ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء العاشر 91

الكتاب والحجاب

نظمها الازري معارضا لقصيدة (المرأة في الشرق) التي أنشدها الاستاذ معروف الرصافي على أحد مسارح بغداد .

أمـنـازل الـخـفرات iiبـالزوراء      لا  زعـزعتك عـواصف iiالاهواء
قــري فـانـك لـلـفتاة iiأريـكة      ضـربت سـرادقها عـلى iiالنجباء
لا تـخزني مـما رمـاك به iiالهوى      ظـلـما وظـنك مـعقل الاسـراء
أيـن  الاسـارة مـن عفاف iiطاهر      أيـن الـمعاقل مـن كـناس iiظباء
أكـريمة الـزوراء لا يذهب بك ال      نـهتج الـمخالف بـيئة iiالـزوراء
أو  يـخـدعنك شـاعـر iiبـخياله      ان  الـخـيال مـطـية iiالـشعراء
حصروا  علاجك بالسفور وما iiدروا      ان الـذي حـصروه عـين iiالـداء
أو  لـم يـروا ان الـفتاة iiبـطبعها      كـالماء  لـم يـحفظ بـغير iiانـاء
مـن يـكفل الـفتيات بعد iiظهورها      مـمـا يـجيش بـخاطر الـسفهاء
ومـن  الـذي يـنهى الفتى iiبشبابه      عـن  خـدع كـل خـريدة حسناء
لـيس  الـحجاب بـمانع iiتـهذيبها      فـالعلم  لـم يـرفع عـلى iiالازياء
أولـم  يـسغ تـعليمهن بـدون iiأن      يـملأن بـالاعطاف عـين iiالرائي
ويـجلن مـا بـين الرجال iiسوافرا      بـتـجـاذب الارداف iiوالاثــداء
فـكأنما  الـتهذيب لـيس iiبـممكن      الا اذا بــرزت بــدون iiغـطاء
وكـأنـما الاصـلاح عـز iiبـناؤه      مــا لـم يـشيد مـسرح iiبـنساء
ان الـمـسارح لا تـدير iiشـؤونها      مــن كـلـفت بـرعاية الابـناء
مـثـل بـها دور الـفضيلة iiانـها      تـغـنيك عـن تـمثيل دور ابـاء
وانـظر الـى شـأن المحيط وأهله      كـيـلا تـفوتك حـكمة iiالـحكماء
نص  الكتاب على الحجاب ولم iiيبح      لـلـمسلمين  تـبـرج الـعـذراء
قـل  لـي فـماذا يصنع العلماء لو      نـزهـتهم مـن سـيرة iiالـجهلاء
مـاذا يـريبك مـن حـجاب iiساتر      جـيـد  الـمهاة وطـلعة iiالـذلفاء
مــاذا يـريبك مـن ازار iiمـانع      وزر الـفـؤاد وضـلـة الاهـواء
ما في الحجاب سوى الحياء فهل من      الـتهذيب  أن يـهتكن سـتر iiحياء
هـل في مجالسة الفتاة سوى iiالهوى      لــو  أصـدقتك iiضـمائرالجلساء
شـيد  مـدارسهن وارفـع iiمستوى      أخـلاقـهن  لـصـالح iiالابـنـاء
وافـحص عن الاخلاق قبل iiحجابها      أو  مـا سـمعت بـطائر iiالـعنقاء
هـلا  اخـتبرت الاقـوياء iiخلاقهم      لـو  كـنت تـأمن عـفة iiالضعفاء
أسـفينة  الـوطن iiالـعزيزتبصري      بـالقعر  لا يـغررك سـطح iiالماء
وحـديقة  الـثمر الـجني iiترصدي      عـبث  الـلصوص بـليلة iiلـيلاء

ادب الطف ـ الجزء العاشر 92

الانانية

غـمر الـسرورفؤادها iiبزواجه      وأعـاد  شـاحب وجهها iiمتهللا
قد كان من أقصى الاماني عندها      يـوم تـرى فـيه iiابـنهامتأهلا
حـتى  اذا نـعمت بليلة iiعرسه      وتـفيأ الـضيف الجديد iiالمنزلا
نـظرتهما مـسرورة iiوتجاهلت      قـلقا  افـاق بـنفسها iiفـتململا
لـم تدر ماهو ؟ غير أن iiفؤادها      قـد  عاد لا يجد السرور iiالاولا
ظـنته وهـما عـارضا فاذا به      داء  عـلى مـرالليالي iiاستفحلا
وطـغت  عليها وحشة من بيتها      فـكـأنه بـعد الـعشي iiتـبدلا
وكـأنها  نـدمت وودت لو iiأبى      لـيعيش  مـعها راهـبا iiمتبتلا
كـان ابـنها مـلكا اليها خالصا      والـيوم هـا هو للغريب iiتحولا
وتـوهمت  شبحا يحاول iiفصلها      عـنه ويـطلب منه أن iiيتنصلا

