ادب الطف

 
 

أدب الطف ـ الجزء الثالث 188

الرواة عنه كما عدد مؤلفاته وقال: ان تضلع الرجل في الفقه والحديث والتأريخ والادب الى علوم متنوعة أخرى وكثرة شهرته في عصره ومكاتبته مع اساتذة الفنون تستدعي له تآليف كثيرة وأحسب أن الأمر كان كذلك لكن ما اشتهر منها إلا كتبه السبعة التي قضت على اكثرها الايام. اقول ثم ذكرها الشيخ ومنها:

1 ـ كتاب رد الشمس لاميرالمؤمنين علي عليه السلام، ذكره له معاصره والراوي عنه ابو جعفر ابن شهراشوب في المناقب ج 1 ص 484

2 ـ كتاب الاربعين في مناقب النبي الامين ووصيه اميرالمؤمنين، كما في مقتله يرويه عنه ابو جعفر بن شهراشوب وقال: كانبني به مؤلفه الخوارزمي.

3 ـ كتاب قضايااميرالمؤمنين ذكره له ابن شهراشوب في مناقبه ج1 ص 484.

4 ـ ديوان شعره، قال الحلبي في كشف الظنون ج 1 ص 524: ديوانه جيد وكان في الشعر في طبقة معاصريه.

5 ـ كتاب فضائل اميرالمؤمنين المعروف بالمناقب المطبوع سنة 1224.

أدب الطف ـ الجزء الثالث 189

الفقيه عمارة اليماني

قال الفقيه عمارة اليماني يرثي اهل البيت ـ

شـأن  الـغرام اجـل ان iiيلحاني      فـيه وان كـنت الـشفيق iiالحاني
انـا  ذلـك الصب الذي قطفت به      صـلة  الـغرام مـطامع iiالسلوان
مـلئت  زجـاجة صدره iiبضميره      فـبـدت  خـفية شـأنه لـلشاني
غـدرت  بموثقها الدموع iiفغادرت      سـري  أسـيراً فـي يد iiالأعلان
عـنفت  اجـفاني فـقام بـعذرها      وجــد يـبيح ودائـع iiالأجـفان
يـا  صـاحبي وفي بجانبة iiالهوى      رأي  الـرشاد فـما الـذي iiتريان
بـي مـا يـذود عن التشبب iiاوله      ويـزيل ايـسره جـنون iiجـناني
قـبضت  على كف الصبابة iiسلوة      تـنهى  النهى عن طاعة iiالعصيان
امـسي وقـلبي بـين صبر خاذل      وتـجـلد  قــاص وهــم iiدان
قـد سـهلت حـزن الكلام iiلنادب      آل الـرسول نـواعب iiالأحـزان
فـابذل مـشايعة الـلسان iiونصره      ان فـات نـصر مـهند iiوسـنان
واجعل حديث بني الوصي وظلمهم      تـشبيب شـكوى الدهر iiوالخذلان
غـصبت امـية ارث آل iiمـحمد      سـفهاً  وشـنت غـارة iiالـشنان
وغـدت  تخالف في الخلافة iiاهلها      وتـقـابل الـبـرهان iiبـالبهمان
لــم تـقتنع احـلامها بـركوبها      ظـهر الـنفاق وغـارب iiالعدوان

أدب الطف ـ الجزء الثالث 190

وقـعـودهم  فـي رتـبة نـبوية      لــم يـبنها لـهم ابـو iiسـفيان
حـتى أضـافوا بـعد ذلـك iiانهم      اخـذوا بـثأر الـكفر في iiالأيمان
(فـاتى زيـاد فـي الـقبيح زيادة      تـركت يـزيد يزيد في iiالنقصان)
حـرب  بـنو حرب اقاموا iiسوقها      وتـشـبهت بـهم بـنو iiمـروان
لـهفي  عـلى الـنفر الذين iiاكفهم      غـيث الـورى ومـعونة iiاللهفان
اشـلاؤهـم  مـزق بـكل iiثـنية      وجـسومهم  صـرعى بكل iiمكان
مـالت  عـليهم بـالتمالىء iiامـة      بـاعت  جـزيل الربح iiبالخسران
دفـعوا عن الحق الذي شهدت iiلهم      بـالنص  فـيه شواهد iiالقرآن
(1)

وله في ذكر الخمسة صلوات الله عليهم:

حـاسب  ضميرك لا تأمن iiبواثقه      وازجره من خطرات العين والأذن
وقـم  اذا رنـقت فـي مقلة iiسنة      قـيام مـنتبه مـن غـفلة iiالوسن
مـستشفعاً  بـرسول الله iiوابـنته      وبـعلها والحسين الطهر iiوالحسن

(1) وهي في الجزء الاول من ديوانه المطبوع في مدينة شالون على شهر سون بمطبعة (موسو) سنة 1897 م .

