ادب الطف ـ الجزء الخامس 271
إذا صـاح شـحرور عـلى غصن iiبانة تـذكرت فـيها الـلحظ والصعدة iiالسمرا
عـسى نـحوها يـلوي الـزمان iiمطيتي وأشـهد بـعد الـكسر مـن نـيلها جبرا
لـقـد كــان لـي فـيها مـعاهد iiلـذة تـقضت وأبـقت بـعدها أنفساً iiحسرى
أحــنّ الــى تـلـك الـمعاهد iiكـلما يـجدد لـي مـرّ الـنسيم بـها iiذكـرى
امــا والـقـدود الـمائسات iiبـسفحها وألـحاظ غـادات قـد امـتلأت iiسحرا
ومـا فـي ربـاها مـن قـوام iiمهفهف عـلا وغـلا عـن ان يباع وان iiيشرى
لـئن عـاد لـي ذاك الـسرور iiبأرضها وقـرّت بـمن أهـواه مـقلتي iiالـعبرا
لأعـتـنـقن اللهو فــي iiعـرصـاتها وأسـجد فـي مـحراب لـذاتها iiشـكرا
رعــى الله مـرعاها وحـيّا iiريـاضها وصـب عـلى أرجـائها المزن iiوالقطرا
مـنـازل فـيـها لـلـقلوب iiمـنـازه فـلـله مــا أحـلى ولـله مـا iiأمـرا
يـذكـرني ريـح الـصبا لـذة iiالـصِبا بـروضتها الـغنّا وقـد تـنفع الـذكرى
عـلى نـيلها شـوقاً أصـبّ iiمـدامعي وأصـبوا الـى غـدران روضتها iiالغرّا
كـساها مـديد الـنيل ثـوباً iiمـعصفراً وألـبـسها مـن بـعده حـلّة iiخـضرا
وصـافح أغـصان الـرياض iiفأصبحت تـمـدّ لـه كـفاً وتـهدي لـه iiزهـرا
وأودع فـــي أجـفـان iiمـنـتزهاتها نـسـيماً اذا وافــاه ذو عـلـة iiتـبرا
اذا حـذّرتـني بـلـدة عــن تـشوّقي الـى نـيل مـصر كان تحذيرها أغرى
وان حـدثـوني عـن فـرات iiودجـلة وجـدت حـديث الـنيل أحـلى اذا iiمرّا
سـأعرض عـن ذكـر الـبلاد iiوأهـلها وأروى بـماء الـنيل مـهجتي iiالـحرّا
وكـم لـي الـى مـجرى الخليج iiالتفاتة يـسل بـها دمـعي عـلى ذلك iiالمجرى
جــداول كـالـحيات يـلتف iiبـعضها ولـست تـرى بطناً وليست ترى iiظهرا
وكـم قـلت لـلقلب الـولوع iiبـذكرها تـصبّر فـقال الـقلب لم استطع iiصبرا
أمـا والـهوى الـعذري والـعصبة التي أقـام لـها الـعشاق فـي فـنم iiعـذرا
ادب الطف ـ الجزء الخامس 272
لـئن كـنت مـشغوفاً بـمصر فليس iiلي بـهـا حـاجة إلا لـقاء بـني iiالـزهرا
أجــل بـين الـدنيا وأشـرف iiأهـلها وأنـداهُـم كـفـاً وأعـلاهـم iiقــدرا
هـم الـقوم ان قـابلت نـور iiوجوههم رأيـت وجـوهاً تـخجل الشمس والبدرا
وان سـمعت اذنـاك حـسن iiصـنيعهم وجـئت حـماهم صـدّق الـخبرُ iiالخبرا
لـهـم أوجــهٌ نـور الـنبوة iiزانـها بـلطف سـرى فيهم فسبحان من iiأسرى
هــم الـنعمة الـعظمى لأمـة iiجـدهم فـيا فـوز مـن كـانوا له في غدٍ iiذخرا
اذا فـاخـرتـهم عـصـبة iiقـرشـية فـجـدهم الـمـختار حـسـبهم فـخرا
مـلوك عـلى الـتحقيق لـيس iiلغيرهم سوى الاسم وانظرهم تجدهم به أحرى(1)
(1) عن الديوان .
