أدب الطف ـ الجزء الثالث 180
أنـت مـن معشر أبى طيب iiال ذكـر عـليهم أن يشمت iiالأعداء
فـهـم كـالأنام يـبلون iiأجـسا مــاً ولـكـن يـخلدون ثـناء
وإذا كـانت الـحياة هـي iiالـدا ء الـمعنى فـقد عـدمنا الشفاء
إنـما هـذه الأمـاني في iiالنف س سـراب مـا يـنقع iiالأظماء
جـلداً أيـها الأجـل أبـو iiالقا سـم والعود (1) يحمل iiالأعباء
خـلق فـيك أن تنجي من iiالكر ب نـفـوساً وتـكشف iiالـغماء
مـا كـرهت الأقدار قط ولو iiجا ءت بـبؤسي ولا ذممت iiالقضاء
ولـك الـعزمة الـتي دونها ال سـيف نفاذاً وجرأة iiومضاء(2)
وقال يرثي ابا نصر بن جميلة صاحب الديوان:
هــذه الأرض أمـنـا iiوأبـونا حـملتنا بـالكره ظـهراً iiوبـطنا
لـو رجـعنا إلـى الـيقين علمنا أنـنا فـي الـدني نـشيد iiسجنا
إنـما الـعيش مـنزل فـيه iiبابا ن دخـلنا مـن ذا ومن ذا iiخرجنا
وضروب الأطيار لو طرن ما طر ن فـلا بـد أن يـراجعن iiوكـنا
يـحسب الـهم عـمره كل iiحول فـاذا اسـتكثر الحساب iiتمنى(3)
خـدعات مـن الـزمان إذا iiأب كـين عـيناً مـنهن أضحكن سناً
لـو درت هـذه الـحمائم مـا ند ري لما رجعت على الغصن لحنا
مـورد غـص بـالزحام iiفـلولا سـبق مـن جـاء قـبلنا iiلوردنا
وأرى الـدهر مفرداً وهو في iiحا ل يـشن الـغارات هـنا iiوهـنا
مـا عـليهن لـو أنـه كان iiأبقى مـن أبـي نـصر المهذب iiركنا
والــداً لـلصغير بـراً iiولـلتر ب أخـاً مـشفقاً ولـلأكبر iiابـنا
(1) العود في الأصل المسن من الابل ويريد به هنا الشيخ الكامل.
(2) عن جواهر الادب، جمع سليم صادر ج4 ص 172.
(3) الهم: الشيخ الفاني.
أدب الطف ـ الجزء الثالث 181
مـن ذيـول السحاب أطهر iiذيلاً وقـميص الـنسيم اطـيب iiردنا
مـا مـشت فـي فـؤاده قدم iiالغ ش ولا أسـكن لـجوانح iiضـغنا
إن يـكن لـلحياء مـاء فـما كا ن لـه غـير ذلـك الوجه iiمزنا
لـهف نـفسي على حسام iiصقيل كـيف أضـحت له الجنادل iiجفنا
وعـتـيق أثـار بـالسبق iiنـقعاً فـغدا فـوقه يـهال ويـبنى(1)
ونـفيس مـن الـذخائر لـم iiيؤ مـن عليه فأستودع الارض iiخزنا
أغـمض الـعين بـعده فـغريب أن تـرى مـثله وأيـن iiوأنـى
فـالـقصور الـمشيدات iiتـعزى والـقـبور الـمبعثرات iiتـهنى
ومن رائع نظمه قوله في الوزير فخر الدولة محمد بن محمد بن جهير
الموصلي، انفذها اليه من واسط عندما تقلد الوزارة:
لـجاجة قـلب ما يفيق iiغرورها وحاجة نفس ليس يقضى iiيسيرها
وقـفنا صـفوفاً فـي الديار iiكأنها صـحائف مـلقاة ونحن iiسطورها
يـقول خـليلي والـظباء iiسوانح أهـذا الـذي تهوى فقلت iiنظيرها
لـئن شـابهت أجـيادها وعيونها لـقد خالفت أعجازها iiوصدورها
فـيا عـجباً مـنها يصيد iiأنيسها ويـدنو عـلى ذعر الينا iiففورها
ومـا ذاك إلا أن غـزلان iiعامر تـيقن أن الـزائرين iiصـقورها
ألـم يـكفها ما قد جنته iiشموسها على القلب حتى ساعدتها iiبدورها
نكصنا على الاعقاب خوف iiاناثها فـما بـالها تـدعو نزال iiذكورها
ووالله مـا أدري غـداة iiنـظرتها أتـلك سـهام أم كـؤوس iiتديرها
فـإن كـن مـن نبل فأين iiحفيفها وإن كـن من خمر فأين iiسرورها
أيـا صاحبي استأذنا لي iiخمارها فقد أذنت لي في الوصول خدورها
(1) الفرس العتيق الرائع الذي يعجب الناس بحسنه.
