ادب الطف ـ الجزء الثاني 285
فـسقى الله مـا نـزلتم مـن iiالأر ض عـليه الأنـواءَ iiوالأمـطارا
وإذا مــا اغـتدى الـيها قـطار فـثـنى الله لـلـرواح iiقـطـارا
مـا حـدا راكـب بـركب iiومـا دبّ مـطيّ الـفلاة فـيها iiوسـارا
لـست أرضى في نصركم وقد iiاح تـجتم الـى النصر مني iiالأشعارا
غـير أنـي مـتى نصرتم بطعن أو بـضـربٍ أسـابق iiالـنصارا
والـى أن يـزول عـن كفي المن ع خـذوا اليوم من لساني iiانتصارا
واسـمعوا نـاظرين نصر iiيميني بـشـبا الـبيض فـحليَ iiالـهدّار
فـلساني يـحكي حـسامي iiطويلاً بـطويل ومـا الـغِرار iiغِـرارا
وأمـرنا بـالصبر كـي يأتي iiالأم ر ومـا كـلنا يـطيق iiاصـطبارا
وإذا لـم نـكن صـبرنا iiاخـتياراً عـن مـراد فقد صبرنا iiاضطرارا
أنـا مـهما جريت في مدحكم iiشأ واً بـعيداً فـلن أخـاف iiالـعثارا
وإذا مــا رثـيـتكم iiبـقـوافيّ سـراعاً فـمُرجَل الـحي iiسـارا
عـاضني الله فـي فـضائلكم iiعل مـاً بـشكٍّ وزادنـي iiاسـتبصارا
وأرانـي مـنكم وفـيكم iiسـريعاً كـل يـوم ما يُعجب iiالأبصارا(1)
وقال يرثي جده الحسين عليه السلام في عاشوراء :
يـا يـوم أيُ شـجىً بـمثلك iiذاقه عـصب الرسول وصفوة الرحمن ii؟
جرعتهم غصص الردى حتى أرتووا ولـذعـتهم بـلـواذع iiالـنـيران
وطـرحتهم بـدداً بـأجواز iiالـفلا لـلـذئـب آونـــةً iiولـلـعقبان
عـافوا الـقرارَ وليس غير iiقرارهم أو بـردهـم مـوتاً بـحدّ iiطـعان
مـنعوا الفرات وصرّعوا من iiحوله مــن تـائـق لـلوردِ أو iiظـمآن
أوَ مـا رأيـت قـراعهم ودفاعهم ii؟ قـدماً وقـد أُعـروا مـن الأعوان
مـتزاحمين عـلى الردى في iiموقف حـشـي الـظبا وأسـنّة iiالـمران
(1) عن الديوان .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 286
مـا إن بـه إلا الـشجاع iiوطـائرٌ عـنه حـذار الـموت كـل iiجبان
يــوم أذلّ جـماجماً مـن هـاشمٍ وسـرى الـى عـدنان أو قـحطان
أرعـى جـميم الـحق في iiأوطانهم رعـي الـهشيم سـوائم iiالـعدوان
وأنــار نـاراً لا تـبوخ iiوربـما قـد كـان لـلنيران لـون iiدخـان
وهـو الـذي لـم يـبق من دين لنا بـالـغدر قـائـمة مـن iiالـبنيان
يـا صـاحبيّ عـلى المصيبة فيهم ومـشاركيّ الـيوم فـي iiاحـزاني
قـوماً خـذا نار الصلا من iiأضلعي إن شـئتما «والـماء» مـن iiأجفاني
وتـعـلّـما أن الــذي iiكـتّـمته حـذر الـعدا يـابى عـلى iiالكتمان
فـلو أنـني شـاهدتهم بـين iiالعدا والـكـفر مُـعلولٍ عـلى iiالإيـمان
لـخضبتُ سـيفي من نجيع iiعدوهم ومـحوت من دمهم حجول iiحصاني
وشـفيت بـالطعن الـمبرح iiبـالقنا داءَ الـحـقود ووعـكة iiالأضـغان
ولـبعتهم نـفسي عـلى ضـننٍّ بها يـوم الـطفوف بـأرخص iiالأثمان
وقال يرثي جده الحسين عليه السلام :
عـرّج عـلى الـدارسة iiالقَفر ومُـر دمـوع العين أن iiتجري
فـلو نـهيت الـدمع عن سَحّه والـدار وحـش لم تطع iiأمري
مـنـزلة أسـلـمها iiلـلـبلى «عَـبرُ» هبوب الريح iiوالقطر
فـجِعتُ فـي ظـلمائها iiعـنوةً بـطـلعة الـشمس أو iiالـبدر
لـهفان لا من حرّ جمرِ iiالجوى سـكران لا مـن نـشوَة iiالخمر
كـأنني فـي جـاحمٍ من iiشجىً ومـن دمـوع الـعين في iiبحر
عُـجتُ بـها أُنـفقُ فـي iiآيها مـا كـان مـذخوراً من الصبر
فـي فـتيةٍ طـارت iiبأوطارهم «فـي ذيـلهم» أجـنحةُ iiالدهر
ضيموا وسُقّوا في عِراض الأذى مـا شـاءت الأعـداء من iiمُرّ