ادب الطف ـ الجزء الخامس 273
الحاج جواد عواد البغدادي
المتوفى 1178
خـليليّ ربـع الانـس مـني iiأمحلا فـلست أبـالي مـرّ عـيشي أم iiحلا
وهـانت على قلبي الرزايا فصار iiإن دعـاه الـبلا والـخطب يوماً يقل بلى
فـبالله عـوجا فـي الـحمى iiبمطيّكم وان رمـتما خـوض الـفلا فوقها iiفلا
فــان جـزتـماه فـاعمدا iiلـرحالكم وحـلا وحُـلا واسـبلا الدمع واسئلا
مـن الـدمن الادراس أيـن iiأنـيسها عـسى عندها ردّ على ذي صدى iiعلا
تـناؤا فـما لـلجفن بـالسكب iiفـترة ولـكنّ مـنه الـدمع مـازال iiمرسلا
وكـم لـي لفقد الإلف من ألف iiحسرة وشـجـو إذا أظـهرته مـلاء iiالـملا
ولــي حَـزَن يـعقوبُ حـاز أقـلّه وبـي سـقم أيـوب فـي بعضه ابتلا
وكـلّ بـلآءٍ سـوف يـبلى iiادّكـاره سوى مصرع المقتول في طف iiكربلا
فـياويح قـوم قـد رأوا فـي مـحرم بـبـغيهم قـتـل الـحسين iiمـحلّلا
هـم اسـتقدموه مـن مـدينة iiيـثرب بـكـتبهم واسـتمردوا حـين أقـبلا
وشـنّوا عـليه إذ أتـى كـلّ iiغـارةٍ وشـبّوا ضـراماً بـات بالحقد iiمشعلا
رمـوه بـسهم لـم يـراعوا iiانتسابه لـمن قـد دنى من قاب قوسين واعتلا
فـاصبح بـعد الـتِرب والأهل iiشلوه عـلى الـتراب محزوز الوريد iiمجدّلا
ادب الطف ـ الجزء الخامس 274
أبـانوا لـه أضـغان بـدر iiفـغيّبوا شـموساً بـبطن الأرض أمـسين أُفّلا
فـما زال يـردي مـنهم كـل iiمارقٍ فـيـصلى جـحيماً يـلتقيه iiمـعجلا
فـاذكـرهم أفـعـال حـيدر iiسـالفاً بـاسـلافهم إذ جـال فـيهم iiوجـندلا
فـمذ لـفظ الـشهّم الـجواد iiجـواده عـلى الـرمل في قاني النجيع iiمرمّلا
دعـاهم دعـيّ أوطـئوا الخيل iiظهره ووجـهـاً لـه يـبدوا اغـرّ iiمـبجّلا
وشـمـرّ شـمـرٌ ثـم حـزّ بـسيفه وريــداً لــه ثـغـرالتهاميّ iiقـبّلا
وعـلا سـنان الـرأس فـوق iiسنانه فـيالك رأسـاً لـيس يـنفك ذا iiاعتلا
وســاروا بـزين الـعابدين iiمـذلّلا لـديهم وقـد كـان الـكريم iiالـمدلّلا
فـاصـبح مـن ذلّ الأسـار iiمـعلّلا وفـي اسـر أبـناء الـدعاة iiمـغلّلا
فـيا لـك مـن رزءٍ جـليل بكت iiله السموات والارضون والوحش في الفلا
وشـمس الضحى أضحت عليه iiكئيبة وبـدر الـدجى والـشهب أمسين iiثكلا
فـيـا عـترة الـمختار انّ iiمـصابكم جـليل وفـي الاحـشاء ان حلّ iiانحلا
مـصاب لـقد أبـكى الـنبي مـحمّداً وفـاطـمـةً والانــزع iiالـمـتبتّلا
فـأجرِ الـدما سـفاح دمـعي كجعفر على مصرع الهادين الأمين أخي العلا
ويـا وجـد قـلبي دمت مفتاح iiأدمعي ولا زلـت في تلخيص حزني iiمطوّلا
فـلا زال ربـي يـا يـزيد iiورهطه يـزيـدكم لـعـناً ويـحشركم iiإلـى
ويـصـليكم نـاراً تـلظّى iiبـوقدها عـليكم لـقد سـاءت مـقاماً iiومنزلا
بـمـا قـد قـتلتم سـبط آل iiمـحمّدٍ وجـرّعتموه مـن أذى الـقتل iiحنظلا