* * *

رجـعت  لـعزلتها تـناجي iiنفسها      وتــود  عـما نـالها أن iiتـسألا
فـأجابها الـقلق الذي شعرت به ii:      مـهلا فـاني لـم اجـئ iiمـتطفلا
أنـا ذلـك الـغرض الاناني iiالذي      فـي  كـل نـفس لم أزل iiمتأصلا
حـب الامـومة لابـنها حـب لها      فــاذا تـلمست الـعقوق iiتـسللا
نـارالحروب  تـوقدت من iiلذعتي      والـحرص  يـختلق الذنوب iiتعللا
لـو لـم اكـن لـم تشهدي متظلما      مـن جـائريه ولا بـطاغ مـبتلى
لا  يـستطيع الـعلم جذم أواصري      ولـو أنـه بـلغ الـسموات iiالعلى
بل كلما ارتقت الحضارة في الورى      اشـتدت قـوادحها وزادتني iiصلى

أنا كاللظى والناس في غليانهم     كالماء والدنيا استحالت مرجلا

ادب الطف ـ الجزء العاشر 93

فترة

أضـحكتنا ورب ضحك iiبكاء      فـترة مـن زمـاننا iiرعـناء
فـترة  ضاعت المقاييس iiبين      الـناس  فيها وسادت iiالاهواء
خلقت من خشارة الناس رهطا      عـرفت  بـعد خـلقه iiالآباء
لمة  من بني الشوارع iiعاشت      حيث  عاش الاعيار iiواللقطاء
حـشرات طـلعن من iiطبقات      الارض لـما استتبت iiالظلماء
وجـراثيم حـين لاءمها iiالماء      تـفشى  مـن سـمهن iiالوباء
رفعتها  من الحضيض ولم iiتر      فـع  نـهاها فـمسها الخيلاء
وكـذاك اعتلاء من ليس iiاهلا      لـلـمعالي مـصيبة iiوبـلاء

يـا لها فترة من الدهر فوضى      يـستوي  الهدم عندها iiوالبناء
كـثر  الانـتحال فيها iiوباتت      تـستغل  الانـساب iiوالاسماء
كـيف لا تـرقبن كـل iiعثار      مـن  قصيرعليه طال iiالرداء
غـره  الـمرتقى فـظن iiبأن      الـناس حـاشاه اعـبدو iiاماء
ولـه  وحده الكرامة ، iiوالعزة      والـمجد، والـنهى ، iiوالعلاء
تـقرأ العجب فيه من iiنظرات      مـلؤها  الاحـتقار والازدراء
مـطرق ان مشى كمن iiاشغلته      لـحـلول الـمـشاكل iiالآراء
لـو تـصفحته وجـدت iiثيابا      فـوق  جسم كأنه iiالمومياء
(1)
مـجدبا  كالسباخ من كل iiخير      جـل مـا في جرابه iiالكبرياء
ان تسل منه فالجواب اقتضاب      أو  تـسـلم فــرده iiايـماء

واذا مـا استـنسبـته قـال انا     من أياد وغيرنا الادعياء

نحن من حاملي اللواء بذي (قار)     أبونا ، وأمـنا الـبرشاء

(1) المومياء دواء يحنط به الاجسام كالهياكل القديمة .