كلّ خميص البطن بادي iiالطوى مـمـتلئ الـجلد مـن iiالـضر
يَـبري لِـحا صَـعدته iiعـامداً بَـريَ العَصا من كان لا iiيبري
ادب الطف ـ الجزء الثاني 287
كـأنّـه مـن طـول أحـزانه يُـساق مـن امـنٍ إلـى iiحِذر
أو مــفـرد أبـعـده أهـلـه عـن حَـيّه مـن شفق iiالعُر(1)
يـا صـاحبي فـي قعر iiمطويةٍ لـو كـان يـرضى لي iiبالقعر
أمـا تـراني بـين أيدي iiالعدا مـلآن مـن غـيظ ومـن iiوتر
تـسرى إلـى جلدي رقش iiلهم والـشر فـي ظـلمائها iiيسري
مــردّد فـي كـل مـكروهةٍ أنـقلٌ مـن نـابٍ إلـى ظـفر
كـأنني نـصل بـلا iiمـقبض أو طـائـر ظـل بـلا وكـر
بـالدار ظـلماً غـير iiسـكانها وقـد قـرى مـن لم يكن iiيَقري
والسرح يرعى في حميم iiالحمى مـا شـاء مـن أوراقه iiالخضر
وقـد خـبالي الـجمرَ في طيّه لـوامـعٌ يـنـذرن iiبـالـجمر
لا تـبك إن أنـت بكيت الهدى إلا عـلـى قـاصـمة iiالـظهر
وأبـكِ حسيناً والأولى iiصرّعوا أمـامَـه سـطراً إلـى iiسـطر
ذاقـوا الردى من بعد ما iiذوقوا أمـثـاله بـالـبيض iiوالـسُمر
قـتـل وأســر بـأبي iiمـنكم مَـن نـيل بـالقتل iiوبـالأسر
فـقـل لـقومٍ جـئتهم iiدارهـم عـلى مـواعيدٍ مـن الـنصر
قـروكـم لـمّـا حـللتم iiبـها ولا قــرى أوعـيـةَ الـغدر
وأطـرحوا الـنهج ولـم يَحلفوا بـما لـكم فـي مـحكم iiالذكر
واسـتـلبوا إرثـكـم iiمـنـكم مـن غـير حـقٍ بـيد iiالقسر
كـسرتم الـدين ولـم iiتـعلموا وكـسـرة الـدين بـلا جـبر
فـيـالها مـظـلمةً أو iiلـجت عـلى رسـول الله فـي iiالقبر
كـانـه مــا فـك iiأعـناقكم بـكـفه مـن ربـقِ الـكفر ii!
ولا كـسـاكم بـعـد أن iiكـنتم بــلا ريـاشٍ حِـبرَ iiالـفخر
فـهـو الـذي شـاد iiبـأركانكم مـن بـعد أن كـنتم بـلا iiذكر
(1) العرّ : الجرب .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 288
وهـو الـذي أطـلع في iiليلكم مـن بـعد يـأس غـرّة iiالفجر
يـا عُـصب الله ومَـن iiحـبهم مـخيّم مـا عـشت في صدري
ومــن أرى «ودهـم» وحـدَه «زادي» إذا وُسّـدتُ في iiقبري
وهـو الـذي أعـددته جُـنتي وعـصمتي فـي ساعة iiالحشر
حـتى إذا لـم أكُ فـي iiنصرةٍ مـن أحـدٍ كـان بـكم iiنصري
بـمـوقف لـيس بـه iiسـلعة لـتـاجر أنـفـق مــن iiبِـرّ
فــي كـل يـوم لـكم سـيدٌ يُـهدى مـع الـنيب الى iiالنحر
كـم لـكم من بعد «شمرٍ» iiمرى دمـائكم فـي الـترب من iiشمر
ويـح «ابـن سـعدٍ عمرٍ» iiإنه بــاع رســول الله بـالنزر
بـغى عـليه فـي بـني بـنته واسـتلّ فـيهم أنـصل الـمكر
فـهو وإن فـاز بـها iiعـاجلاً مـن حـطب الـنار ولا iiيدري
مـتـى أرى حـقّـكم iiعـائداً إلـيكم فـي الـسر والـجهر ii؟
حـتى مـتى أُلـوى iiبموعودكم أمـطل مـن عـام الى شهر ii؟
لـولا هَـناتٌ هـنّ iiيـلوينني لـبُحتُ بـالمكتوم مـن iiسرّي
ولـم أكـن أقـنع في iiنصركم بـنـظم أبـياتٍ مـن iiالـشعر
فــإن تـجـلت غـمم iiركّـدٌ تـركنني وعـراً عـلى iiوعَـر
رأيـتـموني والـقـنا iiشـرّعٌ أبــذل فـيهنّ لـكم iiنـحري
عـلى مطا طِرفٍ خفيف iiالشوى كـأنه الـقِدح مـن الضُمرِ(1)
تـخاله قـد قـدّ مـن iiصخرةٍ أو جيبَ إذ جيبَ من الحضر(2)
أعـطيكم نـفسي ولا iiأرتـضي فـي نـصركم بـالبذل iiلـلوفر
وإن يـدم مـا نـحن في iiأسره فالله أولــى فـيـه iiبـالـعذر
(1) المطا : الظهر ، والطرف «بكسر الطاء» : الجواد من الخيل ، والشوى : الاطراف
والقدح : السهم ، والضمر : الهزال .
