ادب الطف

 
 

أدب الطف ـ الجزء الثالث 63

مـن  نـشرها وثـغرها iiووجـها      وقــدهـا  فـاسـتمع iiالـيـقينا
يـا  خـائفا عـلي أسباب iiالعبدى      أمـا  عـرفت حـصني iiالحصينا
إنـي جـعلت في الخطوب iiموئلي      مـحـمداً  والانــزع الـبـطينا
أحـببت  يـاسين وطـاسين iiومن      يـلـوم  فـي يـاسين أوطـاسينا
ســر  الـنجاة والـمناجاة iiلـمن      أوى الـى الـفلك وطـور iiسـينا
وظـن  بـي الاعـداء إذ iiمدحتهم      مــا لــم أكـن بـمثله iiقـمينا
يـا  ويـحهم ومـا الـذي iiيريبهم      مـنـي حـتى رجـموا iiالـظنونا
رفـد مـديح قـدر وافـى iiرافـد      فـلـم  يـحـنوا ذلـك iiالـجنونا
وإنـمـا  أطـلـب رفـداً iiبـاقياً      يــوم يـكون غـيري iiالـمغبونا
يـا  تـائهين فـي أضاليل iiالهوى      وعــن سـبيل الـرشد iiنـاكبينا
تـجـاهكم  دار الـسلام iiفـابتغوا      فــي نـهجها جـبريلها iiالأمـينا
لـجوامعي  الـباب وقـولوا iiحطة      تـغـفر  لـنا الـذنوب iiأجـمعينا
ذروا  الـعنا فـان أصـحاب العبا      هــم  الـنبا إن شـئتم iiالـتبيينا
ديـني الـولاء لـست أبغى iiغيره      ديـنـاً  وحـسبي بـالولاء iiديـنا
هـمـا  طـريـقان فـاما شـأمة      أو فـالـيمين (فـاسلكوا) iiالـيمينا
سـجنكم سـجين إن لـم iiتـتبعوا      عـلـيـنا دلــيـل iiعـلـيـينا

قال العماد الاصفهاني في الخريدة: وأنشدني الفقيه عبدالوهاب الدمشقي الحنفي ببغداد سنة وخمسمائة قال: أنشدني الخطيب يحيى بن سلامة بميا فارقين لنفسه سنة خمسين وخمسمائة قال: أنشدني الخطيب يحيى بن سلامة بمياً فارقين لنفسه من قصيدة شيعية شائعة، رائقة رائعة، أولها:

حنت فأذكت لوعتي حنينا     أشكو من البين وتشكو البينا

ومنها في مدح أهل البيت عليهم السلام. أقول وذكر أربعة أبيات ثم أورد أكثرها في آخر الترجمة وذكر له من الشعر والنثر شيئاً كثيراً.

وكتب الى ابي محمد الحسن بن سلامة يعزيه عن أبيه أبي نصر:

لـما نعى الناعي أبا iiنصر      سـدت علي مطالع الصبر
وجرت دموع العين ساجمة      مـنـهلة كـتتابع الـقطر

أدب الطف ـ الجزء الثالث 64

ولـزمت  قـلباً كـاد iiيـلفظه      صـدري  لـفرقة ذلك iiالصدر
ولى فأضحى العصر في iiعطل      مـنه وكـان قـلادة iiالـعصر
حـفروا لـه قـبراً وما علموا      مـا خـلفوا فـي ذلـك iiالقبر
ما أفردوا في الترب وانصرفوا      إلا فـريـد الـناس iiوالـدهر
تـطـويه  حـفرته iiفـينشره      فـي كـل وقـت طيب النشر
يـبـديه  لـي حـباً iiتـذكره      حـتـى  أخـطاه ومـا أدري
تـباً  لـدار كـلها iiغـصص      تـأتي الـوصال بـنية iiالهجر
تـنـسي مـرارتها iiحـلاوتها      وتـكر  بـعد الـعرف iiبالنكر

وللخطيب المذكور الخطب المليحة والرسائل المنتفاة ولم يزل على رياسته وجلالته وإفادته إلى أن توفي سنة احدى وقيل ثلاث وخمسين وخمسمائة، وكانت ولادته في حدود سنة ستين واربعمائة رحمه الله تعالى.

قال العماد الاصبهاني في حقه: كان علامة الزمان في علمه، ومعري العصر في نثره ونظمه، له الترصيع البديع، والتجنيس النفيس، والتطبيق والتحقيق، واللفظ الجزل الرقيق، والمعنى السهل العميق، والتقسيم المستقيم، والفضل السائر المقيم.

ثم قال العماد بعد كثرة الثناء عليه وتعداد محاسنه: وكنت أحب لقاءه وأحدث نفسي عند وصولي إلى الموصل بالاتصال به، وأنا شغف بالاستفادة كلف بمجالسة الفضلاء للاستزادة، فعاق دون لقائه بعد الشقة وضعفي عن تحمل المشقة. ثم ذكر له عدة مقاطيع منها.

والله لو كانت الـدنيـا بأجمعها     تبقي علينا ويأتي رزقها وغدا

ما كان من حق حر أن يذل لها     فكيف وهي متاع يضمحل غدا

ثم قال العماد الاصبهاني وانشدني له بعض الفضلاء ببغداد خمسة أبيات كالخمسة السيارات مستحسنات مطبوعات مصنوعات وهي:

أدب الطف ـ الجزء الثالث 65

اشـكو  الى الله من نارين: واحدة      في وجنتيه، وأخرى منه في iiكبدي
ومـن  سقامين: سقم قد أحل iiدمي      من  الجفون وسقم حل في iiجسدي
ومـن نمومين: دمعي حين iiأذكره      يـذيع سري، وواش منه iiبالرصد
ومن ضعيفين: صبري حين أذكره      ووده  ويـراه الـناس طوع iiيدي
مهفهف  رق حتى قلت من iiعجب      أخـصره خنصري أم جلده iiجلدي

ومن مليح شعره أبيات في هجو مغن رديء وهي:

ومـسـمع  iiغـنـاؤه      يـبدل بـالفقر الـغنى
شـهدته فـي عـصبة      رضـيتهم لـي iiقـرنا
أبـصرته  فـلم iiتخب      فـراسـتي لـما iiدنـا
وقـلت:  من ذا iiوجهه      كـيف  يـكون iiمحسنا
ورمـت  أن أروح iiلل      ظــن  بـه مـمتحنا
فـقـلت مـن iiبـينهم      هـات  أخـى غن iiلنا
ويـوم سـلع لـم iiيكن      يـومي  بـسلع iiهـينا
فـانشال  مـنه حاجب      وحـاجب مـنه iiانحنى
وامـتلأ الـمجلس iiمن      فـيـه نـسيما iiمـنتنا
أوقـع إذ وقـع في iiالأ      نـفس اسـباب iiالـعنا
وقـال  لـما قال iiمسن      يـسمع فـي ظل iiالغنا
ومـا اكتفى باللحنوالت      خـليط  حـتى iiلـحنا
هـذا  وكم تكشخن iiالو      غــد  وكـم iiتـقرننا
يـوهـم زمـراً iiانـه      قـطـعـه  iiودنـدنـا
وصـاح صـوتاً iiنافراً      يـخرج مـن حد iiالبنا
ومـا  درى iiمـحضره      مـاذا  على القوم iiجنى
فــذا  يـسـد iiأنـفه      وذا  يـسـد iiالاذنــا
ومـنـهمو iiجـمـاعة      تـستر عـنه الاعـينا

أدب الطف ـ الجزء الثالث 66

فاغتظت حتى كدت من      غـيظي أبـث iiالشجنا
وقـلت  يا قوم iiاسمعوا      إمـا الـمغني أو iiأنـا
أقـسمت  لا أجلس iiأو      يـخرج  هـذا من هنا
جروا  برجل الكلب iiإن      الـسقم هـذا والـضنا
قـالوا  لـقد iiرحـمتنا      وزلـت عـنا iiالـمحنا
فـحزت فـي iiاخراجه      راحـة  نـفسي iiوالثنا
وحـين ولـى iiشخصه      قـرأت  فـيهم iiمـعلنا
الـحـمد لـله iiالـذي      أذهـب عـنا iiالـحزنا

ولم اسمع مع كثرة ما قيل في هذا الباب مثل هذا المقطوع في هذا المعنى وللخطيب المذكور ايضاً في هذا المعنى وهو:

ومـسمع قـوله بالكره iiمسموع      محجب عن بيوت الناس ممنوع
غـنى فبرق عينيه وحرك لحي      يـه فقلنا الفتى لا شك مصروع
وقـطع  الشعر حتى ود iiاكثرنا      أن  اللسان الذي في فيه iiمقطوع
لـم  يـأت دعوة أقوام iiبأمرهم      ولا مضى قط إلا وهو iiمصفوع

قال: وأنشدني بعض الاصدقاء له من أول كلمة.

هل من سبيل إلى ريق المريق دمي      فليس يشفي سوى ذاك السلمي ألمي

وله من قصيدة:

جل من صور من ماء مهين     صوراً تسبي قلوب العـالمين

وأرانا قضبـاً فـي كـئـب    تخجل الاغصان في قد ولين

أدب الطف ـ الجزء الثالث 67

وله:

مـن كـان مـرتدياً بالعقل iiمتزراً      بـالعلم مـلتفعاً بـالفضل iiوالأدب
فقد حوى شرف الدنيا وإن صفرت      كـفاه  مـن فضة فيها ومن iiذهب
هـو  الغني وإن لم يمس ذا iiنشب      وهو النسيب وإن لم يمس ذا iiنسب

وله:

غـريق الذنوب أسير iiالخطايا      تـنـبه  فـدنياك أم iiامـدنايا
تـغـر  وتـسعطي iiولـكنها      مـكـدرة  تـسترد iiالـعطايا
وفـي  كـل يوم تسري iiاليك      داء  فـجسمك نـهب iiالرزايا
أمــا وعـظـتك iiبـأحدثها      ومـا فـعلت بـجميع iiالبرايا
تـرى الـمرء في أسر iiآفاتها      حبيساً على الهم نصب الرزايا
وإطـلاقه حـين تـرثي لـه      وحـسبك  ذا أن تلاقي iiالمنايا
ويـا  راحلاً وهو ينوي المقام      تـزود  فـان الـليالي iiمطايا

ومن شعره ما كتبه الى كمال الدين الشهرزوري بالموصل مشتملة على معاني أهل التصوف ـ كما في الخريدة:

أداروا الهوى صرفاً فغادرهم صرعى      فلما  صحوا من سكرهم شربوا الدمعا
ومـا  عـلموا أن ألـهوى لو iiتكلفوا      مـحبة أهـليه لـصار لـهم iiطـبعا
ولـمـا  اسـتلذوا مـوتهم iiبـعذابه      وعـيشهم فـي عدمه سألوا iiالرجعى
إذا فـقدوا بـعض الـغرام iiتـولهوا      كـأن  الـهوى سن الغرام لهم شرعا
وقـد دفـعوا عـن وجدهم كل iiسلوة      ولـو وجـدته مـا أطـاقت له iiدفعا
وطـاب لـهم وقـع السهام فما iiجلوا      لـصائبها بـيضاً ولا نـسجوا iiدرعا
فـكيف  يـعد الـلوم نـصحاً iiلديهم      إذ  كـان ضـر الـحب عندهم iiنفعا

أدب الطف ـ الجزء الثالث 68

ومنها:

خـلا  الـربع مـن أحبابهم iiوقلوبهم      مـلاء بـهم فـالربع من سأل الربعا
سـل الـورق عـن يوم الفراق iiفإنه      بـأيسر خـطب مـنه علمها iiالسجعا
إذا صـدحت فـاعلم بـأن iiكـبودها      مـؤرثـة  غـماً تـكابده iiصـدعى
وذاك بــأن الـيـن بـان iiبـإلفها      وكـيف ينال الوصل من وجد iiالقطعا
وأهـل الهوى إن صافحتهم يد iiالنوى      رأوا نـهـيهاأمراً وتـفريقها iiجـمعا
رعـى وسقى الله القلوب التي iiرعت      فـأسقت بما ألقت وأخرجت iiالمرعى
وحـياً  وأحـيا أنـفساً أحيت iiالنهى      وحـيـت فـاحيتنا مـناقبها iiسـمعاً
سحائب إن شيمت عن الموصل iiالتي      بـها  حـلت الانواء أحسنت الصنعا
أوائـلها مـن شهر زور إذا iiاعتزت      جـزى الله بـالخير الأراكة iiوالفرعا
وجـدت  الـحيا عـنها بنجعة غيره      فـأعـقبنا ريــا وأحـسبنا iiشـبعا
ونـلنا بـه وتـر الـعطاء iiوشـفعه      كـأنا أقـمنا نـحوه الـوتر iiوالشفعا

وللحصكفي من قصيدة:

أتـرى  علموا لما رحلوا      مـاذا  فعلوا أم من iiقتلوا
خدعوا  بالمين قتيل iiالب      يـن فدمع العين لهم iiذلل
وبـسمعي ثـور iiحاديهم      وبـعيني  قـربت iiالبزل
فمتى وصلوا حتى iiقطعوا      ومتى سمحوا حتى iiبخلوا
قد  زاد جنون النفس بمن      لـلعقل مـحاسنه iiعـقل
إن  قـام أقـام iiقـيامتها      أو  جـال فجولته iiالأجل
كقضيب البان وفي الاجفا      ن  مـن الغزلان له iiمثل
أشـكوا  زمناً أولى iiمحناً      وجـنى حزناً فعفت iiسبل
الـعلم  يهان وليس iiيصا      ن  فـاي لـسان iiيرتجل

وفي سير النبلاء قال: العلامة الامام الخطيب ذو الفنون معين الدين ابوالفضل

أدب الطف ـ الجزء الثالث 69

يحيى بن سلامه بن حسين بن أبي محمد عبدالله الديار بكري قال العماد الاصبهاني وله من قصيدة قصد فيها التجنيس الظريف:

ألب  داعي الهوى وهنا iiفلباها      قـلب  أتاها ولولا ذكرها تاها
تلت علينا ثناياها سطور هوى      لم  ننسها مذ وعيناها iiوعيناها
وعـرفتنا معانيها التي iiبهرت      سـبل الغرام فهمنا إذ iiفهمناها
عفت الأثام وما تحت اللثام لها      وما استبحت حماهابل iiحمياها
يا طالب الحب مهلا إن iiمطلبه      يـنسي  بأكثره اللاهي به iiالله
ولا  تـمن أموراً غبها iiعطب      فـرب نفس مناها في iiمناياها
فـأنفع  العدد التقوى iiوأرفعها      لأنفس  إن وضعناها iiأضعناها

وفي اعيان الشيعة قال: وكان بمدينة آمد شابان بينهما مودة أكيدة ومعاشرة كثيرة، فركب أحدهما ظاهر البلد وطرد فتقنطر فمات وقعد الآخر يستعمل الشراب فشرق فمات في ذلك النهار فعمل فيهما بعض الادباء:

تقاسما العيش صفوا والردى كدراً      وما عهدنا المنايا قط تقتسم

وحافظا الود حتـى فـي حمامها      وقلما في المنايا تحفظ الذمم

فقال المترجم له:

بنفسي أخـيان من آمـد     أصيـبا بيوم شـديد الاذاة

فهذا كميت من الصافنات     وهاذا كميت من الصافيات

ومما نسب اليه ويقال انها للمرزوقي قال ابن شهراشوب في المناقب: المرزوقي ويقال للحصكفي:

يا رب القدم التي أوطأتها     من قاب قوسين المحل الاعظما

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث