ادب الطف ـ الجزء الثاني 166
إذ أتـتـه الـبتول فـاطم تـبكي وتـوالـي شـهـيقها iiوالـزفيرا
قال : مالي أراك تبكين يا فاطم ii؟! قـالـت وأخـفـت iiالـتـعبيرا
إجـتمعن الـنساء نـحوي iiواقبلن يـطـلن الـتـقريع iiوالـتعييرا
قـلن : إن الـنبي زوّجـك اليوم عـلـيّا بـعـلاً عـديماً iiفـقيرا
قال : يا فاطم اسمعي واشكري iiالله فـقد نـلتِ مـنه فـضلاً iiكـبيرا
لـم ازوّجـك دون إذنٍ مـن iiالله ومــا زال يـحـسن iiالـتدبيرا
أمــر الله جـبـرئيل iiفـنـادى رافـعاً فـي السماء صوتاً iiجهيرا
وأتــاه الأمـلاك حـتى إذا iiمـا وردوا بـيـت ربّـنا iiالـمعمورا
قـام جـبريل قائما يكثر iiالتحميد لــلـه جـــلّ والـتـكـبيرا
ثـم نـادى : زوّجت فاطم يا iiرب عـليّ الـطهر الـفتى iiالـمذكورا
قـال رب العلا : جعلت لها iiالمهر لـهـا خـالصاً يـفوق iiالـمهورا
خـمس أرضـي لها ونهري iiوأو جبت على الخلق ودّها iiالمحصورا
ورويـنـا عـن الـنبي iiحـديثاً فـي الـبرايا مُـصحّحاُ iiمـأثورا
انـه قال : بينما الناس في iiالجنّة إذ عـايـنوا ضـيـاءً iiونــورا
كـاد أن يـخطف العيون فنادوا ii: أي شـيء هـذا ؟ وأبـدوا نكورا
أوَ لـيس الإلـه قـال لـنا : iiلا شـمس فـيها ترى ولا iiزمهريرا
وإذا بـالنداء : يـا سـاكن iiالجنة مــهـلاً أمـنـتـم iiالـتـغييرا
ذا عـليّ الـوليّ قـد داعب iiالزّ هـراء مـولاتكم فـأبدت iiسرورا
فـبدا إذ تـبسّمت ذلـك iiالـنور فـزيـدوا إكـرامـه والـحبورا
يـا بـني أحـمد عـليكم iiعمادي واتـكـالي إذا أردت iiالـنـشورا
وبـكم يـسعد الـموالي iiويـشقى مـن يـعاديكم ويـصلي iiسـعيرا
أنـتم لـي غـداً وللشيعة iiالأبرار ذخــر أكــرم بـه iiمـذخورا
صـاغ أبـياتها عـليّ بـن iiحمّاد فـزانـت وحُـبّـرت تـحـبيرا
ادب الطف ـ الجزء الثاني 167
ابن حماد العبدي
ابو الحسن علي بن حماد بن عبيد الله بن حماد العدوي العبدي البصري يستظهر الشيخ
الأميني انه ولد في أوائل القرن الرابع وتوفي في أواخره .
كان حماد والد المترجم له أحد شعراء أهل البيت عليهم السلام كما ذكره ولده بقوله :
وإن العـبد عبدكـم عليا كذا حمّاد عبدكم الأديـب
رثاكم والدي بالشعر قبلي وأوصاني به أن لا أغيب
والمترجم له علم من أعلام الشيعة وفذّ من علمائها وشعرائها ومن حفظة الحديث
المعاصرين للشيخ الصدوق ونظرائه ، وقد أدركه النجاشي وقال في رجاله : قد رأيته .
قال الشيخ الأميني : جمع العلامة السماوي شعره في أهل البيت فكان يربو على 2200
بيتاً . ولم نقف على تاريخ ولادة ابن حماد ووفاته غير أن النجاشي الذي أدركه ورآه
ولم يروِ عنه ولد في صفر سنة 372 وشيخه الذي يروي عنه وهو الجلودي البصري توفي 17
ذي الحجة سنة 332 فيستدعي التاريخان أن المترجم ولد في أوائل القرن الرابع وتوفي في
أواخره ثم قال :
وقفنا لابن حماد على قصيدة في مجموعة عتيقة مخطوطة في العصور المتقادمة
ادب الطف ـ الجزء الثاني 168
وقد ذكر ابن شهر اشوب بعض ابياتها نسبة الى العبدي (سفيان بن مصعب) وتبعه البياضي
في (الصراط المستقيم) وغيره . والقصيدة للمترجم له ، وقال القمي في الكنى : ابو
الحسن علي بن عبيد الله بن حماد العدوي الشاعر البصري من اكابر علماء الشيعة
وشعرائهم ومحدثيهم ومن المعاصرين للصدوق ونظرائه ومن شعره في مدح امير المؤمنين
عليه السلام قوله : ورُدّت لك الشمس في بابل فساميت يوشع لما سَمــا
ويعقوب ما كـان اسـباطه كنجليك سبطي نبي الهدى
وقال ابن حماد العبدي :
أسـايلتي عـما ألاقـي مـن iiالأسـى سـلي الـليل عـني هـل أجن إذا جنّا
لـيخبرك إنـي فـي فنونٍ من iiالجوى إذا مـا انـقضا فـنّ يـوكل لـي iiفنّا
وإن قـلت : إن الـليل لـيس iiبـناطق قفي وانظري واستخبري الجسد المضنى
وإن كـنت فـي شـكٍ فـديتك iiفاسئلي دمـوعي الـتي سالت وأقرحت iiالجفنا
أحـبّـتنا لــو تـعـلمون بـحـالنا لـمـا كـانت الـلذات تـشغلكم iiعـنّا
تـشـاغلتموا عـنّا بـصحبة iiغـيرنا وأظـهرتم الـهجران مـا هـكذا iiكـنا
وآلـيـتموا أن لا تـخـونوا iiعـهودنا فـقد وحـياة الـحب خـنتم ومـا iiخنا
غـدرتم ولـم نـغدر وخُـنتم ولم iiنخن وحُـلتم عـن الـعهد الـقديم وما iiحُلنا
وقـلتم ولـو تـوفوا بـصدق iiحديثكم ونـحن عـلى صدق الحديث الذي قلنا
أيـهنا لـكم طـيب الـكرى iiوجـفوننا عـلى الجمر ؟! لا تهنا ولا بعدكم iiنمنا
أنـخـنا بـمـغناكم لـتـحي نـفوسنا فـما زادنـا إلا جـوىً ذلـك iiالـمغنا
سـنـرحل عـنكم إن كـرهتم مـقامنا ونـصبر عـنكم مـثل ما صبركم عنا
ونـأخذ مَـن نـهوى بـديلاً iiسـواكم ونـجعل قـطع الـوصل منكم ولا منّا
تـعالوا الـى الانـصاف فيما iiادّعيتموا ولا تفر طوابل صححوا اللفظ iiوالمعنى
ألـيـتـكم نـاصـفتمونا iiفـريـضة بــأنّ لـكـم نـصفاً وأنّ لـنا iiثُـمنا
ادب الطف ـ الجزء الثاني 169
إذا طـلعت شـمس الـنهار iiذكـرتكم وإن غـربت جـدّدت ذكـركم iiحُـزنا
وإنــي لأرثــي لـلغريب iiوإنـني غـريب الهوى والقلب والدار iiوالمغنى
لـقد كـان عـيشي بـالأحبّة iiصـافياً ومـا كـنت أدري أنّ صـحبتنا تـفنا
زمـان نـعُمنا فـيه حـتى إذا iiمضى بـكـينا عـلـى أيـامـه بـدم iiأقـنا
فــوالله مــا زال اشـتياقي iiالـيكم ولا بـرح الـتسهيد لـي بـعدكم حفنا
ولا ذقـت طـعم الماء عذبا ولا صفت مــوارده حـتـى نـعود كـما iiكـنا
ولا بـارحتني لـوعة الـفكر iiوالجوى ولا زلـت طـول الـدهر مقترعا iiسنّا
ومـا رحـلوا حـتى اسـتحلّوا iiنفوسنا كـأنـهم كـانـوا أحــق بـها iiمـنّا
تـرى مـنجدي في أرض بغداد iiواهناً لـزهـدكم فـيـنا وبُـعـدكم عـنّـا
أيـزعم أن أسـلوا ؟! ويشغل iiخاطري بـغيركم مـستبدلا ؟! بـئس مـا iiظنّا
أيــا سـاكني نـجدٍ سـلامي عـليكم ظـننا بـكم ظـناً فـاخلفتموا iiالـظنا
أمـثّـل مـولاي الـحسين iiوصـحبه كـأنجم لـيل بـينها الـبدر أو iiأسـنا
فـلـمـا راتــه أخـتـه iiوبـنـاته وشـمـر عـليه بـالمهنّد قـد iiأحـنى
تـعلّقن بـالشمر الـلعين وقـلن : iiدَع حـسينا فـلا تـقتله يـا شمر iiواذبحنا
فـحـزّ وريـديـه وركّــب iiرأسـه عـلى الرمح مثل الشمس فارقت iiالدجنا
فـنادت بـطول الـويل زيـنب iiأخته وقـد صـبغت من نحره الجيب والردنا
: ألا يـا رسـول الله يـا جدّنا اقتضت أمـيّة مـنا بـعدك الـحقد iiوالـضغنا
سُـبـينا كـما تـسبى الإمـاء iiبـذلةٍ وطـيف بـنا عـرض الـبلاد وشُتتنا
سـتـفنى حـيـاتي بـالبكاء iiعـليهم وحـزني لـهم باقٍ مدى الدهر لا iiيفنى
ألا لـعـن الله الــذي سـنّ iiظـلمهم وأخـزى الـذي أمـلا لـه وبه iiاستنّا
سـأمـدحكم يــا آل أحـمد iiجـاهداً وأمـنح مَـن عـاداكم الـسب iiواللعنا
ومــن مـنكم بـالمدح أولـى لأنّـكم لأكـرم مـن لـبّى ومـن نـحر iiالبُدنا
بـجدّكم أسـرى الـبراق فـكان iiمـن إلـه الـبرايا قـاب قـوسين أو أدنـا
وشـخص أبـيكم فـي الـسماء iiتزوره مـلائك لا تـنفكّ صـبحا ولا iiوهـنا
أبـوكم هـو الـصدّيق آمـن واتّـقى وأعـطى ومـا أكدى وصدّق iiبالحسنى
ادب الطف ـ الجزء الثاني 170
وسـمّاه فـي الـقرآن ذو العرش iiجنبه وعـروته والـعين والـوجه iiوالأذنـا
وشــدّ بــه أزر الـنـبي iiمـحـمد وكــان لـه فـي كـل نـائبةٍ ركـنا
وأفــرده بـالـعلم والـبأس iiوالـندى فـمن قـدره يـسمو ومـن فعله iiيُكنى
هـو الـبحر يعلو العنبر المحض فوقه كـما الـدر والـمرجان من قعره iiيُجنى
إذا عُــدّ أقـران الـكريهة لـم نـجد لـحيدرة فـي الـقوم كـفواً ولا iiقَـرنا
يـخوض الـمنايا في الحروب iiشجاعة وقـد مـلأت مـنه ليوث الشرى iiجُبنا
يـرى الموت من يلقاه في حومه iiالوغا يُـناديه مـن هـنّا ويـدعوه مـن iiهنّا
إذا اسـتعرت نـار الـوغى وتغشمرت فـوارسها واستتخلفوا الضرب iiوالطعنا
وأهـدت إلـى الأحداق كحلاً iiمعصفراً وألـقت عـلى الأشـداق أرديـة iiدُكنا
وخـلـتَ بـها زرقَ الأسـنّة iiأنـجماً ومـن فـوقها لـيلاً مـن النقع قد جنّا
فـحين رأت وجـه الـوصي iiتـمزقت كـثلّة ضـانٍ أبـصرت أسـداً iiشـنّا
فـتى كـفّه الـيسرى حـمام iiبـحربه كـذاك حـياة الـسلم فـي كفّه iiاليُمنى
فـكم بـطل أردى وكـم مرهب iiأودى وكـم مُـعدم أغـنى وكـم سائل iiأقنى
يـجود عـلى الـعافين عـفواً iiبـماله ولا يـتبع الـمعروف مـن مـنّه مَـنّا
ولـو فـض بـين الناس معشار iiجوده لـما عـرفوا في الناس بخلاَ ولا iiضنّا
وكــل جــواد جـاد بـالمال iiإنـما قـصاراه أن يـستنّ فـي الجود ما iiسنّا
وكــل مـديح قـلت أو قـال iiقـائل فــإن امـير الـمؤمنين بـه iiيـعنى
سـيخسر مـن لـم يـعتصم iiبـولائه ويَـقرع يـوم الـبعث مـن نـدمٍ iiسنّا
لـذلـك قـد والـيته مـخلص iiالـولا وكـنت عـلى الأحـوال عـبدا له iiقنا
عـلـيكم ســلام الله يـا آل iiاحـمد مـتى سـجعت قـمرية وعلت iiغصنا
مـودّتـكم أجــر الـنـبي iiمـحـمد عـلـينا فـآمـنّا بــذاك iiوصـدّقـنا
وعـهدكم الـمأخوذ فـي الـذر لم iiنقل : لآخــذه كــلا ولا كـيف أو iiأنّـا
قـبـلنا وأوفـيـنا بــه ثـمّ iiخـانكم أنـاس ومـا خُـنّا وحـالوا ومـا iiحُلنا
طـهـرتم فـطُهّرنا بـفاضل iiطـهركم وطـبـتم فـمن آثـار طـيبكم iiطِـبنا
فـمـا شـئـتم ومـهـهما iiكـرهتموا كـرهنا ، ومـا قـلتم رضينا iiوصدّقنا
ادب الطف ـ الجزء الثاني 171
فـنـحن مـوالـيكم تـحـنّ iiقـلوبنا إلـيـكم إذا إلــف إلـى إلـفه iiحـنّا
نـزوركـم سـعـيا وقــلّ iiلـحقكم لـو أنّـا عـلى أحـداقنا لـكم iiزُرنـا
ولـو بُـضعت أجـسادنا فـي iiهواكم إذن لـم نـحل عـنه بـحاٍ ولا زلـنا
وآبـائـنا مـنـهم ورثـنـا iiولاءكـم ونـحـن إذا مِـتـنا نـورّثـه الأبـنا
وأنـتم لـنا نـعم الـتجارة لـم iiنـكن لـنـحذر خـسراناً بـها لا ولا iiغـبنا
ومـالـي لا اثـنـي عـليكم وربّـكم عـليكم بـحسن الـذكر في كتُبه iiأثنى
وإن أبـاكم يـقسم الـخلق فـي iiغـدٍ فـيـسكن ذا نـاراً ويُـسكن ذا iiعَـدنا
وأنـتم لـنا غـوثٌ وأمـنٌ iiورحـمة فـمـا مـنكم بـدّ ولا عـنكم iiمـغنى
ونـعـلم أن لـو لـم نـدن iiبـولائكم لـمـا قُـبـلت أعـمـالنا أبـداُ iiمـنّا
وأن، إلـيـكم فــي الـمـعاد iiإيـابنا إذا نـحن مـن أجـداثنا سُـرعاً قـمنا
وأن عـلـيكم بـعـد ذاك iiحـسـابنا إذا مــا وفـدنا يـوم ذاك iiوحـوسبنا
وأن مـوازيـن الـخـلايق iiحـبّـكم فـأسـعدهم مَـن كـان أثـقلهم وزنـا
ومـوردنـا يـوم الـقيامة iiحـوضكم فـيظما الذي يُقصى ويُروى الذي يُدنى
وأمــر صــراط الله ثــم iiإلـيكم فـطوبا لـنا إذ نـحن عن أمركم iiجُزنا
ومـا ذنـبنا عـند الـنواصب iiويـلهم ســوى أنّـنا قـوم بـما دنـتم iiدُنـا
فــإن كــان هـذا ذنـبنا iiفـتيقّنوا بـأنّـا عـلـيه لا انـثينا ولا iiنُـثنى
ولـمّا رفـضنا رافـضيكم iiورهـطهم رُفـضنا وعـودينا وبـالرفض iiنُـبّزنا
وإنـا اعـتقدنا الـعدل فـي الله مذهباً ولــلـه نـزّهـنا وإيّــاه وحّـدنـا
وهــم شـبّـهوا الله الـعليّ iiبـخلقه فـقالوا : خُـلقنا لـلمعاصي iiوأُجـبرنا
فـلو شـاء لـم نـكفر ولو شاء iiأكفرنا ولـو شـاء لـم نـؤمن ولو شاء iiآمنّا
وقـالوا : رسـول الله مـا اختار iiبعده إمـامـاً لـنا لـكن لأنـفسنا اخـترنا
فـقـلنا : إذن أنـتـم إمـام iiإمـامكم بـفضل مـن الـرحمن تـهتم وما تهنا
ولـكنّنا اخـترنا الـذي اخـتار iiربّـنا لـنا يـوم «خـمّ» لا ابتدعنا ولا iiجُرنا
سـيـجمعنا يــوم الـقـيامة iiربّـنا فـتجزون مـا قـلتم ونُـجزى بما iiقلنا
هـدمـتم بـأيـديكم قـواعـد iiديـنكم وديـنٌ عـلى غـير الـقواعد لا iiيُبنى |