(2) جيب وقدّ بمعنى واحد أي : قطع ، ومنه قوله تعالى «وثمود الذين جابوا الصخر
بالواد» والحضر : الحجارة .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 289
وقال في يوم عاشرواء من «سنة 430» .
يـا خـليلي iiومعيني كـلما رمت iiالنُهوضا
داوِ دائـي أو iiفعدني مـع عوّادي iiمريضا
فـقبيح بـك أن iiتَـر فضَ من ليس iiرفوضا
قد أتى من يوم iiعاشو راء مـا كان iiبغيضا
دَع نـشيجي فيه iiيعلو ودمـوعي أن iiتفيضا
وبناني قد خضبن iiال دم من سني iiعضيضا
وكـن الناهض iiللحر بِ متى كنت iiنهوضا
وأجـعل الجيب iiلدمع مـن مـآقيك iiمغيصا
إنــه يـوم iiسـقينا مـن نواحيه iiمضيضا
هـزل الدين ومن iiفي ه وقـد كـان iiنحيضا
ورمـت مجهضة iiمن كان في البطن جهيضا
ودع الأطراب iiوأسمع من مراثيه «القريضا»
لا تـرد فـيه وقد iiأد نـسنا ثـوباً iiرحيضا
قـل لـقوم لم iiيزالوا في الجهالات iiربوضا
غـرّهـم أنـهم iiسـا دوا وما شادوا iiبعوضا
فـي غدٍ بالرغم منكم سـتردّون iiالـقروضا
سـوف تـلقون iiبناءً لـكم طـال نـقيضا
والـذي يـحلو iiبأفوا هـكم الـيوم iiحميضا
وقـبـاباً أنـتم iiفـي هـا وهاداً iiوحضيضا
واراهـا عـن iiقريبٍ كـالدبى سوداً iiوبيضا
وتـرى للبيض iiوالبي ض عـليهن iiوميضا
وعـلى أكـتادها كل فتىً يلفى iiجريضا(1)
(1) الاكتاد : الظهور ، والجريض : المغموم .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 290
فـبهم يـطمع iiطـرف كـان بالامس iiغضيضا
وبـهم يـبرأ مـن iiكا ن وقد ضيموا iiالمريضا
وبـهم يـرقد iiطـرف لـم يكن وجداً غموضا
لأبــاةٍ دمـهـم iiسـا لَ على الأرض غريضا
رفـع الـرأس على عا لي القنا يحكي iiالوميضا
وأنثنى الجسم الجرد iiال خـيل بالعَدوِ iiرضيضا
حاش لي أن أن iiأتخلى مـنـهم أو iiأسـتعيضا
فـسـقى الله iiقـبـوراً لـهم العذب iiالغضيضا
وأبـت إلا ثـرى iiالأخ ضر والروض iiالأريضا
وإلـيـهنّ يـشـدّ iiال قـوم هـاتيك الغروضا
مـانـحوهنّ iiلـنـدب إنـما قـضوا iiفروضا
وحَـيـوهنّ iiاسـتلاماً يـترك الأفواه iiفوضى
وقال يذكر بني أمية ويرثي جده الحسين عليه السلام (وقد سقط أولها) :
كـأنّ مـعقري مـهجٍ iiكـرامٍ هـنالك يـعقرون بها iiالعباطا
فـقل لـنبي زياد وآل iiحرب ومَـن خلطوا بغدرهم خلاطا :
دمـاؤكم لـكم ولـهم iiدمـاء تـرويـها سـيوفكم iiالـبَلاطا
كـلوها بعد غصبكم عليها iiان تـهـاباً وازدراداً iiواسـتراطا
فـمـا قـدّمـتم إلا iiسَـفـاهاً ولا أُمــرتـم إلا iiغـلاطـا
ولا كـانت من الزمن iiالمُلحّى مـراتـبكم بــه إلا iiسـفاطا
أنـحو بـني رسول الله iiفيكم تـقودون الـمسوّمة السلاطا ؟
تـثار كـما أثـرتَ الى iiمعينٍ لـتكرع مـن جوانبه iiالغَطاطا
ومـا أبـقَت بها الروحات iiإلا ظـهوراً أو ضلوعاً او iiملاطا
وفوق ظهورها عُصَبٌ غضابٌ إذا أرضـيتم زادوا iiاخـتلاطا
|