ادب الطف ـ الجزء الثاني 269
كانت وفاته رحمه الله لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وأربعمائة وصلى
عليه ابنه ابو جعفر محمد ، وتولى غسله أبو الحسين أحمد بن الحسين النجاشي ومعه
الشريف ابو يعلى محمد بن جعفر الجعفري وسلار بن عبد العزيز الديلمي ودفن أولا في
داره ثم نقل الى جوارجده الحسين ودفن في مشهده المقدس مع أبيه وأخيه وقبورهم ظاهرة
مشهورة .
وقال سيدنا العلامة الطباطبائي في كتابه (الفوائد الرجالية) عند ذكره للسيد المرتضي
بعد التعظيم له . وفي زهر الرياض للحسين بن علي بن شدقم الحسيني المدني صاحب مسائل
شيخنا البهائي قال : وبلغني ان بعض قضاة الاروام وأظنه سنة 942 نبش قبره فرأه كما
هو لم تغيّر الأرض منه شيئاً وحكى مَن رأه أن أثر الحِنّاء في يديه ولحيته وقد قيل
ان الارض لا تغيّر أجساد الصالحين .
قلت والظاهر أن قبر السيد وقبر أبيه وأخيه في المحل المعروف بإبراهيم المجاب وكان
ابراهيم هذا هو جد المرتضى وحفيد الإمام موسى عليه السلام ، وصاحب أبي السرايا الذي
ملك اليمن والله أعلم . أنتهى .
قال يذكر جده الحسين عليه السلام ومن قتل معه :
يـا دارُ دارَ الـصَوم iiالقُوّم كـيف خـلا أفقك من أنجم
عـهدي بـها يرتع iiسكّانُها فـي ظلّ عيشٍ بينها iiأنعَم
لم يُصبحوا فيها ولم iiيغبُقوا إلا بـكأسى خـمرَة iiالأنعَم
بـكيتها مـن أدمُعٍ لو iiأبَت بـكـيتها واقـعة مـن iiدم
وعُـجت فـيها راثياً iiأهلها سَـواهم الأوصال والمَطلم
نَـحَلن حتّى حالهنّ iiالسُرى بـعض بـقايا شَطَنٍ iiمُبرَم
لـم يـدعِ الإسـآدُ iiهاماتها إلا سـقيطاتٍ على iiالمَنسٍم
يا صاحبي يوم أزالَ الجَوى لـحمى بخّدى عن iiالأعظم
ادب الطف ـ الجزء الثاني 270
«داويـت» مـا أنت به عالمٌ ودائـي الـمعضل لـم iiتعلم
ولـستُ فـيما أنا صَبّ به ii، مَـن قَرَن الساليَ بالمُغرَم ii؟
وَجـدى بـغير الظن iiسيّارةً مـن مَـخرِم ناء إلى iiمَخرم
ولا بـلفّاء هـضيم iiالـحشا ولا بـذات الـجيد iiوالمعصَم
فاسمع زفيرى عند ذكر iiالأُلى بـالطفّ بين الذئب iiوالقشعم
طَـرحى فـإمّا مقعَص iiبالقنا أو سـائل النفس على iiمخذَم
نَـثـرٌ كـدُرٍ بَـدَدٍ مُـهمَلٌ لـغفلة الـسلك فـلم iiيُـنظَم
كـأنّـما الـغَبراء iiمَـرميّة مـن قبل الخضراء iiبالأنجُم
دُعـوا فـجاءوا كَـرَماً منهم كـم غـرّ قـوماً قَسَم المُقسم
حـتى رأوها أخريات iiالدجى طـوالعاً مـن رَهَـجٍ iiأقـتَم
كـأنـهم بـالصّم مـطرورة لـمنجد الأرض عـلى iiمُتهِم
وفـوقها كـلّ مـغَيظ iiالحشا مُـكتَحل الـطرف بلون iiالدم
كـأنه مـن حَـنَقٍ iiأجـدَلٌ أرشـده الحرص إلى iiمَطعم
فـاستقبلوا الـطعنَ إلى iiفتيَةٍ خـوّاض بـحرالحذر iiالمفعَم
مـن كلّ نهّاضٍ بثقل iiالأذى مـوكّل الـكاهل iiبـالمُعظَم
مـاضٍ لِما أمّ فلو جاد في iiال هـيجاء بـالحوباء لـم iiيَندم
وكـالفٍ بـالحرب لـو iiأنه أُطـعم يـوم السّلم لم iiيطعمِ
مـثلّم الـسيف ومـن iiدونه عـرض صحيح الحد لم iiيثلم
فـلم يـزالوا يُكرعون iiالظبا بـين تـراقي الفارس iiالمُعلم
فـمـثخَنٌ يـحملُ iiشـهّاقة تـحكى لـراءِ فُـغرةَ iiالاعلم
كـأنما الـوَرس بـها سائل أو أنـبتت من قُضُبِ iiالعَندَم
ومـستزلّ بـالقنا عـن iiقَرا عبل الشوى أو عن مَطا iiأدهم
لـو لـم يـكيدوهم بها كيدة لانـقلبوا بـالخزى iiوالمرغم
فـاقتضبت بالبيض iiأرواحهم في ظل ذاك العارض iiالأسحم
مـصيبةٌ سـيقت إلى iiأحمدٍ ورَهـطِهِ فـي الملأ iiالاعظم
ادب الطف ـ الجزء الثاني 271
رزءٌ ولا كـالرُزء مـن iiقبله ومـؤلمٌ نـاهيك مـن iiمؤلم
ورمـيـةٌ أصـمت iiولـكنها مـصميةٌ مـن سـاعدٍ iiأجذم
قـل لبني حربِ ومن iiجمعوا مـن جـائرٍ عن رشده iiأوعم
وكلّ عان في إسارى iiالهوى يُـحسب يَـقظان مـن iiالنوم
لا تـحسبوها حُـلوةً iiإنـها أمـرّ فـي الحلق من iiالعلقم
صـرّعـهم أنـهم iiأقـدموا كـم فُـدي الـمحجم iiبالمقدم
هـل فـيكم إلا أخـو iiسَوءَةٍ مُـجرّحُ الـجلد مـن iiاللُوّم
إن خاف فقراً لم يجُد iiبالندى أو هاب وشكَ الموت لم يُقدم
يـا آل يـاسين ومَـن iiحُبهم مـنهجُ ذاك الـسنن iiالأقـوم
مـهـابطُ الأمـلاكِ أبـياتهم ومُـستقر الـمنزل iiالـمُحكم
فـأنتم حُـجة رب iiالـورى على فصيح النطق أو iiأعجم
وأيــن ؟إلا فـيكم iiقُـربةٌ الـى الالـه الـخالق iiالمنعم
والله لا أخـليتُ مـن iiذكركم نَـظمي ونثري ومرامي iiفمي
كـلا ولا أغـبَبتُ أعـداءكم من كّلمي طوراً ومن iiأسهمي
ولا رُئـي يـوم مصاب iiلكم مـنكشفاً فـي مشهدٍ iiمَبسمي
فإن أرغب عن نصركم برهة بـمرهفات لـم أغـب iiبالفم
صـلى عليكم ربّكم iiوارتوت قـبوركم مـن مـسبل iiمُثجم
مـقـعقع تُـخجل iiاصـواته أصـوات ليث الغابة iiالمرزم
وكـيف أسـتسقي لكم iiرحمة وأنـتـم رحـمة iiلـلمجرم؟
وقال يرثي جده الحسين عليه السلام ويذكر آل حرب :
خـذوا مـن جفوني ماءها فهي iiذُرّف فـما «لـكم» إلا الـجوى iiوالـتلهُّف
وإن أنـتما اسـتوقفتما عـن iiمَـسيلها غُــروب مـآقينا فـما هـنّ وقـف
كـأن عـيوناً كـن زوراً عـن iiالبكا غـصون مَـطيرات الذُرى فهي وكفّ
دعا العذل والتعنيف في الحزن والأسى فـما هـجر الأحـزان إلا iiالـمعنّف
ادب الطف ـ الجزء الثاني 272
تـقولون لي صبرا جميلاً وليس iiلي عـلى الـصبر إلا حـسرة iiوتلهف
وكـيف أطيق الصبر والحزن كلما عـنفتُ بـه يـقوى عليّ iiوأضعف
ذكـرت بـيوم الطف أوتاد iiأرضه تـهبّ بـهم للموت نكباء iiحرجف
كـرامٌ سُـقوا ماء الخديعة iiوارتووا وسـيقوا الى الموت الزُؤام iiفأوجفوا
فـكم مُـرهَفٍ فـيهم ألـم iiبـحدّه هـنالك مـسنونُ الغرارين مُرهفُ
ومـعـتدل مـثل الـقناة iiمـثقفٍ لـواه الـى الموت الطويل المثقّف
قَضَوا بعد أن قضّوا منىً من عدوّهم ولـم يـنكلوا يوم الطعان iiويضعفوا
وراحـوا كـما شـاء لـهم iiأريحيّهٌ ودَوحَـةُ عـزٍّ فـرعُها iiمـتعطّف
فـإن تـرهم في القاع نَثراً فشملهم بـجـنّات عـدنٍ جـامعٌ مـتألّف
إذا مـا ثـنوا تـلك الـوسائد iiمُيّلاً أديـرَت عليهم في الزجاجة iiقرقف
وأحـواضـهم مـورودة فـغدّوهم يُـحَلا واصـحاب الـولاية ترشُف
فـلو أنّـني شـاهدتهم أو iiشَهِدتهم هـناك وأنـياب الـمنيّةِ iiتَـصرف
لـدافعت عـنهم واهباً دونهم iiدمي ومَـن وهب النفس كريمة iiمنصف
ولـم يك يخلو من ضرابي iiوطعنتي حـسامٌ ثـليمٌ أو سِـنانٌ iiمـقصّفٌ
فـيا حـاسديهم فـضلَهم وهو iiباهر وكـم حسد الأقوام فضلاً وأسرفوا ii!
دعـوا حـلباتِ السبق تمرح iiخيلُها وتـغدو عـلى مضمارها iiتتغطرف
ولا تزحفوا زحف الكسير إلى العلا فـلن تلحقوا وللصّلال ii«التزحف»
وخـلوا الـتكاليف الـتي لا iiتفيدكم فـما يـستوي طـبعٌ نـبا iiوتكلّف
فـقد دام إلـطاطٌ بـهم في حقوقهم وأعـوز إنـصاف وطـال iiتحيف
تـناسيتم مـا قـال فـيهم iiنـبيّكم كـأن مـقالاً قـال فـيهم iiمحرّف
فـكم لرسول الله في الطف من iiدمٍ يـراق ومـن نـفس تمات وتتلف
ومـن ولـدٍ كـالعين مـنه iiكرامةً يـقاد بـأيدي الـناكثين ويـعسف
عـزيـزٌ عـليه أن تُـباع نـساؤه كـما بـيع قطع في عكاظ iiوقرطف
يُـذَدن عـن الماء الرواءِ iiوترتوى مـن الـماء أجـمالٌ لهم لا iiتكفكف
فـيا لـعيونٍ جـائرات عن الهدى ويـا لـقلوبٍ ضـغنها مـتضعّف
ادب الطف ـ الجزء الثاني 273
لـكم أم لـهم بيتٌ بناه على iiالتبقى وبـيتٌ لـه ذاك الـستار iiالمسجّف
بـه كـل يـوم من قريشٍ iiوغيرها جـهيرٌ مـلبٍّ أو سـريع iiمطوّف
إذا زارَه يـومـاً دلــوحٌ iiبـذنبهِ مـضى وهو عريانُ الفرا iiمتكشّف
وزمـزم والـركُب الذي iiيمسحونه وأيـمانهم مـن رحـمة الله iiتنطف
ووادي مـنى تـهدى إلـيه iiنحائرٌ تكبّ على الأذقان قسراً iiفتحتف(1)
وجـمعٌ ومـا جمعٌ لمن ساف iiتُربه ومـن قـبله يوم الوقوف iiالمعرّف
وأنـتم نـصرتم أم هـم يوم iiخيبرٍ نـبيّكم حـيث الأسـنة تـرعف ii؟
فـررتم وما فرّوا وحدتم عن iiالردى ومـا عـنه مـنهم حـائد iiمتحرّف
فـحصنٌ مـشيدٌ بـالسيوف iiمـهدّم وبــابٌ مـنيع بـالأنامل iiيُـقذَف
تـوقفتم خـوف الردى عن iiمواقف ومـا فـيهم مـن خـيفةٍ iiيـتوقّف
لـهم دونـكم فـي يوم بَدرٍ iiوبعدها بـيـوم حـنين كـلّما لا يـزحلَف
فـقل لـبني حـرب وإن كان iiبيننا مـن النسب الداني مرائر iiتحصف
أفـي الحقّ أنّا مخرجوكم إلى الهدى وأنـتم بلا نهجٍ إلى الحق يعرف ii؟
وإنّـا شَـببنا فـي عِراص دياركم ضـياءً ولـيل الكفر فيهنّ iiمُسدف
وإنّــا رفـعناكم فـأشرف iiمـنكم بـنا فـوق هامات الأعزّة iiمِشرف
وهــا أنـتم تـرموننا iiبـجنادل لـها سُـحُبُ ظـلماؤها لا iiتُكشّف
لـنا مـنكم فـي كـلّ يـومٍ iiوليلة قـتيل صـريع أو شـريد iiمخوّف
فـخـرتم بـما مـلّكتموه iiوإنـكم سِمان من الأموال إذ نحن شُسّف(2)
ومـا الفخر يا مَن يجهل iiالفخرللفتى قـميص مـوشّى أو رداءٌ iiمـفوّف
ومـا فخرنا إلا الذي هبطت به iiال مـلائك أو ما قد حوى منه مُصحف
يـقرّ بـه مَـن لا يـطيق iiدفـاعَه ويـعرفه فـي الـقوم مَن iiيتعرّف
ولـمّا ركـبنا مـا ركبنا من iiالذُرا وليس لكم في موضع الردف iiمردف
تـيـقنتم أنّــا بـما قـد حـويتم أحـقّ وأولـى فـي الأنام iiوأعرف
(1) تحتف : تهلك .
(2) الشسف : جمع الشاسف وهو الضامر الهزيل .
|