لـقد بـؤتم فـي عـارها وشـنارها وخـزي مـدى الأيـام لـن iiيـتحولا
فـفـي أي عــذر تـلتقون iiنـبيّكم وقـد سـؤتم قـرباه بـالغدر iiوالـقلا
بـرئـت إلـى الله الـمهيمن iiمـنكُم واخلص قلبي في بني المصطفى iiالولا
ادب الطف ـ الجزء الخامس 275
فـيا صاح قف وابك الحسين بن iiفاطم ولا تـبك مـن ذكـرى حبيب iiترحلا
فــان قـليلاً فـي عـظيم iiمـصابه بـكاؤك فـامطر وابـل الدمع iiمسبلا
سـابكيكم مـا إن بـد البرق في iiالدجا ومـا سـحّ ودقٌ فـي الـربى iiوتهللا
الـيك سـليل الـمرتضى من iiعبيدكم بـديـع نـظـام بـالمعاني iiمـجمّلا
قـريض لـه يـعنو جـرير iiوطرفة ويـغدر لـديه أمـرؤ الـقيس iiأخطلا
ومـا قـدر نظمي عند وصف iiعلاكم وقـد جـاء فـي الذكر الحكيم iiمنزّلا
عـليكم سـلام الله مـا انقضّ iiكوكب ومـا انـفض يوماً موكب iiوتزيّلا(1)
(1) عن الديوان المخطوط في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف برقم 30
قسم المخطوطات .
ادب الطف ـ الجزء الخامس 276
هو الحاج جواد بن الحاج عبد الرضا بن عواد البغدادي من معاصري السيد
نصر الله الحائري ومن الشعراء المرموقين في عصره ينحدر من أسرة عربية
من قبيلة شمر هبطت بغداد قبل أربعة قرون وعميد هذه الاسرة قبل قرنين في
بغداد كان الحاج محمد علي عواد من الأعيان وأرباب الخير .
احتفظت اسرة الشاعر بتأريخ مجيد سجل لها المكارم والمآثر ولو لم يكن
إلا هذا الشاعر لكان وحدة أمة وتأريخاً ، اتصل باكابر الشعراء وساجلهم
فكان من الأقران السباقين في كافة الحلبات وقد اعتزّ به كافة أصدقائه
فاعربوا عن حبهم له وتقديرهم اياه واليك ما قاله فيه صديقه السيد حسين
بن مير رشيد الرضوي الحائري وقد أثبتت هذه القصيدة في ديوانه :
أشـهى سـلام كنسيم iiالصباح قـد صافح الزهر قبيل iiالصباح
ونـشوة الـراح وعصر iiالصبا وغفلة الواشي ووصل iiالصباح
يـهدى إلـى حضرة مولى iiسما عـلى الـبرايا بالندى iiوالسماح
مـن اسـمه لـلوفد فـالاً أتى فـكم لـهم بـالجود يسراً iiأتاح
أعني الجواد الندب كهف iiالنجا دام حـلـيفاً لـلهنا iiوالـنجاح
وبـعد فـالبعد لـعظمي بـرى فـماله عـن فرط ظلمي iiبراح
ومـن عوادي الدهر يا ما iiجدي مـن نـوب أثخن قلبي iiجراح
فـهل مـحيّا القرب منكم يَرى والـقنّ مـن جور الليالي iiيُراح
وقـاكم الله صـروف الـردى ما خطرت في الوشي غيد رداح
ومـا انـتحاكم من محبٍ iiصبا أشـهى سـلام كنسيم iiالصباح
ادب الطف ـ الجزء الخامس 277
ذكره الشيخ محمد علي بشارة الخاقاني في كتابه (نشوة السلافة) فقال :
أديب أحلّه الأدب صدر المجالس ونجيب طابت منه الفروع والمغارس فهو
الجواد الذي لا يكبو والصارم الذي لا ينبو نشره يزري بمنثور الحدائق
ونظمه يفوق العقد الرائق .