ادب الطف ـ الجزء العاشر 94

وبـنوعمنا  الاراقـم من iiتغلب      والاعـشـيـان  iiوالـخـنساء
دارنا الغور ، والعذيب ، ووادي      الـجزع ، والابرقان ، والدهناء
وجـبـل الـسراة تـشهد أنـا      عـرب  لـيس غـيرنا iiعرباء
هـكذا  تفعل المهازل في iiالدنيا      وتـقـضي  الـغباوة iiالـعمياء
وكذا يبطر الرخاء خفيف الوزن      مـن حـيث لـم يـسعه الاناء

* * *

تـتغنى بـه البلاهة والطيش      وبـعض مـن الـغناء iiرثاء
لا  تـلمه فقد رأى فوق ما iiلم      يتصور ، وانجاب عنه الشقاء
من رياش تحفه في iiالمقاصير      وكـانـت تـلفه iiالـقرفصاء

* * *

وتـخـب السـيارة الـيوم فـيه     بعد ما خد أخمصيه الحفاء

يوجد الخير حيث يوجد في المرء     ضميريـشع منه الضـياء

* * *

أيـها الـفترة اقـترفت ذنوبا      قـد تـلقى عـقابها iiالـنبلاء
لـيس  هـذا الزمان الا iiكتابا      انـت  منه الصحيفة iiالسوداء
فيك  راح الهوى يخط iiويملي      لـم  تـقيده ذمـة أو iiحـياء
طـالماغرت  الظواهر iiعيني      وغـطى على الظنون iiالرياء
ثم  دارت رحى الزمان فأبدت      لـي  مـاينطوي عليه الخفاء
رب داء ترى من العار شكواه      وشـكوى يـثنيك عنها iiالاباء

ادب الطف ـ الجزء العاشر 95

الشيخ عبد الحسين الحلّي

المتوفى 1374 ه

يـا ليالي بأعلى الكرخ iiعودي      عله  يخضر في عودك iiعودي
ان أيـامـي كـانت iiخـدمي      فيه لما كنت من بعض iiعبيدي
فـزت  فـيه بـجنان iiجمعت      بـين قـضبان غصون وقدود
كـلما  هـبت صـبا قلت لها      ياغصون اعتنقي عطفا وميدي
بـيـد الـناهد مـن رمـانها      والـيد  الاخرى برمان iiالنهود
أحـسب الـطلع نضيدا iiمثلما      طـلع اللؤلؤ في الثغر iiالنضيد
انـشق  الـتفاح فـيها iiخجلا      لـم  لا أرشـف تفاح iiالخدود
وأخـد  الـروض أبغي iiورده      أفـلا تـغني خدود عن iiورود
كـلما فـي الـكون فـيه iiلذة      لـك ان متعت بالعيش iiالرغيد
وأقـم ان شـئت في كوخ iiبلا      كـدر أو شئت في قصر مشيد
وادرع  طـمرا اذا كـنت iiبه      وادعا تستغن عن وشي iiالبرود

الى أن يقول :

بهدى  آل الهدى استمسك iiفقد      جـمعوا الفائت للفضل العتيد
عـترة الوحي الذين iiابتهجت      لـهم  الـدنيا بأنوار iiالوجود
قـد كـفاهم انـهم من iiنوره      خلقوا والناس طرا من iiصعيد
وكـفى  عن مدح الناس iiلهم      مدحهم في محكم الذكر المجيد
فـقضوا  بـين سميم iiوقتيل      ومـضوا  بين شريد iiوطريد

ادب الطف ـ الجزء العاشر 96

يـا  بـني الزهراء انتم عدتي      وبـكم يـكثر ان قـل iiعديدي
بـيتكم قـصدي ومـدحي iiلكم      هـو في نظم الثنابيت iiقصيدي
انـتم  الـمحور مـن iiدائـرة      أكملت قوسي نزولي iiوصعودي
انـتم  حبل اعتصامي ان iiتكن      بـلغت  نفسي الى حبل الوريد
لـيس  لـي الا ولاكـم iiعمل      آمـن الـهول بـه يوم الوعيد
مــا  لـنقصي جـابرغيركم      يـوم  تدعو سقر هل من مزيد
لـكم  مـني الـهنا iiمـمتزجا      بالاسى  في مولد السبط iiالشهيد
هـزه  فـي مهده الروح iiومن      هـزه الـروح بـه خير iiوليد
فـرحت اهـل الـسماوات iiبه      وغـدت تـزهر جنات iiالخلود
وبـه  الله عـفا عـن iiفطرس      فـأميطت  عـنه اغلال القيود
واصـل  الله بـه البشرى وما      تـنفع البشرى بمقطوع iiالوريد
قـتلوه  ظـامئا دون iiالـروى      ثـم  سـاقوا أهله سوق iiالعبيد
تـتراماها  الـنواحي في iiالفلا      حـسرا لابـن زيـاد iiويـزيد
أزعـجت مـن خدرها iiحاسرة      كـالقطا روع مـن بعد iiهجود
فـقدت  كـل عـماد iiفـدعت      من  بني عمرو العلى كل عميد
لـبـدور  بـدمـاها شـرقت      وبـها اشـرق مـغبر iiالصعيد
قـد تـواروا بـقنا الخط iiأهل      قـصد  الـخطي غاب iiللاسود
يـا أبـا الصيد الميامين iiوهل      ينجب  الاصيد ولدا غير iiصيد
أنـت  لـي ركن شديد يوم iiلا      يـلتجى  ال االـى ركن iiشديد
هـذه  مـني يـد مـدت iiفخذ      بـيدي  مـنك الـى ظل iiمديد
أنـا  فـي حشري عليكم iiوافد      طـالبا  حـق ولائي iiووفودي
لا أكـن بـين عـداكم iiضائعا      في غد ضيعة عيسى في اليهود

الشيخ عبد الحسين الحلي علم الاعلام له المكانة المرموقة في الكمال والتضلع في العلوم وقد هجر الحلة مهبط رأسه ومحل أسرته وهو في الثالث عشر من سنه وقصد النجف حيث العلم والمعارف ، وحيث الدرس والتدريس فقرأ ما شاء أن يقرأ من العلوم العربية والمنطق والفقه وأصوله والكلام والحكمة والتفسير والحديث وغير ذلك وأصبح استاذا يشار اليه بالبنان وحصلت له ملكة نحت الشعر وقرضه عندما كان في أيام شبابه يتردد على الحلقات الادبية والنوادي الشعرية ، ولا ابالغ اذا قلت ان العلامة الحلي قليل النظير

ادب الطف ـ الجزء العاشر 97

في النجف من الوجهتين العلمية والادبية فهو الاستاذ الذي تحضر لديه جملة من طلاب العلم ورواده ، وهو الاديب الذي تتبارى أمامه الشعراء والحكم الذي تذعن الحكمه الادباء ، خفيف الروح حسن المعشر لا يظهر بمظاهر العظمة والرفعة ومن هنا يأنس به كل واحد ، تعرض عليه شعرك فيعيرك أذنا صاغية أما اذا اراد أن ينبهك على خطأ من بيت غير موزون أو قافية لا تلائم اخواتها تزداد ابتساماته ويلتفت اليك قائلاً : أيقال هكذا وللشيخ الحلي مؤلفات كثيرة في مواضيع شتى منها (نصرة المظلوم ونقد التنزيه ، ترجمة الشريف الرضي) دراسة قيمة كانت مقدمة لكتاب حقائق التأويل في متشابه التنزيل للسيد الرضي الى غير ذلك .

ولد في الحلة عام 1301 هـ ولما ابتدأ بدراسة العلوم العربية هاجر للنجف كما تقدم يقول صاحب الحصون : كانت هجرة الشيخ عبد الحسين عام 1314 وعند وصوله النجف ارتجل هذه الابيات في مدح الامام أمير المؤمنين عليه السلام :

يـا عـلي الـفخار فيك iiهدانا      الله بـعد الـعمى سواء iiالسبيل
كـن مـقيلي مـن العثار فإني      جـاعل  في ثرى حماك iiمقيلي
لا  أبـالي وقـد تـخذتك iiكهفا      عاصما لي من كل خطب جليل
أنت  من لاعج الحميم iiمجيري      والـى  نـافح الـنعيم دلـيلي
أنـت مـن خـيرمعشر وقبيل      بـحماهم يـحمى ذمار iiالنزيل

والمترجم له قد درس على الشيخ محمود ذهب الفقه والاصول ولازم شيخ الشريعة ملازمة الظل فأخذ عنه كثيرا من العلوم منها علمي الدراية والرجال وكثيرا من الحديث والحكمة والكلام والهيئة والحساب وقد أجازه في الاجتهاد ولكن الظروف القاسية اضطرته الى قبول القضاء في البحرين كمميز لاحكام المحاكم الشرعية فاستفاد منه الخليج . هذا ولم يفتر عن نشراته وبحوثه في المجلات فقد واصل في نشر موضوع الشعوبية والشعوبيين وبين فترة واخرى يتحف الادب والادباء برائعة من روائعه امثال رائعته التي اولها .

لولا هوى وطني وحسن وفائي     ما كان فيه ولا يكون ثوائي

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث