أدب الطف 307
حبيب بن طالب البغدادي
الشيخ حبيب ابن الشيخ طالب بن علي بن احمد بن جواد البغدادي الكاظمي
مسكناً الشيبي المكي أصلا نزيل جبل عاملة كان حياً سنة 1249 شاعر مجيد
متفنن خفيف الروح يجمع شعره الرقة والانسجام وأنواع الطرائف. أصله من
الكاظمية سكن جبل عاملة ثم عاد إلى الكاظمية وتوفى هناك له شعر كثير
ومن شعره قصائد في مدح أهل البيت عليهم السلام.
قال الشيخ الطهران في طبقات أعلام الشيعة: هاجر إلى جبل عامل فسكنها
وصحب أمراء البلاد ومدحهم بقصائد جيدة ثم عاد إلى العراق في سنة 1243
من (تبنين) فنظم أرجوزة طويلة ضمنها ما لاقاه في طريقه وجعلها بمثابة
الرحلة أرخ فيها ابتداء سفرته من دمشق وسامراء والكاظميين وكربلاء
والنجف وغيرها. رأيناها ضمن مجموعة شعرية. فوفاة المترجم بعد التاريخ
ورأيت من شعره ما يدل على حنينه إلى بلده كقوله في آخر قصيدة:
وطـني يـعز عـلي إلا iiأنـه ألف السهام البعد من جور القسي
إن جـئتم دار الـسلام iiفـبلغوا عني السلام أولى المحل iiالأقدس
واشرح لهم متن الصحيفة iiقائلا إنـي حـملت صحيفة iiالمتلمس
أدب الطف 308
وقال في أهل البيت عليهم السلام: (1)
بـني الـنبي لـكم في القلب iiمنزلة بـها لـغير ولا كـم قـط ما iiجنحا
يـلومني الـناس في تركي iiمديحكم وكـم زجـرت بكم من لامني iiولحا
عذراً بني المصطفى إن عنكم جمحت قـريحتي وهـي مـثل الزند iiمقتدحاً
فـلا أرى الـوهم والأفـهام iiمدركة مـا عـنون الذكر من أسراركم مدحا
سـبقتم الـناس فـي عـلم ومعرفة والأمـر تـم بـكم خـتماً ومـفتتحاً
وأنـتـم كـلـمات الله إذ رفـعـت وآدم مــذ تـلقى عـهدها iiنـجحا
بـها عني الذكر في لو كان ما iiنفدت فـكيف تـنفذها أبـيات مـن iiمدحا
وعـندكم عـلم ما في اللوح مرتسخ ومـا جـرى قـلم الباري به iiومحا
لـكنما الـناس فـي عشواء iiخابطة لـيلاً وآثاركم في المعجزات iiضحى
إن شـاهدوا الـحق فيما لا تحيط iiبه عـقـولهم جـعلوا لـلحق iiمـنتزحا
تـجـارة الله لــم تـبذل نـفائسها إلا لـمن كان عن غش الهوى iiنزحا
وربـما خـاضت الألباب إذ iiشعرت ومـضاً من النوردون السترقد iiلمحا
شـاموا ظـواهر آيـات لـها وقفت ألـبابهم غـير أن الـوهم قد iiشرحا
وهـم عـلى خوض ما ألفوه من iiأثر كـمثل أعـمش مـن بعد رأى شبحا
فـليس يـدري لـتشعيب الظنون به أسـانحاً مـا رأى أم بـارحاً iiسرحا
وكـلما شـيم مـن آثـار iiمـعجزة فـإنها رشـح مـا عن فيضكم iiطفحا
فـالحجب عـن سعة الآثار ما بخلت والـحكم في صفة الأسرار ما iiسمحا
أدنـى الـمديح لـكم أن قيل iiخادمكم جـبريل والـملأ الأعلى بكم iiصلحا
نـجا بـأسمائكم نـوح فـقيل iiلـكم سـفن الـنجاة وأمـر الله مـا iiبرحا
ورب مـدح لـقوم عـنكم جـنحوا أنـشدته حـيث عذري كان iiمتضحا
نـأتي من الوصف ما لا يدر كون iiله مـعنى ولا شـربوا مـن كاسه iiقدحا
ولـو أتـيناهم فـي حـق وصـفهم لأوهـم الـناس أن الـروم قد iiفتحا
فـأين هـم عن مدى القوم الذين iiلهم صـنع المهيمن ممن خف أو iiرجحا
(1) عن أعيان الشيعة
أدب الطف 309
وقال لما زار بسامراء مرقد الإمامين العسكريين سلام الله عليهما:
لـلـه تـريك سـامراء فـاح iiبـه ريــح الـنـوبة إشـماما وتـعبيقا
هـنئت يـا طـرف فيما متعتك iiبه يــد الـمـواهب تـأييداً iiوتـوفيقا
لـم يـطرق العقل باباً من iiسرائرهم إلا وكــان عـن الأفـهام iiمـغلوقا
وفـي الـمعاجز والآثـار iiتـبصرة لـرائـم غـرر الإيـضاح iiتـحقيقا
هـذا الـكتاب فـسله عـنهم iiفـبه صـراحة الـمدح مـفهوماً iiومنطوقا
أبـصر بعينيك واسمع واعتبر iiوزن الـمعقول واخـتبر الـمنقول iiتوثيقا
وجــل بـطرفك أيـماناً iiومـيسرة وطـف بـسعيك تـغريباً iiوتـشريقا
فـهل تـرى العروة الوثقى iiبغيرهم حـيث الـولاء إذا بـالغت iiتـدقيقا
وهـل تـرى نار موسى غير نورهم وهـل ترى نعتهم في اللوح iiمسبوقا
وهـل تـرى صـفوة الآيات iiمعلنة لـغيرهم مـا يـؤود الـفكر iiتشقيقا
قـوم إذا مـدحوا فـي كـل مكرمة قـال الـكتاب نـعم أو زاد iiتصديقا
أضحى الثناء لهم كالشمس رأد ضحى وبـات فـي غـيرهم كـذباً وتلفيقاً
إنـي و إن قل عن أوصافهم iiخطري وهـل تـرى زمـناً يـنتاش iiعيوقا
تـعساً لـقوم تـعامت عن سنا شهب إيـضاحها طـبق الأكـوان iiتـطبيقا
إن الإمـامة والـتوحيد فـي iiقـرن فـكيف يـؤمن مـن يـختار iiتفريقا
يـا مـن إليهم حملت الشوق iiممتطيا أقـتاب دجـلة لا خـيلا ولا iiنـوقا
الـمـاء يـحملني والـنار iiأحـملها مـن لاعـج الـوجد تبريحاً وتشويقا
أنـتم رجـائي وشـوقي كـل iiآونة وأنـتم فـرجي مـهما أجـد ضـيقا
فـي يـوم لا والـد بـغني ولا iiولد ولا يـفرج وفـر الـمال iiتـضييقا
أدب الطف 310
حسن التاروتي
المتوفي سنة 1250
الـلـراعـبية iiبــالأجـرع صـبابة وجـد فـلم iiتـهجع
أم اسـتوجدت وأتـت iiمورداً تـمضمض مـنه ولـم iiتكرع
أجـارتنا لـيس دعوى iiالأسى بأن تخضبي الكف أو iiتسجعي
إلـي حـمامة جـرع iiالحمى فـليس الـشجي كـمن iiيدعى
فـأما اسـتطعت حـنيناً iiلـه يـلـف الـحـنايا iiوالإدعـى
ودمــع إذا فــار iiتـنوره دمـاً لـم أقل يا جفوني iiأقلعي
عـذيري مـن فـادح iiكـلما صغى مسمعي شب في أضلعي
وقـائـلة وزعـيـم iiالأسـى يـسدد عـن قـولها iiمسمعي
أتـعنف عـينيك فـي iiأربـع فـقلت وعـن عـنفي iiأربعي
سـلي أن جـهلت ولـما iiتعي بـأن ابـن فـاطمة قـد iiنعي
غـداة رأى الـدين في iiخامل يـجـر قـنـاه ولـم iiيـرفع
وداع دعــاه ائـتنا iiلـلهدى ولـم يـك هـيابة إذ iiدعـي
وم حـولـه تـبـع إن iiدعـا فـما حـمير مـن دعـا iiتبع
أدب الطف 311
كـان الـنجوم بـهم iiتهتدي إذا حـلها الـبدر فـي iiمطلع
فـحل بـوادي الندى لم iiيجد أخـا ثـقة فـيه لـم iiيخدع
فـما اسطاع من بينهم iiمرجعاً ومـا كان في الأمر iiبالمرجع
فـقالوا أطـعنا يـزيداً iiفكن لـه طـائعاً وامض في iiمهيع
فـقال أطـعتم ولـما iiأطـع لـه وسـمعتم ولـم iiأسـمع
أبـى الله يـخضع جيدي iiله وسـيفي بـكفي وجدي iiمعي
فـبات وبـاتوا ومـن بينهم مـواعـدة الـقرع بـالأقرع
فـوطا قـلوب ذويـه iiعلى لـقا أروع فـي تـقى iiأورع
فـمذ دعـت الحرب أقرانها وقـارنت الـعضب iiبالأخدع
رأيـت أولـئك مـن iiدارع يــؤم الـهياج ومـن iiأدرع
دعـوا لـلرماح الا iiفاشرعي وبـيض الصفاح ألا iiفاقطعي
يـا خـيلنا قد أعدت iiالدجى فـغيبي بـه تـارة iiواطلعي
فـوفى الـذمام وأعلى iiالوفا نـفوس أسـيلت على iiاللمع
وظـل فـتى لم تهله iiالألوف ولا بـالفروقة فـي iiالمجمع
يــرد الـكماة كـذي iiلـبدة أغــار بـسـائمه iiرتــع
فـليت ومـا لـيت من iiعله ولا غـالك الـسهم iiبـالمنقع
ولا شـمر الـشمر من iiجهله لـذبحك عـن سـاعد أكوع
ولا كـرت الـخيل إصدارها بـمقدس صـدرك iiوالأضلع
ويـاليت فـارع رمـح بـدا يـنـؤ بـرأسك لـم iiيـرفع
فـقـل لـلسماء iiوداراتـها وقـد وقـع القطب منها iiقعي
ولـلشهب إن فاخرتك التلاع فـردي الـنقاب على iiالبرقع
إذا كـان نورك من نور iiمن تــلألأ فـيها فـلا iiتـلمع
مـتى أشـرق البدر في iiتلعة وقـد كـان في الفلك الأرفع
وصـارخـة إن أراد iiالـحيا لـها الخفض قال أساها iiأرفع
أتــت نـحوه iiوبـأحشائها جـوى يـوقد النار iiبالمدمع
أدب الطف 312
تـقول أخـي يا حمي الثغور غـريب بـعفرك iiوالأربـع
أراك جـديلا ويـوم iiالجلاد بـغير قـراعك لـم iiيـقنع
تـغيم فـتمطر هـام iiالكماة وتـرعد فـي بـارق iiاللمع
أبـيح حـماك فـلا iiتمتطي وبـح الـمنادي فـلم iiتسمع
عـلام تـرشفت مـن iiشفرة مـذاقة كـاس طـلا مـترع
لـعلك حـين هجرت iiالديار وآنـسـت فـدفـدة iiالـبلقع
وكـلت بأهليك قلب iiالعطوف واسـكنتهم بـحمى iiالأمـنع
فخل السرى يا ركاب iiالوفود فـخبر مـن السير أن iiترجع
فـما في القرى لك من iiمطعم وما في الثرى لك من iiمطمع
كـان لـم يشرع باب iiالندى بـهن أو الـدين لـم iiيشرع
* * *
فـيا راكـباً ظـهر iiمجدولة شـأت أربع الريح في iiأربع