أدب الطف ـ الجزء الثالث 191

نجم الدين ابو محمد عمارة بن ابي الحسن علي بن زيدان بن احمد الحكمي اليمني، من فقهاء الشيعة الإمامية ومدرسيهم ومؤلفيهم ومن شهداء أعلامهم على التشيع، وقد زان علمه الكامل وفضله الباهر أدبه الناصع المتقارب من شعره المتألق، وإنك لا تدري إذا نظم شعراً هل هو ينضد دراً، أو يفرغ في بوتقة القريض تبراً، فقد ضم شعره إلى الجزالة قوة، وإلى السلوك رونقاً، وفوق كل ذلك مودته المتواصلة لعترة الوحي وقوله بإمامتهم عليهم السلام، حتى لفظ نفسه الأخير ضحية ذلك المذهب الفاضل، وقد أبقت تآليفه القيمة وآثاره العلمية والأدبية له ذكراً خالداً مع الأبد، منها: النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية. وتاريخ اليمن، وكتاب في الفرايض. وديـوان شعره. وقصيدة كتبها إلى صلاح الدين سماها: [شكاية المتكلم ونكاية المتألم] (1)

قال في النكت العصرية (2): خرجت الى مكة سنة تسع واربعين وخمسمائة وفي موسم هذه السنة مات أميرالحرمين هاشم بن فليته وولي الحرمين ولده قاسم بن هاشم فالزمني السفارة عنه والرسالة المصرية، فقدمتها في شهر ربيع الأول سنة خمسين وخمسمائة والخليفة بها يومئذ الإمام الفائز بن الظافر، والوزير له الملك الصالح طلايع بن رزيك، فلما أحضرت للسلام عليهما في قاعة الذهب في قصر الخليفة أنشدتها قصيدة أولها:

الحمد للعيس بعد العزم والهمم حمداً يقوم بما أولت من النعم

(1) كتاب «الغدير» للشيخ الأميني
.(2) طبع مع مختار ديوانه بـ 377 صفحة في شالون من شهر «سون».

أدب الطف ـ الجزء الثالث 192

الـحمد لـلعيس بعد العزم والهمم      حـمداً يـقوم بما أولت من iiالنعم
لا أجـحد الحق عندي للركاب iiيد      تـمنت  الـلجم فيها رتبة iiالخطم
قـربن بعد مزار العز من iiنظري      حـتى رأيت إمام العصر من iiأمم
ورحن  من كعبة البطحاء iiوالحرم      وفـداً الى كعبة المعروف iiوالكرم
فـهل  درى البيت إني بعد iiفرقته      مـا  سرت من حرم إلا إلى iiحرم
حـيث الخلافة مضروب سرادقها      بـين النقيضين من عفو ومن iiنقم
ولـلإمـامة أنــوار iiمـقـدسة      تجلو البغيضين من ظلم ومن iiظلم
ولـلـنبوة  أبـيات يـنص لـنا      على  الحفييين من حكم ومن iiحكم
ولـلـمكارم أعــلام iiتـعـلمنا      مدح الجزيلين من بأس ومن iiكرم
ولـلعلى  ألـسن تـثنى محامدها      على  الحميدين من فعل ومن iiشيم
ورايـة  الـشرف البذاخ iiترفعها      يـد  الرفيعين من مجد ومن iiهمم
أقـسمت  بالفائز المعصوم iiمعتقداً      فـوز النجاة وأجر البر في iiالقسم
لـقد حـمى الدين والدنيا وأهلهما      وزيـره الـصالح الـفارج iiللغمم
ألـلابس الـفخر لم تنسج iiغلائله      إلا يـداً لـصنيع الـسيف iiوالقلم
وجـوده  أوجد الأيام ما iiاقترحت      وجـوده  أعـدم الـشاكين iiللعدم
قـد مـلكته الـعوالي رق iiمملكة      تـعير أنـف الـثريا عزة iiالشمم
أرى  مقاماً عظيم الشأن أو iiهمني      فـي  يقظتي انها من جملة iiالحلم
يوم من العمر لم يخطر على أملي      ولا  تـرقت إلـيه رغـبة iiالهمم
لـيت  الكواكب تدنو لي iiفأنظمها      عـقود مدح فما أرضى لكم iiكلمي
تـرى  الـوزارة فيه وهي iiباذلة      عـند الـخلافة نصحاً غير iiمتهم
عـواطـف عـلمتنا أن iiبـينهما      قـرابة من جميل الرأي لا iiالرحم
خـلـيفة ووزيـر مـد عـدلهما      ظـلا  على مفرق الإسلام iiوالامم
زيـادة  النيل نقص عند iiفيضهما      فـما عـسى يـتعاطى منة iiالديم

أدب الطف ـ الجزء الثالث 193

وعهدي بالصالح وهو يستعيدها في حال النشيد مراراً والاستاذون وأعيان الامراء والكبراء يذهبون في الاستحسان كل مذهب، ثم أفيضت علي خلع من ثياب الخلافة المذهبة ودفع لي الصالح خمسمائة دينار وإذا بعض الاستاذين قد أخرج لي من عند السيدة الشريفة بنت الامام الحافظ خمسمائة دينار أخرى وحمل المال معي الى منزلي، واطلقت لي من دار الضيافة رسوم لم تطلق لاحد من قبلي وتهادتني امراء الدولة الى منازلهم للولائم واستحضرني الصالح للمجالسة ونظمني في سلك أهل المؤانسة، وانثالت علي صلاته وغمرني بره ووجدت بحضرته من أعيان أهل الأدب الشيخ الجليس أبا المعالي ابن الحباب والموفق ابن الخلال صاحب ديوان الانشاء وأباً الفتح محمود بن قادوس والمهذب أبا محمد الحسن بن الزبير، وما من هذه الحلبة أحد إلا ويضرب في الفضائل النفسانية والرئاسة الانسانية بأوفر نصيب ويرمي شاكلة الأشكال فيصيب.

قال الشيخ الاميني: وله مواقف مشكورة تنم عن انه ذو حفاظ وذو محافظة، حضر يوماً هو والرضي ابو سالم يحيى الاحدب بن ابي حصيبة الشاعر في قصر اللؤلؤ بعد موت الخليفة العاضد عند نجم الدين ايوب بن شادي فأنشد ابن أبي حصيبة نجم الدين فقال:

يا مالك الأرض لا أرضى له طرفا      مـنها  وما كان منها لم يكن iiطرفا
قـد عـجل الله هذي الدار iiتسكنها      وقـد  أعـد لـك الجنات iiوالغرفا
تـشرفت بـك عـمن كان يسكنها      فالبس  بها العز ولتلبس بك iiالشرفا
كـانوا  بـها صـدفاً والدار لؤلؤة      وأنـت  لـؤلؤة صارت لها iiصدفا

فقال الفقيه عمارة يرد عليه:

أئـمت  يا من هجا السادات iiوالخلفا      وقـلت مـا قـلته فـي ثلبهم iiسخفا
جـعـلتهم  صـدفاً حـلوا iiبـلؤلؤة      والعرف ما زال سكنى اللؤلؤ الصدفا
وانـما هـي دار حـل iiجـوهرهم      فـيها وشـف فـأسناها الذي iiوصفا

أدب الطف ـ الجزء الثالث 194

فـقـال:  لـؤلؤة عـجباً بـبهجتها      وكـونها  حـوت الأشراف والشرفا
فـهم  بـسكناهم الآيـات اذ iiسكنوا      فـيها  ومن قبلها قد اسكنوا iiالصحفا
والـجوهر  الـفرد نور ليس iiيعرفه      مـن  الـبرية إلا كـل مـن iiعرفا
لـولا  تـجسمهم فـيه لـكان iiعلى      ضـعف  البصائر للابصار iiمختطفا
فـالكلب  يا كلب أسنى منك iiمكرمة      لأن فـيـه حـفـاظاً دائـماً iiووف

كان للمترجم له مكانة عالية عند بني رزيك وله فيهم شعر كثير يوجد في ديوانه وكتابه [النكت العصرية] وفي الثاني: ان الملك الصالح طلايع بعث اليه بثلاثة آلاف دينار في ثلاثة أكياس وكتب فيها بخطه:

قـل  لـلفقيه عمارة: يا خير iiمن      قـد حـاز فـهماً ثـاقباً iiوخطابا
اقبل نصيحة من دعاك إلى الهدى      قـل: حـطة وادخـل إلينا iiالبابا
تـجد الأئـمة شـافعين ولا iiتجد      إلا لـديـنـا سـنـة iiوكـتـابا
وعلي  أن أعلي محلك في الورى      وإذا شـفعت إلـي كـنت iiمجابا
وتـعجل  الآلاف وهـي iiثـلاثة      ذهـباً  وقـل لـك النضار iiمذابا

فراجعه عمارة بقوله:

حاشاك من هذا الخطاب خطابا      يـا  خير أملاك الزمان نصابا
لـكن إذا مـا أفسدت iiعلماؤكم      مـعمور معتقدي وصار iiخرابا
ودعـوتم فـكري إلى iiأقوالكم      مـن  بعد ذاك أطاعكم iiوأجابا
فاشدد يديك على صفاء iiمحبتي      وامـنن عـلي وسد هذا iiالبابا

وقال يمدح الخليفة الفائز بن الظافر:

 ولاؤك مـفروض عـلى كـل iiمـسلم      وحـبـك مـفـروط وأفـضل مـغنم
إذا الـمرء لـم يـكرم بـحبك iiنـفسه      غـدا  وهـو عـند الله غـير iiمـكرم
ورثت الهدى عن نص عيسى بن حيدر      وفـاطمة  لا نـص عـيسى بن iiمريم

أدب الطف ـ الجزء الثالث 195

وقـال: أطـيعوا لإبـن عـمي iiفـإنه      أمـيـني عـلى سـر الإلـه iiالـمكتم
كـذلك وصـي الـمصطفى وابن عمه      إلـى  مـنجد يـوم «الـغدير» iiومتهم
عـلى مـستوى فـيه قـديم وحـادث      وان كــان فـضل الـسبق iiلـلمتقدم
مـلـكت  قـلوب الـمسلمين iiبـبيعة      أمــدت بـعقد مـن ولائـك iiمـبرم
وأوتـيت مـيراث الـبسيطة عن iiاب      وجــد مـضى عـنها ولـم iiيـتقسم
لـك الـحق فـيها دون كـل iiمـنازع      ولــو انــه نـال الـسماك iiبـسلم
ولـو  حـفظوا فـيك الوصية لم iiيكن      لـغيرك  فـي أقـطارها دون iiدرهـم

وله قصائد يرثي الملوك الفاطميين بعد انقراض دولتهم منها قصيدته:

رمـيت  يـا دهر كف المجد iiبالشلل      وجـيده  بـعد حـسن الحلي iiبالعطل
سـعيت  في منهج الرأي العثور iiفإن      قـدرت  مـن عثرات الدهر iiفاستقل
جـدعت مـارنك الأقـنى فـأنفك لا      يـنفك مـا بـين قرع السن iiوالخجل
هـدمت قـاعدة المعروف عن iiعجل      سـعيت  مهلاً أما تمشي على iiمهل؟!
لـهفي ولـهف بـني الآمـال iiقاطبة      عـلى  فـجيعتها فـي أكـرم iiالدول
قـدمت  مـصر فـأولتني iiخـلائفها      مـن الـمكارم مـا أربى على iiالأمل
قـوم  عرفت بهم كسب الالوف iiومن      كـمالها  أنـها جـاءت ولـم iiأسـل
وكـنت  من وزراء الدست حين iiسما      رأس  الـحصان يـهاديه على iiالكفل
ونـلت  مـن عظماء الجيش iiمكرمة      وخـلة  حـرست من عارض iiالخلل
يـا  عـاذلي فـي هوى أبناء iiفاطمة      لـك  الـملامة إن قصرت في iiعذلي
بالله  در سـاحة القصرين وابك iiمعي      عـليهما لا عـلى صـفين والـجمل
وقـل لأهـليهما والله مـا iiالـتحمت      فـيكم جـراحي ولا قـرحي iiبمندمل
مـاذا  عـسى كـانت الإفرنج iiفاعلة      فـي  نـسل آل أميرالمؤمنين علي؟!
هل كان في الأمر شيء غير قسمة iiما      مـلكتم بـين حـكم الـنبي iiوالـنقل
وقـد حـصلتم عـليها واسـم iiجدكم      مـحـمد  وأبـوكـم غـير iiمـنتقل
مـررت بـالقصر والأركـان iiخالية      مـن الـوفود وكـانت قـبلة الـقبل

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث