقـاهم إلـهـهم ذلـك iiالـيوم ويـلـقون نـضـرة iiوسـرورا
وجـزاهم بأنهم صبروا في iiالسر والـجـهـر جـنـةً وحـريـرا
فـاتكوا مـن عـلى الأرائـك iiلا يـلقون فـيها شمسا ولا iiزمهريرا
وأوانٍ وقــد أطـيـفت iiعـليهم سـلـسـبيل مـقـدّر iiتـقـديرا
وبـأكـواب فـضّـة iiوقـوارير قــدّروهـا عـلـيهم iiتـقـديرا
وبـكأس قـد مـازجت iiزنجبيلا لـذّة الـشاربين تـشفي iiالصدورا
وإذا مــا رأيــت ثـم iiنـعيماً دائـمـاً عـندهم ومـلكاً iiكـبيرا
وعـليهم فـيها ثياب من السندس خـضر فـي الـحشر تلمع نورا
ويـحـلّون بـالأسـاور iiفـيـها وسـقاهم ربـي شـراباً iiطـهورا
وروى لـي عبد العزيز iiالجلودي وقــد كـان صـادقاً iiمـبرورا
عـن ثـقاة الحديث أعنى iiالعلائي هــو أكـرم بـذا وذا iiمـذكورا
يـسندوه عـن ابـن عباس iiيوماً قـال : كـنا عـند النبيّ iiحضورا |