جواهر الأدب جمع سليم صادر، ج4 ص 174.
أدب الطف ـ الجزء الثالث 182
هـباها تجتافت عن خليل يروعها فـهل أنـا إلا كـالخيال iiيزورها
وقد قلتما لي ليس في الارض جنة أمـا هـذه فـوق الركائب iiحوره
فـلا تـحسبا قـلبي طـليقاً iiفإنما لها الصدر سجن وهو فيه iiأسيرها
يـعز على الهيم الخوائض iiوردها إذا كـان مـا بين الشفاء iiغديرها
أراك الـحمى قل لي بأي iiوسيلة تـوسلت حـتى قـبلتك iiثغورها
ومن مديحها:
أعدت الى جسم الوزارة iiروحها وما كان يرجى بعثها ونشورها
أقـامت زماناً عند غيرك طامثاً وهـذا زمان قرؤها iiوطهورها
من الحق أن تحيى بها iiمستحقها ويـسترعها مردودة iiمستعيرها
إذا ملك الحسناء من ليس كفؤها أشـار عليها بالطلاق iiمشيرها
أدب الطف ـ الجزء الثالث 183
وأنشده ايضاً لما عاد الى الوزارة في صفر سنة احدى وستين وأربعمائة بعد
العزل، وكان المقتدي بالله قد أعاده إلى الوزارة بعد العزل وقبل الخروج
الى السلطان ملكشاه فعمل فيه صر در هذه القصيدة:
قـد رجـع الحق إلى نصابه وأنت من كل الورى أولى iiبه
مـا كنت إلا السيف سلته iiيد ثــم أعـادته الـى iiقـرابه
هـزته حتى أبصرته صارماً رونـقه يـغنيه عـن ضرابه
أكـرم بـها وزارة ما iiسلمت ما استودعت إلا إلى iiأصحابه
مـشوقة الـيك مـذ iiفارقتها شـوق أخي الشيب الى iiشبابه
مـثلك مـحسود ولكن معجز أن يـدرك البارق في iiسحابه
حـاولها قـوم ومن هذا iiالذي يـخرج لـيثاً خادراً من iiغابه
يدمي أبو الأشبال من iiزاحمه فـي جـيشه بـظفره ونـابه
وهـل رأيت او سمعت iiلابساً مـا خـلع الأرقـم من iiإهابه
تـيقنوا لـما رأوهـا iiضيعة أن لـيس لـلجو سوى iiعقابه
إن الـهلال يـرتجى طلوعه بـعد الـسرار لـيلة iiاحتجابه
والشمس لا يؤنس من طلوعها وان طـواها الليل في iiجنابه
مـا أطـيب الاوطان الا iiأنها لـلمرء أحـلى أثـر iiاغترابه
كـم عـودة دلـت على مآبها والـخلد لـلانسان فـي iiمآبه
لـو قـرب الـدر على جالبه مـا نجح الغائص في iiطلابه
ولـو أقـام لازمـاً iiأصـدافه لـم تـكن التيجان في iiحسابه
مـا لؤلؤ البحر ولا من iiصانه إلا وراء الـهول مـن عبابه
وهي قصيدة طويلة وقد اقتصرنا منها على هذا القدر.
أدب الطف ـ الجزء الثالث 184
وله:
جلسة في الجحيم أحرى وأولى
من نعيم يفضي الى تدنيس
ففـرارا مـن المـذلة فـي آ
دم كان العصيان من إبليس
وله:
قـد زان مخبره باجمل iiمنظر وأعـن مـنظره بأحسن مخبر
ما من يتوج أو يمنطق iiعسجدا كـمطوق بـالمكرمات مسور
لا تـبعدن همم له لو iiأودعت عند الكواكب لادعاها المشتري
وله:
لـك الـمثل الأعلى بكل iiفضيلة اذا مـلأ الراوي بها الغور iiأتهما
لئالىء من بحر الفضائل إن بدت لـغائصها صـلى عليها iiوسلما
ومـا المدح مستوف علاك iiوإنما حـقيق على المنطيق أن iiيتكلما
وله:
ما افتخار الفتى بثوب جديد
وهو من تحته بعرض لبيس
وله:
غـدرانه بـالفضل iiمملوءة مـتى يـردها هـائم iiينقع
يكشف منه الفرع عن قارح قد أحرز السبق ولم iiيجذع
يـشير إيـماء اليه iiالورى إن قيل من يعرف iiبالاروع
يـريك ما ضمت iiجلابيبه أحـاس لـلعلم في iiموضع
ليس جمال المرء في iiبرده جـماله في الحسب iiالارفع
أدب الطف ـ الجزء الثالث 185
اخطب خوارزم
ألاهـل مـن فـتى كأبي تراب إمـام طـاهر فـوق iiالتراب؟!
إذا مـا مـقلتي رمـدت فكحلي تـراب مـس نـعل أبي iiتراب
مـحمد الـنبي كـمصر عـلم أمـير الـمؤمنين لـه iiكـباب
هـو الـبكاء في المحراب iiلكن هـو الضحاك في يوم iiالحراب
وعـن حمراء بيت المال iiأمسى وعـتن صفرائه صفر الوطاب
شـياطين الوغى دحروا iiدحوراً بـه إذ سـل سـيفاً iiكـالشهاب
عـلـي بـالهداية قـد iiتـجلى ولـما يـدرع بـرد iiالـشباب
عـلي كـاسر الأصـنام iiلـما عـلا كـتف النبي بلا iiاحتجاب
حـديث بـراءة وغـدير iiخـم ورايـة خـيبر فصل iiالخطاب
هـما مـثلاً كـهارون iiوموسى بـتمثيل الـنبي بـلا iiارتـياب
بنى في المسجد المخصوص باباً لـه إذ سـد أبـواب الصحاب
كــأن الـناس كـلهم iiقـشور ومـولانـا عـلـي iiكـاللباب
ولايـته بـلا ريـب iiكـطوق على رغم المعاطس في iiالرقاب
إذا عـمر تـخبط فـي iiجواب يـنـبهه عـلـي iiبـالصواب
يـقول بـعدله : لـولا iiعـلي هـلكت هلكت في ذاك iiالجواب
أدب الطف ـ الجزء الثالث 186
فـفـاطمة ومـولانـا عـلـي ونـجلاه سـروري في iiالكتاب
ومـن يـك دأبـه تـشييد بيت فـها أنـا مدح أهل البيت iiدابي
وإن يـك حـبهم هـيهات iiعاباً فـها أنـا مذ عقلت قرين iiعاب
لـقد قـتلوا عـلياً مـذ iiتجلى لأهـل الحق فحلاً في iiالضراب
لقد قتلوا الرضا الحسن iiالمرجى جـواد الـعرب بـالسم iiالمذاب
وقـد منعوا الحسين الماء iiظلماً وجـدل بـالطعان iiوبالضراب
وقـد صـلبوا إمـام الحق زيداً فـيا لـله مـن ظـلم iiعـجاب
بنات محمد في الشمس iiعطشى وآل يـزيد فـي ظـل iiالقباب
لآل يـزيـد مــن ادم iiخـيام واصـحاب الـكساء بلا iiثياب
أدب الطف ـ الجزء الثالث 187
الحافظ ابو المؤيد موفق بن احمد بن ابي سعيد اسحاق بن المؤيد المكي
الحنفي المعروف بأخطب خوارزم كان فقيها غزير العلم، حافظاً طايل الشهرة
خطيباً طاير الصيت، خبيراً على السيرة والتاريخ، أديباً شاعراً، له خطب
وشعر مدون وهو صاحب (المقتل) ذكره القمي في الكنى والالقاب وقال: له
كتاب في مناقب أهل البيت عليهم السلام قال في آخره:
هل أبصرت عيناك في المحراب كـأبي تـراب من فتى iiمحراب
لـلـه در أبــي تـراب إنـه أسـد الـحراب وزينة iiالمحراب
هـو ضـارب وسيوفه كثواقب هـو مـطعم وجـفانه iiكجواب
هـو قاصم الاصلاب غير مدافع يـوم الـهياج وقـاسم iiالاسلاب
ان الـنـبي مـديـنة لـعلومه وعـلي الـهادي لـها iiكـالباب
لـولا علي ما اهتدى في iiمشكل عـمر الاصابة والهدى iiلصواب
كتب المرحوم الشيخ محمد السماوي له ترجمة في مقدمة كتابه (مقتل الحسين)
جاء فيها قوله: وله من المصنفات كتاب الاربعين في أحوال سيد المرسلين
وغيره من الكتب ثم ذكر نموذجاً من شعره ومنه قوله من قصيدة طويلة:
لـقد تـجمع فـي الـهادي أبي iiحسن مـا قـد تفرق في الاصحاب من iiحسن
ولـم يـكن في جميع الناس من iiحسن ما كان في المرتضى الهادي ابي الحسن
هـل سـابق مـثله فـي السابقين iiلقد جـلى إمـاماً ومـا صـلى إلـى iiوثن
وذكر له الشيخ الأميني قدس سره ترجمة وافية وعدد فيها مشائخه ثم |