ادب الطف ـ الجزء الثاني 182
وقال يرثي الحسين عليه السلام ويمتدح أهل البيت ويذم اعداءهم اذ كانوا فرحين :
دعـني أنـوح وأسـعد iiالـنواحا مـثلي بـكى يـوم الحسين iiوناحا
يـوم الـحسين بـكربلاء iiلـعمره أضـنى الـجسوم وأتلف iiالأرواحا
وكسا الصباح دحى الظلام فلا iiترى فـي يـوم عـاشورا سَناً iiوصباحا
يـا مـن يـسرّ بـيومه من iiبعده لانـلت فـي كـل الأمـور iiنجاحا
أنـسيت سبط المصطفى في iiكربلا فـرداً تـنافحه الـنصول iiكـفاحا
عـطشان تروي الكفر من iiأوداجه حـنـقاً عـليه أسـنّة iiوصـفاحا
مـتـزملا بـدمائه فـوق iiالـثرى يـكسوه سـافي الـذاريات iiوشاحا
مـستشرفاً فـي رأس رمح iiرأسه كـالشمس يـتخذ الـبروج iiرماحا
حـتى إذا نـظرت سـكينة iiرأسه فـي الـرمح مـنتصباً عليها iiلاحا
والـجسم عرياناً طريحاً في الثرى قـد اثـخنته ظبى السيوف iiجراحا
صرخت وخرّت في التراب وأقبلت تـبـكي وتـعلن رنّـة iiوصـياحا
يـا أخـت وايـتمي ويـتمك iiبعده سـاء الـصباح لـنا الغداة iiصباحا
يـا أخـت كيف يكون صبر iiبعده فـلـقد فـقدنا الـسيد iiالـجحجاحا
يـا أخـت لـو مـتنا جميعاً iiقبله فـلقد يـكون لـنا الممات صلاحا
لأجـدّدن ثـياب حـزني iiحـسرة ولأجـعـلن لـي الـبكاء iiسـلاحا
ولأشـربن كـؤوس تـنغيصى iiله ولأجـعـلن لـي الـمدامع راحـا
ولأجـعلن غـذاي تـعديدي iiلـه واشـاركـن بـذلـك iiالـنـواحا
حـتـى أمـوت صـبابة iiوتـلهفا وأرى جـفوني بـالدموع iiقـراحا
يـا آل احـمد يـا مصابيح iiالهدى تـهدون مـصباحا بـه iiمـصباحا
الله شـرّفـكم وعـظّـم iiقـدركم فـينا وأوضـح أمـركم iiايـضاحا
وهـو الـقديم وأنـتم الـبادون iiلم تـزلوا بـجبهة عـرشه iiأشـباحا
أوحـى بـفضلكم الـقرآن iiوقـبله الـتـوراة والانـجيل iiوالالـواحا
ادب الطف ـ الجزء الثاني 183
وأقـام كـنز الـرزق بـين iiعباده بـكـم وصـيّـر حـبكم iiمـفتاحا
مَـن ذا يـقدر قـدركم iiوصـفاتكم تـفنى الـمديح وتـعجز iiالـمداحا
وأنـا ابـن حـماد غـذيت iiبحبكم والله أفـصـحني بـكم iiافـصاحا
عـاديتُ مـن عـاداكم ووليت iiمَن ولاكـم ووصـلتُ مـنه iiجـناحا
صـلى الالـه عـليكم يـا iiسادتي مـا ساد نجمٌ في السماء iiولاحا(1)
وقال يرثي ابا عبد الله الحسين عليه صلوات الله وعلى أصحابه الميامين :
إبك ما عشت بالدموع iiالغزارِ لــذراري مـحمد iiالـمختار
شرّدوا في البلاد شرقاً iiوغرباً وخـلت مـنهم عراص الدار
وغـزتهم بالحقد أرجاس iiهند وغـليل من الصدور iiالحرار
فـكأني بـهم عـطاشى iiيُسقو ن كـؤوس الردى بحدّ iiالشفار
وكأني أرى الحسين وقد نكس عـن سـرجه تريب iiالعذارى
فـهوى شـمرٌ الـلعين iiعليه وفـرى الـنحر في شبا البتار
ثـم عـلاه فـي السنان iiسنان يـتلألأ كـضوء شمس iiالنهار
وكـأني بـالطاهرات وقد iiأبر زن لـلسبي مـن خبا الأخدار
وكـأنـي بـزينب إذ رأتـه وهو ملقى على الجنادل iiعاري
سقطت دهشة ونادت iiبصوت يـترك الصخر شجوه iiبانفطار
يـا اخي لا حييتُ بعدك بل لا نـعمت مـقلتي بطيب iiالغرار
أبـرزت لـلسباء مـنا iiوجوه طـالما صـنتها عن iiالابصار
يـا أخـي لو ترى سكينة iiقد ألـبسها الـيتم ذلّـة iiالانكسار
لـو تراها تخمّر الرأس iiبالكُمّ حـياءا مـن بعد سلب الخمار
تـستر الـوجه بـاليمين iiوقد تمسك حزنا أحشاءها iiباليسار
لـعن الله ظـالميهم من iiالناس بـطـول الـعشي iiوالأبـكار
(1) عن الديوان المخطوط جمعه الشيخ السماوي .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 184
فـابكهم أيها المحب وناصرهم بـكثر الـبكا وكـثر iiالمزار
رو درى زائر الحسين بما iiأو جـبـه ذو الـجلال iiلـلزوار
فـله عـفوه ورضوانه iiعنهم وحــط الـذنوب iiوالاوزار
وتـناديهم الملائك قد iiأُعطيتم الأمـن مـن عـذاب الـنار
ويقول الاله جلّ اسمه iiالاعلى لـمن يـهبطون فـي iiالأخبار
بـشـروهم بـأنهم iiأولـيائي فـي أمـاني وذمتي iiوجواري
وخـطاهم مـحسوبة حسنات وخـطاهم عـفو مـن iiالغفّار
وعـليه اخـلاف مـا iiأنفقوه الضعف من درهم ومن iiدينار
فـاذا زرتـه فـزره iiبإخباتٍ ونـسـكٍ وخـشـيةٍ ووقـار
وادع من يسمع الدعاء من الزا ئـر فـي جهرة وفي iiاسرار
ويـردّ الـجواب إذ هـو حي لـم يـمت عـند ربه iiالقهار
ثـم طف حول قبره والتثّم iiتُر بــة قـبر مـعظم iiالـمقدار
فـيه ريـحانة الـنبي iiحسين ذلـك الـطهر خامس الأطهار
وهـو خـير الورى أباً ثم iiأماً وأبـو الـسادة الـهداة iiالخيار
جده المصطفى ووالده iiالهادي عـلي مـن مـثله في iiالفخار
وأنـا الشاعر ابن حماد iiالناظم فـيـهم قـلائـد iiالاشـعـار
قـد تـمسكت فـيهم iiبالموالاة وهـاتيك عـصمة iiالابـرار
وتـغذيت في هواهم وفي iiالود فـكانوا شـعائري iiوشـعاري
سيط لحمي بلحمهم ودمي iiفهو مـحل الـشعار ثـم الـدثار
فـاذا قـال جـاهل بي من ذا قـيل هذا مولى بني iiالمختار
فعليهم صلى المهيمن ما iiغرّد طـيرُ عـلى ذرى iiالاشـجار
وقال يرثيه أيضا صلوات الله عليه في أيام عاشورا من المحرم :
أآمرتي بالصبر أسرفت
في أمري أيؤمـر مثلي لا أباً لك بالصبـر
أفـي يوم عاشورا أُلام على البكا
ولو أن عيني من دم دمعها يجري
ادب الطف ـ الجزء الثاني 185
اذا لـم أقـم فـي يوم عاشور مأتما ولـم أندب الاطهار فيه فما iiعذري
أأنـسى حـسينا حين أصبح iiمفردا غـريبا بارض الطف في مهمه iiقفر
وشـمر عـليه لـعنة الله iiراكـب عـلى صدره أكرم بذلك من iiصدر
يـقـطّع أوداج الـحسين iiبـسيفه عـلى حـنق مـنه وينحر iiبالنحر
وأنـسى نـساء السبط بادرن حُسّراً عـلى عـجل حـتى تعلقن iiبالشمر
وقـلن لـه يـا شـمر فرّقت بيننا والـبستنا ثـوب الاسـى أبد الدهر
أتـقـتل أولاد الـنـبي iiمـحـمد كـأنك لا ترجو الشفاعة في الحشر
وقـد مـرّ بـنعاه إلى الاهل iiمهره سـليبا فـلما أن نـظرن الى iiالمهر