وذكره المحقق الطهراني في الكرام البررة ص 87 فقال : الشاعر الأديب
والكامل الأريب رأيت ديوان شعره اللطيف الصغير في خزانة كتب آل السيد
عيسى العطار ببغداد وفيه قصائد ومقاطيع وتواريخ إلى سنة 1142 هـ وأدركه
السيد حسين مير رشيد تلميذ السيد نصر الله الشهيد في حدود 1168 هـ ،
وأورد له السيد حسين المذكور في ديوانه (ذخائر المآل) بعض قصائده في
مدحه ومنها قوله :
اهدي لحضرتكم سلامه بالسعد خصت والسلامه
إلى قوله مورّيا :
في ظل مولانا الجواد المقتدى السامي مقامه
وذكره السماوي في الطليعة ص 67 فقال : كان فاضلاً سرياً أديباً شاعراً
وكان ذا يسر ممدّحاً تقصده الشعراء وللسيد حسين مير رشيد فيه مدايح
جيدة ضمنها ديوانه وكان المترجم قوي العارضة ويعرف أحياناً باسم الحاج
محمد جواد .
وذكره السيد الأمين في أعيانه ج 17 ص 155 فقال : كان حياً سنة 1128 هـ
وهو شاعر أديب له ديوان شعر صغير جمعه في حياته رأينا منه نسخة في
العراق سنة 1352 هـ وهو معاصر للسيد نصر الله الحائري وبينهما مراسلات
، وابن عواد من بارزي شعراء عصره وممن مرّ عليه الثناء من أعلام
المترجمين والشعراء وهو كما يبدو من شعره أديب له ديباجة طيبة شأن
ادب الطف ـ الجزء الخامس 278
شعراء عصره الذين كافحوا في سبيل المحافظة على لغة الضاد واليك نماذج
من قوله يقرظ كتاب (نشوة السلافة) :
قـم نـزّه الـطرف بهذا iiالكتاب فـحسنه قـد جـاز حدّ iiالنصاب
هـذا كـتاب أم رضـاب حـلا أم نـفث سـحرٍ أم نضارٌ iiمذاب
أم خـمـرة صـهـباء iiعـادية قـلّدها الـمزج بـدر iiالـحباب
أم روضــة بـكرّها iiعـارض فـازهرت بـطحاؤها iiوالهضاب
مـا شاهدت مرآة شمس iiالضحى الا تـوارت خـجلاً في الحجاب
ولا رأتــه عـذبـات iiالـنـقا إلا اغـتدت من حسد في iiعذاب
والـبدر لـو عـاينه iiلاخـتفى من الحيا تحت سجوف iiالسحاب
والـغيد لـو تـبصره لاستحت وأصـبحت فـي نـكدٍ iiواكتئاب
فـاستغن عـن كـل كـتاب iiبه فـغيره الـقشر وهـذا iiالـلباب
واقـطف مـن الروض iiأزاهيره وامـلأ مـن الدر النظيم iiالحقاب
ورد شـراب الانس من حوضه ودع طـماع العين نحو iiالسراب
واحـسوا الحميا منه صرفاً iiولا تـكن كـمن يمزج شهداً iiبصاب
فـطـلعة الـبـدر iiبـاشـراقها تغني الورى عن لمعان iiالشهاب
والـقـرم إذ أنـكـر iiآيـاتـه فـاتل عـليه :ان شـر الدواب
فــأيــد الله iiبـتـوفـيـقه مـؤلفاً أوضـح نـهج iiالصواب
فـهو الـذي أشـعاره تخجل iiال در بـالـفاظ رشــاق iiعـذاب
كـنـغمة الـعـود إذا iiانـشدت ومـا سـواها كـطنين الـذباب
مـولى عـلا هـام العلى iiرفعة فـهو عـليّ الاسم عالي iiالجناب
مـدحته نـظماً ونـثراً iiعـسى يـمنحني فـضلاً بـرد iiالجواب
|