ادب الطف ـ الجزء الثاني 274
ولـكن أمـراً حـاد عـنه محصّل وأهــوى إلـيه خـابط iiمـتعسف
وكـم مـن عـتيقٍ قـد نبا iiبيمينه حـسامُ وكم قطّ الضريبة iiمقرف(1)
فـلا تـركبوا أعـوادَنا iiفـركوبها لـمن يركب اليوم العبوس iiفيوجف
ولا تـسـكنوا أوطـاننا iiفـعراصنا تـميل بـكم شـوقاً إلـينا iiوترجف
ولا تـكشفوا مـا بـيننا من iiحقائد طـواها الـرجال الحازمون iiولفّفوا
وكـونوا لـنا إمّـا عـدوّاً iiمـجملاً وإمــا صـديقاً دهـره iiيـتلطف
فـللخير إن آثـرتم الـخير iiموضعٌ ولـلشرّ إن أحـببتم الـشر iiموقف
عـكفنا عـلى ما تعلمون من iiالتقى وأنـتم عـلى مـا يـعلم الله iiعكّف
لـكم كـل مـوقوذ بـكظّة بـطنه ولـيس لـنا إلا الـهضيم iiالمخفف
الـى كم أداري مَن أُداري من iiالعِدا وأهـدن قـوماً بـالجميل وألطف ii؟
تـلاعب بي ايدي الرجال وليس iiلي من الجور مُنجٍ لا ولا الظلم منصف
وحـشو ضـلوعي كـل نجلاءَ iiثرّةٍ مـتى ألّـفوها اقـسمت لا iiتـألف
فـظاهرها بـادي الـسريرة iiفاغرٌ وبـاطنها خـاوي الـدخيلةِ iiأجوف
إذا قـلتُ يـوماً قـد تلاءم iiجرحها تـحكك بـالأيدي عـليّ iiوتـقرف
فـكم ذا ألاقـي مـنهم كـل iiرابح ومـا أنـا إلا أعـزل الكف iiأكتف
وكـم أنـا فيهم خاضعٌ ذو iiاستكانة كـأني مـا بـين الأصـحّاء iiمُدنف
اقــاد كـأنـي بـالزمام مُـجلّب بطيء الخطا عاري الأضالع iiأعجف
وأرسِـف فـي قيد من الحزم عنوةً ومن ذيدَ عن بسط الخطا فهو يرسف
ويـلصق بي من ليس يدري iiكلالة وأحسَبُ مضعوفاً وغيري iiالمضعّف
وعـدنا بـما مـنّا عـيون iiكـثيرة شـخوص الى إدراكه ليس iiتطرف
وقـيل لـنا حـان الـمدا فـتوكفوا فـيا حـججاً لـله طـال iiالـتوكف
فـحاشا لـنا مـن ريـبةٍ iiبـمقالكم وحـاشا لـكم من أن تقولوا iiفتخلفوا
ولـم أخـشَ إلا من معاجلة iiالردى فـأصرف عن ذاك الزمان iiوأُصدف
(1) المقرف . المتهم والمعيب .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 275
وقال رضي الله عنه يرثي الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء «سنة 427»
أمـا تـرى الربع الذي iiاقفرا عراهُ من ريب البلى ما عَرا ii؟
لـو لـم أكـن صـبّا لسكانه لـم يجر من دمعي له ما جرى
رأيـتـه بـعـد تـمـامٍ لـه مـقـلباً أبـطـنه iiأظـهـرا
كـأنـني شـكا وعـلماً iiبـه أقـرأ مـن أطـلاله iiأسـطرا
وقـفت فـيه أيـنقاً iiضـمّراً شـذّب مـن أوصالهن iiالسُرى
لـي بـأناس شُغلٌ عن iiهوى ومـعشري أبـكى لهم iiمعشرا
أجـل بأرض الطف عينيك iiما بـين أنـاس سـربلوا iiالعثيرا
حـكّم فـيهم بـغيُ أعـدائهم عـلـيهم الـذًُؤبان والأنـسرا
تـخال مـن لألاء iiأنـوارهم لـيل الـفيافي لـهم iiمـقمرا
صرعى ولكن بعد أن iiصَرّعوا وقـطّروا كـلّ فـتىً iiقـطّرا
لـم يرتضوا درعاً ولم iiيلبسوا بـالطعن إلا الـعَلَق الأحـمرا
مـن كـلّ طيّان الحشا iiضامرٍ يـركب في يوم الوغى iiضمّرا
قـل لـبني حـربٍ وكم iiقولةٍ سـطّرها في القوم من iiسطرا
تـهتم عـن الـحق كأن iiالذي أنـذركم فـي الله مـا iiأنـذرا
كـانّـه لـم يـقركم iiضُـلّلا عن الهدى القصد بأمّ القرى(1)
ولا تـدرّعـتـم iiبـأثـوابـه مـن بـعد أن أصبحتم iiحُسرا
ولا فـريـتم أدمـاً ii«مـرّةً» ولـم تـكونوا قـط ممن iiفرى
وقـلتم : عـنصرنا واحـدٌ ؛ هيهات لا قربى ولا عنصرا !