هـتكن سـجوف الخدرعنهن iiدهشة وهـان عـليهن الخروج من iiالخدر
وأسـرعن حـتى إذ رأيـن iiمكانه وشـيبته مـخضوبة مـن دم النحر
ولـما رأيـن الراس في راس iiذايل كبدر الدجى قد لاح في ربعة العشر
سـقطن عـلى حـر الوجوه iiلرهبة وايـقنّ بـالتهتيك والسبى iiوالاسر
وقـد قـبضت احـشاءها iiبـيمينها عـقيلة آل الـمصطفى أحمد الطهر
تـضم عـلياً تـارة نـحو iiصدرها واخرى صغاراً هجهجتهم يد iiالذعر
وتـدعو حـسينا يـا بن أمِّ iiتركتني أعـاني الأيامى واليتامى من iiالضر
فـفي مـقلتي دمـع يـدافع مقلتي وفـي كـبدي جـمر يبَرّد iiبالجمر
سـابكيك عـمري يا بن بنت iiمحمد واسعد مًن يبكي عليك مدى iiعمري
فـيا غائبا في خطة القدس iiحاضرا ويا ناظراً من حيث ندري ولا ندري
مـتى يـنجز الوعد الذي قد iiوعدته وتاتي به الأوقات من زاهر العصر
حـقيق عـلى الرحمن انجاز iiوعده وتـبليغه حـتى نرى راية iiالنصر
قـيـام إمــام لا مـحـالة iiقـائم يـقيم عـماد الدين بالبيض iiوالسمر
يـقوم بـحكم العدل والقسط والهدى يـوازره عـيسى ويشفع iiبالخضر
لـعل ابـن حـماد يـجرّد سـيفه ويـقتص مـن أعـداء ساداته iiالغر
فـان قـصرت كـفي بيومي iiفانني سـاقتلهم بـاللعن في محكم iiالشعر
فيا نفس صبراً ثم صبراً على iiالاذى فكم أعقبت لي النجح عاقبة iiالصبر
ادب الطف ـ الجزء الثاني 186
ويـا عـترة الـهادي سـلام عليكم مـن الله والعبدي في مدة iiالدهر(1)
وقال يرثي الحسين ايضا صلوات الله عليه وعلى جده وابيه وامه واخيه :
هـل لجسمي من السقام iiطبيبُ أم لـعيني مـن الـرقاد iiنصيبُ
مـا عـجيب بقاء سقمي iiولكنّ بـقائي عـلى الـسقام iiعجيب
مـا ذكـرت الحسين إلا iiعلتني زفــرات يـعـلولهنّ iiلـهيب
يـا غريب الديار إن iiاصطباري لـلـذي قــد لـقيته لـغريب
يـا سـليب الرداء خلّفت iiقلبي وهـو مـن بردة العزاء iiسليب
يـا خضيب الشيب المعظم iiبالدم تـركت الأديـم وهـو iiخضيب
بـابي انـت ظـامئا تمنع الماء ومـاء الـفرات مـنك iiقـريب
بـابي وجـهك المضيء المدمى بـابي جـسمك الـعفير التريب
بـابي رأسـك الـقطيع iiالمعلّى بـابي ثـغرك الـقريع iiالشنيب
يـرشف الـمصطفى ثناياك حُباً ثـم يـثنى بـقرعهن iiالقضيب
بـابي أهـلك الـسبايا iiحيارى تـعـتريهن ذلّــة iiوخـطوب
بـابي زينب وقد أبرزت iiتدعو بـشـجوٍ ودمـعـها iiمـسكوب
يـا اخـي كنت ارتجيك iiلكربي فـتهاوت عـلى فؤادي iiالكروب
مَـن لـهذا العليل مَن للمذاعير كـفـيل مَـن لـلنساء iiرقـيب
كـم انادي وأنت تسمع iiصوتي وتـرى مـوقفي ولـيس iiتجيب
أيـها الـغائب الذي ليس يرجى لأيـاب عـلامَ هـذا الـمغيب
طـاب عيشي ما دمت حياً iiفلما بـنتَ عـنا فـأي شيء iiيطيب
يـا بـني أحـمد السلام iiعليكم مـن مـحب لـه فـؤاد iiكئيب
مـالكم فـي الندى شبيه ولا iiفي المجد والاصل والفخار iiضريب
انـتم بـاب حـطة في iiالبرايا وبـكم يـغفر الـخطأ iiوالذنوب
(1) عن الديوان المخطوط .
|