تـجافى الأباطح حزم الحزوم وجـرعها حـزم iiالأجـرع
إذا لـمعت نار طور iiالغري فـأنت بـوادي طوى iiفاخلع
وصـل وسـلم وصل واستلم لـقدس أبـي الحسن الأنزع
ونـاد وقل يا زعيم iiالصفوف ويـا قـطب دائـرة iiالأجمع
قعدت وفي الطف أم الخطوب تـقعقع فـي ضـنك iiالموقع
جـثت فـجثا بـازاها iiبنوك عـلى ركـب قـط لم ترفع
فـلما تـضايق مـد iiالسيوف كـمشتبك الأصـبع الأصبع
أبـيدوا فـغصت بـهم iiبقعة بـها غـص منهم فم iiالأبقع
فـقـم فـانتظارك مـمدودة لـها رغـبة العين iiوالمسمع
فـقـم فـانتظارك مـمدودة لـها رغـبة العين و iiالمسمع
وقـد وتـرته أكـف iiالترات فـأغرقت الـرمي iiبـالمنزع
إذا قـعد الـشمر في iiصدره فـما لـقعودك مـن iiموضع
إلام وأهـلـوك فـي مـهلك وشـمل بـناتك لـم iiيـجمع
أدب الطف 313
أقـام الـقطيع عـلى iiرأسـها مـقـام الـمـلائة iiوالـمـلفع
واقـمـار أوجـههن iiالـذراع مـنـازلها عــوض الـبرقع
إذا مـا اشتكين الظما iiوالطوى وعـز الـغياث عـلى iiالمفزع
تـنوح الجياع على iiالساغبات وتـبـكي الـسواغب iiلـلجوع
كشكوى الفصال من المرضعات ونـوح الـفصيل على iiالرضع
ألا وأبـاهـا وايـن iiالـغيور يـراهن فـي الـسبي iiكالزيلع
يـنازع أجـيادها مـا iiجـمعن وجـامعة الأسـر لـم تـنزع
تـأن مـن الايـن iiوالاغتراب يـنوء بـها غـارب iiالأضلع
أدب الطف 314
الشيخ حسن التاروتي
الشيخ حسن التاروتي من نوابغ الشعراء، اشتهر بجودة الشعر، وهو حسن ابن
محمد بن مرهون التاروتي، جزل اللفظ جيد السبك، ولعلك تعجب إذا علمت
بأنه كان يصيد السمك ويمتهن ذلك ويقوت من الزراعة والسقاية ويتحدث
الناس عنه بأنه كان مضيافاً سخي النفس كما كان جميل الوجه حسن الصورة
توفى في أواسط القرن الثالث عشر.
فمن شعره في الرثاء:
لـمن الـشموس الـطالعات على iiقبا كـالـشهب إلا أنـها فـوق iiالـربى
تـصـبو لـهـا ألـبـابنا iiفـكأنها هي معصرات الصفو من عصرالصبا
مـن لـي وقـلبي ضاع يوم iiسويقة مـا بـين أفـراس الـهوادج iiوالخبا
مـن مـبلغ عـني الـشباب بـأنني مــن بـعده مـا عـدت إلا iiشـيبا
ضـيعت فـيه فما بصحف iiصحيفتي لـلـحـافظين عـلـي إلا iiمـذنـبا
أضـنـتني الأعـبـاء إلا iiأنـنـي مـتـمسك بـولاء أصـحاب iiالـعبا
قــوم جـعلت ولائـهم ومـديحهم هــذاك مـعتصماً وهـذا iiمـكسبا
أنـوار قـدس حـيث لا فـلك iiيدور ولا صــبـح يـعـاقب غـيـهبا
ومـهـلـلـين مـكـبـريـن iiوآدم مـن مـائه والـطين لـن iiيـتركبا
نـزل الـكتاب عـليهم فـقضوا iiبه وأبـان فـضلهم الـعظيم iiوأعـربا
سـلـوا لـه سـيفاً وقـادوا iiمـقنباً فـعلوا بـما فـعلوا ونـافوا iiمـقنبا |