ما قدم الأصل أمرءاً في الورى أخـرّه فـي الـفرع ما iiأخّرا
وغـرّكـم بـالجهل iiإمـهالكم وإنـما اغـترّ الـذي iiغُـرّرا
حـلأتم بـالطف قوماً عن ال مـاء فـحلّئتم بـه iiالـكوثرا
(1) يقركم : يرشدوكم ويهدكم . والقصد . الهدى والرشاد ، وام القرى . مكة المكرمة .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 276
فـإن لـقوا ثَـمّ بكم iiمنكراً فـسوف تـلقون بهم iiمنكرا
فـي ساعة يحكم في iiأمرها جـدُهم الـعدل كـما أُمّـرا
وكيف بعتم دينكم بالذي iiأس تـنزره الـحازم iiوأستحقرا
لـولا الـذي قدّر من iiأمركم وجـدتـم شـأنكم iiاحـقرا
كـانت من الدهر بكم iiعثرةٌ لا بـد لـلسابق أن iiيـعثرا
لا تـفخروا قـطّ بشيء iiفما تـركتم فـينا لـكم iiمـفخرا
ونـلـتموها بـيـعةً iiفـلتةً حـتى ترى العين الذي iiقدّرا
كـأنني بـالخيل مثل الدبى هـبّت بـه نكباؤه صرصرا
وفـوقها كـل شـديد iiالقوى تـخاله مـن حـنق iiقسورا
لا يمطر السُمر غداة iiالوغى الا بـرشّ الـدم إن iiأمطرا
فـيرجع الـحق الـى أهله ويـقبل الأمـر الذي iiأدبرا
يـا حـجج الله عـلى iiخلقه ومَـن بهم أبصر من iiأبصرا
أنـتم عـلى الله إلـيك iiكما عـلمتم الـمبعثَ iiوالمحشرا
فـإن يـكن ذنبٌ فقولوا iiلمن شـفعكم في العفو أن iiيغفرا
إذا تـولـيـتكم iiصـادقـاً فـليس مـني مـنكر iiمنكرا
نـصرتكم قـولاً على iiأنني لآمـلٌ بـالسيف أن أنصرا
وبـين أضـلاعي سـرّ لكم حوشي أن يبدو وأن iiيظهرا
أنـظر وقـتاً قيل لي بُح iiبه وحـق لـلموعود أن iiينظرا
وقــد تـبصرتُ iiولـكنني قد ضقتُ أن أكظم أو iiأصبرا
وأيُ قـلبٍ حـملت iiحزنكم جـوانح «مـنه» وما فُطّرا
لا عـاش من بعدكم iiعائش فـينا ولا عُـمّر مـن عمّرا
ولا اسـتقرت قـدمٌ iiبـعدكم قرارة مبدي ولا iiمحضَرا(1)
ولا سـقى الله لـنا ظـامئاً مـن بـعد أن جنّبتم الأبحرا
(1) المبدي هو البدو ، والمحضر هو محل احضر .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 277
ولا علَت رجل وقد زحزحت أرجـلكم عن متنه iiمِنبرا(1)
وقال رثاء جده الحسين عليه السلام :
حـلفت بـمن لاذت قـريش iiببيته وطـافوا بـه يوم الطواف iiوكبّروا
وبـالحصيات اللات يقذفن في iiمنى وقـد أم نـحو الـجمرة iiالـمتجمّر
وواد تـذوق الـبزل فـيه حمامها فـلـيس بـه إلا الـهديّ iiالـمعفّر
وجـمعٍ وقـد حـطّت إليه كلا iiكل طـلائح أضـنتها الـتنائف iiضمّر
يـخلن عليهنّ الهوادج في iiالضحى سـفائن فـي بحر من الآل iiيزخر
ويـوم وقوف المحرمين على iiثرىً تـطاح بـه الـزلات منهم iiوتغفر
أتـوه أسـارى الـموبقات وودّعوا ومـا فـيهم إلا الـطليق الـمحرّر
لـقد كُـسرت للدين في يوم iiكربلا كـسائر لا تـوسى ولاهـي iiتجبر
فــإمّ سـبيّ بـالرماح iiمـسوّق وإمّـا قـتيل فـي الـتراب معفّر
وجرحى كما اختارت رماح وأنصل وصرعى كما شاءت ضباع iiوأنسر
لـهم والـدجى بالقاع مرخٍ iiسدوله وجـوه كـأمثال الـمصابيح iiتزهر
تـراح بـريحانٍ وروحٍ iiورحـمةٍ وتـوبّل مـن وبل الجنان iiوتمطر
فـقل لبني حربٍ وفي القلب iiمنهم دفـائن تـبدو عـن قـليلٍ وتظهر
ظـننتم وبعض الظن عجز iiوغفلة بـأن الـذي أسـلفتم لـيس iiيذكر
وهيهات تأبى الخيل والبيض iiوالقنا مـجـاري دمٍ لـلفاطميين iiيُـهدر
ولـسـتم سـواءً والـذين iiغـلبتم ولـكنها الاقـدار فـي القوم iiتُقدر
وإن نـلـتموها دولـةً iiعـجرفيّة فـقد نال ما قد نال كسرى iiوقيصر
ولـيس لـكم من بعد أن قد iiغدرتم بـمن لم يكن يوماً من الدهر iiيغدر
سـوى لائـماتٍ آكـلاتٍ iiلحومكم وإلا هـجاء فـي الـبلاد iiمُـسيّر
تـقطَع وصـل كـان مـنّا iiومنكم ودانٍ مـن الأرحـام يثنى iiويسطر
(1) عن الديوان .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 278
وهـل نـافع أن فـرّقتنا أصولكم أصـول لـنا نأوى إليها iiوعنصر
وعضو الفتى إن شلّ ليس iiبعضوه ولـيس لربّ السرّب سرب مُنَفّر
ولا بـد مـن يومٍ به الجو iiأغبر وفـيه الثرى من كثرة القتل أحمر
وأنـتم بـمجتاز الـسيول iiكأنكم هـشيم بـأيدي العاصفات iiمطير
فـتهبط منكم أرؤس كنّ في iiالذُرا ويـخبو لـكم ذاك اللهيب iiالمسعّر
ويـثأر مـنكم ثـائرٌ طال iiمطله وقد تظفر الأيام من ليس يَظفر(1)
وقال يرثي جده الحسين عليه السلام ومن قتل من أصحابه :
هـل أنت راث لصب القلب iiمعمود دَوي الـفؤاد بـغير الـخرّد الخود ؟
مـا شـفّه هجر أحبابٍ وإن iiهجروا مـن غـير جرمٍ ولا خُلف المواعيد
وفـي الـجفون قـذاة غـير iiزائلةٍ وفـي الـضلوع غـرامٌ غير iiمفقود
يـا عـاذلي لـيس وجـدٌ بتّ iiأكتمه بـين الـحشى وجـد تعنيف iiوتفنيد
شـربي دمـوعى على الخدين iiسائلة إن كـان شـربك مـن ماء iiالعناقيد
ونــم فـإن جـفوناً لـي iiمـسهدة عـمر الـليالي ولـكن أي تسهيد ii؟
وقـد قـضيتُ بذاك العذل ii«مأربة» لـو كـان سـمعي عنه غير iiمسدود
تـلومني لـم تـصبك اليوم iiقاذفتي ولـم يـعدك كـما يـعتادني iiعيدي
فـالظلم عـذل خليّ القلب ذا iiشجن وهـجـنةٌ لـومُ مـوفور iiلـمجهود
كـم لـيلة بـتّ فـيها غير iiمرتفق والـهمّ مـا بـين مـحلول iiومعقود
مـا إن أحـنّ الـيها وهـي iiماضية ولا أقـول لـها مـستدعياً : عودي
جـاءت فـكانت كـعوّار على بصر وزايـلت كـزيال المائد iiالمودي(2)
فــإن يـود أنـاس صـبح iiلـيلهم فـإن صـبحي صبح غير ii«مودود»
عـشـيةٌ هـجمت مـنها مـصائبها عـلى قـلوب عـن البلوى iiمحاييد
يـا يوم عاشور كم طأطأت من بصر بـعد الـسمو وكـم أذلـلت من iiجيد
(1) عن الديوان .
(2) العوار : ما يصيب العين من رمد . والمائد : المتحرك . وللمودي : المهلك .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 279
يـا يوم عاشورا كم أطردت لي أملاً قـد كـان قـبلك عندي غير مطرود
أنـت الـمرنق عـيشي بعد iiصفوته ومولج البيض من شيبي على iiالسود
جُـز بـالطفوف فكم فيهن من iiجبل خـر الـقضاء بـه بـين iiالجلاميد
وكــم جـريـح بـلا آسٍ تـمزقه إمـا الـنسور وإمـا أضبع iiالبيد(1)
وكـم سـليب رمـاح غـير iiمستتر وكـم صـريع حـمام غـير iiملحود
كـأن أوجـههم بـيضاً ii«مـلألئة» كـواكب فـي عراص القفرة iiالسود
لم يطعموا الموتَ إلا بعد أن iiحطموا بـالضرب والطعن أعناق iiالصناديد
ولـم يـدعُ فـيهم خوف الجزاء iiغداً دمـاً لـترب ولا لـحماً إلى iiسيد(2)
مـن كـل أبـلج كـالدينار iiتـشهده وسـط الـنديّ بـفضل غير مجحود
يـغشى الـهياج بكف غير iiمنقبض عـن الـضراب وقلب غير iiمزءود
لـم يـعرفوا غير بثّ العرف iiبينهم عـفواً ولا طـبعوا إلا عـلى iiالجود
يـا آل أحـمد كـم تـلوى iiحقوقكم لـي الـغرائب عن نبت iiالقراديد(3)
وكـم أراكـم بـأجواز الـفلا iiجزراً مـبـددين ولـكـن أي تـبـديد ii؟
لـو كـان ينصفكم من ليس iiينصفكم ألـقـى إلـيـكم مـطيعاً iiبـالمقاديد
حُـسدتم الـفضل لـم يحرزه غيركم والـناس «ما» بين محروم ومحسود
جـاءوا إلـيكم وقد أعطوا iiعهودهم فـي فـيلق كـزهاء الـليل iiممدود
مـسـتمرحين بـأيـديهم وأرجـلهم كما يشاءون الركض الضمّر القود(4)
تـهوي بـهم كـل جـرداء مطهمةٍ هـويّ سـجل من الأوذام مجدود(5)
مـستشعرين لأطـراف الرماح iiومن حـدّ الـظبا أدرعـاً مـن نسج داود
(1) الاسي : الطبيب .
(2) السيد . الذئب والاسد .
(3) القراديد . هو ما ارتفع وغلظ من الأرض .
(4) القود : من الخيل ما طال ظهره وعنقه .
(5) السجل . الدلو العظيمة والأوذام جمع الوذمة وهي السير بين آذان الدلو والخشبة
المعترضة عليها .
|